You are on page 1of 2

‫نشر "اليوم السابع" نص كلمة اإلمام األكبر الدكتور أحمد الطيب‪ ،‬شيخ األزهر الشريف‪ ،‬خالل ختام‬

‫المؤتمر العالمي للسالم بحضور البابا فرانسيس بابا الفاتيكان‪ ،‬وجاءت كاآلتي‪:‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫األخ العزيز حضــرة البابا ‪ /‬فرانسيس بابا الفاتيكان‪.‬‬


‫السادة الحضور الكريم‪ ،‬أحييكم بتحية اإلسالم‪:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬

‫مجلس ُح َك َماء المسلمين لحضر ِتكم‪ ،‬ممزوجةً بال ُّ‬


‫شكر‬ ‫ِ‬ ‫شريف ومن‬ ‫صةً ِمن ْ‬
‫األزه َِر ال َّ‬ ‫وتح َّيةً خال َ‬
‫ِ‬
‫لمصر ولألزهر الشريف‪ ،‬هذه الزيارة التي ت َِجي ُء في وق ِتها‬ ‫َ‬ ‫الستجابتكم ال َكريمة وزيار ِتكم التاريخ َّي ِة‬
‫سالم الضَّائع الذى تبحث عنه شعوبٌ‬ ‫الم‪َ ،‬هذَا ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫تلبيةً لنداء األزهر ولل ُمشارك ِة في مؤت َم ِر ِه العالمي لل َّ‬
‫أوطان‬
‫ٍ‬ ‫وفارون من أوطانهم إلى‬ ‫ُّ‬ ‫وبالد وبؤسا ُء ومرضى‪ ،‬وهائمون على وجوههم في الصحراء‪،‬‬
‫ث‬ ‫أخرى نائي ٍة ال يدرون أيبلُغُونها أم َي ُحو ُل بينهم وبينها ال َموتُ وال َهالكُ والغ ََر ُق واألشال ُء وال ُجثَ ُ‬
‫زن‪ ،‬ال َن ْعدُو ال َح ِقيقةَ لَ ْو قُلنَا‪َّ :‬‬
‫إن التَّاري َخ لَ ْم‬ ‫ال ُملقَاة ُ على شواطئ ال ِبحار‪ ،‬في مأساةٍ إنسان َّي ٍة با ِلغة ال ُح ِ‬
‫ثيال ِمن قَب ُل‪( .‬نائي ‪ :‬بعيد ‪ ،‬ومضاد ‪ :‬قريب وداني) (ال نعدو ‪ :‬ال نترك وال نتجاوز‪).‬‬ ‫َي ْع ِرف لها َم ً‬

‫علَينا‬ ‫ب ُمق ِنع وراء هذه المآسي التي ُك ِت َ‬


‫ب َ‬ ‫سب ٍ‬
‫عن َ‬ ‫وال َيزا ُل العُقَالء وأصحاب الضَّمائر ال َي ِق َ‬
‫ظة يبحثونَ َ‬
‫َ‬
‫الكوارث التي‬ ‫ب واح ٍد منطقي‪ ،‬ي ِ‬
‫ُبرر هذه‬ ‫س َب ٍ‬
‫أرواحنا ودما ِئنَا‪ ،‬فال يظفرون ِب َ‬
‫ِ‬ ‫أن ندف َع ثمنَها الفا ِد َح من‬
‫ً‬
‫ومقبوال‪،‬‬ ‫ً‬
‫معقوال‬ ‫سنين‪ ،‬اللَّ ُه َّم َّإال َ‬
‫سببًا َيبدو‬ ‫ت الفُقَ َراء واليتامى واألرامل وال ُم ِ‬
‫أناخت مطاياها بساحا ِ‬
‫احش من صفقا ٍ‬
‫ت ُمريبةٍ‪،‬‬ ‫وضمان تشغيل مصانع ال َموت‪ ،‬واإلثراء الفَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫السالح وتَسْويقُه‪،‬‬ ‫َأال وهو ِت َج َ‬
‫ارة ُ ِ‬
‫راراتٌ دوليَّةٌ طائشةٌ‪( .‬يظفرون ‪ :‬ينالون ‪ ،‬ويفوزون) (أناخت مطاياها) ‪.‬‬
‫تسبقها قَ َ‬

‫فهوم مغلوطةٍ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ع ِلقَ بها من‬
‫صورة األديان ِم َّما َ‬
‫ولكن قب َل ذلك يلزمنا العمل على تن ِقية ُ‬
‫ع ويبث الكراهية ويبعث على العُنف‪َّ ،‬‬
‫وأال نُحا ِكم‬ ‫الصرا َ‬
‫ُؤج ُج ِ‬
‫بي ِ‬ ‫وتطبيقا ٍ‬
‫ت مغشوش ٍة وتدي ٍُّن كاذ ٍ‬

‫‪1‬‬
‫بجرائم قِلَّ ٍة عابث ٍة من المؤمنين بهذا الدِين أو ذاك‪ ،‬فلَي َ‬
‫ْس اإلسالم دين إرهاب بسبب أن طائفة‬ ‫ِ‬ ‫األديان‬
‫ً‬
‫تأويال فاسدًا‪ ،‬ثم راحوا يسفكون بها‬ ‫من المؤمنين به سارعوا الختطاف بعض نصوصه وأولوها‬
‫الدماء ويقتلون األبرياء ويُر ِوعون اآلمنين ويعيثون في األرض فسادًا‪ ،‬ويجدون َمن يمدهم بالمال‬
‫والسالح والتدريب‪( .‬يعيث‪ :‬يفسد)‬
‫وإ َّنا لنقد ُِر لكم ‪-‬حضرة البابا‪-‬تصريحا ِت ُكم ال ُمنصفَةَ‪ ،‬التي تدف ُع عن اإلسالم والمسلمين تُه َمةَ‬
‫صا على‬
‫العُنف واإلرهاب‪ ،‬وقد لمسنا فيكم وفى هذه الكوكبة من آباء الكنائس الغربية والشرقية‪ِ ،‬حر ً‬
‫ُوظفها في إشعال‬
‫احترام العقائد واألديان ورموزها‪ ،‬والوقوف َمعًا في وجه َمن يُسيء إليها‪ ،‬و َمن ي ِ‬
‫ِ‬
‫الصراع بين المؤمنين‪.‬‬
‫ِ‬
‫َّعو ِة إلى ترسيخ فلسفة ال َعيْش ال ُمشت ََرك‬
‫األزهر يسعى من أج ِل التعاون في مجال الد َ‬
‫ُ‬ ‫هذَا‪ ،‬وال َيزا ُل‬
‫منهج الحوار‪ ،‬واح ِترام عقائد اآلخرين‪ ،‬والعم ِل م ًعا في مجا ِل ال ُمتفق عليه بين المؤمنينَ‬
‫ِ‬ ‫وإحياء‬
‫وكثير‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كثير‬
‫ٌ‬ ‫باألديان وهو‬

‫فرز وال‬
‫األرض دون ٍ‬
‫ِ‬ ‫ْفل َن ْس َع معًا من أج ِل ال ُمستض َع ِفين والجا ِئعين والخائفين واألسرى وال ُمعذَّبين في‬
‫تصنيفٍ وال تمييز‪.‬‬

‫ت ال َبحث العلمي‪،‬‬ ‫كيان األُسرة ِم َّما يُتربَّص به من انفال ِ‬


‫ت األخالق‪ ،‬وانحرافا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ولنعمل معًا على إنقا ِذ‬
‫سا ِد وال ُم ْف ِسدِينَ فيها‪.‬‬
‫وإنقا ِذ البيئة من الفَ َ‬

‫ولنقف م ًعا في وج ِه سياسات الهيمنة‪ ،‬ونظريات‪ :‬صراع الحضارات‪ ،‬ونهاية التاريخ‪ ،‬ودعوات‬
‫مكان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫وكوارث في كل‬ ‫مآس‬
‫كل ذلك من ٍ‬
‫اإللحاد‪ ،‬وما ينشأ عن ِ‬

‫وأن َيجْ َع َل منه خطوة ً حقيقيةً‬


‫اللقا َء‪ْ ،‬‬
‫الرحيم أن يُ َباركَ هذا ِ‬
‫الرحمن َّ‬ ‫تام كلمتي أتوجهُ إلى هللا َّ‬ ‫وفى ِخ ِ‬
‫نتعاون فيها جميعًا على َن ْش ِر ثقا َفة ال َّ‬
‫سالم والتآخي وال َعيْش ال ُمشت ََرك بين الناس‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ورحْ َمـةُ ِ‬
‫هللا و َب َر َكاتُه"‬ ‫علــَـ ْي ُكم َ‬
‫سال ُم َ‬
‫شكرا لكم وال َّ‬
‫ً‬

‫‪2‬‬

You might also like