You are on page 1of 43

‫بحث لنيل اإلجازة األساسية‬

‫في الدراسات االسالمية‬

‫تخصص‪ :‬الوساطة االجتماعية‬

‫اثر الزالزل والمحن الكونية في تغير‬


‫مسار الحياة البشرية‬
‫بسم اهلل الرحمان‬
‫الرحيم‬

‫‪1‬‬
‫إهداء‬
‫إلى من كان سببا في وجودي بعد اهلل عز و جل والدي‬
‫الذين ربياني صغير وعلماني كبيرة‬

‫فجزاهما اهلل عني خير جزاء وتغمد أمي بواسع رحمته‬


‫‪.‬وأسكنها فسيح جناته‬

‫وإ لى رفقاء دربي وكل من مدلي يد العون من قريب الطالب‬


‫‪.‬يوسف بغولة أو من بعيد أهدي هذا الجهد‬

‫‪2‬‬
‫كلمة شكر‬
‫الحم; ;;د هلل رب الع; ;;المين والص; ;;الة والس; ;;الم على أش; ;;رف األنبي; ;;اء والمرس; ;;لين س; ;;يدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد ‪..‬‬
‫َّ‬

‫فإني أشكر اهلل تعالى على فضله حيث أت;;اح لي إنج;از ه;;ذا العم;;ل بفض;;له‪ ،‬فل;;ه الحم;;د‬
‫وآخرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أوالً‬

‫يد المساعدة‪ ،‬خالل هذه الف;;ترة‪ ،‬وفي مق;;دمتهم‬


‫ثم أشكر أولئك األخيار الذين مدوا لي َ‬
‫أس;تاذي المش;رف على الرس;الة فض;يلة األس;تاذ ال;دكتور‪ .……… /‬ال;ذي لم ي َّ;دخر جه ً;دا في‬
‫مساعدتي‪ ،‬فقد فتح لي بيته‪ ،‬كما هي عادته مع كل طلبة العلم‪ ،‬وكنت أجلس معه بالس;;اعات‬
‫ِّ‬
‫ويرغبني فيه‪ ،‬ويق; ّ;وي‬ ‫حرجا‪ ،‬وكان يحثني على البحث‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الطوال أقرأ عليه وال يجد في ذلك‬
‫عزيم;;تي علي;;ه فل;;ه من اهلل األج;;ر وم;;ني ك;;ل تق;;دير حفظ;;ه اهلل ومتّع;;ه بالص;;حة والعافي;;ة ونف;;ع‬
‫بعلومه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المقدمة‬
‫الحم ;;د هلل رب الع ;;المين‪ ،‬ال ;;رحمن ال;;رحيم‪ ،‬مال ;;ك ي;;وم ال ;;دين‪ ،‬ال إل ;;ه إال ه;;و وح;;ده ال‬

‫شريك‬

‫له‪ ،‬ل;ه المل;ك ول;ه الحم;د وه;و على ك;ل ش;يء ق;دير‪ ،‬أش;هد أن ال إل;ه إال اهلل‪ ،‬يفع;ل م;ا يش;اء‪،‬‬

‫وأش;;هد أن ال إل;;ه إال اهلل‪ ،‬الحي القي;;وم‪ ،‬مال;;ك المل;;ك‪ ،‬يفع;;ل في خلق;;ه م;;ا يش;;اء‪ ،‬ال ُيس;;أل عم;;ا‬

‫يفع;;ل وهم يس;;ألون‪ ،‬ل;;ه الحكم;;ة البالغ;;ة‪ ،‬فلل;;ه الحكم;;ة البالغ;;ة‪ ،‬يفع;;ل م;;ا يش;;اء‪ ،‬ه;;و ال;;ذي خل;;ق‬

‫الخلق‪ ،‬إن شاء أحياهم وإ ن شاء أم;;اتهم‪ ،‬وهم داخل;ون في ملك;;ه‪ ،‬وهم المقه;رون األذالء بين‬

‫يدي ;;ه‪ ،‬إن ش ;;اء ص ;;عقهم‪ ،‬وإ ن ش ;;اء خس ;;ف بهم‪ ،‬وإ ن ش ;;اء رحمهم‪ ،‬ال ُيس ;;أل عم ;;ا يفع ;;ل وهم‬

‫يسألون‪ ،‬مال;;ك المل;;ك يفع;;ل م;ا يش;;اء‪ ،‬ال اع;;تراض على حكم;;ه‪ ،‬وال خ;;روج ألح;;د عن علمه‪،‬‬

‫وال عن فعله‪ ،‬وال عن اختياره تعالى‪ ،‬وله في ك;ل فع;;ل حكم;;ة‪ ،‬وه;و الحكيم الخب;;ير‪ ،‬وأش;هد‬

‫‪4‬‬
‫أن محم;;داً رس;;ول اهلل ﷺ‪ ،‬ص;;لى اهلل علي;;ه ص;;الة دائم;;ة إلى ي;;وم ال;;دين‪ ،‬ص;;لى اهلل علي;;ه بم;;ا‬

‫هدانا‪ ،‬وعلمنا‪ ،‬وأرشدنا‪ ،‬وذكرنا‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫‪ ‬ف ; ;;إن أص ; ;;دق الح ; ;;ديث كت ; ;;اب اهلل‪ ،‬وخ ; ;;ير اله ; ;;دي ه ; ;;دي محم ; ;;د ﷺ‪ ،‬وش ; ;;ر األم ; ;;ور‬

‫محدثاتها‪ ،‬وكل محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‪.‬‬

‫ض َع ٍة‬
‫الناس اتَّقُوا رَّب ُكم ِإ َّن َزْل َزلَةَ السَّاع ِة َشيء ع ِظيم‪ ‬۝‪ ‬يوم تَروَنها تَ ْذ َه ُل ُك ُّل مر ِ‬
‫ُْ‬ ‫َْ َ َ ْ َ‬ ‫ٌْ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫﴿َيا َُّأيهَا َّ ُ‬

‫اس ُس ; َك َارى َو َم;;ا ُهم بِ ُس ; َك َارى َولَ ِك َّن‬


‫الن َ‬
‫;ل َذ ِ‬
‫ات َح ْم; ٍ;ل َح ْملَهَ ;;ا َوتَ ; َ;رى َّ‬ ‫ض ;ع ُك; ُّ‬
‫ت َوتَ َ ُ‬
‫ض ; َع ْ‬
‫َع َّما َْأر َ‬

‫اب اللَّ ِه َش ِد ٌ‬
‫يد﴾‪.1‬‬ ‫َع َذ َ‬

‫عن عمران بن حصين رضي اهلل عنه‪:‬أن رسول اهلل ﷺ قال وهو في بعض أس;;فار‬ ‫‪ ‬‬

‫اس اتَّقُ;;وا َرَّب ُك ْم ِإ َّن‬ ‫هو قد تفاوت بين أصحابه السير‪ ،‬رفع بهاتين اآليتين صوته‪َ﴿ :‬يا َُّأيهَا َّ‬
‫الن ُ‬
‫ض ;ع ُك; ُّ‬
‫;ل‬ ‫ِ ٍ‬ ‫اع ِة َش ;ي ٌء َع ِظيم‪ ‬۝‪َ ‬ي;;وم تَروَنه;;ا تَ ; ْذ َه ُل ُك; ُّ‬
‫ت َوتَ َ ُ‬
‫ض ; َع ْ‬
‫;ل ُم ْرض ; َعة َع َّما َْأر َ‬ ‫َْ َْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َزْل َزلَ ;ةَ ال َّس ; َ‬

‫اب اللَّ ِه َش ِد ٌ‬
‫يد﴾‪.2‬‬ ‫ِ‬
‫اس ُس َك َارى َو َما ُهم بِ ُس َك َارى َولَك َّن َع َذ َ‬
‫َذ ِ‬
‫ات َح ْم ٍل َح ْملَهَا َوتََرى َّ‬
‫الن َ‬

‫ق ال‪ ‬ابن تيمية‪ :‬وال زالزل من اآلي ات ال تي يخ وف هللا به ا عب اده‪ ،‬كم ا يخ وفهم‬


‫بالكسوف وغيره من اآليات‪ .‬والحوادث لها أسباب وحكم‪ ،‬فكونها آية يخوف هللا بها‬
‫عباده هي من حكمة ذلك‪.‬‬

‫سورة الحـج‪.2-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الحـج‪.2-1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫ع;;رف مجتمعن;;ا الع;;ربي ولم;;ا ال نق;;ول الع;;الم بأس;;ره أح;;داث مث;;يرة خاص;;ة في األون;;ة‬

‫األخيرة في ما يخص مشكل الزالزل أثرت علي حياة اإلنس;;ان ال;;ذي لم يج;;د أي تعلي;;ل على‬

‫ه;;ذه المأس;;اة ال;;ذي أص;;يبت الع;;الم‪ ،‬وأن;;ه مج;;برا على التع;;ايش معه;;ا‪ ،‬فق;;د دف;;ع الض;;رر الن;;اجم‬

‫عنه;;;ا اإلنس;;;ان إلى التف;;;تيش عن س;;;ببها بمح;;;اوالت تعرض ;;ت إلى تط ;;ورات كب ;;يرة‪ ،‬تمش ;;ت‬

‫وقدرة اإلنسان على فهم الطبيعة المحيطة به‪.‬‬

‫ق;;د تم;;ر ال;;زالزل بطريق;;ة غ;;ير مباش;;رة وال يع;;رف البش;;ر وجوده;;ا لكن هن;;اك بعض‬

‫الزالزل تترك أثرا كبير سواء كان على نفسية البشر أو عبر الحطام ويكون ماديا‪.‬‬

‫في الواق ;;ع يع ;;د علم ال ;;زالزل من عل ;;وم الجغرافي ;;ا‪ ،‬والجيولوجي ;;ا ألن ;;ه يح ;;دث داخ ;;ل‬

‫اعماق األرض بسبب انزالق الصفائح التكتونية‪ ،‬أو انفجار بعض الصخور ‪ ‬الساخنة‪.‬‬

‫كم;;ا ايض ;اً من الممكن ان تح;;دث في اعم;;اق المحي;;ط مم;;ا يس;;بب موج;;ات توس;;ونامي‬

‫م ;;دمرة مث ;;ل ال ;;ذي ح ;;دث في الص ;;ين‪.‬ل ;;ذا فان ;;ه من المهم جي ;;داً ان نتعام ;;ل م ;;ع تل ;;ك المواق ;;ف‬

‫الطبيعية بجدية‪ ،‬ونأخذ حذرنا واحتياطاتنا من اجل تقليل الضرر الناتج من خالل الزالزل‪.‬‬

‫من خالل بحثن ;;ا المتواض; ;ع; س ;;وف ن ;;ترق إلى مجموع ;;ة من الج ;;وانب ح ;;ول الزل ;;زال‬

‫حيث قسمت البحث إلى فصلين وفي كل فصل ثالث مباحث وخاتمة‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تعريف وأنوع الزالزل‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف الزالزل‬

‫‪6‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الزالزل‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫خاتمة‬

‫وقد واجهنا في هذا البحث مجموعة من الصعوبات وهي قلت المصادر والمراجع‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تعريف الزالزل‬

‫وأنواعه‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف الزالزلـ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الزالزل‬

‫‪8‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهو الزلزال؟‬

‫الز ُل ِزلزال‪َ  ،‬زلزال‬


‫ِزلزال‪ :‬اسم‪ ،‬مصدر‪َ  ‬ز َلز َل‪ ،‬الجمع ‪َ  :‬ز ِ‬

‫الزلزال‪ :‬هي هزة أرضية ضخمة تحدث بسبب تح;;رك أج;;زاء في القش;;رة األرض;;ية‪،‬‬

‫أو فيما أعمق من ذلك‪.‬تحدث الزالزل في جميع القارات‪،‬عند ح;دوث ض;;غوطات كب;;يرة مم;;ا‬

‫يسبب تحرك الصفائح التكتونية ومن ثم انفصالها ثم ترتجف األرض نتيجة لذلك‪.‬‬

‫يتسبب حدوث الزلزال في أضرار عنيفة على س;طح األرض‪،‬حيث ينتج عن;;ه المزي;د‬

‫من ال;;دمار والوفي;;ات البش;;رية والحيواني;;ة‪.‬ق;;د يتس;;بب ح;;دوث الزل;;زال في س;;طح البح;;ار إلى‬

‫حدوث فيضانات ضخمة يصعب السيطرة عليها‪.‬كم;ا ت;ذكر بعض المص;ادر أنه;ا ك;انت س;بباً‬

‫في انقراض العديد من الحيوانات عبر ماليين السنين مثل الماموث والديناصورات‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الزالزل‬

‫تحدث الزالزل بسبب حرك;;ة الص;فائح التكتوني;ة‪ ،‬ه;ذه الص;;فائح عب;;ارة عن أقس;ام من‬

‫قش;;رة األرض تتح;;رك‪ ،‬وعن;;دما تحت;;ك ح;;واف الص;;فائح ببعض;;ها البعض‪ ،‬يتم إطالق الطاق;;ة‬

‫على ش ;;كل موج ;;ات زلزالي ;;ة‪ .‬يمكن أن تح ;;دث ال ;;زالزل في أي مك ;;ان على األرض‪ ،‬لكنه ;;ا‬

‫أكثر شيوعاً في مناطق معينة حيث يكون النشاط التكتوني قوياً تنقسم الزالزل إلى‪:‬‬

‫الزالزل التكتونيةـ‬
‫يعت ;;بر ه ;;ذا الن ;;وع من ال ;;زالزل من أك ;;ثر األن ;;واع خراب ;اً وت ;;دميراً‪ ،‬وه ;;و من أص ;;عب‬
‫الزالزل من حيث عدم القدرة على‪ ‬التنبؤ بها‪ ،‬ويتكون بسبب ضغط ناتج عن حركة‪ ‬طبقات‬
‫األرض‪ ‬الص; ;;غيرة والكب; ;;يرة والب; ;;الغ ع; ;;ددها ‪ 12‬طبق; ;;ة‪ ،‬بحيث‪ ‬ت; ;;نزلق بعض الطبق; ;;ات عن‬
‫بعض ;;ها البعض‪ ،‬وه ;;ذا الن ;;وع ه ;;و أك ;;ثر أس ;;باب الح ;;وادث الزلزالي ;;ة الم ;;دمرة على مس ;;توى‬
‫الع;;الم‪ ‬بنس;;بة ‪ .%75‬ي;;تركز‪ ‬الزل;;زال التكت;;وني‪ ‬في منطق;;ة ُيطل;;ق عليه;;ا اس;;م (دائ;;رة الن;;ار)‪،‬‬
‫وهي ح; ;;زام ض; ;;يق يص; ;;ل طول; ;;ه قراب; ;;ة ‪ 38.600‬كم وبعم; ;;ق ‪ 645‬كم‪ ،‬ومثـال علـى هـذا‬

‫‪10‬‬
‫النـوع‪ ،‬ه; ;;و زلـزال أالسـكا الـذي أطلـق عليـه (ج; ;;ودي فراي; ;;دي)‪ ،‬وال; ;;ذي ح; ;;دث في ع; ;;ام‬
‫‪.1964‬‬

‫وممكن أن تق;;ع ه;;ذه ال;;زالزل خ;;ارج ه;;ذه ال;;دائرة‪ ،‬مث;;ل سالس;;ل الجب;;ال ال;;تي تق;;ع في‬
‫منتص; ;;ف‪ ‬المحي; ;;ط اله; ;;ادي‪ ،‬وك; ;;ذلك في البح; ;;ر األبيض المتوس; ;;ط‪ ،‬وجب; ;;ال الهمالي; ;;ا وبح; ;;ر‬
‫القزوين وصوالً إلى خليج البنغال‪.‬‬

‫الزالزل البركانية‪.3‬‬
‫وهو النوع ال;ذي يح;;دث نتيج;ة أنش;طة ال;;براكين‪ ،‬وغالب;اً م;ا يك;;ون م;دمراً‪ ،‬حيث ين;;ذر‬
‫ه ;;ذا الن ;;وع من ال ;;زالزل بوج ;;ود انفج ;;ارات‪ ‬بركاني ;;ة قريب ;;ة الح ;;دوث‪ ،‬ويح ;;دث عن ;;دما تك ;;ون‬
‫ص ;;هارة البرك ;;ان باتج ;;اه أعلى فوه ;;ة البرك ;;ان‪ ،‬حيث تُس ;;جل ه ;;ذه الحرك ;;ة‪ ‬قراب ;;ة ‪ 100‬ه ;;زة‬
‫أرضية صغيرة قبل االنفجارات بمدة قصيرة‪.‬‬

‫الزالزل االصطناعية‬
‫وهي زالزل السبب فيها هو اإلنسان وذلك من خالل قيام اإلنسان بعدك أنش;;طة مث;;ل‬
‫ضخ سوائل في باطن األرض‪ ،‬أو‪ ‬ملء خزانات لالنفجارات النووية أو غيرها‪.‬‬

‫أنواع الزالزل من حيث العمق‬

‫الزلزال الضحل‪ :‬وغالباً ما يحدث على عمق ‪ 70‬كيلومتراً‪.‬‬

‫الزلزال المتوسط‪ :‬ويكون على عمق يتراوح ما بين ‪ 300-70‬كيلومتر‪.‬‬

‫الزلزال العميق‪ :‬ويكون على عمق يتراوح ما بين ‪ 700-300‬كيلومتر‪.4‬‬

‫من موقع ‪ https://www.twinkl.com/teaching-wiki/alzlzal 03/05/2023‬على الساعة ‪13:28‬‬ ‫‪3‬‬

‫من موقع ‪ https://www.twinkl.com/teaching-wiki/alzlzal 03/05/2023‬على الساعة ‪13:28‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫ابتالء أو عقوبة؟‬
‫ً‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬ما هو الفرق بين أن يكون الزلزال‬

‫المبحث األول‪ :‬الزلزال إبتالء‬

‫المبحث الثاني‪ :‬هل الزلزال عقوبة على ذنوب سابقة؟‬

‫‪12‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الزلزال إبتالء‬

‫الزالزل من االبتالءات‪ ،‬فإنه يجري عليها حكمة اهلل تعالى في االبتالء‪ ،‬إما بتكفير السيئات‬

‫أو ب;;دفع ال;;درجات؛ فليس بالزم أن يك;;ون الزل;;زال عقاب;;ا من اهلل للعص;;اة‪ ،‬فاهلل تع;;الى يمه;;ل‬

‫العباد جميعا‪ ،‬ول;و ك;ان يع;اقبهم بأعم;الهم في ال;دنيا؛ لهل;ك ك;ل من على األرض جميع;ا‪ ،‬كم;ا‬

‫ك َعلَْيهَ;ا ِم ْن َد َّاب ٍة َولَ ِك ْن ُي;َؤ ِّخ ُر ُه ْم ِإلَى َ;‬


‫َأج ٍل‬ ‫اس بِظُْل ِم ِه ْم َم;ا تَ َ;ر َ‬ ‫اخ ُذ اللَّهُ َّ‬
‫الن َ‬ ‫‌يَؤ ِ;‬
‫‌ولَ ْو ُ‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون﴾‪.5‬‬
‫اعةً َواَل َي ْستَ ْقد ُم َ‬
‫ون َس َ‬
‫َأجلُهُ ْم اَل َي ْستَْأخ ُر َ‬
‫اء َ‬‫ُم َس ًّمى فَِإ َذا َج َ‬

‫إذا كانت ابتالء فهي لتكف;ير ذن;وب‪ ،‬إذا ك;انت ابتالء لرف;ع درج;ات‪ ،‬وزي;ادة حس;نات‪،‬‬

‫فقد تكون ألتقى خلق اهلل‪ ،‬االبتالء قد يكون ألتقى خلق اهلل‪ ،‬ول;و لم يعم;;ل معص;ية‪ ،‬يزي;د اهلل‬

‫في حسناته‪ ،‬ويرفع درجاته في الجنة‪.‬‬

‫النحل‪61 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪13‬‬
‫أم;;ا إذا ك;;ان عقوب;;ة فإن;;ه يك;;ون للمعص;;ية‪ ،‬للش;;رك‪ ،‬للتوس;;ل إلى األم;;وات‪ ،‬والط;;واف‬

‫باألض; ;;رحة والقب; ;;ور‪ ،‬وتقبي; ;;ل األعت; ;;اب‪ ،‬وت; ;;رك الش; ;;ريعة‪ ،‬وتحكيم الجاهلي; ;;ة‪ ،‬والكف; ;;ر باهلل‪،‬‬

‫وش ; ;;رب الخم ; ;;ور‪ ،‬وارتك ; ;;اب الموبق ; ;;ات‪ ،‬والمالهي‪ ،‬والمحرم ; ;;ات بأنواعه ; ;;ا‪ ،‬وأك ; ;;ل الرب ; ;;ا‪،‬‬

‫وعق;;وق الوال;;دين‪ ،‬ونح;;و ذل;;ك‪ ،‬وت;;ولي الكف;;ر‪ ،‬والت;;برؤ من اإلس;;الم وأهل;;ه‪ ،‬ه;;ذه من أس;;باب‬

‫العقوبة‪.‬‬

‫ابتالء‪ ,‬وعقوبة في نفس الوقت؟‬


‫ً‬ ‫هل يمنع أن يكون الحدث‬

‫الج;;واب‪ :‬كال‪ ،‬فإن;;ه ابتالء للمؤم;;نين‪ ،‬فك;;ل م;;ؤمن أص;;ابه من البالء م;;ا أص;;ابه‪ ,‬وه;;و‬

‫ط;;ائع هلل‪ ،‬ي;;دعو إلى اهلل‪ ،‬متمس;;ك ب;;دين اهلل‪ ،‬موح;;د هلل غ;;ير مش; ٍ‬
‫;رك ب;;ه‪ ،‬فإن;;ه ابتالء في حق;;ه‪،‬‬

‫فإذا مات‪ ،‬أو سقط عليه البناء‪ ،‬أو جرح‪ ،‬أو كسر‪ ،‬أو مات له أوالد‪ ،‬أو زوجة‪ ،‬أو أقرب;;اء‪،‬‬

‫وانه;;دم بيت;;ه‪ ،‬وتهش;;مت س;;يارته‪ ،‬وع;;دم أثاث;;ه‪ ،‬ونح;;و ذل;;ك‪ ،‬ه;;ذا في حق;;ه ابتالء‪ ،‬يزي;;د اهلل في‬

‫حسناته‪ ،‬ويرفع في درجاته‪.‬‬

‫أما إذا كان من المتولين عن اهلل‪ ،‬المعادين ل;;دين اهلل‪ ،‬الخ;;ارجين عن طاع;;ة اهلل‪ ،‬فه;;ذا‬

‫في حق ;;ه عقوب ;;ة‪ ،‬وش ;;ر مس ;;تطير ن ;;زل ب ;;ه‪ ،‬ق ;;د يرج ;;ع إلى اهلل فيت ;;وب‪ ،‬وه ;;ذا ه ;;و المرج ;;و‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫اهلل‪  ‬يذكرنا‪( ‬لَعلَّهم يتَض َّرعون)‪( .6‬لَعلَّهم ير ِجع ‪َّ 7‬‬
‫ون) ‪(.‬لَ َعلهُ ْم َيتَ َذ َّك ُر َ‬
‫ون)‪ .8‬وقد ال يحدث له إال‬ ‫َ ُْ َْ ُ َ‬ ‫َ ُْ َ َ ُ َ‬

‫يد ُه ْم ِإالَّ طُ ْغَي ًانا َكبِ ًيرا )‪.9‬‬


‫الزيادة في الكفر‪ ،‬والزيادة في المعاصي‪َ  (،‬وُن َخ ِّوفُهُ ْم فَ َما َي ِز ُ‬

‫وك;ان الزل;زال وال ي;زال من الع;ذاب ال;ذي يرس;له اهلل على من يش;اء من خلق;ه‪ ،‬فك;ان‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َأصَب ُحوْا في َد ِار ِه ْم َجاثم َ‬
‫ين)‪.10‬‬ ‫الر ْجفَةُ فَ ْ‬
‫َأخ َذتْهُ ُم َّ‬
‫عذاب قوم شعيب الزلزال (فَ َ‬

‫يح; ;;دث ال; ;;زالزل هي االه; ;;تزازات الطبيعي; ;;ة في القش; ;;رة األرض; ;;ية ‪ ،‬تس; ;;مى‪  ‬ايض ; ;اً‬

‫اإله;;تزازات في القش;;رة األرض;;ية تحت س;;طح البح;;ر ب;;الزالزل البحري;;ة‪ .‬ينش;;أ الزل;;زال من‬

‫بقع; ;;ة داخ; ;;ل األرض تس; ;;مى مرك; ;;ز الزل; ;;زال أو المرك; ;;ز الس; ;;فلي ‪،‬ثم تنتش; ;;ر الموج; ;;ات الى‬

‫الس;;طح ليت;;أثر ب;;ه ك;;ل م;;ا فوق;;ه‪.‬بع;;د ح;;دوث الزل;;زال يتم قياس;;ه بواس;;طة اجه;;زة مثبت;;ة خاص;;ة‬

‫بقياس الزالزل (مقياس ريختر)‪ ،‬ويعد مقياس شدة الزلزال هو المق;;دار ال;;ذي يتم حس;;ابه من‬

‫السعة القصوى‪ ،‬مع مراعاة انخفاض الطاقة نتيجة المسافة من مصدر الزلزال‪.‬‬

‫سورة األنعام‪42‬‬ ‫‪6‬‬

‫سورة آل عمران‪72‬‬ ‫‪7‬‬

‫سورة البقرة‪221‬‬ ‫‪8‬‬

‫سورة اإلسراء‪60‬‬ ‫‪9‬‬

‫سورة األعراف‪ 78‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬هل الزلزال عقوبة على ذنوب سابقة؟‬

‫هل يصح إيراد أحاديث العقوبة والعذاب على سبيل الوعظ؟‬

‫من أك;;ثر األخب;;ار ت;;داوال في ه;;ذا الس;;ياق‪ ،‬م;;ا ُنس;;ب إلى عم;;ر بن الخط;;اب رض;;ي اهلل‬

‫عنه من قوله‪" :‬واهلل م;ا ك;ثرت ذن;;وب أم;;ة إال عاقبه;;ا اهلل ب;الزالزل وب;;الريح وباألمط;;ار ال;تي‬

‫تُغ ;;رقهم‪ .‬ق ;;ال عم ;;ر‪ :‬واهلل م ;;ا علمت رس;;;ول اهلل إال أن ;;ه ق ;;ال‪ :‬إذا ك ;;ثر فيكم الزن ;;ا وش ;;ربت‬
‫‪11‬‬
‫وزلزلت أرضكم"‬
‫الخمور واستحللتم الغناء عاقبكم اهلل ُ‬

‫‪11‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪16‬‬
‫أوال‪ :‬أوجه تناول العلماء السابقين للزالزل‬

‫لنبدأ بالمسألة األولى‪ ،‬ال بد من التنبيه إلى أن مثل هذا الفهم الخ;;اص ليس بِ;;دعا؛ فق;;د‬

‫س ;;بق لبعض العلم ;;اء ك ;;ابن قيم الجوزي ;;ة (‪751‬هـ) ال ;;ذي ق ;;ال‪" :‬ومن ت ;;أثير معاص ;;ي اهلل في‬

‫األرض ما يحل به;ا من الخس;ف وال;زالزل"‪ ،‬وجالل ال;دين الس;يوطي (‪911‬هـ) ال;ذي خلص‬

‫إلى أن سبب الزالزل "أنها تخوي;;ف من اهلل ع;;ز وج;ل لعب;;اده عن;د فع;;ل المنك;;رات‪ ،‬وأنه;ا من‬

‫أشراط الساعة؛ لعلهم ينزجرون ويتوبون"‪.12‬‬

‫ك ;;ان الس ;;يوطي ق ;;د رد تفس ;;ير الفالس ;;فة (أو الحكم ;;اء) ممن فس ;;روا ح ;;دوث ال ;;زالزل‬

‫بأسباب مادية (تطورت أدوات معرفته;ا في العص;ر الح;ديث)‪ ،‬وأثبت ‪-‬في المقاب;ل‪ -‬تفس;يرا‬

‫ديني ;;ا‪ ،‬باالس ;;تناد إلى جمل ;;ة من األخب ;;ار والرواي ;;ات الض ;;عيفة والواهي ;;ة‪ ،‬وق ;;د تبع ;;ه في ذل ;;ك‬

‫محمد إسماعيل العجلوني (‪1162‬هـ)‪ .‬كما أن الشيخ عبد العزي;ز بن ب;از ك;;ان ق;د خلص إلى‬

‫ويس;;بب لهم أنواع;;ا من‬


‫أن "كل ما يحدث في الوجود من الزالزل وغيره;;ا مم;;ا ُيض;;ر العب;;اد ُ‬

‫األذى‪ ،‬كل ;;ه بأس ;;باب الش ;;رك والمعاص ;;ي"‪ ،‬وتبع ;;ه على ذل ;;ك الق ;;ائمون على موق ;;ع "اإلس ;;الم‬

‫سؤال وجواب"‪.‬‬

‫بم;;ا أن وق;;وع ال;;زالزل ظ;;اهرة متك;;ررة تاريخي;;ا‪ ،‬ف;;إن العلم;;اء المس;;لمين انش;;غلوا به;;ا‬

‫مناقشة وتصنيفا‪ ،‬كما فعل ك;;ثرة منهم ومن مختل;;ف التخصص;;ات‪ ،‬كفيلس;;وف الع;;رب الكن;;دي‬

‫(‪254‬هـ)‪ ،‬والمحدث والم;ؤرخ ابن عس;اكر (‪571‬هـ) وعلي بن أبي بك;ر بن ِح ْم;ير اليم;ني (‬

‫نفسه‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪17‬‬
‫‪557‬هـ)‪ ،‬وإ س;;ماعيل بن حام;;د القوص;;ي (‪653‬هـ)‪ ،‬ب;;ل إن ابن ال;;وردي (‪749‬هـ) ق;;د وض;;ع‬

‫ص ;نف في ال;;زالزل‬
‫رس;;الة في الزل;;زال ال;;ذي خ;;رب حلب ومنبج (‪744‬هـ) ومن أواخ;;ر م;;ا ُ‬

‫رسائل وضعها السيوطي وابن الجزار (ت‪ .‬بعد الزلزال الذي وقع في مص;;ر س;;نة ‪984‬هـ)‬

‫ومحمد بن إسماعيل العجلوني‪ .‬والرسائل الثالث األخيرة مطبوعة‪.‬‬

‫يمكن أن نرصد في المناقشات حول الزالزل ‪ 3‬مقاربات رئيسة هي‪:‬‬

‫المقاربة العلمية بحثا عن تفسير لحدوث الظاهرة‬

‫المقاربة الفقهية التي تتصل بالمسائل التعبدية‬

‫كالصالة ألجل الزلزلة‪ ،‬وهل ُيصلى لها أو ال؟ وفي ذلك خالف بين الفقهاء‬ ‫‪-‬‬

‫كيفية الصالة وهل تشبه صالة الكسوف فيكون فيها أكثر من ركوع وسجود؟ وه;;ل‬ ‫‪-‬‬

‫تُصلى في جماعة أو ال؟‬

‫ه; ;;ل يخ; ;;رج الش; ;;خص في الزلزل; ;;ة إلى الص; ;;حراء؟ وق; ;;د وق; ;;ع الخالف في ذل; ;;ك أيض; ;;ا؛‬

‫فبعضهم استحب الفرار من الزلزلة وبعضهم حملها ‪-‬فيم;;ا يب;;دو‪ -‬على الط;;اعون ال;;ذي ورد‬

‫فيه النهي عن الخروج في أثنائه (وقد تم تجاوز هذا الفهم علميا وتاريخيا وفقهيا)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أم; ;;ا المقارب;;;ة الثالث; ;;ة فهي ُخلقي; ;;ة تتص;;;ل بمس;;;ائل الوع ;;ظ واالش ;;تغال بالتوب; ;;ة وهج ;;ر‬

‫المنك ;;رات وتس ;;لية المص ;;ابين وإ غاث ;;ة المله ;;وف أو المنك ;;وب (وي ;;دخل في ذل ;;ك الي ;;وم تق ;;ديم‬

‫النصائح العلمية الالزمة لكيفية التصرف حال حدوث زلزال)‪.13‬‬

‫والواقع أن المقاربات الثالث تتداخل هن;;ا‪ ،‬بحيث يعس;;ر الفص;;ل بينه;;ا في التعام;;ل م;;ع‬

‫الظ; ;;واهر المركب; ;;ة ال; ;;تي يت; ;;داخل فيه; ;;ا الك; ;;وني واإلنس; ;;اني‪ ،‬والتعب; ;;دي واألخالقي‪ ،‬والعلمي‬

‫وال;;ديني‪ .‬فح;;تى التفس;;ير العلمي للظ;;اهرة ‪-‬وه;;و أم;;ر ال غ;;نى عن;;ه م;;ع تط;;ور المعرف;;ة‪ -‬ال‬

‫ُيلغي المح;;;ددات الديني;;;ة واألخالقي;;;ة المعياري;;;ة ال;;;تي تحكم س ;;لوك اإلنس ;;ان في أثن ;;اء وق ;;وع‬

‫الزل ;;زال‪ ،‬وإ ن ك ;;ان التفس ;;ير العلمي من ش ;;أنه أن يس ;;اعد على نق ;;د التفس ;;يرات الديني ;;ة ال ;;تي‬

‫قامت على أساس أخب;ار واهي;;ة تفس;ر أن ش;;يوع المنك;رات ه;;و س;بب ال;;زالزل كم;ا نج;د ل;;دى‬

‫الس ;;يوطي وغ ;;يره ممن ص ;;نفوا في ذل ;;ك‪ ،‬وكم ;;ا حص ;;ل من قب ;;ل في مس ;;ألة الط ;;اعون ال ;;تي‬

‫ص ِّورت على أنها عذاب ال يمكن تالفيه‪.14‬‬


‫ُ‬

‫أم;;ا بخص;;وص مس;;ألة ‪-‬وهي ه;;ل الزل;;زال عقوب;;ة على ذنب س;;ابق‪ -‬فال ب;;د أن نم;;يز‬

‫بين ‪ 3‬أمور منهجية هنا‪:‬‬

‫‪www.aljazeera.net 13‬‬
‫‪14‬‬
‫‪www.aljazeera.net.‬‬

‫‪19‬‬
‫األم;;ر األول‪ :‬أن ثم;;ة فرق;;ا بين مس;;لك البحث في الرواي;ات (ص;حة وض;;عفا) أو ح;تى‬

‫روايته ; ; ;;ا ألغ ; ; ;;راض بحثي ; ; ;;ة‪ ،‬وبين مس ; ; ;;لك الفهم والتأوي ; ; ;;ل ال ; ; ;;ذي يتطلب منهجي ; ; ;;ة منظم ; ; ;;ة‬

‫ومتماسكة‪ ‬تجمع اآليات واألحاديث ذات الص;;لة بوص;;فها خطاب;;ا أو جمل;;ة واح;;دة‪ .‬ف;;إن س;;لكنا‬

‫مسلك الثبوت‪ ،‬سنجد أن عامة األحاديث التي تتصل بإثب;;ات أن ال;;زالزل عقوب;;ة على ش;;يوع‬

‫الف ; ; ;;واحش ض ; ; ;;عيفة‪ ،‬ولكن بعض المح ; ; ;;دثين‪ ،‬وخصوص ; ; ;;ا من المت ; ; ;;أخرين‪ ،‬يتس ; ; ;;اهلون في‬
‫‪15‬‬
‫ض ُعف إسنادها؛ ما دامت خارج دائرة األحكام!‬
‫االعتماد على مثل هذه الروايات وإ ن َ‬

‫ومن أكثر األخبار تداوال في هذا السياق‪ ،‬ما ُنس;;ب إلى عم;;ر بن الخط;;اب رض;;ي اهلل‬

‫عنه من قوله‪" :‬واهلل م;ا ك;ثرت ذن;;وب أم;;ة إال عاقبه;;ا اهلل ب;الزالزل وب;;الريح وباألمط;;ار ال;تي‬

‫تُغ ;;رقهم‪ .‬ق ;;ال عم ;;ر‪ :‬واهلل م ;;ا علمت رس;;;ول اهلل إال أن ;;ه ق ;;ال‪ :‬إذا ك ;;ثر فيكم الزن ;;ا وش ;;ربت‬

‫وزلزلت أرضكم"‪.‬‬
‫الخمور واستحللتم الغناء عاقبكم اهلل ُ‬

‫لم أق; ; ;;ف له; ; ;;ذا الخ; ; ;;بر على أص; ; ;;ل‪ ،‬وص; ; ;;ياغته فيه; ; ;;ا تهوي; ; ;;ل ومبالغ; ; ;;ة على طريق; ; ;;ة‬

‫ص ;اص‪ .‬ومن ذل;;ك أيض;;ا ح;;ديث أن رجال ق;;ال لعائش;;ة رض;;ي اهلل عنه;;ا‪" :‬ي;;ا أم المؤم;;نين‬
‫القُ ّ‬

‫حدثينا حديثا عن الزلزلة‪ .‬فأعرضت عن;ه بوجهه;ا‪ .‬ق;ال أنس بن مال;ك‪ :‬فقلت له;ا‪ :‬ح;دثينا ي;ا‬

‫أم المؤم;;نين عن الزلزل;;ة (…)‪ ،‬فق;;الت‪ )…( :‬ف;;إذا اس;;تحلوا الزن;;ا وش;;ربوا الخم;;ور بع;;د ه;;ذا‬

‫وضربوا المعازف‪ ،‬غار اهلل في س;;مائه فق;;ال لألرض‪ :‬تزل;;زلي بهم‪ .‬ف;;إن ت;ابوا ونزع;;وا وإ ال‬

‫ه ;;دمها عليهم‪ .‬فق ;;ال أنس‪ :‬عقوب ;;ة لهم؟ ق ;;الت‪" :‬رحم ;;ة وبرك ;;ة وموعظ ;;ة للمؤم ;;نين‪ ،‬ونك ;;اال‬

‫‪15‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪20‬‬
‫وس ;;خطة وع ;;ذابا للك ;;افرين"‪ .‬ق ;;ال أنس‪" :‬فم ;;ا س ;;معت بع ;;د رس ;;ول اهلل ص ;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم‬

‫ح;;ديثا أن;;ا أش;;د ب;;ه فرح;;ا م;;ني به;;ذا الح;;ديث‪ ،‬ب;;ل أعيش ِ‬
‫فرح;;ا وُأبعث حين ُأبعث وذل;;ك الف;;رح‬

‫في قلبي‪ ،‬أو قال‪ :‬في نفسي"‪ .‬وهذا الخبر رواه ابن أبي ال;;دنيا والح;;اكم النيس;;ابوري وص;;حح‬

‫إسناده‪ ،‬ولكن الحافظ الذهبي قال‪" :‬أحسبه موضوعا"‪ ،‬ومتنه ظاهر الركاكة‪.16‬‬

‫أم;;;ا الح;;;ديث ال;;;ذي ج;;;اء في;;;ه أن الن;;;بي ص;;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم ق ;;ال بع ;;د أن تزل ;;زلت‬

‫األرض على عهده‪" :‬إن ربكم ليستعتبكم فأعتبوه"‪ ،‬فه;;و ض;عيف‪ ،‬وق;د ج;اء أيض;ا على لس;ان‬

‫آخرين‪ ،‬منهم عمر بن عبد العزيز من قوله‪.‬‬

‫األم; ;;ر الث; ;;اني‪ :‬أن النص; ;;وص في ه; ;;ذا الموض; ;;وع متعارض; ;;ة‪ ،‬ولكن بعض الوع; ;;اظ‬

‫يلج ;;ؤون هن ;;ا إلى االنتق ;;اء واج ;;تزاء أح ;;اديث العق ;;اب دون غيره ;;ا‪ ،‬ولتوض ;;يح ذل ;;ك أذك ;;ر ‪3‬‬

‫نقاط‪:‬‬

‫النقطة األولى‪ :‬أخبار ضعيفة وأحاديث ِ‬


‫صحاح‬

‫أن;;ه باإلض;;افة إلى األخب;;ار الض;;عيفة ال;;واردة في أن ال;;زالزل عقوب;;ة على المعاص;;ي‪،‬‬

‫ثمة أحاديث ِ‬
‫صحاح تدل على أن االبتالء خير وعالمة محبة ورفعة للدرجات‪ ،‬كحديث أبي‬

‫هري ;;رة أن رس ;;ول اهلل ص ;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم ق ;;ال‪" :‬من ي; ِ;رد اهلل ب ;;ه خ ;;يرا ي ِ‬
‫ص ;ب من ;;ه" رواه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫البخ ;;اري ومال ;;ك وغيرهم ;;ا‪ .‬وق ;;د ب ;;وب البخ ;;اري ق ;;ائال‪" :‬ب ;;اب‪ :‬أش ;;د الن ;;اس بالء األنبي ;;اء ثم‬

‫األمث; ;;ل فاألمث; ;;ل"‪ ،‬وح; ;;ديث‪" :‬إن من أش; ;;د الن; ;;اس بالء األنبي; ;;اء‪ ،‬ثم ال; ;;ذين يل; ;;ونهم‪ ،‬ثم ال; ;;ذين‬

‫‪16‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪21‬‬
‫يل;;ونهم‪ ،‬ثم ال;;ذين يل;;ونهم"‪ ،‬رواه أحم;;د والط;;براني‪ ،‬وق;;ال الحاف;;ظ ن;;ور ال;;دين الهيثمي‪" :‬إس;;ناد‬

‫أحم;د حس;ن"‪ ،‬كم;ا أن ل;ه أح;اديث ش;واهد تؤي;ده‪ .‬وفي ح;ديث آخ;ر‪ ،‬أن الن;بي ص;لى اهلل علي;ه‬

‫الج َ;زع" رواه‬


‫وسلم قال‪" :‬إذا أحب اهلل قوم;ا ابتالهم‪ .‬فمن ص;بر فل;ه الص;بر‪ ،‬ومن َج َ;زع فل;ه َ‬

‫أحمد وغيره‪.17‬‬

‫النقطة الثانية‪ :‬تنوع أحادث الزالزل‬

‫فمنه ;;ا أح ;;اديث ت ;;دل على أن ال ;;زالزل ع ;;ذاب دني ;;وي ورحم ;;ة للمؤم ;;نين‪ ،‬كح ;;ديث أن‬

‫"أمتي أم;;ة مرحوم;;ة‪ ،‬ال ع;;ذاب عليه;;ا في اآلخ;;رة‪ ،‬ع;;ذابها في ال;;دنيا ال;;زالزل والبالء (…)"‪،‬‬

‫أو "ال ;;زالزل والفتن في ال ;;دنيا"‪ ،‬أو "ال ;;زالزل والقت ;;ل"‪ .‬وق ;;د ُأس ;;ند ذل ;;ك عن ابن عم ;;ر‪ ،‬وأبي‬

‫موس ; ;;ى األش ; ;;عري‪ ،‬وأبي هري ; ;;رة رض ; ;;ي اهلل عنهم‪ .‬ومتن الح ; ;;ديث رواه أب ; ;;و داود وأحم ; ;;د‬

‫ونعيم بن حماد والبزار والط;;براني وغ;;يرهم‪ ،‬وبعض طرق;;ه‬


‫والر ْوياني ُ‬
‫والحاكم النيسابوري ُ‬

‫ض;;عيفة‪ ،‬ولكن ص;;حح إس;;ناده الح;;اكم ووافق;;ه ال;;ذهبي‪ ،‬وص;;ححه األلب;;اني بع;;د أن ك;;ان ض;;عفه‬

‫في بعض كتبه‪.‬‬

‫منه;;ا أن ال;;زالزل من عالم;;ات الس;;اعة‪ ،‬كم;;ا في ص;;حيح البخ;;اري وغ;;يره أن رس;;ول‬

‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪" :‬ال تقوم الساعة حتى ُيقبض العلم‪ ،‬وتك;;ثر ال;;زالزل‪ ،‬ويتق;;ارب‬

‫الزمان‪ ،‬وتظهر الفتن‪ ،‬ويكثر الهرج ‪-‬وهو القتل القتل‪ -‬حتى يكثر فيكم المال فيفيض"‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪22‬‬
‫منه ;;ا الجم ;;ع بين ال ;;زالزل والفتن في عب ;;ارة واح ;;دة‪ ،‬وأنه ;;ا في موض ;;ع طل ;;وع ق ;;رن‬

‫الش ;;يطان‪ ،‬كح ;;ديث ابن عم ;;ر ق ;;ال‪ :‬ق ;;ال رس ;;ول اهلل ص ;;لى علي ;;ه وس ;;لم‪" :‬اللهم ب ;;ارك لن ;;ا في‬

‫شامنا‪ ،‬وفي يمننا"‪ .‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬وفي نجدنا؟ قال‪ :‬قال‪" :‬اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمنن;;ا"‪.‬‬

‫قال‪ :‬قالوا‪ :‬وفي نجدنا؟ قال‪ :‬قال‪" :‬هن;اك ال;;زالزل والفتن‪ ،‬وبه;ا يطل;;ع ق;رن الش;;يطان"‪ .‬رواه‬

‫البخ;;اري‪ ،‬وق;;د وق;;ع الخالف في تفس;;ير "ق;;رن الش;;يطان"‪ ،‬فثم;;ة من حمل;;ه على ظ;;اهره‪ ،‬وثم;;ة‬

‫من حمله على معنى قوة الشيطان وجنده وغير ذلك‪ ،‬وفي الحديث داللة سياسية أيض;;ا ليس‬

‫هنا محل مناقشتها‪.18‬‬

‫أن ابن عب ;;د ال ;;بر روى عن الحس ;;ن أن من أخالق الم ;;ؤمن أن ;;ه "في ال ;;زالزل وق ;;ور‪،‬‬

‫ويق;ر ب;;الحق قب;;ل أن يش;هد‬


‫وفي الرخ;;اء ش;;كور ق;انع بال;ذي ل;;ه‪ ،‬ينط;ق ليفهم‪ ،‬ويس;;كت َليس;;لم‪ُ ،‬‬

‫عليه"‪.‬‬

‫وه;;ذا التن;;وع في الرواي;;ات الخاص;;ة ب;;الزالزل يجع;;ل من الخط;;أ الج;;زم بتفس;;ير واح;;د له;;ا من‬

‫منظور ديني‪ ،‬وباالعتماد على األحاديث كما يفعل بعض الوعاظ‪.‬‬

‫النقطة الثالثة‪ :‬الموت بسبب الزالزل ضرب من الموت بالهدم‬

‫ج;;اء في الح;;ديث الص;;حيح أن "الش;;هداء خمس;;ة‪ :‬المطع;;ون‪ ،‬والمبط;;ون‪ ،‬والغري;;ق‪ ،‬وص;;احب‬

‫الهدم‪ ،‬والشهيد في سبيل اهلل" رواه البخاري وغيره‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪23‬‬
‫فجمي; ;;ع ه; ;;ذه النق; ;;اط الثالث‪ ،‬تُ ِخ; ; ل بفك; ;;رة التالزم بين ال; ;;زالزل وفع; ;;ل الف; ;;واحش‪ ،‬وأن ذل; ;;ك‬

‫يخالف نصوص الحديث؛ إذا ما ُجمعت على صعيد واحد‪.19‬‬

‫األم ;;ر الث ;;الث‪ :‬فه ;;و أنن ;;ا إن س ;;لكنا مس ;;لك الفهم والتأوي ;;ل‪ ،‬فثم ;;ة احتم ;;االت وتفص ;;يل‬

‫يتصل بنقاط عدة هي‪ :‬ه;;ل ك;;ل المص;;ائب عقوب;;ة على ذنب س;;ابق؟‪ ‬وه;;ل ال;;زالزل ال تحتم;;ل‬

‫إال معنى واحدا؟ وهل ثمة خصوصية لك;ل واقع;;ة في س;ياق الح;ديث الخ;;اص به;ا؟ وم;;ا دور‬
‫‪20‬‬
‫االحتكام إلى القواعد العامة الثابتة؟‬

‫أم;;ا بخص;;وص قول;;ه تع;;الى‪( :‬وم;;ا أص;;ابكم من مص;;يبة فبم;;ا كس;;بت أي;;ديكم ويعف;;و عن‬

‫كثير)‪( ‬الشورى‪ ،)30 :‬فقد وق;ع االختالف في تأويله;ا‪ .‬فاإلم;ام المفس;ر والم;ؤرخ الط;بري (‬

‫‪310‬هـ) أورد له ;;ا ت ;;أويلين للس ;;لف‪ :‬أولهم ;;ا أن ;;ه "إنم ;;ا يص ;;يبكم ذل ;;ك عقوب ;;ة من اهلل لكم؛ بم ;;ا‬

‫اج ;;ترمتم من اآلث ;;ام فيم ;;ا بينكم وبين ربكم‪ ،‬ويعف ;;و لكم ربكم عن كث ;;ير من إج ;;رامكم"‪ ،‬ومن‬

‫المهم االلتف;;ات هن;;ا إلى "فيم;;ا بينكم وبين ربكم"‪ ،‬إذ إن ه;;ذا الرب;;ط يجب أن يق;;ع من الع;;ارف‬

‫بنفسه ال من غيره عليه‪ .‬أما ثاني التأويلين‪ ،‬فهو أن معنى اآلية‪" :‬وم;;ا ع;;وقبتم في ال;;دنيا من‬

‫عقوبة بحد ُحددتموه على ذنب استوجبتموه عليه؛ فبما كسبت أي;;ديكم"‪ ،‬وأم;;ا المعف;;و عن;;ه من‬

‫ذلك‪ ،‬فهو ما ال يوجب الحد‪.21‬‬

‫‪19‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬
‫‪20‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬
‫‪21‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪24‬‬
‫أم;;ا اإلم;;ام فخ;;ر ال;;دين ال;;رازي (‪606‬هـ)‪ ،‬فق;;د حكى الخالف في ه;;ل المص;;ائب ‪-‬من‬

‫حيث العم;;وم‪ -‬عقوب;;ات على ذن;;وب س;;لفت أم ال؟ وأورد ق;;ولين‪ :‬األول ق;;ول من أنك;;ر ذل;;ك‬

‫ألسباب‪ ،‬منها أن اهلل تعالى ّبين أن الجزاء إنما يحصل ي;;وم القيام;;ة‪ ،‬وأن ال;;دنيا دار التكلي;;ف‬

‫فيمتن; ;;ع أن تك; ;;ون دار التكلي; ;;ف والج; ;;زاء مع; ;;ا‪ ،‬وأن مص; ;;ائب ال; ;;دنيا يش; ;;ترك فيه; ;;ا الزن; ;;ديق‬

‫والصديق‪ ،‬وما يكون كذلك امتنع جعله من باب العقوبة على الذنوب‪ .‬بل إن االستقراء يدل‬

‫;اديث‬
‫على أن حصول هذه المصائب للصالحين والمتقين أكثر منه للمذنبين‪ ،‬ويدل له;;ذا األح; ُ‬

‫التي سبق أن أوردتها هنا‪.22‬‬

‫أما القول الثاني‪ ،‬فهو أن المصائب قد تكون جزاء على الذنوب المتقدمة‪ ،‬وقد تمسك‬

‫;دش‬
‫ابن آدم خ; ُ‬
‫أهل هذا القول بظاهر اآلية هنا وببعض األحاديث العامة كحديث "ال ُيص;;يب َ‬

‫عود وال غيره إال بذنب أو لفظ"‪.‬‬

‫وال ش; ;;ك أن المص; ;;ائب تق; ;;ع على مع; ; ٍ‬


‫;ان متع; ;;ددة‪ ،‬فق; ;;د تك; ;;ون من ب; ;;اب االمتح; ;;ان في‬

‫التكليف (المحنة)‪ ،‬وقد تكون من باب العقوبة‪ ،‬واألقدار جاري;ة على م;ا في;ه مص;لحة العب;اد‪،‬‬

‫والرحم;;ة بهم‪ .‬وإ ذا ك;;ان ذل;;ك ك;;ذلك فال يمكن الحكم على ك;;ل واقع;;ة بأنه;;ا عقوب;;ة من حيث‬

‫األص;;ل الع;;ام‪ ،‬فض;;ال عن اإلش;;كاالت الناجم;;ة عن تنزيله;;ا على معين كم;;ا س;;يأتي توض;;يحه‪،‬‬

‫باإلض; ;;افة إلى أن ه; ;;ذا العم; ;;وم الظ; ;;اهر غ; ;;ير م; ;;راد‪ ،‬إذ إن المص; ;;ائب العام; ;;ة تش; ;;مل أيض; ;;ا‬

‫األطفال والحيوانات‪ ،‬والطائع والعاصي‪.23‬‬

‫‪22‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬
‫نفسه‬ ‫‪23‬‬

‫‪25‬‬
‫حين زل;زلت األرض في عه;د عم;ر بن الخط;اب حض على الص;دقة‪ ،‬وأم;ر بالتوب;ة‪،‬‬

‫وإ ذا ك; ; ; ;;انت الح; ; ; ;;وادث ذات أس; ; ; ;;باب وحكم‪ ،‬والظ; ; ; ;;واهر; الكوني; ; ; ;;ة (ك; ; ; ;;الزالزل والكس; ; ; ;;وف‬

‫والخسوف) من آيات اهلل‪ ،‬فإن االتعاظ والتذكير والتخوي;ف به;ذه اآلي;;ات مم;ا يحتاج;;ه الط;;ائع‬
‫‪24‬‬
‫والعاصي معا‪ ،‬وال تنحصر الحاجة إليه فقط عند المصائب وبسبب الفجور‬

‫أما بخصوص معنى الزالزل الواردة في األح;;اديث‪ ،‬فهي تحتم;;ل مع;;اني تع;;رض له;;ا‬

‫بعض شراح الحديث‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أن المراد بها في حديث "الزالزل والفتن" المعنى الظاهر وهو اضطراب األرض‪.‬‬

‫أو المعنى الباطن وه;و الح;روب الواقع;ة في الفتن لك;ثرة الحرك;ة فيه;ا‪ ،‬كم;ا ذك;ر ابن‬

‫حجر العسقالني مثال‪.‬‬

‫وك;;;ذلك األم;;;ر في الح;;;ديث ال;;;ذي ج ;;اء في;;;ه أن ك ;;ثرة ال ;;زالزل من عالم ;;ات الس ;;اعة‬

‫يحتمل معنيين‪:‬‬

‫الزالزل المحسوسة‪ ،‬وهي ارتجاف األرض وتحركها‪،‬‬

‫وال;;زالزل المعنوي;;ة ال;;تي هي ك;;ثرة الفتن المزعج;;ة الموجب;;ة الرتج;;اف القل;;وب‪ ،‬كم;;ا‬

‫أوضح الحافظ ابن رجب الحنبلي وإ ن كان رجح المعنى األول‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪26‬‬
‫ولكن ك;;ثرة ال;;زالزل ت;;دل على عالم;;ات الس;;اعة ال مج;;رد وق;;وع واح;;د منه;;ا‪ ،‬ول;;ذلك‬

‫قال ابن حجر‪" :‬الذي يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها"‪.‬‬

‫أم; ;;ا فيم; ;;ا يخص االلتف; ;;ات إلى خصوص; ;;يات الوق; ;;ائع ال; ;;تي يتم االستش; ;;هاد به; ;;ا هن; ;;ا‪،‬‬

‫فسأض ; ; ;;رب له ; ; ;;ا م ; ; ;;ا ورد في بعض األخب ; ; ;;ار من أن زل ; ; ;;زاال وق ; ; ;;ع على عه ; ; ;;د عم ; ; ;;ر بن‬

‫;رع م;ا أح;دثتُم! إن ع;;ادت ال أس;;اكنكم فيه;ا"‪ .‬ق;ال‬


‫الخطاب‪ ‬فقال‪" :‬أيها الناس! ما هذا؟! م;ا أس; َ‬

‫الحاف ;;ظ ابن كث ;;ير‪ :‬إس ;;ناده ص ;;حيح‪ ،‬ولكن ج ;;اء في رواي ;;ة رواه ;;ا ال ;;بيهقي ُ"زل ;;زلت األرض‬

‫على عه;;د عم;;ر ح;;تى اص;;طفقت الس;;رر‪ ،‬وابن عم;;ر يص;;لي‪ ،‬فلم َي;;در به;;ا‪ ،‬ولم يواف;;ق أح;;دا‬

‫يص;;لي ف; َ;د َرى به;;ا"‪ .‬فمن الواض;;ح أن الزلزل;;ة ك;;انت خفيف;;ة وه;;و م;;ا ي;;دفع فك;;رة أنه;;ا ك;;انت‬

‫عقوبة أصال‪.25‬‬

‫وأم;;ا تث;;بيت القواع;;د العام;;ة الثابت;;ة باالستفاض;;ة‪ ،‬كاالحتك;;ام إلى حس;;ن الظن بالن;;اس‪،‬‬

‫وأن االبتالء ال ;;ذي يص ;;يب الم ;;ؤمن في ;;ه رفع ;;ة لدرجات ;;ه ورحم ;;ة ب ;;ه‪ ،‬واالسترس ;;ال م ;;ع رق ;;ة‬

‫اإلنسانية بالتعاطف ومواساة المنكوبين‪.‬‬

‫ثمة أمر آخر هنا‪ ،‬وه;و أن تأوي;ل النص;وص ال;تي تحتم;ل مث;ل ه;ذا الرب;ط بين وق;وع‬

‫المصيبة والعقوبة على ذنب سابق‪ ،‬سيقود إلى البحث في مسألة الحقة على الفهم والتأويل‪،‬‬

‫وهي تنزي ;;ل ذل ;;ك الحكم على الوق ;;ائع ال ;;تي ج ;;اءت بع ;;د عص ;;ر النب ;;وة‪ ،‬أي بع ;;د زمن ورود‬

‫عين بإثب;;ات أن ه;;ذا الزل;;زال بعين;;ه إنم;;ا‬


‫الم َ‬
‫النص‪ .‬فه;;ذا االنتق;;ال من العم;;وم إلى الحكم على ُ‬

‫‪25‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪27‬‬
‫وق ;;ع على ه ;;ؤالء ألج ;;ل المعاص ;;ي الش ;;ائعة بينهم‪ ،‬وه ;;ذا ال س ;;بيل إلي ;;ه‪ ،‬نعم ق ;;د تق ;;وم األدل ;;ة‬

‫واإلحص;;اءات قرين;;ة على ذل;;ك ولكن أيض;;ا ال يمكن الج;;زم ب;;ذلك‪ ،‬فم;;ا بال;;ك ب;;الزلزال ال;;ذي‬
‫‪26‬‬
‫وقع مؤخرا في مناطق الشمال السوري التي هي مناطق شديدة المحافظة والتدين!‬

‫وال ُيجدي هنا االكتف;اء بمج;رد اقتب;اس النص;وص العام;ة ألج;ل مناس;بة الزل;زال‪ ،‬ألن‬

‫مج;;رد االقتب;;اس الم;;تزامن م;;ع الح;;دث ه;;و فع;;ل ت;;أويلي وحكم على المنك;;وبين جمل;;ة‪ .‬ثم إذا‬

‫كانت النصوص العامة تحتمل ‪-‬نظريا على األقل‪ -‬هذا المعنى كأحد االحتم;;االت‪ ،‬ف;;إن ه;;ذا‬

‫االحتمال يتناقض مع واقع أن األجزاء التي لم تُصب بالزلزال من العالم ليست أحسن ح;;اال‬

‫من المناطق التي أصيبت‪.‬‬

‫ط ; ْ;رد ه ;;ذا التالزم بين وق ;;وع الزل ;;زال وارتك ;;اب المعاص ;;ي في ;;ه‬
‫أض ;;ف إلى ذل ;;ك أن َ‬

‫إدان ; ;;ة لك ; ;;ل من ُزلزل ; ;;زت األرض من تحتهم تاريخي ; ;;ا؛ علم ; ;;ا بأن ; ;;ه تك ; ;;رر وق ; ;;وع ال ; ;;زالزل‬

‫ص;نفت بمناس;;بة وق;;وع زالزل‪،‬‬


‫والكوارث; الطبيعية كثيرا‪ ،‬وبعض المصنفات كما سبق إنم;;ا ُ‬

‫كم ;;ا أن الس ;;يوطي وغ ;;يره ال ;;تزموا ب ;;ذكر قائم ;;ة ال ;;زالزل ال ;;تي وقعت قب ;;ل عيس ;;ى بن م ;;ريم‬

‫ص ;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم وبع ;;ده‪ ،‬وق ;;د س ;;رد الس ;;يوطي ال ;;زالزل ال ;;تي وقعت إلى س ;;نة ‪905‬هـ‬

‫للهجرة‪.‬‬

‫يوضح هذا النقاش أهمية التمييز أيضا بين مستويين‪ :‬الفرد والمجتمع‬

‫‪26‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪28‬‬
‫ف;الفرد ال;ذي ه;و أع;رف الن;اس بنفس;ه‪ ،‬يمكن ل;ه أن ُيَن ّ;زل تل;ك المص;ائب واالبتالءات‬ ‫‪ ‬‬

‫على حاله بينه وبين اهلل تعالى‪ ،‬أما أن نقرن بين مجرد وقوع المص;;يبة وبين وج;;ود مع;;اص‬

‫سابقة‪ ،‬فهذا ادعاء على اهلل ورسوله وإ ساءة إلى تلك الجماعة المنكوبة‪.‬‬

‫ثم على مس; ;;توى الجماع; ;;ة‪ ،‬يجب أن نم; ;;يز أيض; ;;ا بين المجتمع; ;;ات ال; ;;تي تش; ;;يع فيه; ;;ا‬

‫الف ;;واحش الظ ;;اهرة ال ;;تي يمكن قياس ;;ها‪ ،‬وبين المجتمع ;;ات ال ;;تي ال ُيع ;;رف أو ال يظه ;;ر منه ;;ا‬

‫ذل ;;ك‪ ،‬فهاهن ;;ا يك ;;ون الرب ;;ط بين المص ;;يبة والمعص ;;ية أش ;;د تع ;;ديا‪ ،‬وه ;;و ‪-‬إلى ذل ;;ك‪ -‬من ;;اقض‬

‫لقاعدة حسن الظن بالناس‪.27‬‬

‫وقد م;يز رش;يد رض;ا في الكالم عن الض;ر أن;ه ال يق;ع إال بس;بب من األس;باب‪ ،‬ولكن‬

‫ه;;ذه األس;;باب ق;;د تك;;ون خاص;;ة بكس;;ب العب;;د ك;;األمراض ال;;تي تع;;رض ب;;ترك أس;;باب الص;;حة‬

‫والوقاية جهال أو تقصيرا‪ ،‬وفساد العمران وسقوط الدول الذي يق;;ع ب;;ترك الع;;دل‪ .‬وق;;د تك;;ون‬

‫األس;باب عام;ة له;ا تعل;ق بنظ;ام الخل;ق‪ ،‬كالض;رر ال;ذي يع;رض من ك;ثرة األمط;ار‪ ،‬وطغي;ان‬

‫البحار واألنهار‪ ،‬وزالزل األرض وصواعق السماء‪.‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬هل يصح إيراد أحاديث العقوبة على سبيل الوعظ؟‬

‫أم;;ا المس;;ألة الثالث;;ة‪ ،‬فهي اس;;تخدام تل;;ك النص;;وص في س;;ياق الوع;;ظ‪ ،‬وأع;;ني اآلي;;ات‬

‫العام;;ة ال;;تي تحي;;ل إلى أن وق;;وع المص;;ائب ه;;و بكس;;ب العب;;د‪ ،‬واألخب;;ار الض;;عيفة ال;;تي تعل;;ق‬

‫وقوع الزالزل على شيوع الفواحش‪ .‬وهذا محل إشكال كبير من ‪ 3‬جهات‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪29‬‬
‫األولى‪ :‬أن س; ;;ياق الح; ;;ديث ال يحتم ; ;;ل ذل ; ;;ك؛ لم ; ;;ا في ; ;;ه من إس ; ;;اءة وتهم; ;;ة للمنك ; ;;وبين‬

‫ومضاعفة لمعاناتهم‪ ،‬فض;ال عن كون;ه مخالف;ة ش;رعية‪ ،‬وف;ق م;ا س;بق من التمي;يز بين الحكم‬

‫والمعين‪.28‬‬
‫َ‬ ‫العام‬

‫عين على الوع ;;اظ أن يوجه ;;وا الن ;;اس بض ;;رورة المس ;;اعدة‬
‫الثاني ;;ة‪ :‬أن واجب ال ;;وقت ُي ّ‬

‫ولو بالدعاء والمواساة للمنكوبين‪.‬‬

‫الثالث ;;ة‪ :‬أن الوع ;;ظ ل ;;ه أش ;;كال ش ;;تى‪ ،‬وال يتعين به ;;ذا الن ;;وع الخ ;;اص من إي ;;راد تل ;;ك‬

‫األخبار الواهية أو حتى اآليات العامة في هذا السياق‪ ،‬بل إن مث;ل ذل;ك الل;وم والتقري;ع غ;ير‬

‫المباش;;ر يتن;;افى م;;ع واجب الع;;ون والنص;;رة‪ ،‬فض;;ال عن أن الع;;برة والعظ;;ة ال تس;;وغ حص;;ر‬

‫المصائب بالعقوبة فقط‪ ،‬فلل;ه حكم عدي;دة في االبتالءات وال يج;;وز تض;ييقها‪ ،‬فض;ال عن أن;;ه‬

‫يترتب على ذلك الحصر سوء فهم للنصوص المتعارضة‪ ،‬ومؤاخذة للمنكوبين‪.‬‬

‫حين زل;زلت األرض في عه;د عم;ر بن الخط;اب حض على الص;دقة‪ ،‬وأم;ر بالتوب;ة‪،‬‬

‫وإ ذا ك; ; ; ;;انت الح; ; ; ;;وادث ذات أس; ; ; ;;باب وحكم‪ ،‬والظ; ; ; ;;واهر; الكوني; ; ; ;;ة (ك; ; ; ;;الزالزل والكس; ; ; ;;وف‬

‫والخسوف) من آيات اهلل‪ ،‬فإن االتعاظ والتذكير والتخوي;ف به;ذه اآلي;;ات مم;ا يحتاج;;ه الط;;ائع‬

‫والعاصي معا‪ ،‬وال تنحصر الحاجة إليه فقط عن;د المص;ائب وبس;بب الفج;ور‪ .‬وق;د حكى ابن‬

‫رجب الحنبلي عن طائف ;;ة من علم ;;اء أه ;;ل الش ;;ام‪ ،‬أنهم ك ;;انوا ي ;;أمرون عن ;;د الزلزل ;;ة بالتوب ;;ة‬

‫واالس ;;تغفار‪ ،‬ويجتمع;;ون ل;;ذلك‪ ،‬وربم ;;ا وعظهم بعض علم;;ائهم وأم;;رهم ونه ;;اهم‪ ،‬واستحس;;ن‬

‫‪28‬‬
‫‪www.aljazeera.net‬‬

‫‪30‬‬
‫ذل;;ك اإلم;ام أحم;;د بن حنب;;ل‪ ،‬وك;ان عم;;ر بن عب;د العزي;;ز ق;;د كتب إلى أه;ل األمص;;ار بع;د أن‬

‫وقعت الرجفة في المدينة أن من استطاع أن يتصدق فليفعل‪ ،‬فإن اهلل تع;;الى يق;;ول‪( :‬ق;;د أفلح‬
‫‪29‬‬
‫من تزكى)‬

‫[األعلى‪.]14 :‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬األحكام والفتوى الواردة في قتلى‬

‫الزالزل‬

‫وقيام ;اً ب;;واجب بي;;ان األحك;;ام الش;;رعية في الن;;وازل والمس;;تجدات ف;;إن لجن;;ة االجته;;اد‬

‫والفتوى تفتي في نوازل الزالزل اآلتية بما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬هل قتلى الزلزال شهداء وهل ما وقع انتقام إلهي بسبب الذنوب؟‬

‫أف;;ادت األح;;اديث الص;;حيحة عن رس;;ول اهلل ص;;لى اهلل علي;;ه وس;;لم أن من م;;ات تحت‬

‫أنق;;اض األبني;;ة بس;;بب الزل;;زال وغ;;يره ش;;هيد‪ ،‬ففي الح;;ديث‪ ":‬الش;;هداء س;;بعة س;;وى القت;;ل في‬

‫س;;بيل اهلل‪ :‬المطع;;ون ش;;هيد‪ ،‬والغري;ق ش;هيد‪ ،‬وص;;احب ذات الجنب ش;هيد‪ ،‬والمبط;;ون ش;;هيد‪،‬‬

‫والحري;;ق ش;;هيد‪ ،‬وال;;ذي يم;;وت تحت اله;;دم ش;;هيد‪ ،‬والم;;رأة تم;;وت بجم;;ع ش;;هيد‪ ".‬رواه‪ ‬مال;;ك‬

‫وأب;;و داود والنس;;ائي‪ .‬وإ نم;;ا دخ;;ل المقت;;ول تحت األنق;;اض ض;;من الش;;هداء كم;;ا ق;;ال القاض;;ي‬

‫عي;;اض‪" :‬وإ نم;;ا ك;;انت ه;;ذه الموت;;ات ش;;هادة بتفض;;يل اهلل على أربابه;;ا‪ ،‬لش;;دتها‪ ،‬وعظيم األلم‬

‫فيه; ;;ا‪ ،‬فج; ;;ازاهم اهلل على ذل; ;;ك‪ ،‬ب; ;;أن جع; ;;ل لهم أج; ;;ر الش; ;;هداء‪ ،‬أو يحتم; ;;ل أنهم س; ;;موا ب; ;;ذلك‬

‫لمشاهدتهم فيما قاسوا من األلم عند الموت وشدته‪ ،‬ما أعد لهم كما أعد للشهداء"‪.30‬‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪30‬‬

‫وسوريا‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫أما تفسير وقوع الزلزال والكوارث الطبيعية بأنها انتقام من اهلل ممن ن;;زلت بهم فه;;و‬

‫مس ;;لك غ ;;ير س ;;ديد ويتن ;;افى م ;;ع أخالق اإلس ;;الم الداعي ;;ة إلى ج ;;بر خ ;;واطر المنكس ;;رين‪ ،‬ب ;;ل‬

‫يعارض النصوص الصحيحة كالحديث المشار إليه آنفا؛ إذ كيف يك;;ون المقت;;ول تحت اله;;دم‬

‫شهيداً في أعلى المنازل ومنتقم منه في آن واحد؟‪ ،‬وال مانع من تذكير الن;اس أثن;اء الن;وازل‬

‫والك; ;;وارث; بالتوب; ;;ة من ال; ;;ذنوب والع; ;;ودة إلى اهلل تع; ;;الى واغتن; ;;ام م; ;;ا بقي من أعم; ;;ارهم في‬

‫طاعة اهلل‪.31‬‬

‫ثانياً‪ :‬حكم دفع الزكاة للمتضررين; من الزلزال‪ ‬‬

‫ت‬ ‫ح; َّ;دد اهلل تع;;الى في كتاب;;ه الك;;ريم مص;;ارف الزك;;اة الثماني;;ة في قول;;ه‪ِ( :‬إَّن ;م;ا ٱل َّ ٰ‬
‫ص ; َدقَ ُ‬ ‫َ‬

‫يل ٱللَّ ِه‬


‫ين و ِفي س ;بِ ِ‬ ‫;وبهمۡ و ِفي ِّ ِ ۡ ٰ ِ‬ ‫ۡ َّ ِ‬ ‫ين َ ۡ‬ ‫ين ۡ ِ ِ‬
‫‌وٱل َٰعمل َ‬
‫ِ ۡ ِٰ‬ ‫ِۡ‬
‫َ‬ ‫ٱلرقَ;;اب َوٱل َغ; ِ;رم َ َ‬ ‫‌علَيهَ;;ا َوٱل ُمَؤ لفَ;;ة ُقلُ; ُ ُ َ‬ ‫للفُقَ; َ;رٓاء َوٱل َم َس ;ك ِ َ‬

‫يم َح ِكي ‪ٞ‬م)‪ ، 32‬وبعض المتض;;ررين من الزل;;زال فق;;دوا‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫وٱ ۡب ِن ٱل َّس ;بِي ۖ ِل فَ ِري َ ٗ‬
‫ض ;ة ِّم َن ٱلل ۗ ِه َوٱللهُ َعل ٌ‬ ‫َ‬

‫كل ما يملكون من بيت أو م;;ال أو ول;;د وعائل;;ة‪ ،‬فهم داخل;;ون في أك;;ثر من مص;;رف من ه;;ذه‬

‫المصارف الثمانية؛ إما لكونهم من الفقراء أو الغارمين‪ ،‬أو أبناء السبيل‪ ،‬وعليه فيجوز دف;;ع‬

‫الزكاة للفقراء والغارمين منهم‪.33‬‬

‫‪ 31‬الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬
‫وسوريا‪.‬‬
‫[التوبة‪ ]60 :‬‬ ‫‪32‬‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪33‬‬

‫وسوريا‬

‫‪33‬‬
‫أما المتض;;ررون; ال;;ذين فق;;دوا أمالك;اً لهم‪ ،‬لكنهم أغني;;اء؛ لهم أم;;اكن أخ;;رى‪ ،‬ويملك;;ون‬

‫م;;االً آخ;;ر‪ ،‬وأن الحاص;;ل لهم في الزل;;زال لم يخ;;رجهم عن ك;;ونهم أغني;;اء؛ فه;;ؤالء ال يج;;وز‬

‫لهم أخ ;;ذ الزك ;;اة؛ ل ;;و وزعت عليهم‪ ،‬وعلم ;;وا أن ه ;;ذا الم ;;ال م ;;ال زك ;;اة؛ وذل ;;ك لح ;;ديث أبي‬

‫هري ;;رة عن ;;د النس ;;ائي وابن ماج ;;ه وغيرهم ;;ا من ق ;;ول الن ;;بي ص ;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم‪ ":‬ال تح ;;ل‬

‫الصدقة لغني‪ ،‬وال لذي مرة سوي"‪ ،‬هذا من جهة آخذ الزكاة‪ ،‬أم;ا عم;وم المس;لمين في;دفعون‬

‫الزكاة للمتضررين عموما في هذا البالء؛ ثم يبقى حكم األخذ على اآلخذ‪.34‬‬

‫ثالثاً‪ :‬إقامة صالة الجمعة والجماعة في المناطق المتضررة‪.‬‬

‫الواق;;ع المش;;اهد والمنق;;ول للجن;;ة من المي;;دان ه;;و ص;;عوبة وتع;;ذر إقام;;ة الجمع;;ة بس;;بب‬

‫ال;;برد‪ ،‬وع;;دم وج;;ود مك;;ان معين للص;;الة في;;ه في أم;;اكن اإلي;;واء‪ ،‬وخ;;وف الن;;اس من اله;;زات‬

‫االرتدادي;;ة ال;;تي تعقب الزل;;زال األول‪ ،‬واللجن;;ة ت;;دعو عم;;وم المس;;لمين المتواج;;دين في عين‬

‫المك ;;ان إلى إقام ;;ة ص ;;الة الجمع ;;ة ق ;;در اإلمك ;;ان في س ;;احة من الس ;;احات م ;;ع خطب ;;ة قص ;;يرة‬

‫يسيرة ما اس;;تطاعوا إلى ذل;;ك س;بيالً‪ ،‬ف;إن تع;;ذر عليهم ذل;ك بس;بب االنش;;غال والخ;;وف وغ;;ير‬

‫ذل;;ك من األس;;باب فال ح;;رج عليهم في تركه;;ا وأداء ص;;الة الظه;;ر ب;;دالً عنه;;ا‪ ،‬فق;;د ثبت ت;;رك‬

‫الجمع;;ة وص;;الة الظه;;ر في ال;;بيوت لس;;بب أق;;ل مم;;ا نحن في;;ه اآلن وه;;و ن;;زول مط;;ر يحم;;ل‬

‫ير‬ ‫ال َع ْب ُد اللَّ ِه ْب ُن َعَّب ٍ‬


‫اس ِل ُمَؤ ِّذنِ ِه ِفي َي ْوٍم َم ِط ٍ‬ ‫الناس على تغطية رؤوسهم؛ ففي الصحيحين‪ :‬قَ َ‬

‫‪34‬‬
‫الفتــوى رقم (‪ )1‬لعـام ‪ 1444‬هــ الصــادر عن لجنــة االجتهــاد والفتـوى باالتحـاد العــالمي لعلمـاء المســلمين بشــأن نـوازل زلـزال‬

‫تركيا وسوريا‬

‫‪34‬‬
‫ص ; ; ;لُّوا ِفي‬ ‫َأن مح َّم ًدا رس ; ; ;و ُل اللَّ ِه‪ ،‬فَاَل تَُق; ; ; ْ;ل‪ :‬ح َّي علَى ال َّ ِ‬
‫ص ; ; ;اَل ة‪َ ،‬و ُق; ; ; ْ;ل‪َ :‬‬ ‫َ َ‬ ‫‪ :‬إ َذا ُقْلت ‪َ :‬أ ْش ; ; ;هَ ُد َّ ُ َ َ ُ‬

‫ك؟ لَقَ; ْ;د فَ َع; َل َذِل; َ‬


‫ك‬ ‫;ون ِم ْن َذِل; َ‬
‫اس‪َ :‬أتَ ْع َجُب; َ‬ ‫استَْن َك ُروا َذِل; َ‬
‫;ك‪َ ،‬فقَ;;ا َل ْاب ُن َعَّب ٍ‬ ‫اس ْ‬ ‫َأن َّ‬
‫الن َ‬ ‫ُبُيوتِ ُك ْم‪َ .‬ق َ‬
‫ال‪ :‬فَ َك َّ‬

‫َم ْن ُه َو َخ ْيٌر ِمِّني (يعني الرسول صلى اهلل عليه وسلم)‪.35‬‬

‫كم;;ا تس;;قط ص;;الة الجماع;;ة عن;;د وج;;ود الع;;ذر‪ ،‬وي;;دل ل;;ذلك ح;;ديث عائش;;ة رض;;ي اهلل‬

‫عنه ;;ا‪ ،‬ب;;أن الن;;بي ص;;لى اهلل علي ;;ه وس;;لم لم;;ا م;;رض تخل;;ف‪ ،‬وق ;;ال‪( :‬م ;;روا أب ;;ا بك ;;ر فليص ;;ل‬

‫;ذورا أو يش;;ق علي;;ه‬


‫بالن;;اس)‪ ،‬رواه البخ;;اري ومس;;لم‪ ،‬ف;;دل ذل;;ك على أن;;ه إذا ك;;ان المس;;لم مع; ً‬

‫الذهاب إلى المسجد مشقة ظ;اهرة‪ ،‬فإن;ه يب;اح ل;ه ت;رك الجماع;ة في المس;اجد؛ وال;زالزل وم;ا‬

‫تبعه ;;ا من أض ;;رار في المب ;;اني‪ ،‬وانتش ;;ار األف ;;راد في الخيم وأم ;;اكن اإلي ;;واء المتع ;;ددة ومنه ;;ا‬

‫المس;;اجد‪ ،‬يص;;عب معه;;ا ال;;تزام الرج;;ال بص;;الة الجماع;;ة‪ ،‬فتس;;قط عنهم‪ ،‬وت;;ؤدى كيفم;;ا تيس;;ر‬

‫لهم‪ .‬‬

‫رابعاً‪ :‬صالة الغائب على شهداء الزلزال‬

‫ص;لي علي;;ه في مك;;ان موت;;ه‪ ،‬وه;;و م;;ذهب‬


‫ص;;الة الجن;;ازة على الغ;;ائب مش;;روعة وإ ن ُ‬

‫الشافعية والحنابلة‪ ،‬واللجنة ت;دعو األئم;ة والمس;لمين ح;ول الع;الم لص;الة الغ;ائب على ش;هداء‬

‫الزلزال في سوريا وتركيا بع;د ص;الة الجمع;ة؛ ألنه;ا رس;الة تض;امنية تع;بر عن وح;دة األم;ة‬

‫وش;;عور المس;;لم بأخي;;ه المس;لم المص;اب والمكل;وم في فق;د عائلت;ه وأقارب;;ه تجس;;يداً لق;ول الن;بي‬

‫نفسه‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪35‬‬
‫اح ِم ِهم‪ ،‬وتع ;;اطُِف ِه ْم مث; ; ُل الج َس; ; ِد إذا‬ ‫ص ;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم‪ ":‬مث; ; ُل المؤم ;;نين في تَ ; ِّ‬
‫;وادهم‪ ،‬وتَ ; َ;ر ُ‬

‫الجس ِد بالسَّهَ ِر واْل ُح َّمى" البخاري‪.36‬‬


‫َ‬ ‫اعى لَهُ ساِئ ُر‬
‫تد َ‬
‫عضو َ‬
‫ٌ‬ ‫منهُ‬
‫اشت َكى ْ‬

‫خامساً‪ :‬القنوت في الصلوات للنوازل‬

‫يشرع للمسلمين القنوت والدعاء في الركع;;ة األخ;;يرة من جمي;ع الص;لوات; الفردي;ة أو‬

‫الجماعي; ;;ة قب; ;;ل الرك; ;;وع أو بع; ;;ده‪ ،‬ويس; ;;مى قن; ;;وت الن; ;;وازل‪ ،‬كلم; ;;ا ن; ;;زلت بالمس; ;;لمين نازل; ;;ة‬

‫كاألوبئ ; ;;ة والك ; ;;وارث والفيض ; ;;انات وال ; ;;زالزل‪ ،‬ف ; ;;القنوت اآلن بع ; ;;د زل ; ;;زال تركي ; ;;ا وس ; ;;وريا‬

‫مش ;;روع ب ;;ل مس ;;نون ومس ;;تحب خاص ;;ة م ;;ع اس ;;تمرار خ ;;وف الن ;;اس من اله ;;زات االرتدادي ;;ة‬

‫وتبع ;;ات الزل ;;زال األول‪ ،‬وي ;;دل على مش ;;روعية القن ;;وت ح ;;ديث أنس رض ;;ي اهلل عن ;;ه ال ;;ذي‬

‫أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قنت شهراً ي;دعو على أحي;اء من الع;رب‬

‫ثم ترك;;ه‪ ،‬وفي لف;;ظ للبخ;;اري‪ :‬قنت ش;;هراً حين قت;;ل الق;;راء فم;;ا رأيت;;ه ح;;زن حزن ;اً ق;;ط أش;;د‬

‫من ;;ه‪ .‬واللجن ;;ة ت ;;دعو أئم ;;ة المس ;;اجد إلى المداوم ;;ة على القن ;;وت في الص ;;لوات الخمس ح ;;تى‬

‫يزول أثر الزلزال وتعود الحياة في مناطق وقوعه إلى طبيعتها‪.37‬‬

‫سادساً‪ :‬حكم الدفن بغير تغسيل‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪36‬‬

‫وسوريا‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪37‬‬

‫وسوريا‬

‫‪36‬‬
‫الميت المس;;لم‪ ،‬فجمه;;ورهم على الوج;;وب‪ ،‬وفي ق;;ول‬
‫اختل;;ف الفقه;;اء في حكم تغس;;يل ّ‬

‫أن الغس;;ل ُنق;;ل بالعم;;ل ال‬


‫خالف معتبر‪ ،‬وس;;ببه‪ّ :‬‬
‫ٌ‬ ‫عند المالكية والحنفية ّأنه سنة مؤكدة‪ ،‬وهو‬

‫ب;;القول‪ ،‬والعم;;ل ليس ل;;ه ص;;يغة تُف ِهم الوج;;وب‪ ،‬أوال تُفهم;;ه‪ ،‬كم;;ا ّأن;;ه ورد على س;;بيل التعليم‬

‫الطبيعي;ة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لكن;ه ال ُيق;در علي;ه إال في األح;وال‬
‫ل;ه‪ ،‬ال األم;ر ب;ه‪ ،‬وال;راجح ه;و وج;وب الغس;ل ّ‬

‫االستثنائية كأوقات الزالزل والكوارث الكبرى واالرتفاع االستثنائي ألعداد‬


‫ّ‬ ‫أما في األحوال‬
‫ّ‬

‫الموتى فيجوز ترك التغس;يل واالكتف;اء ب;التيمم للميت‪ ،‬كم;ا يج;;وز ت;رك ال;;تيمم ودفن;;ه ب;الكيس‬

‫ال; ;;ذي وض; ;;ع في; ;;ه بع; ;;د اس; ;;تخراجه من تحت األنق; ;;اض دون غس; ;;ل أو تيميم م; ;;ادامت هن; ;;اك‬

‫ض;;رورة كك;;ثرة األع;;داد أو تغ;;ير حال;;ة الجثث بط;;ول المكث تحت األنق;;اض ‪ ،‬وق;;د تق; ّ;ررت‬

‫في فقهنا اإلسالمي جملةٌ من القواعد التي تراعي الظ;;روف االس;;تثنائية وح;;االت الض;;رورة‪;،‬‬

‫ومنه; ; ; ;;ا‪( :‬الض; ; ; ;;رورات; ت; ; ; ;;بيح المحظ; ; ; ;;ورات)‪( ،‬المش; ; ; ;;قة تجلب التيس; ; ; ;;ير)‪( ،‬ال تكلي; ; ; ;;ف إال‬

‫ين ِم ْن َح; َ;ر ٍج)‪ ،38‬وق ;;د ق ;;ال الدس ;;وقي في‬
‫;ل َعلَْي ُك ْم ِفي ال ; ِّ;د ِ‬
‫(و َم;;ا َج َع; َ‬
‫بمق ;;دور)‪  ،‬ق ;;ال تع ;;الى‪َ :‬‬

‫حاش;;يته‪ ":‬من تع;;ذر غس;;له وتيمم;;ه‪ ،‬كم;;ا إذا ك;;ثرت الم;;وتى ج;;دا؛ فغس;;له مطل;;وب ابت;;داء‪ ،‬لكن‬

‫يس; ;;قط للتع; ;;ذر‪ ،‬وال تس; ;;قط الص; ;;الة علي; ;;ه"‪ .‬ا‪.‬هـ «الش; ;;رح الكب; ;;ير للش; ;;يخ ال; ;;دردير وحاش; ;;ية‬

‫الدسوقي) (‪.)1/408‬‬

‫الميت المدفون على تلك الص;;فة ال ينقص من‬


‫أن ّ‬ ‫وتؤكد لجنة االجتهاد والفتوى على ّ‬ ‫‪ ‬‬

‫;رعا بم ;;ا فعل ;;وا وال يل ;;زمهم أي ش ;;يء في وقت‬


‫أج ;;ره ش ;;يًئا‪ ،‬وت ;;برأ ذم ;;ة المس ;;لمين وأهل ;;ه ش ; ً‬

‫الحق‪  .‬‬
‫[الحج‪.]78 :‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪37‬‬
‫سابعاً‪ :‬حكم الدفن الجماعي‬

‫األص; ;;ل المعم; ;;ول ب; ;;ه والمس; ;;تقر فقه ; ;اً أن ي; ;;دفن ك; ;;ل ميت في ق; ;;بر خ; ;;اص ب; ;;ه‪ ،‬ولكن‬

‫الكوارث الكبرى لها أحكامها واستثناءاتها التي يجوز فيها ما ال يجوز في األحوال العادية‪،‬‬

‫ومع األعداد الكبيرة للقتلى‪ ،‬واس;;تخراج الجثث بع;;د أي;;ام من موته;;ا تحت األنق;;اض‪ ،‬والطقس‬

‫الش;;;ديد ال;;;برودة‪ ،‬وتع;;;ذر أو اس;;;تحالة إف;;;راد ك;;;ل ميت بق ;;بر ودفن خ ;;اص ب ;;ه‪ ،‬يج ;;وز ال ;;دفن‬

‫ف اللَّهُ َن ْف ًس;ا‬
‫الجم;;اعي بع;;د إقام;;ة ص;;الة الجن;;ازة عليهم بش;;كل جم;;اعي‪ ،‬لقول;;ه تع;;الى‪{ :‬اَل ُي َكلِّ ُ‬

‫َّ‬ ‫ِإاَّل وس;عها}‪ ،39‬وقول;;ه تع;;الى‪{ :‬اَل ي َكلِّ ُ َّ‬


‫ف اللهُ َن ْف ًس;ا ِإاَّل َ;م;ا آتَ َ‬
‫اه;;ا} ‪ ،‬وقول;;ه تع;;الى‪{ :‬فَ;;اتَّقُوا اللهَ‬
‫‪40‬‬
‫ُ‬ ‫ُ ْ ََ‬

‫;َأم ٍر َف; ;;ْأتُوا ِم ْن; ;;هُ َ;م ;;ا‬‫;‬


‫َْ ْ ْ‬‫;‬‫ِ‬
‫ب‬ ‫م‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫;ر‬‫;‬ ‫َأم‬
‫;‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ِإ‬‫"‬ ‫;لم‪:‬‬‫;‬ ‫;‬‫س‬ ‫و‬ ‫;ه‬‫;‬ ‫;‬‫ي‬ ‫عل‬ ‫اهلل‬ ‫;لى‬‫;‬ ‫;‬‫ص‬ ‫;ول‬‫;‬ ‫;‬‫س‬ ‫الر‬ ‫;ول‬‫;‬ ‫;‬‫ق‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫‪41‬‬
‫ط ْعتُ ْم}‬
‫َ;م ;;ا ا ْس ; ;تَ َ‬

‫ط ْعتُ ْم"‪  ‬ص;;;حيح البخ;;;اري‪ ،‬وق;;;د دفن الن;;;بي ص;;;لى اهلل علي ;;ه وس ;;لم ش ;;هداء أح ;;د في ق ;;بر‬
‫ا ْس ;;تَ َ‬

‫جماعي‪.42‬‬

‫ثامناً‪ :‬حكم تعجيل دفع الزكاة‬

‫األص;;ل أن الزك;;اة عب;;ادة مؤقت;;ة ب;;وقت ويجب أداؤه;;ا م;;تى دخ;;ل وقته;;ا وه;;و ح;;والن‬

‫الحول‪ ،‬لكن يجوز تعجيل دفع الزك;;اة قب;;ل وقته;;ا لع;;ام أو أك;;ثر حس;;ب‪ ‬الض;;رورة; أو الحاج;;ة‪،‬‬

‫(سورة البقرة‪.)286 :‬‬ ‫‪39‬‬

‫[سورة الطالق ‪.]7‬‬ ‫‪40‬‬

‫[سورة التغابن‪.]16 :‬‬ ‫‪41‬‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪42‬‬

‫وسوريا‬

‫‪38‬‬
‫;ابا‪ ،‬وإ ن لم يح; ّل علي;;ه الح;;ول‪ ،‬والق;;ول بتعجي;;ل الزك;;اة قب;;ل ح;;والن الح;;ول‬
‫م;;ا بل;;غ الم;;ال نص; ً‬

‫لمصلحة معتبرة هو رأي جمهور الفقهاء‪ ،‬وأكثر أهل العلم كالحنفي;ة‪ ،‬والش;افعية‪ ،‬والحنابل;ة‪،‬‬

‫ومن وافقهم‪ ،‬وه ;;و م ;;ا أفتت ب ;;ه المج ;;امع الفقهي ;;ة المعاص ;;رة‪ ،‬وق ;;د اس ;;تدلوا بالح ;;ديث الحس ;;ن‬

‫"أن َّ‬
‫العباس رض;;ي اهلل عن ;;ه‬ ‫ال ;;ذي رواه الترم ;;ذي‪ ،‬عن علي بن أبي ط;;الب ك ;;رم اهلل وجه ;;ه‪َّ :‬‬

‫سأل رسول اهلل صلى اهلل علي;ه وآل;ه وس;لم في تعجي;ل ص;دقته قب;ل أن تح َّ;ل‪ ،‬ف َّ‬
‫;رخص ل;ه في‬

‫;الي جع;;ل ل;;ه أج;;ل ترفّقً;;ا ب;;المز ّكي‪ ،‬فج;;از تعجيل;;ه قب;;ل أجل;;ه قيا ًس ;ا على‬
‫وألن;;ه ح;;ق م; ّ‬
‫ذل;;ك"‪ّ ،‬‬

‫ال ;;دين‪ ،‬ويس ;;تأنس للق ;;ول ب ;;الجواز أيض;;اً بقاع ;;دة ابن رجب‪ " :‬تق ;;ديم الش ;;يء على س ;;ببه يمن ;;ع‬

‫وعلى ش;;رطه ج;;ائز"‪ ،‬والس;;بب النص;;اب والش;;رط تم;;ام الح;;ول‪ .‬وق;;د ص;;در عن اللجن;;ة فت;;وى‬

‫سابقة بجواز التعجيل فليرجع إليها‪.43‬‬

‫واللجن; ;;ة ت; ;;دعو المس; ;;لمين في أنح; ;;اء الع; ;;الم أن يس; ;;ارعوا إلى اإلنف; ;;اق من ص; ;;دقاتهم‬ ‫‪ ‬‬

‫وتبرع;;اتهم إلغاث;;ة إخ;;وانهم المتض;;ررين من الزل;;زال وأن ال يقتص;;روا على الزك;;اة فإن;;ه من‬

‫;اوُنوْا َعلَى ۡٱلِإ ۡثِم‬‫;‬‫ع‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫التعاون على البر والتقوى‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وتعاونوْا على‌ٱ ۡلبِِّر‌وٱلتَّ ۡقو ٰ ۖ‬
‫ى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَل‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ََ َ ُ ََ‬

‫َوٱ ۡل ُع ۡد َٰو ۚ ِن)‪[ ‬المائدة‪ ،]2 :‬وقد بشر اهلل تعالى المنفقين بالخلف عليهم والبركة في أموالهم فقال‬

‫‌ي ۡخِلفُهۥُۖ َو ُه َو َخ ۡي ُر َّٰ‬ ‫ۡ‬


‫ٱلر ِز ِق َ‬
‫ين)‪     44‬‬ ‫(و َمٓا َأنفَقتُم ِّمن َش ۡي ٖء فَهُ َو ُ‬
‫تعالى‪َ :‬‬

‫تاسعاً‪ :‬دفع الزكاة في صورة مساعدات عينية‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪43‬‬

‫وسوريا‬

‫[سبأ‪]39 :‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪39‬‬
‫الزك;;;اة ُش; ;رعت ل ;;دفع حاج;;;ة الفق;;;ير والمس;;;كين وبقي ;;ة المص ;;ارف‪ ،‬وق ;;د ج ; َّ;وز بعض‬ ‫‪ ‬‬

‫الفقهاء كأبي حنيفة وغيره دفع القيمة في الزكاة ولهم على ذلك أدلة نصية وعقلية واضحة‪،‬‬

‫منه;;ا فع;;ل مع;;اذ رض;;ي اهلل عن;;ه م;;ع أه;;ل اليمن ال;;ذي أق;;ره الن;;بي ص;;لى اهلل علي;;ه وس;;لم حين‬

‫ق ; ;;ال لهم‪( :‬ايت ; ;;وني بخميس أو ل ; ;;بيس آخ ; ;;ذه منكم مك ; ;;ان الص ; ;;دقة فإن ; ;;ه أه ; ;;ون عليكم وخ ; ;;ير‬

‫للمهاجرين بالمدين;ة) ال;بيهقي وال;دارقطني وابن أبي ش;يبة وذك;ره البخ;اري في ب;اب الع;رض‬

‫في الزك ;;اة‪ .‬والخالف في المس ;;ألة معت ;;بر‪ ،‬وق ;;د تك ;;ون األش ;;ياء العيني ;;ة من مالبس وأغطي ;;ة‬

‫وأغذية أنفع للناس في هذه الظروف من األموال‪ ،‬وه;;ذا م;;ا أف;;تى ب;;ه اإلم;;ام ابن تيمي;;ة‪ ،‬حيث‬

‫ق;;ال‪ " :‬وأم;;ا إخ;;راج القيم;;ة للحاج;;ة أو المص;;لحة أو الع;;دل؛ فال ب;;أس ب;;ه" مجم;;وع الفت;;اوى‪:‬‬

‫‪ ،25/28‬ب;;ل يحس;;ن أن ال يتج;;ه ك;;ل الن;;اس إلى طريق;;ة واح;;دة أو ش;;كل واح;;دة للمس;;اعدات‬

‫ليتحقق النفع وتزول الحاجة‪.‬‬

‫عاشراً‪ :‬لو دفع المكلف زكاته ولم تصل إلى الفقير هل يسقط الفرض عنه؟‬

‫تؤك; ; ;;د اللجن; ; ;;ة وتحث على ض; ; ;;رورة إخ; ; ;;راج الزك; ; ;;اة وإ رس; ; ;;الها إلى مس; ; ;;تحقيها من‬

‫متضرري الزلزال عن طريق المؤسسات العاملة في هذا المجال والموثوقة في بلد اإلقامة‪،‬‬

‫وإ ذا ق ;;ام الم ;;زكي ب ;;دفع الزك ;;اة لجه ;;ة أو هيئ ;;ة موث ;;وق به ;;ا إليص ;;الها إلى المن ;;اطق المنكوب ;;ة‬

‫والمتض ;;ررة من الزل ;;زال فق ;;د ب ;;رأت ذمت ;;ه وس ;;قط ف ;;رض الزك ;;اة عن ;;ه بتوكيل ;;ه له ;;ذه الجه ;;ة‬

‫الموثوقة‪ ،‬وعلى هذه المؤسس;;ات أن تتح;رى في دف;ع األم;وال إلى من يش;;ملهم ف;رض الزك;اة‬

‫وي ;;دخلون في مص;;;ارفها وأن يرجع;;;وا للعلم;;;اء لالس;;;تيثاق من مش ;;روعية ودق ;;ة دف ;;ع أم ;;وال‬

‫‪40‬‬
‫الزكاة في مصارفها الشرعية‪ ،‬فإن بلغ دافع الزكاة الحقاً أن المال قد دفع في غ;;ير مص;;رفه‬

‫فال يلزمه إعادة دفع الزكاة والمسؤولية على من وكله‪.45‬‬

‫خاتمة‬

‫لق;;د تطرقن;;ا في بحثن;;ا ه;;ذا إلى موض;;وع ال;;زالزل ق;;د ق;;دمنا تعري;;ف ال;;زالزل بأن;;ه هي ه;;زة‬

‫أرضية ضخمة تحدث بسبب تحرك أجزاء في القش;;رة األرض;;ية‪ ،‬وق;;دمنا أن;;واع ال;;زالزل أال‬

‫وهي‪ :‬الزالزل االصطناعية الزالزل البركانية‪ .‬الزالزل التكتونية‪.‬‬

‫ا‬

‫الفتوى رقم (‪ )1‬لعام ‪ 1444‬هـ الصادر عن لجنة االجتهاد والفتوى باالتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشأن نوازل زلزال تركيا‬ ‫‪45‬‬

‫وسوريا‬

‫‪41‬‬
42

You might also like