You are on page 1of 8

‫الَّر وابط الموجودة بين الفلسفة والعرفان‬

‫ُم حَّم د حسين بن موسى اللواتي‬

‫هذا المقال مترجم من كتاب للشيخ ُم رتضى المطهري‪ ،‬بعنوان “عرفان حافظ” باللغة الفارسية‪.‬‬

‫الشيخ مطهري هو مفِّك ٌر إسالمي كبير‪ ،‬وأحد أبرز رموز النهض‪/‬ة الحديث‪/‬ة في الفك‪/‬ر ال‪/‬ديني‪ .‬ل‪/‬ه عش‪/‬رات المؤَّلف‪/‬ات واألعم‪/‬ال‬
‫والنظريات واألفكار‪ .‬استشهد مطلع انتصار الثورة اإلسالمية في إيران‬

‫—————————————————‪-‬‬

‫َم قُصْو دنا ِم َن “الفلسفة” ُهو اإللهَّيات والفلسفة األولى‪ ،‬أو اإللهَّيات التي ُتناسب الِع رفان‪ ،‬وليس الفلسفة بمعناها الواسع‪.‬‬
‫الحكمُة اإللهَّية ُقِّسمت إلى قسمين (في اصطالح المتأخرين)‪ :‬األمور العامة أو اإللهيات بالمعنى األعم‪ ،‬واإللهيات بالمعنى‬
‫األخص ‪-‬ولم يذكر الشيخ الرئيس بن سينا في اصطالحاته هذا المعنى‪.‬‬
‫هدُف الفلسفة اإللهية بالنسبة لإلنسان هو‪ :‬أن يصبح اإلنسان في نظامه الفكري كل العالم‪ ،‬ومن حيث المعرفة يصبح عالما عقليا‪.‬‬
‫بينما هدف العرفان بالنسبة لإلنسان هو‪ :‬أن يصل اإلنسان بكل وجوده إلى الحقيقة (هللا) أن يفنى في هللا‪ ،‬أن يصل‪.‬‬
‫طريق الحكيم وطريق العارف طريقان مختلفان؛ فطريق الحكيم هو طريق المنطق والبرهان‪ ،‬بينما طريق العارف هو طريق‬
‫التزكية‪ ،‬والتصفية‪ ،‬والسير‪ ،‬والسلوك‪.‬‬
‫كما ُيْو َج د هنالك تفاوت في الوسيلة أيًضا؛ فمركب الحكيم هو العقل‪ ،‬ومركب العارف هو القلب‪.‬‬
‫فلنَر اآلن أَّنه متى ُو ِج د العرفان على هيئة علم‪ :‬علم ُذ كر له موضوع وفائدة؟‬
‫فمثال عرفان محيي الدين يختلف عن عرفان الشبلي النعمان؛ ففي عرفان الشبلي نرى رجال أهل عمل‪ ،‬بينما نواجه في عرفان‬
‫محيي الدين الُك تب والكتابة‪ ،‬والتي انتشرت بوسيلته‪ ،‬وبوسيلة تالميذه على صورة علم نظري‪.‬‬
‫فما هو موضوع العرفان؟ هل هو الوجود والوجود المطلق‪ ،‬وهل المقصود من ذلك هو هللا؟‬

‫ُيمكننا أْن نرى هنا ُم شابهة قريبة للعرفان بالحكماء والحكمة اإللهية؛ ألَّن موضوع الحكمة اإللهية هو (الموجود بما هو موجود)‪،‬‬
‫والتفاوت كامن في أن الحكيم يرى “الموجود بما هو موجود”‪ ،‬مفهوم كلي له مصاديق عديدة‪ ،‬ولكن في نظر العارف فإَّن مسألة‬
‫المفهوم ليست مطروحة أساسا؛ فهو يعتقد بحقيقة واحدة فحسب‪ ،‬وهي “ذات الحق”‪.‬‬
‫الحكيم يرى أن ذات الحق “موجود مطلق” أيضا؛ حيث ينقسم “الموجود بما هو موجود” عنده إلى‪ :‬موجود‪ ،‬وجوده عبارة عن‬
‫عين ذاته (أي هللا)‪ ،‬وموجود وجوده زائد عن ذاته (أي كل ما عدا هللا)‪.‬‬
‫لنَر متى وصلت الحكماء إلى هذه المسألة‪ ،‬وهي أن “الحق ماهيته آنيته”؟ هل كانت موجودة في زمان أرسطو‪ ،‬أو هذه المسألة‬
‫قد طرحت في الفلسفة اإلسالمية فحسب‪ ،‬وهي من ضمن تلك المسائل التي وجدت بسبب المواجهة بين آراء الفالسفة‬
‫والمتكلمين؟‬

‫لدينا شيئان ُم سَّلمان هنا؛ أوال‪ :‬ال نرى مثل هذه المسألة في كالم أرسطو وأفالطون‪ ،‬بينما نراها في كالم ابن سينا‪.‬‬
‫فهل كان هنالك وجود للمذاهب الفكرية في الفترة الفاصلة بين أرسطو وابن سينا؛ بحيث قد أخذ ابن سينا واألفالطونية الجديدة‬
‫آراءهما منها‪ ،‬أم ال؟ من الممكن ذلك‪ ،‬وإال فال يوجد لدى أرسطو نفسه تصور عن هللا غير “المحرك األول”‪.‬‬
‫ونفس هذا التساؤل مطروح في موضوع العرفان‪ :‬فهل تعُّد نظرة العرفاء ‪-‬والتي يرون فيها أَّن وجود الحق موضوع لعلمهم‪-‬‬
‫ابتكارية‪ ،‬أم أَّن هنالك من قبلهم من كان يرى ذلك أيضا؟ من أجل التحقيق في هذه المسألة‪ ،‬يجب التوجه ألفكار الغنوصية‬
‫واألفالطونية الجديدة (‪.)1‬‬

‫الحكمة اإللهية علٌم يبحث في “عوارض الموجود بما هو موجود”‪ ،‬وإثبات وجود هللا (واجب الوجود) يعُّد من إحدى مسائل هذا‬
‫العلم‪ .‬فإثبات هل أن الموجود واجب أو ممكن‪ ،‬جوهر أو عرض…كٌّل هذا (واجب‪ ،‬ممكن…) يعُّد من عوارض “الموجود بما‬
‫هو موجود”‪.‬‬
‫فمسألة وجود الواجب مسألة من مسائل الحكمة اإللهية‪ ،‬وهنالك حيث يعتبر العارف أن موضوع علمه هو (الموجود المطلق)؛‬
‫فإَّن ذلك يعُّد مسألة من مسائل الحكمة اإللهية‪ ،‬ومن حيث أَّن موضوع كل علم ال يثبت في نفس ذلك العلم‪ ،‬بل يرجع في إثباته‬
‫لعلم كلي آخر‪ ،‬وعليه فالعارف ال يحتاج إلى إثبات أن هللا هو موضوع العرفان‪ ،‬ولكن الحكيم يثبت ذلك؛ ألن ذلك يعد من مسائل‬
‫الحكمة اإللهية‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫في نظرة الفيلسوف‪ ،‬فإَّن مسألة وجود هللا مسألة علمية‪ ،‬بينما في نظر العارف مسألة وجود هللا هي موضوع علم (وجود وجود‬
‫الحق)‪ .‬ومثلما أن في نظر الفيلسوف موضوع علمه ‪-‬الموجود بما هو موجود‪ -‬هو أمر بديهي وال يحتاج لإلثبات‪ ،‬فإَّن في نظر‬
‫العارف هللا أمر بديهي وال يحتاج إلثبات أيضا‪ .‬الموضوع هنا هو موضوع بديهي؛ لذلك ال يحتاج لإلثبات‪ ،‬وال يعني ذلك أن ال‬
‫يحتاج أي موضوع لإلثبات‪ ،‬وما يجب إثباته هو صفاته فحسب‪ .‬أما مسائل العرفان‪ ،‬فهي عبارة عن صفات وأسماء وتجليات‬
‫ذات الحق تعالى‪.‬‬
‫أحد وجوه االختالف األخرى الموجودة بين الحكماء والعرفاء هي أَّن العرفاء يعتقدون بتجٍّل واحد‪ ،‬وال يعتقدون بالتكرار في‬
‫التجِّلي؛ وذلك طبقا لآلية “وما أمرنا إال واحدة…”‪ .‬فلله تجٍّل واحد فحسب وهو “الوجود المنبسط”‪ ،‬والذي يسمونه أحيانا‬
‫“بالحق المخلوق به”‪ ،‬كما لديهم أسماء أخرى له أيضا‪.‬‬
‫العرفاء ال يعبرون عن التجلي “بالعلية”‪ .‬أما الحكماء‪ ،‬فهم يقولون بوجود مراتب للوجود والموجودات (أول ما صدر‪ ،‬وثاني ما‬
‫صدر)‪ ،‬ويقولون بوجود ِع لة غير ذات الحق تعالى أيضا‪ ،‬ولكن في طول ذات الحق‪.‬‬
‫العارف ‪-‬وفضال عن عدم استخدامه تعبير “العلية”‪ -‬ال يعتقد بالتجلي األول والثاني والثالث أيضا‪ ،‬ولو كان ذلك في الطول (‪.)2‬‬
‫فهو ال يقول بصدور عن ذات الحق تجٍّل أول‪ ،‬ومن التجلي األول تجٍّل ثان‪.‬‬
‫العارف يقول بتجٍّل واحد فحسب والمسمى “بالوجود المنبسط”‪ ،‬ويقول إَّن كل األشياء (كل الماهيات) ُو جدت بذلك التجلي‬
‫الواحد‪ ،‬وال يقول مثل الفيلسوف بوجود علل بعدد الماهيات‪.‬‬
‫العارف يقول‪ :‬كل الماهيات (األعيان الثابتة) ظهرت بتجٍّل واحد‪ ،‬وهي من لوازم تجلي ذات الحق تعالى‪ ،‬وظهورها عبارة عن‬
‫ذلك التجلي الواحد‪ ..‬هو يعبر عن الوجود المنبسط “بالظل” و”المرتبة الجمعية” (أي‪ :‬تلك المرتبة التي تجتمع فيها كل األعيان‬
‫الثابتة)‪.‬‬
‫كل هذه صور الخمرة وكل هذه النقوش المخالفة المظهر‪..‬‬
‫هي نور واحد لوجه الساقي واقعة في الكأس‬
‫الكثرات التي يقول بها الحكيم (الكثرات الطولية والعرضية‪ ،‬واألفالك والعناصر‪ ،‬و…) هي كلها في نظر العارف من لوازم‬
‫الوجود المنبسط؛ لذا فهو يقول بالوجود المنبسط “الحق المخلوق به” (أي الحق الذي خلقت وظهرت كل األشياء به)‪.‬‬

‫ولقد انتقد “المير داماد” كالم الحكماء ‪-‬القائلين إَّن الصادر األول هو العقل األول‪ -‬وقال‪ :‬الصادر األول يجب أن يكون موجودا‬
‫بحيث يكون كل األشياء‪ ،‬وال يمكن أن يكون موجودا في طول الموجودات األخرى‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإن المير داماد هنا قد مال‬
‫للعرفاء‪.‬‬
‫العرفاء يعتقدون أن األشياء في كل “آن” تتجدد؛ ففي نظرهم أن العالم دائما في حالة فناء وإعادة الوجود‪ ،‬ولكننا نتخيل أنه‬
‫عبارة عن شيء ثابت‪ ،‬في الحال‪:‬‬
‫في كل زمان تتجدد الدنيا…‬
‫ونحن ال خبر لنا عن التجديد في البقاء‬

‫مسألة العلية‪:‬‬
‫الحكماء يطرحون في رؤيتهم مسألة الصدور والمصدر والصارد…؛ بمعنى أن الفالسفة يعتقدون بنوع من نظام للموجودات‬
‫صادر عن ذات الحق بترتيب معين (الصادر األول والثاني والثالث)‪.‬‬
‫ٍن‬‫ثا‬ ‫بوجود‬ ‫القائل‬ ‫للقول‬ ‫ومخالف‬ ‫للكثرة‪،‬‬ ‫عدو‬ ‫فالعارف‬ ‫الصادرات‪.‬‬ ‫بينما العرفاء ال يعتقدون ال بالصدور والمعلولية‪ ،‬وال بتكاثر‬
‫للحق‪ ،‬وإْن كان هذا الثاني معلوال وصادرا عن الحق‪.‬‬
‫العارف يعتبر وجود أي موجود بالجنب من الحق شريك للبارئ‪ ،‬ويرى أن االعتقاد بذلك شرك‪ ،‬وطبقا لهذا فهو مخالف ألي‬
‫نوع من العلية‪.‬‬
‫العارف يعتقد بالتجلي؛ فمفهوم “الخلق” الوارد في القرآن‪ ،‬هو في نظر الحكيم “علية” ذات الحق‪ ،‬بينما هو في رؤية العارف‬
‫“تجٍّل ” لذات الحق‪.‬‬
‫فهل هذا النزاع نزاٌع لفظي فحسب؟ بمعنى أن كلمة “الخلق” القرآنية‪ ،‬تسمى لدى العارف “بالتجلي” ولدى الحكيم “بالعلية”؟‬
‫ال‪ ،‬ليس هذا نزاعا لفظيا‪.‬‬
‫في التجِّلي والظهور هناك نوع من الوحدة الحاكمة بين الظاهر والمظهر؛ فالمظهر هو نفسه الظاهر‪ ،‬حقيقة التجلي هي نفسها‬
‫المتجلي‪ ،‬تجلي شيء ما ليس أمرا ثانيا للشيء؛ فتجلي حقيقة ما‪ ،‬هو عبارة عن مرتبة من مراتب نفس تلك الحقيقة‪ ،‬وليس بمعني‬
‫أنه موجود بالجنب من تلك الحقيقة‪.‬‬

‫ومن ضمن أعمال المال صدرا العظيمة أَّنه قَّرب بين مفهومْي “العلية” و”التجلي”‪ ،‬وأثبت أَّن المعلول الواقعي (ليس إال شأنا‬
‫من شؤون العلة‪ ،‬وظهورا من ظهورات العلة ووجها من وجوهها)؛ ففي واقع األمر أَّنه قد أرجع العلية إلى التجلي‪.‬‬
‫سابقًا كانوا يفترضون أن الرابطة الموجودة بين العلة والمعلول هي التي تربط بينهما‪ ،‬وذات المعلول ذات مستقلة ومرتبطة‬
‫بالعلة‪ ،‬وهذا االرتباط يعُّد زائدا على ذات المعلول؛ فمثال إذا كان ألف علة والباء معلول‪ ،‬فإن الباء تعد منتسبة لأللف‪ ،‬فهي حقيقة‬
‫لها انتساب باأللف‪.‬‬
‫بينما أثبت المال صدرا أَّن المعلول الواقعي ‪-‬وبتمام حقيقته‪ -‬هو عين انتسابه لعلته؛ فحقيقة المعلول هي عين إضافته لعلته‪ ،‬وليس‬
‫األمر هو أن العلة تشرق المعلول‪ ،‬فيكون المعلول شيئا تعلق به اإلشراق‪.‬‬
‫فاإليجاد هو عين الموجود‪ ،‬واإلضافة هي عين المضاف‪“ ،‬فاإلشراق” هنا هو عين “الشروق”؛ فليس المعلول ذاتا يتعلق بها‬
‫اإلشراق‪ ،‬والمال صدرا يثبت بالبرهان أن حقيقة العلية ترجع للتجلي‪.‬‬

‫العرفاء مخالفون للعلية ‪-‬التي كان يقول بها الفالسفة من قبل‪ -‬فطبقا لما كانت تقول به الفالسفة هو‪ :‬أن ذات الحق علة لألشياء‪،‬‬
‫فذات الحق ‪-‬والتي هي علة‪ -‬هي نفسها شيء‪ ،‬وعليتها ‪-‬أي خلقها وإيجادها‪ -‬هي شيء آخر‪ ،‬ووجود المخلوق هو شيء ثالث‪.‬‬
‫أَّم ا في نظر المال صدرا‪ ،‬فيصبح الخلق والمخلوق شيئا واحدا‪ ،‬ويعدان من شؤون العلة‪ ،‬وهما ليسا ُم نفصلين عن العلة وثانيين‬
‫لها‪ .‬بمعنى أن التفاوت العلية مع المعلول ‪-‬أي اإليجاد مع الوجود‪ -‬هو تفاوت ذهني محض فحسب؛ فالكثرة الموجودة بين اإليجاد‬
‫والوجود هي صرف كثرة من صنع الذهن‪.‬‬
‫أَّم ا الكثرة الموجودة بين العلة والمعلول‪ ،‬فهي كثرة واقعية‪ ،‬وفي عين الحال ليست خالية من نوع من الوحدة‪ .‬بمعنى أن المعلول‬
‫ليس ثانيًا للعلة‪ ،‬بل هو شأن من شؤونها‪ ،‬وبمنزلة االسم والصفة لها؛ فالعالقة بينهما مثل عالقة كل موصوف بصفة‪ ،‬والمسمى‬
‫باالسم‪ ،‬واللذين يعدان مرتبتين من مراتبهما‪.‬‬
‫إننا إذا ما وصلنا لحقيقة األشياء (إلى وجودها)؛ فال يمكننا حينها أن نفصلها عن المضاف إليه (هللا)‪ ،‬ولكن لكوننا ندرك ماهيات‬
‫الموجودات‪ ،‬فنشاهد الكثرة ال الوحدة‪.‬‬

‫في فلسفة المال صدرا تَّم التصالح بين عقيدة الفالسفة والعرفاء‪ ،‬فإَّنه قد توَّص ل إلى أن العلية ليست سوى التجلي‪ ،‬والتجلي ال‬
‫يمكن أن يكون غير العلية‪.‬‬

‫نظرية “الخلق الجديد” للعرفاء‪:‬‬


‫ُم فاد هذه النظرية لدى العرفاء هو “االنفصال”‪ ،‬ومعنى االنفصال هو أن العالم يتجدد لحظة بلحظة‪ ،‬وال توجد فيه أي رابطة‬
‫اتحادية بين هذا “الجديد” وذاك “القديم”‪ ،‬بل ما هو موجود هو قبض وبسط متعدد‪.‬‬
‫العرفاء ال يستدلون على ادعائهم هذا‪ ،‬بل يقولون هكذا قد كشف لنا (الوجود المنبسط فعله‪ ،‬والوجودات الخاصة أو الماهية‬
‫أثره)‪ .‬ويقول الحاجي السبزاواري‪“ :‬الماهيات توجد بالوجود المنبسط‪ ،‬والعالم عبارة عن الماهيات”؛ فالماهيات قد ظهرت‬
‫“بتجٍّل ” واحد‪ ،‬والذي هو الوجود المنبسط‪ ،‬وهي منتسبة لهذا الوجود‪.‬‬
‫المراد من “العالم” عند العرفاء هو نفس هذه “الماهيات”‪ .‬ولكن طبقا “للحركة الجوهرية”‪ ،‬فإَّن هذه المسألة تعد غير صحيحة؛‬
‫ألن ما يلزم الحركة الجوهرية هو أن يكون الوجود وجودا سياال متصال‪ ،‬أي يكون على طول الزمان شيئا له االستمرارية‪ .‬طبقا‬
‫للحركة الجوهرية؛ فالشيء المتحرك ‪-‬والذي له حركة في جوهر أو عرض معين‪ -‬إذا ما اتصف فإنه يتصف بوجود عرضه‪،‬‬
‫هذا ما تؤيده نظرية الوجود السيال‪ ،‬ال أن الشيء ينعدم ثم يعاد للوجود‪ .‬ففي الحركة الجوهرية ال محَّل “لإليجاد واإلعدام”‪.‬‬
‫موضوع الحركة باعتباره يساوي “المادة”‪ ،‬وباعتبار آخر‪ ،‬فإَّن موضوع الحركة وما فيه الحركة هما شيء واحد‪ ،‬واختالف‬
‫الموضوع عَّم ا فيه الحركة هو باعتبار (ال بشرط وبشرط ال)؛ مثل‪ :‬البياض واألبيض‪.‬‬
‫واألمر في باب الحركة الجوهرية هو هكذا أيضا؛ ألن الحركة فيها قائمة بذات‪ ،‬بينما في الحركة العرضية (ما قامت فيه‬
‫الحركة) هو غير الحركة‪.‬‬
‫في الحركة العرضية ‪-‬التي يكون فيها الموضوع جوهرا‪ -‬وما فيه الحركة والذي هو العرض نفسه‪ ،‬يكون مثاله “جسم متحرك‬
‫في البيض”‪.‬‬
‫وعلى كِّل حال‪ ،‬ففي نظر صدر المتألهين‪ ،‬تعُّد نظرية “الخلق الجديد” صحيحة‪.‬‬
‫قبل صدر المتألهين لم يقل أحد بأَّن العالم يتجدد آنا بعد آن؛ ألنهم لم يكونوا قائلين بالحركة الجوهرية‪ ،‬كانوا يقولون إن الصور‬
‫باقية (مثل‪ :‬صورة الحجر‪ ،‬والشمس‪ ،‬والفلك)؛ حيث يمكنها أن تبقى لماليين السنين‪ .‬أما إذا تبدلت صورة التراب إلى النبات‪،‬‬
‫فال يعد هذا من قبيل التبديل آنا بعد آن؛ فاألعراض هي التي تتغير ال الجواهر‪.‬‬
‫وطبقا لهذا‪ ،‬فإَّن هذه النظرية للعرفاء لدى القدماء من الحكماء لم تكن صحيحة بتاتا‪ ،‬ولكن في عقيدة المال صدرا ‪-‬الذي يرى أن‬
‫العالم ينوجد آنا فآنا‪ -‬تعد صحيحة “بل هم في لبس من خلق جديد…”‪ ،‬ولكن ليس بمعنى التجديد االنفصالي‪.‬‬
‫األنواع غير متناهية‪ ،‬وعليه وبناًء على القول “بأصالة الماهية” يلتزم هنا محاال؛ ألنه يلزم منه أن يصبح الالمتناهي محصورا‬
‫بين الحاصرين‪ ،‬ولكن إذا ما قلنا “بأصالة الوجود” ُتصبح هذه الماهيات الالمتناهية منتزعة من مراتب الوجود‪.‬‬
‫ذكر صدر المتألهين في المجلد الثاني من األسفار في الفن الخامس‪ ،‬والذي قد بحث فيه عن الحركة الجوهرية تحت عنوان “في‬
‫أن نحو وجود األجسام الطبيعية ليس إال على سبيل التجدد واالنقضاء الحدوث االستمراري من غير دوام وال بقاء”‪ ،‬فصوال في‬
‫هذا الفن‪ ،‬ونقل في البعض من تلك الفصول أقواال للقدماء من الفالسفة من قبيل أرسطو حتى الحكماء اإلسكندرية؛ حيث أراد‬
‫بذلك التأييد على ما ادعاه‪ .‬كما أنه قد خصص في آخر هذا الفن مكانا لكلمات العرفاء‪ ،‬وذكرها تحت هذا العنوان “في نبذ من‬
‫كالم أئمة الكشف والشهود من أهل هذه الملة البيضاء في تجدد الطبيعة الجرمية الذي هو مالك في دثور العالم وزواله”‪.‬‬
‫وقد نقل هناك قسمين من كلمات لمحيي الدين بن العربي‪ ،‬واللذين يعدان جملتين عجيبتين‪“ :‬قال المحقق المكاشف محيي الدين‬
‫العربي في بعض أبواب الفتوحات المكية”‪ ،‬و”إْن من شيء إال عندنا خزائنه وما ننزله إال بقدر معلوم” أي من اسمه الحكيم؛‬
‫فالحكمة سلطان هذا اإلنزال اإللهي‪ ،‬وهو إخراج هذه األشياء من هذه الخزائن إلى الوجود أعيانها‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬فبالنظر ألعيانها هي موجودة عن العدم‪ ،‬وبالنظر إلى كونها عند هللا في هذه الخزائن‪ .‬ثم قال‪ :‬وأما قوله تعالى “ما عندكم‬
‫ينفد” صحيح في العلم منها لعين الجوهر‪ ،‬والذي عنده أعني عند الجوهر من كل موجود إنما هو ما يوجده هللا في محله من‬
‫صفات وأعراض وأكوان‪ ،‬وهي في الزمان أو الحال الثاني من زمان وجودها أو حال وجودها ينعدم من عندنا‪ ،‬وهو قوله‬
‫تعالى‪“ :‬ما عندكم ينفد وما عند هللا باق”‪ ،‬وهو تجُّد د الجواهر األمثال واألضداد دائما من الخزائن‪ ،‬وهذا معنى المتكلمين‪:‬‬
‫“العرض ال يبقى في زمانين”‪ ،‬وهو قول صحيح حر ال شبهة فيه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وأما صاحب النظر‪ ،‬فما عنده خبر بشيء من هذا التنبيه النبوي‪ ،‬ال نظر فكري‪ ،‬وصاحب النظر مقيد تحت سلطان فكره‪،‬‬
‫وليس للفكر فيه مجال‪.‬‬
‫وقال أيضا في الباب السابع والستين وثالثمائة‪ :‬ما يحكي عن عروج وقع بحسب الباطن حين مخاطبته مع إدريس النبي ‪-‬عليه‬
‫السالم‪ -‬بهذه العبارة‪ :‬قلت له‪ :‬إنني رأيت في واقعتي شخصا بالطواف أخبرني أنه من أجدادي وسمي نفسه‪ ،‬فسألته عن زمان‬
‫موته‪ ،‬فقال‪ :‬أربعون ألف سنة‪ ،‬فسألته عن آدم لما تقرر عندنا من التاريخ لموته‪ ،‬فقال لي‪ :‬عن أي آدم تسأل؟ عن آدم األقرب؟‬
‫قلت‪ :‬بلى‪ ،‬فقال‪ :‬صدق‪ ،‬إنني نبي هللا وال أرى للعالم مدة يقف عليها بجملتها‪ ،‬إال أنه بالجملة لم يزل خالقا وال يزال دنيا‪،‬‬
‫واآلخرة وأي أجل في المخلوق بانتهاء المدة ال في الخلق؛ فالخلق مع األنفاس يتجدد‪ ،‬قلت له‪ :‬فما بقي لظهور الساعة؟ فقال‪:‬‬
‫اقتربت الساعة “اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون”‪ ،‬فقلت‪ :‬عرفني بشرط من شروط اقترابها‪ ،‬فقال‪ :‬وجود آدم من‬
‫شروطها‪ ،‬فقلت‪ :‬فهل كان قبل الدنيا دار غيرها؟ قال‪ :‬دار الوجود واحدة‪ ،‬والدار ما كانت دنيا وال آخرة إال بكم‪ ،‬واآلخرة ما‬
‫تميزت إال بكم‪ ،‬وإنما األمر في األجسام أكوان واستحاالت وإتيان وذهاب لم يزل وال يزال”‪.‬‬

‫اصطالحات من قبيل “الموجود والمعدوم‪ ،‬الواحد والكثير‪ ،‬الجوهر والعرض‪ ،‬والحادث والقديم‪ ،‬والحق والخلق”‪ ،‬وأمثالها‪،‬‬
‫والمتداولة على ألسنة الفالسفة‪ ،‬قد كانت موجود في اصطالحات العرفاء أيضا‪ ،‬ولكن مفهوم الفالسفة لهذه المعاني يتفاوت مع‬
‫ما لدى العرفاء منها‪ ،‬وسبب هذا التفاوت هو “التوحيد العرفاني” الذي ال يقول لذات الحق من شريك ‪-‬حتى في الموجودية‪-‬‬
‫والذي كان يتلقى للقول القائل (بوجود موجود حقيقي غير الحق) كنوع من الشرك‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬جذر اختالف النظر هذا هو أن الفيلسوف قائل “بالكثرة الوجودية”‪ ،‬والعارف “بالوحدة الوجودية”‪.‬‬

‫وفي نظر الفيلسوف‪ ،‬هناك وجود للموجودات الحقيقية والمنفصلة عن بعضها البعض على نحو ال ُيمكن القول بأَّن هذا الموجود‬
‫هو عين ذاك‪ ،‬كما ال يمكن القول بأن ذاك هو عين هذا‪.‬‬
‫فواحدة من هذه الموجودات المتباينة الذات‪ ،‬واألكثر كماال من غيرها‪ ،‬والالمتناهية واألزلية واألبدية‪ ،‬وغير المحتاجة ألي‬
‫موجود آخر‪ ،‬والتي هي عبارة عن عين العلم والقدرة والحياة واإلرادة‪ ،‬هي “واجبة الوجود”‪ ،‬بينما سائر الموجودات مع‬
‫اختالف درجاتها ومراتبها؛ حيث البعض منها مجردة وبعضها مادية‪ ،‬بعضها جوهر وبعضها عرض‪ ،‬بعضها بالنسبة لغيرها‬
‫أكثر كماال… تعتبر كلها “ممكنة الوجود”‪.‬‬

‫الموجودات الممكنة الوجود تتصف بصفات تعد من مختصات صفات ممكنة الوجود‪ ،‬وذات الحق يجب أن تكون منزهة عن تلك‬
‫الصفات‪ ،‬وذلك من قبيل (المخلوقية‪ ،‬والكثرة‪ ،‬والحدوث‪ ،‬والجوهرية‪ ،‬والعرضية‪ ،‬والمحدودية‪ ،‬والتجسيم‪ ،‬والحركة‪ ،‬والتغيير)‬
‫وأمثالها‪.‬‬
‫وفي عقيدة الفالسفة‪ ،‬فإَّن توصيف ذات الحق بهذه الصفات ‪-‬من حيث أنها تنشأ من نقص ومحدودية الممكن‪ ،‬وتعد من مختصات‬
‫الممكن‪ -‬غير جائز‪ ،‬ويعد اصطالحا “بالتشبيه” أي تشبيه الحق بالخلق المنهي عنه في الروايات اإلسالمية‪.‬‬
‫ولكن‪ :‬ماذا يقول العارف في هذه المسألة؟ هل هو ‪-‬والقائل بوحدة الوجود‪ ،‬وال يرى للحق في الموجودية من شريك‪ -‬قد أزال كل‬
‫مثل هذه االصطالحات (المحدودية‪ ،‬والمخلوقية‪ ،‬والكثرة‪ ،‬والحدوث‪ ،‬والجوهرية‪ ،‬والعرضية) من قاموسه‪ ،‬أو أنه قد استعملها‬
‫فعال؟ وفيما إذا استعملها فكيف كان استعماله لها؟ وهل قد استخدمها في حق غير هللا تعالى‪ ،‬من حيث هو ال يقول بوجود ثان في‬
‫الوجود‪ ،‬ويتغني بنغمة (ليس في الدار غيره ديار)؟‬
‫وهل أنه قد استخدم هذه المعاني والمفاهيم في حق ذات هللا تعالى أيضا؟ وفيما إذا كان قد استخدمها‪ ،‬فكيف كان ذلك؟‬
‫هل كان يرى لذات الحق أنها محدودة وغير محدودة في آن واحد؟ وأنها خالقة ومخلوقة؟ أنها حادثة وقديمة؟ مجردة ومادية؟‬
‫كيف كان األمر لديه؟ الحقيقة هي أن العارف القائل بوحدة الوجود‪ ،‬إذا ما نفى األشياء فهو ينفيها بهذه الصورة؛ وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬أنه يرى أن وجود األشياء وجود “ظلي وظهوري”‪ ،‬وليس “وجودا حقيقيا”‪ .‬وعليه‪ ،‬فهو ينفي الوجود الحقيقي دون نفيه‬
‫للوجود الظلي لها‪.‬‬
‫‪ - 2‬أنه يرى أن األشياء ‪-‬أي الوجودات الظلية‪ -‬كلها عبارة عن ظهورات وتجليات وشؤون وأسماء وصفات الحق‪ .‬وعليه‪ ،‬فهو‬
‫باعتبار معين يسلب عن ذات الحق في مرتبة الذات‪ ،‬جميع الصفات المختصة بالمخلوقات‪ ،‬بحيث يكون “للتنزيه” هنا الحاكمية‬
‫الكاملة‪ ،‬وباعتبار آخر يرى أن شؤون وأسماء وصفات الحق ال تعد ثانيا له‪ ،‬بل هي نفس الحق ولكن في مرتبة األسماء‬
‫والصفات‪ .‬ومن خالل هذه الرؤية‪ ،‬فإن الحق في مرتبة أسمائه وصفاته يتصف بكل شؤون المخلوقات من قبيل (المخلوقية‪،‬‬
‫والمحدودية‪ ،‬والحدوث‪ ،‬والكثرة…وأمثالها)؛ بحيث يكون “للتشبيه” هنا الحاكمية الكاملة‪.‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬سمت العرفاء “الخلق” بالحق المقيد‪ ،‬وبسبب رؤيتها هذه قد ارتفع النزاع المعروف بين المتكلمين القائل‪ :‬هل‬
‫“التنزيه” هو األمر الصحيح أم “التشبيه”؛ حيث يلزم القول “بالتنزيه المطلق” عدم إمكانية المعرفة‪.‬‬
‫العرفاء يقولون بالتنزيه في عين التشبيه‪ ،‬والتشبيه في عين التنزيه‪ .‬وفي مسألة عينية الذات بالصفات فهم يقولون بالصفات في‬
‫مرتبة الذات وبعينية تلك الصفات بالذات من طرف‪ ،‬كما يقولون بزيادة األسماء والصفات على الذات (يعني المخلوقات)‪،‬‬
‫واتحادها بالذات في عين الحال من طرف آخر‪.‬‬
‫والعرفاء ‪-‬ومن خالل تلك الرؤية التي يرون بها أن العالم‪ ،‬والذي هو عبارة عن مجموعة من األضداد‪ ،‬مع ذات الحق‪ ،‬وبنظرة‬
‫معينة شيئا واحدا‪ -‬يدعون أن ذات الحق جامعة لألضداد‪ ،‬ويقولون “أن هللا تعالى ال يعرف إال يجمعه بين االضداد في الحكم‬
‫عليه بها” (‪.)3‬‬

‫العارف يستخدم الصطالح “الجوهر والعرض”‪ ،‬ولكنه يعتقد أن النسبة الموجودة بينهما ‪-‬والمعروفة لدى الحكيم‪ -‬هي نفس‬
‫النسبة الموجودة بين ذات الحق وسائر الموجودات األخرى‪ ،‬بمعنى أن كل الموجودات بالنسبة لذات الحق هي “عرض وحالة‬
‫وصفة”‪ ،‬وذات الحق هي جوهر جميع الجواهر واألعراض‪ ،‬ومثلما أن الجوهر يشمل األعراض‪ ،‬كذلك ذات الحق تشمل كل‬
‫األشياء‪.‬‬

‫قلنا إَّن العارف يرى أن الوجود الحقيقي منحصر في ذات الحق‪ ،‬ويعتبر سائر األشياء ‪-‬وبنظرة معينة‪ -‬معدومات‪ .‬في نظر‬
‫العارف‪ ،‬فإن نسبة ذات الحق للعالم هي نسبة “الشخص للظل”‪ ،‬و”نسبة الشيء للفيء”‪ ،‬ونسبة “العاكس للعكس”‪ .‬وهذه‬
‫التعبيرات هي نفسها التي يستخدمها العرفاء في كالمهم‪.‬‬
‫يقول محيي الدين في فصوص الحكم في “فص اليوسفي”‪“ :‬اعلم أَّن المقول عليه “سوى الحق”‪ ،‬أو مسمى العالم‪ ،‬هو بالنسبة‬
‫كالظل لشخص وهو ظل هللا وهو عين نسبة الموجود إلى العالم؛ ألن الظل موجود بال شك في حس‪ ،‬ولكن إذا كان هنا من يظهر‬
‫فيه ذلك الظل حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل‪ ،‬كان الظل معقوال ال غير موجود في الحس‪ ،‬بل يكون بالقوة في ذات‬
‫الشخص المنسوب إليه الظل‪ ،‬فمحل ظهور هذا الظل اإللهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات‪ ،‬عليها امتد هذا الظل‬
‫فتدراك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذوات” (‪.)3‬‬

‫وعليه‪ ،‬ففي نظر العارف فإن ماهيات األشياء والتي تسمى “باألعيان الثابتة” مظهرا ومحال لظهور ذلك الشيء الذي يسميه‬
‫العرفاء “بظل هللا”‪ ،‬وهو نفسه “الوجود المنبسط” باصطالح‪ ،‬و”وجود إضافة” باصطالح آخر‪.‬‬
‫ويقول أيضا‪“ :‬فكل ما ندركه هو وجود الحق في أعيان الممكنات؛ فمن حيث هوية الحق هو وجوده‪ ،‬ومن حيث اختالف الصور‬
‫فيه هو أعيان الممكنات‪ ،‬فكما ال يزول عنه باختالف الصور اسم الظل‪ ،‬كذلك ال يزول باختالف الصور اسم العالم أو اسم سوى‬
‫الحق؛ فمن حيث أحدية كونه ظال هو الحق‪ ،‬ألنه الواحد األحد‪ ،‬ومن حيث كثرة الصور هو العالم” (‪.)5‬‬
‫قلنا إَّن العارف في عين الوقت الذي يقول فيه بوحدة الحق والخلق‪ ،‬وال يرى الخلق مباينا للحق‪ ،‬وال يقول له بوجود مستقل‪ ،‬بل‬
‫الخلق في نظره هو عبارة عن امتداد لنور وجود الحق؛ فإنه يحافظ على المراتب في الوقت نفسه‪ .‬فللحق حكم في مرتبة الذات‪،‬‬
‫وحكم آخر في مرتبة الخلق‪.‬‬

‫يذكر محيي الدين في “فص الشعيبي” من فصوص الحكم‪ ،‬كالما عن معرفة النفس في البين؛ فكما نعلم فإَّن العرفاء يعتقدون أنه‬
‫ال يمكن معرفة النفس على نحو حقيقي إال عبر طريق السير والسلوك‪.‬‬
‫وفي كلمات العرفاء‪ ،‬يمكننا مشاهدة مثل هذا الكالم أحيانا‪ :‬للعارف الفالني‪ ،‬وفي الوقت الفالني‪ ،‬وفي اليقظة أو النوم‪ ،‬حصلت‬
‫له “معرفة النفس”‪ .‬وأحيانا يعبرون عن ذلك “بالتجرد”‪ ،‬ويقولون‪ :‬حصل له تجردا‪.‬‬
‫يقول محيي الدين‪“ :‬معرفة النفس بهذا النوع من المعرفة‪ ،‬هي عين معرفة الحق‪ ،‬ومفاد الحديث المعروف “من عرف نفسه‬
‫عرف ربه” ليس هو أن يحصل بواسطة معرفة النفس معرفة أخرى‪ ،‬والتي هي معرفة الرب‪ ،‬وذلك مثلما يكون في القياسات‬
‫الفكرية؛ حيث يولد من العلم بالمقدمتين العلم بالنتيجة‪ ،‬بل معرفة النفس على ذلك النحو من المعرفة‪ ،‬هي عين معرفة الرب؛ ألَّن‬
‫الخلق من جهة هو عين هوية وحقيقة الحق‪ ،‬والنفس هي أكمل صور الخلق؛ ألن “إَّن هللا تعالى خلق آدم على صورته” (هللا)‪.‬‬
‫يقول محيي الدين‪ :‬لم ينل أحد على صورة حقيقية لمعرفة النفس غير األنبياء والعرفاء‪ ،‬وما قالته الحكماء والمتكلمين في هذا‬
‫الباب‪ ،‬فهو بسبب عدم وصولهم للحقيقة‪.‬‬
‫ُيْو رد هنا محيي الدين مثال‪ ،‬ويقول‪“ :‬كل من يناقش مسألة معرفة النفس عن طريق الفلسفة‪ ،‬فقد استسمن ذي الورم‪ ،‬ونفخ في‬
‫غير ضرم”‪ .‬ويقول إنهم مصداٌق لهذه اآلية‪“ :‬الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” (‪.)6‬‬

‫العرفاء وبشكل عام ‪-‬وخالفا للحكماء الذين يرون أن “األنا الحقيقية” موجود مستقل الذات‪ -‬يرون أن “أنا الحقيقية” إذا ما‬
‫عرفت بالمعرفة العرفانية‪ ،‬فإنها من خالل نظرة معينة تعد عين ذات الحق‪ ،‬أي في نظرهم أن “أنا” مساوية لـ”هو”‪.‬‬
‫هنالك حيث يدعي العارف ويقول مثال “إني أنا هللا”‪ ،‬فإن ما يدركه هو من “أنا” هو غير ذلك الشيء الذي يفهمه اآلخرون من‬
‫كالمه‪.‬‬
‫ويتخيل اآلخرون أنه في إدراك نفسه من خالل “أنا”‪ ،‬يشاهد هذا الموجود المحدود الخلقة‪ ،‬وأنه قد أعطى لهذا الوجود نسبة‬
‫األلوهية‪ ،‬أو تخيلوا بأنه قد اعتقد أن ذات هللا قد حلت فيه‪.‬‬

‫هذا في الحال الذي يكون فيه العارف فاٍن عن نفسه‪ ،‬وذلك الشيء الذي ال يمكن رؤيته أبدا‪ ،‬هو نفس ذاك الشيء الذي يتلقاه‬
‫اآلخرون كـ”أنا”‪ ،‬بينما يعد هو في نظر العارف عبارة عن “ال شيء محض”‪.‬‬
‫ابن الفارض العارف المصري المعروف‪ ،‬الذي عاش في القرن السابع‪ ،‬والذي يعد في العرفان اإلسالمي وبين عرفاء العرب‬
‫مثل حافظ بوجه عربي‪ ،‬ولربما كان أقوى من الحافظ‪ ،‬يقول في قصيدته التائية المعروفة‪:‬‬
‫متى حلت عن قولي أنا هي أو أقل…‬
‫وحاشا لمثلي أنها في حلت (‪)7‬‬
‫ومفاد هذا الشعر هو نفسه الذي قاله الشيخ الشبستري في “حديقة األسرار”‪:‬‬
‫الحلول واالتحاد هنا محال…‬
‫ففي الوحدة الثنائية عين الضالل (‪)8‬‬
‫فقد تبَّين لنا من خالل ما مر أن أحد موارد اختالف النظر بين العرفاء والحكماء هو مسألة “معرفة النفس”‪ ،‬والتي يخطئ‬
‫العرفاء فيها الحكماء كثيرا‪.‬‬
‫ويقول محيي الدين في “فصل شعيبي” عن “الخلق الجديد” (‪ ،)9‬والذي أشير إليه سابقا “وما أحسن ما قال هللا تعالى في حق‬
‫العالم وتبدله مع األنفاس” في خلق جديد “في عين واحدة‪ ،‬فقال في حق طائفة بل أكثر العالم “بل هم في لبس من خلق جديد” (‬
‫‪)10‬؛ فال يعرفون تجديد األمر مع األنفاس لكن قد أثرت…” (‪.)11‬‬

‫—————————————————‪-‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬يرجع لمقدمة العفيفي على “فصوص الحكمة”‪ ،‬ومقدمة كيوان سميعي على شر “كلشن راز”‪ ،‬ومحاضرات عبدالرحمن‬
‫البدوي في جامعة اإللهيات‪ ،‬و”قيمة ميراث الصوفي” و”بحث في التصوف” للدكتور غني‪ ،‬وورقة “العرفان والتصوف” لي‪.‬‬
‫‪ -2‬السلسلة الطولية مقابلة للسلسة العرضية‪.‬‬
‫‪ -3‬فصوص الحكم‪ ،‬فص الرابع‪ ،‬فص إدريسي‪.‬‬
‫‪ -4‬فصوص الحكم‪ ،‬ص‪.101:‬‬
‫‪ -5‬فصوص الحكم‪ ،‬ص‪.103:‬‬
‫‪ -6‬الكهف‪.104:‬‬
‫‪ -7‬متى عدلت عن قولي “أنا هو”‪ ،‬أو متى سأقول “سأعدل”‪ ،‬وحاشا لواحد مثلي بأن يقول إنه قد حل في‪.‬‬
‫‪ -8‬وله في الكتاب نفسه فصل تحت عنوان “حقيقة أنا” في نظرة عرفانية‪ ،‬يمكن الرجوع إليه‪.‬‬
‫‪ -9‬الرعد‪.5:‬‬
‫‪ -10‬ق‪.15:‬‬
‫‪ -11‬فصوص الحكم‪ ،‬ص‪.125:‬‬

‫عالقة التداخل بين الفلسفة والعرفان‬

‫يحيى محمد‬

‫إذا كان الجهاز الفلسفي يرتكز على العقل واالستدالل كأساس للتنظير‪ ،‬فإن الجهاز العرفاني المحض يستند إلى القلب كمصدر للكشف‬
‫والمشاهدة التلقائية من غير نظر وال استدالل‪ .‬فهو يستفيض الحقائق ويستلهمها بنفسها عبر حدس ُيطلق عليه الحدس الصوفي‪ .‬وبذلك‬
‫يكون القلب أداة معرفة لدى العرفان في قبال العقل لدى الفلسفة‪ ،‬كما ويكون الكشف والمشاهدة أداة تلّق واستلهام في قبال البرهنة‬
‫والتفكير‪ .‬ومع ذلك فهناك عامل مشترك بين الطريقتين كما يتمثل بدينامو التوليد واإلنتاج المعرفي‪ .‬فسواء كان اإلنتاج قائمًا على أداة‬
‫العقل واالستدالل‪ ،‬أو القلب والكشف‪ ،‬فإن األصل الموّلد الذي يمارس عملية اإلنتاج يبقى نفسه في الحالتين‪ ،‬وهو السنخية‪ ،‬رغم أنه في‬
‫الطريقة العقلية يتبع نهج العالقات السببية بحفظ المراتب المحددة من العلة والمعلول‪ ،‬إال أنه في الطريقة العرفانية يتجاوز هذا المعنى‬
‫اإلثنيني ليعّبر عن عالقات تدور ضمن الوحدة الشخصية العضوية‪ ،‬وهي عالقات وإن اتصفت بنوع من الضرورة والحتمية‪ ،‬إال أنها في‬
‫جميع األحوال ال تحتفظ بمراتب العلة والمعلول‪ ،‬كسالبة بإنتفاء الموضوع كما يقول المنطقيون‪ .‬وهنا ظهر الخالف بين بعض الفالسفة‬
‫وبين العرفاء في ما يخص صنعة الكيمياء‪ .‬فعلى خالف طريقة جابر بن حيان وأتباعه من أهل الباطن‪ ،‬رفض إبن رشد أن يكون نتاج هذه‬
‫الصنعة يصل نفس الرتبة التي تبلغها الطبيعة كما هي‪ ،‬حفاظًا على المراتب الوجودية وإحالة قلب األشياء بعضها عن بعض‪ .‬فكما يقول‪:‬‬
‫«وأما الكيمياء فصناعة مشكوك في وجودها‪ ،‬وإن وجدت فليس يمكن أن يكون المصنوع منها هو المطبوع بعينه‪ ،‬ألن الصناعة قصارها‬
‫إلى أن تتشبه بالطبيعة وال تبلغها في الحقيقة»[‪.]1‬‬

‫على أن تقسيمنا اآلنف الذكر هو تقسيم منهجي أكثر مما يعّبر عن الواقع التاريخي للفكر الوجودي‪ .‬فمن جهة غالبًا ما يتبع المفكر‬
‫الوجودي إزدواجًا في طريقة التفكير إستنادًا إلى أداتي العقل والقلب‪ ،‬أو البرهنة القياسية والكشف‪ ،‬كما هو مالحظ بشكل واضح وصريح‬
‫لدى المتأخرين في الحضارة اإلسالمية‪ .‬أما من جهة ثانية‪ ،‬فهو أن المفكر الوجودي قد يستخدم أداة الكشف كتعبير عن تجاهه العرفاني‪،‬‬
‫في الوقت الذي يحافظ فيه على مراتب العالقات بين العلة والمعلول‪ ،‬كتعبير عن ميوله الفلسفية ورؤيته المعرفية‪ .‬كما قد يحصل العكس‪،‬‬
‫وهو أن يكون المفكر الوجودي فيلسوفًا ملتزمًا بأداة التفكير العقلية‪ ،‬لكنه مع ذلك ال يلتزم بالحفاظ على مراتب العلة والمعلول في رؤيته‬
‫المعرفية‪ ،‬كتعبير عن ميوله العرفانية‪ .‬بل هناك من هو واقع في َش رك من التردد‪ ،‬فهو تارة يتبنى الرؤية الفلسفية الثنائية‪ ،‬وأخرى يتبنى‬
‫الرؤية العرفانية الوحدوية‪ .‬يضاف إلى أن هناك إتجاهًا صريحًا يجمع بين األمرين‪ ،‬سواء على مستوى األداة‪ ،‬أو الرؤية المعرفية‪ ،‬كما‬
‫هو الحال مع صدر المتألهين الذي جمع ما بين العقل والكشف‪ ،‬كما وآلف ما بين الرؤية المعرفية الفلسفية القائمة على عالقات السببية‪،‬‬
‫والرؤية المعرفية العرفانية التي تتجاوزها‪ ،‬كطريقة متوسطة للجمع بين ما هو ظاهر وما هو باطن‪ ،‬أو ما هو في طور العقل وما هو‬
‫أرقى منه‪.‬‬

‫إن ما يفّس ر هذا اإلختالط والتداخل بين الفلسفة والعرفان‪ ،‬والذي يجعل من الفيلسوف عارفًا ومن العارف فيلسوفًا‪ ،‬هو أن كال المعرفتين‬
‫تعود إلى وحدة األصل الفعال‪ .‬فتارة يتم توجيه هذه الوحدة لحفظ العالقة بين العلة والمعلول‪ ،‬وثانية يتم توجيهها لتجاوز هذه الثنائية‬
‫وإعتبارها مجرد ظاهر يخفي ما هو أعمق منها وأحق‪ ،‬تعويًال على ذات الوحدة من الشبه‪ .‬فالشبه الذي تستبطنه العالقة بين العلة‬
‫والمعلول هو في حد ذاته يعّبر عن الوحدة‪ ،‬إذ ال شبه من غير وحدة أو إتحاد‪ ،‬وهو ما يدفع إلى اإلعتقاد بوحدة الوجود الشخصية تجاوزًا‬
‫لقرار العقل بضرورة التمييز بين ما هو علة وما هو معلول‪.‬‬
‫لكن إذا ما تجاوزنا هذا اإلختالط والتداخل‪ ،‬ونظرنا إلى الفلسفة والعرفان نظرة تاريخية قائمة على اإلستقالل واالنفصال‪ ،‬وذلك بطريقة‬
‫منهجية على صعيد األداة وبغض النظر عن األصل الفعال وما ينتجه من رؤية معرفية‪ ،‬فسنرى أن دورتهما التاريخية في الحضارة‬
‫اإلسالمية تختلف عن دورتهما في الحضارة اليونانية ـ الرومانية‪ .‬فإذا كان العرفان في الدورة اليونانية جاء كرد فعل على الفلسفة التي‬
‫قيدت نفسها بطريقة العقل منذ طاليس وحتى أرسطو واتباعه‪ ،‬فإن ما حصل في البدايات األولى للحضارة اإلسالمية كان مختلفًا‪ ،‬إذ حضر‬
‫العرفان كإمتداد لنهايات الدورة اليونانية؛ عبر تبني طريقة العرفان الباطنية وترجيحها على طريقة الفلسفة العقلية‪ ،‬كما هو حال الشيعة‬
‫األوائل‪ ،‬وكما يالحظ بشكل منّظ ر لدى العارف الكيميائي جابر بن حيان الكوفي‪ ،‬فهو ال يثق بالقدرة الكافية لدى العقل في معرفة الحقيقة‬
‫وتحصيل اليقين‪ ،‬بل يلجأ إلى طريقة العرفان كمصدر أساس للمعرفة‪ .‬فهو في موضع الكالم عن عالقة القديم بالمحدث يشير إلى أن هذه‬
‫المسألة هي من أصعب األمور عند الفالسفة إلى درجة أن أكثرهم مات بحسرة التحقيق فيها[‪ ،]2‬لكنه يراها سهلة يسيرة عند أرباب العلم‬
‫من أهل العرفان الذين يشاهدون األمر بما «ال يحتاجون فيه إلى إعمال فكر في دليل وال استعمال لفظ وتمثيل»[‪.]3‬‬

‫ويرى العديد من المفكرين المعاصرين أن بداية طريقة العقل الفلسفية في الحضارة اإلسالمية جاءت كرد فعل على العرفان الشيعي‪.‬‬
‫فالمعتقد أن الدعوة بإتجاه التعقيل واالستنجاد بأرسطو التي ظهرت على يد الخليفة العباسي (المأمون) هي ذات دوافع سياسية ضد طريقة‬
‫العرفان الباطني‪ ،‬مما يجعل مسار الدورة التاريخية للفلسفة والعرفان على خالف المسار الذي مّر ت به في الحضارة اليونانية ـ الرومانية‪.‬‬
‫لكن مهما يكن فإن التطور التاريخي للفكر الوجودي قد كشف بأن الطريقة العرفانية ترى نفسها قائمة ‪ -‬على الدوام ‪ -‬كرد فعل على غلواء‬
‫العقل ومنهجه االستداللي‪ .‬فالعرفاء كثيرًا ما يهمهم الكشف عن قصور العقل وتناقضاته التي تفضي به إلى الطريق المسدود‪ .‬فهو عندهم‬
‫ليس مؤهًال الستخالص الحقائق باستثناء بعض المعارف المجملة كمعرفة أن للحوادث محدثًا‪ ،‬وفي ما عدا ذلك يعتبرونه يفضي إلى‬
‫الشك‪ ،‬وهو ما يبرر تأسيس طريقة العرفان كرد فعل على هذه النهاية الخاسرة‪.‬‬

‫من هنا نعتبر الشك قنطرة أساسية يمر عبرها السالك ليتخلص من فوضى هيجان بحر العقل إلى سفن نجاة العرفان‪ .‬وهناك من يعد‬
‫العرفان مرحلة تأتي بعد إنتهاء مرحلة النظر أو العقل‪ ،‬والتي تسبقها مرحلة الشك‪ ،‬كما هو الحال مع الغزالي الذي يقول‪« :‬من لم يشك لم‬
‫ينظر‪ ،‬ومن لم ينظر لم يبصر‪ ،‬ومن لم يبصر ففي العمى والضالل»[‪ .]4‬لكن الشك على صنفين‪ ،‬أحدهما يسبق النظر‪ ،‬وهو يحدث لوجود‬
‫اإلختالف بين المذاهب كما يتحدث عنه المتكلمون‪ ،‬ويزول إما بالتقليد أو بالنظر العقلي وال يفضي إلى السلوك العرفاني‪ .‬أما الصنف‬
‫اآلخر فهو يأتي بعد االغراق في النظر‪ ،‬وهو الذي يفضي إلى ذلك السلوك‪ ،‬كما حدث مع تجربة الغزالي نفسه‪ .‬فقد ذاق مرارة الشك‬
‫وسطوته بعد ايغاله في النظر العقلي‪ ،‬ولم يتمكن من االفالت منه إال بالسلوك العرفاني كما هو معلوم‪.‬‬

‫[‪ ]1‬تهافت التهافت‪ ،‬ص‪.511‬‬

‫[‪ ]2‬من بين هؤالء الفالسفة ما ُن قل عن جالينوس أنه تردد في هذه المسألة من الحدوث والقدم للعالم‪ ،‬وأنه قال في مرضه الذي مات فيه‬
‫لتالمذته‪ :‬اكتبوا عني اني ما علمت أن العالم قديم أو حادث (جالل الدين الدواني‪ :‬رسالة انموذج العالم‪ ،‬ضمن ثالث رسائل للدواني‪،‬‬
‫تحقيق أحمد تويسركاني‪ ،‬مجمع البحوث اإلسالمية‪ ،‬ايران‪ ،‬الطبعة األولى‪1141 ،‬هـ‪ ،‬ص‪ .482‬ورسالة معراج السالكين‪ ،‬ضمن‬
‫مجموعة رسائل اإلمام الغزالي (‪ ،)1‬ص‪.)78‬‬

‫[‪ ]3‬مختار رسائل جابر بن حيان‪ ،‬ص‪.542‬‬

‫[‪ ]4‬الغزالي‪ :‬ميزان العمل‪ ،‬تحقيق وتقديم سليمان دنيا‪ ،‬دار المعارف بمصر‪ ،‬الطبعة األولى‪1964 ،‬م‪ ،‬ص‪ 408‬و‪228‬‬

You might also like