الجھاد عبادة من أرفع الفرائض وافضلھا عند ﷲ ،وال يقبل ﷲ عز وجل عبادة اال بنية ،وان الثواب العظيم الذي اعده ﷲ للمجاھدين لم يجعله لعابدين مثلھم .وھذا الثواب متوقف على اخالص النية ? عز وجل ؛ الن ﷲ عز وجل ال يقبل عمال اال بشرطين : ان يكون خالصا -النية صادقة -لوجھه الكريم . وان يكون صوابا -موافقا للسنة الشريفة . وقد وردت احاديث كثيرة تؤكد على اخالص النية ،وتمحضھا ? عز وجل ،وتحذر من أن تكون مشوبة بأغراض الدنيا واھوائھا :من أجرة ،أو مال ،أو نكاح امرأة ،وغير ذلك ،فمنھا الحديث االول في البخاري : )انما األعمال بالنيات وانما لكل امريء ما نوى فمن كانت ھجرته الى ﷲ ورسوله فھجرته الى ﷲ ورسوله . ومن كانت ھجرته لدنيا يصيبھا ،او امرأة ينكحھا فھجرته الى ماھاجر اليه ( . وخر ج اإلمام أحمد وابن ماجة من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال :؛ من كان ھمه الدنيا فرق ﷲ شمله» وفي لفظ ؛ ...أمره وجعل فقره بين عينيه ،ولم يأته من الدنيا اال ما كتب له ،ومن كانت اآلخرة نيته جمع ﷲ له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وھي راغمة » . وعن زيد الشامي قال : إني ألحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب ،وعنه أنه قال :إن و في كل شيء تريد الخير حتى خروجك الى الكناسة ،وعن داوود الطائي قال : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ،وكفاك بھا خيرا وإن لم تنصب . قال داود: والبر ھمة التقي ،ولو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيالردته يوما نيته الى أصله . وعن سفيان الثوري قال : ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي ألنھا تتقلب علي. وعن يوسف بن أسباط قال : تخليص النية من فسادھا أشد على العالمين من طول اإلجتھاد . وقيل لنافع بن حبيب :اال تشھد الجنازة ؟ قال :كما أنت حتى أنوي ،قال ففكر ھنيھة ثم قال :امض . وعن مطوف بن عبد ﷲ قال : صالح القلب بصالح العمل ،وصالح العمل بصالح النية . وعن بعض السلف قال : من سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته ،فإن ﷲ عز وجل يأجرالعبد إذا احسن نيته حتى باللقمة . وعن ابن المبارك قال : رب عمل صغير تعظمه النية ،ورب عمل كبير تصغره النية .وقال ابن عجالن : ال يصلح العمل إال بثالث :التقوى ? والنية الحسنة واإلصابة . وقال الفضيل بن عياض :إنما يريد ﷲ عزوجل منك نيتك وإرادتك . وعن يوسف بن اسباط قال : إيثار ﷲ عزوجل أفضل من القتل في سبيل ﷲ . في الصحيحين عن أبي موسى األشعري : ؛أن أعرابيا أتى النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال :يا رسول ﷲ الرجل يقاتل للمغنم ،والرجل يقاتل للذكر ، والرجل يقاتل ليرى مكانه ،فمن قاتل في سبيل ﷲ ؟ فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم :من قاتل لتكون كلمة ﷲ ھي العليا فھو في سبيل ﷲ » . وفي رواية لمسلم : ؛ سئل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ،ويقاتل حمية ،ويقاتل رياء ،فأي ذلك في سبيل ﷲ ؟ فذكر الحديث . وفي رواية له ايضا : ؛ الرجل يقاتل غضبا ويقاتل حمية» . وخر ج النسائي بسند جيد من حديث أبي أمامة قال :؛ جاء رجل الى النبي صلى ﷲ عليه وسلم فقال :أرأيت رجال غزا يلتمس األجر والذكر ماله ؟ فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ؛ إن ﷲ ال يقبل من العمل اال ماكان خالصا وابتغي به وجھه » وخر ج أبو داود من حديث أبي ھريرة : ؛ أن رجال قال :يا رسول ﷲ رجل يريد الجھاد وھو يريد عرضا من عروض الدنيا ،فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم :ال أجر له» . وخر ج اإلمام أحمد وأبوداود من حديث معاذ بن جبل عن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال : ؛الغزو غزوان ،فأما من ابتغى وجه ﷲ ،وأطاع اإلمام ،وأنفق الكريمة ،وياسر الشريك ،واجتنب الفساد ، فإن نومه ونبھه أجر كله ،وأما من غزا فخرا ،ورياء ،وسمعة ،وعصى اإلمام ،وأفسد في األرض ،فإنه لم يرجع بالكفاف » . وخر ج أبو داود من حديث عبد ﷲ بن عمرو قال : ؛قلت :يا رسول ﷲ أخبرني عن الجھاد والغزو ،فقال :إن قاتلت صابرا محتسبا جعلك ﷲ صابرا محتسبا ، وإن قاتلت مرائيا مكاثرا بعثك ﷲ مرائيا مكاثرا ،على اي حال قاتلت او قتلت بعثك ﷲ بتلك الحال» وخر ج مسلم من حديث ابي ھريرة رضي ﷲ عنه قال سمعت النبي صلى ﷲ عليه وسلم يقول : ؛ إن اول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشھد فأتي به فعرفه نعمه فعرفھا فقال :ما عملت فيھا ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشھدت .قال :كذبت ولكنك قاتلت ألن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجھه حتى القي في النار ،ورجل تعلم العلم وعلمه ،وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفھا .فقال ما عملت فيھا ؟ قال :تعلمت العلم وعلمته ،قرأت القرآن فيك .قال :كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم ،وقرأت القرآن ليقال قارىء فقد قيل ،ثم أمر به فسحب على وجھه حتى القي في النار .ورجل وسع ﷲ عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفھا ،فقال ما عملت فيھا ؟ فقال :ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إال انفقت فيھا لك ،قال :كذبت ،لكنك فعلت ليقال :ھو جواد ،فقد قيل ،ثم أمر به فسحب على وجھه حتى القي في النار وفي الحديث :إن معاوية لما بلغه ھذا الحديث بكى حتى غشي عليه ،فلما أفاق قال :صدق ﷲ ورسوله ،قال عزوجل :؛ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتھا نوف إليھم اعمالھم فيھا وھم فيھا ال يبخسون ،أولئك الذين ليس لھم في اآلخرة إال النار» . اعالن الجھاد االسالم دين واقعي جاد ،يتعامل مع الواقع بالمثل والقيم ،ويواجه الواقع بوسائل مكافئة ،فالجھاد عبادة جماعية ال يقوم اال بوجود جماعة تواجه المجتمع الجاھل أو الكافر ،ولذا فلم يفرض الجھاد في مكة لضعف المسلمين ولقلة عددھم وعجزھم عن مواجھة الجاھلية التي تعتمد على القوة والعدد . ومادام الجھاد عبادة جماعية ؛ فالبد أن يكون صاحب األمر في ھذه العبادة ھو أمير الجماعة المسلمة ،فھو الذي يعلن الجھاد .فأمير المؤمنين ھو صاحب الشأن في قضايا الجھاد والسلم وذلك الن االمام نائب عن صاحب الشرع في حفظ الدين وسياسة الدنيا ؛ كما يقول الماوردي . واإلمام انما جعل إماما لحفظ الدين ،وحماية الديار ،وسد الثغور ،واقامة الحدود ،وحفظ الحقوق ،وصيانة األعراض ،وتقسيم الغنائم ،وإقامة الشعائر اإلسالمية ؛ كالصالة والحج والصيام وجمع الزكاة وردع أھل الفساد . يقول ابن قدامة في المغني : )وأمر الجھاد موكول الى اإلمام واجتھاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ( وقد نص كثير من الفقھاء على حرمة الجھاد أو كراھته بدون إذن اإلمام ،ولكنھم في نفس الوقت نص وا على أن اإلمام ال يستأذن في أمور الجھاد في حاالت : 1 -اذا عطل اإلمام الجھاد . 2ـاذا فو ت االستئذان المصلحة المعقودة . - 3اذا علمنا أن اإلمام ال يأذن بالجھاد . وقد نص الفقھاء كذلك أنه :إذا عدم اإلمام فإن الجھاد ال يعطل لفوات المصلحة المترتبة على الجھاد . فإذا فقد اإلمام ،فإن العلماء يقومون مقام االمام أو الرؤساء المطاعون في اقوامھم ،ويصبح أمير الحركة االسالمية والعلماء المھابون المطاعون الذين عرفوا بالتقوى والعلم وسادة األقوام ھم أولوا األمر إذا خال الزمان من اإلمام أو الخليفة وقد نص الفقھاء جميعا على أن :على اإلمام أن يرسل جيشا الى بالد الكفار مرة أو مر تين في السنة إلسقاط فرض الكفاية ،ألن فرض الكفاية اليحقق اال بإرسال الجيش المسلم مرة على األقل في السنة للجھاد واال أثم وأثمت األمة . اعالم الكفار بالجھاد عليھم وقد اختلف الفقھاء في حكم الجھاد قبل إعالم العدو ،إذ أن ھذا األمر يتوقف على حالة العدو نفسه : -1الحالة االولى : فإن كان بين المسلمين وبين الكافر عھد سابق أو معاھدة أمان أو عقد ذمة ،فھذا يجب أن نوفي له بعھده ، والمسلمون على شروطھم مالم يكن ينقض الكافر عھده من جھته -2والحالة الثانية : اذا لم يكن بين المسلمين وبين الكفار عھد سابق ولكل من الحالتين تفصيل : الحالة االولى : حالة العقد أو العھد بين المسلمين وبين الكفار . والعھود التي يعقدھا المسلمون للكفار نوعان : ا -عقد دائم :وھذا يسمى عقد الذمة : وھو عقد أمان دائم يعطى للكفار عامة على رأي الحنفية أو ألھل الكتاب والمجوس على رأي الشافعية مقابل دفع جزية سنوية يدفعھا الذمي مقابل حمايته وسكنه في الدولة االسالمية وإعفائه من الجزية . وھذا العقد يجب الوفاء به ما وفى الذمي بعھده ،ولو خاف اإلمام خيانة الذمي ولم تظھر داللة كافية فال يجوز لإلمام نقض عھد الذمة من جھته ألن قوله تعالى :فإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليھم على سواء( فھذه اآلية في أھل العھود الواقته )عھود األمان( وليس في أھل الذمة ذوي العقود الدائمة الذين يعيشون تحت ظل الدولة االسالمية . ولذا يبقى عقد الذمة ساريا حتى ينقض الذمي عھده ،وذلك بإحداث أمور تعني أنه اليريد االلتزام بالعقد .أو القيام بجرائم تقطع عھد الذمة الذي اعطي له ومنھا : -1استخفافه بالمقدسات والمعتقدات الرئيسية الكبرى عند المسلمين : مثل سب ﷲ عزوجل ،أوسب رسوله صلى ﷲ عليه وسلم أووطئه على المصحف ،ھذه ليس لھا جزاء عند جمھور الفقھاء اال القتل .وقد نص على القتل شيخ االسالم في كتابه )الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ( . والقتل ھو رأي المالكية والشافعية والحنبلية ،أما الحنفية فقال جمھورھم :ان عقد الذمة ال ينتقض بسب الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ،ولكن يعزر الذمي الذي يشتمه صلى ﷲ عليه وسلم .والتعزير قد يصل الى حد القتل عند الحنفية سياسة ومصلحة ،وقد نص الكمال بن الھمام في فتح القدير وابن عابدين في حاشيته ورسائله ،والعيني أن الحق عند الحنفية :أن ينتقض عھد الذمي إذا شتم الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ويقتل )](1فتح القدير .381/4رسائل ابن عابدين .353/1حاشية ابن عابدين .[386/3 قال القاضي عياض ) :أما الذمي إذا صرح بسب أو عر ض واستخف بقدره فال خالف عندنا في قتله إن لم يسلم ،ألننا لم نعطه الذمة والعھد على ھذا وھو قول عامة العلماء اال أبا حنيفة والثوري واتباعھما من أھل الكوفة ....وقد قتل خالد بن الوليد امرأة سبت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،وكذلك قتلت عصماء اليھودية ، اليذائھا النبي صلى ﷲ عليه وسلم وسبه )](2أنظر آثار الحرب للدكتور وھبة الزحيلي ص .[376 وحكم قتل سب الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ؛ يطبق على المسلم عند جمھور الفقھاء قال الليث )] (3أنظر أحكام القرآن للجصاص ص : .[257/4في المسلم يسب النبي صلى ﷲ عليه وسلم إنه اليناظر وال يستتاب يقتل مكانه وكذلك اليھود والنصارى . اقتراف الذمي لبعض الجرائم الكبرى :مثل التجسس ،الزنا بمسلمة ،أو قطع طريق المسلمين ،أو إعانة أھل الحرب ؛ بداللة على المسلمين ،أو تزيين الكفر لمسلم وفتنته عن دينه ،أو ايواء عيون الكفار وجواسيسھم . أما التجسس على المسلمين ؛ فالعقوبة القتل للجاسوس سواء كان مسلما أو ذميا -ھذا رأي مالك ورجحه ابن القيم - وأما الحنبلية :فيرون أن الجاسوس الذمي نقض عھده واالمام مخير فيه بين القتل واالسترقاق والمن والفدية وأما الحنفية :فال يرون تجسيس الذمي ناقضا لعھده ولكنه يعزر ،وقد يصل التعزير عندھم الى القتل . وفي أفغانستان :حدثني القاضي محمد عمر من بروان :أني حكمت على كثير من الجواسيس بالقتل تعزيرا الحد ا . أما الجرائم األخرى :كالزنا بمسلمة ؛ فقد نص جمھور المالكية والحنبلية :أنھا تنقض الذمة ،وقد ورد أن عمر صلب يھوديا في بيت المقدس ؛ استكره امرأة مسلمة على الزنا ،وقال ) :ما على ھذا صالحناكم( .وكذلك قتل أبو عبيدة نصرانيا استكره مسلمة على الزنا ،وقال ) :ما على ھذا صالحناكم( )](1أنظر آثار الحرب للزحيلي ص 373نقال عن األموال ألبي عبيد 181والخراج ألبي يوسف .[178 2 -الصنف الثاني من العھود :عھد األمان المؤقت :ويسمى ھذا العھد بالھدنة ،أو الموادعة ،أو المسالمة ، أو المصالحة ،أو المعاھدة وھذا يجوز لإلمام اعطاءه للكفار والحربيين سواء كانوا أفرادا أو جماعات ،بشرط توقيته بوقت ،وبشرط توفر المصلحة لصالح المسلمين . وقد اشترط الفقھاء أن عھد األمان يعطى للكافر الحربي في داخل الدولة االسالمية أن ال تصل مدته الى سنة ، فإذا وصلت المدة سنة كاملة ضربت الجزية على الكافر واعتبر من أھل الذمة . واشترط الحنفية استمرار وجود المصلحة للمسلمين طيلة مدة العھد ،فإذا لم توفر المصلحة في أي وقت ؛ تجوز لإلمام نبذ العھد واعالم الكافر أو الكفار بانتھاء العھد . أما الجمھور :فاشترطوا للوفاء بالعھد طيلة المدة ؛ عدم وجود الغدر .فإذا لم يوجد الغدر ال ينبذ االمام إليھم العھد . وھذا العھد أضعف من عقد الذمة ،فيجوز لإلمام ايقاف المعاھدة ونبذ العھد للكفار بمجرد استشعار الخيانة أو الظن الغالب . واألصل في ھذا الباب قوله تعالى ) :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كالم ﷲ ثم أبلغه مأمنه ذلك بانھم قوم ال يعلمون ( وأما نبذ العھد إليھم فاألصل فيه قوله تعالى ) :وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليھم على سواء إن ﷲ ال يحب الخائنين ( . نقض الكفار العھد : فإذا نقض الكفار العھد فإنه ال حاجة إلنذارھم بالحرب عليھم كما فعل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مع اليھود عندما نقضوا عھودھم على التوالي :بني قينقاع ،بني النضير ،بني قريظة ،وكذلك غزا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مكة بعد عھد الحديبية سنة 6ھـ .ألن قريشا ساعدت بني بكر ضد خزاعة -حلفاء الرسول صلي ﷲ عليه وسلم . - قال الجصاص في أحكام القرآن )] (1أحكام القرآن للجصاص ): .[(252/4 (يعني وﷲ أعلم :إذا خفت غدرھم وخدعھم وايقاعھم بالمسلمين وفعلوا ذلك خفيا ولم يظھروا نقض العھد ؛ فانبذ إليھم على سواء يعني ألق إليھم فسخ ما بينك وبينھم من العھد والھدنة ؛ حتى يستوي الجميع في معرفة ذلك .وھو معنى قوله تعالى ) :على سواء ( ؛ لئال يتوھموا أنك نقضت العھد بنصب الحرب ( . والبد من إعالم العدو بفسخ العھد ،واعطائه مدة لالستعداد ،وال يجوز اعالمه ثم مھاجمته دون اعطائه فرصة . انتھاء مدة العھد : وھذه العھود إذا لم تفسخ ؛ فإنھا تنتھي بانتھاء مدتھا ،ثم يعلم العدو بأننا ال نريد تجديد العھد ويعطى مدة االستعداد . فقد روى االمام احمد وابوداود والترمذي والنسائي وصححه القصة التالية : (كان بين معاوية وبين الروم عھد وكان يسير نحو بالدھم حتى إذا انتقض العھد غزاھم ؛ فجاء رجل على فرس أو برذون وھو يقول : ﷲ اكبر ﷲ اكبر وفاء الغدر ،فنظروا فإذا عمرو بن عبسة ،فأرسل إليه معاوية فسأله فقال ) :سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول :من كان بينه وبين قوم عھد فال يشد عقدة وال يحلھا حتى ينقضي أمدھا أو ينبذ إليھم على سواء فرجع معاوية ( البرذون :الفرس األعجمية وقد اتفق الفقھاء على وجوب القتال مع االمام الفاسق الفاجر ولكن ذھب جمھور الفقھاء انه ال يقاتل مع االمام الغادر االنذار النھائي : واذا أراد حاكم البلد اعالن الحرب على حكومة اخرى ،فإنه يعلمھا بما يسمى بالمصطلح الحديث ) اإلنذار النھائي ( . أما في االسالم فيكون االنذار النھائي بثالثة عروض : االسالم )بقبول االسالم ( ،أو قبول الخضوع للدولة االسالمية بدفع الجزية ،واال فإعالن الحرب . ايصال الحربي مأمنه : اذا جاء الحربي طالبا األمان لفترة -لسماع محاسن االسالم -وانتھت ھذه الفترة ،فإن اإلسالم مطالب بايصاله الى مأمنه -أي الى موطنه األصلي أو الى أي مكان ال تھدد فيه حياته أو مصالحه . )وان احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كالم ﷲ ثم أبلغه مأمنه ذلك بانھم قوم ال يعلمون ( التوبة 5 اإلبعاد : أما بالنسة للذمي ،فإذا عمل عمال نقض فيه عھده فإن جمھور األئمة قالوا :إنه يصبح كالحربي ،واالمام مخير بالنسبة له كاألسير تماما : القتل ،الرق ،الفدية ،المن ،تبادل االسرى . أما الحنفية فإنھم ال يجيزون الفدية وال المن . فإذا من اإلمام على الذمي ،أو افتدى الذمي نفسه ،أو حصل تبادل اسرى ،فالبد لالمام أن يوصله الى المكان الذي يأمن فيه على نفسه وماله وھذا يسمى في المصطلحات الحديثة )باالبعاد( وھذا الحكم كذلك اذا كان اإلمام قد أعطى الحربي أو مجموعة من الحربيين كالسفارات عھد أمان ،ثم ارتاب في أمرھم فإنه ينبذ إليھم عھدھم ،ويخبرھم بانتھاء أمانھم ،ويوصلھم الى مأمنھم ؛ وھذا يسمى كذلك في المصطلح السياسي :باإلبعاد للھيئات الدبلوماسية أو لبعضھم ممن يعيشون في ظل الدولة االسالمية . الحالة الثانية :إذا لم يسبق للمسلمين تعامل مع مجموعة من الكفار . اذا واجه الجيش االسالمي بلدة كافرة لم يسبق لھا تعامل مع المسلمين ،أو أراد اإلمام غزو بلدة كافرة ليس بينھا وبين المسلمين عھد ،فھل له أن يغزو ھا دون إعالمھا ويأخذھا مباغتة على حين غرة )غفلة( فھنا اختلف الفقھاء في المسألة : فالرأي الراجح الذي نذھب اليه ھو رأي الجمھور القائل : يجب على االمام اعالمھم )انذارھم باحدى الخصال الثالث :االسالم أو القتال او الجزية اذا لم يسبق للبلدة معرفة االسالم ،اما اذا كانت البلدة قدوصلھا االسالم ولم تعتنقه ؛ فإنه يستحب لالمام اعالمھم ،ولقد تشدد الشافعية في قتال القوم الذين لم تبلغھم الدعوة حتى افتوا بوجوب الدية للقتلى وتدفعھا عاقلة )عصبات( القاتلين ،اما الحنفية فقالوا :الدية وال ضمان . )(2اما اإلمام مالك :فقال بوجوب االعالم قبل القتال في كل الحاالت . )(3وھنالك رأي ثالث يقول بجواز القتال دون اعالم في كل الحاالت . وسبب اختالفھم في الرأي ورود احاديث متعارضة -ظاھرا -في الموضوع ،النه ال يوجد تعارض حقيقي ابدا بين اي حديثين او نصين في ھذا الدين ) :افال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير ﷲ لوجدوا فيه اختالفا كثيرا ( .وقد أورد ابن القيم في كتابه )اعالم الموقعين ( حوالى تسعين حديثا مما يرى فيھا تعارض مع احاديث اخرى او آيات قرآنية ثم أزال اإلشكال في التعارض . وقد كتب ابن قتيبة كتابا في )مشكل الحديث( ،وكذلك الطحاوي الحنفي كتب ) مشكل اآليات(. واألحاديث الواردة في موضوع إنذار العدو ھي : -1الحديث األول : عن ابن عوف )ان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم أغار على بني المصطلق وھم غارون )غافلون( وأنعامھم تسقي على الماء ،فقتل مقاتلھم ،وسبى سبيھم(. -2حديث اسامة بن زيد : ان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كان عھد اليه فقال ) :أغر على أبنى صباحا وحرق( وأبنى :على وزن حبلى :فعلى :قرية بين الرملة وعسقالن من فلسطين ومعنى حرق :أي الزرع وغيره كالشجر . -3حديث ابن عباس رضي ﷲ عنھما )ما قاتل رسول ﷲ صلي ﷲ عليه وسلم قوما اال دعاھم ( . -4حديث سليمان بن بريدة عن ابنه قال : )كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم اذا أم ر أميرا على جيش او سرية اوصاه في خاصته بتقوى ﷲ ومن معه من المسلمين خيرا ....واذا لقيت عدوك من المشركين فادعھم الى ثالث خصال او خالل فاي تھن ما أجابوك ؛ فاقبل منھم وكف عنھم :ادعھم الى االسالم ؛ فان أجابوك فاقبل منھم ؛ وكف عنھم ؛ فان ھم ابوا فسلھم الجزية فان اجابوك فاقبل منھم وكف عنھم ؛ فان ابوا فاستعن با? وقاتلھم(. اما االمام مالك )القائل بوجوب تقديم الدعوة للكفار قبل القتال على اي حال( فقد اخذ بحديث ابن عباس رضي ﷲ عنھما الثالث وحديث بريدة الرابع .اعتبرھا مقدمة على حديث بني المصطلق باعتبار ان حديث بني المصطلق فصل والحديثين الثالث والرابع من االقوال والقول مقدم على الفعل . أما اصحاب الرأي الثالث القائلين )بعدم وجوب تقديم الدعوة قبل القتال على اي حال ( فاعتبروا حديث اسامة ناسخا لكل االحاديث االخرى :باعتبار ان حديث اسامة كانت سرية في اواخر ايام النبي صلى ﷲ عليه وسلم اما الجمھور ،فقاموا بالجمع بين االحاديث ،والجمع مقدم على النسخ في اصول الجمھور ،اذ ان ازالة التعارض عند الجمھور يكون حسب الخطوات التالية : 1ـالجمع -إن أمكن -ثم -2النسخ -ان عرف التاريخ -ثم - 3الترجيح ثم - 4التوقف واالنتقال من األعلى الى األدنى ؛ فاذا كان التعارض بين آيتين ولم نستطع الجمع والالنسخ وال الترجيح ننتقل الى العمل بالحديث ،فاذا تعارض الحديثان ولم نستطع الجمع وال النسخ وال الترجيح ؛ توقفنا وانتقلنا الى عمل الصحابة؛ فان لم نستطع نتوقف . فقد اعتبروا أن حديث ابن عباس وبريدة فيمن لم تبلغه الدعوة واعتبروا حديث اسامة وبني المصطلق :بسبب وصولھم الدعوة من قبل مدة االنذار : يرى الحنفية والمالكية أنه البد من إعطاء الكفار فرصة ثالثة أيام بعد االنذار تكرر فيھا دعوة الكفار ثالثا الى االسالم . وقد اعتمدوا على كتاب عمر الى سعد بن ابي وقاص فيما رواه أبو عبيدة )اني قد كنت كتبت اليك ان تدعو الناس الى االسالم ثالثة أيام ،من استجاب لك قبل القتال فھو رجل من المسلمين له ما للمسلمين ولھم سھم في االسالم )] (1أنظر آثار الحرب 158نقال عن كنز العمال من مسند أحمد 319/2الخراج البن آدم ص .[48 وقد دعا سلمان اھل فارس الى االسالم أو الجزية أو القتال فقالوا :اما االسالم فال نسلم ،وأما الجزية فال نعطيھا ،واما القتال فإنا نقاتلكم ،فدعاھم كذلك ثالثا فأبوا عليه ،فقال للناس ) :انھدوا إليھم ( )](2آثار الحرب 158 نقال عن الخراج .[191اي انھضوا -وزنا ومعنى . - األحكام المترتبة على الجھاد : ان االسالم دين الھي نظم الحياة بكاملھا ابتداء من االمور الخاصة جدا حتى االمور الكبرى المتصلة بالدولة االسالمية وعالقاتھا الدولية . واألحكام التي تختص بالجھاد -كعبادة جماعية -يقوم عليھا كيان ھذا الدين وبھا يقر ،ويمثل الجھاد السور الحصين لكل تعاليم االسالم ولذا فقد اعتنى به القرآن ،واعتنت به السنة المشرفة بالتفصيل والتقعيد واألحكام التي خصھا االسالم بالجھاد ھي : 1ـاحكام تسبق البدء بالجھاد منھا :اعالم العدو ببدء القتال ،و منھا االعداد ويعتبر فرضا من حيث اللياقة البدنية ،وتعلم السالح ،واتقان ادوات القتال ،وخططه ،والتكتيك ،والھجوم ...الخ 2ـأحكام تواكب عملية القتال :مثل عدم قتل غير المقاتلة :كالنھي عن قتل الصبيان ،والشيوخ ،والرھبان ، والنساء ،واالعجزة الذين ليس بھم فائدة للجھاد سواء بالرأي او بالفعل اال للضرورة الماسة ؛ كأن يتترس )يخبيء( العدو بھم ،وكذلك عدم تشويه الجثث )المثلة( ،وعدم قتل الحيوانات التي يمتلكھا العدو اال للضرورة القصوى ،وكذلك عدم قطع الشجر المثمر اال لضرورة الحرب كأن يختفي العدو بھا ،أو لضرب العدو اقتصاديا . وعدم أخذ المصحف الى أرض االعداء إن خشينا من أن تدور الدائرة علينا فيعبث العدو بقداسة الكتاب الكريم . وقد تحدثنا في كتاب )في الجھاد آداب واحكام( عن قسم من ھذه االحكام .وسنفرد إن شاء ﷲ بابا لآلداب التي لم نتعرض لھا : 3ـاألحكام التي تترتب على انتھاء القتال :وقد كتب االستاذ وھبي الزحيلي رسالة الدكتوراه في ھذا الموضوع)آثار الحرب في الفقه االسالمي( ،وقد تعب عليھا كثيرا ،وقد أفدت من ھذا الكتاب كثيرا ،وان كنا نخالفه في بعض األحكام الجھادية التي رجحھا في رسالته . وقد قسم االستاذ الزحيلي اآلثار المترتبة على قيام الحرب :الى خمسة أقسام وزعھا علي خمسة فصول من كتابه على النحو التالي: 1ـالفصل االول :انقسام الدار الى دارين أو ثالثة :دار حرب ودار اسالم ودار عھد . 2ـالفصل الثاني :أثر الحرب في العالقات بين المسلمين وغيرھم . 3ـالفصل الثالث أثر الحرب في العالقات السياسية )الدبلوماسية والمعاھدات(. 4ـالفصل الرابع :في األسرى والجرحى والمرضى والقتلى . 5ـالفصل الخامس :اثر الحرب في االشخاص واالموال . واما اآلثار المترتبة على انتھاء الحرب فقد قسمھا الزحيلي الى خمسة فصول : 1ـانتھاء الحرب بدخول االسالم . 2ـانتھاء الحرب بالصلح . 3ـانتھاء الحرب بالفتح . 4ـانتھاء الحرب بترك القتال . 5ـانتھاء الحرب بالتحكيم . اآلثار المترتبة على قيام الجھاد 1ـدار الحرب ودار االسالم ان من اآلثار المترتبة على قيام القتال انقسام الدنيا الى دارين 1ـدار االسالم 2ـدار الحرب - 3وأضاف الشافعية وبعض الحنابلة دارا ثالثة وھي دار العھد . 1ـوالرأي الراجح في تعريف دار االسالم عند جمھور الفقھاء : ھي األرض التي تكون فيھا السلطة السياسية الحاكمة بيد المسلمين ،وتقام فيھا الشعائر ،تطبق فيھا أحكام االسالم .أي ھي الدار التي حكامھا مسلمون ،وقانونھا االسالم ؛ وان كان غالبية سكانھا من غير المسلمين . ولذا كانت تعتبر خراسان ،وبالد فارس ،وبالد ماوراء النھر جيحون ،مثل بخارى ،وسمر قند ،وفرغانة ، وطشقند دار اسالم الن القانون الذي يحكمھا ھو االسالم ،وامراؤھا مسلمون ؛ وان كانت غالبية سكانھا من غير المسلمين فقد كان معظم سكانھا من المجوس عند الفتح ،وكانوا يرتدون بين الحين واآلخر فقد ارتدت بخارى ثالث مرات ويخضعھا االسالم لحكمه في المرة الرابعة مما اضطر قتيبة بن مسلم الباھلي أن يجبرھم آن يعطوا العرب المسلمين دورا بينھم ،ليعلموھم االسالم ،وكان قتيبة يأمر العرب المسلمين أن يخرجوا للعيد بأسلحتھم فصارت عادة على مر القرون . -2دار الحرب :ھي الدار التي ال يطبق فيھا قانون االسالم وإن كانت غالبية سكانھا من المسلمين ،أو ھي الدار التي ال يكون ميزان التعامل فيھا وبينھا وبين غيرھا ھو االسالم . 3ـدار العھد :وللشافعية وبعض الحنابلة مصطلح تفردوا به وھو تقسيم الدار الى ثالث :دار االسالم والحرب والعھد . ويعرف الشافعية دار العھد بأنھا :ھي الدار التي لم يظھر عليھا المسلمون ،عقد أھلھا الصلح بينھم وبين المسلمين على شيء يؤدونه من أرضھم يسمى خراجا دون أن تؤخذ منھم جزية رقابھم النھم في غير دار االسالم )](1آثار الحرب 175نقال عن األم .103/4مغني المحتاج 232/4األحكام السلطانية للماوردي .[133 فھذه الدار لم يفتحھا المسلمون وال تنفذ على أھلھا قوانين الدولة االسالمية ولكن أھلھا دخلوا في عقد مع المسلمين لشروط معينة والتزموا مبلغا معينا يؤدونه ،وھذه الحالة :شبيھة في الدبلوماسية المعاصرة بالدول التي لم تتمتع بكامل استقاللھا لوجود معاھدة معقودة بينھا وبين دولة كبرى مثال . ومن االمثلة على ھذه الدار عند الشافعية :ارمينية ونجران وبالد النوبة فقد عقد النبي صلى ﷲ عليه وسلم صلحا مع نصارى نجران أنھم على حياتھم ،و فرض عليھم ضريبة سنوية قيل انھا جزية وقيل إنھا خراج . ولم يستطع عبد ﷲ بن سعد بن أبي السرح أن يفتح بالد النوبة ،فعقد معھم عھداليس فيه جزية . رأي جمھور الفقھاء في ھذا الدار : ويعتبر جمھور الفقھاء ھذه الدار )دار العھد( من دار االسالم النھم ارتبطوا بدار االسالم بعھد أعلنوا فيه عن إذعانھم لداراالسالم بجزية . تحول الدار من دار اسالم الى دار الحرب : قد تبين مما ذكرنا أن الميزان الدقيق في معرفة الدار ھو القانون ،فإذا كانت السيادة للقانون االسالمي فالدار دار اسالم ،وان كانت السيادة لقانون آخر -مھما كان ھذا القانون -فھي دارحرب ؛ وان كان السكان مسلمين . وتسمى دار االسالم )دار العدل( الن القانون االسالمي ھو القانون الوحيد الذي يضمن العدل والمساواة بين الحاكم والمحكوم أمام الشريعة الحاكمة .وأي قانون آخر من صنع أھواء البشر ؛ ال يمكن أن يكون عادال وال يمكن أن يخلو من الظلم : )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فأولئك ھم الكافرون( )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فأولئك ھم الظالمون( )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فأولئك ھم الفاسقون( . فقد سمى ﷲ عز وجل كل حاكم بغير حكمه كافرا ظالما فاسقا . أمانوع الكفر أيخرج من الملة أم ال يخرج من الملة ؟ فھذا له مجال آخر ال يتسع له ھذا الباب ،وان شئت فارجع الى كتابنا )العقيدة وأثرھا في بناء الجيل( ففيھا تفصيل لھذه القضية . فإذا كانت الدار اسالمية ،تسود فيھا الشريعة االسالمية والحكم فيھا لقانون ﷲ .والحكام فيھا مسلمون ينفذون ھذه الشريعة ،فكل مسلم يدين بالوالء والمحبة لھذه الدار . أما إذا كانت الدار)دار اسالم( واستولى عليھا أناس عطلوا شرع ﷲ ،ونفذوا فيھا شرعا آخر من صنع اھواء البشر أو خلطوا شرع ﷲ بشرائع البشر ونفدوھا فإن الدار ال تبقى دار اسالم . ولكن ما اسم ھذه الدار بعد تعطيل شرع ﷲ فيھا ؟ 1ـقال جمھور الفقھاء ھي دار حرب )] (1أنظر آثار الحرب 172نقال عن شرح السير الكبير .302/4بدائع الصنائع للكاساني .130/7حاشية ابن عابدين .250/3االفصاح البن ھبيرة :.[348 وھذا رأي مالك والشافعي وأحمد والصاحبين من الحنفية .إذ أنھم قالوا : تصير الدار دار حرب باجراء أحكام الشرك فيھا فقط .إلن ظھور االسالم بظھور أحكامه فإذا زالت منھا ھذه األحكام لم تبق دار اسالم . 2 -أما االمام أبو حنيفة :فقد خالف صاحبيه )أبي يوسف ومحمد بن الحسن ( فقال :ان دار االسالم ال تصبح دار حرب اال بشروط ثالثة : اـظھور احكام الكفر ونفاذھا فيھا . ب -أن تكون متاخمة لدار الكفر )الحرب(. ج -أال يبقى فيھا مسلم وال ذمي آمنا بأمان المسلمين الذي كان يتمتع به ،أي األمان األول الذي أقر ه الشرع للمسلم ،وأقر ه الشرع للذمي بعقد الذمة . وبناء على رأي جمھور الفقھاء من المالكية والشافعية وأحمد والصاحبين من الحنفية :أن األقاليم االسالمية التي تحكم بغير ما أنزل ﷲ لم تعد دار اسالم بل أصبحت دار حرب )](3الجريمة والعقاب ألبي زھرة .[362 وھذا رأي االستاذ محمد ابي زھرة . -3أما ابن تيمية :فھو يرى أنھا دار ثالثة )الدار التي كان يسود فيھا شرع ﷲ ثم تغير الحكم بقانون من وضع البشر) وضعي( ،فالدار خرجت عن كونھا دار اسالم ولكنھا لم تصبح دار حرب . فھي دار ثالثة :وضرب ابن تيمية مثاال لھذه الدار ب)ماردين ( التي كانت من دار االسالم ينفذ فيھا شرع ﷲ ، ثم استولى عليھا مجموعة من الكفار وعطلوا شرع ﷲ . رأي الشرع في الحكام الذين يحكمون بالقوانين الوضعية ويعطلون شرع ﷲ :ـ اتفق السلف والخلف على قاعدة شرعية : (من أحل الحرام فقد كفر ومن حرم الحالل فقد كفر ( ) ام لھم شركاء شرعوا لھم من الدين ما لم يأذن به ﷲ ولو ال كلمة الفصل لقضي بينھم وان الظالمين لھم عذاب اليم ( الشورى . 21 فھم شركاء ،فالتشريع بغير ما أنزل ﷲ شرك با ?: )اتخذوا أحبارھم ورھبانھم أربابا من دون ﷲ والمسيح بن مريم وما امروا اال ليعبدوا إلھا واحدا ال اله اال ھو سبحانه عما يشركون ( التوبة 31 وقد فسرھا صلى ﷲ عليه وسلم لعدي بن حاتم عندما قال :يا رسول ﷲ ما عبدوھم فقال صلى ﷲ عليه وسلم : ) بلى إنھم أحلوا لھم الحرام وحرموا عليھم الحالل فاتبعوھم فذلك عبادتھم إياھم ( )](1رواه الترمذي أنظر تفسير ابن كثير .[171/2 وعندما حاول ھوالكو -حفيد جنكيز خان -أن يحكم بقانون جنكيز خان )الياسق أو الياسا ( اي )السياسات الملكية( ؛ وقد بين ابن كثير في البداية والنھاية )] (2أنظر البداية والنھاية .[118/13بعد أن استعرض بعض سخافات الياسق -الحكم الشرعي لمن حكم بالياسق ) من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد ﷲ - خاتم االنبياء ، -وتحاكم الى غيره من الشرائع المنسوخة ،فقد كفر ،فكيف بمن تحاكم الى الياسا وقدمھا عليه الشك أن ھذا يكفر باجماع المسلمين( . وما أجمل كلمة االستاذ احمد شاكر عند قوله تعالى: )أفحكم الجاھلية يبغون (...المائدة 50 أويجوز ألب ان يرسل ابناءه لتعلم ھذا الدين واعتقاده والعمل به عالما أو جاھال ؟! .أفيجوز ألحد من المسلمين أن يعتنق ھذا الدين الجديد ؟! أعني التشريع الجديد .أو يجوز لرجل مسلم ان يلي القضاء في ظل ھذا الياسق العصري . إن والية القضاء في ھذه الحال ؛ باطلة بطالنا أصليا ال يلحقه التصحيح وال اإلجازة .إن األمر في ھذه القوانين الوضعية ؛ واضح وضوح الشمس :ھي كفر بواح ال خفاء فيه وال مداورة ،وال عذر الحد ممن ينتسب الى االسالم - ،كائنا من كان -في العمل بھا ،أو الخضوع لھا ،أو اقرارھا .فليحذر امرؤ لنفسه ،وكل امرىء حسيب نفسه )](1عمدة التفسير ألحمد شاكر . [74/4 التشريع بغير ما أنزل ﷲ كفر ينقل عن الملة )يخرج من االسالم( وعليه فالتشريع )سن القوانين( بغير ما انزل ﷲ كفر ينقل عن الملة النه تحليل الحرام أو تحريم الحالل . قال ابن تيمية )من حرم الخبز فقد كفر باالجماع ومن أحل النظرة فقد كفر با الجماع( .وال فرق بين الحاكم الذي يسن قانونا يقول فيه :ان عقوبة السارق سجن شھرين ،وبين الحاكم الذي يسن قانونا يقول فيه :صالة المغرب أربع ركعات . ولذا فالتشريع ) أي إخراج القوانين وسن ھا ( كفر ينقل عن الملة . الحكم بغير ما أنزل ﷲ: أما الذي يطبق القوانين الوضعية )يحكم بغير ما أنزل ﷲ ( : فإن سو ى في الحكم بين االسالم وبين القوانين الوضعية ،أو رأى أن القوانين الوضعية أفضل للمجتمع ،وتقل المشاكل بتطبيقھا ،أو رأى جواز الحكم بالقوانين الوضعية ،فھذا كافر خارج من الملة . فالحاكم األعلى في أية دولة اذا طبق غير شرع ﷲ :فھو كافر خارج من الملة ،والمشرع )الذي يصوغ القوانين الوضعية (ومجلس النواب )االمة ( الذي يقر القوانين الوضعية :خارج عن الملة ،إذا كان يعلم الحكم الشرعي -أما الجاھل بالحكم الفقھي لھذه القضية العظيمة :فھو معذور :إذ أن الجھل عذر في األصول وفي الفروع -كما قرر كثير من العلماء -منھم ابن تيمية ،وابن القيم ،فقد كان ابن تيمية يقول للجھمية : )لو قلت بقولكم لكفرت ،ولكني ال اكفركم النكم جھال ( . وكذلك رأيت ابن القيم ينص على أن الذين يستغيثون بأصحاب القبور من االنبياء واالولياءـال نكفر الجھال منھم .- كلمة لعبد القادر عودة ـالشھيد الذي أعدمه عبد الناصر سنة )1945صاحب كتاب التشريع الجنائي في االسالم(. بعد أن أورد آية )ومن لم يحكم بما أنزل ﷲ فاولئك ھم الكافرون( )وإذا كان ھذا ھو حكم االسالم الذي عطلته ، وال زالت تعطله الحكومات في البالد االسالمية ،فإن كل ذي عقل يستطيع أن يدرك بسھولة مدى حظ ھذه الحكومات من االسالم ،وأن يقول غير متحرج :ان ھذه الحكومات تدعو المسلمين الى الكفر وتحملھم عليه( )](1االسالم واوضاعنا القانونية لعبد القادر عودة ص .[71 اما حكم القاضي الذي يطبق األحكام الوصفية )غير الشرعية( فھو ليس كافرا ولكنه ظالم فاسق -وﷲ أعلم - وعمله حرام وراتبه حرام . رأي العلماء األفغان في كابل اآلن )تحت حكم نجيب أو عندما كانت تحت حكم الروس(:ـ اختلفت وجھات نظر العلماء األفغان في حكم أفغانستان اآلن أھي دار حرب أم دار اسالم ؟ وأشھر األقوال رأيان : -1الرأي األول :وھو رأي أغلبية علماء أفغانستان :أن كابل لم تتحول من دار اسالم الى دار حرب ،أخذا برأي أبي حنيفة السابق ،الذي يشترط شروطا ثالثة لتحول الدار )تغيرالقانون ،متاخمة ديار الكفر ،عدم أمن المسلمين والذميين على دينھم واموالھم وأعراضھم )](2قال الكاساني في البدائع ) 131/7قول أبي حنيفة أن المقصود من اضافة الدار الى اإلسالم أو الكفر ليس ھو عين االسالم والكفر وإنما المقصود ھو األمن والخوف ومعناه :ان األمان إن كان للمسلمين على االطالق والخوف للكفرة على اإلطالق فھي دار اسالم وإن كان األمان فيھا للكفرة على اإلطالق والخوف للمسلمين على اإلطالق فھي دار الكفر([. فھم يرون أن الشرط الثالث لم يتحقق ولذا لم تصبح كابل دار حرب ،وھذا رأي جمھور علماء شمال أفغانستان . -2الرأي الثاني :رأي بعض علماء جنوب أفغانستان :أن أفغانستان دار حرب ولذا أفتوا بتعطيل صالة الجمعة في المساجد ،ويبدو أنھم اخذوا برأي الصاحبين ) أي أبي يوسف ومحمد بن الحسن( . ونحن نرى ان أفغانستان دار ثالثة :مثل )ماردين( فال ھي دار اسالم ،وال ھي دار كفر ) دار حرب( إذ يطبق عليھا بعض احكام دار االسالم وبعض أحكام دار الحرب . األحكام التي تختلف باختالف الدار :ـ -1اقامة الحدود :يرى الحنفية أن الحدود ال تقام في دار الحرب .ولو اقترف المسلم في دار الحرب ذنبا قد حدد له الشارع حدا ،فإن الذنب او الجريمة تقع وال مقتضى أو موجب لحد ھا .وذلك ألن اقامة الحدود تعتمد على الوالية ،وال والية لقائد المعركة في دار الحرب .وكذلك لو قتل مسلم آخر فإنه ال يقتص من القاتل اذا خرج الى دار االسالم .فلو سرق المسلم ،أو زنى ،أو شرب خمرا ،أوقذف مسلما في دار الحرب فإنه ال يقام عليه الحد ال في دار الحرب ،وال في دار االسالم ،بعد أن يعود ،الن الفاحشة لم تقع موجبة للحد أصال . ويستثني الحنفية من ھذا كله حالة واحدة وھي :إذا كان قائد الجيش ھو الخليفة نفسه أو أمير القطر بكامله ، كامير خراسان ،أو المشرق ،أو الشام ،فإنه ينفذ الحدود الجتماع الشوكة والقوة باجتماع الجيوش وانقيادھا له ،فتتوفر في يده المنعة والوالية والقوة التي تمكنه من اقامة الحدود كلھا )] (1بدائع الصنائع 131/7ـ.[133 ويستدل للحنفية لھذه الحالة ما رواه الزھري ) ...رأيت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم حنين يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد وأتي بسكران فأمر من كان عنده فضربوه بما كان في أيديھم وحثا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من التراب (] أنظرسنن البيھقي مع الجوھر النقي .[103/9 وھنالك حديثان ضعيفان تستدل بھما الحنفية وھما ) :ال تقام الحدود في دار الحرب ( ) ال تقطع األيدي في السفر ( . أما الجمھور فإنھم يرون ان الكبائر اذا ارتكبت في دار الحرب فإنه يجب فيھا الحد ،ولكنھم اختلفوا في مكان اقامة الحد :ـ فيرى الحنبلية :أن الحدود ال تنفذ اال في دار االسالم ،أما بقية الجمھور :فيرون أن الحدود تنفذ مباشرة في دار الحرب اال اذا خيف على المحدود أن يھرب الى العدو الكافر ،أو كان للمسلمين بمرتكب الكبيرة حاجة أو منعة أو قوة فإنه يؤخر حده ، ومما استدل به الحنفية على رأيھم : -1حديث عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه فإنه كتب الى عماله ) أن ال يجلدن أمير الجيش وال سرية أحدا حتى يخرج الى الدرب قافال لئال تلحقه حمية الشيطان فيلتحق بالكفار ( -2وكان أبو الدرداء رضي ﷲ عنه ينھى أن تقام الحدود على المسلمين في أرض العدو ،مخافة أن تلحقھم الحمية فيلحقوا بالكفار ،فإن تابوا تاب ﷲ عليھم واال كان ﷲ تعالى من ورائھم ( )](1شرح السير الكبير .[108/4 -3وروي عن علقمة قال :غزونا ارض الروم ومعنا حذيفة وعلينا رجل من قريش فشرب الخمر فأردنا أن نحده فقال حذيفة :تحدون اميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعون فيكم)(2؟]المصدر السابق[. 4 -وقد كان سعد قد قيد أبا محجن في القادسية عندما شرب الخمر ،وأراد جلده ،فأطلقته سلمى زوج سعد ، وقاتل قتاال شديدا فعفا عنه سعد بن ابي وقاص رضي ﷲ عنه وقال :ال وﷲ ال اضرب اليوم رجال أبلى ﷲ المسلمين ما أبالھم وخلى سبيله ،فقال أبو محجن ) :كنت أشربھا إذ يقام علي الحد وأطھر منھا ،فأما إذ بھرجتني )أھدرت الحد ( فو ﷲ ال أشربھا أبدا( )] (2الخراج 31وآثار الحرب ص.[190 ولكننا نرى أن مذھب الجمھور أرجح وﷲ أعلم ،ألن موجب الجرائم ال يختلف بين أرض وأرض ،ولكن قد يؤخر التنفيذ الى دار اإلسالم كما يؤخر تنفيذ الحد بسبب المرض ،كما أخ ر عمر تنفيذ حد الشرب في قدامة ؛ بن مظعون بسبب مرضه ،وكما أخ ر النبي صلى ﷲ عليه وسلم عن الغامدية إقامة حد الرجم بسبب أنھا حبلى من الزنا حتى تضع وتفطم الوليد . -2الحربي إذا أسلم في دار الحرب ،ولم يعرف أن عليه صالة وال صياما ،ثم خرج الى دار االسالم ،وعلم . فقال الحنفية :ال قضاء عليه عند أبي حنيفة ،وقال أبو يوسف :أستحسن أنه يجب عليه القضاء و قد استدل الحنفية على رأيھم :بأن دار الحرب :دار جھل بالشرائع ،وامكانية الوصول الى العلم صعبة بخالف دار االسالم فإمكانية العلم ممكنة كمن لم يعلم في دار االسالم ؛ فال عذر له . فالذمي إذا أسلم في دار االسالم وال يعلم أن عليه صالة والصياما فيجب عليه القضاء ألنه قصر في السؤال مع إمكانية العلم )](3بدائع الصنائع .[132/7 )(3جواز العقود الفاسدة عند أبي حنيفة ومحمد بخالف أبي يوسف فرأيه كرأي الجمھور بأن الحرام حرام في دار الحرب ودار االسالم ،والحرام ال يصبح حالال باختالف الدار . فمثال عقد الربا :عقد فاسد )](1العقود ثالثة عند الحنفية: )أ( العقد الصحيح :كامل الشروط واألركان واألوصاف. )ب( العقد الباطل :الخلل في أركانه وھذا ال يلحقه تصحيح وال اجازة :مثل الزواج من وثنية. )جـ( العقد الفاسد :الخلل في وصفه ال في ركنه :مثل عقد الربا وھذا يلحقه التصحيح بأن يلغي شرط الربا[. ) فھذا العقد عند الحنفية فاسد وحرام عند الحنفية في دار االسالم الن شرط الربا خلل ،ولكن يمكن أن يصحح العقد بازالة شرط الربا منه ( . ولكن ھذا العقد جائز في دار الحرب عند ابي حنيفة ومحمد وال إثم فيه ،ووجھة نظر أبي حنيفة :أن مال الحربي مباح فيجوز إتالفه وأخذه بأية طريقة بشرط التراضي مع المسلم وعلى أي وجه ليس فيه غدر وال خيانة .وعقد الربا عقد تراضي ،وقد أخذ الربا من الكافر برضاه فال بأس . ودار الحرب ليست دار عصمة ،فالمال فيھا غير معصوم وال مضمون فلو استدان مسلم )اقترض( في دار الحرب من مسلم آخر ماال ثم خرجا الى دار االسالم ،فالقاضي ال يحكم للدائن .ولو أتلف مسلم آلخر ماال فال ضمان عليه عند الحنفية . والحق الذي ال محيد عنه والذي يطمئن إليه القلب ؛ ھو رأي الجمھور مع أبي يوسف :بأن الحرام حرام في أي مكان وال يحله اختالف المكان وال الدار . قال السرخسي في المبسوط ]أنظر المبسوط للسرخسي ) .[95/10وإن بايعھم ؛المستأمن المسلم» اليھم الدرھم بالدرھمين ،نقدا أو نسيئة ،وبايعھم في الخمر ،والخنزير ،والميتة فال بأس بذلك في قول أبي حنيفة ومحمد وال يجوز شيء من ذلك في قول أبي يوسف :الن المسلم ملتزم احكام االسالم حيثما يكون ( واجب المسلم تجاه دار االسالم : تعتبر دار االسالم دارا لكل مسلم تجب عليه تجاھھا المحبة والوالء والدفاع عنھا كما يدافع عن منزله الخاص .ودار االسالم وطن معنوي لكل مسلم وليست بقعة أرض محددة فحيثما طبق االسالم في مكان فھو دار اسالم ووطن لكل مسلم ،وان لم يعش المسلم فيھا ولم يولد فوق أرضھا . والبلد التي ولد فيھا المسلم ؛ وان كانت ال تطبق االسالم ،وال تقيم شرائع وال قوانين ليست وطنه وليست دارا لالسالم ،وان كانت مسقط رأسه وسكن أھله ،والبلد التي طبق فيھا االسالم في يوم من األيام وكانت دارا لالسالم يجب على كل مسلم الدفاع عنھا . والجھاد للدفاع عنھا فرض عين على الذين يقطنونھا ،فإذا لم يكفوا توسع فرض العين على المسلمين المجاورين ،فإن لم يكفوا أو قصروا ،أو تقاعدوا ،أو تكاسلوا ،توسع فرض العين على من يليھم ،وثم وثم الى أن يعم فرض العين األرض كلھا فرضا ال يسعھم تركه كالصالة والصوم . وإذا سقطت قطعة من دار االسالم في يد الكفار وجب على الجيل المعاصر أن يخلصھا فإن عجز فعلى األجيال من بعده تخليصھا ،واالثم يلحق االمة االسالمية كلھا مادامت بقعة من بقاع االسالم في يد الكفار ،ويزداد اإلثم مع معاصرة المشكلة أو القرب منھا ،ولكن اإلثم ال يسقط عن االمة االسالمية حتى يخلصوھا من أيدي الكفار ،فأكثر األجيال إثما بالنسبة لسقوط األندلس ؛ ھو الجيل الذي عاصرھا ،والمسلمون اليوم كلھم آثمون حتى يرجعوا األندلس من ايدي الكفر ،وكذلك بخارى ،وسمرقند ،وقبلھا فلسطين وغيرھا من بقاع االسالم التي كانت في يوم من األيام دارا لالسالم . الھجرة الى دار االسالم : الھجرة الى دار االسالم واجبة على كل مسلم تحتاج إليه دار االسالم فالمربي ،والمقرئ ،والمھندس ، والطبيب ،واستاذ الجامعة ،والسياسي المعروف ،واالداري ،والمتخصص في علم من العلوم العسكرية ،أو الذرية ،وغيرھا :عليه أن يرسل رسالة الى أمير الدولة االسالمية ،أو الجھة المختصة بعلمه فالمربي يرسل الى وزارة التربية والتعليم رسالة فإن كانوا بحاجة إليه تجب عليه الھجرة حتى ينفع دار االسالم . وھذه الھجرة واجبة لحاجة الدولة االسالمية الى كفاءة الشخص المسلم .وھنالك ھجرة اخرى واجبة على المسلم لمصلحة نفسه وھي :الحالة التي ال يستطيع فيھا المسلم أن يظھر دينه أو يقيم شعائره في البلد التي يسكن فيھا ، فھنا تجب عليه الھجرة الى دار االسالم التي يستطيع أن يظھر فيھا دينه .واذا لم يھاجر المسلم من الدار التي ال يستطيع اظھار دينه فيھا فيمكن ان يطبق عليه حديث مسلم : (انا بريء من كل مسلم يقيم بين أظھر المشركين ( .وقد يعم الفساد األرض وال يجد المسلم دارا لالسالم تعتبر نفسھا حامية لحمى المسلمين وناطقة بلسانھم وتتبنى مصالحھم .فھنا يختار المسلم بقعة يأمن فيھا على دينه وعرضه وماله ويسكن فيھا وان لم تكن األرض دارا لالسالم . وجوب الھجرة من أجل الجھاد : وھنالك ھجرة اخرى واجبة ال تنقطع الى يوم القيامة وھي الھجرة من أجل الجھاد ،ففي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان ) ان الھجرة ال تنقطع مادام الجھاد ( وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان والنسائي ) ال تنقطع الھجرة ما قوتل الكفار(. وقد تكفل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للمھاجر في سبيل ﷲ بالجنة وبشره بالشھادة ،ففي الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم وابن حبان عن فضالة بن عبيد قال :قال صلى ﷲ عليه وسلم : )أنا زعيم لمن آمن بي ،وأسلم ،وھاجر ببيت في ربض الجنة ،وبيت في وسط الجنة ،وبيت في أعلى غرف الجنة( . وأما بشرى الشھادة فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبوداود عن أبي مالك االشعري قال صلى ﷲ عليه وسلم ) :من فصل في سبيل ﷲ فمات أو قتل فھو شھيد ،أو وقصته فرسه ،أو بعيره ،أو لدغته ھامة ،أو مات على فراشه ،أو بأي حتف شاء ﷲ فإنه شھيد وان له الجنة(. واجبات الدولة االسالمية : إن أھم مميزات دار االسالم ان تقوم فيھا دولة إسالمية تطبق شرع ﷲ ،ويقوم على رأس الدولة أمير يبايع بيعة شرعية من قبل االمة ،ويناط به تطبيق الشريعة ،وحماية دين ﷲ ،وتوفير األمن لدين الناس ،ودمائھم ، وأعراضھم ،وأموالھم . والواجبات التي تلقى على عاتق أمير المؤمنين كثيرة ،وقد حدد الماوردي في كتابه )األحكام السلطانية ص (15وابن جماعة في كتابه )تحرير االحكام ص (65وأبو يعلى الفراء ،واجبات أميرالمؤمنين )رئيس الدولة االسالمية( بعشرة واجبات : -1األول :حفظ الدين على االصول التي اجمع عليھا سلف االمة أي :اقامة الدين على وجھه الصحيح بتعبيرنا العصري . -2الثاني :تنفيذ االحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بينھم ،أي إقامة العدل بين الناس وتنفيذ االحكام . -3الثالث :حماية البيضة والذب عن الحوزة ليتصرف الناس في المعايش وينتشروا في األسفار آمنين ،أي نشر األمن في الداخل . 4 -الرابع :إقامة الحدود لتصان محارم ﷲ عن اإلنتھاك ،وتحفظ حقوق عباده من اتالف واستھالك ،أي تنفيذ عقوبات جرائم الحدود وجرائم القصاص . -5الخامس :تحصين الثغور بالعدة المانعة ،والقوة الدافعة ،حتى ال يظفر االعداء بغر ة ينتھكون بھا محرما ويسفكون فيھا دما لمسلم او معاھد .أي حماية االمن الخارجي بالعدة واالستعداد الدائمين . -6السادس :جباية الفيء والصدقات مع ما اوجبه الشرع نصا واجتھادا من غير عسف . -8الثامن :تقدير العطاء ،وما يستحق في بيت المال من غير سرف وال تقصير ،ودفعه في وقت ال تقديم فيه وال تأخير . -9التاسع :إستكفاء األمناء وتقليد العظماء فيما يفوضه إليھم من االعمال . 10-العاشر :أن يباشر بنفسه مشارفة األمور وتصفح األحوال ليھتم بسياسة األمة وحراسة الملة . ھذه ھي واجبات االمام كما حددھا بعض الفقھاء ،وھي تدخل جميعا تحت واجبين اثنين ھما :إقامة الدين وادارة شئون الدولة في حدوده . العالقات التجارية بين دار االسالم ودار الحرب : الشك أن االقتصاد أحد العوامل الكبرى التي تقوم عليھا الدول . وال شك أن المسلمين والكفار كل يسلك الطرق التي تؤدي الى كسبه المعركة وانتصاره في ميدان القتال .اال ان الفرق بين المسلمين والكافرين ؛ أن الشرع يضبط معامالت المسلمين بدائرة الحالل التي رسمھا الشرع ،وال يجيز االسالم اتباع األساليب الرخيصة ،والطرق الخسيسة من أجل الوصول الى الغاية ،إذ أن الغاية في االسالم ال تبرر الوسيلة ،واالسالم يدحض قول ميكافيلي )الغاية تبرر الوسيلة( ،أو قول لينين ) في سبيل المصلحة افعل ماشئت ( فاالسالم مثال يحترم العھود والمواثيق ،وال يجيز فتح مدينة للعدو بنكث عھد ،أو نقض ميثاق ،وكذلك ال يبيح االسالم قتل االوالد واختطاف النساء من أجل الضغط على العدو . أما بالنسبة للمعامالت التجارية بين المسلمين والكفار أثناء الحرب ،فعندما وضع الفقھاء قواعدھم في التجارة إنما بنوھا على تصورھم فيما يكون فيه خير للمسلمين وتضييق على الكافرين . )(1فاالمام مالك مثال :يجيز االستيراد من بالد الكفار ،ويرى السماح للتجار الحربيين بالدخول الى بالد االسالم يحملون معھم تجاراتھم وألن في ھذا تقوية للمسلمين بينما يمنع االمام مالك التصدير الى بالد الكفار الن في ھذا تقوية لھم )] (1المدونة 102/10أنظر آثار الحرب للزحيلي .[513 بينما الشراء من مصنوعات الكفار في الواقع الدولي اآلن؛ إنما يعتبر تقوية للكفار بادخال العملة الصعبة الى الدولة المصدرة .ويعتبر البحث عن االسواق التجارية التي تصرف فيھا المنتجات للدول الكبرى ؛ أحد األسباب الرئيسية التي سنت من أجلھا الحرب الحديثة ،وقام من أجلھا االستعمار . وعلى كل حال فالقاعدة في الميدان التجاري عند الفقھاء) :يمنع تصدير او استيراد اي شيء فيه تقوية للكفار( . )يسمح بتصدير أو استيراد كل شيء فيه تقوية للمسلمين( .فتصدير السالح مثال حرام الى بالد الكفار وكذلك البترول الذي تدار فيه مصانع السالح ،وكل آالت الحرب ،حتى منع الفقھاء تصدير الحرير والديباج ألنه تصنع منه رايات الحرب ،ويمنع تصدير الحديد الذي يصنع منه السالح فقد جاء في الفتاوى الھندية 197/2 )وال يباع كل ما ھو أصل في الحرب( . وفي العصر الحديث يمنع بيع النحاس والكوبالت والراديوم واليورانيوم ) إذ منھما تصنع القنبلة الذرية( .وقد قال االمام مالك في المدونة ) 102/3اما كل ما ھو قوة على اھل االسالم مما يتقوون به في حروبھم من كراع أو سالح أو -خرثي -متاع أو شيء مما يعلم أنه قوة في الحرب من نحاس أوغيره فإنھم ال يباعون ذلك ( . نقاط التفتيش في الحدود : وقد نص أبو يوسف في )كتاب الخراج (190أنه البد من وضع نقاط على الثغور لتفتيش الداخل والخارج : )وينبغي لالمام ان تكون له مسالح ) أماكن حراسة( على المواقع التي تنفذ الى بالد الشرك من الطرق ، فيفتشون من مر بھم من التجار ممن كان معه سالح أخد منه ورد ،ومن كان معه رقيق -عبيدـرد )النه تقوية للكفار( ،ومن كانت معه كتب قرئت كتبه(. أدلة الجمھور : 1وقد استدل الجمھور بمنع تصدير السالح للكفار بحديث عمران بن الحصين :أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم )نھى عن بيع السالح في الفتنة( قال البيھقي :الصواب أنه موقوف )] (1نصب الراية 391/3آثار الحرب .[518 2ـقال الحسن البصري :ال يحل لمسلم ان يحمل الى عدو المسلمين سالحا يقويھم به على المسلمين ،وال كراعا ،وال ما يستعان به على السالح والكراع )] (2الكراع :بضم الكاف وفتح الراء تطلق على الدواب ولكن غالبا يراد بھا الخيل .والكراع ھي األرجل ألن أرجل الخيل ھي التي يستفاد منھا في الحرب[. ومما استدل به الفقھاء المجيزون الرسال الطعام الى بالد الحرب حديث ثمامة بن أثال الذي أسره رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم من اليمامة وربطه في المسجد ،ثم من عليه فأسلم ،والحديث كما رواه الشيخان - البخاري ومسلم : )أنه قال ألھل مكة حين قالوا له صبوت فقال :إني وﷲ ما صبوت ولكني وﷲ أسلمت ،وصدقت محمدا صلى ﷲ عليه وسلم ،وآمنت به ،وأيم ﷲ الذي نفس ثمامة بيده ال تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف مكة -حتى يأذن فيھا محمد صلى ﷲ عليه وسلم وانصرف الى بلده ومنع الحمل الى مكة حتى جھدت قريش ،فكتبوا الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،يسألونه بأرحامھم أن يكتب الى ثمامة يحمل اليھم الطعام ففعل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ( ]أنظر صحيح مسلم بشرح النووي[89/12 / اغالق الطرق المؤدية الى المدن في أفغانستان: ال شك أن إغالق الطرق المؤدية الى المدن التي بيد الشيوعيين ؛ يؤدي الى فقد المواد الغذائية وارتفاع األسعار واضطراب األحوال مما يعجل بإسقاط الحكم الشيوعي . لكن سكان المدن األفغانية من المسلمين ،والتضييق عليھم بمنع وصول الدقيق -القمح -الى كابل وغيرھا ؛ يؤدي الى إحكام الخناق على السكان مما يؤدي الى ھجرتھم واخالء المدن ،وقد أحكم المجاھدون الحصار على قندھار فضاق السكان ذرعا بقلة الخبز فخرجوا الى حكمت يار وقالوا له :أيجوز شرعا لكم أن تمنعوا عنا الغذاء ،حتى نموت فقال لھم حكمت يار :اخرجوا ونحن نرتب لكم خياما وغذاء .وقد سألت أحمد شاه مسعود :لماذا ال تحكمون الحصار على كابل ؟ ولماذا ال تغلقون الطريق أمام القوافل المارة من روسيا الى كابل )حيرتان -كابل( فقال أحمد شاه :ھنالك أسباب : -1ان اغالق الطريق على كابل -اآلن -ال يضر اال الشعب أما الحكومة الشيوعية فعندھا المخازن المليئة بالمواد الغذائية . 2ـان اغالق الطريق على كابل يكلف كثيرا ،واغالقه اآلن ال يفيد مادمنا النحاصر كابل ولسنا على أبواب فتحھا ،فإذا جاء الوقت المناسب للفتح أحكمنا اإلغالق من أجل تعجيل اإلطاحة بالدولة . أخذ العشور من التجارة : التجارة قسمان : -1التجارة الداخلية :المواد والحبوب والصناعات التي تنتج في دار االسالم وتباع في دار االسالم ،فھذه يحرم أخذ العشورمنھا . قال الماوردي في ]أنظر األحكام السلطانية للماوردي ص ) .[201وأما أعشار األموال المتنقلة في داراالسالم من بلد الى بلد ؛ فمحرمة ال يبيحھا شرع ،وال يسوغھا اجتھاد ،وال ھي من سياسات العدل وال من قضايا النصفة( وقد روى أحمد وأبو داود الحديث ) ليس على المسلمين عشور انما العشور على اليھود والنصارى ( وسكت عنه أبو داود والمنذري . -2التجارة الخارجية :التي تدخل من خارج بالد اإلسالم :فھذه اختلف الفقھاء في أخذ العشور عليھا ) الضرائب( ،وابرز المذاھب في القضية رأيان : 1ـالرأي األول :وھو رأي الجمھور :من المالكية والحنبلية وبعض الشافعية أن يؤخذ العشر من الحربيين سواء اشترط سابقا أم ال ؟ وسواء كانوا يأخذون من تجارنا أم ال . -2الرأي الثاني :وھو رأي الحنفية :وھو مبدأ المعاملة بالمثل .أي :نأخذ منھم بقدر ما يأخذون منا فإن لم يأخذوا منا ال نأخذ منھم . أدلة الجمھور القائلين بأخذ العشر : -1روى عمر أنه بعث أنس بن مالك رضي ﷲ عنه مصدقا في العشور فقال أنس :يا أمير المؤمنين تقلدني في المكس في عملك ؟ فقال له عمر رضي ﷲ عنه :قد قلدتك ما قلدني رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،قلدني أمور العشور ،وأمرني ان آخذ من المسلم ربع العشر ،ومن الذمي نصف العشر ،ومن الحربي العشر كله )] (1انظر المغني 8ص .[518 قال الشعبي فيما روى البيھقي (1):اول من وضع العشر في االسالم عمر ]منتخب كنز العمال من مسند احمد : ص ، 3012االموال ص .[534 -2وعن زياد بن حدير قال :استعملني عمر على العشر ؛ فأمرني ان آخذ من تجار اھل الحرب العشر ،ومن تجار أھل الذمة نصف العشر ومن تجار المسلمين ربع العشر )] (1آثار الحرب نقال عن األموال ألبي عبيد ص 533ونيل األوطار .[63/8قال ابن قدامة )] (2المغني البن قدامة .[63/8فأخذ عمر من تجار الحربيين ، واشتھر ذلك فيما بين الصحابة وعمل به الخلفاء الراشدون بعده في كل عصر من غير نكير ،فاي إجماع اقوى من ھذه ؟ ولم ينقل انه شرط ذلك عليھم عند دخولھم وال يثبت ذلك بالتخمين من غيرنقل ،وألن مطلق االمر يحمل على المعھود في الشرع ،وقد استمر اخذ العشر منھم في زمن الخلفاء الراشدين فيجب أخذه . أدلة الحنفية : وأما الحنفية فقد استدلوابما يلي : -1كتب أبو موسى االشعري الى عمر بن الخطاب :أن تجارا من قبلنا من المسلمين يأتون أرض الحرب فيأخذون منھم العشر قال :فكتب اليه عمر ،خذ منھم كما يأخذون من تجار المسلمين )](3شرح السير الكبير .[284/4 -2عن أبي مجلز قال :قالوا لعمر كيف نأخذ من أھل الحرب اذا قدموا علينا ؟ قال كيف يأخذون منكم اذا دخلتم اليھم ؟ قالوا العشر .قال فكذلك خذوا منھم .فھذا ھو ضابط المعاملة بالمثل )] (4أثار الحرب 529نقال عن أحكام أھل الذمة البن القيم ص.[169 الرأي الراجح عندنا : نحن نرى أن ھذا االمر من السياسة الشرعية التي يرجع تقريرھا الى اولي االمر -أمير المؤمنين ،وھو يقدر المصلحة الراجحة ،ويعمل بھا فيما يعود بالنفع لالسالم والمسلمين .ولذا فإننا نرى أن مذھب الحنفية يعطي لألمر مرونة ويجعل ولي األمر في سعة أن يتخذ القرار المناسب للمسلمين .وال يجعله مقيدا بالعشر فا لبالد قد تحتاج الى المواد الغدائية أو المعادن أو المصنوعات ،فيكون لولي األمر الحرية في إعفاء تجارة الحربيين من الضرائب والعشور .وھذا الرأي كذلك ذھب اليه الحنبلية والمالكية الذين يرون بوجوب أخذ العشر ،فقد اضطروا أحيانا أن يفتوا بمخالفة أخذ العشربالنقصان أو الزيادة أو اإلعفاء كليا إذا كانت بالد المسلمين بحاجة الى التجارة . فقد روى ابن عمر قال )كان عمر يأخذ من النبط من الزيت والحنطة نصف العشر لكي يكثر الحمل الى المدينة ويأخذ من القطنية العشر ( )] (1آثار الحرب 533نقال عن نيل األوطار 63/8األموال 533والنبط: النصارى ،والقطنية :الحبوب والثياب[. قال بن قدامة في المغني )225/8وھذا األثر يدل على أنه يخفف عنه اذا رأى المصلحة فيه وله الترك أيضا إذا رأى المصلحة ( . وقال العدوي من المالكية) ال يؤخذ على حمل الطعام الى الحرمين وماواالھما اكثر من نصف العشر وذلك لإلغراء بتكثير حمله الى ھذه البقاع مع شدة حاجة أھلھا( )](2انظر المغني البن قدامة .[522/8 وقال الماوردي من الشافعية )] (3الشرح الصغير ) .[417/1إذا رأى اإلمام أن يسقط عن أھل الحرب تعشير أموالھم بحادث اقتضاه نظرا لجدب أوقحط أو لخوف من قوة تجددت لھم جاز إسقاطه عنھم(. نصاب التجارة التي يؤخذ منھا العشور : اختلف الفقھاء في المقدار الذي يؤخذ عليه العشور ) الضرائب( أله نصاب ال يؤخذ من المقدار الذي يقل عنه - كالزكاة -أم يؤخذ من قليلھا وكثيرھا ؟ -1مذھب الشافعية والمالكية الى انه :ال نصاب للتجارة التي يؤخذ عليھا العشور . -2ومذھب الحنفية والحنبلية :الى انه لھا نصاب . فقال الحنفية :نصابھا نصاب الزكاة ) 20دينارا ذھبا أو مائتا درھم من الفضة(. وقال الحنبلية :نصابھا نصف نصاب الزكاة . وأرجح األقوال قول الحنابلة ،ألنھم اعتمدوا على نص منقول عن عمر ،فقد استدل الحنابلة في تحديد النصاب بمائة درھم بما فسر به عمر بن عبد العزيز قول عمر بن الخطاب في كتابه الى زريق بن حيان ) :من مر بك من أھل الذمة فخذ مما يديرون في التجارات من كل عشرين دينارا دينارا ،فما نقص فحساب ذلك حتى تبلغ عشرة دنانير ،فإن نقصت ثلث دينار فال تأخذ منه شيئا ( . قال أبو عبيد في )األموال ): (37فعشرة دنانير انما ھي معدولة بمائة درھم في الزكاة وھو عندنا تأويل حديث عمر بن الخطاب مع تفسيرعمر بن عبد العزيز ،وال يوجد في ھذا مفسر ھو أعلم منه ،وھو قول سفيان الثوري(. العشر يؤخذ مرة واحدة في العام : يرى جمھور الفقھاء ان العشر ال يؤخذ من تجارة الحربي أو الذمي ،اال عند دخول البضاعة البلد كما ھو الحال في )مصلحة الجمارك الحدودية( .فالتاجر الذي يدخل البضاعة يدفع ضريبتھا )عشرھا أو نصف عشرھا( ثم يعطى التاجر ايصاال بھذا وال يدفع عليھا شيئا أثناء تنقله بھا في دار االسالم . وال يؤخذ العشر اال مرة واحدة في السنة :وقد قاس بعضھم ھذا الحكم على الزكاة .وقد روى البيھقي عن زياد بن حدير :أن أباه كان يأخذ من نصراني في كل سنة مرتين فأتى عمر بن الخطاب فقال :يا أمير المؤمنين إن عاملك يأخذ مني العشر في السنة مرتين فقال عمر :ليس ذلك له ،انما له في كل سنة مرة ثم أتاه فقال :انا الشيخ النصراني .فقال عمر :أنا الشيخ الحنيف قد كتبت لك في حاجتك )](1منتخب كنز العمال من مسند أحمد 201/2األموال ..[538 البضائع التي يؤخذ عليھا العشر : يؤخذ العشر أو نصفه على كل تجارة تدخل البلد ،حتى الخمر والخنزير اذا سمحت الدولة االسالمية بإدخالھا للنصارى فإنھا تعش ر ولكن ال يؤخذ العشر من أعيانھا وانما تق وم ويؤخذ العشر من أثمانھا نقدا .وھذا رأي الشافعية وأبي يوسف والمالكية ورأى للحنبلية )](1أنظر آثار الحرب 536نقال عن اإلمام 125/4الخراج ألبي يوسف 133الشرح الصغير .[316/1فقد روي عن عمر )ولو ھم بيع الخمر والخنزير بعشرھا( .قال أبو عبيد ومعنى قول عمر رضي ﷲ عنه )ولو ھم بيعھا وخذوا أنتم الثمن( ](2) .االموال ص 50والمغني .[520/8 وقد كان المسلمون يأخذون الخمر والخنزير جزية على الرؤوس ثم يبيعھا المسلمون فاعترض عمر على ذلك ، وكذلك بالل رضي ﷲ عنھم ،أما غير الخمر والخنزير والميتة فقد يؤخذ العشر من عينھا أو من ثمنھا . الفرق بين تعشير الذمي والحربي )](3أنظر آثار الحرب 546نقال عن الخراج 133وحاشية الدسوقي 175/2 المغني .[519/8 1ـالذمي يؤخذ منه نصف العشر واما الحربي فيؤخذ منه العشر 2ـالذمي يؤخذ منه نصف عشر ثمن بضاعته التي باعھا ،أما الحربي فيؤخذ منه عشر ثمن بضاعته عند دخول بالدنا باع أم لم يبع . 3 -لو كان الذمي مدينا وأثبت دينه فإنه يوضع عنه نصف العشر أما الحربي فال يصدق ،ويؤخذ منه العشر ولو أثبت أنه مدين . آداب الجھاد منع المثلة والتشويه إن االسالم دين يترفع عن الدنايا وعن األعمال الخسيسة وعن األحقاد الصغيرة التي تبرز في االنتقام من جثث الموتى .حتى أن سدنة الجاھلية كانوا يترفعون عن ھذا الفعل وإذا حصل فإنھم يتبرأون منه ،فقد قال أبو سفيان بعد معركة أحد مخاطبا المسلمين :انكم ستجدون في القوم مثلة ولكني لم آمر بھا ولم تسؤني ( رواه البخاري/العيني103 / وقد اختلف الفقھاء حول المثلة على رأيين :ـ 1ـالرأي األول :رأي الحنفية والحنبلية الذين ال يجيزون المثلة ابتداء ولكنھم يجيزونه اذا كان من قبيل الجزاء والمعاملة بالمثل . -2الرأي الثاني :رأي الشافعية والمالكية :بكراھة المثلة أو تحريمھا ،سواء كانت مبتدأة أو معاملة بالمثل . تعريف المثلة : جاء في تھذيب اللغات للنووي )يقال مث ل بالقتيل والحيوان تمثل مثال بالتخفيف في الجميع كقتل يقتل قتال ؛ إذا قطع أطرافه وأنفه أو أذنه أو مذاكيره ونحو ذلك ،واالسم :المثلة قالوا :واما مث ل بالتشديد فھو للمبالغة .قال الباجي :يريد العبث في قتلھم بقطع األيدي ،واألرجل ،وفقء العين ،وقطع اآلذان ،وانما يقتل من أسرمنھم بضرب الرقاب( ]أو جز المسالك .[239 /8 وقد استدل الحنفية والحنبلية على رأيھم بحديث العرنيي ن في الصحيحين )](1العيني /البخاري 86/والذود :من ثالثة الى العشرة من االبل[ .عن انس بن مالك رضي ﷲ عنه ) ان رھطا من عكل ثمانية قدموا على النبي صلى ﷲ عليه وسلم فاجتووا المدينة فقالوا :يا رسول ﷲ ابغنا رسال ،قال :ما أجد لكم اال ان تلحقوا بالذود ، فانطلقوا ،فشربوا من أبوالھا وألبانھا حتى صح وا وسمنوا ،وقتلوا الراعي واستاقوا الذود ،وكفروا بعد اسالمھم ،فأتى الصريخ النبي صلى ﷲ عليه وسلم فبعث الطلب فما ترجل النھار حتى أتي بھم ،فقطع أيديھم وأرجلھم ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلھم بھا وطرحھم بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا ؛ قال ابو قالبة: قتلوا وسرقوا وحاربوا ﷲ ورسوله صلى ﷲ عليه وسلم وسعوا في االرض فسادا » . قال الكرماني : (انه صلى ﷲ عليه وسلم فعل بھم مثل ما فعلوا بالراعي من سمل العين ونحوه .ويؤول )ال تعذبوا بعذاب ﷲ ( بما إذا لم يكن في مقابلة فعل الجاني في الحديثين لموضع النھي والجزاء .واستدل منه النجاري أنه لما جاز تحريق أعينھم بالنار ولو كانوا لم يحرقوا أعين الرعاء انه أولى بالجواز في تحريق المشرك اذا احرق المسلم () ] (1العيني/البخاري [87/أما أنھا من قبيل المقابلة بالمثل فقد روى مسلم عن أنس )انما سمل النبي صلى ﷲ عليه وسلم أعين العرنيين ألنھم سملوا أعين الرعاة ( وقد قام ھذا الفريق بالجمع بين احاديث النھي عن المثلة وبين حديث العرنيين ولم يعتبروا حديث العرنيين منسوخا . ادلة الشافعية والمالكية يستدلون بحديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال :كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم اذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه ...اغزوا وال تغلوا وال تغدروا وال تمثلوا وال تقتلوا وليدا ( رواه البخاري وروى البخاري )نھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن المثلة( والبيھقي )كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينھانا عن المثلة ( . وقد اعتبر ھذا الفريق من الفقھاء أحاديث النھي عن المثلة ناسخة لحديث العرنيين . قال ابن سيرين :بعد ذكر حديث العرنيين -إن ذلك قبل أن تنزل الحدود وقال سعيد بن جبير بعد ذكر حديث العرنيين فما مثل رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قبل وال بعد ونھى عن المثلة وقال :ال تمثلوا بشيء . الترجيح نحن نرجح مذھب الشافعية والمالكية بمنع المثلة ألنه يتمشى مع القواعد العامة لالسالم ويتفق مع الروح التي تسري في تعاليم ھذا الدين وقد ورد عن الزھري : )لم يحمل الى النبي صلى ﷲ عليه وسلم رأس قط وحمل الى أبي بكر رأس فأنكره وأول من حملت إليه الرءوس عبد ﷲ بن الزبير يوضحه ما روى البيھقي وعبد الرزاق عن عقبة بن عامر أن شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص بعثا بريدا الى أبي بكر الصديق رضي ﷲ عنه برأس ؛ين اق» فقال :اتحملون الجيف الى مدينة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ؟ قلت :يا خليفة رسول ﷲ إنھم يفعلون بنا ھكذا ،قال :ال تحملوا إلينا منھم شيئا( )](1سنن البيھقي 132/9منتخب كنز العمال من مسند أحمد .[323/2فقول أبي بكر رضي ﷲ عنه :يدل على منع المثلة وان كان من قبيل المعاملة بالمثل . التحريق بالنار : اختلف السلف في التحريق :ـ -1فكره ذلك عمر وابن عباس رضي ﷲ عنھم وغيرھما مطلقا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو قصاصا . -2وأجازه علي وخالد رضي ﷲ عنھما . وقد استدل الفريق األول :بحديث أبي ھريرة رضي ﷲ عنه أنه قال ) :بعثنا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في بعث فقال :ان وجدتم فالنا وفالنا فاحرقوھما في النار( )] (1رواه البخاري/فتح الباري .[112/6 وفالنا وفالنا ھما :ھب ار بن االسود ونافع بن عبد قيس ،وكانا قد نخسا بعير زينب بنت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أثناء ھجرتھا ،فأسقطت ،ومرضت ،وآخر الحديث في البخاري )...ثم قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حين أردنا الخروج :إني أمرتكم ان تحرقوا فالناوفالنا ،وان النار ال يعذب بھا اال ﷲ فإن وجدتموھما فاقتلوھما(. 2ـومما استدلوا به أيضا حديث عكرمة ) :أن عليا رضي ﷲ عنه حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال :لو كنت أنا لم احرقھم ألن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال :ال تعذبوا بعذاب ﷲ () ] (1فتح الباري .[113/6 أما أدلة الفريق الثاني : فھو كما قال المھلب :ھذا النھي ليس على التحريم بل على سبيل التواضع ،ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة وقد سمل النبي صلى ﷲ عليه وسلم أعين العرنيي ن بالحديد المحمى ،وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة ،وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أھل الردة . واكثرعلماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب . وأجاز الحنفية تحريق الحصون بالنار وان كان فيھا مسلمون . قال السرخسي)] (1انظرالمبسوط ) .[64/01وال بأس بارساله الماء الى مدينة أھل الحرب ،واحراقھم بالنار ، ورميھم بالمنجنيق ،وان كان فيھم أطفال أو ناس من المسلمين ...فقد نصب النبي صلى ﷲ عليه وسلم المنجنيق على الطائف ،واحرق قصر عوف بن مالك ) وال يمتنع تحريق حصونھم بكون النساء والولدان فيھا ،وكذلك ال يمتنع تحريقھم بكون األسير المسلم فيھا ولكن يقصدون المشركين ()(1أنظر المبسوط .[32/01 رأينا في التحريق : نحن نرى منع التحريق بالنار إذا استطعنا أن نقتلھم بطريقة أخرى ،ألن األحاديث الواردة تقتضي الكراھة أو التحريم ،ھذا إذا كانوا في قبضتنا وبإمكاننا قتلھم بالسيف . أما إذا كانوا في مدينة ممتنعة ،أوحصن حصين ،أو مركب في بحر ،ونحن نريد أن نقتلھم من بعيد ،فال بأس من استعمال النار للحريق والقتل . وفي االصول :إذا تعارض النھي مع اإلباحة قدم النھي ،فھنالك أحاديث في النھي وھنالك حديث العرنيين يبيح فيقدم النھي على االباحة ،كما يقدم الحرام على الواجب والمندوب والمباح ،ويقدم المكروه على المباح والمندوب . قال الشافعي)] (1األم للشافعي ) .[162 /4وإذا أسر المسلمون المشركين فأرادوا قتلھم ،قتلوھم بضرب األعناق ولم يجاوزوا ذلك الى أن يمثلوا بقطع يد ،والرجل ،وال عضو ،وال مفصل ،وال بقر بطن ،وال تحريق ،وال تفريق ،وال شيء يعدو ماوصفت الن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نھى عن المثلة وقتل من قتل كما وصفت ( . دفن جيف المشركين وعدم أخذ اثمان جيفھم . وھذا باب في البخاري )] (2العيني /البخاري 251 /وفتح الباري .[217/6 ومن آداب الجھاد دفن جيف أجساد القتلى من المشركين ،واذا أرادوا أخذھا ودفع ثمنھا فاألولى عدم أخذ الثمن .فقد ألقى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم جثث زعماء قريش يوم بدر في القليب ،وحفر لبني قريظة الخنادق عند قتلھم . وقد ذكر ابن اسحق في المغازي أن المشركين سألوا النبي صلى ﷲ عليه وسلم أن يبيعھم جسد نوفل بن عبد ﷲ بن المغيرة وكان اقتحم الخندق فقال النبي صلى ? عليه وسلم )الحاجة لنا بثمنه وال جسده( فقال ابن ھشام :بلغنا عن الزھري انھم بذلوا فيه عشرة آالف ( )] (2المبسوط للسرخسي ) .[128/01عن بيع جيف الكفار ،قال أبو يوسف :قال أبو حنيفة :ال بأس به في دار الحرب ،قال أبو يوسف :أكره ذلك وأنھى عنه(. النھي عن السفر بالمصحف الى أرض الكفار فقد روى البخاري عن عبد ﷲ بن عمر رضي ﷲ عنھما ) :أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم نھى أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو( )] (1فتح الباري .[100/6 قال مالك :وانما ذلك لمخافة أن يناله العدو . واختلف الفقھاء في حكم السفر بالقرآن الى أرض الكفار على أقوال: 1ـفذھب الشافعية والحنفية والبخاري :الى جواز السفر بالقرآن إذا أمنا على المصحف من االستھانة واالستخفاف من قبل الكافر . قال النووي ) فيه النھي عن السفر بالمصحف الى أرض الكفار للصلة المذكورة ،وھي مخافة أن ينالوه فينتھكوا حرمته ،فإذا أمنت ھذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاھرين عليھم فال كراھة وال منع عنه حينئذ لعدم العلة ھذا ھو الصحيح ( . -2وذھب مالك وأصحابه الى عدم الجواز مطلقا . ونحن نرجح المذھب األول :القائل بالجواز إذا أمن االستخفاف بالمصحف ونقول :لم تكن المصاحف مطبوعة بھذا الشكل وھذا الحجم الصغير الذي يوضع في الجيب الصغير ،ويحفظ ويؤمن عليه .ونقول كذلك :كيف يمكن للمسلم أن يسافر الى بالد الكفر دون أن يكون معه زاده )الكتاب والسنة( . وإني ألعجب من الشاب المسلم الذي أسأله في أرض المعركة أين مصحفك فيقول نسيته في بيشاور .إن ھذا الجواب يھزني .كيف بامكان المسلم أن يعيش دون كتاب ربه في أرض الرباط سنة أو أكثر أو أقل ،دون أن يكون معه حبيبه الذي به يترنم ويتنعم ويأنس ويفرح ؟ ! أمر عجيب غريب ال تحتمله نفسي . بيع القرآن للكافر ال خالف في تحريم بيع المصحف للكافر حتى ال يستھين به . إھداء القرآن للكافر قال الباجي )المالكي( ولو أن أحدا من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره ،لم يرسل إليه ألنه نجس جنب ال يجوز له مس المصحف ] (1) .أوجز المسالك الى موطأ مالك . [218/8 كتابة رسالة لكافر فيھا آيات قرآنية أما ھذه فال خالف في جوازھا ألن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كتب الى ھرقل )يا أھل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء . (.... ومن آداب الجھاد منع قتل الضعفاء )غير المقاتلة( لقد شرع االسالم القتال لتحطيم الحواجز أمام الدعوة االسالمية ،سواء كانت ھذه الحواجز عقبات سياسية ،أو عسكرية ،أو اقتصادية ،أو اجتماعية . ولذا فإننا نرى في التوجيھات النبوية الكريمة للغزاة ما يحرم قتل النساء والولدان في روايات كثيرة والسبب أنھم ال يقاتلون واتفق الجميع -كما قال ابن بطال وغيره -على منع القصد الى قتل النساء والولدان ،أما النساء فلضعفھن ،وأما الولدان فلقصورھم عن فعل الكفر ،ولما في استبقائھم جميعا من االنتفاع بھم )](1فتح الباري .[111/6 وقد روى الطحاوي عن تسعة أناس من الصحابة ؛ النھي عن قتل النساء والصبيان )](2العيني /البخاري .[80/15 قال النووي ] (3) :النووي /مسلم .[48/12 أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا ،فإن قاتلوا ؛ قال جماھير العلماء :يقتلون . القاعدة )من قاتل يقتل( القاعدة من قاتل يقتل ولو كان امرأة أو راھبا أو خادما . فقد ورد النھي عن قتل النساء والولدان في الصحيحين بروايات كثيرة ،ھذا في الحاالت العادية ،منھا حديث ابن عمر رضي ﷲ عنھما قال ) :وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فنھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان( )](4المصادر الثالثة السابقة[. أما إذا قاتلت المرأة فإنھا تقتل عند جمھور الفقھاء ،فقد قتل صلى ﷲ عليه وسلم امرأة يھودية يوم قريظة ألنھا ألقت رحى على محمود بن مسلمة ،وقتل الزبير بن باطا يوم االحزاب ،وكان أعمى لمظاھرته على المسلمين مع قومه . أما المالكية فإنھم بالغوا كثيرا في حقن دم المرأة ولو شاركت في القتال بالصياح أو الحراسة علي االسوار كما قال الباجي وابن سحنون ] (5) .أوجز المسالك .[222/8 واستدل المالكية بعدم قتل المرأة ولو شاركت في الصياح ضد المجاھدين بالحديث الذي رواه مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ) :نھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم الذين قتلوا بن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان ،قال :فكان رجل منھم يقول :برحت بنا امرأة ابن أبي الحقيق بالصياح فأرفع السيف ،ثم أذكر نھي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فأكف ولوال ذاك السترحنا( ]أوجز المسالك . [220/8 ومعنى برح به :شق عليه ،وبرح الخفاء إذا ظھر . والرأي الراجح الذي نميل اليه :أنھا إن شاركت في القتال برأي ،أو صياح ،أو حراسة ،فإنھا تقتل ،وھذا رأي الشافعية . قتل األجير والفالحين الذين يعملون في أراضيھم يرى بعض الفقھاء أن األجير ال يقتل ألنه ال يتدخل في الحرب ،وكذلك الفالحون الذين ال صلة لھم بھذه االمور وال يشاركون ال برأي وال بيد ،وقد استدلوا برواية أبي داود والنسائي وابن حبان لحديث رباح بن الربيع أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال ) :كنا مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين ،فرأى امرأة مقتولة ،فقال :ما كانت ھذه لتقاتل ...فقال ألحدھم :إلحق خالدا فقل له ال تقتل ذرية وال عسيفا ( ]فتح الباري .[111/6 والعسيف :ھو األجير وزنا ومعنى . وقد روى االمام أحمد والبيھقي )نھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن قتل الوصفاء -العبيد -والعسفاء ( . أما الفالحون فقد جاء في كتاب عمر ) اتقوا ﷲ في الفالحين فال تقتلوھم اال أن ينصبوا لكم الحرب ( البيھقي 91/9وكذلك التجار فقد روى البيھقي ) كان أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ال يقتلون تجار المشركين ( البيھقي 99/9 قتل الرھبان يرى جمھور الفقھاء -عدا الشافعية -أن الراھب المعتزل في صومعته ،وال يختلط بالناس فإنه ال يقتل . وأما الشمامسة )كبار القوم وأئمة الكفر( فإنھم يقتلون ألن النصارى يصدرون عن آرائھم غالبا . وكذلك يقتل القسيس الذي في الكنيسة ويختلط مع الناس . أما الشافعية :فيرون قتله على كل حال ألنھم يقتلون ماعدا النساء والولدان الذين خصصھم النص عن اآلية الكريمة )فاقتلوا المشركين (.... ويستدل للشافعية بحديث رواه احمد ،وابو داود والترمذي وصححه عن سمرة بن جندب أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قال ) :اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخھم ( ]الترمذي .[399/2 واستدل الجمھور بأحاديث رواھا أحمد والبيھقي عن ابن عباس رضي ﷲ عنھما )ال تقتلوا أصحاب الصوامع(. وبوصية أبي بكر ليزيد بن أبي سفيان رضي ﷲ عنھم )انك ستجد قوما زعموا أنھم حبسوا أنفسھم ? ،فدعھم وما حبسوا أنفسھم له ،وستجد قوما فحصوا من أوساط روؤسھم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف( )] (1أوجز المسالك .[277/8 ومعنى زعموا أنھم حبسوا أنفسھم ? :قال الباجي المالكي ):يريد الرھبان الذين حبسوا أنفسھم عن مخالطة الناس ،وأقبلوا على ما يد عون من العبادة ،وكفوا عن معاونة أھل ملتھم برأي ،أو مال ،أو حرب ،أو اخبار فھؤالء ال يقتلون سواء كانوا في صوامع أو ديارات )أديرة( أو غيران -مغاور -أما رھبان الكنائس فقال ابن حبيب المالكي يقتلون ألنھم لم يعتزلوا أھل ملتھم ( وال يسبى الرھبان وال يخرجون من صوامعھم بخالف الشافعي في قوله يسبون ويسترقون( )] (1أوجز المسالك .[277/8 وفي المبسوط )] (1المبسوط ) .[ (127/10عن قتل الضعفاء )قال أبو يوسف سألت أبا حنيفة عن قتل النساء ، والصبيان ،والشيخ الكبير الذي ال يطيق القتال ،والذين بھم زمانة ال يطيقون القتال ،فنھى عن ذلك وكرھه. وعن قتل الرھبان :قال أبو يوسف ومحمد ورواية الس ير الكبير عن أبي حنيفة :ال يقتلون. وفي رواية :قال أبو يوسف :سألت أبا حنيفة عن أصحاب الصوامع ،والرھبان ،فرأى قتلھم حسنا وقال ھؤالء أئمة الكفر . والجمع بين روايتي أبي حنيفة :الخلطة مع الناس .فمن اختلط يقتل ومن لم يختلط ال يقتل ( قال ابن عابدين :وفي الس ير الكبير :ال يقتل الراھب في صومعته ،وال أھل الكنائس الذين ال يخالطون الناس ،فإن خالطوا قتلوا كالقسيس . ومعنى )فحصوا عن أوساط رءوسھم من الشعر( فحصوا :كشفوا أوساط رءوسھم بالحالقة وھم الشمامسة )رؤساء النصارى جمع شماس( فاضربواما فحصوا عنه بالسيف :اقتلوھم . مال الراھب : روى ابن نافع عن مالك في الراھب له الغ ن ي م ة )الغنم القليل( والزرع في أرض الروم ،أنه ال يعرض له وذلك يسير وال يعرض لبقره وال لغنمه إذا عرف أنھا له وقال سحنون :معنى قول مالك إذا كان قليال قدر عيشه ،واما ماجاوز ذلك فال يترك له .ومعنى قول سحنون :الن في استئصال ماله قتل له أو إنزاله عن موضعه وھذا غير جائز )] (1أوجز المسالك .[228/8 متى يرفع الحرج في قتل النساء والصبيان والضعفاء يرفع الحرج ويزول االثم إذا قتل الضعفاء في حالتين : 1ـحالة الغارات والقصف الثقيل :بالھاون والمدافع ،على المدن ،والمعسكرات ،والقرى ،والتجمعات الكافرة .وھذا رأي جمھور الفقھاء ؛ استنادا الى حديث البخاري عن الصعب بن جثامة رضي ﷲ عنه قال )مر بي النبي صلى ﷲ عليه وسلم باألبواء أو بودان فسئل عن أھل الدار يبي تون من المشركين ،فيصاب من نسائھم وذراريھم قال :ھم منھم () ] (1فتح الباري . 111[/ 6 ومعنى يبي تون :أي يھجم عليھم أثناء البيات في الليل ،والرجال مختلطون بالنساء والولدان قال ھم منھم :ال يعني جواز قتلھم قصدا وانما حكمھم كحكم آبائھم :في رفع اإلثم ،ونفي الحرج ،إذا لم نستطع الخالص والوصول الى آبائھم اال بقتلھم . وقد جمع الفقھاء بين ھذا الحديث وحديث ) النھي عن قتل النساء والولدان ( بأن اإلثم رفع في ھذه الحالة بسبب اختالطھم وال يكلف ﷲ نفسا اال وسعھا والطاعة على قدر الطاقة . وفي حالة )النھي عن قتلھم( عندما ينفردون عن بعضھم ويمكننا عدم قتلھم عند قتل آبائھم ؛ فھنا يحرم قتلھم إذا كانوا أسرى بقبضتنا وتحت أيدينا . 2ـحالة التترس :الحالة الثانية التي يرفع فيھااإلثم والحرج في قتل الضعفاء :إذا اتخذ الكفار أطفالھم ،ونساءھم ،أو أسرى المسلمين ترسا )سدا( أمامھم يتقون به من ضربات المسلمين . وقد نص جمھور الفقھاء على أنه يجوز رمي ھذا الترس المكون من مجموعة ال يجوز قتلھا وال قتالھا إذا انفردت .فدماء أسرى المسلمين حرام وال يجوز قتلھم وكذلك أطفال الكفار .وفي ھذه الحالة يقصف الكفار ونقصد قتلھم دون قتل من ح رم قتلھم .فإن قتل بعض ھؤالء فال إثم على المجاھدين وال حرج ؛ ألن ھؤالء غير مقصودين . وقد عجبت لإلمام مالك واالوزاعي :أنھما يخالفان اتفاق األغلبية من الفقھاء فقد قاال ) :ال يجوز قتل النساء والصبيان بحال ،حتى لو تترس أھل الحرب بالنساء والصبيان ،أو تحصنوا بحصن أو سفينة ،وجعلوا معھم النساء والصبيان ؛ لم يجز رميھم وال تحريقھم( ]أوجز المسالك .[224/10 ولعل مالكا يرى أن حديث الصعب منسوخ ،فقد أشار الزھري الى نسخ حديث الصعب بن جثامة ،فقد أخرج أبو داود رواية الصعب عن طريق الزھري وذكر في آخره قال الزھري :ثم نھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان . ورأي الجمھور ھو األرجح ألنھم يجمعون بين الحديثين .وقد أوصى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوم الفتح بمجموعة من الكفار بالقتل فقال) :اقتلوھم ولو وجدتموھم معلقين بأستار الكعبة ( منھم جاريتان لعبد المطلب ( . - 3الحالة الثالثة :التي يقتل فيھا ھؤالء الضعفاء ولو انفردوا واستقلوا إذا شاركوا في المعركة برأي أو فعل أومال : فقد ثبت في الصحيحين أن دريد بن الصمة قتل وعمره مائة وعشرون عاما وھو أعمى ،ألنه شارك في غزوة حنين برأيه ونصحھم أن يرجعوا النساء والولدان ،فأبى عليه القائد مالك بن عوف .فقتله أبو عامر االشعري بعد النصرفي حنين وأوطاس . وقتل المسلمون اليھودية التي قتلت محمود بن مسلمة بإلقاء الرحى عليه يوم قريظة . قال النووي ) :أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا فإن قاتلوا ،قال جماھير العلماء : يقتلون(. رأينا في المسألة نحن نرى أن المالكية قد تشددوا كثيرا في منع قتل النساء والولدان والعجزة والرھبان حتى في حالة التترس ، فقد وقف المالكية على طرف نقيض لموقف الشافعية الذين أباحوا قتل الرھبان وكبار السن وكل من عدا النساء والولدان . ونحن نرى كما يرى الحنفية في جواز قتل ھؤالء جميعا إن اختلطوا في حالة التترس والغارات .ونرى عدم قتلھم جميعا إذا انفردوا عن المقاتله.ألن الصلة في القتل ھي المقاتلة :فمن كان من الكفار ذا قدرة علي القتال قاتلناه ،ولذا فإنا نرى الحنفية ينصون في باب الجزية أن ھؤالء جميعا ال تؤخذ منھم الجزية النھم ليسوا أھل القتال . قال الجصاص )] (1أنظر أحكام القرآن للجصاص ) .[289/4ولذا قال أصحابنا :إن لم يكن من أھل القتال فال جزية عليه فقالوا :من كان أعمى ،أو زمنا ،أو مفلوجا ،أو شيخا كبيرا فانيا وھو موسر ،فال جزية عليه . وھو قولھم جميعا في الرواية المشھورة ..وكذلك النساء والصبيان ال جزية عليھم إذ ليسوا من أھل القتال ... كتب عمر الى أمراء الجيوش أن ال يقاتلوا اال من قاتلھم (. والحق أن رأي الحنفية في ھذا الباب راجح واضح . أما الشافعية :فإن العلة في القتل ھي الكفر ألن ﷲ عزوجل يقول )فإذا انسلخ االشھر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموھم ( وال يخصص من ھذا العموم اال النساء والصبيان وما عدا ھؤالء يقتلون . وأما الرھبان فكذلك نأخذ برأي الحنفية وھو رأي الجمھور :أن الراھب الذي ال يخالط الناس ال يقتل ،أما القساوسة الذين يخالطون الناس فيقتلون وأما الشيخ الھرم فكذلك نأخذ برأي الحنفية وھو رأي الجمھور من المالكية والحنبلية أن ال يقتل :قال الباجي المالكي في شرح وصية أبي بكرليزيد بن أبي سفيان رضي ﷲ عنھم ) :يريد الشيخ الھرم الذي بلغ من السن ما ال يطيق القتال ،وال ينتفع به في رأي ،وال مدافعة ،فھذا مذھب جمھور الفقھاء أن ال يقتل ،وبه قال أبو حنيفة ،ومالك ،وللشافعي قوالن :احدھما مثل قول الجماعة ،والثاني يقتل ،والدليل لما نقوله ،قول أبي بكر رضي ﷲ عنه وال مخالف له فثبت أنه إجماع () ](1أوجز المسالك .[231/8 واالدلةوالعقل بجانب الحنفية في ھذا الموضوع ،وإن النفس لتشمئز من قتل شيخ كبير في السبعين من عمره ، أو قتل راھب منعزل عن الحياة والناس .فكيف إذا كانت النصوص تدعم ھذا الرأي . قطع الشجر وتدمير البنيان ذھب جمھور الفقھاء من المالكية والشافعية والحنفية الى جواز ذلك .ألن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم قطع بعض نخيل بني النضير ،وبعض أعناب الطائف ،وبعض نخيل خيبر ،ونصب المنجنيق على الطائف ، وأرسل أسامة بن زيد الى أبنى وقال له ) :غر على أبنى صباحا وحر ق ( . قال الباجي : )أما ما كان من البالد مما يرجى أن يظھر عليه المسلمون فإنه ال يقطع شجره المثمر ،وال يخرب عماره ،لما يرجى من استيالء االسالم عليه وانتفاعھم به ،وما كان بحيث ال يرجى مقام المسلمين به لبعده في بالد الكفر ، فإنه يخرب عامره ويقطع شجره المثمر وغيره ،ألن في ذلك إضعافا لھم وتوھينا واتالفا لما يتقوون به على المسلمين . قال مالك : انما نھى الصد يق عن إخراب الشام ؛ ألنه علم مصيرھا للمسلمين . قال الشافعي في األم : )يقطع النخل ويحرق كل ما ال روح فيه ( . أما الحنابلة واألوزاعي :فقد خالفوا الجمھور في ھذا ،فقد كره أحمد تخريب العامر اال من حاجة لذلك ،قال الخرقي : )ال يقطع شجرھم ،وال يحرق زرعھم ؛ اال أن يكونوا يفعلون ذلك في بالدنا ،فيفعل ذلك لينتھوا ( . رأينا نرجح رأي الجمھور ألن كل ما فيه توھين للعدو يفعل ،إال ما ورد فيه نص بالنھي . قتل الحيوانات 1ـذھب الحنفية والمالكية الى جوازقتل حيوانات الكفار كلھا إذا عجزنا عن أخذھا ،سواء كانت مأكولة كاالنعام ) :االبل والغنم والبقر( ،أو مركوبة كالخيل والبغال والحمير ،ألن فعل كل مافيه إنھاك للعدو وإضعاف لقوته فھو جائز حتى نص المالكية :أنه يجوز قتل الحيوانات المأكولة ،واذا كان الكفار يرون جواز أكل الميتة ؛ فإنھا تحرق حتى ال يستفيدوا منھا . -2ذھب الشافعية والحنبلية :الى عدم جواز قتل أو عقر أو حرق الحيوانات التي ال نستطيع أخذھا من الكفار . واستدلوا بوصية أبي بكر رضي ﷲ عنه )وال تعقرن شاة وال بعيرا اال ألكله وفي رواية )اال لمأكله( .وقد نھى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن قتل شيء من الدواب صبرا ( . رأينا نرجح رأي الحنفية والمالكية ؛ بجواز قتل الحيوانات التي ال نستطيع إخراجھا الى بالدنا ،وذلك الن بقاءھا قوة للعدو ،فإذا كان بيع الخيول الى الكفار أثناء الحرب للبيع حرام ،فكيف نتركھا لھم بدون عوض ؟ . أبو بكر يرسم خطة الجھاد ليزيد رضي ﷲ عنھم : خطوط رئيسية في آداب الجھاد رسم أبو بكر رضي ﷲ عنه معالم واضحة ،وخطوطا واضحة في سياسة التعامل مع الكفار أثناء الجھاد ، فقد أوصى يزيد بن أبي سفيان لما شيعه ماشيا ووجھه الى الشام فقال :وإني قد وليتك ألبلوك وأجربك ،فإن أحسنت رددتك الى عملك وزدتك وإن أسأت عزلتك .فعليك بتقوى ﷲ فإنه يرى من باطنك مثل الذي يرى من ظاھرك ،وإن أولى الناس با? أشدھم توليا له ،وأقرب الناس من ﷲ أشدھم تقربا إليه بعمله . وقد وليتك عمل خالد . فإياك وعبية الجاھلية ،فإن ﷲ يبغضھا ويبغض أھلھا ،وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتھم ،وابدأھم بالخير ،وعدھم إياه ،وإذا وعظتھم فأوجز ،فإن كثير الكالم ينسي بعضه بعضا ،وأصلح نفسك يصلح لك الناس ،وصل الصلوات ألوقاتھا باتمام ركوعھا وسجودھا ،والتخشع فيھا ،وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمھم ،وأقلل لبثھم ،حتى يخرجوا من عسكرك وھم جاھلون به ،وال تري ثھم -وﷲ اعلم -فيروا خللك ، ويعلموا علمك ،وأنزلھم في ثروة عسكرك وامنع من قبلك من محادثتھم وكن أنت المتولي لكالمھم .وال تجعل سرك لعالنيتك فيخلط أمرك ،وإذا استشرت فاصدق الحديث لصدق المشورة ،وال تخزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك ،واسمر با لليل في أصحابك تأتك األخبار وتنكشف عندك األستار ،وأكثر حرسك وبددھم في عسكرك ،وأكثر مفاجأتھم في محارسھم بغير علم منھم بك ،فمن وجدته غفل عن حرسه فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط ،واعقب بينھم في الليل ،واجعل النوبة االولى أطول من األخيرة فإنھا أيسرھما لقربھا من النھار ،وال تخف من عقوبة المستحق ،وال تتجن فيھا ،وال تسرع إليھا ،وال تغفل عن أھل عسكرك فتفسده ،وال تجسس عليھم فتفضحھم ،وال تكشف عن الناس أستارھم ،واكتف بعالنيتھم ،وال تجالس العب اثين ،وجالس أھل الصدق والوفاء واصدق اللقاء ، وال تجبن فيجبن الناس ، واجتنب الغلول فإنه يقرب الفقر ويدفع النصر وستجدون أقواما حبسوا أنفسھم في الصوامع فدعوھم وما حبسوا أنفسھم له(.