You are on page 1of 32

Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System

Issue (66) December (2023) ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X

Impact of the Rising of China in Restructuring the International System


Hayder Qahtan Saadoon((
almhadrhydrqhtan@gmail.com
Receipt date:25/8/2023 Accepted date:1/10/2023 Publication date:1/12/2023
https://doi.org/10.30907/jcopolicy.vi66.675

Copyrights: © 2023 by the author.


The article is an open access article distributed under the terms and
condition of the (CC By) license
Creative Commons Attribution 4.0 International License

Abstract:
It is no secret to everyone that the Arab individual suffers from poor self-
awareness and political awareness, which made the state and the importance of its
existence and preserving its institutions not among his interests, which made
researchers wonder about the possibility of strengthening it and the extent of its
impact on the future of building the contemporary Arab state. So, the study
attempts to addressing the issue of community awareness and its impact on
building the state through a clear intellectual vision that blended what is social and
political to define the concept of community awareness and highlight its
importance and role as a basic pillar in shaping and building modern Arab
countries in the Arab world and ways to enhance it. It must be emphasized that the
desired societal awareness cannot be achieved in an instantaneous way, but rather
it needs time because the development of awareness is cumulative, in addition to
that, building awareness starts from the base to the elite and not vice versa, as it is
closely linked to individual socialization.

() Instructor (Ph.D)/Department of International Politics/College of Political Science/Al-


Nahrain University/Jadriya/Baghdad/Iraq.

99
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬
‫‪Keywords: proper societal awareness, the Arab state, Arab democracy, the Arab‬‬
‫‪personality, false awareness.‬‬

‫أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬


‫حيدر قحطان سعدون‬
‫( ‪)‬‬

‫‪almhadrhydrqhtan@gmail.com‬‬
‫تاريخ النشر‪2023/12/1:‬‬ ‫تاريخ االستالم‪ 2023/8/25:‬تاريخ قبول النشر‪2023/10/1:‬‬
‫المستخلص‪:‬‬
‫أنموذجا لقوة دولية صاعدة تطمح إلى تأمين مصالحها القومية‪ ،‬والعمل على‬
‫ً‬ ‫تَُقِدم الصين‬
‫تعزيز دورها في السياسة الدولية‪ ،‬وإعادة تشكيل بنية النظام الدولي الحالي من نظام‬
‫أحادي القطب تحت هيمنة الواليات المتحدة األميركية إلى نظام متعدد األقطاب‪ .‬وإحالل‬
‫مبدأ الشراكة في إدارة الشؤون الدولية بدالً من مبدأ الفردية الذي تبنته اإلدارة األميركية‬
‫في مقاربتها للقضايا الدولية المختلفة‪ .‬مع تعزيز دور منظمة األمم المتحدة وتنظيم‬
‫العالقات بين الدول وفق مبدأ العدالة والمساواة والتعايش السلمي بعيداً عن سياسة المحاور‬
‫والتكتالت التي كانت سائدة خالل حقبة الحرب الباردة‪ ،‬وفي الواقع‪ ،‬فإن الصين تمتلك‬
‫من مقومات القوة المختلفة‪ :‬البشرية‪ ،‬والجغرافية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والعسكرية‪ ،‬والتكنولوجية‪،‬‬
‫والسياسية‪ ،‬والحضارية ما يؤهلها للدفاع عن رؤيتها الخاصة لنظام دولي جديد‪ ،‬إال إن‬
‫الصين تدرك أن المهمة ليست بالسهلة؛ فهذه الرؤية تتعارض مع رؤية الواليات المتحدة‬
‫األميركية التي صاغت لنفسها هدفاً استراتيجياً يتمثل بمنع ظهور أي منافس لها‪ ،‬أو حتى‬
‫أي قوة تطمح إلى أداء دور أكبر ِمما ينبغي لها من وجهة النظر األميركية‪ .‬وعليه‪،‬‬
‫انتهجت الصين سياسة قائمة على المنافسة وليست المواجهة‪ ،‬بمعنى الدخول في منافسة‬
‫الواليات المتحدة األميركية مع تجنب أي شكل من أشكال المواجهة أو الصدام المباشر‬
‫معها‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الصين‪ ،‬الدولة الصاعدة‪ ،‬النظام الدولي متعدد األقطاب‪ ،‬توازن القوى "الناعم"‬

‫(‪ )‬مدرس (دكتوراه)‪ /‬قسم السياسة الدولية‪ /‬كلية العلوم السياسية‪ /‬جامعة النهرين‪ /‬الجادرية‪ /‬بغداد‪ /‬العراق‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫صّنف الصين من عدد من الباحثين والدارسين على أنها قوة دولية صاعدة؛ لما تمتلكه‬ ‫تُ َ‬
‫من (قوة كامنة) ُيمكن تحويلها إلى قدرة فعلية مؤثرة في التوازنات اإلقليمية والدولية‪ .‬ترافق‬
‫ذلك‪ ،‬مع سياسة الصين الداخلية نحو اإلصالح االقتصادي وتحقيق التنمية االقتصادية‬
‫وتطوير قدراتها العسكرية‪ ،‬وسياستها الخارجية نحو تعزيز عالقاتها مع الدول األخرى‬
‫إقليمياً ودولياً‪ .‬بل أن الصين تبنت رؤية جديدة للنظام الدولي قوامها التعددية القطبية‬
‫كبديل لألحادية القطبية الممارسة من الواليات المتحدة األمريكية في إدارة الشؤون الدولية‪.‬‬
‫لتنظم بذلك إلى دول أخرى مناهضة للهيمنة األمريكية (كروسيا مثالً)‪ .‬على أن الرؤية‬
‫الصينية لنظام دولي جديد متعدد األقطاب والمراكز أدخلها‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬بمنافسة مع‬
‫الوالية المتحدة األمريكية التي وجدت في صعود الصين مصدر تهديد مستقبلي محتمل‬
‫درك أن فرضية المواجهة المباشرة مع‬ ‫للهيمنة األمريكية يتطلب التعامل معه‪ .‬فالصين تُ ِ‬
‫الواليات المتحدة األمريكية مطروحة وإن سعت إلى تأخير تلك المواجهة أو تفاديها قدر‬
‫اإلمكان لكلفتها الباهظة على الطرفين السيما مع الحديث عن دولتين نوويتين كالصين‬
‫والواليات المتحدة األمريكية‪ .‬لذلك لجأت الصين إلى وسائل أخرى للمنافسة أقل تصعيداً‬
‫يمكن أن تحفظ توازن القوى بين الطرفين تجنباً لمواجهة عسكرية مباشرة‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم‪ ،‬تنطلق إشكالية الدراسة من خصوصية المرحلة التي َيمر بها النظام‬
‫ً‬
‫الدولي المعاصر‪ ،‬وهي مرحلة انتقالية في شكل النظام الدولي من األحادية القطبية إلى‬
‫دعوات التعددية القطبية في ظل صعود قوى منافسة للهيمنة األمريكية ومن أبرزها الصين‪.‬‬
‫وعليه تطرح الدراسة التساؤالت االتية‪:‬‬
‫‪ .1‬ما المقصود بالدولة الصاعدة‪ ،‬والصعود السلمي‪ ،‬وهل تنطبق هذه الحالة على الصين؟‬
‫أثر في إعادة تشكيل النظام الدولي القائم‪ ،‬وعلى‬
‫‪ .2‬هل لتعزيز الصين مكانتها الدولية ٌ‬
‫ماذا تقوم رؤيتها لنظام دولي جديد؟‬

‫‪101‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫‪ .3‬ما هو األسلوب الذي تتبعه الصين في منافسة الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وما‬
‫المقصود بالتوازن الناعم؟‬
‫وعليه فإن الدراسة تنطلق من فرضية مفادها (أن تعزيز الصين لمكانتها الدولية ُي ِ‬
‫سهم في‬
‫إعادة هيكلة النظام الدولي الحالي من نظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد األقطاب‪.‬‬
‫عزز أكثر مع استكمال الصين لمصادر قوتها القومية)‪.‬‬
‫على أن هذه المكانة تتَ ّ‬
‫المنهجية‪:‬‬
‫اعتمدت الدراسة المنهج االستقرائي القائم على تحديد ظاهرة معينة (صعود الصين)‬
‫ومالحظتها بدقة من خالل جمع البيانات وتقصي الحقائق المرتبطة بها‪ ،‬والوصول إلى‬
‫النتائج العامة المترتبة عليها (إعادة هيكلة النظام الدولي)‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الصعود السلمي للصين‬
‫ُيقصد بالدولة "الصاعدة"؛ هو اتجاه تلك الدولة بشكل حثيث نحو استكمال عوامل القوة‬
‫التي ترشحها ألن تكون قوة مؤثرة مستقبالً على الصعيدين اإلقليمي والدولي‪ ،‬من خالل‬
‫االستفادة من عوامل القوة الكامنة ‪ )i(Latent power‬لديها "كزيادة حجمها السكاني‬
‫وحصتها من الثروة العالمية على نحو ما سعت إليه الصين في العقود الماضية" (وهبان‬
‫‪ .)2016‬على إن "الصعود ليس مشروعاً اقتصادياً ُيقاس بنمو الصادرات أو بقوتها‬
‫(فقط)‪ ،‬وإنما هو مشروع سياسي متكامل(‪ )...‬يقوم على‪ :‬تطوير التكنولوجيا‪ ،‬والقدرة على‬
‫الوصول إلى الموارد الطبيعية‪ ،‬والهيمنة على المنظومة المالية العالمية(‪ )...‬وامتالك‬
‫أسلحة الدمار الشامل" (أمحمدي ‪ ،)36 ،2018‬والقدرة على التأثير من خالل المنظمات‬
‫اإلقليمية والدولية‪ ،‬والمحافظة على الهوية الثقافية الوطنية والتعريف بها‪ ،‬والقدرة على‬
‫توظيف كل ذلك في سبيل تعزيز قوة ومكانة الدولة‪ .‬والجدير ذكره‪ ،‬أن استراتيجية نهضة‬
‫عرف بمفهوم "الصعود السلمي‬
‫الصين و"صعودها" اقترنت أساساً بالطابع السلمي أو ما ُي َ‬
‫للصين"‪ ،‬الذي "ارتبط منذ بداياته بشخصية الرئيس الصيني "هو جينتاو" (‪-2003‬‬
‫‪)2013‬؛ بهدف تمكين الصين من أن تصبح قوة عالمية‪ ،‬دون الدخول في حرب باردة‬
‫جديدة" (مدهون ‪ .)57 ،2014‬ولتجاوز معضلة "المأزق األمني" التي تتلخص في "أن‬
‫‪102‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫إجراءات الدولة المتخذة في زيادة أمنها (من طريق تعزيز قوتها)‪ ،‬عادة ما تقلص أمن‬
‫الدول األخرى" (مصباح ‪)166 ،2010‬؛ لذلك "بذل المسئولون الصينيون جهوداً كبيرة‬
‫لتمرير فكرة الصعود السلمي للصين كخطاب موجه أساساً لتبديد المخاوف والشكوك –‬
‫لدى الدول األخرى‪ -‬التي من شأنها تعطيل وعرقلة التنمية االقتصادية(‪ .)...‬إذ سعت‬
‫تلك الجهود إلـى تجنيب البالد ما قــد تثيره هذه المخاوف من ردود فعــل محتملة‪ ،‬ومـن‬
‫إجـراءات تقضي بتحـويل االستثمـارات ورؤوس األموال إلى وجهة أخرى بدل الصين"‬
‫(مدهون ‪.)57 ،2014‬‬
‫وبالحديث عن فرص الصين للصعود كقوة دولية مؤثرة والتحديات التي تواجهها‪ ،‬ومن‬
‫ابتداء بمعدل النمو السكاني؛ "تُ َعد الصين أكبر دول‬
‫ً‬ ‫خالل استعراض مقومات قوة الدولة‬
‫العالم (قبل أن تتجاوزها الهند بحسب تقديرات عام ‪ )2023‬من حيث عدد السكان الذي‬
‫قدر بنحو (‪ )1.4‬مليارات نسمة بنهاية عام ‪2020‬م(‪ )...‬إال إنه من المالحظ أن معدل‬
‫النمو السكاني للصين اتسم بالبطء‪ ،‬إذ زاد عدد السكان بمقدار (‪ )72‬مليون نسمة فقط‬
‫خالل عقد بأكمله(‪ )...‬وهو ما يعني أن الصين قد تشهد نمواً سكانياً سلبياً في المستقبل"‬
‫(مركز الحوار ‪ .)55 ،2022‬األمر الذي دفع الحكومة الصينية إلى تشجيع األسر على‬
‫إنجاب المزيد من األطفال (ما يصل إلى ثالثة أطفال) وزيادة اإلنفاق على الصحة‬
‫اإلنجابية وتحسين خدمات رعاية األطفال" (العربية اإلخبارية نت ‪.)2022‬‬
‫أما جغرافياً‪ ،‬فقد تميزت الصين بموقع جغرافي يتمثل "بخط ساحلي معتدل طوله تسعة‬
‫آالف ميل مع الكثير من الموانئ الطبيعية الصالحة(‪ )...‬إذ يمتد الوصول الفعلي للصين‬
‫من آسيا الوسطى‪ ،‬مع كل ثرواتها المعدنية والغنية بالطاقة‪ ،‬إلى طرق المالحة الرئيسة‬
‫موسعة للحدود‬
‫على المحيط الهندي" (كابالن ‪ .)160 ،2010‬وهو ما ترافق مع نظرة ّ‬
‫الفعلية لدولة الصين؛ إذ "ظهرت بعــد ع ــام ‪ 2001‬طروحات تـقــوم على الدعوة بأن هنالك‬
‫حقـوق صينية في بحر الصين‪ ،‬في العديد من الجزر المتنازع عليها مع اليابان ودول‬
‫جنوب شرق آسيا" (عطوان وآخرون ‪ .)208 ،2017‬على الرغم من "محافظة الصين‬
‫على عالقاتها مع اليابان (ودول المنطقة)‪ ،‬بمعنى أنها لم تتجه إلى تطوير أزمة بقدر ما‬
‫‪103‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫عبرت عن طموحاتها بالتوسع في البحر" (عطوان وآخرون ‪ .)237 ،2017‬إذ اعتمدت‬


‫الصين في سياستها الخارجية "مبدأ التعايش السلمي واتفاقيات األمن والتعاون الثنائية‪،‬‬
‫وهو المبدأ الذي يحكم عالقتها مع العديد من الدول المجاورة" (فهمي ‪.)248 ،2009‬‬
‫أم ــا على المستوى االقتصادي‪" ،‬فقـد حققت الصين تقــدم ـاً كبي اًر سمح لهـا فـي ع ــام‬
‫‪2001‬م أن تدخــل فــي نطاق ثالث أكبر اقتصاد في العـالم" (عطوان وآخرون ‪،2017‬‬
‫‪ .)208‬لترتقي بعـدهـا لمرتبة االقتصاد الثاني في العـالم بعد الواليات المتحـدة األمريكية‬
‫(عباس ‪ .)548 ،2019‬فيما "تجاوز ناتجها المحلي لعام ‪2005‬م ضعف ناتج الهند‬
‫وروسيا معاً بمقدار (‪ )2225‬مليار دوالر" (ح‪ .‬حسين ‪" .)113 ،2014‬أما ناتجها‬
‫القومي فوصل إلى نحو (‪ )10‬آالف مليار دوالر في عام ‪( "2016‬عطوان وآخرون‬
‫‪ .)236 ،2017‬كما "أصبحت الصين واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم بقيمة‬
‫تراكمية من العمالت األجنبية ُقِّد َرت بأكثر من تريليون دوالر أمريكي خالل العقد األول‬
‫من القرن الـ (‪( ")21‬عبد المنعم ‪ .)167 ،2020‬وهو ما انعكس بمجموعه إيجاباً على‬
‫نمو االقتصادي الصيني وتحسين مستوى دخل الفرد إذ صنفت الصين ضمن الدول ذات‬
‫الدخل المتوسط األعلى حسب ما جاء في تقرير "مؤشر التنويع االقتصادي العالمي لعام‬
‫‪( "2023‬ينظر جدول رقم‪ .)1‬على الرغم من‪ ،‬التأثر السلبي لالقتصاد الصين بفعل جائحة‬
‫(كوفيد ‪ ،)19‬بعد "اكتشاف أولى حاالت عدوى بشرية فـي مدينة "ووهـان" الصينية في‬
‫كانـون األول عـام ‪2019‬م" (الهرش ‪ ،)119 ،2020‬وبخسائـر اقتصاـدية وصلــت‬
‫بحســب بعــض التقــديـرات لعام ‪ 2021‬فقـط‪ ،‬إلـى (‪ )417‬مـلـيـار دوالر أمريكي (مركز‬
‫الحوار ‪)27 ،2022‬؛ نتيجة سـياسـة اإلغـالق والـتـبـاعــد االجتماعي التـي طبقت في العديد‬
‫من دول العالم ومن ضمنها الصين‪ُ .‬يضاف إلى ذلك‪ ،‬تحديات أخرى كتأمين إمدادات‬
‫الطاقة السيما النفطية منها‪" .‬إذ تحتل الصين المرتبة الثانية عالمياً من حيث كميات‬
‫النفط المستوردة‪ ،‬وهو ما جعل من مسألة أمن الطاقة تحدياً حقيقاً يواجه القيادة الصينية‪،‬‬
‫ويهدد "قفزتها" االقتصادية بالتراجع‪ ،‬ويهدد مستقبل الحزب الشيوعي في الحكم أيضاً؛ ألنه‬
‫يتخذ من اإلنجازات االقتصادية أساساً لتدعيم شرعيته" (دندن ‪ .)152 ،2014‬وهـو مـا‬
‫‪104‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫دفع بالحكومة الصينية "للعمل فـي إطار استراتيجية (التـوجـه نحو الخارج ‪Going out‬‬
‫‪ )strategy‬أو االستثمـارات ما وراء البحـار‪ (Overseas investments‬لغـرض تنويع‬
‫مصادرها من النفط" (دندن ‪.)153 ،2014‬‬
‫جدول رقم (‪)1‬‬
‫تصنيفات الدول حسب مستوى الدخل (وفقاً لما جاء في تقرير "مؤشر التنويع االقتصادي العالمي لعام ‪)"2023‬‬
‫دول مرتفعة‬ ‫دول ذات الدخل المتوسط دول ذات الدخل المتوسط‬ ‫دول منخفضة‬
‫الدخل‬ ‫األعلى‬ ‫األدنى‬ ‫الدخل‬
‫أستراليا‬ ‫ألبانيا‬ ‫أنجوال‬ ‫مدغشقر‬
‫النمسا‬ ‫األرجنتين‬ ‫بنجالديش‬ ‫النيجر‬
‫البحرين‬ ‫أذربيجان‬ ‫بوليفيا‬ ‫رواندا‬
‫بلجيكا‬ ‫بوتسوانا‬ ‫كمبوديا‬ ‫أوغندا‬
‫كندا‬ ‫الب ارزيل‬ ‫الكاميرون‬
‫تشيلي‬ ‫الصين‬ ‫جمهورية الكونغو‬
‫كرواتيا‬ ‫كولومبيا‬ ‫كوت ديفوار‬
‫قبرص‬ ‫كوستاريكا‬ ‫جمهورية مصر العربية‬
‫جمهورية التشيك‬ ‫اإلكوادور‬ ‫السلفادور‬
‫الدنمارك‬ ‫جورجيا‬ ‫غانا‬
‫المصدر‪( :‬براساد أ وآخرون ‪)88 ،2023‬‬
‫أما عسكرياً‪ ،‬فتعد الصين قوة نووية متنامية (ينظر الشكل رقم‪ ،)1‬مع "توجهها لبناء‬
‫قدراتها الدفاعية استناداً إلى عنصرين أساسيين هما القوة الصاروخية الضاربة‪ ،‬والقوة‬
‫البحرية القادرة على االشتباك في المضايق وأعالي البحار‪ .‬فضالً عن‪ ،‬وجود سالح جو‬
‫لم تتوقف مسيرة تحديثه منذ عقود‪ .‬ومن الواضح أن العقيدة العسكرية الصينية بدت معنية‬
‫بالدفاع عن مصالح اقتصادية وجيوسياسية أخذت تكتسب طابعاً عالمياً أكثر من أي‬
‫وقت مضى" (ح‪ .‬حسين ‪ .)115 ،2014‬فوفقاً "للكتاب األبيض للسياسة الدفاعية‬
‫الصينية (عامي ‪ 2013‬و‪ ،)2019‬لم يعد دور الجيش مقتص اًر على حماية المصالح في‬
‫المحيط اإلقليمي فقط‪ ،‬بل أصبح لديه مهام في حماية مصالح ما وراء البحار والمحيطات‬

‫‪105‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫الواسعة في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي والخليج العربي والبحر المتوسط‪ .‬كما‬
‫ظهرت دعوات من قادة عسكريين لبناء المزيد من القواعد العسكرية بعد اإلعالن عن‬
‫القاعدة الصينية في جيبوتي بهدف حماية المصالح البحرية الصينية‪ .‬فمن المعروف أن‬
‫الصين تعتمد فـي تجارتها الخارجية البحرية على األسواق العالـمية‪ ،‬فهــذه الشحـنات‬
‫البح ـرية البـد لها من وجود قـواعـد عسكـرية تـوف ــر لها الحمـاية مـن خطـر القـرصنة البحرية‪.‬‬
‫سيعطي للصين القدرة على إظهار قوتها خارجياً"‬
‫فضالً عن أن وجود مثل هذه القواعد ُ‬
‫(مركز الحوار ‪.)35 -34 ،2022‬‬
‫شكل رقم (‪)1‬‬
‫المسار البياني لتنامي العدد التقديري للرؤوس النووية في الترسانة النووية الصينية للحقبة (من ‪ 2011‬إلى ‪)2030‬‬

‫المصدر‪( :‬بي بي سي نت ‪ ،)2023‬نقالً عن‪ :‬سيبري‪ ،‬ووزارة الدفاع األمريكية‬

‫كما ولجت الصين في سباق التنافس التكنولوجي الذي برز في مجاالت متعددة من‬
‫أبرزها التصنيع‪ ،‬الذي "تضمن "قفزة" مباشرة من تقليد التكنولوجيا في دول أخرى أكثر‬
‫تقدماً إلى االبتكار محلياً وانتشار هذه االبتكارات إلى الحدود العالمية" (ناصف ‪.)2019‬‬
‫فضالً عن‪ ،‬تطورها في مجال تكنولوجياً علوم الفضاء‪ .‬وقد "أوضح مركز الدراسات‬
‫االستراتيجية والدولية (‪ ،)CSIS‬الذي يتخذ من واشنطن مق اًر له‪ ،‬أن خطة "صنع في‬

‫‪106‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫الصين ‪2025‬م" هي استراتيجية بعيدة المدى تسعى لتشجيع االبتكار المحلي في‬
‫الصناعات المتطورة‪ ،‬وزيادة كفاية الصين في صناعات التكنولوجيا الفائقة‪ ،‬ونقل منتجات‬
‫البالد إلى قمة مستويات القيمة والجودة‪ .‬وتستهدف االستراتيجية تعزيز (‪ )10‬صناعات‬
‫في الصين‪ ،‬هي تكنولوجيا المعلومات المتقدمة الجديدة‪ ،‬بما في ذلك الذكاء االصطناعي‬
‫والحوسبة الكمية‪ ،‬واآلالت‪ ،‬والروبوتات‪ ،‬ومعدات الفضاء والطيران‪ ،‬والمعدات البحرية‬
‫والشحن عالي التقنية‪ ،‬ومعدات النقل الحديثة للسكك الحديدية‪ ،‬والسيارات ذاتية القيادة‬
‫والمعتمدة على الطاقة الجديدة‪ ،‬ومعدات الطاقة‪ ،‬والمعدات الزراعية‪ ،‬وتطوير األجهزة‬
‫العسكرية الجديدة‪ ،‬والمستحضرات الدوائية الحديثة والمنتجات الطبية المتقدمة" (رمزي‬
‫وعبد الوافي ‪.)122 ،2019‬‬
‫أم ــا سياسياً‪ ،‬فتعد الصين من الدول دائمة العضوية في مجلس األمن التي تمتلك حق‬
‫النقض (الفيتو)‪ ،‬مـا منحها تأثي اًر سياسياً في الكثير مـن القضايا اإلقليمية والدولية التي‬
‫يتم عرضها على المجلس‪ .‬مع دبلوماسية نشطـة "امتد نفـوذها(‪)...‬إلى شرق آســيا وأف ـريقيا‬
‫وأمريكا الالتينية والشـرق األوسط" (ح‪ .‬حسين ‪.)118 ،2014‬‬
‫كما اهتمت الصين بالبعد الثقافي‪ ،‬من خالل‪ ،‬تعريف دول العالم بثقافتها وحضارتها‪ .‬إذ‬
‫"أسست الحكومة الصينية ما يزيد على (‪ )300‬معهد تحمل اسم "معهد كونفوشيوس"(‪،)ii‬‬
‫في أكثر من (‪ )80‬بلداً‪ .‬وتقام هذه المعاهد عادة في الجامعات؛ تشجيعاً لدراسة لغة‬
‫الصين وثقافتها وتأريخها" (هيرد وآخرون ‪.)238 ،2013‬‬
‫يتضح من كل ما تـق ــدم أن الصين تتجـه َب ُخطى حثـيثـة‪ ،‬على الرغم من التحديات التي‬
‫تواجهها‪ ،‬نحــو تع ـزيز مصادر قـوتهـا علـى األصعدة جميعا‪ :‬بشرياً واقتصادياً وعسكرياً‬
‫وتكنولوجياً‪ ،‬فضالً عن السياسية منها والثقافية‪ .‬وهو ما يمكن تحليله من طريق اتجاهين‪:‬‬
‫النظرية الواقعية الدفـاعية‪ :‬التي تـرى أن هــدف الدول من تعظيم مصـادر قـوتها هو‬ ‫أ‪-‬‬
‫"البقاء" وليس "الهيمنة"‬
‫على النظام الدولي‪ .‬وهذا التحليل يقترب من الطرح (الرسمي) الصيني "وفق تصور يسعى‬
‫إلى خلق شروط التعددية القطبية التي صاغها "هو جيتناو" في مبدأ "الالءات األربع"‪ :‬ال‬
‫‪107‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫للهيمنة‪ ،‬ال لسياسة القوة‪ ،‬ال لسياسة األحالف‪ ،‬وال لسباق التسلح" (مدهون ‪-59 ،2014‬‬
‫‪ .)60‬فالصين ال تقدم نفسها كقوة عظمى مهيمنة وبديلة عن الواليات المتحدة األمريكية‬
‫في نظـام دولي أحـادي القطبية‪ ،‬بل أنهــا تدعـو إلى إقامة نظام دولي متعدد األقطاب وفـق‬
‫مبدأ الشراكة الدولية (كما سيأتي تفصيله في المبحث الثاني من هذه الدراسة)‪.‬‬
‫ب‪ -‬النظرية الواقعية الهجومية‪ :‬التي ترى أن الدول في سعيها لتعزيز قوتها إنما ترمي‬
‫إلى "الهيمنة" وليس "البقاء"‪ .‬وهذا التحليل يقترب من الطرح األمريكي الذي يرى أن لدى‬
‫الصين النزعة والقدرة التنافسية للهيمنة على النظام الدولي‪ .‬إذ توقع وزير الخارجية‬
‫األمريكي األسبق "هنري كيسنجر" انتقاالً للقوى من الغرب إلى الشرق وتحديداً إلى الصين‬
‫التي حققت نجاحات جعلتها – حسب كيسنجر ‪ -‬في مقدمة دول العالم السيما في‬
‫المجاالت االقتصادية (عبد الفتاح ‪.)162 ،2010‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬النظام الدولي متعدد األقطاب‬
‫دعـت الصين إلى إقامة نظام دولي متعدد األقطاب‪ ،‬يحترم سيادة الدول واستقاللها وفق‬
‫مبدأ الشراكة في إدارة العالقات الدولية‪ .‬كما "تطلعت إلى نظام عالمي جديد قائم على‬
‫األمن والعدالة والمساواة‪ ،‬بعيداً عن عقلية الحرب الباردة ومفاهيمها‪ ،‬وعن التكتالت‬
‫والمحاور الدولية" (فهمي ‪ .)19 ،2000‬إذ يمكن إيجاز الرؤية الصينية لنظام دولي‬
‫متعدد األقطاب باالستناد إلى ثالثة أركان رئيسة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬سيادة الدولة القومية‪ :‬أكدت الرؤية الصينية "على أهمية االحترام المتبادل للسيادة‪،‬‬
‫وعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول األخرى(‪ .)...‬مع التركيز على مبدأ "حرية‬
‫االختيار"‪ ،‬أي أن تكون لكل دولة سياستها االقتصادية واالجتماعية والداخلية التي تتماشى‬
‫وتحقيق التنمية القومية فيها دون تدخل الدول األخرى‪ .‬إذ ترى الصين أن عدم نفاذ هذه‬
‫السياسات يضع عوائق في العالقات الخارجية للدولة؛ وفي هذا إشارة مستترة إلى الواليات‬
‫المتحدة األمريكية التي دائماً ما ربطت عالقاتها التجارية مع الصين بمسألة حقوق اإلنسان‬
‫الداخلية‪ ،‬فهي تعارض بشدة مثالً موقف الصين تجاه األقليات في التبت‪( .‬إذ تُرِجع‬
‫الصين) اهتمام الواليات المتحدة األمريكية بهذه الشؤون إلى أنه اهتمام اقتصادي بحت؛‬
‫‪108‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫فاستعمال الواليات المتحدة األمريكية لحقوق اإلنسان كعنصر في سياستها الخارجية‪ ،‬هو‬
‫بمنزلة ورقة ضغط على الصين لتعديل بعض سياساتها االقتصادية الداخلية الضارة‬
‫بالتجارة األمريكية‪َ ،‬كـ "انتهاك" حقوق الملكية الفكرية" (فهمي ‪ .)20-19 ،2000‬فالرؤية‬
‫الصينية "تؤمن بالسيادة بمعناها "الجامد"‪ ،‬بل إنها ترى أن انتهاكات حقوق اإلنسان ال‬
‫تمثل أساساً النتهاك مفهوم السيادة أو التدخل في الشؤون الداخلية‪ .‬وينطبق التكييف ذاته‬
‫على فكرة الدفاع عن النفس‪ ،‬في حين تتبنى الواليات المتحدة األمريكية مفهوماً موسعاً‬
‫للمصلحة الوطنية أدى بدوره إلى توسيع مفهوم حق الدفاع عن النفس‪ ،‬فإن الصين ال‬
‫تزال تؤكد على ضرورة تضييق حق استخدام القوة المسلحة على حاالت انتهاك السيادة‬
‫أو وجود اعتداء محدد على األراضي اإلقليمية للدولة‪ ،‬وهـو مـا يعني رفض الصين فكرة‬
‫استعمال القـوة خارج الحـدود اإلقليمية للدولة" (عبد الفتاح ‪.)160 ،2010‬‬
‫‪ .2‬الشراكة الدولية‪ :‬وهو المبدأ الذي طبع عالقة الصين بالدول األخرى‪ .‬إذ "تبدو مالمح‬
‫التعددية القطبية التي تسعى الصين إلى تحقيقها‪ ،‬من طريق انتهاجها استراتيجية ت ارعـي‬
‫التوازن علـى الصعـيد الـدولي وفـق رؤية ترمـي إلـى التوفيق بين المنافسة والتعــاون فـي‬
‫المالحظ‪ ،‬أن "الصين ارتبطت بعالقة‬ ‫عالقاتها الدولية" (مدهون ‪ .)60 ،2014‬فمن ُ‬
‫شراكة وتعاون مع الدول الكبرى مثل الهند‪ ،‬روسيا‪ ،‬اليابان‪ ،‬واالتحاد األوربي‪ ،‬لقدرة هذه‬
‫اء في االستحواذ على األسواق‪ ،‬ام على مصادر الطاقة‪،‬‬
‫الدول على منافستها(‪ )...‬سو ً‬
‫ثم وجب تفادي الدخول في صراعات أو مواجهات معها" (مدهون ‪.)60 ،2014‬‬ ‫ومن ّ‬
‫واألمر ذاته ينطبق على الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬إذ "أولت الصين أهمية خاصة‬
‫لل عالقات الثنائية بين البلدين‪ ،‬ليس لحاجتها إلى االستثمارات واألسواق األمريكية الكبيرة‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما أيضاً من منطلق أن التعاون الثنائي بين البلدين كفيل بإيجاد حلول واقعية‬
‫للعديد من األزمات العالمية والصراعات الدولية" (مدهون ‪ .)60 ،2014‬كما أن مبدأ‬
‫الشراكة الدولية اتسع ليشمل دعوات إصالح األمم المتحدة بوصفها منظمة دولية جامعة‪،‬‬
‫إذ ّأي َد الموقف الصيني إصالح مجلس األمن‪ ،‬من خالل "توسيع عضويته(‪ )...‬مع إعطاء‬
‫األولوية لتمثيل الدول النامية داخل المجلس كونه تمثيل ناقص ال يتناسب مع نسبتها‬
‫‪109‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫التي تزيد على ثلثي الدول األعضاء‪ ،‬فالبد إذن من فسح المجال أمام دول العالم‪،‬‬
‫خصوصاً الدول المتوسطة والصغيرة‪ ،‬للتناوب من حيث المشاركة في صناعة القرار مع‬
‫مراعاة التوازن الجغرافي والتمثيل الثقافي والحضاري(‪ )...‬مع وجوب األخذ بمبدأ التوافق‬
‫من خالل إجراء المشاورات الالزمة لضمان مصالح األطراف جميعا ذلك إن القـ اررات‬
‫التـي تتم مـن طريق التوافق والتشاور سوف تحظى بالدعم والثقة بخالف اللجـوء إلــى‬
‫التصويت القسري" (التميمي ‪.)262 -261 ،2014‬‬
‫كما يتضمن "مبدأ الشراكة"‪ ،‬بكل ما يوحي إليه من معاني المشاركة والتعاون ما بين‬
‫الدول المختلفة‪ ،‬رفضاً لسياسة األحالف واألحالف المضادة والتكتالت والمحاور الدولية‪،‬‬
‫التي صاغها الرئيس الصيني السابق "هوجينتاو" كشرط‬ ‫(‪)iii‬‬
‫وهي إحدى "الالءات األربع"‬
‫لقيام نظام دولي متعدد األقطاب بعيداً عن تكتالت ومفاهيم الحرب الباردة‪ .‬ولعل هذا ما‬
‫وعدم‬ ‫يفسر الموقف الرسمي للحكومة الصينية من الحرب (الروسية – األوكرانية)‬
‫(‪)iv‬‬

‫تدخلها كطرف في الحرب أو إظهار وتقديم أي شكل من أشكال الدعم العسكري إلى‬
‫الجانب الروسي الذي تربطها به عالقات ثنائية جيدة‪ .‬على الرغم من‪ ،‬رفض الصين‬
‫إدانة روسيا أو إطالق مصطلح "غزو عسكري" على "العملية العسكرية الخاصة" الروسية‬
‫في أوكرانيا‪ .‬فالصين تدرك أن أي تدخل مباشر في الحرب إلى جانب روسيا سيجعل‬
‫الصين في جبهة مواجهة مع حلف شمال األطلسي (الناتو)‪ ،‬بقيادة الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬الداعم ألوكرانيا‪ .‬وهو ما يعني استنزاف قدرات الصين في حرب قد تتطور‬
‫لتُصبح حرباً عالمية‪ ،‬ذات طابع نووي‪ ،‬ال يوجد فيها رابح‪.‬‬
‫‪ .3‬األمن التعاوني‪" :‬هو نشاط تمارسه الدول بالتعاون فيما بينها في خفض احتماالت‬
‫الحرب‪ ،‬أو التقليل من األضرار التي تسببها الحرب فيما لو وقعت‪ .‬وخالفاً لألمن الجماعي‬
‫الذي يشمل قيام الدول مجتمعة باتخاذ إجراء ضد دولة محددة تهدد األمن الدولي‪ ،‬فإن‬
‫األمن التعاوني غير موجه بالضرورة ضد هدف مخصوص‪ ،‬وإنما ينطوي غالباً على‬
‫تحسين البيئة التي تعمل الدول ضمنها‪ ،‬من خالل نشاطات مثل نزع التسلح‪ ،‬ومراقبة‬
‫التسلح‪ ،‬وتدابير بناء الثقة واألمن‪ ،‬والدبلوماسية الدفاعية (مثل الشراكة من أجل السالم)‪،‬‬
‫‪110‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫والتنمية االقتصادية‪ ،‬وعمليات السالم والتصدي النتشار األسلحة" (روبنسون ‪،2009‬‬


‫ف – ِبـ "التنمية‬
‫‪ .)75‬فقد "حددت الصين أهداف سياستها الخارجية في إطار – ما ُع ِر َ‬
‫السلمية" للحفاظ على السلم العالمي‪ ،‬ودفع التنمية المشتركة من أجل بناء عالم متناغم‬
‫كهدف يمكن تحقيقه على المدى البعيد شريطة تضافر الجهود في المجال السياسي من‬
‫طريق االحترام المتبادل والمساواة(‪ )...‬وإعادة المكانة لألمم المتحدة‪ ،‬واحترام القوانين‬
‫واألعراف الدولية‪ .‬وفي المجال االقتصادي‪ ،‬عبر تكثيف الجهود من أجل توجيه تطور‬
‫العولمة االقتصادية نحو التوازن‪ ،‬وتحقيق المنفعة العامة للجميع‪ .‬وفي المجال الثقافي‪،‬‬
‫من طريق السعي إليجاد النقاط المشتركة وإرجاء نقاط الخالف‪ ،‬واحترام التنوع العالمي‪،‬‬
‫ثم في المجال األمني‪ ،‬عبر تعزيز الثقة والتعاون‪،‬‬
‫والدعوة للحوار بين مختلف الحضارات‪ّ .‬‬
‫والتمسك بحل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية بدل اللجوء إلى الحرب أو التهديد بها"‬
‫(مدهون ‪ .)58 ،2014‬كما "أبدت الصين (تجاوباً) كبي اًر‪ ،‬بوصفها عضواً دائماً في‬
‫مجلس األمن‪ ،‬في منح دعمها لق اررات المجلس جميعا المتعلقة بمحاربة اإلرهاب والحد‬
‫من انتشار أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ووّقعت على المعاهدات واالتفاقيات واألنظمة الرئيسة‬
‫جميعا التي أبرمت في ميداني الحد من التسلح ومنع االنتشار النووي‪ ،‬باستثناء عدد قليل‬
‫جداً منها" (هيرد وآخرون ‪ .)253 ،2013‬فضالً عن‪ ،‬إسهامها في عمليات السالم التابعة‬
‫لألمم المتحدة‪" ،‬حتى ُعّدت – في مرحلة معينة‪ -‬المسهم األكبر فــي قـوات األمـم المتحــدة‬
‫لحـفــظ السـالم بين الــدول الخمس الـدائمـة العضوية فـي مجلس األمـن" (هيرد وآخرون‬
‫‪.)257 ،2013‬‬
‫يتضح ِمما تقدم أن رؤية الصين لنظام عالمي جديد ِقوامه التعددية القطبية تتعارض مع‬
‫رؤية الواليات المتحدة األمريكية التي سعت إداراتها المتعاقبة‪ ،‬ومنذ انتهاء حقبة الحرب‬
‫الباردة‪ ،‬إلى تأمين "السيادة" األمريكية على العالم والتصدي ألي قوة منافسة‪ ،‬لضمان أن‬
‫يكون القرن التالي كسابقه "قرناً أمريكياً" بامتياز‪ .‬هذا ما أكدت عليه الوثيقة التي أُعدت‬
‫في مكتب وكيل و ازرة الدفاع األمريكية لشؤون السياسات آنذاك "بول ولفوويتز"‪ ،‬والتي‬
‫تسربت إلى الصحف في آذار ‪1992‬م خالل والية الرئيس األمريكي األسبق "بيل‬
‫‪111‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫كلينتون"‪" ،‬وهي أول وثيقة من نوعها تصدر بعد انتهاء الحرب الباردة وجاء فيها اآلتي‪:‬‬
‫(إن االهتمام األساسي الذي ينبغي أن تنشغل به الواليات المتحدة دون سواه البد وأن‬
‫يتمثل في منع نشوء أي منافس لها على ظهر األرض‪ ...‬وهذا الهدف يقتضي منا أن‬
‫نحول بين أي دولة (أو قوة) معادية أن يكون لها سيطرة على أي منطقة‪ ...‬فيما نعمل‬
‫على إقناع اآلخرين‪ ...‬بأن ال يطمحوا يوماً إلى أي دور أكبر(‪)...‬يستوي في ذلك‬
‫األصدقاء واألعداء)" (الربيعي ‪.)3 ،2011‬‬
‫وبقـدر تعلق األمــر بالصين ذات اإلرث السياسي الشيوعي‪ ،‬والصـراع التاريخي مـع‬
‫األنمـوذج الليبرالي الغربي المعاصر‪ .‬فقــد سعـت الواليات المتحدة األمريكية إلى احتواء‬
‫الخطر الصيني المحتمل‪" ،‬من خالل زيادة مستوى القوة الهجومية لديها لتتوازن مع‬
‫اء بإقــامة تحـالفـات دولـية مع قــوى دولية أخـرى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫"العداء" الدولي الموجه ضدها(‪ )...‬سو ً‬
‫أو بإقـامة تحالفات ثنائية مع بعــض الـقــوى اإلقليمية (المتوسطة والصغيرة) لردع وتقييد‬
‫سمى باستراتيجية (التحالف مع مصدر الخطر‬ ‫حركة القوى المعادية(‪ )...‬وهــو مـا ُي ّ‬
‫ضد الصين بتحالفها‬
‫‪ )...( (Bandwagon‬التي انتهجتها الواليات المتحدة األمريكية ّ‬
‫وضد روسيا بتحالفها مع أوكرانيا" (أبو زيد ‪.)23 ،2014‬‬
‫ّ‬ ‫مع تايوان‪،‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬سعت الصين إلى إحداث نوع من التوازن مع الواليات المتحدة األمريكية‬
‫يضمن لها المنافسة الدولية إلى أقصى حد ممكن مع تجنب ِ‬
‫الصدام المباشر مع القوة‬
‫وبؤر التوتر بين الجانبين‪ .‬وهو ما سنعرض إليه‬
‫العسكرية األمريكية في نقاط التماس ُ‬
‫تفصيالً في سياق المبحث الثالث واألخير من هذه الدراسة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬توظيف "التوازن الناعم" في السياسة الخارجية الصينية‬
‫ُيعبر التوازن عن "حالة اعتدال نسبي بين متضادين‪ ،‬إال إن هذه الحالة الوسطى أو‬
‫المعتدلة نسبياً‪ ،‬والتي تعبر عن االتزان ليست بالضرورة لها صفة االستم اررية الدائمة"‬
‫(عبد النبي ‪ .)13 ،2020‬أمـا "توازن القوى" فهو مفهوم ينطوي على معنى التكافؤ النسبي‬
‫بين قوتين أو أكثر‪ ،‬فهو بحسب بعض الباحثين‪(" :‬العملية التي تسعى بواسطتها الـدول‬
‫إلـى ضمان عــدم هيمنة دولة على النظـام؛ وذلك من طـريق إيجــاد تكـافـؤ تقريبي بين‬
‫‪112‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫الـدول)" (توفيق ‪ .)374 ،2017‬وعليه يمكن القول‪ ،‬أن توازن القوى "الناعم" هو‪( :‬محاولة‬
‫إليجاد حالة اعتدال نسبي في النظام الدولي‪ ،‬من طريق تكافؤ تقريبي بين القوى المتنافسة؛‬
‫لمنع هيمنة دولة (أو تحالف من الدول) على النظام الدولي‪ ،‬وذلك باستعمال وسائل القوة‬
‫الكلفة‪ ،‬على أن هذه الحالة غير مستقرة بالضرورة‬
‫صدام مباشر عالي ُ‬‫الناعمة لتجنب أي ِ‬
‫أي ليس لها صفة االستم اررية والدوام)‪ .‬فهو‪ ،‬كما أشار إليه البروفيسور في جامعة‬
‫شيكاغو (روبرت بايب ‪ )Pape‬في دراسته‪ ،‬يرتبط "بإدراك القوى الكبرى في النظام الدولي‬
‫التكلفة الباهظة لمواجهة الواليات المتحدة بصورة مباشرة على أية قوة منفردة‪ ،‬أو تعاظم‬
‫مخاطر قيام بعض هذه القوى بمواجهتها‪ ،‬على األقل حتى تصبح القوى الرئيسة واثقة‬
‫ن‬
‫بأن أعضاء هذا التواز ‪ ...‬سيتصرفون وفق ما ّ‬
‫تم االتفاق عليه" (أبو زيد ‪.)25 ،2014‬‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬هو "األفعال التي ال تتحدى التفوق والهيمنة العسكرية األمريكية بصورة‬
‫مباشرة؛ وذلك من طريق استعمال أدوات غير عسكرية‪ ،‬لتأخير‪ ،‬وإحباط‪ ،‬وتقويض‬
‫السياسات العسكرية األمريكية األحادية والعدوانية"‪ .‬أما عن أدواته فتتمثل بـِ‪ :‬المؤسسات‬
‫الدولية‪ ،‬التحرك االقتصادي‪ ،‬الترتيبات الدبلوماسية‪ ،‬فضالً عن المظاهر المتميزة‬
‫للمعارضة الدولية على سلوكيات الواليات المتحدة األمريكية" (أبو زيد ‪ ،)25 ،2014‬في‬
‫قضايا دولية مختلفة‪ .‬ويمكن القول‪ ،‬ان هذا النوع من "التوازن الناعم" قد طبع التوجه‬
‫الصيني في التعامل مع الهيمنة األمريكية‪ .‬فالصين – وكما أشرنا سابقاً‪ -‬تدرك الثمن‬
‫ِ‬
‫الباهظ ألي مواجهة عسكرية مع الواليات المتحدة األمريكية على أمنها ومصالحها‪ .‬فهي‬
‫الصدام المباشر وخفض فرص‬ ‫تسعى إلى منافسة الواليات المتحدة األمريكية مع تجنب ِ‬
‫التصعيد العسكري المحتمل‪ .‬كما حدث فـي تراجع الصين عــن تحذيراتها بـِ "إج ـراءات‬
‫حـازمة وقــوية" رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب األمريكي – آنذاك‪" -‬نانسي بيلوسي"‬
‫إلى جزيرة تايوان فـي (‪ 2‬و‪ 3‬آب ‪ ،)2022‬على الرغـم من المعارضة الصينية التي َعّدت‬
‫تلك الزيارة انتهاكاً للسيادة الوطنية‪ .‬أمـا عن أدوات توازن القوى "الناعم" في السياسة‬
‫الخارجية الصينية فتمثلت باآلتي‪:‬‬

‫‪113‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫‪ .1‬تفعيل دور األمم المتحدة والمؤسسات الدولية‪" :‬إذ تسعى الصين إلى تعزيز دورها‬
‫في المجتمع الدولي‪ ،‬من طريق تفعيل دورها في األمم المتحدة‪ ،‬السيما مجلس األمن؛‬
‫وذلك لقناعتها بضرورة دعم جهود األمم المتحدة لتثبيت دعائم األمن والسالم وتحقيق‬
‫االستقرار في العالم‪ ،‬إذ ال يوجد بديل لها على الساحة العالمية لتحقيق هذه الغاية‪ .‬كما‬
‫سيعزز من نفوذ الصين؛ وذلك لتمتعها بالعضوية الدائمة‬
‫أن تقوية دور مجلس األمن ُ‬
‫وحق النقض (الفيتو)‪ .‬فالصين ترمي‪ ،‬من خالل التأكيد على تدخل األمم المتحدة بصورة‬
‫مباشرة في سياسات حل الخالفات والنزاعات الدولية‪ ،‬إلى زيادة نفوذها من خالل الهيئة‬
‫الدولية‪ ،‬السيما أن نفوذها خارج األمم المتحدة أقل نسبياً من نفوذ الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬لكنهما يتمتعان داخلها بحقوق متماثلة‪ ،‬األمر الذي يساعد على وجود ميدان‬
‫للتنافس النسبي‪ ،‬وعلى تقليل الفجوة في مستوى النفوذ‪ ،‬وإن كانت الواليات المتحدة‬
‫األمريكية تدعم مركزها في مجلس األمن من خالل نفوذها الخارجي" (فهمي ‪،2000‬‬
‫‪ ،)19-18‬مع بحثها عن آليات أخرى للتدخل خارج إطار األمم المتحدة‪" ،‬وفي مقدمتها‬
‫حلف شمال األطلسي (الناتو)‪ ،‬كما حدث في التدخل في كوسوفو الذي جاء من دون‬
‫الحصول على تفويض من مجلس األمن‪ ،‬أو باالعتماد على بعض حلفائها كما حدث‬
‫في االحتالل األمريكي للعراق عام ‪( 2003‬ليتيم ‪.)77 ،2011‬‬
‫فضالً عــما ت ـقــدم‪ ،‬وسعــياً منهـا لتعزيز دورها ومنـافسة الهيمنة األمـريـكـية في القارة اآلسيـوية‬
‫والعـالم علــى الصعيدين االقتصادي واألمني‪ ،‬سعت الصين إلى تفعيل دور منظمة‬
‫ضمت إلى جانب الصين كالً من‪ :‬أوزبكستان‪ ،‬وباكستان‪،‬‬ ‫شنغهاي للتعاون ‪ ،‬التي ّ‬
‫(‪)v‬‬

‫وروسيا‪ ،‬وطاجيكستان‪ ،‬وقيرغيزستان‪ ،‬وكازاخستان‪ ،‬والهند (وإيران مؤخ اًر)‪" .‬إذ أكدت‬
‫المنظمة في البيان الختامي لقمتها المعقودة في مدينة شنغهاي الصينية بتأريخ (‪15‬‬
‫حزيران ‪ ،)2006‬على رفضها للهيمنة األمريكية على النظام الدولي(‪)...‬ولتبنيها منهجاً‬
‫أحادياً في إدارة األزمات الدولية" (عبد الفتاح ‪ .)158 ،2010‬كما أدت الصين "دو اًر‬
‫نشيطاً؛ بوصفها شريكاً فاعالً في جمع عدد كبير من القنوات والمنظومات والهيئات‬
‫المتعددة األطراف‪ ،‬قدمها وجديدها‪ ،‬من المعنية بمعالجة التحديات التي تعترض أمن كل‬
‫‪114‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫من‪ :‬الطاقة والبيئة‪ ،‬واألمن اإلقليمي بعامة‪ ،‬كما بادرت إلى العمل على بناء تجمعــات‬
‫لـرابطة دول جـنوب شرق آسـيا (آســيان‬ ‫(‪)vi‬‬
‫جـديدة؛ من بينه ــا‪ :‬المنتدى اإلقليمي (‪)ARF‬‬
‫‪ ،) vii( )ASEAN‬ومنتدى التعاون االقتصادي لبلدان آسيا‪ -‬المحيط الهادي (أبيك‬
‫‪( ")APEC‬هيرد وآخرون ‪ ،)253 ،2013‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬الترتيبات الدبلوماسية‪" :‬وانعكس ذلك فـي إتباع الصين لسياسة ال ـقــوة الناعمة‪،‬‬
‫واستعمالها اإلقناع بدالً مـن اإلكراه وتعظيم قدرتها على جذب اآلخرين عبر وسائل عديدة‪،‬‬
‫ثقافية ودبلوماسية واقتصادية(‪ )...‬بما فيها االستثمارات والمساعدات (والمنفعة المتبادلة)‬
‫ف بـِ (استراتيجية توزيع المكاسب ‪(Advantages Distribution‬‬ ‫(‪ )...‬ضمن ما ُع ِر َ‬
‫‪ Strategy‬أو ما ُيعرف بـِ (‪ )win – win strategy‬ضمن سياستها الخارجية" (ح‪.‬‬
‫حسين ‪ .)119 ،2014‬فقد سعت الصين‪ ،‬ومن طريق أدوات الدبلوماسية االقتصادية(‪،)viii‬‬
‫إلى االنفتاح على محيطها اإلقليمي اآلسيوي‪ ،‬وعملت على "تيسير مشروعات بنيوية‬
‫تحتية تخدم حالة "الفقر التحتي"؛ لكونها تمر عبر أراضي العديد من الدول اآلسيوية‬
‫الفقيرة‪ ،‬وتربط الصين ٍ‬
‫بعدد منها‪ .‬وهو ما ينعكس إيجاباً في المستقبل على نمو الدول‬
‫اآلسيوية المستفيدة‪ .‬إذ تشير األرقام إلى احتياج آسيا إلى حوالي ‪ 26‬تريليون دوالر حتى‬
‫عام ‪ 2030‬الستيفاء احتياجات قطاع البنية التحتية‪ .‬فيما خصصت الصين حوالي‬
‫تريليون دوالر لمشروعات هذا القطاع من عام ‪2017‬م إلى عام ‪2027‬م ضمن مبادرة‬
‫"الحزام والطريق" (سيأتي بحثها)‪ .‬فضالً عن‪ ،‬صندوق "طريق الحرير" والمشاركات بين‬
‫القطاع العام والقطاع الخاص‪ ،‬والتعاون الدولي كأساس معلن من جانب الصين لهذه‬
‫المبادرات من أجل زيادة روابط التواصل بين الشعوب وتحقيق ربط اقتصادي بين الصين‬
‫والدول الواقعة في إطار هذه المشروعات" (مركز الحوار ‪.)24 -23 ،2022‬‬
‫كمـ ـ ــا اشتملت الدبلوماسية الصينية عل ـ ـ ـ ـ ــى عناصر أخ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى‪" ،‬أبرزها التركيز عل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬
‫الــدول ذات العالقة المضطربة مع الواليات المتحدة األمريكية" (ح‪ .‬حسين ‪،2014‬‬
‫‪ ،)119‬في قارة آسيا (كإيران) والعالم (كروسيا)‪ .‬فضالً عن‪" ،‬التوسع في دوائر النفوذ‬
‫واألمن األمريكية التقليدية في إفريقيا وأمريكا الالتينية والشرق األوسط؛ مثال ذلك‪ :‬إبرام‬
‫‪115‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫الصين في العام ‪2006‬م اتفاقات تعاون عسكري مع بعض دول أمريكا الالتينية التي‬
‫تُ َعد ‪ ...‬العمق االستراتيجي الجنوبي للواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وتضمنت تلك االتفاقات‬
‫تدريب خبراء عسكريين صينيين لجيوش تلك الدول لقاء إبرام عدد من الصفقات والعقود‬
‫النفطية معها" (عبد الفتاح ‪" .)156 ،2010‬فبحسب المحللين الصينيين‪ ،‬فإن اتساع‬
‫عالقات الصين العسكرية مع دول أمريكا الالتينية‪ ،‬ال تشكل سوى جزء من العالقات‬
‫السياسية واالقتصادية والدبلوماسية والعسكرية التي تنسجها الصين عبر العالم" (الربيعي‬
‫‪.)38 ،2009‬‬
‫أمــا المسار الثالث من الترتيبات الدبلوماسية‪ ،‬فيتمثل في تعزيز الصين لحضورها‬
‫الدبلوماسي فـي مناطق األزمات والصراعات‪ ،‬كما حدث في "إرسال الصين مبعوث دائم‬
‫إلى منطقة الشرق األوسط منذ عام ‪2002‬؛ إلظهار اهتمام الصين بالصراع الدولي‪،‬‬
‫وتأكيداً منها على أن لها وجهة نظر بشأن الصراعات واألحداث الدولية" (عطوان وآخرون‬
‫‪ ،)238 ،2017‬والتي قد تكون مغايرة لوجهة النظر األمريكية‪ .‬ومن أوضح األمثلة على‬
‫ذلك‪" ،‬موقف الصين إزاء كل من إيران وسورية و(كوريا الشمالية) وقبلهم العراق‪ ،‬وهي‬
‫مجموعة الدول التي وضعتها الواليات المتحدة األمريكية ضمن قائمة "محور الشر" وعدتها‬
‫مكمن اإلرهاب ومنبع التسلط والعنف في العالم‪ .‬إذ رفضت الصين لجوء الواليات المتحدة‬
‫السلمية" (عبد الفتاح ‪.)157 ،2010‬‬ ‫الستعمال القوة ضد هذه الدول‪ ،‬في مقابل تفضيلها للوسائل‬
‫‪ .3‬التحرك االقتصادي‪ :‬ويتمثل بالسياسات والجهود الرامية إلى تحقيق التقدم االقتصادي‬
‫للصين على مستوى دول العالم ومنافسة االقتصاد األمريكي‪" .‬وإلنجاز هذه المهمة‪ ،‬تبني‬
‫الصين عالقات قوة نفعية في األراضي المجاورة واألصقاع النائية الغنية بالموارد التي‬
‫تحتاجها الصين لدعم نموها؛ وألن ما يحرك الصين في الخارج يكون ذا عالقة بالمصلحة‬
‫الوطنية الجوهرية‪ ...‬أي الديمومة االقتصادية‪ ...‬يمكن تعريف الصين على أنها قوة‬
‫واقعية‪ .‬فهي تسعى لتطوير وجود ثابت لها عبر أجزاء من إفريقيا غنية بالنفط والمعادن‪،‬‬
‫فضالً عن تأمين المعابر إلى المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي الذي يربط العالم‬
‫الملحة لذلك‪ ،‬ال تهتم‬
‫(العربي‪ -‬الفارسي) الغني بالنفط بالساحل الصيني‪ .‬ولحاجتها ُ‬
‫‪116‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫السياسي‪ ،‬الذي تتعامل معه‪ ،‬فمـا يعنيها ف ــي ذلك‬ ‫الصين بنوع(‪ -)...‬أو "هيئة النظام"‬
‫(‪)ix‬‬

‫النظـام هـ ــو االستقـ ـرار" (كابالن ‪ .)162 ،2010‬لذلك نرى أن الصين ال تجعل من‬
‫إسقاط األنظمة أو تغيير سلوكها السياسي هدفاً لها كما تفعل الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار ُيمكن اإلشارة إلى مشروع أو مبادرة "البناء المشترك للحزام االقتصادي‬

‫لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" الذي ُي َ‬


‫عرف اختصا اًر‬
‫بمشروع "الحزام والطريق" الذي أطلقه الرئيس الصيني الحالي "شي جين بينغ" عام ‪.2013‬‬

‫وهو ُيمثل استراتيجية تعاون ّ‬


‫موسعة تبنتها الصين "تتجاوز المفهوم الجغرافي التقليدي‬
‫لمشروعات التعاون اإلقليمي‪ ،‬بمعنى أنها ال تستند إلى تعريف جغرافي و(جيو‪ -‬سياسي‬
‫مغلق يقصرها على إقليم جغرافي واحد‪ .‬بل العكس‪ ،‬فقد استندت المبادرة منذ البداية إلى‬
‫نطاق جغرافي يضم أكبر عدد من الدول‪ ،‬وأكبر عدد من األقاليم الجغرافية (شرق آسيا‪،‬‬
‫جنوب شرق آسيا‪ ،‬وسط آسيا‪ ،‬الشرق األوسط‪ ،‬إفريقيا‪ ،‬ووسط أوربا)‪ ،‬من خالل الربط‬
‫بين التجارة والتنمية‪ِ ،‬مما ُيضفي على المشروع أهمية خاصة بالنسبة لالقتصاديات النامية‬
‫والناشئة" (مخلوفي ‪ .)178 ،2017‬فضالً عن تأمين ُسبل الربط والتواصل‪ ،‬ما بين دول‬
‫وشعوب مختلفة‪ ،‬بنوعيها التقليدي؛ من طريق "مشاريع تنموية هائلة ومتنوعة تتعلق بشق‬
‫الطرق ومد سكك الحديد وبناء المنشآت األساسية لضمان سالمة الشحن البري والبحري‬
‫والجوي والممرات العابرة للحدود للطاقة الكهربائية" (مخلوفي ‪ .)178 ،2017‬وطرق‬
‫عرف بـِ "طريق الحرير الرقمي" الذي "يمر بالبلدان األقرب‬
‫التواصل غير التقليدية أو ما ُي َ‬
‫إلى الصين عبر تقنيات المعلومات واالتصاالت (وربط البلدان المستهدفة بكابالت األلياف‬
‫الضوئية)‪ ،‬والذي يمنح الصين دو اًر في التنمية التكنولوجية لدول جنوب شرق آسيا"‬
‫(عريبي ‪ .)17 ،2023‬كما "اتجهت الصين نحو إعادة "هندسة" المؤسسات االقتصادية‬
‫من أجل خلق حوكمة اقتصادية عالمية جديدة‪ ،‬أي وضع مجموعة من المعايير والقواعد‬
‫والمؤسسات إلدارة االقتصاد العالمي تكون بديلة عن المؤسسات األمريكية‪ .‬وهو هدف‬
‫سعت إلى تحقيقه بالتعاون مع دول أخرى السيما األعضاء منها في مجموعة دول‬
‫البريكس (‪)x()BRICS‬؛ إذ أنشأت هذه الدول مصرف التنمية الجديد في مدينة شنغهاي‬
‫‪117‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫الصينية عام ‪ ،2014‬بهدف الضغط على صندوق النقد الدولي من أجل إصالح نظام‬
‫الحصص التصويتية في الصندوق والسعي من جهة أخرى إلى إعادة هيكلة االقتصاد‬
‫العالمي" (بوصبوعة ‪ .)421 ،2019‬والعمل على "تقليل االعتماد على الدوالر األمريكي‬
‫في المدفوعات الدولية‪ ،‬من خالل بلورت اتفاقية لتقديم قروض أو ُم َنح لبعضها البعض‬
‫بعمالتها المحلية لتدويل تلك العمالت وتأسيس آليات جديدة" (عبد المنعم ‪،2020‬‬
‫‪ .)163‬فضالً ع ــن‪ ،‬توجه دول المجموعة إلعالن عملتها الدولية الموحـدة مستهدفة ف ــي‬
‫ذلك كسر هيمنة الدوالر األمريكي‪ .‬وتكريساً منها لحضورها وتأثيرها المتزايد في العالم‪،‬‬
‫فقد حرصت دول مجموعة "البريكس"‪ ،‬على إظهار وحدة صفها بشأن القضايا الدولية‬
‫الكبرى خاصة ما يجري في المنطقة العربية‪ .‬إذ توافق قادة "البريكس" على ضرورة تفادي‬
‫استعمال القوة ُمعربين عن قلقهم الكبير إزاء ما يحدث من اضطرابات في الشرق األوسط‬
‫وشمال وغرب أفريقيا‪ ،‬وتحديداً سوريا وليبيا‪ ،‬مع دعواتها إلى إصالح األمم المتحدة‬
‫ومجلس األـمن لجعله أكثر فاعلية وتمثيالً‪ ،‬والدعوة إلى إقامة نظام عالمي متعدد األقطاب‬
‫(عبد المنعم ‪،2020‬‬ ‫بعيداً عن األحادية القطبية التي يعيشها العالم منذ انتهاء الحرب الباردة‬
‫‪.)170‬‬
‫ف ِذكرهُ‪ ،‬فإن توازن القوى "الناعم"‪ ،‬ال ُي َعد حالة دائمة ومستقرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ختاماً لما تقدم‪ ،‬وكما أ ُْسل َ‬
‫في العالقات الدولية‪" .‬فوقفاً لعالم الصراع (ويليام ازرتمان ‪ ،)Zartman‬فعندما ال يقدر‬
‫ِكال الجانبين على المضي قدماً في تصعيد العداء أو التراجع عن استعمال أسلوب‬
‫التصعيد‪ /‬المواجهة مع الطرف اآلخر؛ وبسبب وجود أوضاع قوة جديدة (‪)New Orders‬‬
‫أو حدوث انتكاسة أو تراجع (‪ )Reverse‬لبعض القوى‪ ،‬سيجعل المواجهة حتمية‪ ،‬أو‬
‫ِ‬
‫على األقل فإن المواجهة بين القوى الدولية ستكون على الم ّ‬
‫حك انتظا اًر للحظة انفجار‬
‫كل قوة تحقيق أهدافها من طريق التصعيد والتهديد باستعمال القوة‪،‬‬
‫معينة‪ ،‬عندما تحاول ّ‬
‫وأزمات حافة الهاوية (‪( ")Brinkmanship Crisis‬أبو زيد ‪ .)27 ،2014‬وعليه يمكن‬
‫القول إنه‪ ،‬وعلى الرغم من‪ ،‬أسلوب المنافسة "الناعم" الذي تنتهجه الصين في محاولة‬
‫منها لـِ "احتواء" الهيمنة األحادية األمريكية‪ ،‬وسعياً منها لتثبيت رؤيتها لنظام دولي جديد‬

‫‪118‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫متعدد األقطاب‪ .‬وعلى الرغم من‪ ،‬إن ِكال الطرفين ُيؤكد على ضرورة الحوار وتجنب‬
‫الحرب‪ .‬فإن احتماالت التصعيد تبقى واردة وال ُيمكن استبعادها السيما في مناطق التَماس‬
‫وملفات التوتر بين الجانبين‪ ،‬كبحر الصين الجنوبي وجزيرة تايوان(‪ )xi‬ومضيقها‪ .‬فأي فعل‬
‫غير مدروس أو قد ُيساء فهمه من الطرف اآلخر قد يرفع من ِحّدة المنافسة بينهما إلى‬
‫مستوى الصراع الظاهر ‪ Manifest Conflict‬بكل ما يرتبط به من "مظـاهر سلوكية‬
‫من أطرافه مثل أعمال العنف‪ ،‬أو التهــديد باستعمال القــوة‪ ،‬أو إعالن مطالب محددة بصدد‬
‫الصراع القائم" (بدوي ‪.)61 ،1997‬‬

‫النتائج والمناقشة‪:‬‬
‫يشهد النظام الدولي فـي الوقت الراهن "مخاضاً" جـديداً باالنتقال مـن األحادية القطبية إلى‬
‫التعددية القطبية في ظل تراجع الهيمنة األحادية األمريكية مع بروز قوى منافسة لها‪،‬‬
‫ومن أبرزها الصين‪ ،‬التي تُ َعد قوة صاعدة على مختلف المجاالت االقتصادية والعسكرية‬
‫والتكنولوجية وغيرها‪ .‬وهو ما ُيعزز من إمكانية حدوث انتقال عالمي للقوة‪ ،‬أو كما " "تنبأ"‬
‫وزير الخارجية األمريكي األسبق "هنري كيسنجر" من عودة "دوالب" القوة مرة أخرى إلى‬
‫الشرق بعد أن انتهى عند أقصى الغـرب‪ ،‬إذ تـوقـع أن يكـون الـدور هــذه المرة "لإلمـبراطورية‬
‫الصينية" التي حقـقــت (‪ )...‬قفـزات هائلة وضعتها – حسب كيسنجر‪ -‬في مقدمة دول‬
‫العالم وبخاصة في المجاالت االقتصادية" (عبد الفتاح ‪ .)162 ،2010‬وما يعزز من‬
‫هذه التوقعات طبيعة النظام أحادي القطبية ذاته‪ ،‬فالهيمنة القطبية األحادية تنطوي على‬
‫أسباب فنائها ذاتيا؛ فعندما ال يجد القطب المهيمن منافساً له‪ ،‬ينزع بدوره نحو االمتداد‬
‫الزائد أو "ما أطلق عليه "بول كندي"‪ ،‬في دراسته الشهيرة عن صعود وهبوط القوى‬
‫العظمى‪ ،‬بـِ "فرط التوسع االمبريالي"‪ .‬فالتوسع المفرط يجعل من الالعب السياسي مكشوفاً‬
‫ومهدداً أمام أصغر اإلخفاقات واألزمات" (مطر ‪ .)150 ،2012‬أو بجملة أخرى‪" ،‬إن‬
‫وهن وتراجع الدول (‪ )...‬ينتج عندما يغيب التجانس بين وسائلها وأهدافها‪ ،‬أي تصبح‬
‫أهــدافها جـ ُـد طمـوحة بالمقـارنة مع محــدودية م ـواردهـا المتاحـة ِممـا يدفع بها نحو اإلفالس‪،‬‬

‫‪119‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫كما فـي الشركات" (مطر ‪ .)150 ،2012‬كما إن الهيمنة القطبية األحادية ستُنتج‬
‫بالضرورة رفضاً لها من األطراف األخرى التي تسعى لتحسين مرتبتها في النظام الدولي‬
‫وتطالب بالتوزيع العادل ألرباحه‪ ،‬مدفوع ًة إلى ذلك بعاملين‪:‬‬
‫‪ .1‬المنافسة‪ :‬وهو تفسير يرتبط بالنظرية الواقعية التي ترى "أن الكائنات البشرية هي‬
‫بالطبيعة متنافسة وأنانية وهذه الصفات تنتقل إلى "المسرح" الدولي" (توفيق ‪.)184 ،2017‬‬
‫‪ .2‬الحرمان النسبي (‪" :)Relative Deprivation‬الذي تعاني منه بعض الدول‬
‫والمجتمعات ما قد يدفعها إلى التمرد على النظام الدولي القائم في محاولة منها للحصول‬
‫(مقلد ‪،2011‬‬ ‫على نصيب عادل من المزايا والتسهيالت التي ُيتيحها ألعضائه اآلخرين"‬
‫‪.)182‬‬
‫وبتأثير ِمما تقدم عرضه‪ُ ،‬ي َرّجح أن يتجه النظام الدولي‪ ،‬تدريجياً‪ ،‬من األحادية القطبية‬
‫إلى التعددية القطبية تحديداً؛ إما بسبب االنهيار الذاتي الكامل للقطب المهيمن نتيجة‬
‫امتداده الزائد‪ -‬وعوامل أخرى داخلية وخارجية ‪ِ -‬مما يفسح المجال لصعود ِقوى أخرى‬
‫منافسة ستشكل أقطاب النظام الجديد‪ .‬أو أن يحتفظ القطب المهيمن‪ ،‬على الرغم من فرط‬
‫توسعه‪ ،‬من القوة العسكرية والنفوذ السياسي واالقتصادي بحيث ال تستطيع قوة منفردة‬
‫موازنته كما في نظام ثنائي القطبية (قوة مقابل قوة)‪َ ،‬بل يتطلب األمر اجتماع مجموعة‬
‫ِقوى (أقطاب) لتحقيق التوازن مع القطـب المهيمن وكسر هيمنته‪ .‬وبذلك تكتمل دورة‬
‫النظام الدولي بالعودة إلى نظام التعددية القطبية‪ ،‬وكما هو ُم ّبين في الشكل أدناه‪:‬‬
‫شكل رقم (‪ )2‬الدورة الكاملة للنظام الدولي (المعاصر)‬

‫المصدر‪ :‬من إعداد الباحث‬


‫نلحظ توفر الشروط الالزمة لعملية االنتقال‬
‫وفي الواقع‪ ،‬وعند تحليل الوضع الدولي القائم‪َ ،‬‬
‫من نمط األحادية القطبية إلى نمط التعددية القطبية‪َ .‬فـ "اإلمبراطورية" األمريكية تعاني‪،‬‬
‫‪120‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫منذ حقبة تولي الرئيس األمريكي األسبق "جورج بوش االبن" (‪ ،)2009-2001‬من‬
‫تبعات فرط التوسع اإلمبريالي بعد إعالنه حرباً على اإلرهاب على أثر أحداث ‪ 11‬أيلول‬
‫ثم احتالل العراق‬
‫عام ‪ .2001‬وما تبعها من احتالل أمريكي ألفغانستان عام ‪ّ ،2001‬‬
‫عام ‪ ،2003‬إذ خاضت الواليات المتحدة األمريكية حرباً على جبهتين في ٍ‬
‫وقت واحد‪.‬‬
‫ف الواليات المتحدة األمريكية خسائر مادية وبشرية تحملها دافع الضرائب‬‫وهو ما َكّل َ‬
‫األمريكي وعائالت الجنود من القتلى والجرحى‪" .‬والملفت‪ ،‬أن إدارة الرئيس األمريكي‬
‫(الالحق) "باراك أوباما" (‪ ،)2017 -2009‬قد أدركت – كما هم كثيرون في أمريكا‬
‫وخارجها‪ -‬أن إدارة "بوش االبن" قد دفعت الواليات المتحدة األمريكية إلى قلب‪" ...‬الفخ"؛‬
‫ولذلك شددت االستراتيجية األمريكية عـام ‪ ،2009‬على التأكيد أن الواليات المتحدة‬
‫األمريكية ال تسعى لبناء إمـبراطورية‪ ،‬وأنهـا ال بـد أن ت ارجـع سـياستها الخـارجية لتجـنب‬
‫الوقـوع فـي "مكـيدة" فــرط التوسع اإلمـبريالي" (مطر ‪ .)150 ،2012‬ولعل هذا ما يفسر‬
‫للواليات المتحدة األمريكية متمثالً بانسحابها مــن كل مــن العـراق‬ ‫االنكفاء "التكتيكي"‬
‫(‪)xii‬‬

‫عام ‪ 2011‬وف ـ ــي مرحلة الحقـة م ـ ــن أفغانستان عـ ـ ــام‬


‫‪( 2021‬خالل مدة والية الرئيس األمريكي "جو بايدن")‪ ،‬والتراجع عن الخيار العسكري‬
‫ضد البرنامج النووي اإليراني؛ رغب ًة منها في عدم فتح جبهات جديدة‪ ،‬وللتفرغ للخطر‬
‫الصيني المتصاعد على الهيمنة األمريكية‪.‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬فإن دافع المنافسة للهيمنة األمريكية من قوى دولية أخرى متوفر أيضاً‪ ،‬فقد‬
‫ظهرت عــدة دعوات‪ ،‬ومن أطراف دولية مختلفة‪ ،‬تدعــو إلى إعـادة تشكيل النظام الدولي‬
‫الحالي وفق التعددية القطبية كبديل لنظام أحادي القطبية الذي تتزعمه الواليات المتحدة‬
‫"عبرت كل من روسيا بزعامة "بوتين" والصين‬
‫األمريكية منذ أكثر من ثالثة عقود‪ .‬إذ ّ‬
‫بزعامة الرئيس السابق "هوجينتاو" في منتصف العام ‪ 2003‬عن الرغبة في أن يكون‬
‫النظام الدولي متعدد األقطاب‪ .‬وهي الرؤية ذاتها التي شاركهما رئيس الوزراء الهندي‬
‫األسبق "فاجباي" والمستشار األلماني "شرويدر" حول وجود نظام دولي تعاوني متعدد‬
‫األقطاب‪ .‬كما أشار إلى هذه الفكرة الرئيس الفرنسي األسبق "جاك شيراك"‪ .‬على أن‬
‫‪121‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫تصريحات هؤالء القادة لم تكن تعني ـ ـ ـ بالضرورة ـ ـ ـ أنهم ضد الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫عزز‬
‫بقدر ما كانت تعبي اًر عن رغبتهم بأال يكونوا تابعين لها" (توفيق ‪ .)407 ،2017‬وقد ّ‬
‫من هذه الدعوات "التحول األكثر عمقاً في التوزيع العالمي للقوة (السيما) على الصعيد‪...‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬الذي أصبح أكثر وضوحاً بعد األزمة المالية العالمية أواخر عام ‪2007‬؛ إذ‬
‫كشفت تلك األزمـة أن طبيعة المشكالت التي بـات االقتصاد العالمي يواجهها هي مـن‬
‫الشـدة والتعقـيد بحيث ال يمكن لقوة عالمية واحدة كما هو الحال مع الواليات المتحدة‬
‫األمريكية ‪ ....‬مواجهتها‪ ،‬وإنما تتطلب الجهود لمواجهة تلك التحديات تعاون دول العالم‬
‫كافة‪ ،‬والسيما المهمة منها‪ ،‬في عملية اتخاذ الق اررات المالية االقتصادية العالمية" (علي‬
‫‪.)225-224 ،2012‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫يشهد النظام الدولي في الوقت الحاضر تصاعداً في الدعوات الرافضة للهيمنة األحادية‬
‫طة" النظام الدولي من طريق إحالل مبدأ‬
‫األمريكية والداعية إلى تحقيق نوع من " َد َمْق َر َ‬
‫الشراكة والتعاون في إدارة القضايا الدولية المختلفة بعيداً عن سياسة التفرد و"الغطرسة"‬
‫األمريكية‪ .‬وهو ما يؤشر إلى حدوث تغيرات محتملة قد يشهدها النظام الدولي بالعودة‬
‫إلى نظام التعددية القطبية متمثالً بصعــود قـوى عـدة منافسة للواليات المتحدة األمريكية‬
‫وفي مقدمتها الصين وروسـيا ودول أخرى‪ .‬على إن عالم متعدد األقطاب ال يعد مرادفاً لـِ‬
‫َُ‬
‫(عالم ما بعد أمريكا)؛ إذ تُعامل الواليات المتحدة األمريكية كقوة من الدرجة الثانية‪ ،‬بل‬
‫إن الواليات المتحدة األمريكية ستحتفظ بنفـوذهـا وتأثيرها في إدارة النظام الدولي لكن‬

‫بالشراكة مع غيرها مـن القوى الدولية األخرى‪ً .‬‬


‫بناء على كل ما تقدم يمكن َعرض مجموعة‬
‫من االستنتاجات وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬أفرزت المنافسة الدولية صعوداً لقوى فاعلة جديدة ومن أبرزها الصين‪.‬‬
‫‪ .2‬تمتلك الصين من مصادر (القوة الكامنة) ما يؤهلها لالرتقاء إلى مصاف الدول ذات‬
‫التأثير األكبر في السياسة الدولية‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫‪ .3‬ترمي الصين إلى منافسة الهيمنة األمريكية مع تجنب الصدام المباشر معها وفق‬
‫أنموذج توازن القوى "الناعم" ومن طريق أدوات غير عسكرية‪ ،‬علـى الرغم م ــن أن خطــر‬
‫التصعيد واالشتباك العسكري المباشر‬
‫بين الطرفين في مناطق النزاع والتماس يبقى فرضية قائمة‪.‬‬
‫‪ .4‬تعزيز الصين لدورها كقوة دولية مؤثرة ومنافسة‪َ ،‬سُيضعف من التفرد والهيمنة األحادية‬
‫سيعزز من فرص إقامة نظام دولي جديد متعدد األقطاب‬
‫األمريكية على النظام الدولي ما ُ‬
‫تشترك مجموعة من الدول في إدارته إلى جانب الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫هوامش توضيحية‪:‬‬

‫(‪ )i‬القوة الكامنة )‪ :)Latent power‬هي القوة "التي من المحتمل أن تمتلكها دولة (كالثروات الطبيعية‪ ،‬اإلمكانات البشرية‪ ،‬والقدرات التقنية) وتطورها على‬
‫أساس أنها مصادر طبيعية للدولة‪ ،‬وقياسها يساعد على رسم برامج طويلة األمد تتضمن مشروعاً للقوة (أي لتعزيز مكانة الدولة وقوتها)‪ - .‬وهي بخالف‬
‫– القوة الواقعية التي تمتلكها الدولة بالفعل‪ ،‬وقياسها يساعد على صنع السياسات في المدى القصير"‪ =.‬ينظر‪( :‬زهران ‪.)44 ،2006‬‬

‫(‪ )ii‬كونفوشيوس‪ :‬هو أحد فالسفة الصين الذي دعا إلى "أسلوب للحياة تحتل فيه األخالق وقواعد اآلداب والسلوك ومراعاة‬
‫التقاليد وكبح الغرائز والشهوات مكانة ُعليا‪ ..... ،‬ومن رأيه أن واجبات اإلنسان تتحدد بطائفة من العالقات منها واجب الوالء‬
‫لحاكمه‪ .‬وواجب "بنوي" تجاه والديه‪ .‬وواجب تجاه أصدقائه‪ .‬وواجب التعاون مع الناس لكفالة الخير لإلنسانية"‪ = .‬ينظر‬
‫(العاني ‪.)100 ،2008‬‬
‫(‪ )iii‬يراجع‪ :‬الدراسة الحالية‪ ،‬المبحث األول‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫(‪ )iv‬ابتدأت الحرب (الروسية‪ -‬األوكرانية) في عام ‪ 2022‬عندما أعلنت روسيا عن البدء بعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا تحددت‬
‫أهدافها في حماية األقلية العرقية الروسية‪ ،‬فضالً عن الناطقين باللغة الروسية‪ ،‬المقيمين في إقليم "دونباس" في جمهوريتي "دونيتسك"‬
‫و"لوغانسك" اللتين اعترفت روسيا باستقاللهما عن أوكرانيا‪ ،‬من خطر من وصفتهم روسيا بـِ "النازيين الجدد" من حكام أوكرانيا‪ .‬والعمل‬
‫كذلك على وضع حد لتوسع حلف شمال األطلسي (الناتو) على حدود روسيا‪ ،‬متمثالً بانضمام أوكرانيا إلى الحلف‪ ،‬من خالل خلق منطقة‬
‫"عازلة" متمثلة بالجمهوريتين المستقلتين في إقليم "دونباس"‪.‬‬
‫(‪ )v‬منظمة شنغهاي للتعاون‪ :‬هي منظمة حكومية دولية تُعنى بالتعاون االقتصادي واألمني بين مجموعة دول أوراسيا‪.‬‬
‫تأسست في مدينة شنغهاي الصينية عام ‪.1996‬‬
‫ضم (‪ )18‬دولة هي‪( :‬خماسي‬ ‫( ) "انعقد االجتماع االفتتاحي للمنتدى اإلقليمي آلسيان (‪ (ARF‬في عام ‪ ،1994‬والذي ّ‬
‫‪vi‬‬

‫اآلسيان‪ .‬أستراليا‪ .‬كندا‪ ،‬الصين‪ ،‬االتحاد األوربي‪ ،‬الهند‪ ،‬اليابان‪ ،‬جمهورية الو الديمقراطية الشعبية‪ ،‬نيوزيلندا‪ ،‬بابوا غينيا‪-‬‬
‫الجديدة‪ ،‬روسيا‪ ،‬كوريا الجنوبية‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وفيتنام)‪ ،‬وقد قام منتدى آسيان اإلقليمي في البداية كمنصة‬
‫للحوار السياسي واألمني حول القضايا األمنية التقليدية‪ ،‬مع التركيز على بناء الثقة أوالً‪ ،‬والتوجه نحو الدبلوماسية الوقائية‬
‫ومنع الصراعات في مرحلة الحقة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وتحت تأثير التطورات في الساحة الدولية والخطابات حول األمن البشري‬
‫(اإلنساني)‪ ،‬بدأ منتدى آسيان اإلقليمي (‪ )ARF‬يتجاوز القضايا األمنية التقليدية نحو التركيز أكثر على القضايا األمنية‬
‫‪123‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫العابرة للحدود الوطنية مثل اإلغاثة في حاالت الكوارث والمساعدة اإلنسانية والقضايا األمنية غير التقليدية األخرى"‪ =،‬ينظر‪:‬‬
‫(هوي ‪.)2015‬‬
‫(‪ )vii‬رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان ‪" :)ASEAN‬تأسست عام ‪ 1967‬من قبل‪ :‬إندونيسيا‪ .‬ماليزيا‪ ،‬الفلبين‪ ،‬سنغافورة‪،‬‬
‫وتايلند‪ ،‬وأصبحت تضم اآلن عشر دول أعضاء بعد انضمام بروناي‪ ،‬كمبوديا‪ ،‬الوس‪ ،‬ميانمار‪ ،‬وفيتنام‪ .‬وتتلخص أهدافها‬
‫المعلنة في اإلسراع بالنمو االقتصادي والتقدم االجتماعي والتنمية الثقافية في المنطقة‪ ،‬وتعزيز السالم واالستقرار اإلقليميين‪.‬‬
‫ومنذ عام ‪ 2003‬استقر عمل الرابطة على ثالثة أركان‪ ،‬هي‪ :‬مجموعة آسيان األمنية‪ ،‬مجموعة آسيان االقتصادية‪ ،‬ومجموعة‬
‫آسيان االجتماعية – الثقافية"‪ = .‬ينظر‪( :‬روبنسون ‪.)37 .2009‬‬
‫ثم تزايدت‬
‫( ) الدبلوماسية االقتصادية (‪" :(Economic Diplomacy‬برز هذا النمط الدبلوماسي في ُحقبة الحرب الباردة‪ّ ،‬‬
‫‪viii‬‬

‫أهميته كثي اًر في المرحلة التي أعقبت انتهاءها؛ بسبب تضاعف تأثير العوامل االقتصادية في العالقات الدولية المعاصرة‬
‫بصورة لم يسبق لها مثيل‪ ،‬إذ أصبحت الدبلوماسية االقتصادية واحدة من أكثر أدوات القوة الناعمة (‪ )soft power‬أهمية"‪=.‬‬
‫ينظر‪( :‬مقلد ‪.)181 -180 ،2013‬‬
‫(‪ )ix‬هيئة النظام أو نظرية "هيئة النظام"‪ :‬هو مبدأ مشابه لما تؤمن به المدرسة الواقعية الجديدة في العالقات الدولية‪ ،‬من‬
‫أن الهيئة الداخلية ألي نظام سياسي لدولة ما مهمة لرسم سياسة التعامل معه"‪ = .‬أنظر‪( :‬عبد الفتاح ‪.)87 ،2010‬‬
‫(‪ )x‬مجموعة دول البريكس (‪ :)BRICS‬هي مجموعة الدول التي تُمثل االقتصاديات الصاعدة في العالم وهي كل من‬
‫(الب ارزيل‪ ،‬روسيا‪ ،‬الهند‪ ،‬الصين‪ ،‬وجنوب إفريقيا)‪ .‬إذ ُيمثل مصطلح (‪ )BRICS‬في اللغة اإلنكليزية اختصا اًر لألحرف األولى‬
‫من أسماء هذه الدول‪" .‬وقد تمت صياغة هذا المصطلح (البريك‪ /‬البريكس) ألول مرة في (تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر عام‬
‫‪ ،)2001‬من الخبير االقتصادي البريطاني "جيم أونيل" محلل شركة (جولدمان ساكس ‪ )Goldman Sachs‬االستشارية –‬
‫التي تعد واحدة من المؤسسات المؤثرة في العالم‪ -‬في الورقة االقتصادية رقم (‪ ،)66‬والمعنونة (بناء عالم اقتصادي أفضل‬
‫بريك ‪ ،)BRICs‬كنوع من ‪ ...‬التوقع لالتجاهات االقتصادية العالمية خالل نصف القرن المقبل (من تأريخه)‪ ،‬والذي بنى‬
‫تصو اًر لهذه المجموعة في البداية كأنموذج اقتصادي من شأنه أن يخلق بديالً في هيكل التمويل في العالم"‪ -‬ينظر‪( :‬إ‪.‬‬
‫حسين ‪.)368 ،2021‬‬
‫(‪ )xi‬لقد أكدت و ازرة الخارجية الصينية في تصريحات عدة‪ ،‬في معرض إدانتها للدعم األمريكي المقدم إلى تايوان‪ ،‬على أن‬
‫توحيد الصين "تيار ال ُيمكن عرقلته" وأن تايوان جزء ال يتج أز من األراضي الصينية‪ ،‬وأن الصين سترد بحزم على أي سلوك‬
‫يضر بمصالحها الجوهرية وأي عمل يتدخل في شؤونها الداخلية‪.‬‬
‫(‪ )xii‬لم يكن خيار سحب القوات العسكرية األمريكية من العراق وأفغانستان‪ ،‬بعد حرب االستنزاف التي خاضتها تلك القوات‬
‫في البلدين‪ُ ،‬يمثل ق ار اًر استراتيجياً َي ُنم عن رغبة أمريكية ببدء االنسحاب النهائي من منطقة "الشرق األوسط" والتخلي عن‬
‫حماية مصالحها‪ ،‬بقدر ما كان ق ار اًر تكتيكياً باالنكفاء العسكري؛ للتخفيف من أعباء التوسع و"االمتداد الزائد"‪ .‬مع إمكانية‬
‫إعادة االنتشار والتموضع في المنطقة عند الضرورة أو تعزيز تواجدها العسكري بقوات إضافية ذات مهام "أمنية" كحماية‬
‫السفن التجارية وتأمين الممرات البحرية لنقل الطاقة‪ ،‬وهي مهام أقل تكلفة بشري ًا ومادي ًا من األنشطة الحربية الفعلية‪.‬‬
‫قائمة المصادر‪:‬‬
‫أبو زيد‪ ،‬احمد محمد‪" .2014 .‬الواقعيون الجدد ومستقبل القوة األمريكية‪ :‬مراجعة لألدبيات"‪ .‬المجلة العربية للعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬عددان‪( 44-43 .‬صيف‪-‬خريف)‪.37 -9 :‬‬

‫‪124‬‬
‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫إ‪.‬حسين‪ ،‬إسالم إبراهيم‪" .2021 .‬تجمع البريكس والقوى االقتصادية الصاعدة‪ :‬الفعالية والجاذبية"‪ .‬المجلة العلمية لكلية‬
‫الدراسات االقتصادية والعلوم السياسية‪ ،‬عدد‪(11 .‬يناير)‪.392 -365 :‬‬
‫أمحمدي‪ ،‬فاطمة‪" .2018 .‬الدبلوماسية االقتصادية للقوى الصاعدة ‪ ..‬دول (البريكس) نموذجاَ"‪ .‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫عدد‪( 212.‬أبريل)‪.43 -34 :‬‬
‫بدوي‪ ،‬منير محمود‪" .1997 .‬مفهوم الصراع‪ :‬دراسة في األصول النظرية لألسباب واألنواع"‪ .‬مجلة دراسات مستقبلية‪،‬‬
‫عدد‪( 3 .‬يوليو)‪.62 -35 :‬‬
‫براساد أ‪ ،.‬رفاس س‪ ،.‬سعيدي ن‪ ،.‬سالم ف‪ ،.‬شيبيرد ف‪ ،.‬مؤشر التنويع االقتصادي العالمي لعام ‪ .2023‬دبي‪ :‬كلية‬
‫محمد بن راشد لإلدارة الحكومية‪ .‬يتوفر التقرير على الموقع االلكتروني التالي‪:‬‬
‫‪www.EconomicDiversification.com‬‬
‫بوصبوعة‪ ،‬مصطفى‪" .2019 .‬الصين واالرتقاء المعياري في النظام الدولي‪ :‬نحو تبني هوية دولة عظمى"‪ .‬مجلة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬عدد‪( 11 .‬يناير)‪.424 -413 :‬‬
‫بي بي سي نت‪" .2023 .‬الصين والواليات المتحدة‪ :‬أين يقع البلدان ضمن موازين القوى الحالية؟"‪ 27 .‬نيسان‪،‬‬
‫‪.2023‬‬
‫‪https://www.bbc.com/arabic/65403628‬‬
‫التقرير الصيني السنوي المعنون‪" :‬الصين في عام ‪ .2022 ."2021‬القاهرة‪ :‬مركز الحوار للدراسات السياسية‬
‫واإلعالمية‪.‬‬
‫التميمي‪ ،‬خالد غالب مطر‪ .2014 .‬نظام األمن الجماعي‪ :‬في ضوء تجربة مجلس األمن في العراق‪ .‬بيروت‪ :‬العارف‬
‫للمطبوعات‪.‬‬
‫توفيق‪ ،‬سعد حقي‪ .2017 .‬العالقات الدولية‪ .‬بغداد‪ :‬دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ح‪.‬حسين‪ ،‬حيدر علي‪ .2014 .‬سياسة الواليات المتحدة األمريكية ومستقبل النظام الدولي ‪ ..‬السياسة األمريكية‬
‫الخارجية والعالقات الدولية‪ .‬بغداد‪ :‬دار الكتب العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫دندن‪ ،‬عبد القادر‪" .2014 .‬إستراتيجية عقد اللؤلؤ" لتأمين ممرات الطاقة الصينية"‪ .‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪196.‬‬
‫(أبريل)‪.159 -152 :‬‬
‫راهي‪ ،‬قيس ناصر‪ .2017 .‬نهاية التأريخ‪ :‬دراسة تحليلية نقدية للمفهوم وحضوره المعاصر‪ .‬كربالء‪ :‬المركز اإلسالمي‬
‫للدراسات اإلستراتيجية‪ -‬العتبة العباسية المقدسة‪.‬‬
‫الربيعي‪ ،‬كوثر عباس‪" .2011 .‬التعددية القطبية وتفاعالتها مع القطب األمريكي المهيمن"‪ .‬الملف السياسي‪ ،‬عدد‪95.‬‬
‫(أيار)‪ .‬جامعة بغداد‪ .‬مركز الدراسات الدولية‪.‬‬
‫‪" .2009 .---‬اإلستراتيجية األمريكية تجاه دول أمريكا الالتينية‪ :‬دراسة حالة العالقات األمريكية‪ -‬الكوبية"‪ .‬سلسلة‬
‫دراسات إستراتيجية‪ ،‬عدد‪ .101 .‬جامعة بغداد‪ .‬مركز الدراسات الدولية‪.‬‬
‫رمزي‪ ،‬علوان‪ ،‬وبولويز عبد الوافي‪" .2019 .‬تدويل أعمال الشركات متعددة الجنسيات ودوره في التحول الصناعي‬
‫والتكنولوجي باالقتصادي الصيني"‪ .‬مجلة المنتدى للدراسات واألبحاث االقتصادية‪ ،‬عدد‪.131 -114 :2 .‬‬

‫‪125‬‬
‫مجلة العلوم السياسية ‪ -‬أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬
‫‪ISSN: 1815-5561‬‬ ‫‪E-ISSN: 2521-912X‬‬ ‫العدد (‪ )66‬كانون األول (‪)2023‬‬

‫روبنسون‪ ،‬بول‪ .2009 .‬قاموس األمن الدولي‪ .‬أبوظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية [دراسات‬
‫مترجمة ‪.]38‬‬
‫زهران‪ ،‬جمال‪ .2006 .‬منهج قياس قوة الدول ‪ ..‬واحتماالت تطور الصراع العربي – اإلسرائيلي‪ .‬بيروت‪ :‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪.‬‬
‫العاني‪ ،‬نوري عبد الحميد‪" .2008 .‬معايير فالسفة الصين لتحقيق المجتمع الفاضل والحكم الصالح"‪ .‬مجلة د ارسات‬
‫اجتماعية‪ ،‬عدد‪.107 -99 : 19.‬‬
‫عباس‪ ،‬احمد فاروق‪" .2019 .‬التجربة التنموية في الصين ‪ ..‬الواقع والتحديات"‪ .‬المجلة العلمية لالقتصاد والتجارة‪،‬‬
‫عدد‪( 3 .‬أكتوبر)‪.578 -545 :‬‬
‫عبد الفتاح‪ ،‬بشير‪ .2010 .‬أزمة الهيمنة األمريكية‪ .‬الجيزة‪ :‬نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫عبد المنعم‪ ،‬وسن إحسان‪" .2020 .‬ترتيبات اإلقليمية الجديدة والتغيرات في ميزان القوى العالمي‪ :‬تكتل مجموعة دول‬
‫البريكس أنموذجاً"‪ .‬مجلة مركز دراسات الكوفة‪ ،‬عدد‪( 58 .‬أيلول)‪.179 -153 :‬‬
‫عبد النبي‪ ،‬أحمد يوسف محمد‪" .2020 .‬تطور مفهوم وتطبيقات توازن القوى في النظام الدولي"‪ .‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫عدد‪( 220.‬أبريل)‪.27 -12 :‬‬
‫العربية نت‪" .2022 .‬إجراءات جديدة لتشجيع األسر على اإلنجاب في الصين"‪ 16 .‬آب‪.2022 ،‬‬
‫‪https://www.alarabiya.net/last-page/2022/08/16/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-‬‬
‫‪%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%84%D9%89-‬‬
‫‪-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%A8‬‬
‫عريبي‪ ،‬زينة مالك‪" .2023 .‬أثر التنافس التكنولوجي ما بين الصين وأمريكا على مستقبل النظام الدولي"‪ .‬سلسلة‬
‫إصدارات مركز البيان للدراسات والتخطيط‪.‬‬
‫عطوان‪ ،‬محمد كريم كاظم‪ ،‬عباس سعدون رفعت‪ .2017 .‬اإلستراتيجيات الدولية‪ :‬مبادئ نظرية وتطبيقات عملية‪.‬‬
‫بغداد‪ :‬مكتبة نفح الطيب‪.‬‬
‫علي‪ ،‬سليم كاطع‪ .2012 .‬عرض كتاب‪" :‬رؤية إستراتيجية ‪ :‬أمريكا وأزمة السلطة العالمية"‪ .‬مجلة دراسات دولية‪،‬‬
‫عدد‪( 54 .‬تشرين األول)‪.229 -223 :‬‬
‫فهمي‪ ،‬عبد القادر محمد‪ .2009 .‬المدخل في دراسة اإلستراتيجية‪ .‬بغداد‪ :‬بال مط‪.‬‬
‫‪" .2000 .---‬دور الصين في البنية الهيكلية للنظام الدولي"‪ .‬دراسات إستراتيجية‪ ،‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث‬

‫‪126‬‬ ‫اإلستراتيجية‪ .‬العدد‪.42 .‬‬


‫‪Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System‬‬
‫)‪Issue (66) December (2023‬‬ ‫‪ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X‬‬

‫كابالن‪ ،‬روبرت‪" .2010 .‬جغرافية القوة الصينية‪ :‬إلى أي مدى يمكن أن تصل بكين ب ًار وبح ًار"‪ .‬ترجمة سميرة إبراهيم‬
‫عبد الرحمن‪ .‬مجلة دراسات دولية‪ ،‬عدد‪( 45.‬تموز)‪.182 -159 :‬‬
‫ليتيم‪ ،‬فتحية‪ .2011 .‬نحو إصالح منظمة األمم المتحدة لحفظ السلم واألمن الدوليين‪ .‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪.‬‬
‫مخلوفي‪ ،‬لمياء‪" .2017 .‬إستراتيجية الحزام والطريق الصينية الجديدة وإفريقيا"‪ .‬مجلة مدارات سياسية‪ .‬عدد (ديسمبر)‪:‬‬
‫‪.193 -174‬‬
‫مدهون‪ ،‬ميمون‪" .2014 .‬التكيف الحرج‪ :‬ركائز إستراتيجية الصعود السلمي للصين"‪ .‬مجلة السياسة الدولية‪ ،‬عدد‪197.‬‬
‫(يوليو)‪.61 -56 :‬‬
‫مصباح‪ ،‬عامر‪ .2010 .‬نظريات التحليل اإلستراتيجي واألمني للعالقات الدولية‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الكتاب الحديث‪.‬‬
‫مطر‪ ،‬حسام محمد‪" .2012 .‬السياسة الخارجية األمريكية‪ :‬ضرورة االنكفاء"‪ .‬مجلة حمورابي للدراسات‪ ،‬عدد‪4.‬‬
‫(ديسمبر)‪.162 -144 :‬‬
‫مقلد‪ ،‬إسماعيل صبري‪ .2013 .‬السياسة الخارجية‪ :‬األصول النظرية والتطبيقات العملية‪ .‬الجيزة‪ :‬المكتبة األكاديمية‪.‬‬
‫ناصف‪ ،‬إيمان عطية‪" .2019 .‬دور التطور التكنولوجي في دعم التنمية الصناعية‪ :‬دراسة تطبيقية لمجموعة دول‬
‫(‪ ،")BRICS‬الدوريات المصرية‪ .‬يوليو‪.2019 .‬‬
‫‪http://journals.ekb.eg‬‬
‫الهرش‪ ،‬احمد فايز‪" .2020 .‬أزمة اإلغالق الكبير‪ :‬اآلثار االقتصادية لفيروس كورونا (كوفيد ‪ .")19‬مجلة بحوث‬
‫اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العدد‪.137 -117 :2.‬‬
‫هوي‪ ،‬يايو الي‪" .2015 .‬األمن اإلقليمي‪ :‬مجموعة اآلسيان‪ ..‬االتحاد الخليجي العربي التجارب المستفادة"‪ .‬آراء حول‬
‫الخليج‪ .‬يونيو‪www.araa.sa.com .2015 ،‬‬
‫هيرد‪ ،‬بال دوناي‪ ،‬إيكاترينا ستيبانوفا‪ ،‬جوستاف لندستروم‪ ،‬كاتي كليمان‪ ،‬تاباني فاتورانتا‪ ،‬ماثيو رودس‪ ،‬بافل باييف‪،‬‬
‫بيتس جيل‪ ،‬سيدهارت فاراداراجان‪ ،‬تيري تاردي‪ .2013 .‬القوى العظمى واالستقرار االستراتيجي في القرن الحادي‬
‫والعشرين‪ :‬رؤى متنافسة للنظام العالمي‪ .‬أبوظبي‪ :‬مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية [دراسات مترجمة‬
‫‪.]60‬‬
‫وهبان‪ ،‬احمد محمد‪" .2016 ،‬النظرية الواقعية وتحليل السياسة الدولية من مورجنثاو إلى ميشايمر‪ :‬دراسة تقويمية"‪،‬‬
‫المجلة العلمية لكلية الدراسات االقتصادية والعلوم السياسي‪ ،‬عدد‪( 2.‬يوليو)‪.68 -9 :‬‬
‫‪List of references:‬‬
‫‪Abu Zaid ،Ahmed Muhammad. 2014. “Realists and the Future of American Power: A‬‬
‫‪Review of the Literature.” Arab Journal of Political Science ،two issues. 43-44‬‬
‫‪(Summer-Fall): 9-37.‬‬
‫‪Hussein ،Islam Ibrahim. 2021. “BRICS and Rising Economic Powers: Effectiveness and‬‬
‫‪Attractiveness.” Scientific Journal of the Faculty of Economic Studies and Political‬‬
‫‪Science ،No. 11(January): 365-392‬‬
‫‪Ahmadi ،Fatima. 2018. “Economic diplomacy of rising powers...the BRICS countries as‬‬
‫‪an example.” Journal of International Politics ،No. 212 (April): 34-43.‬‬
‫‪127‬‬
‫ أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬- ‫مجلة العلوم السياسية‬
ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X )2023( ‫) كانون األول‬66( ‫العدد‬

Badawi ،Mounir Mahmoud. 1997. “The Concept of Conflict: A Study of the Theoretical
Origins of Causes and Types.” Journal of Future Studies ،No. 3 (July): 35-62.
Prasad A. ،Rafas S. ،Saeedi N. ،Salem F. ،Shepherd F. ،Global Economic Diversification
Index 2023. Dubai: Mohammed bin Rashid School of Government. The report is
available on the following website: www.EconomicDiversification.com
Bousboua ،Mustafa. 2019. “China and Normative Ascension in the International System:
Toward Adopting a Great Power Identity.” Journal of Law and Political Science ،no.
11 (January): 413-424.
BBC Net. 2023. “China and the United States: Where do the two countries fall in the
current balance of power?” April 27 ،2023. https://www.bbc.com/arabic/65403628
Annual Chinese report entitled: “China in 2021”. 2022. Cairo: Al-Hiwar Center for
Political and Media Studies.
Al-Tamimi ،Khaled Ghaleb Matar. 2014. The Collective Security System: In Light of the
Security Council’s Experience in Iraq. Beirut: Al-Arif Publications.
Tawfiq ،Saad Haqqi. 2017. International Relations. Baghdad: Adnan House and Library
for printing ،publishing and distribution.
H. Hussain ،Haider Ali. 2014. The policy of the United States of America and the future
of the international system.. American foreign policy and international relations.
Baghdad: Dar Al-Kutub Al-Arabi for printing ،publishing and distribution.
Dandan ،Abdul Qader. 2014. “The ‘String of Pearls Strategy’ to Secure China’s Energy
Corridors.” Journal of International Politics ،No. 196 (April): 152-159.
Rahi ،Qais Nasser. 2017. The End of History: A Critical Analytical Study of the Concept
and its Contemporary Presence. Karbala: Islamic Center for Strategic Studies - Al-
Abbas Holy Shrine.
Al-Rubaie ،Kawthar Abbas. 2011. “Multipolarity and its Interactions with the Hegemonic
American Pole.” Political File ،No. 95 (May). Baghdad University. Center for
International Studies.
---. 2009. “US Strategy Towards Latin American Countries: A Case Study of US-Cuban
Relations.” Strategic Studies Series ،No. 101. University of Baghdad. Center for
International Studies.
Ramzi ،Alwan ،and Pauloiz Abdel Wafi. 2019. “The internationalization of multinational
companies and its role in the industrial and technological transformation of the Chinese
economy.” Forum Journal for Economic Studies and Research ،No. 2: 114- 131.
Robinson ،Paul. 2009. Dictionary of International Security. Abu Dhabi: Emirates Center
for Strategic Studies and Research [Translated studies 38].

Zahran ،Jamal. 2006. An approach to measuring the power of states...and the possibilities
for the development of the Arab-Israeli conflict. Beirut: Center for Arab Unity Studies.
Al-Ani ،Nouri Abdel Hamid. 2008. “Chinese Philosophers’ Criteria for Achieving a
Virtuous Society and Good Governance.” Journal of Social Studies ،No. 19: 99-107.
Abbas ،Ahmed Farouk. 2019. “The development experience in China... reality and
challenges.” Scientific Journal of Economics and Trade ،No. 3 (October): 545-578.
Abdel Fattah ،Bashir. 2010. The Crisis of American Hegemony. Giza: Nahdet Misr for
Printing ،Publishing and Distribution.

128
Political Sciences Journal - Impact of the Rising of China in Restructuring the International System
Issue (66) December (2023) ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X

Abdel Moneim ،and Sin Ihsan. 2020. “New Regional Arrangements and Changes in the
Global Balance of Power: The BRICS bloc as a model.” Kufa Studies Center Journal ،
No. 58 (September): 153-179.
Abdel Nabi ،Ahmed Youssef Muhammad. 2020. “The development of the concept and
applications of the balance of power in the international system.” Journal of
International Politics ،No. 220 (April): 12-27.
Al Arabiya Net. 2022. “New Measures to Encourage Families to Have Children in China.”
August 16 ،2022.https://www.alarabiya.net/last-
page/2022/08/16/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-
%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-
%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF-
%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-
%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9-
%D8%B9%D9%84%D9%89-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%A8 -
Oribi ،Zeina Malek. 2023. “The impact of technological competition between China and
America on the future of the international system.” Series of publications by Al Bayan
Center for Studies and Planning.
Atwan ،Muhammad Karim Kazem ،Abbas Saadoun Rifaat. 2017. International
Strategies: Theoretical Principles and Practical Applications. Baghdad: Nafah Al-
Tayeb Library.
Ali ،Salim Kate. 2012. Book presentation: “A Strategic Vision: America and the Crisis of
Global Authority.” Journal of International Studies ،No. 54 (October): 223-229.
Fahmy ،Abdul Qader Muhammad. 2009. Introduction to the study of strategy. Baghdad:
No problem
---. 2000. “China’s Role in the Structural Structure of the International System.” Strategic
Studies ،Emirates Center for Strategic Studies and Research. the number. 42.
Kaplan ،Robert. 2010. “The Geography of Chinese Power: How Far Beijing Can Reach
on Land and at Sea.” Translated by Samira Ibrahim Abdel Rahman. Journal of
International Studies ،No. 45 (July): 159-182.
Letem ،Fethiye. 2011. Towards reform of the United Nations Organization for the
Maintenance of International Peace and Security. Beirut: Center for Arab Unity
Studies.
Makhloufi ،Lamia. 2017. “China’s New Belt and Road Strategy and Africa.” Madarat
Political Magazine. Issue (December): 174-193.
Anointed ،auspicious. 2014. “Critical Adaptation: Pillars of China’s Peaceful Rise
Strategy.” Journal of International Politics ،No. 197 (July): 56-61.
Mesbah ،Amer. 2010. Theories of strategic and security analysis of international relations.
Cairo: Dar Al-Kitab Al-Hadith.
Matar ،Hossam Muhammad. 2012. “American Foreign Policy: The Imperative of
Retreat.” Hammurabi Journal of Studies ،No. 4 (December): 144-162.
Muqallad ،Ismail Sabry. 2013. Foreign Policy: Theoretical Origins and Practical
Applications. Giza: Academic Library.
129
‫ أثر الصعود الصيني في إعادة هيكلة النظام الدولي‬- ‫مجلة العلوم السياسية‬
ISSN: 1815-5561 E-ISSN: 2521-912X )2023( ‫) كانون األول‬66( ‫العدد‬

Nassef ،Iman Attia. 2019. “The role of technological development in supporting industrial
development: an applied study of a group of countries (BRICS),” Egyptian Journals.
July. 2019. http://journals.ekb.eg
Al-Harash ،Ahmed Fayez. 2020. “The Great Lockdown Crisis: The Economic Impacts of
Coronavirus (Covid-19).” Journal of Management and Economics Research ،No. 2:
117-137.
Hui ،Yayu Lai. 2015. “Regional Security: The ASEAN Group...The Arab Gulf Union
Learned Experiences.” Opinions about the Gulf. June ،
2015.www.araa.sa.com
Heard ،Pal Dunai ،Ekaterina Stepanova ،Gustav Lundstrom ،Katie Kleiman ،Tabani
Fattoranta ،Matthew Rhodes ،Pavel Baev ،Bates Gill ،Siddharth Varadarajan ،Thierry
Tardy. 2013. Great Powers and Strategic Stability in the Twenty-First Century:
Competing Visions of World Order. Abu Dhabi: Emirates Center for Strategic Studies
and Research [Translated Studies 60].
Wahban ،Ahmed Mohamed ،2016. “Realist Theory and International Policy Analysis
from Morgenthau to Meisheimer: An Evaluative Study,” Scientific Journal of the
Faculty of Economic Studies and Political Science ،No. 2 (July): 9- 68.

130

You might also like