Professional Documents
Culture Documents
بقلـم علاوة حاجي
بقلـم علاوة حاجي
طفل في محفظة
هذه أول ليلة يقضيها داخل محفظة (حقيبة) ,هو لم يفعل ذلك ألنه يهوى قضاء الليالي داخل المحافظ ,و هي لم تستوعبه ألنها كبيرة
! فحسب ,بل ألن جسده الضئيل قد يختبئ في أي مكان
من داخلها سمع أباه يصرخ :أين يمكن أن يختبئ ذلك الفأر الصغير ؟
..ثم صوت أمه التي توزع المهام على إخوته العشرة :أنت ابحث عنه فوق ,و أنت تحت
أنت ابحث عنه هناك ,و أنِت فتشّي عنه هناك ...ال تتركوا مكانًا دون أن تبحثوا فيه جيدًا ,أنتم تعرفون أن بإمكانه االختباء في أي
.مكان
كان قد نام دون أن يسمع هذا التعليق الخبيث الذي صدر من أحد إخوته ,و القهقهات التي تلته ,و الصفعة القوّية التي ختمْت المشهد
!
*
لم تكتِف المعلمة بإمساكه من أذنيه و جذبهما بشدة ,بل ضربته بالطالسة نافضةً غبار الطبشور على رأسه ,ضحك زمالؤه الذين
يطلقون عليه
.لقب القزم ,فشعرت المعلمة بأنها تقوم بعمل بطولي ,و راحت تشّد أذنيه بقوة أكبر كلما ارتفعْت أصوات التالميذ بالضحك
بعد نهاية الدرس ,خرج من الصف منهكًا ,جسده منحن إلى األرض و أذناه اللتان اصطبغتا باللون األحمر تؤلمانه ,محفظته
الضخمة تثقل
.كاهله ,وبدا مثل حمال مسنٍ بائس ...نزع المحفظة من على ظهره و راح يجّر ها في الوحل حتى وصل إلى المنزل
حين رأته أمه مكتسّيًا بياض الطبشور ,و ُمحمر األذنين ,صرخْت :ماذا حّل بك يا ولد ؟
مستحيل ..كيف تجرؤ على اتهام اآلنسة بديعة بمثل هذا الكالم أيها الكاذب ؟ -
.و لما كان الكالُم أحَد ُج زئي معاملة األم مع أبنائها ,فقد أردفته بصفعة كادْت ُتسقطه أرضًا
عندما عاد والده من العمل في آخر النهار ,هرع إليه ليشكو قسوةَ أمه و معلمته ,و بما أنه رأى محفظته الُملطخة بالوحل ,فقد جاد
عليه
:انسحب الطفل إلى إحدى الغرف و هو يبكي ,و منها سمع أباه يقول ألمه
.صحيح ,لدرجة أنني أصبحُت أشّك في أنها أّث رْت على نموه -
حين سمع هذا الكالم ,اتجه مباشرةً إلى محفظته ,دخل إليها ,تّك وم فيها و هو يتمنى أن يرميه أبوه معها في الصباح ,ليشتري
محفظةً جديدة و طفًال جديدا