You are on page 1of 9

‫المبحث الثاني ‪ :‬األساس الفلسفي والقانوني لألمن االقتصادي‬

‫يعتق د ب اري ب وزان ب أن األمن يف بع ده االقتص ادي أن ل ه عالق ة كب رية مبق درة ال دول على الوص ول للس وق اخلارجي ة‬
‫مقياس اً على املستوى العلمي أما على املستوى اإلقليمي فيعين قوة املنافسة بني دول اإلقليم للوصول إىل شراكات أو‬
‫تعاقدات مع جهات أخرى أو قوى خارجية هلا قوة اقتصادية‪.1‬‬

‫ولكن دايل فريى أن األمن االقتصادي يعرب عن قدرة الدولة واجملتمع يف الوقت املناسب وبشكل متواصل وعلى حنو‬
‫بكفاءة‪ ،‬على ضمان وصول أفراد اجملتمع للموارد املادية اليت تلزمهم‪ ،‬واحلفاظ عليها عند قدر معني‪.2‬‬

‫كما يعرف األمن االقتصادي على أنه عبارة عن االفعال واحلماية والضمان اليت جتعل االنسان مؤهالً للحصول على‬
‫لوازمه األساسية من حيث املأكل واملسكن‪ ،‬وامللبس‪ ،‬والعالج خباصة يف االوقات اليت يواجه فيها كارثة طبيعية‪ ،‬أو‬
‫جائحة اقتصادية وضمان احلد االقل ملس توى املعيشة؛ وهذه التدابري االقتص ادية هي اليت تصب يف النهاية يف صناعة‬
‫"األم ان االقتص ادي للن اس ال ذي ينط وي على بع د نفس ي لإلنس ان فض ال عن البع د املادي ال ذي يض منه األمن‬
‫االقتصادي"‪.‬‬

‫مفهوم األمن االقتصادي الوطين على أنه احملافظة على احلاالت املشجعة للزيادة النسبية إلنتاجية العمل ورأى املال‪،‬‬
‫واليت ت وفر لألف راد مس توى معيش ة ع ال وت أمني وض ع اقتص ادي منص ف وأمن يشجع االس تثمار ال داخلي واخلارجي‬
‫والرخاء االقتصادي ‪"3‬‬

‫وهناك من يظن أن األمن االقتصادي هو الثقة املتبادلة يف إمكانية اإلنتاج والتوزيع بطريقة عادلة وبال صعوبات‪ ،‬فإن‬
‫إعط اء األولوي ة ملا حيتاج ه اجملتم ع حاج ة ملح ة‪ ،‬ومبواص فات فعال ة‪ ،‬واالس تغالل بالطريق ة املثلي للم وارد االقتص ادية‪،‬‬
‫وعدم احتكار اإلنت اج بي د اف راد حمدودة غ ري مؤهل ة‪ ،‬وحسن التوزيع‪ ،‬وان حيصل كل ف رد على متطلباته الدستورية‬

‫‪ 1‬قريب‪ ،‬بالل‪ ،‬السياسة األمنية لالحتاد األورويب من منظور أقطابه التحديات و الرهانات‪ ،‬رسالة ماجستري يف العلوم السياسية‪ ،‬ختصص‬
‫دبلوماسية و عالقات دولية‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باند ‪ ،2011-2010‬ص ‪25‬‬
‫‪ 2‬الض بع ‪ ،‬م اهر أمحد عب د الع ال ‪ ،‬دور املأسس ة يف حتقي ق األمن االجتم اعي واالقتص ادي للم رأة الفق رية املعيل ة دراس ة مس حية‪ ،‬اجملل ة‬
‫األردنية للعلوم ماهر أمحد عبد العال الضبع‪ ،‬دور املأسسة يف حتقيق األمن االجتماعي واالقتصادي للمرأة الفقرية املعيلة دراسة مسحية‪،‬‬
‫اجمللة األردنية للعلوم‬
‫‪ 3‬حسن ‪،‬بسمة كزار ‪ ،‬أثر املخدرات على األمن االقتصادي يف البصرة‪ ،‬الغريب للعلوم االقتصادية و اإلدارية‪ ،‬اجمللد ‪ ،09‬العدد السابع و‬
‫العشرون‪ 2013 ،‬للعلوم من ‪82-35‬‬
‫الض رورية والتحس ينية‪ ،‬وع دم حص ول البعض على ف ائض تك ثر من احتياج اهتم بط رق غ ري ش رعية‪ ،‬وع دم التبعي ة‬
‫‪4‬‬
‫االقتصادية للغري‪ ،‬وضمان أدوات التطور االقتصادية من أدوات مادية وبشرية‪.‬‬

‫حسب منظمة العمل الدولية يتشكل األمن االقتصادي بواسطة األمن االجتماعي األساسي‪ ،‬والذي مييزه الوصول إىل‬
‫البني ة التحتي ة لالحتياج ات الض رورية ال يت ختص بالص حة والتعليم‪ ،‬واملس كن‪ ،‬واملعلوم ات‪ ،‬واحلماي ة االجتماعي ة‪،‬‬
‫وكذلك األمن املتصل بالعمل ‪.5‬‬
‫‪6‬‬
‫األمن االقتصادي هو ضمان محاية الفرد من الفقر وشعوره باالطمئنان وعدم اخلوف من احتياجه املادي‬

‫و يع رف األمن االقتص ادي على أن ه الش عور بالطمأنين ة يف احلص ول على عم ل ذو انت اج و كاس ب فض الً عن اتاح ة‬
‫فرص متساوية يف احلياة و أسلوب العيش للسكان‪ ،‬بذلك يقتضي حتقيق األمن االقتصادي تأمني دخل ثابت للفرد‬
‫عن طريق عمله املنتج و مدفوع األجر أو عرب شبكة مالية عامة و آمنة‪. 7‬‬

‫يعين األمن االقتصادي بالنسبة لسكان بلد معني انه أمن العمل وأمن الدخل مبا يعين وجود عمل منتج وتوافر دخل‬
‫أساسي مضمون‪ ،‬ويف كثري من دول العامل هناك انعدام ألمن الدخل ألسباب كثرية من الصعب احصائها أمهها تدهور‬
‫األجور بسبب التضخم الذي ينال قسماً كبرياً من قيمة االجور‪ ،‬وبفعل انعدام أمن الدخل يضطر الناس يف كثري من‬
‫دول العامل إىل املعونات احلكومية‪ ،‬أما يف البلدان النامية فإن ثلث السكان يعيشون حتت خط الفقر الذي يتم تقديره‬
‫‪8‬‬
‫وسطيا حبوايل حدود ‪ 500‬دوالر أمريكي‬

‫المطلب االول ‪ :‬االساس الفلسفي‬

‫الفرع االول ‪ :‬حماية النظام العام‬

‫‪ 4‬القضاة ‪ ،‬معن خالد ‪ ،‬األمن االقتصادي من منظور إسالمي‪ ،‬عامل الكتب احلديث‪ ،‬إربد‪ ،‬األردن‪ ،2011 ،‬ص ‪10‬‬
‫‪http://www.ilo.org/public/english/protection/ses/download/docs/definition.pdf‬‬
‫‪ 5‬الكبيسي ‪ ،‬عبد الواحد محيد ‪ ،‬صربي بردان احلياين اإلرشاد والتوجيه الرتبوي‪ :‬دراسات وحبوث الطبعة األوىل‪ ،‬مركز ديبونو لتعليم‬
‫التفكري‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن ‪ 2012‬ص‪248‬‬
‫‪ 6‬البياين ‪ ،‬فرنس عباس فاضل ‪ ،‬األمن االقتصادي للسكان دراسة اجتماعية حتليلية ألبعاد األمن االقتصادي على السكان والتنمية‪ ،‬جملة‬
‫الكوت للعلوم االقتصادية‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬عدد خاص باملؤمتر العلمي‪ ،‬جامعة واسط‪2012 ،‬‬
‫‪ 7‬مها رحيم سامل‪ ،‬شبكة احلماية االجتماعية و األمن اإلنساين يف العراق يف إطار السياسة االجتماعية جملة كلية الرتبية للبنات اجمللد ‪،23‬‬
‫العدد ‪ 04‬جامعة بغداد‪ ،2012 ،‬ص ص ‪1157-1132‬‬
‫‪ 8‬مصطفى يوسف كايب‪ ،‬صناعة السياحة و األمن السياحي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار مؤسسة رسالن‪ ،‬سوريا‪،2009 ،‬ص ‪161‬‬
‫هتدف محاي ة النظ ام الع ام إىل تأص يل الق درات االقتص ادية للدول ة‪ ،‬من أج ل حتس ني مس تقبلها االجتم اعي‪ ،‬ومس توى‬
‫املعيشة لكافة مواطنيها‪ ،‬وميكن امجال هذه األهداف فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬زيادة مستوي متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي‪ ،‬زيادة بصورة منتظمة ومستقرة‪.9‬‬

‫‪ -‬رفع كفاءة اإلنتاج بواسطة تنمية واستغالل املهارات والطاقات واملوارد البشرية يف الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة معدالت اإلنتاج الكلية لالقتصاد يف الدولة‪ ،‬وختفيض معدالت البطالة عن طريق انتهاج سياسات هلا القدرة‬
‫على اجياد فرص عمل جديدة للمواطنني‪.‬‬

‫‪ -‬للنظ ام االم ين ت أثري ب الغ يف تعزي ز الدول ة من كاف ة جوانبه ا س واء ك انت االقتص ادية أو العس كرية أو االجتماعي ة‬
‫وغريها‪ .‬حيث ان قوة أي دولة تكمن فيما لديها من ثروة ومناء اقتصادي‪ ،‬فمن ملك قوة يومه ملك قرار نفسه‪.‬‬

‫تبع ا للنماء االقتصادي‪ ،‬حيث ان أمان واستقرار األفراد داخل أي جمتمع يرتكز على النماء‬
‫‪ -‬االستقرار االجتماعي ً‬
‫االقتصادي ‪ ،‬حيث ان حروب وال مشاحنات وال ارتفاع ملعدل اجلرمية بسبب لقمة العيش‪.‬‬

‫‪ -‬تقليل الفجوة بني الفوارق يف الدخول والشروات‪ ،‬حيث أن غالبية الدول النامية بالرغم من معاناهتا من االخنفاض‬
‫يف ال دخل الق ومي‪ ،‬وت دين مس توى نص يب الف رد من ه ذا ال دخل‪ ،‬إال أن ه يوج د تف ارق كب ري يف داخ ل وث روات‬
‫مواطنيها‪ ،‬إذ تقتنص نسبة قليلة جدا من أفراد اجملتمع على اجلزء األعظم من ثروته‪ ،‬بينما ال متتلك غالبية مواطين هذه‬
‫الدول إال نسبة قليلة جدا من الثروة‪ ،‬إىل جانب نصيبهم البسيط من الدخل القومي‪. 10‬‬

‫كثري من املؤلفات اليت تنظر يف محاية النظام االمين هبدف حصول التنمية‪ ،‬تستخدم كلمة منو وتنمية للتعبري عن معىن‬
‫واحد وذلك ألن املفهوم العام لكل منهما يقتضي زيادة الناتج القومي أو الدخل القومي والواقع أن هناك بعد بني‬
‫املفهومني ميكن توضيحه على النحو التايل‪-:‬‬

‫يتميز مفهوم النمو االقتصادي من التنمية‪ ،‬الن التنمية هي عبارة عن عملية يزداد بواسطتها الدخل الق ومي احلقيقي‬
‫لالقتصاد عرب مدة زمنية طويلة‪ ،‬وإذا اصبح معدل التنمية أكرب من معدل منو السكان‪ ،‬فإن متوسط الدخل احلقيقي‬
‫يصري مرتفعاً‪.11‬‬

‫‪ 9‬الوزين ‪ ،‬خالد واصف‪ ،‬الرفاعي ‪ ،‬أمحد حسني مبادئ االقتصاد الكلي بني النظرية والتطبيق دار وائل للنشر ‪ -‬االردن ط‪ ،٦‬سنة‬
‫‪ 2008‬م ص ‪٣٨١‬‬
‫‪ 10‬بكري ‪ ،‬كامل التنمية االقتصادية‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة سنة ‪١99٤‬م‪ ،‬ص ‪٨٣-٧٩‬‬
‫‪ 11‬بكري ‪ ،‬كامل املرجع السابق ص ‪18‬‬
‫بينما يعين النمو االقتصادي ارتفاع النسبة املئوية لإلنتاج العام مقارن ةً باألسعار الثابتة‪ ،‬أي االرتفاع احلقيقي للدخل‬
‫القومي ‪ ، ))national income‬فالدول اليت يستند اقتصادها على (إنتاج وتصدير النفط والغاز والفحم مثال)‪،‬‬
‫حتقق منوا اقتصاديًا عن طريق زيادة إنتاج هذه املواد بشرط أال تنخفض أسعار هذه املواد يف األسواق العاملية‪.‬‬

‫وهن اك ثالث ة أن واع من النمو‪ ،12‬النم و الط بيعي أو التلق ائي‪ ،‬النم و الع ابر‪ ،‬والنم و املخطط ة ويقص د ب النمو الط بيعي‪:‬‬
‫"ذل ك ال ذي يتم انتاج ه من الق وى الثاني ة املتاح ة لالقتص اد دون اللج وء إىل التخطي ط على املس توى الق ومي‪ ،‬وعلى‬
‫االغلب‪ ،‬فإن هذا النوع من النمو يكون بطيًئا برغم تصديه يف بعض األحيان إىل تقلبات عنيفة يف الفرتة القصرية‪ ،‬وقد‬
‫ع ربت بعض ال دول الرأمسالية املتخم ة‪ ،‬يف مرحل ة من مراح ل ازدهاره ا على ه ذا الن وع من النم و‪ ،‬وه و الب د اه من‬
‫مرونة كبرية يف اإلطار االجتماعي والثقايف الذي ينشا فيه؛ لكي ميكن له إن يرتقي بسرعة من قطاع ايل آخر"‪.13‬‬

‫أم ا فيم ا خيص النم و الع ابر ليس ل ه م يزة االس تمرار والثب ات‪ ،‬إمنا ي أيت اس تجابة لوج ود عوام ل حتدث فج أة ع ادة م ا‬
‫حمدودا‬
‫ً‬ ‫تكون خارجية ال تلبث أن تنتهي‪ ،‬وحني تنتهي ينتهي أو يثبت النمو الذي أحدثته إال أن اثر هذا النمو يكون‬
‫بسبب ركود اإلطار االجتماعي والثقايف يف الدول النامية‪. 14‬‬

‫بالنسبة النمو املخطط فهو ذلك الذي حيدث نتيجة ختطيط شامل للموارد ومتطلبات اجملتمع‪ ،‬ولذا الرابط ايل ابوابه‬
‫بقدرة املخططني وضوابط اخلطط املرسومة‪ ،‬وجودة التنفيذ واملتابعة‪ ،‬ومشاركة اجلماهري يف عملية التخطيط على كافة‬
‫مستوياته‪ ،‬واالحق بالذكر أن النمو املخطط هو منو تلقائي احلركة مثل النمو الطبيعي‪ ،‬يف حني أن النمو العابر ليس‬
‫ذاتياً احلركة‪ ،‬كما أن النمو الثاين‪ ،‬إذا استمر لفرتة طويلة من الزمن‪ ،‬قد يتحول إىل منو مطرد ‪.15‬‬

‫التنمية ال جيب أن تفهم على أهنا تغري مايل أو سطحي انتقايل عابر يقتصر على عناصر التنمية‪ ،‬إمنا هي خطة معقدة‬
‫متش ابكة هتدف تغي ري ج وهري يف البني ان االقتص ادي ويع رب عن رف ع مع دل اإلنتاجي ة ( ‪productivity per‬‬
‫‪) capital‬بقدر فعالية وجودة استغالل املوارد القومية والعاملية واملستوى التكنولوجي ‪.‬‬

‫والريب يف أن هذه العملية مرهقة حيث انه ليس من السهل حدوث التغيري اهليكلي االقتصادي املوجود مقاومة ضد‬
‫أي تغيري فكلما كان االقتصاد أكثر ختلفا ارتفعت قدرة املقاومة والعكس‪.‬‬

‫‪ 12‬يسري حممد أبو العالء االقتصاد السياسي‪ -‬النقود والبنوك والتجارة الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية – القاهرة سنة ‪2003‬ص ‪276‬‬
‫‪ 13‬انطونیوس ‪ ،‬کرم‪ ،‬اقتصاديات التخلف والتنمية‪ ،‬منشورات مركز اإلمناء القومي بريوت لبنان‪ ،‬ص ‪٢٦-٣٣‬‬
‫‪ 14‬الشافعي ‪ ،‬حممد زكي التنمية االقتصادية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ -‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪2001‬ص ‪٧٨‬‬
‫‪ 15‬عبد احلميد القاضي مقدمة التنمية والتخطيط االقتصادي‪ ،‬دار اجلامعات املصرية ‪ -‬مصر سنة ‪١٩٧٥‬م‪ ،‬ص ‪٨٠‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تعزيز االمن الغذائي‬

‫يقصد باألمن الغذائي القدرة اجملتمع على توفري االحتياجات التغذية األساسية األفراد الشعب ‪ .‬وضمان حد أدين من‬
‫تل ك االحتياج ات بانتظ ام وتبع اً هلذا التعري ف ‪ ،‬ميكنن ا التمي يز بني مس تويني لألمن الغ ذائي ‪ :‬اح دامها مطل ق ‪ ،‬وآخ ر‬
‫نسيب‪.‬‬

‫فاألمن الغذائي املطلق ‪ :‬يعين إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة مبا يتماشى مع أو يفوق الطلب احمللي‪ ،‬وهذا املستوي‬
‫موافق لالكتفاء الذايت الكامل ومن الواضح أن مثل هذا التحديد املطلق الواسع لألمن الغذائي يتم توجيه إليه انتقادات‬
‫كثريه ‪ ،‬إضافة إىل أنه غري حقيقي ‪ ،‬كما أنه يفوت على الدولة املعينة قدرة االستفادة من التجارة الدولية القائمة على‬
‫التخصص وتقسيم العمل واستقالل املزايا النسبية ‪.‬‬

‫اما األمن الغذائي النسيب ‪ :‬فيعين قدرة الدولة على تلبية احتياجات االفراد من السلع واملواد الغذائية كلي اً أو جزئيا ‪،‬‬
‫وتوفري احلد األدىن من تلك االحتياجات بانتظام ‪. 16‬‬

‫املفهوم النسيب يعين (ضمان استمرار انفاق املعتاد من الغذاء الالزم الستهالك اجملتمع خالل أي مدة من الزمن )‬

‫املفه وم املطل ق ‪( :‬ه و ض مان اس تمرار ت دفق كمي ة املواد الغذائي ة ال يت تض من لك ل ف رد من أف راد اجملتم ع مس توي‬
‫السعرات احلرارية املطلوب للحياة الصحية وفق اً للمعايري العلمية اليت مت االتفاق عليها دولي اً وذلك خالل أي مدة من‬
‫الزمن ) ‪.‬‬

‫والف رق بني املفه ومني ‪ :‬أن األول جيع ل من األمن الغ ذائي مس ألة متوقف ة على وض ع ك ل جمتم ع على ح داً وعلى م ا‬
‫اعتاد عليه من غذاء وفقاً ملستوي الدخل املعتاد ‪ ،‬ومن مث فإن ما يعترب أمناً غذائياً يف أحد اجملتمعات قد ال يعترب كذلك‬
‫‪ -‬إطالقاً ‪ -‬يف جمتمع آخر وفقاً الختالف مستويات املعيشية احلقيقية ‪.‬‬

‫ويف تلك احلالة يبدو ان مشكلة العجز أو اخلوف الغذائي حتدث يف أي جمتمع إذا اخنفض املستوى االستهالكي اجلاري‬
‫عن املس توى االس تهالكي الغ ذائي املض اد‪ ،‬وتش تد ح دة ه ذه املش كلة كلم ا أزداد ه ذا النقص ألي س بب من‬
‫األسباب‪.17‬‬

‫‪ 16‬غريب ‪ ،‬فوزية ‪ ،‬الزراعة العربية وحتديات األمن الغذائي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ، 2010 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪53‬‬
‫‪17‬داو‪ ،‬حسن يوسف املصرف االسالمي لالستثمار الزراعي ط‪20051426 ،1‬م ‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬ص‪133‬‬
‫لتوفري الغذاء وزيادته هنالك ضرورة ملحة بغرض االستثمار وزيادته يف القطاع الزراعي وذلك من اجل تعظيم امهيته‬
‫االقتصادية باإلضافة ايل لتخصيص نسبة من الدخل الق ومي هبدف االس تثمار يف الغذاء وسوف نتحدث عن منظمة‬
‫الفاو (منظمة األغذية والزراعة تعترب من اكرب املنظمات املسئولة عن الغذاء واألمن الغذائي) ‪.‬‬

‫حيث اهنا هي وكالة مستقلة من وكاالت منظمة االمم املتحدة تشمل عضويتها ‪ 158‬دولة عقدت العزم فيما بينها‬
‫من اجل ‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع مستويات التغذية واملعيشة لشعوهبا ‪.‬‬

‫‪ -‬تطوير إنتاج مجيع املنتجات الغذائية والزراعية وتوزيعها ‪.‬‬

‫‪-‬النهوض واالرتقاء حبالة الريف ‪.‬‬

‫وهي أنش ئت ع ام ‪1945‬م‪ ،‬وتع د أك رب منظم ات األمم املتح دة املتخصص ة وهلا اس اس مب ين على استئص ال اجلوع‬
‫والفق ر الل ذان يه ددان املاليني من س كان البل دان النامي ة ‪ ،‬وملا ك انت املنظم ة هي الوكال ة الدولي ة املتق دة يف جمال‬
‫األغذية‪ ،‬فإن نشاطاهتا تشمل مجيع كافة املواقع من جتارب البيان العملية لتوعية مزارعي الكفاف بالوسائل احلديثة‬
‫لزراعة حماصيل األغذية و تقدمي املشورة للحكومات من اجل حتقيق االستقرار واملساواة يف التجارة الدولية للمنتجات‬
‫الزراعية‪ ،‬وللمنظمة اربعة مهام رئيسية وهي ‪:‬‬

‫نفي ذ برن امج هائ ل لالستش ارات واملعون ات الفني ة يف القط اع ال زراعي بالنياب ة عن احلكوم ات ووك االت‬ ‫‪-1‬‬
‫التمويل اإلمنائي‪.‬‬
‫جتميع املعلومات واجراء حتليل هلا وتوزيعها ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪-‬تقدمي املشورة للحكومات يف جماالت السياسات والتخطيط ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫اقامة حمفل للحكومات لالجتماع والتشاور يف مصاعب ومشكالت األغذية والزراعة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مته د مش روعات املعول ة الفني ة الطري ق لالس تثمارات الرأمسالية الض خمة يف جمال تنمي ة األغذي ة والزراع ة‬ ‫‪-5‬‬
‫واالستثمار‪.‬‬
‫يعزز تأثري املعونة الفنية بتهيئة الفرصة لنشر الطرق والوسائل واملهارات اجلديدة على نطاق يتخطى نطاق‬ ‫‪-6‬‬
‫املشروع الصغري الواحد وبرنامج تقوية االستثمار باملنظمة الذي يقيمه مركز االستثمار‪.‬‬
‫يس اعد البل دان النامي ة يف احلص ول على الرأمسال اخلارجي ال ذي الب د من ه لت دعيم النط اق ال زراعي كم ا ان‬ ‫‪-7‬‬
‫مركز االستثمار فض الً عن املساعدة يف حتديد منبع التمويل يساعد كالً من املفرتضني ومؤسسات اإلقراض‬
‫يف إنشاء املشروعات ‪.18‬‬

‫من أهم السياسات الزراعية اليت مت طرحها حلل ملشكلة الغذاء هي الرقعة اخلضراء اليت تستند يف األساس على حدوث‬
‫هنضة زراعية شاملة عن طريق إشراك وإقحام كافة اجلهات اليت هلا صلة و بدعم ظاهر من البنوك املتخصصة والتجارية‬
‫جملاهبة الفقر‪.‬‬

‫إن برنامج النفرة اخلضراء برنامج تطويري شامل يستهدف احداث هنضة مستدامة يف القطاع الزراعي وحتول كلي‬
‫للقطاع من قطاع ينتج يف كثري من حماوره بدرجة الكفاف وسد احلاجة ايل قطاع اقتصادي ذو نشاط ومتطور‪.19‬‬

‫حتقيق االهداف الطموحة للنفرة اخلضراء يف ظل االمكانات املتاح ة احملدودة يستلزم حتديد حكيم ودقيق ألسبقيات‬
‫الربامج واملشروعات وقد استندت الرؤية يف حتديد هذه االسبقيات ايل الرتكيز علي الدعائم اليت متكن النشاط الزراعي‬
‫من ان يتخذ دوره كمحدث للنمو االقتصادي يف كافة البالد ويشكل عامالً فاعالً للنهضة واالزدهار املتزن يف الريف‬
‫‪.‬‬

‫وق د رؤي أن تك ون أس بقيات ال ربامج واملش روعات اط اراً عام اً ي ربز طاق ات ك ل اجملتم ع وي وفر احملي ط ال ذي جيع ل‬
‫القطاع الزراعي جانبًا لسبل نيل العيش للمواطن ولالستثمار الزراعي بشكل شامل ‪.‬‬

‫وحتقيقا هلذا تأيت االسبقيات يف تسعة حماور عمل تتحد مع بعضها لتضمن البيئة املرغوبة مث تأيت أسبقيات التنفيذ يف‬
‫كل حمور منها علي نطاق أربع سنوات وحماور العمل هي ‪:‬‬

‫‪ -‬برامج رفع االنتاجية وبرامج اخنفاض االنتاج ‪.‬‬ ‫‪ -‬البنيات التحتية ‪.‬‬

‫‪ -‬برامج ارتقاء جودة املشاريع القائمة ‪.‬‬ ‫‪ -‬دفع قدرات املنتجني ‪.‬‬

‫‪ -‬حتديث وتطوير النظم الزراعية ‪.‬‬ ‫‪ -‬احلفاظ علي املوارد الطبيعية ‪.‬‬

‫‪ 18‬اجمللة اإلدارة ‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬لعدد ‪ 35-32‬مارس ‪1988‬م‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬سقط سلطنة عمان‪ ،‬ص ‪142 139‬‬
‫‪ 19‬حممد‪ ،‬عائشة عبدالرمحن السيد و بابكر‪ ،‬حممد أمحد عمر‪ .)2014( .‬دور االستثمار العريب يف حتقيق األمن الغذائي دراسة حالة اهليئة‬
‫العربي ة لالس تثمار واالمناء ال زراعي اقليم الس ودان ‪(2007 - 1997‬رس الة ماجس تري غ ري منش ورة)‪ .‬جامع ة أم درم ان اإلس المية أم‬
‫درمان‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬التصنيع الزراعي‬ ‫‪ -‬برامج األمن الغذائي االسرتاتيجية ‪.‬‬

‫ومما س بق يتض ح لن ا ان ك ل تل ك اجمله ودات يف االس تثمار لت امني الغ ذاء واألمن الغ ذائي ألن ه بواس طة احلرك ة يف‬
‫االستثمار وما يليه من توفري فرص عمل باإلضافة ايل غريها هي اليت تضمن األمن الغذائي لإلفراد‪.21‬‬

‫ومل جند يف الشريعة اإلسالمية أي قاعدة تعاكس استرياد الغذاء احلاجي أو الكمايل للوطن اإلسالمي من اخلارج ‪ ،‬بل‬
‫ان يف القرآن الكرمي براهني واثباتات قوية على ان األمن الغذائي مل يبعد عن االسترياد‪ ،‬ولكنه ليس االسترياد املمول‬
‫عن طريق القروض األجنبية كما هو حال الدول اإلسالمية اآلن‪.‬‬

‫فليس هناك يف التاريخ االقتصادي إىل القرن امليالدي املاضي ما يثبت أن دوالً عاشت لسنوات عديدة تستورد غذائها‬
‫وحاجتها من اخلارج وال تدفع يف ذلك نقدا وإمنا ترتضي الزيادة ايل مديونيتها ملن ببيع هلا جتاه دفع فوائد ديونه تتزايد‬
‫‪22‬‬
‫كلما تزايدت املديونية وطالت مدة عدم السداد‪.‬‬

‫قول ه تع اىل‪( :‬وض رب اهلل مثاُل قري ة) ه ذا متص ل ب ذكر املش ركني وك ان رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم دع ا على‬
‫مشركي قريش وقال اللهم اشدد وطأة مصر واجعلها عليهم سنني كسنني يوسف فابتلوا بالقحط حىت اكلوا العظام‪،‬‬
‫طعام ا فرق فيهم كانت امنة إلهباج اهلها ‪( ،‬يأتيها رزقها رغدا من كل‬
‫وجه اليهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ً‬
‫مك ان من ال رب والبح ر‪ ،‬نظ ريه جتىب الي ه مثرات ك ل ش يء) اآلي ة (فكف رت ب أنعم اهلل) األنعم مجع النعم ة كاألش د مجع‬
‫الشدة‪ ،‬وقيل‪ :‬مجع نعمي ‪ .‬مثل يؤسي وابوس وهذا الكفران تكذيب مبحمد صلى اهلل عليه وسلم فأذاقه ا اهلل أي أذاق‬
‫اهله ا (لب اس اجلوع واخلوف) مساء لب اس ألن ه يظه ر عليهم من اهلزال وش حوبه واص فرار الل ون وس وء احلال م ا ه و‬
‫كاللباس‪.23‬‬

‫وقرأ ونصر بن عاصم وابن أيب إسحاق حفص بن عنيات واحلسن وابو عم رو "واخلوف" نصب بإيقاع اذاقها اياه‪،‬‬
‫عطف ا على ولب اس اجلوع مبع ىن ان أذاقه ا اهلل لب اس اجلوع واذاقه ا اخلوف ايض ا وه و ارس ال الن يب س راياه ال يت ك انت‬
‫تطيق هبم واصل الذوق بالفم مث يستعار فيوضع موضع االبتالء وضرب مكة مثالً لغريها من البالد‪ ،‬أي اهنا مع جوار‬
‫بيت اهلل ومن عمارة مسجده ملا كفر أهلها أصاهبم القحط فماذا عن غريها من القري وقد روي أهنا آمنت برسول‬
‫اهلل صلي اهلل عليه وسلم مث كفرت بأنعم اهلل لقتل عثمان بن عفان وما حدث هبا بعد رسول اهلل صلي اهلل علية وسلم‬

‫‪ 20‬جملة املصارف العدد السابع عشر ‪ -‬رمضان ‪1427‬هـ ‪ ، 2006 -‬السنة الرابعة‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ 21‬حممد‪ ،‬عائشة عبدالرمحن السيد و بابكر‪ ،‬حممد أمحد عمر مصدر سبق ذكره ص ‪29‬‬
‫‪ 22‬عبد الرمحن يسري امحد دراسات يف علم االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬الدار اجلامعية االسكندرية ‪2004 2003‬م‪ ،‬ص ‪25‬‬
‫‪ 23‬حممد‪ ،‬عائشة عبدالرمحن السيد و بابكر‪ ،‬حممد أمحد عمر مصدر سبق ذكره ص ‪31‬‬
‫من الفنت وهذا قول عائشة وحفصه زوجات النيب صلي اهلل عليه وسلم وهو مثل مضروب باي قرية كانت على هذه‬
‫الصفة‪. 24‬‬

‫‪ 24‬القرطيب ‪ :‬اجلامع الحكام القرآن ‪ ،‬املكتبه العربية (القاهرة ( ‪1397‬هـ ‪1977 -‬م ‪ ،‬ج‪ ، 9‬ص ‪194‬‬

You might also like