You are on page 1of 26

‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬

‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫التزكية للمصلحين‬

‫|¦ مركز ية التزكية ¦|‬


‫أولاً‪ :‬مقدمات منهجية‪:‬‬
‫● المقدمة الأولى‪:‬‬
‫إن التركيز على الأمور المهار ية التي يحتاجها المصلح أكثر من التركيز على المكون‬

‫الذاتي الداخلي الإيماني للمصلح نفسه له تأثير خطير‪ ،‬فتخريج مصلح يمتلك‬

‫أدوات إصلاحية خارجية وهو نفسه غير مؤهل للإصلاح قد يؤدي لنتائج‬

‫عكسية‪.‬‬

‫● المقدمة الثانية‪:‬‬
‫الوحي متفاوت من جهة الأهمية‪ ،‬فأعظم سورة في القرآن هي سورة الفاتحة‪،‬‬

‫وأعظم آية هي آية الكرسي‪ ،‬وسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن…وهكذا‪،‬‬

‫والفقيه حقا هو الذي يفقه و يفهم مركز يات الوحي أولا ً ‪ ،‬ثم يدرك ترتيبها في‬

‫الوحي‪ ،‬ثم يتعامل مع الإسلام في ضوء أولو يات الشر يعة‪.‬‬

‫__ ‪__ 1‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫ثانيا‪ :‬الحديث عن مركز ية التزكية من جهات‪:‬‬


‫الجهة الأولى‪ :‬مركز ية التزكية في القرآن الكريم‪.‬‬

‫الجهة الثانية‪ :‬مركز ية التزكية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫الجهة الثالثة‪ :‬مركز ية التزكية من جهة آثارها الحسنة‪.‬‬

‫الجهة الرابعة‪ :‬مركز ية التزكية من جهة الآثار السيئة المترتبة على تركها‪.‬‬

‫● الجهة الأولى‪ :‬مركز ية التزكية في القرآن الكريم‪:‬‬


‫مما يبرز قيمة التزكية في القرآن ومركزيتها‪:‬‬

‫س و َضُ ح َىٰهَا ۝ و َٱلۡقَمَرِ ِإ ذ َا تلََىٰهَا ۝ و َٱل َنّهَارِ ِإ ذ َا ج ََل ّىٰهَا‬ ‫‪ -١‬قوله تعالى (و َٱل َ ّ‬
‫ش ۡم ِ‬
‫ض وَم َا َطحَىٰهَا ۝‬ ‫سم َ ۤا ء ِ وَم َا بَن َىٰهَا ۝ و َٱلَۡأ ۡر ِ‬ ‫۝ و ََٱل ّی ۡ ِ‬
‫ل ِإ ذ َا یَغۡشَىٰهَا ۝ و َٱل َ ّ‬

‫س َو ّ ٰىهَا ۝ فََأ ل ۡهَمَه َا فُجُور َه َا و َتَقۡو َٰىهَا) فأقسم سبحانه أحد عشر قسما‬
‫و َن َ ۡفسࣲ وَم َا َ‬

‫ح م َن ز َ َكّ ىٰهَا ۝ و َق َ ۡد خ َابَ م َن د ََسّ ىٰهَا)‪.‬‬


‫ثم كان جواب القسم أن‪( :‬ق َ ۡد َأ فۡل َ َ‬

‫ك جَز َ ۤا ء ُ‬
‫ن ف ِیهَاۚ وَذَ ٰ⁠ل ِ َ‬
‫تحۡتِهَا ٱلَۡأ نۡهَٰـر ُ خَٰـلِد ِی َ‬ ‫‪ -٢‬قوله تعالى‪(:‬ج ََن ّٰـتُ ع َ ۡدن ࣲ َ‬
‫تجۡرِی م ِن َ‬

‫م َن ت َز ََك ّى ٰ)‪.‬‬

‫ن ٱل ۡه َو َى ۝ فِإ َ َ ّ‬
‫ن‬ ‫ۡس ع َ ِ‬ ‫َاف مَق َام َ ر َبِّه ِۦ وَنَهَ ى َ‬
‫ٱلن ّف َ‬ ‫‪ -٣‬قوله تعالى‪(:‬وََأ َمّا م َنۡ خ َ‬
‫ٰ‬
‫ٱلۡج َنَ ّة َ ِهی َ ٱل ۡم َأۡو َى) ونهي النفس عن الهوى = التزكية‪.‬‬
‫ٰ‬

‫__ ‪__ 2‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫ومركز ية التزكية في الوحي تعرف من جهات‪:‬‬

‫‪ -١‬من النصوص المؤكدة لمركز ية التزكية وأهميتها‪ ،‬مثل‪ :‬القسم في سورة‬

‫الشمس‪.‬‬

‫‪ -٢‬من كثرة تكرار ذكر التزكية في كتاب الله والحديث عنها في أغلب السور‪.‬‬

‫‪ -٣‬من كثرة متعلقاتها وآثارها الحسنة‪.‬‬

‫‪ -٤‬من كثرة الآثار السيئة المترتبة على تركها‪.‬‬

‫● الجهة الثانية‪ :‬مركز ية التزكية في حياة النبي ﷺ‪:‬‬


‫‪ -١‬ذكر الله عز وجل وظائف رسوله ﷺ مختصرة في ثلاثة عناوين‪ ،‬تلاوة آياته‪،‬‬

‫والتزكية‪ ،‬وتعليم الكتاب والحكمة‪ ،‬فقال تعالى‪(:‬لَق َ ۡد م ََنّ َ‬


‫ٱلل ّه ُ عَلَى ٱل ۡمُؤۡم ِنِینَ ِإ ۡذ بَع َثَ‬
‫ف ِیه ِ ۡم رَسُول ࣰا مّ ِنۡ َأ نفُسِه ِ ۡم یَت ۡلُوا ۟ عَلَیۡه ِ ۡم ءایَٰـتِه ِۦ و َی ُزَكّ ِیه ِ ۡم و َیُع َل ِّمُهُم ُ ٱ ۡلكِتَٰـبَ و َٱلۡح ِ ۡ‬
‫كم َة َ‬ ‫َ‬
‫ل لَفِی ضَلَٰـل ࣲ ُمّبِینٍ)‪ ،‬وقال تعالى‪(:‬كَم َۤا َأ ۡرسَل ۡنَا ف ِیك ُ ۡم رَسُول ࣰا‬
‫وِإَ ن ك َانُوا ۟ م ِن قَب ۡ ُ‬
‫مّ ِنك ُ ۡم یَت ۡلُوا ۟ عَلَیۡك ُ ۡم ءایَٰـتِنَا و َی ُزَكّ ِیك ُ ۡم و َیُع َل ِّمُكُم ُ ٱ ۡلكِتَٰـبَ و َٱلۡح ِ ۡ‬
‫كم َة َ و َیُع َل ِّمُك ُم َمّا ل َ ۡم‬ ‫َ‬
‫تَكُونُوا ۟ تَعۡلَم ُونَ)‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬ه ُو َ ٱل َ ّذ ِی بَع َثَ فِی ٱ ۡلُأ مّ ِیِّۧـ َ‬
‫ن رَسُول ࣰا مِّنۡه ُ ۡم یَت ۡلُوا ۟ عَلَیۡه ِ ۡم‬

‫ل لَفِی ضَلَٰـل ࣲ‬ ‫ءایَٰـتِه ِۦ و َی ُزَكّ ِیه ِ ۡم و َیُع َل ِّمُهُم ُ ٱ ۡلكِتَٰـبَ و َٱلۡح ِ ۡ‬


‫كم َة َ وِإَ ن ك َانُوا ۟ م ِن قَب ۡ ُ‬ ‫َ‬
‫ُمّبِین ࣲ)‪.‬‬

‫__ ‪__ 3‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫‪ -٢‬مما يدل على مركز ية التزكية في حياته ﷺ‪ :‬أنه كان يخبر أصحابه بخوفه عليهم‬

‫من بعده أن تهلكهم الدنيا‪ ،‬فقال لهم قبل وفاته بأيام‪( :‬ف َوَاللَّه ِ ل َا الْفَقْر ُ َأ خْ ش َى‬

‫َت عَلَى م َنْ ك َانَ‬


‫َط عَلَيْكُم ُ الدُّن ْيَا كَمَا ب ُ ِسط ْ‬
‫عَلَيْك ُ ْم وَلَكِنْ َأ خْ ش َى عَلَيْك ُ ْم َأ ْن تُبْس َ‬

‫قَبْلَك ُ ْم فَتَنَافَس ُوه َا كَمَا تَنَافَس ُوه َا وتهلككم كَمَا أهلكتهم)‪.‬‬

‫وكان ينبه أصحابه أن إذا نُص ِروا وفُتحَت عليهم الدنيا من أن تهلكهم‪ ،‬فقال ﷺ‪:‬‬

‫(إذا فتحت عليكم فارس والروم‪ ،‬أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف‪:‬‬

‫الل ّه ِ صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ وسلم أو غير ذلك‪ ،‬تتنافسون‪،‬‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّهِ‪ ،‬قَا َ‬
‫ل رَسُو ُ‬ ‫نقول كما أمرنا َ‬
‫ثم تتحاسدون‪ ،‬ثم تتدابرون‪ ،‬ثم تتباغضون)‪.‬‬

‫‪ -٣‬على المستوى التربوي العملي كان ﷺ يبدأ بقضية الإيمان والتزكية‪ ،‬كما في‬

‫س َل ّم َ غ ِل ْمَان ًا‬ ‫الن ّب ِ ِيّ صَلَ ّى َ‬


‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫حديث جندب رضي الله عنه قال‪":‬ك َُن ّا عَلَى ع َ ْهدِ َ‬

‫ل َأ ْن نَتَع َل ّم َ الْقُر ْآنَ‪ ،‬ث َُم ّ تَع ََل ّم ْنَا الْقُر ْآنَ فَا ْزدَدْن َا بِه ِ ِإ يمَان ًا" ‪.‬‬
‫حَز َاوِرَة ً‪ ،‬تَع ََل ّم ْنَا ا ْلِإ يمَانَ قَب ْ َ‬

‫فكان صلى الله عليه وسلم يفتح للقرآن القلوب ويهذبها ويملؤها بالخشية والخوف‪.‬‬

‫‪ -٤‬المرحلة المكية في حياة النبي ﷺ يمكن أن تختصر في أمران‪:‬‬

‫الأول‪ :‬تزكية وتربية الصحابة رضي الله عنهم على قوة اليقين‪ ،‬والصبر‪ ،‬والثبات‬

‫على الحق‪ ،‬والصبر على الأذى‪ ،‬وأن لا يخافوا في الله لومة لائم‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬خطاب المشركين ودعوتهم‪.‬‬

‫__ ‪__ 4‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫وهذه المرحلة كانت ثلاثة عشر عاما‪ ،‬يعني القسم الأكبر من حياته ﷺكانت في‬

‫التربية والتزكية‪ ،‬وهذا ليس أمرا هامشيا‪ ،‬فلم يكن ليكون ما كان في المدينة‪،‬‬

‫لولا ما كان من تلك التربية في مكة‪.‬‬

‫● الجهة الثالثة‪ :‬مركز ية التزكية من جهة آثارها الحسنة‪:‬‬


‫لها آثار نفسية واجتماعية وإصلاحية‪ ،‬فمن الناحية الذاتية والإصلاحية‪:‬‬

‫‪ -١‬الصبر على المصائب‪ ،‬فمن الصعب أن يحقق الإنسان أمر الله بالصبر عند‬

‫المصائب إذا لم يكن عنده تزكية‪.‬‬

‫‪ -٢‬أنه إذا كانت التزكية مهيمنة على الإنسان بحيث أنها تنتج ردة الفعل‬

‫الأولى‪ ،‬فهذا من أعظم ما يجعل المسلم سائرا في طر يق مرضاة الله‪ ،‬طائعا لله‬

‫فى السراء والضراء‪.‬‬

‫‪ -٣‬أنها تُبع ِد عن الإنسان المسلم والمصلح (الأوهام النفسية) التي هي من‬

‫أمراض القلوب التي تجعله ينسى أنه عبد لله‪ ،‬فالتزكية تجعله يتواضع ويشكر عند‬

‫المكتسبات‪ ،‬و يصبر عند المصائب والنكبات‪.‬‬

‫‪ -٤‬الثبات على الطر يق لا يكون إلا بالتزكية‪ ،‬وخاصة قسم التحلية منها‪ ،‬وخاصة‬

‫اليقين والصبر‪.‬‬

‫__ ‪__ 5‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫● الجهة الرابعة‪ :‬مركز ية التزكية من جهة الآثار السيئة المترتبة‬

‫على تركها‪:‬‬
‫آثار تخلفها من الناحية الإصلاحية‪:‬‬

‫كثير من المشكلات في الواقع الإسلامي هي في الحقيقة ‪ -‬وإن تغلفت بغلافات‬

‫كثيرة‪ -‬يكون ضعف التزكية سببا أساسيا فيها‪ ،‬أو مؤثرا فيها‪ ،‬ومن صور هذا‬

‫الضعف‪:‬‬

‫‪ -١‬الحسد بين المصلحين أو العاملين‪ ،‬الذي قد يوصل الإنسان إلى الكفر‪ ،‬وقد‬

‫ٱلل ّه ُ م ِن ف َضۡ لِهِۦۖ‬


‫اس عَلَى م َ ۤا ءَات َىٰهُم ُ َ‬‫ٱلن ّ َ‬ ‫یحۡسُد ُونَ َ‬ ‫قال تعالى عن بني إسرائيل‪َ( :‬أ ۡم َ‬
‫ٰ‬
‫كم َة َ و َءَاتَی ۡنَٰـه ُم ُمّلۡك ًا عَظ ِیم ࣰا)‪.‬‬
‫ل ِإ ب ۡرَ ٰ⁠ه ِیم َ ٱ ۡلكِتَٰـبَ و َٱلۡح ِ ۡ‬
‫فَق َ ۡد ءَاتَی ۡن َ ۤا ءَا َ‬

‫ٱلل ّه َ وَرَسُولَهُۥ وَل َا‬


‫‪ -٢‬التنازع والتفرقة بين العاملين‪ ،‬وقد قال تعالى‪( :‬وََأ طِیع ُوا ۟ َ‬
‫تَنَٰـزَع ُوا ۟ فَت َ ۡفشَلُوا ۟ و َتَذۡه َبَ رِ یحُك ُ ۡ ۖم)‪.‬‬

‫‪ -٤‬انحراف البوصلة‪ ،‬من كونها العمل للإسلام‪ ،‬إلى قطع الطر يق يمينا وشمالا‬

‫بسبب شركاء الطر يق‪.‬‬

‫‪ -٥‬الفتور أو التوقف والانقطاع‪ ،‬أو الأشد منهما‪ :‬الحور بعد الكور‪ ،‬يعني‬

‫ٱلل ّه ِ ل َا تُك ََل ّ ُ‬


‫ف‬ ‫ل َ‬ ‫الارتداد عن الطر يق‪ ،‬وقد قال تعالى لنبيه ﷺ (فَقَٰـت ِلۡ فِی سَب ِی ِ‬
‫ك)‪ ،‬وقال ﷺ‪( :‬ف َوَالَّذ ِي ن َ ْفس ِي بيَِدِه ِ‪ ،‬لَُأ قَاتِلَنَّه ُ ْم عَلَى َأ ْمر ِي هَذ َا َ‬
‫حتَّى‬ ‫ِإ َلّا ن َ ۡفسَ َ‬

‫تَنْفَرِد َ سَالِفَتِي َأ ْو لَيُنْفِذ ََّن الله ُ َأ مْرَه ُ)‪ ،‬تنفرد سالفتي‪ :‬حتى لو بقيت وحدي‪.‬‬

‫__ ‪__ 6‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫الخلاصة‪:‬‬
‫أن موضوع التزكية بشقيها التحلية والتخلية ليس موضوعا هامشيا‪ ،‬ولا‬

‫موضوعا ثانو يا‪ ،‬ولا موضوعا محدود الأثر على النفس فقط‪ ،‬وإنما هو أمر مركزي‬

‫في صلاحك الذاتي‪ ،‬وأمر مركزي في طر يقك الإصلاحي‪ ،‬وأمر مركزي في‬

‫سيرك إلى الله‪ ،‬وأمر مركزي في الثبات‪ ،‬وأمر مركزي في الصبر على المصائب‪،‬‬

‫وأمر مركزي في صلاح الأحوال وأمر مركزي في تعر يفك لنفسك‪ ،‬وأمر مركزي‬

‫في اتباعك للنبي ﷺ‪.‬‬

‫فبناء على ذلك كله‪ :‬لنعد ضبط مركز ية التزكية في معاييرنا‪.‬‬

‫__ ‪__ 7‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫|¦ معالم التزكية ¦|‬


‫● المعْلم الأول‪ :‬التطهير‪( ،‬التخلية)‪.‬‬
‫وفيه معالم‪:‬‬

‫‪ -١‬مخالفة الهوى‪ ،‬بمعنى الحيلولة بين النفس والهوى‪.‬‬

‫ن ٱل ۡه َو َى)‪ ،‬فَمَن ُع‬


‫ۡس ع َ ِ‬ ‫َاف مَق َام َ ر َبِّه ِۦ وَنَهَ ى َ‬
‫ٱلن ّف َ‬ ‫كما قال تعالى‪( :‬وََأ َمّا م َنۡ خ َ‬
‫ٰ‬
‫س الأمّارة بالسوء‪ ،‬والتي ترغب وتنطلق الى الهوى‪ ،‬ووضع الحواجز‬ ‫وكَبتُ النف ِ‬
‫بينها وبين الهوى = التزكية‪.‬‬

‫ومن مركز ية هذا المعْلم وأهميته أنه يمكن اختصار التزكية فيه‪ ،‬ولو أز يل لم يعد‬

‫هناك معنى التزكية‪.‬‬

‫ج‬ ‫وقال الشاطبي في الموافقات‪" :‬ال ْمَقْصِ د ُ ال َش ّرْعِ ُيّ م ِنْ و َضْ ِع ال َش ّر ِيعَة ِ ِإ ْ‬
‫خر َا َ‬
‫ف ع َنْ د َاعِيَة ِ ه َوَاه ُ‪ ،‬ح ََت ّى يَكُونَ عَبْدًا ل َِل ّه ِ اخْ تِيَار ًا‪ ،‬كَمَا ه ُو َ عَبْدٌ ل َِل ّه ِ‬
‫ال ْمُك ََل ّ ِ‬

‫اضْ ط ِرَار ًا"‪.‬‬

‫‪ -٢‬تنقية القلب من أمراض القلوب‪ ،‬والحيلولة بين القلب وبين أن تتمكن منه‬

‫أمراضه‪:‬‬

‫ذَك َر َ الله عز وجل في القرآن أن للقلوب أمراضا كثيرة تحول بين الإنسان‬

‫والعمل‪ ،‬وبين الإنسان والإيمان‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬أمراض قلبية متعلقة بالشبهات‪:‬‬

‫__ ‪__ 8‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫مثل‪ :‬الشك‪ ،‬والنفاق‪ ،‬والتقلب‪ ،‬والتعلق بغير الله‪ ،‬والفرار من سماع الحق‪.‬‬

‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬


‫ض‬ ‫ل رََأ ی ۡتَ ٱل َ ّذ ِی َ‬ ‫(فِإ َ ذ َ ۤا ُأ نز ِل َ ۡ‬
‫ت سُورَة ࣱ ُ ّمحۡكَمَة ࣱ وَذُك ِر َ ف ِیهَا ٱلۡق ِتَا ُ‬

‫ل َمّعۡر ࣱ ۚ‬
‫ُوف‬ ‫ۡت فََأ وۡلَى ٰ لَه ُ ۡم ۝ طَاعَة ࣱ و َقَو ۡ ࣱ‬ ‫ی عَلَیۡه ِ م ِ َ‬
‫ن ٱل ۡمَو ِ ۖ‬ ‫ك نَظَر َ ٱل ۡمَغۡش ِ ِ ّ‬
‫یَنظ ُر ُونَ ِإ لَی ۡ َ‬

‫ٱلل ّه َ لَك َانَ خَیۡر ࣰا َل ّهُمۡ)‪.‬‬


‫صد َقُوا ۟ َ‬
‫فِإ َ ذ َا ع ََزم َ ٱلَۡأ مۡرُ فَلَو ۡ َ‬

‫ٱلل ّه ُ بِهَٰـذ َا م َثَل ࣰا)‪.‬‬ ‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬


‫ض و َٱ ۡلكَٰـف ِر ُونَ م َاذ َ ۤا َأ ر َاد َ َ‬ ‫ل ٱل َ ّذ ِی َ‬
‫(و َلِیَق ُو َ‬

‫ٱلل ّه ُ وَرَسُولُه ُۥ ِإ َلّا‬


‫ض َمّا و َعَد َن َا َ‬
‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬
‫ل ٱل ۡمُنَٰـفِق ُونَ و َٱل َ ّذ ِی َ‬
‫(وِإَ ۡذ یَق ُو ُ‬
‫ۤ‬
‫غ ُرُور ࣰا)‪.‬‬

‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬


‫ض و َٱلۡق َاسِیَة ِ قُلُو بُه ُ ۡمۗ)‪.‬‬ ‫ن فِت ۡن َة ࣰ ل َِّل ّذ ِی َ‬ ‫ل م َا یلُۡقِی ٱل َ ّ‬
‫شیۡطَٰـ ُ‬ ‫(لِّی َجۡ ع َ َ‬

‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬


‫ض ف َزَادَتۡه ُ ۡم رِجۡ سًا ِإ لَى ٰ رِجۡ سِه ِ ۡم وَم َاتُوا ۟ و َه ُ ۡم‬ ‫(وََأ َمّا ٱل َ ّذ ِی َ‬

‫كَٰـف ِر ُونَ)‪.‬‬

‫‪ -‬أمراض قلبية متعلقة بالشهوات‪:‬‬

‫مثل‪ :‬الحسد‪ ،‬والر ياء‪ ،‬والكبر‪ ،‬وحب الدنيا بشكل مجمل‪ ،‬أو واحدة من فتنها‪.‬‬

‫جف ُونَ…)‪.‬‬
‫ض و َٱل ۡمُر ۡ ِ‬ ‫(ل ِّٕىن َل ّ ۡم یَنتَه ِ ٱل ۡمُنَٰـفِق ُونَ و َٱل َ ّذ ِی َ‬
‫ن فِی قُلُو بِه ِم َمّرَ ࣱ‬ ‫َ‬

‫ل فَی َ ۡطم َ َع ٱل َ ّذ ِی فِی قَل ۡبِه ِۦ م َرَ ࣱ‬


‫ض)‪.‬‬ ‫ن ب ِٱلۡقَو ۡ ِ‬
‫ضعۡ َ‬
‫تخ ۡ َ‬
‫(فَلَا َ‬

‫ٱلل ّه َ م َا و َعَد ُوه ُ و َبِمَا ك َانُوا ۟‬


‫(فََأ ۡعقَبَه ُ ۡم نِف َاقࣰا فِی قُلُو بِه ِ ۡم ِإ لَى ٰ یَو ۡ ِم یلَۡقَو ۡنَه ُۥ بِم َ ۤا َأ خۡلَف ُوا ۟ َ‬
‫یَكۡذِبُونَ)‪.‬‬

‫__ ‪__ 9‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫‪ -٣‬التخلص من المثقلات والمثبطات مما يؤخر الإنسان عن العمل‪:‬‬

‫ومن صورها ما يدخل في الهوى‪ ،‬ومنها ما يدخل في أمراض القلوب‪ ،‬ومنها ما‬

‫يدخل في المباحات من حيث الأصل‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫ن َ‬
‫ٱلل ّغۡوِ‬ ‫‪ -‬سماع اللغو‪ ،‬قال تعالى في صفات أهل الفردوس (و َٱل َ ّذ ِی َ‬
‫ن ه ُ ۡم ع َ ِ‬
‫مُعۡرِضُونَ)‪.‬‬

‫ل‬ ‫ل ُ‬
‫الز ّورِ و َالْعَم َ َ‬ ‫‪ -‬قول الزور والعمل به والجهل‪ ،‬قال ﷺ «م َنْ ل َ ْم يَد َ ْع قَو ْ َ‬

‫ْس ل َِل ّه ِ ح َاج َة ٌ َأ ْن يَدَعَ َطع َام َه ُ و َشَر َابَه ُ»‪.‬‬


‫ل فَلَي َ‬
‫بِه ِ و َالْج َ ْه َ‬

‫‪ -‬فضول الطعام والكلام والنوم (الكسل)‪ ،‬وتعلق الإنسان بالملذات‬

‫الدنيو ية المباحة‪.‬‬

‫● المعلم الثاني‪ :‬النماء والز يادة(التحلية)‪.‬‬

‫وفيه معلمان‪:‬‬

‫‪ -١‬أعمال القلوب والازدياد منها‪ ،‬وهي قسمين‪:‬‬

‫‪ِ( -‬إ َی ّاك َ نَعۡبُد ُ) العبادة‪ ،‬ومنها‪ :‬الإخلاص‪ ،‬المحبة‪ ،‬الخشية‪ ،‬الإنابة‪.‬‬

‫‪( -‬وِإَ َی ّاك َ نَسۡت َع ِینُ) الاستعانة‪ ،‬ومنها‪ :‬التوكل‪ ،‬الاعتصام‪ ،‬التفو يض‪.‬‬

‫‪ -٢‬أعمال الجوارح‪ ،‬وهي نوعين‪:‬‬

‫‪-‬أعمال ترك‪ ،‬مثل‪ :‬غض البصر وحفظ الفرج‪ ،‬قال تعالى(قُل لِّل ۡمُؤۡم ِنِینَ یَغ ُُضّ وا ۟‬
‫ك َأ زۡكَى ٰ لَه ُ ۡ ۚ‬
‫م)‪ ،‬وترك قول الزور والعمل به‪.‬‬ ‫م ذَ ٰ⁠ل ِ َ‬
‫جه ُ ۡ ۚ‬
‫یحۡفَظ ُوا ۟ فُر ُو َ‬
‫م ِنۡ َأ بۡصَٰـرِه ِ ۡم و َ َ‬

‫__ ‪__ 10‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫‪-‬أعمال فعل‪ :‬العبادات‪ ،‬وأولها وأهمها وأعظمها الصلاة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وََأ ق ِ ِم‬

‫ن ٱلۡف َحۡ شَ ۤا ء ِ و َٱل ۡمُنك َ ۗر ِ)‬ ‫ن َ‬


‫ٱلصّ ل َ ٰوة َ تَنۡهَ ى ع َ ِ‬ ‫ٱلصّ ل َ ٰو ۖة َ ِإ َ ّ‬
‫َ‬
‫ٰ‬

‫● العلاقة بين التحلية والتخلية علاقة تأثر وتأثير‪ ،‬ومما يوضح ذلك‪:‬‬
‫ن ٱلۡف َحۡ شَ ۤا ء ِ و َٱل ۡمُنك َ ۗر ِ )‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫ٱلصّ ل َ ٰوة َ تَنۡهَ ى ع َ ِ‬ ‫‪ -١‬قوله تعالى‪( :‬وََأ ق ِ ِم َ‬
‫ٱلصّ ل َ ٰو ۖة َ ِإ َ ّ‬
‫ٰ‬
‫الصلاة‪ :‬صر يحة في النماء والتحلية‪ ،‬تنهى عن الفحشاء والمنكر‪ :‬صر يحة في التطهير‬

‫والتخلية‪.‬‬

‫ن ٱل ۡم َُت ّق ِینَ)‪ ،‬فالعمل‪ :‬تحلية‪ ،‬وتصفية‬


‫ٱلل ّه ُ م ِ َ‬
‫ل َ‬ ‫ل ِإ َن ّمَا یَتَق ََب ّ ُ‬
‫‪ -٢‬وقوله تعالى‪( :‬قَا َ‬

‫العمل من الر ياء والشرك (التخلية) سبب لقبوله‪.‬‬

‫ات)‪.‬‬ ‫ٰـت ی ُ ۡذه ِبۡنَ ٱل َ ّ‬


‫سیِّـَٔ ِ‬ ‫‪ -٣‬قوله تعالى‪ِ( :‬إ َ ّ‬
‫ن ٱلۡحَسَن َ ِ‬

‫فعمل الحسنات‪ :‬تحلية‪ ،‬يذهبن السيئات‪ :‬تخلية‪.‬‬

‫__ ‪__ 11‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫|¦ وسائل التزكية ¦|‬


‫أولا‪ :‬مقدمات منهجية‪:‬‬
‫● المقدمة الأولى‪:‬‬
‫التزكية ليست أعمال لها نتائج قطعية‪ ،‬وإنما هي رزق وهبة من الله سبحانه وتعالى‬

‫ٱلل ّه ِ عَلَیۡك ُ ۡم وَرَحۡمَت ُه ُۥ م َا ز َكَى ٰ م ِنك ُم‬


‫ل َ‬ ‫والإنسان يبذل أسبابها‪ ،‬قال تعالى (و َلَوۡل َا ف َضۡ ُ‬

‫ٱلل ّه َ ی ُز َك ِّی م َن یَش َ ۤا ۗء ُ و ََٱلل ّه ُ سَم ِی ٌع عَل ِیم ࣱ)‪.‬‬


‫مّ ِنۡ َأ حَدٍ َأ بَد ࣰا و َلَٰـك َِنّ َ‬

‫● المقدمة الثانية‪:‬‬
‫الطرق التي توصل الإنسان إلى رضا الله سبحانه ليست طرقا صعبة معقدة تحتاج‬

‫إلى دراسات فلسفية أو إلى ختم العلوم الشرعية‪ ،‬وإنما الإسلام مع عظمته دين‬

‫سهل بسيط قريب‪ ،‬والذي يوصل الإنسان إلى المقامات العليا في التزكية وفي‬

‫الإسلام هو نفس ما يدخله في أصل الإسلام‪.‬‬

‫● المقدمة الثالثة‪:‬‬
‫التزكية ليست بطول الزمن‪ ،‬وإنما القضية والتفاوت هو في مقدار انكشاف‬

‫الحقائق الكبرى للقلب ودرجة تصديقه بهذه الحقائق ودرجة استحضاره لها‪،‬‬

‫ك ت َر َاه ُ‪ ،‬فِإ َ ْن ل َ ْم تَكُنْ ت َر َاه ُ فِإ َ نَّه ُ ي َر َاك َ»‪ ،‬ليس‬


‫فمرتبة الإحسان «َأ ْن تَعْبُد َ اللَّه َ كََأ نَّ َ‬

‫__ ‪__ 12‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫بمعنى الاعتقاد فقط؛ وإنما هي بمعنى أن توقن بذلك وتداوم على استحضاره‪،‬‬

‫ل آم َن ُوا ب ِاللَّه ِ وَص ََّدقُوا ال ْمُرْسَلِينَ»‪،‬‬


‫وحديث النبي ﷺ في صفة أهل الغرف «رِج َا ٌ‬

‫أي بلغوا تلك المنزلة ليس لاعتقادهم فقط؛ وإنما لدرجة تصديقهم ودوام‬

‫استحضارهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وسائل التزكية‪:‬‬


‫القسم الأول‪ :‬الوسائل التزكو ية العامة‪:‬‬
‫● الوسيلة الأولى‪:‬‬

‫دوام استحضار حقائق الإسلام الكبرى التي لا يصح الإسلام إلا بها‪.‬‬

‫مثل‪ :‬حقيقة أن الله هو الإله الحق‪ ،‬وأن الآخرة حق‪ ،‬والبعث حق‪ ،‬والجنة‬

‫حق‪ ،‬والنار حق‪.‬‬

‫● الوسيلة الثانية‪:‬‬

‫العلم بالله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫والعلم بالله أشرف العلوم‪ ،‬ولا يوقن بهذا حق اليقين إلا من عاش هذا العلم‬

‫واقعا وعملا‪.‬‬

‫__ ‪__ 13‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫وأعظم السور و الآيات في القرآن هو ما كان متعلقا بالعلم بالله‪ ،‬كسورة الفاتحة‬

‫وآية الكرسي وسورة الإخلاص‪ ،‬ودوام استحضار أسماء الله وصفاته تفصيلا‬

‫ٱلل ّه َ م ِنۡ عِبَادِه ِ ٱل ۡع ُلَم َٰۤـُؤا۟ۗ)‪.‬‬ ‫من أعظم ما يقود إلى التزكية‪ ،‬قال تعالى (ِإ َن ّمَا َ‬
‫یخ ۡش َى َ‬

‫● الوسيلة الثالثة‪:‬‬

‫أن يكون العمل هو الغاية‪ ،‬ووسيلته التزكية والعلم‪ ،‬فالإسلام دين عمل‪،‬‬

‫والتزكية= العمل‪.‬‬

‫وزكى النبي ﷺ أصحابه ورباهم على أن العمل هو الأساس‪ ،‬وكان يكره كثرة‬

‫«ما نهيتكم عنه‪ ،‬فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما‬ ‫الأسئلة‪ ،‬قال ﷺ‬

‫استطعتم‪ ،‬فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم‪ ،‬واختلافهم على أنبيائهم»‬

‫القسم الثاني‪ :‬الوسائل المتعلقة بالتطهير والتخلية‪:‬‬


‫● الوسيلة الأولى‪ :‬مخالفة الهوى‪.‬‬

‫تربية النفس على مخالفة الهوى‪ ،‬حتى لو لم يكن محرما‪ ،‬وضبط النفس‪.‬‬

‫قال رجل للنبي ﷺ أوصني‪ ،‬قال‪« :‬لا تغضب»‪ ،‬فردد مرارا‪ ،‬قال‪« :‬لا‬

‫تغضب»‪ ،‬ومعناه‪ :‬ترك ما يُوصِل إلى الغضب‪ ،‬وضبط النفس إذا وقع الغضب‪.‬‬

‫__ ‪__ 14‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫وقال النبي ﷺ «ليس الشديد بالصرعة‪ ،‬إنما الشديد الذي يملك نفسه عند‬

‫الغضب»‪.‬‬

‫● الوسيلة الثانية‪ :‬دوام التوبة والاستغفار‪.‬‬

‫فتراكم الذنوب والمعاصي يمنع أن يرزق الإنسان التزكية‪.‬‬

‫وأعلى مقامات الاستغفار هو ما يُستحضر فيه النقص البشري الدائم‪ ،‬ودوام‬

‫التقصير‪ ،‬وأن العبد ليس على ما ينبغي أن يكون عليه من طاعة الله وعبادته‪،‬‬

‫مع استحضار كمال الله وعظمته‪.‬‬

‫● الوسيلة الثالثة‪ :‬المجاهدة‪.‬‬

‫وتكون المجاهدة لإدامة معنى التربية‪ ،‬وتشمل مجاهدة النفس في تطهيرها‪،‬‬

‫ن جَٰـهَد ُوا ۟ ف ِینَا لَنَهۡدِیَنّه ُ ۡم سُبُلَنَاۚ وِإَ َ ّ‬


‫ن‬ ‫ومجاهدتها في الز يادة والنماء‪ ،‬قال تعالى(و َٱل َ ّذ ِی َ‬

‫ٱلل ّه َ لَم َ َع ٱل ۡم ُحۡ سِنِینَ)‪.‬‬


‫َ‬

‫● الوسيلة الرابعة‪ :‬التوكل على الله في ترك المعاصي‪ ،‬والتخلص من الذنوب‪.‬‬

‫__ ‪__ 15‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫القسم الثالث‪ :‬الوسائل المتعلقة بالز يادة والتحلية‪:‬‬


‫● الوسيلة الأولى‪ :‬العناية التامة بأعمال القلوب اهتماما وعملا‪.‬‬

‫اهتماما‪ :‬بأن تكون من الأولو يات‪ ،‬وعملا‪ :‬بأن تكون أكثر من الأعمال‬

‫الظاهرة‪ ،‬وأهم أعمال القلوب‪ :‬الإخلاص‪ ،‬قال ﷺ «ألا وإن في الجسد مضغة‬

‫إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله‪ ،‬ألا وهي القلب»‪،‬‬

‫وقال «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»‪.‬‬

‫● الوسيلة الثانية‪ :‬الدعاء‪.‬‬

‫كان النبي ﷺ يدعو ‪« :‬اللهم آت نفسي تقواها‪ ،‬وزكها فأنت خير من زكاها‪،‬‬

‫أنت وليها ومولاها»‪.‬‬

‫● الوسيلة الثالثة‪ :‬الصلاة‪.‬‬

‫ن ٱلۡف َحۡ شَ ۤا ء ِ و َٱل ۡمُنكَرِۗ)‪.‬‬ ‫ن َ‬


‫ٱلصّ ل َ ٰوة َ تَنۡهَ ى ع َ ِ‬ ‫قال تعالى(ِإ َ ّ‬
‫ٰ‬

‫● الوسيلة الرابعة‪ :‬التفكر‪.‬‬

‫فالتفكر في آيات الله من أعظم الأمور التي تزيد اليقين والإيمان‪…(،‬و َیَتَف َ َك ّر ُونَ‬

‫ك فَق ِنَا عَذ َابَ‬ ‫ض ر َ َب ّنَا م َا خ َلَقۡتَ هَٰـذ َا بَٰـط ِل ࣰا ُ‬


‫سبۡحَٰـن َ َ‬ ‫⁠ت و َٱلَۡأ ۡر ِ‬ ‫ق ٱل َ ّ‬
‫سمَٰـوَ ٰ ِ‬ ‫فِی خ َل ۡ ِ‬
‫َ‬
‫ٱلن ّارِ)‪.‬‬

‫__ ‪__ 16‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫● الوسيلة الخامسة‪ :‬الذكر‪.‬‬

‫ٱلل ّه َ و َٱل ۡیَوۡم َ ٱلۡـَٔا ِ‬


‫خر َ‬ ‫ٱلل ّه ِ ُأ سۡ وَة ٌ َ‬
‫حسَنَة ࣱ لِّم َن ك َانَ یَرۡجُوا ۟ َ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬
‫(ل ّق َ ۡد ك َانَ لَك ُ ۡم فِی رَسُو ِ‬

‫ٱلل ّه َ كَث ِیر ࣰا)‪ ،‬فللذكر أثر على استجابة الإنسان لأسباب الهداية‪.‬‬
‫وَذَك َر َ َ‬
‫ووصف الله المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلا‪ ،‬فكثرة الذكر من أعظم‬

‫وسائل التزكية‪.‬‬

‫__ ‪__ 17‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫|¦ عوائق التزكية ¦|‬


‫القسم الأول‪ :‬مصادر (عوائق التزكية)‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬مضامين (عوائق التزكية) وحلولها‪.‬‬

‫القسم الأول‪ :‬مصادر (عوائق التزكية)‪:‬‬

‫العائق الأول‪ :‬النفس‪.‬‬

‫الوحي يعرف الإنسان بنفسه‪ ،‬و يعلمه أنه في رحلة جهاد ومكابدة مع نفسه‪ ،‬قال‬

‫ٱلل ّه َ لَم َ َع ٱل ۡم ُحۡ سِنِینَ)‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬


‫ن َ‬ ‫تعالى‪( :‬و َٱل َ ّذ ِی َ‬
‫ن جَٰـهَد ُوا ۟ ف ِینَا لَنَهۡدِیَنّه ُ ۡم سُبُلَنَاۚ وِإَ َ ّ‬

‫ن ٱل ۡه َو َى) فهذه الآية تثبت أن‬


‫ۡس ع َ ِ‬ ‫َاف مَق َام َ ر َبِّه ِۦ وَنَهَ ى َ‬
‫ٱلن ّف َ‬ ‫(وََأ َمّا م َنۡ خ َ‬
‫ٰ‬
‫النفس لها أمر ونهي‪ ،‬وتثبت أن الإنسان يمكن أن يتحكم في هذا الأمر والنهي‪،‬‬

‫وتثبت أن من أهم وسائل هذا التحكم هو الخوف من الله سبحانه‪ ،‬وتثبت أن‬

‫النفس لها أهواء‪ ،‬كما قال ﷺ «والنفس تمنى وتشتهي»‪.‬‬

‫ومن أعظم صور التكليف الإلهي للبشر‪ :‬هو أن جعل نفوسهم على هذه الأماني‬

‫والشهوات‪ ،‬وجعل وسيلة دخول الجنة هي القدرة على منع النفس عن مخالفة‬

‫أوامره‪.‬‬

‫__ ‪__ 18‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫العائق الثاني‪ :‬الشيطان‪.‬‬

‫الوحي يثبت أن علاقة الشيطان بالإنسان علاقة متصلة من بداية حياته حتى‬

‫لحظة وفاته‪ ،‬والعداوة أمر مركزي بين الإنسان والشيطان‪ ،‬قال تعالى‪ِ( :‬إ َ ّ‬
‫ن‬

‫ٰـب ٱل َ ّ‬
‫سع ِیر ِ)‪،‬‬ ‫صح َ ِ‬ ‫ن لَك ُ ۡم عَد ُ ّوࣱ ف ََٱتّ خِذ ُوه ُ عَد ُ ً ّواۚ ِإ َن ّمَا ی َ ۡدع ُوا ۟ ِ‬
‫حزۡبَه ُۥ لِیَكُونُوا ۟ م ِنۡ َأ ۡ‬ ‫ٱل َ ّ‬
‫شیۡطَٰـ َ‬

‫ظٰـل ِمِینَ بَدَل ࣰا)‪،‬‬ ‫خذ ُونَه ُۥ وَذُرِّ َی ّت َه ُۥ َأ وۡلِی َ ۤا ء َ م ِن د ُونِی و َه ُ ۡم لَك ُ ۡم عَد ُ ُ ّۚو ۢ بِئ َ‬
‫ۡس لِل َ ّ‬ ‫(َأ فَت َت ّ ِ‬
‫ۤ‬
‫ن ِإ َن ّه ُۥ لَك ُ ۡم عَد ُ ّوࣱ ُمّبِینࣱ)‪.‬‬ ‫(َأ ل َ ۡم َأ ۡعه َ ۡد ِإ لَیۡك ُ ۡم یَٰـبَنِی ءَادَم َ َأ ن َلّا تَعۡبُد ُوا ۟ ٱل َ ّ‬
‫شیۡطَٰـ َ ۖ‬
‫ۤ‬
‫وذكر الوحي أن من وسائل الشيطان‪ :‬الوسوسة‪ ،‬وخطواته في إغواء بني آدم‪.‬‬

‫ومن خطواته في الوسوسة أنه إذا يئس من العبد في أن يغو يه بالكفر أو يغو يه‬

‫بالكبائر أو يغو يه بالصغائر‪ ،‬فإنه يتجه إلى التحزين والأذى الداخلي بالوسواس‬

‫والخواطر‪ ،‬إما عقدية وأما فيما دون ذلك كالطهارة‪ ،‬وعلى قدر ما يسترسل‬

‫العبد معه على قدر ما يزيد في وسوسته وإغوائه‪.‬‬

‫و لمعالجة هذه الوساوس يجب اتباع الوسائل والحلول الشرعية‪ ،‬وأن يتشبث بها‬

‫ويستنير بها‪ ،‬كما جاء عن الصحابة أنهم قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أرأيت أحدنا‬

‫يحدث نفسه بالشيء الذي لأن يخر من السماء فينقطع أحب إليه من أن يتكلم‬

‫به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬تلك محض الإيمان»‪.‬‬

‫فليتنبه المصلحون من حيل الشيطان في إقعادهم عن الانطلاق في العمل‬

‫والإصلاح والتزكية‪.‬‬

‫__ ‪__ 19‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫العائق الثالث‪ :‬البيئة‪.‬‬

‫ذكر الله عز وجل في الوحي في هذا الباب معالم يستفاد منها‪ ،‬فقال فيما يتعلق‬

‫ظالِم ُ عَلَى یَد َیۡه ِ یَق ُو ُ‬


‫ل یَٰـلَی ۡتَنِی‬ ‫بالصديق والصداقة في سوره الفرقان‪( :‬و َیَوۡم َ یَع ُ َّض ٱل َ ّ‬
‫ٰ‬
‫ل سَب ِیل ࣰا ۝ یَٰـو َیۡلَت َى لَی ۡتَنِی ل َ ۡم َأ َتّ خ ِ ۡذ فُلَان ًا خ َلِیل ࣰا ۝ َل ّق َ ۡد‬ ‫ٱلر ّسُو ِ‬ ‫َٱتّ خَذۡتُ م َ َع َ‬
‫ٰ‬
‫ن خَذ ُول ࣰا)‪.‬‬ ‫ن لِلِۡإ نسَٰـ ِ‬
‫شیۡطَٰـ ُ‬ ‫ج ۤا ءَنِیۗ وَك َانَ ٱل َ ّ‬ ‫َأ ض ََل ّنِی ع َ ِ‬
‫ن ٱلذِّكۡر ِ بَعۡد َ ِإ ۡذ َ‬

‫فإ يجاد البيئة المعينة للمصلح ضروري لتجاوز تحديات البيئة‪.‬‬

‫العائق الرابع‪ :‬الأعداء‪.‬‬

‫الأعداء يحولون بين المسلم وبين الاستقامة على الحق‪ ،‬قال تعالى (و َقَالَت َطّ ۤا ِٕىفَة ࣱ‬

‫ن ءَام َن ُوا ۟ وَجۡه َ ٱل َنّهَارِ و َٱكۡ ف ُر ُۤوا ۟‬ ‫ٰـب ءَام ِن ُوا ۟ ب ِٱل َ ّذ ِۤی ُأ نز ِ َ‬
‫ل عَلَى ٱل َ ّذ ِی َ‬ ‫ل ٱ ۡلكِت َ ِ‬
‫مّ ِنۡ َأ ه ۡ ِ‬
‫خرَه ُۥ لَع َل ّه ُ ۡم یَرۡجِع ُونَ)‪.‬‬
‫ءَا ِ‬

‫ودور الأعداء اليوم في إضعاف التزكية والحيلولة بين المسلم وبين استقامته على‬

‫دين الله‪ ،‬أكبر من أي وقت مضى‪ ،‬عن طر يق بث الشهوات والشبهات‪.‬‬

‫__ ‪__ 20‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫القسم الثاني‪ :‬مضامين عوائق التزكية‪:‬‬

‫أولا‪ :‬مضامين عوائق التزكية الصادرة عن المصادر الأربعة السابقة تكون إما‪:‬‬

‫● شبهات‪ ،‬و هي أقسام‪:‬‬

‫‪-١‬شبهات فكر ية وعقدية‪ :‬مثل‪ :‬الإلحاد‪ ،‬الغلو‪ ،‬إنكار الثوابت‪ ،‬التأثر بسلطة‬

‫الثقافة الغالبة‪...‬‬

‫‪-٢‬شبهات نفسية‪ :‬ضعف الثقة‪ ،‬الهشاشة النفسية‪ ،‬سؤال العجز والضعف‪...‬‬

‫‪-٢‬شبهات منهجية‪ :‬سؤال الجدوى‪ ،‬قلق الوجهة‪...‬‬

‫● شهوات‪ :‬وهي‪:‬‬

‫‪-١‬شهوات قلبية‪ :‬كالكبر والر ياء وحب الجاه‪.‬‬

‫‪-٢‬شهوات جسدية‪ :‬كالفواحش وإطلاق البصر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوقاية والعلاج من العوائق‪:‬‬

‫● الشبهات‪:‬‬

‫‪ -١‬العقدية والفكر ية‪:‬‬

‫سبل الوقاية‪:‬‬

‫‪-١‬معرفة دلائل أصول الإسلام‪ ،‬واليقين والإيمان بها (الدلائل المثبتة لصحة‬

‫أصول ما يعتقده المسلم)‪.‬‬

‫__ ‪__ 21‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫‪-٢‬العناية بمعرفة الثوابت الشرعية (حجية السنة‪ ،‬المنهج الصحيح في طر يقة فهم‬

‫الأحكام والأدلة الشرعية)‪.‬‬

‫‪-٣‬البناء الشرعي للتمكن من أصول العلوم الشرعية (القدر الأساسي من العلوم‬

‫الشرعية)‪.‬‬

‫‪-٤‬بناء أبجديات التعامل مع الإشكالات ( أصول الخطأ في الشبهات‪ ،‬وسائل‬

‫التثبت‪ .‬التفكير الناقد‪ ،‬ووسائل النقد)‪.‬‬

‫‪-٢‬النفسية والمنهجية‪:‬‬

‫‪-‬علاج مشكلة سؤال الجدوى‪:‬‬

‫‪-١‬ضرورة وضوح تعر يف الثمرة و النصر والنجاح بالنسبة لكل فرد مسلم‪،‬‬

‫فالإسلام كلف الإنسان بالعمل والثمرة والنصر إنما هما من عند الله‬

‫‪-٢‬فهم مركز يه الابتلاء ووضعها في الموضع الصحيح في فهم المسلم‪ ،‬فالاسلام‬

‫علمنا ان سنه الابتلاء والتمحيص قائمه‪ ،‬وان المصلح قد يصل الى مرحله اليأس‪،‬‬

‫سب ۡتُم ۡ َأ ن ت َ ۡدخ ُلُوا ۟‬


‫ح ِ‬
‫وعلاج ذلك‪ :‬الثبات والصبر والتقوى واليقين قال تعالى‪َ( :‬أ ۡم َ‬

‫ستۡهُم ُ ٱل ۡب َأ ۡ َ‬
‫س ۤا ء ُ و َٱل َض ّ َرّ ۤا ء ُ وَز ُلۡزِلُوا ۟ ح ََت ّى‬ ‫ن خ َلَوۡا ۟ م ِن قَب ۡ ِلكُمۖ َمّ َ ّ‬ ‫ل ٱل َ ّذ ِی َ‬‫ٱلۡج َنَ ّة َ و َلَم ّا ی َأۡتِك ُم َمّث َ ُ‬
‫ٰ‬
‫ٱلل ّه ِ قَرِیبࣱ )‪( ،‬ح ََت ّ ۤى‬ ‫ن نَصۡر َ َ‬ ‫ٱلل ّ ۗه ِ َأ ل َ ۤا ِإ َ ّ‬
‫ن ءَام َن ُوا ۟ مَع َه ُۥ م َت َى نَصۡر ُ َ‬ ‫ل و َٱل َ ّذ ِی َ‬
‫ٱلر ّسُو ُ‬‫ل َ‬ ‫یَق ُو َ‬
‫ٰ‬ ‫ٰ‬
‫ی م َن نَ ّش َ ۤا ۖء ُ وَل َا‬ ‫ج ۤا ءَه ُ ۡم نَصۡر ُن َا فَن ّ ُِج َ‬ ‫ل وَظ َُن ّۤوا ۟ َأ َ ّنه ُ ۡم ق َ ۡد كُذِبُوا ۟ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ٱلر ّ ُ‬‫َٔس ُ‬ ‫ِإ ذ َا ٱسۡ تَیۡـ َ‬

‫ی ُر َ ُدّ ب َأۡسُنَا ع َ ِ‬
‫ن ٱلۡقَو ۡ ِم ٱل ۡم ُجۡ رِم ِینَ)‪.‬‬

‫__ ‪__ 22‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫وثمرة هذين الأمرين‪ :‬هي ابتغاء وجه الله وحده بالعمل حتى لو لم تحصل الثمرة‪.‬‬

‫‪-‬وسبل الوقاية (للمصلحين) من الشبهات النفسية والاجتماعية‪:‬‬

‫‪-١‬معرفة خارطة المشكلات وتار يخها‪ ،‬وعدم اختزال الواقع بنظرة سطحية؛‬

‫لأنها تؤدي الى حلول ناقصة‪ ،‬فيجب قراءة الواقعة قراءة صحيحة متكاملة‪.‬‬

‫‪-٢‬ضرورة ادراك انك مسهم في الحل والثمرة (الإصلاح) ولست المتفرد‬

‫بتقديمها‪ ،‬فيجب التكامل فيما بين المصلحين‪.‬‬

‫‪-٣‬ضرورة إدراك الثغور الكبرى المؤثرة في مشكلات الأمة الإسلامية‪ ،‬والثغور‬

‫الصغرى التي يعمل عليها الفرد‪ ،‬ثم إقامة الجسور بين الثغور الصغرى والثغور‬

‫الكبرى التي يُعم َل عليها‪.‬‬

‫● الشهوات‪:‬‬

‫‪-١‬شهوات القلب(أمراضها)‪:‬‬

‫مثل‪ :‬الكبر والر ياء وحب الجاه والحسد‪.‬‬

‫والشهوات القلبية هي المولدة للشهوات الجسدية‪.‬‬

‫‪-٢‬شهوات جسدية‪:‬‬

‫مثل‪ :‬إطلاق البصر‪ ،‬والعلاقة المحرمة…‬

‫__ ‪__ 23‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫سبل الوقاية (للمصلحين) منهما‪:‬‬

‫‪-١‬إدراك أن كثيرا من المشكلات التي تواجه المصلحين اليوم في الواقع هي‬

‫مشكلات ناتجة عن الشهوات‪.‬‬

‫‪-٢‬معرفة الرب ومعرفة النفس ومعرفة الخلق‪ ،‬وتحقيقها في القلب‪ ،‬فهذا من‬

‫أعظم مما يقضي على شهوات النفس‪.‬‬

‫‪-٣‬دوام التزكية‪ ،‬ودوام الاستغفار والتوبة‪.‬‬

‫‪-٤‬عدم اسقاط النفس عند الخطأ‪ ،‬فهذا من حيل الشيطان في تثبيط المصلحين‪.‬‬

‫__ ‪__ 24‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫|¦ مؤشرات التزكية ¦|‬


‫المؤشرات التي إذا وجدت في الإنسان فإنها علامة على سيره في الطر يق‬

‫الصحيح في التزكية‪:‬‬

‫المؤشر الأول‪:‬‬

‫دوام استحضار مراقبة الله سبحانه‪ ،‬و تذكر لقاءه في الآخرة‪ ،‬وعكسه‪ :‬الغفلة‪.‬‬

‫المؤشر الثاني‪:‬‬

‫التقوى‪ ،‬ومحاذرة الذنوب خاصة في الخلوات وعند الهوى‬

‫المؤشر الثالث‪:‬‬

‫تعظيم شعائر الله وأمره ونهيه‪ ،‬والخوف من مخالفة أمره‪.‬‬

‫المؤشر الرابع‪:‬‬

‫نسبة النعم لله‪ ،‬وخاصة وقت الإنجاز والنصر‪.‬‬

‫المؤشر الخامس‪:‬‬

‫قبول الحق والانقياد له وعدم بطره ورده‪ ،‬وعكسه الكبر‪.‬‬

‫المؤشر السادس‪:‬‬

‫الخوف والحذر من فقدان نعمة الهداية‪ ،‬ودوام الشكر لله‪.‬‬

‫المؤشر السابع‪:‬‬

‫القدرة على من النفس فيما تأمر به من مخالفة أمر الله‪.‬‬

‫__ ‪__ 25‬‬


‫شيخُ‪َ /‬أ حْمَد ُ ال َ ّ‬
‫سيِّدِ ـــــــ‬ ‫ـــــــ ال َت ّزْكِي َة ُ لِل ْم ُصْ لِحِي ْن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ال َ ّ‬

‫المؤشر الثامن‪:‬‬

‫محبة المؤمن لأخيه ما يحبه لنفسه‪ ،‬وعكسه‪ :‬الحسد‪.‬‬

‫المؤشر التاسع‪:‬‬

‫استمداد التزكية من المدرسة النبو ية‪ ،‬والحذر من خطورة حصرها بشيخ معين‪،‬‬

‫أو وسيلة معينة‪.‬‬

‫المؤشر العاشر‪:‬‬

‫الشعور بلذة الطاعات والعبادات‪ ،‬وحلاوة الإيمان‪ ،‬وقد لا يحصل هذا الأمر‬

‫في بدايات التزكية‪.‬‬

‫اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها فأنت خير من زكاها أنت وليها‬

‫ومولاها‬

‫وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫والحمد لله رب العالمين‬

‫__ ‪__ 26‬‬

You might also like