1

‫يمِ‬ ‫الرحم ِنِ َّ ِ‬

‫الرح ْ‬ ‫بِ ْس ِِمِاِ ِِ‬
‫للِ َّ ْ َ‬

‫ْح ْم ُِدِلِلَِِّوِنَ ْح َم ُد ِهُِ َونَ ْستَ ِعينُِوُِ َونَ ْستَ غْ ِف ُرِهُِ َونَعُو ِذُِبِاللَِِّوِ ِم ِْنِ ُش ُروِرِأَنْ ُف ِسنَاِ َوِم ِْنِ َسيِّئَ ِِ‬
‫اتِ‬ ‫ال َ‬
‫يِلَِوُِ َوأَ ْش َه ُِدِأَ ِْنِالِإِلَِوَِإِالِاللَِّوُِ‬ ‫ضلِ ِلِفَالِ َى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِ‬
‫اد َِ‬ ‫أَ ْع َمالنَاِ َم ِْنِيَ ْهد ِهِالل ِوُِفَالِ ُِمض َِّلِلَِوُِ َوَم ِْنِيُ ْ ْ‬
‫َنِ ُم َح َّم ًداِ َع ْب ُد ِهُِ َوَر ُسولُِوُ‬‫يكِلَِوُِ َوأ َِّ‬
‫َو ْح َد ِهُِالِ َش ِر َِ‬

‫قِالْ َك َال ُِمِ َك َال ُِمِاللِ َو َخ ْي ِرِال ُْه َدىِ ُى َدىِ ُم َح َّم ِْدِ‪َ ِ،‬و َش ِِّرِ ْاْلُُموِرِ ُم ْح َِدثَاتُهاِ‬ ‫َالِوإِ َِّنِأ ْ‬
‫َص َد َِ‬ ‫أ َِ‬
‫ض َاللٍَِةِفِيِالنِّا ِر‬ ‫َوُك َِّلِ ُم ْح َدثٍَِةِبِ ْد َعةِ َوُك َِّلِبِ ْد َعةِ َ‬
‫ض َاللَةِ َوُك َِّلِ َ‬

‫ِأ ََّماِبَ ْع ُِد‪:‬‬

‫فقدِتوقفناِفيِشرحِاْلربعينِالنوويةِعندِالحديثِالثانيِعندِقولِعمر‪-‬رضيِاللِ‬
‫عنوِ‪-‬فيِقولِجبريل‪-‬عليوِالسالمِ‪-‬حينِسأل النبيِ‪ِِ-‬النبيِ‪ِ-‬صلىِاللِعليوِ‬
‫وسلمِ‪ِ-‬بعدِأنِسألوِعنِاإلسالمِواإليمانِثمِقالِلو‪ِ(ِ:‬فأخبرنيِعنِاإلحسانِ‪ِ،‬‬
‫فقالِ‪ِ:‬أنِتعبدِاللِكأنكِتراهِ‪ِ،‬فإنِلمِتكنِتراهِفإنوِيراكِ)ِ‬

‫جبريلِ‪-‬عليوِالسالم‪-‬سألِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلمِ‪-‬عنِاإلحسان‪.‬‬

‫ىيِالمرتبةِالثالثةِمنِمراتبِىذاِالدين‪ِ،‬وىيِأعالىا‪ِ ِ،‬وأىلِىذهِالمرتبةِ‬ ‫ِ‬

‫‪-‬كماِذكرِأىلِالعلم‪-‬أقلِمنِأىلِاإليمان‪ِ،‬وأىلِاإليمانِأقلِمنِأىلِاإلسالم‪.‬‬

‫فهذهِالمراتبِالثالث‪:‬‬

‫‪ِ-‬المرتبةِاْلولىِوىيِاإلسالمِأىلهاِكثيرون‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ِ ِ-‬وأماِاإليمانِفهيِمرتبةِأعلىِتحصلِبالعملِالصالحِإذاِأتىِالعبدِبالواجباتِوتركِ‬
‫المحرماتِوأتىِبالنوافل‪.‬‬

‫‪ -‬ثمِبعدِذلكِاإلحسانِوىيِمرتبةِعظيمةِجداِوأىلهاِقليلون‪ِ،‬أخبرِفيهاِالنبي‪-‬‬
‫صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬أنِمنِأرادِأنِيحصلِوأنِيكونِمنِأىلِىذهِالمرتبةِ‬
‫فعليوِأنِيعبدِاللِكأنوِيراه‪ِ،‬يعني‪ِ:‬يراقبِاللِ‪-‬عزِوجلِ–‪.‬‬
‫كماِقالِذاكِالشاعر‪:‬‬

‫إذاِماِخلوتِالدىرِيوماِفالِِِ‪ِِِ::‬تقلِخلوتِولكنِقلِعليِرقيب‬

‫فاللِ‪-‬عزِوجلِ‪ِ-‬يرانا‪ِ،‬ويعلمِبحالنا‪ِ،‬ومطلعِ‪ِ-‬سبحانوِوتعالىِ‪ِ-‬علىِماِتخفيِ‬
‫أنفسناِ‪ِ ِ،‬وعلىِكلِصغيرِوكبير‪ِ،‬فهو‪ِ-‬سبحانوِوتعالى‪ِ-‬يسمعِدبيبِالنملةِالسوداءِ‬
‫علىِالصخرةِالصماءِفيِالليلةِالظلماءِ‪ِ،‬يسمعِسبحانوِوتعالىِدبيبِىذهِالنملةِ‬
‫يعنيِ‪ِ:‬صوتِمشيهاِسبحانوِوتعالىِ‪.‬‬

‫وعائشةِرضيِاللِعنهاِقالت‪ِ:‬لماِنزلِقولوِتعالى‪ِ﴿ِ:‬قَ ِْد َس ِم َِع اللَّ وُِ‬

‫يِزْو ِج َهاِ﴾( ‪ِ)1‬فقالت‪ِ(ِ:‬سبحانِالذيِوسعِسمعوِكلِشيءِ)ِ‬ ‫كِفِ َ‬ ‫قولَِ الَّتِي تُج ِ‬
‫ادلُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عائشةِرضيِاللِعنهاِكانتِحجرتهاِقريبةِمنِىذهِالمرأةِالتيِجاءتِتشتكيِللنبيِ‬
‫‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬وتسمعِشيئاِويفوتهاِأشياء‪.‬‬

‫ِواللِ‪-‬عزِوجلِ‪-‬منِفوقِسبعِسماواتِ‪-‬سبحانوِوتعالىِ–ِيقولِ﴿ِقَ ِْد َس ِم َِع اللَّ وُِ‬

‫أةِولمِيخفِعليوِشيءِمنِ‬
‫ِ‬ ‫سمعِكلِماِقالتوِىذهِالمر‬
‫﴾ِأيِأنوِ‪-‬سبحانوِوتعالى‪ِ -‬‬
‫كالمها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫) سورة المجادلة (‪) 1‬‬

‫‪3‬‬
 ‫فإ ًذاِىذهِالمرتبةِبأنِيصلِإليهاِالعبدِبأنِالل‪-‬عزِوجلِ‪-‬ويعبدهِعبادةِمنِوصفوِ‬
‫بقولو‪(ِ:‬تعبدِاللِكأنكِتراهِفإنِلمِتكنِتراهِفإنوِيراك)ِيعني‪ِ:‬وإنِلمِيكنِالواحدِمناِِ‬
‫يرىِاللِ‪-‬سبحانوِوتعالىِ‪-‬فيِالدنياِمنِفوقِسبعِسماوات والِيخفىِعليوِشيءِمنِ‬
‫حالوِوىذهِالمرتبة‪-‬كماِسبقِ‪ِ-‬أىلهاِقليلونِ؛ِولذلكِىذهِالمرتبةِاإلحسانِىيِ‬
‫مرتبةِعاليةِ‪ِِ-‬كماِذكرِأىلِالعلمِ‪ِ-‬مرتبةِعظيمةِِ‪ِ،‬يقولِاللِ‪ِ-‬عزِوجلِ‪ِ﴿ِ:ِ-‬‬
‫مِم ْح ِسنُو َِن﴾( ‪ِ)2‬‬ ‫ين اتَّ َقوا َّوالَّ ِذ َِ‬
‫ين ُى ُّ‬ ‫إِ َِّن اللَّ ِوَ َم َِع الَّ ِذ َِ‬

‫فهذهِالمرتبةِلهمِمنِمعيةِاللِالخاصةِ‪-‬سبحانوِوتعالى‪ِ:-‬حفظو‪ِ،‬ونصره‪ِ،‬وماِ‬
‫يحصلِلوِمنِخيرِوأجرِمنِاللِ‪-‬عزِوجلِ‪ِ،-‬فإنِاللِ‪-‬عزِ ِوجل‪-‬كماِقال‪ِ﴿ِِ:‬‬
‫ِماِ ُكنتُ ِْم ﴿‪ِ)3 (﴾٤‬أي‪ِ:‬بعلموِكماِقالوِابنِعباسِوغيرهِمنِالسلف‪.‬‬
‫ِم َع ُك ْمِأَيْ َن َ‬
‫َو ُى َو َ‬
‫ولكنِىناكِمعيةِخاصةِْلىلِاإليمانِوأىلِاإلحسانِقال‪ِ(ِ:‬أنِتعبدِاللِكأنكِتراهِ‬
‫فإنِلمِتكنِتراهِفإنوِيراكِ)ِومنِعجيبِفتوىِبعضِأىلِالعلمِفيِىذاِلماِجاءهِ‬
‫أحدِالعصاةِوقالِلوِ‪ِ"ِ:‬أريدِأنِأعصيِاللِِ‪ِ،‬قال‪ِ"ِِ:‬نعمِالِمانعِمنِذلكِ‪ِ،‬ولكنِ‬
‫اعصوِحيثِالِيراكِ"ِيعنيِ‪ِ:‬اذىبِإلىِمكان‪-،‬أيِمكانِتختارهِ‪ -‬اذىبِإلىِىذاِ‬
‫المكانِواعصِالل‪-‬عزِوجل‪-‬بشرطِ‪ِ:‬أنِالِيراكِالل‪-‬عزِوجل‪-‬فقال‪ِ:‬وِأينِالِ‬
‫يرانيِوىوِيرانيِفيِكلِمكانِيراني‪-‬سبحانوِوتعالى‪-‬منِفوقِسبعِسماوات‪ِ،‬فقال‪ِ:‬‬
‫"ياِعدوِنفسوِأتعلمِأنِاللِيراكِوينظرِإليكِوتعصيو؟ِ!ِ"‬

‫ِولذلكِيذكرِالعلماءِللتائبينِابتليِبالذنوبِأنِيستحضرِأنِاللِيراهِومطلعِعليوِ‬
‫ويعلمِحالو‪-‬سبحانوِوتعالى‪.-‬‬

‫‪2‬‬
‫) سورة النحل ( ‪)٨٢١‬‬

‫ا‬
‫) سورة لحديد ( ‪) 4‬‬
‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
 ‫ثمِقالِجبريل‪-‬عليوِالسالم–للنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪(ِ:-‬فأخبرنيِعنِ‬
‫الساعة؟‪ِ،‬فقالِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلمِ–‪ِ:‬ماِالمسؤولِعنهاِبأعلمِمنِالسائل)‬

‫جبريلِسألِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬عنِوقتِالقيامةِمتىِىو؟ِِفيِأيِزمانِ‬
‫يكون؟ِفأخبرهِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬أنِعلميِوعلمكِسواءِ؛ِأيِأنناِالِنعلمِ‬
‫ِ‬ ‫الس َ ِ‬
‫اع ِة قُ ْلِإِنَّ َماِعل ُ‬
‫ْم َهاِ‬ ‫َّاس َع ِن َّ‬‫ك الن ُِ‬ ‫متىِالساعة‪ِ.‬كماِقالِاللِ‪-‬عزِوجل‪ِِ﴿ِ:-‬يَ ْسأَلُ َِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ِ،‬وكماِقالِ‪-‬عزِوجل–‬ ‫اع ِةَ تَ ُكو ُنِقَ ِريبًا﴾( ‪ِ ِ)4‬‬ ‫الس َ‬‫يكِلَ َع َِّل َّ‬ ‫عن َِد اللَّ و َ‬
‫ِوَماِيُ ْد ِر َ‬
‫ِى َوِ‬ ‫ِ‬ ‫ْم َها ِعن َِد َربِّ َ‬
‫يِالِيُ َجلِّ َيهاِل َوقْتِ َهاِإَِّال ُ‬
‫ِ‬
‫اىاِقُ ْلِإِِنَّ َماِعل ُ‬ ‫ِم ْر َس َ‬
‫الس َ ِ‬
‫اع ِة أَيَّا َن ُ‬ ‫ك َع ِن َّ‬ ‫‪﴿:‬ي ْسأَلُونَ َِ‬
‫ِح ِفيِ َع ْن َها قُ ْلِإِنَّ َماِ‬
‫ك َ‬ ‫ض َِالِتَأْتِي ُك ْمِإَِّالِبَغْتَ ِةًِيَ ْسأَلُونَ َِ‬
‫ك َكأَنَّ َ‬ ‫ِو ْاْلَ ْر ِ‬ ‫تِفِ َّ ِ‬
‫يِالس َم َاوات َ‬ ‫ثَ ُقلَ ْ‬
‫ِولَٰ ِك َّنِأَ ْكثَ َرِالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِعل ِ‬
‫َّاس َِالِيَ ِْعلَ ُمو َِنِ﴾( ‪ِ)5‬‬ ‫ْم َها عن َِدِاللَّ و َ‬ ‫ُ‬
‫فبينِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬أنوِىوِوىوِرسولِالل‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪ِ -‬وأنتِ‬
‫أيهاِالسائلِوىوِيعنيِجبريل‪-‬عليوِالصالةِوالسالم‪-‬الِيعلمانِمتىِتكونِالساعةِ‪ِ-‬‬

‫‪ْ -‬لنِاللِاستأثرِبعلمِالساعة‪ِ،‬الِيعلمهاِإالِىوِسبحانوِوتعالى‪.‬‬

‫مماِأرادِاللِعزِوجلِ؛ِأنِيكونِوقتِالساعةِفيِزمنِمحدودِالِيعلموِالناس‪.‬‬

‫لذلك‪-‬باركِاللِفيكم‪-‬فيِىذاِدليلِعلىِمسألةِمهمةِوخطيرةِقدِيضطربِفيهاِ‬
‫بعضِالناسِوقدِيشكِفيهاِبعضِالناسِوىو‪ِ:‬أنناِقدِنسمعِمنِبعضِالجهالِومنِ‬
‫بعضِالمتعالمينِومنِبعضِمنِيتكلمِفيِدينِاللِبجهلِأنِىذاِالزمانِوأنِالدنياِ‬
‫ستنتهيِفيِالعامِالفالنيِ؛ِعامِكذاِوكذاِوالِشكِأنِىذاِخطأِ‪ِ،‬يجبِعليناِجميعاِ‬

‫‪4‬‬
‫) سورة األحزاب ( ‪) 36‬‬
‫‪5‬‬
‫) سورة األعراف ( ‪) 181‬‬

‫‪5‬‬
 ‫أنِنعلمِأنِىذاِكذبِمنِالقولِوباطلِمنِالقولِ‪.‬‬

‫‪ْ -‬لنِالل‪-‬عزِوجل–أخبرنا‪ِ:‬أنوِىو‪-‬سبحانوِوتعالى‪ِ-‬الذيِيعلمِمتىِتكونِ‬
‫الساعة‪ِ،‬والنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪ِ-‬أخبر ِناِكماِفيِىذاِالحديث‪-‬أنوِالِيعلمِ‬
‫متىِالساعة‪ِ ِ،‬وجبريلِ‪-‬عليوِالسالم‪-‬لماِأخبرهِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬وقالِ‬
‫لو‪ِ(ِ:‬ماِالمسؤولِعنهاِبأعلمِمنِالسائلِ)لمِيقل‪ِ:‬الِ‪ِ،‬أناِأعلمها!ِوإنماِأقرهِ‬
‫بمعنى‪ِ:‬أنيِأناِ ِوأنتِالِنعلمِمتىِالساعة‪.‬‬

‫فالشكِأيهاِاإلخوةِواْلخوات‪-‬باركِاللِفيكم‪-‬عليناِأنِنتنبوِلمثلِىذهِاْلقوالِ‬
‫الباطلةِالتيِنبوِالعلماءِعلىِبطالنهاِفهذاِحديثِمشهورِومعلومِعندِكثيرِمنِ‬
‫المسلمينِ(أخبرنيِعنِالساعة‪ِ،‬ماِالمسؤولِعنهاِبأعلمِمنِالسائل)‪.‬‬

‫لذلكِمنِأتىِوقال‪'ِ:‬القيامةِستكونِوالدنياِستنتهيِفيِالزمانِالفالني'‪ِ،‬نقولِلو‪ِ:‬‬
‫'الِيعلمِوقتِانتهاءِالدنياِوقيامِالساعةِإالِاللِ‪-‬عزِوجل–'‪.‬‬

‫ثمِقالِ‪(:‬فأخبرنيِعنِأماراتها)‪ِ:‬قالِجبريلِللنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬أخبرنيِعنِ‬
‫عالماتِالساعة‪.‬‬

‫ِوعالماتِالساعةِقدِأخبرِالل‪-‬عزِوجل–أنِللساعةِعالماتِكماِقال‪-‬عزِوجل‪ِ:-‬‬
‫ِ‬
‫ِجاءَِأَ ْش َراطُ َها فَأَنَّ ٰىِلَ ُه ْمِإِذَ َ‬
‫اِجاءَتْ ُه ْمِ‬ ‫اعةَِأَنِتَأْتيَ ُهمِبَغْتَ ِةً فَ َق ْد َ‬ ‫(فَ َه ْلِيَنظُُرو َنِإَِّال َّ‬
‫ِالس َ‬

‫‪6‬‬
 ‫ِذ ْك َر ُ‬
‫اى ِْم ﴿‪ِ،ِ)ِ6 (﴾١٨‬ومعنىِأشراطهاِأيِأماراتهاِوعالماتهاِوأشراطِالساعةِِ؛ِ‬
‫ىناكِأشراطِالساعةِالكبرىِوأشراطِالساعةِالصغرى‪.‬‬

‫ِوأشراطِالساعةِالكبرىِىيِالتيِتقعِقبلِقيامِالساعةِمنِنزولِعيسى‪-‬عليوِ‬
‫السالم‪-‬وخروجِالدابة‪ِ،‬وظهورِالدجال‪ِ،‬وغيرِذلكِمنِالعالمات‪ِ،‬كطلوعِالشمسِمنِ‬
‫مغربها‪.‬‬

‫ِلكنِىناِفيِىذاِالحديثِذكرِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬عالمتين‪:‬‬

‫قالِلماِسألوِعنِأماراتهاِقال‪(ِ:‬أنِتلدِاْلمةِربتها)ِيعنيِإشارةِإلىِأنوِفيِآخرِ‬
‫الزمانِيكثرِالجواريِواإلماءِ؛ِفالرجلِإذاِوطيءِوجامعِأمتوِفحملتِوأنجبتِولداِ‬
‫ذكراِأوِبنتاِفإنِىذاِالولدِالذكرِأوِاْلنثىِالبنتِ؛ِفإنوِيكونِحراِْلنوِيتبعِأباهِفيِ‬
‫الحريةِ‪.‬‬
‫ِولكنِىذهِالمرأةِالتيِىيِاْلمةِ؛ِأمِىذاِاالبنِأوِأمِىذهِالبنتِالِتزالِأمةِمملوكةِ‬
‫لهذاِالرجلِِوتسمىِعندِالعلماءِبأمِالولدِ‪ِ،‬إذاِماتِتصبحِحرةِإذاِماتِسيدىاِ‬
‫تصبحِحرة‪ِ،‬فيكونِمنِعالماتِالساعةِكثرةِالجواريِواإلماءِ؛ِىذاِمعنى‪.‬‬

‫ِِِوىناكِمعنىِآخرِذكرهِبعضِالعلماءِوىوِإشارةِِإلىِأنِفيِآخرِالزمانِمنِ‬
‫العقوقِالذيِيحصلِمنِاْلبناءِوالبناتِْلمهاتهم‪ِ.‬أنهمِيعاملونِأمهاتهمِاْلحرارِ‬
‫معاملةِاإلماءِفاْلمِتخدمِوتعملِوالبنتِأوِاالبنِيصرخِعليهاِوالِيحترمهاِوالِيقدرىاِ‬
‫والِيحزنِعليهاِوالِيهتمِبحالهاِوالِيشفقِعليهاِوكأنهاِغريبةِعنوِوكأنهاِلمِتحملِبوِ‬
‫وكأنهاِلمِترضعوِكأنهاِلمِتلدهِوكأنهاِوكأنها‪ِ...‬؛ِفهذاِإشاِرةِإلىِالعقوقِوإشارةِإلىِ‬

‫‪ ) 6‬سورة محمد ( ‪)18‬‬

‫‪7‬‬
 ‫قسوةِقلبِاْلبناءِوالبناتِعلىِاْلمهات‪(ِ.‬أنِتلدِاْلمةِربتها)ِفهذاِمعنىِوذاكِ‬
‫معنى‪ِ.‬‬

‫ِِوإنِكانِأكثرِالعلماءِعلىِالمعنىِاْلولِفهوِإشارةِإلىِكثرةِالجواريِواإلماءِفيِ‬
‫آخرِالزمان‪ِِِِ.‬‬

‫ِِِثمِقال‪(ِ:‬وأنِترىِالحفاة)ِيعنيِِالذينِيمشونِعلىِأقدامهمِبالِأحذيةِوبالِشيءِ‬
‫يلبسونوِعلىِأقدامهم‪.‬‬

‫(العراة)‪ِ:‬الذينِيسترونِعورتهمِويكونِكثيرِمنِجسمهمِمكشوفا‪.‬‬

‫(العالة)‪ِ:‬يعنيِالفقراء‪.‬‬

‫(رعاءِالشاة)‪ِ:‬أيِالذينِيقومونِعلىِرعايةِالغنمِوالبقرِ ِواإلبل‪.‬‬

‫(يتطاولونِفيِالبنيان)‪ِ:‬قالِالعلماءِيعني‪ِ:‬تتغيرِأحوالهمِوتتبدلِفيصبحواِأغنياءِ‬
‫ويمتلكونِالبيوتِوالبنيانِوينتقلونِمنِالباديةِوالبدوِإلىِالمدنِفهذاِمنِعالماتِ‬
‫الساعة‪ِ.‬‬

‫قالِالعلماء‪ِ:‬قدِوقعتِىاتانِالعالمتان‪.‬‬

‫وقالِبعضهم‪ِ:‬اْلولىِقدِتكونِفيِآخرِالزمانِوالثانيةِقدِوقعتِفإنناِنرىِأنِالفقراءِ‬
‫وأىلِالباديةِقدِاستوطنواِالمدنِوأصبحواِيمتلكونِالبيوتِالعالية‪.‬‬

‫ِثمِقال‪(ِ:‬ثمِانطلق)‪.‬‬

‫قبلِأنِندخلِفيِىذاِ(ثمِانطلق)ِأقول‪:‬‬

‫‪8‬‬
 ‫ِِِِِِ‪ِ-‬فائدةِمعرفةِعالماتِالساعةِ‪:‬‬

‫‪ِ-1‬أنِالعبدِيجتهدِفيِطاعةِاللِوأنِيحذرِأنِتأتيِعليوِمنيتوِوىوِفيِغيرِمرضاتِ‬
‫الل‪.‬‬

‫‪-2‬وأيضاِىذهِالعالماتِىيِدالئلِعلىِصدقِنبوةِالنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬فإنِ‬
‫النبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬أخبرناِعنِأمورِغيبيةِمستقبليةِِ‪ِ،‬لمِتقعِفيِزمنو‪-‬عليوِ‬
‫الصالةِوالسالم‪ِ.-‬بعضِالعالماتِوقعتِفيِزمنوِ؛ِ ِولكنِىناكِعالماتِلمِتقعِإالِ‬
‫ْلنوِ‬
‫بعدِموتو‪-‬عليوِالصالةِوالسالم‪ِ-‬وبعضهاِماِوقعتِإلىِاآلنِوستقعِبإذنِاللِ ِ‬
‫كماِوصفوِاللِعزِوجل‪ِ﴿ِ:‬وماِي ِ‬
‫ِى َوِإَِّال َ‬
‫ِو ْح ٌيِ‬ ‫ى ﴿‪ ﴾٣‬إِ ْن ُ‬
‫ِع ِنِال َْه َو ِٰ‬
‫نط ُق َ‬‫ََ َ‬
‫( ‪)7‬‬
‫وح ِٰى ﴿‪﴾٤‬‬
‫يُ َ‬
‫فليسِالمرادِبعالماتِالساعةِفقطِتعدادىاِوذكرىاِدونِأنِيكونِاإلنسانِخائفاِ‬
‫خاشعاِلل‪-‬عزِوجل‪ِ-‬ولقدِكانِالنبيِ‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪ِ-‬يحذرِالصحابةِمنِ‬
‫الدجالِوكأنوِبينِظهرانيهمِ؛ِيعنيِكأنوِفيِمكانِقريبِسيخرجِعليهم‪ِ.‬كانِ‪-‬صلىِ‬
‫أىِالسحبِخافِورئيِالخوفِعلىِوجهوِ‪-‬عليوِالصالةِ‬
‫ُِ‬ ‫اللِعليوِوسلم‪ِ-‬إذاِر‬
‫والسالم‪ِ-‬يخافِأنِيحصلِأوِينزلِمعهاِعذابِوىوِرسولِاللِ‪-‬صلىِاللِعليوِ‬
‫وسلم‪ِ-‬مماِيدلِعلىِأنِالمؤمنِعليوِأنِيراقبِاللِوأنِيخافوِويخشاهِوأنِيعلمِأنوِ‬
‫فيِىذهِالدنياِ؛ِدارِفناءِوأنوِمهماِعاشِفيهاِفإنوِسيفارقها‪ِ.‬كماِجاءِفيِالحديثِ‬
‫الذيِصححوِاْللبانيِرحموِاللِتعالى‪ِ-‬فيِالسلسلةِالصحيحةِ‪ِ(ِ:‬أنِجبريل‪-‬عليوِ‬
‫السالم‪-‬أتىِللنبي‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪-‬وقال‪"ِ:‬ياِمحمدِعشِماِشئتِفإنكِميتِ‬

‫‪ ) 7‬سورة النجم ( ‪) 4 - 6‬‬

‫‪9‬‬
 ‫ِوأحببِمنِشئتِفإنكِمفارقوِواعلمِأنِشرفِالمؤمنِقياموِبالليلِوعزهِاستغناءهِ‬
‫عنِالناس")ِِأوِكماِقال‪-‬عليوِالصالةِوالسالم‪.-‬‬

‫قالِعمر‪-‬رضيِاللِعنو‪(:-‬ثمِانطلق)ِ؛ِأيِىذاِالرجلِالسائلِذىب‪.‬‬

‫قال‪(ِ:‬فلبثتِمليا)ِيعنيِوقتاِ؛ِجاءِفيِبعضِالرواياتِثالثةِأيامِوذكرِأىلِالعلمِأنِ‬
‫عمر‪-‬رضيِاللِعنو‪ِ-‬ذىبِللبحثِعنوِ‪،‬ثمِلماِرجعِانفضِالمجلسِثمِلقيِالنبيِ‬
‫‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪ِِ-‬بعدِثالثةِأيام‪.‬‬

‫قال‪(ِ:‬ثمِانطلقِفلبثتِمليا)ِيعنيِوقتا‪.‬‬

‫ثمِقالِالرسولِ‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪ِ-‬حينِلقيِعمرِأوِلقاهِعمر‪(ِ:‬ياِعمرِأتدريِ‬
‫منِالسائل؟)ِىذاِالذيِجاءِسألِعنِاإلسالمِواإليمانِواإلحسانِوعنِالساعةِ‬
‫وعالماتهاِ‪ِ،‬ىلِتدريِمنِالسائلِىذاِ؟ِقال‪(ِ:‬قلت‪ِ:‬اللِورسولوِأعلم)ِيعنيِأناِماِ‬
‫أعلمِ‪ِ،‬ىذاِالرجلِالِنعرفوِوالِيرىِعليوِأثرِالسفرِوالِيعرفوِأحدِمناِ؛ِفأناِماِأعرفِ‬
‫الِأعلمِىذاِاْلمر‪ِ.‬‬

‫ِِِِفقال‪-‬صلىِاللِعليوِوسلم‪(ِ:-‬فإنوِجبريل)ِىذاِالسائلِجبريلِتصورِفيِصورةِ‬
‫رجل‪ِِ.‬‬

‫ِِ(أتاكمِيعلكمِدينكم)ِيعنيِجبريل‪-‬عليوِالسالم‪-‬أتىِليعلمِالصحابةِويعلمناِمنِ‬
‫بعدىم‪-‬رضيِاللِعنهمِأجمعين‪-‬أمورِالدين‪.‬‬

‫وفيِىذاِالكالمِفوائدِمنهاِ‪ِ:‬‬

‫ِِ‪-1‬أنِىذاِىوِالدينِ؛ِاإلسالمِواإليمانِواإلحسانِوماِيتعلقِبالساعةِوأشراطها‪.‬‬

‫‪10‬‬
 ‫‪-2‬ومنهاِأيضاِأنِأسلوبِالسؤالِوالجوابِأسلوبِنافعِلتعليمِالناس‪.‬‬

‫ِ‪-3‬ومنهاِأيضاِقولِعمرِ–رضيِاللِعنو‪":ِ-‬اللِورسولوِأعلم"ِفيِحياتوِ–عليوِ‬
‫الصالةِوالسالم‪-‬أماِبعدِموتوِفإناِنقول‪ِ:‬اللِأعلمِِ؛ِوالِنقولِبعدِموتو‪ِ:‬اللِورسولوِ‬
‫أعلم‪.‬‬

‫وأيضاِمنِفوائدِىذاِالحديث‪ِ:‬ماِفيوِمنِبيانِمراتبِالدينِوأنهاِثالثةِ؛ِمراتبِالدينِ‬
‫ِآمنَّا قُلِلَّ ْمِ‬ ‫ثالثةِِاإلسالمِوأىلهاِكثيرونِ ِولذلكِقالِالل‪-‬عزِوجل‪ِ﴿:‬قَالَ ِ‬
‫اب َ‬ ‫ِاْلَ ْع َر ُ‬
‫ت ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ُنِفيِقُلُوب ُك ِْم َوإِنِتُطيعُواِاللَّ وَ َ‬
‫ِوَر ُسوِلَوُ َِالِ‬ ‫اِولَ َّماِيَ ْد ُخ ِل ِْ‬
‫ِاإل َ‬ ‫َسلَ ْمنَ َ‬ ‫واِولَٰكنِقُولُواِأ ْ‬ ‫تُ ْؤمنُ َ‬
‫يم ﴿‪ِ)8 (﴾١٤‬يعنيِأنتمِاآلنِفيِمرتبةِ‬ ‫ِرِح ٌِ‬ ‫ِ‬ ‫يَلِ ْت ُك ِّ‬
‫مِم ْنِأَ ْع َمال ُك ْمِ َش ْيئًا إِ َّنِاللَّ وَِغَ ُف ٌ‬
‫ور َّ‬
‫اإلسالمِلمِتصلوِإلىِمرتبةِااليمان‪ِ.‬فإذاِعملواِالصالحاتِوازدادواِمنِالخيرِوالسنةِ‬
‫انتقلواِإلىِمرتبةِاإليمانِوأىلهاِأقلِمنِمرتبةِاإلسالم‪.‬‬
‫ِفإنِكانواِمعِالعملِالصالحِوالتقربِإلىِاللِكانواِكمنِيعبدِاللِكأنوِيراهِانتقلواِإلىِ‬
‫مرتبةِاالحسانِ‪ِ ِ،‬وأىلِااليمانِأقلِمنِأىلِاإلسالمِوىمِأكثرِمنِأىلِاإلحسان‪ِ.‬‬
‫وأىلِاإلحسانِىمِأقلِمنِأىلِاإليمان‪.‬‬

‫ِِِوىناِأختمِكالميِمماِيتعلقِبهذاِالحديثِببيانِفائدةِمهمةِوىي‪ِ:‬أنِبعضِالناسِ‬
‫قدِيستدلِبحديثِجبريلِىذاِوحديثِاْلقرعِواْلبرصِلماِجاءىمِملكِمتمثالِفيِ‬
‫صورةِرجلِِ‪ِ،‬بعضِالجماعاتِالمخالفةِوالفرقِالضالةِتستدلِبهذهِاْلحاديثِعلىِ‬
‫جوازِالتمثيل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫) سورة الحجرات ( ‪) 14‬‬

‫‪11‬‬
 ‫أنِماِيتعلقِبعالمِالمالئكةِعالمِغيبيِفالِيقاسِعلىِعالمِاإلنسِ‬
‫المشاىد‪.‬‬

‫أنِىذاِالحديثِوغيرهِمنِاْلحاديثِلمِيقلِأحدِمنِالعلماءِوالِ‬
‫السلفِوالِاْلئمةِأنِفيوِجوازِالتمثيل‪.‬‬

‫الِمنِالنصارىِومنِالبوذيةِومنِأىلِالبدعِالِ‬
‫ِ‬ ‫أنِالتمثيلِلمِيعرفِإ‬
‫يعرفِفيِاإلسالم‪.‬‬

‫أنِالتمثيلِكذبِفكيفِيقاسِىذاِعلىِىذا‪.‬‬

‫أنِالمالئكةِىؤالءِقدِأرسلهمِالل‪-‬عزِوجل‪-‬للناسِوالناسِالِ‬
‫يستطيعونِأوِالِتتحملِقلوبهمِوعقولهمِرؤيةِالملكِعلىِصورتوِالحقيقيةِِ؛ِفمنِ‬
‫رحمةِاللِأنِأرسلِملكاِمتمثالِفيِصورةِرجل‪.‬‬

‫وقدِردِالعالمةِحمودِالتويجري‪-‬رحموِاللِتعالى‪-‬علىِىذهِالفريةِفيِكتابوِفيِ‬
‫"أحكامِالتمثيلِ"ِجزاهِاللِخيراِورحموِاللِتعالى‪ِ.‬‬

‫ىذاِوصلىِاللِوسلمِعلىِنبيناِمحمدِوعلىِآلوِوصحبوِوسلمِأجمعين‬

‫ِِ‬

‫‪12‬‬