Professional Documents
Culture Documents
بحث قصوري
بحث قصوري
تخصص :آداب
السنة الجامعية:
2022/2023
كلمة شكر
أش كر اهلل ع ز وج ل ال ذي أنعم علين ا ب أن أرش دنا لطري ق الهداي ة ودلن ا على طري ق
وال دتي الغالي ة أبي الح بيب ال يمكن أن الح بيب ال يمكن أن أنس ى دعمكم لي وم ا ق دمتموه
من أجلي فلكم م ني ك ل الحب ومهم ا قلت في حقكم من كلم ات ش كر ف إنني لن أمنحكم م ا
تستحقونه.
وعلي ه ،أود أن أع رب عم م ودتي ،وأمني اتي ألس تاذي المش رق إدريس قص وري ال ذي
منحني طاقة إيجابية ووجهني أثناء بحثي ،فله فائق اإلحترام والتقدير ،كما له الفضل بعد
اهلل س بحانه وتع الى في إنش اء بح ثي ه ذا ب ارك اهلل في عم ره وأدام ص حته ،كم ا أش كر
ص ديقاتي الطيب ات ال رواتي ق دمن لي ي د المس اعدة ،ولم يبخلن على ب روح الص داقة
والتعاون.
وأتوجه كذلك بالشكر إلى أعضاء لجنة المناقشة الذين تحملوا مشقة هذا البحث.
اإلهداء.
أهدى هذا العمل إلى خالقي وبارئي
أهدي إلى كل من له مكان في عالمي الصغير
أهدي هذا العمل...
أهدي هذا العمل إلى أسرتي الغالية الصغيرة.
أهدي هذا العمل...
أهديه إلي نفسي التي كلما ...فؤادي
ساعذتني ألواصل ببسمة تذيب كل المعاناة
وها أنا ذا لهذيها هذا العمل كأعتراف لها بصدق الجميل
كتبت كتابي قبل النطق
بخاطري
وقلت لقلبي أتت بالشوق
أعلم
بلغ سالمي يا كتابي وقل
لهم
مقامكم عندي عزيز
مكرم
محمد بن سليمان السهاللي الجزولي خاتمة
محظوط دالئل الخيرات.
المحور األول :نشأة القصة القصيرة
إذا ك ان ق 19 فيما يقال هرم ون الرواية ،فإن الق رن 20بدون ش ك قرن القصة
القصيرة وبامتياز.1
أم ا من حيث النش أة ،فعلى وج ه التحدي د ال يمكن للب احث أن يق ر ب الموطن ال ذي
نشأت فيه القصة ،وذلك ببساطة ألن الحكي والقص متميزا ونظر النقاد واألدباء لهذا الفن
وأصلوه.2
العربي ة واإلس المية من خالل مقام ات الهم داني والحري ري ورس الة الغف ران ألني العالء
العم ري ....إلى أل ف ليل ة وليل ة ال تي لم تكن غ ير مجموع ة قص ص قص يرة متداخل ة
ومتنامية توصل واحدة منها إلى الثانية ،وتفتح الثانية باب للثالثة وهكذا ،وبإمكاننا أن نعتر
على قصص عرية في العقد الفريد والمسطرف واألغاني ...وقد رأى كثير من الباحثين
ب األدب الفارس ي ومن ه ذه األش كال "الف ابوال" أح د األجن اس األدبي ة األولى للقص ة ،وق د
نجيب العوفي ،مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية ،بيروت /الدار البيضاء ،المغرب ،المركز الثقافي ،ط،1 1
،1987ص .7
التاس ع عش ر لتلتق ط اإله تزازات األخ يرة واألولى مع ا للحرك ة اإلجتماعي ة إب ان الص حو
ووج دت اللحظ ة التاريخي ة ،على ثن ائي ال ديار ،بين إدج ار أالن ب و األم ريكي ،وأنط وان
تش يخوف الروس ي ،وحي ديمونس ان الفرنس ي ،لوض ع األس س الفني ة األولى للقص ة
القص يرة ،فك انوا بن اء له ذا الش كل الجدي د كم ا ك انوا ش هودا على عص رهم .لم تع د القص ة
القصيرة ،بفضل هؤالء ،مجرد حكاية عادية للتسلية وترجية الوقت .أو "مصنع لألحاديب"
كما كان يروج في القرن الرابع عشر في كواليس الفاتيكان ،بل أصبحت جنسا أدبية له
وبعد هؤالء الرواد ازدهرت القصة القصيرة واتسعت رقعة نفوذها لتشمل "العالم
المتقدم" والعالم المتخلف" على السواء فقد كان إدخال اآلن بو الذي تلقيه دائرة المعارف
نجيب العوفي ،مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية ،ص 51 4
وأهم ش رطين ف نين رك ز عليهم ا إدج ار آالن ب و وكرس ي لهم ا مق االت النقدي ة والنظري ة،
يتلخصان في وحدة االنطباع أو اآلخر أو وحدة البناء ،ومن ثم يرى في تعريفهالمشهور،
6
"القصة القصيرة هي قصة نثرية تقرأ فيما بين نصف ساعة وساعتين"
وفي ف ترة مبك رة أع ترف شلوفس كي ق ائال" :إن ني لم أع ثر بع د على تعري ف للقص ة
القص يرة" 7كم ا اع ترف أح د أب رز كت اب القص ة القص يرة في الع الم الع ربي ،وه و يوس ف
إدريس ي ،ق ائال" :فن معق د إلى الدرج ة ال تي ال أس تطيع أن ا شخص يا بع د ه ذا العم ر في
8
ممارسته أن اعرفه"
لم يستض ف األدب المغ ربي القص ة القص يرة ،كجنس أدبي متم يز إال في ف ترة حديث ة جدا،
مثله ا في ذلك مث ل جنس أدبي ة أخ رى ،يمثالن بمعي ة القص ة القص يرة ،المفاص ل االساسية
لألدب القصص ي والب ؤر المركزي ة لحرك ة وفاعلي ة ال وعي القصص ي وهم ا المس رحية
ف .شلوفسكي ،بناء القصة القصيرة والرواية ،مجلة الثقافة الجديدة ع ،20 ،س ،1981 .5ت ،ابراهيم الخطيبـ 7
ص ،40أخدا عن ص 51؟
عن عباس خضر :عباس األسواني الضاحك األخير ،مجلة الدوحة ،ع ،79يوليه ،1982ص ،122أخدا عن 8
القص يرة في المغ رب ،وكنهاي ة أو بداي ة النهاي ة لمسلس ل التج ارب والتم ارين األولي ة ال تي
ك ان يتمخض عنه ا "ال وعي القصص ي" بأش كال وطرائ ق مختلف ة ،قب ل أن يش هد مخاض ه
الحاسم ويعتبر على لحظة الصحو والرشد ،ويدفعنا هذا إلى اعتبار مرحلة األربعين نقطة
تح ول هام ة في مس ار ال وعي القصص ي وح ذا يك اد يك ون حاص ال بين مرحل تين :نس مي
األولى مرحل ة الالوعي القصص ي ونس مي الثاني ة مرحل ة ال وعي القصص ي ،ك ان ال تراكم
الكمي واالعتباطي سمة غالبة على المرحلة األولى األكثر من عقيدين من الزمان ،وأصبح
التح ول الكيفي الت دريجي س مة غالب ة على المرحل ة الثاني ة وص اح ...ومس يطرا عليه ا ،أي
أص بح ال وعي بنفص ل وي نزاح روي دا عن الالوعي ،وأخ ذت الكتاب ة القصص ية تتح ول من
الالمركزي ة إلى المركزي ة النس بية وإ لى مزي د من التمرك ز ،ص عدا حيث أن نجيب الع وفي
الواق ع في القص ة القص يرة المغربي ة ،يرك ز على مرحل تين أساس يتين من عم ر القص ة
القص يرة ،مرحل ة التأس يس وتش مل س نوات األربعين والخمس ين ،ومرحل ة التحس ين وتمت
إلى الس تينات ،وفي المرحل ة األولى ك انت تبحث القص ة القص يرة عن هويته ا ،والمرحل ة
إن منش أ القص ة القص يرة في مص ر إنم ا ق د يرج ع إلى الدول ة الفرعوني ة وحقب
اإلمبراطوري ة المص رية القوي ة ،ف إن عب د اهلل الن ديم ( )1896 – 1843األديب والث أتر
نجيب العوفي ،مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية ،ص 19 9
المصري الملقب بخطيب الثورة العرابية ،ويعتبر أول من كتب القصة القصيرة في مصر
في الق رن التاس ع عش ر ،وذل ك في ص حيفته الخاص ة التنكيت والتبكيت ،ذل ك حينم ا كتب
قص ة "ع ربي تف رنج" ال تي تخلى عن تنك ر بعض المبتع ثين المص رين في الخ ارج ل وطنهم
فيم ا بع د ،أيض ا أق دم عب د اهلل الن ديم على كتاب ة أقاص يص ذات قض ايا ذات قض ايا نمس
الواقع اإلجتماعي وتهتم بمشكالت المجتمع مثل أقصوصة الفالح والمرابي سهرة االنطاع،
هك ذا ال نب الغ ل و قلن ا إن عب د اهلل الن ديم كتب القص ة القص يرة قب ل موبس ان (-1893
،)1850وقب ل أنط وان تش يخوف ( )1860 -1904ويحت ل اس م الك اتب الكب ير ،محم د (
.)1921 -1892
مك ان الري ادة في كتاب ه القص ة القص يرة في ش كلها الح داثي وذل ك عن دما نش ر قص ته في
مجل ة الس فور ع ام ،1917إض افة إلى مس اهمة في مج ال المس رح واهتمام ه ب األدب
المسرحي والمسرح الكوميدي بصفة خاصة ،وبعد من رواد القصة القصيرة الواقعية وله
مجموعة قصصية عنوانه "ماتراه العيون" ،ويرجع بعض المؤرخين والمهتمين أن بدايات
كتاب ة القص ة القص يرة المص رية ك انت م ع الترجم ة ال تي أخرجه ا األديب مص طفى لطفى
المنقلوطي ( )1876 -1924عن كتابات كبار األدباء الفرنسين واالنجليز والروم في فن
القصة القصيرة.
عوامل ظهور القصة القصيرة: .4
يرى فؤاد مرعي بأن التميز القومي التاريخي للتطور اإلجتماعي في هذا البلد وذلك ،يبرز
أيضا في طبيعة األلوان واألنواع األدبية ،ولذا فإن تحليل أنواع األعمال األدبية وألوانها
يتطلب دائما تحديدا شديدا يراعي التعقيد الفريد في الظاهرة التي نجري دراستها.
كما يمكن القول أنه قد كان وراء انتشار هذا الفن الجديد وظهور على مستوى العالم عدة
عوام ل أهمه ا انتش ار التعليم وظه ور فك رة الديمقراطي ة ،وث ورة الطبق ة الوس طى وظيف ة
العمال والفالحة وما شهده العصر من تطور علمي وفكري وحضاري وصناعي.
كم ا ك ان للص حافة دور مهم في بداي ة ه ذا الفن ونش ره ونتيج ة لك ل ذل ك أص بحت القص ة
القص يرة من أساس يات األدب الح ديث ال يطب ق به ا ب ل يتطلب ظهوره ا وانتش ارها وك ثرة
بعد فترة من دخول المطبعة الصحيفة وتغير طبيعة النظام التعليمي وظهور جمهور جديد
من القراء ،واحتياجات ثقافية جديدة وغير ذلك من العوامل التي ساهمت في ميالد القصة
القص يرة وك ان للنق د موق ف خ اص من القص ة القص ير ربم ا ك انوا وراء ت أخر نش أتها
وانتش ارها في الحي اة األدبي ة ،وه ذا الموق ف ص نعه موق ف النق اد من القص ة والقص اص،
حيث كانوا يعدون القصة عامة شيئا يسلي به القارئ نفسه في أوقات الفراغ ،هما جعل
طري ق معرف ة الثقاف ة الغربي ة في أعق اب االحتك اك الثق افي والفك ري واألدبي ال ذي حققت ه
فإن شهرتها وشدة أجتهاد األدباء وحرصهم على إيداعها جعلها تظهر بشكل ينافس الشعر
أحيانا الذي يعد أهم النشاطات األدبية اإلبداعية على طول التاريخ األدبي.10
ي رى بعض النق اد أن ك اتب القص ة القص يرة يمكن ه أن يح اول أي ش يئ ،ب ل إن ه ق د ثم ل ه
بالفعل تجربة كل شيء ،ألنه نوعه األدبي الذي يستعمله نوع غير منته ،بل غير محدد
المعالم ،ألن هذا النوع األدبي المسمى بالقصة القصيرة وكل نوع أدبي إنما هو –عند هذا
الفري ق متص ل بتل ك الق وة العقالني ة غ ير المتوقع ة ،أي ق وة التخي ل ومحتكم إلى عوام ل ال
يمكن اإلمس اك بناص يتها أو إخض اعها لحكم الق انون المنطقي الص ارم ،مث ل عوام ل
االنفعاالت والجمال والثأتير ،وكل نوع أدبي على هذه الشاكلة وله هذه المالبسات ال يمكن
تحدي ده ومن ثم فإن ه ال ق انون ل ه ولغ يره إال االجته اد واالبتك ار والق در على االمس اك
القص يرة والرواي ة ،ب ل يع دونهما نوع ا أدبي ا واح د ،وذل ك راج ع إلى تق ارب منهجيتهم ا،
وتشابه تقنياتهما ،وأصولهما الفنية واالجتماعية ،ونعيرهما عن طبقة اجتماعية واحدة هي
الطبقة المتوسطة وظهورهما في عصر وحيد وهو العصر الحديث ،واعتمادهما على ش كل
إن الناق د الروس ي شلوفس كي ق ال ص راحة بأن ه لم يس تطع االهت داء إلى تعري ف دقي ق
لمفهوم القصة القصيرة ،ولم يستطع تحديد الشكل للبنية السردية لهذا الفن ،يقول" :بجب
أن أع ترف ...أن ني لم أع ثر بع د على تعري ف للقص ة القص يرة أي أن ني ال اس تطيع أن
تتم ازج الح واجز لكي نحص ل على مثن حك ائي sujetذل ك أن وج ود ص ورة م ا أو
ويرى فرانك أوكونور أن القصة القصيرة ليس لها قالب جوهري يبنى عليه كيانه ا
الفني كما هو الشأن بالنسبة للواية ،ومن ثم فإن انتقادها لهذا القالب جعلها أكثر مرونة
وحرية وجعلها مجاال خصبا كل ابتكار أو إضافة جديدة ،يقول في معرض مقارنته بين
الرواية والقصة القصيرة" :إن الروائي إذا أخذ شخصية ووضعها في وضع معارض
عبد الرحيم الكردي،ـ البنية السردية للقصة القصيرة ،مكتبة اآلداب ،ط ،2005 ،3ص .58 11
للمجتمع ثم سمح للشخصية نتيجة للصراع بينهما وبين المجتمع أن تتغلب عليه أو أن
يتغلب هو عليها فقد قام بكل ما يتوقع ...والنمو التاريخي للشخصية أو للحوادث كما
نراه في الحياة يشكل قالبا جوهريا ،وإ ذا أهمل الروائي ذلك فإنما يهمله على مسؤوليته
الخاص ة ،لكن ال يوج د ل دى ك اتب القص ة القص يرة ش يء من ه ذا ينظ ر إلي ه على أن ه
قالب جوهري ،ألن إطاره الذي يرجع إليه ال يمكن أن يكون الحياة اإلنسانية برمتها،
وهو ال بد أن يختار دائما الزاوية التي يتناولها منها ،وكل اختيار يقوم به يحتوي على
باإلضافة إلى الناقد فرانك أوكومور ،نجد أشهر ناقد فرق بين الرواية والقصة القصيرة
تفريق ا حاس ما ،وح دد مع الم ك ل منهم ا تحدي دا واض حا وه و الناق د الروس ي (-1886
،)1909يق ول ايخنب اوم" :ليس ت الرواي ة ،والقص ة القص يرة ش كلين متن اظرين ب ل هم ا
على العكس شكالن أحدهما أجنبي عن اآلخر بصورة عميقة" ويستدل على ذلك بقوله:
"أنهم ا ال يتط وران في أدب معين في نفس ال وقت وال بنفس الدرج ة من الق وة ،وأن
هناك كتابا مختلفين وأدباء مختلفة ،تعني إما بالرواية أو بالقصة القصيرة" ،ثم يخلص
من ذلك إلى أن هناك فروقا جوهرية بينهما يمكن تلخيصها في تسعة فروق:
أن شكل الرواية تلفيقي ،أما شكل القصة القصيرة أساسي وبدئي. أ.
كل شيء في القصة القصيرة يميل إلى نحو الخالصة ،أما منطق الرواية فيفترض ت.
ان بن اء القص ة القص يرة يعتم د على التن اقض ،أو التع ارض أو انع دام المص ادفة أو ث.
أن خاتمة الرواية عبارة عن لحظة إضعاف ،ولذلك فإن الخاتمة غير المنتظرة جذ ج.
ش اذه في الرواي ة –كم ا يق ول :وإ ن وج دت فإنه ا يش هد على ت أثير القص ة القص يرة،
بينما ثمل القصة القصيرة على وجه التحديد إلى النهاية غير المتوقعة".
يحب أن تتب ع في الرواي ة نقط ة األوج ن وع من االنح دار ،بينم ا يك ون من الط بيعي ح.
إن كل شيء في القصة القصيرة يجب كما يقول أن تتطلق بقوة صاروخ ألقي من خ.
إن األبنية الوسطية في الرواية أهم من النهاية ،بخالف القصة القصيرة التي تشبه د.
اللغز.
أن القص ة القص يرة تتق رب من نم ط القص يدة ال ذي تع د النم وذج المث الي له ا ،ولكن ذ.
بناء كل قصة قصيرة ،وهما :األبعاد المختصرة ،والتشديد على الخالصة .وعلى النفيذ من
ذل ك فإن ه ي رى أن البني ة الس ردية للرواي ة وضفاض ة ال يبحث فيه ا ال روائي عن الحكاي ة
فحسب بل يبحث أيضا عن حكاية ،من ثم فإن هناك عدة عناصر يرى أنها تدخل في بناء
الرواية ولكن ال مكان لها في بناء القصة القصيرة ،وذلك مثل التقنية المستخدمة في إيطاء
الحدث ،والتقنية الخاصة يوصل العناصر المتعارضة ،أو الخاصة بربط المراحل الزمانية
وتطوراتها ،والتقنية المعنية بخلق مراكز اهتمام متباينة ،وكذلك فإن الحبكات المتوازنة من
خصائص النبتة الروائية ال القصصية القصيرة وغير ذلك ،إن هذا التصور المحدود الذي
ان زلقت إلي ه ق دم ايخنب اوم يش به التص ور ال ذي ع اب ه و نفس ه على إدج ار أالن ب و للقص ة
القصيرة ،رغم ما بين التصورين من فارق لصالح إيخباوم ،نظرا لحداثته النسبية.
القص ة القص يرة في الع الم أجم ع ،وذل ك خالل المق االت ال تي كتبه ا من اعم ال معاص رة
القص اص األم ريكي ه وترن وال ذي يق ول فيه ا عن فن القص ة القص يرة" :إن الفن ان الم اهر
عن دما يكتب لن ا قص ته ال تحوي ل أفك اره ح تى يجعله ا تتس اير أح داث القص ة لكن ه بج د أن
يعق د الع زم على إح داث أث ر معين يعم ل إلى إبتك ار القص ة ومزجه ا بعض ها ببعض بش كل
األولى عن تحقيق هذا األثر فمعنى ذلك أن خطوته األولى لم تكن غير موفقة في بكل ما
يكتب ليس هناك كلمة واحدة ال تتسق سواء بطريق مباشرة أو غير مباشرة –مع الخطة
المرسومة ،وبهذه الوسيلة وبفضل هذه العناية وهذه المهارة يتم في النهاية رسم الصورة
وال تعترض سبيلها عقبة حتى تتحقق الغرض الذي ما كان يمكن الطويل أن تحققه".14
فإدجار االن بو يرى ان كاتب القصة القصيرة ،ينغي أن يجعل كل جزئية من جزئيات
قص ته في خدم ة ه ذا األث ر الواح د ،ف أي ك اتب القص ة القص يرة يب دأ أوال بعق د الع زم على
إح داث أث ر معين ،ثم يعم د بع د ذل ك إلى إبتك ار القص ة وص ناعة األفك ار ،وتس خير الجم ل
اللغوي ة في خدم ة ه ذا األث ر األوح د ال ذي اخت اره الك اتب من ذ البداي ة ،وه ذا م ا ع بر عن ه
إيخنباوم عن طريق تشبيه القصة القصيرة بصاروخ الذي ألقي من الطائرة نحو هدفواحد
مقصود ،ثم يركز بو على نا أطلق غليه فيما بعد لحظة التنوير أو اإلضاءة ،ويركز أيضا
على الفرق بين الحل الذي يأتي في نهاية القصة القصيرة بيت خاتمة الرواية.
إض افة إلى م ا ج اء ب ه نق اد القص ة الغربي ة بخص وص بني ة القص ة القص يرة ،ي ذهب
الدكتور (شكري عباد) إلى رأي قريب من رأي الناقد فرانك أوكونور ،إذ يرى أن القصة
القص يرة ليس له ا ش كل واحج مح دد ،وليس له ا تكني ك أو تقني ة خاص ة وال وع اء تص ب
فيه ،بل إن الكاتب حر في أن يوصل انطباعاته بالطريقة التي يراها مالئمة ،ألن الشكل
عبد الرحيم الكردي،ـ البنية السردية للقصة القصيرة ،ص .68 ،67عبد الرحيم الكردي ،البنية السردية للقصة 14
القصيرة
فيم ا بع د ج زاء من المض مون وأداة من أدوات ه ،وذل ك بخالف الرواي ة ال تي اس تقرت على
نموذج خاص ،أما القصة القصيرة فكل عمل ينجز فله تصميمه الخاص ،إذ يقول" :إن كل
قص ة قص يرة فني ة هي تجرب ة جدي دة في التكني ك :إذ من الواض ح أن ه ال يمكن أو يوج د
انطباعات متشابهات كل التشابه نوعا وعمقا وشموال ،ومادام تصميم القصة القصيرة قائما
على أداء ال دقيق لالنطب اع فال ب د ك ل تص ميم قص ة قص يرة عن تص ميم غيره ا من
القصص ،إن القصة القصيرة الفنية تتطلب تطابقا تاما بين الشكل والمضمون في حين أن
شكل الرواية يشبه إلى حد غير قليل الوعاء الذي يمكن أن تصب فيه مواد مختلفة".15
في حين أن ال دكتور الط اهر مكي ينظ ر إلى األم ر من زاوي ة أخ رى إذ ي رى أن
المشكلة ليست في القصة القصيرة نفسها بل في النقد األدبي وفي التنظير المتعلق بها ،فه و
يرى أنها جنس أدبي محدد وقد حصرها في عشرة حدود هي" :حكاية أدبية ،ت درك لتقص،
قصيرة نسبيا ،ذات خطة بسيطة ،وحدث محدد ،حول جانب من الحياة ألني واقعه ا العادي
والمنطقي ،وإ نما طبقا لنظرة مثالية ورمزية ،ال تنمي أحداثا وبيئات وشخوص وإ نما توجز
في لحظة واحجة حدثا ذا معنى كبير لكنه يرى أن النقاد والمنظرين لألدب لم يهتدوا إلى
تفريق صارم بينها وبين الرواية ،يقول" :لم يتحدد بعد بدقة ال في أدهان القراء وال حتى
النقاد الفصل بين المصطلحين ،وال نزال حتى اليوم نطلق لفظ القصة على الرواية".16
عبد الرحيم الكردي،ـ البنية السردية للقصة القصيرة ،ص 60 15
عبد الرحيم الكردي،ـ البنية السردية للقصة القصيرة ،ص .61 ،60 16
كما تحدث أيضا عن إضافات كل من جوجول وإ يدجار أالن بو وموبسان وتشيكوف،
لكنه تحدث عن هذه اإلضافات يوصفها تاريخا للنوع ،والدليل على ذلك أنه عندما تناول
مفه وم القص ة القص يرة تناول ه باعتب اره مفهوم ا منتص با ومكتمال ،س اكنا غ ير مرتب ط به ذه
التطورات ،كما أنه لم يربط تطور المفهوم أو البناء أو التكنيك بالتطورات واألشكال التي
وردت في المختارات التي أوردها فجاء كتابه من هذه الناحية مختلفا عن كتاب أو نكور.
وهك ذا ن رى أن اآلف ة ال تي تلح ق بتحدي د مفه وم القص ة القص يرة أو تعريفه ا تمكن في
تماديها في الحدود والمغاالة في فرض القيود ،تلك الحدود التي تجعل كثير من القصص
الرائعة نفلت من بين أصابعها وتثبت عدم جدواها ،بمعنى آخر ّإن هذه الحدود تقيم بنودها
على تص ور خ اص ومخلي للقص ة القص ير في بيئ ة معين ة ،وفي عص ر معين وربم ا عنج
كاتب معين ،لكن هذه الحدود ،وتلك الصورة سرعان ما تنهار عند إنتقالها إلى بيئة أخرى
أو عن د م ا تتط ور القص ة القص يرة من عص ر إلى آخ ر ،لكن ذل ك لم يمن ع كث يرا من
الدارسين من التشبت بتعريف واحد أو تحديد قانون صارم مبني على نموذج واحد ثابت،
إذا ثبت لديهم أن هذا النموذج قد أثبت جدارة وشهره في يوم ما.
التقليدي للقصة القصيرة هو النموذج المعياري ،يقول رشاد رشدي :القصة عند موباسان
تص ور ح دثا معين ا ال يهتم الك اتب بم ا قيل ه أو بع ده وه ذا ه و الش كل ال ذي اتخذت ه القص ة
القصيرة ،وأكده وأبرزه جميع من أتوا يعد موباسان من كبار كتاب القصة القصيرة أمثال:
ولكن ه ؤالء النق اد ال ذين ي رون أن القص ة القص يرة ال تمث ل نوع ا أدبي ا ومس تقال عن
الرواية ،أو الذين يرون أن مفهومها لم يتحدد بعد ،أو الذين يرون عدم وجود قالب لبنائها
الفني كما هو الحال مع الرواية كل هؤالء النقاد ليسوا إال فريقا واحد ،وليست آراؤهم هي
الكلمة النهائية في الموضوع بل هناك نقاد آخرون كثيرون يرون خالف رأيهم.
أم ا ع دم اإلمت داد من قب ل بعض النق اد إلى مفه وم مح دد وواض ح لفن القص ة القص يرة
نتيج ة إح داتتها كم ا ي رى شلوفس كي أو الط اهر مكي ،فع دم إهت دائهم ه ذا إنم ا ه و مش كلة
نقدية تتعلق بنظرية القصة القصيرة وليس مشكلة فنية تتعلق بالقصة القصيرة نفسها ،ومن
ثم فإن عدم اإلهتداد إلى هذا التحديد ال يعني أن المفهوم فيروارد ،وال يحول دون البحث
عنه ،والدليل على ذلك أن تشومسكي والطاهر مكي حاول إيجاد خصائص يمكن اإلعتماد
عليها في تحديد مفهوم القصة القصيرة عند كل منهم .ومن جانب آخر فومن جانب آخر
كتاب الرواية ال يعني أن أو كونور كان يذهب إلى إنكار أن تكون القصة القصيرة نوعا
أدبي ا مس تقال دا ....خاص ة ومس تقلة عن ب نى األن واع األخ رى ،فه و ي رى ان الرواي ة
والقصة القصيرة قالبا متميزان تماما بقول في هذا الشأن" :من الواضح أن كل من الرواية
والقصة القصيرة مع انها تستمدا من نفس المنابع ،تستمدان بطريقة مختلفة تماما ،وأنهما
قالبان دبيان متميزان كل ما في األمر أن أونوكور يرى أن قالب الرواية هو قالب الحياة
برمتها ،أما قالب القصة القصيرة فيتفرع من جزئية واحدة فريدة من جزئيات هذه الحياة،
وفرادة المادة الجزئية عنده تؤدي إلى تفرد الشكل الذي تصاغ فيه ،أما المادة الجزئية عنده
تؤدي إلى تفرد الشكل الذي تصاغ فيه ،أما عمومية المادة الحياتية فيؤدي إلى ثبات شكلها
وتكراره.
القص ة القص يرة كغيره ا من الفن ون بن اء ف ني متع دد العناص ر ،فبن اء القص ة القص يرة ه و
التجلي لروحها ،وهو سداها ولحمتها ،أي أنه بعبارة اإليقاع النوعي والجمالي المميز لها،
عن بقية فنون النثر الحكائي ،وعناصر بناء القصة بشكل عام تتفق ونتألف مع عناصر
بناء الرواية.
فعناصر بناء القصة القصيرة يشكلن معا النسيج القصصي ،فالفكرة جزؤ من الحدث وهي
أيضا جزء من الشخصية ،ومن نسيج الزمان والمكان ،فينتجن كجتمعات القصة للقصيرة،
ويمكن التفص يل في مكون ات القص ة القص يرة ،انطالق ا من الح دث ،ثم الشخص يات،
فالزمان ،والمكان.
الحدث: .1.1
تقوم القصة على سلسلة من األحداث تجذب انتباه القارئ إليها ،وتجعله يتتبعها بلذة
وش غف ،ودور ه ذا الح دث ه و الص راع ال ذب ي دور بين الشخص يات أو بين الشخص ية
الرئيس ية ونزع ة من نزاع ات النفس أو فك رة ،او قيم ة أخالقي ة اجتماعي ة ،وه و ال دافع
األساس ي لقي ام ااقص ة وح دوثها ،ويتك ون من "البداي ة" وفيه ا تب دأ القص ة ،ثم "الوس ط" وفي ه
يشتد الصراع إلى أن يبلغ الذروة ،وأخيرا "النهاية" وتتجمع فيها عدة عوامل وقوى تتطور
باإلض افة إلى أن القص ة القص يرة في أح داثها تعتم د على اإلنتق اء ،حيث تق وم على
اإلختيار الدقيق لألحداث االزمة وعزلها بطريقة فنية ،عن األحداث األخرى التي تتطلب
ع رض م ا يهم المتلقي في إدراك الفك رة ال تي ي رمي إليه ا الك اتب دون تش تيت إنتباه ه
الشخصيات .1.2
الشخصية في القصة القصيرة هي أهم العناصر ،وتعد بمثابة العمود الفقري للقصة
إذ يش ترط في الشخص يات أن تك ون إنس انية ،فمن الممكن أن تك ون من الحيوان ات أو
الجمادات ،رمزية أو حقيقية من ذلك شخصية الحصان في قصة أنطوان تش يخوف "ش قاء"،
"المعبرة عن غربة اإلنسان وانقطاع التواصل اإلنساني في المجتمه ،ف الحوذي يحاول أن
يحكي قص ة وف اة إبن ه الش اب ألح د الرك اب لكن القس وة البش رية واإلنش غاالت اليومي ة ال
تس مح ل ه بتفري غ ش حنة الح زن والقل ق ،ب ل تزي دها ،ح تى يص ل في النهاي ة إلى اإلن دفاع
وأنواع الشخصية في القصة الجامدة وهي الشخصية التي ال يطرأ عليها تغيير في
المغ امرات والقص ص البوليس ية ،ثم نج د الشخص ية للنامي ة وهي شخص ية تتنام ة م ع
األش خاص ،إذ ال تتس ع في الغ الب إال لشخص ية واح دة أو شخص يتين ،ورس م ه ذه
الشخص يات مهم ة ص عبة تحت اج إلى براع ة خاص ة وغالب ا م ا نش مل شخص يات رئيس ة
الزمان : .1.3
القصة القصيرة تكتسب مدلولها عبر الزمن ،مثلها في ذلك مثل أي إيداع إنساني،
إنه زمان مركز فلكمات القصة تتواصل الواحدة تلو األخرى ،الزمن وشخصيات القصة
الزمن هو عنصر ثتير القلق لدى الراوي ،لدرجة أنه هذا األخير يختاره كموضوع
لقصة.
وإ ل تزام الك اتب به ذا العنص ر ض رورة ملح ة لتأخ ذ القص ة ش كلها الض ،...وال يظه ر
اإلختالف في إحداثها وشخصياتها والكاتب المبدع يوحي لما بأن الزمن الذي يتخيله هو
زمن واقعي بالرجوع إلى الوراء عن طريق التذكر أو التداعي ،فنشعر أن هذا الزمن هو
المكان: .1.4
مناسب للحدث ،ويجب أن يتوافق معه ومع الحوار ،متناسبا مع البعد النفسي واالجتماعي
للشخصيات وثقافتها ،وقد يعتمد بعض الكتاب عدم تحديد مكام معين ،إذ قد يجعل المكان
عاما يرتبط به مصير شعب أو مصير اإلنسان بشكل عام .والمكان وفق تعريف القصة
القص يرة يتف ق م ع المس رحية ال ذي تس تغرقه القص ة القص يرة ال يحتم ل إنتق ال الشخص يات
في أماكن متباعدة تحتاج إلى وقت كبير من أجل االنتقال إليها إال ضمن حكاية األشخاص
وال تنسى أيضا أن المكان بدوره يعمل على إضفاء جو طبيعي يحيا فيه القارئ ،شر أن
يتبين من خالل ...المثن الحكائي أن القصة تنبني سيرورتها على ثالث وضعيات:
وض عية البداي ة :وهي وض عية االس تهالل ،حيث ت دور أح دث القص ة في عزب ة -
الريف المصري ،التي تميزت بعد سكانها القليل ،الذين كانوا يسمون الحب عندهم
عيب ،وأنهم ال يزال ون أيض ا ينحرج ون من ذك ره عالني ة ،باإلض افة غلى وج ود
حالة ترابط اجتماعي عميقة بينهم فقد كان كافة أفراد هذه العزبة يرتبطون ببعض هم
البعض على نح و الفت ،فك انوا أش به بمجتم ع مغل ق ال يوج د في ه أس رار وال ح دود
تحد عالقتهم.
ك ان المجتم ع بس يطا في تفك يره ،ال يس عى إال للحي اة من أج ل البق اء ال أك ثر ،فال نج د
عند أي أحد منهم طموحات رامية لتغيير وضعه وتحسين حاله ،بل كانوا جميعا يشتغلون
في أرض مشتركة يقسم الناظر مساحة األرض عليهم كل حسب تعداد أسرته.
وض عية الوس ط :وهي الوض عية ال تي تتش ابك فيه ا خي وط الس رد ومتعق د أنس جة -
الحكي لتخل ق التش ويق للقص ة ،ويتمث ل ه ذه الوض عية في أن العيب وارتكاب ه إثم ا
نضوج فاطمة إحدى شاباتها التي كانت تتميز بجسد جميل وأنوثة صارخة ،وكانت
فاطمة تثير الرجال أو باألحرى تثير الرجولة في الرجال ،والذي جعل كل شبان
العزبة يرغبون بها وبذات الوقت ال يرغبون ،فال أحد كان بإمكانه أن يمتلك جمالها
وقد تأزمت أحداث القصة بعد سماع صوت صراخ فاطنة إذ أيقن أن غريب قد قطع
طريقها ،فقد أحبط أهل العزبة فاطمة في الدرة مع غريب ،وان فاطمة قد ارتكبت أخيرا
ذلك الشيء المحرم الذي طالما حذرهم منه اآلباء واألمهات ،ارتكبت العيب ،الشيء الذي
جعل أخوها فرج يفكر في قتلها وقتل غريب لوال وصية أمه عليها ،ثم طلب من أم ج ورج
والنس اء أن يكتشفن عن عذرية أخت ه ال تي أك دت أنها قاومت غريب ،وليثبت فيما بعد أن
كالمها صحيح وأنه لم يمسسها" ،وفجأت انطلقت زغرودة من الحجرة الداخلية ،وترددت
على أثره ا الزغاري د في الم نزل ثم في الخ ارج وألس نة ت ردد :س ليمة إن ش اء اهلل ،س ليمة
وض عية النهاي ة :وهي وض عية االنف راج والخ روج من األح داث المعق د ،بع دما -
أع تزلت فاطم ة بيته ا ،ع ادت تنظ ر وتبتس م وتط ير العق ول ،وك ل ش يء فيه ا تغ ير،
لكنها فقدت شيئا...كان لها فقد فقدت براءتها وتريد الشيء وتخفي رغبتها هذا لم
ي دم ط ويال فلم تب ق حبيس ة ال بيت إلى األب د ،ع ادت لنش اطها وحيويته ا ال تي ك انت
عليها قبل وقوع الحادثة ،إذ كانت فاطمة قد عادت إلى الخروج –جميلة -كما كانت
معوج ة المن ديل رافع ة ذي ل الت وب ،تخط ر إذ مش ت ،وت دوخ إذا تلفتت وتح افي ك ل
من يلقاها ،ال عن عمه ،ولكن كأنها ال تراه وكأنها فد محي من الوجود.
الفصل الثاني:
تقوم الشخصيات بدور فاعل في تحريك األحداث ،وتؤدي أدوار مختلفة تسهم من
خاللها في التطور الدرامي للقصة .ويمكن الوقوف في هذه القصة على نوعين من هذه
شخص ية فاطم ة :فهي ش ابة ش ديدة الجم ال ،تم يزت بجس دها الجمي ل وأنوثته ا
المبالغة ،كانت سمراء ،عيونها سوداء غامقة السواد ،كان شعرها أسود ناعم ،ثوبها
الح بر الواس ع ال تي ترتدي ه ال يفلح في إخف اء ب روز ص درها ورف ع وس طها وامتالء
س اقها ،ك انت فاطم ة ذات جس د ج ذاب للغاي ة ،كم ا تتم يز بأنوث ة حي ة نابض ة دائم ة
التفج ر والت دفق ،وال تنس ى أيض ا م ا يزي د جماله ا غمازاته ا حيث تظه ران فج أة
وتحتفي ان فج أة وتح ددان أجم ل أبتس امة يق تر عنه ا تغ ر ،ض حكتها وكي ف تب دأ ثم
بقاياه ا حيث تنتهي ،وص وتها المص نوع من أنثوي ة س ائلة وكي ف تخرج ه بمق دار،
وكيف تحيله أحيانا إلى قطرات ،كل قطرة كلمة أو نبرة ،نبرة أنثوية مصفاه ،تكفى
األطف ال ك انت تث ير الرجول ة الكامن ة فيهم ،فك انوا إذا رأوه ا قادم ة من بعي د أحس وا
دائمة الكحل ،واللبان الذي توصي عليه كل ذاهب إلى السوق ،كما أن شخصية
فاطم ة ك أي بنت في الغرب ة تعم ل كالرج ال وتس رح إلى الغي ط وت روح م ع اآلدان،
تثير الزوابع أينما حلت ،وعلى الرغم من جمالها وقد تأزمت القصة بعد سماع لم
صوت صراخ فاطمة ،إذ أيقن الجميع أن غريب قد قطع طريقها حيث طلب من
أم جورج والنساء أن يكشف عذرية أخته التي أكدت أنها قاومت غريب" :وكانت
مقاوم ة فاطم ة مقاوم ة الخج ل الفط ري ،لكنهن تك اثرت عليه ا وأرق دنها على سرير
كل بساق من ساقيها ...وليتبين فيما بعد أن كالمها ص حيح وأن لم يلمسها "وفجأة
انطبقت زغرودة من الحجرة الداخلية ،ترددت على أثرها الزغاريد في المنزل ،ثم
في الخارج واأللسنة تردد :سليمة إن شاء اهلل ،سليمة والشرف منصان" مما تسبب
له ا في ألم نفس ي واع تزلت بيته ا .لكن بع د ف ترة س تعود األم ور إلى طبيعته ا في
العزب ة ،وع ادت تنظ ر وتتح دث وتبتس م وتط ير العق ول وك ل ش يء فيه ا لم يتغ ير،
رغبتها فيه.
شخصية غريب: -
وكان شديد الوسامة والقوة "كان والدا قليل األدب فارغ العيب ،...كان أسمر فاتح السمرة،
وب الرغم من قبح ابي ه ك ان وس يما ....و ه و مراه ق ح ديث البل وغ ،لم يكن يب دوا كمعظم
الشباب األرياق ...،سريع الفهم مهلويا نظيف الجلباب ،يعمل كالمكنة طول النهار ،ويغني
يرفع ...الساقية الحديد بين واحدة ويقطع رقبة الرجل باليد األخرى ،فكانت النساء يخشين
وقد كانت هذه الشخصية تخاف من فاطمة ،وذلك لشدة اعجابه بها ،فقد كان دائما
يرغب في الحديث معها ،لكنه كان يبتعد عن طريقها ،حتى حاول ذات مرة التعرض لها
واإلمساك بيدها مما جعلها مصر ،ليتم اتهامها فيما بعد أنها فقدت انوثتها معه -كما ذكر
سابقا -فكان فعله الط ائش س با في قتلها لم ثم اثب ات التهمة عليه ا وقد ه رب غريب بعد
ه ذه الحادث ة لكن ه ع اد إذ ك ف من يومه ا حديث ة عن ك ل النس اء ،وحل ق قص ته ،وأص بح
يصلي.
شخصيات ثانوية:ـ ب.
وقد قامت هذه الشخصيات الثانوية بدور المساعد الشخصية الرئيسية ونجد:
وهو والد غريب ،وكان رجال شديد العصبية والغضب كان يدمن المضغة والقهوة السادة،
"وإ ذ احلت بالعزبة كارثه ما ،حينئد يقف كغراب البيت على الترعة وقد أمسك نذيل جلبابه
من الخل ف ويمض ي يش تم ویبص ق مض غته ويش بع أه ل العزب ة لوم اً وتأنيب اً وك أنهم هم
المسؤولون عن وقوع الحادثة ،إال أنه كان من الداخل أبيض فقد طبعه هو الذي تغلب .
ك ان كلم ا ج اء أح د يش كلي أبن ه غ ريب ،ي رد بأن ه ت برأ من ه وليفع ل بإبن ه م ا يش اؤ" ،وك ان
الن اس إذا اش تكوا لعب دون أبي ه ن ار وج وههم ولخب ط خلق ه وق ال لهم بفظاظ ة" :ح داكم إي اه،
شخصية فرج:
ه و األخ األكبر لفاطم ة ،والمسؤول عنها ك انت شخص ية فقيرة لكنه ا تخظه ب احترام كاف ة
س كان العزب ة" ،ك ان مزارع ا وح دانيا فق يرا ،ال يمل ك س وى يفرت ه ،وال يعطي ه الن اظر إال
ثالت فدادين يزرعها ،فقد كان فرج في عز نعنعة رجولته ،يأكل في الطفة ثللت أرغفة إن
وج دت ،وي أتي على قل ة الم اء في نفس واح د ،وس مانة رجل ه في حجم الفخ ذ ،ك ان ح ائرا
منغصة العيش ،والسبب أخته فقد كانت تحيا معه ومع إمرأته.
وق د ك انت كث يرة الش ك بأخت ه ح تى ن وى أن يقتله ا ل وال طه ور براءته ا في حادثته ا م ع
غ ريب" :وك ان ش عره كلم ا حبس ها ،ويع ود ينظ ر إلى فاطم ة نظ ران تغوريه ا في س ابع
األرض ،وم ا الح ادث قد حدث ،وأصبح علي ه أن يأخ د موقف الرج ل األخ ،عليه اآلن أن
يقتله ا ويقت ل غ ريب ،يقت ل فاطم ة أخت ه وص ية أم ه ويقت ل غ ريب الكلب ال ذي طالم ا آواه
وسقاه على حسابه واحتضنه والذي طالما توقع أن يخونه ،وقد خانه.
شخصية أم جورج:
وهي زوجة الناظر ،وهي الست الوحيدة في العزبة ،وهي أيضا المتعلمة التي تجيد الق راءة
والقرى والفالحين ،كانت معروفة بصالحها وتقواها وأديها حتى إن أحد لم يعرف اسمها
الحق ؤفي ،وك انت ت رغن زوجه ا أب و ج ورج الن اظر على أن يص حبها للكنيس ة في البن ذر
فأم جورج قصيرة بيضاء شاحبة البياض شعرها مفلفل بالشيب وفي منتصف دقنها
ثالث نق ط موش ومة ،وك انت تع رف فاطم ة وتيم ع عنه ا ،وك انت معجب ة بجماله ا ،واآلن
أص بحت مع روض ش رفها على الس ت أم ج ورج ،فهي المس ؤولة عن فحص فاطم ة بع د
الحادثة التي حدثث معها ومع الغريب ،فقد أعلنت براءة فاطمة من تلك التهمة فنجت من
وعموما أدت الشخصيات بنوعيها دورا في تحريك خيوط األحداث والسير به ا إلى
نقط ة النهاي ة ،كم ا أس همت في تط وير األح داث وتنميته ا درامي ا ،والشخص يات في القص ة
الزمان .1
زم ان مح دد ،وال تزام يوس ف إدريس به ذا العنص ر ض رورية ملح ة لتأخ ذا القص ة ش كلها
الط بيعي ،وال يظه ر االختالل في اح داثها أو شخص ياتها والك اتب المب دع ي وحي لن ا ب أن
ال زمن ال ذي تيخيل ه ه و زمن واقعي ب الرجوع إلى ال وراء عن طري ق الت ذكر أو الت داعي
الحاضر .
بحيث نج د ال زمن الفلكي وتح دده بعض المؤش راث الزمني ة (تحالي ل والص باح والنه ار
وال وقت) ومث ال ذلك" النهار يب دأ قبل مش رق الشمس وينتهي بع د ساعة القتالة" ..ويسرح
إلى الغيط " وتروح مع األذان" ،..واليوم ضبطوها في الذرة مع غريب ،طول النهار فإذا
جاء الليل ال يحتمل الميت .تستحظوا في منتصف ليلة على طلفة" صباح كل أحد "يقضي
مشاكل سبت تعب كاسات"" ،جاء اليوم الذي توقعه خرج ..ونجد إضافة إلى الزمن الفلكي
أو ال زمن ال واقعي ال زمن النفس ي بحيث ال يحس ب باألي ام والس اعات ب ل بلحظ ات األلم أو
لهف ة االنتظ ار او لحظ ات التأم ل أو الت ذكر ال تي نت داعى فيه ا ذكري ات س نوات فارط ة.
ويظهر ذلك في القصة خالل تعرض فاطمة للحادثة واألثر النفسي وااللم الذي خلقته لها و
ألم أخيها خرج على ماحدى لها وما تعرضت له مثال ذلك يوقظ النائمة وجاء الليل عليه
فبدأ يحس باأللم األلم الكاوي الذي ال يرحم ..وسكون الترقب قد ختم على الحجرة و"بعد
لحظات".
كم ا وظ ف يوس ف إدريس ال زمن الماض ي المتعل ق بأح داث س ابقة مث ال ذل ك (ك انت
فاطم ة .ك ان ح ائرا منغص العيش ،ظلت فاطم ة كالفاكه ة الناض جة ،ك انوا في الع ادة
اليستطعون أن يفعلوا شيئا ،كان أحيانا يزعم للشبان (الغارقين حوله) قالت له امه وهي
ومن هن ا فبن اء ال زمن القص ة القص يرة ليس مج رد إج راء تركي بي ب ل يع د فعال اب داعيا
وبناءا جماليا ،وذلك العتباره من أهم المكونات التي تحدده القصة القصيرة.
المحور الرابع :المكان
المكان .1
يطلع المكان أهمية كبيرة في بنية هذا النص القصص ،ويرسم المالمح الكبرى للقصة.
كم ا يلعب دورا مهم ا في البن اء الجم ال له ذه القص ة ،والمك ان من العناص ر األساس ية ال تي
يحكم إليه ا الك اتب كون ه يتفاع ل ويتواف ق ويتناص ف م ع البن اء ال درامي األح داث و كون ه
أيضا مجاال تتحرك فيه الشخصيات وتتجاذب فيها العالقات وتختلط الطبقات.
مفتوحا مولدا لتوترات األحداث وأنشأ لتصادم الرغبات .وتتحرك شخصيات هذه القصة
داخ ل عزب ة من ع زب الري ف المص ري لم تكن كب يرة بض ع عش رات بين ال بيوت المنبي ة
بحيث تك ون ظهوره ا إلى الخ ارج وأب واب ال دور كله ا على ح وش داخلي واس ع حيث
الس احة الص غيرة ال تي يقيم ون فيه ا األف راح ،ويعق وت العج ول المريض ة إذا ذبحت لتب اع
باألقة وبالكوم.
وهن ا الك اتب ي ذكر ع دة أمكن ة ثانوي ة يض مها العزب ة لماله ا من خصوص يات
ومميزات تعكس نمط الحياة في البيئية الشعبية التي تتخللها الطبقات الشعبية التي تتفاعل
فمثال كالترعة وهي مكان يستحم فيه الصبية .ثم نجد السوق .وهو مكان يلجأ إليه
سكان أو أهل العزبة من أجل اقتناء حاجياتهم من أكل وشرب ولباس وتجد ايضا "الغيط
تبل ورت في ه أح دات القص ة وه و ال درة حيت ض بطت في ه فاطم ة م ع غ ريب وبين حيت
أحدات القصة.
نساء القرية عذرية فاطمة بعد اتهامها بابتكار المحرم مع غريب .وهو أيضا نفس
المكان الذي ظهرت فيه براءة ألنها ومن الغريب وتخلص إلى أن المكان في القصة بشكل
ع امال مس اعدات في تحري ك أح داث القص ة وتطوره ا وتغي ير مجراه ا وذل ك يتفاع ل م ع
الشخصيات حيث يرسم المالمح الكبرى للفضة لماله وأهمية في بنية النص القصص.
خالصة :
ومن المعلومات أن هذا البحث مرحبا من خالله بمجموعة من المستويات .بدءا من
ذك ر مرحلة تأسيس القصة القصيرة عن د الغرب والعرب ،ثم التفص يل في العوام ل ال تي
دفعت بالقصة إلى الظهور ،وانتقلنا بعدها إلى عرض مواقف نفاد القصة القصيرة غربيا
ثم عربيا.
وال سيما الحديث عن أهم مكونات بنية القصة أي العناصر أو المقومات الفردية
ال تي تحدد بني ة القصة القصيرة ،وذل ك بالتفصيل وأحداث القص ة ،وشخص ياتها تم المكان
الذي يرسم المالمح الكبرى للفضة .عالوة عن الزمان الذي يطلع أهمية كبيرة في بنية هذه
القصة.
إضافة إلى ما سبق نجد ،الفصل الثاني من هذا البحث الذي بدوره سلط الضوء على أهم
عناص ر بيني ة القص ة القص يرة ،وذل ك بتحلي ل ه ذه المكون ات ،انطالق ا من األح داث ال تي
إتض ج من خالله ا أن ه هن اك تس ليط منطقي ا بين س ائر أح داث القص ة ،حيت يرتب ط الحق ا
بسابقها .ويؤدي سابقها إلى حقها في تسلسل منطقي وسلسلة ال تفصم حبات عقدة وقد أدت
الخطاطة دورا في جعل إحداث القصة مفهومة وقابله للتأويل أما أثرها الجمال فيبدوا جليا
في إيه ام الق ارئ بواقع ة األح داث والشخص يات ،تم الشخص يات ال تي عملت على تحري ك
أحداث القصة وأدت ادوار مختلفة أسهمت في التطور الدرامي للقصة ،عالوة على الزمان
والمكان إذا يعتبر الزمان والمكان من أهم المكونات التي تحدد بنية القصة.
الخاتمة :
وختام ا احم د اهلل الب اري وأش كرك على فض لة ونعم ة ورحمت ه ال ذي وفق ني إلنه اء
ه ذا البحت ال ذي يتمح ور ح ول تحلي ل بني ة القص ة القص يرة ،وكجواب ا على األش كال
المطروح ة .اس تطعنا أنوق وق عن بعض المس تويات الفردي ة المكون ة بني ة القص ة القص يرة
ليوس ف إدريس ،ب دءا بتعري ف فن القص ة القص يرة .وعوام ل ظهوره ا غربي ا وعربي ا ،ثم
مررنا إلى ذكر أهم نقاد القصة القصيرة عند الغرب ،وكان من أهم نقادها الناقد الروسي
شلوفس كي ،وفران ك أو كون ور ،وايخنت اوم إض افة إلى المؤسس ة الحقيقي لنظرت ه القص ة
القصيرة ادجار االن بو .وال سيما النقاد العرب الذي كان من أهم نقادها الدكتور شكري
عي اد ثم ال دكتور الط اهر المكي .عالوة على ذك ر أهم المكون ات و العناص ر ال تي تش كل
البني ة الفردي ة القص ة القص يرة.وال تي تتمح ور ب دورها في الزم ان ،المك ان ،األح داث ،
الشخص يات باعتباره ا المحرك ات الرئيس ة لبني ة القص ة القص يرة .وه ذا كل ه ب دخل ض من
الفص ل األول من البحت .في حيت أن الفص ل الث اني يض من ش يقا تطبيق ا مفص ال لتل ك
العناصر السابقة.
شرف" حيث أن الكاتب تمكن من سرد األحداث بوحدة شخصيات حكايته ساهمت في نقل
إض افة إلى الشخص يات ال تي ق امت ب دورها فاع ل في تحري ك األح داث .وتأدي ة
ادوار مختلفة تسهم من خاللها في التطور الدرامي للقصة .تم الزمان والذي يعتبر من أهم
إدريس به ذا العنص ر ض رورية ملح ة لتأخ ذ القص ة ش كلها الط بيعي والمك ان ال ذي يطل ع
ب دوره أهمي ة كب يرة بني ة النص القص ص ورس م المالمح الك برى للقص ة والمك ان من
العناص ر األساس ية يحكم إليه ا العتباره مجاال مح رك فيه الشخصيات و ك انت هذه بعض
مكون ات وعناص ر القص ة القص يرة ال تي تش كل بينه ا الس ردية لق د عرفن ا أهمي ة القص ة
القصيرة في انها شكل أدبي فني قادرة على طرح أعقد الرؤى والقضايا والقرءات ذاتية
وغيري ه ونفس ه واجتماعي ة ،ويص وره دقيق ة واعي ة من تمت از ب ه من ترك يز وتك ثيف في
وقد كانت هذه هي أهم النتائج التي توصلنا إليها ،والتي من خاللها تتمنى الناقد وقفنا في
رسم بعض األبعاد التي أرادها الكاتب ال تترك الجوانب اآلخرى األبحاث أوسع واشتمل
المصادر المراجع:
نجيب الع وفي ،مقارن ة الواق ع في القص ة القص يرة المغربي ة ،ب يروت /ال دار البيض اء،
عن عباس خضر :عباس األسواني الضاحك األخير ،مجلة الدوحة ،ع ،79يوليه ،1982
عبد الرحيم الكردي ،البنية السردية للقصة القصيرة ،مكتبة اآلداب ،ط .2005 ،3
المجالت
الفهرس
Sommaire
كلمة شكر 2.............................................................................
اإلهداء3............................................................................... .
.1الزمان31................................................................. ...........
.1المكان 33..........................................................................
الفهرس 39..............................................................................