You are on page 1of 43

‫بحث لنيل اإلجازة‬

‫شعبة الدراسات العربية‬

‫تخصص‪ :‬آداب‬

‫تحت إشراف‪: ‬‬ ‫من إعداد‪: ‬‬


‫حنان الخضراوي‬

‫السنة الجامعية‪: ‬‬
‫‪2022/2023‬‬
‫كلمة شكر‬

‫أش كر اهلل ع ز وج ل ال ذي أنعم علين ا ب أن أرش دنا لطري ق الهداي ة ودلن ا على طري ق‬

‫العلم وسخر لنا رجاال منهم نأخذ قيس المعرفة‪.‬‬

‫وأتوج ه بالش كر بك ل فخ ر وع زة إلى ك ل من ك ان ل ه الفض ل في ه ذا البحث من بعي د أو‬

‫ق ريب‪ ،‬وال ننس ى أن نق دم بالش كر بك ل ص دق إلى أعض اء المكتب ة على حس ن مع املتهم‪،‬‬

‫ومساعدتهم لنا في اغناء هذا البحث بالمراجع والكتب المناسبة‪.‬‬

‫وال دتي الغالي ة أبي الح بيب ال يمكن أن الح بيب ال يمكن أن أنس ى دعمكم لي وم ا ق دمتموه‬

‫من أجلي فلكم م ني ك ل الحب ومهم ا قلت في حقكم من كلم ات ش كر ف إنني لن أمنحكم م ا‬

‫تستحقونه‪.‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬أود أن أع رب عم م ودتي‪ ،‬وأمني اتي ألس تاذي المش رق إدريس قص وري ال ذي‬

‫منحني طاقة إيجابية ووجهني أثناء بحثي‪ ،‬فله فائق اإلحترام والتقدير‪ ،‬كما له الفضل بعد‬

‫اهلل س بحانه وتع الى في إنش اء بح ثي ه ذا ب ارك اهلل في عم ره وأدام ص حته‪ ،‬كم ا أش كر‬

‫ص ديقاتي الطيب ات ال رواتي ق دمن لي ي د المس اعدة‪ ،‬ولم يبخلن على ب روح الص داقة‬

‫والتعاون‪.‬‬

‫وأتوجه كذلك بالشكر إلى أعضاء لجنة المناقشة الذين تحملوا مشقة هذا البحث‪.‬‬
‫اإلهداء‪.‬‬
‫أهدى هذا العمل إلى خالقي وبارئي‬
‫أهدي إلى كل من له مكان في عالمي الصغير‬
‫أهدي هذا العمل‪...‬‬
‫أهدي هذا العمل إلى أسرتي الغالية الصغيرة‪.‬‬
‫أهدي هذا العمل‪...‬‬
‫أهديه إلي نفسي التي كلما ‪ ...‬فؤادي‬
‫ساعذتني ألواصل ببسمة تذيب كل المعاناة‬
‫وها أنا ذا لهذيها هذا العمل كأعتراف لها بصدق الجميل‬
‫كتبت كتابي قبل النطق‬
‫بخاطري‬
‫وقلت لقلبي أتت بالشوق‬
‫أعلم‬
‫بلغ سالمي يا كتابي وقل‬
‫لهم‬
‫مقامكم عندي عزيز‬
‫مكرم‬
‫محمد بن سليمان السهاللي الجزولي خاتمة‬
‫محظوط دالئل الخيرات‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬نشأة القصة القصيرة‬

‫إذا ك ان ق‪ 19  ‬فيما يقال هرم ون الرواية‪ ،‬فإن الق رن ‪ 20‬بدون ش ك قرن القصة‬

‫القصيرة وبامتياز‪.1‬‬

‫أم ا من حيث النش أة‪ ،‬فعلى وج ه التحدي د ال يمكن للب احث أن يق ر ب الموطن ال ذي‬

‫نشأت فيه القصة‪ ،‬وذلك ببساطة ألن الحكي والقص متميزا ونظر النقاد واألدباء لهذا الفن‬

‫وأصلوه‪.2‬‬

‫وأي ا م ا ك ان األم ر فق د تع الى ظه ور القص ة في ص ور مختلف ة إب ان إزده ار‪  ‬الحض ارة‬

‫العربي ة واإلس المية من خالل مقام ات الهم داني والحري ري ورس الة الغف ران ألني العالء‬

‫العم ري‪ ....‬إلى أل ف ليل ة وليل ة ال تي لم تكن غ ير مجموع ة قص ص قص يرة متداخل ة‪ ‬‬

‫ومتنامية توصل واحدة منها إلى الثانية‪ ،‬وتفتح الثانية باب للثالثة وهكذا‪ ،‬وبإمكاننا أن نعتر‬

‫على قصص عرية في العقد الفريد والمسطرف‪  ‬واألغاني‪ ...‬وقد رأى كثير من الباحثين‬

‫ب األدب الفارس ي ومن ه ذه األش كال "الف ابوال" أح د األجن اس األدبي ة األولى للقص ة‪ ،‬وق د‬

‫نجيب العوفي‪ ،‬مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية‪ ،‬بيروت‪ /‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬المركز الثقافي‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1987‬ص ‪.7‬‬

‫مجلة الفكر الثقافي‪https./www.fikrmag.com ،‬‬ ‫‪2‬‬


‫ظهرت في فرنسا منذ منتصف القرن الثاني عشر الميالدي وحق أوائل القرن عشر‪ ،‬وهي‬

‫أقصوصة شعرية تحمل روح ومعنى الهجاء اإلجتماعي‪.3‬‬

‫ظهور القصة في الغرب‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫فق د ظه رت القص ة في الغ رب في ك ل من روس يا وأمريك ا وفرنس ا من د منتص ف الق رن‬

‫التاس ع عش ر لتلتق ط اإله تزازات األخ يرة واألولى مع ا للحرك ة اإلجتماعي ة إب ان الص حو‬

‫القومي‪ .‬البرجوازي‪ ،‬وتعتبر بشكل مركز ودال عن قلق عصرها وتوتره‪.4‬‬

‫ووج دت اللحظ ة التاريخي ة‪ ،‬على ثن ائي ال ديار‪ ،‬بين إدج ار أالن ب و األم ريكي‪ ،‬وأنط وان‬

‫تش يخوف الروس ي‪ ،‬وحي ديمونس ان الفرنس ي‪ ،‬لوض ع األس س الفني ة األولى للقص ة‬

‫القص يرة‪ ،‬فك انوا بن اء له ذا الش كل الجدي د كم ا ك انوا ش هودا على عص رهم‪ .‬لم تع د القص ة‬

‫القصيرة‪ ،‬بفضل هؤالء‪ ،‬مجرد حكاية عادية للتسلية وترجية الوقت‪ .‬أو "مصنع لألحاديب"‬

‫كما كان يروج في القرن الرابع عشر‪  ‬في كواليس الفاتيكان‪ ،‬بل أصبحت جنسا أدبية له‬

‫شريعته وطقوسه ومغزه‪.5‬‬

‫وبعد هؤالء الرواد ازدهرت القصة القصيرة واتسعت رقعة نفوذها لتشمل "العالم‬

‫المتقدم" والعالم المتخلف" على السواء فقد كان إدخال اآلن بو الذي تلقيه دائرة المعارف‬

‫المرجع نفسه‬ ‫‪3‬‬

‫نجيب العوفي‪ ،‬مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية‪ ،‬ص ‪51‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرجع نفسه‬ ‫‪5‬‬


‫البريطاني ة ب(الس يد األول للقص ة القص يرة الحديث ة)‪ ،‬أخ د المنظ رين األوائ ل له ذا الش كل‬

‫الجديد‪ .‬باإلضافة إلى التجارب(ه) الميدانية الرائدة‪.‬‬

‫وأهم ش رطين ف نين رك ز عليهم ا إدج ار آالن ب و وكرس ي لهم ا مق االت النقدي ة والنظري ة‪،‬‬

‫يتلخصان في وحدة االنطباع أو اآلخر أو وحدة البناء‪ ،‬ومن ثم يرى‪  ‬في تعريفهالمشهور‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫"القصة القصيرة هي قصة نثرية تقرأ فيما بين نصف ساعة وساعتين"‬

‫وفي ف ترة مبك رة أع ترف شلوفس كي ق ائال‪" :‬إن ني لم أع ثر بع د على تعري ف للقص ة‬

‫القص يرة"‪ 7‬كم ا اع ترف أح د أب رز كت اب القص ة القص يرة في الع الم الع ربي‪ ،‬وه و يوس ف‬

‫إدريس ي‪ ،‬ق ائال‪" :‬فن معق د إلى الدرج ة ال تي ال أس تطيع أن ا شخص يا بع د ه ذا العم ر في‬
‫‪8‬‬
‫ممارسته أن اعرفه"‬

‫القصة في األدب المغربي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫لم يستض ف األدب المغ ربي القص ة القص يرة‪ ،‬كجنس أدبي متم يز إال في ف ترة حديث ة جدا‪،‬‬

‫مثله ا في ذلك مث ل جنس أدبي ة أخ رى‪ ،‬يمثالن بمعي ة القص ة القص يرة‪ ،‬المفاص ل االساسية‬

‫لألدب القصص ي والب ؤر المركزي ة لحرك ة وفاعلي ة ال وعي القصص ي وهم ا المس رحية‬

‫القصة القصيرة في مصر‪ ،‬م‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪6‬‬

‫ف‪ .‬شلوفسكي‪ ،‬بناء القصة القصيرة والرواية‪ ،‬مجلة الثقافة الجديدة ع‪ ،20 ،‬س ‪ ،1981 .5‬ت‪ ،‬ابراهيم الخطيبـ‬ ‫‪7‬‬

‫ص ‪ ،40‬أخدا عن ص ‪51‬؟‬

‫عن عباس خضر‪ :‬عباس األسواني الضاحك األخير‪ ،‬مجلة الدوحة‪ ،‬ع ‪ ،79‬يوليه ‪ ،1982‬ص ‪ ،122‬أخدا عن‬ ‫‪8‬‬

‫نجيب العوفي الواقع‪ ....‬ص ‪.52‬‬


‫والرواي ة‪ ،‬ويمكن أن نق ترح أن بداي ة األربعين كبداي ة حقيقي ة ورس مية لمش روع القص ة‬

‫القص يرة في المغ رب‪ ،‬وكنهاي ة أو بداي ة النهاي ة لمسلس ل التج ارب والتم ارين األولي ة ال تي‬

‫ك ان يتمخض عنه ا "ال وعي القصص ي" بأش كال وطرائ ق مختلف ة‪ ،‬قب ل أن يش هد مخاض ه‬

‫الحاسم ويعتبر على لحظة الصحو والرشد‪ ،‬ويدفعنا هذا إلى اعتبار مرحلة األربعين نقطة‬

‫تح ول هام ة في مس ار ال وعي القصص ي وح ذا يك اد يك ون حاص ال بين مرحل تين‪ :‬نس مي‬

‫األولى مرحل ة الالوعي القصص ي ونس مي الثاني ة مرحل ة ال وعي القصص ي‪ ،‬ك ان ال تراكم‬

‫الكمي واالعتباطي سمة غالبة على المرحلة األولى األكثر من عقيدين من الزمان‪ ،‬وأصبح‬

‫التح ول الكيفي الت دريجي س مة غالب ة على المرحل ة الثاني ة وص اح‪ ...‬ومس يطرا عليه ا‪ ،‬أي‬

‫أص بح ال وعي بنفص ل وي نزاح روي دا عن الالوعي‪ ،‬وأخ ذت الكتاب ة القصص ية تتح ول من‬

‫الالمركزي ة إلى المركزي ة النس بية وإ لى مزي د من التمرك ز‪ ،‬ص عدا حيث أن نجيب الع وفي‬

‫الواق ع في القص ة القص يرة المغربي ة‪ ،‬يرك ز على مرحل تين أساس يتين من عم ر القص ة‬

‫القص يرة‪ ،‬مرحل ة التأس يس وتش مل س نوات األربعين والخمس ين‪ ،‬ومرحل ة التحس ين وتمت‬

‫إلى الس تينات‪ ،‬وفي المرحل ة األولى ك انت تبحث القص ة القص يرة عن هويته ا‪ ،‬والمرحل ة‬

‫الثانية حاولت القصة القصيرة ان ثثبت هويتها‪.9‬‬

‫منشأ القصة القصيرة في مصر‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫إن منش أ القص ة القص يرة في مص ر إنم ا ق د يرج ع إلى الدول ة الفرعوني ة وحقب‬

‫اإلمبراطوري ة المص رية القوي ة‪ ،‬ف إن عب د اهلل الن ديم (‪ )1896 – 1843‬األديب والث أتر‬
‫نجيب العوفي‪ ،‬مقارنة الواقع في القصة القصيرة المغربية‪ ،‬ص ‪19‬‬ ‫‪9‬‬
‫المصري الملقب بخطيب الثورة العرابية‪ ،‬ويعتبر أول من كتب القصة القصيرة في مصر‬

‫في الق رن التاس ع عش ر‪ ،‬وذل ك في ص حيفته الخاص ة التنكيت والتبكيت‪ ،‬ذل ك حينم ا كتب‬

‫قص ة "ع ربي تف رنج" ال تي تخلى عن تنك ر بعض المبتع ثين المص رين في الخ ارج ل وطنهم‬

‫فيم ا بع د‪ ،‬أيض ا أق دم عب د اهلل الن ديم على كتاب ة أقاص يص ذات قض ايا ذات قض ايا نمس‬

‫الواقع اإلجتماعي وتهتم بمشكالت المجتمع مثل أقصوصة الفالح والمرابي سهرة االنطاع‪،‬‬

‫هك ذا ال نب الغ ل و قلن ا إن عب د اهلل الن ديم كتب القص ة القص يرة قب ل موبس ان (‪-1893‬‬

‫‪ ،)1850‬وقب ل أنط وان تش يخوف (‪ )1860 -1904‬ويحت ل اس م الك اتب الكب ير‪ ،‬محم د (‬

‫‪.)1921 -1892‬‬

‫مك ان الري ادة في كتاب ه القص ة القص يرة في ش كلها الح داثي وذل ك عن دما نش ر قص ته في‬

‫مجل ة الس فور ع ام ‪ ،1917‬إض افة إلى مس اهمة في مج ال المس رح واهتمام ه ب األدب‬

‫المسرحي والمسرح الكوميدي بصفة خاصة‪ ،‬وبعد من رواد القصة القصيرة الواقعية وله‬

‫مجموعة قصصية عنوانه "ماتراه العيون"‪ ،‬ويرجع بعض المؤرخين والمهتمين أن بدايات‬

‫كتاب ة القص ة القص يرة المص رية ك انت م ع الترجم ة ال تي أخرجه ا األديب مص طفى لطفى‬

‫المنقلوطي (‪ )1876 -1924‬عن كتابات كبار األدباء الفرنسين واالنجليز والروم في فن‬

‫القصة القصيرة‪.‬‬
‫عوامل ظهور القصة القصيرة‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫يرى فؤاد مرعي بأن التميز القومي التاريخي للتطور اإلجتماعي في هذا البلد وذلك‪ ،‬يبرز‬

‫أيضا في طبيعة األلوان واألنواع األدبية‪ ،‬ولذا فإن تحليل أنواع األعمال األدبية وألوانها‬

‫يتطلب دائما تحديدا شديدا يراعي التعقيد الفريد في الظاهرة التي نجري دراستها‪.‬‬

‫كما يمكن القول أنه قد كان وراء انتشار هذا الفن الجديد وظهور على مستوى العالم عدة‬

‫عوام ل أهمه ا انتش ار التعليم وظه ور فك رة الديمقراطي ة‪ ،‬وث ورة الطبق ة الوس طى وظيف ة‬

‫العمال والفالحة وما شهده العصر من تطور علمي وفكري وحضاري وصناعي‪.‬‬

‫كم ا ك ان للص حافة دور مهم في بداي ة ه ذا الفن ونش ره ونتيج ة لك ل ذل ك أص بحت القص ة‬

‫القص يرة من أساس يات األدب الح ديث ال يطب ق به ا ب ل يتطلب ظهوره ا وانتش ارها وك ثرة‬

‫المشتغلين بتأليفها ألنها تعبير عن آالمهم وآمالهم وتجاربهم‪.‬‬

‫بدأ فن القصة في الظهور واالنتشار في البلدان العربية في الخمسينات من القرن العشرين‪،‬‬

‫بعد فترة من دخول المطبعة الصحيفة وتغير طبيعة النظام التعليمي وظهور جمهور جديد‬

‫من القراء‪ ،‬واحتياجات ثقافية جديدة وغير ذلك من العوامل التي ساهمت في ميالد القصة‬

‫القص يرة وك ان للنق د موق ف خ اص من القص ة القص ير ربم ا ك انوا وراء ت أخر نش أتها‬

‫وانتش ارها في الحي اة األدبي ة‪ ،‬وه ذا الموق ف ص نعه موق ف النق اد من القص ة والقص اص‪،‬‬

‫حيث كانوا يعدون القصة عامة شيئا يسلي به القارئ نفسه في أوقات الفراغ‪ ،‬هما جعل‬

‫كتابها ينشرونها في الصحف والمجالت تحت عنوان (فكاهات)‪.‬‬


‫وهك ذا يؤك د أن ظه ور القص ة القص يرة وفن القص ص عام ة والمس رحيات أنم ا ك ان عن‬

‫طري ق معرف ة الثقاف ة الغربي ة في أعق اب االحتك اك الثق افي والفك ري واألدبي ال ذي حققت ه‬

‫النهضة الحديثة التي اجتاحت العالم العربي في هذا العصر‪.‬‬

‫فإن شهرتها وشدة أجتهاد األدباء وحرصهم على إيداعها جعلها تظهر بشكل ينافس الشعر‬

‫أحيانا الذي يعد أهم النشاطات األدبية اإلبداعية على طول التاريخ األدبي‪.10‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬نقاد القصة القصيرة‬

‫ي رى بعض النق اد أن ك اتب القص ة القص يرة يمكن ه أن يح اول أي ش يئ‪ ،‬ب ل إن ه ق د ثم ل ه‬

‫بالفعل تجربة كل شيء‪ ،‬ألنه نوعه األدبي الذي يستعمله نوع غير منته‪ ،‬بل غير محدد‬

‫المعالم‪ ،‬ألن هذا النوع األدبي المسمى بالقصة القصيرة وكل نوع أدبي إنما هو –عند هذا‬

‫الفري ق متص ل بتل ك الق وة العقالني ة غ ير المتوقع ة‪ ،‬أي ق وة التخي ل ومحتكم إلى عوام ل ال‬

‫يمكن اإلمس اك بناص يتها أو إخض اعها لحكم الق انون المنطقي الص ارم‪ ،‬مث ل عوام ل‬

‫االنفعاالت والجمال والثأتير‪ ،‬وكل نوع أدبي على هذه الشاكلة وله هذه المالبسات ال يمكن‬

‫تحدي ده ومن ثم فإن ه ال ق انون ل ه ولغ يره إال االجته اد واالبتك ار والق در على االمس اك‬

‫بتالبيب القارئ والتأثير فيه‪.‬‬

‫مجلة فكر الثقافة‬ ‫‪10‬‬


‫على أن هن اك نق ادا أخ رين يس لمون بوج ود األن واع األدبي ة‪ ،‬لكنهم ال يفرق ون بين القص ة‬

‫القص يرة والرواي ة‪ ،‬ب ل يع دونهما نوع ا أدبي ا واح د‪ ،‬وذل ك راج ع إلى تق ارب منهجيتهم ا‪،‬‬

‫وتشابه تقنياتهما‪ ،‬وأصولهما الفنية واالجتماعية‪ ،‬ونعيرهما عن طبقة اجتماعية واحدة هي‬

‫الطبقة المتوسطة وظهورهما في عصر وحيد وهو العصر الحديث‪ ،‬واعتمادهما على ش كل‬

‫متقارب من أشكال الثرات‪.‬‬

‫نقاد القصة في الغرب‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫إن الناق د الروس ي شلوفس كي ق ال ص راحة بأن ه لم يس تطع االهت داء إلى تعري ف دقي ق‬

‫لمفهوم القصة القصيرة‪ ،‬ولم يستطع تحديد الشكل للبنية السردية لهذا الفن‪ ،‬يقول‪" :‬بجب‬

‫أن أع ترف‪ ...‬أن ني لم أع ثر بع د على تعري ف للقص ة القص يرة أي أن ني ال اس تطيع أن‬

‫أق ول بع د م اهي الخاص ية ال تي يجب أن تم يز الح اجز ‪ le motif‬والكن يجب أن‬

‫تتم ازج الح واجز لكي نحص ل على مثن حك ائي ‪ sujet‬ذل ك أن وج ود ص ورة م ا أو‬

‫وضف حادثة ما ال يكفي بتسرب لدينا بأننا أمام قصة قصيرة‪.11‬‬

‫ويرى فرانك أوكونور أن القصة القصيرة ليس لها قالب جوهري يبنى عليه كيانه ا‬

‫الفني كما هو الشأن بالنسبة للواية‪ ،‬ومن ثم فإن انتقادها لهذا القالب جعلها أكثر مرونة‬

‫وحرية وجعلها مجاال خصبا كل ابتكار أو إضافة جديدة‪ ،‬يقول في معرض مقارنته بين‬

‫الرواية والقصة القصيرة‪" :‬إن الروائي إذا أخذ شخصية ووضعها في وضع معارض‬

‫عبد الرحيم الكردي‪،‬ـ البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬ط ‪ ،2005 ،3‬ص ‪.58‬‬ ‫‪11‬‬
‫للمجتمع ثم سمح للشخصية نتيجة للصراع بينهما وبين المجتمع أن تتغلب عليه أو أن‬

‫يتغلب هو عليها فقد قام بكل ما يتوقع ‪ ...‬والنمو التاريخي للشخصية أو للحوادث كما‬

‫نراه في الحياة يشكل قالبا جوهريا‪ ،‬وإ ذا أهمل الروائي ذلك فإنما يهمله على مسؤوليته‬

‫الخاص ة‪ ،‬لكن ال يوج د ل دى ك اتب القص ة القص يرة ش يء من ه ذا ينظ ر إلي ه على أن ه‬

‫قالب جوهري‪ ،‬ألن إطاره الذي يرجع إليه ال يمكن أن يكون الحياة اإلنسانية برمتها‪،‬‬

‫وهو ال بد أن يختار دائما الزاوية التي يتناولها منها‪ ،‬وكل اختيار يقوم به يحتوي على‬

‫إمكانية قالب جديد‪.12‬‬

‫باإلضافة إلى الناقد فرانك أوكومور‪ ،‬نجد أشهر ناقد فرق بين الرواية والقصة القصيرة‬

‫تفريق ا حاس ما‪ ،‬وح دد مع الم ك ل منهم ا تحدي دا واض حا وه و الناق د الروس ي (‪-1886‬‬

‫‪ ،)1909‬يق ول ايخنب اوم‪" :‬ليس ت الرواي ة‪ ،‬والقص ة القص يرة ش كلين متن اظرين ب ل هم ا‬

‫على العكس شكالن أحدهما أجنبي عن اآلخر بصورة عميقة" ويستدل على ذلك بقوله‪:‬‬

‫"أنهم ا ال يتط وران في أدب معين في نفس ال وقت وال بنفس الدرج ة من الق وة‪ ،‬وأن‬

‫هناك كتابا مختلفين وأدباء مختلفة‪ ،‬تعني إما بالرواية أو بالقصة القصيرة‪" ،‬ثم يخلص‬

‫من ذلك إلى أن هناك فروقا جوهرية بينهما يمكن تلخيصها في تسعة فروق‪:‬‬

‫أن شكل الرواية تلفيقي‪ ،‬أما شكل القصة القصيرة أساسي وبدئي‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫المرجع نفسه ص ‪.59‬‬ ‫‪12‬‬


‫أن الرواية أتت من التاريخ‪ ،‬ومن حكاية األسفار‪ ،‬أما القصة القصيرة فقد جاءن من‬ ‫ب‪.‬‬

‫الخرافة ومن األحدوثة‪.‬‬

‫كل شيء في القصة القصيرة يميل إلى نحو الخالصة‪ ،‬أما منطق الرواية فيفترض‬ ‫ت‪.‬‬

‫اإلطالة واإلسهاب‪ ،‬نظرا لطول الرواية وقصر القصة القصيرة‪.‬‬

‫ان بن اء القص ة القص يرة يعتم د على التن اقض‪ ،‬أو التع ارض أو انع دام المص ادفة أو‬ ‫ث‪.‬‬

‫على التخالف القائم على الخطأ‪.‬‬

‫أن خاتمة الرواية عبارة عن لحظة إضعاف‪ ،‬ولذلك فإن الخاتمة غير المنتظرة جذ‬ ‫ج‪.‬‬

‫ش اذه في الرواي ة –كم ا يق ول‪ :‬وإ ن وج دت فإنه ا يش هد على ت أثير القص ة القص يرة‪،‬‬

‫بينما ثمل القصة القصيرة على وجه التحديد إلى النهاية غير المتوقعة"‪.‬‬

‫يحب أن تتب ع في الرواي ة نقط ة األوج ن وع من االنح دار‪ ،‬بينم ا يك ون من الط بيعي‬ ‫ح‪.‬‬

‫جدا في القصة القصيرة التوقف عند القمة التي ثم بلوغها"‬

‫إن كل شيء في القصة القصيرة يجب كما يقول أن تتطلق بقوة صاروخ ألقي من‬ ‫خ‪.‬‬

‫طائرة ليضرب وبكل قواه الهدف المنشود"‪.‬‬

‫إن األبنية الوسطية في الرواية أهم من النهاية‪ ،‬بخالف القصة القصيرة التي تشبه‬ ‫د‪.‬‬

‫اللغز‪.‬‬

‫أن القص ة القص يرة تتق رب من نم ط القص يدة ال ذي تع د النم وذج المث الي له ا‪ ،‬ولكن‬ ‫ذ‪.‬‬

‫في مجال النثر‪.13‬‬

‫عبد الرحيم الكردي‪،‬ـ البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬ص‪65‬‬ ‫‪13‬‬


‫ثم يخلص إيخنباوم إلى تلخيص كل هذه األسس في أساسين اثنين يجب أن يتوافرا في‬

‫بناء كل قصة قصيرة‪ ،‬وهما‪ :‬األبعاد المختصرة‪ ،‬والتشديد على الخالصة‪ .‬وعلى النفيذ من‬

‫ذل ك فإن ه ي رى أن البني ة الس ردية للرواي ة وضفاض ة ال يبحث فيه ا ال روائي عن الحكاي ة‬

‫فحسب بل يبحث أيضا عن حكاية‪ ،‬من ثم فإن هناك عدة عناصر يرى أنها تدخل في بناء‬

‫الرواية ولكن ال مكان لها في بناء القصة القصيرة‪ ،‬وذلك مثل التقنية المستخدمة في إيطاء‬

‫الحدث‪ ،‬والتقنية الخاصة يوصل العناصر المتعارضة‪ ،‬أو الخاصة بربط المراحل الزمانية‬

‫وتطوراتها‪ ،‬والتقنية المعنية بخلق مراكز اهتمام متباينة‪ ،‬وكذلك فإن الحبكات المتوازنة من‬

‫خصائص النبتة الروائية ال القصصية القصيرة وغير ذلك‪ ،‬إن هذا التصور المحدود الذي‬

‫ان زلقت إلي ه ق دم ايخنب اوم يش به التص ور ال ذي ع اب ه و نفس ه على إدج ار أالن ب و للقص ة‬

‫القصيرة‪ ،‬رغم ما بين التصورين من فارق لصالح إيخباوم‪ ،‬نظرا لحداثته النسبية‪.‬‬

‫فإنج از آالن ب و (‪ )1949-1809‬يع د ل دى الكث ير من النق اد المؤس س الحقيقي لنظري ة‬

‫القص ة القص يرة في الع الم أجم ع‪ ،‬وذل ك خالل المق االت ال تي كتبه ا من اعم ال معاص رة‬

‫القص اص األم ريكي ه وترن وال ذي يق ول فيه ا عن فن القص ة القص يرة‪" :‬إن الفن ان الم اهر‬

‫عن دما يكتب لن ا قص ته ال تحوي ل أفك اره ح تى يجعله ا تتس اير أح داث القص ة لكن ه بج د أن‬

‫يعق د الع زم على إح داث أث ر معين يعم ل إلى إبتك ار القص ة ومزجه ا بعض ها ببعض بش كل‬

‫يعين ه على تحقي ق األث ر ال ذي س بق أن وض عه تص ب عين ه‪ ،‬ف إذا ح دث أن عج زت جملت ه‬

‫األولى عن تحقيق هذا األثر فمعنى ذلك أن خطوته األولى لم تكن غير موفقة في بكل ما‬
‫يكتب ليس هناك كلمة واحدة ال تتسق سواء بطريق مباشرة أو غير مباشرة –مع الخطة‬

‫المرسومة‪ ،‬وبهذه الوسيلة وبفضل هذه العناية وهذه المهارة يتم في النهاية رسم الصورة‬

‫ال تي تش بع عق ل ك ل من يتأمله ا‪ ،‬وهك ذا تق دم فك رة القص ة وموض وعها‪ ،‬وال يعوقه ا ع ائق‬

‫وال تعترض سبيلها عقبة حتى تتحقق الغرض الذي ما كان يمكن الطويل أن تحققه"‪.14‬‬

‫فإدجار االن بو يرى ان كاتب القصة القصيرة‪ ،‬ينغي أن يجعل كل جزئية من جزئيات‬

‫قص ته في خدم ة ه ذا األث ر الواح د‪ ،‬ف أي ك اتب القص ة القص يرة يب دأ أوال بعق د الع زم على‬

‫إح داث أث ر معين‪ ،‬ثم يعم د بع د ذل ك إلى إبتك ار القص ة وص ناعة األفك ار‪ ،‬وتس خير الجم ل‬

‫اللغوي ة في خدم ة ه ذا األث ر األوح د ال ذي اخت اره الك اتب من ذ البداي ة‪ ،‬وه ذا م ا ع بر عن ه‬

‫إيخنباوم عن طريق تشبيه القصة القصيرة بصاروخ الذي ألقي من الطائرة نحو هدفواحد‬

‫مقصود‪ ،‬ثم يركز بو على نا أطلق غليه فيما بعد لحظة التنوير أو اإلضاءة‪ ،‬ويركز أيضا‬

‫على الفرق بين الحل الذي يأتي في نهاية القصة القصيرة بيت خاتمة الرواية‪.‬‬

‫نقاد القصة عند العرب‬ ‫‪.2‬‬

‫إض افة إلى م ا ج اء ب ه نق اد القص ة الغربي ة بخص وص بني ة القص ة القص يرة‪ ،‬ي ذهب‬

‫الدكتور (شكري عباد) إلى رأي قريب من رأي الناقد فرانك أوكونور‪ ،‬إذ يرى أن القصة‬

‫القص يرة ليس له ا ش كل واحج مح دد‪ ،‬وليس له ا تكني ك أو تقني ة خاص ة وال وع اء تص ب‬

‫فيه‪ ،‬بل إن الكاتب حر في أن يوصل انطباعاته بالطريقة التي يراها مالئمة‪ ،‬ألن الشكل‬
‫عبد الرحيم الكردي‪،‬ـ البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬ص ‪ .68 ،67‬عبد الرحيم الكردي‪ ،‬البنية السردية للقصة‬ ‫‪14‬‬

‫القصيرة‬
‫فيم ا بع د ج زاء من المض مون وأداة من أدوات ه‪ ،‬وذل ك بخالف الرواي ة ال تي اس تقرت على‬

‫نموذج خاص‪ ،‬أما القصة القصيرة فكل عمل ينجز فله تصميمه الخاص‪ ،‬إذ يقول‪" :‬إن كل‬

‫قص ة قص يرة فني ة هي تجرب ة جدي دة في التكني ك‪ :‬إذ من الواض ح أن ه ال يمكن أو يوج د‬

‫انطباعات متشابهات كل التشابه نوعا وعمقا وشموال‪ ،‬ومادام تصميم القصة القصيرة قائما‬

‫على أداء ال دقيق لالنطب اع فال ب د ك ل تص ميم قص ة قص يرة عن تص ميم غيره ا من‬

‫القصص‪ ،‬إن القصة القصيرة الفنية تتطلب تطابقا تاما بين الشكل والمضمون في حين أن‬

‫شكل الرواية يشبه إلى حد غير قليل الوعاء الذي يمكن أن تصب فيه مواد مختلفة"‪.15‬‬

‫في حين أن ال دكتور الط اهر مكي ينظ ر إلى األم ر من زاوي ة أخ رى إذ ي رى أن‬

‫المشكلة ليست في القصة القصيرة نفسها بل في النقد األدبي وفي التنظير المتعلق بها‪ ،‬فه و‬

‫يرى أنها جنس أدبي محدد وقد حصرها في عشرة حدود هي‪" :‬حكاية أدبية‪ ،‬ت درك لتقص‪،‬‬

‫قصيرة نسبيا‪ ،‬ذات خطة بسيطة‪ ،‬وحدث محدد‪ ،‬حول جانب من الحياة ألني واقعه ا العادي‬

‫والمنطقي‪ ،‬وإ نما طبقا لنظرة مثالية ورمزية‪ ،‬ال تنمي أحداثا وبيئات وشخوص وإ نما توجز‬

‫في لحظة واحجة حدثا ذا معنى كبير لكنه يرى أن النقاد والمنظرين لألدب لم يهتدوا إلى‬

‫تفريق صارم بينها وبين الرواية‪ ،‬يقول‪" :‬لم يتحدد بعد بدقة ال في أدهان القراء وال حتى‬

‫النقاد الفصل بين المصطلحين‪ ،‬وال نزال حتى اليوم نطلق لفظ القصة على الرواية"‪.16‬‬

‫عبد الرحيم الكردي‪،‬ـ البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬ص ‪60‬‬ ‫‪15‬‬

‫عبد الرحيم الكردي‪،‬ـ البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬ص ‪.61 ،60‬‬ ‫‪16‬‬
‫كما تحدث أيضا عن إضافات كل من جوجول وإ يدجار أالن بو وموبسان وتشيكوف‪،‬‬

‫لكنه تحدث عن هذه اإلضافات يوصفها تاريخا للنوع‪ ،‬والدليل على ذلك أنه عندما تناول‬

‫مفه وم القص ة القص يرة تناول ه باعتب اره مفهوم ا منتص با ومكتمال‪ ،‬س اكنا غ ير مرتب ط به ذه‬

‫التطورات‪ ،‬كما أنه لم يربط تطور المفهوم أو البناء أو التكنيك بالتطورات واألشكال التي‬

‫وردت في المختارات التي أوردها فجاء كتابه من هذه الناحية مختلفا عن كتاب أو نكور‪.‬‬

‫وهك ذا ن رى أن اآلف ة ال تي تلح ق بتحدي د مفه وم القص ة القص يرة أو تعريفه ا تمكن في‬

‫تماديها في الحدود والمغاالة في فرض القيود‪ ،‬تلك الحدود التي تجعل كثير من القصص‬

‫الرائعة نفلت من بين أصابعها وتثبت عدم جدواها‪ ،‬بمعنى آخر ّإن هذه الحدود تقيم بنودها‬

‫على تص ور خ اص ومخلي للقص ة القص ير في بيئ ة معين ة‪ ،‬وفي عص ر معين وربم ا عنج‬

‫كاتب معين‪ ،‬لكن هذه الحدود‪ ،‬وتلك الصورة سرعان ما تنهار عند إنتقالها إلى بيئة أخرى‬

‫أو عن د م ا تتط ور القص ة القص يرة من عص ر إلى آخ ر‪ ،‬لكن ذل ك لم يمن ع كث يرا من‬

‫الدارسين من التشبت بتعريف واحد أو تحديد قانون صارم مبني على نموذج واحد ثابت‪،‬‬

‫إذا ثبت لديهم أن هذا النموذج قد أثبت جدارة وشهره في يوم ما‪.‬‬

‫ومث ل ه ذه الطريق ة ال تي س لكها ال دكتور رش اد رش دي وجع ل فيه ا الش كل الموبس اني‬

‫التقليدي للقصة القصيرة هو النموذج المعياري‪ ،‬يقول رشاد رشدي‪ :‬القصة عند موباسان‬

‫تص ور ح دثا معين ا ال يهتم الك اتب بم ا قيل ه أو بع ده وه ذا ه و الش كل ال ذي اتخذت ه القص ة‬
‫القصيرة‪ ،‬وأكده وأبرزه جميع من أتوا يعد موباسان من كبار كتاب القصة القصيرة أمثال‪:‬‬

‫أنطون تشيخوف‪ ،‬وكاثرين ماتسليفد‪ ،‬وأرنسهمتجواي‪ ،‬وبراندللو"‪.‬‬

‫ولكن ه ؤالء النق اد ال ذين ي رون أن القص ة القص يرة ال تمث ل نوع ا أدبي ا ومس تقال عن‬

‫الرواية‪ ،‬أو الذين يرون أن مفهومها لم يتحدد بعد‪ ،‬أو الذين يرون عدم وجود قالب لبنائها‬

‫الفني كما هو الحال مع الرواية كل هؤالء النقاد ليسوا إال فريقا واحد‪ ،‬وليست آراؤهم هي‬

‫الكلمة النهائية في الموضوع بل هناك نقاد آخرون كثيرون يرون خالف رأيهم‪.‬‬

‫أم ا ع دم اإلمت داد من قب ل بعض النق اد إلى مفه وم مح دد وواض ح لفن القص ة القص يرة‬

‫نتيج ة إح داتتها كم ا ي رى شلوفس كي أو الط اهر مكي‪ ،‬فع دم إهت دائهم ه ذا إنم ا ه و مش كلة‬

‫نقدية تتعلق بنظرية القصة القصيرة وليس مشكلة فنية تتعلق بالقصة القصيرة نفسها‪ ،‬ومن‬

‫ثم فإن عدم اإلهتداد إلى هذا التحديد ال يعني أن المفهوم فيروارد‪ ،‬وال يحول دون البحث‬

‫عنه‪ ،‬والدليل على ذلك أن تشومسكي والطاهر مكي حاول إيجاد خصائص يمكن اإلعتماد‬

‫عليها في تحديد مفهوم القصة القصيرة عند كل منهم‪ .‬ومن جانب آخر فومن جانب آخر‬

‫فن ح ديث أوكون ور عن ع دم وج ود ق الب ث ابت ل دى كت اب القص ة القص يرة‪،‬ووج وده أم ا‬

‫كتاب الرواية ال يعني أن أو كونور كان يذهب إلى إنكار أن تكون القصة القصيرة نوعا‬

‫أدبي ا مس تقال دا‪ ....‬خاص ة ومس تقلة عن ب نى األن واع األخ رى‪ ،‬فه و ي رى ان الرواي ة‬

‫والقصة القصيرة قالبا متميزان تماما بقول في هذا الشأن‪" :‬من الواضح أن كل من الرواية‬

‫والقصة القصيرة مع انها تستمدا من نفس المنابع‪ ،‬تستمدان بطريقة مختلفة تماما‪ ،‬وأنهما‬
‫قالبان دبيان متميزان كل ما في األمر أن أونوكور يرى أن قالب الرواية هو قالب الحياة‬

‫برمتها‪ ،‬أما قالب القصة القصيرة فيتفرع من جزئية واحدة فريدة من جزئيات هذه الحياة‪،‬‬

‫وفرادة المادة الجزئية عنده تؤدي إلى تفرد الشكل الذي تصاغ فيه‪ ،‬أما المادة الجزئية عنده‬

‫تؤدي إلى تفرد الشكل الذي تصاغ فيه‪ ،‬أما عمومية المادة الحياتية فيؤدي إلى ثبات شكلها‬

‫وتكراره‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬عناصر بناء القصة القصيرة‪ ‬‬

‫القص ة القص يرة كغيره ا من الفن ون بن اء ف ني متع دد العناص ر‪ ،‬فبن اء القص ة القص يرة ه و‬

‫التجلي لروحها‪ ،‬وهو سداها ولحمتها‪ ،‬أي أنه بعبارة اإليقاع النوعي والجمالي المميز لها‪،‬‬
‫عن بقية فنون النثر الحكائي‪ ،‬وعناصر بناء القصة بشكل عام تتفق ونتألف مع عناصر‬

‫بناء الرواية‪.‬‬

‫فعناصر بناء القصة القصيرة يشكلن معا النسيج القصصي‪ ،‬فالفكرة جزؤ من الحدث وهي‬

‫أيضا جزء من الشخصية‪ ،‬ومن نسيج الزمان والمكان‪ ،‬فينتجن كجتمعات القصة للقصيرة‪،‬‬

‫ويمكن التفص يل في مكون ات القص ة القص يرة‪ ،‬انطالق ا من الح دث‪ ،‬ثم الشخص يات‪،‬‬

‫فالزمان‪ ،‬والمكان‪.‬‬

‫الحدث‪:‬‬ ‫‪.1.1‬‬

‫تقوم القصة على سلسلة من األحداث تجذب انتباه القارئ إليها‪ ،‬وتجعله يتتبعها بلذة‬

‫وش غف‪ ،‬ودور ه ذا الح دث ه و الص راع ال ذب ي دور بين الشخص يات أو بين الشخص ية‬

‫الرئيس ية ونزع ة من نزاع ات النفس أو فك رة‪ ،‬او قيم ة أخالقي ة اجتماعي ة‪ ،‬وه و ال دافع‬

‫األساس ي لقي ام ااقص ة وح دوثها‪ ،‬ويتك ون من "البداي ة" وفيه ا تب دأ القص ة‪ ،‬ثم "الوس ط" وفي ه‬

‫يشتد الصراع إلى أن يبلغ الذروة‪ ،‬وأخيرا "النهاية" وتتجمع فيها عدة عوامل وقوى تتطور‬

‫وتتشابك إلى أن تتضاءل‪.‬‬

‫باإلض افة إلى أن القص ة القص يرة في أح داثها تعتم د على اإلنتق اء‪ ،‬حيث تق وم على‬

‫اإلختيار الدقيق لألحداث االزمة وعزلها بطريقة فنية‪ ،‬عن األحداث األخرى التي تتطلب‬
‫ع رض م ا يهم المتلقي في إدراك الفك رة ال تي ي رمي إليه ا الك اتب دون تش تيت إنتباه ه‬

‫وتركيزه بسرد أحداث يعيده غن هدف القصة‪.‬‬

‫الشخصيات‬ ‫‪.1.2‬‬

‫الشخصية في القصة القصيرة هي أهم العناصر‪ ،‬وتعد بمثابة العمود الفقري للقصة‬

‫إذ يش ترط في الشخص يات أن تك ون إنس انية‪ ،‬فمن الممكن أن تك ون من الحيوان ات أو‬

‫الجمادات‪ ،‬رمزية أو حقيقية من ذلك شخصية الحصان في قصة أنطوان تش يخوف "ش قاء"‪،‬‬

‫"المعبرة عن غربة اإلنسان وانقطاع التواصل اإلنساني في المجتمه‪ ،‬ف الحوذي يحاول أن‬

‫يحكي قص ة وف اة إبن ه الش اب ألح د الرك اب لكن القس وة البش رية واإلنش غاالت اليومي ة ال‬

‫تس مح ل ه بتفري غ ش حنة الح زن والقل ق‪ ،‬ب ل تزي دها‪ ،‬ح تى يص ل في النهاي ة إلى اإلن دفاع‬

‫لرواية قصته على مسمع من حصانه"‪.‬‬

‫وأنواع الشخصية في القصة الجامدة وهي الشخصية التي ال يطرأ عليها تغيير‪  ‬في‬

‫بنيته ا النفس ية أو االخالقي ة إذ يبقى الش ربر ش ريرا والخ ير خ يرا‪،‬وتك ثر في قص ص‬

‫المغ امرات والقص ص البوليس ية‪ ،‬ثم نج د الشخص ية للنامي ة وهي شخص ية تتنام ة م ع‬

‫األحداث وتتطور بتطورها‪.‬‬

‫ومن المعل وم أن القص ة القص يرة‪ ،‬ليس ت كالرواي ة في حس دها لع دد كب ير من‬

‫األش خاص‪ ،‬إذ ال تتس ع في الغ الب إال لشخص ية واح دة أو شخص يتين‪ ،‬ورس م ه ذه‬
‫الشخص يات مهم ة ص عبة تحت اج إلى براع ة خاص ة وغالب ا م ا نش مل شخص يات رئيس ة‬

‫وأخرى ثانوية عابرة‪.‬‬

‫الزمان‪ :‬‬ ‫‪.1.3‬‬

‫القصة القصيرة تكتسب مدلولها عبر الزمن‪ ،‬مثلها في ذلك مثل أي إيداع إنساني‪،‬‬

‫إنه زمان مركز فلكمات القصة تتواصل الواحدة تلو األخرى‪ ،‬الزمن وشخصيات القصة‬

‫تفكى وتشعر وتريد وتقفز المستقبل وتتذكر الماضي‪.‬‬

‫الزمن هو عنصر ثتير القلق لدى الراوي‪ ،‬لدرجة أنه هذا األخير يختاره كموضوع‬

‫لقصة‪.‬‬

‫ومم ا يس تحق ال ذكر أن ال زمن مرتب ط بك ل ح دث ال ب د أن يق ع في زم ان مح دد‪،‬‬

‫وإ ل تزام الك اتب به ذا العنص ر ض رورة ملح ة لتأخ ذ القص ة ش كلها الض‪ ،...‬وال يظه ر‬

‫اإلختالف في إحداثها وشخصياتها والكاتب المبدع يوحي لما بأن الزمن الذي يتخيله هو‬

‫زمن واقعي بالرجوع إلى الوراء عن طريق التذكر أو التداعي‪ ،‬فنشعر أن هذا الزمن هو‬

‫الزمن الماضي‪ ،‬وأن الحديث عن القصة أو مجريان القصة هو الزمن الحاضر‪.‬‬

‫المكان‪:‬‬ ‫‪.1.4‬‬

‫المك ان عنص ر ه ام من عناص ر القص ة‪ ،‬وه و في القص ة القص يرة غ ير مح دود‬

‫مناسب للحدث‪ ،‬ويجب أن يتوافق معه ومع الحوار‪ ،‬متناسبا مع البعد النفسي واالجتماعي‬
‫للشخصيات وثقافتها‪ ،‬وقد يعتمد بعض الكتاب عدم تحديد مكام معين‪ ،‬إذ قد يجعل المكان‬

‫عاما يرتبط به مصير شعب أو مصير اإلنسان بشكل عام‪ .‬والمكان وفق تعريف القصة‬

‫القص يرة يتف ق م ع المس رحية ال ذي تس تغرقه القص ة القص يرة ال يحتم ل إنتق ال الشخص يات‬

‫في أماكن متباعدة تحتاج إلى وقت كبير من أجل االنتقال إليها إال ضمن حكاية األشخاص‬

‫أو التذكر أو الحلم أو التوقع والتخيل‪.‬‬

‫وال تنسى أيضا أن المكان بدوره يعمل على إضفاء جو طبيعي يحيا فيه القارئ‪ ،‬شر أن‬

‫يلتزم الكاتب‪  ‬بكل الظروف البيئية والعادات والتقاليد‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬أحداث القصة‬

‫يتبين من خالل ‪ ...‬المثن الحكائي أن القصة تنبني سيرورتها على ثالث وضعيات‪:‬‬

‫وض عية البداي ة‪ :‬وهي وض عية االس تهالل‪ ،‬حيث ت دور أح دث القص ة في عزب ة‬ ‫‪-‬‬

‫الريف المصري‪ ،‬التي تميزت بعد سكانها القليل‪ ،‬الذين كانوا يسمون الحب عندهم‬

‫عيب‪ ،‬وأنهم ال يزال ون أيض ا ينحرج ون من ذك ره عالني ة‪ ،‬باإلض افة غلى وج ود‬

‫حالة ترابط اجتماعي عميقة بينهم فقد كان كافة أفراد هذه العزبة يرتبطون ببعض هم‬

‫البعض على نح و الفت‪ ،‬فك انوا أش به بمجتم ع مغل ق ال يوج د في ه أس رار وال ح دود‬

‫تحد عالقتهم‪.‬‬
‫ك ان المجتم ع بس يطا في تفك يره‪ ،‬ال يس عى إال للحي اة من أج ل البق اء ال أك ثر‪ ،‬فال نج د‬

‫عند أي أحد منهم طموحات رامية لتغيير وضعه وتحسين حاله‪ ،‬بل كانوا جميعا يشتغلون‬

‫في أرض مشتركة يقسم الناظر مساحة األرض عليهم كل حسب تعداد أسرته‪.‬‬

‫وض عية الوس ط‪ :‬وهي الوض عية ال تي تتش ابك فيه ا خي وط الس رد ومتعق د أنس جة‬ ‫‪-‬‬

‫الحكي لتخل ق التش ويق للقص ة‪ ،‬ويتمث ل ه ذه الوض عية في أن العيب وارتكاب ه إثم ا‬

‫عظيم ا ال يمكن تختل ه وق د ت أجج حض ور الخ وف من العيب في ه ذه العزب ة بع د‬

‫نضوج فاطمة إحدى شاباتها التي كانت تتميز بجسد جميل وأنوثة صارخة‪ ،‬وكانت‬

‫فاطمة تثير الرجال أو باألحرى تثير الرجولة في الرجال‪ ،‬والذي جعل كل شبان‬

‫العزبة يرغبون بها وبذات الوقت ال يرغبون‪ ،‬فال أحد كان بإمكانه أن يمتلك جمالها‬

‫أو ‪ ....‬دون أن يأمن نظرات الحب لها من الناس‪.‬‬

‫وقد تأزمت أحداث القصة بعد سماع صوت صراخ فاطنة إذ أيقن أن غريب قد قطع‬

‫طريقها‪ ،‬فقد أحبط أهل العزبة فاطمة في الدرة مع غريب‪ ،‬وان فاطمة قد ارتكبت أخيرا‬

‫ذلك الشيء المحرم الذي طالما حذرهم منه اآلباء واألمهات‪ ،‬ارتكبت العيب‪ ،‬الشيء الذي‬

‫جعل أخوها فرج يفكر في قتلها وقتل غريب لوال وصية أمه عليها‪ ،‬ثم طلب من أم ج ورج‬

‫والنس اء أن يكتشفن عن عذرية أخت ه ال تي أك دت أنها قاومت غريب‪ ،‬وليثبت فيما بعد أن‬

‫كالمها صحيح وأنه لم يمسسها‪" ،‬وفجأت انطلقت زغرودة من الحجرة الداخلية‪ ،‬وترددت‬
‫على أثره ا الزغاري د في الم نزل ثم في الخ ارج وألس نة ت ردد‪ :‬س ليمة إن ش اء اهلل‪ ،‬س ليمة‬

‫والشرف منصان"‪ ،‬مما تسبب لها في ألم نفسي واعتزلت بيتها‪.‬‬

‫وض عية النهاي ة‪ :‬وهي وض عية االنف راج والخ روج من األح داث المعق د‪ ،‬بع دما‬ ‫‪-‬‬

‫أع تزلت فاطم ة بيته ا‪ ،‬ع ادت تنظ ر وتبتس م وتط ير العق ول‪ ،‬وك ل ش يء فيه ا تغ ير‪،‬‬

‫لكنها فقدت شيئا‪...‬كان لها فقد فقدت براءتها وتريد الشيء وتخفي رغبتها هذا لم‬

‫ي دم ط ويال فلم تب ق حبيس ة ال بيت إلى األب د‪ ،‬ع ادت لنش اطها وحيويته ا ال تي ك انت‬

‫عليها قبل وقوع الحادثة‪ ،‬إذ كانت فاطمة قد عادت إلى الخروج –جميلة‪ -‬كما كانت‬

‫معوج ة المن ديل رافع ة ذي ل الت وب‪ ،‬تخط ر إذ مش ت‪ ،‬وت دوخ إذا تلفتت وتح افي ك ل‬

‫من يلقاها‪ ،‬ال عن عمه‪ ،‬ولكن كأنها ال تراه وكأنها فد محي من الوجود‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬يتناول هذا المحور مقومات شخصيات القصة و‪:.....‬‬

‫مقومات شخصيات القصة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫تقوم الشخصيات بدور فاعل في تحريك األحداث‪ ،‬وتؤدي أدوار مختلفة تسهم من‬

‫خاللها في التطور الدرامي للقصة‪ .‬ويمكن الوقوف في هذه القصة على نوعين من هذه‬

‫الشخصيات بينهما في اآلتي‪:‬‬

‫شخصيات رئيسية‪:‬ـ‬ ‫أ‪.‬‬

‫شخص ية فاطم ة‪ :‬فهي ش ابة ش ديدة الجم ال‪ ،‬تم يزت بجس دها الجمي ل وأنوثته ا‬

‫المبالغة‪ ،‬كانت سمراء‪ ،‬عيونها سوداء غامقة السواد‪ ،‬كان شعرها أسود ناعم‪ ،‬ثوبها‬

‫الح بر الواس ع ال تي ترتدي ه ال يفلح في إخف اء ب روز ص درها ورف ع وس طها وامتالء‬

‫س اقها‪ ،‬ك انت فاطم ة ذات جس د ج ذاب للغاي ة‪ ،‬كم ا تتم يز بأنوث ة حي ة نابض ة دائم ة‬

‫التفج ر والت دفق‪ ،‬وال تنس ى أيض ا م ا يزي د جماله ا غمازاته ا حيث تظه ران فج أة‬

‫وتحتفي ان فج أة وتح ددان أجم ل أبتس امة يق تر عنه ا تغ ر‪ ،‬ض حكتها وكي ف تب دأ ثم‬

‫بقاياه ا حيث تنتهي‪ ،‬وص وتها المص نوع من أنثوي ة س ائلة وكي ف تخرج ه بمق دار‪،‬‬

‫وكيف تحيله أحيانا إلى قطرات‪ ،‬كل قطرة كلمة أو نبرة‪ ،‬نبرة أنثوية مصفاه‪ ،‬تكفى‬

‫وحدها لتروي ظمأ عشرات الرجال‪.‬‬


‫كانت فاطمة تثير الرجال‪ ،‬أو على وجه الدقة تثير الرجالة في الرجال‪ ،‬في‬

‫األطف ال ك انت تث ير الرجول ة الكامن ة فيهم‪ ،‬فك انوا إذا رأوه ا قادم ة من بعي د أحس وا‬

‫برغبة مفاجئة في تعريف نفسهم أمامها‪.‬‬

‫دائمة الكحل‪ ،‬واللبان الذي توصي عليه كل ذاهب إلى السوق‪ ،‬كما أن شخصية‬

‫فاطم ة ك أي بنت في الغرب ة تعم ل كالرج ال وتس رح إلى الغي ط وت روح م ع اآلدان‪،‬‬

‫تثير الزوابع أينما حلت‪ ،‬وعلى الرغم من جمالها وقد تأزمت القصة بعد سماع لم‬

‫يتقدم شخص لخطبتها‪.‬‬

‫صوت صراخ فاطمة‪ ،‬إذ أيقن الجميع أن غريب قد قطع طريقها حيث طلب من‬

‫أم جورج والنساء أن يكشف عذرية أخته التي أكدت أنها قاومت غريب‪" :‬وكانت‬

‫مقاوم ة فاطم ة مقاوم ة الخج ل الفط ري‪ ،‬لكنهن تك اثرت عليه ا وأرق دنها على سرير‬

‫كل بساق من ساقيها‪ ...‬وليتبين فيما بعد أن كالمها ص حيح وأن لم يلمسها "وفجأة‬

‫انطبقت زغرودة من الحجرة الداخلية‪ ،‬ترددت على أثرها الزغاريد في المنزل‪ ،‬ثم‬

‫في الخارج واأللسنة تردد‪ :‬سليمة إن شاء اهلل‪ ،‬سليمة والشرف منصان" مما تسبب‬

‫له ا في ألم نفس ي واع تزلت بيته ا‪ .‬لكن بع د ف ترة س تعود األم ور إلى طبيعته ا في‬

‫العزب ة‪ ،‬وع ادت تنظ ر وتتح دث وتبتس م وتط ير العق ول وك ل ش يء فيه ا لم يتغ ير‪،‬‬

‫لكنه ا فق دت ش يئا أص يال ك ان له ا الحق ا‪ ،‬فق د فق دت برائته ا‪ ،‬وتري د الش يء وتخفي‬

‫رغبتها فيه‪.‬‬
‫شخصية غريب‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫هو ابن شخصية عبدول‪،‬‬

‫ق د ك ان ش ابا طائش ا يه وى التالعب بالفتي ات ومغازلت ه‪ ،‬وق د ك ان ذو أخالق س يئة‪،‬‬

‫وكان شديد الوسامة والقوة "كان والدا قليل األدب فارغ العيب‪ ،...‬كان أسمر فاتح السمرة‪،‬‬

‫وب الرغم من قبح ابي ه ك ان وس يما ‪ ....‬و ه و مراه ق ح ديث البل وغ‪ ،‬لم يكن يب دوا كمعظم‬

‫الشباب األرياق‪ ...،‬سريع الفهم مهلويا نظيف الجلباب‪ ،‬يعمل كالمكنة طول النهار‪ ،‬ويغني‬

‫المواويل‪ ،‬وعنده عدة شاي‪...‬‬

‫غ ریب وان ك ان قص ير القام ة إال أن ه ك ان في قوي ا كفح ل الوس ية يس تطيع أن‬

‫يرفع ‪...‬الساقية الحديد بين واحدة ويقطع رقبة الرجل باليد األخرى‪ ،‬فكانت النساء يخشين‬

‫منه ومن ذكائه وخداعه‪.‬‬

‫وقد كانت هذه الشخصية تخاف من فاطمة‪ ،‬وذلك لشدة اعجابه بها‪ ،‬فقد كان دائما‬

‫يرغب في الحديث معها‪ ،‬لكنه كان يبتعد عن طريقها‪ ،‬حتى حاول ذات مرة التعرض لها‬

‫واإلمساك بيدها مما جعلها مصر‪ ،‬ليتم اتهامها فيما بعد أنها فقدت انوثتها معه ‪ -‬كما ذكر‬

‫سابقا ‪ -‬فكان فعله الط ائش س با في قتلها لم ثم اثب ات التهمة عليه ا وقد ه رب غريب بعد‬

‫ه ذه الحادث ة لكن ه ع اد إذ ك ف من يومه ا حديث ة عن ك ل النس اء‪ ،‬وحل ق قص ته‪ ،‬وأص بح‬

‫يصلي‪.‬‬
‫شخصيات ثانوية‪:‬ـ‬ ‫ب‪.‬‬

‫وقد قامت هذه الشخصيات الثانوية بدور المساعد الشخصية الرئيسية ونجد‪:‬‬

‫شخصية عبدون‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهو والد غريب‪ ،‬وكان رجال شديد العصبية والغضب كان يدمن المضغة والقهوة السادة‪،‬‬

‫"وإ ذ احلت بالعزبة كارثه ما‪ ،‬حينئد يقف كغراب البيت على الترعة وقد أمسك نذيل جلبابه‬

‫من الخل ف ويمض ي يش تم ویبص ق مض غته ويش بع أه ل العزب ة لوم اً وتأنيب اً وك أنهم هم‬

‫المسؤولون عن وقوع الحادثة‪ ،‬إال أنه كان من الداخل أبيض فقد طبعه هو الذي تغلب ‪.‬‬

‫ك ان كلم ا ج اء أح د يش كلي أبن ه غ ريب‪ ،‬ي رد بأن ه ت برأ من ه وليفع ل بإبن ه م ا يش اؤ‪" ،‬وك ان‬

‫الن اس إذا اش تكوا لعب دون أبي ه ن ار وج وههم ولخب ط خلق ه وق ال لهم بفظاظ ة‪" :‬ح داكم إي اه‪،‬‬

‫أني متبري منه إعملوا فيه اللي تقدروا تعملوه‪ "...‬‬

‫شخصية فرج‪:‬‬

‫ه و األخ األكبر لفاطم ة‪ ،‬والمسؤول عنها ك انت شخص ية فقيرة لكنه ا تخظه ب احترام كاف ة‬

‫س كان العزب ة‪" ،‬ك ان مزارع ا وح دانيا فق يرا‪ ،‬ال يمل ك س وى يفرت ه‪ ،‬وال يعطي ه الن اظر إال‬

‫ثالت فدادين يزرعها‪ ،‬فقد كان فرج في عز نعنعة رجولته‪ ،‬يأكل في الطفة ثللت أرغفة إن‬

‫وج دت‪ ،‬وي أتي على قل ة الم اء في نفس واح د‪ ،‬وس مانة رجل ه في حجم الفخ ذ‪ ،‬ك ان ح ائرا‬

‫منغصة العيش‪ ،‬والسبب أخته فقد كانت تحيا معه ومع إمرأته‪.‬‬
‫وق د ك انت كث يرة الش ك بأخت ه ح تى ن وى أن يقتله ا ل وال طه ور براءته ا في حادثته ا م ع‬

‫غ ريب‪" :‬وك ان ش عره كلم ا حبس ها‪ ،‬ويع ود ينظ ر إلى فاطم ة نظ ران تغوريه ا في س ابع‬

‫األرض‪ ،‬وم ا الح ادث قد حدث‪ ،‬وأصبح علي ه أن يأخ د موقف الرج ل األخ‪ ،‬عليه اآلن أن‬

‫يقتله ا ويقت ل غ ريب‪ ،‬يقت ل فاطم ة أخت ه وص ية أم ه ويقت ل غ ريب الكلب ال ذي طالم ا آواه‬

‫وسقاه على حسابه واحتضنه والذي طالما توقع أن يخونه‪ ،‬وقد خانه‪.‬‬

‫شخصية أم جورج‪:‬‬

‫وهي زوجة الناظر‪ ،‬وهي الست الوحيدة في العزبة‪ ،‬وهي أيضا المتعلمة التي تجيد الق راءة‬

‫والكتاب ة‪ ،‬ثم إنه ا من البن ذر وال ب د أن أخ ل البنل د يعرف ون ك ل م ا ال يع رف أه ل الغ رب‬

‫والقرى والفالحين‪ ،‬كانت معروفة بصالحها وتقواها وأديها حتى إن أحد لم يعرف اسمها‬

‫الحق ؤفي‪ ،‬وك انت ت رغن زوجه ا أب و ج ورج الن اظر على أن يص حبها للكنيس ة في البن ذر‬

‫القريب رغم قد مرة من العمل كل أحد في الصباح‪.‬‬

‫فأم جورج قصيرة بيضاء شاحبة البياض شعرها مفلفل بالشيب وفي منتصف دقنها‬

‫ثالث نق ط موش ومة‪ ،‬وك انت تع رف فاطم ة وتيم ع عنه ا‪ ،‬وك انت معجب ة بجماله ا‪ ،‬واآلن‬

‫أص بحت مع روض ش رفها على الس ت أم ج ورج‪ ،‬فهي المس ؤولة عن فحص فاطم ة بع د‬
‫الحادثة التي حدثث معها ومع الغريب‪ ،‬فقد أعلنت براءة فاطمة من تلك التهمة فنجت من‬

‫الموت "سليمة آن شاء اهلل‪ ،‬سليمة‪ ،‬والشرف متصان"‬

‫‪ ‬وعموما أدت الشخصيات بنوعيها دورا في تحريك خيوط األحداث والسير به ا إلى‬

‫نقط ة النهاي ة‪ ،‬كم ا أس همت في تط وير األح داث وتنميته ا درامي ا‪ ،‬والشخص يات في القص ة‬

‫بمثابة محرك أحداث القصة‪.‬‬


‫المحور الثالث‪ :‬الزمان‬

‫الزمان‬ ‫‪.1‬‬

‫يعت بر الزم ان من أهم المكون ات ال تي تح دد بني ة القص ة‪  .‬فك ل ح دث ال ب د أن يق ع في‬

‫زم ان مح دد‪ ،‬وال تزام يوس ف إدريس به ذا العنص ر ض رورية ملح ة لتأخ ذا القص ة ش كلها‬

‫الط بيعي‪ ،‬وال يظه ر االختالل في اح داثها أو شخص ياتها والك اتب المب دع ي وحي لن ا ب أن‬

‫ال زمن ال ذي تيخيل ه ه و زمن واقعي ب الرجوع إلى ال وراء عن طري ق الت ذكر أو الت داعي‬

‫فنش عر أن ه ذا ال زمن ه و ال زمن الماض ي و أن الح ديث عن مجري ات القص ة ه و ال زمن‬

‫الحاضر‪  .‬‬

‫بحيث نج د ال زمن الفلكي وتح دده بعض المؤش راث الزمني ة (تحالي ل والص باح والنه ار‬

‫وال وقت) ومث ال ذلك" النهار يب دأ قبل مش رق الشمس وينتهي بع د ساعة القتالة"‪ ..‬ويسرح‬

‫إلى الغيط " وتروح مع األذان‪" ،..‬واليوم ضبطوها في الذرة مع غريب‪ ،‬طول النهار فإذا‬

‫جاء الليل ال يحتمل الميت‪ .‬تستحظوا في منتصف ليلة على طلفة" صباح كل أحد "يقضي‬

‫مشاكل سبت تعب كاسات"‪" ،‬جاء اليوم الذي توقعه خرج ‪ ..‬ونجد إضافة إلى الزمن الفلكي‬

‫أو ال زمن ال واقعي ال زمن النفس ي بحيث ال يحس ب باألي ام والس اعات ب ل بلحظ ات األلم أو‬

‫لهف ة االنتظ ار او لحظ ات التأم ل أو الت ذكر ال تي نت داعى فيه ا ذكري ات س نوات فارط ة‪.‬‬
‫ويظهر ذلك في القصة خالل تعرض فاطمة للحادثة واألثر النفسي وااللم الذي خلقته لها و‬

‫ألم أخيها خرج على ماحدى لها وما تعرضت له مثال ذلك يوقظ النائمة وجاء الليل عليه‬

‫فبدأ يحس باأللم األلم الكاوي الذي ال يرحم ‪ ..‬وسكون الترقب قد ختم على الحجرة و"بعد‬

‫لحظات"‪.‬‬

‫كم ا وظ ف يوس ف إدريس ال زمن الماض ي المتعل ق بأح داث س ابقة مث ال ذل ك (ك انت‬

‫فاطم ة‪ .‬ك ان ح ائرا منغص العيش‪ ،‬ظلت فاطم ة كالفاكه ة الناض جة‪ ،‬ك انوا في الع ادة‬

‫اليستطعون أن يفعلوا شيئا‪  ،‬كان أحيانا يزعم للشبان (الغارقين حوله) قالت له امه وهي‬

‫نموت "وصية فاطمة يا فرج ‪ ،..‬عادت فاطمة تنظر وتتحدث‪ ..‬‬

‫ومن هن ا فبن اء ال زمن القص ة القص يرة ليس مج رد إج راء تركي بي ب ل يع د فعال اب داعيا‬

‫وبناءا جماليا‪  ،‬وذلك العتباره من أهم المكونات التي تحدده القصة القصيرة‪.‬‬
‫المحور الرابع ‪ :‬المكان‪ ‬‬

‫المكان‬ ‫‪.1‬‬

‫يطلع المكان أهمية كبيرة في بنية هذا النص القصص‪ ،‬ويرسم المالمح الكبرى للقصة‪.‬‬

‫كم ا يلعب دورا مهم ا في البن اء الجم ال له ذه القص ة‪ ،‬والمك ان من العناص ر األساس ية ال تي‬

‫يحكم إليه ا الك اتب كون ه يتفاع ل ويتواف ق ويتناص ف م ع البن اء ال درامي األح داث و كون ه‬

‫أيضا مجاال تتحرك فيه الشخصيات وتتجاذب فيها العالقات وتختلط الطبقات‪.‬‬

‫وق د وظ ف يوس ف إدريس في قص ة ه ذه مك ان العزب ة باعتباره ا مكان ا مفت وح‬

‫مفتوحا مولدا لتوترات األحداث وأنشأ لتصادم الرغبات‪ .‬وتتحرك شخصيات هذه القصة‬

‫داخ ل عزب ة من ع زب الري ف المص ري لم تكن كب يرة بض ع عش رات بين ال بيوت المنبي ة‬

‫بحيث تك ون ظهوره ا إلى الخ ارج ‪ ‬وأب واب ال دور كله ا على ح وش داخلي واس ع حيث‬

‫الس احة الص غيرة ال تي يقيم ون فيه ا األف راح‪  ،‬ويعق وت العج ول المريض ة إذا ذبحت لتب اع‬

‫باألقة وبالكوم‪.‬‬
‫وهن ا الك اتب ي ذكر ع دة أمكن ة ثانوي ة يض مها العزب ة لماله ا من خصوص يات‬

‫ومميزات تعكس نمط الحياة في البيئية الشعبية التي تتخللها الطبقات الشعبية التي تتفاعل‬

‫فيما بينها بتلقائية وعفوية وحركية‪.‬‬

‫فمثال كالترعة وهي مكان يستحم فيه الصبية‪ .‬ثم نجد السوق‪ .‬وهو مكان يلجأ إليه‬

‫سكان أو أهل العزبة من أجل اقتناء حاجياتهم من أكل وشرب ولباس وتجد ايضا "الغيط‬

‫ال ذي تس رع في ه الشخص ية الرئيس ية فاطم ة" إض افة إلى مك ان آخ ر رئيس ي وه و ال ذي‬

‫تبل ورت في ه أح دات القص ة وه و ال درة حيت ض بطت في ه فاطم ة م ع غ ريب وبين حيت‬

‫الحاض ر ه و المك ان ال ذي كش ف وال ذي آث ار ج دا أه ل العزب ة وس اهم في تغي ير مج رى‬

‫أحدات القصة‪.‬‬

‫نساء القرية عذرية فاطمة بعد اتهامها بابتكار المحرم مع غريب‪ .‬وهو أيضا نفس‬

‫المكان الذي ظهرت فيه براءة ألنها ومن الغريب وتخلص إلى أن المكان في القصة بشكل‬

‫ع امال مس اعدات في تحري ك أح داث القص ة وتطوره ا وتغي ير مجراه ا وذل ك يتفاع ل م ع‬

‫الشخصيات حيث يرسم المالمح الكبرى للفضة لماله وأهمية في بنية النص القصص‪.‬‬
‫خالصة ‪:‬‬

‫ومن المعلومات أن هذا البحث مرحبا من خالله بمجموعة من المستويات‪ .‬بدءا من‬

‫ذك ر مرحلة تأسيس القصة القصيرة عن د الغرب والعرب ‪ ،‬ثم التفص يل في العوام ل ال تي‬

‫دفعت بالقصة إلى الظهور‪ ،‬وانتقلنا بعدها إلى عرض مواقف نفاد القصة القصيرة غربيا‬

‫ثم عربيا‪.‬‬

‫وال سيما الحديث عن أهم مكونات بنية القصة أي العناصر أو المقومات الفردية‬

‫ال تي تحدد بني ة القصة القصيرة‪ ،‬وذل ك بالتفصيل وأحداث القص ة‪ ،‬وشخص ياتها تم المكان‬

‫الذي يرسم المالمح الكبرى للفضة‪ .‬عالوة عن الزمان الذي يطلع أهمية كبيرة في بنية هذه‬

‫القصة‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق نجد‪ ،‬الفصل الثاني من هذا البحث الذي بدوره سلط الضوء على أهم‬

‫عناص ر بيني ة القص ة القص يرة‪ ،‬وذل ك بتحلي ل ه ذه المكون ات‪ ،‬انطالق ا من األح داث ال تي‬

‫إتض ج من خالله ا أن ه هن اك تس ليط منطقي ا بين س ائر أح داث القص ة‪ ،‬حيت يرتب ط الحق ا‬

‫بسابقها‪ .‬ويؤدي سابقها إلى حقها في تسلسل منطقي وسلسلة ال تفصم حبات عقدة وقد أدت‬

‫الخطاطة دورا في جعل إحداث القصة مفهومة وقابله للتأويل أما أثرها الجمال فيبدوا جليا‬

‫في إيه ام الق ارئ بواقع ة األح داث والشخص يات‪  ،‬تم الشخص يات ال تي عملت على تحري ك‬

‫أحداث القصة وأدت ادوار مختلفة أسهمت في التطور الدرامي للقصة‪ ،‬عالوة على الزمان‬

‫والمكان إذا يعتبر الزمان والمكان من أهم المكونات التي تحدد بنية القصة‪.‬‬

‫هك ذا نس تخلص من نهاي ة التحلي ل أن يوس ف إدريس ب رع في س بك عمل ه الف ني‬

‫داخل قالب فتي محكم البناء في مكوناته و عناصره الفنية‪. ‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫وختام ا احم د اهلل الب اري وأش كرك على فض لة ونعم ة ورحمت ه ال ذي وفق ني إلنه اء‬

‫ه ذا البحت ال ذي‪  ‬يتمح ور ح ول تحلي ل بني ة القص ة القص يرة‪ ،‬وكجواب ا على األش كال‬

‫المطروح ة‪ .‬اس تطعنا أنوق وق عن بعض المس تويات الفردي ة المكون ة بني ة القص ة القص يرة‬

‫ليوس ف إدريس‪ ،‬ب دءا بتعري ف فن القص ة القص يرة‪ .‬وعوام ل ظهوره ا غربي ا وعربي ا‪ ،‬ثم‬

‫مررنا إلى ذكر أهم نقاد القصة القصيرة عند الغرب‪ ،‬وكان من أهم نقادها الناقد الروسي‬

‫شلوفس كي‪ ،‬وفران ك أو كون ور‪ ،‬وايخنت اوم إض افة إلى المؤسس ة الحقيقي لنظرت ه القص ة‬
‫القصيرة ادجار االن بو‪ .‬وال سيما النقاد العرب الذي كان من أهم نقادها الدكتور شكري‬

‫عي اد ثم ال دكتور الط اهر المكي‪ .‬عالوة على ذك ر أهم المكون ات و العناص ر ال تي تش كل‬

‫البني ة الفردي ة القص ة القص يرة‪.‬وال تي تتمح ور ب دورها في الزم ان‪  ،‬المك ان‪ ،‬األح داث‪ ،‬‬

‫الشخص يات باعتباره ا المحرك ات الرئيس ة لبني ة القص ة القص يرة‪ .‬وه ذا كل ه ب دخل ض من‬

‫الفص ل األول من البحت‪ .‬في حيت أن الفص ل الث اني يض من ش يقا تطبيق ا مفص ال لتل ك‬

‫العناصر السابقة‪.‬‬

‫واستخلص ا أن "يوس ف إدريس" تف وق بش كل كب يرة في فن القص ة القص يرة "حادث ة‬

‫شرف" حيث أن الكاتب تمكن من سرد األحداث بوحدة شخصيات حكايته ساهمت في نقل‬

‫العمل السردي بطريقة منسجمة ومتكاملة‪ ،‬ومتماسكة‪.‬‬

‫‪  ‬إض افة إلى الشخص يات ال تي ق امت ب دورها فاع ل في تحري ك األح داث‪  .‬وتأدي ة‬

‫ادوار مختلفة تسهم من خاللها في التطور الدرامي للقصة‪ .‬تم الزمان والذي يعتبر من أهم‬

‫المكون ات ال تي تح دد بني ة القص ة قل ل ح دث الب د أن يق ع في زم ان مح دد‪ ،‬وإ ل تزام يوس ف‬

‫إدريس به ذا العنص ر ض رورية ملح ة لتأخ ذ القص ة ش كلها الط بيعي والمك ان ال ذي يطل ع‬

‫ب دوره أهمي ة كب يرة بني ة النص القص ص ورس م المالمح الك برى للقص ة والمك ان من‬

‫العناص ر األساس ية يحكم إليه ا العتباره مجاال مح رك فيه الشخصيات و ك انت هذه بعض‬

‫مكون ات وعناص ر القص ة القص يرة ال تي تش كل بينه ا الس ردية لق د عرفن ا أهمي ة القص ة‬

‫القصيرة في انها شكل أدبي فني قادرة على طرح أعقد الرؤى والقضايا والقرءات ذاتية‬
‫وغيري ه ونفس ه واجتماعي ة‪ ،‬ويص وره دقيق ة واعي ة من تمت از ب ه من ترك يز وتك ثيف في‬

‫استخدام الدالالت المناسبة الطبيعية الحدث و أحوال الشخصية ‪.‬‬

‫وقد كانت هذه هي أهم النتائج التي توصلنا إليها‪ ،‬والتي من خاللها تتمنى الناقد وقفنا في‬

‫رسم بعض األبعاد التي أرادها الكاتب ال تترك الجوانب اآلخرى األبحاث أوسع واشتمل‬

‫المصادر المراجع‪:‬‬

‫نجيب الع وفي‪ ،‬مقارن ة الواق ع في القص ة القص يرة المغربي ة‪ ،‬ب يروت‪ /‬ال دار البيض اء‪،‬‬

‫المغرب‪ ،‬المركز الثقافي‪ ،‬ط‪.1987 ،1‬‬

‫القصة القصيرة في مصر‪ ،‬م‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫ف‪ .‬شلوفسكي‪ ،‬بناء القصة القصيرة والرواية‪ ،‬مجلة الثقافة الجديدة ع‪ ،20 ،‬س ‪.5‬‬

‫‪ .1981‬ت‪ ،‬ابراهيم الخطيبـ ص ‪ ،40‬أخدا عن ص ‪.51‬‬

‫عن عباس خضر‪ :‬عباس األسواني الضاحك األخير‪ ،‬مجلة الدوحة‪ ،‬ع ‪ ،79‬يوليه ‪،1982‬‬

‫ص ‪ ،122‬أخدا عن نجيب العوفي الواقع‪....‬‬

‫عبد الرحيم الكردي‪ ،‬البنية السردية للقصة القصيرة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬ط ‪.2005 ،3‬‬

‫المجالت‬

‫مجلة فكر الثقافة‬

‫مجلة الفكر الثقافي‪https./www.fikrmag.com ،‬‬

‫الفهرس‬

‫‪Sommaire‬‬
‫كلمة شكر ‪2.............................................................................‬‬

‫اإلهداء‪3............................................................................... .‬‬

‫‪.1‬ظهور القصة في الغرب‪5......................................................... .‬‬

‫‪.2‬القصة في األدب المغربي‪6........................................................ :‬‬

‫‪.3‬منشأ القصة القصيرة في مصر‪7.................................................. :‬‬

‫‪.4‬عوامل ظهور القصة القصيرة‪8.................................................... :‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬نقاد القصة القصيرة ‪10..................................................‬‬

‫‪.1‬نقاد القصة في الغرب‪10......................................................... .‬‬

‫‪.2‬نقاد القصة عند العرب ‪15..........................................................‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬عناصر بناء القصة القصيرة ‪19..........................................‬‬

‫المحور األول‪ :‬أحداث القصة ‪22......................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪25....................................................................... :‬‬

‫المحور األول‪25..................................................................... :‬‬

‫‪.1‬مقومات شخصيات القصة‪25...................................................... :‬‬

‫أ‌‪.‬شخصيات رئيسية‪25............................................................. :‬‬

‫ب‌‪.‬شخصيات ثانوية‪27............................................................ :‬‬


‫المحور الثالث‪ :‬الزمان ‪31...............................................................‬‬

‫‪.1‬الزمان‪31................................................................. ...........‬‬

‫المحور الرابع ‪ :‬المكان ‪33............................................................‬‬

‫‪.1‬المكان ‪33..........................................................................‬‬

‫خالصة ‪35............................................................................ :‬‬

‫الخاتمة ‪36............................................................................ :‬‬

‫المصادر المراجع‪38................................................................... :‬‬

‫الفهرس ‪39..............................................................................‬‬

You might also like