Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة 3
المحاضرة 3
.Jucques Lombard, introduction a l ‘ ethnologie, Armond colin, Paris, 1998, P151- 152 - 1
اليت كتب هبا كتابه الرئيس إله املاء والذي كان عبارة عن مقابلة طويلة أجراها مع أحد املخربين
( .)1948فق د روى ل ه ه ذا املخ رب طيل ة ثالث ة وثالثني يوم ا األس طورة الط اعنني بالس ن
األوالني ة ال يت ت ؤمن هبا القبيل ة وال يت تفس ر نش أة تقنياهتا ( ك ور احلدادة ،احلياك ة) كم ا تفس ر
طقوسها ،فضال عن مقولة الشخص بالذات ،فكانت عبارة عن موسوعة فلسفية حتتوي على فكر
ال دوغون ال ديين ال ذي ي رى تعب ريه يف احلي اة اليومي ة من خالل ع دد من الرم وز ال يت تتخ ذ ش كل
الرس وم أو املنحوت ات .والواق ع أن ح يز الرمزي ة ه ذا ح يز واس ع ج دا يتجلى يف ك ل أوج ه احلي اة
اجملتمعية ،ابتداء من املعتقدات والطقوس واألساطري ،وصوال إىل الفن والتقنيات واللغة.
تكون الكون والرمزية :يروي كتاب غريول وقائع خلق العامل كما اكتشفها الباحث من
كالم خمربه .ففي البدء كان هناك إله خالق ،صار اآلن بعيدا ،امسه أّم ا ،خلق الشمس والقمر بناء
على تقنية قريبة من تقنية صنع الفخار.
-مث صنع األرض ،ومبا هي موئل اخلصب ،إذ تتلقى ماء السماء ،فهي ترمز إىل املرأة.
-لذلك أراد اإلله أن يقرتن هبا ،فحصل من جراء ذلك بلبلة وفوضى كبريين .إذ أن األرض شأهنا
شأن أية امرأة قبل الزواج مل تكن خمتونة .فكان أن اعرتضت مأرضة سبيل القران ،واملأرضة ترمز
هنا إىل البظر ،فاضطر اإلله إىل هدمها .كان ذلك كناية عن خرق أول للقاع دة ،أدى إىل والدة
غري سوية ،أي إىل والدة ولد واحد بدال من الوالدة املثلى عند الدوغون وهي والدة التوائم.
-بعد ذلك وجل املاء الذي هو املىن اإلهلي ،إىل باطن األرض وأدى إىل والدة كائنني اثنني نصف
الواحد منهما بشر ونصفه اآلخر حية ،فكان اجلنيان املسميان نوفو .مث حل هذان الكائنان تدرجييا
حمل اإلله اخلالق واضطلعا بتسيري شؤون الكون.
-إن هذين النومو يرمزان إىل الثنائية ،ثنائية جندها عند الكائنات البشرية حىت يف حال والدة الولد
الواح د .أي أن ك ل ام رئ ميل ك نفس ني ،نفس ا م ذكرة ،ونفس ا مؤنث ة .ولكن مبا أن ه ذه احلال ة
اخلنثوي ة تتن اىف م ع احلي اة اجملتمعي ة وحتول دون التناس ل ،ف إن اخلت ان يعي د لك ل ك ائن ملء هويت ه
اجلنسية.
-مث كان ظهور اإلنسان على شاكلة اآلباء األوالنيني الذين هبطوا إىل األرض .وهم مثانية .أربعة
ذكور وأربعة إناث .والرقم مثانية عند الدغون له قيمة رمزية .وقد عمد هؤالء اآلباء الثمانية إىل
تقاسم الكون.
-مث كان أن أنزل هؤالء اآلباء على األرض التقنيات والكالم.2
وهكذا فأسطورة تكون الكون تتمتع عند هذه الشعوب بقوة حامسة .إهنا تفسر الرموز،
والتنظيم اجملتمعي ،والتقنيات والفن ،واملعتقدات .وبالتايل فكل شيء يوجد يف الديين ،وكل شيء
يفس ر بال ديين أيض ا .هك ذا ف إن احلرك ات اليومي ة ال يت يق وم هبا احلداد مثال تعي د على الص عيد
الرم زي ،إنت اج األحداث ال يت ورد ذكره ا يف األس طورة األوالني ة .كم ا جند يف حمرتف احلدادة أن
املطرقة ترمز إىل جيّن املاء ،أي النومو الذكر ،بينما يرمز السندان إىل النومو األنثى .فعندما تنهال
املطرقة على السندان ،يقوم احلداد بتجسيد القران األسطوري الذي حصل بني هذا الزوج.
وهكذا فلقد أراد غريول أن يذكر بفكرتني:
األوىل أن التحلي ل ال دقيق لألس طوريات والكوني ات ،والفلس فات اإلفريقي ة تنم عن وج ود أنظم ة
متماسكة إىل حد كبري.
والثاني ة أن االنطالق من ه ذه الفلس فة ه و ال ذي ميكنن ا من وص ف الواق ع اجملتمعي حبيات ه اخلاص ة،
ويساعدنا على استخالص متاسكه الشديد.
Mauriceم رمبا ك ان لينه ارت من أوائ ل Leenhardt ( )1878- 1954 م وريس لينه ارت
االنرتوبولوج يني املي دانيني الفرنس يني إن مل يكن أوهلم على اإلطالق .وق د ت بني من كتابي ه الل ذين
درس فيهم ا أوض اع الكان ك يف كالي دونيا اجلدي دة ،أن ه يتّب ع نفس التوج ه املنهجي ال ذي انتهج ه
غريول :دراسة التنظيم اجملتمعي واالقتصادي ( أهايل ،األراضي العليا )1937مث دراسة املعتقدات
والشخصية ( دوكومو )1947كما أنه اتبع املقاربة نفسها اليت تعاين امليالنيزي يف حياته العميقة،