You are on page 1of 25

‫االخالق والقانون‬

‫"دعواتكم لي اصدقائي بالتوفيق والصحةوالمغفرة لي ولوالدي‪ ،‬بدوري ادعو لكم‬


‫‪1‬‬
‫بالخير والصلاح والمغفرة والتوفيق في المسار الدراسي والمهني"‬
‫أخوكم في هللا دمحم قشيقش زروالي‬

‫الأخلاق والقانون‬

‫د‪ .‬أمين اعزان‬

‫أستاذ مساعد بالكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية‪،‬‬

‫جامعة موالي إسماعيل‬

‫في هذه الدراسة يحاول األستاذ أمين أعزان رصد طبيعة‬


‫العالقة القائمة بين القانون واألخالق‪ ،‬وبشكل أكثر تحديدا‪،‬‬
‫المقارنة بين الخصائص المميزة لكل من القاعدة القانونية‬
‫والقاعدة األخالقية‪ ،‬وذلك انطالقا من نماذج تطبيقية من‬
‫ّ‬
‫أن عملية‬ ‫التشريع المغربي‪ .‬مبرزا‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬كيف‬
‫استقرائية لمجمل القوانين الوضعية الحديثة تجعلنا نخلص إلى‬
‫ّ‬
‫وأن علماء‬ ‫أن أغلب هذه القوانين يصدر عن أساس أخالقي‪.‬‬
‫القانون جادون في االقتراب من علماء األخالق‪ ،‬بحيث يحاولون‬
‫أن تقترب النصوص القانونية‪ ،‬أكثر ما يكون االقتراب‪ ،‬من مقصد‬
‫العدل‪ ..‬كما يفترض في المشرع عند صياغته للنصوص‬
‫التشريعية أن يراعي جملة من االعتبارات الخلقية والدينية‬
‫واالقتصادية والسياسية الحاكمة للنظام االجتماعي العام‪..‬‬
‫ولذلك ال يوجد من تعارض بين األخالق من الناحية المبدئية إال‬
‫بصورة استثنائية‪..‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫تمهيد‬
‫‪2‬‬

‫أدى طغيان الجانب المادي في عصرنا‪ ،‬إلى انتشار العديد من‬


‫الممارسات الالأخالقية من قبيل تفشي الرشوة والفضائح المالية‬
‫والسرقة والنصب وكل صور التعدي على أموال الدولة واألفراد‪ ،‬وغير ذلك‬
‫من مظاهر االعتداء المادي والجسدي على اآلخر‪ ،]1[...‬مما أدى إلى‬
‫فقدان الثقة وانعدام الشعور باألمان‪ ،‬ولألسف حتى مجتمعاتنا‬
‫اإلسالمية لم تسلم من ذلك‪ ،‬رغم حيازتها على رصيد هام من القيم‪،‬‬
‫خصوصا تلك المستوحاة من الدين اإلسالمي الحنيف‪.‬‬

‫لكن المالحظ أن هذه الممارسات الالأخالقية جعلت الضمائر البشرية‬


‫تستيقظ‪ ،‬خصوصا في المجتمعات المتحضرة‪ ،‬مما أدى إلى التفكير في‬
‫إعادة النظر في عالقاتها القانونية على أساس المبادئ األخالقية‬
‫الكبرى‪ ،‬وكان من نتائج ذلك إنشاء جمعيات لمحاربة شتى صور الفساد‪.‬‬
‫وفي هذا السياق تبلور اتجاه فكري عمل على ربط القانون باألخالق‬
‫سواء على المستوى الوطني أو الدولي[‪ ،]2‬وبالتالي بدأنا نسمع‬
‫شعارات مثل تخليق الحياة العامة وتخليق الحياة السياسية وتخليق‬
‫اإلدارة وغيرها‪.]3[...‬‬

‫وباستقرائنا للقوانين الوضعية الحديثة‪ ،‬سنالحظ أن أغلبها يستند إلى‬


‫أساس أخالقي‪ .‬وفي مواجهة التباعد المتنامي بين القانون واألخالق‬
‫على مستوى التطبيق‪ ،‬فإن العصر الحديث يشهد محاوالت موازية‬
‫لتخليق الحياة العامة في كل مظاهرها‪ ،‬وفي المقدمة تخليق مظاهرها‬
‫القانونية‪ .‬وقبل الشروع في عملية التمييز بين األخالق والقواعد‬
‫القانونية نود تحديد مدلول المصطلحات األساسية في الدراسة‪.‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫‪3‬‬

‫التحديد المفاهيمي‬

‫األخالق جمع خلق‪ ،‬وهي المروءة والسجية والطبع‪ ،‬وعلم األخالق أحد‬
‫أقسام الحكمة العملية‪ ،‬ويسمى أيضا الحكمة الخلقية‪ ،‬والمختلق‪:‬‬
‫الكريم األخالق‪.‬‬

‫وفي اللغة الالتينية هناك كلمة ‪ éthique‬وهو ما يهم األخالق‪ ،‬ويطلق‬


‫على جزء من الفلسفة يهتم بدراسة األخالق‪ .‬واألخالق ‪la morale‬‬
‫علم الخير والشر الذي يتحكم في سلوك االنسان‪ .‬وفي اللغة الالتينية‬
‫ال يذكر المصطلحين إال مقرونين بكتاب أرسطو حول األخالق ‪éthique de‬‬
‫‪ nicomaque‬حيث تساءل أرسطو في كتابه حول األخالق عن مصدر‬
‫المثل العليا داخل المجتمع‪ ،‬فأجاب إن للفضيلة مصدرين أحدهما‪:‬‬
‫فكري‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أخالقي‪.‬‬

‫إن الفضيلة الفكرية تأتي في جزئها الكبير من التعليم‪ ،‬في حين أن‬
‫الفضيلة األخالقية تعد وليدة العادات والتقاليد التي نتربى في ظلها‬
‫بعدما نتوارثها جيال عن جيل‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن الفيلسوف اليوناني أراد أن يثبت أن األخالق شيء‬


‫يكتسب‪ ،‬فهي ليست غريزة متأصلة في اإلنسان‪ ،‬بل هي عنصر‬
‫خارجي تغرسه فينا البيئة وأنماط التربية والتعليم[‪.]4‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫وكالم أرسطو هنا يلتقي مع ما جاء في حديث رسول هللا ‪-‬صلى هللا‬
‫‪4‬‬
‫عليه وسلم‪" :-‬اإلنسان يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو‬
‫يمجسانه‪".‬‬

‫وهناك من اعتبر األخالق مجموعة من القيم االجتماعية التي ترقى‬


‫باإلنسان للكمال وتشيع الخير والطمأنينة في المجتمع‪ ،‬وتستأصل‬
‫الشر وتمنعه من أن يستبد بالناس ويحول عالقاتهم إلى تنافر‬
‫وتناحر[‪.]5‬‬

‫أما مصطلح القانون‪ ،‬فيعني لغة النظام والثبات واالستقرار‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يقتصر استعمال لفظ القانون على الظواهر الطبيعية المشاهدة في‬
‫الكون فحسب‪ ،‬بل يشير من ناحية أخرى إلى مجمل القواعد الكلية‬
‫التي تتخذ مقياسا لسلوك الفرد في المجتمع‪ ،‬فإذا اتصلت هذه القواعد‬
‫بالنوايا الباطنية أطلق على هذه القواعد اصطالح القانون األخالقي أو‬
‫القانون الخلقي‪ ،‬أما إذا اتصلت هذه القواعد بأعمال اإلنسان الظاهرة‬
‫في العالم الخارجي أطلق عليها القانون الوضعي‪ ،‬وهذا المفهوم هو‬
‫الذي يعنينا في هذه الدراسة‪ .‬وعموما يشكل القانون الوضعي مجموع‬
‫القواعد التي تنظم وتوجه سلوك األفراد في المجتمع بشكل ملزم‬
‫يقترن بتنفيذ جزاء في حالة مخالفة هذه القواعد‪.‬‬

‫التمييز بين مبادئ األخالق وقواعد القانون‬

‫إن الهدف من القاعدة القانونية هو استقرار النظام في المجتمع‬


‫وتحقيق العدل والمساواة‪ ،‬وغايتها نفعية‪ :‬أي نفع المجتمع وحفظه‪ ،‬أما‬
‫األخالق فغايتها‪ ،‬أكثر من ذلك‪ ،‬مثالية تنزع بالفرد نحو الكمال‪ ،‬فهي تأمر‬
‫االخالق والقانون‬

‫بالخير وتنهي عن الشر‪ ،‬تحض على الفضائل وتوحي باالبتعاد عن‬


‫‪5‬‬
‫الردائل‪ ،‬وبالتالي فهي ترسم نموذجا للشخص الكامل على أساس ما‬
‫يجب أن يكون‪ ،‬ال على أساس ما هو كائن بالفعل‪ ،‬لذلك فاألخالق توجه‬
‫أوامرها إلى ضمير اإلنسان وتهدف تحقيق األمن والسالم الداخلي‪ ،‬أما‬
‫القانون فيراهن‪ ،‬أكثر ما يراهن‪ ،‬على تنظيم عالقة األشخاص فيما‬
‫بينهم‪ ،‬ويهدف إلى تحقيق األمن والسالم الخارجي بما يشتمل عليه‬
‫من أحكام تمنع االعتداء على الغير‪.‬‬

‫ويذكر الفقه القانوني التقليدي بأن أهم ما يميز قواعد القانون عن قواعد‬
‫األخالق هو عنصر الجزاء‪ ،‬فجزاء مخالفة القواعد القانونية مادي‬
‫ومحسوس تقوم السلطة العامة بتطبيقه جبرا على المخالف‪ ،‬أما الجزاء‬
‫في القواعد األخالقية‪ ،‬فإنه يخلو من هذا التعبير؛ ألنه جزاء معنوي‬
‫ينحصر في تأنيب الضمير أو استهجان المجتمع ونفور الناس من مرتكب‬
‫الفعل المنافي لألخالق[‪.]6‬‬

‫باإلضافة لما سبق‪ ،‬فإن قواعد القانون تتميز بكونها تظهر دائما في‬
‫شكل واضح ومحدد‪ ،‬بحيث يكون العلم بها وتطبيقها سهال وفي‬
‫المتناول‪ ،‬في حين أن القاعدة األخالقية غالبا ما تكون غير واضحة وغير‬
‫محددة على اعتبار أنها مجرد أحاسيس داخلية مستقرة في ضمير‬
‫الشخص[‪.]7‬‬

‫لكن رغم وجود اختالفات واضحة بين قواعد القانون وقواعد األخالق‪ ،‬إال‬
‫أنه يالحظ أن معظم قواعد القانون تعتبر في نفس الوقت قواعد خلقية‪،‬‬
‫وكلما ارتقت اإلنسانية كلما اتسعت الدائرة المشتركة بينهما نتيجة‬
‫دخول بعض المبادئ األخالقية في دائرة القانون‪ ،‬فقد كانت هناك‬
‫مجموعة من القواعد اعتبرت في البداية مجرد مبادئ خلقية عامة ال‬
‫االخالق والقانون‬

‫تحوز‪ ،‬ولكن مع تطور المجتمع أصبح من الضروري إلزام األفراد بها‬


‫‪6‬‬
‫بطريقة جبرية لما لها من فائدة اجتماعية‪ ،‬فتم النص عليها في القانون‬
‫الذي كفل احترامها عن طريق الجزاء القانوني‪ :‬أي حولها إلى قواعد‬
‫قانونية‪.‬‬

‫واألخالق تتفق مع القواعد القانونية في أن كليهما يمثل قواعد سلوك‬


‫اجتماعية‪ ،‬كما تتفق األخالق مع القانون في أن كال منهما يسعى في‬
‫النهاية إلى تنسيق وتنظيم التعايش بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫إن تأصيل األخالق في سلوك األفراد يؤدي إلى تحويل العادات‬


‫السلوكية إلى مبادئ خلقية‪ ،‬بحيث يكون تصرف األفراد نابع من إيمان‬
‫عميق بهذه القيم‪ ،‬وليس خوفا من عقاب‪ ،‬ولذلك فاستمرار السلوك‬
‫على نحو أخالقي معين في المجتمع يخلق بذاته اقتناعا جماعيا‬
‫بضرورة احترامه‪ ،‬وهذا ما يعطي لهذا االقتناع األخالقي قوة اجتماعية‬
‫كبيرة‪ :‬أي تتحول القاعدة السلوكية ذات األصل األخالقي إلى قاعدة‬
‫قانونية يشعر معها األفراد بضرورة احترامها‪ ،‬فالكثير من القواعد‬
‫والنظريات األخالقية اندمجت في النصوص القانونية عن طريق‬
‫التشريع[‪.]8‬‬

‫وتعتبر فكرة العدل قيمة أخالقية سامية يسعى إليها اإلنسان لتحقيق‬
‫المساواة والفضيلة‪ ،‬بل إن فكرة العدل هي إحدى األمور الخيرة التي‬
‫تسعى األخالق لتحقيقها لإلنسان‪ ،‬لذلك فالقاضي برجوعه إلى تطبيق‬
‫مبادئ العدالة ومبادئ القانون الطبيعي يسعى إلى تطبيق قواعد‬
‫أخالقية سامية‪.‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫ورغم أن قواعد األخالق ال تفرض على األفراد بقوة القانون‪ ،‬فإن الظاهرة‬
‫‪7‬‬
‫الخلقية مثل الظاهرة القانونية تظل من الناحية المعيارية واجبة االتباع‪،‬‬
‫إما ألنها تحقق العدل والخير‪ ،‬أو ألنها تعيد الحقوق إلى أصحابها‪ ،‬أو‬
‫لكونها تواجه عادات ال تنسجم مع المقتضيات االجتماعية‪ ،‬وهو ما يعبر‬
‫عنه بمخالفتها للنظام العام وحسن اآلداب‪ ،‬أو لكونها اتفاقات شائعة‬
‫بين األفراد يتعين إحترامها وعدم التنصل منها[‪.]9‬‬

‫تأصيل العالقة بين األخالق والقانون‬

‫يضع القانون ضوابط تلجم الفرد الذي يحاول أن يتجاوز حدوده‪ ،‬ويسلب‬
‫اآلخرين حقوقهم؛ ألن مثل هذا التجاوز يحدث خلال عميقا في البناء‬
‫االجتماعي ويقضي على عنصر الثقة فيه‪ ،‬لذلك تلجأ القوانين لفرض‬
‫التعويض على كل من يسبب ضرراً للغير‪ ،‬من جراء خطأ يرتكبه‪ ،‬عمداً أو‬
‫إهماالً‪ ،‬فمثل هذه المبادئ ليست جديدة‪ ،‬بل هي قديمة جداً‪ ،‬فقد‬
‫الحظ الفيلسوف اليوناني أرسطو أن العدالة التتحقق إال إذا تأسست‬
‫على فكرة المساواة في تبادل الحقوق والواجبات‪ ،‬فالحياة تتطلب وجود‬
‫سلطة تقدم الخدمات‪ ،‬وتطالب بما يقابلها‪ ،‬فالسلطة العادلة تعمل‬
‫جاهدة على التوزيع العادل لألعباء‪ ،‬ومنح األرباح والفوائد‪ :‬أي أن نسبية‬
‫العدالة تدعو الفرد إلى احترام السلطة التي تتيح له الفرصة للتطور‬
‫واالرتقاء في جو من االستقرار واالطمئنان[‪.]11‬‬

‫إن فكرة العدالة‪ ،‬رغم كونها مطلقة‪ ،‬إال أنها يمكن أن تكون نسبية وفق‬
‫أهداف الحياة المشتركة للمجتمع‪ ،‬في زمن معين‪ ،‬وفي مكان معين‪،‬‬
‫لذلك نجد أن علماء القانون‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يؤيدون الصفة اإللزامية‬
‫للعقد المبرم بحرية وصدق وبشكل مشروع‪ ،‬إال أنهم ال يؤيدون تملص‬
‫المتعاقد من تنفيذ مضمون العقد بحجة الغبن‪ ،‬أو عدم تحقق األرباح‬
‫االخالق والقانون‬

‫التي كان ينتظر تحقيقها بعد التعاقد‪ ،‬إنهم ال يعتبرون الغبن لوحده سببا‬
‫‪8‬‬
‫إللغاء العقد‪ ،‬وهذا عكس ما يعتقده علماء األخالق‪ .‬وسبب أخذ علماء‬
‫القانون بهذا االتجاه‪ ،‬هو سبب وجيه ومقبول؛ ألننا إذا قبلنا إلغاء العقد‬
‫بسبب الغبن لوحده‪ ،‬وبدون توافر شروط أخرى‪ ،‬فإن ذلك سيشجع‬
‫جميع محاوالت التملص من العقود‪ ،‬ويقضي على الثقة التي يجب أن‬
‫تتوفر بين المتعاقدين‪ ،‬ويضع كل ذلك المحاكم والقضاة أمام معضالت‬
‫يصعب حلها‪ ،‬لذلك لم يؤخذ هنا برأي علماء األخالق‪ ،‬وتغلبت فكرة‬
‫نسبية العدالة؛ ألنه من صالح المجتمع حمل المتعاقدين على االلتزام‬
‫بالعقود التي قبلوا بها برضاء منهم‪ .‬إن وراء هذا االتجاه‪ ،‬المناقض التجاه‬
‫علماء األخالق سببين‪ ،‬هما‪ :‬تيسير سبل العالقات االجتماعية‪ ،‬ثم منع‬
‫هدرها وتفككها؛ ألن ذلك سينمي الثقة بالوعود المبرمة[‪.]11‬‬

‫فإذا قبلنا باالتجاه األخالقي الذي يدعو للعدالة المطلقة‪ ،‬سنعرض‬


‫القضاء إلى الشلل‪ ،‬وبالتالي فقدان الثقة به؛ ألننا سنضعه أمام مهمة‬
‫يستحيل عليه تحقيقها‪ .‬أما السبب الثاني فإنه يدعو األفراد إلى العناية‬
‫الشديدة والحرص الكثيف على مصالحهم الخاصة‪ ،‬فتعرض الفرد إلى‬
‫الخطر يرغمه على بذل جهوده لتالفي ذلك الخطر‪ .‬إال أن علماء القانون‬
‫وجدوا سبال ً لتالفي تلك المخاطر‪ ،‬خاصة في حالة القيود المفروضة‬
‫على األجير مثال‪ ،‬وهي قيود تمنعه من مناقشة ظروف عقد العمل‪،‬‬
‫فلجأ علماء القانون لوضع حد للغبن بوسائل غير مباشرة‪ ،‬مثل حالة‬
‫عيوب الرضا‪ ،‬أو على أساس الشروط العامة للعقد‪.‬‬

‫يبدو‪ ،‬إذن‪ ،‬أن علماء القانون جادون في االقتراب من علماء األخالق‪،‬‬


‫بحيث يحاولون أن تقترب النصوص القانونية‪ ،‬شيئا فشيئا من مقصد‬
‫العدل من خالل العمل على إعطاء كل ذي حق حقه‪ .‬ومع تلك‬
‫االخالق والقانون‬

‫المحاوالت‪ ،‬فإن تحديد حق كل فرد يثير أمامنا مشكلة جديدة‪ ،‬ال يمكن‬
‫‪9‬‬
‫حلها إال من خالل تنظيم المجتمع‪ ،‬وال يتم هذا التنظيم إال من خالل‬
‫احترام الفرد لفكرة دوره في المجتمع‪ ،‬وال يتحقق هذا الدور بشكل‬
‫صحيح إال عندما يقوم الفرد بتأدية واجباته التي يفرضها عليه وجوده في‬
‫المجتمع[‪.]12‬‬

‫إن المساواة تقتضيها فكرة العدالة المطلقة على سبيل المثال‪ ،‬إال أن‬
‫تلك المساواة قد تتعارض مع مبدأ احترام ملكية اآلخرين؛ ألن تلك‬
‫المساواة قد تستدعي إعادة توزيع األموال‪ ،‬إال أن علماء القانون وجدوا‬
‫الحل لتحقيق المساواة النسبية في توزيع األموال‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫تشجيع النشاط الفردي‪ ،‬عن طريق منح الحرية لألفراد‪ ،‬مع وضع‬
‫الضوابط التي تمنع إساءة استعمال القدرة االقتصادية لألفراد‪ ،‬فالقانون‬
‫يعمل منذ القدم على الوصول لفكرة الخير العام‪ ،‬وهو بهذا يقترب‪ ،‬شيئا‬
‫فشيئا‪ ،‬من الفكرة األساسية للفلسفة األخالقية ألرسطو الذي اعتبر‬
‫أن لكل تصرف إنساني هدفاً معيناً‪ ،‬وتتحقق قيمة هذا الهدف على قدر‬
‫توخيه للخير[‪.]13‬‬

‫وقد أخذ رجال السياسة هذه األفكار رددوها في أحاديثهم وخطبهم‬


‫الموجهة للجمهور‪ ،‬إال أن هذا االتجاه جوبه بمعارضة شديدة من لدن‬
‫بعض المفكرين‪ ،‬الذين وجدوا أن االهتمام بمصالح المجتمع‪ ،‬والتي‬
‫تتعارض أحيانا مع مصالح الفرد‪ ،‬قد يؤدي إلى تكريس االستبداد‬
‫والدكتاتورية‪ .‬إال أن أنصار فكرة الخير العام يردون عليهم بأن هذه الفكرة‬
‫وحدها هي التي تحدد الهدف النهائي للقانون‪ ،‬وهي وحدها التي‬
‫توائم بين مقتضيات الحياة االجتماعية‪ ،‬واحترام حقوق الفرد في الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬وأنه ال تتم تلك المواءمة إال من خالل تسهيل إقامة العالقات‬
‫االخالق والقانون‬

‫االجتماعية واتساعها‪ .‬ومع ذلك يستطع أنصار فكرة الخير العام الدفاع‬
‫‪10‬‬
‫عن فكرتهم دفاعاً حقيقياً‪ ،‬فظلت فكرة الخير العام تثير المخاوف لدى‬
‫أنصار الحرية الفردية‪ ،‬حيث الحظوا أن األنظمة الدكتاتورية تستغل هذه‬
‫الفكرة لبسط سيطرتها على مقدرات الناس‪ .‬وفي الواقع إن نمو‬
‫المجتمع سيفيد الجميع من حيث النتيجة‪ ،‬إال أن هذا النمو يؤدي إلى‬
‫إجبار الفرد على تقديم تضحيات قد تبدو غير متساوية اتجاه‬
‫الجميع[‪.]14‬‬

‫إن فكرة الخير العام يمكن الدفاع عنها إذا ما اعتبرنا أن الفرد يتمتع‬
‫بقيمة أسمى‪ ،‬وأن انطالقه وتطوره يجد مداه في الحياة االجتماعية‪،‬‬
‫لذلك يجب أن يأخذ القانون في اعتباره غاية المجتمع‪ ،‬فمتى ما كان‬
‫المجتمع يستطيع أن يحقق مكاسب لعدد أكثر من األفراد‪ ،‬دون أن‬
‫يضطهد اآلخرين‪ ،‬يبقى القانون متعلقاً بالحق العام‪ ،‬إال أن اضطهاد‬
‫اآلخرين ينفي عن القانون فكرة اهتمامه بالخير العام؛ ألن ذلك الخير ال‬
‫يشمل جميع الناس‪ ،‬حتى إن كان ذلك بصورة نسبية‪.‬‬

‫لكن الحل يكمن ببساطة في فكرة الحد األدنى للخير العام‪ ،‬فمتى ما‬
‫استطعنا أن نجعل القانون يحقق الحد الكافي للمجتمع ومتطلباته‪،‬‬
‫نصبح على يقين أن القانون‪ ،‬إنما تم سنّه لمصلحة الجميع‪ ،‬ونجد هذا‬
‫متمثال ً عند تعرض المجتمع لخطر عام‪ ،‬حيث تدعو الدولة الجميع‬
‫للتضامن والتضحية بالمال‪ ،‬وبالحياة لدرء هذا الخطر‪.‬‬

‫إن فكرة الخير العام تبرز حتى في حالة تعارض المصالح الفردية‪،‬‬
‫فمصلحة المدين تقتضي أن‪ ....‬ليدفع الدين‪ ،‬أو أن يماطل في دفعه‪،‬‬
‫في حين أن مصلحته‪ ،‬التي ال يمكنه إدراكها‪ ،‬تتمثل في أن يدفع ذلك‬
‫الدين عند االستحقاق‪ ،‬وبذلك تلتقي المصالح المتعارضة؛ وبهذا نخلص‬
‫االخالق والقانون‬

‫إلى أن المصلحة ذاتية‪ ،‬في حين أن الخير العام يخص الجميع‪ :‬أي‬
‫‪11‬‬
‫جميع المصالح الذاتية المتعارضة والمتوافقة‪ ،‬وهو ما يفضي بنا إلى‬
‫الخير الذي نتوخاه‪ ،‬والذي هو خير للجميع‪ .‬وال نصل لهذا الخير إال إذا‬
‫استطعنا أن نرفع اإلنسان فوق آفاق الحيوانية‪ :‬أي أن يتم توجيهه نحو‬
‫هدف‪ ،‬من خالل أن ينذر ذاته لمشروع مشترك يحقق ما ال يستطيع أي‬
‫شخص لوحده تحقيقه‪ ،‬وبالتالي يوصلنا هذا لمنح الطابع اإلنساني‬
‫على المشتركين في هذا المشروع‪ .‬إن هذا االتجاه يبرز القوة الذهنية‬
‫لدى اإلنسان الذي يتكون‪ ،‬بال شك‪ ،‬من مزيج غريب من الحيوانية‬
‫والعقالنية والذهنية والنزعة العاطفية‪ ،‬وبهذا نصل لعدم وجود تعارض‬
‫األفكار‬ ‫عنه‬ ‫ماعبرت‬ ‫وهذا‬ ‫العام‪،‬‬ ‫والخير‬ ‫الفردي‬ ‫الخير‬ ‫بين‬
‫االشتراكية[‪.]15‬‬

‫إن مثل هذا التوجه ينجح نظرياً‪ ،‬إال أنه عملياً ال يتفق مع طبيعة‬
‫األشياء؛ ألنه يتجاوز حب الذات وحب السيطرة‪ ،‬ويفترض لدى اإلنسان‬
‫نزعة حيوانية يمكن ترويضها‪ ،‬وتنمية قوة اإلرادة نحو إنسان أكثر فطنة‬
‫واستقامة وصفاء نفس‪ .‬إن هذا النظام المشترك يؤدي عمليا إلى منع‬
‫الناس ذوي النزعة الحيوانية القوية من أن يهبوا ذواتهم للمشروع‬
‫المشترك‪ ،‬ويشجع العناصر السيئة على استثمار جهود اآلخرين الذين‬
‫انخرطوا بذلك المشروع المشترك‪ ،‬مضحين بذواتهم‪ .‬من هنا حاول‬
‫علماء القانون التأكيد على أهمية القانون الذاتي‪ ،‬أو الوازع الذاتي‪ ،‬أو‬
‫االمتثال الطوعي للقانون‪ ،‬وحاولوا أن يجعلوه أساساً في كل بناء‬
‫قانوني‪ :‬أي حاولوا التقريب والتوفيق بين المفهوم األخالقي والمفهوم‬
‫القانوني‪ .‬وبغض النظر عن هذا الجدل المحتدم‪ ،‬فال يمكن إيجاد الخير‬
‫المشترك للجميع إال إذا اعترفنا بوجود التمايز؛ فال يكفي أن تتوفر لدينا‬
‫النوايا الطيبة‪ ،‬لذلك على السلطة أن تدرك اتجاه المصالح العامة‪ ،‬وأن‬
‫االخالق والقانون‬

‫تبرزها وتعمل على إقرارها بسلطة القانون‪ ،‬فاألكثرية تخضع للقانون‬


‫‪12‬‬
‫ألسباب ومبررات مختلفة‪ ،‬والذي يتبع عقله يع ّ‬
‫د أكثر حرفة ممن يتبع‬
‫نزواته‪ .‬والحرية هنا تأخذ معنى االتحاد بين العقل واإلرادة‪ ،‬والمشرع‬
‫يصل بالمجتمع لهذه الحقيقة‪ ،‬من خالل إيجاده ألوسع اتفاق ممكن بين‬
‫أفراد المجتمع‪ ،‬فيعين هدفاً يدرك أكثر الناس أهميته فيلتفون حوله‪،‬‬
‫فالمجتمع عامة ما يرفض الهدف الذي ال يمكن استساغته من الناحية‬
‫األخالقية‪ ،‬إما لكونه مبالغاً فيه‪ ،‬أو ألن النتيجة التي سيحققها هذا‬
‫الهدف ال تتناسب والتضحية التي يتطلبها ومتى تم التعامل مع اإلنسان‬
‫ككائن عاقل سهل خضوعه وامتثاله للمنظومة القيمية للمجتمع[‪.]16‬‬

‫إن تحقيق الخير العام يتم عن طريق مبدأ الموازنة واالعتدال‪ ،‬فال يمكن‬
‫أن نطالب اإلنسان بتقديم أكثر مما يستطيعه‪ ،‬خاصة عندما ينمو لديه‬
‫الشعور أن ما يطلب منه أن يقدمه سيجعله ضحية لآلخرين‪ .‬إن التعامل‬
‫مع اإلنسان كإنسان‪ ،‬وتنمية اإلحساس لديه بأنه ليس ضحية لآلخرين‪،‬‬
‫وأن ما يطلب منه تقديمه هو لخيره وخير أهله ومجتمعه‪ ،‬يبرر للمشرع‬
‫حقه في أن يضع في قوانينه ميزاناً لسلطته مقرونة بالتهديد‪،‬‬
‫فيستعملها لحمل المتقاعسين على العمل‪ ،‬ويرغم المتمردين على أن‬
‫يختاروا بين الخير والشر‪ .‬فدور القانون يبدو واضحاً في جعل الفئة التي‬
‫تميل للخير تمثل األكثرية المقتنعة والفعالة[‪.]17‬‬

‫الشك أن العدالة‪ ،‬مثلها مثل سائر القيم‪ ،‬ال يمكن تحقيقها إال بشكل‬
‫نسبي‪ ،‬إال أن وسائل القانون تتيح وسائل االزدهار لكل إنسان‪ ،‬وتفتح‬
‫أمامه سبل ذلك االزدهار‪ ،‬وقد أضفى ذلك على القانون قيمة نبيلة‬
‫وسامية‪ ،‬حيث يستطيع المشرع‪ ،‬عبر القانون أن يفرض ويحدد األهداف‬
‫االخالق والقانون‬

‫التي تفيد المجتمع‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يسهم في إيجاد حل‬


‫‪13‬‬
‫للمعضلة التقليدية بين القانون واألخالق وعالقة أحدهما باآلخر‪.‬‬

‫إن زيادة المساهمة االجتماعية في تكوين القانون‪ ،‬يبعده عن أن يكون‬


‫مجرد إجراء رسمي صرف‪ ،‬وبالتالي فإن زيادة هذه المساهمة تقرب‬
‫القانون من الوجدان األخالقي للمجتمع‪ ،‬وذلك من خالل ابتعاد المشرع‬
‫عن تشريع قواعد ال تتفق مع القواعد األخالقية أو تعارضها‪ .‬إن هذه‬
‫المعضلة التي يجدها البعض في تعارض القانون مع األخالق‪ ،‬لم تبرز‬
‫إلى الوجود إبان العهود القديمة بسبب تأثير الفقه األخالقي على‬
‫القوانين‪ ،‬وحرص المشرعين على االلتزام بالفضائل األخالقية‪ ،‬معتبرين‬
‫أن القوانين البشرية ماهي إال وسائل لتطبيق القوانين اإللهية‬
‫والطبيعية‪ .‬إال أن حركة علمانية القانون‪ ،‬وانهيار النموذج المسيحي‬
‫القرسطوي في القرن السادس عشر‪ ،‬هو الذي أفرز ذلك االفتراق بين‬
‫القانون واألخالق‪ ،‬فاهتم القانون بالتصرفات الخارجية لإلنسان‪ ،‬بينما‬
‫اهتمت األخالق بتصرفاته الداخلية‪ ،‬فالقانون الذي يهتم بالتصرفات‬
‫الداخلية ونوايا اإلنسان ال يمكن تطبيقه‪ ،‬فالقانون الجنائي مثال ال يمكنه‬
‫أن يعاقب شخصاً‪ ،‬حتى وإن اتضح أنه كان ينوي ارتكاب جريمة‪ ،‬ما لم‬
‫تظهر نيته هذه للعيان بأفعال مادية خارجية ملموسة‪ ،‬كما ال يمكن‬
‫للقانون المدني أن يتقصى نوايا المتعاقدين‪ .‬فما هو مهم بالنسبة‬
‫للقانون هو تحول أو عدم تحول النية إلى عمل تنفيذي[‪.]18‬‬

‫إن القانون يحاكم التصرفات اإلنسانية باسم المجتمع ضمانا لوجوده‬


‫وحمايته لمصالحه‪ ،‬أما األخالق فتحيل إلى جملة المبادئ التي‬
‫تسته دف اإلنسان كإنسان‪ ،‬ال كعضو في المجتمع‪ ،‬فالقانون يتحرك إزاء‬
‫تصرفات اإلنسان التي هي على تماس مع باقي أعضاء المجتمع‪،‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫فالمظهر الخارجي للتصرف اإلنساني هو الذي يعنى به القانون‪ ،‬أما‬


‫‪14‬‬
‫االخالق فتعني‪ ،‬أول ما تعني‪ ،‬السلوك اإلنساني الذي يهذب اإلنسان‬
‫باعتباره إنسانا‪ ،‬أو يحط من قيمته ومنزلته‪ ،‬لذلك فإن األخالق تلتقي مع‬
‫القانون من حيث األهداف حين تقر أنه على اإلنسان أن يكرس نفسه‬
‫للخير العام‪ .‬ومع ذلك فإن األخالق حين تسعى لتحقيق خير اإلنسان‬
‫بوصفه إنسانا‪ ،‬فإن هذا المقصد‪ ،‬وإن كان البعض يراه من مقاصد‬
‫القانون‪ ،‬إال أنه ال يعد المقصد األول للقانون‪ ،‬رغم أنه يمثل المقصد‬
‫األخير له‪ ،‬وهو ما يقتضي منّا الجمع والتوليف بين منطق األخالق‬
‫والقانون‪ ،‬طالما أنهما يوجهان اإلنسان نحو مقصد نهائي‪ ،‬رغم أن‬
‫القانون يشمل جميع النشاطات اإلنسانية[‪.]19‬‬

‫ومع أن القاضي ال يصدر حكمه إال استناداً ألدلة وبينات رسمها القانون‬
‫مقدماً‪ ،‬ومع عدم اقتناعه أحيانا بها‪ ،‬إال أنه على القاضي أن يقول رأيه‬
‫األخير استنادا إليها‪ ،‬وال يمكنه أن يعلن لطرفي الدعوى أنه أصدر قراره‬
‫وفقاً لقناعته الوجدانية‪ ،‬وهذا ما يجده البعض متعارضاً مع األخالق‪ ،‬إال‬
‫أنه يحقق النظام‪ ،‬الذي ال نصل إليه إال بوسائل مادية‪ .‬ومع ذلك فإن‬
‫العالقة بين األخالق والقانون‪ ،‬تضفي على األخير الصفة الشرعية متى‬
‫ما انسجم معها‪ ،‬وأدرك المواطن أن القانون على صلة وثيقة بقيم‬
‫أخالقية يؤمن بها الناس‪ ،‬وهو ما سوف يخلق لدى المواطن التزاماً‬

‫شخصيا باحترام القانون‪ ،‬متى أدرك الضرورة االجتماعية التي أملت هذا‬
‫القانون‪ ،‬الذي يستهدف تحقيق أهداف ومقاصد تتضمن تماسك‬
‫المجتمع؛ عندها فقط يمكننا أن نتكلم عن شرعية القانون‪ ،‬وتنفيذه‬
‫بطواعية مطلقة[‪.]21‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫االتجاه الحديث إلى إدماج المبادئ األخالقية في القواعد‬


‫‪15‬‬
‫القانونية‬

‫تتضح العالقة التفاعلية بين القانون واألخالق على مستويات عدة‪ :‬منها‬
‫أن األخالق تشكل مصدر المثل الفردية والجماعية التي يستهدفها‬
‫القانون‪ ،‬وبالتالي فإن بعض المبادئ العامة للقانون تعد في جوهرها‬
‫قواعد خلقية اقترنت بالصبغة القانونية‪ ،‬ومن أمثلة هذه المبادئ التوازن‬
‫بين االلتزامات المتقابلة في كل اتفاق‪ ،‬وحسن النية في تنفيذ‬
‫االلتزامات التعاقدية‪ ،‬وااللتزام بعدم اإلضرار بالغير‪ ،‬وااللتزام بعدم اإلثراء‬
‫على حساب الغير‪ :‬وعليه فإن المتطلبات األخالقية هي التي تضفي‬
‫عادة على قواعد القانون طابع المشروعية‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يجب أن يتم تطبيق القواعد القانونية انطالقا من‬
‫اعتبارات أخالقية‪ ،‬بحيث ال يمكن‪ ،‬مثال‪ ،‬أن ينتج عن مبدأ القوة الملزمة‬
‫للعقد استغالل متعاقد قوي لمتعاقد ضعيف‪.‬‬

‫لكن إذا كانت األخالق تشكل في أحيان كثيرة أساس العديد من‬
‫المبادئ القانونية‪ ،‬فإن القانون ه هو الكفيل بإعطاء القاعدة الخلقية‬
‫طابع اإللزام‪ ،‬فتتحول تبع لذلك إلى قاعدة قانونية واجبة النفاذ[‪.]21‬‬

‫أمثلة لتأثر التشريعات المغربية بالمبادئ األخالقية‬

‫صارت مسألة تخليق القوانين التي تنظم جوانب الحياة داخل‬


‫المجتمعات الحديثة من بين اهتمامات المفكرين والباحثين في المجال‪،‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫وإذا قمنا باستقراء مختلف التشريعات المغربية‪ ،‬فسنالحظ أن أغلبها ذو‬


‫‪16‬‬
‫أساس أخالقي‪ ،‬وسوف نحاول استعراض بعض هذه التطبيقات‪:‬‬

‫‪ .1‬الفضالة‬

‫يعتبر نظام الفضالة من أهم النظم القانونية التي استلهمت قواعد‬


‫المجاملة واألخالق وتبناها القانون نظرا ألهميتها في تحقيق التضامن‬
‫االجتماعي[‪.]22‬‬

‫وقد استقر الفقهاء حديثا على تعريف الفضالة بأنها‪" :‬أن يتولى شخص‬
‫تلقائيا أعماال نافعة بنية الفضالة دون أن يكون مكلفا بهذه األعمال‪،‬‬
‫ويسمى فضوليا لصالح غيره[‪".]23‬‬

‫ولقد تناول المشرع المغربي أحكام الفضالة في الباب الخامس من‬


‫قانون االلتزامات والعقود تحت عنوان أشباه العقود المنزلة منزلة الوكالة‬
‫‪-‬الفضالة‪.-‬‬

‫ورغم أن المشرع المغربي لم يعرف الفضالة‪ ،‬إال أنه أسهب في‬


‫الحديث عن األحكام الخاصة بها‪ ،‬وذلك ابتداء من الفصل ‪ 943‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود إلى غاية الفصل ‪ 958‬منه‪.‬‬

‫ويعتبر نظام الفضالة من أهم النظم األخالقية العادلة والضرورية ألي‬


‫مجتمع‪ ،‬بفعل تضمنها لقيم العدل واإلنصاف‪ ،‬وهو ما جعل القوانين‬
‫الحديثة تسعى إلى تبنيه مراعية تحقيق التوازن بين الطرفين؛ فمن‬
‫ناحية البد من حماية األفراد ضد التدخل غير المناسب في شؤونهم؛‬
‫ألن ذلك قد يكون ضارا بهم‪ ،‬ومن ناحية أخرى البد من حماية هؤالء‬
‫األشخاص الذين تدخلوا في شؤون الغير بدافع اإليثار خدمة وحماية‬
‫االخالق والقانون‬

‫لبعض مصالحهم؛ ألن األخالق والسلوك القويم يقتضيان مثل هذا‬


‫‪17‬‬
‫التدخل الذي يمثل شكال من أشكال التضامن االجتماعي في إطار‬
‫قواعد األخالق الحميدة[‪.]24‬‬

‫‪ .2‬الوعد بجائزة‬

‫رغم أن الفصل ‪ 14‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي ينص على أن‬
‫مجرد الوعد ال ينشئ التزاما‪ ،‬إال أن الفصل ‪ 15‬نص صراحة‪" :‬الوعد عن‬
‫طريق اإلعالنات أو أية وسيلة أخرى من وسائل اإلشهار بمنح جائزة‬
‫لمن يعثر على شيء ضائع أو يقوم بأي عمل آخر‪ ،‬يعتبر مقبوال ممن‬
‫يأتي بالشيء أو يقوم بالعمل‪"...‬‬

‫ويضيف الفصل ‪ 16‬أنه‪" :‬ال يجوز الرجوع في الوعد بجائزة بعد الشروع‬
‫في تنفيذ الفعل الموعود بالجائزة من أجله‪"...‬‬

‫يالحظ من هذه النصوص القانونية أن من وجه للجمهور وعدا بجائزة‬


‫يمنحها عن عمل معين‪ ،‬يجب عليه الوفاء بالتزامه‪ ،‬فالقاعدة في‬
‫جوهرها أخالقية تحولت إلى قاعدة قانونية‪ ،‬فالوعد بالجائزة تكون له‬
‫صور كثيرة‪ ،‬لكن الجانب األخالقي فيه يبدو واضحا أكثر عندما يكون هذا‬
‫الوعد وسيلة لتشجيع البحث العلمي أو المنافسة الشريفة بين الطلبة‬
‫المتفوقين أو غير ذلك‪ ...‬وذلك باإلعالن عن جائزة لمن يفوز ويحتل‬
‫المراتب األولى مثال‪...‬‬

‫كذلك يتجلى البعد األخالقي في الوعد بجائزة في اشتراط القانون أن‬


‫يكون الباعث على الوعد مشروعا ومباحا‪ ،‬فإذا كان الباعث مخالفا‬
‫للنظام العام واألخالق الحميدة كان الوعد باطال‪ ،‬وأن يكون الموعود به‬
‫مشروعا[‪ ]25‬كذلك‪.‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫‪ .3‬نظرية اإلثراء بال سبب‬


‫‪18‬‬

‫ينص الفصل ‪ 66‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي على أنه‪" :‬من‬
‫تسلم شيئا أو أية قيمة أخرى مما هو مملوك للغير بدون سبب يبرر‬
‫هذا اإلثراء إلتزم برده لمن أثرى على حسابه‪".‬‬

‫وينص الفصل ‪ 67‬من نفس القانون على أنه‪" :‬من استخلص بحسن نية‬
‫نفعا من شغل الغير أو شيئه بدون سبب يبرر هذا النفع التزم بتعويض‬
‫من أثرى على حسابه في حدود ما أثرى به من فعله أو شيئه‪".‬‬

‫يتبين من هذه النصوص القانونية أنه إذا أثرى شخص نتيجة افتقار آخر‬
‫بغير وجود مبرر قانوني لهذا اإلثراء‪ ،‬فإن األول يلتزم بأن يدفع تعويضا‬
‫يساوي أقل القيمتين‪ ،‬قيمة اإلثراء وقيمة االفتقار‪ ،‬ولذلك يعتبر اإلثراء بال‬
‫سبب مصدرا لاللتزام‪ :‬أي التزام من أثرى بتعويض من افتقر نتيجة‬
‫إلثرائه[‪.]26‬‬

‫ويجد هذا المبدأ أساسه الفلسفي في قاعدة خلقية مبنية على فكرة‬
‫العدل‪ ،‬فاألخالق تتنافى مع احتفاظ المثرى بما أثرى به على حساب‬
‫المفتقر نتيجة إلثرائه عندما تتوافر أركان هذا المبدأ وهي‪ :‬إثراء المدين‬
‫وإفتقار الدائن وصلة السببية بين اإلثراء واالفتقار وانعدام السبب‬
‫القانوني لإلثراء‪]27[.‬‬

‫‪ .4‬القوانين ذات الطابع االجتماعي‬

‫لقد تطورت وثيرة سن التشريعات التي تهدف حماية مختلف الشرائح‬


‫االجتماعية‪ ،‬وعلى األخص الفئات التي تحتاج إلى قواعد حمائية معينة‪،‬‬
‫وبالتالي ظهرت قوانين ذات أهداف اجتماعية مرتبطة بقواعد األخالق‪،‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫نذكر منها القوانين الخاصة باألشخاص المعاقين‪ ،‬كالقانون رقم ‪7-92‬‬


‫‪19‬‬
‫المتعلق بالرعاية االجتماعية للمعاقين الصادر سنة ‪ ،1993‬ثم القانون‬
‫رقم ‪ 581‬المتعلق بالرعاية االجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر الصادر‬
‫سنة ‪ ،1982‬كما يدخل في زمرة هذه القوانين االجتماعية تلك النصوص‬
‫المتعلقة بحماية المستهلك‪ ،‬كالقواعد الخاصة بمراقبة األسعار وزجر‬
‫الغش في البضائع‪ ،‬كما هناك القوانين المتصلة بالشغل والتأمينات‬
‫االجتماعية[‪.]28‬‬

‫‪ .5‬بعض القواعد الجنائية‬

‫كما هو حال مجموعة من التشريعات المغربية‪ ،‬ينحو القانون الجنائي‬


‫المغربي في اتجاه استيعاب بعض القواعد األخالقية ومن أمثلة هذه‬
‫النصوص الجنائية‪:‬‬

‫نجد الفصل ‪ 373‬من القانون الجنائي ينص‪" :‬من كان يعلم دليال على‬
‫براءة متهم محبوس احتياطيا‪ ،‬أو مقدم للمحاكمة من أجل جناية أو‬
‫جنحة‪ ،‬وسكت عمدا عن اإلدالء بشهادته عنه فورا إلى السلطات‬
‫القضائية أو الشرطة‪ ،‬يعاقب بما يلي‪:‬‬

‫ـ الحبس من سنتين إلى ‪ 5‬سنوات والغرامة من ‪ 251‬إلى ‪ 1111‬درهم‬


‫إذا كان األمر متعلقا بجناية‪.‬‬

‫ـ الحبس من شهر واحد إلى سنتين والغرامة من ‪ 211‬إلى ‪ 5111‬درهم‬


‫او إحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬إذا كان األمر متعلقا بجنحة تأديبية أو‬
‫ضبطية‪.‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫ولكن ال يعاقب إذا أدى شهادته متأخرا أو متى تقدم بها من تلقاء‬
‫‪20‬‬
‫نفسه‪.‬‬

‫وال تطبق أحكام هذا الفصل على المتهم في الجريمة موضوع المتابعة‬
‫وال على المساهمين أو المشاركين فيها‪ ،‬وال على أقاربهم‪ ،‬أو‬
‫أصهارهم إلى الدرجة الرابعة‪".‬‬

‫أما الفصل ‪ 434‬من القانون الجنائي فينص‪" :‬من كان في استطاعته‪،‬‬


‫دون أن يعرض نفسه أو غيره للخطر‪ ،‬أن يحول بتدخله المباشر دون‬
‫وقوع فعل يعد جناية أو دون وقوع جنحة تمس السالمة البدنية‬
‫لألشخاص‪ ،‬لكنه أمسك عمدا عن ذلك يعاقب بالحبس من ‪ 3‬أشهر إلى‬
‫‪ 5‬سنوات وغرامة من ‪ 211‬إلى ‪ 1111‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪".‬‬

‫ثم الفصل ‪ 431‬من القانون الجنائي ينص‪" :‬من أمسك عن تقديم‬


‫مساعدة لشخص في خطر‪ ،‬رغم أنه كان يستطيع أن يقدم تلك‬
‫المساعدة إما بتدخله الشخصي وإما بطلب اإلغاثة‪ ،‬دون تعريض نفسه‬
‫أو غيره ألي خطر‪ ،‬يعاقب بالحبس من ‪ 3‬أشهر إلى ‪ 5‬سنوات وغرامة‬
‫من ‪ 211‬إلى ‪ 1111‬درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪".‬‬

‫كما جرم المشرع المغربي شهادة الزور‪ ،‬وعرفها من خالل الفصل ‪368‬‬
‫من القانون الجنائي على أنها‪ :‬تغيير الحقيقة عمدا تغييرا من شأنه‬
‫تضليل العدالة لصالح أحد الخصوم أو ضده‪ ،‬إذا أدلى بها شاهد بعد حلف‬
‫االخالق والقانون‬

‫اليمين في قضية جنائية أو مدنية أو إدارية‪ ،‬متى أصبحت أقواله نهائية‪.‬‬


‫‪21‬‬
‫كما جرم المشرع المغربي أيضا اليمين الكاذبة من خالل الفصل ‪377‬‬
‫من القانون الجنائي‪ ،‬وكذا االمتناع عن الشهادة من خالل الفصل ‪378‬‬
‫من نفس القانون‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫أول ما يمكن أن نالحظه هو أن قواعد األخالق تعد أكثر تشددا من‬


‫قواعد القانون الوضعي‪ ،‬فإذا كانت هذه األخيرة تسعى إلى ضمان‬
‫االستقرار ولو على حساب العدل‪ ،‬فإن األخالق تتمسك بمعيارية مبدأ‬
‫العدل إلى أبعد الحدود‪ ،‬ومن هنا يتضح لنا الفرق الفاصل بشكل‬
‫أساسي بين قواعد القانون وقواعد األخالق‪.‬‬

‫فإذا كان القانون الوضعي يربط ربطا حتميا بين الحقوق والواجبات‪ ،‬فإن‬
‫األخالق تهتم بالواجبات التي تترتب عنها حقوق فقط‪ ،‬وإذا كانت‬
‫المبادئ األخالقية تتميز بعالقتها بالضمير‪ ،‬فإن القانون الوضعي يهتم‬
‫بشكل أساسي بتحقيق األمن واالستقرار االجتماعي‪ ،‬الذي يساهم‬
‫في تحقيقه المشرع‪ ،‬وكذا القاضي عند تطبيقه للتشريع ارتباطا‬
‫بالوقائع‪.‬‬

‫وعلى العموم ال يمكن تجاهل القواعد األخالقية في كل مناحي الحياة‬


‫االجتماعية‪ ،‬فحتى المنظومة القانونية تتسم أغلب قواعدها بالطابع‬
‫األخالقي‪ ،‬فالمشرع عند صياغته للنصوص التشريعية‪ ،‬يفترض أنه‬
‫يراعي مجموعة من االعتبارات الخلقية والدينية واالقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫ولذلك ال يوجد مبدئيا تعارض بين األخالق وقواعد القانون‪ ،‬إال بصورة‬
‫‪22‬‬
‫استثنائية حينما يجوّز هذا األخير أمورا ال تقرها األخالق‪ ،‬وهذا نادر‬
‫الوقوع‪ ،‬على أساس أن القواعد القانونية والقواعد األخالقية تصدر‬
‫جميعا وفق منظور الخير االجتماعي‪:‬‬

‫وفي كل األحوال توجد بين قواعد القانون وقواعد االخالق روابط قوية‬
‫وتداخالت تبين بوضوح أن العالقة بينهما قوية وذات طابع تكاملي‪ ،‬ويبرز‬
‫ذلك على عدة مستويات‪ ،‬ثم إن تطبيق قواعد القانون الوضعي يجب أن‬
‫يتم انطالقا من اعتبارات أخالقية بالدرجة األولى‪.‬‬

‫الهوامش‬

‫‪Tulard (J) et Thuillier (G): Administration et corruption,‬‬ ‫‪.1‬‬


‫‪.Revue administrative N272, Mars-Avril 1993, p111‬‬

‫‪René Jean Dupuy: Droit et Ethique: L' action du conseil de .2‬‬


‫‪.l'EuropeA. C. Roy, M. A.session10-Novembre1986, p109 et s‬‬

‫‪ .3‬انظر مقال دمحم شعيبي‪ ،‬بعض جوانب التقارب والتباعد بين قواعد‬
‫القانون الوضعي وقواعد األخالق – اإلدالء بالشهادة أمام المحاكم‬
‫نموذجا‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد‪،2112 ،46‬‬
‫ص‪.88‬‬
‫االخالق والقانون‬

‫انظر أيضا دمحم الكشبور‪ ،‬البعد األخالقي لطالق الخلع‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫‪23‬‬
‫لقانون واقتصاد التنمية‪،‬العدد‪ 2112 ،46‬ص‪.15‬‬

‫‪ .4‬دمحم الكشبور‪ ،‬تقديم ندوة القانون واألخالق‪ ،‬المجلة المغربية لقانون‬


‫واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد‪ ،2112 ،46‬ص‪.12‬‬

‫‪ .5‬انظر مرجع رجاء ناجي‪ ،‬مدخل للعلوم القانونية‪ ،‬نظرية القانون‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫الرباط‪ :‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،1998 ،‬ص‪.38‬‬

‫‪ .6‬انظر مرجع عباس الصراف وجورج حزبون‪ ،‬المدخل إلى علم القانون‪،‬‬
‫األردن‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،2115 ،‬ص‪.18‬‬

‫‪Chestin et Goubeaux: Traité de droit civil, Introduction‬‬ ‫‪.7‬‬


‫‪.générale, Paris, 1977, p22‬‬

‫‪ .8‬انظر مقال إدريس الفاخوري‪ ،‬ترجيح االتجاهات األخالقية في مجال‬


‫العقود وااللتزامات‪ ،‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪ ،‬العدد‪،46‬‬
‫‪ ،2112‬ص‪.114‬‬

‫‪Charle Larmore-Alain Renault: Débat sur l' éthique: idéalisme .9‬‬


‫‪.ou réalisme? Bernard Grasset,Paris, 2004, p7‬‬

‫‪Pierre Aubenque: Théorie et pratique politiques chez‬‬ ‫‪.11‬‬


‫‪.Genève, Fondation Hardt, 1965, p99-123 ,Aristote‬‬

‫‪ :www.taakhinews.org‬القاضي فتحي الحواري‪ ،‬القانون واألخالق‪،‬‬


‫مقال منشور على موقع‬
‫االخالق والقانون‬

Didier Sicard: Travaux du comité consultatif national .11


24
.d'éthique, PUF, 2003? P962

.Angel Kremer-Mariette: L' éthique, PUF,1987, P3 .12

.Angel Kremer-Mariette: op-cit, P69 .13

Didier Sicard: Travaux du comité consultatif national .14


.d'éthique, PUF, 2003? P .965

‫القانون‬ ،‫الحواري‬ ‫فتحي‬ ‫القاضي‬ .15www.taakhinews.org


:‫ مقال منشور على موقع‬،‫واألخالق‬

Vergote: Crise de la morale: Une chance pour l'éthique? .16


.Cahiers universitaires catholiques, Paris, 1984, p3

‫ القانون‬،‫ القاضي فتحي الحواري‬.17www.taakhinews.org


:‫ مقال منشور على موقع‬،‫واألخالق‬

.François Jullien: Fonder la morale, GRASSET, 1995? P151 .18

JEAN-Jacques Wunenburger: Question d' éthique, PUF,


.1993, p269

.Vergote: op-cit, p20

.Didier Sicard: op-cit, p935 .19

.56‫ ص‬،2114 ،‫ إفريقيا الشرق‬،‫ جينيالوجيا األخالق‬،‫ دمحم الناجي‬.21


‫االخالق والقانون‬

‫‪ .21‬عبد السالم فيغو‪ ،‬المدخل إلى العلوم القانونية‪ ،‬مراكش‪ :‬دار وليلي‬
‫‪25‬‬
‫للطباعة والنشر‪ ،1997،‬ص‪.37‬‬

‫‪ .22‬فاطمة هموش‪ ،‬الفضالة في القانون‪- ،‬دكتوراه‪ -‬كلية الحقوق‪،‬‬


‫القاهرة‪ :‬جامعة عين شمس‪ ،1988 ،‬ص‪.1‬‬

‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪-‬الوسيط في شرح القانون المدني‪-‬مصادر‬


‫االلتزام‪-‬الجزء األول‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫‪ .23‬انظر إدريس الفاخوري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪ .24‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.117‬‬

‫‪ .25‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.118‬‬

‫‪ .26‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات‪،‬‬


‫ط‪ ،3‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،1978 ،‬ص‪.711‬‬

‫‪ .27‬دمحم لبيب شنب‪ ،‬دروس في نظرية االلتزام‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة دار‬


‫التأليف‪ ،1977 ،‬ص‪.223‬‬

‫‪ .28‬انظر إدريس الفاخوري‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪.118‬‬

You might also like