You are on page 1of 65

‫من إعداد الطالبة‬

‫✓‬ ‫✓‬
‫✓‬ ‫✓‬
‫✓‬ ‫✓‬
‫✓‬ ‫✓‬

‫تحت إشراف الدكتور‬

‫‪1‬‬
‫الرومان‬
‫ي‬ ‫المغرن مر بمجموعة من المراحل إىل أن وصل اىل القانون‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫إن القانون‬
‫فتقني‬ ‫ر‬ ‫كبي عىل القارة األوروبية بشكل ضيق‪ ،‬وعىل العالم بكل واسع‪،‬‬ ‫تأثي ر‬
‫الذي كان له ر‬
‫الت تتعلق بتنظيم الروابط ربي األفراد شكل هاجسا لمختلف‬ ‫القواعد الجتماعية والقانونية ي‬
‫الت مضت‪ ،‬فتطور العالقات الجتماعية وتطورها وتنوعها أظهر الحاجة إىل قواعد‬ ‫العصور ي‬
‫موحدة تنظم سلوك الفرد يف عالقته مع الخرين‪ ،‬خاصة باب المعامالت المدنية لكونها‬
‫الشيعة‬ ‫والتشيعات من ربي هذه الديانات برزت لنا ر‬ ‫ر‬ ‫حظيت باهتمام من مختلف الديانات‬
‫الكبي يف‬ ‫ر‬ ‫والت كان لها الحظ‬ ‫ي‬ ‫تضء لنا الطريق يف غياب الجهل والظلم‪،‬‬ ‫اإلسالمية كمنارة ي‬
‫المسلمي اىل األندلس وترجمة كتب الفقه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫الفرنس بعد دخول‬ ‫ي‬ ‫المدن‬‫ي‬ ‫تأثي عىل القانون‬ ‫ر‬
‫المغرن‬ ‫ومن أبرز اصول القانون المدن والمصادر الت استسق منها احكامه خاصه ر‬
‫بالتشي ع‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫التشي ع الذي تصدره السلطة التشيعية أو عن عرف درج عليه الناس يف‬ ‫تكمن مصادره ف ر‬
‫ي‬
‫المغرن قد استمد كل اسسه وركائزه من التجربة‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫حياتهم ومعاملتهم ونرى أن القانون‬
‫التونسية‪.‬‬
‫شء‬ ‫ر‬
‫معي عىل ي‬ ‫العيت عىل أنه سلطة معينة يعطيها القانون لشخص ر‬ ‫ي‬ ‫فعرف الحق‬
‫شخصي دائن ومدين يخول الدائن بموجبها‬ ‫ر‬ ‫الشخض فهو رابطة ما ربي‬
‫ي‬ ‫معي‪ ،‬أما الحق‬‫ر‬
‫تمييا‬ ‫التميي بينهما ر‬ ‫شء أو القيام بعمل أو المتناع عن عمل ول يزال‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫مطالبة المدين بإعطاء ي‬
‫الشخض‬ ‫ي‬ ‫العيت للحق‬
‫ي‬ ‫المدن رغم محاولت تقريب الحق‬ ‫ي‬ ‫جوهريا يقوم عليه فقه القانون‬
‫الشيعة اإلسالمية تعد أحد‬ ‫فيبق كل منهما قائما محتفظا بأهميته‪ .‬وكما سبق القول فإن ر‬
‫الت أثرت‬ ‫المالك باعتباره المنظومة الفقهية ي‬ ‫ي‬ ‫المدن وخصوصا المذهب‬ ‫ي‬ ‫أهم ركائز القانون‬
‫القواني‬ ‫ر‬ ‫المغرن قبل صدور‬‫ي‬ ‫القواني الوضعية بالمغرب حيث أن القضاء‬ ‫ر‬ ‫يف مجموعة من‬
‫المالك» يف مختلف‬ ‫الشيعة «المذهب‬ ‫الوضعية ف فية الحماية كان يحتكم ويطبق ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الجوانب الحياة العملية‪.‬‬
‫المغرن روابط األحوال الشخصية وروابط‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫ومن جهة أخرى يتناول القانون‬
‫الت تنقسم بدورها إىل القواعد القانونية المتعلقة بالحقوق الشخصية أو‬ ‫األحوال العينية ي‬
‫الشيعة العامة‬ ‫ظهي الليامات والعقود ‪ ،11913‬الذي يعتي بمثابة ر‬ ‫الليامات وينظمها ر‬
‫المدن ونجد يف المقابل القواعد المنظمة للحقوق العينية العقارية المنظمة‬ ‫ي‬ ‫للقانون‬

‫‪ - 1‬ظهير االلتزامات والعقود الصادر في ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬الموافق لتاريخ ‪ 12‬أغسطس ‪.1913‬‬

‫‪2‬‬
‫‪314.07‬‬ ‫بمقتض مدونة الحقوق العينية قانون ‪239.08‬والقانون التحفيظ العقاري قانون‬
‫فه منظمة بمقتض القانون ‪4 70.03‬بمثابة مدونة‬ ‫أما روابط األحوال الشخصية األرسية ي‬
‫األرسة عوض مدونه األحوال الشخصية الملغاة‪.‬‬

‫تحظ هذه الدراسة بأهمية كيى خاصة أنها تكشف عن األصول التاريخية للقانون‬
‫لظهي الليامات‬
‫ر‬ ‫المغرن‪ ،‬حيث نسلط الضوء عىل المصادر الوضعية والفقهية‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬
‫الت أثرت يف صياغته‪ ،‬وكذلك‬ ‫ر‬
‫والعقود‪ ،‬وإظهار مختلف المحطات التشيعية واألوضاع ي‬
‫الت يشملها‬
‫المالك ومختلف األقسام ي‬‫ي‬ ‫تمكننا هذه الدراسة من إبراز العالقة القائمة ربي الفقه‬
‫المغرن من روابط العينية والشخصية‪ ،‬وخاصة أننا اقترصنا عىل إبراز الجانب‬‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫المغرن فصله يف مدونة خاصة‪ ،‬إل أننا حاولنا التطرق إليه مثلما‬ ‫األرسي رغم أن ر‬
‫المشع‬
‫ي‬
‫المشع من فصل‬ ‫فعلت األنظمة المقارنة وإعطاء لمحة ونظرة عامة عنه والجواب عن غاية ر‬
‫شخض أرسي‪.‬‬
‫ي‬ ‫الذمة المالية عن كل ما هو‬

‫المدن‬
‫ي‬ ‫إن الوقوف عىل المرجعيات األصولية والمصادر الوضعية لقواعد القانون‬
‫المالك"‬ ‫التشي ع ر‬
‫والشيعة اإلسالمية " المذهب‬ ‫المغرن ف هذا الموضوع‪ ،‬يكتق بإبراز ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ظهي الليامات والعقود‪ ،‬بالرغم من كون مصادر القاعدة‬
‫كمصادر أساسية‪ ،‬باإلضافة إىل ر‬
‫الت ل يمكن إقصاء مكانتها يف قواعد‬
‫تستق أحكامها من العرف والفقه والقضاء ي‬
‫ي‬ ‫القانونية‬
‫المغرن بشكل عام‪.‬‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫القانون‬

‫المغرن من مصادر وأصول التجربة‬


‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫وقد برزت وازدادت أهمية القانون‬
‫التونسية‪ ،‬وتبعا لذلك فإن اإلشكالية المحورية لموضوعنا تتمثل يف‪:‬‬
‫وماه أصوله التاريخية؟‬
‫ي‬ ‫دن‬
‫ما هو منبع القانون الم ي‬
‫المغرن أحكامه؟‬ ‫وما ه أهم المصادر الت استوىح ر‬
‫المشع‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ - 2‬ظهير شريف رقم ‪ 178.11.1‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ ،1432‬الموافق لتاريخ ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2011‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪39.08‬‬
‫المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5889‬بتاريخ ‪ 27‬ذو الحجة ‪ 24(1432‬نوفمبر ‪ )2011‬ص ‪.5587‬‬
‫‪ - 3‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬المتعلق بالتحفيظ العقاري الموافق لتاريخ ‪ 12‬أغسطس ‪ 1913‬والمعدل والمتمم بظهير شريف‬
‫رقم ‪ 1.11.177‬في ‪ 25‬ذي الحجة ‪ 22 – 1432‬نوفمبر ‪ 2011‬بمثابة قانون رقم ‪ ،14.07‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5889‬ص‪.5575 :‬‬
‫‪ - 4‬ظهير شريف رقم ‪ 1.04.22‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3 (1424‬فبراير ‪) 2004‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة األسرة‪ ،‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 14‬ذو الحجة ‪ 5 (1424‬فبراير ‪)، 2004‬ص ‪.4‬‬

‫‪3‬‬
‫الت تنظم العالقات ربي األفراد‪،‬‬‫المدن عىل مجموعة القواعد ي‬
‫ي‬ ‫تعبي القانون‬
‫يطلق ر‬
‫ً‬
‫نوعي من‬
‫ر‬ ‫باستثناء ما يتم تنظيم فرع آخر من فروع القانون الخاص‪ .‬فهو يشمل عموما‬
‫العالقات القانونية‪ ،‬األوىل تنظم عالقات الفرد بأرسته ويطلق عليها األحوال الشخصية‬
‫والثانية تنظم عالقات األفراد المالية‪ ،‬فيدخل يف نطاق األحوال الشخصية المسائل المتعلقة‬
‫والمياث‪ ،‬أما الثانية فتضم‬
‫ر‬ ‫باألهلية والولية والوصية والنسب وأحكام الزواج والطالق‬
‫الماىل للشخص‪.‬‬
‫ي‬ ‫المعامالت واألحوال العينية والمتعلقة بالنشاط‬
‫المدن باعتباره أحد فروع القانون‬
‫ي‬ ‫الت يحتلها القانون‬
‫وللحديث عن المكانة الخاصة ي‬
‫لثان)‪.‬‬
‫الخاص‪ ،‬ل بد من معالجة موضوعاته (المطلب األول) ونشأته (المطلب ا ي‬

‫باف الدول‪ ،‬وذلك راجع لعدة‬ ‫األصل أن لكل دولة نظام وخصوصية تنفرد بها عن ي‬
‫السع إلرساء‬
‫ي‬ ‫الت تعمل به بهدف‬‫القانون ي‬
‫ي‬ ‫وغيها‪ ،...‬حت عىل المستوى‬ ‫عوامل تاريخية ر‬
‫مبدأ دولة الحق والقانون وإن اختلفت طرق عملها‪.‬‬
‫المدن من خالل‬‫ي‬ ‫الت تضمنها القانون‬
‫ونحن بدورنا سنحاول تفصيل الموضوعات ي‬
‫الت ل يمكنها الستغناء عن هذا القانون‪ ،‬بالرغم من اختالفها‪،‬‬ ‫دراسته يف النظم العالمية ي‬
‫كبي‪ ،‬ول شك أن األنظمة المعمول بها يف دول‬ ‫فه تظل تنظم نفس الموضوعات إىل حد ر‬ ‫ي‬
‫ه األنجلوسكسونية‪ ،‬يف مقابلها نجد الالتينية أو ما يسىم بالجرمانية أو الرومانية‬ ‫العالم ي‬
‫وأخيا ر‬
‫الشيعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ر‬ ‫والت تعمل بها معظم الدول‪،‬‬
‫ي‬
‫الت تنظم العالقات ربي‬‫المدن هو مجموعة من القواعد الموضوعية ي‬ ‫ي‬ ‫وعليه‪ ،‬فالقانون‬
‫األشخاص يف المجتمع‪ ،‬باعتباره المرجع الوحيد عن عدم وجود نص خاص يتكفل به فرع‬
‫من فروعه‪ ،‬فعندئذ يتم اللجوء إليه‪ ،‬لكن هناك من لم يتبت هذا التعريف حيث نجد بعض‬
‫وبي ما هو منفصل عن الذمة المالية‪.‬‬ ‫الدول فصلت ربي كل ما هو مرتبط بالذمة المالية ر‬

‫األنجلوساكسون‬
‫ي‬ ‫الالتيت (أول)‪ ،‬ثم المرور للنظام‬
‫ي‬ ‫سنحاول يف هذه الفقرة دراسة النظام‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫تجمع التقنينات المدنية ‪ les codes civils‬للدول الالتينية ربي دفتيها عادة األحكام‬
‫الت تنشأ ربي مختلف األفراد‪ ،‬وسواء ما يعرف منها بالحقوق‬ ‫المتعلقة بالعالقات المالية ي‬
‫الت تهتم بتنظيم‬‫الشخصية أو ما يعرف منها بالحقوق العينية‪ ،‬باإلضافة إىل األحكام ي‬
‫بقواني األحوال الشخصية‪.‬‬‫ر‬ ‫والت يصطلح عىل تسميتها عادة‬ ‫العالقات األرسية ي‬
‫الرئيس يف ذلك أي يف تنظيم الحقوق المالية إىل جانب الحقوق األرسية‬
‫ي‬ ‫ولعل السبب‬
‫التشيعات وبخالف الوضع عندنا اتخذت العلمانية مذهبا ونهجا لها‬ ‫تميي هو أن تلك ر‬
‫دون ر‬
‫ر‬
‫ومبارسة عىل القواعد‬ ‫ففصلت مبكرا ربي الدين والدولة‪ ،5‬حيث انعكس ذلك بصفة جلية‬
‫الت تنشأ ربي أفراد مجتمعاتها‪ ،‬بل وانعكس ذلك بالخصوص‬ ‫الت تنظم العالقات ي‬‫القانونية ي‬
‫حت عىل مصادرها المادية بل وعىل مواقف قضائها كذلك‪ ،6‬وكنتيجة حتمية لذلك‬
‫القواني المدنية األوروبية وخاصة ما‬
‫ر‬ ‫النفصال‪ ،‬أي انفصال الدين عن الدولة ظهرت يف‬
‫الت تحكم بعض‬ ‫يتصل منها بمجال األحوال الشخصية مجموعة من القواعد القانونية ي‬
‫الشيعة‬‫األوضاع أو تنظم بعض الحقوق الت ل تعيف بها الديانات السماوية عموما‪ ،‬و ر‬
‫ي‬
‫السالمية عىل وجه الخصوص‪ ،‬ومن ذلك مثال اباحة الدعارة كمظهر من مظاهر الحرية‬
‫النسانية‪ ،7‬ومن المستجدات المتباينة عن تقاليدنا أن مواقعة الزوج لزوجته بدون رضاها‬
‫الجنان‬
‫ي‬ ‫يف فرنسا هو اغتصاب لها تطبق بشأنه أحكام الغتصاب المعروفة يف القانون‬
‫السالم لألرسة لتيز أوضاع‬
‫ي‬ ‫التخىل عن النموذج‬
‫ي‬ ‫الطبيع أنه عند‬
‫ي‬ ‫والمغرن‪ 8‬ومن‬
‫ي‬ ‫الفرنس‬
‫ي‬
‫‪ - 5‬فمثال ينص الفصل الثاني من الدستور الفرنسي الصادر في ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1958‬على أن فرنسا تعد دولة الئكيه وديمقراطية واجتماعية وهي تسهر‬
‫على تحقيق المساواة أمام القانون دون تمييز في األصل أو العرق أو الدين ثم انها تحترم جميع المعتقدات‬
‫‪"La France est une république indivisible laïque démocratique et sociale elle assure l’égalité devant la loi de tous‬‬
‫"… ‪les citoyens sans distinction d’origine elle respecte toutes les croyances‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك فان المساواة التي يتحدث عنها الدستور الفرنسي لم تحترم قضائيا في قضية الحجاب انظر موقف ابتدائية باريس الصادر في‬
‫‪ 2‬يونيو ‪ 1991‬المتعلق بقضية الحجاب منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد ‪ 66‬ص ‪.237‬‬
‫وهو حكم أعادت التأكيد عليه محكمة النقض الفرنسية (الغرفة الكبرى) بالقرار الصادر عنها بتاريخ ‪ 10‬نوفمبر ‪ 2005‬مشار الى مراجعة بالنشرة‬
‫االخبارية المجلس األعلى العدد ‪ 17‬ص ‪ 26‬بعد صدور قانون ‪ 15‬مارس ‪ 2004‬الذي يحرم ارتداء الحجاب في المدارس الثانويات‪.‬‬
‫‪ - 6‬وهكذا فقد جاء في قرار ل محكمة االستئناف بباريس أن النظام العام الفرنسي يمنع تطبيق القانون األجنبي ذي الطبيعة الدينية الذي ال يعترف‬
‫بحرية الزواج‪.‬‬
‫‪L’ordre public français s’oppose aux obstacles de nature religieuse qu’une loi étrangère ( loi marocaine ) établit‬‬
‫… ‪à l’encontre de la liberté matrimoniale‬‬
‫‪Paris 9 janvier 1995 . D.1996 somm . 171 obs . Audit .‬‬

‫وتقتصر محكمة النقض الفرنسية لتكريس نفس الموقف أعاله باستعمال عبارة " تخالف المفهوم الفرنسي للنظام العام الدولي ‪" ...‬‬
‫‪ - 7‬ولمزيد من االيضاح حول المعاشرة الحرة واألطفال الطبيعيين بفرنسا انظر‬
‫‪- la semaine juridique " La condition juridique de la famille de fait en France "J. Rubellin _ Devichi‬‬
‫ولالطالع على جوانب من الموضوع ‪:‬‬
‫محمد الشافعي‪ :‬األسرة في فرنسا المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش ‪.2001‬‬
‫‪- 8‬وعرف المشرع المغربي جريمة االغتصاب في الفصل ‪ 486‬من القانون الجنائي كما يلي‪:‬‬
‫" االغتصاب هو مواقعة رجل المرأة بدون رضاها ويعاقب عليه بالسجن من خمس سنوات الى عشر سنوات غير أنه إذا كان سن المجني عليها تقل‬
‫عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حامال فان الجاني يعاقب بالسجن من عشر الى عشرين سنة"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المغرن حيث نص يف مطلع الفصل‬‫ي‬ ‫مماثلة لما يجري يف الغرب و هو ما تنبه اليه الدستور‬
‫ر‬
‫ه الخلية األساسية‬‫ع ي‬ ‫يىل ‪ " :‬األرسة القائمة عىل عالقة الزواج الش ي‬‫‪ 32‬منه عىل ما ي‬
‫للمجتمع ‪ " ...‬و هو ما عيت عنه كذلك المادة ‪ 4‬من مدونة األرسة " الزواج هو ميثاق تراض‬
‫و ترابط ربي رجل و امرأة عىل وجه الدوام غايته الحصان و العفاف و انشاء أرسة مستقرة‬
‫الزوجي"‪.9‬‬
‫ر‬ ‫برعاية‬

‫العالىم‪،‬‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫ي‬ ‫الت ينقسم إليها النظام‬
‫سون إحدى الفئات ي‬ ‫يعتي النظام األنجلوساك ي‬
‫إذ أن قواعده تعتمد بالدرجة األوىل عىل األعراف والتقاليد فضال عن الدور الذي تلعبه‬
‫مرجع‬
‫ي‬ ‫تقني مبادئه ضمن نظام‬ ‫الالتيت نجده يرجح ر‬
‫ي‬ ‫حي أن القانون‬‫السوابق القضائية‪ ،‬يف ر‬
‫أساسه األول هو القانون المكتوب‪ ،‬فبالرغم من كون العوامل التاريخية والنشأة الذاتية‪10‬‬

‫تأثي عىل‬
‫األنجلوساكسون‪ ،‬لكن لم يسبق وأن حصل ال ر‬
‫ي‬ ‫لت ساهمت يف تأسيس النظام‬ ‫ها ي‬ ‫ي‬
‫الت انصبت عىل الدول‬ ‫مبادئه وأسسه‪ ،‬بل ظل شامخا يف وجه الستعمارات الالتينية ي‬
‫اإلنجليية‪.‬‬
‫ر‬
‫ومن المعلوم أن الوليات المتحدة األمريكية تبنت هذا النظام من إنجليا إذ تعد هذه‬
‫الحاىل تمردوا عىل األحكام‬
‫ي‬ ‫خية موطن ولدته‪ ،‬لكننا نالحظ أن فقهاء ومنظري العرص‬ ‫األ ر‬
‫المدن ونظرياته تتضح بشكل واضح‪ ،‬بسبب‬ ‫ي‬ ‫الكالسيكية‪ ،‬وأخذت معالم التأثر بالمضمون‬
‫غي‬ ‫يتمي به القانون المكتوب من سهولة الرجوع إليه أو القياس عليه عكس القوا رني ر‬ ‫ما ر‬
‫الت يزخر بها القانون العام‪.11‬‬
‫المكتوبة ي‬
‫حقيق علينا أن نقول بعد كل ما فصلنا فيه أعاله‪ ،‬أن زمرة مهمة من الدول آثرت ترجيح‬
‫المدن عىل الرغم من كل ما تزخر به نظريات‬ ‫ي‬ ‫الالتيت ونظرياته المتعلقة بالقانون‬
‫ي‬ ‫كفة النظام‬
‫األنكلوساكسون من وضوح وتناغم والتأقلم مع متطلبات العرص الجديد بفضل‬ ‫ي‬ ‫النظام‬
‫اع قواعد العدالة واإلنصاف‬ ‫الت تر ي‬
‫سلسلة من النظريات والمواقف الفقهية الحديثة ي‬
‫األمريكيي وتأثرهم‬
‫ر‬ ‫القانونيي‬
‫ر‬ ‫الكبي للمنظرين‬
‫ر‬ ‫بالدرجة األوىل وما تأن ذلك إل بالفضل‬
‫وأربعي ولية‬
‫ر‬ ‫الرومان ورغبتهم الحقة بعرصنة قواعده‪ .‬وهو ما حذا بخمسة‬ ‫ي‬ ‫بأسس القانون‬

‫‪ - 9‬المادة ‪ 4‬من قانون رقم ‪70.03‬بمثابة مدونة األسرة‪.‬‬


‫‪ - 10‬نشأ النظام األنجلوساكسوني نشأة ذاتية‪ ،‬بحيث لم يعملوا على جمع القواعد ال تي يحتكمون إليها مثل ما فعلوا الالتينيين بل تركوا األمر للسوابق‬
‫القضائية واألعراف وغيرها‪ ،‬أي أنهم جعلوا القضاء أول مصدر للقانون في حين أن النظام الالتيني الذي يستند للقانون المكتوب كأول مصدر يحتكم‬
‫إليه‪.‬‬
‫فتم إنشاء القانون العام إلنجلترا كما نعرفه اليوم بشكل أساسي في أعقاب الفتح النورماندي عام ‪ .1066‬أثناء اعتالء ألفريد العظيم العرش‬
‫األنجلوساكسوني في عام ‪.871‬‬
‫‪ - 11‬القانون العام هو قانون مستمد من القرارات القضائية وليس من القانون نفسه‪ .‬للمزيد انظر‪:‬‬
‫‪/https://www.ejcl.org/did-roman-civil-law-influence-the-united-states‬‬

‫‪6‬‬
‫الت أرصت عىل اتباع‬
‫األنكلوساكسون باستثناء ولية ( لويزانيا) ي‬
‫ي‬ ‫أمريكية اتباع هذا النهج‬
‫نعت بذلك الحقوق الشخصية‬‫المدن ي‬
‫ي‬ ‫بمضامي قانونها‬
‫ر‬ ‫نهج الدول الالتينية فيما يتعلق‬
‫والعينية واألحوال الشخصية‪.‬‬

‫المدن يف الدول العربية (أول)‪ ،‬ثم‬


‫ي‬ ‫سنحاول يف هذه الفقرة دراسة مضمون القانون‬
‫المغرن (ثانيا)‪.‬‬
‫ي‬ ‫المرور إىل خصوصية النظام‬

‫األورون البغيض نتيجة للضعف الذي اعياها‬


‫ي‬ ‫لقد ابتليت الدولة العربية بالستعمار‬
‫بعد القوة والعز‪ ،‬وقد حاول المستعمر من ضمن ما حاوله القضاء الميم عىل هويتها‬
‫السالم بهذه الكيفية أو‬
‫ي‬ ‫المسلمة‪ ،‬وذلك عن طريق التشويش عىل تطبيق قواعد الفقه‬
‫بتلك تحث ذريعة أن تلك تحت ذريعة أن تلك القواعد ل تنسجم مع العقلية األوروبية‬
‫الت تنشأ ربي أفرادها‬‫"المتحرصة"‪ ،‬وبينما ظلت هذه الدول تخضع العالقات القانونية ي‬
‫السالم عموما‪ ،‬اضطرت يف النهاية وتحت ضغط المستعمر‬ ‫ي‬ ‫وبصفة تلقائية اىل أحكام الفقه‬
‫قواني مدنية وضعية مقتبسة شكال من‬ ‫ر‬ ‫وبإيعاز منه يف الغالب اىل اخضاع تلك العالقات اىل‬
‫األورون‪ ،‬وان ظل جوهرها ل يتناف كقاعدة عامة مع المبادئ العامة لجوهر‬ ‫ي‬ ‫القانون‬
‫ي‬ ‫النظام‬
‫ذلك الفقه‪ ،12‬ولم تتأثر األحكام المتعلقة باألحوال الشخصية مبدئيا بتلك األنظمة القانونية‬
‫اسالم تصطبغ غالبا بمذهب من المذاهب السنية الكيى‬ ‫ي‬ ‫اذ ظلت وأمست ذات أصل‬
‫المعروفة‪ ،‬بل ومنها ما تمذهب أحيانا بأحد المذاهب الشيعية كالمذهب الجعفري عىل‬
‫سبيل المثال‪.‬‬
‫مدن ينظم الحقوق الشخصية‬ ‫وهكذا فإننا نالحظ يف كل الدول العربية تقريبا وجود قانون ي‬
‫والحقوق العينية اىل جانب وجود قانون األحوال الشخصية أو لألرسة األول ينجح نحو‬
‫التشيعات األوروبية والمبادئ العامة للفقه‬ ‫التوفيق ربي األحكام المدنية الت تنبتها ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الثان يقف عند حدود أحكام الشيعة والفقه ل يكاد يتجاوزهما ال لماما ولم‬ ‫اإلسالم‪ ،‬و ي‬‫ي‬
‫فق عهد الحماية تعهدت السلطات الفرنسية‬ ‫تحد المملكة المغربية عن تلك القاعدة‪ ،‬ي‬
‫السالم سواء تعلق األمر بجانب العبادات أم بجانب‬ ‫ي‬ ‫وبإرصار من السلطان باحيام الدين‬
‫المعامالت من خالل معاهدة فاس الميمة مع المغرب يف ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬والمعروفة‬
‫باتفاقية الحماية‪ 13‬وجاء يف الفصل ‪ 3‬من نفس الدستور أن " السالم دين الدولة ‪ "...‬وينص‬

‫‪ - 12‬هذا مع العلم أن بعض التشريعات المدنية العربية قد حاولت أن تظل وفية ألحكام الفقه االسالمي (العراقي مثال) وبعضها االخر حاول أن‬
‫يستفيد جزئيا من تلك األحكام كما هو األمر بالنسبة للقانون المدني المصري والتشريعات المدنية العربية األخرى التي سارت في نهجه‪.‬‬
‫‪ - 13‬ينص الفصل األول من هذه االتفاقية على ما يلي ‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫المغرن ل يمكن أن يكون محال‬
‫ي‬ ‫الفصل ‪ 175‬منه كذلك عىل أن السالم كعقيدة للمجتمع‬
‫المدن نفسه تجعل من مبادئ‬ ‫ي‬ ‫للمراجعة باإلضافة اىل أن العديد من نصوص القانون‬
‫الشيعة السالمية نظاما عاما لها و تحيل عىل أحكامها يف العديد من المسائل‪ ،14‬واذا كانت‬ ‫ر‬
‫بقواني الغرب يف هذا المجال فان‬
‫ر‬ ‫كثيا من الناحية الموضوعية عىل األقل‬‫قوانينا لم تتأثر ر‬
‫التأثي بات بارزا عىل مستوى العادات و التقاليد و األخالق داخل المجتمع علما بأن هذا‬ ‫ر‬
‫ايجان مس األرسة أحيانا يف أهم مقوماتها‪.‬‬
‫ي‬ ‫غي‬
‫األخي كان سلبيا ر‬
‫ر‬ ‫التأثي‬
‫ر‬

‫نستطيع التأكيد عىل أن " القانون المدن المغرن " وهو مصطلح لم يكرسه ر‬
‫المشع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫مدونتي هما‪ :‬ر‬
‫ظهي الليامات والعقود والتشي ع‬ ‫ر‬ ‫المغرن يف أي نص من نصوصه يتكون من‬
‫ي‬
‫المالك الذي يعتي مصدرا مكمال له‪ ،‬بل وهناك نصوص‬
‫ي‬ ‫العقاري‪ ،‬باإلضافة إىل أحكام الفقه‬
‫خاصة أخرى يمكن ربطها بالقانون المدن ومن ذلك مثال القواني الخاصة بالتوثيق‪15‬‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫وبالحالة المدنية ‪ 16‬وبالملكية المشيكة‪.17‬‬

‫الت تحكم الليامات والحقوق الشخصية‪،‬‬ ‫ظهي الليامات والعقود القواعد ي‬


‫يقصد ب ر‬
‫كتابي‬
‫ر‬ ‫بظهي ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬وهو يشتمل عىل ‪ 1250‬فصال‪ ،‬وينقسم اىل‬ ‫ر‬ ‫فقد صدر‬
‫رئيسيي كتاب يتناول أحكام الليامات أو األحوال الشخصية بوجه عام وكتاب يتناول أحكام‬
‫ر‬
‫ر‬
‫مختلف العقود المسماة وما يتصل بها‪ .‬وقد اقتبس هذا القانون مبارسة من مجلة الليامات‬
‫والت تجنح كقاعدة نحو التوفيق ربي أحكام‬ ‫ي‬ ‫الت وضعت سنة ‪1906‬‬ ‫والعقود التونسية ي‬
‫القواني األوروبية آنذاك وبعض مبادئ‬
‫ر‬ ‫السالم ومختلف القواعد المضمنة يف بعض‬
‫ي‬ ‫الفقه‬
‫الت تنشأ‬
‫الرومان‪ ،‬ولم يكن قانون الليامات و العقود يف األصل يحكم ال العالقات ي‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫الفرنسيي واألجانب بحيث لم يطبق عىل المغاربة ال يف أحوال جد استثنائية اىل غاية‬
‫ر‬ ‫ربي‬
‫صدور قانون ‪ 26‬يناير‪ 1965‬والمعروف بقانون مغربة القضاء وتوحيده وتعريبه حيث أصبح‬
‫المغرن بل ررسيعة‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫قانون الليامات و العقود يمثل أهم جانب من جوانب القانون‬

‫" ان جاللة السلطان و دولة الجمهورية الفرنسية قد اتفقا على تأسيس نظام جديد بالمغرب مشتمل على اصالحات االدارية و التعليمية و االقتصادية‬
‫و المالية و العسكرية وللمزيد من االيضاح حول البعد القانوني لمعاهدة الحماية عبد االاله فونقير العمل التشريعي بالمغرب أصوله التاريخية و‬
‫موجباته الدستورية دراسة تأصيلية و تطبيقية ) دكتورة دولة في القانون العام ( مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ 2002‬ص‪ 125 .‬وما بعدها " ‪.‬‬
‫‪ -14‬راجع مثال الفصول ‪ 357‬و ‪ 384‬و‪ 870‬و ‪ 1092‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫‪ - 15‬فمثال فان القوانين المتعلقة بالتوثيق من مكمالت القانون المدني فمن المالحظ أن المشرع المغربي قد نظم الكتابة الرسمية و الكتابة العرفية‬
‫ضمن وسائل االثبات‪ ،‬الفصول من ‪ 416‬الى ‪ 448‬من ق ‪ .‬ل ‪ .‬ع‬

‫‪ -16‬و يعتبر القانون ‪ 37_99‬بخصوص الحالة المدنية و الذي دخل الى حيز التنفيذ بظهير ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بدوره من مكونات القانون المدني‪.‬‬
‫‪ -17‬القانون رقم ‪ 18_00‬المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية والذي دخل الى حيز التنفيذ بظهير ‪ 3‬أكتوبر ‪2002‬‬

‫‪8‬‬
‫القاض لسد الفراغ العالق ببعض فروع القانون الخاص األخرى كمدونة‬ ‫ي‬ ‫عامة يلتج اليها‬
‫القواني العقارية بل و القانون العام يف بعض األحيان (مثال‬
‫ر‬ ‫التجارة ومدونة الشغل ومختلف‬
‫الفصالن ‪ 79‬و‪ 80‬من ق‪.‬ا‪.‬ع المتعلقان بالمسؤولية اإلدارية)‪.‬‬
‫الفرنسيي‬
‫ر‬ ‫لك يطبق عىل‬ ‫وباعتبار أن قانون الليامات والعقود قد وضع باألساس ي‬
‫الت لها‬
‫واألجانب فانه قد تضمن العديد من الحكام الخاصة بالعالقات األرسية أي تلك ي‬
‫ارتباط وثيق بقانون األحوال الشخصية عموما ومن ذلك عىل سبيل المثال ما جاء يف الفقرة‬
‫األخية من الفصل ‪ 229‬من ق‪.‬ا‪.‬ع وقد نصت عىل أنه ‪ " :‬اذا رفض الورثة اليكة لم يجيوا‬ ‫ر‬
‫للدائني ال أن ر‬
‫يبارسوا ضد اليكة‬ ‫وف هذه الحالة ليس‬
‫ر‬ ‫عىل قبولها ول عىل تحمل ديونها ي‬
‫حقوقهم‪" .‬‬

‫تشيعا مدونا خاصا باألحوال الشخصية ل بالنسبة‬ ‫لم يعرف المغرب ف عهد الحماية ر‬
‫ي‬
‫للفرنسيي واألجانب حيث ساد آنذاك مبدأ‬‫ر‬ ‫المسلمي أو اليهود ول بالنسبة‬
‫ر‬ ‫للمغاربة‬
‫القواني‪ ،‬يف هذا الصدد فالمغاربة المسلمون كانوا يخضعون فيما يخص تنظيم‬ ‫ر‬ ‫شخصية‬
‫المالك‪ ،‬و خصوصا مي الشيخ خليل‬ ‫ي‬ ‫عالقاتهم األرسية اىل األحكام المدونة يف كتب الفقه‬
‫والشوح المرتبطة بهما ومختلف الكتب النوازل الفقهية مثل‪:‬‬ ‫وتحفة ابن عاصم الغرناط ر‬
‫ي‬
‫ان‪ ،‬و يتقاضون‬ ‫ر‬
‫العلىم ونوازل المهدي الوز ي‬
‫ي‬ ‫يس ونوازل‬‫فتاوى ابن رشد والمعيار للونش ي‬
‫ع والمغاربة اليهود كانوا يخضعون لقانون األحوال الشخصية‬ ‫ر‬
‫بشأنها لدى القضاء الش ي‬
‫ظهي ‪ 22‬ماي ‪ 1918‬بشأن‬ ‫العيية ويتقاضون بشأنها لدى المحاكم الرسائيلية بالعتماد عىل ر‬
‫ائيىل‪ ،‬أما الفرنسيون واألجانب األوروبيون و األمريكيون‬
‫تنظيم المحاكم العيية والتوثيق اإلرس ي‬
‫بالخصوص فقد كانوا يف هذا الصدد يخضعون لقوانينهم الوطنية لألحوال الشخصية تطبيقا‬
‫للفرنسيي‬
‫ر‬ ‫ظهي ‪ 12‬غشت‪ 1913‬المتعلق بالوضعية المدنية‬ ‫ر‬ ‫للمقتضيات المضمنة يف‬
‫الدوىل الخاص‬
‫ي‬ ‫واألجانب بالمغرب والذي مازال يمثل واىل اليوم العمود الفقري للقانون‬
‫المغرن‪ ،‬و كانوا يتقاضون بشان ذلك لدى القضاء المنبث بالمغرب اىل غاية صدور قانون‬ ‫ي‬
‫المغربة و التعريب و التوحيد سنة ‪ 1965‬و الذي ألع تلك المحاكم و عوضها باألخرى‪.‬‬
‫ولما وضع حد للحماية الفرنسية عىل المغرب سنة ‪ 1956‬عىل اثر اتفاقية اكس لبان‬
‫لك تسهر عىل‬ ‫‪ Aix _ Les_Bains‬تشكلت لجنة فقهية من بعض كبار العلماء المغاربة ي‬
‫وضع قانون لألرسة المغربية عىل غرار ما قامت به بعض الدول العربية األخرى وقد انطلقت‬
‫مشوع تم تهيئه من طرف وزارة العدل اشتمل يف البداية عىل ‪ 269‬فصال‬ ‫تلك اللجنة من ر‬
‫المغرن الظهائر الخمسة التية‪:‬‬ ‫وانطالقا من عمل تلك اللجنة أصدر ر‬
‫المشع‬
‫ي‬

‫‪9‬‬
‫ظهي‪ 22‬نوني ‪ 1957‬بشأن الزواج وانحالل ميثاقه‬ ‫ر‬ ‫‪-1‬‬
‫ظهي ‪ 18‬دجني ‪ 1957‬بشأن الولدة ونتائجها‬ ‫‪ -2‬ر‬
‫الشعية‬‫ظهي ‪ 25‬يناير ‪ 1958‬بشأن األهلية والنيابة ر‬ ‫ر‬ ‫‪-3‬‬
‫ظهي ‪ 20‬فياير ‪ 1958‬بشأن الوصية‬ ‫‪ -4‬ر‬
‫المياث‬
‫ظهي ‪ 3‬أبريل ‪ 1958‬بشأن ر‬ ‫ر‬ ‫‪-5‬‬
‫ومن مجموع هذه الظهائر الخمسة تكونت مدونة األحوال الشخصية المغربية الملغاة‬
‫مشوع‬ ‫الت احتوت عىل ‪ 297‬فصال‪ .‬ومن الخطاب الملك الذي قدم جاللة الملك من خالله ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مدونة األرسة أمام اليلمان يوم ‪ 10‬أكتوبر ‪ 2003‬ومما جاء يف هذا الخطاب‪" :‬وإذا كانت‬
‫مدونة ‪ 1957‬قد وضعت قبل تأسيس اليلمان وعدلت سنة ‪ 1993‬خالل فية دستورية‬
‫مشوع مدونة األرسة عىل اليلمان‬ ‫انتقالية بظهائر ررسيفة فان نظرنا السديد ارتأى أن يعرض ر‬
‫أمي‬
‫الشعية من اختصاص ر‬ ‫ألول مرة لما يتضمنه من اليامات مدنية علما بأن مقتضياته ر‬
‫المؤمني"‪.‬‬
‫ر‬
‫والقضان‬
‫ي‬ ‫الفقه‬
‫ي‬ ‫تعيي لجنة علمية يسودها الطابع‬ ‫لقد سبقت الشارة اىل أنه تم ر‬
‫مشوع أوىل لقانون جديد ينظم العالقات األرسية داخل المملكة وبعد انتهاء‬ ‫لصياغة ر‬
‫األوىل‬ ‫اللجنة العلمية من عملها عرض جاللة الملك ألهم المستجدات الت جاء بها ر‬
‫المشع‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عارس اكتوبر ‪ 2003‬بمناسبة افتتاح الدورة اليلمانية الخريفية موضحا‬ ‫ف الجمعة ر‬
‫ي‬
‫والت يمكن ردها اىل ثالثة أساسية‬ ‫ر‬
‫الت تم الرتكاز عليها ي‬ ‫المرجعيات والثوابت الشعية ي‬
‫وه‪:‬‬ ‫ي‬
‫‪ -‬الليام بمبدأ عدم تحريم ما أحله هللا ول تحليل ما حرمه‬
‫ر‬
‫والمعارسة بالمعروف‬ ‫‪ -‬األخذ بمقاصد السالم من تكريم النسان والعدل والمساواة‬
‫المالك والجتهاد لوضع مدونة عرصية لألرسة منسجمة مع تعاليم‬ ‫ي‬ ‫وبوحدة المذهب‬
‫الشيعة السالمية‬ ‫ر‬
‫‪ -‬عدم اعتبار المدونة قانونا للمرأة وحدها بل مدونة لألرسة أبا وأما وأطفال والحرص عىل‬
‫حماية حقوق الطفال وصيانة كرامة الرجل‬
‫األوىل عىل مجلس وزاري انعقد خصيصا له يوم ‪ 12‬دجني ‪2003‬‬ ‫وقد عرض ر‬
‫المشوع‬
‫ي‬
‫المشوع عىل اليلمان بغرفتيه حيث تمت المصادقة عليه باإلجماع بعد ادخال‬ ‫وأخيا عرض ر‬ ‫ر‬
‫تغييات طفيفة عليه ل تمس الجوهر غالبا بالقانون رقم ‪ 70_03‬الذي صدر بتنفيذه ر‬
‫ظهي‬ ‫ر‬
‫ررسيف بتاري خ ‪ 3‬فياير ‪ 2004‬وتم نشه بالجريدة الرسمية الصادرة يف ‪ 5‬فياير ‪ 2004‬حيث‬
‫ر‬
‫حي التنفيذ و تتضمن المدونة الجديدة أرب ع مئة مادة‪.‬‬ ‫دخل اىل ر‬

‫‪10‬‬
‫يقتض منا الوقوف‬
‫ي‬ ‫المدن منذ أول شعلة ليوزه‪،‬‬
‫ي‬ ‫إن الوقوف عند دراسة تطور القانون‬
‫المدن الحديث من جهة‪ ،‬ثم نعرج لالطالع عىل نشأة مدونة األحوال‬ ‫ي‬ ‫عند نشأة القانون‬
‫التاليتي‪:‬‬
‫ر‬ ‫الفقرتي‬
‫ر‬ ‫الشخصية من جهة أخرى‪ .‬وهذا ما سنتعرف عليه يف‬

‫المدن‬
‫ي‬ ‫الت واكبت ميالد القانون‬
‫تقتض دراسة النشأة الحديث عن الظروف التاريخية ي‬
‫ي‬
‫ظهي الليامات والعقود (ثانيا)‪.‬‬
‫ر‬ ‫الد‬‫لمي‬ ‫التطرق‬ ‫(أول)‪ ،‬ثم‬

‫كان احتالل‪ 18‬فرنسا للجزائر عام ‪ 1830‬إيذانا ببداية النهاية لستقالل المغرب‪ ،‬فقد‬
‫بدأت بوادر األزمة يف العالقات المغربية الفرنسية خالل عهد السلطان عبد الرحمان‬
‫(‪ )1822-1859‬عىل الرغم من محاولته إقامة عالقة طيبة مع فرنسا ومنحها حق الدولة‬
‫أهاىل تلمسان‬ ‫ر‬
‫األكي رعاية يف عام ‪ ،1825‬وكانت بداية التوتر يف هذه العالقات عندما طالب ي‬
‫الفرنس‪ ،‬وبعد جدال وفتاوى‪ ،‬حت ل يصطدم‬ ‫ي‬ ‫بالنضمام إىل المغرب‪ ،‬هربا من الحتالل‬
‫لألخي‪.‬‬
‫ر‬ ‫العثمان‪ ،‬ألن الجزائر كانت تابعة‬
‫ي‬ ‫سلطان المغرب بالسلطان‬
‫وعي عليها ابن عمه سليمان واليا‪.‬‬ ‫فقبل السلطان عبد الرحمان بيعة أهل تلمسان‪ ،‬ر‬
‫الفرنسيي‬
‫ر‬ ‫العثمانيي وحلفاءهم من القبائل رفضوا النضمام إىل المغرب‪ ،‬كما أن احتالل‬
‫ر‬ ‫لكن‬
‫وهران قد ضاعف من حرج موقف سلطان المغرب‪ ،‬إذ أنذر الفرنسيون المغرب بعدم‬
‫التدخل يف شؤون الجزائر ‪ ،‬مما جعل السلطان عبد الرحمان يضطر إىل سحب قواته من‬
‫تلمسان‪،19‬لكن األزمة عادت من جديد‪ ،‬عندما دعم السلطان عبد الرحمان حركة جهاد ر‬
‫األمي‬
‫اض المغربية حيث‬ ‫األخي إىل األر ي‬
‫ر‬ ‫عبد القادر الجزائري ضد فرنسا‪ ،‬خاصة بعد أن لجا هذا‬
‫الفرنس‬
‫ي‬ ‫تابع حركة المقاومة‪ ،‬وكان المغاربة يساعدونه‪ ،‬فما كان من بيجو ‪ Bugeaud‬القائد‬
‫يف الجزائر إل أن أرسل إنذارا لحاكم وجدة‪ ،‬طالبا منه طرد عبد القادر الجزائري‪ ،‬وتشي ح‬
‫غي أنه لم ينتظر الرد‪ ،‬فأرسل القوات الفرنسية‬ ‫المغرن المرابط عىل الحدود‪ ،‬ر‬
‫ي‬ ‫الجيش‬
‫لحتالل وجدة‪.‬‬

‫‪ - 18‬فادية عبد العزيز القطعاني‪ ،‬الحركة الوطنية‪،1937_1912‬المجلة الجامعية‪ ،‬عدد ‪/16‬المجلد األول‪ ،‬فبراير ‪.2014‬‬
‫‪ -‬عالل الفاسي‪ ،‬الحركات االستقاللية في المغرب العربي‪ ،‬دار الطباعة المغربية‪ ،‬طنجة ‪.1948‬‬
‫‪ -‬مصطفى بوشعراء االستيطان والحماية بالمغرب (‪)1894_1863‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط ‪.1984‬‬
‫‪ -‬عبد الهادي النازي الحماية الفرنسية على المغرب‪ ،‬بدءها‪-‬نهايتها حسب إفادات معاصرة‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ -‬العلوي موالي الطيب‪ ،‬تاريخ المغرب السياسي في العهد الفرنسي‪ ،‬إعداد ومراجعة العلوي أحمد‪ ،‬منشورات الزاوية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ -‬عالل الخديمي‪ ،‬المغرب في مواجهة التحديات الخارجية(‪)1947_1851‬إفريقيا الشرق‪ ،‬المغرب‪2006 ،‬عياش جرمان ودراسات في تاريخ‬
‫المغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الرباط ‪.1986‬‬
‫‪ - 19‬امحمد مالكي‪ ،‬الحركات الوطنية واالستعمار في المغرب العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،1994‬ص‪.102:‬‬

‫‪11‬‬
‫أدى تطور األوضاع العسكرية يف المنطقة إىل نشوب معركة ربي القوات الفرنسية‬
‫المغرن عند وادي‬
‫ي‬ ‫والقوات المغربية بقيادة السلطان عبد الرحمان‪ ،‬انتهت بهزيمة الجيش‬
‫إيسىل‪ ،‬غرب وجدة يف ‪ 14‬غشت ‪.1844‬‬ ‫ي‬
‫إيسىل نقطة محورية يف تاري خ المغرب‪ ،‬فبسببها دخل المغرب يف‬ ‫ي‬ ‫لقد مثلت هزيمة‬
‫نفق التنازلت‪ ،‬وهذا ما حدث عندما وقع صدام ربي المغاربة واإلسبان يف مدينة سبتة عام‬
‫‪ ,1859‬ما لبث أن تطور إىل حرب‪ ،‬بعد أن رفض السلطان محمد بن عبد الرحمان طلب‬
‫رئيس الحكومة اإلسبانية المارشال أودونيل ‪ O`Donnell‬معاقبة المغاربة الذين ثاروا ضد‬
‫اإلسبان‪ ،‬وطلب توسيع حدود سبتة المحتلة‪ ،‬وإعادة رفع الراية اإلسبانية فيها‪ ،‬هزم اإلسبان‬
‫الطرفي يف ‪ 26‬أبريل‬
‫ر‬ ‫المغرن واحتلوا مدينة تطوان‪ ،‬وتم عقد معاهدة صلح ربي‬ ‫ي‬ ‫الجيش‬
‫‪ ،1860‬كانت بنودها بالكامل لصالح إسبانيا‪ ،‬مما اضطر المغرب لالقياض من إنجليا لدفع‬
‫الغرامة المستحقة لصالح إسبانيا‪.‬‬
‫يف السياق ذاته عقد عام ‪ 1880‬مؤتمر مدريد ضم ‪ 15‬دولة‪ ،‬لبحث مسألة المتيازات‬
‫الت كان الغرض منها تحطيم المغرب‪ ،‬وترسيخ مواقع القوى األوروبية فيها‪ ،‬وتمديد نطاق‬ ‫ي‬
‫‪20‬‬
‫الت ساهمت يف المؤتمر ‪.‬‬ ‫المتيازات إىل الدول األخرى‪ ،‬ي‬
‫وقد تجىل تفوق فرنسا يف هذا المضمار عندما استطاعت الحصول عىل امتيازات‬
‫تجارية ثنائية مع المغرب عام ‪ ،1892‬ومن موقع التفوق هذا بدأت الدبلوماسية الفرنسية‬
‫تنفيذ مخططها‪ ،‬فتهيأت إلجراء تسويات تأكدت بإبرام عدة اتفاقات‪ ،‬أهمها ربي سنة ‪1901‬‬
‫و ‪.211904‬‬
‫الدوىل يف مدينة الجزيرة الخرصاء اإلسبانية عىل البحر‬
‫ي‬ ‫يف ‪ 16‬يناير ‪ 1906‬عقد المؤتمر‬
‫اض المغرب والمساواة القتصادية‬ ‫المتوسط‪ ،‬وقد ناقش المؤتمر سيادة السلطان ووحدة أر ي‬
‫للدول الممثلة يف المغرب‪ ،‬إضافة إىل قضايا أخرى‪ ،‬وكان المالحظ عىل جلسات المؤتمر بروز‬
‫الرصاعات واألطماع ربي الدول المشاركة‪ ،‬مما حوله إىل ساحة لمناورات القوى الستعمارية‬
‫األوروبية‪ ،‬انترصت فيها فرنسا وحليفاتها‪ .22‬هكذا جاءت قرارات مؤتمر الجزيرة مخيبة لمال‬

‫‪ - 20‬وهي ألمانيا والسويد والنرويج والدنمارك والبرتغال‪ ،‬وفي سنة ‪ 1881‬انضمت روسيا‪ ،‬وحصلت على االمتيازات نفسها‪.‬‬
‫‪" - 21‬مع كل من إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا‪ ،‬أما ألمانيا فقد ظلت فرنسا في توتر معها إلى سنة‪ ،1911‬بسبب حالة التقارب بينها والمغرب‪ ،‬إذ أفسحت‬
‫هذه األخيرة لها المجال لتوسيع نشاطها التجاري‪ ،‬وعقد معاهدة سنة ‪ ،1890‬تسمح بانتشار نشاط المؤسسات التجارية األلمانية في معظم أنحاء‬
‫المغرب‪ ،‬وخاصة الجنوب المغربي‪ ،‬وسرعان ما احتلت التجارة األلمانية الموقع الثاني بعد بريطانيا" أفا عمر‪ ،‬التجارة المغربية في القرن التاسع‬
‫غير‪ ،‬البنيات والتحوالت‪ ،1912_1830‬مكتبة دار األمان‪ ،‬الرباط ‪ ،2006‬ص‪.34:‬‬
‫‪ - 22‬جمال هاشم الذويب‪ ،‬التطورات السياسية الداخلية في المغرب األقصى‪ ،‬مركز جهاد اللبيبين للدراسات التاريخية‪ ،‬طرابلس‪ ،2003‬ص‪.145:‬‬

‫‪12‬‬
‫المغرب‪ ،‬الذي كان الخارس الوحيد فيها‪ ،‬فعىل الرغم من اعياف المؤتمر بسيادة السلطان‬
‫واستقالل بالده‪ ،‬إل أنه كرس عمليا ر‬
‫ورسعيا النفوذ والوصاية الفرنسية عىل البالد‪.23‬‬
‫وقد أدت هذه التفاقيات‪ 24‬وما صاحبها من اضطرابات إىل فرض الحماية عىل المغرب‬
‫الت وقعها السلطان مولي حفيظ يف ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬بفاس ووزير‬ ‫بموجب اإلتفاقية ي‬
‫الفرنس ‪.Regnault‬‬
‫ي‬ ‫الخارجية‬
‫ضمنت معاهدة الحماية ‪ Protectorat -‬لفرنسا حق إقامة نظام جديد لإلصالحات‬
‫اإلدارية والقضائية والقتصادية والمالية والعسكرية‪ ،‬كما كفلت المعاهدة لفرنسا حق‬
‫الخارىح‪ ،‬وأن ينوب عن فرنسا يف المغرب مقيم عام وقائد عسكري‪ ،‬وضمن هذا‬ ‫ي‬ ‫التمثيل‬
‫ليوط ‪ Lyautey -‬مقيما عاما يف المغرب (‪.)1925_1912‬‬ ‫ي‬ ‫اإلطار عينت فرنسا الجيال‬
‫وف‬ ‫‪25‬‬
‫المغرن ‪ ،‬ي‬‫ي‬ ‫المؤسسان‬
‫ي‬ ‫شكلت الحماية تقنية نجحت يف النفاذ إىل عمق المشهد‬
‫عقالن‬
‫ي‬ ‫ليوط عبارة عن بناء‬
‫ي‬ ‫إعطاء الخطاب الستعماري ررسعيته‪ ،‬فقد كانت الحماية عند‬
‫المحىل‪ ،‬وصون األطر التقليدية بهدف الدفع بالمجتمع إىل‬ ‫ي‬ ‫يهدف إىل حفظ بت المجتمع‬
‫المؤسسان ربي السلطة الكولونيالية والمخزنية‪ ،‬فنتج عن‬
‫ي‬ ‫التطور‪ ،‬وهو ما أدى إىل التصادم‬
‫المغرن مفاهيم جديدة ذات طابع دو يىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫السياش‬
‫ي‬ ‫ذلك أن برزت يف المشهد‬
‫نظيه‬‫المغرن مع ر‬ ‫المدن‬ ‫الكبي ربي القانون‬
‫التشي ع‪ ،‬فقد برز وجه الشبه ر‬ ‫أما بخصوص ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الفرنس‪ .‬لكن اإلصالحات بعدها طالت هذا الجانب بشكل تراع فيه خصوصية المجتمع‬ ‫ي‬
‫المغرن وتاريخه‪.‬‬
‫ي‬

‫يف سنة ‪ ،1913‬رأت سلطات الحماية المتمثلة يف المقيم العام‪ ،‬رصورة وضع نظام‬
‫وقضان متكامل‪ ،26‬يضمن لسلطة الحماية التحكم يف البالد‪ ،‬ولهذه الغاية قام المقيم‬
‫ي‬ ‫قانون‬
‫ي‬

‫‪ - 23‬كانت أزمة أكادير ردا عمليا من قبل األلمان على عدم التزام فرنسا بميثاق مؤتمر الجزيرة ‪،1906‬وتنفيذ مقتضياته بتكافؤ بين القوى األوروبية‬
‫األساسية يومئذ‪ ،‬ولهذا أسرعت ألمانيا بإرسال الطراد الحربي "بانتر" إلى أكادير‪ ،‬التي تقع على الساحل المغربي المواجه للمحيط األطلسي‪ ،‬بحجة‬
‫حماية رعاياها وحماية مصالحها التجاري ة‪ ،‬و لتفادي نقد الدول لها أبلغت ألمانيا الدول المعنية بذلك‪ ،‬وبأنها ستسحبه عندما تنتهي األزمة‪ ،‬وكان‬
‫تصرف ألمانيا في حقيقة األمر يهدف إلى الضغط على فرنسا‪ ،‬لتعوضها في أماكن أخرى‪ ،‬بعد أن صعب عليها البقاء في المغرب‪ ،‬في ظل الوجود‬
‫الفرنسي‪ ،‬في هذه األثناء لم تكن ا لدول األوروبية راغبة في الحرب‪ ،‬وفي الوقت نفسه كانت فرنسا مستعدة للتسوية‪ .‬ولذلك وبعد مساومات استعمارية‬
‫بين الدولتين تم االتفاق في ‪4‬نونبر ‪، 1911‬على تنازل فرنسا من جزء من الكونغو الفرنسي أللمانيا‪ ،‬وضمان المصالح االقتصادية األلمانية في‬
‫المغرب‪ ،‬نظير اعتراف ألمان يا بنفوذ فرنسا وحدها في المغرب‪ ،‬وأال تعرقل عمل فرنسا لو أخذت على عاتقها حماية المغرب‪.‬‬
‫‪ - 24‬انتهى التنافس اإلمبريالي في شأن المغرب بانفراد فرنسا به بعد توقيعها مجموعة من التسويات االستعمارية‪ ،‬إذ توصلت إلى خالفاتها مع‬
‫بريطانيا التي نافستها أيضا في فلسطين و سوريا و لبنان‪ ،‬باتفاق ودي وقع في ‪8‬أبريل ‪ 1904‬واعترف لبريطانيا بصالحية حماية األمن في مصر‬
‫مقابل السماح لفرنسا بإطالق يدها في المغرب‪ ،‬كما أسفرت أزمة أكادير عن توقيع اتفاقية مع ألمانيا تنازلت بموجبها هذه األخيرة عن المغرب مقابل‬
‫احتالل حوض الكونغو وفي سنة ‪ 1912‬وقعت فرنسا عقد الحماية‪ ،‬بشأن هذه اإلتفاقية‪.‬‬
‫‪ - 25‬كانت سياسة استمالة القبائل والمخزن والتوغل االقتصادي في المغرب منهجية اتبعها الفرنسيون في احتاللهم المغرب‪ ،‬لهذا جرت مأسسة البحث‬
‫العلمي بشأن المغرب‪.‬‬
‫‪ - 26‬وذلك طبقا لما جاء في معاهدة الحماية (معاهدة فاس) السيما الفقرة األولى من المادة ‪ 1‬التي جاء فيها ما يلي‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫الفرنسيي لندري(‪ )Landry‬بمهمة وضع مشاري ع‬ ‫ر‬ ‫ليوط بتكليف أحد القضاة‬ ‫ي‬ ‫العام‬
‫وف ‪19‬‬ ‫تمهيدية ترفع إىل الحكومة الفرنسية وإىل سلطان المغرب من أجل المصادقة عليها‪ ،‬ي‬
‫ليوط إىل وزير الشؤون الخارجية ‪ Pichon‬تقريرا ليعرض‬ ‫ي‬ ‫مارس ‪ ،1913‬وجه المقيم العام‬
‫عليه النصوص القانونية المنجزة ويطلب منه إنشاء لجنة من فقهاء القانون( ‪une‬‬
‫تهتء‬
‫‪ )commission de jurisconsulte‬و الخياء حت يقوموا بدراستها و تنقيحها و ر ي‬
‫قضان المتوىح‪ ،27‬وبالفعل تم تشكيل هذه اللجنة برئاسة‪L. Ronault‬‬ ‫ي‬ ‫إنجاز التنظيم ال‬
‫المحنكي‪.28‬‬
‫ر‬ ‫وعضوية مجموعة من رجال القانون‬
‫الت كانت‬ ‫وهكذا عرف المغرب عام ‪ 1913‬صدور مجموعة من النصوص القانونية ي‬
‫الشيفة‪ ،‬ومن ربي هذه‬ ‫التشيع للحماية الفرنسية باإليالة ر‬
‫تهدف باألساس إىل وضع اإلطار ر‬
‫ي‬
‫الت كلفت بوضع مدونات‬ ‫النصوص نجد قانون اإلليامات والعقود‪ ،‬الذي أوكلت اللجنة ي‬
‫‪( 1913‬لجنة رونو)‪29‬مهمة مراجعته إىل لجنة فرعية تتكون من‪:‬‬
‫*‪ :Stéphane Berge‬الذي تقلد عدة مناصب قضائية حيث كان مستشارا بمحكمة‬
‫الستئناف بباريس ثم رئيسا أول بمحكمة الستئناف بالرباط قبل أن يلتحق بمحكمة النفض‬
‫والتونس‪:‬‬
‫ي‬ ‫المدن والتجاري‬
‫ي‬ ‫الت كلفت بإعداد القانون‬‫الفرنسية‪ ،‬وكان عضوا باللجنة ي‬
‫‪ : George Teissier‬أستاذ بالمدرسة الحرة للعلوم السياسية‬
‫‪:Albert de la pradelle‬أستاذ بكلية الحقوق بباريس‬
‫الت كان يجب أن تكون طويلة وشاقة نظرا لطبيعة وأهمية‬ ‫التحضيية ي‬
‫ر‬ ‫غي أن األعمال‬
‫ر‬
‫المهمة الموكولة إىل أعضاء هذه اللجنة الفرعية‪ ،‬لم تدم يف الواقع إل بضعة أسابيع‪ ،‬وترجع‬
‫واضع قانون اإلليامات والعقود فضلوا الستفادة من التجربة التونسية‬ ‫ي‬ ‫هذه الشعة إىل أن‬
‫ر‬
‫المشوع‬ ‫السابقة‪ ،‬وأن يجعلوا من المجلة التونسية لإلليامات والعقود لسنة ‪1906‬‬
‫التمهيدي للمدونة المغربية‪.‬‬

‫‪"Le gouvernement de la République Française et sa Majesté la sultan sont d'accord pour instituer au Maroc un‬‬
‫‪nouveau régime comportant les réformes administratives, judiciaires, scolaires, économiques, financières et‬‬
‫" ‪militaires que la Gouvernement française jugera utile d'introduire sur le territoire marocain‬‬
‫‪S.Berge, La justice française au Maroc,organisation et pratique judiciaires, préf L. Renault, Paris éd. Leroux, - 27‬‬
‫‪.p1 et 7‬‬
‫‪ - 28‬هذه اللجنة المنعقدة بمقر وزارة الشؤون الخارجية بباريس ما بين ‪ 7‬ماي إلى ‪ 25‬يونيو كانت تتألف باإلضافة إلى رئيسها السيد ‪Louis Renault‬‬
‫من ‪ 13‬عضوا‪ .‬انظر أسماء أعضاء هذه اللجنة وصفاتهم‪ ،‬في التقرير المرفوع إلى رئيس الجمهورية الفرنسية حول التنظيم القضائي للحماية الفرنسية‬
‫بالمغرب من طرف وزير الشؤون الخارجية (‪ )S. Pichon‬وزير العدل (‪ )A. Ratier‬الفرنسيين‪ .‬ج ر عدد ‪ 44‬صادرة بتاريخ ‪ 12‬شتنبر ‪،1913‬‬
‫ص‪.1:‬‬
‫‪ - 29‬ن قصد هنا بالخصوص التنظيم القضائي وقانون المسطرة الجنائية وقانون القضاء المحلف في المادة الجنائية والمسطرة المدنية وقانون‬
‫المصاريف القضائية في المواد المدنية واإلدارية والجنائية والتوثيقية وقانون المساعدة القضائية والوضعية المدنية‬
‫للفرنسيين واألجانب والقانو ن التجاري والتحفيظ العقاري وطبعا قانون اإللتزامات والعقود‪ .‬صدرت هذه القوانين بعد مصادقة السلطان موالي‬
‫يوسف عليها بظهير صادر بتاريخ ‪12‬غشت ‪ ،1913‬وتم نشرها بعد تأشيرة المقيم العام ليوتي في ‪ 30‬غشت‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اضع قانون‬
‫األساش بالنسبة لو ي‬
‫ي‬ ‫وهكذا فقد شكلت التجربة التونسية المرجع‬
‫وف هذا اإلطار يقول ‪ ..." : L. Renault‬وعىل الخصوص لقد‬ ‫المغرن‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫اإلليامات والعقود‬
‫الت تعتي تجربة جد مناسبة‪ ،‬مادام أن األمر يتعلق‬ ‫كثيا من التجربة التونسية‪ ،‬ي‬ ‫استفدنا ر‬
‫الت سبق أن‬ ‫ر‬
‫السء الذي مكننا من تجنب العديد من األخطاء ي‬ ‫بحماية تقع عىل بلد مسلم‪ ،‬ي‬
‫وقعنا فيها"‪.30‬‬
‫الكبي الذي لعبه ‪ D. Santillana‬يف‬
‫ولعل هذا القتباس من المجلة التونسية‪ ،‬والدور ر‬
‫الرئيس‪ ،‬إن‬
‫ي‬ ‫األخي عن حق بأنه الصانع‬
‫ر‬ ‫األخية‪ ،‬هو الذي جعل الفقه‪31‬يعتي هذا‬ ‫ر‬ ‫وضع هذه‬
‫نسختي‬
‫ر‬ ‫الحقيق لقانون اإلليامات والعقود‪ ،‬إذ نجد أنفسنا بالفعل أمام‬
‫ي‬ ‫لم نقل الواضع‬
‫تونسية ومغربية من مدونة ‪.Santillana‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإنه ل يجب أن يفهم من هذا‪ ،‬أن المدونة المغربية ليست إل مجرد نقل‬
‫للمدونة التونسية‪ ،‬بل إن أعضاء اللجنة قاموا بمالءمة تلك النصوص‪ ،‬وتتمثل هذه المالءمة‬
‫باألساس يف حذف بعض النصوص المتعلقة بتنظيم النشاط التجاري (حيث كان هناك نص‬
‫التهتء والوضع يف المغرب)‪ ،‬وثم أيضا حذف النصوص المتعلقة بالعقود‬ ‫تجاري عىل وشك ر ي‬
‫بالتونسيي (مثل النزال‪ ،‬القردال‪ ،‬الكولو‪ ،‬النصبة الخماسية‪،‬‬
‫ر‬ ‫الت اعتيت بأنها خاصة‬ ‫ي‬
‫الت تنص عىل بعض المبادئ العامة‬ ‫المساقاة‪ ،‬المغارسة‪ ،‬القراض‪)...‬وأيضا النصوص ي‬
‫واضع قانون اإلليامات‬
‫ي‬ ‫(ويتعلق األمر بالمواد ‪ 532‬إىل ‪ 563‬من المدونة التونسية) كما أن‬
‫الت حصلت منذ وضع‬ ‫التغييات و التطورات ي‬
‫ر‬ ‫بعي العتبار‬ ‫المغرن حاولوا األخذ ر‬
‫ي‬ ‫والعقود‬
‫المدونة التونسية‪ ،‬وبالخصوص يف مجال المسؤولية المدنية ال يت تعرف فيه المدونة‬
‫القواني األخرى خاصة من‬
‫ر‬ ‫التونسية نوعا من التأخر‪ ،‬ولذلك عملوا عىل األخذ من بعض‬
‫ألمانيا و سويشا‪.‬‬
‫تأثر القانون المدن المغرن بالقواني المدنية األوروبية‪32‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ - 30‬انظر التقديم الذي قدم به األستاذ ‪ L. Renault‬لكتاب ‪ S. Berge‬المعنون ب ‪La justice française au Maroc, organisation et‬‬
‫‪.pratique judiciaires, préf L. Renault, Paris, éd Leroux 1917, p:21‬‬
‫‪ - 31‬انظر بهذا الصدد على الخصوص‪:‬‬
‫‪.O. Azziman, Droit civil, Droit des obligations :le contrat, éd, le fennec 1995 ,p:29‬‬
‫‪ - 32‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس‪ -‬سنة ‪ ،1989‬العدد الخامس‪،‬‬
‫ص‪.76 – 71 :‬‬

‫‪15‬‬
‫الت عرفتها ل بد له من‬
‫إن كل مواكب لصدور مدونة األحوال الشخصية والتعديالت ي‬
‫المشع المغرن المستمرة ف سبيل بناء مدونة عرصية بروح ر‬
‫الشيعة‬ ‫التسليم بمحاولت ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اإلسالمية ومطبوعة بنكهة الليامات الدولية‪ .‬وحقيق علينا القول أن النتقادات البناءة كان‬
‫المشع لسلسلة من المقتضيات ألجل عرصنتها‪ ،‬ولم يتأن ذلك‬ ‫لها بالغ األثر ف تعديل نظرة ر‬
‫ي‬
‫إل بفضل الرعاية والقيادة السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس لورش اإلصالح‪،‬‬
‫الت تعرفها وضعية المرأة من تحسن جوانب أخرى داخل‬ ‫التغييات الجوهرية ي‬ ‫ر‬ ‫مع استغالل‬
‫مسي ين‬
‫مشوع خطة العمل الوطنية إلدماج المرأة يف التنمية فضال عىل ر‬ ‫المجتمع من بينها ر‬
‫والثان ضدها ألجل‬
‫ي‬ ‫منفصلي األول مع الخطة‬
‫ر‬ ‫اتجاهي‬
‫ر‬ ‫الرباط و الدار البيضاء اللتان أفرزتا‬
‫األخي لجاللة الملك محمد السادس‪.33‬‬ ‫ر‬ ‫ذلك كان التحكيم‬

‫حت يوضع حد للتصدع الفكري الذي عرفته الساحة المغربية بخصوص الخطة‬
‫الوطنية إلدماج المرأة يف التنمية أعلن ملك البالد محمد السادس عن تشكيل لجنة استشارية‬
‫ملكية من أجل إصالح مدونة األحوال الشخصية وذلك يوم ‪ 5‬مارس ‪.200134‬‬
‫والمتفان ألعضاء هذه اللجنة‪ ،‬كيف ل وقد سهر‬
‫ي‬ ‫ول بد لنا من التسليم بالعمل الجاد‬
‫الملك عىل أن تضم الحذاق من الفقهاء والعلماء ممن لهم إلمام ر‬
‫بالشيعة اإلسالمية والفقه‬
‫وقضاء األحوال الشخصية‪ ،‬دون أن نتجاوز المشاركة القيمة للنسوة يف خضم هذه‬
‫المناقشات تجسيدا لمبدأ المناصفة‪ ،‬وارتكزت جل مداولتهم عل‪ .‬مراعاة الوسطية‬
‫وغي‬
‫جتماع وتضامن أفراد األرسة ومراعاة التقاليد ر‬
‫ي‬ ‫والعتدال وتحري مقاصد اإلصالح ال‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ - 33‬عبد اإلله المحبوب‪ :‬المنهاج في شرح مدونة األسرة‪ ،‬ص‪.17 - 16 :‬‬


‫‪ - 34‬محمد الكشبور‪ :‬الواضح في شرح مدونة األسرة ص ‪ 15‬الطبعة الثالثة ‪.1436-2015‬‬

‫‪16‬‬
‫مشوع مدونة‬ ‫سنتي‪ ،‬تم وضع ر‬ ‫الت دام عملها ألزيد من‬
‫ر‬ ‫وتتويجا ألعمال هذه اللجنة ي‬
‫األرسة بعد سلسلة من جلسات الجتماع والحوار مع جمعيات نسائية ومهنية ومنظمات‬
‫حقوقية وأحزاب سياسية بغية ضمان مصداقية أكي لهذه التعديالت‪ ،‬ثم تم العتماد عىل‬
‫الجماع ربي أعضاء اللجنة لتمرير ما اتفق عليه من مقتضيات أما ما وقع فيه اختالف فيتم‬
‫ملك‪.‬‬
‫الملك يف إطار تحكيم ي‬
‫ي‬ ‫الحسم فيه من قبل الديوان‬
‫ول يسعنا القول يف هذا الخصوص إل ننوه بالدور الفعال للتوجيهات الملكية كونها‬
‫بالتأطي والمراقبة إنما امتد دورها إىل حدود اتخاذ القرارات الحاسمة والفصل يف‬
‫ر‬ ‫لم تكتف‬
‫كل ما اختلف فيه‪.‬‬
‫ثم ألق جاللته خطابا ساميا يوم الجمعة ‪ 10‬أكتوبر ‪ 2003‬وذلك بمناسبة افتتاح‬
‫مشوع مدونة‬ ‫الدورة اليلمانية الخريفية والذي تضمن تقديم وعرض أهم مستجدات ر‬
‫أجمعي ول يجب أن ينظر‬
‫ر‬ ‫األرسة‪ ،‬عىل أساس أن هذه اإلصالحات كانت مكاسب للمغاربة‬
‫عىل أنها انتصار لفئة‪ .‬عىل أخرى تجسيدا اإلرادة العامة لألمة‪.‬‬

‫مشوع مدونة األرسة تم عرضه بعدئذ من طرف‬ ‫بعد مصادقة المجلس الوزاري عىل ر‬
‫والت وافقت عليه باإلجماع مع‬ ‫والتشي ع وحقوق اإلنسان‬‫ر‬ ‫وزير العدل عىل لجنة العدل‬
‫ي‬
‫تغييات شكلية جد بسيطة بتاري خ ‪ 14‬يناير ‪.200435‬‬ ‫ر‬
‫وبعد إحالة تقرير اللجنة السابق اإليماء إليها أعاله‪ ،‬عىل مجلس النواب تم المصادقة‬
‫عليه من لدن مجلس النواب والمستشارين عىل حد سواء وعىل إثر ذلك استقبل جاللة‬
‫مشوع القانون‬‫الملك ف الثالث من فياير لسنة ‪ 2014‬رئيس مجلس اليلمان وسلماه ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫الظهي الشيف رقم ‪ 22-04-1‬يف ‪ 2004‬لينش‬ ‫ر‬ ‫‪ 70.03‬المتعلق بمدونة األرسة وصدر بذلك‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬الصادرة بتاري خ ‪ 2004/02/5‬صفحة ‪ 418‬ودخل ر‬
‫حي‬
‫التطبيق ابتداء من صبيحة ذلك اليوم‪.‬‬
‫السء الذي نستنتج منه أن ر‬
‫المشع كان تواقا إلخراج هذا القانون إىل الوجود حرصا‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫عىل مصالح األرسة المغربية بجميع مكوناتها ووعيا بأهميتها القصوى والمركزية يف النسق‬
‫جتماع لدولة الحق والقانون‪.‬‬
‫ي‬ ‫ال‬

‫‪ - 35‬محمد الكشبور‪ :‬مرجع سابق ص ‪.22‬‬

‫‪17‬‬
‫الت تنظم‬‫المدن باعتباره أصل القانون الخاص بأنه مجموعة القواعد ي‬ ‫ي‬ ‫يعرف القانون‬
‫وبالتاىل‬
‫ي‬ ‫العالقات ربي الشخاص عدا ما يندرج منها ضمن فرع أخر من فروع القانون الخاص‪،‬‬
‫المدن له أهمية بالغة باعتباره قانونا مشيكا ينظم كافة العالقات ربي الفراد‪.‬‬
‫ي‬ ‫فالقانون‬
‫كثي من دول العالم كفرنسا مثال واسع بحيث يشمل‬ ‫المدن يف ر‬
‫ي‬ ‫والمالحظ أن القانون‬
‫نوعي من العالقات القانونية‪ ،‬عالقات الفرد بأرسته او ما يسىم ب " الحوال الشخصية"‬ ‫ر‬
‫بغيه من الفراد من حيث المال ويسىم ب " الحوال العينية"‪ ،‬أما مضمون‬ ‫وعالقات الفرد ر‬
‫المدن يف المغرب فهو يتضمن فقط الحوال العينية بينما تخضع الحوال الشخصية‬ ‫ي‬ ‫القانون‬
‫المالك ‪.‬‬
‫ي‬ ‫ألحكام مدونة الرسة وما يكملها من مقتضيات الفقه‬
‫مطلبي‪ ،‬المطلب الول‬ ‫ر‬ ‫المدن من خالل‬
‫ي‬ ‫وعليه سنتناول دراسة مصادر القانون‬
‫الثان سنخصصه لدراسة مصادر‬ ‫سندرس فيه مصادر قانون الليامات والعقود‪ ،‬أما المطلب ي‬
‫مدن يف مجموعة من دول العالم‪.‬‬ ‫الثان للقانون ال ي‬
‫مدونة الرسة باعتبارها الشق ي‬

‫ظهي الليامات والعقود بتاري خ ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كانت‬ ‫كما هو معلوم أنه قبل صدور ر‬
‫الشيعة السالمية والعراف‪ ،‬ال ان‬ ‫كل المعامالت والترصفات تخضع ف جملتها ألحكام ر‬
‫ي‬
‫هذه الحكام لم تكن مدونة بطريقة عرصية ولم تكن موحدة مما أثار اختالفا يف الراء ربي‬
‫الفقهاء والقضاة يف بعض المسائل مما جعل سلطات الحماية الفرنسية آنذاك تعمل عىل‬
‫تجميع وتدوين أحكام المعامالت يف مدونة سميت بقانون الليامات و العقود مستندة يف‬
‫التشي ع والقضاء (الفقرة‬‫ذلك عىل مجموعة من المصادر والمراجع منها ما هو مستمد من ر‬
‫الوىل) ومنها ما هو مستمد من ر‬
‫الشيعة السالمية من الكتاب و السنة(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الورن‬ ‫المدن‬ ‫سنتناول من خالل هذه الفقرة المصادر ر‬


‫التشيعية ومن أبرزها القانون‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الت ساهمت يف تكوين بعض‬ ‫والمجلة التونسية‪ ،‬ثم نتطرق اىل بعض الجتهادات القضائية ي‬
‫المغرن‪.‬‬
‫ي‬ ‫قواعد قانون الليامات والعقود‬

‫قواني اوربية‬
‫ر‬ ‫المغرن من‬
‫ي‬ ‫كثي من أحكام قانون الليامات والعقود‬
‫فقد تم اقتباس ر‬
‫الفرنس الذي صدر يف طبعته الوىل سنة ‪ 1804‬تحت تسمية "‬ ‫ي‬ ‫دن‬
‫أبرزها القانون الم ي‬

‫‪18‬‬
‫للفرنسيي" لتصدر طبعته الثانية سنة ‪ 1807‬تحت مسىم " قانون‬ ‫ر‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫نابليون ‪".‬‬
‫القواني المدونة‬
‫ر‬ ‫المغرن من‬
‫ي‬ ‫وبذلك فقد استفاد واضعوا قانون الليامات والعقود‬
‫وف هذا السياق يمكن استحضار بعض فصول قانون الليامات‬ ‫الفرنس‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫سابقا يف القانون‬
‫الفرنس‪.‬‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫المغرن مع بيان أسانيدها يف القانون‬ ‫ي‬ ‫والعقود‬
‫وعليه نجد مثال‪:‬‬
‫الت تم تنظيم احكامها يف الفصول من ‪ 39‬اىل ‪ 56‬من قانون الليامات‬ ‫‪ -‬عيوب الرض ي‬
‫المغرن ومن بينها نجد الفصل ‪ 41‬منه الذي ينص عىل أنه " يخول الغلط‬ ‫ي‬ ‫والعقود‬
‫ه السبب الدافع اىل‬ ‫البطال إذا وقع ف ذات ر‬
‫السء او يف نوعه أو يف صفة فيه كانت ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الرض ‪".‬‬
‫الفرنس وبالضبط يف الفصل‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫فهذا الفصل يجد سنده أو مرجعه يف القانون‬
‫السء‬‫ر‬
‫‪ 1110‬الذي أشار اىل أنه ل يكون الغلط سببا لبطالن التفاقات ال إذا وقع عىل جوهر ي‬
‫بالذات يشكل موضوع التفاق‪.‬‬
‫بالتعبي عن الرادة نجد الفصل ‪ 38‬من قانون الليامات والعقود‬ ‫ر‬ ‫‪ -‬كذلك فيما يتعلق‬
‫المغرن ينص عىل أن " يسوغ استنتاج الرض أو القرار من السكوت إذا كان الشخص‬ ‫ي‬
‫الذي يحصل الترصف يف حقوقه حارصا او اعلم بحصوله عىل وجه سليم ولم يعيض‬
‫مشوع يير سكوته "ويعود مصدر هذا الفصل اىل‬ ‫غي ان يكون هناك سبب ر‬ ‫عليه من ر‬
‫الفرنس يف الفصل ‪ 1338‬منه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫المغرن ان " حسن النية يفيض‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬كذلك ورد يف الصل ‪ 477‬من قانون الليامات و العقود‬
‫دائما مادام لم يثبت العكس "‬
‫الفرنس الذي جاء فيه‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫فيجد هذا الفصل سنده يف الفصل ‪ 1134‬من القانون‬
‫قانون مقام القانون بالنسبة لمن أبرموها ويجب أن يتم‬ ‫ي‬ ‫أن " التفاقات الميمة بشكل‬
‫تنفيذها بحسن نية‪".‬‬
‫المغرن‬
‫ي‬ ‫كذلك يعتي هذا الفصل مصدرا للفصل ‪ 230‬من قانون الليامات والعقود‬
‫الذي ينص عىل قاعدة العقد ررسيعة المتعاقدين حيث ينص عىل أن‪" :‬الليامات التعاقدية‬
‫المنشأة عىل وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة اىل منشئيها‪."...‬‬
‫الت تم تنظيم أحكامها يف الفصول من ‪ 1092‬اىل ‪ 1097‬من‬ ‫نجد ايضا عقود الغرر ي‬
‫المغرن حيث ورد يف الفصل ‪ 1092‬منه أن" كل اليام سببه دين‬ ‫ي‬ ‫قانون الليامات والعقود‬
‫المقامرة او المراهنة يكون باطال بقوة القانون"‪ ،‬فهذا النص مصدره الفصل ‪ 1965‬من‬
‫الفرنس الذي نص عىل أنه ' ل يخول القانون حق الدعاء يف شأن دين‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫القانون‬
‫الت ل يسعنا اإلحاطة بها جميعها ‪.‬‬ ‫غي ذلك من المثلة ي‬ ‫المقامرة أو ألداء مقابل المراهنة' اىل ر‬

‫‪19‬‬
‫الفرنس وقانون الليامات‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫كبي ربي القانون‬
‫وبالتاىل يالحظ أن هناك تشابه ر‬
‫ي‬
‫المغرن مع وجود بعض الختالفات‪.‬‬
‫ي‬ ‫والعقود‬

‫الت‬ ‫ر‬
‫فقد اقتبس قانون الليامات والعقود مبارسة من مجلة الليامات والعقود التونسية ي‬
‫السالم ومختلف القواعد‬
‫ي‬ ‫والت تجنح نحو التوفيق ربي احكام الفقه‬ ‫وضعت سنة ‪ 1906‬ي‬
‫وبالتاىل فقد‬
‫ي‬ ‫الرومان‪،‬‬
‫ي‬ ‫القواني الوربية آنذاك وبعض مبادئ القانون‬‫ر‬ ‫المضمنة يف بعض‬
‫المغرن أساسه من التجربة التونسية‪ ،‬فاعتيت المجلة‬ ‫ي‬ ‫استمد قانون الليامات والعقود‬
‫كبي‬‫المغرن بحيث يوجد تشابه ر‬
‫ي‬ ‫التونسية المرجعية الساسية لقانون الليامات و العقود‬
‫كثية‪ ،‬منها عىل مستوى أركان العقد حيث جاء يف الفصل ‪2‬‬ ‫بينهما عىل مستوى مقتضيات ر‬
‫تعمي الذمة‬
‫من المجلة التونسية لقانون الليامات و العقود ان أركان العقد الذي ييتب عليه ر‬
‫ه الهلية و الرض و المحل و السبب‪ .‬وهو نفس المقتض الذي نص عليه قانون الليامات‬ ‫ي‬
‫المغرن يف الفصل ‪ 2‬منه‪ ،‬كذلك نجد الفصل ‪ 19‬من قانون الليامات والعقود‬ ‫ي‬ ‫والعقود‬
‫الطرفي عىل العنارص الساسية لالليام‬ ‫ر‬ ‫المغرن اشار اىل انه‪ " :‬ل يتم التفاق ال بي ي‬
‫اض‬ ‫ي‬
‫الت يعتيها الطرفان أساسية‪."...‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫باف الشوط المشوعة الخرى ي‬ ‫وعىل ي‬
‫وبذلك فهذا الفصل يجد اساسه يف الفصل ‪ 23‬من المجلة التونسية لقانون الليامات‬
‫اض المتعاقدين عىل اركان العقد وعىل‬ ‫والعقود حيث ورد فيه انه‪ " :‬ل يتم التفاق ال بي ي‬
‫الت‬ ‫الت جعلها المتعاقدان كركن له‪ "...‬اىل ر‬ ‫ر‬
‫غي ذلك من المقتضيات ي‬ ‫بقية الشوط المباحة ي‬
‫اقتبست من المجلة التونسية لقانون الليامات والعقود وتعتي صورة طبق الصل لهذه‬
‫الخية‪.‬‬
‫ر‬

‫اإلنسان‪ ،‬ولم تبدأ مرحلة‬


‫ي‬ ‫الخاف أن القانون يف حقيقته هو نتاج شفوي للفكر‬
‫ي‬ ‫غي‬ ‫من ر‬
‫والتقني فيه إل لحقا‪ ،‬ذلك أن حكماء القانون والفقهاء‪ ،‬كانوا يستنبطون القاعدة‬
‫ر‬ ‫الكتابة‬
‫تواىل‬
‫ي‬ ‫القانونية من خالل القضية المعروضة أمامهم‪ ،‬لتصبح لهم مع الزمن‪ ،‬ومن خالل‬
‫القضايا القانونية وتواترها‪ ،‬ذاكرة قانونية جمعية ذات خلفية فقهية وقضائية يف إطار ما‬
‫أمكن تسميته بالسوابق القضائية‪ ،‬وقانون الييتو‪ .‬لتبدأ بعد ذلك‪ ،‬لسيما يف المدرسة‬
‫القانون‪ ،‬حيث تحولت النصوص العرفية‬ ‫ي‬ ‫والتقني للنص‬
‫ر‬ ‫الالتينية‪ ،‬مرحلة التنصيص‬
‫والجتهادية القضائية إىل قواعد قانونية مكتوبة‪36.‬‬

‫‪ 36‬د‪.‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬حقيقة الدور المصادر االجتهاد القضائي في القانون المدني الواقعية القانونية دراسة مقارنة بين المدرستين الفرنسية‬
‫والعربية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫القاض جهده يف استنباط األحكام‬‫ي‬ ‫القضان يمكن تعريفه عىل أنه بذل‬ ‫ي‬ ‫والجتهاد‬
‫ً‬
‫القضان يقصد به غالبا الرأي‬
‫ي‬ ‫القانونية من مصادرها الرسمية‪ .‬عىل أن مصطلح الجتهاد‬
‫يقض به‪ .‬وعىل هذا يقال اجتهادات‬ ‫ي‬ ‫القاض يف مسألة قانونية والذي‬ ‫ي‬ ‫الذي يتوصل إليه‬
‫يف أحكامها‪.37‬‬ ‫الت أخذت بها هذه المحاكم‬ ‫المحاكم بمعت الراء‬
‫ي ً‬
‫القضان أيضا اسم القضاء‪ .‬وكلمة القضاء تفيد يف أحد معانيها "‬ ‫ي‬ ‫ويطلق عىل الجتهاد‬
‫الت تستخلص من استقرار أحكام المحاكم عىل اتباعها والحكم‬ ‫مجموعة المبادئ القانونية ي‬
‫بها "‪.38‬‬
‫القاض ل يكون دائما يف حاجة اىل أن يجتهد يف كل‬ ‫ي‬ ‫ومما يستوجب التأكيد عيه‪ ،‬أن‬
‫متنازعي‬
‫ر‬ ‫شخصي‬
‫ر‬ ‫حكم يصدره‪ ،‬ذلك أن وظيفته األساسية تتجىل يف الحكم بالعدل ربي‬
‫كثي من القضايا عىل مجرد تطبيق نصوص‬ ‫وبالتاىل فإن عمله يقترص يف ر‬ ‫ي‬ ‫طبقا للقانون‪،‬‬
‫غي أنه مت عرضت أمامه قضية ل وجود لقاعدة قانونية خاصة‬ ‫التشي ع الرصيحة الواضحة‪ .‬ر‬ ‫ر‬
‫تنظمها‪ ،‬فهنا يتدخل القضاء لمعالجة الشكالت القانونية من خالل خلق قواعد جديدة‬
‫وذلك بتخصيص القواعد العامة لتتالءم مع وقائع الياع‪.‬‬
‫القضان‪ ،‬ستكون عديمة األثر إذا لم يتم تعميمه ربي‬ ‫ي‬ ‫ول شك يف أن أهمية الجتهاد‬
‫نشه بمختلف الوسائل المتاحة حت‬ ‫والمختصي بدرجة أوىل‪ ،‬ثم العمل عىل ر‬ ‫ر‬ ‫الممارسي‬
‫ر‬
‫القضان‬
‫ي‬ ‫يمكن تقريبه إىل أكي قدر ممكن من األشخاص‪ ،‬وتبعا لذلك فإن تعميم الجتهاد‬
‫عىل هذا المنوال يسهم يف ترسيخ قيام العدالة ألنه يمكن من إدراك اتجاه القضاء ويدفع‬
‫الناس إىل مراعاة ذلك التجاه يف تعامالتهم والستدلل بها يف خصوماتهم‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬تعد وظيفة خلق القواعد القانونية جزءا من وظيفة القضاء‪ ،39‬ذلك أن‬
‫المدن وصعوبة إحاطة نصوصه بما سيحدث من وقائع ونوازل تجعله‬ ‫محدودية ر‬
‫التشي ع‬
‫ي‬
‫ه‬ ‫المدن يكمله ويبعث الروح فيه‪ ،‬وهذه ي‬‫ي‬ ‫يف حاجة دائمة لمصدر آخر من مصادر القانون‬
‫سيورة الزمن‪ ،‬لذلك يرى أحد‬ ‫وظيفة القضاء‪ ،‬ألنه يحتك بالواقع ويتفاعل بشعة مع ر‬
‫الماض يطبقها حرفيا عىل‬
‫ي‬ ‫للقاض ليست إرثا من‬ ‫ي‬ ‫الفقهاء أن القاعدة القانونية بالنسبة‬
‫القاض بعث الحياة فيها لتستمر يف المستقبل عن طريق ما‬ ‫ي‬ ‫ه آلية يتوىل‬ ‫الحارص‪ ،‬وإنما ي‬
‫اإلنشان‪.‬‬
‫ي‬ ‫القضان‬
‫ي‬ ‫بالتفسي‬
‫ر‬ ‫يسىم‬

‫‪http://bayanealyaoume.press.ma/%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B0%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89- 37‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9‬‬
‫‪%87%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A8%D9%8A/.html‬‬
‫‪ : 38‬دة لطيفة بنخير‪ -‬د‪.‬الحسن الجماعي‪ ،‬كتاب مدخل الى العلوم القانونية‪ ،‬مطبعة سبارطيل طنجة‪ ،‬طبعة ‪ ،2019‬ص ‪.79:‬‬
‫‪ - 39‬د‪ .‬الحالبي اكتاني‪ ،‬كتاب "مدى مساهمة السلطة القضائية في خلق القاعدة القانونية" ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلون القانونية‬
‫واالقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬الرباط أكدال ‪ ،‬طبعة ‪ 1984‬ص‪. 8 :‬‬

‫‪21‬‬
‫القضان باعتباره مصدر من‬ ‫ي‬ ‫الت يطرحها الجتهاد‬ ‫وف نفس السياق‪ ،‬فاإلشكالية ي‬ ‫ي‬
‫المدن يتجىل يف مدى امكانية تصنيفه وادراجه ضمن المصادر الرسمية‪ ،‬أم‬ ‫ي‬ ‫مصادر القانون‬
‫التفسيية والحتياطية للقانون؟‬ ‫ر‬ ‫أنه ل يغدو أن يكون سوى من ربي المصادر‬
‫القانون‪،‬‬
‫ي‬ ‫القضان يشكل مصدرا يغذي النظام‬ ‫ي‬ ‫فهناك من الفقهاء من اعتي أن الجتهاد‬
‫القضان يرتبط بحياة القانون‪ ،‬ولذلك يبق‬ ‫التشي ع يرتبط بالقانون‪ ،‬فالجتهاد‬ ‫فإذا كان ر‬
‫ي‬
‫والحقيق‪.‬‬
‫ي‬ ‫الج المتحرك‬ ‫القانون الذي تصنعه المحاكم هو القانون ي‬
‫تقنني بعض القواعد‬ ‫ر‬ ‫القضان يف‬
‫ي‬ ‫ومن النماذج العملية الدالة عىل دور الجتهاد‬
‫التفاف حيث لم يكن قانون‬ ‫الشط‬ ‫الشط الجزان تحت تسمية ر‬ ‫القانونية‪ ،‬مراجعة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫المغرن يتمسك‬ ‫الشط‪ ،‬وظل القضاء‬ ‫الليامات والعقود يتضمن أحكاما تنظم مراجعة هذا ر‬
‫ي‬
‫بمبدأ حرية التعاقد المنصوص عليها يف الفصل ‪ 230‬من قانون الليامات والعقود إىل غاية‬
‫صدور قرار محكمة النقض المؤرخ يف ‪ ،1991/04/10‬قض بتأييد قرار محكمة الستئناف‬
‫ان‪ ،‬وأنزله إىل مبلغ مناسب لتحقيق الغاية منه دون إرصار بالمتعاقد‬ ‫ر‬
‫الذي عدل الشط الجز ي‬
‫ان يف‬ ‫ر‬
‫الطرفي كان قد قض بتحديد الشط الجز ي‬ ‫ر‬ ‫الملزم بدفعه‪ ،‬رغم أن العقد الرابط ربي‬
‫ذعية شهرية قدرها ‪ %10‬من القيمة اإلجمالية مقابل بناء العقار‪ ،‬يف عدم إنجاز أشغال البناء‬ ‫ر‬
‫داخل األجل المتفق عليه‪ ،‬بحيث عطلت محكمة النقض يف هذه النازلة قاعدة العقد ررسيعة‬
‫المشع‬ ‫المتعاقدين لفائدة العدالة(‪ ،)33‬وتحقيق التوازن العقدي‪ .‬وهو الجتهاد الذي سايره ر‬
‫التفاف‪،‬‬ ‫ان تحت تسمية التعويض‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫بتاري خ ‪ 11‬غشت ‪ ،1995‬عندما قي أحكام الشط الجز ي‬
‫القضان كمصدر‬‫ي‬ ‫وسمح بمراجعة هذا التعويض(‪ ،)34‬عىل نحو يؤكد أن استقاللية الجتهاد‬
‫كثي من األحيان يضبط انعدام التوازن الذي قد تتضمنه قاعدة‬ ‫مبارس للقانون‪ ،‬تجعله يف ر‬ ‫ر‬
‫القاض العادل بحكمه ما‬ ‫ي‬ ‫قانونية معينة‪ ،‬وهو ما عي عنه "جوستاف لوبون" بقوله‪" :‬يعدل‬
‫كان جائرا ف القانون"‪40.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الفضان بوصفه مصدرا مبارسا للقاعدة‬ ‫يتمي بها الجتهاد‬ ‫الت ر‬
‫ي‬ ‫هذه الستقاللية ي‬
‫التشيعات تساير الواقع‪ ،‬وتعيف به ضمن المصادر‬ ‫القانونية‪ ،‬ه ما جعلت مجموعة من ر‬
‫ي‬
‫الرسمية للقانون كما هو الشأن بالنسبة للقانون المد ين السويشي‪ ،‬الصادر بتاري خ‬
‫ر‬
‫يع يمكن تطبيقه‪،‬‬ ‫والت نص يف المادة األوىل عىل أنه‪ ":‬إذا لم يوجد نص تش ي‬ ‫‪ 1907/12/10‬ي‬
‫الت كان سيضعها هو لو أنه‬ ‫القاض بمقتض العرف‪ ،‬فإذا لم يوجد‪ ،‬فبمقتض القواعد ي‬ ‫ي‬ ‫حكم‬
‫بارس عمل ر‬
‫المشع"‪.‬‬ ‫ر‬

‫‪ - 40‬د‪.‬محمد عبد النباوي‪ ،‬مقال تحت عنوان " تعميم االجتهاد القضائي – مسامة في خدمة العدالة "‪ ،‬منشور بمجلة سلسلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،‬طبعى ماي ‪."2011‬‬

‫‪22‬‬
‫وتفسيي‬
‫ر‬ ‫تطبيق‬
‫ي‬ ‫وف المقابل هناك من الفقهاء من اعتي أحكام القضاء لها طابع‬
‫ي‬
‫تفسي‬
‫ر‬ ‫القاض يف‬
‫ي‬ ‫استثنان يسيشد به‬
‫ي‬ ‫تفسيي‬
‫ر‬ ‫للقانون‪ ،‬فالقضاء ‪-‬بحسب األصل هو مصدر‬
‫ينس قواعد‬‫الجزء الغامض من النصوص القانونية‪ ،‬وبالتاىل فهو – بحسب األصل دائما‪ .‬ل ر‬
‫ي‬
‫يكتق بالبحث عن‬ ‫يشع بل‬‫قانونية جديدة‪ ،‬ألن القاض‪ ،‬ف غياب نصوص قانونية‪ ،‬ل ر‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ر‬
‫الحلول القانونية يف مصادر القانون األخرى كالعرف ومبادئ الشيعة اإلسالمية‪ ،‬وقواعد‬
‫القانون الذي سيطبقه‪ ،‬ول‬
‫ي‬ ‫لك يتوصل إىل الحل‬
‫الطبيع وقواعد العدالة‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫الدين‪ ،‬والقانون‬
‫لغيه‪ ،‬فهو ل يكون منشئا للقاعدة‬‫يكون للحكم الصادر عنه يف هذه الحالة قوة ملزمة ر‬
‫القانونية بل مقرر لوجودها‪41.‬‬

‫فيلق به إىل الناس‬


‫ي‬ ‫نت من أنبيائه‬
‫وىح من عند هللا سبحانه وتعاىل ييله عىل ي‬ ‫الدين ي‬
‫لخيهم يف الدنيا والخرة‪ ،‬وهو يشمل‬ ‫يسيوا عليها ر‬‫الت يجب عليهم أن ر‬ ‫من العقائد والقواعد ي‬
‫غيه من الناس‪.‬‬‫قواعد لتنظيم واجب اإلنسان نحو ربه‪ ،‬وواجبه نحو نفسه‪ ،‬وواجبه نحو ر‬
‫يأن به لتنظيم واجب اإلنسان نحو ربه وواجبه نحو‬ ‫ول توجد للدين عالقة بالقانون يف كل ما ي‬
‫الت تقوم ربي الناس‪ ،‬ومن هنا كان اتصاله‬ ‫القانون ل يهتم إل بتنظيم العالقات ي‬ ‫نفسه‪ .‬إذ‬
‫ً‬
‫ونعت به تنظيم واجب‬‫ي‬ ‫األخي‪،‬‬
‫ر‬ ‫الت يرعاها هذا‬‫بالدين مقصورا عىل األمر الثالث من األمور ي‬
‫غيه‪.‬‬
‫اإلنسان نحو ر‬
‫وقد عرف اإلنسان الدين قبل أن يعرف القانون‪ ،‬بل إن قواعدا القانون األوىل كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يف بدء نشأتها قواعد دينية‪ .‬وكان القانون يف كل مجتمع ينشأ معتمدا عىل الدين مميجا به‪،‬‬
‫حت أن رجال الدين كانوا هم أنفسهم رجال القانون‪ ،‬وكانوا يستعينون يف فرض احيام‬
‫القواعد القانونية عىل الناس بإسنادها إىل ارادة اللهة وإىل فكرة الحالل والحرام‪ .‬واستمرت‬
‫غي رجال الدين من الطالع عىل أرسار‬ ‫ناش إىل أن تمكن نفر من ر‬‫الحال كذلك ف كل مجتمع ر‬
‫ي‬
‫الت كان الكهنة يحتفظون بها‪ .‬فأذاعوها واجتهدوا فيها وجعلوها تساير حالة‬ ‫القانون ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المجتمع فأخذ القانون يستقل عن الدين شيئا فشيئا‪ ،‬إىل أن قوي نفوذ السلطة المدنية‪،‬‬
‫ً‬
‫بغي‬
‫وتغلب عىل نفوذ السلطة الدينية‪ ،‬فتم للقانون استقالله عن الدين ولكنه ظل محتفظا ر‬
‫قليل من آثار الدين‪ ،‬ولم يقف دور الدين عند حد مساهمته يف نشأة القانون‪ ،‬بل نجده يقوم‬
‫بدور هام يف تطور القانون بعد تدوينه أو ثباته يف صورة تقاليد عرفية راسخة يف أذهان الناس‪.‬‬
‫ً‬
‫كبي جدا بظهور اإلسالم‪ ،‬وما زالت‬ ‫فالقانون الذي كان يسود العرب قبل اإلسالم تأثر إىل حد ر‬

‫‪ -‬دة‪ .‬لطيفة بنخير‪ -‬د‪.‬حسن الجماعي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79 :‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪23‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كبيا يف تطور القانون يف العرص الحديث‪ .‬ونتكلم بإيجاز عن أثر‬ ‫الديانة السالمية تلعب دورا ر‬
‫المدن‪.‬‬
‫ي‬ ‫الدين اإلسال يم يف القانون‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫لم يكن اإلسالم دينا فحسب بل كان دينا ودولة‪ ،‬فقد جاء بدين جديد وكتاب كريم‬
‫تضمن تنظيم جديد للمجتمع مشتمال عىل مبادئ خلقية وفلسفية وقانونية جديدة‪ .‬هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العرن سواء من الوجهة الخلقية‬ ‫ي‬ ‫خطيا يف المجتمع‬ ‫ر‬ ‫النظم والمبادئ أحدثت انقالبا‬
‫الت‬
‫والجتماعية أم من الوجهة القانونية‪ ،‬وكان من نتيجة ذلك أن ألغيت التقاليد والعادات ي‬
‫ر‬
‫تتماش‬ ‫الت‬
‫تتناف مع مبادئ القران مثل بيوع الغرر والربا وصور الزواج‪ ،‬واستبقيت التقاليد ي‬
‫الت جاء بها السالم‪ ،‬مثل بعض صور البيوع‬ ‫مع المبادئ الفلسفية والخلقية والقانونية ي‬
‫والقصاص والدية‪ ،‬واستحدثت قواعد ونظم جديدة‪ ،‬لم يكن للعرب عهد بها من قبل‪ ،‬نتيجة‬
‫سياش للحكم‪.‬‬ ‫للتطور الذي حدث بالمجتمع‪ ،‬مثل توريث اإلناث ونظام الخالفة كنظام‬
‫يً‬
‫قواني‬
‫ر‬ ‫تأثيه بالغا يف‬
‫وهكذا فالقران قد عرض لتنظيم شؤون الدنيا والدين‪ ،‬وهذا ما جعل ر‬
‫كل بلد انضوى تحت لوائه‪.‬‬
‫وبالحديث عن المعامالت كمجال منظم بمقتض قانون الليامات والعقود‪ ،‬نجد أن‬
‫ع يف آيات قرآنية‪ .‬وسنعمل خالل هذه الفقرة عىل‬ ‫ر‬
‫جل أحكام هذا القانون تجد دليلها الش ي‬
‫تسليط الضوء عىل أبرز القواعد المستسقاة من الكتاب الكريم‪ ،‬وكذا أوجه الختالف‬
‫ع‪.‬‬ ‫ر‬
‫القانون والحكم الش ي‬ ‫ي‬ ‫والتشابه ربي النص‬
‫الوفاء‬ ‫✓‬
‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ْ ُ ُ‬
‫ود)‪ ،‬كما ورد‬ ‫ين آمنوا أوف َوا ِبالع ِ‬
‫ق‬ ‫قال تعاىل يف الية األوىل من سورة المائدة (يا أيها ال ِذ‬
‫َ َ َ ْ َ َ ْ ُُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ْ َّ َ َ َ ُّ ْ َ َ َ ُ ُ‬
‫يدها وقد جعلتم‬ ‫اَّلل ِإذا عاهدتم وَل تنقضوا األيمان بعد تو ِك ِ‬ ‫يف أية اخرى ﴿‪﴾91‬وأوفوا ِبعه ِد ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ َ َ َ ْ ُ ْ َ ا َّ َّ َ َ‬
‫اَّلل َي ْعل ُم َما َت ْف َعلون ‪42‬‬
‫َ‬
‫اَّلل عليكم ك ِفيًل ۚ ِإن‬
‫للمؤمني‪ ،‬اذ أمرهم بالوفاء بالعقود ألن أهل‬ ‫ر‬ ‫ه نداء من هللا جل وعال‬ ‫فهذه اليات ي‬
‫يقتض أن يوفوا بعهودهم وعقودهم وأن ل يخونوا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫اليمان هم أهل المتثال‪ ،‬وايمانهم‬
‫الوضع هو مبدأ القوة الملزمة للعقد‪ ،‬فالعاقدين‬ ‫ي‬ ‫ومقابل هذه القاعدة يف القانون‬
‫تلزمهم كل الثار الميتبة عىل العقد الذي ارتضوه بكل حرية وارادة ودون تدخل من أحد‪43.‬‬

‫والخالل بإحدى الليامات الواردة يف العقد تستوجب قيام المسؤولية المدنية‪.‬‬

‫‪ -‬اآلية ‪ 91‬سورة النحل ‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪ -‬د‪.‬أحمد الجباري ‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مطبعة سبارطيل طنجة‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2022‬ص‪.54 :‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪24‬‬
‫توثيق العقود‬ ‫✓‬
‫وكما هو معلوم فقانون الليامات والعقود جاء لينظم العالقات المالية ربي‬
‫الطرفي‪ .‬وتعد البينة أو الثبات‬ ‫ر‬ ‫الت تولد اليامات وحقوق متبادلة يف ذمة كال‬ ‫األشخاص‪ ،‬ي‬
‫ه األداة الرصورية‬ ‫الت اعتمد عليها األفراد يف صيانة حقوقهم‪ ،‬كما أنها ي‬ ‫ه الوسيلة العملية ي‬ ‫ي‬
‫القاض يف التحقق من الوقائع القانونية‪ .‬ذلك أن ادعاء وجود حق محل‬ ‫ي‬ ‫الت يعول عليها‬ ‫ي‬
‫القاض‬
‫ي‬ ‫نزاع من جانب أحد األشخاص أمام القضاء ان لم يصطحب بتقديم الدليل عليه اىل‬
‫فان هذا األخي لن يكون ملزما بل انه ل يستطيع أن يسلم بصدق هذا الدعاء‪44.‬‬
‫ر‬
‫ان أقرها القانون يف الفصل ‪ 404‬من قلع‪ ،‬نجد الحجة‬ ‫ومن ربي وسائل الثبات ي‬
‫َ ُّ َ َّ َ َ ُ ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ََ‬
‫الكتابية‪ ،‬وهو ما يجد دللته يف الية القرآنية‪( :‬يا أيها ال ِذين آمنوا ِإذا تداينتم ِبدي ٍن ِإىل أج ٍل‬
‫وه)‪ .‬وهذا هو المبدأ العام الذي يريد هللا سبحانه تقريره‪ .‬فالكتابة أمر مفروض‬ ‫ُّم َس ىىم َف ْاك ُت ُب ُ‬
‫غي ميوك لالختيار يف حالة الدين إىل أجل‪ .‬ليكون ذلك أحفظ لمقدارها‪ ،‬وميقاتها‪،‬‬ ‫بالنص‪ ،‬ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واضبط للشاهد فيها‪ ،‬وتوثيقا له وحفظا‪.‬‬
‫ب ب ْال َع ْدل)‪ .‬وهذا تعيي للشخص الذي يقوم بكتابة الدين‪َ ،‬‬
‫فهو‬ ‫(و ْل َي ْك ُتب َّب ْي َن ُك ْم َكات ٌ‬
‫‪َ .‬‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫(كات ٌ‬ ‫َ‬
‫الطرفي هو‬ ‫ر‬ ‫وليس أحد‬ ‫وليس أحد المتعاقدين‪ ،‬وحكمة استدعاء شخص ثالث‬ ‫ب)‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الطرفي‬‫ر‬ ‫ألحد‬
‫ِ‬ ‫ميل‬
‫ٍ‬ ‫دون‬ ‫بالعدل‬
‫ِ‬ ‫يكتب‬ ‫لالحتياط والحيدة المطلقة‪ ،‬وهذا الكاتب مأمور أن‬
‫وف نفس السياق‪ ،‬ونجد أن الفصل ‪ 417‬قد نض‬ ‫بنود العقد‪ .‬ي‬
‫أو إدخال زيادة أو نقصان عىل ِ‬
‫الكتان ينتج من ورقة رسمية أو عرفية‪"...‬‬ ‫ي‬ ‫عىل أن ‪ ":‬الدليل‬
‫الت يتلقاها الموظفون العموميون الذين‬ ‫ر‬
‫ه ي‬ ‫مي ربي الورقة الرسمية و ي‬ ‫فالمشع هنا ر‬
‫لهم صالحية التوثيق يف مكان تحرير العقد‪ ،‬ذلك يف الشكل الذي يحدده القانون ‪ ،45‬و هو‬
‫الت ل تصلح لتكون‬ ‫وبي الورقة العرفية أي الورقة ي‬ ‫ما يتطابق مع مضمون الية أعاله‪ ،‬ر‬
‫رسمية‪ ،‬بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف‪ ،‬أو بسبب عيب يف الشكل‪ ،‬لكن‬
‫تصلح لعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من األطراف الذين يلزم رضاهم لصحة‬
‫الورقة‪.46‬‬
‫أميي ل تكون لها‬ ‫و تجدر الشارة اىل أن المحررات المتضمنة لليامات أشخاص ر‬
‫ناقض‬‫ي‬ ‫قيمة ال اذا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون مأذون لهم بذلك‪ ، 47‬أما بخصوص‬
‫األهلية كالسفيه و المعتوه و القارص و المحجور عليهم فهؤلء ل ينفذ الترصف يف مالهم ال‬

‫‪ - 44‬د‪.‬ادريس العلوي العبدالوي‪ ،‬كتاب أصول القانون الجزء األول ‪ ،‬طبعة ‪ ،1974‬ص ‪.447‬‬
‫‪ - 45‬راجع الفصل ‪ 418‬ق ل ع‪.‬‬
‫‪ - 46‬راجع الفصل ‪ 423‬ق ل ع‪.‬‬
‫‪ - 47‬راجع الفصل ‪ 427‬ق ل ع‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫َ ْ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫ََْ ُْ ْ ْ‬
‫ب َول ُي ْم ِل ِل ال ِذي َعل ْي ِه ال َحق‬ ‫بإذن وليهم‪ ،‬وهو ما ورد يف نفس الية حيث قال تعاىل‪( :‬فليكت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان َّالذي َع َل ْيه ْال َح ُّق َسفيها أ ْو ضعيفا أ ْو ال َي ْس َتط ُ‬
‫ً‬ ‫َ َ‬ ‫ّ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ َ ْ ْ ُ َ‬ ‫ْ َّ‬
‫يع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ِمنه ش ْيئا فإن ك‬ ‫َول َيت ِق اَّلل ربه وال يبخ‬
‫َّ‬ ‫َ ُ َّ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ ُّ ُ ْ َ ْ‬
‫يمىل عىل‬ ‫ي‬ ‫الذي‬ ‫هو‬ ‫الحق‬ ‫عليه‬ ‫الذي‬ ‫المدين‬ ‫أن‬ ‫ومفادها‬ ‫‪.‬‬ ‫ل)‬ ‫د‬ ‫أن ي ِمل هو فليم ِلل و ِليه ِبالع‬
‫ورسطه‪ ،‬وأجله‪ ،‬مخافة أن يقع الغي عليه لو أمىل الدائن‪،‬‬ ‫الكاتب اعيافه بالدين‪ ،‬ومقداره‪ ،‬ر‬
‫َّ‬
‫ألن المدين يف موقف ضعيف قد ل يملك معه إعالن المعارضة رغبة منه يف إتمام الصفقة‬
‫ً‬ ‫ً ُ‬
‫صغيا أو‬ ‫ر‬ ‫تدبي أمره‪ ،‬أو‬ ‫لحاجته إليها فيقع عليه الغي‪ .‬فإن كان المدين سفيها ل يحسن ر‬
‫وىل أمره‬ ‫لسبب من األسباب المختلفة فليمل ي‬ ‫ٍ‬ ‫لعاهة أو‬
‫ٍ‬ ‫ضعيف العقل‪ ،‬أو ل يستطيع أن يم ِل‬
‫ينته الكالم عن الكتابة من جميع نواحيها فينتقل الشارع إىل نقطة‬ ‫القيم عليه بالعدل‪ ،‬وهنا‬ ‫ِّ‬
‫ي‬
‫وه الشهادة‪.‬‬ ‫أخرى يف العقد ي‬
‫الشهادة‬ ‫✓‬
‫ََ‬ ‫َّ ْ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ِّ َ ُ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ َْ‬
‫ي ف َر ُج ٌل َو ْام َرأت ِان‬‫يقول تعاىل (واستش ِهدوا ش ِهيدي ِن من رج ِالك ْم فإن لم يكونا رجل ِر‬
‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ُّ َ َ َ َ َّ ْ ْ َ ُ َ َ ُ َ ِّ َ ْ َ ُ َ ُ ْ‬
‫ِممن ترضون ِمن الشهداء أن ت ِضل إحداهما فتذكر ِإحداهما األخرى)‪ ،‬ولعل الغاية من‬
‫ه زيادة التوثقة‪.‬‬‫الشهاد ي‬
‫المغرن قد نظم شهادة الشهود يف الفرع الثالث من القسم السابع من‬ ‫و ر‬
‫المشع‬
‫ي‬
‫الكتاب األول من ق ل ع‪ ،‬فاعتيها وسيلة من وسائل اثبات الليامات يلتج اليها األطراف‬
‫المشع يف الفصل ‪ –443‬و خروجا عن‬ ‫المتعاقدة إلثبات الياءة من تلك الليامات‪ ،‬لكن ر‬
‫غيها من‬ ‫الت جاءت بها الية– لم يجز الثبات بشهادة الشهود يف التفاقات و ر‬ ‫القاعدة ي‬
‫الت يفقد فيها الخصم‬ ‫األفعال القانونية ال يت تتجاوز قيمتها ‪10 000‬درهم سوى يف الحالة ي‬
‫فجان‬
‫ي‬ ‫الكتان لليام له أو للتحليل من اليام عليه‪ ،‬نتيجة حادث‬ ‫ي‬ ‫المحرر الذي يتضمن الدليل‬
‫كتان إلثبات الليام كالحالة‬ ‫أو قوة قاهرة أو رسقة‪ ،‬أو إذا تعذر عىل الدائن الحصول عىل دليل ي‬
‫الت يراد فيها إثبات‬ ‫الت تكون فيها الليامات ناشئة عن شبه العقود وعن الجرائم والحالة ي‬ ‫ي‬
‫وقوع غلط مادي يف كتابة الحجة أو حالة الوقائع المكونة لإلكراه أو الصورية أو الحتيال أو‬
‫الت لم‬ ‫القانون وكذلك األمر ربي التجار فيما يخص الصفقات ي‬ ‫ي‬ ‫الت تعيب الفعل‬ ‫التدليس ي‬
‫تجر العادة بتطلب الدليل الكتان إلثباتها‪48 .‬‬
‫ي‬
‫ال يعاقب شخص بذنب غيه‬ ‫✓‬
‫غيه مهما كان‬
‫تقتض أل يؤخذ أحد بذنب ر‬
‫ي‬ ‫فإن العدالة اإللهية والحكمة اإلسالمية‬
‫قربه منه‪.‬‬

‫‪-‬الفصل ‪ 448‬ق ل ع‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪26‬‬
‫ٌ ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ ْ ُ ُ ُّ َ ْ‬
‫س ِإَل َعل ْي َها َول ت ِز ُر َو ِاز َرة ِوز َر أخ َرى {األنعام‪:‬‬
‫وجل‪ :‬ول ت َك ِسب كل ن ٌ ٍ‬
‫ف‬ ‫فقد قال هللا عز‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫س ِب َما ك َس َبت َر ِهينة] {المدثر‪ }38:‬وقال تعاىل‪َ :‬لها َما ك َس َبت‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫[ك ُّ‬
‫ل‬ ‫‪ }164‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫َْ َ ْ‬ ‫َ ََ َ‬
‫الت تدل عىل هذا المعت‪.‬‬ ‫الكثية ي‬ ‫ر‬ ‫غي ذلك من اليات‬ ‫وعل ْيها َما اكت َسبت {البقرة‪ }286 :‬إىل ر‬
‫الت سار عليها قانون الليامات والعقود بمقتض الفصل ‪78‬‬ ‫وه نفس القاعدة ي‬ ‫ي‬
‫الذي ينص عىل أن كل شخص مسؤول عن الرصر المعنوي أو المادي الدي أحدثه‪ ،‬ل بفعله‬
‫ر‬
‫المبارس يف ذلك‬ ‫فقط ولكن بخطئه أيضا‪ ،‬وذلك عندما يثبت أن هدا الخطأ هو السبب‬
‫الرصر‪ ،‬وكل ررسط مخالف لدلك يكون عديم األثر‪ .‬ومفاد هدا الفصل أن الشخص ل يسأل‬
‫غيه‬‫غيه‪ ،‬ال أنه يجوز ‪-‬وكاستثناء‪ -‬أن يتحمل الشخص مسؤولية رصر ر‬ ‫عن أفعال وأخطاء ر‬
‫ما دام أن هذا الغي هو ف عهدته‪49.‬‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫حالة الضورة‬ ‫✓‬
‫غيه‪ ،‬وأنه‬‫من ربي ا ورد من اليات واألحاديث دال عىل أن للمضطر حكما يخالف ر‬
‫لغيه‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫يباح له ما ل يباح ر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قول هللا تعاىل‪{ :‬ف َم ِن اضط َّر غ ر َي ب ٍاغ ول ع ٍاد فال ِإث َم عل ْيه}‪.50‬‬
‫ْ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ ّ‬ ‫َُ‬ ‫َ َْ َ‬
‫{وقد ف َّص َل لك ْم َما َح َّر َم َعل ْيك ْم ِإال َما اضط ِر ْرت ْم ِإل ْي ِه‪{51.‬‬ ‫وقوله سبحانه‪:‬‬
‫المغرن خصص الفرع‬ ‫المشع‬ ‫ولهذه القاعدة تطبيقات ف القانون المدن‪ ،‬حيث نجد ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الثان من القسم الرابع من الكتاب األول من قانون الليامات والعقود لتنظيم حالة الرصورة‬ ‫ي‬
‫المدن‪.‬‬
‫ي‬ ‫تنق المسؤولية يف المجال‬ ‫الت ي‬ ‫والقوة القاهرة اذ اعتيها من األسباب ي‬
‫المغرن فقد حرصت عىل‬ ‫ي‬ ‫عندما وضعت سلطات الحماية قانون الليامات والعقود‬
‫المالك خاصة‪،‬‬ ‫الشيعة السالمية عامة والفقه‬ ‫ان ل تتعارض أحكام هذا القانون مع أحكام ر‬
‫ي‬
‫ظهي الليامات والعقود نجد مرجعها وسندها‬ ‫وبذلك عند استقراء مجموعة من نصوص ر‬
‫يف أحاديث نبوية‪ ،‬ومن ذلك نجد مثال قاعدة "العقد ررسيعة المتعاقدين " المنصوص عليها‬
‫الكثي‬
‫ر‬ ‫وه قاعدة نظامية أصبحت راسخة يف‬ ‫ظهي الليامات والعقود ي‬ ‫يف الفصل ‪ 230‬من ر‬
‫من النظم القانونية يف مختلف دول العالم‪.‬‬
‫فالعقد بالنسبة لعاقديه يعد بمثابة النظام الخاص بهما منشأه التفاق بينهما‪ ،‬وقد‬
‫اوضح عز وجل أثر ومدى إلزامه طرفيه بقوله تعاىل" يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود "‬
‫وحديث الرسول 'صىل هللا عليه وسلم " المسلمون عند ررسوطهم"‪ .‬ومعت أن العقد ررسيعة‬
‫الناش من النظام ول‬ ‫الناش من العقد يعادل ف قوته الليام ر‬ ‫المتعاقدين ان يكون الليام ر‬
‫ي‬
‫‪ - 49‬الفصل ‪ 85‬ق ل ع‪.‬‬
‫‪ - 50‬اآلية ‪ 173‬من سورة البقرة ‪.‬‬
‫‪ - 51‬االية ‪ 119‬من سورة األنعام‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫يجوز للفرد أن يتحلل من كليهما‪ ،‬وتقوم هذه القاعدة عىل أسس أخالقية واقتصادية‬
‫وتاريخية وحضارية تتمثل يف اعالء مبدأ سلطان الرادة اي أن الفرد ل يلزم ال بما اراد وإذا‬
‫وه تقوك ثانيا عىل أساس احيام العهد (أن العهد‬ ‫ر‬
‫شء‪ ،‬ي‬ ‫اراد ان يلزم فال يحول دون ذلك ي‬
‫كان مسؤول) كما تقوم عىل وجود استقرار المعامالت‪52.‬‬

‫يعظ‬
‫ي‬ ‫رض هللا عنهما ان رسول هللا "صىل هللا عليه وسلم" قال‪" :‬لو‬ ‫وعن ابن عباس ي‬
‫واليمي عىل من‬‫ر‬ ‫المدع‬
‫ي‬ ‫الناس بدعواهم لدع رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة عىل‬
‫أنكر"‪ .‬وبذلك يعتي هذا الحديث مرجعا لقاعدة الثبات المنصوص عليها يف الفصل ‪399‬‬
‫وه تعتي قاعدة أساسية يف تحديد من يقع عليه عبء الثبات‬ ‫ظهي الليامات والعقود‪ ،‬ي‬ ‫من ر‬
‫اليمي بعد ان يعجز الطرف الول يف الدعوى من القيام‬ ‫ر‬ ‫وتبي الطرف الذي يتحمل عبء‬ ‫ر‬
‫يكق إذا لم تكن‬ ‫يبي هذا الحديث ان مجرد ادعاء الحق عىل الخصم ل ي‬ ‫وبالتاىل ر‬
‫ي‬ ‫بما كلف به‪،‬‬
‫كثية لبيان و اظهار‬ ‫تبي صحة هذه الدعوى‪ .‬و هناك أمور ر‬ ‫هذه الدعوى مصحوبة ببينة ر‬
‫صحة الدعوى منها شهادة الشهود و القرائن و كذلك اقرار المدع عليه الذي يعتي من اقوى‬
‫وسائل الثبات‪ ،‬فاذا افتقرت هذه الخصومة اىل بينة تدل عىل الحق او لم تكتمل الدلة عىل‬
‫النت (صىل هللا عليه وسلم) يف هذا‬ ‫القاض اىل المدع عليه وقد سماه ي‬ ‫ي‬ ‫صحتها توجه‬
‫الحديث "المنكر" و هو من ينكر الحق الذي يطالبه به خصمه و ينكر صحة هذه الدعوى‪،‬‬
‫القاض من المدع عليه ان يحلف عىل عدم صدق هذه الدعوى‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فيطلب‬
‫باليمي هو ان الشخص إذا‬ ‫ر‬ ‫المدع بالبينة والمدع عليه‬ ‫ي‬ ‫ويعود سبب اختصاص‬
‫يدع امرا خفيا يخالف ظاهر الحال لذلك يحتاج اىل أن يساند دعواه‬ ‫غيه امرا فإنه ي‬ ‫ادع عىل ر‬
‫ببينة ظاهرة قوية تؤيد صحة دعواه‪ ،‬بينما يتمسك المنكر بظاهر المر‪.‬‬
‫النت 'صىل هللا عليه وسلم' قال " رفع القلم عن‬ ‫رض هللا عنه عن ي‬ ‫عىل ي‬ ‫وقد ورد عن ي‬
‫ثالثة ‪:‬‬
‫الصت حت يحتلم وعن المجنون حت يعقل "‬ ‫ي‬ ‫عن النائم حت يستيقظ وعن‬
‫الت‬
‫فق هذا الحديث دليل عىل ان الصغر والجنون من أسباب فقد الهلية ي‬ ‫وبذلك ي‬
‫وبالتاىل ل يؤخذون‬
‫ي‬ ‫يتعذر معها عىل هؤلء القيام بإبرام الترصفات القانونية وتحمل الياماتها‬
‫وبالتاىل يعتي هذا الحديث النبوي أساس أو سند‬ ‫ي‬ ‫مكلفي‪.‬‬
‫ر‬ ‫غي‬ ‫ما داموا يف هذه الحالة ألنهم ر‬
‫القانون حت‬ ‫يشط بلوغ الشخص لسن الرشد‬ ‫ظهي الليامات والعقود الذي ر‬ ‫الهلية يف ر‬
‫ي‬
‫والصغي فاقدين‬
‫ر‬ ‫يتمكن من ممارسة الترصفات والقانونية ونفاذها ويعتي كل من المجنون‬

‫‪https://almoslim.net/node/ 271766‬‬ ‫‪- 52‬‬

‫‪28‬‬
‫ع يحول محلهم يف ممارسة تلك‬ ‫ر‬
‫لألهلية وناقصوها ومن ثم لبد من وجود نائب رس ي‬
‫الترصفات‪.‬‬
‫أن سعيد الخذري قال رسول هللا صىل هللا عليه وسلم‪" :‬انما البيع عن تراض "‪.‬‬ ‫وعن ي‬
‫ظهي الليامات والعقود‬ ‫وف هذا الحديث ارساء لرضائية العقود المنصوص عليها يف ر‬ ‫ي‬
‫اض عاقديه أحدهما بالبيع‬ ‫حيث ينص الفصل ‪ 488‬منه عىل "انه يكون البيع تاما بمجرد تر ي‬
‫ورسوط العقد الخرى"‪ ،‬وبذلك فان عقد البيع‬ ‫بالشاء وباتفاقهما عىل المبيع والثمن ر‬ ‫والخر ر‬
‫اض ربي البائع‬
‫يكق حصول الي ي‬ ‫ي‬ ‫شكىل لنعقاده بل‬ ‫ي‬ ‫اىل أي اجراء‬ ‫كمبدأ عام ل يحتاج ي‬
‫والمشيي عىل المبيع والثمن‪.‬‬
‫رض هللا عنه قال‪:‬‬ ‫كذلك ورد عن حكيم بن حزام ي‬
‫يسألت من البيع ما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه‬ ‫ي‬ ‫يأتيت الرجل‬
‫ي‬ ‫قلت يا رسول هللا‬
‫له من السوق‪ ،‬فقال "صىل هللا عليه وسلم" "ل تبع ما ليس عندك‪".‬‬
‫حي العقد و ان يكون‬ ‫و بذلك فمن ررسوط صحة عقد البيع ان يكون المبيع موجودا ر‬
‫ظهي‬
‫لغي البائع‪ ،‬و هو ما تم النص عليه يف فصول ر‬ ‫يف ملك البائع و ل يجوز بيع ما هو مملوك ر‬
‫الغي يقع‬
‫الليامات و العقود من ذلك نجد الفصل ‪ 485‬منه الذي ينص عىل أن " بيع ملك ر‬
‫صحيحا ‪:‬‬
‫_اذا اقره المالك‬
‫ر‬
‫السء‬
‫_اذا كسب البائع فيما بعد ملكية ي‬
‫وإذا رفض المالك القرار كان للمشيي أن يطلب فسخ البيع‪ .‬وزيادة عىل ذلك يليم‬
‫للغي ‪.‬ول يجوز اطالقا‬
‫سء مملوكا ر‬ ‫ر‬
‫البائع بالتعويض‪ ،‬إذا كان المشيي يجهل عند البيع ان ال ي‬
‫للغي‪.‬‬
‫السء مملوكا ر‬ ‫ر‬
‫للبائع ان يتمسك ببطالن البيع بحجة ان ي‬
‫الغي ويشيط ان يكون المبيع يف ملك‬ ‫تقض بعدم جواز بيع ملك ر‬ ‫ي‬ ‫وعىل هذا فان القاعدة‬
‫البائع‪.‬‬

‫ه مدى‬ ‫ظهي الليامات والعقود ي‬‫الت طرحتها مسألة وضع ر‬ ‫من الشكالت الهامة ي‬
‫األورون من جهة ثانية‪ ،‬وقد‬
‫ي‬ ‫رنس والقانون‬
‫السالم من جهة‪ ،‬وبالقانون الف ي‬
‫ي‬ ‫عالقته بالفقه‬
‫كبيا‪ ،‬يمكن جمعه يف أرب ع اتجاهات‪:‬‬
‫عرف الجواب عن هذا الشكال تضاربا ر‬
‫السالم‬
‫ي‬ ‫ظهي الليامات والعقود هو توفيق ربي الفقه‬
‫فق نظر بعض‪ ،‬فان ر‬ ‫ي‬ ‫‪-1‬‬
‫الفرنس خاصة‪ .‬و تجد هذه األطروحة أصلها يف تقرير ‪ S.Berge‬الذي جاء فيه ‪:‬‬
‫ي‬ ‫والقانون‬

‫‪29‬‬
‫التشيعات المدنية‬ ‫التشيعية هو أنها توفق (‪ )concilie‬ربي مختلف ر‬ ‫«خاصية هذه الوثيقة ر‬
‫اإلسالم»‪.‬‬
‫ي‬ ‫األوربية مع القانون‬
‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫ظهي الليامات والعقود هو من الفقه‬ ‫وف نظر البعض الخر‪ ،‬فإن ر‬ ‫ي‬ ‫‪-2‬‬
‫اإلسالم‬ ‫كثيا بالفقه‬ ‫الفرنس الذي تأثر ر‬ ‫بارسة أو عي القانون‬ ‫م ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ظهي الليامات والعقود‪ ،‬وإن كانت قواعده قد اقتبست‬ ‫وف رأي آخر‪ ،‬فإن ر‬ ‫ي‬ ‫‪-3‬‬
‫الت هيمنت عىل‬ ‫وه الفكرة ي‬ ‫القواني األوربية‪ ،‬إل أنه ليس يف ذلك ما يتناف مع اإلسالم‪ ،‬ي‬ ‫ر‬ ‫من‬
‫ظهي الليامات والعقود‪.‬‬ ‫الت قدم بها ر‬
‫التقارير ي‬
‫كبي من‬ ‫التشي ع سيتم تلقيه بارتياح ر‬‫وف هذا اإلطار يقول ذ ) ‪ S.Berge‬بأن هذا ر‬
‫ي‬
‫كبي من قوانينهم‬ ‫طرف الكل بالمغرب‪ ،‬حيث سيجد فيه األوربيون قواعد مستوحاة إىل حد ر‬
‫الديت ول‬ ‫ي‬ ‫ضميهم‬ ‫ر‬ ‫المسلمي لن يجدوا فيه ما يخالف‬ ‫ر‬ ‫الوطنية‪...‬ومن جانبهم‪ ،‬فإن‬
‫الت شكلت األرضية لهذا العمل تمت مراجعتها من‬ ‫عاداتهم‪ ،‬ما دام أن النصوص التونسية ي‬
‫طرف لجنة مكونة من خمسة أساتذة من جامع الزيتونة بتونس وخمسة أعضاء من المحاكم‬
‫الشيعة اإلسالمية‪.‬‬ ‫الشعية ورصحوا بأنها ل تتضمن ما يتعارض مع ر‬ ‫ر‬
‫الفرنس‬
‫ي‬ ‫ظهي الليامات والعقود منبثق عن القانون‬ ‫وذهب اتجاه رابع إىل أن ر‬ ‫‪-4‬‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫ول عالقة له بالفقه‬
‫«ف الحقيقة‬ ‫ويأخذ بهذا التجاه بالخصوص ذ‪ .‬عمر عزيمان الذي يقول يف هذا اإلطار ي‬
‫القواني‬
‫ر‬ ‫ظهي الليامات والعقود يحمل بصمات‬ ‫يجب وضع األمور يف نصابها‪ ،‬من األكيد أن ر‬
‫العشين)‪ ،‬ولكن‬ ‫الجرمانية الت عرفت ازدهارا ف بداية القرن (وهو هنا يقصد بداية القرن ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الشكىل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫التأثي كان باألساس عىل مستوى الشكل والمنهجية‪ ،‬وعىل مستوى اليتيب‬ ‫ر‬ ‫هذا‬
‫الفرنس‪.‬‬
‫ي‬ ‫وليس عىل مستوى المضمون الذي يبق لصيقا بالقانون‬
‫ظهي الليامات والعقود‪ ،‬بعض القواعد بل وبعض‬ ‫ومن األكيد أيضا أننا نجد يف ر‬
‫اإلسالم يبق هنا أيضا‬ ‫تأثي الفقه‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولكن ر‬ ‫مبارسة من الفقه‬ ‫المؤسسات المستمدة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ظهي الليامات والعقود يكرس يف العمق مفهوما رضائيا وإراديا للعقد الذي‬ ‫سطحيا‪ ،‬ذلك أن ر‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويرتبط (أي ظ‪.‬ل‪.‬ع) بالذاتية‬ ‫ي‬ ‫الت تسيطر عىل الفقه‬ ‫يقطع مع الموضوعية ي‬
‫الفرنس»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫السائدة يف القانون‬
‫وهذا هو الموقف الذي تبناه أيضا ذ احمد ادريوش حيث يقول «‪....‬إنما هو (أي ظ‬
‫القواني‬ ‫الت اقتبست من‬ ‫ل ع) اقتباس ر‬
‫ر‬ ‫الفرنس بعد تكملته ببعض األحكام ي‬ ‫ي‬ ‫مبارس للقانون‬
‫األوربية‪.‬‬
‫وهذه حقيقة تكشف عنها الدراسة المقارنة المنهجية‪ ،‬وتنطق بها رصاحة مختلف‬
‫التقارير المتعلق به‪...‬أما بالنسبة لمصادره‪ ،‬فإن ظ ل ع‪ ،‬وإن كان قد تضمن بعض الحلول‬

‫‪30‬‬
‫قواني العائلة‬ ‫ر‬ ‫اإلسالم‪ ،‬فقد ظل وفيا ألسلوب الصياغة المتبع يف‬ ‫ي‬ ‫يقض بها الفقه‬ ‫ي‬ ‫الت‬
‫ي‬
‫الفرنس»‪.‬‬
‫ي‬ ‫الرومانية الجرمانية‪ ،‬وباألخص يف القانون‬
‫الت‬ ‫وف نفس التجاه يقول ذ عبد اللطيف هداية هللا ‪« :‬وصفوة القول إن النصوص ي‬ ‫ي‬
‫المغرن الذي‬ ‫ي‬ ‫تضمنتها مجلة الليامات والعقود التونسية ومعها قانون الليامات والعقود‬
‫المدن‬
‫ي‬ ‫القواني األوربية‪ ،‬وخاصة القانون‬‫ر‬ ‫ه نصوص مأخوذة يف أغلبها من‬ ‫خرج من رحمها‪ ،‬ي‬
‫اإلسالم حت ل تتعارض مع هذه‬ ‫ي‬ ‫الفرنس‪ ،‬وتمت مراجعتها فقط يف ضوء أحكام الفقه‬ ‫ي‬
‫ومنطق‪ ،‬إذ ل يستساغ أن تضع فرنسا قانونا ليطبق أمام محاكمها‬ ‫طبيع‬ ‫شء‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫األخية‪ ،‬وهذا ي‬ ‫ر‬
‫اإلسالم»‪.‬‬
‫ي‬ ‫األوروبيي وتكون أحكامه مأخوذة بداية من الفقه‬ ‫ر‬ ‫وغيهم من‬ ‫الفرنسيي ر‬‫ر‬ ‫عىل‬
‫اإلسالم قد‬‫ي‬ ‫وهو الرأي األقرب إىل الصواب يف نظرنا‪ ،‬ألنه إذا كان األخذ من الفقه‬
‫واضع ظ ل ع‪ ،‬لرصورة ل يمكن تجاهلها وغض الطرف عنها نظرا‬ ‫ي‬ ‫فرض نفسه بالفعل عىل‬
‫لعتبارات سياسية تاريخية واجتماعية‪ ،‬فإن هذه المدونة ليست يف حقيقتها إل اقتباسا‬
‫الصطناع والمفتعل‬ ‫الفرنس ؛ ألنه وبغض النظر عن مظاهر البحث‬ ‫مبارسا من القانون‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الت نجدها يف تقارير وضع المدونة‪،‬‬ ‫وقواني الدول األوربية ي‬ ‫ر‬ ‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫عن التوفيق ربي الفقه‬
‫الفرنس‪،‬‬ ‫ر‬
‫المبارس من القانون‬ ‫ه اقتباسها‬
‫ي‬ ‫األخية (المدونة) ي‬ ‫ر‬ ‫فإن الخاصية األساسية لهذه‬
‫تشيعات بعض الدول األوربية‪.‬‬ ‫وبصفة ثانوية من ر‬
‫بل إن ‪D.Santillana‬يؤكد بنفسه هذه الحقيقة‪ ،‬إذ يقول يف تقريره ‪« :‬لقد تتبعت‬
‫التونسيي ولكنها لم تيدد يف‬ ‫ر‬ ‫اللجنة عموما فقه المدرسة المالكية الذي هو مذهب أغلبية‬
‫الت تتالءم فيها قواعد هذا المذهب مع النظام‬ ‫الحنق‪ ،‬يف كل الحالت ي‬ ‫ي‬ ‫األخذ من المذهب‬
‫األورن»‪.‬‬
‫ي‬ ‫العام للمدونة ومع مبادئ القانون‬
‫واضع المدونة‪ ،‬هو أن يبق النظام العام لهذه‬ ‫ي‬ ‫ويظهر جليا من هذا‪ ،‬أن هاجس‬
‫الت يجب أن تحظ باألولوية‪ ،‬وأن إدخال‬ ‫القواني األوربية ي‬
‫ر‬ ‫األخية‪ ،‬نتاجا تركيبيا لمبادئ‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫اإلسالم يف هذه المدونة يرجع بالساس إىل اعتبارات شكلية أكي منه يف الموضوع‪،‬‬ ‫الفقه‬
‫ي‬
‫حي يقول ‪« :‬وقد حرصت اللجنة عىل‬ ‫وهو ما سيكرسه ‪ D. Santillana‬بوضوح فيما بعد‪ ،‬ر‬
‫عدم مخاطبة العرب إل بنفس اللغة‪ ،‬وبرصي ح العبارة بأفواه فقهائهم»‬
‫الت ل تتعارض يف‬ ‫اإلسالم إل بتلك ي‬
‫ي‬ ‫«‪ ...‬عىل أل يتم الحتفاظ من ربي قواعد الفقه‬
‫األورن»‪.‬‬ ‫المدن والتجاري‬ ‫شء مع المفاهيم القانونية الحديثة للقانون‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ظهي‬ ‫واضع ر‬ ‫ي‬ ‫وهذه العتبارات القوية‪ -‬يف نظرنا‪ -‬ل تيك أي مجال للشك حول نوايا‬
‫الليامات والعقود‪ .‬وكيفما كان الحال‪ ،‬فإن الظاهر من كل هذه الراء‪ ،‬أن هناك شبه إجماع‬
‫اإلسالم"‬
‫ي‬ ‫ظهي الليام ات والعق ود قد أخ ذوا بعض مقتض ي ات ه من الفق ه‬ ‫واضع ر‬ ‫ي‬ ‫عىل أن‬

‫‪31‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬فصدور قانون الليامات والعقود شكل تحول جذريا وقطيعة مع‬
‫اإلسالم خاصة‬
‫ي‬ ‫القانون الذي كان سائدا قبل الحماية‪ ،‬والذي كان يعتمد الفقه‬
‫ي‬ ‫النظام‬
‫المدن‪ ،‬حيث أفرزت الظرفية‬
‫ي‬ ‫أساش للقانون‬
‫ي‬ ‫المالك ومجموعة األعراف المحلية كمصدر‬‫ي‬
‫الت عرفها المغرب يف هذه الفية توجها جديدا يعتمد المرجعية الوضعية أساسا لكل‬ ‫ي‬
‫الت قامت سلطات الحماية بفرضها وتكريسها)‪ ،‬وهو ما شكل يف نظرنا‬ ‫ر‬
‫التشيعات الجديدة ي‬
‫المغرن الحديث‪.‬‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫نقطة البداية (النطالق) وشهادة ميالد القانون‬

‫أساسيتي‪ ،‬سنخصص (الفقرة الوىل) للحديث عن‬ ‫ر‬ ‫فقرتي‬


‫ر‬ ‫هذا المطلب سنقسمه إىل‬
‫الوطت الذي يعتي أسىم‬ ‫التشيعية لمدونة األرسة الت بدورها تتفرع إىل ر‬
‫التشي ع‬ ‫المصادر ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الت تبت عليها مدونة األرسة‬
‫المصادر والتفاقات الدولية باعتبارها المؤسسة الكيى ي‬
‫مصادرها‪.‬‬
‫اما (الفقرة الثانية) والذي سنخصصها للحديث عن مختلف المذاهب الفقهية يف مدونه‬
‫الرسة والجتهاد يف مدونه األرسة‪.‬‬

‫لم تعد مدونة األرسة مدونة فقهية رصفة انم ا قد استعانت ب العديد من القواعد‬
‫الوضعية دون المساس بالثوابت ر‬
‫الشعية و من ذلك أن اإلثباث يف إطارها لم يعد مقترصا‬
‫الشعية وحدها‪ ،‬وإنما عىل وسائل اإلثبات كلها موضوعة جديدة مستقاة‬ ‫عىل البينة ر‬
‫الجنان‪ ،‬مع انفتاح واسع عىل‬
‫ي‬ ‫المدن أو‬
‫ي‬ ‫الوضع سواء يف شقه‬
‫ي‬ ‫باألساس من القانون‬
‫الت تهم حقوق المرأة وحقوق الطفل عىل وجه التحديد‪.‬‬ ‫التفاقيات الدولية‪ ،‬ي‬
‫وباإلضافة إىل كل ما سبق‪ ،‬هناك مقتضيات جديدة‪ ،‬ل تيرها إل المصلحة األنية‬
‫للمجتمع ومن ذلك المادة ‪ 49‬والمادة ‪ 156‬من مدونة األرسة (القانون ‪)70.03‬‬

‫صدرت مدونة األرسة‪ 53‬يف ‪ 3‬فياير ‪ 2004‬بتنفيذ القانون رقم‪70.03‬والذي يتضمن يف‬
‫والثان لإلنحالل ميثاق الزوجية وأتاره والثالث‬
‫ي‬ ‫حيثياثه سبع كتب الذي خصص األول لزواج‪،‬‬
‫المغرن يف الكتاب الرابع لألهلية والنيابة‬ ‫الذي خصصه الولدة ونتائجها وأشار ر‬
‫المشع‬
‫ي‬
‫المياث‬
‫األخي الذي يتضمن ر‬ ‫ر‬ ‫الشعية والكتاب الخامس‪ ،‬مخصص إىل الوصية والكتاب قبل‬ ‫ر‬
‫األخي إنتقالية وختامية‪.‬‬
‫ر‬ ‫والكتاب‬

‫‪ - 53‬ظهير شريف رقم ‪ 1.04.22‬صادر في ‪ 12‬من ذي الحجة ‪3( 1424‬فبراير‪ )2004‬بتنفيدذ لقانون رقم ‪ 70.03‬بمتابة مدونة األسرة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وكذلك القانون ‪ 41.10‬المتعلق بتحديد ررسوط ومساطر اإلستفادة‪ ،‬من صندوق‬
‫العائىل‪.54‬‬
‫ي‬ ‫التكافل‬
‫وجاء هذا القانون مقسم إىل ثالث أبواب رئيسية والذي يتمثل الباب األول يف الفئات‬
‫مشع إجراءات اإلستفادة‬ ‫المستفيدة من الصندوق‪ ،‬وكذلك الباب الثان الذي حدد فيه ال ر‬
‫ي‬
‫واألخي الذي يتضمن اسيجاع المخصصات المالية من الملزم‬‫ر‬ ‫من الصندوق‪ ،‬والباب الثالث‬
‫بالنفقة‪.‬‬

‫الت سعت إىل تطوير قانون األرسة‪ ،‬ويتجىل هذا‬ ‫يعتي الدستور الدع امة األساسية ي‬
‫التطور يف المساواة ربي الزوج والزوجة داخل األرسة‪.‬‬
‫✓‬
‫ومحكومي اإلمتثال‬
‫ر‬ ‫حاكمي‬
‫ر‬ ‫تعبي عن إرادة األمة‪ ،‬ويجب عىل الكل‬
‫يعد الدستور أسىم ر‬
‫غي‬‫تشيعية أدن منه أن تخالف قواعده‪ ،‬وإل كانت ر‬ ‫ألحكامه‪ ،‬كما أنه ل يمكن لنصوص ر‬
‫دستورية‪.‬‬
‫يىل‪:‬‬
‫تنص الفقرة األوىل من الفصل ‪ 19‬من دستور المملكة المغربية عىل ما ي‬
‫" يتمتع الرجل والمرأة‪ ،‬عىل قدم المساواة‪ ،‬بالحقوق والحريات المدنية والسياسية‬
‫وف‬
‫والقتصادية والجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة يف هذا الباب من الدستور‪ ،‬ي‬
‫مقتضياته األخرى‪ ،‬وكذا يف التفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وكل‬
‫ذلك يف نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"‪.‬‬
‫هل تنسجم مدونة األرسة مع هذا المقتض الدستوري؟‬
‫الن بیانه‪.‬‬
‫إن هذا الجدل الذي عمر لعقود قد وضعت له مدونة األرسة حدا بالشكل ي‬
‫✓‬
‫الت كانت وراء إعادة النظر يف مدونة األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫لعل‪ ،‬من أبرز األهداف ي‬
‫محاولة الوصول إىل مساواة فعلية وقانونية ربي الزوج والزوجة أساسا‪ ،‬وقد تمت ترجمة هذا‬
‫يىل‪:‬‬
‫والت عرفت مؤسسة الزواج كما ي‬
‫التوجه من خالل المادة الرابعة من مدونة األرسة ي‬
‫ع ربي رجل وامرأة عىل وجه الدوام‪ ،‬غايته اإلحصان‬ ‫ر‬
‫" الزواج ميثاق تراض وترابط رس ي‬
‫الزوجيي"‪.55‬‬
‫ر‬ ‫والعفاف‪ ،‬وإنشاء أرسة مستقرة برعاية‬
‫وتستفاد هذه المساواة كذلك من المقتضيات المضمنة بالمادة المتعلقة بالحقوق‬
‫الزوجي ومن أحكام طلب التطليق بسبب الشقاق‪ ،‬ومن أحكام الوصية‬ ‫ر‬ ‫المتبادلة ربي‬

‫‪ - 54‬ظهير الشريف رقم ‪ 1 .10. 191‬صادر في ‪ 7‬محرم ‪13( 1432‬ديسمبر ‪ )2010‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 41.10‬المتعلق بتحديد شروط ومساطر‬
‫اإلستفادة من صندوق التكافل العائلي‪.‬‬
‫‪ - 55‬المادة ‪ 19‬بخصوص أهلية الزواج‬
‫المادة ‪ 51‬بخصوص الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين‬

‫‪33‬‬
‫الواجبة‪ ،‬ومن المقتضيات المضمنة يف المادة ‪ 400‬المتعلقة بالجتهاد يف مجال العالقات‬
‫الت تحكمها مدونة األرسة‪.‬‬
‫ي‬
‫وهكذا‪ ،‬فعدم دستورية مدونة األحوال الشخصية الذي كانت تنادي به بعض الجهات‬
‫الحقوقية المنارصة لحقوق المرأة‪ ،‬لم تعد مطروحة بإلحاح مطلقا أمام مدونة األرسة‪.56‬‬
‫وقد يكون اإلشكال ف التطبيق‪ ،‬وهذه مسألة تخص القضاء ل النصوص ر‬
‫التشيعية‪.‬‬ ‫ي‬
‫الت تتمسك بعدم دستورية بعض‬ ‫ورغم كل هذا التحول فهناك العديد من الجهات ي‬
‫قواعد اإلرث‪.‬‬
‫✓‬
‫الت تجعل يف حالت‬ ‫ر‬
‫العلمان غالبا القاعدة الشعية ي‬
‫ي‬ ‫تهاجم بعض الجهات ذات التوجه‬
‫وه قطعية‬ ‫‪57‬‬
‫المياث ‪ ،‬فتجعل تلك القاعدة ‪ -‬ي‬ ‫األنثيي يف ر‬
‫ر‬ ‫مخصوصة أن للذكر مثل حظ‬
‫غي دستورية لتعارضها مع مبدأ المساواة المكرس بعدة نصوص‬ ‫الثبوت والدللة – قاعدة ر‬
‫دستورية‪ .‬نرد عىل هؤلء فنقول‪:‬‬
‫الشع ترث فيها المرأة مثل ما يرثه الرجل‪ ،58‬بل هناك حالت ترث‬ ‫هناك حالت ف ر‬
‫ي‬ ‫ر‬
‫وه حالت ل تتم إثارتها يف هذا المجال‪.‬‬ ‫‪59‬‬
‫فيها أكي منه ‪ ،‬ي‬
‫تنص العديد من المقتضيات الدستورية عىل أن اإلسالم دين الدولة‪ ،‬فقد جاء مثال يف‬
‫تصدير الدستور أن ‪:‬‬
‫اإلسالم‪ ،‬مكان الصدارة فيها»‪.‬‬
‫ي‬ ‫تتمي بتبوإ الدين‬
‫«الهوية المغربية ر‬
‫ونقرأ يف الفقرة ‪ 3‬من المادة األوىل منه أنه‪:‬‬
‫اإلسالم السمح "‪.‬‬
‫ي‬ ‫"تستند األمة يف حياتها العامة عىل ثوابت جامعة تتمثل يف الدين‬
‫وجاء يف المادة الثالثة منه أن‪ " :‬اإلسالم دين الدولة"‪.‬‬
‫واإلسالم ككل ل يتجزأ‪ ،‬ل يمكن أن نأخذ – حسب هوانا – ببعضه وتكفر ببعض‪ ،‬وهذه‬
‫قاعدة ل تتعارض مطلقا مع الدستور وإنما تنسجم معه انسجاما كليا‪.‬‬
‫ولعل‪ ،‬مما يعزز وجهة النظر هذه أن الدستور نفسه قد منع منعا كليا أن يكون الدين‬
‫اإلسالم محال للمراجعة (الفصل ‪ )175‬من دستور المملكة لسنة ‪.2011‬‬ ‫ي‬

‫‪ - 56‬راجع مثال البالغ الصحفي لمنظمة إتحاد العمل النسائي ورسالتها الموجهة إلى منظمات حقوق اإلنسان بالمغرب‪ ( ،‬الرباط ‪ 7‬مارس ‪.)1992‬‬
‫راجع كتاب‪" ،‬إصالح قانون األسرة حصيلة خمسين سنة من النقاش"‪.‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ‪،2002،‬ص‪ 100،‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 57‬اآلية ‪ 11‬من سورة النساء‪.‬‬
‫اآلية األخيرة من سورة النساء (الكاللة)‪.‬‬
‫‪ - 58‬وهذا مثال هو موقف الشريعة بشأن ميراث اإلخوة ألم‪.‬جاء في الذكر الحكيم ؛«{وإن كان رجل يرث كاللة أو إمرأة وله أخ أوأخت فلكل واحد‬
‫منهما السدس فإن كانوا أكتر من ذلك فهم شركاء في ثلث}»‬
‫_اآلية ‪12‬من سورة النساء‪.‬‬
‫_راجع في هذا الصدد المادة ‪356‬من مدونة األسرة‬
‫‪ - 59‬ومن ذلك مثال أن من مات عن بنت وبنت ٱبن وٱبن أخ شقيق‪،‬فالبنت ترث النصف وبنت اإلبن ترث السدس ‪،‬ومابقي وهو التلث يرثه األخ‬
‫الشقيق تعصيبا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫السء المعروف المألوف المستحسن‪ .60‬وللفظ معان متعددة‬ ‫ر‬
‫يقصد بالعرف يف اللغة ي‬
‫وه تختلف باختالف تركيبها وموقعها يف سياق الكالم‪.61‬‬ ‫تحوم حول هذا المعت العام‪ ،‬ي‬
‫ومن الناحية الصطالحية الفقهية الرصفة‪ ،‬فالعرف كقاعدة هو ما استقر يف النفوس‬
‫من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول‪.62‬‬
‫عمىل‬
‫ي‬ ‫فعىل أو‬
‫قوىل وعرف ي‬ ‫وهو ينقسم إىل عرف ي‬
‫اإلسالم"‪ .‬ومن المالحظ‬ ‫ومن المجمع عليه فقها أن العرف مصدر من مصادر ر‬
‫التشي ع‬
‫ي‬
‫الكثي من اجتهاداته عىل العرف ومن ذلك‪:‬‬ ‫ر‬ ‫أن اإلمام مالك‪ ،‬قد بت‬
‫إذا تنازع الزوجان يف قبض الصداق بعد الدخول أن القول قول الزوج مع أن األصل‬
‫القاض إسماعيل‪ :‬هذه كانت عادتهم بالمدينة‪ ،‬أن الرجل ل يدخل بامرأته‬ ‫ي‬ ‫عدم القبض‪ ،‬قال‬
‫حت تقبض جميع صداقها‪ ،‬واليوم عادتنا عىل خالف ذلك‪ ،‬فالقول قول المرأة مع يمينها‬
‫ألجل اختالف العوائد»‪.‬‬
‫عىل حرام أو خلية أو برية أو‬‫ومنها ما وقع يف المدونة‪ :‬إذا قال الرجل لمرأته‪ ،‬أنت ي‬
‫وهبتك إىل أهلك‪ ،‬يلزمه الطالق الثالث يف المدخول بها ول تنفعه النية أنه أراد أقل من‬
‫ثالث‪ ،‬ثم يذكر أن اإلمام مالك‪ ،‬إنما أفت بلزوم طالق الثالث يف هذه األلفاظ ألنه يف زمنه‬
‫ه‪ :‬إزالة‬‫كان قد نقلها العرف عما وضعت إليه من اإلخبار عن أنها حرام إىل ثالثة أمور ي‬
‫العصمة‪ ،‬والعدد الثالث‪ ،‬واإلنشاء ألن ألفاظ الطالق إذا لم تكن إنشاء أو يراد بها اإلنشاء ل‬
‫تزيل عصمته البتة‪.‬‬
‫العرن يف هذا الصدد‪:‬‬
‫ي‬ ‫ابن‬
‫كالشط حسبما بيناه يف أصول الفقه من أن العرف والعادة‬ ‫وما جرى به العرف‪ ،‬فهو ر‬
‫الشيعة يقض به يف األحكام‪.63‬‬ ‫أصل من أصول ر‬

‫‪ - 60‬جاء في لسان العرب البن منظور‪:‬‬


‫العرف والعارفة والمعروف واحد‪ ،‬وهو كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه‪.‬‬
‫وللمعروف‪ ،‬كالعرف‪ ،‬وقوله تعالى‪( :‬وصاحبهما في الدنيا معروفا)‪ ،‬أي مصاحبا معروفا‪ ،‬قال الزجاج ‪ :‬المعروف‬
‫هناما يستحسن من األفعال‪.‬‬
‫مرجع سابق المجلد الثاني‪ ،‬ص‪ 25 48 ،‬و‪.2585‬‬
‫‪ - 61‬عمر الجيدي‪ ،‬مرس‪ ،‬من ‪.29‬‬
‫‪ - 62‬ينسب هذا التعريف إلى الجرجاني وحول التحليل‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫عمر الجيدي‪ ،‬مرس‪ ،‬من ‪.29‬‬
‫والعرف ما يعرف بين الناس؛ ومثله العادة دون باس‬
‫ومقتضاهما مـا مشـروع ؛ في غير ما خالفه المشروع‬
‫‪ - 63‬قرار رقم ‪ 512‬الصادر في ‪ 18‬دجنبر ‪ ،1979‬ملف شرعي تحت عدد ‪.51925‬‬
‫ـانظر كذلك قرار ‪ 24‬أبريل ‪ ،1968‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،4‬ص‪ 4 .‬وما يليها‪.‬‬
‫قرار رقم ‪ 481‬الصادر في ‪ 4‬دجابر ‪ ،1979‬ملف شرعي تحت عدد ‪. 54230‬‬
‫وقد تم الطعن في حكم قضائي صادر في عهد الحماية سبق له أن طبق العرف أعالء‪ ،‬وقد قرر المجلس األعلى‬

‫‪35‬‬
‫المغرن قد أحال فيما ل يوجد بشأنه نص يف مدونة األرسة عىل‬ ‫ر‬
‫المشع‬ ‫ورغم أن‬
‫ي‬
‫الكثي من النصوص الخاصة عىل األعراف‬ ‫ر‬ ‫مذهب اإلمام مالك‪ ،‬فإنه قد أحال كذلك يف‬
‫المحلية‪ ،‬مع العلم أن العرف‪ ،‬معتمد يف ذلك المذهب عىل نطاق واسع عىل ما سبق بيانه‪.‬‬
‫المغرن إىل العرف بالخصوص يف المواد ‪ 5‬و ‪ 189‬و‪ 205‬من مدونة‬ ‫المشع‬‫وقد رجع ر‬
‫ي‬
‫البديه أن العرف‬
‫ي‬ ‫األرسة‪ ،‬مع استعماله أحيانا لمصطلح المعتاد‪ ،‬كما فعل يف المادة ‪ ،34‬ومن‬
‫ل يعمل به يف هذا المجال مت خالف قاعدة ررسعية‪ ،‬ومن ذلك ما قرر المجلس األعىل من‬
‫القضان"‪.‬‬
‫ي‬ ‫أن‪" :‬العرف الذي يحرم المرأة من اإلرث ل يعمل به عىل المستوى‬
‫وف أحكام القضاء‪ ،‬فإن العرف‪،‬‬ ‫وبخالف العمل الذي يجد مصدره يف فتوى العلماء ي‬
‫مبارسة بعد استقراره كعادة تستمر لمدة طويلة‪ ،‬وتحتاج من‬ ‫هو قانون ينبثق من المجتمع ر‬
‫لك تستقر كعرف ملزم‪.‬‬ ‫ثمة لعنرص معنوي ي‬
‫ان ‪:‬‬
‫يقول المهدي الوز ي‬
‫" العرف هو العادة‪ ،‬والعمل هو حكم القضاة بالقول وتواطؤهم عليه "‪.64‬‬
‫كثيا ما يقف يف وجه تطبيق العرف‬ ‫الشعية به‪ .‬ر‬ ‫غي أن المجلس األعىل‪ ،‬وخاصة الغرفة ر‬ ‫ر‬
‫الشعية‪ ،‬جاء يف أحد قراراته‪:‬‬ ‫لصالح القواعد ر‬
‫وه فاصلة وواضحة ويجب‬ ‫" إن المحكمة أعرضت عن مقتضيات الفقه يف الموضوع ي‬
‫الحتكام إليها ول يجوز استبعادها مع العادات"‪.‬‬
‫ه صادرة عن هيئة األمم‬ ‫نشي إىل أن أغلب هذه المواثيق والمعاهدات الدولية ي‬ ‫و ر‬
‫العالىم لحقوق اإلنسان الصادر عن الجمعية العمومية لألمم‬ ‫ي‬ ‫المتحدة‪ ،‬ومن ذلك اإلعالن‬
‫الدوىل للحقوق المدنية والسياسية‪ 66‬الصادر عن‬ ‫ي‬ ‫المتحدة يف ‪ 10‬دجني ‪ ،651948‬والعهد‬
‫الجمعية العمومية لألمم المتحدة يف ‪ 16‬دجني ‪ ،1966‬والتفاقية الدولية المتعلقة بالقضاء‬
‫التميي ضد المرأة‪ 67‬الصادرة عن ذات المرجع سنة ‪ ،1979‬وكلها اتفاقيات‬ ‫ر‬ ‫عىل جميع أشكال‬
‫ونشها بالجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫دولية صادق عليها المغرب ر‬
‫ا‬
‫ه أن األحكام المضمنة يف المواثيق‬ ‫القاعدة المسلم بها قانونا‪ .‬فقها وقضاء‪ .‬ي‬
‫والمعاهدات الدولية المصادق عليها بكيفية صحيحة والمنشورة بالجريدة الرسمية‪ ،‬ترجع‬

‫بأن هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي به‪ ،‬ألنه صدر عن محكمة معترف بها قانونا في وقتها‪.‬‬
‫‪ - 64‬تحفة أكياس الناس بشرخ عمليات فاس‪ ،‬طبعة دورية‪ ،‬فاس‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 65‬وتحتوي على ديباجة و‪ 30‬مادة وقد صادقت عليها المملكة بدون تحفظ‪.‬‬
‫‪ - 66‬نشرت بالجريدة الرسمية بمقتضى الظهير الشريف رقم ‪ 1-79 -186‬بتاريخ ‪ 8‬نوفمبر ‪ 1979‬وتحتوي‬
‫على ‪ 53‬مادة‪.‬‬
‫‪ - 67‬صادق عليها المغرب بمقتضى الظهير الشريف‪ ،‬الصادر في ‪ 12‬يوليوز ‪ 1985‬وتحتوي على ‪ 30‬مادة‬
‫ضم المغرب إلى هذه االتفاقية في ‪ 21‬يونيو ‪ 1993‬ونشرت‪ ،‬بظهير ‪ 26‬دجنبر ‪ 2000‬وبه مقدمة تحتوي على‬ ‫اِن َ‬
‫عدة تحفظات التي نسخت مدونة األسرة بعضها بكيفية ضمنية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الت تم التحفظ‬
‫الداخىل‪ ،‬باستثناء تلك ي‬
‫ي‬ ‫العمىل عىل األحكام المضمنة يف القانون‬
‫ي‬ ‫يف التطبيق‬
‫بشأنها‪.68‬‬
‫األخية من‬
‫ر‬ ‫ولقد أخذ الدستور الجديد ضمنيا بهذه القاعدة‪ ،‬فنص يف الفقرة ما قبل‬
‫يىل‪:‬‬
‫تصدير دستور ‪ 29‬يوليوز ‪ 2011‬عىل ما ي‬
‫وقواني‬
‫ر‬ ‫وف نطاق أحكام الدستور‪،‬‬ ‫"جعل التفاقيات الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬ي‬
‫التشيعات الوطنية‪ ،‬والعمل‬‫نشها‪ ،‬عىل ر‬ ‫المملكة‪ ،‬وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو‪ ،‬فور ر‬
‫عىل مالءمة هذه الت رشيعات‪ ،‬مع ما تتطلبه تلك المصادقة"‪.‬‬
‫الداخىل أن تحيم‬ ‫المشع اشيط لسمو التفاقية الدولية عىل القانون‬‫ومن المالحظ أن ر‬
‫ي‬
‫الهوية الوطنية الراسخة المتمثلة أساسا يف ديانته اإلسالمية‪.‬‬

‫صادقت المملكة المغربية عىل العديد من المواثيق الدولية الجماعية المتعلقة بحقوق‬
‫ه من حيث جوهرها عبارة عن قواعد خاصة‬ ‫والت تتضمن ربي طياتها مقتضيات ي‬ ‫اإلنسان ي‬
‫تتصل بقانون األرسة عموما‪ ،‬وحقوق المرأة والطفل عىل وجه الخصوص‪.‬‬

‫‪ -‬المثال األول‪:‬‬
‫العالىم لحقوق اإلنسان الصادر عن هيئة األمم المتحدة‬
‫ي‬ ‫تنص المادة ‪ 16‬من اإلعالن‬
‫يىل‪:‬‬
‫يف ‪ 10‬دجني ‪ 1948‬عىل ما ي‬
‫" للرجل والمرأة مت أدركا سن البلوغ حق اليوج وتأسيس أرسة دون أي قيد بسبب‬
‫العرق أو الجنسية أو الدين‪ ،‬وهما يتساويان يف الحقوق لدى اليوج وخالل قيام الزواج ولدى‬
‫انحالله"‪.‬‬
‫العالىم لحقوق اإلنسان‪ ،‬فيما‬
‫ي‬ ‫وعليه‪ ،‬فإذا كانت مدونة األرسة قد استجابت الميثاق‬
‫الزوجي‪ ،‬عىل ما سبق بيانه‪.‬‬
‫ر‬ ‫يتعلق بالمساواة ربي‬
‫الشيعة اإلسالمية بخصوص عنرص الدين‪،‬‬ ‫فه لم تستجب إىل إزالة القيد الذي تضعه ر‬
‫ي‬
‫بغي الكتابية وليس‬
‫حيث نصت المادة ‪ 39‬من مدونة األرسة عىل أنه ليس للمسلم أن ييوج ر‬

‫‪ - 68‬التحفظات ‪ les reserves‬وسيلة قد تلجأ إليها الدولة بغية استبعاد األثر القانوني أو تعديله لعدد من‬
‫األحكام الواردة في معاهدة دولية في مواجهتها‪ ،‬وذلك عند توقيعها وتصديقها أو قبولها لهذه المعاهدة‪.‬‬
‫د‪ .‬خليل الموسي‪ ،‬التحفظات على أحكام المعاهدات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بحث منشور بمجلة الحقوق‬
‫الكويتية‪ ،‬العدد الثالث السنة ‪ ،26‬صفحة‪ 345 .‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫غي قابل لإلزالة وييتب عىل خرقه بطالن عقد‬ ‫بغي المسلم‪ ،‬وهو قيد ر‬ ‫للمسلمة أن تيوج ر‬
‫الزواج (راجع المادة ‪ 57‬من مدونة األرسة)‪69‬‬

‫يع‪ ،‬وإنما المسألة تتعلق بالعقيدة أساسا‪.‬‬ ‫ر‬


‫ذلك أن المسألة ليست مجرد نص تش ي‬
‫العالىم لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫ي‬ ‫الداخىل واإلعالن‬
‫ي‬ ‫وحت ل يقال إن هناك تناقضا ربي القانون‬
‫األخي‪ .‬ومن أثر التحفظ وقف‬ ‫ر‬ ‫فإن المغرب قد تحفظ عىل مقتضيات المادة ‪ 16‬من هذا‬
‫الت تم التحفظ بشأنها‪.‬‬ ‫تطبيق القاعدة ي‬
‫الثان‪:‬‬
‫ي‬ ‫‪ -‬المثال‬
‫تنص المادة ‪ 14‬من التفاقية المتعلقة بحقوق الطفل‪ 70‬الصادرة عن األمم المتحدة‬
‫يف ‪ 20‬نوني ‪ 1989‬عىل أنه‪:‬‬
‫" تحيم الدول األطراف حق الطفل يف حرية الذكر والوجدان أو الدين"‪.‬‬
‫العقىل لم تكتمال بعد ‪-‬أن يتبع‬
‫ي‬ ‫فحسب هذه القاعدة‪ ،‬للطفل‪ .‬والحال أن أهليته ونموه‬
‫غي السماوية‪،‬ألن األمر يتعلق‬ ‫أي دين أو ملة أراد‪ ،‬بل وله أن يتنكر لكل األديان السماوية أو ر‬
‫بدرية شخصية‪ .‬وألن اإلسالم دين الدولة بنص يف الدستور‪ ،‬وألن المصادقة عىل تلك‬
‫وه‬
‫القاعدة من شأنها أن تفرغ ذلك النص الدستوري من محتواه‪،‬فإن المملكة المغربية‪ ،‬ي‬
‫تصادق عىل التفاقية أعاله‪ ،‬قد تحفظت عىل المادة ‪ 14‬منها‪.‬‬
‫‪ -‬المثال الثالث ‪:‬‬
‫التميي ضد‬
‫ر‬ ‫تنص المادة ‪ 16‬من التفاقية الدولية المتعلقة بالقضاء عىل جميع أشكال‬
‫يىل‪:‬‬
‫المرأة عىل ما ي‬
‫" تتضمن عىل أساس تتساوي الرجل والمرأة ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬نفس الحق يف عقد الزواج‪.‬‬
‫وف عدم عقد الزواج إل برضاها الحر الكامل‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬نفس الحق يف حرية اختيار الزوج ي‬
‫ج ‪ -‬نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه‪71‬‬

‫‪ - 69‬يكون الزواج باطال‪:‬‬


‫‪_1‬إذا اِختل فيه أحد األركان المنصوص عليها في المادة ‪ 10‬من قانون ‪70.03‬؛‬
‫‪_2‬إذا وجد بين الزوجين أحد موانع المنصوص عليها في المواد [‪ ،]39_35‬من مدونة األسرة ؛‬
‫‪_3‬إذا إنعدم التطابق بين اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫‪ - 70‬دخلت حيز التنفيذ على المستوى الدولي في ‪ 2‬شتنبر ‪ ،1990‬وصادق عليها المغرب‪ ،‬في ‪ 14‬يونيو‬
‫‪ ،1903‬وقام بإيداع أدوات االنضمام إليها في ‪ 21‬يونيو ‪ ،1993‬مع تسجيل التحفظ اآلتي‬
‫«إن المملكة المغربية التي يضمن دستورها لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية‪ ،‬تتحفظ على أحكام المادة الرابعة عشرة التي اعترف الطفل‬
‫بالحق في حرية الدين‪ ،‬نظرا ألن اإلسالم هو دين الدولة»‬
‫وقد نشرت هذه االتفاقية بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4440‬بتاريخ ‪ 19‬دجنبر ‪ 1996‬طبقا لظهير النشر رقم‬
‫‪ 362.93.1‬بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪.1996‬‬
‫‪ - 71‬تجب اإلشارة إلى أن الحكومة قد تحفظت على مقتضيات عديدة‪ ،‬توقفنا فقط عند التحفظ الخاص‬
‫بالمادة ‪ 16‬ألنه هو الذي يهم دراستنا‪.‬‬
‫وعلى من يريد االطالع على التحفظات األخرى أن يرجع للجريدة الرسمية عدد‪ 4866,‬التي تتضمن االتفاقية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫د ‪ -‬نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة‪...‬‬
‫ه_ نفس الحقوق يف أن تقرر بحرية وشهور من المسؤولية عدد أطفالها والفية ربي‬
‫إنجاب طفل وآخر‪...‬‬
‫و ‪ -‬نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولية والقوامة والوصاية عىل األطفال‬
‫وتبنيهم‪."...‬‬
‫وقد تحفظت الحكومة المغربية عىل هذه المادة‪ ،72‬وخصوصا ما يتعلق منها بتساوي‬
‫الرجل والمرأة يف الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه‪ .‬وذلك لكون مساواة من‬
‫الزوجي حقوقا ومسؤوليات‬ ‫الت تضمن لكل من‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫هذا القبيل تعتي منافية للشيعة اإلسالمية ي‬
‫يف إطار من التوازن والتكامل‪ ،‬وذلك حفاظا عىل الرباط المقدس للزواج‪.‬‬

‫اعتت اإلسالم باألرسة عناية فائقة وأولها ما تستحق من الهتمام ويتجىل ذلك يف‬
‫الت تنظم هذه الناحية‬ ‫اليات القرآنية العديدة‪ ،‬واألحاديث النبوية ر‬
‫الكثية العدد ي‬
‫ر‬ ‫الشيفة‬
‫الحيوية من الحياة اإلنسانية ومن تلك اليات واألحاديث أقام فقهاء اإلسالم من مختلف‬
‫المذاهب نظاما دقيقا لألرسة يقوم عىل أساس العدل والمساواة ربي الرجل والمرأة‪.‬‬
‫إن من آيات هللا الكيى ونعمه العظىم أن خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها‬
‫وجعل بيننا مودة ورحمة‪ .‬و عىل كلمة هللا تعاىل و ررسعه تقوم األرسة بالرباط المقدس الوثيق‬
‫الزوجي تتوطد الصالت‪،‬‬ ‫ر‬ ‫المؤمني‪ ،‬و يف البيت الذي قام ليجمع‬ ‫ر‬ ‫الذي رضيه هللا لعباده‬
‫صالت البدن و الروح‪ ،‬و صالت النفس بالنفس‪ ،‬وصالت السكن و القرار و صالت المودة و‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ِّ ْ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ً ِّ َ ُ ُ َ‬
‫اجا لت ْسكنوا ِإل ْي َها َو َج َع َل‬ ‫الرحمة‪ 73‬لقوله الحق تعاىل ﴿ و ِمن آي ِات ِه أن خلق لكم من أنف ِسكم أزو‬
‫َ َ َّ َ‬ ‫َ َٰ َ َ َ ِّ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َّ َ َّ ا َ َ ْ َ ا َّ‬
‫ات لق ْو ٍم َيتفك ُرون‪. ﴾74‬‬ ‫بينكم مودة ورحمة ۚ ِإن ِ يف ذ ِلك لي ٍ‬
‫البشي وامتداده‪،‬‬ ‫وألجل تكوين هذه األرسة و قيامها بدورها ف المحافظة عىل النوع ر‬
‫ي‬
‫الشعية لتكوينها‪ ،‬وجعله من سنة‬ ‫ررسع هللا عز و جل الزواج و الذي يعتي األداة الوحيدة و ر‬
‫دينه ومنهاج ررسيعته ‪ ،‬فجمع به ربي األرحام المنقطعة واألنساب المتفرقة‪ ،‬ويقول جلت‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ ٓ َ رَ ً َ َ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫شا ف َج َعلهۥ ن َس ًبا َو ِص ْه ًرا ۗ َوكان َرُّبك ق ِد ًيرا‪ ﴾ 75‬واعتي هللا‬ ‫قدرته َوه َو﴿ ٱل ِذى خلق ِمن ٱلما ِء ب‬
‫َ َْ‬ ‫َ َْ َ َْ ُ َ‬
‫ف تأ ُخذون ُهۥ َوق ْد أف َضَٰ‬ ‫الزوجي مصداقا لقوله تعاىل ﴿ وكي‬ ‫ر‬ ‫تعاىل الزواج ميثاقا غليظا ربي‬

‫‪ - 72‬الجريدة‪.‬الرسمية عدد ‪ 5974‬الصادرة في فاتح شتنبر ‪.2011‬‬


‫‪ -73‬أحمد الوجدي ‪ ،‬محاضرات في مدونة األسرة ‪ ،‬الجزء األول الطبعة األولى ص ‪3‬‬
‫‪ - 74‬سورة الروم اآلية ‪20‬‬
‫‪ -75‬سورة الفرقان اآلية ‪54‬‬

‫‪39‬‬
‫َ ً َ ً‬ ‫َ ْ ُ ُ ْ َ َٰ َ ْ ٍۢ َ َ ْ َ ُ‬
‫ض َوأخذن ِمنكم ِّميث َٰ قا غ ِليظا‪ ،﴾ 76‬يربط ربي الرجل و المرأة عىل وجه الدوام‬ ‫بعضكم ِإىل بع ٍ‬
‫و قائما عىل أساس المودة و التساكن‪ ،‬و ذلك يف إطار احيام الحقوق و الليام بالواجبات من‬
‫الزوجي يقول عز‬ ‫ر‬ ‫بالمعارسة الحسنة فيما ربي‬ ‫ر‬ ‫أجل تحقيق التماسك ‪ ،‬و يأمر هللا عز و جل‬
‫ُ َ ْ ً َ َ ْ َ َ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُُْ ُ‬ ‫وه َّن ب ْال َم ْ‬‫‪ َ َ :‬ر ُ ُ‬
‫يه‬‫س أن تك َرهوا شيئا ويجعل اَّلل ِف ِ‬ ‫وه َّن ف َع َ َٰ‬ ‫وف ۚ ف ِإن ك ِرهتم‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ارس‬‫من قائل ﴿ وع ِ‬
‫العىل القدير إنما يدخل يف إطار اليابط‬ ‫عليه‬ ‫يؤكد‬ ‫الذي‬ ‫العظيم‬ ‫الرباط‬ ‫هذا‬ ‫و‬ ‫﴾‪،‬‬ ‫يا‪77‬‬ ‫َخ رْ ًيا َك ِث ر ً‬
‫ي‬
‫‪78‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ َ ٌ َ ُ ْ َ َ ْ ُ‬
‫و اليامج العظيم قال سبحانه و تعاىل ﴿ هن ِلباس لكم وأنتم ِلباس ﴾‬
‫وقد أتت مدونة األرسة بمجموع القواعد الجوهرية المستمدة من روح ررسيعتنا السمحة‬
‫و من خاللها ن ربي ما ي يىل ‪:‬‬
‫الت تمس بكرامة وإنسانية المرأة‪ ،‬وجعل‬ ‫ر‬
‫أ‪ -‬تبت المشع صياغة حديثة بدل المفاهيم ي‬
‫الزوجي‪ .‬وذلك باعتبار النساء شقائق للرجال يف األحكام‪،‬‬ ‫ر‬ ‫مسؤولية األرسة تحت رعاية‬
‫مصداقا لقول جدي المصطق عليه السالم و كما يروى ‪ " ،‬ل يكرمهن إل كريم و ل يهينهن‬
‫إل لئيم ‪" .‬‬
‫ب‪ -‬جعل الولية حقا للمرأة الرشيدة‪ ،‬تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها‪ ،‬اعتمادا عىل‬
‫بغي من ارتضته بالمعروف‬ ‫تفاسي الية الكريمة‪ ،‬القاضية بعدم إجبار المرأة عىل الزواج ر‬ ‫ر‬ ‫أحد‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫﴿ َفًل ت ْعضلوه َّن أن َي ْ َ َ َ ُ َّ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وف‪ ﴾ 79‬و للمرأة بمحض‬ ‫نكحن أز َٰو جهن ِإذا ت َ َٰرضوا بينهم ِبٱلمع ُر ِ‬ ‫ِ‬
‫إرادتها أن تفوض ذلك ألبيها أو أحد أقارب ها‪.‬‬
‫ج‪ -‬فيما يخص التعدد‪ ،‬الليام بمقاصد اإلسالم السمحة يف الحرص عىل العدل ‪ ،‬الذي‬
‫َ ْ ْ ُ َ َّ َ ُ‬
‫بتوفيه ‪ ،‬يف قوله تعاىل ﴿ ف ِإن ِخفت ْم أَل ت ْع ِدلوا‬ ‫ر‬ ‫جعل الحق سبحانه يقيد إمكان التعدد‬
‫َ ا‬ ‫َ‬
‫ف َو ِاحدة‪﴾80‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َ ْ َ ْ ُ َ ْ َ ِّ‬
‫ي الن َس ِاء َول ْو‬ ‫و حيث إنه تعاىل نق هذا العدل بقوله ﴿ ولن تست ِطيعوا أن تع ِدلوا ب ر‬
‫ُ‬
‫َح َر ْصت ْم‪﴾ 81‬‬
‫المتمية‪ ،‬باليخيص بزواج‬ ‫ر‬ ‫فقد جعله شبه ممتنع ررسعا‪ ،‬كما تشبعنا بحكمة اإلسالم‬
‫القاض‪ ،‬بدل‬ ‫ي‬ ‫الرجل بامرأة ثانية‪ ،‬بصفة ررسعية لرصورات قاهرة و ضوابط صارمة‪ ،‬وبإذن من‬
‫ع‪ ،‬يف حالة منع التعدد بصفة قطعية ‪.‬‬ ‫اللجوء للتعدد الفعىل ر ر‬
‫غي الش ي‬ ‫ي‬

‫‪ - 76‬سورة النساء اآلية ‪21‬‬


‫‪ - 77‬سورة النساء اآلية ‪19‬‬
‫‪ - 78‬سورة البقرة اآلية ‪186‬‬
‫‪ - 79‬سورة البقرة اآلية ‪232‬‬
‫‪ - 80‬سورة النساء اآلية ‪3‬‬
‫‪ - 81‬سورة النساء اآلية ‪129‬‬

‫‪40‬‬
‫د‪ -‬فيما يخص العدة فقد جعلت مدونة األرسة عدة المتوف عنها زوجها أربعة أشهر و‬
‫اجا َي َ َيَّب ْص َن ب َأ ُنفسهنَّ‬ ‫ون َأ ْز َو ً‬
‫َ َّ َ ُ َ َ َّ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫عشة أيام كاملة‪ ،‬إعمال لقوله تعاىل ﴿ وال ِذين يتوفون ِمنكم ويذر‬ ‫ر‬
‫ِ َ ِ‬‫ِ‬
‫لت األ ْح َ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫شا‪82‬‬ ‫َأ ْرَب َع َة َأ ْش ُهر َو َع رْ ً‬
‫ال‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫و‬‫أ‬‫و‬ ‫﴿‬ ‫تعاىل‬ ‫لقوله‬ ‫لحملها‬ ‫وضعها‬ ‫بعد‬ ‫الحامل‬ ‫عدة‬ ‫و‬ ‫﴾‬ ‫َ ُ َ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وه ثالث أطهار كاملة أو ثالثة أشهر‬ ‫ي‬ ‫أ َجل ُه َّن أن يضعن حملهن‪ ﴾ 83‬ثم عدة المرأة المطلقة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َْ ُ‬ ‫ْ َ َّ َ ُ َ‬
‫الت يئست من الحيض لقوله الحق ﴿ َوال ُمطلقات َي َيَّب ْص َن ِبأنف ِس ِه َّن‬ ‫ي‬ ‫لمن لم تحض أصال او‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الث َة ُق ُروء‪َ ﴿ ﴾ 84‬والالن َيئ ْس َن م َن ال َ‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫يض ِم ْن ِن َس ِائك ْم ِإ ِن ْارت ْبت ْم ف ِعدت ُه َّن ثالثة أش ُه ٍر‬ ‫ِ ِ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ث‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الالن ل ْم َي ِحض َن ﴾ ‪.‬‬ ‫و ِي‬
‫َ‬
‫الت تم الستشهاد بها تعتي يف مجموعها دستورا وقاعدة عامة عىل األهمية‬ ‫فكل اليات ي‬
‫ينس أرسة تنمو يف أحضانه وتيسخ‬ ‫والعناية الفائقة الت تحظ بها مؤسسة الزواج‪ ،‬باعتباره ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫قواعدها يف ضالله المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشيفة‪.‬‬

‫تعان منه مدونة األرسة‪ ،‬إما لنعدام‬


‫ي‬ ‫ونقصد هنا اجتهاد المحكمة لسد النقص الذي‬
‫النص كلية‪ ،‬وإما لنعدام ررسوط تطبيقه‪.‬‬

‫المغرن أهم القواعد الموضوعية المضمنة يف مدونة األحوال‬ ‫ر‬


‫المشع‬ ‫استمد‬
‫ي‬
‫كثية للمذاهب الفقهية‬ ‫المالك‪ ،‬إل أنه قد رجع يف حالت ر‬
‫ي‬ ‫الشخصية الملغاة من أحكام الفقه‬
‫السنية األخرى‪ ،‬كلما لحظ أن بتلك المذاهب آراء ر‬
‫أكي تحقيقا لمصلحة األرسة المغربية‪ ،‬أو‬
‫أكي مسايرة للظروف المستجدة‪ ،‬ومن هذه الناحية‪ ،‬تكون مدونة األحوال الشخصية ر‬
‫أكي‬ ‫ر‬
‫القواني ارتباطا ر‬
‫بالشيعة اإلسالمية‪ ،85‬وهو نهج تبنته مدونة األرسة بدورها حاليا‪ ،‬كقاعدة‬ ‫ر‬
‫الت سنوضحها يف حينها‪.‬‬‫عامة مع بعض الختالفات ي‬
‫‪ - 82‬سورة البقرة اآلية ‪234‬‬
‫‪ - 83‬سورة الطالق اآلية ‪4‬‬
‫‪ - 84‬سورة البقرة اآلية ‪228‬‬
‫‪ - 85‬وتتضح مظاهر هذا االرتباط في أن بعض النصوص المضمنة بمدونة األحوال الشخصية الملغاة هي عبارة‬
‫عن قواعد قرآنية‪ .‬فمثال فقد نص الفصل ‪ 72‬من هذه المدونة على ما يلي‪:‬‬
‫"أوالت األحمال أجلهن أن يضمن حملهن"‬
‫والفصل مأخوذ حرفيا من اآلية ‪ 4‬من سورة الطالق‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 85‬من نفس القانون على أن‪" :‬الولد للفراش‪ "...‬ونص الفصل ‪ 176‬من ذات القانون كذلك على‬
‫أنه‪" :‬ال وصية لوارث"‪.‬‬
‫و الفصالن معا مأخوذان من حديثين صحيحين أن رسول هللا ‪ ،‬األول أخرجه البخاري ومسلم‪ ،‬والثاني أخرجه النسائي ‪.‬‬
‫بل ومن المالحظ أن القضاء المغربي قد يترك النص ويعتمد مصدره المادي‪ ،‬حيث جاء مثال في قرار المجلس األعلى ‪:‬‬
‫"نصيب الطاعنة باعتبارها الوارث الوحيد لوالدها هو النصف‪ ...‬لقوله تعالى‪ ( :‬وإن كانت واحدة فلها‬
‫النصف ‪) .....‬‬
‫قرار صادر في ‪ 28‬ماي ‪ ،1985‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العددان ‪ 37‬و ‪ ،38‬ص‪ 122 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر حول الموضوع ‪:‬‬
‫عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعلى من ثنائية القانون والفقه في مسائل األحوال الشخصية‪ ،‬أطروحة‬
‫كلية الحقوق أكدال ‪ ،‬الرباط‪ ،2000 ،‬ص ‪( 16‬الهامش رقم ‪.)47‬‬

‫‪41‬‬
‫لقاض الموضوع باستقاء بعض األحكام‬ ‫المغرن قد سمح‬ ‫وباإلضافة إىل أن ر‬
‫المشع‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫المالك‪ ،‬كما فعل مثال يف الفصل ‪ 91‬من مدونة األحوال الشخصية‬ ‫ر‬
‫مبارسة من أحكام الفقه‬
‫ي‬
‫نق النسب‪ ،86‬فإنه قد قيد اجتهاده عند غموض‬ ‫ر‬
‫الملغاة بالنسبة للوسائل المعتمدة رسعا يف ي‬
‫تقض‬‫ي‬ ‫والت‬
‫ي‬ ‫النص أو نقصانه أو انعدامه من خالل الفصول ‪ 82‬و ‪ 172‬و‪ 216‬و ‪،297‬‬
‫جميعها بالرجوع إىل الراجح أو إىل المشهور أو إىل ما جرى به العمل من فقه اإلمام مالك‪.87‬‬
‫المغرن يف هذا الصدد أنه رجع إىل المذاهب‬ ‫غي أن ما يؤاخذ عىل مسلك ر‬
‫المشع‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫كثية‪ ،‬ثم قرر يف النهاية القتصار‬
‫السنية األربعة باإلضافة إىل المذهب الظاهري يف حالت ر‬
‫فيما لم يوجد بشأنه نص عىل الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب اإلمام‬
‫الت حلت‬ ‫المالك يف مدونة األرسة ي‬
‫ي‬ ‫مالك يف مدونة األحوال الشخصية الملغاة وعىل المذهب‬
‫محلها‪ ،‬وهذا يعتي من قبيل التناقض إذ هو يأخذ قاعدة من مذهب ويحيل يف جزئياتها عىل‬
‫غي المذهب الذي أخذت منه‪ ،‬مع العلم أن المادة ‪400‬من مدونة األرسة قد صيغت بكيفية‬ ‫ر‬
‫تسمح عموما باحيام مركز كل مذهب عىل حدة‪.‬‬
‫رض هللا‬ ‫والرجوع إىل الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك ي‬
‫قاض‬ ‫عنه وفقا للنصوص ر‬
‫التشيعية األربعة المشار إليها أعاله‪ ،‬مسألة قانونية يجب عىل‬
‫ي‬
‫الت‬ ‫‪88‬‬
‫قاض الموضوع ‪ ،‬مع العياف بصعوبة المسألة ي‬ ‫ي‬ ‫النقض أن يراقب إعمالها من طرف‬
‫والت‬ ‫كبيا‪ ،‬وتتطلب توحيدا عىل مستوى المراجع الفقهية المعتمدة‪ ،‬ي‬ ‫تتطلب تخصصا فقهيا ر‬
‫قد تتضمن أحيانا بعض الفروق والختالفات‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 400‬من مدونة األرسة عىل أنه‪:‬‬


‫المالك والجتهاد الذي‬
‫ي‬ ‫" كل مالم يرد به نص يف هذه المدونة يرجع فيه إىل المذهب‬
‫ر‬
‫والمعارسة بالمعروف"‪.‬‬ ‫يراع فيه تحقيق قيم اإلسالم يف العدل والمساواة‬
‫التشيعية ؟ وكيف يتم التعامل معها من الناحية القضائية ؟‬ ‫فما ه أبعاد هذه المادة ر‬
‫ي‬

‫‪ - 86‬ينص هذا الفصل على أنه ‪:‬‬


‫" يعتمد القاضي في حكمه على جميع الوسائل المقررة شرعا في نفي النسب "‬
‫‪ - 87‬جاءت هذه النصوص بصيغة واحدة ‪ " :‬كل ما لم هذا يشمله القانون يرجع فيه إلى الراجح و المشهور و ما جرى به العمل من مذهب اإلمام‬
‫مالك "‬
‫‪ - 88‬للزيادة في اإليضاح حول هذه النقطة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬رقابة المجلس األعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة‪ ،‬في القانون الخاص ‪ ،‬نوقشت بكلية‬
‫الحقوق بالدار البيضاء سنة ‪ ،1986‬الجزء األول‪ : ،‬ص ‪ 127‬النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪. 2001‬‬

‫‪42‬‬
‫ه خليط من المذاهب الفقهية‪ ،‬مثلها يف ذلك مثل مدونة‬ ‫رغم أن مدونة األرسة ي‬
‫المالك‬ ‫المشع العتماد يف هذا الصدد عىل المذهب‬ ‫األحوال الشخصية الملغاة‪ ،‬فقد قرر ر‬
‫ي‬
‫تكميىل لها‪.‬‬
‫ي‬ ‫وحده كمصدر‬
‫الت قررها إمام المذهب مراعيا‬ ‫المالك مختلف األحكام الجتهادية ي‬ ‫ي‬ ‫يقصد بالمذهب‬
‫يف ذلك أصول معلومة وأخرى مخصوصة‪.89‬‬
‫كي‬ ‫ويندرج ف إطار المذهب المالك كذلك ما سار عليه أصحاب مالك وتالمذته وهم ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ناهجي يف اجتهادهم أصول مذهبه‪ ،‬وإن خالفوه يف بعض الفروع المبنية عىل‬ ‫ر‬ ‫من بعده‪،‬‬
‫تلك األصول أو خالفوا بعضهم البعض‪ ،‬أحيانا ‪.‬‬
‫أكي األئمة إعمال للفتوى‪ .‬وقد ترتب عىل ذلك أنه قد نقلت عنه‬ ‫ويعد اإلمام مالك من ر‬
‫أقوال متباينة إما بسبب ضعف يف النقل‪ ،‬أو ألن اإلمام هو نفسه قد تراجع عن موقف سابق‪،‬‬
‫وإما بسبب اختالف الرواة وقوة أو ضعف استيعابهم ألقواله‪ ،‬بل اختالف أمكنتهم وأزمنتهم‪،‬‬
‫الت أفت بشأنها اإلمام‬ ‫الت تجمع مختلف النوازل ي‬ ‫وإىل جانب هذا وذاك‪ ،‬تعددت المراجع ي‬
‫وف مقدمة هذه المراجع المدونة الكيى برواية سحنون عن عبد الرحمن ابن القاسم‪،‬‬ ‫مالك‪ ،‬ي‬
‫القرطت‪ ،‬والموازية لبن المواز‪.90‬‬
‫ي‬ ‫للعتت‬
‫ي‬ ‫والواضحة لبن حبيب‪ ،‬والعتبية‬
‫الصحان واإلجماع‪،‬‬ ‫ي‬ ‫لمالك أدلة الكتاب والسنة وعمل أهل المدينة وفتوى‬ ‫ي‬ ‫وللمذهب ا‬
‫المالك‬
‫ي‬ ‫ه القياس والستحسان والستصحاب وسد الذرائع‪ 91‬وللمذهب‬ ‫وله أدلة عقلية ي‬
‫كية النقول والروايات والجتهادات مع تباينها يف العديد من‬ ‫أدلته الخاصة به والت فرضتها ر‬
‫ي‬
‫وف‬ ‫وف الراجح ي‬ ‫األحيان‪ ،‬وتتمثل هذه األدلة يف المتفق عليه والقول المساوي لمقابله‪ ،‬ي‬
‫المالك بمراعاة الخالف‪ .‬والذي نريد أن ننبه‬ ‫ي‬ ‫المشهور وفيما جرى به العمل‪ .‬ويأخذ المذهب‬
‫يقتض‬ ‫ي‬ ‫المالك لعتماده بشأن تكملة ما سكتت عنه مدونة األرسة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إليه أن الرجوع إىل الفقه‬
‫اإللمام الكامل بأدلة المذهب من عامة وخاصة‪.‬‬
‫الت تمثل أدوات المجتهد ل يكون هناك رجوع إىل ذلك‬ ‫وبدون اإللمام بتلك األدلة ي‬
‫العشوان والجهالة الجهالء‪ .‬لذلك يجب العتناء بهذا الجانب‬ ‫ي‬ ‫المذهب‪ ،‬وإنما هو الخبط‬
‫العاىل للقضاء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫تهء القضاة الذين سيلتحقون بمحاكم األرسة يف إطار تكوينهم بالمعهد‬ ‫أثناء ي‬
‫يىل باختصار شديد وبكيفية مبسطة عند األدلة الخاصة للمذهب‬ ‫ونتوقف فيما ي‬
‫المالك‪ ،‬من خالل المصطلحات المعتمدة فيه‪:‬‬ ‫ي‬

‫‪ - 89‬بوشعيب الناصري ‪ ،‬قراءة في المادة ‪ 400‬من مدونة األسرة ‪ ،‬م ‪ .‬المناهج ‪ ،‬العدد ‪ ، 7_8‬ص ‪41‬‬
‫‪ - 90‬الحجوي ‪ ،‬الفكر السامي ‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ص ‪456‬‬
‫‪ - 91‬محمد الفاضل بن عاشور ‪ ،‬المحاضرات المغربيات ‪ ،‬الدار التونسية للنشر ‪ ، 1974‬ص ‪ 75‬و ما بعدها‬

‫‪43‬‬
‫‪-‬‬
‫غيهم من المذاهب ألخرى عىل‬ ‫المالك‪ ،‬دون ر‬
‫ي‬ ‫يراد بالمتفق عليه اتفاق فقهاء المذهب‬
‫حكم ما‪ ،‬ومن ثمة فهو يخالف اإلجماع كمصدر ر‬
‫للشيعة اإلسالمية من هذه الناحية‪.92‬‬
‫غيه‪ ،‬وإن‬
‫وهكذا‪ ،‬فمت كان هناك رأي متفق عليه يف المذهب‪ ،‬ما صح الحياد عنه إىل ر‬
‫كثيا بشأن من أورده‪ ،‬مخافة الوقوع يف الخطأ‪.‬‬
‫كان يجب التحري ر‬
‫‪-‬‬
‫قد تستوي األقوال المتعارضة داخل المذهب من حيث دليلها ومن حيث قائلوها‪ ،‬ول‬
‫يظهر يف بداية األمر موجب للرجحان فيما بينها ‪.‬‬
‫وصورة القول المساوي لمقابله أن ل يوجد يف المسألة رجحان وتختلف األقوال فيها‪.‬‬
‫قولي مشهورين أو أن يكون كل‬ ‫اجحي أو ر‬ ‫قولي ر ر‬ ‫ويتصور القول المساوي لمقابله‪ ،‬إما يف ر‬
‫رضي يف الحكم‪ ،‬كأن ينص أحدهما عىل‬ ‫القولي متعا ر‬ ‫ر‬ ‫القولي راجحا ومشهورا‪ ،‬ويكون كال‬ ‫ر‬ ‫من‬
‫الوجوب‪ ،‬والخر عىل الندب أو أحدهما بالحلية والخر بالحرمة‪.93‬‬
‫فقد قيل يف موقف أول إنهما يتساقطان معا‪ ،‬وقيل يف موقف ثان يقض بأحدهما‪،‬‬
‫القاض يختار أيهما شاء‬
‫ي‬ ‫القاض‪ ،‬وقيل يف موقف ثالث إن‬ ‫ي‬ ‫المفت أو‬
‫ي‬ ‫وخاصة مت ترجح لدى‬
‫بشط أن يبتعد عن الهوى‪ ،‬تطبيقا لقول هللا تعاىل‪:‬‬ ‫ر‬
‫ٓ‬ ‫َ‬ ‫َ ٓ َ َ َّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ٱَّلل َوَل ت َّت ِب ْع أ ْه َوا َء ُه ْم ﴾‪. 94‬‬ ‫َ‬
‫ٱحكم َب ْين ُهم ِبما أنزل‬ ‫﴿ َوأ ِن‬
‫و هكذا تبق مسألة خالفية يف المذهب ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫ه الكتاب والسنة واإلجماع والقياس وعمل أهل‬
‫المالك ي‬
‫ي‬ ‫األدلة النقلية يف المذهب‬
‫الصحان واإلجماع ومراعاة الخالف‪.95‬‬
‫ي‬ ‫المدينة وفتوى‬
‫المالك‪ ،‬ومفاده إعمال المجتهد لدليل‬
‫ي‬ ‫إن مراعاة الخالف أصل من أصول المذهب‬
‫خصمه – أي المجتهد المخالف له ‪ -‬يف لزم مدلوله الذي أعمل يف عكسه لدليل آخر‪.96‬‬

‫‪ - 92‬ذلك أن اإلجماع هو مصدر عام بالنسبة لجميع المذاهب الفقهية‪ ،‬هو مقدم على المتفق عليه‪ ،‬حتى داخل المذهب المالكي‪.‬‬
‫ويقصد باالجماع‪ ":‬اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى هللا عليه وسلم بعد وفاته في عصر من المصور على حكم شرعي اجتهادي"‪ .‬انظر كتاب أحوال‬
‫الفقه‬
‫‪ - 93‬عبد المجيد الكتاني ‪ ،‬مبدأ تقديم ما جرى به العمل على المشهور في الفقه المالكي ‪ ،‬مقال منشور بمجلة العرائض العدد األول (يناير ‪2006‬‬
‫ص ‪. 57‬‬
‫‪ - 94‬سورة المائدة اآلية ‪51‬‬
‫‪ - 95‬إلى جان ب هذه األدلة النقلية توجد أدلة أخرى توصف بالعقلية يأخذ بها المذهب المالكي و هي القياس و االستحسان و االستصحاب ‪ ،‬وسد‬
‫الذرائع ‪ ،‬و المصلحة المرسلة و العرف ‪.‬‬
‫‪ - 96‬محمد رياض مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 401‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الدليلي حكمه‪ .‬ومن‬
‫ر‬ ‫وحسب جانب من الفقه‪ ،‬إن مراعاة الخالف هو إعطاء كل واحد من‬
‫أمثلته إعمال اإلمام مالك دليل خصمه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار يف لزم مدلوله الذي‬
‫هو ثبوت هذا النكاح بعد الدخول‪.97‬‬
‫رض هللا عنها‪،‬‬
‫المالك عىل ما روته السيدة عائشة ي‬‫ي‬ ‫ويستند هذا األصل يف المذهب‬
‫حيث قالت‪:‬‬
‫أن وقاص وسعد بن زمعة يف غالم‪ ،‬فقال سعد‪ :‬هذا يا رسول هللا‬ ‫"اختصم سعد بن ي‬
‫إىل أنه ابنه‪ ،‬انظر إىل شبهه‪ ...‬وقال عبد بن زمعة‪ :‬هذا ي‬
‫أىح‬ ‫أن وقاص عهد ي‬ ‫أىح عتبة بن ي‬
‫بن ي‬
‫أن من وليدته‪ .‬فنظر رسول هللا صىل هللا عليه وسلم إىل شبهه‪،‬‬ ‫يا رسول هللا ولد عىل فراش ي‬
‫واحتجت منه يا‬
‫ي‬ ‫فرأی شبها بينا بعتبة‪ ،‬فقال‪ :‬هو لك يا عبد‪ ،‬الولد للفراش وللعاهر الحجر‪،‬‬
‫سودة بنت زمعة‪ ،‬قالت فلم ير سودة قط"‪.98‬‬
‫حكمي‪ :‬حكم الفراش فألحق الولد‬ ‫ر‬ ‫لقد راع رسول هللا صىل هللا عليه وسلم هنا‬
‫ه سودة بنت زمعة‬ ‫الت ي‬
‫بصاحبه الذي هو زمعة‪ ،‬وحكم الشبه‪ ،‬فأمر بنت صاحب الفراش ي‬
‫بالحتجاب من الولد‪".99‬‬
‫ومن تطبيقات مراعاة الخالف أن اإلمام مالك‪ ،‬رغم قوله بفساد النكاح الميم بدون‬
‫اع يف ذلك الخالف عندما ينظر فيما ييتب بعد وقوعه من مفسدة‪ ،‬ومن ثمة قرر‬ ‫وىل‪ ،‬ير ي‬
‫ي‬
‫‪100‬‬
‫أنه مت دخل بها‪ ،‬فلها المهر بما استحل من فرجها وإن حملت فالحمل يلحق بالزوج ‪.‬‬
‫ومن تطبيقات مراعاة الخالف كذلك النكاح يف حالة اإلحرام‪ ،‬فهو نكاح فاسد يف‬
‫المالك ويفسخ مطلقا بعد الدخول وبعده لقول صىل هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫ي‬ ‫المذهب‬
‫" ل ينكح المحرم ول ينكح ول يخطب "‪.‬‬
‫ينش الحرمة‪ ،‬ول يثبت فيه توارث ربي‬ ‫ومقتض ذلك أنه يفسخ بدون طالق‪ ،‬ول ر‬
‫الزوج ري‪ ،‬ول عدة فيه وإنما فيه الستياء‪ .‬إل أن فقهاء المذهب راعوا فيه خالف األحناف‬
‫القائلي بتصحيحه فرتبوا عليه بعض آثار الصحة‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه يفسخ بطالق‪ ،‬ويثبت فيه‬ ‫ر‬
‫الزوجي‪ ،‬وفيه العدة‪ ،‬ر‬
‫وينش الحرمة مراعاة لموقف الحنفية ‪.‬‬ ‫ر‬ ‫التوارث ربي‬
‫وه باختصار‪:‬‬ ‫ر‬
‫ويشيط المالكية رسوطا لألخذ بمراعاة الخالف‪ ،‬ي‬
‫‪ - 97‬نكاح الشغار هو أن يقول الرجل اآلخر زوجني ابنتك أو أختك أو أزوجك ابنتي أو أختي وال صداق بيننا۔ وقد اختلف الفقهاء بشأن أثر هذا‬
‫الشرط على صحة العقد بعد الوقوع‪ ،‬أي هل يفسد النكاح أم ال يفسد؟ قال فقهاء األحناف إن العقد صحيح والشرط باطل ويلزم مهر المثل ألن هذا‬
‫النكاح مؤبد أدخل عليه شرط فاسد‪.‬‬
‫والشرط الفاسد ال يبطل العقد وإنما يلغى ‪.‬‬
‫وقال فقهاء المالكية إن العقد فاسد يجب فسخه قبل الدخول وبعده ولو ولدت‪ ،‬وذلك اعتمادا على حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬ال شغار‬
‫في اإلسالم‪( " ،‬رواه مسلم عن ابن عمر)‪.‬‬
‫‪ - 98‬رواه البخاري و مسلم في الصحيحين عن ابن شهاب الزهري عن عروة ‪.‬‬
‫‪ - 99‬أحمد السباعي الرجراجي ‪ ،‬منازل السالك إلى مذهب اإلمام مالك‬
‫‪ - 100‬إن الزواج بدون ولي فاسد عند اإلمام مالك ‪ ،‬صحيح عند اإلمام ابن حنيفة متى كانت الزوجة تامة الرشد ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬أن تكون المسألة محل النظر مختلفا فيها ألن المسائل المتفق عليها ل‬
‫غي دليلها‪.‬‬
‫اع فيها ر‬
‫ير ي‬
‫اع الخالف مجتهد يف المذهب إذ المقلد ل نصيب له يف ذلك‪.‬‬ ‫‪ -‬أن ير ي‬
‫‪ -‬أن ل تؤدي مراعاة الخالف إىل الخروج عن المذهب كلية‪.‬‬
‫‪ -‬أن ل يؤدي مراعاة الخالف إىل صورة تخالف إجماع المذاهب‪ .‬أن يكون الدليل‬
‫اع قويا ل ضعيفا‪.101‬‬‫المر ي‬

‫المالك اعتماد الراجح أو المشهور وما جرى به العمل يف‬


‫ي‬ ‫من أدوات الجتهاد يف الفقه‬
‫مذهب مالك‪ .‬فما المقصود بهذه المصطلحات الثالثة؟‬

‫يرى جانب من الفقه أن الراجح ‪ -‬ويقابله القول الضعيف هو الحكم الذي قوى الدليل‬
‫تقض بأن‬
‫ي‬ ‫الت‬
‫عىل أنه رأي اإلمام مالك‪ ،‬أو أنه المتأخر من أقواله أخذا بالقاعدة األصولية ي‬
‫غي أن األمر قد يتجاوز‬ ‫يلع المتقدم منها عند التعارض فيما بينهما‪ ،‬ر‬
‫المتأخر من األحكام ي‬
‫الشيعة اإلسالمية عموما‪ ،102‬حيث يصبح‬ ‫ذلك عندما يكون الراجح ما له دليل قوي ف ر‬
‫ي‬
‫غيه من المذاهب‪.‬‬ ‫الحكم مفروضا ررسعا عىل المذهب وعىل ر‬
‫ويكاد يجمع الفقه المهتم عىل أن الراجح من ربي أقوال الفقهاء هو الذي ينسب إىل‬
‫رض هللا عنهما فيما يغلب‬ ‫اإلمام ابن القاسم‪ .‬وقول ابن القاسم هو روايته عن اإلمام مالك ي‬
‫عشين سنة كاملة بحيث لم يكن‬ ‫عىل الظن‪ ،‬وبيان ذلك أن ابن القاسم قد لزم مالكا مدة ر‬
‫توف إل لعذر قاهر‪ ،‬وقد كان عالما بالناسخ والمنسوخ من أقواله‪ ،‬إضافة إىل أنه‬
‫يفارقه حت ي‬
‫المالك إىل عموم الناس‪ ،103‬من خالل إمالئه للمدونة عىل‬
‫ي‬ ‫هو الذي نقل حقيقة المذهب‬
‫سحنون‪.‬‬
‫ولعل رجحان أقوال اإلمام ابن القاسم هو الذي دفع الولة باألندلس المسلمة إذا ما‬
‫ولوا رجال شؤون القضاء أن يشيطوا عليه يف سجل تعيينه أل يخرج عن أقوال ابن القاسم‪،‬‬
‫بالقيوان يف تونس‪.‬‬
‫القاض سحنون ر‬ ‫ي‬ ‫وقد أثر نفس الموقف عن‬

‫‪ - 101‬انظر حول هذه الشروط عبد المجيد الكتاني ‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬بنفس الموضع ‪.‬‬
‫‪ - 102‬فحسب جانب من الفقه‪ ،‬إن "ضبط الراجح وتحديد معناه داخل المذهب يكاد أن يكون من األلفاظ المشتركة‪.‬‬
‫وذلك أن تعريفه بما قوي دليله‪ ،‬روعي فيه األخذ بقول له دليل أقوى من أدلة المذهب وهو يتوقف على النظر في‬
‫تلك األدلة والترجيح بينها من المفتي والقاضي اللذين البد أن تتوفر فيهما شروط االجتهاد داخل المذهب‪ .‬كما يصدق الراجح بما ترجح من األقوال‬
‫والروايات من اإلمام مالك‪ ،‬وفي دائرة المذهب‪ .‬وفي جميع األحوال يرجع في معنى الراجع إلى قوة الدليل"‪.‬‬
‫‪ -‬رياض‪ ،‬أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.474‬‬
‫‪ - 103‬برهان الدين إبراهيم ابن فرحون ‪ ،‬تبصرة ال حكام في أصول األقضية و مناهج األحكام ‪ ،‬المطبعة العامرة الشرفية بمصر ‪ 1301 ،‬هجرية ‪،‬‬
‫الجزء األول ص ‪ 47‬و ‪. 43‬‬

‫‪46‬‬
‫ويرى بعض الفقه أن الرأي الراجح من ربي أقوال اإلمام مالك هو القول المضمن‬
‫بالمدونة الكيى‪ ،‬وهو رأي ل يختلف من الناحية الجوهرية عن الرأي المنوه به أعاله‪ ،‬وإنما‬
‫ه عبارة عن أقوال اإلمام مالك وفتاويه‬ ‫يقويه ويعضده‪ ،‬مت علمنا يقينا أن المدونة الكيى ي‬
‫القيوان بتونس حيث‬ ‫والت أمالها اإلمام ابن القاسم عىل سحنون بمرص‪ ،‬والذي رجع بها إىل ر‬
‫ي‬
‫انتشت وداع صيتها يف كل من المغرب األقض وبالد األندلس‪.‬‬‫ر‬
‫المالك‪ ،‬ليس بالمسألة‬
‫ي‬ ‫ويبق أن مسألة تحديد الراجح من ربي أقوال فقهاء المذهب‬
‫الهينة نظرا لختالفهم يف اليجيح بصدد بعض المسائل الخالفية‪ ،‬باإلضافة إىل أن هناك من‬
‫الفقهاء من يجعل الراجح مرادفا للمشهور‪ ،‬عىل ما سنوضحه يف الفقرة الموالية‪.‬‬

‫المالك حول مفهوم عبارة المشهور ‪ -‬ويقابله القول الشاذ إذ‬


‫ي‬ ‫اختلف المهتمون بالفقه‬
‫بينما يرى بعض الفقه أن المشهور هو ما قوي الدليل عىل أنه رأي اإلمام مالك‪ ،‬حيث يرادف‬
‫المشهور الراجح من حيث قوة الدليل لدى هذا الجانب من الفقه‪ ، 104‬فإن البعض الخر‬
‫كي القائلون به بغض النظر من قوة أو ضعف الدليل الذي‬ ‫يرى أن المشهور هو الرأي الذي ر‬
‫ر‬
‫والكية هنا تقوم مقام‬ ‫غي الراجح وأدن منه مرتبة وحجة‪،‬‬ ‫يستند إليه‪ ،‬حيث يعتي المشهور ر‬
‫وف بعض األحيان عند المجتهد أيضا‪ .‬ولعل هذا الرأي‬ ‫الدليل ألنها مظنة له عند المقلد‪ ،‬ي‬

‫‪ - 104‬جاء في كتاب المعيار للونشريسي ‪:‬‬


‫" ثم إذا قلنا بمراعاة المشهور وحده‪ ،‬وهو المشهور‪ ،‬فالمشهور اختلفوا فيه‪ ،‬فقيل هو ما قوي دليله‪ ،‬وهو المشهور في المشهور‪.... " .‬‬
‫‪ -‬أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي المعيار المعرب‪ ،‬والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية واألندلس والمغرب‪ ،‬طبع وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،1981 ،‬الجزء ‪ ،12‬ص ‪.37‬‬
‫وجاء في البهجة للتسولي‪:‬‬
‫"إن المشهور ما قوي دليله وقيل ما كثر قائله "‬
‫ـ علي بن عبد السالم التسولي‪ ،‬البهجة شرح التحفة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الجزء األول ص ‪.21‬‬
‫ويستفاد من رأي جانب هام من الفقه أن الراجح للمجتهد الذي يمتلك أدوات الترجيح وأن المشهور للمقلد الذي‬
‫ال يمتلك تلك األدوات‪ ،‬فقد ورد في أطروحة محمد رياض ‪:‬‬
‫‪"...‬ويستفا د من هذا أن المقابلة بين المشهور والصحيح أو األصح‪ ،‬أن كل ذلك منصوص عليه‪ ،‬وأن هذا الكالم مقول للمقلد الذي يتلقى ذلك المسلمات‪...‬‬
‫أما المجتهد فله شأن آخر حيث إنه يدور مع الدليل‪ ،‬وحينئذ تكون المقابلة بين الراجح عنده والمشهور الذي بمعنى ما كثر قائله كما سوف ترى‪.‬‬
‫ويدل على ما سبق ما نبه عليه ابن فرحون نفسه في أن ثمرة اختالفهم في المشهور هل هو ما قوي دليله أو ما كثر قائله؟ تظهر فيمن كان له أهلية‬
‫االجتهاد‪ ،‬والعلم باألدلة وأقوال العلماء‪ ،‬وأصول مأخذهم فإن هذا له تعيين المشهور‪.‬‬
‫وأما من لم يبلغ هذه الدرجة‪ ،‬وكان حظه من العلم لقل ما في األمهات فليس له ذلك‪ ،‬ويلزمه اقتفاء ما شهره وهذا ما عناه اإلمام المازري رحمه هللا‬
‫بعد أن شهد له أول زمانه بوصوله إلى درجة االجتهاد‪ ،‬وما قارب رتبته قال‪:‬‬
‫وما أفتيت قط بغير المشهور‪.‬‬
‫وذلك ورعا منه رضي هللا عنه‪ ،‬وسدا لباب الذرائع وخوفا من تجاسر الجملة على اإلفتاء بغير المشهور من أمور أئمة المذهب الدين‪.‬‬
‫وسار على نهجه اإلمام الشاطبي فقال‪ :‬وأنا ال أستحل إن شاء هللا في دين هللا وأمانته أن أجد قولين في المذهب‬
‫فأفتي بأحدهما على التخيير مع أني مقلد‪ ،‬بل أتدرى ما هو المشهور‪ ،‬والمعمول له به فهو الذي أذكره للمستفتي وال أتعرض له إلى القول اآلخر‪،‬‬
‫فإن أشكل علي المشهور‪ ،‬ولم أر ألحد من الشيوخ في أحد القولين ترجيحا توقفت‪.‬‬
‫فكالم هذين اإلمامين دال على عملهم بالمشهور الذي هو ما كثر قائله‪ ،‬وأنهم ال يعملون بالراجح عندهما‪ ،‬ولو كانا من أهل الترجيح ألمور نظروا‬
‫إليها وما حكاه اإلمام المازري آنها‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص‪ 491 .‬و ‪.492‬‬

‫‪47‬‬
‫األخي هو ما قصده واضعوا مدونة األحوال الشخصية الملغاة عىل ما يتضح من اليكيبة‬ ‫ر‬
‫اللفظية لنص الفصول ‪ 82‬و ‪ 172‬و ‪ 216‬و ‪ 297‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫وأما بخصوص التسوية ربي الراجح والمشهور‪ ،‬فهو ما عليه المتأخرون من فقهاء‬
‫ان عىل سبيل المثال‪:‬‬‫المذهب‪ ،‬يقول المهدي الوز ي‬
‫" إننا نطلق القول المشهور عىل الراجع والراجح عىل المشهور ول نعتي هذا الفرق‬
‫غي فرق ربي قوة دليله‬
‫أصال والقول إذا كان معتمدا يف المذهب يسىم بالراجح والمشهور من ر‬
‫ر‬
‫وكية قائله‪. "105 ...‬‬
‫وهذا الختالف يف حد المشهور ما هو إل انعكاس لختالف المدارس الفقهية‪ ،‬المالكية‬
‫يف رؤيتها إىل مفهوم المشهور وتعيينه وما هو المعتي فيه‪.‬‬

‫تطلق عبارة ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك غالبا عىل الجتهادات القضائية‬
‫الت خالفت الراجح أو المشهور يف المذهب لظروف ما اقتضت ذلك‪ ،‬كدرء مفسدة‬ ‫والفقهية ي‬
‫أو جلب مصلحة‪ .‬وقد التبس مفهوم ما جرى به العمل عىل ر‬
‫كثي من الناس قديما وحديثا‪،‬‬
‫مما جعل بعض الفقهاء ينبه عىل ما يجب اعتباره رليتفع هذا اللبس‪.106‬‬
‫المهتمي بأن «ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك» يجد سنده‬ ‫ر‬ ‫يرى أغلب‬
‫المالك‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بعمل‬
‫ي‬ ‫الت ينفرد بها المذهب‬ ‫وأصله يف أصل من األصول المهمة ي‬
‫أهل المدينة الذي انبثق عنه فيما بعد عمل أهل قرطبة باألندلس المسلمة‪ ،‬ثم عمل أهل‬
‫فاس‪ ،‬فمراكش‪ ،‬فسوس بالمغرب‪.‬‬
‫المالك ليس مرادفا لعمل‬
‫ي‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬فإن ما جرى به العمل عند متأخري المذهب‬
‫مبت عىل المشاهدة والمالحظة‬‫أهل المدينة لختالف مفهوم كل منهما‪ ،‬فعمل أهل المدينة ي‬
‫المستمرة ألمور حصلت منذ عهد الرسول ﷺ إىل زمن اإلمام مالك‪ ،‬يف مكان مخصوص هو‬
‫المبت أساسا عىل أقوال ضعيفة تعززت بأسس‬ ‫ي‬ ‫المدينة المنورة‪ ،‬بخالف ما جرى به العمل‬
‫معتية يف المذهب‪. 107‬‬
‫وألهمية ما جرى به العمل‪ ،‬اهتم به العلماء وألفوا فيه رنيا ونظما‪.‬‬
‫التجت المشهور‬
‫ي‬ ‫عىل بن قاسم بن محمد‬ ‫ومن أشهر من نظم أهم مسائله‪ :‬اإلمام ي‬
‫(ف لميته المشهورة بالمية الزقاق) وأبو زيد عبد الرحمن‬ ‫بالزقاق المتوف سنة ‪ 912‬ه‪ .‬ي‬
‫لفاش)‬
‫ي‬ ‫الفاش المتوف سنة ‪1096‬م ( يف نظمه المسىم العمل ا‬ ‫ي‬ ‫القاش بن الشيخ عبد القادر‬
‫ي‬
‫‪ - 105‬رسالة في اثبات استحباب السدل ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1996 ،‬ص ‪. 470‬‬
‫‪ - 106‬عبد المجيد الكتاني ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 56‬‬
‫‪ - 107‬محمد رياض ‪ ،‬م‪،‬س ص ‪. 515‬‬

‫‪48‬‬
‫السجلماش المتوف سنة‬
‫ي‬ ‫الفيالىل‬
‫ي‬ ‫الجالىل‬
‫ي‬ ‫أن القاسم بن محمد بن عبد‬ ‫والشيخ محمد بن ي‬
‫(ف نظمه المسىم العمل المطلق)‪.‬‬ ‫‪1214‬ه ي‬
‫السجلماش بالعمل المطلق لكون ناظمها لم‬ ‫ي‬ ‫أن القاسم‬ ‫وسميت منظومة محمد بن ي‬
‫بشط المكان‪ ،‬بل ضمنها ماجرى به العمل يف مجموع بلدان شمال إفريقيا‬ ‫يتقيد فيها ر‬
‫الفاش‬
‫ي‬ ‫اإلسالم‪ ،‬بينما اقترص أبو زيد‬
‫ي‬ ‫(األندلس والمغرب وتونس) وهو ما يسىم الن بالغرب‬
‫وه تابعة لعمل األندلس‪ ،‬ولذلك سميت منظومته‬ ‫يف نظمه عىل ما جرى به العمل بفاس‪ ،‬ي‬
‫الفاش‪ ،‬أما اإلمام الزقاوي فقد تناول يف منظومته عددا هاما من قواعد الفقه‬ ‫ي‬ ‫بالعمل‬
‫الت جرى بها العمل‬ ‫ر‬
‫واإلجراءات الشعية‪ ،‬وقواعد التوثيق‪ ،‬كما تناول فيها بعض المسائل ي‬
‫غي المشهور‪. 108‬‬ ‫بفاس عىل ر‬
‫ه التية‪:‬‬ ‫ر‬
‫ويتوقف ما جرى به العمل عىل تحقق رسوط أربعة ي‬
‫الشيعة اإلسالمية‬ ‫‪ -‬أن يكون العمل صادرا عن علماء بأحكام ر‬
‫الفقه المحض‪ ،‬فقد اشيط فيه‬ ‫ي‬ ‫فألن األصل فيما جرى به العمل قائم عىل الجتهاد‬
‫الفقهاء أن يكون صادرا عن أئمة تتوفر فيهم درجة الجتهاد‪ ،‬وإل وجب عدم اللتفات إليه‪،‬‬
‫ه صفة المقلد عن الفقهاء‪.‬‬ ‫ر‬
‫السء ل يعطيه‪ ،‬وهذه ي‬ ‫ما دام أن فاقد ي‬
‫المتديني والمشهود لحمر يف المسائل الفقهية‬ ‫ر‬ ‫‪ -‬أن يثبت بشهادة العدول‬
‫غي شك‪ ،‬فإذا وقع الشك‬ ‫ومفاد ذلك أن ينقل عمل العلماء بالضعيف نقال صحيحا من ر‬
‫هل عمل العلماء بمقابل المشهور أم ل‪ ،‬فإنه يجب العمل بالمشهور‪.‬‬
‫ع‪ ،‬ومن ثمة وجب إثباتها بنقل‬ ‫ر‬
‫فالمسألة عبارة عن قضية نقلية انبت عليها حكم رس ي‬
‫صحيح ل يشوبه أي شك‪.‬‬
‫الشع وإن كان شاذا‬ ‫قواني ر‬‫ر‬ ‫‪ -‬أن يكون العمل جاريا عىل‬
‫فقه‪ ،‬يقوم يف أساسه عىل اختيار قول ضعيف‬ ‫ي‬ ‫إن ما جرى به العمل عبارة عن اجتهاد‬
‫من عالم أو قاض أو مفت مؤهل لذلك‪ ،‬ألنه وحده القادر عىل مقابلة القول الضعيف أو‬

‫‪ - 108‬محمد القدوري‪ ،‬موسوعة قواعد اللغة والتوثيق‪ ،‬مستخرجة من حادي الرفاق إلى فهم المية الزقاق‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2004 ،‬من‪،‬‬
‫‪ 114‬و ‪. 115‬‬
‫واختلفوا في الكيفية التي يثبت بها ذلك‪:‬‬
‫فقد ذهب جانب منهم إلى أن جريان العمل يثبت بقول عالم واحد موثوق به‪ ،‬ألنه من باب الخبر الذي يكفي فيه خبر الواحد‪ ،‬بينما ذهب البعض إلى‬
‫أنه البد إلثباته من أكثر من عالم‪ ،‬بل ذهب ميارة الفاسي إلى أنه إنما يصح ويثبت بشهادة العدول المتشبتين في المسائل ممن لهم معرفة في الجملة‪.‬‬
‫ذهب إلى الرأي األول أبو العباس الماللي‪ ،‬إذ قدر أن العمل يثبت بنص وارد عن فقيه موثوق بكالمه‪ ،‬وتبعه في ذلك المهدي الوزاني‪ ،‬والشريف‬
‫العلمي ‪.‬‬
‫وذهب إلى الرأي الثاني السجلماسي الذي يرى أن العمل لكي يصح البد من اتفاق ثالثة فقهاء أو قضاة‪ ،‬وهو رأي الرموني والتسولي كذلك‪...‬‬
‫أشار إلى هذه األقوال وإلى مراجعها محمد بن عبد الكريم الجيدي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.354 .‬‬
‫ولمزيد من التوسع ينظر‪:‬‬
‫‪ .‬عبد المجيد الكتاني‪ ،‬مبدأ تقديم ما جرى به العمل على المشهور‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪. 67‬‬

‫‪49‬‬
‫غيه‪ ،‬يقول‬ ‫الت يقوى بها ذلك القول مقارنة مع ر‬ ‫الشاذ بالراجح أو المشهور‪ ،‬والنظر إىل األدلة ي‬
‫األغالىل يف هذا الصدد‪:‬‬
‫ي‬
‫من بعد ضعف قادم وينجح‬ ‫بيان ما به الضعيف يرجح‬
‫وضعفه يف غاية الظه ور‬ ‫حت يقوم عىل المشهور‬
‫‪ -‬معرفة السبب‬
‫ومعرفة السبب مما يساعد عىل إدراك سبب مخالفة العمل للمشهور‪ ،‬حت إذا زال‬
‫ذلك السبب عاد الحكم لألصل‪ .109‬وغالبا ما يتمسك يف هذه األحوال بالمصلحة وبالعرف‬
‫المالك‬
‫ي‬ ‫تغي األحكام يف بعض األحوال والظروف‪ ،110‬مع العلم أن الفقه‬ ‫اللذين قد يفرضان ر‬
‫اع المصالح‪ ،‬بل وقد قيل إنه فقه مصالح‪.111‬‬ ‫فقه ير ي‬
‫✓ صور لما جري به العمل يف مجال األحوال الشخصية‬
‫تطرق الفقيه عمر بن عبد الكريم الجيدي رحمة هللا عليه يف أطروحته الرائعة‬
‫المالك» إىل العديد من النماذج لما استقر عليه العمل‬‫ي‬ ‫حول‪« :‬العرف والعمل يف المذهب‬
‫يىل بعضا مما يتصل منها بكتابنا‬ ‫يف مسائل تتصل عموما باألحوال الشخصية‪ ،‬نورد فيما ي‬
‫هذا‪:‬‬
‫‪ -‬العتداد باألشهر عوض األقراء‬
‫الت تحيض يجب أن تعتد بثالثة قروء مصداقا‬ ‫األصل أن المرأة المطلقة المدخول بها ي‬
‫لقوله تعاىل‪ " :‬والمطلقات ييبصن بأنفسهن ثالثة قروء"‪.‬‬
‫المالك‪ ،112‬والمرأة المطلقة مصدقة من الناحية‬ ‫ي‬ ‫والقرء هو الطهر لدى فقهاء المذهب‬
‫الشعية يف ادعاء انقضاء أو عدم انقضاء عدتها‪ ،‬ما لم يتضح كذبها‪ ،‬عىل ما قرره فقهاء‬ ‫ر‬
‫المذهب‪ ،‬وقد جرى العمل يف المغرب واألندلس يف هذه المسألة بالعتداد باألشهر عوض‬
‫تنقض عدتها إل بعد انقضاء‬‫ي‬ ‫والت تحيض‪ ،‬ل‬ ‫األقراء‪ ،‬ومعت ذلك أن المطلقة رجعيا أو بائنا ي‬

‫‪ - 109‬أحمد الهاللي السجلماسي ‪ ،‬نور البصر في شرح خطبة المختصر‪ .‬طبعة حجرية‪ ،‬م‪( ،131 .‬رياض‪ ،‬م‪.‬س‪.‬من ‪.)517‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد الكتاني‪ ،‬مبدأ تقديم ما جرى به العمل على المشهور‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪66 ،‬‬

‫‪ - 110‬التسولي‪ ،‬م‪.‬س‪ ، .‬الجزء األول‪ ،‬ص‪.22 .‬‬


‫‪ - 111‬حسين حامد حسان‪ ،‬نظرية المسلحة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬م‪ 17 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 112‬ويستنتج المفسرون والفقهاء ذلك عادة من قوله تعالى‪:‬‬
‫"وال يحل لهـن أن يـكـتـمـن ما خلق هللا في أرحامهن‪" .‬‬
‫‪-‬اآلية ‪ 227‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫جاء مثال في الجامع ألحكام القرآن‪:‬‬
‫‪"...‬والمعنى المقصود من اآلية أنه لما دار أمر العدة على الحيض واألطهار وال اطالع عليهما إال من جهة النساء‪،‬‬
‫جعل القول قولها إذا ادعت انقضاء العدة أو عدمها‪ ،‬وجعلن مؤتمنات على ذلك‪ ،‬وهو مقتضى قوله تعالى‪:‬‬
‫(وال يحل لهن أن يكـتـمـن مـا خلق هللا في أرحامهن‪)...‬‬
‫‪-‬أبو عبد هللا محمد بن أحمد األنصاري القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار الكتب العربية ة للطباعة والنشر بالقاهرة‪ ،1967 ،‬ص‬
‫‪. 118‬‬

‫‪50‬‬
‫العرن هذا العمل بقول ه ‪ " :‬عادة النساء‬
‫ي‬ ‫ثالثة أشهر كاملة عىل طالقها‪ ،‬ويير أبو بكر بن‬
‫عندنا أن تحيض المرأة مرة يف الشهر‪ .‬وقد رقت األديان فال تصدق يف أقل من ثالثة أشهر "‪.‬‬
‫ع‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫خي من الحكم الش ي‬ ‫ع المستمد من العادة المستقرة ر‬ ‫ومعت ذلك أن الحكم الش ي‬
‫الديت لدى أغلبية‬
‫ي‬ ‫المتوقف عىل إقرار المطلقة بانقضاء عدتها‪ ،‬يف وقت ضعف فيه الوازع‬
‫النساء‪ ،‬وهو ما لم تأخذ به مدونة األحوال الشخصية الملغاة عىل ما يتضح من الفصل ‪73‬‬
‫والت رجعت‬‫الت حلت محلها عىل ما يتضح من المادة ‪ 136‬منها‪ ،‬ي‬ ‫منها ول مدونة األرسة ي‬
‫آن وقننت حكمه‪ ،‬دون اللتفات إىل ما جرى به العمل يف هذا الصدد‪.‬‬ ‫إىل النص القر ي‬
‫تجهي الشوار‬
‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫تجهي األب ابنته لزوجها قبل‬‫ر‬ ‫الفقه‬
‫ي‬ ‫وف الصطالح‬ ‫الشوار يف اللغة أثاث البيت‪ ،‬ي‬
‫الزفاف‪ ،‬أو ما تحمله الزوجة لزوجها عند البناء‪.‬‬
‫وقد استقر العمل بمدينة فاس عىل أن الرجل ميسور الحال يشور ابنته بقدر ما أعطاه‬
‫الزوج من الصداق‪ ،‬بأن يضيف له مثله‪ ،‬بحيث لو أعطاه الزوج ألفا وجب عىل األب أن‬
‫ألفي‪.‬‬
‫ليصي المبلغ يف النهاية ر‬
‫ر‬ ‫يضيف ألفا أخرى إليها‬
‫والشوار عندهم لزم حت بالنسبة لليتيمة‪ ،‬إذ جاء يف كتاب النوازل الكيى للمهدي‬
‫ان‪.‬‬ ‫الوز ي‬
‫" وسئل ابن الحاج عن اليتيمة إذا تزوجت وكان لها عقار ولم يكن لما مال تتشور بها‬
‫المتقدمي‬
‫ر‬ ‫وحك عن ابن عتاب‪ ،‬عن أبيه أن الشيوخ‬ ‫ي‬ ‫فأجاب بأن العقار يباع وتشور بثمنه‪،‬‬
‫اتفقوا عىل ذلك‪." 113‬‬
‫المالك عىل وجه‬
‫ي‬ ‫اإلسالم عموما والفقه‬
‫ي‬ ‫هذا القول يخالف ما استقر عليه الفقه‬
‫الخصوص من عدم إلزام الزوجة أو أبيها بجهاز ما‪ ،‬ألن الصداق يف نظر بعضهم عوض عن‬
‫الملع والمادة ‪ 29‬من‬
‫ي‬ ‫البضع‪ ، 114‬وهو مخالف للفصل ‪ 18‬من مدونة الحوال الشخصية‬
‫غي ملزمة عوضه‬ ‫‪115‬‬
‫وه ر‬ ‫الت تجعل الصداق ملكا خالصا للزوجة ي‬ ‫مدونة األرسة الحالية ‪ ،‬ي‬
‫شء‪.‬‬ ‫ر‬
‫بأي ي‬
‫‪ - 113‬الجزء الثالث‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪. 526‬‬
‫وراجع كذلك مجموعة من الفتاوى في نفس االتجاه‪ ،‬مشار إليها في كتاب لصاحبه‪:‬‬
‫‪-‬الشيخ عيسى بن علي الحسني العلمي‪ ،‬كتاب ا لنوازل‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬صادر عن وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪،‬‬
‫مطبعة فضالة‪ 180 ، ،،1983 ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬فإن الشوار يبقى ملكا للزوجة وال تنتقل ملكيته أبدا إلى الزوج‪.‬‬
‫راجع في هذا الصدد‪ ،‬تحفة ابن عامهم الفرناطي‪ ،‬وخاصة الفصل المعنون كاآلتي‪:‬‬
‫"فصل االختالف في الشوار المورد ببيت البناء‪" .‬‬
‫راجع لمزيد من اإليضاح شراح التحقة‪.‬‬
‫‪ - 114‬الجيدي ‪ ،‬م‪،‬س ص ‪ 432‬و ما بعدها ‪.‬‬
‫‪ - 115‬تنص المادة ‪ 29‬من مدونة األسرة على ما يلي ‪:‬‬
‫<< الصداق ملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت‪ ،‬وال حق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره‪ ،‬مقابل الصداق الذي أصدقها إياه‪>> .‬‬

‫‪51‬‬
‫ويظهر من فتاوى ابن رشد الجد أن هذه عادة سادت يف بعض المناطق األندلسية‬
‫كمدينة شلب مثال‪.‬‬
‫‪ -‬الخلع باإلنفاق عىل الولد بعد مدة الرضاع‬
‫الخلع يف المذهب عموما هو حصول الزوجة عىل الطالق بعوض تؤديه للزوج أو تنازلها‬
‫عن حق لها يف ذمته‬
‫المالك أن الخلع مقابل اإلرضاع جائز‪ ،‬وأن اإلنفاق عىل الولد بعد‬ ‫ي‬ ‫المشهور يف المذهب‬
‫غي ملزم للمطلقة ررسعا‪.‬‬‫الحولي من حياته ر‬ ‫ر‬
‫المالك عىل صحة التفاق الميم ربي الزوج‬ ‫ي‬ ‫ولقد جرى العمل لدى متأخري المذهب‬
‫الحولي‪ 116‬أي‬
‫ر‬ ‫يقض بأن الطالق يكون مقابل اإلنفاق عىل الولد إىل ما بعد‬ ‫ي‬ ‫وزوجته والذي‬
‫يشي صاحب الزقاقية يف لميته ‪:‬‬ ‫سنتي من عمره وإىل ذلك ر‬ ‫ر‬ ‫بعد‬
‫بخلع عىل الحولي ‪117‬‬ ‫و الخلع باإلنفاق فيها بزائد‬
‫ر‬
‫وطبقا للمادة ‪ 119‬من مدونة األرسة‪ ،‬تخالع المطلقة الرشيدة بالتنازل عن حقوق‬
‫ر‬
‫يع مطلقا‬ ‫أبنائها إن كانت مورسة‪ ،‬ويمتنع عليها ذلك إن كانت معشة‪ .‬وقد جاء النص التش ي‬
‫المشع هنا قد اعتمد عىل فقه العمليات‪.‬‬ ‫بغيها‪ ،‬مما يسمح لنا بالقول إن ر‬ ‫غي مقيد بمدة أو ر‬ ‫ر‬
‫اليمي إىل الطالق‬‫ر‬ ‫‪ -‬رصف‬
‫المالك بالمغرب لزوم طلقة‬‫ي‬ ‫إن مما جرى به العمل كذلك لدى متأخري فقهاء المذهب‬
‫الت سبق له أن دخل بها منه بكل حنثه‪.‬‬ ‫باليمي عىل طالق زوجته ي‬‫ر‬ ‫رجعية واحدة للحالف‬
‫اليمي بالزوجة‪،‬‬
‫باليمي ر‬
‫ر‬ ‫" وإنما لزمه ذلك ألن العرف الجاري عند الناس أنهم يقصدون‬
‫يمي باهلل‪ ،‬ألنها‬‫ويرصفونه إىل الطالق‪ ،‬ولول هذا العرف ما وجب عليه عند حنثه إل كفارة ر‬
‫الشعية‪ .‬واعتي الفقهاء هذا الطالق رجعيا‪ ،‬ألنه هو األصل يف طالق المدخول بها‬ ‫اليمي ر‬
‫ر‬
‫وبه تحمل ماهية الطالق‪"...‬‬
‫فق سوس‪ ،‬فإن الطلقة تكون بائنة‪.‬‬ ‫وبخالف هذا العمل الذي استقر بفاس‪ ،‬ي‬
‫‪ - 116‬ميارة الفاسي‪ ،‬شرح ميارة الفاسي على تحفة ابن عاصم‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫وقد طبقت محكمة االستئناف بالدار البيضاء هذه القاعدة من خالل قرارها الصادر في ‪ 20‬يونيو ‪ .1990‬منشور‬
‫بمجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العددان ‪ 64‬و ‪ .65‬وما بعدها‪.‬‬
‫و نشير في هذا الصدد إلى أن الرأيين معا يوجدان في المذهب‪ .‬فقد جاء مثال في الجامع ألحكام القرآن للعالمة‬
‫القرطبي‪.‬‬
‫‪ "...‬ولو اختلعت منه برضاع ابنها حولين جاز‪ .‬وفي خلعها بنفقتها على االبن بعد الحولين مدة معلومة قوالن؛‬
‫أحدهما يجوز‪ ،‬وهو قول المخزومي‪ ،‬واختاره سحنون‪ ،‬والثاني ال يجوز‪ ،‬رواه ابن القاسم عن مالك‪ ،‬وإن شرطه‬
‫الزوج فهو باطل موضوع عن الزوجة‪...".‬‬
‫‪ -‬أبو عبد هللا محمد بن أحمد األنصاري القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬نشر دار الكتاب العربي للطباعة والنشر‬
‫بالقاهرة‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،1967 ،‬ص ‪. 142‬‬
‫‪ - 117‬وفي نفس االتجاه ‪ ،‬جاء في تحفة تحفة ابن عاصم‬
‫بعد الرضاع بجواز العمل‬ ‫و الخلع باإلنفاق معدود األجل‬
‫انظر بخصوص الشرح ميارة الفاسي ‪ ،‬م‪،‬س ص ‪224‬‬

‫‪52‬‬
‫الجشتيىم‪:‬‬
‫ي‬ ‫يقول‬
‫عن فقهاء سوسنا قد اتصل‬ ‫وطلقة بائنة ب ه العمل‬
‫باليمي أو الحرام ل يقع به‬
‫ر‬ ‫وف مدونة األرسة‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 91‬منها‪ ،‬فإن الحلف‬ ‫ي‬
‫طالق مطلقا‪.‬‬
‫‪ -‬ترك اللعان‬
‫تقض بأن الحمل أو الولد المزداد‬ ‫قاعدة الولد للفراش‪ ،‬ومت تحققت ررسوطها ر‬
‫الشعية‬
‫ي‬
‫عىل فراش الزوجية يلحق بالزوج‪ ،‬ول يمكن نفيه عنه إل عن طريق اللعان‪ ،‬والذي يتأرجح‬
‫اليمي والشهادة‪.118‬‬
‫ر‬ ‫عموما ربي‬
‫واللعان ثابت بكتاب هللا‪ 119‬وبسنة رسوله‪ ، 120‬والظاهر أن الهدف من اللعان درء الحد‬
‫ونق النسب عنه‪ .‬ذلك‬ ‫عن الزوج الذي يتهم زوجته بالزنا دون أن يستطيع إثبات ما يدعيه ي‬
‫صورتي ل ثالث لهما‪:‬‬‫ر‬ ‫أن دعوى اللعان قد تتخذ‬
‫تزن‪.‬‬
‫يدع الزوج يف دعواه أنه رأى زوجته ي‬ ‫ي‬ ‫دعوى رؤية الزنا‪ ،‬أي أن‬ ‫‪-1‬‬
‫يدع أن الحمل الموجود يف بطنها ليس منه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫نق الحمل‪ ،‬أي أن‬ ‫دعوى ي‬ ‫‪-2‬‬
‫ومما جرى به العمل رفض دعوى اللعان من الزوج‪ ،‬قيل مطلقا سواء أكان الزوج عدل‬
‫أم فاسقا‪ ،‬وقيل إن كان فاسقا ليس إل‪. 121‬‬
‫المالك أن الفاسق يف هذا الصدد‪ ،‬كالعدل يف صحة اللتعان مت‬ ‫ي‬ ‫والمشهور يف المذهب‬
‫الشعية‪.122‬‬ ‫تحققت ررسوطه ر‬
‫المغرن أخذت مدونة األحوال الشخصية الملغاة باللعان‪ ،‬وأن القضاء‬ ‫ي‬ ‫وف القانون‬‫ي‬
‫المغرن درج عىل سماع الدعاوى المتعلقة به‪ ،‬كما أن مدونة األرسة قد أخذت به عىل ما‬ ‫ي‬
‫‪123‬‬
‫غي ‪.‬‬ ‫نق النسب ل ر‬‫يتضح من المادة ‪ 153‬منها يف مجال دعاوى ي‬

‫‪ -‬اإلثبات بواسطة شهادة اللفيف‬

‫‪ - 118‬راجع مثال‪:‬‬
‫‪ -‬عالء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني (الحنفي)‪ :‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص ‪ 26‬و‪. 27‬‬
‫‪ - 119‬اآليات ‪10‬و ‪ 9‬و ‪ 8‬و ‪ 7‬و ‪ 6‬من سورة النور ‪.‬‬
‫‪ - 120‬ما رواه أبو داوود عن ابن العباس من حديث رسول هللا صلى هللا عليه و سلم بخصوص هالل بن أمية الذي قذف زوجته بشربك بن سمحاء‬
‫‪ - 121‬ومما تجب مالحظته أن المشرع قد سبق له أن أخذ باللعان صراحة من خالل مقتضيات الفصل ‪ 25‬من مدونة األحوال الشخصية الملغاة‪.‬‬
‫‪ - 122‬الجيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.444‬‬
‫‪ - 123‬وقد سكتت مدونة األسرة من مسألة تحريم الزوجة على زوجها بسبب اللعان خالفا لما كان يقضي به الفصل ‪ 25‬من مدونة األحوال الشخصية‬
‫الملغاة‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫فيهم كلهم ررسط العدالة المطلوبة ررسعا يف الشاهد‪ ،‬وإنما يحصل بها العام عىل سبيل‬
‫التواتر‪ ،‬وحسب البعض‪ ،‬فقد سميت باللفيف لجتماع من يصلح فيها ومن ل يصلح‬
‫للشهادة‪ ،‬وكأنهم قد لف بعضهم إىل بعض‪. 124‬‬
‫ولم يتفق الفقهاء عىل تاري خ بداية العمل باللفيف‪ ،‬وإن كان اإلجماع منعقدا عىل أنها‬
‫ظهرت باألندلس أول قبل أن تنتقل منه إىل المغرب‪ ،‬حيث تبناها قضاته وفقهاؤه‪.‬‬
‫عش رج ال كيفما اتفق من‬ ‫وصورة اللفيف عند الفقهاء " أن يأن المشهود له باثت ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اجتماع أو افياق ‪ -‬إىل عدل منتصب للشهادة فيؤدون شهادتهم عنده‪ ،‬فيكتب رسم‬
‫اإلسيعاء عىل حسب شهادتهم‪ ،‬ويضع أسماءهم عقب تاريخه‪ ،‬ث م يكتب رسما آخ ر أسفل‬
‫الثان‪"125 .‬‬
‫الرسم نفسه ثم يضع ع دلن إمضاءهما يف أسفل الرسم ي‬
‫وقد تضاربت مواقف الفقهاء بشأن شهادة اللفيف‪ ،‬فمنهم من رفضها رفضا قاطعا‬
‫الشعية‪ ،‬وإن كان أغلبهم قد قبلها للرصورة‪ ،‬تماما كشهادة‬ ‫بدعوى أنها مخالفة للقواعد ر‬
‫الصبيان بعضهم عىل بعض وشهادة النساء‪ ،‬فيما بينهن إن لم يكن من بينهم رجال‪.126‬‬
‫الحاىل‪.‬‬
‫ي‬ ‫النظي قبل أن تستقر عىل وضعها‬
‫ر‬ ‫ولقد تطورت شهادة اللفيف تطورا منقطع‬
‫فق بعض الفيات لم يعمل بشهادة اللفيف‪ ،‬إل يف حقل األموال وحده قبل أن تنتقل إىل‬ ‫ي‬
‫غي المالية األخرى‪.‬‬
‫غيه من المجالت ر‬ ‫ر‬
‫عش نفرا‪.‬‬ ‫غي منضبط‪ ،‬استقر ف نهاية المطاف عىل اثت ر‬ ‫وبعدما كان عدد اللفيف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫غي المحفظة (إثبات الحيازة‬ ‫وف الوقت الراهن‪ ،‬فإن اإلثبات يف مجال العقارات ر‬ ‫ي‬
‫وف مجال األحوال الشخصية (إثبات الوفاة والفقد والولدة والزواج‬ ‫واستمرارها مثال) ي‬
‫القضان عىل أنه قد ل يتم إل بواسطة‬ ‫ي‬ ‫والطالق واإلرصار بالزوجة مثال) قد استقر العرف‬
‫اللفيف‪.‬‬
‫المشع يف مدون ة األحوال الشخصية الملغاة مصطلح اللفيف مكتفيا‬ ‫ولم يستعمل ر‬
‫المغرن‪ ،‬غالبا‬ ‫ر‬
‫المشع‬ ‫وف مدونة األرسة فقد استعمل‬ ‫‪127‬‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫بمصطلح البينة الشعية ‪ ،‬ي‬

‫‪ - 124‬الجيدي ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪. 495‬‬


‫و من ضمن ما اعتمد عليه الباحث هنا ‪ ،‬تحفة أكياس الناس في شرح عمل فاس ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ - 125‬الجيدي ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪. 497‬‬
‫‪ - 126‬الجيدي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.498 ،‬‬
‫ويأخذ إبن رشد في فتاوية بشهادة اللفيف‪ ،‬حيث جاء في فتوى بخصوص من طلق زوجته ثالثا وادعى أنها‬
‫تزوجت برجل آخر ودخل بها دخوال شرعيا‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ "...‬ال تقر مع الزوج األول‪ ،‬وال يثبت نكاحه معها إال أن يثبت بناء الزوج الثاني بشهادة شاهدين عدلين أو يكون يناؤه أمرا معروفا فاشيا مشتهرا‬
‫بالسماع من لفيف الرجال والنساء وإن لم تعرف عدالتهم‪...".‬‬
‫‪ -‬أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي‪ ،‬فتاوى ابن رشد‪ ،‬السفر األول‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،1987 ،‬م‪.199 .‬‬
‫‪ - 127‬ولعل مما يندرج ضمن مباحث هذا الموضوع ما اصطلح على تسميته الشهادة بالمثلية‪ ،‬وهي نوع من شهادة اللفيف من حيث كونها تعتمده‬
‫في ستة‪ ،‬وهو نصف النصاب المعلوم‪ ،‬لكن في مقابلة عدل واحد يكمل ذلك النصاب‪ ،‬ومن هنا جاءت تسميتها بالمثلية‪ ،‬أي المماثلة في تقدير عدل‬
‫واحد يكمل ذلك النصاب‪ ،‬ومن هنا جاءت تسميتها بالمثلية‪ ،‬أي المماثلة في تقدير درجة االعتبار وهي أيضا نوع من أنواع االجتهاد القضائي‬

‫‪54‬‬
‫مصطلحات مدنية حديثة‪ ،‬من قبيل وسائل اإلثبات أو البينة أو الخية القضائية‪ ،‬ربما حت‬
‫قانون‪.‬‬ ‫ع وما هو‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ل يكون هنالك فصل تام ربي ما هو رس ي‬
‫‪ -‬تعارض الراجح والمشهور وما جرى به العمل‬
‫إذا تعارض الراجح مع المشهور أو تعارض اإلثنان أو أحدهما مع ما جرى به العمل‪ ،‬ما‬
‫هو الحكم األوىل بالتطبيق؟ يقول أحد الفقهاء المغاربة األجالء‪:‬‬
‫وبي الراجح مع أن‬ ‫ر‬
‫" الراجح هو ما قوي دليله والمشهور هو ما كي قائله‪ ،‬فالفرق بينه ر‬
‫غي نظر‬‫كال منهما له قوة عىل ما يقابله هو أن الراجح نشأت قوته من الدليل نفسه من ر‬
‫للقائل به والمشهور نشأت قوته من القائل بد فإن اجتمع يف قول سبب الرجحان والشهرة‬
‫ازداد قوة وإل كق أحدهما فإن تعارضا بأن كان يف المسألة قولن أحدهما راجح والخر‬
‫مشهور قدم الراجح‪ .‬والعمل هو القول الذي حكم به قضاة العدل‪ ،‬فإن تعارض المشهور‬
‫وف ذلك قلت‪: 128‬‬‫والراجح مع العمل قدم عليهما ي‬

‫ى‬ ‫فراج ح عنده م يسم‬ ‫إن يكن الدليل ق د تق وى‬


‫سىم بمشهور عندهم فانتبه‬ ‫والقول إن ر‬
‫كي من يقول به‬
‫ي‬
‫قضاة القتضاء رعيا لل حك م‬ ‫عملنا هو الذي ب ه ح ك م‬
‫يقدم الراجح وهو المرتض ى‬ ‫مشهورهم لراج ح تعارض ا‬
‫عىل سواه مطل قا بال م راء‬ ‫وقدم العم ل حيث ما جرى‬

‫الت ساعدت الفقهاء من‬


‫أخيا إىل أن فقه العمليات من أهم الوسائل ي‬‫بقيت اإلشارة ر‬
‫المالك باألندلس وبالمغرب بالعتماد‬
‫ي‬ ‫المالك عىل تطوير وتطوي ع الفقه‬
‫ي‬ ‫متأخري المذهب‬
‫عىل المصلحة وعىل العرف غالبا‪ ،‬للتصدي لها استجد من واقعات‪.‬‬
‫‪ -‬موقف مدونة األحوال الشخصية الملغاة‬
‫المغرن من خالل نصوص المدونة وبكيفية رصيحة‪ ،‬الحكم الواجب‬ ‫يبي ر‬
‫المشع‬ ‫لم ر‬
‫ي‬
‫غي أن هناك بعض النصوص‬ ‫تقديمه عند تعارض الراجح والمشهور وما جرى به العمل‪ ،‬ر‬

‫الجاري به العمل لدى الفقهاء ساهمت في إيجاده الضرورات العملية‪ ،‬وهو عمل يدلي في تاريخه إلى فقهاء فاس الذين اعتمدوه إلى جانب اللفيف‪.‬‬
‫يقول أبو الشتاء‪:‬‬
‫في كل ما يجري بدون زائد‬ ‫وستة منه كمثل الشاهد‬
‫والشهادة بالمثلية ترجح على شهادة اللفيف في حالة تعارضهما‪ ،‬كما أن شهادة العدول ترجح عليهما معا‪.‬‬
‫ولمزيد من اإليضاح حول هذا الموضوع‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬نافع غزيل‪ ،‬م‪.‬س ‪.‬‬
‫‪ - 128‬أبو الشتاء الغازي الشهير بالصلهاجي‪.‬‬
‫كتاب مواهب الخالق على شرح الشيخ التاودي األمية الرقاق‪ ،1955 ،‬مطبعة األمنية بالرباط‪ ،‬ص ‪ 132‬وما يليها من الجزء األول والصفحة‬
‫‪ 265‬وما يليها من الجزء الثاني‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫القاض تقديم المشهور عىل ما جرى به العمل وتقديم القول الراجح‬ ‫ي‬ ‫الت يستفاد منها أن عىل‬ ‫ي‬
‫اإلثني معا‪.‬‬
‫ر‬ ‫عىل‬
‫غيه‪ ،‬ومن‬ ‫المشع قد وضع ترتيبا‪ ،‬وهذا اليتيب‪ ،‬أوىل بالتباع من ر‬ ‫فمن جهة أوىل‪ ،‬فإن ر‬
‫جهة ثانية‪ ،‬فالمدونة نفسها ‪ ،‬قد أخذت بالراجح عوض ما جرى به العمل‪ ،‬ومن ذلك‬
‫لنق النسب عوض تعطيله ‪،‬ومن جهة‬ ‫العتداد باألقراء عوض األشهر واألخذ باللعان كسبب ي‬
‫وبالتاىل‬ ‫الشعية يقتض منا اتباع اليتيب الذي وضعه ر‬
‫المشع‪،‬‬ ‫ثالثة‪ ،‬فإن الرجوع إىل األصول ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األخي عىل ما جرى به العمل‪.‬‬ ‫ر‬ ‫تقديم الراجح عىل المشهور وتقديم هذا‬
‫الشعية بالمجلس األعىل قد اتبعت الرأي المعاكس‪،‬‬ ‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فإن الغرفة ر‬
‫جاء يف أحد قراراتها‪:‬‬
‫" وحيث إن الحكم المطعون فيه استند عىل ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك‬
‫كثية منها ما لصاحب العمل المطلق‬ ‫يف مسألة القيام بالغي واستدل عىل ذلك بنصوص ر‬
‫الفاش وما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك‪ ،‬مقدم عىل المشهور والراجح لقول‬ ‫ي‬
‫السجلماش‪:‬‬
‫ي‬ ‫أن القاسم‬ ‫صاحب العمل المطلق محمد بن ي‬
‫غي مهجور‬
‫وما به العمل دون المشهور مقدم يف األخذ ر‬
‫مما كان معه الحكم المطعون فيه لم يخرق قاعدة وجوب القضاء بالراجح أو المشهور‬
‫أو ما جرى به العمل و إنما طبقت تطبيقا صحيحا‪. " 129‬‬
‫الشعية بالمجلس األعىل بالعتماد عىل تقريرات صاحب العمل‬ ‫و ما تبنته الغرفة ر‬
‫الصنهاىح بقوله ‪:‬‬
‫ي‬ ‫الفاش هو ما أكده العالمة بوشت‬ ‫ي‬
‫و قدم العمل حيثما جرى عىل سواه مطلقا بالمراء‬
‫ع للمجلس‬ ‫ر‬
‫القضان الش ي‬
‫ي‬ ‫األخي‪ ،‬هو أن هذا الجتهاد‬ ‫ر‬ ‫غي أنه ما يجب التنبيه إليه يف‬ ‫ر‬
‫وه من ثمة ل تدخل يف مجال األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫األعىل يتعلق بعالقة مالية تتصل بالغي‪ ،‬ي‬
‫قضان يتصل بالموضوع‪.‬‬‫ي‬ ‫وقد رأرسنا إليه من أجل الستئناس به‪ ،‬يف غياب اجتهاد‬
‫ر‬
‫المعارسة‬ ‫الجتهاد الذي يراع فيه تحقيق قيم اإلسالم يف العدل و المساواة و‬ ‫‪-3‬‬
‫بالمعروف ‪:‬‬

‫‪ - 129‬قرار شرعي عدد ‪ 61‬صادر بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪ 1982‬في الملف الشرعي تحت عدد ‪( 58101‬قرار غير منشور)‪.‬‬
‫ول مزيد من اإليضاح حول مفهوم الراجح والمشهور وما جرى به العمل لدى الفقه المالكي‪ ،‬وحول الصعوبة التي‬
‫تطرح أمام الممارس للتمييز بين هذه المصطلحات‪ ،‬وخاصة في حالة تعدد أقوال الفقهاء‪ ،‬وأخيرا ألخذ نظرة عامة‬
‫عن مواقف القضاء المغربي‪ ،‬وعلى رأسه المجلس األعلى من المسألة‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪-‬محمد الكشبور‪ ،‬الوسيط في قانون األحوال الشخصية‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬م‪ 13 .‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد البشيري‪ ،‬مناقشة المطالب النسائية الهادفة إلى تغيير مدونة األحوال الشخصية‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه‬
‫الدولة في القانون الخاص‪ ،‬لوقشت بكلية الحقوق بالدار البيضاء سنة ‪ ،1995‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪ 329‬وما يليها‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫تنص المادة ‪ 400‬من مدونة األرسة عىل أنه يف غياب النص الواجب التطبيق يف مدونة‬
‫المالك " والجتهاد الذي يراع‬ ‫األرسة‪ ،‬يجب الرجوع ر‬
‫مبارسة إىل المذهب‬
‫ي‬
‫ر‬
‫والمعارسة بالمعروف"‪.‬‬ ‫فيه تحقيق قيم اإلسالم يف العدل والمساواة‬
‫يىل‪:‬‬
‫ونستنتج من قراءة جد متأنية لمقتضيات المادة ‪ 400‬من مدونة األرسة ما ي‬
‫معايي خاصة‬ ‫ر‬ ‫ل يمكن أبدأ الرجوع إىل الفقه المالك والجتهاد الذي جعل له ر‬
‫المشع‬ ‫ي‬
‫الت تكون فيها المسألة موضوع النظر أمام القضاء قد حسمت بنص يف مدونة‬ ‫يف الحالة ي‬
‫األرسة‪.‬‬
‫السنتي‬
‫ر‬ ‫وهكذا‪ ،‬مثال فقد جاء يف قرار لمحكمة الستئناف بالجديدة أن الطفل خالل‬
‫وبالتاىل فإن مقابل السكت ل يجب له إل بعد دخوله‬ ‫ي‬ ‫األوليتي من عمره يسكن يف حجر أمه‪،‬‬
‫ر‬
‫الت جاءت‬ ‫‪130‬‬
‫يف السنة الثالثة من عمره ‪ ،‬حيادا عن مقتضيات المادة ‪ 168‬من مدونة األرسة ي‬
‫الت تثبت لها حضانة بنتها تسقط‬ ‫مطلقة‪ .‬وجاء يف قرار للمجلس األعىل أن المطلقة ي‬
‫حضانتها تلقائيا بزواجها من رجل آخر وألب المحضونة أن يأخذ بنته دون مراجعة القضاء‪،‬‬
‫مع العلم أن ثبوت الحضانة وإسقاطها ل تتم‪ ،‬إل بحكم يصدر عن القضاء‪ ،‬ل بالعتماد عىل‬
‫والت‪ ،‬ل تنسجم مطلقا مع النظام الدستوري‬ ‫ي‬ ‫الت صاغها الشيخ خليل‬ ‫نظرية الظفر ي‬
‫الحاىل السائد يف المملكة المغربية‪. 131‬‬
‫ي‬ ‫والقضان‬
‫ي‬
‫الت كرستها‬ ‫ل يمكن أبد اعتماد آراء وأقوال فقهية تتعارض ومبادئ العدل والمساواة ي‬
‫الشيفة والمرأة‬ ‫تمي المرأة ر‬
‫الت ر‬ ‫‪132‬‬
‫مدونة األرسة‪ ،‬ومن ذلك األحكام المتعلقة بالرقيق ‪ ،‬وتلك ي‬

‫‪ _ 130‬حكمة االستئناف بالجديدة‪ ،‬قرار ‪ 18‬يناير ‪ ،2005‬منشور بمجلة الملف‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص ‪ 286‬وما بعدها‪.‬‬
‫وقد اعتمدت هذه المحكمة على قول المتحف‪:‬‬
‫على أبيه والرضاع ما القضى‬ ‫وليس الرضيع سكنى بالقضا‬
‫غير أن هذا الموقف الفقهي‪ ،‬ال يمكن تطبيقه لوجود نص في المدونة أوجب السكنى على األب دون تمييز‪ ،‬إذ جاء في مطلعها ‪:‬‬
‫"تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما"‪.....‬‬
‫وانظر من أجل التوسع حول الموضوع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد الكتاني‪ ،‬تعليق على قرار محكمة االستئناف الصادر في ‪ 18‬يناير ‪ ،2005‬منشور بمجلة الملفه العدد ‪ ،7‬ص ‪ 217‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 131‬جاء في هذا القرار‪:‬‬
‫‪"....‬إن المطلوبة لما تزوجت بأجنبي‪ ،‬فإنها تكون قد أسقطت حقها في الحضانة طبقا للفصل ‪ 105‬من مدونة األحوال الشخصية الذي ينص على أن‬
‫زواج الحا ضنة بغير قريب محرم من المحضون أو وصي عليه يسقط حضانتها ومن ثم فإن األب لما بادر إلى أخذ المحضونة‪ ،‬فإنه يكون قد‬
‫استعمل حقه قبل مرور السنة التي نص عليها الفصل ‪ 106‬من مدونة األحوال الشخصية الذي يقول‪ :‬إن سكوت من له الحق في الحضانة مدة سنة‬
‫بعد علمه بالدخول يسقط حضانته‪ ،‬ولو كان قد توصل إلى حقه بدون دعوى ألن األصل أن من قدر على شيء فله أخذه كما يقول الشيخ خليل‪ ،‬من‬
‫قدر على شيء فله أخذه إن يكن غير عقوبة وأمن فتنة ورذيلة‪ ،‬وهذه المسألة تعرف عند الفقهاء بمسألة الظفر‪ ،‬بمعنى أن اإلنسان إذا كان له حق‬
‫عند غيره وقدر على أخذ ه‪ ،‬فإنه يجوز له أخذ ذلك منه وهذا ما قام به الطاعن عندما أخذ حقه قبل مرور سنة باعتبار أن المطلوبة قد أسقطت حقها‬
‫باختيارها " ‪.....‬‬
‫‪-‬قرار صادر عن المجلس األعلى ‪ -‬الغرفة الشرعية ‪ -‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ ،2004‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،62‬مي‪ 123 .‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫فهذا القرار‪ ،‬وإن نشأت وقائعه في إطار قانون األحوال الشخصية الملغي‪ ،‬فهو قد صدر بعد دخول مدونة األسرة إلى حيز التنفيذ التي جعلت‬
‫الحضانة مسألة تتم تحت إشراف القضاء الذي يتولى دائما المصلحة الفضلى للمحضون‪.‬‬
‫ثم إن هذا القرار‪ ،‬وقد سمح لشخص بأن يأخذ حقه بيده‪ ،‬يكون قد هدم دور السلطة القضائية في المجتمع‪ ،‬بل ودور الدولة ككل‪.‬‬
‫‪ - 132‬ومن المالحظ أن المجلس األعلى يرجع بين الفينة واألخرى إلى أحكام فقهية تتعلق بالرقيق‪ ،‬انظر مثال‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫التميي ل‬
‫ر‬ ‫تمي ربي األبيض واألسود‪ ،‬مع ترتيب آثار قانونية عىل ذلك‬ ‫الت ر‬
‫الدنيئة‪ ،‬وتلك ي‬
‫يقبلها منطق العرص اليوم بأي وجه من الوجوه‪.‬‬
‫فالفقه‪ ،‬وخاصة عندما يبتعد عن كتاب هللا وسنة رسوله‪ ،‬ويعتمد مجرد‪ ،‬العرف‬
‫مغمضتي‪.‬‬
‫ر‬ ‫بعيني‬
‫ر‬ ‫والمصلحة يجب أن يتعقل ل أن ينقل نقال‬
‫المالك يف المادة ‪ 400‬من مدونة‬ ‫المشع بالعبارات المضافة إىل الفقه‬ ‫ماذا يقصد ر‬
‫ي‬
‫األرسة؟‬
‫المالك‪،‬‬
‫ي‬ ‫القاض وهو يجتهد يف إطار الفقه‬
‫ي‬ ‫إن تحليل العبارات أعاله يدفعنا إىل القول إن‬
‫اع قيم اإلسالم من خالل البحث عن‪:‬‬ ‫عليه أن ير ي‬

‫الزوجي دون‬
‫ر‬ ‫والعدل قيمة معنوية تفيد النصاف‪ ،‬أي إعطاء كل ذي حق حقه من‬
‫زيادة أو نقصان‪.‬‬
‫والعدل يف اللغة ضد الظلم والجور‪ . 133‬وهو من الواجبات اإللهية بدليل قوله تعاىل‪:‬‬
‫الحست‪.‬‬
‫ي‬ ‫(إن هللا يأمر بالعدل واإلحسان)‪ ،‬والعادل من صفات هللا‬
‫للشاطت‪:‬‬
‫ي‬ ‫جاء يف كتاب الموافقات‬
‫الشعية‪ ،‬وبدونه تفوت المصالح أو تختل ‪. "134‬‬ ‫"العدل أساس تطبيق المقاصد ر‬
‫عىل أن العبارة أعاله إذا كانت موجهة لقضاء األرسة‪ ،‬فمن المفروض فيه _ أي القضاء‬
‫_ أن يكون كذلك‪ ،‬و ال ما استحق تلك الصفة‪.135‬‬

‫‪-‬قرار المجلس األعلى صادر بتاريخ ‪ 31‬أكتوبر ‪ ،1967‬منشور ضمن قرارات المجلس األعلى‪ ،‬غرفة األحوال الشخصية والميراث‪-1962 ،‬‬
‫‪ ،1995‬من‪.7 .‬‬
‫‪ - 133‬يقال عدل في أمره عدال وععدلة ومعدلة ومعدلة‪ :‬استقام‪.‬‬
‫عدل في حكمه ‪ :‬حكم بالعدل‪.‬‬
‫عدل عدالة وعدولة ؛ كان عدال۔‬
‫اعتدل و استقام‪.‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬العدل االنصاف‪ ،‬وهو ضد الجور‪.‬‬
‫ـ سعدي أبوجيب‪ ،‬القاموس الفقهي لغة واصطالحا دار الفكر بدمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ص ‪ 243‬و‪.244‬‬
‫‪159 -‬جزء من اآلية ‪ 90‬من سورة النحل‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن العدالة شرط أساسي في تولية القضاء عند الفقهاء‪ ،‬جاء في تحفة ابن عاصم الغىرناطي ‪:‬‬
‫لـه ليـابـة عـن اإلمـام‬ ‫منفذ بالـشـرع لألحـكـام‬
‫وشرطة التكليف والعدالة‬ ‫واستحسنت في حقه الجزالة‬
‫‪ - 134‬م‪.‬س‪ ،.‬المجلد الثالث‪ ،‬ص‪.9 .‬‬
‫‪ - 135‬انظر في هذا الصدد مثال الباب الذي خصصه ابن فرحون للموضوع تحت عنوان " في فضل القضاء والترغيب في القيام فيه بالعدل" ‪...‬‬
‫‪ -‬م‪ .‬س‪ .‬الجزء األول من ‪ ،8‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫وه نهج تبنته مدونة األرسة انطالقا من قول‬ ‫والمساواة مظهر من مظاهر العدالة‪ ،‬ي‬
‫رسول هللا ﷺ ‪ " :‬إنما النساء شقائق الرجال‪ "136‬يف األحكام وانطالقا من العديد من‬
‫الت تهم العالقة ربي األزواج ‪.137‬‬
‫الت صادق عليها المغرب و ي‬ ‫التفاقيات الدولية ي‬
‫المشع قد تبت قاعدة المساواة ربي الرجال والنساء عموما واألزواج‬ ‫ومن المالحظ أن ر‬
‫عىل وجه الخصوص‪ ،‬عىل ما يتضح أول من المادة ‪ 4‬وثانيا من المادة ‪ 400‬أي يف بداية‬
‫قطع‬
‫ي‬ ‫وف آخرها‪ ،‬باإلضافة إىل العديد من التطبيقات ما لم يكن هنالك نص‬ ‫مدونة األرسة‪ ،‬ي‬
‫يقض بخالف ذلك‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للنفقة الواجبة عىل الزوج وبالنسبة لبعض أحكام‬ ‫ي‬
‫األنثيي‪.‬‬
‫ر‬ ‫الت تجعل للذكر مثل حظ‬ ‫المياث ي‬‫ر‬
‫المشع بعيدا يف هذا الصدد عندما جعل هذه المساواة قاعدة دستورية تهم‬ ‫وقد ذهب ر‬
‫جميع مظاهر الحياة داخل الدولة‪. 138‬‬
‫ر‬
‫المعارسة بالمعروف‬ ‫‪-‬‬
‫ع تم النص عليه وبصيغة‬ ‫ر‬
‫وه أساس رس ي‬ ‫وه أساس حياة زوجية ناجحة ومستقرة‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫‪139‬‬
‫الوجوب أكي من مرة يف كتاب هللا تعاىل ‪ ،‬وجعلته مدونة األرسة من أبرز الحقوق‬ ‫ر‬
‫الزوجي (المادة ‪.)51‬‬
‫ر‬ ‫والواجبات المتبادلة ربي‬
‫تقتض من ضمن ما تقتضيه تبادل الحيام والمودة والرحمة‬ ‫ر‬
‫والمعارسة بالمعروف‬
‫ي‬
‫والحفاظ عىل مصلحة األرسة والبتعاد عن كل قول أو فعل ل يصدر إل عن لئيم‪ ،‬وقد اعتيت‬
‫ر‬
‫المعارسة بالمعروف أثرا لعقد الزواج‪.‬‬ ‫المادة ‪ 51‬من مدونة األرسة‬
‫ر‬
‫والمعارسة‬ ‫المشع عن تحقيق مراعاة قيم اإلسالم يف العدل والمساواة‬ ‫وقد تحدث ر‬
‫ع عموما‬ ‫ر‬
‫والمعروف‪ ،‬ومعناه أن هذه العنارص يجب البحث عن مدلولها يف اإلطار الش ي‬
‫المالك عىل وجه الخصوص‪ ،‬ومن ثمة فإن إعمالها يخضع لرقابة محكمة النقض"‪.140‬‬ ‫ي‬ ‫والفقه‬
‫‪ - 136‬رواه أبو داود والترمذي والدارمي وأحمد بن خليل‪.‬‬
‫‪ - 137‬ومن ذلك مثال المادة ‪ 16‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عن هيئة األمم المتحدة سنة ‪ 1948‬والمادة ‪ 16‬من اتفاقية القضاء على‬
‫جميع أشكال التمييز ضد المرأة والصادرة عن هيئة األمم المتحدة سنة ‪.1979‬‬
‫‪ - 138‬ينص الفصل ‪ 19‬من الدستور‪:‬‬
‫"يتمتع الرجل والمرأة‪ ،‬على قدم المساواة‪ ،‬بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة في هذا الباب‬
‫من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته األخرى وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليهما المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت‬
‫المملكة وقوانينها"‪..‬‬
‫والمقصود بثوابت المملكة المشار إليها في الفصل ‪ 19‬عقيدتها اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ - 139‬يقول هللا تعالى في كتابه العزيز ‪ ( :‬وعاشروهن بالمعروف ) ‪ ،‬اآلية ‪ 19‬من سورة النساء‪.‬‬
‫يقول القرطبي بصدد شرح هذه اآلية‪:‬‬
‫"وعاشروهن بالمعروف"‪ ،‬أي على ما أمر هللا به من حسن المعاشرة‪ ،‬والخطاب للجميع‪ ،‬إذ لكل أحد عشرة‪ ،‬زوجا كان أو وليا‪ ،‬ولكن المراد بهذا‬
‫األمر في األغلب األزواج وهو مثل قوله تعالى‪ ( :‬فإمساك بمعروف‪.)....‬‬
‫‪ -‬مختصر تفسير القرطبي‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2001 ،‬ص‪.478 ،‬‬
‫‪ - 140‬وانظر لمزيد من اإليضاح دول االجتهاد في إطار مدونة األسرة انطالقا من أحكام الشريعة اإلسالمية‬

‫‪59‬‬
‫الشعية والوضعية‬ ‫من خالل عملية الرصد الشاملة لألصول التاريخية والمصادر ر‬
‫والتحليىل وكذا المقارن فقد خلصنا‬
‫ي‬ ‫التاريج‬
‫ي‬ ‫المغرن اعتمادا عىل المنهج‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫للقانون‬
‫حي النفاذ سنة ‪ 1913‬أنه قد حافظ عىل‬ ‫ظهي الليامات والعقود الذي دخل ر‬ ‫فيما يخص ر‬
‫الباحثي إىل المرجعية‬
‫ر‬ ‫ثباته واستقراره حيث عمر ألزيد من مئة سنة‪ ،‬ودون ذلك حسب احد‬
‫الت استندت عليها نصوصه ل إىل المرجعية الفرنسية كما اوهمنا بذلك نابليون‬ ‫المالكية ي‬
‫المالك بقدر‬
‫ي‬ ‫الفرنس لم يقض عىل الفقه‬‫ي‬ ‫بونابارت ليتضح حسب هذا الرأي أن المستعمر‬
‫يعت بالمناسبة أن بضاعتنا قد ردت إلينا‪ ،‬إل أن‬ ‫ما خدمه دون استشعار منه‪ ،‬لذلك وهو ما ي‬
‫الرومان والحسم يف هذه المسألة صعب ألنها ذات‬ ‫ي‬ ‫هناك اتجاها آخر ينسبها اىل القانون‬
‫الفرنس‬
‫ي‬ ‫طبيعة جدلية يستوجب القطع فيها النظر يف النصوص الفرنسية وتعليق الفقه‬
‫السالم أو‬
‫ي‬ ‫ونق نسبته اىل الفقه‬ ‫الرومان ي‬
‫ي‬ ‫وبي القانون‬
‫عليها مع إيجاد أوجه التشابه بينها ر‬
‫العكس وهو عمل مضن يستوجب مجهودات جبارة ما يجعلنا نقف موقف الحياد وعدم‬
‫النتصار ألي اتجاه مع التأكيد يف الن نفسه عىل جودة النص الذي استمدت منه أحكام‬
‫ظهي الليامات والعقود‪.‬‬ ‫ر‬
‫رن‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ومن جهة ثانية فعىل مستوى اليسانة التشيعية العقارية فيحسب للمشع المغ ي‬
‫الت اتسم بها المجال العقاري من خالل جعله من مدونة الحقوق العينية‬ ‫إلغاؤه لالزدواجية ي‬
‫ظهي ‪ 2‬يونيو ‪1915‬‬ ‫وغي المحفظة معتمدا يف صياغتها عىل ر‬ ‫مطبقة عىل العقارات المحفظة ر‬
‫المالك لكن المفارقة الغريبة‬
‫ي‬ ‫كبية من أحكام الفقه‬ ‫ظهي‪ 1913‬إىل جانب نسبة ر‬ ‫الملع وكذا ر‬
‫مثيا بذلك حسب‬ ‫أنه يف الن نفسه جعل من هذا الفقه مصدرا احتياطيا ثانيا لهذه المدونة ر‬
‫الت نصت يف الفصل الثالث‬ ‫نظرنا جدل واسعا حول مدى موافقته لنص الوثيقة الدستورية ي‬
‫منها عىل أن اإلسالم دين الدولة ونسجل عىل أنه رغم المجهودات المبذولة من طرف‬
‫تشي ع عقاري موحد فقد لزالت سمة التعدد تفرض نفسها وبقوة‬ ‫المشع المغرن إلرساء ر‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫اض الجيش إىل‬ ‫اض مخزنية وأر ي‬ ‫المغرن من أمالك خاصة وأر ي‬ ‫ي‬ ‫بحكم تنوع الرصيد العقاري‬
‫لقواني ومساطر خاصة بها ما يولد لدينا‬ ‫ر‬ ‫الت يخضع كل منها‬ ‫اض المتعددة ي‬ ‫غي ذلك من األر ي‬ ‫ر‬
‫القانون فكما يقول الفرنسيون« ‪Trop de loi‬‬ ‫كبيا ينعكس سلبا عىل األمن‬ ‫تشيعيا ر‬ ‫تضخما ر‬
‫ي‬
‫‪.»tue la loi‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬إدريس حمادي‪ ،‬البعد المقاصدي وإصالح مدونة األسرة‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2005 ،‬ص‪ 29 .‬وما‬
‫بعدها ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫لثمان‬
‫ي‬ ‫الت امتدت‬
‫أما فيما يخص الصيغة الحالية لمدونة األرسة للقانون رقم ‪ 70.03‬ي‬
‫الوضع وكذا‬ ‫السالم من جهة والقانون‬ ‫الشع‬‫عشة سنة فقد شابها طابع التخبط ربي ر‬‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫المغرن‬ ‫ر‬
‫يتماش والواقع‬ ‫قانون‬ ‫مبادئ النصاف والمساواة األمر الذي حال دون تييل نص‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الذي يفرض كل يوم تحديات واشكالت جديدة ل تجيب عنها مدونة األرسة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ظهي ‪ 9‬رمضان ‪ 12- 1331‬غشت ‪ -1913‬بمثابة الليامات والعقود‪.‬‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫ظهي رسيف رقم ‪ 178.11.1‬صادر يف ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ ،1432‬الموافق لتاري خ ‪ 22‬نوفمي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2011‬المتعلق بتنفيذ القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪ ،‬منشور بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5889‬بتاري خ ‪ 27‬ذو الحجة ‪ 24(1432‬نوفمي ‪ )2011‬ص ‪.5587‬‬
‫الشيف الصادر يف ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬المتعلق بالتحفيظ العقاري الموافق لتاري خ ‪12‬‬ ‫الظهي ر‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫بظهي رسيف رقم ‪ 1.11.177‬يف ‪ 25‬ذي الحجة ‪– 1432‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫أغسطس ‪ 1913‬والمعدل والمتمم‬
‫‪ 22‬نوفمي ‪ 2011‬بمثابة قانون رقم ‪ ،14.07‬منشور يف الجريدة الرسمية عدد ‪ ،5889‬ص‪:‬‬
‫‪.5575‬‬
‫ظهي رسيف رقم ‪ 1.04.22‬صادر يف ‪ 12‬من ذي الحجة ‪ 3( 1424‬فياير ‪ )2004‬بتنفيذ‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫‪-‬‬
‫القانون رقم ‪ 70.03‬بمثابة مدونة األرسة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاري خ ‪ 14‬ذو‬
‫الحجة ‪ 5(1424‬فياير ‪)، 2004‬ص ‪.4‬‬

‫الوجي يف الحقوق العينية العقارية – حق المليكة‪ ،‬مطبعة‬ ‫ر‬ ‫الدكتور عبد الخالق أحمدون‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫اسبارطيل طنجة‪ ،‬طبعة ‪.2018‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬الواضح يف ررسح مدونة األرسة‪ ،‬مطبعة النجاح‪-‬الطبعة الثالثة ‪.2015‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدكتور عبد الخالق أحمدون‪ ،‬التحفيظ العقاري بالمغرب مقتضياته القانونية وإشكالته‬ ‫‪-‬‬
‫العملية‪ ،‬طبعة ‪ 2010‬طنجة‪.‬‬
‫القضان‬
‫ي‬ ‫المغرن – سلسلة القانون والعمل‬
‫ي‬ ‫القضان‬
‫ي‬ ‫بفقي‪ ،‬مدونة األرسة والعمل‬ ‫ر‬ ‫محمد‬ ‫‪-‬‬
‫المغربيي‪ ،‬العدد ‪ 1‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2006‬‬ ‫ر‬
‫الوجي يف النظرية العامة لالليام" المصادر‪-‬الثبات‪-‬الثار‪-‬‬ ‫ر‬ ‫عبد الزاق احمد السنهوري‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫األوصاف‪ -‬اإلنتقال‪-‬اإلنقضاء"‪ ،‬تنقيح المستشار أحمد مدحت المراع رئ يس محكمة النقض‬
‫التشي ع والقضاء والفقه ‪ ، 2004‬منشأة ر‬
‫النارس‬ ‫األسبق‪ ،‬طبعة تحتوي عىل اخر المستجدات ف ر‬
‫ي‬
‫المعارف باإلسكندرية‪ ،‬جالل حزى ر‬
‫ورسكاه‪.‬‬
‫المدن‪ ،‬الجزء ‪ 1‬المصدر اإلرادي للليامات‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2006‬‬ ‫ي‬ ‫الصاف‪ ،‬القانون‬
‫ي‬ ‫عبد الحق‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد الجباري‪ ،‬محارصات يف النظرية العامة لالليام‪ ،‬مطبعة سبارطيل طنجة‪،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2022‬‬
‫ادريس العلوي العبدلوي‪ ،‬كتاب أصول القانون الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪.1974‬‬ ‫‪-‬‬
‫لسان العرب لبن منظور‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشافع‪ ،‬األرسة يف فرنسا‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش ‪.2001‬‬ ‫ي‬ ‫محمد‬ ‫‪-‬‬
‫الجماع‪ ،‬كتاب مدخل اىل العلوم القانونية‪ ،‬مطبعة سبارطيل طنجة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بنخي‪ -‬الحسن‬ ‫ر‬ ‫لطيفة‬ ‫‪-‬‬
‫طبعة ‪.2019‬‬
‫ر‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬الواضح يف رسح مدونة األرسة الطبعة الثالثة ‪.1436-2015‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد اإلله المحبوب‪ ،‬المنهاج يف ررسح مدونة األرسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد الوجدي‪ ،‬محارصات يف مدونة األرسة‪ ،‬الجزء األول الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التسوىل‪ ،‬البهجة ررسح التحفة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ربيوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫ي‬ ‫عىل بن عبد السالم‬ ‫ي‬ ‫‪-‬‬

‫‪62‬‬
‫يس المعيار المعرب‪ ،‬والجامع المغرب عن فتاوى أهل‬ ‫ر‬
‫يحت الونش ي‬ ‫أبو العباس أحمد بن ر‬ ‫‪-‬‬
‫إفريقية واألندلس والمغرب‪ ،‬طبع وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬ربيوت‪ ،1981 ،‬الجزء‬
‫‪.12‬‬
‫برهان الدين إبراهيم ابن فرحون‪ ،‬تبرصة الحكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام‪ ،‬المطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫الشفية بمرص‪ 1301 ،‬هجرية‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬ ‫العامرة ر‬
‫اىح‪ ،‬منازل السالك إىل مذهب اإلمام مالك‪.‬‬ ‫السباع الرجر ي‬
‫ي‬ ‫أحمد‬ ‫‪-‬‬
‫المالك‪.‬‬
‫ي‬ ‫رياض‪ ،‬أصول الفتوى والقضاء يف المذهب‬ ‫‪-‬‬
‫اكتان‪" ،‬مدى مساهمة السلطة القضائية يف خلق القاعدة القانونية"‪ ،‬جامعة محمد‬ ‫ي‬ ‫الحال ين‬ ‫‪-‬‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية والقتصادية والجتماعية‪ ،‬الرباط أكدال‪ ،‬طبعة ‪.1984‬‬
‫اللبيبي‬
‫ر‬ ‫جمال هاشم الذويب‪ ،‬التطورات السياسية الداخلية يف المغرب األقض‪ ،‬مركز جهاد‬ ‫‪-‬‬
‫للدراسات التاريخية‪ ،‬طرابلس‪.2003‬‬
‫الشق‪،‬‬‫عالل الخديىم‪ ،‬المغرب ف مواجهة التحديات الخارجية (‪ )1947_1851‬إفريقيا ر‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫المغرب ‪.2006‬‬
‫عياش جرمان ودراسات يف تاري خ المغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الرباط ‪.1986‬‬ ‫‪-‬‬
‫الفرنس‪ ،‬إعداد ومراجعة العلوي‬
‫ي‬ ‫السياش يف العهد‬
‫ي‬ ‫العلوي مولي الطيب‪ ،‬تاري خ المغرب‬ ‫‪-‬‬
‫أحمد‪ ،‬منشورات الزاوية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.2009‬‬
‫عبد الهادي النازي الحماية الفرنسية عىل المغرب‪ ،‬بدءها‪-‬نهايتها حسب إفادات معارصة‪ ،‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫مصطق بوشعراء‪ ،‬الستيطان والحماية بالمغرب (‪ )1894_1863‬المطبعة الملكية‪ ،‬الرباط‬ ‫‪-‬‬
‫‪.1984‬‬
‫العرن‪ ،‬دار الطباعة المغربية‪ ،‬طنجة ‪.1948‬‬
‫ي‬ ‫الفاش‪ ،‬الحركات الستقاللية يف المغرب‬ ‫ي‬ ‫عالل‬ ‫‪-‬‬
‫العرن‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‬
‫ي‬ ‫مالك‪ ،‬الحركات الوطنية والستعمار يف المغرب‬ ‫ي‬ ‫امحمد‬ ‫‪-‬‬
‫ربيوت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.1994‬‬

‫القطعان‪ ،‬الحركة الوطنية‪،1937_1912‬المجلة الجامعية‪ ،‬عدد ‪/16‬المجلد‬ ‫ي‬ ‫فادية عبد العزيز‬ ‫‪-‬‬
‫األول‪ ،‬فياير ‪.2014‬‬
‫مجلة القانون والقتصاد‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬كلية العلوم القانونية والقتصادية‬ ‫‪-‬‬
‫والجتماعية فاس‪ -‬سنة ‪ ،1989‬العدد الخامس‪.‬‬
‫المدن الواقعية‬
‫ي‬ ‫القضان يف القانون‬
‫ي‬ ‫محمد عرفان الخطيب‪ ،‬حقيقة الدور المصادر الجتهاد‬ ‫‪-‬‬
‫المدرستي الفرنسية والعربية‪.‬‬
‫ر‬ ‫القانونية دراسة مقارنة ربي‬
‫القضان – مساهمة يف خدمة‬ ‫ي‬ ‫محمد عبد النباوي‪ ،‬مقال تحت عنوان " تعميم الجتهاد‬ ‫‪-‬‬
‫الثان‪ ،‬طبعة ماي ‪.2011‬‬
‫القضان‪ ،‬العدد ي‬
‫ي‬ ‫العدالة"‪ ،‬منشور بمجلة سلسلة الجتهاد‬
‫الموش‪ ،‬التحفظات عىل أحكام المعاهدات الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬بحث منشور‬ ‫ي‬ ‫خليل‬ ‫‪-‬‬
‫بمجلة الحقوق الكويتية‪ ،‬العدد الثالث‪.‬‬
‫بوشعيب النارصي‪ ،‬قراءة يف المادة ‪ 400‬من مدونة األرسة‪ ،‬مجلة المناهج‪ ،‬العدد ‪.7_8‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪63‬‬
‫المالك‪ ،‬مقال منشور‬
‫ي‬ ‫الكتان‪ ،‬مبدأ تقديم ما جرى به العمل عىل المشهور يف الفقه‬
‫ي‬ ‫عبد المجيد‬ ‫‪-‬‬
‫بمجلة العرائض العدد األول يناير ‪.2006‬‬
‫ر‬
‫محمد الفاضل بن عاشور‪ ،‬المحارصات المغربيات‪ ،‬الدار التونسية للنش ‪.1974‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد المجيد غميجة‪ ،‬موقف المجلس األعىل من ثنائية القانون والفقه يف مسائل األحوال‬ ‫‪-‬‬
‫الشخصية‪ ،‬أطروحة كلية الحقوق أكدال الرباط‪.2000 ،‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬رقابة المجلس األعىل عىل محاكم الموضوع يف المواد المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل‬ ‫‪-‬‬
‫دكتوراه الدولة‪ ،‬يف القانون الخاص‪ ،‬نوقشت بكلية الحقوق بالدار البيضاء سنة ‪ ،1986‬الجزء‬
‫األول‪،‬النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬
‫‪/https://www.ejcl.org/did-roman-civil-law-influence-the-united-states‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪64‬‬
‫مق دمة‪2.....................................................................................................................‬‬
‫المدن ومراحل نشأته‪4..............................................................‬‬ ‫ي‬ ‫المبحث األول‪ :‬أهمية القانون‬
‫المدن يف النظم القانونية‪4...................................................‬‬‫ي‬ ‫المطلب األول‪ :‬موضوعات القانون‬
‫واألنجلوساكسون‪4..................................‬‬
‫ي‬ ‫الالتيت‬
‫ي‬ ‫المدن يف النظام‬
‫ي‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬مضمون القانون‬
‫الالتيت‪5.....................................................................‬‬
‫ي‬ ‫مدن يف النظام‬ ‫أول‪ :‬مضمون القانون ال ي‬
‫كسون‪6.........................................................‬‬
‫ي‬ ‫ثانيا‪ :‬مضمون القانون المد ين يف النظام األنجلوسا‬
‫المدن يف الدول العربية وخصوصية المملكة المغربية‪7.......................‬‬ ‫ي‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬مضمون القانون‬
‫المدن يف الدول العربية‪7......................................................................‬‬ ‫ي‬ ‫أول‪ :‬مضمون القانون‬
‫المغرن ‪8.............................................................................‬‬
‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫ثانيا‪ :‬خصوصية القانون‬
‫المدن‪11.................................................................................‬‬ ‫ي‬ ‫الثان‪ :‬نشأة القانون‬ ‫المطلب ي‬
‫المغرن الحديث‪11.............................................................‬‬ ‫ي‬ ‫المدن‬
‫ي‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬نشأة القانون‬
‫ظهي الليامات والعقود‪11............................................‬‬ ‫الت واكبة ميالد ر‬ ‫أول‪ :‬الظروف التاريخية ي‬
‫ظهي الليامات والعقود‪13................................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ميالد ر‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطور مدونة األحوال الشخصية‪16....................................................................‬‬
‫أول‪ :‬الدور الريادي للقيادة الملكية يف اإلصالح الشامل لمدونة األحوال الشخصية‪16........................‬‬
‫مشوع مدونة األرسة أمام اليلمان وصدورها‪17............................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المصادقة عىل ر‬
‫المدن‪18..............................................................................‬‬
‫ي‬ ‫الثان‪ :‬مصادر القانون‬ ‫المبحث ي‬
‫ظهي الليامات والعقود‪18..................................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مصادر ر‬
‫التشيعية والقضائية‪18......................................................................‬‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬المصادر ر‬
‫التشيعية‪18...............................................................................................‬‬ ‫أول‪ :‬المصادر ر‬
‫ثانيا‪ :‬المصادر القضائية‪20...............................................................................................‬‬
‫الشعية‪23.....................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬المصادر ر‬
‫ظهي الليامات والعقود‪24..............................‬‬ ‫أول‪ :‬دور الكتاب والنصوص النبوية يف إسناد قواعد ر‬
‫اإلسالم‪29........................................................‬‬
‫ي‬ ‫ظهي الليامات والعقود بالفقه‬ ‫ثانيا‪ :‬مدى تأثر ر‬
‫الثان‪ :‬مصادر مدونة األرسة‪32................................................................................‬‬ ‫المطلب ي‬
‫ر‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬المصادر التشيعية‪32....................................................................................‬‬
‫الوطت‪32...................................................................................................‬‬ ‫أول‪ :‬ر‬
‫التشي ع‬
‫ي‬
‫ثانيا‪ :‬التفاقيات الدولية ‪37..............................................................................................‬‬
‫الشعية‪39.....................................................................................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬المصادر ر‬
‫أول‪ :‬الكتاب‪39.............................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجتهاد ‪46..........................................................................................................‬‬
‫خاتمة‪61....................................................................................................................‬‬
‫لئحة المراجع الم عتمدة‪62.............................................................................................‬‬
‫الفهرس‪65..................................................................................................................‬‬

‫‪65‬‬

You might also like