‫مرثية أطفال غزة‬

‫أحمد العجمي‬

‫لم أقرأ مثل هذا القتل في أي كتاب‪،‬‬

‫أنا منهك من شدة الحزن‬

‫ال أستطيع البكاء أمام الفوانيس‬

‫يا أطفال غزة الذين‬
‫ّ‬
‫املتوحشة‬ ‫تمزقكم الريح‬
‫أين ذهبت أسماؤكم ومالمحكم‬
‫التي كانت تض يء السماء؟‬
‫من يغسل الكون من هذا االنتقام!؟‬
‫من يستطيع فصل الدم عن الهواء!؟‬

‫‪1‬‬
 ‫إنه مهرجان للجرائم املوحلة‬
‫صوتي ال يستطيع‬
‫ترتيل قداس لجنائزكم‬
‫ال يقدر البحر على‬
‫سماع صمتكم األبدي‪،‬‬
‫يا أطفال غزة الجميلين‬
‫ال مسافة تقطعونها بين الرحم والقبر‬
‫كيف يمكن رؤيتكم من أعلى‬
‫ُ‬ ‫وأنتم ُت ّ‬
‫مزقون وتحرقون!؟‬
‫يا أطفال غزة الواثقين من املوت‬
‫وغير الخائفين من حامالت الطائرات‪،‬‬
‫ملاذا تكتبون أسماءكم على أذرعكم‬
‫التي ستلتصق بالحديد؟‬

‫‪2‬‬
 ‫ناموا في التاريخ املجرم‬
‫ناموا في ألحان الطغاة ولعقة الدم‬
‫ّإنها قذائف تلتهم الضوء‬
‫وتصهر عظامكم‬
‫قذائف مصنوعة من شهوة البادة‪،‬‬
‫قلبي غير قادر على التخاطب‬
‫مع الطمأنينة‬
‫التي ّ‬
‫تكرر خداعها‬
‫ال يمكنني المساك باأللم الرهيب‬
‫ل ّ‬
‫كنني سأصرخ بأسئلتي‬
‫ُ‬
‫عن النسانية امللطخة بالدماء‪،‬‬
‫إ ّنهم يخافون من براءتكم‬
‫أن تكون بوصلة للحرية الساطعة‪،‬‬

‫‪3‬‬
 ‫انتظروا الليل‪،‬‬
‫وسترون األوغاد يطاردونكم بالجحيم‪،‬‬
‫ال تنطقوا كلمة حضارة وقت الشهادة‬
‫فهي رائحة لشواء اللحم‬
‫إن الشياطين يتلذذون‬

‫بصرخاتكم وأوجاعكم‬
‫حين تدفنون تحت الركام‬
‫والقرارات الدولية‪،‬‬
‫هم من صنع الدمار‬
‫هم من أكلوا قرص الشمس‪،‬‬
‫يا أطفال غزة ليست لكم أجنحة‬
‫تفرون بها إلى الحياة‬
‫أنتم هدف كبير لحفاري القبور‬

‫‪4‬‬
 ‫ملن يلوثون الحقيقة بصواريخهم‬
‫كل لحظة ّ‬
‫يفجرون رؤوسكم ويبتسمون‬

‫هكذا يعزفون موسيقاهم‬

‫هكذا يرقصون حول أشالئكم‪،‬‬
‫يا أطفال غزة األقوياء‬
‫يحبكم هللا ويكرهكم حلف الناتو‬
‫يحبكم الطائر املحلق‬
‫صدكم جيش الصهاينة املهزوم‪،‬‬ ‫ويتر ّ‬

‫ّإنهم غرقى في الظالم‬

‫في رمال الخوف‬
‫ّ‬
‫متشكلون من االنحطاط ّ‬
‫املقدس‬ ‫ّإنهم‬
‫ومن أساطير قزمة‪،‬‬
‫يا أطفال الروح العظيمة‬

‫‪5‬‬
‫ال مستشفيات لكم‪ ،‬ال طعام‪ ،‬ال هواء‪،‬‬
‫هذا ما كتبوه على صدورهم‬
‫ونقشوه على جبين الشاشات النازّية‪،‬‬
‫لقد رأى العالم احتفالية إبادتكم‬
‫سمع تفاخرهم بسلخ جلودكم‬
‫قوتهم الخائبة تتوهج من دمائكم‬
‫طوال اليوم وهم مفزوعون‬

‫من ملعان أعينكم‬

‫ومن صفاء أعماركم‪،‬‬
‫ستظل روحي ّ‬
‫مثقبة بدموعكم التي‬
‫تذيب الصخور واملدرعات‪،‬‬
‫سأحمل األوجاع معي‬
‫ألطعن بها األكاذيب‪،‬‬

‫‪6‬‬
 ‫األشجار ترسل لكم محبتها‬
‫الطيور تقاسمكم ريشها‪،‬‬
‫األوغاد ال ّ‬
‫يكفون عن معاقبة الطفولة‬
‫إنكم وجبة ّ‬
‫مقدسة لهم‬
‫حيث يقضون أوقاتهم امللعونة‬
‫في فرم لحومكم وعظامكم‪،‬‬
‫باسم الحضارة التي‬
‫يضعونها على رؤوسهم‬
‫يبنون أبراج الخزي والعار‪،‬‬
‫ّ‬
‫تذكري يا أشالء أطفال ّ‬
‫غزة‬
‫ّ‬
‫سيتحول‬ ‫أن املوت‬
‫إلى قصيدة لشعوب األرض‬

‫‪7‬‬
 ‫إلى أمطار تغسل الزمن‬
‫من أصوات الحقارة‬
‫ومن الخنوع الذي ّ‬
‫يصفق للنذالة‪،‬‬
‫ً‬ ‫يا أطفال ّ‬
‫غزة جميعا‪ ،‬شهداء وأحياء‪،‬‬
‫ّ‬
‫ستقضون على مركب الجنون والعار‬
‫وسيصنع الزمن ّ‬
‫مجرة لكم‬
‫تبتسم لألرض‪.‬‬

‫‪8‬‬