You are on page 1of 10

‫الُم ضيف (السلطان أيوب)‬

‫‪:‬ثاني األثنين وأول العالمين‬


‫أوًال األبتعادعن المشركين ثم االنضمام إلي المس لمين‪ "......‬ك ان ه ذا م ا‬
‫أراده من الجميع‪.‬ظاهريًا كان يبدو أن أوًال تعني مغادرة الوطن وثانيًا تع ني‬
‫العيش في الخارج‪,‬ولكنه كان يقول عكس ذلك تمامًا"سيكون اإلس الم وطنن ا‬
‫في كل مكان"‪ .‬لقد أنتظرنا ثمار ص بر ط وال ثالث ة عش رعام ونهاي ة ف ترة‬
‫القمع والعذاب التي أستمرت لسنوات‪ ,‬كًال من آمنوا ب ه ه اجروا إلي أم اكن‬
‫ع دة دون أس تقرار من ذ خ روجهم من الحبش ة ح تي اآلن‪ ,‬خ اض الجمي ع‬
‫تجربته الخاصة ب الهجرة‪,‬لق د تحمس نا تل ك الم رة ألنن ا س نكون مع ًا‪,‬ل ذلك‬
‫السبب آوتنا يثرب‪,‬ونحن في طريقنا من مكة إلي يثرب كنا نفكر أننا نه اجر‬
‫من المس اؤي إلي الخ يرات من الطب اع القاس ية إلي الرحم ة واالنس انية من‬
‫شخصياتنا المتذبذية إلي االستقامة والهداية وكان يقول "مه اجر حقيقي"علي‬
‫من يستطيع ت رك ماحرم ه هللا فض ال علي هجرت ه من وطن ه‪,‬بمعرف ة ذل ك‬
‫هاجر معتنقين الدين الجديد بفرحة وسرور ولكن قبل ذلك هاجروا محرمات‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫زادت الهج رة في ش هري مح رم وص فر‪,‬ك ان يخ رج المؤمن ون من ه ذا‬
‫البيت وذاك البيت بقل وٍب ُمحطم ة ت اركين آالمهم متن اثرة خلفهم‪,‬ك ان يبكي‬
‫الراحلين علي الباقيين والباقين علي الراحلين‪,‬كانت جميع ط رق ي ثرب َت ُبث‬
‫اآلمال‪,‬قيل ان "يثرب" ستكون مدينة أولئك المعروفون بالعدل والمساواة في‬
‫الدنيا واألخوة بالفطرة لمعالجة اآلاللم األنسانية‪,‬هؤالء من يرغبون لألخرين‬
‫مايرغبون ألنفسهم‪,‬من يستطيعون تكوين صداقة وطيدة بينما يرف ع األع داء‬
‫راية الثأر ‪,‬من يعيشون في مدن منفصلة دون تعارف أب دًا و هم في األص ل‬
‫أخوة سيرثوا بعضهم البعض‪,‬من يتجرأون علي الموت في سبيل نشر الح ق‬
‫و الصدق والحسن‪,‬الذين يتنافسون في الخ ير ويتح دون م ع بعض هم البعض‬
‫فقط في سبيل هللا‪،‬وسيكون أهل تلك المدينة نموذج للحياة المثالية‪.‬‬
‫صدق ما قالوه‪,‬كان يدافع ‪/‬عن ه لكون ه ن بي آخ ذ ال وحي من هللا أك ثر من‬
‫كون ه ُمناض ل‪,‬نعم ك ان الن بي وك ان خليلي‪ ,‬هوالمتح دث الرس مي ألعلي‬
‫درج ات ال وحي لكون ه ن بي‪,‬س واء ص ديق أوعب د ك ان نم وذج للمخل وق‬
‫المتواضع أكثر من الجميع‪,‬كنت استطيع رؤية كيف يرتجف قلبه الرقي ق في‬
‫ك ل رحي ل‪,‬وكي ف يرف رف بأجنح ة كالعص فور لك ل م ؤمن راح ل من‬
‫مكة‪,‬طوال الثالثة ايام التي قضيناها في جبل ث ور‪,‬ت ألم قل بي لرؤيت ه ينظ ر‬
‫إلي المدينة التي تركها بعينان مليئة بالدموع و تكراره ألسم يثرب كبصيص‬
‫أمل‪.‬كنت اعلم أنه داخله يتلوي‪,‬ولكنه عاد مج ددًا ُيلقي جم ل وكلم ات مليئ ة‬
‫باُلبش رة والتف اؤل وذات ثق ة بالمس تقبل‪,‬ك ان يب دو ان ه يعلم أن س ماع ذل ك‬
‫سيواسيني‪,‬في فجرأخر ليلة في الجبل‪,‬بينما كنا نتح دث م ع بعض نا غ ارقين‬
‫في المشهد الضبابى للمدين ة ال تي تركناه ا مليئ ة ب ذكرياتنا‪,‬كًال من ا يح اول‬
‫إخفاء دموعه عن األخر‪ ,‬فجأة بدأ ُيتمتم بطريقة استطيع سماعها قائًال‪:‬‬
‫"وهللا يامكة أنتي أجمل مدينة علي وجه األرض بالنسبة لي‪,‬ل و لم يفص لوني‬
‫عنِك لما أبتعدت عنِك أبدًا‪,‬سأعود لِك ذات يوم‪,‬أنتظريني"‪,‬نظرُت أخ ر م رة‬
‫للمدين ة ال تي أحبه ا‪,‬ك انت المن ازل ُمبهم ة من الواض ح أن القس وة ه دمت‬
‫معالمها‪,‬الشئ الذي حاولت ت ذكره هن اك ك ان طفول تي‪,‬ش بابي ربم ا حي اتي‬
‫كلها‪,‬مرت سنواتي الماضية أمام عي ني‪,‬أذي ة المش ركين والش روط الص عبة‬
‫وإجبارهم للذين دخلوا لإلسالم مثلي علي الخروج من مكة‪,‬ح تي أن ه لم يكن‬
‫يوج د ي وم لم يتع رض في ه المؤمن ون للتنمروالس خرية واإلذالل‪,‬ك ان من‬
‫المستحيل تحمل تلك الضغوطات المادية والمعنوي ة‪,‬أي ام و ش هور وس نوات‬
‫الدموع في عيون الجميع ‪,‬الحزن في قلوبهم يزيد يومًا بعد يوم‪,‬ل ذلك الس بب‬
‫طلب منا التواجد في مدينة محايدة وآمن ة‪,‬وإال ت رك مك ة وال ذهاب ونس يان‬
‫ذكرياتنا كان أخر شئ نريده‪,‬ال يستطيع أي أحد أتخاذ هذا القرار بسهولة‪,‬ل و‬
‫لم نكن نعلم أن ال ذهاب أك ثر حيوي ة وأهمي ة من التالقي في المك ان ال ذي‬
‫سنص ل إلي ه ربم ا لم ن ذهب مج ددًا‪ ,‬نحن مرتبط ون ب األرض ال تي ول دنا‬
‫فيها‪,‬لذلك الس بب أول خط وة ل ذهابنا‪,‬يجب أن تك ون قيم ة أك ثر من خط وة‬
‫وصولنا األخيرة‪,‬حتي لو الخطوة األخيرة خيال‪,‬من أتخذوا الفداء أول خطوة‬
‫أص بحوامن الن اجيين ولكن بع د ك ل نج اة ت زداد الفوض ي في مك ة وتتعق د‬
‫االمور‪.‬‬
‫أوًال أولئك الذين اجبرونا علي ال ذهاب‪,‬أق دموا علي أذيتن ا و تس لطوا علي‬
‫أموالن ا وممتلكاتن ا ح تي أنهم مارس وا الض غط علين ا لكي ال نغ ادر‪,‬ب دأو‬
‫يطالبون بعودة الراحلين من المدينة ليس ذلك فقط بل ايضًا طالبوا بعودة من‬
‫رحلوا س ابقًا‪,‬أرادوا أن ي أتوا ويطيع وهم في الش رك‪,‬ل ذلك الس بب بع د ك ل‬
‫رحيل تنخفض نسبة سالمة الذين تراجعوا عن الرحيل ‪,‬وضعهم ازداد س وًء‬
‫قليًال‪,‬بدأت عمليات المغادرة السرية‪,‬أولئك الذين خطوا بأمل أول خطوة‪,‬بدأو‬
‫يتش ككون تج اه أنهم سيتخلص ون من الخ وف في خط وتهم االخ يرة‪,‬عم رو‬
‫الشجاع‪,‬هو ذلك البطل الذي اهدته مكة للعالم‪,‬وصل إلي الكعب ة من أج ل ان‬
‫يخطوا أول خطوة‪,‬ملوحًا بقوسه ورمحُه علي كتفيِه قائًال‪":‬يامن تعبدون إله ًا‬
‫غ ير هللا"‪,‬ه ل تظن ون أن ني س أغادر من تل ك المدين ة خفي ة‪,‬ال لن أفع ل‬
‫ذلك‪,‬ليكن لديكم علم أنا األن في طريقي إلي يثرب‪,‬من كان بينكم يري د ت رك‬
‫أطفال يتاما وزوجات أرامل فليتبعني‪,‬بعد رحيل عمر اص بحت الحي اة أك ثر‬
‫صعوبة بالنسبة للمؤمنين‪,‬تم السيطرة بعد األن علي كل خطوات النبي‪,‬عندما‬
‫ذهب صهره عثمان مع ابنته رقية()كان صبور وك ان ينص ح الجمي ع دائم ًا‬
‫بالصبر‪,‬لم يرد ابدًا اإلساءة باإلساءة‪,‬ك ل مافعل ه ه و األتح اد الجم اعي‪,‬علي‬
‫ارغم من ذلك ب دت خط ط المش ركين مخيف ة أك ثر‪,‬يظن ون انهم يس تطيعون‬
‫التخلص من ه بس هولة عن دما يغ ادر أص دقائه والمؤمن ون ب ه بأس تثناء‬
‫القليل ون‪,‬س معنا أنهم انته زوا الفرص ة واخت اروا س بعة ش باب من س بعة‬
‫قبائل‪,‬الس بعة رج ال س يهجمون بالس يف في نفس اللحظ ة‪,‬ل ذلك الهاش ميون‬
‫سيرض وا عن أن تك ون الدي ة بض ع جم ال ب دًال من اخ ذ الثأرهك ذا ُيغل ق‬
‫الحساب‪,‬ك انت الحلق ة تض يق ومخطط ات المش ركين ت زداد عن ف في ك ل‬
‫لحظة‪.‬‬
‫كنت دائما شخص صبور ولكن عبء تحمل كل هذا الضغط جعل ني أفك ر‬
‫كثيرا بسوًء ‪,‬أنفصلت الصفوف في مكة‪,‬أصبح األقارب اعداء‪,‬يوم يفر الم رء‬
‫من بنيه واالبن من ابيه من ابنائهم والبنات من امهاتهن‪,‬لم تكن هن اك لحظ ة‬
‫لم نشعر فيها بأن الشرك يقبض علي أنفاسنا‪,‬في ك ل دقيق ة يخ ترعون س يئة‬
‫وك ل س اعة يض عون خط ط جدي دة‪,‬ذات ليل ة وض عنا نحن ايض ًا‬
‫خطة‪,‬االصدقاء األحرار الثالثة المتبقيون‪...‬أنا وعلي وهو‪,‬يمكن الق ول أن ني‬
‫توص لت إلي حقيق ة ذاتي في خالل تل ك الس اعات القليل ة ال تي غ يرت‬
‫حي اتي‪,‬قب ل ش هرين عن دما أخ ذت األذن من ه لكي أب إالي يس رب م ع‬
‫أطفالي‪,‬قال لي‪":‬صبرًا ياصديقي العزيز‪",‬القليل من الص بر"ربم ا س ينعم هللا‬
‫علي ك برفيق ًا لل درب‪,‬أص بر كث يرًا‪,‬كنت اعتق د دائم ًا أن علي ه و رفي ق‬
‫ال درب‪,‬ولكن عن دما ك ان يخط ط ليًال وق ال أن ني س أكون ث اني األث نين‪,‬في‬
‫البداية سررت كثيرًا‪,‬ولكن بعد ذلك تخوفت كثيرًا‪,‬ماذا لو لم اس تطع حمايت ه‬
‫كم ا يجب‪,‬م اذا ل و قص رت في عملي‪,‬ح تي أن ذل ك الخ وف س يطر علي‬
‫تفك يري بع ائالتي وأطف الي ال ذين س أتركهم بال حماي ة‪,‬وخ وف أم كلث وم‬
‫وفاطم ة من رحيل ه‪,‬لكن تم أتخ اذ الق رار‪,‬لن يلتفت إلي ذل ك وس نخرج إلي‬
‫الطريق يوم االثنين‪,‬خالل الثالث ايام التي قضيناها في جبل ثور في االتجاه‬
‫المعاكس ليثرب ‪ -‬مروا علي ثالثة س نوات‪ -‬ولكن تمت خطتن ا بنج اح‪,‬ك ان‬
‫يبحث المكيين علينا في جميع ط رق ي ثرب في حين انن ا نبقي في كه ف في‬
‫االتجاه المعاكس‪/‬مقابل‪,‬نام علي شجيع الش جعان علي س رير الن بي لتض ليل‬
‫المشركين‪,‬لقد نبهنا بني عبدهللا ان يأتي ويذهب خفية ويخبرنا بما يح دث في‬
‫مك ة‪,‬ك ان ي رعي ال راعي المخلص ام ير بن فهي ير االغن ام إلي جب ل ث ور‬
‫ألخفاء أثاره‪,‬عالوة علي ذلك كانوا سيعطنونا اللبن والمؤن‪.‬‬
‫كما ُقلت‪،‬لقد تحمست كثيرًا عندما قال رفي ق دربي المب ارك أن ه سيس افر‬
‫معي تل ك الليل ة‪،‬و لكن في عص ر نفس الليل ة‪،‬تلقيُت نب أ ان الس بع ش باب‬
‫المشركين حاصروا منزله وتخوفت كثيرًا‪،‬لذلك السبب عندما ألتقين ا لم أراُه‬
‫مضطربًا‪،‬من المحتمل أنه علم عن ال ذين حاص روا منزل ه‪،‬لق د ح زن ولكن‬
‫ليس إلدراكه لل ذين س يتعمدون إي ذاء روح ه وال من أج ل روح ِه ولكن من‬
‫اجل امتُه وألن رسالة هللا للناس لن تكتمل‪.‬‬
‫من بعد تلك الليلة وكل شئ اصبح سريعًا‪،‬وبمجرد أن حل الص باح أعطي‬
‫األمان ات ال تي بحوذت ه ُك ل علي ح دة إلي علي‪،‬عالوة علي أن ج زء منهم‬
‫ك انوا أمان ات األع داء ال ذين تعم دوا إي ذاء روح ه‪"،‬ك ان أمين" لدرج ة أن‬
‫أعدائ ُه لم يقلق وا بش أن األش ياء ال تي أودعوه ا لدي ه‪،‬عن دما أنتهي تس ليم‬
‫األمان ة‪،‬ق ال لعلي أن يرت دي ُس ترة خض راء وين ام علي فراش ه ووفق ًا لم ا‬
‫قاله‪،‬أخذ حفنة من التراب بيدِه وم ر بين الس بعة اش خاص المتربص ين أم ام‬
‫الباب ناثرًا اياهم عليهم‪،‬ظلو جمعيهم هكذا غاشيُة ابصارهم‪.‬‬
‫لقد صدقت كل ما قاله وبالطبع صدقت ذلك أيضًا‪،‬كل ما يقال إذا قاله ه و‬
‫فقد حدث‪،‬وأيضًا كان يؤكد ذلك الخبر ال ذي أحض ره اب ني عبدهللا‪،‬وفق ًا لم ا‬
‫قاله‪،‬في صباح الغ د عن دما رأي المش ركين الس بع ش باب مالبس هم ُملطخ ة‬
‫بالتراب سخروا منهم قائلين‪":‬خيرًا‪،‬ماذا تنتظرون هنا؟"‬
‫"بالتأكيد محمد!"‬
‫"ب النظر إلي ال تراب ال ذي ف وقكم‪،‬يب دو انكم لم تتحرك وا ط وال اللي ل ايه ا‬
‫الثيران ؟"أياكم ان يكون ُمحمد قد ذهب ؟"‬
‫لقد ادرك السبع شباب حينها ما حل علي رأسهم‪،‬ركض وا ف ورًا إلي الم نزل‬
‫وهاجموا الف راش ولكن ف ات اآلوان‪،‬علي الف ارس المغواره و المتواج د في‬
‫الفراش‪،‬احتجزوه وقاموا بأستجوابه ولكن بال جدوي‪،‬هذا هو علي يموت وال‬
‫ُيفشي سرًا‪.‬‬
‫بدا هروب الفريسة‪ ،‬ثقيًال علي المشركين‪،‬صاح ابو جهل ُمعلنًا‪":‬ال تقولوا‬
‫س معنا أم لم نس مع!‪...‬إذا وج د أح دكم ُمحم د س ُيمنح مائ ة ناق ة! و الج ائزة‬
‫ستكون بحوذة دار الندوة"‪.‬‬
‫ك ان أول ص باح لن ا في غ ار ث ور‪،‬كم يوج د في مك ة عب دة اص نام‬
‫قتل ة‪،‬لص وص‪،‬غ ير أوفي اء‪،‬مش ؤومون سيتس لحون ممتط وون الخي ل و‬
‫يالحقوننا من أجل أخذ الجائزة‪،‬قال ابني عبدهللا‪":‬لحسن الحظ"‪،‬عندما تتجهوا‬
‫نحو يثرب سيبحثون عنكم في الطرق الموازية لطريق دمشق‪،‬اآلن ه ذا ه و‬
‫الوقت المناسب إذا كنتم سترحلون‪.‬‬
‫رفيق دربي الُمبارك لم يفعل ما قاله عبدهللا‪،‬قال ‪":‬لننتظر‪،‬دعنا ننتظر يا‬
‫صديقي المخلص"‪،‬بع د ذل ك أض اف ذاك رًا اس م أث نين من المش ركين ُأمي ة‬
‫الماكر وثري طاغي مكة ابو جهل‪":‬بالتأكي د س ُيفكر كالهم ا بش كل مختل ف‬
‫وعاجًال أم آجًال سيفهمون ُخ دعتنا‪،‬لقد أدركت صحة هذا القرار عن دما رأيت‬
‫كال الرجلين الماكريين أنشغلوا بشبكة العنكبوت وبقوا‪.‬‬
‫كان الصباح الثاني لنا في الغار‪،‬بعد صالة العص ر ُص درت اص وات من‬
‫الخارج‪،‬وضع النبي رأسه علي ركبتاي وغرق في ُسبات عميق‪,‬لم يُهن علِي‬
‫إيقاظه‪،‬بينما كنت أتنصت إلي مايحدث في الخ ارج مح اوًال تخمين أص وات‬
‫اآلتيين أستيقظ علي الفور‪،‬خطونا لألم ام مع ًا به دوء ونظرن ا إلي الخ ارج‪،‬‬
‫وإذ بأحدهم يقف خلفه واآلخر أمامه‪،‬حاولت حمايت ه من ك ل الجه ات مثلم ا‬
‫افعل دائمًا‪،‬ت وقفت لبره ة وش عرُت بالدهش ة‪،‬س ألته بهمس‪":‬ي احبيب!‪...‬ه ل‬
‫تري ما أراه؟"‬
‫"هل تتحدث عن العنكبوت؟"‬
‫"وأيضًا عن عش الحمام والثالث بيضات ال تي بداخل ه!وعن ال بيض والعش‬
‫اللذان لم يكن لهم أثر عندما أحضر أبن ُفهيير اللبن صباحًا"‪.‬‬
‫"ُقلت له ال تحزن‪،‬إنما أمره غذا اراد ش يئًا ان يق ول ل ه كن فيك ون‪ ،‬هللا‬
‫ستري أن كل شئ يتيسر أنا ايضًا اري ذلك‪،‬حتي أن هللا ُيريني ما ه و أك ثر‬
‫من ذلك ‪،‬كأجنحة جبريل التي هناك‪،‬ثماني اشخاص يقتربون ياحبيب‪،‬أخش ي‬
‫اال استطيع التصدي لهم"‪.‬‬
‫"ال تخف إن هللا معنا!"‬
‫"ال اخاُف من اجل نفسي ياحبيب‪"...‬‬
‫"أنظر!‪...‬ها قد اتي الحمام إلي الُعش‪".‬‬
‫"مهما يحدث تراجع للخلف هكذا وأنا للجميع س‪"...‬‬
‫"هشششش دعنا نجلس وننتظر ذاكرين هللا!"‬
‫أولئك الذين جاءوا بزعامة ابو جهل وُأمية يتتبعون تعليمات الرجل الذي‬
‫يرشدهم‪ ،‬كاد يخرج قلبي من مكانه‪،‬كنا علي وشك أن نتواج ه عن دما وقف وا‬
‫تحت أخر صخرة سُتصعد‪/‬سيصعدوها‪،‬حبسُت انفاسي‪،‬لم اشعر ابدًا من قب ل‬
‫بأن هللا قريب م ني ب ذلك الق در‪،‬ك ان يجب أن أخش ي ولكن لم يع د للخ وف‬
‫مكانًا في قلبي ‪،‬كنُت أنتظر ما سيحدث فحس ب‪،‬ه ا هم جميعهم هن اك‪،‬ثماني ة‬
‫اشخص متقلدين السيوف‪،‬لو لم يكن الغار ُمظلم من الداخل لكانوا رأونا‪،‬كنت‬
‫ُأريد الموت قتاًال مع ه ؤالء الرج ال‪،‬الم وت والبعث إلي الحي اة مج ددًا بع د‬
‫الموت ثم القتال ومفارقة الحي اة م رة اخ ري‪،‬ولكن ني مض طر أن أعيش من‬
‫اجل حماية رفي ق دربي الُمب ارك‪،‬كنُت أنتظ ر هك ذا دون معرف ة اي ش عور‬
‫انتابني‪،‬ثم صرخ ُأمية علي الرج ل ال ذي يتتبع وه بغض ب‪":‬رجًال احم ق!أي‬
‫نوع من المرشدين انت؟لقد جعلتن ا نص عد إلي هن ا ق ائًال اتبع وني‪ ،‬قلُت أن ه‬
‫يوجد غار في األعلي‪،‬هل كان هذا هو؟"‬
‫"ويحك يا ُأمية توقف‪،‬دعنا نلقي نظرة علي هذا الغار!"‬
‫"أبو جهل!كنت أظن أن أسُم َك ُيعبر عن الجهل فحسب لم ُأفكر أنك ستتحدث‬
‫بجهل أيضًا هكذا"‪.‬‬
‫"لماذا تقول هكذا يا ُأمية؟"‬
‫"ُت ري لماذا أقول هكذا يا ابو جهل"؟أمرًا عجيب!لتُح ل عليك لعنة ُه َب ل‪/‬لينتقم‬
‫ليعاقبك ُه(ُه َب ل‪:‬كبير آلهة مكة والعرب البدائيين) ولُيفسد عقلك!"‬
‫بينما كانوا يص يحون في الخ ارج كنُت في ال داخل علي وش ك أن ُيغش ي‬
‫علٍي‪،‬البد أن رفيق دربي الُمبارك شعر بحالتي وضغط بيده علي يدي‪.‬‬
‫"ي احبيب! إذا أنح ني أح د من ه ؤالء الرج ال ونظ ر إلي ال داخل بج انب‬
‫شبكة العنكبوت سيرانا‪".‬‬
‫تل ك الم رة ربت علي ي داي ونظ ر إلي وجهي مبتس مًا‪":‬ماظن ك ي ا أب ا‬
‫بكر‪.....‬بأثنين هللا ثالثهما؟"‬
‫بعد ذلك الحديث أنشرح صدري‪،‬كان مبتسمًا‪،‬حينه ا ه دأ روعي‪،‬ه ا ق د‬
‫بدأ االنتظار اآلمن‪،‬خرجنا مع ًا وترقبن ا م ا يح دث‪،‬ك ان ُأمي ة يح اول إقن اع‬
‫اآلخرين‪":‬ألم تروا هذا العنكبوت‪ُ،‬ن سجت شباكه قبل مولد ُمحمد‪،‬أنظ روا إلي‬
‫غلظت ُه‪،‬وأيض ًا اي حم ام ه ذا تعتق دون أن ه س يبني ُعش ام ام ب اب غ ار‬
‫مأهول‪/‬مسكون‪.‬‬
‫ليخجل منكم أجدادكم!"‬
‫"صدقُت ي ا ُأمي ة‪،‬عن دما نص ل إلي المدين ة س ُأبرح ه ذا المرش د الُمش عوذ‬
‫خمسون جلدة‪،‬ليتعلم ان يقوم بعمله جيدًا‪".‬‬
‫عن دما رح ل أب و جه ل وأص دقائه أحتفلن ا بفرحتن ا محتض نين بعض نا‬
‫البعض‪،‬كانت تفوح رائحتُه كالورد‪.‬‬
‫أنا عبد كعبة بن أبو قحاف ة‪،‬رفيقي الُمب ارك في الي وم ال ذي أعتنقُت في ه‬
‫اإلسالم غير أسمي إلي عبدهللا‪،‬أما عن المكيين أطلقوا علي أبو بكر‪،‬أبو بك ر‬
‫والد اسماء وعائشة‪،‬لقد آمنت ووثقت ب ه وس لمُت بك ل م ا قال ُه‪،‬عن دما ك ان‬
‫الجميع ُيكذب ُه أن ا كنُت اص دقُه‪،‬كنُت بجانب ه دائم ًا‪،‬ل ذلك الس بب أطل ق علي‬
‫الصديق‪،‬و منُذ ذلك اليوم المؤمنين يدعونني بالصديق‪،‬أم ا عن الثالث لي الي‬
‫التي مرت علي بدون نوم في غار ثور فقد أكسبتني لقب"رفي ُق الغ ار"‪،‬أب و‬
‫بك ر تع ني"وال د ص غير اإلب ل"؛بع د ه ذا الي وم أص بحُت ُان ادي برفي ُق‬
‫الغ ار‪،‬وعلمُت أن ه ذا اللقب أرقي‪/‬ألط ُف بكث ير من أس مائي وص فاتي‬
‫االخ ري‪ُ،‬يعجب ني كث يرًا كلم ا ُان ادي ب"رفي ُق الغ ار"اش ُعر بالحيوي ة‬
‫‪/‬باألطمئنان‪.‬‬
‫كان صديق طفولتي‪،‬ذات ي وم في ش بابنا أحص ينا أعمارن ا واتض ح أن ه‬
‫يكُب رني بع ام‪،‬كنت ُافك ر دائم ًا أن م ع ك ل حديث ه وتص رفه ك األخ االك بر‬
‫تجاهي ليس بكونه االك بر س نًا ولكن مرتب ط بروح ه الناض جة ‪،‬علي عكس‬
‫الش باب المك يين نش أنا علي نفس الغ رار بنفس االس لوب وُاعجبت بنفس‬
‫االشياء التي اعجبتُه‪.‬‬
‫ذات ي وم ج اء لي وأخ برني بحم اس عن حديث ه م ع المالك المس مي‬
‫بجبري ل‪،‬وتلقي ِه ال وحي من هللا وتكليف ُه برس الة‪،‬وعن دما س ألته"م ا ه و‬
‫الوحي؟" ‪/،‬أستكمل ‪/‬قال ُمبجًال‪/‬مستعظمًا‪":‬أقرأ بأسم رب ك ال ذي خل ق‪،‬خل ق‬
‫اإلنسان من علق‪،‬أقرأوربك االكرم‪،‬الذي علم بالقلم‪،‬علم اإلنسان مالم يعلم‪".‬‬
‫كان من الواض ح أن الش خص اُالمي لن يوف ق في ش ئ متعل ق ب القراءة‬
‫والكتاب ة‪،‬عالوة علي أن ني كنت أفك ر دائم ًا من ذ ريع ان ش بابي أن هللا علم‬
‫اإلنسان مالم يعلم‪،‬ولكن إيماني ب ه ليس بس بب ماقال ه ولكن آمنت ب ه لكون ه‬
‫ُمحمد وكان ذلك كافيًا‪.‬‬

You might also like