You are on page 1of 29

‫الفهرس‬

‫ادلدقمة‪3 ............................................................................... :‬‬


‫الشبهات‪4 ............................................................................ :‬‬
‫الشبهات العدقميّ‪ :‬والفكريّ‪4 ............................................................ ::‬‬
‫الشبهات النفسيّ‪ :‬والشبهات ادلنهجيّ‪9 .................................................. ::‬‬
‫الشهوات‪77 .......................................................................... :‬‬
‫ةعامل حول الشهوات ‪79 ................................................................‬‬
‫ةؤشرات التزكي‪33 ..................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر األول‪33 ....................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر الثاين‪33 ........................................................................ :‬‬
‫ادلؤشر الثالث‪34 ...................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر الرابع‪34 ....................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر اخلاةس ‪35 .....................................................................‬‬
‫ادلؤشر السادس‪36 ..................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر السابع‪36 ...................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر الثاةن‪36 ....................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر التاسع‪37 ...................................................................... :‬‬
‫ادلؤشر العاشر‪37 ...................................................................... :‬‬
‫اخلامت‪38 .............................................................................. ::‬‬

‫ٕ‬
‫ادلدقمة‪:‬‬
‫جديدا ِمن‬
‫ً‬ ‫ؾبلسا‬
‫ابّلل‪ ،‬ونستفتح ً‬‫اّلل‪ ،‬استعينوا ّ‬
‫اللهم على رسول ّ‬ ‫وصل ّ‬ ‫اّلل‪ ،‬واغبمد ّّلل‪ّ ،‬‬
‫بسم ّ‬
‫ؾبالس ؿباضرات التزكية للمصلحٌن‪ ،‬وىذا ىو اللقاء اػبامس من ىذه السلسلة‪ ،‬بدأان دبركزيّة التسكٌن‬
‫اّلل عليو وسلّم‪ ،-‬مثّ انتقلنا إىل معامل التزكية‪ ،‬مثّ كان اغبديث عن‬
‫النيب ‪-‬صلّى ّ‬
‫ومكانتها يف حياة ّ‬
‫أيضا اغبديث عن عوائق التزكية اعبزء‬
‫وسائل التزكية‪ ،‬مثّ اغبديث عن عوائق التزكية اعبزء األول‪ ،‬اليوم ً‬
‫صحة التزكية‪ ،‬ال أدري ىل‬ ‫مؤشرات ّ‬‫مؤشرات التزكية ّ‬
‫أيضا أن أُدرِج يف موضوع اليوم ّ‬‫الثاين‪ ،‬وسأحاول ً‬
‫اّلل ‪-‬تعاىلﷻ‪.-‬‬ ‫يسع ؽبا اغبديث أم ال؟ إذا مل يسع ؽبا اغبديث سنُف ِرد ؽبا ً‬
‫أيضا ؿباضرًة سادسةً إبذن ّ‬
‫إ ًذا اؼبادة متسلسلةٌ ومرتابطةٌ فمن فاتو شيء وباول أن يرجع إىل ٍ‬
‫شيء فبا فات حبيث تكتمل‬ ‫ٌ‬
‫أىم‬ ‫ن‬ ‫نت هبذا اؼبلف؛ الذي ىو ِ‬
‫م‬ ‫الصورة‪ ،‬وأرجو أن يكون اغبديث قد رسم خارطةً تفيد ؼبن ىو مع ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫اؼبلفات يف اػبارطة الشرعيّة (ملف التزكية)‪.‬‬
‫اؼبؤدية إىل العوائق‪ ،‬أي‪ :‬اؼبصادر اليت‬
‫تكلّمنا يف اللّقاء السابق عن عوائق التزكية ابعتبار اؼبصادر ّ‬
‫تُنتِج عوائق التزكية‪ .‬وذكران أربع‪ :‬ةصادر النفس‪ ،‬الشيطان‪ ،‬البيئة‪ ،‬وا﵀يط‪ ،‬واألعداء‪ ،‬وذكران‬
‫كل مصد ٍر ؽبذه العوائق‪ ،‬مثّ أشرت ً‬
‫أيضا يف اللقاء‬ ‫التفاصيل اؼبتعلّقة هبذه اؼبصادر‪ ،‬وما ىي صور إنتاج ّ‬
‫السابق إىل اػبارطة اؼبتعلّقة ابلقسم الثاين‪ ،‬وىي عوائق التزكية ابعتبار مضامينها‪ّ ،‬أّنا تنقسم إىل‬
‫مضمونٌن أساسيٌّن‪ :‬شبهات‪ ،‬وشهوات‪.‬‬

‫والشبهات تندقسم إىل ثالث‪ :‬أقسام شبهات فكريّة َعقديّة‪ ،‬شبهات نفسيّة‪ ،‬وشبهات منهجيّة‪،‬‬
‫عام‪ ،‬بل سياق التزكية مع الرتكيز على اؼبصلحٌن‪ ،‬وابلتايل قد‬ ‫ٍ ٍ‬
‫وقلنا أنّنا سنرّكز؛ ألنّنا لسنا يف سياق ّ‬
‫يتم عرض بعض جوانب التح ّدي واإلشكال‪ ،‬اليت رّدبا ال تكون سائد ًة يف الفضاء العام وإّمبا تكون‬ ‫ّ‬
‫حضورا أو أكثر أنبيةً ابلنسبة للمصلحٌن‪.‬‬
‫ً‬ ‫أكثر‬
‫سأفصل يف عوائق التزكية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العامة فقط ؽبذا الشباب‪ ،‬اليوم‬
‫أي حلول‪ ،‬وذكران اػبارطة ّ‬
‫رّدبا مل نذكر ّ‬
‫ؼبهمة ‪-‬بعد أن‬‫سأفصل يف العوائق فقط‪ ،‬واذكر أب ّن من كمال اإلحسان يف تناول اؼبوضوعات ا ّ‬
‫ّ‬
‫تتناوؽبا من جهة األنبيّة والكيفيّة وتقرير سبل التحصيل‪ -‬أن ربمي ما طرحت وما قدمت بذكر‬
‫ٖ‬
‫التحدايت والعوائق اليت يبكن أن ربُول بٌن َمن يريد الوصول إىل ما ذكرت من سبل الوصول إليو وبٌن‬
‫خاصا‬
‫عام ليس ِّ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫بشكل ّ‬ ‫ربقيق ذلك‪ ،‬فهذا من سبام العرض ومن سبام اإلحسان يف التقدمي‪ ،‬وىذا‬
‫فمثًل مناىج طلب العلم‪ ،‬ووسائل ربصيل‬ ‫أردت أن تتكلّم عن طلب العلم‪ً ،‬‬
‫ؼبثًل إذا ّ‬
‫دبوضوع التزكية‪ً ،‬‬
‫أىم العوائق أو التح ّدايت اليت‬
‫العلم‪ ،‬وآداب طالب العلم‪ ،‬وبعد أن أنتهي من اعبيّد أن أذكر ما ىي ّ‬
‫تواجو طالب العلم يف سبيل ربقيقو ؼبا ذَكرت من وسائل وبناء وما إىل ذلك‪ ،‬وقل مثل ذلك يف‬
‫أىم اؼبوضوعات اليت ربتاج إىل ذك ٍر لقضيّة العوائق‪.‬‬
‫ـبتلف اؼبوضوعات‪ ،‬وموضوع التزكية ىو من ّ‬
‫الشبهات‪:‬‬

‫الشبهات العدقميّ‪ :‬والفكريّ‪::‬‬

‫اآلن سنتكلّم عن عوائق التزكية‪ ،‬فنبدأ ابلقسم األول الذي ىو الشبهات‪ ،‬ىناك شبهات عقديّة‬
‫وفكريّة‪.‬‬
‫الشبهات العقديّة والفكريّة تتمثّل يف اإلغباد‪ ،‬تتمثّل يف التشكيك يف الثوابت الشرعيّة‪ ،‬تتمثّل يف‬
‫تظن بعض َمن‬‫توجو النسويّة‪ّ ،‬‬‫مثًل يف ّ‬
‫إسًلمي وليس إسًلميًا‪ ،‬أي‪ً :‬‬
‫ّّ‬ ‫يظن اإلنسان أنّو‬
‫التوجو الذي ّ‬
‫ّ‬
‫موجة إسًلمي ٍة بينما ىي سبشي يف ٍ‬
‫موجة ليست إسًلميّةً‪.‬‬ ‫تركب ىذه اؼبوجة ّأّنا سبشي يف ٍ‬
‫ّ‬
‫التحدايت الفكريّة اليت يبكن أن تواجو اؼبصلِحٌن يف طريقهم وردبا مل تكن‬
‫ّ‬ ‫ىذه أبرز عناوين‬
‫مطروحا يف‬
‫ً‬ ‫مطروحةً يف القاموس ساب ًقا‪- ،‬ساب ًقا أي‪ :‬قبل طبس عشرةَ سنةً فقط‪ -‬رّدبا مل يكن‬
‫القاموس عندما تتكلّم عن دعاةٍ‪ ،‬وال تتكلّم عن مصلحٌن‪ ،‬وال تتكلّم عن طلبة علم‪ ،‬فلم يكن‬
‫التحدايت اليت يبكن أن تواجهوّنا رب ّدي التشكيك يف الثوابت‬
‫ّ‬ ‫اّلل من‬
‫مطروحا أن تقول‪ :‬و ّ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫موجود يف القاموس‪.‬‬ ‫أصًل غًن‬
‫اإلسًلمية‪ ،‬وال اإلغباد‪ ،‬والذي عاش تلك الفرتة يعرف أ ّن ىذا ً‬

‫التحمّيت اليت ميكن أن تواجهها ّ‬


‫ربدايت الشهوات‪ ،‬فبكن تواجو الفتور‪ ،‬لكن أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫أي‪:‬‬
‫أصًل يكون‪.‬‬
‫فبكن ً‬
‫أصًل ابلبال وال ابػباطر أنّو ٌ‬
‫شبهات عقديّة متعلّقة أبصل الدين‪ ،‬ىذا مل يكن ً‬

‫ٗ‬
‫ٍ‬ ‫والواقع أنّو كان وحصل‪ ،‬وأ ّن ىناك أانسا ِمن اعبنسٌن كانوا يف ٍ‬
‫إسًلمي‪ ،‬ويف وسط ٍّ‬
‫دعوي‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫وسط‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫كامًل‪- ،‬وىذا‬
‫وسط صا ٍحل‪ ،‬ورّدبا عاشوا يف مراكز‪ ،‬ورّدبا عاشوا يف ؿباضن‪ ،‬ورّدبا حفظوا القرآن ً‬ ‫ويف ٍ‬
‫وأبسباب متع ّددةٍ وقعوا يف اإلغباد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دبوجات معيّ ٍنة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫اقع‪ -‬ورّدبا سانبوا يف تدريس شيء من القرآن‪ ،‬مثّ‬
‫و ٌ‬
‫وفارق صار خاصةً يف أزمة ما قبل طبس سنوات‪ ،‬سبع سنوات من اآلن كانت موجة‬ ‫حقيقي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وىذا‬
‫الشبهات عالية‪.‬‬
‫فممكن‬
‫ٌ‬ ‫وىذا اػبطر مازال مل ينتو‪ ،‬دبعىن ّأّنم من اؼبمكن أن يعود التحدي إىل الذروة مرًة أخرى‪،‬‬
‫أيضا مرًة أخرى ؾبموعة‬ ‫أن يعود من خًلل اؼبعطيات اؼبوجودة يف اػبارج اآلن‪ ،‬أي‪ُ :‬يبكن أن يكون ً‬
‫دبوجة تشكيكيّ ٍة جديدةٍ؛ أل ّن‬
‫مرحلة يتأثّرن أو يتأثروا ٍ‬
‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫مهتمات‪ ،‬وبعد‬
‫طًلب علم‪ ،‬أو نساء ّ‬ ‫شباب ّ‬
‫اػبارجي ال تزال موجود ًة كما ىي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عوامل التأثر أو التأثًن‬
‫لذلك اغبديث عن إمكانية التأثر بشبهات عقديّة متعلّقة أبصل أو بثوابت اؼبلّة ابلنسبة ٍ‬
‫ألانس‬
‫أي منحى؟ ما‬
‫أي اذباه؟ أو يف ّ‬
‫حقيقي وهبب طرحو‪ ،‬حسنًا طرحو من ّ‬ ‫ىو‬ ‫مصلحٌن‬ ‫دعاةٍ‪ ،‬أو ٍ‬
‫أانس‬
‫ّ‬
‫الذي جعلنا نقول اعبهة اليت فبكن نتناول منها ىذه القضيّة؟‬
‫طرح اليوم ىو ابب الوقاية‪ ،‬أكثر من ابب اؼبعاعبة‪ ،‬دبعىن أنّو إذا وقع‬
‫أىم ما يبكن أن يُ َ‬‫أان برأيي ّ‬
‫للمهتمٌن ىو‬ ‫يوجو‬ ‫ٍ ٍ‬
‫ّ‬ ‫اإلنسان يف إشكاليّة معيّنة فهناك سبل معاعبة‪ ،‬لكن اػبطاب العام الذي هبب أن ّ‬
‫إشكاالت موجودةٌ يف‬
‫ٌ‬ ‫موجات‪ ،‬وتوجد‬
‫ٌ‬ ‫خطاب الوقاية وأنّو‪" :‬اي صباعة توجد فعًل موجةٌ وتوجد‬
‫وقاية‪ ،‬فاحرص وال تتهاون يف‬ ‫اػبارج فبكن التأثر هبا؛ ولذلك ىذا واحد‪ ،‬اثنٌن‪ ،‬ثًلثة‪ ،‬أربعة سبل ٍ‬
‫ٌ‬
‫اؼبوضوع‪ ،‬وإن شاء هللا اعبميع سامل"‪.‬‬
‫العام‪ ،‬وليس أنّو تعالوا نتعلّم‬
‫طرح يف اإلطار ّ‬
‫سبام ىذا اؼبربّع الذي أرى أنو من األفضل أن يُ َ‬
‫اختصاص وسب ّك ٌن يف‬
‫ٌ‬ ‫أانس لديهم‬
‫نرد عليها مع ضرورة أن يكون ىناك ٌ‬
‫الشبهات شبهةً شبهة‪ ،‬وقبلس ّ‬
‫ىذا اجملال‪.‬‬

‫٘‬
‫• وسائل الوقاي‪::‬‬
‫ما ىي وسائل الوقاية اليت تَصلُح يف مثل ىذا السياق؟ ىناك عدة أمور‪:‬‬
‫ةلف دالئل أصول اإلسالم ةعرفيًا‪ ،‬أي‪ :‬ضروري لطالب‬‫‪ )7‬الوسيل‪ :‬األوىل ضرورة إغالق ّ‬
‫مكون دالئل أصول اإلسًلم‪- ،‬أان اآلن ال أقصد‬
‫مكوانتو اؼبعرفيّة ّ‬
‫العلم يف ىذا الزمن أن يضيف إىل ّ‬
‫كتااب معينًا‪ -‬أان أقصد اؼبعىن اؼبوضوع دالئل أصول اإلسًلم أي‪ :‬الدالئل اؼبثبِتة ّ‬
‫لصحة أصول ما‬ ‫ً‬
‫يعتقده اإلنسان اؼبسلم‪.‬‬
‫متضمنةً للشبهات‪ ،‬وإّمبا بناء تقري ٍر‪ ،‬وىذه‬
‫ّ‬ ‫وىذه الدالئل كما قلت ليس ابلضرورة أال تكون‬
‫كاعبرعة الوقائيّة اليت ربمي اإلنسان يف ىذا الزمن‪ ،‬والكتب واؼبراجع واؼبصادر يف مثل ىذا اؼبوضوع‬
‫كثًنةٌ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫قرر يف برانمج صناعة ا﵀اور‪.‬‬
‫كتاب (دالئل أصول اإلسًلم)‪ ،‬اؼب ّ‬
‫النبوة‪ ،‬مثل ىذه الكتب واؼبعاين برأيي أنّو‬
‫كتاب (النّبأ العظيم)‪ ،‬من الكتب اليت تتكلّم عن دالئل ّ‬
‫ٍ‬
‫بشيء فبّا‬ ‫اؼبهمة لطالب العلم يف ىذا الزمان‪ ،‬حبيث أنّو لو خوطب بعد ذلك‬‫اؼبكوانت اؼبعرفيّة ّ‬
‫من ّ‬
‫يُعارض مثل ىذا اؼبعىن يكون عنده أصل اؼبوضوع‪.‬‬

‫ضا ةعرفيًا‪ ،‬ىذا غًن اآلن األصول ثوابت‪،‬‬ ‫مبلف الثوابت أي ً‬


‫‪ )3‬الوسيل‪ :‬الثاني‪ ::‬أمهيّ‪ :‬العناي‪ّ :‬‬
‫الثوابت ىي اليت نقول عنها دعائم اؼبنهج اإلسًلمي الداخلي‪ ،‬اليت ّأول ما نتكلّم عنها ىي القواعد‬
‫وصحة القرآن‪ ،‬وما إىل ذلك… الدعائم الداخليّة اليت ىي مثل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫النبوة‪،‬‬
‫بصحة ّ‬‫اػبارجيّة اؼبتعلّقة ّ‬
‫منهج مع ٍ‬
‫ٌن لفهم اإلسًلم" ‪.‬‬ ‫حجية السنة‪ ،‬مثل‪" :‬تثبيت االحتياج إىل ٍ‬
‫األصويل (منهج أصول الفقو) أ ّن ىناك قواعد‬
‫ّ‬ ‫مثًل اؼبنهج‬
‫أقصد ابؼبنهج ‪-‬أو نقول ابختصار‪ً -‬‬
‫يضاد‬
‫لغويّة‪ ،‬وقواعد ‪-‬نقول عنها بٌن العلماء يف اعبملة‪ -‬بضرورة تطبيقها للفهم السريع‪ ،‬ما الذي ّ‬
‫للنص‬
‫ىذا االذباه‪ ،‬أو ىذه الوسيلة‪ ،‬ىذه ىي النقطة يف قضيّة اؼبنهج‪ ،‬ما ىو؟ القراءة اؼبفتوحة ّ‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ٙ‬‬
‫ويعّب‬
‫وخاطئ‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫كثًنا اآلن‪ ،‬أنّو ال توجد قراءة صحيحةٌ‪ ،‬أو تفسًنٌ صحيح‬
‫وىذه منهجيّةٌ مطروحةٌ ً‬
‫طبعا داخل ىذا السؤال االذباىات التفصيليّة داخل‬
‫أحياان اإلسًلم بفهم من‪ ،‬وال يقصدون ً‬ ‫ً‬ ‫عنو‬
‫فهما يبكن‬
‫أصًل أ ّن ىناك ً‬
‫الرتاث اإلسًلمي‪ ،‬ال‪ .‬وإّمبا اؼبقصود أنّو ما ىي الضماانت اليت تضمن يل ً‬
‫أيضا هبب إغًلقها من الناحية‬
‫ات ً‬‫فهم يصنَّف أبنّو خاطئ؟ فهذه مل ّف ٌ‬
‫أن يصنَّف أبنّو صحيح‪ ،‬أو ٌ‬
‫اؼبعرفيّة ابلنسبة لطالب العلم‪ ،‬أو ابلنسبة للمصلح‪.‬‬

‫ثالث‪ :‬ةن ةراحل العلوم‬‫ٖ) الوسيل‪ :‬الثالث‪ :‬ضرورة االنتهاء أو البناء ةن بناء ةرحلتني أو ٍ‬
‫ٍ‬
‫إنسان يريد أن يق ّدم شيئًا لإلسًلم‬ ‫ألي‬ ‫الشرعيّ‪ ،:‬وىذه القضيّة يف غاية األنبيّة‪ ،‬وأان ما أرى ً‬
‫عذرا ّ‬
‫حّت يصل مثّ‬ ‫واؼبسلمٌن‪ ،‬شيء أي‪ :‬أقصد االستمراريّة‪ ،‬أي‪ :‬يريد أن يسًن يف طر ٍيق ويصّب عليو ّ‬
‫الشرعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يكون خاليًا من البناء‬
‫متخصصٌن‪ ،‬ولكن الفكرة‬
‫ّ‬ ‫كل العاملٌن‬
‫متخصصا‪ ،‬وال يبكن أن يكون ّ‬
‫ً‬ ‫وبطبيعة اغبال لن يكون‬
‫نبين‬ ‫أن‬ ‫هبب‬ ‫الشبهات‬ ‫ثرة‬ ‫ك‬
‫و‬ ‫اإلشكاالت‪،‬‬ ‫كثرة‬ ‫وألجل‬ ‫ة‪،‬‬‫الشرعي‬ ‫العلوم‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ىي أ ّن ىناك ق ْدرا أساسيا ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ات قد نقول ّأّنا‬
‫مرحلتٌَن من العلوم الشرعيّة‪ ،‬وىذه مرحلةٌ أو مرحلتٌَن أو ثًلثة‪ ،‬ىذه تعبًن ٌ‬
‫أعّب أبّنّا ةراحل أربع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫كل منهجيّة ؽبا التعبًن عنها‪ ،‬لكن أان عاد ًة ّ‬
‫اصطًلحيّة‪ّ ،‬‬
‫ٔ‪ .‬اؼبرحلة األوىل‪ :‬مرحلة التأصيل‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اؼبرحلة الثانية‪ :‬مرحلة البناء‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬اؼبرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة التمكٌن‪.‬‬
‫التوسع أو التخصص‪.‬‬‫ٗ‪ .‬اؼبرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة ّ‬
‫التخصص‬
‫ّ‬ ‫التخصص‪ ،‬ولك أن ُذب ِمل فتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫التوسع مثّ‬
‫أي‪ :‬لك أن ذبعلها طبس مراحل فتقول‪ّ :‬‬
‫التوسع‪.‬‬
‫وىو وبمل يف ابطنو ّ‬
‫اؼبنهجي اؼبفرتض ‪-‬إبذن هللا تعاىل ﷻ‪ -‬أنّو سيغطّي ثًلث مراحل من‬
‫ّ‬ ‫وكبن يف برانمج البناء‬
‫اؼبنهجي‬
‫ّ‬ ‫العلوم الشرعيّة‪ :‬مرحلة التأصيل‪ ،‬والبناء‪ ،‬والتمكٌن خًلل أربع سنوات‪ ،‬فالذي يدخل البناء‬
‫جدا ال حصر ؽبا‪،‬‬‫اّلل‪ -‬وب ّقق ىذه القضيّة‪ ،‬والذي ال يدخلو فهناك برامج ومناىج كثًنةٌ ً‬
‫‪-‬إن شاء ّ‬
‫‪ٚ‬‬
‫العامة‪ ،‬فالغرض أنّو ال وبسن‬ ‫بشكل ٍ‬
‫ٍ‬
‫فق عليها من انحية تسميتها ومراحلها ّ‬ ‫عام متّ ٌ‬ ‫والعلوم الشرعيّة‬
‫مشروع‬ ‫خادما لإلسًلم واؼبسلمٌن يف‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫مصلحا‪ ،‬أو داعيةً‪ ،‬أو ً‬
‫ً‬ ‫إبنسان يف ىذا الزمن يريد أن يكون‬
‫ضروري‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫فبتد‪ ،‬مثّ ال تكون لديو قاعدةٌ شرعيّةٌ‪ ،‬فهذا‬
‫ّ‬
‫أىم أسباب تذبذب واضطراب كث ًٍن ِمن الشباب الذين كانوا يف سابقة خ ًٍن‪ ،‬مثّ ُّ‬
‫مروا دبوجة‬ ‫ومن ّ‬
‫أىم أسباب االضطراب والتذبذب أنّو ال توجد قاعدةٌ شرعيّةٌ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ربدايت وصاروا يف سياق منفرد‪ ،‬من ّ‬ ‫ّ‬
‫خيار ال بديل عنو‪ ،‬وال مناص منو ؼبن يريد أن يكون‬ ‫ٌ‬ ‫أيوون إليها‪ ،‬ويستندون عليها؛ لذلك ىذا‬
‫ُ‬ ‫متينةٌ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫فأىم شيء ىو‬ ‫كثًنا‪ّ ،‬‬ ‫ؾباب عنها ً‬
‫كذلك‪ ،‬والسؤال‪" :‬كيف؟" ليس ىو التح ّدي؛ أل ّن "كيف؟" ٌ‬
‫سؤال القناعة بضرورة أن أفعل‪.‬‬

‫أجبمّيت التعاةل ةع اإلشكاالت‪ ،‬فتوجد مقدمات‪،‬‬ ‫ٗ) الوسيل‪ :‬الرابع‪ :‬ىي تعلّم‪ ،‬أو بناء ّ‬
‫أجبدايت للتعامل مع اإلشكاالت الفكريّة اليت من اؼبفرتض أن أيخذىا طالب العلم‪ ،‬وىذه‬ ‫وتوجد ّ‬
‫كامل عن ذلك من‪ :‬أصول اػبطأ يف‬ ‫مستوى ٌ‬
‫ً‬ ‫مثًل‪ :‬صناعة ا﵀اور يف القسم الثاين ىناك‬‫تتمثّل يف‪ً ،‬‬
‫الشبهات الفكريّة‪ ،‬لِنَ ُقل كيف ينقد اإلنسان األفكار اػباطئة؟ وسائل التوثيق والتثبّت‪ ،‬يف أشياء‬
‫ٍ‬
‫وشبهات‪ ،‬مل يكن من اؼبفرتض أن يقع‬ ‫وقعت وبسبب النقصان َّ‬
‫زل فيها كثًنٌ من الناس إبشكاالت‬
‫فيها لو كان يبتلك مثل ىذا‪ ،‬تستطيع ف ّكها ابلتفكًن الناقد‪ ،‬تستطيع عنونتها أبدوات البحث‬
‫والتوثيق‪ ،‬أي ىناك أكثر من عنو ٍان يبكن أن يغطّي ىذا الغرض‪ ،‬لكن ال يصلُح أن يكون طالب العلم‬
‫ات نقديّة‪ ،‬وكما قلت فكثًنٌ من اإلشكاالت يبكن أن‬‫معلومات فقط‪ ،‬وبعد ذلك ليس لديو أدو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫لديو‬
‫تسقط عّب أدوات نقديّة‪.‬‬
‫ىذه األمور األربعة واألضًلع األربعة ابلنسبة للشبهات الفكريّة والعقديّة ٍ‬
‫كعائق من عوائق التزكيّة‬
‫اّلل‪ -‬أن يكون اؼبصلح‪،‬‬‫اليت لو متّ مراعاة ىذه األمور يف برانمج ويف سياق بنائي‪ ،‬فأان أرجو ‪-‬إن شاء ّ‬
‫بنصيب يبكن أن يكتفي بو إبذن هللا‬ ‫ٍ‬ ‫اؼبهتم قد أخذ من الوقاية‬
‫أو طالب العلم‪ ،‬أو الداعية‪ ،‬أو ّ‬
‫تعرض إلشكاليِّة ما استطاع اعبواب عنها‪ ،‬فهذا لو وسيلةٌ أخري‬ ‫تعاىل ﷻ‪ .‬مثّ بعد ذلك لو قُ ِّدر أنّو َّ‬
‫أمور أربعةٌ أعتقد ّأّنا كافية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بنائي عام ىذه ٌ‬
‫كسياق ٍّ‬ ‫يف األجوبة‪ ،‬لكن إذا كان‬

‫‪ٛ‬‬
‫الشبهات النفسيّ‪ :‬والشبهات ادلنهجيّ‪::‬‬

‫لكين سأذباوزىا‪ ،‬سأنتقل اآلن إىل الشبهات‬ ‫كًلم كثًنٌ يف الشبهات العقديّة الفكريّة ّ‬
‫ىناك ٌ‬
‫النفسيّة‪ ،‬ودؾبتها اآلن يف سياق التفصيل يف اغبلول‪ ،‬وكذا دؾبتها مع بعض الشبهات النفسيّة‬
‫والشبهات اؼبنهجيّة‪.‬‬
‫شبهات نفسية ؼبن َمل وبضر اللقاء السابق‪ ،‬وقد قلنا أمثلتها‪ ،‬ىناك ٍ‬
‫ربد جدي ٌد يف األجيال‬
‫ّ َ‬
‫اعبديدة‪- ،‬وليس اؼبقصود ابألجيال اعبديدة الذين أعمارىم اآلن اثنا عشر وإحدى عشر‪ ،‬إّمبا تشمل‬
‫أيضا بكثرة‪ ،‬وىو رب ّدي اؽبشاشة النفسيّة‪،‬‬ ‫حّت سن اعبامعة‪ -‬اآلن ىناك ٍ‬
‫موجودا ً‬
‫ً‬ ‫ربد جديد مل يكن‬ ‫ّ ّ‬
‫اؼبهتم‪ ،‬وذكرت أمثلتو يف السابق‪.‬‬
‫موجود بٌن الوسط ّ‬
‫ٌ‬ ‫وىذا‬
‫ويف الّبامج العلميّة‪ :‬كيف تلخص الكتاب؟ فبكن تقول يل ما ىو اؼبهم؟ أان ػبّصت كتاب ما ىو‬
‫اؼبهم؟ لكن ما الذي سيأيت يف االختبار؟ طيب فبكن وفبكن‪ ،...‬فيخرج من الّبانمج؛ ألنّو كان يف‬‫ّ‬
‫سؤال يف االختبار ما كان يعين مفروض أنّو أييت ألنّو أنقصين درجة‪ ،‬ىناك أمثلة ‪-‬ليس من اؼبناسب‬
‫ذكرىا‪-‬؛ ألنّو توجد أمثلةٌ معيّنةٌ‪ ،‬يعين بعض اؼبواقف عجيبة‪ ،‬يعين يف الّبامج عجيبة‪ ،‬فأنت تلقي‬
‫اّلل يعين أشياء عجيبة‪.‬‬
‫الرسالة رباول توائم‪ ،‬فيقول‪" :‬طيب‪ ...‬فبكن طيب؟" سبحان ّ‬
‫انتباىا‪ ،‬أل ّن اإلنسان اليوم قد يفقد استقامتو بقد ٍر من‬
‫عموما توجد حالة من اؽبشاشة ربتاج ً‬ ‫فهو ً‬
‫جدا‪ ،‬واألسئلة‬
‫عذر لو؛ وىذه مشكلةٌ كبًنةٌ ً‬
‫يظن أ ّن ىذا ٌ‬ ‫الضعف‪ ،‬واؽبشاشة اؼبوجودة داخليًا‪ ،‬وقد ّ‬
‫أىم األسئلة‪.‬‬
‫اؼبنهجيّة مثل‪ :‬قلق الوجهة‪ ،‬سؤال اعبدوى والثمرة‪ ،‬ىذه من ّ‬

‫• سؤال اجلموى والثمرة‪:‬‬


‫مرةً أخرى‪ ،‬سؤال اعبدوى والثمرة اؼبقصود بو‪ :‬ما فائدة ىذه‬
‫أان اليوم سأبدأ بسؤال اعبدوى والثمرة ّ‬
‫تكسرت‬ ‫ٍ‬
‫آماال وطموحات وكلّها ّ‬ ‫وجربنا… وعشنا ً‬ ‫وجربنا ّ‬
‫وجربنا ّ‬ ‫جربنا ّ‬‫األعمال؟ مثًلً يقول‪" :‬كبن ّ‬
‫أىتم‪ ،‬لكن ال ترفع سقف الطموحات واآلمال؛ أل ّن اػبًن لن‬ ‫على صخرة الواقع‪ ،‬فأان سأبدأ أقرأ و ّ‬
‫ؿبض" …إىل آخره‬ ‫شر ٌ‬ ‫يتح ّقق‪ ،‬فالعامل كلّو ٌ‬

‫‪ٜ‬‬
‫فسؤال اعبدوى والثمرة ىو سؤ ٌال من األسئلة اغباضرة اآلن يف الوسط اإلسًلمي‪ ،‬وىو وبتاج إىل‬
‫مناعة ِمن أَن يكون ىذا السؤال عائ ًقا‪ ،‬وطرح ىذا السؤال ليس مشكلةً‪ ،‬ابلعكس‬
‫انتباه‪ ،‬ووبتاج بناء ٍ‬
‫أبدا‪ ،‬اؼبشكِل حٌن يكون ىذا‬
‫مشكًل ً‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫إجاابت واقعيّة‪ ،‬ىذا ليس‬ ‫أان حٌن أطرح ىذا السؤال أريد‬
‫كل شيء ألنّين أان ليس عندي جواب عن سؤال اعبدوى‬ ‫السؤال عائ ًقا عن العمل‪" ،‬فأان تركت ّ‬
‫والثمرة"‪.‬‬

‫ضا ضمن ةربّع الوقاي‪،:‬‬ ‫سأذكر اآلن ع ّمة أةوٍر ةتعلّ ٍ‬


‫دق‪ :‬بسؤال اجلموى والثمرة‪ ،‬واعتربوىا أي ً‬
‫ةن اإلشكاالت اليت يف ىذا الباب‬

‫‪ ‬الندقط‪ :‬األوىل‪ :‬ضرورة وضوح تعريف الثمرة‪.‬‬


‫ضرورة وضوح تعريف الثمرة‪ ،‬والنصر‪ ،‬والفوز‪ ،‬والنجاح ابلنسبة لكل ٍ‬
‫فرد مسل ٍم‪ ،‬أي‪ :‬ضرورة أن‬ ‫ّ‬
‫اسخا‪ ،‬ما ىي الثمرة اليت تسأل عنها؟ وما ىو الشيء الذي إذا مل‬
‫يُ َعاد التعريف يف النفس‪ ،‬ويكون ر ً‬
‫يستحق أن تبذل وقتك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فعًل أنّو مل يكن ىناك جدوى‪ ،‬وأنّو مل يكن ىناك شيءٌ‬ ‫يتح ّقق تقول ً‬
‫جديدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫وفكرك‪ ،‬وجهدك ‪...‬إىل آخره؟ ما ىي ىذه الثمرة؟ وإعادة تعريف القضيّة ليس‬
‫نوعا من اغبضور يف أرض الواقع‪،‬‬ ‫كثًنا‪ ،‬وتكلّم عنو اؼبف ّكرون‪ ،‬ولكنّو بدأ يفقد ً‬
‫وتكلّم عنو العلماء ً‬
‫وجزء من سبب الفقدان ىو بعض الشعارات اؼببالغ فيها؛ اليت طرحها بعض أصحاب التأثًن يف العمل‬
‫اإلسًلمي‪ ،‬أنّو سيحصل‪ ،‬وسيحصل أبشياء ؿبددة‪ ،‬مثّ مل وبصل‪ ،‬بل حصل عكس ذلك‪.‬‬

‫فشعر اإلنسان ابليأس واإلحباط‪ ،‬بينما كبن كبتاج إىل إعادة التعريف حبيث يكون ىناك‬
‫ةسلَّ ٌ‬
‫مات واضح‪.:‬‬ ‫َ‬
‫مطالب من حيث التكليف‬ ‫ٌ‬ ‫اؼبسلَّمات ضمن ىذه النقطة ىي‪ :‬أنّك يف اإلسًلم‬
‫ٔ) واحدة من َ‬
‫طويل تقري ٍر‪ ،‬وىي كما‬
‫اّلل ﷻ‪ ،‬وىذه أجبديّةٌ معروفةٌ ال ربتاج إىل ِ‬
‫ابلعمل‪ ،‬وأنّ الثمرة والنتيجة على ّ‬
‫النيب ﷺ يتكلّم عن رؤيتو للناس يوم القيامة متعلّقٌن أبنبيائهم‪،‬‬
‫البخاري؛ ّ‬
‫ّ‬ ‫قلت ؽبا شواىد كثًنٌة يف‬
‫النيب‬
‫النيب وليس معو أح ٌد‪ ،‬وأييت ّ‬ ‫نيب وليس داعيةً‪ -‬قال‪" :‬فيأيت ّ‬
‫النيب وليس معو أح ٌد" ‪ٌ -‬‬
‫قال‪" :‬فيأيت ّ‬
‫نوح ‪-‬عليو السًلم‪ -‬من ِ‬
‫أويل‬ ‫النيب‪ٌ ،‬‬
‫ومعو الرجل‪ ،‬والرجًلن" ‪-‬رجل ورجًلن ىم َمن استجابوا‪ -‬ؽبذا ّ‬
‫ٓٔ‬
‫سنة ّإال‬ ‫العزم من الرسل‪ ،‬وأخّب اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ عنو يف سورة العنكبوت أنّو لبث يف قومو ألف ٍ‬
‫ّ‬
‫يل﴾‪ ،‬وبَ ٌَّن ىذه اؼبق ّدمة اليت‬ ‫َِّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫عاما‪ ،‬مثّ قال سبحانو ﷻ يف سورة أخرى‪َ ﴿ :‬وَما َآم َن َم َعوُ إال قَل ٌ‬ ‫طبسٌن ً‬
‫ت قَ ْوِمي لَْي ًًل َونَ َه ًارا ۞ فَلَ ْم يَِزْد ُى ْم ُد َعائِي إَِّال فَِر ًارا‬ ‫ب إِِّين َد َع ْو ُ‬‫ال َر ِّ‬
‫مائة وطبسٌن سنةً ب ‪﴿ :‬قَ َ‬ ‫ىي تسع ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫استَ ْكبَ ُروا‬‫َصُّروا َو ْ‬ ‫َصابِ َع ُه ْم ِيف آ َذاّن ْم َو ْ‬
‫استَ ْغ َش ْوا ثيَابَ ُه ْم َوأ َ‬ ‫۞ َوإِِّين ُكلَّ َما َد َع ْوتُ ُه ْم لتَ ْغفَر َؽبُْم َج َعلُوا أ َ‬
‫استَ ْغ ِفُروا َربَّ ُك ْم‬
‫ت ْ‬ ‫ت َؽبُْم إِ ْسَر ًارا ۞ فَ ُق ْل ُ‬ ‫َسَرْر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫است ْكبَ ًارا ۞ ُمثَّ إِِّين َد َع ْوتُ ُه ْم ج َه ًارا ۞ ُمثَّ إِِّين أ َْعلَ ُ‬
‫نت َؽبُْم َوأ ْ‬ ‫ْ‬
‫إِنَّو َكا َن َغ َّفارا﴾‪ .‬ىذه ليست قصةً خياليةً‪ ،‬ىذه حقيقةٌ‪ ،‬وقَع أن عاش ‪-‬عليو السًلم‪ -‬تسع ٍ‬
‫مائة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫وطبسٌن سنةً‪ ،‬وبعد ذلك؟ ؼبا بعِ‬
‫نوح اصّب‪:‬‬ ‫اّلل عليو الوحي‪ ،‬فيقول لو مثل ما صّب ٌ‬ ‫النيب ﷺ ين ِزل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫الر ُس ِل َوَال تَ ْستَ ْع ِجل َّؽبُْم﴾ ىذه ‪-‬كما قلت‪ -‬أجبديّة‪ ،‬أي ىي ليس‬ ‫ِ‬
‫صبَ َر أُولُو الْ َعْزم ِم َن ُّ‬ ‫﴿فَ ْ ِ‬
‫اص ّْب َك َما َ‬
‫صحيح‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل‬ ‫فيها كبًن علم‪ ،‬ولكنّها بدأت تفقد نيّتها‪ ،‬بدأت تفقد فاعليّتها‪ .‬فأان إذا كنت أعمل‬
‫الشرعي‪ ،‬ويف قاموس الوحي‪ ،‬ليس‬ ‫ّ‬ ‫اإلسًلمي‬
‫ّ‬ ‫مثّ مل تتح ّقق شبرةٌ ملموسةٌ ؽبذا العمل فهذا يف القاموس‬
‫حّت وب ّقق الثمرة‪،‬‬ ‫أين لست مكلًّفا بتجويد العمل ّ‬ ‫فشًل‪ ،‬وأنتم تعلمون أن ىذا ال يعين ّ‬ ‫خسارًة وال ً‬
‫اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ النتيجة‬ ‫وإّمبا هبب أن أسعى أبفضل الوسائل‪ ،‬ولكن إذا مل تتح ّقق‪ ،‬فعند ّ‬
‫والتقوى‪.‬‬
‫ٕ) ‪-‬يتبع النقطة األوىل‪ ،‬نقطة سؤال الثمرة‪ -‬إعادة مركزية االبتًلء‪ ،‬آاثر االبتًلء يف موضعها‬
‫الصحيح يف فهم اؼبسلم‪ .‬وىذه كما قلت ىذه يف مرحلة ما من اؼبراحل السابقة كانت أدبيّات أساسيّة‬
‫مثّ بدأت تُف َقد‪ ،‬ىناك ابتًلء وىناك ُسنّة سبحيص‪.‬‬
‫احل أنت تكاد تصل فيها‬ ‫وىذا االبتًلء والتمحيص معناه أنّو ستأيت عليك ّأايم وستأيت عليك مر ٌ‬
‫تتغًن النتيجة‬‫يصورىا هبذه الطريقة‪ ،‬وأنّو ابلثبات‪ ،‬والصّب‪ ،‬والتقوى‪ ،‬واليقٌن ّ‬ ‫إىل اليأس‪ ،‬والقرآن ّ‬
‫َس‬ ‫اضح‪ ،‬فيقول سبحانو ﷻ‪َ ﴿ :‬ح َّ ّٰت إِذَا ْ‬
‫استَ ْيأ َ‬ ‫بشكل و ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واؼبعادالت‪ ،‬وىذا كما قلت‪ :‬القرآن يّبزىا‬
‫صُرَان فَنُ ِّج َي َمن نَّ َشاءُ﴾‪ ،‬ويقول سبحانو وتعاىل ﷻ ‪﴿:‬أ َْم‬ ‫ِ‬
‫الر ُس ُل َوظَنُّوا أَنَّ ُه ْم قَ ْد ُكذبُوا َجاءَ ُى ْم نَ ْ‬
‫ُّ‬
‫اعبَنَّةَ﴾ أي‪:‬‬ ‫اعبَنَّةَ﴾ ليس معناىا أنكم لن تدخلوا اعبنّة‪﴿ ،‬أ َْم َح ِسْب تُ ْم أَن تَ ْد ُخلُوا ْ‬ ‫َح ِسْب تُ ْم أَن تَ ْد ُخلُوا ْ‬
‫ظن لديكم يف أنّكم يبكن أن تلجوا اعبنة أو تدخلوا فيها بدون ىذا الذي سيُذ َكر‪ ،‬ال لن‬ ‫ىل ىناك ٌ‬
‫ين َخلَ ْوا ِمن قَ ْبلِ ُكم َّم َّسْت ُه ُم الْبَأْ َساءُ َوالضََّّراءُ َوُزلْ ِزلُوا﴾ إىل‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫يكون‪ ،‬ما الذي سيذكر؟ ﴿ َوؼبا َأيْت ُكم َّمثَ ُل الذ َ‬
‫ٔٔ‬
‫اّللِ أََال إِ َّن نَصر َِّ‬ ‫الرس ُ َّ ِ‬
‫أيضا ىذه‬ ‫اّلل قَ ِر ٌ‬
‫يب﴾‪ً ،‬‬ ‫َْ‬ ‫صُر َّ‬
‫ين َآمنُوا َم َعوُ َم َ ّٰت نَ ْ‬
‫ول َوالذ َ‬ ‫ول َّ ُ‬
‫أي مدى؟ ﴿ َح َّ ّٰت يَ ُق َ‬
‫أجبديّة‪ ،‬وهبب أن يُ َعاد تفعيلها‪ ،‬ويُ َعاد حضورىا‪.‬‬

‫جدا‪ ،‬ةا ىي أعظم مثرةٍ تتح ّدقق دلا يُ َعاد تفعيل ىاتني‬
‫رّكزوا معي يف ىذه النقطة والفقرة اليسًنة ً‬
‫مطلوب منو العمل‪ ،‬وليس‬‫ٌ‬ ‫الندقطتني؟ ما ىي أعظم شبرةٍ تتح ّقق ؼبا يُ َعاد تفعيل نقطة أ ّن اإلنسان‬
‫مكل ًفا ابلنتائج؟ وؼبا تُ َف َّعل نقطة سنّة االبتًلء والتمحيص‪ ،‬و ّأّنا سنّةٌ قاضيةٌ وماضيةٌ‪ ،‬ما ىي أعظم شبرٍة‬
‫ترتسخ فيو ىاتٌن النقطتٌن؟‬
‫تتح ّقق ابلنسبة لإلنسان اؼبؤمن حٌن ّ‬
‫اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ أبعمالو‪ ،‬أنّين أان أعمل وأان أعرف أنّو قد‬ ‫أعظم شبرةٍ تتح ّقق ىي ابتغاء وجو ّ‬
‫اب‬ ‫ال أ ِ‬
‫البخاري‪ ،-‬وخبّ ٌ‬
‫ّ‬ ‫صل شيئًا من عملي‪ ،‬ىذا يبكن أن آكل منو ‪-‬كما قال خبّاب يف صحيح‬ ‫ُح ّ‬
‫َ‬
‫اّلل أال تدعوا لنا؟ أال تستنصر لنا؟"‬
‫للنيب ﷺ يف بداية الدعوة‪ ،‬وقال‪" :‬اي رسول ّ‬ ‫ىو نفسو الذي جاء ّ‬
‫اب اآلن يتحدث بعد ما صارت‬ ‫ِ‬
‫النيب ﷺ‪" :‬لقد كان يؤتى ابلرجل من َمن كان قبلكم"‪ ،‬خبّ ٌ‬ ‫وقال لو ّ‬
‫البخاري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا‪ ،‬كًل اغبديثٌن يف‬
‫البخاري ً‬
‫ّ‬ ‫الفتوحات‪ ،‬وجاء اػبًن والرخاء ورب ّققت الوعود‪ ،‬ىذا يف‬
‫اّلل"‪،‬‬
‫اّلل فوقع أجران على ّ‬
‫اّلل‪ ،‬نبتغي وجو ّ‬‫قال خبّاب‪" :‬خرجنا من م ّكة للمدينة‪ ،‬وىاجران يف سبيل ّ‬
‫ت لو َشبََرتُوُ‪ ،‬فَهو يَ ْه ِدبُ َها " أي‪ :‬يقطفها وهبنيها‪ ،‬واؼبقصود ابلثمرة ىنا‪ :‬النصر‪،‬‬
‫قال‪" :‬فمنّا َمن أيْنَ َع ْ‬
‫مات ومل أي ُكل من أج ِرهِ شيئًا" ‪-‬ىكذا قال‪ ،-‬منهم‪ :‬مصعب بن‬ ‫والفتح الدنيوي‪ ،‬والغنائم‪" .‬ومنّا من َ‬
‫مثاال على من مات ومل أيكل من أجره‬ ‫عمًن‪ ،‬وذُكِر أنّو حٌن قتل مل هبدوا لو ما يغطي بدنو‪ ،‬فكان ً‬
‫شيء يف الرتاب‪ ،‬وما حّت وجدوا لو شيئًا يغطّى فيو‬ ‫شيئا‪ ،‬مصعب بن عمًن عمل وعمل‪ ،‬وآخر ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫لكن مرحلة الفوز والنعيم والعاقبة لديو‪.‬‬
‫وانتهى‪ ،‬ىذه ىي الصورة الظاىرة‪ ،‬و ّ‬
‫اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬فإذا ما‬
‫فهذه الفكرة وىذه القضية إعادة تعريفها‪ ،‬أنّو أان أعمل ابتغاء وجو ّ‬
‫كل ما يبكن أن ُوب ّقق ليس شرطًا‪ ،‬ولذلك الثمرة ليست شرطًا للعمل‪ ،‬وإن كان العمل شرطًا‬ ‫ربققت؟ ّ‬
‫جدا‪ ،‬الثمرة ليست شرطًا للعمل‪ ،‬وإن كان العمل شرطًا‬ ‫للثمرة‪ ،‬ىذه خًلصة القاعدة‪ ،‬وىي مهمةٌ ً‬
‫لكن العمل ال يتوقّف على اشرتاط الثمرة‪.‬‬ ‫للثمرة‪ ،‬فًل يوجد شبرةٌ بدون ٍ‬
‫عمل‪ ،‬و ّ‬

‫ٕٔ‬
‫إذًا ىذه النقطة األوىل يف الوقاية من سؤال اعبدوى والثمرة‪ ،‬ىذه اآلن النقطة األوىل يف الوقاية من‬
‫إشكاليّة سؤال جدوى الثمرة‪.‬‬

‫‪ ‬الندقط‪ :‬الثاني‪ :‬ةعرف‪ :‬خارط‪ :‬ادلشكالت‪.‬‬


‫النقطة الثانية يف الوقاية من إشكاليّة سؤال اعبدوى والثمرة‪ :‬معرفة خارطة اؼبشكًلت‪ ،‬واترىبها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫صحيحة للحلول‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫تؤدي إىل قراءةٍ غًن‬
‫ومقدار أتثًنىا‪ ،‬وعدم اختزال الواقع بنظرةٍ تسطيحيّةّ ّ‬
‫ىناك كثًنٌ من الناس اعبيّدين يبدأ االىتمام والعمل‪ ،‬مثّ يبدأ ابلعطاء‪ ،‬وىو يعتقد أ ّن مشكًلت الواقع‬
‫أانس أخًلقهم ليست حسنة‪،‬‬ ‫بسيطة‪ ،‬فغاية ما يف اؼبوضوع أنّو ىناك َمن يشربون اػبمر‪ ،‬أو ىناك ٌ‬
‫نغًن الواقع وتشرق الشمس‬
‫شباب ال يصلّون‪ ،‬فهيّا ّ‬
‫صحيحا‪ ،‬وىناك ٌ‬ ‫ً‬ ‫حجااب‬
‫ً‬ ‫بنات ال يلبسون‬
‫وىناك ٌ‬
‫على الدنيا ويزول الظًلم‪.‬‬
‫جدا‪ ،‬من ىذه الصور‬ ‫جدا‪ً ،‬‬
‫جدا‪ً ،‬‬‫لكن اؼبوضوع ليس كذلك‪ ،‬اؼبشكًلت يف الواقع أعقد بكث ًٍن ً‬
‫الب ّأدت إىل خروج ىذه اؼبشكًلت‪ ،‬ىذا‬‫ظروف وقو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫اػبارجيّة اليت تعتقد ّأّنا ىي اؼبشكًلت‪ ،‬فهناك‬
‫الذي خرج‪ ،‬ىذا الذي رأيتو‪ ،‬ىذا الذي تعرف أنّو مشكلة‪ ،‬ىناك أشياءٌ خرجت وأنت ال تعرف ّإّنا‬
‫جدا‪ ،‬وىناك أشياءٌ موجودة‪ ،‬لكنّها مل تظهر على السطح‪ ،‬أتيت‬‫أصًل لكنها موجودةٌ وكثًنةٌ ً‬
‫مشكلةٌ ً‬
‫جذور يف األرض‪ ،‬ىي أعمق بكث ًٍن‬
‫خارجي‪ ،‬أو أزمةٌ زبرجها‪ ،‬وىناك كثًنٌ من ىذه األمور ؽبا ٌ‬
‫ّ‬ ‫ظرف‬
‫ٌ‬
‫من أضعاف‪ ،‬كما يُقال‪ :‬رأس اعببل الظاىر فقط‪.‬‬
‫حلوال ؽبذه اؼبشكًلت‪،‬‬
‫فمشكلة قراءة الواقع قراء ًة اختزاليةً‪ ،‬وقراء ًة تسطيحيّة‪ ،‬أن يق ّدم اإلنسان ً‬
‫األمة‬
‫اّلل ّ‬
‫اؽبمة‪ ،‬وإن شاء ّ‬
‫حلول ستقضي على اؼبشكًلت‪ ،‬وأنّو كبن كبتاج شيئًا من ّ‬ ‫ويعتقد ّأّنا ٌ‬
‫اإلسًلميّة ستنتصر‪ ،‬ال‪.‬‬
‫تؤدي إىل اإلحباط واليأس والقنوط وما إىل ذلك ىو أنك مل تقرأ‬ ‫واحدة من اإلشكاالت اليت ّ‬
‫جدا‪ ،‬ولذلك كلّما كنّا على ٍ‬
‫معرفة‬ ‫شديدا ً‬
‫أصًل‪ ،‬واختزلتها اختز ًاال ً‬ ‫مشكًلت الواقع قراء ًة صحيحةً ً‬
‫وتنوع أبواهبا‪ ،‬وكثرة منافذىا‪ ،‬وامتداد جذورىا واترىبها اؼبؤثّر يف‬
‫دبشكًلت الواقع‪ ،‬وتع ّقدىا وتشابكها ّ‬

‫ٖٔ‬
‫خروجها اؼبفروض؛ اؼبفرتض أن أدرك أنّين ال أستعجل الثمرة‪ ،‬وال أختزل اغبلول‪ ،‬وال أقدم الواقع على‬
‫أبدا‪.‬‬
‫تنحل؟ ال ً‬
‫قليًل‪ ،‬وصراحة ّ‬ ‫ط‪ ،‬وأنّو اعمل أنت فقط ً‬ ‫اقع بسي ٌ‬
‫أنّو و ٌ‬
‫جدا وتقول‪ :‬فبتاز‪ ،‬أان‬
‫نفسا عمي ًقا ً‬ ‫ٍ‬
‫اّلل‪ -‬تتح ّقق بعد ىذا‪ ،‬ىو أن أتخذ ً‬
‫فأول قناعة ‪-‬إن شاء ّ‬‫ّ‬
‫شيء من اؼبشكًلت‪،‬‬ ‫مادام ىذا الواقع كذلك فأان انتهى دوري ىنا‪ ،‬أي‪ :‬أان علي أن أُس ِهم يف حل ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اّلل‪ -‬يدير العجلة إىل األمام‪ ،‬وحبسب قدرة اإلنسان‪ ،‬وحبسب موقعو‪.‬‬
‫ولعلّو ‪-‬إن شاء ّ‬
‫قد أييت إنسان لديو من القدرة واإلمكان‪ ،‬والوعي والفهم والعلم‪ ،‬والتأثًن ما يبكنو أن يغطّي‬
‫مساحةً أوسع من مشكًلت الواقع‪ ،‬وحبسب إمكاانت اإلنسان وىذا سيأيت اغبديث عنو ‪-‬إن شاء‬
‫مضاد للتحطيم‪ ،‬مضاد لإلحباط‪،‬‬
‫أبدا ابلعكس‪ ،‬ىذا ّ‬ ‫ربطيما ً‬
‫اّلل‪ ،-‬لكن ىذه فقط إشارة‪ ،‬فهذا ليس ً‬ ‫ّ‬
‫جدا‪ ،‬وإن بدا يف صورتو ؿبطّ ًما‪.‬‬
‫مهم ً‬
‫ىذا شيءٌ ّّ‬
‫‪ ‬الندقط‪ :‬الثالث‪::‬‬
‫احلل والثمرة‪،‬‬
‫ةسهم يف ّ‬
‫ٌ‬ ‫النقطة الثالثة ‪-‬وىي مبنيّة على النقطة الثانية‪ -‬ىي‪ :‬ضرورة إدراك أنّك‬
‫ادلتفرد بصناعتها وتدقمميها‪ ،‬وىذا أشرت لو يف النقطة السابقة‪ ،‬ولكنّو ىنا نقطةٌ مستقلّةٌ‪ ،‬فأان‬
‫ولست ّ‬
‫غاية ما سأقدمو أنّين مس ِهم‪ ،‬مّت ما عرفت نفسي أنّين اؼبصلح الشمويل الذي سيغًن كل ٍ‬
‫شيء‪،‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ّ‬
‫سأكتشف بعد م ّدةٍ أنّين أعطيت نفسي أكّب ِمن ما يبكن أن أق ّدم‪.‬‬
‫التخصص‪ ،‬وينبين عليو قضيّة اؼبشاريع‪ ،‬وينبين عليو قضيّة التكامل فيما بيننا‬
‫ّ‬ ‫وينبين على ىذا قضيّة‬
‫كنت مسه ًما ستحتاج القضيّة إىل مسهمٌن آخرين‪،‬‬ ‫كعاملٌن‪ ،‬ومصلحٌن‪ .‬فأان أعلم أنّين مسه ٌم‪ ،‬وإذا َ‬
‫وإال لن تكتمل الصورة‪ ،‬وىذا ُوب ِدث حالةً من ا﵀بّة‪ ،‬ومن التعاون بٌن العاملٌن؛ ألنّك تدرك أنّك‬ ‫ّ‬
‫مسه ّم‪ ،‬وأنّك ربتاج إىل اآلخرين؛ حّت يرفعوا معك ىذه الصخرة اليت أغلقت الغار‪.‬‬

‫‪ ‬الندقط‪ :‬الرابع‪::‬‬
‫مرةٌ‬
‫جدا‪- ،‬وىذه ّ‬ ‫مهمةٌ ً‬
‫‪-‬وىذا تقريبًا ذكرانه أمس مع الشباب‪ ،‬كان يف درس‪ ،-‬ىذه نقطةٌ عمليّةٌ ّ‬
‫جدا وعمليِّا‪،‬‬
‫مهمةٌ ً‬
‫معي يف ىذا‪ ،‬بعض النقاط وىذه نقطةٌ ّ‬ ‫اثنيةٌ‪ ،-‬وأان الثالث أقول لكم رّكزوا َ‬

‫ٗٔ‬
‫كررهتا عليكم يف ا﵀اضرات القادمة‪ ،‬إذ أان عندي شيء من فوبيا التكرار‪،‬‬
‫وليست مشكلةً‪ ،‬حّت لو ّ‬
‫النيب‬
‫يتكرر‪ ،‬وكان ّ‬ ‫اؼبرة اؼباضية‪ ،‬ليس ىناك مشكلة‪ ،‬مه ٌم أن ّ‬
‫إين أقول شيئًا يف ّ‬
‫نفور زائ ٌد ّ‬
‫أحياان عندي ٌ‬
‫ً‬
‫فهم عنو‪.‬‬
‫ﷺ يعيد الكلمة ثًل ًاث لتُ َ‬
‫األمة‬
‫جدا إلدراك الثغور الكّبى اؼبؤثّرة يف خارطة مشكًلت ّ‬ ‫جدا ً‬‫ضروري ً‬
‫ٌ‬ ‫احتياج‬
‫ٌ‬ ‫ىناك‬
‫اإلسًلميّة‪ ،‬والثغور الصغرى اليت أعمل عليها أان‪ ،‬وأتعامل معها‪ ،‬وأنت تعمل عليها‪ ،‬والثالث والرابع‪،‬‬
‫عمل عليو‪.‬‬
‫وإقامة اعبسور بٌن الثغر الصغًن‪ ،‬وبٌن الثغور الكّبى اليت يُ َ‬
‫أيضا ذكرت ىذا اؼبثال‪ ،-‬السبب ثغر اؼبشكًلت الفكريّة والعقديّة اليت تواجو اعبيل‬ ‫مثال ‪-‬وأمس ً‬
‫ثغر كبًنٌ‪ ،‬أليس كذلك؟ إغباد‪ ،‬علمانيّة ليّباليّة‪ ،‬نسويّة‪ ،‬شذوذٌ من الناحية الفكريّة‪ … ،‬إىل‬
‫والشباب ٌ‬
‫جدا‪ :‬مواقع‪ ،‬شخصيات‪،‬‬ ‫صور كثًنةٌ ً‬‫جدا‪ ،‬وؼبا أتيت لتفتّتو‪ ،‬ما ىي صوره؟ ال تنتهي‪ٌ ،‬‬
‫آخره والثغر كبًن ً‬
‫جدا‪ ،‬ىذا ابعتبار‪ ،‬وابعتبا ٍر آخر دبقدار اؼبتأثّرين‪،‬‬
‫كتب‪ ،‬رموز‪ ،‬ؿباضن‪ … ،‬إىل آخره أشياءٌ كثًنةٌ ً‬
‫قسم فما تنتهي‪.‬‬
‫وابعتبار تُ ّ‬
‫الرد على الشبهات اإلغباديّة‪ ،‬حسنًا؟ فبتاز هللا هبزيك اػبًن‪ ،‬عندما‬
‫كتب يف ّ‬‫أان أريد أتليف طبسة ٍ‬
‫األمة اإلسًلميّة‪،‬‬
‫أحرر ّ‬
‫جالسا ّ‬
‫آيت أان أؤلّف ىذه الكتب‪ ،‬أان هبب أن أفهم أين أعمل أان؟ أان لست ً‬
‫جدا‪.‬‬
‫ثغور كّبى كثًنةٌ ً‬
‫األمة اإلسًلميّة فيها ٌ‬
‫و ّ‬
‫واحدةٌ ِمن ىذه الثغور الكّبى‪ :‬اإلشكاالت الفكريّة العقديّة اليت أحدىا اإلغباد‪ ،‬فأان أعمل يف‬
‫التحدايت الفكريّة‬
‫ّ‬ ‫ثغ ٍر صغ ًٍن يف معاعبة مشكلة اإلغباد اليت تنتمي إىل الثغر الكبًن‪ ،‬الذي ىو‬
‫والعقديّة‪ ،‬وطبيعة معاعبيت ؽبا ليس يف القضاء على مشكلة اإلغباد‪ ،‬وإّمبا توفًن مادةٍ مرجعيّ ٍة يبكن‬
‫االستفادة منها يف ىذا الباب‪ ،‬رائع ال تع ّدل وال تنقص؟ نفس الكتب اليت كنت ستألفها قبل ىذا‬
‫التصور‪ ،‬لكن الفرق ىو أنّك تدرك أين موقع عملك؟‬ ‫التصور ىي نفسها اليت ستألّفها بعد ىذا ّ‬‫ّ‬
‫وكيف زبدم اإلسًلم؟ وإىل أين يوصل ىذا العمل؟ فضرورة الربط الدائم بٌن الثغر الصغًن‪ ،‬والثغر‬
‫الكبًن‪.‬‬

‫٘ٔ‬
‫مثاال دبعلّم ربفيظ القرآن‪ ،‬فمعلّم ربفيظ القرآن قد يسأل السؤال‪ :‬ىل ىناك‬ ‫أيضا ضربت ً‬
‫أان ً‬
‫جدوى من اشتغايل بتحفيظ القرآن‪ ،‬وكل ىذه اؼبشاكل موجودة وربدث يف واقع اؼبسلمٌن؟ ىل أان‬
‫تصورك لعملك‪ ،‬وما يؤثّره على‬ ‫أين أخدع نفسي؟ فأان كان جوايب أنّو حبسب ّ‬ ‫حقيقي أم ّ‬ ‫على ٍ‬
‫أساس‬
‫ّ‬
‫طبيعة عملك‪ ،‬سيكون اعبواب إما نعم أو ال‪ ،‬وذلك كما يلي‪ :‬إذا كنت تعتقد أ ّن غاية ما تق ّدمو ىو‬
‫الطًلب؛ ليظهروا على مثل‬ ‫يتخرج عندك ؾبموعةٌ من ّ‬ ‫ٍ‬
‫ربفيظ القرآن‪ ،‬وأ ّن أقصى شبرة رب ّققها ىي إن ّ‬
‫عمل‬
‫اؼبنصة يف ّناية العام‪ ،‬ويكرمك حفظة كتاب هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬فأان أقول لك ىذا ٌ‬ ‫ىذه ّ‬
‫صاحلٌ وخًن‪ .‬لكن كمعاعبة مشروع رسالة ػبدمة اإلسًلم واؼبسلمٌن ومعاعبة الثغور‪ ،‬فرأيي الشخصي‪:‬‬
‫ال‪ .‬مّت ميكن أن يكون على ثغ ٍر حدقيدقي؟ إذا كان كما يلي‬
‫طًلبو وغرس فيهم أ ّن حفظ القرآن وسيلةٌ وليس غاية‪ ،‬فهذه نقطة رقم‬ ‫إذا اقتنع ىو ّأوًال‪ ،‬مثّ أقنع ّ‬
‫واحد‪ ،‬وأنّو إذا كان الغاية النهائيّة اليت تريد أن تصل إليها ىو أن ربفظ القرآن‪ ،‬فا﵁ يتقبّل‪ ،‬ولكن‬
‫كل العلوم الشرعيّة‬
‫ترى ىذه الغاية ليست ىي الغاية اغبقيقيّة ىذه وسيلة‪ ،‬بل ليس فقط القرآن‪ ،‬وإمبا ّ‬
‫ىي وسيلة وكلّها وسيلة‪ ،‬ليست غاية‪ ،‬فإذا غرست يف طالبك أ ّن حفظ القرآن ىو وسيلةٌ وليس غايةً‪،‬‬
‫ٍ‬
‫غاايت معيّ ٍنة‪ ،‬وىي‪:‬‬ ‫وأ ّن ىذه الوسيلة رب ّقق‬
‫ٔ) تعظيم كتاب هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬وأن يكون لو ىيبةٌ يف النفس‪ ،‬وسطوة على القلب‬
‫والضمًن‪.‬‬
‫التبصر دبعامل اإلسًلم الكّبى …وإىل آخره‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عملي لك يف ّ‬ ‫استمداد ٍّ‬ ‫مصدر‬
‫َ‬ ‫ٕ) أن يكون‬
‫ٖ) أن تكون من أىل القيام بو يف الليل‪ ،‬أو يف النهار‪ ،‬من أىل القيام بو يف الصًلة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل عام‪.‬‬ ‫ٗ) أن تكون من أىل العمل بو‬
‫٘) أن يكون وسيلةً للتف ّقو يف ىذا الكتاب بعد ذلك‪ ،‬أي‪ :‬ؼبا سبتلك أدوات التف ّقو‪ ،‬وىذا التفقو‬
‫تعليم …إىل آخره‪.‬‬‫الذي يف بطنو ٌ‬
‫فعًل على‬
‫فالغاايت كثًنة وليس ابلضرورة أن تتح ّقق كلّها‪ ،‬لكن حٌن تُغرس مثل ىذه اؼبعاين فأان ً‬
‫ثغ ٍر‪ ،‬وأان أُخرج ّ‬
‫لألمة اإلسًلميّة حفظةً لكتاب هللا يعظّمون ىذا الكتاب‪ ،‬ويعتّبون تعظيمو غاية‪،‬‬
‫ويفعلونو كمرجعيّة‪ ،‬ويقومون بو‪ ،‬ويعملون بو‪ ،‬ويعلّمونو‪ ،‬وينشرونو‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ٔٙ‬‬
‫فعًل‬
‫كل ىذه الغاايت‪- ،‬لكن ىنا‪ -‬يبكن أن نقول أنّو ً‬ ‫طبعا كما قلت ليس ابلضرورة رب ّقق ّ‬ ‫ً‬
‫اإلنسان مّت وب ّقق ىذا الشيء؟ يتح ّقق ىذا الشيء حٌن ربدث ىذه النقطة‪ .‬أن أدرك أين الثغر‬
‫فعًل أان أعمل على ثغر؟ إذا تصورت أ ّن ىناك ّبواابت كّبى‬ ‫الذي أعمل فيو؟ ومّت أقول أنّو ً‬
‫للمشكًلت أو للثغور‪ ،‬وأ ّن ىذا اؼبشروع الذي أعمل فيو ىو موصل للحل يف ٍ‬
‫شيء من األشياء‪،‬‬ ‫ٌ ّ‬
‫موصًل إىل حلول‪ ،‬ولكن وجود َضبَ ٍلة لكتاب هللا ﷻ من أىل القرآن‬
‫ً‬ ‫ؾبرد اغبفظ ليس‬
‫وكما تعلمون ّ‬
‫اؼبعظّمٌن لو‪ ،‬القائمٌن بو‪ ،‬اؼبستنًنة وجوىهم بو وقلوهبم بو‪ ،‬ىذا زبريج ٍ‬
‫ألانس وبتاجهم اؼبسلمون‪.‬‬
‫أصًل‬
‫أمًل؟" واؼبادة ىي ً‬
‫مادة "كيف نكون ً‬ ‫جدا من ّ‬ ‫جدا ً‬‫عموما ىذه بعض النقاط‪ ،‬وىي ـبتصرةٌ ً‬ ‫ً‬
‫تتكلّم يف ىذه النقطة‪ ،‬يف قضيّة الثغور‪ ،‬وكيف وب ّدد اإلنسان الدرجة؟ وما إىل ذلك‪ ،‬لكن ىذه فقط‬
‫اؼبادة عن التزكية‪ ،‬فنحتاج توصيل العًلئق‬
‫اؼبادة عن التزكية‪ ،‬وأل ّن ّ‬
‫إشارةٌ سريعةٌ‪ ،‬الحظ اآلن أ ّن ىذه ّ‬
‫قليًل‪ ،‬كبن عندما تكلّمنا عن التزكية كمركزيّة‪ ،‬وأنبيتها ووسائلها ومعاؼبها و‪...‬إىل آخره‪ ،‬مثّ تكلّمنا عن‬
‫ً‬
‫شبهات‬
‫ٌ‬ ‫العوائق اليت تقطع طريق التزكية‪ ،‬وقلنا أحد ىذه العوائق ىو الشبهات‪ ،‬وأحد ىذه الشبهات‬
‫منهجيّة‪ ،‬وأحد ىذه الشبهات اؼبنهجيّة للمصلحٌن اليوم ىو سؤال اعبدوى والثمرة‪ ،‬فقد يكون ىذا‬
‫قاطعا من قطّاع الطريق الذي تريد الوصول إليو‪ ،‬ولذلك‬ ‫قاطعا لك يف الطريق‪ً ،‬‬ ‫السؤال بطبيعتو ىذه ً‬
‫اعبواب عن مثل ىذا اإلشكال ىو من اؼبعينات يف قضيّة التزكية‪.‬‬
‫شبهات كثًنةٌ يف قضيّة‬
‫ٌ‬ ‫جدا على عنوان الشبهات‪ ،‬بقيت‬
‫جدا ً‬
‫ـبتزٌل ً‬
‫مرور َ‬
‫دعوان نعتّب أ ّن ىذا ٌ‬
‫لكل‪ ،‬القسم اآلخر من عوائق التزكية ما ىو؟‬
‫نستدل ابعبزء على ا ّ‬
‫ّ‬ ‫عًلقتها ابلتزكية‪ ،‬لكن دعوان‬
‫الشهوات‪.‬‬

‫الشهوات‪:‬‬
‫جدا حٌن نتكلم عن الشهوات أن كبصرىا يف الشهوات‬ ‫سأنبّو ىنا أنّو من األخطاء الكبًنة ً‬
‫الضروري أن نبدأ ابلشهوات القلبية‪ .‬وشهوات القلب ىي األساس اؼبولّد‬ ‫ّ‬ ‫اعبسديّة‪ ،‬ألنّو من‬
‫اضا‪ ،‬أو أمراض القلوب‪ ،‬وذكرىا‬
‫لًلكبرافات يف اعبسد‪ ،‬وقد ظبّاىا هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يف كتابو أمر ً‬
‫يف مواضع كثًنة‪،‬‬

‫‪ٔٚ‬‬
‫وىي تندقسم إىل قسمني أمراض قلوب من انحية الشبهات وأمراض قلوب من انحية الشهوات‪.‬‬

‫من اآلايت القرآنية اليت ذُكر فيها (مرض القلب) واؼبقصود بو مرض القلب من انحية الشبهات‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب‬ ‫ضا﴾ يف سياق اؼبنافقٌن‪ ،‬وقولو ﷻ‪﴿ :‬أ َْم َحس َ‬ ‫اّللُ َمَر ً‬
‫ض فَ َز َاد ُى ُم َّ‬ ‫قولو تعاىل ﷻ‪ِ﴿ :‬يف قُلُوهب ْم َمَر ٌ‬
‫ٰت‬ ‫ك ٱلْ ِك ٰتَ ِ‬ ‫اّلل أَضغَانَهم﴾‪﴿ ،‬ىو ٱلَّ ِ‬ ‫َ‬ ‫الَّ ِذين ِيف قُلُوهبِِ‬
‫ب مْنوُ ءَايَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬‫َنز‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ى‬
‫ٓ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِج‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ىب‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ض‬
‫ٌ‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ين ِِف قُلُوهبِِ ْم َزيْ ٌغ فَيَ تَّبِعُو َن َما تَ َٰشبَوَ ِمْنوُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْ ِفْت نَ ِة‬ ‫َّ ِ‬
‫ت فَأ ََّما ٱلذ َ‬ ‫ُخُر ُمتَ َٰشبِ َٰه ٌ‬‫ب َوأ َ‬ ‫ت ُى َّن أ ُُّم ٱلْ ِك ٰتَ ِ‬‫ُّْؿب َك َٰم ٌ‬
‫مثال دقيق جدا‪ ،‬ألنّو جاء يف سياق شبهات مع وجود شهوة وىوى‪﴿ ،‬أَِيف‬ ‫َوٱبْتِغَآءَ َأتْ ِويلِ ٍو﴾‪ ،‬وىو ٌ‬
‫يوضح لنا أ ّن اؼبقصود ابلشبهات ليس الشبهات اؼبعرفية‪ ،‬كأن‬ ‫ض أَِم ْارَاتبُوا﴾‪ ،‬وىذا السياق ّ‬ ‫ِِ‬
‫قُلُوهب ْم َمَر ٌ‬
‫اض متعلقة أبصل اإليبان وىو الريب‪ ،‬الشك والنفاق‪.‬‬ ‫كتااب معيّ نًا‪ ،‬بل القصد ىي أمر ٌ‬ ‫يقرأ ً‬
‫ض ْع َن ِابلْ َق ْوِل‬ ‫الشهوات‪ ،‬قولو تعاىل ﷻ‪﴿ :‬فَ ًَل َىبْ َ‬ ‫و ّأما اؼبواضع اليت ذُكر مرض القلب وقُصد بو ّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫ين ِيف قُلُوهب ْم َمَر ٌ‬ ‫ض﴾‪ ،‬وأيضا يف نفس السورة‪﴿ :‬لَئ ْن َملْ يَْن تَو اؼبُنَاف ُقو َن َوالذ َ‬ ‫فَيَطْ َم َع الذي ِيف قَ ْلبِو َمَر ٌ‬
‫َّك هبِِ ْم﴾‪ ،‬أل ّن اآلية اليت قبلها ىي آية اغبجاب‪ .‬حسنًا إذن‪ ،‬فالقرآن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالْ ُمْرج ُفو َن ِيف اؼبدينَ ِة لَنُ ْغ ِريَن َ‬
‫َ‬
‫الريب والشك والنفاق ‪-‬وأغلب‬ ‫اضا للقلوب‪ ،‬وىذه األمراض شيء منها راجع إىل ّ‬ ‫يثبت أن ىناك أمر ً‬
‫ما أييت من أمراض القلوب يف مثل ىذا السياق ىو األمراض اؼبتعلقة ابلنفاق‪.‬‬
‫جدا هبب إعادة االىتمام بو إىل الدرجة العليا‪ ،‬ألنّو ال يُذكر يف‬
‫والنفاق يف القرآن مبحث عظيم ً‬
‫صورا من‬
‫القرآن أبنو ؾبرد إبطان الكفر وإظهار اإليبان‪ ،‬بل يذكر هللا سبحانو وتعاىل ﷻ على اؼبنافقٌن ً‬
‫الشعيب (على قفا من‬ ‫تدل على نفاقهم‪ ،‬وىذه األعمال نراىا اليوم يف الواقع كما يقول اؼبثل ّ‬ ‫األعمال ّ‬
‫يشيل)‪ ،‬أي أّنا كثًنةٌ ج ّدا‪.‬‬
‫فمن صور النفاق اليت يذكرىا هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يف القرآن‪ ،‬واليت ذبدىا يف الواقع كثًنة قول‬
‫ى أ َۡولِيآ َۘء ب ۡعضه ۡم أ َۡولِيآء ب ۡع ۚ‬ ‫ِ ۡ‬ ‫َّ ِ‬
‫ض‬ ‫ين ءَ َامنُواْ َ ۡال تَتَّخ ُذواْ َ ُ َ َ َ َ ٰٓ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫ٰر‬‫َّص‬‫ن‬‫ٱل‬‫و‬ ‫ود‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ٱل‬ ‫هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪َٰٓ ﴿ :‬أيَيُّ َها ٱلذ َ‬
‫ٱّلل َال ي ۡه ِدي ٱل َق ۡوم ٱل ٰظَّلِ ِمٌن ۞ فَت رى ٱلَّ ِ‬ ‫َّ ِ ۡ ِ ِ ۡ ۡۗۡ‬
‫ين ِيف قُلُوهبِِم َّمَرض يُ َٰس ِرعُو َن‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ ۡ َۡ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ِ‬‫إ‬ ‫م‬ ‫َوَمن يَتَ َوؽبُم ّمن ُكم فَإنَّوُۥ من ُه‬
‫ٱّلل أَن أيِيت بِٱل َف ۡت ِح أ َۡو أ َۡمر ِم ۡن ِع ِ‬ ‫ِۚ‬ ‫فِي ِه ۡم ي ُقولُو َن َ ۡلب َش ٓى أَن تُ ِ‬
‫ندهِۦ فَيُ ۡصبِ ُحواْ َعلَ ٰى َمآ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ َ ََ ُ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ى‬ ‫س‬ ‫ع‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ر‬ ‫ئ‬ ‫ا‬
‫ٓ‬ ‫د‬ ‫ا‬‫ن‬
‫َ‬ ‫يب‬ ‫ص‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬
‫ۡۚ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ٱّللِ َج ۡه َد أَيبَٰنِ ِه ۡم إِنَّ ُه ۡم لَ َم َع ُكم‬
‫ين أَق َس ُمواْ بِ َّ‬
‫َ‬
‫ول ٱلَّ ِذين ءامن واْ أ َٰٓىؤَالٓ ِء ٱلَّ ِ‬
‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٓ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫َ‬‫ي‬‫و‬‫َ‬ ‫۞‬ ‫ٌن‬
‫َ‬ ‫م‬‫أَسُّرواْ ِيف أَن ُف ِس ِه ۡم نَٰ ِد ِ‬
‫َ ٓ‬
‫‪ٔٛ‬‬
‫ۡ‬ ‫َصبحواْ ٰخ ِس ِرين ۞ ٰٓأيَيُّها ٱلَّ ِذين ءامنواْ من ي ۡرت َّد ِمن ُك ۡم عن ِدينِ ِوۦ فس ۡ‬ ‫حبِط ۡت أ َۡع ٰمله ۡم فأ ۡ‬
‫ٱّلل‬ ‫ِ‬
‫ف َأييت َُّ‬‫و‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ َ َ َ‬ ‫َ ُُ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ۡ ِِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ۡ ِ ۡ ِ‬
‫ٌن﴾‪ ،‬إىل آخر اآلايت‪.‬‬ ‫بَِقوم ُوببُّ ُهم َوُوببُّونَٓوُۥ أَذلَّة َعلَى ٱل ُمؤمن َ‬
‫أي أنو عرض ضعف اؼبنافق وميلو إىل القوي وإىل أعداء هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬وطعنو يف‬
‫اؼبؤمنٌن والتشكيك فيهم ويف مسًنهتم وؿباولة إسقاطهم‪ .‬فهذا كلو من صور النفاق اؼبوجودة يف‬
‫الواقع‪ ،‬واليت يعرضها القرآن بشكل مكثف‪.‬‬
‫كان ابن عباس يقول عن سورة التوبة ‪-‬اليت ظبيت الفاضحة‪ -‬أّنا ما زالت تنزل "ومنهم‪ ،‬ومنهم‪،‬‬
‫ومنهم" يف سورة التوبة‪ .‬فالنفاق من أمراض القلوب اليت هبب االنتباه إليها وهبب إبرازىا حّت تكون‬
‫مكشوفة وواضحةً ويُعلم ّأّنا من أمراض القلوب‪.‬‬
‫قلنا أنو من اػبطأ عند اغبديث عن الشهوات أن ُربصر يف اعبسدية‪ ،‬وإمبا هبب اغبديث عن‬
‫ت‬
‫صلَ َح ْ‬ ‫اعبَ َس ِد ُم ْ‬
‫ضغَةً إ َذا َ‬ ‫إن ِيف ْ‬
‫الشهوات القلبية‪ ،‬واليت ىي األساس اؼبولّد للشهوات اعبسدية " َأال َو َّ‬
‫ب"‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ي‬‫ى‬‫صلَح اعبس ُد ُكلَّو وإ َذا فَس َدت فَس َد اعبس ُد ُكلَّو َأال وِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ََ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ‬
‫ما ىي الشهوات القلبية؟ الكّب‪ ،‬الرايء‪ ،‬حب اعباه والوصولية‪ ،‬اغبسد‪... ،‬إىل آخره‪.‬‬
‫ّأما الشهوات اعبسدية فهي معلومة وىي الشهوات اؼبتعلقة ابلعًلقة ابعبنس اآلخر‪ ،‬وشهوات‬
‫النظر‪ ،‬وإطًلق البصر‪ .‬فهذان النوعان من الشهوات من أعظم ما يعوق اإلنسان عن التزكية‪ ،‬والعًلقة‬
‫بٌن أتثًن ىذه الشهوات على التزكية سواء من جهتها القلبية أو اعبسدية عًلقة واضحة‪.‬‬
‫بطبيعة اغبال‪ ،‬ال يبكن أن نستعرض أمراض أو شهوات القلب واحد ًة واحدة‪ ،‬ونتكلّم عنها وعن‬
‫جدا‪.‬‬ ‫عًلجها يف مثل ىذا اللقاء‪ ،‬ألن كل و ٍ‬
‫احد منها وبتاج لقاءً‪ .‬لكنّنا سنذكر معامل سريعة وـبتصرة ً‬ ‫ّ‬
‫ةعامل حول الشهوات‬

‫‪ ‬ادلعلم األول‪:‬‬
‫كثًنا من اؼبشكًلت والتحدايت اليت‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫وىو‬ ‫اقع‪.‬‬‫و‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫أول معلٍَم سيكون كاش ًفا عن ٍ‬
‫شيء‬
‫ً‬ ‫َْ‬
‫ربدث للمصلحٌن وبٌن اؼبصلحٌن أتخذ يف صورهتا الظاىرة عناوين كثًنة منها عناوين فكرية ومنها‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫عناوين منهجية ويف كثًن منها ذبد أن عناوينها اغبقيقية ىي عناوين قلبية داخلية‪ّ .‬إما من اغبسد أو‬
‫الكّب اؼبتمثّل يف رد اغبق أو من غًن ذلك‪.‬‬
‫يتم االىتمام برصد الواقع من ىذه الناحية وإهباد اغبلول‪ .‬وخبصوص‬
‫ولذلك فإنّو من الضروري أن ّ‬
‫احدا منها عن أثر‬
‫مطلواب يف ال ّدفعة اؼباضية ثًلثة عناوين إلزامية للبحث‪ ،‬وكان و ً‬
‫ً‬ ‫ىذا‪ ،‬أذكر أنو كان‬
‫ضعف التزكية على اػبًلفات بٌن العاملٌن يف الوسط اإلسًلمي‪ .‬لذلك فإ ّن ؾبرد طرح اؼبوضوع‬
‫واالىتمام بو ىو خطوة يف طريق التخفيف من آاثره‪.‬‬

‫‪ ‬ادلعلم الثاين‪:‬‬
‫نسميو مبعلم ثالثي‪ :‬ادلعرف‪ ::‬معرفة ّ‬
‫الرب‬ ‫ىبص سبيل الوقاي‪ :‬ةن الشهوات الدقلبي‪ :‬ويبكن أن ّ‬
‫ّ‬
‫ومعرفة النفس معرفة اػبلق‪.‬‬
‫ىذه الثًلثية العجيبة‪ ،‬تبدو كأّنا مروحة سريعة تدور تنُهي وتطرد وتُبعد األمراض القلبية عن‬
‫آاثر واضحة‪ .‬فكلما ربققت معرفة الرب يف‬‫اإلنسان‪ ،‬وينبغي عدم االستهانة هبا ألن ؽبا –عمليّا‪ً -‬‬
‫لئًل تؤثر فيو أو تدخل عليو‬
‫أتىل اإلنسان ّ‬
‫القلب‪ ،‬ومعرفة النفس يف القلب‪ ،‬ومعرفة اػبلق يف القلب‪ّ ،‬‬
‫الشهوات القلبية‪.‬‬

‫‪ ‬سبل الدقضاء على الرّيء‬


‫الرّيء كمرض‪ ،‬ةن أعظم أةراض الشهوات الدقلبي‪ ،:‬ال يكون الدقضاء عليو إال هبذه الثالث‪::‬‬
‫‪ )7‬ةعرف‪ :‬الرب سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬من جهة ماذا؟ من جهة أن هللا أعظم من أن أق ّدم لو ً‬
‫عمًل‬
‫قد أشركت معو فيو غًنه‪.‬‬

‫‪ )3‬ةعرف‪ :‬النفس‪ ،‬من جهة أن نفسك ىذه اليت تريد أن تقدمها للناس كاملة صافية‪ ،‬أنت أعلم‬
‫الناس هبا‪ ،‬فلسان حالك يقول‪" :‬اي نفسي دعينا نسرت ما بيين وبينك‪ ،‬فأنت تعلمٌن أن ذنوبك‬
‫ونقصك وتقصًناتك لو خرجت ؼبن ترائٌن ؽبم ؼبا التفتوا إليك"‪.‬‬

‫ٕٓ‬
‫‪ )3‬وأةا ةعرف‪ :‬اخللق‪ ،‬أي أن ىؤالء اػبلق الذين رفعتهم إىل درجة حبيث أنك جعلت نظر هللا‬
‫لعبادتك ونظر الناس وآراءىم يف ك ّفة واحدة‪ ،‬ال يستح ّقون ىذا حّت من الناحية اؼبلموسة ومن انحية‬
‫تضحي بعبادتك‬
‫اؼبكتسبات‪ .‬أي ؼباذا تُرائي النّاس؟ لتنال عندىم حظوة ومكان؟ فهل يستحقون أن ّ‬
‫من أجل ذلك؟ إ ّن أكّب ضرر يبكن أن ينالك يف حياتك ىو من ىؤالء اػبلق أنفسهم‪ .‬فإذا صفقوا‬
‫غدا‪.‬‬
‫لك اليوم‪ ،‬يبكن أن يرصبوك ابغبجارة ً‬
‫إذن‪ ،‬معرفة الرب ومعرفة النفس ومعرفة اػبلق‪ ،‬ىي ثًلثيةٌ طاردةٌ لكثًن من األمراض والشهوات‬
‫ومعينة يف التخ ّفف من آاثرىا وأثقاؽبا‪.‬‬
‫وحب اعباه‪ُ ،‬‬
‫القلبية‪ ،‬ومن ضمنها طبعا العجب والكّب ّ‬
‫ادلعلم الثّالث‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ىو دوام التزكي‪ ،:‬أي أ ّن استحضار معىن االحتياج الدائم إىل التزكية ىو من أعظم اؼبعينات على‬
‫التطهر من كًل الشهوات القلبية اعبسدية‪.‬‬

‫ادلعلم الرابع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫ىو عمم إسدقاط النفس عنم اخلطأ‪ .‬ففي الكًلم عن سياق اؼبصلحٌن‪ ،‬قد وبدث أن يسقط‬
‫اؼبصلح نفسو ألنو وقع يف ٍ‬
‫ذنب ما‪ ،‬قائًلً لنفسو‪" :‬أنت اي من تؤمل اآلمال الكثًنة‪ ،‬وربلم أن ستفعل‬
‫وتفعل بعد عشرة أو طبس عشرة سنة‪ ،‬وأنت اي من ق ّدمك الناس تقع يف ذنب أو تقصًن أو كذا‪".‬‬
‫فإسقاط النفس وإبعادىا عن طريق الصًلح واإلصًلح بسبب الذنوب ىو من حيل الشيطان‪ ،‬أل ّن‬
‫ْب‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّها ٍر َوُزلًَفا ِم َن اللَّْي ِل َّ‬ ‫ِ‬
‫إن اغبَ َسنَات يُ ْذى ْ َ‬ ‫يف الن َ‬
‫الص ًَلةَ طََر َْ‬
‫هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يقول‪َ ﴿ :‬وأق ْم ّ‬
‫ات﴾‪.‬‬‫السيِئ ِ‬
‫َّ َّ‬
‫يد من العمل ال للتوقف من العمل‪ .‬وابؼبناسبة‪،‬‬ ‫زل اإلنسان أو وقع فليكن ىذا دافعا لو ؼبز ٍ‬ ‫فإذا ّ‬
‫ً‬
‫احدا من مك ّفرات الذنوب ىو األمر ابؼبعروف والنهي عن اؼبنكر‪ ،‬الذي ىو ربت عنوان‬ ‫فإ ّن و ً‬
‫الر ُج ِل ِيف ْأىلِ ِو َوَمالِِو تُ َك ِّفُرَىا َّ‬
‫الص ًَلةُ‬ ‫اإلصًلح‪ ،‬فقد ورد يف البخاري من حديث النيب ﷺ‪" :‬فِْت نَةُ َّ‬
‫ِ‬
‫َّه ُي َع ِن اؼبْن َك ِر"‪ ،‬أو كما قال عليو الصًلة والسًلم‪ .‬الحظ أ ّن األمر‬ ‫األمُر ِابؼبَْعُروف َوالن ْ‬
‫الص َدقَةُ َو ْ‬
‫َو َّ‬
‫طبعا عن حالة اؼبنافق‪ ،‬الذي أيمر ابؼبعروف‬ ‫مكفر للذنوب‪ ،‬وىذا ىبتلف ً‬ ‫ابؼبعروف والنهي عن اؼبنكر ٌ‬
‫ٕٔ‬
‫وال أيتيو‪ ،‬وينهى عن اؼبنكر وأيتيو‪ّ .‬أما الذي أيمر ابؼبعروف وينهى عن اؼبنكر ويدعو اىل اػبًن‪ ،‬مث‬
‫غلبتو نفسو‪ ،‬وغلبو الشيطان فأسقطو أذنب ووقع وعصا‪ ،‬ال ينبغي أن يسقط نفسو ويبعدىا ويقول‬
‫إنين ال أصلح‪ .‬فهذا من حيل الشيطان اليت يبكن أن تقعد اإلنسان وهبب أن يَُراعى ذلك‪.‬‬

‫ادلعلم اخلاةس‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪‬‬
‫واألخًن يف الوقاي‪ :‬ةن قضي‪ :‬الشهوات دوام االستغفار والتوب‪ :‬واالستبشار هبذه ادلماوة‪ ، :‬يف‬
‫ال ُسْب َحانَوُ َوتعاىل ﷻ‬ ‫ت فَا ْغ ِفْر ِيل فَ َق َ‬ ‫ال َرِّيب أ ْذنَْب ُ‬‫ب َذنْبًا فَ َق َ‬ ‫البخاري قال النيب ﷺ‪َّ " :‬‬
‫أن َعْب ًدا أ ْذنَ َ‬
‫ت فَا ْغ ِفْر ِيل‬ ‫ال َرِّيب أَ ْذنَْب ُ‬‫ب فَ َق َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫مث‬
‫َّ‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الذنْب وأيْخ ُذ بِِو‪َ ،‬غ َفرت لِعب ِ‬
‫د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ‬ ‫ر‬ ‫أن لَو رِّاب ي ْغ ِ‬
‫ف‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫علِم عب ِ‬
‫د‬ ‫َ َ َْ‬
‫ال ُسْب َحانَوُ فَ ْليَ ْع َم ْل َما‬ ‫ت لِ َعْب ِدي َوِيف الثَّالِثَِة قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ب َو َأيْ ُخ ُذ بِو َغ َفْر ُ‬ ‫ِ َّ‬
‫أن لَوُ َرِّاب يَ ْغفُر الذنْ َ‬ ‫ال َعلِ َم َعْب ِدي َّ‬
‫فَ َق َ‬
‫َشاءَ"‪ ،‬وكلمة "فليعمل ما شاء" ‪-‬ليست دبعين فليذنب كماء يشاء‪ -‬بل معناىا أنين سأغفر لو طاؼبا‬
‫أنو يستغفر‪ ،‬ولو عاد واستغفر فسأغفر لو‪ ،‬ولو عاد فاستغفر فسأغفر لو‪.‬‬
‫أيضا ابآلايت األخرى‪ ،‬أنو ال يكون من نيّة اإلنسان عند التوبة واالستغفار أنو‬ ‫مفهوم ً‬
‫ٌ‬ ‫وىذا‬
‫سيعود لل ّذنب‪ .‬ولكن إذا غلبتو نفسو وعاد‪ ،‬مث استغفر واتب يغفر هللا لو‪ ،‬وىكذا‪.‬‬
‫فبا﵁ عليكم أليس آخر إنسان ينبغي أن يُسقط نفسو من الطريق بسبب الذنوب ىو اإلنسان‬
‫السائر اؼبصلح العامل؟ ؼباذا؟ أل ّن ىذه الذنوب برغم ما فيها من الشر‪ ،‬ىي من اػبًن الذي تذخره‬
‫ّ‬
‫لنفسك حّت تذبح ‪-‬الحقا إن شاء هللا‪ -‬صنم الغرور يف نفسك والعُجب‪ ،‬مث حٌن يبلغك هللا‬
‫ٍ‬
‫مقامات عالية‪ ،‬وهبعلك يف مقام الُنصح واإلرشاد والتوجيو وىداية اػبلق مثًلً‪،‬‬ ‫سبحانو وتعاىل ﷻ‬
‫ففي ذاك الوقت تتذكر الذنب وتقول ىذا من فضل ريب‪ ،‬فلو أخذك هللا بذاك الذنب أو أظهره ؼبا‬
‫استمع إليك أحد‪.‬‬
‫انكسارا ّإال إذا أراد اإلنسان أن يكابر‪ ،‬فهذا‬
‫وىذه من فوائد الذنوب أّنا ذبعل يف النفس كسرة و ً‬
‫لكن ىذا من فوائد الذنوب‪،‬‬
‫صر عليو‪ّ .‬‬ ‫شيءٌ آخر‪ .‬والكّب ليس لو دواء إذا كانت إرادة اإلنسان أن يُ ّ‬
‫كبًنا‪ ،‬ومن صبلتو أ ّن ىذه الذنوب ىادمةٌ‬ ‫ٍ‬
‫خًن ً‬‫وىذا يقع ربت عنوان أكّب وىو أن يف وجود الشر ً‬
‫ألصنام التكّب داخل النفس‪.‬‬
‫ٕٕ‬
‫فهذه إذن طبسة أموٍر ٍ‬
‫معينة إبذن هللا على التفاعل مع عائق التزكية من جهة الشهوات‪.‬‬

‫ةؤشرات التزكي‪:‬‬
‫مستقل بعد‬
‫ّ‬ ‫وآخر عنوان أختم بو‪ ،‬وىو آخر عنوان يف سلسلة التزكية؛ اؼبؤشرات‪ .‬وىو عنوا ٌن‬
‫العوائق وال عًلقة لو بو‪.‬‬
‫فاؼبؤشرات إذا ُوِجدت يف اإلنسان فإّنا عًلمةٌ على أنو يسًن يف الطريق الصحيح يف التزكية‪ ،‬فنقول‬
‫دال على أن التزكية تتحقق يف اإلنسان أو ربققت فيو إبذن تعاىل ﷻ‪ .‬وأنتم تعلمون أن‬ ‫أن وجودىا ّّ‬
‫ُ‬
‫التحقق ليس ىو الضمان‪ ،‬ولكنّو عًلمة على الطريق الصحيح‪.‬‬

‫ادلؤشر األول‪:‬‬

‫وىو دوام استحضار ةراقب‪ :‬هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وتذكر المار اآلخرة‪ .‬فهذا من عًلمات‬
‫ظ‬
‫صحة التزكية‪ ،‬أي أن اإلنسان دائم االستحضار‪ .‬وما الذي يعاكس ىذا اؼبؤشر؟ الغفلة‪ .‬وىي لف ٌ‬
‫قرآينّّ واضح‪.‬‬
‫فالذي يكون يف أكثر أحوالو غافًلً عن االستحضار إىل أن أتيت موعظةٌ بعد ثًلثة أسابيع‪ ،‬تذ ّكِره‬
‫غافًل وأييت رمضان ويرتفع‬ ‫قطعا التزكية عنده انقصة‪ .‬وأكثر منو إذا كان يف أكثر العام ً‬ ‫فهذا ً‬
‫االستحضار‪ ،‬مث بعد رمضان مباشرة يعود مرة أخرى ؼبا كان‪ ،‬فهذا مؤشر على نقص التزكية‪.‬‬

‫ادلؤشر الثاين‪:‬‬

‫التدقوى وحماذرة الذنوب وخاص‪ :‬يف اخللوات‪ ،‬وىذا مؤشر من اؼبؤشرات الواضحة على ربقق‬
‫التزكية وصحة التزكية عند اإلنسان‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬أي إذا كنت ال تشرب‬
‫التقوى وؿباذرة الذنوب يف اػبلوات خاصة‪ ،‬وعند معارضة اؽبوى ً‬
‫أساسا‪ ،‬بل وقد تكون لك ذكرى سيئة جدا‪ ،‬مثًل يوم مررت أمام ٍّ‬
‫ؿبل‬ ‫اػبمر‪ ،‬ومل تفكر يف ذلك ً‬

‫ٖٕ‬
‫أمر‬
‫اغبمد ﵁ ىذا ٌ‬
‫تُشرب فيو اػبمور وكانت تنبعث منو رائحةٌ كريهة‪ ،‬فأنت كارهٌ للموضوع كلّو‪ُ .‬‬
‫طيّب‪ ،‬لكنو ليس اؼبقصود ىنا‪.‬‬
‫داع‪ ،‬فالتجار مثًل يف كث ًٍن من اؼبعامًلت‬
‫إمبا ؿباذرة الذنوب واالبتعاد عنها فيما يف نفسك إليو ٍ‬
‫اؼبالية تكون فيها ؿبرمات واضحة‪ .‬فالتقوى ىنا ابلنسبة ؼبن يتعامل ابؼبال ىي يف اجتناب ا﵀رمات‬
‫عموما وقس على ذلك‪ .‬الب ّد من التنبيو ىنا أن اػبطأ أو الزلل ال يتعارض مع التزكية‪ ،‬وإمبا‬
‫اؼبالية ً‬
‫القصد أن يكون شعاره العام يف حياتو ىو ؿباذرة الذنوب‪.‬‬

‫ادلؤشر الثالث‪:‬‬

‫تعظيم شعائر هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وأةره وّنيو واخلوف ةن خمالف‪ :‬أةره‪ ،‬وال أتكلم ىنا عن‬
‫ت قُلُوبُ ُه ْم﴾‪ ،‬ىذا الوجل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الناحية العملية‪ ،‬وإمبا عن التعظيم ال ّداخلي‪ِ ﴿ :‬‬
‫ين إ َذا ذُكَر هللا َوجلَ ْ‬
‫َ‬ ‫الذ‬
‫واػبوف من أعظم مؤشرات التزكية‪ .‬كما أن تعظيم شعائر هللا ال يكون ابػبوف فحسب‪ ،‬بل قد‬
‫يتمثل يف احرتام وتقدير ووجود اؽبيبة ؼبا عظّمو هللا سبحانو وتعاىل ﷻ‪.‬‬

‫ادلؤشر الرابع‪:‬‬

‫نسب‪ :‬النعم هلل سبحانو وتعاىل ﷻ وخاص‪ :‬وقت الصعود واإلجناز‪ ،‬وىذا من عًلمات التزكية‪.‬‬
‫وأعظم نسبة للنعم إىل هللا ىي اليت تتحقق داخل نفسك‪ ،‬فنحن ابلغالب معتادون على عبارات مثل‬
‫"اغبمد ﵁"‪" ،‬كلو بفضل هللا"‪ ،‬لكن اؼبعىن األعظم من ىذا ىو حٌن تبحث وتبعد األشياء اليت يف‬
‫نفسك‪ ،‬فتلتقط اؼبعىن الداخلي اؼبستقر‪ ،‬فيكون عندك قناعة حقيقية بفضل هللا عليك ونعمتو عليك‬
‫فيما أقبزت‪ .‬وىذا صعب‪ ،‬ليس أن يعرتف اإلنسان ﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ‪ ،‬وإمبا أن يبصر حقيقة ىذا‬
‫مقتنعا بو قناعة اتمة‪ .‬وفبّا يعٌن على ىذا ىو اؼبعىن الذي‬ ‫ِ‬
‫اضحا ً‬
‫منًنا و ً‬
‫اؼبعىن يف نفسو‪ ،‬ويكون ُمشعِّا ً‬
‫ذكرتو قبل قليل يف الذنوب‪ ،‬أن الذنوب اليت سرتىا هللا عليك واليت لوال سرته عليك ؼبا بلَغت‪ ،‬فهذا‬
‫شيءٌ فبا يذكرك بنعمة هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وغًنه كثًنٌ‪.‬‬

‫ٕٗ‬
‫ادلؤشر اخلاةس‬

‫عرفو النيب ﷺ أبنو "بَطَُر اغبَِّق‬ ‫ِ‬ ‫قبول احلق واالندقياد لو وعمم بطره ِ ِ‬
‫ور ّده‪ ،‬ويعارضو الكّب الذي ّ‬
‫َ‬
‫ط الن ِ‬
‫َّاس" أي احتقارىم‪ ،‬فمن اؼبؤشرات قبول اغبق وعدم رده‪.‬‬ ‫َو َغ ْم ُ‬
‫لكن ىنا عندي تنبيوٌ استطرادي قليًلً‪ ،‬فبعض النّاس يفهمون التزكية بطريقة خاطئة‪ .‬فيأيت أحدىم‬
‫يقيّدك ويقول‪" :‬اعرتف اعرتف! أرأيت أنت لست مزكيًا نفسك‪ ،‬فلو كنت كذلك لقبلت الكًلم‪".‬‬
‫النفوس البشرية ؽبا مداخل وـبارج‪ ،‬فهناك النّصيحة وآداهبا‪ ،‬وليست أي طريقة تُقدم هبا يُعتّب‬
‫عدم قبولك ؽبا من ضعف التزكية‪.‬‬
‫فحٌن حصل يف وقت النيب ﷺ أن معا ًذا كان يصلي ويقرأ القرآن‪ .‬مل يفعل شيئًا‪ ،‬كان يقرأ القرآن‪،‬‬
‫لكنو قرأ بسورة البقرة كاملةً‪ ،‬فخرج أحد اؼبصلٌّن من اعبماعة وانصرف وصلّى وحده‪.‬‬
‫ت َاي ُم َعاذُ؟"‪،‬‬
‫فالنيب ﷺ ما كلّمو وال قال لو شيئًا‪ ،‬لكنو غضب على معاذ فقال لو‪" :‬أفَتَّا ٌن أنْ َ‬
‫الرجل‪ ،‬رضي هللا تعاىل عن معاذ وىو من خيار أصحاب رسول‬ ‫فاؼبشكلة من معاذ ليست من ذاك ّ‬
‫ك"‪.‬‬ ‫هللا ﷺ الذين انلوا شرف قول النيب ﷺ ‪ِ ":‬إين َأل ِ‬
‫ُحبُّ َ‬ ‫ّ‬
‫فمثًل يقول أحدىم‪" :‬فًل ٌن معنا يف الّبانمج وتزكيتو انقصة"‪ ،‬ؼباذا؟ "ارتكب خطأ فكلّمتو‪،‬‬ ‫ً‬
‫فأجاب‪ :‬ال شأن لك"‪ .‬فإذا راجعنا اؼبوضوع قبد أنّو قد شتمو وأىان كرامتو‪ ،‬مث يقول إ ّن تزكيتو انقصة‬
‫أحياان أ ّن البعض يريد أن ىبتّب تزكية النّاس‪.‬‬
‫ألنو مل يقبل النصيحة‪ .‬بل وتشعر ً‬
‫مًلزما ألي شيء قُّدم لإلنسان فلم يقبلو‪ ،‬وإّمبا هبب التحقق‬ ‫لذلك ينبغي ّأال قبعل ضعف التزكية ً‬
‫وإايك‪ ،‬أل ّن ىذا ىو بطر اغبق الذي قال فيو‬ ‫فاغبذر من التكّب ّ‬
‫َ‬ ‫من حس ِن النّصيحة‪ .‬وحٌن يظهر ّ‬
‫اغبق‬
‫ال َحبَّ ٍة‬
‫النيب ﷺ أنو الكّب‪ ،‬والذي قال فيو‪ ،‬يف نفس اغبديث‪َ" :‬ال يَ ْد ُخ ُل اعبَنَّةَ َم ْن َكا َن ِيف قَ ْلبِ ِو ِمثْ َق ُ‬
‫ِ ِ‬
‫عاما فيجب أن‬ ‫بياان ّ‬ ‫تبٌن ً‬ ‫م ْن ك ٍّْب"‪ .‬فينبغي االعرتاف ابػبطأ أمام نفسك‪ ،‬وإذا اؼبقام يستدعي أن ّ‬
‫رباول أن تكسر نفسك قدر اؼبستطاع‪.‬‬

‫ٕ٘‬
‫ادلؤشر السادس‪:‬‬

‫ىو احملاذرة واخلوف ةن فدقمان نعم‪ :‬اذلماي‪ :‬ودوام الشكر هلل سبحانو وتعاىل ﷻ على ىذه‬
‫النعم‪ .:‬وىو قر ٌ‬
‫يب من اؼبعىن الذي ذكرتو يف قضية استحضار أو نسبة النعم ﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ‪.‬‬

‫ادلؤشر السابع‪:‬‬

‫ىو الدقمرة على االنتصار على النفس وةنعها يف ادلواطن اليت أتَةر فيها خبالف ةا أةر هللا‬
‫سبحانو وتعاىل ﷻ‪ .‬فحٌن تستطيع أن تتغلب على ىذه النفس‪ ،‬واؼبقصود ىنا ىو التغلب الواضح‬
‫اف َم َق َام َربِِّو‬
‫داع‪ .‬فإن استطعت أن تغلبو فهذا من عًلمات التزكية‪﴿ :‬فَ َّأما َم ْن َخ َ‬ ‫حٌن يكون ىناك ٍ‬
‫عوَد‬‫إن اعبَنَّةَ ِىي اؼبأْ َوى﴾‪ .‬ولذلك فقد ذكرت أ ّن من وسائل التزكية أن يُ ِّ‬ ‫س َع ِن اؽبََوى فَ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َونَ َهى النَّ ْف َ‬
‫اإلنسان يعود نفسو على ـبالفة ىواىا‪ ،‬ولو يف بعض األشياء اؼبباحة‪ ،‬حّت إذا جاءت األشياء ا﵀رمة‬
‫منهج لو أصول نبوية يبكن‬ ‫يكون بينو وبٌن نفسو شيء من العادة يف القدرة على اؼبخالفة‪ .‬وىذا ٌ‬
‫اإلرفَاهِ"‪ .‬أي‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَْن َه َ‬ ‫تلمسها يف حديث السنن‪َ " :‬كا َن رس ُ ِ‬
‫اان َع ْن َكث ًٍن م َن ْ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬
‫الرتفو‪ ،‬الذي يتعارض مع داعي اإلسًلم الذي كان متكررا يف تلك اؼبرحلة‪ ،‬من اعبهاد يف سبيل هللا‪،‬‬
‫يف القدرة على ـبالفة الرفاىية والنعيم‪ ،‬وكذلك السًن يف طريق اآلخرة بشكل عام‪.‬‬

‫ادلؤشر الثاةن‪:‬‬

‫مضاد‬
‫ٌ‬ ‫ىو حمب‪ :‬ادلرء ألخيو ادلؤةن ةا حيبو لنفسو‪ ،‬فهذا من عًلمات التزكية ومؤشراهتا وىذا‬
‫ب لِنَ ْف ِس ِو"‪.‬‬
‫ألخ ِيو ما ُِوب ُّ‬
‫ب ِ‬ ‫حّت ُِوب َّ‬
‫أح ُد ُك ْم‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫للحسد‪ .‬لذلك جاءت صيغة اغبديث أنّو‪َ " :‬ال يُ ْؤم ُن َ‬
‫وفرق بٌن صيغة "من ظبات اإليبان" أو لنقل "من األعمال الصاغبة" أن ربب ألخيك ما ربب‬ ‫ٌ‬
‫لنفسك‪ ،‬وبٌن "ال يؤمن أحدكم" حّت وبب ألخيو ما وبب لنفسو‪.‬‬
‫فاغبسد من أعظم أمراض القلوب اليت تعيق التزكية‪ ،‬ومن مؤشرات صحة التزكية أن أحب ألخي‬
‫اؼبسلم ما أحب لنفسي‪ ،‬و ّأال أكره نعمة هللا عليو‪ ،‬وىذا من صبلة تعظيم هللا ﷻ والرضا بقضائو‪ ،‬قسم‬
‫قسمها كذلك يف‬
‫أساسا‪ .‬فا﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ كما قسم األرزاق يف األمور اؼبادية‪ ،‬فقد ّ‬ ‫هللا لو ً‬
‫‪ٕٙ‬‬
‫األمور اؼبعنوية‪ ،‬وأعطى أي كل ٍ‬
‫إنسان من القدرة على اغبفظ‪ ،‬والفهم‪ ،‬والذكاء‪ ،‬والتحليل‪ ،‬أكثر مين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واغبسد يف ابطنو شيءٌ من االعرتاض على قضاء هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وقدره فيما أعطى ورزق‬
‫الناس‪.‬‬

‫ادلؤشر التاسع‪:‬‬

‫ىو أن تكون ةعامل السياق التزكوي الذي أعمل فيو برةتو ةستممة ةن ادلمرس‪ :‬النبوي‪ ،:‬ألنو‬
‫كامل وفيو آاثر حسنة وضبيدة ويتحقق بو شيء من اؼبؤشرات‪ ،‬ولكن‬ ‫أحياان يكون ىناك سياق تزكوي ٌ‬
‫الشخص ومل يعرفها شيخو‬ ‫رب عليها ّ‬
‫إذا جاء شيء من السنة الصحيحة الواضحة الصروبة اليت مل يُ َّ‬
‫يردىا ىي ومن جاء هبا‪ .‬وىذا من ضعف التزكية‪ ،‬فمن اػبطورة حصر التزكية يف وسيلة ظنية معينة‬ ‫ّ‬
‫وجعلها ىي اغبق‪.‬‬
‫فًل أبس أن يكون يف التزكية اذباىات أو اجتهادات‪ ،‬وتفاصيل تقبل االجتهاد وأمور واضحة‬
‫منصوص عليها‪ .‬لكن اؼبؤشر اغبقيقي لصحة التزكية ىو حٌن يكون اؼبعلَم مواف ًقا ؼبعلم اؼبدرسة النبوية‬
‫معارض لو‪ .‬أما إذا جاء التعارض فينبغي تقدمي َم ْعلَِم اؼبدرسة النبوية يف التزكية على‬
‫ٍ‬ ‫أو على األقل غًن‬
‫عليو‪.‬‬

‫ادلؤشر العاشر‪:‬‬

‫ويُعتّب من مؤشرات اآلاثر‪ ،‬وىو الشعور بلذة الطاع‪ :‬والعبادة وحالوة اإلميان‪ّ .‬إال أ ّن ىذا‬
‫اؼبؤشر قد ال أييت يف البداايت‪ .‬فعدم وجود ىذا اؼبؤشر يف بداية الطريق التعبدي والسلوكي ال يعين أن‬
‫اإلنسان ليس على تزكية‪ ،‬ألن ىذا من طبيعتو ‪-‬أي ىذا اؼبؤشر‪ ،-‬أن يزداد مع علو التزكية وكثرة أو‬
‫ارتفاع النتائج يف التعبد خاصة صور التعبد القليب اؼبتقدمة جدا اليت قد تتطلب شيئا من اجملاىدة‬
‫والتخلص من العوائق واؼبكدرات‪.‬‬
‫فهذه إذن عشر مؤشرات لصحة التزكية وربققها‪ ،‬فإن وجدت دبجموعها فهذه عًلمة خ ًٍن كبًنة‬
‫جدا لإلنسان ونعمة عظيمة‪ ،‬وإن ُوجد بعضها أيضا فهي نعمة ويسعى اإلنسان لتحقيق ما تب ّقى‬

‫‪ٕٚ‬‬
‫ٍ‬
‫إشكال وبتاج اإلنسان إىل إسعاف‬ ‫فاقدا ألكثرىا أو عبميعها فهذا مؤشر‬
‫منها‪ .‬أما إن كان اإلنسان ً‬
‫وإنقاذ حّت يدير العجلة لألمام إبذن هللا تعاىل ﷻ‪.‬‬

‫اخلامت‪::‬‬
‫أسأل هللا سبحانو وتعاىل ﷻ أن هبعل ىذا اللقاء مبارًكا وأن يبارك يف اغبضور صبيعا‪ ،‬وأسأل هللا‬
‫وإايكم قرة عٌن لنيب هللا ﷺ إذا التقينا بو وأكرمنا هللا ابللقاء بو يف‬‫سبحانو وتعاىل ﷻ أن هبعلنا ّ‬
‫اآلخرة ‪-‬إن شاء هللا‪ ،-‬فنسأل هللا سبحانو وتعاىل ﷻ أن يرزقنا الورود على حوضو‪ ،‬وأن يرزقنا‬
‫سبحانو وتعاىل ﷻ شربةً من يديو‪ ،‬ونسألو سبحانو أن هبعلنا فبن يرافقو يف اعبنة‪ ،‬ونسأل هللا سبحانو‬
‫وتعاىل ﷻ أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا دبا علمنا‪.‬‬
‫ويسر‬‫اللهم ربنا أعنّا وال تُعن علينا‪ ،‬وانصران وال تنصر علينا‪ ،‬وامكر لنا وال سبكر علينا‪ ،‬واىدان ِ‬
‫ّ‬
‫هم اجعلنا لك ذاكرين‪ ،‬لك شاكرين‪ ،‬لك راىبٌن مطيعٌن‬ ‫اؽبدى لنا‪ ،‬وانصران على من بغى علينا‪ .‬اللّ َّ‬
‫اسلُ ْل سخيمة قلوبنا‪ .‬اللهم إ ّان‬ ‫ِ‬
‫ـببتٌن منيبٌن‪ .‬تقبّل توبتنا وثبت حجتنا و ْاىد قلوبنا وس ّد ْد ألسنتنا و ْ‬
‫نعوذ بك من شر ما عملنا ومن شر ما مل نعمل‪ ،‬اللهم إان نعوذ بك من جهد البًلء ودرك الشقاء‬
‫وسوء القضاء ومشاتة األعداء‪ .‬اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على اػبلق‪ ،‬أحيينا ما علمت اغبياة خًنا‬
‫لنا‪ ،‬وتوفنا ما علمت الوفاة خًنا لنا‪.‬‬
‫اللهم إان نسألك خشيتك يف الغيب والشهادة‪ ،‬وكلمة اغبق يف الغضب والرضا‪ ،‬ونسألك القصد‬
‫يف الفقر والغىن‪ ،‬ونسألك اللهم نعيما ال ينفد‪ ،‬وقرة عٌن ال تنقطع‪ ،‬ونسألك برد العيش بعد اؼبوت‪.‬‬
‫ضراءَ مضرة وال فتنة مضلة‪.‬‬‫اللهم وإان نسألك لذة النظر إىل وجهك‪ ،‬والشوق إىل لقائك يف غًن ّ‬
‫اللهم زينا بزينة اإليبان واجعلنا ىداة مهتدين‪ ،‬اللهم اي حي اي قيوم ال تكلنا إىل أنفسنا طرفة عٌن وال‬
‫تغين قلوبنا‪ .‬اللهم اكفنا‬
‫أقل من ذلك‪ .‬نسألك اللهم أن ذبعلنا من اؼبتوكلٌن اؼبعتصمٌن اؼبنيبٌن وأن َ‬
‫حبًللك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك‪ ،‬ربنا آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا‬
‫عذاب النار‪ .‬اللهم نعوذ برضاك من سخطك ودبعافاتك من عقوبتك وبك منك‪ ،‬ال كبصي ثناء‬
‫عليك أنت كما أثنيت على نفسك‪.‬‬

‫‪ٕٛ‬‬
‫اللهم ِّ‬
‫صل على دمحم وعلى آل دمحم‪ ،‬كما صليت على إبراىيم وعلى آل إبراىيم‪ ،‬إنك ضبيد ؾبيد‪،‬‬
‫وابرك على دمحم وعلى آل دمحم‪ ،‬كما ابركت على إبراىيم‪ ،‬وعلى آل إبراىيم إنك ضبيد ؾبيد‪ .‬وجزاكم‬
‫هللا خًنا‪.‬‬

‫‪ٕٜ‬‬

You might also like