You are on page 1of 382

‫جـامعــــة الجزائــــــــــر ‪3‬‬

‫كليــة العلــوم السياسيــة والعالقات الدولية‬


‫قسم التنظيم السياسي واإلداري‬

‫إستراتيجية تسيير الجماعات المحلية في الجزائر‬

‫أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعالقات الدولية‬


‫تخصص‪ :‬التنظيم السياسي واإلداري‬

‫إشـــراف‪:‬‬ ‫إعداد‪:‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬تاجر محمد‬ ‫حمداني الوناس‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬


‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫اللقب و االسم‬
‫رئيـــســــــــــــا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬حاروش نور الدين‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫جامعة تيزي وزو‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬تاجر محمد‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬دريس نبيل‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬لعروسي رابح‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة الجزائر‪3‬‬ ‫د‪ /‬سالمي العيفة‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫د‪ /‬بطاهر علي‬

‫السنة الجامعية ‪8102 - 8102‬‬


‫جـامعــــة الجزائــــــــــر ‪3‬‬
‫كليــة العلــوم السياسيــة والعالقات الدولية‬
‫قسم التنظيم السياسي واإلداري‬

‫إستراتيجية تسيير الجماعات المحلية في الجزائر‬

‫أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعالقات الدولية‬


‫تخصص‪ :‬التنظيم السياسي واإلداري‬

‫إشـــــــــراف‪:‬‬ ‫إعـــــــــداد‪:‬‬
‫أ‪ .‬د‪ /‬تاجر محمد‬ ‫حمداني الوناس‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬


‫الصفة‬ ‫الجامعة‬ ‫اللقب و االسم‬
‫رئيـــســــــــــــا‬ ‫جامعة الجزائر ‪3‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬حاروش نورالدين‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫جامعة تيزي وزو‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬تاجر محمد‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة البليدة ‪2‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬دريس نبيل‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة الجزائر‪3‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬لعروسي رابح‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة الجزائر‪3‬‬ ‫د‪ /‬سالمي العيفة‬
‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة تلمسان‬ ‫د‪ /‬بطاهر علي‬

‫السنة الجامعية ‪8102 - 8102‬‬


‫امحلد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل ارشف خلق هللا ‪ ،‬وخامت الانبياء و‬
‫افضل املرسلني ‪ ،‬س يد الاولني والاخرين ‪ ،‬محمد ابن عبدهللا اذلي بعثه رمحة للعاملني ‪،‬‬
‫وعىل من واله واتبعه بإحسان اىل يوم ادلين‪ .‬اما بعد‪.‬‬
‫يقول املوىل عز وجل يف حممك تزنيهل‪:‬‬

‫ِل َمن تَشَ ا ٓ ُء َوتَ ِزن ُع ٱلۡ ُم ۡ َ‬


‫ِل ِم َّمن تَشَ ا ٓ ُء َوتُ ِع ُّز َمن‬ ‫ِل ت ُۡؤ ِِت ٱلۡ ُم ۡ َ‬
‫ِل ٱلۡ ُم ۡ ِ‬
‫" قُ ِل ٱللَّهُ َّم َم َٰ ِ َ‬
‫َشءٖ قَ ِد ‪ٞ‬ير ‪".‬‬ ‫ك َۡ‬ ‫تَشَ ا ٓ ُء َوتُ ِذ ُّل َمن تَشَ ا ٓ ُء ِب َي ِدكَ ٱلۡخ ۡ َُي ان ََّك عَ َ ٰىل ُ ِ ل‬
‫ِ‬

‫الاية‪ 62‬من سورة ٱٓل معران‬


‫شكر وتقدير‬
‫اتقدم بجزيل شكري العميق ‪ ،‬و فائق احترامي‪ ،‬وواسع تقديري ‪،‬‬
‫احر عبارات االمتنان لألستاذ‪:‬‬
‫واسمى معاني العرفان‪ ،‬و ّ‬

‫محمد تاجر‬

‫المشرف على االطروحة الذي لم يدخر جهدا في تقديم توجيهاته‬


‫ونصائحه القيمة لي ‪ ،‬ومؤازرته الدائمة ‪ ،‬في كل مرحلة من مراحل‬
‫البحث ‪.‬‬

‫كما يشرفني كثي ار ‪،‬ان اتوجه الى اعضاء لجنة المناقشة المحترمين ‪،‬‬
‫بخالص شكري ‪ ،‬وعظيم تقديري ‪ ،‬على تفضلهم بفحص‪ ،‬وتقييم‬
‫هذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫وال يفوتني ان اقدر تقدي ار عاليا ‪ ،‬كل اآلراء والتشجيعات التي‬


‫قدمها لي زمالئي ‪ ،‬من‬
‫قريب او من بعيد‪ ،‬طيلة فترة انجاز االطروحة …‬
‫اهداء اكرام واجالل‬

‫اهدي هذا العمل المتواضع الى والديا العزيزين ‪ ،‬اللذان كرمهما اهلل‬
‫عز وجل ‪ ،‬واجلهما جالال عظيما ؛ في قوله وهو اصدق القائلين ‪:‬‬

‫الر ْح َم ِة َوُقل َّر ِّب ْار َح ْم ُه َما َك َما‬


‫الذ ِّل ِم َن َّ‬
‫ض لَهما ج َناح ُّ‬
‫اخف ْ ُ َ َ َ‬
‫" و ِْ‬
‫َ‬
‫ص ِغ ًا‬
‫ير‪".‬‬ ‫ِ‬
‫َرَّب َياني َ‬

‫اآلية ‪ 42‬من سورة االسراء‪.‬‬


‫اهداء ود و رحمة‬

‫كما اهدي ثمرة هذا الجهد المتواضع الى رفيقة دربي ‪ ،‬وسندي الدائم‬
‫والوفي ‪ ،‬زوجتي الكريمة ‪.‬والى قرة عيني وفلذة كبدي ابنائي ‪:‬‬
‫‪ -‬عبـد المؤم ـن‬
‫‪ -‬شرف الديـن‬
‫‪ -‬احمد ف ـراس‬
‫بارك اهلل فيهم ‪ ،‬وجعلهم من عباده الصالحين‪...‬‬
‫خطــــة الدراســـــــــــــة‬
‫مقدمــــــــــــــــــــة الدراســــة‬

‫الفصل ألاول‪ :‬النظام املؤسساتي للجماعات املحلية في الجزائر‬

‫مدخل الفصل‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬أهمية الجماعات املحلية ومكانتها في النظام إلاداري الجزائري‬
‫ثانيا‪ :‬املؤسس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات إلادارية املحلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬‫ً‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬املؤسسات السياسية املحلي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‬
‫رابعا‪ :‬السلطات املحلية‬ ‫ً‬
‫خامسا‪ :‬حدود السلطات املحليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫ً‬
‫خالصة الفصل‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إشكالية التمثيل السياس ي في إدارة الجماعات املحلية‬


‫مدخل الفصل‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬شرعية التمثيل السياس ي املحلي‪.‬‬
‫ث ً‬
‫انيا‪ :‬العهدة إلانتخابية املحلية‬
‫ثالثا‪ :‬الديمقراطية املحلية بين التمثيل واملشاركة‬
‫رابعا‪ :‬املجتمع املدني والتنظيم املحلي‬
‫خالصة الفصل‬

‫الفصل الثالث‪ :‬السياسة العامة املحلية‪ :‬آليات عامة لشؤون محلية‬


‫مدخل الفصل‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬السياسات العامة كسياسات تنموية محلية‬
‫ثانيا‪ :‬الجماعات املحلية كإطار تحليل للسياسة العامة املحلية‬‫ً‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬املتدخلون في السياسة العامة املحلية‬
‫رابعا ‪ :‬مراحل صنع السياسة العامة املحلية‬
‫ً‬
‫خامسا‪ :‬معوقات السياسة العامة املحلية‬
‫خالصة الفصل‬
‫الفصل الرابع‪ :‬إدارة التنمية املحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير الاقتصادي‬

‫مدخل الفصل‬
‫أول ‪ :‬النموذج الجزائري في التنمية كمشروع اجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬التنمية املحلية ‪ :‬اختيارات سياسية بمضامين اجتماعية‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬موارد إدارة التنمية املحلية‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬عالقة الدولة بالجماعات املحلية‬
‫خامسا ‪ :‬املصالح العمومية املحلية‬
‫خالصة الفصل‬

‫الفصل الخامس‪ :‬سياقات إلاصالح ورهانات الحكامة املحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬


‫مدخل الفصل‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬الحكامة العامة كسياسة إلصالح الدولة‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬إصالح النسق الالمركزي‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬تحديات الحكامة املحلية‬
‫رابعا‪ :‬ضمانات إنجاح الحكامة املحلية‬
‫خالصة الفصل‬
‫خاتم ـ ـ ـ ــة واستنتاجات الدراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫قائمة املراجع املعتمدة‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ــة املحتويـ ـ ـ ــات‬
‫ملخص‬
‫قائمة الجداول واالشكال‬
‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬ ‫الرقم‬
‫‪712‬‬ ‫رسم يبين دور السلطات املحلية في مشروع التجديد الريفي‬ ‫‪10‬‬
‫املبرمج ؛ ألاليات إلادارية و التنظيمية‬
‫‪772‬‬ ‫شكل بياني يوضح توزيع نسب مداخيل النظام الجبائي‬ ‫‪10‬‬
‫وتأثيره على مالية البلديات‪.‬‬
‫‪772‬‬ ‫شكل بياني يوضح منح معادلة التوزيع بالتساوي لتغطية‬ ‫‪10‬‬
‫النفقات إلاجبارية‪.‬‬
‫‪772‬‬ ‫شكل بياني لتطور عجز ميزانية البلديات‪.2000-2017‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪732‬‬ ‫جدول مقارن حسب مؤشر التأهيل بين الادارة املركزية و‬ ‫‪10‬‬
‫ادارة الجماعات املحلية‬
‫‪732‬‬ ‫جدول مقارن حسب مؤشر التأهيل لجميع تعداد‬ ‫‪16‬‬
‫الوظيف العمومي‪.‬‬
‫مقــــــــــــدمــــــــة‬
‫استهدفت التنمية الشاملة التي عرفتها الجزائر‪ ،‬تحسين معيشة المواطنين‪ ،‬وبناء مؤسسات إدارية‪،‬‬
‫ومرافق عمومية خدماتية عديدة‪ ،‬وحاولت فرض تنظيم اجتماعي معين على المجتمع‪ ،‬يمنح الدولة بكل‬
‫أجهزتها التنفيذية دو اًر مهيمناً ومحورياً في القيادة والتأثير واتخاذ القرار‪ .‬لكن وبفعل التحوالت الداخلية‬
‫المتسمة باالنفتاح جراء تنامي الوعي وقوة الحراك االجتماعي وتفاعالته‪ ،‬سواء لدى النخبة السياسية أو‬
‫لدى الفئات االجتماعية األخرى‪ .‬ظهرت محدودية المشروع التنموي الوطني الممركز‪ ،‬لتبدأ جدلية التغيير‬
‫والبحث عن أساليب تنموية وتحديثية أخرى أكثر نجاعة وفعالية‪ ،‬تتجاوز القديم وتبحث عن إحداث‬
‫تكيفات مرحلية متدرجة‪.‬‬
‫افرزت سلبيات التنمية ظهور أزمة شاملة‪ ،‬وبالمقابل تم طرح بدائل سياسية متضاربة‪ ،‬وفق ما جاء‬
‫في المشروع الديمقراطي الوليد والذي أدى بدوره إلى أزمة حلقية‪ ،‬تتكاثر فيها المشاكل بكثافة دون توفر‬
‫اإلرادة والعقالنية لحلها‪ ،‬نتيجة تباين الرؤى بين الفاعلين الجدد والقوى التقليدية الملتفة حول النظام‬
‫السياسي‪ .‬يتميز أداء الدولة كمؤسسات قائمة‪ ،‬بأداء محدود وفعالية بطيئة يعوزها الترابط واالنسجام‪،‬‬
‫واالفتقار للشروط الموضوعية لتحقيق الغايات‪ ،‬واألهداف التي تتولى فيها تلك المؤسسات تحقيقها لصالح‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫إن األسس القاعدية التي تقوم عليها الدولة في تنفيذ سياساتها التي رسمت على ضوء الحاجات‬
‫المقدرة أو االنشغاالت المتراكمة تتبنى الالمركزية‪ ،‬إال أنها تتحكم في دواليبها اتجاهات سلوكية‪،‬‬
‫وبيروقراطية غير منتجة‪ .‬فحدود العجز التي بلغتها اإلدارة المحلية‪ ،‬تظافرت عدة عوامل لحدوثها في‬
‫مقدمتها العوامل السياسية والمالية والهيكلية والتنظيمية الخاصة ببيئة كل من البلدية والوالية الداخلية و‬
‫الخارجية‪ ،‬مما يقود في النهاية إلى تفريغ مفاهيم ومضامين الخدمة العمومية من محتواها‪ ،‬وذلك بين‬
‫أطرافها الثالثة‪:‬‬
‫المنتخبون و المستخدمون ـوالمواطنون‪ ،‬حيث تميع ثقافة القانون في صيغ جدلية ال مخرج منها‪ ،‬وهي‬
‫حالة أزمة معقدة ج ًدا‪ .‬مما يؤدي إلى تباين وتداخل في درجات المسؤولية في مختلف المستويات اإلدارية‬
‫المحلية‪ ،‬نتيجة تأثيرات األزمة التي تعيشها البالد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬عدم قدرة البلدية والوالية على احتواء الضغوط‬
‫الخارجية؛ تتحول إلى تعدد في مراكز القرار؛ بتعدد أشخاصها كميول وتيارات تبحث عن مصالحها‬
‫الضيقة على حساب المصلحة العامة‪ .‬مما يستدعي تشجيع أنماط مشاركة محلية جدية ومنتظمة في‬
‫صنع القرار‪ ،‬وذلك من خالل إدخال ثقافة تسيير حديثة تتميز بالرشادة والصرامة‪ ،‬تحسن تثمين الموارد‬
‫وتستغل وفق قواعد عقالنية الكفاءات المتاحة‪ ،‬لتعمل على اجتثاث جذور العقم من األساس في اإلدارة‬
‫المحلية‪ .‬فالتهميش القاتل للطاقات ليس قد ار محتوما‪ ،‬وانما هو مجرد سلوك بيروقراطي وليد ذهنية‬
‫محافظة لثقافة بائدة‪.‬‬
‫تجديد أساليب التسيير وعصرنتها هي اإلمكانية الوحيدة المتوفرة اآلن‪ ،‬لكي تصبح إدارة الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬متكيفة مع متطلبات الواقع االجتماعي‪ ،‬ومنسجمة مع مقتضيات الخدمة العمومية‪ ،‬للبرهنة‬

‫‪2‬‬
‫وبالملموس عن معايير تحديد مدلول المنفعة العامة لألمة‪ .‬وبالتالي فأي تطور يتم خارج هذا النطاق أو‬
‫على حسابه‪ ،‬ال يلبث أن يكون حالًّ ظرفيا يجانب الواقع ويعطل حركة التغيير المأمول‪.‬‬
‫ال تقتصر عملية تحليل نظام الجماعات المحلية في الجزائر‪ ،‬على الشكل القانوني الذي يؤطرها‪،‬‬
‫أو االكتفاء بتوصيفها العرضي‪ ،‬من حيث البنية والمهام‪ ،‬دون محاولة طرح رؤية متكاملة ومنسجمة‬
‫لماهيتها وأهميتها‪ ،‬ودورها الفاعل في التأسيس إلعادة بناء الدولة من القاعدة إلى القمة‪ .‬وذلك تماشيا مع‬
‫ثقافة المشاركة الجوارية‪ ،‬وفنون الديموقراطية المحلية التي تميز حياة الشعوب والمجتمعات المتحضرة‪.‬‬
‫وهذا التصاعد الالفت لمكانة الجماعات المحلية في رسم السياسات العامة والمشاركة‪ ،‬جاء نتيجة أزمة‬
‫مركزية الدولة‪ ،‬و المركزيتها المحدودة‪.‬‬
‫يعمل التحليل على توجيه الدراسة نحو السياقات العالمية التي أصبحت تبحث عن استجماع كل‬
‫الشروط الممكنة‪ ،‬لتكريس العدالة االجتماعية‪ ،‬وقيم المواطنة ودولة القانون‪ .‬وتعطي ثقافة المواطنة المكانة‬
‫القصوى في أي عمل إداري أو سياسي وتنموي في المجتمع‪ .‬وعليه‪ ،‬يتمحور وجود الدولة ومؤسساتها‪،‬‬
‫السيما جماعاتها المحلية على حجم الثقة التي تتمخض عن عالقة مثل هذه المؤسسات بمواطنيها‪ ،‬والتي‬
‫تحسم درجة شرعيتها‪ ،‬ومشروعية عملها في نظر هذا المواطن‪.‬‬
‫اعتمدنا في دراستنا‪ ،‬على رؤية إستراتيجية في تنظيم الجماعات المحلية‪ ،‬وتسييرها نحو آفاق‬
‫مستقبلية أفضل‪ ،‬مشروطة بمقاربة كلية قوامها فلسفة الحكامة العامة والمحلية‪ ،‬اين يمكن تعميمها على‬
‫انساق النظام المؤسساتي في الدولة؛ إذا ما توفرت إرادة فاعلة في مركز القرار السياسي الوطني‪ ،‬أخذون‬
‫في الحسبان معطيات التشخيص البنيوي والهيكلي والوظيفي لهذه الجماعات المحلية‪ ،‬وعالقات تأثيرها‬
‫المتبادلة بينها وبين مختلف االنساق المركزية األخرى‪ .‬أي النظر إلى عمل الجماعات المحلية في ظل‬
‫قيود الوصاية والرقابة‪ ،‬وتحويل دورها من فاعل سياسي ومتعامل عمومي إلى مجرد مشرف وظيفي على‬
‫خدمات مرفقية كأداة تنفيذية للمركز؛ مما تثبط أي دور محوري ومستقل‪ ،‬محتمل لحاملي العهدة‬
‫االنتخابية‪ .‬وبذلك تتفوق سلطة الدولة على إرادة الشرعية المجتمعية المصادرة ألغراض سلطوية مركزية‪،‬‬
‫تضع وتنفذ السياسة العامة حسب مقتضيات مبادئ المصلحة العامة للدولة‪ .‬ومنها تبدو الصورة النمطية‬
‫عن عالقة الدولة بالجماعة المحلية؛ كمؤسسة وظيفية للجوارية‪ .‬والتي غالبا ما تكون صورة متأزمة‪،‬‬
‫تؤجل بزوغ الصورة الميثالية‪ ،‬إلى آفاق الحقة قد تحملها مشاريع اإلصالح والتغيير القادمة‪.‬‬
‫ورغم االستخدامات الوظيفية المتعددة لمفهوم اإلستراتيجية في مختلف المجاالت العلمية والمهنية؛‬
‫وباألساس في التنظيم والتسيير في المنظمات العامة والخاصة على حد سواء‪ .‬فان معايير الفعالية‬
‫والمردودية والجودة؛ تشكل المتغيرات الشرطية لميالد بيئة مالئمة العتماد الحكامة العامة بشقيها المركزي‬
‫والمحلي المؤسسي‪ .‬وتتيح في النهاية بناء نموذج اإلدارة اإلستراتيجية‪ ،‬كعملية تفكير تحليلية‪ ،‬تقاربية‬

‫‪3‬‬
‫وانتقائية‪ ،‬الغرض منها هو ترجمة االستراتيجيات التي وضعت خالل التفكير االستراتيجي‪ ،‬إلى سلسلة من‬
‫‪1‬‬
‫البرامج والعمليات‪.‬‬
‫اإلستراتيجية هي علم أو فن النشاط اإلنساني المرغوب واإلرادي والصعب‪ .‬تستهدف إعطاء طابع‬
‫واعي ومقدر للق اررات التي بموجبها نرغب في تقدير سياسة ما‪ .‬واالستراتيجية تفهم حسب سياقها التحليلي‬
‫‪2‬‬
‫وتتضمن ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬دراسة العمليات والمقاربات واألدوات للتكفل بمشاكل المنظمات‪.‬‬
‫‪ -2‬التحكم في مصير المنظمات‪.‬‬
‫‪ -3‬إبداء رؤية للمستقبل من حيث البني والوسائل‪.‬‬
‫إذا توفرت محددات الرؤية اإلستراتيجية لدى الفاعلين الرئيسيين في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬تبرز‬
‫مؤشرات حقيقية لسياسة عامة في مجال الجماعات المحلية‪ ،‬تمضي نحو تسطير تقاليد احترافية‪ ،‬ذات‬
‫مستوى عالي في فرض استقاللية ونوعية النموذج الوطني المحلي للجماعات المحلية؛ ليس باعتباره حقال‬
‫عموميا من حقول بناء الشرعية السياسية في الدولة ككل‪ ،‬وانما كأسلوب نموذجي لتسيير موارد الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬طبقا إلرادة المواطنين فيها‪ .‬وتشكل فعاليتها امتدادا طبيعيا لترعرع ثقافة الدولة‪ ،‬ورجل الدولة في‬
‫فضاء الحياة السياسية المحلية‪ ،‬ثم تعم وتشمل المجال العمومي العام‪.‬‬
‫اإلطار المرجعي للدراسة (دوافع اختيار الموضوع)‬
‫هناك عدة أسباب تقف وراء اختيارنا لهذا الموضوع؛ يمكن تصنيفها إلى حزم تحفيزية؛ ذاتية‬
‫وأخرى موضوعية‪.‬‬
‫‪ -‬فأما الذاتية تتعلق ببداية مسارنا المهني؛ حيث شغلنا منصبا عاليا بإدارة الجماعات المحلية لفترة‬
‫تتجاوز العشر (‪ )11‬سنوات؛ وعايشنا الواقع بكل تجلياته االيجابية والسلبية‪ .‬حينئذ بدأت‬
‫تتضارب في مخيلتنا تساؤالت كثيرة ومتناقضة لإلجابة النظرية عن المشاكل الحقيقية‪ .‬والشعور‬
‫في الوقت نفسه بضعف ومحدودية المعالجة المقدمة لها في النسق المحلى الذي نمارس فيه‬
‫مهامنا أين تظهر فيه سطوة النزعة البيروقراطية الشديدة 'غير المبررة"‪ .‬حيث تعطل فيه‬
‫المصالح‪ ،‬وتتراكم فيه المشاكل وتهدر فيه الموارد‪ ،‬وتبدد األرصدة المكتسبة‪ ،‬وتعقم فيه روح‬
‫اإلبداع وتصادر فيه الكفاءات وتجهض المبادرات المنتجة والمبدعة‪.‬‬

‫‪ -1‬حاتم بن صالح أبو الجدائل‪ ،‬اإلستراتيجية فن تحويل الرؤية إلى واقع ‪( ،‬القاهرة ‪ :‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،) 2112 ،‬ص‪.86‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohamed Harakat, (sous.dir), Stratégie et Organisation des Collectivités Locales au‬‬
‫‪Maroc: Repères Méthodologiques pour Une Nouvelles Gouvernance, (Greure, Rabat,‬‬
‫‪2002). P.13.‬‬

‫‪4‬‬
‫تشكل الدوافع الموضوعية اإلفراز الطبيعي للتفاعالت الذاتية ولعل أبرزها؛ قناعتنا الراسخة بان‬ ‫‪-‬‬
‫بناء الدولة وتنظيم المجتمع تبدأ من القاعدة األساسية على المستوى المحلي وال سيما البلديات‪.‬‬
‫فال يمكن إنجاح أي مشروع تنموي إذا لم تراع فيه الخصوصيات المحلية؛ من حيث الموارد‬
‫واألولويات عند رسم السياسة العامة المحلية‪ ،‬كما أن أزمة التمثيل السياسي في المؤسسات‬
‫المحلية أدت إلي زيادة تضاءل هيبة الدولة وسلطتها وبروز فئة اجتماعية انتهازية؛ تحيك شبكات‬
‫نفوذها كلما اكتشفت أن ذلك يحقق لها مأربها على حساب المصلحة العليا لألمة؛ ألنها تجد في‬
‫رداءة الهيكلة الحزبية للحياة السياسية مجاال مناسبا لتوسيع هيمنتها‪ .‬وبالتالي تعمل علي تكريس‬
‫روح اليأس في النفوس بغرض إجهاض أية مبادرة حقيقية للتغيير؛ الذي أصبح رهينا لظروف‬
‫غير عادية في ظل ما يسمى » المرحلة االنتقالية الدائمة « والتي رسمت بصفة شبه كلية روح‬
‫المحافظة ومقاومة التغيير وأفرغت الحياة السياسية من أية مشروع ذي مصداقية؛ تارة بحجة قلة‬
‫النضج وتارة أخرى خدمة للمصلحة العليا للدولة‪.‬‬
‫وفرت هذه المبررات وما شابهها‪ ،‬الشروط الموضوعية للتمرد االجتماعي واالحتجاج العنيف ونشر‬
‫الفوضى للتعبير عن المطالب ومعالجة المشاكل‪ .‬لتصبح المؤسسة المحلية؛ كجماعات محلية تبدو شبه‬
‫عاجزة وغير متمكنة من إدارة الشؤون المحلية‪ .‬وتؤشر بذلك على أنها مجرد جهاز في يد السلطة المركزية‬
‫تتم على حسابها التسويات‪ ،‬وتلصق بها كل اإلخفاقات‪ .‬ال لشيء‪ ،‬إال لسبب رئيسي يتعلق بغياب دولة‬
‫المؤسسات التي ميعتها ثقافة الفساد والزبائنية‪ .‬وبالطبع‪ ،‬المجال للحديث عن حل جذري للحالة المتأزمة‬
‫لكيان الدولة برمته ما لم يلجا إلي البحث عن إستراتيجية تسيير حديثة؛ تستمد مشروعيتها وتضع برامجها‬
‫عبر التمثيل السياسي الحقيقي والنوعي وكذا انتقاء أفضل الكفاءات إلدارة الشؤون العامة وطنيا ومحليا‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫القضية المطروحة للدراسة‪ ،‬والتحليل متداخلة‪ ،‬وممتدة تتعلق بجزء أساسي من وسائل تسيير الدولة‬
‫تقتضي ضبط مقاربات منهجية متنوعة ومتكاملة‪ ،‬حيث نركز على تشخيص البنية اإلدارية‪ ،‬ووظائفها مع‬
‫إمكانية إحداث مقاربة مع نماذج عالمية؛ وكذا محاولة البحث عن مواطن الخلل المالحظة بين موارد‬
‫الجماعات المحلية والمطالب المعبر عنها محليا ‪ ،‬بغية فهم العجز المسجل في حصائل التسيير اإلداري‬
‫والمالي والسياسي ومحاولة اجراء فرز موضوعي له‪ .‬وبالتالي‪ ،‬اإلسهام العلمي و الفعلي في تعديل‬
‫المسارات والسياسات المحلية التي تتم في مجال الجماعات المحلية‪ .‬و يأتي على رأس هذه الموارد؛‬
‫العامل البشري بالدرجة األولى ألنه يعتبر المحرك األساسي الفاعل في دفع عملية التنمية كمشروع تغيير‬
‫واصالح دائم ومنظم في المجتمع المحلي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ترمي الدراسة عموما إلى تحقيق بعض األهداف نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬محاولة فهم وتفسير عالقة نمط التمثيل السياسي‪ ،‬واالنتخابي بنمط التسيير اإلداري‪ ،‬وتأثير‬
‫ذلك على اداء وفعالية المصالح اإلدارية‪ ،‬بإعتبارها مرافق عمومية يفترض فيها الحياد‬
‫وااللتزام السياسي معا‪.‬‬
‫‪ ‬تحليل أبعاد التأثير المتبادل بين مؤسسات الدولة على الخدمة العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬إدخال نوع من العقالنية في الحرص على تمتين السلوك المؤسساتي‪ ،‬عوض السلوك‬
‫المشخصن في القيام بالمهام واألعمال‪.‬‬
‫‪ ‬دراسة جدوى ترسيم الثقافة الديمقراطية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬تحليل مدى قابلية النظام الالمركزي الستقطاب الكفاءات البشرية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فانسياب ثقافة التسيير المحلي الحديث إنما تتطور بالتوازي‪ ،‬إن لم تكن القاعدة في حركة التأسيس‬
‫والمأسسة التي يباشرها النظام السياسي‪ ،‬مع مختلف الفاعلين لغاية واحدة هي إرساء نماذج‪ ،‬وآليات إدارية‬
‫لتنظيم وضبط المجتمع‪ ،‬ضمن األطر التي تضمن له إنجاز أكبر قدر من األهداف‪ ،‬ذات الجودة‬
‫والمردودية في ديمومة واستقرار وانصاف وعدل‪.‬‬
‫الدراسات السابقة (أدبيات الدراسة)‪:‬‬
‫عالجت الدراسات السابقة؛ سواء كانت كتبا أو مقاالت قضايا الجماعات المحلية؛ وتناولتها‬
‫منفردة وفق رؤى معينة‪ .‬فتارة تركز على الجوانب القانونية ؛أو التاريخية ثم االقتصادية بل وحتى اإلطار‬
‫السياسي واإليديولوجي‪ .‬كما أن قضايا الجماعات المحلية غالبا ما جاءت في ثنايا قضايا أخرى‬
‫كالالمركزية والتنمية المحلية آو القانون اإلداري‪ ،‬واإلدارة المحلية‪ ...‬وغيرها من المواضيع‪ .‬لعل ابرز تلك‬
‫المساهمات نوردها على سبيل المثال وهي تلك التي أنجزها باحثون جزائريون؛ باألساس وذلك بسبب‬
‫سهولة الحصول عليها‪:‬‬
‫‪ ‬دراسة سعودي محمد العربي‪ ،‬المعنونة‪ :‬المؤسسات المركزية والمحلية في الجزائر‪ :‬الوالية والبلدية‬
‫‪ 5691-5151‬التي صدرت له في الجزائر في‪ .2118‬حيث درس التكوين التاريخي والسياسي‬
‫للجماعات المحلية في الجزائر؛ والتدليل الموضوعي على الجذور االجتماعية والتاريخية للمؤسسة‬
‫المحلية‪ .‬وتفنيد النفي الفرنسي االستعماري لوجود مثل هذه المؤسسات قبل فرض إدارة االحتالل‪.‬‬
‫‪ ‬كتاب بعلي محمد الصغير‪ ،‬المعنون‪ :‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬صدر له في الجزائر عن دار‬
‫العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عام ‪ .2112‬يعالج فيه المؤلف الصالحيات والمهام والبنية المؤسسية للجماعات‬
‫المحلية من منظور قانوني محض مدعما باستعراض اإلطار اإلداري والتنظيمي‪ ،‬حسبما تحدده قوانين‬
‫الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬كتاب محيو احمد‪ ،‬المعنون‪ :‬المؤسسات اإلدارية الجزائرية‪ ،‬ترجمة عرب صلصيال‪ ،‬في ‪.1191‬‬
‫يدرس فيها العميد محيو قضايا الجماعات المحلية ضمن النظام اإلداري ومؤسسات الدولة في‬
‫مشروعها االشتراكي ‪.‬‬
‫كتاب ‪ ،Khelil Abdelkader‬المعنون ‪La Commune face au défi de Management‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ،et de L’ingénierie Territoriale en Algérie.‬صدر له في الجزائر عام ‪ ،1998‬والذي‬
‫يدرس فيه المؤلف التحديات التي تواجه البلدية الجزائرية‪ ،‬ويقدم مقاربة بديلة لشروط تكيفها مع مقومات‬
‫التسيير العمومي الحديث والمحددات العملية إلعادة هندسة اإلقليم في الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬كتب متعددة لـ ـ ـ ـ‪ ، Seriak Lahcene‬المعنونة على التوالي‪:‬‬
‫‪ L’organisation et le fonctionnement de la Commune, ALGER :‬‬
‫‪ENAG,1998.‬‬
‫‪ Seriak Lahcene, Décentralisation et Animation des Collectivités‬‬
‫‪Locales. ALGER : ENAG, 1998.‬‬
‫‪ Seriak Lahcene, L’Organisation et le fonctionnement de la Wilaya:‬‬
‫‪L’exemple d’une moyenne Wilaya, ALGER : ENAG.1998.‬‬
‫نجد المؤلف يستعرض في كتبه استنادا إلى خبرته المعتبرة في قطاع الجماعات المحلية‪ ،‬اإلطار‬
‫اإلداري والتنظيمي الذي تعمل فيه الجماعات المحلية‪ ،‬ويشرح فيه دور السلطة المركزية والرئاسية في إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ .‬وهي عبارة عن نظرة وصفية وارشادية‪ ،‬تفتقر الى مقومات المقاربة الحديثة التي تعالج‬
‫بها الجماعات المحلية ‪ ،‬الشؤون المحلية كمؤسسات تجسد قيم النموذج الديموقراطي‪ ،‬في الحكامة‬
‫والسياسة والحكم ‪ .‬وال تكتفي بدور المركز في الهيمنة والتوجيه ‪ ،‬وهي محاولة لإلبقاء على نفس النظام‬
‫المؤسساتي القائم من دون احداث تغيير حقيقي عليه ‪.‬‬
‫كما أثرينا إطار الدراسة ببعض المقاالت المتخصصة حول الموضوع‪ ،‬نذكر منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬دراسة ‪ ،Mahiou Ahmed‬المعنونة‪ ،« Les collectivités locales en Algérie » :‬صدرت عن‪:‬‬
‫‪ ،l’Annuaire de l’Afrique du Nord‬في ‪ . 1969.18-08‬تطرقت الدراسة إلى أهمية‬
‫الجماعات المحلية في النظام اإلداري والسياسي الجزائري مع بداية وضع اإلطار القانوني لها في‬
‫مشروع الدولة الوطنية‪ .‬محددا لها بعض المبادئ القاعدية وعالقاتها مع السلطة المركزية تحت غطاء‬
‫الوحدة والتكامل بين مكونات النظام السياسي في الدولة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪«Administration locale et pouvoir politique en‬‬ ‫‪ -‬دراسة ‪ ،Jean Leca‬المعنونة‪:‬‬
‫» ‪ Algérie‬الصادرة في ‪ ،1192‬عن ‪ .L’Annuaire de l’Afrique du Nord‬يقوم البحث على‬
‫تشخيص األوضاع الراهنة في فترة االستقالل ويتتبع البني والمهام والموارد المتوفرة لمعالجة المشاكل‬
‫المحلية للمواطنين‪ ،‬ويدرس عالقة الجماعات المحلية بالمؤسسات المركزية في الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة ‪ ،Taib Essaid‬المعنونة‪« l’Administration locale Algérienne : Les enjeux de :‬‬
‫‪ ،décentralisation ». la‬الصادرة في ‪ ،2112‬عن ‪ ،Revue RASJEP‬في عددها األول‪ .‬يبين‬
‫الباحث العالقات واآلثار التي تنشأ بين اإلدارة المحلية ونظام الالمركزية المحدود‪ ،‬ويحاول طرح‬
‫الرهانات الحقيقية للجماعات المحلية في الوصول إلى المركزية تمكن المؤسسة المحلية من إشراك‬
‫المواطنين في اتخاذ القرار في إطار الديمقراطية المحلية ‪.‬‬
‫‪ -‬دراسة ‪ ،Belmihoub Mohamed Cherif‬المعنونة ‪« Modèle de Gouvernance et‬‬
‫» ‪ ،Collectivités Territoriale‬الصادرة له في ‪ ،2112‬عن ‪ ،revue CENEAP‬في عددها ‪. 22‬‬
‫يعالج الباحث إشكالية توظيف مقومات نموذج الحكامة في إدارة الجماعات المحلية في الجزائر‪.‬‬
‫‪-‬دراسة ‪ ،Djekboub. S‬المعنونة‪« L’organisation Territoriale en Algérie : évolution, :‬‬
‫» ‪ ،évaluation D’ensemble et quelques propositions de réaménagement‬الصادرة‬
‫في ‪ ،2112‬عن ‪ ، revue Ceneap‬في عددها ‪ .28‬يتناول الباحث ضمن دراسة ميدانية ومسحية‬
‫متخصصة تطور التنظيم اإلقليمي للجماعات المحلية في الجزائر ‪ ،‬مع تشخيص النقائص ‪ ،‬واقتراح‬
‫بعض الحلول الممكنة ‪.‬‬
‫صحيح إن الظاهرة المدروسة‪ ،‬تتوزع عبر عدة تخصصات؛ أكاديمية وعلمية‪ ،‬وقطاعات مهنية‬
‫معينة‪ ،‬وبالتالي مداخل التحليل والتفسير تختلف وتتباين بسبب اختالف اإلطار المرجعي للباحثين‬
‫ومراكزهم ‪ .‬واالهداف المتوخاة لدى كل قطاع نشاط مما يفترض اسناد دور مركزي وحاسم للجماعة‬
‫المحلية إلدارة االعمال العمومية التي تبرمج او تنجز على اقليمها ‪.‬‬
‫ما يميز دراسة الموضوع من زاوية العلوم السياسية هو الطابع االداري والسياسي للمؤسسات المحلية؛‬
‫كونها تمثل مصالح عامة محلية‪ ،‬يرسمها القرار السياسي باعتباره سلطة تقرير وتنفيذ ومتابعة‪ ،‬على شكل‬
‫سلطات عامة متدرجة رئاسيا‪ ،‬يتحكم فيها المستوى المركزي إداريا وتنظيميا؛ ويتولى االستجابة للحاجيات‬
‫األساسية التي يطلبها المجتمع المحلي‪ .‬وبالتالي؛ المقاربة السياسية واالجتماعية تكون األكثر مالئمة لفهم‬
‫طبيعة األزمة التي تعانيها الجماعات المحلية من خالل معالجة صيغ ومستويات التفاعل بين مختلف‬
‫انساق النظام المحلي في تسيير الشؤون العامة المحلية‪ .‬حيث يبرز دور الدولة المحوري والرئيسي في‬
‫إدارة الجماعة المحلية‪ ،‬ليتحول النشاط العمومي المحلي إلى رهان سياسي يخدم السياسة العامة للدولة قبل‬
‫الجماعة المحلية؛ على اعتبار إن منطلقات التنمية المحلية وأهدافها هي المواطن‪ ،‬واإلرادة السياسية‬

‫‪8‬‬
‫وحدها إذا كانت ملكا حقيقيا للمجتمع‪ ،‬القادرة علي تجاوز األزمة‪ ،‬وادارة الحراك االجتماعي من منظور‬
‫مؤسساتي؛ وبمنطق رجل الدولة من اجل المصلحة العامة‪.‬‬
‫إشكالية الدراسة (حدود اإلشكالية)‪:‬‬
‫إن البحث في موضوع إستراتيجية تسيير الجماعات المحلية في الجزائر‪ ،‬يطرح إشكالية جوهرية‪ ،‬قمنا‬
‫بصياغتها على النحو التالي ‪:‬‬
‫هل يمكن للجماعات المحلية في الجزائر بلورة إستراتيجية تسيير تسمح لها إثبات مبررات‬
‫وجودها كمؤسسات عامة‪ ،‬تجمع بين التنظيم اإلداري والسياسي في إدارة الشؤون العامة المحلية ؟‬
‫المالحظ أن اإلشكالية الجوهرية‪ ،‬أو المركزية للدراسة تتضمن العديد من المتغيرات التي عملنا‬
‫على توزيعها منهجيا على مختلف العناوين الرئيسية‪ ،‬والفرعية التي تحتويها فصول الدراسة في ربط‬
‫متكامل‪ ،‬يسعى للبرهنة الموضوعية عن نقاط القوة والضعف‪ ،‬التي تميز نشاط الجماعات المحلية‪ .‬وكذا‪،‬‬
‫استشراف رؤية مستقبلية أكثر فعالية واداءا وجودة وفق مقاربة تسييرية معاصرة للتكيف مع معايير‬
‫الحكامة المحلية وقيم الحكم الراشد‪ .‬وتوسيع مجاالت المشاركة للمواطنين في رسم السياسة العامة المحلية؛‬
‫انطالقا من إرادتهم الطبيعية والشرعية في التنظيم والتسيير‪ .‬وهي بذلك تعمل على صياغة أفضل البرامج‬
‫واالستراتيجيات للجماعة المحلية‪ ،‬من اجل التخلص من النموذج التقليدي المتسم بالمركزية‪ ،‬والتبعية‬
‫الوظيفية‪ ،‬والوصاية الرئاسية الشديدة ‪.‬‬
‫االطار الزماني للدراسة‪ ،‬ال يعني اجراء سرد تاريخي لتسلسل الوقائع واالحداث ‪ ،‬لكل ما يتعلق‬
‫بتأسيس الجماعات المحلية في الجزائر‪ .‬وانما يدمج البعد الزماني كمتغير هام في عملية التطور التي‬
‫عرفتها الجماعات المحلية في ظل بناء الدولة الوطنية منذ االستقالل الى اليوم‪ .‬وإلضفاء مزيد من‬
‫المصداقية على عملنا ‪ ،‬حاولنا االستفادة من التاريخ االجتماعي للمجتمع الجزائري‪ ،‬قبل هذه الفترة التي‬
‫تغطيها الدراسة بغرض التدليل والبرهنة ‪ ،‬وفي السياق المعرفي الذي يميز المجتمع الجزائري ‪ ،‬عن‬
‫الجذور التاريخية التي يستمد منها نموذج الجماعات المحلية كيانه الجماعي ومحددات الروابط الطبيعية‬
‫التي تنظمه وتسيره‪ ،‬كتجربة تاريخية ذات قواعد رمزية مؤثرة في الحفاظ على وحدة الجماعة ومواردها‬
‫الحيوية‪.‬‬
‫يركز حقل الدراسة على معالجة كلية لنسق أساسي في بنية النظام اإلداري للدولة‪ ،‬أو ما يعبر‬
‫عنه بالجماعات المحلية‪ ،‬والتي تصورها القواعد الدستورية كخلية أساسية في فلسفة الحكم التي تتبنى‬
‫الالمركزية؛ أداة إستراتيجية في إدارة الشؤون العامة المحلية‪.‬‬
‫ان اإلشكالية الرئيسية متعددة التساؤالت‪ ،‬ولإلحاطة بها منهجيا نعمل على صياغة فرضيات‬
‫متعددة المتغيرات لتفسير العالقات السببية الموجودة بين عناصر الظاهرة المطروحة للتحليل‪ .‬بحيث أن‬
‫نظام الجماعات المحلية يعتبر نظاما مؤسساتيا ملحقا بالنظام المؤسساتي الوطني؛ على شكل سلطات‬
‫عامة رئاسية وسلمية‪ .‬يستمد شرعية وجوده في شقه السياسي المحلي المبني وفق مقتضيات العهدة‬

‫‪9‬‬
‫االنتخابية في تمثيل إرادة المواطنين من جهة‪ ،‬وتسيير شؤونهم وموارد جماعتهم المحلية ‪،‬من جهة اخرى‪.‬‬
‫حسبما تحدده المصلحة العامة المشتركة لهم‪ .‬وضمن هذا الكل من التفاعل النسقي بين مختلف الفاعلين‪،‬‬
‫وحجم المنافع المتداولة‪ ،‬ونطاق وصالحيات النشاط العمومي في الجماعة المحلية؛ تبرز مؤشرات لقياس‬
‫مدى نجاح المعالجة المقترحة لإلشكالية المطروحة ‪.‬‬
‫الفرضيات البحثية‪:‬‬
‫إن تحليل إشكالية الدراسة واإلجابة عن التساؤالت المطروحة ال يتم إال من خالل صياغة مجموعة‬
‫من الفرضيات التي سنحاول إثباتها أو نفيها الحقا من خالل فصول الدراسة‪ ،‬و تتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬إن طبيعة الخلفية المركزية للنظام المؤسساتي للدولة‪ ،‬تؤثر على تكريس تبعية الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬وتحد من استقالليتها‪.‬‬
‫‪ .2‬ضعف التمثيل السياسي في المجالس المنتخبة ‪ ،‬يفسح المجال لهيمنة الروح البيروقراطية‪.‬‬
‫‪ .3‬تأثير تقاطع الصالحيات وتداخلها في السلمية اإلدارية‪ ،‬على رسم السياسة العامة المحلية‬
‫وتنفيذها ‪ ،‬مما يهمش اكثر دور الفاعلين ‪.‬‬
‫‪ .2‬تحسين اساليب االدارة والتسيير‪ ،‬يحقق اهداف التنمية المحلية ويخفض المطالب‪.‬‬
‫‪ .2‬كلما تضاعفت مشاريع اإلصالح والحكامة المحلية‪ ،‬كلما شكلت جزءا أساسيا في رهانات‬
‫إصالح الدولة ومؤسساتها‪.‬‬
‫منهجية الدراسة‪:‬‬
‫تقتضي طبيعة الموضوع استعمال منهجية متعددة المقاربات؛ تقدم طرحا حديثا يعتمد التحليل‬
‫النسقي والوظيفي لمختلف التفاعالت التي تحيط بالمشكلة؛ بمعنى أخر يتم توظيف المنهجية الكالسيكية‬
‫لخدمة المقاربة الرئيسية بما توفره من خبرة تاريخية ومعطيات إحصائية وتنظيمية‪...‬أو حتى المقارنة التي‬
‫هي بدورها تمثل أداة فعالة في التقييم العلمي‪ .‬وحدة الموضوع تستلزم االهتمام بمحددات منهجية متظافرة‬
‫وظيفيا ضمن الحقل الدراسي‪ ،‬الذي هو في األصل مجال مركب بسبب التفاعالت التي تحدث بين‬
‫عناصر الظاهرة العلمية و يحتاج الى الدقة والتمحيص‪.‬‬
‫تصبح بالمقابل‪ ،‬مصداق ية الدراسة‪ ،‬نتاج رؤية تحليلية عميقة تقوم علي المعاينة والتشخيص‬
‫والتفسير‪ ،‬بهدف الوصول إلي اقتراح حلول عقالنية تجيب بوضوح عن التساؤالت المثارة في اإلشكالية‬
‫الرئيسية‪ ،‬التي تنصب علي معالجة جدلية التأثير المتبادل بين الدولة والمجتمع‪ ،‬ضمن حيز جغرافي‬
‫محدد المعالم‪ ،‬من زاوية تحليل العلوم السياسية ‪ .‬في المرحلة األولى من الدراسة نحاول تفكيك مستويات‬
‫تأثير النظام السياسي‪ ،‬وأساليبه (الدولة ومؤسساتها‪ )...‬على النظام االجتماعي عموما‪ ،‬اي معرفة‬
‫المخرجات االساسية التي يقدمها النظام المؤسساتي المحلي‪ .‬ثم في مستوى أخر نعمل على فهم كيفية‬

‫‪10‬‬
‫تأثير أساليب النظام االجتماعي (المجتمع‪ ،‬نظامه الرمزي وفئاته‪ ،)...‬اي االهتمام بفهم وتحليل مطالب‬
‫المجتمع المحلي المقدمة للدولة عبر السلطات المحلية ؛ انطالقا من قاعدتها األولى (الجماعات المحلية)؛‬
‫حيث تظهر في صيغ التفاعل الدائرة‪ ،‬قضايا أخرى أكثر تعبي ار ووضوحا لتؤكد أو تنفي الفروض‬
‫المطروحة‪.‬‬
‫المصطلحات والمفاهيم والمقوالت المستعملة في الدراسة؛ هي بالضرورة متنوعة‪ ،‬ومختلفة؛ غايتها‬
‫تقديم رؤية متكاملة للموضوع ولن تكون مجرد اسقاط آلي على واقع يرفضها ويتناقض معها؛ الن أصالة‬
‫البحث خاصية ركينة في الشخصية األكاديمية للباحث‪ .‬فال يمكن له االنسياق وراء مفاهيم ومقوالت عامة‪،‬‬
‫تنطوي على تفكيك انشطاري لمؤسسات الدولة ولقيم المجتمع‪ .‬فغالبا ما يتم اللجوء إلي االستغالل الظرفي‬
‫لبعض المفاهيم والتي تعكس في مدلولها الوظيفي نفس المفاهيم المتداولة في الحقل الدراسي‪ .‬فال‬
‫تضيف جديدا ليستثار بحثا وطرحا؛ وانماهي وليدة بيئات أخرى‪ ،‬تخضع فيها عملية تطور الدولة‬
‫والمجتمع إلي مسارات متوازنة بنيويا ووظيفيا‪.‬‬
‫وبالتالي تكون معايير القياس غير مجدية‪ ،‬اذا كانت المحاولة قائمة علي المقارنة الصورية‪ .‬في‬
‫حين أن المطلوب هو االستلهام من تجارب النظم الناجحة‪ ،‬وتطعيم النموذج المحلي الوطني بعقالنية‬
‫وفعالية‪ .‬الالمركزية‪ ،‬واإلدارة المحلية‪ ،‬والحكم المحلي‪ ،‬والحكم الرشيد‪...‬الخ‪ .‬كلها مفاهيم تكيف حسب‬
‫مقتضيات النظام الوطني وتعبر عن ضرورة وجود شرعية سياسية للمسئولين‪ ،‬والمؤسسات‪ ،‬ورضا‬
‫المواطنين الذين هم مصدر السلطة التأسيسية‪ ،‬فعناصر المعادلة تختل إذا طغى اإلداري علي السياسي‪،‬‬
‫والعكس صحيح ‪ .‬لذلك ينبغي دائما النظر إلي األشياء في حالتها الطبيعية‪ ،‬وبالصورة المعاصرة في‬
‫النماذج العالمية الناجحة بامتياز‪.‬‬
‫لما نبحث في إستراتيجية تسيير الجماعات المحلية في الجزائر‪ ،‬نجدها تتضمن االفكار والوسائل‬
‫والمنافع؛ وهي معادلة كافية لتصميم الرؤية الممكنة االنجاز‪ .‬و ال يقصد بها التوجه نحو األفاق المنظورة‬
‫إلبداع بدائل وحلول للمشاكل واألزمات التي تضرب هذه المؤسسات فقط‪ .‬وانما تسبقها محاولة تحليل‬
‫ودراسة أساليب اإلدارة السابقة والحالية؛ وهل تملك فعال أنظمة تسيير حقيقية‪ ،‬وخطط وبرامج عند إدارة‬
‫شؤون المجتمع المحلي؛ أم هي مجرد متغير جزئي تابع للسلطة المركزية ‪.‬‬
‫كما عملنا على رسم خطة منسجمة لدراسة الموضوع ؛ وهي موزعة على مقدمة‪ ،‬و خمسة(‪)12‬‬
‫فصول وخاتمة؛ تناولت الفصول مختلف المتغيرات التي تشكل الظاهرة؛ كل فصل قسم إلي مباحث‪،‬‬
‫على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ ‬الفصل األول؛ حاولنا فيه دراسة طبيعة النظام المؤسساتي للجماعات المحلية‪ ،‬من حيث التشكيل‬
‫التاريخي والتطور التنظيمي للبنى اإلدارية والسياسية التي تتكون منها السلطات المحلية‪ ،‬وكذا‬
‫العراقيل التي تعترضها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ ،‬وتطرقنا فيه إلي إشكالية التمثيل السياسي في المؤسسات المحلية وتأثيراته علي‬
‫اإلدارة المحلية؛ عبر تشخيص الحياة السياسية؛ والوقوف علي أنماط الديموقراطية المحلية‬
‫وعالقتها بالمجتمع المدني‪ ،‬محاولين االستناد إلى اإلرث المجتمعي والتاريخي في إعادة تفعيل‬
‫الروابط االجتماعية‪ ،‬وتماهيها مع روح العصر باعتبارها تمثل نظاما قيميا ورمزيا في الهوية‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثالث‪ ،‬عالج آليات رسم السياسة العامة المحلية؛ وأطرافها وكذا اشكال الرقابة علي‬
‫أعمال الجماعات المحلية؛ والمعوقات التي تحول دون ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الرابع‪ ،‬جاء ليدرس كيفية إدارة التنمية المحلية؛ وهل هي أزمة موارد أم أزمة تسيير من‬
‫خالل استعراض حجم الموارد المتاحة وأساليب تسيير المصالح المحلية‪ ،‬والنظر في إمكانية‬
‫توظيف معايير التسيير االقتصادي على مستوى الجماعات المحلية‪ ،‬من منظور دورها كمتعامل‬
‫عمومي يتمتع باالستقاللية المالية‪ ،‬من اجل اضفاء فعالية اكبر على الخدمات المقدمة‪ ،‬وتطوير‬
‫صيغ شراكة منتجة مع المتعاملين اآلخرين ‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الخامس‪ ،‬خصص لدراسة سياقات اإلصالح والتغيير ورهانات الحكامة المحلية‪ ،‬وضرورة‬
‫استغالل الفرص الموضوعية المتاحة‪ ،‬مع التعامل العقالني مع أثار التحديات التي تواجه حركة‬
‫اإلصالح والتغيير‪ .‬حيث نوقشت فيه مجموعة من األفكار اإلصالحية من منظور مؤسساتي‬
‫ومجتمعي علي ضوء ضمانات قانونية وسياسية؛ وذلك وفق نظرة كلية وشاملة للدولة والمجتمع‬
‫معا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪‬‬

‫الفصل األول‬
‫النظام المؤسساتي للجماعات‬
‫المحلية في الجزائر‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫مدخل الفصل‬
‫‪‬‬
‫يعمل النظام السياسي في الدولة على تطوير قواعد وأسس معينة؛ لمباشرة انجاز المهام التي‬
‫يحددها القانون الدستوري بغرض إشباع الحاجيات الضرورية لمواطنيه‪ .‬باعتبار هؤالء مصدر شرعية‬
‫وجود هذا النظام في حد ذاته؛ وما يترتب عنه من استقرار أو توتر نتيجة التفاعالت التي قد تحدث ضمن‬
‫مكونات انساق النظام‪ .‬لعل ابرز جهاز يوظف في العملية السياسية؛ هو النسق اإلداري بشقيه المركزي‬
‫واإلقليمي أو المحلي؛ من اجل تسيير الشؤون العامة وكذا ممارسة الضبط اإلداري ومعالجة المطالب‬
‫المتزايدة التي يعبر عنها في مختلف قطاعات النشاط االجتماعي‪ .‬لكن ما يهمنا في محاور هذا الفصل‬
‫هو دراسة واجهة الدولة األساسية؛ والمتمثلة في طبيعة البنية المؤسساتية التي تحكم وتنظم وتدير‬
‫الجماعات اإلقليمية ؛ و محاولة التمييز المنهجي بين الكيان اإلداري والكيان السياسي لكل وحدة‪.‬‬
‫التشخيص والمعاينة الدقيقة للمتغيرات الرئيسية التي تتشكل منها المؤسسة المحلية؛ مهمة جدا عند البحث‬
‫عن أو في األبعاد المفاهيمية التي تحدد هويتها وعالقاتها األفقية والعمودية مع بعضها البعض أو في‬
‫عالقاتها مع الدولة ككل‪ .‬التحليل النسقي لمجموع المهام واألدوار التي تتوالها المؤسسة البلدية أو الوالئية‬
‫يبرز أهمية السلطات المحلية من حيث أنها تستمد مشروعية وجودها من المراكز القانونية التي تحتلها‬
‫سواء كانت معينة تعيينا إداريا‪ ،‬أو منتخبة تتمتع بشرعية تمثيل سياسي حيوي وفاعل‪ .‬وما نحاول البحث‬
‫عنه هو الحالة المثالية التي تجسد التكامل العقالني‪ ،‬بين تلك المراكز القانونية لخدمة مبادئ الجماعات‬
‫المحلية وأهدافها؛ واستبعاد مظاهر النزاع والتوتر في هرم المسؤولية؛ على اعتبار أن السلطة مفوضة‬
‫ومحددة ضمن نطاق وحدة السلطة في الدولة‪.‬إال أن ما تحدده األطر النظرية كنماذج وأساليب في اإلدارة‬
‫والتنظيم يصطدم بتعقيدات الواقع؛ وتأتي في مقدمتها إف ارزات البيئة المناوئة لما هو أفضل وأنجع‪ .‬وهنا‬
‫تقودنا إرادة البحث إلى طرح األسباب الموضوعية التي تعيق عمل السلطات المحلية ‪.‬‬
‫لمعالجة المسائل المثارة في هذه التوطئة البسيطة؛ قمنا بتقسيم الفصل إلى خمسة محاور رئيسية؛‬
‫وكل محور يتفرع إلى نقاط من اجل اإلحاطة المنهجية المتوازنة لالرتباطات الكبرى التي تغذي استم اررية‬
‫التفاعالت الوظيفية والبنيوية في انساق النظام المحلي‪.‬‬
‫التعارض والتباين في التقييم اليصرف أنظارنا عن مالحظة محاسن النظام المحلي‪ .‬ومحاولة‬
‫إحداث المقارنات المعيارية أو المرجعية مع حاالت ناجحة؛ وذلك عبر صيغ مقابلة تناظرية من حيث‬
‫الموارد واإلرادة السياسية التي تبديها النخب القيادية في الدولة‪ ،‬إلحداث التغيير النوعي والكمي في حياة‬
‫المواطن اليومية‪ .‬بل وحتى في إعادة نشر قيم وترشيد سلوكيات فردية وجماعية مع الجماعة المحلية في‬
‫بعديها اإلداري والسياسي خدمة للصالح العام‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫أوال ‪ :‬أهمية الجماعات المحلية ومكانتها في النظام اإلداري الجزائري‬


‫‪‬‬
‫يقتضي بناء الدول وتنظيم المجتمعات توفر رؤى إستراتيجية‪ ،‬وارادة سياسية ذات حركية منتجة‪،‬‬
‫تتمتع بالمصداقية في التعبير عن الحاجات األساسية الواجب إنجازها‪ ،‬وكذا حتى الحاجات القصوى‬
‫المرتبطة بالتطلعات واألمال المراد رسمها في آفاق التنمية المستدامة‪ ،‬ومختلف نظم الهندسة البشرية‬
‫ـوالعمرانية‪.‬‬
‫تتعدى القضية الكبرى في هذا السياق التحديدات األولية لميالد كيان سياسي ماـ وانما تعني العمل‬
‫على إيجاد قواعد وشروط حياة ونمو لهذا الكيان الذي هو "الدولة"؛ والتي ال يمكن لها أن تكون إال من‬
‫خالل إحداث أنظمة قطاعية مختلفة و متكاملة‪ ،‬تؤدي بدورها إلى تأسيس أنساق فرعية لخدمة وحدة‬
‫الكيان واستم ارريته في الوجود‪.‬الدولة الجزائرية منذ السنوات األولى لإلستقالل‪ ،‬تبنت نظاما إداريا مركزيا‪،‬‬
‫إلى جانب نظام المركزي ؛ حيث أولت أهمية معتبرة للجماعات المحلية في تسيير الشؤون المحلية؛‬
‫وباألخص الجانب اإلجتماعي و اإلقتصادي‪.‬التنظيم اإلداري في الجزائر يتشكل من ثالث مستويات‬
‫‪1‬‬
‫(شخوص إعتبارية) هي ‪:‬‬
‫الدولة‬ ‫‪-1‬‬
‫الوالية‬ ‫‪-2‬‬
‫البلدية‬ ‫‪-3‬‬
‫فالبناء الدستوري بمنح الجماعات اإلقليمية الصبغة القاعدية‪ 2‬في العمل المؤسساتي وفق نظرة‬
‫نموذجية تصاعدية من القاعدة إلى القمة؛ على إعتبار أن المؤسستان المحليتين (البلدية والوالية) هما‬
‫اللتان تعكسان صورة الدولة والمجتمع في آن واحد؛ أي أنهما القناة األولى التي تمر عبرها اإلرادة‬
‫السياسية للمواطنين؛ كناخبين‪ ،‬أو كفاعلين ومشاركين في الحياة السياسية الوطنية نحو مركز السلطة‬
‫السياسية ومؤسساتها‪ .‬وهنا يجب مراعاة القواسم المشتركة بين مستويات التباين والتكامل‪ ،‬بين ما يسمى‬
‫في المقاربة الفرنسية؛ االدارة االقليمية للدولة » ‪« L’Administration Territoriale de l’Etat‬‬
‫‪3‬‬
‫والجماعات االقليمية للجمهورية » ‪.« Les Collectivites Territoriales de la République‬‬
‫يميز النموذج الفرنسي تميي از دقيقا رغم التعقيدات النظرية والتاريخية التي اوجدت هذا النموذج‪ ،‬بين‬
‫مؤسسات الجمهورية كنظام اداري وسياسي‪ ،‬على اساس من االستقاللية التنظيمية‪ .‬اين تبرز اهمية االرادة‬

‫‪ -1‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬القانون االداري‪ :‬التنظيم االداري والنشاط االداري‪( ،‬عنابة‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪،)2002،‬‬
‫ص‪.33‬‬
‫‪ -2‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬القانون رقم ‪ 16-61‬المتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬المؤرخ‬
‫في‪ ،2013/03/03‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪.2013/03/00‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Henri Oberdorff , Les institutions Administratives, (France: Dalloz, 6éd, 2010) p.p.‬‬
‫‪138-158.‬‬

‫‪15‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫الشعبية في تحديد اشكال التمثيل المجتمعي داخل المؤسسة الجمهورية؛ الدولة والجماعات االقليمية‪ .‬من‬
‫‪‬‬
‫حيث التسمية‪ ،‬ال يثار إختالف كبير بين التصنيفين القائمين‪" :‬الجماعات المحلية " أو "الجماعات‬
‫لنفس المؤسسات‪ .1‬وهناك من يفضل إطالق إسم‬ ‫اإلقليمية"؛ فهناك من يستعمل التسمية لالشارة‬
‫"الجماعات اإلقليمية بدل المحلية" وله مبرراته السياسية والقانونية‪….2‬‬
‫ال يوجد مستوى آخر غير هاتين المؤسستين؛ واحيانا تطرح إشكالية إحداث "الجهة" " ‪"Région‬‬
‫كمؤسسة إقليمية رسمية تتمركز بين الدولة والوالية والبلدية؛ إال أنها تبقى غير ذات أساس دستوري‬
‫وقانوني؛ نظ ار لإلحت ارزات الحساسة من أن تتحول إلى جهوية قد تهدد طبيعة النظام السياسي واإلداري في‬
‫الدولة‪ 3.‬إذا كانت األهمية تكمن في موقع الجماعات المحلية في السلطة السلمية‪ 4‬التي يتبناها النظام‬
‫السياسي لتحقيق أهداف التغلغل والتوزيع‪ ،‬بل حتى اإلستقطاب واإلحتواء؛ فإنه من زاوية أخرى ينظر‬
‫لمكانة الجماعات المحلية ضمن هذا النسق العام على أنها مركزية ومحورية‪ ،‬وهي التي ترسم قواعد‬
‫السلطة السياسية بكل إمتداداتها األفقية والعمودية‪ ،‬خاصة إذاكانت درجة التمثيل وقدرة الكفاءة المهنية‬
‫واإلحترافية لدى النخب القائمة على صنع و رسم السياسة العامة‪ ،‬ذات مصداقية في اإلنجاز‪ ،‬وتتمتع‬
‫بقيم ثقافة الدولة التي أصبحت الشرط األولي للتعبير عن التمثيل السياسي والمؤسساتي؛ ونقطة إلتقاء‬
‫وتفاعل بين الرئيس والمرؤوس‪ ،‬في بيئة متقلبة‪ ،‬ال تتردد في تعظيم مبر ارت خطاب المواطنة والديمقراطية‬
‫والتسيير والتنظيم الفاعلين السعاد المواطن وتعزيز فرص اإلستقرار اإلجتماعي‪ .‬وعلى هذا النحو فإن‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬تحتل مركز النظام اإلداري وقاعدته‪ .‬ألنها ببساطة تشكل إمتدادا له وتحت وصايته‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى تعتبر أداة ومجال تنفيذ السياسة العامة الحكومية ورسمها‪ ،‬فمن دون الهيئات الالمركزية‬
‫وعدم التركيز اإلداري‪ ،‬ال يمكن للمركز أن يتحصل على الموارد الضرورية‪ ،‬والمعلومات الالزمة ليستمر‬
‫في الوجود‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Michel‬‬ ‫‪Verpeaux‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Christine‬‬ ‫‪Rimbault,‬‬ ‫‪Les‬‬ ‫‪institutions‬‬ ‫‪Territoriales‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪la‬‬
‫‪decentralisation, (France, s.m.e; 6éd, 2010). P.14.‬‬
‫‪- voir Aussi: Jacques Hardy, Institutions et Droit des collectivites locales, (France. ed.‬‬
‫‪l’Hermés.1éd, 1995), p15.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Chabane‬‬ ‫‪Benakzouh,‬‬ ‫‪«autour‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪bases‬‬ ‫‪constitutinnelles‬‬ ‫‪des‬‬
‫‪CollectivitesTerritoriales», in revue.RASJEP, Vol xii ; n°04, (2003), pp.43-63.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-EssaidTaib, «La problématique de la region », revue RASJEP, n° 04 ; (2007), PP.47-‬‬
‫‪81.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Rachid Zouaimia, Marie Christine Rouault, Droit Administratif. (Alger : Berti édition.‬‬
‫‪2009).p105.‬‬

‫‪16‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫لذا فإن النظام اإلداري هو الذي يهتم ببناء وتكوين األجهزة اإلدارية في الدولة‪ ،‬بكل ما يدخل في‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫هذه األجهزة من سلطات وصالحيات‪ .‬وهو الذي يحكم اإلدارة العامة بإعتبارها سلطة عامة‪ ،‬تهدف إلى‬
‫إشباع الحاجات العامة وتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وما تتمتع به اإلدارة العامة من اإلمتيازات‪ ،‬بصفتها‬
‫سلطة تنفيذية و ذات سيادة‪.‬‬
‫النظام اإلداري يعمل على تنظيم المؤسسات اإلدارية وتحديد صالحياتها وتوزيع إختصاصاتها‬
‫طبقا للقواعد القانونية؛ والجماعات المحلية تعتبر مؤسسات إدارية بالدرجة األولى‪ ،‬تعتمد عليها الدولة في‬
‫تسيير الشؤون المحلية كجزء من الشؤون الوطنية أو اإلقليمية‪.‬‬
‫تزايد اإلهتمام بدور الجماعات المحلية في النظام السياسي للدولة‪ ،‬صاحبه وبصورة موازية كثرة‬
‫اإلهتمام والتركيز على موضوع الالمركزية في التسيير والتنظيم على المستوى المحلي‪ .‬حتى أصبحت‬
‫القضيتان (الجماعات المحلية أو اإلقليمية‪ ،‬والالمركزية)‪ ،‬وكأنها قضية واحدة تتكاثف تعابيرها وشروطها‪،‬‬
‫عند الحديث عن معالجة مسائل التنمية‪ ،‬كما توصف قواعدها عند طرح بدائل الحلول لألزمات التي‬
‫تعرفها هذه الدولة أو تلك‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬يالحظ أن الخطاب السياسي غالبا ما يتفادى إثارة الخلفية‬
‫اإليديولوجية لتبرير إختياراته أو لمراجعة إخفاقاته في هذا المجال‪ .‬لعل تبني معايير للنجاعة والفعالية‬
‫اإلدارية وبالتالي السياسية‪ ،‬لم تعد قابلة لإلحتكار او لإلنتشار العشوائي من دون ارادة النخب القيادية؛‬
‫نتيجة التفاعالت الدولية المتسارعة والتي تمس كل األنساق التي تشكل بنية النظام السياسي للدولة‪.‬‬
‫إن اإلتجاهات العالمية نحو اإلستثمار في قضايا الالمركزية وال سيما مجال وأدوات تطبيقها‬
‫‪2‬‬
‫اإلقليمية والمحلية تعود إلى عدة عوامل نذكر أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬محدودية النمط الممركز في التنمية‪.‬‬
‫‪ -‬إكتشاف البعد المحلي في التنمية و دور السلطات المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬البحث عن فعالية إنجاز الخدمات اإلجتماعية القاعدية‪.‬‬
‫‪ -‬الضغط العالمي نحو الديمقراطية و الحكم الراشد (الديمقراطية المحلية)‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور مقاربة تشاركية للتنمية لفاعلين جدد إلى جانب السلطات المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة مواجهة تحدي النمو العمراني ورسم سياسات سليمة للتنمية وتهيئة اإلقليم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬خالد خليل الظاهر‪ ،‬النظام االداري‪ :‬اسس ومبادئ ونشاط االدارة العامة وامتيازاتها في المملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫دراسة مقارنة‪.( ،‬د‪.‬م‪.‬ن‪ .‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،‬ط‪ ،)2012 ،1.‬ص ص ‪.11 ،12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Commission Europeenne ; Appui à la decentralisation et la gouvernance locale dans‬‬
‫‪les pays tiers, document de référence n° 2, collections outils et methodes. Luxembourg:‬‬
‫‪office des publications officielles des communautés européennes. (Janvier 2007). p6.‬‬

‫‪17‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫نقطة اإلرتكاز المحورية للنظام اإلقليمي أو المحلي الجزائري‪ ،‬تستمد ماهيتهما من خالل التطور‬
‫‪‬‬
‫التاريخي واإلجتماعي الداخلي‪ ،‬كما أنها تتفتح على التجارب العالمية لتستعير منها آليات معينة‪ ،‬للدفع‬
‫بعمليات التنمية المحلية نحو األهداف القصوى التي يطالب بها المجمتع‪.‬‬
‫‪ -6-6‬تطور التنظيم اإلقليمي للبالد‪:‬‬
‫ال تنفصل سياسة التنظيم اإلقليمي‪ ،‬عن السياقات العامة التي تبنى فيها المؤسسات العامة في‬
‫الدولة؛ ألنها ترتبط إرتباطا عضويا بمتغيرات ااإلقليم أو الفضاء العام‪ ،‬الذي هو بالمرة كيان فزيائي‬
‫ورمزي‪ 1.‬يتضمن هوية إجتماعية معينة ذات معالم ثقافية تغذيها التقاليد واألعراف‪ ،‬و تشكل سلوكيات‬
‫األفراد والجماعات وتطبعها بخصائصها؛ من حيث البنى والوظائف وكذلك من حيث المراكز واألدوار‪.‬‬
‫كما أن التحديد المادي للوجود اإلنساني عبر الخطوط الجغرافية المنظمة لنطاق الإلقليم‪ ،‬لن يكون مجرد‬
‫فواصل عازلة لوحدة إدارية عن أخرى؛ بل تنظيم للمجال الوطني في بعديه اإلقليمي والمحلي‪ ،‬من أجل‬
‫التحكم والتغلغل والتوزيع العادل‪ :‬للموارد‪..‬‬
‫إن اإلقليم اليوم يعطي كل شيئ‪ :‬إطار النشاط‪ ،‬وتقييمه ومعناه وتنظيمه‪.2‬التنظيم اإلقليمي للبالد‬
‫يتطور وتزداد أهميته عند محاولة تفسير مقتضيات التنمية الشاملة وأهدافها؛ والتي تطرح شروط ومحددات‬
‫العمل اإلداري والسياسي‪ ،‬ومن ثمة تحصيل النتائج اإلجتماعية واإلقتصادية في كل مستويات الدولة‬
‫لمختلف الفئات المجتمعية ‪.‬و بالتالي فاالقليم؛ كما يرى البعض هو فضاء منظم للسياسة والسياسات‪،‬‬
‫‪3.‬‬
‫ومبني إجتماعيا ويثير العالقة بين الماسسة والشرعية‪ ،‬أو العالقة بين المجتمعات وفضاءاتها السياسية‪.‬‬
‫السياسة اإلدارية‪ ،‬أو اإلدارة السياسية لإلقليم‪ ،‬هي التي تبين وتفسر كيفية وأساليب تطور أو تطوير‬
‫األنظمة والمنظمات؛ من حيث الحجم والشكل‪ ،‬واألهداف والمقاصد‪ .‬بدوره يتعلق التطور التنظيمي بمهام‬
‫الجماعات المحلية في بنيتها الداخلية‪ ،‬وفي عالقاتها الخارجية مع المحيط المؤسساتي؛ وال سيما مع‬
‫مصدر شرعية وجودها أال وهو المجتمع المحلي ‪ ،‬كمعطى قانوني وسيسيولوجي يصنع ويحدد معالم هوية‬
‫اإلقليم بكل أبعادها‪.‬‬
‫إن التركيز على عنصر اإلقليم " ‪ "Le Territoire‬بإعتباره مجال للتنظيم والتسيير واإلدارة‬
‫لبرامج ومخططات السياسات العامة‪ .‬التي تشمل مجمل مؤسسات الدولة‪ ،‬ليس لمجرد إبراز خاصية مركبة‬
‫ومعقدة من خصائص النظام االقليمي المحلي ومنحها األولوية في التحليل النسقي لمختلف عناصر هذا‬

‫‪1‬‬
‫‪-Romain Pasquier, Sebastien Gaingner (et autres) ; Dictionnaire des politiques‬‬
‫‪territoriales. (Ed. Les presses.2011), p.230.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jean Marc offner, « les territoires de l’action publique locale: Fausses pertinences et jeux‬‬
‫‪d’ecarts », revue Francaise de sciences politiques ; n°01.vol.56. (2006), p32.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jacques blanc, Bruno rémond, les collectivites locales. (France : Dalloz, 3éd.1994),‬‬
‫‪p473.‬‬

‫‪18‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫النظام‪ ،‬وانما هي عملية إستكشافية لتحديد وتطوير شروط البناء المؤسساتي‪ ،‬ثم معاينة نشاط الفاعلين‬
‫‪‬‬
‫الرئيسيين ضمن هذا النطاق؛ وتقييم لألثار الناتجة عنه‪ .‬لذلك لما يحدد االقليم كفضاء جغرافي‬
‫ومؤسساتي‪ ،‬يعني أنه (اإلقليم فضاء قائم على مجموعة قواعد ثابتة من النظم والتوقعات (‪ )....‬وهو‬
‫مفهوم يسمح بالبحث عن إنتاج سلسلتين من المعلومات مهمة ومتكاملة‪:‬‬
‫من جهة المفهوم‪ ،‬يهيكل تعميم المعطيات حول تأثير حدود الفضاءات على السلوكات اإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية والسياسية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يعمل على الكشف العلمي للعمل السياسي الدائم الذي هو‬
‫مخصص إلعادة إنتاج هذه السالسل أو( تعديلها(‪ .1‬الخلفية التاريخية الزالت تشكل معطى مركزي عند‬
‫دراسة النموذج الجزائري للتنظيم واإلدارة خصوصا على المستوى المحلي؛ حيث تظهر تلك التأثيرات على‬
‫طبيعة السلوك اإلداري وبنية األنماط اإلدارية؛ إذ لم تتخلص بعد من ثقل التاريخ وتعقيدات األنظمة‬
‫البيروقراطية المتعاقبة‪ .‬التنظيم اإلقليمي لإلدارة المحلية في عهد الوجود العثماني بالجزائر‪ ،‬شدد من‬
‫المركزية والبيروقراطية بغرض مواجهة أي تمرد داخلي أو عدوان خارجي؛ حيث لم يطور نظاما ال مركزيا‬
‫حقيقيا وانما استحدث ما تقتضيه الضرورات السياسية واألمنية‪ .‬إذ قسم الجزائر إلى مقاطعات؛ ‪ 2‬برأس كل‬
‫واحدة منها باي‪ .‬وذلك كما يلي ‪:‬‬
‫‪ )1‬دار السلطان أي العاصمة وضواحيها وتتكون من مقاطعتين‪:‬‬
‫‪ -1‬مقاطعة غربية‪ :‬تمتد من الجزائر إلى حجوط‪.‬‬
‫‪ -2‬مقاطعة شرقية‪ :‬تمتد من الجزائر إلى دلس‪.‬‬
‫‪ )2‬بايليك التيطري وعاصمته المدية ‪.‬‬
‫‪ )3‬بايليك الغرب وعاصمته وهران‪.‬‬
‫‪ )2‬بايليك الشرق وعاصمته قسنطينة‪.‬‬
‫كما قسمت هذه المقاطعات إلى وحدات إدارية محلية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬البلدة‪ :‬هي البلدية الحضرية‪ ،‬يرأسها شيخ البلدة يختار من بين علماء المدينة وأعيانها يعين من‬
‫طرف مجلس األعيان و يثبت بقرار من الداي‪.‬‬
‫‪ -2‬الوطن‪ :‬هو وحدة إدارية تشمل العرش أو القبيلة‪ ،‬ويقابل البلدية الريفية يرأسها شيخ القبيلة‪ ،‬بختار‬
‫من طرف القبيلة ذاتها ويحصل على تزكية الداي تحت سلطة القائد‪.‬‬
‫‪ -3‬المنطقة‪ :‬يضم عدة أوطان‪ ،‬يماثل الدائرة اإلدارية اليوم‪ .‬يترأس المنطقة موظف معين من طرف‬
‫الباي ويدعي هذا الموظف بالقائد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Romain Pasquier. Dictionnaire des politiques territoriales, op.cit, pp.469-470.‬‬
‫‪ -2‬محمد العربي سعودي‪ ،‬المؤسسات المركزية والمحلية في الجزائر‪(:‬الوالية –البلدية ‪( ،)6611-6161‬الجزائر‪ :‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،)2003 ،‬ص ص ‪.24-23‬‬

‫‪19‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫بذلك نخلص الى ان الحدود اإلجتماعية هي التي ترسم الحدود اإلدارية للنظام اإلقليمي القائم على‬
‫‪‬‬
‫الخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬سطوة العنصر التركي في المراكز القيادية ‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف ليس خدمة المجتمع المحلي وانما خدمة مراكز السلطان السياسية واإلدارية على حساب باقي‬
‫الجزائريين‪.‬‬
‫وخالل الحقبة اإلستعمارية‪ ،‬عمدت سلطات اإلحتالل إلى إيجاد تنظيم إقليمي لخدمة مشروعها اإلستيطاني‬
‫‪:1‬‬
‫يتمثل في ثالثة(‪ )03‬أصناف من البلديات‬
‫‪ ‬بلديات لألوروبيين (مرونة و ذات تصرف تام) ‪Communes de plein exercice‬‬
‫‪ ‬بلديات أهلية ‪Communes d’indigènes‬‬
‫‪ ‬بلديات مختلطة‪Communes mixtes‬‬
‫بمجموع ‪ 1104‬بلدية و‪ 11‬عمالة ‪ départements‬و ‪ 11‬دائرة ‪arrondissements‬‬
‫التنظيم اإلقليمي المنتهج ال يماثل حقائق المجتمع الجزائرية حتى لو كان يستمد شكليته مما هو مطبق في‬
‫فرنسا‪ 2.‬وضع بخلفية عنصرية واحتقارية لتأطير التهميش واإلقصاء للشعب الجزائري؛ الذي ال يجب ان‬
‫يساس ويدار إال من خالل األحكام العسكرية وأساليب التنكيل والقمع والقتل‪.‬‬
‫إنه قائم على أسس غير تمثيلية ‪ ،‬وذلك خدمة للمستوطنين‪ ،‬وأدنى ما يقدمه هو فتح مجال ضيق‬
‫ألوالئك الذين يدينون بالوالء والطاعة من األعيان و القياد‪ .‬ومن هم من على شاكلتهم ليمارسوا الضبط‬
‫وا لقمع على بني جلدتهم‪ ،‬لعلهم يتحصلون على منصب في أحدى هذه المجالس أو الهيئات ‪.‬فحاول بذلك‬
‫تخريب النسيج اإلجتماعي بغرض كبت أنفاس الحرية‪ ،‬ومصادرة الموارد على قلتها‪ ،‬والحد من إعادة‬
‫تنظيم وتركيب العالقات اإلجتماعية بين الجزائريين ‪ ،‬من خالل سياسة التمييز العنصري واذكاء الفتن‬
‫المذهبية والعرقية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬قانون االدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.34،31.‬‬
‫‪ -2‬لتشكيل رؤية تحليلية عن طبيعة واهداف التنظيم االقليمي خالل الحقبة االستعمارية ‪ ،‬انظر ما جاء في ديباجتي قانوني‬
‫البلدية والوالية‪.‬في‪ :‬االمر رقم ‪ 22-30‬المتضمن القانون البلدي‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،03‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ .1130/01/14‬وكذا االمر رقم ‪ 34-31‬المتضمن ميثاق وقانون الوالية المؤرخ في ‪ ،1131/01/22‬الجريدة عدد‪،22‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.1131/01/22‬‬

‫‪20‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫غيرت السياسة اإلستعمارية إنتشار السكان وذلك عبر ثالثة اساليب من العمليات‪:1‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )1‬تفكيك تجمعات القبائل و إقامة بلديات – دواوير‪.‬‬
‫‪ )2‬إنشاء مراكز إستيطان لخدمة المستوطنين‪.‬‬
‫‪ )3‬مصادرة األراضي الجماعية إلقامة سوق عقارية لفائدة األوروبيين‪.‬‬
‫طبيعة أي تنظيم سياسي أو إداري‪ ،‬ال يدرس لذاته وانما يدرس ويحلل هدفه وسبل إدارته‬
‫والمصلحة العامة التي أنشئ من أجلها‪ .‬فسياسة التنظيم والتسيير اإلستعمارية عاملت الجزائريين كأشباه‬
‫‪.2‬‬
‫مواطنين وأقل من رعايا‪ .‬للفرنسي القانون الفرنسي‪ ،‬ولألجانب القانون الدولي ولألهالي القانون العسكري‪.‬‬
‫تكون أثار ذلك مستقبال مع بداية مشاريع الدولة الوطنية غداة اإلستقالل صعبة ومعقدة‪ .‬مما يجبر السلطة‬
‫العليا في النظام السياسي على إعادة طرح بدائل لتنظيم اإلقليم الوطني‪ ،‬من أجل التحكم والتغلغل طبقا‬
‫للموارد المتوفرة أمام تزايد اإلحتياجات المجتمعية ‪ ،‬وتناميها من سنة إلى أخرى؛ وال سيما في المجال‬
‫اإلجتماعي كالتربية والتعليم والتشغيل والصحة و السكن‪....‬إلخ‪..‬‬
‫إذن‪ ،‬تتجلى شروط أخرى لتفسير جدلية المأسسة والشرعية على تخطيط اإلقليم وتنظيمه؛‬
‫كالضغوط التي تمارسها بعض المراكز اإلجتماعية في المجتمع بدفع من بعض األعيان الذين يزايدون‬
‫على حساب الواقع السياسي‪ ،‬من أجل تعظيم مكاسبهم المادية وازدياد سطوتهم في اإلحتكار والوصاية؛‬
‫خاصة أثناء فترة األحادية الحزبية حيث تم ترقية دواوير إلى بلديات‪ ،‬وتجمعات سكانية شبه حضرية إلى‬
‫واليات‪ .‬وبالتالي فالتسوية السياسية الناتجة عن الترضية اإلجتماعية ‪ ،‬على خلفية شعبوية إلرساء معالم‬
‫سلم إجتماعي غير مستقر‪ ،‬سرعان ما عرف حدوده‪ ،‬جراء تصاعد الثقافة البيروقراطية في هذه األوساط؛‬
‫وتتكاثر بها المطالب من دون حل؛ مما أدى إلى تراجع قيمة الحلول الفنية لتنظيم اإلقليم من دون مراعاة‬
‫للتفاعالت السلبية التي تفرزها البيئة العامة‪ .‬والتي عملت على تجريد المؤسسة المحلية من غاياتها‬
‫ومواردها؛ وتتجاهل الواقع اإلجتماعي واإلقتصادي‪.‬‬
‫جد محصور‬‫إرتفاع عدد هياكل اإلدارة اإلقليمية لتعزيز الضبط اإلجتماعي من خالل تركيب ّ‬
‫لإلقليم‪ ،‬وسياسة التضخم التنظيمي‪ .‬هذا يؤدي إلى ظهور زبائنية سياسية جديدة لتدعيم أو توسيع شبكات‬
‫التأييد او المحافظة على التوازن القائم‪ 3.‬مما يجعل المؤسسة المحلية وال سيما البلديات بين ضغط المهام‬
‫وحجم الموارد الضرورية لتسييرها‪ .‬وبالتالي ال تتوفر على إمكانيات لتخطيط وادارة إستثماراتها وتتحول إلى‬

‫‪1‬‬
‫‪-Kamal Kateb, « Population et organisation de l’espace en Algerie », revue L’espace‬‬
‫‪geographique, (2003/4.Tome32), p.313.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمد العربي سعودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-EssaidTaib, « les mutations de l’Administration : Le regard de la science politique »,‬‬
‫‪revue Idara, n°23. vol 12 n°01, (2002), P.121.‬‬

‫‪21‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫مجرد مرفق عمومي لتقديم خدمات محدودة تفتقد إلى العقالنية والجودة وتبقى في حاجة آلليات المقاول‬
‫‪‬‬
‫العمومي‪.‬‬
‫لقد ورثت الجزائر غداة اإلستقالل (‪ )1132‬تنظيما إداريا واقليميا‪ ،‬ال يستجيب لحاجات‬
‫االستقالل مما فرض إصالحا إداريا سريعا تركز في بداية األمر حول ما يعرف بالتنظيم اإلقليمي للبالد‪.‬‬
‫‪ -‬ففي سنة ‪ 1131‬نظم اإلقليم الوطني إلى ثالث (‪ )03‬جهات ‪:‬‬
‫‪ ‬الجزائـ ـ ـ ـ ـر‬
‫‪ ‬وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـران‬
‫‪ ‬قسنطي ـ ـ ـ ـ ـنة‬
‫بـ ‪ 11‬والية و ‪ 100‬دائرة و ‪ 303‬بلدية ‪ 11 +( .‬بلدية أنشئت سنة ‪).1101‬‬
‫‪ -‬و في ‪ 1102‬و في إطار اإلصالح اإلداري ‪:‬‬
‫‪ ‬إنتقل عدد الواليات من ‪ 11‬إلى ‪ 31‬أي بإستحداث ‪ 13‬والية جديدة ‪.‬‬
‫‪ ‬إنتقل عدد الدوائر من ‪ 100‬إلى ‪ 130‬أي بإستحداث ‪ 30‬دائرة جديدة ‪.‬‬
‫‪ ‬إنتقل عدد البلديات من ‪ 311‬إلى ‪ 003‬أي بإستحداث ‪ 12‬بلدية جديدة ‪.‬‬
‫‪ -‬و في ‪ 1142‬تم إجراء تنظيم آخر لإلقليم الوطني ‪:‬‬
‫‪ ‬تضمن إستحداث ‪ 10‬والية ليصبح عددها ‪.24‬‬
‫‪ ‬تضمن إستحداث ‪ 430‬بلدية ليصبح عددها ‪. 1121‬‬
‫‪ ‬وتضمن أيضا إستحداث ‪ 34‬دائرة ليصبح عددها ‪ ، 224‬ليتم رفع عددها سنة ‪1111‬‬
‫إلى ‪ 111‬بزيادة ‪ 320‬دائرة جديدة ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫أما فيما يتعلق بالدوافع المعلنة لهذا التنظيم في مختلف مراحله هي‪:‬‬
‫‪ -‬تحكم أفضل في اإلقليم و القضاء على التباينات الجهوية وتحقيق التوازن الجهوي‪.‬‬
‫‪ -‬تغلغل معرفي لبرمجة مشاريع التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬تقريب اإلدارة من المواطن و تعميق الالمركزية و توسيع مشاركة المواطن في القرار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Sid Ali Djekboub, « L’organisation Territoriale en Algerie: Evolution, Evaluation d’ensenble‬‬
‫‪et quelques propositions de réaménagement », revue du ceneap, n°26, (2002), P.P.121-‬‬
‫‪125, sur: www.ceneap.com.dz‬‬

‫‪22‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ضاعف التقسيم اإلقليمي لسنة ‪ ،1142‬من عدد البلديات والدوائر وادى الى تفتيت للموارد البشرية‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫والمالية لم يسبق لها مثيل‪:‬‬
‫ففي حصيلة إقتصادية واجتماعية أعدت سنة ‪ 1111‬لتحديد مناطق للترقية »‪promovoir‬‬
‫‪ «Zones à‬بينت أن ‪ %41‬من البلديات التي تحتاج لهذه السياسة هي نتاج التقسيم اإلقليمي لسنة‬
‫‪ 1142‬و نسبة ‪ %41‬من هذه البلديات صنفت فقيرة‪ .2‬يالحظ على سياسة تنظيم اإلقليم ظاهرة عدم‬
‫التناسب بين إنتشار الكثافة السكانية والمؤسسات اإلقليمية (الوالية والبلدية) ؛ الشريط الساحلي (‪%1.0‬‬
‫من مساحة الجزائر) ‪ ،‬يتركز به أكثر من ‪ %20‬من السكان؛ والشمال الداخلي يمثل ‪ %12‬من مساحة‬
‫الجزائر يتركز به ‪ %11.3‬من مجموع السكان؛ في حين أن الجنوب الذي مساحته ‪ 2‬مليون كلم‪ 2‬أي‬
‫‪..3‬‬
‫‪ %44‬من مساحة الجزائر‪ ،‬ال يتركز به إال ما نسبته ‪ %0‬من مجموع السكان‬
‫التطور االتنظيمي في مشاريع الدولة الوطنية عرف حركة تشريعية ثرية‪ ،‬وسجل طموحات مشروعة‬
‫إلنجاز نهضة شاملة‪ ،‬إال أنه كان يعاني نقصا واضحا في الفعالية واإلرادة السياسية‪ .‬هذه االخيرة التي‬
‫عملت على بناء سلطة مركزية عوض اإلهتمام ببناء دولة قوية ومنظمة‪ .‬انطالقا من القاعدة نحو المركز‬
‫وليس العكس‪.‬‬
‫‪ -1-6‬المقاربة المفاهيمية للنموذج الجزائري في إدارة الجماعات المحلية ‪:‬‬
‫يقوم النموذج الجزائري في التنظيم المحلي على متغيرات ترتبط بمقتضيات النظام اإلداري‬
‫والسياسي الذي تعتمده الدولة‪ ،‬بإعتبار ها أسمى جماعة إقليمية توصفها القواعد الدستورية التي يختارها‬
‫المجتمع‪ .‬تبقى القضية الرئيسية التي تطبع "النموذج"‪ ،‬تتمثل في الالمركزية‪ .‬وما يدور حول هذا المفهوم؛‬
‫من دراسات تقييمية؛ أو بدائل حلول؛ هي في األصل؛ محاوالت تكييف ظرفية‪ ،‬تجاري الخطاب الرسمي‬
‫بغرض اإلبتعاد عن دائرة األزمة التي تشكل الصورة القائمة بين مثل النموذج و واقعه‪ .‬نظام الالمركزية؛‬
‫هو الذي يحدد طبيعة النموذج الجزائري؛ وحتى وان أضيفت لهذا النظام؛ عناصر أخرى من أجل توسيع‬
‫نطاقه‪ ،‬أو ترشيد مردوديته؛ تماشيا مع التطورات الحاصلة في مجال التنظيم والتسيير في الدول‬
‫‪La bonne‬‬ ‫والمجتمعات؛ كالديمقراطية المحلية‪ La démocratie locale‬؛ والحكم الراشد‬
‫‪ ، gouvernance‬فإنه يحتفظ بمقومات وجوده دون أن يندثر‪ ،‬ويعزز إحتمالية صالحيته وتجاوبه‬
‫اإليجابي‪ ،‬ضمن الثقافة السياسية التي تغذي الدولة البسيطة و الموحدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Sid Ali Djekboub, op.cit, p125.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Op.cit, pp.119, 120.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Op.Cit, pp.127-132.‬‬

‫‪23‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫لذلك‪ ،‬يجب التمييز بين فترتين متتاليتين من حياة الجماعات المحلية في الجزائر ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪ )1‬الفترة اإلشتراكية واإلقتصاد الموجه ‪.‬‬
‫‪ )2‬فترة اإلنفتاح الديمقراطي وما بعدها‪.‬‬
‫حيث اعتمد على الجماعات المحلية في المرحلة األولى كأدوات حقيقية للتنمية اإلجتماعية‬
‫واإلقتصادية‪ .‬وخالل الفترة الثانية تأثرت الجماعات المحلية تأث ار كبي ار بازمة االنتقال الديمقراطي وما نتج‬
‫عنه من عدم استقرار سياسي وامني ‪ .‬وتفكك في البنى وتغير في الوظائف؛ على مستوى الدولة‪ .‬وحتى‬
‫إن يتم اإلقرار بإستحالة اإلتفاق على تحديد مفهوم "جامع مانع" لمحتوى النظام الالمركزي‪ .1‬فإن تجارب‬
‫دول اإلتحاد األوروبي رغم التباينات اإلجتماعية (االثنية‪ ،‬الدينية والجغرافية واإلقتصادية‪ )...‬أصبحت‬
‫مرجعية ليس فقط في التنظيم الالمركزي‪ ،‬وانما أيضا في مجال بناء الدول وادارة المجتمع‪ ،‬وفق معايير‬
‫عالمية؛ يأتي على رأسها شرعية النخب والتزامها تجاه قضايا مواطنيها‪ ،‬وايمانها الراسخ بثقافة الدولة‪،‬‬
‫واحترام إرادة التمثيل في مختلف درجات النظام المؤسساتي‪.....‬إلخ‪ .‬مجتمعات تنتج القيم وتصدرها كمثل‬
‫لنماذج ناجحة‪ ،‬تنال اإلعجاب‪ ،‬وتستخدم كمبررات للمقارنة‪ ،‬وطرح الحلول في الدول النامية التي الزالت‬
‫تترنح بين االنتقالية واالصالح ‪ ...‬مقاربة اللجنة األوروبية " ‪"La Commission Européenne‬؛‬
‫تتبنى رؤية "براغماتية"مركزة على البعد الوظيفي في معالجة قضايا الالمركزية‪.2‬‬
‫تطرح المقاربة ثالثة أبعاد ( أنواع أو أصناف متكاملة) لالمركزية‪:‬‬
‫‪ -1‬الالمركزية السياسية ‪Décentralisation politique‬‬
‫‪ -2‬الالمركزية اإلدارية ‪Décentralisation Administrative‬‬
‫‪ -3‬الالمركزية الجبائية ‪Décentralisation fiscale‬‬
‫تتجه الصيغة الوظيفية التي تقدمها اللجنة األوروبية‪ ،‬نحو توفير الشروط الضرورية إلنجاح المنظمة‬
‫اإلقليمية؛ والتي يعبر عنها في علم التنظيم والتسيير بالموارد (التنظيمية‪ ،‬البشرية‪ ،‬والمالية أو المادية)‪.‬وهنا‬
‫يجب مالحظة ثالثة (‪ )03‬عوامل ‪:3‬‬
‫‪ -1‬مكانة و دور السلطات المحلية المنتخبة ‪le statut des autorites locales‬‬
‫‪ -2‬مدى شرعية اإلدارة العمومية‪la légitimite de l’administration d’état‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Walid Laggoune, « la decentralisation : Etat des problématiques et perspectives pour‬‬
‫‪l’Algerie et les pays en voie de developement »,in, :la decentralisation et la bonne‬‬
‫‪Administration (dossier)..revue du ceneap, n°25, (2002), P37.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Commission Europeenne, Appui à la decentralisation et à la gouvernance locale dans les‬‬
‫‪pays tiers, op.cit, p.9‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Jean Luca, « Administration locale et pouvoir politique en Algerie », L’Annuaire de‬‬
‫‪l’Afrique du nord, (PARIS: CNRS ,2d, 1972), p225.‬‬

‫‪24‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -3‬الثقافة السياسية المحلية‪la culture politique locale‬‬


‫‪‬‬
‫تحدد هذه العوامل الغائبة عن النموذج الجزائري‪ ،‬العالقة بين القرار السياسي؛ المركزي والمحلي؛ و تبرز‬
‫إلى جانب ذلك أهمية اإلدارة العامة في الضبط اإلداري؛ وكيف تعمل و توظف الموارد العامة لخدمة‬
‫القيادة السياسية لتدعيم شرعيتها‪ ،‬وتجديد الوالءات عبر التجنيد المستمر لرموز الزبائنية بكل مكوناتها‪.‬‬
‫تأتي الثقافة السياسية السائدة على المستوى المحلي‪ ،‬والتي تبقى عاجزة عن بلورة نخبة محلية قادرة على‬
‫الدفاع عن مصالح المواطن المحلي‪ ،‬أو مواجهة ضغوطات البيئة المؤسساتية؛ التي تهيمن عليها الروح‬
‫‪1‬‬
‫البيروقراطية‪ .‬تؤدي الرؤية النسقية لعناصر النموذج الجزائري إلى إستنتاج المبادئ التي يقوم عليها‪:‬‬
‫‪Le principe électif‬‬ ‫‪ -1‬اإلنتخابية‬
‫‪ -2‬الجماعية ‪Le principe de la collégialité‬‬
‫إال أن التمييز بين الجماعات المحلية و الكيانات القانونية األخرى في الدولة يركز على مبدأين‬
‫‪2‬‬
‫أساسيين‪:‬‬
‫‪ -1‬الشؤون المحلية ‪Les affaires locales‬‬
‫‪ -2‬السلطات المحلية ‪Les autorités locales‬‬
‫‪3‬‬
‫يسعى النموذج الجزائري إلى تحقيق مجموعة من األهداف‪:‬‬
‫‪ -1‬هدف تقني وظيفي وتسييري إلنجاز مهام المرفق العام‪.‬‬
‫‪ -2‬هدف سياسي؛ يتمثل في قدرة النظام اإلنتخابي على فرز ممثلين شرعيين واحترام التداول‬
‫السياسي‪ ،‬وتوفير أشكال المشاركة الشعبية‪.‬‬
‫‪ -3‬هدف إجتماعي؛ يتمثل في قدرة الجماعات المحلية على تحقيق تغلغل إجتماعي حول القيم‬
‫المشتركة‪.‬‬
‫ترتبط مقاصد النظام المحلي إلدارة الجماعات المحلية؛ برهانات التنمية الوطنية التي تستهدف توفير‬
‫أفضل الظروف المعيشية للمواطن من تجهيزات عمومية‪ ،‬وصحة وتعليم وتربية وعمل وسكن‪ ...‬وال يمكن‬
‫بأي حال من األحوال أن توكل كل هذه المهام إلى الجماعات المحلية‪ ،‬من دون تدخل الدولة التي هي‬
‫صاحبة القرار الفصل في رسم السياسات العامة وتنفيذها وتعديلها‪.‬‬
‫الالمركزية بإعتبارها محركا للنظام المؤسساتي المحلي؛ "تمثل رهانا سياسيا بالدرجة األولى؛ ألنها‬
‫يجب أن تكون تتويجا لمقاربة ديموقراطية وليس مجرد عملية تقنية لتوزيع المهام؛ كما هي أيضا رهان‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ahmed Mahiou, « les collectivites locales en‬‬ ‫‪Algerie », L’annuaire de l’Afrique du‬‬
‫‪nord, (PARIS: CNRS, 1969), PP.290-296.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jacques Hardy, Institutions et droit des collectivites locales .Op.cit. p18.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Essaid Taib, « l’administration locale algerienne : les enjeux de la décentralisation »,‬‬
‫‪revue RASJEP, n°01, Vol 42, (2005), p43.‬‬

‫‪25‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫إجتماعي‪ ،‬تجسم الجماعة المحلية كمفهوم يعبر عن العيش المشترك ضمن حقل إجتماعي وهوية‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫مشتركة تصاغ ضمن تنظيم إداري" ‪ .‬إذا كانت المقاربة المفاهيمية للنموذج الجزائري؛ تقوم على مبادئ‬
‫وتسعى إلنجاز أهداف معينة؛ فإن اإلطار القانوني الذي أوجد النموذج وصاغه‪ ،‬إنطالقا من رؤية‬
‫عامة لمشروع المجتمع والدولة؛ لم يؤدي في الواقع اال الى تحويل المزيد من المشاكل من قمة النظام‬
‫السياسي الى قاعدته (البلدية والوالية) التي تفتقد إلى الموارد الضرورية‪.‬‬
‫ال ينبغي أن تقتصر محاولة التقييم على حصيلة النموذج وحده فقط‪ ،‬وانما يجب أن تؤخذ في‬
‫اإلعتبار؛ مستويات أخرى تقاسمه المسؤولية‪ ،‬نتيجة األوضاع المتداخلة‪ ،‬أو تمارس عليه الوصاية والرقابة‬
‫كما تفرضها القواعد القانونية‪ .‬و بالتالي اإلمتداد أو التحديد يبرهن عن محدودية إستقاللية النموذج؛ و‬
‫يطرح إشكالية إعادة النظر في اإلرتباطات الوظيفية‪ ،‬والسلمية الرئاسية التي تحكم الجماعات المحلية‬
‫بشكلها العمودي واألفقي‪ .‬وال سيما اداء وفعالية النخب التي تتظاهر بالدفاع عن حيوية النظام السياسي ‪.‬‬
‫يقودنا هذا التحليل النسقي إلى معاينة بعض خصائص النموذج ‪:‬‬
‫‪ -1‬واجهة لمؤسسات الدولة وقاعدتها‪.‬‬
‫‪ -2‬فضاء للمشاركة و التمثيل ‪.‬‬
‫‪ -3‬أداة للتنمية المحلية (مؤسسة خدماتية)‪.‬‬
‫‪ -2‬نموذج بستمد شكلياته القانونية والتنظيمية من النموذج الفرنسي بخلفية مذهبية مركزية‪.‬‬
‫‪ -1‬المفاهيم المجاورة أو المصاحبة لالمركزية؛ توظف كمبررات سياسية؛ وال تعكس إرادة‬
‫تغيير إستراتيجي في برامج النخب الرسمية‪.‬‬
‫إذا كانت هذه المعطيات تجسد "هوية النموذج" اإلدارية و السياسية؛ عبر المفهوم الرئيسي الذي قام‬
‫عليه " الالمركزية" ؛ فكيف يمكن أن يؤثر ذلك على البنى و الوظائف التي تقوم عليها أو بها المؤسسة‬
‫المحلية؟‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-El Hadi Mebtoul, « Decentralisation et Réorganisation Terrtoriales », la lettre du ceneap,‬‬
‫‪n°48, (Juillet- Aout.2002), p1.‬‬

‫‪26‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ 3-6‬معايير تصنيف الجماعات المحلية‪:‬‬


‫‪‬‬
‫معالجة مسألة تصنيف الجماعات المحلية‪ ،‬ال ترتبط باألوضاع القانونية والتنظيم اإلداري التي‬
‫توجد عليه فقط؛ وانما تتعدى ذلك إلى إستكشاف مقاييس معيارية للتقييم والتحليل لتجاوز مظاهر العجز‬
‫ومسبباته‪ .‬وبذلك التصنيف؛ ال يعني دراسة التمايزات الموجودة ضمن هذا الصنف او ذلك فقط‪ ،‬بقدر ما‬
‫يحيلنا إلى إعادة ترتيب الموارد وتعبئتها على ضوء مؤشرات تنموية أفضل (إقتصادية و إجتماعية)؛ أو‬
‫كما تعبر عنها الحاجات المحلية للمواطنين‪ .‬وقصد دراسة تصنيف الجماعات المحلية في الجزائر يمكن‬
‫تحديد ثالثة (‪ )03‬معايير رئيسية وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬المعيار المؤسساتي‪.‬‬
‫‪ )2‬المعيار اإلجتماعي (الكثافة السكانية ‪،‬الطابع الريفي والحضري)‪.‬‬
‫‪ )3‬المعيار اإلقتصادي (الثروة واإلستثمار)‪.‬‬
‫فبالنسبة للمعيار األول؛ فإن النظام الدستوري الجزائري ينص فقط على أن الجماعاتان اإلقليميتين‬
‫هما البلدية والوالية (المادة‪)11‬؛ وال يعترف بأي صنف أخر خارج هاتين المؤسستين؛ واللتان يحكمهما‬
‫وينظم عملهما قانونان خاصان هما قانونا البلدية والوالية على التوالي‪ ،‬فالبلدية بنص القانون هي المؤسسة‬
‫القاعدية للدولة ثم تأتي الوالية كجماعة إقليمية والدائرة اإلدارية غير الممركزة للدولة؛ بمعنى أخر؛ النموذج‬
‫المؤسساتي قائم على سلطة سلمية رئاسية مركزية وال مركزية‪ .‬لكن ما يالحظ هو وجود هيئة أخرى على‬
‫شكل وسيط بين البلدية والوالية؛ وهي الدائرة والتي ال تتمتع بوضع قانوني كجماعة إقليمية وتستحوذ على‬
‫صالحيات إدارية مهمة و معتبرة جدا‪.‬‬
‫كما يالحظ؛ تأسيس جماعة إقليمية سنة ‪ 1114‬وهي محافظة الجزائر الكبرى؛ خاصة بتسيير وادارة‬
‫العاصمة بعد أن تم توسيعها عبر إقتطاع بلديات كاملة من الواليات المجاورة للعاصمة (البليدة ‪ ،‬تيبازة‬
‫وبومرداس)؛ بغرض إعطاء أهمية خاصة للعاصمة؛ ربما محاكاة لوضع باريس الكبرى في فرنسا‪ .1‬حيث‬
‫تم ضم ‪ 22‬بلدية (‪ 12‬بلدية من والية تيبازة و ‪ 2‬بلديات من والية البليدة و ‪ 3‬بلديات من والية بومرداس)‬
‫إلى والية العاصمة التي أصبحت تتكون من ‪ 10‬بلدية بدالمن‪ 33‬سابقا‪ .‬هذه الحالة لم تدم طويال حيث‬
‫تم إلغاء هذه المحافظة بعد ان أقر المجلس االدستوري عدم دستوريتها‪ 2‬بإحظار من رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫أما المعيار الثاني؛ فيركز على عامل الكثافة السكانية كمحدد أساس في تصنيف الجماعات‬
‫المحلية من حيث الحجم ( ‪ )La taille‬؛ فيحدد لكل تجمع سكاني نطاقه اإلداري وتمثيله اإلنتخابي‬
‫(السياسي)؛ من دون اإلعتماد على متغير إحصائي موحد‪ ،‬وانما إستحداث مجموعات مصنفة ومرتبة وفق‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Girardon, les collectivites territoriales, (France : éd. Ellipses, 2014), P.80.‬‬
‫‪ -2‬انظر المرسوم الرئاسي رقم ‪21-2000‬المؤرخ في ‪ ،2000/03/01‬المتضمن تعديل المرسوم الرئاسي رقم ‪161-69‬‬
‫المؤرخ في ‪ 6669/10/11‬الذي يحدد التنظيم االداري لمحافظة الجزائر الكبرى‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 01‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪.2000/03/02‬‬

‫‪27‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫مقتضيات السياسات الوطنية للتهيئة والتعمير والتخطيط المجالي‪.‬المرجعية البيانية التي توفر اإلطار‬
‫‪‬‬
‫العملي والعلمي لمثل هذه التقسيمات اإلقليمية؛ هي تلك التي ينجزها الديوان الوطني لإلحصاءات (‬
‫‪ )ONS‬عن السكن والسكان خالل كل عشر سنوات‪ .1‬مما يسمح للسلطات العمومية بإنحاز سياساتها‬
‫العامة‪ ،‬وال سيما في مجال التنظيم اإلداري والسياسي؛ عبر التغلغل والتوزيع لكل القيم والموارد‪ .‬كما يجب‬
‫اإلشارة إلى درجة التباينات من حيث المساحة بين وحدات الجماعات المحلية الجزائرية؛ حيث الحجم‬
‫المتوسط للبلديات هو ‪ 40‬كلم‪ 2‬في الشريط الساحلي‪ ،‬ويبلغ ‪ 300‬كلم‪ 2‬في التل والهضاب العليا ‪Tell‬‬
‫‪2 2‬‬
‫‪ et Steppe‬في حين حجم بلديات الجنوب يصل ‪ 11300‬كلم ‪.‬‬
‫لقد تم إحصاء سنة ‪2004‬؛ ‪ 2233‬تجمعا سكانيا منها ‪ 011‬تجمعا حضريا و‪ 3012‬تجمعا‬
‫ريفيا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ضمن هذا السياق حددت ستة أصناف من التجمعات السكانية‪:‬‬
‫‪ -1‬التجمعات األقل من ‪ 1.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -2‬التجمعات بين ‪ 1.000‬و ‪ 10.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -3‬التجمعات بين ‪ 10.00 0‬و ‪ 20.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -2‬التجمعات بين ‪ 20.000‬و ‪ 10.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -1‬التجمعات بين ‪ 10.000‬و ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -3‬التجمعات بين أكثر من ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫هذا التصنيف هو الذي يتم إعتماده عند تصنيف البلديات‪ 4،‬بغرض تحديد وتوزيع المقاعد اإلنتخابية في‬
‫المجالس الشعبية المحلية المنتخبة‪ .‬وأما الواليات فيمكن تصنيفها حسب متغيرات هذا المعيار إلى ست‬
‫‪5‬‬
‫(‪ )03‬مجموعات؛ تتراوح كثافتها السكانية بين ‪ 210.000‬نسمة و‪ 1.210.000‬نسمة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Office National des statistiques: Armature urbaine : 5em Recencement general de la‬‬
‫‪population et de l’habitat, 2008, Alger, 2011.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Op.cit, P13.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Op.cit, p145.‬‬
‫‪ -4‬القانون العضوي رقم ‪ ،10-13‬المؤرخ في ‪ ،2013/04/21‬المتضمن قانون االنتخابات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪،10‬‬
‫الصادرة في ‪2013 /04/24‬المادة‪.40‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬المادة ‪ 42‬منه‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫نفس المتغير اإلحصائي يستعمل إلجراء تصنيف أخر للتجمعات السكنية والبشرية على أساس‪ :‬ريفي‬
‫‪‬‬
‫و حضري‪ .‬رغم أن المعايير التقليدية للتمييز بين ما هو ريفي وما هو حضري ( المدن) ظل إلى أمد بعيد‬
‫يركز على نمط الحياة ( ‪)un mode de vie‬؛ أو طبيعة النشاط اإلقتصادي بل وحتى نشاط السكان‪.‬‬
‫الجل تحديد الوسط الحضري من الريفي يجب أن تتوفر الشروط التالية‪:1‬‬
‫‪ -‬حد أدنى من السكان يقدر ب ـ ـ ـ ‪ 1.000‬نسمة ‪.‬‬
‫‪ -‬النشاط اإلقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬الربط بالشبكات ( الماء الشروب ‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬الصرف الصحي )‪.‬‬
‫‪ -‬وجود مستشفى أو عيادة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود ثانوية أو متوسطة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود تجهيزات إجتماعية و ثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬وجود مرافق إدارية‪.‬‬
‫لتصنيف التجمعات الريفية وال سيما الشبه ريفية ينبغي توفر الشروط التالية‪: 2‬‬
‫‪ -‬عدد أدنى من السكان ‪ 3.000‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -‬عدد من الشاغلين يساوي ‪ 100‬شخص‪ %10،‬منهم يزاولون غير النشاط الفالحي‪.‬‬
‫‪ -‬الربط اإلجباري بأحد الشبكات ‪ :‬الكهرباء‪ ،‬الماء‪ ،‬الصرف الصحي‪.‬‬
‫البلدية الحضرية ‪ Commune urbaine‬هي كل بلدية يوجد بها تجمعا حضريا‪ .‬أما البلدية الريفية فهي‬
‫التي بها تجمعات شبه ريفية ( قريبة من الحضري)‪ ،‬أو ريفية و المناطق المبعثرة‪ .‬وبذلك صنفت البلديات‬
‫‪3‬‬
‫حسب درجة تحضرها إلى ثالث (‪ )03‬مستويات‪:‬‬
‫‪ .1‬بلديات ذات مستوى حضري ضعيف وعددها ‪ 41‬بلدية‪.‬‬
‫‪ .2‬بلديات ذات مستوى حضري متوسط وعددها ‪ 302‬بلدية‪.‬‬
‫‪ .3‬بلديات ذات مستوى حضري عالي وعددها ‪ 302‬بلدية‪.‬‬
‫مجموع ‪ 033‬بلدية حضرية و ‪ 004‬بلدية ريفية لتشكل ‪ 1121‬بلدية ‪.‬‬
‫افرزت انشطة العمران الحضري ضمن هذه الشبكة التصنيفية‪ ،‬تصنيفا أخر يحاول أن يرسم تنظيما‬
‫‪4‬‬
‫نموذجيا للتصنيف الثالثي السابق‪ ،‬وذلك يتقسيم البلديات إلى خمس (‪ )01‬مجموعات‪:‬‬
‫‪ .1‬بلديات حضرية بكاملها ‪.‬‬
‫‪ .2‬بلديات ذات أغلبية حضرية‪ :‬سكانها يعيشون في مناطق حضرية بنسبة أكثر من ‪.%01‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Office National des statistiques : Armature urbain, op.cit, p36.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Op.cit, p129‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Op.cit, p145‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Op.cit, pp.131-146.‬‬

‫‪29‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ .3‬بلديات مختلطة‪ :‬هي ما نسبة سكانها من ‪ 21‬و‪ % 01‬يعيشون في المناطق الحضرية‪.‬‬


‫‪‬‬
‫‪ .2‬بلديات ذات أغلبية ريفية؛ عندها نسبة سكان أقل من ‪ %21‬يعيشون في المناطق الحضرية‪.‬‬
‫‪ .1‬بلديات ريفية بكاملها‪.‬‬
‫وتم تصنيف ‪ 23‬والية تتميز بنسبة ريفية عالية‪..‬‬
‫كما يمكن القيام بتصنيف الجماعات المحلية على أساس الثروة واإلمكانيات االستثمارية المتوفرة‬
‫بها‪:‬‬
‫هذا المعيار يساهم في توضيح العالقة التي تربط المؤسسة المحلية كجماعة محلية‪ ،‬وكمتعامل‬
‫عمومي؛ في بيئتها اإلجتماعية واإلقتصادية حيث تتولى فيها السلطة المركزية صنع ق ارراتها وتوجهاتها‬
‫التنموية ‪ .‬ضمن هذا السياق تم إعتماد قانون رقم ‪ 2001-20‬المؤرخ في ‪ 2001-12-12‬حول التهيئة‬
‫والتنمية المستدامة لإلقليم‪ ،1‬حيث أقر النص تشكيل فضاءات للبرمجة اإلقليمية عبر تجميع أو إدماج‬
‫‪2‬‬
‫لواليات مجاورة تعرف مشاكل تنموية مشابهة أو متكاملة‪ ،‬وهذه التجمعات هي تسع (‪: )01‬‬
‫‪ .1‬شمال‪ -‬وسط‪ :‬بها ‪ 10‬واليات‪ :‬الشلف‪ ،‬بجاية‪ ،‬البليدة‪ ،‬البويرة‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المدية‪،‬‬
‫بومرداس ‪ ،‬تيبازة‪ ،‬عين الدفلى‪.‬‬
‫‪ .2‬شمال‪ -‬غرب‪ :‬تضم ‪ 0‬واليات‪ :‬تلمسان‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬معسكر‪ ،‬وهران‪ ،‬عين‬
‫تيموشنت‪ ،‬غليزان‪.‬‬
‫‪ .3‬شمال‪-‬شرق‪ :‬بها ‪ 4‬واليات‪ :‬جيجل ‪ ،‬سكيكدة‪ ،‬عنابة‪ ،‬قالمة‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬الطارف‪ ،‬سوق أهراس‪،‬‬
‫ميلة‪.‬‬
‫‪ .2‬الهضاب العليا مركز‪ :‬بها ‪ 3‬واليات‪ :‬األغواط‪ ،‬الجلفة‪ ،‬مسيلة‪.‬‬
‫‪ .1‬الهضاب العليا غرب‪ :‬تتكون من ‪ 1‬واليات‪ :‬تيارت‪ ،‬سعيدة‪ ،‬البيض‪ ،‬تيسمسيلت‪ ،‬النعامة‪.‬‬
‫‪ .3‬الهضاب العليا شرق‪ :‬بها ‪ 3‬واليات‪ :‬أم البواقي‪ ،‬باتنة‪ ،‬تبسة‪ ،‬سطيف‪،‬برج بوعريريج‪ ،‬خنشلة‪.‬‬
‫‪ .0‬جنوب‪ -‬شرق ‪ :‬يتشكل من ‪ 2‬واليات‪ :‬ورقلة‪ ،‬الوادي‪ ،‬غرداية‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫‪ .4‬جنوب‪-‬غرب ‪ :‬و به ‪ 3‬واليات ‪ :‬بشار ‪ ،‬أدرار‪ ،‬تندوف‪.‬‬
‫‪ .1‬الهقار‪ -‬طاسيلي ‪ :‬و يتكون من ‪ 2‬واليتين ‪ :‬تمنراست‪ ،‬إليزي‪.‬‬

‫‪-1‬القانون رقم‪20-01‬المؤرخ في ‪ 2001/12/12‬المتعلق بتهيئة االقليم وتنميته المستدامة‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪00‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.2001/12/11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Office National des statistiques : Armature urbaine, op.Cit, pp.15, 16.‬‬

‫‪30‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تعتبر الموارد المالية عصب التسيير لتلبية حاجيات المواطنين من سكن‪ ،‬وتربية وصحة؛ لذلك يالحظ‬
‫‪‬‬
‫فوارق معتبرة بين البلديات من حيث توزيع الثروة واستخدامها؛ فظهرت مظاهر الفقر وضعف التنمية؛ إذ‬
‫‪1:‬‬
‫صنفت البلديات إلى ثالث مجموعات‬
‫‪ 100 )1‬بلدية‪ ،‬تعاني من ضعف شديد‪.‬‬
‫‪ 222 )2‬بلدية تتمتع يوضعية متوسطة نسبيا‪.‬‬
‫‪ 1120 )3‬بلدية تتميز بوضعية مقبولة‪.‬‬
‫حصة الفرد من الثروة لهذه الجماعات اإلقليمية الفقيرة‪ ،‬يبين أن ‪ 130‬بلدية من مجموع ‪1121‬‬
‫بلدية‪،‬ال تتجاوز ‪ 100‬دج للفرد في السنة‪ ،‬فقط ‪ %2‬أي ‪ 20‬بلدية تسجل حصة ‪ Ratio‬متوسطة تتراوح‬
‫بين ‪ 130‬و‪ 1100‬دج ‪.‬أو قوية وقوية جدا تتراوح بين ‪ 2000‬و‪ 3100‬دج‪ .‬يالحظ أن بلديات الهضاب‬
‫العليا والجنوب الغربي بنسبة ‪ %13‬منها بمؤشرات ضعيفة إذ تم إحصاء ‪ 21‬بلدية من أصل ‪ 101‬بلدية‬
‫تقترب من المؤشر المتوسط‪33.‬والية من مجموع ‪ 23‬والية‪ ،‬أكثر من ‪ %10‬من بلدياتها حصة ثروة الفرد‬
‫فيها أقل من ‪ 100‬دج ‪ .‬يجب أن ينظر الباحث إلى أهمية معايير التصنيف‪ ،‬كحزمة مؤاشرات متكاملة‪،‬‬
‫ال ينفصل بعضها عن بعض‪ .‬ألن ما هو سائد عند محاولة معالجة قضايا السياسات الوطنية القطاعية أو‬
‫المحلية‪ ،‬هو طغيان وهيمنة مؤشر معيار الكثافة السكانية كمحدد عام ورئيسي في توزيع الخدمات‬
‫ومشاريع التنمية‪.‬‬
‫األمر الذي يجبر الدولة على التصرف كدولة خدمات‪ ،‬وتعمل على إنتهاج أساليب توزيعية دون‬
‫مقابل إقليمي أو محلي‪ .‬أو بمعنى اخر الريوع النفطية المتوفرة‪ ،‬تشجع على إهمال إستغالل الموارد‬
‫المتاحة محليا إلحداث التوازن بين تلبية المطالب و تدبير األموال؛ مما يؤدي في غالب األحيان إلى‬
‫توترات إجتماعية قد ال يستطيع الخطاب الشعبوي إحتوائها؛ وهذا يكشف عن مدى الخلل الموجود في‬
‫النظام المؤسساتي للدولة بكل تفرعاتها وامتداداتها األفقية والعمودية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministere de l’action sociale et de la solidarite nationale : Programme des nations‬‬
‫‪unies pour le developpement : Carte de la pauvreté en Algerie : Agence Nationale‬‬
‫‪d’Amenagement du Territoire, (Mai 2001), PP. 20-35.‬‬

‫‪31‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ثانيا‪ :‬المؤسسات اإلدارية المحلية‪:‬‬


‫‪‬‬
‫نظ ار لحجم المهام التي تضطلع بها االدارة العامة في الدولة‪ ،‬تعمل هذه االخيرة بمبادئ تنظيم اداري‬
‫المركزي وغير ممركز‪ ،‬بغرض تلبية بعض الحاجات االساسية للمواطن‪ ،‬او انجاز بعض المشاريع لتقديم‬
‫‪،‬وجد فاعلة ؛في التنظيم والتسيير‬
‫َ‬ ‫خدمات معينة ‪ .‬تتولى االدارة بمفهومها ''المؤسسي''‪ ،‬مكانة است ارتيجية‬
‫ورسم السياسات العامة‪ .‬تتعلق اهمية المؤسسة االدارية‪ ،‬باعنبارها المؤثر والموجه عند انشاء القواعد‬
‫القانونية وانظمتها‪ ،‬وكل ما يتصل بها من اجراءات واجال‪ ،‬وشروط و تنظيمات‪ .1‬وتتمحور هذه االهمية‬
‫‪2‬‬
‫في اغلب الدراسات حول ثالث وظائف اساسية وهي‪:‬‬
‫‪ - )1‬تطبيق القانون ‪L’application de la loi‬‬
‫‪ - )2‬الضبط االداري ‪la police administrative‬‬
‫‪ - )3‬التسيير المباشر للمرافق العامة ‪La gestion directe des services publics‬‬
‫فإذا‪ ،‬كانت الجماعات المحلية‪ ،‬هي امتداد للدولة‪ ،‬و تقع تحت مسؤوليتها السياسية واإلدارية‬
‫رغم االقرار لها باالستقاللية‪ ،‬التنظيمية والمالية‪ ،‬فإنها تعتبر مؤسسة ادارية في المقام االول‪ ،‬منظمة وفق‬
‫مبادئ وقوانين خاصة بها تحدد لها مهامها وطبيعة تدخلها‪ ،‬ونطاق عملها‪ ،‬ويشرف عليها مسؤولون‬
‫وموظفون‪ ،‬لهم حقوق وعليهم واجبات‪ .‬الطابع االقليمي للمؤسسة االدارية المحلية يؤهلها لتكون في خدمة‬
‫المجتمع المحلي‪ .‬او كما هو دال مسامها‪ :‬الجماعة التي توحي الى هوية اجتماعية‪ ،‬وكتلة سكانية‬
‫ومجموعة مطالب وانشغاالت‪ ،‬تلخص الى حد كبير ابعاد واهداف الخاصية االولية التي تميزها عن باقي‬
‫جماعات الدولة السياسية واإلدارية‪ .‬أال وهي المصالح او الشؤون المحلية‪ .‬فال يعقل ان نؤجل النظر في‬
‫مسائل محلية تدخل في االمور العادية‪ ،‬حتى تتولى المصالح المركزية انجازها‪.‬فاالدارة المحلية‪ ،‬تواكب‬
‫التطورات الحاصلة في الحياة العامة؛ وتحاول دائما التكيف‪ .‬والبحث عن العقالنية والرشادة في التنظيم‬
‫والتسيير ‪ .‬لكن ما يالحظ على أداء المؤسسات االدارية المحلية (البلدية والوالية)‪ ،‬أنها توظف سياسيا‬
‫عبر الخدمات االجتماعية التي تنجزها او تحاول إنجازها؛ وتصبح أداة حيوية يتحكم فيها "السياسي‬
‫المركزي"؛ بغرض التغلغل واالندماج‪ ،‬وتغيير او توجيه سلوكات المنتفعين من الخدمة‪ .‬وتتعاظم تلك‬
‫المحاوالت إبان المواعيد اإلنتخابية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « la place de l’Administration dans la production des normes », Droit‬‬
‫‪et societes, n°79, (2011/3) .PP.623-636.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Manuel Delamarre, L’Administration et les Institutions Administratives, (France : La‬‬
‫‪Documentation Francaise, 2ed.2013), p 15.‬‬

‫‪32‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫الزالت الديمقراطية المحلية‪ ،‬أو اإلدارة الديمقراطية‪ ،‬أوديمقراطية اإلدارة‪ ،‬أو اإلنتقال من حالة‬
‫‪‬‬
‫"المواطن المدار" إلى نموذج "المواطن المشارك" لم تبلغ مشروعيتها بسبب أزمة اإلنتقال الديمقراطي‪،‬‬
‫وأفضلية تركيز السلطة في نخبة معينة من دون محاولة البحث عن تداول سلمي لتجديد شرعية التمثيل‬
‫الشعبي والمؤسساتي في آن واحد‪ .‬إن اإلنتقال من نظام بيروقراطي ممركز إلى نموذج تسيير ديمقراطي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومستقل يتطلب وقتا للتدريب الجماعي على المؤسسات الجديدة من طرف الفاعلين اإلجتماعيين‪.‬‬
‫إن سيطرة النزعة البيروقراطية الهجينة في اإلدارة البلدية والوالئية‪ ،‬أدت إلى تثبيط العزائم وطرد‬
‫الكفاءات‪ ،‬و تشويه المناخ االستثماري المنتج‪ .‬ناهيك عن إفراز عالقات سلبية جداّ بين مختلف مستويات‬
‫هذه اإلدارة اإلقليمية ومطالب المواطن المحلي‪.‬‬
‫‪ -6-1‬البلدية‪:‬‬
‫يندرج تأسيس البلدية‪ ،‬كوحدة اقليمية وقاعدية للدولة‪ ،‬ضمن التنظيم االقليمي للبالد‪ ،‬من اجل فهم‬
‫الحاجات االساسية وبسط سلطة الدولة‪ .‬عبر نظامها السياسي ونسقها االداري‪ ،‬حيث يفرض منطق‬
‫تكون المجال االقليمي والمحلي ‪.‬‬
‫المؤسسة الذي يحاول إمتصاص التناقضات الخصوصية التي ّ‬
‫اولى التشريع الوطني عناية خاصة للبلدية في "مشروعه االشتراكي"؛ حيث كرس شخصيتها‬
‫االعتبارية ضمن االبعاد التي تمثلها الدولة في حد ذاتها على المستوى االقليمي؛ كما نصت المادة االولى‬
‫من قانون البلدية الصادر في ‪ 14‬جانفي ‪1130‬؛‪ 2‬على ان البلدية هي الجماعة االقليمية السياسية‬
‫واالدراية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية االساسية‪ .‬وتقوم بذلك‪ ،‬كوحدة مدمجة بالدولة بجميع البرامج‬
‫التنموية المخططة‪ .‬ولما جاءت مرحلة االنفتاح الديمقراطي‪ ،‬عدلت "االبعاد المفاهيمية" التي تضمنتها‬
‫مفردات التعريف "االشتراكي بحجة تقديم صياغة محايدة وموضوعية لدور ومهام البلدية؛ واالستغناء عن‬
‫"المشروطية المذهبية"‪ .‬ويرتكز الدور الرئيسي للبلدية في خضم حركية التحوالت السياسية واالقتصادية‪،‬‬
‫لمواجهة التحديات في افضل االجال‪ .‬تبرز البلدية كعامل تجميعي لكل االرادات الحسنة المبادرة‪ ،‬لتحسين‬
‫حياة المواطن‪ ،‬والتقييم‪ ،‬وتسويق الفضاء‪.3‬‬
‫تتحدد المهام الجديدة للمؤسسة البلدية‪ ،‬على ضوء عناصر البيئة التي تحيط بها وتعمل في ظلها‪.‬‬
‫النها كمنظمة ادارية تقع في مركز التفاعالت النسقية بين مختلف الفاعلين؛ والذين بدورهم يعملون على‬
‫تمثيل المصالح وتعظيم استفاداتهم من الخدمات واالستثمارات التي تتولى هذه المنظمة انجازها او‬

‫‪1‬‬
‫‪-Marie Claude Maurel, « Collectivites Locales : De nouveaux‬‬ ‫‪modes de gestion‬‬ ‫‪en‬‬
‫‪Europe centrale », revue Le Courrier des pays de l’Est, N°1033, (Mars 2003), p16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬االمر رقم ‪ 22-30‬المؤرخ في ‪ 1130/01/14‬المتضمن القانون البلدي‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪ 03‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 1130/01/14‬ص‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Abdelkader Khelil, La Commune face au défi du Management et de l’ingenierie‬‬
‫‪Territoriale en Algerie, (Alger : Ed .Casbah. 1998), PP.3-6.‬‬

‫‪33‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تقديمها‪ .‬ومهما كانت تلك المهام فانها تبقى تكتسي طابع الخدمة المرفقية العمومية والمجانية لجميع‬
‫‪‬‬
‫المواطنين‪ .‬ما يمكن مالحظته في النصوص القانونية والتنظيمية الجديدة التي صاحبت مرحلة االنتقال من‬
‫االحادية الحزبية الى التعددية؛ هو السعي لتكييف تلك المهام والصالحيات التقليدية للبلدية من دائرة‬
‫"الواجب" الى دائرة "الممكن" او بعبارة اخرى؛ تقليص دور الدولة التدخلي‪ ،‬واالكتفاء بدور المراقبة‬
‫والضبط‪ .‬وبالتالي؛ كيف يمكن التعامل ومعالجة آثار هذه السياسة على المجتمع وعلى دور المؤسسات‬
‫ككل وتزايد المطالب وتنوعها أمام محدودية الموارد وتداخل المسؤوليات‪ .‬وتعمل البلدية‪ ،‬على اإلنفتاح‬
‫على محيطها ؛ اإلجتماعي واإلقتصادي والسياسي‪ ،‬من خالل إعتبارها "اإلطار المؤسساتي" المالئم‬
‫لمشاركة المواطن في تسيير شؤونه المحلية؛ سواء كمقترح أو كمشارك أو كمنتخب‪ ...‬تؤدي مثل هذه‬
‫الرؤية اإلستشرافية لعالقة المواطن بالمؤسسة االبلدية؛ إلى محاولة تعزيز قاعدتهااإلجتماعية‪ .‬وكذا البحث‬
‫عن األسلوب األمثل لتطبيق نموذج الحكم الراشد الذي يمكن أن يطرح البلدية كتجربة أولية قبل تعميمه‬
‫‪1‬‬
‫على باقي مؤسسات الدولة وذلك لألسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬البلدية هي إقليم‪.‬‬
‫‪ )2‬سكان‪ ،‬وحدة إجتماعية وثقافية‪.‬‬
‫‪ )3‬شبكة عالقات من مختلف الألنواع‪.‬‬
‫‪ )2‬فضاء إقتصادي للتبادل‪.‬‬
‫‪ )1‬وحدة إقليمية‪ ،‬إجتماعية‪ ،‬إقتصادية وثقافية وسياسية ومؤسساتية‪.‬‬
‫إذا كانت المؤسسة البلدية‪ ،‬قائمة على أسس من "الشرعية القانونية"؛ فإن مقتضيات هذه الشرعية‬
‫تفرض أهمية إحترامها وانسجامها الكلي مع منطق دولة القانون‪ .‬فالتجربة تبين أن "ميثالية النص" ال‬
‫تصنع فعالية المؤسسة؛ إذا لم تتوفر إرادة سياسية قوامها شرعية تمثيلية حقيقية؛ تتجه نحو إستقطاب‬
‫الكفاءات العلمية والمهنية لتأطير "اإلبداع المؤسسي" بكل مقاصده‪ .‬صمم التنظيم البلدي وطبق عبر‬
‫سياسة مركزية وبيروقراطية‪ ،‬ال يتناسب ال بهيكليته وال بأشكال سلميته الرئاسية‪ ،‬لممارسة الصالحيات ‪،‬في‬
‫منظمة يجب عليها اإلنفتاح أكثر على المواطنة‪ 2.‬إنحسار دور البلدية في المهام التقليدية‪ ،‬وضعف‬
‫مبادرتها المحلية‪ ،‬وخضوعها لوصاية شديدة‪ ،‬ضاعف من تناقضاتها البنيوية‪ ،‬وال سيما دالالت إستقالليتها‬

‫‪1‬‬
‫‪-Mohamed Cherif Belmihoub « Modele de Gouvernance et Collectivite Territoriale »,revue :‬‬
‫‪Ceneap : Dossier Spécialsur : « La Decentralisation et la Bonne Gouvernance », n°25,‬‬
‫‪(2002), P30.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohamed‬‬ ‫‪Serradj « La Commune‬‬ ‫‪entre‬‬ ‫‪acteurs‬‬ ‫‪et systemes » ,in : revue‬‬
‫‪Collectivites locales, n°01, ( Mars 1997), p37.‬‬

‫‪34‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫المالية والتنظيمية‪ .‬وقلل من وصفها كمتعامل عمومي‪ ،‬يلتزم بأساسيات المنافسة وقواعد اإلستثمار‪ .‬مما‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫يحتم عليها؛ البحث عن هدف مزدوج بتمثل في‪ :‬خلق الموارد الجبائبة وترقية الشغل الجواري ‪.‬‬
‫بالنتيجة‪ ،‬يجب على البلدية أن تتكيف مع التحوالت الداخلية والخارجية‪ ،‬التي تجبر أي مؤسسة‬
‫تريد البقاء‪ ،‬أن تتصرف كمسير يوازن بين المصالح‪ ،‬ويسعى إلنجاز أهداف مؤسسته بأقل تكلفة‪ ،‬و أجود‬
‫خدمة في أفضل األجال ‪ .‬لكي تقوم المؤسسة البلدية بمهامها؛ تتمتع بهياكل ادارية وتقنية؛ تضبط وظائفها‬
‫وصالحياتها؛ ضمن هيكل يجسد درجة المسؤوليات وحدودها؛ تحت سلطة رئاسية مركزية ذات شكل‬
‫عمودي‪ ،‬من االعلى الى االسفل‪ .‬يتوالها رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ .‬بمعية االمين العام كقوة اقتراح‬
‫وتنشيط ‪ .2‬التنظيم االداري في البلدية يتحكم فيه شرطان اساسيان هما‪:3‬‬
‫‪ -‬اهمية الجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬حجم المهام المسندة للجماعة‪.‬‬
‫هذه المهام المحددة بصفة محورية‪ ،‬وعلى سبيل االستبيان والتوجيه ضمن اثنتا عشر (‪ )12‬مهمة‪،‬‬
‫حددها نص تنظيمي اخر على شكل ثماني (‪ )04‬شعب؛ موزعة على حوالي ثمانية وعشرين(‪ )24‬سلكا‬
‫مصنفا في اثتنان وسبعين (‪ )02‬رتبة‪.4‬‬
‫تدخل المهام الجديدة التي اوكلت الى المؤسسة البلدية ضمن مسارات التكيف االستراتيجية مع‬
‫التطورات الناشئة في المنظومة المؤسساتية الداخلية من جهة ؛ وكاستجابة ذكية الف ارزات البيئة الدولية‬
‫السيما في مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصال‪ ،‬من جهة اخرى‪ .‬وبالتالي اصبحت الدولة الجزائرية‬
‫مظطرة للتعامل بمرونة وعقالنية متدرجة لتحسين اداء جماعاتها االقليمية‪ .‬ولعل ابرز الية تنظيمية‬
‫يمكنها تشخيص تلك المهام والوظائف؛ هي الهيكل التنظيمي الذي يعكس اربعة محاور استراتيجية‬
‫تتوالها الجماعة البلدية‪:5‬‬
‫‪ )1‬السلطات المحلية‪.‬‬
‫‪ )2‬الحكامة المحلية‪.‬‬
‫‪ )3‬التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ )2‬التهيئة االقليمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-AbdelkaderKhelil, op.cit., p.10.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 10-11‬المؤرخ في ‪ 2011/03/22‬المتعلق بالبلدية‪ .‬المادة ‪ ،121‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ ، 123‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 332-11‬المؤرخ في ‪ 2011/01/20‬المتضمن القانون االساسي لموظفي ادارة الجماعات‬
‫االقليمية ‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 13‬الصادرة بتاريخ ‪ ، 2011/01/24‬المادتان‪3‬و‪ 330‬منه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-La Commission Europeenne, Appui à la decentralisation et à la gouvernance locale dans‬‬
‫‪les pays tiers, op.cit, p19.‬‬

‫‪35‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫بغرض دراسة "هندسة البنى"التي تقوم عليها االدارة البلدية؛ ينبغي معاينة مميزات هذه البنى كما‬
‫‪‬‬
‫يعكسها الواقع من حيث انها مصالح ادارية وتقنية‪ ،‬تمارس فيها مهام وصالحيات على شكل سلطة‬
‫سلمية‪ .‬نتائج المعاينة تتلخص في النقائص التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الهيكل التنظيمي ال يستجيب لحجم ومتطلبات التنمية المحلية ‪.‬‬
‫‪ ‬المهام والصالحيات غير واضحة ومتداخلة ‪.‬‬
‫‪ ‬التأطير غير الفعال و التأثير المحدود‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف التنسيق بين التصور والتطبيق‪.‬‬
‫‪ ‬تنامي حدة االحتكار البيروقراطي ‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف المراقبة والمتابعة ‪.‬‬
‫‪ ‬االتصال شكلي وروتيني‪.‬‬
‫‪ ‬نمط التسيير قائم على خطوط متقطعة‪.‬‬
‫‪ ‬جهل تام بإف ارزات وعناصر البيئة المحيطة‪.‬‬
‫‪ ‬النوايا النعكس حقائق تغييريه ذات مردودية مقبولة ‪.‬‬
‫‪ ‬تداخل بين عمل اإلدارة والعمل السياسي للمنتخبين ‪.‬‬
‫‪ ‬سوء تنظيم المصالح اإلدارية وضعف أدائها ‪.‬‬
‫‪ ‬عدم احترام السلمية اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع المهام وعالقات العمل تتم بصفة فوضوية ودون أي معايير عقالنية ‪.‬‬
‫‪ ‬توتر العالقة بين الجمهور واإلدارة ‪.‬‬
‫‪ ‬سوء تقدير الحاجيات وعدم االهتمام بالمعالجة الجدية للبريد الوارد ‪.‬‬
‫‪ ‬الهياكل غير معدة لتحقيق األهداف المبرمجة ‪.‬‬
‫‪ ‬نقص التحفيز االجتماعي والمهني للموظف ‪.‬‬
‫‪ ‬الوضع السائد أنتج روح مقاومة التغيير‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة على التقدير محدودة ‪.‬‬
‫‪ ‬روح الفريق غائبة وال احد يستطيع الرؤية بوضوح لدوره في المؤسسة‪.‬‬
‫تمثل العوامل المذكورة في التشخيص والمعاينة ‪ ،‬العراقيل األساسية التي تحول دون بلوغ مردودية‬
‫عقالنية ومتوازنة في أداء هياكل اإلدارة البلدية‪ ،‬رغم توفر الموارد المالية والبشرية في بعض االحيان‪.‬‬
‫وهي من جهة ثانية (العوامل) تشكل مدخالت تحفيزية إلحداث تغيير شبه جذري في السلوك واألداء‬
‫واالنتقال من حالة االرتباك والتعقيد‪ ،‬إلى حالة المبادرة واالندماج المباشر والفعلي في إنتاج الخدمة‬
‫العمومية ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫إذن‪ ،‬يجب إعادة توزيع المهام والصالحيات في اإلدارة البلدية من منظور الجدارة واالستحقاق‪،‬‬
‫‪‬‬
‫كما تستوجبها معايير الكفاءة العلمية والمهنية‪ ،‬والتحلي بضمير مهني قادر على التمييز الواعي بين‬
‫المصالح الشخصية والمصالح العمومية‪ .‬إعادة بناء الوظائف وتحديد المهام والتعيين في مناصب‬
‫المسؤولية تشكل حاليا أساس التغيير المأمول‪ .‬الن التعبير فقط عن الرغبة في التغيير ال تكفي ما لم‬
‫يوافقها عمل فعال ومنتج يؤدي بالضرورة إلى رضا المرتفقين‪.‬‬
‫يعتبر المنظام أو ما يسمى عادة بالهيكل التنظيمي اداة إستراتجية في يد رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي من اجل التحكم العقالني في تعبئة الموارد سواء البشرية أو المالية ‪.‬إذ من خالله يوزع المهام‬
‫والصالحيات واالعمال بين مختلف األسالك اإلدارية التقنية في البلدية النجاز وتقديم الخدمات العمومية؛‬
‫باعتبار البلدية المؤسسة التي تتولى إدارة الشؤون المرفقية للمواطن تحت مسؤولية واعين رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي كممثل للبلدية والدولة على المستوى المحلي‪ .‬االطار التنظيمي يمثل االطار المرجعي‬
‫للعاملين في التنظيم‪ ،‬ويصور المهام الرئيسية في المنظمة والمتمثلة بالتقسيمات االساسية‪ ،‬وكذلك‬
‫العالقات القائمة بين االدارات المختلفة‪ ،‬وبين شاغليها‪ ،‬وهل هي عالقات تنسيقية ام عالقات رئاسية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويوضح طبيعة السلطات التنفيذية واالستشارية منها‪.‬‬
‫المنظام أداة قيادة يقضي على التداخل في الصالحيات بين األجهزة والوظائف ويحدد بوضوح بين‬
‫مناصب القيادة وأعمال التنفيذ من جهة‪ .‬ويضبط بصورة دقيقة ومعينة مختلف مستويات السلمية اإلدارية‬
‫في البلدية‪ .‬ا لفوضى أصبحت سمة تميز عمل اإلدارة البلدية مما يؤثر على مصداقية الدولة سلبا ويعطي‬
‫انطباعا غير محمودالعواقب اتجاه المؤسسة البلدية‪ ،‬باعتبارها أول مؤسسة يقصدها المواطن لتلبية‬
‫حاجياته الخدماتية والمرفقية‪ .‬لذلك فإذا كان المنظام من حيث التصور النظري يقيم وزنا للتراتبية المتدرجة‬
‫في العمل اإلداري بين المصالح اإلدارية ‪ .‬فانه أيضا من جهة أخرى يحاول الفصل بمنتهى الوضوح‬
‫ولكن بصفة تكاملية بين متطلبات ممارسة السلطة اإلدارية لالمين العام كقوة اقتراح وتنظيم وتقرير وجمع‪،‬‬
‫مع سلطة العهدة االنتخابية التي يمثلها رئيس المجلس الشعبي ‪ ،‬كسلطة قرار حاسم وفعال على رأس‬
‫السلمية اإلدارية‪.‬‬
‫اما عن المهام والوظائف (‪ )fonctions‬واألبنية (‪ )structures‬فإنها أكثر دقة ووضوحا وتحديدا‬
‫في االقانون الجديد ووضعت على ضوء النقائص المالحظة ‪.‬اي ضبطت على سبيل المثال ال ألحصر‬
‫ألنها قابلة للتوسيع واإلضافة في أي مصلحة‪ .‬ومن ثمة تكون هذه المهام تعبر عن مسايرة العمل‬
‫اإلداري للطلب االجتماعي‪ ،‬إنها سمة من سمات المرونة المراد إدخالها على نمط التسيير المحلي‪.‬‬
‫فاإلدارة البلدية مطالبة بتخطيط الحاجيات وادارة الشؤون العامة برؤية استراتيجية وتقديرات توقعية قبل أن‬

‫‪ -1‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬مبادئ االدارة العامة ‪ :‬النظريات والعمليات والوظائف‪( ،‬عمان‪ :‬دار وائل للنشر‪ .‬ط ‪.)2003 .3‬‬
‫ص ‪.2003‬‬

‫‪37‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تستفحل ظاهرة اغتراب اإلدارة عن المواطنين‪ ،‬أي تنصلها من االعتراف بوجودها المعنوي والمادي‬
‫‪‬‬
‫لخدمة الصالح العام وتختصر بقائها في تلبية منافع فئوية ضيقة على حساب مجموع المواطنين‪.‬‬
‫تدفع ضغوط البيئة الخارجية آليا إلى تهيئة ميكانزمات خاصة داخل ما يسمى بالمحيط الداخلي‬
‫للمؤسسة البلدية الستيعاب الطلب االجتماعي‪ ،‬وفرزه ومعاملته على ضوء مقاييس شفافة ورشيدة‪ ،‬تفاديا‬
‫لوقوع في أزمات عرضية أو دائمة قد تعصف بمفهوم الخدمة العامة وتعمق ازمة عالقة المواطن باإلدارة‪.‬‬
‫لضمان النجاح أثناء وضع هذا المنظام حيز التنفيذ ينبغي توفير بعض العوامل األولية كحد أدنى‪ .‬إذ‬
‫يتعين اختيار أفضل العناصر من المستخدمين واكفأهم لرئاسة المناصب العليا في اإلدارة البلدية قصد‬
‫تحريك العمليات اإلدارية بما يخدم تحقيق فعالية ذات مردودية أكثر‪ .‬ان انتقاء الكفاءة المهنية والجدارة‬
‫يفترض سيادة عالقات تكاملية بين مختلف مستويات الفعل اإلداري‪ ،‬انطالقا من تنظيم عمل كل مصلحة‬
‫إلى عالقة هذه المصالح مع بعضها البعض تحت السلطة السلمية لرئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره‬
‫سلطة القرار المركزية والنهائية‪ .‬والسلطة التنظيمية أو اإلدارية لالمين العام للبلدية باعتباره قوة اقتراح‬
‫وتنظيم بالنظر إلى صالحية رئيسه كممثل للدولة أو كممثل للبلدية‪ .‬كما يتعين لذلك أن يتحمل مسؤول‬
‫كل مصلحة أو مكتب أو فرع كافة المسؤولية عند ممارسة مهامه باعتباره مشارك بصفة أو بأخرى في‬
‫صناعة الق ارر البلدي في أي شكل كان‪ .‬ثم إن سيولة المادة االتصالية واإلعالمية ال يمكن بأي حال من‬
‫األحوال أن تنحصر أو تجمد في نطاق معين دون أن تمس وبصورة واضحة الطرف المعني بها‪ ،‬ألنها‬
‫تشكل موردا حيويا في إنجاح تفاعل حركة اإلدارة البلدية التي هي في خدمة الجمهور‪ .‬تتمتع البلدية بحرية‬
‫في تصميم النوذج التنظيمي المناسب لها‪.‬وغالبا ما يتكون من اربع(‪)02‬الى ست (‪)03‬مستويات؛ وذلك‬
‫حسب الكثافة السكانية للبلدية واهميتها‪:‬‬
‫ففي البلديات التي يفوق عدد سكانها ‪110‬الف نسمة يتم االخذ بنظام االقسام والمديريات الى‬
‫جانب المصالح والمكاتب والفروع‪.‬فاالدارة البلدية تتكون من ادارة عامة وادارة تقنية‪ ،‬وهذا تمييز وظيفي‬
‫وليس عضويا؛ النهما ادارتان متكاملتان عمليا لخدمة المؤسسة البلدية‪ .‬إن معايير التصنيف السابقة‪،‬‬
‫تسمح لنا باعتماد العينة المهيمنة؛ والتي تجمع بين اهمية الجماعة( البعد الحضري واالقتصادي والمالي)‬
‫الى جانب الحجم من حيث الكثافة السكانية؛ لتبرير طرح اطار نموذجي مرجعي لمستويات االبنية‬
‫التنظيمية‪ ،‬في حدها الضروري والعقالني بالنظر الى الحاجيات والشؤون المحلية المراد تلبيتها‪ .‬الن كثرة‬
‫الدوائر وتضخم االجهزة االدارية؛ باالضافة الى كلفتها المالية‪ ،‬تزيد من سلبيات االداء وتنمي السلوكيات‬
‫البيروقراطية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -6-6-1 ‬اإلدارة العامة‪:‬‬


‫ابرز وظيفة تؤديها االدارة العامة البلدية هي تسيير الموارد التنظيمية والبشرية والمالية‪ .‬وذلك من‬
‫حيث التخطيط والتنفيذ والرقابة‪ .‬وهي تعمل على تكريس مشروعية عملها كخدمات عامة لصالح الجماعة‬
‫المحلية‪ .‬والسيما في مجاالت التسيير االداري والقانوني واالقتصادي‪ .‬نحاول ابراز هذه المستويات عبر‬
‫البناء الهرمي والتنظيمي لالدارة العامة البلدية؛ مع السعي نحو تحديد اهم االعمال التي يقوم بها كل‬
‫مستوى من هذه المستويات‪ ،‬التي يرسمها الهيكل التنظيمي‪ .‬وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -6-6-6-1‬األمانة العامة لإلدارة البلدية ‪:‬‬
‫‪ ‬تعمل على تحضير اجتماعات المجلس‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد التقارير‪ ،‬ومشاريع الق اررات والتنظيمات‪.‬‬
‫‪ ‬متابعة تنفيذ المداوالت‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على السير العادي لمصالح اإلدارة البلدية (تنظيما‪ ،‬تنشيطا‪ ،‬مراقبة وتنسيقا)‪.‬‬
‫‪ ‬ممارسة السلطة السلمية‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على احترام القوانين والتنظيمات‪.‬‬
‫‪ ‬تتحمل مسؤولية قضايا اإلدارة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬ضمان استم اررية العمل اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬رسم وضبط الموارد المالية البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد وتفصيل إجراءات ونفقات الميزانية البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬إرسال محاضر االجتماعات‪ ،‬والمداوالت لمصالح الوصاية (لإلعالم‪ ،‬المصادقة أو‬
‫المراقبة)‪..‬‬
‫‪ ‬تتولى مهام اإلعالم واالتصال اتجاه المواطنين بكل الوسائل الممكنة‪.‬‬
‫زيادة عن كون األمانة العامة تضطلع بمهام وصالحيات واسعة في مجال التنظيم ‪ ،‬وصنع القرار‬
‫على مستوى اإلدارة البلدية‪ ،‬فإنها تشكل المصلحة اإلدارية األكثر تعرضا ‪ ،‬لضغوطات المحيط الداخلي‬
‫والخارجي ‪ .‬مما يجبرها على التعامل مع المطالب المقدمة لها‪ ،‬بمنتهى العقالنية والدقة والوضوح وفي‬
‫اآلجال المالئمة وذلك بالنظر إلى مواردها الخاصة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تتميز األمانة العامة بوضعية إستراتجية‬
‫ضمن العملية التنظيمية واإلدارية في البلدية‪ ،‬فإذا كانت تمارس نوعا من عدم التركيز في توزيع النشاط‬
‫اإلداري على المصالح التي تشرف عليها‪ ،‬فإنها في المقابل مدعوة لالحتفاظ لنفسها ببعض المهام ذات‬
‫األهمية القصوى ‪ .‬والتي تعتبر من صميم العمل القيادي في أي منظمة‪ :‬بحيث أنها مسائل تتطلب إشرافا‬
‫مباش ار للمسؤول األول‪ ،‬وكذا توفير معالجة أكثر جدية وفي زمن قياسي نظ ار للطابع أالستعجالي لها‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر المادة ‪ 121‬من قانون البلدية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫وعليه فاألمانة العامة للبلدية تضم ثالثة مكاتب في الغالب هي‪:‬‬


‫‪‬‬
‫‪ -1‬مكتب النظام العام واالعالم اآللي ‪:‬‬
‫‪ ‬مسك سجالت البريد الوارد والصادر (المكتوب والمسموع)‪.‬‬
‫‪ ‬متابعة مطالب البريد والمراسالت‪ ،‬ردا‪ ،‬وتصفيفا في اآلجال المحددة عبر مختلف المصالح‬
‫‪ ‬ترتيب سجالت التوقيع واإلمضاء‪.‬‬
‫‪ ‬ضبط نشاط وتنظيم حركة األمين العام الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على حسن استقبال واعالم وتوجيه الجمهور ‪.‬‬
‫‪ ‬التحكم في توزيع الموارد بما يتماشى وطبيعة الخدمات المطلوبة لدى إدارة البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير األوامر بمهمة خارج اإلقليم‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬االشراف على عمليات الرقمنةاالدارية‪.‬ومشروع البلدية االلكترونية‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير وادارة شبكات االعالم االلي عبر مختلف المصالح البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬تاطير ومعالجة (مدخالت ومخرجات) تفاعالت المواقع االلكترونية ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ ‬المعالجة االعالمية والتحليل والتلخيص المعلوماتي‪.‬‬
‫‪ ‬برمجة انظمة استغالل الحاسوب والضبط االلكتروني‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير قواعد بنك المعطيات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -2‬مكتب المستخدمين‪:‬‬
‫‪ ‬يتولى تسيير الحياة المهنية للمستخدمين (توظيف‪ ،‬ترقية‪ ،‬تقاعد‪.)....‬‬
‫‪ ‬توزيع الموارد البشرية ومتابعة أداء كل عنصر في اإلدارة البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬مسك قوائم المستخدمين ‪.‬‬
‫‪ ‬أعداد وتحضير أعمال اللجان المتساوية األعضاء ‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم االستشارات القانونية والتنظيمية لموظفي وعمال مختلف المصالح البلدية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -3‬المكتب البلدي لحفظ الصحة والنظافة‪:‬‬
‫بالتنسيق مع مصالح الصحة العمومية المؤهلة ومصالح المنافسة واألسعار يقوم بما يلي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministere de L’Interieur,des Collectivites Locales et de l’Amenagement du Territoire :.‬‬
‫‪Direction Generale de la Modernisation, de la Documentation et des Archives : Projet‬‬
‫‪Commune Electronique, www.interieur.gov.dz, consulte le : 10/01/2018.‬‬
‫‪ -2‬انظر المرسوم التنفيذي رقم ‪332-11‬المؤرخ في ‪ 2011/01/20‬المتضمن القانون االساسي الخاص بموظفي ادارة‬
‫الجماعات االقليمية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 13‬الصادرة بتاريخ ‪.2011/01/24‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬انظر المرسوم رقم ‪123-40‬المؤرخ في ‪1140/03/30‬المتضمن انشاء مكاتب لحفظ الصحة البلدية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪20‬الصادرة بتاريخ ‪.1140/00/01‬‬

‫‪40‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬الوقاية واألمن من مخاطر األمراض المعدية والمتنقلة عن طريق المياه ‪.‬‬


‫‪‬‬
‫‪ ‬مراقبة وتفتيش المحالت واألماكن المستقبلة للجمهور‪.‬‬
‫‪ ‬توعية واعالم المستهلك المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬نشر ثقافة حماية البيئة وتزين المحيط‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على تحديد وتنظيم المزابل العمومية ‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير محاضر المعاينات والمخالفات‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بدراسة وتحليل نوعية المواد المشكوك في سالمتها واقتراح التوصيات الضرورية حولها‪.‬‬
‫‪ ‬اقتراح االحتياطات والتدابير واإلجراءات عند حدوث أي مخاطر تهدد اإلنسان والطبيعة ‪.‬‬
‫‪ -1-6-6-1‬مصلحة التنظيم والشؤون العامة ‪ :‬تتولى عدة مهام من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬تنشيط الهياكل الموضوعة تحت إشرافها‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع وضبط المهام المنوطة بكل المرؤوسين‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد دراسات‪ ،‬وبلورة اقتراحات ذات الصلة بالمواضيع الموكلة للمصلحة‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ ومتابعة مختلف النصوص والتعليمات أثناء تطبيقها‪.‬‬
‫‪ ‬السهر التام والدقيق للرد على المراسالت الواردة إلى المصلحة في اآلجال المطلوبة‪.‬‬
‫‪ ‬جمع وتركيز األعمال الفرعية على مستوى المصلحة قبل إيداعها للتوقيع ‪.‬‬
‫‪ ‬المراقبة والتقييم ألداء المستخدمين الموضوعين تحت إشراف المصلحة‪.‬‬
‫كما تتكون من مجموعة من المكاتب حسب اهمية الجماعة ونشاطها وهي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬مكتب التنظيم واالنتخابات واإلحصاء العام‪:‬‬
‫‪ ‬تسيير األمالك البلدية ومتابعة مردوديتها‪.‬‬
‫‪ ‬تحضير واعداد مشاريع العقود البلدية( إيجار‪ ،‬ق اررات‪ ،‬مقررات‪ ،‬تنظيمات‪.)....‬‬
‫‪ ‬السهر على تقديم وبلورة مقترحات نظامية وتنظيمية لكل المستجدات القانونية او التشريعية‬
‫الصادرة عن مختلف مؤسسات الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬مسك سجالت االنتخابات والقيام بكل األعمال المتعلقة بالمواعيد االنتخابية‪.‬‬
‫‪ ‬المبادرة باستقبال وجمع مختلف المعلومات المتعلقة باإلحصاءات العامة في إقليم‬
‫البلدية(النمو الديمغرافي ‪،‬حركة التشغيل‪،‬النشاط االقتصادي‪.),,,,‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على تحضير موسم الحج ‪.‬‬
‫‪ ‬إحصاء شباب الخدمة الوطنية البالغين السن القانونية ‪.‬‬
‫‪ -2‬مكتب المنازعات‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد وتحضير وجمع المعطيات حول القضايا التي تكون البلدية طرفا فيها أو مدخلة فيها‬
‫أمام الجهات القضائية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬صياغة ردود وآراء البلدية حول التساؤالت القانونية‪.‬‬


‫‪‬‬
‫‪ ‬التنسيق الدائم والمباشر مع محامي البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬إبداء اآلراء القبلية حول مشاريع العقود والق اررات أو األعمال اإلدارية إذا كانت ضرورية‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم حوصلة دورية (كل ثالثي) عن حالة المنازعات‪.‬‬
‫‪ -3‬مكتب النشاط االجتماعي والخدمات اإل نسانية ‪:‬‬
‫‪ ‬إجراء إحصاء فئوي للتركيبة البشرية لسكان البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬انتقاء ودراسة وفرز طلبات االحتياج والعوز‪.‬‬
‫‪ ‬إجراء التحقيقات االجتماعية ميدانيا ‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على المساعدات اإلنسانية(الشيخوخة‪ ،‬المعوقين‪ ،‬المرض المزمن)‪.‬‬
‫‪ ‬مسك السجالت الخاصة بالسكن االجتماعي ومشتقاته‪.‬‬
‫‪ ‬رعاية واسناد روضات الطفولة‪.‬‬
‫تأطير فرص التشغيل من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬االهتمام بالعالقات الجوارية بالتعاون مع الحركة الجمعوية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬الشبكة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬االشغال ذات المنفعة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬المبادرة في تنشيط القطاع الثقافي والتربوي والفني‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع الرياضة الجماهيرية‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بتنسيق وتنشيط أنشطة الشباب‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد وبلورة برامج إلحياء المناسبات الوطنية والدينية‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪1‬‬
‫‪ -3-6-6-1‬مصلحة الحالة المدنية‪:.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬توفير المطبوعات الرسمية وصيانتها‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف تسيي ار وحفاظا على لسجالت الحالة المدنية ورقمنتها‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم مختلف الوثائق الخاصة بالحالة المدنيةوبطاقات الهوية الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬نشر وتبليغ كافة المعلومات الجديدة التي تهم المواطنين في إعداد وثائقهم أو طلبها‪.‬‬
‫‪ ‬حفظ وصيانة األختام الرسمية‪.‬‬
‫‪ ‬االعتناء بحالة السجالت (التغليف‪.)...‬‬
‫‪ ‬استعمال األرشيف من صالحية القائم على المكتب وحده دون سواه‪.‬‬
‫‪ ‬معالجة البريد الوارد و الصادر الخاص بالحالة المدنية‪.‬‬
‫‪ ‬تأشيرة السجالت واإلمضاء أمام المحكمة ورئيس المجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫‪ ‬حمل مفاتيح خزائن المحفوظات األرشيفية‪.‬‬
‫وتضم المكاتب التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬مكتب الوثائق والشرطة العامة‬
‫ضبط وتنظيم طالبي الخدمة العمومية (توجيها و إعالما)‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم مختلف وثائق الحالة المدنية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم إجراءات المصادقة على التوقيعات والصور المطابقة لألصل‪.‬‬
‫‪ ‬ضبط حركة تنقالت األشخاص واقامتهم‪.‬‬
‫‪ ‬توزيع مختلف الشهادات بعد إجراء التحريات المطلوبة (عدم العمل باجر‪ ،‬فالح‪،‬عدم‬
‫الدخل‪.).....‬‬

‫‪ -1‬عمار بقيوة‪ ،‬التشريع الجزائري‪ :‬الحالة المدنية‪ ،‬وثائق السفر‪ ،‬االسرة‪ ،‬الجنسية‪ ،‬الجزائر‪ :‬المؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪ .1111.‬ومختلف التحيينات التي شهدتها النصوص القانونية والتنظيمية في مجال سياسات االصالح ومنها ‪:‬‬
‫* القانون رقم ‪ 04-12‬المؤرخ في ‪2012/04/01‬المعدل والمتمم لالمر‪20-00‬المؤرخ في ‪1100/02/11‬المتعلق‬
‫بالحالة المدنية ‪.‬الجريدة الرسمية عدد‪ 21‬الصادرة بتاريخ ‪.2012/04/20‬‬
‫* المرسوم التنفيذي رقم‪210-10‬المؤرخ في ‪2010/01/13‬المتضمن احداث الرقم التعريفي الوطني الوحيد‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 12‬الصادرة بتاريخ ‪.2010/01/11‬‬
‫* المرسوم التنفيذي رقم ‪ 01-12‬المؤرخ في ‪ 2012/02/10‬المتضمن تحديد وثائق الحالة المدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد‪11‬الصادرة بتاريخ ‪.2012/02/23‬‬
‫* المرسوم التنفيذي رقم‪333-12‬المؤرخ في ‪2012/12/11‬المتعلق بالغاء االحكام التنظيمية المتعلقة بالتصديق طبق‬
‫االصل على نسخ الوثائق المسلمةمن طرف االدارات العمومية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 02‬الصادرة بتاريخ ‪.2012/12/13‬‬
‫* المرسوم التنفيذي رقم‪ 311-11‬المؤرخ في ‪2011/12/10‬المتعلق باصدار نسخ وثائق الحالة المدنية‬
‫بطريقةاليكترونية ‪.‬الجريدة الرسمية عدد‪34‬الصادرة نتاريخ ‪.2011/12/20‬‬

‫‪43‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -2‬مكتب التصريحات والتسجيالت ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬استقبال التصريحات الجديدة (والدات‪،‬وافيات‪،‬زواج‪ )......‬وتسجيلها‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم الدفاتر العائلية لألزواج الجدد أو النسخ المطابقة‪.‬‬
‫‪ ‬قيد البيانات الهامشية‪.‬‬
‫‪ ‬تهيئة أحسن الشروط وأفضل الخدمات عند استقبال القادمين على التصريح بعقود الزواج‪.‬‬
‫‪ -4-6-6-1‬مصلحة المالية والنشاطات االقتصادية‪:1‬‬
‫‪ ‬تحضير واعداد ميزانية البلدية والحسابات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم اقتراحات بشان توزيع النفقات وتوزيع المداخيل‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على تثمين وحسن استعمال مجموع العقارات الثابتة والمنقولة‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد المخططات البلدية للتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬توفير شروط إنجاح المخططات القطاعية‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ أوامر التجهيز والتموين‪.‬‬
‫‪ ‬بلورة أي اقتراح من شانه المساهمة في تنمية الموارد المالية في ميزانية البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬المراقبة المالية الداخلية للصفقات واالتفاقيات‪.‬‬
‫وتضم المكاتب التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬مكتب المالية والمحاسبة‪:‬‬
‫‪ ‬تنسيق جهود البرمجة واليات التموين‪.‬‬
‫‪ ‬تقييد وتسجيل عملية اإلنفاق والتحصيل في السجالت الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ ‬تحرير سندات التحصيل والطلبات والعروض‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بإجراءات الفوترة الخاصة بتوريد الخدمات واألشغال المنجزة للبلدية‪.‬‬
‫‪ ‬حفظ سجالت الجرد والحصر لممتلكات البلدية المنقولة‪.‬‬
‫‪ -2‬مكتب األجور والمرتبات والمتابعة‪:‬‬
‫‪ ‬ضبط التقديرات المالية النجاز وتسيير مصالح البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد اجور ومرتبات المستخدمات ولواحقها‪.‬‬

‫‪-1‬انظر المرسوم التنفيذي رقم‪ 311-12‬المؤرخ في ‪ 2012/04/21‬يحدد شكل ميزانية البلدية ومضمونها‪ .‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 21‬الصادرة بتاريخ ‪. 2012/01/01‬‬
‫والقرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ 2012/01/03‬يحدد اطار ميزانية البلدية ويضبط عنوان ورقم تقسيمات االبواب‬ ‫‪‬‬
‫والحسابات‪ .‬الجريدة الرسمية عدد‪ 23‬الصادرة بتاريخ ‪.2012/02/23‬‬
‫وكذا تعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية رقم ‪01020‬المؤرخة في ‪ 2011/10/01‬والمتعلقة بشروط وكيفيات‬ ‫‪‬‬
‫تمويل واعداد الميزانيات المحلية لسنة ‪.1161‬‬

‫‪44‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬التكفل بضمان متابعة مالية فعالة على مستوى المصلحة‪.‬‬


‫‪‬‬
‫‪ ‬التحكم في تفاصيل أوامر التموين‪.‬‬
‫‪ ‬المساهمة في انجاز توازن بين أهداف البرمجة والمخططات المالية المرصودة لكل نشاط‪.‬‬
‫‪ -1-6-1‬اإلدارة التقنية‪:‬‬
‫اعيد االعتبار لهذه المهام في القانون البلدي الجديد (‪)10-11‬؛ لما اطلق عليها "مفهوم التسيير‬
‫التقني والحضري"‪ ،‬وهي عمليات من صميم التخطيط االستراتيجي‪ ،‬لما يطلق عليه "تهيئة االقليم"‬
‫» ‪ « L’Aménagement du Territoire‬كاحد االهداف والمبادئ االساسية التي يرتكز عليها عمل‬
‫المؤسسة البلدية‪ .‬تؤدى المهام التقنية تحت اشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي والمتابعة االدارية‬
‫والمالية لالمين العام للبلدية‪ .‬وتنسق مصالح االدارة التقنية للبلدية مع مسؤولي القطاعات التقنية للدولة‬
‫المتواجدين على مستوى الدوائر؛ السيما في ميدان المخططات البلدية والقطاعية للتنمية او التجهيزات‬
‫تكون االدارة التقنية على سبيل المعاينة كما يلي‪:‬‬
‫والهياكل العمومية‪....,‬الخ‪ .‬ويمكن ذكر المصالح التي ّ‬
‫‪ -6-1-6-1‬مصلحة التجهيز واألشغال الجديدة‪ :‬تتولى عدة مهام من بينها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬الصيانة والتجهيز‪.‬‬
‫‪ ‬اقتراح مشاريع تنموية ذات المنفعة المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تتولى إعداد الدراسات التقنية‪.‬‬
‫‪ ‬المساهمة في إثراء البرمجة اإلستراتجية‪.‬‬
‫‪ ‬االعتناء باألماكن العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬تبسيط وتنسيق العالقة مع المقاولين‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على عملية النظافة والتطهير‪.‬‬
‫وتتشكل من مكتبين علىاالقل ‪:‬‬
‫‪ -6‬مكتب الصيانة والتجهيز‪:‬‬
‫‪ ‬الحفاظ وصيانة ممتلكات البلدية المنقولة والثابتة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على تسيير وتوزيع موارد الصيانة ووسائلها‪.‬‬
‫‪ ‬اقتراح المواضيع والميادين التي تحتاج للتزود بالتجهيزات الضرورية‪.‬‬
‫‪ ‬صيانة المقابر والحدائق العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬حماية الفضاءات العمومية من االستغالل واالحتكارات غير الشرعية‪.‬‬
‫‪ ‬متابعة مشاريع األشغال الجديدة وتنسيق أفواج العمل بها‪.‬‬
‫‪ ‬برمجة أعمال الترميم والتهيئة الوقائية‪ ،‬وفتح الممرات بين األحياء والتجمعات السكنية‪.‬‬
‫‪ ‬التكفل بالمدارس االبتدائية ‪.‬‬
‫‪ ‬تقديم تقارير دورية عن حالة األشغال ونسبها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬إصالح وصيانة شبكة اإلنارة العمومية وحماية الطرقات الريفية والحضرية‪.‬‬


‫‪‬‬
‫‪ ‬رفع القمامة ومحاربة فوضى المزابل‪.‬‬
‫‪ -1‬مكتب الحظيرة والوسائل العامة‪:‬‬
‫‪ ‬تحمل كافة المسؤولية (اإلدارية والقانونية) في توزيع وتسيير الحظيرة ‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار أوامر خروج العتاد وخروجه‪.‬‬
‫‪ ‬جمع وصيانة وجرد العتاد ‪.‬‬
‫‪ ‬ضبط معدات قطع الغيار ‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير مخازن البلدية‪.‬‬
‫‪ -1-1-6-1‬مصلحة التهيئة العمرانية والدراسات الهندسية‪ :1‬تقوم بعدة مهام منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد مخططات التهيئة والتعمير والبناء والسكن‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم النماذج الهندسية لمختلف المشاريع البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلشراف على تنفيذ مخططات شغل األراضي‪ ،‬والمخطط التوجيهي للتعمير والبناء‬
‫(‪)PDAU-POS‬‬
‫‪ ‬التنسيق مع مختلف المصالح الخارجية للوالية لحماية األراضي الفالحية والبيئة عموما‬
‫من البناءات الفوضوية واالستغالل غير المشروع لشغل األمالك العامة (قسم البناء‬
‫والتعمير‪ ،‬واألشغال العمومية‪ ،‬مؤسسة توزيع المياه‪ ،‬مصلحة الغابات‪ ،‬الحماية‬
‫المدنية‪)...‬‬
‫‪ ‬التفتيش والمراقبة الهندسية والتقنية‪.‬‬
‫‪ ‬تسليم واستقبال مختلف الرخص الخاصة بالبناء والتجزئة والتهديم والترميم‪.‬‬
‫وتضم مكتبين على االقل ‪:‬‬

‫‪ -1‬انظر المراسيم التنفيذية على التوالي الصادرة في الجريدة الرسمية عدد‪11‬بتاريخ‪:6666/11/16‬‬


‫* المرسوم التنفيذي رقم ‪101/11‬المؤرخ في ‪ 1111/01/24‬يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء‪.‬‬
‫* والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 103-11‬المؤرخ في ‪ 1111/01/24‬يحدد كيفيات تحضير شهادة التعميرورخصة‬
‫التجزئةوشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك ‪.‬‬
‫* والمرسوم التنفيذي رقم‪ 100-11‬المؤرخ في ‪ 1111/01/24‬يحدد اجراءات اعداد المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير‬
‫والمصادقة عليه ومحتوى الوثائق المتعلقةبه ‪.‬‬
‫* والمرسوم التنفيذي رقم ‪ 104-11‬يحدد اجراءات اعداد مخططات شغل االراضي والمصادقة عليها ومحتوى الوثائق‬
‫المتعلقة بها ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -1‬مكتب التهيئة العمرانية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ ‬متابعة التهيئة العمرانية‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على احترام التطبيق الصارم لقوانين البناء والتعمير‪.‬‬
‫‪ ‬حماية األماكن التاريخية واألثرية من االندثار والتحويل التعسفي ‪.‬‬
‫‪ ‬رعاية األماكن الخضراء في الفضاءات الحضرية ‪.‬‬
‫‪ ‬المبادرة بتقديم االستشارات التقنية او الفنية‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير االحتياطات العقارية عن طريق‪:‬‬
‫‪ ‬اعداد بطاقية تقنية وقانونية حول االحتياطات العقارية البلدية ‪.‬‬
‫‪ ‬حفظ سجالت ومحتويات أمالك البلدية العقارية (‪.)sommier de consistance‬‬
‫‪ ‬تحضير واعداد مشاريع نزع الملكية من اجل المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬القيام بإجراءات التحويل ودمج المساحات الجديدة لفائدة البلدية‪.‬‬
‫‪ -2‬مكتب حماية البيئة وتخطيط المحيط‪:‬‬
‫‪ ‬تقديم مختلف التدابير لحماية البيئة من التلوث والتدمير‪.‬‬
‫‪ ‬حماية المساحات الخضراء ‪.‬‬
‫‪ ‬صيانة الشواطئ واألودية من النهب والتخريب ‪.‬‬
‫‪ ‬التحسيس بأهمية العناية بالطبيعة والمحيط‪.‬‬
‫‪ ‬التعريف بالطابع السياحي والجمالي للبلدية ‪.‬‬
‫‪ ‬حماية اآلثار التاريخية‪.‬‬
‫‪ ‬نشر الثقافة البيئية وتنمية العالقات الجوارية مع الجماعات المهتمة‪.‬‬
‫‪ ‬محاربة البناءات الفوضوية والحفاظ على األراضي الفالحية من زحف االسمنت‬
‫‪ ‬تثمين الثروات الطبيعية والتعريف بها‪.‬‬
‫يعتبر الهيكل التنظيمي البلدي اداة مرنة في هندسة التسيير االداري والتقني حسب حجم كل بلدية‬
‫ومهامها‪ .‬ومن ثمة تتوقف فعاليته على مدى كفاءة واداء النخب المحلية المسيرة للشؤون المحلية‪ .‬مما‬
‫يساعد على فهم الحاجيات االساسية التي يتخذها المجتمع المحلي مبر ار لوجود الجماعة المحلية‪ .‬وبالتالي‬
‫فالتفاصيل المالحظة في تقسيم المهام وتوزيع المسؤوليات بين المستوى االداري والتقني ال يمكن له ان‬
‫يفهم خارج سياق وحدة السلطة الرئاسية والتنظيمية التي تميز عمل االدارة العامة في الدولة‪ ،‬والتي‬
‫اصبحت تراعي استحداث مناصب للمتخصصين عوض انتهاج المركز المتعدد المهام‪ .‬وطالما ان االدارة‬
‫مجهود جماعي فانه من االولى االحتكام الى التكامل الوظيفي النجاح المؤسسة ‪ ،‬التي تحتاج في جوهرها‬
‫بامتياز الى عمل المتخصصين من كل الميادين مما يمكنها من اتخاذ ق اررات صائبة وذات مصداقية‬
‫لصالح الجماعة المحلية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -1-1 ‬الوالية‪:‬‬
‫تعتبر الوالية المؤسسة اإلدارية الثانية‪ ،‬ضمن هرمية السلطة السلمية اإلدارية والسياسية بعد الدولة‪.‬‬
‫تتمتع بشخصية اعتبارية‪ ،‬قوامها‪ ،‬استقالليتها التنظيمية و المالية‪ .‬تسميتها "والية" تعكس الخلفية‬
‫الحضارية‪1‬و التاريخية‪ .2‬التي تغذي النظام القيمي أو الرمزي الذي يمأل الجسم االجتماعي‪ .‬كما أستعمل‬
‫سابقا مرادفان آخران هما‪ :‬العمالة أو المحافظة‪ .‬عدد الواليات يقدر بـ‪ 24:‬والية‪،‬كل والية تتكون بمعدل‬
‫ثالث (‪ )03‬إلى أربعة وعشرون (‪ )22‬دائرة‪ ،‬وبمعدل بلديتان (‪ )02‬إلى سبعة و ستّون (‪ )30‬بلدية‪.‬‬
‫وتش ّكل الدائرة اإلدارية غير المركزّية‪ ،‬والجماعة اإلقليمية الالمركزية للدولة‪ .‬و فضاء لتنفيذ السياسات‬
‫‪3‬‬
‫تحديدها القانوني كجماعة إقليمية تجمع بين مبادئ التنظيم‬ ‫العمومية‪ ،‬و إدارة التنمية وتهيئة اإلقليم‪.‬‬
‫تتميز‬
‫حد كبير خضوعها لمنطق الدولة الموحدة و بذلك ّ‬
‫الالمركزي ومقتضيات عدم التركيز‪ ،‬تعكس إلى ّ‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دائرة إدارية لإلدارة اإلقليمية للدولة و جماعاتها اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬فضاء لرسم السياسات العمومية و تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬مركز السلطات المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬وسيط بين الجماعات اإلقليمية والدولة‪.‬‬
‫للدولة على إدارة الجماعات اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ ‬هيمنة اإلدارة اإلقليمية ّ‬
‫تعمل إدارة الوالية (بشقيها الالمركزي وغير الممركز)‪ ،‬تحت سلطة والي الوالية‪ ،‬ويكيف حجمها‬
‫ومهامها حسب طبيعة كل والية و خصوصياتها المحلية‪ .‬هذه البنية التنظيمية واإلدارية المزدوجة تتجه‬
‫نحو التكامل واالنسجام لتحقيق أهدافها طالما ّأنها تقع تحت مسؤولية ورقابة وتنسيق سلطة سلمية واحدة‪.‬‬
‫ال تسمح بالتّداخل في صالحياتها وعرقلة ق ارراتها التنفيذية‪ .‬لكن يالحظ أحيانا بعض التناقض بين الفضاء‬
‫اإلداري والفضاء الوظيفي‪ .‬فاألول هو الفضاء المحدد قانونيا كالبلدية‪ ،‬الدائرة والوالية‪ .‬والثاني فضاء‬
‫الحياة بكل نشاطاته وتأثيراته الجغرافية وحركيته البشرية واالقتصادية والذي ال يمكن أن تؤثر فيه الق اررات‬
‫اإلدارية بسهولة‪.4‬‬

‫‪ -1‬ياسر عبد اهلل سرحان‪ ،‬المعجم األساسي في المصطلحات اإلدارية العربية القديمة والمعاصرة‪( ،‬الرياض‪ :‬معهد اإلدارة‬
‫العامة المجلّد الثاني‪ ،)2012 ،‬ص ‪.1301‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mohammed Guentari. Organisation politico-administrative et militaire de la‬‬
‫‪révolution algérienne de 1945 au 1962, (Tome 1, 1994), s.p‬‬
‫‪3‬‬
‫الرسمية عدد‪ .12‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ -00-12‬المتعلق بالوالية المؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪.2012‬الجريدة ّ‬
‫‪ 2012/02/21‬المواد‪.3 ،2 ،1‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-S. Djekboub. L’Organisation Territoriale en Algérie, op.cit, P 140.‬‬

‫‪48‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ما يمكن مالحظته عند دراسة هيكلية إدارة الوالية‪ ،‬وعلى عكس ما هو قائم في إدارة البلدية‪ ،‬هو‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫وجود نص قانوني‪ .‬يحدد مسبقا حجم الهياكل وتسميتها‪ ،‬لجميع واليات الجمهورية‪ ،‬السيما مصالح‬
‫الالمركزية‪ ،‬أو ما يطلق عليه أحيانا الهيئات المركزية في الوالية‪ 2.‬بسبب أهميتها اإلستراتيجية في صنع‬
‫القرار وتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -6-1-1‬المصالح الالمركزية‪:‬‬
‫تتولى إدارة الوالية تسيير الشؤون المحلية‪ ،‬طبقا لمبادئ السياسة العامة للدولة‪ ،‬وبناءا على ما‬
‫تخططه السلطة المركزية من برامج تنموية وخدمات‪ ،‬ومساعدات إجتماعية‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬كاستجابة‬
‫لمطالب المجتمع المحلي‪ .‬عمليا‪ ،‬يجب على الوالية كسلطة عمومية أن تتوفر على مصالح إدارية "هيئة‬
‫أركان" مؤهلة‪ ،‬لتنظيم وتنسيق ومتابعة مختلف حركية النشاط اإلداري على إقليم الوالية‪ .‬ولذلك تشكل‬
‫‪3‬‬
‫المصالح الالمركزية أدوات التحكم والضبط واإلنجاز وتشمل هذه الهيئات على المصالح التالية‪:‬‬
‫‪ -6-6-1-1‬األمانة العامة‪:‬‬
‫هي المصلحة المحركة والضابطة والمنظمة والمنشطة للعمل اإلداري‪ ،‬وتجمع مختلف المصالح‬
‫األخرى المكلفة بالنشاط غير الممركز على مستواها‪ ،‬من حيث التنسيق والمتابعة المستمرة لبرامج التجهيز‬
‫واالستثمار‪ ،‬وتحيين الموارد المعلوماتية وكل ما من شأنه أن يشكل تقنية للمساعدة على اتخاذ القرار؛ بحثا‬
‫عن الفعالية وجودة الخدمات المقدمة‪ .‬يحتل األمين العام للوالية ‪،‬مرك از إداريا إستراتيجيا في هرمية‬
‫المسؤوليات والوظائف العليا في ادارة الوالية‪ ،‬ويأتي في الدرجة الثانية بعد والي الوالية‪ .‬تنظم األمانة‬
‫العامة على شكل مصالح ومكاتب على حسب أهمية الوالية وخصوصياتها ‪ .‬وغالبا ما تستقطب أحسن‬
‫العناصر‪ ،‬وأفضل اإلطارات للعمل بها‪ ،‬ليس فقط بسبب طبيعة الدور القيادي لها ضمن الهيكل اإلداري‬
‫الوالئي‪ ،‬وانما أيضا لكونها قد تتخذ كنقطة تحول لتلك اإلطارات للترقية نحو مناصب مسؤولية أعلى‪.‬‬
‫‪ -1-6-1-1‬المفتشية العامة‪:‬‬
‫هي هيئة شبه رقابية داخلية‪ ،‬تنشط ضمن اإلطار المحدد لمصالح و ازرة الداخلية بشقيه الالمركزي‬
‫وغير الممركز في إقليم الوالية‪ ،‬وال يتعدى المصالح الخارجية للدولة بالوالية‪ .‬تتولى المفتشية العامة تحت‬
‫سلطة الوالي‪ ،‬مهمة عامة ودائمة لتقويم نشاط األجهزة والهياكل والمؤسسات الموضوعة تحت وصاية وزير‬
‫الداخلية‪ ،‬وذلك بهدف تدارك النقائص واقتراح التصحيحات الالزمة وكل تدبير من شأنه أن يضاعف‬
‫نتائجها وتحسين نوعية الخدمات لصالح المواطنين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬مرسوم تنفيذي رقم ‪211-12‬المؤرخ في ‪ 1112/00/23‬يحدد اجهزة االدارة العامة في الوالية وهياكلها‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 24‬الصادرة بتاريخ‪.1112/00/20‬‬
‫‪ -2‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة ‪ :‬الجماعات المحلية‪ :‬التشريع والتنظيم ‪ :‬الوالية ‪.‬الجزء االول ‪،1110،‬‬
‫ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ .211-12‬المادة ‪.2‬‬

‫‪49‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪‬‬
‫كما تسهر على اإلحترام الدائم للتشريع والتنظيم الساري به العمل‪ .‬ويمكن للوالي أن يكلفها بإجراء‬
‫تحقيقات إدارية على مستوى بلديات الوالية او المؤسسات التابعة لنطاق اختصاصه‪ .‬تقدم حصائل دورية‬
‫خاصة بنشاطها‪ ،‬تمكن هذه اآللية اإلدارية المسؤول األول بالوالية من اإلطالع على حقيقة ما يجري في‬
‫الميدان ‪ .‬ال سيما من حيث التسيير اإلداري والمشاكل التي تحدث في المجالس المنتخبة ‪ ،‬بسبب‬
‫الصراعات السياسية التي قد تؤدي أحيانا إلى اتهامات بسوء التسيير والفساد‪ ...‬فتدخلها قد يسوي األمر‬
‫بطريقة ودية‪ ،‬وان تعذر ذلك ‪ .‬فللوالي حق اللجوء إلى القضاء لردع التجاوزات و معاقبة المسؤولين عن‬
‫ذلك إن توفرت الدالئل الدامغة‪ .‬من جهة أخرى المتابعة والتفتيش الدوري الذي تقوم به هذه المصلحة إن‬
‫‪1‬‬
‫كان فاعال يمهد لبناء نموذج من التسيير المحلي قائم على التكامل االيجابي وخدمة للصالح العام‪.‬‬
‫‪ -3-6-1-1‬ديوان الوالي‪:‬‬
‫يعتبر مصلحة إستراتيجية‪ ،‬يتولى مساعدة الوالي في مجال العالقات الخارجية والتشريفات‪ ،‬وينسق‬
‫وينفذ التدابير األمنية واإلسعافات والحماية المدنية‪ ،‬والعالقات مع الصحافة واإلعالم والجمعيات‪،‬‬
‫واألحزاب السياسية وبهذه الصفة‪ ،‬يجمع اكبر قدر من المعلومات عن مختلف قطاعات النشاط في الوالية‪،‬‬
‫ويحاول القيام نسج شبكة معلوماتية فاعلة‪ ،‬تساعده على تشخيص نقاط التوتر وتحديد المصادر الحقيقية‬
‫للمشاكل التي تحدث‪ .‬وهو بذلك يصبح على رأس الجهاز االستشاري الذي يستطلع الوالي أ ارءه حول‬
‫القضايا التي تكون موضوع االهتمام‪ ،‬ويحاول معالجتها بمعقولية وجهود غير مكلفة‪ ...‬ال سيما أثناء‬
‫موجات االحتياجات االجتماعية‪ ...‬ديوان الوالي باعتباره مصلحة إدارية تتكون من ملحقين بالديوان‬
‫كموظفين يتولون أعمال التصميم والتلخيص والتنسيق والمتابعة لسائر المهام المكلفين بها تحت سلطة‬
‫رئيس الديوان‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -4-6-1-1‬الدائـــــــــــــــرة‪:‬‬
‫هي عبارة عن مصلحة إدارية غير ممركزة للوالي‪ ،‬وال تصنف ضمن الجماعات اإلقليمية للدولة‪ ،‬بل‬
‫هي سلم وسيط بين والوالية والبلدية وال تتمتع بنظام قانوني خاص بها‪ ،‬وانما مجرد تحديد لمهام‬
‫وصالحيات ملحقة لمصالح الوالي‪ .‬مصالح الدائرة تمثل قاعدة الوصاية اإلدارية بصيغتها التنظيمية‬
‫واإلجرائية‪ ،‬وذلك من خالل إشرافها على البلديات الملحقة بها‪ 3.‬عملية إعادة تنظيم الدوائر سنة ‪1110‬‬
‫و‪ 1111‬عرفت ارتفاع عددها من ‪ 224‬إلى ‪ 111‬دائرة ‪ ،‬وذلك بسبب الصراعات السياسية‪ .‬على اعتبار‬

‫‪ -1‬أنظر ‪ ،‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،213-12‬المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ ،1112‬المتعلق بالمفتشية العامة في الوالية‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد ‪ ،24‬الصادرة بتاريخ ‪.1112/00/20:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 211-12‬مرجع سابق‪ ،‬المواد من ‪1‬الى‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 303-11‬المحدد لعدد البلديات التي ينشطها رئيس دائرة و المعدل بالمرسوم رقم ‪،33-.12‬‬
‫مرجع سابق‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫أن النظام االنتخابي اعتمد الدوائر اإلدارية كدوائر انتخابية‪ ،‬فأصبحت القاعدة االجتماعية‪ ،‬موضوع ضبط‬
‫‪‬‬
‫إداري وسياسي بغرض إضعاف وتوجيه الوعاء االنتخابي للناخبين‪ ،‬أثناء التصويت وتقليص قدر اإلمكان‬
‫سعي المعارضة الصاعدة للهيمنة المطلقة في االنتخابات التشريعية الملغاة سنة ‪*1.1111‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 231‬دائرة أي بنسبة ‪ % 00.31‬من أصل ‪ 111‬دائرة تنشط أكثر من ‪ 3‬بلديات أي‪.:‬‬
‫‪ 14 ‬دائرة ببلدية واحدة‪.‬‬
‫‪ 131 ‬دائرة ببلديتين‪.‬‬
‫‪ 204 ‬دائرة بثالث بلديات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تتوفر الدائرة على بنية تنظيمية تتشكل مما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أمانة عامة ينشطها أمين عام‪.‬‬
‫‪ .2‬مكتب التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬مكتب التعمير والرقابة والنظافة والتطهير‪.‬‬
‫‪ .2‬مكتب الشؤون العامة واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ .1‬مكتب التنظيم العام والضبط اإلداري‪.‬‬
‫‪ .3‬مكتب البرامج والصفقات‪.‬‬
‫‪ .0‬مكتب الوصاية والتنشيط البلدي‪.‬‬
‫كما تتوسع صالحيات هذا الكيان اإلداري إلى مختلف قطاعات الدولة الخارجية المتواجدة على‬
‫إقليم الدائرة‪ ،‬لتتشكل كمجلس أو لجنة تقنية‪ ،‬تساعد بأرائها ونشاطها عمل كل هذه المصالح‪ ،‬بالتنسيق‬
‫مع البلديات وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪Subdivision de logement et Equipements publics‬‬ ‫‪ ‬فرع السكن والتجهيزات‬
‫‪inspection d’urbanisme‬‬ ‫‪ ‬مفتشية التعمير‬

‫‪1‬‬
‫‪-Essaid TAIB, « Les mutations de l’administration : Le regard de la science politique »,‬‬
‫‪op.cit, p120.‬‬
‫* وهذا ما تؤكده تصريحات وكتابات الوالي السابق‪:‬‬
‫بشير فريك حيث قال‪ ":‬عدد الدوائر مبالغ فيه كثي ار (‪ )....‬وسببه المباشر والوحيد هو رغبة السلطة في تلك‬
‫الفترة(‪ )1111-1110‬في تلجيم وتقييدالبلديات التي آلت مجالسها المنتخبة الى جبهة االنقاذ واتذكر ان وزير الداخلية‬
‫انذاك محمد الصالح محمدي قال بالحرف الواحد في لقاء الحكومة مع الوالة ‪.‬على الوالة اقتراح دوائر جديدة واذا لزم االمر‬
‫تنصيب رئيس دائرة في مقابل كل بلدية تابعة للفيس لمتابعتها ومراقبتها والتصدي لتجاوزاتها)‪ .‬انظر جريدة الشروق اليومي‬
‫عدد ‪ 1214‬الصادرة بتاريخ ‪ .2013/12/02 :‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-S. Djekboub, « l’Organisation Territoriale en Algérie », op cit , p 138.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Lahcene Seriak, Décentralisation et Animation des collectivités locales,(ENAG, 1998),‬‬
‫‪P 78.‬‬

‫‪51‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪subdivision des travaux publics‬‬ ‫‪ ‬فرع األشغال العمومية‬


‫‪‬‬
‫‪ ‬فرع الري ‪subdivision de l’hydraulique‬‬
‫بالنتيجة فإن الدائرة هيكلت بمنطق السلطة المركزية‪ ،‬وأصبحت تتصرف وكأنها جماعة إقليمية من‬
‫دون أن تملك شخصيتها القانونية‪ .‬وهي أمر واقع باعتبارها سلطة إدارية تتحكم في جميع امتدادات الدولة‬
‫المؤسساتية المنتشرة على إقليمها‪ .‬وتزداد أهمية صالحياتها خالل األزمات التي تط أر من حين آلخر سواء‬
‫كإحتجاجات ظرفية‪ ،‬ا وكأزمات سياسية تهدد وجود النظام السياسي‪ ،‬حيث تلعب دو ار محوريا في ضبط‬
‫األمن و النظام العام وبسط االستقرار‪ .‬كما أن ضعف التمثيل االنتخابي وعدم كفاءته في المجالس‬
‫المحلية المنتخبىة خاصة في البلديات‪ ،‬فتح المجال للدائرة لتفرض نفسها كسلطة حلول في التنظيم‬
‫والتسيير المحلي‪ .‬وال تواجه اية مقاومة من المنتخبين الحترام الشرعية القانونية‪ .‬التي تؤسس المراكز‬
‫واألدوار لكل سلطة محلية ‪ ،‬وعبر األحكام والقواعد المنظمة لعمل كل هيئة في السلمية اإلدارية المحلية‪.‬‬
‫المداخل الجديدة لتفعيل التسيير العمومي المحلي ‪ ،‬القائم على المقاربة المشاركاتية وشرعية التمثيل‬
‫والكفاءة‪ ،‬تؤكد النظرة السائدة عن هذه الهيئة اإلدارية على أنها مجرد "صندوق بريد" بين البلدية والوالية‪:‬‬
‫وال تتعدى كونها جهاز بيروقراطي بطيء الحركة‪ ،‬يفتقد لقيم اإلبداع المؤسسي‪ ،‬وتبدو منظمة مغلقة‪ ،‬تركز‬
‫فقط على ترضية من هم أعلى منها في الهرمية الرئاسية‪ ،‬وال تكترث بأي عمل جواري قد يقاسمها طرح‬
‫مبررات معينة لتنشيط وتوجيه المجهود التنموي المحلي‪ ،‬المنتج لتلبية المطالب األساسية للمواطن كالشغل‬
‫والسكن والصحة والتربية‪ ...‬يحتاج النظام السياسي الذي يعاني أزمات أو اضطرابات معينة إلى آليات‬
‫تنظيمية للتحكم والسيطرة على تفاعالت اإلقليم بكل موارده‪ :‬و يجد في الضبط اإلداري الوسيلة المثلى‬
‫للتفعيل من أجل تحييد مصادر التهديد األمني واستئصال مسبباته‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فإلى جانب الدوائر‪ ،‬تم استحداث ‪ 23‬مقاطعة إدارية منها ‪ 13‬مقاطعة في الجزائر العاصمة‪.‬‬
‫و‪ 10‬مقاطعات أخرى بالجنوب‪ 2‬يسيرها والة منتدبون‪ ،‬وهي عبارة عن مقاطعة إدارية أكبر اقليميا من‬
‫الدائرة العادية واقل من الوالية‪ ،‬وتتمتع بنفس البنية التنظيمية والصالحيات المكفولة للواليات العادية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 21-2000‬المؤرخ في ‪ ، 2000-03-01‬المتضمن تعديل المرسوم الرئاسي رقم ‪،212-10‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1110-04-02‬الذي يحدد التنظيم اإلداري لمحافظة الجزائر الكبرى‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 01‬بتاريخ ‪-02‬‬
‫‪ ،2000-03‬المادة ‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مرسوم رئاسي رقم ‪ 120-11‬المؤرخ في ‪ ،2011-01-20‬المتضمن إحداث مقاطعات إدارية داخل بعض الواليات‬
‫وتحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها‪ ،‬ج ر عدد ‪ ،21‬الصادرة بتاريخ ‪ .2011-01-31‬كما تم احداث ‪ 13‬مقاطعة‬
‫ادارية اخرى ‪ .‬انظر‪ :‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 303-14‬المؤرخ في ‪ 2014/12/01‬المعدل والمتمم للمرسوم رقم ‪120-11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 2011/01/31‬المتضمن احداث مقاطعات ادارية داخل بعض الواليات وتحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها‪.‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ 02‬الصادرة بتاريخ ‪ .2014/12/01‬والمرسوم الرئاسي رقم ‪ 330-14‬المؤرخ في =‪2014/12/21‬‬

‫‪52‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -1-6-1-1‬مصالح التقنين والشؤون العامة واإلدارة المحلية‪:‬‬
‫تنظم على مستوى كل والية هذه المصالح على شكل مديريتين‪ ،‬يرأس كل منها مدير تنفيذي‪:‬‬
‫‪ ‬مديرية اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬مديرية التنظيم والشؤون العامة‪.‬‬
‫تتمثل مهام هذه المصالح في تنظيم كل التدابير التي تضمن تطبيق التنظيم العام‪ ،‬واحترامه وتقوم‬
‫بكل ما من شأنه أن يقدم دعماو إسنادا لكل ما يم ّكن المصالح المشتركة في الوالية من السير سي ار‬
‫منتظما‪.‬‬
‫‪ -1‬مديرية اإلدارة المحلية‪:‬‬
‫تتكون من مصلحتين إلى أربعة مصالح و تتضمن كل مصلحة من ثالثة مكاتب على األكثر‬
‫وتتولى المهام التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تحضير واعداد بمشاركة المصالح األخرى ميزانية الوالية وتسهر على تنفيذها‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير مستخدمي الوالية لدى األسالك المشتركة وتحسين مستواهم‪.‬‬
‫‪ ‬تجمع وثائق تسيير مصالح البلديات وتحللها وتوزعها‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم بدراسة وتحليل كل ما من شأنه ان يمكن الوالية والبلديات من دعم مواردها المالية‬
‫وتحسينها‪.‬‬
‫‪ ‬ضبط وثائق تسيير ممتلكات الوالية‪.‬‬
‫‪ ‬تدرس الميزانيات والحسابات اإلدارية في البلديات والمؤسسات العمومية وتوافق عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬مديرية التنظيم و الشؤون العامة‪ :‬تقوم بالمهام التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تسهر على تطبيق التقنين العام واحترامه‪.‬‬
‫‪ ‬تضمن مراقبة شرعية التدابير التنظيمية التي تقرر على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬تنظم باالتصال مع األجهزة والهياكل المعنية للعمليات االنتخابية وتتولى التسيير اإلداري‬
‫للمنتخبين الوالئيين والبلديين‪.‬‬
‫‪ ‬تبليغ الق اررات اإلدارية الوالئية‪.‬‬
‫‪ ‬تطبق التنظيم المتعلق بنقل األشخاص‪.‬‬
‫‪ ‬تدرس منازعات الدولة والوالية وتتابعها‪.‬‬

‫=المتضمن احداث مقاطعات ادارية في المدن الكبرى وفي بعض المدن الجديدة وتحديد قواعد تنظيمها وسيرها‪ .‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،04‬الصادرة بتاريخ ‪.2014/12/01‬‬
‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ ،231-11‬المؤرخ في ‪ ،1111-01-03‬الذي يحدد صالحيات مصالح التفتيش والشؤون العامة‬
‫واإلدارة المحلية‪ .‬وقواعد تنظيمها وعملها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪.1111/01/10‬‬

‫‪53‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬تسهر على قيام البلديات بنشر الق اررات التي يجب إشهارها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ‬تتخذ إجراءات التسخير ونزع الملكية أو الوضع تحت حماية الدولة وتتابع ذلك‪.‬‬
‫المديريتان‪ ،‬التنظيم والشؤون العامة‪ ،‬واإلدارة المحلية‪ ،‬تشكل قاعدة العمل اإلداري الالمركزي في‬
‫الوالية‪ ،‬يستند إليها الوالي‪ ،‬ويوكل لها القيام باإلجراءات القانونية واإلدارية في تنفيذ برامج السياسات‬
‫الحكومية والمحلية على نطاق إقليم الوالية ككل‪ ،‬يشمل اهتمامها البلديات‪ ،‬من حيث الوصاية والرقابة‬
‫واالستشارة والتوجيه‪ ،‬والمصادقة واإللغاء‪ ،‬لكل عمل يكون مخالف للقوانين والتنظيمات الجاري بها العمل‪.‬‬
‫بذلك توصف بالهيئات المركزية في إدارة الوالية نظير دورها االستراتيجي في التنظيم والتسيير اإلداري‬
‫والتقني مع باقي مصالح إدارة الدولة اإلقليمية‪ ،‬على مستوى الوالية‪ ،‬خاصة في مجال تهيئة و إدارة‬
‫اإلقليم‪.‬‬
‫‪ -1-1-1‬المصالح غير الممركزة‪:‬‬
‫توصف بعدة تسميات كاإلدارة اإلقليمية للدولة أو المصالح الخارجية للدولة‪ ،‬وتشكل هذه اإلدارة‬
‫نظاما مكمال لإلدارة الالمركزية التي تناولناها سابقا‪ ،‬ألنها تتولى مختلف أوجه النشاط االقتصادي‬
‫واالجتماعي والثقافي‪ ...‬على مستوى إقليم الوالية‪ ،‬حيث تتواجد هذه المصالح على شكل مديريات تنفيذية‬
‫‪1‬‬
‫أو مفتشيات يتجاوز عددها العشرين (‪ )20‬مديرية في كل والية‪.‬‬
‫عدم التركيز اإلداري (أي تفويض صالحيات مرفقية من المركز إلى المحيط المحلي) هي تقنية‬
‫إدارية‪ ،‬وآلية إدارية تمكن مؤسسات الدولة المركزية عن طريق ممثلها العام الوالي‪ .‬كأعلى سلطة في‬
‫الوالية من معالجة الشؤون المحلية وفق المقتضيات‪ ،‬التي تفرضها المبادئ القانونية التي تنظم صالحيات‬
‫كل دائرة إدارية‪ ،‬من موقعها الوطني أو المركزي إلى غاية قاعدتها اإلقليمية أو المحلية‪.‬‬
‫فظاهرة الالتمركز المعتمدة في النظام اإلداري للدولة تحقق أهدافا كثيرة تخدم التنمية واالستقرار‬
‫‪2‬‬
‫المجتمعي و تحفظ فعالية البنية المؤسساتية‪:‬‬
‫‪ .1‬تساهم في تدعيم الوحدة الوطنية و حفظ التوازنات الكبرى في اإلقليم‪.‬‬
‫‪ .2‬خدمة الفعالية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ .3‬مشاركة الالمركزية في إدارة اإلقليم‪.‬‬
‫‪ .2‬أداة إلصالح الدولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Essaid Taib, «les mutations de l’administration : le regard de la science politique» , op cit‬‬
‫‪, P 120.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Henri Oberdoref, Les Institutions Administratives, op cit , pp 139-141.‬‬

‫‪54‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫المصالح غير الممركزة هي التي تشكل هيئة أخرى تسمى مجلس الوالية برئاسة الوالي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -3-1-1‬مجلس الوالية‪:‬‬
‫طالما أن أغلبية األنشطة التنموية المبرمجة أو المنجزة على إقليم الوالية تشرف عليها مديريات‬
‫و ازرية مفوضة محليا من قبل و ازرتها في الحكومة‪ ،‬وطالما أن الوالي ممثل للدولة ومندوب الحكومة‬
‫ومفوضها السامي‪ ،‬فكان من الضروري تأسيس هيئة تقنية تتولى مهام التشاور والتنسيق والمتابعة لمختلف‬
‫المشاريع العمومية‪ ،‬سواء الخدماتية أو المرفقية أو االستثمارية منها‪ .‬يؤسس في الوالية مجلس والية تحت‬
‫سلطة الوالي وتتولى المصالح الخارجية للدولة المكلفة بمختلف قطاعات النشاط في مستوى الوالية كيفما‬
‫كانت تسميتها‪ 1.‬يكون مجلس الوالية إطا ار تشاوريا لمصالح الدولة على الصعيد المحلي واطار تنسيق‬
‫لألنشطة القطاعية‪ 2.‬ويتولى المهام التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الحفاظ على سلطة الدولة ومصداقيتها واحترام القوانين والتشريعات‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ برامج الحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬إبداء الرأي حول المشاريع التي تقام على إقليم الوالية‪.‬‬
‫‪ ‬ينشط الوالي تحت سلطة الوزراء المختصين وتنسيق عمل مصالح الدولة ويراقب نشاطها‪.‬‬
‫‪ ‬يجتمع كل أسبوع في دورة عادية وله أن يجتمع في دورة استثنائية باستدعاء من الوالي‪.‬‬
‫حتى القطاعات المستثناة من عمل المجلس أو من سلطة والي الوالية والمقررة بموجب المادة ‪111‬‬
‫من القانون الوالئي ‪ 00-12‬المؤرخ في ‪.2012/02/21‬تصبح مجبرة بأن تعمل وتنسق مع الوالي عن‬
‫وضعية قطاعاتها ألنها من مستلزمات العمل التنموي سواء من حيث التسيير التقديري عند االقتراح‬
‫والبرمجة أو ما تعلق بقضايا األمن والحماية واالستقرار على إقليم الوالية‪.‬‬
‫مجلس الوالية هو هيئة تنفيذية تقنية تساعد الوالي في إدارة وتنظيم وتسيير وتنفيذ السياسة العامة‬
‫للدولة‪ .‬تسيطر النزعة المركزية والبيروقراطية على سلوك ممثل الدولة ألنه يحتكر التمثيل المزدوج‬
‫للجماعة اإلقليمية األولى؛ والتي هي الوالية ثم لالدارة االقليمية للدولة والتي هي المصالح غير الممركزة‬
‫كممثل للدولة والحكومة في آن واحد‪ .‬طغيان القرار السلطوي بخلفيته التقنية التي تكمن في الحفاظ على‬
‫مصداقية السلطة واحترام القوانين‪ ،‬تتوج في األخير بشرعية إنجاز ميداني لما يتم تداوله ومناقشته في‬
‫مجلس الوالية‪.‬‬
‫المالحظ أن استبعاد المنتخبين المحليين من حضور دورات مجلس الوالية‪ ،‬ولو على سبيل االستشارة‬
‫كما هو الشأن مع رؤساء الدوائر‪ .‬رغم أن حق المبادرة وحق إمكانية اقتراح مشاريع وتسجيل برامج تنموية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 211-12‬المؤرخ في ‪ ،1112/00/23‬والمتضمن تحديد أجهزة اإلدارة العامة في الوالية‪ ،‬المادة‬
‫‪ 31‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬المواد ‪ 10‬إلى ‪ 30‬من نفس المرسوم المذكور أعاله‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫قطاعية أو بلدية مكفول قانونا لهؤالء المنتخبين‪ .‬لكن ذلك لن يحدث بسبب الضعف المهني للمنتخبين‪،‬‬
‫‪‬‬
‫واخضاعهم لقيم ثقافة الوظيفة العامة‪ .‬وقوة الجهاز التنفيذي الذي على راسه الوالي‪ ،‬المحاط بفريق متكامل‬
‫من الخبراء والتقنيين من كل االختصاصات‪ ،‬تجعل مجلس الوالية كإدارة اقليمية يتفوق بجدارة على‬
‫المجالس المنتخبة في رسم السياسة العامة المحلية و تنفيذها‪.‬‬
‫لكن الميدان يعكس صورة مغايرة عن التصورات والتقاليد التي يتداول ويناقشها مجلس الوالية‪ .‬حيث‬
‫إهمال المشاريع والالمباالة والتسبب وضعف الصيانة‪ ،‬وطول مدة االنجاز‪ .‬ناهيك عن عدم اشتراك‬
‫المواطن في القرار المحلي‪ ،‬وبالتالي تزداد االحتجاجات ضد السلطات المعنية وتبقى دائما محل اتهام‬
‫وتقصير وعدم فعالية‪ .‬اكتفى قانون الوالية الساري به العمل في مادته ‪ ،30‬بمنح إمكانية ألي عضو‬
‫بالمجلس الشعبي الوالئي من توجيه سؤال كتابي ألي مدير ومسؤول بالوالية يتعلق بقطاعه والزام هذا‬
‫المسؤول بالرد كتابيا خالل ‪ 11‬يوما‪ .‬وطبيعة عمل لجان المجلس تقتضي االستعانة بمن تراه مالئما‬
‫إلفادتهما باراء وتوجيهات لتقديم تقاريرها‪ .‬االتصال الكتابي‪ :‬كأسلوب إداري وبيروقراطيي يقولب دائما‬
‫بالصيغ اإلنشائية والعبارات األدبية‪ ،‬التي تحجب الرؤية السليمة لألوضاع كما قد تعاينها المعالجة التقنية‬
‫على ارض الواقع‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ثالثا‪ :‬المؤسسات السياسية المحلية‪:‬‬


‫‪‬‬
‫ال تنص القوانين األساسية لنظام الجماعات االقليمية‪ ،‬صراحة بالطابع السياسي المؤسسي لها‪،‬‬
‫إال من باب التحليل الضمني لبنية األحكام والقواعد التي ترسم كيانها اإلداري‪ .‬لعل قوانين الفترة االشتراكية‬
‫الممتدة بين ‪ 1130‬و‪ 1110‬تؤكد بوضوح تام في أول مادة على أن "البلدية" هي الجماعة اإلقليمية‬
‫السياسية واإلدارية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية واألساسية‪ 1.‬وعلى أن الوالية هي جماعة إقليمية‬
‫عمومية‪ ...،‬لها اختصاصات سياسية واقتصادية واجتماعية و ثقافية‪ 2.‬ال يمكن إخفاء البعد السياسي عن‬
‫هااتين الجماعتين بسبب ارتباطها بالدولة‪ .‬بإعتبارها أعلى جماعة إقليمية تنتشر وتتمدد وظيفيا في نطاق‬
‫إقليمها السيادي على شكل بناء مؤسساتي متكامل‪ ،‬يتميز بتفويض اختصاصات لممارسة صالحيات‬
‫محدودة تحت إشراف وحدة السلطة في الدولة‪ .‬التنظيم اإلقليمي ال ينطلق من العدمية‪ ،‬وانما يتخذ كأسلوب‬
‫لتحقيق التغلغل السياسي واعادة توزيع الموارد بغرض تدعيم شرعية النخب القيادية و تجديدها من خالل‬
‫االنتخاب أو التعيين‪ .‬تعمل الدولة بمفهومها االجتماعي الواسع دائما على تطوير مفردات خطابها‬
‫ومبررت وجودها من أجل تمتين أشكال احتكارها للتمثيل السياسي‪ ،‬وذلك عبر صناع سياساتها‬
‫ا‬ ‫السياسي‪،‬‬
‫العمومية االساسيون والفعليون الذين يمارسون مهام القيادة والتنفيذ بإسمها‪.‬‬
‫الزالت الهيئات التمثيلية في الدولة كالمجالس المنتخبة‪ :‬المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬والوالئي ثم‬
‫البلدي حاملة لشعارات وتسميات الفكر االشتراكي‪ :‬وصفة الشعبية"‪ ،‬إذا كانت تستمد داللتها اإليديولوجية‬
‫والسياسية من الديمقراطيات الشعبية "التي تنتجها األحادية الحزبية‪ ،‬وتعمل وفق قواعد "الديمقراطية‬
‫المركزية" وصناعة الزعماء الملهمين‪ ،‬فإنها باقية كفلسفة لتؤطر الديمقراطية الليبرالية‪ ،‬وتحاول أيضا‬
‫تطوير أساليب مشاركاتية على المستوى المحلي‪ ،‬بطلق عليها الديمقراطية المحلية‪ ،‬ليفسح المجال لتأويل‬
‫النصوص القانونية وتحميلها أكثر من الالزم‪ ،‬من خالل الحديث عن التسيير الجواري‪ ،‬والالمركزي‬
‫للشؤون المحلية‪ ،‬والتشاور والتنسيق وما إلى ذلك‪ ...‬لن تتردد النخب القيادية في طمس وتجاوز مطالب‬
‫التغيير أو االلتفاف عليها أو حتى تبنيها ضمن صيغ مطاطة‪ ،‬كالتغبير في إطار االستم اررية أو‬
‫‪3‬‬
‫االستم اررية في إطار التغيير‪ ،‬والحفاظ على مركزية القرار وبسط اليد على الموارد‪.‬‬

‫‪ -1‬األمر رقم ‪ ،22-30‬المؤرخ في ‪ 1130-01-14‬و المتضمن القانون البلدي‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ 3‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ ،1130-01-14‬المادة األولى منه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬األمر رقم ‪ 34-31‬المؤرخ في ‪ ،1131-01-22‬المتضمن قانون الوالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ، 22‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 1131-01-22‬المادة األولى منه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Essaid Taib, « l’Administration Locale Algérienne : les enjeux de la décentralisation », op‬‬
‫‪cit, P76.‬‬

‫‪57‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫إن النسخ اآللي لمبادئ التنظيم اإلداري والسياسي‪ ،‬عن النموذج الفرنسي‪ ،‬الذي تأسس خالل‬
‫‪‬‬
‫قرنين من الزمن‪ ،‬وأصبح يسير بفعالية عالمية ألنه ببساطة صمم إنطالقا من واقعه االجتماعي ليخدم‬
‫نفس هذا الواقع‪ ،‬وبطوره دائما نحو األجود‪ .‬هذا النسخ يتبنى شكالنية منمذجة تفتقد إلى الشروط‬
‫الموضوعية لنجاحها‪ ،‬ولعل أبرز هذه الشروط هي ما يمكن أن نطلق عليه حصيلة القيم الناتجة عن‬
‫تفاعل اإلرادة السياسية وشرعية التمثيل للمراكز واألدوار في المجتمع والدولة على حد سواء‪ .‬حتى ال يقال‬
‫‪1‬‬
‫بأن المجالس الشعبية تسير وال تحكم‪.‬‬
‫الحياة السياسية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي‪ ،‬ينشط فيها عدة فاعلون يحاولون باستمرار تغيير‬
‫النظم السياسسية القائمة عبر االنتخابات‪ .‬وبالتالي منازعة النخب الرسمية تمثيلها للمصالح‪.‬و الحلول‬
‫مكانها في ممارسة السلطة‪.‬إن الجدل حول هوية المؤسسة السياسية المحلية‪ "،‬ال يعني بالضرورة سحبها‬
‫أو مقارنتها بالدولة وانما كجزء من الدولة تشد أركانها بما توفره تلك المؤسسة القاعدية من موارد تخدم‬
‫بالدرجة األولى قمة النظام الذي أوجدها‪ .‬شواهد الهوية السياسية ‪ :‬تكرسها االعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬االنتخابات المحلية ذات طابع سياسي ‪.2‬‬
‫‪ .2‬التمثيل السياسي المحلي‪ ،‬ذو قاعدة حزبية في غالبيته المطلقة‪.‬‬
‫‪ .3‬المجلس المنتخب قاعدة الالمركزية و مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية‬
‫(المادة ‪ 13‬من الدستور)‪.‬‬
‫‪ .2‬البلدية و الوالية إطار مؤسساتي لممارسة الديمقراطية المحلية‪.‬‬
‫الطرح السياسي في المؤسسة ال يتجاوز حق المشاركة في االقتراح والمبادرة والتنفيذ والمراقبة‬
‫والمتابعة‪ ،‬أي رد االعتبار لممثلي النخب الحزبية في التسيير العمومي المحلي‪ ،‬وتكاد التجربة تبين أن‬
‫الدولة تعطي األولوية لإلداري (والة‪ ،‬رؤساء‪ ،‬دوائر‪ ،‬مديرون‪ )...‬بسلطات تقديرية واسعة ذات مضمون‬
‫سياسي‪ ،‬في حين أن المنتخب المحلي يبحث عن أولوية السياسي بق اررات إدارية مرهونة بإرادة السلطة‬
‫المركزية أو من يمثلها إقليميا‪ .‬متغيرات المعادلة يتحكم فيهاهاجس التغيير الجذري والخوف من التداول‬
‫على السلطة‪ ،‬فاجتماع التمثيل الحزبي في المجالس المنتخبة المحلية‪ ،‬الى جانب ممثلي الدولة من‬
‫المفروض أن يتجه نحو خدمة المصلحة العامة وتحسين العالقة القائمة بين المواطن والدولة بكل‬
‫مؤسساتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Stéphane Mason, l’opposition dans les assemblées locales, (Paris, L’extenso -‬‬
‫‪éditions, 2012), P 3.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jacques Haroy, Institutions et Droit des Collectivités Locales, op cit, P 34.‬‬

‫‪58‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫فإذا كانت السلطات العمومية المحلية‪ ،‬تفتقد الى اإلنسجام في الحركة والنشاط‪ ،‬وتتعدد فيها مراكز‬
‫‪‬‬
‫القرار الثانوية بطريقة تعسفية وفوضوية‪ ،‬فكيف تتحدد المسؤوليات وكيف تؤدى المهام فيها‪.‬؟‬
‫في الوقت الذي تعمل فيه السلطة السياسية على تعزيز نزعتها المركزية ومصادرة المجال العام‬
‫والتضييق على معارضيها تبادر من جهة أخرى الى اغداق امتيازات مالية‪ 1.‬على شكل تعويضات عن‬
‫المهام االنتخابية بالمجالس الشعبية المنتخبة للمنتخبين ‪ .‬من أجل اإلبقاء على هوانهم وتشرذمهم‬
‫اإليديولوجي‪ ،‬فال يلتفتون إلى دورهم األصلي‪ ،‬اال في الحمالت االنتخابية ليتحولوا إلى ظواهر صوتية‪،‬‬
‫يناجون فيها أنفسهم ويحلمون بالعودة تارة أخرى‪ ،‬فكيف تساهم المؤسسة السياسية المحلية في إدارة‬
‫البلدية والوالية وكيف يمكنها أن تكون سلطات محلية فعالة تعمل على إرساء دولة القانون انطالقا من‬
‫قاعدة الدولة‪ ،‬ومصدر موارد النظام السياسي بكل أنساقه‪ .‬بل الى أي مدى تملك استقاللية قرارها على‬
‫ضوء اضطراب عناصر البيئة الداخلية والخارجية للنظام اإلقليمي والمحلي؟ وما هي المعوقات التي‬
‫تمنعها من التصرف كسلطات شرعية وقانونية ذات مصداقية صادرة عن ارادة شعبية‪ .‬تمثيلية‪ ،‬وقادرة‬
‫على التخلص من رواسب الممارسات التعسفية وتستجيب لمعايير ثقافة رجل الدولة ومنطق المؤسسة‬
‫بدل منطق األشخاص والعصب التي ال تهتم إال بمنافعها الخاصة؟‬
‫‪ -6-3‬المجلس الشعبي البلدي‪:‬‬
‫يعتبر أعلى هيئة سياسية على مستوى المؤسسة البلدية‪ ،‬يتمتع بشرعية شعبية ويمثل مواطني‬
‫البلدية ومزود بصالحيات قانونية لوضع خطط وبرامج التسيير البلدي على امتداد عهدته االنتخابية‪،‬‬
‫حسب األولويات التي يحددها إنطالقا من استطالع حاجات المواطنين ومطالبهم‪ .‬ينتخب المجلس الشعبي‬
‫البلدي عن طريق االقتراع العام المباشر والسري لمدة خمس (‪ )01‬سنوات حسب القانون االنتخابي القائم‬
‫على التمثيل النسبي‪ 2‬على القائمة‪ ،‬وهو جهاز المداولة الرئيسي في إدارة وتنظيم شؤون البلدية‪ ،‬بحيث‬
‫يجتمع كل شهرين في دورة عادية‪ ،‬ويمكنه أن يجتمع في دورة استثنائية كلما اقتضت الضرورة ‪.‬وذلك بناءا‬
‫على طلب من رئيسه أو بطلب من ثلثي (‪ ) 3/2‬اعضائه أو بطلب من الوالي‪.‬‬
‫تأكيدا لمضمون المواد ‪ 2‬و ‪ 11‬و ‪ 103‬من قانون البلدية الجديد (‪ ،)10-11‬فإن المجلس‬
‫إطار للتعبير عن الديمقراطية‪ ،‬ويمثل قاعدة الالمركزية ومكان مشاركة المواطن في‬
‫ا‬ ‫الشعبي البلدي يشكل‬
‫تسيير الشؤون العمومية‪ .‬فالمجلس الشعبي البلدي‪ ،‬ال يستقل بذاته كمؤسسة منفصلة عن مؤسسة البلدية‬
‫وانما هو جزء هام من هذه المؤسسة والتي من دونه ال يمكن الحديث عن التسيير الجواري أو الديمقراطية‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬أنظر المرسوم التنفيذي رقم ‪ 11 -13‬المتعلق بتحديد شروط إنتداب المنتخبين المحليين والعال وات الممنوحة لهم‪،‬‬
‫المؤرخ في ‪ ،2013-02-21‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 12‬الصادر بتاريخ ‪.2013-02-20‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القانون العضوي رقم ‪ 01-12‬المؤرخ في ‪ 2012-01-12‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،01‬المواد‬
‫‪ ،00-31‬الصادرة بتاريخ ‪.2012-01-12‬المعدل بالقانون العضوي رقم‪10-13‬المؤرخ في ‪ ،2013/04/21‬جريدة‬
‫رسمية عدد‪ ،10‬الصادرة بتاريخ ‪.2013/04/24:‬‬

‫‪59‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫المحلية‪ ،‬أو الالمركزية‪ ...‬وكل ما له عالقة باإلرادة السياسية المحلية‪ ،‬وشرعيتها التمثيلية‪ .‬يعتمد المجلس‬
‫‪‬‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬نظام المداوالت كآلية التخاذ القرار عند معالجة أي شأن محلي‪ .‬عدد أعضاء المجالس‬
‫الشعبية البلدية‪ ،‬يتحكم فيها نمو الكثافة السكانية‪ ،‬حيث تتراوح بين ‪ 13‬و‪ 23‬عضو‪ 1.‬تعني المداولة‬
‫النقاش واإلثراء في اآلراء المطروحة حول موضوع ما‪ .‬يعرض أمام أعضاء المجلس كمشروع ‪ ،‬ضمن‬
‫ملف يستجمع كل الوثائق والبيانات اإلحصائية وما الى ذلك‪ .‬واألهم من ذلك اإلطار القانوني والتنظيمي‬
‫الذي يسمح بالمعالجة ‪.‬أي ال يكون خارج اختصاصات المجلس‪ .‬فإذا كانت المداولة هي عبارة عن قاعدة‬
‫للعمل الجماعي في الهيئات المنتخبة‪ ،‬فإنها تتوقف على بعض االعتبارات األساسية‪:‬‬
‫‪ .1‬كفاءة المنتخبين وأهليتهم لصنع القرار االداري المناسب‪.‬‬
‫‪ .2‬عمل لجان المجلس و دورها في تحضير واعداد ملفات المجلس‪.‬‬
‫‪ .3‬مدى احترام ثقافة المواطنين والتسيير الجواري الالمركزي الستشارة الرأي العام المحلي واشراكه في‬
‫القرار‪.‬‬
‫‪ .2‬مدى قدرة المجلس الشعبي البلدي ؛على فرض شرعية أعماله أمام الوصاية واحترام اإلجراءات‬
‫واآلجال القانونية عند المصادقة بالرفض أو بالقبول‪ ،‬بل واللجوء إلى القضاء اإلداري إلبطال‬
‫أعمال التعسف عند الضرورة‪.‬‬
‫تتخذ مداوالت المجلس الشعبي البلدي وفق األغلبية البسيطة من األعضاء الحاضرين أو‬
‫الممثلين عند التصويت‪ 2،‬وال تصح اجتماعات المجلس الشعبي البلدي إال بحضور األغلبية المطلقة‬
‫والتي تعني أن الحضور الفعلي لألعضاء يفوق النصف‪ .)1+10( 3.‬ربما الرؤية الجديدة لتسيير‬
‫المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬تداركت النقائص التي كان يعانيها‪ ،‬قانون البلدية رقم ‪ 04-10‬الصادرة في‬
‫‪ 1110-02-10‬حيث شهدت العهدات االنتخابية بين ‪ ،2002-1110‬و ‪ ،2000-2002‬عدم‬
‫استقرار بسبب سحب الثقة التي كرستها المادة ‪ 12‬من القانون الساري آنذاك وتركتها للتالعب‬
‫واألمزجة السياسية‪ ،‬والصراعات االعصبوية والشخصية بين المنتخبين‪ ،‬حيث تحولت العهدة االنتخابية‬
‫الى وسيلة للضغط‪ .‬واالبتزاز من أجل الحصول على المنافع الشخصية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ ،01-12‬المادة ‪ ،01‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬قانون البلدية رقم ‪ ،11-10‬المادة ‪ 12‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 101-13‬مؤرخ في ‪ ،2013-03-10‬المتضمن النظام الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي‬
‫البلدي‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،11‬صادر بتاريخ ‪ ،2013-03-10‬المادة ‪ 10 ، 01‬منه‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تبدو صالحيات المجلس الشعبي البلدي محددة تحديدا عاما‪ ،‬بحيث يتم تقرير القطاع الذي يهتم‬
‫‪‬‬
‫به المجلس ليس من باب اإللزام و لكن حسب اإلمكانيات المتوفرة لدى البلدية‪ ،‬ويمكن ذكر القطاعات‬
‫‪1‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬التهيئة والتنمية‪.‬‬
‫‪ .2‬التعمير والهياكل القاعدية والتجهيز‪.‬‬
‫‪ .3‬التربية والحماية االجتماعية والرياضة والشباب والثقافة والتسلية والسياحة‪.‬‬
‫‪ .2‬النظافة وحفظ الصحة والطرقات البلدية‪.‬‬
‫ما يالحظ على مهام وصالحيات المجالس الشعبية البلدية‪ ،‬أنها مقيدة النطاق رغم المسؤوليات‬
‫التي تتوالها أمام ناخبيها‪ .‬إذ ال يملك المجلس أدوات تجسيدها على أرض الواقع‪ ،‬فالعبارات المستخدمة‬
‫في تحديد تلك المهام و الصالحيات وردت موثقة على شكل "ما يمكن إنجازه"‪ :‬أي كإمكانية أو مبادرة أو‬
‫تشجيع أو إعداد أو مساهمة ومشاركة أو سهر أو تكفل‪...‬إلخ‪ .‬حتى هذه التوصيات الممكنة و المبادرة‬
‫لتفعيل دور المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬تخضع لمصادرة تنظيمية ذات طابع إجرائي من قبل الوصاية‬
‫اإلدارية بشقيها الرقابي والرئاسي‪ ،‬فال يتاح تطبيق أي مهمة وال اتخاذ أية مبادرة اال بنص تنظيمي‪ 2،‬و‬
‫بالتالي إعطاء األولوية لسلطة الوصاية المركزية ‪ ،‬لتحديد كيفيات أو شروط التنفيذ‪ ،‬وبعد التنفيذ يخضع‬
‫العمل اإلداري (المداوالت) إلى التدقيق والفحص والدراسة‪ ،‬ثم إبداء الرأي القانوني (شرعية أو عدم شرعية)‬
‫عمل المجلس‪.‬‬
‫وتنعقد أكثر مصداقية المجلس الشعبي البلدي المنتخب الذي يمثل مواطني البلدية؛ إذا ما حاول‬
‫النظام السياسي المركزي إرساء قواعد إضافية لتعزيز المشاركة الجوارية‪ ،‬والسماح للمواطنين باالقتراح‬
‫والمطالبة بتوفير بعض المصالح لخدمة شؤونهم‪ ،‬فال يمكن للمؤسسة البلدية ككل احتواء هذا الكم الهائل‬
‫من الضغط على ضوء قلة الموارد وندرتها‪ ،‬والسيما أن الق اررات المركزية ال تراع التفاوت بين البلديات‪،‬‬
‫بل تطبق على مجموع بلديات القطر‪ ،‬باعتبار هذه القرارت تندرج ضمن السياسات العامة للدولة‪ ،‬يضاف‬
‫إليها ضعف شرعية تمثيل هؤالء المنتخبين أمام مواطنيهم‪ ،‬بسبب ارتفاع نسبة العزوف االنتخابي الذي‬
‫يعكس في معظم األحيان مواقف سياسية أكثر منها عدم االكتراث بالعملية االنتخابية‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر المواد‪ 100 :‬إلى ‪ 122‬من قانون البلدية رقم ‪ ،10-11‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Rachid Zouaimia, Marie Christine Rouault, Droit Administratif : Chapitre III : Le Pouvoir‬‬
‫‪réglementaire, op cit, p, 51 .‬‬

‫‪61‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -1-3 ‬المجلس الشعبي الوالئي‪:‬‬


‫هو أعلى هيئة مداولة بالوالية‪ ،‬ينتخب من طرف مواطني الوالية عن طريق االقتراع العام والسري لمدة‬
‫خمس (‪ )01‬سنوات‪ ،‬عدد أعضائه تتراوح حسب الكثافة السكانية للوالية بين ‪ 31‬و‪ 11‬عضو‪ 1،‬يعقد أربع‬
‫دورات عادية في السنة ويمكن أن يجتمع في دورة غير عادية بناءا على طلب من رئيسه أو ثلث (‪)3/1‬‬
‫أعضائه أو بطلب من الوالي‪ ،‬وال تصح اجتماعاته إال بحضور األغلبية المطلقة ألعضائه الممارسين‪،‬‬
‫واذا لم يكتمل النصاب القانوني يستدعي ثانية بفارق خمسة (‪ )01‬أيام عن االستدعاء األول‪ ،‬وتكون‬
‫مداوالته صحيحة مهما كان عدد األعضاء الحاضرين‪ .‬يعتمد المجلس الشعبي الوالئي نظام المداوالت في‬
‫عمله لمناقشة الشؤون التي تدخل في اختصاصاته القانونية‪ ،‬ويتخذ مداوالته باألغلبية البسيطة ويحضر‬
‫الوالي أو ممثله إجتماعاته‪ .‬وتعمل الوصاية اإلدارية ممثلة في الوالي ووزير الداخلية‪ ، 2‬على مراقبة‬
‫أعمال ومداوالت المجلس‪ ،‬ويمكن للوالي اللجوء إلى القضاء اإلداري إلبطال أي عمل غير قانوني‪ .‬لكن‬
‫يالحظ أن اللجوء إلى القضاء اإلداري بسبب خرق أحكام وقوانين ال تتم‪ ،‬و إن لم نقل أنها منعدمة تماما‪،‬‬
‫نظ ار لحضور الوالي أو ممثله مداوالت المجلس وقدرته على تأطير النقاش والتداول نحو الوجهة الشرعية‪،‬‬
‫وباعتبار الوالي كسلطة سياسية و إدارية تتمتع بصالحيات هامة‪ ،‬وواسعة في تعليل وتبرير لكل عمل يقوم‬
‫به المجلس من منظور تقديري وتنفيذي‪ ،‬والواقع يبين هيمنة الجهاز التنفيذي على مجمل أوجه النشاط‬
‫العمومي في الدولة‪ .‬إن المجلس الشعبي الوالئي‪ :‬كجهاز مداولة يماثل المجلس الشعبي البلدي من حيث‬
‫الصالحيات التي ال تتعدى‪ :‬المبادرة‪ ،‬والتشجيع‪ ،‬او التكفل‪ ،‬وابداء الرأي‪ ،‬والمساهمة في قطاعات ؛‬
‫التنمية االقتصادية‪ ،‬الفالحة والري‪ ،‬الهياكل القاعدية االقتصادية‪ ،‬تجهيزات التربية والتكوين المهني‪،‬‬
‫النشاط االجتماعي والثقافي‪ ،‬السكن‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫إلى جانب كونه هيئة مداولة‪ ،‬فإن المجلس الشعبي الوالئي ال ينظر له كهيئة استشارية وكهيئة رقابة‪،‬‬
‫الن مهامه محدودة جدا ‪ ،‬ال تخرج عن نطاق االقتراح والتبليغ وتقديم التوصيات‪ ،‬بعد إرسالها إلى ممثل‬
‫الهيئة التنفيذية في الوالية والذي هو الوالي‪ .‬يتميز المجلس الشعبي الوالئي بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تمثيليتة السياسية ال تسمح بمقتضيات الديمقراطية المحلية في أسلوبها الجواري والمباشر‪.‬‬
‫‪ -‬نشاطه يكاد ينحصر في مركز الوالية ويهمل األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬تأثيره في رسم السياسات العمومية المحلية نسبي وغير فعال‪.‬‬
‫‪ -‬تبعيته شبه الكلية للجهاز التنفيذي في الوالية‪ ،‬ال تمكنه من امتالك أدوات إنجاز اختياراته‬
‫التنموية‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون العضوي رقم ‪ ،01-12‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬المادة ‪ 42‬منه‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -2‬قانون الوالية رقم ‪ ،00-12‬في مواده‪ ،10-12 :‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Mohamed Sid Ali, « "Décentralisation et Organisation Territoriale,» revue du ceneap,‬‬
‫‪n°26, (2002), P16.‬‬

‫‪62‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تحيلنا دراسة هذه الخصائص إلى اعتبار المجلس الشعبي الوالئي بآلياته التنظيمية والسياسية‪ ،‬انه‬
‫‪‬‬
‫غير قادر على مقاومة عمل الجهاز التنفيذي بقدراته اإلدارية البشرية‪ .‬حيث عقد مجلس الوالية اجتماعاته‬
‫األسبوعية يجرد المجلس الشعبي الوالئي؛ من قدرته على معالجة األمور‪ ،‬خالل دوراته األربع المتباعدة‬
‫في الزمن بالفعالية والحيوية المطلوبتين‪ ،‬ويكون له السبق واألولوية في اتخاذ القرار المناسب‪ .‬ويأتي فيما‬
‫بعد المجلس المنتخب للتزكية والمصادقة من دون بديل آخر غير الذي أمامه‪.‬‬
‫‪ -3-3‬دور المعارضة واللجان في المجلس الشعبي المحلي‪:‬‬
‫إن التركيبة التعددية للمجالس الشعبية المحلية‪ ،‬تؤثر بشكل مباشر على فعالية أدائها من حيث‬
‫اإلنسجام واالستقرار‪ ،‬إذ كانت األغلبية هي التي تسير‪ .‬أو من حيث عدم االستقرار واالختالف إذا كان‬
‫المجلس الشعبي مبني على تكتالت سياسية وتحالفات ظرفية ‪ :‬فال تملك أية قائمة ممثلة في المجلس‪،‬‬
‫النصاب االقانوني لتجاوز ضعفها‪ .‬وبالتالي اللجوء إلى التفاوض والمساومة لتشكيل الهيئة التنفيذية (في‬
‫البلدية الرئيس ونوابه) وانتخاب الرئيس في المجلس الشعبي الوالئي وترأس لجانه‪ .‬ممارسة المعارضة هي‬
‫نتاج لفلسفة التمثيل النيابي ‪ ،‬في األنظمة البرلمانية التي تعكس قيم ثقافة تعددية ثرية و متنوعة تؤسس‬
‫أنماطا مشاركاتية حقيقية‪ ،‬للدفاع عن المصالح والقيم المشتركة‪ ،‬والحد من سلطات الجهاز التنفيذي‬
‫وفرض دولة القانون والمؤسسات‪ .‬قوة المعارضة أو ضعفها مصدرها مصداقية تمثيلها‪ :‬وأصالة العملية‬
‫السياسية وشرعية نموذجها الديمقراطي‪ ،‬الذي يفرزه صوت الناخبين كارادة سياسية يجب أن تحترم‪ ،‬ألنها‬
‫تمت في إطار قانون الدولة وليس ألنها جاءت معبرة عن قوى سياسية جديدة تختلف جوهريا عن رموز‬
‫القوى السائدة‪.‬‬
‫إن أهم الوظائف التي يمكن للمعارضة أن تقوم بها داخل المجالس الشعبية المحلية ‪ ،‬تتركز حول‬
‫‪1‬‬
‫العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬المعارضة كقوة نقض لوظيفة المداولة‪.‬‬
‫‪L’opposition, force de contradiction dans la fonction de délibération.‬‬
‫‪ -2‬تعزيز المعارضة حول مبدأ حركية التداول‪.‬‬
‫‪L’opposition renforcée au principe de la dynamique délibérative.‬‬
‫‪ -3‬المعارضة قوة نقض في الرقابة‪.‬‬
‫‪L’opposition, force de contradiction dans le contrôle‬‬
‫‪ -2‬تعزيز المعارضة لخدمة الديمقراطية و اإلدارة المحلية‪.‬‬
‫‪Le renforcement de l’opposition au service de la démocratie et de‬‬
‫‪l’administration locale.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Stéphane Manson, l’opposition dans les assemblés locales, op cit, P.143.‬‬

‫‪63‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تثيرالمعالجة المتأنية لدور المعارضة ووظيفتها في الحياة السياسية المحلية‪ ،‬وليس فقط في إطارها‬
‫‪‬‬
‫المؤسساتي‪ ،‬مسألة القدرة على تحقيق وتجسيد مثل هذه الوظائف وذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تبعية المنتخب المحلي نتيجة استنفاذ موارده واالكتفاء بالتمثيل "الساكن"‪.‬‬
‫‪ -‬ضيق مجال التعبير واحتكاره من قبل المركز‪.‬‬
‫‪ -‬تباين وعدم تكامل بين نظام األغلبية في المجالس المنتخبة من القمة إلى القاعدة‪.‬‬
‫‪ -‬انتشار ثقافة الزبائنية والسلوك االنتهازي والنظر إلى العهدة االنتخابية وكأنها ترقية اجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تقتصر مهام المعارضة في نطاق المجلس‪ ،‬عبر المناقشة والتعبير واالقتراح التي قد تقدمها حول‬
‫مواضيع المداوالت‪ 1،‬فإذا كانت أقلية تصبح أرائها غير ملزمة وال تؤثر في سير أشغال المجلس‬
‫واللجان الداخلية‪.‬‬
‫إذا كان نشاط المعارضة السياسي داخل المجلس يعاني الضعف وال يعتد به في وسط األغلبية‪ ،‬فإن‬
‫اآللية األخرى المتاحة ألعضاء المجالس الشعبية البلدية والوالئية للعمل وفقها‪ ،‬بالنظر إلى المهام‬
‫والصالحيات المخولة بموجب القوانين والتنظيمات هي آلية اللجان الداخلية الدائمة والمؤقتة أو الخاصة‪.‬‬
‫يترواح عدد هذه اللجان الدائمة في المجالس الشعبية بين ‪ 3‬لجان إلى ‪ 1‬لجان دائمة‪ ،‬تتوزع على خمسة‬
‫ميادين‪ 2:‬يفرض القانون أن يكون توزيع أعضائها يراعي التمثيل السياسي في المجلس مع العلم أن‬
‫العضوية في أي لجنة هو عمل اختياري و ليس إجباريا‪ ،‬و ينتخب أعضاء اللجنة رئيسا من بينهم‪ ،‬و‬
‫يم كن للمجلس إنشاء لجان خاصة غير دائمة‪ ،‬ذات مهمة معينة حول موضوع يتعلق بالشؤون البلدية‪.‬‬
‫أما عدد لجان المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬فغير محددة العدد بل حددت القطاعات التي يمكن أن تشكل لها‬
‫لجان في حوالي تسع (‪ )01‬مجاالت‪ ،‬كما بينت ذلك المادة ‪ 33‬من قانون الوالية‪ ،‬وهي لجان دائمة‪ ،‬في‬
‫حين يمكن إنشاء لجان خاصة لدراسة أي مسألة توكل لها من قبل المجلس‪ ،‬بل واألكثر من ذلك يمكن‬
‫إنشاء لجان تحقيق بطلب من رئيس المجلس الشعبي الوالئي أو بطلب من ثلث (‪ )3/1‬أعضائه واعالم‬
‫الوالي بذلك‪.‬‬
‫يمكن لهذه اللجان االستعانة بأي شخص ترى أنه قد يفيدها عند مباشرة األعمال الموكلة لها‪ ،‬وال‬
‫سيما ذوي الخبرة من الكفاءات العلمية و المهنية‪ ،‬سواء ضمن موظفي اإلدارة البلدية أمين عام‪ ،‬رئيس‬
‫مصلحة‪ ،)...‬أو من موظفي اإدارة الوالئية (مدير‪ ،‬أو مسؤول مفوض‪ )...‬أو من خارج إدارة الجماعات‬
‫اإلقليمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Clotilde Ripouli, Christian Bigaut, Guide de l’élu municipal d’opposition, (Paris :La‬‬
‫‪Documentation Française, 2014), P33.‬‬
‫‪-2‬أنظر المادة ‪ 31‬من قانون البلدية رقم ‪ ،11-10‬والمادة ‪ 34‬من النظام الداخلي النموذجي للمجلس الشعبي البلدي‪.‬‬
‫مرجع سابق‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪1‬‬
‫دور اللجان يتلخص فيما يلي‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -‬دراسة الموضوعات بشكل كامل و تفصيلي‪.‬‬
‫‪ -‬تدعيم مبدأ المشاركة في تحمل المسؤولية‪.‬‬
‫‪ -‬مساهمة الموظفين المختصين في عمل اللجان‪.‬‬
‫‪ -‬نتائجها أكثر نضجا و قبوال ألنها تكرس العمل الجماعي‪.‬‬
‫‪ -‬الحد من التأثيرات الخارجية‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين عمليات االتصال‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيف العبء عن المجالس المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬إتاحة الحرية الكافية لعمل اللجان في النقاش والدراسة‪.‬‬
‫إنها مهام و أعمال تنختصر الجهد والوقت و تقدم خالصة جهدها أمام المجلس الشعبي البلدي‬
‫او الوالئي حيث يتولى رئيس اللجنة عرض تقريره النهائي‪ ،‬بغرض المصادقة عليه بموجب مداولة‪ ،‬ويمكن‬
‫ألي عضو إبداء اية مالحظة أو تعقيب عن ذلك‪ .‬لكن الواقع يبين الطابع الغير إلزامي لعمل هذه اللجان‪،‬‬
‫خاصة و إن كانت من تركيبة سياسية " معارضة"‪ .‬و في كلتا المؤسستين (البلدية و الوالية)‪ ،‬تهيمن‬
‫االنزعة التنفيذية على عملية صنع القرار وادارة الشأن المحلي‪ .‬و بالتالي تصبح السلطة المحلية تتعامل؛‬
‫مع حركية اجتماعية تأتيها من خارج اإلطار المؤسساتي‪ ،‬ليس كآلية مشاركاتية للمواطنين أمام محدودية‬
‫آلية التمثيل وضعفه وانما من أجل فرض األمر الواقع؛ بالضغط واالحتجاج لتلبية مطالب معينة ‪.‬هي في‬
‫األصل من صميم العمل الذي تضطلع به الجماعات اإلقليمية في الدولة وال سيما المؤسسة المنتخبة‪.‬‬

‫‪ -1‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬اإلدارة المحلية‪( ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر ‪ ،‬ط‪ ،)2010 ،1‬ص ‪.112‬‬

‫‪65‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ ‬رابعا‪ :‬السلطات المحلية‪:‬‬


‫كما هو الشأن في أية منظمة‪ ،‬مهما كانت طبيعتها تحتاج إلى تأطير قيادي إلدارة شؤونها ورسم‬
‫أفاق نشاطها‪ .‬فالجماعات المحلية باعتبارها مؤسسات رسمية يقتضي تأسيسها القانوني وشكلها التنظيمي‬
‫وجود سلطة هرمية تمارس القيادة والتوجيه والمراقبة فيها‪ .‬وتكتمل أهداف النظام الالمركزي الذي تأخذ به‬
‫الجمهورية الجزائرية‪ ،‬باالعتماد على بلورة آليات قانونية لتوزيع إقليمي للسلطة بشقيها البنيوي أو العضوي‬
‫و الوظيفي‪ .‬وذلك في إطار منسجم مع مقتضيات القواعد الدستورية التي تحكم وتنظم وتوزع السلطة‬
‫السياسية واإلدارية بين سائر المؤسسات التي تشكل الدولة ككل‪ .‬ال تثير المعالجة التوزيعية لطبيعة‬
‫السلطة في الدولة الموحدة أو البسيطة؛ عند طرح هذا المفهوم في صيغة الجمع والنظر إليها كسلطات‬
‫محلية ‪"pouvoirs locaux‬؛ على انها سلطات متعددة ومختلفة‪ ،‬بل متدرجة رئاسيا ومتكاملة سلميا‪،‬‬
‫ألنها ببساطة ال تمارس منفردة وبمعزل عن مراقبة مؤسسات السلطة األصلية‪.‬‬
‫إن العالقات المتوترة بين المركز والمحيط ؛ التي تكاد تميز النظام اإلقليمي والمحلي الوطني؛‬
‫كرست منح الكثير من االهتمام بالبعد المحلي أو اإلقليمي؛ وأصبح يشكل مصدر القوة او الضعف‬
‫لمجموع اإلقليم؛ النه بعد قاعدي يشد اركان النظام الوطني في التنظيم والتسيير‪ ،‬لجميع القطاعات‬
‫االقليمية والوطنية التي تبنى عليها مؤشرات السياسات الوطنية‪ .‬مما يعني أن تجاوز حالة التوتر يكون من‬
‫خالل تعزيز النظام المؤسساتي المحلي؛ بغرض حل المطالب المحلية لفائدة المواطن المحلي‪ .‬المقاربة‬
‫األوروبية تتبنى المعيار المؤسسي المركب الذي يجمع بين العنصر اإلداري المحض و التمثيل السياسي‬
‫‪1‬‬
‫الشعبي؛ ويميز بين نموذجين من السلطات المحلية ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلدارات العمومية المحلية التي تعالج وتسير الشؤون المحلية اليومية‪.‬‬
‫‪ .2‬هيئات التمثيل المحلية؛ كالمجالس المحلية‪.‬‬
‫تماثل عملية تنظيم السلطات المحلية في النموذج الجزائري‪ ،‬المفهوم الذي ساقته اللجنة األوروبية؛‬
‫مع مراعاة الفروق من حيث المرجعية التاريخية والممارسات أو السلوكيات التي تطبع كيان المؤسسة‬
‫المحلية وعالقاتها باإلقليم ومكوناته؛ أو ما يعبر عنها بالثقافة السياسية ‪ .‬تقوم العالقات "السلطوية‬
‫المحلية"؛ على أنساق نظمية تعبر عن درجة من التفاهم أو الجفاء الذي قد يحدد مركزية الدولة بالنسبة‬
‫للمجتمع أو العكس تماما؛ على اعتبار أن السلطة تبنى مؤسسيا وتمارس وظيفيا عن طريق ممثلي الدولة‬
‫إلى جانب ممثلي المجتمع‪ .‬وفي كل الحاالت ينبغي االنتباه إلى التداخالت والتأثيرات التي تزخر بها‬
‫‪2‬‬
‫الحياة اإلجتماعية‪.‬‬

‫‪1-Commission‬‬ ‫‪Européenne , Appui à la Décentralisation et à la Gouvernance locale dans‬‬


‫‪les pays tiers, OPcit, P.21.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر في هذا الشأن ‪ :‬هشام محمود القداحي ‪ ،‬علم إجتماع السلطة‪( ،‬مصر‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪.)2010 ،‬‬

‫‪66‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪‬‬
‫تستمد السلطات المحلية أهمية وجودها من سلطة الدولة التي يضبطها الدستور‪ ،‬وال يمكن لها أن‬
‫تتجاوزها‪ .‬وهذه السلطات بإعتبارها ذات طابع تنفيذي؛ في حدود الشروط التي تضعها مؤسسات الدولة؛‬
‫تضطلع بمهام " ‪ "Missions‬وصالحيات " ‪ " Prérogatives‬في نطاق اختصاصها اإلقليمي والزمني‬
‫المحدد بموجب القانون البلدي أو الوالئي‪ .‬حتى اطلق عليها بعض الباحثين تسمية " السلطة المتأقلمة ‪"1‬‬
‫‪ un pouvoir Territorialisé‬ويعترف اخرون بها كسلطة تنظيمية محلية ثانوية ‪.2‬‬
‫يترتب عن هذا التوزيع اإلقليمي للسلطة‪ ،‬البحث عن األسس الموضوعية التي تشكل احدى‬
‫محددات تعريف السلطات المحلية؛ كسلطات رئاسية وهرمية ضمن النظام اإلداري والسياسي في الدولة‪.‬‬
‫ولعل أبرز هذه األسس؛ ما يمكن استنتاجه عبر تحليل بنية ووظيفة النظام الالمركزي في المستوى‬
‫اإلداري؛ حيث يقتضي اإلقرار بإستقاللية الجماعات اإلقليمية عن الدولة؛ في بعدها التنظيمي والمالي‪.‬‬
‫تتأثر عملية صنع القرار المحلي (في البلدية أو الوالية)؛ التي يباشرها رئيس المجلس الشعبي البلدي أو‬
‫الوالي عند تسيير الشؤون المحلية؛ بدرجة اإلستقاللية المكفولة لهذه الجماعة أو تلك؛ نتيجة خضوع‬
‫إستعمال الموارد لمبدأ رقابة ووصاية مستمرة ‪ ،‬تقيد قدرة السلطة المحلية على معالجة القضايا من دون‬
‫إستئذان المركز‪.‬‬
‫لن يتأتى لنا استطالع مظاهر هذا التأثير‪ ،‬من دون محاولة فهم وتشخيص جوهر السلطات‬
‫المحلية كقيادة ''‪ ''Leadership‬معينة أو منتخبة أو اإلثنين معا‪ .‬وتتجلى هنا السلطة على شكل وظيفة‬
‫تمارس في حدود مختلف األدوار الموكلة لهذه الوظيفة؛ أو تتعلق هذه السلطة بالسمعة والسيطرة ‪La‬‬
‫‪ ،réputation‬التى تسمح بوجود قيادة متخصصة‪ . leaders spécialisés‬كما ان نفس هذه السلطة‬
‫يمكن ان تدرس عبر معاينة عدد معين من الق اررات األساسية التي تخص الجماعة المحلية‪ ،‬بغرض قياس‬
‫قدرة كل فاعل '‪'Acteur‬مشارك في صناعة هذه الق اررات‪ .‬فتحليل هذه الق اررات يميز بين "السطوة‬
‫والسلطة" او نفرق غالبا بين السلطة االفتراضية عن السلطة الحقيقية " ‪pouvoir virtuel et pouvoir‬‬
‫‪ 3."réel‬يتجه الخطاب االجتماعي‪ ،‬في غالبيته عند المطالبة ببعض المسائل الى تعيين مستوى واحد‬

‫‪1‬‬
‫‪-Thomas Frinault. Le pouvoir Territorialisé en France, (Presses universitaires de rennes,‬‬
‫‪2012), P.95.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Gerardine Chavrier, Le Pouvoir‬‬ ‫‪Normatif‬‬ ‫‪Local : Enjeux et Debats, (France :‬‬
‫‪L’Extenso Editions , 2011), p95.‬‬
‫‪ -‬وانظر ايضا ‪ :‬بوعناوي بوجمعة؛ "السلطة التنظيمية المحلية" ‪.‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‪،101‬‬
‫(نوفمبر‪ /‬ديسمبر ‪ ،)2011‬ص‪.‬ص ‪.114-101‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Birnbaum « Le Pouvoir Local : De La Décision au système » revue Française‬‬
‫‪de sociologie, (s.n), 1973, PP336-.334‬‬

‫‪67‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫لمعالجة تلك اإلنشغاالت؛ وهو ما يشار إليه بالمسؤول؛ والذي يمثل وجها من أوجه السلطة المحلية‬
‫‪‬‬
‫صاحبة القرار الفصل كما يالحظ في الميدان‪.‬‬
‫ومتفاعلة‬ ‫‪institutionnaliste‬‬ ‫ممأسسة‬ ‫كسلطات‬ ‫المحلية‪،‬‬ ‫السلطات‬ ‫مسؤولية‬
‫‪ ،interactionniste‬ككل أجهزة الدولة األخرى‪ ،‬كسلطات عمومية تفرض نفسها على المحكومين‪.‬‬
‫كعالقات غير متساوية وغير متناظرة بين كل الفاعلين؛ وذلك بالتأثير او وفق آليات اإلجبار التي تنجم‬
‫‪1‬‬
‫عن العالقات الرئاسية‪ .‬بل حتى يمكن اللجوء الى القوة‪.‬‬
‫تتقيد السلطات المحلية ‪ ،‬بإعتبارها سلطات عمومية بمبدأين أساسيين هما ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مبدا الشرعية‬
‫ب‪ -‬مبدا المشروعية‬
‫فالمبدأ االول يخص المراكز القانونية التي تنحدر منها القيادات او النخب المسيرة والمديرة‪ ،‬فإذا‬
‫كانت عن طريق التعيين؛ يجب ابراز كفاءتها ونزاهتها وقدرتها على االتصال واالنجاز واتخاذ القرار‬
‫العقالني لخدمة الجماعة المحلية‪ .‬وان كانت منتخبة‪ ،‬يجب عليها ان تنال رضا ناخبيها وقبولها شعبيا‬
‫ويترجم ذلك ميدانيا من خالل درجة التعاون التي تربطها كسلطة مع قاعدتها االجتماعية والمحلية ‪ .‬لكن‬
‫يالحظ احيانا اختالفات مهمة في الرؤى؛ مما قد يؤدي إلى صراع بين شرعية التعيين والشرعية الشعبية‬
‫( بين المنتخبين والهيئات التنفيذية الوالئية التي يأتي على رأسها الوالي)‪ .‬أما مبدأ المشروعية فيتعلق بمبدأ‬
‫مطابقة اأعمال ومهام السلطات المحلية للقوانين التي تحكم الجماعات المحلية كإمتداد للدولة‪ .‬سواء‬
‫كمجالس مداولة عند ممارسة الرقابة عليها بموضوعية وحيادية؛ أو عند محاولة التعيين والتوظيف‬
‫السياسي للقانون للحد من طموح القوى السياسية التمثيلية‪ ،‬عند المطالبة بتنفيذ بعض الحقوق أو الحصول‬
‫على إعانات لفائدة جماعاتها المحلية؛ يكرسها القانون وتفرضها الحاجة اإلجتماعية في التسيير‪ .‬تمنح‬
‫المراكز القانونية والتصنيفات الوظيفية؛ السلطات المحلية في إدارة الجماعات اإلقليمية؛ درجات سلمية‬
‫غير متكافئة؛ إلنجاز أعمال يفترض فيها أن تكون متكاملة تتعلق بخدمة الصالح العام‪.‬‬
‫إال أن المالحظ عند دراسة النصوص األساسية التي تنظم وتسير السلطات المحلية؛ أن الوالي‬
‫يتولى سلطات "‪ "Pouvoirs‬بصالحيات تقريرية واسعة ً‬
‫جدا؛ في حين أن رئيس المجلس الشعبي البلدي‬
‫خصص له "النص" "صالحيات " ‪ "" prérogatives‬على ضوء سلطة مقيدة ال تكاد تتجاوز اإلطار‬
‫التنظيمي الداخلي لإلدارة البلدية؛ ومطالب أن يلعب أدوار أكثر من الصالحيات التي منحتها له القوانين‪.‬‬
‫‪pouvoir‬‬ ‫وتم" تحييد "رئيس المجلس الشعبي الوالئي كسلطة محلية‪ ،‬تحوز على شبه سلطة مداولة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe Braud, La Science Politique, Science du Pouvoir, in :Jean–Vincent Holeindre‬‬
‫‪(sous-direction) :Le Pouvoir : Concepts, Lieux ,Dynamiques, (Sciences‬‬ ‫‪Humaines‬‬
‫‪Editons, 2014) PP. 67, 68.‬‬

‫‪68‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ délibérant‬أمام أعضاء المجلس الشعبي الوالئي؛ ال تشارك في إقتراح السياسة العامة المحلية إال‬
‫‪‬‬
‫ضمن ذلك النطاق كسلطة شرفية مقابل هيمنة مطلقة للوالي على الحياة العامة في الوالية‪ .‬ويتدخل في‬
‫تسيير الجماعات االقليمية بسبب عدم كفاءة المنتخبين المحليين‪ 1.‬كما يقوم رئيس الدائرة بدور تنفيذي‬
‫وضابط ألنشطة وحركة البلديات التي يتولى اإلشراف عليها؛ وذلك بتفويض من مركز السلطة المحلية‬
‫الذي هو الوالي‪.‬‬
‫‪ -6-4‬الوالي ‪:‬‬
‫يعتبر الشخصية المحورية في الوالية من حيث أنه يحتل رأس السلطات المحلية بإعتباره موظفا ساميا‬
‫للسلطة المركزية؛ تنتظم حوله و بأمره كل أنشطة الوالية‪ .‬ويعين من قبل رئيس الجمهورية بمرسوم رئاسي‬
‫بناء على إقتراح من وزير الداخلية بالتنسيق مع مصالح الوزير األول؛ من بين فئات مهنية معينة تخضع‬
‫‪2‬‬
‫لمعايير وشروط من صالحيات "السلطة التقديرية " التي خولها القانون للسلطة العليا صاحبة التعيين‪.‬‬
‫نظ ار لوقوع " سلك الوالة " في منطقة تقاطع وتجاذب بين التفاعالت السياسية واإلدارية؛ يجب على الوالي‬
‫التقـيد بنوع من الصرامة اإلدارية؛ وقدر هام من الوالء السياسي تجاه الحكومة والدولة؛ كالتحلي بقيم‬
‫وصفات األمانة والنزاهة والكفاءة‪....‬الخ‪ .‬يؤدي عدة أعمال على مستوى إقليم الوالية؛ كالرقابة والمتابعة‬
‫والسهر على النظام العام‪ .‬وفي إتصال دائم ومباشر مع كل وزراء الحكومة وال سيما وزير الداخلية‪.‬‬
‫وبـذلك ال يعتبر بمـفرده هـيئة تنـفيـذيـة على مسـتوى الوالية‪ ،‬وانـما يوضع تحت تصرفه مجلس والئي يتكون‬
‫من جميع المديريات اإلدارية والتقنية الوالئية؛ كهـيئة تنـفيذية حقـيقـية برئاسته (الوالي)‪ .‬ويساهم في صياغة‬
‫السياسة العامة المحلية إدارةً واشرافاً وتقـييماً وغيرها من العمليات‪ .‬وذلك من خالل اضطالعه بمهام ال‬
‫‪3‬‬
‫مركزية ومركزية؛ أو ما يعبر عنه بازدواجية التمثيل على مستويين متكاملين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تمثيل الوالية‬
‫ب‪ -‬تمثيل الدولة‬
‫ال ينظر إلى صفات التمثيل التي يتمتع بها الوالي؛ على أنها مهام أو مجرد صالحيات‪ ،‬و إنما‬
‫هي سلطات "‪ " Pouvoirs‬كاملة مخولة له من السلطة المركزية عبر نصوص قانونية وتنظيمية يجب‬
‫عليه تطبيقها واحترام اإلجراءات واألجال المتعلقة بها‪ .‬وبذلك يعتبر الممثل الوحيد للدولة في الوالية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Malek Serrai, « les walis manipulent les elus locaux », « au Forum d’El Moujahid »,‬‬
‫‪www.liberte-algerie.com. 22/08/2015.‬‬
‫‪- 2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 220-11‬المؤرخ في ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1111‬المتعلق بسلطة رئيس الجمهورية في التعيين في‬
‫الوظائف المدنية والعسكرية للدولة ‪ ،‬جريدة رسمية ‪ ،‬عدد‪03 :‬صادرة بتاريخ ‪1111/10/31‬‬
‫و كذا المرسوم التنفيذي رقم ‪ 230-10‬المؤرخ في ‪ 21‬جويلية ‪ 1110‬المعدل والمتعلق بالوظائف العليا في اإلدارة‬
‫اإلقليمية‪ ،‬جريدة رسمية ؛ عدد ‪ 31‬الصادرة بتاريخ ‪ 30 :‬جويلية ‪..1110‬‬
‫‪ -3‬انظر قانون الوالية رقم ‪00-12‬المؤرخ في ‪ .2012/02/21‬المواد من ‪102‬الى ‪.123‬‬

‫‪69‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تتوزع سلطات الوالي على شكل اختصاصات ضمن ثالث (‪ )03‬فئات كما يلي ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -6-6-4‬اإلختصاصات السياسية ‪:‬‬
‫هذه اإلختصاصات تقتضيها طبيعة المنصب الذي يتواله الوالي؛ كمنصب سياسي أكثر منه إداري‬
‫على مستوى الوالية؛ حيث يمثل الدولة بكل أجهزتها اإلدارية والسياسية والتقنية؛ ويشرح سياستها محليا‬
‫عبر الهياكل اإلدارية واإلتصال بالمرتفقين والمواطنين عامة‪ .‬وكذا المنتخبين المحليين بغرض المحافظة‬
‫على نوع من اإلتصال اإلداري والسياسي بين قاعدة السلطة وقمتها‪ .‬وبالمقابل ينقل إنشغاالت المجتمع‬
‫المحلي وتفاعالته ومطالبه إلى الحكومة حسب كل قطاع وزاري؛ مرفقة بالتعليالت الضرورية حول‬
‫المواقف واإلقتراحات الممكنة إلدارته‪ .‬وهو بذلك يشغل مركز "المتعامل» ‪ « opérateur‬مكلف بضمان‬
‫االتصال بين الدولة المنتج للمنافع العمومية والجماعات المحلية كزبائن» ‪ « clients‬مما يؤهله لتكريس‬
‫تمثيله المزدوج الى دور مزدوج ايضا كحامل مشروع مفاوض ومسير‪« Porteur de Projet .1‬‬
‫» ‪ Négociateur et Manager‬ويضمن اولوية المصالح الوطنية على المصالح المحلية واحترام‬
‫القانون الموحد والجمهوري على مختلف االقاليم‪ .‬يالحظ أن الوالي يلعب دو ار تعبويا وتجنيديا لصالح‬
‫مركز القرار السياسي في الدولة‪ ،‬خالل الدورات اإلنتخابية؛ أو خالل حدوث توترات إجتماعية حيث يباشر‬
‫مهام الوساطة بكل الوسائل السلمية واإلقناعية لحل النزاعات‪ ...‬وهذا من أجل الحفاظ على شرعية النظام‬
‫السياسي القائم‪ ،‬وحمايته من الخطابات السياسية المعارضة التي تزخر بها الحياة المحلية‪.‬‬
‫‪ -1-6-4‬إختصاصات النظام العام و األمن و الحماية ‪:‬‬
‫إن فرض النظام العام وارساء السكينة والطمأنينة‪ ،‬وتحيين مخططات الحماية والوقاية لألشخاص‬
‫والممتلكات؛ تشكل بكل تفاعالتها؛ القضية المركزية التي تقوم عليها كل مستويات السلطة المحلية؛‬
‫وباألخص تلك التي يحوزها الوالي كممثل للدولة ومندوب للحكومة‪ .‬وذلك ألن إنتشار الفوضى وتفكيك‬
‫المجتمع وتزايد اإلنقسامات والتباينات اإلجتماعية تؤدي إلى تهديد وحدة الدولة بكل مؤسساتها؛ وتفقد هوية‬
‫وجودها لحساب جماعات او عصب وتنظيمات متصارعة ال رادع لها‪ .‬وبالتالي؛ األمن واإلستقرار خاصية‬
‫من مستلزمات الدولة الناجحة التي تقوم على قواعد العدل والحق واإلنصاف‪ ..‬تقع على عاتق الوالي في‬
‫نطاق إقليم تدخله الجغرافي؛ بما يسخره له القانون من موارد بشرية ومادية ومعلومات واستطالع دائم‬
‫لمواجهة محاوالت اإلخالل بالنظام العام و تهديد إستقرار المجتمع‪.‬‬
‫يأتي في مقدمة تلك المهام حماية حقوق المواطنين وحرياتهم كما نص عليها الدستور؛ ألن‬
‫العدل أساس الملك؛ فغالبا ما يؤدي الظلم والتعسف في إستعمال السلطة إلى إضطرابات وأعمال عنف ال‬

‫‪1‬‬
‫‪-Laurent Bouchard, « Le Préfet : Un Instrument de domination devenu‬‬ ‫‪un‬‬ ‫‪outil de‬‬
‫‪dialogue ? », Gestion et Management Public, n°2, vol4, (2015/4), P41.‬‬

‫‪70‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫يمكن تقديرها‪ .‬فالمواطنة قيمة معنوية وخصال سلوكية في بناء المجتمع وادارة الشؤون العامة المحلية؛‬
‫‪‬‬
‫فإذا استقامت قاعدةاعمال السلطة انتظمت باقي أطرافها‪.‬‬
‫طالما ان الوالي مسؤول عن النظام العام؛ يعمل على تنسيق أعمال مصالح األمن والحماية؛ وتوفر‬
‫يسخر تدخل قوات األمن في‬ ‫له كل المعلومات الضرورية إلتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات؛ وله أن َ‬
‫الظروف اإلستثنائية‪ .‬مادام أن سلطات الوالي كممثل للدولة كثيرة وأوسع ‪ ،‬فإنه من المنطقي لكي ينفذ‬
‫ق ارراته‪ ،‬ان يلجأ إلى آليات الضبط اإلداري والضبط القضائي لفرض سيـادة القانون واحترام سلطات الدولة‬
‫ومؤسساتها‪.‬‬
‫‪ -3-6-4‬اإلختصاصات اإلدارية ‪:‬‬
‫خولت السلطات العمومية المركزية لوالي الوالية اختصاصات إدارية عديدة ومتنوعة تمكنه من‬
‫تطبيق السياسة العامة للحكومة في الوالية؛ و يقترح احتياجاتها المحلية ويضبطها حسب التوجهات‬
‫العامة للدولة بعد مناقشتها وترتيب أولوياتها في مجلس الوالية الذي يضم جميع المصالح الخارجية‬
‫للدولة (مديريات تنفيذية)؛ والمصادقة بعد المداولة بشأنها في المجلس الشعبي الوالئي؛ مما يسمح له‬
‫بالقيام بإحالل أفضل انسجام بين مختلف األجهزة اإلدارية التي تسير مصالح الوالية‪ ،‬مما يوجب على‬
‫الوالي اإلحاطة المعلوماتية لكل أمر يدور في أنشطة هذه المصالح ويعلم به في حينه؛ وال سيما‬
‫االتصاالت اإلدارية التي تتم بين الدوائر الو ازرية المركزية وامتداداتها اإلقليمية في الوالية‪ .‬وهذا من أجل‬
‫جعل نشاط الدولة أكثر فعالية في اإلقليم‪ .‬ويمكن ذكر أهم العمليات اإلدارية التي تتضمنها هذه الفئة‬
‫من االختصاصات‪:‬‬
‫˗ تنشيط وتنسيق ومراقبة إدارة الوالية‪.‬‬
‫˗ األمر بالصرف لميزانية تجهيز الوالية ‪.‬‬
‫˗ يمارس السلطة الرئاسية على موظفي الوالية ‪.‬‬
‫˗ إعداد ميزانية الوالية ‪.‬‬
‫˗ الوصاية على أعمال الجماعات اإلقليمية ومنتخبيها ‪.‬‬
‫˗ النشر واإلعالم والتبليغ مع كل مستويات النظام المؤسساتي عموديا وأفقيا ‪.‬‬
‫˗ إدارة وتسيير أمالك الوالية‪.‬‬
‫رغم أهمية سلطات الوالي؛ إال أنه ال يتمتع بقانون أساسي يحميه ويحدد التزاماته بدقة؛ حيث تبدو هذه‬
‫االلتزامات "الواجبات" مرجحة على حساب حقوقه األخرى‪ .‬ثم إن مركز الوالي الوظيفي يعرضه لضغط‬
‫جماعات المصالح التي تنظر لهذا المركز على أنه مصدر لتوزيع االمتيازات والحصول على موارد‬
‫معينة‪ .‬وتعاظم دور الوالي السياسي واإلداري على حساب الدور االقتصادي‪ .‬يعود بالدرجة األولى إلى‬
‫سببين رئيسيين هما ‪:‬‬
‫‪ -‬انتكاسة المشروع الديمقراطي (الديمقراطية المحلية) واستعادة دور الدولة اإلدارية‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ -‬ضعف الفاعلين السياسيين واالجتماعيين في وسط المجتمع مما حو َل القوى الحزبية إلى مجرد‬
‫‪‬‬
‫كيانات إدارية تخلت عن وظائفها اإلستراتيجية وأصبحت وكانها تابعة للجهاز السياسي الرسمي‪.‬‬
‫من دون افكار او مبادرات رغم كثرة المشاكل واالزمات‪.‬‬
‫‪ -1-4‬رئيس الدائرة‪:‬‬
‫إذا كان تعيين والة الجمهورية‪ ،‬يتم من فئات وظيفية معروفة؛ من اإلطارات العليا باإلدارة المحلية‬
‫(رؤساء الدوائر واألمناء العامون للواليات)‪ .‬فإن الخلفية المهنية أو االجتماعية لرؤساء الدوائر تبقى غير‬
‫مضبوطة بالتحديد؛ بحيث أغلبهم يعينون من إطارات اإلدارة العمومية‪ ،‬وناد ار ما يعين اطا ار من االدارة‬
‫البلدية في مثل هذا المنصب في تجاهل تام للمجهودات التي تؤدى على مستوى البلديات‪ .‬مما يثبط عزائم‬
‫االطارات ويصادر افاقها في الترقية‪ ،‬وتحسين العمل المحلي والجواري الذي هي اولى به من اوالئك‬
‫القادمين من دوائر الزبائنية والمحسوبية‪ .‬ولتفتح فيما بعد الفرص امام فئات اجتماعية اخرى‪ ،‬واسالك‬
‫مهنية معينة‪ ،‬يراعى في انتقائها الوالء السياسي وخدمة مراكز التوازنات السلطوية‪ ،‬وامتدادات العصب‬
‫الجهوية ‪ ،‬وجماعات المصالح التي اصبحت تتماهى مع مراكز القرار وتحاول التاثير فيه وتوجيهه الوجهة‬
‫المناسبة لحماية وجودها وتعزيز نفوذها ‪ .‬فرئيس الدائرة يساعد الوالي في التمثيل اإلقليمي للدولة؛ وفي‬
‫ضمان النظام العام والسالمة والسكينة العامة وحماية األشخاص والممتلكات؛ وتطبيق القوانين‬
‫والتنظيمات‪ 1.‬يتولى رئيس الدائرة وتحت مسؤولية الوالي؛ مهام التنشيط والتنسيق والرقابة على أنشطة‬
‫البلديات الملحقة به‪ .‬الوظيفة السياسية للوالي عموما ينسقها مع رئيس الدائرة الذي هو أقرب مؤتمنيه‬
‫‪2‬‬
‫والحلقة المهمة في قناة إعالمه‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬المتغير الثابت الذي يفرق بين المركزين هو االختصاص الوظيفي الذي يجعل من رئيس‬
‫‪3‬‬
‫الدائرة موظفا تابعا وتحت سلطة الوالي‪ ،‬يتكفل بمهام فرعية مخولة له بالقانون وفي نطاق ضيق جداً‪.‬‬
‫حقيقة‪ ،‬الممارسة الوظيفية اليومية لرؤساء الدوائر؛ تبين أنهم يتمتعون بسلطات عمومية مؤثرة في‬
‫توجيه النشاط اإلداري واالجتماعي في البلديات‪ ،‬وذلك عبر وسائل الضبط اإلداري والرقابة والوصاية؛ في‬
‫شكلها البيروقراطي المعقد؛ مقابل غياب سلطة مضادة أو على األقل مقاومة ألحداث نوع من التوازن‪،‬‬
‫والتي يفترض أن تكون نابعة عن الشرعية االنتخابية‪ .‬يقول أحد الوالة السابقين‪ '' :4‬رئيس الدائرة هو عين‬
‫ا لوالي في دائرة اختصاصه وهمزة الوصل بين الوالية والبلدية‪ ،‬وهو الضامن لالنسجام بين الدولة وخليتها‬

‫‪ -1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 211-12‬المؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 1112‬المحدد األجهزة وهياكل اإلدارة العامة للوالية ‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية ‪ :‬عدد ‪ ،24‬مواد الفصل الرابع من ‪ 1‬إلى ‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Chabane Benakzouh, La Deconcentration en‬‬ ‫‪Algerie : de centralisme au‬‬
‫‪deconcentrlisme, (Alger : opu .sd), p259.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Lahcene Seriak, Decenentralisation et Animation des Collectivites Locales; op.cit. p56.‬‬
‫‪ -4‬بشير فريك ‪ "،‬من اجل تقليص الهياكل االدارية المحلية "‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬ص‪.11‬‬

‫‪72‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫القاعدية التي هي البلدية‪ .‬وكثي ار ما يجد رئيس الدائرة نفسه يلعب دو ار بيداغوجيا‪ ،‬توجيهيا‪ ،‬ناصحا‬
‫‪‬‬
‫وواعظا لتفادي األخطاء مهما كان نوعها وطبيعتها‪ .‬ورغم أن صالحيات رئيس الدائرة يستمدها بالدرجة‬
‫األولى‪ ،‬من شخصيته إن كانت قوية أو ضعيفة‪ ،‬متسمة بقوة اإلقناع والحوار أو الصدام و التصادم مع‬
‫المنتخبين"‪.‬‬
‫تزايد دور البيروقراطية السياسية الذي يمثله رئيس الدائرة بسبب ضعف السلطة المنتخبة نتيجة‬
‫تمييع الحياة السياسية المحلية‪ ،‬وتشجيع ثقافة االنتهازية والوصولية لإلشراف على برامج الخدمة العامة؛ لم‬
‫تساعد هذه الرؤية على تنشئة نخبة محلية أو طبقة قيادية تتولى العهدات االنتخابية في المجالس‬
‫المنتخبة‪ .‬وبالتالي تسيطر الروح اإلدارية المركزية على التسيير المؤسساتي المحلي بحجة الحفاظ على‬
‫االستقرار والنظام العام بإجراءات احت ارزية‪ ،‬تعمل دوما على تقوية العالقات الزبائنية القائمة على الوالءات‬
‫والمحسوبية‪ ،‬معتقدة أنها تساهم في ترسيخ دولة المؤسسات أو دولة القانون‪ ،‬بدال أن ترى انها تكرس‬
‫االحتكارات السلطوية على حساب مبادئ التنظيم الديمقراطي الحديث‪.‬‬
‫‪ -3-4‬رئيس المجلس الشعبي الوالئي ‪:‬‬
‫ينتخب رئيس المجلس الشعبي الوالئي من طرف أعضاء المجلس من بين القوائم التي تحصلت‬
‫على أغلبية األصوات‪ .1.‬ال يكتسي منصب الرئيس أهمية متميزة في هرمية السلطة المحلية‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن مع رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬أو الوالي‪ .‬بحيث مهامه ال تتجاوز كونه يقوم بدور إداري ذي‬
‫طابع تنظيمي عند ترأس اجتماعات المجلس في تسيير النقاش والمداوالت‪ .‬تمثيله يقتصر حصريا في‬
‫تمثيل تشريفي للمجلس على مستوى الوالية‪ .‬رغم أنه تولى اإلشراف على سلطة مداولة أساسها الشرعية‬
‫الشعبية المحلية؛ تحاول المشاركة في بلورة السياسة العامة اإلقليمية‪ ،‬على ضوء مطالب المجتمع المحلي‬
‫وحاجاته األساسية في التنمية والخدمات‪ .‬ال تمنحه القوانين أية إمكانية تنفيذية على مستوى الوالية‪ .‬بسبب‬
‫أن الهيئة التنفيذية من صالحيات الوالي واالعتماد على مجلس الوالية‪ .‬يمكن لرئيس المجلس الشعبي‬
‫الوالئي باعتباره سلطة مداولة أن يمارس بعض الصالحيات بهذه الصفة؛ كصاحب أغلبية بالمجلس في‬
‫توسيع استشاراته لفاعلين رسميين ‪ ،‬أو كفاءات علمية ومهنية لبلورة توصيات معينة؛ أو في المجال‬
‫الرقابي عبر إنشاء لجان تحقيق والئية ‪ ،‬حول مواضيع و قضايا تسيير الشؤون المحلية وتقديم تقرير‬
‫بشأنها‪.‬‬
‫ضعف المركز السلطوي لرئيس المجلس الشعبي الوالئي؛ مرده طبيعة النظام المؤسساتي الذي‬
‫يحكم الجماعات اإلقليمية في الجزائر؛ كضعف الشرعية السياسية للنخب المحلية؛ وهيمنة األليات التنفيذية‬
‫في صناعة القرار وادارة السياسة العامة؛ وفشل المقاربة المشاراكاتية بشقيها االجتماعي والسياسي‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 00 -12‬المؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ 2012‬المتعلق بالوالية‪ ،‬المواد ‪ 14‬و ‪ ،11‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ال تستطيع الخلفية البرلمانية التي دفعت نحو بناء نموذج مزدوج في رسم السياسات وتنفيذها؛‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫كتواجد السلطة التداولية قبل السلطة التنفيذية ‪ ،‬أن تزودنا بما فيه الكفاية من الحجج والتفسيرات للحالة‬
‫الجزائرية؛ وبالتالي ينبغي ان ينصب البحث حول رؤية مركز السلطة لموارد ومكونات أطراف هذه السلطة‬
‫ويعَّبرون‬
‫نفسها‪ .‬إذ تستعمل األطراف لتعزيز شرعية ممثلي وشاغلي أدوار المركز‪ .‬حتى وأن كانوا ممتدين ُ‬
‫عن نفس المركز في مختلف درجات السلطة الالمركزية‪.‬‬
‫يتأقلم المركز السلطوي للوالي‪ ،‬مع حركية التحوالت المحلية عن طريق القبضة االحتكارية للتمثيل‬
‫السياسي للدولة ومؤسساتها؛ وتجريد المنتخب المحلي منها؛ حتى يضمن عدم تأثير النظام الحزبي في‬
‫توجيه السياسة العامة المحلية؛ أي التوجس من بروز تيا ارت نخبوية بديلة عن النخب الرسمية‪ ،‬تستمد‬
‫شرعيتها من كفاءاتها العلمية والمهنية وجدارة إنجازاتها وبعالقاتها مع قطاعات أخرى من المجتمع‪ ،‬تحمل‬
‫مشروعا تجديديا لكل ما هو قائم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬توسيع القاعدة السياسية للمنتخبين واشراكهم في التنفيذ‪،‬‬
‫اليشكل أولوية في نظام الجماعات المحلية القائم إلى حد األن خوفا من التغيير‪ ،‬الذي قد يعصف‬
‫بمصالح وامتيازات الفئات المهيمنة على السلطات الفعلية الغير‪.‬‬
‫‪ -4-4‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪:‬‬
‫يحتل رئيس المجلس الشعبي البلدي؛ المركز الثاني بعد والي الوالية ضمن سلم تدرج السلطات‬
‫المحلية؛ ويعتبر ممثل السلطة القاعدية المحلية؛ بشقيها السياسي واإلداري كعون للبلدية وكعون للدولة‪.‬‬
‫ويجمع من خاللها بين السلطة المنتخبة والسلطة اإلدارية المركزية (الدولة) والالمركزية ( البلدية)؛ على‬
‫عكس منصب الوالي الذي ال يتمتع بالسلطة المنتخبة‪ .‬يمارس رئيس المجلس الشعبي البلدي سلطات بإسم‬
‫الجماعة اإلقليمية التي يمثلها وبإسم الدولة‪ 2.‬يعلن رئيس اللمجلس الشعبي البلدي متصدر القائمة التي‬
‫تحصلت على أغلبية أصوات الناخبين‪ .‬وينتخب طبقا لمدة العهدة االنتخابية التي تمتد إلى خمس (‪)01‬‬
‫سنوات ما لم يتعرض لمانع قانوني كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 01‬من قانون البلدية المذكور‬
‫ادناه‪ .‬وهو كما نرى إنتخاب لرئيس المجلس الشعبي البلدي بطريقة غير مباشرة؛ طالما أن الحزب‬
‫السياسي أو القوائم المترشحة في اإلنتخابات المحلية قامت بترتيب عناصرها حسب معايير معينة فتكون‬

‫‪1-Fereric Sauvageot, ''Pouvoir exécutif et pouvoir délibérant dans les collectivités‬‬


‫‪locales Françaises'', Annuaire des collectivités locales, (Tome 21 : Démocratie locale,‬‬
‫‪2001), PP.25-43.‬‬
‫‪- 2‬قانون رقم ‪ 10- 11‬المؤرخ في ‪ 1166/03/22‬المتعلق بالبلدية المادة ‪ 32‬؛ الفقرة ‪ ،2‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪.30‬الصادرة بتاريخ ‪.2011/02/03‬‬

‫‪74‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫سياسيا قد حسمت األمر لمتصدر القائمة الفائزة بأغلبية المقاعد‪ ،‬المخصصة لكل مجلس حسب األهمية‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫السكانية للبلدية‪ .‬تتحكم في تعيين منصب الرئاسة البلدية "‪ "Le Mayorat‬عدة عوامل منها ‪:‬‬
‫‪ )1‬الديمقراطيات التمثيلية تحتكم إلى اإلجراءات االنتخابية المؤسساتية التي تؤثر بطريقة فاصلة في تعيين‬
‫رئيس البلدية ‪.‬‬
‫‪ )2‬في الديمقراطية ذات التعدد الحزبي يتولى الحزب الدور الهام في تعيين القادة السياسيين ومنهم رؤساء‬
‫البلديات‪.‬‬
‫‪ )3‬ال يعتد كثي ار بالجوانب المؤسساتية‪ ،‬بالنظر إلى العوامل الغير الرسمية في التوظيف السياسي كاإلرث‬
‫الثقافي والجذور المحلية ‪.‬‬
‫‪ )2‬في الدول المركزية كفرنسا؛ العالقات ؛ مركز‪ -‬محيط (‪ ، )centre - périphérie‬واألبعاد الوطنية‬
‫‪ ،)Les visées nationales‬تحدد بصورة قوية ومؤثرة التوظيف السياسي لرئيس البلدية‪.‬‬ ‫(‬
‫حاسما في إنتقاء‬
‫ً‬ ‫دور‬
‫ينسحب العامل الرابع على الحالة الجزائرية‪ ،‬حيث تلعب العالقات الزبائنية ًا‬
‫"الوجوه" التي تترأس البلديات‪ ،‬خاصة لدى أحزاب األغلبية "العددية" التى تمثل السلطة السياسية منذ إعادة‬
‫المسار اإلنتخابي سنة ‪1110‬؛ وهي قوى سياسية تفتقد إلى التقاليد الديمقراطية‪ ،‬وتحتكر المجال العام من‬
‫دون أن تملك قاعدة اجتماعية منضبطة ومنظمة‪ ،‬أو حتى تستشار في تحديد معايير الترشح‪ .‬يعمل‬
‫المركز السلطوي على ضبط قوائم الترشيح لتفادي ظهور نخبة قيادية تنافس النخب التقليدية المتنفذة‬
‫طيعة تخدم النظام السياسي على‬
‫والمستمتعة بريوع التنمية المحلية؛ وبالتالي القيام بتشجيع لنمطية وذهنية ّ‬
‫المستوى المحلي‪ .‬يبدو المنتخبون المحليون كمفوضين من السلطة المركزية اكثر منهم كمركز قرار مستقل‬
‫(‪ )...‬ورئيس البلدية الجزائرية‪ ،‬يظهر كحكم شرعي لمجموع السكان الذين يديرهم‪ ،‬ويمثلهم لدى سلطة‬
‫‪2‬‬
‫الوصاية‪.‬‬
‫عادة ما تكشف ممارسات النزعة السلطوية عن زيادة أحجام الميول االنتهازية ولن تتردد في التحول إلى‬
‫صراعات حادة تغذيهااإلعتبارات غير الرسمية كالجهوية والعصبية والمحسوبية‪....‬إلخ بغرض الظفر‬
‫بمواقع متقدمة ومضمونة في قائمة الترشيحات؛ في ظل إنعدام الموارد الحقيقية التي تقتضيها العملية‬
‫السياسية في المنظور الديمقراطي المحلي؛ واستبعاد تام لمفاهيم الخدمة العامة المحلية ‪ .‬كما تؤشر اآلفاق‬
‫المهنية واالجتماعية التي ينحدر منها رؤساء البلديات حسب العوامل الديمغرافية لكل تجمع سكني في‬
‫الريف أو في المدينة؛ عن قدراتهم وكفاءاتهم التسييرية واإلبداعية للشؤون المحلية‪ .‬في الدولة المتقدمة؛‬

‫; ‪1-Jeannette Bequart Leclercq ; Les chemins du Pouvoir Local: La Sélection du Maire‬‬


‫‪Revue: pouvoir , n° 24, (1982), P.94.‬‬
‫‪2-Jean Leca; " Administration locale et pouvoir politique en Algérie ", in : Jean‬‬
‫‪Claudesautucci, Maurice Flory (sous dir.) : Annuaire de l'Afrique du nord, (PARIS : Ed.‬‬
‫‪Du CNRS, 1972, vol 10), P 226.‬‬

‫‪75‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تتركز السلطة المحلية حول رئيس البلدية‪ ،‬حسب أهمية البلدية الديمغرافية حيث تكون هذه السلطة من‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫علوا في السلمية االجتماعية والمهنية‪.‬‬
‫نصيب القطب األكثر ً‬
‫تتوقف شخصية رئيس البلدية على مجموعة من المؤهالت األدبية بالدرجة األولى ثم المؤهالت‬
‫العلمية والمهنية‪ .‬وهي التي تبين قاعدة سلطة رئيس البلدية المؤسسة وتؤطرها‪ .‬بينت التجربة أن سمعة‬
‫بعض "رؤساء البلديات"؛ كانت نتيجة قدراتهم التسييرية واالتصالية في مجتمعهم المحلي؛ وأيضا نتيجة‬
‫شبكة عالقاتهم العمودية مع مراكز السلطة المركزية في خدمة التنمية المحلية‪ .‬رئيس المجلس الشعبي‬
‫البلدي كسلطة مركزية في البلدية؛ يتولى العديد من الصالحيات بصفة مزدوجة ومتكاملة في نفس الوقت‬
‫وذلك كمايلي ‪:‬‬
‫‪ -6-4-4‬ممثل الدولة في البلدية ‪:‬‬
‫تعني أن البلدية تمثل دائرة إدارية للدولة؛ مما يفسر الصالحيات المسندة له في هذا السياق‪.‬‬
‫وحددها قانون البلدية (‪ )11-10‬الساري به العمل بين المادة ‪ 41‬و‪ 11‬على سبيل العموم وليس على‬
‫سبيل الحصر‪:‬‬
‫˗ مكلف بالسهر على احترام وتطبيق التشريعات والتنظيمات على إقليم البلدية‪.‬‬
‫˗ ضابط الحالة المدنية تحت رقابة النائب العام‪.‬‬
‫˗ تفويض اإلمضاء للنواب أو المفوضين من الموظفين‪.‬‬
‫˗ النظام والسكينة العامة والنظافة العمومية‪.‬‬
‫˗ الوقاية والألمن واإلسعاف والتدخل‪.‬‬
‫˗ ضابط الشرطة القضائية‪.‬‬
‫˗ الشرطة اإلدارية‪.‬‬
‫كل هذه المهام والصالحيات يتوالها رئيس البلدية تحت إشراف سلطة الوالي الرئاسية وليس فقط لرقابة‬
‫الوصاية اإلدارية‪.‬‬
‫‪ -1-4-4‬ممثل البلدية‪:‬‬
‫هذا النوع من الصالحيات يستمده رئيس البلدية من طبيعة العهدة االنتخابية التي خولته تمثيل‬
‫تسيير أو إدارة و تنظيماً؛ و جاءت ضمن حزمة من مواد قانون البلدية (‪ )11-10‬الساري به‬
‫ا‬ ‫البلدية‬
‫العمل بين المادة ‪ 00‬و ‪.42‬‬
‫‪-‬يرأس الهيئة التنفيذية البلدية‪.‬‬

‫‪1- Michel Koebel, "Le profil social des maires de France"; Revue ; pouvoirs, n° 148,‬‬
‫‪(2014), P 138.‬‬

‫‪76‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫˗ تحت رقابة المجلس الشعبي البلدي ورقابة الوالي‪ ،‬ينفذ مداوالت المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬فقانونيا يعتبر‬
‫‪‬‬
‫رئيسا تنفيذيا إلدارة المجلس وتوجهاته‪ .‬وطالما أنه يتمتع بأغلبية مجلسية تدعمه في كل ما يتم اقتراحه‬
‫من نقاط جدول األعمال فإنه يتحرك ويناور سياسيا لتحرير إرادته وتمريرها في النقاش والمداوالت‪.‬‬
‫˗ بذلك فرئيس البلدية يحوز تفويضا من أعضاء المجلس ‪ ،‬منذ إنتخابه بإعتباره ممثل األغلبية النيابية‬
‫في المجلس؛ وقد يحصل على تفويضات محدودة وخاصة لمعالجة بعض القضايا اإلستثنائية‪ ،‬أو‬
‫المستعجلة واعالم المجلس بها الحقا‪.‬‬
‫˗ يتولى السلطة الرئاسية في اإلدارة البلدية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫˗ تخضع أعماله وشخصه لرقابة مختلفة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نالحظ أن سلطة رئيس البلدية السياسية تقوم على بعض القواعد اإلدارية نذكر منها‪:‬‬
‫˗ السلطة اإلدارية أول سلطات رئيس البلدية‪.‬‬
‫˗ له أولوية على الهيئات البلدية ‪.‬‬
‫˗ عضو المجلس البلدي و منتخب من طرفه رئيساً‪.‬‬
‫˗ رئيس األغلبية البلدية على المستوى السياسي و مفوض من طرفها‪.‬‬
‫˗ يتمتع بسلطة رئاسية مركزية في إدارة البلدية ‪.‬‬
‫ينظر إلى هذه السلطة اإلدارية على أنها صالحيات تسييرية في إطار المنفعة العامة المحلية‬
‫للجماعة المحلية‪ .‬و يالحظ أن رئيس المجلس الشعبي البلدي يحاول تنفيذ صالحياته المكفولة له بصفتيه‬
‫كممثل للدولة وكممثل للبلدية‪ ،‬وفق آليات إجرائية تأخذ شكل ق اررات ‪ ،‬ال توضع موضع التنفيذ إال إذا‬
‫حظيت بمصادقة والي الوالية‪ .‬تجعل تفاعالت البيئة الداخلية والخارجية التي يتواجد فيها رئيس البلدية‪،‬‬
‫من مركزه الوظيفي موضوعا لكم هائل من الضغوطات والمطالب ‪ ،‬يجب عليه معالجتها بكيفية مناسبة‬
‫ومرضية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫يقع رئيس البلدية في مفترق أربع مجاالت للنشاط؛ من طبيعة مختلفة ونسبياً متخصصة‪:‬‬
‫‪ )1‬المجلس البلدي‪ ،‬بمنطقه السياسي‪.‬‬
‫‪ )2‬المصالح البلدية التي تخضع لمنطق بيروقراطي ‪.‬‬
‫‪ )3‬العالقات مع السكان أين يهيمن مفهوم الخدمات المقدمة إلى الزبائن والمرتفقين‪.‬‬

‫‪1- Dominique Bordier, La responsabilité personnelle du Maire, (France: ed. Apogée,‬‬


‫‪2005), PP 189- 227.‬‬
‫‪2-Hugues portelli; Les fondements Administratifs d'un pouvoir politique, Revue pouvoirs, n°‬‬
‫‪148, (2014), PP .7- 11.‬‬
‫‪3- Jean Claud Thoenig ; "La Décentralisation du pouvoir local", revue Annuaire des‬‬
‫‪collectivités locales , (Tome 16 , 1996 ), P.18.‬‬

‫‪77‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫‪ )2‬العالقات مع أصحاب القرار ما فوق البلدية (السلطات العليا) ؛ التي تتميز بلعب الشبكات‬
‫‪‬‬
‫المؤسساتية والتأثيرات الشخصية ‪.‬‬
‫مما يقتضي من رئيس البلدية لعب دور متعدد المهام إلثبات قدرته والبرهة عن شرعية وظيفته المزدوجة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فالمهنة السياسية لرئيس البلدية تدور حول أربعة أبعاد رئيسية‪ ،‬تحيل بدورها إلى أربعة نماذج للشرعية ‪:‬‬
‫‪ )1‬بناء عالقات مع المجتمع المحلي (عالقات جوارية) ‪.‬‬
‫‪ )2‬تنفيذ سياسات عمومية‪.‬‬
‫‪ )3‬تسيير هوية سياسية وحزبية‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلستثمار في فضاءات مؤسسية أخرى (كالتعاون بين البلديات ‪....‬إلخ )‪.‬‬
‫تساعد الكفاءة المهنية وشرعية التمثيل‪ ،‬رئيس البلدية على بلورة أولويات التنمية المحلية في‬
‫مخطط عهدته اإلنتخابية؛ ومن أجل ذلك يراهن رهانا حقيقيا على قيادة العمل العمودي والجواري للحفاظ‬
‫على مركزية دوره على رأس المؤسسة البلدية وزيادة موارده السياسية إلنجاز إلتزاماته اإلنتخابية‪ 2.‬تثار هنا‬
‫جدلية أخرى عن سلطة رئيس البلدية كمسير أو كمنتخب؛ وكيفية التوفيق بين المنطقين وفق مقتضيات‬
‫‪3‬‬
‫الخدمة العمومية المحلية والتسويق السياسي وكذا منطق المؤسسة اإلقتصادية‪.‬‬
‫رغم البيئة الضاغطة التي ينشط فيها رئيس البلدية؛ خصص له قانون البلدية قانونا أساسيا غير منسجم‬
‫مع حجم المهام التي يؤديها‪ ،‬إذ لم تأتي على شكل حقوق وواجبات‪ .‬كما هو الشأن مع مناصب السلطة‬
‫اإلدارية للموظفين في المراتب العليا؛ بل جاءت كمسائل تنظيمية وذات طابع تأديبي كإجراءات إدارية‬
‫‪4‬‬
‫مستعجلة وفق مركزية السلطة السلمية؛ وذلك ضمن خمسة أسس هي ‪:‬‬
‫‪ )1‬تنصيب واستالم المهام ‪.‬‬
‫‪ )2‬إختيار نواب الهيئة التنفيذية البلدية‪.‬‬
‫‪ )3‬المداومة واإلستخالف‪.‬‬
‫‪ )2‬إنهاء المهام‪.‬‬
‫‪ )1‬المنحة المالية‪.‬‬

‫‪1- Remi‬‬ ‫‪Le‬‬ ‫‪febyre, "Le temps de représentation :La fabrique de l'agenda des élus‬‬
‫"‪cumulants‬‬ ‫‪in (sous la direction de: Alice Mazeaud), pratiques de la représentation‬‬
‫‪politique, (France : presse universitaire de revue, 2014), P123.‬‬
‫‪2-Stéphane Cadiau, « Le Maire et les paris (risqués) de l'action publique » , revue‬‬
‫‪pouvoirs , (n° 148), 2014, P43.‬‬
‫‪3- Eric Kerrouche, « Les Maires Français, des ménagers professionnels? » Annuaires‬‬
‫‪des collection locales, (Tome 28, 2006), PP 83-88.‬‬
‫‪ -4‬قانون البلدية رقم ‪ 10-11‬المواد ‪ .03 - 32‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫إنه إجحاف في حق السلطة المحلية البلدية‪ ،‬وال توفر تلك القاعدة القانونية الحماية الكافية لمركز‬
‫‪‬‬
‫السلطة من تأثيرات الحياة العامة من جهة‪ ،‬وتقيد فاعليته العالئقية مع باقي المحيط المؤسساتي األعلى‬
‫منه من جهة ثانية‪ .‬وزيادة عن ذلك؛ ال يبحث هؤالء المنتخبون على رأس البلديات ‪ ،‬عن بدائل سياسية‬
‫للتكفل‪ ،‬والدفاع أو تمثيل مصالحهم المعنوية والمادية‪ ،‬كطرف مهم ‪ ،‬مفاوض وشريك مع السلطة‬
‫‪1‬‬
‫المركزية‪.‬فالتجربة أفرزت ميالد الندوة الوطنية لرؤساء المجالس الشعبية البلدية في ‪ 1130-02-20‬؛‬
‫ربما إقتداءاً بما هو سائد في فرنسا حيث هناك عدة نقابات تمثل مختلف رؤساء البلديات‪ ،‬حسب حجم‬
‫البلدية و طبيعتها‪ .‬ولكن اقوى هذه التنظيمات هي جمعية رؤساء بلديات ‪(AMS) Association des‬‬
‫« » ‪ maires de France‬فرنسا التي تأسست سنة ‪ 1100‬حيث تلعب دو ار دائما و مؤث اًر في الخبرة‬
‫والتوجيه لمشاريع القوانين‪ ،‬وأثار السياسات العامة على الحياة؛ وكذا في مالية البلديات‪ ،‬وتفاوض الحكومة‬
‫حول الوسائل والتهيئات؛ وتعقد مؤتمرها السنوي يحضرها نتيجة وزنها السياسي الضاغط ‪ ،‬كبار‬
‫‪2‬‬
‫المسؤولين من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء‪....‬إلخ‪ .‬وبذلك تتولى إنجاز الوظائف التالية‪:‬‬
‫˗ الممثل المؤسساتي لرؤساء البلديات‪.‬‬
‫˗ شريك شرعي للسلطات العمومية ‪.‬‬
‫˗ شريك يبحث عن اإلجماع و التأثير في مصالح أعضائها‪.‬‬
‫يبقى الفرق شاسعا بين النموذجين‪ :‬الجزائري والفرنسي بسبب محدودية اإلدارة السياسية في إنجاح‬
‫النظام المؤسساتي المحلي‪ ،‬والذي هو بدوره رهينة متغيرات النظام المؤسساتي الوطني ككل‪ .‬لذلك ينبغي‬
‫السعي إلعادة صياغة متوازنة لدرجات تمثيل السلطات المحلية‪ ،‬ودورها على شكل عقد جديد بين البلديات‬
‫‪4‬‬
‫والدولة‪ 3.‬يستعين رئيس المجلس الشعبي البلدي بهيئة تنفيذية‪ ،‬يشرف على رئاستها وتتكون من‪:‬‬
‫˗ نواب عن المجلس حسب أهمية البلدية السكانية‪.‬‬
‫˗ األمين العام للبلدية‪.‬‬
‫يعمل الرئيس كأعلى سلطة في البلدية على تفويض بعض الصالحيات لهؤالء األعضاء ال تتعدى‬
‫تسيير الشؤون العادية للبلدية؛ السيما ما تعلق بالحالة المدنية؛ وال يمكن لهم إتخاذ ق اررات او التصرف‬
‫بإسم البلدية إال في ذلك النطاق الضيق؛ أو في قضايا معينة وبتفويض صريح ومكتوب من رئيس البلدية‪.‬‬
‫هذا الطابع الجماعي في التسيير والتنظيم يعبر عن بعد المركزي في توزيع المهام وتحديد المسؤوليات‬
‫بين أعضاء فريق العمل؛ ويحتفظ الرئيس برئاسية القيادة والتوجيه على ضوء ما تم اإلتفاق حوله في‬

‫‪1-Jean Luca, " Administration locale et pouvoir politique en Algérie, op.Cit, P217.‬‬
‫‪2-Haude D’harcourt, "Le lobby des Maires" , Revue : pouvoirs, n°148, (2014), P 72.‬‬
‫‪3-Luc Gwiaazdzinski, Gilles Rabin, « La fin des maires: Dernier inventaire avant‬‬
‫‪disparition », (France : FYP, ed. Limoges, 2008), P127.‬‬
‫‪ -4‬قانون البلدية رقم ‪ ، 11 - 10‬مرجع سابق‪ ،‬المادة ‪ 11‬و ‪ 31‬منه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫مداوالت المجلس صاحب السيادة واإلرادة ‪ .‬رغم أن سلطة رئيس البلدية قاعدية تجمع بين الشرعية‬
‫‪‬‬
‫السياسية والشرعية اإلدارية إال أنها تبقى تتميز بالتبعية لسلطة الوالي والتي هي بدورها تابعة للسلطة‬
‫المركزية‪ .‬في كل الحاالت فإن السلطات المحلية ما هي إال أداة تنفيذية بالنظر الى مصدر السلطة‬
‫األصلية في الدولة؛ كسلطة تأسيسية بوظائفها الثالث‪ :‬التشريع والقضاء والتنفيذ‪.‬‬
‫فمجال السلطة المحلية ينحصر في التنفيذ الذي إذا ما تم فيه إحترام إلتزامات العهدة اإلنتخابية‪،‬‬
‫وقواعد المشروعية القانونية من ممثلي السلطات المحلية‪ ،‬ومن يساعدهم عند تسيير الشؤون المحلية من‬
‫منظور الخدمة العمومية‪ .‬نصبح أمام مؤشرات نموذجية إلعادة بناء شرعية الدولة ككل من القاعدة إلى‬
‫القمة‪ .‬اال ان االنخراط في لعبة المصالح التي اصبحت تميز الحياة الحزبية‪ ،‬جردت العمل السياسي من‬
‫القيم والمبادئ السوية التي يفترض فيها التضحية لخدمة المصلحة العامة‪ .‬لينعكس ذلك مباشرة على‬
‫مسلكية المنتخبين المحليين في ادارة الجماعات المحلية‪ .‬ويبدو منصب رئيس البلدية مقدمة سانحة لولوج‬
‫عالم االعمال والنفوذ وتصدر مشاهد الخطاب االجتماعي‪ ،‬ضمن الفئات الريعية التي تفرزها شبكة‬
‫العالقات االفقية التي يوفرها المركز الوظيفي لتحقيق المآرب‪ ،‬وخدمة حاشية الزبائنية المنتشرة على نطاق‬
‫امتداد تاثيرات العصب والجماعات‪ ،‬التي تستغل الفضاء المهجور لمضاعفة نفوذها وتعزيز سطوتها‪ .‬مما‬
‫يعرض عدد اليستهان به من رؤساء البلديات الى متابعات قضائية بتهم متعددة‪ .‬هذا المناخ المحلي‬
‫اليشكل استثناءا في العمل العمومي‪ .‬بقدر ما يمثل الصدى الطبيعي الناتج عن تفاعالت االنساق الفرعية‬
‫للنظام السياسي‪ :‬خطابا وممارسة‪ .‬حيث تسيطر الرداءة وعدم الكفاءة وانعدام الوازع االخالقي واالنتهازية‬
‫والتملق في تولية الشؤون العامة‪ ...‬واقصاء منظم لذوي الكفاءة والقدرة وااللتزام تجاه الدولة والمجتمع النهم‬
‫ببساطة يرفضون استعمالهم كادوات او واجهات لخدمة ممتهني المصالح واالطماع الفئوية الضيقة ‪،‬على‬
‫حساب الشرعية القانونية ومبادئ العدل واالنصاف التي اصبحت تشكل فلسفة التنظيم والتسيير في‬
‫المجتمعات المعاصرة حيث القانون وحده من يحمي الحقوق ويصونها‪...‬‬

‫‪80‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫خامسا ‪ :‬حدود السلطات المحلية ‪:‬‬


‫‪‬‬
‫تعترض ممارسة السلطة المحلية‪ ،‬عدة عراقيل نتيجة تشابك عناصر البيئة العامة التي تحدد نطاق‬
‫هذه السلطة ومجالها‪ .‬لتبدوعلى أنها ذات فعالية محدودة ومقيدة في معالجة قضايا الشأن المحلي؛ والسيما‬
‫تلك القضايا التي تتميز بمبادئ المنفعة العامة المحلية‪ ،‬والتي تحددها القوانين وتحصرها بدقة‪ .‬يتمظهر‬
‫البناء المؤسساتي للجماعات المحلية‪ ،‬وكأنه سلطة سلمية تقترب كثي ار من نمط البناء الرئاسي للوصاية‬
‫والتبعية؛ وال يعكس المركزية حقيقية في أداء مهامه والتكفل بالمجتمع المحلي و ذلك راجع لسببين‬
‫‪1‬‬
‫رئيسيين هما ‪:‬‬
‫˗ موقع الجماعات المحلية في دستور الدولة‪.‬‬
‫˗ شروط تمثيل السلطة المحلية تحدد عن طريق أجهزة الدولة‪.‬‬
‫و بالتالي‪ ،‬ال يمكن لممثلي السلطة المحلية تجاوز الحدود والقواعد القانونية أو التشريعية التي تأتي‬
‫على ضوء المبادئ الدستورية في الدولة‪ ،‬والتي تنظم ممارسة السلطات العمومية وعالقاتها مع بعضها‬
‫البعض‪ .‬ثم ان أسلوب توزيع إختصاصات السلطات العمودي بمنظورها المركزي ضمن الجسم السياسي‬
‫واإلداري؛ من المفروض ان يسعى إلى تبني "النموذج التصاعدي" من القاعدة إلى القمة؛ كمحاولة لترجمة‬
‫فعلية للطابع التأسيسي لبناء السلطة العمومية ومؤسساتها كما تريدها اإلرادة العامة التي يملكها المجتمع و‬
‫يمارسها من دون قيود أو حدود‪.‬‬
‫تتجه هذه الرؤية نحو نفي شبه مطلق لمفهوم السلطات المحلية‪ .2‬وال جدوى كما يرى أنصار هذا‬
‫اإلتجاه من الخوض في البحث عن آليات النقد أو التقييم لفعالية النظام المحلي للجماعات المحلية طالما‬
‫أنها إمتداد للدولة وتعبير واضح عن سلطة الدولة ال غير‪ .‬وبالتالي التحليل النسقي يسوقنا نحو التركيز‬
‫على الخلفيات األساسية الكلية‪ ،‬التي تغذي نموذج الثقافة السياسية التي تسود لدى النخب المشرفة على‬
‫إدارة أجهزة الدولة‪ .‬ال يمكن تبرير ظاهرة العجز المؤسساتي للجماعات المحلية بالرجوع فقط إلى ضعف‬
‫الموارد أو عدم عقالنيتها في التعبئة والبرمجة؛ أو إلى الممثلين المنتخبين وحسب‪ .‬وانما يستلزم منا البحث‬
‫التمييز بين المتغيرات الثابتة والمتغيرات المستقلة أي التفرقة بين أسباب الظاهرة ونتائجها‪.‬‬
‫رغم أن قوانين الجماعات المحلية‪ ،‬تمنح السلطات المحلية صالحيات مهمة في اإلدارة والتسيير‬
‫إال أنها "تصادر" عن طريق السلطة التنظيمية التي يتمتع بها أصحاب السلطة الرئاسية؛ وفي بعض‬
‫األحيان يتحول األمر إلى موقف إنطباعي ومزاجي عندما تستعمل السلطة التقديرية في غير محلها؛ لتقييم‬
‫مبادرة أو مشاريع تنموية معينة؛ وهذا ما تشهده عالقة رئيس المجلس الشعبي البلدي مع والي الوالية أو‬

‫‪1-Guillaume Protiere, « Le pouvoir local, expression de la puissance de l'Etat? », XII‬‬


‫‪rencontres juridiques, 12 décembre 2008. P2.‬‬
‫‪2-Rachid Zouaimia, « L'introuvable pouvoir local », Revue : Insaniyat, n°16, (2002), PP 31‬‬
‫‪- 53.‬‬

‫‪81‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫ممثله في الدائرة؛ فالعالقات السلطوية ال تأخذ منحى عملياتي فعال بقدر ما تكتسي أبعاداً إجرائية‬
‫‪‬‬
‫وبيروقراطية بطيئة وغير فاعلة ‪ ،‬تتحكم فيها االمزجة كاحدى ادوات الصراع على السلطة‪.‬‬
‫ال يمكن إستبعاد دور المنتخبين المحليين كمجالس منتخبة‪ ،‬الضعيف في عالقاتهم مع رئيس‬
‫مجلسهم البلدي أو الوالئي؛ في المراقبة وتقييم السياسات العمومية المحلية‪ ،‬مما يفسح المجال واسعا‬
‫لهيمنة المنطق المركزي الذي يمثله والي الوالية بإسم الدولة على حساب المؤسسة المحلية‪ .‬وعليه فالحدود‬
‫بالدرجة األولى هي نتاج تصميم النموذج السياسي القائم التي يصيغها على شكل نسق إداري ممركز‬
‫يراعي أولويات معينة حسب الظروف‪ ،‬لتأمين وجود واستم اررية نفس النموذج‪ .‬وبالنتيجة‪ ،‬نرى أن حدود‬
‫السلطات المحلية تتحدد على ضوء ثالثة أسباب أو عوامل رئيسية‪ ،‬تشكل مجتمعة أزمة النظام‬
‫المؤسساتي المحلي للجماعات المحلية ودوافع مباشرة و ضاغطة إلصالح هذا النظام و هي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أولوية تمثيل الدولة على تمثيل المجتمع ‪.‬‬
‫‪ .2‬التناقض بين اإلستقاللية اإلعتبارية وال ّذمة المالية‪.‬‬
‫‪ .3‬سلطات الحلول في ابعادها القانونية والسياسية‪.‬‬
‫‪ .6.1‬أولوية تمثيل الدولة على تمثيل المجتمع ‪:‬‬
‫يصنف النظام السياسي الجزائري‪ ،‬ضمن األنظمة الرئاسية التي تهيمن فيها األجهزة التنفيذية على‬
‫التسيير والتنظيم؛ عبر النظام اإلداري المركزي واإلقليمي وتبدو واضحة الخلفية البيروقراطية التي يعتمد‬
‫عليها في إدارة دواليب الدولة؛ وال يكترث كثي ار لدور المؤسسة المنتخبة في التأثير على السياسات‬
‫الحكومية ؛ بل يحاول هذا النظام توظيف العملية اإلنتخابية لحساب اإلدارة السياسية للمجتمع لتثبيت‬
‫مركزيته والحفاظ على األوضاع من دون إحداث أي تغيير جذري عن طريق التداول على السلطة ‪.‬‬
‫تتكرس نمطية (المركز والمحيط) في عالقة الدولة بالمجتمع؛ كعالقة وصاية وتبعية‪ .‬فالدولة تبدو للمجتمع‬
‫وكأنها المؤسسة الوحيدة الفعالة التي تصلح ألن تعمل أفضل من أي مؤسسة خاصة أو أجنبية في سبيل‬
‫‪1‬‬
‫تحقيق رغبات األفراد في نطاق الحصول على منافع ومزايا وخدمات ‪.‬‬
‫لقد صاغ الفكر الوطني الجزائري‪ ،‬وخاصة في أدبيات حركة التحرير الوطني ومع المشروع‬
‫اإلشتراكي هذا الدور المنوط بمؤسسات الدولة؛ كدولة خدمات مسؤولة مسؤولية تامة عن إسعاد المجتمع‬
‫وتحقيق إحتياجاته‪ .‬تخطط الدولة الوطنية؛ جوهريا اإلحتياجات اإلجتماعية‪ ،‬وتعقلن إشباعها‪ ،‬وتمأسس‬
‫نظام التعبير‪ ،‬وتنمذج شروط الوعي‪ 2.‬تعتبر أسبقية الدولة أو من يمثلها في المؤسسات المحلية؛ أحد‬
‫العوامل الرئيسية التي تقيد عمل هذه المؤسسات كسلطات معينة أو منتخبة في معالجة قضايا وشؤون‬

‫‪ -1‬حسان محمد شفيق‪ ،‬المبادئ النظرية لتحليل النظم السياسية في الجزائر وايطاليا وفرنسا‪( ،‬بغداد‪ :‬مطبوعات التعليم‬
‫العالي‪ ،)1144 ،‬ص ‪. 10‬‬
‫‪2-Djillali Liabes, "projet de société : consensus , domination et légitimité", Revue‬‬
‫‪Algerienne des sciences politiques et relations internationales , n° 0, (1984), P31.‬‬

‫‪82‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫المجتمع المحلي؛ في ظل نظام الالمركزية غير مكتمل النمو‪ .‬تتولى الدولة كطرف متعدد الخدمات‬
‫‪‬‬
‫الدور المحوري‪ ،‬والمهيمن في الحياة العامة المحلية وال تسمح بالمشاركة إال في األطر التنظيمية الضيقة‬
‫جدا‪ .‬ومرد ذلك أن الوالي بإعتباره رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الشعبي الوالئي يحكم سيطرته السياسية‬
‫ً‬
‫وضبطه اإلداري لمجال واختصاصات المجلس الشعبي الوالئي‪ .‬نظ ار لوجود مجلس الوالية الذي ينفذ‬
‫توجيهات وق اررات الوالي كمجلس تنفيذي تقني وال يملك الخلفية السياسية أثناء التداول والنقاش‪ .‬ثم نظ ار‬
‫لوجود عدد معتبر من البلديات في أغلبية الواليات‪ ،‬تعمل فيها الخالفات السياسية على تعطيل الوظائف‬
‫اإلدارية للدولة مما يصيب شرعية الدولة ومؤسساتها بالشلل والعجز‪.‬‬
‫لعل آثار توقيف المسار اإلنتخابي لسنة ‪ ،1112‬واحتجاجات حركة العروش سنة ‪ ،2000‬تعتبر‬
‫مبررات كافية إلتخاذ ما يلزم من اإلجراءات اإلحتياطية؛ لتجنيب مؤسسات الدولة اإلقليمية (البلدية‬
‫والوالية)‪ ،‬اإلختالالت الخطيرة‪ ،‬كتجاوز المبادئ الدستورية والسيما؛ محاوالت ضرب الوحدة الوطنية وعدم‬
‫إحترام هوية المجتمع وأسس الدولة ورموزها‪ .‬يستهدف تطبيق هذا المبدأ إعادة "مأسسة'' المؤسسة المحلية‬
‫لفترة مؤقتة ومستعجلة‪ ،‬كحل ظرفي لمواجهة مخاطر تتعلق ببسط القانون والنظام العام في األقاليم‬
‫المعنية‪ .‬هناك شكل أخر من سلطة حلول الوالي مقام رئيس المجلس الشعبي البلدي‪ 1‬إذا لم ينفذ إلتزاماته‬
‫كممثل للدولة؛ في مجال االمن والنظافة والسكينة العامة وديمومة المرفق العام‪ ،‬والسيما التكفل بالعمليات‬
‫اإلنتخابية والخدمة الوطنية والحالة المدنية‪ .‬ونظ ار ألهمية ميزانية البلدية في التسيير يتدخل الوالي‬
‫للمصادقة عليها وتنفيذها إذا رفض المجلس الشعبي البلدي ذلك بسبب حدوث إختالل ما في تسييره‪.‬‬
‫إذاً؛ سلطة حلول الوالي‪ ،‬مقام الهيئات المنتخبة يعتبر آلية قانونية للتكيف مع صعوبات التسيير‬
‫العمومي المحلي الناتجة عن األداء السياسي للمنتخبين المحليين والذي قد يؤدي إلى عرقلة السير‬
‫الطبيعي للمرافق العامة والخدمات والنظام العام‪ .‬اإلجراءات "اإلحال لية" إذا كانت ذات طبيعة قانونية‬
‫واإلختالل السياسي ‪ .‬فإنها في نهاية األمر‪ ،‬تكتسي‬ ‫لالنذار والتحكم و االستباق لتفادي االزمات ‪،‬‬
‫أهمية أمنية كوظيفة إستراتيجية للدولة؛ تعتمد أسلوب الحماية والوقاية قبل إتخاذ أساليب التدخل المباشر‬
‫لردع التجاوزات وفض المنازعات؛ وفق ما تقتضيه القواعد السياسية في ممارسة السلطة وتمثيلها‬
‫المؤسسي من القاعدة إلى القمة‪.‬‬
‫تمهد هذه الحدود إلقصاء المجتمع المحلي من المشاركة في بلورة الق اررات التي تعني مصيره المحلي‪،‬‬
‫وذلك بحجة عدم نضج هذا المواطن وعدم أهلية المنتخبين المحليين وتبقى بذلك هيئات الالمركزية‬
‫المحلية للجماعات المحلية سجينة رؤية الدولة المركزية المتسلطة المالكة الحصرية والوحيدة للسلطة‬

‫‪ -1‬أنظر المواد ‪ 100‬و ‪ 101‬و ‪ 102‬من قانون البلدية رقم ‪ ،10 - 11‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫الحقيقية‪ .‬في المجال السياسي واإلقتصادي؛ وهذه رؤية موروثة عن اإلدارة اإلستعمارية لم تتخلص منها‬
‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫الدولة الوطنية إلى غاية اآلن‪.‬‬
‫‪ .1.1‬التناقض بين اإلستقاللية االعتبارية و الذمة المالية ‪:‬‬
‫كل القوانين المتعلقة بالجماعات المحلية (الوالية والبلدية)‪ ،‬تنص صراحة على اإلستقاللية المالية‬
‫والتنظيمية لهذه الجماعات‪ .‬بمعنى أن لها حرية التصرف في إختياراتها التنموية طبقا لمطالب المجتمع‬
‫المحلي واحتياجاته‪ .‬لكن هذه اإلستقاللية المزدوجة؛ ال تعني أنها إدارة حرة ‪La libre Administration‬‬
‫كما هو الشأن في فرنسا؛‪ 2‬وانما إدارة المركزية محدودة ومقيدة بسلطات الوصاية المركزية على وجهتين‬
‫متكاملتين؛ سواء كرقابة قبلية أو كرقابة بعدية‪.‬‬
‫يفترض في االقرار باإلستقاللية اإلعتبارية للجماعة المحلية؛ اإلعتراف مباشرة بذمتها المالية؛‬
‫كموارد مستقلة تعبأ وفق تقديرات المؤسسة المحلية لصالح تلبية الخدمات المختلفة للمواطن؛ إال أنه يالحظ‬
‫عكس ذلك تماما في تسيير شؤون هذه الجماعات المحلية؛ حيث أن هناك عدة أطراف تتداخل وظيفيا إن‬
‫لم نقل تتقاطع مع نشاط البلدية والوالية ‪ ،‬واللتان تعتبران سلطتان عموميتان على إتصال مباشر مع كل‬
‫التغيرات التي تط أر على سلوك الفاعلين في بيئتها الداخلية و الخارجية ‪ .‬مؤشرات التناقض وعدم اإلنسجام‬
‫بين ما تنص عليه القوانين‪ ،‬واألدوار المنتظرة من البلدية يمكن حصرها في ثالثة (‪ )03‬مظاهر رئيسية‬
‫‪3‬‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫˗ ضعف التأطير اإلداري‪.‬‬
‫˗ خضوع البلدية إلى مصالح اإلدارة اإلقليمية للدولة‪.‬‬
‫˗ ضعف الموارد المالية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للوالية فيالحظ أنها تجسد اإلمتداد اإلداري والسياسي للدولة؛ أكثر منها كجماعة إقليمية تتمتع‬
‫باإلستقاللية اإلعتبارية‪ ،‬وذلك بسبب هيمنة السلطة المعينة على حساب السلطة المنتخبة وتشكل مركز‬
‫اإلدارة اإلقليمية للدولة والحكومة‪ ،‬وما تمثله من وسائل وامكانيات تردها من كل الو ازرات للتكفل‬
‫بالقطاعات التي تشرف عليها المديريات التنفيذية في الوالية من دون ‪-‬في غالب االحيان‪ -‬حتى إعالم‬
‫المجالس المنتخبة بسبب أولوية السلطة الرئاسية للوالي‪ ،‬على باقي األجهزة في الوالية‪ .‬فصالحيات الوالي‬
‫أو رئيس المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬والبلدي هي لخدمة الدولة أكثر منها لخدمة المجتمع؛ فخدمة هذا‬

‫‪1-Med, Sid Ali, « Décentralisation et Organisation Territoriale », La revue de Ceneap:‬‬


‫‪analyse et perspective, (n° 26) , 2002, p21.‬‬
‫‪2 -Michel Verpeaux et Christine Rimbault, Les Collectivités Territoriales et La‬‬
‫‪Décentralisation, (France : La documentation française, 2010, 6 éd). P 34.‬‬
‫‪3 -Med Sid Ali, Op.cit, P 13.‬‬

‫‪84‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫األخير تمر عبر ما تقرره السلطة المركزية وال يتم إق ارره محليا أو إقليميا بصورة مباشرة من قبل السلطات‬
‫‪‬‬
‫المحلية‪ .‬وذلك لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫˗ صالحيات السلطات المحلية في أغلبها صالحيات لتمثيل الدولة (كالنظام العام‪ ،‬الحالة المدنية ‪،‬‬
‫اإلنتخابية‪ ،‬المالية المحلية‪ ،‬التهيئة والتعمير ‪).....،‬‬
‫˗ السياسة المحلية تشكل جزءا من السياسات العمومية حتى وان كانت من الشؤون المحلية‪.‬‬
‫˗ الطبيعة المركزية لنظام الوصاية اإلدارية والسياسية‪.‬‬
‫˗ تسيير إداري غير ممركز أكثر منه نظاما لالمركزية ‪.‬‬
‫˗ ‪ %00‬من الجباية المحلية تستحوذ عليها الدولة (المركز)‪.‬‬
‫و بالتالي‪ ،‬حدود العالقة بين المركز والمحيط؛ أي بين الدولة وجماعاتها المحلية تبقى تتميز‬
‫‪1‬‬
‫بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫˗ تبعية المحلي للوطني تبقى قوية‪.‬‬
‫جد ممركزة ومشخصنة‪.‬‬ ‫˗ السلطة المحلية ّ‬
‫˗ تعاظم المسؤوليات للمنتخبين المحليين‪.‬‬
‫˗ تطوير المنافسة المحلية على أساس خصوصية مزدوجة‪:‬‬
‫إستقاللية تامة وعدم المساواة في الموارد‪.‬‬
‫تتزايد عمليات الضبط اإلداري ألجهزة الدولة مع إرتفاع المطالب المجتمعية والتي تصاحبها‬
‫مضاعفات األزمة المالية؛ وتصادر مجاالت التعبير الديمقراطي عن الحقوق والخدمات التي إعتاد عليها‬
‫المجتمع رغم محدوديتها في الجودة واإلستم اررية والتوزيع العادل‪.‬‬
‫‪ .3.1‬سلطات الحلول في ابعادها القانونية و السياسية ‪:‬‬
‫يتوسع منطق أولوية سلطات الدولة على باقي المؤسسات األخرى؛ إلعتبارات سياسية بالدرجة‬
‫يضيق أنشطة باقي‬
‫األولى؛ يفرضها نمط النظام السياسي القائم؛ الذي يمارس إحتكار الموارد والمعلومات و ّ‬
‫الفاعلين في المجال العام؛ وذلك خوفا من منازعته التمثيل السياسي الشرعي للمصالح التي يلتف حولها‬
‫شاغلو اإلقليم‪ ،‬ويحاولون عرضها ضمن مشروع مشترك يعبر عن المنفعة العامة المحلية‪.‬‬
‫يندرج تأسيس مبدأ الحلول‪ ،‬كقاعدة إدارية لضمان إستم اررية النظام المؤسساتي اإلقليمي للدولة؛‬
‫والتعبير عن السيادة المطلقة في تنظيم اإلقليم وتسييره‪ ،‬وال يمكن ترك المجال شاغ ار من دون تواجد الدولة‬
‫كقوة عمومية موحدة لبسط األمن والنظام العام‪ .‬يعني''مفهوم الحلول'' في أبسط صوره؛ صالحيات رئاسية‬

‫‪1- Michel Koebel, « De l'existence d'un champ politique local », Revue cahiers‬‬
‫‪philosophiques , n°119 , (2009/3), P 25.‬‬

‫‪85‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫تمارسها أعلى سلطة في الهرمية اإلدارية والسياسية تجاه صالحيات سلطة ملحقة بها‪ ،‬عاجزة عن أداء‬
‫‪‬‬
‫مهامها تجاه المجال الذي يحدد نطاق إختصاصاتها المكفولة بموجب القوانين السارية‪.‬‬
‫يمارس الوالي سلطات الحلول؛ إذا تم حل المجلس الشعبي البلدي لسبب من األسباب؛‪ 1‬حيث تقع‬
‫على مسؤولية والي الوالية تعيين مندوبية تنفيذية تتكون من متصرف إداري ومساعدين له لتسيير شؤون‬
‫‪2‬‬
‫البلدية إلى غاية تنصيب المجلس الجديد ‪.‬‬
‫يحل المجلس الشعبي الوالئي بموجب مرسوم رئاسي‪ ،‬بناءاً على تقرير وزير الداخلية لسبب من‬
‫األسباب‪ 3‬ويعوض بمندوبية تنفيذية والئية بمرسوم تنفيذي بناءاً على إقتراح والي الوالية؛ تتولى نفس المهام‬
‫التي أقرها القانون للمجلس الشعبي الوالئي‪ .‬نالحظ أن اسباب الحل هي نفسها إال أن قانون الوالية لم يثير‬
‫الحالة السادسة التي وردت في المادة ‪ 23‬من قانون البلدية في حالة وجود إنسداد في عمل المجلس الشعبي‬
‫الوالئي‪ .‬وبالتالي غياب حرية القرار في التصرف في الموارد المتاحة أو التحرك والمبادرة بإنجاز مشاريع‬
‫إستثمارية لتحسين األداء وتقديم الخدمات؛ غير مسموح به إال في حدود ضيقة جداً؛ ويتطلب إجراءات‪،‬‬
‫وعالقات تأثير وتبادل مصالح بين المؤثرين والنافذين في محيط المؤسسة اإلقليمية أو المركزية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن تكبيل حركية السلطة المحلية تؤثر بصورة أكثر سلبية ‪،‬على المؤسسة البلدية التي‬
‫هي باألساس مقصد ووجهة المواطن األولى قبل الدائرة أو الوالية؛ لتتحول في منظور المواطن إلى سلطة‬
‫عاجزة ال تملك اإلمكانيات الالزمة لمعالجة الطلبات ودراسة إنشغاالت مواطنيها؛ مما يستدعي تدخل سلطة‬
‫الوصاية ممثلة في الوالي للبحث عن اإلمكانيات واتخاذ القرار المناسب بإسم الدولة وليس بإسم البلدية أو‬
‫الوالية؛ ال لشيء إال ألن الدولة ينبغي أن تتدخل لتدبير الموارد المساعدة على الحل بصفة ذات أولوية‬
‫معينة‪ ،‬وترسيخ شرعيتها السياسية عبر الخدمة اإلجتماعية التي تعجز عنها السلطة القاعدية لدى المنتخبين‬
‫خصوصا‪.‬‬

‫‪- 1‬حاالت حل المجلس الشعبي البلدي محددة حص ار ضمن ثماني (‪ )04‬حاالت ‪ ،‬في المادة ‪ 23‬من القانون البلدية ‪11‬‬
‫‪ 10 -‬المؤرخ في ‪ ، 2010/03/22‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪- 2‬أنظر المادة ‪ 24‬من قانون البلدية ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪- 3‬حاالت حل المجلس الشعبي الوالئي محددة حص ار ضمن سبع (‪ )00‬حاالت‪ ،‬في المادة ‪ 24‬من القانون الوالية رقم‪:‬‬
‫‪ 00 - 12‬المؤرخ في ‪ ، 2012/02/21‬مرجع سابق‬

‫‪86‬‬
‫____________________ النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬ ‫الفصـل األول‬

‫خالصة الفصل‬
‫‪‬‬
‫لقد شهد النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‪ ،‬تطورات هامة وثرية‪ ،‬كانت‬
‫مصاحبة لتطور إستراتيجية التنمية التي باشرتها الدولة الوطنية؛ حيث إعتمدت على البلدية والوالية لتلبية‬
‫الحاجيات الملحة واألساسية للمواطن؛ والسيما مطالب مجتمع الريف والمناطق المحرومة ‪.‬‬
‫رغم محاولتنا الفصل بين المؤسسة اإلدارية والمؤسسة السياسية لضرورة الدراسة؛ فإننا وقفنا على‬
‫طغيان البعد اإلداري والقانوني على حساب اإلدارة السياسية المحلية بسبب سلطوية النموذج السياسي‬
‫المركزي ‪ ،‬الذي ال يعترف بسلطة األطراف‪ ،‬إال لضرورة المبدأ القانوني والدستوري في توزيع الصالحيات‬
‫بطريقة عمودية من األعلى إلى القاعدة ‪ .‬كما الح لنا ذلك المركز الوظيفي الذي يتواله الوالي في الهيمنة‬
‫على الحياة اإلدارية والسياسية على مستوى إقليم الوالية‪ ،‬جاعال من رئيس البلدية سلطة تنفيذية تابعة له؛‬
‫في حين ال يلعب رئيس المجلس الشعبي الوالئي أي دور تمثيلي في الحياة اإلدارية والسياسية للوالية‬
‫ويكتفي بصالحيات تنظيمية في إدارة شؤون المجلس ‪.‬‬
‫كما لم نتجاهل دور رئيس الدائرة كسلطة ضبطية وتنظيمية امتدادا وتعزي از لسلطات الوالي حيث‬
‫يقوم بدور الضابط للعبة السياسية على مستوى البلديات؛ ويمارس رقابة شديدة على أداء اإلدارة المحلية‬
‫وممثليها‪ .‬ليظهر كبيروقراطي يخدم بالدرجة االولى مقتضيات المركز الذي يحتله واليملك قدرات اداء‬
‫المسير العمومي الحديث‪ ،‬اي كسلطة ادارية وقانونية للقرار والدعم واالتصال المنتج‪.‬‬
‫هذه السلطات المحلية تبدو وكأنها سلطة رئاسية واحدة تتواجد حسب السلمية المتدرجة حيث‬
‫يتمتع الوالي كسلطة مركزية في الوالية بسلطات هامة و واسعة في الجمع والتوزيع واإلشراف والتوجيه‬
‫والمتابعة‪.‬‬
‫بذلك تتأكد لدينا أن الجماعات المحلية هي إمتداد للدولة وليست مؤسسات مستقلة عن الدولة أو‬
‫موازية لها؛ ورجحنا محدودية نطاق عمل السلطات المحلية إلى األخذ في اإلعتبار أولوية تمثيل الدولة‬
‫قبل تمثيل مصالح المجتمع؛ فالدولة هي التي تفرض منطقها في تدبير أولويات المجتمع من الخدمات‬
‫والسياسات العامة وال ينافسها أحد‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫إشكالية التمثيل السياسي في‬
‫إدارة الجماعات المحلية‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫مدخل الفصل‬
‫تتحدد شرعية الحكم‪ ،‬على ضوء ممارسة السلطة‪ ،‬التي ال بد لها من أن “تتمأسس” لتتخلص‬
‫‪‬‬
‫نسبيا من التأثير “المشخصن” كمؤسسات وهيئات تتمتع باستقاللية القرار‪ .‬أي على النظام السياسي أن‬
‫يقوم بهيكلة سلوكياته عبر مؤسسات تضطلع بمهام وصالحيات حددها الدستور‪ .‬اليتوقف االهتمام بأداء‬
‫النظام السياسي عند دراسة أثار الخطاب السياسي على المحيط فقط؛ وانما ينبغي التركيز على التفاعل‬
‫بين مكونات المركز ومالحق األطراف بغرض تمرير المطالب ورد األجوبة المناسبة في الظروف المواتية‪،‬‬
‫واذا كان النظام السياسي ببنيته السياسية واإلداريـة يقع في قلب النظام االجتماعي الكلي‪ ،‬فإن ذلك يمكنه‬
‫من مباشرة عملية تغيير أساسية‪ ،‬إذا ما سارت األمور في حالتها الطبيعية‪.‬‬
‫يمكن فهم طبيعة النظام السياسي من خالل الوظائف والمهام التي تتولى أداءها المؤسسات السياسية‬
‫واإلدارية فيه‪ ،‬وعلى الرغم من تداخل هذه الوظائف فإن الدراسة تقتضي عزلها من أجل رؤية مناسبة عند‬
‫تقييم دورها‪ .‬نقصد بالنظام المحلي؛ النسق الفرعي للنظام السياسي الذي تقوم عليه ممارسة السلطة‬
‫باعتبارها حركة سيادية‪ ،‬تؤطرها المبادئ الدستورية من حيث أنها مؤسسات سياسية وادارية على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬تمتلك شرعية وجودها من خالل الصالحيات واألهداف التي تلتزم بإنجازها تجاه المجتمع المحلي‬
‫كعهدة انتخابية ذات طابع سياسي‪ .‬البناء المؤسساتي في أي دولة مهما كانت طبيعتها السياسية ونظامها‬
‫االداري‪ ،‬يبقى في المقام األول واألخير نتاج إرادة سياسية يمكنها أن تكون فاعلة إلى حد كبير إذ توفرت‬
‫فيها عوامل النجاح االساسية؛ كالديمقراطية ‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬والمشاركة السياسية ‪ ،‬وقيم العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫كما يمكنها(هذه اإلرادة) أن تكون شكلية قائمة على االحتكار والمركزية الشديدة تديرها األجهزة‬
‫البيروقراطية في النظام السياسي‪..‬‬
‫إال أن ما يهمنا في هذه اللحظة هو التركيز على المفاهيم الحديثة التي أصبحت توسم بها إدارة‬
‫الجماعات المحلية؛ ألنها جاءت نتاج تطور معين للبنى والوظائف على المستوى الداخلي‪ ،‬في حين على‬
‫بفعل ظاهرة‬ ‫المستوى الخارجي تفاقمت السيولة المعلوماتية في االتصال والتبادل في عدة مجاالت‬
‫العولمة الشاملة‪ .‬ولم يعد بمقدور الدول البقاء في النمطية البيروقراطية الهجينة إلدارة المجتمع وتسيير‬
‫دواليب الدولة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالجدلية المفاهيمية تثار بين عدة مفاهيم سياسية وادارية كاإلدارة المحلية والالمركزية‪،‬الحكم‬
‫المحلي والحكامة واللرشادة‪...‬الخ فتعدد هذه المصطلحات يعني تنوع في الرؤى والبدائل لحالة األزمة التي‬
‫تميز وتطبع جزء أساسي في مؤسسات النظام السياسي‪ ،‬وهي كلها مفاهيم تكيف حسب مقتضيات النظام‬
‫الوطني؛ وتعبر عن ضرورة وجود شرعية سياسية للمسئولين وكذا مصداقية للمؤسسات القائمة‪ ،‬ورضى‬
‫المواطنين الذين هم مصدر السلطة التأسيسية‪ .‬وبالتالي فعناصر المعادلة تختل إذا طغى االداري على‬
‫السياسي والعكس صحيح‪ ،‬لذلك دائما ينبغي النظر إلى األشياء نظرة طبيعية وبالصورة المعاصرة على‬
‫ضوء النماذج العالمية الناجحة بامتياز‪ .‬أما عن الالمركزية السياسية في النموذج الجزائري‪ ،‬فهي تعكس‬

‫‪89‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫إلى حد ما نوعا من التمثيل السياسي المحلي ‪ ،‬على مستوى المجالس الشعبية المنتخبة (البلدية والوالئية)‪.‬‬
‫‪‬فاإلطار القانوني الذي ينظم الجماعات المحلية يقرر صالحيات ومهام واسعة‪ ،‬إال أن التنفيذ والممارسة‬
‫تقومان على عكس ذلك‪ .‬فالوظيفة السياسية ال ينبغي ان تفهم على أنها مستقلة ومنفصلة عن السلطة‬
‫المركزية في الدولة؛ وانما هي تجسيد واتمام لها‪ ،‬فالسياسة العامة ال تبنى في فراغ وانما انطالقا من‬
‫تجمي ع معطيات ذات مصداقية تعبر بشكل موضوعي عما يجري في قاعدة الدولة والتي تبدأ بالبلدية‬
‫والوالية‪.‬‬
‫اإلشكالية التي يجب البحث عن إجابة شافية لها هي كيف يمكن إنجاز توازن فعال ومنتج بين‬
‫المستوى السياسي والمستوى االداري أثناء تسيير الشؤون المحلية؛ او باالحرى هل يملك المنتخبون‬
‫المحليون الموارد الكافية ليتحولوا الى مسيرين حقيقيين ومقررين مبدعين عند معالجة القضايا المحلية‪ ،‬ام‬
‫العكس تماما يصبحون مجرد اعوان ثانويين امام سطوة النزعة البيروقراطية التي تعمل فيها االدارة بكل‬
‫مستوياتها ؟ ‪ .‬رغم ان اهداف النشاط السياسي والعمل االداري تبدو متكاملة ومنظمة مؤسستيا بما فيه‬
‫‪1‬‬
‫الكفاية ؛ وهذا ما يمكن اب ارزه خالل االهداف التالية لكال النسقين‪:‬‬
‫فاالهداف السياسية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الديمقراطية والمشاركة‪.‬‬
‫‪ .2‬دعم الوحدة الوطنية والتكامل الوطني‪.‬‬
‫‪ .3‬تقوية البناء السياسي واالقتصادي للدولة‪.‬‬
‫اما االهداف االدارية فتتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬تحقيق الكفاءة االدارية في تلبية الحاجات المتباينة للمجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪ .2‬القضاء على البيروقراطية الحكومية‪ ،‬ألن الخدمات تقدر وتنجز محليا بمشاركة المواطن‪.‬‬
‫‪ .3‬خلق روح التنافس بين وحدات االدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ .4‬تسهم االدارة المحلية بربط االدارة الحكومية بالقاعدة الشعبية‪ ،‬بما يضمن تفهم الطرفين الحتياجات‬
‫وأولويات المجتمعات المحلية ووسائل تنميتها‪.‬‬
‫‪ .5‬دعم وترسيخ الثقة بالمواطن واحترام حريته وارادته ورغبته‪ ،‬في المشاركة في ادارة الشؤون المحلية ضمن‬
‫سياق االطار العام للتنمية الشاملة‪.‬‬
‫وعليه فأسلوب التنظيم المحلي القائم على المبادئ االدارية المحلية ذات المحتوى الالمركزي‪ ،‬في‬
‫التجربة الجزائرية يتمتع باالستقاللية التنظيمية والمالية‪ ،‬في الشكل كنصوص ووثائق بما له وما عليه من‬
‫محاسن وعيوب‪ .‬التفكير حول الشرعية يتعلق بمجموعة واسعة من النقاش السياسي واالجتماعي ‪ ،‬حول‬

‫‪ -1‬محمد محمود الطعامنة‪" ،‬نظم االدارة المحلية‪ :‬المفهوم والفلسفة واالهداف"‪ ،‬الملتقى العربي االول حول نظم االدارة‬
‫المحلية في الوطن العربي‪ ،‬سلطنة عمان‪22-11.‬اوت ‪ .2223‬ص‪ .‬ص‪.11- 15‬‬

‫‪90‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ضعف الثقة تجاه النظام السياسي المتسم بضعف نسب المشاركة في االنتخابات ‪ ،‬في اغلبية الدول‬
‫‪‬الغربية وضآلة مصداقية الفاعلين السياسيين‪ ،‬وتثمين المداولة التي تعدل معايير الشرعية‪ .‬هذه االخيرة‬
‫التي تفرض في الديمقراطيات الغربية بالسيادة الشعبية والخبرة والماسسة واالقناع االخالقي والفعالية‪ .‬فاذا‬
‫كانت هذه اهم مصادر الشرعية فان مواضيعها تتركز باالساس حول‪ :‬النظام السياسي والمؤسسات‬
‫‪1‬‬
‫والفاعلين والقيم او المبادئ االساسية للديمقراطية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شرعية التمثيل السياسي المحلي‪:‬‬
‫كثي ار ما يختفي البعد السياسي عند محاولة دراسة الجماعات اإلقليمية‪ ،‬ثم ما يلبث أن يتشكل‬
‫بصورة غير مباشرة في ثنايا القضايا المركزية‪ ،‬التي تحدد بدورها مهام وصالحيات السلطات المحلية في‬
‫تمثيل من نوع أخر‪ ،‬يتعلق بالمنزلة المؤسساتية التي توجد عليها الجماعات اإلقليمية كامتداد للمؤسسة‬
‫المركزية؛ السيما عندما تثار العالقة بين المركز والمحيط؛ وعندئذ نكون أمام تمثيل مزدوج للدولة‬
‫‪2‬‬
‫والجماعات اإلقليمية ‪ ،‬و هو توصيف غير مباشر للمسألة الرئيسية التي يعبر عنها التمثيل السياسي‪.‬‬
‫والذي يتسم بالمركزية السياسية ويلحق تمثيل األطراف الذي يقع على عاتق األحزاب السياسية المشكلة‬
‫لهوية المجالس المحلية المنتخبة؛ بتمثيل سلطوي أكثر داللة عن طبيعته السياسية واإلستراتيجية في‬
‫اإلدارة والتنظيم والتسيير والوصاية‪...‬إلخ‪ .‬لقد أصبح الحقل السياسي المحلي‪ ،‬الذي تتواجد فيه الجماعات‬
‫وسياسي بغرض االستحواذ ليس فقط على مصادر التمثيل‬ ‫اإلقليمية؛ يعبر عن حراك اجتماعي‬
‫ومستوياته وانما أيضا محاولة الولوج إلى المناصب السياسية واإلدارية " لالستوزار واالستشارة" في قمة‬
‫السلطة المركزية؛ وان تعذر ذلك؛ االنخراط في شبكات المصالح للتأثير في القرار السياسي مهما كانت‬
‫طبيعته‪ ،‬وخصوصا في المجال االقتصادي والخدماتي‪ ،‬لالستفادة من مزايا التنمية المحلية في استثماراتها‬
‫الزبائنية الممتدة والمتقاطعة‪.‬‬
‫يجب اإلقرار بالعالقة الوطيدة بين التمثيل السياسي والعملية اإلنتخابية في ظل النظام‬
‫الديمقراطي‪ ،‬وحتى وان كان هذا األخير في الحالة الجزائرية‪ ،‬يبدو وكأنه نظام غير مكتمل النمو والتشكل؛‬
‫والزالت الثقافة الديمقراطية في بداياتها االنتقالية‪ .‬لكن مع ذلك تعتمد اآللية اإلنتخابية لفرز نخب وقوى‬
‫سياسية من أصول اجتماعية وأفاق مختلفة؛ للتعبير عن شكل معين من أشكال التمثيل‪ ،‬ومعها يصعب‬

‫‪1‬‬
‫‪Anne Marie Gingras « La construction de la ligitimite dans l’espace public », Revue‬‬
‫‪politique et societe, vol.27. n°2. (2008), P3.‬‬
‫‪- 2‬هناك عدة مفاهيم جدلية للتمثيل السياسي‪ ،‬فهو مفهوم وحيد معقدو لم يتطور في دالالته األساسية منذ القرن ‪11‬م؛‬
‫ويتعرض لعدة صعوبات؛ إال أن النظرة المعاصرة و المرحلة السياسية التي مكنت الشعب من تحويل سلطته إلى ممثليه‬
‫تبدو حاسمة و تقوم باألساس على االنتخاب‪ .‬أنظر في هذا الشأن ‪.‬‬
‫‪- Yves sintomer, « Les sens de la représentation politique: usages et mésusages d'une‬‬
‫‪notion», Raisons politiques, n° 50, (2013/2) pp. 13, 34 .‬‬

‫‪91‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫التمييز بين تمثيل المصالح العامة والمصالح الخاصة‪ ،‬التي قد تتحول في نهاية األمر إلى صراع مصالح‬
‫‪‬خاصة ‪،‬على حساب مقتضيات العهدة اإلنتخابية التي تتضمن الدفاع عن مصالح المواطن المحلي‬
‫ومؤسساته ال غير‪.‬‬
‫منذ مدة حصرنا التمثيل السياسي في العملية اإلنتخابية وميزناه عن تمثيل المصالح والجماعات‬
‫‪2‬‬
‫االجتماعية‪ 1.‬أو ينظر له على أنه إجراء بسيط للتفويض وتحويل لإلرادة عبر االنتخاب‪.‬‬
‫يمهد تحليل المدخل المؤسسي‪ ،‬لتمييز ثالث مستويات للتمثيل السياسي في نطاق النظام الذي‬
‫يحكم إدارة الجماعات اإلقليمية في الجزائر؛ وهذه المستويات متكاملة تصاعديا ومتعددة سياسيا باعتبارها‬
‫ار ال ينظمون إلى أي تشكيلة حزبية‪ ،‬ميولهم السياسية‬
‫تتكون من منتخبين ينتمون ألحزاب سياسية‪ .‬وأحر ا‬
‫تبقى غير معلنة بصورة مباشرة‪ .‬فالمستوى األول هو المستوى القاعدي والمحلي بالدرجة األولى والذي‬
‫تمثله البلدية بـ ‪ 1541‬مجلسا بمجموع ‪ 24141‬منتخب؛ ثم مستوى تمثيلي أخر ذي بعد إقليمي وجهوي‬
‫حتى‪ ،‬وهو المستوى الوالئي بـ ‪ 41‬مجلسا شعبيا‪ ،‬بـ ‪ 2224‬منتخب‪3‬؛ ثم مستوى ثالث ذي صبغة وطنية‪.‬‬
‫بخصوصيات محلية واقليمية وهو تمثيل سياسي بامتياز ويشكل الثلثان (‪ )2/3‬من أعضاء مجلس األمة‪.‬‬
‫على أساس ان العضوية في مجلس األمة تكون عبر االنتخاب لعضوين اثنين (‪ )22‬عن كل والية؛‬
‫باالقتراع غير المباشر والسري من هيئة ناخبة تتكون من مجموع منتخبي المجالس الشعبية المحلية‪.‬‬
‫حيث منحت المادة ‪ 131‬من الدستور الساري حق المبادرة بالتشريع في مجال التنظيم المحلي وتهيئة‬
‫اإلقليم والتقسيم اإلقليمي بصفة حصرية ومبدئية لمجلس األمة ‪ ،‬الذي يمثل فيه منتخبو الجماعات‬
‫اإلقليمية األغلبية العددية‪ ،‬والنصاب المطلق في هذا السياق‪ .‬وهذا دليل على أهمية الجماعات اإلقليمية‬
‫في النظام المؤسساتي للدولة‪ .‬ومن جهة أخرى رد االعتبار للمنتخب المحلي بإعتباره قاعدة الديمقراطية‬
‫المحلية بشقيها التمثيلي والمشاركاتي الجواري؛ وهو األكثر قربا وتحسسا النشغاالت المواطن‪ .‬تمتد حركة‬
‫التمثيل السياسي من المجالس الشعبية المحلية إلى مركز السلطة التشريعية حاملة ميزتين رئيسيتين‬
‫ناتجتين عن تواصل مؤسسي بين التمثيل اإلقليمي والوطني وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬المشاركة في رسم السياسة العامة وانتاج للنشاط العمومي‪.‬‬

‫‪1-Alice Mazeaud, « Introduction: Au- delà de la crise, les modalités pratiques de la‬‬
‫‪représentation politique », in: Alice Mazeaud (dir): pratiques de la représentation‬‬
‫‪politique », (France : puf. 2014), P.12.‬‬
‫‪2 -J.V.Holeindre, S. ZerilliI, « Rencontre avec Loïc Blondiaux: les mutations du pouvoir en‬‬
‫‪démocratie ; participation et délibérations ». in: Jean-Vincent Holeindre (dir) : le pouvoir :‬‬
‫‪concepts, lieux, dynamiques, (France : éd. Sciences Humaines, 2014), P.336.‬‬
‫‪ -3‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬النتائج األولية النتخابات المجالس الشعبية البلدية والوالئية‪ ،‬في‬
‫‪.2211 -11-24 ، www.interieur.gouv.dz.‬‬

‫‪92‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ .2‬الوساطة والتعبير عن المصالح العامة المحلية وفق معايير موحدة تراعي خصوصيات اإلقليم االقتصادية‬
‫‪‬والمجالية‪.‬‬
‫ال ينحصر التمثيل السياسي في شغل مقاعد انتخابية لعهدة محلية معينة ألداء مهام مؤسسية‬
‫وحسب؛ وانما يسعى شاغلو هذه المهام إلى تعظيم مواردهم ‪ ،‬بغرض ضمان قدر اإلمكان مناصب‬
‫سياسية أو مراكز ترقية‪ ،‬قد تؤهلهم لكي يتحولوا إلى صنف األعيان‪ ،‬والنخب المؤثرة في توجيه السياسات‬
‫ورسم أفاق برامج التنمية‪ .‬و ال ينظر إلى التمثيل كمجموعة أدوار تؤدى وفقط‪ ،‬وانما أيضا كمورد لقياس‬
‫‪1‬‬
‫كما تؤثر محددات شرطية متداخلة‬ ‫متغير ينشطه أصحاب العهدة واب ارزه في ظروف ما لتحقيق أهداف‪.‬‬
‫في قياس شرعية التمثيل السياسي‪ ،‬بحيث تتحول العالقة من تمثيل إقليمي مؤسسي وسياسي‪ ،‬يتماهى إلى‬
‫حد كبير مع التواجد النسقي للدولة؛ إلى عالقة من يمثل من؟ وكيف؟ و بالتالي يمتلك صاحب الشرعية‬
‫األصلية الحق المطلق في إعادة توزيع درجات التمثيل وشكله وكذا إعادة تجديد العالقات على ضوء‬
‫إنجاز التزامات العهدة اإلنتخابية؛ أي البحث عن أساليب لتسوية اإلخفاقات والبرهنة عن استحقاقات‬
‫الشرعيات الدورية الجديدة‪ ،‬عبر إعادة صياغة بنود العقد الذي يربط الناخبين بالمنتخبين‪ .‬وعليه يجب‬
‫الممثَّلين‬
‫َّ‬ ‫النظر إلى التمثيل كعملية حركية متفاعلة يتخللها حوار أو صراع غير محدود بين‬
‫‪2‬‬
‫(‪ )Représentés‬والممثلون (‪.)Représentants‬‬
‫يعاني النموذج الجزائري الذي يعرض التمثيل السياسي على أنه نتيجة إلرادة سياسية محلية قوامها‬
‫اإلرادة الشعبية (الناخب)؛ من قصور حاد في بلوغ مقاصده أو تحقيق مثله التي يقدمها الخطاب السياسي‬
‫كخدمات للوطن‪ .‬يبدو االنفصام جليا بين أطراف العهدة اإلنتخابية بمجرد انتهاء فترات الحملة اإلنتخابية‪.‬‬
‫أي العالقة المضطربة بين المنتخب والخطاب والممارسة‪ .‬الحديث عن أزمة التمثيل السياسي يبين حسب‬
‫بعض المختصين؛ عالقات التداخل و التبعية بين الفاعلين الجماعيين والفرديين القادمين من مختلف‬
‫‪3‬‬
‫اآلفاق؛ وتعود أسباب األزمة إلى العوامل التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬األخالق العامة؛ كالرشوة وعدم الثقة وماإلى ذلك‪.‬‬
‫‪ )2‬البعد بين المنتخبين‪ /‬النخبة والناخبين‪.‬‬
‫‪ )3‬العجز في التمثيل للمنتخبين أو من يتحدث باسمهم‪.‬‬

‫‪1-Stéphane Dechizelles, Maurice Olive, « La représentations dans la rue: Analyse‬‬


‫‪comparée de mobilisation d'élus locaux », in: Alice Mazeaud (dir): Pratiques de la‬‬
‫‪représentation politiques, op.cit, P .99.‬‬
‫‪2-J.V. Holeindre, S.Zerilli. « Rencontre avec Loïc Blondiaux ».op.cit, P339.‬‬
‫‪3-Alice Mazeaud, « Introduction: Au-delà de la crise, les modalités pratiques de la‬‬
‫‪représentation politique », Op.cit, 131.‬‬

‫‪93‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تؤدي مسببات أزمة التمثيل إلى مضاعفات أخرى تهدد حتى سمعة وشرعية وجود البناء المؤسساتي‬
‫‪‬للدولة ككل؛ ألن الثقافة الديمقراطية تراهن على إيجاد تكامل بين النخب التمثيلية و المؤسسة الرسمية‬
‫‪1‬‬
‫وبذلك ينصب العمل حول ‪:‬‬
‫‪ )1‬كيفية تأسيس مؤسسات حرة و المحافظة عليها ‪.‬‬
‫‪ )2‬المنتخبون يمثلون الناخبين و يلتزمون عهداتهم ‪.‬‬
‫تتجه مؤثرات األزمة إلى محاولة تشخيص عميق لكل المتغيرات القانونية والتنظيمية والبشرية التي تبنى‬
‫عليها أسس التمثيل السياسي وأهدافه وكذا آلياته (االنتخابات)؛ من جهة؛ ودور الناخب أو المواطن‬
‫وقدرته على التمييز واالختيار ومعوقات االتجاه نحو االختيارات الديمقراطية المثلى؛ في تحديد هوية هؤالء‬
‫المنتخبين الذين يصبحون ينشطون باسم المجتمع والدولة معا‪ ،‬متناسين أو متجاهلين منطلقاتهم األولية‬
‫لتبني المشاكل العمومية والبحث عن حلول لها من جهة أخرى‪ .‬ومن خالصة نتائج تقاطع هذه المتغيرات‬
‫يتجلى غياب اإلرادة السياسية لدى السلطة المركزية في البحث عن فاعلين حقيقيين يتمتعون بمشروعية‬
‫اجتماعية قبل الشرعية السياسية‪ ،‬و مؤهلين مهنيا وعلميا لتبوء مراكز القيادة في المجالس المنتخبة المحلية‬
‫والوطنية‪ .‬وهنا نعيد طرح نفس السؤال الذي استنتجه الباحث الفرنسي ؛ميشال كيبل ‪MICHEL‬‬
‫‪ KOEBEL‬هل حقيقة أن المنتخبين المحليون قادرون على تمثيل كل المواطنين؟ ويجيب أن علم‬
‫اإلجتماع أكد منذ مدة طويلة أن االنتماءاالجتماعي يحدد بشدة التمثيل‪ .‬وبالتالي الق اررات؛ واالنتقال من‬
‫‪2‬‬
‫االنتخاب إلى التمثيل ليس أليا‪.‬‬

‫‪1 -Alain Touraine, « la crise de la représentation politique », revue Sociologie et Société,‬‬


‫‪vol 15. n°1, (1983), P 131.‬‬
‫‪2-Michel Koebel, « les élus municipaux représentent- ils le peuple ? Portrait‬‬
‫‪sociologique », Métro politiques, (3 octobre 2012). P 6,‬‬

‫‪94‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -1-1‬النظام االنتخابي المحلي‪:‬‬


‫يرتبط النظام االنتخابي في أي دولة بطبيعة النظام السياسي فيها‪ ،‬وبقواعد النظام الدستوري التي‬ ‫‪‬‬
‫تنظم وتسير السلطات العامة‪ .‬ويأتي على شكل قانون لالنتخابات يخصص جزء منه لتوضيح وتحديد‬
‫أليات تنظيم االنتخابات المحلية للمجالس الشعبية البلدية والوالئية‪ .‬وترجع أهمية االهتمام باالنتخاب في‬
‫المجتمعات الحديثة نتيجة تطور العالقة بين الحاكم والمحكوم‪ ،‬وانتقالها من النماذج التسلطية إلى النماذج‬
‫الديمقراطية التي تشمل فتح المجال واسعا للمواطنين للتعبير عن آرائهم في االختيار والمشاركة في اتخاذ‬
‫القرار‪ 1.‬االنتخاب هو نمط أو أسلوب أليلولة السلطة‪ ،‬يرتكز على اختيار يجري بواسطة التصويت أو‬
‫االقتراع‪ .‬واالنتخاب يعتبر الطريقة األساسية إلسناد السلطة في الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬بل أصبح الوسيلة‬
‫الوحيدة لمنح الشرعية للسلطة‪ ،‬فاالنتخاب أضحى بمثابة عقيدة للديمقراطية‪ ،‬وأضحت الفترة اإلنتخابية أهم‬
‫األوقات في الحياة السياسية للشعوب؛ فعلى الرغم من العيوب التي يمكن ان تسند إلى مبدأ االنتخابات‬
‫‪2‬‬
‫كوسيلة لتعيين الحكام‪ ،‬يبقى هذا المبدأ الوسيلة األنجع في الطريق نحو الديمقراطية ‪.‬‬
‫إن النظام االنتخابي هو وليد تفاعالت عناصر البيئة السياسية خاصة النظام الحزبي القائم‪،‬‬
‫وبالتالي ال يوجد نظاما جاه از يمكن تعميمه على جميع المجتمعات؛ بحيث يقول عميد علماء السياسة‬
‫األمريكيين روبرت دال ‪" :Robert Dahl‬ربما يعجز أي من الثوابت (المؤسسات) السياسية عن تشكيل‬
‫البيئة السياسية لبلد ديمقراطي بصورة أكثر فاعلية من نظامه االنتخابي وأحزابه السياسية‪ ،‬كما أن أيا منها‬
‫ال يظهر تنويعا أكبر مما يظهره ذلك النظام االنتخابي والحزبي (‪ ).....‬وتتنوع األنظمة اإلنتخابية بشكل‬
‫غير متناه‪ .‬يرجع أحد اسباب هذا التنوع الكبير إلى أنه ال يوجد أي نظام انتخابي بإمكانه تلبية كل‬
‫المعايير التي يمكننا تقويمه بواسطتها‪ .‬يمكننا إجراء بعض التبديالت في العادة‪ .‬يعني ذلك أنه لو اخترنا‬
‫‪3‬‬
‫أحد األنظمة فسوف يكون بإمكاننا تحقيق بعض القيم على حساب قيم أخرى"‪.‬‬
‫تعتمد الدولة الجزائرية نمط التمثيل النسبي ؛"التمثيل النسبي يفضل العدالة أو المساواة اإلنتخابية‬
‫عن الفعالية السياسية في حدود ضمان التمثيل األكثر وفاءاً ممكن بمختلف تيارات الرأي"‪ 4.‬كآلية فرز‬
‫لنسبة تمثيل القوى السياسية الفائزة بالمقاعد في المجالس الشعبية الوطنية والمحلية؛ وذلك بعد أن جربت‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe Foillard, Droit constitutionnel et institutions politiques, (France: centre de‬‬
‫‪publications universitaires, 2000),. PP.75, 85.‬‬
‫‪ -2‬نقال عن‪ :‬عصام الدبس‪ ،‬النظم السياسية‪ :‬أسس التنظيم السياسي‪ ( ،‬بيروت‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،)2212‬ص‬
‫‪ ،144‬في‪ :‬عبد القادر دندن‪ " ،‬من أجل انتخابات فعالة في وطننا العربي‪ :‬جوهر العملية اإلنتخابية في الممارسة‬
‫الديموقراطية "‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬العددان ‪ 14‬و‪( ، 42‬د‪.‬س‪.‬ن) ص‪.‬ص ‪.41-12‬‬
‫‪ -3‬روبرت دال‪ ،‬عن الديمقراطية‪ .‬ترجمة‪ :‬سعيد محمد الحسنية‪ ( ،‬لبنان‪ :‬شركة المطبوعات للتوزيع والنشر‪ ،‬ط‪)2214 ،1‬‬
‫‪ ،‬ص ص ‪. 162 ،161‬‬
‫‪4 -Philipe Foillard , op cit, P.82.‬‬

‫‪95‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫نمط تمثيل األغلبية سنة ‪ 1442‬بعد اإلنفتاح الديمقراطي حيث نتج عنه فوز كاسح للجبهة اإلسالمية‬
‫‪‬لالنقاذ‪ 1‬في محليات جوان ‪ 1442‬وتشريعيات ‪ .1441‬االعتقاد السائد عن هذا النمط النسبي أنه يتيح‬
‫لألقليات السياسية في ديمقراطية تعددية حظوظا للتمثيل في المجالس المنتخبة بنسب متفاوتة ويمنع آليا‬
‫بروز تيارات قوية تحتكر التمثيل‪.‬‬
‫يخضع انتخاب المجالس الشعبية المحلية (البلدية والوالئية) لنفس أحكام نظام التمثيل النسبي مع‬
‫تطبيق قاعدة الباقي األقوى‪ ،‬وذلك بعد تحديد المعامل االنتخابي في كل دائرة انتخابية (بلدية) وعددها‬
‫‪ 1541‬دائرة وهو نفس عدد البلديات‪ 2،‬و‪ 41‬دائرة انتخابية وهو نفس عدد الواليات كدوائر انتخابية؛ ويتم‬
‫حساب المعامل االنتخابي بطريقة رياضية لكل دائرة انتخابية؛ والذي يساوي ناتج قسمة عدد األصوات‬
‫المعبر عنها في دائرة انتخابية على عدد المقاعد المطلوب شغلها ضمن نفس الدائرة اإلنتخابية‪ ،‬ومن ثمة‬
‫تحصل كل قائمة على عدد المقاعد بقدر عدد المرات التي حصلت فيها على المعامل االنتخابي‪ .‬ال تؤخذ‬
‫في الحسبان عند توزيع المقاعد‪ ،‬القوائم التي لم تحصل على ‪ % 1‬من األصوات المعبر عنها على‬
‫األقل‪.3‬‬
‫‪5‬‬
‫ومنع‬ ‫حدد النظام االنتخابي المكرس في القانون العضوي شروطا للناخب‪ 4‬وشروطا للمترشح‬
‫أصنافا من األعوان العموميين؛‪ 6‬واإلطارات والموظفين من الترشح لالنتخابات المحلية إال بعد مرور سنة‬
‫من توقفهم عن العمل في دائرة اختصاص ممارستهم ‪.‬أو سبق وأن مارسوا فيها‪ ،‬وذلك بغرض ضمان‬
‫حياد العملية اٌإلنتخابية ونزاهتها‪ .‬يالحظ على الشروط المطلوبة في العملية اإلنتخابية بالنسبة لكل من‬
‫الناخب والمترشح أنها تركز كثي ار على تمتع كالهما بالحقوق المدنية والسياسية؛ وما يستتبع ذلك من‬
‫إجراءات تحقيق إدارية وأمنية خاصة بالنسبة للمترشحين‪ .‬وذلك حفاظا على النظام العام وأمن المجتمع‪.‬‬
‫ويتولى القضاء اإلداري مراقبة عملية الترشيحات وايداع الملفات ومعالجة التجاو ازت المحتملة من طرف‬
‫اإلدارة (مديرية التنظيم والشؤون العامة) عند فحص ودراسة ملفات الترشح‪ .‬وتقدم الترشيحات باسم‬
‫األحزاب السياسية التي تحصلت في أخر انتخابات محلية على أكثر من ‪ %4‬من األصوات المعبر عنها‬

‫‪1 -Rachid Tlemçani, Walid Laggoune, Abdel Nasser DjabI, Etude sur les élections‬‬
‫‪locales, du 27 novembre 2007, P.28.‬‬
‫‪ -2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 342 -12‬المؤرخ في ‪ 2212 - 24 -12‬الذي يحدد عد المقاعد المطلوب شغلها‬
‫النتخابأعضاء المجالس الشعبية البلدية والوالية ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 51‬الصادرة بتاريخ ‪. 2212 - 24 - 16‬‬
‫‪ - 3‬القانون العضوي رقم ‪ 12 -16‬المتعلق بنظام االنتخابات المؤرخ في ‪ 5812 /80/ 52‬جريدة رسمية عدد ‪52‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ ، 2216 /21 /21‬المواد ‪ 11 - 66‬منه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع‪ ،‬المواد ‪ 5 - 4- 3‬و‪.14‬‬
‫‪ -5‬نفس المكان‪.‬‬
‫‪- 6‬نفس المرجع ‪ .‬المواد ‪ 11‬و ‪.13‬‬

‫‪96‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫في الدائرة اإلنتخابية المترشح فيها‪ .‬أو من طرف األحزاب السياسية التي تتوفر على ‪ 12‬منتخبين على‬
‫‪‬األقل في المجالس الشعبية المحلية للوالية المعنية‪ .‬في حالة تقديم الترشح تحت رعاية حزب سياسي ال‬
‫يتوفر على الشرطين السابقين‪ ،‬أو تحت رعاية حزب سياسي يشارك ألول مرة‪ ،‬أو تقديم ترشيح تحت قائمة‬
‫حرة‪ ،‬يجب أن يدعمها على األقل بـ‪ 52‬توقيعا من ناخبي الدائرة اإلنتخابية المعنية فيما يخص كل مقعد‬
‫قيودا أو عر ًّ‬
‫اقيال تعجيزية خاصة في البلديات ذات‬ ‫مطلوب شغله‪.1‬اعتبرت بعض األحزاب هذه الشروط‪ًّ ،‬‬
‫الموقع مجبر على اال‬
‫الكثافة السكانية الضعيفة‪ ،‬لتجميع ‪ 52‬توقيعا عن كل مقعد يراد شغله‪ .‬مع العلم أن َّ‬
‫يوقع اكثر من استمارة واحدة ألي مترشح تحت طائلة البطالن‪ .‬كما يالحظ أيضا عند دراسة شروط‬
‫الترشح‪ :‬خلوها من مطالبة المترشحين بمؤهالتهم العلمية والمهنية‪ ،‬وذلك ربما يعود لطبيعة العهدة‬
‫اإلنتخابية المرتبطة أساسا باالختيارات السياسية أكثر منها تمثل وظيفة رسمية‪ 2.‬مرتبطة بالحظ والثقافة‬
‫السياسية التي ينشأ عليها قادة األحزاب ومناضلوها في اصطياد الفرص المواتية للتمثيل السياسي والتعبير‬
‫عن المصالح ‪.‬‬
‫رغم وجود النص القانوني المنظم للعملية اإلنتخابية‪ ،‬إال أنه لم يتمكن من حسم الجدل السياسي‬
‫حول ظاهرة االنتخاب باعتبارها حقا وواجبا في نفس الوقت‪ .‬إلجبار المواطن على المشاركة؛ وذلك نظ ار‬
‫لمآل العملية اإلنتخابية وصيرورتها المفصلية في األدبيات الديموقراطية؛ نتيجة فقدان الثقة في المسار‬
‫االنتخابي والذي ال يعكس امال التغيير المتوخاة منه‪ ،‬لتصبح وكأنها ترقية اجتماعية‪ ،‬لمن يبحث عنها في‬
‫ظل نضوب مفزع للكفاءات والنخب النزيهة عن االندماج في المسار االنتخابي‪ ،‬بسبب تحكم السلطة‬
‫السياسية فيه‪ .‬بغرض المحافظة على استقرار األوضاع‪ ،‬وتفادي تنظيم انتخابات حرة وحقيقية‪ ،‬قد تؤدي‬
‫إلى انتقال ديمقراطي على شكل قوى صاعدة تزيح الذهنيات التقليدية التي شاخت في مناصبها وتخشى‬
‫التغيير وترهن وجودها بوجود الدولة بكل مكوناتها‪ .‬لتبدو االنتخابات وكأنها عملية روتينية ال تقدم وال‬
‫تؤخر في األمور شيئا‪ .‬إال تبديل ديكورات الحمالت اإلنتخابية التي ما تلبث تجتر نفس الوعود الخطابية‬
‫وال يعرف "هواتها" طبيعة المهام التي تنتظرهم‪ ،‬همهم الوحيد هو التربع على مقاعد المجالس المحلية‬
‫للظفر ببعض االمتيازات نتيجة نظام التعويضات المالية الذي يشجع بعض الفئات على تحسين مواردها‬
‫المالية؛ السيما البطالين والمتقاعدين‪ ،‬الذين يخدمهم هذا االستدراج إلى المناصب في الجماعات المحلية‬
‫في أي عهدة انتخابية قد تتاح لهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬القانون العضوي رقم ‪ 12 - 16‬المواد ‪ ، 14 - 12‬نفس المرجع ‪.‬‬


‫‪ - 1‬في دول االتحاد األوروبي تلعب األحزاب دو ار هاما في تكوين القيادات السياسية و بالتالي ال يدرج شرط الكفاءة أو‬
‫الشهادات في الترشح على أساس أن المنافسة اإلنتخابية هي التي تمكن من فرز و انتقاء النخب و الكفاءات‪ :‬أنظر‪:‬‬
‫‪Conseil des communes et des régions d'Europe. Statut des élus locaux en Europe.‬‬
‫‪décembre 2010 (www.ccre.org). P 14.‬‬

‫‪97‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تطبيق أحكام التمثيل النسبي في تشكيل التركيبة السياسية للمجالس الشعبية المحلية‪ ،‬ال يسمح‬
‫‪‬للقائمة الفائزة بأغلبية المقاعد للحصول على النصاب القانوني المطلوب‪ ،‬التخاذ مداوالت قانونية وشرعية‬
‫السيما عند المصادقة على تشكيل الهيئة التنفيذية البلدية ورؤساء اللجان‪ ،‬وانتخاب رئيس المجلس الشعبي‬
‫الوالئي ونوابه ورؤساء اللجان؛ حيث يفترض حصول نسبة تصويت األعضاء بأغلبية مطلقة‪ .‬وهنا يفتح‬
‫المجال لنسج لعب سياسية عبر تحالفات مبنية على تبادل المصالح والتنازالت‪ ،‬أو التفاوض حول توزيع‬
‫المناصب لسد العجز القانوني الوارد في النص‪ .‬غالبا ما ال تكترث مثل هذه التحالفات بأولويات المصلحة‬
‫العامة في خضم البحث المستمر عن تحصين المكاسب السياسية‪ ،‬التي هي باألساس مزايا يستفيد منها‬
‫الشخص المنتخب‪ ،‬وال تعود للحزب أو الجماعة التي ساهمت في الفوز بالمقاعد‪ .‬وهنا يالحظ إهمال‬
‫القواعد االنضباطية داخل األجهزة الحزبية‪ .‬نتيجة ضعف هذه األحزاب وتحولها من مؤسسات للتنشئة‬
‫السياسية إلى شبه قاعدة تجارية لممارسة "االسترزاق السياسي"‪ .‬بعد أن سيطر عليها بعض ذوو المال‬
‫السياسي ؛ ابتداءا من ترتيب المترشحين في القوائم إلى شراء ذمم المصوتين‪ ،‬وصوال إلى اإلغراء واالبتزاز‬
‫في تشكيل التوازنات السياسية داخل الهيئات التنفيذية ‪ ،‬لالستحواذ والسيطرة على توجيه نشاط المؤسسة‬
‫البلدية‪ ،‬طبقا إلرادة هذه المقاوالت السياسية أو من يقف وراءها في المحيط المؤسساتي‪ ،‬بغرض استرجاع‬
‫تكاليف الخدمات الزبائنية وتثبيت سطوتها في إعادة صياغة االختيارات التنموية‪ ،‬وتحديد أدوار الفاعلين‬
‫التقليدين وتسهيل ولوج فاعلين جدد لصناعة السياسة العامة اإلقليمية‪ ،‬واالستفادة من القدرات االقتصادية‬
‫المتوفرة محليا ‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يراهن هؤالء القادمون على التخطيط للظفر بمقاعد في مجلس األمة‪ ،‬وهي‬
‫مناسبة دورية لتعزيز النفوذ والعالقات المصلحية وترقيتها الوجهة المالئمة‪.‬‬
‫‪ -5-1‬إدارة العملية اإلنتخابية ‪:‬‬
‫تكتسي العملية اإلنتخابية أهمية خاصة لدى السلطات العمومية‪ ،‬لذلك تعمل هذه األخيرة على‬
‫توفير كل الظروف والوسائل إلنجاحها؛ ألنها تنظر لها على أنها مقياس لشرعيتها المحلية‪ ،‬ومحدد واضح‬
‫لطبيعة العالقة السياسية بين المواطن والدولة‪ .‬يعتمد الرهان االستراتيجي في كل عملية انتخابية على‬
‫مستوى المشاركة اإلنتخابية التي تعتبر بدورها صيغة نمطية ودورية للتجديد والتغيير أو لالستم ارر والبقاء‬
‫في الحكم عبر اآلليات اإلنتخابية التي جعلت لهذا الغرض‪ .‬ويتساوى في ذلك كل من اإلدارة العامة‬
‫واألحزاب السياسية أو القوى األخرى المشاركة في المواعيد اإلنتخابية‪ .‬بنص القانون‪ ،‬تجري االستشارات‬
‫اإلنتخابية تحت مسؤولية اإلدارة‪ ،‬التي يلتزم أعوانها إلتزاما صارما بالحياد إزاء األحزاب السياسية و‬
‫المترشحين‪ 1.‬وال ينازع اإلدارة العمومية المركزية (و ازرة الداخلية والوالة) ؛ أي هيئة أخرى في تنظيم‬

‫‪ 1‬القانون العضوي رقم ‪ 12 - 16‬المتعلق بنظام االنتخابات‪ ،‬المادة ‪ 164‬منه ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫* بلغ تعداد الهيئة الناخبة في االنتخابات المحلية ‪ 22 :2211-11-23‬مليون و‪ 133‬ألف و‪ 112‬ناخب‪.‬‬
‫‪.2211 - 11 - 24 www.interieur.gov.dz‬‬

‫‪98‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫وتسيير العملية اإلنتخابية من بدايتها إلى نهايتها‪ .‬يجب التمييز عند دراسة اإلدارة اإلنتخابية في الجزائر؛‬
‫‪‬بين المراحل التي تمر بها العملية اإلنتخابية واألطراف المشاركة فيها‪ .‬نالحظ أن هذه المراحل هي‬
‫خطوات إجرائية وتنظيمية محددة وفق أجال واهداف معينة؛ وهي بالضرورة متكاملة ذات غاية واحدة‬
‫ويمكن حصرها في حوالي ثمان (‪ )21‬مراحل مصيرية ‪:‬‬
‫‪ )1‬استدعاء الهيئة الناخبة‪*1.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ )2‬المراجعة العادية واالستثنائية للقوائم اإلنتخابية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ )3‬إعالن الدوائر اإلنتخابية (البلدية والوالئية)‪.‬‬
‫‪ )4‬إعداد مراكز و مكاتب التصويت وتوزيع الناخبين ‪*4.‬‬
‫‪ )5‬تسخير األعوان اإلداريين لإلشراف على العملية اإلنتخابية ‪* 5.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ )6‬تنظيم إدارة الحملة اإلنتخابية‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ )1‬االقتراع و التصويت‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ )1‬الفرز و إعالن النتائج والطعون‪.‬‬
‫تقوم الدولة‪ ،‬عبر إداراتها العمومية بتجنيد إداري واسع واستثنائي لكل الموارد التي تملكها إلدارة‬
‫المسار االنتخابي؛ ال سيما الجانب المالي واألمني؛ حيث تعمل على اثارة حركية المجتمع السياسي‬
‫وامتداداته الفرعية؛ بغرض توسيع قاعدة المشاركة السياسية للمواطنين واضفاء نوع من المشروعية على‬
‫العملية اإلنتخابية ‪ .‬طالما أن االنتخاب هو موضوع تجاذبات سياسية‪ ،‬قد تصل أحيانا إلى تبادل‬

‫‪ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬المادة ‪ 25‬منه‪.‬‬


‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ .‬المادة ‪ 14‬منه‪.‬‬
‫‪3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪342 - 12‬المؤرخ في ‪ 2212-24-12‬الذي يحدد المقاعد المطلوب شغلها النتخاب‬
‫أعضاءالمجالس الشعبية البلدية و الوالئية‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 23 - 11‬المؤرخ في ‪ 2211 - 21 - 11‬الذي يحدد قواعد تنظيم مركز ومكتب التصويت‬
‫وسيرهما‪ .‬جريدة رسمية عدد ‪ 24‬صادرة بتاريخ ‪.2211 - 21 - 25‬‬
‫* بلغ عدد مكاتب التصويت في انتخابات ‪ 55.116 : 2211 - 11 - 23‬مكتب و ‪ 12.443‬مرك از‪.‬‬
‫‪ 5‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 22 - 11‬المؤرخ في ‪ 2211 - 21 - 11‬المحدد للتعويضات الممنوحة لألشخاص المسخرين‬
‫أثناء تحضيرو إجراء االنتخابات‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ .24‬الصادرة بتاريخ ‪.2211 - 21 - 25‬‬
‫* بلغ عدد المؤطرين في االنتخابات المحلية يوم ‪ 423.234 : 2211 - 11 - 23‬مؤطر ‪.‬‬
‫‪6‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 331 - 16‬المؤرخ في ‪ 2216 - 12 - 16‬الذي يحدد كيفيات إشهار الترشيحات لالنتخابات ‪،‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 15‬صادرة بتاريخ ‪ . 2216 - 12 - 21‬و المادة ‪ 113‬من القانون العضوي المتعلق باالنتخابات‪،‬‬
‫مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 7‬قانون االنتخابات‪ .‬المادة ‪ .33‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪8‬قانون االنتخابات المادة ‪ 41‬و ‪ .112‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫االتهامات وعدم الثقة بين اإلدارة واألحزاب السياسية؛ عمدت السلطة إلى إشراك القضاء في اإلشراف على‬
‫‪‬إجراء االنتخابات المحلية إلى جانب و ازرة الداخلية ممثلة في الوالة ورؤساء الدوائر‪ .‬وابعاد منظم وهادئ‬
‫للمنتخبين المحليين كونهم هدفا للعملية من منطلق المترشحين؛ حيث يترأس القضاة اللجان اإلنتخابية‬
‫البلدية‪ ،‬ويشكلون بعضوية كاملة ومطلقة اللجان اإلنتخابية الوالئية‪ 1.‬ودور هذه اللجان اإلنتخابية يكون‬
‫تقنيا ليس إال‪ ،‬يتلخص في جمع واحصاء األصوات وتوزيع المقاعد المتضمن في محاضر الفرز‪ ،‬في‬
‫مراكز ومكاتب التصويت لكل دائرة انتخابية بلدية أو والئية لكل قائمة مترشحين؛ في حين تعمل اللجنة‬
‫اإلنتخابية الوالئية على تجميع النتائج النهائية التي سجلتها وأرسلتها اللجان اإلنتخابية البلدية ‪ .‬و ذلك‬
‫عبر التدقيق والفحص المقارن للمعطيات الواردة إليها لمختلف محاضر الفرز ومدى تطابقها مع القانون‬
‫العضوي المتعلق باالنتخابات والنصوص التنظيمية المكملة له‪ .‬وق اررات اللجنة اإلنتخابية الوالئية قابلة‬
‫للطعن أمام المحكمة اإلدارية المختصة إقليميا‪.‬‬
‫يالحظ الدور المحوري الذي تتواله السلطات اإلدارية كامتداد للسلطات السياسية‪ ،‬في تسيير‬
‫العملية اإلنتخابية‪ .‬وادراج القضاء في الرقابة والمتابعة القبلية واآلنية والبعدية‪ ،‬بقدر ما هو محاولة لتنزيه‬
‫اإلدارة اإلنتخابية عن كل الميول السياسية والحزبية‪ ،‬إال أنه يبقى ذو تأثير محدود ونسبي‪ ،‬في تحقيق‬
‫انتخابات ذات مصداقية ونزاهة تؤهلها حقيقة فيما بعد للعب أدوا ار تسييرية عقالنية وفاعلة للشؤون‬
‫المحلية ؛ ثم يمكن التساؤل عن جدوى إخضاع جزء مهم من العملية اإلنتخابية إلشراف قضائي ثم السماح‬
‫بالطعن في ق اررات هذه اللجان اإلنتخابية الوالئية أمام القضاء اإلداري‪ .‬ربما االعتقاد الراسخ لدى العديد‬
‫من المالحظين يتعلق باستقاللية الجهاز القضائي عن السلطة التنفيذية‪ ،‬الزال نسبيا وينظر له على أنه‬
‫مجرد وظيفة إدارية تخضع لمنطق الحلول السلطوي الفوقي‪.‬‬
‫يلجأ النظام السياسي‪ ،‬إلى اتخاذ تدابير إضافية متحكم فيها إلى جانب اإلشراف القضائي؛ حيث‬
‫أنشأ الهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات بموجب قانون عضوي‪ 2.‬هدفها رقابة االنتخابات‪ ،‬تتكون من‬
‫من ‪ 018‬أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بالتساوي بين قضاء يقترحهم المجلس األعلى للقضاء وكفاءات‬
‫‪3‬‬
‫من طرف لجنة خاصة يترأسها رئيس المجلس‬ ‫مستقلة يتم اختيارهم من ضمن المجتمع المدني‪،‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي وفق شروط معينة‪ 4.‬الرقابة المستقلة لالنتخابات أمر معقد وصعب‪ ،‬ودليل ذلك‬

‫‪ 1‬قانون االنتخابات‪ .‬المادة ‪ . 154‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬القانون العضوي رقم ‪ 11 - 16‬المؤرخ في ‪ 2216 - 21 - 25‬المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات‬
‫‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ، 52‬الصادرة بتاريخ ‪ 2216 - 21 - 21‬و نصوصه التطبيقية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنظر المواد ‪. 1 - 1 - 6 - 5 - 4‬من القانون العضوي المذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 212 - 16‬المؤرخ في ‪ 2216 - 12 - 24‬الذي يحدد تشكيلة وسير اللجنة الخاصة‬
‫المكلفةباقتراع أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات‪ ،‬بعنوان الكفاءات المستقلة من ضمن المجتمع المدني‬
‫وكذا كيفيات الترشيح لعضوية الهيئة العليا بهذه الصفة ‪ .‬جريدة رسمية عدد ‪ 63‬صادرة بتاريخ ‪.2216 -12 - 32‬‬

‫‪100‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫سواء تم استبعاد األحزاب السياسية من هيئات الرقابة أم تم تعيينها كما كان الحال مع اللجان السياسية‬
‫‪‬لمراقبة االنتخابات المحلية أو البرلمانية أو الرئاسية‪ .‬فاألمر سيان‪ ،‬نتيجة غياب الثقة ونقص اإلرادة‬
‫السياسية وضعف األحزاب السياسية وانتهازية بعض ممثلي قاعدتها النضالية في تفضيل المصالح‬
‫الشخصية عن المصالح العامة المحلية ‪.‬‬
‫تشكل اإلدارة العمومية بمفهومها الواسع الطرف األكثر تأثي ار في إدارة العملية اإلنتخابية بعد أن‬
‫استغنت عن المالحظين الدوليين‪ ،‬وفتحت المجال للقضاء لإلشراف والمتابعة لكل مراحل العملية‬
‫اإلنتخابية؛ وتبقى األطراف األخرى كالمترشحين تساير العملية وال تملك أدوات الضغط الكافية لردع‬
‫التجاوزات المحتملة‪ ،‬السيما بعد أن مكنتها القوانين من الحصول على نسخ من محاضر الفرز واحصاء‬
‫األصوات المتحصل عليها لدى كل المترشحين‪ .‬وبالتالي تلجأ هذه األحزاب إلى إتهام اإلدارة بالتزوير‬
‫وعدم النزاهة؛ وان تقدمت بالطعن لدى الجهات القضائية ال يمكنها إثبات ذلك إال في حدود ضيقة جداً‬
‫كاألخطاء المادية في عد األصوات مثال‪....‬‬
‫‪ -3-1‬عالقة اإلرادة الشعبية بالشرعية اإلنتخابية ‪:‬‬
‫يتوقف جوهر العملية الديمقراطية على طبيعة العالقات التي تنشأ بين الناخبين والمنتخبين ليس فقط‬
‫في المجالس الشعبية المحلية وانما حتى الوطنية منها؛ وتعتبر هذه العالقات محددات أو ضوابط دالة‬
‫ومفسرة لشرعية ظاهرة التمثيل السياسي المؤسسي‪ ،‬من حيث الكفاءة وااللتزام بقضايا المجتمع المحلي‬
‫الذي تستمد منه الجماعات اإلقليمية مبررات وجودها‪ .‬واذا كان االهتمام ينصب على اآلليات الديمقراطية‬
‫المعتمدة في التعبير عن القناعات أو االختيارات الكبرى في المجتمع فإنه ال مناص من ضرورة معالجة‬
‫قضية االنتخابات كأبرز أسلوب اخترعته البشرية النتقاء أفضل أو أمثل السياسيين والمسيرين إلدارة‬
‫الشؤون العامة المحلية؛ من حيث أنه أداة الكتشاف حجم اإلرادة العامة وحدودها‪ ،‬والتي هي مصدر كل‬
‫السلطات العمومية في الدولة وباعتبارها كذلك المصدر الطبيعي األول المتالك الشرعية السياسية تمثيال‬
‫وممارسة‪ .‬تستعمل االنتخابات في األغلبية الساحقة من المجتمعات لفهم طبيعة العالقة الموجودة بين‬
‫االرادة الشعبية (المجتمع‪ /‬الناخبون) والشرعية اإلنتخابية (السلطات المحلية المنتخبة)؛ ويكيف بعض‬
‫‪1‬‬
‫المفكرين الدور االجتماعي والسياسي لالنتخابات في نطاق الوظائف التالية ‪:‬‬
‫االنتخابات لها وظيفتين معلنتين‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫اختيار االتجاه السياسي والنظرة حول العالم واألفكار والبرامج‪.‬‬ ‫أ)‬
‫ب) اختيار الممثلين الذين لهم هذه األفكار واالتجاهات‪.‬‬
‫لالنتخابات ثالث وظائف اجتماعية خفية ‪:‬‬ ‫‪)5‬‬
‫الشعور بالهوية المجتمعية ‪.‬‬ ‫أ)‬

‫‪1 -Patrick Lehingue, Le vote , Op.cit, 37.‬‬

‫‪101‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ب) شرعنة الممثلين وانتماؤهم الفئوي ‪.‬‬


‫ت) التسوية السلمية لنزاع المصالح والحد من العنف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال تظهر أثار هذه الوظائف إال إذا تميزت العملية اإلنتخابية بالمصداقية والنزاهة والحرية وتوفرت‬
‫بعض المعايير األساسية فيها؛ ولعل أبرزها ما صاغته منظمة التعاون واألمن في أوربا ‪ ،‬ضمن خمسة‬
‫‪1‬‬
‫(‪ )25‬معايير ‪:‬‬
‫االنتخاب باالقتراع العام عبر دورات منظمة‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫السلطة التنفيذية مسؤولة مباشرة أمام الهيئة الناخبة أو المشرعون المنتخبون‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫الفصل الواضح بين األحزاب السياسية والدولة ‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫حق المواطنين في الترشح وتشكيل األحزاب ‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫التصويت بورقة سرية وفرز نزيه وعام‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫مهما اختلفت خلفيات وضع المعايير وتحديد الشروط الموضوعية إلجراء اي انتخابات‪ ،‬فإن‬
‫المحدد الفاصل في العملية بكلياتها وأبعادها يكاد ينحصر في عامل حركي مركب وهو‪" :‬حرية االختيار‬
‫والمشاركة" من قبل المواطنين وقواهم التمثيلية من جهة؛ وابداء نية و إرادة حقيقية من قبل السلطة‬
‫السياسية لقبول التداول السياسي على إدارة مؤسسات الدولة‪ .‬وذلك بسبب فقدان ظاهرة "االنتخاب" معناها‬
‫في وسط المجتمع والناخبين‪ ،‬حيث أصبحت ال تعبر عن وجود ديمقراطية‪ ،‬وانما مجرد مواعيد تسوى بها‬
‫وضعيات في آجال زمنية معينة‪ ،‬وال تؤدي إلى تغيير ملموس في أوضاع القطاعات العامة التي تشكل‬
‫اإلطار المعيشي للمواطن‪ .‬تراجعت قيم الممارسة اإلنتخابية‪ ،‬و شكلت "صدمة سنوات ‪ 1442‬و‪"1441‬‬
‫إنذا ار بعدم جدوى هذه االنتخابات‪ ،‬بعد أن عرفت مشاركة قياسية من قبل الناخبين أكثر من ‪ %65‬في‬
‫محليات جوان ‪ ،1442-26-12‬واكثر من ‪ %54‬في تشريعات ‪ ،1441‬وذلك نتيجة المنافسة السياسية‬
‫بين التيارات الثقيلة في المجتمع للفوز بمراكز السلطة المحلية والتشريعية‪ ،‬مع بداية أول انتخابات تعددية‬
‫في مستهل االنفتاح الديمقراطي الذي وعد به دستور ‪ 23‬فيفري ‪.1414‬‬
‫‪ -‬نتج عن تدخل السلطة السياسية في توجيه السلوك االنتخابي للمواطن واضعاف األحزاب السياسية‬
‫‪ ،‬تزايد نسبة العزوف االنتخابي أو كما يسميها البعض المقاطعة اإلنتخابية‪ 2.‬و عدم إيالء أي اهتمام‬
‫شعبي لها‪ ،‬بسبب ازمة الثقة بين اطراف العملية‪ .‬والتي أصبحت تشكل قيمة سياسية في حد ذاتها‪.‬مفادها‬
‫أن السلطة ال تسمح ببروز قوى سياسية ذات تمثيل اجتماعي نشط يمكن له منافسة النخب القيادية‬
‫الرسمية المتواجدة نسقيا في كل أجهزة الدولة اإلدارية والسياسية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالمنتخبون المحليون ال‬

‫‪1 Ibid, p17.‬‬


‫‪2- Françoise Subileau, « L'abstention aux élections municipales de 2001: rupture ou‬‬
‫‪confirmation? » Revue politique et parlementaire, n° 1011, (2001), pp. 46- 54.‬‬

‫‪102‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫يستطيعون فعل الكثير أمام سطوة النزعة المركزية التي تقيد صالحيتهم القانونية عن طريق الضغط‬
‫‪‬والعرقلة بل وحتى توظيف التلويح بالمتابعة األمنية والقضائية ضدهم في حال خروجهم عن إرادة السلطة‬
‫السياسية ‪.‬‬
‫نسبة المشاركة تتراوح بين ‪ %44.26‬في سنة ‪ 2212‬و‪ % 46.43.‬في سنة ‪ 2211‬في‬
‫االنتخابات المحلية‪ .‬ويالحظ فيها ظاهرة األوراق الملغاة والتي تقدر بأزيد من مليون ورقة‪ ،‬وهي تعبر عن‬
‫الخوف من اإلجراءات البيروقراطية التي قد تلجأ إليها اإلدارة إلجبار المواطن على تقديم بطاقة الناخب‬
‫مؤشر عليها بدمغة انتخابية‪ ،‬ضمن الوثائق اإلدارية للحصول على خدمة ما ‪.‬‬
‫كما يالحظ أيضا أن العزوف يعكس مستوى آخر يتمثل في ضعف إقدام الكفاءات العلمية والمهنية‬
‫على الترشح لالنتخابات المحلية نتيجة عدم ثقتهم في العملية اإلنتخابية‪ ،‬وفشل األحزاب السياسية‪ ،‬مما‬
‫فسح المجال لظهور فئات هامة من االنتهازيين لمأل هذا الفراغ وتعويضه بوجوه تبحث فقط عن مصالحها‬
‫الشخصية‪ .‬وبالتالي تكون مستكينة وتنهج مسلك الموظف العمومي لما تبديه من اإلذعان والخضوع‬
‫لمنطق اإلدارة العمومية‪ ،‬وتتنصل بسهولة من التزاماتها اإلنتخابية أمام الناخبين‪ .‬وعليه يمكن مقاربة‬
‫"الروح اإلنتخابية" على ضوء المظاهر التالية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .1‬االنتخابات كترقية اجتماعية ( هدف المنتخبين )‪.‬‬
‫‪ .2‬االنتخابات ال تؤدي إلى تغيير أو تداول سياسي ( المحافظة على األوضاع ) ‪.‬‬
‫‪ .3‬غلبة الطابع اإلداري للعملية اإلنتخابية على طابعها السياسي ‪.‬‬
‫‪ .4‬انتقال السلوك االنتخابي للمواطن من سلوك سياسي إلى سلوك اجتماعي (منفعة او خدمة خاصة‪.)...‬‬
‫يلعب السلوك االنتخابي للمجتمع المحلي دو ار حاسما في " شرعنة عمل السلطات المحلية " ‪La‬‬
‫‪ légitimation de l'action des pouvoirs locaux.‬ويؤهلها للتمتع بشرعية سياسية وادارية لخدمة‬
‫المجتمع المحلي الذي اختارها للعهدة اإلنتخابية‪ .‬فاالختيارات السياسية تكون شرعية إذا عكست إرادة‬
‫الشعب معتمدة على العهدات اإلنتخابية‪ ،‬وق ارراتهم (المنتخبون) تكون شرعية بشرط أن تفضل إسعاد‬
‫‪2‬‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫إذا كانت اإلرادة الشعبية هي مصدر الشرعية السياسية عبر اآللية اإلنتخابية؛ فإن اإلرادة القاعدية‬
‫لممارسة السلطة السياسية على مستوى الجماعات اإلقليمية‪ ،‬لم تتحرر من هيمنة الروح المركزية التي‬

‫‪ - 1‬أنظر‪ :‬عبد الرحيم العطري‪ ،‬سوسيولوجيا األعيان‪ :‬آليات إنتاج الوجاهة السياسية‪( ،‬المغرب‪ :‬الرباط‪ ،‬مطبعة طوب‬
‫برس‪ ،‬ط‪ ،) 2213 ، 1‬ص ‪.131‬‬
‫‪2 -Pascale‬‬ ‫‪Laborie, « légitimité » in: Dictionnaire des politiques publiques (Dir) Laurie‬‬
‫‪Boussaguet, Op. Cit, P335.‬‬
‫* العديد من النخب السياسية الفرنسية ترعرعت في العهدات المحلية ثم انتقلت إلى الو ازرات أو حتى رئيس جمهورية ‪.‬‬
‫** رئيس تركيا الحالي ( رجب طيب أر دوغان ) كان رئيس بلدية إسطنبول قبل أن يتقلد رئاسة تركيا‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تمثلها نواة النخب المسيرة لمقتضيات العمل العمومي‪ ،‬وتسعى مع كل دورة انتخابية محلية إلى "تحييد‬
‫‪‬قانوني" وفق حسابات سياسية‪ ،‬للنخب المحتمل منافستها واعادة بناء نماذج التنمية المحلية كأولويات‬
‫مجتمعية تراعي الخصوصيات المحلية بالدرجة األولى‪ .‬وهذا النوع من القيادة السياسية القائم على توسيع‬
‫قاعدة المشاركة في رسم السياسة المحلية‪ ،‬ينظر له من طرف ممثلي النظام السياسي القائم كتهديد لوجوده‬
‫ألنه يؤدي في النهاية إلى ميالد شرعية محلية‪ ،‬ليس فقط تنازعها المجال العام و إنما قد تفضي إلى‬
‫استجماع الشروط الموضوعية لفرض بدائل سياسية صاعدة‪ .‬لها قدرة االنتشار والتأثير واالستقطاب‬
‫الوطني؛ وهذا أمر غير بعيد المنال طالما أن هناك نماذج عالمية ناجحة فيه ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العهدة االنتخابية المحلية‪:‬‬
‫إن أبرز نتيجة تتمخض عن عالقة اإلرادة الشعبية بالشرعية االنتخابية في سياق آليات التمثيل‬
‫السياسي في إدارة الجماعات اإلقليمية‪ ،‬هي تلك الرابطة التي تنشأ بين طرفي المعادلة االنتخابية (الناخب‬
‫والمنتخب)‪ ،‬والتي تعبر في جزئيتها عن إحدى صور العقد االجتماعي الذي يربط المجتمع بالدولة في‬
‫كليتها الوطنية‪ :‬والتي يطلق عليها في الثقافة االنتخابية '' العهدة االنتخابية''‪ .‬اذ تبلغ أوج تعبيراتها كلما‬
‫كانت درجة المشاركة السياسية أكثر فعالية ومساءلة وأوسع قاعدة عند صناعة ق ارراتها لمعالجة قضايا‬
‫المجتمع المحلي ‪.‬‬
‫بغض النظر عن اإلطار القانوني الذي يحكم محتوى ومقتضيات العهدة االنتخابية‪ 1،‬فإن التحليل‬
‫الوظيفي ينصب حول المتغيرات التي تعكس الدالالت السياسية؛ بمؤشراتها المؤسسية والنظمية التي تجعل‬
‫من'' العهدة'' مصد ار حقيقيا لممارسة السلطة المحلية بشقيها السياسي واإلداري‪ .‬وهنا تستعمل ''مقوالت''‬
‫‪« mandat‬‬ ‫الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬كمرادفات متكاملة للوصف السياسي لمفهوم العهدة االنتخابية‬
‫» ‪ ،électif‬كالوكالة والتكليف‪ ،‬والتمثيل والتفويض وما إلى ذلك‪ ،‬من عبارات توحي بالمهام التي تسند‬
‫عن طريق االنتخاب للمنتخبين المحليين‪ ،‬من طرف الهيئة الناخبة المعنية بإدارة المجالس المحلية‪ .‬وهي‬
‫عادة ما تكون مصطلحات أو مفاهيم وليدة الفكر السياسي الوطني الذي يؤسس قيم الثقافة السياسية‪.‬‬
‫والتي بدورها تحاول أن تضبط سلوكيات النخب وفق رؤى معينة تعكس إرادة المجتمع‪ ،‬وأمال األمة في‬
‫التطور والتحديث‪ ،‬بغرض التواصل بين األصالة والمعاصرة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد المؤمن عبد الوهاب« العهدة المحلية‪ :‬المحتوى والمقتضيات»‪ ،‬ورقة بحث قدمت في‪ :‬ملتقى حول تسيير‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ :‬محمد منتوري‪( ،‬ايام ‪ 12-4‬جانفي‪.)2221‬ص‪.‬ص‪.24-11.‬‬

‫‪104‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ضمن هذا السياق المعرفي يندرج مفهوم العهدة االنتخابية المحلية‪ ،‬كسلطة تمثيل ووكالة‪ 1،‬تقوم‬
‫‪‬على مبررات موضوعية في تفسيراتها اللغوية أو في استعماالتها االصطالحية‪":2‬عهد إليه بكذا يعهد عهدا‬
‫يعني كلفه القيام به‪ ،‬وتعهد بالشيء التزم به‪ ،‬واستعهد منه اشترط عليه وكتب عليه عهدة والعهدة أو‬
‫العهد هو الميثاق الذي يكتب للوالة كما ورد أيضا أن العهدة تعني األعيان (جمع عين) التي يوكل‬
‫حفضها إلى موظف مسؤول"‪ .‬تقوم المقاربة االستنتاجية عن مفهوم العهدة االنتخابية المحلية‪ ،‬على إجراء‬
‫مسح استطالعي لمختلف الموارد التشريعية والتنظيمية التي صدرت لمعالجة أي قضية تقع ضمن نطاق‬
‫إشراف المنتخبين المحليين سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ .‬والتي تؤثر الحقا على شرعية شغلهم‬
‫لمناصب المسؤولية المحلية‪ ،‬إذا ما تقاعسوا عن فعل ما يجب للدفاع عن المصالح المحلية‪ ،‬التي تشكل‬
‫سبب وجودهم المؤسسي كممثليين للجماعة المحلية (كمواطنين) ‪،‬وكممثلين للدولة (كموظفين رسميين‬
‫لها)‪ .‬وذلك لتشخيص مكونات المفهوم ومحدداته‪ ،‬والعالقات الشرطية التي تحكم طرفيه‪ ،‬ثم النظر في‬
‫تفاعالت البيئة السياسية وتأثيراتها على مضمون العهدة ونتائجها‪ ،‬على مسار التنمية المحلية خالل مدة‬
‫العهدة االنتخابية‪ .‬والتي أصبحت تعرف بحصيلة العهدة االنتخابية كأسلوب للمقارنة والتقييم بين‬
‫االنجازات واإلخفاقات أمام الناخبين في لقاء علني ونقاش مفتوح‪ ،‬بحضور السلطات المحلية‪ .‬تدفع دراسة‬
‫مثل هذه المؤشرات إلى بذل جهد تحليلي متكامل ألهم األركان التي تبنى عليها العهدة االنتخابية المحلية‬
‫وهي أربعة(‪:)24‬‬
‫‪-1‬أسس العهدة وخصائصها‪ 2- ،‬التزامات العهدة‪ -3 ،‬ضمانات العهدة‪-4 ،‬القيود على العهدة‪.‬‬
‫‪ -1-5‬أسس العهدة وخصائصها‪:‬‬
‫لكي تتم التفرقة بين مختلف األنواع التي تصنف ضمنها العهدات (انتخابا أو تعيينا) يجب تحديد‬
‫معايير أو مبادئ وأسس يقوم عليها كل صنف‪ .‬مع استخالص خصائصه من ذات المبادئ التي تنشط‬
‫تفاعالت هوية المفهوم موضوع الدراسة‪ .‬والعهدة االنتخابية المحلية تحتاج لمثل هذه التحديدات من حيث‬
‫األسس والخصائص ألنها تعبر عن المهام القاعدية األولية للشرعية السياسية القائمة على االنتخابات‪،‬‬
‫وتمنح لفاعليها التواجد الدائم والمتالزم (ناخبون ومنتخبون) ضمن نفس المجال ‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه ‪.‬ص‪. 12‬‬


‫‪ -3‬ياسر عبد اهلل سرحان‪ ،‬المعجم االساسي في المصطلحات اإلدارية العربية القديمة والمعاصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.‬ص‬
‫‪.111 ،116‬‬

‫‪105‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ويمكن التمييز بين خمسة (‪ )25‬مبادئ وخصائص في العهدة االنتخابية المحلية وهي‪:‬‬
‫‪ -1-1-5‬المحددات القانونية للعهدة االنتخابية المحلية ‪:‬‬
‫نعنى بها القواعد الدستورية والقانونية التي تمنح العهدة االنتخابية‪ ،‬مشروعيتها ومطابقتها لألمس‬
‫العامة التي تقوم عليها الممارسة السياسية‪ ،‬في مؤسسات الدولة كما هي محددة في الدستور‪ .‬لذلك نالحظ‬
‫أن العهدة االنتخابية المحلية تستمد حقيقتها من أربعة مصادر رئيسية متكاملة ومتدرجة رئاسيا وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬أحكام الدستور ‪.1‬‬
‫‪ )2‬قانون البلدية وقانون الوالية ‪.2‬‬
‫‪ )3‬قوانين االنتخابات والنصوص والتنظيمية ذات الصلة‪.3‬‬
‫‪ )4‬قانون األحزاب السياسية‪.4‬‬
‫‪ -5-1-5‬النطاق اإلقليمي والزماني للعهدة‪:‬‬
‫تمارس العهدة االنتخابية المحلية في نطاق خاص بالبلديات كمجالس شعبية بلدية وفي نطاق‬
‫إقليمي خاص بالمجالس الشعبية الوالئية‪ ،‬لمدة خمس (‪ )25‬سنوات لكيالهما عن طريق االنتخابات‬
‫المحلية‪ .‬ونشاط العهدة االنتخابية يقيد المجالس المحلية المنتخبة من التداخل في الصالحيات فال يمكن‬
‫لها أن تتجاوز الحدود اإلقليمية المرسمة بينها‪ ،‬وانما لها الحق في التعاون والمشترك وانشاء مؤسسات‬
‫مابين هذه الجماعات المحلية‪ ،‬بين البلديات‪ ،‬أو بين الواليات فيها بينها‪ .‬وتشكل المجالس الشعبية المحلية‬
‫في كل والية هيئة ناخبة النتخاب أعضاء مجلس األمة في حدود الثلثين (‪ )2/3‬من بين المنتخبين‬
‫المحليين وبالتالي يتجلى بوضوح أن العهدة المحلية تصبح تتميز ببعد وطني ‪.‬‬
‫‪ -3-1-5‬إطار للتمثيل السياسي‪:‬‬
‫يشكل التمثيل السياسي محددا أساسيا في مفهوم العهدة االنتخابية المحلية‪ ،‬ألنها تعبر عن إرادة‬
‫الناخبين على المستوى المحلي (البلديات والواليات)‪ ،‬وتمثيل المنتخبين فيها هو عبارة عن توكيل إنابة‬
‫عن أصحاب الحق الشرعيين (الناخبين)‪ ،‬للتكفل بانشغاالتهم بمقتضي معايير قانونية وسياسية محددة‪.‬‬
‫تضبط اختيار وانتقاء هؤالء المسؤولين لفترة زمنية معروفة‪ .‬مثل » ‪ :« représenter‬تعني العمل من‬
‫أجل مصلحة الممثلين » ‪« représentés‬بطريقة نشطة‪.‬يجب على الممثل » ‪« le représentant‬‬
‫العمل بصفة مستقلة‪ ،‬وعمله يتطلب الحكمة والتقييم‪ ،‬ويجب أن يكون ذلك الذي يعمل‪ ،‬والممثلون ‪.‬‬

‫‪-1‬الجهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ .‬القانون رقم ‪ 81-12‬المتضمن التعديل الدستوري المؤرخ في ‪،2216/23/26‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪ 14‬الصادرة بتاريخ ‪.2216/23/21‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬قانون البلدية رقم ‪ ،12-11‬مرجع سابق وقانون الوالية رقم ‪ ،21-12‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪12-16‬المتعلق بنظام االنتخابات و النصوص ذات الصلة‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬القانون العضوي رقم‪ 80-15‬المؤرخ في ‪2212-81-15‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‪85‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪5815-81-12‬‬

‫‪106‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫» ‪ « « les représentés‬يفترض فيهم أن يكونوا قادرين على العمل والتقييم بصفة مستقلة أيضا‬
‫‪‬وليس متكفل بهم فقط‪.1 « pris en charge » .‬‬
‫‪ -0-1-5‬الميثاق األخالقي‪:‬‬
‫لكي يضفي الخطاب الحزبي بعض المصداقية على مترشحيه تلجأ معظم األحزاب السياسية إلى‬
‫الوعود الشعبوية‪ ،‬واستسهال كل المشاكل التي تطرح أمامها بمناسبة الحمالت االنتخابية‪،‬‬ ‫إطالق‬
‫متجاهلة ومتعمدة في أحايين كثيرة‪ ،‬بغرض استمالة أصوات الناخبين‪ ،‬لكل العهدة االنتخابية برمتها‪ ،‬بل‬
‫وأي عمل إذا جرد من طابعه األخالقي يفقد قيمته التي وجد من أجلها‪ .‬فالعهدة في جزء كبير منها تتحلى‬
‫بأخالقيات األمانة والشرف والنزاهة‪ ،‬وال يستطيع العديد من السياسيين التقيد بها نظ ار لتغلب ميولهم‬
‫االنتهازية وأساليبهم الوصولية للمناصب فقط وال يهمهم فيما بعد المواطن‪ .‬غياب هذا المبدأ عن الحياة‬
‫السياسية المحلية والداخلية مرده بالدرجة األولى فقدان الثقة في العملية االنتخابية وتواطؤ السلطة المستمر‬
‫في التضييق على المجال السياسي واقصاء الكفاءات النزيهة من دائرة التأثير في صنع القرار‪ .‬يستمد‬
‫الميثاق األخالقي للعهدة من مفهوم األمانة الذي هو بدوره يشتق سياسيا من مفهوم أخر أهم وأشمل أال‬
‫وهو البيعة في الفكر السياسي اإلسالمي ‪.2‬‬
‫‪ -2-1-5‬قناة للوساطة واالتصال‪:‬‬
‫يلعب المنتخبون المحليون أدوا ار رئيسية في الوساطة واالتصال‪ ،‬نتيجة تمتعهم بمقومات عهدة‬
‫انتخابية قائمة‪ ،‬على الشرعية االنتخابية المستندة بدورها إلى دعم شعبي محلي ضامن لفعالية العهدة‪.‬‬
‫فالوساطة واالتصال تعني معاينة حاجات المواطن ونقائص التنمية في مكانها الطبيعي الذي هو الميدان‪،‬‬
‫قبل أن تأتي إلى مقر السلطة المحلية علي شكل ضغط واحتجاجات تفقد العهدة توازناتها ‪ ،‬ومن ثمة‬
‫فالمنتخب يبقي في حوار دائم مع متغيرات مجاله االجتماعي حتى يتمكن من ترتيب أولويات الحلول‬
‫المعلومات في الجسم‬ ‫للمشاكل الطارئة‪ ،‬وبلورة نظام اتصالي فعال للتعبير عن الحاجات وتوزيع‬
‫االجتماعي المحلي‪ ،‬بكل تفرعاته مع مصادر القرار األصلية (االتصال اإلداري)‪ ،‬حتى ال يترك المجال‬
‫مالئما لنشر اإلشاعة كأسلوب موازي لهدم الثقافة التنظيمية الرسمية في اإلدارة والتسيير‪ .‬كما أن على‬
‫ممثلي العهدة أن يتجهوا عموديا نحو قمة السلطة المحلية والمركزية للمطالبة بمشاريع تنموية تحتاجها‬
‫جماعتهم المحلية‪ ،‬وال يكتفوا بدور الوساطة الساكنة التي ال تتجاوز إطار الوعود أمام ناخبيهم‪ ،‬نتيجة‬
‫ضعف الموارد أو توزيعها وفق معايير غير عادلة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-HannaF.Petkin, Samuel Hayat, "La Representation politique », Raisons Politiques. ; N50,‬‬
‫‪(2013/2), P35.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬أنظر‪ :‬محمود الخالدي‪.‬البيعة في الفكر السياسي اإلسالمي‪ ،‬سلسلة دراسات من أجل فهم صحيح لإلسالم ‪( ،‬الجزائر‪:‬‬
‫شركة الشهاب المنشور والتوزيع‪.،)1414 ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪107‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تكون العهدة أكثر جدية في اإلتصال عندما يتم فتح المجال أمام المشاركة الواسعة للمواطنين‬
‫‪‬بطريقة منظمة‪ ،‬ومتخصصة في تحضير مشاريع التنمية‪ ،‬واتخاذ الق اررات اإلستراتيجية التي تؤدي إلى‬
‫اإلبداع واإلنتاج وتحسين مرد ودية النظام المؤسسي المحلي‪ .‬إال أن هذا المبدأ يتعرض إلى تأثير سلبي‬
‫نتيجة ازدياد نسبة المقاطعة في االنتخابات المحلية بسبب فقدان الثقة في جدوى العملية االنتخابية‪.‬‬
‫وبالتالي تتحول خاصية اإلتصال إلى مجرد خطاب من جانب واحد وال يتلقى الطرف األخر أي رسالة‬
‫إيجابية تجعله يتفاعل معها تحت غطاء المصلحة العامة المحلية‪ .‬ولتجاوز حالة الجفاء بين المنتخبين‬
‫واإلدارة العمومية من جهة والمواطنين من جهة أخرى‪ ،‬تسعى السلطات العمومية العليا إلى إصدار المزيد‬
‫من التشريعات‪ ،‬لتأطير الحراك االجتماعي الذي يتم خارج المجال الرسمي ومحاولة احتواءه عبر تنظيم‬
‫رسمي مقنن إلرساء أسلوب الديمقراطية التشاركية‪ .‬وهنا تبرز قدرة المنتخبون على تعبئة الموارد السياسية‬
‫والتي ال تتحدد فقط وفق منطق التنظيم والتبادل السياسي‪ .‬ولكن أيضا على ضوء عملية أكثر شموال‪،‬‬
‫لحل مشاكل االقليم باعتبار هذه القيادة او السلطة تعكس ارادة الناخبين وعالقتهم باالقليم‪،‬حيث يشجع‬
‫القائد » ‪«LE LEADER‬أنصاره بالرجوع إلى اإلقليم ‪.1‬‬
‫‪ -5-5‬التزامات العهدة اإلنتخابية المحلية‪:‬‬
‫طالما أن العهدة االنتخابية المحلية هي عبارة عن عقد معنوي بين الناخب والمنتخب‪ ،‬فإن أثار‬
‫العقد تترجم على شكل التزامات بين الطرفين‪ ،‬تبدأ بالناخبين الذين يباشرون التزامهم المبدئي في االختيار‬
‫االنتقائي وابداء روح المبادرة والمشاركة في إدارة العهدة؛ من خالل االقتراح والتوجيه والمحافظة على ما‬
‫يتم إنجازه‪ ...‬إال أن الجزء األكبر من االلتزامات يتواله المنتخبون سواء كأعضاء منتخبين في المجالس أو‬
‫كهيئات قيادية فيها (رؤساء بلديات‪ ،‬ورؤساء مجالس والئية)‪ ،‬وذلك باعتبارهم سلطات محلية لها القدرة‬
‫على المبادرة والنشاط واشراك قاعدتها االجتماعية‪ ،‬في كل عمل تريد تحقيقه بغرض تطبيق مبادئ‬
‫الشفافية في التسيير‪ .‬وتبني التوازن والعدل في برامج التنمية بين مختلف أقاليم الجماعات المحلية بكل‬
‫تصنيفاتها وقطاعاتها ‪ .‬يمكن تلخيص هذه االلت ازمات ضمن أربع (‪ ) 24‬نقاط كمايلى‪:‬‬
‫‪ -1-5-5‬تنفيذ برنامج انتخابي‪:‬‬
‫يفترض في شاغلي العهدة (لمنتخبون أو مجالس منتخبة) االلتزام التام بوعودهم االنتخابية‪ ،‬لما‬
‫ينصبوا في مهامهم الرسمية كصانعي القرار على المستوى المحلى‪ .‬التركيبة السياسية المتنوعة والمتعددة‬
‫في المجالس المحلية تجعل من مضمون البرامج االنتخابية مجرد ''شعارات حزبية '' استعملت فقط في فترة‬
‫الحمالت االنتخابية وتصبح في أغلبية بنودها غير ذات جدوى‪ .‬رغم أنها كانت إحدى الوثائق االجبارية‬

‫‪1‬‬
‫‪-William Genieys (et autres) «le pouvoir local en débats», op. cit , p109 .‬‬

‫‪108‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫المطلوبة في ملف الترشيحات‪ .‬وسبب ذلك أن القانون‪ 1،‬يفرض اعداد برامج تنموية محلية وقطاعية‬
‫‪‬للعهدة االنتخابية بناء على إرادة المجالس المحلية التي تخضع للنقاش والتداول قبل المصادقة عليها‬
‫بأغلبية‪ ،‬وليس طبقا إلرادة حزب معين أو جماعة ما ‪ ،‬وهنا تبرز الرؤية اإلستراتيجية في رسم السياسة‬
‫التنموية المحلية في بعديها الكمي والكيفي من قبل الكفاءات المسيرة ‪.‬حيث تكون أعمالها محينة‬
‫واقتراحاتها ذات أولويات تصب في مصلحة المواطن‪ ،‬ويبقى فاقدو مثل هذه الرؤية أسرى المنطق‬
‫الوصائي والبيروقراطي‪ ،‬ال يتحركون إال تحت الضغط وبمرافقة الوصاية اإلدارية لهم‪.‬‬
‫‪ -5-5-5‬التعبير عن المصالح المحلية ‪:‬‬
‫تتميز المصالح المحلية بطابعها العام والمحلي‪ ،‬بمعنى أنها تهم وتشمل كل مواطني البلدية أو‬
‫الوالية وتمثل ركنا من أركان التفرقة بينها وبين المصالح العامة الوطنية ‪.‬أو ما يطلق عليه الشؤون العامة‬
‫المحلية والتي تشخص وتقدر حسب الخصوصيات القطاعية أو الطبيعية والجغرافية التي يكون إشباعها‬
‫خاضعا لمطلب الغالبية العظمى للمواطنين المقيمين في إقليم البلدية اوالوالية‪ .‬وتبقى المنفعة المحلية‬
‫معيار نشاط السلطات المحلية ويستحيل االستغناء عنها‪ .2‬المنتخبون هم أصحاب القرار الحقيقي في فهم‬
‫المطالب والمشاكل‪ .‬وكذا بلورة الحلول المالئمة لها ومن ثمة يتولون طيلة عهدتهم تمثيل هذه المصالح‬
‫العامة المحلية وتعميم نطاق االستفادة منها سواء كخدمات مرفقية اوكتهيئة إقليمية وعمرانية‪ ،‬أوسكن‬
‫أوصحة أونظام عام وطمأنينة واستقرار اجتماعي ‪ ...‬الخ‪ .‬باختصار‪ ،‬وإلثبات قيادتهم السياسية ‪ ،‬يجب‬
‫على هؤالء المنتخبين وبصفة متزامنة ‪،‬إدراج في استراتيجيتهم السياسية الحركيات االجتماعية التي تحدث‬
‫‪3‬‬
‫في اإلقليم وأيضا الفرص التي تمنحها لهم التغيرات المؤسساتية ‪.‬‬
‫‪ -3-5-5‬تسيير هوية مجتمعية‪:‬‬
‫تتعامل العهدة االنتخابية مع مجموعة من القيم االجتماعية ومنظومة سلوكية تختلف في خلفيتها‬
‫وتتناقض في أهدافها ومطالبها‪ ،‬ال سيماالفاعلون السياسيون واالجتماعيون الذين يحاولون دائما التأثير في‬
‫السياسات العامة المحلية وتوجيهما الوجهة التي تخدم مصالحهم ورغباتهم‪ ،‬وذلك سواء عن طريق ممثليهم‬
‫في المجالس المحلية أو عبر قنوات الديمقراطية المشاركاتية والعمل الجواري‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يحرص حاملو‬
‫تطر على المصالح‬
‫أ‬ ‫العهدة على المعاملة العادلة والرزينة ‪ ،‬عند محاولة الفصل في التداخالت التي‬
‫الفردية التي تقدم‪ ،‬وتعرض في صيغة الحقوق االجتماعية التي تكرسها بعض التشريعات ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬قانون البلدية رقم ‪.12-11‬المواد‪ ، 124-121‬مرجع سابق‪ .‬كذلك‪ :‬قانون الوالية رقم‪ 21-22‬المواد‪ ،121-13‬مرجع‬
‫سابق‬
‫‪2‬‬
‫‪-Marie Christine Rouault, l’intérêt communal, (France : presses universitaires de Lille,‬‬
‫‪Sd). p277.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-William Genieys (et autres) «le pouvoir local en débats » , op. cit , p109‬‬

‫‪109‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫يشكل نمط تصنيف الجماعات اإلقليمية في الجزائر موردا رئيسيا في بلورة السياسية العامة‬
‫‪‬المحلية حيث تبدو الفروق واضحة بين البلديات الريفية والحضرية والفقيرة والغنية وبين الشمال والجنوب‪،‬‬
‫ونفس األمر بالنسبة للواليات التي تصبح مدمجة ضمن البعد الجهوي عندما يتم رسم سياسات التنمية‬
‫وتهيئة اإلقليم بهدف التكامل والتوازن الجهوي ‪.‬‬
‫‪ -0-5-5‬التغيير القاعدي الهادئ‪:‬‬
‫تتولى األحزاب السياسية عملية التغيير في نطاق العهدة االنتخابية التي تعتبر ذلك من صميم‬
‫‪1‬‬
‫مبررات إنشائها «يعمل الحزب السياسي على تشكيل اإلرادة السياسية للشعب في جميع ميادين الحياة»‬
‫وغالبا ما يسعى مترشحو الحزب في المجالس المحلية إلى بناء خطابهم السياسي والدعائي على إحداث‬
‫تغيير نوعي في تسيير الشؤون المحلية والتكفل التام بانشغاالت المواطنين‪ ،‬ويتمادون في نقد االوضاع‬
‫القائمة ـ متظاهرين على أنهم يملكون مفاتيح الحلول لكل المشاكل المحلية‪ .‬إال أن بديل التغيير إذا لم‬
‫تتوفر فيه مقومات موضوعية كالموارد المالية والتنظيمية والبشرية لن يكتب له النجاح‪ ،‬نتيجة التداخل‬
‫الوظيفي والبنيوي الذي يطبع النظام المؤسساتي المحلي وان بدا وكانه يتمتع باستقاللية نسبية ‪.‬‬
‫مع ذلك يمكن للكفاءات المنتخبة المحلية إن كانت تملك إرادة سياسية في فهم المنفعة العامة‬
‫المحلية أن تبادر لنمذجة عالقات محلية في االتصال االجتماعي والمؤسسي‪ ،‬عن ضرورة االنتقال من‬
‫حالة ''الفوضى المنظمة '' إلى حالة من النظام المنسجم والمشترك بين أفراد الجماعة المحلية‪ ،‬كمواطنين‬
‫لهم حقوق وعليهم واجبات‪ .‬و أبرزها تنظيم حمالت تضامنية وتطوعية لفائدة الفئات الضعيفة وتحسين‬
‫فضاءات المحيط العام كإطار معيشي دائم والمحافظة على مزاياه‪ ،‬أي تثمين الموجود وتعزيز إيجابيته‬
‫وتنمية ثقافة االحترام العام المشترك‪ .‬وتفعيل مخزون القيم المرجعية واألصلية التي حجبتها شعارات التمدن‬
‫الصماء القائمة على القرار اإلداري الشكلي‪ ،‬والمناسباتي وغير الفعال‪ ،‬نتيجة حالة االنفصال السائدة بين‬
‫المجتمع والمؤسسة الرسمية ‪.‬‬
‫‪ -3-5‬ضمانات العهدة المحلية ‪:‬‬
‫يقصد بالضمانات‪ ،‬كل الشروط والظروف اإليجابية المتاحة لممارسة العهدة المحلية‪ ،‬وتتعلق‬
‫بالنظم والقوانين التي تحكم وتدير المؤسسة المحلية بشقيها اإلداري والسياسي‪ ،‬وكذا بنمط القيم السياسية‬
‫واالجتماعية التي تميز مؤسسات التنشئة االجتماعية كاألحزاب السياسية والمجتمع المدني المحلي‪ ،‬السيما‬
‫تلك االتجاهات التي تستطيع طرح تصورات مشاركاتية في رسم السياسة العامة المحلية‪ .‬حيث تكون‬
‫مبادرتها نابعة عن معاينتها الثاقبة للوضع القائم عن صدق وواقعية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬القانون العضوي رقم ‪ 80-15‬المؤرخ في ‪ ،2212-81-12‬المتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد‪،22‬‬
‫الصادرة بتاريخ‪ 2212-21-15‬المادة ‪11‬منه‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تساهم الضمانات في احترام مضمون العهدة المحلية‪ ،‬وتفعيل نشاط أطرافها ضمن النسق الرسمي‬
‫‪‬المنظم وذلك في اتجاهين متوازيين‪ :‬األول يتعلق بالتكيف مع الضغوط المؤسساتية والرئاسية للحد من‬
‫الصالحيات الموكلة لشاغلي العهدة‪ .‬واالتجاه الثاني بتبني الروح العقالنية والرشادة التسييرية في معالجة‬
‫المطالب المجتمعية الواردة إلى مركز القرار المحلي في البلدية اوالوالية‪ .‬نقطة التوازن بين االتجاهين‬
‫تحدثها فعالية العالقة التي تتأسس بين مشروعية السلوك السياسي واإلداري لمضمون العهدة المحلية‬
‫وشرعية السلطات المحلية‪ ،‬على رأس العهدة وعالقة هذه السلطات فيما بينها‪ ،‬ويمكن ذكر أهم هذه‬
‫الضمانات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1-3-5‬النظام القانوني للجماعات المحلية ‪:‬‬
‫الجماعات المحلية في الجزائر ذات أساس دستوري‪ ،‬وتتمتع باالستقاللية المالية والتنظيمية‬
‫وصالحياتها‪ ،‬ومهام هيئاتها محدودة ومضبوطة بالنصوص التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وبالتالي فممارسة العهدة‬
‫المحلية في نطاق اإلطار المؤسساتي المحلي يشكل ضمانا ألهمية العهدة واستم ارريتها إلى غايتها‪ ،‬حتى‬
‫وأن الفرق بين عهدة المجلس الشعبي البلدي والمجلس الشعبي الوالئي تتمايز نوعا في بعض القواعد‬
‫‪،‬كاعتبار المجلس الشعبي الوالئي مجرد هيئة مداولة وتراس الوالي للهيئة التنفيذية‪ ،‬فإن األمر يستدرك‬
‫إلحداث التوازن بين صالحيات التقرير والتنفيذ اذا كان منتخبو المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬فاعلين في‬
‫ممارسة مهامهم وال يتنازلون عنها‪ ،‬ال إجرائيا وال تقريريا أمام "المد التقني والبيروقراطي" الذي أوكل‬
‫لمجلس الوالية تحت إشراف الوالي‪ .‬ثم ان احترام سيادة شرعية المؤسسة المحلية وأهميتها في البناء‬
‫الدستوري والسياسي يجعل من العهدة المحلية نظيرة للعهدة الوطنية بل ومنافسة لها وتنازعها المستوى‬
‫القاعدي للتمثيل‪ ،‬لبناء نماذج سياسية أكثر فعالية وانجا از وتعبي ار عن قيم العهدة في المجتمع السياسي‬
‫ومجتمع المواطنين ‪.‬‬
‫‪ -5-3-5‬النظام القانوني للمنتخب المحلي‪:‬‬
‫اليمكن النظر إلى المنتخبين المحليين كمجرد موظفين إداريين‪ ،‬وانما ممثلون للناخبين يتمتعون‬
‫بحقوق ويلتزمون بواجبات أثناء ممارسة عهدتهم االنتخابية‪ .‬يتوزع زمن العهدة المحلية حسب نشاط‬
‫‪1‬‬
‫المنتخبين المحليين على فئتين‪:‬‬
‫‪ )1‬الفئة األولى‪ :‬تشمل األعضاء المنتخبين في المجالس المحلية (البلدية و الوالئية) والذين ال يشغلون‬
‫وظائف انتخابية في العهدة كرؤساء أو نواب أو رؤساء لجان أو مندوبون بلديون ‪ .‬والذين يخصص لهم‬
‫الوقت الضروري من طرف مستخدميهم لممارسة العهدة في اجتماعات المجالس أو أي أعمال يكلفون‬
‫بها لها عالقة بالمجالس المحلية المنتخبة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬قانون البلدية رقم ‪ 11-12‬المادة ‪ 31‬منه مرجع سابق‪ .‬وقانون الوالية رقم‪ 21-12‬المادة ‪ 34‬منه‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )2‬الفئة الثانية‪ :‬تكون في وضعية االنتداب والدوام خالل العهدة المحلية‪ ،‬وتشمل رؤساء(المجالس‬
‫‪ ‬الشعبية البلدية والوالئية) ونوابهم‪ ،‬ورؤساء اللجان في ذات المجالس‪ ،‬والمندوبون البلديون ‪.‬‬
‫يالحظ أن الفئتان تستفيدان من نفس النظام القانوني في الحقوق تقريبا ونفس الواجبات مع‬
‫اختالف جوهري في أعباء المسؤولية التي توجبها العهدة المحلية‪ .‬فهذه الحقوق تتمثل فيمايلي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أ) الحقوق المالية ‪ :‬والتعويضات عن الوظيفة االنتخابية ومصاريف المهام ‪.‬‬
‫‪ ‬الحماية االجتماعية والتأمين ‪.‬‬
‫‪ ‬الحق في التكوين ‪.‬‬
‫‪ ‬الحق في إعادة اإلدماج الوظيفي بعد نهاية العهدة االنتخابية ‪.‬‬
‫ب) الحقوق السياسية‪:2‬‬
‫‪ ‬الحق في اإلعالم ‪ .‬وحرية التعبير الشفوي والكتابي‪.‬‬
‫‪ ‬التمثيل في لجان المجلس ‪.‬‬
‫‪ ‬الدعوة إلى الجلسات الرسمية للمجلس ‪.‬‬
‫‪ ‬تبليغ نقاط جدول األعمال ‪.‬‬
‫‪ ‬الحصول على ملخص محضر الجلسة ‪.‬‬
‫‪ ‬مهام اإلعالم والتقييم‪.‬‬
‫‪ ‬الحق في سرية المراسالت ‪.‬‬
‫‪ ‬الحق في الحصول على وسائل العمل (مكتب اجتماع‪ ،‬لوازم مكتب ‪.)....‬‬
‫‪ -3-3-5‬حرية التداول في اتخاذ القرار ‪:‬‬
‫تعتبر قاعدة التداول والنقاش الخاصية التي تميز أعمال المجالس المحلية المنتخبة فتعدد اآلراء‬
‫واختالف وجهات النظر‪ ،‬وكثرة المداخل المنهجية في تناول نقاط جدول األعمال المعروض أمام أعضاء‬
‫المجلس‪ ،‬في حالة توفر الروح الديمقراطية التي تحرص على المنفعة العامة المحلية‪ ،‬تتيح في نهاية‬
‫النقاش تبني الرأي الوجيه الذي ينسجم مع رؤية االتجاه الغالب في المجلس واإلطار القانوني والتنظيمي‬
‫الذي يحكم آلية التداول‪ .‬باعتبار أن معالجة الشؤون المحلية التي تقع ضمن اختصاص المجالس المحلية‬
‫‪3‬‬
‫إنما تدرس عبر التداول أي في صيغة القرار الجماعي‪.‬‬

‫‪ -1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 41-13‬المؤرخ في ‪ 2213-22-25‬المتعلق بتحديد شروط انتداب المنتخبين المحليين‬
‫والعالوات الممنوحة لهم‪ ،‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Isabelle Béguin, Philippe Bluteau ; Droits et devoirs de l’élu municipal et‬‬
‫‪intercommunal, (France: Territorial éditions, 2014) .pp54-69‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬قانون البلدية رقم ‪ -12-11‬المادة ‪ 52‬وقانون الوالية ‪ 21-12‬المادة ‪ 51‬منه ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫هذا يعني أن توسيع قاعدة اتخاذ القرار واشراك مجموع أعضاء المجلس في تحمل تبعات‬
‫‪‬المسؤولية التي يتولى تنفيذها رئيس المجلس في البلدية‪ ،‬والوالي بالنسبة إلى مداوالت المجلس الشعبي‬
‫الوالئي‪ ،‬كهيئة تنفيذية للمجلس ‪ ،‬له حق االعتراض باللجوء إلى القضاء واإلداري إلبطال المداوالت غير‬
‫المطابقة للقانون التي تصدر عن المجلس الشعبي الوالئي‪ 1،‬ويتخذ ق اررات إلبطال المداوالت التي يتخذها‬
‫‪2‬‬
‫المجلس الشعبي البلدي التي تكون غير مطابقة للقانون كذلك‪.‬‬
‫يمنح القانون‪ 3،‬إمكانية التظلم اإلداري (إعداد تقرير تفصيلي وتوضيحي مدعم باألدلة والبراهين)‬
‫لمصالح الوالي (مديرية اإلدارة المحلية‪ ،‬أو مديرية التنظيم والشؤون العامة أو إلى ديوان الوالي واألمانة‬
‫العامة) بغرض مراجعة قرار الرفض أو اإلبطال‪ .‬وفي حالة تمسك الوالي برأيه حول موضوع التظلم يلجأ‬
‫رئيس المجلس الشعبي البلدي إلى القضاء اإلداري المختص إقليميا (المحاكم اإلدارية)‪ .‬ورفع دعوى‬
‫قضائية ضد قرار الوالي‪ .‬لكن ذلك قليال ما يحدث‪ .‬واللجوء الى التظلم االداري او حتى الى القضاء‬
‫االداري ضد ق اررات الوالي غير متاحة لرئيس المجلس الشعبي الوالئي‪ ،‬وال للمجلس الشعبي الوالئي كهيئة‬
‫مداولة وقرار ورقابة؛ وليست من صالحيات اي عضو من اعضاء المجلس‪.‬‬
‫‪ -0-3-5‬اإلمتداد الوطني للعهدة المحلية ‪:‬‬
‫تشكل هذه الضمانة دعامة مؤسسية فاعلة في دراسة قضايا الجماعات المحلية في البرلمان‬
‫والسيما في مجلس األمة‪ ،‬من حيث إثراء التشريع المحلي وتوزيع التخصيصات المالية‪ ،‬والتخفيف من‬
‫ثقل الوصاية البيروقراطية المسلطة على البلديات والواليات‪ .‬واألهم من ذلك البحث في االنشغاالت‬
‫االستراتيجية التي تحاول منح استقاللية تامة لهذه الجماعات المحلية‪.‬‬
‫تدفع مثل هذه الضمانة نحو إحداث تكامل بين العهدة المحلية والعهدة الوطنية بل تكون األولى‬
‫وقوة سياسية‬ ‫شرط للثانية في مجلس األمة‪ ،‬و بالتالي تتفرع إلى أساس مؤسساتي وحصانة قانونية‬
‫للمبادرة‪ ،‬بكل ما من شأنه صيانة المصالح المحلية التي تقع على عاتق العهدة المحلية‪ .‬وحماية شرعيتها‬
‫من االضمحالل في دواليب الوصاية الشديدة‪ .‬ورد االعتبار للعمل السياسي القاعدي في الدولة ألنه منبع‬
‫الثقة ومصدر شرعية النظام المؤسساتي‪ ،‬الذي تنتجه الديمقراطية المحلية والمشاركة الجوارية في بناء‬
‫النظم ورسم السياسات العامة‪.‬‬
‫‪ -2-3-5‬إمكانية التعاون بين المجالس الشعبية المحلية ‪:‬‬
‫يعمل مبدأ التضامن على االستغالل األمثل للموارد المتاحة أمام كثرة المطالب وتنوعها وال سيما‬
‫وأن أغلبية البلديات تعرف عج از ماليا متصاعدا‪ .‬فالتعاون المشترك ما بين البلديات‪ 4‬حدد ضمن إنشاء‬

‫‪ -1‬قانون الوالية رقم ‪ 21 -12‬المادتان ‪53‬و‪54‬منه‪.‬‬


‫‪ -2‬قانون البلدية رقم‪ 12-11‬المادة ‪54‬منه ‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون البلدية رقم‪ 12-11‬المادة ‪61‬منه ‪.‬‬
‫‪ -4‬قانون البلدية رقم ‪ 12-11‬المواد ‪ 2211-215‬منه‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫مؤسسات عمومية أو عقود شراكة بين بلدية أو أكثر ضمن نفس الوالية‪ ،‬أو مع بلديات تقع في النطاق‬
‫‪‬اإلقليمي لوالية أخري‪ :‬أما التعاون ما بين الواليات يخضع لنفس المنطق‪ ،‬ويتكرس أكثر ضمن مخططات‬
‫تهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة ‪.1‬‬
‫يلعب عامال الكفاءة وشرعية التمثيل دوار محوريا في تفعيل هذه اإلمكانية في تعزيز أركان العهدة‬
‫المحلية وأثارها االيجابية في التسيير المحلى‪ ،‬السيما إذا أخذ شكل التعاون والتضامن ما بين الجماعات‬
‫المحلية طابع المؤسسة في تقاسم المنافع وتوسيع استخدامها االستثماري المنتج ‪.‬‬
‫‪ -2-3-5‬المشاركة الشعبية وامكانية االستشارة‪:‬‬
‫يحيل أسلوب المشاركة واالستشارة‪ ،‬إلى إتباع نمط ديمقراطي محلى فعال في استطالع اتجاهات‬
‫الرأي العام المحلي‪ ،‬سواء ككيانات منظمة‪ ،‬أو كآراء فردية‪ ،‬أو ككفاءات علمية ومهنية عند محاولة اتخاذ‬
‫ق اررات تخص الشؤون المحلية ‪ ،‬من طرف السلطات المحلية‪ ،‬التي تمثل المجالس الشعبية المحلية‪،‬‬
‫فشرعية العمل المحلي‪ ،‬تنال القابلية واالنخراط فيها من قبل المجتمع المحلي ‪ ،‬كلما كانت السياسة‬
‫المحلية صادرة بمساهمة واسعة من طرف المواطنين‪ .‬مما يمنح المجالس المحلية القدرة على أنجاز‬
‫االستقرار االجتماعي‪ .‬وتحسين فرص الترقية االجتماعية ‪ ،‬عبر حراك اجتماعي قائم على شروط محددة‪،‬‬
‫ومعايير واضحة ومردودية نشطة ومنتجة‪ ،‬خاصة على مستوى رد االعتبار للعمل الجماعي المنظم‪.‬‬
‫بغرض تحقيق المنفعة العامة المحلية‪.‬هذه السلسلة من التفاعالت االجتماعية التي تفرزها آلية المشاركة‪،‬‬
‫في صنع القرار المحلي تتحول مع الوقت إلى تأييد سياسي لتجديد الثقة‪ ،‬في الطرف الفاعل في العهدة‬
‫االنتخابية ‪ ،‬وتكريسها كمكاسب يجب المحافظة عليها ‪.‬‬
‫‪ -7-3-5‬شرعية إنجاز للعهدة المحلية‪:‬‬
‫أفضل سند سياسي للعهدة المحلية يتأتى عبر المخرجات التي تتراكم في نهايتها وتوصف كإنتاج‬
‫للشرعية‪ .2‬وذلك باعتماد مقاربة تقييمية كمية وكيفية اللتزامات العهدة المحلية ؛ كحصيلة يعلن عنها أمام‬
‫المشاركين في أدائها‪ ،‬يستكمل هذا الهدف كتتويج واضح لكل مكونات العهدة المحلية ويضفي عليه‬
‫مؤشرات الكفاية والفعالية‪ ،‬إن نالت رضا المجتمع المحلي‪ ،‬وحققت التنمية والتنظيم المحليين‪ ،‬وأن كانت‬
‫النتائج سلبية فإن الشرعية االنتخابية ترفع عن ممثليها‪ .‬ويتم التجديد الدوري للعهدة من خالل االنتخابات‬
‫القادمة فشرعية انجاز في الحالتين تصبح المحك الجتماعي للمحاسبة والفرز االنتقائي لألمثل من النخب‬
‫القيادية التي يبشربها العهد الديمقراطي ‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 22-21‬المؤرخ في ‪ ، 2221-12-12‬المتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،11‬الصادرة بتاريخ ‪.2221-12-15‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- JEANNE Becquart-Leclerc, « Légitimité et pouvoir local», op.cit, p245.‬‬

‫‪114‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -0-5‬القيود على العهدة االنتخابية المحلية‪:‬‬


‫العهدة المحلية ليست بمنأى عن ضغوط البيئة الداخلية ‪ ،‬والخارجية التي تطبع النظام المؤسساتي‬ ‫‪‬‬
‫المحلي‪ ،‬ال سيما تلك الضغوط التي تمثل قيودا وظيفية ‪ ،‬تحد من حركية العهدة وفعاليتها في التصور‬
‫والعمل‪ .‬إذ تصبح األمور تتجاوز نطاق العهدة‪ ،‬وال يتمكن المنتخبون المحليون تنفيذ التزاماتهم االنتخابية‪،‬‬
‫حيث تتداخل المهام وتكثر التعقيدات اإلجرائية امام اآللة البيروقراطية لمؤسسات الدولة وامتداداتها‬
‫‪.‬وبالمقابل تتعاظم المطالب المجتمعية وتبقى من دون نظر‪ ،‬ورهينة لتعدد المتدخلين في النشاط المحلي‪.‬‬
‫ومرد ذلك طبيعة وهوية العهدة المحلية في حد ذاتها نتيجة ثالثة (‪ )23‬عوامل أساسية‪:‬‬
‫‪ )1‬مثالية األسس والمقاصد التي تقوم عليها العهدة المحلية ‪.‬‬
‫‪ )2‬عدم فعالية التزامات العهدة المحلية ‪.‬‬
‫‪ )3‬محدودية الضمانات أمام النزعة المركزية للدولة ‪.‬‬
‫تتجلى تأثيرات هذه القيود على العهدة المحلية ضمن المظاهر التالية ‪:‬‬
‫‪ -1-0-5‬شدة الوصاية‪:‬‬
‫تمارس الدولة وصاية شديدة‪ ،‬ومتعددة األساليب على عمل الجماعات المحلية‪ ،‬السيما الهيئات‬
‫المنتخبة كأعضاء فيها وكممارسات‪ ،‬وتأخذ الوصاية شكل الرقابة اإلدارية بمفهومها الواسع في التنظيم‬
‫والتسيير على كل الق اررات ومداوالت المجلس الشعبي الوالئي والبلدي‪ .‬ويتوزع التسيير المالي بين الرقابة‬
‫المالية ألمين الخزينة لما بين البلديات والمراقب المالي طبقا لقواعد المحاسبة العمومية ‪.‬‬
‫فكل أعمال الجماعات المحلية تخضع للمصادقة (الموافقة بالرفض‪ ،‬وشرعية الرأي) قبل تنفيذها ‪ .‬ويتولى‬
‫الوالي اإلشراف على رقابة البلديات‪ ،‬ووزير الداخلية عبر الوالي يشرف على رقابة أعمال الواليات‪ .‬ينظر‬
‫إلى آليات الوصاية على أنها ضرورية ‪ ،‬للحفاظ على فعالية المؤسسات المحلية في ظل نظام الالمركزية‪:‬‬
‫لكن كيف يمكن لهذا المبدأ أن يستقيم مع اإلقرار باستقاللية الجماعات المحلية تنظيميا وماليا مع تنامي‬
‫مطالب التسيير الجواري في ظل الديمقراطية المشاركاتية‪ .‬يصادر نظام الوصاية جوهر العهدة االنتخابية‬
‫ويعقد مهمة المنتخبين المحليين‪ ،‬الذين ال يتمتعون بموارد عقالنية إلثبات مكانتهم كمؤسسة دستورية‬
‫مستقلة‪ ،‬ليست في حاجة لمثل هذه األشكال من الوصاية التي تجاوزها الزمن‪.‬‬
‫‪ -5-0-5‬ضعف الموارد ‪:‬‬
‫في أغلب األحيان يفشل المنتخبون المحليون في عهداتهم المحلية بسبب غياب الموارد الضرورية‬
‫للتكفل بمطالب المواطنين‪ ،‬بعد أن تضخمت التزاماتهم من دون تدبير مصادر تمويل قانونية وكافية‪،‬‬
‫فأكثر من ‪ %42‬من مشاريع التنمية المحلية تمولها الخزينة العمومية للدولة‪ ،‬وتشكل نصيب موارد المالية‬
‫المحلية في ميزانية الجماعات المحلية نسبة ضئيلة ‪ .‬ضعف الموارد‪ ،‬ليس المالية فحسب وانما حتى‬
‫البشرية والتنظيمية‪ ،‬يجعل من العهدة مجرد فترة زمنية تنقضي و ترهن معها أمال المجتمع المحلي‬

‫‪115‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ويتحول خاللها المنتخبون إلى موظفين إداريين متعاقدين مع اإلدارة في ظل عهدة انتخابية‪ ،‬أختزل‬
‫‪‬محتواها إلى ميدان تربص للبحث عن منافذ للترقية االجتماعية واالستنفاع بمزاياها‪.‬‬
‫‪ -3-0-5‬طغيان السلطة الرئاسية في العمل ‪:‬‬
‫رغم أن مبدأ الجماعية يشكل قاعدة العمل‪ ،‬في المجالس المحلية المنتخبة من خالل االعتماد‬
‫على بلورة رأي الجماعة في صيغة مداولة وما ترمز له من توسيع قاعدة المشاركة في القرار‪ .‬إال أن‬
‫تسيير الشؤون اليومية سرعان ما تغير القاعدة الجماعية في القرار مع بداية ظهور االتجاه السلطوي‬
‫الرئاسي‪ ،‬بعد أن يضمن من يتحمل صفة الرئيس الهيمنة على أعضاء الهيئة التنفيذية في البلدية‪ .‬ونفس‬
‫األمر تقريبا بعد أن يصبح رئيس المجلس الشعبي الوالئي يتحكم في اإلشراف على أعضاء المجلس‪.‬‬
‫طالما أنه أجاد المفاوضة في استمالة األغلبية الالزمة النتخابه‪ ،‬إذ يبدأ في نسج عالقات رئاسية مع‬
‫رئيس الهيئة التنفيذية في الوالية (الوالي) ويشكالن بذلك رؤية متطابقة لرسم سياسة التنمية المحلية‬
‫وتنفيذها‪ .‬ويبدو إثر ذلك ونتيجة لعالقة التبعية الوظيفية التي تؤطرها ثقافة الوصاية ‪.‬ان السلطة المحلية‬
‫مشخصنة وممركزة في إتجاه واحد؛ رئيس البلدية في البلدية والوالي في الوالية‪ ،‬وبالضرورة تنسحب صورة‬
‫أكثر برو از للمنطق الرئاسي لدى والي الوالية بإعتباره ممثل الجهاز التنفيذي كسلطة رئاسية بامتياز على‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬خاصة عند ممارسة صالحياته كممثل للدولة‪ ،‬حيث يطغى تمثيل الدولة على تمثيل‬
‫السلطة المنتخبة في البلدية وفي الوالية‪ ،‬مما يؤدي في النهاية الى تكريس االتجاه المركزي في التسيير‬
‫واإلدارة ‪.‬‬
‫‪ -0-0-5‬فقدان زمام المبادرة‪:‬‬
‫تقرير‬ ‫في خضم ممارسة العهدة المحلية‪ ،‬تتباين الرؤى بين المنتخبين المحليين‪ ،‬من حيث‬
‫أولويات التنمية المحلية‪ ،‬وينصب العمل حول مشروعية المبادرة باقتراح برنامج للعهدة‪ ،‬كما تنص عليه‬
‫األطر القانونية التي تمنح ذلك كإمكانية للمجالس المحلية للمشاركة في صياغة مشاريع التنمية المحلية‪،‬‬
‫لتكشف هذه المجالس أن اإلمكانية المتاحة ال تعدو أن تكون مجرد إجراء تنظيمي‪ ،‬يأتي على سبيل‬
‫االستشارة‪ ،‬ويتضح واقعيا نتيجة عجز موارد المؤسسة المنتخبة المحلية هيمنة الوالي وامتالكه الشبه‬
‫المطلق لزمام المبادرة على مستوى الجماعات المحلية ‪،‬كموزع للقيم ومهندس لمخططات التنمية المحلية‬
‫والقطاعية من منظور األولويات المنسجمة مع السياسة العامة للحكومة‪ .‬واألكثر من ذلك يترأس الهيئة‬
‫التنفيذية للمجلس الشعبي الوالئي‪ .‬يقتضي ذلك وفي نفس سياق منطق العمل الرئاسي ان يتولى رؤساء‬
‫البلديات مسؤوليات تنفيذية أكثر منها إبداعية‪ ،‬تحت مسؤولية الوالي كمنفذين مباشرين لمخططات التنمية‬
‫المحلية‪ .‬وقد نسجل بعض االستثناءات في بعض البلديات حينما يكون بعض رؤسائها يتمتعون بعالقات‬
‫''نفوذ"" أويحسنون أداء لعبة المصالح لجعل بلدياتهم تسير تنمويا أكثر واحسن من غيرها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -2-0-5‬تأكل الشرعية االنتخابية ‪:‬‬


‫نتيجة العوامل السابقة التي تشرح محدودية إنجاز العهدة المحلية كما وكيفا؛ أداءا وسلوكا‪ ،‬تصاب‬ ‫‪‬‬
‫مصداقية المجالس ومن يمثلها من منتخبين بالركود والتقوقع حول ذاتها ‪ ،‬وال تتمكن من تطبيق البديل‬
‫السياسي والتنموي الذي قطعته على نفسها أمام قواعدها االنتخابية‪ .‬فتنال منها الضغوط المجتمعية‪،‬‬
‫وينقطع اتصالها االجتماعي واإلداري والسياسي مع محيطها وتفقد صورتها اإليجابية التي تشكلت عنها‬
‫قبل االنتخابات‪ ،‬أمام الرأي العام المحلى‪ ،‬خاصة من طرف أصحاب المصالح الذين يبحثون عن منافعهم‬
‫فقط‪ ،‬ويركبون كل االتجاهات من أجل ذلك‪ .‬تعني تأكل الشرعية االنتخابية‪ ،‬فقدان المنتخب المحلي‬
‫والمؤسسة المحلية المنتخبة ثقة المجتمع المحلي بسبب عدم وفائها تجاهه‪ ،‬وانحرافها عن المبادئ والقيم‬
‫التي بشرت بها‪ ،‬بتقديم النموذج األفضل في التنظيم والتسيير والفعالية للشؤون المحلية‪ :‬األمر الذي يدفع‬
‫بالناخب المحلي إلى فقدان الثقة في العملية اإلنتخابية برمتها‪ .‬وارتفاع نسبة المقاطعة إنما هي تحصيل‬
‫حاصل لتأكل الشرعية االنتخابية ويزداد معها تنامي ظاهرة ''التجوال السياسي'' كأداة للتموقع االنتخابي‪،‬‬
‫من خالل تغير اللون الحزبي وشراء الذمم‪ .‬وعرض اإلطار الحزبي كقاعدة تجارية للراغبين في العهدة‬
‫االنتخابية‪ .‬من أجل تحقيق أطماعهم في الترقية االجتماعية وتحصين مراكزهم االجتماعية‪ ،‬واضفاء‬
‫مصداقية على نفوذهم المالي وتوسعه عبر مجاورة محيط السلطة السياسية المحلية أو المركزية‪.‬أي اتخاذ‬
‫العهدة االنتخابية مطية لخدمة األغراض الشخصية على حساب المصلحة العامة المحلية والوطنية على‬
‫حد سواء‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬الديمقراطية المحلية بين التمثيل و المشاركة‪:‬‬


‫تتكاثر األوصاف التي تنعت بها الديمقراطية المحلية‪ ،‬في مفردات الخطاب السياسي الوطني ‪ ،‬ال‬ ‫‪‬‬
‫سيما بعد تضمين القضية كأحد المبادئ الدستورية التي يقوم عليها التنظيم الديمقراطي للدولة في المشاركة‬
‫واتخاذ القرار الوطني والمحلي على السواء ‪ .‬ومنحت المؤسسة البلدية كجماعة قاعدية واقليمية للدولة ؛‬
‫اإلهتمام القانوني والتنظيمي والسياسي الالزم لممارسة الديمقراطية التمثيلية والمشاركاتية والتداولية حول‬
‫تسيير الشؤون المحلية‪ .‬وترتيب أولويات التنمية المحلية بمشاركة فاعلين رسميين ومجتمعيين‪ .‬ومن دون‬
‫اإلغراق في حشد التعاريف المحددة لهوية المفهوم ودالالته المختلفة‪ .‬فإنه من دون شك ال يمكن تبني‬
‫ديمقراطية محلية في ظل نظام سياسي يمتهن االحتكار ويقوم بممارسات غير ديمقراطية على المستوى‬
‫المركزي‪ .1‬لتصبح قضية الديمقراطية بكليتها ومستوياتها الحل و المشكل‪ .2‬و بالتالي‪ ،‬فالديمقراطية‬
‫المحلية باعتبارها جزءا أساسيا من مشروع التحديث السياسي‪ ،‬تبدو و كأنها صورة محسنة للنموذج‬
‫الالمركزي الذي تبنى عليه مؤسسات النظام اإلقليمي والمحلي‪ ،‬بحيث يقوم بأداء ثالث(‪ )23‬مهام لخدمة‬
‫‪3‬‬
‫وتطوير الديمقراطية المحلية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ )1‬تثير الالمركزية مصلحة المواطن في الرهانات المحلية ‪.‬‬
‫‪ )2‬تشجيع التجديد العميق لشكل ودور النخب السياسية المحلية ‪.‬‬
‫‪ )3‬تكون مالئمة لتحديث المشاركة السياسية‪.‬‬
‫حتى وان كانت الديمقراطية المحلية مرجعية في المجتمع المعاصر‪ 4.‬فإنها في الحالة الجزائرية‬
‫تصور حديث النشأة ولم يتطور تطو ار طبيعيا في الممارسة‪ ،‬على إعتبار أنه لم يتخلص من اآلثار السلبية‬
‫التي تحكم عالقة المركز بمحيطه المؤسساتي‪ .‬فإذا استقامت تطبيقات المبدأ الدستوري المحدد لنمط وحجم‬
‫الديمقراطية السياسية مع مبدأ اإلرادة الشعبية وحق التمثيل السياسي للمجتمع‪ ،‬وكذا المشاركة في صنع‬
‫القرار المحلي‪ ،‬من دون أي محاولة لمصادرة حق المواطنة‪ ،‬فإنه عندئذ يمكن الحديث عن ديمقراطية‬

‫‪1‬‬
‫‪-Anne Marie Lepourhiet , «Définir la démocratie» ; revue française de Droit‬‬
‫‪constitutionnel, n°87 ; ( 3/2011) ;pp 453-464.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Pierre Rosanvallon, «interrogations sur le terme de la démocratie», (dir) Yves sintomer :‬‬
‫‪la démocratie participative, in: Revue : problèmes politiques et sociaux ; n°959, (2224),‬‬
‫‪p17.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Sadran « la Démocratie locale : Réalités et perspectives », revue‬‬ ‫‪Cahiers‬‬
‫‪français ; N362, (Mai/Juin, 2011), p66.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Jacques palard, «Décentralisation et Démocratie locale», Revue problèmes politiques et‬‬
‫‪sociaux ; n°708 , (03/07/1997), p12‬‬

‫‪118‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫محلية نموذجية لخدمة المصلحة العامة دولة ومجتمعا ‪ .‬تعتبر البلدية مجاال لممارسة الديمقراطية المحلية‬
‫‪‬منذ االنفتاح الديمقراطي ‪:‬‬
‫إطار للتعبير عن الديمقراطية‪ ،‬محليا ويمثل قاعدة الالمركزية ومكان‬
‫ا‬ ‫‪ -‬يشكل المجلس الشعبي البلدي‬
‫‪1‬‬
‫مشاركة الموطن في تسيير الشؤون العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬البلدية هي القاعدة اإلقليمية لالمركزية‪ ،‬ومكان لممارسة المواطنة‪ ،‬وتشكل إطار مشاركة المواطن في‬
‫تسيير الشؤون المحلية‪.2‬‬
‫‪ -‬تشكل البلدية اإلطار المؤسساتي لممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي و التسيير الجواري‪.3‬‬
‫يالحظ أن الديمقراطية المحلية تركز على البعد المؤسسي القاعدي المتمثل في البلدية وال تولي نفس‬
‫العناية للوالية‪ ،‬ربما أن ""العمل التأسيسي" يناله الحقا كتحصيل حاصل لألرصدة ‪،‬التي تمتلكها أنشطة‬
‫الفاعلين في قاعدة البناء المؤسساتي للدولة‪ ،‬في حالة ما إذا شهدت أساليب الممارسة تصو ار وأداء‬
‫نجاحات معتبرة في التمثيل والمشاركة واإلنجاز والتقييم والمراجعة للسياسات العامة المحلية‪.‬‬
‫هذا الفضاء العمومي والمؤسساتي هو الذي يتيح الظروف المناسبة لترعرع قيم المواطنة‪،‬‬
‫فالمواطن يتعود على اإلسهام بالمبادرة واالقتراح في عملية صنع القرار المحلي ورسم أفاق تنمية المجتمع‪.‬‬
‫إنها مقاربة جديدة في النسق الالمركزي‪ ،‬ومحاولة من السلطة المركزية لتوفير بيئة سياسية تفاعلية‪ ،‬تعمل‬
‫على استقطاب فاعلين ذوي مصداقية للتخفيف من حدة أزمة التمثيل والمشاركة التي تالزم النظام السياسي‬
‫عموما‪ .‬يزخر المجتمع بطاقة اجتماعية؛ تنتظم في إطار المؤسسة السياسية الوحيدة على المستوى المحلي‬
‫؛إلدارة التنمية و تخطيط البرامج ذات المنفعة العامة؛ لكن ما يالحظ في الواقع من عدم إشراك لمكونات‬
‫الطاقة المجتمعية وابتعادها عن المجال نتيجة ليس فقط ضعف األحزاب في التنشئة و التعبئة و التجنيد‪،‬‬
‫و إنما عدم وجود إرادة سياسية لاللتزام بالمرجعية الديمقراطية كقيم وسلوك ونظم وقوانين بل وكثقافة‬
‫سياسية‪ ،‬فالمواطن أصبح ال يشعر بأي تغيير ملموس في حياته اليومية‪ ،‬مهما تعاقبت العهدات‬
‫االنتخابية‪ ،‬ليجد نفسه وجها لوجه مع "اآللة البيروقراطية" المتعددة الحلقات‪ ،‬لتبليغ انشغاالته ولما تبقى‬
‫دون معالجة‪ ،‬تتوتر العالقة ويتم اللجوء إلى االحتجاج والعنف وعندها تبدأ هذه اإلدارة في المفاوضات‬
‫والمساومات لبلورة حلول ما‪.‬‬

‫‪ -1‬األمانة العامة للحكومة‪ ،‬التشريعات الجديدة لتنظيم اإلدارة المحلية (البلدية والوالية)‪ :‬قانون البلدية رقم ‪-80-08‬‬
‫المؤرخ في ‪ ،1442-24-87‬الجزائر‪ :‬المطبعة الرسمية‪ .‬المادة ‪14‬منه‪.‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ 12-11‬المتعلق بالبلدية‪ .‬المادتان‪ 2 :‬و ‪ 11‬منه مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -3‬نفس المكان‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫مهما تعددت أشكال الديمقراطية المحلية واختلفت مقاربات انتهاج هذا الشكل أو ذلك ‪ .‬فإن القضية‬
‫‪1‬‬
‫‪‬تستدعي توفر معايير معينة نذكر منها مايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬السياق االجتماعي والسياسي واالقتصادي‪.‬‬
‫‪ -2‬األطر القانونية واإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلجراءات المستعملة وحركيات النشاط الجماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬العالقة بين السياسة التعاقدية والسياسة المشاركاتية‪ .‬وقوة أو ضعف ورهان كل واحد من عوالم‬
‫المشاركة‪.‬‬
‫تعمل األطر التنظيمية في مشروع الديمقراطية المحلية على تفكيك التعقيدات المعرفية واإلجرائية‬
‫التي تنجر عن تزامن تكثيف الحديث ؛عن ازدواجية المفاهيم المالئمة لتطبيق النموذج المحلي‪ ،‬أي البحث‬
‫عن المبررات والرهانات األساسية العتماد الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬او الديمقراطية المشاركاتية‪ ،‬أو أي مرادف‬
‫آخر يؤدي نفس الغرض آو يخدم نفس المفهوم‪ ،‬سواء كمحاولة للتكيف مع اإلطار المرجعي الداخلي‪ ،‬أو‬
‫للتطوير والتحديث من خالل تبني نماذج أخرى ناجحة‪ ،‬أو إدماجها في صيغ تركيبية معينة لتجاوز أزمات‬
‫التنظيم والتسيير‪ ،‬التي تضرب أطراف المعادلة الجديدة و التي يجب أن تؤدي إلى القضاء على ثقافة‬
‫الريبة بين السلطة المركزية تجاه المواطنين والمنتخبين‪ .2‬تتميز الديمقراطية المحلية الجزائرية بالخصائص‬
‫الوظيفية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬شكل مندمج ضمن اآلليات اإلجرائية في بناء القرار اإلداري‪.‬‬
‫‪ -2‬حركية النموذج المحلي رهينة "استم ارر انتقالية" النموذج األصلي على مستوى المركز السياسي في‬
‫الدولة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضعف القوى االجتماعية وتشتتها‪.‬‬
‫‪ -4‬مرجعية الديمقراطية المحلية قائمة على محاكاة النموذج الفرنسي من دون تطبيقه‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫»‪-Yves Sintomer , Carsten Herzberg ; Anya roke, «Cartographie des Modèles Participatifs‬‬
‫‪,in Sintomer(dir) : La Démocratie Participative , op.cit, P37 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Pierre Sandran, « La Démocratie Locale», op. cit , p65.‬‬
‫‪ -3‬النموذج الفرنسي في الديمقراطية المحلية يحاول ''منافسة '' مثالية النماذج‪ :‬األلمانية والبريطانية واألمريكية ومطلب‬
‫الديمقراطية المشاركاتية يأتي كإجابة عن أزمة نموذج الدولة ‪-‬األمة على الطريقة الفرنسية في‪:‬‬
‫‪Stéphane Guerard, « La Démocratie Locale en Questions », revue Droit Public et la‬‬
‫‪Science Politique, n°5,(2004), p.1311.‬‬
‫'' اليمكن لفرنسا في كل الحاالت إال النجاح في االنفتاح على ثقافة المفاوضات مع المواطنين البالغين حيث المشاركة‬
‫في اعدادالقرار العمومي‪ ،‬يمكن ان تشكل احدى االجوبة الملحة عن ازمة السياسة"‪ .‬في‪:‬‬
‫‪P. Richard, Le Temps des Citoyens : Pour une Démocratie Décentralisée, (Puf :‬‬
‫‪collection politiques d’Aujourd’hui, 1995), p62.‬‬

‫‪120‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -5‬المباالة الراي العام بالشأن العام رغم حيوية االرث االجتماعي "المهمل"‪.‬‬
‫‪‬أما مبادئ المشروع فتراهن على األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إحياء روح الجماعة في التكافل االجتماعي على ضوء قيم المواطنة‪.‬‬
‫‪ -2‬انتهاج الحكامة المحلية واالنفتاح على التجارب العالمية الناجحة‪.‬‬
‫‪ -3‬المشاركة شبه المباشرة وتوسيع قاعدة اتخاد القرار وتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -4‬تطهير العمل العمومي من الزبائنية والفساد‪.‬‬
‫‪ -5‬تعزيز شرعية مؤسسات الدولة وحمايتها من النزعة العصبوية والفردانية‪.‬‬
‫‪ -6‬اكتشاف النخب المحلية وتشجيعها لالنخراط في التسيير العمومي‪.‬‬
‫تستهدف عملية "دمقراطة" الحياة السياسية المحلية‪ ،‬تحسين عالقة المواطن بالسلطات المحلية عبر‬
‫التشاور والمشاركة والتمثيل والتعبير الصادق‪ ،‬عن مضمون تلك العالقة التي تقوم على تنشيط وتبسيط‬
‫"الصيغ المعيارية" لجدلية الحقوق والواجبات لدى الطرفين‪ ،‬دون أن ننسى أن هده العملية هي نتاج لإلرادة‬
‫السياسية المحلية التي يشكل المواطن محركها الرئيسي في مختلف مستوياتها وميادينها‪ ،‬وعبر مختلف‬
‫التنظيمات االجتماعية والسياسية‪ .‬والتي تدافع من أجل ترقية قيم المشاركة والحوار بين الفاعلين المحليين‬
‫وممثلي الدولة كسلطات عمومية‪ .‬تتلخص دراسة الخبرة في التجارب العالمية؛‪ 1‬في اعتماد نموذجين‬
‫رئيسيين للديمقراطية المحلية يتكيفان حسب البيئة الثقافية واالجتماعية لكل دولة‪ .‬كما أنهما يخضعان من‬
‫خالل الممارسة الى تأسيس أساليب أخرى متفرعة عنهما لخدمة نفس المقاصد والغايات ويتعلق األمر بـ ‪:‬‬
‫‪ -‬الديمقراطية التمثيلية‪.‬‬
‫‪ -‬الديمقراطية المشاركاتية‪.‬‬
‫لكن قبل دراسة تطبيقات النموذجين في الحالة الجزائرية‪ ،‬وباألخص على مستوى البلدية تقتضي‬
‫منهجية البحث العلمي‪ ،‬استعمال مقاربة استكشافية لتأصيل "النمذجة القانونية والتنظيمية" لمثل هذه‬
‫المفاهيم ومدى قابليتها للموائمة اإليجابية واإلبداعية في المؤسسة المحلية‪ ،‬على ضوء اإلرث التاريخي‬
‫والحضاري وتفاعالت النظام القيمي‪ ،‬الذي يتحكم في البنى والمراكز االجتماعية لألفراد والجماعات‪ .‬أي‬

‫=نقال عن‪Stéphane Guerard, « La Démocratie locale en Questions», Op.Cit. , p1325.:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Yves Sintomer., Carsten Herzberg, Anya roke, «Cartographie des Modèles Participatifs».‬‬
‫‪Op.cit .p37. Voir aussi : Alain Delcamp ; «La Démocratie Municipale chez nos voisins :‬‬
‫‪Une Typologie», revue pouvoirs, n°73 ; (1993), pp.125-139.‬‬

‫‪121‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫أن تطبيقات النموذج الديمقراطي‪ ،‬ال تنطلق من فراغ‪ ،‬وانما تكون ضمن بيئة شاملة ونظام مفتوح على كل‬
‫‪‬التأثيرات‪ .‬وبالتالي ينبغي الوقوف ولو بإيجاز على التنظيمات المجتمعية التي تميز المجتمع الجزائري؛ من‬
‫حيث الثراء الثقافي و الحضاري‪ ،‬والتي أدت إلى "مأسسة متعددة األبعاد لمفهوم "الجماعة"" منذ عصور‬
‫خلت بغرض إدارة شؤون الجماعة و عالقاتها الوظيفية و المؤسسية‪.‬‬
‫‪ -1-3‬نظام الجماعة‪Tajmaat :‬‬
‫ال يمكن بناء نظام للجماعات المحلية من دون محاولة استحضار المسار التاريخي الذي يطبع‬
‫الهوية الحضارية لألمة والمجتمع والتي تؤسس بدورها إلرساء قواعد الدولة الوطنية ومبادئها‪ .‬وفي كل أمم‬
‫الدنيا ينزع اإلنسان إلى تكوين""كيانات اجتماعية" على شكل مجالس محلية‪ ،1‬للتداول ومعالجة شؤون‬
‫أفراده لما يتعلق بمصير وجودهم الجماعي من حيث أنهم يحتاجون لبعضهم البعض‪ ،‬لدرء المخاطر‬
‫وتأمين عيشهم واستقرارهم‪ ،‬ولعل أبرز مؤشر يؤسس ألهمية التركيز على ركن‪ :‬الجماعة البشرية كأحد‬
‫األركان التي تقام عليها أنظمة الجماعات المحلية‪ ،‬هي اعتبار هذا العامل البشري مصد ار للتأسيس في‬
‫تنظيم اإلقليم الوطني وادارته‪ :‬زيادة عن السلطات المحلية التي تتولى األمر عن طريق التفويض‪ ،‬وعن‬
‫طريق االنتخاب‪ .‬فإذا كانت الدولة أكبر جماعة إقليمية استحدثها الفكر السياسي واإلداري للتعبير عن‬
‫المجتمع وتسيير مصالحه‪ ،‬فإن نفس الفلسفة اقتضت هندسة نفس هذه الجماعة إلى جماعات محلية‬
‫كوحدات رئاسية ومتدرجة للتكفل بالشؤون المحلية تحت رقابة النظام المؤسساتي الذي تتشكل منه الدولة‪.‬‬
‫وبالتالي ‪ ،‬فكرة "الجماعة" إذ تشكل أحد أصول البناءالسياسي واإلداري في الدولة‪ .2‬فإنها من جهة أخرى‬
‫سابقة عن ظهور و ميالد مفهوم الدولة الحديث‪ ،‬ألنها ال تكون في حد ذاتها مؤسسة سياسية وانما تأخذ‬
‫طابعا اجتماعيا محضا‪ ،‬وتصير مندمجة أو ممثلة في االنساق الرسمية التي توجدها الجماعة اإلقليمية‬
‫األكبر (أي الدولة)‪ ،‬حيث تتحول حركة الجماعة من نطاق الحدود االجتماعية إلى نطاق الحدود السياسية‬
‫واإلدارية التي ترسم هوية الجماعة المحلية الجزائرية التي تأسست مع ميالد الدولة الوطنية بعد االستقالل‪.‬‬
‫أدى تأثير البنية االجتماعية للمجتمع الجزائري على نظام الجماعات اإلقليمية إلى إحداث شبه‬
‫«إحالل" متأقلم بين النسقين‪ ،‬حيث غالبا ما تعمل سياسة التنظيم اإلقليمي للبالد‪ ،‬على تبني معيار الكثافة‬
‫السكانية األكثر تمرك از ‪،‬في تحديد إقليم الجماعات اإلقليمية ثم تأسيس المقر اإلداري الرسمي ‪.‬حيث يكون‬
‫نقطة استقطاب وتجميع للمصالح التي يحتاجها سكان الجماعة والتي تصبح تحمل اسما ورقما تعريفيا‪3‬؛‬

‫‪ –1‬أنظر‪ :‬روبرت أ‪ .‬دال‪ .‬عن الديمقراطية‪ ،‬الفصل الثاني‪ :‬أين نشأت الديمقراطية وكيف؟ نظرة تاريخية موجزة‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ .‬ص ص ‪.36-15‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jean Leca, «Administration locale et pouvoir politique en Algérie», in : Jean Claude‬‬
‫‪soutucci,Maurice flory (dir) , op cit, p.205.‬‬
‫‪ –3‬أنظر‪ :‬الديوان الوطني لإلحصاء‪ -‬اإلحصاء الخامس العام للسكان و السكن‪ ،5880 .‬الرمز الجغرافي الوطني ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تميزها عن باقي الجماعات األخرى‪ ،‬وتطلق التسميات وترتبط باإلعالم واألمكنة أو األحداث الكبرى التي‬
‫‪‬تشكل أبعاد الهوية المحلية الوطنية‪.‬‬
‫تستند الجماعة في تنظيمها االجتماعي إلى قاعدة قبلية محددة بالروابط العصبية الحقيقية أو‬
‫الوهمية‪ .‬إن عالقات القرابة تنظم مجموع مستويات المجتمع البدوي‪ .‬ففي إطار الجماعات القبلية يتم‬
‫تنظيم تقسيم العمل وتملك األرض‪ ،‬فالجماعات القبلية تتميز بقدرتها ونشاطها االقتصادي الرئيسي‬
‫وبإقامتهم تقريبا بنفس المكان ومن حيث بنائها الداخلي يمكن التمييز بين صنفين من القبائل‪ :‬األولى ذات‬
‫هيئات متساوية يمكن فيها للعشائر المختلفة ان تتصرف كسلطة اجتماعية واقتصادية متشابهة‪ .‬والثانية‬
‫ذات هيئات اجتماعية غير متساوية تتوصل بها إحدى العشائر ألن تدعى لها أرستقراطية قبلية وتكوين‬
‫‪..1‬‬
‫مهما اختلفت الخريطة السكانية و تنوعت‪.‬‬ ‫سلطان اقتصادي مستقل (قطيع‪ ،‬معادن ثمينة‪ ،‬رقيق‪)....‬‬
‫فإن طبيعة المشاركة على مستوى المجتمعات والفئات االجتماعية كانت "قبلية أصال" أي تدار بواسطة‬
‫مجالس عائلية أوعشائرية داخل القبيلة أوالعشيرة نفسها أو بواسطة مجالس رؤساء القبائل وشيوخها على‬
‫مستوى أوسع لمواجهة تحديات أكبر‪.‬‬
‫كان معظمهم ومنهم أهالي جبال "القبائل" يحلون نزاعاتهم بفضل الجماعة (جمعية العقالء وكانوا يطبقون‬
‫قانون الشرف واألخالق المستوحى من القيم اإلسالمية‪ .2‬تعني الجماعة أو تجماعث في منطقة القبائل‬
‫المؤسسة والبناء الذي يحكمها وتتكون من مجلس القرية لجميع السكان لمناقشة شؤون الجماعة وحل‬
‫مشاكلها والتحكيم بين المتنازعين واقرار النظام وضمان أخالقية قانون الشرف‪ .3‬الوظيفة الرئيسية للجماعة‬
‫هي حماية الشخصية المعنوية للقرية والسهر على احترام قدسية فضائها‪ .4‬و يقوم نظام الجماعة على‬
‫أربع أنظمة رمزية تشد الرابط االجتماعي للجماعات‪ 5‬وهي‪:‬‬
‫‪l’ethos de l’honneur du système vindicatoir‬‬ ‫‪ )1‬شرف الجماعة‬
‫‪ )2‬الهوية اإلسالمية ‪– L’ordre islamique (…) qui parcourt l’ensemble du système‬‬
‫‪..social‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر جغلول‪ ،‬اإلشكاليات التاريخية في علم االجتماع السياسي عند ابنخلدون‪(،‬لبنان‪ :‬بيروت‪ :‬دار الحداثة‬
‫للطباعة والنشرو التوزيع‪ ،‬ط‪ ،)1412 ، 3‬ص ‪.122‬‬
‫‪ –2‬اسماعيل قيرة (وآخرون)‪ ،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪( ،‬لبنان‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪، )2224 ،2‬‬
‫ص‪.61‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Alain Mahé; Histoire De la grande Kabylie XIX et XXe siècles: Anthropologie‬‬
‫;‪historique Du lien social Dans les communautés villageoises, (Paris : ed. Bouchene‬‬
‫‪2ed. 2000), p91.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Ibid, p.115‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Ibid, pp10-561‬‬

‫‪123‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )3‬الروح المحلية والحضرية والتمدن ‪.l’esprit municipal et le civisme‬‬


‫‪ )4‬المقدس السحري والديني للعصور السابقة(التقاليد)‪-le sacré magico-religieux‬‬
‫ال يهم شكل الجماعة‪ ،‬أو مكوناتها بقدر ما تهم مرجعيتها الفكرية ومقاصدها النبيلة في احتضان‬
‫أفرادها وتنظيم وجودهم وحماية مصالحهم‪ ....‬وهي بذلك توفر صيانة مبدئية للروابط االجتماعية القاعدية‬
‫التي تمهد لتأسيس الجماعة اإلدارية ببعديها االنتخابي والالمركزي‪ ،‬وفق الشروط القانونية والتنظيمية التي‬
‫تشرعها السلطة المركزية في الدولة‪ .‬وهنا نالحظ جوهر الفرق في العالقة التي تحدد أولويات البناء‬
‫المؤسساتي‪ ،‬حيث يعتبر الرابط االجتماعي من أهداف النظام اإلقليمي الفرنسي ويعاني أزمة يؤمل تداركها‬
‫عبر الصيغ المختلفة للمشاركة الديمقراطية‪ .‬والرابط الجماعاتي الذي يعتبر معطى اجتماعيا وطبيعيا جدا‬
‫في الوسط المجتمعي الجزائري‪ ،‬إذا ما تم إدماجه بطريقة فعالة ضمن فضاء قيم المواطنة والعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ومراعيا ألصوله الحضارية اإلسالمية قبل أي معطى آخر‪ ....‬في تنشيط التنمية وقيادة‬
‫التطوير االجتماعي واالقتصادي‪.‬وعليه‪ ،‬يمكن تعداد محددات تعريف نظام الجماعة ضمن العناصر‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬تمثل شكال من أشكال اإلدارة االجتماعية لشؤون الجماعة‪.‬‬
‫‪ )2‬تمثل الضمير الجمعي ألعضائها‪.‬‬
‫‪ )3‬لها سلطة الضبط االجتماعي و التكافل واألمن والحماية وتسوية الخالفات‪....‬‬
‫‪ )4‬نظام الجماعة يوصف تحت عدة تنظيمات كالقرية أو القبيلة أو العرش أو الحي‪.‬‬
‫‪ )5‬ذات مرجعية دينية إسالمية وأخالقية وعرفية‪.‬‬
‫‪ )6‬ارتباط نظام الجماعة بثراء مقومات الثقافة الوطنية و تكاملها‪.‬‬
‫‪ )1‬نظام الجماعة كنموذج تاريخي ومؤسسة اجتماعية تمثل سبقا مدنيا وحضريا في مجال المشاركة‬
‫المنظمة‪ ،‬وتشكل أحد األصول االجتماعية التي تقام عليها أركان النظام المؤسساتي للجماعات اإلقليمية‪،‬‬
‫ال سيما في التعبير عن المطالب من خالل آلية اتخاذ القرار‪ ،‬في مجلس مداوالت الجماعة‪ ،‬وترتيب‬
‫األولويات التي تتحدد على ضوء مقاربة الصالح العام لخدمة أهداف الجماعة‪ .‬حيث تؤدي عملية التفاعل‬
‫النسقي التي تحدث بين مكونات‪ ،‬مثل هذه المتغيرات في إدخال تعريف المفهوم ضمن التحليالت المقدمة‬
‫حول صيغ البحث عن مناهج الفعالية واالنتظام في حركة عمل الجماعات اإلقليمية‪ ،‬وعالقاتها مع‬
‫المجتمع المحلي‪ ،‬إلى الوقوف على بعض المبادئ األساسية في نظام الجماعة التي تساعد على التغلغل‬
‫الوظيفي عند السعي لبناء قنوات االتصال والمشاركة‪ ،‬وذلك وفق النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬الحدود االجتماعية إلقليم الجماعة مستغرقة في إقليم الجماعة اإلقليمية وليست وحدة تنظيمية موازية‬
‫لها‪.‬‬
‫‪ )2‬استقاللية تنظيمية ومالية في إدارة شؤونها‪.‬‬
‫‪ )3‬مورد هام في المساعدة على اتخاذ القرار لدى الجماعة اإلقليمية‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )4‬مصداقية الجماعة وشرعية تمثيلها نابعة عن إرادة أعضائها الذين هم غالبا من األعيان والصفوة‬
‫‪‬يتحلون بالسمعة واالحترام في وسطهم االجتماعي‪.‬‬
‫يتعرض نظام الجماعة في الجزائر إلى ضغوطات وانتقادات شديدة تتمحور حول بعض النقاط نوردها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬االستغالل السياسي والتوظيف الحزبي للمجال االجتماعي الذي تتميز به الجماعة‪.‬‬
‫‪ )2‬محاوالت تجريد هوية الجماعة من طابعها األخالقي واإلسالمي وتحويلها إلى مجرد لجنة حي أو‬
‫‪1‬‬
‫قرية‪.‬‬
‫‪ )3‬اختالل معايير المشاركة والتقييم بسبب التغيرات االجتماعية واالقتصادية والسياسية بين الفئات االجتماعية‬
‫نحو الصالح العام‪ ،‬تعمل على إضعاف وتراجع فعالية نظام الجماعة‪.‬‬
‫‪ )4‬اكتساح التنظيم الرسمي للمجال العام‪ ،‬قد ينظر له على أنه تهديد فعلي لألنماط التقليدية المعتادة على‬
‫العمل الجماعي الطوعي والتضامني‪.‬‬
‫‪ -5-3‬الديمقراطية التمثيلية‪LA Démocratie Représentative :‬‬
‫جاءت التعددية الحزبية في الجزائر كمبدأ أساسي من مبادئ التنظيم الديمقراطي‪ ،‬والذي حمل معه‬
‫إمكانية إنجاز انتقال ديمقراطي حقيقي في المستقبل‪ .‬تحديد وتوضيح قواعد الممارسة السياسية عن طريق‬
‫األحزاب السياسية‪ ،‬يعني أن المجتمع يملك آليات الفرز االجتماعي‪ ،‬إلنتاج سياسات جديدة تجد تطبيقاتها‬
‫من خالل المشاركة السياسية والتمثيل السياسي في مؤسسات الدولة‪ ،‬بداية من المجالس الشعبية المحلية‪.‬‬
‫مسار التعددية النموذجية‪ ،‬يعيد صياغة الفرضيات األولية للديمقراطية‪ ،‬وقدرة المجتمع على إحكام التوازن‬
‫بين القوى التقليدية للنظام السياسي والقوى الصاعدة كبدائل سياسية‪ ،‬تطرح مشاريع اجتماعية متناقضة‪.‬‬
‫أدت عملية التأسيس للظاهرة الديمقراطية التعددية إلى نشوء عدة قوى سياسية واجتماعية‪ ،‬يطبعها‬
‫حماس فياض‪ ،‬الستغالل وتسييس كل الفضاءات التي تجاورها أو تلك التي تنشط في حدودها‪ ،‬بغرض‬
‫تقديم نفسها كأداة تغيير تتجاوز النظام السياسي‪ ،‬وتحاول فرض نفسها كبديل أوحد‪ ،‬ومرد ذلك‪ ،‬أنها‬
‫وجدت في ضآلة شرعية مؤسسات الدولة حجتها األساسية‪ ،‬وبالتالي ينبغي تفويضها والحل محلها عبر‬
‫االنتخابات‪ ،‬معتمدة على نسج خطاب حزبي يقترب من الشعبوية‪ ،‬وتبني الحلول الجاهزة الستقطاب‬
‫القواعد الشعبية‪« .‬عمق التغيرات كبدائل‪ ،‬بمفهوم مشاريع اجتماعية‪ ،‬التي هي بدورها تثير في آخر‬
‫‪.2‬‬
‫التحليل مسألة معقدة جدا أال وهي مسألة الشرعية»‬

‫‪1‬‬
‫‪-Titem Bessah, «Jeunesse ; Tajmaat et Association en Kabylie aujourd’hui : cas d’Ath‬‬
‫‪Idjer» ; Revu eInsaniyat, n65-66, (Juillet –Décembre 2014), PP.281-299.‬‬
‫‪2-‬‬
‫‪Mohammed Brahimi, «La Loi fondamentale de 1989 : La Constitutionnalisation de‬‬
‫‪silence», RASJEP, vol : xxx ; n° 01, (fevrier, 1992), P.133.‬‬

‫‪125‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫الغليان الحزبي صاحبته توترات اجتماعية شديدة متباينة وغير مستقرة‪ ،‬تعكس إلى أقصى حد‬
‫‪‬ممكن‪ ،‬مستوى النقد واالحتجاج ضد السلطات القائمة‪ ،‬ليكشف مؤشرات تأزم العالقات التي تسود بين‬
‫المواطن والمؤسسات من جهة‪ ،‬وتثير حجم الجفاء القائم على تغلغل الدولة األفقي والسطحي في الجسم‬
‫االجتماعي‪ .‬األحزاب السياسية قوى تتطلع إلى التغيير‪ ،‬فبغض النظر عن التحديد القانوني للمصطلح‪،1‬‬
‫فإنها « قوى سياسية منظمة تضم مواطنين لهم نفس االتجاه السياسي وذلك لتعبئة الرأي العام حول عدد‬
‫من األهداف‪ ،‬والمشاركة في السلطة أو التأثير على ممارستها وتحقيق أهدافها»‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫الحزب السياسي هو أداة للمشاركة في الحياة السياسية الوطنية والمحلية‪ ،‬ولذلك يقوم بالوظائف التالي‪:‬‬
‫‪ -‬تكوين الرأي العام‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة إلى ثقافة سياسية أصيلة‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع المساهمة الفعلية للمواطنين في الحياة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين و تحضير النخب القادرة على تحمل مسؤوليات عامة‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح مترشحين للمجالس الشعبية المحلية والوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على إقامة وتشجيع عالقات جوارية دائمة بين المواطن والدولة ومؤسساتها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على ترقية الحياة السياسية وتهذيب ممارستها وتثبيت القيم والمقومات األساسية للمجتمع الجزائري‬
‫ال سيما قيم ثورة أول نوفمبر ‪. 1454‬‬
‫‪ -‬العمل على تكوين الفعل الديمقراطي والتداول على السلطة وترقية الحقوق السياسية للمرأة‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على ترقية حقوق اإلنسان وقيم التسامح‪.‬‬
‫تستهدف الديمقراطية المحلية نشر قيم المواطنة والمشاركة الواعية لمختلف الفئات المنظمة كحركة‬
‫جمعوية للدفاع عن المصالح العامة المحلية‪ .‬واذا كانت التعددية الحزبية في الجماعات المحلية‪ ،‬تعبر عن‬
‫خيار شعبي وفقا لبرنامج انتخابي معين‪ ،‬فإنها مجبرة على احترام منطق الدولة كأولوية‪ ،‬ألن السيادة كل‬
‫ال يتج أز ومهما كانت شرعية التمثيل ال ترقى لتعويض سلطة الدولة المركزية كدولة موحدة‪ .‬ورغم ان‬
‫مسالة الحياد وااللتزام‪ ،‬ثنائية توحي بالتناقض الظاهري‪ ،‬لكنها ينبغي أن تخدم المنطق الذي تسير فيه‬
‫‪4‬‬
‫ومن أجله الجماعات المحلية‪ ،‬بأطرافها الثالثة المنتخبون‪ ،‬والمستخدمون والمواطنون‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر القانون العضوي المتعلق باألحزاب السياسية رقم ‪ 12.24‬المؤرخ في ‪ 12.21.2212‬ج ر‪:‬رقم ‪ ، 22‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ .15.21.2212‬ص‪11‬‬
‫‪ -2‬صادق األسود‪ ،‬علم اإلجتماع السياسي أسسه وأبعاده‪( ،‬بغداد‪ :‬جامعة بغداد‪. ،)1442 ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 11‬من القانون العضوي رقم ‪ .15.80‬المتعلق بااألحزاب السياسية‪.‬‬
‫(‪4‬‬
‫‪-»toute‬‬ ‫‪offre‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪service‬‬ ‫‪public‬‬ ‫‪implique‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪participation‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪trois‬‬
‫‪acteursprincipaux ;l’initiateur ou offreur ,le producteur, et le consommateur de service » in :‬‬

‫‪126‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫وعليه‪ ،‬يعتبر المنتخبون المحليون السلطة الشرعية المؤهلة قانونا لتسيير الشؤون العامة المحلية‪،‬‬
‫‪‬وهم بذلك يتحملون مسؤولية مزدوجة في آن واحد سياسية وادارية‪ ،‬فهم الطرف األساسي في تقدير الحاجة‬
‫المحلية‪ ،‬وتوفير الوسائل الضرورية لتحويلها إلى خدمة عمومية‪ ،‬لكن ما يالحظ في الواقع السياسي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬يناقض تماما ما تصوره األطر النظرية والقانونية‪ ،‬فالحزب السياسي ينشط نشاطا موسميا‬
‫خالل بداية العهدة االنتخابية‪ ،‬ثم تتكلس هياكله‪ ،‬بسبب ضعف تأطيره ومحدودية انتشاره اجتماعيا‪ ،‬وقلة‬
‫الموارد و الوسائل لتلبية مطالب المجتمع المحلي‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬هيمنة الروح المركزية التي تعمل على‬
‫مصادرة مهام وصالحيات الجماعات المحلية‪ ،‬وبالتالي تقويض مبررات الحديث عن شرعية التمثيل‬
‫السياسي للمنتخب المحلي الذي بدوره ال يستطيع تطوير أي شكل من أشكال مواجهة النزعة المركزية‬
‫لإلدارة بمفهومها الواسع‪.‬‬
‫فالمنتخب المحلي‪ ،‬ال يدرك جيدا‪ ،‬حجم المسؤولية التي يتوالها تجاه الدولة وتجاه مجتمعه‬
‫المحلي‪ ،‬ألن النمط االنتخابي المعتمد‪ ،‬ونزوع بعض األحزاب لتبني ثقافة تنظيمية شبه بيروقراطية‪ ،‬يجرد‬
‫هذه القوى السياسية من المثل والمبادئ واألهداف التي رسمتها القوانين‪ ،‬وقلة هذا اإلدراك تهيئ الشروط‬
‫الموضوعية لتأكل شرعية تمثيلهم االنتخابي ورفع المصداقية عنهم‪ .‬فال وجود للتجديد النوعي القادر على‬
‫التكيف مع المتغيرات التي تشهدها العالقات االجتماعية‪ ،‬وبقيت البلدية (مثال) ينظر إليها ككتلة‬
‫‪1‬‬
‫بيروقراطية‪ ،‬ال تعبر إال عن نوع من عدم الثقة تجاه المجتمع وقواه االجتماعية‪.‬‬
‫المجهود المبذول من طرف المنتخب المحلي‪ ،‬ينبغي أن يكون مبنيا على نتائج تغلغل سياسي‬
‫واجتماعي في وسط المجتمع المحلي‪ ،‬حتى يستطيع فهم مطالبهم واشراكهم في القرار المحلي‪ ،‬وال يكتفي‬
‫فقط بمجرد توزيع قيم –كوسيط‪ -‬مع مراعاة الفرق بين التغلغل السياسي القائم على اإلقناع والمشاركة‬
‫والتغلغل اإلداري القائم على الضبط واإلكراه والمقاومة‪ .‬فالدولة المتوازنة هي التي تحافظ على توازن‬
‫معقول بين البيروقراطية والنظام الدستوري‪ ...‬والبيروقراطية القوية تؤدي حتما الى قمع الديمقراطية‬
‫‪2‬‬
‫السياسية‪.‬‬
‫التمثيل السياسي لألحزاب السياسية في المؤسسة المحلية (المجالس المنتخبة)‪ ،‬ال يكاد يؤثر تأثي ار‬
‫كبي ار في عملية صنع القرار المحلي‪ ،‬فهناك تمثيل حزبي وانتخابي لكنه ال يقتضي أن يكون بالضرورة‬
‫تمثيال سياسيا لمختلف المصالح المحلية‪ ،‬ألن التمثيل السياسي الحقيقي يعبر عن شرعية سياسية تعكس‬

‫‪G.R.E.P.U.N.S.P.I.C ; performance des services publique locaux : analyse comparée‬‬


‫‪des modes de gestio, (Paris : LITEC, 1990), P 19.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-Mohammed Serradj , «La Commune entre Acteurs et Système», revue des collectivités‬‬
‫‪locales; La Commune en Mutation, n°01 , (1997), pp. 33-36.‬‬
‫‪ -2‬فيريل هيدي اإلدارة العامة‪ :‬منظور مقارن‪ ،‬ترجمة (محمد قاسم القريوني)‪( ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪، )1414‬ص ص ‪.51، 52‬‬

‫‪127‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫اإلرادة والقدرة على اإلنجاز بالدرجة األولى وتكون مسؤولة مسؤولية كلية نظير حجم العهدة االنتخابية‬
‫‪‬التي تقع على عاتق المنتخب المحلي تجاه من انتخبه‪ ،‬وليس الوقوع تحت سلطة اإلدارة و ممثليها‪ ،‬وهذا‬
‫يفسر حالة الضعف التي تميز األداء السياسي في إدارة الشأن المحلي للمنتخبين المحليين‪.‬‬
‫« إن المشروع السياسي الذي يتم توجيهه من قبل األحزاب السياسية‪ ،‬ما هو على وجه الدقة إال‬
‫مشروع مصالح على حد قول ماكس فيبر ‪ ،MAX WEBER‬وهذا يعني أن عددا محدودا من الناس‬
‫يهتمون بشكل متميز بالحياة السياسية‪ ،‬وبكلمة أوضح يرى ماكس فيبر أن الشعب لم تعد له السيطرة‬
‫الفعلية على الق اررات السياسية‪ ،‬التي تصبح امتيا از تختص به من جهة اإلدارة البيروقراطية‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى قادة األحزاب السياسية»‪.1‬‬
‫نتيجة الضعف الشديد الذي أصبح يطبع نشاط األحزاب السياسية‪ ،‬لم تعد قضية الديمقراطية‬
‫التمثيلية تشكل األداة األمثل للتعبير عن المصالح المحلية التي تعكس المطالب الحقيقية للمواطن وتأتي‬
‫في جوهر السياسة العامة المحلية‪ ،‬فأزمة الديمقراطية التمثيلية ناتجة باألساس عن مأزق الظاهرة الحزبية‬
‫التعددية التي فقدت مشروعيتها االجتماعية وتقلصت إلى مجرد كيانات إدارية فقيرة ايدولوجيا وهشة‬
‫تنظيميا‪ ،‬وال تملك رؤية سياسية إال مجاراة الخطاب الرسمي للسلطة السياسية‪ ،‬التي بدورها ساهمت في‬
‫احتواء أدوات الحياة السياسية عبر شراء السلم االجتماعي وأغراء أغلبية القوى االجتماعية بالمناصب‬
‫واالمتيازات‪ ...2‬وبالتالي يمكن استنتاج مظاهر ضعف االحزاب السياسية في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬األغلبية الساحقة من األحزاب السياسية تبدو وكأنها جماعات ضغط أكثر منها مؤسسات للتنشئة السياسية‬
‫بمفهومها الواسع ‪.‬‬
‫‪ -‬ذات بنية مؤسساتية غير ديمقراطية وغير مستقرة (قابلية لالنشطار) تتحكم فيها النزعة الزعماتية‪.‬‬
‫‪ -‬ذات قاعدة نضالية محدودة وغير فاعلة‪.‬‬
‫‪ -‬تعمل باستمرار على تطوير خطاب األزمة وتصعيده من دون تقديم مبادرة مشتركة للتغيير والتأثير في‬
‫ق اررات السلطة السياسية‪ ،‬بسبب غياب الثقة بينها حتى وان كانت من نفس العائلة السياسية‪....‬‬
‫فرغم أن الديمقراطية التمثيلية هي أساس الديمقراطية المحلية‪ ،‬يعود ضعفها إلى التمثيل لتكون هذه‬
‫الديمقراطية دائما مصادرة ومفروضة وغير مكتملة‪ 3.‬ولعل أبرز األسباب التي كانت وراء أزمة وضعف‬

‫‪ -1‬عبد الرضا حسين الطعان‪ ،‬البعد االجتماعي لألحزاب السياسية‪ :‬دراسة في علم اإلجتماع السياسي‪( ،‬بغداد‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،)1442‬ص‪.441‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohammed Hachmaoui, «La Représentation Politique en Algérie entre médiation‬‬
‫;‪clientélaire et prédation (1997-2002)», Revue française de science politique, vol53‬‬
‫‪(2003/1), PP.35-72.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Stéphane Guerard ; «La Démocratie Locale en Questions», Op.cit, P1296.‬‬

‫‪128‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫الديمقراطية التمثيلية هي تلك التي وردت في مشروع قانون الديمقراطية المشاركاتية التي طرحت كبديل‬
‫‪1‬‬
‫‪‬لتطوير الديمقراطية التمثيلية بالنظر إليها كعملية" للشرعنة" باإلدماج‪:‬‬
‫» ‪« La démocratie participative est un processus de légitimation par inclusion‬‬
‫‪ -‬التباين االجتماعي ومحدودية تمثيل المنتخبين‪.‬‬
‫‪ -‬االنتخاب التمثيلي‪ ،‬انتخاب عهدة شاملة من دون وسيلة مراقبة شعبية‪.‬‬
‫‪ -‬القطيعة بين الناخب والمنتخب بعد االنتخاب‪.‬‬
‫‪ -‬بعد المنتخبين عن الميدان أفرز صعوبات فهم انشغاالت المواطنين‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع نسبة المقاطعة في االستشارات االنتخابية‪.‬‬
‫‪ -‬تزايد المطالب و االحتجاج االجتماعي‪.‬‬
‫تثبت القراءة التحليلية لمجمل هذه األسباب الطابع السياسي لها‪ ،‬واقرار صريح بدور السلطة‬
‫السياسية في ذلك طالما أن األمر يرتبط ارتباطا وثيقا بعمل مؤسسات النظام السياسي وال يمكن الفصل‬
‫بين الجماعات والجماعة المركزية بكل من يمثلها‪ ،‬فالنزعة التسلطية لدى النخبة المستحوذة على موارد‬
‫القرار السياسي‪ ،‬تأبى أن تباشر عمليات التغيير الجذري لألوضاع انطالقا من إرادة المجتمع وليس عبر‬
‫الخطاب السياسي الشعبوي في ظل تزايد اتساع الهوة بين المجتمع والدولة‪ ،‬بدليل اللجوء إلى محاولة تبني‬
‫أساليب أخرى إلى جانب الديمقراطية التمثيلية‪ ،‬وتحويل المشاكل من المركز إلى المحيط من دون موارد‬
‫حقيقية في يد المؤسسة لمواجهة المطالب ورسم السياسات المحلية‪.‬‬
‫وتفسر حالة "االنهيار البنيوي والوظيفي" الذي اتى على النموذج الحزبي المعتمد بعد ان جرد من طبيعته‬
‫كمؤسسة للتنشئة السياسية واالجتماعية وتكوين النخب وطرح البدائل‪ .‬وذلك بسبب انتقال نشاط النموذج‬
‫من العمل القاعدي الى العمل االفقي والسطحي‪ .‬من خالل االنصياع لمنطق النظام السياسي في‬
‫المشاركة المحدودة والمشروطة في االنتخابات‪ .‬لتصبح هذه االحزاب حبيسة هذا المنطق وال تبادر‬
‫للمعارضة او الرفض‪ ،‬وتكتفي فقط بإعادة انتاج خطاب ازمة ال يغير في االمر شيئا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Ministère‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪l’intérieur,‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪collectivités‬‬ ‫‪locales‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪l’aménagement‬‬ ‫‪du‬‬
‫‪territoire, « Avant-projet deloi relative à la participation citoyenne et aux activités‬‬
‫‪participatives au niveau local », sur : www.interieur.gov.dz, Consulté le : 13/11/2017.p1.‬‬

‫‪129‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -3-3‬الديمقراطية المشاركاتية ‪LA Démocratie Participative :‬‬


‫يؤدى تطور نماذج التسيير واإلدارة في النظم الديمقراطية إلى اختراع مقاربات مرنة للتكيف‬ ‫‪‬‬
‫واالستجابة لمقاصد الحراك المجتمعي‪ ،‬عبر تبني بدائل لتجاوز ضعف أداء األطر القائمة من دون‬
‫اإلخالل بقواعد ومبادئ التنظيم الديمقراطي التي يقوم عليها المجتمع‪ ،‬وذلك نتيجة التواصل الدائم بين‬
‫مؤسسات الدولة وممثلي المجتمع فيها‪ ،‬وباقي الفئات العادية الناشطة في كل أوجه العمل القطاعي‪.‬‬
‫وسرعان ما تنتقل األفكار الجديدة والتي تعرف نجاحها إلى باقي الدول التي تتقاسم نفس القيم السياسية‬
‫وتسعى إلى المنافسة ‪ ،‬في تصميم أسمى النماذج الكفيلة بتحرير المجتمع من مظاهر التسلط واالستبداد‪،‬‬
‫نحو بناء شراكة فعالة في صناعة القرار ومراقبته‪.‬‬
‫أول ظهور للديمقراطية المشاركاتية كان سنة ‪ 1462‬في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كشكل جديد‬
‫في الحياة الديمقراطية‪ ،‬وكنشاط مواطني لمواجهة سلطة المؤسسات تزعمته الحركات الطالبية‪ ،‬للمطالبة‬
‫بحق النظر في الشؤون العامة‪ ،‬وحق التعبير السيما تحسين اإلطار المعيشي ثم انتقلت إلى فرنسا على‬
‫‪1‬‬
‫يبدو انتهاج الديمقراطية المشاركاتية كمرحلة وسيطة بين مرحلتين‪:‬‬ ‫شكل مجموعات العمل المحلي‪.‬‬
‫األولى قائمة بالفعل وتعرف بالديمقراطية التمثيلية ‪ ،‬والثانية تعتبر مشروع مستقبلي يطلق عليها‬
‫يلخص التبرير األساسي العتماد المقاربة‬ ‫الديمقراطية التداولية » ‪«la Démocratie Délibérative‬‬
‫المشاركاتية ومأسستها على أنها إتمام وتصحيح للديمقراطية التمثيلية بتعزير اإلتصال بين الممثلين‬
‫‪ Représentés‬والممثلين ‪ : Représentants‬في اتجاه نموذج متنوع للحكامة وما الديمقراطية‬
‫المشاركاتية إال متغير منه ‪.2‬‬
‫يقتضي القضاء على سلبيات النموذج الديمقراطي التمثيلي على المستوى المحلى‪ :‬فتح قنوات‬
‫المشاركة للمجتمع المحلي وفق آليات تنظيمية ومؤسسية مالئمة كفيلة باستقطاب فاعلين وحركيين عند‬
‫المالحظة واالقتراح والمرافقة ومابعد التنفيذ‪ :‬ثم أن الجماعة المحلية كالبلدية ينبغي أال يستمر أداؤها‬
‫الضعيف‪ ،‬وتبقي صوريا صاحبة القرار النهائي تحت سلطة الوصاية في الميدان‪ .‬وبالتالي ما فائدة‬
‫المقاربة المشاركاتية؟ مما يثير الشكوك حول جدوى الديمقراطية المشاركاتية في مثل تلك الظروف حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rencontre avec Loïc Blondiaux, « Les Mutations du Pouvoir en Démocraties; Participation‬‬
‫‪et Délibération», in: Jean Vincent Holeindre (dir) : Le Pouvoir : Concepts, Lieux,‬‬
‫‪Dynamiques, (France: éd. Sciences humaines.2014); p323.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Marie Helene Bacqué, Henri Rey ; Yves Sintomer, «La Démocratie‬‬ ‫‪Participative :‬‬
‫‪Complément ou Inflexion de la Démocratie Représentative» in : Yves sintomer(dir) : La‬‬
‫‪Démocratie Participative ; Revue problèmes politiques et sociaux, n°959, (2009) ; p19.‬‬

‫‪130‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫تتعدد اآل ارء وتختلف التحاليل لينظر للنموذج المشاركاتي بشك وتحفظ اليخرج عن إحدى االحتماالت‬
‫‪1‬‬
‫‪‬الثالث التالية ‪:‬‬
‫‪« )1‬دمقرطة الديمقراطية » لتحسين التسيير العمومي ‪.‬‬
‫‪ )2‬واجهة لتنمية حكامة مهددة للديمقراطية التمثيلية ‪.‬‬
‫‪ )3‬حيلة من الحكام لتفكيك النزاعات االجتماعية‪.‬‬
‫مهما تباينت زوايا النظر إلي مضامين اإلبداع المؤسسي وآلياته في التنظيم والتسيير‪ ،‬يبقى‬
‫الواقع أصدق مثاال عن التتابع ألنسقي الذي تحدثه سياسات اإلصالح والتكيف والتغيير التي تعمل على‬
‫أفضل وأقل كلفة لمواطنيها‪ .‬وجاءت الديمقراطية‬ ‫إنجازها اإلرادات الديمقراطية للبحث عن ما هو‬
‫المشاركاتية في سياق عام ينشد العقالنية االقتصادية والرشادة السياسية في التمثيل والممارسة ومحاولة‬
‫''أخلقة" الفضاء العام في ظل عدالة اجتماعية تكرس الحقوق‪ .‬وتفرض الواجبات ضمن العالقات القيمية‬
‫التي طورتها ثقافة المواطنة ‪ .‬فال غرابة‪ ،‬اذا تزامنت األشكال الجديدة للعمل الديمقراطي مع نماذج‬
‫التسيير الحديثة ( ‪ .2)the new public mange ment‬يحتل هاجس تحسين التسيير على المستوى‬
‫المحلي اهتماما بالغا لدى النخب القيادية كما تقتضيه الديمقراطية المشاركاتية وذلك بسبب األبعاد‬
‫التالية‪: 3‬‬
‫‪ .1‬يكون التسيير العمومي أكثر فعالية عند ما يؤدى إلى أقرب المستعملين وأن السياسة المؤسساتية يجب أن‬
‫تسجل بالموازاة ضمن الجوارية مع المواطنين ‪.‬‬
‫‪ .2‬يشعر الفاعلون أكثر فأكثر بأن تعقيدات المشاكل التي تضرب المجتمعات المعاصرة تقتضي نوعا من‬
‫دمقرطة الق اررات التقنية التي ال يمكن أن تكون اال ضمن الرؤية الدنيا بعلم المستعملين ‪.‬‬
‫‪ .3‬تبدو الوسائل الحكومية التسلطية تدريجيا غير مالئمة‪ ،‬وانخراط المواطنين غير المنتخبين في األشكال‬
‫الجديدة للحكامة هي المطلوبة أوال ‪.‬‬
‫‪ .4‬يرى عدد متزايد من الفاعلين والمحللين بأن الديمقراطية لكي تكسب الفعالية والشرعية يجب أن تكون‬
‫تداولية أكثر‪.‬وت مثل األطر المشاركاتية ضمن هذا المنظور أحد أبعاد التطور إلى جانب تحسين نوعية‬
‫الفضاء العمومي الواسع ومضاعفة لجان الخبراء ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yves Sintomer, « La Démocratie Participative» , revue :problèmes politiques et‬‬
‫‪sociaux, n°959 ; (2000), p.7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Marcel Guenoun, «Le Management de la Performance Publique Locale» thèse pour‬‬
‫‪l’obtention du Doctorat en sciences de gestion de l’université Paulace zanne, Aix- Marseille‬‬
‫‪3 - 2009.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Yves sintomer, «la démocratie participative », op.cit, 10.‬‬

‫‪131‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫استعمل في المراحل األولى من بداية الكشف عن آليات الشراكة اإليجابية بين المجتمع والدولة‬
‫‪‬مفهوم الديمقراطية الجوارية » ‪ « la démocratie de proximité‬الذي تم احتواءه ضمن الصيغة‬
‫المعدلة للمفهوم األصلي في المرجعية الديمقراطية‪ ،‬لينظر الديمقراطية المشاركاتية على أنها تثمين‬
‫للجوارية الجغرافية واإلتصال بين السلطات السياسية واإلدارية والمواطنين‪.1‬‬
‫يرى البعض أن هذا التوظيف المتدرج والمنمذج لمفهوم الديمقراطية الجوارية يعتبر إجابة سياسية‬
‫‪2‬‬
‫لخطاب األزمة التي تالحق مؤسسات الدولة وتتجلى عبر ثالثة مستويات متداخلة ومركبة‪:‬‬
‫‪ )1‬أزمة الشرعية السياسية ‪–Crise de légitimité politique‬‬
‫‪-Crise de Lien social‬‬ ‫‪ )2‬أزمة الرابط االجتماعي‬
‫‪Crise de l’action publique‬‬ ‫‪ )3‬أزمة العمل العمومي‪-‬‬
‫لذلك ينبغي حل هذه المسائل من خالل تحقيق األهداف التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬إعادة بناء الثقة السياسية (تقريب المنتخب من المواطن)‬
‫‪ )2‬إعادة بناء الرابط االجتماعي (تقريب) المؤسسات من المستعملين وتقريب المستعملين فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ )3‬إعادة بناء الفعالية العمومية (التعلق بالطلب االجتماعي وتقديم األجوبة المالئمة والمعدلة)‪.‬‬
‫لطالما ساد االعتقاد لدى الكثيرين أن المطالبة بتوسيع صالحيات النظام الالمركزي على مستوى‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬يمكن له كسب رضا الجمهور‪ :‬كمرتفقين أو كمواطنين بل وحتى كمسيرين‪،‬إال أن تلك‬
‫اآلمال عرفت محدودية في االنتشار‪ ،‬ولم تعمل سوى على تكبيل المبادرات المحلية عن طريق تعقيدات‬
‫المعاملة البيروقراطية بين األجهزة وبين مصالح هذه األجهزة والمواطنين‪ ،‬مخافة أن يتحول عمل توسيع‬
‫دائرة العمل الالمركزي ليشمل إشراك المواطن في شكليات القرار المحلي‪ ،‬إلى قيمة سياسية قد تتجاوز‬
‫األطر المسموح بها‪ .‬والتي عادة ما تتوالها العملية االنتخابية كمسار سياسي يساهم في إنتاج نمط‬
‫مشاركاتي غير مباشر بواسطة التمثيل في المجالس المنتخبة ‪.‬‬
‫يعمل النظام السياسي على تقنين المشاركة السياسية وتحديد حقول الممارسة وتدخل القوى‬
‫المجتمعية وذلك بهدف التحكم والتنظيم لكل مظاهر الحراك االجتماعي‪ .‬خاصة أثناء المرحلة االنتقالية‪،‬‬
‫فبعد ما كانت المقاربة القانونية تتحدث عن التسيير الجواري للشؤون المحلية أصبح الخطاب الرسمي‬
‫يحاول الترويج للديمقراطية المشاركاتية التي تشجع المواطن على اإلسهام في اتخاذ القرار المحلي إلى‬
‫جانب قاعدة السلطة المحلية( البلدية) وذلك تحت إشراف المنتخبين المحليين‪ .‬لقد بادرت و ازرة الداخلية‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yves sintomer , op.cit, p5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Christain Le Bart, Reoui Lefebure, «LaProximité: Lieu Naturel de la Participation » in :‬‬
‫‪Yves sintomer (dir) ; La Démocratie Participative, op. Cit, p31 .‬‬

‫‪132‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫إلى طرح مشروع قانون أولي لتأطير المشاركة الديمقراطية للمواطنين على المستوى المحلى‪ 1‬تطبيقا‬
‫‪2‬‬
‫‪‬للمبادئ واألحكام التي بشرت ودعت لهذه األفكار‪.‬‬
‫يتضمن نص المشروع إحاطة مدخلية متعددة األبعاد صيغت بمثالية عالية؛ في أول عناصرها لما‬
‫وصفت الديمقراطية المشاركاتية من منظور قيمي‪ ،‬يقف على أرضية حضارية لقيم المجتمع الجزائري‪.‬‬
‫أي انصبت على تشكيل هوية هذا المفهوم‪ ،‬انطالقا من رصيد القيم وسلوكية المواطن الجزائري التي هي‬
‫بدورها تعتبر مرجعية‪ .‬تأتي في مقدمتها القيم الدينية واألعراف وقيم المدنية والقيم اإلنسانية‪ .‬فأي مشروع‬
‫لكي ينجح يجب أن يستند على نظام قيمي ينسجم‪ ،‬ويتفاعل معه بمنتهى اإليجابية ـ فالخلفية الحضارية‬
‫بكل تراكماتها تدفع بطبيعتها نحو التكيف مع ايجابيات العصر بغرض اعادة تجديد فعاليتها واثبات ذاتها‪.‬‬
‫وبعد االطالع المتأني والفحص التناظري لمحتوى الوثيقة يمكن استنتاج بعض الخصائص التي تميز هذا‬
‫المشروع ‪:‬‬
‫‪ )1‬ذو رصيد حضاري و وطني‪.‬‬
‫‪ )2‬شكل من أشكال الحكامة اإلقليمية السياسية واإلدارية ‪.‬‬
‫‪ )3‬أداة تنشيط لثقافة المواطنة بين الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫‪ )4‬تعزيز شرعية الديمقراطية التمثيلية وتفعيل أداء المنتخبين المحليين في التنظيم والتسيير الالمركزي‬
‫المستقل والمسؤول‪.‬‬
‫‪ )5‬استقطاب فاعلين ذوي كفاءة وخبرة وتخصص‪.‬‬
‫‪ )6‬احترام القانون ومؤسسات الدولة ورموزها‪.‬‬
‫‪ )1‬ميدان المشاركة وأشكالها من صالحيات السلطة التقديرية للدولة‪.‬‬
‫‪ )1‬المشاركة تطوعية ذات طابع استشاري وغير ملزمة‪.‬‬
‫ثم أن مشروع الديمقراطية المشاركاتية يراهن على تحقيق بعض األهداف نذكر منها على الخصوص‬
‫مايلي ‪:‬‬
‫‪ )1‬االستثمار في موارد اإلقليم والجماعة المحلية‪.‬‬
‫‪ )2‬اعتماد الحوار كأسلوب استراتيجي للوقاية من األزمات واالحتجاج االجتماعي‪.‬‬
‫‪ )3‬التخفيف من الضغوطات على مراكز القرار السياسي في الدولة ‪.‬‬
‫‪ )4‬التمسك بدور الدولة االستراتيجي في التنمية المحلية ‪.‬‬
‫‪ )5‬التأسيس لالدارة الديمقراطية والمداولة الجماعية في اتخاذ القرار ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ministère de l’intérieur et des collectivités locales et de l’aménagement du territoire,‬‬
‫‪«Avant-projet de loi relative à la participation citoyenne et aux activités participatives au‬‬
‫‪niveau local», Op.cit, p8.‬‬
‫‪ -2‬المادتان ‪15‬و‪ 16‬من دستور ‪ .2216‬وقانونا البلدية والوالية مراجع سابقة ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )6‬تحضير النخب القيادية انطالقا من قاعدة الدولة وانشاء سلطة مضادة ومشاركة‪.‬‬
‫‪ )1‬إعادة بناء وتفعيل العمل العمومي وفق مقتضيات السياسة العامة المحلية ‪.‬‬
‫تلجأ كل دولة إلى تبني أدوات وأشكال معينة لممارسة الديمقراطية المشاركاتية وذلك حسب درجة‬
‫التطور الديمقراطي واالجتماعي الذي تتميز به‪ ،‬إال أن أغلب النماذج المشاركاتية السائدة في الدول‬
‫األوربية وأمريكا الشمالية (كندا والواليات المتحدة األمريكية) تتمثل فيمايلي‪:1‬‬
‫‪ )1‬النقاش العام ‪le débat public‬‬
‫‪ )2‬لجان األحياء ‪les comités de quartiers‬‬
‫‪ )3‬لجان المواطنين ‪les jurys des citoyens‬‬
‫‪ )4‬جمعيات المواطنين ‪Associations des citoyens‬‬
‫‪ )5‬الندوات الهجينة ‪forums hybrides‬‬
‫‪E. Administration‬‬ ‫‪ )6‬اإلدارة اإللكترونية‬
‫‪ )1‬االستفتاء المحلي ‪le référendum local‬‬
‫‪le droit aux pétitions‬‬ ‫‪ )1‬حق العرائض‬
‫‪le budget participatif‬‬ ‫‪ )4‬الميزانية المشاركاتية‬
‫‪)12‬االستشارة المحلية ‪la consultation locale‬‬
‫تقريبا كل هذه األشكال تضمنها مشروع قانون الديمقراطية المشاركاتية ماعدا االستفتاء المحلي الذي‬
‫ال يبتعد كثي ار عن اهداف التحقيق العمومي أو االستشارة والتشاور المحلي ‪ .2‬تأخذ أشكال المشاركة‬
‫‪3‬‬
‫طابعا مؤسساتيا لما يطلق عليها ''هيئات المشاركة '' وتحصر ضمن‪:‬‬
‫‪ )1‬لجنة الحي‪.‬‬
‫‪ )2‬لجنة المشاركة المتخصصة للوالية وبلديات مقر الوالية والبلديات التي يتجاوز عدد سكانها ‪122.222‬‬
‫ساكن‬
‫‪ )3‬الهيئة االستشارية البلدية أو الوالئية ‪.‬‬
‫‪ )4‬لجان القرى في التجمعات الثانوية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Martine Revel (et Al) : « Une Institution Novatrice : Le Débat public » in : Sintomer et‬‬
‫‪(al.) : La Démocratie Participative, Op.cit, p47.‬‬
‫‪- Et aussi : Pierre Sandran, «La Démocratie Locale : Réalités et Perspectives», op.cit, p‬‬
‫‪69.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-L’avant-projet de loi relative à la participation citoyenne et aux activités participatives‬‬
‫‪auniveaulocal , op.cit, p5‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid.‬‬

‫‪134‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )5‬الهيئات بين الجماعات المحلية ‪.‬‬


‫تؤسس هذه الهيئات المشاركاتية بموجب ق اررات بلدية أو والئية حسب كل حالة ‪ .‬توحي مقاربة‬ ‫‪‬‬
‫الديمقراطية المشاركاتية بمدى إتساع الصالحيات التقديرية التي تتمتع بها السلطات العمومية في الضبط‬
‫والتحكم في الحراك المجتمعي مهما كان ‪:‬‬
‫تأتي تلك المقاربة متأثرة بالنموذج الفرنسي الذي طور الديمقراطية الجوارية إلى مقاربة مشاركاتية‬
‫في ظل نظام المركزي جوهره االستقاللية واإلدارة الحرة (‪ ،)la libre administration‬لكنها نظمت‬
‫النشاط المشاركاتي ضمن آليات مرنة كفأة ومحايدة‪ ،‬وذلك من خالل إنشاء اللجنة الوطنية للنقاش‬
‫العمومي سنة ‪ La commission nationale de débat public (C N D P)12002‬كسلطة‬
‫إدارية مستقلة تتولى ضمان حيادية ونوعية النقاش العمومي‪ ،‬وتوزيع مبادئه في مجموع قطاعات النشاط‬
‫العمومي‪ ،‬حول مشاريع أو حول السياسات العمومية‪ .‬تتموقع بين سلطة القرار والمواطنين؛ مستندة‬
‫ومستوحاة من الخبرة التي اكتسبها النموذج الكندي (كيبك) عبر مكتب االستقبال العمومي حول البيئة ‪Le‬‬
‫‪ .Bureau d’Audiences publiques sur l’environnement‬وهنا يبرز الفرق بين التجربة‬
‫النموذج والمقاربة الوطنية التي تحاول المحاكاة المجزأة إليجابيات النموذج ‪ ،‬من دون أن تعتمده كامال‬
‫ضمن المشروع المقترح ‪.‬أي دون السعي للتخلص من الخلفية البيروقراطية الوصائية‪ .‬وجعل الفاعلين‬
‫مجرد أطراف تابعة توظف في شكليات بناء القرار وفقط‪ ،‬وميدان تداخل المقاربة المشاركاتية تبقى مفتوحة‬
‫لكل المجاالت‪ ،‬وتم استثناء بعض القطاعات ؛ منها‪:2‬‬
‫‪ )1‬التدخل أو تحديد صالحيات المجالس المنتخبة‪.‬‬
‫‪ )2‬التنظيم اإلقليمي للبالد أو التحديد اإلقليمي للجماعات المحلية ‪.‬‬
‫‪ )3‬إنشاء أو دمج أو توسيع لجماعة محلية ما ‪.‬‬
‫‪ )4‬الدفاع الوطني واألمن وحماية األمالك واألشخاص‪.‬‬
‫‪ )5‬الضبط القضائي تحت أي شكل كان ‪.‬‬
‫‪ )6‬النقاش السياسي والحزبي ‪.‬‬
‫‪ )1‬إجراء الحمالت والعمليات االنتخابية ‪.‬‬
‫‪ )1‬تنظيم وتسيير مصالح الدولة وتسيير المسار المهني لألعوان العموميين ومالية الجماعات المحلية ‪.‬‬
‫إنه تحديد موضوعي لتفادي االنزالقات نحو القضايا التي هي من صالحيات مؤسسات الدولة‬
‫المركزية ذات الطابع الوطنى‪ ،‬تعالج في إطارها الدستوري‪ ،‬وال يمكن طرحها محليا أو إقليميا للمداولة‬
‫والنقاش‪ .‬ومن أجل االستفادة من التجارب الدولية عمدت الدولة الجزائرية إلى تطبيق شراكة ثالثية بينها‬

‫‪1‬‬
‫‪-Marline Revel , op.cit, P49.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-L’avant-projet de loi relative àla participation citoyenne, op cit, p4.‬‬

‫‪135‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫واالتحاد األوروبي وبرنامج األمم المتحدة للتنمية‪ ،‬ترمي إلى إشراك المواطنين والمجتمع المدني في التسيير‬
‫‪‬البلدي‪ ،‬ومسار التنمية المحلية المستدامة والمندمجة ‪ .1‬حيث تم اختيار عشر (‪ )12‬بلديات جزائرية كعينة‬
‫تمثيلية لإلقليم الوطني‪ .‬ستشكل هذه البلديات النموذجية بفعل موقعها وخصوصياتها ومقوماتها المتباينة‬
‫حقول تجارب مالئمة لتنفيذ مقاربة ''كابدال" والتي تعني برنامجا لدعم قدرات الفاعلين المحليين في‬
‫التنمية‪ :‬ديمقراطية تشاركية وتنمية محلية" النموذجية إذا ستشكل التجارب الناجحة والممارسات الجيدة التي‬
‫ستستخلص منها نماذجا تتبناها وتثمنها بلديات أخرى عبر التراب الوطني‪ ،‬ويتضمن البرنامج على امتداد‬
‫أربع سنوات (‪ ،)2222-2211‬أربعة محاور أساسية‪:‬‬
‫‪ -1‬الديمقراطية التشاركية والعمل المشترك بين الفاعلين المحلين ‪.‬‬
‫‪-2‬عصرنة وتبسيط الخدمات العمومية ‪.‬‬
‫‪-3‬التنمية االقتصادية المحلية وتنويع االقتصاد ‪.‬‬
‫‪-4‬التسيير المتعدد القطاعات للمخاطر البيئية الكبرى على المستوى المحلى‪.‬‬
‫يقوم مثل هذا البرنامج على خمس (‪ )25‬آليات متكاملة ‪:‬‬
‫‪-1‬التشخيص اإلقليمي التشاركى ‪.‬‬
‫‪ -2‬رسم خريطة لمنظمات المجتمع المدني وتقيم قدراتها ‪.‬‬
‫‪ -3‬المشاريع المحفزة للتنمية المحلية ‪.‬‬
‫‪-4‬مخططات بلدية للتنمية من "جيل جديد "‪.‬‬
‫‪-5‬مخطط تكوين الفاعلين المحليين في مجال الحكامة التشاورية ‪.2‬‬
‫بمعنى اكتشاف الموارد البشرية والتنظيمية والطبيعية المتوفرة ومباشرة تطبيق فلسفة الديمقراطية‬
‫المشاركاتية كآلية يتبنا ها المجتمع بكل مكوناته على ضوء ترتيب األوليات حسب الحاجة المحلية وتنسيق‬
‫تلك القدرات ضمن رؤية متكاملة للفاعليين المحليين السيما الجماعات المحلية والمجتمع المدني‪.‬‬
‫يرى الكثير من الباحثين أن من بين أسباب ضعف المقاربة المشاركاتية‪ 3.‬ما تتعلق بأزمة الثقة المعممة‬
‫حول التمثيل التي تؤدي إلى إعادة تأهيل أساليب مختلفة للنظر في القرار والجماعية‪ .‬وقطاع كبير من‬

‫‪ -1‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬كابدال برنامج دعم قدرات الفاعلين المحليين في التنمية‪:‬‬
‫ديمقراطية تشاركية وتنمية محلية ص‪ .6‬في‪ ، www.interieur.gov.DZ :‬تاريخ التصفح‪2211/21/12:.‬‬
‫‪ -2‬خالد البهالي« الحكامة التشاركية ‪ :‬قراءة في المفهوم وفي الجوانب اإلجرائية»‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬العدد‪( ، 121‬نوفمبر –ديسمبر ‪ ،)2211‬ص ص‪.142-124‬‬
‫‪ -3‬لمزيد من التفصيل حول المشاركة السياسية أنظر ‪ :‬نبيل دريس‪ ،‬المشاركة السياسية بين النظرية والتطبيق‪( ،‬الجزائر‪:‬‬
‫دار األمة ‪ ،‬ط‪ ،) 2211 ،1‬ص‪.114.‬‬

‫‪136‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫أصحاب الق ارر الذين يضعون آليات المشاركاتية‪ ،‬ليس لهم اإلرادة للتغيير الجذري للعالقة بين الحكام‬
‫‪‬والمحكومين ‪.‬هناك إرادة للتكيف والتطوير ودائما بثمن منخفض لكن من دون طموح سياسي قوي ‪.1‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن استخالص بعض مؤشرات ضعف الديمقراطية المشاركاتية والنظر لها كمعوقات‬
‫حقيقية إلنجاح الفكرة المشروع ‪،‬ونذكر بعضها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ )1‬أزمة التمثيل االجتماعي والدور المحدود للفاعلين في بناء وتنفيذ و مراجعة السياسات المحلية‪.‬‬
‫‪ )2‬أزمة الثقة بين الفاعلين وعدم كفاية الضمانات المقررة‪.‬‬
‫‪ )3‬تحصين ممثلي الدولة والمعينين (والة ومدراء تنفيذيون ورؤساء دوائر) في‪ /‬وعن ميادين المشاركة يكرس‬
‫الهيمنة البيروقراطية على إرادة المشاركة ‪.‬‬
‫‪ )4‬تفرض الديمقراطية المشاركاتية كبديل اجتماعي متحكم فيه إداريا بالنظر إلى ضعف موارد المنتخبين‬
‫المحليين ‪.‬‬
‫‪ )5‬تحديات بناء دولة القانون على ضوء تنامي سطوة العصب السياسية والمالية ‪.‬‬
‫‪ )6‬إنجاح الديمقراطية المشاركاتية مشروط بنجاح وفاعلية الديمقراطية التمثيلية طالما أنها تعبر عن نفس‬
‫اإلرادة السياسية المحلية كقاعدة اجتماعية لكيال النموذجين ‪.‬‬
‫‪ )1‬الروح اإلتكالية لدى المواطن على الدولة‪ ،‬ال تشجع المشاركة اإليجابية والفعالة للتمييز بين المصالح‬
‫الشخصية والمصالح العامة ‪.‬‬
‫‪ -0-3‬الحصيلة السياسية للديمقراطية المحلية‪:‬‬
‫ال تختلف كثي ار قضية الديمقراطية المحلية عن العملية الديمقراطية التي يتم تبنيها في الدساتير‬
‫والوثائق المرجعية في الدول والمجتمعات‪ ،‬إال من حيث النطاق اإلقليمي المحدد لمجال الممارسة‪ .‬ومن‬
‫ثمة تكون تعني إتباع أساليب مشاركة سياسية في اختيار المنتخبين المحليين ومرافقتهم أثناء تدبير‬
‫الشؤون المحلية وفق مقتضيات المصلحة العامة‪ .‬لقد ساد االعتقاد لفترة طويلة أن النظام الالمركزي قادر‬
‫على التسيير الفعال والناجع للشؤون المحلية‪ ،‬والتكفل بمعالجة المطالب بصورة على األقل مقبولة تضمن‬
‫قد ار معينا من االستقرار االجتماعي والسياسي على حد سواء‪ .‬لكن أسلوب التفويض الذي تقوم عليه‬
‫المبادئ الالمركزية عرف حدودا ولم يصبح متمكنا من إلجابة العقالنية على المشاكل التنموية والبشرية‬
‫التي طرأت في حقل الجماعات المحلية‪ ،‬لينتقل األمر من التفويضات اإلدارية إلى التفويضات السياسية‪.‬‬
‫أي توسيع صالحيات المجالس المحلية المنتخبة وتخويلها سلطة القرار النهائي‪ .‬جاءت مثل هذه التطورات‬
‫التي شملت نظام الالمركزية‪ ،‬إلتمام وتحديث آليات عمل السلطات المحلية‪ ،‬في ظل نفس النظام القائم‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rencontre avec Loïc Blondiaux, «Les Mutations du Pouvoir en Démocratie : Participation‬‬
‫‪et Délibération », Op.cit, pp. 329.339‬‬

‫‪137‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ولم تسعى مباشرة لتجاوز ثقافة التنظيم والتسيير القائمة‪ .‬في األصل الالمركزية لم تكن مباشرة مرتبطة‬
‫‪‬بقضية الديمقراطية المحلية‪ ،‬وانما مجرد تنمية مسؤوليات الجماعات المحلية لتحقيق هدفين هما ‪:1‬‬
‫‪ )1‬تخفيض أعباء الدولة وفق منطق عدم التركيز وتكليف المصالح الخارجية للدولة‪ ،‬والتي هي أقرب للميدان‬
‫من المصالح المركزية ‪.‬‬
‫للمدن‪ ،‬وهي معركة‬ ‫‪ )2‬إرضاء مطالب المنتخبين المحليين المتزايدة‪ .‬والذين طالبوا بإدارتهم الخاصة‬
‫الديمقراطية التمثيلية في وجه التقنوقراطية ‪.‬‬
‫كما ينظر إلى مفهوم التفويض على أنه تحويل للسلطة ويعتبر شكال ديمقراطيا من أشكال‬
‫الالمركزية السياسية التي يمكن لها أن تفتح المجال لميالد الديمقراطية المحلية ومشاركة المدارين في‬
‫الشؤون المحلية ومساءلة أصحاب العهدات المحلية ‪ .2‬لم تؤدي الالمركزية اإلدارية إلى ال مركزية‬
‫سياسي ة حقيقية وفاعلة على مستوى الجماعات المحلية ولم تحدث تطورات إيجابية في مجال المشاركة‬
‫السياسية واالجتماعية للمرتفقين في تحسين الخدمات أو إيصال انشغاالتهم إلى السلطات المحلية‪ .‬ناهيك‬
‫عن استشارتهم في صناعة القرار المحلي ‪.‬وبالتالي فالديمقراطية المحلية برزت في أدبيات العمل اإلداري‬
‫وطرحت في مفردات الخطاب السياسي كإحدى صور الخطاب السياسي العام لمسايرة التغيرات التي‬
‫أدخلت على أساليب التسيير الجماعات المحلية في بعض الدول األوربية وال سيما فرنسا ‪.‬‬
‫ال تسمح الثقافة ''البيروقراطية الهجينة'' والتي تعني تبني المفهوم نظريا والعمل ضده بتحسين‬
‫أداء نظام الجماعات المحلية؛ من خالل اعتماد نموذج الديمقراطية المحلية بشقيه التمثيلي والمشاركاتي‪،‬‬
‫ألنها تؤدي الحقا إلى احداث تغييرات جذرية في قاعدة النظام السياسي ‪ ،‬تؤثر ال محالة في إعادة‬
‫بتخصيص الموارد وتوزيعها بعقالنية وعدالة على‬ ‫صياغة أدوار الفاعليين المحليين‪ ،‬في المطالبة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬باعتبارها مصدر تلك الموارد في تحريك التنمية المحلية كما يحتاجها المجتمع‬
‫المحلي‪ .‬ومن ثمة تتحول وسائط التأييد والمشاركة الى موارد سياسية لتعزيز شرعية طموح النخب المحلية‬
‫العتالء مناصب المؤسسات الوطنية والرسمية‪ ،‬كمدخل سياسي يساهم في ربط القاعدة بالقمة ‪،‬على‬
‫معايير شرعية اإلنجاز وليس االحتكام إلى منطق العالقات العصبوية والجهوية ‪.‬‬
‫أزمة التمثيل التي تعانيها الحركات السياسية و االجتماعية مردها إلى تداخل البنى والوظائف في‬
‫عمليات النظام السياسي التي يتولي ضبطها وادارتها المركز عبر النظام اإلداري الشامل إلجهاض‬
‫محاوالت التغيير‪ .‬وكبت التعبير عن المطالب‪ ،‬في ظل حياة سياسية تحركها الوالءات السياسية الضيقة‬
‫ورأي عام مشتت يفتقد إلى وحدة التصور والحركة‪ .‬واعالم في غالبيته يبحث فقط عن مصالحه المادية‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jacques Palard, « Décentralisation et Démocratie Locale », op.cit, p4.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Commission Européenne; Appui à la Décentralisation et la gouvernance locale dans les‬‬
‫‪pays tiers, Op.cit, P.15.‬‬

‫‪138‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫وتبرير مواقف أصحاب النفوذ والتأثير‪ .‬وكما يقول آالن تورين ‪" ALAIN TOURAINE‬الديمقراطية‬
‫‪‬السياسية مهددة بتشتت القوى اإلجتماعية بسبب ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة النظام السياسي واذا‬
‫لهم"‪ 1.‬لم تصاحب الالمركزية‬ ‫حدد الفاعلون السياسيون الفاعلين االجتماعيين فإن هؤالء ال معنى‬
‫تطورات كبيرة في مجال المشاركة السياسية‪ ،‬وتحسين أداء الجماعات المحلية نتيجة هيمنة النزعة المركزية‬
‫في تنظيم وتسيير الشؤون العامة المحلية‪ ،‬لينظر للديمقراطية المحلية على أنها مظه ار من مظاهر‬
‫إصالح الالمركزية وليس مبدأ من مبادئ التنظيم اإلقليمي حتى وأن كرست في النصوص المرجعية‬
‫وتشبع بها الخطاب ا اإلداري والسياسي ‪.‬‬
‫مهما كانت محددات تقييم مسار الديمقراطية المحلية في ظل نظام ديمقراطي في طور التأسيس‪.‬‬
‫ال ينبغي االعتبار بالمراجع القانونية وحدها فقط‪.‬وانما السعي الختبار تلك اإلرادة التي وضعت تلك‬
‫القواعد والشروط أثناء الممارسة في حقلها الطبيعي من جميع األطراف المعنية بالعملية‪ .‬على أساس أنها‬
‫تحتضن الفاعلين الرئيسيين المؤهلين إلدارة الشأن المحلي بكفاية واقتدار ومصداقية وثقة‪ ،‬وعندها تكون‬
‫أمام تحدي موضوعي لقياس قوة وضعف أي من هؤالء الفاعلين مهما كانت درجة مسؤولياتهم ‪ :‬مفوضون‬
‫أو معينون أو ممثلون‪ .....‬في حل المشاكل ورسم األفاق على ضوء الموارد المتاحة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يمكن إيجاز مؤشرات الحصيلة المتباينة بين مبادئ الالمركزية اإلدارية ومسار الديمقراطية‬
‫المحلية ضمن النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬كلما زاد الحديث عن التغيير واصالح وظائف الجماعات المحلية وتوسيع صالحيات المنتخبين المحليين‬
‫كلما زادت الضغوط اإلدارية عليها وتطويق المبادرات اإلبداعية الذاتية‪ ،‬التي تريد التخلص من النمط‬
‫البيروقراطي التابع الى نمط منتج‪ ،‬قائم بالفعل على استثمار موارد الجماعة غير المستغلة‪.‬‬
‫‪ )2‬لم تطرح قضية الديمقراطية المحلية كمشروع متكامل لتحرير الجماعات المحلية من نموذج المركزي مدمج‬
‫ومحدود إلى نموذج مؤسسي نشط ومستقل‪ .‬وانما استعملت كأداة الحتواء أو توجيه التفاعالت المطلبية‬
‫المحلية وتمريرها ضمن سلسلة متدرجة من القنوات الرئاسية األعلى‪ ،‬من سلطة المنتخبين للفصل‬
‫واتخاذ القرار ‪.‬‬
‫‪ )3‬إتساع الهوة بين المواطنين والسلطات المحلية وتراجع قيم الحوار المجتمعي بسبب هشاشة الوساطة‬
‫الوظيفية واستنفاذ مشروعية وجودها‪ ،‬ليتحول مطلب الحوار الى صراع مفتوح بين الفاعلين الجدد وممثلي‬
‫السلطات العليا‪ ،‬وهو حالة تجاوز كلي لألطر التقليدية للحوار المتعارف عليها في الديمقراطيات العريقة‪.‬‬
‫‪ )4‬انتشار الروح المحافظة والخوف من التغيير وعدم الثقة بين الفاعلين في بناء البدائل المالئمة لمعالجة‬
‫القضايا األساسية المطروحة من قبل المواطنين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Alain Touraine, «La Crise de la Représentation Politique», op.cit, pp.132-133.‬‬

‫‪139‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ )5‬تعميم تضييق أطر المشاركة االجتماعية والسياسية في مسار البناء المؤسساتي للعملية الديمقراطية‪،‬‬
‫‪‬واالحتكام إلى التفسير البيروقراطي للقانون ‪،‬عوض تأسيس ثقافة سياسية تعاقدية وتشاركية بين مكونات‬
‫المجتمع ومؤسسات الدولة المحلية‪.‬‬
‫‪ )6‬االستعمال المزدوج للتهميش واإلحتواء تجاه القوى الجديدة المؤثرة واألخذة في التموقع وسط قطاعات‬
‫النشاط العريضة في المجتمع ‪.‬‬
‫‪ )1‬في ظل البحث عن المنتخب المسير (‪ )L’élu manager‬والمتعدد األدوار‪ ،‬يتعاظم تهافت المنتخبين‬
‫لتكريس الوجاهة السياسية والعينية (‪1)L’élu notable‬على حساب العهدة االنتخابية‪ ،‬والتي يتم تحويلها‬
‫إلى مجرد وظيفة إدارية ‪.‬‬
‫‪ )1‬ال يزال البحث ممكنا إلحداث توازن ؛ في إصالح األنساق المبدئية لنظام الالمركزية القائم‪ ،‬عن معادلة‬
‫متناظرة بين التطور السياسي والتحديث اإلداري الذي يعتبر جوهر الديمقراطية المحلية‪.‬‬
‫مهما اختلفت الرؤى وتعددت المقاربات لتحليل ظاهرة الديمقراطية المحلية‪ ،‬ال يمكن فصلها عن ظاهرة‬
‫أعم وأثقل منها‪ ،‬ونعني بها مشروع التحديث السياسي واالجتماعي واإلقتصادي الذي جاء مع االنفتاح‬
‫الديمقراطي كمشروع كلي ال يضع حدودا بين مركز الدولة وقاعدتها‪ ،‬وال يميز بين الفئات االجتماعية‬
‫النشطة والمنظمة للمشاركة في التعبير عن المصالح والقيم المشتركة لألمة إال من خالل مخرجات نظام‬
‫التمثيل المعتمد ‪ ،‬في كلتا الديمقراطيتين التمثيلية أو المشاركتية‪ ،‬واألنجح منهما ما كان على أثار القواعد‬
‫المجتمعية التي تتشكل حولها هوية المجتمع‪ .‬وتبنى عليها مؤسسات الدولة‪ ،‬كمنطلقات ومحددات قوية في‬
‫توجيه مرجعية السلوك االجتماعي‪ .‬بغرض بناء نموذج قيمي فعال متواصل مع حقائق الحضارة والتاريخ‬
‫من أجل القضاء على حالة التوتر والصراع التي تحكم عالقة المواطنين بالدولة بمجمل مؤسساتها‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر في هذا الشأن‪ :‬عبد الرحيم العطري‪ ،‬سوسيولوجيا األعيان ‪:‬آليات إنتاج الوجاهة السياسية‪( ،‬المغرب‪ :‬الرباط‬
‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬ط‪ ،)2213 . 1.‬ص‪. 31‬‬

‫‪140‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫رابعا‪ :‬المجتمع المدني والتنظيم المحلي‬


‫تعود صعوبة تحديد التعريف وضبط مفاهمه إلى طبيعة النظرة لألشياء في نطاق‬ ‫‪‬‬
‫الخصوصية الحضارية والثقافية التي يحياها المجتمع‪ ،‬فشروط وجود المجتمع المدني إنما تقاس وفقا‬
‫للروابط والعالقات االجتماعية الكلية التي تؤسسها الدولة‪ ،‬سواء في شقها السياسي الرسـمي‪ ،‬أو تلك التي‬
‫أوجدت بحكم اتطور االجتماعي‪ ،‬وسابقة عن هيمنة الدولة‪ .‬ال وجود لمفهوم واحد حول "المجتمع المدني"‬
‫وهناك شبه اتفاق على الدور النشط الذي يمكن أن يؤديه في الحياة العامة ‪ ،‬ألنه نابع عن شـعور باهتمام‬
‫طبيعي وخاص ومزاجي نحو نسج قيم جديدة وترقيتها للحد من تغلغل السلوك السلطوي في وسطه‪ ،‬ومن‬
‫ثمة التعبير عن أنماط من الممارسة االجتماعية نحو بناء أساليب مشاركة أكثر فعاليـة ونجاعة‪" .‬لعل‬
‫التعريف المشترك الذي يمكن أن نستخرجه هو أن المجتمع المدني نمط من التنظيمات االجتماعية‬
‫والسياسية والثقافية خارج قليال أو كثي ار عن سلطة الدولة‪ ،‬إنه مجمل البنى والتنظيمات والمؤسسات التي‬
‫تمثل مرتكز الحياة الرمزية واالجتماعية والسياسية واالقتصادية التي ال تخضع مباشرة لهيمنة السلطة"‪.1‬‬
‫ادت االستعماالت العديدة إليحاءات المفهوم ودالالته المعرفية ورمزيته الفكرية والفلسفية‪ ،‬في احايين كثيرة‬
‫إلى تداخالت مع مقاربات أخرى للتعبير عن نفس المعنى؛ كالمجتمع السياسي والمجتمع األهلي والمجتمع‬
‫العصري والمجتمع الحديث؛ فالتنظيمات مهما كانت تسميتها هي نابعـة عـن المجتمع خارج نطاق الدولة‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وللتمييز بين أنواع التنظيمات المدنية والسياسـية يجـب توفـر عنصران ‪:‬‬
‫‪ -1‬التنظيمات السياسية المركزية‪ ،‬والتنظيمات المدنية تقوم على الخصوصية واالستقاللية‪ ،‬وتنمية التضامنات‬
‫الجزئية‪ ،‬أي أنها تنطبق على نشاطات ال تتدخل السلطة المركزية في تنظيمها المباشر‪.‬‬
‫‪ -2‬إن التنظيمات السياسية ال رسمية تبنى فيها العالقات على أساس قانون ثابت وعام ومجرد وموضوعي في‬
‫حين أن التنظيمات المدنية تخضع لقواعد غير رسمية‪ ،‬رهينة بصورة أكبر لتبدل ميزان القوى أو العادة أو‬
‫(‪)‬‬
‫ويحتفظ‬ ‫األخالق أو المصلحة‪ .‬ينشا المجتمع المدني ويتطور بمساعدة الدولة لكن خارج سلطتها‪،‬‬
‫باستقالليته العضوية والوظيفية كمجال خاص لتعبئة مطالبه ومساهماته التضامنية‪.‬‬

‫‪ -1‬المنصف وناس‪"".‬الدولة الوطنية والمجتمع المدني في الجزائر‪ :‬محاولة في قراءة انتفاضة اكتوبر‪ ،1411‬في‪ :‬سليمان‬
‫الرياشي (واخرون)‪ :‬االزمة الجزائرية‪ :‬الخلفيات السياسية واالجتماعية والثقافية‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.‬‬
‫ط ‪ ،)1446 .1‬ص‪.145‬‬
‫‪ -2‬برهان غليون‪" ،‬بناء المجتمع المدني العربي‪ :‬دور العوامل الداخلية والخارجية"‪ .‬المستقبل العربي‪ ،‬عدد ‪،151‬‬
‫(افريل‪ ،)1442‬ص‪.124‬‬
‫)‪(‬‬
‫في التجربة الغربية‪ ،‬كما نظر لها هيجل وماركس؛ الدولة كانت عبارة عن ال شيء والمجتمع المدني كل شيء‪.‬‬
‫في الثنائي الدولة‪/‬المجتمع المدني يشكل هذا األخير‪ ،‬العنصر الحركي والنشيط بينما الدولة تبعية وذيلية فتكفي بأن تعكس‬
‫التغيرات المستجدة في المجتمع المدني‪ ،‬أنظر‪ :‬عبد اللطيف الهرماسي‪ ،‬الدولة والتنمية في المغرب العربي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.21.‬‬

‫‪141‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫عرف المجتمع المدني في الجزائر‪ ،‬أبرز محطاته في بدايات تشكل عناصر حقل التجربة الديمقراطية‬
‫‪‬التعددية؛ لكن ال يعني أنه لم يكن من قبل؛ بل نشأ مع الدولة االستعمارية‪ 1،‬حيث كانت الحركة الجمعوية‬
‫تخدم المستوطنين واالحتالل الفرنسي ولم يكن للجزائريين المسلمين اال ‪331‬جمعية أي بنسبة‪ 1.5‬من‬
‫مجموع ‪ 3442‬جمعية معتمدة‪ ،‬تنشط تحت رقابة مشددة من االدارة االستعمارية‪ .‬كقـوى مضادة ومقاومة‬
‫للمشروع االستعماري المبني على االلحاق واالستالب الثقافي واالستيطان؛ أي لعب دوره ليس كمشارك في‬
‫ظل "االحتالل"‪ ،‬وانـما طرح نفسه بديال كليا باعتبـاره يمثل فك ار وطنيا وعنوانا سياسيا يتهيأ إلعادة استرجاع‬
‫السيادة الوطنية؛ من خالل تعبئة رمزية ومادية لكل طاقات األمة المنظوية تحت لوائه لخوض معركة‬
‫تحرير تستهدف انعتـاق اإلنسان والوطن معا‪.‬‬
‫اإلجماع المنجز من قبل قوى المجتمع المدني نتيجة االنسجام الذي فرضته اإليديولوجية الوطنية‬
‫ما فتئ أن توقف مع السنوات األولى لالستقالل؛ بعد أن بدأت عناصر المجتمع المدنـي تعيد تشكيل‬
‫ذاتيتها التنظيمية وصياغة مطالبها على ضوء التوجه الجديد الذي إكتسته وأخذت تسير عليه الدولة‬
‫الوطنية؛ أي؛ نالحظ انحسار دوره التقليدي‪ ،‬من دور مسـاند وداعم إلـى دور المعارض والناقد لممارسات‬
‫السلطة الوطنية‪ ،‬كأفراد ومؤسسات؛ وبالتالي بدأ يحضـر نفسـه للدخول في مواجهة خفية مع الدولة‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة التي حاولت ترسيخ دورها كمركز للقرار ليس فقط في المنظور السياسي المؤسساتي الرسمي؛ وانما‬
‫لم تتردد في فرض سطوتها على باقي المجاالت االجتماعية والثقافية؛ معتمدة على "اصطناع" تنظيمات‬
‫جماهيرية تعمل تحت قيادةالحزب الواحد؛ حيث عملت محاولة من خالل خطابها الوطني المبني على‬
‫"التجنيد اإلداري"‪ ،‬على استمالة البنى االجتماعية التقليدية‪ ،‬كاألعيان؛ والشخصيات الدينـية المؤثرة‪...‬إلخ‪،‬‬
‫وبالتالي محاصرة أي تشكيلة اجتماعية أو فئـة‪ ،‬أو تيار ‪ ...‬في أن تبرز وتتطور دون علم الدولة‬
‫ومراقبتها؛ لتوحيد الجماعة الوطنية‪ ،‬حولت السياسـة من بحث عن التسوية والتعاون بين مختلف أطراف‬
‫وفئات المجتمع لتحقيق أهداف ممكنـة وواقعية إلى ثورة على هذا المجتمع وارادة تحويل له بالقوة والقسر‬
‫(‪ )...‬فباسم بناء الدولـة واألمة تم التخلي كليا عن استقاللية المجتمع المدني‪ ،‬بل إنكار حـق هـذا المجتمـع‬
‫فـي الوجود‪.2‬‬
‫هناك انفصام بين الدولة والمجتمع المدني‪ ،‬ألن الدولة لم تحقق تغلغال عميقا في األبنية‬
‫االجتماعية‪ ،‬بسبب شعورها بالقوة في حالة ما إذا اعتبرت واكتفت بهيمنة شكلية وتأثي ار سـطحيا دون الولوج‬
‫الى عمق المجتمع ومالمسة تفاعالته العميقة والشديدة االلحاح‪ .‬كشف المشروع الديمقراطي‪ ،‬بوضوح‬
‫درجة الهشاشة التي تميز عالقة الدولة بالمجتمع المدني؛ لتتجلى التناقضات الحادة كنزاع ممتد في الزمن‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rene Gallissot, « Mouvements Associatifs‬‬ ‫‪et Mouvement Social : Le‬‬ ‫‪Rapport Etat/‬‬
‫‪Societe dansL’histoire Maghribine », Revue INSANYAT, n°08, (1999), PP.5-19.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬برهان غليون‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.114‬‬

‫‪142‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫يعبر عن نفسه من جراء التنظيمات الجديدة التي تكونت مع السماح بحرية تكوين الجمعيات والمنظمات‬
‫‪‬المدنية‪ ،‬واألحزاب السياسية ذات تسميات عديدة على الصعيد المهني واالجتماعي والثقافي ومطالب‬
‫متناقضة‪ ...‬لكن نتيجة سماته الساذجة وذاتيته الضيقة‪ ،‬وبنيتـه الهشة؛ بدا عاج از بسبب تشتت قواه ؛‬
‫فتعددت أصواته وأرائه بتعدد فصائله وأطرافه؛ النعدام التوازن الداخلي استمر المجتمع المدنـي في مقاومة‬
‫عناصر تمزقه وتوتره الدائمة ويجنح إلى أن يكون تجسيدا للحشد المتراكم من األفكار والقيم واألفراد‬
‫‪1‬‬
‫والمنظمات والتركيبات والبنى المتنافرة‪ ،‬أكثر مما يميل إلى التصرف ككيـان موحد من الداخل‪.‬‬
‫لم يتمكن المجتمع المدني في الجزائر‪ ،‬من الوقوف أمام المد السلطوي لمؤسسات الدولة‪ ،‬ألنه‬
‫غلبت عليه المواقف اإليديولوجية المحضة‪ ،‬ليكون امتدادا يعكس صدى الصراع السياسي ألهـم القوى‬
‫السياسية المتنازعة حول امتيازات السلطة والحلول محلها؛ رغم أن قانون األحزاب (المـادة ‪ 52‬منه‪-12 :‬‬
‫‪ 24‬المؤرخ في ‪ ) 2212-21-12‬يمنع أي عالقة عضوية أو تنظيمية بين هذه األحزاب والجمعيات‪...‬‬
‫سيطرة األبعاد اإليديولوجية والخلفيات السياسية في تحديد العالقة بين ما هو سياسي ومدني‪ ،‬تزامنت مـع‬
‫المرحلة االنتقالية نحو الديمقراطية‪ ،‬حيث تكلست المهام الطبيعية للدولة كمسير للتناقضـات االجتماعية‬
‫في دور الحكم؛ "وبقدر فقـدان الدولـة لطـابعها كممـثل حقيقي للقوى االجتماعية المتجـددة‪ ،‬يأخذ الصراع‬
‫االجتماعي طابع الصراع العصبوي على صعيد المجتمع المدنـي‪ ،‬والقوى التي ال تستطيع أن تجد التعبير‬
‫عن نفسها في الدولة‪ ،‬تخلق هي ذاتها دولها الذاتيـة‪ ،‬وبذلك يتحول الصراع االجتماعي من صراع قومي‬
‫‪2‬‬
‫بين المراتب االجتماعية إلى صراع عصبـوي بين طوائف أو عشائر أو مناطق وأقاليم مختلفة"‪.‬‬
‫ال توجد حدود فاصلة بين ما يسمى "المجتمع المدني"‪ ،‬الذي سبق تعريفه‪ ،‬والمجتمع السياسي من‬
‫حيث كونه‪ ،‬على األقل في تعيينه الوظيفي والنسقي؛ الطبقة السياسية أو الفئة االجتماعية التي "تمتهن"‬
‫الممارسة السياسية؛ سواء كانت سلطة سياسية أو قوى معارضة؛ مستقلة عن جهاز الحكم؛ ومعبرة عن‬
‫أنماط تمثيلية لفئات معينة ‪.‬إعادة تقييم األداء االجتماعي لمختلف الفاعلين األساسيين في الحقل‬
‫االجتماعي على الخصوص يطرح من جديد وبقوة قدرة المجتمع على الدفع بالعمل التطوعي نحو‬
‫األفضل؛ وهنا المعاينة األمبرقية تلخص أمام الباحث جوهر اإلشكالية على النحو التالي‪ :‬هل يمكن‪ ،‬وفي‬
‫أي حدود يمكن الحديث عن ديمقراطية المجتمع الذي ال يملك استقاللية االختيار والقرار فيما هو مصيري‬
‫‪3‬‬
‫بالنسبة إليه ؟‬
‫إخراج األحزاب السياسية من تشكيلة المجتمع المدني ليس إال إجراءا تمليه ضرورة التحديد‬
‫المعرفي على مستوى األفكار ثم على مستوى الممارسة؛ أن أهم معيار للتفرقة والتميـيز بين جمعية مدنية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -2‬برهان غليون‪ ،‬نظام الطائفية‪ :‬من الدولة الى القبيلة‪( ،‬بيروت ‪ :‬المركز الثقافي العربي ‪. ،)1442 ،‬ص‪.224‬‬
‫‪ -3‬الطاهر لبيب‪" ،‬عالقة المشروع الديمقراطي بالجتمع المدني العربي"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬عدد ‪( ،151‬افريل ‪ ،)1442‬ص‪.122‬‬

‫‪143‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫وحزب سياسي (األحزاب) هو الوصول إلى السلطة؛ فالحركـة المدنية لم توجد لتوصل إلى السلطة‪ ،‬وانما‬
‫‪‬وجدت لتقديم والدفاع عن بعض المطـالب؛ واذا حاولت التوغل في النشاط السياسي ما عليها إال اإلعالن‬
‫عن ذلك رس ميا‪ ،‬ومباشرة تعديل قواعدها؛ ومع ذلك؛ يمكن أن تكون عالقة عضوية بين االنتماء لهذه‬
‫الجمعية أو لهذا الحزب مـن قبل المواطنين‪ ،‬لكن التجربة الجزائرية‪ ،‬تثبت أن ال حدود بين العمل السياسي‬
‫والعمل الجمعوي المدني‪ ،‬إال في نطاق محدود جدا‪ ،‬وهذه السمة البارزة في تناقضات بنـاء الدولـة‬
‫والمجتمـع فـي الج ازئـر (‪.)‬‬
‫ربط مفهوم المجتمع المدني بالديمقراطية ليس له في الواقع إال وظيفة واحدة هي إعطاء نوع من‬
‫المشروعية السياسية لمشروع الحداثة الذي تمثله الدولة؛ أي إعادة بناء العقيدة الحداثية للنخبة المتراجعة‬
‫‪1‬‬
‫على أسس تتماشى مع مناخ الحقبة التي نعيش وتتفق مع افتقار السلطة الراهنة إلى أي مشروع حقيقي ‪.‬‬
‫لكن رغم ذلك‪ ،‬تبقى المهمة الرئيسية للمجتمع المدني تتمثل في تطوير المواطنة الصالحة وثقافة‬
‫التضامن الوطني وحب الوطن‪ ،‬والمشاركة بشكل فعال في العمليات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كشريك‬
‫رئيسي للسلطات العمومية في تشكيل وصياغة وتقييم السياسات العمومية‪ 2.‬لتحليل طبيعة الدور الذي‬
‫يقوم به المجتمع المدني؛ نحاول في المباحث التالية‪ ،‬التطرق إلى مكونات هذا المجتمع ومهامه وأهم‬
‫الروابط والعالقات التي تنشأ بين هذه المكونات كقوى منظمة ومتكاملة وظيفيا في التعبير عن المصالح‬
‫التي تحتكر تقديرها الدولة تجاه المجتمع ككل‪ .‬ومما سبق يمكن اعادة تصنيف فاعلي المجتمع المدني‬
‫على نحو قاعدي منظم ليصل الى الحركة الجمعوية‪ .‬حيث يلعب نشاط المواطن دو ار محوريا فيه‪ ،‬وهذه‬
‫القوى هي‪ :‬الحركة الجمعوية والنخب والمواطن‪.‬‬

‫)‪(‬‬
‫‪Lahouari Addi «Dynamique et Contradiction du Système Politique Algérien », in revue‬‬
‫‪Algérienne de science juridiques, économiques et politiques,‬‬ ‫‪n°02, (juin1988),‬‬
‫‪P.P.495-509.‬‬
‫‪ -1‬برهان غليون ‪" ،‬بناء المجتمع المدني العربي‪ :‬دور العوامل الداخلية والخارجية" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ -2‬المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ :‬الجلسات العامة االولى للمجتمع المدني‪ :‬تقرير الورشة الخامسة حول‬
‫تعزيز دور وتنظيم المجتمع المدني‪ ،‬اشغال الملتقى الدولي المنظم بالجزائر‪ :‬قصر االمم بنادي الصنوبر‪ .‬ايام‪-15-14 :‬‬
‫‪16‬جوان ‪ .2211‬ص‪.5‬‬

‫‪144‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -1-0‬الحركة الجمعوية ‪:‬‬


‫تعتبر الحركة الجمعوية أهم عنصر في تركيبة المجتمع المدني في الجزائر‪ ،‬إذ تغطي مختلف‬ ‫‪‬‬
‫مجاالت الحياة العامة‪ ،‬وتضم في هيكلتها التمثيلية العديدة من الفئات االجتماعيـة؛ ذات الطابع‪ :‬المهني‪،‬‬
‫الخدماتي والخيري والديني‪ ...‬الخ؛ تجمع في صفوفها أعضاءا منـاضلين ملتزمين بالدفاع عن مصالحهم‬
‫المشتركة‪ ،‬المعنوية منها والمادية‪" .‬الجمعية هي تجمع اشخاص طبيعيين او معنويين على اساس تعاقدي‬
‫لمدة محددة او غير محددة‪.‬ويشترك هؤالء االشخاص في تسخير معارفهم ووسائلهم تطوعا ولغرض غير‬
‫مربح من اجل ترقية االنشطة وتشجيعها‪ ،‬ال سيما في المجال المهني واالجتماعي والعلمي والديني‬
‫والتربوي والثقافي والرياضي والبيئي والخيري واالنساني"‪.1‬‬
‫هذا اإلطار القانوني والشرعي المحدد لمفهوم الجمعية وأهدافها‪ ،‬وطبيعة النشاط الممكن أن تقوم‬
‫به لفائدة أعضائها؛ وهو نشاط غير تجاري يدر ربحا وال سياسي لخدمة أفكار معينة‪ ،‬وانما عقد اتفاق‬
‫معنوي بين األعضاء‪ ،‬حيث تبدي الرغبة في ممارسة هذا النشاط الجمعوي بإرادة طوعية نضالية أكثر‬
‫منها زبائنية؛ لكن رغم ذلك‪ ،‬فإن المسوغات القانونية في تفسير سبب وجود الجمعيات وشروط تاسيسها‬
‫واجراءات اعتمادها‪ ،‬ال تنفي البعد السياسي المحرك للعمل الجمعوي؛ فمن جهة الجمعيات تمثـل قوة‬
‫مطلبية منظ مة للضغط على النظام السياسي‪ ،‬لتلبية حاجياتها‪ ،‬ومن جهة أخرى وجودها المنظم يمكن‬
‫السلطة السياسية في مختلف مستوياتها (محلية ومركزية)‪ ،‬من التحكم وتوجيه النشاط االجتماعي‪.‬‬
‫والتعامل معه كطرف فعال في المجتمع‪ ،‬وبالتالي السعي إلى كسبه يسهل نفاذ الخطاب السياسي إلى‬
‫عمق المواطن‪ ،‬وخاصة إذا كانت درجة التمثيل موضوعية ذات مشروعية فعلية‪ .‬من ثمة‪ ،‬يمكن القول أن‬
‫الجمعيات هي إبداء إرادة المواطنين‪ ،‬لكي ال يتركوا للسلطة السياسية احتكار تمثيل المصالح‪ .2‬منازعة‬
‫التمثيل ال تقاس بكسر االحتكار‪ ،‬ألن العالقة غير متكافئة بين الطرفين‪ ،‬وبالتالي هو نوع من المشاركة‬
‫إليصال تلك المطالب والتعبير عنها بالطرق السلمية لدى السلطة أو من يمثلها‪ .‬وهي التي تبقى تتمتع‬
‫بسـلطة تقديريـة هامـة للـرد أو الرفض‪.‬‬
‫شجعت الحرية والديمقراطية على نمو هائل للتنظيمات الجمعوية‪ ،‬وهي حالة تتويج إلنهاء‬
‫الممارسة السلطوية التي عملت طويال على "تدجين" كل الحركات المناهضة لألمـر الواقـع المفروض‬
‫عموديا‪ ،‬إال ما كان مؤط ار ضمن القواعد التنظيمية لثقافة الحزب الواحد‪.‬‬
‫يحيط التنظيم الديمقراطي للمجتمع‪ ،‬بالعمل السياسي كما يحيط بالعمل الجمعوي‪ ،‬لتكون الغاية‬
‫المثلى هي إبراز شرعية المواطنة كقيمة وأسلوب حديث‪ ،‬إلرساء فكر وطني مبدع‪ ،‬و واع بمصالحه‬

‫‪ -1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬قانون الجمعيات رقم ‪ 82-15‬المؤرخ في ‪ ،2212/21/12‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫عدد ‪ 22‬الصادرة بتاريخ ‪ 2212/21/15‬المادة الثانية منه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫? ‪-Charles Debasche ,et Jacques Bourdon, Les Associations ; (France : Que-sais-je‬‬
‫‪Puf.ed.7, 1999), P4.‬‬

‫‪145‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫الفئوية واالجماعية‪ ،‬ومحاولة الحد من التناقض الشكلي السائد في الذهنية االنطباعيـة ذات الخلفيات‬
‫‪‬األبوية‪ ،‬عن خطورة تنامي حركات المجتمع المدني في تقويم النشاط االجتماعـي وتمثيله‪.‬‬
‫تمهد حرية االجتماع والتعاقد لنشوء عالقات إنسانية على أسس عقالنية‪ ،‬وهي المقدمة الضرورية‬
‫‪1‬‬
‫لميالد إرهاصات دولة القانون والمواطن‪ ،‬ولذلك تؤدي الحركة الجمعوية الوظائف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ميزان قوة لمبدأ الديمقراطية‪.‬‬
‫‪ -‬شكل للمشاركة في السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز لمختلف الحريات األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬عامل تجديد اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬عامل لتكوين المواطنين‪.‬‬
‫‪ -‬أداة للدفاع والترقية‪.‬‬
‫جدلية الغاية والوسيلة‪ ،‬مشروطة بأحكام قانونية‪ ،‬ووثائق داخلية تحدد فيها صالحيات الهيئات‬
‫ومهام األعضاء‪ ،‬كقانون داخلي‪ ،‬تقيد وتضبط حاالت الحصول على االعتماد لممارسـة نشاط ما‪ ،‬تحت‬
‫وصاية السلطة المؤهلة لدراسة مثل هذه الطلبات‪ ،‬وهي غالبا ما تكون من اختصاص و ازرة الداخلية؛ إذا‬
‫كانت الجمعية لها نشاط ذا طابع وطني‪ ،‬ومـن صالحيات الوالـي‪ ،‬إذا كانت الجمعية ال يتعدى عملها اقليم‬
‫الوالية ومن صالحيات رئيس البلدية اذا كانت في تنشط في حدود اقليم البلدية‪ .‬تظهر رقابة القانون‬
‫واجراءات اإلدارة‪ ،‬وكأنها تحد من حرية االجتماع واالنخراط في الحركة الجمعوية لكن منطق الدولة يؤكد‬
‫ضرورة اإلحاطة بحركة مختلف النشاطات الدائـرة في سائر فروع المجتمع قصد تنظيمها وتوجيهها‬
‫وصيانة هذا الحق من التعسف واسـتعماله لمصادرة باقي الحقوق‪ ،‬بل ومنعه من أن يتشكل كسلطة موازية‬
‫لسلطة الدولة أو بديلة لـها في حالة ما إذا طغت المصالح الشخصية او الجهوية على المنافع العامة في‬
‫العمل الجمعوي‪.‬‬
‫تحاول هذه الجمعيات‪ ،‬أن تطرح نفسـها المنافس القوي في المجتمع‪ ،‬إذا اكتست طابع تكتلي يضم‬
‫عدة جمعيات لها نقاط مشتركة تلتزم بالدفاع عنها بكل وسيلة ممكنة؛ لكن كثرة عددها وتنوع مجاالت‬
‫عملها(‪ ، )‬لم تمكنها في الوضع الجزائري إلى سلوك هذا االتجاه؛ ربما ذلك يعود إلى تبعيتها المالية‬
‫والتنظيمية إلى الدولة بسبب ضعف مواردها وقلة حركيتها‪ .‬تتصدر الجمعيات الدينية الرياضية وجمعيات‬
‫االحياء مجتمعة اكثر من‪%62‬منها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ibid, PP. 9-13.‬‬
‫انظر‬ ‫)‪ –(‬حسب المصادر الرسمية هناك أكثر من ‪ 121442‬جمعية معتمدة‪ .‬تضم ‪11‬صنفا‪:‬‬
‫‪ www.interieur.gov.dz‬يوم‪2018-10-04-‬‬

‫‪146‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫ترهن هذه المنطلقات‪ ،‬حركية الجمعيات‪ ،‬لتأخذ مسا ار شبه متطابق لآلثار التي يتركها الخطاب‬
‫‪‬الحزبي التعددي؛ فالعالقات التعاطفية أو اإلسنادية التي تميز بعض الجمعيات مع بعض األحزاب‪ ،‬تفسر‬
‫إلى حد كبير ضعف بنية هذه الحركات وقلة مردودية تأثيرها‪ ،‬وبالنتيجة يلعـب عامل الضغط المالي دو ار‬
‫هاما في صياغة برامجها على ضوء مصدر التمويل (الذاتي‪ ،‬أو من الدولة كإعانات محتملة‪،)...‬‬
‫تفاعالت الساحة السياسية‪ ،‬تسهم مباشرة في تحديد الفـاعلين األساسيين كممثلين حقيقيين للمصالح‬
‫المتناقضة لدى مركز القرار السياسي في الدولةوامتداداتها في الجماعات االقليمية‪ .‬فهناك من يبرر‬
‫ضعف تجانس الكتلة االجتماعية النشطة في الحركة الجمعوية الى عدة عوامل منها أن الحركة الجمعوية‬
‫في الجزائر‪ ،‬تفرز اختالفا حادا حـول الثقافي وشبه اجماع حول االجتماعي‪ ،‬وسكوتا كبي ار حول‬
‫االقتصادي واعطاء أهمية كبيرة جـدا للمسائل الثقافية‪ ،‬وللطرح الثقافي الرمزي‪.1‬‬
‫يالحظ ان الجمعيات المحلية التؤثر تاثي ار قويا في صناعة السياسة المحلية او حتى في توجيه القرار‬
‫لدى الهيئات المنتخبة او السلطات المحلية‪ ،‬نتيجة االقصاء والقبضة البيروقراطية التي تطبع العالقة بين‬
‫هذه االطراف‪ .‬وتسعى الجهات الرسمية على المستوى المحلي الى االستخدام التعبوي لتلميع السلوكيات‬
‫السياسية وتبرير الق اررات االدارية في قضايا التنمية والخدمات المرفقية‪ .‬تبين التجربة ان اغلب هذه‬
‫الجمعيات تعتبر امتدادا لتيارات سياسية معينة‪ ،‬تساند السلطة سياسيا‪ ،‬ولم تلتزم بتحقيق مصالح منخرطيها‬
‫النها قلصت دورها وحصرته في الدفاع عن المصالح الفئوية الضيقة والتخلي تدريجيا عن مهامها‬
‫الطبيعية‪ .‬من اجل تشجيع االعتراف بالمنفعة االجتماعية والعمومية للجمعيات قدمت بعض الدراسات‬
‫‪2‬‬
‫حول الحركة الجمعوية التوصيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التباين بين الواقع الجمعوي وتنفيذ السياسات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬وضع استراتيجية لالعالم واالتصال دائمة بين الجمعيات واالدارة‪.‬‬
‫‪ -‬اولوية استعمال االليات العمومية للمساعدة على الشغل واالدماج‪.‬‬
‫‪ -‬توضيح شروط االنتقاء للحصول على االعانات ومنح االولوية للجمعيات ذات المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬تسهيل المساهمة في الديمقراطية المشاركاتية المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬رفع التعقيدات االدارية عن تاسيس الجمعيات‪.‬‬
‫كما تبدو‪ ،‬انها حزمة عراقيل الزالت تشتد وتتسع بهدف خنق التنظيمات االجتماعية الناشئة واالبقاء‬
‫عليها كظاهرة احصائية تحاجج بها السلطات العمومية لتبرير الوجود الشكلي لما يسمى المجتمع المدني‪،‬‬
‫وتحويله الى ادوات وظيفية للمساندة والتاييدالعمال السلطات المحلية ‪.‬‬

‫‪ -1‬علي الكنز ‪ ،‬وعبد الناصر جابي" الجزائر في البحث عن كتلة اجتماعية جديدة"‪ ،‬في‪ :‬االزمة الجزائرية ‪ :‬الخلفيات‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-DJamel‬‬ ‫‪Ben Ramdane, les Association‬‬ ‫‪Algeriennes: Des Acteurs Emergents :‬‬
‫‪Enquete de Reconnaissance; ( s.l.é. 2015), P.11.‬‬

‫‪147‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫‪ -5-0‬النخــــــــــــــــب ‪:‬‬
‫في الدول والمجتمعات‪ ،‬وخاصة ذات العراقة في الممارسة الديمقراطية‪ ،‬تلعب النخبة أو الصفوة‬ ‫‪‬‬
‫من أبناء المجتمع دو ار استراتيجيا‪ ،‬في وضع التصورات والمشاريع‪ ،‬وصنع الق اررات المصيرية‪ ،‬وتطوير‬
‫القيم الرمزية والفكرية المشتركة بين الجميع‪ ،‬وبلورتها لفائدة الصالح العام‪ ،‬مكرسين البعد التنظيري كشرط‬
‫مسبق قبل بداية أي عمل؛ إنها مخابر ومهارات وطاقات بشرية هائلة في وضع السياسات‪ .‬النخبة‬
‫الجزائرية‪ ،‬عند معاينتها كحالة خاصة‪ ،‬أو مقارنتها بنظيرتها في أوروبا وأمريكـا‪ ،‬أو حتى تماثالتها مع‬
‫مختلف نخب العالم العربي‪ ،‬تبدو فاقدة الهوية‪ ،‬يعوزها التجانس والفاعلية‪ ،‬بسبب انقسامها على ذاتها‬
‫وتعدد مرجعياتها الفكرية وتباين تموضعاتها االجتماعيـة‪" .‬إن اختالف مثقفينا عن أنتلجنسيا البلدان‬
‫األخرى‪ ،‬يرجع حسب اعتقادنا إلى مدى اختالف ارتباط هذا أو ذاك بمجتمعه وبعده الثقافي‪ ،‬وكذا لغته‬
‫وقيمه"‪ .1‬مما يثير‪ ،‬شروط فرض تحديدات معرفية عن طبيعة المفهوم ودوره‪ ،‬أي من هي هذه النخبة ؟‬
‫وممن تتكون وهل العلم والمعرفة شرط أساسي‪ ،‬إلطالق صفة النخبوية على شخص ما ؟ وما هي معايير‬
‫التحديد ؟‬
‫فالمثقـفون الذين يعيشون فـي وسـط مغلـق ال يشكلون إنتلجنسيا‪ ،‬وذلك مهما كان ثراء إنتاجهم‪ ،‬والشيء‬
‫نفسه بالنسبة إلى جماهير المتخرجين وأصحاب الشهادات الجامعية‪ ،‬الذين ال يكونون مثقفين ومن باب‬
‫‪2‬‬
‫أولى‪ ،‬ال يكونون إنتلجنسيا‪ ،‬إذا لم تفعل المعرفة المتراكمة فعلها في النظام الداللي الرمزي للمجتمع‪.‬‬
‫المجتمع هو المجال الحيوي البداع النخب وتطوير افكارها‪ ،‬واذا حيدت أو همشت من طرف السلطة‬
‫السياسية‪ ،‬ولم تقدر على فرض نفسـها‪ ،‬في أي قطاع من قطاعات النشاط‪ ،‬فإنها تحكم على نفسها‬
‫باالبعاد وتفرط في مهمتها ووظيفتها االصلية‪" .‬ال يخلق العقـل واعيا مدنيا يضع المصلحة العليـا قبـل‬
‫الفـردية‪ ،‬ويطرح المسألة العليا على صعيد األمة‪ ،‬قبل المصير الفردي‪ ،‬أو الفئوي (‪ )...‬إال بقدر ما‬
‫يستطيع جهاز التعليم واإلنتاج‪ ،‬أن يخلق هيئة مثقفة‪ ،‬مستقلة نسبيا عن السلطة وعـن الطوائف (‪،)...‬‬
‫وقادرة على أن تفكر من زاوية المصلحة العليا العامة"‪ 3.‬دور النخبة الجزائرية يجب أن يتناسب طرديا مع‬
‫(‪)‬‬
‫إذ يالحظ اختالال وظيفيا وبنيويا‬ ‫درجة المركز الذي تحتله‪ ،‬ضمن أنساق النظام االجتماعي الكامل‪،‬‬

‫‪ -1‬علي الكنز‪" ،‬معطيات لتحليل االنتلجنسيا في الجزائر"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫العدد‪( ،124‬اكتوبر ‪ ،)1411‬ص‪.12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ .‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -3‬برهان غليون‪ ،‬مجتمع النخبة‪( ،‬تونس‪ :‬دار البراق‪ ،‬ط‪ ،)1414 ،2‬ص‪.16‬‬
‫نقصد بالدور‪ :‬مجموعة سلوكيات يتوقعها اآلخرون بصورة مشروعة من جانبه‪ ،‬إنه مجموع طرق الحركة في مجتمع ما‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫إنه نموذج منظم للسلوك‪ ،‬ومتعلق بوضع معين للفرد في تركيبة تفاعلية‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫معقدا بين شروط احتالل المراكز االجتماعية وفق تراتبية الجدارة وبين صالحية االدوار الموكلة للفاعلين‬
‫‪‬في اطار رسمي او غير رسمي‪ .‬روح األبوية التي أسستها النخبة الحاكمة‪ ،‬جعلتها فوقية‪ ،‬لم يبلغ صداها‬
‫وأثرها عمق المجتمع بكل فئاته بل كان أثرها عكسيا‪ ،‬إذ عمل المجتمع على إنتاج سلوك رفض ومقاومة‪،‬‬
‫انطالقا من ذاتيته الخاصة‪ ،‬وذلك بالعودة إلى تفعيل القيم المشتركة وتنشيطها للتصدي لهيمنة الدولة‪،‬‬
‫التي لم تحاول فقط تحديث البنى االجتماعية‪ ،‬وانما سعت إلى اقتالع وتبديل اإلطار المرجعي للمجتمع‬
‫واحالل محله نمط اجتماعي جديد "اشتراكي" ثم "ديمقراطي"؛ أي شروط التوفيق بين النمطين (األصيل‬
‫والحديث) تتم الى االن بأسلوب سلطوي وأبوي واستفزازي‪ .‬يؤدي اإلخفاق وضعف مشروعية المؤسسات‬
‫بالضرورة إلى استنفاذ هذه النخب الملتصقة بالدولة مشروعيتها‪ .‬هي كذلك معلنة فشلها الفاضح وانهزامها‬
‫المزدوج أمام عجزها عن تحقيق تحديث نوعي حسب النموذج الغربي‪ ،‬وكذا مواجهتها بالرفض والتشكيك‬
‫من قبل المجتمع فلم تنتج هذه النخب عقالنية جديدة‪ ،‬ولم تبلور صيغة مشروع مجتمعي مستقل عن‬
‫‪2‬‬
‫السلطة‪ 1.‬مما أفرز وضعا ثنائيا يميز العالقة بين أبنية المجتمع الذي انقسم إلى مجتمعين‪:‬‬
‫‪ -‬مجتمع العصرنة‪ ،‬ومجتمع التهميش‪.‬‬
‫فالمجتمع األول يمثل األقلية والنوعية‪ ،‬يتبنى مظاهر النمط الغربي في حياته وتصريف أموره‪،‬‬
‫يتمظهر في نمط استهالكي فاره‪ ،‬و يمارس ضغطا محدودا بالنسبة لباقي الفئات االجتماعية‪ ،‬لكنه ال‬
‫يشكل تهديدا أو نفيا لمجتمع التهميش باعتباره مجتمع األغلبية بل بالعكس يتقاطع معه في النظام القيمي‬
‫التقليدي األصيل ويختلف معه في نمط العيش والممارسة‪.‬‬
‫يقف مجتمع النخبة مقابل المجتمع الكلي‪ ،‬وهي حالة طبيعية جدا‪ ،‬في حـراك اجتمـاعي سدت فيه‬
‫آليات الصعود االجتماعي التي كانت تمثلها الطبقة الوسطى‪ ،‬حيث زالت بفعـل تـأثير األزمة الشاملة التي‬
‫مر بها المجتمع والدولة‪ ،‬ونتيجة "آدلجة" هذه الحالة من قبل القوى السياسية‪ ،‬أصبح المجتمع يمر بمرحلة‬
‫صراع حاد تغذيه المجادالت السياسية أكـثر ممـا تنتجه الحركية االجتماعية‪.‬‬
‫"التدهور العام للثقافتين‪ :‬الحديثة والقديمة‪ ،‬يفقد ممارستهما‪ ،‬كل أفق تاريخي بعيد‪ ،‬ويحول الصراع‬
‫السياسي واالجتماعي‪ ،‬إلى مجموعة من ردود األفعال شبه البيولوجية‪ ،‬فتبدو الحركة االجتماعية‪ ،‬كحصيلة‬
‫‪3‬‬
‫لكوارث "طبيعية"‪ ،‬ولصدمات تحيد بعضها بعضا "‪.‬‬

‫أما المركز االجتماعي نعني به وضع الفرد أو الفئة في النظام االجتماعي‪ ،‬على النحو الذي تبدو فيه إلى األشخاص الذين‬
‫لهم عالقة‪ ،‬وحيثما تؤكد الوظائف التي يجب القيام بها واألدوار المنجزة والهيئة التي تعزي وفقا لسلم القيم والقواعد النافذة‬
‫في نطاق ما ينتظر من تبادل السلوكيات المقررة في هذا الوضع ذاته‪،‬‬
‫‪ -‬أنظر ‪ :‬صادق األسود‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ :‬أسسه وأبعاده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125.‬‬
‫‪ -1‬المنصف وناس‪ "،‬الدولة الوطنية والمجتمع المدني في الجزائر"‪ ،‬مرجع سابق‪. ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬علي الكنز وعبد الناصر جابي‪" ،‬الجزائر في البحث عن كتلة اجتماعية جديدة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬برهان غليون‪ ،‬مجتمع النخبة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪149‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫وعليه‪ ،‬فإن إفالس النخبة االمسيطرة تجد نفسها في مواجهة تصاعد نخب جديدة على أطراف محيط‬
‫‪‬النظام االجتماعي‪ ،‬تحسن التعبير عن هموم الفئات االجتماعية وتطرح بدائل تجمع بين الخصوصية‬
‫المحلية ومزايا التنظيم الغربي‪ ،‬ويحظى خطابها باهتمام بالغ لدى فئات عريضة في المجتمع‪ .‬وهذا لن‬
‫يتاتى اال ضمن فضاء ديمقراطي وطني ومحلي حقيقي العادةتاهيل النخب القيادية بشقيها الرسمي‬
‫والتطوعي‪.‬‬
‫يمكن‪ ،‬للمشروع الديمقراطي‪ ،‬إذا كان منطقيا‪ ،‬أن يؤدي إلى تجديد النخب‪ ،‬وتمكين الدولة من‬
‫انسياب طاقات كفأة وجديرة بكسب مشروعيتها وبالتالي إنهاء حالة االغتراب التي توجد عليها الدولة في‬
‫منظور المجتمع‪ ،‬ومن ثمة السعي لتأصيل برامج التحديث والتنمية دون إحداث صدام بين ثوابت الهوية‬
‫ومقاصد التحديث‪ ،‬فالنخبة يجب أن تتنافس لبناء دولة المجتمع وليس العكس‪ ،‬ألن التجربة الغربية أثبتت‬
‫أن المجتمع نشأ قبل الدولة باعتبارها أداة إلدارة التناقضات وتنظيم المجتمع – ال أن تمثل جسما غريبا‬
‫مفروضا عليه فرضا‪ .‬لم تتمكن مؤسسات الجماعات االقليمية من استقطاب فعال للنخب المحلية‪،‬‬
‫واالستفادة منها في بناء نماذج التسيير العمومي‪ ،‬ورسم مقاربات الستدراك التباينات التي تميز العالقة‬
‫الموجودة بين ادور النخب والسياسات المبرمجة وبناء االقليم‪ .1‬والمالحظ ان محدودية تاثير النخب ال‬
‫يتعلق بالعزوف عن المشاركة في الحياة المحلية فقط‪ ،‬وانما يتجلى كلية في االبتعاد عن االنخراط في‬
‫النشاط العام ال سيما في تبؤ مراكز السلطة المحلية‪ ،‬وال حتى في اقتحام الفضاء الجمعوي لتدعيم النماذج‬
‫الناجحة والمبادرة التي تحاول تقديم خدمات ذات منفعة عامة‪ .‬يفسر ابتعاد الخبة المحلية والتي تعني انها‬
‫تتمتع برصيد علمي ومهني وسمعة اخالقية مشهود لها؛ بعدة عوامل ولعل ابرزها مايلي‪:‬‬
‫مناخ الريبة والشك وعدم الثقة الذي تبدوعليه المؤسسة الرسمية لدى المجتمع نتيجة عدم كفاءة‬
‫بعض ممثلي الدولة ومحدودية افاقهم في الرؤيا‪ ،‬وارتكازهم على الوالءات التي تستثمر فيها العالقات‬
‫الزبائنية على حساب ثقافة الدولة وخدمة المجتمع‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬تبدو النخب المحلية شبه فقيرة من حيث الموارد االستراتيجية للتمركز في نواة مصادر‬
‫القرار المحلي‪ .‬يضاف اليها فردانيتها وعدم قدرتها على االنتظام لتاسيس حراك مبدع يضغط مباشرة على‬
‫الفاعلين البيروقراطيين في المؤسسة المحلية‪ .‬ومن زاوية اخرى تركز السلطات المحلية جهدها التنموي عند‬
‫محاولة الحفاظ على االستقرار‪ ،‬وال تفسح المجال للمشاركة االيجابية لمثل هكذا افكار في اعادة ترسيم قيم‬
‫ثقافة ممارسة مدنية تقوم بالدرجة االولى على تفعيل اشراك المجتمع المحلي ‪ ،‬عبر قواه الشعبية بصورة‬
‫طوعية وتعزيز المكاسب والحفاظ عليها‪ .‬بدال من ان تقرر في غيابه حلوال ليست بالضرورة من اولوياته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Genieys William. Presentation : Elites, Politiques et Territoires : Vers de Nouvelles‬‬
‫‪Dynamiques ?, in : Pole sud, Elites, politiques et territoires, n°7. (1997), pp.3-4.‬‬

‫‪150‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫فمهمة النخب ال تتوقف عند تقرير السياسات فحسب‪ ،‬وانما في صناعتها ونمذجتها وتنفيذها وتقويمها‬
‫‪‬وتعديلها‪ ...‬ومراجعتها‪.‬‬
‫‪ -3-0‬المواطــــــــــــــــن‪:‬‬
‫تنظر الديمقراطية إلى المواطن على أساس أنه محور العملية السياسية‪ ،‬والعامل المؤثر في تحديد‬
‫اتجاهات الرأي العام داخل الدولة؛ مما يعني أن المواطن يكون في نفس اللحظة مادة التغيير وموضوعه‪،‬‬
‫بل ومنتج بامتياز لمضامين هذا التحول في العالقات االجتماعية‪ .‬يمكن اعتبارالمفهوم ‪ ،‬وليد المعاملة‬
‫المرفقية للمصالح العامة‪ ،‬وتطور منحنى ثقافة األخذ والعطاء طبقا لجدلية الحقوق والواجبات فقط ؛ من‬
‫مواطن مدار‪ ،‬ثم مسـتعمل‪ ،‬واالنتـهاء بالمواطن الزبون‪ ...‬وانما يعكس بصيغة أو بأخرى؛ الرغبة الشديدة‬
‫والحصرية لبناء وعي ذات هذا المواطن وطبيعة األدوار التي يتوالها على المستوى الفردي‪ ،‬أو في إطار‬
‫العمل الجماعي المنظم‪ .‬كل الدساتير والوثائق األساسية لمشروع الدولة الوطنية‪ ،‬تخصص حي از خاصا‪،‬‬
‫للمهام التي يجب أن يقوم بها المواطن على جميع مستويات الدولة وحتى في نطاق العالقات االجتماعية‬
‫التي تحكم المجموعة الوطنية‪ ،‬وعلى هذا النحو يبرز حجم المشاركة السياسية المتوقعة من هذا المواطن‬
‫العضوي‪" :‬ا لمشاركة السياسية في أوسع معانيها‪ ،‬حق المواطن في أن يؤدي دو ار معينا‪ ،‬في عملية صنع‬
‫الق اررات السياسية‪ ،‬وفي أضيق معانيها تعنى حق ذلك المواطن في أن يراقب هذه الق اررات بالتقويم‬
‫والضبط عقب صدورها من جانب الحاكم"‪ .1‬حق المواطنة‪ ،‬أصبح تقريبا من الحقوق الطبيعية المكتسبة‬
‫عن طريق النضال اإلنسـاني نحو كسر أغالل العبودية واالستبداد‪ ،‬ولم تعد لعوامل الميز العنصري‬
‫(الجنسي والعرقي‪ )...‬أو ضغط األوضاع االجتماعية أي صدى إيجابي إال في حدود معينة وفي‬
‫المجتمعات البدائية ما قبل الدولة ‪ ...‬للمواطنة قيمة إنسانية؛ يعبر عنها بأبعادها االجتماعية واالقتصادية‪،‬‬
‫وبمضمونها القانوني ومرجعيتها المحددة الممارسة؛ تترجم بـ‪ :‬المصلحة المشتركة‪ ،‬اإلرادة العامة‪ ،‬الضرورة‬
‫العمومية‪ ،‬والمرجعية الجماعية‪ ،‬واألمل االجتماعي‪ ،‬والخدمة العمومية‪.2‬‬
‫رغم ما تعرفه درجة المشاركة للمواطن‪ ،‬من إختالالت نتيجة سيطرة الدولة على جميع الفضاءات‬
‫وهيمنتها على التنظيمات السياسية واالجتماعية الوسيطة؛ فإنه يتوفر على نبض مدني وقابلية للتجاوب‬
‫مع المحاوالت الجادة في البناء الوطني؛ وهذا االهتمام ال يمكن أن يكون إف ار از حتميا لتقلبات اجتماعية‬
‫وانما استعداد مطبوع في الذهنية الفردية؛ وهذا ما ترجمته ميدانيا التعددية الحزبية؛ من خالل تجنيد‬
‫سياسي واسع يمقت الضبط اإلداري والبوليسي التقليدي‪ ،‬وعليه نؤكد على أن‪ :‬االهتمام حقيقة ذاتية تنبع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬جالل عبد اهلل معوض‪ "،‬ازمة المشاركة السياسية في الوطن العربي"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬عدد ‪( ،55‬سبتمبر ‪ ،)1413‬ص ‪.121‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Anicet Le Port. La Citoyenneté, op.cit, pp.11-52.‬‬

‫‪151‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫من شخصية المواطن‪ ،‬أما المشاركة فإنها إجراء نظامي‪ ،‬يسمح بها الهيكل السياسي‪ ،‬أما التفاعل فإنه‬
‫‪‬نتيجة ألي منهما من حيث عالقة الفرد بالدولة‪.1‬‬
‫بالتالي فالتعبير عن روح المواطنة باستعمال مقوالت عامة مثل الفرد‪ ،‬الرعية‪ ،‬الناس‪ ،‬وأحيانا‬
‫بتعابير دارجة‪ ،‬ال تف بالغرض المطلوب‪ ،‬إال بـالقدر الذي تحدد فيـه الظـاهرة السوسيولوجية عن المفهوم‬
‫في المنظور السلطوي للدولة‪ .‬تسير القضايا الهامة في المجتمع‪ ،‬بواسطة اإلجماع ‪ ،‬على أسـاس أن البنى‬
‫االجتماعية متجانسة ومنسجمة من حيث األوضاع والتطلعات‪ ،‬تؤدي تدريجيا إلى تمتين الصيرورة‬
‫الطبيعية لحركة التفاعل االجتماعي‪ ،‬محصلتها الختامية مصادرة حقوق المواطن تعسفيا وقمعيا؛‬
‫فإيديولوجية الجماعة يتعدم فيها اإلحساس القانوني بالفرد‪ 2.‬تبنت الدولة الوطنية‪ ،‬تحقيق السعادة الكاملة‬
‫للمواطن؛ باعتبارها دولة خدمـات جاءت لخدمة المجتمع وأفراده‪ ،‬وهي الوحيدة التي تحدد المصلحة العليا‬
‫والقيم المشـتركة بيـن أعضاء هذا المجتمع المثالي‪ ،‬الموحد تجاه خدمة نفسه من خالل إعالن والءه لهذه‬
‫الدولة وعدم مناوئته لما تقوم به أجهزة الدولة؛ فمصلحة الدولة من مصلحة المواطن‪.‬‬
‫إال أن ممارسات الدولة‪ ،‬متسمة بمصادرة المبادرة الفردية‪ ،‬سواء على المسـتوى السياسي أو‬
‫االجتماعي واالقتصادي‪ ...‬هيأت كل الشروط الموضوعية‪ ،‬لدحض محاوالت اإليديولوجية الوطنية الرامية‬
‫إلى تكريس ثقافة المواطنة بكل أبعادها وانعتاق الشخصية الفردية‪ ،‬والفصل بين دور المواطن ووظائف‬
‫المؤسسات‪ ،‬أي محاولة نفوذ وشخصنه السلطة‪ ،‬التـي قـد تتمثل في ظهور شخص الزعيم الذي يختصر‬
‫الدولة في رايه‪ ،‬له السلطة الفائضة ‪ ،‬عن المعقول الحتواء كل عمل مستقل وخارج عن طاعته‪ ،‬أو يشعر‬
‫وكأنه يشكل له تهديدا لوجوده؛ ومن ثمـة فنية السلطة تستحوذ على القيم المشتركة وتقولبها على نمط‬
‫آخر‪" .‬ميكانيزمات السلطة تفوق شخصية الجماعة المشتركة ‪ ...‬فالبناء الوطني كان بمثابة تحطيم‬
‫لإليديولوجية المشتركة‪ ،‬خاصة وأن هذه األخيرة لم تعد ممونة الشخصية السياسية‪ ،‬بـل هي عبارة عن‬
‫بروز الفرد كموضوع مستقل‪ ،‬وعليه تقوم عملية بناء الدولة‪-‬األمة‪ ،‬واذا لـم يظهر الفرد فإن هذا يعني بأن‬
‫األمة لم تكتمل بعد"‪ .3‬دور المواطن‪ ،‬دور تابع لمهام الدولة ومكمل لها؛ فال غزو‪ ،‬إذا قلنا أن بيروقراطية‬
‫األجهزة‪ ،‬قهرت تدريجيا إرادة هذا المواطن في أن يبادر إلسماع صوته بصدق عن آماله وآالمـه لما يخدم‬
‫تحسين ظروفه المعيشية واالجتماعية‪ .‬ساءت العالقة بين المواطن كعضو في المجتمع والدولة المسير‬
‫الفعلي للشؤون العامة‪ ،‬مما ولد لديه إحساس بالعزلة‪ ،‬وقلة اهتمام الخطاب الرسمي الذي يستمد مبرراته‬
‫من الشعبوية والزبائنية‪ ،‬بحل المشاكل اليومية ومالمسة المعاناة في واقعها دون مواراة وال مجاملة‪..‬‬

‫‪ -1‬حامد عبد اهلل ربيع‪ " ،‬ابحاث في النظرية السياسية "‪( ،‬القاهرة ‪ :‬مكتبة القاهرة الحديثة‪. ،)1411 .‬ص‪.‬ص‪.‬‬
‫‪ 121،211‬نقال عن (جالل عبداهلل معوض )‪":‬ازمة المشاركة السياسية في الوطن العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124.‬‬
‫‪2‬الهواري عدي‪" ،‬التجربة الديمقراطية في الجزائر‪ :‬اسباب الفشل والتراجع "‪.‬ترجمة (حميد بن مزيان)‪ :‬اسبوعية الحرية‪،‬‬
‫عدد‪( ،42،‬من ‪ 23‬الى ‪ 24‬اكتوبر ‪ ،)1445‬ص‪.11‬‬
‫‪ -3‬نفس المكان‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫التنظيم الجمعوي والحزبي‪ ،‬بقدر ما حاول استيعاب أكبر عدد ممكن من المواطنين‪ ،‬ومساعدتهم‬
‫‪‬على دمج عضوي وفعال‪ ،‬لخلق دينامية مهيكلة وواضحة‪ ،‬بقدر ما كشف عـن ضعف إن لم نقل عزوف‬
‫المواطن في نهاية المطاف عن تصديق جدية العمل التي تقوم بها هـذه التنظيمات‪ .‬ومرد ذلك‪ ،‬طغيان‬
‫المصالح الشخصية والتالعبات السياسية التي أصبحت تميز أنشطة هذه الجمعيات في أغلبها؛ زيادة عن‬
‫ميل النظام السياسي إلى البحث عن محاوريه وشركائه ضمـن الكتلة التقليدية‪ ،‬ومن الفئـات والش ارئـح‬
‫القريبـة من العائلة التاريخية‪ ،‬مما أدى إلى إجهاض كـل الجهود الرامية إلى تكوين كتلة اجتماعية حديثة‪،‬‬
‫تهتم ليس فقط باألمور السياسية والموكلة أساسا لألحزاب‪ ،‬وانما تركز عملها على تأطير انشغاالت‬
‫المواطن ومساعدته على ترقية حياته اليومية‪.‬‬
‫ينطلق غضب المواطن ومقته لرموز السلطة‪ ،‬من تحليله الخاص المبني على معطيات الواقع‬
‫المعاش والمحسوس‪ ،‬فهل هناك من إنسان يستطيع وصف ألمه أكثر من ذاك الشخص الذي يعانيه‪،‬‬
‫فأزمة العالقة بين المواطن والدولة‪ ،‬تتجسد ميدانيا من خالل الرؤية االنطباعية والساذجة لنفس هذا‬
‫المواطن عن الدولة؛ حيث يرى فيها مصدر معاناته ومصائبه‪ ،‬ال لشـيء‪ ،‬إال ألنـها تتبنى رسميا إسعاده‬
‫ولم تفعل‪ ،‬بل كرست الظلم االجتماعي بدل العدالة االجتماعية‪ ،‬وعوض أن يكون ممثلو السلطة والدولة‪،‬‬
‫سواء على المستوى المركزي أو المحلي‪ ،‬القدوة المثالية للسهر على احترام تطبيق القوانين‪ ،‬والتكفل بأمور‬
‫الشعب‪ ،‬تحولوا إلى طبقة تمـارس المحسـوبية والبيروقراطية ذات امتيازات‪ ،‬تدر عليهم الثروات واألموال‬
‫بدون حسيب ورقيب ‪ ...‬تفسر اسباب ضعف اهتمام المواطن بالشان العام وانكفائه على نفسه ومصالحه‬
‫‪1‬‬
‫الضيقة؛ بالعوامل التالية‪:‬‬
‫‪ -‬استهجان العمل العام عامة‪ ،‬والعمل السياسي على وجه الخصوص النه ترسب في الوعي الجماعي ومع‬
‫طول العهد باالستبداد وان العمل العام مرادف للنفاق االجتماعي والوصولية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتباط العمل السياسي تاريخيا بالقمع والسجون فشكل ذلك حالة من الريبة والشك لدى المواطن‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة حالة ياس من التغيير‪ ،‬فالعمل السياسي لم يشكل الية لالنتقال الديمقراطي وتداول السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬تواطؤ بعض السياسيين مع جانب من االعالم ومع المؤسسة الدينية وال سيما الرسمية منها لخدمة مشاريع‬
‫االنظمة االستبدادية‪.‬‬
‫‪ -‬تبخيس دور المواطن واستسغاره ما دامت اللعبة محسومة النتائج‪.‬‬
‫في هكذا حال‪ ،‬ماذا يفعل هذا المواطن؛ لمن يشتكي؟ ومن يسـمع وينصـت إلـى شكواه؟ األزمة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ضربت التراتبية االجتماعية‪ ،‬وقضت نهائيا على الطبقة الوسـطى‪ ،‬وشجعت فساد القيم‬
‫المشتركة‪ ،‬وجعلت الدولة تتنصل من مسؤولياتها األساسية فـي حمايـة المواطنين‪ ،‬والضمير الجمعي لألمة‬
‫من الضياع واالندثار؛ أمام نشوء فئات اجتماعية قليلة العـدد لكنها استف اززية السلوك محظوظة ذات تأثير‬

‫‪1‬احمد بودراع ‪ "،‬المواطنة ‪ :‬حقوق وواجبات"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬العددان ‪ ،)2214 (،44/43‬ص‪.154‬‬

‫‪153‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫هام في اكتساح مراكز في النظام االجتماعي بدون أن تتمكن من إثبات جدارتها‪.‬بدا المواطن‪ ،‬يشعر وكأنه‬
‫‪‬من الرعايا‪ ،‬وأصبح يتوجس من مبـادرات الدولـة وال يثق في وعودها المتعددة‪ ،‬طالما أن التجربة علمته أن‬
‫يسمعه ال يطبق علـى أرض الواقـع وانما مجرد خطاب عام واستعراضي‪ ،‬موجه لالستهالك اإلعالمي‪.‬‬
‫هكذا تتراكم نفسية االنتقام والثأر كلما أتيحت الفرصة‪ ،‬سواء عبر مختلف االنفجارات االجتماعية‪،‬‬
‫أو في مختلف المواعيد االنتخابية‪ ،‬حيث تكون اختياراته وق ارراته ضد كل من لـه عالقة برموز السلطة‬
‫ودوائرها‪ ،‬وهو بذلك يبحث عن تغير جذري لألوضاع‪ ،‬وتولية أموره أناس أصحاب مصداقية وأخالق‬
‫الدولة يخدمونه قبل أن يخدموا مصالحهم‪ ..‬ال تقتصر حركة المواطن المحلي على حدود االقليم وانما‬
‫تستشف من مفهوم المواطنة‪ ،‬والتي تعد في حد ذاتها اشكالية النها قد تعني حالة االنسان في عالقته‬
‫‪1‬‬
‫بالمجال وباالخر وبالمجتمع وبالسلطة‪ ،‬او قد تعني سلطة بعينها لالنسان في مواجهة الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫يلخص بالمقابل سلوك المواطن على المستوى المحلي بكثرة المطالبة بالحقوق االجتماعية من‬
‫دون االلتزام بانجاز واجباته تجاه محيطه في ظل غياب شبه كلي لهيبة الدولة‪ ،‬مما ادى الى تنامي ظاهرة‬
‫االحتجاج االجتماعي ‪.‬وتزايد مظاهر الالمباالة والتسيب في العالقات العامة‪ ،‬واصبح السلوك االجتماعي‬
‫مجرد من اي مرجعية اخالقية او ردعية‪ ،‬مما ضاعف من ازدراء شرعية المؤسسة الرسمية المحلية‪ ،‬وتزايد‬
‫اتساع حجم الفجوة بينها وبين المواطنين بل و الدولة ككل‪ .‬مما ادى الى تفسخ رهيب في النظام القيمي‪،‬‬
‫ولعل ابرز مؤشراته ظهور فئات اجتماعية غير منتجة تسعى لاللتفاف على مفاصل القرار المحلي من‬
‫خالل عالقات المال واالعمال التي تستعرض عبرها نفوذها وسطوتها‪.‬‬
‫ال يشكل المجتمع المدني على المستوى المحلي ظاهرة حقيقية وعامة بالنسبة للسلطات المحلية‬
‫اال في تجمعات الحواضر الكبرى للجماعات االقليمية ذات االهمية االستراتيجية‪ .‬وال ينظر له كشريك‬
‫فعال بقدر ما يستعمل في التاييد ومجاراة الخطاب الرسمي لممثلي الدولة محليا‪ .‬كما قد تظهر قوة بعض‬
‫هذه الجمعيات المدنية في المناطق التي تسودها روح التضامن والتازر االجتماعي‪ ،‬والفعالية في مواجهة‬
‫استفراد السلطة المحلية في توجيه برامج التنمية المحلية‪.‬‬
‫يعيش المجتمع المدني اغلب فترات العهدات االنتخابية سباتا عميقا وال تشغل فيه اال بعض‬
‫النشاطات الثقافية والفلكلورية او الرياضية‪ .‬وتاتي قضايا التنمية‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬والبيروقراطية‬
‫االدارية في اخر اهتماماته‪ ،‬ويبدو وكانه مستسلم الرادة االدارة‪ ،‬رغم كثرة مظاهر الحيف االجتماعي‪،‬‬
‫والفساد والحقرة‪ ،‬وتعسف استعمال السلطة‪ ،‬وتنامي مظاهر االجرام‪ ،‬وانهيار االخالق العامة في‬
‫المجتمع‪ ...‬وال يحرك ساكنا اال بايعاز من الفاعلين البيروقراطيين‪....‬‬

‫‪ -1‬احمد بودراع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.145‬‬

‫‪154‬‬
‫____________________ إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬ ‫الفصـل الثاني‬

‫خالصة الفصل‬
‫يبقى التمثيل السياسي في ادارة الجماعات االقليمية‪ ،‬يشكل احدى المرتكزات الفعلية التي تبنى‬ ‫‪‬‬
‫عليها مثل تلك المؤسسات‪ ،‬مهما كانت درجته ومستوياته‪ ،‬على اعتبار انه نابع عن ارادة المجتمع بصورة‬
‫مباشرة‪ ،‬او غير مباشرة كما هو الشان في التواجد الثنائي للمجالس الشعبية المحلية الى جانب الوالي‬
‫كممثل اداري وسياسي في ان واحد لسلطة الدولة المركزية المنتخبة‪ .‬ويكون عمل المؤسسة المحلية اكثر‬
‫انسجاما كلما كان النشاط العام ينصب على تحقيق المصلحة العامة المحلية التي يعبر عنها المواطنون‪.‬‬
‫لعل ابرز مظهر تأسيسي لمفهوم التمثيل في مضمونه التعاقدي بين اطراف العملية االنتخابية‪ ،‬ما‬
‫تقتضيه العهدة االنتخابية المحلية من مقتضيات والتزامات وضمانات من اجل خدمة المجتمع المحلي‬
‫الذي منح جزءا من ارادة تسييره وصيانة مصالحه لهؤالء المنتخبين ‪.‬اال أن المعاينة تعاكس افاق‬
‫النصوص التشريعية المقررة والمنظمة لمثل هذه العهدات‪ ،‬وذلك نتيجة تمييع العمل التمثيلي وحصره في‬
‫االنتخاب الذي اصبح مطلبا للوجاهة والترقية االجتماعية رغم ان اتخاذ القرار الفعلي يتم على مستوى‬
‫هيئة اركان الوالي‪ ،‬وتتولى "االجهزة المنتخبة" في معظم االحيان المداولة الشكلية لقضايا فصل فيها مسبقا‬
‫تقنيا واداريا؛ وذلك بسبب ضعف المشاركة السياسية الفاعلة‪ ،‬واخالء المجال لالنتهازية ومثيالتها في‬
‫اكتساح االفضاء العام وتحويله لخدمة اغراضها ‪...‬‬
‫رغم محاوالت تطويع اساليب المشاركة عبر تقديم مشاريع حول الديمقراطية المحلية بشقيها‬
‫التمثيلي والمشاركاتي اال ان العملية لم تنتج المأمول منها‪ ،‬وازدادت القبضة االدارية على حركية قطاعات‬
‫النشاط في المجتمع بحجة عدم احترام القانون وتجاوز حدود حرية التعبير‪ .‬ليتم القضاء شبه التام على‬
‫النشاط الجاد والمنتج‪ .‬وتستعيد النخب البيروقراطية دور الدولة االدارية في الضبط والوصاية بعد ان‬
‫استضعفت االحزاب وجردت من قواعدها الشعبية نتيجة تراجع نضال النخب الحزبية وتفضيل مصالحها‬
‫الشخصية والفئوية على مصالح الدولة والمجتمع؛ وبالتالي تمكنت منها السلطة وورطتها في اطماع‬
‫متزايدة‪ ،‬ووعود جاهزة وامتيازات مغرية ومشروطة فال هي بلغت المراكز السلطوية المؤثرة وال حققت امال‬
‫مناضليها‪ ،‬مما ادى الى انشطارها الى عصب وفرق الوزن لها في الحياة السياسية ‪،‬االما تجود به عليها‬
‫السلطات في المناسبات االنتخابية من باب المشاركة الشكلية ليس اال‪.‬‬
‫لقد نظر الى قضية التمثيل السياسي في الجماعات االقليمية على اساس انها اسلوب تمرين على‬
‫المشاركة المجتمعية وتحضير النخب القيادية انطالقا من قاعدة الدولة‪ .‬اال انه لم يكتمل بسبب عدم توفر‬
‫ارادة سياسية حقيقية‪ ،‬لتجاوز مرحلة االنتقال من ذهنية الدولة االدارية الى ثقافة الممارسة الديمقراطية‬
‫الناضجة ‪ ،‬والتي الزالت رهينة بين ايدي جيل شاخ وهرم في السلطة ويرى الدولة وقفا له ولمن يخلفه من‬
‫الوكالء القادمين من نفس االفاق‪ ،‬العادة تجديد استم اررية النظام القائم‪ ،‬لكن الى حين‪ .‬فالتغيير االيجابي‬
‫ممكن اذا اجتمعت النوايا الحسنة على بلورة ارادة سياسية جامعة مؤثرة ومعبرة بصدق عن االغلبية‬
‫الساحقة في المجتمع‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫السياسة العامة المحلية‪:‬آليات‬
‫عامة لشؤون محلية‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫مدخل الفصل‬
‫كثي ار ما تثار الصعوبات المنهجية الناتجة عن تباين المرجعية الفكرية التي تميز كل عمل علمي؛‬
‫في تحديد المفاهيم واالصطالحات التي تشكل "الكيان المعرفي" االولي المطروح للمعالجة ضمن قضايا‬
‫‪ ‬العلوم السياسية بكل تقاطعاتها؛ المتجانسة والمتضاربة‪ .‬وياتي السياق العام الذي يدور فيه التحليل حول‬
‫النطرة لمواضيع السياسات العامة التي يتوالها النظام السياسي في الدولة؛ والسيما ماهو مخول به‬
‫للجماعات االقليمية كبنية مؤسساتية تتمتع بسلطات محلية وموارد هامة ضمن هذا النظام‪ .‬األهمية التي‬
‫تكتسيهاالسياسة العامة في الدولة؛ تسمح بعقلنة وجود هذه الدولة في حد ذاته وتمتين أركانها عبر‬
‫االقتصاد في الموارد مهما كانت‪ .‬ومعالجة المشاكل في حينها وفق مقتضيات التوزيع االقليمي للسلطة‬
‫كما حددها الدستور وضبطها التشريع والتنظيم ‪ .‬يرى أحد أبرز األكاديمين أن السياسة هي برنامج عمل‬
‫مقترح لشخص أو لجماعة أو لحكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الفرص المستهدفة والمحددات المراد‬
‫تجاوزها سعيا للوصول الى هدف اولتحقيق غرض مقصود‪ .‬فالسياسة هي برنامج عمل هادف يعقبه أداء‬
‫فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع‪ 1.‬كما يرى باحت أخر أن السياسات‬
‫العامة تعبئ تصميم الفاعلين والموارد والقواعد بهدف انتاج‪ ،‬بصورة مباشرة‪ .‬أو تنسيق األجوبة عن‬
‫الحاجات الجماعية المعترف بها والتي تقع على مسؤولية الدولة وباقي الجماعات العمومية ‪ 2.‬تتضمن‬
‫‪3‬‬
‫السياسة العامة؛ حسب السياقات التعريفية المختارة مجموعة من العناصر‪:‬‬
‫مجموعة من االجراءات الملموسة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ق اررات سلطوية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اجراءات تدخل في اطار عام للعمل ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لها جمهور أو جماهير‪ ،‬أفراد أو جماعات‪ ،‬أو منظمات‪...‬‬ ‫‪-4‬‬
‫سياسة ذات أهداف وغايات‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ -1‬جيمس أندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة (عامر الكبيسي)‪( ،‬األردن ‪ :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‬
‫‪ ،)1991.‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Olivier Giraud et Philippe Warin (Sous dir), Politiques Publiques et Démocratie :‬‬
‫‪Introduction : Les Politiques Publiques : Une Pragmatique de la Democratie, (France. :‬‬
‫‪La Decouverte. 2008), P 7.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Muller, Les Politiques Publiques, (France : puf, Que-Sais-Je ? 2013), pp.20,‬‬
‫‪21.‬‬

‫‪157‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪1‬‬
‫كما تدور دراسة السياسات العامة حول أربعة محاور رئيسية هي ‪:‬‬
‫التحضير والتنفيذ ‪Elaboration et Application‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الفاعلون واالسترتجيات ‪Acteurs et Stretégies‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪‬‬
‫‪Evaluation‬‬ ‫التقييم‬ ‫‪-3‬‬
‫‪Coherence ou Eclatememt‬‬ ‫االنسجام أوالتباين‬ ‫‪-4‬‬
‫تقدم السياسات العامة المقاربة العالجية الممكنة عند ادارة الشؤون العامة‪ ،‬بأسلوب علمي وتحليل‬
‫مشاريع الحلول المقترحة ‪،‬أو الممكن صياغتها حول أية قضية من قضايا المجتمع‪ ،‬مهما كان نطاقها‬
‫االقليمي أو القطاعي‪ .‬ومهما كانت خلفية المطالب المعلنة أو غير المعلنة أمام الرأي العام الوطني‬
‫أوالمحلي‪ .‬في البداية تكرست دراسات السياسة العامة على شكل التزام نضالي مرتبط بنظرة نظامية‬
‫للمكانة التي تمنح للعلوم االجتماعية لالشراف على المجتمعات المعاصرة؛ في نفس الوقت الذي تتأسس‬
‫فيه هذه السياسات كممارسة تسييرية داخل الهيئات الواقعة على هامش الحقل األكاديمي تحديدا‪ .‬انتقل‬
‫تحليلها (السياسات) تدريجيا نحو أفاق علمية أكثر شدة‪ .‬حيث عبر عنها هارولد السويل‪HAROLD-‬‬
‫‪ LASSWELL‬على أنها عملية لصنع السياسة في سياق عقلنة الدولة والسياسة‪ .‬مبر از األهمية الثقافية‬
‫واالجتماعية للعلوم االجتماعية‪ ،‬لتكريس العلوم السياسية المتميزة بواقعيتها وتعدد أبعادها‪ ،‬واتجاهاتها نحو‬
‫المشاكل التي تعترض الجماعة‪.‬فاالهتمام بالعلوم السياسية ليس من أجل تحسين عملية صنع القرار وانتاج‬
‫المعرفة المفيدة لتحسين تطبيق الديموقراطية‪ .‬انما هدفها األقصى يكمن في انجاز الكرامة االنسانية في‬
‫‪2‬‬
‫النظرية كما في األفعال‪.‬‬
‫يثير مثل هذا المستوى المنهجي من تحليل السياسات العامة‪ .‬نصيب الجماعات المحلية للدولة‬
‫من هذا االهتمام من حيث عالقات التأثير ‪ ،‬والتداخل أو الترابط والتباعد واالستقاللية‪ ،‬في معالجة قضايا‬
‫المجتمع‪ ،‬وتفاعالته المختلفة الى حد النزاع أو الصراع‪ .‬وبالتالي يتيح لنا المدخل المؤسسي والنظمي‬
‫امكانية مهمة للتمييز بين السياسات العامة الوطنية‪ ،‬والسياسات العامة االقليمية والمحلية‪ ،‬في تنظيم‬
‫االقليم وتسييره بكل انشغاالته‪ .‬تعددت أسباب االنشغال بقضايا السياسة العامة المحلية؛ نتيجة تعدد‬
‫وتباين التاثيرات التي مست تحوالتها االطر األساسية‪ ،‬التي يقوم عليها النموذج الوطني للجماعات المحلية‬
‫‪ ،‬من حيث األفكار والنظم والموارد‪ :‬وهذه التأثيرات جاءت في اتجاهين رئيسيين ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Leca et Pierre Muller, « Ya-T-il une Approche Francaise des Politiques‬‬
‫‪Publiques ? », In : Olivier Giraud et Philippe Warin (sous.dir) : Politiques Publiques et‬‬
‫‪Démocratie, Op.cit, p.56.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Patrice Duran, « Genéses de l’analyse des Politiques Publiques », In : Laurie‬‬
‫‪Boussaguet, Sophie Jacquot, Pouline Ravinet (Sous.dir) : Dictionnaire des Politiques‬‬
‫‪Publiques, op.cit, pp.290-292.‬‬

‫‪158‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪-‬االتجاه األول داخلي وقد يبدو مشبعا بقيم التماثل والمحاكاة للنماذج األروبية باعتبارها خبرة‬
‫وتفاعالت متواصلة ذات معايير عالمية ناجحة‪ .‬ليس لذاتها وانما نتيجة توفر شروط بيئة أكثر‬
‫‪‬‬
‫من مالئمة‪ .‬وهذه األسباب الداخلية يمكن حصرها في ثالثة عوامل رئيسية وقاعدية تتمثل فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫الطابع المؤسسي واالستقاللي لنموذج الجماعات المحلية القائم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تعاظم وانتشار نماذج المشاركة الديموقراطية في القرار المحلي ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫البحث عن الفعالية على ضوء فشل النمط الممركز ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -‬أما االتجاه الثاني فيتمثل في العوامل الخارجية التي ساهمت الى حد كبير في تصاعد أهمية‬
‫التركيزعلى السياسات المحلية لدى المجتمعات المعاصرة وايالئها مكانة استراتيجية في قطاعات سياساتها‬
‫العامة الداخلية ‪ :‬فيمكن حصرها بامتياز في دول االتحاد األوروبي التي وفقت بين مقتضيات االندماج‬
‫األفقي كدول أعضاء ‪ ،‬وبين الالمركزية السياسية كاحدى الخيارات القاعدية في البناء والتعاون‪. .‬وذلك‬
‫‪1‬‬
‫بسبب العوامل التالية ‪:‬‬
‫اصالح الالمركزية‪ :‬هي العامل الرئيسي في السياسات العامة المحلية من خالل تحويل‬ ‫‪-1‬‬
‫سلسلة من الموارد القانونية والمالية والسياسية والتي تسمح بتصميم وتنفيذ سياسات عامة اقليمية محضة ‪.‬‬
‫االندماج األوروبي‪ :‬هو ثاني عامل ساهم في تغير مفهوم السياسات العامة المحلية من‬ ‫‪-2‬‬
‫خالل سعيه لتقليص الفوارق التنموية بين مناطق االتحاد األوروبي ‪.‬‬
‫العولمة االقتصادية‪ :‬من خالل حركية رؤوس األموال ومنح امكانية للمقاولين المحليين‬ ‫‪-3‬‬
‫لرفع التحدي ‪.‬‬
‫مهما كانت مبررات االهتمام بالسياسات المحلية فانها تبقى في حقيقتها سياسات مركزية‪ .‬أي تهتم‬
‫بقطاعات النشاط العام لمستوى االقليم الوطني‪ .‬وهي تشمل كل السياسات العمومية التي تقوم بها‬
‫السلطات العمومية للتأثير على بيئتها االجتماعية والسياسية‪ ،‬ترسم وتنفذ محليا أو اقليميا‪ ،‬تخصص عادة‬
‫لحل المشاكل العمومية المشتركة التي يعانيها المواطنون وتتجاوز امكانياتهم الفردية‪ .‬وتعتبر منفعة عامة‬
‫لهم ‪ ،‬تقع على مسؤولية الدولة وجماعاتها المحلية التكفل بها‪ ،‬طبقا للقواعد العامة للعمل العمومي ‪.‬‬
‫اليمكن للجماعات المحلية التصدي الثار السياسات العامة اذا لم تتوفر على الموارد الضرورية ‪ ،‬الن‬
‫كل مشاكل االقليم تتميز بالتعقيد والخصوصية ‪ ،‬تقتضي مقاربة معينة في الفهم واالستطالع والحل ‪ ،‬وهي‬

‫‪1‬‬
‫‪-Romain pasquier, « Politiques Locales », in : Laurie Boussaguet, Sophie Jaquot, Pouline‬‬
‫‪Ravinet (sous.dir), Dictionnaire des politiques publiques, op.cit, 446-447.‬‬

‫‪159‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫الوضعية التي تشكل تحديا كبي ار للسلطات العمومية‪ ،‬مما يجبرها على التعاون والتضامن في العمل‬
‫المشترك ضمن النظام المؤسساتي الذي تبنى فيه السياسات المحلية ‪ ،‬و تنفذ فيه السياسة العامة الوطنية‪.‬‬
‫وفي الغالب بالتنسيق مع سياسات الدولة‪ 1.‬يساهم التحليل المقارن ألبرز متغيرات السياسات العامة‬
‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫وفروعها المحلية في استخالص وتحديد ثالث مجموعات من العناصر المحورية‪:‬‬
‫األفكار ‪les idees‬‬ ‫‪.1‬‬
‫المنافع ‪les interéts‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤسسات ‪les institutions‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يالحظ أن حركة الجماعات المحلية مقيدة مؤسساتيا‪ ،‬وال يسمح لها النموذج المركزي المتشدد‬
‫إكتشاف أفكار محلية لخدمة متطلبات مجتمعها المحلي‪ ،‬مما أدى ببعض الباحثين إلى إعتبار النموذج‬
‫المحلي من دون أفكار‪ 3.‬حتى وان توفر عنص ار المؤسسة والمنافع في المعادلة التحليلية والمقارنة المذكورة‬
‫سابقا‪ ،‬لكن رغم ذلك يمكن‪ ،‬النظر إلى مشاركة الجماعات المحلية في رسم السياسات العامة وتنفيذها‬
‫كفاعل ثانوي او محوري في الدولة‪ ،‬على ضوء التحوالت التالية ‪:‬‬
‫كمنفذة للسياسة العامة الوطنية واإلقليمية والمحلية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كمبادرة في تحديد أولوياتها المحلية والقطاعية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫هكذا تعمل القضايا العامة في سياقها الوطني على إنتاج سلسلة من األليات والقواعد في إدارة‬
‫الشؤون المحلية‪ .‬والتي ال يمكن لها أن تطرح خارج األطر المؤسسية الوطنية إال من منطلق الصياغات‬
‫ذات األولوية المحضة؛ على شكل برامج تنموية وخدماتية كاجابة عن مطالب الجماعة المحلية‪ .‬ثم يليها‬
‫التساؤل عن المتدخلين الفاعلين في بلورتها وانجازها ضمن إطارها الرسمي؛ طالما أن الجماعات المحلية‬
‫تشكل القاعدة األساسية للدولة‪ .‬وتمدها بمقومات وجودها من الموارد والدعم المستمر‪ .‬وبذلك تتحول‬
‫محاولة التمييز بين السياسات العامة إلى مدخل معرفي وعملي يجمع بين التصور والتطبيق‪ ،‬ليخضع في‬
‫األخير إلى التقييم والمراجعة بالنظر إلى األثار المترتبة عن تلك السياسات و التي تعكس في أولى‬
‫تقييماتها كفاءة السلطات المحلية وقدرتها على أداء واجباتها‪ ،‬تجاه المجتمع الذي يجب أن تغيره مثل تلك‬
‫السياسات لما هو أفضل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Richard Balme et Alain Faure, « Acteurs et Mobilisation des Politiques Territoriales »,‬‬
‫‪in ; Jean Vincent Holender (sous.dir): Le pouvoir : Concept, Lieux, Dynamiques, op.cit,‬‬
‫‪p.175.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Yves Surel, « Trois I », in : Laurie Boussaguet, Souphie Jacquot, Pouline Ravinet,‬‬
‫‪(sous.dir), Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit, p.650.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Emmanuel Negrier, « Du Local sans idees aux idees Territoriales en Action », in : Olivier‬‬
‫‪Giraud et philippe Warin (sous.dir), Politiques publiques et Democratie, Op.cit, 164.‬‬

‫‪160‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫اوال ‪ :‬السياسات العامة كسياسات تنموية محلية ‪:‬‬


‫يصيغ النظام السياسي برامج السياسات العامة على شكل سياسات تنموية تنفذ محليا؛ وفق رؤية‬
‫سياسية في تحديد األولويات كحاجات إجتماعية وخدماتية بالدرجة األولى؛ السيما إذا تعلق األمر بالسكن‬
‫‪‬‬
‫والشغل والتجهيزات الجماعية ‪ ،‬كالمدارس والمؤسسات الصحية ‪ ،‬واألمن وضبط النظام وبسط القانون‬
‫على مختلف ‪ ،‬ربوع اإلقليم الوطني‪ .‬لتصبح مؤسسات الجماعات المحلية واإلدارة اإلقليمية للدولة األدوات‬
‫اإلستراتيجية في تنفيذ وانجاز المشاريع التنموية المحلية‪ ،‬والقطاعية كعمل حكومي متكامل يستهدف تلبية‬
‫الطلب اإلجتماعي حسب نشاط كل قطاع وزاري في الدولة ‪ .‬يتلقى ممثلو السلطة الرسمية في الدولة‬
‫مؤشرات الحاجة المحلية كمنفعة أو كمصلحة عامة‪ .‬إنطالقا من تفاعالت اإلقليم ‪ ،‬التي تحدث بين‬
‫عناصره او بين الفاعلين والناشطين فيه‪ ،‬بغرض دراستها ومعالجتها بأبعادها المطلوبة؛ السيما من‬
‫منظورها السياسي وأثارها المحتملة على صانع القرار المركزي‪ ،‬حيث يؤدي سوء التقدير أو اإلفراط في‬
‫المعالجة إلى نتائج عكسية تتجه مباشرة إلى الطعن في شرعية متخذ القرار مهما كانت درجة مسؤوليته ‪.‬‬
‫بذلك‪ ،‬تتحول السياسات العامة إلى سياسات تنموية محلية على إعتبار أن الفضاء المحلي يصبح‬
‫مجاال للتنفيذ وقياس قدرة أداء الفاعلين ‪،‬او المشاركين مباشرة أو غير مباشرة في التصور واإلنجاز‪.‬‬
‫واألكثر منها في التقييم والمراجعة‪ .‬التشكل محددات التداخل بين المركزي والمحلي عائقا فعليا إلنتاج مثل‬
‫هذه المقاربة في تحويل الموارد وتوزيعيها كسياسات تنموية محلية ‪ ،‬إنطالقا من قمة الهرم السياسي‬
‫واإلداري في الدولة‪ ،‬بسبب الوضعية المؤسسية التي تنظم وتسير النظام السياسي‪ ،‬في كليته وفروعه‬
‫الممتدة رأسيا في الجسم اإلجتماعي للدولة‪. .‬ولفهم حقيقة السياسة العامة المحلية في إطارها الرسمي‬
‫العام؛ يبدو لنا األمر ممكنا للقيام بمحاولة دراسة وتشخيص العناصر األساسية ‪ ،‬التي تتحكم في هذه‬
‫الحقيقة من حيث المبادئ والمقتضيات والرهانات‪ .‬وصوال إلى اإلهتمام بقضايا تصنيف مواضيع‬
‫السياسات العامة ومدى تطابقها مع مصالح المجتمع المحلي ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -1-1‬مبادئ السياسة العامة المحلية ‪:‬‬


‫لكي تصل أهداف السياسة العامة وتنتقل من مستوى األفكار إلى حزمة من المنافع يجب أن تمر‬
‫عبر اإلطار المؤسساتي المحلي‪ .‬وذلك بسبب انتقال االهتمام باالقليم من النظرة القانونية واالدارية الى‬
‫‪‬‬
‫نظرة أكثر فعالية وشمولية‪ ،‬تبنى على طبيعة الخصوصيات المحلية كموارد‪ .‬لصناعة نماذج في السياسة‬
‫العامة‪ ،‬لنفس هذا االقليم‪ ،‬فال تشكل استثناءا في نشاط الدولة‪ ،‬بل قاعدة في رسم األفاق الكلية لهذه‬
‫السياسات في التنظيم والسياسة على حد سواء‪ .1‬هنا تبرز وتتضح األهمية التي تولى لها كسياسات محلية‬
‫منسجمة مع القضايا الكبرى التي تشغل السلطة السياسية‪ .‬وبالتالي تستند مثل هذه األهمية الى قواعد‬
‫ومبادئ تفسر الى حد ما الرؤية التي تقوم عليها السياسة المحلية باعتبارها جزءا من السياسة العامة‬
‫للدولة‪ .‬ويمكن االشارة الى خمسة (‪ )55‬مبادئ رئيسية فيها ‪:‬‬
‫‪ -1-1-1‬التوزيع االقليمي للموارد الوطنية ‪:‬‬
‫تعمل الدولة من خالل سيطرتها على تحصيل الموارد وتسييرها ؛على اعادة توزيعها السيما المالية‬
‫منها على الجماعات المحلية من منظور وطني بناءا على تقدير احتياجات كل قطاع نشاط ‪.‬وحسب‬
‫خصوصية الجماعات المحلية وأهميتها االستراتجية في االقليم الوطني ‪.‬عملية التوزيع االقليمي تأتي على‬
‫شكل سياسات تنموية محلية‪ .‬أي تصبح تكتسي طابع السياسة العامة المحلية من باب التضامن الوطني‬
‫وتغطية التباينات بين الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ -2-1-1‬الربط بين الشؤون المحلية والشؤون الوطنية ‪:‬‬
‫بمعنى أخر فان السياسة العامة المحلية هي قاعدة للسياسة العامة الوطنية‪ :‬فالشؤون المحلية‬
‫تتفاعل فيما بينها وتشترك وتتقاطع في مسائل اجتماعية عديدة‪ :‬فقضية السكن االجتماعي والشغل تطرح‬
‫محليا في كل الجماعات المحلية وبذلك تتصدر المشاكل الوطنية‪....‬الخ‪.‬‬
‫تضع المبادرة ‪ ،‬برسم الحلول في نطاق السياسة العامة للدولة كل مشاكل االقليم على طاولة‬
‫الدراسة والمعالجة حسب التحديد االقليمي للسلطة العامة في الدولة‪ ،‬وخاصة لدى الجماعات المحلية التي‬
‫تعاني عج از هائال في التنمية ‪ ,‬حيث تتدخل السلطات العليا للمساعدة على تجاوز صعوبات السلطات‬
‫المحلية ضمن دعم استعجالي مناسب ‪.‬‬
‫‪ -3-1-1‬العدالة االجتماعية‪:‬‬
‫تعتبر العدالة اإلجتماعية غاية السياسة في المجتمع؛ والتي تؤسس لميالد دولة الحق والقانون فإذا‬
‫كانت ميزة من ميزات السياسة العامة فإنها تأتي نتيجة للمبدأين السابقين‪ .‬ويتكرس تحقيقهما بهذا المنظور‬
‫وفق نسقين متكاملين يراعيان معطيات البيئة الوطنية والمحلية في أن واحد؛ فالنسق األول يتعلق بتطبيق‬
‫قاعدة عامة تسع كل المواطنين في التساوي في الفرص والحقوق والتشكل الحدود اإلقليمية عوائقا لها في‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ibid, p163.‬‬

‫‪162‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫ممارسة المواطنة‪ .‬والنسق الثاني يمس أليات تسيير وادارة الجماعات المحلية من حيث كونها مؤسسات‬
‫عمومية تخدم المواطن بفاعلية وشفافية واحترام‪ .‬وفي كلتا الحالتين فإن مبدأ العدالة اإلجتماعية جوهري‬
‫في ممارسة السلطة المحلية ‪ ,‬فال ينبغي أن ينحصر في الخطب واألقوال وانما يجسد في الميدان؛ والسيما‬
‫‪‬‬
‫في الم ارفق العمومية المحلية‪ .‬وهي الحالة التي ينتفي فيها الظلم واإلستغالل والقهر والحرمان ‪ ،‬من الثروة‬
‫أو السلطة او من كلتيها)‪ (...‬وتنعدم فيها الفروق الغير مقبولة إجتماعيا بين األفراد والجماعات واألقاليم‬
‫‪1‬‬
‫داخل الدولة‪.‬‬
‫‪ -4-1-1‬حل المشاكل العمومية المحلية ‪:‬‬
‫القيمة ألي عمل سياسي أو إداري ‪ ،‬إذا لم يتمكن من مجابهة المشاكل وايجاد الحلول المالئمة‬
‫لها‪ .‬ترمي السياسة العامة المحلية من حيث ‪ ،‬انها نشاط رسمي تقوم به المؤسسات الى تذليل الصعاب‬
‫وتبسيط االجراءات‪ ،‬والتقليل من التعقيدات اليومية لتحقيق السير العادي لها‪ .‬القيام بهذه المهمة لن يتاتى‬
‫اال ضمن االطار الشرعي المناسب الذي يشترك فيه المواطن مع المسؤول المحلي في البحث عن انجع‬
‫االساليب وافضلها لحل مشاكل المجتمع المحلي‪ .‬اال انه رغم التعقيدات المحيطة بها‪ ،‬فان المبادرة نحو‬
‫تشخيص الحلول تعتبر مقدمة مبتكرة في فهم السؤال االجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -5-1-1‬شرعنة دور الدولة السيادي ‪:‬‬
‫لعل ابرز مبدا في هذا المحور هو دور الدولة االستراتيجي والفاعل في بلورة السياسات‪ ،‬وتلبية‬
‫حاجيات المجتمع‪ .‬لم تؤثر التحوالت السياسية والظروف االنتقالية من الحد من فاعلية هذا الدور‪.‬‬
‫فالسياسة المحلية التي تنفذها الجماعات المحلية او تنفذها الدولة في اقليم الجماعات المحلية ؛ تبقى في‬
‫النهاية نابعة عن االرادة السياسية للدولة ‪ ،‬في تحديد االولويات وتخصيص الموارد الضرورية لالدارة‬
‫والتسيير‪ .‬كما ياتي عمل الدولة سابقا عن عمل االفراد او المجتمع‪.2‬‬
‫ذلك نتيجة تمكن الدولة من احتكار القرار السياسي وموارده وال تسمح لفاعلين اخرين ولو بصفة‬
‫ثانوية في المشاركة في بلورة السياسات وتنفيذها؛ وان تدخلت اطراف معينة الى جانبها او جماعاتها‬
‫المحلية‪ ،‬فان الدولة تحتفظ بوضعية امتيازية غير قابلة للمساواة مع غيرها من حيث االشراف والمراقبة‬
‫والتقييم والمراجعة خدمة للصالح العام ‪.‬‬

‫‪-1‬عبد الغفار شكر‪ " ،‬العدالة االجتماعية في الوطن العربي في ضوء االخفاق التنموي والديمقراطي واالمني "‪ ،‬المستقبل‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪( ،441‬جوان ‪ ،)2511‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Sara Casella Colombeau, « Types des Politiques Publiques ». in : Laurie Boussaguet,‬‬
‫‪Sophie Jacquot, Pouline Ravinet (sous.dir) : Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit,‬‬
‫‪p658.‬‬

‫‪163‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -2-1‬مقتضيات السياسة العامة المحلية‪:‬‬


‫تحتاج السياسة العامة المحلية التي اطرتها المبادئ المذكورة اعاله؛ الى شروط موضوعية تعمل‬
‫على ادماج تلك المبادئ والمرجعيات ضمن سياقها الطبيعي‪ .‬بغرض تحقيق االهداف والغايات المخططة‬
‫‪‬‬
‫من اي نشاط رسمي وعام موجه صوب القاعدة االجتماعية للدولة ‪ .‬فال ينبغي ان تتم اعادة صياغة‬
‫برامج السياسة العامة بما يناقض تلك المبادئ ‪ .‬يفرز البناء المؤسساتي للجماعات المحلية في النموذج‬
‫الجزائري آليات معينة الستنتاج مقتضيات تساعد على الفهم والدراسة عند البحث عن فعالية التصورات‬
‫المبدئية التي اوجدت مضامين السياسة العامة المحلية بخلفيتها المركزية ؛ ومعالجة الشؤون المحلية‬
‫كشؤون عامة تتوالها المؤسسة المؤهلة لذلك‪ .‬وبالتالي فالمقتضيات تكون وليدة المقاربة الكلية التي يقدمها‬
‫النظام السياسي عبر السلطات المحلية التي يراسها الوالي؛ عند دراسة قضايا السياسة العامة المحلية‬
‫ومشاكلها‪ .‬ويمكن ذكر اربعة (‪ )54‬عوامل اساسية تشكل مجتمعة مضمون المقتضيات التي تحتاجها‬
‫السياسة العامة المحلية حيث تتوسط المبادئ والرهانات التي تسعى الى انجازها ميدانيا ‪.‬‬
‫‪ -1-2-1‬مركزية االختيار وترتيب االولويات ‪:‬‬
‫تضبط الدولة برامج السياسة العامة حسب كل قطاع‪ ،‬انطالقا من المعلومات االحصائية التي‬
‫تجمعها من‪ /‬عن الجماعات المحلية وتلك التي تقدمها مصالحها الخاصة عن كل االنشغاالت و القضايا‬
‫التي تشغل الراي العام المحلي‪ .‬والتي قد يؤدي تماطل معالجتها الى تهديد االمن العام وزعزعة استقرار‬
‫المجتمع‪ .‬فطالما ان صياغة محاور السياسة العامة تتم مركزيا وبدور الفت لالجهزة التنفيذية فانه لم يبقى‬
‫للسلطات المحلية اال صياغة اخرى‪ ،‬ثانوية تتعلق بضبط وترتيب االولويات المحلية على المستوى الوالئي‬
‫والبلدي‪ ،‬على شكل اقتراحات اولية سرعان ما تتعرض للتعديل او حتى التغيير الكلي ‪ ،‬من طرف لجان‬
‫التحكيم التي يهيمن عليها الوالي‪ ،‬ورئيس الدائرة قبل الوصول الى تحديد الحصة المالية المناسبة لكل‬
‫بلدية؛ تحت ضغط ندرة الموارد وتزايد المطالب ‪.‬‬
‫‪ -2-2-1‬فعالية المؤسسة الرسمية‪:‬‬
‫تلعب المؤسسة الرسمية بكل مستوياتها دو ار حيويا في ادارة السياسة العامة المحلية‪ ،‬والسيما ادارة‬
‫الجماعات المحلية واالدارة االقليمية للدولة‪ .‬اذ تستمد فعاليتها بالدرجة االولى من شرعية كفاءتها و خبرتها‬
‫الناتجة عن قوة نخبها المسيرة والمبدعة في التصور واالشراف والتقييم‪ .‬وهي كما نرى تتويج لكفاءة العامل‬
‫البشري فيها والذي يسطيع تدبير الحلول بكلفة اقل وفي زمن قياسي‪ .‬كما تحتاج المؤسسة المحلية لتعزيز‬
‫فعاليتها الى مشاركة مجتمعية منظمة ومنظبطة ومندمجة في العمل العمومي؛ ذي المنفعة العامة‪ .‬اال انه‬
‫يالحظ ان عامل الفعالية غالبا ما يتعرض الى عراقيل وضغوط من مركز القرار االداري للحد من انتشار‬
‫مصداقية تلك الفعالية المبنية على قوة الطرح وااللتزام لدى بعض النخب المحلية‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -3-2-1‬تحسين مردودية العمل العمومي ‪:‬‬


‫يجعل تنفيذ السياسة العامة المحلية الفاعلين الرسميين‪ ،‬في امتحان حقيقي لتحسين ادائهم‬
‫العمومي بالنظر الى تعقيدات المحيط وضغوط المطالب المجتمعية؛ امام شح الموارد وعدم كفايتها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫يحاول هؤالء الممثلون للسلطات السياسية باالساس ‪ ،‬الظهور كمتحكمين مقتدرين في مهامهم الوظيفية‪.‬‬
‫مما ينعكس آليا على انجاز عملهم العمومي؛ سلبا او ايجابا‪ .‬لكن جدية العمل العمومي ومردوديته تقاس‬
‫فعال بمدى حركية المؤسسة الرسمية‪ ،‬واستقالليتها من الضغوط المصلحية‪ ،‬لجماعات المصالح والنفوذ‪.‬‬
‫وكذا مدى قدرة وكفاءة القائمين عليها‪ ،‬تجاه المسؤوليات الملقاة على عاتقهم لخدمة قضايا المجتمع‬
‫المحلي التي كلفوا من اجلها‪.‬‬
‫‪ -4-2-1‬اختبار نجاعة آليات المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية ‪:‬‬
‫حقيقة طورت االنظمة الديمقراطية في المجتمعات المعاصرة ‪ ،‬آليات مشاركة مجتمعية فعلية‬
‫وفاعلة استحدثت هويتها‪ ،‬ضمن مايسمى بالديمقراطية المحلية بكل نماذجها وأدواتها‪ ،‬بعد أن سارت‬
‫لعشرات السنين خطوات متدرجة في تطبيق المركزية محدودة ‪ .‬لقد كشفت آليات صنع السياسة المتبعة‬
‫في النموذج الجزائري انها حتى وان تبنت في ثناياها امكانية المشاركة الديمقراطية ‪ ،‬في عقلنة االختيارات‬
‫الكبرى للتنمية المحلية‪ .‬اال انها تعوزها الجدية الالزمة‪ ،‬لتجاوز النظرة المركزية الشديدة في ادارة الشؤون‬
‫العامة المحلية‪ .‬مما يظلل مؤشرات قياس العمل العمومي كمحدد اساسي في تعبئة الموارد ورسم البرامج‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬الزالت قضية المشاركة مستبعدة كليا في ذهنية المسؤولين الرسميين؛ اال في حاالت استثنائية‬
‫ومستعجلة محركها الضغط او االحتجاج ‪ ...‬وهو منطق غير سليم ‪ ،‬ال يعتمد لبناء برامج سياسة عامة‬
‫تعبر عن واقع المجتمع‪ .‬وانما تساهم في توسيع الهوة بين المواطنين والجماعة المحلية‪ ،‬وتؤجل المباد ارت‬
‫المبدعة الى مواعيد غير معلومة‪...‬‬
‫‪ -3-1‬رهانات السياسة العامة المحلية ‪:‬‬
‫تتماشى اهداف السياسة العامة المحلية مع مقاصد المصلحة العامة التي ترسمها القوانين وتنظمها‬
‫االجراءات العملية ‪ .‬فال يمكن للمؤسسة المحلية ان تتخلى اراديا او تجاو از عن دالالت المصلحة العامة‬
‫المحددة مسبقا من قبل السلطة السياسية المركزية والتي تملك وحدها شرعية تعريفها ووسائل تحقيقها‪ .‬وهنا‬
‫تتولى السلطات المحلية؛ السيما والة الجمهورية ورؤساء المجالس الشعبية المحلية(البلدية) ‪ ،‬اتخاذ التدابير‬
‫التقنية لوضعها موضع التنفيذ ‪ .‬ونتيجة التفاعالت التي تزخر بها البيئة المحلية؛ تبدو تلك االهداف‬
‫رهانات كبيرة تغلب عليها النزعة االحتمالية‪ ،‬اكثر من يقينية المسعى وفعاليته نظ ار لحدة التداخالت التي‬
‫تطبع عمل االنساق والفاعلين في كل عملية من عمليات التدرج الرئاسي التي يحتاجها مسار انجاز‬
‫الرهانات المعلنة؛ والتي يمكن ذكر بعض اهمها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -1-3-1‬التنمية المستدامة واالستقرار االجتماعي ‪:‬‬


‫يبدو الترابط الوظيفي بين متغيري التنمية واالستقرار االجتماعي واضحا اللغاية‪ .‬فاالضطراب‬
‫والفوضى وعدم االستقرار‪ ،‬عوامل سلبية التساعد على تنمية المجتمع‪ .‬لذلك يجب االهتمام بتعزيز فرص‬
‫‪‬‬
‫االستقرار المتاحة من خالل توجيه المجهود التنموي نحو خدمة القضايا ذات البعد االستراتيجي التي‬
‫يتقاسمها اغلبية افراد المجتمع؛ ذات االنتاجية الحسنة على اعادة تفعيل مقومات الجماعة المحلية‪ .‬اي‬
‫االتجاه نحو استم اررية اعادة انتاج القيم المبدعة في الحفاظ‪ ،‬على المكاسب وتجاوز العراقيل من منظور‬
‫حاجة الجماعة المشتركة‪ ،‬وتحويلها الى سلوك وتصرفات دائمة ‪ ،‬تدفع دفعا لتعظيم المنافع والتقليل من‬
‫المشاكل‪ .‬مما يخفض من تكاليف العيش المشترك‪ ،‬باالقتصاد في موارد الجماعة ‪ ،‬وصيانة شروط‬
‫االستقرار االجتماعي المبنية على تكافل عضوي وبنيوي في حركية العالقات االجتماعية؛ والتي قد تتكيف‬
‫مع مستلزمات التنمية المستدامة‪ .‬ومنها ينتقل الرهان من امنية محتملة الى انجاز مكرس ميدانيا‪ ،‬نتيجة‬
‫توافق ارادة الجماعة مع اهداف الرهان المتعدد االبعاد‪.‬‬
‫‪ -2-3-1‬االستثمار في امالك الجماعة وتحرير المبادرة االقتصادية المحلية ‪:‬‬
‫لعل ابرز قضية تاتي في مقدمة االهداف التي تحققها السياسة العامة المحلية هي محاولة التركيز‬
‫على توفير التخصيصات المالية الالزمة من الموارد الخاصة بالجماعات المحلية بعيدا عن الدعم‬
‫الحكومي‪ .‬النها تملك عدة مصادر وامكانيات منتجة للمداخيل نائمة وغير مستغلة اقتصاديا؛ كالعقارات‬
‫ومناطق النشاط االقتصادي والسياحي‪ .‬كما ان الوصاية الشديدة تعيق الجماعة المحلية عن اداء دورها‬
‫االقتصادي كمتعامل عمومي يبحث عن الربح لتمويل سياستها المحلية‪ .‬اي تنتهج النجاعة االقتصادية في‬
‫التعامالت التسييرية مع باقي الفاعلين االقتصاديين‪ .‬ان اسلوب االدارة الذي تعتمده الجماعة المحلية ال‬
‫يوفر المناخ المناسب لالعمال واالستثمار المنتج بسبب هيمنة الروح البيروقراطية في التقدير والنشاط على‬
‫النخب المحلية التي استكانت مرغمة الى مقتضيات المنطق االداري الثقيل ‪.‬‬
‫‪ -3-3-1‬توسيع قدرات السلطات المحلية المنتخبة في التقرير واالستشراف‪:‬‬
‫قاصر‪ ،‬اذا لم يتمتع المنتخبون‬
‫ا‬ ‫يبقى اشراك الجماعات المحلية في تقرير السياسة العامة للدولة‬
‫المحليون بصالحيات حقيقية في التعبير والتمثيل عن المصالح المحلية؛ وتبني االقتراحات العملية االكثر‬
‫نجاعة في حل المشاكل؛ بل ومنحهم االطر المناسبة للتسيير التقديري والتوقع االستشرافي طوال مدة‬
‫العهدة االنتخابية‪ .‬مما يضفي على حركة المؤسسة المحلية الدقة في التشخيص والتحليل والمعاينة‬
‫لمختلف المشاكل العمومية؛ بطريقة استباقية قبل ان تتعقد ويصعب حلها‪ .‬وهذه القدرة على التنبؤ تتعزز‬
‫اكثر اذا ما حاولت النخب المسيرة اشراك الخبرات العلمية والمهنية ‪ ،‬في تزويدها بمنهجية عمل علمية‬
‫وذات مردودية عالية؛ تمكنها من بناء مؤشرات اتصالية للمساعدة في اتخاذ القرار الرشيد‪ .‬فالمعلومة‬
‫االحصائية مهمة جدا في فهم المطالب المجتمعية وفرزها طبقا لقواعد البحث العلمي في الميادين‬
‫االجتماعية‪ .‬ورغم ان هده القدرات تقرها القوانين اال ان شدة الوصاية المفروضة على الجماعات المحلية‬

‫‪166‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫بشقيها االداري والسياسي تجعلها مكبلة وذات فعالية مصادرة وعلى اقل تقدير محدودة جدا بالنظر الى‬
‫ماهو مطلوب واقعيا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجماعات المحلية كإطار تحليل للسياسة العامةالمحلية‪:‬‬
‫‪‬‬
‫يعمل النظام السياسي عبر تفعيل نسقه اإلداري عند أي محاولة لدراسة أو معالجة المشاكل التي‬
‫تظهر في اإلقليم الوطني‪ .‬ويمنح في سبيل ذلك صالحيات وظيفية مهمة للسلطات المحلية للنشاط‬
‫والتحرك بغرض اتخاذ الحلول األكثر شرعية ‪ ،‬وفعالية لمواجهة األمور؛ حيث يشرف الوالي على تجنيد‬
‫الموارد وتعبئتها رفقة اإلطارات المحلية واعادة توزيعها بما يناسب المطالب المطروحة‪ .‬إذا كانت‬
‫الدولة بمفهومها الواسع‪ ،‬تتبنى سياسات عامة كلية تغطي كل أوجه النشاط فيها؛ فإن الجماعات المحلية‬
‫تأتي علي رأس وفي جوهر مواضيع تلك السياسات‪ ،‬وذلك بسبب أهمية وضرورة وجود الدولة في إقليم‬
‫الجماعات المحلية أكثر من تعابير هذا الوجود الرمزي على المستوي المركزي؛ وهذا في تقديرنا تبرره عدة‬
‫عوامل ؛ولعل أبرزها سببين رئسيين هما كما يلي‪:‬‬
‫االول‪ :‬موقع الجماعات المحلية في البناء المؤسساتي والدستوري في الدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الثاني‪ :‬اإلطار المرجعي الذي تصنع فيه السياسات العامة إذ يعطي أولوية للعمليات‬ ‫‪-‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫اإلطار التأسيسي في الضبط والتنظيم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مركزية دور الدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السياسات االجتماعية كأسلوب لشرعنة السياسة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وبالتالـ ـي‪ ،‬فالجماعات المحلية باعتبارها تمثل نموذجا سياسيا واداريا في دولة ذات نظام ال‬
‫مركزي‪ ،‬تصبح أكثر تأهيال من الناحية العلمية والعملية التخاذها إطا ار محدد المعالم ومضبوط العناصر‬
‫ضمن الحقل الدراسي‪ .‬فهذا اإلطار الدراسي والتحليلي يتوفر على المسوغات المدخلية التي تقتضيها كل‬
‫سياسة عامة سواء كانت محلية أو وطنية ؛ أو كلية أو جزئية‪ .1‬وذلك ضمن العناصر التالية ‪:‬‬
‫السياسة العامة كنشاط مؤسسي ‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫السياسة العامة كتوازن بين الجماعات ‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫السياسة العامة كتفضيل نخبوي ‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫السياسة العامة كمخرج للنظام السياسي ‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫السياسة العامة انجاز كفء للهدف ‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫السياسة العامة امتداد معدل للماضي‪.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كمال المنوفي‪« ،‬السياسة العامة وأداء النظام السياسي" في‪ :‬علي الدين هالل(محرر)‪ ،‬تحليل السياسات العامة‪:‬‬
‫قضايا نظرية ومنهجية‪( ،‬مصر‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪ ، )1911 ،‬ص ص ‪11-11‬‬

‫‪167‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫باإلضافة إلى عنصرين آخرين يتحكمان بصفة شرطية في طبيعة وجود تلك المسوغات أال وهما‪:‬‬
‫عامل الشرعية‬ ‫‪-‬‬
‫المصلحة العامة‬ ‫‪-‬‬
‫‪‬‬
‫ال يمكن النظر إلي الجماعات المحلية‪ ،‬كدائرة إدارية مغلقة أو مؤسسات خدماتية معزولة عن‬
‫تأثيرات البيئة‪ ،‬أو أدوات تنفيذية لمستويات عليا من السلطة الرئاسية بل بالعكس تماما‪ ،‬هي ذات نظام‬
‫مفتوح ومتفاعل ‪,‬تتحكم فيه متغيرات عديدة يأتي في مقدمتها حجم الموارد المخصصة وقدرة التسيير‬
‫اإلبداعي لدى النخب المحلية ومدى حركية المجتمع المحلي في المطالبة والطرح والمتابعة والتقويم ‪.‬‬
‫العامة‬ ‫يرى توماس داي‪ Tomas Dye‬أن علم السياسة يتضمن أيضا دراسة السياسة‬
‫كمضمون‪ ،‬يحلل القوى المجتمعة والضاغطة والخطوات اإلجرائية والمؤسسية التي تمر بها والنتائج التي‬
‫تترتب عنها‪ ،‬سواء على النظام السياسي‪ ،‬أو على المجتمع المستفيد‪ ،‬إضافة إلى األعراض الجانبية غير‬
‫المتوقعة التي تنجم عنها‪ 1.‬يتجه االهتمام بالسياسة العامة إلى توسيع دائرة مواضيع السياسة‪ ،‬أي البحث‬
‫عن األدوات الممكنة الختيار المطالب والتعبير عن المصالح في وجه الحكام المكلفين بها نيابة عن‬
‫المواطنين‪ .‬فتحليل السياسة العامة كما يرى آخرون؛ تعني ترجمة السياسة والدولة على نتائج تلك‬
‫السياسات العامة أكثر منها وظيفة للعبة إستراتيجية السلطة‪ 2.‬ال يمكن الفصل بين اإلطار المعياري‬
‫النظري واإلطار الواقعي المهني‪ ،‬أثناء القيام بتحليل عناصر السياسات العامة المحلية‪ ،‬وذلك تحسبا‬
‫لآلثار السلبية التي قد تحدث في التنفيذ (أو ما يسمى التغذية العكسية )‪.‬فتوفر المعلومات الدقيقة‬
‫والكفاءة والرؤية التقديرية‪ ،‬تجنب المؤسسات المحلية الكثير من المشاكل‪ ،‬حتى إن كانت الموارد غير‬
‫كافية‪ ،‬الن المعايير المتخذة راعت بعقالنية قيم العدالة االجتماعية واألولويات المرتبة ترتيبا يقوم على‬
‫المصلحة العامة ‪ ،‬وهو أسلوب ينم عن قدرة الفاعل الرئيسي في استمالة باقي الفاعلين ‪،‬واألطراف باإلقناع‬
‫على قبول السياسات العامة المحلية شكال ومضمونا‪ ،‬وحتى وان كانت الصورة مثالية‪ ،‬فإنها تبدو إمكانية‬
‫نموذجية غير مستحيلة الوقوع ‪.‬‬
‫يكتسي تحليل السياسات العامة الخصائص التالية‪:3‬‬
‫تحليل التفاعالت بين الفاعلين العموميين والفاعلين الخواص‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تحليل من منظور المشاكل العامة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تحليل مقارن ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ -1‬جيمس أندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪( ،‬ترجمة‪ :‬عامر لكبيسي)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Peter Knoepfel (et autre), Analyse et pilotage des politique publiques ; (France,‬‬
‫‪Suisse, Canada, presse de l’université du quebec.2015), p 34.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ibid, p. 32.‬‬

‫‪168‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫تبرز أكثر فأكثر فعالية دور الجماعات المحلية في إمداد السلطة المركزية بالمؤشرات االجتماعية‬
‫واالقتصادية الحقيقية‪ ،‬التي تتضمن القراءات المنسجمة مع الخصوصيات التنموية التي يزخر بها اإلقليم‪،‬‬
‫على ضوء اإلخفاقات المسجلة أو تزايد حجم المطالب المحلية لدى المواطنين إلى السلطات المحلية‪،‬‬
‫‪‬‬
‫بغرض تبنيها أو في أحسن األحوال مراجعتها والرد المناسب عنها‪ ،‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬قد يعمل إطار‬
‫التحليل المراد استغالله واقعيا ومهنيا على بلورة سياسات عامة محلية‪ ،‬انطالقا من إمكانيات الجماعة‬
‫واالستثمار فيها في حدود ما تسمح به التشريعات‪ ،‬بغرض التخفيف من التبعية المالية للدولة ‪،‬وادخال‬
‫فاعلين منتجين للثروة والقيم‪ ،‬لتجاوز النظرة المصلحية الضيقة التي تربط األفراد بهذه الجماعات المحلية‪.‬‬
‫ما يتم السعي نحوه ‪،‬هو االبتعاد المنهجي عن الشروحات المستفيضة أو القراءات التأملية حول‬
‫واقع السياسات العامة المحلية التي قد ال تتعدى المراحل اإلجرائية في التنفيذ‪ ،‬أي تحويل إطار التحليل‬
‫القائم على التنازالت المركزية أو الفوقية – رغم أهميته‪ -‬إلى إطار مؤسسي مبدع ينشط بناء نماذج سياسة‬
‫عامة محلية واقليمية صاعدة‪ 1.‬من دون تدخل مباشر من الدولة من أجل تحسين صنع السياسات العامة‬
‫وتحسين أدائها وتنفيذها وتقييم أثارها ونواتج مضاعفاتها‪ 2.‬وبالتالي إتخاد الجماعات المحلية كوحدة تحليل‬
‫متعددة االنساق في عالقاتها مع الدولة‪ .‬وكثرة التفاعالت المجتمعية يقتضي الوقوف على أهم المتغيرات‬
‫التي تتشكل منها مواضيع التحليل‪ ،‬والتي تعبر من خالل تكاملها الوظيفي‪ ،‬ضمن نفس البنية المحلية عن‬
‫الحقيقة االجتماعية‪ ،‬واآلثار الناتجة عن حراك الفاعلين فيها بحثا عن أرشد السياسات وأفضلها للمجتمع‬
‫المحلي‪.‬‬
‫‪ -1-2‬ترقية السياسات العامة كمدخل للحكامة المحلية ‪:‬‬
‫إن المتمعن في السياق التاريخي الذي ظهرت فيه ''السياسات العامة '' كمفهوم مركب‪ ،‬يجمع بين‬
‫الغاية والوسيلة‪ ،‬من حيث أنها مطالب مجتمعية قدمت لمركز النظام الرأسمالي والديمقراطي في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية ‪,‬تستوقفه نقطة مهمة جدا‪ ،‬تشكل قوة أو ضعف أي نظام سياسي‪ ،‬وهي االهتمام‬
‫بالمصلحة العامة والعدالة االجتماعية‪ ،‬وبالتالي إعادة توجيه تلك السياسات نحو المجتمع وال ينبغي أن‬
‫تستهدف فئات معينة دون أخرى ‪ .‬يساعدنا مسار التحليل الحديث الذي تولد عن الصياغات المبتكرة التي‬
‫نتجت عن توسيع تكريس الطابع العمومي للسياسة؛ إلى اعتبار أي جهد حكومي نحو تلبية بعض‬
‫االنشغاالت إنما يندرج ضمن قولبة منهجية خاصة تقوم على اإلحاطة الشاملة بامتدادات المشكل‬
‫العمومي‪ .‬وفي نفس الوقت انتهاج اآلليات األكثر فاعلية ورشدا في بلورة الحلول المناسبة له‪ .‬وتكون هذه‬

‫‪1‬‬
‫‪-Thierry Berthet, «Les Enjeux‬‬ ‫‪de l’Evaluation Territoriale des‬‬ ‫‪Politiques Publiques »,‬‬
‫‪informations sociales,n°150,( 2008/6), p 7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬السيد عبد المطلب غانم‪« ،‬االقترابات واألدوات الكيفية والكمية في تحليل السياسات العامة» في‪ :‬علي الدين هالل‪:‬‬
‫تحليل السياسات العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪169‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫المقاربة أكثر وضوحا على الصعيد المحلى أو اإلقليمي‪ ،‬خصوصا إذا كانت مقتضيات الديمقراطية‬
‫المحلية سائرة على خطي متوازنة وثابتة ومعتمدة فك ار وممارسة‪.‬‬
‫وصف السياسات العامة‪،‬على المستوى المحلي ''بالترقية''؛ ال يجب أن يفهم على أنه تصو ار‬
‫‪‬‬
‫قاصرا؛ ويتحرك من المركز إلى المحيط‪ ,‬بل بالموازاة مع حيوية اإلطار العام الذي تقرر فيه السياسات‬
‫يجب موائمته مع نموذج الجماعات المحلية الذي يكاد يتجاوز اإلطار التجريدي الذي تقع فيه خطب‬
‫السياسة‪ .‬إلى تبني ثقافة الحكامة الرشيدة التي تنتهج نمطا تسييرياعقالنيا وغير مكلف في إدارة وتنظيم‬
‫الشؤون المحلية ؛ يتسم بالمرونة في تحديد أهدافه أو نتائج سياساته المحلية ‪.‬‬
‫تفسر العالقة الترابطية القائمة بين السياسات العامة المحلية ونموذج التسيير القائم في الجماعات‬
‫‪1‬‬
‫المحلية على الضوء السمات األساسية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة تعبير عن اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬تعلن أهداف مباشرة وأخرى غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬تحدد السياسات العامة سلميات(‪ )hiérarchies‬وأولويات في التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة كاختيار ال يمكنها إرضاء الجميع‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة العامة لها مدة وتقييم مالي‪.‬‬
‫‪ -‬كل سياسة عامة تقتضي تسيير خاص‪.‬‬
‫السياسات العامة هي شرط للحكامة الجيدة‪ ،‬وهي بدورها رهينة الديمقراطية السياسية؛ التي تبني مشروعا‬
‫السياسات العامة‪.‬‬ ‫تنمويا‪ ،‬ومجتمعيا متكامال‪ .‬باإلضافة إلى الشروط المؤسساتية والتنظيمية إلدارة‬
‫تستطيع الرؤية المتدرجة استطالع جوهر التوظيف العملياتي للمتغيرات المشتركة لكال القطاعين‬
‫(السياسة العامة والحكامة) على اعتبار أن الخلل الذي يعتري أي نسق فيهما إنما يمتد تأثيره إلى‬
‫النظام المحلي وبالضرورة يؤثر على النظام الوطني‪ ،‬كما يعني أن مبررات هذا االهتمام تأخذ جدواها من‬
‫نجاعة السياسات المحلية بالنظر إلى الطرف المستفيد منها‪ ،‬أو الذي ساهم في صنعها وتنفيذها‪ .‬أو‬
‫باألحرى ‪ ،‬اعتماد التحليل المعاصر في العلوم السياسية الذي يركز على االنتقال من الحكومة إلى‬
‫الحكامة وذلك عبر هندسة ثالث اقتراحات رئيسية ‪ :2‬وهي ‪:‬‬
‫‪ )1‬تحرير الوظائف الحكومية وتحويلها إلى الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ )2‬خوصصة جزئية للقرار ( إشراك األفراد والجماعات)‪.‬‬
‫‪ )3‬عدم تسييس العمل العمومي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Mohamed Cherif Belmihoub, « Modèle de Gouvernance et Collectivités Territoriales »,‬‬
‫‪op.cit, pp.30-31.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Yves Surel, « Qui gouverne les politiques publiques ? », in : jean Vincent Holeindre,‬‬
‫‪Lepouvoir, Op.cit, p.158.‬‬

‫‪170‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫إذن‪ ،‬تساهم السياسات المحلية بنشاط في تحويل العمل العمومي على أساس حكامة متعددة‬
‫المراكز ‪)Gouvernance polycentrique) 1.‬‬
‫تؤدي مشاركة الجماعات المحلية الدولة في رسم السياسات العامة إلى التخفيف من الضغوطات‬
‫‪‬‬
‫الالمتناهية على المركز السياسي فيها‪ ،‬وتحميل المسؤولية النخب المحلية بشقيها المنتخبة واإلدارية في‬
‫المبادرة واإلعداد و اإلشراف‪ .‬وبالنتيجة الدفع بالرأي العام المحلي إلى البحث عن االطر المالئمة‬
‫للمساهمة في اتخاذ القرار وال سيما مع تطور أساليب الديمقراطية المشاركاتية ‪.‬‬
‫تثير السياسات العامة وفق هذا المنظور قضايا اإلقليم وعالقته بالسلطات المحلية في مجال‬
‫العمل العمومي‪ ،‬الذي يكتسي طابعا جماعيا على ضوء معاينة مزدوجة بين التشخيص واالقتراح‪ .‬فمشاكل‬
‫اإلقليم تدرس وتحل محليا واليقبل تمركزها ‪ ،‬من دون أبعاد إستراتيجية ال يطاق حملها إقليميا أو محليا‪.‬‬
‫تحدد السياسات العامة على ضوء ظهور مبادئ الحكامة وفق خمسة (‪ )55‬عناصر جديدة هي ‪:2‬‬
‫‪ )1‬مجموعة من األنشطة والمشاريع الحقيقية التي ترتكز على رؤية استراتيجة ذات معنى لدى مختلف‬
‫الفاعلين‪.‬‬
‫‪ )2‬مجموعة من األطراف أو مجموعة أفراد أو جماعات أفراد؛ المهتمين أو المتأثرين بمصير العمل‬
‫العمومي‪.‬‬
‫‪ )3‬شكل من الحكامة من الصنف التعاقدي‪ ،‬على األقل مشاركاتي أو موجه يأخذ دائما صيغة‬
‫الشبكة‪.‬‬
‫‪ )4‬انجازات ووسائل تسمح في منطق المحاسبة بتقييم السياسات العامة من منظور الفعالية كأهداف‬
‫منجزة‪ ،‬وكذلك الفاعلية واآلثار‪.‬‬
‫‪ )5‬محيط إقليمي ومؤسساتي يحدد من هم الفاعلين المشاركون‪ ،‬والمتأثرين بالسياسة المعنية‪.‬‬
‫لكن رغم جديد التطورات التي تعرفها أنظمة الجماعات المحلية في العالم‪ ،‬والسيما النماذج‬
‫األوروبية‪ ،‬تبقى الحالة الجزائرية عاجزة عن رسم سياسات عامة محلية من دون اللجوء إلي الدولة عبر‬
‫إدارتها اإلقليمية التي تحتل اإلقليم المحلي‪ ،‬في مختلف مراحل السياسة العامة التي تضعها الدولة‬
‫تحت إشراف الوالي‪ .‬مع المالحظة كذلك أن إثارة المقاربة المشاركاتية في القرار أو الحكامة المحلية‬
‫في صياغة مشاريع السياسية العامة‪ ،‬لم تؤثر كثي ار في الحياة المحلية‪ .‬وتبقى اإلدارة العامة هي‬
‫صاحبة الرأي الفصل في انتاج الحلول ودراسة القضايا المحلية‪’،‬فهي الفاعل الرسمي الرئيسي في‬

‫‪1‬‬
‫‪-Richard Balmie, et Alain Faure, « Acteurs et Mobilisation des Politiques Territoriales », in‬‬
‫‪jean Holeindre, le pouvoir, op.cit, p181.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Yves Chappoz, Pierre Charles Pupion, « Une Nouvelle Gouvernance et de Nouvelles‬‬
‫‪Politiques‬‬ ‫‪Publiques Territoriales », Gestion et Management Public, vol 2,1, n°02,‬‬
‫‪(2013/4), p.3.‬‬

‫‪171‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫العملية من دون منازع‪ ،‬وفي حالة حدوث احتجاج شعبي يضطر المركز إلى مساندة ودعم اإلدارة‬
‫المحلية ومنحها التخصيصات المالية الالزمة لتسوية المشاكل حسب ما تفرضه الظروف‪.‬‬
‫‪ -2-2‬أنماط السياسة العامة المحلية ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫يخضع تصنيف السياسات العامة المحلية لنفس التصنيف الذي ينظم السياسة العامة في الدولة‬
‫وفق منطق التحليل النسقي أو النظمي الذي بناه ديفيد أستون‪ ،D .EASTON‬وهي نمذجة معيارية‬
‫مثالية يقاربها بعض الباحثين مثل‪:‬جون لوي تيودور‪ Jhon lowi theodor‬على منوال‪ :‬النموذج‬
‫البيروقراطي المثالي الذي أنجزه ماكس فيبر‪ Max Weber‬يطالب جون لوي تيودور بدراسة الدول من‬
‫منطلق مضمون السياسات العامة لفهم حقائق أبنية السلطة و طبيعة الفاعلين السياسيين وتعريف تصنيف‬
‫نموذجي للهيئات العامة هدفه "إستنظام"‪ systématiser‬دراسة السياسات العامة وشرعنة تحليلها كعلم‬
‫استقصائي ‪ prédictive‬والتأثير على أصحاب القرار السياسيين‪ ،‬يمنح الدولة حق اإلكراه بصفة خاصة‬
‫مع االعتراف بدور ثانوي لباقى الفاعلين‪:‬‬
‫يكشف الباحث نفسه؛ جون لوي تيودور أن لكل دولة أسالبيها الخاصة في السياسات العامة‬
‫والتي تتمايز بطغيان صنف على حساب أخر أو بتناسق خاص بين كل هذه النماذج ‪.‬والتي يصنفها إلى‬
‫‪1‬‬
‫أربعة نماذج ‪:‬‬
‫‪ )1‬السياسات التوزيعية ‪politiques distributives‬‬
‫‪ )2‬السياسات الضبطية ‪politiques regulatoires‬‬
‫‪ )3‬السياسات البنائية ‪politiques costitutives‬‬
‫‪ )4‬سياسات إعادة التوزيع ‪politiques redistributives‬‬
‫يعيد تصنيف نموذجي اخر لصاحبه لو ار كرام ‪ Laura Cram‬االحتفاظ بالثالثة نماذج االولى‬
‫‪2‬‬
‫من تصنيف جون لوي تيودور‪ .‬واقتراح نوع أخر من السياسات العامة يعرف بالسياسات الرمزية‪.‬‬
‫‪ Politiques symboliques‬يعتبر هذا التصنيف الذي أنجزه ‪ Jhon lowi Theodor‬مرجعا في‬
‫تحليل السياسات العامة‪ ،‬الكلية والجزئية‪ ،‬ويعتمد عليه في محاولة دراسة السياسات المحلية‪ ،‬كإطار‬
‫للبحث والمقارنة والقياس‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أعاد باحث أخر صياغة تلك النماذج على النحو التالي‪:‬‬
‫السياسات االستخراجية‬ ‫‪.1‬‬
‫السياسات التوزيعية‬ ‫‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Sara Casella Colombeau, « Types des Politiques Publiques », in : Laurie Boussaguet,‬‬
‫‪Sophie Jacquot, Poline Ravinet ,Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit, p.p.658-660.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid, p.661‬‬
‫‪-3‬كمال المتوفي‪" ،‬السياسة العامة وأداء النظام السياسي"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21‬‬

‫‪172‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫السياسات التنظيمية‬ ‫‪.3‬‬


‫السياسات الرمزية‬ ‫‪.4‬‬
‫تتأثر نماذج هذه السياسات العامة بطبيعة ونمط النظام السياسي القائم ونموذج الدولة التي‬
‫‪‬‬
‫تتولى إنتاج هذه السياسات وتوزيعها على شكل وظائف وموارد في أبنيتها السياسية واإلدارية‪ ،‬من المركز‬
‫إلى المحيط‪ ،‬وعليه يمكن القيام بإسقاط نماذج التصنيف على واقع الجماعات المحلية في الجزائر ‪.‬‬
‫‪ -1‬السياسات االستخراجية‪ :‬تتعلق بموارد الجماعات المحلية المالية ‪،‬ولكل اإلمكانيات والفرص واألمالك‬
‫الثابتة والمتنقلة التي تشكل موردا ماليا خاصا للجماعة‪ ،‬من دون نسيان الحصص المالية والدعم‬
‫بالتجهيزات العمومية واإلعانات‪ ،‬وكذا نصيبها من الجباية المحلية التي تتقاسمها مع الدولة‪ ،‬وتبدو‬
‫عمليات االستثمار واالقتصاد المنتج شبه منعدمة نتيجة ضعف األداء االقتصادي للجماعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬السياسات التوزيعية‪ :‬هي النمط المهيمن على نشاط الدولة وجماعاتها المحلية ال سيما فيمجال الدعم‬
‫والتضامن والخدمات االجتماعية ونتيجة لطبيعة الدولة الريعية ومبادئها ذات الخلفية االجتماعية القائمة‬
‫على العدالة االجتماعية‪ ،‬والنمط الغالب في هذه السياسات هو الجانب االجتماعي‪:‬السكن والشغل والتربية‬
‫والتعليم والصحة‪ ....‬حيث أصبح القضية‪ ،‬الضابطة لباقي قطاعات النشاط‪ .‬وبذلت الدولة جهودا معتبرة‬
‫في السكن واإلسكان وما صاحبه من جدية في مراعاة المعايير االجتماعية في انتقاء المستفيدين‪ ،‬مع‬
‫باقي الصيغ األخرى المقررة في هذا القطاع‪ ،‬كالترقية العقارية‪ ،‬والسكن التساهمي‪ ،‬والبناء الريفي ‪....‬الخ‪.‬‬
‫ساهمت سياسة السكن في خفض حدة االحتجاج الجماهيري في الحواضر الكبرى التي تعاني أزمة‬
‫معيشية صعبة خاصة في األحياء الشعبية والتجمعات الفوضوية والهشة ‪.‬‬
‫‪ -3‬السياسات التنظيمية والضبطية ‪ :‬تعني تطبيق التشريعات والقوانين المتعلقة بالوقاية واألمن والنظافة‬
‫العمومية‪ ،‬وكل ما يتعلق باإلطار التأسيسي للجماعات المحلية ومجاالت تدخلها كسلطة عمومية تسهر‬
‫على احترام القانون وتطبيقه على المخالفين بإجراءات ردعية وزاجرة‪ .‬ومراقبة سلوك األفراد والجماعات في‬
‫بيئتهم االجتماعية‪ ،‬خاصة في ميدان البناء والتعمير وتهيئة اإلقليم ‪.....‬الخ‬
‫بالبطوالت‬ ‫‪ -4‬السياسات الرمزية‪ :‬تتمثل في استحضار النظام القيمي للمجتمع‪ ،‬كتاريخ وطني مفحم‬
‫والذكريات المجيدة‪ ،‬لرموز وأبطال خالدين‪ ،‬وتبني المرجعية الدينية لرفع معنويات المواطنين في الوفاء‬
‫وااللتزام بقضايا أمتهم وخدمة وطنهم واحترام دولتهم‪ ،‬والسيما أثناء المراحل الصعبة والشديدة‪ .‬لكن يالحظ‬
‫أن استخدام الخلفية الرمزية تستغل كوظيفة تبريرية أكثر منها أسلوب ممارسة وقيم ضابطة ومحددة لسلوك‬
‫المواطن والنخب القيادية ‪ ،‬التي تفرط في الخطاب الرمزي إلى حد التطرف والمبالغة؛ وال تأتي منه شيئا‬
‫في حياتها العملية والمهنية‪ .‬مما يصيب المواطن باإلحباط وعدم الثقة‪ ،‬تؤدي به إلى هجر العمل العمومي‬
‫والرسمي‪ ،‬ويتحول األمر إلى أزمة للشرعية في القضاء والعام‪ ،‬وانهيار قيم ومصداقية المؤسسات‪،‬‬
‫ويتصادم المجتمع مع الدولة على كل األصعدة‪ .‬وعلى مدار هذه النماذج تتأكد مركزية الدولة فيها‬

‫‪173‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫وجماعاتها المحلية والسيما السياسات التوزيعية والضبطية والرمزية‪ .‬وتطرح مسألة شرعية هذه السياسات‬
‫واهدافها انطالقا من فعالية المؤسسات القاعدية في الدولة‪.‬‬
‫‪ -3-2‬السياسة العامة المحلية كإدارة للتغيير‪:‬‬
‫‪‬‬
‫لعل أهم النتائج االيجابية التي تحققها السياسات العامة التي يرسمها أي نظام سياسي‪ ،‬هي‬
‫االنتقال بالمجتمع من حالة إلى حالة أكثر تحسينا من سابقاتها فالعبرة بالمنافع التي يجنيها هذا المجتمع‬
‫كأفراد أو كجماعات‪ ،‬وذلك بغض النظر عن تغير الوسائل والمؤسسات واألفكار؛ تعريف التغيير في‬
‫‪1‬‬
‫تحليل السياسات العامة‪ ،‬يعني تمييز ما يتغير في سياسة ما كموضوع أو كدرجة لهذا التغيير‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫تثير السياسة العامة صعوبة أهم تتعلق بتأثير العمل العمومي علي عملية التغيير والتجديد وتستهدف‪:‬‬
‫‪ ‬الحفاظ على االنسجام االجتماعي ‪.‬‬
‫‪ ‬حفظ التوازنات االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ ‬امتصاص التوترات و الصراعات ‪.‬‬
‫تحافظ السياسات العامة على االستقرار والضبط أكثر منها مجددة‪ ،‬ويمكن أن تحرك عملية‬
‫التغيير االجتماعي أو على األقل توفر شروط مواكبته‪ ،‬وتفتح أفاقا متدرجة لحدوثه‪ .‬يبدو الترابط من‬
‫الناحية النسقية بين التحوالت السياسية واالجتماعية ‪ ،‬جد مهما في فهم التفاعالت التي تترتب عن‬
‫جدلية المطالب والمخرجات ‪ ،‬في الدفع بتشديد رسم المعايير األكثر إلحاحا‪ ،‬في تخطيط الحاجات‬
‫المجتمعية المحلية في إطار السياسات العامة للدولة ككل‪ .‬قد تؤثر بنية العالقات االجتماعية ونظامها‬
‫القيمي‪ ،‬ومواقع األفراد وأدوارهم في التنظيم المجتمعي‪ .‬وبذلك فان التغيير السياسي يعني التحول في‬
‫البنى والسلوكيات والغايات السياسية التي تؤثر في توزيع وممارسة السلطة في كل تجلياتها‪ ،‬ويطرح مفهوم‬
‫التغيير السياسي عدة إشكاالت‪ ،‬في عالقته بالتغيير االجتماعي واالستقرار السياسي‪3.‬تستقطب السياسات‬
‫التوزيعية أهم المالحظات في قياس درجة التغيرات التي حدثت وتحدث في القطاعات االجتماعية على‬
‫المستوى المحلي‪ ،‬وهي نتاج إلرادة الدولة‪ .‬ليست حصيلة جهود المنتخبين المحليين‪ ،‬الذين تجعل منهم‬
‫األحداث التي تتعاقب في عمليات السياسة ظاهرة ملحقة‪ ،‬وغير مؤثرة كثيرا‪ ،‬نتيجة تولي اإلدارة اإلقليمية‬
‫للدولة برمجة النشاط العمومي المحلي وتأطيره ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Catherine Hoffler, Clémence Le Doux et Pauline Prat « Changement » ,in : laurie‬‬
‫‪boussaguet, sophie Jacquot, pouline ravinet (sou-dir), Op.cit, p.132‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « Politiques Publiques et Changement Social », Revue Francaise‬‬
‫‪de L’Administration Publique, n°115, (2005/3), pp.383-390‬‬
‫‪ -3‬محمد كولفرني‪" ،‬التغيير االجتماعي والسياسي‪ :‬دراسة تأملية نقدية للمفاهيم"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬عدد‪،25‬‬
‫(‪ ،)15/2551‬ص‪.143‬‬

‫‪174‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫إذا كانت هذه اآلثار الناتجة عن السياسة العامة للدولة اتجاه المجتمع ‪،‬في تحسين اإلطار‬
‫المعيشي‪ ،‬فإن نفس هذا المجتمع ال يتبنى هذه النتائج بأسلوب تراكمي‪ ،‬أي الحفاظ عليها كمكاسب عوض‬
‫‪‬‬
‫النظر إليها كحقوق اجتماعية مغتنمة‪ ،‬لتبدو مع مرور الزمن وكأنها لم تكن لتنجز إال ألغراض سياسية‪،‬‬
‫تفرضها مستلزمات الثقافة السياسية التي تغذي السلوكات السياسية لدى ممثلي النظام السياسي ‪،‬ففي‬
‫غالب األحيان يتم اللجوء إلى المقاربة الكمية والوصف العددي لحصائل مثل هذه السياسات‪ .‬من دون‬
‫الخوض في تحليل االثار الحقيقية لها في التعديل االيجابي للواقع‪.‬‬
‫ذلك‪ ،‬لتبرير الجهود الرسمية في االنجاز والبحث عن حل المشاكل العامة ليس إال‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى يكشف نفس هذا السياق عن فجوة في العالقة التي من المفروض أن تربط المواطن بالدولة‬
‫وجماعاتها المحلية ‪ ،‬إذ سرعان ما تتجلى مؤشرات للعجز المالي والخدماتي واالقتصادي واالجتماعي‪ :‬فإذا‬
‫ما أخذنا على سبيل المثال‪ :‬قضية السكن االجتماعي‪ ،‬نعاين مستوى العجز وعدم االنسجام بين العرض‬
‫والطلب‪ ،‬ب سبب عدم معرفة اإلدارة الدقيقة بأوضاع المستفيدين أو المحتاجين لمثل هذه الخدمات باإلضافة‬
‫إلى التحايل واالنتهازية التي أصبحت تطبع السلوك االجتماعي في الحصول على المزايا والخدمات ليست‬
‫من منطلق الحاجة وانما في أحايين كثيرة سعيا وراء المضاربة واالستنفاع الغير مشروع في المعامالت‬
‫العقارية الغير رسمية ‪،‬حتى أصبح األمر منظم في شبكات مصلحية بتواطوء مع ذوى النفوذ الذين‬
‫تحكمهم المصالح‪.‬‬
‫فالتغيير المأمول إنما يكون ناتجا عن مشروع عمل بين الدولة والمجتمع في مناخ سياسي‬
‫واجتماعي يسهل نبوغ نخب محلية‪ ،‬ذات تمثيل مهني وسياسي في المؤسسة المحلية‪ ،‬كدليل على الكفاءة‬
‫والخبرة واالستشراف‪ ،‬وعلى دراية حقيقية بتفاعالت الواقع‪ .‬فالتغيير الذي يأتي رأسيا يكون في اتجاه واحد‬
‫على نمط خطي‪ ،‬أصبح ال يحدث صدى عكسيا ؛بل بالعكس يضاعف من الضغط واالحتجاج للمزيد من‬
‫المزايا ألن الدولة وجماعتها المحلية لم تعقلن الحاجة االجتماعية كمصلحة عامة معبرة عن من يطلبها؛‬
‫ألنها تنظر للسياسات العامة في كليتها أو في جزئيتها بمنطقها الريعي على أنها أداة ومجال لشرعية‬
‫السياسة وال تبحث عن حلول أخرى خارج نطاق هذا المجال؛ بسبب حدة التوترات والصراع في الفضاء‬
‫العام تجاه مراكز القرار المحلية والمركزية على حد سواء ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫ثالثا‪ :‬المتدخلون في السياسة العامة المحلية ‪:‬‬


‫يحتاج بناء برامج السياسات العامة إلى وجود فاعلين أو متدخلين‪ ،‬أو باألحرى أطراف تؤثر فيه‬
‫من بداية طرحه إلى غاية إنجازه‪ .‬وتتحدد هوية هؤالء الفاعلين وأدوارهم على ضوء البيئة العامة التي‬
‫‪‬‬
‫تسير فيها الدولة‪ .‬فالنظام السياسي يعمل دوما على طبع جماعاته المحلية بخصائص معينة تنسجم مع‬
‫وظائفه و أنساقه التي تتحرك فيها ممارساته السلطوية لمختلف قطاعاته‪ ،‬بحثا عن تحويلها الى موارد‬
‫دائمة لتحقيق اهدافه المعلنة والخفية‪ .‬وتنساب تفاعالت المركز بحيوية معينة في دواليب البنية المؤسساتية‬
‫المحلية لتعيد توزيع مخرجات النظام تجاه السلطة المحلية على نفس النمط تقريبا الذي يميز عمل المركز؛‬
‫بمعنى أن النموذج السلطوي العام هو الذي يضمن هيمنة وسيطرة الفاعلين الرسميين و الثانويين في‬
‫صناعة السياسات العامة المحلية كجزء من السياسة في الدولة‪ .‬والفاعل في السياسات العامة يجب أن‬
‫يحدث تدخله آثا ار ملموسة فيها؛ من خالل المساهمة في العملية السياسية و تأثير هذه المساهمة في‬
‫العملية السياسية‪ ،‬وتأثير هذه المساهمة على النتائج ‪ .‬ويجب التمييز بين الفاعل الفردي و الفاعل‬
‫‪1‬‬
‫الجماعي؛ وذلك بتوفر خمسة (‪ )55‬معايير شرطية في الفاعلين الجماعيين‪:‬‬
‫نظام التخاذ القرار الجماعي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مصالح عامة أو مشتركة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫آليات لالندماج‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تمثيل داخلي وخارجي للفاعلين الجماعيين‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫القدرة على التجديد‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫بالفعل‪ ،‬فإن العمل المنظم على شكل جماعات مصالح‪ ،‬أو مؤسسات يسعى دوما لبناء شبكة‬
‫عالقات لها تأثير قوي في القطاعات التي تنشط فيها؛ في حين الفاعل الفردي قد يتعرض للمحاصرة‬
‫والتضييق نتيجة استنفاذ موارده الحيوية أثناء محاولة التفاوض للحصول على المنافع ‪ ،‬والقيم التي يتعامل‬
‫بها صانعو السياسة الرئيسيون ‪ ،‬كوكالء في النظام ‪ ،‬أو كخبراء في نسقه اإلداري‪ .‬فسياسة التنمية تجند‬
‫‪2‬‬
‫الفاعلين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Emiliano Grossman, «Acteur» in :Laurie Boussaguet , Sophie Jacquot, Pouline Ravinet‬‬
‫‪(sous dir), Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit, pp.31-34.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Teisserenc Pierre, « Politique de Developpement Local : La Mobilisation des Acteurs »,‬‬
‫‪Revue Societes Comptemporaines, n°18-19. (Juin-Septembre 1994), pp187-213.‬‬

‫‪176‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫تسيير الشؤون العامة تقوم على عملية تفاعالت ومفاوضات بين المتدخلين المختلفين ضمن‬
‫شبكات‪ .‬و الشبكة هي نظام مركب من عدد مهم من األعوان‪ ،‬الذين يعملون فيما بينهم من أجل تطوير‬
‫‪1‬‬
‫استراتيجيات للبقاء متكيفة معهم ومع النظام الذي ينتمون إليه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫تدور التدخالت التي يقوم بها الفاعلون حول قنوات االتصال لمصدر القرار المحلي أو محيط‬
‫الناشطين فيه؛ بغرض معرفة حجم الفرص الممكنة وطبيعتها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تحضير أدوات الضغط و‬
‫المساومة حول نتائج اتخاذ القرار في هذا القطاع أو ذاك‪ .‬وهنا يجب التفرقة بين فعالية المتدخلين من‬
‫حيث الدوافع و األهداف؛ فالسياسات العامة باعتبارها ذات طبيعة توزيعية حسب النموذج التنموي‬
‫المطبق‪ ،‬فإن طالبي الخدمات أو المنافع؛ كمستفيدين مباشرين؛ يعتبرون فاعلين جماعيين ذوي تأثير مهم‬
‫على السلطات المحلية بغرض االستجابة لهم؛ وبالتوازي مع نفس العملية يجري صراع آخر للحصول‬
‫على رخص إنجاز تلك السياسات في إطار صفقات عمومية للفاعل الذي يقدم أنجع العروض‪.‬‬
‫الفاعلون الذين تبنى عليهم السياسات العامة‪ ،‬ليسوا هم بالضرورة الذين لهم دور أو يحتلون مراكز‬
‫إستراتيجية‪ ،‬بل في أحيان كثيرة يحجب الفاعلين الحقيقيين الذين يؤثرون في التبادالت وتوزيع المنتوجات‬
‫والق اررات الجماعية‪ .‬بمعنى الذين لهم سلطة‪ ،‬والفاعل هنا هل هو ذلك الذي يرى أم ذاك الذي يعمل في‬
‫الظل‪ ،‬ويؤثر فعال في توجيه الق اررات المتخذة واعادة توزيع الثروات ؟‪ 2.‬ال تبنى مرجعية السياسات العامة‬
‫على فاعل محدد مسبقا ووحيد‪ ،‬وانما عبر الفاعلين المهيمنين الجدد‪ ،‬وفي الغالب ال ينحدرون من‬
‫السلطات العمومية الشرعية‪ ،‬وانما يبحثون تحالفات معها للدفع بتمثيلهم للواقع االجتماعي إلى أبعد ما‬
‫‪3‬‬
‫يمكن في قلب أجهزة القرار العمومي‪.‬‬
‫يتجه نشاط الفاعلين نحو تحديد بعض األطر واألساليب في التعامل مع الفاعل الرسمي الذي هو‬
‫اإلدارة المحلية واإلقليمية للدولة لدفعه نحو تبني خياراتهم؛ سواء في مرحلة صنعها أو في مرحلة تنفيذها؛‬
‫وهنا يلعب اإلطار الشرعي والتنظيمي الذي تعمل فيه السلطات المحلية على بلورة سلسلة من اإلجراءات‬
‫والنظم لتعريز رؤيتها التقديرية ‪ ،‬عند االختيار أو اإلنجاز وال يمكن لها أن تتساهل أو تتنازل عن‬
‫صالحياتها القانونية‪ ،‬في اإلدارة واإلشراف لفائدة أطراف أخرى‪ .‬أي العمل على تصميم اإلطار األنجع‬
‫على ضوء ما يسمى وسائل العمل العمومي؛ كمؤسسات تحدد في جزء منها صيغ سلوك الفاعلين‪ ،‬وتنشئ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Yves Chappoz, Pierre Charles Pupion, « Une Nouvelle Gouvernance et de Nouvelles‬‬
‫‪Politiques Publiques Territoriales », Op. cit, P3.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jean Jacques Gabas, « Acteurs et Politiques Publiques », Monde en Developpement‬‬
‫‪n°124, (2003/4).p.2.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Olivier Giraud, et Philippe Warin (Sous.dir). Politiques Publiques et Démocratie, Op. cit,‬‬
‫‪pp12 ; 13.‬‬

‫‪177‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫الشكوك حول اآلثار وعالقات القوة وتتجه نحو تفضيل بعض الفاعلين والمصالح‪ ،‬وابعاد البعض‪ ،‬وتجبر‬
‫‪1‬‬
‫باإلكراه البعض‪ ،‬وتمنح الموارد وتروج تمثيال للمشاكل‪.‬‬
‫إذن يضع الفاعل الرسمي شروطا لمركزيته في تدبير و إدارة الشؤون المحلية من منطلق‬
‫‪‬‬
‫السياسات العامة‪ ،‬باعتباره الطرف األكثر جدية في تحديد معايير المصلحة العامة ووسائل إنجازها واآلثار‬
‫التي تترتب عنها واشراكه لباقي األطراف ال يقلل من مركزيته‪ .‬بل يوسع دائرة خياراته‪ ،‬وعلى قاعدة قرار‬
‫شبه جماعي من حيث المسؤولية في التقييم؛ ونتائج تنفيذ السياسات ذات المرجعية المشتركة ‪،‬التي مهدت‬
‫عبر النقاش والتداول لتبني ق اررات جماعية تستهدف تلبية منفعة عامة من القضايا ذات الشأن المحلي‪.‬‬
‫‪ -1-3‬األجهزة البيروقراطية للدولة ‪:‬‬
‫يتواجد النظام اإلداري نسقيا تحت السلطة السلمية للنظام السياسي‪ ،‬إن لم يكن هو أداة السلطة‬
‫ذاتها؛ يسمح التنظيم اإلداري لإلقليم بتغلغل سياسي فاعل على أهم مصادر الثروة (الموارد) التي تمكنه‬
‫من بناء رؤية سياسية لكل ما يدور في هذا اإلقليم‪ ،‬من تفاعالت وباألخص قدرته على تحديد فاعلين‬
‫ينزعون نحو تصعيد المطالب‪ ،‬ويطورون أدوات للمشاركة في صنع القرار المحلي‪ ،‬الذي ترسم فيه وبه‬
‫االختيارات األساسية في السياسة العامة المحلية‪ .‬لقد أصبح لألجهزة البيروقراطية المركزية‪ 2‬دو ار‬
‫استراتيجيا في إدارة الدولة والحكومات‪ ،‬وبالخصوص في تعاظم تأثيرها التقني واإلجرائي في صياغة‬
‫القواعد القانونية و التشريعات التي تحكم السياسات العامة في الدولة؛ مركزيا ومحليا؛ ليتحول نشاطها إلى‬
‫أعمال دقيقة تعتمد على الخبرة واالستشارة العلمية‪ ،3‬قبل إعطائه التغطية السياسية المشروعة في الهيئات‬
‫المنتخبة‪ .‬وبالتالي فاإلدارات لم تعد ينظر لها مجرد منتوج قانوني‪ ،‬وانما كأنظمة للتنظيم‪ ،‬لها ذاكرة‬
‫‪4‬‬
‫وخطابات تؤهلها لفك مطالب البيئة‪.‬‬
‫تتولى اإلدارة المركزية؛ تحديد صالحيات وموارد‪ ،‬وأنظمة الجماعات المحلية‪ ،‬كسياسة عامة‬
‫حكومية من منظور النظام الالمركزي‪ ،‬ال تملك المؤسسات اإلدارية المحلية واإلقليمية االستقاللية التامة‬
‫في التصرف ومعالجة مشاكل اإلقليم‪ ،‬إال من باب التفويض وال تتعدى الشؤون المحلية العادية‪ .‬مثل هذا‬
‫الدور تضطلح به ما يطلق عليه "الهيئات المركزية" في الوالية؛ حيث يقوم الوالي باالعتماد عليها في‬

‫‪1‬‬
‫‪- Serge Berry et Diane Saint, Pierre (sous .dir), L’Administration des Territoires et les‬‬
‫‪Instruments de L’Action publique, (Canada, presses de l’Université du QUEBEC, 2017),‬‬
‫‪P33.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Le Crom Jean Pierre, « Présentation (dossier) : Le Role des Administrations Centrales‬‬
‫‪dans la Fabrication des Normes », Droit et Société, n° 79, (2011/3), pp.551-560.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Andre Bernard, « Les Experts et le Pouvoir », Politique, vol.1, n°1, (1982), P47-61.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Jacques Chevallier, Luc Rouban , « introduction », Revue Française d’Administration‬‬
‫‪publique, n°105-106, (2003/1), PP 7-10, sur : www.cairn.info‬‬

‫‪178‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫التدخل واإلشراف والمتابعة‪ .‬وتوفر مديرية التخطيط والتهيئة العمرانية كل المؤشرات والمعلومات المساعدة‬
‫على فهم المطالب المحلية‪ ،‬والتي تناقش تقنيا واداريا ضمن اجتماعات مجلس الوالية األسبوعية؛ لتصاغ‬
‫في بطاقات تقنية ومالية مفصلة كميا واجرائيا ‪ ،‬من طرف مصالح الدولة المعنية في الوالية لكل قطاع‬
‫‪‬‬
‫نشاط‪ ،‬وفق منطق األولويات‪ ،‬وحسب حجم وحصص األغلفة المالية المسموح بها من طرف مصالح‬
‫الوصاية المركزية‪.‬‬
‫أما دور اإلدارة البلدية فيبدو محدودا بالنظر إلى ضعف التأطير وشدة الوصاية المفروضة‬
‫عليها‪ .‬وتبقى تسير بالتعليمات والتوجيهات الروتينية في أغلب األحيان ‪ ،‬التي ترسل لها‪.‬فاقتراحاتها‬
‫لمعالجة المطالب الواردة إليها تتعرض إلى إعادة ترتيب وتصفية تحت ضغط عدم كفاية الموارد المالية‪،‬‬
‫وكثرة وتعقد المسائل اإلجرائية بين المتدخلين الداخليين ‪ ،‬الذين يقاسمون هذه اإلدارة السلطة التنظيمية‪،‬‬
‫على مستوى المالية والمحاسبة‪ ،‬كما على مستوى المساعدة التقنية ‪،‬التي تقوم بها فروع اإلدارة اإلقليمية‬
‫على مستوى الدائرة لصالح البلديات ‪.‬‬
‫لكن رغم االهمية التنظيمية والتسييرية التي تتمتع به إدارة الجماعات المحلية؛ فإنها تتعرض‬
‫للضغط واالحتجاج من طرف المواطنين ‪ ،‬بسبب عدم التكفل بانشغاالتهم األساسية في التنمية والخدمات‪.‬‬
‫يمكن تفسير هذه الحالة من التوتر والتأزم وردها إلى عجز هذه اإلدارة عن استطالع المطالب في حينها؛‬
‫نتيجة اهتمام ممثلو هذه اإلدارة بإيجاد ترضيات لمصالح أخرى‪ ،‬على حساب المصلحة العامة المحلية‪.‬‬
‫وانغالقها وتشتت قنوات االتصال اإلداري واالجتماعي‪ ،‬بين شاغلي السلطة المحلية؛ اإلداريين والمنتخبين؛‬
‫مما أفرز شبكة من العالقات الزبائنية بين القادمين الجدد للحقل المحلي‪ ،‬مستعرضين أنفسهم "كفاعلين‬
‫نافذين" من مختلف حواشي السلطة‪ ،‬لتوجيه االختيارات والبرامج المحلية بما يخدم مصالحهم؛ سواء من‬
‫باب المقاوالتية أو من باب القطاعية والجهوية أو العصبوية‪ .‬لتجد اإلدارة المحلية نفسها أمام سلسلة حلقية‬
‫من األزمات واالرتدادات ‪ ،‬الغير متناهية وال خيار أمامها إالإنتهاج أسلوب اإلدارة عن طريق األزمات‪،‬‬
‫وفي أفضل حاالتها إدارة األزمات‪ .‬وبعدما فقدت كفاءتها في اإلدارة العادية يمسي تدخل الجهات العليا‬
‫أم ار ال مفر منه خاصة إذا أطرت االحتجاج حركات إجتماعية متشددة ‪ ،‬في مطالبها أو اتخذ االحتجاج‬
‫شكال جهويا تتعدى تأثيراته النطاق المحلي واإلقليمي‪.‬‬
‫تتجه اإلدارة العقالنية إلى التكيف المبدع مع مشاكل اإلقليم وتوسيع قاعدة اتخاذ ق ارراتها؛‬
‫واالنتقال من النموذج البيروقراطي المغلق إلى نموذج تسيير حديث‪ ،‬يقوم على المشاركة واالنفتاح على‬
‫محيطه ‪ ،‬كمجال نشاط لمختلف الفاعلين الحقيقيين ‪ ،‬المهتمين بقطاعات النشاط العمومي الذي يكتسي‬
‫قيم المصلحة العامة‪ .‬وتبقى آليات عمل اإلدارة العامة المحلية متحكم فيها سياسيا من طرف نظام سياسي‬
‫تغلب فيه السلوكات السلطوية‪ ،‬وال يتيح مجاال للتجديد واإلبداع في ظل مرحلة انتقالية‪ ،‬طال أمدها تعقدت‬
‫فيها الوظائف‪ ،‬وتضخمت أبنيتها‪ ،‬بسبب سياسات نخب تستثمر للوجود في السلطة و للسلطة؛ وترجئ‬
‫بناء الدولة وتنظيمها إلى قضية ثانوية وملحقة‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -2-3‬المجالس الشعبية المحلية‪:‬‬


‫تملك هذه المجالس المحلية المنتخبة صالحيات تداولية للمبادرة باقتراح برامج السياسة العامة‬
‫على امتداد عهدتها االنتخابية‪ ،‬ويفترض فيها أداء دور حاسم ‪،‬في التكفل بانشغاالت المجتمع المحلي‬
‫‪‬‬
‫طالماأنها تتحمل أعباء عهدة انتخابية ‪ ،‬منحتها شرعية التمثيل والقدرة على العمل‪ ،‬مما يزيد من قوة‬
‫تأثيرها كفاعل جماعي‪ ،‬في تحديد اختيارات السياسة العامة المحلية‪ ،‬حسب حاجات المواطنين إلى جانب‬
‫فعلية أداء األجهزة اإلدارية؛ وبذلك يكون الفاعلون العموميين أكثر شرعية بنتائج عملهم أكثر منه‬
‫بالحركيات أو اإلجراءات الديمقراطية التي تعينهم وتراقبهم‪ 1.‬إال أن تفوق مبدأ السلطة الرئاسية في إدارة‬
‫الجماعات المحلية لصالح الوالي‪ ،‬واعتماده على مجلس الوالية في تسيير الشؤون المحلية؛ أدى إلى‬
‫تعميق محدودية تأثير سلطة المداولة الجماعية في القرار المحلي‪ .‬لتبدو العملية التقريرية وكأنها‬
‫موضوعية بالدرجة األولى‪ .‬وال تنم عن أي توجيه سياسي سلطوي‪ ،‬لتهميش المنتخبين المحليين؛ الذين‬
‫تبدو عليهم حالة من العجز ناتجة عن ظروف أخرى تطبع الحياة السياسية المحلية‪ ،‬كالظاهرة الحزبية‬
‫وعدم مصداقية العمل السياسي وانتهازيته‪ ...‬مما أدى إلى تحويل العهدة االنتخابية عن مقاصدها النبيلة‪،‬‬
‫إلى مجرد أداة للترقية االجتماعية وتحصيل أكبر قدر من المزايا والمنافع؛ وولوج كل السبل المؤدية إلى‬
‫الثروة والوجاهة السياسية؛ والتملص من قضايا المواطن المحلي التي جاءت في البرامج االنتخابية‪.‬‬
‫وبالنتيجة‪ ،‬إذا تخلى هؤالء المنتخبون عن التزاماتهم‪ ،‬وانغلقت اإلدارة على نفسها يتاح المجال لظهور‬
‫جماعات المصالح الفئوية‪ ،‬والسماسرة بالضغط والمساومة لالنتفاع من ربوع السياسات العامة المحلية‪،‬‬
‫التي في غالبها سياسات توزيعية‪...‬ومن أجل المقاومة ورفع المطالب تكثر حركة االحتجاج واللجوء إلى‬
‫العنف‪ ...‬كخيارات بديلة وغير طبيعية في المنظور الديمقراطي الذي يتظاهر بها الخطاب السياسي‪.‬‬
‫‪ -3-3‬األعيان وجماعات المصالح ‪:‬‬
‫تعترض عملية البحث والد ارسة في موضوع الجماعات؛ المنظمة وغير المنظمة والعصب أو‬
‫األعيان صعوبات منهجية معقدة جدا‪ ،‬ونقص حاد في وفرة المعلومات عنها؛ بسبب عدم تنظيمهما‬
‫الواضح والمؤسس لغالبية نماذجها‪ ،‬وبالتالي اعتماد معايير التحليل السياسي واالجتماعي التي تسود في‬
‫الدولة الديمقراطية الغربية‪ ،‬ال تشكل المنهجية الكاملة والمثلى في الفهم والتشخيص والدراسة‪ ،‬نظ ار‬
‫الختالف اإلطار المرجعي واألدوار ومحددات العمل السياسي واإلداري في ضبط تأثير الفاعلين على‬
‫ضوء تاطير شرعي وقانوني ال يمكن ألي كان تجاوزه‪ .‬تعريف جماعات الضغط أو جماعات المصالح؛‬
‫ينظر لها الباحثون منى زاويتين‪ :‬ففي الرؤية الواسعة تعتبر جماعات تبحث عن تمثيل مصالح جهة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yves Surel, « Qui Gouverne les Politiques Publiques » op .cit , P 157.‬‬

‫‪180‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫خاصة من المجتمع في الفضاء العام ‪ .‬في حين تعتبر في الرؤية الضيقة أنها منظمة مؤسسة تبحث عن‬
‫‪1‬‬
‫التأثير في السلطات السياسية لخدمة مصالحها‪ .‬ومنها فعناصر التعريف األساسية تتمثل في‪:‬‬
‫‪l’intérêt‬‬ ‫المصلحة‬ ‫‪-1‬‬
‫‪‬‬
‫منظمة مؤسسة (جماعة منظمة) ‪organisation constituée‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التأثير على السلطات السياسية ‪l’influence sur les pouvoirs politique‬‬ ‫‪-3‬‬
‫قليلة هي الجماعات المنظمة التي تحاول التأثير في توجيه عملية صنع السياسة العامة على‬
‫المستوى المحلي؛ كالنقابات واألحزاب‪ .2‬وتتولى الجمعيات والحركات االحتجاجية الدور النشط في‬
‫المطالبة واالتصال االجتماعي واإلداري لتحقيق بعض البرامج التنموية؛ كالسكن والشغل وفك العزلة‬
‫والتجهيزات الجماعية العمومية كالمدارس والمستشفيات‪ .‬وباقي المرافق الخدماتية وتبرز قوتها في‬
‫التجمعات السكانية المتجانسة اجتماعيا؛ من حيث الوعي بشروط العيش المشترك التي تقع على مسؤولية‬
‫الدولة وجماعاتها تلبيتها‪ .‬أو على األقل معالجتها معالجة الئقة على قاعدة االختيار الرشيد المشترك‬
‫والجماعي ‪.‬‬
‫نتيجة نقائص أنموذج الديمقراطية المحلية‪ ،‬أصبحت الحياة السياسية المحلية شبه محتكرة من‬
‫طرف "عصب" وأفراد؛ توصف إعالميا "بذوي النفوذ" تعمل على استخدام رصيدها( الريعي) والمهني في‬
‫بناء شبكة من العالقات المصلحية على مستوى أجهزة القرار العمومي‪ ،‬وتحقيق مآربها الفردية من‬
‫المستخرجات التوريعية التي تنتج عن تنفيذ السياسات العامة‪ .‬أو تحويلها إلى عقود مقاولة أو مناولة في‬
‫قطاع نشاط ما‪ ،‬لتظهر وكأنها تخدم مصلحة عامة محلية‪ ،‬في حين أنها تضمر في نفس الوقت‬
‫الحصول على منافع‪ .‬ويلعب المال دو ار هاما في إحداث هذا التأثير والنفوذ‪ ،‬فغالبا ما تربط هؤالء‬
‫األشخاص عالقات سياسية واسعة مع المؤسسات والسياسيين‪ ،‬مما يوفر لهم حركة سهلة بين المصالح‬
‫اإلدارية للحصول على المعلومات الضرورية في تشكيل اقتراحاتهم و بدائل عروضهم عن مشاكل السياسة‬
‫العامة والتنمية المحلية؛ وبالتالي يدفع لهم مركزهم كوسيط بين مصدر المعلومة (القرار) ومصدر المشكل‬
‫العام في المجتمع‪ ،‬إلى االستئثار بمثل هذه العروض‪ ،‬واشراك فاعلين ثانويين آخرين للتعاون معهم ‪ .‬من‬
‫دون إمكانية على منافستهم‪ .‬كما أن نشاط األعيان وان كان أقل حدة من عمل "رجال األعمال" فإنهم‬
‫يتمتعون بتأثير ال يستهان به في رسم السياسة العامة المحلية‪ ،‬خصوصا إذا كانت لديهم قاعدة اجتماعية‬
‫ثابتة تحافظ على شرعية منزلتهم ودورهم النخبوي في وسطهم الطبيعي؛ فاألعيان هم أشخاص ذوي نفوذ‬

‫‪1‬‬
‫‪-Sabine Saurugger, «Groupe d’Intérêt », in : Laurie Boussaguet, sophie, Jacquot, Pauline‬‬
‫‪Ravinet, Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit, P309.‬‬
‫‪ -2‬أماني قنديل‪ " ،‬دور األحزاب وجماعات المصالح في السياسة العامة " في‪ :‬على الدين هالل (محرر) تحليل السياسات‬
‫العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.114 – 145‬‬

‫‪181‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫داخل المجتمع المحلي‪ ،‬بسبب ما يتوفر لهم من رساميل رمزية ومادية (أرض‪ ،‬ثروة‪ ،‬جاه‪ ،‬عالقات‪،) ...‬‬
‫تمكنهم من احتالل مكانة عليا داخل هذا المجتمع‪ ،‬وتضمن لهم التأثير و بناء الوجاهة والسلطة‪.1‬‬
‫ال تملك مثل هذه الجماعات المصلحية الغير منتجة‪ ،‬لقيم إبداعية في المجتمع‪ .‬ففي حقيقة األمر‬
‫‪‬‬
‫القوة أو التأثير الذي توصف به لوال ضعف الشرعية السياسية لدى النخب القيادية في الدولة وجماعاتها‬
‫المحلية ؛ نتيجة استم اررية مرحلة االنتقال الديمقراطي‪ ،‬دون أن يحدث تحوال موضوعيا لألفكار‬
‫والمؤسسات والنخب‪ ،‬لما استطاعت لعب مثل تلك االدوار في احتكار االنتفاع من السياسة العامة للدولة‬
‫اينما كانت ‪.‬‬
‫‪ -4-3‬الرأي العام المحلي‪:‬‬
‫يسعى الرأي العام إلى التأثير في عملية صنع السياسة العامة المحلية عبر القنوات والفضاءات‬
‫المتاحة له للتعبير واالقتراح و النقاش والمداولة حول القضايا ذات المنفعة العامة‪ ،‬ورغم تباين التعريفات‬
‫حول مفهوم الرأي العام؛ إال أنه يعتبر االتجاهات الثقيلة والغالبة في المجتمع‪ .2‬اذ أصبح مع تكاثر‬
‫الحركات الجمعوية وازدياد حجم مستويات االتصال الرقمي‪ ،‬أكثر حيوية وتأثي ار وامتدادا وشموال‪ .‬وهذه‬
‫التطورات التي عرفها المفهوم‪ ،‬كانت نتيجة عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية عديدة في المجتمعات التي‬
‫شهدت إرهاصات الممارسة الديمقراطية‪.3‬‬
‫وباعتبار الجماعات المحلية وحدات إدارية وسياسية‪ ،‬فإن تشكيل رأي عام داخلها ضمن أطر‬
‫الديمقراطية التمثيلية أو المشاركاتية‪ ،‬أو بقي ذو نشاط حر وعفوي ‪ ،‬يفترض أن ينظر إليه على أنه‬
‫المصدر األول لشرعية العهدة االنتخابية المحلية‪ .‬وفي كل الحاالت‪ ،‬فإنه يقوم بثالث وظائف رئيسية تجاه‬
‫المؤسسات المحلية في التأثير على صنع السياسة العامة المحلية‪:‬‬
‫كشريك في السياسة العامة المحلية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كمستفيد من المنافع والقيم والخدمات‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كمراقب لألداء والتنفيذ والمراجعة والتقييم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يالحظ من خالل المعاينة اليومية لحراك "الشارع" أن ظاهرة االحتجاج االجتماعي تكون بسبب‬
‫محدودية إشباع الوظيفة الثانية (االستفادة من السياسات التوزيعية) ‪.‬والى حد ما يحاول ممارسة دوره‬
‫كمراقب بحيث أن السياسات االجتماعية عملت على تحويل الرأي العام إلى أداة لقياس شرعية السلطات‬
‫العامة‪ ،‬ودرجة مصداقيتها‪ .‬فكلما تتأزم قضية إال ويتدخل المركز لتسويتها ‪ .‬وتبرير ذلك بقدرة الدولة وعدم‬
‫التفريط في طابعها االجتماعي والخدماتي ‪ ،‬على شكل معالجة ظرفية وعرضية للمشكل ‪ .‬تستهدف‬

‫‪-1‬عبد الرحيم العطري‪ ،‬سوسيولوجيا األعيان‪ :‬آليات إنتاج الوجاهة السياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬وصال نجيب الغراوي‪ ،‬مبادئ السياسة العامة ‪( ،‬األردن‪ :‬دار أسامة للنشر و التوزيع ط‪ ، )2553 ،1‬ص‪.55‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe Cabin, « La Construction de l’Opinion Publique », in : Jean Vicent Holeindre‬‬
‫‪(sous dir), Le Pouvoir, op.cit, pp205-213‬‬

‫‪182‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫تثبيت السلم االجتماعي‪ .‬أي التعامل مع نتائج المشكل وال تبحث في دوافعه وأسبابه الكامنة في اإلطار‬
‫التأسيسي لنظام الجماعات المحلية‪ .‬وفعالية موارده المستعملة كمالحق و امتدادات لمصدر الهيمنة والقرار‬
‫في النظام السياسي‪ ،‬الذي ال يتوان في تطوير الزبائنية وتعميمها كأحد المصادر الرئيسية إلعادة تجديد‬
‫‪‬‬
‫الوالءات حول مراكز السلطة السياسية من القمة إلى القاعدة‪ .‬وبالتالي تطبع اتجاهات الرأي العام وقضاياه‬
‫رغم آنية مطالبه ومحدودية نطاقه؛ وكأنها سلوكات فوضوية ومسيسة‪ .‬وتخدم مصالح خاصة لفئات ضد‬
‫المصلحة العامة‪ .‬وهذا خطاب إيديولوجي مشبع بروح التسلط واالحتكار‪ ،‬يعطي أفضل صورة نمطية عن‬
‫عجز ممثلي النظام السياسي محليا عن التعامل مع المطالب من باب المسؤولية وثقافة رجل الدولة التي‬
‫أفرزتها الثقافة الديمقراطية المعاصرة‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫رابعا‪ :‬مراحل صنع السياسة العامة المحلية‪:‬‬


‫تمر عملية صنع السياسة العامة بمراحل وخطوات معينة؛ مرتبة ومتدرجة حسب مقتضيات‬
‫التسيير العمومي‪ ،‬المبنية على الدقة في تحصيل المعلومات‪ ،‬والبحث بعقالنية في ترشيد الموراد لخدمة‬
‫‪‬‬
‫المصلحة العامة‪ .‬ال تعني انتهاج مثل هذه المراحل‪ ،‬زيادة التعقيدات في معالجة المشاكل المحلية‪ ،‬وانما‬
‫التقيد بمنهجية علمية تراعي الواقع من حيث التشخيص و الفهم الصحيح لبيئة المشكل العام‪ ،‬وتداخالته‬
‫األفقية والعمودية‪ ،‬فكل مرحلة تحتاج إلى سلسلة من الخطوات متكاملة إجرائيا ومتقاطعة حركيا ضمن‬
‫سياق عام يتحدد زمنيا واقليميا‪ .‬تؤدي الق اررات االرتجالية التي ال تتحكم في أصول منهجية المراحل إلى‬
‫إنتاج المزيد من التعقيد واضفاء الغموض على مقاصد القرار وأهدافه؛ مما يعني أن صانع القرار غير ملم‬
‫حقيقة بالواقع الذي تصاغ فيها الحلول‪ ،‬فبدال من حلها تتفاقم فيها العديد من المشاكل الدنيا التي تجد‬
‫البيئة مواتية للظهور كمشاكل ذات أهمية طالما أن المشكل األصلي و الحقيقي ذي األولوية لم يعالج بما‬
‫يلزم من دراية وقوة قرار؛ لذلك التحكم في مراحل صنع السياسة العامة المحلية يجب أن تتوفر فيه بعض‬
‫المحددات الرئيسية تتمثل في العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬فعالية اإلدارة المحلية وكفاءتها في التسيير التقديري واالستشرافي‪.‬‬
‫‪ -2‬قوة تأثير الفاعلين االجتماعيين ومدى تمثيلهم للواقع االجتماعي المحلي‪.‬‬
‫‪ -3‬شرعية تمثيل المنتخبين المحليين للحقيقة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلجماع بين هؤالء المتدخلين على تحقيق معايير موضوعية للتمييز بين المصالح الخاصة و المصالح‬
‫العامة‪.‬‬
‫يرجح دوما األداء الجماعي والمشترك اتخاذ أفضل التدابير في كل مرحلة من المراحل؛ ويقلل من‬
‫األخطاء ويحافظ على هوامش واسعة لتداركها‪ ،‬أو القيام بتعديالت ما عبر ذلك المسار‪ ،‬الذي تأخذه‬
‫العملية من دون إخالل استراتيجي في المتغيرات المحورية‪ ،‬التي تشكل ذلك اإلطار المؤسسي‪ ،‬والتقني‬
‫للجماعات المحلية‪ .‬يتفق أغلب الدارسين لحقول السياسات العامة‪ ،‬وتقنيات اتخاذ القرار السياسي و‬
‫‪1‬‬
‫اإلداري؛ على تعداد مراحل السياسة العامة ضمن خمس (‪ )55‬مراحل أساسية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحديد المشكلة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تطوير برنامج عمل ‪.‬‬
‫‪ -3‬تنفيذ البرنامج‪.‬‬
‫‪ -4‬تقييم البرنامج ‪.‬‬
‫‪ -5‬إنهاء البرنامج ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pierre Muller, Les Politiqes Publiques , Op.cit, p.22.‬‬

‫‪184‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫نعمل على تكييف هذه المراحل حسب الخصوصيات المؤسسية واإلجرائية والتنظيمية التي تحكم‬
‫تسيير الجماعات المحلية في الجزائر؛ وذلك عبر دمج بعض المتغيرات مع بعضها البعض في مرحلة‬
‫معينة‪ ،‬كمحاولة الستجالء دور الفاعلين المهيمنين في توجيه االختيارات وترتيبها واآلثار الناتجة عن كل‬
‫‪‬‬
‫مرحلة فيها‪.‬‬
‫‪ -1-4‬تحديد المشكل العام كحاجة محلية ‪:‬‬
‫هناك صعوبات معرفية ودراسية في تحديد المشكل العام بالنسبة لعمل أجهزة الدولة وينظر له‬
‫‪ un procéssus de Problimatisation‬ألنه‬ ‫‪1‬‬
‫أغلبية الدارسين على أنه حصيلة لمسار استشكالي‪.‬‬
‫يقع في صلب البناء االجتماعي‪ ،‬كسلسلة من اآلليات‪ ،‬تتدخل في تحديده‪ .‬وعبر تبسيطها يمكن فهم‬
‫مدلول المشكل العام إال أنه يبدو‪ ،‬أن التحديد المعرفي على المستوى المحلي واضحا أكثر في حصر‬
‫المشكل العام‪ ،‬على ضوء ضبطه كحاجة عامة ؛ مقدرة سلفا ضمن صالحيات السلطات المحلية وذلك في‬
‫سياقين متكاملين‪:‬‬
‫السياق المحلي واإلقليمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السياق المركزي والوطني‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حيث توزع موارد الحاجة الوطنية ذات المصلحة العامة على إقليم الدولة انطالقا من مؤشرات‬
‫اقتصادية واجتماعية وسياسية؛ تتولى اإلدارة المحلية تنفيذها في إطارها القانوني واإلجرائي المعروف‬
‫كإنجاز التجهيزات الجماعية العمومية والمرافق الخدماتية‪...‬إلخ‪ .‬في حين أن الحاجات المحلية العامة‪،‬‬
‫تقدر وتضبط في حدود األولويات‪ .‬كاستجابة إلثارة مشكل عام أو نقص ما‪ ،‬في سير مرفق محلي أو‬
‫إيصال شبكة الماء الشروب أو نظافة عامة ‪ ...‬وحتى وأن كانت من صميم أصول السياسة العامة‬
‫الوطنية لكنها تكتسي طابعا محليا‪.‬‬
‫تسمح توفير المعلومات اإلحصائية بتشخيص المشاكل المحلية‪ ،‬وذلك بما يساهم في التقدير‬
‫الكمي والكيفي لكلفة المعالجة والحل‪ .‬واثارة المشكل تكون غالبا من طرف الفاعلين؛ كمقاولين سياسيين‬
‫من النخب المحلية والحركات االجتماعية‪ .‬ومنه يتم تحويل القضية من سياقها الخاص إلى فضاء عام‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫عبر تحديد شروط خاصة‪:‬‬
‫‪ -1‬تعبئة الجمهور و الفاعلين حول قضايا المشكل‪.‬‬
‫‪ -2‬طرح المشكل في الفضاء العام للنقاش واشهاره إعالميا‪.‬‬
‫‪ -3‬تبنيه من السلطات العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Elizabeth Sheppard, « Problème Public », in : Laurie Boussaguet, sophie jacquot, pauline‬‬
‫‪Ravinet (sous dir), Dictionnaire des politiques publiques, Op.cit, p531.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Op.cit, p536.‬‬

‫‪185‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -4‬تسيس المشكل كموضوع في األجندة السياسية‪.‬‬


‫يالحظ من خالل هذا التحديد أن المشكل العمومي؛ يتشكل ضمن مسارين رئيسيين هما‪:‬‬
‫الرؤية التقديرية للفاعلين وخصوصا ممثلو اإلدارة المحلية ‪.‬أي أن اإلدارة والمجالس المنتخبة تنجز تغلغال‬ ‫‪)1‬‬
‫‪‬‬
‫سياسيا واستثما ار إداريا‪ ،‬في معرفة الحقيقة االجتماعية في اإلقليم‪ ،‬وصياغة المشاكل في مشاريع أولية‬
‫وتعالجها حسب األهمية والمقاربة التسييرية المناسبة‪ .‬أي استباق وقوع المشاكل وبرمجة أطر الحل‪.‬‬
‫‪ )2‬المسار الثاني هو ذلك الذي ينحرف فيه العمل اإلداري والنشاط السياسي المحلي نحو تحقيق المصالح‬
‫الزبائنية واهمال المشاكل العمومية للمواطنين‪ ،‬فيصبح الفضاء محتال من المحتجين والمتظاهرين‪ .‬أي‬
‫يتحول المشكل العام إلى ظاهرة ضاغطة متنقلة نحو مراكز القرار المحلي‪ ،‬وعندها تتعقد األمور‪ ،‬وال تملك‬
‫السلطات ما تقابل به المطالب التي في أغلبها مشروعة‪،‬من الموارد الضرورية إال الوعود‪ ،‬أو البرمجة‬
‫اإلستعجالية الغير معروفة األثر‪.‬‬
‫يبدو أن الطرح التقديري واالستشرافي محدود جدا في حل قضايا المجتمع السيما في السياسات‬
‫التوزيعية‪ ،‬ويبقى النموذج الثاني هو األكثر انتشا ار لدى مجمل الجماعات المحلية‪ ،‬وبالتالي فالتحديد‬
‫الدقيق للمشاكل العمومية ذات المنفعة العامة إذا ما تمت في إطارها الطبيعي الذي تضبطه أصول‬
‫السياسة العامة فإن الحلول تبنى على نسبة كبيرة من الترضية و التسوية‪ ،‬كآلية جماعية مشتركة تنظر‬
‫في كل المسببات واآلثار التي تترتب عن اتخاذ قرار ما اتجاه أي مشكل محلي‪.‬‬
‫‪ -2-4‬المداولة واقتراح بدائل الحلول‪:‬‬
‫بعد أن يصل المشكل إلى السلطات المحلية؛ بأي وسيلة كانت‪ ،‬أو يطرح في إطار مخططات‬
‫برامج العهدة االنتخابية‪ ،‬يبدأ الفاعل األساسي والرسمي في البحث عن مشاريع الحلول الممكنة وذلك من‬
‫خالل مراعاة الشروط التالية‪:‬‬
‫‪)1‬أن تتوفر الموارد الضرورية للمعالجة‪.‬‬
‫‪2‬أن يكون الحل مالئما لطبيعة المشكل المحلي‪.‬‬
‫‪3‬أن يبني الحل في حدود صالحيات السلطات المحلية ‪.‬‬
‫‪)4‬إمكانية تدخل السلطة المركزية في حالة االستعجال أو العجز ال سيما أثناء‬
‫الكوارث الطبيعية والتكنولوجية‪.‬‬
‫تعتمد الجماعات المحلية‪ ،‬أسلوب التداول والنقاش الجماعي في اتخاذ ق ارراتها؛ وهي إذ تعمل وفق‬
‫هذه اآلليات إنما تحاول توسيع الرؤى‪ ،‬والتقليل من احتماالت الخطأ في نشاطها‪ .‬لقد أصبح نظام‬
‫المداوالت قاعدة في الديمقراطية المحلية‪ .‬لذلك يجب التمييز بين ثالثة صور من المداولة تكمل بعضها‬
‫بعضا في تسيير شؤون الجماعات المحلية‪:‬‬

‫‪186‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -1-2-4‬المداوالت السياسية واالجتماعية ‪:‬‬


‫تتعلق بالنقاشات التي تقوم بها المجالس الشعبية المحلية والتي يتم فيها معالجة الشؤون المحلية‬
‫حسب األهمية واألولوية وطرح الحلول المناسبة لها على شكل مشاريع حلول أو اقتراحات ألنها تأتي على‬
‫‪‬‬
‫شكل مداوالت تأخذ صفة القرار الجماعي ‪.‬التملك هذه المداوالت قوة التنفيذ إال بعد المصادقة القانونية‬
‫والرأي الشرعي بالموافقة من طرف سلطة الوصاية‪ .‬تلجأ الجماعات المحلية إلى استشارة أو إشراك ممثلي‬
‫المجتمع المدني أو لجان األحياء عند الضرورة وغالبا تحت ضغط االحتجاج بغرض استطالع أرائهما‬
‫واقتراحاتها عن الحلول الممكنة‪ .‬إذ يقوم بعض رؤساء المجالس الشعبية البلدية بذلك‪ ،‬من حين ألخر‬
‫وحتى بعض الوالة أصبحوا ينظمون لقاءات جوارية مع المواطنين ‪ ،‬للوقوف عن مظاهر عجز التنمية‬
‫المحلية‪ .‬لكنها في كل الحاالت تبدو تلك المباد ارت الجوارية على شكل عمليات ذات عالقات عامة‪.‬‬
‫والسبب في ذلك أن المداولة والنقاش العام ليست قاعدة في عمل السلطات العمومية‪ ،‬بل استثناءا‪ ،‬عندما‬
‫تتأزم األوضاع فقط‪ .‬وتتصاعد التهديدات نحو مركز القرار او ضد كل ما يرمز له في الفضاء العام‪.‬‬
‫‪ -2-2-4‬المداوالت اإلدارية والتقنية ‪:‬‬
‫يأخذ الحل في هذا المستوى من التداول طابعا إداريا وتنظيميا في صيغة تقنية أي إدخال‬
‫المتغيرات الكمية والكيفية في تقديرات االقتراح و الحل؛ بمعنى كلفة اإلنجاز بكل أبعادها اإلجرائية والمالية‬
‫والفنية‪ .‬ففي البلدية يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي رفقة نوابه ومصالحه اإلدارية ال سيما األمين‬
‫العام للبلدية على تحضير اإلطار القانوني واإلجرائي المطلوب حيال الحلول المقترحة قبل اتخاذ القرار‬
‫النهائي‪.‬‬
‫كما تتولى اللجنة التقنية‪1‬على مستوى الدائرة وبمساهمة مصالح الدولة الخارجية (اإلدارات‬
‫اإلقليمية للدولة)‪ ،‬المناقشة التقنية (كما وكيفا) لالقتراحات األولية المتداولة حولها‪ ،‬قبل تداولها في لجان‬
‫الصفقات البلدية (كعروض أو تقييم و اختيار)‪ .‬أما على مستوى الوالية‪ ،‬يلعب مجلس الوالية دو ار‬
‫استراتيجيا رفقة باقي مصالح اإلدارة اإلقليمية للدولة في بلورة بدائل الحلول المالئمة تحت رئاسة الوالي‬
‫كسلطة محورية لها كل الوسائل والصالحيات في فرض البديل األكثر نجاعة‪.‬‬
‫‪ -3-2-4‬الدراسات و الخبرة‪: 2‬‬
‫تحتاج الجماعات المحلية إلى دراسات وخبرات المختصين في كل ميادين النشاط لذا تلجأ‬
‫إلى إبرام عقود معينة للحصول على معلومات دقيقة‪ ،‬والتقديرات الناجعة بحثا عن الفعالية والجودة في‬
‫أفضل اآلجال وأقل المصاريف أي االقتصاد في الموارد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Lamri‬‬ ‫‪Bouhait,‬‬ ‫‪L’Enquête‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Satisfaction‬‬ ‫‪au‬‬ ‫‪sein‬‬ ‫‪d’une‬‬ ‫‪Administration‬‬
‫‪Publique :Elaboration, Exécution et Evaluation, (Alger : Maison d’édition BELKEISE.‬‬
‫‪SD).‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Andre Bernard , « Les Experts et le Pouvoir », op.cit, p50.‬‬

‫‪187‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫توكل عادة مثل هذه الدراسات إلى مكاتب ومؤسسات ذات تأهيل علمي ومهني محترم‪ ،‬وتقيم‬
‫عروضها أو مقترحاتها من طرف خبراء الجماعات ؛ كإطارات ومسؤولين‪ .‬تتوج عمليات الفحص والمقارنة‬
‫بانتقاء الدراسة التي تقدم أجود العروض للقيام بدراسات الخبرة والجدوى التي تقتضيها طبيعة المشاكل‬
‫‪‬‬
‫العمومية المحلية؛ هذا األسلوب ينسجم مع برامج التنمية المحلية‪ .‬بحيث يقتضي كل نمط من السياسة‬
‫العامة طريقة معينة في المعالجة‪ .‬تتفوق السلطة اإلدارية ببعدها السياسي والتنظيمي على باقي المتدخلين‬
‫في اتخاذ القرار األنسب‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالسياسات الضبطية‪ ،‬وتتساهل نوعا ما في اإلصغاء إلى‬
‫المطالب االجتماعية‪ ،‬كسياسة توزيعية ترتبط ارتباطا وثيقا بمقاصد وفلسفة الدولة االجتماعية ذات الخلفية‬
‫الريعية‪.‬‬
‫‪ -3-4‬التنفيذ‪:‬‬
‫تعد العملية التي يتم من خاللها انجاز األهداف والحلول التي تقررت من طرف السلطة المحلية‬
‫المعنية بالمشكلة؛ حيث ترصد الموارد الضرورية بغرض تجاوز المشكل العام الذي بني على مؤشراته‬
‫االقتراح وصيغت بمقتضياته الحلول قصد تنفيذها‪ .‬يصبح التنفيذ أكثر من مجرد عملية تحتل مرتبة من‬
‫مراحل صنع السياسة العامة المحلية؛ فالقدرة على تحقيق األهداف المحددة يزيد من مصداقية المؤسسة‬
‫المحلية لدى الرأي العام‪ ،‬ويشجع المواطن على إعادة الثقة فيها‪.‬‬
‫خالصة كل ذلك‪ ،‬إن عملية التنفيذ تقع بالدرجة األولى على عاتق ومسؤولية السلطات المحلية‪،‬‬
‫ألن كل الخطوات السابقة عن هذه المرحلة ‪ ،‬إنما تعبر بوضوح عن الكفاءة اإلدارية و السياسية لهؤالء‬
‫المسؤولين‪ ،‬وما يميز تحليل السياسات العامة؛ أنها تتعلق بصورة مباشرة ‪ ،‬بالممارسة الحقيقية للسلطة‬
‫السياسية‪ 1،‬لذلك فالتنفيذ كمرحلة يشمل ثالثة خطوات متناسقة وظيفيا هي‪:‬‬
‫‪ -1-3-4‬التنفيذ كقرار سياسي‪:‬‬
‫تتحول قضايا السياسة العامة إلى سياسة بأتم معنى الكلمة باعتبارها إحدى أهم موارد التعبئة‬
‫لقدرات النظام السياسي‪ ،‬فكل ما يدور في إقليم الدولة وجماعاتها المحلية إنما يتم باسم الدولة ولحساب‬
‫الدولة و خدمة المجتمع كمصالح عامة‪ .‬فالسياسة العامة هي ق اررات سياسية وما يتخللها من تفاصيل‬
‫إجرائية‪ ،‬فالسلطات المحلية تؤدي دو ار سياسيا في هذا المجال‪ ،‬ال سيما في القضايا ذات التمثيل السيادي‬
‫للدولة على سبيل االحتكار‪ ،‬ويتعدى ذلك إلى تنمية شرعية التمثيل لدى هذه السلطات المحلية‪ .‬وبالدرجة‬
‫األولى لدى مركزها المتمثل في الوالة‪ .‬يبدو أن الوالي يحاول التوفيق بين منطق المؤسسة ومنطق التنظيم‬
‫القطاعي (التخصص الوزاري)؛ حيث يعمل على نمذجة تنفيذ السياسة العامة؛ هذه الخلفية اإلقليمية‬
‫المكلفة بتقدير عالقات القوة اإلقليمية ‪ .‬وتكييف عمل الدولة مع السياقات المحلية‪ ،‬ال سيما من حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪- Philippe Braud , « Politiques Publiques et Sociologie Politique », in : Laurie Boussaguet,‬‬
‫‪sophie Jacquot et pauline Ravinet ( sous dir), op.cit, p 522.‬‬

‫‪188‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫عالقات التداخل المؤسساتية المنظمة مع النخب المحلية‪.‬حيث ضمن هذا النموذج يسيطر البعد اإلقليمي‬
‫‪1‬‬
‫على منطق التنظيم القطاعي‪.‬‬
‫‪ -2-3-4‬التنفيذ كعملية إدارية ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫يتطلب تنفيذ قرار سياسي كخطة عمل‪ ،‬أو برنامج حل توفر إدارة الجماعات المحلية على سلطة‬
‫إدارية رئاسية تملك حرية القرار التنظيمي‪ ،‬وتحسن تحصيص الموارد المالية والمادية‪ ،‬وتجيد توزيع المهام‬
‫والمسؤوليات بين المستخدمين المكلفين بالتنفيذ‪ ،‬كل حسب تخصصه وموقعه؛ فالعمليات من تخطيط‬
‫وتنظيم وتنسيق وتوجيه واتصال ورقابة‪ 2،‬تعتبر عصب العمل اإلداري في المؤسسات المعاصرة؛ فرئيس‬
‫البلدية أو الوالي‪ ،‬ال يمكن ألي منهما أن يقوم بحسن تنفيذ الق اررات أو السياسات‪ ،‬إذا اختلت العمليات‬
‫اإلدارية في إدارته‪ ،‬وخصوصا إذا لم يتمكن من توحيد مركز القرار‪ ،‬أو ال يستطيع السيطرة على مراكز‬
‫القرار الثانوية التي يفترض فيها‪ ،‬أن تكون إجرائية أكثر منها تعبر‪ ،‬عن سلطة موازية أو معاكسة إلرادة‬
‫الممثل الشرعي في سلم السلطة المحلية‪ .‬تكامل العمليات اإلدارية و فعاليتها يؤدي بالضرورة إلى بناء‬
‫نموذج تسييري رشيد ومحفز لتجاوز مظاهر التسيب واإلهمال المالحظة في سائر إدارات الجماعات‬
‫المحلية ال سيما في المناطق الريفية والنائية‪.‬‬
‫‪ -3-3-4‬التنفيذ كوظيفة إدارية ‪:‬‬
‫تمهد العمليات اإلدارية كأسلوب تنظيمي في إدارة السياسة العامة المحلية؛ إلى تمييزها عن‬
‫‪3‬‬
‫الوظائف اإلدارية التي تتلخص في ثالث وظائف رئيسية‪.‬‬
‫‪-1‬الضبط اإلداري‪.‬‬
‫‪-2‬التسيير المباشر للمرفق العام‪.‬‬
‫‪-3‬تطبيق القانون‪.‬‬
‫هي ال تخرج عن نطاق أصول السياسة العامة بكل أنماطها و تصنيفاتها ‪.‬مما يبرر دور اإلدارة‬
‫العامة كفاعل رسمي ورئيسي في بلورة السياسة العامة في مختلف أنساق النظام اإلداري‪ ،‬وال تقبل‬
‫التفاوض أو النقاش حول القواعد القانونية التي تحكم هذه الوظائف‪ ،‬على اعتبار أنها تستهدف تحقيق‬
‫المصلحة العامة للمجتمع‪ .‬في حين ‪ ،‬أي إخالل أو تهاون فيها يترتب عنه‪ ،‬أزمات مزمنة مثل تلك التي‬
‫الزالت تتخبط فيها العديد من دول العالم الثالث؛ ال سيما تطبيق القانون‪ ،‬حيث يمثل القانون المحدد‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe Bezes , Patrick Lelidec, «L’Hybridation du Modele Territorial Français: RGPP.‬‬
‫‪Et Réorganisations de l’Etat Territorial », Revue Francaise d’Administration Publique,‬‬
‫‪n°136, (2010/4) , p924.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬مبادئ اإلدارة ‪ :‬النظريات و العمليات و الوظائف‪( ،‬األردن ‪:‬دار وائل‪ ،‬ط‪، ،)2551 ،3‬ص‬
‫‪.151‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬المبحث الثاني من الفصل األول‪ :‬المؤسسات اإلدارية المحلية‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫األساسي في مشروعية أعمال اإلدارة العامة في الدولة‪ ،‬واذا تم تجاوزه عبر المحسوبية والفساد فإنه ال‬
‫معنى ألي مقصد من مقاصد السياسة العامة المحلية أو الوطنية‪.‬‬
‫‪ -4-4‬التقييم والمراجعة‪:‬‬
‫‪‬‬
‫ينصب البحث والدراسة في هذه المرحلة على مقابلة األهداف بالنتائج في أي قطاع نشاط تعمل‬
‫على تحليله السياسة العامة‪ ،‬ومنها ينسحب الحكم أو التقييم للمراحل السابقة من حيث معايير الكفاءة‬
‫والفعالية في االنجاز واآلثار المترتبة عن ذلك‪ .‬أسلوب التقييم إذا استعمل بعقالنية يؤدي آليا إلى انتهاج‬
‫رؤية بديلة على شكل مراجعة‪ ،‬واعادة نظر في مواطن اإلخفاق‪ ،‬والفشل لتداركها وتحسين نقائصها‪ .‬إال‬
‫أن المالحظ في الجماعات المحلية؛ عدم تبني مثل هذه اآلليات؛ إال ضمن نطاق محدود وضيق نتيجة‬
‫تبعية النموذج المحلي للمركز‪ ،‬ويتم وبآلية وصفية إعداد جرد إحصائي‪ ،‬صامت للعمليات المالية التي‬
‫برمجت والتي تصنف إلى ثالث أصناف‪:‬‬
‫العمليات المبرمجة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العمليات المنجزة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بواقي االنجاز‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تعرض على أنها حصيلة سنوية أو حصيلة العهدة‪ .‬وتتولى إدارة الجماعات المحلية المركزية‬
‫(و ازرة الداخلية) التقييم والمراجعة من منظور تحليل مقارن متعدد المداخل‪ ،‬والمؤشرات‪ :‬كسياسة حكومية‬
‫في مجال إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬ويتولى الوالة دو ار حيويا في تنفيذ السياسة العامة المحلية كمفوضين‬
‫من الحكومة بصفتهم التمثيلية المزدوجة‪:‬‬
‫كإداريين في مناصب اإلطارات العليا للدولة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كسياسيين يمثلون السلطة السياسية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تتضافر عدة عوامل في تقييم السياسة العامة المحلية‪ ،‬وال تتوقف عند النظام المؤسساتي الذي‬
‫تسير به الجماعات المحلية فقط‪ ،‬و إنما تتعداه إلى تحليل متغيرات بيئة النظام السياسي الذي أوجد‬
‫النموذج المحلي وصادره لصالح المركز‪ ،‬على حساب التكفل األمثل بالشؤون المحلية وفق التطورات التي‬
‫‪1‬‬
‫طالما أن النموذج الجزائري يحاكي النموذج‬ ‫يشهدها حقل الجماعات المحلية في الدول المتقدمة‪.‬‬
‫الفرنسي على األقل في نمطيته الشكلية‪ .‬فإن فرنسا لم تدرج الجماعات المحلية في سياسة المراجعة العامة‬
‫للسياسات العامة (‪ )RGPP‬بسبب ‪ ،‬أنها مسيرة من طرف المعارضة‪ ،‬وعالقاتها المتوترة مع الدولة‪ ،‬مما‬
‫لم يشجع على الحوار في الموضوع رغم أن المراجعة العامة تؤثر على الجماعات المحلية‪ ،‬ألنها والدولة‬
‫تنتميان لنفس النظام المؤسساتي وتتدخالن في نفس اإلقليم المشترك‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Luc Pissaloux, Didier Supplisson, « Revues de Programmes et Collectivites‬‬
‫‪Territoriales », Revue Francaise d’Administration Publique, n°136, (2010/4 ), p 957.‬‬

‫‪190‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫خامسا‪ :‬معوقات السياسة العامة المحلية‬


‫تعترض عمليات رسم السياسات العامة عدة عراقيل ومشاكل‪ ،‬وصعوبات‪ ،‬تكون في أغلب‬
‫األحيان‪ ،‬حصيلة لتفاعالت أنساق النظام السياسي‪ ،‬المتداخلة وظيفيا تحت سلطة رئاسية مركزية تحترف‬
‫‪‬‬
‫الجهاز‬ ‫الهيمنة‪ ،‬وتلحق بها كل مستويات اتخاذ القرار‪ .‬بغرض المصادرة والحلول‪.‬حيث يتحول‬
‫البيروقراطي إلى آلة تحكمية إلمرار منطق اإلرادة السياسية المركزية على حساب منطق المؤسساتية‪،‬‬
‫وتكامل األنظمة والبرامج في ظل اإلمعان في الترويج لقيم الديمقراطية المحلية‪ ،‬كبديل استراتيجي عن‬
‫الروح األبوية الموروثة عن النماذج التسلطية التي سادت المشروع االشتراكي‪ .‬وهي مقدمة كافية لتأكيد‬
‫تهميش الجماعات المحلية‪ ،‬وعن المساهمة الفاعلة في رسم السياسات العامة‪ .‬حيث ركزت تحاليل‬
‫السياسات العامة على المستوي الوطني ولم تهتم بالبعد اإلقليمي واعتبرت الجماعات المحلية حقل تدخل‬
‫وفقط ‪.1‬‬
‫إن استمرار النظر إلى مخرجات السياسة العامة على أنها حقوق وخدمات أدى إلى تأثير محدود‬
‫وسلبي في الحياة العامة ‪ ،‬ولم تتمكن من خالله الجماعة المحلية من أداء مهامها كما يجب ‪ ،‬بل‬
‫ضاعف من مشاكلها ولم تجد المعالجة االجتماعية للمشاكل العمومية عبر الحصص المالية الموجودة‪،‬‬
‫من بناء نموذج محلي في السياسة العامة‪ ،‬مستقل وعقالني‪ ،‬ال تتوقف حركته على االستجابة‬
‫الستعجاالت ضغوط المطالب‪ ،‬كمواقف تقتضيها حاجات األجهزة والعصب التي تشغل أنساق النظام‬
‫السياسي‪ ،‬وتتنشر في إقليم الدولة‪ .‬وانما يستطيع صناعة رؤية تقديرية بعيدة المدى‪ ،‬وتصبح قاعدة‬
‫ومرجعية في العمل العمومي المحلي‪ .‬أي تطوير إطار العمل المؤسساتي للجماعات المحلية إلى أحد‬
‫الثوابت التي تبنى فيها االستراتيجيات وتجدد فيها األفكار والوسائل‪ .‬أو بمعنى أخر إتباع منطق المؤسسة‬
‫وتجاوز االحتكارات البيروقراطية التي أصبحت تميز عمل النخب الرسمية المحلية وامتداداتها الزبائنية‪،‬‬
‫من خالل تنمية العوامل المباشرة للعجز واصطناع العراقيل ‪ ،‬على شكل حلقات متداخلة ودائمة ال يعرف‬
‫حلها وال أحد يتحمل مسؤولية عواقبها‪.‬‬
‫لعل أبرز مصدر يمكن االعتماد عليه في تفسير مشاكل السياسة العامة المحلية؛ يعود إلى‬
‫التناقضات التي تطبع العالقة بين العلم والعمل؛ من حيث التصور والتطبيق ‪ .‬فالسياسة العامة هي وليدة‬
‫اإلرادة السياسية الحاكمة؛ فكل ما يتم إنما يجب أن تعود نتائجه على تدعيم شرعية النظام السياسي‪،‬‬
‫وتنفيذ الق اررات الصادرة عنه أليا ‪.‬ألنها ببساطة تخدم استمرارية النموذج القائم‪ .‬ويعمل النظام المؤسساتي‬
‫للجماعات المحلية وفق تلك النظرة ؛ فالغائية السياسية ببعدها الشعبوي تتحكم في كل مقومات الخطط‬
‫وبالتالي‪ :‬يترتب عن هذه‬ ‫المصاغة‪ ،‬بموجب السياسة الوطنية والمحلية على حد سواء‬ ‫والبرامج‬
‫التفاعالت التي تفرزها الحياة السياسية‪ ،‬عوامال أساسية تبين للباحث بنوع من التفصيل درجة التأثير التي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Emmanuel Negrier « Du Local sans idées aux idées Territoriales », op.cit, p.163‬‬

‫‪191‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫تنتج عن صراع أو تنافس المتدخلين في صنع السياسة العامة فيما بينهم‪ ،‬أو بين الفاعلين االجتماعين‬
‫وممثلي البيروقراطية السياسية في إدارة السياسة العامة ‪.‬‬
‫تحيلنا الدراسة إلى محاولة رصد مجموعة من المعوقات أو العراقيل نوجزها ضمن أربع (‪ )54‬نقاط‬
‫‪‬‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1-5‬أزمة التغلغل االجتماعي ومركزية القرار المحلي‪:‬‬
‫ال تستغل الجماعات المحلية موارد اإلقليم الحقيقية عند محاولة معالجة مشكل عمومي‪ ،‬فالمعرفة‬
‫السطحية ال تساعد رسم سياسة عامة محلية ذات مرد ودية اجتماعية أو سياسية‪ ،‬بقدر ما تزيد من تعقيد‬
‫األمور عبر االحتجاج والمطالب الالمتناهية مما يجرد المؤسسة المحلية بشقيها اإلداري والسياسي من‬
‫أي مصداقية ‪ .‬يفترض في السلطات المحلية أن تنجز تغلغال عموديا ايجابيا في وسط المجتمع المحلي‬
‫عبر انجاز بطاقية إحصائية ثابتة ومحينة عن السكان‪ ،‬وعن الموارد‪ ،‬وعن تهيئة االقليم وتعميره وتسييره‬
‫‪....‬الخ حتى إذا ما استدعت الحاجة له‪ ،‬كانت كل المعطيات مدروسة ومعدة‪ ،‬إلسناد واتخاذ أي قرار في‬
‫الموضوع المطلوب في أي وقت‪ .‬وتتمثل أسباب هذا المحور فيمايلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قلة المعلومات وعدم دقتها عن الحاجة العامة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تعيين المشكل العام وتحديده يتم عشوائيا أو تحت الضغط في االعم الغالب ‪.‬‬
‫‪ -3‬فقدان الثقة بين الجماعات المحلية والسكان ‪.‬‬
‫‪ -4‬بطء إجراءات اتخاذ القرار ‪.‬‬
‫‪ -2-5‬قلة االهتمام الجماعي بالشأن العام المحلي ‪:‬‬
‫رغم الجهود التي تبذلها الدولة في مجال التنمية بكل أصنافها‪ ،‬يالحظ بجالء تام ضعف االهتمام‬
‫بالشؤون العامة المحلية‪ ،‬من حيث المشاركة والحفاظ على المنجزات وصيانة الفضاء العام من العبث‬
‫واإلهمال‪ ....‬الخ مما يحول رهانات السياسة العامة المحلية إلى مجرد أماني غير مضمونة األثر في‬
‫حياة المجتمع المحلي ؛ كجماعة بشرية تحتاج على الدوام إلى المزيد من الخدمات ‪ ،‬والمشاريع‬
‫المشتركة فيما بينها‪ .‬فاإلهمال والالمباالة والتسيب والتخريب وعدم تثمين المنجزات تجعل عمل الجماعات‬
‫المحلية يسير في دوامة النهاية لها‪ ،‬وفي تقديرنا يمكن رد سبب ذلك إلى العوامل التالية‪:‬‬
‫تراخي سياسات الضبط اإلداري ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فقدان الثقة في عمل السلطات العمومية المحلية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تضخم تنظيمات المجتمع المدني وعدم فعاليتها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التباينات أو التداخالت بين األرياف والمدن‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تراجع ردعية الوازع األخالقي والديني‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫سطحية تأثير مؤسسات التنشئة المدنية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪192‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫على‬ ‫يقوم به األفراد‪ ،‬كجماعة من السكان منتشرة‬ ‫يتعلق األمر بالسلوك المجتمعي الذي‬
‫تجمعات أو وحدات سكنية في إقليم الجماعات المحلية‪ ،‬حيث تعطي مؤشرات موضوعية عن العالقة‬
‫التي تسود بين طرفي صناع السياسة العامة األساسيين؛ المجتمع والدولة على مستوى النطاق المحلي؛‬
‫‪‬‬
‫فعمل كل طرف ال يصل كما يجب للطرف األخر؛ مما يعني أن المسألة االتصالية كحالة جفاء‪ ،‬تعكس‬
‫أحد المظاهر الرئيسية عن أزمة شرعية التمثيل في أوضح صورها‪ ،‬فلم يعد الفضاء العام يعبر عن نفسه‬
‫كعالقات اجتماعية وسياسية ورمزية ‪ ،‬لبناء واعادة بناء مشروعية الفاعلين الذين يساهمون في رسم‬
‫السياسات العامة المحلية وتنفيذها‪ ،‬بقدر ما أصبح هذا الفضاء وشاغليه مصد ار للتوتر والصراع‪ .‬وهذا‬
‫مناخ تتراكم فيه المعوقات وتوجه فيه المشاكل العامة ذات المنفعة العامة‪ ،‬إلى محاوالت لتعظيم المنافع‬
‫الفردية أو الخاصة ضمن شبكة من العالقات ‪،‬ال تفتأ أن تحصل كقيم مادية على حساب مصلحة‬
‫الجماعة المشتركة‪ .‬اي شراء السلم االجتماعي يفرض اتباع االسلوب االنتهازي في الترويج له‪ ،‬والدفاع‬
‫عن المكاسب لخدمة البعض على حساب المصلحة المشتركة‪ ،‬مما يتيح المجال خاليا للثقافة الزبائنية في‬
‫معالجة الشان العام ‪.‬‬
‫‪ -3-5‬النمط الفوقي لسياسات التنمية المحلية ‪:‬‬
‫يرتبط هذا المشكل ويتجدد على ضوء دور الدولة وعالقتها بنظام الجماعات المحلية ‪،‬حيث تتولى‬
‫تقرير كل السياسات وتجعل من اإلقليم مجال تدخلها‪ ،‬وأداة تنفيذها‪ .‬يستحوذ المركز على الصالحيات‬
‫الممنوحة لألطراف‪ ،‬وال يتركها تنشط إال وفق ما تكفله القواعد التنظيمية الثانوية؛ من حيث اإلجراءات‬
‫التنفيذية واآلجال‪ .‬وتبدو األوضاع وكأن الجماعات المحلية ال تساهم بما يكفي إلدارة شؤونها من دون‬
‫وجود الدولة وسياساتها الفوقية أو النازلة؛ طالما أن الشؤون المحلية متجانسة إلى حد كبير‪ .‬وبذلك يتم‬
‫توزيعها على البلديات والواليات على شكل حصص؛ طبقا‬ ‫برمجتها على المستوي الوطني‪ ،‬ويعاد‬
‫لمؤشرات اجتماعية واقتصادية معتمدة من قبل مؤسسات الدولة ‪ ،‬كدراسات خبرة ومعاينة مقارباتية في‬
‫إطارها العام الرسمي كحاجات عمومية ذات نفع عام ‪.‬‬
‫يكرس النمط الفوقي‪ ،‬نموذج السلطة الرئاسية والمركزية الشديدة ‪ ،‬ويقلص من نطاق تدخل‬
‫الجماعات المحلية في معالجة مطالب المجتمع المحلى‪ ،‬بسبب العجز المالي وضعف التأطير وعدم توفر‬
‫الحد األدنى من اإلرادة السياسية ‪ ،‬للدفع بالجماعات المحلية نحو االستقاللية في القرار وصنع السياسات‬
‫المنتجة ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫‪ -4-5‬غياب البعد االستشرافي لمحورية الجماعات المحلية في السياسات العامة الوطنية‪:‬‬


‫ال ينظر للجماعات المحلية عند رسم السياسات العامة إال كمجال تدخل؛ وال تمكن من طرح‬
‫‪‬‬
‫بدائلها أو استطالع أرائها لدى صانعي القرار السياسي على مستوى المؤسسات المركزية؛ رغم أنها‬
‫مؤسسات قاعدية واألقرب في تحديد المصالح المحلية العامة ‪ ،‬التي يطلبها المواطن‪ .‬بذلك يلحق العمل‬
‫المحلية‪ ،‬وتغيب تماما كفاءتها‬ ‫المحلى بمسار التبعية المتعدد األوجه‪ ،‬الذي يميز نشاط الجماعات‬
‫التنمية‪ ،‬وادارة التغيير‬ ‫قضايا‬ ‫لمعالجة‬ ‫التقديرية عند البحث االستراتيجي ‪ ،‬عن أنجع السياسات‬
‫االجتماعي أو تسيير الموارد االقتصادية في المنظور الوطني الشامل ‪.‬‬
‫هي حالة قائمة‪ ،‬كنتاج لطبيعة عمل النظام المؤسساتي الذي يحكم الجماعات المحلية‪ ،‬اذ‬
‫يكرس التناقضات بين اإلطار القانوني والممارسات في الميدان؛ أي أصبحت المؤسسة القاعدية تحمل‬
‫أفكار وترمي إلى تحقيق بعض المنافع لكن من دون وسائل اذا لم تتدخل الدولة‪ .‬مما أدى إلى اتساع‬
‫ا‬
‫الهوة بين المجتمع والمؤسسات المحلية على الشكل التالي‪:‬‬
‫طغيان النزعة القطاعية في النشاط المحلى ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ركون المنتخبين المحليين إلى منطق البيروقراطية السياسية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سوء تثمين القدرات الذاتية المنتجة لدى الجماعات المحلية ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫إقصاء النخب المحلية من االستشارة والخبرة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪194‬‬
‫____________________ السياسة العامة المحلية‪:‬آليات عامة لشؤون محلية‬ ‫الفصـل الثالث‬

‫خالصة الفصل‬

‫رغم األهمية التي تولى للجماعات المحلية؛ في التنظيم والتسيير للمصالح العمومية المحلية؛ من‬
‫‪‬‬
‫خدمات‪ ،‬وضبط إداري‪ ،‬تضامن اجتماعي‪ ...‬الخ إال أنها تتميز بدور محدود جدا عند رسم السياسة‬
‫العامة في الدولة؛ وينظر لها انطالقا من مركز النظام السياسي على إنها مجال تدخل وتنفيذ إرادة‬
‫الدولة‪ ،‬التي الزالت ‪،‬ال تسمح بوجود متدخلين ثانويين حتى ولو كانوا رسميين ‪ ،‬يمثلون جزءا مؤسساتيا‬
‫في نفس اإلقليم الوطني المشترك‪ .‬ولذلك يتم معالجة الشؤون المحلية ضمن البرنامج الوطني أو‬
‫اإلقليمي القطاعي ثم المحلي في نطاق ضيق ‪.‬‬
‫تصاغ السياسة العامة في الدولة بنظرة مثالية وشعبوية‪ ،‬حيث تلعب اإلدارة المركزية دو ار هاما‬
‫فيها؛ من حيث التصور والتنفيذ والمراجعة والتقييم‪ ،‬وتحاول تحقيق أثار معينة في تحويل المجتمع إلى‬
‫أفضل الحاالت‪ .‬تعمل "سياسة الوصاية" المتبعة تجاه أعمال الجماعات المحلية على تكبيل فعاليتها‬
‫ومصادرة قرارها عند معالجة المشاكل العمومية المحلية عبر ضبط ماليتها ومراقبتها‪ ،‬وال تسمح لها حتى‬
‫االجتهاد في حدود الصالحيات المكفولة بموجب اإلطار القانوني والتنظيمي الساري به العمل؛ لتبدو أمام‬
‫الرأي العام وكأنها قاصرة ال تقدر على أي شيء‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬فدراسة السياسة العامة المحلية‪ ،‬تندرج ضمن الطرح الوطني بمقتضى الخصوصيات‬
‫المحلية ذات الشأن المحلي‪ .‬وفي الغالب ليست سياسات صاعدة مبنية على قدرات وكفاءات هذه‬
‫الجماعات وانما ذات طبيعة تنفيذية مقررة ومرسومة سياسيا من قبل الحكومة‪ :‬هذه األخيرة التي بدورها‬
‫تشرف على تنفيذ تلك السياسات من خالل إدارتها اإلقليمية وتقديم مرافقة تقنية وتنظميه‪ ،‬إجبارية لإلدارة‬
‫البلدية عند التصور والتنفيذ معا‪ ،‬مما يعمق من تبعية الجماعات المحلية ويبقيها في مرحلة ‪،‬من االنتقالية‬
‫شبيهة بأنساق النظام السياسي األخرى في الدولة ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫إدارة التنمية المحلية‪ :‬البحث‬
‫عن فعالية التسيير االقتصادي‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫مدخل الفصل‬
‫يشمل مفهوم التنمية عدة معاني ودالالت؛ تفهم خالل السياق الموضوعي الذي يستخدم فيه هذا‬
‫المفهوم او ذاك‪ .‬وحسب االطار المرجعي والفكري للباحث‪ .‬وال يمكن تجاهل السياسات التي تعمل على‬
‫تنفيذ البرامج او الخطط التنموية في الدولة‪ .‬يتضمن مفهوم التنمية باعتباره مفهوما مركبا ومعقدا سلسلة‬
‫‪‬من التعاريف والتحديدات بسبب تواجده المعرفي وانتشاره الواسع ضمن مختلف ميادين المعرفة والدراسات‬
‫والبحوث العلمية‪ .‬ثم ان االستخدامات العملياتية لمرادفاته واستعارة تعابيره بكثافة‪ ،‬للداللة على قياس‬
‫‪1‬‬
‫حركية المجتمع من سكونه جعلته يظهر ويوظف وفق عدة مصطلحات شائعة نذكر اهمها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬التخلف‪ :‬هي حالة من التردي العام واالنحطاط الشامل في مختلف الجوانب المجتمعية‪ ،‬وارتفاع نسبة‬
‫الفقر في المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬التطوير‪ :‬يعني اجراء تعديالت كلية او جزئية في مجال من المجاالت المجتمعية بحيث يتم االنتقال او‬
‫التغير من في االشياء او المسلكيات من وضع ألخر افضل منه‪ .‬وبالتالي فان التطوير يعني التقدم‬
‫أي التحسن الكمي والنوعي‪.‬‬
‫‪ ‬التطور‪ :‬يتضمن وصفا لحالة االنتقال من وضع ألخر وفقا لتسلسل مرحلي وزمني‪ .‬ويعتبر التطور‬
‫مفهوما محايدا ألنه يشمل تسجيال للوقائع ومجريات حدوثها وما يتصل بها من ظروف ومقاييس كمية‬
‫ونوعية‪.‬‬
‫‪ ‬التحديث او الحداثة‪ :‬تعني مواكبة التطورات ومراعاة الظروف والمسلكيات والمعايير السائدة في أي‬
‫مجال من المجاالت في فترة زمنية معينة‪ .‬والقصد منها يعني االخذ بأفضل االشياء والسبل التي‬
‫توصل اليها االنسان‪.‬‬
‫‪ ‬النمو االقتصادي‪ :‬من اهم المصطلحات الغالبة في توصيف التنمية‪ .‬يعني تحسين الفعالية االقتصادية‬
‫وتعزيز الرفاه المادي للمجتمع‪ .‬وزيادة الدخل الوطني والفردي‪.‬‬
‫‪ ‬التغيير‪ :‬يعني استبدال الوضع الحالي كليا او جزئيا بوضع اخريختلف عنه نسبيا‪ ،‬الن التغيير قد يكون‬
‫محدودا او شامال كما قد يكون بسيطا اوجذريا‪ .‬كما قد تكون ايجابية او سلبية‪ .‬كما ان هناك جوانب‬
‫كمية ونوعية للتغيير‪ .‬ويتضمن التغيير االفالت من الجمود وكسر الواقع الحالي بطريقة وبدرجة اخرى‪.‬‬
‫تتوقف عملية التنمية على مجموعة كبيرة من المبادئ والمقومات ‪ ،‬مترابطة ومنسجمة‬
‫‪2‬‬
‫ومتكاملة مع بعضها البعض‪ .‬نورد اهمها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬التخطيط الواعي والمنظم والمدروس للتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬قيام التنمية على اسس مجتمعية‬

‫‪ -1‬نائل عبد الحافظ العواملة‪ ،‬ادارة التنمية‪ :‬االسس – النظريات–التطبيقات العملية‪( ،‬االردن ‪ :‬دار زهران ‪،)9002.‬‬
‫‪.‬ص ‪.‬ص‪.23-29 .‬‬
‫‪ -2‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.‬ص‪.22 ،23.‬‬

‫‪197‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬التوازن الشامل بين مختلف قطاعات التنمية‪.‬‬


‫‪ ‬الربط بين التنمية والعلم والتكنولوجيا واالبحاث‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بادارة التنمية وتنظيمها علميا وخاصة معايير الكفاءة والمؤسسية‪.‬‬
‫‪ ‬االنفتاح والتعاون االيجابي بين الدول‬
‫‪ ‬توفير متطلبات وشروط التنمية‪.....‬‬ ‫‪‬‬

‫توصف اإلدارة العامة بأنها مجموعة من األنشطة الالزمة لتخطيط برنامج العمل؛ لتحقيق‬
‫أهداف السياسة العامة للدولة‪ .‬وضع هذا البرنامج موضع التنفيذ‪ ،‬والتأكد من أن النتائج تتفق وما تسعى‬
‫السياسة العامة إلنجازه‪ .‬هدف اإلدارة العامة هو تحقيق السياسة العامة وترجمة أهداف الدولة في واقع‬
‫عملي فهي أداة أساسية لتحقيق األهداف وتنفيذ السياسات‪ .‬وهي بذلك تمثل مجموعة النشاط الحكومي‬
‫والعمل الحكومي وغير الحكومي نحو تقديم أفضل الخدمات‪ .‬ويترتب عن ذلك تفهم اإلدارة للطبيعة‬
‫السياسية للدولة‪ .‬حيث أن أداء القادة اإلداريين والتنفيذيين ال يكون في فراغ بل في إطار المصلحة العامة‬
‫للدولة‪.‬يمكن النظر الى ادارة التنمية كنظام فرعي من منظومة معقدة ومتداخلة من االنظمة المجتمعية‬
‫بمختلف مستوياتها‪ .‬فإدارة التنمية هي جزء من االدارة العامة تركز على قضايا التنمية بكل ابعادها‬
‫النسقية‪ .‬تختص ادارة التنمية بكل اوجه النشاط التي تسهم في تغيير وتطوير واقع المجتمعات النامية‪،‬‬
‫سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية او حضارية‪ .‬وهذا هو المفهوم الحضاري الشامل للتنمية‪.‬‬
‫التنمية في اطار هذا المفهوم تعني الجهود الموجهة لتحقيق التغيير وتحقيق النهضة الشاملة‪ .‬وهي عملية‬
‫‪1‬‬
‫يتم بموجبها االنتقال من وضع متخلف الى وضع متقدم‪:‬‬
‫‪ ‬ادارة التنمية هي ادارة التغيير لكافة اوجه النشاط والخدمات واالنتاج‪ .‬هذا المفهوم يوضح جانبا هاما‬
‫في عالقة مشروعات التنمية الجديدة باالجهزة الحكومية التقليدية‪ .‬وارتباط ادارة هذه المشروعات‬
‫بالعملية االدارية على مستوى الدولة‪ .‬وخاصة فيما يتعلق بالجوانب التشريعية والتنظيمية والمالية ‪.‬‬
‫‪ ‬ال تكمن اهمية ادارة التنمية في الموارد المالية بقدر ما تكمن في عدم توفر القدر الكافي من الكفاية‬
‫االدارية والقدرة على ادارة المشروعات بنجاح‪ .‬وذلك بسبب العوامل التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬كيان الدولة السياسي مرتبط الى حد كبير بالدور الذي يمكن ان تؤديه االدارة بنجاح في المجتمع ‪.‬‬
‫‪ ‬االدارة في الدولة مسؤولة عن اشباع حاجات المجتمع ‪.‬‬
‫‪ ‬االدارة العامة في الدول النامية هي المسؤولة عن توفير الخدمات العامة الضرورية ألعداد متزايدة من‬
‫الجماهير‪ .‬وهذه الخدمات اصبحت عنص ار هاما من عناصر عالقة الحاكم بالمحكوم‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الكريم درويش‪ ،‬وليلى تكال‪ ،‬اصول االدارة العامة‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬مكتبة االنجلو مصرية‪ ،)5221 ،‬ص ص ‪-913‬‬
‫‪.962‬‬

‫‪198‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫ظهرت ادارة التنمية كحقل متخصص من العلوم االدارية والسياسية غداة استقالل بعض‬
‫الدول‪ ،‬وذلك بغرض تأسيس–بناء الدولة الوطنية وتنظيم المجتمع‪ .‬وتتحول كل االجهزة االدارية الى ادارة‬
‫عامة للتنمية الشاملة‪ .‬وذلك تحت ضغط الظروف داخليا وخارجيا مما يجعلها متميزة وتتولى عدة مهام‬
‫‪1‬‬
‫وتمثل محور النظام االداري للدولة ‪:‬‬
‫‪ ‬مواجهة االثار الكارثية لالستعمار‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد برامج المساعدات الخارجية بشكل منظم ومكثف‪.‬‬
‫‪ ‬التطور الكمي والنوعي للدراسات االدارية والعلوم االجتماعية المرتبطة بإدارة التنمية‪.‬‬
‫‪ ‬عجز االجهزة االدارية القائمة على مواجهة التحديات التنموية الكبرى‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف قدرات القطاع الخاص في الدول النامية وحاجته للبنى التحتية ‪.‬‬
‫تمثل ادارة التنمية انطالقة جديدة لالدارة العامة من النواحي العلمية والنظرية والعملية‪ .‬كما تعتبر استجابة‬
‫للتحديات التنموية التي تواجه هذه الدول‪ .‬وتتصف ادارة التنمية بخصائص ومهام نوجزها في االتي‪:‬‬
‫‪ ‬ترتبط ادارة التنمية بالطموحات واالهداف والمشكالت التنموية‪.‬‬
‫‪ ‬ينظر اليها كإدارة ابداعية في مجال االدارة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬ذات دور ريادي وتوجيهي للشراكة بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬
‫‪ ‬اداة حيوية للتغيير المجتمعي‪.‬‬
‫‪ ‬تقوم ادارة التنمية بعدة مهام نذكر اهمها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬التخطيط التنموي الذي يحدد االهداف ويعبئ الموارد الالزمة‪.‬‬
‫‪ ‬االشراف على تنفيذ الخطط التنموية ومتابعتها ومراقبتها وتقييمها‪.‬‬
‫‪ ‬التنسيق والتعاون المركزي والالمركزي‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام باالتصاالت الرسمية والجماهيرية‬
‫‪ ‬اقامة بنك معلوماتي للمساعدة على اتخاذ القرار في ادارة الخطط‪.‬‬
‫‪ ‬بناء المؤسسات االدارية التنموية‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بالتطوير االداري الشامل من حيث التنظيم والهياكل والوظائف واالجراءات والتشريعات ‪...‬‬
‫عاشت وال زالت الدول النامية جدلية التطور السياسي والتنمية االدارية أي البحث عن تحديد‬
‫طبيعة الدور الذي تؤديه البيروقراطية في الحياة السياسية‪ .‬كفاءة الجهاز البيروقراطي يسهل وينظم عملية‬
‫التطور السياسي‪ .‬أي نظام سياسي اليمكن ان يطور نظاما داخليا او نظام جمع وتوزيع دون بيروقراطية‬
‫حكومية حديثة في الدول النامية‪ .‬هناك عدم توازن في التطور السياسي والبيروقراطي حيث تهيمن‬

‫‪1‬‬
‫نائل عبد الحافظ العواملة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.52-51‬‬

‫‪199‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫البيروقراطية الثقيلة لتصادر في النهاية شروط التطور السياسي‪ .‬وتشوه نتائج السياسات الوطنية للتنمية‬
‫وتكرس مظاهر اليأس والتردي العام في المجتمع‪.‬‬
‫االهتمام المتزايد بالبيروقراطية مبعثه التخوف من ان تظل عن دورها االداري لتصبح قوة‬
‫متحكمة في الجهاز السياسي‪ .‬وهو مبدا محوري في التوجهات المستقبلية في الدول النامية‪ .‬حيث تظهر‬
‫‪‬سطوة النخبة البيروقراطية في ادارة الحراك السياسي‪.‬فالدول النامية لها حكومات غير متوازنة تقوم على‬
‫سياسات بيروقراطية تميل وترغب في ايقاف النمو السياسي‪ ،‬نتيجة للتوسع غير الناضج للبيروقراطية‪ ،‬في‬
‫‪1‬‬
‫الحاالت التي يضعف فيها الجهاز السياسي‪ ،‬وهذا يؤثر كذلك على الوضع االداري ويعيق ادؤه‪.‬‬
‫الجزئري في التنمية كمشروع اجتماعي‬
‫اوال‪ :‬النموذج ا‬
‫يمكن التأكيد بداية أن طبيعة المشروع التنموي الذي تم تبنيه بعد االستقالل هو تتويج منطقي‬
‫لنضاالت الحركة الوطنية وتضحياتها‪ ،‬واكتسى هذا المشروع‪ ،‬خاصية الشمولية واالتزان بين جميع‬
‫قطاعات النشاط االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ألنه ال يمكن التفرقة بين هذه القطاعات طالما أنها تستهدف‬
‫في النهاية خدمة المواطن على أساس العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫فإستراتجية التنمية ال تتسم بالعدمية‪ ،‬أي االنطالق من الالشيء‪ ،‬بل العكس تأخذ بانتقاء‬
‫أفضل الوسائل واألفكار‪ ،‬واعادة تحريكها في فضاء تفاعلي نحو إحداث تغيير عقالني ملموس‪« ،‬التنمية‬
‫هي عملية تراكمية متواصلة‪ ،‬ومتحكم فيها اجتماعيا‪ ،‬لنمو قوى اإلنتاج‪ ،‬تشمل اجتماع االقتصاد والسكان‪،‬‬
‫وتتم على قاعدة تحوالت بنيوية عميقة ال تكون ممكنة بدون إلغاء المعوقات االجتماعية والسياسية‬
‫واإليديولوجية والثقافية‪ ،‬الشيء الذي يتطلب إنجاز التحرير القومي والثورة االجتماعية»‪.2‬التنمية وفق هذا‬
‫المفهوم هي تعبير عن مشروع مجتمعي‪ ،‬وعليه يرى أحد الباحثين أن أي محاولة تحديث في دول العالم‬
‫الثالث ال يمكن أن تنجح إذا لم يكن هذا المشروع تعبي ار صادقا عن واقعه الخاص وعن قيمه المتميزة‪ ،‬واذا‬
‫تناسى هذه الحقائق محكوم عليه بالفشل مسبقا وخير مثال على ذلك‪ :‬إيران الشاه‪ ،‬وتركيا‪ ،‬اللتان فشال في‬
‫هما التحديث الغربي‪ 3.‬وهذا ال يعني عدم االستفادة من الخبرة الغربية في التحديث والتنمية‪ ،‬وانما الدعوة‬
‫لتفادي االكتفاء بالنماذج الجاهزة ومحاولة إسقاطها على الواقع الخاص‪ ،‬وبالتالي ال تشكل إطا ار نظريا‬
‫قاد ار في نمطيته المجردة على تحديد وتفسير عوامل التخلف والتنمية انطالقا من تشخيص مسبق‬
‫لألوضاع المراد تغييرها‪.‬‬

‫‪ -1‬فيريل هيدي‪،‬االدارة العامة‪ :‬منظور مقارن‪ ،‬ترجمة (محمد قاسم القريوتي)‪( ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫‪ ،)5239‬ص‪.‬ص ‪.515-561‬‬
‫‪-2‬حسان محمد شفيق‪ ،‬المبادئ النظرية لتحليل النظم السياسية في الجزائر وايطاليا وفرنسا‪( ،‬بغداد ‪:‬د‪.‬د‪.‬ن‪،)5233 ،‬‬
‫ص‪.56.‬‬
‫‪-3‬حماني البخاري‪« ،‬العلوم االجتماعية والعالم الثالث‪ :‬حالة الجزائر»‪ ،‬مجلة الثقافة‪ ،‬العدد ‪( ،33‬جويلية ‪/‬اوت ‪،)5231‬‬
‫ص‪.33.‬‬

‫‪200‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫كما يرى باحث آخر أن التنمية ليست ظاهرة اقتصادية صرفا؛ «إن التنـمية تكـون شاملة أو ال‬
‫تكون أصال‪ ،‬والتنمية حقا مشروع مجتمعي‪ ،‬ينبع من أعماق الشعب بقصد تجديد حضارته‪ ،‬وليس لنـبذها‬
‫بدعوى التـحديث»‪ 1.‬في الجـزائر نظر للسياسة التنمـوية على أنها أداة لتحقيق اقتصاد وطني مستقل عن‬
‫الهيمنة الخارجية والسيما التبعية نحو فرنـسا؛ وكذا تدعيما وضمانا لالستقالل السياسي‪ ،‬فال غرابة إذن‪ ،‬إذا‬
‫‪‬تمثلت مخططات التنمية تحـقيق استقالل اقتصادي‪ ،‬واكتفاء ذاتي في الغـذاء‪ ،‬وتأطير نوعي وكمي‬
‫لإلدارة‪ ،‬وتنظـيم مشاريع التنمية من أجل التحكم في التكنولوجيا والعلوم‪ .‬من المفروض أن إستراتيجية‬
‫التنمية في نموذجها الجزائري الوطني‪ ،‬تصيغ إجابات دقيقة لإلشكالية المطروحة‪ ،‬ونقد وتقييم ومراجعة‬
‫الطلب االجتماعي واعادة تعبئة الفائض اإلنتاجي‪ ،‬ضمن مشاريع استثمارية وفق الديناميكية المرسومة‪،‬‬
‫لدرء اإلختالل وعدم التوازن بين مستويات التنمية وتأثيراتها الداخلية‪.‬‬
‫تساهم عناصر التنمية متظافرة في البناء الوطني المنظم لهذه اإلشكاليات‪ ،‬حسب درجة‬
‫اندماجها في المجتمع‪ ،‬تصميم مشاريع التنمية الممركز‪ ،‬صيغ من منظور إيديولوجي منذ اللحظة األولى؛‬
‫فالتأثير االشتراكي يكتسي السمة البارزة فيه‪ ،‬ويعكس تكفل الدولة من خالل أجهزة تسييرها بكل‬
‫شيء‪ «.‬إيديولوجية التنمية‪ ،‬أو أسطورة التنمية‪ ،‬تستمد قوتها التجميعية والفعلية التي تعبر عنها بالبحث عن‬
‫إجماع اجتماعي عقالني ومن ارادة منح الشرعية لنظام السلطة الجديد المعتمد ‪ ،‬على برنامج تصنيع‬
‫‪3‬‬
‫يستفيد منه الجميع» ‪ 2.‬فمقومات وجود اإلرادة االجتماعية للتنمية الشاملة يمكن تعدادها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬تسليم مجتمعي بضرورة المشاركة بكل أبعادها‪.‬‬
‫‪ ‬اقتناع مجتمعي بعقلية المنهج‪.‬‬
‫‪ ‬وضوح نسبي للرؤية الجماعية‪.‬‬
‫‪ ‬التزام باجتماعية الهدف‪.‬‬

‫‪-1‬عبد اهلل إسماعيل صبري‪« ،‬نظرات في تجربة تخطيط التنمية في الوطن العربي والعالم الثالث»‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪( ،11‬سبتمبر‪ ،)5232‬ص‪.50.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Djillali Liabes, « Projet et société : consensus, domination et légitimité : Réflexions sur‬‬
‫‪l’Etat nation et sa légitimation», revue Algérienne des sciences politiques et relations‬‬
‫‪internationales, Alger : institut des sciences politiques et relations internationales, n°0,‬‬
‫‪(1984), P.29.‬‬
‫‪-3‬على خليفة الكواري‪« ،‬نحو فهم أفضل للتنمية باعتبارها عملية حضارية»‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬عدد ‪( ،20‬أوت ‪ ،)5236‬ص‪51.‬‬

‫‪201‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫كما يفرض‪ ،‬البعد الحضاري‪ ،‬والثقافي نفسه كمحدد أساسي لمآل اتجاه الحركة التنموية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وبالتالي يمكن صياغة عدة مبادئ‪ ،‬نذكر منها ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬اعتبار الثقافة والتنمية مسبقا‪ ،‬كعنصرين مرتبطين جدليا يحدد ويكمل كل واحد منهما‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬إدماج الثقافة والتنمية في تصور شامل لمختلف أبعاد المجتمع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬تجد الثقافة والتنمية وحدتهما العميقة في التعبير عن الهوية الوطنية‪.‬‬


‫‪ ‬ال تكتسي الثقافة والتنمية معنى معينا‪ ،‬بادئ ذي بدء على الصعيد االجتماعي الشامل‬
‫كشرط لصياغة مشروع مجتمع‪.‬‬
‫ينجز المشروع التنموي الوطني على امتداد االقليم الذي تتشكل منه الجماعات المحلية‪،‬‬
‫باعتبارها مجال التدخل‪ ،‬والمشرفة والمستفيدة من عوائد التنمية‪ ،‬على شكل حصص وبرامج تنمية محلية‬
‫وقطاعية لتلبية الحاجات المحلية ‪ ،‬التي تحدد كشؤون محلية عامة‪ .‬السيما في الجانب االجتماعي‬
‫واالقتصادي والثقافي‪ .‬ومهما كانت خلفيات المقاربات المستعملة في توزيع موارد التنمية على المستوي‬
‫المحلي‪ ،‬فقد لعبت الجماعات المحلية دو ار استراتيجيا في تشخيص المشاكل العمومية‪ ،‬وطرح الحلول‬
‫والمبادرات في معالجة المطالب‪ .‬خصوصا مع السنوات االولى لالستقالل‪ .‬واحدثت تلك الرؤية اثا ار نوعية‬
‫على المجتمع؛ كالتعليم والصحة والتصنيع التكوين‪ ...‬اال انها عرفت تحوالت جذرية في السياسات ونظم‬
‫التسيير واالدارة‪ ،‬كانت بمثابة المقدمات االولية لالنفتاح السياسي واقتصاد السوق‪...‬‬
‫‪ -1-1‬المقاربة االقتصادية‪:‬‬
‫تشكل التنمية االقتصادية قلب التنمية الشاملة في خيار الجزائر التحديثي؛ ولذلك منحت‬
‫األولوية إلمتصاص البطالة والتقليل من حدة الفوارق االجتماعية‪ ،‬من خالل الرفع إلى أقصى نسبة ممكنة‬
‫لمعدالت التشغيل في الشركات واإلدارات العمومية‪ .‬واسست الرؤية االقتصادية الوطنية على ضوء مقاصد‬
‫‪2‬‬
‫المشروع االجتماعي التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تأميم الثروات الوطنية وملكية الدولة لوسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ ‬احتكار التجارة الخارجية من قبل الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬االقتصاد المخطط‪.‬‬
‫‪ ‬اللجوء إلى المساعدة التقنية األجنبية المالئمة لالختيار الوطني االشتراكي‪.‬‬

‫‪ -1‬ناجي سفير‪ ،‬محاوالت في التحليل االجتماعي‪ :‬التنمية والثقافة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.913-919 .‬وانظر ايضا‪:‬‬
‫‪Marc Ecrement, Indépendance politique et libération économique :un quart de siècle‬‬
‫‪de développement de l’Algérie 1962-1985,( Alger : Enap/ Opu/ Pug, 1986), P.46.‬‬

‫‪202‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫كما يشكل التخطيط األداة التنظيمية الوحيدة التي تمكن الدولة من توجيه مختلف مجهودات‬
‫النشاط التنموي‪ ،‬قصد إحداث تراكم رؤوس األموال وتلبية حاجيات المواطنين من خالل توسيع االستثمار‬
‫المنتج‪ ،‬كما أن العامل االقتصادي البحت لعب دو ار حيويا فيي تحريك مشاريع التنمية الشاملة‪.‬‬
‫«وتتكشف هذه البنية الشاملة عن مفهوم للتنـمية يربط بين القطاعين النفطي والصناعي مـن جهة‪ ،‬وبين‬
‫‪‬القطاعين الصناعي والزراعي من جهة أخرى‪ ،‬إن الفكرة األساسية وراء هذا المفهوم هي تنمية القطاع‬
‫الذي سيوفر العائدات الالزمة لنمو القطاع الصناعي الذي يـرتبط بـدوره بالقطاع الزراعي‪ ،‬بشكل‬
‫ديناميكي‪ ،‬إذ يوفر له الوسائل الصناعية لزيادة إنتاجيته‪ .‬فإذا كان من شأن االستثمارات في القطاع‬
‫المنجمي أن توفر التمويل الالزم لعملية التنمية‪ ،‬وأن تضمن استقالل الدولة المالي‪ ،‬فمن شأن االستثمارات‬
‫الصناعية بدورها أن تغطي تدريجيا الطلب المحلي المتزايد لكل من السلع االستهالكية واإلنتاجية‬
‫والتجهيزية‪ ،‬وذلك في القطاع الز ارعـي كما في باقي القطاعات»‪.1.‬‬
‫يالحظ تفوق الطرح االقتصادي في تحضير عملية التنمية الشاملة؛ كأولوية إلحداث تغيير‬
‫متوازن في باقي القطاعات‪ .‬فحسب النموذج الجزائري في التنمية االقتصادية (الصناعة والزراعة) ‪،‬هو‬
‫‪2‬‬
‫أساس أي تطور اجتماعي وذلك لألسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬التركيز على مشكالت التخلف االقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬اآلثار االقتصادية الناجمة عن التخلف من بطالة وفقر لها طابع العجلة‪.‬‬
‫‪ ‬إن علم االقتصاد أكثر قدرة على التعبير الرقمي عن متغيراته‪.‬‬
‫‪ ‬إن موضوع التنمية السياسية واالجتماعية قد يثير حساسيات وخالفات ال توجد رغبة في إثارتها‪.‬‬
‫يرسم األساس المادي تغيير الظروف المادية للمواطن قبل محاولة االهتمام بالقضايا الخالفية المتعلقة‬
‫بنموذج الوعي االجتماعي‪ ،‬والموقف من الهوية السياسية‪ ،‬والتاريخ الحضاري‪ ،‬المشكل لذاكرة الوجود‬
‫القيمي للمرجعية الجماعية والمشتركة‪ ،‬فتحسين الحياة المعيشية يدفع بالحراك االجتماعي إلى ذروة الوعي‬
‫مما يقوي المخيال الجماعي والفردي عن الواقع لصناعة وتحديد مستقبل المجتمع‪ .‬فمقدمة أي تطور‬
‫اجتماعي‪ ،‬البد له وأن يتحصن بقاعدة اقتصادية صلبة تقضي على مظاهر البؤس والفقر‪ .‬بحيث أصبح‬
‫العامل االقتصادي بقوة األشياء‪ ،‬وبالمرة‪ ،‬موضوع حقيقة الوجود االجتماعي ومعيار هذه الحقيقة‪ .‬والتجربة‬
‫اإلنسانية بينت أن المشروع المجتمعي يتحدث عبر االقتصاد‪ ،‬منذ حدوث التراكم السلعي المكثف‪،‬‬
‫وأصبحت هذه السلع لغة السياسة؛ في حين أن هذه األخيرة هي بالمرة مجال التعبير عن مثل المجتمع‬
‫وانطباعاته‪ 3.‬إال أن الواقع‪ ،‬رغم أهمية البعد االقتصادي في تحريك عملية التنمية الشاملة‪ ،‬يبرز تفاعل‬

‫‪-1‬عبد اللطيف بن آشنهو‪ »" ،‬تجربة الجزائر‪ :‬الديناميكية االقتصادية والتطور االجتماعي“ المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪( ،29‬أكتوبر ‪ ،)5236‬ص‪.62.‬‬
‫‪-2‬علي الدين هالل‪ »،‬الفكر االجتماعي وقضية التنمية « مجلة الدوحة‪ ،‬د‪.‬ع‪( ،‬جوان ‪ ،)5231‬ص‪.91.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Djillali Liabes, «Projet et société : consensus, domination et légitimité», op.cit. pp.24, 25‬‬

‫‪203‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫كل العوامل ذات العالقة من بعيد أو من قريب بهذا المفهوم‪ ،‬على أن األساس المادي ال يؤثر بمفرده إذا‬
‫مهيأة الحتضان البنى االقتصادية في صيغ‬
‫لم تكن مكونات البيئة االجتماعية ومنظـومة األفكار السـائدة ّ‬
‫تكاملية بين مؤسسات الدولة الممتدة في اقليمها‪.‬‬
‫‪ -2-1‬المقاربة االجتماعية‪:‬‬
‫لقد ورثت الجزائر عند استقاللها أوضاعا اجتماعية تتميز بوجود عدة آالف من ضحايا حرب‬ ‫‪‬‬

‫التحرير؛ تشكل فئات اليتامى واألرامل أعلى نسبة فيها؛ ويضاف إلى هذا؛ الفقر والعوز االجتماعي لشرائح‬
‫واسعة من المجتمع‪ ،‬فالنسيج االجتماعي يعاني تمزقات حادة ومتعددة؛ على الدولة أن تتحمل أعباء‬
‫إصالحها‪ ،‬والتقليل من آثارها‪ .‬يضمن البناء االجتماعي للفئات المكونة للمجتمع من أجل الوصول إلى‬
‫توازن عقالني‪ ،‬استم اررية األدوار نحو التكامل والتعاون بدل حالة االنكسار والالتوازن التي يوجد عليها‪،‬‬
‫وبالتالي إقامة نوع من العالقات االجتماعية‪ ،‬تعمل على تأسيس خطاب اجتماعي ناجح ومنسجم‪.‬‬
‫تقتضي صيرورة االنتقال بواسطة التنمية‪ ،‬هيكلة المجتمع من خالل طبقاته أو فئاته‪ ،‬بحيث‬
‫تكون الطبقة الوسطى أو الوسيطة‪ ،‬محركا ديناميكيا ومركزيا ألي حراك اجتماعي يستهدف التخلص من‬
‫القيود المفروضة عليها‪ ،‬جراء التهديم الذي تعرضت له بنى المجتمع من طرف االستعمار‪ ،‬لكن محاولة‬
‫التغيير هذه صاحبها صراع جدلي بين الحداثة واألصالة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬االنتهاء من حالة تشخيص المرض‬
‫وتدارك العجز إلى حالة تصور الحلول والمخارج الممكنة‪ ،‬لمظاهر األزمة المفاهيمية‪ ،‬التي تطورت من‬
‫منظورها الداخلي كعناصر تؤدي تراكماتها الجدلية‪ ،‬إلى صراعات ‪ ،‬ال تعقد فقط‪ ،‬المسألة االجتماعية‬
‫وانما تؤجج االختالف لتفتيت النسيج االجتماعي‪ ،‬كمجال لتمثيل مختلف تعابير الهوية السياسية‬
‫واالجتماعية والثقافية بين الفئات المجتمعية ‪ .‬ولتجاوز تأثير مثل هذه التناقضات ‪ ،‬قامت الدولة بتصميم‬
‫حلول جسمتها التنمية االجتماعية في إطار التنمية الوطنية الشاملة‪ ،‬تضمنت عدة محاور أساسية ‪:‬‬
‫كالتعليم‪ ،‬الصحة والسكن‪ ،‬دعم حاجيات االستهالك األساسية مبلورة تلك السياسات على أنها من خدمات‬
‫الدولة تجاه المجتمعع؛ والتي توفر كل شيء للمواطن ‪ .‬لدراسة السياسات االجتماعية في مشروع الدولة‬
‫الوطنية‪ ،‬يقتضي منطق التحليل التركيز على الربط الوظيفي بين مسألة الديمقراطية االجتماعية والمسألة‬
‫الثقافية؛ مما أتاح تساوي الفرص أمام أفراد المجتمع‪ ،‬لإلستفادة من فرص التعليم والتشغيل والحماية‬
‫االجتماعية‪ ،...‬هذه الفرصة تحولت مع مرور الزمن إلى مكاسب تمارس على شكل حقوق‪ ،‬على مصالح‬
‫الدولة تلبيتها‪.‬‬
‫تستمد مبادئ السياسة االجتماعية مشروعيتها‪ ،‬من فلسفة الحكم القائمة على الوطنية الشعبوية؛‬
‫التي تخطط الحاجيات وتقولب المجتمع صوب األهداف الكبرى للدولة‪ ،‬ولعل أبرز ظاهرة تتجلى فيها‪،‬‬
‫"مفهومية" التنمية االجتماعية‪ ،‬عبر مختلف السياسات المتبعة؛ هي اعتماد الديمقراطية االجتماعية‬
‫ومجانية الخدمات من قبل الدولة‪ ،‬في تسيير وتنظيم العالقات االجتماعية‪ ،‬فيما بينها وكذا تحديد دور‬
‫الفاعلين االجتماعيين في الفضاء العام طبقا لمقتضيات شرعيتها من حيث الوسائل واالهداف التي يجب‬

‫‪204‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫اال تكون مناوئة الرادة الدولة في التنظيم والتسيير‪ .‬تستهدف السياسة االجتماعية المنتهجة‪ ،‬تحقيق نوع‬
‫من العدالة االجتماعية دون تمييز بين مناطق الدولة وجهاتها‪ ،‬ودون تمييز في األصول االجتماعية‬
‫للفئات‪ :‬إنها عدالة تكرس حقوقا وتفرض واجبات‪ ،‬اإلهتمام بالتربية والتعليم والعدالة؛ يؤدي من منظور‬
‫الفكرة الوطنية الجزائرية إلى إعادة صياغة الوجود المادي والمعنوي للفرد الجزائري؛ أي اإلنسان الجزائري‬
‫‪‬الجديد‪ ،‬الذي يوفق بين أصالة أجداده وعصرنة محيطه‪ ،‬الذي يشكل جزءا تفاعليا فيه‪.‬‬
‫‪ -3-1‬التحوالت االجتماعية واقتصاد السوق‬
‫األزمة كحالة معقدة ومستديمة وممتدة‪ ،‬ومترابطة ارتباطا عضويا‪ ،‬طالت كل القطاعات‬
‫السياسية في الدولة‪ ،‬وأصيب النظام االجتماعي بالترهل وعدم االستقرار؛ ألن جوهر المشكـلة الـذي يتمثل‬
‫في األزمة السياسية لم يجد الحل المرضي والمقبول في الوقت المناسب‪ .‬البعد االقتصادي واالجتماعي‬
‫لهذه األزمة ال يعني أنها وليدة الساعة‪ ،‬وانما هي خالصة تراكمات سابقة‪ ،‬طورتها السياسات الحكومية‬
‫المتعاقبة إلى أزمة مفتوحة‪ ،‬نتيجة غياب إستراتيجية دقيقة وواضحة في التسيير والتنظيم داخل هياكل‬
‫الدولة‪ ،‬باإلضافة إلى أن العناية القصـوى لصانعي القرار ركزت على حسم مسألة السلطة‪ ،‬على حساب‬
‫المسألة االجتماعية المرتبطة بحياة المواطن اليومية‪ .‬انتج االقتصاد الموجه‪ ،‬والمخطط شروط إحداث بنية‬
‫اجتماعية‪ ،‬وذهنية سلوكية تعتمد كلية على الدور الذي تقوم به الدولة‪ ،‬كدولة خدمات‪ ،‬مسئولة عن إسعاد‬
‫الجميع؛ وغاية إشـباع الكـل لن تترك مهما كانت مثالية الفكرة اإليديولوجية والمرجعية ؛ السيما إذا أخذنا‬
‫في الحسبان أن الموارد شحيحة والمطالب متزايدة ومختلفة وضاغطة؛ لتطرح على شكل جدلية بين النمو‬
‫الديمغرافي وتلبية المطالب االجتماعية؛ وبالمفهوم الماركسي فإن الوجود المادي لألفراد يحدد وجودهم‬
‫المعنوي وينمذج وعيهم‪ ،‬وشكلت مقدمة لبروز حراك اجتماعي واسع وحاد بين الفئات االجتماعية‪ .‬كشفت‬
‫أزمة الريوع والندرة‪ ،‬والركود االقتصادي‪ ،‬عن ضعف العالقة الموجودة بين القيمة االقتصادية التي تفرضها‬
‫ثقافة السوق الحر‪ ،‬والقيمة االجتماعية التي أصبحت فـي تناقـض ال متناهي مع خطاب سياسي تبريري‪،‬‬
‫يستمد مشروعيته من واقع جديد تختلف فيه األدوار والمـراكز والقيم اختالفا معينا إلى حد التصادم‪.‬وكما‬
‫يرى احد الباحثين ‪:‬‬
‫"ضعف قدرة الدولة على تلبية حاجيات السكان‪ ،‬أي إعادة اإلنتاج المادي والروحي للمجتمع‬
‫بشكل مستقر وثابت ومنتظم زادت فرصة تكوين سلطات مطلقة ومركزة بيد أقلية اجتماعية مغلقة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تضاءلت فرصة تكوين نظام ديمقراطي‪ ،‬كما يزداد الميل إلى توحيـد الفئة الحاكمة نفسها مع الدولة‬
‫وتتماهى معها‪ ،‬وتجعل من الدولة أداة لتوسيع مصالحها الجزئية‪ ،‬مما يضعف الطابع الوطني للدولة‪.1‬‬

‫‪ -1‬برهان غليون‪" ،‬فكرة الوحدة في المغرب العربي ‪ :‬تكوين الجماعة الوطنية أو جدل الوحدة والديمقراطية"‪ ،‬المستقبل‬
‫العربـي‪( ،‬العـدد ‪ ،33‬يونـيو ‪ ، )5236‬ص‪.52 .‬‬

‫‪205‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫التفسير السياسي لمظاهر األزمة‪ ،‬يقوم بالدرجة األولى على عدم كفاية الموارد المالية‪ ،‬أي‬
‫الضائقة المالية هي مصدر األزمة وبالتالي المشاكل االجتماعية سرعان ما تجد حلولها بتوفر فائض مالي‬
‫في ميزانية الدولة‪ .‬الحلول االقتصادية التي برمجت في إستراتيجية التنمية الوطنية لم تستطع الرد الكافي‬
‫عن المطالب االجتماعية الجديدة‪ ،‬على اعتبار أن القضايا االجتماعية تجاوزت الطاقة االقتصادية‪،‬‬
‫‪‬محدثة شرخا فاصال بين منافذ الصعود االجتماعي وآليات التطور السياسي‪ ،‬في المرحلة االنتقالية التي‬
‫تحاول بناء قطيعة نوعية بين مرحلتين متناقضتين في الوسائل واألهداف‪ .‬أزمة اإلنتقال‪ ،‬دفعت بالمجتمع‬
‫إلى حالة من الغليان واإلحتجاج تخوفا من االنزالقات المحتملة التي قد ترهن مصيره بين تطلعاته‬
‫المشروعة نحو ما هو أفضل‪ ،‬وعراقيل متعددة ناتجة عن إعادة تفكيك البني التحتية لإلقتصاد العمومي‪،‬‬
‫وما يرافقها من بطالة وفقر وعوز وفاقة‪ .‬حقيقة يجب الربط بين أهمية التطور السياسي لإلقتصاد وعراقيل‬
‫اإلصالح السياسي‪ ،1‬حقق إقتصاد الريع تنمية محدودة‪ ،‬وغطى االختالالت االجتماعية بصنوف من‬
‫األساطير المبينة على الوطنية القائمة على العدالة االجتماعية في التوزيع واإلنتاج‪ ،‬وهو خطاب عرف‬
‫حدوده القصوى مع تفاقم أزمة شرعية النظام السياسي‪ ،‬واحتدام التوترات االجتماعية من خالل ظهور‬
‫فئات استهالكية مغتنية ومستفيدة من أثار الوضع المتأزم ‪ .‬وفئات أخرى عريضة تعيش التهميش والبطالة‬
‫و تشعر وكأنها في دولة غير دولتها ‪.‬‬
‫أمام متطلبات "السؤال االجتماعي"‪ ،‬يسعى النظام السياسي إلى بلورة إجراءات اقتصادية‬
‫لتحسين المالية العمومية قصد توفير الموارد الضرورية للتكفل األحسن بالمشاكل االجتماعية‪ ،‬حيث‬
‫الخوصصة‪ ،‬واعادة الجدولة‪ ،‬وتحرير األسعار‪ ،‬وتخفيض قيمة الدينار‪ ......‬وهي سياسات مفروضة‬
‫باعتبارها إجبارية لتحسين االقتصاد على المستوى الكلي‪ .‬في حين االقتصاد الجزئي الذي يأتي الفرد فيه‪،‬‬
‫في المركز األول ال يزال يعاني‪ ،‬الن هناك خلل هيكلي في ترشيد اإلنفاق وتوسيع االستثمار بحيث ال‬
‫تعود بالفائدة المباشرة على حياة المواطن‪ .‬بمعنى أن المخصصات المالية‪،‬و السياسة النقدية المتبعة من‬
‫قبل الحكومة لم تستطع إعادة دفع آلة اإلنتاج للسلع و الخدمات‪ ،‬وانما عملت على تشجيع التجارة و‬
‫االستهالك المباشر‪.‬‬
‫حالة األزمة التي تصيب الدولة والمجتمع في الجزائر ينظر إليها على أنها حالة غير طبيعية‪،‬‬
‫لو كان الظرف عاديا‪ ،‬فالرؤية االمنية كبعد رئيسي في مقاربة االزمة اثر بصورة جذرية على األوضاع‪،‬‬
‫وحرم المواطن من االستقرار ومن مشاريع تنموية هامة ليقتصر الخطاب الرسمي على تبرير واقع "مرتبك"‬
‫‪,‬للتدليل والبحث عن عناصر إثبات لهذه الحالة من منطق سياسي و ايدولوجي‪ ،‬لم تعد له مقومات االقناع‬
‫واستنفذ مبررات وجوده‪ .‬ثقافة االحتكار‪ ،‬لم تؤدي بالدولة إلى ترك المجتمع ينظم حاله‪ ،‬ويقترح الحلول‬

‫‪1‬‬
‫‪-Rigmar Osterkamp, « A propos des réformes : le cas de l’Algérie », Revue NAQD, N° 07,‬‬
‫‪(1994), P.P.36-50.‬‬

‫‪206‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫المناسبة لتجاوز تناقضاته بل عملت على تكريس هيمنة جديدة تتبنى قيم التضامن والمساعدة‪ ،‬حتى وان‬
‫كان من واجبها‪ ،‬إال أنها تبقى عملية سطحية‪ ،‬وأنتجت انتقائية في توزيع الدعم واإلسعاف االجتماعي‪ ،‬في‬
‫دوائر الفقر و العوز والحرمان‪ ....‬فالمجتمع يزخر بقدرات هائلة إلحداث تكافل اجتماعي قيمي وغير‬
‫موسمي كما تقوم به الهيئات الرسمية للدولة‪ ،‬فاألول يقوم على التغلغل و العالقات الجوارية اإلنسانية‬
‫‪‬المحضة‪ ،‬والثاني يكون بدافع سياسي‪ ،‬للحد من تأثير القوى االجتماعية والسياسية في حالة ما أو خوفا‬
‫من تحول التكافل االجتماعي إلى تأييد سياسي في المواعيد االنتخابية‪.‬‬
‫اإلفراط في التسييس‪ ،‬وتدهور العالقة بين الدولة والمجتمع يضمر تهيئة المجال لحالة "إفالس وعجز‬
‫رهيب"‪ ،‬يصيب الطرفين الدولة ليس لها ما تقدم للمجتمع‪ ،‬ال أخالق سياسية‪ ،‬ال مشروع مقنع‪ ،‬وال إطار‬
‫مرجعي متجانس‪ ،‬وال قدرات على إرضاء الطلب االجتماعي‪ .‬الدولة تحولت إلى آلة سياسية و إدارية‪ ،‬بعد‬
‫‪1‬‬
‫أن تحولت القاعدة االجتماعية للدولة منذ بداية الثمانيات إلى الفئات االجتماعية الثرية و غير المنتجة‪.‬‬
‫تتجلى التغيرات األساسية في فهم اآلثار االجتماعية الناجمة عن االنتقال من اقتصاد موجه إلى اقتصاد‬
‫السوق ‪،‬على مستوى معيشة المواطن الجزائري‪ ،‬وخاصة في ظاهرتي ‪ :‬الشغل – البطالة ‪ ،‬وأزمة السكن؛‬
‫واختالل النظام القيمي في المجتمع‪ ،‬حيث بدأت تزول عادات و تتكرس أخرى نتيجة تعميق الفوارق‬
‫االجتماعية‪ ،‬وضعف أداء العدالة (االجتماعية) التوزيعية في ظل االنسحاب التدريجي‪ ،‬والمبرمج للدولة‬
‫من التدخل في الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫ضعف التناظر بين السياسي واالقتصادي‪ ،‬احدث تحوالت اجتماعية أدت بدورها إلى إعادة‬
‫صياغة حجم وطبيعة شبكة العالقات االجتماعية‪ ،‬وفق معايير اقتصادية ومادية معينة‪ .‬وذلك تحت‬
‫مسميات مختلفة‪ ،‬غالبا ما كانت "الشـكالنية العصرانيـة" المصدر اإليديولوجي لصناعة التبريرات السياسية‪،‬‬
‫كمسـوغات لنيل مشروعية اجتماعية تساعـد علـى ربـط عالقـات ذات قابلية حتى وان كانت أفقية‪ ،‬تتوج في‬
‫األخير بوضع مقاييس‪ ،‬تتحكم بموجبها في إدارة التوترات االجتماعية‪ ،‬وترجمتها سياسيا على شكل‬
‫مطالب كلية تعبر عن مصالح معينة في المجتمع‪ .‬فالوفرة المالية‪ ،‬التي ينظرلها النظام السياسي كميكانيزم‬
‫مهيمن في تحديـد‪ ،‬وتعبئـة موارده الخاصة‪ ،‬تشكل المادة الخصبة في إنتاج وعود خطابية ‪ ،‬من اجل‬
‫تحسين األوضاع وتلميع صورة األداء الحكومي‪ .‬كما أن الضائقة المالية‪ ،‬تدفع بالنظام السياسي إلى‬
‫ضغط المطالـب وتقليص اإلنفاق و ممارسة أساليب التقشف ليجد كل األعذار الممكنة‪ .‬وارجاعها إلى‬
‫األزمة المالية (تراجع مدا خيل الريع النفطي)‪" .‬قلب المشكلة ال يكمن في غياب الموارد الضرورية‬
‫للتنميـة‪ ،‬وانما يكمن في غياب تحوالت اجتماعية أساسية ‪ ،‬تستهدف الحد من الالمساواة المتنامية في‬
‫توزيع المداخيل‪ ،‬والتنمية المكثفة للتهميش‪ ،‬وتوسيع الفقر (‪ )...‬والنتيجـة هي إن يوجد من جهة اعتراف‬

‫‪1‬‬
‫‪- Said Chikhi, «L’exclu, l’intellectuel et l’état : premières remarques sur le livre de‬‬
‫‪M’hamed Boukhobza », NAQD, n°02, (fevrier-mai 1992), p.84‬‬

‫‪207‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫بمبادئ التعددية‪ ،‬وحرية التعبير والتنظيم‪ ....‬ومن جهة أخرى يوجد اتجاه نحو تدعيم "قانون السوق"‬
‫و"التعديل الهيكلي" في وسط الطبقات الشعبية""‪.1‬‬
‫إذن‪ ،‬ينبغي معالجة فاعلة لمتغيرين‪ :‬األول يتعلق باقتصاد السوق كمتغير مستقل والثاني‬
‫يتعلق بالتحوالت االجتماعية كمتغير تابع؛ رغم صعوبة الفصل بين المتغيرين لتحديد السبب والنتيجة‪.‬‬
‫‪‬اقتصاد السوق مفهوم جاء مصاحبا لالنفتاح الديمقراطي‪ ،‬في الدولة النامية‪ ،‬حيث اقترح كأحد الحلول‬
‫الجذرية لتجاوز أزمة المديونية‪ ،‬وتحرير النشاط االقتصادي‪ ،‬من االحتكار إلى المنافسة‪ ،‬وهو نموذج‬
‫اقتصادي عالمي‪ ،‬لكنه ال يأخذ صبغة واحدة وانما تعمل كل دولة على تكييفه طبقا للوقائع االجتماعية‬
‫والسياسية الخاصة بها‪.‬مبدأ التحول نحو اقتصاد السوق أصبح شعا ار سياسيا بالنسبة للجزائر‪ ،‬واكتسى‬
‫مظاهر معينة كالخوصصة‪ ،‬واعادة الهيكلة وتصحيح تناقضات البنى التحتية لالقتصاد الوطني؛ ليشكل‬
‫مادة الخطاب السياسي من حيث كونه ضرورة ال مفر منها‪ ،‬وهو مفتاح "الحل السحري" لكل المشاكل‬
‫التي تعانيها البالد‪ .‬دون أي تحديد للنموذج والشكل الذي يتالءم والبيئة الداخلية؛ حيث ظهرت العيوب‬
‫والتناقضات الهيكلية الداخلية؛ المعرقل األساسي لميالد نموذج اقتصادي جزائري؛ وتتمثل هذه العراقيل في‬
‫‪2‬‬
‫مايلي‪:‬‬
‫‪ ‬عدم كفاية اإلنتاج المحلي للوفاء باحتياجات المجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬سوق احتكاري‪.‬‬
‫‪ ‬تشوهات مؤسسات السوق‪.‬‬
‫‪ ‬تالزم آليات السوق مع انتشار مظاهر الفساد‪.‬‬
‫‪ ‬فرق بين األسعار الفعلية و األسعار الحقيقية‪.‬‬
‫المالحظ في تقييم مسار اإلصالح االقتصادي الجزائري‪ ،‬ونتيجة لتجاوز الضائقة المالية ‪،‬‬
‫وتنامي احتياطي الصرف بالعملة الصعبة‪ ،‬ازدهرت التجارة الخارجية وارتفعت أنشطة االستيراد‪ ،‬ليشهد‬
‫السوق وفرة نسبية ‪،‬خفضت من حدة الندرة في السلع والخدمات‪ ،‬وهي أنشطة تجارية محضة‪ ،‬التؤشر في‬
‫مضمونها إلى تدعيم نمو اقتصادي ذا أبعاد اجتماعية ايجابية‪ ،‬الن نمط اقتصاد السوق ينبغي أن يكون‬
‫إنتاجيا قاد ار على منافسة السلع و الخدمات الواردة‪ .‬فعامل المنافسة غائب تماما عن الذهنية‬
‫الجزائرية‪،‬التي اعتادت على اقتناء تفضيلي لكل مستورد مهما كانت جودته و فعاليته‪ ،‬والنفور من اإلنتاج‬
‫الوطني المحلي حتى وان كان يتميز بمقاييس دولية‪ .‬اقتصر اقتصاد السوق الجزائري‪ ،‬على التجارة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Idem.‬‬
‫‪-2‬مصطفى محمد العبداهلل‪ "" ،‬التصحيحات الهيكلية والتحول الى اقتصاد السوق في البلدان العربية" في مصطفى محمد‬
‫االعبداهلل (واخرون)‪ ،‬االصالحات االقتصادية وسياسات الخوصصة في البلدان العربية‪ :‬بحوث الندوة الفكرية التي نظمها‬
‫المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط‪( ،‬الجزائر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية؛ بيروت‪ ،‬ط‪،)5222.5،‬‬
‫ص ص‪.13-16.‬‬

‫‪208‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫الخارجية‪ ،‬واألنشطة المكملة لها ذات العوائد الوفيرة‪ .‬وضعف الكفاءة التنافسية لالقتصاد الوطني المبني‬
‫على الريوع‪ ،‬أدى إلى ظهور اقتصاد استهالكي غير منتج‪ ،‬حيث نمت ظاهرة "االقتصاد الموازي"‪ ،‬وهو‬
‫منافس خطير يهدد بتقويض قواعد المعاملة االقتصادية الحرة والقانونية ألنه خارج المراقبة الرسمية‪،‬‬
‫ومناقض إلطار العام في الدولة‪ ،‬بل يجند فئات اجتماعية ضمن مسالك البحث عن الثراء السهل ومظاهر‬
‫‪‬استهالكية ومعيشية مستفزة‪.‬‬
‫ال يثير االقتصاد الموازي فقط أزمة في التوازنات االقتصادية الكبرى لالقتصاد المسير ‪،‬ولكن‬
‫يؤدي الى مجتمعجديد يعتمد على فاعلين جدد (المهمشين من مجال التسيير) والى ممارسات اجتماعية‬
‫‪1‬‬
‫فكان من نتائج الشروع في محاولة تطبيق آليات السوق تعاظم نشاط اقتصادي غير منظم بعد‬ ‫جديدة‪.‬‬
‫تحرير التجارة الخارجية‪ ،‬لتنتقل "ثقافة االحتكار" التي تمارسها الدولة إلى أشخاص‪ ،‬وأعوان‪ ،‬ومتعاملين‬
‫جدد‪ ،‬يبسطون قبضتهم للتحكم في النشاط الداخلي للسوق المحلي من خالل شركات " التصدير‬
‫واالستيراد" ؛ حيث يتم توزيع و بيع سلعهم بأسعار من اختيارهم‪ ،‬وخاصة المواد ذات االستهالك الواسع‬
‫(السكر‪ ،‬الزيت‪ ،‬اللبن‪ ،‬الحبوب‪ ،)... ،‬رغم أن أثمان هذه السلع تخضع آللية العرض والطلب في األسواق‬
‫الدولية‪ ،‬إال أنها في السوق المحلي ال تتأثر تأث ار محسوسا‪ ،‬وذلك بسبب سيطرة آلية االحتكار من لدن‬
‫المستوردين وغياب المنافسة والشفافية في المعامالت‪ ،‬هذا الوضع المتسم بالفوضى نحو االنتقال إلى‬
‫اقتصاد السوق‪ ،‬شجع على تزايد التهرب الضريبي‪ ،‬الغش‪ ،‬وانتشار معامالت غير مشروعة‪...‬‬
‫هذا االطار العام الذي يعبر عن بيئة النظام السياسي؛ النسقية والمؤسساتية والتي تصنع فيها‬
‫السياسات وتعالج فيها المشاكل والشؤون العامة الوطنية‪ ،‬ومن ثمة المحلية من باب المصالح العامة‪.‬‬
‫حيث تظهر السطوة الغالبة للسياسة بمنطقها السلطوي والياتها االجتماعية واالقتصادية وتاثيراتها على اداء‬
‫وتسيير الجماعات المحلية‪ .‬وما يتبقى لمثل هذه المؤسسات القاعدية من مهام في ظل هيمنة المركز‬
‫عليها واليسمح لها بالمبادرة واالبداع‪ .‬بل يضاعف من تبعيتها وتجريدها من امتالك شروط القوة والتنظيم‬
‫‪،‬عند محاولة اثبات وجودها وتتصرف كمؤسسة عامة كاملة االعتبار والشرعية االجتماعية قبل السياسية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ahmed Henni, « Ajustement, économie parallèle et contre société », revue NAQD, N° 07,‬‬
‫‪(1994), Op.cit, p.51.‬‬

‫‪209‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫ثانيا‪ :‬التنمية المحلية‪ :‬اختيارات سياسية بمضامين اجتماعية‬


‫التنمية المحلية هي مفهوم متعدد االبعاد ويشمل كل ابعاد الجماعة االقليمية مهما كانت ؛‬
‫اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وفيزيائية وادارية‪ .‬فالتنمية المحلية تنصب على امكانيات وقدرات‬
‫الجماعة المحلية والحركية التي ينشطها فاعلو هذه الجماعات‪ 1.‬وهي ايضا عملية يتم بفضلها اشراك‬
‫‪‬المجموعة في تشكيل بيئتها الخاصة بهدف تحسين نوعية حياة المواطنين ‪.‬كما يطلق عليها التنمية‬
‫القاعدية‪ .‬التنمية المحلية هي استراتيجية استعملت من طرف العديد من الدول موجهة نحو نشاط يثمن‬
‫القدرات المحلية والفاعلين المحليين‪ .‬وجعل هؤالء قادرين على المشاركة في بلورة مخططات التنمية‬
‫المحلية بالتنسيق مع التوجهات الكبرى للدولة‪.‬يطلق عليها في كندا والواليات المتحدة االمريكية بالتنمية‬
‫االقتصادية المجتمعية او المشتركة‪ ،‬وبذلك تحدد كمقاربة شاملة لإلنعاش االقتصادي واالجتماعي للجماعة‬
‫التي تتوفر بالضرورة على اربعة ابعاد هي ‪:‬‬
‫‪ .5‬البعد االقتصادي يعني نشر حزمة من االنشطة االنتاجية وبيع للسلع والخدمات‪.‬‬
‫‪ .9‬البعد المحلي يستهدف تقييم الموارد المحلية لإلقليم في اطار مقاربة تشاركية من حيث التشغيل‬
‫والسكن والتكوين والصحة والخدمات االجتماعية‪ .‬ويشجع المجموعة على اعادة امتالك مصيرها‬
‫االقتصادي واالجتماعي من طرف السكان المقيمين ‪.‬‬
‫‪ .2‬البعد المشترك او الجماعي اين تكون الجماعة هي مركز المصلحة من التدخل‪.‬‬
‫‪ .3‬البعد االجتماعي يشير الي تعزيز في وسط الجماعة وعلى مستوى المجموعة االقليمية شروط التطور‬
‫االجتماعي والثقافي واالقتصادي من جهة‪ ،‬وتسمح لكل اعضاء المجتمع بالمشاركة في التطور‬
‫واالستفادة من ثماره من جهة اخرى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫تتميز التنمية المحلية بمجموعة من الخصائص والسيمات تاتي في مقدمتها العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التنمية المحلية جزء ال يتج أز من التنمية الشاملة‪.‬‬
‫‪ ‬ازدياد الوعي السياسي والفكري بالحقوق ومطالب العدالة والمساواة والتوازن ‪.‬‬
‫‪ ‬الهجرة الداخلية من المحيط الى المراكز الحضرية‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من المصادر والثروات المحلية لخدمة التنمية الوطنية الشاملة ‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز المشاركة الشعبية في التنمية وتفعيل دور المواطنين ‪.‬‬
‫‪ ‬السعي نحو الالمركزية والالتمركز يساعد على تحقيق تطور متقارب في ان واحد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ministere de l’industrie de la Petite et Moyenne Entreprises et de la Promotion de‬‬
‫‪l’Investissement,‬‬ ‫‪rapport‬‬ ‫‪n°1 :‬‬ ‫‪Developpement‬‬ ‫‪local :‬‬ ‫‪Concepts,‬‬ ‫‪Stratégie‬‬ ‫‪et‬‬
‫‪Benchmarking. Serie : politique économique et developpement, septembre 2011, pp8-‬‬
‫‪9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نائل عبد الحافظ العوامل‪ ،‬ادارة التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .‬ص‪.512 ،519.‬‬

‫‪210‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬تعزيز االستقرار والوحدة والتعاون داخليا لمواجهة التحديات الداخلية‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫دوافع هذا االهتمام انما تقتضي بعض االدوات الرئيسية لتحقيقها كعمليات اجرائية ينبغي التأكيد عليها ‪:‬‬
‫‪ ‬تهيئة االقليم والتي تحدد التوجهات الكبرى وترسم اطا ار لتنمية المناطق ‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة الالمركزية مدعومة بعدم تركيز ألبنية الدولة‪ .‬وهي تعيد تحديد العالقة الوظيفية بين‬
‫تداخالت االبنية والمهام واليات صنع القرار المحلي للرفع من معيشة المجتمع المحلي وتثمين موارد‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫الجماعة على اقليمها‪.‬‬
‫‪ ‬الحكامة المحلية كمجموعة من التفاعالت بين الفاعلين في جماعة محلية(القطاع العام والقطاع‬
‫الخاص والمجتمع المدني) مركزة على تشكيل مشروع شامل مشترك ومشاريع خاصة لتنمية‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫‪ ‬مشاركة المواطنين والتي تعبر داخل انظمة الحكامة المحلية ‪.‬‬
‫‪ ‬التمويل عبر الجباية الوطنية والمحلية والوكاالت الدولية ‪.‬‬
‫يتسم الهدف العام للتنمية المحلية بالشمولية وتعدد االبعاد االقتصادية والسياسية واالجتماعية‬
‫‪3‬‬
‫والثقافية والبيئية‪ .‬كما يمكن تلخيص اهم هذه االهداف فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬توفير الخدمات العامة االساسية للحد من الهجرة الريفية نحو المدن والحواضر الكبرى ‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع المشاركة الشعبية والمبادرات الشعبية الفردية والجماعية في مجاالت التنمية من مختلف‬
‫المناطق ‪.‬‬
‫‪ ‬التوازن والعدالة في توزيع االعباء والمكاسب التنموية من مختلف مناطق الدولة (التوازن‬
‫الجهوي)‪.‬‬
‫‪ ‬استثمار االمكانيات البشرية والمادية المحلية في مجاالت التنمية الشاملة‪.‬‬
‫‪ ‬المحافظة على االستقرار واالمن االجتماعي ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministere de l’industrie de la Petite et Moyenne Entreprise et de la promotion de‬‬
‫‪l’investissement. Developpement local : Concepts, Stratégie et Benchmarking, Op.cit, p12.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Deberre‬‬ ‫‪Jean‬‬ ‫‪Christophe. « Décentralisation‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Développement‬‬ ‫‪local »,‬‬ ‫‪Afrique‬‬
‫‪Contemporaine, N°221, (2007/1), P.45-54.‬‬
‫‪3‬‬
‫نائل عبد الحافظ العواملة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.‬ص‪.516-.513 .‬‬

‫‪211‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫اذا كانت هذه هي المقومات فان االطار العام للتنمية يحتاج الي توفر بعض الشروط والتي‬
‫‪1‬‬
‫هي كما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬امالك الجماعة‪ :‬كل الجماعات غنية او فقيرة لها امالك أي اشخاص وقيم وموارد ومقاوالت‬
‫ومؤسسات ‪...‬تعمل على انماء وتنمية هذه الثروة وتقاسمها‪.‬‬
‫‪ ‬ادارة التنمية ‪ :‬وتحيل الي الحركيات الجماعية والى عمليات المرافقة التي تتبناها جماعة معينة‬ ‫‪‬‬

‫منفردة او بالتعاون مع فاعلين اخرين لإلشراف على هذه المشاريع ‪.‬‬


‫‪ ‬مجموع المبادرات ومشاريع التنمية‪ :‬وهي تشمل كل المبادرات المنتجة وغير المنتجة والموجهة‬
‫نحو تحسين امالك المجموعة او ادارة التنمية المحلية والمنتظر منها تأثي ار ايجابيا على ابنية‬
‫الجماعة ‪.‬‬
‫‪ ‬اال تتم التنمية في نظام مغلق‪ :‬وانما تخصص وتتطور وبتفاعل مستمر مع باقي الجماعات‬
‫والفضاءات الجهوية والوطنية والدولية التي تحيط بها‬
‫عمليا ‪ ،‬تعتمد التنمية المحلية على وسائل لتعبئة ثالثة عناصر اساسية وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬توفير وسائل النتاج المعلومات والمعارف من اجل تحديد موارد االقليم ‪.‬‬
‫‪ ‬وضع ادوات التدقيق والتعبئة والتعاون بين الفاعلين لتثمين الموارد وتطوير اخرى جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬تصور وتنفيذ المشاريع عبر نظام اجرائي للتسيير واتخاذ القرار‪.‬‬
‫تستهدف حركة التنمية المحلية تنشيط شبكة من التفاعالت بين ثالث محاور رئيسية فيها تتعلق بما يلي ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫االطار التاسيسي والتنظيمي الذي تعمل فيه الجماعات المحلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬التنمية المجتمعية ‪.‬‬
‫التهيئة االقليمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫من ثمة ‪ ،‬فان اغلب الدراسات تركز على التحديد االنساني واالجتماعي‪ ،‬لمفهوم التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬على اعتبار انها مقاربة جماعية و ايقاظ لقدرات كل فرد‪ .‬وهي تعبير عن الديمقراطية الحقيقية‬
‫حسب خصوصيات كل مجتمع‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministere de l’Industrie, de la Petite et Moyenne Entreprise et de la Promotion‬‬
‫‪del’Investissement, Développement local, op.cit, pp.10-15..‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Debeere Jean ; Christophe, « Decentralisation et developpement local »,.op.cit.P.36.‬‬
‫‪- et voir Aussi : Chakib Ennour Cherif, « decentralisation et developpementlocal », Idara,‬‬
‫‪vol 13 ; n°26, (2006), PP.117-129.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Noel Denieuil. « Introduction aux théories et à quelques pratiques du‬‬
‫‪developpement local et territoriales : Analyse et synthese bibliographique en echo au‬‬

‫‪212‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -1-2‬العمليات التنموية المحلية‬


‫تعتبر العمليات التنموية جزءا رئيسيا ضمن استراتيجية التنمية الشاملة التي تبنتها الدولة‬
‫الجزائرية‪ .‬هي عبارة عن برامج تتكفل بالمطالب واالنشغاالت المعبر عنها محليا واقليميا‪ .‬وهذه العمليات‬
‫التي برمجتها الدولة باعتبارها المتعامل العمومي الوحيد ‪،‬القادر على تعبئة الموارد ال نجازها‪ .‬كان هدفها‬
‫‪1‬‬
‫‪‬ما يلي ‪:‬‬
‫تثمين الموارد البشرية والطبيعية واالمالك المحلية وترشيدها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫دعم االنشطة االقتصادية المنتجة للثروة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التقليل من الفوارق التنموية بين االقاليم وداخل االقليم الواحد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التهيئة االقليمية (الريفية والحضرية والقطاعية)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اشراك المواطنين في التعبير عن مطالبهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تحسين االطار المعيشي للسكان وتدعيم االستقرار االجتماعي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العدالة االجتماعية ومحاربة التباينات والفوارق في المجتمع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ينبغي التمييز بين مرحلتين هامتين من عمليات التنمية المحلية ‪:‬‬
‫اوال‪ :‬مرحلة سيادة المشروع االشتراكي (‪ :)1611-1691‬تم تطبيق خمس مخططات‬
‫تنموية خماسية ركزت على االنشطة التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬القطاع المنتج مباشرة كالزراعة والري والغابات والطاقة واالشغال العمومية والبناء ‪....‬‬
‫‪ ‬قطاع البنية التحتية كشبكات النقل والمناطق الصناعية والسكن والتهيئة العمرانية والتربية والصحة‬
‫والحماية االجتماعية‪...‬‬
‫‪ ‬قطاع الخدمات من نقل واتصاالت وتخزين وتوزيع وتقديم المعلومات ‪...‬‬
‫‪ ‬تضمنت هذه القطاعات الثالثة برامج ذات بعد وطني تتولى تسييره المصالح المركزية‪ ،‬وبرامج‬
‫قطاعية غير ممركزة‪ .‬اسندت مهام انجازها لإلدارة المحلية‪ .‬ألنها ذات بعد اقليمي؛ كالمخططات‬
‫القطاعية والمخططات البلدية للتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬رغم النتائج المحققة طوال هذه الفترة السيما في الجانب االجتماعي واالقتصادي اال انها صاحبتها‬
‫بعض السلبيات يجب االشارة الى بعضها‪:‬‬
‫‪ ‬المركزية الشديدة في اتخاذ القرار وتسيير البرامج‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف المؤشرات المعبرة عن الحاجات المجتمعية ‪.‬‬

‫‪=Séminaire de TANGER, (25-27Novembre 1999), GENEVE : Bureau International du‬‬


‫‪travail, 2005. P.66. site web: www.ilo.org/pblns. Consulté le20/03/2018.‬‬
‫‪-1‬احمد شريفي‪ "،‬تجربة التنمية المحلية في الجزائر" مجلة علوم انسانية‪ ،‬العدد ‪ .،).9002( ،30‬ص‪.6‬‬

‫‪213‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬اقصاء المشاركة الشعبية في رسم القرار وصناعته ‪.‬‬


‫‪ ‬محدودية التنسيق والتكامل بين مختلف المتدخلين في العملية في اعداد وتحديد وبناء وتنفيذ ومتابعة‬
‫البرامج‪ .‬وسيطرة النظرة القطاعية المفرطة مما ادى الى التناقض والتكرار في العمل وتداخل‬
‫الصالحيات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مرحلة االنفتاح الديمقراطي واقتصاد السوق(‪ :)....2111-1661‬واصلت الدولة‬ ‫‪‬‬

‫مسار التنمية لكن بشكل ضعيف بسبب اثار االزمة االمنية على باقي القطاعات‪ .‬حيث استمرت البرامج‬
‫العادية ودعمت بعد استعادة االستقرار مع بداية االلفية ببرنامجين هامين ‪:‬‬
‫برنامج االنعاش االقتصادي‬ ‫‪‬‬
‫برنامج دعم النمو‬ ‫‪‬‬
‫اذ ركزت هذه البرامج على تحسين اطار معيشة السكان والتشغيل وتوفير استقرار النشاطات واعادة التوازن‬
‫الجهوي نتيجة الطفرة النفطية الى غاية سنة ‪.9053‬‬
‫اعتمدت استراتيجية التنمية الشاملة ثالث ادوات تنموية رئيسية هي ‪:‬‬
‫‪ 1-1-2‬المخططات البلدية للتنمية‪Les plans Communaux de Developpement:‬‬
‫كانت تستجيب للمقاربة الالمركزية التي اصبحت تتمتع بها الجماعات المحلية الجزائرية ‪.‬‬
‫وكذا اتباع نشاط تنموي من خالل تكييف البرامج مع طابع وخصوصية كل منطقة لتفادي النقائص‬
‫المالحظة في البرامج السابقة‪ .‬وتعتبر هذه المخططات االداة االنسب لتجسيد االهداف المسطرة في مجال‬
‫التنمية المحلية‪ .‬من خالل هذه البرامج تضع الدولة في متناول البلديات الوسائل المالية‪ ،‬ضمن ميزانية‬
‫التجهيز قصد تفعيل الحركية االقتصادية واالجتماعية للبلديات‪ ،‬وتمكينها من االستجابة بشكل فعال ‪،‬‬
‫وسريع لحاجيات السكان من تسجيل مشاريع جوارية ذات اثر مباشر على االطار المعيشي للمواطنين‪.‬‬
‫تقوم مصالح و ازرة المالية بالتشاور مع و ازرة الداخلية بتوزيع المبالغ حسب الواليات‪ ،‬وفق معطيات‬
‫ومؤشرات ؛ مثل عدد السكان وعدد البلديات والوضعية المالية‪ ...‬كما يتم توزيع الغالف المالي المخصص‬
‫للوالية‪ ،‬بين البلديات التابعة لها في اطار جلسات التحكيم التي تعقد على مستوى الدوائر‪ ،‬وعلى مستوى‬
‫الواليات قصد ترتيب االولويات بين البلديات حسب احتياجاتها المالية‪ ،‬واهمية المشاريع المقترحة‪ ،‬من قبل‬
‫كل بلدية‪ ،‬حيث تسجل المشاريع بناءا على مقررات التفريد الممضاة من قبل الوالي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫عرفت بعض الصعوبات‪ ،‬عند بدايتها االولى‪ ،‬نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ ‬صعوبة احصاء الحاجة االجتماعية ‪.‬‬
‫‪ ‬غياب الدراسة القبلية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministere de l’interieur et collectivites locales, « Géneses des plans communaux de‬‬
‫‪developpement », Document interne non publie, p3.‬‬

‫‪214‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬ضعف الموارد البشرية والتقنية ووسائل االنجاز لدى البلديات ‪.‬‬


‫‪ ‬تعقيدات بعض االجراءات االداريةوالمالية والتقنية ‪.‬‬
‫‪ ‬ولتجاوز تلك النقائص تم اتخاذ جملة من اإلجراءات تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬تلبية الحاجات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬توحيد المخططات البلدية للتنمية في مخطط واحد يتكفل بمختلف العمليات ذات المنفعة العامة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬توسيع حقل تدخل المخططات البلدية للتنمية لالهتمام بحاجيات المواطن ‪.‬‬
‫‪ ‬تاهيل الوالي الدارة وتسيير البرامج وكامر بالصرف ‪.‬‬
‫‪ ‬تجاوز التعقيدات البيروقراطية عبر رخصة البرنامج التي تمنح له سنويا ‪.‬‬
‫‪ ‬اصالح التخطيط وتوزيع المهام بين الجماعات المحلية والدولة ‪.‬‬
‫توسعت مدونة مخططات التنمية البلدية لتشمل عدة نشاطات اذ بلغت‪ 53‬فصال بمجموع‬
‫‪10‬عملية تدخل‪ 1.‬رصدت مبالغ مالية ضخمة على عاتق ميزانية التجهيز للدولة لتمويل برامج التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬على شكل مخططات خماسية‪ ،‬والسيما مع كل طفرة نفطية تعرفها مداخيل الدولة ؛ اذ بلغ‬
‫اجمالي االعتمادات المرصدة للفترة الممتدة بين‪ :9053 -9000 :‬الف وثالث مائة واثنان وخمسون‬
‫‪2‬‬
‫مليار واربعمائة مليون دينار جزائري (‪5219.3‬مليار دج)‪.‬‬
‫‪ 2-1-2‬المخططات القطاعية للتنمية‪Les plans sectoriels de Developpement:‬‬
‫هي برامج ذات طابع وطني تمس كل قطاع على مستوى الوالية‪ ،‬وهي تجهيزات عمومية غير‬
‫ممركزة وتسمى ايضا برامج قطاعية غير ممركزة ‪ .‬وهي االعمال التي تنتمي الى المجاالت المحددة في‬
‫الملحق المرفق‪3.‬وهي تغطي اقليم الوالية حسب الجدوى االقتصادية واالجتماعية منها وتبرمج وفق‬
‫معايير المنفعة العامة لكل والية‪ .‬وتتوزع على حوالي ‪ 36‬عملية ترصد لها اغلفة مالية ضخمة اكبر و‬
‫بأضعاف من تلك التي ترصد للمخططات البلدية للتنمية‪.‬يلعب الوالي دو ار استراتيجيا في ادارة العمليات‬
‫القطاعية للتنمية من حيث التسجيل والمتابعة والتنسيق واالنجاز‪.4‬السيما بين المجلس الشعبي الوالئي‬
‫ومديرية التخطيط والتهيئة العمرانية ومجلس الوالية وكذا المراقب المالي‪ .‬وذلك بغرض تلبية الحاجات‬
‫المحلية واالقليمية لمواطني الجماعات المحلية في االشغال والتجهيزات التي تتجاوز قدرات البلديات‪.‬‬

‫‪-1‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ».‬مدونة المخططات البلدية للتنمية"‪ .‬مجلة الداخلية‪ ،‬العدد‪،0‬‬
‫(فيفري ‪ ،)9053‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -2‬نفس المكان ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 11 -22‬المؤرخ في‪ 5222/09/91‬المتعلق بنفقات تجهيز الدولة‪.‬الجريدة الرسمية عدد ‪.53‬‬
‫ص‪.‬ص ‪.53-51‬‬
‫‪-4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 991-23‬المؤرخ في ‪ ،5223/01/52‬المتعلق بنفقات الدولة للتجهيز‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪.15‬‬
‫ص ص‪50 ،2 .‬‬

‫‪215‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -2-2‬التنمية الريفية‪Le developpement Rural :‬‬


‫لقد اشرنا فيما سبق‪ 1،‬الى اهمية دراسة تصنيف الجماعات المحلية واتضحت لنا جليا بعض‬
‫مالمح االختالل القائم؛ لنسبة معتبرة من البلديات و الواليات‪ .‬اغلبها ذات طابع ريفي‪ .‬مما ادى بالدولة‬
‫الى ايالء رؤية خاصة واستثنائية للتنمية الريفية‪ .‬اذ تم تسطير برنامج خاص؛ اطلق عليه‪ :‬السياسة‬
‫‪‬الوطنية للتجديد الفالحي والريفي‪ 2‬او برنامج دعم التجديد الريفي او على حد وصف البعض لها‬
‫كاست ارتجية‪ .3‬استهدف البرنامج ‪ 212‬بلدية ريفية تضم ‪ 3162‬تجمعا ريفيا بتعداد سكاني يقدر بـ‪:‬‬
‫‪52‬مليون نسمة‪ .‬اعتمدت هذه السياسة على مقاربة تشاركية قاعدية تصاعدية‪.‬‬
‫صيغ مشروع الجوارية للتنمية الريفية المدمجة ‪Le Projet de Proximité de‬‬
‫‪ (PPDRI) développement Rural Intégré‬على سبع (‪ )01‬مراحل رئيسية ممتدة بين ‪-9009‬‬
‫‪ ، 9053‬بغرض تنمية االقاليم الريفية‪ ،‬بعد اجراء دراسات تشخيصية لالقليم في رؤية مشاراكاتية ‪ .‬وهي‬
‫عبارة عن مشاريع مدمجة ومشتركة تنطلق من القاعدة الى القمة‪ .‬في اطار من المسؤولية مناصفة بين‬
‫المصالح االدارية والمنتخبين المحليين‪ ،‬والمواطنين والتنظيمات الريفية‪ .‬يستهدف المشروع تنظيم انسجام‬
‫نشاط مختلف قطاعات الدولة في االقليم من حيث االقتراح والتنسيق واالنجاز والتمويل ؛ لمدة تتراوح بين‬
‫سنة او سنتين ‪ .‬على اساس صيغتين هما ‪:‬‬
‫‪ ‬االولى‪ :‬استثمارات جماعية تمول من صناديق عمومية‪.‬‬
‫‪ ‬الثانية‪ :‬استثمارات فردية ذات تمويل ثالثي‪ :‬مساهمة ذاتية وقرض بنكي ودعم عمومي‪.‬‬

‫‪1‬انظر‪ :‬معايير تصنيف الجماعات المحلية في الفصل االول‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Ministere de l’interieur et collectivites locales, « Projet de proximité de developpement‬‬
‫‪Rural Integré », Juin 2008, pp 38.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Omar‬‬ ‫‪Bessaoud, « La‬‬ ‫‪Stratégiede‬‬ ‫‪developpement‬‬ ‫‪rural‬‬ ‫‪en‬‬ ‫‪Alger »,‬‬ ‫‪Options‬‬
‫‪Méditerrnéennes, n°71, (2006), pp.79-89.‬‬

‫‪216‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫دور السلطات المحلية في التنمية الريفية(مشروع التجديد الريفي المدمج)‪ :‬االليات االدارية‬
‫واالجراءات التنظيمية‪.‬‬

‫‪‬‬

‫المصدر‪ :‬وزارة الفالحة والتنمية الريفية‪".‬مسار التجديد الفالحي والريفي‪ :‬عرض وافاق " ص‪.93‬‬
‫انظر محتوى الوثيقة بالتفصيل على موقع و ازرة الفالحة والتنمية الريفية‪ www.minagri.dz :‬تاريخ التصفح‪:‬‬
‫‪.9051/05/56‬‬
‫انصبت مشاريع التنمية الريفية التي اسستها الوثيقة اعاله على اربع (‪ )03‬عمليات ‪:‬‬
‫‪ .5‬تحديث القرى‪.‬‬
‫‪ .9‬تنويع االنشطة االقتصادية في الوسط الريفي ‪.‬‬
‫‪ .2‬حماية وتثمين الموارد الطبيعية‪.‬‬
‫‪ .3‬حماية وتثمين امالك الريف المادية وغير المادية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وراء ذلك‪ ،‬تحقيق اهداف استراتيجية للدولة والمجتمع على حد سواء تتمثل فيمايلي‪:‬‬
‫‪ ‬ضمان االمن الغذائي الوطني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Nora Medjdoub, « La Politique du Renouveau Rural en Algerie », Universite Moulay‬‬
‫‪Ismail Meknés: 4-5/12/2012, P27‬‬
‫‪ -‬اعتمدت الباحثة على وثيقة رسمية معنونة"مسار التجديد الفالحي والريفي ‪ :‬عرض وافاق "‪ ،‬ماي ‪.9059‬‬
‫انظر محتوى الوثيقة بالتفصيل على موقع و ازرة الفالحة والتنمية الريفية‪ www.minagri.dz :‬تاريخ التصفح‪:‬‬
‫‪.9051/05/56‬‬

‫‪217‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬ترقية التنمية االقتصادية الدائمة‪.‬‬


‫‪ ‬تحسين ملموس لشروط الحياة والعمل لسكان الريف‪.‬‬
‫ليست التنمية الريفية مكمال للتنمية العادية بقدرما هي رؤية عقالنية الحداث توازن عادل بين‬
‫القطاعات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وتقليص اسباب الحرمان والتهميش بين فئات المجتمع الجزائري‪ .‬واذ‬
‫‪‬يقترن رسمها وبناء برامجها بعالم الفالحة والنشاط الزراعي‪ ،‬فانها تعكس تطوير مقومات النظام الريفي‬
‫بالنظر الى النظام الحضري في منظور التهيئة العمرانية لالقليم؛ والتي تعمل على تفعيل الموارد المتاحة‬
‫لصالح الجماعة المحلية‪ .‬مما يؤدي الى تحقيق استقرار اجتماعي شامل كنتاج لتكامل وظيفي بين‬
‫االرياف والمدن؛ واالبتعاد عن التداخالت البنيوية بين الريفي والحضري‪ .‬والتي كرست دائما التركيز على‬
‫المراكز الحضرية الرئيسية ونوعا ما التجمعات الثانوية بصورة اقل واهمال غير متوازن لالرياف ‪.‬‬
‫‪ -3-2‬التهيئة االقليمية ‪L’amènagement de Territoire :‬‬
‫تحتاج السياسات التنموية المحلية على غرار السياسات الوطنية إلى توفير الظروف المناسبة‬
‫لكي تنجح و تحقق أهدافها‪ .‬فتهيئة اإلقليم تندرج ضمن السياسات العامة األكثر أهمية في بناء‬
‫االستراتيجيات التي تشغل الدول و المجتمعات ‪،‬ألنها ببساطة تتوجه إلى تبني تخطيط مجالي يشمل كل‬
‫التفاعالت التي تحدث بين عناصر اإلقليم )الموارد والمطالب(‪ ،‬وتحديد وسائل التدخل لكل من الدولة‬
‫وجماعاتها المحلية‪ 1.‬لقد حدد المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم‪ 2‬دور الدولة الفعال والحاسم في إدارة و‬
‫تنظيم اإلقليم عبر سياساتها العامة‪ ،‬من منظور تنموي عادل ومتوازن يقوم على الدوافع التالية‪:3‬‬
‫‪ )5‬االستجابة الختالالت تموقع السكان والنشاطات في اإلقليم‪.‬‬
‫‪ )9‬تفعيل جاذبية اإلقليم تعقد على تنظيم فضاءات البرمجة اإلقليمية‪ ،‬وعلى بروز أقطاب وانشاء‬
‫مناطق مندمجة للتنمية الصناعية ومدن جديدة‪4.‬وانطالقا منها يتم وضع اآلليات الكفيلة بتوزيع‬
‫النمو على مجمل التراب الوطني ‪.‬‬
‫‪ )2‬الحفاظ على رأس المال الطبيعي والثقافي وتثمينه‪.‬‬
‫لتحقيق ذلك وتجسيده ميدانيا‪ ،‬حدد نفس هذا المخطط أربعة وظائف للدولة وهي‪: 5‬‬
‫‪ .5‬تحدد الدولة وتنفذ بواسطة القانون سياسة تهيئة اإلقليم‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 90-05‬المؤرخ في ‪ 9005‬المتعلق بتهيئة اإلقليم و تنميته المستدامة‪ .‬المادة ‪9‬منه‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-2‬القانون رقم ‪ 09-50‬المؤرخ في ‪ 9050/06/92‬المتضمن المصادقة على المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 65‬الصادرة بتاريخ ‪. 9050/50/95‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬ملحق القانون ‪.‬القانون رقم ‪ ، 09-50‬نفس المرجع ‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪-4‬انظر القانون رقم ‪ 03-09‬المؤرخ في ‪ 9003-01-03‬المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة وتهيئتها‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ، 23‬صادرة بتاريخ ‪.9009-02-53‬‬
‫‪-5‬ملحق القانون رقم ‪ ،09-50‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.501 ،503‬‬

‫‪218‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ .9‬الدولة ترافق وتوجه التنمية االقتصادية في اإلقليم‪.‬‬


‫‪ .2‬ضامن للتضامن الوطني االجتماعي واإلقليمي‪.‬‬
‫‪ .3‬الدولة محفز وشريك‪.‬‬
‫وذلك بإشراك الجماعات المحلية والمواطنون "القطاع الخاص" ‪ .‬وعليه ‪ ،‬فان تهيئة اإلقليم‬
‫‪‬هي إرادة جماعية لتعديل أو تصحيح اختالالت المجال؛ سواء المحلي أو الجهوي أو الوطني وتعتمد على‬
‫مختلف التخصصات كاالقتصاد والجغرافيا واالجتماع والقانون؛ تقترح تصورات شاملة عن اإلقليم‪ ،‬وهي‬
‫تحليل حصيلة وتحليل استكشافي‪.1‬‬
‫ينظر لها المجلس األوروبي على أنها( التهيئة اإلقليمية)‪ ،‬التعبير المجالي للسياسات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية ألي مجتمع‪ .‬إنها تخصص علمي وتقنية إدارية وسياسية تستعمل‬
‫كمقاربة ما بين التخصصات وشاملة ‪.‬تستهدف تحقيق تنمية متوازنة للمناطق‪ ،‬والتنظيم الفيزيائي للفضاء‬
‫حسب خطة توجيهية‪ 2.‬وتتجاوز اإلطار التقني أو الفيزيائي إلى البحث في تنظيم العالقات االجتماعية‬
‫قصد تنميتها من باب تضامني في مجال متباين ومتكامل‪.‬سياسة التهيئة اإلقليمية تجعل من الجماعات‬
‫المحلية أداة ومجاال لها‪ ،‬وذلك بتأسيسها وامتالكها لألدوات التقنية والقانونية لممارسة سياسة الضبط‬
‫‪3‬‬
‫والتدخل في المجال‪ :‬ويأتي في مقدمة هذه الوسائل‪:‬‬
‫‪ ‬المخطط التوجيهي للهيئة والتعمير‪.‬‬
‫‪ ‬مخطط شغل األراضي ‪.‬‬
‫تكاد األه داف المتوخاة من سياسة تهيئة اإلقليم والتي تتمثل في الغالب في عقلنة الموارد‬
‫وتثمينها وتخصيصها المناسب بما يتماشى والحاجات المطلوبة‪ :‬تقترب منهجيا من فلسفة "العمران‬
‫البشري" التي اكتشفها ابن خلدون‪ .‬وذلك نظ ار لكون أي سياسة عامة ال تسطر إال لخدمة المجتمع وتدبير‬
‫شؤونه على إقليم الجماعات المحلية‪ .‬واذا لم تحل المشاكل المثارة فيه فإنها تؤدي إلى اختالالت تسييرية‬
‫وتنظيمية ال يمكن التحكم فيها نتيجة ضعف رشادة السلطات المحلية واهمال المجتمع وتواطؤه ‪.‬‬
‫إن عجز مختلف األنظمة التوجيهية التي تبناها المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم‪ ،‬تجعل قاعدة االهتمام تبدأ‬
‫من الجماعة المحلية‪ .‬ولعل أبرز التداخالت المالحظة أو التباينات المستخلصة من مجرد النظر لها في‬
‫سياقها المقارن والبسيط؛ تفرز معاينة مزدوجة بين النصوص والواقع المعيشي‪ .‬ال سيما في مجال التفرقة‬
‫بين األنظمة الحضرية واألنظمة الريفية للتمييز بين المشاكل العمومية لكال القطاعين من باب السياسة‬

‫‪1‬‬
‫‪-Amor Belhadi, « L’aménagement de territoire : principes et approches ». Université‬‬
‫‪deTunis : Faculté des sciences humaines et sociales, 2010, p4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid.p.10.‬‬
‫‪ -3‬القانون رقم ‪ 92-20‬المؤرخ في ‪ ،5220/59/02‬المتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ،1‬صادرة بتاريخ‬
‫‪.1990/12/02‬‬

‫‪219‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫العامة ‪ .‬فقلة احترام سلطة القانون نتج عنها تسيبا عاما في احتالل المجال العام وتخصيصه ألوجه‬
‫أنشطة غير مقررة أو ضارة باإلنسان والمحيط‪ .‬بل وتتسبب في كوارث ال سبيل لمعالجتها معالجة رشيدة‬
‫ومالئمة‪ .‬لقد لخص المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم سلبيات التهيئة اإلقليمية ومضاعفاتها على اإلدارة‬
‫والتسيير والتنظيم والبرمجة واالستثمار كظواهر للمشكلة األصلية األم فيما يلي ‪:‬‬
‫‪"‬امتصت المدن فائض النمو الديموغرافي الكبير المقترن بالنزوح الريفي وهكذا انتشر التعمير ورافقه‬
‫تدهور في إطار الحياة‪ ،‬يميزه توسع النسيج العمراني غير المهيكل والسيئ التجهيز‪ ،‬وتهميش أحياء‬
‫بكاملها وانتشار السكن العشوائي‪ ،‬وبيوت الصفيح بنسبة ‪%03‬من حظيرة السكن في المتوسط‪ .‬وبناء‬
‫السكنات مع خرق التشريع والتنظيم العمراني‪ ،‬كما أدى إلى تطور المشاكل المرتبطة‪ ،‬بالتنقالت والنقل‬
‫والتلوث وزيادة التعرض للمخطر الكبرى "‪.1‬‬
‫المعضلة الرئيسية المسببة لكل هذه المساوئ هي عجز سلطة الدولة على تطبيق القانون‪،‬‬
‫وانتهاجها نهجا أحاديا في تسيير الشأن العام ‪ ،‬و غياب إرادة سياسية فاعلة وحقيقية في العمل والتسيير‪،‬‬
‫نتيجة تحول قضايا الشأن العام إلى مسائل ثانوية بالنظر إلى أهمية دخول مراكز السلطة؛ كمقدمة‬
‫للحصول على الثروة والوجاهة في ذهنية السياسيين والمنتخبين في المجالس المنتخبة‪ ،‬مما كرس مظاهر‬
‫الفوضى في المجال العام‪ ،‬وضاعف من السلوكيات االنتهازية المبنية على ضمانات غير شرعية في‬
‫تبرير االنحرافات‪ .‬ومحاولة تسويتها لصالح المخالفين مما حقن الحياة االجتماعية بالمزيد من الخطابات‬
‫المتضاربة حول مدى شرعية ثقافة القانون‪ .‬وجدلية الحقوق والواجبات بين األفراد وبين هؤالء والمؤسسات‪.‬‬
‫وبالفعل فان تدهور األوضاع العامة ال يعود إلى النظام الالمركزي وحده وانما مرتبط وظيفيا مع طبيعة‬
‫النظام المركزي الذي يحتكر الموارد وصالحيات معالجة المشاكل العمومية‪ .‬وال يترك المبادرة والمسؤولية‬
‫للمسئولين المحليين تجاه ناخبيهم والذين؛ هم بدورهم ال يولون االهتمام الالزم للشؤون العامة المحلية ‪.‬‬
‫لتبقى مشاريع التهيئة اإلقليمية وأدواتها رهينة إرادة سياسية موزعة بين المركز والمحيط‪ .‬تتحين الفرص‬
‫لتتحرك من منظور تبرير وجودها في السلطة‪ .‬من دون أن تحاول أن تكون ذات استم اررية فاعلة لبناء‬
‫الدولة وضبط نظامها االجتماعي على مبادئ متفق عليها‪.‬‬
‫وعليه ‪ ،‬فان التنمية المحلية بعد المعاينة التحليلية لمتغيرات هذا المحور؛ تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ ‬التعبير عن مضمون السياسة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬ذات ابعاد اجتماعية واقتصادية هدفها تحسين االطار المعيشي للمواطن‪.‬‬
‫‪ ‬ذات برمجة قطاعية متدرجة بين الدولة وجماعاتها المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تباين واضح بين التجمعات الحضرية والتجمعات الريفية؛ وعدم احترام مبدا التوازن الجهوي‪.‬‬
‫‪ ‬تمويلها يعتمد على الدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 09-50‬والمؤرخ في ‪ .9050/06/50‬الملحق المرفق‪ .‬ص‪ ،95‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬محدودية المشاركة المجتمعية فيها‪.‬‬


‫‪ ‬ضعف الرؤية التقديرية لدى الجهاز البيروقراطي المحلي نتيجة طغيان النزعة الشخصية على حساب‬
‫الكفاءة واالداء (العمل المحلي يرتبط باالشخاص اكثر من المؤسسة؛ مما يؤدي الى عدم االنسجام‬
‫والتكامل من عهدة انتخابية بالنسبة للمنتخبين الى اخرى؛ ومن عهدة ادارية الى اخرى بالنسبة للوالة‬
‫ورؤساء الدوائر‪.)...‬‬ ‫‪‬‬

‫ثالثا‪ :‬موارد إدارة التنمية المحلية‬


‫تمتلك الجماعات المحلية باعتبارها مؤسسات مستقلة مواردا هامة ومتعددة ‪،‬وتتمتع بصالحيات‬
‫قانونية عامة‪ ،‬أقرها لها الدستور وحددتها لها التشريعات المنظمة لها في نطاقها اإلقليمي و أجالها‬
‫الزمنية‪ .‬ولممارسة هذه الصالحيات كسلطات محلية تحتاج إلى وسائل تدخل لتفعيل هذه الموارد و‬
‫تحويلها إلى مخرجات ضمن برامج السياسات العامة؛ إلدارة التنمية المحلية ‪،‬ومعالجة مطالب المجتمع‬
‫المحلي بالكيفية المالئمة ‪.‬‬
‫تتوقف طبيعة المهام الموكلة إلى الجماعات المحلية على حجم الموارد المتاحة لها‪ .‬فيرافق‬
‫تحويل أي مهمة جديدة لها بمساعدات مالية لتغطية تكاليف تلك المهام‪ .‬وتتضمن تلك الموارد ثالثة‬
‫أصناف هي‪ :‬الموارد المالية والبشرية والتنظيمية‪ .‬وتشكل مجتمعة ومتكاملة سر قوة اإلدارة اإلقليمية لهذه‬
‫الجماعات ضمن النسق المؤسساتي التي تنشط فيه‪ .‬فغالبا ‪ ،‬لما تثار قضايا عجز التسيير المحلي تعلق‬
‫كل المبررات على عدم كفاية الموارد‪ .‬وبالدرجة األولى نقص األموال في حين أن آليات التسيير العمومي‬
‫الحديث تمنح األولوية االستراتيجية للعوامل البشرية في البحث المبدع عن الرشادة والعقالنية في تحصيل‬
‫الموارد‪ ،‬وسد العجز عبر االستثمار في أمالك الجماعة المحلية‪ .‬ورفع إنتاجية ثرواتها الخاصة المنتجة‬
‫للمداخيل‪ .‬أي السعي لالعتماد على الذات والتقليل من اإلعانات الخارجية‪ .‬لكن وان كان المورد المالي‬
‫هو عصب التسيير فإن حيويته رهينة القيادة البشرية و كفاءة المسؤولين المحليين‪ ،‬في االهتمام بالعمليات‬
‫اإلدارية‪ ،‬التي تنظم األعمال تحت اإلشراف المباشر للمجالس الشعبية المنتخبة‪ ،‬بالتنسيق مع ممثل‬
‫الحكومة (الوالة) في إيجاد االقتراحات المدمجة لكل القدرات المحلية لتوظيفها في خدمة التنمية المحلية ‪.‬‬
‫وفرة اإلمكانيات المالية من دون إرادة سياسية وكفاءات قيادية محلية مبدعة؛ يجعل من إدارة‬
‫التنمية المحلية ‪،‬هياكل من دون روح بسبب ضعف المقاربة االقتصادية لدى ممثلي هذه المؤسسات‬
‫المحلية؛ الذين يفضلون األسلوب الريعي عوض إنتاج قيم اقتصادية قابلة للتداول المنتج‪ .‬ال سيما في‬
‫القطاعات ذات الخصوصية المحلية التي تحتاج إلى رؤية تقديرية في التكامل و االندماج اإلقليمي‬
‫والمحلي؛ كما هي مبرمجة في المخطط الوطني لتهيئة اإلقليم أو باقي المخططات التوجيهية‪ ،‬التي تجعل‬
‫من الجماعة المحلية أداة وفضاءا لبرمجة السياسات العامة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬ثم أن‬
‫اإلطار المؤسسي والتنظيمي للجماعات المحلية‪ ،‬ليس فيه ما يمنع ممارسة الوظيفة المقاوالتية كمتعامل‬

‫‪221‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫عمومي متعدد النشاطات‪ ،‬يبحث عن المساهمة االيجابية والمربحة في الحياة االقتصادية والخدماتية‬
‫المفتوحة للشراكة أمام الفاعلين االقتصاديين العموميين أو الخواص ‪.‬‬
‫جدلية الموارد والمطالب؛ والحاجات العامة والمشاكل العمومية‪ ،‬تحتم على الجماعات المحلية‬
‫استشراف نطاق قدراتها المحلية (النائمة)‪ ،‬والغير مستغلة أو باألحرى المهملة‪ ،‬لتبدو وكأنها ملك عام‬
‫‪‬مشاع( حسب ذهنية البايلك) تقتضي التخلي عن الروح االتكالية التي يخفيها نظام الوصاية‪ ،‬القائم على‬
‫تقييد المبادرة المحلية وتحويلها إلى إستراتيجية غير قابلة للتكيف‪ ،‬مع تغيرات البيئة الداخلية والدولية؛ التي‬
‫أصبحت تنادي بدور حاسم للسلطات المحلية باعتبارها أول محطة تنطلق منها ثقافة المواطنة و التسيير‬
‫الجواري للمصالح العامة المحلية ‪.‬‬
‫تبدو القراءة التحليلية لحجم الموارد المحلية‪ ،‬وكأنها طاقات معطلة تحتاج إلى قوة دفع منظمة‬
‫ومنتجة‪ ،‬تنسجم في أبعادها المحلية مع مقتضيات اإلصالح واهدافه‪ ،‬التي تفترض أنها تستهدف الفصل‬
‫الفعال بين البناء اإلداري المنمط بضرورات الدولة الموحدة والبسيطة‪ ،‬ومقاصد التسيير المحلي المنتج‬
‫الذي يعتمد بالدرجة األولى على مردودية عناصر اإلقليم‪ .‬ليخدم ليس فقط حاجات الجماعة المحلية وانما‬
‫يساهم وظيفيا في تمويل النشاط العام لباقي مؤسسات الدولة‪ ،‬من دون المساس بمبادئ الدولة وهوية‬
‫المجتمع‪ ،‬ككيانات سياسية واجتماعية متواجدة نسقيا ومتكاملة استراتيجيا‪ .‬ويزيد في تكامل شرعية الواحدة‬
‫منها تجاه األخرى؛ قوة إنتاجها المحلي وتزايد المنافع التي توفرها أنظمتها االقتصادية لصالح المواطنين؛‬
‫ضمن عدة اختيارات عامة مبنية على العقالنية والرشادة واالقتصاد في نفس تلك الموارد‪ .‬نتيجة لذلك‬
‫التحليل المركز لوظيفة االستخدام األمثل للموارد التي تمتلكها الجماعات المحلية‪ .‬يجدر بنا الحال االتجاه‬
‫المنهجي نحو دراسة كل مورد على حدى بغرض الوقوف على درجة قوة أو ضعف أي صنف منها‪،‬‬
‫للبحث عن األسلوب الممكن لتشجيع التفاعل المنطقي بينها وبين شروط بيئة النشاط التي تمارس فيها‬
‫مؤسسات النظام المحلي‪ ،‬كامتداد للنظام الوطني بكل إيجابياته وسلبياته‪.‬‬
‫‪ -1-3‬الموارد المالية‬
‫تتعلق محاولة فهم الموارد المالية للجماعات المحلية بإحدى الوسائل اإلستراتيجية إلدارة وتسيير الشؤون‬
‫المحلية ‪ .‬وتمنحها سلطة التدخل وشرعية ممارسة مهامها في معالجة متطلبات التنمية المحلية‪ .‬وتحويل‬
‫النشاط االستثماري المنتج لما يخدم المنفعة العامة المحلية؛ باإلضافة إلى االضطالع بالخدمات المرفقية‬
‫التي تعتبر من صميم النشاط العمومي‪ .‬فدراسة المالية المحلية تسمح لنا بالتعرف على بنية مواردها‬
‫وأساليب تسييرها الفعلي وعن عالقتها بالدولة‪ ،‬وتقع هذه الدراسة –فنيا ‪ -‬بكل تعقيداتها ضمن تقاطع‬

‫‪222‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫قضيتين هامتين هما‪ :‬مشاكل المالية المحلية والتنمية المحلية وعالقاتها بالموارد المحلية كأسلوب‬
‫للتمويل‪ .1‬تتكون موارد مالية الجماعات المحلية من ثالثة أصناف أساسية تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -5‬الجباية المحلية‪.‬‬
‫‪ -9‬ناتج األمالك الخاصة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -2‬إعانات الدولة ‪.‬‬
‫مفصلة إلى حوالي تسعة (‪ 2)02‬فروع وتتوزع على إحدى وعشرين (‪ )95‬ضريبة ورسما‪.3‬‬
‫وهي موارد جبائية بنسبة تفوق ‪ %20‬من موارد المالية المحلية ‪،‬تحولها الدولة بعد تحصيلها‬
‫محليا من قبل مصالح الضرائب بالوالية لفائدة الجماعات المحلية ‪ .‬يمكن تصنيفها عند دراستها وتحليل‬
‫عناصرها حسب ثالثة معايير‪: 4‬‬
‫‪ )5‬المنظور المحاسبي‪l’optique comptable:‬‬
‫يعتمد تقسيم وثيقة الميزانية إلى قسمين‪ :‬قسم التسيير وقسم التجهيز واالستثمار‪ .‬حيث يحدد النفقات‬
‫واإليرادات حسب التخصيصات المالية ‪ ،‬ونسبها طبقا لإلطار القانوني الذي يضبط ميزانية البلدية‬
‫‪5‬‬
‫وعنوان ورقم تقسيمات األبواب والحسابات‪.‬‬
‫‪ )9‬المنظور الجبائي ‪L’optique fiscale:‬‬
‫ويميز بين الموارد الجبائية المباشرة وغير المباشرة –والموارد غير الجبائية كالمداخيل واإلعانات‬
‫والقروض‪....‬‬
‫‪ )2‬المنظور اإلداري‪L’optique Administrative:‬‬
‫يميز بين الموارد الداخلية والخارجية؛ ومن خالل هذا المعيار يمكن قياس درجة استقاللية أو‬
‫تبعية الجماعة المحلية المالية‪ ،‬بالمقارنة بين مواردها الخاصة وتلك الخارجية‪ .‬يتوقف العمل العمومي‬
‫المحلى والسيما لدى البلديات على الوظيفة اإلقليمية للضريبة باعتبارها تعبر عن السيادة الجغرافية للدولة؛‬

‫‪1‬‬
‫‪-Hocine Akli, « la structure des finances locales » , revue Ceneap, N° 12 , (1998), p p‬‬
‫‪19-33.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬انظر المواد ‪ 562‬من قانون البلدية‪ 50-55‬و ‪515‬من قانون الوالية‪ ،01-59‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ministère de l’intérieur et des collectivités locales, « structures des ressources fiscales‬‬
‫‪des collectivités locales », sur : www.interieur.gov.dz, consulté le : 17/01/2018.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Ministère de l’Intérieur et des Collectivités locales. Institut Supérieur de Gestion et de‬‬
‫‪Planification : DESS en management public : La Gestion des finances locales : Cycle de‬‬
‫‪formation des secrétaires généraux des Communes : Janvier 2008.‬‬
‫‪-5‬القرار الوزاري المشترك المؤرخ في‪ 2112-05-06‬المحدد إلطار ميزانية البلدية وبضبط عنوان ورقم تقسيمات‬
‫‪..9053-03-92‬‬ ‫االبواب والحسابات ‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ 92‬صادرة بتاريخ‬

‫‪223‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫وتبحث عن تحقيق التوازن المالي والتنمية‪ 1.‬يتميز نظام الجباية الذي تعتمده المالية المحلية حسب تقرير‬
‫‪2‬‬
‫اللجنة الو ازرية المكلفة بإصالح المالية المحلية بعد المعاينة والتشخيص ؛ بالمميزات التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬فسيفساء من ضرائب والرسوم ‪ 21‬صنفا ‪.‬‬
‫‪ ‬اختالالت كبيرة في مستوى المداخيل بمختلف الرسوم والضرائب ‪.‬‬
‫‪ ‬نظام ضريبي في صالح المناطق الصناعية والتجارية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ضعف مداخيل األمالك الخاصة؛ ال تتعدى‪.% 7‬‬


‫‪ ‬ضعف الموارد البشرية المحلية ‪.‬‬

‫الرسم البياني التالي يوضع توزيع نسب مداخيل النظام الجبائي وتأثيره على مالية البلديات ‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ .‬نظام المالية والجباية المحليتين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Marc le Roy, « les enjeux de la territorialité fiscale » revue Gestion et management‬‬
‫‪public , vol 4/ N°3 ; (2016/1), pp-5-24.‬‬
‫‪2‬‬
‫في‪:‬‬ ‫المحليتين‪،‬‬ ‫والجباية‬ ‫المالية‬ ‫نظام‬ ‫العمرانية‪،‬‬ ‫والتهيئة‬ ‫المحلية‬ ‫الداخلية والجماعات‬ ‫‪-‬و ازرة‬
‫‪ ،www.Interieur.gov.dz.‬تاريخ ‪9053/01/56‬‬
‫‪- voir également: Hachemi Graba, Les ressources fiscales des collectivités locales,‬‬
‫‪ENAG, 2000.‬‬

‫‪224‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫يكرس نظام المالية المحلية ظاهرة العجز المتعدد األوجه ويصادر مبادئ االستقاللية؛‬
‫والالمركزية المكفولة للجماعات المحلية؛ لصالح مركز القرار السياسي واإلداري في الدولة؛ بسبب‬
‫سيطرته على تحصيل الموارد وتخصيصها ضمن اآلليات القانونية والتنظيمية المقررة من طرفه‪.‬‬
‫يترتب عن هذا النمط المركزي المهيمن ؛ عدة اختالالت تسييرية ومؤسسية في إدارة مصالح اإلدارة‬
‫‪1‬‬
‫‪‬المحلية تتمثل فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬تعاظم المهام على حساب الموارد المتاحة ‪.‬‬
‫‪ ‬نظام الجباية المحلية ال يشجع التنمية المستقلة للجماعات المحلية وال يعتبر األداة المثلى للتنمية‬
‫المحلية ‪.‬‬
‫‪ ‬آليات التحصيل غير مالئمة‪.‬‬
‫‪ ‬نظام جبائي أقل حافزية للبلديات ذات اإلدارة الجيدة وتتساوى مع البلديات ذات اإلدارة المبذرة‪.‬‬
‫رغم هذه النقائص ونقاط الضعف التي تطبع موارد مالية البلديات إال هناك اختالال وظيفيا؛ ال يظهر‬
‫مباشرة بصورة عادية‪ .‬وهو ما يتعلق باختالالت التوازن المالي العام للميزانية باعتبارها أداة إستراتيجية في‬
‫‪2‬‬
‫تعبئة الموارد وانفاقها طبقا للمهام والصالحيات المقررة لها‪ .‬حيث يالحظ ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ارتفاع الكتلة األجرية واألعباء االجتماعية لحدود ‪ %10‬من الميزانية ‪.‬‬
‫‪ ‬نسبة االقتطاع من قسم التسيير ال تتعدي ‪ %50‬لصالح قسم التجهيز‪.‬‬
‫‪ ‬المساهمة اإلجبارية للبلديات بـ‪ %1‬في صندوق الوالية لتدعيم مبادرات الشباب‪.‬‬
‫‪ ‬مساهمة البلديات في الصندوق التضامن بـ‪.%9‬‬
‫وتبقى ما قيمته‪ % 55‬من الميزانية إلنفاقها على مختلف المصالح المحلية لفائدة المواطن مما أدى إلى‬
‫ضعف خدمات المرفق العام وتدهور حالة األمالك البلدية ‪.‬‬
‫لتغطية العجز المالي المالحظ في المالية المحلية‪ ،‬تم إنشاء نظام للتضامن المالي بين‬
‫الجماعات المحلية على شكل مؤسسة إدارية ومالية تسمى صندوق التضامن والضمان بين الجماعات‬
‫المالية‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-S .Djekboub, « cadre budgétaire et comptable des collectivités locales », Dossier‬‬
‫‪spécial : « La décentralisation et‬‬ ‫‪la bonne administration » revue de Ceneap, N°25,‬‬
‫‪(2002), P18.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, P21.‬‬
‫‪ -3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 556-53‬المؤرخ في ‪ ، 9053-02-93‬المتضمن إنشاء صندوق التضامن والضمان‬
‫للجماعات المحلية وتحديد مهامه وتنظيمه و سيره‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 52‬الصادرة بتاريخ ‪.9053-03-09‬‬

‫‪225‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫توزع تخصيصاته المالية على الجماعات المحلية باألساس وفق عدة معايير منها؛ الوضعية المالية‬
‫والكثافة السكانية‪ .‬بحيث تتم تخصيص ما قيمته ‪ %60‬من موارد الصندوق لقسم التسيير من ميزانيات‬
‫‪1‬‬
‫الجماعات المحلية لسد العجز على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬منح معادلة التوزيع بالتساوي لتغطية النفقات اإلجبارية‪ .‬حيث خصص الصندوق سنة ‪ 9051‬مبلغا‬
‫قدره‪ 39:‬مليار دج؛ لدعم البلديات والواليات كما يلي‪ ( :‬الحظ معادلة التوزيع في الشكلين ادناه)‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 19‬مليار دج وجهت لـ ‪ 5339‬بلدية‪( .‬تمثل ‪%23‬من البلديات)‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪ 50‬مليارات دج وجهت لـ ‪ 23‬والية‪( .‬تمثل ‪%61‬من الواليات )‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪. .‬نظام المالية والجباية المحليتين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 6‬و‪ 1‬من المرسوم المذكور أعاله‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -‬منح تخصيص الخدمة العمومية لضمان استم اررية المرفق العام المحلى ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعانات االستثنائية لفائدة الجماعات المحلية التي تعاني صعوبات مالية أو كوارث‪.‬‬
‫‪ -‬إعانات التكوين والدراسات البحوث‪.‬‬
‫‪‬كما يخصص الصندوق ‪ %30‬على شكل إعانات مالية لتجهيز البلديات ال سيما في مجال التجهيزات‬
‫الجماعية كالمدارس الحضانات والمكتبات والملحقات‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫خالصة التضامن المالي وفق هذا النظام تبين حجم العجز المالي والهيكلي الذي تعانيه أغلبية الجماعات‬
‫المحلية‪:‬‬
‫‪ 5339‬بلدية و‪ 23‬والية التي استفادت من منحة معادلة التوزيع بالتساوي؛ وهي مبالغ معتبرة‬
‫توجه مباشرة لتغطية النفقات اإلجبارية في قسم التسيير‪ .‬بسبب تراجع أونقص الموارد الجبائية العادية‬
‫نتيجة ارتفاع تقديرات الميزانية االولية بصورة غير معقولة؛ وما يترتب عنه من أثار مالية ليست مضمونة‬
‫التحصيل‪ .‬مما يفرض تدخل الدولة عبر الصندوق إلعادة التوازن المالي النسبي في نشاط الجماعات‬
‫المحلية المقتصر باألساس على المهام اإلجبارية والضرورية‪ .‬كما أن ظاهرة العجز المالي أصبحت حالة‬
‫مرضية مزمنة فكلما مسحت ديونها كلما ظهرت من جديد فالمطالبة المحلية لم تعد قضية بسيطة تتعلق‬
‫بالوسائل وانما المطالبة بسلطة إنشاء وسائل التنمية المحلية‪.1‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالموارد المحلية اليمكنها التكفل الكلي بإدارة مشاريع التنمية المحلية‪ ،‬من دون إعانات‬
‫الدولة في شكلها العادي أو االستثنائي‪ .‬وتمول برامج التجهيز الجماعي ‪ ،‬عبر مخططات الدولة للتنمية‬
‫المحلية‪.‬الحظ تطور عجز ميزانية البلديات في الرسم البياني التالي ‪:‬‬

‫المصدر‪ :‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪. .‬نظام المالية والجباية المحليتين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-M. C. Ainouche, « problématique du financement de développement économique de la‬‬
‫‪commune », Revue Ceneap, n°12 , (1998), P35.‬‬

‫‪227‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫ما يالحظ في انخفاض العجز من عدمه يرجع باألساس الى تدخل الدولة؛ ومنح الجماعات‬
‫المحلية اعانات استثنائية المتصاصه في فترة معينة ثم ما يلبث ان يعود للظهور من جديد‪.‬‬
‫يبدو؛ حاليا ان معالجة ازمة المالية المحلية ال يمكن ان تنفصل عن مقاربة شاملة إلصالح وتحديث كلي‬
‫ألشكال التنظيم والتسيير للبلدية‪ ،‬ولوسائل وادوات تسيير الشؤون العمومية المحلية‪.1‬‬
‫‪ -2-3‬الوظيفة العمومية اإلقليمية ‪:‬‬
‫نفضل بداية استعمال هذا العنوان " الوظيفة العمومية اإلقليمية"‪ ،‬في سياق دراسة دور الموارد‬
‫البشرية وأهميتها في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬وذلك مراعاة لالعتبارات التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬التصنيف اإلداري والسياسي لنظام الجماعات المحلية ‪.‬‬
‫‪ ‬التمايزات الموجودة بين القوانين األساسية المنبثقة عن القانون العام للوظيفة العامة لمختلف‬
‫قطاعات النشاط العام ‪.‬‬
‫‪ ‬الرغبة اإلصالحية الرسمية نحو توحيد قوانين الجماعات المحلية‪ ،‬على غرار ما هو سائد في‬
‫فرنسا حيث تستقل الجماعات المحلية فيها‪ ،‬بوظيفة عامة عن باقي القطاعات العامة (الدولة‬
‫‪3‬‬
‫والمستشفيات)‪ 2.‬فنظام الوظيفة اإلقليمية في فرنسا تقوم على ثالثة (‪ )02‬مبادئ أساسية‪:‬‬
‫‪ .5‬وحدة الوظيفة العامة اإلقليمية على المستوى الوطني تقوم على المسار المهني مهما كان حجم‬
‫الجماعات اإلقليمية‪.‬‬
‫‪ .9‬المماثلة مع الوظيفة العامة للدولة تسمح بالحركة والتنقل مع نفس األجر من واليها‪.‬‬
‫‪ .2‬المنتخبون هم المسؤولون عليها‪.‬‬
‫يستهدف االهتمام بالمورد البشري في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬باعتباره المحرك االستراتيجي‬
‫لمختلف القدرات المتوفرة في هذا القطاع‪ ،‬وينظر لها في علم التسيير الحديث؛ كنظام لإلدارة المبدعة‬
‫والذكية في تفعيل أهداف المؤسسة المحلية؛ وتحويلها إلى أهداف ملموسة لصالحها ؛ عبر إجراءات‬
‫وعمليات متتالية ‪ ،‬من تحليل وتصميم العمل وتخطيط الحاجيات واختيار أفضل العناصر (الموظفين)‪،‬‬
‫والتقييم والتدريب والتكوين وتخطيط المسار المهني والوظيفي‪ .‬وحصيلة ذلك كله تصميم شبكة أجور‬
‫مالئمة ومحفزة‪ ،‬للموظف في إدارة مهامه واالندماج في مشروع المؤسسة على شاكلة ما تقرره المؤسسات‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ministère de l’intérieur et collectivités locales, Ceneap : La Reforme des finances et de‬‬
‫‪la‬‬ ‫‪fiscalité‬‬ ‫‪locale :‬‬ ‫‪Rapport‬‬ ‫‪final :‬‬ ‫‪SYNTHESE,‬‬ ‫‪Janvier‬‬ ‫‪2008,‬‬ ‫‪P5,‬‬ ‫‪sur :‬‬
‫‪www.ceneap.com.dz, consulte le : 11/11/2016.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Emilie Biland, La Fonction Publique Territoriale, (France: édition la découverte, 2012),,‬‬
‫‪p33.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Yves Coulmou, « les Collectivités Locales :Un Autre Modèle », revue pouvoirs, n°2,‬‬
‫‪(2006), p.29.‬‬

‫‪228‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫الخاصة‪ .‬فالموارد البشرية المؤهلة يمكن أن تغطي النقص المالحظ في الموارد األخرى‪ ،‬والتي ال يمكن‬
‫استغاللها إال من خالل قوة عاملة مبدعة‪ ،‬وذكية قادرة على التكيف واكتساب المهارات الجديدة ‪ ،‬التي‬
‫التطورات المجتمعية والفنية التي يشهدها حقل‬ ‫تفرضها التغييرات الداخلية والخارجية المتفاعلة مع‬
‫الجماعة المحلية ‪.‬‬
‫رغم أن مبدأ الالمركزية الذي تبنى عليه إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬يتميز باالستقاللية التامة‬ ‫‪‬‬

‫في تسيير المورد البشري ؛إال أنه يؤسس بالمقابل نظاما مزدوجا وخاصا لكل جماعة محلية ويعطي‬
‫االنطباع بأن االستقاللية القانونية ‪ ،‬لهذه الجماعات ماهي إال شكال من أشكال الوصاية التي تمارسها‬
‫جماعة على جماعة أخرى؛ أي الوالية كسلطة هرمية وبنية مؤسساتية أعلى من البلدية كمؤسسة قاعدية‬
‫وبالتالي اليخضع مستخدمو الجماعتين لنفس النظام الوظيفي‪.‬يخضع موظفو البلديات إلى أحكام القانون‬
‫األساسي الذي يحدد قواعد نظامهم ومعايير وشروط مسار وتسيير حياتهم الوظيفية لخدمة الجماعة‬
‫‪1‬‬
‫البلدية‪.‬‬
‫ورغم أنه يشمل عنوانه الجماعات اإلقليمية إال أنه يطبق فقط على موظفي البلديات دون‬
‫سواهم‪ .‬في حين ينظم تسيير مستخدمي الوالية كجماعة إقليمية نص قانوني أخر‪ 2.‬فمستخدمو الوالية‬
‫يعاملون ويستفيدون من نفس المعاملة المقررة ألعوان الدولة في اإلدارة المركزية‪ .‬والمقاربة الكمية والنوعية‬
‫تعكس مؤشرات االختالل المالحظة بين التعداد العام للموارد البشرية بين الدولة والوالية من جهة‪ ،‬والبلدية‬
‫كما توضحه إحصائيات الجدول التالي‪:3‬‬

‫‪-1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 223-55‬المؤرخ في ‪ 9055-02-90‬المتضمن القانون األساسي الخاص لموظفي إدارة‬
‫الجماعات اإلقليمية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪، 12‬الصادرة بتاريخ ‪. 9055-02-93‬‬
‫‪-2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 03-03‬المؤرخ في ‪ 9003-05-50‬المتضمن القانون األساسي الخاص بالموظفين المنتمين‬
‫لألسالك المشتركة في المؤسسات واإلدارات العمومية‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 02‬الصادرة بتاريخ ‪.9003-05-90‬‬
‫العمومي‪،‬‬ ‫للوظيف‬ ‫العامة‬ ‫المديرية‬ ‫موقع‬ ‫في‬ ‫الواردة‬ ‫االحصائيات‬ ‫حسب‬ ‫اعدادنا‬ ‫من‬ ‫الجدوالن‬ ‫‪-3‬‬
‫في‪ www.dgfp.gov.dz:‬بتاريخ ‪9053/59/90:‬‬

‫‪229‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫تعدادالوظيفة‬

‫المستوى المؤسساتي االداري‬


‫العامة‬ ‫توزيـــــع االعـــوان حسب مستـــوى التــــأهيـــل‬
‫‪2.121.172‬‬
‫‪‬‬

‫التعداد‬
‫المستويات‬ ‫ا‬ ‫ت‬
‫الثالث من تعداد‬ ‫‪%‬‬ ‫التنفيذ‬ ‫‪%‬‬ ‫التحكم‬ ‫‪%‬‬ ‫التطبيق‬ ‫االتصميم‬
‫‪%‬‬
‫العامة‬ ‫الوظيفة‬ ‫‪19-11‬‬ ‫‪16-11‬‬ ‫‪11-16‬‬ ‫‪11‬‬
‫تمثل‪72.11:‬‬ ‫مافوق‬
‫‪51.10‬‬ ‫‪55.51‬‬ ‫‪23332‬‬ ‫‪33.32‬‬ ‫‪512520‬‬ ‫‪99.63‬‬ ‫‪10256‬‬ ‫‪51.25‬‬ ‫‪13922‬‬

‫ا‪.‬المركزية‬
‫‪252515‬‬
‫‪35.11‬‬ ‫‪90.21‬‬ ‫‪516533‬‬ ‫‪2.30‬‬ ‫‪13239‬‬ ‫‪2.21‬‬ ‫‪32123‬‬ ‫‪12.62‬‬ ‫‪100305‬‬

‫ا‪.‬االقليمية‬
‫‪322191‬‬
‫‪51.33‬‬ ‫‪31.52‬‬ ‫‪961633‬‬ ‫‪3.93‬‬ ‫‪52211‬‬ ‫‪3.39‬‬ ‫‪51013‬‬ ‫‪1.13‬‬ ‫‪51220‬‬

‫ا‪.‬البلدية‬
‫‪259002‬‬
‫جدول مقارن حسب مؤشر التاهيل بين االدارة المركزية و ادارة الجماعات المحلية‪(.‬دون حساب تعداد المؤسسات‬
‫العمومية ذات الطابع االداري والعلمي والثقافي والمهني البالغ ‪ 111.297:.‬عونا‪ :‬أي ما نسبته ‪ 27.26‬من مجموع‬
‫التعداد العام للوظيف العمومي)‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تعداد‬ ‫م‬
‫االدارة‬ ‫‪%‬‬ ‫االدارة‬ ‫‪%‬‬ ‫االدارة‬ ‫‪%‬‬ ‫المستوى‬ ‫مستوى‬
‫‪%‬‬ ‫البلدية‬ ‫االقليمية‬ ‫المركزية‬ ‫الوطنية‬ ‫الوطني‬ ‫التاهيل‬
‫للدولة‬
‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬ت‬
‫‪9.91‬‬ ‫‪11220‬‬ ‫‪62.12‬‬ ‫‪500305‬‬ ‫‪6.88‬‬ ‫‪53926‬‬ ‫‪33.20‬‬ ‫‪731322‬‬ ‫تاطير‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪9‬ت‬
‫‪6.56‬‬ ‫‪11013‬‬ ‫‪33.93‬‬ ‫‪82123‬‬ ‫‪22.05‬‬ ‫‪70256‬‬ ‫‪19.50‬‬ ‫‪233326‬‬ ‫تطبيق‬
‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪9‬ت‬
‫‪3.60‬‬ ‫‪12211‬‬ ‫‪21.95‬‬ ‫‪73239‬‬ ‫‪59.16‬‬ ‫‪112520‬‬ ‫‪13.21‬‬ ‫‪220993‬‬ ‫تحكم‬
‫‪9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪6‬ت‬
‫‪23.01‬‬ ‫‪265644‬‬ ‫‪21.92‬‬ ‫‪116533‬‬ ‫‪4.22‬‬ ‫‪33332‬‬ ‫‪33.11‬‬ ‫‪623012‬‬ ‫تنفيذ‬
‫جدول مقارن حسب مؤشر التاهيل لجميع تعداد الوظيف العمومي‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫فالقراءة المباشرة للمعلومات اإلحصائية تؤكد الحقائق التالي‪:‬‬


‫‪ -‬اوال ‪ :‬نسبة التأطير في البلديات تمثل ‪ % 1,13‬من تعداد الموظفين في هذا القطاع البالغ‬
‫‪ .259002‬بالنظر إلى اإلدارة اإلقليمية للدولة‪ 1،‬بـ‪ % 12,62‬من تعداد موظفي هذا القطاع البالغ‬
‫‪ .322191‬واإلدارات المركزية للدولة‪ %51,25‬من مجموع موظفين يبلغ ‪ 252515‬موظفا‪..‬وتمثل‬
‫نسبة التأطير على المستوى الوطني ‪%23,20‬من تعداد موظفي التأطير البالغ عددهم ‪131322‬‬ ‫‪‬‬

‫من التعداد العام للوظيفة العامة البالغة ‪ 9.090.519‬موظف‪ .‬والتي تمثل منها نسبة التأطير على‬
‫مستوى البلديات ما قيمته‪% 9,91‬و‪ %62,12‬لإلدارة اإلقليمية و‪ %6.88‬لإلدارات المركزية للدولة‪.‬‬
‫وهذا اختالل كبير ال يكمن في ندرة الموارد المالية بقدر مايعبر عن الضعف المؤسسي المصطنع‬
‫الذي كرسته أنظمة الوصاية واإلدارة السياسية المركزية للموارد الوطنية؛ والتي ال تسمح بوجود‬
‫جماعات إقليمية قوية تمارس صالحياتها القانونية‪ ،‬و التسييرية حسبما تقتضيه مبادئ التسيير الحديث‬
‫للخدمات؛ واالقتصاد المنتج عبر أمالكها وامكانياتها المهدورة والمهملة‪ ،‬والتي جعلت من نظام‬
‫الالمركزية مجرد وسيلة لتبرير إصالح العجز لكن من دون إرادة حقيقية وفعلية في الواقع‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬ارتفاع تعداد أعوان التنفيذ إلى ‪ %31,52‬من مجموع مستخدمي البلديات‪ .‬متجاوزة النسبة‬
‫الوطنية البالغة ‪ . %23,11‬مما يثبت بالدليل الطابع االجتماعي للتوظيف‪ .‬كما تبين األرقام ضعف‬
‫تعداد الفئتان الوسيطتان‪ :‬التطبيق والتحكم في البلديات مقارنة مع اإلدارة اإلقليمية واإلدارات المركزية‬
‫للدولة ومقارنة بالنسبة الوطنية‪ .‬وهذا مؤشر مهني لتفسير التداخل الوظيفي بين األسالك والرتب في‬
‫اإلدارة البلدية‪ ،‬وتحول دور اإلطارات العليا إلى مجرد أعوان متعددي المهام‪ ،‬لمعالجة ضغوط البيئة‬
‫الداخلية والخارجية‪.‬وبالتالي االجتهاد في تقليص الفجوة المزدوجة في االنجاز‪ .‬وتحمل مسؤوليات‬
‫مجانية من دون مقابل اعتباري أو مادي‪ ،‬مما يجعل هؤالء اإلطارات يسعون لتغيير مسارهم المهني‬
‫من خالل اقتناص أي فرصة تتاح لهم‪ ،‬نحو وجهات مهنية أكثر تقدي ار ووجاهة‪ ،‬وامتيازات اجتماعية‪.‬‬
‫قد تمهد لهم بلوغ مراكز القرار في يوم ما‪ .‬فاإلطارات العليا في اإلدارة البلدية أفقها مسدود‪ ،‬ال‬
‫تسمح لها القوانين بالحركة والترقية لشغل مواقع القيادة؛ وتعاني تهميشا قاتال عكس ماهو حاصل في‬
‫إدارة الوالية واإلدارة اإلقليمية للدولة‪ .‬حيث تقترح إطاراتها أو ترشح لتولية بعض المناصب الحيوية‬
‫في مختلف إدارات الدولة‪ .‬فاألمناء العامون للبلديات يجبرون على االنخراط في حركة تنقل دورية من‬
‫قبل والي الوالية عبر بلديات الوالية‪ ،‬وفي القليل النادر ما يعين بعضهم في مناصب معينة في‬
‫مصالح الدوائر‪ ،‬او الوالية أو المصالح المركزية لو ازرة الداخلية؛ وتكون في الغالب حسب نسبة ودرجة‬
‫العالقات الشخصية التي تميز شبكة السلطة السلمية؛ أو ما تجود به العالقات الزبائنية المرتبطة‬
‫بالمصالح الفئوية أو الخاصة ضمن بيئة النظام المؤسساتي المحلي للجماعات المحلية ‪.‬‬

‫‪ -3‬راجع مبحث الوالية في الفصل األول ‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪1‬‬
‫مما أدى إلى إضعاف أي فرصة لتحديث اإلدارة المحلية من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬سوء تثمين المورد البشري وهيمنة السلطة المركزية على النشاط المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬انعدام أي حركية في المسار المهني لمستخدمي البلديات وعزلتهم وضيق أفاق التحويل واالنتقال‬
‫إلى مراكز أخرى في قطاعات النشاط العام؛ وان توفرت فرص تكون نتيجة ظروف ما أو بناءا على‬
‫عالقات شخصية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬انعدام نظام للتحفيز والتكوين المستمر يكون مآله بروز نزعة سياسية بين المنطق اإلداري والمنطق‬
‫السياسي مما ينجر عنه‪:‬‬
‫‪ ‬اإلذعان المهني لإلطارات البلدية تجاه المنتخبين ‪.‬‬
‫‪ ‬أو التهميش المتعمد والروتين واليأس‪.‬‬
‫فأصبحت اإلدارة البلدية غير ذات جاذبية وتبدو وكأنها تستغل للتوظيف االجتماعي لسد‬
‫حاجياتها البشرية‪ ،‬أكثر مما تبحث عن استقطاب الكفاءات المتخصصة والمتمكنة‪ .‬لذلك ومن أجل الحفاظ‬
‫على استقرار المورد البشرى في اإلدارة المحلية ينبغي قياس أداؤه انطالقا من ثالثة أبعاد رئيسية تتمثل في‬
‫‪2‬‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ .5‬البعد التنظيمي‪.‬‬
‫‪ .9‬البعد الفردي‪.‬‬
‫‪ .2‬بعد تكيف الفرد مع البيئة ‪.‬‬
‫تشكل بدورها نموذجا للتقييم يحتوي إحدى عشر (‪ )11‬متغي ار خفيا‪:‬‬
‫‪ -2-‬التحفيز في العمل‬ ‫‪ -9-‬الدعم التنظيمي‬ ‫‪ -1-‬الرضا في العمل‬
‫‪ -6-‬االنخراط في العمل‬ ‫‪ -1-‬تحفيز الخدمة العمومية‬ ‫‪ -3-‬العدالة التنظيمية‬
‫‪ -2-‬الوفاء للمنظمة‬ ‫‪ -3-‬المواطنة التنظيمية‬ ‫‪ -1-‬االلتزام التنظيمي‬
‫‪ -55-‬الثقة التنظيمية ‪.‬‬ ‫‪ -50-‬المناخ التنظيمي‬
‫رغم التحسينات القانونية واإلدارية التي عرفها قطاع الوظيف العمومي ضمن إصالح‬
‫السياسات العامة في الدولة؛ إال أنها لم تحدث األثر المرجو منها‪ ،‬بسبب عدم التحكم في النمو الحقيقي‬
‫لقطاعات النشاط العام في الدولة‪ .‬نتيجة االعتماد المفرط على التمويل الريعي لمثل هذه السياسات‪ ،‬والتي‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ahmed Rahmani, « les ressources humaines des collectives locales : un état des lieux à‬‬
‫; ‪la lumière de la conception de La décentralisation contrôlée ».Revue de Ceneap, n°25‬‬
‫‪(2002), pp5-16.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Alexandra Simon et al, « la construction d’un baromètre pour mesurer la performance »,‬‬
‫‪RH en milieu public : « une application dans le contexte local », gestion et mangement‬‬
‫‪public (2015/15/2002/n3) , pp5-31.‬‬

‫‪232‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫جاءت في ظروف تطبعها األزمة المتعددة األبعاد‪ .‬ولم ينظر لها في كليتها وقدمت معالجة مؤقتة لمشاكل‬
‫عمومية مستمرة ومتداخلة‪ .‬يجب تسيير المورد البشري والحفاظ عليه وتثمينه‪ ،‬مما يستدعي تغيي ار عميقا‬
‫في التصورات التقليدية‪ ،‬كأحد محاور اإلصالح الجدية التي تمس اإلدارة العامة‪ .‬ومن ثمة يعني تجديد‬
‫‪1‬‬
‫تسيير المستخدمين كإحدى وسائل تقييم السياسات العامة التركيز على المحاور التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تنشيط المسارات المهنية وانشاء لكل موظف حقا حقيقيا في الحركة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪- ‬تطوير الثقافة بالنتائج في اإلدارة والمتابعة الفردية لألعوان ‪.‬‬


‫‪- ‬فتح وتنويع التوظيف في المهام ‪.‬‬
‫يبقى المورد البشري الطاقة الحيوية‪ ،‬التي تعمل على تفعيل كل اإلمكانيات التي تحوزها إدارة‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬وتكون إدارة التنمية رهينة لها؛ فالتجربة بينت لدى المجتمعات المتطورة أن السبب‬
‫الرئيسي لنجاحها‪ ،‬يكمن في اهتمامها بالعوامل البشرية‪ ،‬التي كانت إحدى مخرجات نظامها التربوي‪،‬‬
‫ومنحت كل التشجيع والتحفيز الالزم لإلبداع واالبتكار‪ .‬باإلضافة إلى تكوينها المستمر لتتكيف مع‬
‫مستجدات عصرها واالستفادة من الخبرة اإلنسانية أينما كانت ‪.‬‬
‫لم يتمكن النظام المؤسساتي للجماعات المحلية ‪ ،‬من تصميم النموذج األمثل لتسيير موارده‬
‫الخاصة‪ .‬وعلى رأسها الموظفين نتيجة صعوبات التوفيق بين االستقاللية الوظيفية للجماعات المحلية ‪،‬‬
‫ووحدة نشاط الدولة القائم ‪ ،‬على المركزية الشديدة‪ ،‬واإللحاق والتبعية المفرطة لنشاط المحيط‪ ،‬لمحورية‬
‫القرار المركزي البيروقراطي والمتسلط‪.‬األمر الذي أدى إلى ازدواجية وثنائية‪ ،‬ضمن نفس هذا النظام في‬
‫تسيير المورد البشري‪ .‬وجعله أقل قيمة عند مقارنته بباقي القطاعات العامة األخرى‪ .‬وبالتالي يستحيل‬
‫تحقيق تنمية محلية سليمة ونافعة‪ ،‬في ظل ضعف االهتمام بالعنصر البشري‪ ،‬بشقيه اإلداري والتقني؛ بل‬
‫وحتى المنتخبين الذين أصبحوا ال يشكلون أي نموذج من النخب المحلية‪ .‬إال مجرد باحثين عن مصالحهم‬
‫الشخصية وفقط نتيجة عدم امتالكهم للكفاءات الضرورية‪ ،‬لتغيير األوضاع المحلية‪ ،‬ولو بمحاولة‬
‫االستعمال المحدود والمقيد للموارد الموجودة في وجهتها الصحيحة والمقبولة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « révision générale des politiques publiques et gestion des‬‬
‫‪ressources humaines », revue française d’administration publique, n° 136, (2010/4), p‬‬
‫‪908.‬‬

‫‪233‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -3-3‬الموارد التنظيمية والمؤسسية‪Les ressources Organisationnelles et :‬‬


‫‪Institutionnelles‬‬
‫يعتبر المورد التنظيمي‪ ،‬اإلطار المرجعي والشرعي لنشاط ومهام الجماعات المحلية ‪ .‬شأنها‬
‫في ذلك شأن أي منظمة رسمية أو خاصة‪ ،‬تبنى على قواعد معينة وتسعى لتحقيق أهداف‪ ،‬ومصالح لفئة‬
‫‪‬أو لفئات مجتمعية‪.‬ورغم كثرة التعريفات المطروحة حول هذا المفهوم‪ ،‬إال أنه يبقى يمثل الشكل الذي تفرغ‬
‫فيه جهود جماعية لتحقيق غرض مرسوم‪ 1.‬فإدارة الجماعات المحلية كإدارة للتنمية المحلية تحتاج دوما‬
‫إلى اإلطار القانوني والتنظيمي‪ ،‬واإلجرائي لتسيير الشؤون المحلية‪ ،‬من خالل حسن التكفل بها وعقلنة‬
‫وتعبئة مختلف الموارد؛ خاصة المالية منها‪ .‬تتعلق ظاهرة التنظيم بالهياكل التنظيمية‪ ،‬والسلوك التنظيمي‬
‫والعوامل المؤثرة فيها؛ كاإلستراتيجية وحجم التنظيم ونوع التكنولوجيا المستعملة‪ ،‬وطبيعة بيئة التنظيم‬
‫وعالقات السلطة وعملية التسييس‪ .‬ويستعمل التنظيم أو المنظمة كإدارة أو وسيلة‪ .‬وعلى حد تعبير أحد‬
‫الباحثين؛ التنظيم هو كيان اجتماعي منسق بوعي وله حدود واضحة المعالم‪ ،‬ويعمل على أساس دائم‬
‫‪2‬‬
‫لتحقيق هدف معين أو مجموعة من األهداف‪.‬‬
‫تتمتع الجماعات المحلية كامتداد لسلطة الدولة‪ ،‬باالستقاللية المالية والتنظيمية‪ .‬وتتدخل حسب‬
‫الوظائف المبدئية المقررة لإلدارة العامة وتمارس عن طريقها العمليات األساسية فيها‪ ،‬وتتحدد تدخالتها‬
‫على ضوء المصلحة العامة التي تنجز لصالح الجماعة المحلية ‪ .‬فحركية السلطات المحلية المكفولة لها‬
‫تتميز بالرئاسية والعمودية؛ عندما تقرر السياسات العامة؛ لتنفيذ إرادة الدولة العامةعلى إقليمها واتخاذ‬
‫اإلجراءات المالئمة في بلوغ األهداف منها‪ .‬كما تتميز أيضا باألفقية عندما تتعلق بالتعاون و االستشارة و‬
‫المشاركة مع المحيط المؤسساتي‪ ،‬لمختلف أجهزة الدولة على إقليمها‪ ،‬واالجتهاد في تجميع المعلومات‬
‫الضرورية لبناء القرار السليم‪ .‬وتحسين اليات العمل العمومي في الفضاء العام ‪ .‬الذي هو مجال لتقييم‬
‫السياسات واعادة توزيع موارد الجماعة؛ والسيما الموارد السياسية المرتبطة أساسا؛ بثقافة ممارسة السلطة‬
‫لفائدة الجماعة في العهدات االنتخابية‪ .‬ومن ثمة تتحول تلك اإلرادة إلى سلطة سياسية ذات أبعاد‬
‫تنظيمية وادارية‪ ،‬تتوقف عليها حيوية المؤسسة من ركودها؛ في بيئة غير مستقرة وفي سياق يعاني ندرة‬
‫الموارد‪ .‬يبدو ضروريا للجماعات المحلية‪ ،‬أن تتوفر على نظام لإلدارة اإلستراتيجية الشاملة‪ ،‬أكثر نجاعة‬
‫النجاز أهداف المنتخبين وأهداف اإلدارة العامة‪ .‬والمساهمة في إرساء ثقافة تسيير‪ ،‬للتطوير والتقليل من‬
‫المخاطر‪:3‬‬

‫‪-1‬محمد سليمان الطماوي‪ ،‬مبادئ علم اإلدارة العامة‪( ،‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط‪ ،1،‬د‪.‬س‪.‬ن )‪ ،‬ص‪ ، 190‬نقال عن‬
‫‪ :‬محمد القريوتي‪ .‬مبادئ اإلدارة‪ :‬النظريات والعمليات والوظائف‪( ،‬األردن‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،‬ط ‪ ، )9006 ، .2‬ص‪.900‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬نظرية المنظمة والتنظيم‪( ،‬األردن ‪ :‬دار وائل للنشر ‪،‬ط‪ ، )9050، 3‬ص ص‪15- 32‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Magali Bencivenga « l’organisation de l’évaluation dans les collectivités locales », Revue‬‬
‫‪formations sociales, n°150, (2008/6) ;pp.140-149.‬‬

‫‪234‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ ‬األخطار المالية (التحكم في التوازنات والتكاليف )‪.‬‬


‫‪ ‬األخطار القانونية ( قانونية األعمال واحترام األشكال )‪.‬‬
‫‪ ‬األخطار الخارجية (دراسات مالية‪ ،‬قانونية‪ ،‬اجتماعية ‪.)..‬‬
‫‪ ‬األخطار التسييرية ( تحفيز األعوان )‪.‬‬
‫‪  ‬األخطار السياسية ( احترام االلتزامات واإلصغاء االجتماعي )‪.‬‬
‫لذلك فأسلوب التقييم اليرتكز على إرادة والتزام قوي من طرف الفريق المسير فقط‪ ،‬وانما أيضا‬
‫على قدرات الجماعات المحلية‪ ،‬وعلى تصور أسلوب تدخل متكيف مع نظامه الخاص وبيئته‪ .‬أي احداث‬
‫تحويل في العمل العمومي المحلي بإدخال منطق المشروع (تحديد األهداف والوسائل) وتنمية الشراكة‬
‫‪،‬ودينامكية اإلقليم ‪.‬‬
‫يقتضي التنظيم االستراتيجي في الجماعة المحلية‪ ،‬االنخراط العقالني؛ لالقتصاد في الموارد و‬
‫تفعليها ورفع إنتاجيتها الخدماتية والتنموية‪ ،‬لصالح المجموعة المحلية‪ ،‬والبحث عن النمذجة "المثالية "‬
‫لصياغة أفضل المعادالت التنظيمية‪ ،‬واآلليات التسييرية في معالجة الشؤون المحلية‪ .‬من خالل الربط‬
‫النسقي والعضوي بين قواعد التسيير العمومي الحديث؛ كمجموعة أفكار وأساليب تجمع بين المسؤوليات‬
‫والفعالية في اإلدارة العمومية‪ 1.‬أي باعتبارها نموذج مرجعي لتنظيم و تسيير العمل العمومي‪ ،‬وفلسفة‬
‫الحكامة العامة‪ ،‬كمسار عملياتي لتسيير العمل العمومي‪ 2.‬تمهد اإلمكانيات التنظيمية المتوفرة على‬
‫مستوى إدارة الجماعات المحلية ألحداث سلسلة من التفاعالت‪ ،‬بين الفريق االداري وفق معايير‬
‫التخصص‪ ،‬وااللتزام للدفع بالعمل المحلي العمومي نحو األفاق‪ ،‬التي تتطلع إليها حكامة السياسة العامة‬
‫التي تصاغ مركزيا‪ ،‬وتنفذ محليا من قبل هؤالء المشرفين على إدارة الجماعة المحلية‪ .‬تفسر الرؤية‬
‫المتكاملة الستخدام الموارد في إدارة الجماعة المحلية‪ ،‬حيوية القيادة في تنشيط المصالح العامة المحلية‪،‬‬
‫ومحاولة إعطاء األهمية لكل عنصر من تلك الموارد‪ .‬فال يمكن االستغناء عن أحدها أثناء العمل‪ .‬فأي‬
‫اختالل في حركية الجماعة تتحمل أعباؤه القيادة التي تعتلي هرم المسؤولية‪ .‬وعلى هذا األساس يمكن‬
‫االنتباه إلى بعض المظاهر‪ ،‬التي تبدو عليها مختلف عناصر التنظيم مجتمعة‪ ،‬مع باقي مظاهر الموارد‬

‫‪1‬‬
‫‪Tor Hernes, « Quatre‬‬ ‫‪réactions organisationnelles idéal –typiques aux reformes du‬‬
‫‪nouveaux mangement public et quelques conséquences », Revue Internationale des‬‬
‫‪Sciences administratives, vol.71, (2005/1), pp.5-18.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-Mohamed Cherif Belmihoub, « rapport sur les innovations dans l’administration et la‬‬
‫‪gouvernance dans les pays Méditerranéens : Cas de L’Algérie », (Avril 2004), p14.‬‬

‫‪235‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫األخرى‪ ،‬كحصيلة مؤسساتية عن طبيعة النموذج الذي تقوم عليه الالمركزية في تنظيم وتسير الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬سلطات محلية تتكامل المركزيا ‪.‬‬
‫‪ ‬قيادات إدارية مفوضة رئاسيا‪.‬‬
‫‪ ‬صالحيات رسمية ومقننة توزع وتمارس وفق قواعد واجراءات محددة سلفا للموظفين والمنتخبين على‬
‫حد سواء ‪.‬‬
‫‪ ‬محدودية التأثير والتفاعل االيجابي بين المقومات التنظيمية كمبادرة وابداع مؤسسي‪ ،‬وادارة سياسية‪،‬‬
‫وكفاءة إدارية‪ ،‬في طرح المقاربات الناجعة حول مطالب البيئة الداخلية والخارجية للجماعة ‪.‬‬
‫‪ ‬مقاومة التغيير والمحافظة على األوضاع الراهنة ومؤشرات الصراع على السلطة ‪.‬‬
‫‪ ‬تزايد حدة السلطة التنظيمية للسلمية اإلدارية‪ ،‬على حساب وضوح القواعد القانونية‪ ،‬وذلك نتيجة‬
‫عاملين أساسين‪:‬‬
‫‪ ‬قلة الكفاءة وترجيح السلطة التقديرية في بناء القرار‪ ،‬في شكلياتها البيروقراطية الهجينة ‪.‬‬
‫‪ ‬شدة اإلجراءات الرقابية المتعددة المستويات (الوالية‪ ،‬الدائرة ‪ ،‬المراقب المالي‪ )....،‬مما يعقد‬
‫تنفيذ برامج وخطط السياسة العامة المحلية وبعدها عن طابعها التنموي والخدماتي ‪.‬‬
‫‪ ‬الجماعات المحلية ذات بنية تنظيمية شبه مغلقة ال تكترث بثقافة االستشارة والمشاركة إال تحت‬
‫الضغط االجتماعي رغم إقرار النصوص المرجعية عكس ذلك ‪.‬‬
‫‪ ‬التباين بين ما تقره األطر المرجعية والسلوكات اإلدارية والتنظيمية والسياسية ‪.‬‬
‫‪ ‬وهكذا فان ادارة الموارد المالية والقدرات التنموية المحلية؛ ال تملك الجماعة المحلية حرية التصرف‬
‫فيها‪ ،‬والسيما البلديات‪ .‬مما يبقي على تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬رهينة من حيث النظم والصالحيات‬
‫واالجراءات لمنطق الدولة كوصاية ورقابة شديدة على نشاط هذه الجماعات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تضعف المثل‬
‫والمبادئ التي انشئت من اجلها لخدمة المجتمع المحلي‪ .‬مما يقتضي البحث عن مخارج اصالحية‬
‫لتكييف مهام واعمال االدارة المحلية‪ ،‬حسب ما تفرضه التطورات المجتمعية؛ من حيث المطالب وحل‬
‫المشاكل العمومية على قواعد التسيير الجديدة‪ ،‬التي اصبحت تمثل مرجعية عالمية للتسيير الجواري‬
‫ضمن مقاصد الحكامة المحلية‪ .‬حيث يدمج حراك المواطن كمحور رئيسي في تفعيل التنمية المحلية‪.‬‬
‫وانما في المطالبة بتحرير نظام الجماعات المحلية‪ ،‬من الوصاية البيروقراطية‪ ،‬وجعله اكثر مرونة‬
‫وفعالية من اجل المنفعة العامة‪ ،‬التي هي علة وجود الجماعة المحلية كسلطة محلية رسمية‪ ،‬لقاعدة‬
‫الدولة السياسية واالجتماعية‪ .‬ولكن كذلك لها القدرة على تمثيل المصالح المحلية‪ ،‬طرحا ومشاركة‬
‫وانجا از ومراقبة واستفادة ‪....‬‬

‫‪236‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫رابعا‪ :‬عالقة الدولة بالجماعات المحلية ‪:‬‬


‫يقوم تنظيم الدولة الجزائرية على مؤسسات سياسية وادارية‪ ،‬تجمع بين خصوصيات العمل‬
‫المركزي ومبادئ التسيير الالمركزي‪ .‬مما يضفي عليها طابع الدولة البسيطة أو الدولة الموحدة؛ أي عدم‬
‫االعتماد على أي أنظمة أخرى تتقاسم توزيع السلطة العامة لها وفق معايير التحديد الجغرافي أو االثني‪،‬‬
‫‪‬واللغوي (نظام فيدرالي أو كنفدرالي)‪ ،‬ولذلك فتأسيس الدولة هو في الواقع انعكاس ألي لهوية األمة و إرادة‬
‫المجتمع في الوحدة والعدالة والمصير المشترك ‪.‬‬
‫لكي تستجيب الدولة للحاجات المجتمعية‪ ،‬كرست تنظيما إقليميا في إدارة الشؤون العامة‬
‫انطالقا من القاعدة‪ ،‬يجمع بين مقتضيات الالتمركز وضرورات الالمركزية؛ أو ما تسمى في أدبيات‬
‫األنظمة السياسية الحديثة؛ اإلدارة اإلقليمية للدولة ‪ ،‬وادارة الجماعات المحلية؛ كنسق سياسي وآلية إدارية‬
‫للتعبير عن امتداد الدولة الوظيفي والنبوي مع شكل محدود ونسبي من االستقاللية التنظيمية والمالية؛‬
‫يتمظهر ذلك النظام في انتشار مؤسسي لسلطتها‪ ،‬عبر سياسة التنظيم اإلقليمي‪ ،‬الذي تجسده الجماعات‬
‫المحلية كمؤسسات المركزية‪ ،‬تخدم القضايا الوطنية التي تعالجها السياسة العامة للدولة‪ .‬وتتحول محليا‬
‫واقليميا على شكل برامج تنموية تصنف في سياق السياسة المحلية‪ ،‬التي تتولى إدارتها وتوزيعها السلطات‬
‫المحلية بشقيها اإلداري والسياسي ‪ ،‬حسب أولويات الشؤون المحلية‪ ،‬التي صيغت في بدايتها كمشاكل‬
‫عمومية ذات منفعة عامة‪ .‬وبالتالي تبدو محورية الدولة في النظام اإلداري الوطني ذات شرعية نافذة‬
‫ومؤثرة جدا‪ ،‬في تحديد السياسات واجراءات تنفيذها وأهداف انجازاتها؛ ومن ثمة يحظى دور الدولة تجاه‬
‫المؤسسات المحلية باألهمية اإلستراتيجية‪ .‬ومهما كانت الظروف فان العالقة التي تميز الدولة‬
‫بجماعاتهاالمحلية ‪ ،‬ال تكاد تبتعد كثي ار عن مبدأين رئيسيين يشكالن جوهر وطبيعة نموذج الدولة القائم‪،‬‬
‫وهما‪:‬‬
‫‪ .5‬النسق المؤسساتي ( مركزية‪ -‬ال مركزية)‪.‬‬
‫‪ .9‬النسق الوظيفي الرئاسي (السلطة السلمية أو التدرج الرئاسي)‪.‬‬
‫قبل دراسة نماذج تلك العالقات المتعدية التي تربط الطرفين‪ ،‬ينبغي اإلشارة إلى أن هذه العالقات‬
‫(العمودية النازلة والعالقات العمودية الصاعدة)‪ ،‬تتحكم فيها مجموعة من العوامل الشرطية التي تستلزمها‬
‫هذه العالقات‪ ،‬والتي تحتاج فيها الدولة إلى الجماعة المحلية‪ ،‬وتحتاج فيها الجماعة المحلية إلى الدولة ؛‬
‫وفق معادلة تكاملية‪ .‬لكن تتفوق فيها الدولة مستخدمة نموذج الضبط "الضبط المتقاطع ‪la régulation‬‬
‫‪ .1croisée‬كما صممه علم اجتماع المنظمات‪ ،‬حيث يوضح مجموع العالقات التي تربط الدولة عبر‬
‫إداراتها بالجماعات المحلية‪ .‬وهذا النموذج يتعامل مع نظام سياسي واداري يتميز بآليات للتسوية بين‬

‫‪1‬‬
‫‪-Thoenig Jean Claude, Duran Patrice, « l’Etat et la Gestion publique Territoriale », revue‬‬
‫‪fracaise de science politique, n°4, ( 46 année,1996) , p.p-580, 581.‬‬

‫‪237‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫القادة المنتخبين المحليين‪ ،‬ومصالح الدولة‪ ،‬المنتشرة في سياق يكون فيه العمل العمومي يتفاعل محليا‬
‫‪،‬والفضاء الوطني مدار وفق مبدأ عمودي‪ ،‬يعكس كيانا مرك از حول إنتاج المنافع والمصالح‪ ،‬تهيمن فيه‬
‫الدولة كصاحبة الشرعية األصلية‪ ،‬في التأسيس والتنظيم والتسيير على جميع مستوياته‪ ،‬من باب تحقيق‬
‫المصلحة العامة‪ ،‬التي ازدادت حدة مد لوالتها ومعايير تحديدها وقطاعات إنتاجها وتوزيعها؛ السيما مع‬
‫‪‬تنامي نشاط وحركية الحياة الديمقراطية بعدما تشجعت الدولة على إجبار الجماعة المحلية ‪ ،‬التكيف مع‬
‫النماذج المشاركاتية الجوارية في صياغة القرار المحلى وحل المشاكل العمومية المحلية‪ ،‬حتى وان لم‬
‫تتجاوز تلك الشجاعة‪ ،‬مجرد خطب ووعود‪ ،‬ولم تكرس في الممارسة السياسية واالدارية التي تقوم بها‬
‫السلطات المركزية كما المحلية ‪ .‬على ضوء هذا المقاربة تتجلى محددات عالقة الدولة؛ من منظور‬
‫عمودي ورئاسي‪ ،‬مع الجماعة المحلية لألسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ .5‬احترام الشرعية المؤسساتية ‪.‬‬
‫‪ .9‬التكامل الوظيفي في شغل اإلقليم ‪.‬‬
‫‪ .2‬العدل والتضامن في تخصيص الموارد‪.‬‬
‫‪ .3‬تمركز العمليات اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ .1‬حيوية وتعاون اإلدارة اإلقليمية ‪.‬‬
‫تأمين خدمات المرفق العام ‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫كما أن الجماعة المحلية تحتاج إلى عالقات متميزة مع الدولة وذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫محدودية موارد الجماعة المحلية وتباين حاجاتها ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ .9‬الجماعة المحلية واجهة الدولة وقاعدة ماسستها‪.‬‬
‫‪ .2‬تجميع مصالح اإلقليم كأساس للسياسة العامة ‪.‬‬
‫‪ .3‬مقتضيات اإلدارة السياسة لإلقليم ‪.‬‬
‫‪ .1‬الجماعة المحلية مجال للتنمية المحلية ‪.‬‬
‫الجل ضمان فعالية أوسع لمقتضيات هذه العالقات الشرطية‪ ،‬والمبنية على مقومات الدولة‬
‫المعاصرة القائمة‪ ،‬على مبادئ التمثيل الديمقراطى المزدوج (محلى‪ -‬وطني)‪ ،‬والحكامة الرشيدة ودولة‬
‫القانون‪ ،‬ينبغي إزالة رواسب المسار البيروقراطي المتسلط ‪ ،‬عن تلك العالقات وانتهاج نمط تسييري يؤدى‬
‫أدوا ار نوعية وفاعلة في مرافقة الجماعات المحلية‪ ،‬تضطلع فيها الدولة بصفة الضبط المرن‪ ،‬بعيدا عن‬
‫التدخل والوصاية التقليدية المركزية‪ .‬التي أثبتت فشلها ؛وعليه يمكن أن يتحدد دور الدولة وفق ثالثة‬
‫أبعاد؛ مخففة إجرائيا‪ ،‬ونشطة تنظيميا وغير مكلفة مؤسسيا؛ وهي تتمثل في الرقابة والتوجيه والشراكة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Girardon, Les collectivités Territoriales, op.cit, pp.64-68.‬‬

‫‪238‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -1-2‬الدولة كمراقب‪L’Etat Controleur :‬‬


‫عملية الرقابة تتعلق بممارسة السلطة والنفوذ من قبل الدولة أو من قبل هيئاتها المختصة‪،‬‬
‫حيث يتم من خاللها تحديد كيفية إتمام األعمال التي تهدف إلى مراجعة ما تم عمله وقياس ما تم إنجازه‬
‫بالمقارنة مع ما حددته الخطط من أهداف‪ ،‬وأساليب عمل‪ ،‬وشروط ‪ .‬هذه القاعدة يجب أن تكون مقررة‬
‫‪‬من طرف سلطة عليا و تحول للمنفذين‪ .‬الرقابة تضع إذا المراقب الذي يحدد و يفرض المعايير ثم معاينة‬
‫‪1‬‬
‫تطبيقها لدى من تمت مراقبته‪ .‬وعليه فعملية الرقابة تقوم بعدة وظائف‪ ،‬لعل أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ )5‬ضمان تسيير منظم ودائم للجهاز اإلداري ألداء مهامه بأمانة وانسجام وكفاءة‪.‬‬
‫‪ )9‬ضمان مشروعية أعمال اإلدارة و حماية حقوق المواطنين‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلشراف على إنجاز برامج ومتابعة النتائج والمردودية‪.‬‬
‫تمارس الدولة رقابتها على جماعاتها المحلية وفق عدة أشكال وآليات ‪ ،‬فهناك‪:‬‬
‫الرقابة الداخلية و الخارجية‪ 2،‬و هناك من يصنفها إلى رقابة مركزية وال مركزية ‪ .3‬وهناك من يصنفها‬
‫كرقابة مؤسساتية ورقابة مجتمعية (المواطنون والرأي العام)‪ .4‬هذا التصنيف منهجي يهدف إلى نفس‬
‫النتيجة التي تتوالها الدولة لبسط سلطتها القانونية والتنظيمية على الجماعات المحلية في التقييم والمراجعة‬
‫والضبط و العقاب والتشجيع اإليجابي‪ ،‬فالنموذج األول أكثر مالئمة في دراسة رقابة الدولة على‬
‫الجماعات المحلية ألنها تحتوي و تتضمن باقي اآلليات الواردة في التصنيفين الباقيين‪:‬‬
‫‪ -1-1-2‬الرقابة الداخلية‪:‬‬
‫هي العملية التي تتم داخل التنظيم اإلداري والسياسي الذي تبنى عليه الجماعة المحلية‬
‫كسلطة محلية ومهام وموارد ومصالح عامة‪(...‬اإلدارة والمجالس المحلية المنتخبة)‪ ،‬وتمارس على شكل‬
‫رئاسي وسلطوي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪La voie hierarchique‬‬ ‫‪ -1-1-1-2‬القاعدة السلمية‪:‬‬
‫حيث تتعلق بممارسة رقابة (الداخلية) المنظمة لإلدارة العامة وهو اإلجراء األكثر‬
‫منطقية واألكثر مالئمة‪ ،‬واألكثر مردودية في أشكال المراقبة‪ .‬وهنا تثار كفاءة المردود البشري وفعاليته‪ ،‬ال‬
‫سيما الذين يشغلون مراكز القيادة والسلطة التقديرية في الضبط اإلداري الذاتي لمختلف األعمال‪ ،‬والتحديد‬
‫الدقيق لإلجراءات‪ ،‬واحترام أجال اإلنجاز للبرامج والسياسات العامة المحلية‪ .‬فرئيس البلدية أو الوالي تقع‬
‫عليهما مسؤولية الرقابة الداخلية لكل ما يدور في أجهزتهم اإلدارية‪ ،‬بل وكل ما يدور في اإلقليم البلدي أو‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Mercier, l’administration publique : de l’école classique au nouveau‬‬
‫‪management public, (Presses de l’université, Laval, 2002), p p 244, 245‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, p.250.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬أيمن عودة المعاني‪ ،‬االدارة المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.512-515‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-HenriI Oberdorff, Les institutions Administratives, op.cit, p.90.‬‬

‫‪239‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫الوالئي‪ .‬كما يجب التذكير أن السلطة الداخلية لمصالح الوالية أكثر كفاءة وتنظيما من السلطة السلمية‬
‫البلدية‪ ،‬بسبب حجم التأطير المتخصص‪ ،‬ونسبته العالية والقدرة على االستشارة والخبرة‪ ،‬في العمل‬
‫والتسيير بدعم من مصالح اإلدارة اإلقليمية للدولة‪.‬‬
‫‪ -2-1-1-2‬مراقبة مصالح الوصاية‪:‬‬
‫تعمل مصالح الوصاية المتمثلة في الوالية‪ ،‬بالنسبة للبلديات‪ ،‬وو ازرة الداخلية والجماعات‬ ‫‪‬‬

‫المحلية بالتنسيق مع مصالح الو ازرة االولى‪ ،‬على تقويم االنحرافات وتحليل النتائج المحصلة بأسلوب‬
‫تأطيري وتنظيمي تسمح به القوانين والتنظيمات‪ ،‬من أعلى إلى أسفل القاعدة كسلم إداري‪ ،‬وتقوم مصالح‬
‫مفتشية و ازرة الداخلية ومفتشية الوالية‪ ،‬بمهام رقابة تقويمية داخلية ‪ ،‬على األعمال واألشخاص كموظفين‬
‫ومسؤولين في مراكز السلطة المحلية‪ .‬فالرقابة على المنتخبين(المجلس الشعبي البلدي والوالئي) تتراوح بين‬
‫التوقيف واإلقالة واإلقصاء‪ .1‬كما يمارس الوالي رقابة على األعمال التي تصدر عن البلديات كأعمال‬
‫عامة أو ق اررات وعقود وتصرفات‪ .‬تتمثل هذه الرقابة في األشكال التالية‪:‬‬
‫في التصديق أو اإللغاء والحلول‪ .2‬كما تمارس و ازرة الداخلية رقابة ووصاية على أعمال المجلس‬
‫الشعبي الوالئي‪ ،‬بعدما يرفق الوالي تلك المداوالت أو األعمال بالتعليالت الضرورية القانونية والجدوى‬
‫منها‪ ،‬وتطابقها مع األطر المرجعية التي تحكم السياسة العامة اإلقليمية للدولة‪.‬‬
‫يجب اإلشارة إلى أهمية الرقابة الداخلية التي منحت إمكانيتها للمجالس المحلية المنتخبة‪ ،‬كشكل‬
‫من أشكال الرقابة ذات الطابع التمثيلي‪ ،‬الشعبي والسياسي‪ ،‬تجاه الجماعات المحلية وادارتها‪.‬وهي‬
‫صالحية قانونية كما هو منصوص عليها صراحة في قانون الوالية المادة ‪ 21‬منه‪ ،‬ونفس األمر نصت‬
‫عليه المادة ‪ 22‬من قانون البلدية إلنشاء لجنة خاصة لدراسة مسائل معينة‪ .‬تتعلق بالمبادرات المجلسية‬
‫لتحسين أو االستقصاء عن قضايا التنمية المحلية ذات النفع العام‪.‬‬
‫‪ -2-1-2‬الرقابة الخارجية‪:‬‬
‫طالما أن الجماعة المحلية مؤسسة عمومية فإنها تأتي ضمن المؤسسات التي تكون موضوع‬
‫رقابة للمؤسسات المختصة بالرقابة‪ ،‬في جميع مستويات النظام المؤسساتي للدولة‪ ،‬ألنها تتعلق بالصالح‬
‫محصور في انشغاالت المجموعة الوطنية ‪ ،‬من حيث التنظيم والتسيير والحفاظ عليه‬
‫ا‬ ‫العام الذي يبقى‬
‫وحمايته من اإلهمال والمحسوبية والتمييز بينه‪ ،‬وبين الحقوق الشخصية أو األمالك الخاصة‬
‫للغير‪.‬وبالتالي‪ ،‬فالرقابة الخارجية تكون ذات خاصية دستورية ومؤسساتية تجسد الفصل بين السلطات‬
‫العامة في الدولة‪ .‬وتترتب عنها أثار قانونية في المحاسبة والجزاء لمن أخل بالتزاماته الوظيفية في إدارة‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬قانون البلدية رقم ‪ 50-55‬المواد ‪ 31-32‬و قانون الوالية ‪ .01-59‬المواد ‪ 36-32‬منه‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬قانون البلدية ‪ 50-55‬المواد ‪ 60-16‬و ‪ 509-500‬منه‪.‬‬
‫‪ -‬لمزيد من االطالع‪ :‬انظر‪:‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫المصالح العامة لألمة‪ ،‬حيث من المفروض أن تتولى السلطة القضائية المعالجة القانونية للتقصير ‪ ،‬أو‬
‫اي مظهر من مظاهر الفساد واستغالل الوظيفة أو سوء التسيير‪.‬‬
‫‪ -1-2-1-2‬الرقابة التشريعية‪:‬‬
‫هي عملية غير مباشرة ‪ ،‬توجبها دساتير الدول للسلطة التشريعية‪ ،‬لمراقبة مؤسسات الدولة و‬
‫‪‬ازدادت أهمية هذه الرقابة‪ ،‬مع إنشاء مجلس األمة حيث يتشكل ثلثا أعضائه ‪ ،‬من المنتخبين المحليين؛‬
‫بموجب المادة ‪ 530‬من الدستور؛ حيث نصت على انه يمكن لكل غرفة من البرلمان في إطار‬
‫اختصاصاتها أن تنشئ في اي وقت لجان تحقيق في قضايا ذات مصلحة عامة ‪ .‬قد تكتسي الرقابة‬
‫التشريعية كآلية سياسية عليا إحدى الشكلين أو كالهما‪:‬‬
‫‪ ‬مساءلة الوزير المعني بقطاع و ازرة الداخلية أو الوزير األول ‪.‬‬
‫‪ ‬أو تشكيل لجنة تحقيق برلمانية ‪.‬‬
‫‪ -2-2-1-2‬الرقابة المالية والقانونية ‪:‬‬
‫لعل أبرز مؤسسة تتولى االضطالع بوظائف الرقابة الخارجية؛ نجد مجلس المحاسبة‪ 1،‬الذي تكمن مهمته‬
‫في تشجيع االستخدام القانوني والفعال للموارد والوسائل المادية‪ ،‬واألموال العمومية‪ ،‬وترقية االلتزام بتقديم‬
‫الحسابات‪ .‬والشفافية في إدارة المالية العمومية والمساهمة‪ ،‬في تعزيز الرقابة ومكافحة مختلف أشكال‬
‫التزوير والممارسات غير القانونية‪ .‬حيث تراقب الغرف الجهوية لمجلس المحاسبة الحسابات المالية‬
‫والميزانيات للجماعات المحلية‪ .‬كما أن هذا الصنف من الرقابة‪ ،‬تقوم به المفتشية العامة للمالية‬
‫الموضوعة تحت مسؤولية الوزير األول ‪ ،‬في المراقبة والتدقيق والتحقيق والفحص لمختلف المصالح‬
‫الحكومية ‪ .‬أما الرقابة القانونية فتتعلق بمدى احترام مشروعية أعمال الجماعات المحلية‪ ،‬والتقليل من‬
‫االنحرافات أو التجاوزات في استخدام السلطة التعسفي أو المتحيز‪.‬‬
‫‪ -3-2-1-2‬الرقابة القضائية‪:‬‬
‫الفصل في النزاع الذي ينشأ بين الجماعات المحلية واإلدارة المركزية أو بين‬ ‫تباشر كسلطة‬
‫الجماعات المحلية والمواطنيين( المحاكم اإلدارية‪-2‬ومجلس الدولة‪ .)3‬ويمكن تحريك الدعوى العمومية من‬
‫طرف وكالء الجمهورية ضد الجماعات المحلية بناء على إخطار فردي أو جماعي من أي جهة كانت‪،‬‬
‫مواطنين أو رأي عام ‪...‬‬

‫‪ -1‬األمر رقم ‪ 09-50‬المؤرخ في ‪ 9050/03/96‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 90-21‬المؤرخ في ‪5221-01-51‬‬


‫المتعلق بمجلس المحاسبة‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ، 10‬المؤرخ في ‪. 9050-02-05‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 09-23‬المؤرخ في ‪ 5223-01-20‬المتعلق بالمحاكم االدارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 21‬صادرة بتاريخ‬
‫‪.5223-06-05‬‬
‫‪ -3‬قانون عضوي رقم ‪05-23‬مؤرخ في ‪ 5223-02-20‬متعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد‪ ،21‬صادرة بتاريخ ‪.5223-06-05‬‬

‫‪241‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫وتنشط الرقابة القضائية في متابعة المنتخبين المحليين في إطار محاربة الفساد وسوء التسيير والمحسوبية‪.‬‬
‫‪ -2-2-1-2‬الرقابة الشعبية أو المجتمعية‪:‬‬
‫يفترض فيها أنها تعززت بإجراءات قانونية و إدارية في قانون الجماعات المحلية من خالل آليات‬
‫‪‬الديمقراطية المحلية؛ والجوارية أو المشاركاتية‪ ،‬في تسيير الشأن العام المحلى‪ ،‬واعتبرت احدى مقتضيات‬
‫إتمام نقائص التمثيل السياسي للعهدة االنتخابية؛ إال أنها تبقى من دون أثر؛ نتيجة الهوة الواسعة التي‬
‫تفصل حياة الجماعات المحلية ‪ ،‬عن انشغاالت المواطن بسبب ضعف الثقة وقلة الموارد وتزايد حجم‬
‫التجاوزات للقواعد القانونية في الحياة السياسية ككل ‪ ،‬وليس فقط على مستوى الجماعات المحلية ‪ .‬ما‬
‫يجب التأكيد عليه‪ ،‬هو أن الشأن العام مسؤولية الجميع؛ فال يمكن ألي شكل من أشكال الرقابة أن يفرض‬
‫احترام القانون والقواعد األساسية في التنظيم الجيد والفعالية المستمرة ‪،‬مالم تكون شرعية البناء المؤسساتي‬
‫وممثليه قائمة على تجسيد حقيقي إلرادة األمة‪ .‬اللذان هما مصدر أي سلطة في الدولة ؛ألن معايير العمل‬
‫العمومي وشروط ممارسة الوظائف أصبحت رهينة قوى اجتماعية غير منتجة في الدولة‪ .‬وتسيطر على‬
‫مصادر القرار السياسي باعتباره موردا رئيسيا في حياة النظام المؤسساتي‪ ،‬فلها القدرة على عرقلة عمل‬
‫مؤسسات الرقابة وتثبيط المبادرات المتبعة‪ .‬والهاء المجتمع في القضايا الثانوية التي ال تمت بصلة لقضايا‬
‫المصلحة العامة ‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الدولة كمستشار وموجه ‪L’Etat consseiller:‬‬
‫قبل أن تتحول عالقة الدولة بجماعاتها المحلية إلى رقابة صارمة مبنية على الجزاء العادل‬
‫واالحتكام إلى العدالة والقضاء ؛ فإنها من منظور أخر ؛ قد تطورت الرقابة من مفهوم الضبط والمنع‬
‫واالتجاه السلبي‪ ،‬إلى الرقابة االيجابية البناءة‪ .1‬أي االبتعاد عن األسلوب التقليدي المبنى على الشك وعدم‬
‫الثقة ‪ .‬أصبح اليوم مفهوم الرقابة يحمل معاني الود‪ ،‬والتعاون من أجل المصلحة العامة‪ .‬ويؤكد النواحي‬
‫االيجابية فيها واذا أجريت بصورة مثلى فإنها تتجاوز الثغرات واألخطاء وتصحيحها‪ ،‬وتكشف نواحي القوة‬
‫والتفوق وتحفز المجدين وتقدرهم إلتقان عملهم ورفع روحهم المعنوية‪ .‬فالدولة قبل أن تكون حكما‪ ،‬فهي‬
‫عبر رقابتها الداخلية‪ ،‬وخاصة من خالل مبدأ التدرج الرئاسي القائم في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬يمكنها‬
‫أن ترشد وتنصح وتوجه وتقّوم االختالالت‪ ،‬بصورة ودية وأدبية ومرنة طبقا لمبادئ التعاون الجماعي‬
‫العمومي‪ .‬وتعكس الخلفية الجماعية لروح الفريق في العمل وحل الصعوبات التي تعترض المؤسسة‬
‫المحلية‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الكريم درويش‪ ،‬ليلى تكال‪ .‬أصول اإلدارة العامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪242‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫فغالبا ما تلجأ البلديات إلى استطالع أراء استشارية قبلية‪ ،‬لدى مصالح الوالية المختلفة ألداء‬
‫خدمة أو انجاز مشروع ما‪ ،‬أو القيام بعمل يحتاج الى تعاون عدة مصالح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬
‫مد يد المساعدة‬
‫ونظ ار لما تعانيه البلديات من عجز بشري وتقني فكثي ار مما تتولى المصالح التقنية للدولة ّ‬
‫لتجاوز عراقيل التسيير والمتابعة واالنجاز وخاصة على مستوى الدوائر حيث تجتمع اللجان‬
‫‪‬المختصة‪ comité adhoc‬دوريا بمشاركة ممثلي هذه المصالح ‪ ،‬لدراسة برامج التنمية وتقييم السياسات‬
‫المحلية؛ اقتراحا ومتابعة وانجا از‪ .‬نفس األمر بالنسبة للوالية فإنها تستشير وتطلب أراءا قبلية من جهات‬
‫الوصاية أو من مختلف الدوائر الحكومية التي تراها مفيدة النجاز مهامها على اعتبار أن العمل العمومي‬
‫بهم كل مؤسسات الدولة ‪.‬‬
‫‪ -3-2‬الدولة كشريك‪L’Etat Partenaire:‬‬
‫اليفهم من تفكيك متغيرات الترابط والتداخل في عالقات الدولة‪ ،‬بجماعاتها المحلية على أنها‬
‫عالقات ندية تقتضي المساواة ‪ ،‬بل بالعكس هي عالقات إستراتيجية ‪ ،‬قائمة على االستقاللية االعتبارية‪،‬‬
‫والتبعية الوظيفية والمجال لمحاولة التحليل المتكافئ بين الطرفين‪.‬‬
‫يفرض االمتداد اإلقليمي للدولة ‪ ،‬وتغلغلها المؤسساتى ‪ ،‬البحث عن سبل أكثر فعالية لضمان استم اررية‬
‫وجود جماعاتها المحلية‪ ،‬كحاجة من موارد النظام الالمركزي لتوزيع القيم واعادة إنتاجها حسب مطالب‬
‫المجتمع المحلي ذات األولوية؛ وعندها تتقاسم الدولة والجماعة المحلية نفس االنشغال؛ ألنهما ينشطان‬
‫شراكة ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬فتكون الجماعة المحلية منفذة‬
‫ومديرة للمشروع المشترك والدولة ممولة ومنفقة ومرافقة له‪ ،‬وتتجسد بذلك صفات تمثيل الدولة أكثر من‬
‫تمثيل الجماعة المحلية السيما في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬الدعم المالي والتنظيمي ‪.‬‬
‫‪ ‬االستثمار العمومي والجماعي ‪.‬‬
‫‪ ‬رسم السياسات العامة وتمثيل المصالح العامة ‪.‬‬
‫‪ ‬النظام العام واالستقرار االجتماعي ‪.‬‬
‫يعمل االتجاه المقاوالتي للدولة وجماعاتها المحلية كمتعامل عمومي على أساس شراكة ثنائية‬
‫بغرض توفير المعلومات الضرورية عن تشخيص المشاكل العمومية المحلية ‪ .‬وبالتالي هي في غالبيتها‬
‫ذات بعد وطني تستدعي حال شامال لجميع الجماعات المحلية؛ فالشراكة ضمن هذا السياق تصبح تعكس‬
‫درجة العجز البنيوي والهيكلي الذي يميز غالبية الجماعات المحلية وهو عجز شامل (مالي وبشري‬
‫وتنظيمي)؛ مما يزيد من اعتماد الجماعة المحلية على دعم الدولة الدائم وال يدفعها لتدبير آليات مبدعة‪،‬‬
‫الستغالل أو توظيف إمكانيات جديدة‪ ،‬لتسوية وضعيتها التسييرية وتحسين خدماتها المرفقية‪ .‬حقيقة‬
‫النموذج المطروح يمتاز بالمرونة لدى الدول الديمقراطية‪ ،‬إال أنه في حالة الدول النامية يبقى مجرد خطاب‬
‫وال يملك مروجوه التقنيات الكافية لنجاحه بسب ثقل تفاعالت البيئة المؤسساتية وتعقيداتها المزمنة‪،‬‬

‫‪243‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫خصوصا لدى النخب المحلية المسيرة التي الزالت تتملكها ثقافة الزبائنية‪ ،‬والمسلكية االنتهازية التي تجعل‬
‫من تحسين مردودية الجماعة المحلية‪ ،‬أخر اهتماماتها طالما أن أنها تنظر للدولة وبالتجربة هي الكل في‬
‫الكل‪ ،‬وهي المؤثر األوحد والموجه بدون منازع لمصير التسيير المحلي‪ .‬فالشراكة الحقيقية هي عقود‬
‫نجاعة والتزامات مبرمجة وحصائل عهدة أومسؤوليات أمام المساءلة والمحاسبة في نهاية كل دورة أو سنة‬
‫‪‬مالية ‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬المصالح العمومية المحلية‬
‫تثير معالجة المصالح العمومية المحلية‪ ،‬المداخل القانونية و اإلدارية التي تحكم تطور مفهوم‬
‫الخدمة العمومية المحلية في إدارة الجماعات المحلية‪ .‬من حيث أنها تعبير واضح عن األهداف‬
‫اإلستراتيجية التي سعت إلى تحقيقها الدولة الوطنية الجزائرية‪ .‬ال يمكن لإلدارة أن تتعامل مع المسائل‬
‫االجتماعية التي تشغل المواطن كفرد أو كجماعة إال وفق مقاييس وشروط محددة بعينها‪ .‬فمبادئ الخدمة‬
‫وأشكال تسييرها تفترض وجود نوع من التوافق بين المبدأ والغاية من الخدمة‪ .‬ومع سيادة الدولة الوطنية‬
‫منذ االستقالل إلى غاية بداية التسعينات اكتست الخدمة العمومية المحلية طابعا "دولتيا"‪ .‬فالجماعات‬
‫المحلية باعتبارها احدى مؤسسات الدولة لعبت أدوا ار متنوعة وهيمنت على النشاط االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ...‬وبالنتيجة لم تكن أشكال تسيير المرافق العامة والخدمات مفتوحة لألفراد‪ ،‬وانما محتكرة من‬
‫قبل اإلدارة‪ .‬وال تخضع لقواعد التسيير التجاري أو االقتصادي‪ ،‬لكن مع بداية عهد االنفتاح ظهرت حدود‬
‫الخدمة "االجتماعية الواسعة" ليس فقط على المستوى المحلي و إنما على مستوى قطاعات الدولة ككل‪.‬‬
‫مما أدى إلى الشروع في انتهاج أسلوب تفكير مغاير لسابقه‪ .‬يقوم على تدارك نقاط الضعف وتجاوز‬
‫أساليب التسيير اإلداري و البيروقراطي‪ ،‬وتكييف وظائف الدولة مع التغيرات الجديدة ‪.‬‬
‫تشكل المنفعة العامة علة وجود الخدمة مهما كان المبدأ‪ ،‬وعليه فتقدير المنفعة العامة تتعدد‬
‫مفاهيمه‪ ،‬ومعايير ضبطه ‪ ،‬بتعدد تحديدات مفهوم الخدمة العامة ككل؛ سواء على المستوى المركزي أو‬
‫المحلي في الدولة‪ .‬التطور الحاصل في مفهوم الخدمة العمومية المحلية ‪ ،‬هو نتاج تطور أساسي في‬
‫وظائف الدولة ومجاالت تدخلها الواسعة‪ ،‬ولم يكن موضوع إثراء فقهي وقضائي واضح ‪ ،‬إال من حيث أنه‬
‫تفسير إلرادة الدولة الوطنية وتجسيد لبرنامجها التنموي ‪ .‬لكن هذا المجهود ال يعني أن المفهوم تعرض‬
‫لتطور داخلي مغلق‪ ،‬بل بالعكس استمد روح الخدمة العمومية من التطورات واالجتهادات الفقهية‬
‫والقضائية العالمية ال سيما المدرسة الفرنسية‪ ،‬ليأخذ مضمونا جزائريا خاصا‪.‬‬
‫التحديد الدقيق للمبادئ التي تقوم عليها الخدمة العمومية المحلية في اإلدارة المحلية‪ ،‬يشترط‬
‫بداية؛ التطرق إلى تعريف الخدمة العمومية بحد ذاتها‪ .‬هناك عدة محاوالت لضبط المفهوم‪ ،‬لكنها لم‬
‫تستقر على تعريف واحد‪ ،‬يأخذ به جميع الدارسين‪ ،‬وذلك بسبب تباين مصادر القانون اإلداري‪ ،‬واختالف‬
‫األنظمة اإلجتماعية‪ ،‬لكن رغم ذلك يمكن القول مع العميد ليون دوجي" ‪ " LEON DUGUIT‬أن الخدمة‬
‫العمومية هي‪" :‬كل نشاط يقوم به الحكام وضمانه وتنظيمه ومراقبته‪ .‬ألن إنجاز هذا النشاط ضروري‬

‫‪244‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪1‬‬
‫نظر لطبيعته هذه ال يمكن القيام به إال بتدخل القوة الحاكمة‪".‬‬
‫لتنمية وتطوير التفاعل اإلجتماعي ‪ ،‬و ا‬
‫اليوجد تعريفا واضحا ودقيقا في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬لمفهوم الخدمة العمومية المحلية‪ .‬يستعمل دون‬
‫أن يعرف‪ ،‬فاالستعمال السائد يستعير أوصافا ودالالت للتعبير عن طبيعة ومجال أو غاية الخدمة بالنظر‬
‫إلى تحديد الحاجات‪ ،‬وترتيب االولويات‪ .‬كما تجب اإلشارة إلى أن هناك تداخل اصطالحي في الموضوع؛‬
‫‪‬الخدمة العمومية قد يعني بها مؤسسات و أبنية إدارية عمومية‪ ،‬كما قد يقصد بها النشاط المقدم إلى‬
‫الجمهور‪ ،‬أو أشكال إدارة الخدمة العمومية‪ ،‬وتسييرها في آن واحد‪.‬‬
‫مفهوم المرفق العام يثير حقيقة بسيطة وتافهة وتعني ان في كل مجتمع توجد مجموعة انشطة تعتبر‬
‫كمنفعة مشتركة اوعامة ‪ .‬ويجب ان تلبى من من طرف الجماعة‪ .‬اي فضاء للوظائف الجماعية‪ 2.‬ويبقى‬
‫المفهوم يخفي في طياته مضامين سياسية‪ ،‬تتمتع السلطات العمومية وحدها عبر نظامها القانوني بأحقية‬
‫تفسيرها وتطبيقها‪ ،‬وما الخدمة العمومية إال نتاج لتلك اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ -1-1‬تنظيم الخدمة العامة ومبادئ المنفعة العامة‪:‬‬
‫مهما يكن‪ ،‬فمبادئ التنظيم وان أخذت عدة مظاهر اجتماعية وسياسية‪ ،‬فالخدمة العمومية‬
‫قائمة وثابتة و مستوحاة من ضرورات المصلحة العامة‪ ،‬وتعكس فلسفة مشروع الدولة الوطنية في خدمة‬
‫‪3‬‬
‫المجتمع‪ .‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬المساواة ‪L’égalité‬‬
‫‪ ‬االستم اررية ‪La Continuité‬‬
‫‪ ‬التكيف الدائم ‪La Mutabilité‬‬
‫التركيز على هذه المبادئ يسهل عملية التحديد المنهجي و االستخدام الوظيفي للمفهوم ‪ .‬و بالتالي فإن‬
‫عدم اإلجماع على ضبط مفهوم معين أدى إلى استعمال معيارين‪:.‬‬
‫‪ ‬المعيار العضوي‪ :‬الذي يقصد به اإلدارة بشكل عام أو مؤسسة إدارية محددة‪.‬‬
‫‪ ‬المعيار المادي‪ :‬كل نشاط شرع به بهدف إشباع مصلحة عامة‪.‬‬
‫يبدو ان مثل هذه االختالفات بين المهمة والهيئة‪ ،‬قد تم تجاوزها في دول االتحاد االوروبى حيث جرد‬
‫المفهوم من خلفيته القانونية المتشددة‪ ،‬وطابعه االيديولوجي‪ ،‬الذي كثي ار ما يؤدي الى رؤية متباينة في‬
‫المنظور المفاهيمي؛ رغم ان المعيار الواقعي المتمثل في خدمة الجماعة غني عن التبرير‪ .‬ولذلك‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pierre Baudy, «reconstruire l’action publique: Service public au service de qui », ?,‬‬
‫‪Alternatives économiques, (Paris : Syros .1998), P107.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « les nouvelles frontières du service public », Regards croisés‬‬
‫‪surl’économie, n°2, (2007/2), p14.‬‬
‫‪ -3‬احمد محيو‪ ،‬محاضرات في المؤسسات االدارية‪ ،‬ترجمة (محمد عرب صاصيال)‪( ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫‪.‬ط‪ ،)5212 ،.2‬ص‪.330‬‬

‫‪245‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫اصبحت االنشطة العامة التي تقوم بها الدولة تعبر بالفعل عن محددات المنفعة العامة مضمونا وقيما في‬
‫مثل هذه الدول؛ كصيغة عملية للتكيف مع التغيرات العامة التي تمس الدولة في بنيتها ووظائفها‪ ،‬نحو‬
‫تكريس البعد العالمي‪ .‬حيث اطلق على هذا النشاط مرافق المنفعة العامة ‪.les services d’intérêt‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ général‬وذلك العتبارين‪:‬‬
‫‪ ‬اخفاء االيديولوجية الخاصة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬التمييز بين الهيئة والمهمة‪.‬‬


‫ومع تطور اساليب المشاركة المجتمعية في صنع السياسة العامة المحلية‪ ،‬ادخلت قواعد جديدة للمطالبة‬
‫والمراقبة في العمل العمومي‪ ،‬ذي الشان المحلي‪ ،‬كانت حك ار على تسيير المقاوالت او المؤسسات‬
‫الخاصة‪ .‬وهي معايير تعكس مدى التطور السياسي واالداري الذي بلغته المجتمعات المعاصرة في توجيه‬
‫‪2‬‬
‫العمل الحكومي لما يخدم مصالحها المشتركة‪ .‬ومن هذه المعايير نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫– الجودة ونوعية الخدمة‪.‬‬ ‫– الفعالية‬ ‫– المشاركة – الحيادية‬ ‫‪ ‬الشفافية‬
‫بغض النظر عن الجدلية المثارة في محاوالت التعريف‪ ،‬فإن المبادئ التي يقوم عليها هي‬
‫باألساس سبب وجود الدولة‪ ،‬وجماعاتها المحلية‪ ،‬إنها مبادئ ترمي إلى تحقيق عدالة التوزيع وضمان‬
‫استم اررية العالقات االجتماعية‪ ،‬بجميع أبعادها اإلنسانية والسياسية واالقتصادية بل وحتى األخالقية‪ .‬في‬
‫المنظور الجزائري ترجمت هذه المبادئ إلى أدوات للديمقراطية أالجتماعية حيث تتولى الدولة تقديم‬
‫الخدمات بصفة مجانية لعامة المواطنين بهدف تحقيق العدالة االجتماعية‪ .‬ومن جهة موازية تتحول تلك‬
‫السياسة الى مصدر لبناء نماذج الشرعية الكلية على امتداد مؤسسات الدولة‪:‬‬
‫‪ -1-1-1‬الخدمة العمومية كأداة لتدعيم شرعية الدولة‪:‬‬
‫النظام القائم على مبدأ الدولة ألموحدة جعل من اإلدارة البلدية القناة الوحيدة التي يتجه إليها‬
‫المواطنون لتلبية حاجاتهم و بذلك تشكل زيادة عن كونها مؤسسة من مؤسسات الدولة تعتبر مظه ار من‬
‫مظاهر السيادة تلتزم بروح القانون وتفرض احترامه‪.‬تدرج مستويات ممارسة السلطة (الدولة ‪ ،‬الوالية ‪،‬‬
‫البلدية) ال يعني تعدد مصادرها أو تباين مجاالت تطبيقها‪ ،‬وانما المسألة مرتبطة بطابع تنظيمي لوحدة‬
‫السلطة في الدولة التي تأخذ بنموذج النظام الالمركزي في تصريف الشؤون العامة‪ .‬البلدية إذن تعبر عن‬
‫اإلرادة العامة للدولة على المستوى المحلي‪ ،‬يقصدها األفراد للحصول على خدمات معينة تلبيها كسلطات‬
‫عمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Dorian Guinard, « réflexion actuelle sur la notion de service public », Regards croisés‬‬
‫‪sur l’économie, n°02, (2007/02), p42.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Marie-louise Pelletier, « les fondements et les bouleversements‬‬ ‫‪de la notion‬‬ ‫‪de‬‬
‫‪service public au droit québécois »,(s.d.l.e), pp139-172.‬‬

‫‪246‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫استراتيجية الدولة الوطنية بعد االستقالل جعلت من البلدية األداة اإلدارية األكثر مالئمة‬
‫لإلشراف على تخطيط وتوجيه مشاريع التنمية الشاملة على المستوى المحلي‪ .‬بنص القانون هي محرك‬
‫التنمية‪ ،‬والسلطة القادرة على حصر الحاجات واتخاذ المبادرات الالزمة إلشباعها بواسطة االقتراحات التي‬
‫‪1‬‬
‫ترفعها هيئاتها المؤهلة إلى سلطات الدولة العليا الوصية‪ .‬فالخدمات المقدمة من قبل البلدية هي رهان‬
‫‪‬متواصل لترسيخ شرعية الدولة‪ ،‬فكل ما تقوم به هو لحساب الدولة‪ .‬لذا هذه األخيرة تعمل على التدخل في‬
‫التخطيط والتنفيذ والبرمجة على المستوى المحلي أو على المستوى الالمركزي‪ ،‬من خالل المخططات‬
‫التسيير اإلداري للخدمة العمومية عزز صالحيات اإلدارة‬ ‫الوطنية للتنمية المحلية منها والقطاعية‪.‬‬
‫البلدي ة في وسط المجتمع الذي أصبح يشعر بالتنامي المطرد للبيروقراطية عندما يتجه إلى تلبية بعض‬
‫الحاجيات اإلدارية أو اإلجتماعية‪ ،‬فالصورة النمطية عن رمزية الشعارات التي ترفعها الدولة تبدأ أو تنتهي‬
‫عند اإلدارة البلدية‪ ،‬مع االنطباع الشائع عن عالقة المواطن بهذه المؤسسة المحلية عبر مختلف تجلياتها‪:‬‬
‫سلوكيات األعوان‪ ،‬انضباط المسئولين‪ ،‬طبيعة الخدمة‪ ،‬نوعية األداء ‪...‬‬
‫البلدية أداة خدمات في يد الدولة و أحد مرتكزات بسط سلطتها القانونية على األفراد‪ .‬الخدمة‬
‫العمومية هي كذلك ينظر إليها على أنها أساس نظرية الدولة وهي عبارة عن نظام يمنح شرعية للدولة‪،‬‬
‫وأيضا نظام إنتاج للدولة‪ .2‬الخدمة العمومية المحلية بمحتواها االجتماعي واالقتصادي وحتى السياسي‬
‫تنطوي على تحقيق أهداف إيديولوجية وسياسية معينة لفائدة الحكام القائمين على ممارسة السلطة‪ ،‬بحيث‬
‫يتم االنسجام بين البعدين اإليديولوجي والقانوني نحو نفس الغاية المعبر عنها بالمنفعة العامة‪ .‬فالخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬تشكل إذن بالمرة مبدأً واحداً للسلطة الحاكمة‪ ،‬التي تبرر بضرورة تلبية الحاجيات الجماعية‬
‫للجمهور‪ ،‬ولكن ال يمكن لها أن تتجاوزها إلى ما ال يقبله وال يحتاجه الضمير االجتماعي‪.3‬‬
‫‪ -2-1-1‬مجانية الخدمة وعمومية المنتفعين‪:‬‬
‫وردت مجانية الخدمة العمومية‪ ،‬كمبدأ أساسي في السياسة العامة للدولة الجزائرية‪ ،‬فعملت كل‬
‫المؤسسات العمومية على تكريسه من باب اإلنتفاع العام للمواطنين‪ ،‬ال سيما في مجاالت التعليم والصحة‬
‫العمومية والشؤون االجتماعية‪ ...،‬الهدف المقصود من ذلك هو تحقيق العدالة اإلجتماعية والمساواة بين‬
‫المواطنين‪ .‬ثم إن قيام الجماعات المحلية بتقديم هذا النوع من الخدمات وتسييره‪ ،‬بعد أن ثبت استحالة أن‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ahmed Rahmani, « la culture de service public : de l’alibi aux valeurs d’une‬‬
‫‪administration moderne », revue IDARA, n°23/ vol12 , n°1, (2002) p.139.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Gilles J.Guglielmi, Introduction au droit des services publics, (Paris : E.J.E, 1994),‬‬
‫‪P.23.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Jaques Chevallier, le Service public : que sais-je ?, (France : Puf, 1987), p.20.‬‬

‫‪247‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫يقوم به األفراد باعتباره نشاطاً غير منتج‪ ،‬وبالتالي أصبح خيا ار استراتيجيا للدولة في دعم التضامن‬
‫اإلجتماعي‪ .‬ما كان يتحقق ذلك لو ال توفر ثالثة شروط‪ ،‬ساهمت في بلورة هذا المبدأ‪:1‬‬
‫‪ .5‬أن الخدمة العمومية في جانبها العضوي تتوالها الدولة‪.‬‬
‫‪ .9‬هذه الخدمة العمومية تفترض تلبية حاجات ذات المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬كما أن الخدمة العمومية المقدمة تفترض نقصا في المبادرة الخاصة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تحتل الخدمات المقدمة مكانة هامة في الحياة اإلجتماعية‪ .‬مما يؤدي بالدولة ممثلة في‬
‫االجماعات المحلية والسيما البلدية إلى إنجاز تغلغل اجتماعي مستمر ودائم قادر على التكيف مع‬
‫المستجدات الطارئة في المجتمع‪ .‬إيديولوجية الخدمة العمومية تحول الدولة إلى مسير للنشاط اإلجتماعي‬
‫الملموس باإلضافة إلى تحويلها إلى حكم في اللعبة االجتماعية‪ 2.‬يالحظ حتى وان لجأت البلدية أثناء‬
‫تقديم الخدمة العمومية إلى فرض بعض الرسوم فإن ذلك يرجى منه تفعيل أساليبتنظيم الخدمة ال غير‪،‬‬
‫على أساس أن السعر ال يقابل ثمن الخدمة المقدمة مع بداية مرحلة إقتصاد السوق‪ .‬تراجعت تدريجيا‬
‫مجانية الخدمة العمومية‪ ،‬لتتحول إلى دائرة الممكن‪ ،‬و للذين هم في أمس الحاجة ‪ ،‬بفعل البطالة أو‬
‫المرض ‪...‬إلخ‪ ،‬وهي كما نرى تأخذ شكل مساعدة اجتماعية محدودة و غير كافية‪.‬المبدأ سليم‪ ،‬لكن‬
‫تطبيقاته اتسمت بالمحاباة والمحسوبية والزبائنية‪ ،‬إذ العدالة اإلجتماعية ال تعني المساواة المطلقة بين‬
‫الجميع‪ ،‬وانما األخذ بعين اإلعتبار الفوارق أو الخصوصيات لدى كل فرد‪ ،‬فليس معقوال أن يستفيد‬
‫الشخص الغني أو القادر ماديا‪ ،‬بنفس الحصة التي يتحصل عليها الشخص العاجز أو الفقير‪ ،‬مما أورث‬
‫عادات و سلوكات غير سوية في اإلدارة والمجتمع على حد سواء‪ :‬كإنتشار ذهنية اإلتكال على الدولة‪،‬‬
‫وهذا ما كشفت عنه األزمة اإلقتصادية‪ ،‬حين ازدادت الحاجات وقلت موارد الدولة وأصبحت حتى‬
‫المساعدات ال تف بالغرض‪.‬‬
‫‪ -3-1-1‬تصنيف الخدمة العمومية المحلية‪:‬‬
‫بداية يجب اإلقرار بصعوبة القيام بتصنيف يرقى إلى قبول جميع الدارسين‪ ،‬لكن مع ذلك تبدو‬
‫ضرورة محاولة تصنيف أنواع هذه الخدمات‪ ،‬بعد أن تعرفنا في النقاط السابقة على أهم المبادئ التي تميز‬
‫الخدمة العمومية في المنظور الجزائري‪ .‬يوجد عدة تصنيفات للخدمة العمومية‪ ،‬فهناك من يصنفها حسب‬
‫الطبيعة القانونية للنشاط و يفرق بين الخدمات اإلدارية‪ ،‬والخدمات التجارية والصناعية‪ ،‬وهناك من‬
‫‪3‬‬
‫يصنفها حسب شكل التسيير المعتمد في تأدية هذه الخدمات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Gilles .j.Guglielmie, op.cit, pp24-25.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, p49.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Amel Aouli-Mrad, Droit des services publics, (Tunis : centre des recherches d’études‬‬
‫‪administrative ;1998), p.45.‬‬

‫‪248‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫الخدمة العمومية حسب المشرع الجزائري تم تصنيفها حسب نوعية النشاط المقدم للجمهور و بالتالي‬
‫يمكن تصنيفها إلى أربعة (‪ )03‬أصناف على النحو التالي‪:1‬‬
‫‪ -5‬نشاط الدعم و التضامن ‪Les Actions de soutien‬‬
‫‪Les Actions de prévention‬‬ ‫‪ -9‬نشاط الوقاية‬
‫‪Les Actions de réglementation‬‬ ‫‪ -2‬النشاط التنظيمي‬ ‫‪‬‬

‫‪Les Actions de prestation‬‬ ‫‪ -3‬النشاط الخدماتي‬


‫هذا التصنيف ال يعني حصرها النهائي والتام‪ ،2‬وانما يمكن أن تتولى البلدية مهاما أو نشاطات‬
‫جديدة‪ ،‬كما يمكن أن تتخلى عن البعض منها‪ ،‬ألنها أصبحت تتعامل مع محيط داخلي وخارجي غير‬
‫مستقر‪ ،‬يدفع بها إلى القيام بدور المراقب والمنظم لمختلف أوجه النشاط‪.‬‬
‫من زاوية أخرى‪ ،‬فإن هذا التصنيف وظيفي يتبنى الغاية معيا ار للتمييز بين المهام‪ ،‬إال أن المالحظة‬
‫الميدانية تبرز تداخال بين هذه المهام واألنشطة وال يوجد فصل جاد بينها‪ ،‬أي تميل نحو التكامل ‪.‬‬
‫‪ -2-1‬أساليب تسيير الخدمة العمومية المحلية‪:‬‬
‫مبادئ الخدمة وتصنيفها يؤدي إلى تسيير كل صنف منها بالشكل المالئم إلرضاء المستعملين أو‬
‫الزبائن من خالل الفعالية في اإلنجاز والشفافية في المعالجة‪ .‬هناك عدة أشكال لتسيير الخدمة المحلية‬
‫يهيمن عليها الطابع اإلداري المحض‪ ،‬فباستثناء الخدمات أو المهام المرتبطة بصالحيات السلطة‬
‫العمومية في مسائل التنظيم واألعمال اإلدارية‪ ،‬فإن الخدمات اإلجتماعية واإلقتصادية؛ البلدية مؤهلة‬
‫قانونا لتسييرها بالشكل الذي هو محدد في قواعد التنظيم ونصوص التشريع‪ ،‬كإطار ينسق المبادرة المحلية‬
‫ويوجهها‪.‬التغيرات التي يشهدها المرفق العام تجد تفسيرها في التحوالت الحالية بين القانون واالقتصاد‬
‫‪3‬‬
‫والذي تتمخض عنه نماذج جديدة من المرافق العامة ‪.‬‬
‫ان أمالك االجماعات المحلية الخاصة و مرافقها العمومية التي يستعملها الجمهور ألغراض‬
‫معينة كاألسواق والمحالت‪ .. ،‬إذا كانت سابقا تتولى تقديم خدمات بسعر رمزي أو بصفة مجانية‪ ،‬فإن‬
‫التغييرات الحالية أجبرتها على دخول عالم المنافسة‪ ،‬لتتخلى تدريجيا عن تحمل تكاليف "سياسة إجتماعية"‬
‫غير عقالنية إلى فضاء جديد‪ ،‬البقاء فيه لمن يعمل وفق المعايير ذات الجدوى االقتصادية و المردودية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬حصرتها المواد‪532 :‬و‪ 510‬من قانون البلدية ‪ .50-55‬والمادة ‪ 535‬من قانون الوالية رقم ‪ .01-59‬مرجعان‬
‫سابقان‪.‬‬
‫‪-2‬انظر‪ :‬المراسيم التنفيذية رقم ‪ -35‬من ‪215‬الى‪ 231‬المؤرخة في ‪ ، 5235/59/96‬المحددة لصالحيات البلدية والوالية‬
‫واختصاصاتهما‪ ،‬حسب التصنيفات االربع المذكورة اعاله‪.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،19‬الصادرة بتاريخ ‪.5235/59/52‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Jacques Caillosse, « Sur determination economique du droit et nouvelles figures du‬‬
‫‪service public », politique et management public, vol.29/3, (2012), P.1.‬‬

‫‪249‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫و لذلك نستطيع د ارسة أشكال التسيير الخدمة العمومية المحلية بالفصل بين شكلين رئيسيين‪ ،‬كل شكل‬
‫منهما يحتوي على أساليب معينة وهما‪:‬‬
‫‪ .5‬أشكال التسيير اإلداري ‪Les Formes de gestion administratives‬‬
‫‪ .9‬أشكال التسيير المحلي الحديث ‪Les Formes de gestion managériales‬‬
‫‪ -1-2-1‬أشكال التسيير اإلداري‪:‬‬
‫لقد سارت البلدية والوالية منذ االستقالل إلى غاية اآلن وفق أساليب وأنماط إدارية جد ممركزة‬
‫نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -5‬الوكالة البلدية ‪La Régie communale‬‬
‫‪ -9‬المؤسسة العمومية المحلية ‪EPL‬‬
‫‪- Affermage concession‬‬ ‫‪ -2‬عقود االمتياز‬
‫إنها أدوات تنسجم مع البرنامج االجتماعي الذي اختارته الدولة في توجيه عمل مؤسساتها‪ ،‬بحيث أنها‬
‫تسير أنشطتها وأمالكها بصفة مباشرة‪ ،‬فالبلدية تتمتع باستقاللية واسعة في هذا الميدان‪ .‬في الدول‬
‫‪1‬‬
‫المتقدمة اعتمد التسيير االداري على اربعة ‪ 3‬خطوط رئيسية وهي‪:‬‬
‫التحديث كمرجعية يرافقه العمل الفعلي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ترجيح حصة المبادرة المحلية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫حركة متدرجة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التكيف مع مقوالت؛ التسيير‪ ،‬والسياسة العامة ‪،‬والفعالية والمردودية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫نمط التسيير اإلداري بأشكاله المذكورة أعاله يعطي للخيار االجتماعي كل األفضلية على حساب إنتاجية‬
‫الخدمة‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن البلدية تدير أمالكها وفق هذا األسلوب من عقود اإلمتياز‪.‬‬
‫‪ -1-1-2-1‬الوكالة البلدية او التسيير المباشر‬
‫طبقا للمادتان ‪ 519-515‬من القانون البلدي ‪ ،50-55‬تنشأ هذه الوكالة بمداولة من المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬لتلبية بعض الحاجيات ذات الطابع اإلجتماعي أو التجاري‪ ،‬أو الصناعي‪ ،‬كالوكالة البلدية‬
‫لنقل المسافرين‪ ،‬أو الوكالة البلدية لألشغال العمومية والبناء ‪...‬وليست لها شخصية اعتبارية‪ .‬يتولى‬
‫اإلشلراف عليها موظف ملحق عادة بمصالح المالية واألنشطة اإلقتصادية بالتنسيق المستمر مع القابض‬
‫أو المحاسب البلدي‪ .‬وللوالية االمكانية في استغالل مرافقها استغالال مباش ار على شكل وكالة والئية طبقا‬
‫للمواد‪ 531-539‬من القانون ‪.01-59‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Thoenig Jean Claude, « la gestion des services communaux », in : Annuaire des‬‬
‫‪collectivites locales, (Tome18, 1998) ; P19.‬‬

‫‪250‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫هي كما نرى‪ ،‬عبارة عن صندوق محاسبي تقيد أمواله ( النفقات والمداخيل) في الميزانية‬
‫البلدية‪ ،‬نظام الوكالة يعني أن الشخص العمومي‪ ،‬الذي هو البلدية يتولى ليس فقط التسيير اإلستراتيجي‬
‫وانما أيضا التسيير العملي‪ .‬إن هذا النمط من التسيير أثبت عدم نجاعته بسبب تعاظم نفقاته وارتفاع‬
‫أعبائه المالية نتيجة الالتوازن المالي في التسيير‪ ،‬إذ أصبحت الكتلة األجرية تمتص نسبة عالية جدا من‬
‫‪‬الميزانية في حين أن المقابل المتحصل عليه ال يستطيع تغطية إال جزءا قليال من ذلك‪ ،‬والفرق يسوى في‬
‫الميزانية البلدية على شكل دعم مباشر على حساب باقي القطاعات‪ .‬وبالتالي أصبح من الضروري التخلي‬
‫عن هذا النوع من التسيير تدريجيا لدى معظم البلديات‪.‬‬
‫‪ -2-1-2-1‬المؤسسة العمومية المحلية‪:‬‬
‫تنص المواد ‪512‬الى‪ 513‬من قانون البلدية ‪55-50‬على أنه يمكن للبلدية إنشاء مؤسسات‬
‫عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية واإلستقالل المالي لتسيير مصالحها العمومية‪ .‬ونفس االمر‬
‫هذه المؤسسات يمكن أن تكون‬ ‫بالنسبة للوالية في المواد‪ 536‬الى ‪ 533‬من قانون الوالية ‪.01-59‬‬
‫مختلطة بين أكثر من بلدية آو بين اكثر من والية ‪ ،‬يتمثل دورها في تنشيط التنمية المحلية في مختلف‬
‫القطاعات التي تراها ضرورية لترقية السكان‪ .‬في هذا اإلطار عرفت هذه المؤسسات تطورات هامة في‬
‫مجال المشاريع المسجلة‪ ،‬والعمالة والتوظيف‪ ،‬و ذلك نتيجة الدعم المالي الذي كان يغدقعليها من خزينة‬
‫الدولة العمومية ورغم أنها لم تكن تتبنى الجدوى اإلقتصادية بمفهومها اإلقتصادي المحض إال أنها‬
‫ساهمت في التكفل بالمسألةاإلجتماعية إلى حد كبير‪.‬‬
‫لتعرف هذه المؤسسات بداية زوالها مع ظهور األزمة البترولية في منتصف الثمانينات حيث‬
‫تضاءلت إعانات الدولة وتقلصت قدرة هذه المؤسسات على اإلستمرار في النشاط‪ ،‬باإلضافة إلى أنها‬
‫تدار بطريقة بيروقراطية‪ ،‬ال تسمح بالمبادرة المبنية على معطيات الواقع‪ ،‬وانما تلجأ إلى التقدير اإلداري‬
‫المبالغ فيه‪ ،‬بما أن القرار النهائي فيه هو رهن اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫المؤسسة العمومية المحلية كانت عبارة عن مرفق تجاري أو صناعي يقوم بإنتاج خدمات‬
‫معينة‪ ،‬بدافع المنفعة العامة‪ ،‬في حين أن نشاطها الخدماتي يكون لقاء تسعيرة أو رسم هي غالبا رمزية ال‬
‫تمثل الكلفة الحقيقية للخدمة المؤداة‪ ،‬وفي كل الحاالت فإن الملكية اإلنتاجية أو األصول اإلجتماعية في‬
‫المؤسسة إنما هي ملك للبلدية‪ ،‬استغاللها غير مرخص به ألي شريك خاص‪.‬‬
‫‪ -3-1-2-1‬عقود اإلمتياز‪:‬‬
‫تسمى كذلك عقود اإلستغالل أو اإليجار‪ ،‬وتخص أمالك البلدية غير المنقولة‪ ،‬كالعقارات‬
‫والمباني ذات الطابع السكني أو التجاري‪ ...‬وتصنف إداريا كأمالك بلدية منتجة للمداخيل‪ ،‬هذا األسلوب‬
‫من التسيير يشكل إتفاقا أو عقدا بين البلدية والغير‪ ،‬يتولى بموجبه تأمين تشغيل مرفقا عاما طبقا لدفتر‬
‫شروط معد سلفا‪ .‬عقود اإلمتياز أو اإليجار هذه يميز فيها بين صنفين من العقود‪:‬‬

‫‪251‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ .1‬عقود التنازل‪:‬‬
‫التنازل عن الخدمة هو أسلوب تسيير تقوم بموجبه البلدية كشخص عمومي بتفويض التسيير‬
‫العملي للنشاط‪ ،‬أو للمرفق العام لشخص آخر إعتباري أو طبيعي‪.‬‬
‫‪ .2‬اإليجار عن طريق اإلستغالل‪:‬‬
‫هي تقريبا عملية إيجار ألمالك بلدية‪ ،‬إال أنه يتم دفع حقوق المستغل المؤجر مقتطعة من‬ ‫‪‬‬

‫مداخيل نشاط اإلستغالل‪ .‬التسيير المفوض عن طريق اإلمتياز يعتبر من أنجع أساليب التسيير إلى أنه‬
‫يعاني جملة من المعوقات نبرز أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬سعر اإليجار ال يعكس قيمة اإليجار الحقيقية في السوق مما أدى إلى التأثير سلباعلى موارد‬
‫البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬عدم تثمين األمالك ومراجعة أسعار إستغاللها الدوري‪ ،‬بسبب عدم وجود إحصاء دقيق لهذه‬
‫األمالك وقلة المتابعة وانعدام الصيانة‪.‬‬
‫‪ ‬أغلب الجماعات المحلية ال سيما البلديات ال تملك سجال خاصا بأمالكها ‪Sommier de‬‬
‫‪ consistance.‬وبالتالي معطيات أمالكها مفرقة بين المصالح اإلدارية‪ ،‬وغير منظمة أو مستغلة‬
‫بصورة عقالنية‪.‬‬
‫التدخل المباشر للجماعات المحلية لتسيير بعض الخدمات والمرافق أظهر محدوديته‪ ،‬ولم‬
‫يبق منه إال عقود اإلمتياز‪ ،‬أي إيجار األمالك الخاصة بالبلدية‪ ،‬لكنها غير محينة وفق أسعار السوق‪،‬‬
‫مما يستدعي البحث عن أشكال جديدة أكثر عقالنية وانسجاما مع روح العصر‪ ،‬أو بمعنى آخر على‬
‫البلدية أن تتخلى عن التسيير اإلداري إلى تسيير أكثر نجاعة‪ ،‬حيث الجدوى اإلقتصادية والمردودية‬
‫المربحة‪.‬‬
‫‪ -2-2-1‬أشكال التسيير المحلي الحديث‪:‬‬
‫إذا كانت الجماعات المحلية تولت تسيير األمور بق اررات مركزية‪ ،‬دون االكتراث بالفعالية‬
‫مفضلة تحمل أعباء السياسة اإلجتماعية التي رسمتها الدولة الوطنية" كدولة خدمات"‪ ،‬فإنه حان الوقت‬
‫كي تصبح الجماعات المحلية والسيما البلدية باعتبارها تملك امكانيات منتجة للمداخيل اكثر من الوالية؛‬
‫مسي ار عموميا مستقال عن الوصاية في التنظيم والتسيير‪ ،‬وذلك بانتهاج مفاهيم جديدة‪ ،‬وآليات متطورة في‬
‫تحديد حاجياتها وارضاء الطلب اإلجتماعي المتزايد‪ .‬البلدية مطالبة ببذل جهد ذاتي في تدبير أموالها وادارة‬
‫شؤونها‪ ،‬وال تبقى تربطها بالدولة إال إحترام الشرعية القانونية عند مباشرة هذه األعمال‪ .‬ال تعارض كما‬

‫‪252‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫يرى البعض بين الفعالية االقتصادية والعدالة االجتماعية في تسيير المرافق العامة‪ .‬وتدخل الدولة كقوة‬
‫‪1‬‬
‫عمومية امر طبيعي‪.‬‬
‫الخوصصة والشراكة مفهومان مستحدثان يتعلقان بالنشاط اإلقتصادي إال أنهما من بين األدوات‬
‫اإلستراتيجية التي يجب على البلدية استغاللهما إلثبات وجودها كمتعامل إقتصادي منتج‪ ،‬وهيئة عمومية‬
‫‪‬ورسمية تنظم وتراقب مختلف األنشطة على إقليمها‪.‬‬
‫‪ -1-2-2-1‬الخوصصة‪:‬‬
‫إنه مفهوم متقدم بالنظر إلى حالة البلدية الراهنة‪ ،‬كما يعني استخدامه‪ ،‬أن البلدية بسبب‬
‫الظروف اإلقتصادية مجبرة على التنازل عن بعض األنشطة للقطاع الخاص‪ .‬إذن يمكن إنجاز أداء‬
‫حقيقي في الفعالية‪ ،‬عند عرض اإلحتكارات العمومية للمنافسة التي هي وحدها القادرة على دفعها للبحث‬
‫‪2‬‬
‫عن الفعالية المنتجة واإلجتماعية‪.‬‬
‫رغم أن التوجه نحو الخوصصة خيار محفوف بصعوبات مالية وهيكلية‪ ،‬إلى أن هناك من‬
‫يعتبره مجرد تفويض للمسؤولية في موضوع اإلنتاج وتبقى المبادرة والمراقبة في الخدمة عمومية‪ 3.‬أسلوب‬
‫الخوصصة‪ ،‬إذا لم ينل رضا الخواص‪ ،‬فإن تحوالت المحيط تتطلب تغييرات جوهرية ال مفر منها‪ ،‬فلم يعد‬
‫من الممكن أن تتحمل البلدية أداء خدمات مجانا‪ ،‬دون مقابل لجميع السكان لذلك فحتى وان لم تستطع‬
‫خوصصة التسيير بصفة نهائية ‪،‬عن طريق التنازل فإنها يمكن أن تؤدي نفس تلك الخدمات‪ ،‬بتكلفتها‬
‫الحقيقية مما يوفر لها موارد مالية معتبرة‪ .‬وفي حالة وجود من ال يستطيع دفع تلك الحقوق يمكن لها أن‬
‫تدرج مبالغ مالية في إطار المساعدة اإلجتماعية‪ ،‬حسب طبيعة كل نشاط‪ .‬وبالتالي تفرض نوعا من‬
‫التضامن بين السكان‪ ،‬والذي هو خطوة أولية نحو العدالة اإلجتماعية ‪ ،‬فالخدمة للقادرين والمساعدة‬
‫للمحتاج‪.‬‬
‫‪ -2-2-2-1‬الشراكة عام ‪/‬خاص ‪:‬‬
‫إذا كانت الخوصصة تعني التنازل‪ ،‬فإن الشراكة تعني جلب المستثمرين ورؤوس األموال‪،‬‬
‫حيث تعمل البلدية على لعب دور الشريك اإلقتصادي طبقا لحاجيات التنمية المحلية‪.‬الش اركة اإلقتصادية‬
‫أو الخدماتية‪ ...‬وما إلى ذلك توفر مجاال رحبا لتثمين فرص العمل وامتصاص البطالة ومكافحة الندرة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean Eduard Colliard, « la justification économique des services publics », Regards‬‬
‫‪Croises sur l’economie, (2007/2) ; pp.44-46.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohammed Benlahcene Tlemcani, « le Secteur public dans les pays en développement‬‬
‫‪face du moins d’état », Revue politique et management public, N° 03, V.11, (Septembre‬‬
‫‪1993), p.47.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-G.R.E.P.U.N.S.P.I.C, Performance des services publics locaux : Analyse comparée‬‬
‫‪des modes de gestion, (Paris : litec.1990), p.15‬‬

‫‪253‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫وتدفع بالتالي إلى تعظيم الفعالية اإلنتاجية‪ .‬لكن يبدو أن ممارسة " التسويق" الخدماتي أو اإلقتصادي لم‬
‫تتضح الحاجة إليها‪ ،‬في مستوى البنية اإلدارية والتنظيمية للبلدية حيث ال يزال التفكير تقليديا في مثل هذه‬
‫المواضيع‪ ،‬فال توجد مثال كتيبات أو وسائل إشهار للتعريف بإمكانيات البلدية وغياب ألية دراسة عن آفاق‬
‫التنمية فيها‪ ،‬وان وجدت فإنها مجرد عموميات‪ .‬يبقى أن نشير في ختام تحليل عناصر هذا المحور أن‬
‫‪‬أشكال التسيير اإلداري ليس فقط أثبتت عدم نجاعتها‪ ،‬وانما فرضت حتمية اإلعتماد على بدائل تسيير‬
‫حديثة تعطى أهمية قصوى‪ .‬فشراكة المواطن بصفة مباشرة في التسيير‪ ،‬باعتباره موضوعا للخدمة وهدفها‪،‬‬
‫ومصدر اقتراح لطبيعة الخدمة المرغوب فيها لتلبية حاجياته‪.‬الى جانب المستثمرين من النشاط الخاص‪،‬‬
‫امر يمثل رهانا حقيقيا في العمل العمومي المحلي‪ .‬وهذه الحدود الجديدة التي بلغها المرفق العام ‪:1‬‬
‫‪ -‬الخوصصة وتفويض المرفق العام‪.‬‬
‫‪ -‬الشراكة عام ‪/‬خاص‪.‬‬
‫‪ -‬ادخال مناهج التسيير المقاوالتية‪.‬‬
‫اشراك القطاع الخاص في تسيير المرفق العام المحلي ال يعود فقط لألسباب العملية كأزمة المالية العامة‬
‫‪2‬‬
‫ومشكل الفاعلية‪ ...‬ولكن ايضا يتعلق بعجز شرعية الدولة‪.‬‬
‫فالحدود التي بلغتها الخدمات العامة المحلية؛ تظافرت عدة عوامل لحدوثها‪ ،‬ياتي في مقدمتها؛‬
‫تحوالت البيئة المؤسسية التي تحيط بالجماعات المحلية؛ مما يؤدي في اغلب االحيان الى تحريف معنى‬
‫الخدمة العمومية كمنافع عامة؛ من قبل المتدخلين االساسيين في العملية‪ .‬حيث تميع ثقافة القانون في‬
‫صيغ اجرائية متعددة الحلقات ومثبطة من دون جدوى‪ .‬وهي اسباب متباينة ترتبط اساسا باف ارزات النموذج‬
‫التنموي وتاثيراته على الجماعات المحلية‪ .‬اذ طبع الذاكرة الجماعية للمواطنين بثقافة المهمة الخدماتية‬
‫التي تتوالها الدولة لصالحهم عبر الجماعات المحلية‪ .‬فاي خلل يصيب تلك العالقة يؤثر سلبا على‬
‫شرعية ورمزية الدولة في المجتمع‪ .‬وبالتالي تصادر تلك الخدمات التقليدية المتعود عليها والتي تصبح‬
‫خدمات نادرة او صعبة المنال؛ لتصبح حك ار على الفئات المحظوظة على حساب اخرى عريضة مهمشة‪.‬‬
‫لتبرز التوترات للعلن في السياسات التوزيعية ذات االمتيازات االجتماعية التي يصعب حصرها نتيجة‬
‫التغلغل الشكلي والسطحي للسلطة المحلية في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3-1‬جدلية العالقة بين المواطنين والمرفق العام المحلي‪:‬‬
‫يستفيد المواطن في الجماعات المحلية من بعض الخدمات العمومية اإلدارية‪ ،‬واإلجتماعية‪،‬‬
‫الفردية أو الجماعية‪ ،‬فسلوكات هؤالء المواطنين تختلف من فرد إلى آخر‪ ،‬حسب الفئة اإلجتماعية‪ ،‬او‬
‫المركز اإلجتماعي‪ ،‬والدور الذي يشغله في حياته‪ .‬فرغم الميل نحو اإلنضباط و الوعي بحقوقه وواجباته‬

‫‪1‬‬
‫‪-Claire Montialoux, « service public et intérêt général », op.cit, p.25.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « les nouvelles frontières du service public »,op.cit. p17.‬‬

‫‪254‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫في تعامله اليومي مع اإلدارة إال أنه يالحظ على المجتمع المحلي قلة التنظيم‪ ،‬ومحدودية "ثقافة المواطنة"‬
‫في تنمية العالقات الجوارية‪ ،‬مع غيره‪ ..‬وعليه‪ ،‬فالمواطن رغم أهمية مطالبه‪ ،‬فإنه ال يقدم الدعم الكافي‬
‫لتسهيل عمل البلدية‪ ،‬قصد تكفل فعال ونوعي بهمومه ومشاكله؛ ألنه ال يزال ينظر إلى "البلديةـ الدولة"‬
‫التي توفر له كل شيء في حين المطلوب منه اآلن مشاركة ميدانية لتحديد الحاجات و ترتيب األولويات‪.‬‬
‫‪‬مفاهيم تحول الخدمة العمومية المحلية‪ ،‬تبرز من خالل الدور المحدد لعالقات هذا المواطن مع اإلدارة‬
‫المحلية من نشأتها إلى اليوم‪ ،‬المواطن المدارـ المواطن المستعمل ـ المواطن الزبون‪.‬‬
‫مرحلية العالقة بين الطرفين تفسر طبيعة الدور المراد من المواطن انسجاما مع أهمية المهام التي‬
‫تتقلدها الجماعات المحلية في مشروع التنمية الوطنية الشاملة؛ وهو كما نرى تطور من النظرة‬
‫اإليديولوجية المحضة إلى البحث على البعد اإلقتصادي والفعالية اإلجتماعية في ظل التحوالت الجارية‬
‫للخروج من األزمة التي تضرب مختلف القطاعات في الدولة كلما تراجعت مداخيل المحروقات‪.‬‬
‫‪ -1-3-1‬المواطن المدار‪L’Administré :‬‬
‫لقد ساهم هذا المفهوم في العالقة مع اإلدارة‪ ،‬حيث يسيطر النموذج البيروقراطي الممركز‪،‬‬
‫فالمواطن مجبر على الخضوع إلرادة اإلدارة إذعانا‪ ،‬ال يملك حق الطعن في تجاوزاتها أو في أعمالها إال‬
‫في نطاق ضيق‪ .‬اورث الموقف االحتكاري لالدارة في تسيير الشؤون العامة لألفراد إمتيا از اجتماعيا‬
‫وقانونيا لإلكثار من اإلجراءات والوثائق لتلقي الخدمة المطلوبة‪ ،‬من المواطن‪ ،‬الذي ليس له اختيا ار أو‬
‫بديال يلجأ إليه لتفادي القبضة البيروقراطية‪ .‬صحيح‪ ،‬إذا كانت الجماعات المحلية تقوم بدور اجتماعي‬
‫هام فإنها بالمقا بل تلعب دو ار تحكميا لممارسة الضبط اإلداري والسياسي في نفس الوقت‪ ،‬اإلدارة تضمن‬
‫‪1‬‬
‫انخراط المدارين في أهداف المجتمع السياسي وبالتالي تسهيل دمجهم في الجسم اإلجتماعي‪.‬‬
‫هذا الصنف من المواطن المدار‪ ،‬لم يبق على الصورة التي كان عليها سابقا؛ إذ أصبحت‬
‫مطالبه محددة في خدمات إدارية من النوع السيادي؛ بحيث ال يستطيع أي شخص آخر تلبيتها إال‬
‫المصالح اإلدارية للدولة كوثائق الحالة المدنية‪ ،‬البناء والتعمير‪ ...‬وما إلى ذلك‪ .‬فشروط الحصول عليها‬
‫غير قابلة للمجادلة أو اإلحتجاج‪ ،‬ألنها تستند إلى القواعد القانونية والتنظيمية؛ والشيء الوحيد القابل لذلك‬
‫هي ثقل اإلجراءات البيروقراطية والتعسف اإلداري‪ ،‬والتحيز في أداء الخدمة‪ ،‬أي اإلخالل بالمبادئ‬
‫األساسية للخدمة العمومية المحلية‪ .‬إذن‪ ،‬المواطن المدار يجب أن ينتقل من حالة اإلذعان إلى المشاركة‬
‫المنتجة للخدمة العمومية‪ ،‬ال سيما وأن ذلك ممكن محليا إذا توفرت روح الثقة والمصداقية بين المنتخبين‬
‫والمواطنين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pierre Baudy « reconstruire l’action publique », Op.cit, p15.‬‬

‫‪255‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫‪ -2-3-1‬المواطن المستعمل‪L’usager:1‬‬
‫التحديد الوظيفي لهذه المفاهيم ال يؤدي حتما إلى تناقضها‪ ،‬بل يهدف بلوغ نفس الغاية‪ ،‬وهي‬
‫خدمة عمومية متجددة وفعالة‪ .‬فالمستعمل هو انتقالية بين المواطن المدار والمواطن الزبون‪ ،‬إذ يتمتع في‬
‫هذه الحالة بنوع من الحرية باعتباره مشاركا في إنتاجها واستهالكها أيضا‪ ،‬وهو كذلك مفهوم ارتبط بنظرية‬
‫‪‬المرفق العام التجاري والصناعي واإلداري‪ .‬الخدمات العمومية المقدمة من طرف البلدية‪ ،‬تتجه نحو إشباع‬
‫بعض الحاجات الضرورية التي يعبر عنها المواطن‪ ،‬حيث تتحدد العالقة بين الطرفين وفق درجة‬
‫اإلستفادة و مجاالت اإلستعمال‪ .‬إذ يكون تقديم الخدمة لقاء دفع مقابل رمزي (رسوم)‪ ،‬أو مجانا في أحيان‬
‫أخرى‪ .‬التغيير في المفهومية أو الخدماتية تعكس اإلتجاه نحو فتح باب المشاركة واإلختيار أمام المواطن‬
‫لبناء ثقافة مواطنة تتبنى الدفاع عن الحقوق وتسعى الداء الواجبات‪ .‬اليساهم منطق التكديس لألشياء في‬
‫تحديث الخدمات من حيث النوعية واألداء‪ .‬لتبقى حركية المواطن الراغبة في المشاركة وكسر اإلحتكار‪،‬‬
‫تعاني قلة اإلهتمام والتعقيد غير المبرر عند المطالبة بانتهاج طرق تسيير أكثر مالئمة بعيدا عن النموذج‬
‫البيروقراطي القديم‪.‬‬
‫من المفروض أن اإلدارة البلدية تشكل اإلطار األكثر قابلية لمباشرة مهام تسوية شؤون‬
‫المواطنين المرتفقين المعنيين بالخدمة‪ ،‬لكن سيطرة النموذج البيروقراطي المتشدد يقصي المواطن من‬
‫ترسيم أبجديات اإلصغاء‪ ،‬والحوار والتشاور بين أطراف الخدمة العمومية‪ .‬لكن رغم يسر الهامش المسموح‬
‫به‪ ،‬في ظل انف ارد اإلدارة بتقرير مصير المواطنين‪ ،‬فقد بدأت ترتسم مالمح معامالت المواطن نحو التنظيم‬
‫الفعال‪ ،‬واستعمال الوسائل القانونية للحد من تعسف اإلدارة عبر اللجوء إلى جهاز العدالة‪ ،‬وهذه اللبنة‬
‫تمهد الطريق نحو درجة المواطن الزبون‪.‬‬
‫‪ -3-3-1‬المواطن الزبون‪Le client:‬‬
‫استعمال المفهوم استعماال وظيفيا يخدم المنظور المقارن الذي عادة ما يأخذ به بعض‬
‫الدارسين المختصين‪ ،‬بحثا عن الفعالية‪ ،‬والنجاعة في قطاع الخدمات العامة على ضوء المردودية التي‬
‫تتميز بها المؤسسة اإلقتصادية‪ .‬إنه شكل من أشكال اإلستفادة من الخبرة في التسيير والتنظيم‪ ،‬يمكن‬
‫إدخالها في اإلدارة المحلية‪ .‬فالدوافع التجارية‪ ،‬واستراتيجية التسويق القائمة على دراسة السوق "‬
‫‪ "Le Marketing‬تجعل من الفرد زبونا يجب اإلعتناء به‪ ،‬وحسن استقباله‪ ،‬وفهم طلباته وتلبيتها‪ ،‬في‬
‫وسط تنافسي يؤهل األجدر بالبقاء‪ .‬فحرية اإلختيار وتعدد البدائل‪ ،‬تقضي على الندرة ‪ ،‬وتؤسس نظاما‬
‫لإلتصال يتحسس على الدوام تطور حاجات السوق؛ ارتفاعا وانخفاضا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Claude Quin, « Assujetti, client partenaire : que devient l’usager du service public ? » in‬‬
‫‪(sous dir.) Philippe Warin, quelle modernisation des services publics ? les usagers au‬‬
‫‪cœur des réformes, (Paris :, la découverte, 1997), P 339‬‬

‫‪256‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫إذن ‪ ،‬اإلدارة البلدية في ظل األوضاع الحالية متجهة نحو األخذ بمنهج التسيير الحديث‪،‬‬
‫عليها أن تتكيف مع المستجدات ليس فقط في البعدين التنظيمي والتسييري ولكن أيضا‪ ،‬في صقل‬
‫الدهنيات‪ ،‬وتأهيل الكفاءات الموجودة في الميدان ‪ ،‬في تفاعالتها اليومية مع الجمهور‪.‬الزبائنية تمظهرت‬
‫سلبيا على المستوى المحلي‪ ،‬وأصبحت المرادف الوحيد؛ للمحسوبية والجهوية والفئوية‪ ..،‬إذ ال ينظر إلى‬
‫‪‬تقييم حاجة المواطن‪ ،‬إال من حيث أنها تنتج بمقابل منفعة ذاتية للطرف القائم على تأدية الخدمة العامة‪.‬‬
‫على كل فالمواطن الزبون‪ ،‬ال يمثل إال بعدا إشكاليا في االدارة المحلية‪ ،‬على األقل في الوقت الراهن‬
‫نتيجة االختالل الكبير في عالقة المواطن باإلدارة‪ .‬عكس ماهو سائد في الدول المتطورة لخدمة الزبائن‬
‫وتطوير االداء االداري‪ 1.‬فأزمة الخدمة العمومية المحلية‪ 2‬تتجاوز سقف اإلدارة البلدية ‪ ،‬رغم مسؤولية هذه‬
‫األخيرة فيها‪ ،‬إال أنها في المنظور العام نتاج نظام اجتماعي كلي‪ ،‬ينقصه التوازن‪ ،‬حركة التغيير فيه غير‬
‫طبيعية نتيجة عدم فعلية سلطان القانون في ترسيخ العدالة االجتماعية التي ينظر لها الراي العام على‬
‫انها مطلبه‪ ،‬حتى وان احدث تسيبا واهماال في ممارسته‪ .‬ال يمكن للراي العام المحلي ان يثور فقط من‬
‫اجل مطالب اجتماعية‪ ،‬لم تسوى كما يجب‪ .‬وانما حقيقة نشاطه تبدا من خالل طرح القضايا الكبرى في‬
‫الحكم واالد ارة واالصالح والتغيير والدفاع عن تكريس قيم دولة الحق والقانون‪ ،‬التي تسوي بين الجميع في‬
‫احترام القانونخدمة للدولة والمجتمع معا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬دونالد ف‪.‬كيتل‪ .‬ثورة االدارة العامة العالمية‪ :‬تقرير حول الحكم‪ ،‬ترجمة (محمد شريف الطرح)‪( ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ :‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،‬ط‪ ،)9002 ،5‬ص ص ‪.550 -39‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Gille Jeannot, peut-on faire de l’usager un client? in Philippe Warin (sous. Dir.):‬‬
‫‪Quelle modernisation des services publics ?, op.cit, p.301.‬‬

‫‪257‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫خالصة الفصل‬
‫بذلت الدولة الجزائرية جهودا تنموية معتبرة‪ ،‬محاولة تاسيس نموذج اداري فعال يتولى االشراف‬
‫على سياساتها التنموية‪ ،‬من منظور سياسة عامة لخدمة مختلف الفئات االجتماعية‪ .‬وسعت للتوفيق بين‬
‫االبعاد السياسية واالجتماعية واالقتصادية من جهة؛ والتكامل واالنسجام بين المستوى الوطني واالقليمي‬
‫‪‬والمحلي بل وحتى الجهوي من جهة اخرى‪ .‬فانتهجت عمليات تنموية مبرمجة حسب الحاجيات المعبر‬
‫عنها كمشاكل عمومية؛ يعجز االفراد التكفل بها نتيجة كلفتها المالية وغايتها كمصلحة عامة تدرج ضمن‬
‫المهام االستراتيجية لالدارة العامة في الدولة‪ .‬ومن ثمة كانت ادارة التنمية المحلية كنسق فرعي عن االدارة‬
‫العامة منظم ة على المستوى المحلي؛ تمثلها االدارة الالمركزية للوالية واالدارة االقليمية للدولة واالدارة‬
‫البلدية‪ .‬بكل خبرتها التقنية والمالية؛ كادوات تنفيذية الرادة السلطة المركزية‪ .‬اي االهتمام باالختيارات‬
‫السياسية للقضايا االجتماعية ومحاولة تجسيدها بمعايير انجاز اقتصادية‪ .‬تولي ارادة في احترام اجال‬
‫التنفيذ ومردوديتها االجتماعية‪ ،‬حتى التتحول الى مشكل دائم ومستمر تتراكم فيه المطالب على ضوء‬
‫الندرة في الموارد؛ اوظهور حاجات جديدة اخرى لم تكن في الحسبان مع تزايد الكثافة السكانية وتشتت‬
‫انتشارها في االقليم ‪.‬‬
‫يعتمد النظام اإلداري المحلي على موارد مالية تأتيه من المركز لتمويل سياسته التنموية المعدة‬
‫وفق مؤشرات إقتصادية واجتماعية‪ ،‬غاية في التقشف والصرامة اثناء توزيعها كحصص تنموية محلية أو‬
‫قطاعية ‪ .‬حيث تؤثر شبكات المصالح المنتشرة على حواشي النظام المحلي في توجيه ق اررات التخصيص‬
‫وفي دعم مطالب الجماعة التي تخدم وتؤمن مسار تلك المصالح في اإلستفادة من الخدمات الريعية‪ .‬ثم‬
‫أن البلدية تعاني ضعف تأطير مواردها البشرية وأصبحت تقوم بالتوظيف اإلجتماعي والتبحث عن‬
‫كفاءتها المتخصصة في إستثمار أمالكها ومواردها المحلية المهملة‪ ،‬بالنظر إلى حجم الموارد البشرية‬
‫التنظيمية المتبعة في إدارة‬ ‫الموجودة في الوالية بشقيها الالمركزي والغير ممركز‪ .‬غير أن الثقافة‬
‫الجماعات المحلية الترتكز على قيم االبداع المؤسسي بقدر ماتخضع لمنطق الوصاية والبيروقراطية‬
‫الشديدة؛ رغم انها مستقلة ومحمية بقوة القانون اال انها تقع تحت سلطة رئاسية ذات طابع سياسي واداري‪،‬‬
‫تجردها من وظائفها المؤسساتية المستقلة نتيجة ضعف مراكز القرار فيها وتنازل مسؤوليها عن سلطاتهم‬
‫الموضوعية بسبب انعدام مواردهم القيادية‪ ،‬وظهورهم كوكالء ثانويين لصالح مركز القرار االعلى منهم‪،‬‬
‫في الوالية والتي هي بدورها مذعنة لمنطق السلطة المركزية‪.‬‬
‫بالتالي‪ ،‬االختالل المالحظ في توظيف هذه الموارد حسب مقتضيات التسيير العمومي الحديث‪ ،‬الذي‬
‫يستعير معايير المؤسسة االقتصادية الناجحة وتطبيقها في الجماعات المحلية‪ .‬التمكن من احداث فعالية‬
‫حقيقية في التنظيم والتسيير‪ ،‬على اعتبار انها رهينة منطق البيروقراطية السياسية المركزية التي تفضل‬
‫امتهان استخدام اسلوب الزبائنية حتى لو اقتضى االمر‪ ،‬التعسف في استعمال السلطة الرئاسية اللحاق‬

‫‪258‬‬
‫______________ ادارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬ ‫الفصـل الرابع‬

‫كل ما يدور في قاعدة الدولة ‪ ،‬وبمركزها وال تترك ادنى استقاللية في الحركة والنشاط العمومي‪ ،‬وتمييع‬
‫انماط المساهمة في االقتراح او التنفيذ ‪.‬‬
‫لكن مع ذلك‪ ،‬تنفتح الدراسة لتجاوز مثل هذه الصعوبات المؤسساتية التي تدار بها الجماعات‬
‫المحلية؛ الى طرح نماذج جديدة من عالقة الدولة بجماعاتها المحلية مبنية على الرقابة المرنة والمتفاعلة‬
‫‪‬والتشاور والنصح والتوجيه والشراكة في تسيير الشان المحلي‪ .‬وذلك عبر احترام القانون والتكامل بين‬
‫اجهزة النظام السياسي واالداري في الدولة‪ .‬و ما يتطلبه ذلك من تطوير عالقات المجتمع بالجماعة‬
‫المحلية ونقله من النظرة االتكالية الراكدة الى العمل المشترك والمبدع لما يخدم الصالح العام المشترك‪.‬‬
‫هذه الحالة من التبعية المركزية اثرت على اداء مصالح الخدمة المحلية‪ ،‬نتيجة شح الموارد‬
‫المالية باالساس كلما الحت بوادر انخفاض اسعار المحروقات‪ .‬مما يضاعف من سلبيات تحوالت الدولة‬
‫وتاكل المكاسب االجتماعية ‪ .‬وبالمقابل تتزايد اتكالية المواطنين على الدولة بنفس الوتيرة التي يزداد فيها‬
‫ارتفاع الخطاب الشعبوي لدى النخب التي تمثل الجماعة سياسيا او اداريا‪ ،‬من دون ان تملك القدرة على‬
‫االقناع او تقديم مؤشرات انجاز واضحة عن االوضاع المحلية‪ .‬النها عاجزة عن بلورة الحلول الممكنة‪،‬‬
‫وبالتالي تلجا الى التبرير المستهلك من باب االنتهازية وليس من باب االلتزام في العمل لحل المشاكل‬
‫العمومية‪.‬‬
‫وعليه يفرض مسار البحث عن بدائل حديثة لمواجهة صعوبات الجماعة المحلية؛ البدء بمعرفة‬
‫المقومات الحقيقية التي يزخر بها االقليم المحلي كموارد اساسية وليس فقط الركون الى ما يخصصه‬
‫المركزمن تحويالت‪ .‬مما يستلزم موردا بشريا مؤهال سياسيا وكفءا اداريا‪ ،‬يستند الى شرعية مجتمعية‬
‫قوية‪ ،‬مشاركة ومراقبة ومستفيدة في ظل رؤية كلية للدولة‪ ،‬قائمة على احترام القانون من جميع الفاعلين‬
‫وفي مقدمتهم مؤسسات الدولة وممثلوها في المقام االول‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫سياقات االصالح ورهانات‬
‫الحكامة المحلية‪:‬‬
‫الفرص والتحديات‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫مدخل الفصل‬
‫إن إصالح الجماعات المحلية يمر حتما عبر إصالح الدولة في كليتها‪ ،‬وال يمكن أن يشكل النظام‬
‫المؤسساتي لهذه الجماعات‪ ،‬نظاما معزوال عن باقي األنظمة التي تشكل الدولة‪ .‬ولذلك ترتبط قضايا‬
‫االصالح وظيفيا وبنيويا‪ ،‬وتمثل حالة معقدة وممتدة بين جميع المتغيرات الكبرى و األصلية في إدارة‬
‫‪ ‬التغيير‪ ،‬لتجاوز "ثقافة األزمة" التي تميز عالقة الدولة بالمجتمع ‪ .‬لتبدو المسألة ظاهرة جدلية بين‬
‫الطرفين‪ ،‬وتعيد في كل مرة طرح نفسها في سياقات متضاربة من حيث الدوافع والنتائج‪ ،‬على ضوء‬
‫المعاينة والتشخيص المادي لحركية المجتمع‪ ،‬ونشاط مؤسسات الدولة‪ .‬حيث تتطابق المقاربة األكاديمية‬
‫الموضوعية مع المعاينة المجتمعية تجاه أسباب األزمة ونتائجها وتأثيراتها‪ ،‬وعلى ضرورة إصالح جذري‬
‫وعميق لألوضاع‪ .‬إصالح الدولة يحيل إلى تطور المجتمع‪ ،‬والى نمط الحكامة والى تنظيمه المؤسساتي‬
‫واإلداري‪ ،‬ويكون صدى لتاريخ مؤسساتنا‪ ،‬ويثير كل الرهانات والتيارات التي تتعاقب وتمس المجتمع‪.‬‬
‫الجزائر تعيش أزمة دولة‪ ،‬وقناعة المجتمع بضرورة تغيير الدولة وتتمثل أسباب تلك األزمة فيما يلي‪:1‬‬
‫‪ ‬أزمة ثقة بين المجتمع والدولة‪.‬‬
‫‪ ‬انحراف الممارسات اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬فشل السلطات العمومية في االنجاز‪.‬‬
‫كما يستنتج التقرير ان تأزم عالقة الدولة بالمجتمع ادى الى أزمة سلطة تبحث عن شرعية بسبب‬
‫ضعف مأسستها‪ ،‬وعن عدم ثقة المواطن بالدولة نتيجة اإلحباط المتراكم والمزمن ثم يقدم خمسة أسباب‬
‫‪2‬‬
‫رئيسية ألزمة الدولة‪:‬‬
‫‪ .1‬عجز الدولة في التكفل بمهامها ومسؤولياتها‪ ،‬ال سيما في األمن وحماية األشخاص واألمالك‪.‬‬
‫‪ .2‬نوعية تمثيل الدولة في المؤسسات المنتخبة‪ ،‬وفي اإلدارات العمومية‪ ،‬هو أصل االحتجاج ضد‬
‫السلطة و شرعية الدولة و ممثليها‪ .‬اليخضع اسلوب التعيين في مناصب المسؤولية في الدولة‬
‫دائما‪ ،‬لمعايير الكفاءة واالستحقاق التي تشرعن ممارسة المهام العليا‪ ،‬مما يضرب مصداقية‬
‫ممثلي الدولة ‪.‬‬
‫‪ .3‬عمل الدولة لم يكن دوما حسب منطق المؤسسة‪ ،‬وقوتها تكمن في احترام النظام المؤسساتي في‬
‫ممارسة السلطة وفرض احترامه من الجميع‪ ،‬ولم توفق دوما في إبعاد المجاالت غير الرسمية‬
‫عن القرار‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Republique Algerienne Démocratique et Populaire. Présidence de la République .Comité‬‬
‫‪de la Réforme des Structures et des Missions de l’Etat, Rapport Général du Comité de la‬‬
‫‪Reforme des Structures et des Missions de L’Etat. (Non publie), 2001, p.13.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid, PP.58 ,59.‬‬

‫‪261‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ .4‬إخفاقات الحكامة والممارسات والسلوكيات لبعض أعوان الدولة‪ ،‬ساهمت أيضا في بتر اإلجماع‬
‫االجتماعين وظهور حاالت الريع اإلداري‪ ،‬والعالقات المصلحية بين بعض أعوان الدولة‬
‫والقطاعات غير الرسمية‪ ،‬أدت إلى تبديد الرصيد الذي تتمتع به الدولة في أعين المواطنين‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم احترام القانون‪ ،‬واالنتقاء في تطبيقه‪ ،‬وعدم فعلية طرق الطعن ضد تعسف السلطة‪،‬‬
‫والصعوبات التي تعترض تطبيق ق اررات العدالة‪ ،‬تساهم بقوة في تحطيم العالقة بين الدولة‬ ‫‪‬‬
‫والمواطن‪.‬‬
‫تعتبر تلك االسباب من منظور مقارن؛ استعرضها البنك الدولي لقياس الخصائص المبدئية‬
‫للمطالبة باإلصالح ومحاربة مساوئ الحكم واإلدارة‪ ،‬و تتجلى حقيقة تلك العوامل أو المظاهر في دائرة‬
‫تقاطع‪ ،‬كسمات مشتركة بين هذه األسباب المحددة ألزمة الدولة‪ ،‬وتلك التي وصفها البنك الدولي كما‬
‫يلي‪:1‬‬
‫‪ .1‬الحكم الذي يفشل في الفصل الواضح والصريح بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬الحكم الذي ينقصه حكم القانون‪ ،‬وتطبق القوانين تعسفيا ويعفى المسؤولين من التطبيق‪.‬‬
‫‪ .3‬الحكم الذي لديه عدد كبير من المعوقات القانونية واإلجرائية أمام االستثمار اإلنتاجي‪ .‬بما‬
‫يدفع نحو أنشطة الربح الريعي والمضاربات‪.‬‬
‫‪ .4‬الحكم الذي يتميز بوجود أولويات تتعارض مع التنمية وتدفع نحو الهدر في الموارد المتاحة‬
‫وسوء استخدامها‪.‬‬
‫‪ .5‬الحكم الذي يتميز بوجود قاعدة ضيقة أو مغلقة وغير شفافة للمعلومات ولعمليات صنع القرار‬
‫بشكل عام‪ ،‬وعمليات وضع السياسات العامة بشكل خاص‪.‬‬
‫‪ .6‬الحكم الذي يتميز بوجود الفساد وانتشار آلياته وثقافته بما في ذلك القيم التي تتسامح مع‬
‫الفساد‪.‬‬
‫‪ .7‬الحكم الذي يتميز باهتزاز شرعية الحكم وضعف ثقة المواطنين به‪ ،‬مما قد يدفع إلى انتشار‬
‫القمع ومصادرة الحريات وانتهاك حقوق اإلنسان وسيادة التسلط‪.‬‬
‫حجم هذه االختالالت المالحظة في كيان الدولة والمجتمع على حد سواء‪ ،‬تشكل العوامل‬
‫األساسية في تحديد السياقات المعرفية لمحاولة فهم دوافع االصالح الشامل والعميق‪ ،‬وهي في جوهرها‬
‫ذات خلفية وطنية محلية‪ .‬ونتيجة تراكمية لممارسات سلطوية وفئوية بعيدة عن خصائص ثقافة الدولة‪،‬‬
‫حيث عالجت تحديات بناء السلطة وتركيزها على قاعدة بيروقراطية هجينة تمتهن الوالء والزبائنية‪...‬‬
‫ولم تهتم كثي ار بضرورة تأسيس دولة مؤسسات قائمة على القانون‪ .‬وزادتها بعض العوامل الخارجية في‬

‫‪-1‬حسن كريم‪" ،‬مفهوم الحكم الصالح" في‪ :‬اسماعيل الشطي‪( ،‬واخرون)‪ ،‬الفساد والحكم الصالح في البالد العربية‪( ،‬لبنان‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ، )2006 ،2‬ص‪.101‬‬

‫‪262‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫سياقها المقارن من حيث الموارد والقيم والنظم والفعالية واالنجاز‪ ...‬ال سيما في ظل الفرص المتاحة‬
‫في االعالم االجتماعي‪ ،‬وما تؤديه في إعادة صياغة المطالب المجتمعية في أشكال أكثر موضوعية‬
‫وشمولية نحو صانع القرار‪ .‬مما يبرز الفجوات بين الخطب واألعمال والواقع‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فلعل أبرز‬
‫القطاعات الرئيسية التي تمثل أولوية في حركية اإلصالح بسبب موقعها الفاعل في قيادة التغيير‬
‫المؤسسي وايداع السياسات هي‪" :‬اإلدارة العامة والسياسة "تدور اإلدارة العامة حول السياسة بشكل‬ ‫‪‬‬
‫محتوم لذا فاالصالح اإلداري هو إصالح سياسي أيضا‪ .‬واإلصالح السياسي يشق طريقه مباشرة إلى‬
‫القضايا الجوهرية للعالقة بين الحكومة والمجتمع‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يخاطر هذا التعريف يجعل الموضوع‬
‫عالميا بصورة كبيرة لدرجة ال يمكن دراستها بدقة‪ ،‬و من جهة أخرى‪ ،‬إن الميل العتبار اإلدارة إدارة‬
‫فقط‪ ،‬يلغي معظم القضايا المركزية‪ ،‬في تعريف ما هو االصالح فعال‪ ،‬وفي تشكيل درجة الجودة التي‬
‫‪1‬‬
‫يعمل بها"‪.‬‬
‫تجعل حالة األزمة التي تطبع السياق العام لمشروع اإلصالح الشامل ألبنية ووظائف الدولة‪،‬‬
‫الرهانات المعقولة‪ ،‬تبدو كأنها غير عادية‪ ،‬نتيجة التوترات والتجاذبات التي تترتب عن تفاعالت البيئة‬
‫التي تشهد محاولة للتغيير أو التكيف مع النماذج البديلة في التنظيم والتسيير‪ ،‬ثم تزداد الشكوك حول‬
‫نظر العدم كفاية مؤشرات النجاح‪ ،‬في ظل مسلكية تتميز باالنتقالية الدائمة بين مقررات‬
‫ا‬ ‫يقينية الطرح‬
‫اإلصالح وأهدافه‪ ،‬والذي عادة ما تتواله نخب سياسية ال تؤمن به إال لضرورة تكيف ظرفي ال غير‪.‬‬
‫ويعبر عن خطاب سياسي شعبوي ال يلتزم بأي شيء تجاه المجتمع إال بما يضمن إستم ارريته بنفس‬
‫النماذج والنظم والسلوك‪ .‬في حين أن اإلصالح في الدول الغربية وخاصة األوربية تم في ظل سياقات‬
‫عادية طالما أن الدولة تمتلك شرعية وجودها المجتمعي‪ ،‬وتبرز أزماتها نتيجة للتطورات النسقية الطبيعية‬
‫بين المجتمع والدولة واليات عملها‪ ،‬وغالبا ما يتم اإلصالح بسبب عاملين هما‪:2‬‬
‫‪ .1‬إرتفاع كلفة ميزانية تسيير الوظيفة العمومية واإلدارات‪.‬‬
‫‪ .2‬تطور الثقافة االقتصادية والسياسية للمواطنين الذين يفضلون اختيار خدماتهم حسب النوعية‬
‫والمنفعة‪.‬‬
‫فاإلدارة العمومية فيها أصبحت مجموعة من المؤسسات المعقدة والتمثيالت‪ ،‬ولم يعد ينظر لها‬
‫مجرد منتوج قانوني ‪ ،‬وانما كأنظمة للتنظيم (‪ )Systèmes d’Organisation‬لها ذاكرة وخطابات‬
‫تؤهلها لفك مطالب البيئة‪.‬‬

‫‪ -1‬دونالدف كيتل‪ ،‬ثورة اإلدارة العامة العالمية‪ :‬تقرير حول تحول الحكم‪ ،‬ترجمة( محمد شريف الطرح)‪( ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪ ، )2003 ،1‬ص‪.157‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jacques Chevalier, Luc Rouban, « introduction », Revue Française d’Administration‬‬
‫‪Publique ; n°105-106, (2003/1), p.2‬‬

‫‪263‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫مهما كانت عملية االصالح في الدولة‪ ،‬فإنها تعتبر رهانا سياسيا بالدرجة األولى‪ ،‬ولذلك يكون‬
‫مشروطا بتوفر إرادة سياسية قوية ومشروعة‪ ،‬تعتمد على ثقافة تسيير وادارة جديدة قائمة على الحكامة‬
‫العمومية كمقوم لإلصالح تجمع بين الوسائل والغايات وتتجاوز األنماط التقليدية الغير منتجة‪ ،‬المبنية‬
‫على البيروقراطية السياسية الثقيلة في إدارة شؤون المجتمع والدولة‪ .‬وعليه‪ ،‬فعملية اإلصالح ينبغي أن‬
‫‪ ‬تركز على المحاور الرئيسية التي تشكل محركا فعليا ألهداف الحكامة الرشيدة‪ ،‬و بإمكانها إعادة الثقة بين‬
‫المجتمع والدولة‪ ،‬وهي كما يلي‪:1‬‬
‫‪ .1‬أخلقة العمل العمومي للدولة كمحور رئيسي لبسط سلطة الدولة ومصداقيتها‪.‬‬
‫‪ .2‬التمييز بين الفضاء العمومي وباقي المجاالت لضمان انصاف اإلدارة و حياد أعوان الدولة‪.‬‬
‫‪ .3‬تعزيز وظيفة الوساطة للفاعلين السياسيين المؤسساتيين واالجتماعيين بين الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬توسيع إشراك المجتمع المدني في عملية اتخاذ القرار وتعزيز قاعدته وتمثيليته‪.‬‬
‫‪ .5‬عصرنة التنظيم والتسيير وأشكال تدخل الدولة في عالقتها مع المجتمع‪.‬‬
‫‪ .6‬تعزيز قدرة الدولة على التكيف مع الرهانات والتحديات والعولمة‪.‬‬
‫‪ .7‬تجسيد الالمركزية كمحور مؤسس لتصور تجديدي للدولة واعادة تشكل إدارة اإلقليم حول‬
‫مقتضيات الجوارية والمسؤولية والتنوع و الفعالية‪.‬‬
‫يتعدى الطرح االصالحي الذي صيغ من زاوية أكاديمية مبنية على تشخيص موضوعي لمعطيات‬
‫حقيقية وذات مصداقية‪ ،‬االكتفاء بالمعالجة التقنية والمادية المحضة لحجم األزمة التي تعيشها الدولة‬
‫الجزائرية‪ ،‬والتي هي بالدرجة األولى أزمة أخالقية تجد تفسيرها المتعدد األبعاد في نمط الثقافة السياسية‬
‫التي توغلت داخل المؤسسات الرسمية ‪ ،‬وأصبحت مع الزمن مسلكية عامة لممثلي الدولة الذين يمارسون‬
‫السلطة بإسمها‪ .‬مما أفقد شرعية نظام الدولة وميع وجود الدولة في حد ذاته‪ ،‬بعد أن إختزلت هوية الدولة‬
‫في طقوس فلكلورية غارقة في الماضي‪ .‬وال تولي الحاضر االهتمام الالزم في التكيف ورفع التحديات التي‬
‫تفرض على مواطنيها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- République Algerienne Démocratique et Populaire. Présidence de la République : Comité‬‬
‫‪de la Reforme. Rapport Géneral du comité du la Réforme, op.cit, p.p.79, 80‬‬

‫‪264‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫أوالا‪ :‬الحكامة العامة كسياسة الصالح الدولة‬


‫غالبا ما ينتهج اإلصالح بغرض تحقيق أهداف محددة تتعلق بتحسين أداء أجهزة الدولة وتعظيم‬
‫تحقيق منافع للمجتمع‪ .‬إال أن المعالجة المعاصرة للمشاكل أو األزمات أصبحت تسعى لضمان إنجاح‬
‫برامج اإلصالح بإعتمادها على صيغ ونماذج نظرية لها القدرة على التكيف مع متغيرات البيئة الداخلية‬
‫‪ ‬وتحوالتها الشاملة‪ .‬تطرح الحكامة العمومية بمختلف مفاهيمها وتعريفاتها‪ ،‬وبكل اشتقاقاتها اللغوية‬
‫واالصطالحية‪ ،‬كمحرك إلصالح الدول‪ ،‬واصبحت تشمل كل التحوالت التي تمس ممارسة السلطة في‬
‫المجتمعات المعاصرة‪ ،‬وأتخذت ثالثة (‪ )03‬أشكال هي‪:1‬‬
‫حكامة المؤسسات ‪CorporateGovernance‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪The goodGovernance‬‬ ‫الحكامة الرشيدة‬ ‫‪.2‬‬
‫‪The globalGovernance‬‬ ‫الحكامة الشاملة‬ ‫‪.3‬‬
‫يتعلق الشكل األول بالنظام االقتصادي والثالث يعالج التفاعالت الدولية بين الدول والحكومات‪ ،‬من‬
‫حيث إقامة أنماط جديدة للضبط واالندماج للمجتمع الدولي‪ ،‬وفق معايير اقتصادية وأمنية من أجل ردم‬
‫الفجوة والتباينات التي تميز األداء السياسي لوحدات المجتمع السياسي الدولي‪ .‬في حين الشكل الثاني‬
‫المتعلق بالحكامة الرشيدة أو االدارة الجيدة يثير مسألة أداء النظام السياسي واالداري في الدولة‪ ،‬إذ الفكرة‬
‫كانت وليدة المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)‪ ،‬إلى جانب هيئات منظمة‬
‫األمم المتحدة مع تعديلها حسب ميثاق المنظمة‪ ،‬ولمعالجة األزمات الدولية في دول الجنوب التي تشهد‬
‫عدم االستقرار‪.‬‬
‫اهتمام الدراسة ينصب على الحكامة الوطنية (مكان وجود الحكامة الجيدة)‪ ،‬ضمن نفس المجتمع‬
‫على عدة مستويات منها؛ باألساس المركزي (الوطني) واالقليمي أو المحلي‪ ،‬وتصبح الحكامة ضرورة‬
‫عندما تتعرض الحكومة للفشل‪ ،‬وعدم القدرة ‪ .‬أي تصبح في حاجة إلى الشرعية واإلمكانات أو االهتمام‬
‫للتعامل مع مشكلة تهم العامة‪ 2.‬ال تعتبر الحكامة صيغة نموذجية مثلى لجميع المجتمعات والدول‪ ،‬وانما‬
‫تشكل إطا ار محددا‪ ،‬لضبط مؤشرات عامة لتفاعل شبكة نظم وسلم قيم وسلسلة من المصالح المتضاربة‪.‬‬
‫ومن ثمة تطوير اليات االنتقال من الحالة الجامدة والراكدة إلى أوضاع أكثر تحسنا وانسجاما بين‬
‫الفاعلين‪ ،‬ومن الجوانب االيجابية للحكامة نستخلص ما يلي‪:3‬‬
‫‪ -‬الفعالية في العمل االداري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jacques Chevallier, « la Gouvernance, un Nouveau Paradigme Etatique ? ». Revue‬‬
‫‪Française d’Administration Publique ; n°105-106, (2003 /1), p205.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬زهير عبد الكريم الكايد‪ ،‬الحكمانية‪ :‬قضايا وتطبيقات‪( ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية االدرية‪ ،)2003 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Mohamed Cherif Belmihoub, « Gouvernance et role économique et social de l’Etat :‬‬
‫‪Entre Exigences et Résistances », Revue IDARA, N°21, vol. 11, n°1, (2001), p-p.7-36.‬‬

‫‪265‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -‬مشاركة الفاعلين‪.‬‬
‫‪ -‬الشفافية‪.‬‬
‫‪ -‬ال مركزية في القرار االقتصادي‪.‬‬
‫لكي يتم تطبيقها ينبغي وضع إجراءات هي‪:‬‬
‫إصالح مؤسسي يعمل على تشجيع‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬ال مركزية إقليمية‪.‬‬
‫‪ -‬إشراك الفاعلين‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور نخب محلية ووطنية على قاعدة معايير الكفاءة والقيم األخالقية‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية المسيرين‪.‬‬
‫دمقرطة و أخلقة الحياة العامة تسمح ببروز الكفاءات والسلوكات الحضارية وتستهدف‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ -‬ظهور وتكوين النخب السياسية واالقتصادية‪ ،‬بعيدا عن الزبائنية والقبلية واالبتزاز‬
‫السياسي‪.‬‬
‫‪ -‬المراقبة االجتماعية والسياسية ألصحاب القرار العموميين عبر المؤسسات الديموقراطية‪.‬‬
‫تعتبر مقاربة تستهدف إصالح كلي للدولة‪ ،‬بالتركيز على المتغيرات الرئيسية فيها والمتمثلة في توسيع‬
‫قاعدة الحكم على ضوء ما تفرزه االرادة العامة للمجتمع‪ ،‬كسلطة تأسيسية وطبيعية لتمارس ضمن نظام‬
‫تمثيلي و ممأسس طبقا لمعايير النزاهة واألخالق والكفاءة‪.‬‬
‫بالتالي‪ ،‬فالتحليل النسقي إلدراج الية الحكامة كسياسة إصالح للدولة‪ ،‬ال ينظر لها كتجاوز‬
‫للدولة(نهاية السيادة المطلقة للدولة) و إلعادة إنتشار للدولة ‪ِ.‬أي االحتفاظ ببعض الوظائف االساسية و ال‬
‫تتدخل في االقتصاد و االجتماع‪ ،‬و إنما في الحالة الجزائرية توظف الحكامة و تعتمد كإعادة تأسيس‬
‫للدولة واعادة تكييف‪ .‬أي ترسيم عالقة جيدة بين المجتمع والدولة‪ ،‬كأسلوب جديد للعمل العمومي في بناء‬
‫وتنفيذ برامج االصالح‪ ،‬وعندما يتم تبني أسلوب الحكامة الرشيدة‪ ،‬يتفرع ويكتسح انساق النظام االجتماعي‬
‫الشامل للدولة والمجتمع‪ ،‬ونصبح أمام عدة نماذج للحكامة العامة تسعى إلى نفس األهداف‪ .‬ولذلك‬
‫فسياسات االصالح في المنظور المعياري للحكامة العامة تعتمد قياس أداء تلك المؤشرات في الواقع‬
‫انطالقا من التفاعالت التي تحدثها قدرات اإلنجاز الموضوعة لحل المشاكل العمومية كما يتصورها‬
‫الفاعلون‪..‬تتخذ الحكامة العامة كوسيلة ‪ Gouvernance Instrumentale‬لتفعيل العمل العمومي‬
‫واالنفتاح على القوى التمثيلية في المجتمع‪ ،‬وتضع كل ما يلزم من أطر ونظم وموارد واجراءات‬
‫‪ GouvernanceProcédurale‬كحكامة إجرائية وجعل المنفعة العامة نتيجة للمداولة الجماعية مطابقة‬
‫االجرئية‪ .1‬ورغم أن الجزائر تنظر إلى أهمية الحكامة العامة واعتبارها تمثل أداة للتحديث‬
‫ا‬ ‫للديمقراطية‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jacques Chevallier « La Gouvernance un Nouveau Paradigme Etatique », op.cit, p.213‬‬

‫‪266‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫واالستقرار والتنمية والرفاهية في ظل العدالة و االنصاف‪ ،‬وفتحت عدة ورشات لإلصالحات المؤسساتية‬
‫أثار إيجابية في كل الميادين‪ 1.‬إال أن التشخيص‬
‫والسياسية و االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والتي كان لها ا‬
‫الموضوعي بين عدم وجود وسائل وأساليب الحكامة الجيدة مما يضرب السلطة ومصداقية الدولة في إدارة‬
‫‪2‬‬
‫الشؤون العامة‪.‬‬
‫لذلك جاء في تقرير برنامج األمم المتحدة اإلنمائي حول نقص تدخل الدولة‪ ،‬بأن الحكامة لها‬ ‫‪‬‬
‫عدة أهداف‪ ،‬منها ثالثة رئيسية وهي‪:3‬‬
‫‪ .1‬تحقيق االنسجام والعدالة االجتماعية‪ ،‬و ذلك بتحديد الحد األدنى لمستوى معيشة كافة المواطنين‪،‬‬
‫وتحقيق مستوى من الحياة الكريمة لهم‪.‬‬
‫‪ .2‬تحقيق إدامة حالة من الشرعية في المجتمع‪.‬‬
‫‪ .3‬الكفاية في تحقيق التنمية االقتصادية وفي تخصيص وفي استغالل الموارد العامة‪ .‬فالحكامة‬
‫الجيدة تعني بضرورة وجود شبكة من مؤسسات الحكومة تستخدم القوانين واالجراءات‪ ،‬والتي‬
‫بدورها تعمل على خلق و إدامة بيئة اجتماعية تسمح بتنمية بشرية جيدة‪ ،‬لتشمل كافة الجماعات‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫إن االدراك الحقيقي والفعال لمفهوم الحكامة ودالالته يفضي إلى وضع االطار المرجعي للعمليات‬
‫والممارسات المستقبلية لإلصالح المؤسسي للقطاع العام‪ ،‬بهدف تحسين مستوى أداء االدارة العامة على‬
‫مستوى المجتمع‪ ،‬وذلك بالتركيز على الخصائص التالية التي يجب أن تحدد وتميز هوية نموذج الحكامة‬
‫المراد رسمه لدى صانعي القرار‪:4‬‬
‫‪ .1‬إدراك شرعية قوة السلطة العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬المواطن هو محور اهتمام متخذي الق اررات‪.‬‬
‫‪ .3‬البرامج المجتمعية مبنية على سماع المواطنين‬
‫‪ .4‬سرعة تكيف االدارة العامة الحتياجات المواطن في توزيع المال العام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Republique Algerienne Démocratique et Populaire. Le gouvernement, Rapport sur l’état‬‬
‫‪de mise en œuvre du programme d’action national en matiere de gouvernance.‬‬
‫‪Novembre 2008, p6. sur : www.premier.ministre.gov.dz, consulté le : 26.01.2016.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Republique Algerienne Démocratique et Populaire, Comité de la Réforme des Structures‬‬
‫‪et des Missions de l’Etat. Le Rapport Général, op.cit, p.57.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬زهير عبد الكريم الكايد‪ ،‬الحكمانية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪267‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫هي نفس المقاربة التي خلص غليها تقرير لجنة اصالح هياكل الدولة ومهامها‪ ،‬حيث أوصى بان‬
‫االصالح يجب أن يتم في إطار المبادئ الجمهورية و االختيار الديموقراطي وحددها كما يلي‪:1‬‬
‫دولة قانون وضامنة لحقوق المواطن وحرياته‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫دولة في خدمة المجتمع وقريبة من المواطن‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫دولة قوية وحديثة وفعالة‪.‬‬ ‫‪)3‬‬ ‫‪‬‬
‫دولة في خدمة االنسجام االجتماعي والتضامن الوطني‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫دولة في مستوى الرهانات ومتطلبات العولمة‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫تكشف عملية تحليل العالقات الترابطية التي تنتج عن تفعيل هذه المبادئ العامة الموصوفة حسب‬
‫المعايير العالمية‪ ،‬عن أهمية فهم واعادة فهم دور مصدر السلطة التأسيسية واليات تنظيمها وكيفيات‬
‫ممارساتها من طرف صاحبها الوحيد المتمثل في المجتمع‪ .‬الذي يجسد حقيقة سلطاته في اإلبداع‬
‫المؤسسي والتمثيل السياسي ضمن فلسفة الدولة التي يحتاجها؛ كمؤسسات تنشط على قواعد الشرعية‬
‫والدستورية التي يبنيها ويعيد تحيينها في الفضاء العام‪ ،‬وهو المكان المثالي للتعبير عن مثل الثقافة‬
‫السياسية التي ترسمها الدولة‪ ،‬وتغذيها التقاليد المجتمعية‪،‬عند قياس االداء السياسي واالقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ ،‬لمختلف الفاعلين‪ .‬الذين تزخر بهم الحياة السياسية خدمة للمصلحة العامة‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬مؤشر الشرعية السياسية يعبر بقوة عن جوهر العالقة التي تميز وجود الدولة والمجتمع‪ ،‬وهو‬
‫وجود حيوي‪ ،‬إذا انعزلت الدولة عن قضايا المجتمع وأصبحت تمثل وتختصر في فئة من المنتفعين‬
‫الريعيين‪ ،‬فإنها تفقد مبررات هذا الوجود وتكرس بامتياز اغترابها األخالقي عن المجتمع وال يمكنها احترام‬
‫أي مبدأ صاغته هي بنفسها كمعبر عن إرادة المجتمع التي هي مصدر وجودها‪.‬‬
‫رغم المساهمات العالمية والدولية‪ ،‬التي أثرتها مقاربات المؤسسات الدولية؛ وخاصة هيئات األمم‬
‫المتحدة المختصة في االلحاح ‪ ،‬على ضرورة تبني أسلوب جديد وفعال في ممارسة الحكم وادارة مؤسسات‬
‫الدولة وتسيير شؤون المجتمع‪ ،‬ومحاربة االستبداد والقمع ولواحقه من الفساد وانهيار القيم والظلم‬
‫والتهميش‪ ،‬إال أن الج ازئر حتى وان تبنت الرؤى الجديدة لمختلف نماذج الحكامة العامة والجيدة‪ .‬فإنها لم‬
‫تطبقها واقتصرت على تداولها في الخطب الرسمية واإلعالمية على شكل أماني واج ارءات غير مجدية‪،‬‬
‫نتيجة ضعف اإلرادة السياسية والمؤسسية التي تطغى عليها سطوة العصب ‪ ،‬واالشخاص كنتيجة حتمية‬
‫ومباشرة لضعف ثقافة الدولة ومؤسساتها في االدارة و الحكم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- République Algérienne Démocratique et Populaire: Présidence de la République : Comité‬‬
‫‪de Réforme des Structures et des Missions de l’Etat, op.cit, p.66.‬‬

‫‪268‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -1-1‬إصالح النسق اإلداري المركزي‬


‫يعتمد النظام السياسي على الجهاز اإلداري في تنفيذ ق ارراته‪ ،‬وبذلك تعتبر الهياكل اإلدارية اإلطار‬
‫الذي تتجسد من خالله اإلرادة السياسية‪ ،‬وتنتظم حوله تسيير الشؤون العامة للدولة كوظائف ومهام‪.‬‬
‫اإلدارة بمفهومها الحركي‪ ،‬تشكل أداة لقياس مدى قابلية الحكم للتعاطي مع قضايا المجتمع وسبل‬
‫‪ ‬اإلجابة عنها‪ ،‬فالحديث عن البيروقراطية اإلدارية في ظل التوجه نحو النمط االشتراكي هو في الحقيقة‬
‫“تحصيل حاصل” يؤدي إلى فهمه على أنه عامل قوي يرادف ثقافة الحزب الواحد‪ ،‬لممارسة الضبط‬
‫االجتماعي بوسائل إدارية‪ ،‬وبالتالي تكون البيروقراطية تعني أحد مبادئ التنظيم في الدولة‪ ،‬إذ ال يمكن‬
‫تصور بيروق ارطية في ظل غياب نظام سياسي معين‪..‬‬
‫باعتبار الظاهرة البيروقراطية‪ ،‬نتاج تطور تاريخي‪ ،‬فإنها تبرر هيمنة الجهاز السياسي على اإلدارة؛ مما‬
‫حاد بالدولة إلى التركيز في رسم سياسا تها وتنفيذها على تنظيم إداري‪ ،‬يتطابق ويأخذ بعين االعتبار‪،‬‬
‫طبيعة النظام السياسي السائد‪ ،‬غير أن هذا التطابق كثي ار ما يؤدي إلـى تداخل في األجهزة والصالحيات‬
‫كما هو الشأن في الدولة النامية عـادة‪» :‬اإلدارة مرتبطـة بالحزب لكونه الجهاز الوحيد الذي يقدم لها‬
‫المساعدة ألداء وظيفتها ويتجلى لك في ارتباط األجهزة الحزبية المركزية بالمؤسسة التنفيذية التي يتبعها‬
‫الجهاز اإلداري في الدولة « ‪ .1‬اإلدارة الجزائرية بمختلف هيئاتها وتسمياتها كانت وراء إدارة المجهود‬
‫التنموي الذي باشرته السلطة السياسية لبناء دولة حديثة تقوم على العدالة االجتماعية والتنمية الشاملة‪،‬‬
‫وأخذت تساهم في التخطيط الوطني لمشاريع التغيير‪ ،‬مستهدفة تكوين اإلنسان الجزائري القادر على إنجاز‬
‫التأثير اإليجابي في محيطه‪ .‬الدور التدخلي لالدارة إنما يجد قاعدته في طبيعة الخدمات التي تسعى إلى‬
‫تلبيتها الدولة من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يحدد االرتكاز الشديد الذي يعبر عن تمثيل الدولة كقوة عمومية‬
‫تفرض أهمية وجودها في المجتمع‪.‬‬
‫الخدمة اإلدارية بشقيها التقنوقراطي أو البيروقراطي أولوية األولويات غداة االستقالل لمأل الفراغ بعد‬
‫هجرة الفرنسيين‪ ،‬وتكفلت بمواصلة اإلشراف على األمور العادية في الدولة؛ وبالتالي أصبحت أداة لمشروع‬
‫مجتمع هو بصدد البناء واإلنجاز في مفهومـه الوطني‪» .‬غـداة االستقالل‪ ،‬احتلت اإلدارة من منظور‬
‫سياسي‪ ،‬مكانة مركزية في المشروع االجتماعي الجزائري‪ ،‬ومن منظور عملي احتلت موقعا استراتيجيا‪،‬‬
‫من حيث أنه جهاز منظم بقوانين وموظفيـن‪ ،‬لجعلها تعمل‪ ،‬ثم تعزز دورها فيما بعد مع اإلصالح‬
‫االشتراكي الذي منحها صالحيات ومهام واسعة‪ ،‬حيث تمركز نشاطها‪ ،‬ودعم هياكلها‪ ،‬ونوع هيئاتها« ‪.2‬‬

‫‪ -1‬سعيد بو الشعير‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪( ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى‪ ،‬ط‪ ،)1993 ،2 .‬ص‪.125.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Essaid Taib, « La Réforme de l’Administration en Algérie », in : L’Annuaire de l’Afrique‬‬
‫‪du Nord, (France : CNRS, 1996), P.343.‬‬

‫‪269‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫اإلدارة الجزائرية أصبحت أمام واقع جديد‪ ،‬وتحديات حادة عليها مجابهتها‪ ،‬والتكيف معها بصورة‬
‫عقالنية‪ ،‬قصد التخلص من اآلثار السلبية التي رسختها البيروقراطية الكولونياليـة الممركزة‪ ،‬وعلى الرغم‬
‫من تبني الالمركزية‪ ،‬كتنظيم إداري في الدولة وانشاء الجماعات المحلية (البلدية والوالية) ومحاولة تشجيع‬
‫المشاركة الشعبية في صنع القرار اإلداري طبقا لمبدأ الديمقراطية المركزية؛ فإن المسألة البيروقراطية‬
‫‪ ‬تحولت إلى نقيض لما تقره النصوص القانونية‪ ،‬وأنتجت بيروقراطية هجينة وثقيلة آخذة في التشكل كقوة‬
‫اجتماعية متميزة عن باقي الفئات‪.‬ثم أن المجهود السياسي واالقتصادي المبذول‪ ،‬لتأسيس الدولة في وقت‬
‫قياسي‪ ،‬لم يترك الفرصة لمراقبة اإلدارة ومتابعتها في تنفيذ السياسة العامة‪ ،‬فالسياسة االقتصادية للبالد‬
‫صاحبها نموا طرديا لظاهرة البيروقراطية‪ ،‬بحيث تمت عـملية النمو في ظل تسارع وتـيرة التنـمية‪ ،‬وترتب‬
‫عل ى ذلك أثار اجتماعية‪ ،‬ساهمت في تكوين نوع من اإلحباط في األوساط الشعبية والسيما المحرومة‬
‫‪1‬‬
‫منها‪ .‬أما عن األسباب األساسية لظاهرة البيروقراطية هي‪:‬‬
‫‪ ‬غياب نظرة مستقبلية‪ ،‬وتخطيط حقيقي لألهداف والوسائل‪.‬‬
‫‪ ‬التنظيم الصارم للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬نقص اإلطارات المؤهلة والتنظيم غير العقالني للهياكل والمصالح‪.‬‬
‫مكنت البيروقراطية اإلدارية الدولة من إدارة المجتمع ومصادرة مشاركة الفرد‪ .‬تسوية أي مشكل‬
‫إداري ناتج عن تعقيدات بيروقراطية‪ ،‬أصبح ال يحل إال بإجراء بيروقراطي روتيني‪ .‬أمام هذا الوضع‬
‫الراكد‪ ،‬الذي زيفت فيه إرادة المجتمع‪ ،‬وأغتصب فيه مفهوم الخدمة العمومية وهيأ الشروط لتنامي طبقة‬
‫بورجوازية طفيلية داخل أجهزة الدولة تحالفت مع البيروقراطية وسيطرت على القرار السياسي واالقتصادي‪،‬‬
‫وذلك باسم االشت اركـية وباسم النضـال وباسم المركز ‪ ...‬صوره مظاهر الثراء الفاحش وأنماط استهالك‬
‫استف اززية‪.2‬‬
‫إذن منطق اإلصالح‪ ،‬لتغيير األوضاع يفرض نفسه‪ ،‬ألن القضية أصبحت أزمة عالقـة بين اإلدارة‬
‫ومستعمليها من الجمهور‪ ،‬وبالتالي تعكس جانبا حيويا من حالة التأزم التي تطبع ثقافة بناء الدولة وتنظيم‬
‫المجتمع‪ .‬والمراهنة تكون نحو تحقيق ادارة فعالة ومحايدة من خالل توفير منظومة قانونية لعقلنة العمل‬
‫اإلداري بعيدا عن الضغط السياسي‪ ،‬دون نفي االرتباط الوظيفي بين عملية التطور السياسي والتطور‬
‫اإلداري‪ .‬فأي نظام ال يستطيع تطوير نظام داخلي للتوزيع والجمع في غياب بيروقراطية إدارية حديثة‬
‫وذات فعالية‪ .‬لقد شرعت الدولة في إدخال إصالحات إدارية وتحسينات نوعية لكنها بقيت محدودة األثر‪،‬‬
‫اتسمت بالفوقيـة ولم تكن شاملـة وال دائمة‪ ،‬كان مآلها الفشل مما زاد في تعقد المشكلة البيروقراطية‬
‫وانغالقها عن المحيط الخارجي «الفترة االشتراكية (‪ )19-62‬كلن فيها اإلصالح اإلداري ناقـصا‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Messaoud Montri, L’Administration en Question, (Alger : OPU, 1984), P.P.34-40.‬‬
‫‪ -2‬سعيد بو الشعير‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.69.‬‬

‫‪270‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫استهـدف إصـالح هيـاكل‪،‬حتى تتمكن السلطة السياسية بواسطة قوة هذا الجهاز من تسيير المجتمع‬
‫ومراقبته‪ ،‬وال يمكن اعتبار ذلك تحديثا بمعنى بناء إدارة فعالة محايدة» ‪.1‬‬
‫محدودية اإلصالح اإلداري من داخل اإلدارة نفسها‪ ،‬حرك النزعة المحافظة‪ ،‬مما ولد تأثي ار كثيفا من‬
‫المحيط الخارجي‪ ،‬يتجاوز قدرات النظام اإلداري القائم‪ .‬بمعنى أن التغيير اإلداري يتم بعوامل خارجية‪،‬‬
‫‪ ‬تدفع بها األنساق الفرعية للنظام االجتماعي الكلي‪ ،‬مما يجبر في النهاية اإلدارة على التكيف والتفتح أكثر‬
‫على محيطها‪ ،‬وتهيئة ممثليها لمعاملة نوعية مع التطورات الجديدة‪.‬‬
‫أي أن موضوع اإلصالح يكون نوعيا يمس كل قطاعات الدولة مما يحدث تأثي ار متبادال بينها‪،‬‬
‫« التطور البيروقراطي يساعد مستقبال التطور السياسي وبالتالي كلما زاد عدم التوازن أصبح التفاهم‬
‫المتبادل بين مراكز القوى بعيدا‪ ...‬والدولة المتوازنة هي الدولة التي تحافظ على توازن معقول بين‬
‫البيروقراطية والنظام الدستوري‪ ...‬والبيروقراطية القوية تؤدي حتما إلى قمع الديمقراطية السياسية»‪.2‬‬
‫اإلدارة العمومية تحتاج إلى إصالح عميق ونوعي‪ ،‬يشمل األبنية والهياكل ويمس كذلك تركيبتها البشرية‪،‬‬
‫فالتشخيص الذي استخلصته اللجنة الوطنية لالصالح عن تنظيم وتسيير االدارة المركزية في الدولة؛‬
‫‪3‬‬
‫يتميز بالسلبيات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬توزيع غير مالئم للسلطات والمهام‪،‬‬
‫‪ .2‬تنظيم االدارة المركزية مركز للمهام المنجزة على حساب الجماعات المحلية‪،‬‬
‫‪ .3‬مركزية مفرطة للمهام (من تصور السياسات العامة الى تنفيذها)‪.‬‬
‫‪ .4‬عدم استقرار الهياكل‪.‬‬
‫‪ .5‬الروتين يمنع التكيف‪.‬‬
‫‪ .6‬المهام غير مضبوطة بدقة‪.‬‬
‫‪ .7‬اساليب تدخلها غير فعالة‪.‬‬
‫‪ .1‬كثرة الهياكل‪.‬‬
‫‪ .9‬مستخدمون تنفيذيون( تضخم عددهم)‪.‬‬
‫‪ .10‬البيروقراطية الثقيلة والشكلية‪.‬‬
‫وعليه؛ تم تحديد المحاور الكبرى لبرنامج االصالح من طرف اللجنة وتوزع عملها ضمن ست‬
‫‪1‬‬
‫(‪ )06‬ورشات رئيسية تشمل القطاعات التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Essaid Taib, « La Réforme de l’Administration en Algerie », Op.cit, P.334.‬‬
‫‪ -2‬فيريل هيدي‪ ،‬اإلدارة العامة‪ :‬منظور مقارن‪ ،‬ترجمة (محمد قاسم القريوتي)‪( ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫ط‪ ،)1979 ،02.‬ص‪.‬ص‪.51 ،50 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Republique Algerienne Démocratique et Populaire. Presidence de la République : Comite‬‬
‫‪de la reforme des structures et des missions de l’Etat, op. cit, p53.‬‬

‫‪271‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ .1‬االدارة المركزية‪.‬‬
‫‪ .2‬الجماعات االقليمية واالدارة المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تحديث المؤسسات العمومية للمرفق العام‪.‬‬
‫‪ .4‬تطوير وسائل الضبط والرقابة‪.‬‬
‫‪ .5‬اعوان الدولة (تحديث الوظيفة العامة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .6‬المواطن‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫يشمل اصالح الدولة عدة ابعاد منها القطاعات االستراتيجية التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬المركز السياسي واالجتماعي للموظفين واالدارات العمومية‪،‬‬
‫‪ ‬البعد االقتصادي (االقتصاد في ميزانيات التسيير)‪،‬‬
‫‪ ‬السيادة‪.‬‬
‫جاءت اعادة بعث اصالح االدارة المركزية‪ ،‬باعتبارها نظاما نسقيا للنظام السياسي واداة فعلية‬
‫وفاعلة في التنظيم والتسيير العام لكل اوجه النشاط المجتمعي؛ نتيجة لضغوط مزدوجة؛ وبقدر ما‬
‫تفسرسياقات االزمة المتباينة والمتداخلة؛ فانها تحاول تبني الرهانات الكبرى لالصالح والتي تختصر في‬
‫‪3‬‬
‫قضيتين اساسيتين‪:‬‬
‫‪ .1‬تصور جديد لمهام الدولة" الدولة االسترتيجية"‪.‬‬
‫‪ .2‬التشديد على فعالية العمل العمومي‪(.‬التسيير بالنتائج)‪.‬‬
‫لكي تنجح العملية االصالحية البد لها من ان تكون شاملة ومركزة حول كل النشاطات التي تحدث‬
‫في المجتمع ‪ .‬ويتاح للفاعلين الشرعيين والممثلين الحقيقين المساهمة االيجابية فيها ومرافقتها والسهر على‬
‫انجاز اهدافها‪ .‬ثم ان االهتمام او منح االولوية للنسق المركزي في العملية؛ ال يفتح المجال العادة تركيز‬
‫الخصائص الهجينة للنظام البيروقراطي الذي ادى الى حالة االزمة؛ بل بالعكس تماما؛ يمكن ان يمثل‬
‫المحرك االساسي لباقي االنساق الوظيفية التي تشكل اوعية النشاط ضمن اجهزة النظام السياسي‪ .‬الن‬
‫مؤشرات تحديث االدارة وتوسيع قضايا الحكم والسياسة التي تناولتها انجح النماذج العالمية؛ هي تلك‬
‫الدول والمجتمعات التي يلعب فيها المواطنون االدوار الحاسمة في االختيارات االساسية‪ .‬من حيث تنظيم‬
‫وتسيير شؤونهم وفق قواعد الديمقراطية‪ ،‬التي تنجز لهم مصالحهم وتلبي لهم منافعهم‪ .‬مهما كانت لسبب‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ibid. pp.16, 17.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jacques Chevllier, Luc Rouban, « Introduction », Revue Française d'Administration‬‬
‫‪Publique; no105-106, (2003/1), pp. 7-10.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jacques Chevallier, «La Réconfiguration de l'Administration Centrale », Revue Française‬‬
‫‪d'Administration Publique ; no116, (2005/4), pp. 715-725.‬‬

‫‪272‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫وحيد وبسيط وهو ان النخب القيادية تعمل لخدمتهم وتحت رقابتهم بصورة دورية‪ ،‬مع كل عهدة انتخابية‬
‫تحين محاسبتهم سواء بتجديد الثقة فيهم او باقصائهم وانتقاء وكالء غيرهم ‪.‬‬
‫مما يعني ان فلسفة االصالح تقوم على انسجام تام بين االسس والشروط والرهانات‪ ،‬التي يشتغل‬
‫حولها الفاعلون؛ ويمكن الوقوف على بعض المتغيرات الجوهرية لكل عنصر من العناصر التي تكون‬
‫‪ ‬معادلة االصالح االداري حسب نموذج كل دولة في العالم‪ .‬اعتمد االصالح االداري على ستة (‪)06‬‬
‫‪1‬‬
‫اسس‪ ،‬واربعة (‪ )04‬شروط وهي‪:‬‬
‫‪ -2‬التحول األسلوب السوق ‪ -3‬التوجه للخدمة ‪ -4‬الالمركزية ‪ -5‬السياسة‬ ‫‪ -1‬اإلنتاجية‬
‫‪ -6‬المسؤولية عن النتائج‪.‬‬
‫حتى تنجح العملية ينبغي توفر بعض الشروط المسبقة ياتي في مقدمتها اربعة (‪ )04‬عوامل وهي ‪:‬‬
‫‪ -4‬نظام اجتماعي‬ ‫‪ -3‬نظام مالي فعال‬ ‫‪ -2‬نظام عدالة فعال‬ ‫‪-1‬الحكم الجيد‬
‫فعال‪.‬‬
‫‪ -2-1‬دور الثقافة السياسية في اعادة تاسيس الدولة وتنظيم المجتمع‪.‬‬
‫لعل ابرز سبب مباشر لالهتمام بالبعد الثقافي كنسق فرعي للنظام االجتماعي الشامل‪ ،‬هو حالة‬
‫األزمة ومضاعفاتها التي تعيشها البالد (دولة ومجتمعا)‪ ،‬قصد منهجة السلوك السياسي نحو إيجاد الحلول‬
‫المناسبة للمشاكل المطروحة‪.‬كارضية جاهزة الحتضان ارادة االصالح والتغيير على مستوى كل انساق‬
‫النظام االجتماعي الن الثقافة ترتبط باحدى المقومات الحركية و الجوهرية في بلورة الوعي السياسي‬
‫المشترك؛ الذي يصنع الراي العام كفاعل اصيل في منازعة عمل السلطات العامة في الدولة‪ .‬وخصوصا‬
‫دوره في التاثير على القرار السياسي واالداري فيها ‪.‬‬
‫يعتبر المدخل الثقافي عامال أساسيا عند محاولة فهم النظام السياسي‪ ،‬سواء تعلق األمر بمستوى‬
‫االفراد أو بمستوى النظام ككل‪ ،‬فإذا كانت الثقافة السياسية‪ ،‬كمفهوم مستحدث تشكل فرعا خاصا من‬
‫الثقافة العامة في المجتمع‪ ،‬فإنها كانت موضوع اختالفات جدلية بين الباحثين‪ ،‬بهدف صياغة تعريف‬
‫معين أو تحديد عناصرها األساسية؛ لذلك فالمفهوم في حد ذاته معقد ومتقاطع مع عدة علوم‪:‬‬
‫كاالنتروبولوجيا‪ ،‬وعلم االجتماع السياسي وعلم النفس‪ ...‬الخ‪ .‬امتداد المفهوم وتداخالته أهلته الكتساب‬
‫خاصية تفسيرية وتحليلية للسلوك السياسي في الدولة لالفراد وللمؤسسات القائمة والعالقات التي تربط‬
‫الحكام بالمحكومين؛ وذلك يعتبر مؤش ار داال عن أهمية دراسة كيفية االنتقال من مرحلة تقليدية إلى أخرى‬
‫أكثر حداثة‪ ،‬بحثا عن االستقرار‪ ،‬والتقليل من درجة التوتر والصراع‪.‬‬
‫"الثقافة تحدد درجة اإلحساس وتنوعه و تنظم المواقف‪ ،‬وتحدد طرق االلتزام الفردي‪ ،‬وأساليبه‪ ،‬فإنها‬
‫عامل مهم جدا في اللعبة السياسية‪ ،‬فهي التي تضبط المبادالت‪ ،‬وتحدد أنماط المشاركة واالتصال وكذلك‬

‫‪ -1‬دونالد ف‪.‬كيتل‪ ،‬ثورة االدارة العامة العالمية‪ :‬تقرير حول تحول الحكم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.142-13 .‬‬

‫‪273‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫واجبات من يمثلون الدولة(‪ )...‬فالثقافة تعدل النظام السياسي‪ ،‬ولكن النظام نفسه يطبع بالمقابل الثقافة‬
‫أيضا‪ ،‬أما إن نحمل الثقافة مسؤولية صحة أو سقم النظام يمجد النخب الحاكمة التي تسوسه"‪.1‬‬
‫يميز التعريف بين مستويين من الثقافة تلك الموجودة على مستوى األفراد كشعب وكمجتمع‪ ،‬وتلك‬
‫السائدة على مستوى النظام السياسي كسلطة وكنخبة‪.‬‬
‫كخالصة لمختلف التعاريف التي قدمها علماء السياسة واالجتماع وال سيما سيدني فيربا‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ SedneyVerba‬ولوسيان باي‪ Lucien Paye‬عن الثقافة السياسية‪ .‬يمكن األخذ برأي األستاذ صادق‬
‫األسود؛ حيث يرى أن الثقافة السياسية هي التوجهات السياسية ألكبر عدد من األفراد في قطر ما‪ ،‬التي‬
‫هي نتاج تركيب ثقافي – بسيكولوجي لشعب معين‪ 2.‬فعلى مستوى الفرد يمكن أن تثير الثقافة السياسية‬
‫"البعد البسيكولوجي في حياة الفرد المدنية؛ ماذا يشعر‪ ،‬كيف يفكر بالرموز وبالمؤسسات والقواعد التي‬
‫تكون النظام السياسي في مجتمعه‪ ،‬وكيف يستجيب لها‪ ،‬من ناحية‪ .‬ومن ناحية أخرى ماهي الروابط بينه‬
‫وبين المقومات األساسية لنظامه السياسي وكيف تؤثر هذه الروابط على سلوكه‪ .‬اما على مستوى الدولة‬
‫والنظام السياسي‪ ،‬فالثقافة السياسية هنا ‪ ،‬تؤخذ على محمل كونها وسائل اندماج وتالحم بين األفراد ضمن‬
‫النظام قائمة على أساس التوجهات الثقافية السياسية المتماثلة والمتناسقة والمالئمة بالنسبة للمؤسسات‬
‫السياسية"‪.3‬‬
‫تشكل القيم والمعتقدات والتوجهات والسلوكات والرموز والذهنيات‪ ...‬الخ عناصر مركبة في تأسيس‬
‫ثقافة سياسية معينة‪ ،‬تتحدد على ضوئها العالقات بين األفراد وبين هؤالء ومؤسسات الدولة السياسية‪،‬‬
‫والتي من خاللها يمكن القيام بتفسير السلوك السياسي في عموميته‪ .‬فالخلفية الثقافية المكتسبة عن طريق‬
‫التنشئة أو المطبوعة في شخصية الفرد‪ ،‬تكون مرجعية إلنتاج مقاييس المعاملة االجتماعية وتحديد درجة‬
‫تغلغل النظام السياسي في الحياة السياسية من عدمه‪ .‬مهما كانت طبيعة الثقافة السياسية في المجتمع‪،‬‬
‫بكل تفرعاتها‪ ،‬وبمختلف مقوماتها‪ ،‬ال يمكن إغفال تأثيراتها في مجمل مظاهر الحياة السياسية‪ :‬الثقافـة‬
‫السياسيـة فـي الج ازئـر‪ ،‬لـم تعد تخص قطاعا معينا من النظام االجتماعي الشامل‪ ،‬بل أصبحت موضوع‬
‫اهتمام ومدار انشغال لمختلف الشرائح االجتماعية‪ ،‬بعد االنفتاح الديمقراطي‪ ،‬حيث مظاهر االدلجة‬
‫والتسييس تغطي سائر الخطابات؛ السياسية والحزبية واإلعالمية والجمعوية‪...‬‬
‫على ان الثقافة‬ ‫بالنسبة لغابريال‪.‬الموند ‪ G. Almond‬وسيدني فيربا ‪ S.Verba‬يؤكدان‬
‫السياسية تتكون من العناصر التالية‪:4‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد الباقي الهرماسي‪" ،‬المدخل الثقافي االجتماعي الى دراسة الدولة "في‪ :‬غسان سالمة واخرون‪ :‬االمة والدولة‬
‫واالندماج في الوطن العربي‪ -‬الجزء األول‪ (،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)1919 ،‬ص‪.‬ص ‪. 75 ،74‬‬
‫‪ -2‬صادق األسود‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ :‬أسسه و أبعاده‪( ،‬بغاد‪ ،‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،).1990 ،‬ص‪.332.‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.326 ،325.‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪334.‬‬

‫‪274‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -‬عناصر إدراكية‪ :‬هي المعرفة‪ ،‬كل ما نعرف أو نعتقد أننا نعرفه عن المؤسسات واألحزاب ورجال‬
‫السياسة‪.‬‬
‫‪ -‬عناصر عاطفية‪ :‬هي العواطف ومشاعر األفراد إزاء المؤسسات أو السياسيين والتي تتراوح مابين‬
‫االنجذاب واالشمئزاز‪ ،‬والتعاطف أو التطور‪ ،‬واإلعجاب أو االحتقار‪ ،‬تقف وراء الحكم العقالني‬
‫للفرد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ -‬عناصر تقييمة‪ :‬القيم‪ ،‬المعتقدات‪ ،‬المبادئ‪ ،‬المثل العليا‪ ،‬اإليديولوجيات‪...‬‬
‫هذا اإلطار النظري مستوحى من دراسات مسحية ميدانية مقارنة‪ ،‬أقيمت وفق مناهج بحث‬
‫علمية متعددة المقاربات‪ ،‬تصلح الستعمال كمداخل لتحليل نفس الظاهرة‪ ،‬في بيئات أخرى مغايرة‬
‫تتميز بخصوصياتها الثقافية والسياسية السائدة‪ .‬في الجزائرتستمد مشروعية وجودها انطالقا من المبادئ‬
‫التي يقوم عليها البناء الوطني للدولة والمجتمع‪ ،‬حيث تتشكل حالة معيارية تتفاضل فيها منظومة القيم‬
‫في نطاق جدلية الحداثة و المعاصرة‪،‬و مختلف توصيفات المشروع الوطني‪.‬‬
‫يعتبر البعد الثقافي المحدد الرئيسي في الصراع الموجود بين نمط القيم والنماذج السلوكية ضمن‬
‫المشاريع االجتماعية المتقابلة او المتناقضة‪ .‬المالحظ أن الدولة والمجتمع يتقاسمان نفس المجال العام‪،‬‬
‫ويعتمدان على نفس المرجعية الحضارية أو الثقافية وال سيما ان الوثائق الرسمية والقاعدية تعكس بوضوح‬
‫دقيـق وم نسـجم مضمـون هذه المرجعية‪ ،‬إلى درجة تبدو فيها ظاهرة الدولة كنتاج اجتماعي محض وكتعبير‬
‫سياسي مركز ومنظم عن إرادة المجتمع‪ .‬إال أن الممارسة السياسية والوقائع االجتماعية تبين محدودية‬
‫هذا االنطباع‪ ،‬حيث يظهر الخطاب السياسي للدولة بعيدا عن انشغاالت الشعب واألفراد واهتماماتهم‬
‫(القول ال يتطابق مع الفعل)‪ .‬أسباب القطيعة بين الطرفين تعود إلى غياب الثقة وخاصة ضآلة شرعية‬
‫ممثلي الدولة في الحياة السياسية‪ .‬إذ ال يزال "الضبط اإلداري" عبر "االجهزة البيروقراطية" هو الذي يصنـع‬
‫توجهات الرأي العام الوطني‪ ،‬وفرض أنمـاط قسـرية تقـمع كل أشكال المعـارضة إلرادة سلطـة الدولة‪.‬‬
‫لم تعد االنتخابات الحرة ‪ ،‬الصيغة المثلى لدى النظام السياسي‪ ،‬لفهم مطالب المجتمع‪ ،‬ألنها‬
‫أسلوب قد يؤدي إلى تغيير جذري لألوضاع‪ ،‬ويسمح بصعود نخبة جديدة تتمتع بكفاءة علمية وشرعية‬
‫اجتماعية‪ ،‬ترمي في نهاية المطاف إلى أضعاف مراكز القوة والتأثير في الجهاز البيروقراطي الذي ترتكز‬
‫عليه وحوله سلطات الدولة‪ .‬هناك شبه انفصام بين اهتمامات النخبة الحاكمة والمواطنين‪ ،‬رغم أن هذه‬
‫النخبة لن تدخر جهدا في اعتبار نفسها المعبر الحقيقي والشرعي عن هذه الجماهير‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫االختالف المنهجي في بلورة قيم التنشئة االجتماعية‪ ،‬كمصدر أولي لصناعة ثقافة سياسية معينة تجاه‬
‫مؤسسات النظام وسلوكاته ورمزيته‪...‬‬

‫‪275‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫تتباين الصفوة الجزائرية الحاكمة في تنشئتها؛ منقسمة ومتصارعة التوجهات السياسية ألفرادها تتميز‬
‫‪1‬‬
‫بالشك المتبادل مع االعتقاد بالندية والمساواة‪ ،‬ثم اإليمان بدور الدولة مع اإليمان بدور الجماهير‪.‬‬
‫انحسار دور المجتمع أمام المد السلطوي للدولة افرز ثقافة سلبية وعدمية تتمثل في المواقف المتشنجة‬
‫تجاه السلطة السياسية التي غالبا ما تأخذ مظاهر التعبير االحتجاجي والتوتر والصراع‪ ،‬األمر الذي غذى‬
‫‪ ‬انتشار الالمباالة في نفسية المواطن الذي يتصور أن الدولة عدو يجب عدم الثقة به وعدم موالته‪.‬‬
‫فالمشاركة المزاجية واالنطباعية تؤثر على تبني مواقف عقالنية ومتزنة تجاه سياسات الدولة‪،‬‬
‫وأعمال السلطة‪ ،‬وتترك الميدان عرضة لظهور سلوكات تمال الفراغ وتتهيأ لفرض قيم الوصولية والزبائنية‬
‫وتتحول تدريجيا إلى تدعيم وتغطية أخطاء الحاكم من جهة‪ ،‬وتتطلع للعب مهام المتحدث والممثل الفعلي‬
‫لفئات معينة من المجتمع؛ ومن ثمة تنراجع القيم االجتماعية النبيلة وتترسخ قواعد معامالتية جديدة‬
‫قوامها‪ ،‬االستئثار بخدمة المصالح الخاصة على حساب الصالح العام‪.‬‬
‫" لهذا لم تنشأ السياسة بالمعنى الحرفي للكلمة خارج إطار النزاع على السلطة‪-‬الغنيمة‪ ،‬وبقيت‬
‫سياسة عصبوية هدفها تغذية الحرب الدائرة من اجل المصالح الجزئية دون مراعاة المصالح العامة او‬
‫المصالح الوطنية‪ ،‬ولم يتحقق تنظيم المجتمع وهيكلته في منظمات وأحزاب وجمعيات ووظائف تتجاوز به‬
‫تناقضاته‪ ،‬ما قبل السياسية أو ماتحت السياسية‪ ،‬فظلت الهياكل الحديثة طفرات على جلده وأدوات بيد‬
‫زعامات شخصية تستخدمها لتحقيق ماربها الخاصة والتتوانى في ذلك عن تفكيك المجتمع وتسعير نزاعاته‬
‫الداخلية"‪.2‬‬
‫ضعف ترسيخ ثقافة الدولة‪ ،‬كجزء من الثقافة السياسية‪ ،‬يعكس إلى حد ما ارتباك السلوك السياسي‬
‫لشخوص الدولة تجاه الشعب أو المجتمع‪ ،‬إذ تطغى الصورة "االستعالئية" في التعامل مع المشاكل التي‬
‫يطرحها المواطن‪ ،‬الذي يصبح الطرف المباشر والمعني بتحمل كل المسؤولية في حدوث أي أزمة أو‬
‫احتجاج‪ ...‬الدولة تلقي بالتهم على المجتمع (باعتباره ساكن‪ ،)...‬وهذا األخير يحاجج الدولة لكونها ال‬
‫تتكفل كما يجب بشؤونه‪ ،‬وأصبحت مصد ار للتضييق والقمع‪ ،‬وبذلك يسود لديه انطباع‪ ،‬بأنه ال يشعر‬
‫حقيقة‪ ،‬بأنها تمثله أو تتحدث باسمه‪ .‬وبالتالي باتت عالقة الطرفين تتميز بالصراع والتوتر‪ ،‬مما حذا‬
‫ببعض الباحثين إلى تفسير مظاهر العنف التي سادت لفترات معينة من تاريخ الجزائر‪ ،‬بأنها تعود إلى‬
‫البنية االنقسامية التي تكبح نمو ثقافة سياسية عصرية من إنتاج نخبات سياسية وفكرية متمرنة‪ 3،‬أي‬

‫‪ -1‬رأي وليام كوانت‪ W.QUANDT‬ورد في ‪ :‬كمال المنوفي‪"،‬منظور الثقافة السياسية والنظم السياسية العربية"‪ ،‬المستقبل‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية عدد ‪( ، 90‬أوت ‪ ، )1916‬ص‪.47.‬‬
‫‪-2‬برهان غليون" فكرة الوحدة في المغرب العربي‪ :‬تكوين الجماعة الوطنية أو جدل الوحدةو الديمقراطية"‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪ (،11‬يونيو ‪ .، )1916‬ص‪.11.‬‬
‫‪ -3‬العياشي عنصر‪"،‬سوسيولوجيا األزمة الراهنة في الجزائر"‪ ،‬في‪ :‬سليمان الرياشي واخرون‪ ،‬االزمة الجزائرية‪ :‬الخلفيات‬
‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،)1996 ،1‬ص‪.111.‬‬

‫‪276‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫سيطرة الصراع بين الثقافة التقليدية والثقافة العصرية‪ .‬فالبنية االجتماعية ليست انشطارية أو انقسامية‪،‬‬
‫وانما اصطدام نتائج التفاعل االجتماعي الحاد مع آليات نمذجة التنظيم الرسمي للدولة‪ ،‬ال تتم بصورتها‬
‫الطبيعية لذلك ال نستغرب حدوثها على شكل انفجا ارت اجتماعية ذات دالالت سياسية‪ ،‬وهي ليست ذات‬
‫صبغة عرقية أو دينية أو طائفية‪ ،‬لم تحدث بين فئات اجتماعية على شكل حرب أهلية‪ ،‬وانما حدثت ضد‬
‫‪ ‬الدولة‪.‬صعوبات المشكل الثقافي في الجزائر تتعلق بالمدخل التاريخي للمسالة الثقافية‪ ،‬فالخصوصية‬
‫‪1‬‬
‫الثقافية ال تعني بالضرورة تماي از يفرض مصي ار مغاي ار‪.‬‬
‫أزمة بناء الدولة‪-‬األمة‪ ،‬وفشل مشاريع التحديث‪ ،‬كان النتيجة المباشرة لضعف النظام السياسي‬
‫وعجزه عن البحث عن شرعية سياسية عقالنية ذات مصداقية‪ ،‬تعبر بوضوح عن أمال المجتمع و آالمه؛‬
‫فعوض التركيز على بناء دولة مؤسسات‪ ،‬تم تعزيز سلطة قوية وممركزة‪ ،‬أصبحت مع مرور الزمن تشكل‬
‫عائقا رئيسيا إلحداث أي تغيير نحو األفضل‪ ،‬من خالل وضع آليات سياسية ونظام قيمي للمشاركة في‬
‫صنع القرار ومراقبة الحكام والمسؤولين‪ .‬قوة الدولة او ضعفها تتحدد على مدى استقاللية جهاز الدولة عن‬
‫المجتمع‪ ،‬معتمدا على قدراته الذاتية وخاضعا لالعتبارات العقالنية والتي هي شروط استم ارر يته‪. 2‬‬
‫لكن‪ ،‬عوض أن تحارب الدولة اإلف ار ازت السلبية للمجتمع‪ ،‬نالحظ أنها ونتيجة ضعفها‪ ،‬أن هذه‬
‫السلبيات أصبحت آخذة في االنتشار والتوسع على مستوى أجهزة الدولة ومؤسساتها‪ .‬من ثمة فان واجهة‬
‫النظام االجتماعي تصبح ترفع شعارات معينة‪ ،‬تخفي وراءها ممارسات أخرى منافية لها‪.‬‬
‫"السياسة الثقافية أنتجت نخبة مستلبة وضائعة معزولة‪ ،‬ولم تهدف هذه السياسة إلى رفع المستوى‬
‫الثقافي العام للشعب وتوحيده وتعميق تواصله التاريخي والنفسي واالجتماعي‪ ،‬هذه النخبة أصبحت مشكلة‬
‫اجتماعية‪ ،‬تبحث عن المال والتزلف للسلطان وحمل عصاته‪ ،‬وتامين قاعدة اجتماعية للحكومات‬
‫المعزولة"‪.3‬‬
‫المطلوب‪ ،‬ثقافة سياسية مساهمة‪ ،‬بمعنى على النظام السياسي أن ينفتح على المجتمع‪ ،‬ويقيم‬
‫مسارات للحوار والتشاور‪ ،‬والتعبير المنظم والهادف‪ ،‬قصد تقويم المد السلطوي للدولة التي أصبحت تخاف‬
‫انعتاق المجتمع ‪ ،‬فال تقوم قائمة لمثل هذه القيم إال إذا تبنت النخب بكل تخصصاتها أدوا ار متكاملة بعيدة‬
‫عن الروح األبوية والعشائرية‪ ...‬لصالح المواطنة التي تقضي أن يتخلص المثقف من لعب دور "الكاتب"‬
‫لدى ممثل القرار السياسي‪ .‬لتنقلب الصورة في معالجة أزمة المجتمع والدولة؛ وتصبح الثقافة العقالنية‬
‫والمشاركة هي التي تخطط و تنمذج الوعي الوطني في إطار مؤسسات دولة المجتمع (الشعب)‪ .‬وبالتالي‬

‫‪ -1‬محمد الميلي‪" ،‬الجزائر والمسالة الثقافية‪ :‬مدخل تاريخي"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد‬
‫‪( ،41‬جويلية‪ ،)1912‬ص‪.‬ص ‪.61- 55‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬غسان سالمة‪" ،‬قوة الدولة وضعفها‪ :‬بحث في الثقافة السياسية العربية"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬عدد ‪( ،99‬مايو ‪ ،)1917‬ص‪.97.‬‬
‫‪ -3‬برهان غليون‪ ،‬مجتمع النخبة‪( ،‬تونس ‪ :‬دار البراق للنشر ط‪ ،)1919 .2‬ص‪.23.‬‬

‫‪277‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫القضاء على مظاهر الزبائنية والوصولية‪ ،‬التي تنامت على شكل "ثقافة"‪ ،‬وبدأت تتحول إلى قواعد إسناد‬
‫ودعم لميالد مجتمع أقلية موازي‪ ،‬يسيطر على مقدرات المجتمع الحقيقي والفعلي في الدولة‪ .‬وبالتالي‬
‫اليمكن الي تغيير ان ينجح اذا لم تتولى المقاربة الثقافية اعادة عملية التاسيس للدولة في كليتها بالموازاة‬
‫مع تنظيم المجتمع وفق االرادة العامة التي تعيد بناء الدولة كاسمى جماعة تنظيمية ودستورية تمثل‬
‫‪ ‬المجتمع وتحميه من االخطار؛ في صيغة جديدة تكتسي صيغة تعاقدية فعالة ومرنة ‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫ثانيا‪ :‬إصالح النسق الالمركزي‬


‫لن نبالغ إذا اعتبرنا النظام المؤسساتي للجماعات المحلية محكا الختبار نوايا االصالح الشامل‬
‫التي ما فتئ ممثلو الدولة طرحها والدفاع عنها‪ ،‬وايجاد المبررات المختلفة لضرورة تجسيدها‪ ،‬والنظر إليها‬
‫كحلول ال مفر منها‪ ،‬وباألخص إذا كانت مؤشرات السياق ال ارهن تنذر بتفاقم حراك االحتجاج وارتفاع‬
‫‪ ‬سقف المطالب المجتمعية مستويات قصوى‪ ،‬في ظل تراجع المداخيل الريعية‪ ،‬وهي األسلوب المعتاد في‬
‫معالجة قضايا األزمات الدورية التي تضرب قطاعات المجتمع‪ .‬والتي تبدو بالنظر إلى استم اررية حالة‬
‫األزمة ومسبباتها على أنها سياسات غير مجدية طالما أنها أصبحت تستهدف شراء السلم االجتماعي‬
‫على المدى اآلني وال تبحث في دراسة األسباب ومعالجتها معالجة جذرية ونهائية‪.‬‬
‫يقوم مركز الجماعات المحلية على لعب دور مهم وبارز في تحقيق توازنات‪ ،‬يحتاجها النظام‬
‫السياسي في امداده بالموارد والسياسة الضرورية لخدمة ديمومته‪ ،‬عبر التواجد النسقي المزدوج للدولة في‬
‫إنتشارها االقليمي و الالمركزي وعدم التركيز‪ .‬وال يجب إغفال الثنائية األخرى (السياسيون‪/‬او المنتخبون)‬
‫واالداريين (الوالة)‪ ،‬وهي أساليب تعمل على تنفيذ إرادة السلطة السياسية المركزية‪ ،‬وتحد من تغلغل‬
‫مشاركة المجتمع المحلي عبر ممثليه في بلورة القرار وتنفيذه‪ .‬ويالحظ أن مسار االصالح يتم عبر أركان‬
‫القواعد الرئيسية التي تحكم وتنظم فلسفة النظام اإلداري للدولة القائم على نظام الالمركزية‪ ،‬كخيار أوحد‬
‫للعمل العمومي‪ 1.‬وبالتالي‪ ،‬فالبحث ينصب على رؤية تسييرية متعددة األبعاد ويمكن تصورها ضمن‬
‫سياقين بارزين لتتبع مدى نجاح االصالح الشامل والنعكاساته الميدانية‪ ،‬على أرض الواقع في الجماعات‬
‫المحلية؛ كمجال إقليمي مركب وبنية مؤسساتية متفاعلة في عالقاتها العمودية واألفقية‪ ،‬وهذان السياقان‬
‫هما‪:‬‬
‫‪ -1‬الوظائف الجديدة لالمركزية وعدم التركيز‪.‬‬
‫‪ -2‬صيغ تكييف النموذج المحلي القائم مع ثقافة الحكامة الجيدة أو الرشيدة‪.‬‬
‫هما وظيفتان مرنتان تسعيان للربط بين الالمركزية والتنمية في كل المجتمعات‪ .‬وقضايا تبنى‪،‬‬
‫وترسم طبقا للخصوصيات المحلية واالقليمية‪ .‬وذلك من منظور متوازن بين المصالح المركزية والمحلية‪.‬‬
‫أي البحث عن تعاون فعال بين السلطات المركزية والالمركزية‪ ،‬والسعي لمواجهة التحديات التي تعترض‬
‫الدول النامية‪ ،‬وبرز ذلك جليا في بعض الدول األسيوية‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬لقاء الحكومة –الوالة‪ :‬حكامة غير ممركزة من أجل جماعة‬
‫إقليمية حصينة ومبدعة ومبادرة‪ .‬المنظم يومي ‪21‬و‪ 29‬نوفمبر‪ 2011‬بالجزائر‪ :‬قصر االمم ‪-‬نادي الصنوبر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬ماجد صالح‪ ،‬الالمركزية والتنمية في الخبرة األسيوية‪ :‬قضايا نظرية وحاالت تطبيقية" في‪ :‬جابر عوض (محرر‬
‫مقاالت)‪ :‬الالمركزية والتنمية في الخبرة األسيوية‪( ،‬مصر‪ :‬مركز الدراسات األسيوية‪ ،)2011 ،‬ص ص‪.61-11.‬‬

‫‪279‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫تتميز أزمة النموذج الالمركزي بالسيمات التالية‪:1‬‬


‫‪ ‬استقاللية خيالية‪.‬‬
‫‪ ‬رقابة وصائية بيروقراطية‪ ،‬موضوعها مصادر ودون أثر حقيقي‪.‬‬
‫‪ ‬تسيير مشكوك في نتائجه‪ ،‬ومنتقد في عدم إشباعه لتطلعات المواطنين‪.‬‬
‫‪ ‬تمثيل شعبي هش في مصداقيته وشرعيته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬انحراف في التسيير المالي للموارد واألعباء‪.‬‬
‫إن التحوالت التي يشهدها دور الدولة‪ ،‬لم تعد تتحكم فيها الخلفية اإليديولوجية الشديدة بقدر ما‬
‫تنسجم مع مقتضيات اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬التي يحتاجها المجتمع في تأمين وجوده‪ ،‬وخدمته طبقا لمعايير‬
‫دولة القانون والمؤسسات‪ .‬والتي هي في األصل نتاج إرادة مجتمعية عامة ال مجال فيها لسطوة الزمر‬
‫والعصب‪ .‬والتي تبنى غالبا على حساب المصالح العليا لألمة والدولة والمجتمع معا‪ .‬وهي كما اشار لها‬
‫التقرير العام إلصالح هياكل الدولة ومهامها‪ ،‬كسبب أساسي في تدهور مصداقية الدولة وشرعيتها‪ ،‬وأزمة‬
‫االدارة المحلية أكبر دليل على ذلك‪.‬و عليه ينبغي تجاوز مثل هذه االختالالت من خالل ما يلي‪:2‬‬
‫‪ -1‬إعادة تركيز دور الدولة ومكوناتها االقليمية‪.‬‬
‫‪ -2‬توضيح المهام واالختصاصات والمسؤوليات المنوطة باإلدارة المركزية والمحلية‪.‬‬
‫‪ -3‬إزالة القيود التي تشكل ثقال على التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ -4‬مرافقة التغييرات المتوقعة على مستوى األقاليم لخلق ديناميكية اقليمية قائمة على التنمية‬
‫الداخلية‪.‬‬
‫‪ -5‬دعم المبادرات المحلية التي من المرجح أن تحرر االمكانيات التي تخفيها األقاليم‪.‬‬
‫‪ -6‬تعزيز القدرات التشاركية للجماعات االقليمية في مسار التنمية الوطنية‪.‬‬
‫‪ -7‬تحسين الحوكمة االقليمية المحلية وتخليصها من األعباء البيروقراطية من أجل فعالية أكثر‬
‫للخدمة العمومية‪.‬‬
‫بالتالي‪ ،‬التطرق إلى حكم األقاليم إنما يكون منطلق السياسة وغايتها في خالصة المسعى‪ ،‬على‬
‫أساس أن الجماعات المحلية تشكل المجال الحيوي لقياس أداء مركز النظام السياسي الذي يرسم خطط‬
‫االصالح وحل المشاكل العمومية‪ .‬ومن ثمة فإن الالمركزية يكيف مضمونها وتضبط إجراءات تطبيقها‬
‫طبقا للمقاصد الجديدة التي طورت المفهوم‪ ،‬وانتقاله من التحديد المركزي المعقد إلى النموذج "الديمقراطي"‬

‫‪1‬‬
‫‪- Republique Algerienne Démocratique et Popilaire : Présidence de la République : Comité‬‬
‫‪du la Reforme des missions et des structures de l’Etat : Rapport Général, op.cit, p186.‬‬
‫‪ -2‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ .‬لقاء الحكومة‪-‬الوالة‪ .‬تقرير ورشة‪ :‬الالمركزية الخيار األوحد للعمل‬
‫العمومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪280‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫المتعدد والمركب الذي أصبحت عليه قضية تسيير الشؤون العامة‪ .‬فلم تعد الدولة وامتداداتها النسقية‬
‫المقرر الوحيد‪ ،‬ال على الصعيد الوطني وال على الصعيد المحلي بل وليس حتى على الصعيد الدولي‪:‬‬
‫مبدأ الحكامة االقليمية يعني أن العمل االكثر فعالية ليس ذلك الذي يحدد بطريقة تسلطية ومركزية‪،‬‬
‫ولكن ذلك الذي يحدد عن قرب من الحقائق المحلية‪ .‬فاإلجراءات المشاركاتية تؤدي إلى تقريب المقررين‬
‫‪ ‬من االنشغاالت والمشاكل وتوقعات الناس الحقيقيين‪.1‬‬
‫المقاربة المحلية والشاملة في اعتماد الحكامة المحلية كجزء مؤسسي ونظمي‪ ،‬وحركي في التكفل‬
‫المشترك بمشاكل االقليم‪ ،‬التي تجاور حياة الجماعات المحلية‪ ،‬في مختلف مستوياتها‪ ،‬وال يمكن للحكامة‬
‫أن تتعدى وصفها الذي تستعمل فيه كمجردآلية في نطاق نظام عام‪ ،‬تحدده المجموعة الوطنية‪ ،‬وال يمكن‬
‫أن تتحول القيم التي تؤطرها إلى مصادر إلنشطار ثقافي أو جهوي أو إيديولوجي‪ .‬وانما نشاط التحول‬
‫ينبغي أن يركز على تفعيل عوامل القوة من منظور تكاملي إلحداث منافسة بين الجماعات المحلية في‬
‫تحقيق نجاعة إدارية تعم في مردوديتها كل الفئات المحلية‪ ..‬فالحكامة المحلية تسمح بتجديد التفكير حول‬
‫حكم االقاليم وأسلوب تسييرها وادارتها‪ .‬وتطرح مسألة استقاللية عملية التنمية المحلية وطبيعة أو مركز‬
‫‪2‬‬
‫الفاعلين المتنافسين لتوجيه التنمية‪.‬‬
‫خصوصية المفهوم الموصوف لعامة أوجه النشاط االنساني والمؤسساتي‪ ،‬يجب أن يتكيف مع البيئة‬
‫المحلية التي تمثلها الجماعات المحلية‪ ،‬نتيجة لمحدودية الموارد المتاحة لها‪ ،‬ومراعاة لنطاق موقعها في‬
‫احكام الدستور‪ .‬فالحكامة كما يرى البعض تغطي قضايا حكم األقاليم‪ ،‬كحقائق جغرافية وكمجتمعات‬
‫وكأنظمة للفاعلين‪ ،‬باعتبارها مواضيع مركزية في التحليل الجيوسياسي‪ ،‬وذلك العتبارين أساسيين‪:3‬‬
‫‪ -1‬المكانة المركزية التي يحتلها فيها االقليم‪.‬‬
‫‪ -2‬األهمية الموالة لصراعات السلطة بين الفاعلين‪.‬‬
‫تتزامن محاوالت ترسيم الحكامة المحلية او االقليمية كنموذج تسيير وتنظيم فعال مع تفاقم أزمة‬
‫الدولة وضعفها‪ ،‬ليس بغرض تبنيها كبديل لمشروع إصالحي متكامل ومنسجم مع مقتضيات تحول دور‬
‫الدولة وحراك المجتمع‪ ،‬وانما تتعلق باقتراح لتكييف ظرفي مع ضغوط المحيط وال سيما عندما تشتد‬
‫مظاهر التأزم‪ ،‬ويرتبك أداء المؤسسات بسبب انحسار‪ ،‬أو تراجع موارد إسناد القرار السياسي‪ ،‬حيث‬

‫‪1‬‬
‫‪- R. Pasquier, V.Simoulin, J.Weibein (sous.dir). La Gouvernance Territoriale :‬‬
‫‪Pratiques, Discours, et Théories. (Paris: LGDJ, Lextenso .2013), p 225.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bertrand Nathalie, Mouquay Patrick, « La Gouverrnance Locale : Un Retour à la‬‬
‫‪Proximité ». Revue Economie Rurale, n°280, (2004), p79.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe Subra, « Gouverner les Tensions : L’Approche Géopolitique ».in : Giuseppe‬‬
‫‪Bettouni (sous.dir.) : Gouverner les Territoires : Antagonisme et Partenariats entre‬‬
‫‪Acteurs publics. (Paris. 2011), p216.‬‬

‫‪281‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫يتمادى الخطاب السياسي في الترويج لإلصالح والتغيير الجذري‪ ،‬وهنا يمكن ان تتحدد نظرة المقررين عن‬
‫نموذج الحكامة المحلية و وظيفتها الحقيقية على المستوى المحلي وعالقتها مع السلطة المركزية‪ ،‬وال زالت‬
‫قضاياها لم تتجاوز االطار األكاديمي حيث تطرح وتناقش وتتخذ التوصيات وتنمق صياغاتها‪ ،‬وتختار‬
‫بعناية فائقة عباراتها‪ ،‬إال أنها قلما تجد مجالها للتطبيق‪ .1‬وذلك لسبب رئيسي مركب و معقد وهو عدم‬
‫‪ ‬توفر االرادة السياسية في الدفع بنطاق االصالح الى مداه‪ .‬وبالتالي‪ ،‬عدم استقامة مشروع الحكامة العامة‬
‫والرشيدة مع باقي القطاعات في الدولة‪ .‬أي ال يمكن تبني نموذج للحكامة المحلية في ظل وجود نظام‬
‫سياسي واداري هجين ال زال يتغذى من التسلط واألحادية والزبائنية ويعامل حراك المجتمع بأدوات األبوية‬
‫والمصادرة والترهيب‪ .‬ولذلك فمفهوم الحكامة المحلية يجمع بين المبادئ النظرية التي يقوم عليها‬
‫والممارسات التي تنجر عن ذلك؛ حيث تبني مصداقية و حركية المفهوم على ضوء تصورين أساسين‪: 2‬‬
‫‪ -1‬التصور القانوني أو النظمي‪ ،La Conception Normative‬هي الصيغة التي تبناها البنك‬
‫الدولي‪ ،‬بحيث يرى أن الحكامة هي الكيفية التي تمارس بها السلطة الشرعية في تفاعلها مع‬
‫مختلف مكونات المجتمع من أجل الصالح العام‪.‬‬
‫‪ -2‬التصور التحليلي‪ ،La conception Analytique:‬باإلضافة إلى قيامها على التصور القانوني‬
‫فإنها تقوم على تحديد لقراءة المالحظات المكونة عن البنية‪ ،‬وتسيير نظام سياسي و إداري معين‪.‬‬
‫الجل الحديث عن حكامة محلية وفق هذه المعايير ينبغي توفر ثالثة(‪ )03‬شروط متكاملة‪،‬‬
‫ومنسجمة مع ثقافة الحكامة الجيدة ‪ ،‬وهي كما يلي‪:3‬‬
‫‪ -1‬الوسط ‪ :L’Aréne‬نعني بها اإلطار الداخلي الذي تتحدد فيه السياسات وتتخذ فيه الق اررات إال‬
‫أن هذا التحديد ال يخضع لجزء كبير من الفاعلين‪.‬‬
‫‪ -2‬القوانين أو النظم‪ :Les Normes‬تغيير القوانين يحدد أيضا التغيرات في الحكامة سواء تعلقت‬
‫بالقوانين الداخلية لتسيير اإلدارات أو قوانين خاصة بقطاع ما‪.‬‬
‫‪ -3‬الفاعلون‪ :Les Acteurs‬يتكون هؤالء الفاعلون من ثالثة أصناف هم‪ :‬المواطنون والمنتخبون‬
‫والموظفون‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬أنظر بهذا الشان‪ :‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية‪ ،‬الملتقى الدولي حول تعزيز قدرات الحكامة‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬المركز الدولي للمؤتمرات‪ :‬عبد اللطيف رحال‪ ،‬يومي ‪ 5-4‬ديسمبر‪ ،2011‬في‪، www.interieur.gov.dz :‬‬
‫تاريخ‪2011-12-10 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Marcou Gerard, « Présentation : La Gouvernance : Innovation Conceptuelle ou Artifice‬‬
‫‪de Présentation »: Annuaire des Collectivités Locales, La Gouvernance Territoriale,‬‬
‫‪(Tome.26, 2006), p.8.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ibid. p.p. 14-17‬‬

‫‪282‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫إن السياق العام لإلصالح عن طريق الحكامة يتميز بأزمة دولة و مجتمع معا‪ ،‬تتعامل معه النخبة‬
‫القيادية المركزية بمعالجات قانونية وتنظيمية واجراءات إدارية‪ ،‬غير كافية ومتناقضة في احايين كثيرة‪.‬‬
‫وحتى وان كانت المداخل القانونية لإلصالح مهمة‪ ،‬إال أنها ال تطبق نتيجة الوسط الذي يفرزها‪ ،‬المتسم‬
‫بالزبائنية والفساد وضعف أخالق الدولة‪ .‬بعد أن ميعت العملية الديموقراطية التي يفترض فيها أن تمكن‬
‫‪ ‬المجتمع من إنتقاء نخب قيادية مسيرة تتوفر فيها الكفاءة واألخالق لخدمة الصالح العام‪ .‬فان االهتمام‬
‫العام يجب أن يركز على آليات نجاح الحكامة ودورها في مشروع االصالح الحقيقي‪ ،‬وال تتوقف عند‬
‫التحرير القانوني لعباراتها وفقط‪ .‬فالحكامة هي أسلوب أو الية لتسيير واسع لكم من المشاكل والصراعات‪،‬‬
‫يتدخل فيه الفاعلون بإنتظام في ق اررات تكاملية ومرضية واجبارية‪ ،‬يتفاوضون فيها بينهم ومتعاونين في‬
‫تطبيق هذه الق اررات‪ .‬وبالتالي فمحددات التعريف تقتضي الفهم الجيد للعناصر التالية‪:1‬‬
‫‪ -1‬الحكامة هي فعل وال ينظر لها قيمة جيدة أو سيئة‪.‬‬
‫المؤسساتية‬ ‫‪ -2‬بيئة إعداد السياسة تتضمن تفاعالت مجتمعية غير معلومة للدولة أو بالبيئة‬
‫الممركزة حول الحكومة في النظام السياسي‪.‬‬
‫‪ -3‬التفرقة التقليدية في النظرية السياسية‪ ،‬بين الدولة والمجتمع هي محل تساءل‪.‬‬
‫‪ -4‬المشاركة في نشاطات الحكومة‪ ،‬ليست انخراطا غير مباشر في الشؤون الحكومية (االنتخابات‪،‬‬
‫التمثيل‪...‬إلخ)‪ ،‬وانما هي أشكال موسعة لاللتزام في تشكيل السياسة‪.‬‬
‫أي محاولة لتقييم مجهود إصالح الالمركزية كإطار لتجريب اليات الحكامة المحلية في نطاقها‬
‫الوظيفي ‪ ،‬كتحويل للتسيير الجواري أكثر منها ككيان مؤسسي مستقل‪ ،‬في بلورة الحلول للمشاكل المحلية‬
‫لإلقليم‪ ،‬تقتضي إعادة البحث عن التفعيل اإليجابي‪ ،‬و االستعمال المنتج لموارد الجماعة المحلية‪ ،‬على‬
‫ضوء ما يتحدد عبر السياسة العامة المحلية التي يفترض فيها أن تبنى على استشارة الفاعلين الحقيقيين‬
‫والشرعيين‪ ،‬الذين يملكون شرعية الكفاءة والتمثيل في دراسة‪ ،‬وطرح حلول للمشاكل العمومية‪ ،‬بفعالية‬
‫وجدارة وأخالق الدولة واحترام المجتمع‪.‬‬
‫‪ -1-2‬تحديث ثقافة التسيير المحلي‪:‬‬
‫يتوجه التحليل باألساس ضمن هذا السياق إلى مردودية تأثير األفكار الجديدة في العمل العمومي‬
‫المحلي‪ ،‬الذي تأتي به النخب المسيرة للجماعات المحلية‪ ،‬لتشكل حصيلة مركبة ومتنوعة ومنسجمة مع‬
‫أهداف ومبادئ العمل الجواري وعصرنة تسيير الشؤون المحلية‪ .‬وبالتالي تطوير حركية نشاط مؤسساتية‬
‫قوامها االدارة بالنتائج كرؤية بعيدة المدى تتوج عملية الحكامة المحلية الحديثة ‪.‬النموذج الجديد للحكامة‬
‫العامة يشمل التسيير العمومي المتأثر بالتسيير العمومي الحديث ‪ New Public Managment‬وتصميم‬

‫‪1‬‬
‫‪- Heinelt Hubert, « Le Débat sur la Gouvernance Locale en Allmagne », In : Annuaire‬‬
‫‪des Collectivites‬‬ ‫‪Locales. La Gouvernance Territoriale; (Tome 26, 2006), p 139.‬‬

‫‪283‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫المنظمات اإلدارية (ظاهرة وكالة الخدمة)‪ ،‬وكذا عمل الحكومة في تقييم السياسات العامة واختيار‬
‫الوسائل‪ .1‬أي إدخال قيم الفعالية التسييرية انطالقا من روح المقاوالتية والتقليل من التكاليف‪ ،‬وخدمة‬
‫المصالح العامة للمجتمع المحلي‪.‬‬
‫هذه القيم تمثل محددات البنية المؤسساتية وهويتها التنظيمية ببعديها االداري والسياسي بحيث تشكل‬
‫‪ ‬مع مرور الزمن‪ ،‬ثقافة تنظيمية تتضمن جملة من المعاني وسلسلة من الخصائص والممارسات أو‬
‫السلوك‪ ،‬لتخلق فهما عاما بين أعضاء التنظيم من حيث السلوك وتوقعات نشاط التنظيم‪ 2.‬إدخال ثقافة‬
‫التسيير الحديث في إدارة الجماعات المحلية يمنح فعالية أكبر في إنجاز المهام وتحمل المسؤوليات‪ .‬وذلك‬
‫من خالل بناء بيروقراطيات على منوال النموذج المثالي لماكس فيبر بمكونات التسيير الحديث‪ ،‬الذي‬
‫طبق في الدول الغربية و اكتسب شرعية و تأثيرا‪ ،‬بناءا على نقد سلبيات االدارة البيروقراطية‪ .‬حيث‬
‫توظف أساليب جديدة في تصور التنظيم اإلداري على ضوء فعالياتها في النظريات االقتصادية‪.‬‬
‫كتوصيفات صادرة عن معارف التسيير‪ ،‬وتوضيح الممارسات المختبرة في اإلصالح خاصة في الدول‬
‫‪3‬‬
‫األنجلوساكسونية‪ ،‬واالستنظامات الناتجة عن المنظمات الدولية‪.‬‬
‫تقود تغيير قيم التفكير حتما إلى تغيير جوهري في مسار العمل العمومي‪ ،‬ونخب الجماعات‬
‫المحلية التي تتحول من مجرد مسؤولية روتينية تحت الوصاية‪ ،‬إلى العمل المبادر والمنتج والمشترك مع‬
‫منظومة الشركاء والفاعلين الحقيقيين والمستفيدين من المنافع و الخدمات‪ .‬فالقرار المحلي يصنع محليا‬
‫على ضوء المطالب المعبر عنها‪ .‬أي رفع قيود الوصاية عن القرار لصالح المجتمع المحلي لالقتصاد في‬
‫الوقت والجهد والخدمة وانتاجية التسيير‪.‬‬
‫ثقافة التسيير الحديث باعتبارها محاوالت تحليل وشرح آلليات واستقاللية الجماعات المحلية عبر‬
‫السياسات التي تكونها‪ ،‬وارتباطها بعالقات مع بيئتها‪ ،‬تقتضي من أصحاب القرار المحليين‪ ،‬إجابات‬
‫واجراءات متكيفة‪.‬أي اللجوء المنظم إلى الشراكة‪ ،‬واعادة تنظيم اتخاذ الق ارر‪ ،‬وتوزيع األدوار بين المنتخبين‬
‫والموظفين‪ .‬تبدو وكأنها تؤسس لظهور تسيير عمومي محلي‪ .‬بمعنى البحث عن المنتخب المسير‬
‫بمواصفات رؤساء المؤسسات‪ .‬فمقابل الشرعية التنظيمية المعلنة من قبل أعوان الدولة‪ ،‬أراد المنتخبون‬

‫‪1‬‬
‫‪- Daniel Mockle, « La Gouvernance Publique et le droit », Revue Les Cahiers de droit,‬‬
‫‪Vol. 47, n°1, (2006), p.89.‬‬
‫‪ -2‬محمد قاسم القريوتي‪ ،‬نظرية المنظمة والتنظيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.373‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe Bezes, « Construire des Bureaucraties Weberiennes à L’ere de New Public‬‬
‫‪Management ? », Revue Critique Internationale; 4n°35, (2007/2), p.19.‬‬

‫‪284‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪1‬‬
‫لعل أبرز دواعي االهتمام بثقافة‬ ‫امتالك شرعيتهم من الوسائل المستعملة في إدارة جماعاتهم المحلية‪.‬‬
‫التسيير العمومي الحديث على المستوى المحلي‪ ،‬يمكن تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬التكيف المؤسسي لنظام الدولة اإلداري مع متطلبات الحكامة العمومية الرشيدة‪.‬‬
‫‪ .2‬تصاعد المطالب المجتمعية للخدمات من حيث االختيار والنوعية‪.‬‬
‫‪ .3‬تعدد مراكز الفاعلين والشركاء من حيث الكفاءة والرقابة على العمل العمومي المحلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .4‬االعتماد على القدرات الذاتية للجماعة وتطوير اليات التكامل اإلقليمي في النشاط‬
‫االقتصادي فيما بين الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ .5‬إدخال روح المقاوالتية في إدارة النشاط المحلي (اإلدارة باألهداف والنتائج)‪.‬‬
‫‪ .6‬الخلفية اإلبداعية للحكامة "اإلصالحية" تؤدي تدريجيا إلى التغيير االسترتيجي في تنظيم‬
‫الجماعات المحلية وتسييرها‪.‬‬
‫مهما كانت ثقافة "المناجمنت" المطبقة في قطاع المؤسسات االقتصادية فإنها ال يمكن أن تقوم مقام‬
‫النموذج اإلداري أو تلغيه من االستمرار‪ ،‬وانما بإستطاعتها تحريره من قيود المنطق البيروقراطي إلى‬
‫نمذجة سلوكية مبدعة‪ ،‬في معالجة الشأن المحلي طبقا لقواعد النجاعة والفعالية المعهودة‪ ،‬في بيئة‬
‫النموذج المؤسساتي اإلقتصادي‪ .‬بمعنى بناء القرار اإلداري المحلي على معطيات ومؤشرات حقيقية‬
‫وجماعية تخدم المصلحة العامة كما تحددها قواعد دولة القانون وارادة الجماعة‪ .‬لتتمحور الرهانات‬
‫‪2‬‬
‫التنموية حول اهداف تتطابق وتطلعات المواطنين وامالهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- David Huron, Jean Pierre Bréchét, Pierre Mévellec, Le Management Public Local au‬‬
‫‪regard de la Spécificité francaise ,14ém. Journees nationales des IEP, Apr.1998, Nantes:‬‬
‫‪France:‬‬ ‫‪Presses‬‬ ‫‪Académiques‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪l’Ouest.‬‬ ‫‪Tome‬‬ ‫‪4,‬‬ ‫‪P543-558.1998,‬‬ ‫‪sur:‬‬
‫‪https://hal.archives-ouvertes.fr. consulté le :17/01/2017.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Republique Algerienne Democratique et Populaire, le Conseil National Economique et‬‬
‫‪Social, Concertation Nationale autour de la définition des objectifs d’un meilleur‬‬
‫‪developpement local : 50 recommandations pour soutenir une nouvelle dynamique‬‬
‫‪dédie aux attentes et ambitions citoyennes. Palais des nations, le‬‬
‫‪29/30Décembre2011.(85p.).‬‬

‫‪285‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -2-2‬البلدية اإللكترونية‪:‬‬
‫لقد أصبحت اإلدارة اإللكترونية أداة فعالة في توسيع حقل اإلدارة العامة في الدول والمجتمعات‬
‫المعاصرة؛ تختصر الجهد والوقت في إنجاز أغراضها ‪ ،‬وتطوي اإلجراءات التقليدية المعروفة في تعامل‬
‫اإلدارات مع روادها‪ ،‬حيث تخلصت النظرة المعاصرة لالدارة من هواجس الضبط المفرط ‪ ،‬بحجة حماية‬
‫‪ ‬السر المهني‪ ،‬وذلك نتيجة توفر شروط موضوعية في بيئة المجتمع والدولة على حد سواء؛ كحرية التعبير‬
‫وأساليب المشاركة السياسية وفعالية مؤسسات التمثيل االجتماعي والسياسي في إدارة الشأن العام‪ ،‬وتداخل‬
‫حركيات االتصال واالعالم االجتماعي بين مكونات المجتمع الدولي‪ .‬وأصبح مظهر سلوك المجتمع يتحدد‬
‫على ضوء التدفق الكثيف والدائم للمعلومات من مختلف المصادر‪ ،‬ونال بامتياز وصف مجتمع‬
‫المعلومات‪ .‬طالما انه يستعمل ثمار المعرفة والعلم وتكنولوجيات االتصال في تلبية حاجاته‪ ،‬في عالقات‬
‫تبادل مستمرة للقيم واالفكار واالخبار من دون حدود او قيود‪.‬‬
‫تعمل اإلدارة اإللكترونية على تقديم الخدمات للمواطنين بطريقة إلكترونية‪ ،‬تسهم بفاعلية في حل‬
‫العديد من المشاكل‪ ،‬وتفادي الروتين أو الوساطات‪ ،‬بسرعة وتدفق هائل في إنجاز األعمال واالقتصاد في‬
‫التكلفة بكل عناصرها‪ 1.‬بذلك تحقق عملية تبني اإلدارة اإللكترونية ثالثة(‪ )03‬أبعاد أساسية‪:2‬‬
‫‪ .1‬زيادة كفاءة الوحدات المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬تحسين االتصاالت الداخلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تحسين مستوى تقديم الخدمات‪.‬‬
‫س ـ ـعت الجزائر إلى ولوج عصر اإلدارة اإللكترونية ضمن ما عرف بمشروع الحكومة اإللكتروني ـ ـ ـة‬
‫‪3‬‬
‫‪ e-gouvernement‬و ذلك من أجل تحقيق هدفين رئيسيين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬عصرنة اإلدارة بإستعمال تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪.‬‬
‫‪ .2‬تقريب االدارة من المواطن من خالل تطوير الخدمات على الخط‪.‬‬
‫هي تقريبا نفس االنشغاالت التي شغلت أصحاب القرار الرسميين عند إثارة قضايا االصالح‬
‫والتغيير في مؤسسات الدولة‪ .‬ولم تجد حال لها حسب المعايير المعتمدة في التجارب الناجحة دوليا‪ .‬لذلك‬
‫فإن الرهان الجديد الذي جاءت به ثورة االتصاالت والمعلوماتية يمكن أن يتجاوز العجز التقليدي في‬
‫مجاالت التنظيم والتسيير االداريين‪ ،‬إذا ما تبنى استراتيجية فعالة تركز على إدارة التغيير والتحوالت التي‬
‫سيما الموارد البشرية المؤهلة‪ ،‬والثقافة السائدة في أنظمة التسيير‪،‬‬ ‫تفرزها الحكومة االلكترونية؛ وال‬

‫‪ -1‬محمد محمود المكاوي‪ ،‬االدارة االلكترونية‪( ،‬مصر‪ :‬دار الفكر والقانون‪ ،)2011 ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬محمد محمود الطعامنة‪ ،‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬الحكم المحلي في الوطن العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Republique Algerienne Démocratique et Populaire, é-Commission, « é-Algerie 2013 :‬‬
‫‪Synthése », Décembre 2008, P13. Sur: www.premier-ministre.gouv.dz, consulté le :‬‬
‫‪17/01/2015.‬‬

‫‪286‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫والقيادات االدارية ‪.‬من دون إهمال عوامل البيئة التي تطبق فيها مثل هذه المشاريع‪ .1‬وتبين التجارب‬
‫الدولية ان تطوير االدارة االلكترونية يشترط ما يلي‪:2‬‬
‫‪ .1‬مشاركة كل الهيئات العمومية في مشروع الحكومة االلكترونية‪.‬‬
‫‪ .2‬وجود نظام للمعلوماتية ذي كفاءة في هذه الهيئات‪.‬‬
‫‪ .3‬تشبيك هذه األنظمة المعلوماتية من اجل تقديم خدمات إلكترونية حسب القواعد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تتعلق المحددات الشرطية كقاعدة اولية لبناء نموذج إداري إلكتروني‪ ،‬بمدى قابلية كل القطاعات‬
‫الحكومية لإلنخراط في ثقافة المعلوماتية‪ .‬وتوفير ما يلزم من إمكانات النجاح للمشروع في كليته وليس في‬
‫جزئيته‪ .‬ألن النجاح الجزئي ال يؤشر عن إيجابية المسعى‪ ،‬بقدر ما يعكس قلة االنسجام وضعف التنسيق‬
‫بين أنساق النظام السياسي ونواته االدارية‪ .‬لذلك يجب البحث عن أفضل السياسات االدارية في عصر‬
‫المعلوماتية‪ .‬وتحت وقع األحداث والضغط الهائل لقوى السوق والمنافسة والحركية الدائبة‪ ،‬والتطورات‬
‫والمبتكرات غير المسبوقة للتكنولوجيا‪ ،‬في جميع المجاالت فرضت على االدارة العامة‪ ،‬ضرورة أن تعيد‬
‫صياغة سياساتها‪ ،‬وأن تزرع عناصر المرونة والحركية في قلب تلك السياسات‪ ،‬لتصبح إدارة استرتيجية‬
‫بامتياز‪.3‬‬
‫يقتضي مشروع االدارة االلكترونية تفاعال واسعا لمجتمع المعلومات‪ 4،‬كمحرك وظيفي لمشروع‬
‫الجمهورية المرقمنة‪ ،‬مما يمكن من بلورة ثقافة إدارية ذات بعد معرفي وعلمي‪ .‬تتكيف بسالسة ومرونة مع‬
‫اإلرث اإلداري الناتج عن التاريخ السياسي واإلداري للدولة‪ .‬ويمنح المجتمع فرصا لولوج عالم التقنية‬
‫والمعلوماتية من بابها الواسع‪ .‬المجتمع يترقمن باستمرار‪ ،‬وبعض التقنيات تسوق وتسجل مراحل مصيرية‬
‫في هذه العملية والثورة الرقمية أفرزت نظرة جديدة للعالم‪ ،‬حيث المعلومة وحركتها تحتل مكانة هائلة على‬
‫حساب المادة‪ ،‬حيث غيرت كليا عالقتنا مع الوقت ومع الفضاء‪ ،‬ومع األخرين ‪ ،‬ومع أنفسنا كذلك‬
‫فالتكنولوجيا تحدد شروط وجودنا بشكل متسارع‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Sid Ahmed Benrouane, « é-Algerie 2013: Réfléxion sur la stratégie de la conduitede‬‬
‫‪changement », Revue IDARA ; vol.20, n°2, n°40, (2010), p.10.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Mohamed Cherif Belmihoub, « Rapport sur les Innovations dans l’Administration et‬‬
‫‪la Gouvernance dans les Pays Médeterranéens : Cas de L’ALGERIE », op.cit, p19.‬‬
‫‪-3‬علي السلمي‪ ،‬السياسات االدارية في عصر المعلومات‪( ،‬مصر‪ :‬دار غريب للطباعة والنشروالتوزيع‪ ،‬د‪.‬س‪.‬ن)‪ ،‬ص‬
‫‪.10‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Hakim Meliani, « La Société Informationnelle : Un Atout pour le developpement local :‬‬
‫‪L’Expérience de quelque Pays Arabes », Revue IDARA, vol.19, n°2, n°38, (2009), p-p.5-‬‬
‫‪26.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Cedric Biagini, L’Emprise Numérique, (France : Edition L’Echappé, 1.éd.2012).pp.11-‬‬
‫‪34.‬‬

‫‪287‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫لقد كان لتشكيل مجتمع المعلومات كأبرز مظهر لمحاولة تبني اإلدارة االلكترونية‪ ،‬إزدياد حجم‬
‫االستخدام للوسائط االلكترونية واتساع نطاق ومجاالت تأثير وتفاعالت الشبكات العنكبوتية‪ .‬لتتوج في‬
‫األخير بظاهرة االعالم االجتماعي ‪ ،‬حيث يتم تداول قضايا الشأن العام ومناقشتها والتأثير في صناعة‬
‫الرأي العام‪ .‬لقد وضعت هذه الوظائف شبكة األنترنت في بؤرة االهتمامات االجتماعية كمحرك لدور الفرد‬
‫‪ ‬في بناء واقعه المعيش واعادة هيكلته‪.1‬‬
‫ضمن هذا السياق العام الداخلي والدولي الذي ظهرت فيه إرهاصات االدارة االلكترونية‪ ،‬والتي تبدو‬
‫فيه ثقافة الرقمنة التكنولوجية قد أحكمت قبضتها على ميادين االتصال االجتماعي والسياسي واالداري‪،‬‬
‫تحاول الجزائر توظيف مثل هذه األساليب‪ ،‬الحديثة في تقديم الخدمات العامة للمواطنين ومقاربتها مع‬
‫مبادئ خدمات المرفق العام‪ ،‬ال سيما في بعدها اإلداري على مستوى الجماعة المحلية‪ ،‬األكثر قربا من‬
‫المجتمع ؛ أال وهي البلدية‪ .‬إذ أصبح مشروع "البلدية االلكترونية" اداة فعالة في السعي للقضاء على‬
‫مظاهر البيروقراطية والروتين االداري‪ ،‬وطي المسافات واختصار الوقت والسعي إلضفاء معايير الجودة‬
‫والنوعية في مثل هذه الخدمات‪.‬‬
‫من بين اهم األهداف التي ترمي إليها البلدية االلكترونية كنموذج قاعدي للحكومة االلكترونية‪ ،‬بل‬
‫هي مشروع اولي لبلوغ البلدية الذكية‪ ،‬ما يلي‪:2‬‬
‫‪ ‬تحسين حياة المواطن‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين نوعية ومردودية الخدمات البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين عالقة المواطن مع البلدية‪.‬‬
‫‪ ‬تأهيل البلدية لجعلها محرك اساسي للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬تثمين تسير الموارد البشرية‪.‬‬
‫ان أبرز هدف أو تحسين‪ ،‬يلفت انتباه الباحث هو عملية إصدار نسخ وثائق الحالة المدنية‪ ،‬بطريقة‬
‫إلكترونية من دون عناء التنقل إلى مقر بلدية الميالد‪ 3،‬وذلك عبر إحداث الشباك االلكتروني للوثائق‬
‫البيومترية‪ ،‬كحل تقني يعمل على استقبال طلبات مختلف الوثائق البيومترية على مستوى البلديات‪،‬‬
‫وتسجيلها بصفة انية في قاعدة معطيات مركزية‪ ،‬وهذا بإستغالل الربط المباشر مع قواعد معطيات مركزية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل الزين الحيدري‪" ،‬الميديا االجتماعية‪ :‬المصانع الجديدة للرأي العام"‪ ،‬قطر‪ :‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،‬في‪:‬‬
‫‪ www.studies.aljazeera.net‬تاريخ‪.2011/01/10 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ministere de l’interieur, des Collectivites Locales et de L’Aménagement du Territoire.‬‬
‫‪DirectionGénerale de la Modernisation, de la Documentation‬‬ ‫‪et des Archives : Projet‬‬
‫‪Commune Electronique, sur: www.interieur.gov.dz .consulté le : 10/01/2018.‬‬
‫‪-3‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 315-15‬المؤرخ في‪ 2015/12/10‬المتعلق باصدار نسخ وثائق الحالة المدنية بطريقة‬
‫الكترونية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ 61‬الصادرة بتاريخ ‪.2015/12/27‬‬

‫‪288‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫مثل قاعدة معطيات الوثائق البيومترية و السجل الوطني اآللي للحالة المدنية وقاعدة المعطيات لرخص‬
‫السياقة‪...1‬الخ‪ .‬كما تضمن مشروع البلدية االلكترونية اثنتا عشر(‪ )12‬نظاما‪ ،‬اتسيير مختلف مصالح‬
‫ومرافق البلدية‪ .‬ولم يغفل برمجة ادراج آليات تقنية لتجسيد الديمقراطية المشاركاتية‪ ،‬والسماح لمواطني‬
‫البلدية باالستعالم وتقديم ارائهم واقتراحاتهم حول الشؤون العامة المحلية اال انه فضاء لم يتم تفعيله الى‬
‫‪ ‬غاية االن‪.‬‬
‫رغم القفزات النوعية التي عرفتها الخدمة العمومية المحلية‪ ،‬حيث أصبحت تكنولوجيات االعالم مصدر‬
‫تحديث للخدمات العمومية المحلية من حيث التنظيم واالداء‪ .‬ومن حيث عالقتها مع المستعملين وكسب‬
‫ثقتهم كشرط ضروري لنجاحها‪ 2.‬وبذلك تصبح االدارة االلكترونية المحلية‪ ،‬مرفقا عموميا محليا متطو ار في‬
‫نطاق المهام التقليدية للخدمة العمومية‪ ،3‬لكن بسرعة أفضل ونوعية أجود‪ ،‬تختصر الجهد والوقت معا‪ ،‬بل‬
‫واألكثر من ذلك التقليل من القلق والشكوك حول ظروف الخدمة من حيث األداء والمعاملة والكفاءة‪ .‬كما‬
‫‪4‬‬
‫جاء في تقرير الورشة الرابعة (‪ :)04‬من أجل بيئة إقليمية رقمية عصرية وميسرة‪.‬‬
‫كل هذه االنجازات كانت في أصل البيئة االقليمية الرقمية إلدارة مستقبلية تسمح للمواطن من اإلستفادة من‬
‫خدمة عمومية‪ ،‬ذات جودة‪ ،‬وشفافية وذات مصداقية‪ ،‬إنها حكامة إلكترونية متحررة من القيود‬
‫البيروقراطية‪.‬‬
‫تبقى الذهنيات والسلوكيات‪ ،‬هي التي يتحدد على ضوءها عمل ونشاط االدارة اإللكترونية‪ ،‬والتي‬
‫ال يمكن لها ان تحقق أهدافها إذا لم تكن في مأمن عن تلك الذهنيات‪ ،‬التي اعتادت على عرقلة الجهود‬
‫المبادرة التي تسعى دوما إلى التخلص من رواسب الفكر األحادي‪ ،‬والعصبوي المبني على النزعة‬
‫االحتكارية والمحسوبية‪ .‬او الصراع على النفوذ ومراكز السلطة في السلمية اإلدارية‪ .‬خاصة في ظل تبوء‬
‫مناصب المسؤولية و القرار اناس ال كفاءة مهنية لهم ‪ ،‬وال قيم أخالقية تحترم ثقافة الدولة وتخدم قضايا‬
‫المجتمع ‪ .‬فأي إختالل أو ضعف في أداء اإلدارة اإللكترونية إنما يقف وراءه العامل البشري مهما كانت‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة االقليم‪ ،‬الشباك االلكتروني للوثائق البيومترية‪ ،‬وأيضا‪ :‬السياسة الحكومية‬
‫في مجال الجماعات المحلية‪ ،‬في‪ ،www.interieur.gov.dz. :‬تاريخ‪.2011/01/10:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cantéro Anne, « Les Services Publics Locaux face aux Nouvelles Technologies » , In :‬‬
‫‪Annuaire des Collectivites Locales, Les Services Publics Locaux, (Tome.23,‬‬
‫‪2003).pp.11-20.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Guillou Yves – Réne, « Les Télécommunications et L’internet : Un Nouveau Service‬‬
‫‪Public local?», In: Annuaire des Collectivites Locales. Les Services Publics Locaux‬‬
‫‪(Tome23 ,2003). pp.143-157.‬‬
‫‪ -4‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة االقليم‪ ،‬لقاء الحكومة‪ -‬الوالة‪ :‬حكامة غير ممركزة من اجل جماعة اقليمية‬
‫حصينة ومبدعة ومبادرة‪ .‬المنظم يومي‪21 :‬و‪ .2011/11/29‬الجزائر‪ :‬قصر االمم‪ :‬تقرير الورشة (‪ :)4‬من اجل بيئة‬
‫رقمية وعصرية وميسرة‪ ،‬في ‪ ،www.interieur.gov.dz :‬تاريخ‪.2011/11/30 :‬‬

‫‪289‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫وظيفته أو مكانته‪ ،‬ونتيجة لذلك يجب تعميم النموذج على امتداد انساق الحكامة العمومية بشرط توفر‬
‫إرادة سياسية حقيقية وعقالنية في التنظيم و التسيير ضمن قواعد دولة الحق والقانون‪.‬‬
‫‪ -3-2‬التعاون الالمركزي‪:‬‬
‫ال تكتمل عملية إصالح النموذج الالمركزي‪ ،‬وتغيير اليات بنائه من دون مقاربته ومقارنته بالنماذج‬
‫‪ ‬العالمية الناجحة‪ ،‬بغرض قياس أدائه واالستفادة من الكم المعتبر من التجارب المتراكمة في مختلف‬
‫الدول‪ .‬ورغم اختالف الرؤى حول مفهوم ونطاق التعاون الالمركزي وأهدافه‪ ،‬فإن كل دولة تحاول وضع‬
‫محددات وشروط معينة لمباشرة مثل هذه األنشطة‪ ،‬وذلك حسب المصلحة العامة‪ ،‬وطبيعة النظام السياسي‬
‫القائم‪ .‬وهنا تبرز قوة شرعية التمثيل السياسي وقدرات وكفاءة المورد البشري المشرف على تنظيم وتسيير‬
‫الدولة‪.‬‬
‫يعتبر التعاون الالمركزي ظاهرة جديدة واعت ارف جيد بتطور العالقات الدولية‪ ،‬ويشارك في منطق‬
‫السياسات العامة المحلية‪ 1،‬ومثل النضال إلوالئك الراغبين في تحسين العالم واالنفتاح حوله‪ .2‬كما يمكن‬
‫نظيرتها األجنبية‬
‫ا‬ ‫تعريف التعاون الالمركزي على انه كل عمل خارجي تقوم به الجماعات المحلية مع‬
‫بهدف المنفعة المشتركة‪ 3.‬رغم أن التعاون الالمركزي لم يشير إليه قانونا البلدية والوالية بكفاية وتفصيل‬
‫إال عرضا في المادتين ‪ 57‬و‪ 106‬من قانون البلدية ‪ 10-11‬والمادتين ‪ 01‬و‪ 55‬من قانون الوالية‪- 12‬‬
‫‪ ، 07‬فإنه تم إصدار نص تنظيمي يحدد بوضوح مفهوم التعاون الالمركزي طبقا لقواعد النظام السياسي‬
‫الجزائري‪ ،‬حيث اعتبر النص التعاون الالمركزي هو كل عالقة شراكة قائمة بموجب إتفاقية بين جماعة‬
‫إقليمية جزائرية أو أكثر و جماعة إقليمية أجنبية أو أكثر‪ ،‬بهدف تحقيق مصلحة متبادلة في إطار‬
‫صالحياتهما المشتركة ‪ .4‬ويالحظ في التعاون الالمركزي الذي تضمنه التعريف الرسمي‪ ،‬منح أسبقية‬
‫مركزية للوالية في إبرام اتفاقات التعاون مع الجماعات المحلية األجنبية‪ ،‬وذلك لكونها مركز السلطات‬
‫المحلية‪ ،‬يهيمن على إدارتها السياسية واإلدارية الوالي‪ .‬احدثت مسارات تحوالت الدولة داخليا وتغير‬
‫مصالح الدول في العالقات الدولية خارجيا؛ حركية متقاطعة لكل المتغيرات الرئيسية‪ .‬افرزت مبررات‬

‫‪1‬‬
‫‪- Dris Cherif, « La Cooperation Décentralisée Comme‬‬ ‫‪Politique Publique Locale à‬‬
‫‪demension internationale : Un Exercice de jeux d’Acteurs Complexe », Revue Algerienne‬‬
‫‪des politiques publiques, n°5, (Octobre2014), pp. 8-25.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Bertrand‬‬ ‫‪Gallet, « Les Enjeux‬‬ ‫‪de la Cooperation‬‬ ‫‪Décentralisée », Revue‬‬
‫‪Internationale et Stratégique, n°57, (2005/1), P61.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Essaid Taib, « La Cooperation Décentralisée des Collectivites Territoriales Algeriennes »,‬‬
‫‪RevueAlgerienne des Politiques Publiques, n°5, (Octobre2014), P.13.‬‬
‫‪ -4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 329-17‬مؤرخ في ‪ 2017/11/15‬يحدد كيفيات اقامة عالقات التعاون الالمركزي بين الجماعات‬
‫االقليميةالجزائرية واالجنبية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،61‬صادرة بتاريخ ‪.2017/11/21‬‬

‫‪290‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫موضوعية إلنتهاج سبيل التعاون الالمركزي بين الجماعات المحلية‪ .‬لخصها أبرز الباحثين ضمن‪:‬‬
‫إتجاهين وفق مبررات متكاملة تجمع بين األسباب الداخلية والخارجية‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫اإلتجاه األول يحدد عاملين رئيسيين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬القضاء على البيروقراطية المركزية‪،‬‬
‫‪ .2‬فتح أفاق جديدة في العالقات الدولية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪2‬‬
‫أما اإلتجاه الثاني فيحدد األسباب التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬تراجع الدور المهيمن لدور الدولة خارجيا‪.‬‬
‫‪ .2‬تصاعد دور الفواعل التحت وطنية‪.‬‬
‫‪ .3‬أزمة المركزية اإلدارية‪.‬‬
‫يرسم اإلطار القانوني الجزائري على غرار باقي دول العالم ؛ قواعدا وشروطا للسماح للجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬إبرام إتفاقيات مع الجماعات المحلية االجنبية مهما كان شكلها‪ .‬تأسيس عالقات صداقة أو توأمة‬
‫أو شراكة او مشاريع تنموية لمختلف القطاعات أو الميادين التي تشمل مجال الصالحيات القانونية‬
‫المكفولة للجماعة المحلية‪ .‬تتدخل وزارتا الداخلية والخارجية في مراقبة وتأطير مشروع مبادرة من هذا‬
‫القبيل‪ ،‬عبر القنوات الدبلوماسية خارجيا‪ ،‬وبإشراك السلطات المحلية الداخلية كطرف محلي ممثال في‬
‫رؤساء البلديات أو الوالة‪ .‬حسب تدرج مبدأ السلطة الرئاسية في إتخاذ القرار وتنفيذه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تستهدف عملية التعاون الالمركزي القضايا والمجاالت التالية‪:‬‬
‫‪ ‬دفع و دعم حركة التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسين اإلطار المعيشي للمواطنين‪.‬‬
‫‪ ‬ترقية تبادل الخبرات والمهارات‪.‬‬
‫‪ ‬المساهمة في تلبية حاجيات الساكنة ومطالبها ذات األولوية‪.‬‬
‫‪ ‬تمتين الصداقة بين الشعوب وتعزيز الديموقراطية التساهمية والالمركزية والحكامة المحلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Essaid Taib, « La Cooperation Décentralisée des Collectivites Territoriales Algeriennes »,‬‬
‫‪op.cit. p.9.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Dris Cherif, La Cooperation Décentralisée Euro-Médeterraneenne: Le cas de la‬‬
‫‪coopertion de la Région Paca (France) avec la wilaya d’Alger. Thése pour l’obtention‬‬
‫‪du doctorat en sciences politiques : Option; Relations internationales (universite d’Alger3-‬‬
‫‪Dely Brahim- Alger : Faculté des sciences politiques et de l’information-2010). p.55.‬‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 329-17‬يحدد كيفيات اقامة عالقات التعاون الالمركزي بين الجماعات االقليمية الجزائرية‬
‫واالجنبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬المادة ‪11‬‬

‫‪291‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫هذه االهداف مقيدة ومشروطة بمراعاة ما يلي‪:1‬‬


‫‪ ‬احترام قيم الهوية الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬مصالح و إلتزامات الدولة الجزائرية‪.‬‬
‫‪ ‬وجود منفعة عمومية وطنية محلية‪.‬‬
‫‪ ‬ال تبرم إتفاقيات تتجاوز صالحيات الجماعة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬الموافقة القبلية للوزير االول‪.‬‬
‫‪ ‬إبداء الرأي عبر القناة الدبلوماسية بالنسبة للمبادرات األجنبية‪.‬‬
‫يحيل نموذج التعاون الالمركزي الذي صاغته النظرة السياسية للدولة؛ إلى محاولة فهم وتوضيح‬
‫الحالة التي يتوقف عليها مشروع التعاون الالمركزي الدولي‪ .‬بالنسبة للطرف الجزائري المحلي ومدى قدرته‬
‫على التجاوب اإليجابي و حماية مصالحه أمام األطراف المحلية األجنبية‪ .‬وذلك بسبب عدم التكافؤ في‬
‫الموارد وال سيما القدرة على التأثير في الق اررات المشتركة‪ .‬وتحويلها لفائدة الجماعة المحلية الوطنية‪ ،‬أي‬
‫البحث عن اليات تفاوضية لسد العجز المالحظ في البنية المؤسساتية التي عليها الجماعة المحلية؛‬
‫كمحدودية البعد االستشرافي و استقاللية قرارها المحلي في نطاق اإلطار القانوني الساري‪ ،‬الذي يكفل لها‬
‫ذلك‪ .‬بمعنى اخر أن مثل هذه القيود التي هي في األصل نابعة عن امتداد وهيمنة القرار المركزي في‬
‫توجيه وادارة انساق المحيط‪ ،‬تسمح لنا بكشف خلفياتها ضمن العوامل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬التبرير المبالغ فيه كثي ار في النظر إلى السيادة الوطنية بخلفية إيديولوجية أحادية تعكس إلى حد‬
‫كبير مستوى معين من سلوك النخبة المهيمنة في االنفتاح على العالم‪ ،‬وهي مقاربة يطبعها الشك‬
‫والقصور في معالجة تأثيرات الفواعل الجديدة في العالقات بين الدول‪.‬‬
‫‪ .2‬تبين القيود السلطوية خاصيتين من الضعف البنيوي والوظيفي في العملية‪:‬‬
‫تعاظم المركزية السياسية واإلدارية للدولة في مقابل الحديث عن الحكامة المحلية حتى‬ ‫‪‬‬
‫في أبسط صورها‪ ،‬كال مركزية موسعة وأكثر ديموقراطية محليا‪.‬‬
‫ضعف النموذج المؤسسي المحلي القائم على شرعية إنتخابية غير طبيعية‪ ،‬وتمثيل‬ ‫‪‬‬
‫سياسي غير كفء ال يتوفر في أغلبه على معايير ثقافة الدولة المطلوبة في التنظيم‬
‫والتسيير للدخول في نشاط تعاوني ال مركزي دولي‪ ،‬يخدم المصالح العليا للدولة بما في‬
‫ذلك المصالح العامة المحلية‪.‬‬
‫‪ .3‬تفضيل أولوية "تعاون" للطرف الفرنسي‪ ،‬حتى و إن كانت الدوافع مبررة فإنها تعبرعن توجه سياسي‬
‫وثقافي يفسر إلى حد كبير أبعاد التبعية الخفية المكرسة في العالقات بين الجماعات المحلية‬
‫نظيرتها الفرنسية‪.‬‬
‫ا‬ ‫الجزائرية و‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المسوم التنفيذي رقم ‪ ،329-17‬مرجع سابق‪ ،‬المواد ‪10-3‬‬

‫‪292‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫حيث من مجموع ‪ 16‬إتفاقية المبرمة مع ‪ 21‬دولة (جماعاتها المحلية) تستحوذ فرنسا على‬
‫‪ 50‬إتفاقية منها‪.1‬‬
‫رغم البعد اإلنساني الذي يعتبر الدافع األساسي في تأسيس فلسفة التعاون الالمركزي‪ .‬إال أنه‬
‫يوظف من قبل الدول في أهداف سياساتها الخارجية‪ ،‬ويشكل رافدا مهما في التسويق لتعريف فائض قيمها‬
‫‪ ‬وتنميط نماذجها الفكرية لإلستقطاب الثقافي واالقتصادي‪ ،‬وفرض مثلها طالما تشكل قوة منسجمة في‬
‫حركتها‪ ،‬وال تعاني انفصاال في بنائها المؤسساتي‪ ،‬أو تذبذبا بين عمل المركز وعمل المحيط‪ .‬ولذلك على‬
‫الجزائر أن تتخلص من وضعية الطرف المتلقي إلى الفاعل المبادر من أجل االستفادة من الخبرات‬
‫العالمية‪ ،‬وتقديم نموذجها المحلي من حيث مزاياه ودوره وطنيا وتنافسيته خارجيا‪ ،‬كمشروع متكامل؛ من‬
‫حيث الطرح والمعالجة للظواهر التي أصبحت تعترض فرص التنمية المحلية‪ .‬وتفعيل األنظمة المحلية‬
‫بكل خصوصياتها الثقافية واالجتماعية باألساس‪ ،‬كمحاولة إلعادة اكتشاف قدرات مجتمعنا‪،‬لتبديد خطابات‬
‫الشك‪ ،‬والتدخل الخارجي بإسم التعاون والتضامن االنساني لمواجهة أثار العولمة‪.‬‬
‫بالموازاة مع ذلك يفترض تأهيل نخب محلية ذات كفاءة ومصداقية تستطيع ممارسة دورها‬
‫االستراتيجي ضمن السياسة الوطنية‪ ،‬كفاعل صانع للقرار ومنفذ له‪ ،‬من منطلق تكامل مع باقي مؤسسات‬
‫الدولة‪ .‬وليس مجرد أعوان وظيفيين يحترفون اإلذعان واالستجابة اآللية لما تمليه عليهم تعليمات الوصاية‬
‫الفوقية‪ .‬ولذلك يبقى التعاون الالمركزي ظاهرة صحية في بنية مؤسسات الدولة‪ ،‬بإعتبارها نشاط قاعدي‬
‫للبرهنة عن مدى القدرات التي تزخر بها المؤسسة المحلية ممثلة في الجماعات المحلية‪ ،‬إذا ما تم‬
‫اختبارها في التنظيم والتسيير كنماذج اجتماعية وسياسية تمتلك شرعية المناظرة والمنافسة ضمن صيغ من‬
‫التعاون الالمركزي‪ ،‬على قاعدة الند للند وليس على أساس عالقة "التلميذ بالمعلم"‪ ،‬ألن التجارب التاريخية‬
‫تعلمنا؛ أن المحاكاة الشكلية وتبنى النماذج الجاهزة‪ ،‬لن يكتب لها النجاح بسبب افتقارها إلى روابط‬
‫االحتضان الطبيعية التي يفرزها المجتمع وتؤطرها ثقافة الدولة‪ .‬أي االستفادة االيجابية والعقالنية من‬
‫النماذج العالمية‪ ،‬وتحويلها كموارد إضافية إلصالح وتغيير سلبيات النموذج المحلي الذي لم يتمكن من‬
‫إثبات ذاته وانجاز مهامه نتيجة عدم إكتمال نموه وهيمنة المركز المؤسساتي الرئاسي عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬التعاون الدولي‪ ،‬موقع و ازرة الداخلية‪ ، www.interieur.gov.dz :‬تاريخ ‪.2011/10/26‬‬
‫انظر ابضا‪:‬‬
‫‪-Arezki Akrour, « Cooperation Décentralisée et Developpement Territorial : L’Experience‬‬
‫‪Franco – Algerienne », Revue Algerienne des Politiques Publiques, n°5, (Octobre 2014),‬‬
‫‪pp.35-61.‬‬

‫‪293‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -4-2‬اإلقتصاد المحلي‪:‬‬
‫يقصد باإلقتصاد المحلي كل القدرات والنشاطات التي تعود على الجماعة المحلية بالفائدة سواء‬
‫بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ‪ .‬وتسعى الجماعة لتوفير المناخ المالئم لتنمية األنشطة المنتجة عبر‬
‫إقليمها حسب ما يقتضيه دورها كمتعامل عمومي محلي‪ ،‬تؤهله القوانين الدخول في معامالت شراكة‬
‫‪ ‬وتسيير لموارده المالية مهما كانت طبيعتها‪ .‬ال سيما عبر تسويق اإلمكانيات المتوفرة في قطاعات‬
‫الخدمات ‪ ،‬بغرض تحفيز وجلب المستثمرين إلستغالل الفرص المتاحة‪ .‬وما يترتب عن ذلك من تحسين‬
‫المداخيل المالية وتوظيف اليد العاملة الراغبة في ولوج سوق العمل بحثا عن االستقرار االجتماعي‪ .‬وبعث‬
‫حركية مجتمعية تتفاعل أفقيا وعموديا من أجل تحصيل أفضل المراتب االجتماعية‪ ،‬في سلمية الحراك‬
‫االجتماعي‪ .‬الذي يتميز بتعدد االختيارات وتنوع الخدمات‪ ،‬في صيغ التنافس بين مختلف الفئات‬
‫االجتماعية على ضوء معايير واضحة قوامها الجدارة واالستحقاق‪.‬‬
‫إن دواعي االهتمام باالقتصاد المحلي يقوم على بعدين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬تقوية التضامن المنتج بين الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ .2‬القضاء على مسببات العجز‪ ،‬و استكشاف القدرات الكامنة والتي تتمثل في بعض العوامل منها ‪:‬‬
‫‪ ‬ارتفاع مساعدات الدولة للجماعات المحلية و ازديادها من سنة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬الهدر المستمر للموارد وضعف اليات االقتصاد فيها‪.‬‬
‫‪ ‬سوء التسيير‪.‬‬
‫‪ ‬توفر قدرات اقتصادية نائمة وغير مستغلة‪.‬‬
‫‪ ‬محدودية وضعف إيرادات األمالك المنتجة للمداخيل‪.‬‬
‫‪ ‬البرهنة عن إمكانية الجماعات على اداء أدوار المتعامل االقتصادي العمومي حسب‬
‫ثقافة التسيير العمومي الحديث‪.‬‬
‫‪ ‬التحكم في مردودية وفعالية االستثمار العمومي الذي تنجزه على عاتق ميزانية الدولة‬
‫ومؤسساتها المختلفة‪ .‬ولذلك فالرؤية الجديدة التي ي ارد للجماعة المحلية اإلنخراط‬
‫فيها‪ ،‬وال سيما على مستوى البلديات النظر لها على أنها‪" :‬الفاعل المركزي في‬
‫تنميتها الذاتية"‪ 1.‬وهو دور المتعامل العمومي يقوم على أربعة مهام وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬تفعيل الدور االقتصادي للبلدية من خالل تسيير و تهيئة حوالي ‪ 720‬منطقة نشاط‪.‬‬
‫‪ .2‬تثمين الممتلكات البلدية المنتجة للمداخيل‪ ،‬وتضم أكثر من ‪ 176‬ألف ملك منتج للمداخيل حيث فاقت‬
‫إيراداتها ‪ 13‬مليار دينار خالل سنة ‪. 2017‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد فراري (مدير مركزي للموارد والتضامن المالي المحلي بو ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية)‪،‬‬
‫"البلدية فاعل مركزي في تنميتها الذاتية'‪ ،‬في‪ ،www.interieur.gov. dz :‬تاريخ‪.2019/01/22 :‬‬

‫‪294‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ .3‬إصالح الجباية المحلية‪ :‬يتولى مجلس الشعبي الوالئي إحداث سياسة جبائية محلية وتقنين الحقوق‬
‫واالتاوات المتعلقة باالمالك والممتلكات كالطرق وشغل حقوق المكان وحقوق التوقف‪....،‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .4‬االستثمار المحلي في مجال المشاريع المنتجة للمداخيل‪ :‬حيث بلغ عدد المشاريع االستثمارية المقترحة‬
‫من قبل البلديات ‪ 1430‬مشروع ‪.‬‬
‫إن مثل هذه االمكانيات المنظورة ال تعطى حلوال ألزمة المالية المحلية التي تعتبر مكونا أساسيا في‬ ‫‪‬‬
‫تعريف استقاللية الجماعات المحلية‪ ،‬بقدر ما تكشف عن مؤشرات لتحليل القاعدة المالية التي تشد أسس‬
‫النظام المؤسساتي المحلي‪ .‬والتي تبدو في القراءة الرسمية التي تمثلها الوصاية على أنها اقتصاد في طور‬
‫التكوين والنشأة‪ .1‬فاإلستثمار االقتصادي يتطلب تقييما مسبقا للموارد المحلية البشرية‪ ،‬والمادية منها‬
‫وتعبئتها وجعلها متفاعلة من أجل خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل‪ .‬وذلك وفق مقاربة متكاملة تعتمد‬
‫نظاما معلوماتيا متطورا‪ ،‬و موارد محلية وترقية آليات‪ ،‬تعنى بالمقاوالتية والمشاركة بإعتبارهما محركا‬
‫اإلقتصاد وطنيا محليا‪.‬‬
‫لن ي تأتي للجماعات المحلية تنشيط إمكانياتها في رفع مردودية مواردها من دون االعتماد على‬
‫أسلوب حوكمة وعقلنة وترشيد عمليات اإلدارة و الرقابة واالشراف‪ 2،‬على عملياتها التنموية واالستثمارية‪،‬‬
‫من اجل الوصول إلى هدفين‪ :‬األول االقتصاد في استعمال مواردها المتاحة وفرز حقيقي وانتقاء فعال في‬
‫رسم مؤشرات سياستها االجتماعية‪ .‬والثاني إعادة ضخ فائض القيمة الزائد عن االستغالل‪ ،‬والنظر إليه‬
‫كرأسمال قابل إلعادة التوظيف في قطاع االستثمار المنتج‪ .‬ويتمثل فائض القيمة في كل الموارد المحلية‬
‫التي تبقى غير مستغلة باعتبارها ناتجة عن وضعية ساكنة‪ ،‬وليست وليدة تداول بين المتعاملين‪ ،‬بما فيها‬
‫الجماعة التي تحوز مثل هذه القيم‪ .‬وتفسر عادة مثل هذه الوضعية بالقدرات المالية والمادية والموارد‬
‫البشرية التي تراوح مكانها روتينيا وال تتوفر لها شروط اإلبداع ‪ ،‬في نقل تلك القيم إلى مجال الحركة‬
‫والتفاعل بهدف تلبية حاجيات فيما نقص‪ ،‬أو إنشاء فضاءات جديدة يطالب بها المجتمع المحلي‪ ،‬وتنال‬
‫استقطاب المتعاملين المهتمين ‪.‬‬
‫الرهان الذي تسعى إلى تحقيقه الجماعات المحلية باعتبارها متعامال عموميا‪ ،‬يتمثل في بلورة‬
‫وتكريس ثقافة المقاوالتية وخلق الظروف المناسبة لنشأة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬ورغم تباينات‬
‫االقليم في الجماعات المحلية‪ ،‬فإنه يمكن أن يتحول ذلك من عامل سلبي إلى عامل إيجابي؛ لما يتم‬

‫‪ -1‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬لقاء الحكومة –الوالة‪ :‬حكامة غير ممركزة من اجل جماعة اقليمية‬
‫حصينة ومبدعة ومبادرة‪ ":‬تقرير الورشة (‪ )5‬حول المبادرة والشراكة من اجل اقتصاد محلي ناشئ'‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫في‪ ، www.interieur.gov.dz:‬تاريخ ‪.2019/01/11 :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-David Carassus.et (al.), « La Recherche d’economie dans les Collectivites Territoriales :‬‬
‫‪Quels dispositifs pour quelles‬‬ ‫‪rationalites ? plus de contrôle ou plus de‬‬ ‫‪pilotage?»,‬‬
‫‪Gestion et Management Public, vol.5/n°4 , (2017/2), PP.9-39.‬‬

‫‪295‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫إحداث تنظيم تعاون وتكامل بين تلك الجماعات في الخدمات وانشطة التوزيع‪ ،‬وحركة االنتاج التي تتوسع‬
‫لمختلف الموارد المتوفرة في االقليم‪ ،‬في بعده الجهوي أو االقليمي والمحلي‪ .‬بل وحتى الوطني الذي يطور‬
‫جاذبية تسويق؛ ليس فقط ألهدافه المركزية وانما البحث واالستثمار في المطالب القطاعية التي ترفع هنا‬
‫وهناك ‪ .‬ومن ثمة فإن الجماعة المحلية تستطيع إدارة قواعد االنتاج والمبادالت حسب خصوصيات االقليم‬
‫‪ ‬الجغرافية والطبيعية‪ ،‬وتفتح افاقا لتعديل نظامها اإلداري من نشاط اجتماعي إلى نشاط اقتصادي‪،‬‬
‫وخدماتي ومعرفي تساهم بدورها في إعادة تشكيل العالقات االجتماعية‪ ،‬حسب منطق السوق ومقتضيات‬
‫الخدمة العامة‪ ،‬بشرط أن تكون الدولة ومؤسساتها القاعدية واالقليمية تتمتع بشرعية تمثيل حقيقية وكفاءة‬
‫عالية لدى المنتخبين والموظفين على حد سواء‪ .‬وبذلك نؤسس لنبوغ جيل جديد من المسيرين المحليين‬
‫يتقن التفاوض مع باقي الفاعلين االقتصادين ورجال األعمال‪ ،‬والمشاركة الجماعية في تحقيق التنمية‬
‫المحلية من منظور اقتصادي متكامل مع باقي القطاعات المكفول إدارتها لهذه الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫ثالثا‪ :‬تحديات الحكامة المحلية‬


‫تتعرض اي عملية اصالح إلى عراقيل وصعوبات مختلفة‪ ،‬تكون عادة نتاج تفاعالت البيئة‬
‫المعادية للتغيير؛ والتي يقاوم شاغلوها أي مجهود تحديثي وكل جديد قد يساهم في إعادة تشكيل لالدوار‬
‫والمراكز الموجودة في المؤسسة اإلدارية مهما كان مستواها في النظام اإلداري‪.‬‬
‫ينظر في الغالب إلى مظاهر اإلصالح والتعامل معها‪ ،‬في سياقها الشكلي الذي تطغى عليه‬ ‫‪‬‬
‫المسحة اإلجرائية من حيث أنها مقاربة قانونية‪ ،‬تتلخص في إصدار مجموعة من النصوص القانونية‬
‫والتشريعية واعتبارها إصالحات قطاعية او شاملة ‪ ....‬إلى أن المفارقة التي تكشف عنها المعاينة‬
‫التشخيصية لنجاعة المقاربة المطروحة‪ ،‬تبين بوضوح أن القانون رغم أهميته ‪ ،‬ال يمكن أن يغير في‬
‫الواقع إذالم تتوفر فيه اليات نسقية أخرى أكثر فعالية و جدية؛ تكون وفق رؤية شاملة ومتكاملة ‪.‬‬
‫تمهد المقاربة األحادية لعملية اإلصالح‪ ،‬التي يصيغها المركز من دون إشراك األطراف؛ اي باقي‬
‫الفاعلين السياسيين واإلجتماعيين من ذوي الرأي والخبرة؛ إلى تمييع العملية من أصلها ومصادرة أفاقها ‪.‬‬
‫ألنها متحكم فيها منذالبداية لصالح النخبة المسيطرة على صناعة القرار السياسي‪ .‬وبالتالي تحويلها لخدمة‬
‫من بادربها او طرحها للحفاظ على الوضع الراهن‪ ،‬حتى ولو تطلب ذالك افراغ تلك العملية اإلصالحية‬
‫من مضمونها كليا‪.‬‬
‫تخضع المقاربة القانونية شرعية الحركية اإلصالحية إلى جدلية مفاهيمية قوامها "اإلستنطاق‬
‫النصي" لألحكام وتحميل النص الوجهة التي يحتاجها منطق التبرير السلطوي ثارة إلعتبارات سياسية‪،‬‬
‫وتارة اخرى العتبارات اجتماعية‪ .‬بحيث تلعب السلطة التنظيمية التي يتمتع بها الجهاز التنفيذي في تحديد‬
‫شروط ومعايير ومقاصد النص اإلصالحي‪ .‬من أجل بسط الهيمنة والوصاية على نشاط المؤسسات‬
‫القاعدية كما هو الحال مع البلدية والوالية‪ .1‬تتبلور تحديات اإلصالح‪ ،‬وتتعمق شدتها‪ ،‬باالساس عندما‬
‫تكون العملية غير واضحة الخلفيات واألهداف‪ .‬ألن اإلصالح في حد ذاته يعتبر رؤية إستراتيجية نحو‬
‫المستقبل‪ ،‬تتخذ على أنها منظومة من البدائل والحلول المزودة بسلسلة من التقديرات والتوقعات‪ ،‬لكل‬
‫اإلحتماالت اإليجابية والسلبية الممكن مصادفتها عند التنفيذ‪ .‬سواء من حيث الموارد والنظم او االجراءات‬
‫او التفاعالت البيئية والسيما المناوئة او المقاومة للتغيير‪.....‬الخ‪.‬‬
‫تقاس التحديات وفق مؤشرات سياسية واجتماعية أوال؛ قبل القانونية واإلدارية‪ .‬وذالك ألن الفلسفة‬
‫اإلصالحية لما يتم إستحضارها‪ ،‬تكون بصدد دراسة تغيرات أزمة بدأت في الظهور على نطاق المجتمع‬

‫‪ -1‬لالشارة توجد ازيد من ‪31‬مادة من اصل ‪ 220‬مادة في قانون البلدية رقم ‪ .10-11‬و‪ 35‬مادة اخرى من مجموع ‪111‬‬
‫مادة في قانون الوالية رقم ‪ 07-12‬الساري بهما العمل حاليا‪ ،‬يخضع تطبيقها الى اصدار نص تنظيمي من السلطة‬
‫المركزية ممثلة في و ازرة الداخلية‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫الكلي من خالل تزايد درجة انحسار موارد المؤسسة الخدماتية تجاه المطالب القطاعية‪ .‬التي يعبر عنها‬
‫هذا المجتمع الكلي في عالقاته مع كل مايمثل سلطة الدولة السياسية او االدارية ‪.‬‬
‫تدفع ثقافة األزمة إلى البحث عن ترضية آنية للمواقف المتصاعدة تجاه المركز نتيجة سوء تقدير ما‬
‫عند صناعة برامج السياسات العامة‪ .‬انطالقا من قاعدة النظام السياسي‪ ،‬والتي لم تستطع تلك القاعدة‬
‫‪ ‬التعبير عن مطالبها‪ .‬او ان السلطات المحلية لم تتمكن من فهم او بلورة تلك المطالب فهما صحيحا‪،‬‬
‫بسبب ان سلطتها التقديرية جعلتها تنظر لها على انها ليست من االولويات ‪،‬على سلم الحاجات‬
‫االجتماعية واالقتصادية تحت ضغط نقص الموارد ‪.‬‬
‫يتارجح المدخل المؤسسي في العملية االصالحية بين مركز القرار والمركزيته‪ .‬اي احترام منطق‬
‫النظام المؤسساتي القائم‪ .‬فالسياسة االصالحية تشمل كل المؤسسات السياسية واالدارية في الدولة؛‬
‫كهياكل ومهام ومسؤوليات وموارد‪ ،‬كما نص عليها النظام الدستوري‪ :‬الدولة والوالية والبلدية ‪.‬‬
‫التكمن عقبات االصالح في النظام المؤسساتي الذي بنيت وفقه الجماعات المحلية في الجزائر‬
‫وحده فقط‪ .‬وانما تتعداه الى طبيعة النظام السياسي الذي يدير شؤون الدولة ككل؛ بكل انساقه االجتماعية‬
‫واالقتصادية والثقافية‪ .‬بل وحتى القيمية التي تشكل محددات الثقافة السياسية‪ .‬تتالف مقتضيات االصالح‬
‫المحلي من المتغيرات الكلية التي تؤسس عليها السياسات الوطنية في التنظيم والتسيير للشؤون العامة‪.‬‬
‫على اعتبار انها تحاول دائما البحث عن افضل السبل للرد على المطالب المطروحة‪ .‬وما يمكن مالحظته‬
‫بشان هذه التحديات التي تعرقل فعالية النظام المؤسساتي للجماعات المحلية‪ .‬هي كونها متعلقة باالساس‬
‫بجمود االطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم ويدير هذه الجماعات‪ .‬وبالتالي فعملية االنتقال من الحالة‬
‫الراهنة الى حالة اكثر نجاعة وحركية‪ ،‬تكون عبر تفعيل كلي لمختلف االنساق التي جاورت بناء نموذج‬
‫الجماعات المحلية‪ .‬ونعني بها دور السلطة السياسية في تحرير هذه المؤسسات من ركودها عبر استعمال‬
‫ثقافة التسيير العموم ي الحديث‪ ،‬ومنحها هوية اقتصادية واجتماعية وادارية كمتعامل عمومي حقيقي ؛‬
‫على غرار باقي مكونات البيئة المؤسساتية التي تنشط في مجال السياسات العمومية‪.‬‬
‫اال ان ابرز ما يميز السياقات العامة لالصالح ويضفي شكوكا كثيرة حول رهاناته؛ هي حالة‬
‫االزمة المستديمة التي اصابت كل االنساق البنيوية‪ .‬ولوثت قيم الثقافة السياسية التي اصبحت تسيطر‬
‫على خطب النخب المهيمنة على القرار المركزي والمحلي‪ .‬وهي هيمنة ال ترتكز على اي شرعية عقالنية‬
‫او موضوعية ما عدا االجتهاد الدائم في التصنع والتملق المبالغ فيه لتبرير واقع عام تطبعه الرداءة‬
‫والفساد‪ .‬ومن ثمة اصبحت الدولة بكل مؤسساتها تدار بعصب وجماعات زبائنية‪ ،‬وتحالفات غير رسمية‬
‫تهدد كيان الدولة‪ .‬ولذلك فان الحديث عن التحديات التي تواجه االصالح كمفتاح للتغيير ياتي متزامنا مع‬
‫مرحلة انتقال سياسي شديدة التعقيد؛ تمر من حقبة نظام بيروقراطي وتسلطي‪ ،‬الى افاق جديدة تقيم‬
‫م ارجعة لحصائل حراك الدولة والمجتمع‪ .‬ثم اعادة احياء ارادة التاسيس الجماعي والمشترك للدولة‪،‬‬
‫ومعايير توزيع السلطة وشروط ممارساتها‪ ،‬وآليات التداول والتمثيل الديموقراطي في المؤسسات المنتخبة‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫ناهيك عن اعتماد الجدارة واالستحقاق في تولية مراكز الوظيفة العامة في االدارات العمومية ‪ .‬تتمثل‬
‫التحديات الكلية فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1-3‬الحراك االجتماعي واالنتقال السياسي‪.‬‬
‫المسألة االجتماعية ال تتحدد فقط من خالل مخرجات النظام التربوي المحض‪ ،‬وانما تمتد لتحتل‬
‫‪ ‬فضاءات واسعة في النظام االجتماعي الكلي‪ .‬وما يميز هذا النظام هو وجود آليات نسـقية تعمل على‬
‫تأطير وتهذيب العناصر الداخلة ضمن الصيرورة المجتمعية‪ .‬إحداث ما يسمـى "بالجتمعة" أي مجموع‬
‫العالقات التي يباشرها اإلنسان لتحقيق غاية وجوده اإلنساني‪.‬بالنسبة للحالة الجزائرية‪ ،‬يتحقق الوجود‬
‫االجتماعي من خالل اعتناء الدولة بالفرد وتوفير له مستلزمات الحياة كالشغل والسكن والحماية الصحية‬
‫والتعليم‪ ،‬وهي حقوق مكرسة في الدستور الجزائري‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬إعادة البناء االجتماعي طبقا للمؤشرات التالية ‪ :‬التربية والتعليم‪ ،‬الصحة‪ ،‬السكن والتشغيل‪،‬‬
‫ساهم إلى حد كبير في تكريس مبدأ العدالة االجتماعية‪ ،‬ومن ثمة أحدث تحوالت أساسية في المجتمع‬
‫قوامها طبقة وسطى‪ ،‬تتولى آلية تحقيق التوازن االجتماعي‪ .‬هذا التوازن إنما يتم عبر قنوات الحراك‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعي الذي يمكن تعريفه على أنه‪" :‬سيولة اجتماعية عالية في األوضاع والعالقات الطبقية"‪.‬‬
‫الحراك االجتماعي باعتباره نتاج حتميات موضوعية وذاتية‪ ،‬ينقل المجتمع أو الفرد من حالة إلى‬
‫حالة أخرى‪ ،‬ويقيم عالقات اجتماعية جديدة‪ ،‬تمهد لنشوء بنى اجتماعية ذات فعاليـة متباينة تمتد عبر‬
‫النسيج االجتماعي ‪ .‬مما يعني التأثير على درجة التفاعل االجتماعي نحو بلوغ تطور نوعي لهذه البنى‬
‫نفسها‪ ،‬يتميز بحد مقبول من العقالنية عند التدرج في سلم القيم االجتماعية‪ .‬هذا ما يمكن أن تؤديه الطبقة‬
‫الوسطى كمحرك أساسي في عملية التغيير االجتماعي‪.‬ألن المجتمع كيان مفتوح‪ ،‬ويخضع لمتغيرات‬
‫خارجية وداخلية‪ .‬ح اركـها الداخلي ال يستهدف تغيير الثوابت‪ ،‬وانما تعزيزها وتكييفها تكيفا مقبوال واال فقد‬
‫المجتمع علـة وجوده وغاية استم ارره‪.‬‬
‫صورة المجتمع يقدمها الخطاب الرسمي والسياسي‪ ،‬بإخراج خاص‪ ،‬مجتمع مستقر‪ ،‬يتطلع نحو‬
‫اإلزدهار‪ ،‬وحياة أفضل‪ ،‬ال يبدي أي شكل من أشكال المقاومة‪ ،‬للهيمنة السياسية التي تفرضها أجهزة‬
‫اإلدارة‪ .‬عملية "شراء السلم االجتماعي" تصل حدودها مع بداية تالشي األحالم المعلقة على المشروع‬
‫التنموي في كليته‪ .‬فمجال الحراك االجـتماعي يتوسع ليتشـكل كقوى وتيارات لصد هيمنة الدولة‪ ،‬التي‬
‫أصبحت عاجزة نسبيا في الوفاء بكل المطالب المجتمعية‪« .‬إن ظهور قوى اجتماعية وفكرية جديدة‪،‬‬
‫كالمجموعات اإلسالمية المنفصلة عن الديـن والمؤسسة الرسمية الموظفة‪ ،‬وتشكل مجموعات مثقفة خارج‬

‫‪ -1‬محمود عبد الفضيل‪ ،‬التشكيالت االجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي‪ :‬دراسة تحليلية ألهم التطورات‬
‫واالتجاهات خالل الفترة ‪( ،1491-1441 :‬بيروت ‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،)1911 ،1 .‬ص‪.‬ص‪،110.‬‬
‫‪.111‬‬

‫‪299‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫المركز السياسي الوطني‪ ،‬كمجموعات الثقافة الجهوية‪ ،‬وتعاظم أجيال المتعلمين والمثقفين المعربين‪،‬‬
‫ودولنة الحياة االجتماعية؛ يعكس تملمالت‪ ،‬وديناميات ثقافية‪ ،‬واستقطابات فكرية وايديولوجية بديلة للدولـة‬
‫خارج مجال سلطتها»‪.1‬‬
‫لقد تبنت بعض القطاعات من المجتمع التعبير عن بعض المطالب االجتماعية‪ ،‬والسياسية‬
‫‪ ‬والثقافية؛ منذ بداية االلفية الثالثة‪ ،‬وال سيما مع اندالع حراك ما يسمى "الربيع العربي" في اواخر‪.2010‬‬
‫اال انها اتسمت بالظرفية والغموض‪ .‬ولم تكن منظمة او مؤطرة من قبل حركات جمعوية‪ ،‬كالنقابات او‬
‫االحزاب السياسية‪ .‬وبالتالي انتهت بمجرد وعود اصالحية قدمتها السلطة في‪ 2.2011‬تلتها حركات‬
‫احتجاجية كثيرة ومتنوعة ذات مطالب فئوية ومحلية‪ .‬ولم تطرح تصو ار وطنيا لحل المشاكل المرفوعة‪.‬‬
‫الحركات االحتجاجية؛ هي فعل جماعي لالحتجاج بهدف اقرار تغيرات في البنية االجتماعية والسياسية‪،‬‬
‫وتعتبر مظه ار من مظاهر الفاعلية واالجتماعية ومكون بنيوي من العملية السياسية‪ 3.‬ال تغطي متغيرات‬
‫التعريف الوظيفي المقدم عن الحركات االحتجاجية‪ ،‬هوية الحالة الجزائرية‪ ،‬رغم انها تشكل مؤش ار بار از‬
‫لميالد حراك مجتمعي غير متحكم فيه‪ .‬تعمل الظروف الموضوعية التي تنتج عن التفاعالت العالئقية‬
‫التي تحدث بين المجتمع والدولة بكل رموزها ومؤسساتها‪،‬على انفجاره دوما حسب ما تبينه احداث التاريخ‬
‫السياسي للجزائر‪ .‬على االقل منذ االنفتاح الديمقراطي في بداية تسعينيات القرن الماضي‪ .‬مما جعل مثل‬
‫هذه الحركات االجتماعية ال ترفع مطالبا سياسية بالدرجة االولى‪ ،‬واصبحت تتميز بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬ذات مطالب اجتماعية (سكن‪ ،‬وتنمية او شغل‪ ،‬تجاوزات‪ ،‬وعجالة اجتماعية‪.)...‬‬
‫‪ ‬حركات آنية وظرفية وغير منظمة‪.‬‬
‫‪ ‬ذات مطالب فئوية ومحلية وقطاعية‪.‬‬
‫مما مكن النظام السياسي من تسكينها عبر سياسة "شراء السلم االجتماعي"‪ ،‬وعدم تركها تاخذ‬
‫طابعا وطنيا‪ .‬حتى وان كانت هذه المطالب تتلخص في مطلب وطني واحد‪ ،‬اال وهو غياب العدالة‬
‫االجتماعية في توزيع المنافع والخدمات‪ ،‬التي توفرها السياسة الريعية للدولة تجاه تسيير المجتمع‪ .‬وهذه‬
‫كلها مؤشرات تحذيرية لعمق االزمة التي تضرب الدولة والمجتمع‪ .‬ولم تكن لتعالج عبر هذه السياسات‬
‫الجزئية واآلنية‪ .‬وعندها تبدا االنتقادات الفردية عبر االعالم االجتماعي تتصاعد ‪.‬وكشف سوء التسيير‬
‫والفساد والتالعب بمصالح االمة من قبل ممثلي الدولة؛ الذين يفتقدون الى قاعدة اجتماعية حقيقية في‬
‫بلورة خطبهم القطاعية‪ .‬مما كشف ذهنيتهم المتعالية والمتسلطة‪ ...‬وتهميش المجتمع ومعاملته بوسائل‬
‫الزبائنية والعصبوية وكل ما تجود به ثقافة االنتهازية واالنتهازيون‪.‬‬

‫‪ -1‬عمار بلحسن‪" ،‬المشروعية والتوترات الثقافية حول الدولة والثقافة في الجزائر"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.57.‬‬
‫‪ -2‬عبد الناصر جابي‪" ،‬الحركات االحتجاجية في الجزائر"‪( ،‬الدوحة‪ :‬المركز العربي لالبحاث ودراسة السياسات‪،)2011 ،‬‬
‫ص‪.14.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرحيم العطري‪" ،‬سوسيولوجيا الحركات االجتماعية"‪ ،‬مجلة اضافات ‪ ،‬العدد‪ ،) 2011( ،13‬ص ‪.23‬‬

‫‪300‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫ادت مقدمات الحركية االحتجاجية كمقاومة اعالمية وسياسية الى تصاعد حراك اجتماعي مجتمعي‬
‫وشعبي متكامل في صورته‪ ،‬يضم كل الفئات على المستوى الوطني؛ حيث جاء مباغتا لتقديرات النظام‬
‫السياسي‪ .‬الذي ينظر الى المجتمع وكانه كيان متحكم فيه اداريا وامنيا‪ .‬كما تجاوز الحراك االحزاب‬
‫السياسية ومكونات المجتمع المدني ‪ .‬منذ االرهاصات االولى الندالعه في ‪ 22‬فيفري ‪ 2019‬خالل‬
‫‪ ‬مظاهرات عارمة رافعة مطالب التغيير الجذري للنظام السياسي‪ .‬حيث اندثرت الخلفيات االيديولوجية‬
‫والسياسية والحزيبة المصلحية التي كان ينجح النظام السياسي في احتوائها عن طريق المساومة‬
‫واالغراءات‪ .‬ليعيد المجتمع الشامل اعادة اكتشاف نفسه ويقدم بدائل وطنية غاية؛ في الطرح والتنظيم‬
‫والتضامن الوطني الطبيعي‪ .‬وهو يمثل بذلك احياءا لقيم الوطنية التي تمكنت من تحرير الوطن من براثن‬
‫االستعمار‪ .‬ليق ار هذا الحراك ضمن ابرز المؤشرات الكبرى في سياقات التغيير من اجل اعادة تاسيس‬
‫الدولة على قواعد مجتمعية مشتركة ومتفق عليها من الجميع ‪ ،‬مجردة من قيم الزبائنية‪ .‬طالما انها نابعة‬
‫عن ارادة االمة في العمل والتمثيل والتعبير عن المصالح العامة المشتركة‪.‬‬
‫يرتبط مسار الحراك المجتمعي باالنتقال السياسي وبمقتضيات التنمية المستديمة واهدافها التي تقع‬
‫في قلب السياسات العامة التي حددتها قمة االمم المتحدة في سبتمبر‪ 1.2015‬حيث تكون مطالب‬
‫المجتمع محددة وفق شروط عقالنية في استعمال الموارد العامة والحفاظ عليها خدمة لمصالح االجيال‬
‫القادمة ‪ .‬لذلك الرؤى المختلفة حول دالالت تبني التنمية المستديمة كرهان محوري في جميع ميادين‬
‫النشاط العمومي انطالقا من المشاريع المركزية الى مخططات التنمية المحلية؛ كاحد االهداف‬
‫االستراتيجية التي ترمي اليها السياسات العامة للدولة‪ ،‬وجماعاتها المحلية‪ .‬وعليه فمفهوم التنمية المستديمة‬
‫هو اجابة عن مشاكل تقييم االداء المالي ‪ ،‬باالضافة الى كونه مفهوم حركي يدمج المحاور االقتصادية‬
‫والبيئية واالجتماعية‪ ،‬وله زيادة على ذلك بعدا اخالقيا‪ 2.‬وعليه فان الفاعلين الحقيقيون يلعبون ادوا ار‬
‫اساسية في انجاز اهداف التنمية الشاملة‪ ،‬بما فيها التنمية المستديمة كاحد القواعد االسترتيجية في ادارة‬
‫المجتمع‪ ،‬ادارة موضوعية تستجيب بل وتؤسس على ضوء مثل دولة الحق والقانون والمؤسسات‪ ،‬حيث‬
‫يصنع فيها القرار بناءا على حيثيات واستشارات عقالنية وناضجة محليا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Le Conseil Economic et Social, « Journnee de sensibilisation aux objectifs du‬‬
‫‪developpement durable : La Durabilite au cœur des politiques publiques : Elements‬‬
‫‪de‬‬ ‫‪Cadrage ».Residence EL-MITHAK, 06/03/2016.in : www.cnes.dz. consulte le :‬‬
‫‪17/06/2016.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Aurélia Heurteux, «Le Développement Durable: Vers un Nouveau Mode de Pilotage Des‬‬
‫‪Politiques Territoriales ? Le cas de la Métropole Nice Côte d’Azur », Gestion et‬‬
‫‪Management public, Vol5/ n° 3, (2017/1), pp. 27-42.‬‬

‫‪301‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -2-3‬الفساد السياسي واخلقة الحياة العامة‬


‫يعتبر الفساد بمفهومه الواسع اكبر تحدي تواجهه الدول والمجتمعات بسبب كونه‪ ،‬مرض يصيب‬
‫العالقات االجتماعية‪ ،‬ونشاط المؤسسات ونظام القيم‪ .‬مما يؤدي الى ضياع حقوق المواطنين‪ ،‬وتعطيل‬
‫فعالية القوانين‪ ،‬لتحل محلها سطوة االشخاص والعصب المبنية على الكسب غير المشروع‪ .‬والوالءات‬
‫‪ ‬الزبائنية المشبوهة مع ذوي الجاه والسلطان‪ .‬استعمال وصف الفساد السياسي كمؤشر رئيسي لتحديد‬
‫المفهوم في اسمى تجلياته‪ ،‬باعتبار'صفة السياسي'‪ ،‬تشير الى مراكز القرار في الدولة وجماعاتها المحلية‪،‬‬
‫وباقي المؤسسات واالدارات كسلطات عمومية‪ ،‬وموارد مضبوطة كمجموعة من النظم والتشريعات في‬
‫عملها ومعامالتها‪ .‬فال يمكن ان نتحدث عن اي نوع من الفساد‪ ،‬اذا كانت الدولة ككيان سياسي وقانوني‬
‫واجتماعي‪ ،‬تدار وتسير حسب قواعد الحكم الصالح او الراشد ‪.‬‬
‫يعبر الفساد السياسي عن كل االمتدادات النسقية والبنيوية التي تتعرض للفساد‪ ،‬الذي ينمو ويتطور‬
‫حسب درجة ضعف ثقافة الدولة الناتجة باالساس عن ضعف شرعية السلطة السياسية‪ .‬مما يؤدي الى‬
‫تعفن رموز السلطة ومحيطها وقاعدتها االجتماعية ‪ ،‬ومراكزها السياسية‪ .‬وهذا ما يطلق عليه بعض‬
‫الباحثين فسادا عموميا‪.)La corruption publique)1‬ولم يتم االتفاق على تعريف واحد وشامل حول‬
‫ظاهرة الفساد بسبب تباين المجتمعات واختالفاتها‪ .‬ولذلك يمكن القول على رأي بعض الباحثين‬
‫والمختصين؛ ان الفساد هو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام‪ ،‬تطلعا الى مكاسب خاصة‬
‫مادية او معنوية‪ ،‬او سلوك مناطه انتهاك القواعد القانونية بممارسة انواع معينة من التأثير تستهدف‬
‫منفعة خاصة‪.2‬‬
‫مصدر لكل انواع الفساد االخرى التي استشرت في‬ ‫ينظر الى الفساد السياسي على انه‬
‫المؤسسات‪ ،‬واصبحت تميز عالقات االفراد والجماعات ضمن نفس المجتمع‪ .‬وفساد النسق المجتمعي ما‬
‫هو اال صدى لفساد اعمال المترفين من 'كبراء القوم'‪ ،‬وطبقة االثرياء الجدد الذين استفادوا من السياسات‬
‫الريعية التي تباشرها الدولة كسياسات تنموية واقتصادية او اجتماعية‪ .‬ثم تحول هذه القوى الى التأثير في‬
‫مراكز السلطة السياسية‪ ،‬واالستحواذ على توجيه ق ارراتها لخدمة مصالحها‪ ،‬النها اصبحت توظف الفساد‬
‫المعمم كقيمة سياسية لنسج عالقاتها الزبائنية والسياسية‪ ،‬انطالقا من الهيمنة على الحياة السياسية‪ .‬وبناء‬

‫‪1‬‬
‫‪- Clara De la vallade, Corruption Publique : Facteurs Institutionnels et éffets sur les‬‬
‫‪Dépenses Publiques: Thése Pour obtenir le grade de Docteur de l’Université de Paris,‬‬
‫‪Discipline: Sciences Economiques (Universite Pantheon-Sorbonne, Paris), 2007.). Sur:‬‬
‫‪https://tel.archives-ouvertes.fr; Consulté : le 21 Nov 2017.‬‬
‫‪-2‬عماد الشيخ داود‪ ،‬الشفافية ومراقبة الفساد‪ .‬في‪ :‬اسماعيل الشطي واخرون‪ ،‬الفساد والحكم الصالح في البالد العربية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.137.‬‬

‫‪302‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫تحالفات منظمة على مستوى االحزاب والمنظمات المهنية والنقابات بتعزيز سطوتها لتصبح تتماهى مع‬
‫كيان الدولة المؤسساتي والرمزي‪.‬‬
‫»اصبح الفساد قاعدة للحكم والتحكم في عنصري القوة (السلطة والثروة) في المجتمع‪ .‬اي ان الدولة‬
‫والنظام تتجه وظائفهما وغياتهما ليس الي تحقيق الخير العام‪ ،‬وانما الى افتراس المجتمع والفرد‪ .‬ومن ثمة‬
‫‪ ‬المجال لالصالح ومقاومة الفساد‪ .‬بل ان انتشار اللصوصية يعزز استقرار "النظام المفترس'‪ .‬ويصبح‬
‫التعتيم عليه ومسالك الفساد وشبكاته وحجمه واثاره ام ار ضروريا (‪.)...‬هذه المقاربة المؤسساتية توضح ان‬
‫ادراك الطريق المؤدي الي تغول الفساد ‪ ،‬يفرض فهم نمط الحكم الذي يتيح حوافز الفساد واالفساد‪،‬‬
‫ويشجع على استمرار العمل س ار ‪ ،‬وفي اطار مؤسسات موازية وغير رسمية «‪ 1‬اسباب الفساد في الجزائر‬
‫عديدة ومتداخلة ولها عوامل سياسية واقتصادية وتنموية ومجتمعية ونميز بين الفساد الكبير والفساد‬
‫الصغير‪.2‬‬
‫رغم ان ممثلي السلطة السياسية يقرون دوما باستفحال الظاهرة ووصفها باخطر من ظاهرة‬
‫االرهاب‪ .‬ويقدمون المقاربات التشخيصية الوافية‪ ،‬اال انهم يبقون ذوي ارادة محدودة في محاربتها‪ .‬نتيجة‬
‫ارتهان قرارهم الحاسم لجماعات المصالح المتحكمة في آليات العمل العمومي في مختلف االدارات‬
‫والمؤسسات‪ .3‬ليتحول الفساد الى فوضى منظمة‪ ،‬ونهب مقنن‪ ،‬وثقافة محفزة للوالء‪ ،‬والزبائنية والثراء‬
‫االستفزازي‪ ،‬وشراء الذمم وتبرير كل ما اليبرر‪ ،‬في منظور القيم االخالقية العامة لالمة والمجتمع والدولة‬
‫معا‪ .‬وظف مفهوم الفساد ؛ كتهمة جاهزة في استعمالها الذرائعي والكيدي سياسيا وامنيا وقانونيا بغرض‬
‫تحطيم كل مقاومة‪ ،‬او عدم االمتثال للضغوطات غير الشرعية لخدمة االهداف غير المشروعة لصالح‬
‫جماعات الفساد كسلطة تاثير موازية‪ ،‬بل و مصادرة الليات عمل السلطة الرسمية‪.‬‬
‫يعتبر الخطاب الرسمي مكافحة الفساد عمال استراتيجيا يحظى باولوية عالية في مسار عملية‬
‫االصالح الشامل الذي انطلق سنة ‪ .1999‬وفي هذا السياق من العمل الفعال على التصدي لمشكلة‬
‫الفساد المعقدة‪ .‬يعتبر اصدار القانون رقم ‪ 01-06‬المؤرخ في ‪ 2006/02/20‬وهو قانون الوقاية من‬

‫‪ -1‬محمد حليم ليمام‪ »،‬الفساد النسقي والدولة االستبدادية‪ :‬حالة الجزائر‪ ، « 2016-1962 :‬مجلة المستقبل العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد‪( ،463‬سبتمبر ‪ ،)2017‬ص‪.29‬‬
‫‪ -2‬عبد الحميد االبراهيمي‪ ،‬دراسة حالة الجزائر‪ ،‬في‪ :‬اسماعيل الشطي واخرون‪ :‬الفساد والحكم الصالح في البالد العربية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪116-739‬‬
‫‪ -3‬قال رئيس الجمهورية في خطاب له بتاريخ ‪ 1999/04/27‬ما يلي‪ »:‬الجزائر دولة مريضة بالفساد‪ ،‬دولة مريضة في‬
‫ادارتها‪ ،‬ومريضة بممارسة المحاباة‪ ،‬ومريضة بالمحسوبية والتعسف بالنفوذ والسلطة‪ .‬وعدم جدوى الطعون والتظلمات‪،‬‬
‫ومريضة باالمتيازات التي ال رقيب عليها وال حسيب‪ .‬ومريضة بتبذير الموارد العامة بنهبها بال ناه وال رادع « ‪.‬‬
‫‪ -‬نقال عن‪ :‬محمود عبد الفضيل‪ ،‬مفهوم الفساد ومعاييره‪ ،‬في‪ :‬اسماعيل الشطي واخرون‪ .‬الفساد والحكم الصالح في البالد‬
‫العربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪16‬‬

‫‪303‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫الفساد ومكافحته؛ جزءا رئيسيا في عملية موائمة التشريعات الوطنية مع احكام اتفاقية االمم المتحدة‬
‫لمكافحة الفساد‪ .‬وتوجد اليوم‪ ،‬اضافة الى مصالح المباحث الجنائية العامة التقليدية‪ ،‬عدة هيئات‬
‫متخصصة في كشف قضايا الفساد والتحقيق فيها ومعالجتها قضائيا‪ ،‬اهمها‪: 1‬‬
‫‪ ‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪ :‬هي سلطة ادارية مستقلة‪ ،‬مسؤولة امام رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬وتعتبر الجهاز التنفيذي الرئيسي في االسنراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد‪ ،‬كما‬ ‫‪‬‬
‫انها مكلفة بجمع وتحليل احصاءات الفساد واتجاهاته وقيادة الجهود المبذولة في مجال‬
‫التوعية وتعزيز ممارسات االدارة الرشيدة ‪.‬‬
‫‪ ‬الديوان المركزي لقمع الفساد‪ ،‬انشئ عام ‪ 2011‬بوجب المرسوم رقم ‪ ،426-11‬وبدا عمله‬
‫في مارس ‪ .2013‬وهو جهاز مركزي متخصص في مجال التحقيقات بمكافحة الفساد‪.‬‬
‫ونظ ار لمحدودية فعاليته تم حله بتاريخ ‪ 2011/12/27‬ليعوض باقتراح انشاء قطب جزائي‬
‫متخصص في قضايا الفساد المعقدة‪ ،‬ضمن هيئات المشروع الجديد لقانون محاربة الفساد‪.‬‬
‫وذلك الى جانب هيئات القضاء العادي‪.‬‬
‫المقاربة القانونية المحضة لمعالجة قضايا الفساد‪ ،‬لم تتمكن من الحد منه العتبارات عديدة؛ لعل‬
‫اهمها ضعف االرادة السياسية لدى الحكام؛ نتيجة ضعف شرعيتهم السياسية في التمثيل واالنجاز‪،‬‬
‫باالضافة الى تدهور القيم االخالقية التي تميز ثقافة الدولة‪ .‬حيث ترسخت بدلها سلوكيات االنتهازية‬
‫الالهثة وراء المغانم والمكاسب من دون وجه حق‪ .‬ضعف النظام السياسي المبني على العصب والوالءات‬
‫الظرفية؛ شجع قيم الفساد كمورد دعم لبقاءه في الحكم واهمل قيم النزاهة الكفاءة في االدارة والتنظيم للدولة‬
‫والمجتمع‪ .‬يفترض في اخالق الدولة ان تكون جزءا من اخالق المجتمع كثوابت ومبادئ تغذي روح‬
‫المسؤولية لخدمة المصالح العليا لالمة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فابرز سبب رئيسي ومباشر الندالع االنتفاضة الشعبية‬
‫في ‪2019/02/22‬؛ هو بلوغ افساد المفسدين ذروته في تحطيم معنويات المجتمع واحتقار رأيه‪ ،‬وطعن‬
‫كرامته في االختيار السيد لممثليه ولمؤسساته؛ كما اقرته المبادئ الدستورية واالعراف الديموقراطية‪ .‬ال كما‬
‫تحاول فرضها عصب الفساد وممتهنو الوصولية والدجل السياسي‪ .‬وعليه‪ ،‬فاستعادة دور االخالق‬
‫السياسية واالجتماعية والدينية والوطنية‪ ،‬امر ال مفر منه من اعادة تاسيس الدولة وادارة المجتمع ‪.‬‬
‫امام اتساع رقعة الفساد وسطوته في العالقات بين االدارة والمجتمع‪ ،‬وفشل ' مبرمج' في معالجته‬
‫القانونية؛ التجد بدا بعض المؤسسات في الدولة من الدعوة الى ابرام مواثيق "اخالقيات المهنة"؛ وهي‬
‫عبارة عن التزامات معنوية بين الفاعلين في المؤسسة كموظفين وعمال ومسؤولين لضمان السير الحسن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬و ازرة العدل‪ ،‬لمحة عامة عن االطار القانوني والمؤسسي للجزائر في سياق تنفيذ اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪ ،‬مؤتمر الدول االطراف في اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬بنما‪ 27-26:‬نوفمبر‪،2013‬‬
‫في‪ ،www.mjustice.dz :‬تاريح‪.2019/03/26 :‬‬

‫‪304‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫لمصالح المؤسسة‪ .‬اللجوء الى مثل هكذا تشريع مدني الخلقة اساليب االدارة والتسيير في دواليب الدولة‪،‬‬
‫والتقليل من تاثير مفعول ودور االخالق في الجتمع بحجة العصرنة ومحاربة التطرف ؛ انما جاءت لتعبر‬
‫عن ازمة دولة القانون وليس لتعزيزها؛ بسبب ضعف القاعدة االجتماعية للدولة‪ .‬حيث اصبحت ترتكز‬
‫على االنتهازيين والوصوليين في تسيير الشان العام الوطني والمحلي‪ .‬وزادت معه القبضة المركزية على‬
‫‪ ‬المستويات الدنيا؛ لتصبح ىفي خدمة ذوي النفوذ والمال‪ .‬مما وسع من دائرة المهمشين والمظلومين‪،‬‬
‫واقصاء الكفاءات والنزهاء من اي تأثير لهم في مجريات الحياة العامة‪.‬‬
‫تتعلق مأسسة االخالق العامة في العمل الرسمي‪ ،‬بالنظر الى االخالق وهي تفرض في المجال‬
‫السياسي واالداري‪ ،‬تبنى من خالل مسار طويل من الكفاح االجتماعي والسياسي‪ ،‬خاص بتنمية االنشطة‬
‫العمومية‪ .1‬تتكرس اكثر ثقافة القانون كلما كانت االخالق العامة للفرد – المواطن محترمة ومعتبرة حيث‬
‫تشكل تتويجا طبيعيا الرساء دافعية مدمجة ومتوازنة ومنتجة بين االخالق والقيم واالداء الجيد في كل‬
‫اعمال المؤسسة سواء كانت مجتمعية او رسمية‪ .‬وهنا تتجلى شبكة العالقات الحضارية والمتمدنة التي‬
‫يخزنها المجتمع وتحتاج فقط ؛ لمن يعيد احياءها واالمتثال لها‪ ،‬وممارستها في نسقها المرجعي في التقويم‬
‫اليومي لسولكياتنا الفردية والجماعية‪ ،‬العادية والرسمية منها ‪.‬‬
‫‪ -3-3‬العولمة الشاملة ودور البحث العلمي في رفع التحديات‬
‫انه اكبر تحدي خارجي تواجهه الدول التي الزالت في مرحلة التحول واالنتقال الديموقراطي‪ ،‬على‬
‫اعتبار ان التأثير يستهدف كل انساق الدولة؛ ويتزامن مع محاوالت اعادة تأسيس الهياكل والمهام‪ ،‬وهي‬
‫ظروف غير عادية تحتاج الى نسبة معقولة من االستقرار واالمن والثقة بين الحاكمين والمحكومين‪ .‬فرغم‬
‫تباين االراء حول محاسن العولمة الشاملة ومساوئها ‪ ،‬فانها تبقى ظاهرة تمس كل الميادين الداخلية‬
‫والخارجية للدول والمجتمعات‪ .‬كلما كانت الساحة الداخلية اكثر تماسكا واستق اررا‪ ،‬كلما امكن التكيف مع‬
‫االيجابيات واالستفادة من االنفتاح العالمي على الرساميل المادية والمعرفية والعلمية‪ .‬وممارسة عملية‬
‫امتصاص ذكية لالثار السلبية التي تزحف نحو الداخل عبر تكنولوجيات المعلوماتية واالتصال الرقمي‪.‬‬
‫تتضمن العولمة‪ ،‬نتيجة عدة عوامل؛ تراكم فوائض رأس المال وقيود داخلية‪ ،‬وتكنولوجيا المعلومات‬
‫والمعاهد الدولية االيديولوجية؛ وبالمقابل للعولمة اثار هامة تمس الدولة الرأسمالية واالدارة العامة‪.2‬‬
‫كرست حركة العولمة بخلفيتها االقتصادية واالمنية ثقافة الهيمنة واحتكار مراكز القوة والسيطرة من‬
‫قبل الدول الكبرى؛ لتجعل من العالم ساحة للصراعات ومناطق النفوذ‪ .‬وبذلك تصبح الكيانات السياسية‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yves‬‬ ‫‪Boisvert,‬‬ ‫‪(et‬‬ ‫‪autres).‬‬ ‫‪L’Institutionnalisation‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪L’Ethique‬‬ ‫‪Publique‬‬
‫‪Gouvernementale : Quelle place pour l’ethique?, (Canada: Presse de L’université du‬‬
‫‪Quebec, 2011), p.10.‬‬
‫‪ -2‬علي فارزماند‪ »،‬العولمة واالدارة العامة « ‪(،‬تر‪ :‬حلمي شحادة يوسف)‪ ،‬مجلة االدارة العامة‪ ،‬المجلد‪ ،41‬العدد‪،2‬‬
‫(جويلية‪ ،)2001‬ص‪.‬ص ‪.407-379‬‬

‫‪305‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫المحلية عرضة لضغط مزدوج؛ بين تصاعد الحراك االجتماعي الداخلي لترشيد الممارسة السياسية؛‬
‫والمطالبة بحقوق اكثر في المشاركة والتمثيل وصنع القرار‪ .‬والتحديات الخارجية الناجمة عن تضارب‬
‫المصالح وتأثيرها على السيادة الوطنية ووحدة الجماعة الوطنية كاقليم‪ ،‬وكامة‪ ،‬ودولة ومجتمع‪ .‬عندها‬
‫تبرز مؤشرات التنافس والصدام او الحوار الحضاري بين القوى الكبرى‪ ،‬ويتخذ كل المجاالت ميدانا‬
‫‪ ‬لالستقطاب والتاثير ‪ ،‬السيما في جانبها الثقافي الذي يعد اسهل مفتاح يعول عليه انصار العولمة الشاملة‬
‫او الكاسحة في اثارة هويات الشعوب من منظور انقسامي وانشطاري‪ ،‬تمهيدا الستجماع مبررات التدخل‬
‫وتحصيل مصالحهم العلنية والخفية‪ ،‬وهذا خداع ينبغي االحتياط له بتمتين الجبهة الداخلية‪ ،‬باقامة العدل‬
‫الن العدل اساس الملك كما قال ابن خلدون‪ ،‬ثم الباقي يكون تحصيل حاصل ‪.‬‬
‫بناء الدول وايجاد مؤسسات حكومية جديدة‪ ،‬وتقوية المؤسسات القائمة‪ ،‬يشكل اليوم احد اهم قضايا‬
‫المجتمع العالمي الن الدول الضعيفة او الفاشلة تبقى مصدر العديد من اكثر مشاكل العالم خطورة‪ 1 .‬ال‬
‫يمكن الي مجتمع ان يقاوم ضغوط العولمة وتخفيف حدتها بوسائل تقليدية‪ .‬وانما السعي العتماد رؤى‬
‫استراتيجية متكاملة قوامها العلم والمعرفة والثقة بالذات‪ ،‬والتي تتشكل كارادة عامة محركة ودافعة لرد‬
‫الضغط الخارجي‪ ،‬والتصميم على بناء نموذجي داخلي في السياسة واالدارة؛ مبدع وفعال قادر على‬
‫التكيف االيجابي‪ .‬ويمكن للبحث العلمي ان يتمحور حول المسائل التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬التكامل بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث وقضايا الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬الربط بين االستشارة والتدريب والتسيير العمومي المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬بناء عالقات التكامل االكاديمي والمهني بين النخب العلمية والنخب المهنية المسيرة في‬
‫الجماعات المحلية‪.‬‬
‫من اجل محاولة تاصيل البحث االداري‪ 2،‬وتكييفه مع النتائج االيجابية للتبادل الدولي‬
‫والالمركزي بين مختلف دول العالم‪ ،‬وتبني فلسفة الحكامة الراشدة لتحسين اداء المرافق العمومية‬
‫في مجال البحث العلمي‪ ،‬والمساعدة على اتخاذ القرار؛‪ 3‬ينبغي مالحظة المسائل التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬فرانسيس فوكوياما‪ ،‬بناء الدولة ‪ :‬النظام العالمي ومشكلة الحكم واالدارة في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ترجمة (مجاب‬
‫االمام)‪( ،‬العربية السعودية‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،)2007 ،‬ص‪.33.‬‬
‫‪ -2‬عبد الباري دره‪ » ،‬تأصيل البحث االداري العربي في عالم متغير« ‪ ،‬ورقة قدمت في المؤتمر العربي الثالث حول‬
‫البحوث االدارية والنشر الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية االدارية‪ ،‬القاهرة‪ 15-14 :‬ماي ‪ ،2003‬ص‪.‬ص ‪ ،50-1‬في‬
‫‪ www.arado.org :‬تاريخ ‪.2010/01/20 :‬‬
‫‪ -3‬انظر توصيات تقرير الورشة الثانية حول ‪ »:‬تحسين المرافق العمومية من خالل تعزيز الدور المزدوج لمدارس االدارة‬
‫والحوكمة فيمجال البحث العلمي والمساعدة على اتخاذ القرار« ‪ ،‬في المنتدى الدولي المنظم حول تعزيز قدرات الحكامة؛‬
‫بين و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية واالكاديمية الوطنية الصينية للحكامة‪ .‬يومي‪2011/12/5-4‬‬
‫بالجزائر‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ ‬تطوير وسائل البحث العلمي ليكون مطابقا الحتياجات المجتمع وتثمين نتائجه‪ ،‬من خالل وضع‬
‫نظام للتحفيز( تحفيز الباحثين ماديا وماليا ومعنويا)‪ ،‬مما يسمح باستقطاب المهارات‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع المبادرة واالبتكار في مجال البحث العلمي الهادف الى تحسين اداء المرافق العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬تسهيل الحصول على المعلومات الضفاء مصداقية على االبحاث العلمية ‪.‬‬
‫‪ ‬تأسيس مخابر بحث في ميادين االدارة العمومية والمناجمانت وتقييم السياسات العمومية‪...‬الخ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يجعل ترابط البناء المؤسساتي لمختلف وحدات الدولة‪ ،‬اي ازمة يتعرض لها المركز تنعكس آليا على‬
‫قاعدة النظام‪ .‬لذلك اليمكن باي حال من االحوال عزل تحديات العولمة وتأثيراتها على باقي االجزاء؛ مما‬
‫يطرح اهمية المقاربة الكلية ذات البعد الوطني والمنسجم‪ ،‬للتخفيف من مثل هذه الضغوط ‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫رابعا‪ :‬ضمانات إنجاح الحكامة المحلية‬


‫ال يمكن ألي عملية اصالح ان تتم في بيئة عادية ‪ ،‬وتتخذ مسا ار خطيا منذ انطالقها الى غاية‬
‫بلوغ اهدافها المرسومة‪ .‬وذلك نتيجة المتغيرات الطارئة وتقلب السياقات الزمنية والفكرية‪ ،‬التي تحتضن‬
‫مجاالت االصالح‪ .‬مما يدفع لالحتياط واتخاذ حزمة من البدائل والحلول؛ سواء كبرامج ومخططات مرنة‬
‫‪ ‬او كاجراءات تقنية قابلة للتكيف مع ردود الفعل النسقية المحتملة‪ .‬والتي غالبا ما تأتي على شكل ضغوط‬
‫غير معلنة لمقاومة ارهاصات التغيير‪ .‬ومحاولة الحفاظ على االوضاع الراهنة ‪ ،‬عبر مقوالت وخطابات‬
‫ظاهرها مجاراة حركية االصالح‪ ،‬وباطنها االلتفاف وتمييع مضمونه واهدافه‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فان تحديد‬
‫ضمانات مؤسساتية نابعة عن تفعيل مقتضيات االرادة العامة للدولة والمجتمع معا‪ .‬يمكن على المدى‬
‫المنظور رفع التحديات التي تعترض برنامج االصالح‪ .‬الن هذا االصالح اليمكن تحت أي مبرر كان ان‬
‫يؤثر في النظام المؤسساتي للجماعات المحلية‪ ،‬ما لم يكن مشروطا مسبقا باصالح شامل وعام يشمل كل‬
‫االنساق التي تشكل هياكل الدولة ومؤسساتها ومهامها في نفس الوقت‪.‬‬
‫تنبع الضمانات من صميم المشاكل التي يراد حلها ومعالجتها‪ ،‬وفق كيفيات وطرق تناسب وتنسجم‬
‫مع الخلفيات‪ ،‬التي ساهمت في طرح المشاكل العمومية في التسييروالتنظيم للشؤون العمومية الوطنية‬
‫والمحلية‪ .‬من حيث انها خطط عمل لنخب قيادية ملتزمة تجاه الدولة كمؤسسات‪ ،‬ومسؤولة سياسيا‬
‫واخالقيا امام المجتمع؛ كحاملة لعهدة انتخابية تقع تحت طائل الرقابة والمحاسبة في نهاية نفس العهدة‪.‬‬
‫وبالتالي تجاوز "السلطوية االجرائية" التي غالبا ما يتكفل بها قطاع معين من نخب دأبت على افراغ أي‬
‫رؤية اصالحية من جوهرها‪ ،‬عبر خطاب تبريري في صيغ اجرائية من قطاع الى آخر‪ .‬أي لم تكن دائما‬
‫مثل تلك النخب عازمة على اصالح ما‪ ،‬وانما تبحث عن التكيف الظرفي مع مطالب المجتمع؛ طالما انها‬
‫تشعر بنقص فادح في شرعية تمثيلها السياسي واالداري‪ .‬ومنه تكون مسألة الضمانات المؤسسية مبنية‬
‫على ضوء نتائج قبلية وملموسة غير مرتبطة بأشخاص او زمر عصبوية‪ .‬وانما اف ارزات طبيعية لرؤية‬
‫جديدة عن جوهر ارادة سياسية عامة طرفاها المجنمع والدولة‪ ،‬تظهر وتسود على مختلف مستويات النظام‬
‫المؤسساتي الوطني والمحلي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فالمجتمع بارادته يمكن له اعادة تأسيس دولته ضمن عقد‬
‫اجتماعي؛ يعمل كمحرك فاعل ونشط لكل اوجه العمل العمومي الذي تجسده دولة القانون والمؤسسات ‪.‬‬
‫تنساب انشطة االصالح العام بين الحكامة العمومية والحكامة المحلية‪ ،‬بصورة نموذجية‪ ،‬تترجم‬
‫فعليا المعايير المثلى الدارة مشاريع االصالح والتغيير من زاوية مشتركة ومتخصصة؛ من حيث المجال‬
‫ودرجة المسؤولية واالهداف الواضحة‪ .‬النجاح او الفشل مرهون بقوة االرادة وقدرة النخب وكفاءتها في فهم‬
‫وتحليل بيئة االصالح وامتدادات تأثيرها الداخلي والخارجي‪ ،‬كماتؤثر نفس تلك العالقات في التفاعالت‬
‫الوطنية والمحلية‪ .‬بل وفي فهم حساسية كل قطاع؛ السيما دور القوى الزبائنية التي انتهجت الفساد اسلوبا‬
‫لوجودها‪ ،‬او تلك التي الزالت تنظر الى نفسها على انها فوق ارادة المجتمع وتسخر الدولة لخدمة‬
‫مصالحها‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫اذا كان رهان الحكامة المحلية يتمثل في تقديم أسلوب متطور في إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬بعد‬
‫تحرير إرادة الدولة من رواسب التمثيل البيروقراطي الهجين‪ ،‬وثقافة العصب والزبائنية‪ .‬فإن الضمانات‬
‫تعزز إحتمالية إستغالل الفرص إلنجاح مشروع الحكامة العامة كأفضل إستراتيجية إلحداث تغيير هيكلي؛‬
‫ووظيفي واسع وحقيقي في العمل العمومي‪ ،‬الذي تتواله مؤسسات الدولة‪ .‬تكون بدايته الجماعات المحلية‬
‫‪ ‬بإعتبارها واجهة الدولة األكثر برو از في عالقتها مع المجتمع‪ .‬ومن خاللها تتاح أدوات مشتركة لقياس‬
‫فاعلية اإلرادة المؤسساتية للدولة في إدارة الشؤون العامة المحلية‪ .‬ومن ثمة تتشكل صورة قيمية عامة عن‬
‫أداء تنظيم وتسيير النخب المنتخبة او المعينة المشرفة على دواليب إتخاذ القرار العمومي ‪ ،‬كأحد أفضل‬
‫المؤشرات الوظيفية التي تميز إستراتيجية رسم السياسات العامة في الدولة‪ .‬والتي تشمل كل المطالب ذات‬
‫األولوية‪ .‬تفرز عملية تبني الحكامة العامة؛ أليات معرفية إلعادة إكتشاف التعابير الحقيقية الكلية التي‬
‫تطبع حراك المجتمع بكل أنساقه ؛ والتي تبقى تبحث عن إطار مالئم لتوجيهها الوجهة المناسبة إلسترجاع‬
‫إمتالك الدولة عبر اإلنتخاب وانتقاء الكفاءات العلمية والمهنية لتولية مراكز القرار السياسي واإلداري‪ .‬وهي‬
‫إحدى مقتضيات ثقافة الحكم الراشد التي تعتمد في فلسفتها على المورد البشرى المكون والمتصف بالمثل‬
‫واألخالق العالية‪.‬‬
‫تتحدد قوة الضمانات التي تحتاجهاالحكامة العامة في قدرتها على تطويع عقبات السياق اإلنتقالي‬
‫الذي تأتي فيه‪ ،‬واحداث نقلة نوعية وعقالنية بين مرحلة تسلطية وأكثر مركزية‪ ،‬نحو مرحلة نموذجية أكثر‬
‫ديمومة‪ .‬تتسم بإحترام االرادة العامة للمجتمع كبديل‪ ،‬إلعادة تأسيس الشرعية السياسية في التمثيل‪ ،‬وادارة‬
‫النظام المؤسساتي الوطني والمحلي‪ .‬وتثبيت قطيعة تقضي على اسباب اإلرتداد والتراجع عن المكاسب‬
‫المحققة في مسار اإلصالح والتغيير التي مست المشروع الوطني للدولة‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬كما حددتها مبادئ‬
‫بيان أول نوفمبر ‪ .1954‬ومايتم فيما بعد تكرسه اإلرادة العامة كإختيارات‪ ،‬وبرامج من صميم إرادة‬
‫المجتمع‪ ،‬وال يعاد فرضها عبر تزييف اإلختيارات السيدة للشعب؛ تحت اي ظرف‪ ،‬ومن اي طرف كان‪،‬‬
‫مهما كانت مبرراته؛ اال تلك المعبر عنها من قبل مالك السلطة التأسيسية االصلية‪ .‬او تحويل ميراث‬
‫الجماعة الوطنية وثرواتها وقدراتها لخدمة أقليات عصبوية وزبائنية رهنت مستقبل البالد‪ .‬وتسعى لمقاومة‬
‫التغيير من أجل البقاء في السلطة غصبا عن إرادة المجتمع‪.‬وعليه تصاغ مضامين تلك الضمانات من‬
‫خالل ثالث أليات مركزية؛ متكاملة ومتدرجة من حيث صيرورتها الزمانية‪ .‬وذات وظيفة تأسيسية لبعضها‬
‫البعض‪ .‬وتتمثل في العناصر التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ .2‬العقد الوطني‪.‬‬
‫‪ .3‬دولة القانون والمؤسسات‪..‬‬

‫‪309‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫‪ -1-4‬االرادة السياسية‬
‫تعتبر االرادة السياسية الضمانة االساسية في عملية التأسيس للسياسة والحكم في المجتمع‪ .‬وتشكل‬
‫المقوم الفاعل في توحيد نتاج وتفاعالت العالقات االجتماعية الشاملة التي تشد وتنظم اعضاء الجماعة‬
‫الوطنية‪ .‬وهي بذلك تمثل احدى القواعد الصلبة التي تصاغ بها وحولها كل انواع التعاقدات المدنية بين‬
‫‪ ‬الفاعلين الحقيقيين في الحياة السياسية؛ النها تبحث عن التطلعات الجماعية والمشتركة؛ انطالقا من‬
‫تشخيص الواقع‪ ،‬وقراءة المسارات التاريخية المتعاقبة بمختلف انكساراتها وامجادها‪ .‬والسعي لالستفادة من‬
‫الخبرات االنسانية‪ .‬واالخذ باسمى النماذج المتميزة في التنظيم والتسيير على المستوى المركزي كما على‬
‫المستوى المحلي‪ .‬وال تكون مشتتة ومجزأة االبعاد؛ بل تعرض وتصاغ من منظور وحدوي شامل يستوعب‬
‫كل التنوعات المجتمعية‪ ،‬كمظهر للثراء والقوة والتكامل‪ .‬يتكفل الدستور بالتعبير عن هذه االرادة العامة‪،‬‬
‫كاسمى وثيقة قانونية في الدولة؛ يعتد بها دوما كمرجعية للتحكيم في االختالفات والمنازعات التي قد تنشأ‬
‫بين المؤسسات او بين االفراد كمواطنين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬اي خلل او مشكلة تبقى دون حل في المنظور‬
‫الدستوري والقانوني‪ ،‬انما يعكس ضعف االرادة التأسيسية التي انتجت الشرعية القانونية ؛ كمحدد وحيد‬
‫لضبط النشاط العمومي وتنظيم اختصاص المؤسسات وحماية الحقوق من التعسف‪ .‬وتشجيع االلتزام‬
‫بالواجبات التي ال تستقيم الحقوق اال بها‪ .‬وهنا تبرز اهمية ثقافة المواطنة؛ المبنية على اساس الحريات‬
‫الفردية والجماعية في تفعيل جدلية الحقوق والواجبات؛ التي تحتل قلب االرادة السياسية ومشروطية‬
‫وجودها من عدمها‪.‬‬
‫طبيعة وحجم الحقوق والحريات التي يتنعم بها األفراد والجماعات تتبع من حراك المجتمع‪ ،‬ولذلك‬
‫يمكن القول أن إشكالية حقوق اإلنسان هي نتاج أساسي لعالقات اإلنسان مع محيطه االجتماعي وبأكثر‬
‫‪1‬‬
‫دقة‪ ،‬العالقة بين اإلنسان المواطن ومجموع المؤسسات التي تضمن وجوده االجتماعي‪.‬‬
‫فاإلرادة السيدة هي اإلرادة الحرة‪ ،‬فال مسؤولية مع الوصاية‪ ،‬لذلك فالحريات هي منبع للممارسة‬
‫المشاركة الواعية في العملية السياسية‪ ،‬لفرض وجود المجتمع أمام تمادي سلطات الدولة‪ .‬فالحريات العامة‬
‫هي القدرات على تقرير المصير‪ ،‬التي تستهدف ضمان استقاللية الشخص اإلنساني‪ ،‬وهي معترف بها في‬
‫القوانين‪ ،‬ذات القيمة التشـريعية‪ ،‬وتستفيد من نظام قضائي للحماية في وجه السلطات العمومية‪ 2.‬وعليه؛‬
‫فإن حقوق المواطنين في الدولة يجب أن تتحدد على ضوء حقوق اإلنسان‪ .‬هذه األخيرة تعتبر حريات في‬
‫حين حقوق المواطن تعتبر سلطات‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ghaouti Mekamcha, « La Reconnaissance Constitutionnelle des libertés publiques et leur‬‬
‫‪protection», RASJEP, vol : XXXVI, N° 01, (1998), P.56.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Gilles Libreton, Libertés publiques et droits de l’homme, (paris: Armond Colin, ed 04,‬‬
‫‪1999), P.15.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Anicet LePors, La citoyenneté, que sais-je ?, (France : puf, ed.01, 1999), P.114.‬‬

‫‪310‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫تنـوع المطالب وتعددها وقولبتها ضمن قنوات المشاركة المدنية والسلمية‪ ،‬تبرز ثقافة المواطنة‬
‫وتندثر شيئا فشيئا النظرة التسلطية التي حجمت دور المواطن إلى مجرد "رعية" تسمع وتطيع وال حـق لهـا‬
‫في صنع القرار‪ .‬وعليه نتفق تماما مع من يرى أن كل الحريات العامة هي حقوق سياسية وبالمقابل فإن‬
‫كل الحقوق األساسية ليست بالضرورة حريات عامة‪ 1.‬الحريات والحقوق جزء ال يتج أز‪ .‬فال يمكن قيام‬
‫‪ ‬مجتمع مدني دون وجود مجتمع سياسي‪ ،‬وال يمكن تعزيز الحريات الفردية إذا لم تتطور الحريات المشتركة‬
‫والجماعية؛ فثقافة المواطنة تستهـدف توعية األفراد باعتبـارهم أعضاء في المجتمع؛ تقـوي فيهم الت اربـط‬
‫والتماسك لتقريـر مصيرهم والدفاع عن حاجاتهم المادية والمعنوية‪ .‬ألنهم كتلة اجتماعية ذات مطالب معينة‬
‫تتمتع بالقدرة الكافية لتحديد وصياغة جزء هام من المنفعة العامة‪ ،‬التي تحميها الدولة باسم السيادة‬
‫الوطنية المعبرة عن جميع المواطنين كارادة عامة‪.‬‬
‫يبقى المحدد الضابط لحركة االصالح االداري في اي دولة‪ ،‬يتركز حول تلك الروح النابعة عن‬
‫وعي الفاعلين الحقيقين بضرورة االصالح واهميته بغرض التطور والرفاهية‪ .‬او المراوحة في نقطة‬
‫البدايات وترديد خطاب االصالح من دون فعل اي شئ‪ .‬وتتجلى قوة االرادة في العمل والتغيير‪ .‬معتمدة‬
‫على ثالثة (‪ )03‬عوامل اساسية تتمثل فيما يلي‪: 2‬‬
‫‪Le Leadership de haut niveau‬‬ ‫‪ .1‬قيادة من مستوى عالي‬
‫حركية المستوى المتوسط ‪Le Dynamisme de niveau moyen‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪La Confiance de la base‬‬ ‫‪ .3‬ثقة القاعدة‬
‫وعليه‪ ،‬تبرز مسالة اهمية االلتفات الى نمط النظام القيمي الذي يحدد خلفيات االصالح ومآالته؛‬
‫والذي يعمل على تفعيل ارادة الدولة والمجتمع؛ ومدها بالحافزية الضرورية لبلوغ افضل مستوى معيشي‬
‫ممكن‪ .‬وتكون الثقافة السياسية عندئذ المقوم االساسي في فرض التغيير واالندماج فيه‪ .‬وبذلك تصبح تمثل‬
‫حركة وعي مجتمعي عام لتحرير الفضاء العام من رواسب السلوكات السلبية التي قد تؤدي الى تشكيل‬
‫بيئة مناوئة الي تغيير‪ .‬اي وضع معايير مشتركة لخدمة الصالح العام والتقليل من حدة التكييف الظرفي‬
‫بين ارادة االصالح والمواقف المترددة ‪.‬التي تنطوي على مآرب خاصة ال تتوائم مع مقاصد النفع العام‬
‫التي يصبو الى تحقيقها حراك التغيير واالصالح معا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gilles Libreton, Libertés publiques et droits de l’homme, Op.cit. P.14.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mechael Duggutt, « Les Conditions Préables Nécessaires au Changement », in : Dossier‬‬
‫‪Special : Le Changement dans l’Administration, Revue IDARA, n°25, vol 13, , (2003),‬‬
‫‪P.29.‬‬

‫‪311‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫وعلى هذا االساس‪ ،‬يمكن النظر الى االرادة السياسية وتفعيلها ضمن ثالثة عوامل اساسية متكاملة‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬محددات االرادة السياسية تتمثل في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬الشعب كسلطة تأسيسية‪.‬‬
‫‪ ‬الدولة كتعبير عن تمثيل السيادة الشعبية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬مأسسة الدولة لخدمة المصالح العامة للمجتمع ‪.‬‬
‫‪ ‬الحياة المحلية هي قاعدة بناء االرادة العامة وواجهة النشاط العمومي للدولة ومجاله‪.‬‬
‫شروط التعبير عن االرادة السياسية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ ‬الحريات الجماعية واالستقاللية المؤسساتية‪.‬‬
‫‪ ‬فصل السلطات والتأسيس لثقافة رجل الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬االنتخاب كافضل اسلوب للتمثيل السياسي في المؤسسات المنتخبة‪.‬‬
‫‪ ‬االحتكام الى صيغ التعاقد بين الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬مظاهر االرادة السياسية ‪:‬‬
‫‪ ‬الشرعية السياسية تبدأ من النظام المؤسساتي المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬عقلنة العالقات االجتماعية ‪،‬‬
‫‪ ‬الجدارة واالستحقاق في تولية الوظائف العامة ‪.‬‬
‫‪ ‬االنسجام بين المثل المشتركة للجماعة الوطنية وقيم ومبادئ الدولة الوطنية‪.‬‬
‫‪ -2-4‬العقد الوطني‬
‫مضاعفات األزمة السياسية ونتائجها "السلبية"‪ ،‬على الدولة والمجتمع‪ ،‬وديمومتها الممتدة والمعقدة‪،‬‬
‫لم تحل حال سياسيا معقوال‪ .‬بل كل محاوالت الحل باءت بالفشل الذريع‪ ،‬الن بدايات األزمة أعطت‬
‫االنطباع بأنها عابرة و ظرفية‪ ،‬مما شجع النظام السياسي على إخفاء طابعها السياسي‪ ،‬مبديا خطابه‬
‫التبريري‪ ،‬على أن المعالجة االجتماعية واالقتصادية لمظاهر األزمة كفيلة بتحييد المتغير السياسي فيها‬
‫واحتوائه‪ .‬والذي يتمثل في ازمة الشرعية السياسية التي الزمت ميالد الدولة الوطنية‪ ،‬منذ اللحظات االولى‬
‫لالستقالل‪ ،‬حيث استحوذ الجيش بالقوة العسكرية على السلطة‪ .‬واصبح المهيمن على الحياة السياسية‬
‫والفاعل االوحد في تقرير السياسة والحكم‪ .‬رغم سن الدستور وتضمينه بعض العبارات الديمقراطية اال انه‬
‫مع كل محاولة الحداث ابسط تحول سياسي تظهر محدودية القواعد الدستورية في ضمان االستقرار‬
‫المؤسساتي والتداول على السلطة‪ .‬والسبب االساسي ينحصر في ثقافة االبوية واالستبداد التي تتحكم في‬
‫القرار السياسي وأليات ادارة دواليب الدولة؛ حيث التقيم وزنا لنظم المشاركة السياسية الديموقراطية المبنية‬
‫على نسبية التمثيل وصنع السياسات العامة‪ .‬وبالنتيجة اصبحت الدولة تعاني االغتراب عن المجتمع‪،‬‬

‫‪312‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫والنظام السياسي فيها يصادر ويؤمم كل موارد الدولة ويتماهى معها‪ ،‬واي محاولة لتغييره تؤشر النهيار‬
‫الدولة في حد ذاتها‪.‬‬
‫العقد الوطني يعني صياغة دستور جديد تكون فيه الدولة ومؤسساتها وليدة االرادة العامة للمجتمع‪،‬‬
‫كمصدر وحيد للسلطة ؛ يمارسها عن طريق ممثليه الذين يختارهم عبر االقتراع العام الحر والسيد‪ .‬الن‬
‫‪ ‬القضية تتعلق بمن له حق ممارسة السلطة في الدولة وكيف‪ .‬وبالتالي وجب معالجتها كقضية محورية‬
‫وجوهرية لحل ازمة شرعية السياسة والحكم التي تتحدد بموجبها عالقة المجتمع بالدولة‪ .‬لذلك تأتي مقاصد‬
‫العقد واهدافه تتضمن حلوال نهائية للمعضلة المثارة في هذا السياق المتأزم؛ حيث يتم التقليل من تأثير‬
‫القوى غير الطبيعية في المنظور الديموقراطي‪ ،‬وتثبيت المعايير والشروط المبدئية؛ الجماعية والمشتركة‬
‫ذات الصبغة السياسية العادية من انتقال سياسي فعلي ومنظم نحو ديمومة الفكر الديموقراطي الحر في‬
‫التمثيل والممارسة‪ .‬ويتجلى ذلك في تحقيق االهداف التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬القضاء على ثنائية السلطة‪ :‬خفية وعلنية‪ .‬او فعلية شكلية او افتراضية وحقيقية‪...‬‬
‫‪ ‬تحويل الحراك المجتمعي من الفضاءات العامة المفتوحة وعبر وسائط التمثيل الحقيقية الى‬
‫الفضاءات المؤسسية الرسمية‪ .‬مما يسمح بجعل المشروعية االجتماعية المعبرة عن قاعدة‬
‫المجتمع مدخال مهما في بناء الشرعية السياسية‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز التداول السياسي الشرعي على السلطة من خالل االقتراع كعملية فرز اجتماعي‪،‬‬
‫ودورية الكتشاف النخب وتجديدها انطالقا من السلطات المحلية في الجماعات المحلية‪.‬‬
‫العقد السياسي الوطني‪ ،‬طرفاه الدولة والمجتمع‪ 1.‬ثم ان السلطة والدولة تدخالن ضمن إشكالية‬
‫مستمرة‪ ،‬الدولة ليست االمتداد الطبيعي للسلطة‪ ،‬أنها النتاج التناقضي لها‪ ،‬الدولة الحديثة هي اتفاق بين‬
‫‪2‬‬
‫المجتمع والسلطة‪ ،‬اتفاق يبنى حول نقطة توازن يشارك فيها‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الدين‪...،‬‬
‫مضمون العقد‪ :‬السياسي واالجتماعي‪ ،‬يتوجه نحو المستقبل لتدارك أثار األزمة وتجاوزها‪ ،‬بالحكمة‬
‫والحلول االتفاقية‪ ،‬التفاوضية والسلمية‪ ،‬حيث تحدد بدقة التزامات األطراف وواجباتها وحقوقها‪ ،‬تكرس‬
‫إجماعا حقيقيا يفضي إلى عزل استعمال العنف في الممارسات السياسية واالجتماعية وتحل الخصومات‬
‫واالختالفات في إطار المؤسسات الشرعية‪ ،‬التي يختارها الشعب بكل ديمقراطية وسيادة‪.‬‬
‫قاعدة حل أي مشكل‪ ،‬أو تفكيك تعقيدات أية أزمة‪ ،‬إنما تكون بالحوار والتفاوض‪ ،‬واالتفاق‪ ،‬الن‬
‫العنف والقوة لن يؤدي إلى أي نتيجة اال الدمار وزيادة المعاناة‪ ...‬هذا ما تبنيه التجارب اإلنسانية العديدة‪،‬‬
‫والتطور اإلنساني‪ .‬لم يشهد ذروته إال بوجود السلم االجتماعي واالستقرار السياسي والحرية واالعتراف‬

‫‪ -1‬غسان سالمة‪ ،‬نحو عقد اجتماعي عربي جديد‪ :‬بحث في الشرعية الدستورية‪( ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫ط‪ ،) 1917 ،1.‬ص‪.107 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Lahouari Addi, «Dynamique et Contradictions du Système Politique Algérien », RASJEP,‬‬
‫‪N°2, (Juin, 1998), pp 495-509.‬‬

‫‪313‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫بشرعية وجود أكثر من رأي الحاكم‪ .‬إن الحل ال يكمن‪ ،‬في رفض الدولة‪ ،‬وال في المعارضة بين الدولة‬
‫والمجتمع المدني‪ ،‬ولكن في تغيير الدولة ذاتها من الداخل‪ ،‬أي في تبديل نمط اإلرادة التي تسيرها‪،‬‬
‫وتحولها من إرادة خارجية إلى إرادة داخلية نابعة من المجتمع‪ .‬انقالب تجاه السير نحو الديمقراطية بدا‬
‫قبل أن يشرع فيه‪ ،‬واقصاء القوة الجديدة من قبل النخبة الحاكمة‪ ،‬هو وسيلة إعادة الشرعية إلى سياسة‬
‫‪ ‬القهر واالستعباد باسم ضرورة حماية واالحتفاظ بوحدة السلطة والدولة‪ ،‬حتى لو صبغت هذا الخطاب‬
‫االستبدادي بصبغة الدفاع عن مجتمع مدني جعلته مساويا للقوى السياسية التي تمثلها أو تدعمها ومطابقا‬
‫للنخب الملتفة حول الدولة‪.1‬‬
‫تحقيق اإلتفاق‪ ،‬مبدأ أساسي‪ ،‬يشكل المدخل االستراتيجي للوصول إلى إرساء مبادئ ثقافة سياسية‬
‫عصرية ومتحضرة‪ ،‬قوامها الفكرة بالفكرة والنقاش البناء والموضوعي‪ ،‬وتقبل احترام أراء الغير مهما كانت‪.‬‬
‫طالما أن الخالصة التقريرية تكون لصاحب السيادة اال وهو الشعب من خالل مؤسساته‪ .‬لما تبرز االهمية‬
‫الرمزية لفعالية العقد الوطني يصبح الوثيقة المرجعية لتاطير العملية السياسية‪ ،‬واضفاء الشرعية على‬
‫نشاط العمل العمومي للمؤسسات الرسمية‪ ،‬يفرض احترام مبادئ الدستور واحكامه ويتحول الى سلوك‬
‫عرفي وعادي في الممارسة السياسية‪ ،‬وبناء شبكة قيمية في الحكامة واالصالح والتغيير المتدرج والناجح‬
‫بين المجتمع والدولة ‪ .‬من خالل حسم آليات بناء السلطة السياسية وكيفيات توزيعها المؤسساتية في‬
‫الجسم المجتمعي‪ .‬وكما يقال العقد شريعة المتعاقدين ‪.‬‬
‫‪ -3-4‬دولة القانون والمؤسسات‬
‫مفهوم دولة القانون‪ ،‬ينظر له إلى غاية اليوم‪ ،‬كأسمى شكل من أشكال بناء الدول التي كرستها‬
‫الفكرة الديمقراطية الغربية‪ ،‬حيث تمكنت من تصميم األطر والمبادئ والمؤسسات التي تنتج هذا القانون‬
‫وتراقبه أداءا وتنفيذا‪ .‬وما كان ليحدث ذلك‪ ،‬لو لم يكن لنضال تلك األمم والشعوب أهدافا وغايات عليا‪،‬‬
‫في محاربتها وثورتها ضد االستبداد اإلقطاعي العنصري والعرقي؛ وكذا تحررها من قبضة التواطؤ الذي‬
‫كان بين المؤسسة الدينية وأنظمة الحكم الملكية أو اإلمبراطورية‪ .‬دولة القانون‪ ،‬مسار تطور تاريخي و‬
‫ظاهرة سوسيو‪ -‬سياسية‪ ،‬حطمت اساليب القهر وغيرت طبيعة اإلرادة االجتماعية‪ ،‬من حالة اإلذعان إلى‬
‫ديناميكية مستمرة نحو فرض سيادة القانون ‪.‬العتباره ينبع عن تمثيلية الغالبية الساحقة في المجتمع‪ .‬حركة‬
‫المجتمع التاريخية‪ ،‬سارت نحو ميالد دولة تمثل المجتمع ومتواصلة معه‪ ،‬وهي األداة التي يستند إليها‬
‫المجتمع في رعاية وتنظيم شؤونه انطالقـا من سـن قوانين شرعيـة ذات طابع تأسيسي‪ .‬تلقى رضا الشعب‬

‫‪ -1‬برهان غليون‪ » ،‬بناء المتجمع المدني العربي‪ :‬دور العوامل الداخلية و الخارجية « ‪،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪( ،151‬افريل ‪ ،)1992‬ص‪ .‬ص ‪125-105.‬‬

‫‪314‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫أو األمة‪ .‬فالقانون‪ ،‬قواعد ملزمة للجميع احتراما وانصياعا‪ .‬القانون يحدد قاعدة مثالية وشرعية للتحكيم بين‬
‫الناس‪.1‬‬
‫دولة القانون تفترض إقامة مؤسسات سياسية وادارية على أساس شرعية دستورية‪ ،‬تنال رضا‬
‫الشعب وتعكس بدقة إرادته العامة‪ .‬وخدمته بالتضحية والوفاء لمصالحه ومثله العليا؛ يتجسد فيها الفصل‬
‫‪ ‬بين السلطات‪ ،‬فصال عمليا‪ ،‬وكسر جميع أشكال االحتكارات والهيمنة الخاضعة لسطوة األشخاص‬
‫والعصب‪ ،‬ويتحرر فيها المواطن من ثقافة الخوف واإلذعان‪ ،‬إلى ثقافة المشاركة الواعية في تقرير‬
‫مصيره‪ .‬ثم إن مؤسسات صنع القرار يفترض فيها أن تعمل حسب قواعد الكفاءة والشفافية‪ ،‬فال مجال‬
‫للغموض والشك التي قد تنجر عن تعدد مراكز القرار في جسد الدولة‪ ،‬مما يؤثر حتما على سير أعمالها‪.‬‬
‫العدالة االجتماعية‪ ،‬هي المعيار الرئيسي الذي تبنى عليه دولة القانون؛ فال تكون هناك عدالة إال‬
‫إذا كانت مؤسسات شرعية تقوم على معالجة أحوال المواطنين بفاعلية وموضوعية‪ ،‬بداية من المستوى‬
‫المحلي الى أعلى هرم في الدولة‪ .‬أفضلية القانون ال يمكن فرضها في المجتمع إال إذا كان تنظيم السلطة‬
‫التشريعية يستجيب لإلرادة الشعبية من خالل إقامة شكل للتمثيل أكثر مساواة وأكثر عقلنة‪.2‬‬
‫اتجاهات التحليل والبحث عن أحسن تحديد لتعريف دولة القانون‪ ،‬ضمن أدبيات الفكر السياسي‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن تغنينا عن تشريح آليات قيامها وشروط ضمان تطورها‪ ،‬دور جهاز العدالة‪ ،‬ومدى انتشار الثقافة‬
‫القانونية‪ ،‬وكذا مدى تقيد السلوك السياسي بثقافة الدولة‪ .‬هذه المعادلة ذات المتغيرات الثالثية متكاملة‬
‫وظيفيـا‪ ،‬وتنزع إلعطـاء مدلول خاص عن طبيعة الثقافة السياسية بصفة عامة‪ ،‬التي يتوزع على ضوئها‬
‫التوازن أو التأثير بيـن الدولة والمـجتمع‪ .‬الن استقاللية السلطة القضائية تدفع إلى اكتساب ثقة هامة بباقي‬
‫مؤسسات النظام السياسي‪ ،‬ومن ثم فإنها السلطة التقريرية والتحكيمية التي لها صالحيات البت في مختلف‬
‫النزاعات أو الصراعات التي قد تحدث بين أشخاص طبيعيين أو معنوين‪ .‬فالحكم القضائي الذي يصدر‬
‫باسم الشعب الجزائري‪ ،‬إنما يعني انه تطبيق للتشريع الذي اجمع عليه غالبية هذا الشعب‪ ،‬من خالل‬
‫ممثليه الذين اختارهم بواسطة االقتراع العام والحر‪.‬المؤسسة القضائية تعاني نقائصا عديدة‪ ،‬بسبب‬
‫محدودية مبادرتها وتبعيتها للجهاز التنفيذي المهمين‪ .‬باإلضافة إلى ثقل حركتها وتعقد مستويات التقاضي‬
‫فيها‪ ،‬وكل محاوالت إصالحها لم تؤدي إلى تحسن أدائها نظ ار الرتباط هذا اإلصالح بفشل اإلصالح‬
‫الدستوري والسياسي عامة‪.‬‬
‫كما أن الثقافة القانونية التي ترتكز على القاعدة القائلة "ال يعذر احد بجهل القانون"‪ ،‬تصبح متأثرة‬
‫بدرجة كبيرة بالدور الذي تلعبه األجهزة القضائية في الحياة العامة لألفراد‪ ،‬وجلب اهتمام المواطن‬

‫‪1‬‬
‫‪-François Vallacon, L’Etat, le droit et la Société Moderne, (Paris : Armond Colin, 1998),‬‬
‫‪p.05.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Mohamed Yousfi, «Les Récentes Reformes conduiront-elles à une démocratisation de la‬‬
‫‪vie politique? », RASJEP, n°01, (Mars, 1990), pp 113, 144‬‬

‫‪315‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫وانضباطه بالقواعد واإلجراءات‪ ،‬أو الشروط التي تحددها القوانين‪ ،‬يكون مشروعا في حالة ما إذا طبقت‬
‫هذه القواعد على الجميع وبعدالة؛ حيث يعاقب المذنب مهما كانت شخصيته‪ ،‬وانتماؤه أو مركزه‬
‫االجتماعي‪ .‬ويراد من المواطن المعرفة المسبقة بحقوقه وواجباته‪ ،‬ومن ثمة رسم معامالته تجاه محيطه‬
‫العام أو الخاص‪ ،‬ألنه سلوك اجتماعي يدخل ضمن بيداغوجية المواطنة والمشاركة الواعية والمؤثرة‪ ،‬نحو‬
‫‪ ‬تغيير األوضاع وتفادي تعريض االستقرار العام إلى الفوضى والالقانون‪.‬‬
‫انطباع المواطن الجزائري عن القانون‪ ،‬ميزاجي وانفعالي‪ ،‬وغير موضوعي في أحيان كثيرة‪ ،‬فإذا ما‬
‫بلغ حاجاته يشعـر باالطمئنان واذا فشل في مرماه حمل القوانين كافة المسؤولية مـن خالل وصف ذلك‬
‫"حقرة"‪ .‬فمـن ناحية‪ ،‬هـذا التعليل والتبرير الذي يلجـا إليـه المـواطن هو نتيجة العالقة المتوترة والسيئة التي‬
‫تربطه بمختلف أجهزة اإلدارة العامة في الدولة‪ .‬ومن ناحية أخرى هو نتاج عدم فعلية ثقافة القانون لدى‬
‫النخبة الممثلة للدولة‪ ،‬وعلى نفس الصورة السلبية التي يكونها المواطن عنها‪ .‬لم تساعد على اقرار أن‬
‫السلبيات إنما مصدرها ذهنيات بشرية معينة وليس القانون الذي غالبا ما يؤول سياسيا لخدمة أهداف‬
‫معينة‪ ،‬فالثقة والمصداقية عنصران أساسيان في نشر ثقافة قانونية محايدة وجادة‪.‬‬
‫اذا لم يطبق القانون يعني‪ ،‬فقط‪ ،‬ان وظيفة حكومية لم تؤد على الوجه االكمل‪ .‬ولكن القانون غير‬
‫المطبق يبقى قانونا‪ .‬وعليه‪ ،‬ال يمكن الحديث عن فعلية القانون اال من خالل الربط بين ثالثة مفاهيم‬
‫‪1‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫المشروعية ‪ ،La Légalité‬و الشرعية ‪ ،LA Légitimité‬والفعلية ‪.L’Effictivité‬‬
‫ان ثقافة الدولة المفترض أن يتحلى بها األداء الحكومي والتمثيل الرسمي لمختلف أعوان الدولة؛‬
‫هي من الوجهة السياسية قبل القانونية‪ ،‬قيم و فضائل واستعدادات‪ ،‬تترجمها الكفاءة والنزاهة وحصافة‬
‫العقل عند مباشرة رعاية الشؤون العامة للمواطن والدولة‪ ،‬وهي بذلك تقيم تميي از معياريا واضحا بين‬
‫المصالح الشخصية والمصالح العامة‪.‬ثقافة الدولة في طبيعتها الديمقراطية الجديدة‪ ،‬إنما تتضمن عالقات‬
‫تشاورية الشتراك الفاعلين األساسيين في عملية صنع القرار‪ ،‬انطالقا من اإلطار العام والمبادئ التي‬
‫تحكم وتوجه السياسة العامة في الدولة‪ ،‬فالمسؤول مهما كانت مرتبته المهنية ومركزه االجتماعي هو في‬
‫النهاية مسخر لخدمة المواطن‪ .‬وال يمكن في أي حال من األحوال أن يقلب القاعدة إلى استثناء ‪.‬أو‬
‫يستغل وضعه لالستئثار بحقوق الغير ليتصرف فيها على أساس امتيازات شخصية‪ .‬تكريس ثقافة الدولة‪،‬‬
‫عملية مشتركة بين المجتمع والدولة؛ فاألول يشكل مخزونا لبرمجة تعدد االختيارات والمصالح‪ .‬وبالتالي‬
‫إذا كان يتسم نشاطه بالفعالية والجدية فانه يملك شروط وآليات تأهيل من يتوسم فيهم القدرة و الكفاءة‪،‬‬
‫كرجال دولة حقيقيين يضحون من اجله وليس كرجال سلطة انتهازيين‪ .‬في حين أن الثانية (الدولة)‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yann Leroy « La Notion d’effictivité du Droit », Revue Droit et Société, n°79, (2011/3),‬‬
‫‪PP.715-732.‬‬

‫‪316‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫بإمكانها فرض سلطتها العدلية والقانونية المبنية على إرادة صاحب السيادة في معالجة أي فوضى‬
‫مجتمعية‪ ،‬من خالل المؤسسات التي تبني لهذه المهمة باعتبارها مرك از لصياغة الحلول العقالنية تجاه ما‬
‫يواجه المجتمع من عراقيل وصعوبات‪ .‬وبذلك تعتبر ثقافة الدولة ممارسة سوسيولوجية قوامها توفر حد‬
‫أدنى من أخالقيات رجل الدولة ‪.‬‬
‫العمل المؤسساتي في دولة القانون ال يعمل جراء ردود الفعل التي تصله من محيطه العام‪ ،‬وانما‬ ‫‪‬‬
‫ينكب على بلورة استراتجيات بكل تكتيكاتها الممكنة‪ ،‬وبدائلها المتعددة وال يتـرك المجـال للصدفة أو‬
‫لضروب الحظ التي تراهن على عامل الزمن والدورة التاريخية‪ .‬لقد أدت ثقافة التفسير األسطوري لألحداث‬
‫في الج ازئـر‪ ،‬عند حدوث األزمات إلى لجوء رموز النظـام السياسي إلى إلصاق تهم جاهزة بأعداء وهميين‪،‬‬
‫وتحميلهم كافـة المسؤولية عن أزمة المجتمـع والدولة‪ .‬ذهنيـة المؤامرة تورط صانعيها من حيث ما أرادوا‬
‫تقديمها المبـرر الوحيـد إلعفائهم من تبعـات ضعفهم‪ ،‬وقصور نظرهم عند تسيير مصالح األمة‪ .‬الن‬
‫المنطق التحليلي لهذا السلوك‪ ،‬يكشف أن الخطاب السياسي الذي دائما يصور انجازاته‪ ،‬تصوي ار أسطوريا‬
‫يدخل ضمن المعجزات‪ .‬وافالس المنطق التآمري‪ ،‬وعجز النخبة الحاكمة‪ ،‬وتردي األوضاع العامة‪ ،‬وتبخر‬
‫مشاريع العصرنة والتحديث‪ ،‬عوامل داخلية تجرد الدولة من هيبتها المعنوية قبل المادية في عيـن أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫استنفاذ المشروعية التاريخية مفعولها التبريري‪ ،‬وتعطل العملية الدستورية وعدم تناسق حركتها نحو‬
‫تبني خيارات محددة تعبر عن طبيعة المشروع المجتمعي‪ ،‬يحتم اللجوء إلى صياغة نظرة جديدة عن‬
‫نموذج الدولة التي تصلح أن تكون أداة أساسية وحيدة‪ .‬أي تطوير شرعية جديدة قوامها القانون للتجديد‬
‫والتجدد االجتماعي‪.‬‬
‫رغم أن الديمق ارطية الجزائرية تعاني حالة األزمة‪ ،‬إال أنها فتحت أماال واسعة وعريضة للحديث عن‬
‫مفهوم دولة القانون‪ ،‬كغاية ووسيلة معا‪ ،‬كغاية ألنها البديل المثالي لنموذج الدولة البائد المبني على‬
‫االحتكار السلطوي و التنظيم البيروقراطي الممركز‪ ،‬إلى نموذج يعتمد على شرعية الحق والعدل في‬
‫بعديهما التعاقدي بين طرفي العقد‪ .‬بمعنى أن الدولة حسب هذا المفهوم تكون منتوجا اجتماعيا ينال رضا‬
‫الناس والمواطنين‪ .‬من حيث كونها تستمد ماهية وجودها من الشعب‪ ،‬فإنها تتماسس كسلطة معبرة عنه‬
‫في إطار مؤسسات موزعة حسب حاجاته وأهدافه المبرمجة‪ ،‬لتسيير المجتمع‪ .‬وتتدخل طوعا أو كرها‬
‫لفرض احترام القانون وتطبيقه‪ .‬ومن ثمة تتكرس مشروعيتها عن طريق انجاز تنموي شامل في جميع‬
‫قطاعات المجتمع‪ ،‬فتدخل الدولة ال يعني الرجوع إلى مهام الدولة الحارسة‪ ،‬وانما أصبح تدخلها منظما‬
‫ويزداد شرعية وضرورة مع تعقد مشاكل حياة المجتمع‪.‬‬
‫بالفعل فدولة القانون‪ ،‬هي دولة المؤسسات‪ ،‬التي تكون فيها القوانين الحكم الفاصل ومحور العمل‬
‫السياسي‪ ،‬إال ان الظاهرة الديمقراطية بسبب فتوتها‪ ،‬وتناقضها مع الثقافة السياسية التي كانت ضمن‬
‫المشروع الوطني‪ ،‬لم تستطع بلورة نموذج لمثل دولة القانون وفلسفتها وقيمها‪ ،‬وأساليب بنائها‪ .‬بل ركزت‬

‫‪317‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫على إظهار عيوب النموذج القائم‪ ،‬وتعداد سلبياته ومظالمه‪ .‬ناهيك عن سيطرة شعبوية اجتماعية جديدة‬
‫تبتدع الحلول وتكثر من الوعود دون نظر إلى القدرات والطاقات الممكنة االستعمال‪ ،‬بغرض تلبية‬
‫المطالب االجتماعية‪ .‬التي غالبا ما تكون ثورية وجذرية‪ .‬مما يدل على أن حدة الصراعات االجتماعية لم‬
‫تتمكن من بلورة اتفاقات واسعة حول الغايات واألدوات المقبولة للممارسة السياسية‪ ،‬بسبب المبالغة في‬
‫‪ ‬المواقف العاطفية والرمزية على حساب المنطق والمعطيات الموضوعية‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬دولة القانون‪ ،‬هي نتاج نضال سياسي واجتماعي منظم وواعي تقوم به قوى المجتمع المدني‬
‫ضد السلطة السياسية المستحوذة على الدولة دون منازع‪ .‬واذا كان مشروع دولة القانون مكرس على‬
‫مستوى النصوص على األقل‪ ،‬فإنه ال مناص من أن يعيد المجتمع النظر في كيفيات تطبيقه ميدانيا‪ ،‬من‬
‫خالل فرز نخبة جديدة حريصة على االلتزام ببنود العقد السياسي الجديد‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫خالصة الفصل‬
‫ان اصالح الجماعات المحلية كجزء من النظام المؤسساتي في الدولة ‪ ،‬يبقى رهينا لمنطق االصالح‬
‫العام والشامل الذي يسري على باقي القطاعات العمومية بالدرجة االولى ‪ ،‬بشقيه السياسي واالداري؛ وهما‬
‫النسقان االسترتيجيان في التأثير على االنساق الفرعية االخرى ؛ كاالقتصاد واالجتماع ‪ .‬حتى وان كانت‬
‫‪ ‬هذه الميادين متالزمة ومتداخلة‪ .‬اال ان التجربة تبين ان المتغير الثابت في عملية االصالح والتغيير‬
‫برمتها انما تقع تحت فعالية العوامل السياسية ‪ ،‬التي توفرها االرادة السياسية المتحكمة في آليات تسيير‬
‫النظام السياسي ‪ ،‬والموجهة لعمل السلطة المركزية كقوة مقررة ومنفذة لنشاط هذه االرادة ‪.‬‬
‫ونظ ار لمحدودية عملية االصالح التي شهدتها الجزائر منذ سنة ‪ 1911‬الى غاية اآلن ‪ ،‬لم تتمكن من‬
‫بلوغ اهدافها بسبب ضعف االرادة السياسية في االنتقال‪ ،‬من نمط سياسي واداري شديد التمركز والتسلط‪،‬‬
‫الى نمط ديموقراطي متعدد ومفتوح ‪ .‬ضاعت تلك الفرص ‪ ،‬وتعاظمت التحديات ‪ ،‬واصبح من الضروري‬
‫تجديد خطاب االصالح الشامل ‪ ،‬انطالقا من مركز النظام‪ .‬والتأسيس لمشاريع اصالحية ‪ ،‬معممة على‬
‫قاعدة الحكامة المحلية ‪ ،‬وما تعنيه من رشادة وتجديد نخب ونزاهة ومحاسبة ‪ ،‬وجودة وفعالية ومردودية‬
‫عالية ‪ ،‬لمختلف اوجه النشاط العمومي ‪ .‬رغم بعض التحسينات التي عرفتها الجماعات المحلية ‪ ،‬في‬
‫مجال تقديم بعض الخدمات المرفقية ‪ ،‬اال انها ماتزال تفتقد الى قيم العمل المؤسسي المبدع الدائم في‬
‫مواجهة المشاكل العمومية ‪ .‬وال تملك القدرة الكافية من حيث االستقاللية لتخطيط اعمالها العمومية‬
‫وتحسين مردودية مواردها ‪ ،‬وامالكها المنتجة للمداخيل ‪ .‬وتبقى تعاني سلبيات التبعية الوظيفية لمركز‬
‫القرار السياسي وتحت وصاية شديدة ‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬الحديث عن اصدار قوانين اصالحية ليست اال مجرد‬
‫اجراءات شكلية للتغطية عن عمق االزمة التي تضرب النظام المؤسساتي ‪ .‬فشل االصالح الذي صيغ‬
‫ببرنامج غير متكامل ؛ كشف عن تزايد المطالبة باالصالح في المجتمع ‪ .‬وبالمقابل تشكلت بيئة غير‬
‫معلنة لمقاومة ارهاصات التغيير واالصالح ‪ .‬تتخذ مثل هذه القوى المعادية الي تغيير من السلطة‬
‫المركزية وامتداداتها المحلية ‪ ،‬وخاصة تلك المستفيدة من الطبيعة الريعية لموارد السياسة العامة للدولة في‬
‫مختلف القطاعات ‪ .‬مما ادى الى انتشار ظاهرة الفساد واستشرائه الواسع من دون وازع اخالقي او رادع‬
‫قانوني‪ .‬وحتى جهود معالجته تعتبره قضايا معزولة وعادية كما هو الشأن في كل المجتمعات‪ .‬لتفرز حالة‬
‫العجز التي اصابت مؤسسات الدولة ‪ ،‬وعقم نضال الطبقة السياسية والمجتمع المدني الى ميالد حراك‬
‫مجتمعي واسع وعفوي ‪ ،‬متجاو از لمطالب المعارضة ‪ ،‬وخطابات السلطة عن االصالح والتغيير الجذري‬
‫لالوضاع‪ .‬على اساس ارادة سياسية جديدة ‪ ،‬قوامها عقد وطني ‪ ،‬يسعى لبناء دولة القانون ‪ ،‬عوض‬
‫سلطة االشخاص والعصب ‪ ،‬والعالقات الزبائنية التي انتشرت في ظل ثقافة الفساد واالستبداد‪.‬‬
‫وعليه ‪ ،‬فسياقات االصالح تتميز بالتأزم ‪ ،‬والتعقيد ‪ ،‬ومطالب الحراك المجتمعي تراهن على تحرير‬
‫االرادة السياسية الحقيقية ‪ ،‬وفرز نخب قوية بشرعيتها واخالقها السياسية‪ ،‬تنتقى وتختار عبر االقتراع العام‬
‫لتمثيل المصالح العليا لالمة في مؤسسات الدولة ‪ ،‬بدءا من الجماعة المحلية الى كل انظمة الدولة‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫الفصـل الخامس ______________ سياقات االصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص والتحديات‬

‫اليمكن ‪ ،‬الي اصالح للجماعات المحلية ان ينجح اذا لم يتم اصالح الدولة في كليتها ؛ وتلعب االرادة‬
‫السياسية دو ار فاصال في العملية‪ .‬وما غيابها او سوء استعمالها اال دليل عن الدور المنوط بها ‪ ،‬وخاصة‬
‫اذا تمت حركة االنتقال السياسي سلميا ‪ ،‬وتبناه المجتمع كمشروع سياسي متوازن ومتكامل يفتح المجال‬
‫رحبا امام الطاقات النخبوية الجديدة التي تعبر بواقعية وصدق عن تطلعات كبرى كامنة في المجتمع ‪،‬‬
‫‪ ‬يمكن اكتشافها واستعمالها في اتجاهها الصحيح ‪ ،‬وتبنى عليها اركان دولة القانون والمؤسسات لخدمة‬
‫المجتمع‪ .‬النه مصدر االرادة التي تصنع تلك الدولة وليس العكس‪ ،‬وهذا هو السر وراء نجاح الدول‬
‫المتقدمة ‪ .‬اي اليجب ان تكون الدولة و جماعاتها المحلية ‪ ،‬في صراع ابدي ضد المجتمع‪ ،‬بل نتاج له‬
‫ومعبرة عنه وفي خدمته فقط ‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫خاتمة وإستنتاجات __________________________________________‬

‫خـــــــاتمة‬
‫خاتمة وإستنتاجات __________________________________________‬

‫بعد إلدرإسة إلمستفيضة لمختلف عناصر إلموضوع ؛ يتبين أن إلجماعات إإلقليمية في إلجزإئر تشكل‬
‫نظاما إدإريا يكمل ويخدم إلنظام إلمركزي وال يتناقض معه‪ .‬يعتمد إلالمركزية إلمرنة في تدبير وتسيير شؤونه‬
‫إلمحلية‪ .‬وهي تبعية وظيفية أكثر منها تبعية هيكلية؛ ويبرز بناءه إلمؤسسي كمنظمة مركبة من جهازين‬
‫رئيسيين هما‪ :‬إلمؤسسة إإلدإرية وإلمؤسسة إلسياسية‪ .‬وتبدو إلمفاهيم إلتي يوصف بها إلنظام‪ ،‬وكأنها تعبير‬
‫خفي عن وجود أزمة‪ ،‬تبحث عن حلول مشابهة لتلك إلنماذج إلتي أنجبت إلفعالية وإلكفاءة إلمهنية‪ .‬وتحاول‬
‫جاهدة إالنصهار إلشكلي فيها من دون قاعدة سياسية وإضحة ومنظمة‪ ،‬تجاه إلمجتمع إلتي أوجدها أو في‬
‫إبسط إألحوإل تجاه إلقضايا إلتي تتباهى بخدمتها إو إنجازها‪.‬‬

‫تفضي إلرؤية إإلسترإتيجية إلتي إعتمدناها لدرإسة إلجماعات إإلقليمية ؛ إلى إلبحث إلمكثف عن‬
‫إلروإبط إلسببية إلتي تحكم مبادئ إلتنظيم‪ ،‬وأهدإف إلتسيير ضمن إإلطار إلعام إلذي يحدد نشاط هذه‬
‫إلجماعات في مدلولها إلسياسي وإإلدإري في أن وإحد‪ .‬كما يعكس شكل إلتنظيم وثقافته و إلى درجة كبيرة‬
‫محتوى وح جم إلتفاعالت إلتي تفرزها إلبيئة إلمحلية وتأثيرإتها على صناع إلقرإر إلمحلي لتلبية مطالب‬
‫إلموإطن إلمختلفة‪ .‬وتتولى هنا إلسلطات إلمحلية‪ ،‬إلدور إلمحوري في إإلدإرة وإلتنظيم وإلتسيير وإلتوجيه؛ ألنها‬
‫مفوضة تفويضا مزدوجا من طرف إلدولة‪ ،‬ومن طرف إلشعب‪ .‬وبالتالي تكون لها شرعية إلتمثيل إلسياسي‬
‫وإإلدإري على أساس سلمية رئاسية متدرجة تمنح إلدولة فيها إألولوية في إلتمثيل وصنع إلقرإر‪.‬‬

‫ال تعاني إلجماعات إإلقليمية شح إلموإرد عند تسيير شؤونها إلمحلية؛ وإنما هي ضحية نظامها إلقانوني‬
‫إلذي يتحكم فيها ‪ ،‬نتيجة تناقضاته بين إلمبدأ وإلغاية مما جعلها عبئا على إلدولة‪ ،‬وال تجتهد إطالقا للبحث‬
‫عن موإرد خارج دعم إلدولة؛ كمتعامل عمومي يجب أن يخضع لقوإعد إقتصادية لتجاوز إلعجز إلمزمن‪.‬‬

‫ولما تثار قضايا إلمشاركة إلسياسية في صنع إلقرإر تكون دإئما وليدة أزمة أكثر مما تعبر عن إرإدة حقيقية‬
‫لتغيير إألوضاع إلرإكدة‪ ،‬فالديمقرإطية إلمحلية كشكل من أشكال إلممارسة إلسياسية توظف كمفردة مبهمة‬
‫لدى إلنخب إلمتنفذة لالستهالك إالنتخابي وإإلعالمي فقط ‪.‬‬

‫كما ال تقدر إلقوى إلسياسية في إلوقت إلرإهن‪ ،‬مغالبة إرإدة إلسلطات إلمركزية‪ ،‬عند إلحديث عن إالنشغاالت‬
‫إلمحلية بسبب ضعفها‪ ،‬وعدم جديتها‪ ،‬وإفتقارها إلي قوإعد شعبية ملتزمة ومناضلة من إجل مقاصد ومطالب‬
‫مشروعة يمكن إنجازها ميدإنيا‪ ،‬إذإ ما وصلت إلى إلمجالس إلمنتخبة إلمحلية‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫خاتمة وإستنتاجات __________________________________________‬

‫ومما سبق يتضح بجالء أن إإلصالح وإلتغيير إلعقالني أصبح ضرورة إسترإتيجية؛ ال مفر منها رغم‬
‫إلتحديات إلدإخلية إلمتسمة بالتعقيد وإلضغوط إلخارجية إلهائلة‪ ،‬إلتي صاحبت حركة إلعولمة والسيما في‬
‫مجال إالتصاالت إلتقنية وإلمعلوماتية‪ ،‬وما تتيحه من تبادالت وتفاعالت غير متحكم فيها‪ ،‬نتيجة وجود فجوة‬
‫رقمية ال يمكن سدها‪ ،‬إال من خالل رؤية إستشرإفية لمشروع مستقبلي ؛ يقتبس من روح إلعصر ويحافظ على‬
‫هويته إلوطنية ‪،‬عبر تجديد إلنخب وإألنظمة إلتي تقوم عليها مؤسسات إلدولة حاليا‪ ،‬وخاصة إلجماعات‬
‫إلمحلية‪ .‬فال يمكن إصالح هذه إالخيرة ‪ ،‬من دون إصالح شامل لكل مؤسسات إلدولة ؛على إعتبار إن نمط‬
‫إلثقافة إلسياسية إلساري ؛مبني علي رؤية محافظة إستنفذت مبررإت وجودها ولم تعد بمقدورها إستقطاب‬
‫طاقات جديدة ‪ ،‬إال من باب إلزبائنية وإلتوظيف إلسياسي ‪ ،‬إلدإمة مرإكز نفوذها وخدمة مصالحها إلمتشابكة‬
‫وإلمتناقضة في أن وإحد‪.‬‬

‫لقد أضحى إلطرح إلمؤسسي بديال إسترإتيجيا عن إلنزعة إلفردية أو إلشخصية في إدإرة إلدول وتنظيم‬
‫إلمجتمعات وعندئذ تصبح دولة إلحق وإلقانون وليدة إرإدة سياسية وليست مجرد كالم مناسباتي إو رغبة‬
‫إنفعالية سرعان ما تزول بزوإل مؤثرها إآلني ‪ .‬يؤدي إلمدخل إلمؤسسي إلى صياغة عقد إجتماعي للتمثيل و‬
‫إلمشاركة وإلتنظيم وإإلدإرة بين إلمجتمع وإلدولة إنطالقا من قاعدة إلجماعات إإلقليمية إلى هرم إلسلطة‬
‫إلمركزية‪ ،‬إلعادة صياغة إلمرإكز وإألدوإر على أسس وإضحة وفعالة قوإمها إلشرعية وإلجدإرة وإالستحقاق‬
‫وإألخالق وإلنزإهة‪.‬‬
‫و بناء على ذلك‪ ،‬يمكننا إستخالص إالستنتاجات‪ ،‬وتقديم إلتوصيات إلتالية‪:‬‬
‫االستنتاجات ‪:‬‬

‫‪ -‬نظام إلجماعات إلمحلية في إلجزإئر ملحق وظيفيا بالنظام إلمؤسساتي إلوطني‪ ،‬مما يجعل إلحديث‬
‫عن إستقالليته مجرد خيال ‪.‬‬
‫‪ -‬دور إلمجالس إلمنتخبة في إلتمثيل إلسياسي للمنتخبين ضعيف وهش ‪ ،‬مما يفسح إلمجال وإسعا‬
‫لهيمنة تمثيل إلبيروقرإطية إلسياسية إلتي يتميز بها إلنشاط إلعمومي لممثلي إلدولة في إالدإرة‬
‫إلمركزية وإالقليمية‪.‬‬
‫‪ -‬رغم إهمية إلفلسفة إلتي تبنى عليها إلسياسات إلعامة في إلدولة ‪ ،‬إال إن إلسياسة إلعامة إلمحلية‬
‫للجماعات إلمحلية الزإلت غير قادرة على إلتعبير عن كل إنشغاالت إلجماعة ‪ ،‬وذلك نتيجة تبعية‬
‫إلجماعة للمركز ‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫خاتمة وإستنتاجات __________________________________________‬

‫‪ -‬إلبحث عن صيغ إدخال مقومات إلفعالية إالقتصادية في إدإرة إلتنمية إلمحلية ‪ ،‬يبقى مرهونا بإرإدة‬
‫إلسلطة إلمركزية إلتي يمكنها تشجيع إلدور إالقتصادي وإلمقاوالتي للجماعة كمتعامل عمومي ‪.‬‬
‫‪ -‬حالة إالزمة إلتي تميز تنظيم إلجماعات إلمحلية وتسييرها ‪ ،‬تمثل فرصا سانحة لإلصالح وإلتغيير ‪،‬‬
‫وتشكل تأثي إر مباش إر على عملية إصالح إلدولة وهياكلها ووظائفها ككل‪.‬‬
‫وبالتالي ‪ ،‬تبدو إسترإتيجية تسيير إلجماعات إلمحلية محدودة جدإ ‪ ،‬طالما إنها صودرت معظم‬
‫صالحياتها في إلعمل وإالبدإع إلمؤسسي و باألساس في جانبها إالقتصادي وإلسياسي ‪ .‬لتظهر‬
‫وكأنها مكلفة بتسيير إلشؤون إليومية وفقط‪ .‬وينسحب ذلك بالخصوص على إلسلطات إلمحلية‬
‫إلبلدية‪ ،‬باعتبارها إلعددي ‪ .‬فال يمكنها إدإريا إلتأثير إلفعال في رسم إلسياسات وإتخاذ إلقرإر ‪ ،‬نتيجة‬
‫ضعف موإردها (هشاشة إلتمثيل إلسياسي وعدم كفاءتها إالدإرية ‪ .)...‬وشدة إلوصاية وإلرقابة‬
‫إلمفروضة عليها ‪ ،‬باإلضافة إلى عدم كفاية وسائل إلعمل إلعمومي ‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫التوصيات‬

‫‪ -‬إالصالح إلجذري وإلعميق للنظام إلمؤسساتي للدولة ‪.‬‬


‫‪ -‬إالعترإف باالستقاللية إلحقيقية للجماعات إلمحلية ‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع إلكفاءإت إلنزيهة وإلمقتدرة لقيادة إلعمل إلعمومي‪.‬‬
‫‪ -‬إحترإم إالرإدة إلسياسية للناخبين في إختيار ممثليهم محليا ووطنيا ‪.‬‬
‫‪ -‬إشرإك إلفاعلين إلحقيقيين وإلشرعيين في صناعة إلقرإر إلمحلي ‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع إلعضوية في مجلس إلوالية إلى رؤساء إلبلديات ‪.‬‬
‫‪ -‬تفعيل إلتعاون ما بين إلبلديات على إالقل في نطاق إلدإئرة إو إلوالية إلوإحدة ‪.‬‬
‫‪ -‬تعويض إلرقابة إلوصائية بالرقابة إلبعدية للقضاء إالدإري‪.‬‬
‫‪ -‬إلغاء إلدإئرة طالما إنها ال تمثل سلطة محلية حقيقية ‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع إلهيئة إلتنفيذية للوالية إلى رئيس إلمجلس إلشعبي إلوالئي إلى جانب إلوإلي ‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع إلدور إالقتصادي للجماعة إلمحلية ‪.‬‬
‫‪ -‬تخصيص نصيب مالئم من إالوعية إلضريبية لصالح إلبلديات فقط ‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫المعتمدة‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ ‬المراجع باللغة العـــربية‬


‫‪ ‬القرآن الكريم‬
‫‪ ‬الكــــــتب‬
‫ابو بالل ‪،‬عبد اهلل الحامد‪ ،‬ثالثية المجتمع المدني ‪:‬عن سر نجاح الغرب واخفاقنا‪ ،‬بيروت ‪:‬‬ ‫‪)1‬‬
‫الدار العربية للعلوم‪.‬ط‪.4002 .1‬‬
‫األسود‪ ،‬صادق‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬أسسه أبعاده‪ ،‬بغداد‪.1990 ،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫أالن دال‪ ،‬روبيرت ‪ ،‬التحليل السياسي الحديث‪( ،‬ترجمة ‪ :‬عالء أبو زيـد)‪ ،‬القاهرة ‪ :‬مركز‬ ‫‪)3‬‬
‫اإلعالم للترجمة والنشر‪ ،‬ط‪.1991 ،00.‬‬
‫االن دال ‪ ،‬روبرت ‪ ،‬عن الديمقراطية‪( ،‬ترجمة‪ :‬سعيد محمد الحسنية)‪ ،‬بيروت‪ :‬شركة‬ ‫‪)4‬‬
‫المطبوعات للتوزيع والنشر‪ ،‬ط‪.4012.1،‬‬
‫ايمن عودة ‪،‬المعاني ‪ ،‬اإلدارة المحلية‪ ،‬عمان ‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،‬ط‪.4010، 1‬‬ ‫‪)5‬‬
‫برهان‪ ،‬غليون‪ ،‬مجتمع النخبة‪ ،‬تونس ‪ :‬دار البراق للنشر‪ ،‬ط‪.1999 ،04.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫البسيوني ‪،‬عبد اهلل جاد البسيوني‪ ،‬التلوث القانوني والشرعية االجتماعية في العالم الثالث‪ :‬نظام‬ ‫‪)7‬‬
‫الحكم في مصر نموذجا‪ ،‬القاهرة ‪ :‬مكتبة االنجلو مصرية‪ ،‬ط‪.4014 ،1‬‬
‫بعلي ‪ ،‬محمد الصغير‪ ،‬قانون اإلدارة المحلية الجزائرية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪)8‬‬
‫‪.4002‬‬
‫بعلي‪ ،‬محمد الصغير‪ ،‬القانون اإلداري‪ :‬التنظيم اإلداري –النشاط اإلداري‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار العلوم‪،‬‬ ‫‪)9‬‬
‫‪.4002‬‬
‫بقيوة ‪،‬عمار ‪ ،‬التشريع الجزائري‪ :‬الحالة المدنية‪ ،‬وثائق السفر‪ ،‬االسرة‪ ،‬الجنسية‪ ،‬الجزائر‪:‬‬ ‫‪)11‬‬
‫المؤسسة الوطنية للكتاب‪.1990 ،‬‬
‫بن بوضياف‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬معالم لتسيير شؤون البلدية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الهدى ‪.4012 ،‬‬ ‫‪)11‬‬
‫بهاء الدين‪ ،‬أحمد‪ ،‬شرعية السلطة في العالم العربي‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الشروق‪ ،‬ط‪.1990 ،04.‬‬ ‫‪)12‬‬
‫بو الشعير‪ ،‬سعيد‪ ،‬النظام السياسي الجزائري‪ ،‬الجزائر ‪ :‬دار الهدى‪ ،‬ط‪.1991 ،04.‬‬ ‫‪)13‬‬
‫جابر‪ ،‬عوض‪ ،‬الالمركزية والتنمية في الخبرة االسيوية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات االسيوية‪ ،‬كلية‬ ‫‪)14‬‬
‫االقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة ‪.4011 ،‬‬
‫جغلول ‪،‬عبد القادر ‪ ،‬اإلشكاليات التاريخية في علم االجتماع السياسي عند ابن خلدون‪،‬‬ ‫‪)15‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الحداثة للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬ط‪.1994 ، 1‬‬
‫جيف‪ ،‬موزي وريتشارد‪ ،‬هاريمان‪ ،‬اإلبداع المؤسسي‪ :‬إنشاء منظمة مبدعة‪( ،‬ترجمة‪ :‬مها‬ ‫‪)16‬‬
‫سليمان) ‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة العبيكان‪.‬ط‪.4011 .1‬‬

‫‪326‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫جيمس‪ ،‬أندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة (عامر الكبيسي)‪( ،‬عمان‪ :‬دار المسيرة للنشر‬ ‫‪)17‬‬
‫والتوزيع والطباعة ‪.،)1999 ،‬‬
‫حاتم بن صالح ‪ ،‬أبو الجدائل‪ .‬اإلستراتيجية‪ :‬فن تحويل الرؤية إلي واقع‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز‬ ‫‪)18‬‬
‫الخيرات المهنية لإلدارة‪ ،‬ط‪.4014 .1‬‬
‫حرزني‪ ،‬احمد (وآخرون)‪ ،‬الديموقراطية المحلية ؛الوحدة الوطنية والتنمية‪ ،‬الرباط ‪ :‬شركة أوداد‬ ‫‪)19‬‬
‫لالتصال‪.4001 ،‬‬
‫حسن ‪ ،‬كريم‪" ،‬مفهوم الحكم الصالح" في‪ :‬اسماعيل الشطي‪( ،‬واخرون)‪ ،‬الفساد والحكم الصالح‬ ‫‪)21‬‬
‫في البالد العربية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.4002 ،4‬‬
‫حنا‪ ،‬نصر اهلل‪ ،‬االدارة العامة ‪:‬المناهج و التطبيقات‪ ،‬عمان ‪ :‬جامعة الزيتونة االردنية‪.4004 ،‬‬ ‫‪)21‬‬
‫حيدر ‪ ،‬يونس إبراهيم ‪ ،‬أساسيات اإلدارة‪:‬ا لكتاب األول‪ :.‬المدخل إلي اإلدارة اإلستراتجية‪،‬‬ ‫‪)22‬‬
‫دمشق‪ :‬دار الرضا للنشر‪ ،‬ط‪.4009 ،4.‬‬
‫خالد خليل‪ ،‬الظاهر‪ ،‬النظام االداري‪ :‬اسس ومبادئ ونشاط االدارة العامة وامتيازاتها في المملكة‬ ‫‪)23‬‬
‫العربية السعودية‪ :‬دراسة مقارنة‪.( ،‬د‪.‬م‪.‬ن‪ .‬د‪.‬د‪.‬ن‪ ،‬ط‪.)4014 ،1.‬‬
‫الخالدي‪ ،‬محمود ‪ ،‬البيعة في الفكر السياسي اإلسالمي‪ ،‬سلسلة دراسات من أجل فهم صحيح‬ ‫‪)24‬‬
‫لإلسالم‪ ،‬الجزائر‪ :‬شركة الشهاب للنشر والتوزيع‪.1999 ،‬‬
‫الخولي‪ ،‬سناء‪ ،‬التغيير االجتماعي والتحديث‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار المعرفة الجامعية‪.1991 ،‬‬ ‫‪)25‬‬
‫درويش ‪،‬عبد الكريم وتكال‪ ،‬ليلي‪ ،‬أصول اإلدارة العامة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة االنجلو مصرية‪.1990،‬‬ ‫‪)26‬‬
‫دريس‪ ،‬نبيل ‪ ،‬المشاركة السياسية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار األمة ‪ ،‬ط‪. 4012 ،1‬‬ ‫‪)27‬‬
‫دونالد ‪ ،‬ف‪ .‬كيتل‪ ،‬ثورة اإلدارة العامة العالمية‪ :‬تقرير حول تحول الحكم‪ ،‬ترجمة( محمد شريف‬ ‫‪)28‬‬
‫الطرح)‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪. 4001 ،1‬‬
‫الرياشي‪ ،‬سليمان (وآخرون)‪ ،‬األزمة الجزائرية ‪ :‬الخلفيات السياسية واالجتماعية واالقتصادية‬ ‫‪)29‬‬
‫والثقافية‪ ،‬بيروت ‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.1992 ،01.‬‬
‫سعودي ‪ ،‬محمد العربي‪ ،‬المؤسسات المركزية والمحلية في الجزائر‪ :‬الوالية والبلدية ‪-1515‬‬ ‫‪)31‬‬
‫‪ ،1962‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪.4002 ،‬‬
‫سفير‪ ،‬ناجي‪ ،‬محاوالت في التحليل االجتماعي‪ ،‬الجزء األول‪ :‬التنميـة والثقافـة‪( ،‬ترجمة ‪:‬م‪.‬ع‪.‬‬ ‫‪)31‬‬
‫بن ناصر)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬المؤسسة الوطنيـة للكتـاب‪.1992 ،‬‬
‫سفير‪ ،‬ناجي‪ ،‬محاوالت في التحليل االجتماعي‪ ،‬الجزء الثاني ‪ :‬التشغيل والصناعة والتنمية‪،‬‬ ‫‪)32‬‬
‫(ترجمة ‪ :‬م‪.‬ع‪ .‬بن ناصر)‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬المؤسسـة الوطنيـة للكتاب‪.1992 ،‬‬
‫السلمي علي ‪ ،‬و ل‪.‬نهرت‪ ،‬سياسات واستراتيجيات اإلدارة في الدول النامية‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار‬ ‫‪)33‬‬
‫غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫السويدي‪ ،‬محمد‪ ،‬مقدمة في دراسة المجتمع الجزائري‪ :‬المعاصر‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪)34‬‬
‫الجامعية‪.1992 ،‬‬
‫صبحي ‪ ،‬عبد الحفيظ قاضي‪ ،‬سيكلوجية العمل والعالقات اإلدارية‪ ،‬القاهرة‪ :‬المكتبة االنجلو‬ ‫‪)35‬‬
‫مصرية‪.1992 ،‬‬
‫الطعامنة‪ ،‬محمد محمود‪ ،‬وسمير محمد‪ ،‬عبد الوهاب‪ ،‬الحكم المحلي في الوطن العربي واتجاهات‬ ‫‪)36‬‬
‫التطوير‪ ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.4000،‬‬
‫الطعان ‪ ،‬عبد الرضا حسين‪ ، ،‬البعد االجتماعي لألحزاب السياسية‪ :‬دراسة في علم اإلجتماع‬ ‫‪)37‬‬
‫السياسي‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪.1990 ،1‬‬
‫عبد الرحيم ‪ ،‬العطري‪ ،‬سوسيولوجيا األعيان‪ :‬آليات إنتاج الوجاهة السياسية‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبعة‬ ‫‪)38‬‬
‫طوب برس‪ ،‬ط‪.4011 ، 1‬‬
‫عبد الفضيل‪ ،‬محمد‪ ،‬التشكيالت االجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي‪ :‬دراسة‬ ‫‪)39‬‬
‫تحليلية ألهم التطورات واالتجاهات خالل الفترة ‪ ،1985-1945‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬ط‪.1999 ،01.‬‬
‫العبد اهلل‪ ،‬مصطفى محمد (وآخرون)‪ ،‬اإلصالحات االقتصادية وسياسات الخوصصة في البلدان‬ ‫‪)41‬‬
‫العربية‪ ،‬بحوث الندوة الفكرية التي نظمها المركز الوطني للدراسات والتحاليل بالتخطيط بالجزائر‪،‬‬
‫بيروت ‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط ‪.1991 ،01‬‬
‫عبد المطلب غانم‪ ،‬السيد‪ ،‬دراسة في التنمية السياسية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة نهضة الشرق‪.1991 ،‬‬ ‫‪)41‬‬
‫العزاوي‪ ،‬وصال نجيب ‪ ،‬مبادئ السياسة العامة‪ ،‬عمان ‪ :‬دار اسامة للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪)42‬‬
‫‪.4001‬‬
‫عقيلي ‪ ،‬عمر وصفي ‪ ،‬االدارة المعاصرة‪ :‬التخطيط‪ -‬التنظيم‪-‬الرقابة‪ ،‬عمان ‪ :‬دار زهران‪،‬‬ ‫‪)43‬‬
‫‪.4009‬‬
‫علي الدين ‪ ،‬هالل (وآخرون)‪ ،‬تحليل السياسات العامة ‪ :‬قضايا نظرية ومنهجية‪ ،‬القاهرة ‪:‬‬ ‫‪)44‬‬
‫مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫عمارة ‪ ،‬محمد جاب اهلل‪ ،‬إدارة المؤسسات‪ :‬رؤية المراقبون والمتدخلون والقادمون‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬ ‫‪)45‬‬
‫المعرفة الجامعية للنشر والتوزيع‪.4011 ،‬‬
‫عواضة‪ ،‬حسن محمد ‪ ،‬اإلدارة المحلية وتطبيقاتها في الدول العربية ‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬القاهرة‬ ‫‪)46‬‬
‫‪:‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوريع‪ ،‬ط‪.1991 ،1‬‬
‫العواملة ‪ ،‬نائل عبد الحافظ ‪ ،‬إدارة التنمية‪ :‬األسس – النظريات–التطبيقات العملية‪ ،‬عمان ‪:‬‬ ‫‪)47‬‬
‫دار زهران ‪.4009.‬‬

‫‪328‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫الغزال‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية‪ ،‬القاهرة ‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪)48‬‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.1992 ،02.‬‬
‫غسان‪ ،‬سالمة‪ ،‬نحو عقد اجتماعي عربي جديد‪ :‬بحث في الشرعية الدستورية‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز‬ ‫‪)49‬‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.1992 ،01.‬‬
‫غليون‪ ،‬برهان‪ ،‬نظام الطائفية من الدولة إلى القبيلة‪ ،‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪،01.‬‬ ‫‪)51‬‬
‫‪.1990‬‬
‫فرانسيس‪ ،‬فوكوياما‪ ،‬بناء الدولة ‪ :‬النظام العالمي ومشكلة الحكم واالدارة في القرن الواحد‬ ‫‪)51‬‬
‫والعشرين‪ ،‬ترجمة (مجاب االمام)‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة العبيكان‪.4002 ،‬‬
‫فريك‪ ،‬بشير‪ ،‬الوالة في الجزائر في خدمة من ؟ الجزائر‪ :‬دار الشروق لالعالم والنشر‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪)52‬‬
‫‪.4012‬‬
‫فيريل‪ ،‬هيدي‪ ،‬اإلدارة العامة ‪ :‬منظور مقارن‪( ،‬ترجمة ‪ :‬محمد قاسم القريوتي)‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان‬ ‫‪)53‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪.1929 ،04.‬‬
‫القداحي‪ ،‬هشام محمود ‪ ،‬علم اجتماع السلطة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مؤسسة شباب الجامعة‪..4010 ،‬‬ ‫‪)54‬‬
‫القريوتي‪ ،‬محمد قاسم ‪ ،‬مبادئ اإلدارة ‪ :‬النظريات و العمليات و الوظائف‪ ،‬عمان‪ :‬دار وائل‪،‬‬ ‫‪)55‬‬
‫ط‪.4002 ،1‬‬
‫القريوتي‪ ،‬محمد قاسم ‪ ،‬نظرية المنظمة والتنظيم‪ ،‬عمان ‪ :‬دار وائل للنشر‪ ،‬ط‪.4010، 2‬‬ ‫‪)56‬‬
‫قيرة‪ ،‬اسماعيل (وآخرون)‪،‬مستقبل الديمقراطية في الجزائر‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬ ‫‪)57‬‬
‫العربية‪ ،‬ط‪.4009، 2.‬‬
‫الكابد ‪ ،‬زهير عبد الكريم‪ ، ،‬الحكمانية‪ :‬قضايا وتطبيقات‪ ،‬القاهرة‪ :‬المنظمة العربية للتنمية‬ ‫‪)58‬‬
‫االدارية‪.4001 ،‬‬
‫ماجد‪ ،‬صالح‪ ،‬الالمركزية والتنمية في الخبرة األسيوية‪ :‬قضايا نظرية وحاالت تطبيقية" في‪ :‬جابر‬ ‫‪)59‬‬
‫عوض (محرر مقاالت)‪ :‬الالمركزية والتنمية في الخبرة األسيوية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات‬
‫األسيوية‪4011 ،‬‬
‫المكاوي ‪ ،‬محمد محمود ‪ ،‬اإلدارة االلكترونية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر والقانون‪.4011 ،‬‬ ‫‪)61‬‬
‫ملحم‪ ،‬حسن‪ ،‬التحليل االجتماعي للسلطة‪ ،‬الجزائر‪ :‬منشورات دحلب‪.1991 ،‬‬ ‫‪)61‬‬
‫المنوفي‪ ،‬كمال‪" ،‬السياسة العامة وأداء النظام السياسي" في‪ :‬علي الدين هالل(محرر)‪ ،‬تحليل‬ ‫‪)62‬‬
‫السياسات العامة‪ :‬قضايا نظرية ومنهجية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية‪.1999 ،‬‬
‫ناصر‪ ،‬يوسف‪ ،‬دينامية التجربة اليابانية في التنمية المركبة‪ :‬دراسة مقارنة بالجزائر وماليزيا‪،‬‬ ‫‪)63‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.4010 ،1‬‬

‫‪329‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫نوربرت‪ ،‬هرمان ‪ ،‬اإلدارة بالتوافق‪ :‬الخيط الواصل بين السلطة والتبعية‪( ،‬ترجمة‪ :‬هاني صالح)‪،‬‬ ‫‪)64‬‬
‫الرياض‪ :‬مكتبة العبيكان ‪ ،‬ط‪.4001 ،1‬‬
‫الهراس‪ ،‬المختار‪" ،‬التحليل االنقسامي للبنيات االجتماعية في الغـرب العربـي"‪ ،‬في‪ :‬نحو علم‬ ‫‪)65‬‬
‫اجتماع عربي‪ ،‬لجنة من الباحثين‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪.1992 ،01.‬‬
‫الهرماسي‪ ،‬عبد الباقي (وآخرون)‪ ،‬الدين في المجتمـع العربـي‪ ،‬بيروت ‪ :‬مركـز دراسات الوحدة‬ ‫‪)66‬‬
‫العربية‪ ،‬ط‪.1990 ،01.‬‬
‫الهرماسي‪ ،‬عبد اللطيف‪ ،‬الدولة والتنمية في المغرب العربي‪ ،‬تونس نموذجا‪ ،‬سلسلة أفاق‬ ‫‪)67‬‬
‫مغربية‪ ،‬تونس ‪ :‬سراش للنشر‪.1991 ،‬‬
‫الهرماسي‪ ،‬محمد عبد الباقي‪" ،‬المدخل الثقافي االجتماعي إلى دراسة الدولة"‪ ،‬في ‪ :‬الدولة‬ ‫‪)68‬‬
‫واالندماج في الوطن العربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬بيروت ‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.1999 ،‬‬
‫ياسر عبد اهلل ‪ ،‬سرحان‪ ،‬المعجم األساسي في المصطلحات اإلدارية العربية القديمة والمعاصرة‪،‬‬ ‫‪)69‬‬
‫الرياض‪ :‬معهد اإلدارة العامة المجلّد الثاني‪.4012 ،‬‬

‫‪ ‬المجــالت و الدوريــات‬
‫إسماعيل‪ ،‬صبري‪ ،‬عبد اهلل‪" ،‬ملف التنمية المستقلة في الوطن العربي ‪ :‬اإلطـار النظري ‪ :‬دراسة‬ ‫‪)1‬‬
‫التنمية المستقلة ‪ :‬محاولة لتحديد مفهوم مجهل"‪ ،‬المستـقبل العربـي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬العـدد ‪( ،90‬أوت ‪.).1992‬‬
‫أمين‪ ،‬سمير‪" ،‬مالحظات حول أزمة الديمقراطية فـي الوطـن العربـي "‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪ (،24‬أفريل ‪.)1992‬‬
‫براهيمي‪ ،‬محمد‪" ،‬حق الحل في دستور‪ ،"1999‬المجلة الجزائريـة للعلـوم القانونيـة واالقتصادية‬ ‫‪)3‬‬
‫والسياسية‪ ،‬العدد ‪.).1991 (،01‬‬
‫بـرهان‪ ،‬غليون‪ " ،‬بناء المجتمـع المدنـي العربـي‪ :‬دور العوامـل الداخلية والخارجية "‪ ،‬المستقبل‬ ‫‪)4‬‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد‪( ،109‬افريل‪.)1994‬‬
‫بلحسن‪ ،‬عمار‪ " ،‬المشروعية و التوترات الثقافية حول الدولة و الثقافة في الج ازئـر "‪ ،‬المستقبل‬ ‫‪)5‬‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد‪( ،121‬نوفمبر ‪.)1990‬‬
‫بن اشنهو‪ ،‬عبد اللطيف‪" ،‬التنمية المستقلة في الوطن العربي ‪ :‬تجربـة الج ازئـر الدينامية االقتصادية‬ ‫‪)6‬‬
‫والتطور االجتماعي"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العـدد ‪ (،99‬يونيـو‬
‫‪.).1992‬‬

‫‪330‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫البهالي‪ ،‬خالد ‪ «،‬الحكامة التشاركية ‪ :‬قراءة في المفهوم وفي الجوانب اإلجرائية»‪ ،‬المجلة المغربية‬ ‫‪)7‬‬
‫لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد‪( ، 101‬نوفمبر –ديسمبر ‪ ،)4011‬ص ص‪.124-149‬‬
‫بودراع‪ ،‬احمد‪ "،‬المواطنة ‪ :‬حقوق وواجبات"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬العددان ‪،22/21‬‬ ‫‪)8‬‬
‫(صيف ‪ -‬خريف‪.)4012‬‬
‫بوعناوي‪ ،‬بوجمعة؛ "السلطة التنظيمية المحلية" ‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة المحلية والتنمية‪،‬‬ ‫‪)9‬‬
‫عدد‪( ،101‬نوفمبر‪/‬ديسمبر ‪.)4011‬‬
‫‪ )11‬جالل عبداهلل‪ ،‬معوض‪ "،‬ازمة المشاركة السياسية في الوطن العربي"‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪( ،00‬سبتمبر ‪.)1991‬‬
‫‪ )11‬خليفة كواري‪ ،‬علي‪" ،‬نحو فهم أفضل للتنمية باعتبارها عملية حضاريـة "‪،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪ (،90‬أوت ‪.)1992‬‬
‫‪ )12‬دندن عبد القادر‪ " ،‬من أجل انتخابات فعالة في وطننا العربي‪ :‬جوهر العملية اإلنتخابية في‬
‫الممارسة الديموقراطية "‪ ،‬المجلة العربية للعلوم السياسية‪ ،‬العددان ‪21‬و‪( ، 24‬شتاء –ربيع‬
‫‪.)4012‬‬
‫‪ )13‬سعد الدين‪ ،‬إبراهيم‪" ،‬مصادر الشرعية في أنظمة الحكم العربية"‪ ،‬المسـتقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪( ،24‬أفريل ‪.)1992‬‬
‫‪– )14‬شريفي‪ ،‬احمد ‪ "،‬تجربة التنمية المحلية في الجزائر" مجلة علوم انسانية‪ ،‬العدد‪.).4009( ،20‬‬
‫‪ )15‬عبد الغفار‪ ،‬شكر‪" ،‬العدالة االجتماعية في الوطن العربي في ضوء االخفاق التنموي والديمقراطي‬
‫واالمني "‪ ،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد ‪( ،229‬جوان ‪،)4012‬‬
‫‪ )16‬العطري عبد الرحيم‪" ،‬سوسيولوجيا الحركات االجتماعية"‪ ،‬مجلة اضافات ‪ ،‬العدد‪.) 4011( ،11‬‬
‫‪ )17‬غسان‪ ،‬سالمة‪" ،‬قوة الدولة وضعفها‪ :‬بحث في الثقافة السياسية العربـية "‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪ (،99‬مايو‪.)1992‬‬
‫‪ )18‬فارزماند علي‪ »،‬العولمة واالدارة العامة « ‪(،‬تر‪ :‬حلمي شحادة يوسف)‪ ،‬مجلة االدارة العامة‪،‬‬
‫المجلد‪ ،21‬العدد‪(،4‬جويلية‪.)4001‬‬
‫‪ )19‬الكنز‪ ،‬علي‪" ،‬معطيات لتحليل األنتلجنسيا في الجزائر "‪ ،‬المستقـبل العربـي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬العـدد ‪( ،102‬أكتوبر ‪.)1992‬‬
‫‪ )21‬الكنز‪ ،‬علي‪" ،‬من اإلعجاب بالدولة إلى اكتشاف الممارســة االجتماعية "‪ ،‬المستقبل العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد‪( ،109‬افريل ‪.)1994‬‬
‫‪ )21‬كولفرني محمد‪" ،‬التغيير االجتماعي والسياسي‪ :‬دراسة تأملية نقدية للمفاهيم"‪ ،‬المجلة العربية للعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬عدد‪.)10/4009( ،40‬‬

‫‪331‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ )22‬كيرك قان‪ ،‬دي قان‪" ،‬الجوانب السياسية لبناء الدولة في اقتصاديـات الريـع ‪ :‬مقارنة بين الج ازئـر‬
‫وليبيـا" ‪،‬المسـتقـبل العربـي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العـدد ‪ (،00‬سـبتمبر ‪.)1991‬‬
‫‪ )23‬لبيب‪ ،‬الطاهر‪ " ،‬عالقة المشروع الديمقراطي بالمجتمع المدنـي العربـي"‪ ،‬المستقبـل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪( ،109‬افريل‪.)1994‬‬
‫‪ )24‬لحرش كريم ‪(.‬تنسيق وتقديم المقاالت)‪ .‬الجهوية المتقدمة بالمغرب‪ :‬رهان للحكامة التشاركية‪.‬‬
‫سلسلة الالمركزية واالدارة الترابية العدد ‪.19‬المغرب‪.‬ط‪)4014( .1‬‬
‫‪ )25‬ليمام ‪،‬محمد حليم ‪ »،‬الفساد النسقي والدولة االستبدادية‪ :‬حالة الجزائر‪ ، « 4016-1924 :‬مجلة‬
‫المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬عدد‪(،221‬سبتمبر ‪.)4012‬‬
‫‪ )26‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ‪ :‬سلسلة مواضيع الساعة ‪ :‬المفهوم الجديد للسلطة‬
‫( اعمال اليوم الدراسي المنظم من طرف المدرسة الوطنية لالدارة والجمعية المغربية للعلوم االدارية‬
‫يوم ‪ 4000/11/40‬بالرباط‪،.).‬العدد ‪،40‬ط‪.4001 .1‬‬
‫‪ )27‬المنوفي‪ ،‬كمال‪" ،‬منظور الثقافة السياسية والنظم السياسية العربية "‪،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪( ،90‬أوت ‪.)1992‬‬
‫‪ )28‬الميلي‪ ،‬محمد‪ ،‬الجزائر والمسألة الثقافية" « ‪،‬المستقبل العربي‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬األعـداد ‪( ،22،21،24 ،21‬جويلية‪ ،‬أوت‪ ،‬سبتمبر‪ ،‬أكتوبر ‪.)1994‬‬
‫‪ )29‬الهرماسي‪ ،‬محمد عبد الباقي‪ ،‬الدولة والنظام في المغرب العربي « ‪،‬المستقبـل العربي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬العدد ‪ (،04‬يونيو ‪.)1991‬‬
‫‪ )31‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ».‬مدونة المخططات البلدية للتنمية"‪ .‬مجلة‬
‫الداخلية‪ ،‬العدد‪( ،0‬فيفري ‪.)4019‬‬

‫‪ ‬النـــــدوات‪ ،‬المنتديات‪ ،‬الملتقيات والورشات‬

‫‪ ‬الملتقيات العلمية‪:‬‬
‫‪ )1‬جابي ‪ ،‬عبد الناصر ‪" ،‬الحركات االحتجاجية في الجزائر"‪ ،‬الدوحة‪ :‬المركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫‪4019/01/10. www.studies.aljazeera.net‬‬ ‫السياسات‪.4011 ،‬في‬
‫‪ )2‬الحيدري ‪ ،‬عبد اهلل الزين ‪" ،‬الميديا االجتماعية‪ :‬المصانع الجديدة للرأي العام"‪ ،‬قطر‪ :‬مركز الجزيرة‬
‫للدراسات‪ ،‬في‪ www.studies.aljazeera.net :‬تاريخ‪.4019/01/10 :‬‬

‫‪332‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ )3‬درة ‪ ،‬عبد الباري ‪ » ،‬تأصيل البحث االداري العربي في عالم متغير« ‪ ،‬ورقة قدمت في المؤتمر‬
‫العربي الثالث حول البحوث االدارية والنشر الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية االدارية‪،‬‬
‫القاهرة‪ 10-12:‬ماي ‪ ،4001‬في ‪ www.arado.org :‬تاريخ ‪.4010/01/40 :‬‬
‫‪ )4‬الطعامنة ‪ ،‬محمد محمود ‪" ،‬نظم االدارة المحلية‪ :‬المفهوم والفلسفة واالهداف"‪ ،‬الملتقى العربي االول‬
‫حول نظم االدارة المحلية في الوطن العربي‪ ،‬الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية االدارية‪ ،‬سلطنة‬
‫عمان‪40-19.‬اوت ‪.4001‬‬
‫‪ )5‬عبد المؤمن ‪ ،‬عبد الوهاب‪ « ،‬العهدة المحلية‪ :‬المحتوى والمقتضيات»‪ ،‬ورقة بحث قدمت في‪ :‬ملتقى‬
‫حول تسيير الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ :‬محمد منتوري‪( ،‬ايام ‪ 10-9‬جانفي‪.)4009‬‬
‫الملتقيات العملية‬ ‫‪‬‬
‫‪ )1‬المنتدى الدولي المنظم حول تعزيز قدرات الحكامة‪ ،‬الورشة الثانية حول ‪ »:‬تحسين المرافق العمومية‬
‫من خالل تعزيز الدور المزدوج لمدارس االدارة والحوكمة في مجال البحث العلمي والمساعدة على‬
‫اتخاذ القرار« ‪،‬بين و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية واالكاديمية الوطنية الصينية‬
‫للحكامة‪ .‬يومي‪ 4019/14/0-2‬بالجزائر‪.‬‬
‫‪ )2‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية‪ ،‬الملتقى الدولي حول تعزيز قدرات الحكامة‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬المركز الدولي للمؤتمرات‪ :‬عبد اللطيف رحال‪ ،‬يومي ‪ 0-2‬ديسمبر‪ ،4019‬في‪:‬‬
‫‪ ،www.interieur.gov.dz‬تاريخ‪. 4019-14-10 :‬‬
‫‪ )3‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬لقاء الحكومة –الوالة‪ :‬حكامة غير ممركزة من‬
‫أجل جماعة إقليمية حصينة ومبدعة ومبادرة‪ .‬المنظم يومي ‪49‬و‪ 49‬نوفمبر‪ 4019‬بالجزائر‪ :‬قصر‬
‫االمم ‪-‬نادي الصنوبر‪.‬‬
‫‪ )4‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة االقليم‪ ،‬الشباك االلكتروني للوثائق البيومتري والسياسة‬
‫‪،www.interieur.gov.dz.‬‬ ‫في‪:‬‬ ‫المحلية‪،‬‬ ‫الجماعات‬ ‫مجال‬ ‫في‬ ‫الحكومية‬
‫تاريخ‪.4019/01/10:‬‬
‫‪ )5‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬نظام المالية والجباية المحليتين‪ ،‬في‪:‬‬
‫‪ ،www.Interieur.gov.dz.‬تاريخ ‪4019/02/12‬‬
‫‪ )6‬و ازرة العدل‪ ،‬لمحة عامة عن االطار القانوني والمؤسسي للجزائر في سياق تنفيذ اتفاقية االمم‬
‫المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬مؤتمر الدول االطراف في اتفاقية االمم المتحدة لمكافحة الفساد‪ ،‬بنما‪-42:‬‬
‫‪ 42‬نوفمبر‪ ،4011‬في‪ ،www.mjustice.dz :‬تاريخ‪.4019/01/42 :‬‬
‫‪ )7‬و ازرة الفالحة والتنمية الريفية‪" .‬مسار التجديد الفالحي والريفي ‪ :‬عرض وافاق " ماي ‪.4014‬‬
‫‪ )8‬و ازرة الفالحة والتنمية الريفية‪ www.minagri.dz :‬تاريخ التصفح‪.4012/01/12 :‬‬

‫‪333‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ ‬التقــــارير الرسمية‬

‫‪ )1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ .‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة‪ .‬الجماعات‬
‫المحلية ‪ :‬التشريع والتنظيم ‪ :‬الوالية‪ :‬الجزءان‪ :‬االول والثاني‪ .‬ط‪.1992 ،1‬‬
‫‪ )4‬المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي‪ :‬الجلسات العامة االولى للمجتمع المدني‪ :‬تقرير‬
‫الورشة الخامسة حول تعزيز دور وتنظيم المجتمع المدني‪ ،‬اشغال الملتقى الدولي المنظم‬
‫بالجزائر‪ :‬قصر االمم بنادي الصنوبر‪ .‬ايام‪12-10-12 :‬جوان ‪.4011‬ص‪.0‬‬
‫‪ )1‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ .‬االمانة العامة للحكومة ‪ :‬مديرية الجرائد الرسمية‪:‬‬
‫التشريعات الجديدة لتنظيم االدارة المحلية( البلدية والوالية)‪.‬ابريل ‪.1990‬‬

‫‪ ‬المواقع اإلليكترونية الرسمية‬

‫‪ )1‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬النتائج األولية النتخابات المجالس الشعبية البلدية والوالئية‪،‬‬
‫في ‪.4012 -11-42 ،www.interieur.gouv.dz.‬‬
‫‪ )2‬الديوان الوطني لإلحصاء‪ -‬اإلحصاء الخامس العام للسكان و السكن‪ ،2118 .‬الرمز الجغرافي‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية‪ ،‬كابدال برنامج دعم قدرات الفاعلين المحليين‬ ‫‪-‬‬
‫في التنمية‪ :‬ديمقراطية تشاركية وتنمية محلية ص‪ .2‬في‪ ،www.interieur.gov.DZ:‬تاريخ‬
‫التصفح‪4019/01/14:.‬‬
‫‪ )3‬فراري‪ ،‬محمد (مدير مركزي للموارد والتضامن المالي المحلي بو ازرة الداخلية والجماعات المحلية‬
‫والتهيئة العمرانية)‪" ،‬البلدية فاعل مركزي في تنميتها الذاتية'‪ ،‬في‪،www.interieur.gov. dz :‬‬
‫تاريخ‪.4019/01/44:‬‬

‫‪334‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ ‬الــوثائق الرسميــة ‪ :‬النصوص التشريعية والتنظيمية‬


‫‪ )1‬الدستور‪ :‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬القانون رقم ‪ 11-16‬يتضمن التعديل‬
‫الدستوري‪ ،‬المؤرخ في‪ ،4012/01/02‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪.4012/01/02‬‬

‫‪ ‬اوال ‪:‬الق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانين‬


‫‪ ‬أ) القوانين العضوية‬
‫‪ )1‬القانون العضوي رقم ‪ 01-99‬المؤرخ في ‪ 1999-09-10‬يتعلق باختصاصات مجلس الدولة‬
‫وتنظيمه وعمله ‪ ،‬جريدة رسمية ‪ ،‬عدد‪ ،12‬صادرة بتاريخ ‪.1999/02/01‬‬
‫‪ )4‬القانون العضوي رقم ‪ 01-14‬المؤرخ في ‪ 4014/01/14‬يتعلق بنظام االنتخابات ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 01‬الصادرة بتاريخ ‪.4014/01/12‬‬
‫‪ )1‬القانون العضوي رقم‪ 02-14‬المؤرخ في ‪4014 -01-14‬يتعلق باألحزاب السياسية‪ ،‬جريدة‬
‫رسمية عدد‪ 04‬الصادرة بتاريخ ‪.4014-01-10‬‬
‫‪ )2‬القانون العضوي رقم ‪ 10-12‬المؤرخ في ‪ 4012/09/04‬يتعلق بنظام االنتخابات ‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،00‬الصادرة بتاريخ ‪.4012/09/49‬‬
‫‪ )0‬القانون العضوي رقم ‪ 11 - 12‬المؤرخ في ‪ 4012 - 09 - 40‬يتعلق بالهيئة العليا المستقلة‬
‫لمراقبة االنتخابات ‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ، 00‬الصادرة بتاريخ ‪.4012 – 09 - 49‬‬
‫‪ ‬ب) القوانين العادية‬
‫‪ )1‬القانون رقم ‪ 49-90‬المؤرخ في ‪،1990/14/09‬يتعلق بالتهيئة والتعمير‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،0‬صادرة بتاريخ ‪.1990/12/02‬‬
‫‪ )4‬القانون رقم ‪ 04-99‬المؤرخ في ‪ 1999-00-10‬يتعلق بالمحاكم االدارية‪ ،‬جريدة رسمية عدد‬
‫‪ 12‬صادرة بتاريخ ‪.1999-02-01‬‬
‫‪ )1‬القانون رقم‪40-01‬المؤرخ في ‪ 4001/14/14‬يتعلق بتهيئة االقليم وتنميته المستدامة‪،‬‬
‫جريدة رسمية عدد ‪ 22‬الصادرة بتاريخ ‪4001/14/10‬‬
‫‪ )2‬القانون رقم ‪ 09-04‬المؤرخ في ‪ 4009-00-09‬يتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة‬
‫وتهيئتها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪، 12‬صادرة بتاريخ ‪.4004-09-12‬‬
‫‪ )0‬القانون رقم ‪ 04-10‬المؤرخ في ‪ 4010/02/49‬يتضمن المصادقة على المخطط الوطني‬
‫لتهيئة اإلقليم‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 21‬الصادرة بتاريخ ‪. 4010/10/41‬‬
‫‪ )2‬القانون رقم ‪ 11-11‬يتعلق بالبلدية المؤرخ في ‪ ،4011/02/44‬الجريدة الرسمية عدد ‪12‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.4011/02/10‬‬

‫‪335‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ )2‬القانون رقم ‪ 02-14‬المؤرخ في ‪ ،4014/01/14‬يتعلق بالجمعيات ‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‬


‫‪ 04‬الصادرة بتاريخ ‪ 4014/01/10‬المادة الثانية منه‪.‬‬
‫‪ )9‬القانون رقم ‪ 17/14‬يتعلق بالوالية المؤرخ في ‪ ،4014/04/41‬الجريدة الرسمية عدد ‪1‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.4014/04/49‬‬
‫‪ )9‬القانون رقم ‪ 09-12‬المؤرخ في ‪4012/09/09‬المعدل والمتمم لالمر‪40-20‬المؤرخ في‬
‫بتاريخ‬ ‫الصادرة‬ ‫الرسمية‪،‬عدد‪29‬‬ ‫الجريدة‬ ‫المدنية‪.‬‬ ‫بالحالة‬ ‫‪1920/04/19‬يتعلق‬
‫‪.4012/09/40‬‬
‫‪ ‬ج ) ألاوام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬
‫‪ )1‬االمر رقم ‪ 42-22‬يتضمن القانون البلدي ‪,‬المؤرخ في ‪ 1922/01/19‬الجريدة الرسمية عدد ‪02‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.1922/01/19‬‬
‫‪ )4‬االمر رقم ‪ 19-29‬يتضمن قانون الوالية المؤرخ في ‪ ,1929/00/44‬الجريدة الرسمية عدد ‪22‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.1929/00/41‬‬
‫‪ )1‬األمر رقم ‪ 04-10‬المؤرخ في ‪ 4010/09/42‬المعدل والمتمم لألمر رقم ‪ 40-90‬المؤرخ في ‪-12‬‬
‫‪ 1990-02‬يتعلق بمجلس المحاسبة‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪، 00‬المؤرخ في ‪. 4010-09-01‬‬
‫‪:‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬املراسيم‬ ‫‪‬‬

‫أ) املراسيم الرئاسيـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫‪‬‬


‫‪ )1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 420-99‬المؤرخ في ‪ 42‬أكتوبر ‪ 1999‬يتعلق بسلطة رئيس الجمهورية‬
‫في التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية للدولة ‪ ،‬ج ر‪،‬عدد‪22 :‬صادرة بتاريخ‬
‫‪1999/10/11‬‬
‫‪ )4‬المرسوم الرئاسي رقم ‪20-4000‬المؤرخ في ‪ ،4000/01/01‬يتضمن تعديل المرسوم الرئاسي‬
‫رقم ‪ 292-97‬المؤرخ في ‪ 1997/18/12‬الذي يحدد التنظيم االداري لمحافظة الجزائر‬
‫الكبرى‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 09‬الصادرة بتاريخ ‪.4000/01/04‬‬
‫‪ )1‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 20-4000‬المؤرخ في ‪ ، 4000-01-01‬المتضمن تعديل المرسوم‬
‫الرئاسي رقم ‪ ،494-92‬المؤرخ في ‪ 1992-09-04‬الذي يحدد التنظيم اإلداري لمحافظة‬
‫الجزائر الكبرى‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 09‬بتاريخ ‪ ،4000-01-04‬المادة ‪.4‬‬
‫‪ )2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 120-10‬المؤرخ في ‪ ،4010-00-42‬يتضمن إحداث مقاطعات إدارية‬
‫داخل بعض الواليات وتحديد القواعد الخاصة المرتبطة بها‪ ،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،49‬الصادرة‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪.4010-00-11‬‬

‫‪336‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪ )0‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 101-19‬المؤرخ في ‪ 4019/14/00‬المعدل والمتمم للمرسوم رقم ‪-10‬‬


‫‪ 120‬المؤرخ في ‪ 4010/00/11‬يتضمن احداث مقاطعات ادارية داخل بعض الواليات وتحديد‬
‫القواعد الخاصة المرتبطة بها‪ .‬الجريدة الرسمية عدد‪ 24‬الصادرة بتاريخ ‪.4019/14/00‬‬
‫‪ )2‬المرسوم الرئاسي رقم ‪ 112-19‬المؤرخ في =‪ 4019/14/40‬يتضمن احداث مقاطعات ادارية‬
‫في المدن الكبرى وفي بعض المدن الجديدة وتحديد قواعد تنظيمها وسيرها‪ .‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ ،29‬الصادرة بتاريخ ‪.4019/14/00‬‬
‫‪ ‬ب)املراسيم التنفيذيـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫‪ )1‬المراسيم التنفيذية على التوالي الصادرة في الجريدة الرسمية عدد‪26‬بتاريخ‪:1991/16/11‬‬
‫‪ )2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 129-91‬يحدد اجراءات اعداد مخططات شغل االراضي والمصادقة عليها‬
‫ومحتوى الوثائق المتعلقة بها ‪.‬‬
‫‪ )1‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،412-92‬المؤرخ في ‪ 41‬جويلية ‪ ،1992‬يتعلق بالمفتشية العامة في‬
‫الوالية‪ ،‬جريدة رسمية عدد ‪ ،29‬الصادرة بتاريخ ‪..1992/02/42:‬‬
‫‪ )2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 102-91‬المؤرخ في ‪ 1991/09/42‬يحدد عدد البلديات التي ينشطها‬
‫رئيس دائرة و المعدل بالمرسوم رقم ‪ 22-92‬المؤرخ في ‪ ،1994/04/14‬الجريدة الرسمية ‪،‬‬
‫عدد ‪ ، 11‬الصادرة بتاريخ ‪.1994/04/19‬‬
‫‪ )0‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 91 -11‬المتعلق بتحديد شروط إنتداب المنتخبين المحليين والعال وات‬
‫الممنوحة لهم‪ ،‬المؤرخ في ‪ ،4011-04-40‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 14‬الصادر بتاريخ ‪-42‬‬
‫‪.4011-04‬‬
‫‪ )2‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ 410-90‬المؤرخ في ‪ 40‬جويلية ‪ 1990‬المعدل ويتعلق بالوظائف العليا‬
‫في اإلدارة اإلقليمية‪ ،‬ج ر ؛ عدد ‪ 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 10 :‬جويلية ‪.1990‬‬
‫‪ )2‬المراسيم التنفيذية رقم ‪ -91‬من ‪121‬الى‪ 192‬المؤرخة في ‪ ، 1991/14/42‬يحدد صالحيات‬
‫البلدية والوالية واختصاصاتهما‪ .،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،04‬الصادرة بتاريخ ‪.1991/14/19‬‬
‫‪ )9‬المرسوم رقم ‪122-92‬المؤرخ في ‪1992/02/10‬يتضمن انشاء مكاتب لحفظ الصحة البلدية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد‪42‬الصادرة بتاريخ ‪.1992/02/01‬‬
‫‪ )9‬المرسوم التنفيذي رقم ‪120/91‬المؤرخ في ‪ 1991/00/49‬يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير‬
‫والبناء‪.‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 122-91‬المؤرخ في ‪ 1991/00/49‬يحدد كيفيات تحضير‬ ‫‪)10‬‬
‫شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة‬
‫الهدم وتسليم ذلك ‪،‬الجريدة الرسمية ‪ ،‬عدد ‪ ،42‬الصادرة بتاريخ ‪.1991/02/01‬‬

‫‪337‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫المرسوم التنفيذي رقم‪ 122-91‬المؤرخ في ‪ 1991/00/49‬يحدد اجراءات اعداد‬ ‫‪)11‬‬


‫المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير والمصادقة عليه ومحتوى الوثائق المتعلقة به ‪.‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ ، 42‬الصادرة بتاريخ ‪.1991/02/01‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 129-91‬يحدد اجراءات اعداد مخططات شغل االراضي‬ ‫‪)12‬‬
‫والمصادقة عليها ومحتوى الوثائق المتعلقة بها ‪.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،42‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪. 1991/02/01‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 02 -91‬المؤرخ في‪ 1991/04/42‬يتعلق بنفقات تجهيز الدولة‪.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،12‬الصادرة بتاريخ ‪.1991/01/10‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪410-92‬المؤرخ في ‪ 1992/02/41‬يحدد اجهزة االدارة العامة‬ ‫‪)12‬‬
‫في الوالية وهياكلها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪ 29‬الصادرة بتاريخ‪...1992/02/42‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،420-90‬المؤرخ في ‪ ،1990-09-02‬الذي يحدد صالحيات‬ ‫‪)10‬‬
‫مصالح التفتيش والشؤون العامة واإلدارة المحلية‪ ،‬وقواعد تنظيمها وعملها‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،00‬الصادرة بتاريخ ‪.1990/09/10‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 442-99‬المؤرخ في ‪ ،1999/02/11‬يتعلق بنفقات الدولة‬ ‫‪)12‬‬
‫للتجهيز‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪.1999/00/10‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 02-09‬المؤرخ في ‪ 4009-01-10‬يتضمن القانون األساسي‬ ‫‪)12‬‬
‫الخاص بالموظفين المنتمين لألسالك المشتركة في المؤسسات واإلدارات العمومية‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ ،01‬الصادرة بتاريخ ‪.4009-01-40‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‪410-10‬المؤرخ في ‪ ،4010/09/12‬يتضمن احداث الرقم‬ ‫‪)19‬‬
‫التعريفي الوطني الوحيد‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد‪، 02‬الصادرة بتاريخ ‪.4010/09/19‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 112-11‬المؤرخ في ‪ ، 4011/09/40‬يتضمن القانون االساسي‬ ‫‪)19‬‬
‫لموظفي ادارة الجماعات االقليمية ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ، 01‬الصادرة بتاريخ ‪4011/09/49‬‬
‫‪.‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 112-11‬المؤرخ في ‪ 4011-09-40‬يتضمن القانون األساسي‬ ‫‪)40‬‬
‫الخاص لموظفي إدارة الجماعات اإلقليمية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪، 01‬الصادرة بتاريخ ‪-49‬‬
‫‪. 4011-09‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‪ 110-14‬المؤرخ في ‪ 4014/09/41‬يحدد شكل ميزانية البلدية‬ ‫‪)41‬‬
‫ومضمونها‪ .‬الجريدة الرسمية عدد‪ ،29‬الصادرة بتاريخ ‪. 4014/09/09‬‬

‫‪338‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 124 -14‬المؤرخ في ‪ 4014 - 09 -14‬الذي يحدد عد‬ ‫‪)44‬‬
‫المقاعد المطلوب شغلها النتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والوال ئية ‪ ،‬جريدة رسمية‪،‬‬
‫عدد ‪ 01‬الصادرة بتاريخ ‪. 4014 - 09 - 12‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 100-11‬مؤرخ في ‪ ،4011-01-12‬يتضمن النظام الداخلي‬ ‫‪)41‬‬
‫النموذجي للمجلس الشعبي البلدي‪ ،‬جريدة رسمية ‪،‬عدد ‪ ،10‬صادرة بتاريخ ‪.4011-01-12‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 20-12‬المؤرخ في ‪ 4012،/04/12‬يتضمن تحديد وثائق الحالة‬ ‫‪)42‬‬
‫المدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد‪،11،‬الصادرة بتاريخ ‪.4012/04/42‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 112-12‬المؤرخ في ‪ ، 4012-01-42‬يتضمن إنشاء صندوق‬ ‫‪)40‬‬
‫التضامن والضمان للجماعات المحلية وتحديد مهامه وتنظيمه و سيره‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪19‬‬
‫‪،‬الصادرة بتاريخ ‪.4012-02-04‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‪121-12‬المؤرخ في ‪4012/14/10‬يتعلق بإلغاء االحكام التنظيمية‬ ‫‪)42‬‬
‫المتعلقة بالتصديق طبق االصل على نسخ الوثائق المسلمة من طرف االدارات العمومية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ، 24‬الصادرة بتاريخ ‪.4012/14/12‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‪ 110-10‬المؤرخ في ‪ 4010/14/10‬يتعلق بإصدار نسخ وثائق‬ ‫‪)42‬‬
‫الحالة المدنية بطريقة اليكترونية ‪.‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد ‪ ، 29‬الصادرة بتاريخ ‪.4010/14/42‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 420 - 12‬المؤرخ في ‪ 4012 - 10 - 49‬الذي يحدد تشكيلة‬ ‫‪)49‬‬
‫وسير اللجنة الخاصة المكلفة باقتراع أعضاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة االنتخابات‪ ،‬بعنوان‬
‫الكفاءات المستقلة من ضمن المجتمع المدني وكذا كيفيات الترشيح لعضوية الهيئة العليا بهذه‬
‫الصفة ‪ .‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ، 21‬صادرة بتاريخ ‪.4012 -10 - 10‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 41 - 12‬المؤرخ في ‪ ،4012 – 01 - 12‬الذي يحدد قواعد‬ ‫‪)49‬‬
‫تنظيم مركز ومكتب التصويت وسيرهما‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ، 02‬صادرة بتاريخ ‪- 01 - 40‬‬
‫‪.4012‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 44 - 12‬المؤرخ في ‪ 4012 - 01 - 12‬يحدد للتعويضات‬ ‫‪)10‬‬
‫الممنوحة لألشخاص المسخرين أثناء تحضير و إجراء االنتخابات‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪،02‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪.4012 - 01 - 40‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 149-12‬مؤرخ في ‪ 4012/11/10‬يحدد كيفيات اقامة عالقات‬ ‫‪)11‬‬
‫التعاون الالمركزي بين الجماعات االقليمية الجزائرية واالجنبية‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ،29‬صادرة‬
‫بتاريخ ‪.4012/11/49‬‬

‫‪339‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫ثالثا ‪ :‬القـــــــــــــــــــــــــــــــ اررات والق اررات الوزارية المشتركة والتعليمات‬


‫‪ )1‬القرار الوزاري المشترك المؤرخ في‪ ،4012-01-02‬يحدد إلطار ميزانية البلدية وبضبط عنوان‬
‫ورقم تقسيمات االبواب والحسابات ‪ ،‬جريدة رسمية‪ ،‬عدد ‪ ،41‬صادرة بتاريخ ‪.4012-02-41‬‬
‫‪ )4‬القرار الوزاري المشترك المؤرخ في ‪ ،4012/01/02‬يحدد اطار ميزانية البلدية ويضبط عنوان ورقم‬
‫تقسيمات االبواب والحسابات‪ ،‬الجريدة الرسمية ‪،‬عدد‪ ، 41‬الصادرة بتاريخ ‪.4012/02/41‬‬
‫‪ )3‬تعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية رقم ‪01022‬المؤرخة في ‪ ،4010/10/00‬متعلقة بشروط‬
‫وكيفيات تمويل واعداد الميزانيات المحلية لسنة ‪.2116‬‬

‫‪ ‬الصحـــف و الجـــرائد‬

‫‪ )1‬الهواري عدي‪" ،‬التجربة الديمقراطية في الجزائر‪ :‬اسباب الفشل والتراجع "‪.‬ترجمة (حميد بن‬
‫مزيان)‪ :‬اسبوعية الحرية‪ ،‬عدد‪( ،24،‬من ‪ 41‬الى ‪49‬اكتوبر ‪.)1990‬‬
‫‪ )2‬فريك ‪ ،‬بشير‪" ،‬من اجل تقليص الهياكل االدارية المحلية"‪ ،‬جريدة الشروق اليومي‪ ،‬عدد ‪0499‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ ،4012/14/02 :‬ص‪.19‬‬

‫‪340‬‬
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

 Documentation en langue Étrangère

Ouvrages

1) Addi, Lahouari, L’impasse de populisme: l’Algérie: collectivité politique


et Etat en construction, Alger: ENAL, 1990.
2) Alice Mazeaud (et autres), Pratiques de la Représentation Politique,
Paris : Presses Universitaires de Rennes, 2014.
3) Anicet, Le Pors, La Citoyenneté, que-sais-je ?, Paris : PUF, éd1, 1999.
4) Ben Akezouh, Chaabane, La déconcentration en Algérie : Du centralisme
au « déconcentralisme ».Alger ; OPU.SD.
5) Ben Ramdane, Djamel, les Association algériennes: Des Acteurs
Emergents : Enquête de Reconnaissance; ( s.l.é. 2015), .
6) Ben Saada, Mohamed Tahar, le régime politique Algérien : de la légitimité
historique à la légitimité constitutionnelle, Alger : ENAL, 1992.
7) Blanc, Jacques, Bruno, Rémond, Les Collectivités Locales, Paris: Dalloz
3éd.1994.
8) Bouhait, Lamri , L’Enquête de Satisfaction au sein d’une Administration
Publique :Elaboration, Exécution et Evaluation, Alger : Maison d’édition
Belkeisse. SD.
9) Boussaguet, Laurie, Sophie Jacquot, pauline, Ravinet, (sous.dir.),
Dictionnaire des Politiques Publiques, Paris : les presses, 4éd.2014
10) Cedric, Blagini, L’emprise Numérique : Comment Internet et Les
Nouvelles Technologies sont Colonisé Nos Vies, .Paris, L’échappée.
éd.n°1, 2012.
11) Chevallier, Jacques, le Service public : que sais-je ?, Paris : Puf, 1987.
12) Clotilde, Repoli, et Christine, BigautIT, Guide de L’élu municipal
d’opposition, Paris :La Documentation Françaises ,2014.
13) Dantonel-Cor Nadine, Droit des Collectivités Territoriales, Paris: Breal,
4ed. 2011.
14) Débâche, Charles et Bourdon, Jacques, les Associations, que sais-je ?
Paris : puf, éd, 1999.
15) Delphine Dulong. Sociologie des Institution Politiques, Paris : La
Découverte,2012.
16) Dominique Bordier, La responsabilité personnelle du Maire, Paris: éd.
Apogée, 2005.
17) Dominique , Bordier. La responsabilité personnelle du maire. Paris : Ed.
apogée. 2005.
18) Dominique, David, Quintri ,Jean Michel, et Christan Schroeder, Henri,
Le Marketing politique, que sais-je ? Paris : Puf, 1978.

341
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

19) Ecrèment Marc, Indépendance politique et libération économique : un


quart de siècle du développement de l’Algérie 1962-1985, Alger :
ENAP/OPU/PUG, 1986.
20) Emilie Biland, La fonction publique territoriale, Paris: édition la
découverte, 2012.
21) Foillard, Philippe, Droit constitutionnel et institutions politiques, Paris:
centre de publications universitaires, 2000.
22) G.R.E.P.U.N.S.P.I.C, Performance des services publics locaux : Analyse
comparée des modes de gestion, Paris : litec.1990,
23) Gerldine, Chavrier, Le Pouvoir Normatif Local : Enjeux et débats,
Paris : Lextenso –éditon, 2011.
24) Gilles, J.Guglielmi, Introduction au droit des services publics, Paris :
E.J.E, 1994.
25) Gilles, Liberton, Libertés publiques et droits de l’homme, Paris : Armond
colin, éd 4, 1999.
26) Girardon, Jean, Les Collectivités Territoriales, Paris : Cllipses 3édition,
2014.
27) Giuseppe, Bettoni , Gouverner les Territoires: Antagonismes et
Partenariats Entre Acteurs Publics ,Paris :Edition Comité Pour
L’histoire Economique et Financière de la France, 2012.
28) Graba , Hachemi. Les Ressources fiscales des collectivités locales, Alger :
ENAG.2000.
29) Guentari ,Mohammed, Organisation politico-administrative et militaire
de la révolution Algérienne de 1954-1962,Alger : OPU, T.1, 1994.
30) Gwiazdzinski Luc, Rabin Gilles, La Fin des Maires : Dernier Inventaire
avant Disparition, Paris : FYP.Edition, 2008.
31) Haraket ,Mohamed,(sous.dir.).Stratégie et organisation des Collectivités
Locales au Maroc: Repères Méthodologiques pour une Nouvelles
Gouvernance., Greure, Rabat ,2002.
32) Hermassi El Baki, Etat et société au Maghreb : Etude comparative, éd
Anthropos, 1975.
33) Holeindre Jean- Vincent, (sous.dir.), Le Pouvoir : Concept, Lieux,
Dynamique, Paris: Sciences Humaines Editions, 2014.
34) Isabelle Béguin, Philippe Bluteau ; Droits et devoirs de l’élu municipal et
intercommunal, Paris: Territorial éditions, 2014.
35) Khelil Abdelkader, La Commune face au défi du Management et de
l’ingénierie Territoriale en Algérie, Alger : Ed .Casbah. 1998.
36) Knoepfel , Peter,(et autre), Analyse et pilotage des politique publiques ;
France, Suisse,Canada,presse de l’université du quebec.2015.
37) Le Galés, Patrick, et, Vézinat, Nadég, L’Etat Recomposé, Paris ; puf,
1éd.2014.
38) Lehingue , Patrick, Le Vote : Approches Sociologiques de L’institution
et des Comportements Electoraux, Paris : La Découverte, 2013.

342
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

39) Mahé Alain, Histoire De la grande Kabylie XIX et XXe siècles:


Anthropologie historique : Du lien social Dans les communautés
villageoises, Paris : éd. Bouchene; 2ed. 2000.
40) Manuel Delamarre, L’Administration et les Institutions Administratives,
Paris : La Documentation Française, 2ed.2013.
41) Marc, LeDorh, Les Partis Politiques Occidentaux : Histoire , Doctrine
et Organisation des Clivages; États -Unis .Royaume-Uni , Allemagne,
Espagne, Italie. Paris: édition Cllipses ,2009.
42) Mercier, Jean, l’Administration publique : de l’école classique au
nouveau Management public, Presses de l’université, Laval, 2002.
43) Missoum, Sbih. L’Administration publique Algérienne. Paris : Hachette
letterature.1973.
44) Montri, Messaoud, L’Administration en Question, Alger : OPU, 1984.
45) Muller Pierre, Les Politiques Publique, Paris : Puf, 2013.
46) Oberdorff HENRI, Les Institutions Administratives, Paris : Ed. Dalloz,
6ed.2010.
47) Olivier ,Giraud et Warin , Philippe (Sous dir), Politiques Publiques et
Démocratie : Introduction : Les Politiques Publiques : Une Pragmatique
de la Démocratie, Paris : La Decouverte.2008.
48) P. Richard, Le Temps des Citoyens : Pour une Démocratie Décentralisée,
Paris : Puf : collection politiques d’Aujourd’hui, 1995.
49) Pegénet, Michel et Tartkowsky, Danielle , Histoire des Mouvements
Sociaux en France de 1814 à nos Jours ,.Paris : La Découverte, 2012.
50) Périnéau, Pascal et Reynie, Dominique, Dictionnaire du Vote,
Paris:Puf.2001.
51) Pitron , Francois,et Jolivet Vincent, La Gestion du Littoral et des
Espaces Marins, Paris: DXIA.L.G.D.J.2007.
52) Quin , Claude,« Assujetti, client partenaire : que devient l’usager du
service public ? » , (sous dir.) Philippe Warin, quelle modernisation des
services publics ? les usagers au cœur des réformes, Paris : la découverte,
1997.
53) R.Pasquier, V.Simoulin , J.Weisbein, (sous.dir.), La Gouvernance
Territoriale :Pratiques , Discours , et Théories , Paris : Lextenso- édition,
2013.
54) Remy , Rieffel, Révolution Numérique, Révolution Culturelle ?, Paris :
Gallimard, 2014.
55) Romain Pasquier, Sébastien Guigner, Alistar Cole,(et autres).Dictionnaire
des Politiques Territoriales, Paris : Les Presses ,2011.
56) Serge, Berry et Diane, Saint, Pierre (sous .dir), L’Administration des
Territoires et les Instruments de L’Action publique, Quebéc, presses de
l’Université du QUEBEC, 2017.
57) Seriak ,Lahcene, L’Organisation et le Fonctionnement de la Wilaya:
L’exemple d’une Moyenne Wilaya,. Alger : ENAG, 1998.

343
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

58) Seriak, Lahcene ,. Décentralisation et Animation des Collectivités


Locales, Alger : ENAG.1998.
59) Seriak, Lahcene , L’Organisation et le Fonctionnement de la Commune,
Alger :ENAG, .1998.
60) Stéphane, Manson. L’opposition dans les assemblées locales. Paris ;
Lextenso- edition,2012.
61) Vallacon , François, L’état de droit et la société moderne, Paris : Armond
colin, 1998.
62) Verpeaux, Michelet, rimbault, Christine, Les Collectivités Territoriales et
la décentralisation, Paris: La documentation fracaise,2011.
63) Yefsah ,Abdelkader, la Question du pouvoir en Algérie, ENAP, 1990.
64) Yves ,Boisvert, (et autres). L’Institutionnalisation de L’Ethique Publique
Gouvernementale : Quelle place pour l’éthique?, Canada: Presse de
L’université du Québec, 2011.
65) Yves, Emery et Noemi , Martin. Le service public au XXIème siècle :
Identités et motivation au sein de l’après – fonctionnariat. Paris :
L’Harmattan.2010.
66) Zouaimia, Rachid, Marie Christine, Rouault, Droit Administratif, Alger :
Berti édition. 2009.

Travaux académiques

 Thèses
1) Clara, De la vallade, Corruption publique : facteurs institutionnels et
effets sur les dépenses publiques. (Thèse Pour obtenir le grade de Docteur
de l’Université de Paris I. Présentée et soutenue publiquement le 25 octobre
2007),sur : https://tel.archives-ouvertes.fr/ . consulte le 06/12/2016
2) Dris Cherif, La Coopération Décentralisée Euro-méditerranéenne: Le cas
de la coopération de la Région Paca (France) avec la wilaya d’Alger.
Thèse pour l’obtention du doctorat en sciences politiques : Option;
Relations internationales (université d’Alger3- Dely Brahim- Alger : Faculté
des sciences politiques et de l’information-2010).
3) Guenoun, Marcel ; Le Management de la performance publique locale:
Etude de l’utilisation des outils de gestion dans deux organisations
intercommunales.(Thèse pour l’obtention du doctorat des sciences de
gestion de l’Université Paul Cézanne .Présentée et soutenue publiquement le
Mercredi25Mars2009),Aix-Marseille.III.https://tel.archives-
ouvertes.fr/.le06/12/2016.

344
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

 Etudes

1) Belhadi , Amor, « L’aménagement de territoire : principes et approches ».


Université de Tunis : Faculté des sciences humaines et sociales, 2010, sur :
amor.belhedi.m.aunblog.fr . Consulté le 12/05/2018.
2) Belmihoub, Mohamed Cherif, « rapport sur les innovations dans
l’administration et la gouvernance dans les pays Méditerranéens : Cas de
L’Algérie », (Avril 2004).
3) Denieuil, Pierre Noel, « Introduction aux théories et à quelques pratiques
du développement local et territoriales : Analyse et synthèse
bibliographique en écho au Séminaire de TANGER, (25-27Novembre
1999), Genève : Bureau International du travail, 2005. sur:
www.ilo.org/pblns. Consulté le20/03/2018.
4) Medjdoub,Nora , « La Politique du Renouveau Rural en Algérie »,
Université Moulay Ismail Meknés: 4-5/12/2012.
5) Tlemçani , Rachid, Laggoune Walid, djabi Abdel Nasser, Etude sur les
élections locales, du 27novembre 2007.(n.d éd.).
Revues et périodiques

1) Addi, Lahouari, « Dynamique et contradictions du système politique


Algérien », revue Algérienne des sciences juridiques ,économiques ,
et politiques (RASJEP), N° 02, juin (1988).
2) Ainouche, M.C, « problématique du financement de développement
économique de la commune », Revue Ceneap, n°12 , (1998).
3) Akli ,Hocine,« la structure des finances locales »,revue Ceneap, N°
12 , (1998).
4) Akrour, Arezki , « Coopération Décentralisée et Développement
Territorial : L’Expérience Franco – Algérienne », Revue Algérienne
des Politiques Publiques, n°5, (Octobre 2014).
5) Alexandra Simon et al.« La construction d’un baromètre pour mesurer
la « Performance RH » en milieu public : une application dans le
contexte local», Gestion et Management public , vol.3, n°3, (2015/1).
6) Aurélia, Heurteux, « Le développement durable : vers un nouveau
mode de pilotage Des politiques territoriales ? Le cas de la métropole
Nice Côte d’Azur », Gestion et Management public 2017/1 (Volume 5
/ n° 3).
7) Baudy, Pierre, «reconstruire l’action publique: Service public au
service de qui ? », Alternatives économiques, Paris : Syros ,(1998).
8) Becquart-Leclercq, Jeanne Anne , Légitimité et Pouvoir Local , Revue
Française de Science Politique, 27é année,(n2.1977).
9) Belmihoub, Mohamed Cherif, « Modèle de gouvernance et
Collectivité Territoriale »,revue Ceneap : Dossier Spécial sur : « La
Décentralisation et la Bonne Gouvernance »,n°25, (2002).

345
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

10) Belmihoub, Mohamed Cherif, « Gouvernance et rôle économique et


social de l’Etat : Entre Exigences et Résistances », Revue IDARA,
n°21, vol. 11, (2001) .
11) Benakzouh, Chaabane, «Autour des bases constitutionnelles des
Collectivités Territoriales», revue RASJEP, Vol xii ; n°04,(2003).
12) Benrouane, Sid Ahmed « é-Algérie 2013: Réflexion sur la stratégie de
la conduite de changement », Revue IDARA , vol.20, , n°40, (2010).
13) Bernard, André, « Les Experts et le Pouvoir », Politique, vol.1, n°1,
(1982).
14) Bessah ,Titem, «Jeunesse : Tajmaat et Association en Kabylie
aujourd’hui : cas d’Ath Idjer» ; Revue Insaniyat, n65-66, (Juillet –
Décembre 2014)
15) Bessaoud, Omar, « La Stratégie de développement rural en
Alger »,Options Méditerranéennes, n°71, (2006).
16) Bezes, Philippe, « Construire des bureaucraties wébériennes à l'ère du
New Public Management ? », Critique internationale, n°35, (2007/2).
17) Bezes, Philippe, , Patrick ,Lelidec, «L’Hybridation du Modèle
Territorial Français: RGPP et Réorganisations de l’Etat Territorial »,
RFAP, n°136, (2010/4) .
18) Birnbaum, Pierre , « Le Pouvoir Local : De La Décision au système »
revue Française de sociologie, (s.n),( 1973).
19) Borraz, Olivier, Représentativité, sociabilité et pouvoir dans quatre
municipalités suisses et françaises, Revue française de science
politique, 46ᵉ année, n°4,( 1996).
20) Boual, Jean –Claude ,« Europe et service public », Regards croisés sur
l'économie , n° 2 ,(2007/2).
21) Brahimi, Mohamed, La loi fondamentale de 1989 : la
constitutionnalisation des “silences” , Rasjep, n° 01, juin (1992).
22) Brahmi, Mohamed, « Nouveaux choix constitutionnels et nouveaux
besoins politiques », RASJEP, n° 04,(Juin 1991).
23) Cadiau ,Stéphane, « Le Maire et les paris (risqués) de l'action
publique » , revue pouvoirs , n° 148, (2014).
24) Caillosse ,Jacques, « Sur détermination économique du droit et
nouvelles figures du service public », Politique et Management
public, vol.29/3, (2012).
25) Cantéro, Anne, « Les Services Publics Locaux face aux Nouvelles
Technologies » , Annuaire des Collectivités Locales, Les Services
Publics Locaux, (Tome.23, 2003).
26) Carassus, David , et (al.), « La Recherche d’économie dans les
Collectivités Territoriales : Quels dispositifs pour quelles
rationalités ? plus de contrôle ou plus de pilotage?», Gestion et
Management Public, vol.5/n°4 , (2017/2).

346
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

27) Chakib Ennour,Cherif , « Décentralisation et développement


local », Idara, vol 13 ; n°26, (2006).
28) Chamard, Camille , Schlenker , Lee ,« La place du marketing
territorial dans le Processus de transformation territoriale », Gestion
et Management public 2017/3 (Volume 6 / n° 1).
29) Chambers, Simone, « Rhétorique et espace public : La démocratie
délibérative a-t-elle abandonné la démocratie de masse à son sort ? »,
Raisons politiques , n°42, (2011/2.)
30) Chappoz, Yves, Pupion, Pierre Charles, « Une Nouvelle Gouvernance
et de Nouvelles Politiques Publiques Territoriales », Gestion et
Management Public, vol 2, n°02,(2013/4).
31) Chatriot, Alain, « Les transformations des services publics français au
XXe siècle :Quelques repères », Regards croisés sur
l'économie2007/2 (n° 2)
32) Chevallier, Jacques , « Révision générale des politiques publiques et
gestion des ressources humaines », Revue française d'administration
publique , n° 136,(2010/4).
33) Chevallier, Jacques , « les nouvelles frontières du service public »,
Regards croisés sur l’économie, n°2, (2007/2).
34) Chevallier, Jacques , «La Reconfiguration de l'Administration Centrale
», Revue Française d'Administration Publique , no116, (2005/4).
35) Chevallier, Jacques, « La gouvernance, un nouveau paradigme
étatique ? », Revue française d'administration publique ,n°105-
106,(2003/1).
36) Chevallier, Jacques, « Politiques Publiques et Changement
Social »,Revue Française de L’Administration Publique, n°115,
(2005/3).
37) Chevallier, Jacques ,« la place de l’Administration dans la production
des normes », Droit et sociétés, n°79, (2011/3).
38) Chikhi, Said, « L’exclu, l’intellectuel et l’état : premières remarques
sur le livre de M’hamed Boukhabza », NAQD, n°02, février-mai
(1992).
39) Claire, Lemercier, « La construction d'un modèle français de service
public avant 1914», Regards croisés sur l'économie, n° 2.(2007/2).
40) Claire, Montialoux, « Service public et intérêt général », Regards
croisés sur l’économie, n°2, (2007/2).
41) Clark Terry, Nichols, « Les stratégies de l'innovation dans les
collectivités territoriales : leçons internationales », Politiques et
Management public, vol. 13, n° 3,( 1995).
42) Colliard ,Jean- Edouard, « La justification économique des services
publics », Regards Croisés sur l'économie , n° 2,(2007/2).
43) Corm, George, « Evolution des principes démocratiques, et gestion des
systèmes de puissances et d’organisation », NAQD, n°07, (1994).

347
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

44) Coulmou Yves, « les collectivités locales :Un Autre Modèle », revue
pouvoirs, n°2, (2006).
45) D’harcourt, Haude, « Le lobby des Maires » ,Revue pouvoirs, n°148,
(2014).
46) Daniel Mockle, « La gouvernance publique et le droit », Les Cahiers
de droit, vol. 47, n° 1, (2006).
47) Deberre, Jean Christophe, « Décentralisation et Développement
local »,Afrique contemporaine, n°221, (2007/1).
48) Delcamp, Alain, «La Démocratie Municipale chez nos voisins : Une
Typologie» ,revue :pouvoirs ,n°73 , (1993).
49) Djekboub ,Sid Ali , « cadre budgétaire et comptable des collectivités
locales », Dossier spécial : « La décentralisation et la bonne
administration »revue de Ceneap, n°25, (2002).
50) Djekboub, Sid Ali,« L’organisation Territoriale en Algérie:
Evolution, Evaluation d’ensemble et quelques propositions de
réaménagement », revue du ceneap,n°26, (2002).
51) Dorian , Guinard, « Réflexions actuelles sur la notion de service public
», Regards Croisés sur l'économie , n° 2,(2007/2).
52) Dris ,Cherif, « La Coopération Décentralisée Comme Politique
Publique Locale à dimension internationale : Un Exercice de jeux
d’Acteurs Complexe », Revue Algérienne des politiques publiques,
n°5, (Octobre2014).
53) Duggutt, Mechael ,« Les Conditions Préables Nécessaires au
Changement », in : Dossier Spécial : Le Changement dans
l’Administration, Revue IDARA, n°25, vol 13, ,(2003).
54) Faure Alain, « Les élus locaux à l'épreuve de la décentralisation. De
nouveaux chantiers pour la médiation politique locale », Revue
française de science politique, 44ᵉ année, n°3, (1994).
55) Flacher ,David ,« Ouverture à la concurrence et service universel :
avancée s ou Reculs du service public ? », Regards croisés sur
l'économie, n° 2,(2007/2).
56) Gabas ,Jean Jacques , « Acteurs et politiques publiques », Mondes en
développement, no 124, (2003/4).
57) Gallet, Bertrand, « Les Enjeux de la Coopération Décentralisée »,
Revue Internationale et Stratégique, n°57, (2005/1)
58) Gallissot ,René , « Mouvements Associatifs et Mouvement Social : Le
Rapport Etat/ Société dans L’histoire Maghrébine », Revue
INSANIYAT, n°08, (1999).
59) Genieys, William, « Présentation : Elites, Politiques et Territoires :
Vers de Nouvelles Dynamiques ? », Pole sud, Elites, politiques et
territoires, n°7, (1997).

348
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

60) Genieys, William, et (al.), « Le Pouvoir local en débats: Pour une


sociologie du rapport entre Leadership et Territoire, Pole Sud,
n°13,(2000).
61) Gingras, Anne Marie, « La construction de la légitimité dans l’espace
public », Revue politique et societe,vol.27. n°2.(2008).
62) Guerard, Stéphane , « La Démocratie Locale en Questions », revue
Droit Public et la Science Politique, n°5,(2004).
63) Guillou ,Yves – Réne, « Les Télécommunications et L’internet : Un
Nouveau Service Public local?», Annuaire des Collectivités Locales.
Les Services Publics Locaux (Tome23 ,2003).
64) Hachmaoui, Mohammed, «La Représentation Politique en Algérie
entre médiation clientélaire et prédation (1997-2002)», Revue
française de science politique,vol53, (2003/1).
65) Hannaf ,.Petkin, Samuel ,Hayat, « La Représentation politique »,
Raisons Politiques, n°50, (2013/2).
66) Henni, Ahmed, « Ajustement, économie parallèle et contre société « ,
NAQD, N°07, (1994).
67) Hubert, Heinelt, « Le Débat sur la Gouvernance Locale en
Allemagne », Annuaire des Collectivités Locales .La Gouvernance
Territoriale; (Tome 26, 2006).
68) Hudon ,Pierre-André, Mazouz ,Bachir ,« Le management public entre «
tensions de Gouvernance publique » et « obligation de résultats » :
Vers une explication de la Pluralité du management public par la
diversité des systèmes de gouvernance Publique »,Gestion et
Management public2014/4 Volume 3 / n°2,(2014/4).
69) Hugues, portelli, « Les fondements Administratifs d'un pouvoir
politique », Revue pouvoirs, n° 148, (2014).
70) Kateb, Kamal ,« Population et organisation de l’espace en Algérie »,
revue L’espace géographique, Tome32,(2003/4).
71) Kerrouche, Eric, « Les Maires Français : Des Managers
Professionnels ? », Annuaire Des Collectivités
Locales,Tome26,(2006), La Gouvernance Territoriale .
72) Koebel, Michel , « Le profil social des maires de France », Revue
pouvoirs, n° 148, (2014).
73) Koebel, Michel, « De l’existence d’un champ politique local » , Cahiers
Philosophiques ,n°119, (2009/3).
74) Laggoune ,Walid , « la décentralisation : Etat des problématiques et
perspectives pour l’Algérie et les pays en voie de développement », in,
la décentralisation et la bonne Administration (dossier).revue du
ceneap, n°25,(2002).
75) Lardjene, Omar, « Crise de l’état-nation et idéologie nationaliste »,
NAQD, N° 02, février-mai (1992).

349
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

76) Laurent, Bouchard, « Le préfet : un instrument de domination devenu


outil de Dialogue? », Gestion et management public, vol.4,n°4,
(2015/4) .
77) Le Crom ,Jean Pierre, « Présentation (dossier) : Le Rôle des
Administrations Centrales dans la Fabrication des Normes », Droit et
Société, n° 79, (2011/3)
78) Leca, Jean, « Administration locale et pouvoir politique en Algérie »,
in : Jean Claude ,sautucci, Maurice Flory (sous dir.) : Annuaire de
l'Afrique du nord,vol.10, PARIS : Ed. Du CNRS, (1972).
79) Leclercq, Jeannette Becquart, « Les chemins du Pouvoir Local: La
Sélection du Maire ; Revue pouvoir, n° 24, (1982).
80) Lepourhiet ,Anne Marie, «Définir la démocratie» ; revue française de
Droit constitutionnel, n°87, (3/2011).
81) Leroux, Erick ,« Le SCOT : un outil de Management public territorial
au service du Développement durable des territoires?», Gestion et
Management public ,Volume 1,n°1,(2012/1).
82) Leyval- Granger ,Anne , « La communication locale : entre service
public et promotion politique » ,Communication et langages, n°120,
2ème trimestre 1999. Dossier : La communication des organisations.
83) Liabés, Djillali, « projet de société, consensus, domination et
légitimité : Réflexions sur l’état nation et sa légitimation » , in : revue
Algérienne des sciences politiques et relation internationales, N°0,
1984, Alger, institut des sciences politiques et relations
internationales.
84) Magali Bencivenga, « l’organisation de l’évaluation dans les
collectivités locales », Revue informations sociales, n°150, (2008/6) .
85) Mahiou , Ahmed, « les collectivités locales en Algérie »,L’annuaire
de l’Afrique du nord, PARIS: CNRS, (1969).
86) Mansbridgeet, Jane Jebb ,( al.), « La place de l'intérêt particulier et le
rôle du pouvoir dans la démocratie délibérative », Raisons politiques
n°42 ,(2011/2).
87) Marc ,le Roy, « les enjeux de la territorialité fiscale », revue Gestion
et Management public , vol 4/ N°3 , (2016/1).
88) Marie Claude, Maurel, « Collectivités Locales : De nouveaux modes
de gestion en Europe centrale », revue Le Courrier des pays de l’Est,
N°1033, (Mars2003).
89) Marie Helene , Bacqué, Henri Rey , Yves Sintomer, «La Démocratie
Participative : Complément ou Inflexion de la Démocratie
Représentative» in : Yves sintomer (dir) : La Démocratie
Participative , Revue problèmes politiques et sociaux, n°959, (2009).
90) Marie-louise ,Pelletier, « les fondements et les bouleversements de la
notion de service public au droit québécois »,(s.d.l.e).

350
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

91) Mebtoul ,El Hadi , « Décentralisation et Réorganisation


Territoriales », la lettre duceneap,n°48, (Juillet- Aout.2002).
92) Mekamcha, Ghouti, « la Reconnaissance constitutionnelle des libertés
publiques et leur protection », RASJEP, n° 01, (1998).
93) Meliani, Hakim, « La Société Informationnelle : Un Atout pour le
développement local : L’Expérience de quelque Pays Arabes », Revue
IDARA, vol.19, n°38, (2009).
94) Monique, Gadant, « Après octobre 1988 : la crise de nationalisme et
ses enjeux » in NAQD, n°02, février-mai (1992).
95) Nathalie, Bertrand, Moquay, Patrick. « La gouvernance locale, un
retour à la proximité ». Économie rurale, n°280, (2004). Proximité et
territoires.
96) Nouara Kaïd, Tlilane, « Le service public local au service du
développement durable », Marché et organisations, n°8, (2009/1).
97) offner, Jean Marc, « les Territoires de l’action publique locale:
Fausses pertinences et jeux d’écarts », revue Française de sciences
politiques ; n°01.vol.56. (2006)
98) palard, Jacques, «Décentralisation et Démocratie locale», Revue
problèmes politiques et sociaux , n°708 , (03/07/1997).
99) Pilczer, Jean-Sébastien, « La notion de service public », Informations
sociales , n° 158 ,(2010/2).
100) Pissaloux, Jean luc , Supplisson, Didier « Revues de Programmes et
Collectivités Territoriales », RFAP, n°136, (2010/4) .
101) Protiere , Guillaume, « Le Pouvoir local, Expressions de la Puissance
d’Etat », Le Pouvoir local , France : Lyon.2008
102) Pupion, Pierre Charle « Démocratie, participation et gouvernance
publique : quelles Voies? », Gestion et Management public , Vol. 5 /
n° 2, (2016/4).
103) Rahmani, Ahmed , « les ressources humaines des collectives locales :
un état des lieux à la lumière de la conception de La décentralisation
contrôlée ».Revue de Ceneap, n°25 ; (2002).
104) Rahmani, Ahmed, « la culture de service public : de l’alibi aux valeurs
d’une administration moderne »,revue IDARA, n°23/ vol12, (2002).
105) Rigmar, Oster kamp, « à propos des réformes : le cas de l’Algérie » in :
NAQD, n°07, (1994).
106) Rosanvallon, Pierre, «interrogations sur le terme de la démocratie»,
(dir) Yves sintomer : la démocratie participative, in: Revue :problèmes
politiques et sociaux ; n°959, (9002) .
107) Sadran, Pierre, « la Démocratie locale : Réalités et
perspectives »,revue Cahiers français , n°362,(Mai/Juin, 2011).
108) Sauvageot, Frederic, « Pouvoir Exécutif et Pouvoir Délibérant dans les
Collectivités Territoriales Françaises », Annuaire des Collectivités
Locales, Tome 21,(2001).

351
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

109) Serradj ,Mohamed, « La Commune entre acteurs et systèmes » , revue


Collectivités locales,n°01,( Mars 1997).
110) Subileau, Françoise, « L'abstention aux élections municipales de
2001: rupture ou confirmation? » Revue politique et parlementaire,
n° 1011, (2001) .
111) Taib, Essaid , «La problématique de la région », revue RASJEP, n°
04 ; (2007).
112) Taib, Essaid « les mutations de l’Administration : Le regard de la
science politique », revue Idara, n°23. vol 12 n°01, (2002)
113) Taib, Essaid, « La réforme de l’administration en Algérie »,
l’annuaire de l’Afrique du nord, France : CNRS, (1996).
114) Taib, Essaid, « l’administration locale algérienne : les enjeux de la
décentralisation », revue RASJEP, n°01, Vol 42, (2005).
115) Taib, Essaid ,« La Coopération Décentralisée des Collectivités
Territoriales Algériennes »,Revue Algérienne des Politiques
Publiques, n°5, (Octobre2014).
116) Teisserenc, Pierre, « Politique de Développement Local :La
Mobilisation des Acteurs », Revue Sociétés Comptemporaines, n°18-
19. (Juin-Septembre 1994).
117) Thierry ,Berthet, « Les enjeux de l'évaluation territoriale des politiques
publiques », Informations sociales , n°150, (2008/6).
118) Thoenig, Jean-Claude, « La gestion des services
communaux »,Annuaire des collectivités locales, Tome 18, (1998).
119) Thoenig, Jean-Claude, Duran Patrice, « L'État et la gestion publique
territoriale », Revue française de science politique, 46 années, n°4,
(1996).
120) Thoenig ,Jean Claude , « La Décentralisation du pouvoir local",
Annuaire des collectivités locales , (Tome 16 , 1996 )
121) Thoenig, Jean- Claude, « La Décentralisation du Pouvoir Local »,
Annuaire des Collectivités Locales, Tome16,(1996).
122) Tlemcani ,Mohammed Benlahcene, « le Secteur public dans les pays
en développement face du moins d’état », Revue politique et
management public, n° 03, V.11, (Septembre 1993).
123) Tor ,Hernes, « Quatre réactions organisationnelles idéal –typiques
aux reformes du nouveaux mangement public et quelques
conséquences », Revue Internationale des Sciences administratives,
vol.71, (2005/1)
124) Touraine, Alain, « la crise de la représentation politique », revue
Sociologie et Société, vol 15, n°1, (1983)
125) Yann, Leroy, « La Notion d’effectivité du Droit », Revue Droit et
Société, n°79, (2011/3).

352
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

126) Yousfi, Mohamed, « les Récentes réformes constitutionnelles,


conduiront-elles a une démocratisation de la vie politique ? »,
RASJEP, n° 01, mars (1990).
127) Yves Sintomer, Yves ,« Les sens de la représentation politique : usages
et mésusages d'une Notion», Raisons politiques , n°50,(2013/2).
128) Zergout, Saïd , « Les Démarches Stratégiques des Collectivités
Territoriales : Une Vue D’ensemble », Revue RMALD,n°75,(Juillet-
Aout 2007).
129) Zouaimia ,Rachid, « L'introuvable pouvoir local », Revue Insaniyat,
n°16, (2002).
 Revues électroniques

1) Caillosse, Jaques , «Surdétermination économique » du droit et


nouvelles figures du service public »,Politiques et Management public[En
ligne], Vol 29/3 | 2012, mis en ligne le 02 février 2015, consulté le30
septembre 2016.
2) Chevallier, Jacques , Luc ,Rouban , « introduction », Revue Française
d’Administration publique, n°105-106, (2003/1), sur : www.cairn.info.
3) Djeflat, Abdelkader et Bruno, Boidin, « La coopération décentralisée face aux
enjeux du développement durable », Développement durable et territoires [En
ligne], Vol. 1, n° 1 |( Mai 2010), mis en ligne le 07 mai2010, consulté le 01
septembre 2017.
4) Gibert Patrick. « La difficile émergence du contrôle de gestion territoriale »,
Politiques et Management public, vol. 13, n° 3, (1995), La gestion des
collectivités locales et régionales face à l'incertitude - Actes du septième
colloque international organisé en collaboration avec l'Ecole Nationale
d'Administration Publique - ENAP - du Québec - Montréal - 3/4 novembre
1994 - Tome 1 Gérer dans l'incertain : mutations du cadre institutionnel et
nouveaux outils. http://www.persee.fr/doc/Document généré le 11/06/2016.
5) Groud, Hervé, Nemery, Jean-Claude. Les collectivités territoriales et les
institutions européennes. In: Annuaire des collectivités locales. Tome 15,(
1995) https://www.persee.fr/doc/colocFichier pdf généré le 18/05/2018.
6) Koebel, Michel , « les élus municipaux représentent- ils le peuple ? Portrait
sociologique », Métro politiques, (3 octobre 2012), sur :
(www.métropolitiques.eu) du 23-11-2015.

Journées d’études et Colloques

1) Huron, David, « Le management public local au regard de la spécificité


territoriale française ». Jean-Pierre Brechet, Pierre Mevellec. 14emes
journées nationales des IAE, Apr 1998, Nantes France. Presses
Académiques de l'Ouest, Tome 4 , 1998.. https://tel.archives-ouvertes.fr/.

353
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

2) Clark Terry Nichols. Les stratégies de l'innovation dans les collectivités


territoriales : leçons internationales. In: Politiques et management public, vol.
13, n° 3, 1995. La gestion des collectivités locales et régionales face à
l'incertitude - Actes du septième colloque international organisé en
collaboration avec l'Ecole Nationale d'Administration Publique - ENAP - du
Québec- Montréal - 3/4 novembre 1994 - Tome 1 Gérer dans l'incertain :
mutations du cadre institutionnel et nouveaux outils.

3)Le Conseil Economique et Social, « Journée de sensibilisation aux objectifs


du développement durable : La Durabilité au cœur des politiques publiques :
Éléments de Cadrage ». Résidence EL-MITHAK, 06/03/2016. sur :
www.cnes.dz. consulte le : 17/06/2016.

Rapports Officiels

1) Commission Européenne ; Appui à la décentralisation et la gouvernance


locale dans les pays tiers, document de référence n° 2, collections outils et
méthodes. Luxembourg: office des publications officielles des
communautés européennes. (Janvier 2007).
2) Ministère de L’Intérieur des Collectivités Locales et de l’Aménagement du
Territoire : Direction Générale de la Modernisation, de la Documentation
et des Archives : Projet Commune Electronique, www.interieur.gov.dz,
consulte le : 10/01/2018.
3) République Algérienne Démocratique et Populaire. Le gouvernement,
Rapport sur l’état de mise en œuvre du programme d’action national en
matière de gouvernance. Novembre 2008, sur :
www.premier.ministre.gov.dz, consulté le : 26.01.2016.
4) Conseil des communes et des régions d'Europe. Statut des élus locaux en
Europe. décembre 2010 (www.ccre.org)..
5) Ministère de l’action sociale et de la solidarité nationale : Programme des
nations unies pour le développement : Carte de la pauvreté en Algérie :
Agence Nationale d’Aménagement du Territoire, (Mai 2001).
6) Ministère de l’industrie de la Petite et Moyenne Entreprises et de la
Promotion de l’Investissement, rapport n°1 : Développement local :
Concepts, Stratégie et Benchmarking. Série : politique économique et
développement , septembre 2011,
7) Ministère de l’intérieur et collectivités locales, Ceneap : La Reforme des
finances et de la fiscalité locale : Rapport final : Synthèses, (Janvier
2008)., sur : www.ceneap.com.dz, consulte le : 11/11/2016.
8) Ministère de l’intérieur et collectivités locales, « Genèses des plans
communaux de développement », 1999, (Document interne non publie).

354
_______________________________________________ ‫قائمة المراجع المعتمدة‬

9) Ministère de l’intérieur et collectivités locales, « Projet de proximité de


développement Rural Intégré », (Juin 2008).
10) -Ministère de l’intérieur et des collectivités locales, « structures des
ressources fiscales des collectivités locales », sur : www.interieur.gov.dz,
consulté le : 17/01/2018.
11) Ministère de l’Intérieur et des Collectivités locales. Institut Supérieur de
Gestion et de Planification : DESS en management public : La Gestion
des finances locales : Cycle de formation des secrétaires généraux des
Communes : (Janvier 2008).
12) Ministère de l’intérieur, des collectivités locales et de l’aménagement du
territoire, « Avant-projet de loi relative à la participation citoyenne et aux
activités participatives au niveau local », sur : www.interieur.gov.dz,
Consulté le :13/11/2017.
13) Office National des statistiques: Armature urbaine : 5emRecencement
général de la population et de l’habitat, 2008, Alger,( 2011).
14) République Algérienne Démocratique et Populaire, Conseil National
Economique et Social : Rapport de Conjoncture Economique & Sociale.
(1er Semestre 2015).
15) République Algérienne Démocratique et Populaire. Présidence de la
République .Comité de la Réforme des Structures et des Missions de l’Etat,
Rapport Général du Comité de la Réforme des Structures et des Missions
de L’Etat. (Non publie),( 2001).
16) République Algérienne Démocratique et Populaire, é-Commission, « é-
Algérie 2013 : Synthèse », Décembre 2008, Sur: www.premier-
ministre.gouv.dz, consulté le : 17/01/2015
17) République Algériennes Démocratique et Populaire, le Conseil
National Economique et Social, Concertation Nationale autour de la
définition des objectifs d’un meilleur développement local : 50
recommandations pour soutenir une nouvelle dynamique dédie aux
attentes et ambitions citoyennes. Palais des nations, le
29/30Décembre2011.(85p.).

Dictionnaire et encyclopédies

1) Dictionnaire des Politiques Publiques, France : les presses, 4éd.2014.

Quotidiens et journaux

Malek Serrai, « les walis manipulent les élus locaux », « au Forum d’El
Moujahid www.liberte-algerie.com. 22/08/2015.

355
‫قائمة المراجع المعتمدة _______________________________________________‬

‫‪356‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫قائمة محتويات الدراسة‬


‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫مقدمــــــــــــــــــــة‪2….........................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬النظام المؤسساتي للجماعات المحلية في الجزائر‬

‫مدخل الفصل ‪41.......................................................................................‬‬


‫أول‪ :‬أهمية الجماعات المحلية ومكانتها في النظام اإلداري الجزائري‪41............................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-4‬تطور التنظيم اإلقليمي للبالد ‪48......................................................‬‬
‫‪ -2-4‬المقاربة المفاهيمية للنموذج الجزائري في إدارة الجماعات المحلية‪23.....................‬‬
‫‪ -3-4‬معايير تصنيف الجماعات المحلية‪22..................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المؤسســـــــــــــــــــــات اإلدارية المحليـــــــــــــــــــــة‪32.........................................‬‬


‫ً‬
‫‪ -4-2‬البلديــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‪33.................................................................‬‬
‫‪ 4-4-2‬اإلدارة العامة‪33......................................................................‬‬
‫‪ 4-4-4-2‬األمانة العامة لإلدارة البلدية‪33...................................................‬‬
‫‪ -4‬مكتب النظام العام واإلعالم اآللي‪14..............................................‬‬
‫‪ -2‬مكتب المستخدمين ‪14...... ....................................................‬‬
‫‪ -3‬المكتب البلدي لحفظ الصحة والنظافة‪14..........................................‬‬
‫‪ 2-4-4-2‬مصلحة التنظيم والشؤون العامة‪14...............................................‬‬
‫‪ -4‬مكتب التنظيم واالنتخابات واإلحصاء العام ‪14.......................................‬‬
‫‪ -2‬مكتب المنازع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات‪14.........................................................‬‬
‫‪ -3‬مكتب النشاط االجتماعي والخدمات اإلنسانية‪12.....................................‬‬
‫‪ 3-4-4-2‬مصلحة الحالة المدنية‪13........................................................‬‬
‫مكتب الوثائق والشرطة العامة ‪13..................................................‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪ -2‬مكتب التصريحات والتسجيالت‪11...................................................‬‬

‫‪357‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫‪ 1-4-4-2‬مصلحة المالية والنشاطات القتصادية‪44........................................‬‬


‫‪ -4‬مكتب المالية والمحاسبة‪11.........................................................‬‬
‫‪ -2‬مكتب األجور والمرتبات ‪11.........................................................‬‬
‫‪ - 2-4-2‬اإلدارة التقنيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‪11...........................................‬‬
‫‪ -4-2-4-2‬مصلحة التجهيز واألشغال الجديدة‪11..........................................‬‬
‫‪ -4‬مكتب الصيانة والتجهيز ‪11.......................................................‬‬
‫‪ -2‬مكتب الحظيرة والوسائل العامة‪14...................................................‬‬
‫‪ -2-2-4-2‬مصلحة التهيئة العمرانية والدراسات الهندسية‪14..............................‬‬
‫‪ -4‬مكتب التهيئة العمرانية‪12..........................................................‬‬
‫‪ -2‬مكتب حماية البيئة وتخطيط المحيط‪12.............................................‬‬
‫‪ -2-2‬الوليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‪18................................................‬‬
‫‪ -4-2-2‬المصالح الالمركزية‪13...........................................................‬‬
‫‪ -4-4-2-2‬األمانة العامة‪13..............................................................‬‬
‫‪ -2-4-2-2‬المفتشية العامة‪13.............................................................‬‬
‫‪ -3-4-2-2‬ديوان الوالي‪14................................................................‬‬
‫‪ -1-4-2-2‬الدائرة‪14......................................................................‬‬
‫‪ -1-4-2-2‬مصالح التقنين و الشؤون العامة واإلدارة المحلية‪13.............................‬‬
‫‪ -4‬مديرية اإلدارة المحلية‪13...........................................................‬‬
‫‪ -2‬مديرية التنظيم و الشؤون العامة‪13.................................................‬‬
‫‪ -2-2-2‬المصالح غير الممركزة‪11........................................................‬‬
‫‪ -3-2-2‬مجلس الولية‪11.................................................................‬‬
‫ثالثًا‪ :‬المؤسسات السياسية المحليـــــــــــــــــــــــــــة‪12..................................................‬‬
‫‪ -4-3‬المجلس الشعبي البلدي‪13............................................................‬‬
‫‪ -2-3‬المجلس الشعبي الوالئي‪42...........................................................‬‬
‫‪ -3-3‬دور المعارضة واللجان في المجلس الشعبي المحلي‪43................................‬‬
‫ابعا‪ :‬السلطات المحلية‪44.......................................................................‬‬ ‫رً‬
‫‪ -4-1‬الوالــــــــــي‪43........................................................................‬‬
‫‪ -4-4-1‬االختصاصات السياسية‪24.......................................................‬‬
‫‪ -2-4-1‬اختصاصات النظام العام والحماية واألمن‪24......................................‬‬

‫‪358‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫‪ -3-4-1‬االختصاصات اإلدارية‪24........................................................‬‬
‫‪ -2-1‬رئيس الدائرة‪22.....................................................................‬‬
‫‪ -3-1‬رئيس المجلس الشعبي الولئي‪23...................................................‬‬
‫‪ -1-1‬رئيس المجلس الشعبي البلدي‪21....................................................‬‬
‫‪ -4-3-1‬ممثل للدولة في البلدية‪24.........................................................‬‬
‫‪ -2-3-1‬ممثل للبلدية‪24...................................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬حدود السلطات المحليــــــــــــــــــــــــــــــــة‪84...................................................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-1‬أولوية تمثيل الدولة على تمثيل المجتمع‪82...........................................‬‬
‫‪ -2-1‬التناقض بين االستقاللية االعتبارية و الذمة المالية‪81.................................‬‬
‫‪ -3-1‬سلطات الحلول في أبعادها القانونية والسياسية‪81.....................................‬‬
‫خالصة الفصل ‪82...................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬إشكالية التمثيل السياسي في إدارة الجماعات المحلية‬

‫مدخل الفصل ‪83.....................................................................‬‬


‫أول‪ :‬شرعية التمثيل السياسي المحلي‪34.........................................................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-4‬النظام االنتخابي المحلي‪31..........................................................‬‬
‫‪ -2-4‬إدارة العملية االنتخابية‪38............................................................‬‬
‫‪ -3-4‬عالقة اإلرادة الشعبية بالشرعية االنتخابية‪444..........................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬العهدة اإلنتخابية المحلية‪441...............................................................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-2‬أسس العهدة النتخابية المحلية وخصائصها‪441......................................‬‬
‫‪ -4-4-2‬المحددات القانونية للعهدة االنتخابية المحلية ‪444...................................‬‬
‫‪ -2-4-2‬النطاق اإلقليمي والزماني للعهدة‪444................................................‬‬
‫‪ -3-4-2‬إطار للتمثيل السياسي‪444.........................................................‬‬
‫‪ -1-4-2‬الميثاق األخالقي ‪442.............................................................‬‬
‫‪ -1-4-2‬قناة للوساطة واالتصال ‪442.......................................................‬‬

‫‪359‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫‪ -2-2‬التزامات العهدة النتخابية المحلية ‪448...............................................‬‬


‫‪ -4-2-2‬تنفيذ برنامج انتخابي‪448...........................................................‬‬
‫‪ -2-2-2‬التعبير عن المصالح المحلية‪448...................................................‬‬
‫‪ -3-2-2‬تسيير هوية مجتمعية‪443...........................................................‬‬
‫‪ -1-2-2‬التغيير القاعدي الهادئ‪444.........................................................‬‬
‫‪ -3-2‬ضمانات العهدة النتخابية المحلية ‪444..............................................‬‬
‫‪ -4-3-2‬النظام القانوني للجماعات المحلية ‪444..............................................‬‬
‫‪ -2-3-2‬النظام القانوني للمنتخب المحلي‪444................................................‬‬
‫‪ -3-3-2‬حرية التداول في اتخاذ القرار ‪442..................................................‬‬
‫‪ -1-3-2‬االمتداد الوطني للعهدة المحلية ‪443................................................‬‬
‫‪ -1-3-2‬إمكانية التعاون بين المجالس الشعبية المحلية ‪443..................................‬‬
‫‪ -4-3-2‬المشاركة الشعبية وامكانية االستشارة‪441............................................‬‬
‫‪ -2-3-2‬شرعية إنجاز للعهدة المحلية‪441....................................................‬‬
‫‪ -1-2‬القيود على العهدة النتخابية المحلية ‪441 ..........................................‬‬
‫‪ -4-1-2‬شدة الوصاية ‪441.................................................................‬‬
‫‪ -2-1-2‬ضعف الموارد ‪441................................................................‬‬
‫‪ -3-1-2‬طغيان السلطة الرئاسية في العمل ‪444.............................................‬‬
‫‪ -1-1-2‬فقدان زمام المبادرة ‪444......................................................................‬‬
‫‪ -1-1-2‬تأكل الشرعية االنتخابية ‪442.......................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬الديمقراطية المحلية بين التمثيل والمشاركة‪448...............................................‬‬
‫نظام الجماعة‪422....................................................................‬‬ ‫‪-4-3‬‬
‫‪ -2-3‬الديمقراطية التمثيلية‪421...............................................................‬‬
‫‪ -3-3‬الديمقراطية المشاركاتية‪434............................................................‬‬
‫‪ -1-3‬الحصيلة السياسية للديمقراطية المحلية‪432.............................................‬‬
‫رابعا‪ :‬المجتمع المدني والتنظيم المحلي‪414........................................................‬‬
‫‪ -4-1‬الحركة الجمعوية‪411...................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬النخب‪418.............................................................................‬‬
‫‪ -3-1‬المواطن‪414...........................................................................‬‬
‫خالصة الفصل‪411...............................................................................‬‬

‫‪360‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫الفصل الثالث‪ :‬السياسة العامة المحلية‪ :‬آليات عامة لشؤون محلية‬

‫مدخل الفصل ‪412....................................................................‬‬


‫أولً‪ :‬السياسات العامة كسياسات تنموية محلية‪444...............................................‬‬
‫مبادئ السياسة العامة المحلية‪442..................................................‬‬ ‫‪-4-4‬‬
‫‪ -4-4-4‬التوزيع اإلقليمي للموارد الوطنية‪442................................................‬‬
‫‪ -2-4-4‬الربط بين الشؤون المحلية والشؤون الوطنية‪442.....................................‬‬
‫‪ -3-4-4‬العدالة االجتماعية‪442.............................................................‬‬
‫‪ -1-4-4‬حل المشاكل العمومية المحلية‪443..................................................‬‬
‫‪ -1-4-4‬شرعنة دور الدولة السيادي ‪443.................................................. .‬‬
‫‪ -2-4‬مقتضيات السياسة العامة المحلية‪441..................................................‬‬
‫‪ -4-2-4‬مركزية االختيار وترتيب األولويات المحلية‪441.......................................‬‬
‫‪ -2-2-4‬فعالية المؤسسة الرسمية‪441.........................................................‬‬
‫‪ -3-2-4‬تحسين مردودية العمل العمومي‪441.................................................‬‬
‫‪ -1-2-4‬اختبار نجاعة آليات المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية‪441......................‬‬
‫‪ -3-4‬رهانات السياسة العامة المحلية‪441.....................................................‬‬
‫‪ -4-3-4‬التنمية المستدامة واالستقرار االجتماعي‪444.........................................‬‬
‫‪ -2-3-4‬االستثمار في أمالك الجماعة وتحرير المبادرة االقتصادية المحلية‪444................‬‬
‫‪ -3-3-4‬توسيع قدرات السلطات المحلية المنتخبة في التقرير واالستشراف‪444..................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجماعات المحلية كإطار تحليل للسياسة العامة المحلية‪442.................................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-2‬ترقية السياسات العامة كمدخل للحكامة المحلية‪443......................................‬‬
‫‪ -2-2‬أنماط السياسة العامة المحلية‪422.......................................................‬‬
‫‪ -3-2‬السياسة العامة المحلية كإدارة للتغيير‪421................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المتدخلون في السياسة العامة المحلية‪424..................................................‬‬
‫‪ -4-3‬األجهزة البيروقراطية للدولة‪428........................................................‬‬
‫‪ -2-3‬المجالس الشعبية المنتخبة‪484.........................................................‬‬
‫‪ -3-3‬األعيان وجماعات المصالح‪484.......................................................‬‬
‫‪ -1-3‬الرأي العام المحلي‪482................................................................‬‬

‫‪361‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫رابعا ‪ :‬مراحل صنع السياسة العامة المحلية‪481....................................................‬‬


‫‪ -4-1‬تحديد المشكل العام كحاجة عامة محلية‪481..........................................‬‬
‫‪ -2-1‬المداولة و اقتراح بدائل الحلول‪484...................................................‬‬
‫‪ -4-2-1‬المداوالت السياسية واالجتماعية‪482................................................‬‬
‫‪ -2-2-1‬المداوالت اإلدارية والتقنية‪482......................................................‬‬
‫‪ -3-2-1‬الدراسات والخبرة‪482...............................................................‬‬
‫‪ -3-1‬التنفيذ‪488............................................................................‬‬
‫‪ -4-3-1‬التنفيذ كقرار سياسي‪488............................................................‬‬
‫‪ -2-3-1‬التنفيذ كعملية إدارية‪483............................................................‬‬
‫‪ -3-3-1‬التنفيذ كوظيفة إدارية‪483...........................................................‬‬
‫التقييم والمراجعة‪434.................................................................‬‬ ‫‪-1-1‬‬
‫خامسا‪ :‬معوقات السياسة العامة المحلية‪434.......................................................‬‬
‫ً‬
‫‪ -4-1‬أزمة التغلغل االجتماعي ومركزية القرار المحلي‪432.....................................‬‬
‫‪ -2-1‬قلة االهتمام الجماعي بالشأن العام المحلي‪432.........................................‬‬
‫‪ -3-1‬النمط الفوقي لسياسات التنمية المحلية‪433..............................................‬‬
‫‪ -1-1‬غياب البعد اإلستشرافي لمحورية الجماعات المحلية في السياسات العامة الوطنية‪431.....‬‬
‫خالصة الفصل ‪431....................................................................‬‬

‫‪362‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫الفصل الرابع‪ :‬إدارة التنمية المحلية‪ :‬البحث عن فعالية التسيير االقتصادي‬

‫مدخل الفصل ‪432....................................................................‬‬


‫أول ‪ :‬النموذج الجزائري في التنمية كمشروع اجتماعي‪244..........................................‬‬
‫‪ -4-4‬المقاربة االقتصادية‪242................................................................‬‬
‫‪ -2-4‬المقاربة االجتماعية‪241................................................................‬‬
‫‪ -3-4‬التحوالت االجتماعية واقتصاد السوق‪241...............................................‬‬
‫ثانيا ‪:‬التنمية المحلية ‪ :‬اختيارات سياسية بمضامين اجتماعية‪244..................................‬‬
‫‪ -4-2‬العمليات التنموية المحلية‪243................................................. .......‬‬
‫‪ -4-4-2‬المخططات البلدية للتنمية‪241.......................................................‬‬
‫‪ -2-4-2‬المخططات القطاعية للتنمية ‪241...................................................‬‬
‫‪ -2-2‬التنمية الريفية‪244....................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬التهيئة اإلقليمية‪248..................................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬موارد إدارة التنمية المحلية‪224..............................................................‬‬
‫‪ -4-3‬الموارد المالية‪222.....................................................................‬‬
‫‪ -2-3‬الوظيفة العمومية اإلقليمية‪228.........................................................‬‬
‫‪ -3-3‬الموارد التنظيمية و المؤسسية‪231......................................................‬‬
‫رابعا ‪ :‬عالقة الدولة بالجماعات المحلية ‪232.......................................................‬‬
‫‪ -4-1‬الدولة كمراقب‪233.....................................................................‬‬
‫‪ -4-4-1‬الرقابة الداخلية‪233................................................................‬‬
‫‪ -4-4-4-1‬القاعدة السلمية‪233.............................................................‬‬
‫‪ -2-4-4-1‬مراقبة مصالح الوصاية‪214.....................................................‬‬
‫‪ -2-4-1‬الرقابة الخارجية‪214...............................................................‬‬
‫‪ -4-2-4-1‬الرقابة التشريعية‪214............................................................‬‬
‫‪ -2-2-4-1‬الرقابة المالية والقانونية‪214.....................................................‬‬
‫‪ -3-2-4-1‬الرقابة القضائية‪214............................................................‬‬
‫‪ -1-2-4-1‬الرقابة الشعبية أو المجتمعية‪212................................................‬‬
‫‪ -2-1‬الدولة كمستشار موجه‪212...........................................................‬‬
‫‪ -3-1‬الدولة كشريك‪213....................................................................‬‬

‫‪363‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫خامسا ‪ :‬المصالح العمومية المحلية‪211...........................................................‬‬


‫‪ -4-1‬تنظيم الخدمة العامة ومبادئ المنفعة العامة‪211.......................................‬‬
‫‪ -4-4-1‬الخدمة العمومية كأداة لتدعيم شرعية الدولة ‪214.....................................‬‬
‫‪ -2-4-1‬مجانية الخدمة وعمومية المنتفعين‪212...............................................‬‬
‫‪ -3-4-1‬تصنيف الخدمة العمومية المحلية‪218................................................‬‬
‫‪ -2-1‬أساليب تسيير الخدمة العمومية المحلية‪213............................................‬‬
‫‪ -4-2-1‬أشكال التسيير اإلداري‪214..........................................................‬‬
‫‪ -4-4-2-1‬الوكالة البلدية أو التسيير المباشر‪214.............................................‬‬
‫‪ -2-4-2-1‬المؤسسة العمومية المحلية‪214....................................................‬‬
‫‪ -3-4-2-1‬عقود االمتياز ‪214...............................................................‬‬
‫‪ -2-2-1‬أشكال التسيير المحلي الحديث‪212..........................................................‬‬
‫‪ -4-2-2-1‬الخوصصة‪213..................................................................‬‬
‫‪ -2-2-2-1‬الشراكة ‪ :‬عام‪ /‬خاص‪213.......................................................‬‬
‫‪ -3-1‬جدلية العالقة بين المواطنين والمرفق العام المحلي‪211..................................‬‬
‫‪ -4-3-1‬المواطن المدار‪211.................................................................‬‬
‫‪ -2-3-1‬المواطن المستعمل‪214.............................................................‬‬
‫‪ -3-3-1‬المواطن الزبون ‪214...............................................................‬‬
‫خالصة الفصل ‪218...................................................................‬‬

‫‪364‬‬
‫قائمة محتويات الدراسة _____________________________________________‬

‫الفصل الخامس‪ :‬سياقات اإلصالح ورهانات الحكامة المحلية‪ :‬الفرص‬


‫والتحديات‬
‫مدخل الفصل‪244................................................................................‬‬
‫أولً‪ :‬الحكامة العامة كسياسة إلصالح الدولة‪241...................................................‬‬
‫‪ -4-4‬إصالح النسق اإلداري المركزي‪243....................................................‬‬
‫‪ -2-4‬دور الثقافة السياسية في إعادة تأسيس الدولة وتنظيم المجتمع‪223.......................‬‬
‫ثانياً‪ :‬إصالح النسق الالمركزي‪223................................................................‬‬
‫تحديث ثقافة التسيير المحلي‪283.....................................................‬‬ ‫‪-4-2‬‬
‫‪ -2-2‬البلدية االلكترونية‪284................................................................‬‬
‫‪ -3-2‬التعاون الالمركزي‪234................................................................‬‬
‫‪ -1-2‬االقتصاد المحلي‪233.................................................................‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تحديات الحكامة المحلية‪232...............................................................:‬‬
‫‪ -4-3‬الحراك االجتماعي و االنتقال السياسي‪233..............................................‬‬
‫‪ -2-3‬الفساد السياسي وأخلقة الحياة العامة ‪342...............................................‬‬
‫‪ -3-3‬العولمة الشاملة ودور البحث العلمي في رفع التحديات‪341..............................‬‬
‫رابعا‪ :‬ضمانات إنجاح الحكامة المحلية‪348.......................................................‬‬
‫‪ -4-1‬اإلرادة السياسية‪344...................................................................‬‬
‫‪ -2-1‬العقد الوطني‪342.....................................................................‬‬
‫‪ -3-1‬دولة القانون و المؤسسات‪341.........................................................‬‬
‫خالصة الفصل‪343..............................................................................‬‬
‫خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ــة واستنتاجات الد ارسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ‪322..........................................................‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة‪324.......................................................................‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة المحتوي ـ ـ ـ ـ ــات ‪312......................................................................‬‬
‫ملخص ‪348..........................................................................‬‬

‫‪365‬‬
ABSTRACT ‫ملخص‬
‫________________________________________________________‬
‫‪AAAAA‬‬ ‫ملخص‬

‫ملخص‬
‫تعالج الدراسة اشكالية تنظيم الجماعات المحلية وتسييرها ‪ ،‬كنظام مؤسساتي محلي ونسقي ‪ ،‬ضمن‬

‫" انظمة التنظيم" التي تشكل النظام المؤسساتي الوطني ‪ .‬وتحديد التأثيرات المتبادلة بينها ‪ .‬السيما تلك‬

‫التفاعالت التي تترتب عن جدلية المطالب والموارد ( المدخالت والمخرجات )‪ .‬حيث تبرز بوضوح بينها‬

‫تباينات عديدة ‪ .‬مما يؤدي بنا الى تشخيص وتحليل استراتيجية التسيير القائمة في نظام الجماعات المحلية‬

‫؛ كمؤسسة ادارية وسياسية في بنية السلطات العامة المحلية ‪ .‬ودورها في رسم وتنفيذ السياسات العامة‬

‫المحلية تحت اشراف الدولة بمختلف مستوياتها ‪ .‬مما يكشف عن حدود االستقاللية التي يقرها القانون في‬

‫الميدان ‪ .‬كإدارة محلية للتنمية ‪ ،‬تبحث عن افضل نموذج للفعالية لتحقيق اهدافها في خدمة المواطن ‪.‬‬

‫ولتجاوز حجم االزمة البنيوية والوظيفية التي يمر بها نظام الجماعات المحلية‪ ،‬حاولنا طرح رؤية اصالحية‬

‫شاملة من منظور الحكامة العامة ‪ ،‬لكل انساق النظام المؤسساتي للدولة ‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬ال يمكن الحديث عن‬

‫اصالح ناجح للجماعات المحلية ‪ ،‬ما لم تتجلى ارادة سياسية عامة وحقيقية لإلصالح والتغيير لكل هياكل‬

‫الدولة ووظائفها ‪ ،‬نابعة عن رؤية مجتمعية للجماعة الوطنية إلعادة تأسيس الدولة‪ .‬تكون ابرز مؤشرات تقييم‬

‫نشاطها وفعاليتها تنطلق من قاعدة تلك الدولة‪ ،‬ممثلة في الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪368‬‬
________________________________________________________
AAAAA ‫ملخص‬

ABSTRACT

The study addresses the problem of organizing and managing local


collectivities, as a local and coordinating institutional system, within the
"organizational systems" that form the national institutional system. And identify
their mutual effects. Particularly those resulting from the dialectic of demands and
resources (inputs and outputs). Where there are many differences between its.
Leading us to diagnose and analyze the existing governance strategy in the
collectivities system; as an administrative and political institution in the structure
of local public authorities. And its role in the formulation and implementation of
local public policies under the supervision of the State at various levels. This
reveals the limits of independence recognized by law, in the fact. As a local
development department, it seeks the best model of effectiveness to achieve its
objectives in serving the citizen. To overcome the structural and functional crisis
experienced by the system of local collectivities, we have attempted to present a
global reform vision from the perspective of public governance to all the patterns
of the institutional system of the state. Thus, a successful reform of local
collectivities cannot be said, unless a genuine political will to reform and change
all structures, and functions of the State emerges from a society vision of the
national collectivity, for the reestablishment of the State. The most important
indicators of assessment and accompaniment from the base of the same state .

369
University of Algiers 3
Faculty of Political Sciences and International Relations
Department of political and administrative organization

Strategy for the Management of Local Collectivities in Algeria

Thesis submitted for the doctorate degree in political Sciences


Option: Political and administrative organization

Presented by : Supervised :
Hamdani Lounés P / Tadjer Mohamed

Board of Examiners
Name and Surname University Position

P / Harrouche Noureddine University of Algiers 3 Chair

P/ Tadjer Mohamed University of Tizi-Ouzou Supervisor

P / Driss Nabil University of Blida 2 Member

P / Laroussi Rabah University of Algiers 3 Member

D / El Aifa Salemi University of Algiers 3 Member

D/ Betaher Ali University of Tlemcen Member

University Year 2018 / 9102

You might also like