You are on page 1of 5

‫ثقافة ‪ /‬سابع مدى‬

‫‪ 5‬قصائد من ديوان «العدم أيًض ا مكان حنين»‬

‫لوحة للفنان عمر مصطفى مستوحاة من قصائد ديوان «القاهرة»‬

‫كتابة‬

‫عالء خالد‬
‫‪ 3‬أكتوبر ‪2022‬‬

‫يصدر قريًب ا عن الهيئة العامة للكتاب‪.‬‬

‫كان يسير بجانبي‬

‫كنا متساويين تماًم ا في نصيبنا من الحظ والحب واألمل‬

‫سقطت الريشُة فوق رأسي‬

‫ولم تسقط فوق رأسه‬

‫أخذت حياتي مساًر ا مختلًف ا‬

‫وعشت وسط عائلة سعيدة‬

‫من فرط سعادتي كنت أحجل في الشارع‬

‫تعثرت قدمي بأمنيات عديدة‬

‫كل أمنية كانت تخِّلف بقعة حمراء‬

‫ولكن ملمس الريشة كان يشعرني دوما بأني مختلف‬


‫بأن هناك شيًئ ا ناقًص ا يدفعني لألمام‬

‫كبرت وتعديت المراهقة وصرت موسوًم ا بين عالم الرجال‬

‫نسيته تماًم ا وغاب ظله‪ ،‬وأثر تلك الريشة التي لم تسقط على رأسه‬

‫ونسيت تماًم ا المكان الذي سرنا فيه‪ ،‬للمرة األولى‪ ،‬والذي كان منبت األلم لكلينا‬

‫افتقادي له كان يدفعني دوًم ا ألن أغِّي ر‪ ،‬في خيالي‪ ،‬من مصير هذه الريشة‬

‫وأرى نفسي من بعيد‬

‫أو يجعلنى أعمل حساًبا لكل من يسير مطاطأ الرأس بجانب الجدران العالية‬

‫لمن توقف عن اإلحساس بخشونة الزمن‬

‫أشعر دائًم ا بأني أخذت حظه‬

‫أو على األقل لم نتقاسم آالم الريشة ودموعها ودمائها بالتساوي‬

‫لم نتقاسم هذا الشيء الناقص الذي امتلكته وحدي‬

‫بينما هو كان يمأل نفسه بنفسه‪ ،‬كأنه يبني جداًر ا خرسانًي ا‪،‬‬

‫ودون حساب لألحالم أو الفراغات‪ ،‬أو المستقبل‬

‫هناك باب ليلي‬

‫فى ذلك الجدار العالي‬

‫يدخل منه دائًم ا‪.‬‬

‫لوحة للفنان عمر مصطفى مستوحاة من الديوان‬

‫دموعي ساللة نادرة‬

‫حاولت أن أتخلص من تلك المطاردات التي تالحقني بها‬


‫من هذا القناع المائي الذي صار صغيًر ا على حزني‬

‫أو طريقة نظرتي للحياة‬

‫أحياًن ا أتعامل معها كالسلطة األبوية‬

‫وأصم آذاني عن أي قوة تأتيني من معاداتي لها‬

‫وأحياًن ا أتعامل معها كأحد الرموز القدرية‬

‫كبساطة شكل الصليب‬

‫أو عالمة النصر‬

‫دخلْت دموعي فى دوامة الصراعات‪ ،‬كما دخلُت تماًم ا‬

‫وأصبح لها أرشيف من الوخزات الطبقية‬

‫التي تركت عالمات زرقاء على جلدها المائي الرقيق‬

‫ها هي تتدحرج في غرفة المرايا‬

‫تشاهد صورها المتعددة وهي تتقمص أدآت الحياة‪،‬‬

‫ما ليس حزًن ا أو فرًح ا أو فائًض ا عن إناء النفس‪،‬‬

‫وهي تسبح باستمتاع في الجانب المائي منها‬

‫الذي يردها ألصل من أصول الحياة‪،‬‬

‫ولكن أصالتها تظهر أكثر فى الظالم المصمت‪ ،‬بعيًد ا عن المرايا والضوء‬

‫كصورة شبحية مثل هويتي تماًم ا‬

‫فى عالم آخر‪ ،‬ربما ستأخذ صورة ال رجعة فيها‪،‬‬

‫ألنها نهاية رحلة الصور واألقنعة‬

‫ستكون المياه التي يبدأ منها الخلق‬

‫التي افترشها اهلل‬

‫وهو يوزع أقساط الحزن على العالم‪.‬‬

‫كان يمكن أن يكون العدم محطة سعادة دائمة‬

‫ال ننزل منها وال يستقل أي قطار‬


‫كان يمكن أن يكون العدم حضارة أخرى‬

‫فضاء حًر ا بال جاذبية‬

‫بال إرادة‬

‫ألنه بال إله‬

‫كان يمكن أن يكون العدم هو المنافس الحقيقي هلل‬

‫المكان الذى ال تمر به الساعات‬

‫أو يتحول فيه الماضي إلى حنين‬

‫كل يرقد على حاضره‬

‫ال نشيخ فيه وال نفنى‬

‫ومن كوكب العدم هذا نشير هلل وألنفسنا التي سبقتنا أو أعقبتنا‬

‫تلك التي تمردت على إرادة موتنا‬

‫نشير لها‬

‫قبل أن تجرى الحياة بين كوكبينا‬

‫وتمتلئ األنهار بمدامع أحزاننا‪.‬‬

‫أضواء الحياة مغرية في الليل‬

‫تجعلنا ال نريد أن نغادرها‬

‫نتمسك بالحياة في الليل أكثر من النهار‬

‫كأننا مخلوقات قدت من الظالم المخلوط بنسيلة من الضوء‬

‫من األسود الذي تعكر باألبيض‬

‫ككوب الشاى باللبن‬

‫نتمسك بالليل ألنه صريح بال خدعة‬

‫أضواء البيوت والسماء‬

‫عواميد الشوارع‪ ،‬كشافات العربات‪،‬‬

‫راكيات العمال تحت الخراسانات فى مباٍن قيد اإلنشاء‪،‬‬


‫تليفزيونات البوابين بغرفة بجوار بئر السلم‬

‫السفن البعيدة‪ ،‬الضوء األصفر لبائعي الفاكهة‪،‬‬

‫إضاءات برك األمطار‪،‬‬

‫جميعها تسحبنا داخل الحكاية‬

‫كجدار مثقوب بالرصاص‬

‫تشف أجسادنا‬

‫تعبر كتل الضوء خالله‪،‬‬

‫كحياتنا الخفيفة والشفافة‪،‬‬

‫من مكان آلخر‬

‫تسحب معها اعتذارنا المتأخر‪.‬‬

‫هذا المنحنى الذي أعبره‪ /‬بذرة المدينة الحديثة‪ /‬انفراج يد رسام محترف على صفحة بيضاء‪ /‬مقطع من‬
‫دائرة لن تكتمل إال إذا سافرت لبالد أخرى‪ /‬أو سافرت فى مكانك بهمة المكتشفين األوائل وحرارة قلوبهم‪/‬‬
‫هذا المنحنى المطمئن‪ /‬رمز لطرق الحقيقة الملتفة والمتقطعة والالنهائية‪ /‬من السلسلة حتى قلعة قايتباى‪/‬‬
‫مئات الصيادين‪ /‬مئات الصنانير الزاحفة بين الصخور‪ /‬مئات القطط التى تتغذى على حاسة الكبرياء‪ /‬على‬
‫تلك األسماك الصغيرة المهجورة‪ ،‬والتى ال تليق بعودة مظَّف رة لصياد محترف‪ /‬مئات األقدام المدالة فى هواء‬
‫حرم البحر‪ُ /‬ت بِّط ن هذا المنحنى‪ ،‬مع طحالب الصخور الخصراء‪ ،‬بهزات عصبية متتالية‪ /‬النتظارات ومتع‬
‫معلقة‪ /‬هذا المنحنى الذي تضع فيه الشمس بيضتها البحرية كل صباح‪ /‬في مجرى المياه‪ ،‬أو على الرمال‬
‫المنداة‪ /‬البيضة التى يقتسم نورها اآلالف‪ /‬هؤالء الزاحفون من متاهة الحواري الخلفية‪ ،‬من بيوتهم الخشبية‪،‬‬
‫التى تشبه بيوت األطفال؛ باتجاه هذا الشريان األمومي المفتوح‪ /‬تلك الوسادة التي يرتاح عليها القمر‪ /‬ويرتاح‬
‫عليها قلب اإلسكندرية الساهر‪ /‬هذا المنحنى‪ /‬الضلع الناقص من آدم‪ /‬الذى خرجت منه اإلسكندرية‪.‬‬

‫اعالن‬

‫عالء خالد‬
‫مقال واحد على مدى‬

You might also like