You are on page 1of 12

‫اليوم الثاين‪:‬‬

‫حديثا‪ :‬ابن عمر (‪ ،)526 ،525‬وحديث‪ :‬ابن عباس (‪ )527‬ﭫ‪.‬‬


‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪2‬‬

‫ول ال َّل ِه صلى الل‬ ‫س َ‬


‫ت َر ُ‬ ‫س ِم ْع ُ‬ ‫‪َ - 525‬و َع ِن ابْ ِن ُع َم َر رضي الل عنهم َق َال‪َ :‬‬
‫ول‪« :‬إِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه َف ُصو ُموا‪َ ،‬وإِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه َف َأ ْفطِ ُروا‪َ ،‬فإِنْ ُغ َّم َع َل ْي ُك ْم‬ ‫عليه وسلم َي ُق ُ‬

‫َفا ْق ُد ُروا َل ُه» ُمتَّ َف ٌق َع َل ْي ِه‪.‬‬


‫ين»‪.‬‬ ‫َولِ ُم ْسلِمٍ‪َ « :‬فإِنْ ُأ ْغ ِم َي َع َل ْي ُك ْم َفا ْق ُد ُروا َث ََلثِ َ‬
‫ار ِّي‪َ « :‬ف َأ ْك ِم ُلوا ال ِعدَّ َة َث ََلثِ َ‬
‫ين»‪.‬‬ ‫َولِ ْل ُب َخ ِ‬

‫يث َأبِي ُه َر ْي َر َة رضي الل عنه‪َ « :‬ف َأ ْك ِم ُلوا ِعدَّ َة َش ْع َبانَ َث ََلثِ َ‬
‫ين»‪.‬‬ ‫َو َل ُه فِي َح ِد ِ‬

‫َّ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الر ِح ِ‬
‫الس ََلم‬ ‫الح ْمد ل َّله َرب ال َعا َلمي َن‪َ ،‬و َّ‬
‫الص ََلة َو َّ‬ ‫يم‪َ ،‬‬ ‫بِ ْس ِم ال َّله َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬
‫آله‪َ ،‬و َأ ْص َحابِ ِه َأ ْج َم ِعي َن‪.‬‬
‫َع َلى َنبِينَا محم ٍد‪ ،‬و َع َلى ِ‬
‫َ َّ َ‬
‫ول ال َّل ِه‬‫س َ‬‫ت َر ُ‬‫س ِم ْع ُ‬
‫(و َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر رضي ال َّله عنهم َق َال‪َ :‬‬ ‫قال رمحه اهلل‪َ :‬‬
‫ول‪« :‬إِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه َف ُصو ُموا‪.)..‬‬‫صلى الل عليه وسلم َي ُق ُ‬

‫المعول يف صيام‬
‫َّ‬ ‫ساق المصنف رمحه اهلل هذا الحديث برواياتِه؛ لبيان‪ :‬أ َّن‬
‫شهر رمضان ويف الفطر منه هو الرؤية ال الحساب‪.‬‬
‫ومن عظمة اإلسَلم وسهولتِه ْ‬
‫أن جعل أسباب وشروط العبادات‬
‫واضح ًة وميسر ًة‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪3‬‬ ‫مقرر اليوم الثاين‬

‫فمثَلً‪ :‬إذا غربت الشمس َفقدْ حان وقت المغرب‪ ،‬ورؤية غروب‬
‫الشمس يراها حتى الصغير الطفل وتراها المرأة العجوز‪ ،‬وكذلك زوال‬
‫الشمس ٌّ‬
‫كل يراها؛ فهذا من بساطة اإلسَلم وسهولته‪.‬‬
‫وكذلك صيام الشهر والفطر فيه‪ ،‬من سهولة اإلسَلم أ َّن الجميع يستطيع‬
‫ممن وهبه ال َّله حدَّ ًة يف النظر مثَلً‪.‬‬ ‫ْ‬
‫أن يرونه َّ‬
‫ومن رمحة ال َّله عز وجل أنَّه مل يجعل يف صيام رمضان وال يف عبادات‬
‫الناس ‪ -‬من الحج مثَلً ‪ -‬أنَّه مل يجعل ذلك بالحساب؛ أل َّن معرفة منازل القمر‬
‫الذين يعرفونه عىل وجه األرض ق َّلة ال يعدَّ ون َّإال باألصابع من قلتهم مع اتفاق‬
‫الحساب مجيع ًا أنَّهم يخطئون‪ ،‬وذكر اإلمجاع هذا شيخ اإلسَلم رمحه اهلل‪« :‬وال‬
‫َّ‬
‫مقرون بذلك»(‪.)1‬‬
‫زال الح َّساب ُّ‬
‫منهم من يقول مثَلً‪ :‬الشهر يدخل يوم السبت‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬يدخل‬
‫األحد؛ لخطئه يف الحساب يف ارتفاع – مثَلً ‪ -‬الهَلل يف هذا الموضع ويف‬
‫وكل ذلك مترتب عىل دوران القمر مع دوران األرض‪ ،‬فقد يحسب‬ ‫انخفاضه‪ُّ ،‬‬
‫ِ‬
‫الحاسب ويقول‪ :‬أنَّه يف الساعة الخامسة ‪ -‬مثَلً ‪ -‬يمر الهَلل هنا عند نزول‬
‫الشمس فيخطئ ويأيت الهَلل من الغد الساعة الخامسة وعشر دقائق‪ ،‬لذلك‬

‫(‪ )1‬الفتاوى الكبرى (‪.)464/2‬‬


‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪4‬‬

‫ُ ر‬
‫الع َ‬
‫ْس﴾ [البقرة‪:‬‬ ‫ك ُم‬ ‫ْس َو ََل يُر ُ‬
‫يد ب ُ‬ ‫ك ُم اليُ ر َ‬ ‫يد َ ُ‬
‫اّلل ب ُ‬ ‫ال َّله عز وجل قال‪﴿ :‬يُر ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.]185‬‬

‫والح َّساب يعرفون ذلك يتابعونه يومي ًا‪.‬‬


‫فمثَلً يقولون‪ :‬اليوم واحد محرم مثل العام الماضي الهَلل َّ‬
‫هل الساعة‬
‫الخامسة‪ ،‬ثم يقولون‪ :‬السنة هذه ُّ‬
‫يهل يف نفس الوقت لكن يختلف صيف ًا شتا ًء‬
‫وغير ذلك‪ ،‬لذلك يحصل َل ْب ٌس عندهم؛ هذا جانب‪.‬‬
‫الجانب اآلخر‪ :‬من رمحة ال َّله عز وجل ْ‬
‫أن جعل شروط أداة العبادات بما‬
‫يملكه العبد من جوارح ومل يشق عليه بأدوات ليعلم أزمان العبادة‪ ،‬فبنى‬
‫لزمه بشراء أدوات ونحو ذلك تقرب له‬ ‫المجردة ومل ي ِ‬
‫َّ‬ ‫الحكم بما يراه بعينه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ ُ َُ َر‬
‫الهَلل‪ ،‬وهذا من فضل ال َّله‪ ،‬قال سبحانه‪َ﴿ :‬ل يكل ِف اّلل نفسا إَِل وسعها﴾‬
‫[البقرة‪ْ ،]286 :‬‬
‫إن رأيت الهَلل صم‪ ،‬ما رأيته ال تصم مع اتفاق مجيع الفلكيين‬
‫سمى‬
‫عىل أنَّه حين نزول الشمس ووالدة الهَلل‪ ،‬الذي يقرب ‪ -‬هذا الذي ي َّ‬
‫تلسكوب ‪ ،-‬ال َيظهر فيه والدة الهَلل؛ َّ‬
‫ألن هذا المنظار فيه ضوء فضوء‬
‫المنظار مع ضوء الشمس يعكس فَل يرى الهَلل‪ ،‬وال يرى َّإال بالعين المجردة‬
‫فبالعين المجردة يرى‪ ،‬وبالمنظار ال يرى‪ ،‬وهذه حكمة بالغة باقية‪ ،‬لذلك قال‬
‫الن َُّّبي صىل ال َّله عليه وسلم‪( :‬إِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه َف ُصو ُموا)‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪5‬‬ ‫مقرر اليوم الثاين‬

‫قال‪( :‬إِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه) يعني‪ :‬الهَلل‪ ،‬والمقصود إذا رآه من تثبت عدالته‬
‫برؤيته ( َف ُصو ُموا)‪ ،‬ويكفي يف رؤية الهَلل ‪ -‬كما سيأيت ‪ -‬واحد يف دخول‬
‫أن تعليق الحكم هو بالرؤية ال بالحساب‪ ،‬قال‪( :‬إِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه‬ ‫الشهر؛ َّ‬
‫فدل عىل َّ‬
‫َف ُصو ُموا) بالرؤية‪.‬‬
‫طيب والفطر؟ قال‪َ ( :‬وإِ َذا َر َأ ْي ُت ُمو ُه) والدة هَلل شوال ( َف َأ ْفطِ ُروا)‪.‬‬
‫لكن إذا مل ير الهَلل يف ليلة الثَلثين فماذا نصنع؟‬
‫ال يخلو ‪ -‬يعني‪ :‬يف ليلة الثَلثين ‪:-‬‬
‫‪ -1‬إما أ ْن يرى الهَلل فنصوم ونفطر‪ ،‬نصوم بداية الشهر ونفطر يف آخر‬
‫الشهر‪.‬‬
‫‪ -2‬وإما َأن ال يرى الهَلل فماذا نصنع؟‬
‫إما أن ال نرى الهَلل لعدم إهَلله‪ ،‬أو مل نتمكن من رؤية الهَلل لوجود‬
‫سحاب ونحو ذلك‪ ،‬فما هو الحكم؟‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دخان أو‬ ‫عوائق من ٍ‬
‫غبار أو‬
‫ن ْك ِمل ثَلثين ‪ -‬سواء من شعبان‪ ،‬أو يف آخر رمضان ن ْك ِمل ثَلثين ‪.-‬‬
‫ٍ‬
‫لسحاب؛ نكمل العدَّ ة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫لصحو أو‬ ‫ْ‬
‫إن رأيناه صمنا‪ ،‬وإذا ما رأيناه‬
‫لذلك قال عليه الصَلة والسَلم‪َ ( :‬فإِنْ ُغ َّم َع َل ْي ُك ْم) يعني‪ :‬ما رأينا الهَلل‪،‬‬
‫فماذا نصنع؟ قال‪َ ( :‬فا ْق ُد ُروا َل ُه) يعني‪ :‬أتموا الشهر الذي أنتم فيه‪ ،‬إ ْن كان‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪6‬‬

‫شعبان فهو من شعبان‪ْ ،‬‬


‫وإن كان رمضان فهو من رمضان؛ وهذا مذهب‬
‫الراجح‪.‬‬
‫الجمهور من المالكية‪ ،‬الشافعية واألحناف؛ وهو َّ‬
‫والقول الثاين عند الحنابلة‪َ ( :‬فا ْق ُد ُروا َل ُه) يعني‪ :‬ضيقوا عليه‪ ،‬فيكون‬
‫الشهر تسع ًا وعشرين‪ ،‬ومن الغد نصوم‪ ،‬وهذا القول مرجوح‪.‬‬
‫لذلك المصنف رمحه اهلل ساق هذه الروايات؛ لبيان معنى‪َ ( :‬فا ْق ُد ُروا َل ُه)؛‬
‫أن المراد به التَّضييق‪ ،‬وهو قول ضعيف‪.‬‬ ‫للرد عىل من يرى َّ‬ ‫َّ‬
‫فسر معنى اإلقدار‬ ‫قال‪َ ( :‬ولِ ُم ْسلِمٍ‪َ « :‬فإِنْ ُأ ْغ ِم َي َع َل ْي ُك ْم َفا ْق ُد ُروا َث ََلثِ َ‬
‫ين») َّ‬
‫هنا وهو اإلكمال بثَلثين‪.‬‬
‫ثم قال‪َ ( :‬ولِ ْل ُب َخ ِ‬
‫ار ِّي) ليب َّين صراح ًة‪ ،‬ساق لفظ النَّبي صىل اهلل عليه وسلم‬
‫لمعنى « َفا ْقدروا َله»‪.‬‬
‫فدل عىل أن معنى «اقدروا» يعني‪ :‬أكملوا‪.‬‬ ‫ين) َّ‬ ‫قال‪َ ( :‬ف َأ ْك ِم ُلوا ال ِعدَّ َة َث ََلثِ َ‬
‫يث َأبِي ُه َر ْي َر َة رضي الل عنه) بيَّن ماذا ن ْك ِمل وإىل متى‬ ‫(و َل ُه فِي َح ِد ِ‬ ‫َ‬
‫ن ْك ِمل؟‬
‫قال‪َ ( :‬ف َأ ْك ِم ُلوا ِعدَّ َة َش ْع َبانَ َث ََلثِ َ‬
‫ين) فهذه الرواية صريح ٌة بأ َّن من مل يرى‬
‫الهَلل ي ْك َمل ثَلثين يوم ًا من شعبان‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪7‬‬ ‫مقرر اليوم الثاين‬

‫غيم فأكملنا ثَلثين‪ ،‬ويف حقيقته َّ‬


‫هل الهَلل‬ ‫ولو حال دون رؤيته َقت ٌَر أو ٌ‬
‫لكن ما رأيناه‪ ،‬ثم يف آخر رمضان رأينا الهَلل ليلة تسع وعشرين بحيث يكون‬
‫صمنا ثماني ًة وعشرين يوم ًا ماذا نصنع؟‬
‫نفطر من الغد ويكون يوم عيد ونقضي يوم ًا‪ ،‬وهذا ما أفتى به الصحابة‬
‫رضي اهلل عنهم حيث حدث ذلك يف عهد عيل بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫فا َّتفق الصحابة عىل ذلك‪.‬‬
‫هل الهَلل ونحن مل نره ن ْك ِمل العدَّ ة ثَلثين‪.‬‬
‫يعني‪ :‬حتى لو َّ‬
‫مما َس َب َق‪َّ :‬‬
‫أن المعتبر يف دخول الشهر وخروجه هو الرؤية الشرعية‪.‬‬ ‫فتب َّين َّ‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪8‬‬

‫َّاس اهل ََِل َل‪،‬‬


‫‪َ - 526‬و َع ِن ابْ ِن ُع َم َر رضي الل عنهم َق َال‪َ « :‬ت َرا َءى الن ُ‬
‫ام ِه»‬
‫َّاس بِ ِصي ِ‬
‫َ‬ ‫ول ال َّل ِه صلى الل عليه وسلم َأ ِّني َر َأ ْي ُته‪َ ،‬ف َص َام َو َأ َم َر الن َ‬ ‫س َ‬ ‫َف َأ ْخ َب ْر ُت َر ُ‬
‫ر َوا ُه َأبو َد ُاو َد‪َ ،‬و َصح َح ُه اب ُن ِحبانَ ‪َ ،‬وال َح ِ‬
‫اك ُم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫قال المصنف رمحه ال َّله‪َ ( :‬و َع ِن ابْ ِن ُع َم َر رضي الل عنهم َق َال‪َ « :‬ت َرا َءى‬
‫ول ال َّل ِه صلى الل عليه وسلم َأ ِّني َر َأ ْي ُته‪َ ،‬ف َص َام َو َأ َم َر‬ ‫س َ‬ ‫َّاس اهل ََِل َل‪َ ،‬ف َأ ْخ َب ْر ُت َر ُ‬
‫الن ُ‬
‫ام ِه» ر َوا ُه َأبو َد ُاو َد‪َ ،‬و َصح َح ُه اِب ُن ِحبانَ ‪َ ،‬وال َح ِ‬
‫اك ُم)‪.‬‬ ‫َّاس بِ ِصي ِ‬ ‫الن َ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السابق َّ‬
‫أن المعتبر يف دخول الشهر‬ ‫لما ذكر المصنف رمحه اهلل يف الحديث َّ‬
‫هو الرؤية ال الحساب؛ ب َّين بعد ذلك كم العدد المعتبر للرؤية هل يكفي‬
‫شخص واحد‪ ،‬أم أكثر من واحد؟‬
‫ٌ‬
‫شخص واحد يف دخول الشهر‪ ،‬وكذلك عىل‬
‫ٌ‬ ‫المعتبر يف الرؤية هو‬
‫الصحيح يف خروج الشهر‪.‬‬
‫َّاس اهلِ ََل َل) ( َت َرا َءى) يقصد هبا معنيان اثنان‪:‬‬
‫قال‪َ ( :‬ت َرا َءى الن ُ‬
‫المعنى األول‪ :‬طلب الناس رؤية الهَلل‪ ،‬يعني‪ :‬خرج الناس وطلبوا رؤية‬
‫الهَلل‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪9‬‬ ‫مقرر اليوم الثاين‬

‫أن الهَلل ظهر فأرى بعض الناس بعض ًا الهَلل‪،‬‬


‫والمعنى الثاين‪ :‬أي‪َّ :‬‬
‫يعني‪ :‬قالوا هذا الهَلل‪.‬‬
‫ول ال َّل ِه‬ ‫فلما رأى ابن عمر رضي اهلل عنهما الهَلل قال‪َ ( :‬ف َأ ْخ َب ْر ُت َر ُ‬
‫س َ‬

‫صلى الل عليه وسلم َأ ِّني َر َأ ْي ُت ُه) يعني‪ :‬رأيت الهَلل‪َ ( ،‬ف َص َام) أي‪ :‬الن َُّّبي عليه‬
‫ام ِه) يعني‪ :‬من الغد‬ ‫َّاس بِ ِصي ِ‬
‫َ‬ ‫(و َأ َم َر الن َ‬
‫الصَلة والسَلم صام شهر رمضان‪َ ،‬‬
‫يصومون‪.‬‬
‫وهذا الحديث يدل عىل عدَّ ة مسائل‪:‬‬
‫َّاس اهلِ ََل َل) أي‪ :‬يستحب أ ْن يخرج‬
‫المسألة األولى‪ :‬قوله‪َ ( :‬ت َرا َءى الن ُ‬
‫مطلب شرعي يترتب عليه أحكام‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ألن هذا‬ ‫الناس لرؤية الهَلل إ ْن َّ‬
‫هل؛ َّ‬
‫ألن ابن عمر‬ ‫شخص واحدٌ ؛ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫المسألة الثانية‪ :‬يكفي يف دخول الشهر‬
‫ول ال َّل ِه صلى الل عليه وسلم َأ ِّني َر َأ ْي ُت ُه)‪.‬‬ ‫رضي اهلل عنهما قال‪َ ( :‬ف َأ ْخ َب ْر ُت َر ُ‬
‫س َ‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬يدل عىل الحديث أيض ًا عىل أنَّه ال يشترط يف إثبات دخول‬
‫الهَلل حين رؤيته لفظ الشهادة‪ ،‬فلو أتى من رأى الهَلل وقال‪ :‬أنا رأيت‬
‫أن يقول‪ :‬أشهد بال َّله بأنَّي رأيت الهَلل؛ فهو من باب‬
‫الهَلل‪ ،‬ال يشترط ْ‬
‫اإلخبار ال من باب الشهادة‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪10‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬يدل هذا الحديث عىل أمهية الصدق يف مجتمع‬


‫ٍ‬
‫واحد إن رأى‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫المسلمين‪ ،‬فقد َأوكَلوا أمر ًا عظيم ًا من أركان دينهم إىل‬
‫الهَلل يصومون‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬يدل هذا الحديث عىل أ َّن اإلسَلم يعظم أفعال‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬فهو رأى الهَلل نبني عليه أحكام ًا‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫اآلخرين حتى ولو كان من‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫من‬
‫المسألة السادسة‪ :‬يدل هذا الحديث أيض ًا عىل أمهية المسلم يف المجتمع‪،‬‬
‫ٍ‬
‫واحد شاهده‪.‬‬ ‫فهو قد يقدم خير ًا للمسلمين بل مَليين المسلمين ٍ‬
‫بأمر‬
‫خير لإلسَلم‬
‫ومن هنا عىل المسلم أن ال يحقر نفسه‪ ،‬ويقدم ما فيه ٌ‬
‫والمسلمين سواء يف الهَلل‪ ،‬أو يف طلب العلم‪ ،‬أو يف نفع اآلخرين‪ ،‬ومد العون‬
‫والمحاويج ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لهم لأليتام واألرامل‬
‫وصححه أيض ًا‬ ‫قال‪( :‬ر َوا ُه َأبو َد ُاو َد‪َ ،‬و َصح َح ُه اب ُن ِحبانَ ‪َ ،‬وال َح ِ‬
‫اك ُم)‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫النَّووي‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬وابن خزيمة‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫‪11‬‬ ‫مقرر اليوم الثاين‬

‫«أ َّن َأ ْع َرابِ ّي ًا َجا َء إِ َلى النَّبِ ِّي صلى‬


‫اس رضي ال َّله عنهم‪َ :‬‬
‫‪َ - 527‬و َع ِن ابْ ِن َع َّب ٍ‬

‫ت اهل ََِل َل‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬أ َت ْشهَ ُد َأ ََّّل إِ َل َه إِ ََّّل ال َّل ُه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪،‬‬
‫الل عليه وسلم َف َق َال‪ :‬إِ ِّني َر َأ ْي ُ‬
‫س َيا بِ ََل ُل َأنْ‬ ‫ول ال َّل ِه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َأ ِّذنْ فِي النَّا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َق َال‪ :‬أ َت ْشهَ ُد أ َّن ُ َ‬
‫ُم َّمد ًا َر ُ‬
‫الخ ْم َس ُة‪َ ،‬و َص َّح َح ُه ا ْب ُن ُخ َز ْي َم َة‪َ ،‬وا ْب ُن ِح َّبانَ ‪َ ،‬و َر َّج َح الن ََّسائِ ُّي‬ ‫َي ُصو ُموا َغد ًا» َر َوا ُه َ‬

‫إِ ْر َ‬
‫سا َل ُه‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك قال المصنف رمحه اهلل‪َ ( :‬و َع ِن ا ْب ِن َع َّبا ٍ‬
‫س رضي ال َّله عنهم‪:‬‬
‫ت اهل ََِل َل‪َ ،‬ف َق َال‪:‬‬ ‫«أ َّن َأ ْع َرابِ ّي ًا َجا َء إِ َلى النَّبِ ِّي صلى الل عليه وسلم َف َق َال‪ :‬إِ ِّني َر َأ ْي ُ‬ ‫َ‬

‫ول ال َّل ِه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ُم َّمد ًا َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ َت ْشهَ ُد أ ََّّل إِ َل َه إِ ََّّل ال َّل ُه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪ :‬أ َت ْشهَ ُد أ َّن ُ َ‬
‫الخ ْم َس ُة‪َ ،‬و َص َّح َح ُه اِ ْب ُن‬ ‫َّاس َيا ِب ََل ُل َأنْ َي ُصو ُموا َغد ًا» َر َوا ُه َ‬ ‫َق َال‪َ :‬ف َأ ِّذنْ فِي الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُخ َز ْي َم َة‪َ ،‬وا ْب ُن ح َّبانَ ‪َ ،‬و َر َّج َح الن ََّسائ ُّي إِ ْر َ‬
‫سا َل ُه)‪.‬‬
‫قال‪َ ( :‬ر َوا ُه ال َخ ْم َس ُة) والخمسة هم أصحاب السنن واإلمام أمحد‪ ،‬لكن‬
‫ممن رواه الخمسة؛ ومل يروه اإلمام أمحد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ف رمحه اهلل هنا َوه َم وجعله َّ‬ ‫المصن َ‬
‫ف مل يذكر أ َّن اإلمام أمحد رواه‪.‬‬ ‫لذلك يف التلخيص الحبِير للمصن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( َو َص َّح َح ُه ا ْب ُن ُخ َز ْي َم َة‪َ ،‬وا ْب ُن ح َّبانَ ‪َ ،‬و َر َّج َح الن ََّسائ ُّي إِ ْر َ‬
‫سا َل ُه) قال‪:‬‬
‫ٌ‬
‫مرسل» يعني‪ :‬عن عكرمة عن النَّبي صىل اهلل عليه وسلم‬ ‫«والصواب أنَّه‬
‫بإسقاط ابن عباس‪ ،‬فإذا كان كذلك؛ فالحديث من قسيم الضعيف‪.‬‬

‫‪a-alqasim.com‬‬
‫شرح بلوغ املرام‬ ‫‪12‬‬

‫قال‪َ ( :‬أ َّن َأ ْع َرابِ ّي ًا َجا َء إِ َلى النَّبِ ِّي صلى الل عليه وسلم َف َق َال‪ :‬إِ ِّني َر َأ ْي ُ‬
‫ت‬
‫السابق‪َّ ،‬‬
‫وأن رؤية الواحد كافية‪ ،‬وهذا‬ ‫اهلِ ََل َل) يدل عىل ما َّ‬
‫دل عليه الحديث َّ‬
‫الحديث أضاف إذا كان الشخص مجهو ً‬
‫ال؛ فينظر إىل عدالته‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س ُ‬
‫ول‬ ‫( َف َق َال‪ :‬أ َت ْشهَ ُد أ ََّّل إِ َل َه إِ ََّّل ال َّل ُه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم‪َ ،‬ق َال‪ :‬أ َت ْشهَ ُد أ َّن ُ َ‬
‫ُم َّمد ًا َر ُ‬
‫ال َّل ِه؟ َق َال‪َ :‬ن َع ْم) حتى يعلم صدقه من عدمه‪ ،‬فيتحرى القاضي صدق من رأى‬
‫الهَلل ويسعى إىل تصديق ما رآه‪ْ ،‬‬
‫فإن بان منه الكذب ي َر ُّد خبره ذلك‪،‬‬
‫والحديث فيه ضعف‪.‬‬
‫***‬

‫‪a-alqasim.com‬‬

You might also like