Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الخامسة - التزكية للمصلحين
المحاضرة الخامسة - التزكية للمصلحين
ٕ
ادلدقمة:
جديدا ِمن
ً ؾبلسا
ابّلل ،ونستفتح ًاّلل ،استعينوا ّ
اللهم على رسول ّ وصل ّ اّلل ،واغبمد ّّللّ ،
بسم ّ
ؾبالس ؿباضرات التزكية للمصلحٌن ،وىذا ىو اللقاء اػبامس من ىذه السلسلة ،بدأان دبركزيّة التسكٌن
اّلل عليو وسلّم ،-مثّ انتقلنا إىل معامل التزكية ،مثّ كان اغبديث عن
النيب -صلّى ّ
ومكانتها يف حياة ّ
أيضا اغبديث عن عوائق التزكية اعبزء
وسائل التزكية ،مثّ اغبديث عن عوائق التزكية اعبزء األول ،اليوم ً
صحة التزكية ،ال أدري ىل مؤشرات ّمؤشرات التزكية ّ
أيضا أن أُدرِج يف موضوع اليوم ّالثاين ،وسأحاول ً
اّلل -تعاىلﷻ.- يسع ؽبا اغبديث أم ال؟ إذا مل يسع ؽبا اغبديث سنُف ِرد ؽبا ً
أيضا ؿباضرًة سادسةً إبذن ّ
إ ًذا اؼبادة متسلسلةٌ ومرتابطةٌ فمن فاتو شيء وباول أن يرجع إىل ٍ
شيء فبا فات حبيث تكتمل ٌ
أىم ن نت هبذا اؼبلف؛ الذي ىو ِ
م الصورة ،وأرجو أن يكون اغبديث قد رسم خارطةً تفيد ؼبن ىو مع ٍ
ّ ّ َ
َ
اؼبلفات يف اػبارطة الشرعيّة (ملف التزكية).
اؼبؤدية إىل العوائق ،أي :اؼبصادر اليت
تكلّمنا يف اللّقاء السابق عن عوائق التزكية ابعتبار اؼبصادر ّ
تُنتِج عوائق التزكية .وذكران أربع :ةصادر النفس ،الشيطان ،البيئة ،وا﵀يط ،واألعداء ،وذكران
كل مصد ٍر ؽبذه العوائق ،مثّ أشرت ً
أيضا يف اللقاء التفاصيل اؼبتعلّقة هبذه اؼبصادر ،وما ىي صور إنتاج ّ
السابق إىل اػبارطة اؼبتعلّقة ابلقسم الثاين ،وىي عوائق التزكية ابعتبار مضامينهاّ ،أّنا تنقسم إىل
مضمونٌن أساسيٌّن :شبهات ،وشهوات.
والشبهات تندقسم إىل ثالث :أقسام شبهات فكريّة َعقديّة ،شبهات نفسيّة ،وشبهات منهجيّة،
عام ،بل سياق التزكية مع الرتكيز على اؼبصلحٌن ،وابلتايل قد ٍ ٍ
وقلنا أنّنا سنرّكز؛ ألنّنا لسنا يف سياق ّ
يتم عرض بعض جوانب التح ّدي واإلشكال ،اليت رّدبا ال تكون سائد ًة يف الفضاء العام وإّمبا تكون ّ
حضورا أو أكثر أنبيةً ابلنسبة للمصلحٌن.
ً أكثر
سأفصل يف عوائق التزكية،
ّ العامة فقط ؽبذا الشباب ،اليوم
أي حلول ،وذكران اػبارطة ّ
رّدبا مل نذكر ّ
ؼبهمة -بعد أنسأفصل يف العوائق فقط ،واذكر أب ّن من كمال اإلحسان يف تناول اؼبوضوعات ا ّ
ّ
تتناوؽبا من جهة األنبيّة والكيفيّة وتقرير سبل التحصيل -أن ربمي ما طرحت وما قدمت بذكر
ٖ
التحدايت والعوائق اليت يبكن أن ربُول بٌن َمن يريد الوصول إىل ما ذكرت من سبل الوصول إليو وبٌن
خاصا
عام ليس ِّ ٍ ٍ
بشكل ّ ربقيق ذلك ،فهذا من سبام العرض ومن سبام اإلحسان يف التقدمي ،وىذا
فمثًل مناىج طلب العلم ،ووسائل ربصيل أردت أن تتكلّم عن طلب العلمً ،
ؼبثًل إذا ّ
دبوضوع التزكيةً ،
أىم العوائق أو التح ّدايت اليت
العلم ،وآداب طالب العلم ،وبعد أن أنتهي من اعبيّد أن أذكر ما ىي ّ
تواجو طالب العلم يف سبيل ربقيقو ؼبا ذَكرت من وسائل وبناء وما إىل ذلك ،وقل مثل ذلك يف
أىم اؼبوضوعات اليت ربتاج إىل ذك ٍر لقضيّة العوائق.
ـبتلف اؼبوضوعات ،وموضوع التزكية ىو من ّ
الشبهات:
اآلن سنتكلّم عن عوائق التزكية ،فنبدأ ابلقسم األول الذي ىو الشبهات ،ىناك شبهات عقديّة
وفكريّة.
الشبهات العقديّة والفكريّة تتمثّل يف اإلغباد ،تتمثّل يف التشكيك يف الثوابت الشرعيّة ،تتمثّل يف
تظن بعض َمنتوجو النسويّةّ ،مثًل يف ّ
إسًلمي وليس إسًلميًا ،أيً :
ّّ يظن اإلنسان أنّو
التوجو الذي ّ
ّ
موجة إسًلمي ٍة بينما ىي سبشي يف ٍ
موجة ليست إسًلميّةً. تركب ىذه اؼبوجة ّأّنا سبشي يف ٍ
ّ
التحدايت الفكريّة اليت يبكن أن تواجو اؼبصلِحٌن يف طريقهم وردبا مل تكن
ّ ىذه أبرز عناوين
مطروحا يف
ً مطروحةً يف القاموس ساب ًقا- ،ساب ًقا أي :قبل طبس عشرةَ سنةً فقط -رّدبا مل يكن
القاموس عندما تتكلّم عن دعاةٍ ،وال تتكلّم عن مصلحٌن ،وال تتكلّم عن طلبة علم ،فلم يكن
التحدايت اليت يبكن أن تواجهوّنا رب ّدي التشكيك يف الثوابت
ّ اّلل من
مطروحا أن تقول :و ّ
ً
ٍ
موجود يف القاموس. أصًل غًن
اإلسًلمية ،وال اإلغباد ،والذي عاش تلك الفرتة يعرف أ ّن ىذا ً
ٗ
ٍ والواقع أنّو كان وحصل ،وأ ّن ىناك أانسا ِمن اعبنسٌن كانوا يف ٍ
إسًلمي ،ويف وسط ٍّ
دعوي، ٍّ وسط َ ً
كامًل- ،وىذا
وسط صا ٍحل ،ورّدبا عاشوا يف مراكز ،ورّدبا عاشوا يف ؿباضن ،ورّدبا حفظوا القرآن ً ويف ٍ
وأبسباب متع ّددةٍ وقعوا يف اإلغباد،
ٍ ٍ
دبوجات معيّ ٍنة، ٍ
اقع -ورّدبا سانبوا يف تدريس شيء من القرآن ،مثّ
و ٌ
وفارق صار خاصةً يف أزمة ما قبل طبس سنوات ،سبع سنوات من اآلن كانت موجة حقيقي ٌ ّ وىذا
الشبهات عالية.
فممكن
ٌ وىذا اػبطر مازال مل ينتو ،دبعىن ّأّنم من اؼبمكن أن يعود التحدي إىل الذروة مرًة أخرى،
أيضا مرًة أخرى ؾبموعة أن يعود من خًلل اؼبعطيات اؼبوجودة يف اػبارج اآلن ،أيُ :يبكن أن يكون ً
دبوجة تشكيكيّ ٍة جديدةٍ؛ أل ّن
مرحلة يتأثّرن أو يتأثروا ٍ
ْ
ٍ مهتمات ،وبعد
طًلب علم ،أو نساء ّ شباب ّ
اػبارجي ال تزال موجود ًة كما ىي.
ّ عوامل التأثر أو التأثًن
لذلك اغبديث عن إمكانية التأثر بشبهات عقديّة متعلّقة أبصل أو بثوابت اؼبلّة ابلنسبة ٍ
ألانس
أي منحى؟ ما
أي اذباه؟ أو يف ّ
حقيقي وهبب طرحو ،حسنًا طرحو من ّ ىو مصلحٌن دعاةٍ ،أو ٍ
أانس
ّ
الذي جعلنا نقول اعبهة اليت فبكن نتناول منها ىذه القضيّة؟
طرح اليوم ىو ابب الوقاية ،أكثر من ابب اؼبعاعبة ،دبعىن أنّو إذا وقع
أىم ما يبكن أن يُ َأان برأيي ّ
للمهتمٌن ىو يوجو ٍ ٍ
ّ اإلنسان يف إشكاليّة معيّنة فهناك سبل معاعبة ،لكن اػبطاب العام الذي هبب أن ّ
إشكاالت موجودةٌ يف
ٌ موجات ،وتوجد
ٌ خطاب الوقاية وأنّو" :اي صباعة توجد فعًل موجةٌ وتوجد
وقاية ،فاحرص وال تتهاون يف اػبارج فبكن التأثر هبا؛ ولذلك ىذا واحد ،اثنٌن ،ثًلثة ،أربعة سبل ٍ
ٌ
اؼبوضوع ،وإن شاء هللا اعبميع سامل".
العام ،وليس أنّو تعالوا نتعلّم
طرح يف اإلطار ّ
سبام ىذا اؼبربّع الذي أرى أنو من األفضل أن يُ َ
اختصاص وسب ّك ٌن يف
ٌ أانس لديهم
نرد عليها مع ضرورة أن يكون ىناك ٌ
الشبهات شبهةً شبهة ،وقبلس ّ
ىذا اجملال.
٘
• وسائل الوقاي::
ما ىي وسائل الوقاية اليت تَصلُح يف مثل ىذا السياق؟ ىناك عدة أمور:
ةلف دالئل أصول اإلسالم ةعرفيًا ،أي :ضروري لطالب )7الوسيل :األوىل ضرورة إغالق ّ
مكون دالئل أصول اإلسًلم- ،أان اآلن ال أقصد
مكوانتو اؼبعرفيّة ّ
العلم يف ىذا الزمن أن يضيف إىل ّ
كتااب معينًا -أان أقصد اؼبعىن اؼبوضوع دالئل أصول اإلسًلم أي :الدالئل اؼبثبِتة ّ
لصحة أصول ما ً
يعتقده اإلنسان اؼبسلم.
متضمنةً للشبهات ،وإّمبا بناء تقري ٍر ،وىذه
ّ وىذه الدالئل كما قلت ليس ابلضرورة أال تكون
كاعبرعة الوقائيّة اليت ربمي اإلنسان يف ىذا الزمن ،والكتب واؼبراجع واؼبصادر يف مثل ىذا اؼبوضوع
كثًنةٌ ،منها:
قرر يف برانمج صناعة ا﵀اور.
كتاب (دالئل أصول اإلسًلم) ،اؼب ّ
النبوة ،مثل ىذه الكتب واؼبعاين برأيي أنّو
كتاب (النّبأ العظيم) ،من الكتب اليت تتكلّم عن دالئل ّ
ٍ
بشيء فبّا اؼبهمة لطالب العلم يف ىذا الزمان ،حبيث أنّو لو خوطب بعد ذلكاؼبكوانت اؼبعرفيّة ّ
من ّ
يُعارض مثل ىذا اؼبعىن يكون عنده أصل اؼبوضوع.
ٙ
ويعّب
وخاطئّ ،
ٌ كثًنا اآلن ،أنّو ال توجد قراءة صحيحةٌ ،أو تفسًنٌ صحيح
وىذه منهجيّةٌ مطروحةٌ ً
طبعا داخل ىذا السؤال االذباىات التفصيليّة داخل
أحياان اإلسًلم بفهم من ،وال يقصدون ً ً عنو
فهما يبكن
أصًل أ ّن ىناك ً
الرتاث اإلسًلمي ،ال .وإّمبا اؼبقصود أنّو ما ىي الضماانت اليت تضمن يل ً
أيضا هبب إغًلقها من الناحية
ات ًفهم يصنَّف أبنّو خاطئ؟ فهذه مل ّف ٌ
أن يصنَّف أبنّو صحيح ،أو ٌ
اؼبعرفيّة ابلنسبة لطالب العلم ،أو ابلنسبة للمصلح.
ثالث :ةن ةراحل العلومٖ) الوسيل :الثالث :ضرورة االنتهاء أو البناء ةن بناء ةرحلتني أو ٍ
ٍ
إنسان يريد أن يق ّدم شيئًا لإلسًلم ألي الشرعيّ ،:وىذه القضيّة يف غاية األنبيّة ،وأان ما أرى ً
عذرا ّ
حّت يصل مثّ واؼبسلمٌن ،شيء أي :أقصد االستمراريّة ،أي :يريد أن يسًن يف طر ٍيق ويصّب عليو ّ
الشرعي.
ّ يكون خاليًا من البناء
متخصصٌن ،ولكن الفكرة
ّ كل العاملٌن
متخصصا ،وال يبكن أن يكون ّ
ً وبطبيعة اغبال لن يكون
نبين أن هبب الشبهات ثرة ك
و اإلشكاالت، كثرة وألجل ة،الشرعي العلوم ن مىي أ ّن ىناك ق ْدرا أساسيا ِ
َ ّ ً ً
ات قد نقول ّأّنا
مرحلتٌَن من العلوم الشرعيّة ،وىذه مرحلةٌ أو مرحلتٌَن أو ثًلثة ،ىذه تعبًن ٌ
أعّب أبّنّا ةراحل أربع: ٍ
كل منهجيّة ؽبا التعبًن عنها ،لكن أان عاد ًة ّ
اصطًلحيّةّ ،
ٔ .اؼبرحلة األوىل :مرحلة التأصيل.
ٕ .اؼبرحلة الثانية :مرحلة البناء.
ٖ .اؼبرحلة الثالثة :مرحلة التمكٌن.
التوسع أو التخصص.ٗ .اؼبرحلة الرابعة :مرحلة ّ
التخصص
ّ التخصص ،ولك أن ُذب ِمل فتقول:
ّ التوسع مثّ
أي :لك أن ذبعلها طبس مراحل فتقولّ :
التوسع.
وىو وبمل يف ابطنو ّ
اؼبنهجي اؼبفرتض -إبذن هللا تعاىل ﷻ -أنّو سيغطّي ثًلث مراحل من
ّ وكبن يف برانمج البناء
اؼبنهجي
ّ العلوم الشرعيّة :مرحلة التأصيل ،والبناء ،والتمكٌن خًلل أربع سنوات ،فالذي يدخل البناء
جدا ال حصر ؽبا،اّلل -وب ّقق ىذه القضيّة ،والذي ال يدخلو فهناك برامج ومناىج كثًنةٌ ً
-إن شاء ّ
ٚ
العامة ،فالغرض أنّو ال وبسن بشكل ٍ
ٍ
فق عليها من انحية تسميتها ومراحلها ّ عام متّ ٌ والعلوم الشرعيّة
مشروع خادما لإلسًلم واؼبسلمٌن يف ٍ
ٍ مصلحا ،أو داعيةً ،أو ً
ً إبنسان يف ىذا الزمن يريد أن يكون
ضروري. ٍ
فبتد ،مثّ ال تكون لديو قاعدةٌ شرعيّةٌ ،فهذا
ّ
أىم أسباب تذبذب واضطراب كث ًٍن ِمن الشباب الذين كانوا يف سابقة خ ًٍن ،مثّ ُّ
مروا دبوجة ومن ّ
أىم أسباب االضطراب والتذبذب أنّو ال توجد قاعدةٌ شرعيّةٌ ٍ ِ ٍ ٍ
ربدايت وصاروا يف سياق منفرد ،من ّ ّ
خيار ال بديل عنو ،وال مناص منو ؼبن يريد أن يكون ٌ أيوون إليها ،ويستندون عليها؛ لذلك ىذا
ُ متينةٌ
ٍ َ
فأىم شيء ىو كثًناّ ، ؾباب عنها ً
كذلك ،والسؤال" :كيف؟" ليس ىو التح ّدي؛ أل ّن "كيف؟" ٌ
سؤال القناعة بضرورة أن أفعل.
أجبمّيت التعاةل ةع اإلشكاالت ،فتوجد مقدمات، ٗ) الوسيل :الرابع :ىي تعلّم ،أو بناء ّ
أجبدايت للتعامل مع اإلشكاالت الفكريّة اليت من اؼبفرتض أن أيخذىا طالب العلم ،وىذه وتوجد ّ
كامل عن ذلك من :أصول اػبطأ يف مستوى ٌ
ً مثًل :صناعة ا﵀اور يف القسم الثاين ىناكتتمثّل يفً ،
الشبهات الفكريّة ،لِنَ ُقل كيف ينقد اإلنسان األفكار اػباطئة؟ وسائل التوثيق والتثبّت ،يف أشياء
ٍ
وشبهات ،مل يكن من اؼبفرتض أن يقع وقعت وبسبب النقصان َّ
زل فيها كثًنٌ من الناس إبشكاالت
فيها لو كان يبتلك مثل ىذا ،تستطيع ف ّكها ابلتفكًن الناقد ،تستطيع عنونتها أبدوات البحث
والتوثيق ،أي ىناك أكثر من عنو ٍان يبكن أن يغطّي ىذا الغرض ،لكن ال يصلُح أن يكون طالب العلم
ات نقديّة ،وكما قلت فكثًنٌ من اإلشكاالت يبكن أنمعلومات فقط ،وبعد ذلك ليس لديو أدو ٌ
ٌ لديو
تسقط عّب أدوات نقديّة.
ىذه األمور األربعة واألضًلع األربعة ابلنسبة للشبهات الفكريّة والعقديّة ٍ
كعائق من عوائق التزكيّة
اّلل -أن يكون اؼبصلح،اليت لو متّ مراعاة ىذه األمور يف برانمج ويف سياق بنائي ،فأان أرجو -إن شاء ّ
بنصيب يبكن أن يكتفي بو إبذن هللا ٍ اؼبهتم قد أخذ من الوقاية
أو طالب العلم ،أو الداعية ،أو ّ
تعرض إلشكاليِّة ما استطاع اعبواب عنها ،فهذا لو وسيلةٌ أخري تعاىل ﷻ .مثّ بعد ذلك لو قُ ِّدر أنّو َّ
أمور أربعةٌ أعتقد ّأّنا كافية. ٍ
بنائي عام ىذه ٌ
كسياق ٍّ يف األجوبة ،لكن إذا كان
ٛ
الشبهات النفسيّ :والشبهات ادلنهجيّ::
لكين سأذباوزىا ،سأنتقل اآلن إىل الشبهات كًلم كثًنٌ يف الشبهات العقديّة الفكريّة ّ
ىناك ٌ
النفسيّة ،ودؾبتها اآلن يف سياق التفصيل يف اغبلول ،وكذا دؾبتها مع بعض الشبهات النفسيّة
والشبهات اؼبنهجيّة.
شبهات نفسية ؼبن َمل وبضر اللقاء السابق ،وقد قلنا أمثلتها ،ىناك ٍ
ربد جدي ٌد يف األجيال
ّ َ
اعبديدة- ،وليس اؼبقصود ابألجيال اعبديدة الذين أعمارىم اآلن اثنا عشر وإحدى عشر ،إّمبا تشمل
أيضا بكثرة ،وىو رب ّدي اؽبشاشة النفسيّة، حّت سن اعبامعة -اآلن ىناك ٍ
موجودا ً
ً ربد جديد مل يكن ّ ّ
اؼبهتم ،وذكرت أمثلتو يف السابق.
موجود بٌن الوسط ّ
ٌ وىذا
ويف الّبامج العلميّة :كيف تلخص الكتاب؟ فبكن تقول يل ما ىو اؼبهم؟ أان ػبّصت كتاب ما ىو
اؼبهم؟ لكن ما الذي سيأيت يف االختبار؟ طيب فبكن وفبكن ،...فيخرج من الّبانمج؛ ألنّو كان يفّ
سؤال يف االختبار ما كان يعين مفروض أنّو أييت ألنّو أنقصين درجة ،ىناك أمثلة -ليس من اؼبناسب
ذكرىا-؛ ألنّو توجد أمثلةٌ معيّنةٌ ،يعين بعض اؼبواقف عجيبة ،يعين يف الّبامج عجيبة ،فأنت تلقي
اّلل يعين أشياء عجيبة.
الرسالة رباول توائم ،فيقول" :طيب ...فبكن طيب؟" سبحان ّ
انتباىا ،أل ّن اإلنسان اليوم قد يفقد استقامتو بقد ٍر من
عموما توجد حالة من اؽبشاشة ربتاج ً فهو ً
جدا ،واألسئلة
عذر لو؛ وىذه مشكلةٌ كبًنةٌ ً
يظن أ ّن ىذا ٌ الضعف ،واؽبشاشة اؼبوجودة داخليًا ،وقد ّ
أىم األسئلة.
اؼبنهجيّة مثل :قلق الوجهة ،سؤال اعبدوى والثمرة ،ىذه من ّ
ٜ
فسؤال اعبدوى والثمرة ىو سؤ ٌال من األسئلة اغباضرة اآلن يف الوسط اإلسًلمي ،وىو وبتاج إىل
مناعة ِمن أَن يكون ىذا السؤال عائ ًقا ،وطرح ىذا السؤال ليس مشكلةً ،ابلعكس
انتباه ،ووبتاج بناء ٍ
أبدا ،اؼبشكِل حٌن يكون ىذا
مشكًل ً
ً ٍ
إجاابت واقعيّة ،ىذا ليس أان حٌن أطرح ىذا السؤال أريد
كل شيء ألنّين أان ليس عندي جواب عن سؤال اعبدوى السؤال عائ ًقا عن العمل" ،فأان تركت ّ
والثمرة".
فشعر اإلنسان ابليأس واإلحباط ،بينما كبن كبتاج إىل إعادة التعريف حبيث يكون ىناك
ةسلَّ ٌ
مات واضح.: َ
مطالب من حيث التكليف ٌ اؼبسلَّمات ضمن ىذه النقطة ىي :أنّك يف اإلسًلم
ٔ) واحدة من َ
طويل تقري ٍر ،وىي كما
اّلل ﷻ ،وىذه أجبديّةٌ معروفةٌ ال ربتاج إىل ِ
ابلعمل ،وأنّ الثمرة والنتيجة على ّ
النيب ﷺ يتكلّم عن رؤيتو للناس يوم القيامة متعلّقٌن أبنبيائهم،
البخاري؛ ّ
ّ قلت ؽبا شواىد كثًنٌة يف
النيب
النيب وليس معو أح ٌد ،وأييت ّ نيب وليس داعيةً -قال" :فيأيت ّ
النيب وليس معو أح ٌد" ٌ -
قال" :فيأيت ّ
نوح -عليو السًلم -من ِ
أويل النيبٌ ،
ومعو الرجل ،والرجًلن" -رجل ورجًلن ىم َمن استجابوا -ؽبذا ّ
ٓٔ
سنة ّإال العزم من الرسل ،وأخّب اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ عنو يف سورة العنكبوت أنّو لبث يف قومو ألف ٍ
ّ
يل﴾ ،وبَ ٌَّن ىذه اؼبق ّدمة اليت َِّ ِ ٍ
عاما ،مثّ قال سبحانو ﷻ يف سورة أخرىَ ﴿ :وَما َآم َن َم َعوُ إال قَل ٌ طبسٌن ً
ت قَ ْوِمي لَْي ًًل َونَ َه ًارا ۞ فَلَ ْم يَِزْد ُى ْم ُد َعائِي إَِّال فَِر ًارا ب إِِّين َد َع ْو ُال َر ِّ
مائة وطبسٌن سنةً ب ﴿ :قَ َ ىي تسع ٍ
ُ
ِ ِِ ِ ِ
استَ ْكبَ ُرواَصُّروا َو ْ َصابِ َع ُه ْم ِيف آ َذاّن ْم َو ْ
استَ ْغ َش ْوا ثيَابَ ُه ْم َوأ َ ۞ َوإِِّين ُكلَّ َما َد َع ْوتُ ُه ْم لتَ ْغفَر َؽبُْم َج َعلُوا أ َ
استَ ْغ ِفُروا َربَّ ُك ْم
ت ْ ت َؽبُْم إِ ْسَر ًارا ۞ فَ ُق ْل ُ َسَرْر ُ
ِ ِ
است ْكبَ ًارا ۞ ُمثَّ إِِّين َد َع ْوتُ ُه ْم ج َه ًارا ۞ ُمثَّ إِِّين أ َْعلَ ُ
نت َؽبُْم َوأ ْ ْ
إِنَّو َكا َن َغ َّفارا﴾ .ىذه ليست قصةً خياليةً ،ىذه حقيقةٌ ،وقَع أن عاش -عليو السًلم -تسع ٍ
مائة َ ّ ً ُ
وطبسٌن سنةً ،وبعد ذلك؟ ؼبا بعِ
نوح اصّب: اّلل عليو الوحي ،فيقول لو مثل ما صّب ٌ النيب ﷺ ين ِزل ّ ّ ث
َ ُ
الر ُس ِل َوَال تَ ْستَ ْع ِجل َّؽبُْم﴾ ىذه -كما قلت -أجبديّة ،أي ىي ليس ِ
صبَ َر أُولُو الْ َعْزم ِم َن ُّ ﴿فَ ْ ِ
اص ّْب َك َما َ
صحيح
ٍ ٍ
بشكل فيها كبًن علم ،ولكنّها بدأت تفقد نيّتها ،بدأت تفقد فاعليّتها .فأان إذا كنت أعمل
الشرعي ،ويف قاموس الوحي ،ليس ّ اإلسًلمي
ّ مثّ مل تتح ّقق شبرةٌ ملموسةٌ ؽبذا العمل فهذا يف القاموس
حّت وب ّقق الثمرة، أين لست مكلًّفا بتجويد العمل ّ فشًل ،وأنتم تعلمون أن ىذا ال يعين ّ خسارًة وال ً
اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ النتيجة وإّمبا هبب أن أسعى أبفضل الوسائل ،ولكن إذا مل تتح ّقق ،فعند ّ
والتقوى.
ٕ) -يتبع النقطة األوىل ،نقطة سؤال الثمرة -إعادة مركزية االبتًلء ،آاثر االبتًلء يف موضعها
الصحيح يف فهم اؼبسلم .وىذه كما قلت ىذه يف مرحلة ما من اؼبراحل السابقة كانت أدبيّات أساسيّة
مثّ بدأت تُف َقد ،ىناك ابتًلء وىناك ُسنّة سبحيص.
احل أنت تكاد تصل فيها وىذا االبتًلء والتمحيص معناه أنّو ستأيت عليك ّأايم وستأيت عليك مر ٌ
تتغًن النتيجةيصورىا هبذه الطريقة ،وأنّو ابلثبات ،والصّب ،والتقوى ،واليقٌن ّ إىل اليأس ،والقرآن ّ
َس اضح ،فيقول سبحانو ﷻَ ﴿ :ح َّ ّٰت إِذَا ْ
استَ ْيأ َ بشكل و ٍ ٍ واؼبعادالت ،وىذا كما قلت :القرآن يّبزىا
صُرَان فَنُ ِّج َي َمن نَّ َشاءُ﴾ ،ويقول سبحانو وتعاىل ﷻ ﴿:أ َْم ِ
الر ُس ُل َوظَنُّوا أَنَّ ُه ْم قَ ْد ُكذبُوا َجاءَ ُى ْم نَ ْ
ُّ
اعبَنَّةَ﴾ أي: اعبَنَّةَ﴾ ليس معناىا أنكم لن تدخلوا اعبنّة﴿ ،أ َْم َح ِسْب تُ ْم أَن تَ ْد ُخلُوا ْ َح ِسْب تُ ْم أَن تَ ْد ُخلُوا ْ
ظن لديكم يف أنّكم يبكن أن تلجوا اعبنة أو تدخلوا فيها بدون ىذا الذي سيُذ َكر ،ال لن ىل ىناك ٌ
ين َخلَ ْوا ِمن قَ ْبلِ ُكم َّم َّسْت ُه ُم الْبَأْ َساءُ َوالضََّّراءُ َوُزلْ ِزلُوا﴾ إىل َّ ِ ِ
يكون ،ما الذي سيذكر؟ ﴿ َوؼبا َأيْت ُكم َّمثَ ُل الذ َ
ٔٔ
اّللِ أََال إِ َّن نَصر َِّ الرس ُ َّ ِ
أيضا ىذه اّلل قَ ِر ٌ
يب﴾ً ، َْ صُر َّ
ين َآمنُوا َم َعوُ َم َ ّٰت نَ ْ
ول َوالذ َ ول َّ ُ
أي مدى؟ ﴿ َح َّ ّٰت يَ ُق َ
أجبديّة ،وهبب أن يُ َعاد تفعيلها ،ويُ َعاد حضورىا.
جدا ،ةا ىي أعظم مثرةٍ تتح ّدقق دلا يُ َعاد تفعيل ىاتني
رّكزوا معي يف ىذه النقطة والفقرة اليسًنة ً
مطلوب منو العمل ،وليسٌ الندقطتني؟ ما ىي أعظم شبرةٍ تتح ّقق ؼبا يُ َعاد تفعيل نقطة أ ّن اإلنسان
مكل ًفا ابلنتائج؟ وؼبا تُ َف َّعل نقطة سنّة االبتًلء والتمحيص ،و ّأّنا سنّةٌ قاضيةٌ وماضيةٌ ،ما ىي أعظم شبرٍة
ترتسخ فيو ىاتٌن النقطتٌن؟
تتح ّقق ابلنسبة لإلنسان اؼبؤمن حٌن ّ
اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ أبعمالو ،أنّين أان أعمل وأان أعرف أنّو قد أعظم شبرةٍ تتح ّقق ىي ابتغاء وجو ّ
اب ال أ ِ
البخاري ،-وخبّ ٌ
ّ صل شيئًا من عملي ،ىذا يبكن أن آكل منو -كما قال خبّاب يف صحيح ُح ّ
َ
اّلل أال تدعوا لنا؟ أال تستنصر لنا؟"
للنيب ﷺ يف بداية الدعوة ،وقال" :اي رسول ّ ىو نفسو الذي جاء ّ
اب اآلن يتحدث بعد ما صارت ِ
النيب ﷺ" :لقد كان يؤتى ابلرجل من َمن كان قبلكم" ،خبّ ٌ وقال لو ّ
البخاري،
ّ أيضا ،كًل اغبديثٌن يف
البخاري ً
ّ الفتوحات ،وجاء اػبًن والرخاء ورب ّققت الوعود ،ىذا يف
اّلل"،
اّلل فوقع أجران على ّ
اّلل ،نبتغي وجو ّقال خبّاب" :خرجنا من م ّكة للمدينة ،وىاجران يف سبيل ّ
ت لو َشبََرتُوُ ،فَهو يَ ْه ِدبُ َها " أي :يقطفها وهبنيها ،واؼبقصود ابلثمرة ىنا :النصر،
قال" :فمنّا َمن أيْنَ َع ْ
مات ومل أي ُكل من أج ِرهِ شيئًا" -ىكذا قال ،-منهم :مصعب بن والفتح الدنيوي ،والغنائم" .ومنّا من َ
مثاال على من مات ومل أيكل من أجره عمًن ،وذُكِر أنّو حٌن قتل مل هبدوا لو ما يغطي بدنو ،فكان ً
شيء يف الرتاب ،وما حّت وجدوا لو شيئًا يغطّى فيو شيئا ،مصعب بن عمًن عمل وعمل ،وآخر ٍ
َ َ ً
لكن مرحلة الفوز والنعيم والعاقبة لديو.
وانتهى ،ىذه ىي الصورة الظاىرة ،و ّ
اّلل سبحانو وتعاىل ﷻ ،فإذا ما
فهذه الفكرة وىذه القضية إعادة تعريفها ،أنّو أان أعمل ابتغاء وجو ّ
كل ما يبكن أن ُوب ّقق ليس شرطًا ،ولذلك الثمرة ليست شرطًا للعمل ،وإن كان العمل شرطًا ربققت؟ ّ
جدا ،الثمرة ليست شرطًا للعمل ،وإن كان العمل شرطًا للثمرة ،ىذه خًلصة القاعدة ،وىي مهمةٌ ً
لكن العمل ال يتوقّف على اشرتاط الثمرة. للثمرة ،فًل يوجد شبرةٌ بدون ٍ
عمل ،و ّ
ٕٔ
إذًا ىذه النقطة األوىل يف الوقاية من سؤال اعبدوى والثمرة ،ىذه اآلن النقطة األوىل يف الوقاية من
إشكاليّة سؤال جدوى الثمرة.
ٖٔ
خروجها اؼبفروض؛ اؼبفرتض أن أدرك أنّين ال أستعجل الثمرة ،وال أختزل اغبلول ،وال أقدم الواقع على
أبدا.
تنحل؟ ال ً
قليًل ،وصراحة ّ ط ،وأنّو اعمل أنت فقط ً اقع بسي ٌ
أنّو و ٌ
جدا وتقول :فبتاز ،أان
نفسا عمي ًقا ً ٍ
اّلل -تتح ّقق بعد ىذا ،ىو أن أتخذ ً
فأول قناعة -إن شاء ّّ
شيء من اؼبشكًلت، مادام ىذا الواقع كذلك فأان انتهى دوري ىنا ،أي :أان علي أن أُس ِهم يف حل ٍ
ّ ّ
اّلل -يدير العجلة إىل األمام ،وحبسب قدرة اإلنسان ،وحبسب موقعو.
ولعلّو -إن شاء ّ
قد أييت إنسان لديو من القدرة واإلمكان ،والوعي والفهم والعلم ،والتأثًن ما يبكنو أن يغطّي
مساحةً أوسع من مشكًلت الواقع ،وحبسب إمكاانت اإلنسان وىذا سيأيت اغبديث عنو -إن شاء
مضاد للتحطيم ،مضاد لإلحباط،
أبدا ابلعكس ،ىذا ّ ربطيما ً
اّلل ،-لكن ىذه فقط إشارة ،فهذا ليس ً ّ
جدا ،وإن بدا يف صورتو ؿبطّ ًما.
مهم ً
ىذا شيءٌ ّّ
الندقط :الثالث::
احلل والثمرة،
ةسهم يف ّ
ٌ النقطة الثالثة -وىي مبنيّة على النقطة الثانية -ىي :ضرورة إدراك أنّك
ادلتفرد بصناعتها وتدقمميها ،وىذا أشرت لو يف النقطة السابقة ،ولكنّو ىنا نقطةٌ مستقلّةٌ ،فأان
ولست ّ
غاية ما سأقدمو أنّين مس ِهم ،مّت ما عرفت نفسي أنّين اؼبصلح الشمويل الذي سيغًن كل ٍ
شيء، ّ ّ ّ ُ ٌ ّ
سأكتشف بعد م ّدةٍ أنّين أعطيت نفسي أكّب ِمن ما يبكن أن أق ّدم.
التخصص ،وينبين عليو قضيّة اؼبشاريع ،وينبين عليو قضيّة التكامل فيما بيننا
ّ وينبين على ىذا قضيّة
كنت مسه ًما ستحتاج القضيّة إىل مسهمٌن آخرين، كعاملٌن ،ومصلحٌن .فأان أعلم أنّين مسه ٌم ،وإذا َ
وإال لن تكتمل الصورة ،وىذا ُوب ِدث حالةً من ا﵀بّة ،ومن التعاون بٌن العاملٌن؛ ألنّك تدرك أنّك ّ
مسه ّم ،وأنّك ربتاج إىل اآلخرين؛ حّت يرفعوا معك ىذه الصخرة اليت أغلقت الغار.
الندقط :الرابع::
مرةٌ
جدا- ،وىذه ّ مهمةٌ ً
-وىذا تقريبًا ذكرانه أمس مع الشباب ،كان يف درس ،-ىذه نقطةٌ عمليّةٌ ّ
جدا وعمليِّا،
مهمةٌ ً
معي يف ىذا ،بعض النقاط وىذه نقطةٌ ّ اثنيةٌ ،-وأان الثالث أقول لكم رّكزوا َ
ٗٔ
كررهتا عليكم يف ا﵀اضرات القادمة ،إذ أان عندي شيء من فوبيا التكرار،
وليست مشكلةً ،حّت لو ّ
النيب
يتكرر ،وكان ّ اؼبرة اؼباضية ،ليس ىناك مشكلة ،مه ٌم أن ّ
إين أقول شيئًا يف ّ
نفور زائ ٌد ّ
أحياان عندي ٌ
ً
فهم عنو.
ﷺ يعيد الكلمة ثًل ًاث لتُ َ
األمة
جدا إلدراك الثغور الكّبى اؼبؤثّرة يف خارطة مشكًلت ّ جدا ًضروري ً
ٌ احتياج
ٌ ىناك
اإلسًلميّة ،والثغور الصغرى اليت أعمل عليها أان ،وأتعامل معها ،وأنت تعمل عليها ،والثالث والرابع،
عمل عليو.
وإقامة اعبسور بٌن الثغر الصغًن ،وبٌن الثغور الكّبى اليت يُ َ
أيضا ذكرت ىذا اؼبثال ،-السبب ثغر اؼبشكًلت الفكريّة والعقديّة اليت تواجو اعبيل مثال -وأمس ً
ثغر كبًنٌ ،أليس كذلك؟ إغباد ،علمانيّة ليّباليّة ،نسويّة ،شذوذٌ من الناحية الفكريّة … ،إىل
والشباب ٌ
جدا :مواقع ،شخصيات، صور كثًنةٌ ًجدا ،وؼبا أتيت لتفتّتو ،ما ىي صوره؟ ال تنتهيٌ ،
آخره والثغر كبًن ً
جدا ،ىذا ابعتبار ،وابعتبا ٍر آخر دبقدار اؼبتأثّرين،
كتب ،رموز ،ؿباضن … ،إىل آخره أشياءٌ كثًنةٌ ً
قسم فما تنتهي.
وابعتبار تُ ّ
الرد على الشبهات اإلغباديّة ،حسنًا؟ فبتاز هللا هبزيك اػبًن ،عندما
كتب يف ّأان أريد أتليف طبسة ٍ
األمة اإلسًلميّة،
أحرر ّ
جالسا ّ
آيت أان أؤلّف ىذه الكتب ،أان هبب أن أفهم أين أعمل أان؟ أان لست ً
جدا.
ثغور كّبى كثًنةٌ ً
األمة اإلسًلميّة فيها ٌ
و ّ
واحدةٌ ِمن ىذه الثغور الكّبى :اإلشكاالت الفكريّة العقديّة اليت أحدىا اإلغباد ،فأان أعمل يف
التحدايت الفكريّة
ّ ثغ ٍر صغ ًٍن يف معاعبة مشكلة اإلغباد اليت تنتمي إىل الثغر الكبًن ،الذي ىو
والعقديّة ،وطبيعة معاعبيت ؽبا ليس يف القضاء على مشكلة اإلغباد ،وإّمبا توفًن مادةٍ مرجعيّ ٍة يبكن
االستفادة منها يف ىذا الباب ،رائع ال تع ّدل وال تنقص؟ نفس الكتب اليت كنت ستألفها قبل ىذا
التصور ،لكن الفرق ىو أنّك تدرك أين موقع عملك؟ التصور ىي نفسها اليت ستألّفها بعد ىذا ّّ
وكيف زبدم اإلسًلم؟ وإىل أين يوصل ىذا العمل؟ فضرورة الربط الدائم بٌن الثغر الصغًن ،والثغر
الكبًن.
٘ٔ
مثاال دبعلّم ربفيظ القرآن ،فمعلّم ربفيظ القرآن قد يسأل السؤال :ىل ىناك أيضا ضربت ً
أان ً
جدوى من اشتغايل بتحفيظ القرآن ،وكل ىذه اؼبشاكل موجودة وربدث يف واقع اؼبسلمٌن؟ ىل أان
تصورك لعملك ،وما يؤثّره على أين أخدع نفسي؟ فأان كان جوايب أنّو حبسب ّ حقيقي أم ّ على ٍ
أساس
ّ
طبيعة عملك ،سيكون اعبواب إما نعم أو ال ،وذلك كما يلي :إذا كنت تعتقد أ ّن غاية ما تق ّدمو ىو
الطًلب؛ ليظهروا على مثل يتخرج عندك ؾبموعةٌ من ّ ٍ
ربفيظ القرآن ،وأ ّن أقصى شبرة رب ّققها ىي إن ّ
عمل
اؼبنصة يف ّناية العام ،ويكرمك حفظة كتاب هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ،فأان أقول لك ىذا ٌ ىذه ّ
صاحلٌ وخًن .لكن كمعاعبة مشروع رسالة ػبدمة اإلسًلم واؼبسلمٌن ومعاعبة الثغور ،فرأيي الشخصي:
ال .مّت ميكن أن يكون على ثغ ٍر حدقيدقي؟ إذا كان كما يلي
طًلبو وغرس فيهم أ ّن حفظ القرآن وسيلةٌ وليس غاية ،فهذه نقطة رقم إذا اقتنع ىو ّأوًال ،مثّ أقنع ّ
واحد ،وأنّو إذا كان الغاية النهائيّة اليت تريد أن تصل إليها ىو أن ربفظ القرآن ،فا﵁ يتقبّل ،ولكن
كل العلوم الشرعيّة
ترى ىذه الغاية ليست ىي الغاية اغبقيقيّة ىذه وسيلة ،بل ليس فقط القرآن ،وإمبا ّ
ىي وسيلة وكلّها وسيلة ،ليست غاية ،فإذا غرست يف طالبك أ ّن حفظ القرآن ىو وسيلةٌ وليس غايةً،
ٍ
غاايت معيّ ٍنة ،وىي: وأ ّن ىذه الوسيلة رب ّقق
ٔ) تعظيم كتاب هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ،وأن يكون لو ىيبةٌ يف النفس ،وسطوة على القلب
والضمًن.
التبصر دبعامل اإلسًلم الكّبى …وإىل آخره. ٍ
عملي لك يف ّ استمداد ٍّ مصدر
َ ٕ) أن يكون
ٖ) أن تكون من أىل القيام بو يف الليل ،أو يف النهار ،من أىل القيام بو يف الصًلة.
ٍ
بشكل عام. ٗ) أن تكون من أىل العمل بو
٘) أن يكون وسيلةً للتف ّقو يف ىذا الكتاب بعد ذلك ،أي :ؼبا سبتلك أدوات التف ّقو ،وىذا التفقو
تعليم …إىل آخره.الذي يف بطنو ٌ
فعًل على
فالغاايت كثًنة وليس ابلضرورة أن تتح ّقق كلّها ،لكن حٌن تُغرس مثل ىذه اؼبعاين فأان ً
ثغ ٍر ،وأان أُخرج ّ
لألمة اإلسًلميّة حفظةً لكتاب هللا يعظّمون ىذا الكتاب ،ويعتّبون تعظيمو غاية،
ويفعلونو كمرجعيّة ،ويقومون بو ،ويعملون بو ،ويعلّمونو ،وينشرونو.
ّ
ٔٙ
فعًل
كل ىذه الغاايت- ،لكن ىنا -يبكن أن نقول أنّو ً طبعا كما قلت ليس ابلضرورة رب ّقق ّ ً
اإلنسان مّت وب ّقق ىذا الشيء؟ يتح ّقق ىذا الشيء حٌن ربدث ىذه النقطة .أن أدرك أين الثغر
فعًل أان أعمل على ثغر؟ إذا تصورت أ ّن ىناك ّبواابت كّبى الذي أعمل فيو؟ ومّت أقول أنّو ً
للمشكًلت أو للثغور ،وأ ّن ىذا اؼبشروع الذي أعمل فيو ىو موصل للحل يف ٍ
شيء من األشياء، ٌ ّ
موصًل إىل حلول ،ولكن وجود َضبَ ٍلة لكتاب هللا ﷻ من أىل القرآن
ً ؾبرد اغبفظ ليس
وكما تعلمون ّ
اؼبعظّمٌن لو ،القائمٌن بو ،اؼبستنًنة وجوىهم بو وقلوهبم بو ،ىذا زبريج ٍ
ألانس وبتاجهم اؼبسلمون.
أصًل
أمًل؟" واؼبادة ىي ً
مادة "كيف نكون ً جدا من ّ جدا ًعموما ىذه بعض النقاط ،وىي ـبتصرةٌ ً ً
تتكلّم يف ىذه النقطة ،يف قضيّة الثغور ،وكيف وب ّدد اإلنسان الدرجة؟ وما إىل ذلك ،لكن ىذه فقط
اؼبادة عن التزكية ،فنحتاج توصيل العًلئق
اؼبادة عن التزكية ،وأل ّن ّ
إشارةٌ سريعةٌ ،الحظ اآلن أ ّن ىذه ّ
قليًل ،كبن عندما تكلّمنا عن التزكية كمركزيّة ،وأنبيتها ووسائلها ومعاؼبها و...إىل آخره ،مثّ تكلّمنا عن
ً
شبهات
ٌ العوائق اليت تقطع طريق التزكية ،وقلنا أحد ىذه العوائق ىو الشبهات ،وأحد ىذه الشبهات
منهجيّة ،وأحد ىذه الشبهات اؼبنهجيّة للمصلحٌن اليوم ىو سؤال اعبدوى والثمرة ،فقد يكون ىذا
قاطعا من قطّاع الطريق الذي تريد الوصول إليو ،ولذلك قاطعا لك يف الطريقً ، السؤال بطبيعتو ىذه ً
اعبواب عن مثل ىذا اإلشكال ىو من اؼبعينات يف قضيّة التزكية.
شبهات كثًنةٌ يف قضيّة
ٌ جدا على عنوان الشبهات ،بقيت
جدا ً
ـبتزٌل ً
مرور َ
دعوان نعتّب أ ّن ىذا ٌ
لكل ،القسم اآلخر من عوائق التزكية ما ىو؟
نستدل ابعبزء على ا ّ
ّ عًلقتها ابلتزكية ،لكن دعوان
الشهوات.
الشهوات:
جدا حٌن نتكلم عن الشهوات أن كبصرىا يف الشهوات سأنبّو ىنا أنّو من األخطاء الكبًنة ً
الضروري أن نبدأ ابلشهوات القلبية .وشهوات القلب ىي األساس اؼبولّد ّ اعبسديّة ،ألنّو من
اضا ،أو أمراض القلوب ،وذكرىا
لًلكبرافات يف اعبسد ،وقد ظبّاىا هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يف كتابو أمر ً
يف مواضع كثًنة،
ٔٚ
وىي تندقسم إىل قسمني أمراض قلوب من انحية الشبهات وأمراض قلوب من انحية الشهوات.
من اآلايت القرآنية اليت ذُكر فيها (مرض القلب) واؼبقصود بو مرض القلب من انحية الشبهات:
ِ ِِ
ب ضا﴾ يف سياق اؼبنافقٌن ،وقولو ﷻ﴿ :أ َْم َحس َ اّللُ َمَر ً
ض فَ َز َاد ُى ُم َّ قولو تعاىل ﷻِ﴿ :يف قُلُوهب ْم َمَر ٌ
ٰت ك ٱلْ ِك ٰتَ ِ اّلل أَضغَانَهم﴾﴿ ،ىو ٱلَّ ِ َ الَّ ِذين ِيف قُلُوهبِِ
ب مْنوُ ءَايَ ٌ َ َ ي
َْل ع
َ لََنز
َ أ ى
ٓ ذ َ ُ ْ ُ ْ ُ َّ ِج
َ ر ىب
ْ ُ ن
ْ ل
َ نْ أ ض
ٌ ر م
َ
ْ َ م َ
ين ِِف قُلُوهبِِ ْم َزيْ ٌغ فَيَ تَّبِعُو َن َما تَ َٰشبَوَ ِمْنوُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْ ِفْت نَ ِة َّ ِ
ت فَأ ََّما ٱلذ َ ُخُر ُمتَ َٰشبِ َٰه ٌب َوأ َ ت ُى َّن أ ُُّم ٱلْ ِك ٰتَ ُِّْؿب َك َٰم ٌ
مثال دقيق جدا ،ألنّو جاء يف سياق شبهات مع وجود شهوة وىوى﴿ ،أَِيف َوٱبْتِغَآءَ َأتْ ِويلِ ٍو﴾ ،وىو ٌ
يوضح لنا أ ّن اؼبقصود ابلشبهات ليس الشبهات اؼبعرفية ،كأن ض أَِم ْارَاتبُوا﴾ ،وىذا السياق ّ ِِ
قُلُوهب ْم َمَر ٌ
اض متعلقة أبصل اإليبان وىو الريب ،الشك والنفاق. كتااب معيّ نًا ،بل القصد ىي أمر ٌ يقرأ ً
ض ْع َن ِابلْ َق ْوِل الشهوات ،قولو تعاىل ﷻ﴿ :فَ ًَل َىبْ َ و ّأما اؼبواضع اليت ذُكر مرض القلب وقُصد بو ّ
ِِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ضين ِيف قُلُوهب ْم َمَر ٌ ض﴾ ،وأيضا يف نفس السورة﴿ :لَئ ْن َملْ يَْن تَو اؼبُنَاف ُقو َن َوالذ َ فَيَطْ َم َع الذي ِيف قَ ْلبِو َمَر ٌ
َّك هبِِ ْم﴾ ،أل ّن اآلية اليت قبلها ىي آية اغبجاب .حسنًا إذن ،فالقرآن ِ ِ
َوالْ ُمْرج ُفو َن ِيف اؼبدينَ ِة لَنُ ْغ ِريَن َ
َ
الريب والشك والنفاق -وأغلب اضا للقلوب ،وىذه األمراض شيء منها راجع إىل ّ يثبت أن ىناك أمر ً
ما أييت من أمراض القلوب يف مثل ىذا السياق ىو األمراض اؼبتعلقة ابلنفاق.
جدا هبب إعادة االىتمام بو إىل الدرجة العليا ،ألنّو ال يُذكر يف
والنفاق يف القرآن مبحث عظيم ً
صورا من
القرآن أبنو ؾبرد إبطان الكفر وإظهار اإليبان ،بل يذكر هللا سبحانو وتعاىل ﷻ على اؼبنافقٌن ً
الشعيب (على قفا من تدل على نفاقهم ،وىذه األعمال نراىا اليوم يف الواقع كما يقول اؼبثل ّ األعمال ّ
يشيل) ،أي أّنا كثًنةٌ ج ّدا.
فمن صور النفاق اليت يذكرىا هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يف القرآن ،واليت ذبدىا يف الواقع كثًنة قول
ى أ َۡولِيآ َۘء ب ۡعضه ۡم أ َۡولِيآء ب ۡع ۚ ِ ۡ َّ ِ
ض ين ءَ َامنُواْ َ ۡال تَتَّخ ُذواْ َ ُ َ َ َ َ ٰٓ َ َ َ ُ ُ َ ُ َ
ٰرَّصنٱلو ود ه ي ٱل هللا سبحانو وتعاىل ﷻَٰٓ ﴿ :أيَيُّ َها ٱلذ َ
ٱّلل َال ي ۡه ِدي ٱل َق ۡوم ٱل ٰظَّلِ ِمٌن ۞ فَت رى ٱلَّ ِ َّ ِ ۡ ِ ِ ۡ ۡۗۡ
ين ِيف قُلُوهبِِم َّمَرض يُ َٰس ِرعُو َن َ ذ َ ۡ َۡ َ َ َ َ َّ نَّ ِإ م َوَمن يَتَ َوؽبُم ّمن ُكم فَإنَّوُۥ من ُه
ٱّلل أَن أيِيت بِٱل َف ۡت ِح أ َۡو أ َۡمر ِم ۡن ِع ِ ِۚ فِي ِه ۡم ي ُقولُو َن َ ۡلب َش ٓى أَن تُ ِ
ندهِۦ فَيُ ۡصبِ ُحواْ َعلَ ٰى َمآ ّ َ َ َ ََ ُ َ َ َّ ى س ع ف
َ ة
ر ئ ا
ٓ د ان
َ يب ص ٰ َ
ۡۚ ۡ ۡ
ٱّللِ َج ۡه َد أَيبَٰنِ ِه ۡم إِنَّ ُه ۡم لَ َم َع ُكم
ين أَق َس ُمواْ بِ َّ
َ
ول ٱلَّ ِذين ءامن واْ أ َٰٓىؤَالٓ ِء ٱلَّ ِ
ذ ُ َ ٓ ُ َ َ َ ُ قُ َيوَ ۞ ٌن
َ مأَسُّرواْ ِيف أَن ُف ِس ِه ۡم نَٰ ِد ِ
َ ٓ
ٔٛ
ۡ َصبحواْ ٰخ ِس ِرين ۞ ٰٓأيَيُّها ٱلَّ ِذين ءامنواْ من ي ۡرت َّد ِمن ُك ۡم عن ِدينِ ِوۦ فس ۡ حبِط ۡت أ َۡع ٰمله ۡم فأ ۡ
ٱّلل ِ
ف َأييت َُّو
َ َ َ َ َ َ َُ َ َ َ َ ُُ َ َ ُ َ ۡ َ َ َ َ َ
ۡ ِِ ٍِ ۡ ِ ۡ ِ
ٌن﴾ ،إىل آخر اآلايت. بَِقوم ُوببُّ ُهم َوُوببُّونَٓوُۥ أَذلَّة َعلَى ٱل ُمؤمن َ
أي أنو عرض ضعف اؼبنافق وميلو إىل القوي وإىل أعداء هللا سبحانو وتعاىل ﷻ ،وطعنو يف
اؼبؤمنٌن والتشكيك فيهم ويف مسًنهتم وؿباولة إسقاطهم .فهذا كلو من صور النفاق اؼبوجودة يف
الواقع ،واليت يعرضها القرآن بشكل مكثف.
كان ابن عباس يقول عن سورة التوبة -اليت ظبيت الفاضحة -أّنا ما زالت تنزل "ومنهم ،ومنهم،
ومنهم" يف سورة التوبة .فالنفاق من أمراض القلوب اليت هبب االنتباه إليها وهبب إبرازىا حّت تكون
مكشوفة وواضحةً ويُعلم ّأّنا من أمراض القلوب.
قلنا أنو من اػبطأ عند اغبديث عن الشهوات أن ُربصر يف اعبسدية ،وإمبا هبب اغبديث عن
ت
صلَ َح ْ اعبَ َس ِد ُم ْ
ضغَةً إ َذا َ إن ِيف ْ
الشهوات القلبية ،واليت ىي األساس اؼبولّد للشهوات اعبسدية " َأال َو َّ
ب" ل
ْ ق
َ ال يىصلَح اعبس ُد ُكلَّو وإ َذا فَس َدت فَس َد اعبس ُد ُكلَّو َأال وِ
ُ َ َ ََ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ
ما ىي الشهوات القلبية؟ الكّب ،الرايء ،حب اعباه والوصولية ،اغبسد... ،إىل آخره.
ّأما الشهوات اعبسدية فهي معلومة وىي الشهوات اؼبتعلقة ابلعًلقة ابعبنس اآلخر ،وشهوات
النظر ،وإطًلق البصر .فهذان النوعان من الشهوات من أعظم ما يعوق اإلنسان عن التزكية ،والعًلقة
بٌن أتثًن ىذه الشهوات على التزكية سواء من جهتها القلبية أو اعبسدية عًلقة واضحة.
بطبيعة اغبال ،ال يبكن أن نستعرض أمراض أو شهوات القلب واحد ًة واحدة ،ونتكلّم عنها وعن
جدا. عًلجها يف مثل ىذا اللقاء ،ألن كل و ٍ
احد منها وبتاج لقاءً .لكنّنا سنذكر معامل سريعة وـبتصرة ً ّ
ةعامل حول الشهوات
ادلعلم األول:
كثًنا من اؼبشكًلت والتحدايت اليت ن
ّ أ وىو اقع.و ال من أول معلٍَم سيكون كاش ًفا عن ٍ
شيء
ً َْ
ربدث للمصلحٌن وبٌن اؼبصلحٌن أتخذ يف صورهتا الظاىرة عناوين كثًنة منها عناوين فكرية ومنها
ٜٔ
عناوين منهجية ويف كثًن منها ذبد أن عناوينها اغبقيقية ىي عناوين قلبية داخليةّ .إما من اغبسد أو
الكّب اؼبتمثّل يف رد اغبق أو من غًن ذلك.
يتم االىتمام برصد الواقع من ىذه الناحية وإهباد اغبلول .وخبصوص
ولذلك فإنّو من الضروري أن ّ
احدا منها عن أثر
مطلواب يف ال ّدفعة اؼباضية ثًلثة عناوين إلزامية للبحث ،وكان و ً
ً ىذا ،أذكر أنو كان
ضعف التزكية على اػبًلفات بٌن العاملٌن يف الوسط اإلسًلمي .لذلك فإ ّن ؾبرد طرح اؼبوضوع
واالىتمام بو ىو خطوة يف طريق التخفيف من آاثره.
ادلعلم الثاين:
نسميو مبعلم ثالثي :ادلعرف ::معرفة ّ
الرب ىبص سبيل الوقاي :ةن الشهوات الدقلبي :ويبكن أن ّ
ّ
ومعرفة النفس معرفة اػبلق.
ىذه الثًلثية العجيبة ،تبدو كأّنا مروحة سريعة تدور تنُهي وتطرد وتُبعد األمراض القلبية عن
آاثر واضحة .فكلما ربققت معرفة الرب يفاإلنسان ،وينبغي عدم االستهانة هبا ألن ؽبا –عمليّاً -
لئًل تؤثر فيو أو تدخل عليو
أتىل اإلنسان ّ
القلب ،ومعرفة النفس يف القلب ،ومعرفة اػبلق يف القلبّ ،
الشهوات القلبية.
)3ةعرف :النفس ،من جهة أن نفسك ىذه اليت تريد أن تقدمها للناس كاملة صافية ،أنت أعلم
الناس هبا ،فلسان حالك يقول" :اي نفسي دعينا نسرت ما بيين وبينك ،فأنت تعلمٌن أن ذنوبك
ونقصك وتقصًناتك لو خرجت ؼبن ترائٌن ؽبم ؼبا التفتوا إليك".
ٕٓ
)3وأةا ةعرف :اخللق ،أي أن ىؤالء اػبلق الذين رفعتهم إىل درجة حبيث أنك جعلت نظر هللا
لعبادتك ونظر الناس وآراءىم يف ك ّفة واحدة ،ال يستح ّقون ىذا حّت من الناحية اؼبلموسة ومن انحية
تضحي بعبادتك
اؼبكتسبات .أي ؼباذا تُرائي النّاس؟ لتنال عندىم حظوة ومكان؟ فهل يستحقون أن ّ
من أجل ذلك؟ إ ّن أكّب ضرر يبكن أن ينالك يف حياتك ىو من ىؤالء اػبلق أنفسهم .فإذا صفقوا
غدا.
لك اليوم ،يبكن أن يرصبوك ابغبجارة ً
إذن ،معرفة الرب ومعرفة النفس ومعرفة اػبلق ،ىي ثًلثيةٌ طاردةٌ لكثًن من األمراض والشهوات
ومعينة يف التخ ّفف من آاثرىا وأثقاؽبا.
وحب اعباهُ ،
القلبية ،ومن ضمنها طبعا العجب والكّب ّ
ادلعلم الثّالث:
ُ
ىو دوام التزكي ،:أي أ ّن استحضار معىن االحتياج الدائم إىل التزكية ىو من أعظم اؼبعينات على
التطهر من كًل الشهوات القلبية اعبسدية.
ادلعلم الرابع:
ُ
ىو عمم إسدقاط النفس عنم اخلطأ .ففي الكًلم عن سياق اؼبصلحٌن ،قد وبدث أن يسقط
اؼبصلح نفسو ألنو وقع يف ٍ
ذنب ما ،قائًلً لنفسو" :أنت اي من تؤمل اآلمال الكثًنة ،وربلم أن ستفعل
وتفعل بعد عشرة أو طبس عشرة سنة ،وأنت اي من ق ّدمك الناس تقع يف ذنب أو تقصًن أو كذا".
فإسقاط النفس وإبعادىا عن طريق الصًلح واإلصًلح بسبب الذنوب ىو من حيل الشيطان ،أل ّن
ْب ِ ِ َّها ٍر َوُزلًَفا ِم َن اللَّْي ِل َّ ِ
إن اغبَ َسنَات يُ ْذى ْ َ يف الن َ
الص ًَلةَ طََر َْ
هللا سبحانو وتعاىل ﷻ يقولَ ﴿ :وأق ْم ّ
ات﴾.السيِئ ِ
َّ َّ
يد من العمل ال للتوقف من العمل .وابؼبناسبة، زل اإلنسان أو وقع فليكن ىذا دافعا لو ؼبز ٍ فإذا ّ
ً
احدا من مك ّفرات الذنوب ىو األمر ابؼبعروف والنهي عن اؼبنكر ،الذي ىو ربت عنوان فإ ّن و ً
الر ُج ِل ِيف ْأىلِ ِو َوَمالِِو تُ َك ِّفُرَىا َّ
الص ًَلةُ اإلصًلح ،فقد ورد يف البخاري من حديث النيب ﷺ" :فِْت نَةُ َّ
ِ
َّه ُي َع ِن اؼبْن َك ِر" ،أو كما قال عليو الصًلة والسًلم .الحظ أ ّن األمر األمُر ِابؼبَْعُروف َوالن ْ
الص َدقَةُ َو ْ
َو َّ
طبعا عن حالة اؼبنافق ،الذي أيمر ابؼبعروف مكفر للذنوب ،وىذا ىبتلف ً ابؼبعروف والنهي عن اؼبنكر ٌ
ٕٔ
وال أيتيو ،وينهى عن اؼبنكر وأيتيوّ .أما الذي أيمر ابؼبعروف وينهى عن اؼبنكر ويدعو اىل اػبًن ،مث
غلبتو نفسو ،وغلبو الشيطان فأسقطو أذنب ووقع وعصا ،ال ينبغي أن يسقط نفسو ويبعدىا ويقول
إنين ال أصلح .فهذا من حيل الشيطان اليت يبكن أن تقعد اإلنسان وهبب أن يَُراعى ذلك.
ادلعلم اخلاةس:
ُ
واألخًن يف الوقاي :ةن قضي :الشهوات دوام االستغفار والتوب :واالستبشار هبذه ادلماوة ، :يف
ال ُسْب َحانَوُ َوتعاىل ﷻ ت فَا ْغ ِفْر ِيل فَ َق َ ال َرِّيب أ ْذنَْب ُب َذنْبًا فَ َق َ البخاري قال النيب ﷺَّ " :
أن َعْب ًدا أ ْذنَ َ
ت فَا ْغ ِفْر ِيل ال َرِّيب أَ ْذنَْب ُب فَ َق َ َ ن
َ ذ
ْ أ مث
َُّ ي الذنْب وأيْخ ُذ بِِوَ ،غ َفرت لِعب ِ
د ْ َ ُ ْ ُ َ ََ َّ ر أن لَو رِّاب ي ْغ ِ
ف
َ َ ُ ُ َّ ي علِم عب ِ
د َ َ َْ
ال ُسْب َحانَوُ فَ ْليَ ْع َم ْل َما ت لِ َعْب ِدي َوِيف الثَّالِثَِة قَ َ ِ
ب َو َأيْ ُخ ُذ بِو َغ َفْر ُ ِ َّ
أن لَوُ َرِّاب يَ ْغفُر الذنْ َ ال َعلِ َم َعْب ِدي َّ
فَ َق َ
َشاءَ" ،وكلمة "فليعمل ما شاء" -ليست دبعين فليذنب كماء يشاء -بل معناىا أنين سأغفر لو طاؼبا
أنو يستغفر ،ولو عاد واستغفر فسأغفر لو ،ولو عاد فاستغفر فسأغفر لو.
أيضا ابآلايت األخرى ،أنو ال يكون من نيّة اإلنسان عند التوبة واالستغفار أنو مفهوم ً
ٌ وىذا
سيعود لل ّذنب .ولكن إذا غلبتو نفسو وعاد ،مث استغفر واتب يغفر هللا لو ،وىكذا.
فبا﵁ عليكم أليس آخر إنسان ينبغي أن يُسقط نفسو من الطريق بسبب الذنوب ىو اإلنسان
السائر اؼبصلح العامل؟ ؼباذا؟ أل ّن ىذه الذنوب برغم ما فيها من الشر ،ىي من اػبًن الذي تذخره
ّ
لنفسك حّت تذبح -الحقا إن شاء هللا -صنم الغرور يف نفسك والعُجب ،مث حٌن يبلغك هللا
ٍ
مقامات عالية ،وهبعلك يف مقام الُنصح واإلرشاد والتوجيو وىداية اػبلق مثًلً، سبحانو وتعاىل ﷻ
ففي ذاك الوقت تتذكر الذنب وتقول ىذا من فضل ريب ،فلو أخذك هللا بذاك الذنب أو أظهره ؼبا
استمع إليك أحد.
انكسارا ّإال إذا أراد اإلنسان أن يكابر ،فهذا
وىذه من فوائد الذنوب أّنا ذبعل يف النفس كسرة و ً
لكن ىذا من فوائد الذنوب،
صر عليوّ . شيءٌ آخر .والكّب ليس لو دواء إذا كانت إرادة اإلنسان أن يُ ّ
كبًنا ،ومن صبلتو أ ّن ىذه الذنوب ىادمةٌ ٍ
خًن ًوىذا يقع ربت عنوان أكّب وىو أن يف وجود الشر ً
ألصنام التكّب داخل النفس.
ٕٕ
فهذه إذن طبسة أموٍر ٍ
معينة إبذن هللا على التفاعل مع عائق التزكية من جهة الشهوات.
ةؤشرات التزكي:
مستقل بعد
ّ وآخر عنوان أختم بو ،وىو آخر عنوان يف سلسلة التزكية؛ اؼبؤشرات .وىو عنوا ٌن
العوائق وال عًلقة لو بو.
فاؼبؤشرات إذا ُوِجدت يف اإلنسان فإّنا عًلمةٌ على أنو يسًن يف الطريق الصحيح يف التزكية ،فنقول
دال على أن التزكية تتحقق يف اإلنسان أو ربققت فيو إبذن تعاىل ﷻ .وأنتم تعلمون أن أن وجودىا ّّ
ُ
التحقق ليس ىو الضمان ،ولكنّو عًلمة على الطريق الصحيح.
ادلؤشر األول:
وىو دوام استحضار ةراقب :هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وتذكر المار اآلخرة .فهذا من عًلمات
ظ
صحة التزكية ،أي أن اإلنسان دائم االستحضار .وما الذي يعاكس ىذا اؼبؤشر؟ الغفلة .وىي لف ٌ
قرآينّّ واضح.
فالذي يكون يف أكثر أحوالو غافًلً عن االستحضار إىل أن أتيت موعظةٌ بعد ثًلثة أسابيع ،تذ ّكِره
غافًل وأييت رمضان ويرتفع قطعا التزكية عنده انقصة .وأكثر منو إذا كان يف أكثر العام ً فهذا ً
االستحضار ،مث بعد رمضان مباشرة يعود مرة أخرى ؼبا كان ،فهذا مؤشر على نقص التزكية.
ادلؤشر الثاين:
التدقوى وحماذرة الذنوب وخاص :يف اخللوات ،وىذا مؤشر من اؼبؤشرات الواضحة على ربقق
التزكية وصحة التزكية عند اإلنسان.
أيضا ،أي إذا كنت ال تشرب
التقوى وؿباذرة الذنوب يف اػبلوات خاصة ،وعند معارضة اؽبوى ً
أساسا ،بل وقد تكون لك ذكرى سيئة جدا ،مثًل يوم مررت أمام ٍّ
ؿبل اػبمر ،ومل تفكر يف ذلك ً
ٖٕ
أمر
اغبمد ﵁ ىذا ٌ
تُشرب فيو اػبمور وكانت تنبعث منو رائحةٌ كريهة ،فأنت كارهٌ للموضوع كلّوُ .
طيّب ،لكنو ليس اؼبقصود ىنا.
داع ،فالتجار مثًل يف كث ًٍن من اؼبعامًلت
إمبا ؿباذرة الذنوب واالبتعاد عنها فيما يف نفسك إليو ٍ
اؼبالية تكون فيها ؿبرمات واضحة .فالتقوى ىنا ابلنسبة ؼبن يتعامل ابؼبال ىي يف اجتناب ا﵀رمات
عموما وقس على ذلك .الب ّد من التنبيو ىنا أن اػبطأ أو الزلل ال يتعارض مع التزكية ،وإمبا
اؼبالية ً
القصد أن يكون شعاره العام يف حياتو ىو ؿباذرة الذنوب.
ادلؤشر الثالث:
تعظيم شعائر هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وأةره وّنيو واخلوف ةن خمالف :أةره ،وال أتكلم ىنا عن
ت قُلُوبُ ُه ْم﴾ ،ىذا الوجل ِ ِ الناحية العملية ،وإمبا عن التعظيم ال ّداخليِ ﴿ :
ين إ َذا ذُكَر هللا َوجلَ ْ
َ الذ
واػبوف من أعظم مؤشرات التزكية .كما أن تعظيم شعائر هللا ال يكون ابػبوف فحسب ،بل قد
يتمثل يف احرتام وتقدير ووجود اؽبيبة ؼبا عظّمو هللا سبحانو وتعاىل ﷻ.
ادلؤشر الرابع:
نسب :النعم هلل سبحانو وتعاىل ﷻ وخاص :وقت الصعود واإلجناز ،وىذا من عًلمات التزكية.
وأعظم نسبة للنعم إىل هللا ىي اليت تتحقق داخل نفسك ،فنحن ابلغالب معتادون على عبارات مثل
"اغبمد ﵁"" ،كلو بفضل هللا" ،لكن اؼبعىن األعظم من ىذا ىو حٌن تبحث وتبعد األشياء اليت يف
نفسك ،فتلتقط اؼبعىن الداخلي اؼبستقر ،فيكون عندك قناعة حقيقية بفضل هللا عليك ونعمتو عليك
فيما أقبزت .وىذا صعب ،ليس أن يعرتف اإلنسان ﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ ،وإمبا أن يبصر حقيقة ىذا
مقتنعا بو قناعة اتمة .وفبّا يعٌن على ىذا ىو اؼبعىن الذي ِ
اضحا ً
منًنا و ً
اؼبعىن يف نفسو ،ويكون ُمشعِّا ً
ذكرتو قبل قليل يف الذنوب ،أن الذنوب اليت سرتىا هللا عليك واليت لوال سرته عليك ؼبا بلَغت ،فهذا
شيءٌ فبا يذكرك بنعمة هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وغًنه كثًنٌ.
ٕٗ
ادلؤشر اخلاةس
عرفو النيب ﷺ أبنو "بَطَُر اغبَِّق ِ قبول احلق واالندقياد لو وعمم بطره ِ ِ
ور ّده ،ويعارضو الكّب الذي ّ
َ
ط الن ِ
َّاس" أي احتقارىم ،فمن اؼبؤشرات قبول اغبق وعدم رده. َو َغ ْم ُ
لكن ىنا عندي تنبيوٌ استطرادي قليًلً ،فبعض النّاس يفهمون التزكية بطريقة خاطئة .فيأيت أحدىم
يقيّدك ويقول" :اعرتف اعرتف! أرأيت أنت لست مزكيًا نفسك ،فلو كنت كذلك لقبلت الكًلم".
النفوس البشرية ؽبا مداخل وـبارج ،فهناك النّصيحة وآداهبا ،وليست أي طريقة تُقدم هبا يُعتّب
عدم قبولك ؽبا من ضعف التزكية.
فحٌن حصل يف وقت النيب ﷺ أن معا ًذا كان يصلي ويقرأ القرآن .مل يفعل شيئًا ،كان يقرأ القرآن،
لكنو قرأ بسورة البقرة كاملةً ،فخرج أحد اؼبصلٌّن من اعبماعة وانصرف وصلّى وحده.
ت َاي ُم َعاذُ؟"،
فالنيب ﷺ ما كلّمو وال قال لو شيئًا ،لكنو غضب على معاذ فقال لو" :أفَتَّا ٌن أنْ َ
الرجل ،رضي هللا تعاىل عن معاذ وىو من خيار أصحاب رسول فاؼبشكلة من معاذ ليست من ذاك ّ
ك". هللا ﷺ الذين انلوا شرف قول النيب ﷺ ِ ":إين َأل ِ
ُحبُّ َ ّ
فمثًل يقول أحدىم" :فًل ٌن معنا يف الّبانمج وتزكيتو انقصة" ،ؼباذا؟ "ارتكب خطأ فكلّمتو، ً
فأجاب :ال شأن لك" .فإذا راجعنا اؼبوضوع قبد أنّو قد شتمو وأىان كرامتو ،مث يقول إ ّن تزكيتو انقصة
أحياان أ ّن البعض يريد أن ىبتّب تزكية النّاس.
ألنو مل يقبل النصيحة .بل وتشعر ً
مًلزما ألي شيء قُّدم لإلنسان فلم يقبلو ،وإّمبا هبب التحقق لذلك ينبغي ّأال قبعل ضعف التزكية ً
وإايك ،أل ّن ىذا ىو بطر اغبق الذي قال فيو فاغبذر من التكّب ّ
َ من حس ِن النّصيحة .وحٌن يظهر ّ
اغبق
ال َحبَّ ٍة
النيب ﷺ أنو الكّب ،والذي قال فيو ،يف نفس اغبديثَ" :ال يَ ْد ُخ ُل اعبَنَّةَ َم ْن َكا َن ِيف قَ ْلبِ ِو ِمثْ َق ُ
ِ ِ
عاما فيجب أن بياان ّ تبٌن ً م ْن ك ٍّْب" .فينبغي االعرتاف ابػبطأ أمام نفسك ،وإذا اؼبقام يستدعي أن ّ
رباول أن تكسر نفسك قدر اؼبستطاع.
ٕ٘
ادلؤشر السادس:
ىو احملاذرة واخلوف ةن فدقمان نعم :اذلماي :ودوام الشكر هلل سبحانو وتعاىل ﷻ على ىذه
النعم .:وىو قر ٌ
يب من اؼبعىن الذي ذكرتو يف قضية استحضار أو نسبة النعم ﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ.
ادلؤشر السابع:
ىو الدقمرة على االنتصار على النفس وةنعها يف ادلواطن اليت أتَةر فيها خبالف ةا أةر هللا
سبحانو وتعاىل ﷻ .فحٌن تستطيع أن تتغلب على ىذه النفس ،واؼبقصود ىنا ىو التغلب الواضح
اف َم َق َام َربِِّو
داع .فإن استطعت أن تغلبو فهذا من عًلمات التزكية﴿ :فَ َّأما َم ْن َخ َ حٌن يكون ىناك ٍ
عوَدإن اعبَنَّةَ ِىي اؼبأْ َوى﴾ .ولذلك فقد ذكرت أ ّن من وسائل التزكية أن يُ ِّ س َع ِن اؽبََوى فَ َّ
َ َ َونَ َهى النَّ ْف َ
اإلنسان يعود نفسو على ـبالفة ىواىا ،ولو يف بعض األشياء اؼبباحة ،حّت إذا جاءت األشياء ا﵀رمة
منهج لو أصول نبوية يبكن يكون بينو وبٌن نفسو شيء من العادة يف القدرة على اؼبخالفة .وىذا ٌ
اإلرفَاهِ" .أي ِ ِ صلَّى هللاُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَْن َه َ تلمسها يف حديث السننَ " :كا َن رس ُ ِ
اان َع ْن َكث ًٍن م َن ْ ول هللا َ َُ ّ
الرتفو ،الذي يتعارض مع داعي اإلسًلم الذي كان متكررا يف تلك اؼبرحلة ،من اعبهاد يف سبيل هللا،
يف القدرة على ـبالفة الرفاىية والنعيم ،وكذلك السًن يف طريق اآلخرة بشكل عام.
ادلؤشر الثاةن:
مضاد
ٌ ىو حمب :ادلرء ألخيو ادلؤةن ةا حيبو لنفسو ،فهذا من عًلمات التزكية ومؤشراهتا وىذا
ب لِنَ ْف ِس ِو".
ألخ ِيو ما ُِوب ُّ
ب ِ حّت ُِوب َّ
أح ُد ُك ْمَّ ، ِ
للحسد .لذلك جاءت صيغة اغبديث أنّوَ " :ال يُ ْؤم ُن َ
وفرق بٌن صيغة "من ظبات اإليبان" أو لنقل "من األعمال الصاغبة" أن ربب ألخيك ما ربب ٌ
لنفسك ،وبٌن "ال يؤمن أحدكم" حّت وبب ألخيو ما وبب لنفسو.
فاغبسد من أعظم أمراض القلوب اليت تعيق التزكية ،ومن مؤشرات صحة التزكية أن أحب ألخي
اؼبسلم ما أحب لنفسي ،و ّأال أكره نعمة هللا عليو ،وىذا من صبلة تعظيم هللا ﷻ والرضا بقضائو ،قسم
قسمها كذلك يف
أساسا .فا﵁ سبحانو وتعاىل ﷻ كما قسم األرزاق يف األمور اؼبادية ،فقد ّ هللا لو ً
ٕٙ
األمور اؼبعنوية ،وأعطى أي كل ٍ
إنسان من القدرة على اغبفظ ،والفهم ،والذكاء ،والتحليل ،أكثر مين. ّ
واغبسد يف ابطنو شيءٌ من االعرتاض على قضاء هللا سبحانو وتعاىل ﷻ وقدره فيما أعطى ورزق
الناس.
ادلؤشر التاسع:
ىو أن تكون ةعامل السياق التزكوي الذي أعمل فيو برةتو ةستممة ةن ادلمرس :النبوي ،:ألنو
كامل وفيو آاثر حسنة وضبيدة ويتحقق بو شيء من اؼبؤشرات ،ولكن أحياان يكون ىناك سياق تزكوي ٌ
الشخص ومل يعرفها شيخو رب عليها ّ
إذا جاء شيء من السنة الصحيحة الواضحة الصروبة اليت مل يُ َّ
يردىا ىي ومن جاء هبا .وىذا من ضعف التزكية ،فمن اػبطورة حصر التزكية يف وسيلة ظنية معينة ّ
وجعلها ىي اغبق.
فًل أبس أن يكون يف التزكية اذباىات أو اجتهادات ،وتفاصيل تقبل االجتهاد وأمور واضحة
منصوص عليها .لكن اؼبؤشر اغبقيقي لصحة التزكية ىو حٌن يكون اؼبعلَم مواف ًقا ؼبعلم اؼبدرسة النبوية
معارض لو .أما إذا جاء التعارض فينبغي تقدمي َم ْعلَِم اؼبدرسة النبوية يف التزكية على
ٍ أو على األقل غًن
عليو.
ادلؤشر العاشر:
ويُعتّب من مؤشرات اآلاثر ،وىو الشعور بلذة الطاع :والعبادة وحالوة اإلميانّ .إال أ ّن ىذا
اؼبؤشر قد ال أييت يف البداايت .فعدم وجود ىذا اؼبؤشر يف بداية الطريق التعبدي والسلوكي ال يعين أن
اإلنسان ليس على تزكية ،ألن ىذا من طبيعتو -أي ىذا اؼبؤشر ،-أن يزداد مع علو التزكية وكثرة أو
ارتفاع النتائج يف التعبد خاصة صور التعبد القليب اؼبتقدمة جدا اليت قد تتطلب شيئا من اجملاىدة
والتخلص من العوائق واؼبكدرات.
فهذه إذن عشر مؤشرات لصحة التزكية وربققها ،فإن وجدت دبجموعها فهذه عًلمة خ ًٍن كبًنة
جدا لإلنسان ونعمة عظيمة ،وإن ُوجد بعضها أيضا فهي نعمة ويسعى اإلنسان لتحقيق ما تب ّقى
ٕٚ
ٍ
إشكال وبتاج اإلنسان إىل إسعاف فاقدا ألكثرىا أو عبميعها فهذا مؤشر
منها .أما إن كان اإلنسان ً
وإنقاذ حّت يدير العجلة لألمام إبذن هللا تعاىل ﷻ.
اخلامت::
أسأل هللا سبحانو وتعاىل ﷻ أن هبعل ىذا اللقاء مبارًكا وأن يبارك يف اغبضور صبيعا ،وأسأل هللا
وإايكم قرة عٌن لنيب هللا ﷺ إذا التقينا بو وأكرمنا هللا ابللقاء بو يفسبحانو وتعاىل ﷻ أن هبعلنا ّ
اآلخرة -إن شاء هللا ،-فنسأل هللا سبحانو وتعاىل ﷻ أن يرزقنا الورود على حوضو ،وأن يرزقنا
سبحانو وتعاىل ﷻ شربةً من يديو ،ونسألو سبحانو أن هبعلنا فبن يرافقو يف اعبنة ،ونسأل هللا سبحانو
وتعاىل ﷻ أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا دبا علمنا.
ويسراللهم ربنا أعنّا وال تُعن علينا ،وانصران وال تنصر علينا ،وامكر لنا وال سبكر علينا ،واىدان ِ
ّ
هم اجعلنا لك ذاكرين ،لك شاكرين ،لك راىبٌن مطيعٌن اؽبدى لنا ،وانصران على من بغى علينا .اللّ َّ
اسلُ ْل سخيمة قلوبنا .اللهم إ ّان ِ
ـببتٌن منيبٌن .تقبّل توبتنا وثبت حجتنا و ْاىد قلوبنا وس ّد ْد ألسنتنا و ْ
نعوذ بك من شر ما عملنا ومن شر ما مل نعمل ،اللهم إان نعوذ بك من جهد البًلء ودرك الشقاء
وسوء القضاء ومشاتة األعداء .اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على اػبلق ،أحيينا ما علمت اغبياة خًنا
لنا ،وتوفنا ما علمت الوفاة خًنا لنا.
اللهم إان نسألك خشيتك يف الغيب والشهادة ،وكلمة اغبق يف الغضب والرضا ،ونسألك القصد
يف الفقر والغىن ،ونسألك اللهم نعيما ال ينفد ،وقرة عٌن ال تنقطع ،ونسألك برد العيش بعد اؼبوت.
ضراءَ مضرة وال فتنة مضلة.اللهم وإان نسألك لذة النظر إىل وجهك ،والشوق إىل لقائك يف غًن ّ
اللهم زينا بزينة اإليبان واجعلنا ىداة مهتدين ،اللهم اي حي اي قيوم ال تكلنا إىل أنفسنا طرفة عٌن وال
تغين قلوبنا .اللهم اكفنا
أقل من ذلك .نسألك اللهم أن ذبعلنا من اؼبتوكلٌن اؼبعتصمٌن اؼبنيبٌن وأن َ
حبًللك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك ،ربنا آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة وقنا
عذاب النار .اللهم نعوذ برضاك من سخطك ودبعافاتك من عقوبتك وبك منك ،ال كبصي ثناء
عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
ٕٛ
اللهم ِّ
صل على دمحم وعلى آل دمحم ،كما صليت على إبراىيم وعلى آل إبراىيم ،إنك ضبيد ؾبيد،
وابرك على دمحم وعلى آل دمحم ،كما ابركت على إبراىيم ،وعلى آل إبراىيم إنك ضبيد ؾبيد .وجزاكم
هللا خًنا.
ٕٜ