Professional Documents
Culture Documents
273260859 الرياضيات والزخرفة الاسلامية
273260859 الرياضيات والزخرفة الاسلامية
ونحن في حالة الزخرفة ننتقل من النقيض الى النقيض ،فاذا كنا قد رأينا انفسنا بازاء هذا الرتفاع بالزخرفة الى مرتبة الشريك في العمارة
السلمية ،فإننا ل نعدم من الباحثين الغربيين من ل يتردد في القول ان الزخرفة السلمية هي مجرد استجابة لما يسمونه بـ »نظرية الخوف
من الفراغ« بل اننا نجد من هؤلء الباحثين من يدخل في طائفة اصحاب السماء الكبيرة ،مثل المستشرق المعاصر الكسندر بابادوبولو.
وقاعدة الخوف من الفراغ تستند ،كما نعلم ،الى طرح أرسطو ،في كتابه »الطبيعة« القائل بعدم وجود الفراغ في الطبيعة ،او بتعبير آخر
خوف الطبيعة من الفراغ .وقد انعكس هذا التوجه على تفسير ظاهرة انتشار الزخرفة في الفنون ،وخاصة في الفن السلمي ،من باب ان
النسان ،بسبب خوفه من الفراغ ،يقوم بتغطية المساحات بعناصر اخرى مرئية
شأن كل ما يتعلق بالزخرفة السلمية ،فإننا اذا انتقلنا الى الحديث عن وظائفها واهدافها لوجدنا انفسنا امام وفرة حاشدة من العناصر ،نحار
معها من اين نبدأ ،فإذا كنا نتحدث عن المكونات الثلةثة الساسية التي سبقت الشارة اليها وهي التوريق والتسطير والرقش ،كما يعبر اهل
المهنة ،اي الزخارف النباتية والهندسية والخطية ،لوجدنا انها تتضافر وتتداخل وتتكامل لتضعنا امام بوليفينية بصرية تجتذبنا وتفتنا وتحيرنا
في آن ،وتتركنا غارقين في رحاب من التأمل له بداية ةثم ل تبين له في نهاية الفق نهاية.
الهدف الول والرئيسي المتوخى من الزخرفة السلمية هو التعبير عن مدلولت العقيدة ،بآلة مما يعكس اوامر هذه العقيدة ونواهيها ،فهي
زخرفة تحتل مكانها في عمارة إسلمية تختلف عن العمارات غير السلمية ،من غير ريب ،اذ هي من فيض السلم ووحيه ،وفي اطارها
استملى الفنان المسلم مدلولت عقيدته فجسمها وصورها وابدعها على تلك الصور التي تتحلى بها العمارة السلمية ،والتي انفردت بها عن
سائر العمارات.
التكرار ظاهرة زخرفية ..كيف نفسر هذه الظاهرة؟
-هناك سببان رئيسان كما ارى ،الول يتعلق بالخصائص الفنية للزخرفة ،اي في طبيعتها الموضوعية ،والثاني هو كره الفنان للفراغ حيث
يلحظ بصورة جلية على الموروث ذلك النفور من المساحات العارية عن الزخرفة
برع المسلمون في استعمال الخطوط الهندسية ،وصياغتها في اشكال فنية رائعة ،فظهرت المضلعات المختلفة ،والشكال النجمية ،
والداوئر المتداخلة
..وقد زينت هذه الزخرفة المباني ،كما وشحت التحف الخشبية والنحاسية ودخلت في صناعة البواب وزخرفة السقوف .
ولئن كانت هذه الزخارف دليل على موهبة فنية عظيمة فهي أيضا دليل على علم متقدم بالهندسنة العملية.والزخرفة الهندسية ذات أهمية
خاصة في الفن السلمي ،ولعل أهميتها تلك نتيجة لما أشرنا اليه في الزخرفة النباتية ،من حيث مطابقتها للمواصفات التي يقبلها المنهج
السلمي.وهذا مايفسر لنا ذلك الةثر الكبير الذي تفرضه على كل الفن السلمي أذ أصبح السلوب الهندسي واحدا من الساليب التي طبعت
لخر- .الزخرفة النباتية نفسها بأسلوبها فكثيرا ما جاءت هذه الزخرفة بأخراج هندسي عجيب بل أن الكتابة نفسها -وهي الفن السلمي ا ل
كثيرا ماتفنن في أخراجها الفنان المسلم فجاءت في قوالب هندسية متنوعة الشكال
لقد أستطاعت الهندسة أن تفرض سيادتها -في الفن السلمي -وذلك بغلبتها على شبق الشكال كما يقول "جارودي".
ول يفوتنا هنا أن نذكر ماكان للفرجار من دور في تقدم هذه الزخرفة وسيادتها ،فقد كان للدائرة دور كبير في هذا العطاء غير المحدود من
الشكال يؤكد هذا ويوسع مساحته ملء بعض المساحات وترك غيرها فارغة.
وقد استطاع المسلمون أستخراج أشكال هندسية متنوعه من الدائرة ،منها المسدس والمثمن والمعشر ..وبالتالي المثلث والمربع والمخمس ،
ومن تداخل هذه الشكال مع بعضها وملء بعض المساحات وترك بعضها فارغا نحصل على مال حصر له من تلك الزخرفات البديعة التي
تستوقف العين لتنقل بها رويدا رويدا من الجزء الى الكل ومن كل جزئي الى كل أكبر..
ولقد كان "هنري فوسيون" دقيق التعبير عميق الملحظة حينما قال:
"ماأخال شيئا يمكنه ان يجرد الحياة من ةثوبها الظاهر وينقلنا الى مضمونها الدفين مثل التشكيلت الهندسية للزخارف السلمية ،فليست هذه
التشكيلت سوى ةثمرة لتفكير قائم على حساب الدقيق قد يتحول الى نوع من الرسوم البيانة لفكار فلسفية ومعان روحية ،غير أنه ينبغي ال
يفوتنا أنه خلل هذا الطار التجريدي تنطلق حياة متدفقة عبر الخطوط فتؤلف بينها تكوينات تتكاةثر وتتزايد ،متفرقة مرة ومجتمعه مرات
وكأن هناك روحا هائمة هي التي يصلح لكثر من تأويل يتوقف على مايصوب عليه المرء نظره ويتأمله منها وجميعها تخفى وتكشف في
انواحد عن سر ماتتضمنه من امكانات وطاقات بل حدود".
لعل خير وسيلة تعرفنا على الفن السلمي ،هي الوقوف على خصائصة الذاتية ،وسماته المتميزة ومن خلل ذالك ،يمكننا استكمال
صورته واضحة جلية .،التباس بعيد عن كل غبش أو
-ان وظيفة الفن هي صنع )الجمال( وحين يبتعد الفن عن أداء هذه الوظيفة ،فان حيئذ ل يسمى )فنا( ذلك أنه تخلى عن عملة الصيل وقد
نسميه )مهارات( أو )دقه(..
-والفن في التصور السلمي )وسيلة( لغاية ،والوسيلة تشرف بشرف الغاية التى تؤدي اليها ،ولذا فليس الفن للفن ،انما الفن في خدمة
الحق والفضيلة والعدالة ..وفي سبيل الخير والجمال .
_ 5وللفن في التصور السلمي )غاية وهدف( اذ كان امر يخلو من ذلك فهو عبث وباطل ،والفن السلمي فوق العبث والباطل ،فحياة
النسان ووقته أةثمن من أن يكون طعمة للعبث الذي ل طائل تحته.
-ان الغاية التي يهدف الفن السلمي الى تحقيقها ،هي ايصال الجمال الى حس المشاهد )المتلقي( ،وهي ارتقاء به نحو السمى والعلى
والحسن ..اي نحو الجمل ،فهي التجاه نحو السمو في المشاعر والتطبيق والنتاج ،ورفض للهبوط.
-وكما أن للفن هدفا يسعى اليه ،فان له ايضا )باعثا( يدفع اليه ،هذا الباعث يغذيه جذران .جذر يمتد في اعماق النفس ،اذ من فطرة النفس
البشير السعي الى الجمال ..وجذر اخر يغذيه المنهج السلمي الذي يهدف الى الجمال ..وهكذا يلتقي ما تصبو اليه النفس مع ماطلبه
المنهج ..فاذا النسان مدفوع الى تحقيق الجمال بفنه بباعث من رغبه النفس وباعث من امر الشرع باتقان العمل واحسانه.
-وللفن شخصيته المستقله ،فليس هو فرعا من الفلسفة ،أوفرع من فروع العلم -وان كان العلم هو بعض مايحتاجة الفنان -ولذا فليس من
مهارات الفن البحث عن )الحقيقة( او الكشف عنها .وحينما يطلب اليه ذلك فقد حمل ما ل طاقة له قد يحدث ان يكون الفن في بعض الحيان
طريقا لكتشاف حقيقة ما ،ولكن هذا ليس مهمة دائمة يكلف بها ؟!.
ان الذين جعلوا اكتشاف الحقيقة من اعراض الفن ،دفعهم الى ذالك تصورهم الخاطئ عن تحديد مكانة الفن ومهمتة .
-والفن السلمي ينبع من داخل النفس ،فتجيش به العواطف والحاسيس ،فإذا به ملء السمع والبصر ،وهو بهذا تعبير التزام وليس صدى
للزام قهري او ادبي .
-بينا في )الظاهر الجمالي( ان ساحة الجمال هي الوجود كله ،وان السلم أوصل الجمال الى مجالت لم تعرفه من قبل ،ونؤكد هنا ان
ساحة الجمال نفسها هي ساحة الفن ،وهي ساحة ل تضيقها الحدود ،ول تحصرها الحواجز ،ذلك أنها ساحة منهج التصور السلمي .
-والفن السلمي -بعد ذلك -لقاء كامل بين إبداع الموهبة ونتاج العقرية وبين دقه الصنعة ومهارة التنفيذ وحسن الخراج .إنه اجتماع بين
الذكاء المتقد وبين الخبرة والتقان ،وبهذا يصل الفن الى ذروة الجمال ..إن أحد العنصرين -الموهبة والخبرة -قد يصل بنا الى إنتاج
فني ،ولكنهما معا يصلن بنا الى جمال فني .
2
تلك هي الساسية العامة التي يرتكز عليها )الفن السلمي( بكل فروعه وهذا ليمنع ان يكون إضافة الى ذلك لكل نوع منه أسسه الخاصة
به.،
هذه السس هي التي جعلت منه فنا متميزا له شخصيته المستقله وكيانه الذاتي.
قليلة هي الكتب التي تحدةثت عن مفهوم الفن من منطلق إسلمي ،ذلك أن هذا الموضوع بمحتواه المتداول الن لم يكن مطروحا فيما مضى،
بل كان الحديث يتناول كل فن على حدة.وأمر آخر :هو قلة الباحثين السلميين في هذا المضوع ،وأكثر الذين كتبوا عن الفن والجمال ،إنما
كانت كتاباتهم ترجمات لكتب لم تتحدث عن الفن السلمي ،أو تحدةثت وكانت قاصرة على مفاهيم فردية شرقية أو غربية.
وإزاء هذا المر ،فإن التعاريف للفن السلمي قليلة جداا ،ويعد ماذهب إليه الستاذ محمد قطب من أهم ماقيل في هذا الصدد.
جاء في كتاب "منهج الفن السلمي ".
" والفن السلمي ليس بالضرورة هو الفن الذي يتحدث عن السلم ...إنما هو الفن الذي يرسم صورة الوجود من زواية التصورالسلمي
لهذا الوجود .
هو التعبير الجميل عن الكون والحياة والنسان ،من خلل تصورالسلم للكون والحياة والنسان.
هو الفن الذي يهيء اللقاء الكامل بين "الجمال" و "الحق" .فالجمال حقيقة في هذا الكون ،والحق هو ذرة الجمال .ومن هنا يلتقيان في القمة
التي تلتقي عندها كل حقائق الوجود ".
كان ذلك مما جاء في مقدمة الكتاب ،ولم يقل المؤلف أنه يعتمد ذلك على أنه تعريف للفن السلمي .
ولكنا نجد في ةثنايا الكتاب ،وفي أكثرمن مكان ،التأكيد على مفهوم للفن اختاره المؤلف ،يقول فيه:
" الفن ــ في أشكاله المختلفة ــ هو محاولة البشر لتصوير اليقاع الذي يتلقونه في حسهم من حقائق الوجود ،أو من تصورهم لحقائق
الوجود ،في صورة جميلة مؤةثرة ".
وقال عن الفن السلمي " :إنه التعبير الجميل عن حقائق الوجود من زاوية التصورالسلمي لهذا الوجود ".
وعلى الرغم مما توصل إليه الستاذ قطب من تحديد لمفهوم الفن السلمي إل أنه لم يرد أن يعطي ماتوصل إليه لقلب التعريف.
ويحاول الستاذ محمد شمس الدين صدقي أن يعرفنا بالفن السلمي من خلل الحديث عن وظيفة هذا الفن فيقول " :يجب أن يكون نقل أو
إيصال أسمى وأفضل القيم والفكار والمشاعر إلى اللخرين بأسلوب جميل مؤةثر بحيث يوفر عنصر المتعة إضافة إلى التأةثيرفي سلوكهم
وإرشادهم إلى الصراط الستقيم ".
والحقيقة :أنه ليس من السهل إيجاد أو صياغة تعريف للفن السلمي ،ولعل السبب في ذلك يرجع إلى كثرة العناصرالتي ينبغي مراعاتها
عند تلك الصياغة .وهذا ــ كما أرى ــ ماجعل الستاذ قطب يلجأ إلى التعريف بالفن السلمي ــ ل إلى تعريفه ــ كما رأينا.
3
22:22 2007/09/30 : في,walid :تم تحرير المشاركة بواسطة
/http://walidhelali.jeeran.com
http://www.reseaux.edunet.tn/art/index.php?
option=com_joomlaboard&Itemid=76&func=view&view=threaded&id=34&catid=57