Professional Documents
Culture Documents
الـمقدمــــــــــــــة
الـمقدمــــــــــــــة
يعت بر الق انون ض رورة اجتماعي ة ،إذ ال يمكن تص ور ق انون ب دون مجتم ع أو مجتم ع ب دون
قانون .فاإلنسان اجتماعي بطبعه وهاته الصفة أساسها أنه ال يعيش منفردا ،بل يعيش في جماعة سواء
صغرت هذه الجماعة أو كبرت .1وألن من النادر أن يستطيع شخص العيش منفردا عن أبناء جنسه،2
كان الطابع االجتماعي لإلنسان ضرورة وحتمية 3بالنسبة له وبالنسبة لغيره من أفراد مكونات مجتمعه
والط ابع االجتم اعي لإلنس ان ظه ر أك ثر تأص يال وتقري را بع د مجيء اإلس الم ،ألن ه ذا األخ ير
اهتم بقضية المجتمع اهتماما كبيرا ،بقدر اهتمامه بالقضايا الروحية لهذا اإلنسان ،وهذا ما تؤكده آيات
قرآنية كثيرة تضع اجتماعية اإلنسان في الصدارة ،ومثال ذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات
(اآلية " ) 12يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".
إال أن العيش واالختالط داخ ل الجماع ة ،ال يم ر دائم ا في ود وس الم ،خصوص ا م ع الطبيع ة
األناني ة لإلنس ان ،وال تي تدفع ه إلى التص ارع والتص ادم لدرج ة التط احن م ع اآلخ رين ،ح ول الس لطة أو
-1دنيا مباركة "،الوجيز في النظرية العامة للقانون والحق" ،دار النشر الجسور ،وجدة ،الطبعة األولى ،سنة ،1998ص .1
-2إبراهيم فكري" ،المدخل لدراسة القانون" ،نشر البديع ،مراكش ،الطبعة األولى ،سنة ،2001ص .6
-3حمدي القبيالت ،أنيس المنصور ،محمد أبو الهيجاء ،صالح حجازي "،القانون في حياتنا" ،دار وائل للنشر والتوزيع ،األردن ،عمان ،الطبعة
األولى ،سنة ،2011ص .11
-4نور الدين لعرج "،المدخل لدراسة القانون الوضعي" ،سيليكي إخوان ،طنجة ،الطبعة األولى ،سنة ،2003ص .3
1
لهذا كان البد للمجتمع من قانون ،ينظم سلوك األفراد في الجماعة ،ويحمي النشاط الفردي بما
يتفق م ع مص لحة هات ه األخ يرة حتى يس ود األمان والع دل بين أف راد المجتمع .5ك ل ذل ك ،يؤك د ص دق
القائل "أن ال إنسان اجتماعي بدون جماعة ،وال جماعة مستقرة ومنظمة بدون قانون".6
وال يمكن ألح د أن ينفي أن التن ازع والخص ام 7بين الن اس ه و إح دى النت ائج الحتمي ة والطبيعي ة
لتعايشهم ،8فهم يتناقشون ويختلفون وق د يتوقفون عن التعامل فيم ا بينهم ،فيحاول أح دهم تجنب اآلخر،
إن النزاع ات تع د ج زءا ال يتج زأ من الحي اة شخص ية ك انت أم اجتماعي ة .فكم ا يختل ف
األصدقاء والمعارف والزمالء ،تختلف األسرة والمؤسسات واألحزاب السياسية والشعوب والدول.9
وإ ذا أقررنا بأن النزاع شيء موجود -شئنا أم أبينا -فإن هذا ليس سوى خطوة أخرى نحو
إدراك مس ألة مهم ة وهي أنن ا في الواق ع بحاج ة إلى ه ذا األخ ير وبحاج ة إلى منافع ه وهي كث يرة من
أهمها:
-5محمد المقريني "،المدخل لدراسة القانون الوضعي" ،الطبعة األولى ،سنة ،2012ص .5
-6أحمد حسن قدادة "،شرح النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري" ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،طبعة ،2002ص .8
- 7للمزيد من التوسع حول مفهوم الخصومة ،اإلدعاء ،الدعوى ،أنظر:
-سيد أحمد محمود "،التقاضي بقضية وبدون قضية ،في المواد المدنية والتجارية ،قواعده -عناصره -مراحله -إجراءاته وآثارها" ،دار الكتب
القانونية ،مصر ،سنة ،2008ص 98وما بعدها.
-8أحمد الورفلي "،التحكيم الدولي في القانون التونسي والقانون المقارن" ،طبع الشركة التونسية لفنون الرسم ،سنة ،2006ص .11
-9غالينا لوبيموفا ،نزار عيون السود "،نظرة عامة إلى علم النزاع وسيكولوجية النزاع".
مقال منشور بموقع palestine.ahlamontada.com :تاريخ حصر الموقع 16سبتمبر .2007
2
تحسين مستوى النضج النفسي والرفع من جودته. -
وهنا قد ال يتفق البعض -انطالقا من تجربته الذاتية مثال -مع القول بمنافع النزاع المشار إليها
هنا ،فإنه مدعو معنا للتأمل في المساهمة اإليجابية التي يقدمها النزاع على كل المستويات.10
وإ ذا ك ان اإلنس ان اجتماعي ا بطبع ه فال ب د أن يحي ا بين أف راد المجتم ع ويتش بع بأعراف ه وعادات ه
وتقاليده ،وال بد أن يقتنع بالقانون والنظام وقواعد الضبط التي تسود هذا المجتمع.
ويتولى القضاء باعتباره سلطة عامة ،تطبيق القانون .11ذلك ألن الدور التقليدي المسند للقاضي
هو فض النزاعات التي تعرض عليه تطبيقا لقواعد القانون ،فهو الذي يبعث في النص القانوني الحياة
بشرحه وتأويله ومالئمة تطبيقه حسب الوقائع المعروضة عليه ،فمهمة القاضي هنا األساسية هي قول
إال أن س لوك طري ق القض اء الرس مي -ورغم م ا ي وفره من ض مانات تكف ل س المة وتحقي ق
العدالة ،فإنه يتسم بطول اإلجراءات وتعقيدها ،مما ينعكس سلبا على استقرار العالقات.
وأمام ضرورة اندماج المغرب في النسيج االقتصادي العالمي ،واالستجابة لمتطلبات العولمة،
تن امت الحاج ة إلى اعتم اد وس ائل وتقني ات أخ رى غ ير القض اء الرس مي ،وال تي أص بحت في ال وقت
الراهن من األمور الضرورية في إرساء الضمانات القانونية التي تشكل سياجا يقي العالقات القانونية
الناشئة عن األعمال والخدمات والتجارة والصناعة من اآلثار السلبية للمتقاضي أمام القضاء الرسمي،
وغير ذلك من القضايا التي أصبحت المحاكم الرسمية غير قادرة على استيعابها لوحدها ،وذلك في ظ ل
-10أمونير تقية"،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني، ،الدار
البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية ،2010 -2009ص .5
-11خالــد عبــد العظيم أبــو غابــة "،ط رق اختي ار القض اة ،دراس ة مقارن ة بين الش ريعة اإلس المية والتش ريعات الوض عية" ،دار الكتب القانوني ة،
مصر ،السنة ،2009ص .29
-12عبد المنعم كيوة "،حل النزاعات التجار ية طبق مبادئ العدل واإلنصاف" ،مجلة القضاء والتشريع ،العدد ،1السنة ،1988ص .69
- 13للمزيد من التوسع حول تعريف القضاء ،القاضي ،الشروط الواجب توفرها في القاضي ،طرق اختيار القاضي أنظر:
-خالد عبد العظيم أبو غابة ،م س ،ص 17وما بعدها.
3
اختالف المعامالت وتعدد أطرافها وحاجة هؤالء إلى السرعة في اقتضاء الحقوق في أقل وقت وبأقل
جهد ممكن ،وبأقل خسارة مادية ممكنة .فما المقصود بالوسائل البديلة لحل النزاعات؟
يقصد بالوسائل البديلة لحل النزاعات ،تلك الوسائل التي يلجأ إليها األطراف بدال من القضاء
العادي عند نشوب خالف أو نزاع بينهم 14بغية التوصل لحل ذلك الخالف .فتلك اآلليات تسهل الولوج
إلى العدالة ،وتلين المواقف بصدد المنازعات ،والبعد عن تعقيدات األنظمة القضائية.15
والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات ليس ت آلي ة جدي دة وإ نم ا هي قديم ة ق دم اإلنس انية ،16وك انت
موج ودة وفعال ة ،لكن الجدي د ه و ض رورتها في وقت يحت اج إليه ا الجمي ع على مختل ف المس تويات
والمج االت ،ه ذه الض رورة أفرزته ا بعض اإلكراه ات 17ال تي يواجهه ا القض اء من د أم د في مختل ف
األنظمة القضائية عبر العالم ،والتي يتجلى أهمها في تراكم أعداد من القضايا بسبب التأخير في إصدار
األحكام وظاهرة البطء في إجراءات التقاضي 18التي تكاد تعاني منها أغلب األنظمة والدول.19
-14شمس الدين عبداتي "،التحكيم المؤسسي بالمغرب" ،الندوة الجهوية الحادية عشر ،الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل
اجتهادات المجلس األعلى ،قصر المؤتمرات بالعيون ،02 -01 ،نونبر ،2007ص.21
-15طارق الجبلي "،مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية ،التحكيم التجاري نموذجا" ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم،
جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ،2010 -2009ص .1
-16سليمان محمد عبد الرحمن" ،القاضي وبطء العدالة ،دراسة مقارنة" ،الطبعة األولى ،سنة ،2011ص .123
- 17من بين تلك المعوقات اإلكراهات التي تواجه القضاء الرسمي ،وجعله أحيانا عاجزا عن النجاح في أداء رسالته في المستوى المنشود:
-الخصاص الملحوظ في الموارد البشرية ،سواء تعلق األمر بالقضاة أو بالعاملين بجهاز كتابة الضبط ،وذلك لمواجهة عدد القضايا الرائجة أمام
المحاكم،
-االكتظاظ وكثرة القضايا المعروضة،
-عدم التناسب الكبير بين النسمة السكانية في البلد وعدد القضايا الرائجة أمام المحاكم من جهة وبين عدد القضاة من جهة أخرى،
-المشاكل التي يعرفها تجهيز القضايا ومشاكل جهاز التبليغ،
-عدم االلتزام باحترام قاعدة "التقاضي بحسن النية" ،وتردد اإلدعاء الكيدي والتعسفي،
-الصعوبات التي تعترض تنفيذ األحكام والمقررات القضائية واقعا وقانونا.
عالل البصراوي " ،التحكيم االختياري واألنظمة المشابهة" مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117نونبر -دجنبر ،سنة ،2008ص .57
-18معمرو بومكوسي" ،دور الصلح في النزاعات األسرية" ،كلية الحقوق ،جامعة محمد األول ،وجدة.
مقال منشور بموقع http://www.startimes.com :تاريخ حصر الموقع 2011/02/08
- 19للمزيد من التوسع حول موضوع ":الوسائل البديلة لتسوية المنازعات ،تعريفها ،تطورها التاريخي ،أنواعها ،مميزاتها" أنظر:
-إسماعيل أوبلعيد "، "،الطرق البديلة لتسوية المنازعات" ،طوب باريس ،الرباط ،الطبعة األولى ،سنة .2015
-عالء آباريــان "،الوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات التجاري ة ،دراس ة مقارن ة" ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة ،ب يروت ،لبن ان ،الطبع ة الثاني ة ،س نة
.2012
4
ويعتبر التحكيم إحدى وسائل فض وحل المنازعات بين األطراف المعنية بواسطة الغير بعيدا
عن قض اء الدول ة ،20كم ا يعت بر الس بيل األك ثر ش يوعا بالنس بة لفض النزاع ات ال تي تنش أ فيم ا بين
األش خاص ال ذين ينتم ون لجنس يات مختلف ة بخص وص عالق اتهم التعاقدي ة الناجم ة عن عق ود مش اريع
االس تثمار ،21وذل ك لم ا ي وفره من ض مانات بفض ل ثق ة األط راف في االحتك ام إلى هيئ ات مس تقلة
وق د ع رف الفق ه التحكيم 23بأن ه " مكن ة أو رخص ة يمنحه ا الق انون لألط راف الختي ار ش خص
يتولى فض نزاعهم القائم أو المحتمل ،بعيدا عن إجراءات التقاضي لمحاكم الدولة" ،24كما عرفه البعض
اآلخ ر بأن ه " االتف اق على ط رح ال نزاع على ش خص معين أو أش خاص معي نين ليفص لوا في ه دون
". 25
المحكمة المختصة به
-ازاد شكور صالح "،الوسائل البديلة لتسوية منازعات عقود االستثمار الدولية ،دراسة مقارنة" ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان ،الطبع ة األولى،
سنة .2016
-20عمر أزوكار "،التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب ،قراءة في التشريع والقضاء" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة
األولى ،سنة ،2015ص .7
-21عبد اهلل درويش "،الدفع بوجود شرط التحكيم ،دراسة مقارنة" ،منشورات مجلة القضاء المدني ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،سنة
،2016ص .12
-22إلهام عاللي" ،واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية .2009 – 2008
-23التحكيم لغة مصدر حكم ويقال حكمت فالنا في مالي أي فوضت إليه الحكم فيه ،وحكموه فيما بينهم ،أي جعلوه حكما فيما بينهم.
والحكم لغة هو من يتم اختياره للفصل بين المتنازعين ،إذ قال تعالى في كتابه العزيز" وإ ن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من
أهلها" ( سورة النساء ،اآلية .)35
للمزيد من التوسع حول المفهوم اللغوي للتحكيم أنظر:
-أسعد فاضل منديل "،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة" ،منشورات زين الحقوقية ،العراق ،الطبعة األولى ،سنة ،2011ص 14
وما بعدها.
-24محمــد ســالم "،الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية" ،الن دوة
الجهوي ة الحادي ة عش ر ،بعن وان" :الص لح والتحكيم والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات من خالل اجته ادات المجلس األعلى" ،قص ر الم ؤتمرات
بالعيون – 1 ،نونبر ،سنة ،،2007ص .339
-25أشرف عبد العليم الرفاعي "، "،اتفاق التحكيم والمشكالت العملية والقانونية في العالقات الخاصة الدولية ،دراسة فقهية قضائية مقارنة" ،دار
الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة ،2006ص .223
5
وعرفه أحمد أبو الوفا بأنه " االتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين
أيضا عرفه عبد السالم زوير بكونه " لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض
ال نزاع الق ائم بينهم" أن ه قض اء خ اص يس تند إلى ش رط تعاق دي أو ه و " نظ ام تعاق دي يلج أ إلي ه فريق ان
في حين عرف ه حس ني المص ري بأن ه " نظ ام قض ائي خ اص يس تطيع بموجب ه الطرف ان االتف اق
على أن يحيال إلى محكم أو محكمين أو مؤسسة تحكيمية جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت
أو قد تنشأ بينهما ،بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية كانت أم غير تعاقدية من أجل الفصل فيها بقرار
ملزم ،بدل اللجوء إلى محاكم الدولة ،ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط التحكيم وارد في
وعرفت ه مجل ة األحك ام العدلي ة من خالل الم ادة 1790بأن ه " اتخ اذ الخص مين حكم ا برض اهما
-26أحمد أبو الوفا" ،التحكيم االختياري واإلجباري" ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،الطبعة الثالثة ،سنة ،1978ص .18
-27أنظر في هذا الشأن:
-خديجة فارحي "،محاضرات في مادة "الوسائل البديلة لحل المنازعات" ،ألقيت على طلبة ماستر قانون األعمال ،السنة الثانية ،بجامعة الحسن
الثاني ،برسم الموسم الجامعي .2009 – 2008
-حارث عبد العالي " ،شرط التحكيم في المادة التجارية على ضوء العقود النموذجية واالتفاقيات الدولية" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،
وح دة التك وين والبحث :ق انون األعم ال ،جامع ة الحس ن الث اني ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،ال دار البيض اء ،الس نة الجامعي ة
.2006ص .14
-عبد السالم زوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإ شكالياته العملية " ،نشر مكتبة دار السالم ،الرباط ،طبعة ،2004ص .137
-28حسني المصري "،التحكيم التجاري الدولي" ،دار الكتب القانونية ،سنة ،2006ص .3
-29حسنة عبد اللطيف لحلو ،رشيد عبد الرحمان الراقي "،إصالح ذات البين بين الزوجين ودور المجالس العلمية ،أي دور؟ وأية فعالية؟"،
إصدارات ومنشورات المجلس العلمي األعلى ،األمانة العامة .المجلس العلمي المحلي بالمحمدية ،الطبعة األولى ،سنة 2014م1435 -ه ،ص
.69
6
أما االتفاقيات الدولية والمتعلقة بالتحكيم كاتفاقية نيويورك لعام 1958والقانون النموذجي الذي
أعدت ه لجن ة التج ارة الدولي ة لألمم المتح دة لس نة ،1985وح تى غرف ة التج ارة الدولي ة في ب اريس ICC
وغيرها من االتفاقيات الدولية بشأن التحكيم التجاري الدولي فلم تعرف التحكيم.30
ومن زاوي ة التش ريعات المقارن ة ،يالح ظ ش به غي اب تعري ف ق انوني للتحكيم س واء في الق انون
الفرنس ي أو غ يره من الق وانين األجنبي ة .وق د يع زى ذل ك حس ب بعض الفق ه 31على األرجح إلى أقدمي ة
مؤسسة التحكيم ،فال تحتاج إلى تعريف قانوني ،خاصة وأن المشرع ال يرى مبررا للتطاول على مجال
يرجع فيه االختصاص للفقه .غير أن هذا التوجه قد خالفه المشرع المغربي في القانون رقم 08 -05
المتعل ق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة حينم ا تص دى لتعري ف ه ذه المؤسس ة في الفص ل 306بم ا يلي":
يراد بالتحكيم ،حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية ،تتلقى من األطراف مهمة الفصل في النزاع ،بناء على
اتف اق تحكيم" م ع تعري ف اتف اق التحكيم في الفص ل 307بأن ه " ال تزام األط راف ب اللجوء إلى التحكيم
قص د ح ل ن زاع نش أ أو ق د ينش أ عن عالق ة قانوني ة معين ة ،تعاقدي ة أو غ ير تعاقدي ة" .وقب ل ذل ك ،ك ان
الق انون التونس ي س باقا في تص ديه لتعري ف ه ذه اآللي ة ،حيث ج اء في مجل ة التحكيم 32م ا يلي ":التحكيم
هو طريقة خاصة لفصل بعض أصناف النزاعات من قبل هيئة تحكيم يسند إليها األطراف مهمة البت
ومن خالل مختل ف العناص ر الس ابقة المتعلق ة بتحدي د مفه وم التحكيم يت بين أن التحكيم بمفهوم ه
-نش وب ن زاع :يجب التأكي د على أن جمه ورا كب يرا من الفق ه ي ذهب إلى أن من مم يزات
التحكيم أن يرتب ط ب نزاع ناش ئ أو سينش أ .ويمكن الق ول بأن ه ال تحكيم ب دون ن زاع ألن التحكيم قض اء
-30عالء آباريان "،الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية ،دراسة مقارنة" ،م س ،ص.25
31
- Charles Jarrosson, « la notion d’arbitrage » , édition LGDJ , 1987 p 369.
-32الفصل األول من قانون عدد 42لسنة 1993مؤرخ في 26أبريل 1993المتعلق بإصدار مجلة التحكيم.
7
والقضاء يجب معه وجود نزاع للبت فيه .ومن المعلوم أن النزاع يقتضي توفر شرطين أساسين وهما
تعارض في المصالح بين األطراف ،وأن يتعلق باإلدعاءات ذات طبيعة قانونية ،أي ذات سند قانوني،
-قابلية النزاع ألن يكون موضوعا للتحكيم ،أي أن تكون المادة المتنازع بشأنها تدخل ضمن
الحقوق التي يملك األطراف حرية التصرف فيها أي ال تتعلق بالنظام العام.
-إسناد مهمة حل النزاع للغير" الشخص الثالث" والذي يتعين أن يكون مستقال عن األطراف
ومتص فا بالحي اد ويحظى بثقتهم ،وذل ك بم وجب اتف اق مش ترك بين الخص وم ينص على مب دأ التحكيم
وجميع عملياته .فعنصر التراضي بين األطراف يعتبر جوهر التحكيم في مفهومه الفني القانوني.
-وظيف ة المحكم هي وظيف ة قض ائية ،وه و ق اض خ اص منح ه المتخاص مان س لطة الفص ل في
خصومتهما بحكم ملزم لتقثهما فيه على ضوء القانون المختار من قبلهما.34
واألصل أن يكون التحكيم اختياريا ،حيث يلجأ إليه األطراف برضاهم وإ رادتهم الحرة الختياره
كوس يلة لح ل ال نزاع ،حيث ي ترتب على ذلك تن ازلهم الم ؤقت عن حقهم في ط رح ال نزاع أم ام القض اء،
التحكيم الح ر -أو م ا يس مى بتحكيم الح االت الخاص ة – وال ذي يعين في ه الخص وم المحكمين
-33إسماعيل أوبلعيد "، "،الطرق البديلة لتسوية المنازعات" ،م س ،ص .54
-34إسماعيل أوبلعيد "، "،الطرق البديلة لتسوية المنازعات" ،م س ،ص .54
-35مثال التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية.
-36يمكن الرجوع في هذا الصدد:
Majdouline halimi, " l’arbitrage: mode de règlement du contentieux du commerce international", mémoire de
DESA, faculté de droit , Casablanca, 2006 – 2007, p 11.
8
التحكيم المؤسسي وهو الذي يخضع لمؤسسة أو مركز تحكيمي 37ولنظامها الخاص ،حيث بموجبه
تتح دد اإلج راءات واآلج ال ،وق انون 08 -05ينص ص راحة على مباش رة ه ذا الن وع من التحكيم في
المادة 319منه.
كم ا ق د يك ون التحكيم إم ا تحكيم ا بالقض اء - ،حيث أن مهم ة المحكم في ه تنحص ر بالفص ل في
ال نزاع ،وه و في ه ذا المق ام مث ل القاض ي ،38يص در الحكم وف ق م ا ي راه وال يأخ ذ في االعتب ار إرادة
الخص وم .أو تحكيم ا بالص لح ،39حيث يف وض الخص وم المحكم إج راء الص لح ،ومهم ة المحكم هن ا
تنحصر في تقريب وجهات النظر بين الخصوم بناء على ما يقدم إليه من وثائق.40
ويك ون التحكيم إم ا تحكيم ا داخلي ا ،حيث أن ه يج ري داخ ل ح دود الدول ة ويتعل ق بنزاع ات بين
مواطنيه ا أو المقيمين فيه ا تك ون في أص لها من اختص اص محاكمه ا ،وتطب ق بش أنها قوانينه ا .وإ م ا
تحكيما دوليا حيث يجمع بين أطراف من دول مختلفة ،وعادة ما يجري خارج دولهم ،ويكون موضوعه
نزاعات تهم التجارة الدولية كصفقات إنجاز األشغال الكبرى (مثل بناء الطرق والسدود وبناء المعامل
وإ ذا كان نظام التحكيم كوسيلة اختيارية يلجأ إليها األفراد بمحض إرادتهم لحل نزاعاتهم ،فإنه
ق د تط ور بش كل كب ير وأص بحت ل ه أهميت ه البالغ ة في وقتن ا الحاض ر وال ذي ش هد ويش هد العدي د من
التحوالت العميقة والمعطيات الجديدة ،بفعل ازدهار العالقات التجارية الدولية واتساع مجاالتها نتيجة
التطور الصناعي واالقتصادي الذي عرفته العديد من دول العالم وانفتاح بعضها على بعضها اآلخر،
- 37راجع ما ستتم دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث.
-38علي سالم إبراهيم" ،والية القضاء على التحكيم" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1997ص .167
-39للمزيد من التوسع أنظر:
-أحمد أبو الوفا "،التحكيم بالقضاء والصلح" ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،سنة .2016
-40لمياء أزطوط" ،اتفاق التحكيم بين التشريع المغربي والمقارن" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني بالدار
البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية ،2008-2007 :ص .5
-41محمد سالم ،م س ،ص .342
9
وما صاحب ذلك من سهولة المواصالت ،وانتقال رؤوس األموال .هذا باإلضافة إلى تسابق الدول -ال
سيما دول العالم الثالث -نحو استقطاب االستثمارات األجنبية ،وتوفير مستلزمات لذلك ،باعتبارها من
وتج در اإلش ارة إلى أن التحكيم يعت بر أول وأق دم وس يلة اكتش فها اإلنس ان واعتم دها في فض
النزاعات ، 43حيث كان يعهد إلى شيخ القبيلة أو زعيمها مهمة الفصل في النزاعات التي يحكم فيها ،وقد
اعتم د علي ه في مجتمع ات مص ر القديم ة وباب ل والفينيق يين والروم ان واليون ان ،44وب دورها الحض ارة
والع رب في العص ور الجاهلي ة عرف وا ض روبا من نظ ام التحكيم الب دائي وخاص ة م ا يس مى
باالحتك ام إلى الق وة ،إذ ك انت المجتمع ات العربي ة في العص ر الج اهلي تعتق د بوج ود الق وة الخارق ة في
األشياء الصلبة ومنها الحجارة ،فقد كانت تحتكم إليها عن طريق دعوى اليمين أو القسم ،إذ كان على
الم دعي ح تى يس تطيع إثب ات حق ه ودع واه علي ه أن يقس م به ذه الحج ارة اعتق ادا من ه بوج ود ق وة خارق ة
تكمن فيها وأنها سوف تنتقم منه وتصب عليه غضبها إذا كان قسمه فيها كذبا ،وهذا القسم أو الحلف
عند الجماعات البدائية وسيلة إلثبات دعوى المدعي في الوقت الذي لم تكن الكتابة فيه قد ظهرت.46
-42إبراهيم العسري "،التحكيم ومس تلزمات األمن الق انوني والقض ائي ،دراس ة على ض وء الق انون ،"08 -05مجل ة المل ف ،الع دد ،21أكت وبر
،2013ص .149
-43امحمد برادة غزيول "،تقنيات الوساطة لتسوية النزاعات دون اللجوء إلى القضاء" ،الدار العالمية للكتاب ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
سنة ،2015ص .19
-44أنظر في هذا الشأن:
-عبد الكريم الطالب "،حجية أحكام المحكين في إطار قانون المسطرة المدنية" ،مجلة رسالة الدفاع ،العدد الرابع ،سنة ،2003ص .79
-45للمزيد من اإلطالع على أهمية التحكيم عند العرب ما قبل اإلسالم أنظر:
-أحمد شكري السباعي "،الوسيط في قانون التجارة المغربي والمقارن ،الجزء األول ،النظرية العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية"،
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،سنة ،1998ص 205وما بعدها.
-46أسعد فاضل منديل "،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة" ،م س ،ص .36
10
باإلضافة إلى هذا فقد كان معروفا عند العرب في الجاهلية ما يسمى بالقسامة وهي أن يحلف
خمسون رجال من أهل القتيل بأن القاتل شخصا معينا ،فإن حلف الخمسين اليمين استحقوا الدية وإ ن لم
وهكذا استمر نظام التحكيم في التطور صعودا إلى أن شاع بين الجماعات العربية في العصر
الج اهلي وأص بح الوس يلة األساس ية لفض المنازع ات وأص بح المحكم ه و ص احب ال رأي فيم ا ينش أ بين
المتخاص مين من منازع ات وه و في أغلب األحي ان ش يخ القبيل ة ال ذي ك ان يت ولى مهم ة الفص ل في
علي ه وس لم بأن ه ي دعى األمين قب ل البعث ة ،ول ذلك عين حكم ا في بعض النزاع ات أهمه ا وض ع الحج ر
أما بالنسبة إلى المنازعات التي كانت تنشأ بين قبيلتين أو أكثر فكانت مهمة الفصل فيها تعزى
-47عبد السالم الترمانيني "،الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية" ،جامعة الكويت ،الطبعة الثانية ،سنة ،1982ص .111
-48أسعد فاضل منديل "،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة" ،م س ،ص .36
-49محمد سالم " ،الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية" ،م س ،ص
.309
-50رشا علي الدين "،السوابق التحكيمية ،إطاللة على ضوء أحكام المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار" ،دار الجامعة الجديدة،
اإلسكندرية ،سنة ،2010ص .9
11
ونظ ام التحكيم ق د وج د ل ه المج ال ال رحب واألرض الخص بة لكي يك ون نظام ا قانوني ا متك امال
والمغ رب ب دوره قب ل الفتح الع ربي اإلس المي ك ان يعيش على العدال ة الخاص ة ،ال تي ك انت
الوسيلة الوحيدة السترداد الحقوق ألصحابها ،شأنه في ذك شأن المجتمعات البدائية األولى التي كانت
تلج أ إلى االنتق ام الشخص ي أو الت آمر كوس يلة لل دفاع عن حقوقه ا وممتلكاته ا والحف اظ على أمنه ا
واس تقرارها ،وق د ك ان الف رد المغ ربي يس ترد حقوق ه عن طري ق االعتم اد على قوت ه ،وبقي األم ر على
هذه الحالة حتى تبلور مفهوم العشيرة والقبيلة البربرية ،وانتشر في ظله مبدأ التحكيم الرضائي ،حيث
أص بح أط راف ال نزاع يختص مون رض ائيا إلى ش خص مع روف في العش يرة لينظ ر في ال نزاع ال ذي
الثابت ة والمستقرة والتي يمكن بواس طتها أن يصدر المحكم ق راره في ذلك النزاع المعروض علي ه ،بل
على العكس ،فقد كانت ظروف البيئة االجتماعية وظروف الجماعة البشرية وأحوالها لها األثر الفعال
على فكرة التحكيم وقرار المحكم ،فضال على العادات والتقاليد االجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع
المغ ربي ال تي ك ان له ا ال دور الكب ير في تك وين القناع ة والحس الق انوني ل دى المحكم ،فق د ك انت الغاي ة
الوحي دة ل دى المحكم هي فض ال نزاع بص ورة ودي ة وإ خم اد ن ار الغض ب وروح االنتق ام الفردي ،وه ذا
كم ا ع رف التحكيم في المجتم ع المغ ربي قب ل الحماي ة الفرنس ية وبع دها ،وفي عه د االس تقالل،
بحيث ك ان التحكيم في الق ديم يق وم على األع راف والع ادات واألل واح ،56وص ور ه ذا التحكيم ال زالت
قائم ة لح د الي وم في أبس ط ص ورها ،وه و" أمين الس وق" أو "أمين الحرف ة" ال ذي يلج أ إلي ه لحس م ال نزاع
الق ائم بين الممته نين لنفس المهن ة ،أو بين ممتهن له ذه المهن ة وأح د األغي ار ال ذي يتعام ل مع ه ،ويك ون
ويع ود االهتم ام ب التحكيم التج اري في المغ رب إلى عه د الم ولى إس ماعيل ،وتحدي دا إلى س نة
1693تاريخ إبرام معاهدة " سان جرمان " مع الدولة الفرنسية في عهد " لويس الرابع عشر" ،التي
بصدور ظهير المسطرة المدنية المؤرخ في 12غشت ( 1913الظهير الشريف الصادر في 9رمضان
)1331ال ذي ع الج التحكيم في الب اب الخ امس عش ر من القس م الس ابع ،60وبع د ذل ك ص در ق انون
المسطرة المدنية بتاريخ 28شتنبر( 611974الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1 .74 .447بتاريخ
والمالح ظ أن ه ذا الق انون لم ي أت بجدي د يتعل ق بنظ ام ب التحكيم ،فك ل من الق انونين اقتص را على بي ان
أحك ام التحكيم ال داخلي دون التحكيم ال دولي ،وه ذا يفرض ط رح مجموع ة من التس اؤالت منه ا :م ا ه و
اإلطار القانوني للتحكيم الدولي بالمغرب؟ وما هي معايير تحديد دولية التحكيم؟ تم ما هي اإلجراءات
-59فرضت الحماية الفرنسية على المغرب في 30مارس 1912م بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب من طرف السلطان عبد
الحفيظ وامتدت فترة الحماية حتى حصول المغرب على استقالله سنة .1956
-60الجريدة الرسمية عدد 15بتاريخ 12رمضان 1331الموافق 15غشت .1913
-61الجريدة الرسمية عدد 3230مكرر بتاريخ 13رمضان 1394موافق 30شتنبر ،1974ص.2741 :
14
ه ذا م ا دف ع الفق ه وعلى رأس هم األس تاذ عب د اهلل درميش إلى الق ول ب أن المش رع المغ ربي ت رك
تنظيم ذلك إلى االتفاقيات الدولية واإلقليمية 62التي أبرمها المغرب في مجال التحكيم .63ولعل ما يعزز
هذا الطرح ،نص المشرع المغربي على ذلك صراحة في المادة 17من ميثاق االستثمار ( 64قانون رقم
18 -95الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم 1.74.447بت اريخ 11رمض ان 1394مواف ق 28
ش تنبر ) 1974وال تي نص ت على م ا يلي ":يمكن أن تتض من العق ود المش ار إليه ا أعاله بن ودا تقض ي
بفض كل نزاع قد ينشأ بين الدولة المغربية والمستثمر األجنبي بخصوص االستثمار ،وفقا لالتفاقيات
إال أن أب رز تح ول عرفت ه الترس انة القانوني ة المغربي ة في مج ال التحكيم ،ك ان بص دور الق انون
رقم ( 08-05الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم 1 . 07 .169بت اريخ 19ذي القع دة 1428
مواف ق 30نوفم بر . 2007الجري دة الرس مية ع دد 5584بت اريخ 25ذو القع دة 1428مواف ق ل 6
المسطرة المدنية.
وق د تم التنص يص ألول م رة في الق انون المغ ربي ع بر ق انون 08-05على مقتض يات متعلق ة
ب التحكيم ال دولي 65تتالءم م ع االلتزام ات الدولي ة للمغ رب كنتيج ة لمص ادقته على االتفاقي ات الدولي ة في
هذا المجال.66
إال أن م ا يث ير االنتب اه ه و الج دل العس ير ال ذي ث ار بش أن ه ذا الق انون ،حيث انقس م الفق ه إلى
اتج اهين اث نين :أح دهما أراده قانون ا مس تقال ،بينم ا ذهب االتج اه الث اني إلى ترك ه بين دف تي أحض ان
نصوص هذا األخير قبل صدوره في ،672007وهو ما كان سببا رئيسا في تأخر صدور قانون -05
65
- Bouchra JDAINI, "l’arbitrage commercial interne et international en droit marocain", Revue marocaine
d’administration local et développement, n° 103, Mars- Avril, 2012, p 163.
-66نظم المش رع المغ ربي في ق انون 08 -05التحكيم ال دولي في الف رع الث اني من ه ذا الق انون وذل ك في الفص ول من 327 -39إلى -54
.327
-67عبد اهلل درميش "،اهتمام المغرب بالتحكيم ،إلى أي حد؟" ،م س ،ص .11
-68تجدر اإلشارة إلى أن وزارة العدل والحريات تقدمت بمسودة مشروع قانون قصد تعديل قانون المسطرة المدنية ،وقد تضمنت هذه الوثيقة
من بين موادها مشروع تع ديل للنصوص القانونية المنظم ة للتحكيم التي وردت في الباب الثامن من المسودة في الف رعين ،تم تخصيص الفرع
األول للتحكيم الداخلي في حين تم تخصيص الفرع الثاني لتنظيم التحكيم الدولي من خالل المواد من 309إلى .385
16
على أن موق ع نظ ام التحكيم في الق انون المغ ربي ال يقتص ر فق ط على مختل ف نص وص ق وانين
المس طرة المدني ة المتعاقب ة ،ب ل إن المش رع المغ ربي نص علي ه كمس طرة بديل ة لح ل المنازع ات في
قوانين ومجاالت عدة ،69حيث جاءت هاته األخيرة بمثابة نصوص خاصة ومكملة للنظرية العامة لنظام
التحكيم.70
وإ ذا ك ان التحكيم ق د عرف في مختلف الحض ارات البش رية عبر الت اريخ ،71وأق ره اإلس الم في
إط ار تخلي ق المع امالت بين األف راد وتش جيعهم على التس امح ،إال أن ه ق د تط ور بم رور ال زمن إلى أن
أص بح ظ اهرة من ظ واهر عص رنا الح ديث في مج ال الفص ل في المنازع ات ،وعدال ة من ن وع آخ ر
تتالءم مع مقتضيات العصر وعالقاته المتشابكة ،والمتطورة بين األفراد والدول على حد سواء.
وفي أغلب األحيان يصعب التمييز بين النظام القانوني للتحكيم واألنظمة القانونية األخرى التي
قد تختلط به ،باعتبار أن أهمية هذه التفرقة تتجلى بالخصوص في كون األطراف قد يكيفون ما هو غير
-69يظهر االهتمام التشريعي بالتحكيم من خالل تناول العديد من القوانين له ،وهكذا فقد أشار إليه قانون االلتزامات والعقود في الفصل 894
بمناسبة التطرق لصالحيات والتزامات الوكيل.
كم ا أن هن اك ظه ائر ق د اعتنت ب التحكيم ،ومنه ا ظه ير 1942-04-18المتعل ق بنظ ام المتع اطين لمهن ة الص حافة ب المغرب ،حيث ج اء في
الفصلين السادس والسابع منه على أن اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بفسخ عقد العمل في الصحافة والتعويض عن ه يرجع إلى هيئات أو
لج ان تحكيمي ة .وهن اك أيض ا ظه ير 1946-11-16الملغى والمتعل ق بملكي ات الطبق ات المش تركة ،إذ أج از الفص ل الث امن من ه ح ل الخالف ات
الناشئة بين المالك عن طريق التحكيم .وهناك أيضا ظهير 1970-12-29المتعلق باختصاص رجال السلك الدبلوماسي والقناصلة بالخارج،
والذي ينص الفصل 32منه على أنه إذا كان األطراف متفقين ومن جنسية مغربية ،فإنهم يستطيعون مباشرة أي تحكيم يدخل في اختصاصهم.
كما نص القانون رقم 70 – 03المتعلق بمدونة األسرة على التحكيم وكان ذلك في المواد ( .)82 ،94 ،95 ،96 ،97ونص القانون رقم .93
54المتعل ق بإح داث المح اكم التجاري ة في الم ادة 5على التحكيم ،وأيض ا الق انون رقم 65 -99المتعل ق بمدون ة الش غل ال ذي نص على التحكيم
وذلك في المواد من 567إلى .581
-70محسن القوارطي " ،التحكيم في إطار االتفاقيات االقتصادية في المغرب مع اإلتحاد األوروبي والواليات المتحدة األمريكية نموذجا " ،رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال الجديدة ،السنة
الجامعية ،2009-2008ص 3و .4
- 71للمزيد من التوسع حول موضوع التحكيم في الحضارات :وادي الرافدين ،الحضارة اليونانية ،الحضارة الرومانية" ،أنظر:
-أسعد فاضل منديل "،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة" ،م س ،ص 28وما بعدها.
-عالء آباريان "،الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية ،دراسة مقارنة" ،م س 34و .35
17
تمييز التحكيم عن القضاء: -1
األص ل أن يك ون الفص ل في المنازع ات من اختص اص القض اء ،إال أن ه ذه المس ألة ليس ت من
النظ ام الع ام ،وبالت الي يج وز مخالفته ا فال ذي يقص د بالقض اء ه و الحكم أو ه و عم ل القاض ي ،أم ا في
اصطالح الفقهاء فيعرفه بعضهم بأنه " قول ملزم يصدر عن والية عامة والقضاء يفصل في الخصومة
بالحق والعدل".72
ويلتقي التحكيم والقض اء الرس مي 73في أن كال منهم ا يق وم بح ل النزاع ات ،لكنهم ا يختلف ان من
نواح عدة:
-القضاء ال يتطلب اتفاق المتنازعين حتى يرفع النزاع إليه وهذا بعكس التحكيم حيث أن لكل
من المتنازعين الحق في أن يرفع دعواه إلى القضاء دون الحاجة إلى رضا خصمه.74
-أن القاضي موظف في الدولة ويصدر أحكامه باسم سيادة دولته ،في حين أن المحكم شخص
من آح اد الن اس ليس ت ل ه ص فة رس مية ،يتم اختي اره وفق ا إلرادة األط راف أو بواس طة القض اء وف ق
مسطرة منصوص عليها في القانون ،ويشارك في نظر خصومة التحكيم والحكم فيها.75
-ال يح اط المحكم بالض مانات ال تي يح اط به ا القاض ي أثن اء مزاولت ه لمهام ه ،76وإ نم ا يس تمد
سلطاته من القانون الذي أجاز اللجوء للتحكيم ،ومن إرادة الذين اختاروه وارتضوه.
-72ضياء شيت خطاب "،فن القضاء" ،مؤسسة الخليج للطباعة والنشر ،بغداد ،سنة ،1984ص .13
-73للتوسع أكثر في المقارنة بين المحكم والقاضي ،يمكن الرجوع إلى :محمد أحمد عبد المنعم"،حدود الرقابة القضائية على التحكيم الداخلي في
منازعات العقود اإلدارية" ،دار النهضة العربية ،الطبعة ،2002ص 68وما بعدها.
-74أسعد فاضل منديل ،م س ،ص .41
-75ج اء في ق رار للمجلس األعلى أن ":المحكمين في النازل ة هم خ براء يمارس ون مهنتهم الح رة وليس وا منص بين لت ولي مه ام القض اء ،وق د
استمدوا صالحيتهم للفصل في هذا النزاع من إرادة الطرفين الذين اتفقوا على االلتجاء إلى مسطرة التحكيم "...قرار رقم 1766صادر بتاريخ
- .7/7/1992عبد الكبير العلـوي الصوصـي" ،رقاب ة القض اء على التحكيم" ،دار القلم بالرب اط ،الطبع ة األولى ،س نة ،2012ص ،17ه امش
.40
-76ليس ت للمحكم حماي ة قانوني ة أثن اء مزاولت ه لمهام ه ،فال يتمت ع مثال بالحماي ة ض د التهدي دات التي ق د يتع رض له ا ،كم ا هو الح ال مثال أثن اء
قيامه بمعاينات وتنقالت...في المقابل يكون مسؤوال مدنيا وجنائيا.
18
-والية القضاء أعم من والية المحكم ،ودائرتها أوسع من دائرة التحكيم.77
-إذا ك ان حكم المحكم ب اطال يك ون للقاض ي الحكم ببطالن ه ،أم ا القاض ي فال يبط ل حكم ه إال
الوس اطة هي وس يلة يت ولى فيه ا ط رف ث الث من اختي ار األط راف ،تق ريب وجه ات نظ رهم
وتمت از الوس اطة بالس رعة القياس ية نظ را لكونه ا يمكن أن تنهي ال نزاع في وقت وج يز ق د ال
يتجاوز دقائق معدودة ،كما تتميز بالمرونة الكاملة ،ألن الوسيط ال يتقيد بأية شكليات قانونية ،بل يمكن
له أن يناقش مع الطرفين الجوانب االجتماعية واالقتصادية ،وحتى اإلنسانية المحيطة بالنزاع ،وله أن
يوجه األسئلة التي يراها مفيدة ،وأن يقوم بما يضمن له التقريب بين وجهات النظر ،والدفع بالطرفين
-التحكيم إذا كان يشبه الوسيط في وجود طرف ثالث يعمل على حل النزاع إال أنه يعتبر من
حيث نتيجت ه ملزم ا ،بحيث يمل ك المحكم أو هيئ ة التحكيم س لطة اتخ اذ الق رار في أس اس ال نزاع والبت
-التحكيم متى اتفق عليه ( قبل نشوء النزاع أو بعده) يصبح ملزما ،ويتوجب على األطراف
السير به حتى نهاية إجراءاته وإ صدار الحكم المنهي للخصومة من خالله ،ويعتبر حكم التحكيم ملزما
الص ادر ض ده طواعي ة وإ ال س يتم تنفي ذه ج برا .عكس م ا علي ه األم ر في الوس اطة ،ف األطراف هن ا هم
الذين يصنعون النتيجة ،فمهمة الوسيط تقتصر على تيسير التواصل والتفاوض بين الطرفين ال التحكيم
بينهما.81
فأهم ميزة تتميز بها الوساطة هي مساهمة الطرفين في وضع حل للنزاع ،وشعورهما بأن هذا
الحل لم يفرض عليهما من أية جهة ،وبالتالي ضمان قبولها لهذا الحل وامتثالهما لتنفيذ مضمونه.82
متخص ص وال خ برة ل ه ب ذلك ،ألن مهمت ه تنحص ر في الفص ل في ال نزاع المع روض علي ه .84فه و
كالقاضي ،أي أنه يحسم النزاع القائم بين األطراف المتخاصمة عن طريق إصدار حكم قضائي .بينما
المختصة.85
-يظه ر االختالف واض حا بين الخ برة والتحكيم في ك ون ه ذا األخ ير طري ق قض ائي للفص ل
في ال نزاع بمقتض ى حكم التحكيم ،في حين يبقى تقري ر الخب ير مج رد رأي ق د يأخ ذ ب ه المحكم وق د ال
إن التفرقة بين التحكيم والخبرة ال تعني القطيعة بينهما بل إنهما متجاوران ومتساندان باعتبار
أن الخب ير يعت بر من مس اعدي هيئ ة التحكيم ،حيث يلتج أ إلي ه لتق ديم رأي ف ني ،ب ل ق د يخت ار بس بب
تخصصه الفني ليكون من ضمن أعضاء تلك الهيئة التي تصنع قرار التحكيم.88
في التوفيق يتولى األطراف تعيين طرف ثالث إليجاد صيغة توافقية بينهما من شأنها أن تضع
ح دا لل نزاع الق ائم بينهم ا ،وتتمث ل مهم ة الموف ق في دراس ة مختل ف ج وانب ال نزاع المع روض علي ه
والموف ق يمكن أن يكون شخصا واحدا ،كم ا يمكن أن يك ون جماعة من األش خاص ،وق د يعينه
الطرفان لهذه المهمة ،وقد ال يعينانه وإ نما تأتي المبادرة منه أو من الغير فيقبالنها ،كما أن مهمته تكون
وهكذا فالتوفيق يلتقي مع الوساطة في األهداف والنتائج وهي الوصول إلى تسوية ودية مقبولة
من الطرفين ،كما يلتقي معها في األسلوب المتبع لبلوغ ذلك وهو السعي لتقريب وجهات النظر.90
لكن الموف ق م ع ذل ك يختل ف عن الوس يط في ك ون األول يق دم اقتراح ات ومش اريع تس وية ،في
حين ال يقدم الوسيط أي اقتراح من عنده ،ويكتفي بنقل العروض واالقتراحات من طرف إلى الطرف
اآلخر.
بخالف ق رارات المحكم في التحكيم المل زم .فإنه ا تص بح س ندا تنفي ذيا ق ابال للتنفي ذ الج بري بع د ت ذييلها
ويالحظ بأن الوساطة والتوفيق تعتبر كلها آليات متداخلة ،وتكاد تعني شيئا واحدا في األنظمة
األنجلوسكس ونية كالوالي ات المتح دة األمريكي ة وبريطاني ا ونيوريالن دا ،إال أن التحكيم ،يتم يز على ه ذه
األنظمة بفكرة الحياد من طرف المحكم وقراره الحاسم للنزاع ،والملزم لألطراف ،وإ ن كان يتفق معها
وما كان لنظام التحكيم بالمغرب أن يحظى بكل هذا االهتمام الفقهي والقانوني -والذي وصفه
البعض ب الثورة في الط رق القض ائية لح ل المنازع ات -ل و لم يكن متم يزا بخص ائص إيجابي ة ت وفر
فم ا هي أهم خص ائص ومم يزات نظ ام التحكيم وال تي تجع ل من ه منافس ا قوي ا للقض اء الرس مي
ي وفر التحكيم مس طرة س ريعة لفض المنازع ات وهن ا يك اد يتف ق الجمي ع على أن المس طرة
القض ائية أم ام القض اء الرس مي تتم يز ببطئه ا الن اجم أساس ا عن تع دد اإلج راءات وتعقي دها ،إض افة إلى
كون األحكام القضائية الصادرة عن القضاء الرسمي ،تكون محال للعديد من طرق الطعن ،مما يؤدي
في الغ الب إلى تعلي ق عملي ة تنفي ذ األحك ام القض ائية .94مم ا يقي د األط راف وي رهنهم ب إجراءات بطيئ ة،
وت أخيرات ال متناهي ة ق د ال تك ون دائم ا ض رورية وم بررة ،مم ا يف اقم األض رار ال تي تنجم عن ع دم
وفي مقابل ذلك فإن ألطراف النزاع في نظام التحكيم كامل الحرية في تحديد األجل الذي يتعين
على المحكمين إص دار الحكم المنهي لل نزاع داخل ه .96بعب ارة أخ رى فإن ه ال يمكن أن تس تمر إج راءات
العملي ة التحكيمي ة ،إال ألجل قص ير يملك األطراف أنفسهم ص الحية تحدي ده أو تمدي ده .وفي حال ة عدم
قيامهم بذلك فإن قانون 08 -05المنظم للتحكيم والوساطة االتفاقية قد يتولى ذلك.97
-2السرية:
يمتاز نظام التحكيم بضمان السرية التامة لكل ما يجري خالل العملية التحكيمية .وهو ما من
شأنه الحفاظ على أسرار وخصوصية األطراف المتنازعة( ،خاصة في النزاعات العائلية ،والتي يؤدي
كما يحافظ نظام التحكيم على خاصية السرية مهما كانت نتيجة العملية التحكيمية ،سواء كانت
إيجابي ة وانتهت بحكم نه ائي يفص ل في ال نزاع ،أو ك انت س لبية بتع ذر ه ذه التس وية .بحيث يمن ع على
الجمي ع -أطراف ا ومحكمين -نش ر المرافع ات وك ذا االتفاق ات ،أو األحك ام التحكيمي ة الص ادرة بش أن
النزاع .98فال يطلع عليها سوى أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع االتفاق على
التحكيم ،والمح امون الم دافعون عنهم ،م ع ال تزام ه ؤالء بالمحافظ ة على األس رار المهني ة .99فق د ج اء
الفص ل 326من ق انون 08-05ليض من ه ذه الخاص ية في الفص ل ،326حين أل زم المحكمين بكتم ان
وخاصية السرية ال يوفرها التقاضي أمام القضاء الرسمي ،والذي يقوم على مبدأ مناقض لمبدأ
الس رية وه و مب دأ العلني ة وال ذي يقص د ب ه عالني ة اإلج راءات من ناحي ة ،وعالني ة الجلس ات من ناحي ة
ثاني ة ،100وال تي تجع ل من س احة التقاض ي ومب دأ العلني ة س احة معرك ة مفتوح ة ال يت وانى أي ط رف
-3المرونة:
من أهم الخص ائص ال تي ينف رد به ا نظ ام التحكيم ،خاص ية المرون ة ال تي تم يز ه ذا األخ ير عن
التقاض ي أم ام القض اء الرس مي ،وال تتجلى خاص ية المرون ة هات ه في كيفي ة اللج وء لنظ ام التحكيم ع بر
اإلرادة الح رة لألط راف فق ط ،وال في كيفي ة وض ع ح د له ذا االختي ار وإ نهائ ه في أي وقت ،102وال في
نظ ام التحكيم بش كل كب ير وواض ح في مس ألة حري ة اختي ار المحكم أو الهيئ ة التحكيمي ة ،وفي الحري ة
ورغم أن المحكم أو الهيئ ة التحكيمي ة ملزم ون بتط بيق الق انون ال ذي اخت اره األط راف،
وملزمون كذلك بإصدار أحكام تحكيمية – مما يقربهم من القضاء الرسمي -فإن كل ذلك ال يتنافى مع
خاص ية المرون ة ال تي يتمت ع به ا عم ل ومهم ة المحكمين وال ي ؤثر على ه امش الحري ة المت اح لهم في
عملهم التحكيمي.103
إن نظ ام التحكيم ق ريب من نظ ام التص الح من حيث اآلث ار والتقني ات والخص ائص ،وه و ليس
طريق ا هجومي ا ،فغايت ه اس تمرار العالق ات بين المتن ازعين ،خالف ا للمنازع ات المعروض ة على القض اء
الرسمي والتي قد تنتهي إلى حد الالعودة للعالق ات بين المتنازعين ،ولذلك قيل في السابق "احتكم وال
تتقاض".104
إذن فباعتم اد نظ ام التحكيم كوس يلة بديل ة لح ل النزاع ات عوض ا عن القض اء الرس مي يتمكن
األط راف من تس وية نزاع اتهم ويح افظون ك ذلك على اس تمرار العالق ات اإلنس انية واالجتماعي ة ال تي
ت ربطهم أوال ،وعلى اس تمرار المع امالت التجاري ة واالقتص ادية بينهم ثاني ا ،مم ا يحاف ظ على تماس ك
105
النسيج االجتماعي أو االقتصادي أحيانا ،ويبقي على ثقافة الحوار وفضيلة التضامن ،وقيم التسامح
وم ا نص علي ه في الفص ل 327 -8في فقرت ه األولى " :إذا ق دم طلب تج ريح أو ع زل أح د المحكمين وجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم
البت في هذا الطلب ،ما عدا إذا قبل المحكم المعني باألمر التخلي عن مهمته"
-103محمد سالم ،م س ،ص .323
-104عالء أبريان "،الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية ،دراسة مقارنة" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،الطبعة الثانية ،سنة
،2012ص .41
-105محمد سالم ،م س ،ص .324
25
وعموم ا ف إن لج وء األط راف لنظ ام التحكيم ب دل اللج وء للقض اء الرس مي ،يعكس الرغب ة في
االس تفادة من مزاي ا ه ذا األخ ير ال تي ال يق دمها القض اء الرس مي ،كخ برة المحكم وكفاءت ه ،خاص ة في
منازعات التجارة الدولية ،والتي تتسم بطبيعة فنية معقدة أحيانا ،بحيث ال يستطيع فهمها والحسم فيها
إال خب ير ف ني متخص ص ومث ال ذل ك :تق دير ج ودة البض ائع الم وردة ،ج ودة األعم ال ال تي تمت ،ج ودة
الخدمات المؤداة .فإذا ما تم عرض نزاع حول ما تقدم ،أمام محكمة معينة ،فالثابت أن هذه المحكمة ال
تستطيع أن تحسم مثل هذا النزاع إال عن طريق اللجوء إلى أهل الخبرة في المجال المعني.106
وق د يحتج أح د األط راف على تقري ر الخب ير ،مم ا ي ؤدي إلى فتح مس طرة الخ برة المض ادة،
وفي ذلك مضيعة للوقت والجهد والتكلفة .وكأن الخبير هو الذي يحكم ال القاضي .وهو ما يحققه حرية
اختيار محكم خبير مختص والذي يتم اللجوء إليه كجهة مؤهلة وذات خبرة كافية.
وبشكل عام يمكن القول أن اللجوء لنظام التحكيم ،يترجم إرادة األطراف في الهروب واالبتعاد
عن ت دخل المح اكم الرس مية ،ومن تط بيق الق وانين الوطني ة ،كم ا يعكس رغبتهم ،في عدال ة أخ رى
تكتسي هذه الدراسة أهمية بالغة نظرا لما يمتاز به التحكيم من مميزات هامة على مستوى حل
النزاعات الدولية والداخلية على حد السواء ،خصوصا في هذه الفترة التي ازدهرت فيها التجارة واتسع
-106هشام خالد "،جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي" ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،سنة ،2005ص .77
-107يوســف الســاقوط" ،دور العم ل القض ائي في تحقي ق فعالي ة حكم التحكيم ،دراس ة مقارن ة" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ،السنة الجامعية ،2008 – 2007ص 5
و .6
-108رغم األهمية الكبيرة لهذه الخصائص التي يتميز بها نظام التحكيم ،إال أن لها جانبا سلبيا يعيق تطور هذا النظام بالمغرب .راجع ما ستتم
دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث.
26
مجالها نتيجة لتطور التقنيات الحديثة ،وانفتاح دول العالم بعضها على البعض ،هذه الفترة التي تطورت
فيه ا أيض ا النزاع ات بكاف ة أش كالها ،األم ر ال ذي أدى إلى ض رورة البحث عن وس ائل بديل ة لح ل
النزاعات ،خاصة في مجال التجارة التي تقتضي السرعة في البت والمرونة في اإلجراءات المسطرية،
فضال عن القلق الذي يراود المستثمرين وهم أمام القضاء الرسمي ،كالشك في الحياد والتحيز وغيرها،
وهذا ما جعل المتقاضين وخاصة في مجال األعمال ينفرون من القضاء العادي ويفضلون سلوك نظام
التحكيم الذي لم يعد يلعب تلك الوسيلة التقليدية التي تهم حل النزاعات فحسب ،بل أصبح له دور فعال
وم ا جعلن ا نبحث في موض وع " الص عوبات القانوني ة والواقعي ة لنظ ام التحكيم ب المغرب" ه و
حداثت ه في الس احة القانوني ة المغربي ة ،وقل ة البح وث الجامعي ة ال تي تناولت ه ،ه ذا فض ال عن اإلرادة في
المس اهمة في التنقيب عن اإلش كاليات القانوني ة والص عوبات العملي ة ال تي يمكنه ا عرقل ة نظ ام التحكيم،
وذلك من أجل محاولة البحث عن حلول مالئمة لتجاوزها حتى يؤدي مهامه في أحسن الظروف.
ولقد وقع اختيارنا على موضوع " الصعوبات القانونية والواقعية لنظام التحكيم بالمغرب" بغية
-العم ل على إعط اء ق راءة نقدي ة لق انون 08 -05المتعل ق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة
للوقوف على القيمة المضافة التي شكلها هذا القانون داخل المنظومة القانونية.
-معرف ة الوض عية الراهن ة لنظ ام التحكيم ب المغرب من خالل اس تقراء مواطن ه في مختل ف
نص وص التش ريع المغ ربي وك ذا بعض االتفاقي ات الدولي ة ال تي أبرمه ا المغ رب وص ادق
عليها.
ينحص ر موض وع بحثن ا في دراس ة نظ ام التحكيم االختي اري بك ل أش كاله س واء ك ان ح را أو
مؤسس اتيا ،وبالت الي فإنن ا نس تبعد من ه ذه الدراس ة التحكيم اإلجب اري ،109بحيث لن نتط رق إلي ه إال في
حاالت خاصة ،ومتى وجدت لذلك ضرورة ملحة .ونشير إلى أن هذا النوع من التحكيم تفرضه بعض
التشريعات على األطراف وتجعل اللجوء إليه إلزاميا بموجب قواعد قانونية آمرة بالنسبة لمنازعات في
بالرغم من التطور واالهتمام التشريعي الدولي والوطني الذي أحاط بنظام التحكيم في تسوية
المنازعات بناءا على الخصائص المذكورة سابقا ،وبالرغم من انتشاره كوسيلة بديلة لحل المنازعات،
واتساع موقعه وتعدد االهتمامات التشريعية والمنظمات الدولية الجهوية واإلقليمية المتعلقة به ،فإنه ال
وت برز تل ك اإلش كاليات بخص وص ق انون ،08 – 05ه ذا األخ ير ال ذي ح اول من خالل ه
المشرع المغربي قدر اإلمكان تفادي بعض أوجه النقص في تنظيم التحكيم في التشريعات السابقة ،ومع
ذل ك ظلت بعض نص وص الق انون 08 -05تط رح ص عوبات كث يرة ،مخلف ة نوع ا من التذب ذب
والغم وض في فهم مغ زى قواع ده القانوني ة المنظم ة للتحكيم أوال ،ومنتج ة ص عوبات كث يرة له ذا النظ ام
إذن يجب رص د الوض عية الحقيقي ة الراهن ة لنظ ام التحكيم ب المغرب من خالل الكش ف عن
م واطن الق وة والض عف في التش ريع المغ ربي ( ق انون ،)08 -05وإ ب راز أهم اإلش كاليات العملي ة
-109التحكيم اإلجب اري ه و ال ذي يف رض على الط رفين بنص ق انوني ،أو بم وجب اتفاقي ة ثنائي ة أو دولي ة موقع ة أو مص ادق عليه ا من ط رف
دولهما ،ومن تم ال وجود إلرادة األطراف في قيام هذا النوع من التحكيم.
محمد سالم ،م س ،ص .341
28
والقانوني ة ال تي يواجهه ا ه ذا النظ ام وال تي تق ف حج رة ع ثرة أم ام نجاعت ه ونجاح ه كوس يلة بديل ة لح ل
إضافة إلى ذلك فإن مراكز التحكيم بالمغرب -باعتبارها الميكانيزم الحقيقي الذي يحرك ويفعل
النص وص القانوني ة المتعلق ة ب التحكيم ،في ك ل مناس بة يط رح فيه ا ن زاع أمامه ا -تعترض ها ع دة
ص عوبات تح ول دون تحقي ق فعاليته ا .مم ا يفتح ب اب التس اؤل عن األهمي ة النظري ة والعملي ة لالل تزام
بداي ة نش ير إلى أن موض وع بحثن ا س يكون عب ارة عن محاول ة لرص د بعض اإلش كاليات ال تي
يثيره ا نظ ام التحكيم وال تي من ش أنها أن تح دت أزم ة ،وتك ون س ببا في محدودي ة ه ذا النظ ام ،وذل ك
ب النظر لمجموع ة من المعيق ات واإلكراه ات س واء على المس توى النظ ري أو على المس توى التط بيقي
لنظ ام التحكيم .فس نحاول تش خيص ه ذه الص عاب واق تراح بعض الحل ول لعلن ا نتمكن من المس اهمة في
تط وير ه ذا النظ ام – بش قيه التحكيم ال داخلي والتحكيم ال دولي -وتأكي د المكان ة المهم ة والحيوي ة ال تي
يستحقها.
وتج در اإلش ارة ك ذلك أن اله دف األساس ي من دراس ة ه ذا الموض وع يكمن في الكش ف
وتشخيص العيب الذي يحول دون تطور نظام التحكيم كقاطرة لتنمية التجارة الدولية التي يراهن عليها
29
في ظ ل العولم ة والتطور التكنولوجي الهائل ،112-111حيث 110
المجتمع الدولي عام ة ،والمغرب خاص ة
أصبح ال اختيار في االنضمام إلى المنظومة الدولية والتكتالت الجهوية في مجال التجارة الدولية.
الص عوبات كث يرة ومتع ددة واختيارن ا لمعالج ة البعض منه ا يبقى -حس ب رأين ا المتواض ع-
فمـــــا هي أهم اإلشكاالت القانونيـــة التــي يطرحها تطبيق نصــوص قانــــون التحكيـــم المغربـــي
08 – 05؟
وم ــا هي الص ــعوبات والعوائ ــق الواقعي ــة ال ــتي من ش ــأنها الح ــد من تط ــور ه ــذا النظ ــام ،على
-110تجدر اإلشارة إلى أن وزارة العدل والحريات والهيئة المالية المغربي ة وقعت اتفاقية للشراكة سنة 2012يسعى من خاللها الجانبان إلى
وض ع إط ار ق انوني لترس يخ وتنمي ة تعاونهم ا اإليج ابي ،ودعم جهودهم ا إلنج اح مش روع القطب الم الي لل دار البيض اء ي روم " ت دعيم وتط وير
الوساطة والتحكيم في القضايا المتعلقة باألموال والتجارة".
وقد قال المدير العام للقطب المالي للدار البيضاء ،سعيد إبراهيمي ،في حديث نشرته صحيفة (ليكونوميست) "إن القطب يعتزم بلوغ 100مقاولة
عند متم سنة ،2015وهو ما يمثل 40شركة إضافية مقارنة مع سنة ." 2014
وأش ار إلى أن القطب الم الي للدار البيضاء يت وفر على ع دة نق اط ق وة؛ خاص ة في مج ال إح داث المق اوالت ،وتس ليم التأش يرات ورخص اإلقام ة
ورخص العمل "... ،وإ ذا كان هناك تصنيف لألعمال خاص بالقطب المالي للدار البيضاء لن يكون لدينا التصنيف الشمولي للمغرب؛
وفي م ا يتعل ق بالرب ط الخ اص بالش راكة على المس توى ال دولي ،ق ال" إن القطب الم الي لل دار البيض اء ال ذي حص ل على ش راكة أولي ة في الق ارة
األمريكي ة يع تزم عق د أخ رى في أمريك ا الجنوبي ة قب ل التوج ه إلى آس يا ،مض يفا أن "اله دف يتمث ل في تحس ين التنافس ية على المس توى ال دولي،
والتعريف بالدار البيضاء وبالتالي بالمغرب كبوابة لشمال إفريقيا وإ فريقيا جنوب الصحراء".
منشور على الموقع اإللكتروني www.menara.ma :تاريخ حصر الموقع.3 -2 -2015 :
-111إن الدول ة في ظ ل العولم ة تحت اج إلى إع ادة هيكل ة بنائه ا مؤسس يا ووظيفي ا وفكري ا لكي تس تطيع التعام ل م ع متغ يرات العولم ة والظ واهر
الناتجة عنها بأنواعها ومستوياتها المختلفة.
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر:
-محمد سعد أبوعامود "،العولمة والدولة" ،مقال منشور ب الموقع اإللكتروني http://digital.ahram.org.eg :تاريخ حصر الموقع :يوليوز
.2005
-112رضوان الزهراوي "،معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2009-2008ص .20
30
لق د اقتض ت طبيع ة اإلش كالية موض وع الدراس ة اعتم اد جمل ة من المقارب ات المنهجي ة العلمي ة
المختلف ة والمتكامل ة ،منه ا م ا ه و وص في ،ومنه ا م ا ه و تحليلي ،وذل ك من خالل التحلي ل والنق د
الموضوعي ،وصوال إلى وضع بعض المالحظات واالستنتاجات التي سنحاول ما أمكن تطعيمها -في
كل مناسبة – ببعض االقتراحات لسد الثغرات التي كشفنا عنها في موضوع البحث.
كما أننا اعتمدنا المنهج المقارن ،وذلك ألن طبيعة البحث تقتضي تناول الموضوع في القانون
المغربي ،إلى جانب العديد من القوانين المقارنة كالقانون الفرنسي والقانون المصري ،وكذا االتفاقيات
ورغم صعوبة المهمة ،فإننا اعتمدنا المنهج الميداني لالطالع قدر اإلمكان على ما هو موجود
فعال في الحياة القانونية السائدة ،والتعرف على واقع نظام التحكيم بالمغرب والصعوبات التي تعترضه.
كم ا اعتم دنا أس لوب االس تمارات االس تبيانية كش كل من أش كال األس ئلة المتنوع ة المتعلق ة
بموضوع البحت .وقمنا بتحليلها الستخالص االستنتاجات واالقتراحات في ضوء النتائج المقدمة.
ولعل االعتماد على مناهج مختلفة لتحقيق هذا البحث تفرضه خصوصية الموضوع من جهة،
وتجدر اإلشارة إلى أن البحث عن واقع تطبيق وتفعيل نظام التحكيم في الميدان العملي يقتضي
األخ ذ بعين االعتب ار أن األم ر يتعل ق بالوس يلة البديل ة االتفاقي ة ال تي ال يت دخل فيه ا القض اء إال عن دما
تع تري مس اطرها بعض العراقي ل .وبعب ارة أخ رى ،فمب دأ الكتم ان أو الس رية ال ذي يعت بر أح د الم يزات
لهذه الوسيلة ال يساعد على التوفر على مؤشرات ذات مصداقية بشأن الممارسة الفعلية لهذه اآللية ،هذا
فضال عن طابعه االختياري الذي ال يفترض التتبع والرصد سواء تم في إطار مؤسساتي أو في إطار
إلى انع دام نش ر الق رارات التحكيمي ة وال ألي إحص ائيات أو 113
خ اص .ولق د أش ار أح د فقه اء الق انون
113
- Driss Alami Machichi , "concurrence, droit et obligation des entreprises au Maroc", édition Eddif, 2004, p :
325.
31
معلومات ذات مصداقية بشأن النشاط الحقيقي لألجهزة المكلفة بهذه الوسيلة .وفي هذا اإلطار ،يطرح
التساؤل حول المؤشرات الممكن اعتمادها لتقييم درجة ممارسة هذه اآللية في الميدان العملي ،والحال
ولتجاوز هذه اإلشكالية ،يمكن االعتماد على مؤشرات غير مباشرة بالرجوع – قدر المستطاع-
إلى م ا نش ر من األحك ام والق رارات القض ائية الص ادرة في مج ال ت ذييل الق رارات التحكيمي ة بالص يغة
التنفيذي ة ،وغ الب ه ذه الق رارات تم الحص ول عليه ا بالخص وص ل دى المحكم ة التجاري ة ومحكم ة
االس تئناف التجاري ة بالبيض اء ،إلى ج انب بعض ق رارات المجلس األعلى .115وق د همت ه ذه الق رارات
النزاع ات ذات الط ابع التج اري ال داخلي وال دولي .كم ا يمكن االعتم اد على بعض المؤش رات ال تي يتم
نشرها من قبل الممارسين ،116كما أن نتائج بعض الدراسات الميدانية المنجزة ( استمارات) وكذا بعض
المؤش رات الم دلى به ا من ط رف المهتمين بالموض وع تظ ل مفي دة ،117يمكن االس تئناس به ا في ه ذا
الصدد.
ارتأينا تماشيا مع موضوع البحث أن نقسم الخطة العامة له إلى بابين ،نعالج في الباب األول
الصعوبات القانونية التي تعتري قانون التحكيم ،08 -05ولنشخص ونرصد في الباب الثاني المشاكل
ألهم العوائق التشريعية والص عوبات العملي ة التي أثرت س لبيا على فاعلية نظ ام التحكيم ،وعلى تحقيق
وبناءا على ما تقدم فإن الخطة التي اعتمدناها تنقسم إلى بابين:
الباب األول :اإلشكاالت القانونية التي يطرحها قانون التحكيم .08 – 05
33
البـــاب األول
الباب األول:الصعوبات القانونية التي يطرحها قانون التحكيم 08 -05
34
الباب األول:اإلشكاليات القانونية التي يطرحها قانون التحكيم 08 -05
يعتبر التحكيم من أقدم اآلليات والوسائل التي أسند إليها مهمة حل النزاعات وتسويتها ،حيت
صاحب اإلنسان منذ عهود قديمة ،وتطور بتطور المبادالت التجارية بين الشعوب والقبائل ،حتى أصبح
وبالرغم من أن التحكيم قد بدأ بسيطا بساطة المجتمعات البدائية ،فإنه تطور وظهرت له صور
متنوع ة منه ا التحكيم اإلداري ال ذي يع د وس يلة لحس م المنازع ات اإلداري ة بعي دا عن القض اء الرس مي،
والذي من شأنه أن يكون له دور في جذب فرص االستثمار ورؤوس األموال األجنبية .ومنها التحكيم
اإللكتروني الذي يعد وسيلة لتسوية المنازعات بطريقة إلكترونية تتالءم مع طبيعة المعامالت التجارية
الدولي ،ليستجيب للتطورات التي يعرفها ميدان المال واألعمال بالمغرب ،فإن تنوع النشاط التجاري،
وتوسع مجاالت االستثمار صاحبه ظهور خالفات ومنازعات متعددة .بفعل تشابك المصالح واختالف
النظم القانوني ة المحيط ة به ا .118فه ل ك ان ق انون 08 -05ملبي ا لمتطلب ات األف راد والش ركات؟ وه ل
هذا ما سنحاول معالجته من خالل فصلين :نتطرق في األول لإلشكاليات التي يطرحها التحكيم
-118إلهام عاللي "،واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب" ،م س ،ص .24
35
الفصل األول :اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري في قانون 08 -05
الخامس عشر من القسم السابع في الفصول من 527إلى ،534ليأتي بعد ذلك قانون المسطرة المدنية
المصادق عليه بتاريخ 28شتنبر 1974والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر 1974ناسخا بذلك
مقتضيات ظهير 1913ومخصصا للتحكيم الباب الثامن من القسم الخامس أي من الفصول 306إلى
.327
وما يثير االنتباه أن المشرع المغربي اهتم فقط بتنظيم التحكيم الداخلي ،وأغفل بشكل كلي تنظيم
التحكيم التجاري الدولي في القانون المذكور أعاله ،بحيث اكتفى بمضمون االتفاقيات الدولية التي كان
س باقا للمص ادقة عليه ا ،إذ ك ان المغ رب ث اني دول ة انض مت إلى اتفاقي ة نيوي ورك المؤرخ ة في
10/06/1958والمتعلق ة ب االعتراف وتنفي ذ الق رارات التحكيمي ة .كم ا ك ان من بين أوائ ل ال دول ال تي
انضمت إلى اتفاقية واشنطن المؤرخة في 18مارس 1965لحل الخالفات المتعلقة باالستثمارات بين
ونظ را لألهمي ة ال تي يكتس يها التحكيم التج اري ال دولي في ال وقت ال راهن باعتب اره وس يلة من
المفروض أن تستجيب لرغبات الفاعلين في هذا المجال بشكل فعال ،فإن المشرع المغربي قام بتعديل
مقتض يات الفص ول من 306إلى 327من ق انون المس طرة المدني ة لس نة - 1974وال تي ك انت تهتم
فقط بالتحكيم الداخلي -ليعوضها بقانون ،08 – 05هذا األخير نظم التحكيم الداخلي بمقتضى الفرع
األول في الفص ول من 306إلى 327 -38ونظم التحكيم التج اري ال دولي بمقتض ى الف رع الث اني في
-119عبد المجيد غميجة" ،مس تجدات مش روع الق انون المتعل ق ب التحكيم والوس اطة" ،مجل ة المح اكم التجاري ة ،الع دد الث اني ،دجن بر ،2006ص
.27
36
وإ ذا كان لكل قانون ميزات وحسنات ،إال أنه قد يطرح مالحظات أو إشكاليات قد تكون سببا
في صعوبة تطبيقها ،فما هي إذن الصعوبات القانونية التي يطرحها تطبيق بعض محتويات قانون -05
08؟
ه ذا م ا س نحاول معالجت ه ض من مبح ثين ،س نتناول في األول أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا
التحكيم التجاري الداخلي ،ونتناول في الثاني أبرز اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الدولي.
لقد كان لتطور وازدهار التجارة الدولية األثر الكبير في بروز مكانة التحكيم باعتباره أداة بالغ ة
األهمية لتنشيط التجارة الدولية ،األمر الذي خلق اتجاها قويا في مختلف دول العالم ذات النظم القانونية
المعاص رة إلى تنظيم التحكيم ،وتع ديل قوانينه ا بص ورة تس اير ه ذا التط ور ،مم ا أف رز لن ا العدي د من
التي تنظم التحكيم عبر مجموعة من النصوص القانونية التي تم تبنيها 120
االتفاقيات واألنظمة القانونية
من قبل العديد من التشريعات لتكون بذلك عصب نظام التحكيم في مختلف دول العالم ،مما دفع المشرع
المغربي إلصدار قواعد خاصة بالتحكيم عبر قانون 08 – 05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية،121
وذلك مواكبة لما وصلت إليه التشريعات الحديثة وإ دراكا منه للدور الذي أصبح يلعبه التحكيم في نمو
-120لق د اهتمت بتنظيم القواع د الخاص ة ب التحكيم العدي د من االتفاقي ات والمنظم ات الدولي ة مث ل لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي
،Unicitralوالمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ،Unidroitحيث تم إصدار القانون النم وذجي للتحكيم ،هذا األخير الذي نهلت من مقتضياته
معظم مؤسس ات التحكيم الدولي ة كغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس ،كم ا عق دت بش أنها اتفاقي ة نيوي ورك (1958انظم إليه ا المغ رب في /02 /12
1959ظهير )1960 /02 /19والتي تهتم باالعتراف وتنفيذ المقررات التحكيمية األجنبية واتفاقية واش نطن ( انظم إليها المغ رب في /18/03
)1965ـ أنظ ر المرس وم الملكي بت اريخ ،)31/10/1965واتفاقي ة عم ان العربي ة للتحكيم التج اري أقره ا مجلس وزراء الع رب في دورت ه
الخامس ة بق رار رقم 80/816/407هـ ـ 14/04/1987م ،ك ذلك نظ ام التوفي ق للجن ة الق انون التج اري ال دولي ق رار 35/152اتخذت ه الجمعي ة
العامة ،04/12/1980واتفاقية جامعة الدول العربية الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم والعديد من االتفاقيات األخرى مثل اتفاقية الرياض العربية
للتعاون القضائي في سنة 1983ونظام المركز اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة.
-121تجدر اإلشارة إلى أن القواعد الخاصة بالتحكيم كانت منظمة في التشريع المغربي ضمن أحكام قانون المسطرة المدنية لسنة 1953ولسنة
،1974لكن هذا األخير اهتم فقط بالتحكيم الداخلي ،دون الدولي والتحكيم الفردي دون المؤسساتي ،إلى أن جاءت التعديالت المنصوص عليها
في قانون ( 08- 05أنظر الجريدة الرسمية عدد 5584بتاريخ 06ديسمبر ،2007ص .)3895
37
ولق د اهتم المش رع المغ ربي ب التحكيم ال داخلي اهتمام ا ال يق ل عن ب اقي التش ريعات المقارن ة في
باقي الدول ،وخصوصا بعد صدور قانون 08 -05إذ خصص الفرع األول من الباب الثامن للتحكيم
ال داخلي وال ذي خص ص ل ه الفص ول من 306إلى ،327 -38حيث ج اء بالعدي د من المقتض يات
الجديدة سواء من حيث تنظيم الهيئة التحكيمية على أساس أنها المحور الجوهري في عملية التحكيم ،أو
من حيث كيفية صدور الحكم التحكيمي ومحتوياته والقيمة القانونية التي يتمتع بها وطرق الطعن التي
قد يواجهها.
فما هي اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة التحكيمية؟ وما
هي أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا ه ذا الن وع من التحكيم على مس توى ت ذييل الحكم التحكيمي بالص يغة
التنفيذية؟
لكن قب ل تس ليط الض وء على بعض اإلش كاليات ال تي يطرحه ا ق انون التحكيم ،08 -05ق د
يكون من المناسب أن نبدأ بالحديث عن الطبيعة القانونية لنظام التحكيم لننتقل بعد ذلك للكشف عن أهم
اعتبارا التساع دائرة المعامالت التجارية في ظل العولمة وحرية التجارة ،واتفاقيات التبادل
الحر ،فقد برزت أهمية التحكيم التجاري ،وأضحى الوسيلة غايتها القدرة على حل المنازعات التجاري ة،
بفضل ما تتميز به من خصائص ومميزات غير متوفرة في القضاء الرسمي ،122كالتحرر من الشكليات
المعقدة.
كم ا أن من ش أن اللج وء لنظ ام التحكيم تحقي ق الت وازن بين اعتب ارين اث نين اح ترام س لطان
اإلرادة ،وض روريات الخض وع للتنظيم الق انوني في مجتم ع معين ،إض افة إلى ذل ك أن ه يق وم على
واليسر ،أم ا التخص ص فإن ه يتجلى من خالل اختي ار المحكمين من أه ل الخ برة والمعرف ة في موض وع
ال نزاع المع روض عليهم ،وعلى ال رغم من ك ل ه ذه المزاي ا ال تي يتم يز به ا نظ ام التحكيم فإن ه ال ي زال
يواجه عدة إشكاليات ونقاشات خاصة حول طبيعته ،هل هي طبيعة تعاقدية أم طبيعة قض ائية؟ أم طبيع ة
أن عملي ة التحكيم عقد من ب دايتها إلى نهايتها ،125فنظ ام التحكيم 124
يرى أص حاب ه ذه النظري ة
بالنسبة لهؤالء ذو طبيعة تعاقدية وليست قضائية .وأن أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع
موض وع االتف اق على التحكيم ليس وا قض اة وليس لهم والي ة الحكم وأنهم مج رد أف رادا ع اديين ،وأن
أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات موضوع اتفاقات التحكيم ليست أحكاما قضائية وإ نما هي أحكام
تس تمد قوته ا من إرادة األط راف والمحكمين ال ذين حكم وهم للفص ل في منازع اتهم ،واتفق وا على
الخض وع لقض ائهم ،126وه ذه اآلث ار ت بين بوض وح الطبيع ة العقدي ة للتحكيم ،وق د أخ ذت محكم ة النقض
الفرنسية بهذا االتجاه عام 1937مؤكدة صراحة على الطبيعة العقدية للتحكيم.127
ي رى أنص ار النظري ة القض ائية ،128أن التحكيم قض اء إجب اري يل زم الخص وم في حال ة اتف اقهم
على اللجوء إليه كوسيلة لحل خالفاتهم .وأنه بهذه الصفة يحل محل القضاء ،وأن عمل المحكم وإ ن قام
وتأسس على اتفاق التحكيم إال أن هذا األخير ليس هو األساس الوحيد لعمل المحكم ،فعمل المحكم هو
عمل قضائي ،129شأنه شأن العمل القضائي الصادر عن السلطة القضائية في الدولة .130فمهمة المحكم
هي مهمة قضائية وحكمه يرتب نفس اآلثار التي يرتبها الحكم القضائي.131
وبالتالي فإن عملية التحكيم بالنسبة للنظرية القضائية هي عمل قضائي صرف .132كما أن جل
تطلق على قرار التحكيم مصطلح الحكم التحكيمي ،كما هو الشأن بالنسبة 133
األنظمة القانونية الوضعية
للتش ريع المغ ربي وم ا ذهب إلي ه الق انون الفرنس ي من إطالق لف ظ محكم ة التحكيم على المحكمين،
باإلضافة إلى القواعد التفصيلية التي أوردتها القوانين لتنظيم الخصومة في التحكيم وإ جراءات تس ييرها،
وذلك بشكل يتطابق أحيانا مع القواعد التي تنظم سير الخصومة القضائية.134
ب الرغم من األس انيد العدي دة ال تي ق امت عليه ا نظري ة الطبيع ة القض ائية لنظ ام التحكيم ،فهي لم
تس لم من انتق ادات كث يرة أهمه ا قوله ا أن التحكيم والقض اء يحقق ان وظيف ة واح دة ،هي الفص ل في
حماية الحقوق والمراكز القانونية لألفراد والجماعات بصرف النظر عن وجود نزاع أو عدم وجوده،
خالفا لوظيفة التحكيم التي هي إما اجتماعية ،أو اقتصادية ،لحل هذا األخير بالقانون أو بغيره ،135على
كم ا أن اع تراف األنظم ة القانوني ة الوض عية باالتف اق على التحكيم ،ال ينفي أن ه ذا االتف اق ه و
المصدر المباشر لسلطة المحكم ،والذي ليس إال شخصا أو هيئة مفوضا لها من األطراف أمر الفصل
وإ ذا ك ان ج وهر وظيف ة هيئ ة التحكيم هي الفص ل في ال نزاع ،ف إن ج وهر وظيف ة القاض ي هي
حماي ة الق انون الوض عي ،والق انون ال ذي ينظم ممارس ة تل ك الوظيف ة ه و ق انون يختل ف تمام ا عن ذل ك
يرى أصحاب هذه النظرية ،137أن نظام التحكيم له طبيعة مختلطة ،تبدأ باتفاق األطراف على
اختي اره للفص ل في ال نزاع وتنتهي بص دور الحكم التحكيمي ال ذي ال يختل ف في مض مونه عن الحكم
القض ائي .138ليك ون نظ ام التحكيم في نظ ر أنص ار نظري ة الطبيع ة المختلط ة لنظ ام التحكيم ،139نظام ا
يتلخص في أن هذا االتجاه لم يحل المشكلة جذريا ،بل اختار الحل السهل الذي أبقى الخالف قائما بين
أنصار االتجاهين.141
يرى أنصار هاته النظرية ،142أن نظام التحكيم له طبيعته الخاصة وذاتيته المستقلة التي تختلف
عن غ يره من العق ود ،كم ا تختل ف عن أحك ام القض اء ،ول ذلك ال يجب ال زج بنظ ام التحكيم في أحض ان
أنظمة قانونية أخرى يختلف عنها في أمور ويتشابه معها في أمور أخرى.143
نظ ام التحكيم إذن ،ال يخض ع لنظ ام العم ل القض ائي وح ده وإ ن ك ان يس تعير من ه بعض قواع ده
الخاصة ،كما ال يخضع للنظام القانوني للعقد وحده وإ ن كان يستعير منه بعض قواعده الخاصة ،بل هو
الفرع الثاني :اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة
التحكيمية
تع د الجه ة ال تي يتم اللج وء إليه ا لتس وية ال نزاع عن طري ق التحكيم هي الهيئ ة التحكيمي ة ،فهي
ال ركن الج وهري في التحكيم إذ ال يتص ور قيام ه ب دونها ،ذل ك أن طبيعته ا تختل ف من خاص ة إلى
مؤسساتية ،كما أن تركيبتها تتكون دائما من أشخاص طبيعيين سواء تعلق األمر بمحكم فرد أو أكثر.
-حفيظة السيد الحداد "،الم وجز في النظري ة العامي ة في التحكيم التج اري ال دولي" ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة ،الطبع ة األولى ،س نة ،2004
ص .323
-141للمزيد من التوسع أنظر:
-ازاد شكور صالح ،م س ،ص .228
-142خديجــة فــارحي ،محاض رات في م ادة "الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات" ،ألقيت على طلب ة ماس تر ق انون األعم ال ،الس نة الثاني ة ،بجامع ة
الحسن الثاني ،برسم الموسم الجامعي .2009 – 2008
-عزت محمد علي البحيري "،تنفيذ أحكام التحكيم األجنبي ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1997ص .23
-سيد أحمد محمود "،مفهوم التحكيم وفقا لقانون المرافعات" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة الثانية ،سنة ،2005ص 53وما بعدها.
-143محمود السيد عمر التحيوي ،م س ،ص .604
42
وم ا يمكن مالحظت ه عن اختي ار ه ذه الهيئ ة أن ه يتم مب دئيا من قب ل األط راف ،144إم ا بص فة وجوبي ة إذا
إذا 145
تعل ق األم ر بعق د التحكيم ،وإ م ا بش كل ج وازي إذا تعل ق األم ر بمج رد ش رط التحكيم ،أو قض ائي
تع ذر االتف اق على تعيينه ا في حال ة رفض أح د الخص وم تع يين المحكم أو المحكمين األعض اء من
جهته.146
ويعت بر تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة عن طري ق اتف اق األط راف األك ثر تماش يا م ع روح التحكيم
والفلس فة ال تي يق وم عليه ا ،وال تي تحق ق أهم الض مانات للمحتكمين في اختي ار أش خاص المحكمين
بمع رفتهم ،كم ا يحق ق ه ذا الطري ق للخص وم أهم س مات التحكيم وال تي تتمث ل في المحافظ ة على س رية
النزاع وسرية إجراءاته وسرية ما تم تبادله من مستندات ووثائق يحرص المحتكمون على إخفائها.147
ولإلش ارة ف إن ك ل التش ريعات ال تي اس تطعنا اإلطالع عليه ا في موض وع التحكيم لم تض ع أي
تعري ف للهيئ ة التحكيمي ة ،148ب ل تكتفي بتنظيم كيفي ة تع يين ه ذه األخ يرة .وه ذا م ا س ار علي ه المش رع
المغ ربي أيض ا في ق انون 05ـ 08إذ نص في الفص ل 2ـ 327من ه على م ا يلي " :تتش كل الهيئ ة
-144فجمي ع التش ريعات المقارن ة تتف ق على تخوي ل الخص وم الص الحية الكامل ة في تع يين هيئ ة التحكيم ،على اعتب ار أنهم الجه ة الوحي دة ال تي
يمكنه ا وضع الثق ة في ه ذه الهيئ ة لخبرته ا واس تقالليتها ومن ثم إعطاؤه ا لل نزاع حال قانوني ا وع ادال في نفس ال وقت .فق وام ه ذه الثق ة تتمث ل في
الشرف واألمانة والنزاهة واليقظة.
-145فع دم اتف اق األط راف على تع يين الهيئ ة التحكيمي ة ال يعت بر م انع من إتم ام إج راءات التحكيم ،وإ نم ا يتم الحق ا إحالل المحكم ة المختص ة
محلهما في هذا التعيين.
-146ناصر بلعيد " ،وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي دراسة تحليلية في ضوء قانون 05ـ "08رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،السنة الجامعية 2007ـ ،2008ص .04
راجع أيضا عزيز الفتح " ،الهيئة التحكيمية في ظل مشروع قانون 05ـ 08للوساطة والتحكيم" مقال منشور بمجلة القانون المغ ربي ،الع دد ،12
السنة ،2008مطبعة دار السالم ،ص . 157
-147أبو العال علي أبو العال " ،تكوين التحكيم ،دراسة تحليلية مقارنة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،2000 ،ص.28 :
- 148كقاعدة فإن مهمة التعريف ليست من المهام األصيلة للقوانين والتشريعات ،بل مهمة من مهام الفقه والفقهاء.
ويمكن اعتبار الهيئة التحكيمية بأنها" تلك الجهة المعينة إما من طرف الخصوم ،أو القضاء في حالة تعذر ذلك ،من أجل النظر في نزاع معين
وفق اتفاق األطراف وداخل مدة زمنية معينة".
-ناصر بلعيد ،م س ،ص .5
43
التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين تكون لألطراف حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم إما
في االتفاق التحكيمي وإ ما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع لدى المؤسسة التحكيمية المختارة ".149
وق د اش ترطت غالبي ة التش ريعات العربي ة المنظم ة للتحكيم ،150أن يك ون ع دد ه ؤالء المحكمين
وترا ،أيا كانت الطريقة التي يتم بها تعيين المحكمين وتحديدهم ،سواء تم ذلك باتفاق المحتكمين أنفسهم
في االتفاق ذاته أو في اتفاق مستقل ،أو تم التعيين بواسطة المحكمة المختصة بناءا على طلب أي من
واشتراط القانون أن يكون عدد المحكمين وترا يتفق مع ما جاءت به المادة الثانية من قواعد
الئحة غرفة التجارة الدولية حيث تنص على ما يلي 2 " :ـيجوز أن يفصل في المنازعات محكم واحد
أو ثالث ة محكمين ويقص د بلف ظ محكم في الم واد التالي ة المحكم الف رد أو المحكمين الثالث على حس ب
األحوال".152
والعل ة من اس تلزام الع دد ال وتري حس ب بعض الفق ه هي تالفي الحال ة ال تي ق د ينتهي إليه ا
التحكيم ،وهي حالة اختالف المحكمين فيما بينهم دون أن يصلوا إلى قرار واحد.153
-149أنظ ر ق انون 05ـ 08القاض ي بنس خ وتع ويض الب اب الث امن بالقس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة ،الجري دة الرس مية ،ع دد 5584
المنشورة بتاريخ 6دجنبر الموافق لـ 25ذو القعدة ،1428ص .3897
-المادة ( 206الفقرة )2من القانون اإلماراتي /المادة ( 234الفقرة )1من القانون البحريني /المادة ( 4الفقرة )1من الق انون األردني / 150
الم ادة ( 193الفق رة )2من الق انون القط ري /الم ادة 511من الق انون الس وري /الم ادة 257من الق انون الع راقي /الم ادة 17من الق انون
اليمني.
للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى:
-عبد الحميد األحدب " ،موسوعة التحكيم ،التحكيم في البالد العربية ،الجزء األول" دار المعارف ،سنة ،1998ص 53وما يليها.
-151علي طاهر البياتي "،التحكيم التجاري البحري ،دراسة قانونية مقارنة" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،اإلصدار األول،
سنة ،2005ص .116
-152نور الدين حسن الدين" ،تدخل النظام العام في مجال التحكيم بين االطالق والتقييد" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون االعمال ،جامعة
الحسن الثاني بالدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية ،2011- 2010ص .63
-153أسعد فاضل منديل " ،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة""،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارن ة" ،دار نيبور ،العراق،
الطبعة األولى ،سنة ،2011ص .109
44
على اإلج راءات ال واجب إتباعه ا إذا م ا عين األط راف ع ددا 154
وق د نص ق انون 08 -05
مزدوج ا من المحكمين ،إذ أوجب تكمي ل تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة بمحكم يتم اختي اره إم ا طبق ا لم ا اتف ق
علي ه األط راف ،وإ م ا أن يتم اختي اره وتكملت ه من ل دن المحكمين المعي نين في حال ة ع دم حص ول ه ذا
االتفاق ،وإ ما أن يتم تعيينه من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل للطعن ،كما أنه وفي حالة
تحكيم مؤسس ي ف إن تع يين الهيئ ة التحكيمي ة يتم وفق ا للمس طرة ال تي وض عتها المؤسس ة التحكيمي ة
المختارة.
المعينين للمهمة المسندة إليهم ،إذ يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله للمهمة
التحكيمي ة عن أي ظ روف من ش أنها إث ارة الش كوك ح ول حي اده واس تقالله .156كم ا يتعين على المحكم
الذي يعلم بوجود أحد أسباب التجريح في نفسه أن يشعر األطراف بذلك .وفي هذه الحالة ال يجوز له
قبول مهمته إال بعد موافقة األطراف .157كما بين المشرع اإلجراءات الواجب إتباعها عند تقديم طلب
تج ريح أو ع زل أح د المحكمين ،إذ يجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم البت في الطلب م ا ع دا إذا
على مس توى آخر وباس تقراء مقتض يات ق انون 08 -05يالحظ أن المشرع المغربي لم ينص
ال ذي نص ص راحة في الفق رة الثاني ة من الفص ل 10من ق انون التحكيم التونس ي على ج واز "أن يك ون
فهل عدم تنصيص القانون المغربي( )08 -05على إمكانية إسناد مهمة التحكيم للقاضي تؤخذ
أن قاعدة ما ال يمنعه القانون صراحة فهو جائز ،ال يمكن تطبيقها على 160
يرى بعض الفقه
هذه الحالة ألن كل ما يتعلق بالمهام التي يمكن للقضاة القيام بها يجب أن ينص عليها القانون صراحة
نظرا الرتباط مهنة القضاء بعدد من األعراف والتقاليد .إال أن ممارسة القضاة لمهام التحكيم ال يتنافى
م ع مهمتهم كقض اة ،ب ل على العكس ف إن ه ؤالء يمكنهم أن ينجح وا في مهمتهم كمحكمين ،نظ را لم ا
يتم يزون ب ه من ملك ة اإلحاط ة ب النزاع وتط بيق القاع دة القانوني ة على النازل ة المعروض ة عليهم بك ل
ج دارة ومهني ة .ل ذا يجب أن يت دارك المش رع المغ ربي ه ذا النقص ألن من ش أن إتاح ة ه ذه اإلمكاني ة
للقض اة أن تمكن مؤسس ة التحكيم من االس تفادة من تجرب ة وخ برة ه ؤالء في مج ال فض النزاع ات
إن درجة فعالية عمل هيئات التحكيم تقاس عادة من خالل مدى كفاية تنظيمها القانوني وكذا بم ا
يتمت ع ب ه األط راف من ض مانات في مواجهته ا ،إال أن ه مهم ا ك انت درج ة تنظيم ه ذه الهيئ ات فإنه ا ال
تسلم من بعض الثغرات التي قد تحد من دورها في تسوية النزاع وهذا ما ينطبق على قانون.08 -05
وفي خضم هذا الفرع ،سنحاول أن نتطرق ألهم اإلشكاليات التي يثيرها قانون 08 -05فيما
-160مصطفى التراب "،أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي" ،مقال مأخوذ من منشورات مجلة الحقوق المغربية،
الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة ،التحكيم ،الصلح ،مقاربات وتجارب متعددة" ،العدد ،4سنة ،2012ص .25
-161مصطفى التراب ،م س ،ص .25
- 162تجدر اإلشارة إلى أن اإلشكاليات المتعلقة بالهيئة التحكيمية هي كثيرة ومتعددة واختيارنا لبعض منها يبقى -حسب رأينا -اعتبارها األهم.
46
المطلب األول :اإلشكاليات التي يطرحها تطبيق الفصــل 320من قــانون 08 -05بخصــوص
مسألة أهلية المحكم
س نتناول في ه ذا المطلب موق ف التش ريع المغ ربي (الفق رة األولى) والتش ريعات المقرن ة من
تط رق المش رع المغربي لش رط األهلي ة في الفق رة األولى من الفص ل 320من ق انون 08-05
عليه حكم نهائي باإلدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات االستقامة أو اآلداب العامة أو
بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية" ،وهو أمر منطقي ألن القاصر ال يمكن
له أن يتولى مهمة قضائية وال هو قادر على الدفاع على مصالحه أو إجراء تصرفات قانونية ،كما أنه
ال ينبغي للمحكم أن يكون محجورا علي ه أو محروما من حقوق ه المدنية بسبب عقوب ة جنائية ،هذا وقد
نص المش رع المغ ربي في الفق رة الثاني ة من الفص ل 320من ق انون 08 - 05على أن ه "إذا عين في
االتفاق شخص معنوي ،فإن هذا الشخص ال يتمتع سوى بصالحية تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره".
وهو أمر مفهوم ومقبول ألن الشخص الطبيعي هو الذي يرى ويحس وهو الذي يفكر ويقرر
على ض وء م ا يحي ط ب ه من ظ واهر وحق ائق .164ل ذا فال يمكن بح ال من األح وال أن يك ون المحكم
شخص ية معنوي ة كش ركة أو جمعي ة أو هيئ ة عام ة أو مؤسس ة عام ة ،أم ا إذا عين الش خص المعن وي
-أي راشد حسب مفهوم المادة 210من مدونة األسرة المغربية .وتجدر اإلشارة أن هذه المقتضيات نصت عليها مجموع ة من التش ريعات، 163
ن ذكر منه ا التش ريع اإلم اراتي ال ذي نص في الم ادة 206من الق انون االتح ادي رقم 11 /1992المنش ور في الجري دة الرس مية ع دد 235
والصادر بتاريخ ،08 / 03 / 1992على أنه ال يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة
جنائية ،أو مفلسا ما لم يرد إليه اعتباره .أنظر :عبد الحميد األحدب ،م س ،ص .130
-عبد الرحيم زضاكي" ،الوجيز في شرح القانون المغربي الجدي د للتحكيم الداخلي" ،مطبعة سليكي إخوان ،طنج ة ،الطبع ة األولى ،الجزء 164
في التحكيم عن طريق منظمة أو هيئة متخصصة وهو ما يسمى بالتحكيم المؤسسي أو المنظم.166
-إن الفص ل 320يط رح إش كاال قانوني ا يتعل ق بنط اق س ريان مفه وم الرش د من حيث
األش خاص ،فه ل يطب ق على جمي ع المحكمين بم ا فيهم األج انب؟ أم أن ه يقتص ر فق ط على المحكمين
المغاربة؟ خاص ة أنه بعد اس تقراء مقتض يات األحكام العامة من الباب التمهيدي لمدونة األسرة نجدها
تنص بمفه وم المخالف ة على أن أحك ام ه ذه األخ يرة ال تطب ق على األج انب المعروف ة جنس يتهم ،وتبع ا
لذلك فإذا ما افترضنا أن القانون الشخصي للمحكم األجنبي الذي يريد مزاولة التحكيم بالمغرب ينص
على سن للرشد أكبر من ذلك المنصوص عليه في القانون المغربي ،فهل في هذه الحالة سيتم االكتفاء
بالسن المذكور في القانون المغربي دون األخذ بعين االعتبار القانون الشخصي للمحكم األجنبي؟ أم أن
هذا األخير تقدم مقتضياته على مقتضيات الفصل 320المذكورة أعاله؟ ونفس اإلشكال يذكر في الحال ة
المعاكسة أي فيما إذا كان القانون الشخصي للمحكم األجنبي يحدد سنا للرشد أقل من ذلك المنصوص
يرى بعض الفقه 167ضرورة إعمال سن الرشد المعمول به في القانون المغربي على أس اس أن
المحكم األجن بي س يمارس مه ام التحكيم داخ ل ال تراب المغ ربي ،فض ال عن أنه ا تع د بطبيعته ا مهام ا
وبالمقابل هذا ما نصت عليه بعض التشريعات المقارنة خالل صياغتها لمثل هذه المقتضيات.170
-لوح ظ على المش رع المغ ربي حص ره لألفع ال الجرمي ة المرتكب ة من قب ل المحكمين ال تي
ب إدانتهم من أجله ا يمتن ع عليهم ممارس ة المه ام التحكيمي ة في اإلخالل بالش رف وص فات االس تقامة
171
واآلداب العامة فقط ،إذ كان عليه تفاديا لسلبيات مثل هذا الحصر أن ينص على الجرائم بصفة عامة
لمزاولة التجارة في المغرب ببلوغه 18سنة كاملة ،ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعال مما هو منصوص عليه في القانون المغربي".
أم ا الم ادة 16فق د نص ت على م ا يلي " :ال يج وز لألجن بي غ ير الب الغ س ن الرش د المنص وص علي ه في الق انون المغ ربي أن يتج ر إال ب إذن من
رئيس المحكمة التي ينوي ممارسة التجارة بدائرتها حتى ولو كان قانون جنسيته يقضي بأنه راشد"...
هكذا نرى أن المشرع المغربي أخد بنظرية المصلحة الوطنية المرتبطة بالتجارة والذي كان عليه أن يأخذ بها أيضا أثناء صياغته للفصل 320
نظرا لخطورة مهام التحكيم.
للتوس ع أك ثر ح ول ت اريخ إعم ال نظري ة المص لحة الوطني ة أنظ ر:أحمــد زوكــاغي " ،أحك ام التن ازع بين الق وانين في التش ريع المغ ربي " ،طبع ة
،2002ص .144
- 169رد االعتبار في معناه اللغوي هو :إعادة الثقة العامة في شخص بعد أن فقدها إثر اقترافه لفعل ال يقبله أو يجرمه المجتمع.
أم ا في معناها الق انوني فهو :إجراء يه دف من ورائ ه المحكوم علي ه ،محو اآلث ار الناتج ة عن عقوب ة جنائي ة أو جنحي ة أو مخالف ة ،صدرت عن
إحدى محاكم المملكة ،من بطاقة سوابقه العدلية أو السجل العدلي ،أو ما يعرف عند المتقاضين بحسن السيرة والسلوك ،وذلك بعد توافر مجموعة
من الشروط القانونية (أنظر المواد من 687إلى 703من القانون المسطرة الجنائية المغربية).
أم ا الفائ دة من مح و آث ار اإلدان ة ،فهي إتاح ة الفرص ة من جدي دة للمحك وم علي ه الس تعادة أهليت ه في االن دماج الفعلي في الحي اة االجتماعي ة عام ة
واإلدارية خاصة.
ورد االعتبار كما هو منظم في قانون المسطرة الجنائية من الفصل 687إلى الفصل 703فهو:
-1إما بحكم القانون (رد االعتبار القانوني).
- 2و إما بناء على قرار تصدره الغرفة الجنحية بمحكمة اإلسثئناف (رد االعتبار القضائي).
للمزيد من التوسع أنظر:
-العلمي عبد الواحد "،شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم العام" ،مطبعة النجاح الجديدة ،سنة .2002
-محمود محمود مصطفى "،شرح قانون العقوبات ،القسم العام" ،دار مطابع الشعب ،القاهرة ،الطبعة السادسة ،سنة .1964
-محمود نجيب حسني "،دروس في العقوبة" ،مطبعة جامعة القاهرة ،سنة .1989
-محمد علي السالم ،عياد الحلبي" ،ش رح ق انون العقوب ات ،القس م الع ام" ،دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع ،عم ان ،الطبع ة األولى ،اإلص دار األول،
سنة .2007
-عبد الفتاح مصطفى الصفي "،قانون العقوبات ،النظرية العامة" ،دار الهدى للمطبوعات ،اإلسكندرية ،بدون ذكر الطبعة والسنة.
-170ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 16من قانون التحكيم المصري ،على أنه ... " :أو مجردا من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية
جنحية مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفالسه ما لم يرد إليه اعتباره".
وهناك من التشريعات التي خالفت هذا المبدأ وقضت على أن المحكم بالرغم من رد اعتباره فال يمكنه أن يصبح محكما وهذا ما جاءت به المادة
15من قانون التحكيم األردني " ال يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه بجناية أو
بجنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفالسه ولو رد إليه اعتباره".
-171هدى محمد حمدي عبد الرحمان " ،دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،طبعة ،1997ص
.93
49
ال على س بيل الحص ر (م ع مراع اة الج رائم البس يطة) ،172فبمفه وم المخالف ة مع نى ه ذا الفص ل يج وز
للمحكم الذي أدين من أجل جريمة القتل العمد أو اإليذاء العمدي ممارسة أعمال التحكيم ،بينما سيتعذر
أما فيما يتعلق بالحكم على المحكم بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة والمنصوص عليها في
الفقرة األخيرة من الفصل 320أعاله فإنه هو اآلخر سيؤدي إلى منع ه من أداء مهام التحكيم ،174وما
ينبغي اإلش ارة إلي ه ه و أن ه ذا الحرم ان ق د يتع ارض م ع المقتض يات القانوني ة المتعلق ة بس قوط األهلي ة
وتنص الم ادة 711على أن ه" :ي ترتب عن س قوط األهلي ة التجاري ة من ع اإلدارة أو الت دبير أو
التس يير أو المراقب ة بص فة مباش رة أو غ ير مباش رة لك ل مقاول ة تجاري ة أو حرفي ة ولك ل ش ركة تجاري ة
وفي نفس الس ياق نش ير إلى أن الفص ل 320من الق انون 08 -05المش ار إلي ه أعاله حينم ا
أورد الحكم بالحرم ان من األهلي ة التجاري ة كم انع من مزاول ة مه ام التحكيم لم ينص على ض رورة
مراع اة الم ادتين 719و 720من مدون ة التج ارة عن د تط بيق الفص ل أعاله ،س يما وأن ه اتين الم ادتين
تنص ان من جه ة على أن الحكم بس قوط األهلي ة التجاري ة ،176ينتهي أث ره بق وة الق انون بمج رد انته اء
األجل المحدد له دون حاجة إلى انتظار صدور حكم قضائي آخر يقر ذلك.
معالجة صعوبات المقاولة يعيد األهلية التجارية لرئيس المقاولة أو لمسيري الشركة بقوة القانون ،هذا
مع مراعاة أحكام المادة 720من مدونة التجارة التي رتبت جزاء رد االعتبار للمحكوم عليه بسقوط
لذا فإن تطبيق مقتضيات الفصل 320من القانون 08 -05بشأن األهلية التجارية ،تقتضي
إعمال هذا المنع من مزاولة مهام التحكيم في حالة الحكم على المحكم بسقوط أهليته التجارية ولو تم رد
اعتباره.177
ب األمر ،خاص ة أن مقتض يات الفص ل 320أعاله تتمت ع بأولوي ة التط بيق على غيره ا من النص وص
القانوني ة العتباره ا ق د ج اءت ض من المس اطر الخاص ة المنص وص عليه ا في ق انون المس طرة المدني ة،
فكي ف يستس اغ أن يح رم المحكم من ممارس ة أعم ال التحكيم وال ذي تم الحكم علي ه الحق ا ب رد اعتب اره
الشرط النتيجة المنطقية لرغبة المشرع في أن تكون عملية التحكيم عملية صحيحة وناجحة دون مخالفة
للقانون.
الص واب ،وه ذه هي الغاي ة األساس ية لنظ ام للتحكيم ،وه ذا ه و موق ف الق انون الفرنس ي ،فق د اش ترط
المشرع الفرنسي على أن تكون للمحكم األهلية الكاملة الستعمال حقوقه .179فقد نصت الفقرة األولى من
المادة 1451من قانون المرافعات الفرنسي أنه" :ال يمكن أن تعهد مهمة المحكم إال للشخص الطبيعي
ويجب على هذا األخير أن يتمتع باألهلية التي تخوله ممارسة كافة حقوقه المدنية ".180
وك ذلك نج د انعك اس ه ذا الموق ف في ك ل من الق انونين المص ري والع راقي من خالل مفه وم
المخالف ة لنص الم ادة 16من الق انون المص ري ال تي تنص " ":ب أن ال يج وز أن يك ون المحكم قاص را"،
وك ذلك نص الم ادة 255من ق انون المرافع ات الع راقي ال تي ج اء فيه ا أن ه" :ال يج وز أن يك ون
قاصرا".181
والذي يرى بأنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون المحكم قاصرا 182
تعرض للنقد من قبل جانب من الفقه
في بعض الح االت ال تي يك ون فيه ا القاص ر أفض ل من غ يره ك أن يك ون ت اجرا أو ل ه خ برة في بعض
المع امالت التجاري ة .وم ع ذل ك ف إن ه ذا النق د ال يمكن التس ليم ب ه ألن ه ذه الح االت ال تي يك ون فيه ا
القاص ر أفض ل من غ يره إن وج دت فهي اس تثنائية ومح دودة إن ص ح التعب ير ،وعلي ه ف إن ه ذا النق د لم
يكن سليما من الناحية القانونية ولم يؤثر على المبدأ العام وهو كمال أهلية المحكم.183
179ـ راجع بهذا الخصوص :أسعد فاضل منديل ،م س ،ص .115
-180مهنــد أحمــد الصــانوري" ،دور المحكم في خص ومة التحكيم ال دولي الخ اص ،دراس ة مقارن ة ألحك ام التحكيم التج اري ال دولي في غالبي ة
التشريعات العربية واألجنبية واالتفاقيات والمراكز الدولية" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،الطبعة األولى ،اإلصدار األول ،سنة ،2003
ص .65
-181فوزي محمد سامي" ،التحكيم التجاري الدولي ،دراس ة مقارن ة ألحك ام التحكيم التجاري الدولي كم ا ج اءت في القواعد واالتفاقي ات الدولي ة
واإلقليمية والعربية مع إشارة إلى أحكام التحكيم في التشريعات العربية" ،دار الثقافة ،عمان ،الطبع ة األولى ،اإلصدار الثاني ،سنة ،2006ص
101و .102
-182أحمد أبو الوفا ،م س ،ص .155
-183أسعد فاضل منديل ،م س ،ص 116
52
المطلب الثاني :اإلشكاليات التي تعترض تطبيق الفصل 321من قانون 08-05بخصوص
رقابة القضاء
باعتب ار أن نظ ام التحكيم يق وم في أساس ه على وج ود إرادة ح رة ل دى كال ط رفي ال نزاع،184
فالمبدأ أن كل واحد من المحتكمين يعبر عن إرادته بطواعية واختيار سواء عند اللجوء إلى التحكيم ،أو
عند اختيار المحكمين .185لكن إلى أي مدى ينسجم هذا الطرح مع ما نص عليه الفصل 321من قانون
08 -05؟
من المف ترض أن تخض ع الش روط ال واجب توفره ا في الهيئ ة التحكيمي ة إلرادة األط راف،186
لك ونهم األك ثر حرص ا على حماي ة مص الحهم من غ يرهم ،وفي المقاب ل ال يخض ع اختي ار القض اة لمث ل
وبالرغم من استقرار هذا المبدأ فإن المشرع المغربي قد تجاهله بصياغته للفصل 321مخضعا
بمقتضياته هيئة التحكيم للرقابة القبلية للقضاء والمتجسدة في جهاز النيابة العامة لدى محاكم االستئناف.
ولحص ر س لبيات ه ذا الفص ل ال ب أس من ذك ره على الش كل الت الي" :يجب على األش خاص
الطبيع يين ال ذين يقوم ون اعتيادي ا أو في إط ار المهن ة بمه ام المحكم إم ا بص ورة منف ردة أو في حظ يرة
شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه االجتماعية أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة
االس تئناف الواق ع في دائ رة نفوذه ا مح ل إقام ة األش خاص الطبيع يين الم ذكورين أو المق ر االجتم اعي
للشخص المعنوي.
يس لم الوكي ل الع ام وص ال بالتص ريح ويقي د المع ني ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى محكم ة
184
.أحمد هندي ،م س ،ص - 12
-185بقالي محمد" ،المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي" ،مطبعة اسمارطيل ،طبعة ،2010ص .10
-186أحمد هندي ،م س ،ص 16وما بعدها.
53
فبتنص يص المش رع على مث ل ه ذه المقتض يات يك ون ق د قي د حري ة األط راف ول و بش كل غ ير
مباش ر في اختي ار الهيئ ة التحكيمي ة المناس بة لهم ،وبالمقاب ل فإن ه ق د قلص من إمكاني ة مزاول ة المحكمين
ومن بين االلتزام ات ال تي وض عها المش رع على ع اتق المحكمين ح تى يتم قب ول م زاولتهم
للتحكيم ضرورة تصريحهم بذلك للوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف إما الواقعة بدائرة نفوذها
محل إقامتهم أو تلك التابع لها مقر مؤسسة التحكيم إذا كانوا منضوين تحت لواءها.
نشير من خاللها إلى أن المشرع استهل الفصل بصيغة الوجوب مما يعني أننا أمام قاعدة آم رة
187
يجب عدم مخالفتها ،حيث ألزم المشرع األشخاص الطبيعيين الذين يمارسون التحكيم بشكل اعتيادي
بتقديم تصريح للوكيل العام لدى محكمة االستئناف ،وعليه فبمفهوم المخالفة لهذا الفصل فإن الشخص
ال ذي ي دير العملي ة التحكيمي ة ألول م رة ال يك ون ملزم ا بتق ديم التص ريح وبالت الي يمكنن ا الق ول بأن ه ال
وبعب ارة أخ رى ف إن ه ذا االل تزام بالتص ريح ينحص ر مفعول ه في تل ك الفئ ة التي ت زاول أعم ال
التحكيم ألكثر من مرة واحدة .وهكذا فالمحكم الذي يدير مهام التحكيم في قضية واحدة وألول مرة ال
الفقرة الثانية :اإلشكال المتعلق بالمقصود بوضعية المحكمين في اصطالح الفصل 321
-187ينص الفصل 321على ما يلي":يجب على األشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا "...
-188ناصر بلعيد ،م س ،ص 128وما بعدها.
54
تتجلى هات ه اإلش كالية في اش تراط المش رع إلدراج المحكمين في الل وائح الممس وكة من قب ل
إال أن المش رع لم يح دد طبيع ة ه ذه الوض عية الم راد دراس تها فه ل ك ان يقص د به ا الوض عية
القانونية كمراقبة توفر ركن األهلية المدنية وتحقق شرط المروءة وحسن السلوك؟ أم أن األمر يقتصر
على الوض عية المهني ة للمحكم كض رورة حص وله على ش واهد علمي ة معين ة مثال؟ أم أن ه تج اوز ذل ك
لتنصب إرادته على الوضعية االجتماعية مثل ضرورة انتماء المحكمين إلى طبقة اجتماعية معينة؟
ويمكنن ا التأكي د على أن ه ذه الفرض ية األخ يرة مس تبعدة تمام ا لتعارض ها الص ارخ م ع المب دأ
الدستوري القاضي بمساواة جميع المواطنين أمام القانون خاصة في تقلد الوظائف والمهام.
ومن ه ذا المنطل ق نتم نى أن يق وم المش رع مس تقبال بتع ديل تش ريعي يوض ح بمقتض اه طبيع ة
"الوضعية" الواردة في الفصل 321والتي نحبذ أن تقتصر على الوضعية القانونية دون غيرها احتراما
إلرادة األطراف.
الفقرة الثالثة :اإلشكالية التي يطرحها عدم تقييد المحكم في الئحة المحكمين
تتعلق هاته اإلشكالية بالحالة التي يصدر فيها المحكم أو المحكمين الحكم التحكيمي دون قيامهم
بالتقييد المسبق بالالئحة الممسوكة من قبل الوكيل العام المختص ،فاإلشكال القانوني المطروح هنا هو
صحيحا هذا مع العلم أن المشرع بمقتضى الفصل 321لم ينص على أي جزاء قانوني في حالة عدم
احترام مقتضياته ،فضال على أن الفصل 327-36وبمناسبة تطرقه ألسباب الطعن بالبطالن لم يذكر
ضمنها حالة قيام المحكم بإصدار الحكم التحكيمي دون تقييده المسبق بالالئحة السالفة الذكر.
ونود اإلشارة أيضا في إطار هذه اإلشكالية إلى أن المشرع لم ينص على ما إذا كانت الالئحة
المحص ورة من قب ل الوكي ل الع ام دائم ة أم أنه ا مؤقت ة فق ط وقابل ة للتع ديل ؟ وحب ذا ل و يت دخل لينص
55
صراحة على اعتبارها مؤقتة تقبل التحيين سنويا ،كما هو الحال عليه بالنسبة للوائح الخاصة بالخبراء
القض ائيين الموض وعة من ط رف مديري ة الش ؤون المدني ة ب وزارة الع دل وذل ك ح تى يتم االحتف اظ
خل ق اله وة بين اله دف المت وخى من التحكيم والمتمث ل في الس رعة وك ذلك 190
إن الفص ل 321
الص يغة التحكيمي ة ال تي تبقى توافقي ة وإ رادي ة بين األط راف ،حيث ح ولت مراقب ة القض اء في ه ذه
المرحلة من جهاز احتياطي يمكن اللجوء إليه في حال فشل نظام التحكيم ،إلى جهاز يتدخل بشكل قبلي
ح تى في تفعي ل إرادة الط رفين ال تي تبقى المرج ع األساس ي في اللج وء إلى التحكيم ،إذ ه ذا الفص ل
لمواجهة كل خطر محدق محقق ،من شأن التأخر في وضع حل 193
األوضاع اتخاذ أمور مستعجلة
- 192لم يعرف المشرع المغربي المسائل المستعجلة سواء في الباب الثاني من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية المعنون بالمساطر
الخاصة باالستعجال ومسطرة األمر باألداء أو في الباب الثامن من القسم الخامس الذي يعتبر بمثابة قانون للتحكيم
و بالرجوع للفصلين 327-1و 327-15يظهر بأن األمور المستعجلة هي كل إجراء وقتي أو تحفظي.
وقد عرف الفقه اإلجراء الوقتي بأنه اإلجراء الذي يرمي إلى حماية حق يخشى عليه من فوات الوقت ،أو الذي يقصد منه إبعاد خطر محقق
الوقوع أو المحافظة على حالة معينة مشروعة ،أو صيانة مركز قانوني قائم.
ويمكن تعريف اإلجراء التحفظي بأنه التدبير الذي يهدف منه الحفاظ على حق أو مركز قانوني.
ويشترط في اإلجراء االستعجالي أن يكون مقرونا بعنصر االستعجال ،ويبت في األمر االستعجالي قاضي يطلق عليه قاضي المستعجالت،
ويعرف هذا النوع من القضاء بأنه قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصال مؤقتا ال يمس أصل الحق ،و
إنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على األوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح
الطرفين المتنازعين ،كما يعرف قاضي األمور المستعجلة بأنه هو القاضي الذي يختص بالبت بصورة مؤقتة ،ودون المساس بالموضوع في كل
نزاع يكتسي صبغة االستعجال.
وعموما يمكن القول أن القانون نظم حماية مؤقتة للحقوق والمراكز القانونية التي قد تتعرض لخطر داهم يهددها أو ضرر محدق ،الشيء الذي
يتطلب معه اتخاذ إجراء عاجل لصد هذا الخطر أو الضرر وهو ما يعرف باألمور المستعجلة.
لم يحدد المشرع المغربي في قانون 08 -05الشروط الواجب توفرها في المسألة المتعلقة بالدعوى التحكيمية الستصدار أمر استعجالي ،وعليه
يفترض توافر الشروط العامة التي يتطلبها القانون الختصاص القضاء المستعجل.
للمزيد من التوسع أنظر:
-محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل ومحمد راتب فاروق "،قضاء األمور المستعجلة" ،نشر عالم الكتب ،القاهرة ،الطبعة السادسة ،ص
.30
-عبد الكريم الطالب" ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،مطبوعات المعرفة ،مراكش ،الطبعة الثالثة ،سنة ،2006ص .12
-عبد اهلل الشرقاوي "،صعوبة تنفيذ األحكام والقرارات" ،مقال منشور بمجلة القضاء والقانون ،العدد ،128يوليوز ،1978ص .31 -30
-عبد الباسط جميعي "،نظرية االختصاص في قانون المرافعات الجديدة وتعديالته" ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،ص .123
-عبد اللطيف هداية اهلل "،القض اء المس تعجل في الق انون المغ ربي" ،مطبع ة النج اح الجدي دة ،ال دار البيض اء ،الطبع ة األولى ،س نة ،1998ص
.12
-محمد عبد اللطيف "،القضاء المستعجل" ،دار النهضة العربية ،مصر ،الطبعة الرابعة ،سنة ،1997ص .83
- 193عرف أحمد محمد عبد البديع شتا المسائل المستعجلة بأنها :تلك المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت وتتطلب اتخاذ تدابير معجلة،
تحفظية أو وقتية ،درءا لضرر محدق أو خطر داهم يؤدي إلى اختالل مركز قانوني معين يتعين حمايته.
-أحمد محمد عبد البديع شتا" ،شرح قانون التحكيم" ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثالثة ،2005ص .204
57
والنزاعات الوقتية المثارة أمام التحكيم ،هي نزاعات عارضة مرتبطة بالنزاع األصلي
المعروض عليه بموجب اتفاق التحكيم .على اعتبار أنه هو المحدد لحرية األطراف في اختيار قانونهم
وقاضيهم لتتسع هذه الحرية لتشمل تحديد سلطات ومجال عمل المحكم.194
وموضوع التدابير الوقتية والتحفظية المتعلقة بالمنازعات المعروضة على التحكيم يثير عدة
إشكاالت عملية تتمحور أهمها في معالجة مدى اختصاص المحكم باتخاذ مثل هذه التدابير ومدى
فمسألة تحديد الجهة المختصة باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية تعتبر من أهم المسائل التي
تثور في مجال التحكيم ،ذلك أنه من حيث المبدأ فإن قضاء الدولة وحده المختص اختصاصا قاصرا
باتخاذ تلك التدابير ،وأن هيئة التحكيم تختص فقط بالفصل في النزاع الموضوعي ،196إال أنه ومسايرة
لفقه التحكيم فقد أصبح اإلقرار بمنح هيئة التحكيم سلطة إصدار هذه اإلجراءات انطالقا من أن قاضي
-194الرافة وتاب "،اإلجراءات الوقتية والتحفظية بين القضاء والتحكيم" ،مطبعة األمنية ،الرباط ،سنة ،2016ص .19
- 195أنظر بتفصيل الدور المحوري للقاضي الوطني في تسهيل اإلجراءات التحفظية والوقتية في المنازعة المعروضة على التحكيم ،نهال
اللواح "،القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،نوقشت بجامعة عبد المالك السعدي ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،سنة ،2014 -2013ص 306وما بعدها.
-196مصطفى بونجة ،نهال اللواح "،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية" ،دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع ،مطبعة األمنية،
الرباط ،الطبعة األولى ،سنة ،2015ص .116
- 197تعترف العديد من التشريعات الحديثة وقواعد مراكز التحكيم المختلفة بسلطة هيئة التحكيم في األمر باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية،
مثال قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ،ICCوقواعد جمعية التحكيم األمريكية ،AAAوقواعد لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي
.UNCITRAL
كما تعتبر اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات االستثمار لعام 1965هي الوحيدة التي نصت على أن االختصاص القاصر للمحكم باتخاذ
اإلجراءات الوقتية والتحفظية ،فالمادة 62من هذه االتفاقية تنص على أن " اتفاق األطراف على خضوع التحكيم لقواعد المركز الدولي لتسوية
منازعات االستثمار المؤسس بموجب هذه االتفاقية ،يعد التزاما بعدم اللجوء إلى أي جهة أخرى".
للتفصيل حول اختصاص هيئة التحكيم في اإلجراءات الوقتية والتحفظية أنظر:
-عبد اللطيف مشبال ،اإلجراءات الوقتية والتحفظية في التحكيم التجاري الدولي" ،دفاتر المجلس األعلى ،العدد ،6سنة ، 2005ص .148
-عبد الرحمان المصباحي "،التحكيم والتدابير المؤقتة والتحفظية" ،مقال منشور بمجلة التحكيم ،العدد ،8أكتوبر ،2010ص 584وما بعدها.
58
الفقرة األولى :موقف التشريع المغربي بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة
حتى تتمكن هيئة التحكيم من أداء مهامها بشكل سليم كان ال بد من تمتيعها بصالحيات واسعة
في إدارته ا لل نزاع المع روض عليه ا ،وذل ك لتمكينه ا من إنه اء ه ذا ال نزاع في ظ روف مالئم ة .فكلم ا
ك انت الهيئ ة التحكيمي ة متحكم ة في مس طرة التحكيم كلم ا تمكنت من تحقي ق العدال ة بين الخص وم في
وفي ه ذا اإلط ار نص المش رع المغ ربي في الفص ل "327-11تق وم الهيئ ة التحكيمي ة بجمي ع
إجراءات التحقيق باالستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو بأي إجراء آخر" ،كما أنه وسع من دائرة
صالحية الهيئة التحكيمية ،إذ نص في الفقرة الثانية من الفصل المذكور على أنه " إذا كانت بيدي أحد
األط راف وس يلة إثب ات ،ج از للهيئ ة التحكيمي ة أن تطلب من ه اإلدالء به ا .يج وز للهيئ ة ك ذلك االس تماع
والمالح ظ من ق راءة ه ذا الفص ل أن المش رع أعطى ص الحية واس عة للهيئ ة التحكيمي ة التخ اذ أي
إج راء يس اعدها على الوق وف على حقيق ة ال نزاع المط روح ،كم ا يالح ظ أن ه ذا الفص ل ج اء بص يغة
عامة حيث إنه لم يبين الطبيعة القانونية لعمل الهيئة ،199ذلك أنه جاء بمفردات عامة مثل ما ورد في
لكن هل يمكن اعتبار أن اإلجراءات الوقتية والتحفظية تدخل ضمن اختصاصات الهيئة التحكيمية بناء
يجوز للهيئة التحكيمية ،ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك ،أن تتخذ بطلب من أحد األطراف كل تدبير
ذلك أن هذا األمر كان يطرح إشكاال كبيرا عند الفقه حول مسألة من يعود إليه االختصاص 200
السابقة
في اتخ اذ هذه اإلج راءات التحفظي ة أو الوقتي ة ه ل للقض اء أم للمحكم .201والمش رع المغ ربي ورغم أن ه
حس م الج دال ال ذي ك ان س ائدا .إال أن ه لم يكن جريئ ا في عب ارات ه ذا التنص يص بحيث نص فق ط على
ص يغة الج واز ،كم ا أن ه لم يخ ول للمحكم تلقائي ا اللج وء له ذه اإلج راءات رغم أهميته ا أحيان ا في حس م
النزاع ،بل قيد ذلك بضرورة وجود طلب من أحد الطرفين مما يشكل قيدا على حرية المحكم في اتخاذ
اإلج راءات التحفظي ة ال تي يراه ا مناس بة .كم ا أن الفص ل 327 -15جع ل القاع دة في اتخ اذ ه ذه
ونعتبر أن القول باختصاص هيئة التحكيم في اإلجراءات الوقتية والتحفظية دون تدخل القضاء
في ذلك ،ينطوي على نوع من التعارض بين البت في جوهر النزاع الذي يتواله المحكم ،وبين التدابير
الوقتي ة ال تي له ا قواع د خاص ة بقض اء الدول ة االس تعجالي ،ويتجلى ه ذا التع ارض أك ثر في رغب ة
األطراف في االبتعاد عن القضاء ورغبتهم كذلك في االستفادة من اإلجراءات التحفظية والوقتية ،ذلك
أن األطراف ال يتقبلون سوى عقلية المحاكم والخضوع لسلطة وإ جبار القضاء ،وأن اللجوء أصال إلى
التحكيم م ا زال لم يس توعبه ك ل المتن ازعين ه ذا بالنس بة للتحكيم ال داخلي فم ا بال ك بال دولي ،ال ذي ح تى
وإ ن عرف إقباال فيكون اإلقبال على المؤسسات التحكيمية الكبرى واألجنبية أما المغرب فما زال الحال
-200ظهير المسطرة المدنية المؤرخ في 12غشت ،1913وقانون المسطرة المدنية بتاريخ 28شتنبر.1974
-201خالد أحمد عبد المجبد "،دور القضاء المساند لخصومة التحكيم" سلسلة دفاتر المجلس األعلى ،عدد ،7سنة ،2005ص 144إلى .146
-202محمد المختار الراشدي "،إجراءات مسطرة التحكيم" ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117نونبر -دجنبر ،السنة ،2008ص .99
60
ضئيال هذا من جهة ،203ومن جهة ثانية ضعف التنظيم القانوني المحكم لسلطات المحكم وقوته اإللزامية
مم ا يك ون لت دخل القض اء في ه ذا المج ال ض رورة حتمي ة لض مان ص يرورة اإلج راءات إلى نهايته ا
وفي ه ذا اإلط ار نناش د المش رع المغ ربي بإع ادة ص ياغة الفص ول المتعلق ة ب اإلجراءات الوقتي ة
والتحفظي ة ،م برزا في ذلك بوض وح ح دود ت دخل ك ل من قض اء الدول ة وقض اء التحكيم وتحدي دا الجه ة
القض ائية المخ ول له ا باتخ اذ اإلج راء الوق تي أو التحفظي مم يزا في ذل ك بين التحكيم ال داخلي
والدولي.205
وب الرجوع إلى مقتض يات الفص ل 327 -1ال ذي ينص على أن ه ":ال يمن ع اتف اق التحكيم أي
طرف من اللجوء إلى قاضي األمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم ،أو أثناء سيرها
لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا لألحكام المنصوص عليها في هذا القانون .ويجوز التراجع
إن المشرع المغربي خول للقضاء االستعجالي التدخل باتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية متعلقة
بالتحكيم سواء قب ل تشكيل الهيئ ة التحكيمي ة أو أثن اء مباشرتها لمهمتها ،غير أن تدخل ه في هذا المجال
جاء محددا في األحكام المتعلقة باالستعجال المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ،206وال يشكل
ه ذا تن ازال عن اتف اق التحكيم ب ل ص ورة من ص ور االس تعجال الناتج ة عن الض رورة الملح ة ،س عيا
-203راجع ما تمت دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث.
-204مصطفى بونجة ،نهال اللواح "،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية" ،م س ،ص .136
-205مصطفى بونجة ،نهال اللواح "،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية" ،م س ،ص .139
-206الرافة وتاب ،م س ،ص .70
61
لتوف ير الحماي ة القض ائية تفادي ا لح دوث الض رر ب الحقوق والمراك ز القانوني ة ،207ويبقى مج رد مس اعدة
للتحكيم على نحو يضمن للقرار الالحق الصادر عنها في نفس النزاع الفعالية.208
صعوبة في تنفيذ إجراء أو تدبير معين ،وذلك ليس سوى من باب المساعدة والمساندة لقضاء التحكيم،
وأن تك ريس والي ة القض اء إلص دار األوام ر الوقتي ة والتحفظي ة ي برز دوره التكميلي والم ؤازر ال ذي
يس اهم من خالل ه في تحقي ق فاعلي ة التحكيم ليس إال ،فالقاض ي المس اند يمث ل قطب ال رحى لم د ي د
المساعدة في تسهيل اإلجراءات التحفظية والوقتية والتدخل في إجراءات تحقيق الدعوى التحكيمية دون
تبع ا لك ل م ا ذك ر ،ن رى أن الق انون المغ ربي ،يج يز للهيئ ة التحكيمي ة اتخ اذ إج راءات وقتي ة
وتحفظية مع االحتفاظ للقضاء االستعجالي بهذا االختصاص األصيل .ليكون بذلك قد ساير التشريعات
الحديث ة ال تي تأخ ذ بمب دأ االختص اص المش ترك ،بتخوي ل األط راف حري ة اختي ار الجه ة المطل وب منه ا
ويث ور التس اؤل بخص وص اتف اق األط راف على اس تبعاد القض اء من النظ ر في المس ائل
المستعجلة من عدمه؟
-207عبد الرحمان المصباحي "،المبادئ الضرورية لضمان فعالية التحكيم في منازعات عقود االستثمار" ،مقال منشور بمجلة القضاء والقانون،
العدد ،156يناير ،2009ص .110
-208نجاة عز الدين اإلدريسي " ،اختصاص المحكم في المجال االستعجالي ،اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية" ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007-2006ص .46
-209مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،م س ،ص .138
-210الرافة وتاب ،م س ،ص .70
62
أنه ال يمكن أن تكون إلرادة األطراف السلطة في اس تبعاد اإلج راءات 211
حيث يرى بعض الفقه
الوقتية والتحفظية من نطاق اختصاص محاكم الدولة ،ألن هناك من اإلجراءات الوقتية أو التحفظية ما
لقد تطرق المشرع المغربي لهذا اإلشكال في الفقرة الثانية من مقتضيات الفصل " 327 -15
إذا تخلف من صدر إليه األمر عن تنفيذه ،يجوز للطرف الذي صدر األمر لصالحه االلتجاء إلى رئيس
معين ،بالرغم من حالة االستعجال التي يكتسيها األمر ،وهو ما قد يفرغ اللجوء إلى التحكيم من محتواه
الفقرة الثانية :موقف األنظمة القانونية المقارنة بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر
المستعجلة
لقد اختلفت اتجاهات الفقه والقضاء بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة حيث
إلى أنه وإ ن كان صحيحا أن من آثار اتفاق التحكيم حجب االختصاص عن القضاء 214
جانب من الفقه
الوطني بالفصل في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم أو ما يعرف باألثر السالب التفاق التحكيم،
ف إن نط اق ه ذا األث ر مره ون بالفص ل في موض وع ال نزاع ذات ه مح ل االتف اق على التحكيم ،وال يش مل
بالتالي المسائل األخرى التي قد تثور بشكل تبعي كاإلجراءات الوقتية والتحفظية.
افتق اد الهيئ ة التحكيمي ة لس لطة اإلجب ار س واء في مواجه ة أط راف اتف اق التحكيم أو في مواجه ة -
صعوبة اجتماع أعضاء الهيئة التحكيمية إلصدار إجراء وقتي خاصة في حالة االستعجال التي ال -
تتحم ل الت أخير ،الش يء ال ذي يف رض مع ه منح االختص اص للقض اء ،وك ذلك الح ال عن د ت وفر
أن المحكم ال يمل ك س لطة تنفي ذ األحك ام الص ادرة عن ه ،س واء ك انت موض وعية أو وقتي ة مم ا -
سيضطر معه الخصوم إلى اللجوء للقضاء الوطني للحصول على أمر بتنفيذ هذه األحكام ،فيكون
هن اك من يعت برون ب أن القض اء ه و الجه از المختص بإص دار األوام ر المس تعجلة ،وذل ك راج ع -
-214حسام الدين فتحي ناصف "،قاعدة منع قضاء الدولة من نظر موضوع المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم وقيود تطبيقها ،طبعة ،2001
ص 100وما يليها.
-215عبد اللطيف مشبال ،م س ،ص .148
-216مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى "،دور القضاء في مسطرة التحكيم" ،سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين ،العدد ،3
مارس ،2011ص .28
-217سيد أحمد محمود أحمد "،مدى سلطة المحكم في اتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية" ،مجلة الحقوق ،العدد الثالث ،السنة ،2001ص .97
64
ومن بين التش ريعات ال تي تس اير ه ذا االتج اه ،ق انون المرافع ات اليون اني في الم ادة 685من ه
ال تي تنص على أن" الس لطات الوطني ة القض ائية ،هي ال تي تختص وح دها باتخ اذ اإلج راءات
الوقتية والتحفظية.218"...
وعلى مس توى القض اء فق د ذهب القض اء المغ ربي في قض ية الق رض العق اري والس ياحي ض د
شركة هيسا (هوليداي اين) باختصاص قاضي المستعجالت في إصدار أمر يقضي بمواصلة إجراءات
البناء المتوقفة ،بعلة أن النزاع ال يمس جوهر الخالف دائما ،فاإلجراء الوقتي يهدف إلى حماي ة مص الح
االتجاه الثاني :يرى إخضاع اإلجراءات التحفظية أو الوقتية المتصلة بالمنازعة المتفق بشأنها
على التحكيم الختصاص المحكم وحده ،مستندا في ذلك إلى إرادة األطراف التي جعلت من المحكم بعد
تش كيل الهيئ ة الجه ة المختص ة للنظ ر في أي ة ص عوبة ،تح وم ح ول موض وع ال نزاع ،كم ا أن الهيئ ة
المطروح عليها النزاع هي األدرى من غيرها بطبيعة الموضوع وتقدير مدى مالءمة اتخاذ مثل هذه
اإلجراءات.220
أضف إلى ما يحققه ذلك من اقتصاد في النفقات وتوفير في الوقت وسهولة في تنفيذ ما تأمر باتخاذه من
المستعجالت عند وجود اتفاق لألطراف على منح المحكم سلطة إصدار األوامر الوقتية إذا كان النزاع
االتجاه الثالث :222يذهب هذا االتجاه إلى إخضاع المسائل المستعجلة لالختصاص المشترك بين
القضاء الرسمي والهيئة التحكيمية ،223وهو ما ذهب إليه المشرع المصري من خالل الق انون رقم 27
لس نة 1994في الم واد 2 /24 ،1 /24 ،14حيث وزع االختص اص باتخ اذ اإلج راءات التحفظي ة
والوقتي ة ،بين القاض ي و المحكم ،ف أعطى للقض اء -من حيث األص ل -س لطة اتخ اذ ه ذه اإلج راءات
( المادة 14من قانون التحكيم المصري) ولكن أجاز في الوقت نفسه للخصوم االتفاق على إعطاء هذه
ويجيز القانون البلجيكي للخصوم اللجوء إلى القضاء الوطني لطلب اتخاذ إجراءات وقتية ،دون
أن يكون هذا االختصاص مقصورا عليه وحده ،وعلى ذلك يختص القضاء أصال بالفصل في المسائل
الوقتية ،ولكن يجوز إسناد النظر في هذه المسائل لهيئة التحكيم إذا اتفق الخصوم صراحة على ذلك.225
وق د أخ ذت محكم ة االس تئناف التجاري ة بال دار البيض اء به ذا ال رأي في بعض أحكامه ا " ب أن
االتفاق على ش رط التحكيم لن يمن ع األط راف من اللج وء إلى القض اء االس تعجالي من أج ل اتخ اذ تدبر
المتعاقدين".226
كما قضت محكمة جنوب القاهرة االبتدائية " بأن االتفاق على التحكيم ال يمنع صاحب الشأن من
اللجوء إلى القضاء المستعجل في شأن الطلبات الوقتية إال إذا اتفق على عرضها على التحكيم".227
المش ترك للقض اء وهيئ ات التحكيم ،ال ذي يعت بر أن مج رد االتف اق على التحكيم من األط راف ال يح ول
دون اللجوء للقضاء االستعجالي التخاذ كل إجراء وقتي وتحفظي ،وفي نفس الوقت فإنه يمكن لهيئات
التحكيم اتخ اذ مث ل ه ذه اإلج راءات كلم ا ك ان في مق دورها كفالته ا وض مان تنفي ذها على وج ه الس رعة
المطلوبة.
لم يخص ص المش رع المغ ربي في ق انون 08 -05للهيئ ة التحكيمي ة تنظيم ا محكم ا يخص
مس ؤوليتها ،وهن ا نتس اءل أليس من ب اب الع دل واإلنص اف أن نس ائل الهيئ ة التحكيمي ة عن األعم ال
-226قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 2000 /1186بتاريخ 2000 /11 /7أحال عيه :الرافة وتاب ،م س،
ص .81
-227حكم استعجالي صادر بتاريخ .1987 /02 /28
-محمد أنور شحاتة "،النشأة االتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1993ص .166
-228عبد اهلل درميش "،التحكيم الدولي في المواد التجارية" ،م س ،ص .135
-رحال البوعناني "،التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،كلية الحقوق الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،سنة ،1987 -1986ص .147
-إدريس الضحاك ،عرض بعنوان ":التحكيم في القانون البحري المغربي" قدم بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للمحكمين البحريين بالبيضاء أيام
25/26/27شتنبر ،1985ص .1
-عبد اللطيف مشبال ،م س ،ص .148
67
سواء كانت هناك قواعد تؤطر مسؤوليتها أو تم إخضاع مسؤوليتها للقواعد العامة للمسؤولية
المهم ه و إق رار مب دأ مس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة أوال ،ثم بع د ذل ك يمكن التس اؤل عن التك ييف الق انوني
ومن تم كي ف الس بيل لوض ع نظ ام محكم ومتكام ل لقواع د المس ؤولية يكف ل الت وازن بين حري ة
الهيئ ة التحكيمي ة في أدائه ا لمهامه ا وحس ن ممارس تها ،وبين حماي ة المحتكمين والغ ير م ع اإلبق اء على
هذا ما سنحاول معالجته من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين :نخصص األولى للحديث عن
اإلش كال المتعل ق بمس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة في التش ريع المغ ربي ونف رد الثاني ة للح ديث عن مس ؤولية
بالرجوع إلى القانون 08 -05نجد أن موقف المشرع من مساءلة الهيئة التحكيمية يظهر نقصا
جليا على هذا المستوى ،ففي ظل غياب أحكام مؤطرة جامعة مانعة – على حد ما وصل إليه علمي-
ال يس ع إال التنقيب عن بعض النص وص ذات العالق ة بالموض وع ومحاول ة تأطيره ا بالمب ادئ العام ة
للمسؤولية.
تترتب مسؤولية هيئة التحكيم كلما ارتكبت خطأ مهنيا يمس بالقواعد التقنية لمهمتها ،أو لجهلها
الفادح بأصول القانون ومسلماته ،أو النسحابها غير المبرر من اإلجراءات ،أو إلخاللها بالتزامها تجاه
الهيئة التحكيمية وذلك تحت طائلة تعويضها لألطراف عن األضرار الالحقة بهم ،حيث ورد في الفقرة
الثالث ة من الفص ل أعاله م ا يلي ... ":يجب على ك ل محكم أن يس تمر في القي ام بمهمت ه إلى نهايته ا وال
يج وز ل ه تحت طائل ة دف ع تعويض ات أن يتخلى عنه ا دون س بب مش روع بع د قبوله ا وذلك بع د إرس اله
ويستنتج من هذا الفصل أنه ينبغي لقيام مسؤولية المحكمين المدنية توفر ثالث شروط أساسية
وهي:
-ضرورة التوقف عن أداء هذه المهمة أي عدم االستمرار فيها أيا كانت المرحلة التي وصلت إليها
القض ية س واء عن د مرحل ة اتخ اذ اإلج راءات الالزم ة للنط ق ب الحكم أو عن د رفض التوقي ع على ه ذا
األخير.
-ض رورة ع دم وج ود م برر مش روع يس مح للهيئ ة ب التخلي عن مهمته ا ويعتق د بعض الفق ه أن األم ر
يتعلق بتحقق إحدى الحاالت المنصوص عليها في الفصل 327-19من نفس القانون.232
-230أحمد أبو الوفا "،التحكيم االختياري واإلجباري" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الخامسةٍ ،سنة ،1988ص .173
- 231ويتضح هنا أن المشرع قد تشدد نوعا ما في مسؤولية الهيئة التحكيمية كما جعلها تثور بمجرد قبولها للمهمة التحكيمية ،وهذا اتجاه محمود
سيمنع من حدوث التراجعات التعسفية التي قد تلحق أضرارا كثيرة ومتنوعة في حق الخصوم.
-232ناصر بلعيد ،م س ،ص 148و ما بعدها.
69
وتتحقق هذه المسؤولية في الحالة التي يصدر فيها الحكم التحكيمي دون التحقق من وجود اتف اق
تحكيمي ،أي عندما ينعدم ركن الرضى القاضي باللجوء إلى التحكيم أو النتفاء أهلية أحد األطراف أو
لعدم احترام موانع اللجوء إلى التحكيم ،إن هذه الحاالت كلها تؤدي إلى إبطال الحكم التحكيمي.233
ولهذا فإن مسؤولية الهيئة التحكيمية تنعقد بمجرد تجاهلها لإلجراءات السابق ذكرها.
كما أن التزام المحكمين بالعمل بضمير مهني يوجب عليهم أن يتقيدوا بالمهلة المحددة اتفاقا أو
قانونا إلصدار الحكم التحكيمي ،وذلك تحت طائلة قيام مسؤوليتهم ،ولو تم تمديد هذه المهلة بطلبهم طبقا
للفق رة الثاني ة من الفص ل ،327-20إذ وإ ن ك ان ت أخر المحكمين في إص دار حكمهم ال ينط وي على
سوء نية ،فإنهم يبقون مسؤولين مدنيا أمام األطراف لتأخرهم في إصدار هذا الحكم في اآلجال المحددة
سلفا.
يرج ع أس اس الس لطات ال تي تتمت ع به ا الهيئ ة التحكيمي ة إلى اتف اق التحكيم ،ل ذا ف إن ك ل خ روج
عن نط اق ه ذا االتف اق يع رض ه ذه الهيئ ة إلى المس اءلة القانوني ة المدني ة ،كم ا ل و أغفلت أو تغ افلت
ونحن نعلم حجم األضرار المادية والمعنوية التي قد تلحق أحد األطراف أو هما معا في حالة
إبط ال الحكم التحكيمي نتيج ة ه ذا اإلهم ال ،الش يء ال ذي يجعلن ا نؤي د قي ام المس ؤولية في ح ق ه ؤالء
المحكمين المهملين.234
ل ذا ف إن ه ذا االل تزام يك ون ذا طبيع ة عقدي ة ،وإ ن ك ان يبت دئ قب ل التوقي ع على ه ذا العق د ليس ري ب ذلك
حتى بعد صدور الحكم التحكيمي ،وترجع دوافع التمسك بالسرية إلى حماية المراكز الشخصية والمالية
واالقتصادية لألطراف وذلك بغية عدم المساس بسمعتهم في مختلف مجاالت معامالتهم.
وفي ه ذا الس ياق تع رض المش رع المغ ربي إلى مس ؤولية المحكم ال ذي أفش ى س ره المه ني في
الفصل 326من قانون 08-05إال أنه تطرق لهذه المسؤولية من الناحية الجنائية فقط ،ومع ذلك فال
يوجد ما يمنع من ترتيبها حتى على المستوى المدني تطبيقا للقواعد العامة المنظمة للمسؤولية العقدية.
المحكمين التابعين لها لسرية إجراءات التحكيم ،وكنموذج منها نذكر المادة 7من نظام مركز القاهرة
للتحكيم وال ذي نص على م ا يلي" :ال يج وز للمحكم االس تفادة من المعلوم ات ال تي حص ل عليه ا أثن اء
وتتعلق هذه المسؤولية بتلك الحالة التي ال يفصح فيها المحكم لألطراف عن العالقات والمصالح
وفي ه ذا الب اب نص الفص ل 327-7على م ا يلي" :يتعين على المحكم ال ذي يعلم بوج ود أح د
أس باب التج ريح في نفس ه أن يش عر األط راف ب ذلك وفي ه ذه الحال ة ال يج وز ل ه قب ول مهمت ه إال بع د
موافقة األطراف"
فهذا الفصل و إن لم ينص على إمكانية قيام مسؤولية المحكم الذي لم يفصح عن عالقاته بأحد
األطراف ،فإنها تجد تبريرها في القواعد العامة للمسؤولية ،كما تنطبق هذه القاعدة أيضا على مسؤولية
235
.محمد الحبيب ،م س ،ص - 70
71
المحكم المترتب ة في حال ة تحايل ه أو تدليس ه ،236كاختي اره لمك ان التحكيم الغ ير المتف ق علي ه من قب ل
األطراف ،أو تعمده اختيار قانون معين بغية تحقيق مصلحة أحد الخصوم على حساب اآلخر.237
وهكذا نستنتج أن المسؤولية المدنية للهيئة التحكيمية يمكن أن تثار في جميع المراحل التي تمر
منه ا العملي ة التحكيمي ة ،ب ل تس تمر ح تى بع د إص دار الحكم التحكيمي ،وذل ك حماي ة لمص الح األط راف
التي يمكن أن تتضرر من بعض التصرفات غير القانونية الصادرة عن هذه الهيئة.238
إن أداء الهيئة التحكيمية لمهامها يقتضي إخضاع تصرفاتها ألحكام المسؤولية الجنائية ،والدافع
لذلك ضرورة كبح كل محاولة من شأنها المس بحقوق األطراف المحمية جنائيا.239
إلى إمكانية المساءلة الجنائية كلما اقترفت جرما في حق الخصوم أضر بسمعتهم ،ويظهر هذا االهتمام
تتجلى الحماية الجنائية ألسرار األطراف في مقتضيات الفصل 326من قانون 08-05والتي
تنص على م ا يلي" :يل زم المحكم ون بكتم ان الس ر المه ني طبق ا لم ا ه و منص وص علي ه في الق انون
الجنائي".
وهكذا نرى أن الهيئة التحكيمية تخضع هي األخرى إلى ضوابط كتمان السر المهني مثلها في
وبرجوعنا إلى القانون الجنائي المغربي نجد الفصل 446منه ،قد حدد األشخاص األمناء على
وبتحليلن ا للفص ل أعاله نج ده يهم ح تى الهيئ ة التحكيمي ة وذل ك لتض منه لعب ارة عام ة تقض ي
بإخضاع كل شخص بحكم مهنته لضوابط حماية السر المهني"...وكل شخص يعتبر من األمناء على
األسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه وذلك في غير األحوال التي
يس اءل المحكم أيض ا عم ا يرتكب ه من ج رائم الرش وة طبق ا لمقتض يات الفص ل 248من الق انون
الجنائي وال ذي ينص على المقتض يات التالي ة" :يعد مرتكبا لجريم ة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين
إلى خمس وبغرامة من ألفي درهم إلى خمسين ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعد أو تسلم هب ة
.............
إص دار ق رار أو إب داء رأي لمص لحة ش خص أو ض ده و ذل ك بص فته حكم ا أو خب يرا عينت ه
وهكذا نرى أن على المحكمين -وإ ن كانوا غير موظفين بمفهوم القانون اإلداري -فإنه مع ذلك
تطبق عليهم جزاءات جريمة الرشوة التي تطبق على الموظف أو القاضي العمومي ،نظرا للتشابه في
المهمة الملقاة على عاتق كل منهم ،ولما يجب أن يتوفر فيهم من صدق وحرص على األمانة والثقة،241
وه ذا التج ريم يه دف إلى الحف اظ على دع ائم النزاه ة والحي اد ال تي يجب أن تتحلى به ا الهيئ ة التحكيمي ة
هناك عدة آراء فقهية تضاربت حول مدى قابلية إخضاع الهيئة التحكيمية ألحكام المسؤولية من
عدمه ،فمنها من رفضت هذا اإلخضاع ومنها من أيدته ،وذلك حسب التبريرات التالية:
-241البوعناني رحال" ،التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ،فرع القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السنة الجامعية ،1987 – 1986ص .127
- 242ونشير في هذا الصدد إلى إمكانية متابعة المحكمين في حالة ثبوت ارتكابهم لجرائم أخرى ،كجنح االختالس والتزوير والغدر.
-243ناصر بلعيد ،م س ،ص 152و .153
74
أوال :االتجاه الرافض لتقرير مسؤولية هيئة التحكيم:
اعتب ارا للطبيع ة الخاص ة ال تي تتم يز به ا أعم ال التحكيم فق د ظه ر تي ار فقهي داف ع عن حماي ة
المحكمين من أية مساءلة ،سواء الجنائية منها أو المدنية .ويعود ارتكاز موقفهم هذا إلى عدة حجج جاء
على رأس ها ض رورة توف ير المن اخ المالئم للهيئ ة التحكيمي ة لكي تس تطيع أداء مهامه ا في ج و تس وده
الطمأنينة واالستقرار.244
ومن هذه الحجج أيضا تدعيم هيبة نظام التحكيم التي يستمدها من طبيعته القضائية ،245وكذلك
ما ينبغي أن يتوافر لهذه الهيئة من احترام وفاعلية تضمن لها سرعة تسوية المنازعات ،هذا فضال عن
إشكالية صعوبة إثبات األخطاء المهنية التي يرتكبها المحكمون نظرا للطابع السري الذي يطبع أعمالهم
التحكيمية.
وفي هذا اإلطار أكد بعض الفقه أن إخضاع المحكمين للمسؤولية سوف يؤدي إلى إحجامهم عن
قبول مه ام التحكيم ،إض افة إلى ت أثير ذل ك على ج ودة األحك ام الص ادرة عنهم نتيج ة توزي ع مجهوداتهم
بين أدائهم ألعمال التحكيم وبين التصدي لدعاوى المسؤولية المرفوعة ضدهم.246
وفي مقابل هذا االتجاه ظهر تيار آخر يؤيد فرضية إخضاع المحكمين ألحكام المسؤولية ،فما
تع د بمثاب ة تقص ير ب التزام ق انوني وال ذي بوقوع ه يتكب د أط راف ال دعوى 247
أخط اء الهيئ ة التحكيمي ة
التحكيمية أضرارا مادية ومعنوية مختلفة ،الشيء الذي يؤدي حتما إلى قيام المسؤولية في حقها.
ويب ني ه ذا االتج اه موقف ه على مجموع ة من الم بررات ال تي تؤي د حس ب رأي ه مس ألة إق رار
-أن القاع دة العام ة في المس ؤولية المدني ة ت رتب على ك ل خط أ س بب ض ررا للغ ير قي ام
-أن مهام التحكيم تدر على المحكمين أرباحا خيالية لذا يتعين أن يتحملوا غرم ما قد يلحقونه
من ض رر نتيج ة لم ا اق ترفوه من أخط اء ،فكلم ا ك انوا ذوي كف اءة عالي ة وأخالق حمي دة إال وس يبقون
-أن لجوء األطراف إلى التحكيم تحفزه عادة الثقة الزائدة التي يضعونها في الهيئة التحكيمية،
فب دون وج ود قواع د للمس ؤولية فال يمكن ض مان عدال ة ه ذه الهيئ ة ال تي ق د تك ون متح يزة ألح د
المتخاصمين مثال.249
ويعد هذا االتجاه األرجح بحيث نرى أن إخضاع الهيئة التحكيمية ألحكام المسؤولية أمر حتمي
لكي ال يبقى في لوائح مهنة التحكيم سوى أوالئك الذين تجتمع فيهم الشروط النموذجية المتطلبة ،ومنها
-247من أمثلة أخطاء الهيئة التحكيمية التي ترتب مسؤوليتها امتناعها عن إصدار األحكام التحكيمية بدون أي عذر مقبول ،وتجاوزها للميعاد
المقرر لها إلصدار هذه األحكام ،أو تسببها في بطالن أحكامها ألسباب ترجع إلى إهمالها أو خطئها ،ومن األمثلة على ذلك أيضا قيامها بصرف
مبالغ كبيرة عند إجراء التحقيق والتي ال تتناسب مع قيمة النزاع ،كما تدخل فيها إخفاءها لعالقتها السابقة بأحد األطراف.
-248مصطفى محمد الجمال ،عكاشة محمد عبد العال ،م س ،ص .599
-249للمزيد من التوضيحات حول هذه المبررات راجع :هدى محمد حمدي عبد الرحمان ،م س ،ص .385
- 250ومن التشريعات التي استبعدت مبدأ حصانة المحكم ،التشريع اإلسباني للتحكيم الصادر بتاريخ ،1988-12-05في المادة .)1( 16
-عبد الحميد األحدب ،م س ،ص .235
-251ناصر بلعيد ،م س ،ص .144
76
إال أن التس اؤل ال ذي يط رح في ه ذا اإلط ار ه و :م ا هي ن وع المس ؤولية المترتب ة على ع اتق
قب ل اإلجاب ة عن ه ذا التس اؤل يجب علين ا أن ن بين بعض ا من الف روق ال تي تق وم بين كال
المس ؤوليتين ،فالمس ؤولية العقدي ة هي ال تي تق وم نتيج ة اإلخالل ب التزام عق دي ق ائم بين الط رفين ،أم ا
المسؤولية التقصيرية فهي التي تكون جزاء لإلخالل بالتزام قانوني عام.
وعلي ه ف إن المحكم يمكن أن يس أل إذا أخط أ وف ق أحك ام المس ؤولية العقدي ة على اعتب ار أن ه ق د
أخ ل ب التزام عق دي منص وص علي ه في عق د التحكيم ،فمثال إذا انقض ى ميع اد اتف اق التحكيم المح دد من
قبل الط رفين ولم يقض المحكم في النزاع ب دون أي مبرر مشروع جاز مساءلته م دنيا عن هذا الخطأ
الذي ارتكبه وفق أحكام المسؤولية العقدية ،على اعتبار أن المحكم قد أخل بالتزام تعاقدي.
عالوة على ذل ك يمكن مس اءلة المحكم أيض ا وف ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية على أس اس أن
المحكم ق د أخل بالتزام ق انوني عام يفرض ه القانون ،ف المحكم عندما يتم اختياره من قب ل الخصوم فإنه
يجب علي ه أن يل تزم ب التزام ق انوني ،وه و أن يحس م ال نزاع بالع دل وف ق قواع د الق انون أو وف ق مب ادئ
العدالة واإلنصاف.
فإذا صدر من المحكم غشا أو تدليسا مثال كأن يقوم بتغيير أقوال الخصوم أو الشهود أو إخفاء
الس ندات واألوراق الص الحة لالس تناد عليه ا في الحكم ،ففي مث ل ه ذه الح االت يك ون المحكم ق د أخ ل
ب التزام ق انوني ع ام ي وجب مس اءلته علي ه وف ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية ،ومن ثم ف إن الخص م
المتضرر يحق له أن يرفع دعوى ضد هذا المحكم وهي دعوى المسؤولية لتعويضه عن تلك األضرار
إذا كان وجود التحكيم يتحقق بوجود اتفاق تحكيمي أو شرط تحكيمي في العقد فإن نتيجته تظهر
وقبل تعريف الحكم التحكيمي نرى أن ه من المفيد التنبي ه إلى الخالف اللغوي حول تسمية حكم
المحكمين ب القرار التحكيمي أو المق رر التحكيمي أو الحكم التحكيمي ،وه ذه التس ميات هي مج رد
مس ميات لمس مى واح د .إال أن هن اك جانب ا من الفق ه يحب ذ تس ميته ب القرار التحكيمي لتمي يزه فق ط عن
الحكم القضائي.253
وما دام المشرع المغربي قد أطلق عليه لفظ الحكم في قانون ،08-05فإننا ال نرى حرجا في
استعمال لفظ حكم تحكيمي ،ما دام مميزا عن الحكم القضائي بصفة التحكيمي بدال من القضائي.254
-253عبد اهلل درميش " ،التحكيم الدولي في المواد التجارية " ،م س ،ص .262
-254لقد عرف الفقه الحكم القضائي بتعاريف متعددة فهو:
-1الق رار الص ادر عن محكم ة مش كلة تش كيال ص حيحا في خص ومة رفعت إليه ا وف ق قواع د المرافع ات ،س واء ك ان ص ادرا في موض وع
الخصومة أو في شق منه أو مسألة متفرعة عنه.
وهو أيضا القرار الذي يصدره القاضي إعماال لسلطته القضائية في خصومة مرفوعة إليه ،وفقا لقواعد المرافعات سواء صدر هذا القرار في
نهاية الخصومة أو أثناء سيرها وسواء كان صادرا في موضوع الخصومة أو في مسألة إجرائية تتعلق بتنظيم سير الخصومة.
وهكذا فإن للحكم أركانا جوهرية وهي:
* أن يصدر عن محكمة.
* أن يصدر في نزاع.
* أن يكون مكتوبا.
وبالتالي فإذا فقد الحكم أحد هذه األركان أو ناله عيب جوهري أصاب كيانه ،فإنه يفقد صفته كحكم كما لو صدر من شخص أو جهة ال يخولها
القانون والية إصداره أو لم يفرغ في محرر مكتوب أو صدر في نزاع غير واقع طبقا للقانون.
أنظر في هذا الشأن:
-محمـادي لمعكشـاوي "،الوج يز في األحك ام القض ائية وط رق الطعن فيه ا في ض وء ق انون المس طرة المدني ة " ،مطبع ة النج اح الجدي دة ،ال دار
البيضاء ،الطبعة األولى ،سنة .12 ً،2011
78
بأنه ":ذلك القرار الذي يحسم النزاع الذي أحيل على 255
وقد عرف بعض الفقه الحكم التحكيمي
كما عرفه البعض اآلخر بأنه" :كل حكم قطعي في جميع المسائل المعروضة على هيئة التحكيم
بما في ذلك موضوع النزاع ،فيتعين على المحكمين بعد االنتهاء من نظر النزاع وختام أقوال الخصوم
وعلى العموم فكل حكم تصدره هيئة التحكيم وتصفه بأنه حكما تحكيميا فإنه يعد كذلك.258
القانونية في قانون 08 -05ونفرد الثاني لإلشكاليات التي يثيرها هذا القانون بخصوص مسطرة تذييل
ترتبط بحكم التحكيم مجموعة من الشروط التي تعد جوهرية كرسها المشرع المغربي بموجب
قانون 08 -05المتعلق بالتحكيم والوس اطة االتفاقية فما هي إذا هذه الشروط؟ وهل للهيئة التحكيمية
دور في إصالح أخطاء الحكم التحكيمي؟ ثم ما هي آثار هذا األخير ؟ هذا ما سنحاول معالجته وذلك
حتى يكون الحكم التحكيمي صحيحا ونافذا وحائزا لحجية األمر المقضي به بعيدا عن دعوى
أوال :الكتابة:
لقد نص الفصل 327-23على ما يلي ":يصدر الحكم التحكيمي كتابة "...وبقراءة جد متأنية
له ذا الفص ل نج د ب أن المش رع المغ ربي بقي وفي ا للقاع دة ال تي نص عليه ا في الفص ل 318من ق انون
المس طرة المدني ة الملغى .261وهي مس ألة محم ودة ألن من ش أن الكتاب ة أن تض ع حال لمجموع ة من
التساؤالت والصعوبات التي قد يدعيها أو يتخيلها األطراف ،فلو أن الحكم التحكيمي صدر دون مراعاة
ه ذه الش كلية لك ان ذل ك س ببا في تعطي ل ال دور األساس ي ال ذي يمكن أن يلعب ه التحكيم كوس يلة لفض
-261نص الفصل 318من قانون المسطرة المدنية الملغى على ما يلي " :يجب أن يكون حكم المحكمين مكتوبا."...
-262للمزيد من التوسع أنظر:
-عبد اهلل درميش "،التحكيم الدولي في المواد التجارية" ،م س ،ص .298
-عبد الكريم الطالب " ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،مطبوعات المعرفة ،مراكش ،الطبعة الخامسة ،أبريل ،2009ص .361
80
وق د أوردت ه ذا الش رط الم ادة (/41أ) من ق انون التحكيم األردني ال تي نص ت على أن ه "يتم
ت دوين حكم التحكيم كتاب ة ،"...وأوردت ه أيض ا الم ادة ( )43/1من ق انون التحكيم المص ري التي نص ت
على أنه "يصدر حكم التحكيم كتابة "...وكما أوردته المادة ( )212/2من قانون المرافعات اإلماراتي
التي نصت على أنه " يجب أن يكون الحكم التحكيمي مكتوبا.263"...
وتتجلى أهمية كتابة الحكم التحكيمي في تذييله فيما بعد بالصيغة التنفيذية التي يأمر بها رئيس
المحكم ة الص ادر الحكم في دائرته ا أو ال رئيس األول لمحكم ة االس تئناف ،بحس ب األح وال طبق ا
الحكم التحكيمي يجب أن يتض من أس ماء األط راف الشخص ية والعائلي ة وص فتهم أو مهنتهم
فاألطراف هم المخاطبون بالحكم الصادر في النزاع ،265ولذلك يعتبر هذا البيان من البيانات اإللزامية
في الحكم التحكيمي ،ويترتب على إغفاله البطالن ،ألن ه أمر يتعلق بقواعد النظام العام ولذلك استعمل
ومن جه ة أخ رى يعت بر ذك ر عن اوين األط راف في الحكم التحكيمي من البيان ات الض رورية،
-أمينة خبابة "،التحكيم اإللكتروني في التجارة اإللكترونية" ،دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع ،سنة ،2014ص .150
-263محمد داود الزعبي ،م س ،ص .152
-264رضوان الحسوسي "،الحكم التحكيمي مشتمالته وتقنياته" ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117نونبر -دجنبر ،2008ص .111
-265أمينة خبابة ،م س ،ص .152
81
يعتبر هذا البيان من البيانات التي يجب توفرها في الحكم التحكيمي والتي نص عليها الفصل
327-24من القانون ،08-05وهذا األمر منطقي ألنه ال يمكن أن نتصور صدور حكم من مجهول،
بحيث يعت بر ه ذا البي ان دلي ل على ص حة تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة وأن ه ذا التش كيل ال يخ الف الق انون
واتفاق األطراف.266
وتجدر اإلشارة إلى أن الفقرة األخيرة من الفصل 327-24تنص على وجوب تضمين الحكم
التحكيمي أتع اب المحكمين ونفق ات التحكيم وكيفي ة توزيعه ا بين األط راف .267وإ ذا لم يتم االتف اق بين
األطراف والمحكمين على تحديد أتعاب المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقل من هيئة التحكيم ،ويكون
قراره ا به ذا الش أن ق ابال للطعن أم ام رئيس المحكم ة المختص ة ال ذي يك ون ق راره في ه ذا الموض وع
نص المش رع المغ ربي من خالل الفص ل 327-23من ق انون 08-05على م ا يلي" :يص در
والحكم ة من ض رورة اش تمال الحكم على اتف اق التحكيم هي ض مان الرقاب ة على م دى ال تزام
ويقصد بالوقائع السرد التاريخي لوقائع النزاع المعروض على المحكمة بحيث يتم ذكر األدلة
والحجج وأيض ا اإلج راءات المتبع ة في جلس ات المناقش ات والمرافع ات ،والحكم التحكيمي ك الحكم
الفص ل 327-23من الق انون 08-05وال ذي ج اء في ه "يص در الحكم التحكيمي كتاب ة ويجب أن يش ار
فيه إلى اتفاق التحكيم وأن يتضمن عرضا موجزا للوقائع وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على التوالي
وه ذا البي ان يجب أن يت وفر في الحكم التحكيمي وذل ك من أج ل مراقب ة عم ل المحكم للتأك د من
نص المش رع المغ ربي في الفص ل 327-23من ق انون 08-05في فقرت ه الثاني ة" :يجب أن
يك ون الحكم التحكيمي معلال م ا لم يتم اتف اق األط راف على خالف ذل ك في اتف اق التحكيم ،أو ك ان
القانون الواجب التطبيق على مسطرة التحكيم ال يشترط تعليل الحكم." ...
وق د أك د المش رع المغ ربي في ق انون 08 -05على أن تعلي ل الحكم يبقى مس ألة ض رورية
وبيانا إلزاميا متى تعلق األمر بنزاع يكون أحد أطرافه شخصا يخضع للقانون العام (الفصل )327-23
القانون 08-05على هذا البيان من خالل الفصل " 327-24يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي بيان ما
يلي:
-2تاريخ صدوره.
وأهمية ذكر تاريخ صدور الحكم التحكيمي تتمثل في التأكد من صدور الحكم خالل مدة سريان
اتفاق التحكيم والتحقق كذلك من صدوره خالل المهلة المحددة له قانونا أو اتفاقا.
وبخصوص مكان إصدار الحكم التحكيمي تظهر أيضا أهميته من نواح كثيرة فهو الذي يحدد
ويقص د ب ذلك النتيج ة النهائي ة ال تي انتهت إليه ا هيئ ة التحكيم وال تي تمث ل رأيه ا النه ائي ال ذي
توصلت إليه لحسم النزاع بالفصل في طلبات الخصوم ،وقد نصت على ذلك المادة (/41ج) من قانون
التحكيم األردني كم ا نص ت على ذل ك الم ادة ( )43/3من ق انون التحكيم المص ري وه و م ا نص علي ه
وقد نص القانون 08-05على هذا البيان في الفصل 327-23والذي جاء فيه "يصدر الحكم
التحكيمي كتاب ة ويجب أن يش ار في ه إلى اتف اق التحكيم وأن يتض من عرض ا م وجزا للوق ائع وادع اءات
األطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي
محكما أو قاضيا وبغير هذا التوقيع يعتبر الحكم معدوما فال يترتب عليه أثر قانوني.272
التحكيمي ك ل محكم من المحكمين .وفي حال ة تع دد المحكمين وإ ذا رفض ت األقلي ة التوقي ع ،يش ير
المحكمون اآلخرون إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويكون للحكم نفس األث ر
الهيئ ة التحكيمي ة وهي تص در أحكامه ا فإم ا أن تك ون ه ذه األخ يرة س ليمة خالي ة من أي عيب
يمكن أن يطالها ،وإ ما أن تشوبها بعض العيوب التي تحتاج إلى تدخل الهيئة التحكيمية من جديد لتقويم
اعوجاجها.
ويكون ذلك كلما تعلق األمر بإصالح خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو الكتابة وهذا الخطأ قد
ويقص د 273
يس بب مش اكل في تنفي ذ الحكم التحكيمي ،فيمكن الرج وع إلى هيئ ة التحكيم لتص حيحه
باألخطاء المادية التي قد ترد في الحكم األخطاء الكتابية الشكلية المتعلقة بتحريره.274
والتص حيح ي رد على األخط اء المادي ة كتابي ة ك انت أو حس ابية أو مطبعي ة س واء في وص ف
ش خص أو شيء أو مال أو غلط م ادي ورد في الحكم التحكيمي أو تسرب إليه بس بب عدم انتباه هيئ ة
التحكيم ،أو ما يطلق عليه خطأ القلم ،و ليس خطأ الفكر فهو خطأ في التعبير وليس خطأ في التفكير.
فتقوم هيئة التحكيم ولو من تلقاء نفسها بتصحيح هذا الخطأ .275وبمقتضى الفصل 327-28من قانون
ب ل وأهم من ذل ك فإنه ا تس تطيع مباش رة ه ذه المس طرة من تلق اء نفس ها دون التوق ف على طلب
يقدمه أحد األطراف .إال أن هذه الصالحية تبقى مع ذلك مقيدة في الزمان إذ يجب مباشرتها داخل أجل
وإ ذا كان الفصل 327 -28ال يلزم بتحديد جلسة يحضرها أطراف النزاع عند تصحيح الهيئة
له ذه األخط اء ،ف إن تبلي غ الحكم المص حح لألط راف يك ون مفترض ا لكي يتمكن وا من االس تفادة من ه في
وقت س ريع وقب ل أن يلج أوا هم لطلب ه ،إذ كي ف يعق ل أن تق وم ه ذه الهيئ ة بتص حيح الحكم دون تبليغ ه
لألطراف؟
لذا فحتى يتم تفعيل هذا التصحيح التلقائي للهيئة التحكيمية يجب على المشرع أن يعيد صياغة
الفق رة الثاني ة من الفص ل 327-28ض مانا إلنج اح تس وية الخالف في وقت قص ير وذل ك على الش كل
" - 276إذا رأت محكمة التحكيم بعد دراسة حجج األطراف أن الطلب له ما يبرره تستجيب لهذا الطلب خالل مهلة ثالثين يوما".
-277وتنص الفقرة الثانية من الفصل 327 -28على ما يلي... " :غير أن للهيئة التحكيمية:
- 1أن تقوم تلقائيا داخل أجل ثالثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي بإصالح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو الكتابة ،أو أي خطأ من
نفس القبيل وارد في الحكم."...
ولق د اس تقرت س لطة هيئ ة التحكيم في تص حيح حكمه ا في مختل ف ق وانين التحكيم الحديث ة ،من بينه ا ق انون التحكيم القض ائي الكوي تي (الم ادة )8
والق انون العم اني ( الم ادة )50وق انون التحكيم اليم ني لس نة ( 1992الم ادة )52وق انون التحكيم األردني لس نة ( 1993الم ادة )25وق انون
أصول المحاكمات المدنية اللبناني (المادة .)792
وهذا االتجاه والتنظيم هو ما تبنته قواعد األونسترال لسنة 1976في المادة ،35وهو نفس ما قررته المادة 36من قواعد مركز الق اهرة للتحكيم
التج اري ال دولي ،وك ذلك الم ادة 31من قواع د الهيئ ة األمريكي ة للتحكيم A.A.Aوالم ادة 27من نظ ام تحكيم محكم ة تحكيم لن دن . L.C.I.A
والمادة 66من قواعد نظام تحكيم الويبو ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية).
أنظر في هذا الشأن :
-أحمد هندي ،م س ،ص 128وما يليها.
86
أ – أن تق وم تلقائي ا داخ ل أج ل ثالثين يوم ا التالي ة للنط ق ب الحكم التحكيمي بإص الح ك ل خط أ
م ادي أو خط أ في الحس اب أو الكتاب ة أو أي خط أ من نفس القبي ل ،وارد في الحكم ويتعين عليه ا تبلي غ
الحكم المصحح لألطراف داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ التصحيح .278"...
ومن بين العيوب التي يعاني منها الفصل 327 -28عدم وضعه لحل قانوني في حالة تجاوز
أم 280
هيئة التحكيم لسلطاتها في هذا التصحيح فهل سيتم الطعن في الحكم التحكيمي المصحح بالبطالن
أن األمر يبقى على حاله الشيء الذي قد تتضرر معه مصالح أحد األطراف أو هما معا؟
المطروح لعدم إدراج المشرع لحالة تجاوز الهيئة التحكيمية لسلطتها ،لتصحيح أحكامها ضمن الحاالت
التي يجوز فيها الطعن بالبطالن والتي جاءت على سبيل الحصر في الفصل .282327-26
ثانيا :إصالح أخطاء األحكام التحكيمية بناء على طلب أحد األطراف
يكون إصالح أخطاء األحكام التحكيمية بناء على طلب أحد األطراف كلما تعلق األمر:
ينص الفص ل 327 -28على أن ه ":ينهي الحكم مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة بش أن ال نزاع ال ذي تم
الفصل فيه غير أن للهيئة التحكيمية أن تقوم داخل أجل الثالثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي بناء
على طلب أحد األطراف ودون فتح أي نقاش جديد بما يلي:
-278وللعلم فإن الهيئة التحكيمية تقوم به ذا التصحيح تلقائيا في األخطاء المادي ة فقط ،دون أن تنصرف هذه التلقائي ة إلى تأويل جزء معين من
الحكم أو إصدار حكم تكميلي ،إذ أن هذه الحاالت تبقى متوقفة على طلب من أحد األطراف.
-279ناصر بلعيد ،م س ،ص .95
- 280كما نص على ذلك المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة 50من قانون التحكيم المصري.
-281عبد اهلل درميش " ،التحكيم التجاري الدولي في المواد التجارية" ،م س ،ص .273
-282ناصر بلعيد ،م س ،ص .96
87
ال يعني أنها ستفصل في النزاع من جديد بل كل 283
إن تفسير هيئة التحكيم للحكم الذي أصدرته
ما في األمر أنها ستقوم بإزالة اللبس وعدم الفهم الذي يحيط به .284فالتفسير ال يجوز أن يتضمن تعديال
إذن مسألة تأويل الحكم التحكيمي ال تثور إال إذا كان الحكم غامضا في معناه ،286وعليه فطلب
تفس ير الحكم التحكيمي يك ون غ ير مقب ول إذا ك ان الحكم واض حا ،وذل ك ح تى ال يك ون طلب التفس ير
من قسم أسباب التأويل إلى سببين :سبب رئيسي يتمثل 288
وتجدر اإلشارة إلى أن هناك من الفقه
في غموض الحكم وتناقض معناه ،حيث إنه إذا كان الحكم مبهما يجعل األطراف تلتبس فيه ،وبالتالي
عدم فهم حقيقة المعنى المراد منه ،أما السبب الثاني لطلب التأويل فهو وجود نزاع بين الطرفين حول
تأويل الحكم.
بإصدار حكم تكميلي بشأن طلب تم إغفال البت فيه ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك -
-283يتف ق المش رع المغ ربي في ذل ك م ع الق وانين الحديث ة في التحكيم ،فالم ادة 22من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي لس نة 1985
تقرر "يجوز ألحد الطرفين بشرط إخطار الطرف اآلخر أن يطلب من هيئة التحكيم تفسير نقطة معينة في قرار التحكيم أو جزء معين منه إن
ك ان الطرف ان ق د اتفق ا على ذل ك .وإ ذا رأت هيئ ة التحكيم أن للطلب م ا م ا ي برره فإنه ا تص در التفس ير خالل ثالثين يوم ا من ت اريخ تس لم الطلب
ويكون التفسير جزءا من قرار التحكيم " أما القانون الفرنسي فقد أقر في المادة 1457من قانون المرافعات على أن " صدور الحكم التحكيمي
من ش أنه رفع ي د المحكمين عن النزاع ال ذي فصلوا في ه ولكن للمحكم ص الحية تفس يره ...وتطبيق أحك ام ق انون المرافع ات بص دد تفسير الحكم
القض ائي على ذل ك .ويق ترب من ذل ك نص الم ادة 33من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي ب البحرين ،والم ادة 49من ق انون التحكيم
العماني لسنة 1997والمادة 52من قانون التحكيم اليمني لسنة 1992والمادة 42من الالئحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي.
-أحمد هندي ،م س ،ص .123
-284عبد الرحيم الزضاكي "،الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي" ،م س ،ص .71
-285منير عبد المجيد " ،قضاء التحكيم في منازعات التجارة الدولية " ،دار المطبوعات الجامعية ،سنة ،1995ص .263
-أحمد هندي ،م س ،ص .125 286
-287فتحي والي "،الوسيط في قانون القضاء المدني" ،مطبعة جامعة القاهرة ،سنة ،2001ص .1012
-288حسين حنفي عمر "،دور محكمة العدل الدولية كمحكمة " ،مطبعة دار النهضة العربية ،سنة ،2003ص .224
88
ينص الفص ل 327 -28من ق انون 08 -05في فقرت ه الثاني ة ،على م ا يلي ... " :غ ير أن
للهيئ ة التحكيمي ة أن تق وم داخ ل أج ل الثالثين يوم ا التالي ة لتبلي غ الحكم التحكيمي بن اء على طلب أح د
ج -إص دار حكم تحكيمي بش أن طلب وق ع إغف ال البت في ه م ا لم يتف ق األط راف على خالف
ذلك".
وم ا يمكن مالحظت ه على ه ذه الفق رة أنه ا جعلت ص الحية هيئ ة التحكيم متوقف ة على إرادة
األطراف فإذا لم يوافقوا عليها امتنع عليها النظر في الطلب .وما يجب االنتباه إليه أن هذه الهيئة يتعين
عليها إصدار الحكم التحكيمي خالل أجل ستين يوما تبتدئ من تاريخ تقديم الطلب إليها ،وبذلك نالحظ
أن المشرع قد ضاعف هذا األجل مقارنة مع صالحية نفس الهيئة وهي تبت في تصحيح األخطاء أو
وإ ذا ك ان رئيس المحكم ة الص ادر ب دائرتها الحكم التحكيمي ه و المختص ب البت في طلب
التصحيح أو التفسير في تلك الحالة التي يتعذر فيها اجتماع الهيئة التحكيمية من أجل ذلك ،فإنه بالمقابل
ال يسوغ له البت في الطلبات المغفلة من قبلها على أساس أن هذه اإلمكانية لم يتطرق إليها المشرع في
الفصل 327-29الذي أشار للصالحيات التي يقوم بها هذا الرئيس في حالة غياب هيئة التحكيم.290
اتفاق التحكيم الذي يحجب عليه هذا االختصاص .ومع ذلك فإن التساؤل حول الجهة المختصة بالبت
-289ينص الفصل 327 -28من قانون ..." 08 -05تصدر الهيئة التحكيمية حكمها خالل الثالثين يوما التالية لتقديم المقال إليها إذا تعلق
األمر بتصحيح أو تأويل حكم وخالل أجل ستين يوما إذا تعلق األمر بحكم تكميلي".
- 290وللعلم فإن رئيس المحكمة يلتزم هو اآلخر بالبت في طلبات التفسير والتصحيح داخل أجل ثالثين يوما بأمر ال يقبل الطعن.
89
أم أن األطراف سوف يقومون 291
فيها يبقى مطروحا فهل تتم العودة إلى الجهة القض ائية أي المحكمة
باالس تمرارية وال دوام والعتب ار الطلب المغف ل يك ون في غ الب األح وال ذا قيم ة ثانوي ة بالنس بة للطلب
يترتب على صدور الحكم التحكيمي عدة آثار وهي انتهاء مهمة هيئة التحكيم ( أوال) واكتساب
الحكم التحكيمي حجية الشيء المقضي به ( ثانيا) ومنح هذا األخير الصيغة التنفيذية ( ثالثا).
إن حكم التحكيم ينهي عم ل هيئ ة التحكيـ ـ ـ ـ ـــم باستثنـ ـ ـــاء الح االت المشـ ـ ـــار إليهـ ـ ـــا في الفص ـ ـــل
،293327-28وألطراف التحكيم دور أساسي في تنفيذ حكم التحكيم بحيث قد يرى الطرف الذي خسر
القض ية أن ه ذا الحكم ص ائب ،وأن الطعن ببطالن ه ه و فق ط مض يعة لل وقت ،كم ا أن ه ق د ي رى ب أن ه ذا
الحكم ج ائر ،وال يمكن اعتب اره عنوان ا للحقيق ة وأن الطعن ببطالن ه أم ر أساس ي إلع ادة األم ور إلى
نصابها.294
-291ه ذا علم ا أن المحكم ة تبقى مختص ة في ه ذا البت إلى حين تمس ك أح د األط راف بوج ود اتف اق التحكيم ،الش يء ال ذي يجعله ا تص در حكم ا
يقضي بعدم قبول الدعوى.
-292ناصر بلعيد ،م س ،ص .99
-293ينص الفصل 327-28على ما يلي" :ينهي الحكم مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه
غير أن للهيئة التحكيمية.......:
- 2أن تقوم داخل أجل الثالثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي بناء على طلب أحد األطراف ودون فتح أي نقاش جديد بما يلي:
أ -تصحيح كل خطأ مادي في الحساب أو الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد على الحكم
ب -تأويل جزء معين من الحكم
ج -إصدار حكم تحكيمي بشأن طلب وقع إغفال البت فيه ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك"...
-294عبد الرحيم الزضاكي "،الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي" ،م س ،ص .76
90
لما كان المحكم يقوم بعمل قضائي إذ أنه يحسم نزاعا بين األطراف بقرار ملزم لهم فإن حكمه
يتمتع بحجية األمر المقضي ،وهو ما صرح به المشرع المغربي في الفصل " 327-26يكتسب الحكم
التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه ."...وهذا ما
أكدت ه ك ذلك اتفاقي ة نيوي ورك لتنفي ذ أحك ام المحكمين األجنبي ة لس نة " 1958تع ترف ك ل من ال دول
وقد عرف بعض الفقه اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشيء المقضي به بأنه ":ال يجوز إعادة
طرحه على القضاء أو حتى على التحكيم مرة أخرى فالنزاع ال يفصل فيه إال مرة واحدة.295
وهناك من عرف اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشيء المقضي به بأنها تعني ثبوت الحجية
للحكم فيم ا فص ل في ه من حق وق وتعت بر قرين ة قاطع ة ال يمكن نقض ها ،296ومؤداه ا أن ه ذا الحكم ق د
صدر صحيحا فهو حجة على ما قضى به وال يمكن ألحد الخصوم اللجوء إلى القضاء في نزاع سبق
الفصل فيه حيث يجوز للطرف اآلخر الدفع بحجية األمر المقضي به.297
والقاض ي عن دما يبت في األم ر بالتنفي ذ فإن ه يم ارس رقاب ة على الحكم التحكيمي من خالل
التدقيق في مدى توفره على الشروط الواجب توفرها فيه وكذلك عدم مخالفته للنظام العام ،هذا من جه ة
ومن جه ة أخ رى الرقاب ة على مدى وج ود اتف اق التحكيم وخلوه من أس باب البطالن ،ومن ثم يقرر إم ا
إصدار أمر بتخويل الصيغة التنفيذية وإ ما إصدار أمر برفض تخويل الصيغة التنفيذية وفي هذه الحالة
والرقاب ة ال تي تراقبه ا المحكم ة على الحكم التحكيمي هي رقاب ة خارجي ة وش كلية وال تمت د إلى
وفي هذا اإلطار صدر عن القضاء الفرنسي قرار يؤكد على مبدأ الرقابة الشكلية لقاضي التنفيذ
على الحكم التحكيمي حيث جاء فيه" :إن دور القاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي
مح دد ال يمكن ه أن ي رفض طلب إعط اء ه ذه الص يغة التنفيذي ة ،إال إذا ك ان بطالن ه ظ اهرا أو إذا ك ان
إلى س ببين :يتجلى األول في إمكاني ة إثارت ه من قب ل األط راف وأب رز أمثلت ه تتمث ل في نقص أهلي ة أح د
أط راف اتف اق التحكيم عن د إبرام ه وبمع نى أوس ع بس بب بطالن اتف اق التحكيم ،أو بس بب خ روج الهيئ ة
التحكيمية عن حدود اختصاصاتها المسندة لها في اتفاق التحكيم ،أو أن يكون صادرا عن هيئة مشكلة
أم ا الس بب الث اني فيتجلى في إمكاني ة إثارت ه من القاض ي بص فة تلقائي ة ويتمث ل في الحال ة ال تي
إن عملية تذييل الحكم التحكيمي بالص يغة التنفيذية من طرف القض اء تعتبر بمثاب ة الممر الذي
بدون ه ال يمكن للحكم التحكيمي أن يص بح ق ابال للتنفي ذ في ت راب الدول ة المعني ة بالتنفي ذ ،بحيث تعت بر
الوس يلة الفعال ة لمن ع تس لل الق رارات التحكيمي ة المخالف ة للنظ ام الع ام ،وإ ن ك ان ه ذا اإلج راء يب دو أن ه
ش كلي ،إال أن أغلب الق وانين – على ح د م ا وص لني -تنص علي ه وتعت بره أساس ا ليص بح الحكم
-303ينص الفصل 327 -24على ما يلي " :يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي بيان ما يلي:
-1أسماء المحكمين الذين أصدروه وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم.
-2تاريخ صدوره.
-3مكان إصداره.
-4األسماء العائلية والشخصية لألطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو مقرهم االجتماعي ،وإ ن اقتضى الحال ،أسماء المحامين أو أي
شخص ممثل األطراف أو آزرهم .يتعين أن يتضمن حكم التحكيم تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم وكيفية توزيعها بين األطراف."...
-304نظم المشرع هذه الشروط في الفصلين 327 -23و :327 -25
حيث نص الفص ل " 327 -23يص در الحكم التحكيمي كتاب ة ،ويجب أن يش ار في ه إلى اتف اق التحكيم وأن يتض من عرض ا م وجزا للوق ائع
وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي وكذا منطوقا لما قضى به ".
كما نص الفصل " 327 -25يوقع الحكم التحكيمي كل محكم من المحكمين.
وفي حالة تعدد المحكمين وإ ذا رفضت األقلية التوقيع يشير المحكمون اآلخرين إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويك ون
للحكم نفس األثر كما لو كان من لدن كل محكم من المحكمين ".
93
لكن ما هي اإلشكاليات التي يثيرها قانون 08 -05بخصوص مسطرة تذييل األحكام التحكيمية
المطلب الثاني :اإلشكاليات التي يثيرها قانون 08 -05بخصوص مسطرة التذييل بالصيغة
التنفيذية
يعت بر ص دور الحكم التحكيمي مرحل ة فاص لة في ح ل ال نزاع الناش ئ بين األط راف المتنازع ة
تمل ك ح ق مراجع ة الحكم التحكيمي وال تعديل ه ،305لينتق ل ب ذلك الحكم التحكيمي لمرحل ة التنفي ذ ،ألن
الحكم التحكيمي حائز لقوة الشيء المقضي به ،ويصبح بذلك مثل األحكام القضائية .وهذا ما عملت به
مختلف التشريعات الحديثة ،ومن بينها المشرع المغربي في قانون 08-05الذي نص في الفص ل -26
327بأن الحكم التحكيمي يكتسب بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم
الفصل فيه.
ويكون من المفترض قبول الخصم المحكوم ضده لحكم المحكمين ،ومن ثم تنفيذه اختياريا ،وم ع
ذل ك ق د يتع ذر التنفي ذ االختي اري نتيج ة ع دم قب ول الحكم أو تم التعنت من قب ل الخص م المحك وم ض ده،
-305غالب غانم " ،دور القضاء اللبناني في الرقابة على التحكيم" ،مجلة التحكيم العربي ،العدد ،7غشت ،2006ص .283
94
لحكم المحكمين .وال ينف ذ الحكم 306
وفي ه ذه الحال ة يك ون من المحتم االلتج اء إلى التنفي ذ الج بري
التحكيمي جبريا ضد المحكوم عليه إال بمقتضى أمر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية.
ويتطلب تذييل وتنفيذ األحكام التحكيمية الداخلي ة سلوك مسطرة قضائية خاص ة يتم من خاللها
المرور بعدة مراحل تهدف أساسا إلى التحقق من احترام هذه األحكام للمقتضيات المتعلقة بالنظام العام
-306بالرجوع إلى القانون المغربي رقم 08 -05المتعلق بالتحكيم ال توجد فيه مسطرة خاصة بالتنفيذ الجبري لحكم التحكيم؛ ويرى بعض الفقه
أن عدم تنظيم هذه المسألة في قانون خاص للتحكيم له داللة واحدة وهي أن المشرع المغربي أراد تفادي االزدواجية في معالجة قضايا التنفيذ
الجبري ،ألن حكم التحكيم ليس في نهاية المطاف سوى حكم يخضع لنفس اإلجراءات التي يخضع لها الحكم القضائي.
وبمجرد منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي ،فإنه يصبح قابال للتنفيذ ،ومكتسبا للقوة التنفيذية ،وخاضعا للعديد من القواعد المنصوص عليها
في ق .م.م ،كالتنفيذ المعجل الذي يكون إما بقوة القانون -في قضايا حوادث الشغل ،واألمراض المهنية ،وقضايا الضمان االجتماعي ،وقضايا
عقود الشغل ، -...وإ ما أن تكون نافذة معجال استنادا إلى حكم القضاء ،سواء على وجه الوجوب ،كما لو يتعلق األمر بنزاع مبني على سند
رسمي ،أو تعهد معترف به ،أو حكم سابق غير مستأنف ،أو على وجه الجواز الذي يمنح بحسب ظروف كل قضية ومالبساتها.
وقواعد التنفيذ ،قد تكون اختيارية أو إجبارية ،ففي الحالة التي يكون فيها التنفيذ اختياريا ،فإنه يؤدي إلى حل النزاع ،ومنح الحق لصاحبه بدون
ص عوبات ،بخالف التنفي ذ الج بري ،ال ذي يخل ق ص عوبات في التنفي ذ ،وه و على ن وعين :إم ا مباش ر -يق ع على الش خص المع ني ، -وإ م ا غ ير
مباشر -ويقع على أمواله المنقولة والعقارية . -والتنفيذ غير المباشر هو األكثر شيوعا في الحياة العملية ،إذ غالبا ما يسلك المحكوم لهم الحجز
إلجبار المحكوم عليهم بتنفيذ األحكام ،والحجز إما تحفظي ،أو تنفيذي ،أو حجز لدى الغير ،أو ارتهاني ،أو استحقاقي.
للمزيد من التوسع أنظر كال من:
-عبد الكريم الطالب " ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،م س.
-الطيب برادة " ،التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق" ،شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،السنة .1988
-عبـد اإللـه العسـري " ،مقتطف ات من مس طرة الحج ز في التش ريع المغ ربي" ،مق ال منش ور بمجل ة الملح ق القض ائي ،يص درها المعه د الوط ني
للدراسات القضائية ،الرباط ،العدد ،25أكتوبر ،1992ص 154وما يليها.
-عبد اللطيف الحاتمي " ،تنفيذ األحكام واقع ومعالجة" ،مقال منشور بمجلة المحاماة ،تصدرها جمعيات هيئة المحامين بالمغرب ،سنة ،1994
ص 183وما يليها.
95
ينص الفص ل 327-31من ق انون 08-05على أن ه" :ال ينف ذ الحكم التحكيمي ج برا إال
بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها."... 307
ويالحظ من خالل هذا الفصل أن المشرع المغربي لم يمنح الحكم التحكيمي القوة التنفيذية لذاته
وإ نما نص على ضرورة تذييله بالصيغة التنفيذية من قبل السلطات القضائية المختصة.
وتنص الفقرة الثانية من الفصل أعاله على أنه " يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة
من اتف اق التحكيم م ع ترجمته ا إلى اللغ ة العربي ة ل دى كتاب ة ض بط المحكم ة من ل دن أح د المحكمين أو
الطرف األكثر استعجاال داخل أجل سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره ."...
وما يسجل على هذا الفصل هو أنه لم يعد يلزم فقط أحد المحكمين بوضع الحكم التحكيمي لدى
كتابة ضبط المحكمة بصفته محكما في النزاع كما كان ينص عليه الفصل 320من ق.م.م القديم،308
وإ نما أصبح بإمكان أحد األطراف القيام بإيداع أصل الحكم التحكيمي كذلك ،309لذا فإن كاتب الضبط
المختص يتعين عليه أن يتأكد من كون مقدم الحكم المذكور إما أحد المحكمين الذين شاركوا في الهيئة
التحكيمية التي أصدرته أو أحد أطراف اتفاق التحكيم ،وبذلك فكل شخص تقدم بإيداع أصل الحكم فال
يتم قبوله إذا كان من غير األشخاص الذين تم ذكرهم وذلك النتفاء صفته في ذلك.
-307أما في مرحلة ما قبل هذا التع ديل فقد كان الفصل 320من قانون المسطرة المدني ة ينص على أن ه " :يصير حكم المحكمين قابال للتنفيذ
بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية التي صدر في دائرة نفوذها ".
-308لق د ك ان الفص ل 320من ق انون المس طرة المدني ة ينص على م ا يلي " :ي ودع أح د المحكمين له ذا الغ رض أص ل الحكم بكتاب ة ض بط ه ذه
المحكمة خالل ثالثة أيام من صدوره ".
-309يقول ذ .عبد اهلل درميش في مسألة اإليداع "أن الحكم التحكيمي يتم إيداعه:
-ليكتسب التاريخ تاريخا رسميا ،وينتقل من الوثيقة العرفية إلى الوثيقة الرسمية
-هيئة التحكيم تندثر لسبب من األسباب كموت المحكمون أو أحدهم ،فتتفرق هيئة التحكيم ويستحيل علين ا أن نع رف أعضائها والتحكيم هو ليس
مؤسساتيا وإ نما هو تحكيم خاص ،كما أن مقر التحكيم قد يتغير بينما مقر المحكمة ال يتغير فهو تابت ومستقر
-حتى ال يقع االحتيال على األجل
اإليداع ليس شرطا ولكن من الناحية العملية يجب أن يتم
وقاضي الصيغة التنفيذية ال يطلع على اإليداع ،وال تدلي الهيئة التحكيمية بما يفيد ذلك ويعطي القاضي الصيغة التنفيذية"
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
96
أن المشرع المغربي قد جعل اإليداع ممكنا من قب ل المحكم 310
ونتيجة لما سبق يرى بعض الفقه
أو من ط رف أح د األط راف ،وم ع ذل ك ك ان علي ه أن يحص ر األش خاص ال ذين يمكنهم إي داع أص ل
األحك ام التحكيمي ة ل دى كتاب ة الض بط المختص ة في أط راف التحكيم أو وكالئهم في حال ة ح دوث ع ائق
ومن بين المستجدات التي جاء بها المشرع في قانون 08-05تمديده للمدة الزمنية التي يتعين
خاللها على المحكم أو أحد األطراف القيام بوضع الحكم التحكيمي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة،
فبعدما كانت هذه المدة بمقتضى القانون القديم محددة في ثالثة أيام دون تحديد تاريخ احتسابها أصبحت
اآلن محددة في سبعة أيام يتم احتسابها من يوم صدور الحكم ،فهذا األجل أصبح إلى حد ما كافيا من
الناحية العملية مقارنة باألجل القديم ،وأكثر انسجاما مع طبيعة القضايا المعروضة على هيئات التحكيم.
بحيث تتطلب نوع ا خاص ا من الدق ة والتح ري وإ ع ادة ق راءة الحكم التحكيمي الص ادر بص ددها ق راءة
متأنية حتى ال يكون موضوع طعن مستقبلي ،وبالتالي إفراغه من مميزاته المتعارف عليها عالميا.
وإ ذا ك ان المش رع المغ ربي ق د أوجب أن يتم اإلي داع داخ ل أج ل س بعة أي ام من ت اريخ ص دور
الحكم التحكيمي ،فإنه لم يرتب أي جزاء ال على عدم احترام هذا األجل وال على عدم اإليداع أصال.
ومع ذلك يمكن القول بأن أهمية تحديد هذا األجل تتمثل في أنه بمروره يحق ألي واحد من المحتكمين
مطالب ة المحكمين بإي داع الوث ائق المنص وص عليه ا في الفص ل 327-31من ق ،08-05ب ل ورف ع
دعوى ضدهم إذا كان قد لحقه ضرر من جراء التلكؤ في هذا اإليداع ألن األجل المذكور قرر لمصلحة
المحتكمين.311
-310مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى "،دور القضاء في مسطرة التحكيم" ،سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين ،العدد ،3
مارس ،2011ص .60
-311محمد أمعنان عيساوي "،تنفيذ األحكام التحكيمية بالمغرب" ،بحث نهاية التخرج بالمعهد العالي للقضاء ،فترة التدريب ،2009 -2007
ص 42و .43
97
على مس توى آخ ر هن اك إش كال يط رح يتعل ق بالحال ة ال تي يض يع فيه ا أص ل الحكم التحكيمي
ال داخلي الم ذيل بالص يغة التنفيذي ة ،فه ل تس تطيع الهيئ ة التحكيمي ة في ه ذه الحال ة إص دار أص ل حكم
تحكيمي جديد؟ أم أن الطرف ذي المصلحة يمكنه اللجوء إلى المحكمة من أجل استصدار حكم يقضي
في حال ة ك ون ه ذا الخي ار األخ ير ه و الص ائب فم ا هي الجه ة القض ائية المختص ة داخ ل نفس
لقد أجاب قض اء المجلس األعلى عن هذا اإلشكال القانوني وذلك من خالل قراره الصادر في
" ...ومن جهة ثانية فإنه طبقا لمقتضيات الفصل 320من ق.م.م فحكم المحكمين يودع أصله
بكتابة الضبط خالل ثالثة أيام من صدوره ،ويقوم كاتب الضبط بإعطاء نسخة تنفيذية منه بعد تذييلها
بالص يغة التنفيذي ة ،ويج وز لمن فق دها الحص ول على نس خة تنفيذي ة ثاني ة بمقتض ى أم ر يص دره قاض ي
وما يستنتج من هذا القرار هو أن الجهة القضائية المختصة في منح الصيغة التنفيذية الثانية هي
مؤسس ة رئيس المحكم ة وذل ك في إط ار ال دعاوى االس تعجالية ،وليس تل ك المبني ة على طلب .إال أن
المالحظ على هذا القرار القضائي هو استناده في تعليالته المذكورة على مقتضيات قانونية تقتص ر على
المس طرة المدني ة المتعل ق بالقواع د العام ة بش أن التنفي ذ الج بري لألحك ام دون أن تمت د لتش مل األحك ام
-312قرار صادر بغرفتين عن المجلس األعلى بتاريخ ،2006 /4 /26الملف المدني عدد 04 /3 /1 /4165قرار عدد .1363
-مصــطفى بونجــة ،نهــال اللــواح "،التحكيم التج اري من خالل العم ل القض ائي المغ ربي ،رص د لق رارات محكم ة النقض ومح اكم الموض وع"،
مطبعة اسبارطيل ،طنجة ،الطبعة األولى ،سنة ،2014ص .98
-313وينص الفصل 435من قانون المسطرة المدنية على ما يلي " :تسلم نسخة تنفيذية واحدة ويجوز لمن فقدها أن يحصل على نسخة تنفيذية
ثانية بمقتضى قرار يصدره قاضي المستعجالت بعد استدعاء جميع ذوي المصلحة ".
98
التحكيمية ،هذه األخيرة التي تم التنصيص على المقتضيات القانونية المنظمة لها ضمن القسم الخامس
كما أن اللجوء إلى هذه المسطرة القضائية ال يخدم ميزة السرعة التي تتضمنها مؤسسة التحكيم
بحيث إن ص ريح الفص ل 435من ق.م.م .يتطلب اس تدعاء جمي ع األط راف (ذوي المص لحة) لكي
يتسنى لقاضي المستعجالت تسليم النسخة التنفيذية لطالبها ،مما سيستغرق معه هذا اإلجراء وقتا كبيرا
يكتسي تحديد الجهة المختصة بالنظر في طلب تذييل األحكام التحكيمية بالصيغة التنفيذية أهمية
قص وى ،إذ من خالل ه ذا التحدي د يمكنهم اس تجالء م دى مرون ة أي نظ ام ق انوني في التعام ل م ع ه ذه
األحكام ما دام أن إجراءات البت في هذا الطلب تختلف بحسب ما إذا كانت الجهة المختصة إدارية أو
قضائية.
تختلف الجهة المختصة في البت في طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية في المغرب
بحسب ما إذا كان موضوع النزاع الذي يبت فيه الحكم التحكيمي مدنيا أو تجاريا ،فإن كان مدنيا فإن
أما إذا كان موضوع النزاع تجاريا فيقدم الطلب إلى رئيس المحكمة التجارية أو الرئيس األول
أما إذا كان موضوع التحكيم الداخلي يخص نزاعا ذا طبيعة إدارية فإن الجهة القضائية المخولة
قانون ا للنظ ر في ه هي المحكم ة اإلداري ة ،فه ذه األخ يرة يختل ف اختصاص ها المحلي بحس ب نط اق تنفي ذ
-314مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى ،م س ،ص 63و .64
-315لمياء أزطوط ،م س ،ص .89
99
الحكم التحكيمي فإذا ما كان يتعلق بمنطقة محدودة ومعينة فإن االختصاص المحلي يرجع إلى الدائرة
القض ائية للمحكم ة اإلداري ة ،ال تي ت دخل في نفوذه ا ه ذه المنطق ة .أم ا إذا ك ان يش مل مجم وع ال تراب
الوط ني ف إن االختص اص هن ا يع ود إلى المحكم ة اإلداري ة بالرب اط .وخالف ا لم ا ذهب إلي ه المش رع في
فإن االختصاص القضائي في تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الفاصل في 316
الحاالت األخرى
ال نزاع اإلداري ينعقد لمحكمة الموضوع ،وليس إلى محكم ة الرئيس وذلك بص ريح الفقرة األخيرة من
الفصل 310من قانون 08-05نظرا لما يتمتع به هذا النزاع من مميزات خاصة تجعله محط بحث
وت دقيق عمي ق ،الرتباط ه المباش ر بالمص الح االقتص ادية للدول ة ال تي تف ترض في مث ل ه ذه النزاع ات
التعام ل معه ا بص رامة أك بر .بحيث أن ه ذا اإلج راء ال يمكن أن يتحق ق إال بواس طة القض اء الجم اعي
ثانيا :اإلشكاالت التي تطرحها الجهة القضائية المختصة في تذييل األحكام التحكيمية
إن موض وع الجه ة القض ائية المختص ة في ت ذييل األحك ام التحكيمي ة الداخلي ة غ ير المتعلق ة
بالنزاعات ذات الصبغة اإلدارية يثير إشكالية قانونية ،وهي مدى إمكانية إصدار القضاة لألوامر بالتنفيذ
نياب ة عن رئيس المحكم ة المختص ة؟ ه ذا علم ا أن النص الق انوني ال يس عف في ذل ك بحيث أن ه لم يتح
لنواب رئيس المحكمة مباشرة هذه المسطرة ،فلو كانت إرادة المشرع تنصرف إلى قبول هذه اإلمكانية
لنص في الفصل 312من القانون أعاله على ما يلي " :يراد في هذا الباب ما يلي"... :
رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية أو من ينوب عنه ما لم يرد خالف ذلك".
وبالرغم من وجود هذه الثغرة القانونية سواء قبل صدور قانون 08 -05أو بعد صدوره ،فإن
إح دى االجته ادات القض ائية الص ادرة عن محكم ة االس تئناف ب القنيطرة ق د ذهبت إلى قب ول األوام ر
-316ونقصد بهذه الحاالت تلك النزاعات غير المتعلقة بالجانب اإلداري التي جعل المشرع اختصاص منح الصيغة التنفيذية لألحكام التحكيمية
الصادر بصددها لرؤساء المحاكم إما االبتدائية منها أو التجارية سواء كان ذلك على مستوى محاكم الدرجة األولى أو الثانية.
-317مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى ،م س ،ص .66
100
القض ائية المتعلق ة بالتنفي ذ ال تي تص در عن القض اة نياب ة عن ال رئيس بص فتهم ه ذه ،وه ذا م ا يؤخ ذ من
الحيثية التالية..." :لكن حيث إن العبرة برئيس المحكمة المخول له سلطة األمر بتذييل أحكام المحكمين
بالص يغة التنفيذي ة ليس فق ط لمن ه و معين على رأس المحكم ة االبتدائي ة أو محكم ة االس تئناف حس ب
األحوال ،بل تمتد هذه السلطة لمن ينيبه عنه ألنه ال يتصور منطقا وال يحظر قانونا أال يعيق الرئيس
وتظه ر أهمي ة ه ذا االجته اد القض ائي في تس وية اإلش كال الق انوني الناش ئ عن تل ك ال تي يك ون
فيها الرئيس قد حدث له عائق قانوني مؤقت يحول دون تمكنه من البت في مثل هذه المساطر الخاصة.
وتجدر اإلشارة إلى أن قانون 08-05قد تضمن العديد من اإلشكاليات القانونية التي ال يمكن
معرفته ا إال من خالل التط بيق .وذل ك عن طري ق العم ل القض ائي المرتب ط بالموض وع ،والمتجلي ة
بالخصوص في المفهوم الغامض الذي وضعه المشرع لما حدد الجهة القضائية المختصة في التعامل
ومن أبرز صور هذا الغموض نذكر الصياغة المعيبة التي جاء بها القانون المذكور في الفصل
-3رئيس المحكم ة :رئيس المحكم ة التجارية ما لم يرد خالف ذلك" ،حيث كان على المشرع
تفاديا لمثل هذا الغموض الذي قد يوهم المهتم أن األمر يخص بصفة أساسية رؤساء المحاكم التجارية
وبصفة ثانوية غيرهم من رؤساء المحاكم األخرى أن ينص على الصياغة التالية" :يراد في هذا الباب
- 318قرار محكمة االستئناف بالقنيطرة ،ملف مدني عدد 93 /3169صادر بتاريخ .1995 /10 /10
-مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،م س ،ص .404
101
وما يبرر أن الفصل المذكور أعاله يوهم المتقاضين ويحدث لهم خلطا كبيرا هو لجوءهم الفعلي
بعد صدور قانون 08 -05إلى رئيس المحكمة التجارية ،من أجل تذييل أحكامهم التحكيمية الصادرة
عادة ما يعود إليه االختصاص في مثل هذه األحوال ،ألنهم يعتقدون في ذلك أن هذا القانون قد سحب
التجاري ة بال دار البيض اء بت اريخ ،2008-05/03وال تي تتلخص في ك ون أج يرتين ك انت تربطهم ا
عالق ة ش غل م ع مش غلتهما تم إنهاءه ا .وبع د ذل ك تم تحدي د التعويض ات المس تحقة بمقتض ى مق ررين
تحكيم يين قب ل إي داعهما بكتاب ة ض بط نفس المحكم ة ،ملتمس ات معاين ة خل و المق ررين التحكيم يين أعاله
من أية مخالفة لمقتضيات الفصل 306وما يليه من ق.م.م مع األمر بإعطاء الصيغة التنفيذية لهما.
وبع د إدخ ال ه ذه القض ية إلى التأم ل توص ل ن ائب رئيس المحكم ة من خالل تعليالت ه إلى ك ون
المحكم ة التجاري ة المع روض عليه ا ه ذه القض ية غ ير مختص ة نوعي ا وذل ك حس ب الت بريرات القانوني ة
التالية:
" ...حيث إن المح اكم التجاري ة تبت في المنازع ات بين التج ار وبين الت اجر وغ ير الت اجر
بمناسبة أعماله التجارية إذا وجد اتفاق طبقا للمادة 5من قانون إحداث المحاكم التجارية.
وحيث إن رئيس المحكم ة التجاري ة يم ارس االختصاص ات الموكول ة ل ه س واء بص فته قاض يا
للمس تعجالت (الفص ل 21من ق انون إح داث المح اكم التجاري ة) أو بص فته تل ك في ح دود االختص اص
القانون رقم 08-05القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية
وحيث إن المشرع وبمقتضى الفصل 312من القانون أعاله نص على أنه "يراد في هذا الباب
بما يلي "... :رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خالف ذلك.
وحيث إن في ذلك إشارة ألن المقصود برئيس المحكمة ليس دائما هو رئيس المحكمة التجارية
ما دام أنه تم التنصيص على عبارة "ما لم يرد خالف ذلك".
وحيث بمراجع ة مقتض يات الق انون الم ذكور يتض ح أن المش رع لم يش ر ص راحة إلى رئيس
المحكمة األخرى غير أن ه وفي أكثر من فصل أش ار إلى رئيس المحكمة المختص ة كما هو الشأن في
الفصلين 327 -5و 337-20ويبقى المقصود بالمحكمة المختصة هي المحكمة المختصة نوعيا.
وحيث إن ال ذي يؤك د ذل ك وبش كل واض ح ه و الفص ل 327-34ال ذي ينص على أن ه "ال يقب ل
الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 327-35و 327-36بعده .يمكن أن يكون
الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل 402بعده
وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم".
وكما جاء في الفصل 327-35ما يلي " :ال يواجه األغيار باألحكام التحكيمية ولو كانت مذيل ة
بالص يغة التنفيذي ة ويمكنهم أن يتعرض وا عليه ا تع رض الغ ير الخ ارج عن الخص ومة طبق ا للش روط
المقررة في الفصول من 303إلى 305أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق
تحكيم".
وحيث وأمام الثبوت القاطع بأن الحكم التحكيمي يرجع النظر في طرق الطعن فيه وك ذا بإبطال ه
إلى المحكم ة المختص ة نوعي ا للبت في ال نزاع ال ذي ك ان موض وع عملي ة التحكيم ف إن ت ذييل الحكم
103
التحكيمي بالصيغة التنفيذية ال يخرج عن ذلك .ومن تم يتعين الرجوع إلى رئيس كل محكمة بشأن تلك
الصيغة بحسب األحوال إما رئيس المحكمة االبتدائية إذا تعلق األمر بنزاع مدني وإ ما رئيس المحكمة
التجاري ة إذا تعل ق األم ر ب نزاع تج اري .أم ا إذا تعل ق األم ر ب النزاع اإلداري فالمش رع أوك ل ذل ك إلى
المحكم ة اإلداري ة وليس لرئيس ها عمال ب الفقرة األخ يرة من الفص ل 310ال تي ج اء فيه ا " ويرج ع
اختص اص النظ ر في طلب ت ذييل الحكم التحكيمي الص ادر في نط اق ه ذا الفص ل إلى المحكم ة
اإلدارية ."...
وحيث إن الطلب الح الي يتعل ق بحكم تحكيمي ص در في إط ار نزاع ات الش غل ومعل وم أن ه ذه
األخيرة تخرج عن االختصاص النوعي للمحكمة التجارية وبالتالي فطلب تذييله بالصيغة التنفيذية المقدم
لرئيس المحكمة التجارية إنما قدم إلى جهة غير مختصة نوعيا ويتعين التصريح بذلك.321"...
وانطالق ا من ه ذه الحيثي ات ف األمر الرئاس ي أعاله ق د ح اول وض ع النص الق انوني المعيب في
مساره الصحيح والسليم مستندا في ذلك على التفسير الصائب لمقتضياته بعد استنباطه لإلرادة الحقيقية
التي كان المشرع يقصدها عند وضعه متجاوزا في ذلك التشويشات السطحية التي يمكن أن تحدث في
الم طلب الثالث :طرق الطعن تعيق عملية تنفيذ األحكام التحكيمية
-321أمر رئاسي عدد 569صادر بتاريخ 2008 /03 /05في الملف عدد 2008 /1 /261
-مصطفى بونجة ،نهال اللواح ،م س ،ص 472وما بعدها.
-322مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى ،م س ،ص .72
104
إن المحكم عندما يفصل في النزاع المعروض عليه ،ويصدر حكما فإنه قد يصيب أو قد يخطئ
ال تي وض عها المش رع رهن إش ارة أط راف ال نزاع أو رهن إش ارة الغ ير ال ذي أض ر الحكم 325
العادي ة
ونش ير إلى أن التش ريعات ق د اختلفت بين مؤي د ومع ارض ح ول إمكاني ة الطعن في الحكم
التحكيمي ،فاالتجاه المعارض منع الطعن في حكم التحكيم ضمانا الستقاللية ومرونة التحكيم ،واالتجاه
المؤي د أي د الطعن في حكم التحكيم ص يانة للنظ ام الق انوني وض مانا لحق وق المحتكمين واألغي ار ،حيث
- 323إذا كان وجود طرق الطعن أمرا منطقيا وطبيعيا بصدد أحكام المحاكم ،إال أن بعضهم ينتقد وجودها بصدد أحكام المحكمين ،بوصفها تشكل
– بنظرهم -عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمين ألسباب مختلفة منها:
-أنها تعيق عملية التنفيذ أو تطيل أمد إجراءاتها.
-وتشكل نوعا من االزدواجية في العدالة ( التحكيمية والقضائية) التي قد تنتهي إلى تغليب القضائية منها على التحكيمية.
-وتزعزع مسألة السرية في التحكيم.
-وتؤدي أحيانا إلى منح المحاكم الوطنية للخصوم سلطة فصل النزاع ،وهذا يمكن أن يشكل نوعا من اإلخالل بالحيادية في التحكيم.
ومم ا ال شك في ه أن ط رق الطعن باألحك ام التحكيمي ة ،تظ ل رغم انتقاداته ا أم را طبيعي ا تملي ه المب ادئ العام ة للتقاضي بشكل ع ام وضرورات
الرقاب ة القضائية على أحك ام المحكمين لت أمين حس ن سير العدال ة التحكيمي ة .ولكنه ا تتمت ع بخصوصية تميزه ا ،ضمن ح دود معين ة ،عن طري ق
الطعن بأحكام المحاكم ،وذلك العتبارات مستمدة من طبيعة التحكيم االتفاقية أو اإلدارية.
أنظر في هذا الشأن:
-أحمد السيد خليل "،مدى إمكانية تعايش التحكيم والطعن معا" ،المؤتمر السنوي السادس عشر( التحكيم التجاري الدولي) ،ص 873وما بعدها
مقال منشور بموقع:
.http://iefpedia.com/arab/wp.content/uploads/2011/01تاريخ حصر الموقع2013 /2 /15 :
-فؤاد ديب "،تنفي ذ أحك ام التحكيم ال دولي بين البطالن والكس اء في االتفاقي ات الدولي ة والتش ريعات العربي ة الحديث ة ،القس م األول" ،مجل ة جامع ة
دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،المجلد ،27العدد الثالث ،سنة .2011
مقال منشور بموقع:
http://www.damascusuniversity,edu,sy/mag/law/images/stories/q-43.pdf
- 324تعرف طرق الطعن العادية بتلك التسمية ألنها ال تحتاج إلجراءات استثنائية إذ بموجبها يمكن الطعن في األحكام بناء على أي سبب سواء
كان متعلقا بالواقع أو القانون ،كما تسمى كذلك ألن القاضي الذي ينظر فيها ال يتمتع بسلطات إضافية لتلك التي كان يتمتع بها القاضي المصدر
لألحكام المطعون فيها ،وطرق الطعن العادية في القانون المغربي هي التعرض واالستئناف.
- 325يمكن تعريف طرق الطعن غير العادية بأنها" تلك الطرق التي تتطلب إجراءات استثنائية وسلطات إضافية ،فهي توجه ضد األحكام الح ائزة
لحجية الشيء المقضي به التي لم يعد باإلمكان الطعن فيها بالطرق العادية وهي في القانون المغربي إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن
الخصومة والنقض".
-عبد الكريم الطالب "،المختصر في الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،مطبوعات المعرفة ،مارس ،2005ص .182
105
أج ازت بعض ها ومنه ا المش رع المغ ربي الطعن في حكم التحكيم بإع ادة النظ ر وتع رض الغ ير الخ ارج
عن الخصومة فضال عن إمكانية رفع دعوى بطالن حكم التحكيم كطعن خاص.
منح المشرع المغربي لألطراف حق الطعن بإعادة النظر في حالة ظهور وقائع تتعل ق بال دعوى
التحكيمي ة بع د ص دور الحكم التحكيمي وب الرجوع إلى ق انون 08-05نج د أن الفص ل 327-34أج از
القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية .فقد نظم المشرع المغربي الطعن بإعادة
النظ ر بالقس م الث امن من ق انون المس طرة المدني ة تحت عن وان "إع ادة النظ ر" وذل ك ض من الفص ول من
402إلى 410وقد أشار المشرع إلى إمكانية سلوك هذا الطعن فيما يخص األحكام التحكيمية الداخلية
وذلك في الفقرة الثاني ة من الفص ل 327-34الذي جاء ضمن الج زء الفرعي الث الث من الفرع األول
المتعل ق ب التحكيم ال داخلي حيث نص " يمكن أن يك ون الحكم الص ادر عن الهيئ ة التحكيمي ة موض وع
وق د اس تبعد المش رع المغ ربي في ق انون 08-05الطعن بإع ادة النظ ر ض د الحكم التحكيمي
األولى :وهي االزدواجية في التعامل مع األحكام التحكيمية التجارية ،فبأي منطق يمكن تبرير
فتح باب الطعن بإعادة النظر في وجه الحكم التحكيمي الداخلي ،بينما ال يفتح في وجه الحكم التحكيمي
الدولي ،والحال أن مظاهر الغش والخداع تكون أكثر في مجال التجارة الدولية وبامتياز.
-326يرى البعض أن استبعاد هذه الطريقة من طرق الطعن غير العادية ضد الحكم التحكيمي الدولي يعتبر أمرا مبالغا فيه وقابال للنقد بسبب
وجود مخاطر الغش والخداع التي يمكن أن تحصل دائما في أي مجال ،أكثر من ذلك يسجل هذا الجانب من الفقه على القانون الفرنسي ،فيما
يتعلق بطرق الطعن في مادة الحكيم الدولي أنه تعامل معها بمنهج االكتراث ،سواء في المراقبة التي يمارسها القاضي الفرنسي بالنسبة لألحكام
التحكيمية الصادرة في الخارج ،أو تلك الصادرة في فرنسا.
-عبد الحميد األحدب"،التحكيم في البالد العربية ،الجزء األول" ،م س ،ص 362و .363
106
الثانية :وهي هل الحاجة تظل مستمرة إلى هذا الطريق من طرق الطعن على الرغم من إقرار
-فإم ا أن يتم تعميمه ا على التحكيم بص فة عام ة م ع حص ر حال ة اللج وء إلي ه في حال ة ك ون
الحكم التحكيمي ب ني على أدل ة إثب ات م زورة م ع تنظيم إجراءات ه بش كل يتماش ى وخصوص ية التحكيم
التجاري.
-وإ ما أن يتم التخلي عن هذا الطعن ،وكل ذلك من أجل فعالية التحكيم ومنعا لتعدد طرق الطعن
وتوحيد الهدف منها المتمثل باألساس في ضمان التحقق من صحة الحكم وعدالته تم حماية النظام العام.
وب الرجوع إلى الفق رة الثاني ة من الفص ل 327-34من ق انون 08-05ال تي تنص على أن ه
"يمكن أن يك ون الحكم الص ادر عن الهيئ ة التحكيمي ة موض وع إع ادة النظ ر طبق ا للش روط المق ررة في
وق د نص الفص ل 402من ق انون المس طرة المدني ة على أن ه " يمكن أن تك ون األحك ام ال تي ال
تقبل الطعن بالتعرض واالستئناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي
بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك في األحوال اآلتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها
-3إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم
-4إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف اآلخر
-6إذا قض ت نفس المحكم ة بين نفس األط راف واس تنادا لنفس الوس ائل بحكمين انته ائيين
ومتناقضين وذلك لعلة عدم اإلطالع على حكم سابق أو لخطأ واقعي
- 7إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين".
وإ ذا كانت األسباب الخمسة األولى ال تثير إشكاال إذ تحكمها القواعد العامة فإن السبب السادس
والسابع يتطلبان بعض التوضيحات ذلك ألن السبب السادس يصعب حصوله عمليا ألن حكم المحكمين
ال يصدر إال بناء على اتفاق األطراف ،والذين في الغالب يسايرون مسطرة التحكيم ويتبعونها وتجري
بحض ورهم ل ذلك فإن ه بال ش ك س يكونون على علم بك ل األحك ام ال تي يص درها المحكم ون ،فيك ون إذن
عمليا من الصعب صدور حكمين تحكيميين بين نفس األطراف واستنادا إلى نفس الوسائل دون علم به
كما أن السبب السابع ال يمكن تصوره في الحكم التحكيمي وذلك ألن التحكيم يمنع في القضايا
لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه هو ما هي الجهة المختصة بالبت في الطعن بإعادة النظر ؟
نتساءل ما مدى إمكانية تطبيق هذه القاعدة في التحكيم ،وبالتالي رف ع طلب إعادة النظر إلى المحكمة
التحكيمية ؟
لم ينص المش رع المغ ربي على ه ذه اإلمكاني ة كم ا أن الفص ل 327-34في فقرت ه الثاني ة ك ان
واض حا حيث أعطى االختص اص للمحكم ة ال تي ك انت س تنظر في القض ية في حال ة ع دم وج ود اتف اق
التحكيم ،واألك ثر من ه ذا أن مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة تنتهي بص دور الحكم التحكيمي وفي ه ذا اإلط ار
نص المش رع في الفق رة األولى من الفص ل 327-28على أن ه" :ينهي الحكم مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة
بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه" ،حيث إن الهيئة التحكيمية ترفع يدها عن النزاع باستثناء قيامها بتأويل
حكمها.
بهدف حماية مصالح األغيار وحقوقهم فإن المشرع خولهم حق الطعن بتعرض الغير الخارج
عن الخصومة.
والمشرع المغربي لم يأت بأحكام جديدة خاصة بتعرض الغير الخارج عن الخصومة في ميدان
التحكيم تتف ق م ع طبيعت ه ومكونات ه ،ب ل أوجب تط بيق نفس المقتض يات القانوني ة المطبق ة أم ام المح اكم
الرس مية وه و م ا نص علي ه الفص ل 327-35من الق انون " 08-05ال يواج ه األغي ار باألحك ام
التحكيمي ة ول و ك انت مذيل ة بالص يغة التنفيذي ة ويمكنهم أن يتعرض وا عليه ا تع رض الغ ير الخ ارج عن
الخص ومة طبق ا للش روط المق ررة في الفص ول من 303إلى 305أعاله أم ام المحكم ة ال تي ك انت
109
لذلك ومن أجل حماية حقوق الغير أورد القانون المغربي طريقة الطعن بتعرض الغير الخارج
عن الخصومة من أجل حماية حقوقهم إال أن هذه اإلمكانية غير متاحة في مادة التحكيم الدولي .وهو ما
من ش أنه أن يض ر بحق وق األغي ار دون أدنى حماي ة قانوني ة .أال يحت اج الغ ير إلى الحماي ة في التحكيم
ال دولي؟ ه ل الس رعة وجلب االس تثمار المتطلب ان في التج ارة الدولي ة كافي ان الس تبعاد ه ذا الطري ق من
طرق الطعن؟
وعند اكتشاف الغير أن حقوقه قد تم المساس بها بسبب الحكم التحكيمي الصادر فأي جهة عليه
التوج ه إليه ا لالع تراض على الحكم التحكيمي ؟ ه ل يتج ه للهيئ ة التحكيمي ة باعتباره ا الجه ة ال تي
باعتبار أن الغير لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم فإن آثاره ال تلزمه كما أنه لم يساهم في تش كيل
الهيئة التحكيمية سواء بتعيين محكم من جانبه في حالة تشكلها من ثالثة محكمين أو بمساهمته في تحديد
وعلي ه ف إن على الط اعن التوج ه إلى القض اء للطعن في الحكم التحكيمي الص ادر عن الهيئ ة
التحكيمي ة وق د ح دد الفص ل 327-35من ق انون 08-05الجه ة القض ائية ال تي يجب على الط اعن
التوجه إليها حيث منح االختصاص للمحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق التحكيم.
110
لحماي ة الحقوق والمص الح المش روعة التي ق د يض ر به ا الحكم التحكيمي الص ادر ف إن المش رع
أخض عه للطعن ب البطالن ،330ال ذي يخ ول ألح د أط راف ال نزاع الح ق بالمطالب ة ببطالن الحكم في حال ة
-330إن بعض من الفقه اء ال يفرق ون في الدراس ة بين دع وى البطالن بق وة الق انون ،ودع وى اإلبط ال ،وإ نم ا يخصص ون لل دعويين موض وعا
واحدا بعنوان واحد هو دعوى البطالن " ولكن ارتأينا أن نخالف هذا التقليد اجتنابا لك ل لبس أو غلط من جه ة ،والختالف األحكام الخاصة بكل
من الدعوتين من جه ة ثاني ة وخاصة أن التشريع المغ ربي سار في هذا الطريق فتكلم عن األحكام الخاصة ب دعوى اإلبطال في المواد – 311
318 – 313وق د ازداد اقتناعن ا بوج وب ه ذه التفرق ة بين دع وى البطالن ،واإلبط ال ،أن المش رع المغ ربي اخت ار االص طالحين الح ديتين "
البطالن" و"اإلبط ال" للتمي يز بين البطالن المطل ق والبطالن النس بي ،وبعب ارة أدق أن ه م ادام هن اك بطالن وإ بط ال فهن اك دع وى بطالن ودع وى
إبطال.
أنظر في هذا الشأن:
-أحمد شكري السباعي "،نظرية بطالن العقود في القانون المدني المغربي والفقه اإلسالمي والقانون المقارن" ،منشورات عكاظ 1987 ،ص
335وما بعدها.
وقد أثارت دعوى البطالن ضد حكم التحكيم جدال فقهيا حادا بين مناهض ومؤيد وكل اتجاه يحاول الدفاع عن وجهة نظره عبر مجموعة من
األسانيد.
االتجاه المعارض :أول ما يثيره هذا االتجاه ،هو أن الحكم التحكيمي ،تتوفر فيه كل مقومات الحكم القضائي ،والمعروف أن األحكام القضائية ،ال
تحتم ل الطعن ب البطالن ،ب ل بس لوك ط رق الطعن المعروف ة العادي ة ،والغ ير العادي ة ،إذ ال ذي يطعن فيه ا ب البطالن هي العق ود ،وليس األحك ام
القضائية ،التي تتوفر على حجية ،ال يمكن ضحدها إال بالطرق المعدة لذلك قانونا هذا من جهة ،ومن جهة أخرى يعتبر هذا االتجاه المناهض
للطعن ب البطالن ض د حكم التحكيم ،أن ه ذا األم ر ال يمكن أن يفس ر إال بالحيط ة والح ذر من أعم ال الخ واص ،مم ا ك ان ل ه نت ائج معكوس ة على
التحكيم ،أدت إلى تعطيل فعاليته كآلية لحل المنازعات.
ومن أهم األسباب التي دافع من خاللها المؤيدين لفكرة إلغاء الطعن بالبطالن ضد حكم التحكيم ،أن اإلكساء بالصيغة التنفيذية الذي يتطلبه هذا
األخير ،ال يمنح إال بعد التأكد من عدم وجود أحد االخالالت التي تؤدي إلى إبطاله ،ويكون بالتالي هذا اإلجراء األخير ،كاف ويستغرق دعوى
الطعن بالبطالن ،وبالتالي يكون هذا الطعن عديم الجدوى ،بل إنه يعقد اإلجراءات ،ويزيدها طوال دون فائدة.
االتجاه المؤيد :إن حكم التحكيم ،باعتب اره ن وع خ اص من العدال ة ،ال يتالءم بس هولة م ع ط رق الطعن في األحك ام ال تي ته دف إلى إع ادة فحص
النزاع بعد إلغاء الحكم المطعون فيه عند األحوال التي يتم فيها ذلك ،نظرا لوجود االتفاق اإلرادي كأساس تعاقدي في التحكيم ،الذي يهدف إلى
البعد عن قضاء الدولة ،وعلى ذلك فرقابة قضاء الدولة لحكم التحكيم ،تقتصر على رقابة المسؤولية أو الصحة ،أي أنها تنصب على رقابة كيفية
إصدار المحكم لحكمه ،وليس ما تم تقريره ،وال كيفية هذا التقرير وإ ن من شأن ذلك ،أن يساهم في تحصين حكم التحكيم ويعطيه الفعالية إذا تم
رفض الطعن ضده بالبطالن ،حيث يزيد التدخل القضائي من قوة الحكم التحكيمي ،إذ يعتبر ذلك عنوان للحقيقة ال يمكن تعطيل مصداقيتها.
حول هذا الجدل أنظر:
-يوسف الساقوط "،دور العمل القاضي في تحقيق فعالية حكم التحكيم ،دراسة مقارنة" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،ص 36و .37
-نبيل إسماعيل عمر "،التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية" ،دار الجامعة الجديدة ،الطبعة الثانية ،سنة ،2005ص .260
-أحمد الورفلي "،القضاء في الدول المغاربية والتحكيم التجاري الدولي بين الرقابة والمساعدة" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
،1سنة ،2003ص .79
-عبد الحميد األحدب "،العالقة بين قرارات القاضي في بلد األصل وقرارات القاضي في بلد التنفي ذ" ،المجلة التونس ية للتحكيم ،العدد ،1سنة
،2000ص 29وما بعدها.
111
ويتج ه بعض الفق ه إلى تعري ف البطالن كج زاء إج رائي بأن ه" :الج زاء الق انوني على ع دم
وب الرجوع إلى ق انون 08-05نج ده ينص في الفص ل 327-36على أن ه " رغم ك ل ش رط
مخالف ،تكون األحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطالن طبقا للقواعد العادية أمام محكمة االستئناف التي
صدرت في دائرتها.
ويك ون تقديم ه ذا الطعن مقب وال بمج رد ص دور الحكم التحكيمي وال يتم قبول ه إذا لم يقدم داخ ل
إذا ص در الحكم التحكيمي في غي اب اتف اق التحكيم أو إذا ك ان اتف اق التحكيم ب اطال أو إذا -1
إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة التفاق -2
الطرفين.
إذا بتت الهيئ ة التحكيمي ة دون التقي د بالمهم ة المس ندة إليه ا أو بتت في مس ائل ال يش ملها -3
بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فال يقع البطالن
إذا لم تح ترم مقتض يات الفص لين ( 327-32الفق رة )2و 327-24فيم ا يخص أس ماء -4
-حفيظــة الســيد الحــداد "،الرقاب ة على أحك ام التحكيم بين االزدواجي ة والوح دة ،دراس ة تحليلي ة وانتقادي ه بمناس بة قض ية الش ركة األمريكي ة
كرومالوي ضد جمهورية مصر العربية" ،دار الفكر الجامعي ،القاهرة ،سنة .2000
-331عبد الرزاق السنهوري "،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،الجزء األول ،مصادر االلتزام" ،م س ،ص 486و
.487
112
إذا تع ذر على أي من ط رفي التحكيم تق ديم دفاع ه بس بب ع دم تبليغ ه تبليغ ا ص حيحا بتع يين -5
محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاع.
إذا صدر الحكم التحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام. -6
في حال ة ع دم التقي د ب اإلجراءات المس طرية ال تي اتف ق األط راف على تطبيقه ا أو اس تبعاد -7
تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع".
وينص الفص ل 327-51من ق انون 08-05على أن ه " :يك ون الحكم التحكيمي الص ادر
بالمملكة في مادة التحكيم الدولي قابال للطعن بالبطالن في الحاالت المنصوص عليها في الفصل -49
327أعاله "...
وب الرجوع إلى الفص ل 327-49نج ده ينص على أن ه " ال يمكن الطعن باالس تئناف في األم ر
إذا بتت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل -1
التحكيم.
إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية. -2
إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها. -3
إذا كان االعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني".332 -5
- 332ال نرى ضرورة لعرض تفاصيل هذه األسباب إذ أن الكثير من المراجع أشبعتها درسا وتعليال وتعليقا ويكفي الرجوع إليها ومن أبرزها:
-أحمد أهندي ،م س ،ص 171وما بعدها.
-محمد داود الزعبي ،م س ،ص 326وما بعدها.
-فوزي محمد سامي "،التحكيم التجاري الدولي" ،م س
-نجالء حكم " التحكيم في تسوية نزاعات االستثمارات األجنبية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة قانون
المق اوالت ،جامع ة محم د الخامس ،كلي ة العلوم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،أك دال ،الرب اط ،السنة الجامعية ،2004 -2003ص 100
وما يليها.
-أمين سليم ،م س ،ص 116و ما بعدها.
113
وهو ما يعني توجه المشرع المغربي نحو إقرار دعوى بطالن حكم التحكيم سواء منه الداخلي
ونأسف للتوجه الذي يذهب إليه قانون 08-05والذي يذهب في اتجاه توسيع الطعون المرتبط ة
ب التحكيم التجاري ،ونأسف ك ذلك لالزدواجي ة في التعام ل بين الحكم التحكيمي الدولي والحكم التحكيمي
ال داخلي ،ذل ك أن المش رع المغ ربي عم د إلى توس يع ح االت البطالن إذا تعل ق األم ر ب التحكيم ال داخلي
وه و تمي يز ال ن رى م بررا مقب وال ل ه ،س وى أن ه ينم عن ع دم الثق ة في آلي ة التحكيم التج اري ال داخلي،
وبالتالي تشديد الرقابة القضائية عليه في الوقت الذي تدعو فيه جميع الجهات الرسمية إلى خلق المناخ
المالئم للتحكيم كآلي ة مس اعدة للقض اء في ح ل المنازع ات ،والح ال أن ه أم ام تل ك الح االت (ح االت
البطالن) المتسعة الستيعاب كل الجزئيات في العملية التحكيمية من شأنها أن تقف حاجزا أمام مص داقية
أي حكم تحكيمي ،وبذلك يكون المشرع المغربي قد أعطى آليات قانونية للطرف سيئ النية كي يسعى
. لتعطيل تنفيذ الحكم التحكيمي على أساس التوسع في استعمال حاالت الطعن بالبطالن -
335 334
من أهم عوام ل وج ود التحكيم التج اري ال دولي وانتش اره ه و تق دم وازده ار وتن وع التج ارة
الدولي ة وزي ادة حرك ة التب ادل التج اري في كاف ة المج االت المختلف ة بين معظم دول الع الم ،مم ا ك انت
-لمياء أزطوط ،م س ،ص 97ما بعدها.
-333كما هو عليه العمل في القانون الفرنسي .حول مكان التحكيم يمكن الرجوع إلى:
» - Gabrielle Kaufmann- Koheler. «Le lieu de l’arbitrage a l’aune de la mondialisation
(Réflexions a propos de deux formes récentes d’arbitrage) Rev-arb. 1998-N°3-P.517.
-334موالي لكبير الصوصي العلوي ،م س ،ص .197
-335تجدر اإلش ارة إلى أن المشرع المغ ربي خول لمحكم ة االستئناف ،مراقب ة م دى صحة األم ر القاضي بتخوي ل الصيغة التنفيذي ة ،أو رفض
تخويلها ،وذلك عن طريق الطعن باالستئناف في الفصول 327-48و 327-49فيم ا يخص التحكيم الدولي ،في حين تطرق في الفصل -33
327في فقرته الثانية ،للطعن باالستئناف ضد األمر الذي يرفض منح الصيغة التنفيذي ة ،في حين اعتبر في الفقرة الثاني ة من الفصل 327-32
أن الطعن بالبطالن المنصوص عليه في الفصل ،327-36يعتبر بمثابة طعنا في األمر بتخويل الصيغة التنفيذية.
أيضا ولضمان صحة القرارات االستئنافية ،وخلوه ا من العي وب ،فقد أخضعها المشرع ب دورها لرقاب ة محكم ة النقض ،وذلك في الفصل -38
327حيث نص في فقرته الثانية ":تكون قرارات محكمة االستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العادية".
114
نتيجته الحتمية هو سرعة انتشارها وتطورها حتى يمكن لها أن تلبي مطالب المجتمع الدولي بأسره مما
ت رتب على ذل ك ك ثرة المنازع ات بين ال دول ال تي يتم بينه ا حرك ة التب ادل التجاري ة ،مم ا اس تدعي مع ه
األمر حل تلك المنازعات .فكان الح ل الوحيد واألمث ل لحلها هو الدخول في التحكيم ات الدولي ة لفض
وق د ع رف الفق ه 337التحكيم ال دولي بأن ه "ذل ك التحكيم ال ذي تتص ل كاف ة عناص ره المكون ة ل ه
بمجموعة من الدول تكون أطرافا فيه وال يكون مقتصرا على دولة واحدة" ،ويعرفه البعض اآلخر بأنه
" االتفاق على إحالة النزاع المتصل بمسألة من مسائل التجارة الدولية والناشئ بين الخصوم إلى جهة
غير المحاكم للفصل فيه ،ويكون القرار التحكيمي الصادر ملزما لهم".338
أم ا بالنس بة للمش رع المغ ربي فق د نص في الفص ل 40-327من ق انون 08-05ب أن التحكيم
يكون دوليا إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية وإ ذا كان ألحد أطرافه على األقل موطن أو مقر بالخارج.
وس نحاول من خالل ه ذا المبحث الوق وف على أهم اإلش كاليات ال تي يثيره ا التحكيم التج اري
ال دولي في ق انون 05ـ ( 08الف رع األول) ،ثم إش كالية توحي د القواع د الموض وعية للتحكيم ال دولي
واالتفاقيات الدولية ونخص بالذكر اتفاقية نيويورك ( الفقرة الثانية) ،وأخيرا إشكاليات يطرحها التحكيم
اإللكتروني باعتباره وسيلة لفض المنازعات التي تثار في إطار عقود التجارة اإللكترونية ،كشكل جديد
الفرع األول :اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الدولي في قانون 05ـ 08
إن اآلثار اإليجابية التي فرضتها ظاهرة العولمة وما أحدثته من انعكاسات فعالة وواضحة على
عقود التجارة الدولية .أكدت أن العولمة االقتصادية المنشودة لن تتحقق إال عبر عولمة الفكر القانوني
م ع االتفاقي ات الدولي ة من حيث الموض وع ،وم ع المب ادئ العام ة المق ررة للتحكيم التج اري عموم ا
وال دولي على وج ه الخص وص ،من أج ل تش جيع االس تثمارات األجنبي ة بش كل يض من تحقي ق التنمي ة
ولع ل س بب تفض يل التحكيم التج اري ال دولي عن القض اء راج ع إلى المزاي ا ال تي يمت از به ا
كقضاء خاص في حل المنازعات الناشئة عن العالقات االقتصادية الدولية وأهم هذه المميزات:
فمما الشك فيه أن قصر الوقت الذي يفصل فيه المحكم في النزاع يحقق للخصوم ميزة مهمة
تتمث ل في تج نيبهم خس ائر مادي ة ومعنوي ة معين ة ق د تلح ق بهم في ح ال لج وئهم للقض اء الع ادي للدول ة،
وتبدو هذه الميزة أكتر وضوحا في مجال التحكيم التجاري الدولي حيث تتعلق المنازعات بمبالغ مالية
كب يرة وترتب ط بالتج ارة ال تي تع د س رعة إنج از المع امالت عنص را أساس يا فيه ا .وفي ه ذا يق ول بعض
الفق ه أن عالق ات التج ارة الدولي ة ال تتحم ل بم ا تقتض يه من س رعة ومرون ة بطء وتعقي دات إج راءات
التقاض ي أم ام المح اكم الداخلي ة لدول ة معين ة .ويعت بر عام ل الس رعة من العوام ل الهام ة في تنفي ذ
ض من أهم م ا يتم يز ب ه التحكيم ه و أن تس وية ال نزاع تتم في س رية تام ة بحيث ال يس تطيع أي
شخص من خارج نطاق المنازعة أن يطلع على ظروف النزاع ومالبساته ،وهذا يرجع إلى أن جلسات
التحكيم تقتص ر على أط راف ال نزاع ووكالئهم فال يس مح للعام ة بالحض ور وال تعق د ه ذه الجلس ات في
-339يونس العياشي " ،مدى مالئمة مشروع قانون التحكيم رقم 08 -05مع االتفاقيات الدولية ومبادئ التحكيم التجاري الدولي ،مجلة محاكمة،
العدد ،2مارس -ماي ،سنة ،2007ص .189 -188
-340جورج حزيون " ،النظام القانوني للتحكيم األجنبي في القانون الداخلي" ،مجلة الحقوق ،الكويت ،العدد ،4ديسمبر ،1987ص .187
116
مكان عام مثل قاعة المحكمة ،بل تعقد في مكان يختاره األطراف المتنازعون دون أن يكون مفروضا
عليهم مثل مكتب المحكم أو منزله أو قاعة لدى الغرفة التجارية أو غيرها.
فعلى خالف قضاء الدولة الذي تعد العالنية أحد خصائصه المميزة ،تعد السرية ميزة خاصة
ينف رد به ا قض اء التحكيم عن قض اء الدول ة .فمب دأ س رية جلس ات التحكيم من األم ور اللص يقة به ذا
وتفرد غالبية أنظمة التحكيم الدولية نصوصا خاصة تقتضي هذه السرية وتحض عليها.342 341
النظام
إن إعم ال مب دأ العلني ة بالنس بة للتحكيم يمكن أن ي ؤدي إلى وض ع ح د للعالق ات الخاص ة بين
الخصوم مستقبال وخاصة في مجال التجارة الدولية ،فكم من تاجر أو مستثمر أو شركة عالمية يفضلون
خس ارة دع واهم على كش ف أس رار تج ارتهم أو ص ناعتهم ال تي تمث ل في نظ رهم قيم ة أعلى من قيم ة
الح ق ال ذي يناض لون من أجل ه في ال دعوى ،وذل ك ألن موض وع المنازع ة التحكيمي ة واإلعالن عن ه
ونشره قد يؤدي إلى فشل المشروع برمته مما يستتبع أضرارا فاحشة.343
ويضرب الفقه مثال يوضح أهمية السرية في مجال التحكيم في التجارة الدولية ،إذ يقول لو أن
هناك اتفاقا سريا تم إبرامه بين مصنع لألسلحة ودولة تخوض حربا ،ثم حدث نزاع بين طرفي العقد
بشأن توريد الصفقات فإن اللجوء إلى القضاء العادي وما يستلزمه من إعمال مبدأ العالنية يعني تدمير
وبالرغم من الفوائد والمزايا الجليلة التي يقدمها التحكيم التجاري الدولي والتي سبق ذكرها فإنه
التطرق أوال لمعايير دوليته حيث تبنىت القوانين المقارنة والقانون المغربي معيارا مزدوجا مكونا من
يوجد معياران في مجال تحديد دولية التحكيم ،وقد تم استخدامهما سواء مجتمعين أو منفصلين،
أولهما معيار قانوني ،والثاني معيار اقتصادي ،وهو ما سنتناوله بالشرح فيما يلي:
نص المش رع المغ ربي في الفص ل 327 -40من ق انون 08 -05على م ا يلي ":يعت بر دولي ا
حس ب م دلول ه ذا الف رع التحكيم ال ذي يتعل ق بمص الح التج ارة الدولي ة وال ذي يك ون ألح د أطراف ه على
الحالة األولى :إذا ك ان التحكيم مرتبط ا بمص الح التج ارة الدولي ة وألح د أطراف ه م وطن أو مق ر
بالخارج .وهنا ال بد من تحقق شرطين :أن يكون التحكيم مرتبطا بالتجارة الدولية ،والشرط الثاني أن
يك ون ألح د أط راف اتف اق التحكيم م وطن أو مق ر بالخ ارج مم ا يؤك د دون ش ك اعتم اد المش رع على
الحالــة الثانيــة :إذا ك ان ألح د ألط راف أك ثر من مؤسس ة ف إن المؤسس ة ال واجب اعتماده ا هي
المؤسس ة ال تي تربطه ا ص لة وثيق ة باتف اق التحكيم أك ثر من غيره ا .أم ا إذا لم تكن ل ه أي ة مؤسس ة فإن ه
118
الحال ــة الثالث ــة :يعت بر التحكيم دولي ا إذا ك ان أح د األمكن ة الت الي بيانه ا واقع ا خ ارج ال دول
-مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا االتفاق.
-كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من االلتزامات المترتبة على العالقة التجارية أو المكان
الحالة الرابعة :اتفاق األطراف صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد واحد.
لكن السؤال المطروح هنا هل المشرع رصد الحاالت التي يعتبر فيها التحكيم دوليا على سبيل
الواض ح من خالل النص ،أن المش رع المغ ربي ق ام بتع داد ه ذه الح االت على س بيل الحص ر
وليس على سبيل المثال حيث استهل الفصل بعبارة ( يعتبر) وقام بتعدادها الواحدة تلوى األخرى ،كذلك
ويبدو أن المشرع المغربي في قانون 08 -05بإيراده لهذه المعايير يرغب في توسيع نطاق
مفه وم التحكيم التج اري ال دولي وال ذي وإ ن اتفقن ا مع ه في ه ذا االتج اه فإنن ا ال نق ره في تع داده لبعض
الح االت ال تي ت دخل في إط ار التحكيم ال دولي .حيث لم يكن هن اك م ا ي دعو إلى ه ذا التع داد واالكتف اء
وتج در اإلش ارة إلى أن الم ادة 62من مش روع ق انون التحكيم والوس اطة ،اعت برت أن التحكيم
يك ون دولي ا م تى تعل ق بمص الح تجاري ة دولي ة دون أخ ذ مك ان التحكيم أو ق انون إج راءات المحاكم ة
-345صالح الدين جمال الدين ،محمـود مصـيلحي" ،الفعالي ة الدولي ة لقب ول التحكيم في منازع ات التج ارة الدولي ة ،دراس ة في ض وء أهم وأح دث
أحكام التحكيم الدولي" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،طبعة ،2004ص .114
-346مصطفى بونجة "،قراءة نقدية لمقتضيات التحكيم في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية" .أنظر الموقع اإللكتروني:
http://www.almaghribia.maتاريخ حصر الموقع11.11.2014 :
119
وفش ل المع ايير القانوني ة في تحدي د ماهي ة التحكيم الدولي هي ال تي دفعت المشرع الفرنسي إلى
اعتن اق المعي ار االقتص ادي أو بعب ارة أخ رى" العام ل اآلخ ر ال ذي دف ع المش رع الفرنس ي لتب ني المعي ار
االقتص ادي كأس اس لت دويل التحكيم من وجه ة نظ ر فوش ار فه و عام ل ذو ط ابع ف ني ويتعل ق بفش ل
ووجوب أن يكون النزاع متعلقا بالتجارة الدولية هو في الحقيقة مسألة صعبة ال تحل بدورها
المش كلة الناش ئة عن ص عوبة تحدي د الطبيع ة الدولي ة للتحكيم فلكي نح دد م تى تعت بر العالق ة دولي ة ه ذه
مسألة ليست بالبساطة وال السهولة التي قد تتصور ألنها مسألة تختلف من عالقة إلى أخرى.
وهناك جانب من الفقه انتقد المعيار االقتصادي وذلك نظرا التساعه وغموضه وعدم انضباطه
وما يترتب عليه من إعطاء المحكمة المعنية سلطة واسعة .األمر الذي يؤدي إلى اختالف المحاكم في
تحدي د ماهي ة التحكيم الدولي في الدولة الواحدة ،وس يكون مثل ه ذا االختالف أكثر وضوحا ح ال تعلق
األمر بمحاكم الدول المختلفة حيث ال توجد ثمة محكمة عليا تحكمها جميعا.348
تبنت التش ريعات المقارن ة مجموع ة من المع ايير تح دد مفه وم التحكيم ال دولي وق د انقس مت إلى
اتجاهين:
اتج اه تب نى المعيــار القــانوني لتحدي د مفه وم التحكيم ال دولي ويرك ز ه ذا المعي ار على االرتب اط
القائم بين التحكيم وبين النظام القانوني لدولة معينة ،فإذا كان التحكيم ينتمي بجميع عناصره سواء كان
ذلك من حيث المنازعات أو اإلجراءات أو القانون الواجب التطبيق إلى دولة واحدة عد تحكيما وطنيا،
أم ا دولي ة التحكيم فتع ني العدي د من نق اط االلتق اء ال تي ال ص لة له ا ب أي من النظم القانوني ة الوطني ة.349
العتم اده على العدي د من المؤش رات المختلف ة في درجاته ا وتع وزه البس اطة ال تي هي من أهم س مات
المعيار.350
بينما تبنت دول أخرى المعيار االقتصادي ،ويتعلق هذا المعيار بطبيعة النزاع فال مجال لجنسية
األط راف وال لمح ل إق امتهم وال لمك ان التحكيم وال لجنس ية المحكمين وإ نم ا الع برة بطبيع ة ال نزاع إذ
يعتبر التحكيم دوليا إذا تعلق بمصالح تجارة دولية .351وهنا يطرح التساؤل اآلتي :ما المقصود بالتجارة
الدولية؟
إن نطاق التجارة الدولية يغطي كل نشاط اقتصادي دولي والصفة الدولية تكون موجودة عندما
يحص ل على الص عيد االقتص ادي انتق ال أم وال أو خ دمات م ا بين بل د وآخ ر أو يك ون األط راف من
وإ ذا كان هذا المعيار يتفق والمعامالت التجارية الدولية في الوقت الحاضر ،إذ إن التحكيم ما
هو إال وسيلة لفض المنازعات الناشئة عن المعامالت التجارية الدولية ،فإنه هو اآلخر يتسم بالغموض
وعدم التحديد ،وهو غير واضح بما فيه الكفاية .خاصة فيما يتعلق بتعريف العقد الدولي ويثير الكثير
المطلب الثاني:اإلشكاالت التي تواجه التحكيم التجاري الدولي في قانون 08 -05
تمت اإلش ارة إلى أن ق انون المس طرة المدني ة لس نة 1974لم ينظم التحكيم ال دولي في الب اب
الثامن (المواد من 306إلى )327من قانون المسطرة المدنية .في حين أفرد القانون 08 -05الفرع
الثاني لتنظيم التحكيم الدولي ،حيث تم ملء الفراغ التشريعي الذي كانت تعرفه المسطرة المدنية وذلك
-350عبد اإلله برجاني "،بند التحكيم في عقود التجارة الدولية" ،سلسلة دفاتر المجلس األعلى العدد ، 2السنة ،2002ص .442
-351عبد الحميد األحدب "،التحكيم في البالد العربية" ،م س ،ص 9
-352عبد الحميد األحدب "،التحكيم في البالد العربية ،م س ،ص 9ـ .10
-353هشام خالد "،معيار دولية التحكيم التجاري" ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،سنة ،2008ص .517
121
بإض افة المقتض يات الخاص ة ب التحكيم التج اري ال دولي ال تي تكتس ي أهمي ة خاص ة ،حيث سيس اهم ه ذا
النوع من التحكيم في حل مجموعة من المنازعات الشائكة التي ظلت عالقة لسنوات ،وذلك لما له من
انعكاسات إيجابية على االقتصاد المغربي وما سيوفره من ضمانات للمستثمر األجنبي.
إال أن النصوص التي أفردها المشرع المغربي للتحكيم التجاري الدولي تكتنفها إشكاليات جمة
قد تساهم في عدم فعالية هذا النظام ،ويمكن إبراز أهم هذه اإلشكاليات فيما يلي:
الفقرة األولى :إشكاليـــة عــدم التمييــــز بيـــن التحكيــــم الدولي والتحكيــــم األجنبــــي فـــــــي
قانـــــون 08 -05
إن ق انون التحكيم ( )08 -05ح اول فيم ا يخص دولي ة التحكيم الحف اظ على ارتباط ه الت اريخي
مع التشريع الفرنسي وفي الوقت ذاته أخذ بما نص عليه القانون النموذجي لألونسترال .إال أننا نعتبر
أن المب دأ ال ذي ج اء ب ه ه و مب دأ ع ام حيث لم يتم توض يح م تى يعت بر التحكيم دولي ا بالنس بة للمغ رب؟
وم تى يعت بر أجنبي ا؟ بحيث ك ان من األج دى أن يتم تفص يل ه ذه النقط ة أس وة بق وانين أخ رى كالق انون
التونسي واللبناني اللذان اعتبرا أن الحكم يكون دوليا إذا كان مكان التحكيم هو البلد والقواعد المطبقة
هي المقتضيات الوطنية ويكون الحكم أجنبيا إذا صدر خارج البلد بقواعد أجنبية.354
إن المش رع المغ ربي لم يم يز في ق انون 05ـ 08بين التحكيم ال دولي والتحكيم األجن بي،
والوق وف على التمي يز بين تعب ير "دولي ة" التحكيم و"أجنبيت ه" ه و من المس ائل المعق دة والدقيق ة في نفس
الوقت لتشابك هذين المصطلحين فيما بينهما .وهناك من يذهب إلى القول بأن األجنبية هي "في الواقع
-354إلهام عاللي "،واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب" ،م س ،ص 32
122
مرادفة للدولية" فكل تحكيم أجنبي قد يكون مرادفا للتحكيم الدولي حيث إن التحكيم المذكور يتعدى في
أن تعب ير الدولي ة أوس ع نطاق ا من تعب ير األجنبي ة وتبع ا ل ذلك ف إن التحكيم 356
وي رى بعض الفق ه
يوص ف بالدولي ة حينم ا ال يمكن أن ترتب ط المنازع ة في ه أو التحكيم نفس ه إلى دول ة معين ة وكمث ال على
ذلك التحكيم الذي يجري وفق إجراءات الدولة (أ) ومن حيث القانون الواجب التطبيق إلى الدولة (ب)
ومن حيث مك ان تنفي ذ ق رار التحكيم لدول ة (ج) ومن حيث أط راف التحكيم إلى دول ة (د) و (ه) فه و
بذلك حسب األستاذ عبد اهلل درميش يشمل معظم حاالت التحكيم التي توصف باألجنبية.
أجنبي ،أما التحكيم الدولي فهو الذي يشتمل على عنصر أجنبي ـ ليس من الضروري أن يكون القانون
ال واجب التط بيق على اإلج راءات ـ فق د يك ون ذل ك أو ألي أم ر آخ ر كس ريان الق انون األجن بي على
موض وع ال نزاع ،أو اختالف جنس ية الخص وم أو مك ان التحكيم ،أو ذل ك التحكيم ال ذي تك ون عناص ره
تبقى األهمية العملية من وراء تحديد القانون الواجب التطبيق هي تفادي أي خالف قد يقع من
أو 359
بعد ،358فهي مسألة في غاية األهمية سواء أكان القانون الواجب التطبيق يتعلق بإجراءات التحكيم
-355فوزي محمد سامي" ،التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص 101و .102
-356عبد اهلل درميش"،القضايا المعاصرة للتحكيم الدولي ،الرقابة القضائية على األحكام التحكيمية األجنبية والدولية في الدول العربية" ،المجلة
المغربية للوساطة والتحكيم ،العدد ،4السنة ،2009ص .8
-357عبد اهلل درميش ،م س ،ص .8
358
-PH. Fouchard, E. Gaillard. B.Goldman,” traité de l’arbitrage commercial international», année 1996, p
801.
-359يقصد بالقانون المطب ق على إج راءات التحكيم مجموعة من القواع د اإلجرائي ة التي يتعين إتباعه ا بع د تشكيل هيئ ة التحكيم وحتى صدور
الق رار ال ذي يفص ل في المنازع ة ،وتعت بر ه ذه القواع د اإلجرائي ة ال تي تحكم س ير المنازع ة المطروح ة على التحكيم من المس ائل الجوهري ة في
فلس فة التحكيم التج اري ال دولي ،على اعتب ار أن أط راف المنازع ة عن د لج وئهم لطري ق التحكيم لتس وية ن زاعهم إنم ا يه دفون تف ادي أي تعطي ل
محتمل في المساطر إذا اتبعت القواعد اإلجرائية والشكلية العادية.
123
بموضوع النزاع ،وتزداد أهمية هذه المسألة أمام المحكم الدولي الذي ال يوجد له قانون اختصاص يحدد
يقصد بالقانون الواجب التطبيق "مجموعة القواعد القانونية التي تتوصل هيئة التحكيم إلى أنها
هي المالئم ة ،والمناس بة للتط بيق على موض وع ال نزاع المط روح عليه ا لكي تق ول حكم الق انون في ه،
س واء أك ان مص درها أح د الق وانين الوطني ة ذات الص لة ب النزاع أم ك انت قواع د مش تركة ومس تمدة من
مجموعة قوانين وطنية ،أم كانت قواعد متعارف عليها في محيط التجارة الدولية ،وسواء أكان أطراف
ال نزاع هم ال ذين ق اموا باختياره ا في عق دهم أو في اتف اق الح ق ب إرادتهم الح رة ،أم تم تحدي دها
وقد جاء قانون 05ـ 08بمقتضى هام يتيح تطبيق مبدأ حرية اختيار القانون الواجب التطبيق
وفق ا للفص ل 327 -44ال ذي نص على م ا يلي ":تح دد في اتف اق التحكيم بك ل حري ة القواع د القانوني ة
ال تي يتعين على الهيئ ة التحكيمي ة تطبيقه ا على ج وهر ال نزاع وفي حال ة ع دم اختي ار األط راف للقواعد
المذكورة فإن الهيئة التحكيمية تفصل في النزاع طبقا للقواعد التي تراها مالئمة.
ولتحديد سير إجراءات التحكيم وتحديد القانون الواجب التطبيق فإننا نجد أن أغلب التشريعات ـ من بينها التشريع المغ ربي في الفص ل 10ـ 327
من ق انون 05ـ 08ـ أعطت الحري ة إلرادة األط راف في اختي ار الق انون ال واجب التط بيق على إج راءات التحكيم ،وفي حال ة غي اب إرادة
األطراف أو عدم االتفاق على تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات النزاع فإن األمر يعود إلى الهيئة التحكيمية.
للمزيد من التوسع حول موضوع القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم أنظر:
-عبــد اهلل أوبهــا " ،إش كاالت التحكيم في المنازع ات التجاري ة البحري ة " رس الة لني ل الماس تر في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس،
السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السويسي ،السنة الجامعية ،2008-2007ص .52
-نور الدين حسن الدين ،م س ،ص .66
-عزيز الشعراني " ،القانون الواجب التطبيق في التحكيم التجاري " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة قانون األعمال ،جامع ة
الحسن الثاني ،الدار البيضاء -المحمدية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية . 2011 -2010
-مهند أحمد الصانوري "،دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص" ،م س ،ص . 120
-360نور الدين حسن الدين " ،تدخل النظام العام في مجال التحكيم " م س ،ص .64
-361محمد السيد عرفة " ،التحكيم والصلح وتطبيقاتهما في المجال الجنائي" ،الرياض ،سنة ،2006ص .385
124
في جمي ع األح وال تأخ ذ الهيئ ة التحكيمي ة بعين االعتب ار مقتض يات العق د ال ذي يرب ط بين
يتضح إذن أن تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع من قبل األطراف كمبدأ عام
يتم عن طري ق النص علي ه من خالل أح د بن ود العق د موض وع ال نزاع أو بمقتض ى اتف اق أو مش ارطة
ال 364-363
للتحكيم مستقلة عن هذا العقد .حيث إن أطراف النزاع يتوفرون على حرية واسعة به ذا الش أن
يح د منه ا إال النظ ام الع ام بمفهوم ه ال دولي وال داخلي .365كم ا أن هيئ ة التحكيم تعت د أوال في تحدي دها
للق انون ال واجب التط بيق على موض وع ال نزاع بالق انون ال ذي ح دده األط راف ص راحة بم وجب اتف اق
التحكيم أو القانون الذي تستنبطه الهيئة التحكيمية من خالل مؤشرات معينة للتعبير عن اإلرادة الضمنية
لألطراف المتنازعة.
التطبيق على موضوع النزاع فإن سلطة تحديد هذا القانون تنتقل إلى الهيئة التحكيمية التي تق وم باختي ار
-362طـارق مصـدق " ،ق راءة أولي ة في مس تجدات الق انون الجدي د للتحكيم " ،المجل ة المغربي ة للوس اطة والتحكيم ،الع دد ،4الطبع ة الثاني ة ،س نة
،2009ص 44و .45
363
- Alliouch- kerboua- Meziani Naima,op. cit, p 27.
-364وهذا ما تؤكده وتعتد به العديد من االتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف من خالل مادتها 7التي تنص على" أن ألطراف النزاع الحرية الكامل ة
في تحديد القانون الذي يجب أن يطبقه المحكمون على موضوع المنازعة ".
-365أنظر ما تمت دراسته بخصوص موضوع " النظام العام " في المبحث األول من هذا الفصل.
-366إن هيئة التحكيم تلتزم بتطبيق القانون الذي اتفق األطراف على وجوب تطبيقه على موضوع النزاع بشكل صريح فإذا لم يتفقوا على هذا
القانون صراحة في اتفاق التحكيم ،جاز لهيئ ة التحكيم أن تبحث عن اإلرادة الضمنية لهؤالء األطراف ،وهذه اإلرادة الضمنية تستنبط من خالل
مكان عقد التحكيم ،حيث تستنبط اإلرادة الضمنية ألطراف النزاع بتطبيق القانون اإلنجليزي أو الفرنسي أو المغربي من خالل اختيارهم لغرفة
تحكيم مؤسسي كغرفة اللويدز بلندن أو غرفة التحكيم ببارس.
وتتجس د ه ذه اإلرادة الض منية من خالل بعض القض ايا الض منية البحري ة ،ففي حكم التحكيم رقم 280الص ادر عن هيئ ة التحكيم التابع ة لغرف ة
التحكيم البحري لباريس بتاريخ 25شتنبر ،1978قررت الهيئة التحكيمي ة على أنه لم ا كان األطراف قد ق رروا بمحض إرادتهم التحاكم أمام
غرفة التحكيم بباريس فإن ذلك يعد قرينة على أن إرادتهم قد اتجهت إلى تطبيق القانون الفرنسي على النزاع.
للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى:
-عبد اهلل أوبها " ،إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية" ،م س ،ص 67و .68
125
القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أكثر اتصاال بالموضوع ،أو أنها تقوم بالبحث عن حل مالئم
ويت بين من األحك ام القانوني ة ال واردة في ق انون 08 -05س عي الق انون المغ ربي إلى تب ني ك ل
المبادئ المتعارف عليها في مجال التحكيم الدولي وخصوصا في الشق الخاص باختيار القانون الواجب
التط بيق ،368فنالح ظ أن المش رع لم يس تخدم لف ظ الق انون وإ نم ا اس تعمل لف ظ القواع د القانوني ة وه ذا ال
يعني بالضرورة اختيار قانون وطني معين وإ نما يمكن تفسيره بأن األطراف بإمكانهم أن يختاروا بكل
حرية أي قواعد قانونية لتحكم موضوع النزاع ،سواء كانت واردة في قانون وطني معين ،أو في الئحة
ثانيا :اإلشكاليات التي يطرحها القانون الواجب التطبيق في قانون 08 -05
قد تتفق األطراف في العقود الدولية على عدم اختيار أي قانون ليطبق على النزاع ألنها ترمي
إلى إخضاع النزاع إلى قواعد العرف والعادات السائدة في التعامل التجاري الدولي وهي ما يس مى lex
،369 mercatoriaويع ني إخض اع المع امالت الدولي ة على اختالف أطرافه ا واختالف مجاله ا لنظ ام
-367عبد اهلل أوبها " ،إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية" ،م س ،ص .93
-368طارق مصدق " ،قراءة أولية في مستجدات القانون الجديد للتحكيم" ،م س ،ص .45
-369هي مجموعة القواعد العرفية المتبعة في التعامل التجاري الدولي ،وهناك من يذهب إلى تطبيق ما يسمى tronc communمفادها أنه عند
ع دم تع يين الق انون ال واجب التط بيق من الط رفين وع دم معرف ة إرادتهم ا الض منية ف إن على المحكم أن يطب ق القواع د المش تركة لق انون ك ل من
الطرفين ،فإنهما في هذه الحالة لم ينصا على قانون معين بسبب جهلهما بقانون كل طرف بالنسبة اآلخر ،ولكنهما ال يذهبان إلى أكثر من ذلك
بحيث يفرضان ما هو مشترك في قوانينهما الوطنية.
-فوزي محمد سامي " ،التحكيم التجاري الدولي " م س ،ص .181
126
وق د نص ق انون 08 -05على ه ذا المقتض ى في الفص ل 44ـ 327في فقرت ه الثاني ة " ...في
جميع الحاالت تأخذ الهيئة التحكيمية بعين االعتبار مقتضيات العقد الذي يربط بين األطراف واألعراف
والع ادات الس ائدة في مي دان التج ارة" إال أن اإلش كال ال ذي يط رح في ه ذا اإلط ار ه و أن ه ذه الفق رة ال
تتالءم مع القرن ،21ألن العادات واألعراف ليست هي القواعد الموضوعية الوحيدة في مجال التج ارة
الدولي ة .370ف المحكم ل ه اختي ار واس ع يمكن ل ه أن يطب ق مقتض يات اتفاقي ة دولي ة أو ع ادات أو أع راف
التجارة الدولية أو عقود نموذجية وبالتالي فإن هذه الفقرة تبدو وكأنها تقيد عمل المحكم وتحصره في
ينضاف إلى ما سبق أن نظام 371 lex mercatoriaما زال نظاما غير محدد وغير متكامل ألن
غالبية قواعده ذات طابع مكمل أو مفسر إلرادة المتعاقدين .أضف إلى ذلك عدم كفايتها لنظر مختلف
ج وانب ال نزاع كالج انب المتعل ق بأهلي ة المتعاق دين أو س المة الرض ى ،وكم ا يق ول البعض عنه ا بأنه ا
قواعد ضبابية وغامضة بسبب عدم تقنين الكثير منها في نصوص معلومة للكافة ،أو لعدم تسبيب ونش ر
أحكام التحكيم الصادرة على أساسها مما يصعب من مهمة الكشف عنها.372
أيض ا عن دما يج د المحكم ال دولي نفس ه مض طرا إلى ح ل ال نزاع عن طري ق إعم ال قواع د من
-370محمد تكمنت " ،التحكيم الدولي " ،مداخلة في إطار ندوة نظمت في موضوع" ،مشروع التحكيم والوساطة " في 27يونيو ،2007ص 19
-371هي مجموعة القواعد العرفية المتبعة في التعامل التجاري الدولي ،وهناك من يذهب إلى تطبيق ما يسمى tronc communمفادها أنه عند
ع دم تع يين الق انون ال واجب التط بيق من الط رفين وع دم معرف ة إرادتهم ا الض منية ف إن على المحكم أن يطب ق القواع د المش تركة لق انون ك ل من
الطرفين.
-372وفاء مزيد ملحوظ " ،النظام القانوني الواجب التطبيق في إطار التحكيم" ،المؤتمر السنوي السادس عشر ،ص .73
مقال منشور بموقع:
http://slconf.uaeu.ac.ae/papers/n2/wafa%20falhot.pdf
-373المحكم الدولي يلجأ إلى تطبيق عادات و أعراف التجارة الدولية على موضوع النزاع ألسباب مختلفة تختلف باختالف خصوصية النزاع.
فقد يلجأ المحكم الدولي إلى تطبيقها متى تبين له استحالة تطبيق قانون معين على موضوع النزاع سواء بس بب نقص في العق د مث ار المنازعة أو
بسبب تناقض و تعارض في موقف أطراف النزاع ،وعدم إمكان ربط النزاع بقانون معين ،ومثال ذلك أن يتشبث كل طرف في النزاع بتطبيق
قانونه الوطني ،األمر الذي يستحيل معه على المحكم ترجيح أي من هذه القوانين على األخرى.
127
عادات أو أعراف تنظم تلك المعاملة المثار حولها النزاع ،374إذ أن الطبيعة المتسارعة للتجارة الدولية
تسمح بظهور عقود جديدة ومعامالت اقتصادية حديثة لم يكن لها أي أثر من ذي قبل.
ي ذهب إلى التمي يز بين الع ادات واألع راف التجاري ة 375
وتج در اإلش ارة أن بعض الفق ه
الدولية ، 376وذلك على أساس عنصرين عنصر مادي يتمثل في سلسلة من التصرفات واألفعال المتكررة
والمتصلة والمستمرة ،وعنصر معنوي يتمثل في الشعور باإللزام القانوني .377فإذا كانت العادة تتوقف
عند العنصر المادي فقط دون العنصر المعنوي ،فإن العرف البد له من عنصرين معا ،كما أن العرف
هو مصدر معترف به للقاعدة القانونية في الفقه والتشريع بينما ال تعتبر العادة كذلك ،ولذلك يرون أنه
وقد يسكت األطراف سواء في اتفاق التحكيم أو في مراسالتهم عن ذكر أي قانون محكم موضوع النزاع األمر الذي قد يعني تفويض المحكم في
اعتماد عادات وأعراف التجارة الدولية كأساس للحكم في موضوع المنازعة وتحديد وتفسير التزامات وحقوق األطراف.
وقد يعمل المحكم الدولي عادات وأعراف التجارة الدولية حتى في الحالة التي يخضع فيها النزاع لقانون وطني معين ،وذلك لسد الثغرات أو
لتفسير المواقف الغامضة في القوانين الوطنية التي يختارها األطراف لحكم موضوع النزاع أو الستبعاد هذه القوانين ذاتها إذا م ا ك انت تتعارض
وفكرة النظام العام الدولي.
وأخ يرا فق د يك ون ت دخل ع ادات وأع راف التج ارة الدولي ة في البني ان الق انوني لق رار المحكم ت دخال ض روريا ،بقص د تفس ير الغم وض ،أو بقص د
إعطاء المفاهيم ذات الصيغة الوطنية طابعا ينسجم ومعطيات التجارة الدولية ،ويعتقها بذلك من االعتبارات الداخلية البحتة.
للمزيد من التوسع أنظر:
-أبو زيد رضوان ،م س ،ص 183و ما يليها.
-374عرف بعض الفقه األعراف التجارية الدولية في كونها " قواعد قانونية تتصف بالشمولية نتجت عن المبادئ العامة المسلم بها كونيا وتلك
التي انبثقت أيضا عن مقررات التحكيم المنشورة " وعرفها أيضا " في كونها قواعد قانونية تبلورت داخل قطاعات مختلفة أكسبتها قيمة عرفية ".
أنظر في هذا الشأن:
-عبد الرحيم الزضاكي "،التحكيم الدولي ،على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن" ،م س ،ص .32
-375عبد الكريم سالمة " ،نظرية العقد الدولي الطليق ،بين القانون الدولي الخاص وقانون التجارة الدولية ،دراسة تأصيلية انتقادي ه" ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،سنة ،1989ص .330
-376إن القواع د العرفي ة هي مجموع ة القواع د الش ائعة التط بيق في األوس اط التجاري ة أو المهني ة ،ذل ك أن التفرق ة بين األع راف والع ادات،
أصبحت غير مؤكدة وفقدت كثيرا من أهميتها ،إذ أن المصطلح األكثر استعماال حسب الفقه أحكام المحكمين وفي النصوص التش ريعية ،مص طلح
العادات Les usagesوليست األعراف ،كما تشير بذلك االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدولي في مادتها السابعة وكذلك بالنسبة للمشرع
الفرنسي بخالف المشرع المغربي ،فهو يشمل مصطلح العادات واألعراف.
للمزيد من التوسع أنظر:
-سعيد البكوري "،تطبيق العادات واألعراف أمام المحكم في المنازعات التجارية الدولية" ،مقال مأخوذ من منشورات مجلة الحقوق المغربية ،م
س ،ص .77
-377حيــاة متوكــل "،ق انون التج ار ال دول ،)LEX MERCATORIA (:المب ادئ العام ة وقواع د اإلعم ال" ،المجل ة المغربي ة لق انون األعم ال
والمقاوالت ،العدد ،11أكتوبر ،2006ص .117
-378عبد الكريم سالمة ،م س ،ص .335
128
وي رى بعض الفق ه أن ه إذا ك ان للتفرق ة بين الع رف والع ادة أس اس فه ذا في األنظم ة القانوني ة
الداخلية ،379ذلك أن العرف يعد قاعدة قانونية ملزمة مثل سائر القواعد التشريعية يطبقه القاضي من
تلق اء نفس ه ،في حين أن الع ادة ال تع د قاع دة قانوني ة ملزم ة إال إذا اتف ق األط راف على ذل ك ،بينم ا في
بصفة اإللزام.381
إال أن ه ب الرغم من ذل ك فق د تواج ه المحكم ص عوبات في حال ة اختي اره لع ادة أو ع رف تج اري
تتعل ق بتفس ير القاع دة العرفي ة ،ففي عق د بين ش ركة أمريكي ة وأخ رى ياباني ة مثال ق د يعطي ك ل ط رف
تفسيرا لتلك القاعدة العرفية ،وذلك حسب نظرته إليها وكيفية تطبيقه لها في محيطه التجاري ،وهنا يجد
المحكم نفس ه مض طرا إلى البحث عن األس اس ال ذي سيس تند علي ه من أج ل تفس ير ه ذه القاع دة العرفي ة
-379عبد السالم اإلدريسي " ،النظام العام في التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محم د الخامس ،كلي ة
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص .35
-380للمزيد من التوسع أنظر:
-عبد السالم اإلدريسي ،م س ،ص 35وما بعدها.
-حياة متوكل ،م س ،ص 118و .119
-381هشام علي صادق " ،القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة ،2001ص .160
-382إسحاق شارية" ،التحكيم التج اري والق انون الع بر دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2008 - 2007ص .122
129
تعب ير ش ديد المرون ة يتوق ف بالدرج ة األولى على التك وين 384
واإلنص اف 383
إن تعب ير الع دل
الثق افي وال ديني واالجتم اعي لش خص المحكم؛ ألنه ا مس ألة تتعل ق بالدرج ة األولى بالض مير واألخالق
يق ترن الع دل باإلنص اف تق ديرا من ه على أن الحكم بالع دل وح ده ال يكفي أو بمع نى آخ ر ق د ال يك ون
الحكم بالعدل منصفا ذلك أن اإلنصاف أعم وأشمل وأسمى في المرتبة .386فقد يكون العدل ما يقضي به
الق انون أو يملي ه روح الق انون بينم ا اإلنص اف أس مى من ع دل النص وص القانوني ة وروح التش ريع أو
بمعنى آخر فاإلنصاف يعني بالدرجة األولى مراعاة الرحمة التي تعلو على اعتبارات العدالة.387
على أن المحكم عدال وإ نصافا يلتزم بالمبادئ األساسية للتقاضي فال يحكم 388
ويؤكد بعض الفقه
بغ ير م ا يطلب ه المحتكم ون أو يخ رج على اتف اق التحكيم أو يغ ير أو يش وه وق ائع ال نزاع ،كم ا أن علي ه
-383إن العدالة كفكرة هي شعور نفسي وقناعات ضمير ووجدان حول ما نعتقده عدال أو ظلما ،و أن الحق يكون في هذا االتجاه أو ذاك .وكل
حكم قضائي أو تحكيمي ،يجب أن يبتغي العدالة ،حتى ولو كان يطبق القانون؛ فالق انون يجب أن يكون في خدمة العدالة ،وليس العدالة هي التي
في خدمة القانون وقواعده.
-384أما اإلنصاف ،كفكرة أيضا ،فهو التسامح والفضل ومراعاة االعتبارات اإلنسانية في التعامل ،وعدم اإللزام بأداء الحق وتنفيذ االلتزام إال
في حدود الطاقة ،وبما يحقق التوازن المعقول بين أعباء األطراف.
للمزيد من التوسع أنظر:
-أحمـد عبـد الكـريم سـالمة "،الق انون ال واجب التط بيق على موض وع التحكيم ،مح اذير وتوجيه ات" ،مجل ة األمن والق انون ،الع دد األول ،ين اير
،2008ص .44
-385من بينه ا التش ريع المغ ربي ال ذي نص في الفصل 327 -18من قانون 08 -05على أن ه" ....وإ ذا اتف ق طرف ا التحكيم صراحة تف ويض
هيئة التحكيم صفة وسطاء التراضي ،تفصل الهيئة في هذه الحالة في موضوع النزاع بناء على قواعد العدالة واإلنصاف دون التقيد بالقانون".
ونشير إلى أنه إذا كانت هاته المقتضيات تتماشى مع طبيعة العقود المدنية والتجارية والتي تجد سندها في العقد شريعة المتعاقدين ،فإن هاته
المقتضيات ال تتماش ى م ع طبيع ة العق د اإلداري ،ب ل إن الح ديث عن العق د اإلداري هن ا ال يعكس مضمونه انطالق ا من تخل ف ش رطين أساسيين
وهما القاضي اإلداري ومقتضيات القانون العام التي تحدد طبيعة هذا العقد.
فإذا ما سلمنا بإمكانية استبدال القاضي اإلداري بالقاضي الخاص الذي هو المحكم ،فإنه ال يمكن التسليم باستبدال القاعدة القانونية بقواعد العدل
واإلنصاف ،ذلك أن التزام اإلدارة بالقاعدة القانونية هو محدد أساسي لدولة القانون والمؤسسات ،ويمتد هذا المحدد ليشمل جميع أشكال نشاط
اإلدارة سواء تعلق األمر بالقرارات اإلدارية أو العقود اإلدارية.
مصطفى بونجة "،قراءة نقدية لمقتضيات التحكيم في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية" ،أنظر الموقع اإللكتروني:
http://www.almaghribia.ma
-386محمد علي سكيكر ،م س ،ص .131
-387محمد عبد الخالق الزعبي "،قانون التحكيم كنظام قانوني قضائي اتفاقي من نوع خاص ملحقا ب ه أهم اتفاقيات وتش ريعات التحكيم الدولية"،
منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،2010 ،ص .289
-388أحمد عبد الكريم سالمة ،م س ،ص .46
130
احترام القواعد اآلمرة التي تمس النظام العام في دولة مقر التحكيم أو الدولة التي سينفذ فيها الحكم ،إال
أن ه يح ذر في ذات ال وقت من ه ذا الن وع من التحكيم حيث ال يت وفر األم ان الق انوني ال ذي يستش عره
ولع ل م ا ي دعم ذل ك قل ة ع دد التحكيم ات ال تي تتم وفق ا لقواع د الع دل واإلنص اف من ناحي ة،
وتضييق التشريعات الخاص ة بالتحكيم من اللجوء إليه وجعله اس تثناء من األصل العام وبشرط أن يتم
االتفاق علي ه صراحة بين األط راف بحيث يتحملون في النهاية ،النتائج التي يمكن أن يؤدي إليها ذلك
ومن تم يتعين على المحكم حين يس تند إلى مب ادئ العدال ة واإلنص اف أن يب ني اجته اده على
اعتبارات موضوعية عامة وليس تفكيرا ذاتيا خاصا يعني هذا أنه ال يتأثر في حكمه بأفكاره الذاتية.390
في الخت ام يمكن القول أن ه عن دما يتم تحديد القانون الواجب التط بيق على النزاع يجب على
المحكم عدم استخدام صياغات غير واضحة يكون مضمونها غير مؤكد ومثيرا للخالف.
ب أال يتم اختي ار الق انون الوط ني بطريق ة عش وائية فليس من 391
كم ا يوص ي بعض الفق ه
الض روري أن يك ون ق انون أح د األط راف ه و الق انون األك ثر مناس بة لح ل ال نزاع ،وال الق وانين ال تي
اشتهرت بالحداثة والتحررية .فال يجب أن يتم اختيار قانون قابل للتطبيق على موضوع النزاع إال عن
معرفة ودراسة متأنية لمضمونه ونتائجه التي يمكن أن يقتضيها تطبيقه بالنسبة لكال الطرفين.
يهدف النظام العام إلى حماية المصالح العليا للمجتمع والوقوف في وجه كل ما من شأنه أن
يضر بهذه المصالح فهو بمثابة سالح يستخدم ضد التجاوزات التي يقدم عليها األفراد في تصرفاتهم.
القواع د اآلم رة أنه ا ته دف إلى ص يانة حق وق األف راد الخاص ة ،وي ترتب على خرقه ا البطالن في حين
تتصل القواعد المتعلقة بالنظام العام بالمصلحة العامة ويترتب أيضا على خرقها البطالن.392
وتعتبر فكرة النظام العام مفهوما غامضا بإجماع فقهاء القانون ومتغيرا في والزمان والمكان
فالفقه غير مستقر على تعريف واضح للنظام العام بل يحاول فقط أن يقربه 393
بالنسبة للدولة الواحدة
من األذه ان ،394وه ذا م ا يط رح إش كاليات في الواق ع العملي س يما إذا تعل ق بعالق ة ذات عنص ر أجن بي
(أوال) كما أنه يعتبر من أهم المشاكل التي تقف حجرة عثرة أمام انطالق التحكيم سواء من حيث تأثيره
في ص حة اتفاق ات التحكيم أو بالنس بة لالع تراف بأحكام ه وتنفي ذها .وأن أزم ة التحكيم تكمن حالي ا في
الدفع بالنظام العام والذي كثيرا ما يأتي بصورة تعسفية ،فالقاضي الوطني عندما ال يجد مبررا معقوال
أوال :المحاوالت الفقهية في تعريف النظام العام في مجال التحكيم التجاري الدولي
يصعب حصر نطاق مفهوم النظام العام ومن تم أحسن وصف يمكن أن يطلق عليه هو كونه
بمثاب ة رم ال متحرك ة يستعص ي التحكم في وجهته ا بحيث لم يس تطع الفق ه الق انوني أن يعطي ه تعريف ا
واضحا ودقيقا ،ألنه فكرة غير محددة ومتغيرة وتخضع للظروف السياسية واالقتص ادية واالجتماعية
للبالد ،396الش يء ال ذي انعكس س لبا على التمي يز بين م ا يمكن أن ي دخل في نط اق النظ ام الع ام ال داخلي
فهذا النظام ال زال يستعصي على الباحثين من حيث إمكانية وضع تعريف جامع مانع له، 398
معه بحذر
يغنينا عن السلطة التقديرية للمحكمة ولقد باءت كل المحاوالت التي بذلت في هذا الصدد بالفشل.399
الع ام في دول ة م ا "مجم وع القواع د ال تي ته دف إلى تحقي ق الح د األدنى من االس تقرار االقتص ادي
ويقول األستاذ عبد الرزاق السنهوري في شرح مفهوم النظام العام" :401المسألة ال يجدي فيها
نص تش ريعي وهي من أك ثر المس ائل القانوني ة تعقي دا فنحن نري د أن نع رف م ا إذا ك انت قاع دة قانوني ة
معينة تتعلق بنظام المجتمع األعلى ،حتى يخضع لها الجميع وال يجوز ألحد أن يخالفها أو هي قاعدة
فما هو هذا النظام األعلى للمجتمع الذي يتحتم على كل شخص عدم الخروج عليه؟ يوجد دون
شك من القواعد القانونية ما يحقق مصلحة عامة تمس النظام األعلى للمجتمع .وهذه المصلحة إما أن
تكون سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية والمصلحة الخلقية :هي التي تقوم عليها اآلداب العامة
ومن ذلك نرى أن دائرة النظام العام واسعة فهي تشمل اآلداب أيضا.
والنظ ام الع ام واآلداب هم ا الب اب ال ذي ت دخل من ه العوام ل االجتماعي ة واالقتص ادية والخلقي ة
فت ؤثر في الق انون وروابط ه وتجعل ه يتماش ى م ع التط ورات االجتماعي ة واالقتص ادية والخلقي ة .وتتس ع
397
- Chedly lotfy, "l’arbitrage commercial international au Maroc et ordre public transnational", centre de
publication universitaire, Tunis, 2002, p 15.
398
- Homayoon arfazadeh," ordre public et arbitrage international à l’épreuve de la mondialisation ", Bruylant,
Bruxelles, 2005, p 168.
-399أشرف عبد العليم الرفاعي ،م س ،ص .436
-400محمد شيلح "،سلطان اإلرادة في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،أسسه ومظاهره في نظرية العقد" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،سنة ،1983ص .190
-401عبد الرزاق السنهوري "،نظرية العقد" ،منشورات محمد الداية ،بيروت ،بدون تاريخ النشر ،ص .492
133
دائرة النظام العام واآلداب أو تضيق تبعا لهذه التطورات وطريقة فهم الناس لنظم عصرهم وما توافقوا
كل هذا يترك للقاضي يفسره التفسير المالئم لروح عصره ،فالقاضي يكاد يكون إذا مشرعا في
هذه الدائرة المرنة .بل هو مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم أمته األساسية ومصالحها العامة".402
أم ا األس تاذ عب د الح ق الص افي فيق ول في ش أن مفه وم النظ ام الع ام " يمكن الق ول بش كل ع ام
وتقريبي أنه مجموعة المصالح األساسية التي تشكل ركيزة كيان المجتمع .ومن ثم فقواعد النظام العام
هي التي تستهدف تحقيق مصلحة عامة سياسية أو أخالقية أو اجتماعية أو اقتصادية ،ويقصد بالمص لحة
العامة كل ما يتصل بالنظام العام للمجتمع بحيث يرجح على كل مصلحة فردية لذلك يتعين على كافة
األفراد احترام متعلقات النظام العام ولو ترتب عن ذلك تضحية بمصالحهم الذاتية فإذا هم خالفوه باتفاق
إن النظام الع ام – كما يتض ح من خالل اس تقراء آراء الفقه -ليس ل ه مفهوم مح دد وال تعريف
واضح وال يمكن حصره في دائرة معينة أو تعداده بالمحسوس .وإ نما هو فكرة مجردة وغامضة مؤداها
وجود " نظام المجتمع األعلى" وهو نظام يستند إلى مجموع األسس والمبادئ األساسية التي يقوم عليها
نظام المجتمع سواء كانت خلقية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية .وبذلك يوصف النظام العام بكونه
ش يء نس بي .404أي ال يثبت على حال ة واح دة وال ينحص ر في قواع د معين ة وإ نم ا ه و مختل ف ومتغ ير
وما يعتبر من النظام العام في نفس البلد في وقت سابق قد ال يكون كذلك في وقت الحق.405
هذه التعاريف لفكرة النظام العام تظهر مدى صعوبة تحديد هذه الفكرة وأنها تأبى على التحديد
لكونها متغيرة وغير ثابتة ال يكتب لها االستقرار في حدود معينة بل هي فكرة دائما في تطور وتغير
مستمرين.
لكن التس اؤل المط روح هن ا ه و ه ل هن اك م ا يس مى بفك رة النظ ام الع ام ال دولي والنظ ام الع ام
الداخلي .وإ ذا كان هناك فرق بينهما فهل هناك معيار للتفرقة بين كل منهما؟
-405إدريس العلوي العبدالوي "،أصول القانون ،الجزء األول ،نظرية القانون" ،مطابع دار القلم ،بيروت ،سنة ،1971ص .514
135
إن أهم عائق يقف أم ام تنفي ذ األحكام التحكيمي ة الدولي ة في المغ رب هو فكرة النظ ام العام .406
ألنه ا فك رة ذات مفهوم فض فاض ونسبي كم ا أن تحدي دها أم ر يتس م في بعض األحي ان بص عوبة بالغ ة،
خاصة مع اختالف نطاق النظام العام في كل دولة عن األخرى وكذلك مع التغيير المستمر في مفهومه
في كل دولة وفقا لسرعة تغير المعايير التي تحدده وسرعة التطور فيها.
-406غالب ا م ا يتم الرب ط بين القابلي ة للتحكيم ومفه وم النظ ام الع ام ف أغلب المواض يع ال تي تع د منازعاته ا غ ير قابل ة للتحكيم هي مواض يع تتم يز
بحساسية خاصة ،وتتعلق بالنظام العام بل ويمكن القول ،أن هناك تالؤما بين مفهوم عدم القابلية للتحكيم ومفهوم النظام العام.
وقد اختلف الفقه في ربط فكرة النظام العام بالقابلية للتحكيم ،فمنهم من قال بوجوب ربط فكرة النظام العام في التحكيم بالمسائل التي ال يجوز
فيها الصلح بحيث يصبح النظام العام في نطاقه مرتبطا بمفهوم النظام العام في الصلح ويؤاخذ على هذا الفقه أنه لم يراع اختالف المعطي ات في
ك ل منه ا ،ف إذا ك ان الص لح يقض ي التن ازل عن ج زء من الح ق ال ذي ق د يك ون مخالف ا للنظ ام الع ام إال أن التحكيم ال يتض من في ح د ذات ه فك رة
ال نزول عن الح ق أو االتف اق على م ا يخ الف النظ ام الع ام وله ذا فال مج ال للرب ط بين النظ ام الع ام في مفه وم الص لح والنظ ام الع ام في مفه وم
التحكيم.
لكن رغم ذلك تبقى قاعدة" :ما ال يجوز فيه الصلح ال يجوز فيه التحكيم" قاعدة متأصلة ،ولكن ليس على أساس أن المسألة ترتبط بالنظام العام
بالمفهوم السابق.
في حين تبنى اتجاه آخر القول أنه ال يكفي في مجال التحكيم أن يكون هناك مجرد صلة بين الموضوع محل التحكيم والقاعدة الواجبة التطبيق،
ولكن المقصود هو تعمد أطراف النزاع االتفاق على التحكيم في مسألة تنطوي على تعدي على النظام العام وهذا الرأي ال يضع معيارا واضحا
دقيقا للمشكلة.
أما االتجاه الثالث فيرمي إلى معاملة التحكيم معاملة القضاء له ،بمعنى أنه يسمح للمحكمين بنظر النزاع الذي قد يتعلق بمسألة تتصل بالنظام
الع ام ،ولكن تك ون رقابت ه ل ه الحق ة أي بع د ص دور الحكم أو عن د طلب تنفي ذه فيقض ي القض اء ببطالن الحكم التحكيمي ،ال ذي ال يح ترم القواع د
المتعلق ة بالنظام العام بغ رض حماية مصالح المجتمع والرقاب ة على احترامها ويعد النظام العام جوهرها ،وب ذلك تصبح رقاب ة القضاء الوطني
رقابة الحقة وليست سابقة على حكم التحكيم ،وهو االتجاه الذي أخد به قانون التحكيم المصري في المادة 53منه.
ونعتق د أن ه ه و االتج اه ال ذي أخ ذ ب ه أيض ا المش رع المغ ربي في الفق رة األخ يرة من الم ادة (( 327-36تنظ ر محكم ة االس تئناف ال تي تنظ ر في
الطعن ب البطالن من تلق اء نفس ها ببطالن حكم التحكيم إذا تضمن م ا يخ الف النظام الع ام في المملك ة المغربي ة أو إذا وج دت موضوع النزاع من
المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها)).
وسندنا في ذلك أن المشرع المغربي لم يربط النزاعات التي يجوز فيها التحكيم بفكرة النظام العام في المواد األولى من القانون المحددة لنطاق
التطبيق على عكس ما كان عليه األمر في القانون السابق .الذي منع التحكيم في المسائل التي تمس النظام العام ( المادة .)306
للمزيد من التوسع حول موضوع" التحكيم وعالقته بالنظام العام " أنظر:
-رفعت محمد عبد المجيد "،مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية" ،مجلة دفاتر المجلس األعلى ،العدد ،7ص 20و .21
-محمد باية "،التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السنة الجامعية ،2006 -2005ص 47و .48
-أمونير تقية ،م س.
-إياد محمود بردان ،م س.
-عبد الرحمان عاللي ،م س.
-حسام الدين فتحي ناصف "،قابلية محل النزاع للتحكيم في عقود التجارة الدولية" ،دار النهضة العربية ،سنة .1999
-رضا السيد عبد الحميد "،مسائل في التحكيم" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .2003
136
كما أنه من البديهي مالحظة الفرق في هذا الخصوص بين النظام العام الداخلي والنظام العام
وإ ذا ك انت فك رة النظ ام الع ام في الق انون ال داخلي تع ني مجموع ة الق وانين الداخلي ة ال تي تل زم
األفراد وتقيد القاضي على حد سواء ،فإن هذه الفكرة قد امتدت لتشمل كذلك مجال العالقات ذات الطابع
األجن بي ،وأص بحت تلعب دورا حاس ما في اس تبعاد تط بيق أي ق انون أجن بي م تى ك ان متعارض ا م ع
النظام العام الوطني .كما امتدت لتشمل أيضا مجال تنفيذ األحكام األجنبية لتعمل على تعطيل تنفيذ أي
حكم أو قرار تحكيمي أجنبي متى كان هذا الحكم أو القرار متعارضا مع النظام العام في دولة التنفيذ.
وب ذلك لم يع د ال دور ال ذي يلعب ه النظ ام الع ام مقص ورا على العالق ات الوطني ة البحت ة ب ل تج اوزه إلى
العالقات المتميزة بوجود عنصر أجنبي ،وأصبح الحديث في إطار عالقات القانون الدولي الخاص عما
-407هن اك من الفق ه من ال يع ترف بالنظ ام الع ام ال دولي حيث ي رى هش ام ص ادق أن فك رة النظ ام الع ام ال دولي ال يمكن تص ورها إزاء الوض ع
الحالي لألمور ،حيث ال توجد سلطة عليا فوق الدول يمكن لها أن تفرض هذا النظام .فال وجود لفكرة النظام العام الدولي بهذا المعنى ،وأن فكرة
النظ ام الع ام ليست إال فك رة واح دة س واء في اإلط ار ال داخلي أو على المستوى ال دولي .فهي تعكس األفك ار والمب ادئ الس ائدة في مجتم ع معين،
ومن ثم فإن النظام العام هو في حقيقته وطني دائما سواء في نطاق العالقات الداخلية أو في نطاق العالقات الدولية الخاصة .
في حين يرى laliveأن الممارسة العملية المتعلقة بقضاة الدول ،وتلك المتعلقة ب المحكمين ال تسمح اليوم بإنكار مفهوم النظام العام الدولي وال
بإنكار فائدته.
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر:
-هشام علي صادق "،تنازع االختصاص القضائي الدولي" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الثالثة ،سنة ،1974ص 319وما بعدها.
-إياد محمود بردان ،م س ،ص .572
-أشرف عبد العليم الرفاعي ،م س ،ص .93
-عبد الرحيم الزضاكي " ،التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن" ،م س ،ص .41
137
409
هو حماية مص الح التجارة الدولية 408
ولقد كان الهدف من ابتداع فكرة النظام العام الدولي
الفكرة في اإلطار الدولي ينحصر في مجال أضيق مما هو معمول به في المجاالت األخرى .كما أن
وظيفة النظام العام لم تعد تتمثل في ضرورة حماية المصالح العليا للمجتمع فحسب ،وإ نما بدأت تدخل
في الحس اب اعتب ارات أخ رى تتمث ل في وج وب حماي ة التض امن ال دولي ،واإلس هام في تنش يط التج ارة
وقد تجلى تطبيق هذه األفكار واضحا في العديد من األمور المرتبطة بالتحكيم التجاري الدولي
وتنفيذ قراراته ،ومن أمثلة هذه األمور قضية بت فيها القضاء المغربي والتي من خاللها أبرم المكتب
الوط ني المغ ربي للش اي والس كر م ع ش ركة للس كر من دول ة الفل بين عق د بي ع من خالل ه يتكل ف المكتب
واتف ق الطرف ان على ح ل ال نزاع ال ذي س يقع بينهم ا بواس طة التحكيم .وأم ام خ رق المكتب
اللتزامه ،لجأت هذه الشركة إلى مجلس جمعية السكر بلندن للفصل في موضوع النزاع .وبالفعل أصدر
هذا المجلس مقرره وطلبت هذه الشركة من رئيس المحكمة تذييل مقرر التحكيم ،وهو ما قام به رئيس
المحكمة غير أن المكتب الوطني للشاي والسكر استأنف أمر الرئيس بدعوى أن اتفاق التحكيم يناقض
-408هناك من الفقه من ميز بين نوعين من النظام العام الدولي ،وهما النظام العام الدولي النسبي ،والنظام العام الدولي اآلمر المطلق.
ويطلق اصطالح النظام العام الدولي النسبي على مجموع المبادئ األساسية الحامية للنظام القانوني واالجتماعي واالقتصادي والسياسي الوطني،
وذلك من خالل استبعاد تطبيق القانون األجنبي كلما تعارضت أحكامه مع القانون الوطني ،كما هو الشأن لمسائل تنظيم األهلية ،في بلد معين.
أما النظام العام الدولي المكمل ،فهو تلك األحكام العامة المنظمة ألخالقيات المعامالت الدولية ،وهذا النوع الثاني يصعب تصور تعريفه ،م ادامت
المعامالت التجارية الدولية في تغير مستمر حسب الزمان وأيضا أطراف العالقة التعاقدية.
للمزيد من التوسع أنظر:
-عبد الرحمان عاللي "،مجاالت التحكيم والنظام العام" ،المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت ،العدد ،2أبريل ،2007ص .116
-409الطراسي قاسم "،وضعية قاعدة اإلسناد أمام المحكم الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص .43
-410فؤاد الصفريوي ،م س ،ص .265
138
رفضت طلب المكتب ،معللة األمر 411
النظام العام المغربي غير أن محكمة االستئناف بالدار البيضاء
المتخذ من طرف السيد رئيس المحكمة في كونه ال يناقض النظام العام الدولي.
إلى أن ه " ال يمكن اإلق رار بالتفرق ة بين النظ ام الع ام ال داخلي 412
وق د ذهب ج انب من الفق ه
وال دولي وال إيج اد ح د فاص ل أو معي ار للتفرق ة بينهم ا ،واالكتف اء بتردي د ه ذه العب ارة في ه مس خ لفك رة
النظام العام بل وتحريف لها ،ففكرة النظام العام ذات أثر عام في التطبيق سواء أكان النزاع داخليا أم
وفي المقابل ينادي اتجاه آخر بالتفرقة بين النظام العام الدولي والداخلي واألخذ بعين االعتبار
حكم يتعل ق بالنظ ام الع ام في التط بيق ال داخلي للنص وص ه و بالض رورة ك ذلك على الص عيد ال دولي أو
التطبيق الدولي ،وذلك بالنظر إلى طبيعة االختالف بين النظم القانونية واالجتماعية بين الدول ويترتب
على ذلك بالضرورة القول بعدم تطابق فكرة النظام العام الداخلي في كل األحوال أو الحاالت مع فكرة
وما يتطلبه النظام العام الداخلي لكل بلد ولكل مجتمع هو نسبي ويختلف من بلد إلى آخر ،أما
النظام العام الدولي فهو مشترك بين كل دول العالم ومن هنا ،فإن هناك نظامان عامان :النظام العام
إن االتج اه الح ديث في القض اء والتش ريع ه و التفري ق بين النظ ام الع ام ال داخلي والنظ ام الع ام
ال دولي ورفض تنفي ذ الحكم عن دما يتع ارض م ع النظ ام الع ام ال دولي ،وه ذا م ا يس تنتج من ق انون
إذا أتبت الشخص الذي يتذرع بها وجودها ولم تكن مخالفة بصورة واضحة للنظام العام الدولي".415
من ه ذا المنطل ق إذن أص بح التمي يز بين النظ ام الع ام ال داخلي والنظ ام الع ام ال دولي قائم ا في
العديد من تشريعات الدول واجتهاد محاكمها بحيث لم يعد ما يعتبر من النظام العام في اإلطار ال داخلي،
يعت بر بالض رورة متعلق ا بالنظ ام الع ام ب المفهوم ال دولي ،وأص بح النظ ام الع ام في كث ير من األحي ان
ويالح ظ أن الق رارات القض ائية الفرنس ية غني ة في ه ذا االتج اه فهي تف رق بين النظ ام الع ام
ال داخلي والنظ ام الع ام ال دولي وق د تم تنفي ذ العدي د من الق رارات التحكيمي ة وإ ن ك انت تتض من مخالف ة
للنظام العام الفرنسي ،ذلك ألنها ال تخالف النظام العام الدولي .417أما إذا تعلق األمر بالتحكيم الداخلي
فالض ابط حينه ا ه و النظ ام الع ام ال داخلي .وه ذا م ا يفهم من نص الم ادة 1484من ق انون المس طرة
المدنية الفرنسي التي تنص على أنه" :وال يكون الطعن بطريق البطالن جائز إال في الحاالت التالية ...
غير أن بعض التشريعات ال تعترف بهذه التفرقة كما هو الحال بالنسبة للمشرع المصري ،فقد
ج اء في الم ادة 53من ق انون التحكيم المص ري على أن ه " ...وتقض ي المحكم ة ال تي تنظ ر دع وى
البطالن من تلق اء نفس ها ببطالن حكم التحكيم إذا تض من م ا يخ الف النظ ام الع ام في جمهوري ة مص ر
العربية".
العربية ،وهي مسألة على ج انب كب ير من األهمي ة ،إذ يكون ب ذلك القانون المصري يرفض ما يسمى
بالنظام العام الدولي ،تأسيسا على الطابع الوطني لمفهوم النظام العام.418
وقد عرفت محكمة النقض المصرية القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام " بالقواعد التي
يقص د به ا تحقيق مص لحة عام ة سياس ية أو اجتماعي ة أو اقتص ادية تتعلق بنظ ام المجتم ع األعلى وتعلو
على مصلحة األفراد .حيث ينبغي على جميع األفراد مراعاة تلك المصلحة وال يجوز لهم االتفاق على
ما يخالفها نظرا ألن المصلحة العامة تسمو على المصلحة الفردية".419
ال ذي يري د منح الص يغة التنفيذي ة للحكم التحكيمي أن 420
يتعين على رئيس المحكم ة المختص ة
يتأك د أوال من م دى ك ون ه ذا األخ ير غ ير مخ الف لمقتض يات النظ ام الع ام .وه ذا فعال م ا تط رق إلي ه
423
و 310 422
و 309 421
المشرع المغربي حينما ركز على ضرورة احترام مقتضيات الفصول 308
-418يمكن الرجوع في نفس االتجاه عند محمود مختار أحمد بربري"،التحكيم التجاري الدولي ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثالثة ،سنة ،2003
ص .232
-419عبد الرحيم زضاكي " ،الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي" ،م س ،ص 26و .27
-420ويقصد ب رئيس المحكم ة في قانون 08-05حسب الفقرة الثالث ة من الفصل .312رئيس المحكم ة التجارية م ا لم يرد خالف ذلك ،ولعل
االس تثناء ال وارد على ه ذه الحال ة يتمث ل في رئيس المحكم ة االبتدائي ة وال رئيس األول لمحكم ة االس تئناف التجاري ة وال رئيس األول لمحكم ة
االستئناف ،أما األحكام التحكيمية المتعلقة بالنزاعات الناشئة عن العقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية فإنها تدخل ضمن اختصاصات
المحاكم اإلدارية والمحاكم اإلدارية االستئنافية.
-421ينص الفصل 308من قانون 08 -05على ما يلي " :يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين
أن ي برموا اتف اق تحكيم في الحق وق ال تي يملك ون حري ة التص رف فيه ا ض من الح دود ووف ق اإلج راءات والمس اطر المنص وص عليه ا في ه ذا
الباب."...
-422ينص الفص ل 309من ق انون 08 -05على م ا يلي " :م ع مراع اة مقتض يات الفص ل 308أعاله ،ال يج وز أن ي برم اتف اق التحكيم بش أن
تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة ".
-423ينص الفص ل 310من ق انون 08 -05على م ا يلي " :ال يج وز أن تك ون مح ل تحكيم النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات األحادي ة للدول ة أو
الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.
غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها ،يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي."...
141
من قانون 08-05التي تعتبر طبيعتها من صميم النظام العام ،424بحيث إنه كلما كان النزاع موضوع
المختص ة رفض منح هذه الص يغة التنفيذي ة ،ونفس الش يء ينطبق عن دما يتع ارض ه ذا الحكم التحكيمي
-424إن المشرع المغربي شعر بدقة طبيعة النظام العام ،فأحجم عن تعريفه ،ونص فقط على ضرورة احترام ه ،واكتفى بالقول في العديد من
النصوص القانونية أن هذه النصوص متعلقة بالنظام العام ،أو نصوص ال يمكن االتفاق على ما يخالفها.
وقد تضمن القانون المغربي عدة نصوص لها صلة بالنظام العام ورد أغلبها في قانون االلتزامات والعقود نذكر منها على سبيل المثال الفصول:
.986 -985 -881 -72 -62
- 425يعد استبعاد التحكيم من بعض النزاعات ،استثناء من المبدأ العام الذي يقضي بجواز التحكيم في جميع المواضيع التي يملك األطراف حرية
التعاقد بشأنها.
ويأتي هذا االستثناء المتعلق بعدم قابلية نزاع ما للتحكيم ،لالستجابة لرغبة الدولة في االحتفاظ برقابة على الموضوع المستبعد من التحكيم ،وذل ك
عن طريق حصر أمر البت في المنازعات المتعلقة به على القضاء لحساسية هذا الموضوع وارتباطه الوثيق بالمصلحة العامة التي تعد جوهر
النظام العام.
فصدور حكم في نزاع غير قابل للحل عن طريق التحكيم يعتبر قرارا مخالفا للنظام العام .وهذا الشرط منصوص عليه في تشريعات سائر الدول
نظ را لخطورت ه ،ألن الغ رض من إق راره ه و من ع األف راد من اللج وء إلى التحكيم في ش أن بعض المنازع ات ال تي له ا ص لة بمقوم ات الدول ة
والمصلحة العامة.
أم ا ق انون التحكيم المغ ربي 08 -05ن رى أن المش رع المغ ربي نص على أن محكم ة االس تئناف تنظ ر في الطعن ب البطالن من تلق اء نفس ها
ببطالن حكم التحكيم إذا تض من م ا يخ الف النظ ام الع ام في المملك ة المغربي ة أو إذا وج دت موض وع ال نزاع من المس ائل ال تي ال يج وز التحكيم
فيه ا ( .الفصل .)327 -36وب ذلك يك ون ق د أخ د باالتج اهين أي أن الحكم التحكيمي يك ون ب اطال إذا تضمن م ا يخ الف النظام الع ام .وإ ذا ك ان
موضوع النزاع من المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها وبديهي أن المسائل المتعلقة بالنظام العام ال يجوز التحكيم فيها
كم ا نج د أن المش رع ح اول تب ني توج ه التش ريعات المقارن ة وال س يما المش رع الفرنس ي ال ذي توس ع في إج ازة التحكيم في المنازع ات الداخلي ة
( قانون 420لسنة )2000في حين انتهج مسلكا غير محمود عندما لم ينظم بصفة دقيقة المسائل التي ال يجوز فيه ا التحكيم ،بخالف مقتضيات
قانون المسطرة المدنية الملغاة ،وفي سبيل التحديد يرى بعض الفقه أن المشرع المغربي لم يحدد مواصفات المسائل المتعلقة بالنظام العام التي
يحظر التحكيم فيها بشكل تقريبي يضبط هذا المفهوم حسب التعاريف المتفق عليها ،كما أنه – أي المشرع – كان يجب عليه اإلشارة صراحة
ليس إلى النظام العام فقط ،وإ نما كذلك إلى المسائل التي ال يجوز فيها التحكيم رفعا منها لكل لبس قد يثير اإلحالة إلى الفصل 62من ق.ل.ع
وحول م ا إذا ك انت تتعل ق باتف اق التحكيم نفس ه أو التص رفات موضوع الحق وق ال تي يملكه ا أص حابها حري ة التصرف فيه ا وإ خض اع النزاعات
المتعلقة بها للتحكيم أو هما معا.
كما أن عدم قابلية المسائل التي لها اتصال بالنظام العام للتحكيم ال تعتبر محل خالف ،لكن التنصيص على ذلك قانونا يدخل نوعا من الشك في
مصداقية التحكيم ،والمقتضيات الحالية تحمل على االعتقاد بأن التحكيم هو الذي يعتبر ممنوعا باسم النظام العام ،والحال أن االتفاق الذي ينص
على التحكيم بخصوص مسألة لها ارتباط بالنظام العام هو الذي يعتبر غير مشروع ومن ثم فإن التنصيص على كون المسائل التي لها اتصال
بالنظام العام ال يمكن أن تخضع للتحكيم ،يعتبر من باب الحشو واإلطناب والذي من شأنه إدخال نوع من التشكك في آلية التحكيم.
للمزيد من اإليضاح المرجو الرجوع إلى:
-عبد الرحمان المصباحي "،المادة التحكيمية أو قابلية النزاع للتحكيم" ،المجلة القانونية التونسية ،العدد ،3السنة ،2004ص .65
-رياض فخري ،م س ،ص .134
-عبــد الصــادق ربيــع "،التحكيم التج اري من التش كك إلى المص داقية" م أخوذ من سلس لة دف اتر المجلس األعلى ،تحت عن وان" التحكيم التج اري
الداخلي والدولي" ،العدد ،6السنة ،2005ص .37
142
كما نجد المشرع المغربي قد خصص الفصل 327-46من قانون 08-05ليشترط ضرورة
كون الحكم التحكيمي غير مخالف لمقتضيات النظام العام ،وذلك حتى يتم االعتراف به داخل التراب
المغربي.426
وبالرغم من دقة ووضوح مقتضيات الفصل 327-46الذي ينظم الحاالت التي يتعين بتحققها
التص ريح ب رفض ت ذييل الحكم التحكيمي بالص يغة التنفيذي ة .427ف إن هن اك من اإلش كاليات القانوني ة ال تي
تبقى مطروح ة في ه ذا الص دد ومنه ا على الخص وص طبيع ة النظ ام الع ام المقص ود حمايت ه في ه ذا
الق انون .فه ل يتعل ق األم ر بالنظ ام الع ام ال داخلي ،428ال ذي يقتص ر دوره على حماي ة األس س السياس ية
-محمد أبو العينين "،قابلية المنازعات للتحكيم" ،مأخوذ من سلسلة دفاتر المجلس األعلى ،م س ،ص .87
-أمونير تقية"،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني، ،الدار
البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية .2010 -2009
-426يمكن القول أن جميع المقتضيات القانوني ة أعاله التي تحدد الشروط الواجب توافره ا في الحكم التحكيمي لتنفي ذه هي مستلهمة في األصل
من الفقرة الثانية من المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك ،التي نصت في هذا الخصوص على ما يلي ":يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب
إليها االعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض االعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:
-أن قانون ذلك البلد ال يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم.
-أن االعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه يخالف النظام العام في هذا البلد".
-427وضع قانون 08-05مجموعة من الشروط المتطلب ة من أجل االعتراف وتنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الدولي ة ،إذ يمكن وصفها بأنه ا نسخة
طبق األصل لما جاءت به اتفاقية نيويورك في هذا الصدد ( المادة الرابعة).
فينص الفصل 327-47على أنه " يثبت وجود الحكم التحكيمي باإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخ هاتين الوثيقتين وتت وفر فيه ا ش روط
الصحة المطلوبة.
إذا كانت الوثيقتان المذكورتان غير محررتين باللغة العربية ،وجب اإلدالء بترجمة لهما مشهود بصحتهما من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم".
أما بالنسبة للشروط الموضوعية المتطلبة لتنفيذ الحكم التحكيمي الدولي ،فهي التي نص عليها الفصل 327-49حسب الشكل التالي ":ال يمكن
الطعن باالستئناف في األمر القاضي بتخويل االعتراف أو الصيغة التنفيذية إال في الحاالت التالية:
-1إذا بتت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم.
-2إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية.
-3إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها.
-4إذا لم تحترم حقوق الدفاع.
-5إذا كان االعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني".
-428
حاول الفقه إعطاء تعريف يتناسب وعبارة النظام العام الداخلي ،فق د عرف ه مثال بلعيد كرومي بأن ه ":مجم وع القواع د القانوني ة الداخلي ة التي
ال يجوز لألطراف االتفاق على مخالفتها استنادا على مبدأ سلطان اإلرادة ،سواء تعلق األمر باتفاقيات يشارك فيها طرفان أو أكثر ،أم بتصرفات
قانونية صادرة عن إرادة منفردة".
إن فكرة النظام العام فكرة تستهدف صيانة كيان المجتمع الوطني ورعاية األسس القانونية والمصالح الجوهرية لهذا المجتمع ،وهذا التعريف
يقتص ر على النظ ام الع ام ال داخلي ال ذي يمكن تعريف ه بأن ه تل ك القواع د ال تي ال يج وز مخالفته ا بواس طة التص رفات القانوني ة أو القواع د ال تي ال
يج وز لألف راد مخالفته ا ،ك أن يتعل ق ال نزاع بتوزي ع أرب اح ك ازينو ألع اب قم ار ،إذا أحي ل ال نزاع على التحكيم وص در حكم تحكيمي في ال دول
143
واالجتماعي ة واالقتص ادية الوطني ة أم أن ه يتعلق بالنظ ام العام الدولي ،429الذي يتس م بالمرون ة والتيسير
إن المش رع المغ ربي يأخ ذ بمفه وم النظ ام الع ام ،وذل ك بتقري ره اس تبعاد ك ل حكم تحكيمي في ه
مساس بالمصالح األساسية التي يقوم عليها المجتمع سواء كانت سياسية أو اقتص ادية أو اجتماعية .وفي
هذا الصدد يمكن االستشهاد ببعض الحاالت التي قد تبرر إبطال الحكم التحكيمي بناء على أساس خرق
الغربية يعتبر موضوع هذا العقد عملية تجارية وبالت الي يعطي للحكم التحكيمي صيغة التنفيذ .ولكن في الدول اإلسالمية يعتبر الميسر محرما
فالحكم التحكيمي الذي يبث بموضوع توزيع األرباح مخالف للنظام العام.
من هذه الزاوية يمكن القول إن الميسر هو من النظام العام الداخلي ،كما أن الحكم التحكيمي الذي يصدر عن هيئة تحكيمية بشأن نزاع وقع بين
تج ار الخم ر يعت بر مقب وال في ك ل ال دول الغربي ة إال في البل دان اإلس المية ال تي يع د فيه ا ال بيع واس تهالك الخم ور ممنوع ا .ك ل ذل ك يجرن ا إلى
الحديث عن نظام آخر وهو النظام العام اإلسالمي الذي يكون له طابع عام ديني والذي تنهجه األطراف المتعاقدة التي لها اعتقاد إسالمي والذي
تصدر عنه تعليمات وممنوعات إجبارية هذه الفكرة تبقى جد محدودة في مجال التجارة الدولية والمغرب قليال ما يختار كمكان للتحكيم خاصة
عندما تكون أحد األطراف المتعاقدة غير معترفة بالعقيدة اإلسالمية.
وفي سياق فلسفة حماية النظم القانونية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية والدينية الداخلية أو بعبارة أخرى ،حرصا على القيم العليا وللحلول
دون المساس بالشعور الجماعي الداخلي ،فإن النظام العام لعب دورا فنيا آخر وتحت تسمية أخرى تستوعب وظيفته أكثر ما تعبر عن مصدره
الوطني الصرف ،وهو ما يعرف قانونا بالنظام العام في القانون الدولي الخاص .L’exception de l’ordre public
هذا القانون عرفه أستاذنا إطوبان بكونه كل ما يرتبط بالسياسة التشريعية للدولة التي ال يمكن مخالفتها في إطار النزاعات ذات العنصر األجنبي
المرفوع ة أم ام القاض ي الوط ني س واء ك انت ه ذه السياس ة التش ريعية تتعل ق بحماي ة المص الح الخاص ة أو العام ة للدول ة أو تتعل ق ب اإلجراءات
القانونية التي يلزم إتباعها عند البدء في أي نزاع داخلي أو أجنبي ،فهذا القانون غير فاعل على مستوى العالقات والمع امالت التجاري ة الداخلي ة،
وليس له عالقة مباشرة بآمرية القواعد القانونية الداخلية ،وإ نما هو من جهة ال يتدخل سوى في العالقات الخاصة الدولية بما فيه ا التجاري ة ،ومن
جهة ثانية يكون إعماله مشروطا باختصاص القاضي الوطني ،وهو من جهة ثالثة ال يركز سوى على صيانة األسس والقيم والمبادئ األسمى
داخل الدولة دون التقيد بالتطابق بين القانون األجنبي والقانون الوطني من حيث اآلمرية والتحريم واإلباحة ،وهو بهذه الصفة يقوم على نطاق
أضيق من النظام العام الداخلي بالمفهوم السابق.
للتوسع في مفاهيم النظام العام أنظر:
-إياد محمود بردان "،التحكيم والنظام العام ،دراسة مقارنة" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،سنة .2004
-أشرف عبد العليم الرفــاعي "،اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة الدولي ة ،دراس ة فقهي ة قض ائية مقارن ة" ،دار
الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة .2003
-عبد اهلل درميش "،التحكيم الدولي في المواد التجارية" ،م س ،ص 75وما بعدها.
-إبراهيم بحماني "،تنفيذ األحكام األجنبية في المغرب" ،مجلة القضاء والقانون ،عدد ،148ص .84
-محمد منير ثابت "،تنازع القوانين في مادة التعاقد" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون" ،جامعة الحسن الثاني ،كلية الحقوق بالدار البيضاء،
السنة الجامعية ،2001 -2000ص .320
- Boudhrain Abdellal, Op. cit, p 45
- Majdouline halimi, Op. cit ,p 123.
- 429إن النظام العام الدولي نظرته شاملة وأحكامه عامة تشمل العالم بأسره كالبغاء وتجارة المخدرات وتجارة الرقيق والرشوة واستغالل النفوذ،
والعقد الذي ظاهره عمولة وباطنه رشوة هو مخالف للنظام العام الدولي.
وقد عرف بعض الفقه النظام العام الدولي بأنه ":كل ما يميز القوانين األساسية إلدارة العدالة ووضع االلتزامات التعاقدية موضع التنفيذ ويعبر
أيضا عن مقتضيات األخالق الدولية".
144
( المتاجرة في الذهب أو التبغ) ،أو منع 431
للنظام العام مثل احتكار الدولة لبعض األنشطة االقتصادية
امتالك األراضي الزراعية من طرف أجنبي ،حيث أن موضوع التعاقد باطل بمنظور النظام العام.432
وي ؤدي حكم التحكيم ال ذي لم ي راع عن د ص دوره النظ ام الع ام المغ ربي إلى البطالن .وه و م ا
ينص عليه الفصل 327-36من قانون 08-05رغم كل شرط مخالف تكون األحكام التحكيمية قابلة
للطعن بالبطالن طبقا للقواعد العادية أمام محكمة االستئناف التي صدرت في دائرتها ."...
فحماي ة للنظ ام الع ام س واء الوط ني أو ال دولي رتب المش رع المغ ربي حكم البطالن من خالل
الفص ل 327-36على ك ل حكم تحكيمي يمس األس س الجوهري ة للدول ة أو يمس المص الح األساس ية
للمجتمع الدولي .حيث ينص هذا الفصل على أنه ..." :ال يكون الطعن بالبطالن ممكنا إال في الحاالت
اآلتية... :
وبحسب محكم ة النقض الفرنسية" يتضمن النظام الع ام الدولي مجموعة من القواعد اآلم رة التي تحترم ممارس ة التجارة الدولي ة ،ويرتكز على
المعاهدات الدولية ،والمبادئ العامة في القانون والمبادئ العامة ألعراف التجارة الدولية".
ولتقريب الفكرة أكثر حول مفهوم النظام العام الدولي ،نورد المثال الذي ذكره أشرف عبد العليم الرفاعي ويتعلق األمر بشركة بريطانية ترغب
في إب رام عق د م ع األرجن تين بمبل غ قيم ة 4ماليين ل يرة .وبع د االتص ال ب الموظف المحلي ال ذي عم ل في وس عه للحص ول على مس اندة ال رئيس
PERONوالذي بدونه كانت فرصة إبرام العقد ضئيلة ومقابل هذه الخدمة يحصل على عمولة %10من المبلغ اإلجمالي للعقد.ولكن في سنة
1955فقد PERONالسلطة .وهذا لم يمنع الشركة البريطانية من إبرام العقد بمبلغ 9ماليين ليرة وقد طالب الموظف بالعمولة التي كانت قد
وع دت به ا الش ركة .وأم ام رفض ه ذه األخ يرة لطلب الموظ ف ،رف ع ه ذا األخ ير دع واه أم ام LARGGREGENبص فته محكم ا غ ير أن ه ذا
األخ ير ص رح" بأن ه ال يمكن أن ن رفض وج ود مب دأ ع ام في الق انون المع ترف ب ه من األمم المتحض رة بمقتض اه تك ون العق ود المخالف ة لألخالق
الفاضلة أو النظام العام الدولي غير صحيحة أو على األقل غير قابلة للتنفيذ ،وال يمكن أن تقرها المحاكم أو المحكمين ،ليقرر هذا المحكم عدم
اختصاصه في إصدار حكم في هذه القضية معلال ذلك بقوله :بعد تقييم جميع األدلة ،قد اقتنعت بأن حالة مثل هذه الحالة تنطوي على مخالفة
واضحة لألخالق الفاضلة ،والنظام العام الدولي وال يمكن ألي محكمة سواء في األرجنتين أو في فرنسا أن تقر بصحة هذا العق د وال في أي بلد
متحضر وال أمام أي محكمة تحكيمية".
أنظر في هذا الشأن:
-عبد الرحيم الزضاكي "،التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن" ،م س ،ص 42و.43
-أشرف عبد العليم الرفاعي ،م س ،ص 111وما بعدها.
- 430هناك بعض التشريعات المقارنة قد استثنت النظام العام الوطني مكتفية بالنظام العام الدولي .على سبيل المثال ال الحصر نذكر فرنسا
( المادة 1489من المدونة الجديدة للمسطرة المدنية) وتونس ( الفصل 80من مجلة التحكيم التونسية) والجزائر ( المادة 458مكرر من قانون
المسطرة المدنية الجزائري).
-431محمد شلغوم "،الطعن في شرط التحكيم في الشريعة اإلسالمية" ،مجلة التحكيم العالمية ،لبنان ،العدد التاسع ،سنة ،2011ص .164
-432إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .330
145
إال أن م ا يالح ظ على ه ذه الفق رة أنه ا أش ارت إلى فك رة النظ ام الع ام فه ل يقص د ب ذلك أن أي
مخالفة للنظام العام الداخلي في المغرب تؤدي إلى إهدار حكم التحكيم؟ أم أن فكرة النظام العام يقصد
به ا فكرة النظ ام العام الدولي المتعارف على إعمالها في إط ار العالق ات الخاص ة الدولي ة وليس مجرد
يب دو لن ا أن ع دم ذك ر المش رع المغ ربي للف ظ ال دولي بج انب فك رة النظ ام الع ام ترج ع إلى أن
قانون 08 -05ال يعالج فقط التحكيم التجاري الدولي ولكنه يسري أيضا على التحكيم الداخلي ،دون
تفرق ة بين النص وص ال تي تخص كال الن وعين من أن واع التحكيم .433ولع ل ه ذه أب رز االنتق ادات ال تي
يمكن أن توجه إلى هذا القانون الذي كان حري به أن يقرر لكل منهما القواعد الخاصة والذاتية له.
وقد تطرق المشرع المغربي في قانون 08-05إلى مبدأ النظام العام الدولي وذلك من خالل
الفص ل 327-46ال ذي ينص على أن ه" :يع ترف باألحك ام التحكيمي ة الدولي ة في المملك ة إذا أثبت
وجوده ا من يتمس ك به ا ولم يكن ه ذا االع تراف مخالف ا للنظ ام الع ام الوط ني أو ال دولي" أيض ا نص
المش رع المغ ربي في الفص ل 327-49على أن ه " :ال يمكن الطعن باالس تئناف في األم ر القاض ي
بتخوي ل االع تراف أو الص يغة التنفيذي ة إال في الح االت التالي ة ...إذا ك ان االع تراف أو التنفي ذ مخالف ا
-433تج در اإلش ارة إلى أن المش رع المغ ربي في ق انون 08 -05لم يح دد م دة ص دور الحكم التحكيمي ال دولي مم ا يس تنتج إخض اعه التف اق
التحكيم أي حسب إرادة األطراف .وبخصوص مسألة تعليل الحكم التحكيمي فإذا كان المشرع المغربي قد تطرق إليها في التحكيم الداخلي فإنه لم
يحدد موقفه منها في التحكيم التجاري الدولي .أيضا بخصوص إمكانية تصحيح الحكم التحكيمي الداخلي وتفسيره والحكم اإلضافي فه ذا المقتضى
ب دوره لم يش ر إلي ه المش رع المغ ربي بخص وص التحكيم التج اري ال دولي في الق انون رقم ،08-05وطبق ا للفص ل 327-47ف إن ه ذا الحكم
التحكيمي الذي تم إصداره يثبت وجوده عن طريق اإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخة من هاتين الوثيقتين.
ه ذا فيم ا يتعل ق بص دور الحكم التحكيمي وبع د ذل ك ت أتي مرحل ة تنفي ذ ه ذا الحكم التحكيمي وهن ا يم ر ه ذا الحكم بمرحل تين مرحل ة االع تراف
ومرحلة التذييل بالصيغة التنفيذية.
وهناك فرق كبير بين االعتراف بالحكم وبين تنفيذه فقد يعترف ب الحكم ولكن ال ينفذ وإ ذا نفذ فقد يكون قد تم االعتراف ب ه ،وقد حاول فوزي
محمد سامي التمييز بينهما فقال" :االعتراف يعني أن القرار قد صدر في شكل صحيح وملزم لألطراف بينما التنفيذ يعني الطلب إلى الخصم
الذي صدر الحكم ضده أن ينفذ ما جاء في الحكم".
-فوزي محمد سامي ،م س ،ص .33
146
وق د س ار ب ذلك في نهج االتفاقي ات الدولي ة المتعلق ة ب التحكيم ال س يما اتفاقي ة نيوي ورك بش أن
االع تراف وتنفي ذ ق رارات المحكمين األجنبي ة حيث أش ارت الم ادة الخامس ة من ه ذه االتفاقي ة على أن ه:
"يج وز للس لطة المختص ة في دول ة التنفي ذ رفض االع تراف ب القرار التحكيمي وتنفي ذه إذا ت بين له ا أن
إال أن صياغة " ...ولم يكن هذا االعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي" المذكورة في
الفص ل 327 -46وص ياغة "إذا ك ان االع تراف أو التنفي ذ مخالف ا للنظ ام الع ام ال دولي أو الوط ني"
المذكورة في الفصل 327-49من قانون 08 -05معيبة ،ذلك أن المشرع المغربي استعمل "الدولي"
أو "الوطني" وهو ما يعني إعطاء الخيار للقاضي بين أن يختار النظام العام الدولي أو أن يختار النظام
العام الوطني ،وقد يكون كمبرر لعدم االعتراف وعدم األمر بالتنفيذ ولذلك فعلى المشرع المغربي أن
أنه من أجل تشجيع اللجوء إلى مؤسسات التحكيم لتسوية النزاعات الناش ئة 435
ويرى بعض الفقه
عن معامالت التجارة الدولية ،التي أصبح المغرب بفعل التزاماته الدولية عضوا فاعال فيها .ولجذب
االس تثمارات األجنبي ة إلي ه ك ان على المش رع المغ ربي أن يقتص ر على ض رورة اح ترام ه ذه األحك ام
التحكيمية الدولية للنظام العام الدولي فقط دون النظام العام الوطني ،436وذلك لتميزه بميزتي المرونة
واليس ر الل تين تتماش يان م ع طبيع ة ومتطلب ات مص الح التج ارة الدولي ة المبني ة على عنص ر الس رعة،
ويتعين على القاضي أن يترجم في ممارسته هذا التوجه بالتضييق من مفهوم النظام العام الداخلي كلما
-434عبــد اهلل أوبهــا "،إش كاالت التحكيم في المنازع ات التجاري ة البحري ة" ،رس الة لني ل الماس تر في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس،
السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السويسي ،السنة الجامعية ،2008-2007ص 98
-435مريم العباسي ،ناصر بلعيد ،كريم بنموسى ،م س ،ص.83
- 436وفي هذا الصدد ،تضمنت التوصيات المنبثقة عن الندوة -المنظمة من قبل المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط بشراكة مع مركز
تونس للمصالحة والتحكيم وبتعاون مع وزارة العدل والغرفة الوطنية للتوثيق العصري وجهة الرباط سال زمور زعير -حول تنفيذ أحكام
التحكيم :الصعوبات والحلول" يومي 28و 29ماي 2010بالرباط ،التوصية المتعلقة بإعادة النظر في الفصل 327 -46من القانون -05
08وذلك باالقتصار فقط على النظام العام الدولي ( .أشغال هذه الندوة منشورة في المجلة المغربية للوساطة والتحكيم عدد 5سنة .)2011
147
ومصالح الدولة 437
تعلق األمر بعقود دولية وذلك من أجل خلق نوع من التوازن بين مصالح التحكيم
المغربية في الجانب المتعلق بالتنمية االقتصادية وذلك باستحضار آثار الرفض على االستثمار.438
الع ام الوط ني وذل ك انس جاما م ع موق ف المش رع المص ري ،وحس ما لم ا يمكن أن يث ار في ه ذا الص دد
يعل و على النظ ام الع ام للملك ة المغربي ة عن دما يتعل ق األم ر بتج ارة 440
ح ول وج ود نظ ام ع ام دولي
- 437من بين هذه المصالح التنسيق بين مختلف األنظمة القانونية المختلفة ومراعاة حاجيات التجارة الدولية.
-438إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .329
-439موالي لكبير الصوصي العلوي موالي لكبير الصوصي العلوي "،طرق الطعن المرتبطة بالمقررات التحكيمية التجارية في القانون المغربي
والمقارن" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص .188
-440لقد سارعت معظم الدول إلى االن دماج في المنظوم ة االقتصادية الدولي ة ،مما حتم عليه ا التخلي عن جملة من الخصوصيات والقيود التي
تعيق التحكيم التجاري.
وظهر بذلك ما يسمى بالقواعد الموضوعية للتجارة الدولي ة كنظام قانوني خاص بالتجارة الدولي ة ،والتحكيم التجاري الدولي ،وكان ال بد له ذا
القانون من نظام عام حمائي تجلى في النظام العام عبر الدولي أو أي تسمية أخرى اختارها الفقهاء والمناصرين لهذا الطرح.
وقد ث ار جدل حول وجود نظام عام عبر دولي يمكن ه أن يحقق الحماي ة لمصالح التجارة الدولي ة ،وم رد هذا الجدل أساس ا هو االختالف حول
وج ود نظ ام ق انوني للتج ارة الدولي ة ،والنظ رة التقليدي ة لبعض الفقه اء لمفه وم النظ ام الق انوني ال ذي ال يتص ور في نظ رهم إال في إط ار الدول ة،
جعلتهم يدافعون على أطروحة نظرية تتمثل في عدم وجود نظام قانوني للتجارة الدولية ،وبذلك فإنه في نظرهم ال يمكن تصور وجود نظام عام
إال إذا كان مرتبط بالنظام القانوني للدولة .كما أن وجود هذا النظام العام عبر الدولي كان نتيجة للتطور وازدهار التجارة الدولية ،وحاجتها إلى
االس تقاللية وتج اوز الت أثيرات الس لبية للنظ ام الع ام الوط ني ،خاص ة حينم ا يب نى على مص الح نظري ة غ ير جدي ة من ش أنها عرقل ة نم و وازده ار
التجارة الدولية ،وقد كان لعمليات التجارة الدولية دورا فاعال في تأصيل وإ براز وجود هذا النظام العام عبر الدولي ،وذلك من خالل آلية التحكيم
التجاري الدولي.
للمزيد من التوسع حول موضوع" النظام العام عبر الدولي :مفهومه ،مصادره ،الخالف حول وجوده ومدى سموه" أنظر في هذا الصدد:
-عبــد الرحمــان عاللي "،ق انون اإلرادة في التحكيم" ،موض وع بحث لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د
الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص 147وما بعدها.
-عبد السالم اإلدريسي "،النظ ام الع ام في التحكيم التج اري ال دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية .2007 -2006
-إياد محمود بردان "،م س ،ص 568وما بعدها.
-صوفية دينار "،السلطة التقديرية للمحكم الدولي إزاء القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص 91وما
بعدها.
148
دولية ،441بل هناك من ينظر إلى فكرة النظام العام نظرة حذر وارتياب ،وأنه يقصد بها طمس الهوية
القومية للدول المراد تنفيذ الحكم فيها وبصفة خاصة الدول النامية.442
ف إذا الح ظ القاض ي الوط ني أن الحكم التحكيمي ال دولي ال يتع ارض في ش يء م ع النظ ام الع ام
المغربي ،أصدر األمر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية إذا توفرت بقية الشروط األخرى ،أما إذا تضمن
الحكم التحكيمي الدولي ما يخدش الشعور العام ،أو يمس بالمقومات األساسية التي يرتكز عليها المشرع
وإ ذا تطابق النظام العام الداخلي مع النظام العام الدولي فالتحكيم الدولي ال يثير مشكلة .أما إذا
تعارضا فإن القاضي المغربي ال يملك تغليب األخير عن األول عند طلب تنفيذ حكم التحكيم الدولي في
بلده.444
وإ ذا ك ان اله دف األساس ي من فك رة النظ ام الع ام ه و حماي ة النظ ام الق انوني للدول ة وحماي ة
مص الحها العام ة ،فإنن ا ن رى تط بيق ه ذه الفك رة في مج ال تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الدولي ة في أض يق
الح دود وتفس يرها تفس يرا يتماش ى م ع مس تلزمات الحف اظ على المب ادئ األساس ية للعدال ة واألخالق
-441سرحان عبد اهلل المعمري "،الرقابة القضائية على مقررات التحكيم في القانون اليمني ،دراسة مقارنة" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس ،السويس ي ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،س ال ،الس نة الجامعي ة -2007
،2008ص .54
-442أحمد هندي ،م س ،ص .212
-443مصطفى هرندو ،م س ،ص .62
-444رفعت محمد عبد المجيد "،م س ،ص .21
- 445يالحظ أن االتجاه السائد اليوم يرمي بشكل واضح إلى توسيع مجال التحكيم عبر القبول بإمكانية البت عن طريقه في المسائل التي ترتبط
بشكل أو بآخر بالنظام العام .وقد تم وفقا لهذا التوجه القبول في العديد من الدول بالفصل في النزاعات المتعلقة مثال بقوانين المنافسة وقوانين
اإلفالس وقوانين الملكية الفكرية عن طريق هذه اآللية.
-إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .331
-446أحمد هندي ،م س ،ص .226
149
يتطلب ه مب دأ التع اون ال دولي وتقتض يه مص الح التج ارة الدولي ة من جه ة أخ رى .ويبقى على القض اء
المغ ربي مراع اة ه اذين الج انبين مع ا ومحاول ة التوفي ق بينهم ا دون إف راط أو تفري ط ،أي دون إه دار
حقوق األفراد الخاص ة التي تكرسها هذه األحكام ،وكذلك دون التضحية بالمص الح العليا للدولة سواء
الفرع الثاني :إشكالية توحيد القواعد الموضوعية للتحكيم الدولي واالتفاقيات الدولية
-اتفاقية نيويورك نموذجا-448
إن اختالف الحلول المعمول بها في التشريعات الوطنية وتباينها في تنظيم المعامالت التجارية
الدولي ة من ش أنه إش اعة القل ق وع دم االس تقرار بين المتع املين في التج ارة الدولي ة ،األم ر ال ذي ف رض
ضرورة توحيد الحلول القانونية المعمول بها في تنظيم العالقات التجارية الدولية ،عن طريق إقرار أو
خلق أو تجميع الحلول الموضوعية التي من شأنها تقديم حلول قانونية تتالءم وطبيعة العالقة التجارية
الدولي ة ،وذل ك لتوف ير ج و من الثق ة والطمأنين ة للعالق ات الخاص ة الدولي ة عموم ا والتجاري ة الدولي ة
خاصة.
تحكم العالقات التجارية الدولية .ولذلك كان من الطبيعي أن تتجه الجهود الدولية إلى إبرام العديد من
االتفاقي ات الدولي ة بغي ة توحي د بعض األحك ام والقواع د المتعلق ة بمجموع ة من المع امالت الهام ة على
الص عيد ال دولي (كالنق ل ،ال بيع ،االس تثمار ،)...وال تي من ش أن توحي دها الح د من العراقي ل القانوني ة
المتمثلة في اختالف النظم القانونية واختالف الحلول المعمول بها األمر الذي كان يقف حاجزا يحول
-449تجدر اإلشارة إلى أنه بخصوص سمو االتفاقيات الدولية على القانون الداخلي فإننا نجد المشرع المغربي قد حسم هذه المسألة وذلك في
الفصل 327-39من قانون 08-05عندما نص على أنه "تطبق مقتضيات هذا الف رع على التحكيم الدولي دون اإلخالل بم ا ورد في االتفاقيات
الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية والمنشورة في الجريدة الرسمية"
واالتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب هي التالية:
" -اتفاقي ة نيوي ورك" المبرم ة في 10يوني و 1958بش أن االع تراف ب المقررات التحكيمي ة وتنفي ذها ال تي ق ررت اتخاذه ا اللجن ة االقتص ادية
واالجتماعي ة التابع ة لهيئ ة األمم المتح دة ،وال تي ص ادق عليه ا المغ رب بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم 59.1.266بت اريخ 21ش عبان 1379
الموافق ل 19يناير .1960
" -اتفاقية الهاي" المؤرخة في فاتح مارس ،1954والمتعلقة بالمسطرة المدنية ،وقد تم االنخراط فيها بمقتضى ظهير رقم 67-645في شهر
رجب 1389الموافق ل 30/09/1969المنشورة بالجريدة الرسمية رقم 3011بتاريخ .05/07/1970
" -اتفاقية البنك الدولي" لتسوية المنازعات االستثمارية بين الدول ،ومواطني الدول األخرى المؤرخة في .18/03/1965
" -اتفاقية واشنطن" التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 14/10/1966وصادق عليها المغرب بمقتضى مرسوم ملكي مؤرخ في ،1966-10-31
وأصبح دولة متعاقدة في هذه االتفاقية بتاريخ 10/06/1967ونشرت بالجريدة الرسمية المؤرخة في .15/03/1966
هذا بخصوص االتفاقيات الدولية الغير العربية أما االتفاقيات العربية فهي كاآلتي:
"-اتفاقي ة بإنش اء المؤسس ة العربي ة لض مان االس تثمار" ال تي وقعت في الك ويت بت اريخ ،27/05/1991وال تي انظم إليه ا المغ رب من ذ
،15/11/1995حيث أودع وثائق المصادقة عليها ،والتي ينص ملحقها األول على مسطرة المفاوضات والتوفيق والتحكيم.
" -االتفاقي ة الموح دة الس تثمار رؤوس األم وال العربي ة" في ال دول الموقع ة بعم ان بت اريخ ،26/11/1980وال تي دخلت ح يز التنفي ذ بت اريخ
،07/09/1981وانضمت إليها جميع الدول العربية بما فيها المغرب باستثناء مصر وعمان والجزائ ر ،والتي تنص المادة 25منها على تسوية
المنازعات الناشئة عن تطبيقها عن طريق التوفيق والتحكيم و اللجوء إلى محكمة االستثمار العربية التي يجب إنشاؤها لحين إنشاء محكمة الع دل
العربية ،وتحديد اختصاصاتها ،ويكون مقر محكمة االستثمار هذه في المقر الدائم لجامعة الدول العربية.
" -اتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية" الموقعة بتونس بتاريخ 1981-02-27التي صدر بشأنها قانون 11-82بالموافقة
على مب دأ المص ادقة .وهي متمم ة لالتفاقي ة الموح دة الس تثمار رؤوس األم وال العربي ة في ال دول العربي ة ،إذ يحي ل فص لها الراب ع بش أن تس وية
المنازعات على الفصل 6في االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األموال العربية.
" -اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي ،"1983وهي االتفاقية التي حلت محل االتفاقية العربية لتنفيذ األحكام الصادرة عن جامعة الدول
العربية لسنة .1952
" -اتفاقي ة عم ان العربي ة للتحكيم التج اري" ،وال تي ج رت ب األردن بت اريخ 04/04/1987وهي من األهمي ة بمك ان نظ را لمس ايرتها للتط ور
االقتصادي ،ومواكبتها لما وصل إليه التحكيم التجاري الدولي.
-محمد رافع" ،اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية" ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117نونبر – دجنبر ،2008ص
28و.29
151
دون ازده ار التج ارة الدولي ة .أض ف إلى ذل ك أن االتفاقي ات الدولي ة الموح دة للقواع د الموض وعية تع د
الوسيلة األكثر فعالية في مواكبة التطورات السريعة التي تعرفها الحياة التجارية الدولية.450
من أهم العوامل التي أسهمت بشكل كبير في التطور والتقدم الذي 451
وتعتبر اتفاقية نيويورك
عرف ه التحكيم باعتب اره وس يلة لفض المنازع ات المرتبط ة بالتج ارة الدولي ة ،وال تي تحت ل اآلن
الص دارة ،452وتس تند في األص ل إلى مش روع أعدت ه غرف ة التج ارة الدولي ة وقدمت ه للمجلس االقتص ادي
واالجتماعي لمنظمة األمم المتحدة ،وتم التوقيع عليها بعد انعقاد مؤتمر بمدينة نيويورك لهذا الغرض
وس عيا من واض عي "اتفاقي ة نيوي ورك" النض مام أك بر ع دد من ال دول إليه ا ،وج دوا أنفس هم
مجبرين على مسايرة مختلف توجهات هذه األخيرة في مجال التحكيم ،فخولوا للدول المتعاقدة إمكانية
األخذ بتحفظين في شأن تطبيق مقتضيات االتفاقية نصت عليهما الفقرة الثالثة من المادة األولى ،يتمثل
أولهم ا في إمكاني ة تص ريح الدول ة بأنه ا س تطبق االتفاقي ة على النزاع ات الناش ئة عن العالق ات القانوني ة
التعاقدية أو غير التعاقدية المعتبرة بمثابة نزاعات تجارية بموجب قانونها الوطني فقط.455
بالتحف ظ على تط بيق أحك ام االتفاقي ة في مواجه ة المق ررات التحكيمي ة الص ادرة عن دول غ ير
. متعاقدة
457
وق د أولت "اتفاقي ة نيوي ورك" اهتمام ا خاص ا بتنظيم المس ائل المتعلق ة باتف اق التحكيم فق د ج اءت
بتنظيم شامل للشروط الشكلية الواجب توافرها لصحة اتفاق التحكيم ،وذلك عن طريق إيراد مجموعة
من القواعد الموضوعية الموحدة تضمنتها مادتها الثانية .وبتوافر الشروط المنصوص عليها في المادة
المذكورة يترتب التزام على كافة الدول المتعاقدة باالعتراف باتفاق التحكيم وإ عماله وعدم االستناد في
لكن على خالف التوحي د ال ذي ج اءت ب ه ه ذه االتفاقي ة فيم ا يخص الش روط الش كلية التف اق
التحكيم فإنها لم تتوفق في الوصول إلى توحيد مماثل للقواعد المتعلقة بالشروط الموضوعية لهذا االتفاق
المطلب األول :إشكاليات تطرحها مسألة " اتفاق التحكيم" في اتفاقية نيويورك
نصت اتفاقية نيويورك في مادتها الثانية على أنه " -1:تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة "
باالتفاقية الكتابية" التي يتعهد فيها الفريقان بأنهم يعرضون على التحكيم جميع النزاعات أو البعض من
النزاعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما حول عالقة قانونية تعاقدية أو غير تعاقدية تشمل مسألة
يس وغ فص لها عن طري ق التحكيم -2 .يقص د بعب ارة " اتفاقي ة كتابي ة" ش رط تحكيمي م درج في عق د أو
-456فضيلي أكدر " ،اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب ،الواقع وسبل اإلصالح" ،م س ،ص .29
-457بالنسبة للمغرب فقد وضع التحفظ التالي" :
أ -اإلعالن ات والتحفظ ات .لن تطب ق ه ذه الدول ة االتفاقي ة إال على االع تراف بق رارات التحكيم الص ادرة في أراض ي دول ة متعاق دة أخ رى وعلى
إنفاذ تلك القرارات"
-458فؤاد الصفريوي ،م س ،ص .319
153
والمالحظ أن اتفاقية نيويورك وإ ن كانت قد تناولت في مادتها الثانية اتفاقات التحكيم من حيث
االعتراف بها ،وشروط صحتها وآثارها ،إال أنها مع ذلك لم تتعرض لتحديد الضوابط المحددة لنطاق
تطبيقها على اتفاق ات التحكيم من حيث الموضوع .وهذا من شأنه أن يثير التساؤل حول معرف ة ماهية
االتفاقات التحكيمية التي تنطبق عليها أحكام المادة الثانية من هذه االتفاقية.459
لكن المالح ظ ك ذلك أن ه ذه االتفاقي ة وإ ن لم تكن ق د ح ددت مج ال تطبيقه ا بالنس بة التفاق ات
التحكيم إال أنها عملت على تحديد هذا المجال بالنسبة لقرارات التحكيم ،حيث اعتمدت في ذلك معيارين
أحدهما جغرافي والثاني قانوني .460فهل يمكن القول أن هذه االتفاقية قد عمدت ضمنيا إلى تمديد ذات
المع ايير ال واردة في ش أن تحدي د ص فة ق رارات التحكيم إلى اتفاق ات التحكيم ك ذلك .أم أن س كوتها يفي د
بوج وب إطالق تط بيق أحك ام الم ادة الثاني ة على كاف ة اتفاق ات التحكيم كيفم ا ك انت ص فتها وح تى ول و
ك انت س تؤدي في النهاي ة إلى ص دور ق رارات تحكيمي ة غ ير خاض عة لمج ال تط بيق االتفاقي ة .أم يمكن
القول بأن االتفاقية أمام صعوبة اتخاذ موقف موحد من هذه المسألة ،قد تركت للسلطات المختصة في
كل دولة متعاقدة تحديد صفة اتفاق التحكيم حسب ما تشير إليه الضوابط المعتمدة في قانونها الوطني؟
ب الرجوع إلى األعم ال التحض يرية ال تي واكبت وض ع نص الم ادة الثاني ة من االتفاقي ة وخاص ة
البروتوكول الذي كان يتضمن مشروع هذه المادة ،يالحظ أن هذا المشروع كان ينص بصورة ص حيحة
على أن نصوص ه تس ري على اتفاق ات التحكيم ال تي ت ؤدي إلى ص دور ق رارات تحكيمي ة خاض عة
الم ادة الثاني ة .وبإلغ اء ه ذا ال بروتوكول ث ار التس اؤل من جدي د ح ول طبيع ة االتفاق ات التحكيمي ة ال تي
إنه مما ال شك فيه أن اتفاق التحكيم الخاضع ألحكام المادة الثانية يجب أن يكون أجنبيا ،إذ ال
معنى للقول بتطبيق مقتضيات هذه المادة على اتفاقات تحكيمية وطنية كما لو كان االتفاق معقودا بين
وطن يين ،ويقض ي ب إجراء تحكيم في ال داخل ،وب التطبيق للق انون الوط ني .ومن ثم فإن ه ول و في غي اب
إشارة تتضمنها االتفاقية في هذا الشأن يجب القول أن التنظيم الذي جاءت به اتفاقية نيويورك يستهدف
أساس ا معالج ة اتفاق ات التحكيم الص ادرة في مج ال عالق ات الق انون ال دولي الخ اص ،وأن إعم ال قواعد
هذا القانون يقتضي وجوبا أن تكون العالقة موضوع التنظيم تتميز بوجود عنصر أجنبي.461
على مس توى آخ ر ف إن "اتفاقي ة نيوي ورك" أهملت تنظيم بعض المس ائل المتعلق ة بعناص ر اتف اق
أكدت "اتفاقية نيويورك" على وجوب تحقق شرط األهلية عندما جعلت من بين أسباب رفض
االع تراف بق رار التحكيم األجن بي وتنفي ذه ك ون " أط راف االتف اق المنص وص علي ه في الم ادة الثاني ة
فباس تقراء مقتض يات ه ذا النص يالح ظ أن "اتفاقي ة نيوي ورك" لم ت أت بتنظيم ش امل للمس ائل
المتعلقة باألهلية ،كما أنها لم تورد أية قاعدة موضوعية في شأن تحديد القانون الذي على ضوئه يتم
- 461للمزيد من التوسع حول موضوع ":الضوابط التي يمكن اعتمادها لتحديد الصفة األجنبية التفاق التحكيم ،والحلول التي اعتمدتها الدول
الموقعة على اتفاقية نيويورك في تحديدها التفاقات التحكيم الخاضعة لنطاق تطبيق أحكام االتفاقية" ،أنظر:
-فؤاد الصفريوي ،م س ،ص 101وما بعدها.
-فضيلي أكدر " ،اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب ،الواقع وسبل اإلصالح" م س ،ص .25
-462المادة الخامسة ( -1أ) من االتفاقية.
155
تقدير أهلية األطراف إلبرام اتفاق التحكيم وإ نما تركت ذلك لقواعد اإلسناد المقررة في التشريع الداخلي
لدولة التنفيذ.463
إن "اتفاقية نيويورك" لم تتناول هذه المسائل بالتنظيم إال بصفة عرضية األمر الذي يتحتم معه
الرجوع بشأن صحة هذه العناصر إلى التشريعات الداخلية للدول المتعاقدة.
على مس توى آخ ر يع اب على "اتفاقي ة نيوي ورك" أنه ا لم تح دد موقفه ا من مس ألة أهلي ة الدول ة
ومؤسس اتها العام ة إلب رام اتف اق التحكيم ولم تتخ ذ موقف ا حاس ما بش أن ه ذا الموض وع .464ولع ل ه ذا
الصمت الذي التزمته االتفاقية حيال هذه المسألة هو الذي دفع ببعض الدول أو بعض مؤسساتها العامة
إلى التملص من مسؤولياتها بالدفع بانعدام أهليتها إلبرام اتفاق التحكيم كما فعل المكتب الوطني للشاي
والسكر ،عندما امتنع عن تنفيذ القرار التحكيمي الصادر في مواجهته بدعوى أنه شخص عام ال يملك
أهلية إبرام اتفاق التحكيم بحسب ما ينص عليه الفصل 306من قانون المسطرة المدنية .465وكان حري
-463يع رف فقه الق انون الدولي الخ اص قاعدة اإلس ناد بتعريف ات متش ابهة ،فمنهم من يعرفه ا "بالقاعدة التي ترش د القاضي إلى الق انون الواجب
التط بيق على المراك ز القانوني ة ذات العنص ر األجن بي" ،كم ا يعرفه ا البعض اآلخ ر بأنه ا "القواع د ال تي تك ون وظيفته ا األساس ية هي اإلش ارة أو
اإلسناد إلى قانون يتولى حل النزاع في العالقات ذات الطابع الدولي".
وعرفها البعض اآلخر بأنها "القواعد التي تقوم بتحديد القانون األنسب واألجدر بحكم العالقة ذات الطابع الدولي والتي تتزاحم على حكمها أكثر
من قانون".
أيضا هناك من عرفها بأنها "قواعد وطنية يضعها المشرع الوطني تشير إلى تطبيق القانون الواجب التطبيق في العالقات ذات العنصر األجنبي
هدفها تحقيق العدالة والمنفعة وال تصطدم بمصالح الدولة العليا أو السياسية".
وقد عرفها آخرون بأنها "القواعد القانونية الوطنية المصدر أو الدولية أحيانا التي بواسطتها يسترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق من بين
الق وانين المتزاحم ة ويخت ار أكثره ا مالئم ة لحكم العالق ة الخاص ة الدولي ة المش وبة بعنص ر أجن بي بم ا يحق ق مص الحه االقتص ادية والسياس ية
واالجتماعية".
أنظر في هذا الشأن :كريم مزعل شبي الساعدي" ،مفهوم قاعدة اإلسناد وخصائصها (دراسة مقارنة في تنازع القوانين)" ،مجلة جامعة كربالء،
المجلد الثالث ،العدد الثالث عشر ،دجنبر ،سنة ،2005البحوث اإلنسانية.
مقال منشور بموقع&http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext :
-464عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد "،م س ،ص .230
-465تجدر اإلشارة أنه تم صدور قانون 08 -05يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية ،وينص في
الفصل 310منه على ما يلي... " :بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل 317أدناه ،يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها
الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم "...
راجع ما عرضنا له بخصوص موضوع التحكيم اإلداري في الفصل الثاني من هذا الباب.
156
بهذه االتفاقية أن تضع في هذا الشأن قاعدة موضوعية تلزم كل الدول األعضاء وتغني عن اللجوء إلى
التشريع الداخلي للدولة المعنية لمعرفة ما إذا كان يجوز لها إبرام اتفاق التحكيم من عدم ذلك.466
يعاب على "اتفاقية نيويورك" إحالتها على التشريعات الداخلية للدول المتعاقدة بالنسبة للعديد من
المسائل ،أهمها مسألة تحديد قابلي ة النزاع للتحكيم ،467فهي لم تحدد المسائل التي تدخل في دائرة تلك
القابل ة للتحكيم ،وي رى الس يد A. J. Van der Bergفي مؤلف هThe new York Arbitration :
االتفاقي ة إال في اللحظ ات األخ يرة ال تي س بقت توقيعه ا .469فأم ام اس تحالة وص ول االتفاقي ة إلى تقري ر
قاعدة موضوعية تحدد فيها المسائل التي يجوز التحكيم بشأنها من تلك التي ال يجوز ،اقتصرت على
وال يخفى على أح د م دى مغب ة ت رك المس ألة للتش ريعات الداخلي ة لل دول ،إذ تس تطيع أي ة دول ة
تريد أن تقاطع مسطرة التحكيم أو تمتنع عن تنفيذ قرار صادر في مواجهتها أن تدفع بعدم قابلية النزاع
للتحكيم بحس ب قانونه ا الوط ني .وبه ذا تس تطيع الته رب من مس ؤولياتها الدولي ة عن طري ق االحتم اء
-466سامية راشد "،التحكيم في العالقات الخاصة الدولية ،الكتاب األول ،اتفاق التحكيم" ،دار النهضة العربية ،سنة ،1984ص .328
-467للمزيد من التوسع حول موضوع " قابلية النزاع للتحكيم " المرجو النظر:
-أمونير تقية " ،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،م س.
-468والمقصود هنا هما الفقرتان :األولى والثانية من المادة الثانية ،اللتان تنصان على ما يلي 1" :ـ تعترف كل دولة متعاقدة باالتفاق المكتوب
ال ذي يل تزم بمقتض اه األط راف ب أن يخض عوا للتحكيم ك ل أو بعض المنازع ات الناش ئة أو التي ق د تنش أ بينهم بش أن موض وع من رواب ط الق انون
التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.
-2يقصد بـ " اتفاق مكتوب " شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من األطراف أو االتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو
البرقيات".
-469فضيلي أكدر " ،اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب ،الواقع وسبل اإلصالح" ،م س ،ص .26
157
إذا ك انت الش روط الش كلية والموض وعية لص حة اتف اق التحكيم تخض ع للمقتض يات ال واردة في
الخامسة منها . 471وباستعراض مقتضيات هذه المادة يتبين أن االتفاقية ،قد جعلت المبدأ هو تنفيذ القرار
واالس تثناء ه و رفض ه ذا التنفي ذ إذا وج دت حال ة من الح االت المنص وص عليه ا في الم ادة الخامس ة.
وبناءا على ذلك فإن رفض االعتراف بقرار التحكيم أو تنفيذه في ظل هذه االتفاقية ال يمكن أن يستند
إال إلى أحد األسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة.
وعلى ال رغم من محاول ة االتفاقي ة وض ع تنظيم موح د وش امل لمختل ف المس ائل ال تي يطرحه ا
موضوع تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية إال أنها مع ذلك قد أغفلت بعض الجوانب في هذا التنظيم ،هذا
الفقرة األولى :عدم تمييز االتفاقية بين الحكم التحكيمي األجنبي والحكم التحكيمي الدولي
-470نش ير إلى أن "اتفاقي ة نيوي ورك" لم ت أت بتعري ف " للمق رر التحكيمي "La sentence arbitrageغ ير أن ه من الواض ح ب أن مقتض ياتها ال
تطبق فقط على مقررات التحكيم الحر ،بل أيضا على تلك الصادرة في إطار التحكيم المؤسساتي ،وذلك ما يستفاد من الفقرة الثانية من المادة
األولى.
وق د ج اء في الفق رة الثاني ة من الم ادة األولى من اتفاقي ة نيوي ورك م ا يلي" :ويقص د ب " مق ررات المحكمين " ليس فق ط المق ررات الص ادرة من
محكمين معينين للفصل في حاالت محددة ،بل أيضا المقررات الصادرة من هيئات تحكيم دائمة يحتكم إليها األطراف ".
-471تنص المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك على ما يلي1 " :ـ ال يجوز رفض االعتراف بالمقرر وتنفيذه بناءا على طلب الخصم الذي يحتج
عليه بالمقرر إال إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها االعتراف والتنفيذ الدليل على:
أ ـ أن أطراف االتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي األهلية أو أن االتفاق المذكور غير صحيح
وفقا للقانون الذي أخضعه له األطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه المقرر.
ب ـ أن الخصم المطلوب تنفيذ المقرر عليه لم يعلن إعالنا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر
أن يقدم دفاعه.
ت ـ أن المق رر فص ل في ن زاع غ ير وارد في ش رط التحكيم أو في عق د التحكيم أو تج اوز ح دودهما فيم ا قض ى ب ه وم ع ذل ك يج وز االع تراف
وتنفيذ جزء من المقرر الخاضع أصال للتسوية بطريق التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء المقرر الغير متفق على حلها بهذا الطريق.
ث ـ أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه األطراف أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم االتفاق.
ج ـ أن المقرر لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد الذي فيه أو بموجب قانونه صدر المقرر.
2ـ يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها االعتراف وتنفيذ مقرر المحكمين أن ترفض االعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:
أ ـ أن قانون ذلك البلد ال يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم أو
ب ـ أن في االعتراف بمقرر المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد.
158
ولم تعر أي اهتمام 472
اهتمت اتفاقية " نيويورك" بمعالجة موضوع تنفيذ قرار التحكيم األجنبي
لموضوع تنفيذ قرار التحكيم الدولي رغم أهميته ومكانته على صعيد التحكيم التجاري الدولي .ومن ثم
أصبح التساؤل قائما عن مدى قابلية تطبيق مقتضيات هذه االتفاقية الخاصة بتنفيذ ق رار التحكيم األجن بي
نشير في هذا الصدد أن مشروع "اتفاقية نيويورك" كان يرمي في األصل إلى معالجة موضوع
االعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الدولية .474إال أنه عند إعادة صياغة نصوص االتفاقية أبدت بعض
ال دول تحفظه ا في ش أن دولي ة ق رار التحكيم مم ا أدى ب المؤتمرين إلى اس تبدال لف ظ " الدولي ة" بلف ظ "
األجنبية".475
واألصل أن هذه االتفاقية من حيث صياغتها تنصرف إلى تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية .لكن
م ع ذل ك الش يء يح ول دون أن يش مل نط اق تطبيقه ا ك ذلك ق رارات التحكيم الدولي ة .ذل ك وكم ا ي رى
بعض الفقه أن العبارات التي استعملتها هذه االتفاقية عبارات فضفاضة يمكنها أن تشمل حتى القرارات
التحكيمي ة األجنبي ة ب المفهوم الواس ع ،مؤك دا على أن ه " ال يعلم حال ة لم تطب ق فيه ا االتفاقي ة ب دعوى أن
القرار موضوع البحث هو قرار ذو طابع دولي" .وهو الرأي الذي يسانده كذلك الفقيه موتلسكي الذي
- 472وهو ذلك القرار الذي يرتبط بدولة أجنبية معينة ،سواء كان هذا االرتباط جغرافيا يعتمد مكان صدور القرار ،أو كان قانونيا يعتمد قانون
اإلجراءات الذي صدر بمقتضاه القرار.ويقابله القرار التحكيمي الوطني وهو الصادر في تحكيم تجتمع كل عناصره في دولة واحدة أو هو على
حد تعبير بعض الفقه ذلك الذي ال يستدعي تنفيذه تدخل قاضي أجنبي.
للمزيد من التوسع حول أهمية التمييز بين صفتي الوطنية واألجنبية لقرار التحكيم ،وللمعايير التي يمكن االستناد إليها في تحديد صفة ه ذا الف رار
يمكن الرجوع إلى:
-فؤاد الصفريوي ،م س ،ص 60وما بعدها.
- 473وهو ذلك القرار الطليق الذي ال يستند إلى تشريع وطني معين وال يرتبط بدولة معينة وهذه الفكرة لقيت تشجيعا ومساندة من جانب فريق
من الفقه ،كما لقيت في ذات الوقت معارضة شديدة ورفضا باتا من قبل فريق آخر.
للمزيد من التوسع حول مواقف الفقه من فكرة قرار التحكيم الدولي وما لقيته هذه الفكرة من ت رحيب ومعارضة ،وللوقوف على المعايير التي
يمكن االستناد عليها في تحديد الصفة الدولية لهذا القرار المرجو النظر إلى:
-فؤاد الصفريوي ،م س ،ص 70وما يليها.
-474عبد اهلل درميش " ،التحكيم الدولي في المواد التجارية " ،م س ،ص .162
-475محمد الوكيلي " ،تحكيم البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار بين دولة وشخص خاص أجنبي" ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون،
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،سنة ،1982ص (135هامش).
159
ي رى أن ق رار التحكيم ال دولي يمكن أن يخض ع في تنفي ذه "التفاقي ة نيوي ورك" ،ويأخ ذ حكم نظ ام ق رار
التحكيم األجنبي.476
إن االع تراف بوج ود ق رار التحكيم ال دولي أص بح في ال وقت الحاض ر أم را ال يجب إنك اره في
ظل التحكيمات الدولية ،خصوصا عندما تجري هذه التحكيمات في إطار مؤسسات التحكيم ذات الطابع
الدولي وتسفر عن صدور قرارات تحكيم ليس لها ارتباط بأي نظام قانوني وطني ،وال يمكن أن تحمل
ف إن 477
جنس ية دول ة معين ة .وه ذه الفك رة وإ ن ك انت ال زالت تلقى معارض ة من ج انب بعض الفقه اء
األم ر س ينتهي بهم إلى قبوله ا كم ا ه و الش أن بالنس بة لبعض المف اهيم الجدي دة ك التحكيم ال دولي والعق د
ال دولي وغيرهم ا ،وال تي ك انت في الماض ي مح ل رفض وأص بحت في ال وقت الحاض ر من المس لمات
الفقرة الثانية :عدم توضيح االتفاقية لمعنى إلزامية الحكم التحكيمي األجنبي
اشترطت "اتفاقية نيويورك" من أجل االعتراف بقرار التحكيم األجنبي وتنفيذه "أن يكون القرار
قد أصبح ملزما " .478لكن االتفاقية لم توضح المقصود بتوافر الطابع اإللزامي في القرار األمر الذي
فأمام غموض النص ذهب الفقه في تفسيره لعبارة "قرار إلزامي" أو "ملزم" الواردة في االتفاقية
إلى تفس يرات مختلف ة .فهن اك اتج اه ي رى أن "اتفاقي ة نيوي ورك" تقص د به ذه العب ارة الق رارات ال تي
الطعن.479
وذهب اتج اه ث ان إلى أن المقص ود ب القرارات اإللزامي ة في إط ار "اتفاقي ة نيوي ورك" الق رارات
التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به ،أي تلك التي لم تعد قابلة للطعن فيها بطرق الطعن العادية .فلو
أن قرارا تحكيميا ال زال قابال لالستئناف فإنه ال يجوز تنفيذه إال بعد انتهاء ميعاد الطعن طبقا لقانون
البلد الذي صدر فيه ،إذا كان قانون ذلك البلد يجيز الطعن في قرارات التحكيم ويحدد لذلك ميعادا.480
وذهب اتج اه ث الث من الفق ه إلى أن غم وض العب ارة ك ان مقص ودا من ج انب واض عي "اتفاقي ة
نيويورك" ،وذلك حتى تتمكن كل دولة متعاقدة من إعطائها التفسير الذي يناسبها.481
أم ا القض اء فق د ح اول من جانب ه البحث عن تفس ير للمقص ود بإلزامي ة الق رار في ظ ل "اتفاقي ة
نيوي ورك" ف أعطى للعب ارة مفهوم ا يتماش ى ومقاص د ه ذه االتفاقي ة ،حيث ص رح في أح د قرارات ه "يجب
اعتب ار ق رار التحكيم ملزم ا في مفه وم "اتفاقي ة نيوي ورك" م تى ك ان ص ادرا بص ورة ص حيحة ومس توفيا
لإلجراءات الضرورية التي تضفي عليه صبغة قرار تحكيمي يلزم األطراف بنفس القدر الذي يلزمهم
حكم القضاء".482
فهذا التأويل الذي ذهب إليه القضاء ممثال في محكمة استئناف باريس اعتمد في تفسيره لعبارة
"ق رار إل زامي" على مس ألتين :األولى أن ق رار التحكيم ال يعت بر ملزم ا لألط راف ،إال إذا ك ان ص ادرا
بص ورة ص حيحة .ويقص د بص حة الق رار من ه ذه الناحي ة اس تيفاؤه لكاف ة الش روط الجوهري ة ال تي ال
-479ثروت حبيب "،دراسة في قانون التجارة الدولية" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،سنة .1974
-480إبراهيم أحمد إبراهيم "،التحكيم الدولي الخاص ،طبيعته وصفته ،القانون الواجب التطبيق،قواعد تحكيم هيئات التحكيم،تنفيذ أحكام التحكيم
األجنبية" ،القاهرة ،سنة ،1986 ،ص .178
-481أحمد هندي " ،التحكيم دراسة إجرائية" ،م س ،ص .253
-482فؤاد الصفريوي ،م س ،ص ,193
161
يتحق ق وج وده ب دون توافره ا .والثاني ة أن يك ون الق رار مس توفيا عن د ص دوره كاف ة الش روط الش كلية
الضرورية التي تضفي عليه الطابع القضائي شأنه في ذلك شأن أي حكم صادر عن القضاء.
أن العب ارة ال تي اس تعملتها اتفاقي ة نيوي ورك من ك ون الق رار المطل وب 483
ويعتق د بعض الفق ه
تنفيذه يشترط فيه أن يكون قد "أصبح ملزما لألطراف" هي عبارة غامضة وغير دقيقة .484ذلك أن قرار
التحكيم يكون ملزما لألطراف مند اللحظة التي يصدر فيها .فاإللزام عنصر من عناصر قرار التحكيم،
وهو في ذلك يماثل األحكام الصادرة عن القضاء ألنه حكم .لذلك يرى أن تحديد معنى العبارة يرجع
الفقــرة الثالثــة :عــدم تحديــد االتفاقيــة لمســطرة موحــدة لالعــتراف بــالحكم التحكيمي األجنــبي
وتنفيذه
يؤاخ ذ على "اتفاقي ة نيوي ورك" كونه ا لم ترص د مس طرة موح دة لالع تراف بمق ررات التحكيم
األجنبي ة وتنفيذها بل ج اءت بمقتض يات فضفاض ة تحتمل أك ثر من تأوي ل ،تض منتها مادته ا الثالث ة التي
أوجبت على ك ل دول ة متعاق دة أن تع ترف "بحجي ة مق رر التحكيم وت أمر بتنفي ذه طبق ا لقواع د المرافع ات
المتبع ة في اإلقليم المطل وب إلي ه التنفي ذ" وقض ت أيض ا ب أن " ال تف رض لالع تراف أو تنفي ذ مق ررات
المحكمين ال تي تطب ق عليه ا أحك ام االتفاقي ة الحالي ة ش روط أك ثر ش دة وال رس وم قض ائية أك ثر ارتفاع ا
بدرج ة ملحوظ ة من تل ك ال تي تف رض لالع تراف وتنفي ذ مق ررات المحكمين الوطن يين" ،وب ذلك يمكن
اعتب ار الم ادة 3من االتفاقي ة متأك ا لتط بيق القواع د المس طرية الوطني ة المتعلق ة بتنفي ذ مق ررات التحكيم
األجنبي ة ،وه ذا م ا يح ول بطبيع ة الح ال دون بل وغ الغ رض المنش ود من االتفاقي ة المتمث ل في توحي د
بالمقرر التحكيمي وتذييله بالصيغة التنفيذية ،حيث تضمنت الفقرة األولى من المادة الخامسة المجموعة
األولى التي يجب إثارتها من قبل الطرف صاحب المصلحة في عدم تنفيذ المقرر ،بينما تضمنت الفقرة
الثانية من نفس المادة المجموعة الثانية التي يمكن إثارتها من طرف القاضي نفسه .لكن تطبيق محتوى
هذه المادة لن يحجب اإلشكال المتمثل في أن تشريعات الدول المتعاقدة ومحاكمها ال تأخذ بنفس المفهوم
ممارس تها في مواجه ة ق رار التحكيم األجن بي ،فهي لم تنظم دع وى البطالن ولم تتع رض للطعن
باالستئناف في أحكام المحكمين ،488واكتفت بترك المسألة لما يقرره التشريع الداخلي لدولة التنفيذ في
هذا الشأن.
إذا كانت اتفاقية نيويورك قد استهدفت وضع إطار قانوني موحد ،تقتدي به الدول الملتزمة بهذه
االتفاقية لضمان فعالية تنفيذ أحكام التحكيم الدولية واالعتراف بها ،إال أن هذه االتفاقية لم توفق إلى حد
ما في توحيد قواعد االعتراف والتنفيذ بأحكام التحكيم الدولية ،بل إنها أصبحت متجاوزة مما يقتضي
تحيينها.489
-486ومن موجبات التي ال تأخذ الدول بمفهوم موحد لها ،نجد النظام العام.
-487فضيلي أكدر " ،اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب ،الواقع وسبل اإلصالح" ،م س ،ص .31
-488أحمد هندي "،التحكيم دراسة إجرائية" ،م س ،ص .140
-489نهال اللواح "،القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة" ،تقرير حول أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،ص ،4
منشور بالموقع اإللكترونيwww.Maroc Arbitrage.com :
163
من يطلب إدخال تعديالت عملية على هذه االتفاقية .فهي لم تكن منسجمة 490
وهناك من الفقه
م ع نفس ها وغ ير متناس قة في بنوده ا ولم تحق ق األه داف المرج وة منه ا ،والمتمثل ة في توف ير مع ايير
تشريعية مشتركة بشأن االعتراف باألحكام التحكيمية وتنفيذها وإ لزام األطراف بضمان ذلك.
مما يجعل هذه االتفاقية متجاوزة ويتعين إعادة النظر فيها وأن ذلك ممكن وضروري خصوصا
أن التحكيم ال دولي أص بح يلعب دورا كب يرا ومهم ا في التج ارة الدولي ة ويمكن تحقي ق ه ذا التغي ير من
يش هد الع الم تط ورا ه ائال ومتس ارعا في ع الم االتص االت ،ح تى أن ه ذا التط ور يع د ث ورة
والتي بواسطتها بدأت تبرم العديد من الصفقات والعقود ولو عن 493
صناعية تعرف بالثورة المعلوماتية
بعد ،كما أصبحت تشكل عنصرا أساسيا في جميع األنشطة الحياتية التي نعيشها بل وأصبح اإلنسان
مرتبط ا به ذه التقني ة أش د االرتب اط س واء من خالل اتص االته أو تنقالت ه أو معامالت ه .494فالمع امالت
Rev - arb . " L’exécution des sentences arbitrales dans le monde de demain " -jann°4 p 63 ,1998 ,. 490
.Paulsson
-491عبد اللطيـف بولعلـف "،فعالي ة بطالن الحكم التحكيمي ال دولي" ،مق ال م أخوذ من منش ورات مجل ة الحق وق المغربي ة ،الوس ائل الودي ة لفض
المنازعات ،م س ،ص 128و.129
492
- Philippe Fouchard," Suggestions pour accroitre l’efficacité internationale des sentences arbitrales ", Rev -
arb, n° 4 ; 1998 ; p 662 et 663.
-493محمد أمين الرومي " ،النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى ،سنة ،2006ص .5
-494رغم المم يزات العدي دة له ذه الث ورة ،إال أن له ا جانب ا مظلم ا .فلق د أث رت على االس تقرار االقتص ادي واالجتم اعي وس هلت االعت داء على
حريات األفراد وحقوقهم الشخصية والفكرية ،كما تثير هذه الثورة عدم المساواة الفاحش بين الدول ،أدى إلى تعرض الدول النامية لما يسمى
"باالس تعمار المعلوم اتي" .راج ع عبــد الكــريم غــالي" ،ق انون المعلومي ات :الحماي ة القانوني ة لإلنس ان من مخ اطر المعلومي ات" ،أطروح ة لني ل
الدكتوراه في القانون ،كلية الحقوق أكدال – الرباط 1995 ،ص 21وما بعدها.
164
التجاري ة في إط ار ث ورة االتص االت زاد حجمه ا وظه ر ن وع جدي د من التب ادل التج اري بين الب ائع
والمش تري من مختل ف دول الع الم ،حيث وج دوا في ش بكة االتص االت – خصوص ا اإلن ترنت -وس يلة
س هلة إلب رام عق ودهم على المس توى المحلي وال دولي .فالب ائع انفتحت أمام ه آف اق جدي دة من التج ارة
والخ دمات بمج رد إنش اء موق ع على ش بكة اإلن ترنت .495أو إنش اء عن وان إلك تروني ،والمش تري انفتح
أمام ه المج ال للتعام ل م ع الب ائع في الس وق المحلي ة أو الدولي ة من خالل الش بكة العنكبوتي ة اإلن ترنت
لطلب السلع والخدمات دون الحاجة إلى الدخول في عالقة مباشرة مع البائع.
وق د أص بحت التج ارة اإللكتروني ة ظ اهرة جدي دة تأخ ذ مكانه ا يوم ا بع د ي وم في أط وار حياتن ا
اليومية نتيجة للتطور المتسارع للمبادالت اإللكترونية ،496وخصوصا تبادل المعطيات المعلوماتية "Ech
-495اإلن ترنت هي مجموع ة ش بكات وأجه زة الحاس ب اإللك تروني ال تي تتواج د في مختل ف دول الع الم ،وتتص ل ببعض ها بواس طة أنظم ة
االتصاالت اإللكترونية التي تستخدم لنقل البيانات .IP / TCP Transmission control Protocol/Internet Protocolويمكن ألي شخص
الدخول للشبكة ،شرط التوفر على كمبيوتر مزود بجهاز Modemواشتراك لدى مقدم خدمة اإلنترنيت وخط تليفوني.
ويعتبر اإلنترنت أول مؤسسة عالمية ال يملكها أحد ،وملكيتها مقسمة بين الدول والحكومات والجامعات والشركات والمؤسسات .أما من يملك
الخدمات الرئيسية لإلنترنت فهو مقدم خدمة اإلنترنت ، Internet Server provider ISPويدار اإلنترنت عن طريق:
-مؤسسة بناء اإلنترنت :وهي مكلفة بتكنولوجيا وهندسة اإلنترنت.
-مؤسسة :ICANNمهمتها تحديد نظام إدارة أسماء مالك مواقع اإلنترنت.
-إتحاد شبكة اإلنترنت :يعمل من أجل تطوير وتعديل المعاهدات الدولية بما يتناسب وتطور تكنولوجيا اإلنترنت.
-496من األم ور ال تي اختلفت عن دها وجه ات النظ ر محاول ة وض ع تعري ف للتج ارة اإللكتروني ة .فعلى المس توى ال دولي نالح ظ أن الق انون
النم وذجي للتج ارة اإللكتروني ة ( )UNCITRALلم يع رف التج ارة اإللكتروني ة واكتفى بتعري ف تب ادل المعلوم ات أو البيان ات اإللكتروني ة وال تي
تشمل التجارة اإللكترونية بنصه على أنه " يراد بمصطلح تبادل البيانات اإللكترونية نقل المعلومات إلكترونيا من حاسوب إلى اآلخر باستخدام
معيار متفقا عليه لتكوين المعلومات ".
كم ا عملت العدي د من التش ريعات العربي ة على تعري ف التج ارة اإللكتروني ة ض من نصوص ها .فق د ع رف ق انون المب ادالت والتج ارة اإللكتروني ة
التونسي التجارة اإللكترونية في الفقرة الثانية من المادة الثانية من ه حيث جاء فيها بأن التجارة اإللكترونية هي" العمليات التجارية التي تتم عبر
المبادالت اإللكترونية" وعرف المبادالت اإللكترونية في الفقرة األولى من نفس المادة بأنها ":المبادالت التي تتم باستعمال الوثائق اإللكترونية" أما
المشرع اإلماراتي فقد عرف التجارة اإللكتروني ة في الفقرة األخيرة من المادة 2من قانون المع امالت والتجارة االلكترونية بأنه ا ":المعامالت
التجارية التي تباشر بواسطة المراسالت اإللكترونية" فوفقا لهذا التعريف فإن التجارة اإللكترونية تشمل أي تعامل أو عقد أو اتفاق يتم إرساله
واستقباله بوسيلة إلكترونية سواء كانت هذه الوسيلة اإللكترونية متمثلة في الفاكس ،أو اإلنترنت ،أو غيرها من الوسائل اإللكترونية المتاحة في
الوقت الحالي أو التي قد تخترع مستقبال".
أم ا ب الرجوع إلى مقتض يات الق انون المغ ربي رقم 53 – 05المتعل ق بالتب ادل اإللك تروني للمعطي ات القانوني ة فإنن ا نج دها ال تع رف التج ارة
اإللكترونية بهذا المصطلح ولكن مع ذلك فإن المادة األولى منه جاءت لتحدد مضامين هذا القانون .ومن أهمها أن هذا القانون جاء ليحدد النظام
المطب ق على المعطي ات القانوني ة ال تي يتم تبادله ا بطريق ة إلكتروني ة ولع ل التج ارة اإللكتروني ة – باعتباره ا تق وم على تب ادل اإلرادات بش كل
إلكتروني – معنية في هذا الصدد.
للمزيد من التوسع حول موضوع "تعريف التجارة اإللكترونية" أنظر:
165
"ange de données informatiséesبين المقاوالت وبين هذه األخيرة واإلدارة ،إضافة إلى النجاح
المتزايد للطرق المبتكرة في تصريف المنتوجات .ومع تطور اإلنترنت أخذت التجارة اإللكترونية أبعادا
جديدة والتي سمحت بشكل غير مسبوق بعولمة التجارة ورفع الحدود والتقليص من المصاريف.497
وإ ذا كانت التجارة اإللكترونية تسمح بتوزيع وتبادل البضائع والخدمات بشكل مرن ،فإن تلك
المتعلق ة باالس تهالك تعت بر المج ال األفض ل له ذه التج ارة .حيث بإمك ان المس تهلك اقتن اء م ا يش اء
إلكتروني ا :م نزل س يارة ت ذاكر س فر ألبس ة أطعم ة تجه يزات ،...باإلض افة إلى الحص ول على مجموع ة
من الخدمات اإلعالمية المالية أو القانونية وبعض الخدمات القابلة لالستهالك مباشرة من طرف الزبون
-حس ــن الحف ــني"،التج ارة اإللكتروني ة في ال وطن الع ربي الف رص والتح ديات" ،سلس لة دراس ات اقتص ادية ( ،)6مرك ز الخليج للدراس ات
اإلستراتيجية ،الجزء الثاني ،ماي ،2002ص .9
-فضيلي أكدر ،م س ،ص .117
-أحمد هندي "،التحكيم ،دراسة إجرائية" ،م س ،ص .289
-رأفت رضوان " ،عالم التجارة اإللكترونية" المنظمة العربية للتنمية اإلدارية بحوث ودراسات ،القاهرة ،1999 ،ص .16
- 497كما تتميز التجارة اإللكترونية بعدد من الخصائص تختلف فيها عن التجارة التقليدية منها:
-اختفاء الوثائق الورقية في المعامالت التجارية اإللكترونية :فالهدف من التجارة اإللكترونية هو "خلق مجتم ع المع امالت الالورقي ة" ،أي إحالل
دعائم إلكترونية محل الدعائم الورقية وهو ما يعني االستغناء عن التعامل بالمستندات الورقية التقليدية ليحل محلها المستند اإللكتروني ،وذلك بع د
أن تكش فت بعض س لبيات العم ل بتل ك المس تندات منه ا بطء حرك ة المس تندات الورقي ة ،واحتم ال ت أخير إج راءات الجم ارك ،وقابلي ة محفوظ ات
المستندات الورقية للتضخم وصعوبة تداولها.
-تسليم المنتجات إلكترونيا :فقد أتاحت شبكة اإلنترنت إمكانية تسليم بعض المنتجات إلكترونيا مثل :برامج الحاسوب ،التسجيالت الموسيقية،
الكتب ،األبحاث والتقارير ...إلخ .أو تسليم الخدمات مثل :االستشارات القانونية أو الطبية أو الهندسية.
-غي اب العالق ة المباش رة بين األط راف المتعاق دة :ففي عق ود التج ارة اإللكتروني ة ال يك ون هن اك مجلس للعق د م ادي ،فمجلس العق د اإللك تروني
مجلس افتراضي فقد يكون البائع في مكان والمشتري يبعد عنه بآالف األميال .وقد يختلف التوقيت الزمني بينهما بل قد يغيب العنصر البشري
تماما ،وتقوم أجهزة الكمبيوتر بالتراسل اإللكتروني فيما بينها.
-وجود الوس يط اإللك تروني :فالوسيط اإللك تروني بين ط رفي التعاق د هو جه از الكم بيوتر والمتص ل بش بكة االتصاالت الدولي ة التي تق وم بنق ل
التعبير عن اإلرادة إلكترونيا لكل من الطرفين المتعاقدين في ذات اللحظة رغم انفصالهما مكانيا .وعادة ما تصل الرسالة اإللكتروني ة في ذات
اللحظ ة إلى الط رف اآلخ ر إال إذا ح دث عط ل في الش بكة فق د ال تص ل الرس الة أو تص ل مغلوط ة أو غ ير مق روءة ،وهن ا تث ار مس ؤولية مق دمي
الخدمات.
-محمد لمسلك"،تس وية منازع ات التج ارة اإللكتروني ة ،دراس ة في إط ار الق انون ال دولي الخ اص والق انون التج اري ال دولي" ،رس الة لني ل دبل وم
الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية بسال ،ص .4
-498فضيلي أكدر ،م س ،ص 117
166
ولقد ساهمت خصائص التعاقد اإللكتروني – من حيث أنه يبرم دون التواجد المادي لألطراف
وباستخدام الوسائط اإللكترونية مع اتسامه بالطابع التجاري واالستهالكي وغالبا بالطابع الدولي -في
انتشاره وتوسع استخدامه فأصبح ال يقف عند حدود سياسية ،أو جغرافية.
فك ان لظه ور المعطي ات القانوني ة الجدي دة من عالق ات تعاقدي ة ال يتم إبرامه ا في نط اق مك اني
محدد تأثير واسع تمثل في أهمية تبني وسائل تسوية للمنازعات تتناسب مع تلك المعطيات ،فالحاجة
إلى تبني قواعد قانونية جديدة تتالءم مع هذا النوع من المعامالت القانونية أصبحت ضرورة مادامت
القواعد القانونية المتاحة وجدت واستقرت لتحمي معامالت تبرم وتنفذ ماديا ،ما يجعلها عاجزة تماما
عن أن تمتد بحكمها لتشمل معامالت سمتها األساسية أنها إلكترونية تبرم وتنفذ إلكترونيا.
فإذا كان الوسط اإللكتروني المتمثل في شبكة اإلنترنت هو الوسيلة التي تستخدم إلبرام التعامل
اإللك تروني وتنفي ذه ،ف إن فض أي ن زاع ينش أ عن ه ذا التعام ل ينبغي أن يحكم ب المنطق ذات ه من حيث
الوس يلة والوس ط ،وهك ذا ظه ر التحكيم اإللك تروني بص ورة جدي دة متط ورة عن التحكيم في ش كله
الكالس يكي ومنس جمة م ع خصوص ية التعام ل وال نزاع في البيئ ة اإللكتروني ة ،وال ذي أتبث فعاليت ه في
وفي ه ذا اإلط ار ف إن الس ؤال ال ذي يط رح نفس ه ه ل التش ريعات الوطني ة – ومنه ا التش ريع
المغربي -التي وضعت أصال لتنطبق على التحكيم التقليدي ،تصلح للتطبيق على التحكيم اإللكتروني،
أم أن ه ذه القواع د تعج ز عن اس تيعاب المش اكل ال تي تتول د عن اس تخدام التقني ات الحديث ة في إج راء
-499يتوجي سامية" ،التحكيم اإللكتروني" ،عرض مقدم في إطار الدراسة النظرية لمقياس :التحكيم الدولي ،جامعة محمد خيضر – بسكرة،-
ص .3أنظر الموقع اإللكتروني:
http://dc387.4shared.com/doc/hQ8fnnqf/Preview.html
167
التحكيم ، 500فنكون عندئذ بحاجة إلى قواعد وتشريعات جديدة لحكم هذا النوع من التحكيم؟ وتزداد أهمية
هذا السؤال في ظل ندرة التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية التي تعالج مثل هذا الموضوع.501
ولمحاولة حل هذه اإلشكالية يكون من المناسب تقسيم هذا الفرع إلى خمس مطالب ،نتناول في
(المطلب األول) تحديد ماهية التحكيم اإللكتروني مع التركيز على إيجابياته وسلبياته .أما في (المطلب
الثاني) فسنخصصه للحديث عن العقبات التي يعرفها اتفاق التحكيم اإللكتروني ،وسنتناول في (المطلب
الث الث) بعض المش اكل ال تي تواج ه هيئ ة التحكيم اإللك تروني ،كم ا أنن ا سنس لط الض وء في (المطلب
الراب ع) على أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا حكم التحكيم اإللك تروني ،وأخ يرا وفي (المطلب الخ امس)
سنفرده للحديث عن المكانة التي يمكن أن يتبوأها مستقبال هذا الصنف من التحكيم.
ونود التنبيه منذ البداية أن هذه المشاكل أو الموضوعات لن نتناولها بمعزل عن أحكام وقواعد
التحكيم التقليدي ،وإ نما سنأخذها في الحسبان وذلك لكي نبين مدى مالءمتها للوسائل اإللكترونية الحديث ة
أص بحت التج ارة اإللكتروني ة تلعب دورا رئيس يا في المع امالت التجاري ة المحلي ة أو الدولي ة
وأض حت تش غل ح يزا هام ا في ش بكة اإلن ترنت ،502ه ذه األخ يرة جعلت من تب ادل المعلوم ات أم را
ميسورا للغاية فصار باإلمكان بلوغ أي مكان في العالم عبر هذه الشبكة دونما داع لالنتقال المادي إليه.
-500سامي عبد الباقي أبو صالح "،التحكيم التجاري اإللكتروني ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص .14
- 501تجدر اإلشارة إلى أن التحكيم اإللكتروني يحكمه وينظمه مجموعة من االتفاقيات والقوانين الدولية أهمها:
-القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية لعام .1996
-اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات االلكترونية في العقود الدولية لعام .2005
-نظام تحكيم القاضي االفتراضي.
-نظام مركز التحكيم والوساطة التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية.
بينما نجد المشرع المغربي لم ينظم التحكيم اإللكتروني بنصوص خاصة تتالئم مع طبيعته وتتفهم أسسه.
الدغمي عادل "،التعاقد في التجارة اإللكترونية" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية - 502
واالقتصادية و االجتماعية – المحمدية -الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2008 -2007ص .1
168
وق د اس تغلت ه ذه اإلمكان ات الهائل ة للش بكة في مج االت مختلف ة أهمه ا إب رام المع امالت القانوني ة على
اختالفه ا مدني ة وتجاري ة وتنفي ذها أحيان ا .ومن الب ديهي أن أي تعام ل ق انوني يحتم ل في إبرام ه وتنفي ذه
وانقض ائه أم رين :أولهم ا أن يس ير ه ذا اإلب رام أو التنفي ذ أو االنقض اء س يرا طبيعي ا دونم ا ن زاع بين
الطرفين .وثانيهما أن يثار نزاع بينهما حول أمر من هذه األمور .وفي هذا الفرض الثاني يحتاج األمر
وإ ذا ك ان التحكيم وس يلة ذات مزاي ا دعت الحاج ة إلى اعتماده ا في المع امالت التقليدي ة كونه ا
تحقق السرعة والسرية في حسم المنازعات خالفا لطريق القضاء الطويل العلني ،فإن هذه المزايا تظهر
الحاج ة إليه ا بش كل أك ثر وض وحا إذا تعل ق األم ر بالمع امالت ال تي تك ون ش بكة المعلوم ات الدولي ة
اإلن ترنت وس يلة إلبرامه ا ،ف إذا ث ار ن زاع بين الط رفين ف إن األم ر يس تلزم – تناس با م ع ه ذه الطبيع ة-
الس رعة في حس مه .وه ذا م ا يجع ل للتحكيم أهمي ة خاص ة في مج ال المع امالت ال تي ت برم ع بر
اإلنترنت.503
إن الح ديث عن التحكيم اإللك تروني يع ني منظوم ة قانوني ة تختل ف في نش وئها وإ جراءاته ا
وطريقة مقرراتها عن التحكيم التقليدي الذي ينشأ باتفاق مكتوب وينتهي بحكم تحكيمي.
والتحكيم عامة هو عبارة عن نظام قانوني خاص يتفق فيه األطراف على عرض نزاعهم على
شخص أو عدة أشخاص يسندون إليهم مهمة تسوية النزاع الذي قد ينشأ أو نشأ بالفعل بينهم ،بدال من
إخضاعه للمحاكم القضائية .أما التحكيم اإللكتروني فإنه ال يختلف عن التحكيم العادي من حيث الجوهر
-503آالء يعقوب النعيمي "،اإلطار القانوني التفاق التحكيم اإللكتروني" ،مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانوني ة ،المجلد ،6العدد ،2
يونيو ،سنة ،2009ص 205و .206
هذه المجلة منشورة بموقع:
.http: //iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2010/01
169
وإ نما من حيث الوسيلة أو الطريقة التي يتم إجراء التحكيم بها ،504حيث تتم بطريقة سمعية بصرية ع بر
ش بكة دولي ة مفتوح ة لالتص ال عن بع د دون الحاج ة إلى التق اء أط راف ال نزاع والمحكمين في مك ان
معين.505
ف التحكيم اإللك تروني ق د ينطل ق ويت داول بطريق ة رقمي ة دون االس تناد على دعام ة ورقي ة حيث
تتالءم هذه الطريقة الرقمية مع سرعة وتطور وسائل االتصال اإللكترونية (اإلنترنت) ،مما ييسر عملية
التب ادل ال دولي .عكس التقاض ي ال ذي يش مل مجموع ة من اإلج راءات في مختل ف االختصاص ات مم ا
يجع ل العملي ة أك ثر تعقي دا ،عالوة على أن تع دد درج ات التقاض ي وبطء اإلج راءات ي ؤدي إلى زي ادة
التكلفة باإلضافة إلى عدم تجاوب القواعد الوطنية التي يطبقها القاضي مع متطلبات التجارة اإللكترونية
ال تي تتم يز بالس رعة ،ه ذا باإلض افة إلى أن التحكيم اإللك تروني ال يس تلزم الوج ود الم ادي ألط راف
النزاع وانتقالهم إلى مكان آخر بعيدا عن مكان إقامتهم .حيث يتم االستماع إليهم عبر وسائل االتصال
الحديثة عبر األقمار االصطناعية .506كما أنه يتميز بسهولة الحصول على الحكم وذلك لسهولة وسرعة
تق ديم المس تندات المطلوب ة عن طري ق البري د اإللك تروني أومن خالل االتص ال المباش ر ب الخبراء على
يع د الحف اظ على س رية ال نزاع والفص ل في ه واح دا من ال دوافع المهم ة للج وء إلى التحكيم دون
القض اء ،وال س يما فيم ا يتعل ق بالمنازع ات التجاري ة ،إذ يح رص التج ار والمش روعات التجاري ة على
الحفاظ فيم ا يخص هم من أس رار تجارية خشية اس تغاللها من قبل المش روعات المنافس ة له ا .وحيث إن
إجراءات التحكيم يمكن أن تكون سرية فتقتصر جلساته على أطراف النزاع دون غيرهم ،خالفا للقضاء
وإ ذا كان األمر يصدق على التحكيم التقليدي فإن التحكيم اإللكتروني قد ال يحقق السرية المبتغاة
بالنس بة ذاته ا ال تي يحققه ا التحكيم التقلي دي .511ويع ود الس بب في ذل ك إلى أن إج راءات التحكيم
اإللك تروني تتم ع بر اإلن ترنت .512وه ذا الوس ط ق د يش كل تهدي دا لس رية التحكيم في أك ثر من ج انب
فإجراءات التحكيم تقتضي – رغبة في الحفاظ على السرية – أن يكون لكل طرف رقم سري يتيح له
وحده الدخول إلى الموقع الخاص بالقضية التي يجري التحكيم فيها .فيلتقي بالمحكم أو بالطرف اآلخر
- 508تواجه التجارة اإللكترونية العديد من المعيقات ،التي أثرت في تطورها ،ويرجع ذلك إلى التفاوت التقني الهائل بين الدول المتقدمة والنامي ة،
في مجال االتصاالت وتشمل هذه التحديات بعض التحديات القانونية والمشاكل التقنية والتكنولوجية والعقبات التجارية.
للمزيد من التوسع أنظر:
-عصام عبد الفتاح مطر " ،التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ، 2009ص
.120
-محمد أبو الهيجاء "،عقود التجارة اإللكترونية" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،طبعة ،2005ص .32
-بهاء شاهين " ،العولمة والتجارة اإللكترونية -رؤية إسالمية" ،الفاروق الحديثة للطباعة والنشر ،سنة .2000
-509عبد الخالق ثروت " ،التحكيم التجاري اإللكتروني ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص .46
-510أحمد هندي ،م س ،ص .292
-511حسن الحفني ،م س ،ص .48
-512بشرى النبيه العلوي "،دور التحكيم اإللكتروني ،الندوة الجهوية الرابعة "،قضايا االستثمار والتحكيم من خالل توجهات المجلس األعلى"،
19 -18أبريل ،2007 ،ص .342
171
ويتمكن من الحص ول على الوث ائق والمس تندات المتعلق ة ب النزاع .إال أن حص ول أط راف ال نزاع على
األرق ام الس رية ،يتطلب ت دخل أش خاص آخ رين ،ال عالق ة لهم ب النزاع لتيس ير حص ولهم على األرق ام
الس رية وه ؤالء األش خاص هم بطبيع ة الح ال من المختص ين فني ا به ذا الش أن .وه ذا م ا يع ني عمال أن
معرف ة األرق ام الس رية لم تع د مقص ورة على أط راف ال نزاع وح دهم وه و م ا ق د يش كل تهدي دا لس رية
التحكيم.513
هذا من جه ة ،أما من جه ة ثاني ة يواج ه اإلن ترنت والمعلوم ات المتاح ة عليها بش كل عام خطر
االخ تراق ممن يطل ق عليهم بالقراص نة والمخ ربين وهم أش خاص يجوب ون اإلن ترنت ويعترض ون
المعلوم ات الس رية .514وق د ال يك ون ه دفهم من ه ذا إال التع رف على خصوص يات اآلخ رين إش باعا
للفضول مثلما يمكن أن يكون هدفهم أخطر من ذلك ،كأن يتمثل بسلب أموال الغير بإجراء تحويل غير
مشروع لألموال ،بعد التعرف على أرقام بطاقات االئتمان السرية .فإذا كانت هذه المعلومات خاصة
ب نزاع مع روض على تحكيم إلك تروني ف إن اختراقه ا يش كل بال ش ك تهدي دا لس رية التحكيم وأس رار
وعلى ال رغم من أن ع دم ض مان الس رية بش كل كام ل يش كل تهدي دا حقيقي ا للتحكيم اإللك تروني
ودوره كأسلوب لحل المنازعات ،فإن من الممكن تالفي هذه المشكلة بجانبيها فتدخل أشخاص من أهل
الخبرة إلعداد األرقام السرية يمكن أن يصحبه تضمين العقد معهم شرطا بالمحافظة على السرية فيتعهد
هؤالء بموجب التزام عقدي بعدم إساءة استعمال األرقام السرية ،التي يعدونها وعدم نشر أي معلومات
-513محمد إبراهيم أبو الهيجاء "،التحكيم بواسطة االنترنت" ،الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ،عمان ،سنة ،2002ص .66
-514تجدر اإلشارة إلى أن هناك فيروسات ك w22 ,RIDCODE, NINDAكلفت مليارات الدوالرات ودمرت أنظمة معلوماتية حكومية
وغير حكومية واخترقت أنظمة :مثل نظام توليد الطاقة ، SQADAونظام شركات الطيران .SITA
-خالد سعد زغلول "،الحماية القانونية للتجارة اإللكترونية" ،مجلة الحقوق ،العدد ،1السنة الخامسة والعشرون ،ديسمبر ،2000ص .17
-عبد الفتاح بيومي حجازي "،الحماية القانونية للتجارة اإللكترونية" ،دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى ،سنة ،2004ص .88
-515آالء يعقوب النعيمي ،م س ،ص .215 – 214
172
يكون قد حصل عليها بسبب تدخله في عملية التحكيم باعتباره شخصا فنيا .516أما الجانب الثاني المتعلق
ب اختراق المعلوم ات من القراص نة والمخ ربين فيمكن تالفي ه أيض ا باتخ اذ إج راءات تش فير البيان ات
المتعلقة بالتحكيم وتزويد المواقع التي تضم هذه البيانات ببرامج تحصنها من االختراق والتجسس.517
إن الق وانين ال تي تنظم التحكيم كأس لوب لفض المنازع ات تش ترط ش كلية معين ة إلب رام اتف اق
التحكيم ،وش كلية معين ة إلص دار حكم التحكيم وش روط معين ة لتنفي ذ حكم التحكيم ،518وق د يك ون من
المتع ذر اس تيفاء التحكيم االلك تروني لك ل م ا تتطلب ه تل ك القواع د من ش كليات وش روط ،كونه ا قواع د
وض عت أص ال لتنظيم تحكيم ا تقلي ديا يتم بوس ائل وإ ج راءات تقليدي ة ،وفي ه ذه الحال ة لن يك ون التحكيم
االلكتروني مجديا فعدم استيفائه للشروط والشكليات القانونية الالزمة يؤدي إلى عدم إمكانية تنفيذ حكم
المحكم.
ولتالفي ذلك يتعين أن يتدخل المشرع في الدول على اختالفها إلقرار قواعد جديدة بما ينسجم
م ع خصوص ية التحكيم االلك تروني مثلم ا فع ل بش أن القواع د ال تي تحكم التعام ل اإللك تروني .فكم ا أن
التعامل عبر اإلنترنت صار حقيقة واقعة تستدعي وجود قواعد قانونية تواكبها وتالئمها ،فإن التحكيم
االلكتروني بدوره صار وسيلة ال غنى عنها لفض المنازعات التي تثار بشأن التعامل عبر االنترنت،
وفي هذا اإلطار تجدر اإلشارة إلى أن هذا النوع من التحكيم لم يلق بعد من المشرع المغربي
تحديد إطار قانوني ينظمه ،بحيث نالحظ في قانون 08-05فراغا تشريعيا واضحا بخصوص التحكيم
االلكتروني باستثناء إشارة باهتة في المادة 313من هذا القانون ،بشأن وسيلة إبرام اتفاق التحكيم س واء
االتصال.520
يعرف اتفاق التحكيم عموما بأنه اتفاق بمقتضاه يتعهد األطراف بأن يتم الفصل في المنازعات
وعرفته المادة 7من الفقرة األولى من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته
لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي ،UNCITRALبأن ه" :اتف اق بين ط رفين على أن يحي ل
جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينها بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية كانت
أو غير تعاقدية ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أو في صورة عقد
منفصل".522
وقد عرفه المشرع المغربي في المادة 307في فقرتها األولى من ق.م.م بأنه":التزام األطراف
باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة ،تعاقدية أو غير تعاقدية"
كم ا نج ده نص في الفق رة الثاني ة من نفس الم ادة على الص ور ال تي ق د يكتس يها اتف اق التحكيم ،على
إن النصوص المتقدمة بجملتها تتناول بالتحديد مفهوم اتفاق التحكيم على النحو الذي تتضح معه
ماهيته .كما أنها تحدد في الوقت ذاته الصور التي يمكن أن يتم بها هذا االتفاق.
-520
أنظر المادة 313من قانون .08 -05
- 521للمزيد من التوسع حول موضوع " اتفاق التحكيم" أنظر:
-عبد الحميد علي الزيادي "،اتفاق التحكيم التجاري" ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،سنة .2016
-522يتوجي سامية ،م س ،ص 21أنظر أيضا:
-أحمد مخلوف "،اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،2001ص .56
174
وال تختل ف طبيع ة اتف اق التحكيم اإللك تروني في ه ذه الناحي ة عن طبيع ة اتف اق التحكيم بص فة
عامة .فاتفاق التحكيم اإللكتروني يعد بدوره تصرفا قانونيا من جانبين إال أن ما يميزه هو أنه يبرم ع بر
وسيلة إلكترونية.523
فمص طلح اتف اق التحكيم اإللك تروني ل ه معني ان :األول ك ون أط راف ال نزاع اتفق وا على تس وية
ن زاعهم عن طري ق وس ائل التحكيم التقليدي ة ولكن التوص ل التف اق التحكيم تم عن طري ق الوس ائل
اإللكتروني ة .والث اني ك ون أط راف ال نزاع اتفق وا على اللج وء إلى التحكيم لح ل خالف اتهم عن طري ق
ف التحكيم اإللك تروني ش أنه ش أن التحكيم التقلي دي يب دأ باتف اق أط راف ال نزاع على اللج وء إلي ه
كوس يلة لفض ال نزاع .فه و مب دئيا يعت بر الخط وة األولى في التحكيم وأس اس قيام ه وانتف اؤه يع ني انتف اء
التحكيم في ذات ه .إال أن التحكيم اإللك تروني يتم يز عن التحكيم التقلي دي بالطبيع ة الخاص ة للوس ط ال ذي
يتم ع بره وه و الوس ط اإللك تروني ل ذا ف إن االتف اق في إط ار ه ذا الن وع من التحكيم ال يتم بالص يغة
التقليدية التفاق التحكيم .فهو في الواقع اتفاق إلكتروني ومثل هذا األمر قد يثير تساؤالت قانونية عدة
من حيث م دى إمكاني ة تط بيق القواع د القانوني ة الخاص ة باتف اق التحكيم بص يغته التقليدي ة على اتف اق
التحكيم اإللكتروني وبالتالي مدى صحة هذا االتفاق وقوة إلزامه ألطرافه.525
ت ؤدي إلى نتيج ة حتمي ة هي الع زوف عن اللج وء إلى التحكيم 526
االع تراف باتف اق التحكيم اإللك تروني
تطبيق ه دون أن يك ون للط رف اآلخ ر غط اء ق انوني يمكن ه من إجب ار الممتن ع عن تنفي ذ اتفاقهم ا ،فه ذا
وحيث إن للتحكيم اإللك تروني مزاي ا ع دة تجعل ه من بين أفض ل الوس ائل لح ل المنازع ات ال تي
تث ار في إط ار عق ود التج ارة اإللكتروني ة ،وحيث إن ه ذه األخ يرة ب اتت واقع ا ملموس ا ونس بتها ت زداد
باطراد ،فإن من الضروري تشخيص العقبات القانونية التي يثيرها اتفاق التحكيم اإللكتروني ومحاولة
529
لقد أثير ج دل حول مش روعية اتفاق التحكيم الم برم إلكتروني ا ال س يما أن االتفاقي ات الدولي ة
لم تتفق على ضرورة تبني نظام موحد فيما يتعلق بكتابة اتفاق التحكيم .لذلك هل 530
والقوانين الوطنية
تع د الكتاب ة ركن ا من أرك ان اتف اق التحكيم أو مج رد وس يلة إلثبات ه؟ وه ل يع د اتف اق التحكيم الم برم
بالنسبة للتساؤل األول فقد اختلفت اآلراء بشأن اإلجابة عن ه حيث ذهب البعض إلى أن واضعي
هذه النصوص استلزموا كتابة اتفاق التحكيم على اعتبار أن هذه الكتابة تعد ركنا أساسيا لقيام االتفاق
بالوسائل اإللكترونية حيث يمكن لألطراف االتفاق على اللجوء للتحكيم من خالل تبادل رسائل البيانات
ألن مش رعي ال دول وواض عي االتفاقي ات الدولي ة ال ذين اس تلزموا الكتاب ة لم يش ترطوا ش كال خاص ا
لصياغتها أو طريقة لتدوينها فقد تكون هذه الكتابة خطية أو مطبوعة بأي وسيلة من وسائل االتصال
ل ذلك ال يوج د م ا يمن ع من أن تك ون الكتاب ة مح ررة على دعام ة إلكتروني ة طالم ا تحق ق نفس اله دف،
فالمهم أن يتم حفظ البيانات المتداولة إلكترونيا بحيث يمكن االحتفاظ بها والرجوع إليها عند النزاع دون
ب المفهوم الواس ع للكتاب ة ،كم ا أق ر به ذا المفه وم العدي د من األحك ام القض ائية .536ب ل إن الئح ة المحكم ة
-532عصام عبد الفتاح مطر " ،التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ، 2009
ص .155
-533محمد لمسلك ،م س ،ص 67و .68
- 534بعد أن اشترطتا اتفاقيتا جنيف ونيويورك الكتابة لوجود شرط التحكيم ،أقرتا مفهوما واسعا لها ،بحيث يشمل إلى جانب الكتابة على الدعامة
الورقية ،تلك التي تنتج عن استخدام وسائل االتصال الحديثة .كما نصت المادة ( )7/2من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الصادر عن األمم
المتحدة في عام 1985على إمكانية إبرام اتفاق التحكيم من خالل وسائل االتصال الحديثة كالفاكس والبرقيات ،ثم أشارت إلى أية وسيلة اتصال
أخرى يكشف عنها التطور التكنولوجي وتسمح بإثبات وجود اتفاق التحكيم .هذا فضال عن المادة ( )6من القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية
والتي أعطت للوثيقة اإللكترونية نفس حجية الوثيقة المكتوبة.
-535من ذلك ،المادة ( )178من القانون السويسري للقانون الدولي الخاص ،ومنها قانون التحكيم األلماني الصادر عام ،1997والمادة ()12/2
من قانون الحكيم المصري الصادر عام ،1994والمادة ( )4/2من قانون التحكيم التركي الصادر في 20يونيو .2001
-536لق د أق ر القضاء األم ريكي مش روعية ش رط التحكيم الموج ود في الش روط العام ة لعق د الترخيص الم برم إلكتروني ا ،على اعتب ار أن الش رط
المبرم إلكترونيا يتماثل مع الشرط المبرم ب الطرق التقليدي ة ال ذي نصت علي ه الم ادة ( )2من ق انون التحكيم الفي درالي.أنظ ر محمد لمسلك ،م س،
ص .36
177
ويس تلزم قب ول ش رط التحكيم اإللك تروني س هولة وص ول المس تخدم إلي ه حيث رفض ت محكم ة
والشك أن اختالف القوانين الوطنية في مسألة مدى تحقق شرط الكتابة في الرسائل اإللكترونية
من ش أنه أن يث ير العدي د من الص عوبات ،في حال ة طلب تنفي ذ حكم التحكيم في بل د ال يأخ ذ بالتفس ير
الضيق لشرط كتابة شرط التحكيم تذهب إلى أن مقتضى الشرط ال يتحقق إال في عدة حاالت هي توقيع
الطرفين على الوثيقة الكتابية ،وتبادل الرسائل بين الطرفين أي الرد على رسالة برسالة كتابية أخرى.
ونعتق د أن ه لن تث ار إش كالية في المغ رب مس تقبال بخص وص حجي ة اتف اق التحكيم اإللك تروني
حيث نج د الم ادة ( )313/2من ق انون ،08 – 05أخ ذت ب المفهوم الواس ع التف اق التحكيم وج اء فيه ا
"يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال
بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل االتصال والتي تعد بمثابة االتفاق تثبت وجوده(،")..
وه و م ا ي دل على اع تراف المش رع المغ ربي بمش روعية اس تخدام وس ائل االتص ال الحديث ة -كالبري د
اإللكتروني -في إبرام اتفاق التحكيم ،وهي مرونة مقصودة من المشرع الغاية منها فسح المجال أمام
إمكاني ة إثب ات اتف اق التحكيم بك ل وس يلة يمكن الوث وق به ا والرك ون إليه ا ،م ادامت ت ترك أث را كتابي ا
باإلمكان الرجوع إليه والتأكد من محتواه ومن نسبته إلى شخص معين دون آخر.539
القانوني ة وال ذي أق ر مب دأ المعادل ة بين الوث ائق المح ررة على ال ورق وتل ك المع دة على دعام ة
ومما ال شك فيه أن اتفاق األطراف على التحكيم يرتبط بتنازلهم نهائيا عن الرجوع إلى القض اء
الوطني بشأن موضوع النزاع المتفق على حله بالتحكيم ،كما أن النصوص المتعلقة بالتحكيم تتطلب أن
يكون االتفاق موقعا signéeوتوقيع األطراف مطلوب ألغراض حمائية باعتبار أن من وظائف التوقيع
التوقيع اإللكتروني ال يعطي صورة واضحة عن اإلرادة ،542عكس التوقيع اليدوي الذي يفيد بأن الموق ع
-540ينص الفصل ( )417-1من القانون رقم 53.05على أنه " :تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها
الوثيقة المحررة على الورق.
وتقب ل الوثيق ة المح ررة بش كل إلك تروني لإلثب ات ،ش أنها في ذل ك ش أن الوثيق ة المح ررة على ال ورق ،ش ريطة أن يك ون باإلمك ان التع رف بص فة
قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".
-541تب اينت التعريف ات ال تي أعطيت للتوقي ع اإللك تروني ب اختالف الزاوي ة ال تي ينظ ر منه ا إلي ه ،فهن اك من رك ز على التقني ات المس تخدمة في
إنجازه ،بينما ركز البعض اآلخر على الوظائف التي ينبغي أن يقوم بها.
ونشير هنا إلى التعريف الذي أوردته المادة 2من القانون ن النموذجي للتوقيعات اإللكترونية ":بأنها بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة
بيان ات أو مض افة إليه ا أو مرتبط ة به ا منطقي ا ،يج وز أن تس تخدم لتع يين هوي ة الموق ع بالنس بة إلى رس الة البيان ات ولبي ان موافق ة الموق ع على
المعلومات الواردة في رسالة البيانات".
على أن هناك صور عديدة للتوقيع اإللكتروني منها:
-التوقيع اليدوي االلكتروني.
-التوقيع باستخدام الخواص الذاتية أو التوقيع البيومتري
-التوقيع باستخدام البطاقة الممغنطة والرقم السري
-التوقيع الرقمي
حول مفاهيم هذه التوقيعات ودرجة أمان كل منها ومدى استيفاءها لوظائف التوقيع بخط اليد ،يراجع:
-عبد الفتاح بيومي حجازي "،التوقيع االلكتروني في النظم القانونية المقارنة" ،دار الفكر الجامعي ،ط 2005ص 23و ما بعدها.
-عزيز جواهري "،التوقيع االلكتروني واإلثبات" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،كلية الحقوق أكدال ،2005 ،ص .21
-542رامي علوان "،التعبير عن اإلرادة عن طريق االنترنت واثبات التعاقد االلكتروني" ،مجلة الحقوق ،العدد 26 ،4ديسمبر ،2002ص .65
179
قرأ بدقة كل بنود االتفاق قبل أن يضع عليه بصمته ،واألمر على خالف ذلك بالنسبة لمن يوافق على
اتفاق في الشكل اإللكتروني حيث تكون الشروط غالبا ممزوجة في تفاصيل االتفاق.543
وم ع ذل ك فيمكن التغلب على تل ك الص عوبات ب أن يتف ق األط راف على تأكي د القب ول بالض غطة
الثانية الدالة على الموافقة أو بأي إجراء آخر ،مثل إرسال بريد إلكتروني courrier électronique
مع تطلب إفادة باالستالم accusé de réceptionعند االقتضاء فكل ذلك يمكن أن يكشف عن وجود
الرضاء.544
من خالل اتف اق التحكيم يس تطيع األط راف تحدي د كاف ة المس ائل المتعلق ة ب التحكيم س واء من
الناحي ة اإلجرائي ة كأش خاص المحكمين أو ال وقت ال ذي تس تغرقه عملي ة التحكيم أو الق انون ال ذي يحكم
أو من الناحية الموضوعية كتحديد المسائل محل النزاع ،أو من الناحية المكانية كالمكان 545
اإلجراءات
المحكم إال أن ه معي ار غير ك اف ح تى في التحكيم الع ادي ،فه ل يجب االعت داد بمك ان وج ود المحكم في
بداية اإلجراء أو االعتداد بقانون موطنه أو محل إقامته فضال عن تعقد المشكلة حال تعدد المحكمين.
-543تتص اعد المخ اطر عن دما يك ون هن اك اتف اق تحكيم م درجا بإحال ة إلى وثيق ة إلكتروني ة أي عن دما يتعين على األط راف الرج وع إلى عق ود
نموذجية تتضمن شرط التحكيم.
للمزيد من التوسع أنظر:
-أحمد عبد الكريم سالمة " ،التحكيم التجاري الدولي والداخلي" ،م س ،ص .258
-محمد لمسلك ،م س ،ص .72
-544بشار محمود دودين " ،اإلطار القانوني للعقد المبرم عبر شبكة اإلنترنت" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،سنة ،2006ص .152
-545أمينة خبابة ،م س ،ص .119
-546الختيار مكان التحكيم أهمي ة قصوى ،إذ كثيرا م ا يتوقف عليه تعيين القانون المطبق على بعض مسائل التحكيم ،كم ا يتوقف عليه أحيانا
تعيين جنسية القرار ،والتحكيم ال يكون مفيدا إال إذا جرى في ظروف مالئمة للخصوم وفي مقدمتها إجراؤه في مكان مناسب.
-547راجع هذه الطرق في كتاب:
-محمد أمين الرومي" ،النظام القانون للتحكيم اإللكتروني" ،دار الفكر الجامعي ،الطبعة األولى ،سنة ، 2006ص .103
180
كم ا أن ه ال يمكن االعتم اد على مك ان الترك يز الجغ رافي لمق دم الخدم ة ألن ه ق د يتع دد مق دموا الخ دمات
ويقع كل منهم في دولة مختلفة ومن الخطأ أن نؤسس قواعد قانونية على متغيرات إلكترونية.
كما ال يمكن األخذ بالحل الذي يفضل نظرية التحكيم الغير التوطيني délocaliséالتي توجب
االعتراف لهذا التحكيم بالطابع غير التوطيني وغير الوطني dénationaliséوهو ما يعني عدم إسناد
ه ذا الن وع من التحكيم إلى ق انون مك ان التحكيم ويص عب قب ول ذل ك الح ل بالنس بة إلى المح اكم الوطني ة
لذلك يبدو أن الحل األقرب إلى اإلقناع هو ترك الحرية الكاملة لألطراف والمحكمين في تحديد
مك ان افتراض ي للتحكيم .ألن ذل ك يتف ق من جه ة م ع ع دم وج ود مق ر م ادي لبعض مراك ز التس وية
ونص 550
ويتواف ق من جه ة أخ رى م ع الم ادة ( )14/1من الئح ة غرف ة التج ارة الدولي ة 549
اإللكتروني ة
يع د اختي ار المحكمين من األم ور المهم ة في عملي ة التحكيم ،552حيث يوض ع األم ر بع د ه ذا
االختي ار في ي د المحكم أو المحكمين المخت ارين .ويمكن لألط راف تع يين المحكمين س واء ب النص على
-548أم ام تع ذر تحدي د مك ان التحكيم ،يك ون من المش روع التس اؤل ح ول كيفي ة تحدي د القاض ي المختص إلس ناد التحكيم ومس اعدة األط راف
والمحكمين على تجاوز العراقيل اإلجرائية ،وعن كيفية تحديد القضاء المختص بالنظر في الطعون الموجهة ضد الحكم التحكيمي.
-549تذهب الئحة تحكيم المحكمة اإللكترونية cyber tribunalإلى األخذ بمعيار مكان موقع القضية على اإلنترنت site de l’ affaire en
، coursحيث تذهب المادة ( )13/1من تلك الالئحة إلى أن ":مقر المحكمة التحكيمية في إطار الالئحة الحالية يفهم بشكل حصري على أنه
مقر تحكيم بالمعنى القانوني ،وال يتطلب وجود المحكم في مكان معين في أي مرحلة من مراحل اإلجراء".
كما تقرر المادة ( )13/3أن ":محكمة التحكيم تحدد مقر التحكيم آخذة في االعتبار ظروف القضية ورغبات األطراف".
ويظهر أن هذا الحل أكثر تطابق مع الواقع ومع أعراف التجارة اإللكترونية ،ال سيما أنه مكان محايد ليس له عالقة باألطراف.
محمد لمسلك ،م س ،ص .51
-550تنص المادة ( ) 13من الئحة غرفة التجارة الدولية على أنه ":تحدد المحكمة مكان التحكيم شريطة أال يكون األطراف قد حددوه".
-551تنص المادة ( )20/1من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على أنه ":للطرفين حرية االتف اق على مك ان التحكيم ،فإن لم يتفقا على
ذلك ،تولت هيئة التحكيم تعيين هذا المكان ،على أن تؤخذ في االعتبار ظروف القضية ،بما في ذلك راحة الطرفين (.")...
- 552راجع ما تمت دراسته بخصوص موضوع "الهيئة التحكيمية" في المبحث األول من هذا الفصل.
181
تعيينهم في اتفاق التحكيم مباشرة أم باإلشارة إلى نظام تحكيم مؤسسي كغرفة التجارة الدولية بباريس أو
وجرى العمل على أن يقوم كل طرف باختيار محكم ويقوم المحكمان المختاران باختيار الثالث،
وق د يتم ه ذا االختي ار في اتف اق التحكيم أو بع د نش وء ال نزاع .وعن دما يتف ق األط راف على اللج وء إلى
نظ ام تحكيم مؤسس ي ف إن ح ريتهم تك ون مقي دة في اختي ار المحكم ،553حيت تنص الم ادة ( )8من الئح ة
تحكيم المحكمة اإللكترونية على أنه ":محكمة التحكيم يتم تشكيلها بتسمية محكم وحيد أو ثالث محكمين،
واختي ار المحكمين وتحدي د ع ددهم تت واله الس كرتارية" .بمع نى أن ه حيث يحي ل األط راف إلى القواع د
المنظمة للمراكز اإللكترونية فإن أمانة المركز هي التي تتولى تعيين أعضاء المحكمة.
وعلى خالف ذلك تأتي المادة ( )8/3من القواعد المنظمة لغرفة التجارة الدولية بباريس ،والتي
تعطي لألف راد الحري ة في اختي ار المحكمين وال تعطي لمؤسس ة التحكيم ح ق الت دخل إال في حال ة ع دم
االتف اق ( ،)8/4وفي نفس االتج اه ت ذهب الم ادة ( )10/1من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري
الدولي.554
ومما ال شك فيه أن ثمة صعوبات يمكن أن تثور عندما يكون حياد المحكم أو استقالليته محل
شك ،ويتعين والحال ما ذكر ،إتباع إجراء معين غالبا ما ينص عليه في الئح ة هيئة التحكيم .555ومن
ذلك ما تقرره الئحة غرفة التجارة الدولية بطريقة وقائية في المادة ( )7/2من أن المحكم قبل تسميته
أو مصادقته يوقع تصريحا باستقالله ويبلغ السكرتارية كتابة بالوقائع أو الظروف التي يمكن أن تؤثر
على استقالله.
-553محمد أمين الرومي ،م س ،ص ،118وعادل أبو هشيمة ،م س ،ص ,317
-554وتنص كذلك المادة 327-2من القانون رقم 08 -05على أنه ":تتشكل الهيئة التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين ،تكون لألطراف
حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم إما في االتفاق التحكيمي وإ ما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع للمؤسسة المختارة(.")...
-555حسام الدين فتحي ناصف ،م س ،ص .45
182
وال شك أن هذا اإلجراء يصعب إقراره بشأن التحكيم اإللكتروني في الحدود التي يقضي فيها
يتم اختيار هيئة التحكيم من قبل األطراف ،وقد يتفق األطراف على 556
كما في التحكيم العادي
إحال ة ال نزاع إلى محكم ة تحكيم تت ولى اختي ار المحكمين ،وتض اف إلى اتف اق األط راف قواع د خاص ة
ب التحكيم االلك تروني ،لع ل أهمه ا كيفي ة التواص ل بين المتخاص مين والمحكمين عن بع د – ع بر ش بكة
ولتناول إجراءات التحكيم االلكتروني ارتأينا تقسيم هذه الفقرة إلى مسألتين :أولهما كيفية عرض
ألهمي ة تنظيم عملي ة التحكيم دأبت مراك ز التحكيم عن بع د ،على تنظيم س ير العملي ة بم ا يتواف ق م ع
التوج ه لموق ع مرك ز التحكيم المعين على ش بكة االن ترنت والنق ر على المفت اح ليظه ر على الشاش ة -1
وصف لطبيعة وظروف النزاع وأية حلول يراها مناسبة لحله. -
تحديد عدد المحكمين( )1،3،5وعند إغفال ذلك يعتبر قد اختار محكما وحيدا. -
اختي ار اإلج راءات المتبع ة خالل نظ ر ال نزاع ،وبإغف ال ذل ك س يعد راض يا وموافق ا على -
إعداد قائمة باألدلة والبيانات المستند إليهما في اإلدعاء وإ رفاقهما مع طلب التحكيم.561 -
يتعين بعد ذلك أن يوجه المدعي إلى أمانة المركز طلب التحكيم وتقوم األمانة خالل خمسة أيام من -2
تاريخ تلقي الطلب بتحديد مدى دخول هذا الطلب في اختصاصها من عدمه.562
يبدأ تاريخ نظر النزاع باستالم المركز لطلب التحكيم ،ليقوم عند ذلك المركز بإخطار المحتكم ض ده -4
باإلدع اء .وهن ا ن رى اختالف ا واض حا في ميع اد ب دء اإلج راءات بين التحكيم اإللك تروني والتحكيم
الع ادي ،ف أغلب ق وانين التحكيم نص ت على ب دء إج راءات التحكيم من د إعالم المحتكم ض ده ض مانا
لحق وق ال دفاع وح ق الخص م في العلم ب إجراءات التحكيم ،خصوص ا أن اإلخالل بحق وق ال دفاع ه و
من األمور اإلجرائية التي يمكن االستناد عليها لقبول دعوى بطالن حكم التحكيم.564
أن يتض من دفوع ه واعتراض اته على اإلدع اء وقائم ة بالبيان ات المؤي دة الدعائ ه ،باإلض افة لتحدي د
عدد وأسماء المحكمين ،وفي حالة اختيار المحتكم محكم فردا لنظر النزاع وعارض المحتكم ضده
ه ذا االختي ار خالل م دة خمس ة عش ر يوم ا من ب دء التحكيم فعلي ه أداء الرس وم عن ثالث ة محكمين
وإ رسال قائمة بأسماء ثالثة محكمين ليكون أحدهم في هيئة التحكيم.565
يق وم المرك ز بتع يين الهيئ ة إذا م ا تجاه ل المحتكم ض ده طلب التحكيم ولم يق دم جواب ا خالل الم دة -6
إذا وجد المركز نقصا ببيانات المحتكم ضده بالجواب فعلى المركز إخطاره بذلك خالل أسبوع من -7
أعطت مراكز التحكيم لطرفي النزاع الحق في تنحي ة المحكم الذي اختاره الطرف اآلخر أو الذي -8
اختاره المركز ،في حالة وجود شكوك جدية تثور حول حيدة ونزاهة المحكم ،وذلك بإخطار يقدم
للمركز خالل مدة معينة حددتها بعض المراكز بعشرة أيام تبتدئ من تاريخ ظهور السبب إن كان
هو من اختاره ومن تاريخ اإلخطار إن لم يختره ،ليقرر المركز بعدها تنحية المحكم أو صالحيته
567
لنظر النزاع خالل خمسة عشر يوما من تقديم الطلب.
تك ون جلس ات المحاكم ة س رية وس ريعة بحيث يمكن أن ال تتج اوز ثالث ة أي ام في ح ال طلب س ماع -10
الشهود أو طلب الخبرة الفنية أو تقديم أية بينة سبق أن أشار إليها المحتكم ضده ضمن قائم ة بياناته
تبدأ إجراءات المحاكمة أمام هيئة التحكيم في اليوم المعلن عنه ،والذي أخبر به المحتكمين بعد
أن يكون المركز قد تسلم جواب وبيانات المحتكم ضده ومنحه فترة كافية لتقديم أية بيانات إضافية أو
وإ ذا ك انت الجلس ات في التحكيم الع ادي تعق د لس ماع األط راف والش هود والخ براء ،فه ل من
توجد العديد من الوسائل تسمح بتبادل األصوات والصور والنصوص ،فهناك البريد اإللكتروني
وال ذي يس مح بنق ل الوث ائق والمس تندات ،وهن اك الم ؤتمرات المبرم ة عن بعد والتي تس مح لك ل ش خص
ب أن يرس ل ويق رأ في آن واح د رس ائل بالمش اركة م ع أش خاص آخ رين ،وتجع ل األط راف ك أنهم
موجودون طبيعيا في مكان واحد ،وتستخدم هذه الطريقة في الواليات المتحدة األمريكية في الدعاوى
571
القضائية العادية.
ولم تش ر القواع د المنظم ة للتحكيم الع ادي له ذه الوس ائل ،فلق د نص ت القواع د المنظم ة لغرف ة التج ارة
الدولية CCIفي المادة 20على أن تسمع المحكمة أقوال األطراف والشهود والخبراء حضوريا ،كما
أنه ا لم تش ر في الم ادة 21إال للجلس ات ال تي تعق د طبيعي ا ،وأك دت على ض رورة حض ور األط راف
شخص يا حيث ج اء في ه ذه الم ادة " عن دما تعق د الجلس ة تس تدعي محكم ة التحكيم األط راف للحض ور
ونرى أن المصطلحات المستخدمة في هذه النصوص مثل " الحضور" و" المكان" وغيرهما ال
الدولية االتفاق على سماع مرافعاتهم في شكل مبادالت إلكترونية .ويتوافق ذلك مع ما جاء في المادة(
)21/2من القواعد المنظمة للمحكمة اإللكترونية التي أجازت حدوث الحوار بين الخصوم بكل وسيلة
معقول ة .ل ذا فإن ه يجب أن يش مل مص طلح الجلس ة -بج انب الحض ور الط بيعي لألط راف -الم ؤتمرات
اإللكترونية واالجتماعات السمعية البصرية ،والتبادل الفوري الموثق لالتصاالت اإللكترونية بالطريقة
ومن تم يمكن إدارة جلس ات التحكيم إلكتروني ا ،574ألن ه ذه الوس ائل ت ؤدي نفس ال دور ال ذي تق وم ب ه
الجلس ات ال تي تعق د طبيعي ا ،بحيث تنق ل الص ور في الح ال مم ا ي تيح الفرص ة ألص حاب الش أن برؤي ة
أهليته؟
وقد نصت مراكز التحكيم على استبدال المحكم ،كمحاولة منها الستبقاء استقرار عملية التحكيم والسير
فيه ا ق دما ،دونم ا أي ة معوق ات وخصوص ا عنص ر ال زمن المقي د للهيئ ة في ص دور الحكم خالل ه ،وه ذه
الح االت هي ( الوف اة ،فق دان المحكم ألهليت ه ،إص ابة المحكم بعج ز يمنع ه من االس تمرار في نظ ر
النزاع.)...
هذا وقد نصت مراكز التحكيم اإللكتروني على حق طرفي النزاع في طلب إنهاء النظر إذا ما
توصال لتسوية ودية ،بشرط أن يأتي الطلب قبل صدور الحكم التحكيمي.
األطراف ،تقوم المحكمة بإصدار حكمها في النزاع في ظرف ثالثين يوما من تاريخ قفل باب المرافعة
جوهرية.576
بهدف حماية المحتكمين توجب النصوص المتعلقة بالتحكيم شروطا تتعلق بشكل الحكم وأخرى
بكيفية اإلخطار بهذا الحكم ،فهل يستوي حكم التحكيم اإللكتروني هذه الشروط؟.
التحكيم ،إال أن معظمها لم تشترط شكال خاصا لصياغتها ،فقد تكون بخط اليد أو بالوسائل اإللكترونية،
لذا فإن صدور الحكم بالكتابة اإللكترونية يحقق شرط الشكل المطلوب.
أم ا فيم ا يتعل ق ب التوقيع على الحكم ،فق د نص ت الم ادة ( )31من الق انون النم وذجي للتحكيم
التج اري ال دولي على ض رورة توقي ع المحكم أو المحكمين ح ال تع ددهم على حكم التحكيم وه ذا ه و
المعم ول ب ه في التحكيم الع ادي ،579حيث يق وم المحكم ون بتوقي ع الحكم بخ ط الي د .إال أن التوقي ع بخ ط
أن الح ل يتمث ل في إعط اء التوقي ع اإللك تروني نفس حجي ة 581
يج ري في ه التحكيم .وي رى بعض الفق ه
وهو ما أقرته المادة ( )54من الئحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية ،583O.M.P.I 582
التوقيع العادي
فيم ا يخص تبلي غ الحكم فتوض ح النص وص المعني ة ب التحكيم التج اري ال دولي أس لوب تبلي غ
الحكم .فلقد نصت المادة ( )28من قواعد التحكيم في غرفة التجارة الدولية لسنة 1998على أنه":يعلم
األطراف بالحكم من أمانة المحكمة أو بتسليمهم صورة طبق األصل منه" ،كما نصت المادة ()31/4
من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي لس نة 1985على أن ه ":تس لم ص ورة من الحكم
لألطراف" .فهل تنطبق المصطلحات الموجودة في هذه النصوص مثل "التسليم" و"صورة طبق األصل"
نرى أن المهم هو أن يص ل الحكم إلى األط راف دون تعديل أثن اء النقل أما وس يلة التبليغ فهي
غ ير مهم ة .ونس تدل على ذل ك بنص الم ادة ( )3/2من قواع د غرف ة التج ارة الدولي ة وال تي تش ير إلى
إمكانية حدوث التبليغ "بكل وسيلة اتصال تسمح بإقامة الدليل على اإلرسال".584
ولق د نص ت المنظم ات المعني ة بالع الم اإللك تروني على مس ألة تبلي غ الحكم منه ا الم ادة ( )25/4
من القواع د المنظم ة للمحكم ة اإللكتروني ة Cyber tribunalعلى أن ه ":تت ولى الس كرتارية نش ر الحكم
كيفية حدوث التبليغ والراجح هو أن يقوم المحكم بإرساله عن طريق البريد اإللكتروني المشفر أو عن
ولألطراف بعد استالمهم قرار المحكم الرجوع لهيئة التحكيم وسؤالها حول أية أخطاء مادية أو
حسابية أو غموض ش اب القرار ،ويمكن للهيئ ة من تلقاء نفس ها تص حيح أية أخط اء مادي ة وذل ك خالل
عندما يفضل األطراف اللجوء للتحكيم ،فإنه يجب عليهم تنفيذ الحكم الصادر من محكمة التحكيم
دون ت أخير ،إال أن الط رف الخاس ر س يء الني ة ق د ي رفض تنفي ذ ه ذا الحكم ،587مم ا يض طر الط رف
المس تفيد من الحكم إلى اللج وء للقض اء لطلب تنفي ذه ،588وعلي ه أن يق دم أص ل الحكم أو ص ورة طب ق
األصل منه لالعتراف به وتنفيذه ،باإلضافة إلى أصل أو صورة طبق األصل من اتفاق التحكيم.589
وال يوجد مشكلة في التحكيم العادي إال أن األمر ليس كذلك في التحكيم اإللكتروني لسببين:
المدعي صورة مطابقة ألصل القرار" ،إال أنها لم توضح الوسيلة التي يتم بها التصديق الكتابي .ولقد
جاءت المادة 8من القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية الصادر عام 1996بحل لهذه المشكلة حيث
تثور مشكلة أخرى تتعلق بإيداع حكم التحكيم اإللكتروني في المحكمة المختصة ومدى إمكانية
ح دوث ذل ك .فهن اك بعض ال دول ال تي ت وجب إي داع الحكم التحكيمي من ذل ك الم ادة ( )47من ق انون
التحكيم المصري .591وبالتالي يثار إشكال حول مدى إمكانية إيداع حكم التحكيم اإللكتروني لدى كتابة
الضبط بالمحكمة ؟ وهل المحاكم الوطنية مؤهلة لالحتفاظ بهذا اإليداع من الناحية الفنية والتقنية ؟ وما
ه و الش كل ال ذي يتم في ه االحتف اظ بحكم التحكيم اإللك تروني ؟ ه ل يحتف ظ ب ه على Disquetteأم
أنه رغم قانونية وإ مكانية االتفاق والتوقيع اإللكتروني فال بد من التذكير أن يرى بعض الفقه
592
اتف اق التحكيم وحكم التحكيم الموج ود على دعام ات ورقي ة مطل وب دائم ا حين تق ديم طلب االع تراف
بالحكم وتنفيذه .حيث إن المحاكم ال تتعامل بالوثائق اإللكترونية ومن تم فالبد من أن يكون حكم التحكيم
فإن دراسته قد تمكن من سبر أغوار موقف المشرع من التجارة االلكترونية عموما وتحديد مدى كفاءة
القواعد العامة في استيعاب التحكيم االلكتروني ،أو في مقاومته بوصفه دخيال على هذه المنظومة ولعل
في ذل ك م ا ي برر التس اؤل عن المكان ة ال تي يمكن أن يتبوأه ا مس تقبال ه ذا الص نف من التحكيم ض من
وحتى نكون واقعيين ،نقول أن أهمية األخذ بهذا النظام بالمغرب ال زالت في بدايتها خصوصا
م ع ض عف لج وء المس تهلك المغ ربي للمع امالت االلكتروني ة ألس باب ثقافي ة واقتص ادية وقانوني ة أيض ا،
593
لكن هذه األهمية ستبرز بشكل واضح خالل العقود القادمة مع تطور التجارة االلكترونية بالمغرب
ال تي تتس م بالط ابع ال دولي وط ابع الس رعة وخصوص ية الوس ائل االلكتروني ة المعتم دة خالل التعاق د ،594
وأكيد أن سن المشرع المغربي لمجموعة من القوانين في المجال المعلوماتي يوضح اتجاهه الجدي إلى
- 593تجدر اإلشارة إلى أن الفيدرالية الوطنية للتجارة اإللكترونية بالمغرب التي تم إنشاؤها في 5شتنبر 2011والتي وتهدف إلى تجميع ونشر
المعلومات الكفيلة بتطوير القطاع ،والعمل لفائدة التنمية المستدامة والبعد األخالقي للبيع عن بعد والمتاجرة اإللكترونية ب المغرب ،أطلقت قاعدة
“صنع في المغرب” يوم 22يناير 2015بغرفة التجارة والصناعة بالدار البيضاء ،وهي عبارة عن أكبر قاعدة بيانات للتجارة اإللكترونية لم
يسبق لها مثيل بإفريقيا ،موجهة بصورة كلية إلى المنتوجات المصنعة في المغرب.
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر الموقع اإللكتروني:
http://www.ahdath.info/?p=47103
- 594تجدر اإلشارة إلى أن المغرب يعد من أوائل الدول التي نظمت منتدى دولي حول االتصاالت عن بعد عن طريق األقمار الصناعية ، ،كما
أن الحكومة السابقة أطلقت برنامجا للتجارة اإللكترونية في مجال الصناعة التقليدية والفالحة والصيد البحري ،وذلك من خالل دعم المقاوالت
الصناعية الصغيرة والمتوسطة على استخدام تقنيات االتصال الحديثة من خالل الترويج لمنتجاتها عن طريق التجارة اإللكترونية ،حتى تتمكن
من المنافس ة على الصعيد ال دولي .وهك ذا تم إح داث لجن ة وزاري ة أني ط به ا مهم ة إع داد اقتراح ات تس اهم في تط وير قط اع تكنولوجي ا االتص ال
والمعلومات.
كما بادرت الحكومة المغربية السابقة بخلق لجنة وزارية مختلطة من أجل تطوير التجارة اإللكترونية ،والتي وضعت نتائج عملها أمام الوزير
األول .هذه اللجنة تتكون من ممثلين عن اإلدارة العمومي ة ،وممثلين عن القطاع الخاص والتي خلصت إلى ضرورة وضع إطار تشريعي لسد
الفراغ الق ائم في هذا اإلط ار وتشجيع األفراد على التج ارة اإللكتروني ة من خالل سياسة قرب عام ة وذلك بمنح الثق ة للمس تخدمين من مقاوالت
وأفراد ومؤسسات عمومية.
لكن ورغم هذه اإلس تراتيجيات الحكومي ة لتشجيع استعمال تقني ات االتصال والمعلومي ات سواء لدى األفراد أو المؤسس ات ،إال أنه ا لم تنجح في
تحقيق األهداف المرجوة مما دفع إلى التفكير في آليات جديدة للدفع بهذا القطاع وهو ما تجلى في إستراتيجية (المغرب الرقمي).
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر:
-هشام البخفاوي " ،واقع التجارة اإللكترونية بالمغرب" ،مجلة قانون وأعمال ،العدد األول ،مارس ،2011ص 77وما بعدها.
192
استيعاب كل صور المعامالت الحديثة ،وبدون شك فإن الحاجة إلى مسايرة هذا التطور ستمتد أيضا
حتى على مستوى األشكال الجديدة للوسائل البديلة لفض المنازعات مما سيجعل المشرع مضطرا إلى
وض ع لبن ات تش ريعية جدي دة تناس ب خصوص يات ه ذه الوس ائل عموم ا والتحكيم االلك تروني على وج ه
الخصوص.595
انتشر التحكيم وذاع وأصبح من أفضل الوسائل لحل منازعات التجارة الدولية ،ومن المتوق ع أن
ينتشر التحكيم االلكتروني ويسود منازعات التجارة االلكترونية وذلك ألنه أنسب الطرق وأفضلها لحل
هذه المنازعات ،فهو صورة متطورة للتحكيم ووسيلة سريعة مرنة تناسب التقدم العلمي والتكنولوجي
الهائ ل ال ذي تش هده البش رية في العص ر الح ديث .596ويجب على المش رع في مختل ف ال دول تنظيم ه ذا
كما نناشد المشرع المغربي أن ينظم التحكيم اإللكتروني بواسطة قواعد قانونية محددة وشاملة
للموضوع باعتباره واقعة مادية فرضت تطبيقها في عصر المعلوماتية وسرعة االتصاالت.
يطلق على التحكيم مسميات فرعية حسب طبيعة المنازعة التي يراد حسمها عن طريقه .فإذا
كانت المنازعة تجارية سمي التحكيم تجاريا .وإ ذا كانت المنازعة مدنية سمي التحكيم مدنيا .وإ ذا كانت
ويالح ظ أن المش رع المغ ربي لم يتع رض لتعري ف التحكيم اإلداري وبي ان حاالت ه كم ا فع ل
-595
أمين أعزان " ،فعالية التحكيم اإللكتروني في ضوء متطلبات القوانين الوطنية و االتفاقيات الدولية" ،م س ،ص .157
-596أحمد هندي"،التحكيم ،دراسة إجرائية" ،م س ،ص .312
-597للمزيد من اإليضاح أنظر:
-أحمد محمد فتحي الخولي "،التحكيم اإللكتروني كوسيلة لحل المنازعات المدنية" ،دار الجامعة الجديدة،سنة .2017
-598محمد األعرج" ،التحكيم في منازعات العقود اإلدارية" ،مجلة المعيار ،عدد ،34ص .87
193
وق د عرف ه الفق ه الق انوني الفرنس ي بأن ه" :نظ ام اس تثنائي للتقاض ي بموجب ه يج وز للدول ة وس ائر
أشخاص القانون العام األخرى إخراج بعض المنازعات اإلدارية الناشئة عن عالقات قانونية عقدية أو
غ ير عقدي ة وطني ة أو أجنبي ة من والي ة قض اء مجلس الدول ة لكي تح ل بطري ق التحكيم بن اء على نص
ق انوني يج يز ذل ك ،وخروج ا على مب دأ الحظ ر الع ام الوارد على أهلي ة الدول ة وس ائر أش خاص الق انون
أم ا الفق ه المص ري فق د ع رف التحكيم اإلداري بأن ه ":وس يلة قانوني ة تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د
األشخاص المعنوية العامة وبمقتضاها يستغنى بها عن القضاء اإلداري لتسوية ك ل أو بعض المنازعات
الحالية أو المستقبلة الناشئة عن عالقات ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية فيما بينها أو بين إح داها
أو أحد أشخاص القانون الخاص الوطنية أو األجنبية سواء كان اللجوء اختيارا أو إجباريا وفقا لقواعد
القانون اآلمرة.600
وقد برزت أهمية موضوع التحكيم اإلداري بقوة في السنوات األخيرة إذ أصبح التحكيم وسيلة
أساس ية لح ل المنازع ات ال تي تك ون الدول ة طرف ا فيه ا ،فنظ را لزي ادة اهتم ام الدول ة بمج ال التنمي ة
االقتص ادية وإ برامها الكث ير من العقود م ع األش خاص الطبيعي ة أو المعنوي ة الخاص ة ،وم ا ق د ينش أ عن
هذه العقود من منازعات أصبح التحكيم اإلداري الوسيلة المثلى لدى الشركات الكبرى العالمية للفصل
إال أن موض وع التحكيم اإلداري تث ار بش أنه العدي د من اإلش كاليات المرتبط ة أساس ا بم دى
مش روعية التحكيم اإلداري ،س ير إج راءات التحكيم في المنازع ات اإلداري ة ،الق انون المطب ق على
-599
محمد األعرج ،م س ،ص .87
-600
خالد بن عبد اهلل بن عبد الرحمان الخضير" ،التحكيم في العق ود اإلداري ة ،في الفق ه اإلس المي والنظم المعاص رة م ع دراس ة تطبيقي ة للنظ ام
السعودي" ،جامعة األزهر ،كلية الشريعة والقانون ،قسم السياسة الشرعية ،ص .159
أنظر الموقع اإللكترونيhttp://libback.uqu.edu.sa/ 2011 :
194
موض وع ال نزاع في التحكيم اإلداري ،حكم التحكيم اإلداري ،ش كله ،مض مونه وبيانات ه اإللزامي ة ،حجي ة
الحكم التحكيمي اإلداري ،وقوته التنفيذية ،تنفيذ الحكم التحكيمي اإلداري ،والطعن فيه.
لكن وبالنظر لتشعب كل تلك المحاور والتي ال تختلف في جوهرها على سير إجراءات التحكيم
بشكل عام ،فإننا سنقتصر في المبحث األول على إشكالية مدى مشروعية التحكيم اإلداري أما المبحث
تعتمد الدولة وهي بصدد قيامها بالتزاماتها سواء في تنفيذ السياسات العمومية في مجال التنمية
االقتصادية واالجتماعية ،أو بناء هياكل ومؤسسات إدارية إلى العديد من األساليب والتنظيمات .فهي قد
تلجأ إلى إصدار قرارات إدارية بهدف إحداث آثار قانونية مشروعة استنادا لما تملكه من س لطة إص دار
هذه القرارات بمقتضى القوانين والمراسيم ،أو اللوائح ،وقد تلجأ إلى آلية التراضي واالتفاق مع غيرها
-601األش خاص المعنوي ة يمكن أن تك ون أش خاص معنوي ة خاص ة مث ل الش ركات ،أو أشخاص ا معنوي ة عام ة مثال الدول ة وال وزارات والمص الح
والمؤسسات العامة التابعة لها.
-602يمكن تعريف العقود اإلدارية بأنها تلك االتفاقيات التي تبرم بين اإلدارة كسلطة عامة قائمة على تحقيق المصلحة العامة وبين األفراد أو
الشركات الخاصة من أجل إنجاز عمل معين يحقق المنفعة العامة بشكل مباشر ،مع تضمين االتفاق أهم شروط وقواعد تنفيذ العمل المطلوب
وأهم حقوق وواجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل.
وه ذه العق ود ب الرغم من كونه ا عق ودا ت برم برض ى طرفيه ا مع ا ،إال أنه ا ال ت برم بين ط رفين متس اويين في الق وة أو في اله دف ،فهي ت برم بين
ط رف أك ثر ق وة يس عى إلى تحقي ق المص لحة العام ة وه و اإلدارة ،وبين ط رف أق ل ق وة يس عى إلى تحقي ق مص لحته الشخص ية وه و الف رد ( أو
الشركة الخاصة) المتعاقد مع اإلدارة ،والذي يعزز قوة اإلدارة في التعاقد هو ما تملكه من امتيازات استثنائية – في ه ذا المجال – تساعدها على
رعاية المصلحة العامة ،تلك االمتيازات التي ال نجد لها وجودا في العقود التي تبرم في إطار قواعد القانون الخاص.
للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى:
-مليكة الصروخ" ،الصفقات العمومية في المغرب ،األشغال -التوريدات – الخدمات" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
سنة ،2009ص 11وما بعدها.
195
الش املة ،واض طرت إلى البحث عن شركاء ج دد للتدخل قص د اإلبرام واإلش راف على جمل ة من عقود
أن القض اء الرس مي هو ص احب االختص اص للنظ ر في ه ذه المنازعات ،ولكن ل تراكم وتعقد المس اطر
وبطء اإلجراءات فضال عن تشكك الطرف األجنبي المتعاقد مع الدولة في مدى حياد القاضي الوطني،
ك ان من الض روري البحث عن وس يلة أخ رى لحس م منازع ات العق ود اإلداري ة ،ومن هن ا ظه ر التحكيم
كوس يلة مثالي ة لحس م منازع ات ه ذه العق ود خروج ا على األص ل الع ام في اختص اص القض اء اإلداري
وت أتي أهمي ة البحث في م دى مش روعية التحكيم اإلداري نظ را لم ا تتمت ع ب ه الدول ة من س يادة
وحصانة ومركز قانوني متميز ،باعتبارها أحد أشخاص القانون العام في مواجهة المتعاقدين معها في
مجال المعامالت التجارية واالقتصادية .وفضال عن تخليها عن أهم مرفق من مرافقها العامة أال وهو
مرفق القضاء فاألصل أن جميع المنازعات اإلدارية يختص بالفصل فيها دون غيره ،القضاء اإلداري،
وفي غياب النص التشريعي الذي ينظم التحكيم في منازعات العقود اإلدارية – وطنية كانت أم
ذات ط ابع دولي -اختل ف الفق ه ،وتب اينت أحك ام القض اء في العدي د من الدول حول مدى جواز التحكيم
-603هالل حمد هالل السعدي " ،التحكيم ودوره في تسوية المنازعات اإلدارية ،دراسة مقارنة في الفقه والقضاء" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية 2008 -2007ص .133
-604عبد اهلل حنفي " ،العقود اإلدارية ،ماهية العقد اإلداري وأحكام إبرامه " ،الكتاب األول ،دار النهضة العربية ،طبعة ،1999ص .12
-605
أحمد محمد عبد البديع شتا" ،شرح قانون التحكيم ،دراسة مقارنة وفقا آلراء الفقه وأحكام القضاء ،وهيئات التحكيم العربية والدولية" ،دار
النهضة العربية ،الطبعة الثالثة ،سنة ،2005ص .222
196
وفي خضم هذا المبحث سنحاول في الفرع األول ،تحديد موقف التشريع المغربي من مشروعية
التحكيم اإلداري في حين س نعمل في الف رع الث اني على تبي ان موق ف بعض األنظم ة القانوني ة المقارن ة
لإلحاط ة بموق ف التش ريع المغ ربي من مش روعية التحكيم اإلداري تقتض ي الض رورة تن اول
الموض وع خالل مرحل تين :مرحل ة م ا قب ل ص دور الق انون رقم 08.05لس نة 2007حيث لم يس مح
خالل تل ك الف ترة ب اللجوء إلى التحكيم اإلداري (المطلب األول) ،ومرحل ة م ا بع د ص دور ه ذا الق انون
(المطلب الثاني).
المطلب األول :مـــدى مشـــروعية التحكيم اإلداري في التشـــريع المغـــربي قبـــل صـــدور قـــانون
08.05
08 -05إلى اعتب ار مث ل ه ذه المنازع ات تن درج ض من النظ ام الع ام ،ال ذي ال يج وز التحكيم بش أنه
(الفقرة األولى) ،وقد تباينت آراء الفقه والقضاء بين مؤيد ومعارض حول مدى جواز اللجوء للتحكيم
إن أول المقتض يات ال تي نص ت على التحكيم في التش ريع المغ ربي هي الفص ول من 527إلى
،6071974إال أن ه لم يتع رض إلمكاني ة اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ب ل نص
على عدم إمكانية االتفاق على التحكيم في المسائل التي تمس النظام العام 608
صراحة في الفصل 306
وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام.
ه ذا التوج ه تم إرجاع ه إلى ك ون ذل ك س يؤدي إلى تحقي ق الحماي ة للم ال الع ام وبالت الي تغليب
المصلحة العامة على المصلحة الفردية ،إضافة إلى ذلك هناك من اعتبر أن اللجوء إلى التحكيم في هذه
الحالة يعني عدم الثقة في القضاء اإلداري للدولة وأيضا عدم احترام قواعد االختصاص بشكل عام.609
ف المنع من اللج وء للتحكيم اإلداري ك ان يرج ع وقتئ ذ إلى اعتب ار أن ه ذه المنازع ات تع د من
وبما أن العقود اإلدارية تتصل اتصاال وثيقا بالنظام العام ،فال مجال للتحكيم في منازعاتها.610
الفقرة الثانية :موقف الفقه والقضــاء من مشــروعية التحكيم اإلداري قبــل صــدور قــانون -05
08
-607ال ذي ص در بموجب ه الظه ير الش ريف بمثاب ة ق انون رقم 1 .74 .447بت اريخ 11من رمض ان 28( 1394س بتمبر )1974منش ور
بالجريدة الرسمية عدد 3230مكرر بتاريخ 13من رمضان 30( 1394سبتمبر .)1974
-608نص الفصل 306على ما يلي" :يمكن لألشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها،
غير أنه ال يمكن االتفاق عليه:
-في الهبات والوصايا المتعلقة باألطعمة والمالبس والمساكن،
-في المسائل المتعلقة باألشخاص وأهليتهم،
-في المسائل التي تمس النظام العام ،وخاصة:
* النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام،
* النزاعات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي،
* النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد األثمان والتداول الجبري والصرف ،والتجارة الخارجية.
-609محمد األعرج" ،مشروعية التحكيم في المنازعات اإلدارية ،المنازعات اإلدارية في تطبيقات القضاء اإلداري المغربي" ،منشورات المجلة
المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،عدد ،57سنة ،2007ص .196
-610مليكة الصروخ ،م س ،ص .554
198
اختلف الفقه بين من يرى عدم جواز لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم سواء تعلق األمر
بعق ود وأم وال خاض عة للق انون الع ام أو خاض عة للق انون الخ اص ،وذل ك اس تنادا إلى الفص لين ( 9و
ومن أنص ار ه ذا ال رأي األس تاذ محم د ال وكيلي ال ذي يق ول في أطروحت ه ح ول موض وع تحكيم
البن ك ال دولي لتس وية خالف ات االس تثمار بين الدول ة وش خص خ اص أجن بي بأن ه " :يالح ظ أن ه ال يوج د
اختالف كب ير بين ق انون المس طرة المدني ة الجدي د الص ادر في 28س بتمبر 1974وق انون المس طرة
المدنية القديم من حيث منع الدولة من اللجوء إلى التحكيم .فالمادة 306منه تمنع االتفاق على التحكيم
بالنسبة للمسائل التي تمس النظام العام .كما أن المادة 9من نفس القانون توجب تبليغ النيابة العامة ،كل
القض ايا ال تي تتعل ق بالنظ ام الع ام والدول ة والجماع ات المحلي ة والمؤسس ات العمومي ة ،وه ذا يع ني أن
األساس الذي يقوم عليه تحريم اللجوء إلى التحكيم بالنسبة للدولة ما زال موجودا".611
أم ا األس تاذ عب د اهلل درميش وال ذي على عكس األس تاذ ال وكيلي اع ترف للدول ة وغيره ا من
أشخاص القانون العام باللجوء إلى التحكيم ،لكن على أساس تفسير آخر باعتبار أن الفصل 9من ق م
م يشكل قاعدة عامة لدخوله تحت المقتضيات التمهيدية أما الفصل 306فهو نص خاص لدخوله تحت
مقتضيات المساطر الخاصة .وبذلك فإن القاعدة العامة هي تبليغ النيابة جميع الدعاوى والمساطر التي
تكون الدولة أو أحد المؤسسات العمومية طرفا فيها طبقا للفصل .9وأن االستثناء من تلك القاعدة هي
تلكم المتعلقة بعقود وأموال خاضعة لنظام القانون الخاص حيث ال دخل للنيابة العامة في ذلك خصوص ا
وأن مسطرة التحكيم هي مسطرة خاصة ال تخضع وجوبا إال للقواعد الواردة في باب التحكيم.612
-611محمد الوكيلي "،تحكيم البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار بين دولة وشخص خاص أجنبي" ،أطروحة لنيل دكتوراه في القانون ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية ،الرباط ،سنة ،1982ص .101
-612عبد اهلل درميش" ،التحكيم الدولي في المواد التجارية" ،م س ،ص 96وما يليها.
199
أم ا على مس توى االجته اد القض ائي المغ ربي فلم يخ رج عن االتج اه ال ذي تبن اه المش رع
بخصوص هذا الموضوع ،613وكان ذلك في إحدى القرارات الصادرة عنه إبان عهد الحماية .إذ جاء
في بعض حيثيات ه م ا يلي ..." :وحيث إن ه في الحقيق ة ال يمكن للدول ة أن تس حب النزاع ات ال تي تك ون
...وحيث إنه طبقا للظهائر السارية وخصوصا الصادر منها بتاريخ 9يونيو 1917المتعلق
بالمحاسبة العامة ال يكون لمديري ورؤساء مصالح الدولة الشريفة وخصوصا مدير األشغال العمومية،
حرية التصرف في حقوق الدولة المناط بهم إدارتها إال في حدود ضيقة وبصورة محدودة...
النيابة العامة وبصورة إلزامية تقديم مستنتجاتها في كل النزاعات التي تتعلق باإلدارات العمومية...
كذلك".614
وهكذا نخلص إلى بيان أسباب استبعاد القانون المغربي في مرحلة ما للنزاعات التي يكون أحد
المطلب الثاني :إباحة التحكيم اإلداري كقاعدة بعد صدور قانون 08 -05
إن تك ريس المش رع المغ ربي إلمكاني ة اللج وء للتحكيم لح ل النزاع ات الناتج ة عن عق ود يك ون
أحد أطرافها شخص عام في قانون ،08 -05هو أمر محمود في ظل االنفتاح االقتصادي الذي يشهده
-613وكان ذلك في إطار الفصل 227من قانون المسطرة المدنية القديم الصادر سنة .1913
-614قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 26يونيو ،1923منشور بمجموعة قرارات محكمة االستئناف (سنة -2- 1923ص
)131
-البوعناني رحال" ،التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" ،م س ،ص .79
-615ناصر بلعيد ،م س ،ص .59
200
المغ رب (الفق رة األولى) ،إال أن م ا يمكن طرح ه في ه ذا الش أن ه و الص ياغة ال تي اعتم دها المش رع
إذا كان المشرع المغربي قد أكد في الفصل 306من قانون المسطرة المدنية -القديم -بصريح
العب ارة على ع دم ج واز االتف اق على التحكيم في المنازع ات المتعلق ة ب العقود اإلداري ة ،فإن ه بص دور
الظه ير الش ريف رقم 1-07-169بت اريخ 30نوفم بر 2007بتنفي ذ الق انون رقم 08-05القاض ي
بنس خ وتع ويض الب اب الث امن بالقس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة ومن خالل التوج ه الح ديث
لوظيفة الدولة في المجاالت االقتصادية سعيا الستقطاب االستثمارات األجنبية ،برزت ضرورة اللجوء
للتحكيم اإلداري وهذا ما رسخته مقتضيات المادة 310من قانون 08-05بحيث يالحظ تغيرا واضحا
في موق ف المش رع المغ ربي بخص وص مس ألة االتف اق على التحكيم في العق ود ال تي يبرمه ا األش خاص
المعنوي ة العام ة وه ذا التح ول م رده إلى انفت اح الدول ة على القط اع الخ اص وإ ب رام ش راكات مع ه في
وق د ج اء في الفص ل 310من الق انون الم ذكور وال س يما الفق رة الثالث ة من ه على م ا يلي:
"بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل 317أدناه ،يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي
تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو
الوصاية المنصوص عليها في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود
المعنية".
-616فقد ورد في مذكرة تقديم مشروع القانون رقم 08-05في النقطة المتعلقة بإمكانية إبرام اتفاق تحكيم فيما يخص العقود التي تبرمها الدولة
والجماع ات المحلي ة م ا يلي" :اس تجابة لمتطلب ات العولم ة ،وتنافس ية االقتص اد ،واس تقطاب االس تثمارات ،ص ار من الض روري الس ماح لبعض
األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام باللجوء إلى التحكيم توخيا إلرساء مفهوم شراكة وثيق ة بين القطاعين العام والخاص ،إال أن ه ال يمكن
فرض مسطرة التحكيم على األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام ،ومن جهة أخرى فإن االنفتاح على هذه األش خاص يتم في إطار احترام
المقتضيات المتعلقة بالمراقبة والوصاية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل."...
أنظر :مصطفى التراب "،أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟" ،م س ،ص ،22هامش .24
201
يس تفاد من ه ذه المقتض يات أن المش رع المغ ربي رف ع الحظ ر المتعلق بعدم ج واز االتفاق على
التحكيم في العقود اإلدارية ،فعلى الرغم من أن مقتضيات الفصل 310جاءت فضفاضة بحيث أنها لم
تحدد نوعية العقود التي يمكن للدولة أو الجماعات المحلية االتفاق على التحكيم بشأنها إال أن الشائع في
مجال القانون اإلداري أن الدولة تلجأ في تعامالتها إلى إبرام نوعين من العقود:
النوع الثاني :عقود خاضعة لنظام يحكمه القانون العام وهي العقود اإلدارية.
ومن تم يمكن االستناد إلى إرادة المشرع الضمنية والمعبر عنها في الفصل 310السالف الذكر
للقول بجواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية.
إن موضوع التحكيم اإلداري يثير العديد من اإلشكاليات تتعلق أهمها بالشروط الخاصة بمسألة
لج وء الدول ة والجماع ات المحلي ة إلى إب رام اتف اق التحكيم ( أوال) ،كم ا أنه ا من زاوي ة ثاني ة تتعل ق
202
إن المش رع المغ ربي لم يض ع أي قي د أو ش رط معين بخص وص لج وء الدول ة والجماع ات
إلى إب رام اتف اق التحكيم ،إال قي د وش رط ض رورة التقي د بالمقتض يات الخاص ة بالمراقب ة ،أو 617
المحلي ة
وعب ارة التقي د بالمقتض يات المتعلق ة بالوص اية أو المراقب ة تث ير أك ثر من س ؤال فه ل اتف اق
التحكيم (ش رط أو عق د) بش أن العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة أو الجماع ات المحلي ة والمؤسس ات العام ة- ،
لكي يك ون ص حيحا -يجب أن تت وفر في ه باإلض افة إلى الش روط الم ذكورة في الم ادة 117من الق انون
،08 -05الش روط ال تي تقرره ا النص وص المنظم ة للعق ود ال تي تبرمه ا ه ذه الجه ات وال تي تقتض ي
فهذه القيود تطرح وكما ذهب إلى ذلك األستاذ رياض فخري أكثر من سؤال حول المراقبة أو
الوص اية ال تي يمكن أن يخض ع له ا لج وء الدول ة أو الجماع ات المحلي ة في النزاع ات المالي ة إلى آلي ة
التحكيم ،هل يعني ذلك أنه يجب أن تحصل على ترخيص مسبق بذلك من جهات معينة حتى تستطيع
مباشرة مسطرة التحكيم ؟ وفي حالة ما إذا كان هذا الترخيص ضروريا فإنه يطرح سؤال آخر حول
تحدي د طبيع ة ه ذا ال ترخيص أي ه ل يعت بر ترخيص ا عام ا ين درج ض من اختصاص ات اإلدارة المعني ة
وبالتالي ال تحتاج إلى إصدار ترخيص كلما أرادت اللجوء إلى التحكيم ،أم أنه يعد ترخيصا خاصا يمنح
-617إذا ك انت األش خاص العام ة الترابي ة تم ارس مهامه ا في الح دود الجغرافي ة المخصص ة والمرس ومة له ا تحت رقاب ة ووص اية الدول ة ،ف ان
الدولة تخضع في معاملتها إلى رقابة إدارية ومالية محددة طبقا للقانون
فطبقا للمادة 1من القانون رقم 69.00المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى ،فان الهيئات العامة الخاضعة لهذا
القانون هي :الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة.
ولق د نص الفص ل 145من دس تور 2011على أن والة الجه ات وعم ال األق اليم والعم االت يمثل ون الس لطة المركزي ة في الجماع ات الترابي ة
ويمارسون المراقبة اإلدارية ،كما أنهم يعملون على تأمين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها .
وانطالقا من أن صالحيات الوصاية المخولة للسلطة اإلدارية تهدف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي القوانين واألنظمة
الجاري بها العمل ،وكذا ضمان حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدة اإلدارة ،فإن قرارات المجلس الجماعي تكون غير قابلة للتنفي ذ إال بعد
مصادقة سلطة الوصاية عليها متى تعلق األمر بالقرارات المنصوص عليها في المادة 69من القانون رقم 78 -00المتعلق بالميثاق الجماعي.
-مصطفى بونجة "،التحكيم في العقود اإلدارية وفقا لقانون المسطرة المدنية المغربي" ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني:
www.Maroc Arbitrage.com
203
بمناس بة ك ل ن زاع على ح دى كلم ا ارت أت اإلدارة تس ويته عن طري ق التحكيم ؟ ه ذا باإلض افة إلى
استحضاره للمشاكل المتولدة عن تعيين الجهة الموكول لها اختصاص منح مثل هذه التراخيص ،فهل
إن اإلجاب ة عن ه ذه النق ط يحتم علين ا استحض ار المب ادئ العام ة ال تي ت ؤطر الق انون اإلداري
وبالتالي ال يسعنا إال أن نعتبر إيراد مثل هذه المقتضيات في القانون ،08-05هو ضمان الحفاظ على
هيب ة الدول ة وتفوقه ا على ب اقي األش خاص االعتباري ة الخاص ة والطبيعي ة أيض ا ،كم ا أن ذل ك من ش أنه
الحفاظ على المكانة السامية لمفهوم النظام العام في ظل هذا الفرع القانوني وإ ن كان ذلك سينعكس سلبا
من جهة ثانية على تطور العالقات التي قد يكون الشخص العام طرفا فيها.619
بالرجوع إلى الفصل 310من قانون 08-05نجده ينص على أنه" :ال يجوز أن يكون محل
تحكيم النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات األحادي ة للدول ة أو الجماع ات المحلي ة أو غيره ا من الهيئ ات
غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق
قانون جبائي".
فيستفاد من هذه المقتضيات أن النزاعات التي قد تثار بشأن تطبيق قرارات صادر عن الدولة
أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية ،ال يجوز االتفاق
على اللجوء إلى التحكيم بشأنها ،ألن االختصاص ينعقد فيها لوالية القضاء اإلداري.
-618رياض فخري "،قواعد التحكيم ،قراءة في القانون رقم ،"08 -05مقال منشور ضمن أعمال ندوة " الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل
النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى" ،مطبعة األمنية ،الرباط ،طبعة ،2007ص 435و .436
-619ناصر بلعيد ،م س ،ص .63
204
كما أن المسائل المتعلقة بأعمال سلطات الدول الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية تعد إحدى
الص ور الواض حة للنظ ام الع ام ،فطبيع ة ال دول ودس تورها ونظامه ا السياس ي ال يتص ور مع ه اللج وء
بش أنها إلى التحكيم كنظ ر ن زاع يتعل ق بدس تورية ق انون ،أو بص حة ق رار إداري ،620فهي مس ائل تتعل ق
بصميم نظام الدولة الذي ال يكون الفصل فيها إال عن طريق محاكمها.621
وإ ذا كان المشرع المغربي قد نهج تدريجيا سياسة تحرير األشخاص المعنوية العامة من الحظر
الذي كان مفروضا عليها في إمكانية اللجوء إلى الهيئات التحكيمية .فإنه مع ذلك يبقى استثناء النزاع ات
المتعلق ة بتط بيق الق وانين الجبائي ة منطقي ا ،وذل ك الرتباطه ا الق وي بالنظ ام الع ام من جه ة والعتباره ا
تتعلق بالتزامات منصوص عليها دستوريا من جهة ثانية ،والتي يتعين أن يتحملها كل مواطن مغربي
حسب استطاعته الشيء الذي يجعل الجهة القضائية المالئمة لصونها هي القضاء اإلداري لما يتمتع به
والمشرع المغربي بمنعه للتحكيم في المنازعات الجبائية يكون قد تأثر ببعض االتجاهات الفقهية
بفرنسا والتي تعتبر بأن اإلقرار بالتحكيم في المنازعات الضريبية هو مساس بالنظام العام ،واعتداء
على االختصاص الحصري للقاضي اإلداري ،غير أن هاته األسباب لم تعد قائمة مادام أن المشرع
قد أقر بإمكانية التحكيم في العقود اإلدارية والمنازعات المالية المترتبة عن القرارات اإلدارية ،فسواء
تعل ق األم ر ب العقود اإلداري ة والمنازع ات المالي ة المترتب ة عن الق رارات اإلداري ة أو المنازع ات
-620دع وى اإللغ اء تق وم على الطعن في الق رار اإلداري ،واختص اص القض اء اإلداري به ذه ال دعوى يتعل ق بالنظ ام الع ام إذ من المق رر فقه ا
وقضاء أن دعوى اإللغاء هي وسيلة عامة للدفاع عن المشروعية والصالح العام أكثر منها وسيلة خاصة للدفاع عن الحقوق والمصالح الخاصة.
راجع ما سنعرض له بتفصيل بخصوص موضوع دعاوى اإللغاء في المبحث الثاني من هذا الباب.
-621رفعت محمد عبد المجيد " ،مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية" ،مجلة دفاتر المجلس األعلى ،العدد .7
-622ناصر بلعيد ،م س ،ص .63
-623مصطفى بونجة "،القانون المدني ،المسطرة المدنية" ،أنظر الموقع اإللكترونيhttp://www.alkanounia.com :
205
في ه ذا الف رع س نحاول تبي ان م دى مش روعية التحكيم اإلداري ،والج دل الفقهي والتش ريعي
لق د ع رف موض وع التحكيم اإلداري خالف ات ومناقش ات ح ادة بين الفقه اء والقض اة من حيث
ش رعية اللج وء إلي ه وذل ك في المرحل ة م ا قب ل ص دور الق انون رقم 27لس نة 1994بش أن التحكيم في
المواد المدنية والتجارية ،واستمر هذا الخالف والنقاش حتى بعد صدور هذا القانون ألنه لم يتعرض
للمادة اإلدارية إلى أن جاء القانون رقم 9لسنة 1997المتعلق بالتحكيم في منازعات العقود اإلدارية
وتبعا لما أشرنا إليه أعاله قد يكون من المناسب قبل الحديث عن موقف التشريع المصري من
مشروعية التحكيم اإلداري أن نبدأ بتبيان موقف الفقه والقضاء المصري من هذا الموضوع سواء قبل
الفقرة األولى :موقف الفقه والقضاء المصري من مشروعية التحكيم اإلداري قبل صدور
القانون رقم 27لسنة 1994
قب ل ص دور الق انون رقم 27لس نة 1994بش أن التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة اختل ف
الفقهاء والقضاة حول إمكانية تطبيق التحكيم اإلداري بين مؤيدين ومعارضين ولكل اتجاه من االتج اهين
مبرراته وأسانيده.
أوال :موق ــف الفق ــه المص ــري من مش ــروعية التحكيم اإلداري قب ــل ص ــدور ق ــانون 27لس ــنة
1994
لق د انقس م الفقه اء فيم ا يخص التحكيم اإلداري خالل الف ترة المش ار إليه ا أعاله إلى اتج اهين:
االتجاه الرافض لمسألة اللجوء إلى هذه الوسيلة واالتجاه المؤيد لهذا اللجوء.
206
-1االتجاه الرافض
ولقد ذهب هذا الموقف الرافض إلى حد اعتبار التحكيم في منازعات العقود اإلدارية متعارضا
يتع ارض م ع س يادة الدول ة ،ألن ه يعت بر في حقيقت ه س لبا الختص اص القض اء الوط ني ال ذي ه و مظه ر
أساسي من مظاهر سيادتها ،وإ ذا كان ذلك مقبوال بالنسبة لمنازعات األفراد بعضهم البعض ،فإنه غير
مقبول في العقود اإلدارية سواء كانت وطنية أو دولية ،626فقبولها بالنسبة للدولة يعتبر ماسا بسيادتها
هذا فضال عن كون التحكيم يستبعد تطبيق القانون الوطني ويؤدي إلى تطبيق القانون األجنبي.627
وقد رد بعض الفقهاء على الحجة – المشار إليها أعاله – بعدم صحتها لألسباب التالية:
-قد يكونوا قضاة الدولة غير مختصين في المسائل الفنية محل النزاع األمر الذي يدفعهم إلى
االستعانة بالخبراء .ووقف الفصل في الدعوى انتظارا لتقاريرهم فإذا كان األمر كذلك فإنه يكون من
األوفق اختصارا للوقت وتوفيرا للنفقات لجوء الخصوم إلى هؤالء الخبراء مباشرة وتنصيبهم محكمين
-624محسن شفيق "،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة في قانون التجارة الدولية" ،دار النهضة العربية ،بدون سنة الطبع ،ص .40
-625
للمزيد من التوسع أنظر:
-أحمد الشلقاني " ،الدولة والتحكيم في عقود التجارة الدولية" ،مجلة قضايا الحكومة ،مطابع البالغ ،القاهرة ،العدد األول ،سنة ،1966ص .83
-626عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص .209
-627
أحمد محمد عبد البديع شتا ،م س ،ص .222
207
-وإ ذا ك ان التحكيم يس لب القض اء اختصاص ه ففي ذل ك تخفي ف علي ه من ك ثرة القض ايا ال تي
يعاني منها من جهة ،ومن جهة أخرى ،فإن هذا التحكيم ال يتم إال بمقتضى قانون يسمح به .ألن إرادة
األفراد ليست كافية بمفردها لخلق هذا التحكيم وإ قرار اللجوء إليه.628
وإ ق رار التحكيم والعم ل ب ه ال يع ني انقط اع الص لة بين التحكيم والقض اء الوط ني طالم ا أن
القضاء يملك بموجب نصوص تشريعية سلطة التدخل في أعمال المحكمين سواء بالمساعدة أو الرقابة
واإلشراف.629
كم ا وأن الق انون الوط ني غ ير مس تبعد في جمي ع األح وال من التط بيق في حال ة النص على
التحكيم إذ يظل بوسع األشخاص العامة وهي بصدد إبرام العقد اإلداري وإ دراج شرط التحكيم كأسلوب
اس تند الفري ق المع ارض في تدعيم ه له ذه الحج ة على نص الم ادة العاش رة من ق انون مجلس
الدول ة المص ري رقم 47لس نة 1972وال تي تنص في فقرته ا الحادي ة عش ر على اختص اص المجلس
دون سواه بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود االلتزام واألشغال العامة أو التوريد أو أي عقد إداري
آخر .بمعنى أن االختصاص اإلداري في هذه األنواع من النزاعات مقتصرة على القض اء اإلداري دون
سواه .وذلك بالنظر للطبيعة الخاصة لهذه النزاعات وما تتطلبه من أحكام واجتهادات خاصة .ومن تم
يصعب إسنادها للتحكيم إذا لم ينص المشرع صراحة على خضوعها له.
ولقد رد على هذا الموقف بعض الفقهاء المؤيدين للتحكيم بما يلي:631
المشرع بيان حدود اختصاص القضاء اإلداري وتمييزه عن القضاء العادي .األمر الذي ال يجوز معه
تج اوز قص د المش رع ب القول ب أن النص يع ني ع دم ج واز لج وء الهيئ ات اإلداري ة إلى التحكيم لتس وية
-كما وأن االستدالل بالمادة العاشرة ال يغني عن اإلطالع على المواد األخرى من القانون ال
سيما المادة 58منه التي تضمنت إباحة اللجوء إلى التحكيم وقبول حكم المحكمين بشرط الحصول على
فتوى بذلك من قسم الفتوى بالمجلس وفي ذلك إجازة للتحكيم من طرف المشرع.
يس تند ال رأي ال رافض للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة على مقتض يات الم ادة 172من
الدس تور وال تي تنص على أن" :مجلس الدول ة هيئ ة قض ائية مس تقلة يختص بالفص ل في المنازع ات
اإلداري ة وفي الدعاوى التأديبي ة ويحدد القانون اختصاصاته األخرى" .وتبعا لذلك ،ف إن أي اتفاق على
وي رى بعض الفقه اء ردا على الموق ف الفقهي المش ار إلي ه أعاله أن االس تناد على ه ذا النص
ألن ه ذا النص وإ ن ك ان ينط وي على تقري ر والي ة عام ة لمح اكم مجلس 632
الدس توري في غ ير محل ه
الدولة بنظر المنازعات اإلدارية إال أن ذلك ال يعني حرمان المشرع من إسناد االختصاص بالفصل في
بعض المنازعات اإلدارية ،ومنها المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية إلى جهات أخرى.633
الع ام ،634على اعتب ار أن المقص ود به ذه الفك رة في الق انون اإلداري ه و تغليب المص لحة العام ة على
فهذه الفكرة تهيمن على العقود اإلدارية بالمقارنة مع العقود المدنية ومن تم ال يجوز اللجوء إلى
وي رى بعض الفق ه أن ال رد على ه ذا الموق ف يكمن في محتوي ات ال رأي ال رافض بح د ذات ه
لسببين:
-أن ت رجيح المص لحة العام ة على المص لحة الخاص ة ال يتم إال عن د تعارض هما في ح االت
الض رورة أم ا القاع دة العام ة فتقض ي بمراع اة المص الح والتوفي ق بينه ا تحقيق ا لمب دأ المش روعية وحكم
-كم ا وأن إح داث التحكيم وص الحية اللج وء إلي ه ال يتم إال بم وجب النص الق انوني ال ذي يق ر
به ذا األس لوب في تس وية المنازع ات إلى ج انب القض اء وإ ال ك ان االتف اق على التحكيم ب اطال فممارس ة
-2االتجـــاه المؤيــد
المنازعات بهذه الوس يلة القانونية ونلمس هذا التوج ه الفقهي من خالل الردود ونقد الحجج المقدم ة من
ثانيا :موقف القضاء المصري من مشروعية التحكيم اإلداري قبـل صدور القانون رقـــم 27
لسنة 1994
يمكن تلخيص ه ذا الموق ف من خالل ثالث ة آراء لك ل من مجلس الدول ة القض اء اإلداري
والقضاء العادي.
اختل ف موق ف مجلس الدول ة اإلفت ائي والقض ائي من التحكيم في العق ود اإلداري ة قب ل ص دور
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع والقضاء اإلداري وذلك على النحو الموالي:
-في البداي ة أفتت الجمعي ة بت اريخ 7ين اير 1970بع دم ج واز اللج وء إلى التحكيم لح ل
منازعات العقود اإلدارية من دون النص على ذلك صراحة بقولها" :أن إرادة الخصوم ال تكفي وحدها
لخلق نظام التحكيم بل يجب أن يقرر المشرع اتفاقهم بحيث يمكن القول أنه لوال إجازة المشرع االلتجاء
إلى التحكيم ونصه على تنفيذ أحكام المحكمين ما كانت إرادة الخصوم وحدها كافية لخلقه".
وأكدت الجمعية العمومية نفس الموقف في فتواها بتاريخ 30مارس 1988حيث ذهبت إلى أن
من األص ول المق ررة في الق انون اإلداري أن أهلي ة األش خاص القانوني ة العام ة في التص رف والقي ام
باألعمال الالزمة لتحقيق األهداف المنوط بها تحقيقها إنما هي أهلية محددة وتنظمها القوانين والقرارات
المنشئة لها وعليه فال يجوز أن تلجأ إلى التحكيم بغير نص يصرح لها بذلك.
-637جابر جاد نصار "،التحكيم في العقود اإلدارية ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1997ص .66
211
-وفي سنة 1989قضت الجمعية العمومية بموجب قرارها بتاريخ 15ماي 1989بجواز
اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة اس تنادا إلى الم ادتين 167و 172من الدس تور
المص ري وم واد التحكيم من 501إلى 509ال واردة في ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة رقم 13
لس نة ،1968والم ادتين 10و 58من ق انون مجلس الدول ة ،وذل ك بمناس بة نظره ا في قض ية مراجع ة
عق د بين وزارة التعم ير والمجمع ات العمراني ة ومجموع ة العم ارة والتخطي ط واستخلص ت من عناص ر
العقد والم واد القانونية المشار إليه ا أعاله أن التحكيم يقوم على ركيزتين :هما إرادة األطراف وإ قرار
ولق د أج از المش رع االتف اق على التحكيم في الم ادة 58من ق انون مجلس الدول ة وفي ق انون
المرافعات وأن قواعد هذا األخير هي الواجبة التطبيق في حالة عدم وجود نص صريح ينظم التحكيم
في العقود اإلدارية إال أن ذلك يبقى مشروطا بعدم التعارض مع طبيعة الروابط اإلدارية.
-وفي س نة 1993أك دت الجمعي ة العمومي ة في قراره ا بت اريخ 7ف براير 1993إلى ج واز
اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة م ع اش تراطها ض رورة تط بيق القواع د القانوني ة
الموضوعية التي تطبق على العقود اإلدارية ،واتخاذ الجمعية لهذا القرار كان بمناسبة النظر في مسألة
مراجعة عقد أبرم بين وزارة األوقاف ومركز األهرام للتنظيم والميكروفيلم التابع لمؤسسة األهرام التي
تضمن بندا يقضي باللجوء إلى التحكيم لحل أي نزاع أثناء تنفيذه.639
حكمه ا بت اريخ 18م اي 1986بمناس بة دع وى أقامته ا إح دى الش ركات ض د وزي ر اإلس كان والمراف ق
وآخرين .مستندة في ذلك إلى أن العقد المبرم بين الشركة المدعية ووزارة اإلسكان والتعمير هو عقد
إداري ونص في أحد بنوده على أن" :كل خالف بين الطرفين على تفسير وتنفيذ األحكام التي تضمنها
االتفاق ،يفصل فيه عن طريق التحكيم ...وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن أمام المحاكم المصرية
وعن دما طعنت إدارة قض ايا الدول ة في ه ذا الحكم أم ام المحكم ة اإلداري ة العلي ا قض ت ه ذه
وإ زاء رفض المحكمة اإلدارية للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية اضطرت محكمة القضاء
اإلداري للتحول عن موقفها متبعة نهج رفض التحكيم في العقود اإلدارية ،على أساس سلبه الختصاص
مجلس الدول ة مس تندة في ذل ك على مقتض يات الم ادة العاش رة من الق انون رقم 47لس نة 1972بش أن
الرأي األول :ال رافض للتحكيم في العق ود اإلداري ة –وف ق م ا س بق أن رأين اه ،-وال ذي نهج في
الرأي الثاني :المؤيد للتحكيم في العقود اإلدارية مما يعني تراجع المحكم ة – الم ذكورة أعاله –
عن موقفه ا الس ابق .وذل ك في ق رار له ا بت اريخ 18ين اير 1994اس تنادا إلى الم ادة 501من ق انون
ونخص بالذكر في هذا المج ال محكم ة النقض المص رية لوضوح موقفها وإ لى طريق ة التعليل
إذ قض ت بن اء على مقتض يات الم ادة 501من ق انون المرافع ات ال تي تنص على أن ه" :يج وز
االتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز االتفاق في جميع المنازعات التي
بالنظر لعموم محتوى النص – المشار إليه سلفا -فإن تطبيقه يسري على كل العقود. -
وبم ا أن التحكيم ينب ني على إرادة األط راف وإ ق رار المش رع له ذه اإلرادة وه و م ا حص ل -
وعلى هذا األساس سار موقفها المؤيد للتحكيم في حل المنازعات اإلدارية.644 -
الفقرة الثانية :موقف الفقه والقضاء المصري من التحكيم اإلداري بعد صدور القانون رقم
27لسنة 1994
نظرا لتباين المواقف القضائية والفقهية تدخل المشرع المصري بموجب القانون رقم 27لسنة
1994بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ،والذي نص في مادته األولى على ما يلي" :مع عدم
اإلخالل بأحك ام االتفاقي ات الدولي ة المعم ول به ا في جمهوري ة مص ر العربي ة تس ري أحك ام ه ذا الق انون
على ك ل تحكيم بين أط راف من أش خاص الق انون الع ام أو الق انون الخ اص أي ا ك انت طبيع ة العالق ة
والجدير بالذكر أن القانون المشار إليه أعاله يخص المواد المدنية والتجارية كما وأن عمومية
نص الم ادة األولى فتح المج ال للنق اش ح ول إمكاني ة إدخ ال العق ود اإلداري ة ض من االتفاق ات الخاض عة
أوال :موقف الفقهاء من مشروعية التحكيم اإلداري بعد صدور القانون 27لسنة 1994
انقس م الفقه اء بش أن إمكاني ة اللج وء إلى التحكيم اإلداري بع د ص دور الق انون رقم 27لس نة
1994إلى ثالثة آراء :رأي معارض ،رأي مؤيد ،و رأي وسط.
-1الــرأي المعــارض :647يس تند باألس اس على م ا تقض ي ب ه الم ادة 172من الدس تور فيم ا
نص ت علي ه من أن "مجلس الدول ة هيئ ة قض ائية مس تقلة ويختص بالفص ل في المنازع ات اإلداري ة وفي
وانتهى ه ذا ال رأي إلى أن قابلي ة منازع ات العق ود اإلداري ة للتحكيم تق ف أمامه ا ص عوبات ال
يس تهان به ا حيث أن نص الم ادة األولى لق انون التحكيم رقم 27لس نة 1994والمناقش ات ال تي دارت
-645تجدر اإلشارة أن المادة األولى من القانون رقم 27لسنة ،1994قد أضيفت إليها الفقرة الموالية بموجب القانون 9لسنة ،1997والتي
تقض ي ب اآلتي ":بالنس بة إلى منازع ات العق ود اإلداري ة يك ون االتف اق على التحكيم بموافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى اختصاص ه بالنس بة
لألشخاص االعتبارية العامة ،وال يجوز التعويض في ذلك" .بمعنى أن التحكيم في مادة العقود اإلدارية أصبح مباحا بموجب القانون ولكن ضمن
شروطه وضوابطه.
-646عز الدين بوزلماط "،دور التحكيم في تسوية المنازعات المتعلقة بصفقات الدولة ،دراسة في القانون المغربي والقانون المقارن" ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلي ة العلوم القانوني ة واالقتصادية واالجتماعي ة ،سال ،السنة
الجامعية ،2008– 2007ص .27
-647منهم:
-سليمان محمد الطماوي "،األسس العامة للعقود اإلدارية ،دراسة مقارنة" ،مطبعة عين الشمس ،القاهرة ،سنة ،1991ص .194
-محمد كمال منير "،مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية ،العدد ،33يونيو .1991
-عبد الحميد الشواربي "،التحكيم والتصالح في ضوء الفقه والقضاء والتشريع ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1997ص .465
215
حولها في مجلس الشعب ،وما أوردته المذكرة اإليضاحية ،ال يقطع برأي نهائي في مسألة التحكيم في
نص الم ادة األولى من الق انون – المش ار إلي ه أعاله – ال ذي يخ ول لألش خاص القانوني ة العام ة اللج وء
للتحكيم ،في أية عالقة قانونية ذات طابع تجاري أو اقتصادي ،وتقبل الصلح والتصرف.
ولما كان التحكيم بهذا المفهوم يشمل جميع المنازعات ذات الطابع االقتصادي فهو بذلك ينطبق
على المنازعات المدنية والتجارية ويمتد ليشمل المنازعات اإلدارية ذات الطابع االقتصادي.
وي دعم ه ذا الفري ق موقف ه المؤي د للتحكيم – في إط ار الق انون رقم 27لس نة -1994بعمومي ة
النص الم ذكور أعاله .ه ذه العمومي ة ال تي تفس ر لص الح التحكيم اإلداري تطبيق ا للقاع دة األص ولية ال تي
تقضي بأن":العام يؤخذ على إطالقه ما لم يخصص" و" أنه ال اجتهاد مع وضوح النص".
وتبع ا ل ذلك انتهى ه ذا الفري ق إلى الق ول بامت داد نط اق التحكيم على العق ود اإلداري ة باعتباره ا
-3الــرأي الوســط :يجس د ه ذا ال رأي موق ف ثل ة من الفقه اء ال ذين يج يزون التحكيم فق ط في
منازعات العقود اإلدارية ذات الشأن الدولي ،أي تلك التي يلحق بأطرافها أو موضوعها عنصر أجنبي،
ويتحدد هذا العنصر األجنبي بمحل إقامته أو مقر إبرام العقد الذي يكون خارج الدولة المتعاقدة أو يكون
-648أكثم الخولي " ،االتجاهات العامة في قانون التحكيم الجديد ،بحث قدم إلى مؤثمر مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الفترة
من 12إلى 13سبتمبر .1994
-649منهم:
-ماجد راغب الحلو "،العقود اإلدارية والتحكيم" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،2004ص .189
-قحطان الدوري "،عقد التحكيم في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي" ،دار الفرقان للنشر والتوزيع ،األردن ،عمان ،1999 ،ص .79
-650ناريمان عبد القادر "،اتفاق التحكيم" ،م س ،ص .148
-651إبراهيم علي حسن" ،ت أمالت في اختص اص التحكيم بمنازع ات عق ود الدول ة" ،مقال ة منش ورة بمجل ة هيئ ة قض ايا الدول ة ،الس نة ،41الع دد
الثاني ،أبريل و ماي لسنة ،1997ص .26
216
ثانيا :موقف القضاء المصــري من مشروعيـــة التحكيـــم اإلداري بعــد صــدور القانــــون 27
لسنة 1994
إن االجته ادات القض ائية بع د ص دور الق انون رقم 27لس نة 1994ق د اتجهت اتج اهين :اتج اه
أ -االتجاه المؤيد :يمثله موقف محكمة القضاء اإلداري الذي أجاز اللجوء إلى التحكيم لتسوية
منازعات العقود اإلدارية تطبيقا لمقتضيات القانون رقم 27لسنة ،1994وذلك في حكمها الصادر في
18يناير .1996بشأن الدعوى المقامة من وزير األشغال (بصفته) وضد الممثل القانوني لمجموعة
الشركات األوروبية المنفذة لمشروع قناطر إسنا الجديدة حيث رفضت طلب المدعي ببطالن حكم هيئة
التحكيم في الدعوى لعدم اختصاص تلك الهيئة بالنظر فيها لتعلقها بعقد إداري وهو عقد أشغال عامة
والذي ينعقد االختصاص بالبت في منازعاته لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري متخصص.
ب -االتجاه المعارض :يجس ده موق ف الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع ال رافض للتحكيم في
العق ود اإلداري ة رغم ص دور الق انون رقم 27لس نة .1994بعل ة أن ش رط التحكيم يعت بر متنافي ا م ع
إدارية العقد ،652لذلك ارتأت ضرورة تدخل المشرع بعمل تشريعي يجيز التحكيم في منازعات العقود
وفعال ص در القانون رقم 9لسنة 1997الخاص ب التحكيم في منازعات العقود اإلداري ة حسما
للخالف الفقهي والتردد القضائي واإلفتائي بشأن اللجوء للتحكيم لتسوية تلك المنازعات.653
-652محمد عبد المجيد إسماعيل "،عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،سنة ،2003ص 406وما
بعدها.
-653مليكة الصروخ ،م س ،ص .547
217
أص در المش رع المص ري الق انون رقم 9لس نة 1997بش أن التحكيم في منازع ات العق ود
اإلداري ة حس ما للخالف الفقهي وال تردد القض ائي واإلفت ائي وتخفيف ا على القض اء من ك ثرة الملف ات
وقد أجاز القانون رقم 9لسنة 1997اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية بشرطين
هما:
تطبيق ا لمقتض يات الم ادة األولى من الق انون رقم 9لس نة 1997ف إن اللج وء إلى التحكيم في
منازع ات العق ود اإلداري ة يتطلب الحص ول على موافق ة ال وزير المختص أو من يق وم مقام ه بالنس بة
غير أن شرط الموافقة هذا تعرض للنقد من طرف بعض الفقهاء ألنه يمكن أن ي ؤدي إلى إقحام
وش رط الموافق ة الس ابق ه ذا في اللج وء إلى التحكيم يع د ش رطا جوهري ا الزم ا لص حة اتف اق
التحكيم وفي حال ة ع دم الحص ول على ه ذه الموافق ة من ال وزير المختص أو ممن يق وم مقام ه بالنس بة
-654ازاد شكور صالح "،الوسائل البديلة لتسوية منازعات عقود االستثمار الدولية ،دراسة مقارنة" ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،لبنان ،الطبعة
األولى ،سنة ،2016ص .233
-655مليكة الصروخ ،م س ،ص .548
-656عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص .230
218
وشرط الموافقة على اللجوء إلى التحكيم يقتصر على التحكيم في العقود اإلداري ة الداخلية وليس
الدولية.657
نص الم ادة 58من الق انون رقم 47 يقض ي بض رورة اإلطالع على رأي الجمعي ة العمومي ة
658
لس نة 1972بش أن مجلس الدول ة بأن ه :يتعين على وزارة ومص الح الدول ة وهيئاته ا العام ة أخ ذ رأي
الجمعية العمومي ة لقسمي الفتوى والتش ريع بمجلس الدولة قبل إبرام أو إجازة أو تنفيذ قرار المحكمين
في عقد إداري متى زادت قيمته على خمسة آالف ( )5000جني ه حيث يتعين اس تفتاء اإلدارة المختص ة
وإ ذا كان رأي هذه الجمعية العمومية من قبيل اآلراء االستشارية غير الملزمة – في هذا الشأن
،-إال أنه ال يجوز التغاضي عن طلبه ،ألن طلب الرأي في مثل هذه الحالة يعد من اإلجراءات الشكلية
المطلب الثاني :موقف بعض التشريعات العربية المقارنة من مشروعية التحكيم اإلداري
لقد كان القانون الجزائري أكثر وضوحا في تعامله مع لجوء أشخاص القانون العام للتحكيم فهو
لم يجز التحكيم بالنسبة لهذه األشخاص إال في إطار العالقات االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات
على 662
العمومي ة ،حيث نص ت الم ادة 1006من الق انون رقم 09-08الم ؤرخ في 25ف براير 2008
أنه ":ال يجوز لألشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم ،ما عدا في عالقاتها االقتصادية الدولية أو
في حين نجد المشرع التونسي نص في الفصل 7من مجلة التحكيم 663على أنه
- 659للمزيد من التوسع حول موضوع " تطور مشروعية اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية الدولية بمصر" ،أنظر:
-هالل حمد هالل السعدي في رسالته ،م س ،ص 152وما بعدها.
-660العقد اإلداري الدولي هو العقد الذي تبرمه الدولة باعتبارها سلطة عامة أو أحد األشخاص المعنوية األخرى مع أحد األشخاص الطبيعية أو
المعنوية من رعايا الدول األخرى مثل عقود شراء األسلحة للحفاظ على األمن الداخلي أو الخارجي وعقود امتياز المرافق العامة الني يتطلبها
تس يير ه ذه المراف ق والعق ود ال تي تس ند الدول ة بمقتض اها اس تغالل ثرواته ا الطبيعي ة وبص فة خاص ة التنقيب عن الب ترول إلى إح دى الش ركات
األجنبية ويترتب على هذه العقود انتقال لألموال والخدمات عبر الحدود أي تتصل بمصالح التجارة الدولية.
للمزيد من التوسع حول " مفهوم العقد اإلداري الدولي" المرجو النظر إلى:
-محمد نوري حسن "،التحكيم في تسوية منازعات العقود اإلدارية -الدولية" ،دار الجامعة الجديدة ،سنة .2016
-عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص 59وما يليها.
-هالل حمد هالل السعدي في رسالته ،م س ،ص .154
-661مليكة الصروخ ،م س ،ص .549
-662منشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 21بتاريخ 23أبريل .2008
-663قانون عدد 42لسنة 1993مؤرخ في 26أبريل 1993يتعلق بإصدار مجلة التحكيم ( ،الرائد الرسمي عدد 33بتاريخ 4ماي ) 1993
220
خامسا :في النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية والجماعات
المحلي ة إال إذا ك انت ه ذه النزاع ات ناتج ة عن عالق ات دولي ة اقتص ادية ك انت أو تجاري ة أو مالي ة
وب ذلك فالمش رع التونس ي ك ان أك ثر محدودي ة بالمقارن ة م ع نظ يره الجزائ ري حيث لم يس مح
بإعمال التحكيم في النزاعات التي يكون أحد أطرافها شخصا عاما إال إذا كان األمر يتعلق بنزاع ناتج
عن عالقة دولية اقتصادية أو تجارية أو مالية أي يمكن فقط إعمال التحكيم الدولي دون الداخلي.
بينما نجد المشرع اللبناني أقر قانونا في 29/7/2002برقم 440قضى بتعديل بعض أحكام
أصول المحاكمات المدنية المتعلقة بالتحكيم وجاء في الفقرة ( )2من المادة 762المعدلة منه أنه "يجوز
للدولة وألشخاص القانون العام أيا كانت طبيعة العقد موضوع النزاع اللجوء إلى التحكيم".664
أم ا في المملك ة العربي ة الس عودية فق د نص ت الم ادة العاش رة من نظ ام التحكيم بأن ه "ال يج وز
للجه ات الحكومي ة االتف اق على التحكيم إال بع د موافق ة رئيس مجلس ال وزراء م ا لم ي رد نص نظ امي
إذن القاعدة العامة في النظام السعودي أنه من غير الجائز للهيئات الحكومية اللجوء إلى
والواقع أن موافقة رئيس مجلس الوزراء على اللجوء للتحكيم في المنازعات الناشئة عن عقود الدولة
-664وج اء في الفق رة ( )3من الم ادة ( )762المعدل ة من ذات الق انون م ا يلي " اعتب ارا من ت اريخ العم ل به ذا الق انون التع ديلي وال يك ون البن د
التحكيمي أو اتفاق التحكيم نافذا في العقود اإلدارية إال بعد إجازته بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءا على اقتراح الوزير المختص بالنسبة
للدولة أو سلطة الوصاية بالنسبة لألشخاص المعنويين من القانون العام".
للمزيد من التوسع أنظر:
-محي الدين القيسي "،امكانية التحكيم لحسم منازعات مشروعات البنية األساسية" ،بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية ،كلية الحقوق،
جامعة بيروت العربية ،العدد الثاني ،سنة ،2003ص .253 -252
-665المرسوم الملكي رقم م 34 -بتاريخ 16 /1433 -5 -24هجرية 2012 -4 -16 /ميالدية.
221
تعد بمثابة صمام األمان الذي به يمكن التأكد من أن اختيار التحكيم هو الوسيلة األكثر مالءمة لتحقيق
المصلحة العامة.666
فيما يخص موقف االتفاقيات الدولية فإن معظمها قد اعترف بأهلية الدولة والمؤسسات التابعة
له ا إلب رام اتف اق التحكيم ومن ذل ك اتفاقي ة واش نطن لع ام 1965بش أن تس وية منازع ات االس تثمار بين
الدول ورعايا الدول األخرى ،حيث نصت المادة 25على أن "يمتد اختصاص المركز إلى المنازعات
القانوني ة بين دول متعاق دة ورعاي ا دول ة أخ رى متعاق دة وال تي له ا ص لة مباش رة باالس تثمار وال تي اتفق
وأيض ا االتفاقي ة العربي ة للتحكيم التج اري نص ت في مادته ا الثاني ة على أنه ا تطب ق على
المنازع ات التجاري ة ال تي تنش أ بين أش خاص طبيع يين ومعن ويين أي ا ك انت جنس ياتهم وي ربطهم تعام ل
إذا ك ان التحكيم في فرنس ا بنوعي ه ال داخلي والخ ارجي ال يث ير أي إش كال في مج ال الق انون
الخاص لوجود مقتضيات قانونية واضحة بشأنه ،إال أن التحكيم في مجال القانون العام أي التحكيم في
منازعات العقود اإلدارية خاصة ذات الطبيعة الداخلية للدولة يثير عدة إشكاليات وخالف ات متنوع ة على
-666محمد بن عفيف "،التحكيم في العق ود اإلداري ة" ،أنظ ر الموق ع اإللك تروني http://binafif-law.blogspot.com :ت اريخ حص ر الموق ع:
23غشت .2012
-667للمزيد من التوسع أنظر:
-فوزي محمد سامي" ،التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص .119
-هالل محمد هالل السعدي ،م س ،ص .165
-فايز نعيم رضوان" ،اتفاق التحكيم وفقا لقواعد األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (األونسترال) بشأن التحكيم التجاري الدولي" ،مجلة األمن
والقانون ،العدد األول ،يناير .2007
222
ص عيد ك ل من الفق ه والقض اء والتش ريع ،وب ذلك فالح ديث عن موق ف التش ريع الفرنس ي من مش روعية
التحكيم اإلداري ي دفعنا ب ادئ ذي ب دء إلى أن نق ف بداي ة عن د موق ف الفق ه والقض اء الفرنس ي(الفق رة
األولى) لننتقل بعد ذلك للحديث عن موقف التشريع الفرنسي من هذا الموضوع (الفقرة الثانية).
سنقوم بتبيان موقف كل من الفقه والقضاء الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري وذلك على
النحو اآلتي:
في بداية القرن العشرين كان موقف الفقه الفرنسي متشددا في رفضه للتحكيم في مجال العقود
اإلداري ة ،على اعتب ار أن العق ود اإلداري ة من اختص اص القض اء اإلداري ال ذي ه و ص احب الوالي ة
العامة في هذا المجال .وألن القضاء اإلداري يستطيع أن يمارس الرقابة على أعمال اإلدارة أفضل من
المحكمين.
وه ذا االتج اه الفقهي اس تند في تق ديم تبريرات ه على فك رة النظ ام الع ام ال تي تقض ي ب ترجيح
المص لحة العام ة على المص الح الخاص ة لألف راد ومن تم أك د على ع دم ج واز التحكيم في منازع ات
العقود اإلدارية.668
غ ير أن ه م ع مطل ع األلفي ة الثالث ة ،وتوس يع مج ال المع امالت التجاري ة واالس تثمارية أص بحت
العق ود اإلداري ة ب دورها تتح رر من بعض القي ود والدول ة ذاته ا أض حت تبحث عن الم داخيل لتحس ين
خ دماتها في إط ار المص لحة العام ة .وأن الحل ول العادي ة والس ريعة لمنازعاته ا مطلوب ة للتعجي ل بعجل ة
التنمي ة والتق دم االقتص ادي والعلمي .األم ر ال ذي دف ع ثل ة من الفقه اء والب احثين للمطالب ة برف ع الحظ ر
-668محمد ماجد محمود "،العقد اإلداري وشرط التحكيم الدولي" ،مجلة العلوم اإلدارية ،العدد ،1يونيو ،1993ص .126
223
المفروض على التحكيم في منازعات العقود اإلدارية ،على أساس أن يمارس في إطاره القانوني ،ووفق
ضوابطه وشروطه.669
670
لق د تمس ك القض اء (الع ادي) الفرنس ي بمقتض يات الم ادة 2060من ق انون المس طرة المدني ة
فقض ى ب المنع كأس اس ،في حين أج از اس تثناء اللج وء إلى التحكيم اإلداري في المنازع ات ذات الط ابع
ال دولي وه ذا م ا توص لت إلي ه محكم ة االس تئناف بب اريس في قراره ا الص ادر في 10أبري ل 1957
بقولها" :أن التحكيم محظور بموجب قانون المسطرة المدنية ويتعلق األمر بالتحكيم الداخلي دون التحكيم
الدولي".
إال أن القض اء اإلداري الفرنسي ونخص بالذكر في هذا المجال مجلس الدولة كان أكثر تشددا
في اتخ اذه لموق ف المن ع الكلي للتحكيم س واء تعل ق األم ر ب التحكيم ال داخلي أو التحكيم ال دولي بش أن
منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة ،وجع ل من ش رط التحكيم في العق ود اإلداري ة ش رطا ب اطال واعت بر
حال ة تك ون عليه ا ال دعوى ،كم ا وأن للقاض ي إث ارة بطالن ه ذا الش رط من تلق اء نفس ه أثن اء النظ ر في
الدعوى.
نص وص القانون الم دني في مج ال القانون الع ام ،م ع أن القض اء الع ادي الملزم بتط بيق قواع د القانون
إذا ك ان التحكيم ال دولي في منازع ات العق ود اإلداري ة ق د ع رف اتس اعا ال س يما بالنس بة للعق ود
التي لها عالقة بالمش اريع االقتص ادية الدولية ،فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للتحكيم الداخلي في
العقود المذكورة إذ عرف هذا النوع األخير من التحكيم المنع النهائي في بداية األمر تم أبيح اللجوء إليه
إال أن ه ذا المن ع في إط ار ق انون المس طرة المدني ة الفرنس ي الق ديم وال ذي تم التأكي د علي ه في
قانون المسطرة المدنية المعدل كان وما يزال يعرف نوعا من االستثناء ،المنصوص عليها في المادة
69من قانون 17أبريل ،1906التي تبيح التحكيم في بعض المنازعات المتعلقة بتصفية نفقات عقود
كما عرف الحظر المذكور في نطاق المادة 2060من قانون المسطرة المدنية الفرنسي ،نوعا
من الليون ة بإض افة المش رع على الم ادة الم ذكورة فق رة ثاني ة بم وجب الق انون الص ادر في 5يولي وز
بتحديدها مرسوم.
ولقد تم تجميع هذه االستثناءات وأدرجت في المادة 6311من القانون رقم 387/2000في 4
ماي 2000وقد أثارت هذه المادة انتقادات من طرف الفقهاء على أساس أن هذه االستثناءات التشريعية
السالفة الذكر تشكل استثناء عن الحظر الوارد في المادة 2060من قانون المسطرة المدنية الفرنسي،
فكان من المنطقي أن تدرج هذه المادة في قانون المسطرة المدنية ،فضال عن أن هذه االستثناءات تنظم
عالق ات في الق انون الخ اص ،والقض اء اإلداري غ ير مختص إال بالق در ال ذي يطب ق في ه الق انون الع ام
على النزاع.
ألجل ذلك تظل القاعدة العامة التي تحكم هذا المجال ،هو عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في
المنازع ات اإلداري ة ،م ع مراع اة االس تثناءات ال واردة في النص وص المش ار إليه ا أعاله ويتعل ق ه ذا
أن المشرع الفرنسي لن يصمد طويال أمام هذا الحظر الذي أوجبه على 677
ويرى بعض الفقه
أشخاص القانون العام في العقود الداخلية أسوة بالعقود الدولية ،ألن دور عوامل التنمية في البالد تلعب
دورا أساسيا في تغير التشريعات الداخلية بما يتالءم مع موافقتها وانسجامها للمتغيرات الدولية.
ورغم أن الفقه أجمع على ج واز التحكيم في العقود الدولي ة التي تكون الدول ة الفرنسية أو أحد
مؤسساتها العامة طرفا فيها ،فإن المشرع الفرنسي لم ينص على جواز لجوء الدولة وأشخاص القانون
الع ام إلى التحكيم ال دولي ،وذل ك بمناس بة إدخال ه للتع ديالت األخ يرة على النص وص القانوني ة المنظم ة
للتحكيم.678
المنازع ات اإلداري ة تبع ا لم ا اس تقر علي ه قض اء المحكم ة اإلداري ة العلي ا هي " :إج راءات
والمنازع ة اإلداري ة وإ ن ك ان له ا خصائص ها إال أنه ا ال تتع ارض م ع مفه وم المنازع ة كفك رة
قانوني ة ذات م دلول مح دد إال أنه ا تختل ف عن المنازع ات بأنه ا وس يلة قانوني ة ال تي كفله ا الق انون
أوال :أن ترف ع للمطالب ة بح ق من الحق وق الناتج ة عن تس يير اإلدارة للمراف ق العام ة ال تي ت دار
وإ ذا كان التحكيم في المنازعات اإلدارية يقصد به اختيار محكم أو محكمين للبت في نزاع أحد
أش خاص الق انون الع ام طرف ا في ه ،682ف إن التس اؤل المط روح ه و :ه ل ك ل المنازع ات اإلداري ة يمكن
الفرع األول :اإلشكاليـــة التي يطرحهـــا جواز اعتمــــاد التحكيــــم فـــــــي دعــــاوى العقـــــود
اإلداريـــة دون القرارات
ص ياغته للفص ول المنظم ة له ذه اإلمكاني ة ،مم ا فتح المج ال أم ام االختالف الفقهي في تفس ير نص وص
إن التط ور التش ريعي في المغ رب بخص وص موض وع التحكيم اإلداري ج اء كنتيج ة لك ون
عوام ل التنمي ة في البالد تلعب دورا أساس يا في تغي ير التش ريعات الداخلي ة بم ا يتالءم م ع المتغ يرات
الدولي ة من جه ة ،ومن جه ة ثاني ة ف إن إج ازة التحكيم في العق ود بص فة عام ة والعق ود اإلداري ة بص فة
خاصة ،يبرره تأثر المشرع المغربي بما قررته بعض التشريعات بشأن جواز التحكيم في هذا النوع من
العقود .تم إنه لو كان في نية المشرع المغربي استبعاد اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية
لعبر عن ذلك بصريح العبارة كما فعل في الفصل 306من قانون المسطرة المدنية لسنة .1974
الفقرة األولى :جواز التحكيم في النزاعات المالية الناتجة عن التصرفات األحادية للشخص
العام والعقود التي تبرمها الدولة
إن الق انون رقم 08 -05وإ ن لم يج ز االتف اق على التحكيم في النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات
األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاص السلطة العمومية ،فإنه
نص في الم ادة 310على أن النزاع ات المالي ة الناتج ة عنه ا التص رفات األحادي ة يمكن أن تك ون مح ل
عقد تحكيم ،كما يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل
اتف اق تحكيم في دائ رة التقيي د بالمقتض يات الخاص ة بالمراقب ة ،أو الوص اية المنص وص عليه ا في
النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية ،وكذا ألزم المشرع في
الحكم التحكيمي الذي يهم نزاع يتعلق بالشخص العام أن يكون دائما معلال وفقا للفصل .327 -23
228
الفقرة الثانية :جواز التحكيم في النزاعات التي تهم المقاوالت والمؤسسات العامة
نص المشرع المغربي في الفصل 311من قانون 08 -05على أنه " يجوز للمقاوالت العامة
الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن
رغما عن مقتض يات الفقرة الثاني ة من الفص ل 317بعده يجوز للمؤسس ات العام ة إبرام عقود
تحكيم وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها وتكون االتفاقات المتضمنة لشروط
وبمقتض ى أحك ام الفص ل - 311المش ار إلي ه أعاله – ف إن المش رع المغ ربي أل زم ب أن يتم
اللجوء للتحكيم اإلداري وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس اإلدارة أو الرقابة أو أجهزة
التس يير بالنس بة للمق اوالت العام ة ،683ووف ق الش روط واإلج راءات المح ددة من ل دن مج الس اإلدارة
684
بالنسبة للمؤسسات العامة ،إذا تعلق األمر بعقد تحكيم ،أما إذا تعلق األمر باتفاق المؤسسات العامة
- 683تطلق المقاولة العامة على الهيئة االقتصادية المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تزودها الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة األخرى
برأسمال كلي أو جزئي بقصد تنفيذ نشاط اقتصادي ،مستعملة قواعد يغلب عليها طابع القانون الخاص مع خضوعها لرقابة الشخص المعنوي
العام.
ويعت بر أس لوب المقاول ة العام ة أح د األس اليب ال تي تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د األش خاص المعنوي ة العام ة في ت دخالتها االقتص ادية ،فالدول ة حين
تمارس اإلنتاج والتداول البد أن تأخذ باألساليب السائدة في القطاع الخاص الذي ولدت وترعرعت فيه ،وهذه المقاولة تستعمل القانون الخاص
كإطار قانوني لها ،ولكنها في نفس الوقت تستفيد من امتيازات القانون العام.
وتأخذ المقاولة العامة بالمغرب ،أشكال قانونية متعددة ،كشكل مؤسسة عامة تجارية وصناعية أو شكل شركة ذات الرأسمال العمومي أو شكل
شركات ذات اقتصاد مختلط.
وقد نصت المادة 2من القانون 69 -00على أنه تجرى المراقبة المالية للدولة على المؤسسات العامة والشركات والمقاوالت العامة بكيفية قبلية
أو بعدي ة تبع ا لشكلھا الق انوني وطريق ة تسييرھا وذلك وفق الش روط المنصوص عليھا في ھذا الق انون وعلى الهيئ ات الخاضعة للمراقب ة المالي ة
للدولة بمقتضى قانون خاص.
أنظر بخصوص هذا الشأن:
-زهير جمال الدين ومحمد األعرج" ،النظام القانوني للمقاوالت العامة بالمغرب" ،المعهد المغربي للكتاب ،الطبعة الثانية ، 1997ص .5
-زهير جمال الدين " ،القاضي ومفهوم المقاولة العامة بالمغرب" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ، 19أبريل – يونيو ، 1997
ص .130
- 684تعتبر المؤسسات العامة شخص من أشخاص القانون العام ،كما أن المؤسسة العامة هي أسلوب من أساليب إدارة المرافق العامة من قبل
األشخاص العامة والتي تتمتع بالشخصية المعنوية ،ويكون لها قدر من االستقالل اتجاه الشخص العام الذي ترتبط به برابطة الخضوع لرقابته
الوصائية مما يترتب عن ذلك بأنها تتقاضى وتتعاقد ،وترفع الدعاوي ،وترفع عليها.
229
على اللج وء للتحكيم بواس طة ش رط تحكيم ،ف إن ه ذا الش رط يك ون مح ل مداول ة خاص ة من ل دن مجلس
التحكيم اإلداري ،هي قواعد آمرة ال يمكن مخالفتها ،ويترتب على كل مخالفة لها بطالن حكم التحكيم،
لعدم احترام أطراف اتفاق التحكيم لتلك اإلجراءات التي تضمنتها الفصول المتحدث عنها.
فقد تناول الفصل 311شكليات وشروط التحكيم في العقود التي تكون فيها المقاوالت العامة
والمؤسس ات العام ة ط رف فيه ا ،فه ذه األخ يرة مثال عليه ا أن ت راعي إلزامي ة ش رط المداول ة الخاص ة
لمجلس إدارته ا ،كلم ا تعل ق األم ر بش رط تحكيم مض من في اتفاق ات معين ة ،وإ ال ك ان م آل ه ذا الش رط
التحكيمي ه و البطالن ،طالم ا أن الفص ل 308من ق انون 08 -05أل زم أن يتم اللج وء للتحكيم ض من
الح دود ووف ق اإلج راءات والمس اطر المنص وص عليه ا في ه ذا الق انون ،ومن ض من ه ذه اإلج راءات
ش رط المداول ة ،حيث نص على أن ه ":يج وز لجمي ع األش خاص من ذوي األهلي ة الكامل ة س واء ك انوا
وم ادام أن المؤسس ات العام ة ش خص من أش خاص الق انون الع ام فإنه ا تخض ع لرقاب ة مالي ة وإ داري ة مح ددة قانون ا وذل ك ب الرغم من االس تقالل
اإلداري والمالي والفني الذي تتمتع به.
فاالستقالل الذي تتمتع به المؤسسات العمومية ال ينحصر في االستقالل اإلداري فقط ،بل إنه وزيادة على االستقالل اإلداري والمالي للمؤسسات
العمومية يمثل االستقالل الفني للمؤسسة العامة وجها آخر من وجوه استقالل المؤسسة العامة ،هذا األخير الذي يعني أنها غير ملزمة بإتباع
الوسائل واألساليب التي يتبعها الشخص العام الذي ترتبط به برابطة الخضوع لسلطته الوصائية ،وإ نما يكون لها وسائلها وأساليبها الفنية الخاص ة
بها في إدارة المرفق العام بالشكل الذي يتناسب مع احتياجاته وظروفه ،فقد تختار إتباع قواعد وأنظمة الشركات الخاصة.
وفيم ا يتعل ق بالرقاب ة المالي ة ال تي تخض ع له ا المؤسس ات العمومي ة ف ان الم ادة 3من الق انون رقم 69.00المتعل ق بالمراقب ة المالي ة للدول ة على
المنشآت العامة وهيئات أخرى ،فقد اعتبرت بأن المؤسسات العامة تخضع لمراقبة قبلية يقوم بھا الوزير المكلف بالمالية وم راقب الدولة وخازن
مكلف باألداء وفقا للمواد 7و 8و 9و 10من القانون رقم 69.00المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة.
أنظر بخصوص هذا الشأن:
-محمد األعرج "،طرق ت دبير المرافق العام ة ب المغرب" ،منشورات المجلة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية
عدد ،52الطبعة األولى ،سنة ،2004ص .49
-أحمد بوعشيق " ،المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة" ،دار النشر المغربية ،الطبعة الثامنة ،سنة ،2004ص .164
-مليكة الصروخ" ،القانون الداري" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة الخامسة ،أكتوبر ، 2001ص .31
-شكراني الحسين "،المؤسسات العامة والمراقبة المالية للدولة ،مدخل عام" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد 77 -76شتنبر
دجنبر ،2007ص .79
- -685مصــطفى بونجــة "،التحكيم في العق ود اإلداري ة وفق ا لق انون المس طرة المدني ة المغ ربي" ،ص 4وم ا بع دها ،مق ال منش ور ب الموقع
اإللكترونيwww.Maroc Arbitrage.com :
230
طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الح دود
ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب "...أي الباب الثامن من قانون المسطرة
وإ ذا علمنا أن مجلس اإلدارة في المؤسسات العامة ،يترأسه رئيس الحكومة حالي ا أو من يفوض
له ذلك وهذه المجالس ال تنعقد بانتظام للنظر في القرارات والحسابات المتعلقة بهذه المؤسسات ،فكيف
لها أن تنعقد للمداولة بشأن شرط تحكيمي والحال أن إبرام عقد معين في مجال التجارة الدولية يتطلب
الس رعة والفوري ة ،فإن ه يب دو أن ه ذه الش كليات ق د تف رغ إمكاني ة اللج وء للتحكيم اإلداري ه ذه من
محتواها.686
ه ذا باإلض افة إلى أن ه من الن ادر االتف اق على التحكيم اإلداري ،ألن األم ر يتعل ق بنظ ام غريب
عن النظ ام التعاق دي اإلداري وذل ك راج ع إلى الذهني ة ال تي يتعام ل به ا بعض المس ؤولين م ع أس اليب
تصريف مصالح الدولة ،وهي ذهنية قائمة على اعتماد ما كان معموال به من طرف سلفهم ،وال مجال
للمب ادرة الذاتي ة إلعم ال م ا ه و جدي د خاص ة وأن ه توج د من اإلدارات من تح ل ال نزاع بواس طة الص لح
باعتباره آلية يتم العمل بها داخل اإلدارات منذ وقت طويل.
على كل حال فإنه بالرغم من أن المشرع المغربي كان ذا فلسفة انفتاحية عند إقراره بإمكانية
االعتم اد على التحكيم في النزاع ات اإلداري ة ،بغض النظ ر عن القص ور ال ذي ط ال ص ياغة بعض
النصوص وإ فراطه في تغليب المقاربة الشكلية حين معالجته لهذا الموضوع ،إال أنه على مستوى آخر
فإن ه من الالزم أن تس عى المؤسس ات الرس مية إلى توض يح الم يزات والض مانات ال تي يوفره ا إعم ال
التحكيم عن طري ق قن وات تس تهدف مجتمع ا ال زالت نس بة األمي ة في ه مرتفع ة ،مقارن ة م ع محيط ه
المجتمع الشيء الذي يجعل أي جديد منظم للعالقة التعاقدية مصدر تخوف بالنسبة إليهم.687
فإعمال التحكيم في المنازعات اإلدارية ال يمكن أن يتحقق فقط بمجرد إجازته من خالل القانون
بل يتوجب بدءا إصدار مناشير تحت اإلدارة على اللجوء إلى هذه اآللية.
تنقسم المنازعات اإلدارية على الرغم من تعدادها إلى قسمين أو نوعين رئيسيين:
-1منازعات تنتمي إلى قضاء الحقــوق :وال تي ته دف إلى حماي ة المراك ز القانوني ة الشخص ية
أو الذاتية.
-المنازع ات المتعلق ة بطلب التع ويض عن األض رار الناجم ة عن أنش طة اإلدارة القانوني ة
والمادية.
-2منازعات تنتمي إلى قضاء المشــروعية :وال تي ته دف إلى حماي ة المش روعية وال دفاع عن
القانون وإ لغاء كل عمل يخالفه ومنع االعتداء على المراكز القانونية العامة أو الموضوعية.
-687محمد شوراق " ،التحكيم الداخلي في منازعات العقود اإلدارية ،مقاربة اختزالية لمقتضيات القانون رقم ،"08 – 05منشورات مجلة العلوم
القانونية ،سلسلة فقه القضاء اإلداري بعنوان "المنازعات اإلدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء اإلداري" ،الع دد األول ،س نة ،2014ص
.80
-688أمونير تقية ،م س ،ص .140
232
فهذه المنازعات ال يمكن اللج وء إلى التحكيم بش أنها لكونها من المس ائل المتعلق ة بالنظام الع ام،
كما أن بعض المنازعات الخاصة بالموظفين ال تقبل التحكيم ومن بينها :المنازعات التي يكون
موضوعها قرارا إداريا بالتعيين ،أو الترقية ،أو توقيع جزاء تأديبي ،أو قرارا بنقل الموظف وغيرها
من المنازعات التي ال تقوم على الدفاع عن حق مالي ،و إنما الدفاع عن المشروعية.690
وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 310من قانون 08 -05يستنتج أن التحكيم ال يجب أن يشمل
منازع ات دع اوى اإللغ اء الرتباطه ا بمش روعية الق رار اإلداري ،بخالف دع اوى التع ويض ال تي يج وز
فيه ا الص لح ،691وبالت الي إمكاني ة الرج وع للتحكيم في المقتض يات المتعلق ة به ا م تى ك انت مقترن ة بح ق
الفرع الثاني :مدى إمكانية اعتماد التحكيم في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية
-689تنص المادة 20من قانون 41 -90المحدثة بموجبه محاكم إدارية على ما يلي ":كل قرار إداري صدر من جهة غبر مختصة أو لعيب
في شكله أو النحراف في السلطة أو النعدام التعليل أو لمخالفة القانون ،يشكل تجاوزا في استعمال السلطة ،يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجه ة
القضائية المختصة".
-690عز الدين بوزلماط ،"،م س ،ص .24
- 691دعوى التعويض تجد أساسها في القاعدة العامة التي تجيز الصلح بشأن األموال العامة ،وبما أن االرتباط قائم ما بين جواز الصلح وجواز
التحكيم ،فإنه ال بأس من االتفاق على التحكيم في حالة إذا كان النزاع يهم جانب التعويض باعتباره حق شخصي مالي يحق ألطراف العقد
التصرف واالتفاق بشأنه
-692إن الح ق الم الي يقب ل التحكيم ح تى ول و ت رتب عن عم ل ال يج وز اللج وء بش أنه إلى التحكيم ،وعلي ه فيج وز التحكيم بش أن التع ويض عن
أعمال اإلدارة حتى ولو كانت مترتبة عن عمل ال يجوز فيه التحكيم كقرار إداري غير مشروع مثال ،بمعنى يجوز اللجوء إلى التحكيم لحسم أي
نزاع يثور بشأن طلب التعويض عن أي قرار إداري غير مشروع أو عمل مادي سبب ضررا للغير نظرا لمالئمة طبيعة دعوى التعويض مع
التحكيم ،فهذه المنازعات تتعلق بمسائل ذات طبيعة مالية ،وتهدف إلى تعويض المضرور عما أصابه من ضرر وعليه يج وز اللج وء إلى التحكيم
بشأنها.
-محمد األعرج "،التحكيم في منازعات العقود اإلدارية" ،م س ،ص .92
-693أمونير تقية ،م س ،ص .45
233
فهي مظه ر من مظ اهر 695
عق ودا إداري ة بق وة الق انون 694
تش كل عق ود الص فقات العمومي ة
امتيازات السلطة .كما أنها مرتبطة باستخدام وتوظيف األموال العامة ،وقد ارتبط ظهور هذه العقود
بالتطور الذي عرفه مفهوم الدولة ،من دولة حارسة تسعى إلى الحفاظ على النظام العام والدفاع الوطني
والعدال ة بين المواط نين ،إلى دول ة متدخل ة في جمي ع المن احي االقتص ادية واالجتماعي ة به دف تحقي ق
التنمي ة الش املة بمختل ف مفاهيمه ا ومقاص دها .696باإلض افة إلى رغبته ا في ج ذب رؤوس األم وال
فمن الضروري أن تتواكب النظم القانونية مع هذا التطور االقتصادي وهذا التغيير الذي طرأ
على الساحة االقتصادية ،فهذه النظم أصبحت غير كافية لمواكبة التنمية االقتص ادية ،ومن هنا اتجهت
األنظ ار للوس ائل البديل ة لحس م المنازع ات االقتص ادية ومنه ا التحكيم باعتب اره أك ثر الوس ائل فاعلي ة
-694الصفقة ( ) Marchéتعني كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة ،وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى يدعى مقاوال ،أو
موردا ،أو خدماتيا ،بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات.
بحيث إذا كان موضوع الصفقة يتعلق بتنفيذ األشغال ،أو تسليم توريدات ،أو القيام بخدمات .فإن الصفقة تسمى باسم موضوعها لتصبح:
-صفقة األشغال :وهي عقود تهدف إلى تنفيذ أشغال مرتبطة ،على الخصوص ،بالبناء أو إعادة البناء أو هدم أو إصالح أو تجديد أو تهيئة
وصيانة بناية أو منشأة أو بنية وكذا أشغال إعادة التشجير.
-أو صفقة التوريدات :وهي عقود ترمي إلى اقتناء منتوجات أو معدات أو إيجارها مع وجود خيار الشراء .وتتضمن هذه الصفقات أيضا،
بصفة ثانوية ،أشغال الوضع والتركيب الضروريين إلنجاز العمل.
-أو صفقة الخدمات :وهي عقود يكون موضوعها إنجاز أعمال خدماتية التي ال يمكن وصفها بأشغال أو بتوريدات.
أنظر المرسوم رقم 2 .12 .349الصادر بتاريخ 20مارس 2013المتعلق بالصفقات العمومية
-695عبد اهلل إدريس " ،محاضرات في القانون اإلداري المغربي ،النشاط اإلداري" ،الجزء الثاني ،الطبعة األولى ،سنة ،1995ص .263
-696فاطمة بوطالب اإلدريسي" ،دور الصفقات العمومية في تنشيط االقتصاد المحلي ،جماعة بئر النصر بنسليمان نموذجا" ،رسالة لنيل ماستر
في الق انون الع ام ،ش عبة الحكام ة المحلي ة ،جامع ة الحس ن الث اني ،المحمدي ة بال دار البيض اء ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة،
المحمدية ،السنة الجامعية ،2012-2011ص .1
-697للمزيد من التوسع أنظر:
-غالب عبد الحق " التحكيم في الصفقات العمومية وفقا للتشريع الجزائري في ظل المرسوم الرئاسي 247 -15الجديد" ،دار الجامعة الجديدة،
سنة .2017
234
وإ ذا استندنا إلى مقتضيات الفصول التالية 308 :و 310و ،311من القانون رقم 08-05لسنة
2007يت بين لن ا نهج المش رع المغ ربي إلمكاني ة اللج وء إلى التحكيم في منازع ات ص فقات الدول ة
الفص ل :308ينص على أن ه" :يج وز لجمي ع األش خاص من ذوي األهلي ة الكامل ة س واء أك انوا
طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الح دود
الفصل :310تنص فقرته 3على أنه" :يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها
وتنص الفق رة 4من ه على م ا يلي" :يرج ع اختص اص النظ ر في طلب ت ذييل الحكم التحكيمي
الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة اإلدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى
المحكمة اإلدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني".
الفص ل :311تنص فقرت ه 2على أن ه ..." :يج وز للمؤسس ات العام ة إب رام عق ود تحكيم وف ق
اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها ،وتكون االتفاقات المتضمنة لشروط تحكيم محل
- 698في قانون المسطرة المدنية ،وفي قانون االلتزامات والعقود وال سيما الفصل 62منه ،مع مراعاة التعديالت والتتميمات الملحقة بالقانونين
المذكورين.
- 699باستثناء النزاعات المتعلقة بالمسائل التالية ،والتي ال يجوز إبرام اتفاق التحكيم بشأنها:
-النزاعات التي تهم حالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة.
-النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيريها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.
-النزاعات المالية المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
-النزاعات المبنية على سبب غير مشروع ،كمخالفة األخالق الحميدة أو النظام العام أو القانون.
أنظر الفصلين 309و ( 310في فقرتيه 1 ،و ) 2من القانون رقم 08 -05لسنة 2007بشأن تعديل وتتميم قانون المسطرة المدنية ،والفصل
62من قانون االلتزامات والعقود.
235
يس تفاد من مقتض يات الفص ول المش ار إليه ا أعاله ،أن :الفص ل 308ق د ش مل ح تى الدول ة
باعتبارها شخص معنوي عام يملك حق التصرف في الحقوق المسندة إليه قانونا وذلك ضمن الحدود
وفي مجال الصفقات العمومية ،هل يدخل موضوع عقد األشغال والتوريدات والخدمات ضمن
الحق وق ال تي يمل ك الش خص المعن وي الع ام ح ق التص رف فيه ا ؟ إن اإلجاب ة تختل ف ب اختالف طبيع ة
األم وال ال تي تس تخدمها الص فقات العمومي ة .ف إذا ك انت من أم وال ال دومين الع ام ال تي يج وز اس تعمالها
واس تغاللها دون التص رف فيه ا ،فال يج وز أن تك ون موض وع تحكيم ،أم ا إذا ك انت أمواله ا من قبي ل
أم وال ال دومين الخ اص ال تي يج وز اس تعمالها واس تغاللها والتص رف فيه ا ،يج وز أن تك ون موض وع
تحكيم.700
وفي ه ذا اإلط ار يمكن التس اؤل عن العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة أو الجماع ات المحلي ة م ع
أش خاص الق انون الخ اص ،ال ذين يعه د إليهم بتس يير مرف ق ع ام إم ا في إط ار عق د االمتي از أو الت دبير
المفوض فهل يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بشأنها محل اتفاق تحكيم أو شرط تحكيم؟
أن هذه العقود ما دامت إدارية فهي غير مستثناة من إمكانية فض النزاع ات 701
يرى بعض الفقه
المتعلقة بها عن طريق التحكيم ،هذا فضال عن أن القانون رقم 05 -54المتعلق بالتدبير المفوض،702
يجيز بشكل صريح اللجوء إلى التحكيم بخصوص المنازعات المتعلقة بعقود التدبير المفوض .703إال أن
الم ادة 3من المرس وم رقم 2 .12 . 349الص ادر بت اريخ 20م ارس 2013المتعل ق بالص فقات
العام ة من مج ال تط بيق ه ذا المرس وم ،705فإن ه ليس مع نى ه ذا أن تل ك العق ود غ ير إداري ة ،ب ل على
العكس فإنها عقود إدارية بحكم القانون وبالتالي فإنه ينطبق عليها مفهوم الفصل 310من القانون رقم
وب الرجوع لمقتض يات الفص ل – 310المش ار إلي ه أعاله – فعب ارة "النزاع ات المتعلق ة ب العقود"
جاءت عامة وشاملة ،بحيث تشمل نزاعات مختلف العقود سواء المبرمة في إطار القانون الخاص أو
تلك المبرمة في إطار القانون العام (العقود اإلدارية) .ولما كان من حق الدولة إبرام النوعين من العقود
ك ل في مجال ه ،فإن ه يمكن الق ول أن عق ود ص فقات الدول ة ت دخل في مج ال التحكيم س واء تعل ق األم ر
بالصفقات الوطنية ،أو الدولية ،ولكن في حدود الضوابط القانونية والتنظيمية لها.
والج دير بال ذكر أن المغ رب ش أنه ش أن معظم دول الع الم ق د أج از إمكاني ة اللج وء إلى التحكيم
ال دولي في منازع ات ص فقاته الدولي ة .وه ذه اإلمكاني ة تج د أساس ها في قوانينه ا الداخلي ة ،707وفي
708
مصادقتها على االتفاقيات والمعاهدات الدولية
-704المرسوم المذكور منشور بالجريدة الرسمية عدد 6140بتاريخ 23جمادى األولى 4 ( 1434أبريل ،)2013ص .3023
-705تنص المادة 3من على ما يلي ":تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم:
عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية"...
-706مصطفى التراب " ،موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي" ،ديوان المظالم ،عدد مزدوج ،7 -6سنة ،2008ص .7
-707من ذلك مثال -:القانون اإلطار رقم 95.18لسنة 1995بمثابة ميثاق االستثمار المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4336بتاريخ 29نوفمبر
1995الذي نص في مادته 17على إقرار مبدأ التحكيم في النزاعات القائمة بين الدولة المغربية والمستثمر األجنبي في العقود اإلداري ة الدولي ة.
بعض الق وانين واالتفاقي ات المماثل ة ال تي تهتم ب التحكيم ال دولي في مج االت معين ة مث ل :اتفاقي ة التب ادل الح ر م ا بين المملك ة المغربي ة والوالي ات
المتحدة األمريكية ،وتسوية المنازعات المتعلقة بها عن طريق التحكيم والوساطة بتاريخ 2ماس .2004
- 708من االتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي تعد من المرجعات األساسية في هذا المجال:
" -اتفاقية نيويورك" بشأن االعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية بتاريخ 10يونيو .1958
-القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية بتاريخ 10يونيو .1985
-نظ ام المصالحة والتحكيم لغرف ة التجارة الدولي ة بب اريس (النظ ام الجدي د للمصالحة ونظ ام التحكيم المع دل) ،الس اري المفعول اعتب ارا من أول
يناير .1990
-ولق د لحقته ا الكث ير من االتفاقي ات والمعاه دات ال تي تهم التحكيم في مج االت معين ة من العق ود اإلداري ة الدولي ة ومن نم اذج التحكيم في العق ود
اإلدارية الدولية ،مثل :التحكيم في عقود البوت B.O.Tوالتحكيم في عقود األشغال العامة الدولية ...الخ.
للمزيد من التوسع أنظر:
237
البــاب الثانـــي
سبـل مواجهتهــا
إن المش رع المغ ربي ورغب ة من ه في تس هيل س بل فض النزاع ات عن طري ق التحكيم ،والعم ل
على تس هيل إجراءات ه وتبس يطها وإ يج اد آلي ة واض حة المع الم ،709عم ل على س ن الق انون رقم 08-05
المتعلق بالتحكيم بشكل أكثر تطورا وأوسع نطاقا من القانون القديم ،710بحيث أن اللجوء لهذا األخير من
شأنه أن يؤدي إلى تعزيز فرص االستثمار الوطنية واألجنبية في مجال المشاريع االستثمارية لتتوضح
التي تقف كعائق أمام نجاح وفعالية هذه الوسيلة وأداء مهامها وتحقيقها للغايات المرجوة منها .
-709تكفل وتضمن سرعة تنفيذ أحكام المحكمين ،إلى جانب تشجيع األطراف المتعاقدة في المشاريع االستثمارية.
-710قانون المسطرة المدنية بتاريخ 28شتنبر.1974
-711مصطفى التراب" ،أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي" ،م س ،ص .18
239
وس نحاول من خالل هذا الب اب البحث عن أهم هذه الصعوبات والكشف عنها( ،الفص ل األول)
محاولين اقتراح بعض الحلول أو على األقل تشخيص هذه الصعاب حتى نتمكن من المساهمة في تطور
سبقت اإلشارة إلى أن من أهم العوامل التي جعلت من التحكيم األداة المناسبة لفض المنازعات
نمو المعامالت التجارية سواء الداخلية أو الدولية نتيجة تنامي الشركات المتعددة الجنسيات. -
استخدام التكنولوجيا الحديثة في اإلنتاج ،وعولمة االقتصاد ،ورفع الحواجز الجمركية. -
رغبة المتعاملين في التحرر من القيود التي تفرضها النظم القانونية للدول الداخلية.712 -
وب الرغم من ك ل اإليجابي ات والمم يزات ال تي يتس م به ا نظ ام التحكيم فهن اك مجموع ة من
الص عوبات تعترض ه وتح ول دون تحق ق نجاعت ه وقيام ه بال دور المن وط ب ه ،من أهم ه ذه الص عوبات
ص عوبات عملي ة تثيره ا إج راءات التحكيم (المبحث األول) وص عوبات واقعي ة واجتماعي ة تع ترض ه ذا
ال يج ادل اثن ان في أن نظ ام التحكيم التج اري يع د الوس يلة الفعال ة لتس وية المنازع ات ليس فق ط
ألن آلية القضاء الوطني لها من السلبيات والمشاكل ما من شأنه النفور من اللجوء إليه ،ولكن أيضا ألن
هذه الوسيلة البديلة (نظام التحكيم) تتمتع بسمات ومزايا تؤهلها لتعويض القضاء.
-712رغم أن القضاء هو الضامن الرسمي ،للحقوق والحريات في الميدان التعاقدي خاصة ،إال أنه يعاب عليه كونه بطيئا في إصدار األحكام
بسبب طول المساطر واإلجراءات والدفوعات فيما بين المتقاضين فترتفع الصوائر والمصاريف القضائية وغيرها ( )...دون نسيان ت راكم أعداد
هائلة من القضايا التي تنتظر دورها للفصل فيها ،بسبب التأخر في إصدار األحكام ،والبطء في الحسم في النزاعات ،وتعدد أوجه الطعن عبر
مختلف درجات التقاضي ،زيادة على اتسام إجراءات التبليغ والتنفيذ بالتعقيد وافتقارها للسرعة.
240
وشأنه شأن كل األنظمة القانونية الوضعية فإن لنظام التحكيم صعوبات عملية تواجهه ويمكن
أن تحد من فعاليته وتقف في وجه تطوره ،وهي إما صعوبات تثار أثناء سير العملية التحكيمية (الفرع
األول) ،أو صعوبات تثار ما بعد صدور الحكم التحكيمي (الفرع الثاني).
في ظ ل التط ور الحاص ل في ع الم التج ارة واألعم ال وم ا نتج عن ه وتش ابك وتن وع العالق ات
التجارية وشيوع عقود لم تكن موجودة في السابق ،نتيجة ثورة التكنولوجيا الحديثة وزوال كل الحدود
الجغرافي ة ،واالقتص ادية ،واالجتماعي ة أم ام الغ زو العلمي والتق ني ،ونتيج ة نظ ام جدي د وه و العولم ة
مغريا عن القضاء العادي ولم يبق هو الوسيلة الوحيدة لحسم النزاعات ،713ولم يبق مجردا من أي عيب
بل بات مقرونا بظاهرة بطء التقاض ي ،وارتفعت تكاليفه حيث أصبحت تشكل أرقاما خيالية ال تناسب
األط راف بأعم ال من ش أنها ت أخير عملي ة تع يين المحكمين ،والش روع في إج راءات التحقي ق ،أو على
األق ل الح د من الس رعة ال تي ك ان من المف روض أن تباش ر به ا المس طرة إن لم نق ل الس عي لتوقيفه ا
بالمرة.715
من خالل هذا الفرع سنحاول الكشف عن أهم هذه الصعوبات التي يثيرها نظام التحكيم أثناء
بفعل بعض الممارسات التي يقوم بها األطراف أصبحت مسطرة التحكيم أحيانا مسطرة معقدة
وبطيئة مما يعطل سير العملية التحكيمية ،وهو ما يتعارض مع الهدف والغاية من التحكيم والذي هو
فق د يش عر بعض األط راف أن الح ل النه ائي لن يرض يهم ،فكث يرا م ا يلج أون إلى خل ق ثغ رات
إجرائية حيث يعطلون التحكيم ،ويتصدون إلى الوصول إلى حكم في آجال معقولة مثيرين بذلك بعض
المسائل التي ال يرمون من ورائها إلى ربح الوقت ،أو ملتجئين إلى القضاء الوطني محرفين لوظيفته
يعد التوقيع على عقد التحكيم بعد صياغته بواسطة المحكم أو المحكمين أو بواسطة المتنازعين
من عقبات التحكيم ،ذلك أن أيا من الطرفين قد يرفض أو يتلكأ في التوقيع على العقد بحجة عدم مقدرته
على دفع األتعاب المقترحة بواسطة المحكم أو المحكمين .أو بحجة اللغة أو المكان أو مدة الفصل في
وتكمن المشكلة في حال رفض أو مماطلة أحد الطرفين التوقيع فإذا كان العقد ينص على حل
ال نزاع عن طري ق التحكيم يتم الرج وع إلى الق انون ال واجب التط بيق ،فيم ا يتعل ق بحكم البن د المختل ف
عليه (األتعاب – المكان -المدة) .فإذا وجد نص صريح لمعالجة هذه البنود فال توجد ضرورة للتوقيع
على العقد ،أما إذا كان العقد قاصرا في حكم بعض المسائل فالسلطة تقديرية لهيئة التحكيم إليجاد حل
للخالف.
حال فشل األطراف أو رفض أحدهما التوقيع على عقد التحكيم فال محل للسير في التحكيم ،إذ يعد هذا
العق د بمثاب ة اتف اق أولي ونه ائي بح ل ال نزاع عن طري ق التحكيم ،ف إذا تع ذر التوقي ع عليه ا فال مج ال
إن رفض أح د األط راف المش اركة في تش كيل هيئ ة التحكيم ق د تح ول دون نج اح العملي ة
التحكيمي ة ،حيث أن اختي ار المحكمين من قب ل األط راف يعت بر الخاص ية األساس ية له ذا القض اء المب ني
أساسا على الثقة في شخص المحكم وكفاءته .فرفض الطرف السيئ النية تعيين محكم سيدفع الطرف
اآلخر على أن يلتجئ إلى القضاء للبت في القضية مما قد يشجع على هذه التصرفات.
وب الرجوع إلى مقتض يات الفص لين 327-4و 327-5من ق انون 08-05بخص وص تش كيل
الهيئ ة التحكيمي ة ،ف إن رفض أح د الط رفين تع يين محكم عن ه أو عج ز المحكمين المعي نين عن اختي ار
المحكم الرئيسي يقتضي اللجوء إلى رئيس المحكمة المختصة ليتولى تعيينه على اعتبار توفر القضاء
على سلطة اإلجبار ،مما ينتج عنه سلسلة من اإلجراءات القضائية التي قد يطول أمدها فيتأخر تشكيل
الهيئ ة ويفق د التحكيم إح دى ميزات ه الرئيس ية المتمثل ة في س رعة البت في ال نزاع .ل ذلك ك ان من
الض روري أن يتض من النص الق انوني موض وع الدراس ة مقتض يات تل زم المحكم ة باستص دار ق رار
-717أحمد عبد الغفار ( ،مستشار ومحكم دولي ،المدير التنفيذي وعضو مجلس األمناء ،مركز اإلسكندرية للتحكيم الدولي والوسائل البديلة لحل
المنازعات ،عضو المجمع البريطاني للمحكمين الدوليين).
-ورقة عمل مقدمة في الندوة العامة في واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي في مصر والدول العربية التي ينظمها مركز اإلسكندرية للتحكيم
ال دولي والوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات ( )AIACADRSالمنعق دة بت اريخ 7و 8يولي وز 2012بقاع ة م يراج س ان جيوف اني -اإلس كندرية-
مصر ،ص .3
منشور بالموقع اإللكترونيhttp//www.draigarbitration.com/tahkimwork :
-718إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .191
243
كم ا يجب على القض اء الوط ني أن يلعب دور المس اعدة للعملي ة التحكيمي ة في مث ل ه ذه
كأن يساعد األطراف على تشكيل الهيئة التحكيمية (المادة )327/5من ق.م.م. 719
الحاالت
فتدخل ه ه ذا اس تثنائي ج دا إذ تمكن ه ذه الم ادة األط راف من القي ام بأنفس هم ب التعيين وال يت دخل
القض اء إال إذا لم يتم التع يين مس بقا ،وذل ك كل ه النق اد العملي ة التحكيمي ة من التالش ي أم ام س وء ني ة أو
وبذلك فالص عوبات التي تعترض نظام التحكيم تتمثل في صعوبة اختيار المحكمين نتيج ة عدم
ال سيما في حالة تعارض وجهات النظر ،وهذا يؤدي إلى 721
التفاهم والتعاون بين األطراف المتنازعة
إطال ة أم د ال نزاع بغ ير م وجب .ويعط ل حص ول ذي الح ق على حق ه دون مس وغ ،وتبقى طلب ات
األط راف معلق ة أم ام هيئ ة التحكيم ال تمل ك حياله ا تص رفا ص حيحا يقط ع داب ر ال نزاع .وهك ذا تبقى
الحقوق غير مؤداة ،والمواقف القانونية غير محسومة بصورة تضر بصاحب الحق ،وقد تذهب بكل
قيمة له عندما يقتضيه بعد زمني أطول مما تحتمل ظروفه التجارية واالقتصادية انتظاره.
لذلك يذهب الفق ه إلى أن الص عوبة الخاص ة بتشكيل هيئ ة التحكيم ق د تكون ص عوبة غير هين ة.
ألن التحكيم يعتمد في تحقيق الغاية منه ،كاملة ،على وجود روح تعاون بين الطرفين والمحامين الذين
يمثلونهم .ويكون من وراء ذلك نظام قضائي فعال وسريع ،يمكن اللجوء إليه لمواجهة العقبات الحقيقية
-719ال يتفق ذ .عبد اهلل درميش مع من يقول بأن التحكيم هو بديل للقضاء .فهما يسيران في خطين متوازيين كسكة الحديد.
ف التحكيم ليس ب ديال للقض اء وال يلغي ه ب دليل أن القض اء ي راقب اتف اق التحكيم وي راقب عملي ة التحكيم وي راقب العناص ر ال تي يجب أن تت وفر في
المحكم كما يراقب القضاء التحكيم بعد صدور الحكم التحكيمي .فالقضاء دائما يقض وساهر على مراقبة عملية التحكيم.
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-720رضوان الزهراوي ،م س ،ص .40
-721إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .165
244
التي تواجه تشكيل هيئة التحكيم .ألنه بال هيئة تحكيم مشكلة تشكيال صحيحا ،يتعطل نظام التحكيم كله
عن العمل.722
الفقرة الثالثة :عدم التزام األطراف بسداد ما حددته الهيئة من مصروفات وأتعاب
من المؤك د أن للمحكم ال ذي أتم عمل ه أن يط الب بمص اريفه وأتعاب ه ،اللهم إال إذا قب ل المهم ة
ب دون مقاب ل .وتش مل مص اريف التحكيم المص اريف اإلداري ة لمؤسس ات التحكيم ومص اريف الخ براء
المعي نين من ط رف هيئ ة التحكيم .والمص اريف األخ رى كمص اريف الترجم ة واس تدعاء الش هود
واالستشارات القانونية ،723وتشمل المصاريف أيضا نفقات السفر من موطنه إلى مكان ال نزاع إذا تطلب
األمر ذلك ،ونفقات اإلقامة الكاملة في هذا المكان .أما األتعاب فهي تقتصر على تعويض مقابل العناء
الذي بدله المحكم عند نظر النزاع على أساس مدة التحكيم وقيمة الدعوى مع االعتداد بالعرف الجاري
ويعد حق المحكم في تقاضي أتعاب عمله كمحكم من أهم االلتزامات الواقعة على عاتق أطراف
التحكيم وهو حق مؤكد في الواقع العملي ،وتقدير أتعاب هيئة التحكيم ،األصل أن يتم االتفاق عليها بين
ط رفي التحكيم وبين المحكم أو هيئ ة التحكيم ،ف إذا لم يوج د مث ل ه ذا االتف اق قب ل ب دء التحكيم أو بع د
انتهائه ،كان المرجع في تقدير األتعاب القاضي وذلك بناء على طلب صاحب المصلحة.725
إن العالق ة بين المحكم أو هيئ ة التحكيم وبين أط راف اتف اق التحكيم ينظمه ا عق د التحكيم الم برم
بين الط رفين وال ذي بموجب ه تتح دد الحق وق وااللتزام ات لك ل من الط رفين قب ل اآلخ ر وال تزام أط راف
-722محمد سليم العوا "،دراسات في قانون التحكيم المصري والمقارن" ،دار الكتب القانونية ،مصر ،سنة ،2008ص 196و 197
-723عبد الرحيم الزضاكي "،الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي" ،م س ،ص .56
-724جعفر مشيمش "،التحكيم في العقود اإلدارية والمدنية والتجارية وأسباب بطالن القرار التحكيمي وآثاره" ،منشورات زين الحقوقية واألدبية،
الطبعة األولى ،سنة ،2009ص .118
-725نص ت الم ادة 327 -24من ق انون 08 -05على م ا يلي... " :يتعين أن يتض من حكم التحكيم تحدي د أتع اب المحكمين ونفق ات التحكيم
وكيفي ة توزيعه ا بين األط رف ،وإ ذا لم يتم االتف اق بين األط راف والمحكمين على تحدي د أتع اب المحكمين فيتم بق رار مس تقل من هيئ ة التحكيم
ويكون قرارها بهذا الشأن قابال للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن".
245
اتفاق التحكيم – المحتكمين -بدفع األتعاب المقررة للمحكم هو التزام تعاقدي ،ومن ثم فإن اإلخالل بهذا
االل تزام ي رتب مس ؤولية طبق ا لقواع د المس ؤولية العقدي ة وهم مل تزمون بالتض امن عن أداء األتع اب
فمس ؤوليتهم مس ؤولية تض امنية في حال ة االتف اق على التض امن ،فيح ق للمحكم مالحق ة األط راف أم ام
إن ع دم ال تزام األط راف بس داد م ا حددت ه الهيئ ة من مص روفات وأتع اب ي ترتب علي ه إنه اء
إجراءات التحكيم أو وقفها .وهذه الصورة تجعل التحكيم كله بال جدوى ،وينتهي األمر باللجوء للقضاء
بعد وقت وجهد وتكلفة ال طائل من ورائها تكبدها أحد طرفي التحكيم وتكبدتها هيئته.727
وفي الواقع العملي نجد أن مسألة األتعاب قد تعد إحدى تحديات التحكيم من حيث مغاالة بعض
المحكمين في التق دير وبخس أط راف ال نزاع في تحدي دها بمبل غ ض ئيل ،أو تاف ه في بعض الح االت.
بعض المحكمين يبالغون ألنهم يعتبرونها فرصة العمر في الحصول على مبلغ كبير دفعة واحدة خالل
مدة وجيزة قد ال يحصلون عليه طوال حياتهم ،وبالتالي يسعون بكل ما أوتوا من قوة لبلوغ هدفهم كما
أن ط رفي ال نزاع ق د يك ون لهم رأي في تق دير أتع اب المحكمين ح تى ول و ك ان معق وال وعلى وج ه
من يعتبره من الضمانات الجوهرية التي يتعين توفرها ألطراف النزاع ،730في حين اعتبره آخرون حقا
ويحق للمحكم أن يستغل هذا النظام تلقائيا لحماية نفسه وذلك كلما استشعر وجود ما يمكن أن
يمس نزاهته وكرامته ،على اعتبار أنهما الميزتان الوحيدتان اللتان تكونان رصيده المعنوي الذي يعول
ومن آث ار تج ريح المحكم إبع اده عن النظ ر في موض وع ال نزاع ويع د ذل ك من أهم الض مانات
التي توفرها القوانين لألطراف إذا توفرت األس باب الموضوعية لذلك ،733لكن قد يتخذ أحد األطراف
-729بالفرنسية Récusation de l’arbitre :ويقابل مصطلح "التجريح" في األنظمة القانونية العربية المشرقية مصطلح "الرد".
-730أحمد عبد الكريم سالمة ،م س ،ص .724
-731هدى حمدي عبد الرحمان ،م س ،ص .186
-732ناصر بلعيد ،م س ،ص .113
-733خصص المشرع المغربي في قانون 08 -05عدة مقتضيات تهم تنظيم مسطرة تجريح المحكمين ،ويتعلق األمر بالفصول 322و 323
و 327 – 7و .327 – 8
ينص الفصل 322من قانون 08-05على ما يلي" :ال يجوز ألي من طرفي التحكيم تجريح المحكم إال لسبب طرأ أو أكتشف بعد تعيينه"
و ينص الفصل 323على أنه" :يمكن تجريح المحكم إذا:
-1صدر في حقه حكم نهائي باإلدانة من أجل ارتكاب أحد األفعال المبينة في الفصل 320أعاله ،
-2كانت له أو لزوجه أو ألصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في النزاع،
- 3كانت قرابة أو مصاهرة تجمع بينه أو زوجه وبين أحد األطراف إلى درجة أبناء العمومة األشقاء،
- 4كانت هناك دعوى جارية أو دعوى منتهية في أقل من سنتين بين أحد األطراف والمحكم أو زوجه أو أحد األصول أو الفروع،
-5كان المحكم دائنا أو مدينا ألحد األطراف،
-6سبق أن خاصم أو مثل غيره أو حضر كشاهد في النزاع،
-7تصرف بوصفه الممثل الشرعي ألحد األطراف،
- 8كانت توجد عالقة تبعية بين المحكم أو زوجه أو أصوله أو فروعه وبين أحد األطراف أو زوجه أو أصوله أو فروعه،
-9كانت صداقة أو عداوة بادية بينه وبين أحد األطراف.
يق دم طلب التج ريح كتاب ة إلى رئيس المحكم ة المختص ة يتض من أس باب التج ريح ،وذل ك داخ ل أج ل ثماني ة أي ام من ت اريخ علم ط الب التج ريح
بتشكيل هيئة التحكيم أو بالظروف المبررة للتجريح ،فإذا لم يسحب المحكم موضوع التجريح من تلقاء نفسه بع د تجريحه ،فصل رئيس المحكمة
في الطلب داخل أجل عشرة أي ام بق رار غير قاب ل للطعن في ه ب أي طريق من ط رق الطعن .وال يقب ل طلب التج ريح ممن سبق له ان قدم طلب
تج ريح المحكم نفس ه في ذات التحكيم وللسبب ذات ه .وإ ذا حكم بتج ريح محكم تعتبر إج راءات التحكيم التي ش ارك فيه ا كأنه ا لم تكن بم ا في ذلك
الحكم"
وأخ يرا ينص الفص ل 327-8على أن ه " :إذا ق دم طلب تج ريح أو ع زل أح د المحكمين ،وجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم البت في ه ذا
الطلب ،ما عدا إذا قبل المحكم المعني باألمر التخلي عن مهمته.
247
من هذه الضمانة وسيلة لتعطيل مسطرة التحكيم أو للرغبة في المماطلة والضغط على الطرف اآلخر
في الخصومة.734
إذا كان توفير مثل هذه الضمانات ضروريا فإنه من الالزم أن تعطى من غير تمكين األطراف
من تعطيل التحكيم .فيجب على المشرع عند سنه لهذه الضمانات الالزمة أن يحاول ما استطاع تجنب
كل ما من شأنه أن يوفر ألي طرف ،سيئ النية ذريعة لتعطيل ،أو إجهاض العملية التحكيمية .هذا من
جهة ،ومن جهة أخرى ،يجب تأويل هاته القوانين بطريقة توفيقية بين ضرورة تحقيق ضمانات كافية
يعت بر المحكم عنص ر فاع ل أثن اء إج راءات التحكيم ،فه و يح رر المحاض ر ،ويش ارك في جمي ع
العملي ات ال تي يتطلبه ا التحكيم من ذ قبول ه لمهمت ه إلى حين ص دوره لحكم التحكيم .إال أن ع دم إلمام ه
ب إجراءات التحكيم وبموض وع ال نزاع (الفق رة األولى) واس تقالته لس بب غ ير مش روع ( الفق رة الثاني ة)،
ورفضه الحضور للمداولة ( الفقرة الثالثة) يعد من أهم المشاكل والصعوبات التي قد تؤدي إلى تعطيل
ترف ع الص عوبات الناتج ة عن تج ريح أو ع زل المحكمين إلى رئيس المحكم ة ال ذي يبت في األم ر ب أمر غ ير قاب ل للطعن في إط ار مس طرة
حضورية".
وتجدر اإلشارة إلى أن األحكام المتعلقة بالتجريح قد جاءت متفرقة ( ف ) 327 -8 / 327 -7 ( ، )326 -325 -324 -323لذا فقد طالب
بعض الفقه تجميعها في تسلسل واحد.
للمزيد من التوسع حول موضوع "تجريح الهيئة التحكيمية" المرجو النظر إلى :
-حسن المصري " ،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة" ،بدون طبعة ،دار الكتب القانونية ،سنة ،2006ص 215إلى 216
-مهند الصانوري " ،دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص" ،م س ،ص 201و ما بعدها.
-محمد عبد الخالق الزعبي ،م س ،ص .221
-عبد الحميد األحدب "،موسوعة التحكيم ،التحكيم في البالد العربية ،الجزء األول" م س.
-عبد اهلل درميش" ،التحكيم في المواد التجارية" ،م س ،ص .246
-البوعناني رحال " ،التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" م ،س ،ص 116وما بعدها.
-734تجدر اإلشارة إلى أن القضاء المقارن يتشدد جدا في االستجابة لطلبات تجريح المحكمين ،ومثال ذلك القضاء األمريكي الذي تواثر على
رفض طلبات التجريح بالرغم من وجود األسباب التي تجيزه وهذا ما انتهت إليه محكمة االستئناف األمريكي ة من رفض رد أو تجريح المحكم
رغم ثبوت أنه كان محاميا ألحد الخصوم ولم يفصح عن ذلك.
ناصر بلعيد ،م س ،ص ،113هامش .5
248
عملية التحكيم ،أو إجراء التحكيم بصورة غير صحيحة األمر الذي يؤدي إلى إبطال الحكم التحكيمي إذا
التحكيم قضاء ،والمحكم قاضي ،وهيئة التحكيم محكمة ،وقرار التحكيم حكم قضائي ،لذلك البد
لمن يتولى أمر التحكيم أن يكون ملما بإجراءات التحكيم .فمن الضروري اإللمام بها سواء أكان المحكم
قانونيا أو من أص حاب المهن األخرى ،ألن التحكيم أصبح صناعة وحرفة في العصر الحديث لتشعب
في الواق ع العملي وأثن اء اإلج راءات يواج ه المحكم أو هيئ ة التحكيم بمس ائل إجرائي ة تحت اج
لحس مها معرف ة ودراي ة ألن تجاهله ا أو حس مها بطريق ة غ ير ص حيحة ق د ي ؤثر على عملي ة التحكيم
برمته ا ،وبالت الي ق د يك ون س ببا للطعن ب البطالن وإ لغ اء حكم التحكيم .ل ذلك ف إن أهمي ة اإللم ام به ذه
اإلجراءات تكمن في أنها تقرب المسافة بين كافة قطاعات المجتمع بتخصصاتهم المختلفة ،ألن المحكم
ليس بالض رورة أن يك ون قانوني ا ،أو محاس با ،أو مهندس ا ،ب ل ك ل من ل ه معرف ة بمج ال م ا ،يمكن أن
ومن ناحية أخرى ،فإن عدم الخبرة والمعرفة بموضوع النزاع قد يعد من عقبات التحكيم،736
على سبيل المثال قد يختار المتنازعان في مجال اإلنشاءات الهندس ية محاميا ،أو محاسبا ،أو طبيبا ال
خ برة ل ه في المج ال موض وع ال نزاع ،وبالت الي ق د يج د ص عوبة كب يرة في تفهم م ا يقدم ه الطرف ان من
-735تنص المادة 11من القانون اإلسباني بعد تعديله ":ال يقوم بالتحكيم فيما يتعلق بالنزاعات ذات الطابع القانوني إال المحامي دون غيره".
عبد اهلل درميش ،مداخلة في إطار دورة تكوينية نظمها المركز الدولي للوساطة والتحكيم ومؤسسة كوركمار في موضوع " :المحامي المحكم:
من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-736راجع ما سنعرض له بخصوص موضوع "كفاءة وخبرة المحكم" في المبحث الثاني من هذا الباب
249
حجج وبراهين( ،مستندات أو شهود) وقد ال يسعفه حتى إذا استعان بخبير في هذا المجال ،وبالتالي هذا
قد يرى المحكم أو هيئة التحكيم أن القضية التي يفصل فيها سيخسرها ال محال الطرف الذي
اختاره ولذلك قد يبادر إلى االستقالة من تلقاء نفسه دون سبب مشروع.738
وط بيعي أن ت ؤدي ه ذه االس تقالة إلى تعطي ل إج راءات التحكيم وعلى األج ل ال ذي سيص در في ه
حكم التحكيم.
إن االستمرار في مهمة التحكيم يعتبر من أهم الواجبات على المحكم فطالما أنه قبلها فعليه أن
يتابعها إلى حين انتهائها بإصداره للحكم الذي يحسم النزاع ،وهذا يعني أن المحكم ال يحق له االستقالة
إال ألس باب مش روعة ،ألن االس تقالة ال تي ال م برر له ا س تؤدي إلى إع ادة القض ية من أوله ا ،وه ذا
سيفضي إلى مضيعة للوقت خصوصا إذا جاء المحكم البديل وقدم استقالته هو اآلخر.739
يجب على هيئة التحكيم قبل إنهاء المرافعة وحجز القضية للحكم أن تستفسر أوال من األطراف
عما إذا كان لديهم أدلة أخرى لتقديمها ،أو شهود آخرين لسماعهم فإن لم يعد لديهم ما يقدمونه فتعلن
هيئ ة التحكيم إنه اء المرافع ة ،740وتب دأ في إص دار الحكم التحكيمي ولكنه ا ال تص در حكمه ا إال بع د
بمع نى أن ه يجب أن تك ون هن اك ف ترة زمني ة يتم خالله ا المداول ة الالزم ة بين أعض اء هيئ ة
وتطرح هذه الحالة في الواقع العملي مسألة أساسية وهي ما مدى مسؤولية المحكم عند رفضه
743
الحضور للمداولة؟
إن مس ؤولية المحكم الغ ائب عن الحض ور فهي ال تخ رج عن نط اق المس ؤولية المدني ة وفي
فمن جهة ال يجدي نفعا عزل المحكم لما لذلك من تأثير على التاريخ الذي سيصدر فيه الحكم
التحكيمي ،وذلك بعد أن قطعت إجراءات التحكيم شوطا طويال .ومن جهة أخرى ال يوجد من الناحية
أن المعول عليه هو أن يدرج األطراف شرطا جزائيا يحمل المحكم 744
ولذلك يرى بعض الفقه
إن المحكم قد يحاول االنحراف ببعض ما اقتضاه القانون لضمان محاكمة عادلة واستعمال ذلك
لتعطيل أوتأجيل حل النزاع ،كما نالحظ أنه قد يقع استغالل أي ثغرة في القوانين للوصول إلى توجيه
-741محمود السيد عمر التحيوي " ،حكم التحكيم اإللكتروني" ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية الطبعة األولى ،سنة ،2011ص .230
-742المقص ود بالتص ويت على حكم التحكيم":أن يص در أعض اء هيئ ة التحكيم آراءهم س واء باإليج اب أو النفي" .وبالت الي ف إن االمتن اع عن
التصويت على حكم التحكيم يعتبر صوتا سلبيا ال يعتد به في الحسبان ،وبالتالي فإن قاعدة األغلبية هي التي تسود غالبا في التحكيم.
-محمود السيد عمر التحيوي ،م س ،ص .242
-743عبد الرحيم زضاكي ،الجزء الثاني ،م س ،ص .84
-744عبد الرحيم زضاكي ،الجزء الثاني ،م س ،ص .85
251
وفي ع الم التج ارة ال وقت ه و الم ال والس رعة ب اتت تش كل س مة من س مات العص ر الح ديث
التحكيم للمماطل ة وعرقل ة التحكيم ،وه ذا من ش أنه أن يش كل ح اجزا دون إمكاني ة س ير التحكيم بس الم،
المحاماة أن نسبة من النزاعات ناتجة عن سوء نية أحد الطرفين الذي يريد استغالل تعبير سيئ ألحد
يمكن اللج وء إلى التحكيم إال إذا ك ان هن اك ش رط تحكيمي أو اتف اق على التحكيم ح رر بش كل ال لبس
تتخذ الكثير من التجليات تتمثل أهمها في الشرط التحكيمي المعيب والشرط التحكيمي 749
عند صياغته
المركب.750
وبالنسبة للشرط التحكيمي المعيب ،يمكن أن ينتج عن كثير من األسباب ،منها على سبيل المثال
-751محي الدين إسماعيل علم الدين "،منصة التحكيم التجاري الدولي ،الجزء الرابع ،سنة ،2000ص .76
252
أو النص على إجراءات للتحكيم غير قابلة للتطبيق عمليا.753 752
عن االلتزام بالتحكيم بشكل مضطرب
ويتم استغالل هذه الشروط المعيبة من طرف الطرف سيئ النية لعرقلة التحكيم.
أما بالنسبة للشرط التحكيمي المركب ،فيقصد به الشرط الذي يحيل في نفس الوقت إلى التحكيم
وإ لى اختص اص المح اكم القض ائية .754ولق د أعطى القض اء الفرنس ي له ذا الش رط أث ر ايجابي ا النق اد
التحكيم وإ زالة العقبات أمامه .فموقف محكمة استئناف باريس تمثل في اعتبار هذا الشرط ليس باطال،
إذ ذهبت إلى أن الشركة التي وقعت هذا العقد احتفظت بحق الخيار بين القضاء والتحكيم ،وبلجوئها إلى
التحكيم فإنها تكون قد مارست خيارها .وجاء تعليل صحة هذا الشرط التحكيمي من قبل ذات المحكمة
كما يلي " يجب أن يفسر هذا الشرط على أساس نية الطرفين التي لو تشأ إحالة النزاع على التحكيم لما
كانت قد أضافت الشرط التحكيمي إلى العقد وكونها أدرجت الشرط التحكيمي فإنها عبرت بشكل واضح
الفرع الثاني :الصعوبات العملية المثارة لما بعد صدور الحكم التحكيمي
يشكل الحكم التحكيمي ثمرة مجهود هيئة التحكيم ،باإلضافة إلى أنه المبتغى الذي يطمح إليه
أطراف النزاع لوضع حد نهائي لنزاعهم وبموجبه يحصل كل ذي حق على حقه .ويطرح الحكم
التحكيمي مجموعة من الصعوبات في الواقع العملي سواء بعد صدوره (المطلب األول) أو أثناء تنفيذه،
خاصة وأن التنفيذ هو الذي يعطيه وجودا حقيقيا وفعليا ألنه بدون التنفيذ يبقى الحكم التحكيمي موازيا
للعدم(756المطلب الثاني).
- 752كالتعبير عن الشرط التحكيمي بالصيغة التالية" إذا حصل خالف يمكن إحالته إلى التحكيم."...
-753كتحديد آجال قصيرة جدا.
-754يونس قربي ،م س ،ص .67
-755للمزيد من التوسع أنظر:
-إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .315
-يونس قربي ،م س ،ص 64وما بعدها.
-756محمد فاضل الليلي "،الحكم التحكيمي" ،م س ،ص .274
253
المطلب األول :الصعوبات العملية المثارة عند صدور الحكم التحكيمي
إن من أهم الص عوبات ال تي ق د تكتن ف الحكم التحكيمي في الواق ع العملي ه و ط ول م دة
صدوره ،فقد أثبتت التجارب العملية من الناحية العملية انتشار قرارات تأجيل قضايا التحكيم ،وهذا من
ش أنه أن يج رد التحكيم من أهم ما يم يزه عن القض اء الرسمي ،فقد تط ول في بعض األحي ان مدة حسم
النزاع إلى بضع سنوات ،757رغم أن مراكز التحكيم الدولي تنص على تحديد مدة قصيرة يجب خاللها
التحكيم الدولية لغرفة التجارة الدولية بباريس في قضية رقم 8035بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية
وش ركة بي تروليوم إن ك األمريكي ة ،دام أك ثر من س نتين .758وأيض ا في قض ية ش ركة (Sothern )SPP
Pacific Propertiesوالمعروف ة بقض ية هض بة األه رام ،حيث دامت أربع ة عش رة عام ا بين غرف ة
التج ارة الدولي ة ICCوالمرك ز ال دولي لح ل النزاع ات الناش ئة عن االس تثمارات ،ICSIDوأص درت
محكم ة التحكيم حكمه ا ب إلزام الحكوم ة المص رية ب دفع مبل غ ق دره 27,661,000دوالر أم ريكي على
-757فتحي والي "،قانون التحكيم في النظرية والتطبيق" ،منشأة المعارف باالسكندرية ،الطبعة األولى ،سنة ،2007ص .16
-758علي عبد المجيد عبد اهلل "،عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،سنة ،2003ص .485
-759جال ل وفاء محمدين "،التحكيم بين المستثمر األجنبي والدولة المضيفة لإلستثمار" ،دار الجامعة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،2001ص .76
-760راجع تفصيل هذه القضية في المطلب الثاني من هذا الفرع.
-761عالء آباريان ،م س ،ص .44
254
المطلب الثاني :الصعوبات العملية المثارة أثناء تنفيذ الحكم التحكيمي
ق د ال يس تطيع األط راف تنفي ذ الحكم التحكيمي ،إال بع د الحص ول على الص يغة التنفيذي ة من
الس لطة القض ائية الوطني ة في البل د ال ذي ي راد التنفي ذ في ه ،ووض ع ه ذه الص يغة ل ه ش روط تس مح له ذه
الس لطة بإع ادة النظ ر في حكم التحكيم ،وق د تق رر االمتن اع عن تنفي ذه )762الفق رة األولى( ،ويك ون من
المتعين علين ا أن نلقي الض وء على بعض المنازع ات التحكيمي ة ال تي تط رح العدي د من اإلش كاليات
العملي ة أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي ،ونخص بال ذكر منازع ات االس تثمار المبرم ة بين الدول ة والمس تثمر
األجنبي ،والتي تعد من أهم أنماط العقود األكثر انتشارا على المستوى الدولي ،نظرا لدورها الفعال في
التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة ،وال تي تتس م بخصوص ية معين ة ناجم ة عن الطبيع ة الخاص ة ألط راف
ه ذه العق ود الدولي ة ،إذ تث ير خليط ا من المش اكل المعق دة والمركب ة ال تي ال تث ار في غيره ا من العق ود)
الفقرة األولى :إجراءات تنفيذ الحكــــم التحكيمــــي فـــــي التشريـــع المغربي نسف ألهـــم ميزات
نظام التحكيم
لق د س بق الق ول ب أن ق انون 08 -05لحق ه تع ديل مهم على مس توى القواع د القانوني ة المنظم ة
للتحكيم إذ نسخت المقتضيات القديمة وتم تعويضها بأخرى جديدة شملت أحكاما قانونية تتعلق ليس فقط
بالتحكيم الداخلي وإ نما أيضا بالتحكيم الدولي ،الذي نظم ألول مرة ضمن هذا القانون .لذلك يكون من
المفيد معرفة ما إذا كان المشرع المغربي قد راعى من خالل هذه المقتضيات األهداف المبررة لللجوء
تنفي ذه .وه ذا التنفي ذ ق د يك ون طوعي ا وق د يك ون جبري ا فالتنفي ذ الط وعي ه و ال ذي يق وم ب ه المنف ذ علي ه
والتنفيذ 763
طواعية وبطريقة ودية ودون حاجة إلى اللجوء إلى مساطر أخرى قصد جبره على التنفيذ
أما في حالة امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ الطوعي فإن طالب التنفيذ يلتجئ إلى القضاء قصد
منح حكم المحكمين الصيغة التنفيذية ،وهذا األمر يستلزم سلوك مسطرة خاصة تتمثل في مجموعة من
يح وز حجي ة األم ر المقض ي ب ه بمج رد ص دوره ويك ون ملزم ا وق ابال للتنفي ذ تلقائي ا من قب ل األط راف،
وهكذا إذا رضي األطراف بالحكم الصادر عن المحكم أو المحكمين فإنه يتم تنفيذه تلقائيا وطواعية.
لكن ق د يح دث وأن يتملص أو أن ي رفض الط رف اآلخ ر تنفي ذ الحكم ،مم ا ي دفع الط رف ال ذي
حكمت لفائدته لللجوء مرة أخرى إلى القضاء قصد منح الحكم التحكيمي الصيغة التنفيذية إلخراجه إلى
الواق ع العملي .765فهيئ ة التحكيم ال تمل ك الس لطة الكافي ة لتنفي ذ األحك ام الص ادرة عنه ا ل ذا ف إن حكم
المحكمين ،ال يمكن أن يكون نهائيا إال بعد إكسائه صيغة التنفيذ أمام القضاء ،وبذلك فإن أكثر ميزات
التحكيم أهمي ة وخاص ة الس رعة والس رية تفق د أهميته ا عن د إعط اء حكم المحكمين ص يغة التنفي ذ أم ام
القضاء الذي يتطلب منه غالبا البت في صحة أو بطالن حكم المحكمين ،وينظر كذلك إلى عدم مخالفته
-763في ه ذا الص دد يق ول ذ .عبــد اهلل درميش أن 90% ":من األحك ام التحكيمي ة تنف ذ حبي ا وال تحت اج إلى اللج وء للص يغة التنفيذي ة وبص فة
خاصة التحكيم الدولي".
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-764محمد فاضل الليلي ،م س ،ص.297
-765عبد اهلل درميش" ،اهتمام المغرب بالتحكيم إلى أي حد " ،م س ،ص .45
256
للنظ ام الع ام مم ا يتطلب وقت ا وجه دا إض افيين .766وه ذا يع د عقب ة هام ة تص طدم بحكم التحكيم بع د
ص دوره كم ا تعت بر ه ذه المس ألة من أك ثر المش اكل خط ورة ال تي تواج ه حكم التحكيم من الناحي ة
العملية.767
وعلي ه وجب على ط الب التنفي ذ س لوك مس طرة خاص ة تتمث ل في مجموع ة من اإلج راءات هي
ملقاة على عاتقه وهي إيداع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى
اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بإعطاء الصيغة التنفيذية ،وذلك داخل سبعة أيام كاملة
التالي ة لت اريخ ص دوره .وهن ا نش ير إلى أن ع دم وض عه داخ ل األج ل المح دد قانون ا ق د ينتج عن ه الحكم
وإ ذا لم تتوفر في هذه اإلجراءات جميع الشروط المنصوص عليها في الفصل 327-31من
ق انون 08-05ف إن الحكم التحكيمي ال يمكن تذييل ه بالص يغة التنفيذي ة وبالت الي لن يك ون ق ابال للتنفي ذ،
ك ذلك بالنس بة للحكم التحكيمي ال دولي لكي ي ذيل بالص يغة التنفيذي ة الب د وأن يتم وف ق إج راءات
خاص ة وهي وجوب االعتراف باألحكام التحكيمية وإ ثبات وجودها من الطرف المتمسك بها ،شريطة
أن ال يكون هذا االعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي ،768كما يثبت وجود الحكم التحكيمي
باإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخة من هاتين الوثيقتين تتوفر فيها شروط الصحة المطلوبة.
-766محمد اإلدريسي العصراوي" ،دور القاض ي في تنفي ذ الق رارات التحكيمي ة" ،مق ال منش ور بمجلة الملحق القض ائي ،عدد .33سنة ،1998
ص 30وما بعدها.
-767ازاد شكور صالح ،م س ،ص .251
-768الفصل 327-46من قانون .08 -05
257
إذا ك انت الوثيقت ان الم ذكورتان غ ير مح ررتين باللغ ة العربي ة وجب اإلدالء بترجم ة لهم ا مش هودا
ورغم ك ل ه ذا الجه د ال ذي يقدم ه ط الب تنفي ذ الحكم من وقت وإ جه اد نفس ي وم الي ف إن أحك ام
المحكمين ال تسري آثارها ولو أمر بتنفيذها ،أو ذيلت بالصيغة التنفيذية بالنسبة للغير الذي يمكن له مع
ذل ك أن يقدم تعرض الغير الخ ارج عن الخص ومة طبقا للشروط المقررة في الفصول 303إلى 305
من ق.م.م.770
وعليه فإن الغايات التي ينشدها الخصوم من مرونة واستعجال حين اختيارهم لنظام التحكيم ال
إن اإلج راءات الس الفة ال ذكر وإ ن ك انت ال تفق د نظ ام التحكيم جمي ع مميزات ه فإنه ا تجعل ه أق ل
ففي قض ية ش ركة ESSOض د ش ركة BHPفي اس تراليا أص درت المحكم ة العلي ا ع ام 1975حكم ا
ذكرت في ه أن "س رية التحكيم ال تع د أح د الخص ائص الرئيس ية للتحكيم في اس تراليا" .وك ذلك هو الح ال
ل دى القض اء الس ويدي ففي حكم ص در ع ام 1999عن محكم ة اس تئناف الس ويد لم يعت بر مب دأ س رية
التحكيم من الرك ائز الجوهري ة لنظ ام التحكيم ،حيث رفض ت المحكم ة أن تقض ي ب أن نش ر حكم التحكيم
الجزئي في مجلة قانونية يفيد التنازل عن التحكيم معللة بذلك بأن السرية ال تعد مبدأ أساسيا في إطار
التحكيم.773
على ال رغم من أن أهمي ة الس رية في التحكيم في جمي ع مراحل ه موض ع تس ليم من ج انب معظم
الفق ه فهي أح د مف اتيح نج اح ه ذه اآللي ة لتس وية المنازع ات ،774إال أن هن اك العدي د من الفوائ د والمزاي ا
ال تي يمكن أن تتحق ق بنش ر أحك ام التحكيم لع ل أهمه ا أن نش ر أحك ام التحكيم يرس خ قيم ة الس وابق
-772إن الق وانين الحديث ة في التحكيم التج اري ال دولي لم تع د تع ير أي اهتم ام لمب دأ الس رية ال س يما الق انون الص ادر ع ام 1985لألمم المتح دة
والمعروف باألونسترال فإن هذا القانون لم يأخذ أي موقف حول مبدأ سرية أو عدم سرية عملي ة التحكيم على عكس قانون 1976لألمم المتحدة
وال ذي اعت بر أن مب دأ س رية التحكيم مب دأ ع ام ونص على ذل ك ص راحة في الم ادة ( 25الفق رة )4والم ادة ( 32الفق رة .)5علم ا أن الق انون
لألونسترال لعام 1985أخذت به عشرات من الدول في تنظيم أحكامها المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي.
وأيضا القانون اإلنجليزي لعام 1996والمتعلق بالتحكيم التجاري الدولي لم يتعرض لمبدأ سرية التحكيم ولم يعرها اهتماما.
وفي إط ار قواع د مؤسس ات التحكيم ،نج د أن قواع د غرف ة التج ارة الدولي ة لم تتض من أحكام ا خاص ة بنش ر أحك ام التحكيم ،بينم ا نص ت الم ادة (
)27/4من قواع د هيئ ة التحكيم األمريكي ة على أن ه ال يج وز نش ر حكم التحكيم إال بموافق ة الط رفين أو عمال بأحك ام الق انون ال واجب التط بيق،
وكذلك نصت المادة ( )30/3من قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي على أنه ال يجوز نشر حكم التحكيم أو جزء منه إال بموافقة خطية مسبقة
من جميع األطراف ومن هيئة التحكيم.
للمزيد من التوسع أنظر:
-عــادل علي محمــد النجــار"،نش ر أحك ام التحكيم بين الحظ ر واإلباح ة ،دراس ة مقارن ة" ،سلس لة دراس ات وأبح اث ،الوس ائل البديل ة لتس وية
المنازعات :الصلح ،الوساطة ،التحكيم في ضوء مستجدات القانون رقم 08-05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،منشورات مجلة القضاء
المدني ،العدد ،3السنة ،2013ص .108
-773عالء أباريان ،م س ،ص .46
-774عادل علي محمد النجار ،م س ،ص .109
259
776
التحكيمي ة ،775ذل ك أن ن درة م ا ينش ر من ق رارات المحكمين يع وق الدراس ات النظري ة بش أن التحكيم
كبحث م دى انتش ار وطبيع ة المنازع ات ال تي يالئمه ا .وهيئ ات التحكيم ال تي يفض ل التج ار ورج ال
األعم ال والمس تثمرون االلتج اء إليه ا واألمكن ة ال تي ي ؤثرون إج راءه فيه ا .كم ا أن اإلحج ام عن نش ر
ق رارات المحكمين يحول دون تكوين قضاء تحكيم يساهم في تطور قانون التجارة الدولية .كما يؤدي
نشر أحكام التحكيم إلى تطوير وتحقيق االنسجام بين قوانين وقواعد التحكيم ،وهو ما يبعث على الثقة
بنظام التحكيم كما أنه سيساعد األطراف في تجنب المنازعات المستقبلية حيث سيستفيدون من تجارب
اآلخ رين .وأن نش ر أحك ام التحكيم س يتيح لألك اديميين والممارس ين فهم وتحلي ل ونق د تل ك األحك ام بم ا
-775تعرف السوابق التحكيمية بأنها مجموعة من المبادئ التي أرستها أحكام التحكيم الدولية السابقة ،وبإتباع األخذ بها في األحكام التحكيمية
الالحقة كونت سوابق تحكيمية مستقرة يطبقها المحكمون على النزاعات المماثلة ،فالمحكم الدولي عندما تع رض علي ه بعض القضايا التي ال يجد
لها حلوال في القانون الدولي ،اإلتفاقي أو العادات واألعراف التجارية الدولية ،...فإنه غالبا ما يبحث عن قرارات تحكيمية صدرت في قضايا
مماثلة لكي يستعين بها للوصول إلى حل للقضية المعروضة عليه.
وب ذلك تلعب الس وابق التحكيمي ة دورا فع اال ومحوري ا في ترس يخ وتك ريس مجموع ة من القواع د يس تقي منه ا المحكم حل وال للن وازل المطروح ة
أمامه.
ويعرفه ا ج انب آخر بأنه ا مصطلح قانوني يشير إلى األحكام التحكيمي ة في دعاوى سابقة ،والتي تلزم غيره ا من هيئ ات التحكيم في النزاعات
المتماثلة.
ويمكن تشبيه هذا بأحكام المحكمة العليا ،في المملكة المتحدة ،التي تعد سوابق قضائية لغيرها من المحاكم األدنى .وعلى هذا يتعين على المحكم ة
األدنى االلتزام بما أقرته المحكمة العليا.
كما عرفها البعض بأنها أي قرار أو حكم أو فعل قانوني يعد نموذجا أو دليال لتطبيق حكم في حاالت مماثلة الحقة.ويكون لهذا الحكم التحكيمي
حجية أمام الهيئات التحكيمية في المستقبل في الحاالت المماثلة أو المتشابهة .مما يعني أنه ينبغي على المحكم إتباع السابقة التحكيمية عند البت
في أي حالة مماثلة في وقت الحق.
ويتطلب االعتراف بوجود سابقة تحكيمية توافر أحكام تحكيمية سابقة ،ومن هنا نجد أن التعريفات السابقة أكدت جميعها على أنه ال وجود للسابقة
إال بوجود أحكام تحكيمية سابقة في دعاوى مماثلة للنزاعات التحكيمية الالحقة.
أنظر في هذا الشأن:
-رشا علي الدين ،م س ،ص .22
ـ عاطف محمد الفقي " ،التحكيم في المنازعات البحرية" ،دار النهضة العربية ،طبعة ،2004ص .509
ـ عبد اهلل أوبها ،م س ،ص .76
ـ عبد السالم اإلدريسي ،م س ،ص .86
- 776إن عدم نشر األحكام التحكيمية يكون أيضا عرقلة أمام الباحث في ميدان التحكيم ،ألن األحكام التحكيمية المهمة والممتازة هي األحكام التي
ال تنشر والتي ال تصل إلى القضاء.
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
260
س يعود أث ره على تحس ين نظ ام التحكيم ،كم ا أن نش ر أحك ام التحكيم سيس مح لألط راف بتق ييم أداء
غير أن هذه االعتبارات ال تعادل في نظر التجار والمستثمرين ما قد يترتب عن التخلي على
الس رية من أض رار عملي ة بالغ ة .وال ش ك في أن نظ ام التحكيم يفق د كث يرا من أنص اره إذا تج رد من
طبيعته السرية.777
إن النظ ر إلى الفوائ د ال تي يمكن أن تتحق ق بنش ر أحك ام التحكيم ق د انعكس على موق ف الفق ه
من هذه المسألة فرأى البعض أنه يجب تفسير حظر نشر أحكام التحكيم في ضوء الغرض منه ،بحيث
يكون منع نشر تلك األحكام مقصور على النشر الذي يتضمن أسماء الخصوم أو وقائع النزاع بم ا يمكن
أما وفقا لرأي البعض اآلخر فإنه يجب نشر أحكام التحكيم سواء بشكل كامل أو بعد حذف ما
وخلص بعض الفقه بعد عرضه للفوائد التي تترتب على نشر أحكام التحكيم إلى أنه يتعين اتخاذ
نهج ا متوازن ا لتقرير الس رية في التحكيم والس ماح بقدر أك بر من الش فافية ،ألن ه من ش أن ذل ك أن يعود
بفائ دة أك بر على نظ ام التحكيم ويق ترح أن تع دل مؤسس ات التحكيم أنظمته ا لتنش ئ قاع دة عام ة تنص
والواق ع أن الفوائ د المترتب ة على نش ر أحك ام التحكيم لم ينعكس أثره ا على موق ف الفق ه من
مس ألة حظ ر نش ر تل ك األحك ام فق ط وإ نم ا على موق ف بعض قواع د التحكيم ،فعلى س بيل المث ال نج د
قواع د هيئ ة التحكيم األمريكي ة وفق ا للتع ديل ال ذي دخ ل ح يز التنفي ذ في يولي وز ،2003فبع د أن ك انت
األط راف ،أص بحت تل ك القواعد وفقا للتع ديل الم ذكور تجيز نش ر أحك ام وق رارات تحكمي ة مخت ارة أو
منتق اة ،بع د ح ذف أس ماء األط راف والتفاص يل الدال ة على هوي اتهم م ا لم يتف ق األط راف على خالف
ذلك.
في هذا الصدد أنه ينبغي احترام إرادة األطراف (الصريحة أو الضمنية) 781
ويرى بعض الفقه
في الحف اظ على س رية التحكيم س واء في مرحل ة اإلج راءات أو بع د ص دور الحكم التحكيمي .ففي كث ير
من القضايا يكون باعث األطراف في اللجوء للتحكيم .هو ما يتمتع به من خصوصية وسرية ويقتضي
االل تزام بع دم نش ر أحك ام التحكيم كقاع دة عام ة ،782أن ه ال يمكن نش ر أحك ام التحكيم بع د ح ذف م ا ي دل
على تحدي د أط راف التحكيم .ففي كث ير من األحي ان ال يك ون ه ذا اإلج راء فع اال في حماي ة أط راف
التحكيم فعن دما ي درك الجمه ور أن تحكيم ا ج رى بين ط رفين وبع د ذل ك ص در الحكم ونش ر فليس من
الصعب التوصل إلى تحديد طرفي الحكم .ومن ناحية أخرى فإنه وإ ن كان ثمة فوائد يمكن أن تتحقق
بنشر أحكام التحكيم ،فإن االستثناءات التي ترد على قاعدة منع نشر أحكام التحكيم كفيلة بتحقيقها.
أول ه ذه االس تثناءات ه و ج واز نش ر حكم التحكيم بموافق ة ط رفي التحكيم وه و م ا نص علي ه
صراحة كل من قانون التحكيم المغربي واليمني والمصري ،ويالحظ أنه إذا اتفق الطرفان على إجراء
التحكيم وفق ا لقواع د تحكيمي ة معين ة وك انت تل ك القواع د تج يز للمحكم أو لهيئ ة التحكيم أن تنش ر الحكم
784
إن ت دخل القض اء من أجل النظ ر في الطعن ببطالن الحكم التحكيمي أم ام محكم ة االستئناف
يؤدي إلى فقدان الحكم لسريته إذ تنظر الدعوى في جلسات علنية ويصدر الحكم فيها علنا ،ويمكن ألي
ش خص أن يحض ر جلس ات ال دعوى وأن يحص ل على ص ورة من ذل ك الحكم .والتط ور العلمي ال ذي
يجب أن يكون لنظام التحكيم منه نصيب وافر ال يتأتى إال بإتاح ة السبل لنشر أحكام التحكيم والتعليق
عليها وهو أمر يتعارض مع اعتبارات السرية التي يحرص أطراف التحكيم عليها.785
من ناحي ة أخ رى فإن ه يجب مالحظ ة أن إج ازة رف ع دع وى بطالن حكم التحكيم يجع ل جمي ع
بيانات التحكيم متاحة للكافة .786وهذا تناقض في التشريعات التي تمنع النشر من ناحية وتتيحه دون أية
مس ؤولية على فاعل ه من ناحي ة أخ رى .787وال مخ رج من ه ذا التن اقض إال النص في ش أن دع وى
البطالن على أن ال يك ون لغ ير ذوي الش أن حض ور جلس اتها أو الحص ول على ص ور من األحك ام
الصادرة فيها.
تثير دراسة العقود اإلدارية الدولية المبرمة بين جهة اإلدارة من ناحية واألشخاص األجنبية من
ناحية أخرى العديد من المشاكل ذات الصعوبة البالغة ،وتنجم هذه الصعوبة من التفاوت وعدم التساوي
في المراكز القانونية ألطراف هذه العقود ،فهذه العقود تبرم بين طرفين غير متكافئين هما جهة اإلدارة
والشخص األجنبي.
-784مصطفى التراب " ،موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي " ،م س ،ص 15
-785محمد داود الزعبي ،م س ،ص .174
-786فتحي والي ،م س ،ص .452
-787من بينه ا التش ريع المغ ربي ال ذي أج از رف ع دع وى البطالن في الفص ل 327-36بالنس بة للتحكيم ال داخلي ،والفص ل 327-51بالنس بة
للتحكيم الدولي .والتشريع المصري الذي خصص الفصول 52و 53و 54من قانون رقم 27لسنة 1994لبطالن حكم التحكيم.
263
فجهة اإلدارة وهي شخص من أشخاص القانون العام تتمتع بمزايا سيادية استثنائية ال يتمتع بها
الشخص المتعاقد معها والذي يعد كأصل عام من أشخاص القانون الخاص .وفي مقابل التفاوت وعدم
التكافؤ القانوني هناك عدم تكافؤ من نوع آخر وهو عدم التكافؤ في المراكز االقتصادية ،فجهة اإلدارة
على ال رغم من أنه ا تتمت ع بمزاي ا س يادية اس تثنائية ال تت وافر للط رف األجن بي المتعاق د معه ا فإنه ا في
كثير من األحيان تكون في مركز اقتصادي أضعف بكثير من المركز الذي تتمتع به الشركات العمالقة
الع ابرة لل دول ،وال تي تبل غ ميزاني ات بعض ها ميزاني ات ال دول النامي ة مجتمع ة وب ذلك يش عر ك ل من
وعلى اعتب ار ك ون عق ود االس تثمار ت برم بين ط رفين غ ير متك افئين أي الدول ة ذات س يادة من
ناحية والمستثمر األجنبي الخاص من ناحية أخرى ،يالحظ أن قضاء محاكم الدولة المضيفة لالستثمار
ق د ال يقاب ل بالرض ي الت ام من ج انب المس تثمر األجن بي بس بب الص عوبات التي ق د يواجهه ا في اللجوء
إليه.789
فالمس تثمر األجن بي المتعاق د م ع الدول ة يح رص على إدراج ش رط التحكيم لح ل المنازع ات ال تي
تثيرها عقود االستثمار خوفا من استعمال الدولة لسيادتها ،فضال عن عدم ثقة المستثمر بعدالة محاكم
الدولة المضيفة وتأكده من جانب آخر أن نظر قضاء الدولة الوطنية في النزاع لن يكون حياديا بشكل
كامل.
توفير اإلمكانيات المناسبة لجذب هذه االستثمارات وتشجيعها ،والدولة في سبيل جذب رؤوس األموال
األجنبي ة ل دعم التنمي ة االقتص ادية للبالد تواجهه ا ص عوبات ق د ترج ع إلى سياس ة الدول ة ذاته ا اتج اه
المس تثمر األجن بي ،وال تي تتمث ل في ع دم وفائه ا بم ا قطعت ه على نفس ها من وع ود وم ا ال تزمت ب ه من
تعهدات.791
عرف االستثمار كمصطلح وكمعاملة انتشارا واسعا خالل العقود األخيرة مما جعل هذه الكلمة
تس يطر على المع امالت التجاري ة س واء على المس توى ال دولي أو الوط ني ،وتن وعت تبع ا ل ذلك العق ود
ال تي يبرمه ا المس تثمرون س واء ك انوا أشخاص ا من الق انون الع ام أو الخ اص وس واء ك انوا وطن يين أو
أجانب.792
وتعد كلمة "استثمار" مصدرا لفعل استثمر وهذا يعني طلب الثمار وحسب معجم الرائد استثمر
الم ال أو نح وه جعل ه يثم ر ،وفي المفه وم الغ ربي ك المفهوم الفرنس ي مثال ت أتي كلمةinvestissement
- 790نشير في هذا اإلطار أن قانون اإلطار لميثاق االستثمارات المغربي لسنة 1995لم يكن يعرف تطبيقا كثيرا في السابق ،ولكن اآلن أصبح
حاضرا في الساحة وبصفة خاصة في التحكيم.
هذا القانون يطبق على جميع االستثمارات سواء كانت صناعية أو تجارية باستثناء المنازعات المتعلقة باالستثمارات الفالحية.
كم ا أن ق انون االس تثمار س يعرف اآلن انتعاش ا كب يرا وبص فة خاص ة م ع دول أجنبي ة :إس بانيا وفرنس ا وم ع ال دول العربي ة :قط ر ،الس عودية
واإلمارات.
واآلن هناك تدفق لالستثمارات األجنبية في المغرب وبصفة خاصة في أكادير ،طنجة ،القنيطرة والدار البيضاء.
كما أن المغرب يتوفر على قطب مالي بالدار البيضاء وهو قطب كبير جدا وماليته ال تحصى وسيكون قبلة لألجانب وللمستثمرين العرب.
والمؤسسات االئتمانية )األبناك( تشارك في هذا القطب المالي.
كما أن القطب المالي يوجد به مركز يتعلق بالفصل في المنازعات عن طريق التحكيم
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-791هالل حمد هالل السعدي ،م س ،ص 352وما بعدها.
-792أحمد شرف الدين " ،طرق إزالة المعوقات القانونية لالستثمار" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،سنة ،1992ص .7
265
من فع ل investirولكن ه ذا الفع ل يحتم ل حس ب اإلط ار الع ام ع ددا من الت أويالت فق د يع ني تقلي د
للكلم ة في اللغ ة العربي ة أي المع نى ال ذي نقص ده من دراس تنا وه و :توظي ف أم وال ترقب ا لج ني
األرباح.793
ويمكن القول بصورة عامة أن االستثمار يعني" :كل مساهمة تنجز خالل مدة زمنية محددة من
ويعتبر االستثمار أجنبيا بالنظر لقانون الدولة التي ينجز فوق إقليمها مع مراعاة قواعد القانون
ويك ون االس تثمار األجن بي عام ا إذا تحق ق عن طري ق دول ة أو منظم ة دولي ة أو بص فة عام ة
بمقتضى اتفاقية دولية .ويعتبر من قبيل االستثمارات العامة القروض التي يمنحها البنك الدولي لتنفيذ
مش روع معين في إح دى ال دول األعض اء .حيث الب د أن تض منها حكوم ة ه ذه الدول ة ح تى ول و ك ان
القرض لمصلحة مشروع خاص .والميزة الرئيسية لالستثمار العام أنه يستفيد من حماية القانون الدولي
ويعت بر االس تثمار األجن بي خاص ا إذا ك ان ص ادرا عن شخص يات أجنبي ة خاص ة أو أنج ز في
إط ار عالق ة قانوني ة خاض عة لقواع د الق انون الخ اص .وتتخ ذ االس تثمارات الخاص ة األجنبي ة ص ورا
متعددة فقد تكون في صورة استثمارات مباشرة إذا تمت عن طريق مساهمات مالية أو تقنية فوق إقليم
الدول ة المستثمر فيه ا من طرف أش خاص طبيعيين أو معنويين أج انب بصورة مس تقلة ،في حين تعتبر
االس تثمارات غ ير مباش رة إذا أنج زت مثال في إط ار مش روعات مش تركة بين األش خاص الخاص ة
الكبرى ومشروعات التنمية األساسية مستخدمة في ذلك نظام البوت ،795وذلك إلنشاء وتشييد وتشغيل
هذه المشروعات دون تحميل ميزانية الدولة بأي أعباء مالية مقابل حصول صاحب االمتياز على عائد
ولق د أظه رت االتجاه ات الحديث ة والتح والت ال تي عرفه ا الوض ع ال دولي اتجاه ا متزاي دا نح و
العق ود الدولي ة خاص ة العق ود االس تثمارية ل دورها الفع ال في تحري ر التج ارة ،األم ر ال ذي حتم على
ويقص د بعق ود االس تثمار تل ك العق ود ال تي بمقتض اها يتم انتق ال رأس الم ال األجن بي إلى الدول ة
المض يفة على نح و مباش ر ،وتس تهدف في المق ام األول تس يير مرف ق ع ام ،وذل ك ب أن يق وم المس تثمر
األجن بي مباش رة بإنش اء مش روع تج اري في الدول ة المض يفة إم ا بنفس ه أو بمش اركة م ع رأس الم ال
الوطني.797
-795يقصد باصطالح البوت B.O.Tالبناء والتشغيل والتمويل ،ويقوم هذا النظام على استخدام التمويل من القطاع الخاص إلنشاء المشروعات
العامة وبمقتضاه تمنح حكومة ما لفترة محددة من الزمن أحد االتحادات المالية الخاصة ويطلق عليها شركة المشروع امتيازا لدراسة وتطوير
وتنفي ذ مش روع معين تقترح ه الحكوم ة أو ش ركة المش روع وتق وم الش ركة بتصميمه وبنائ ه وتملك ه وتش غيله وإ دارت ه واس تغالله تجاري ا لع دد من
الس نوات تك ون كافي ة لتس ترد الش ركة تك اليف البن اء إلى ج انب تحقي ق أرب اح مناس بة من عائ دات تش غيل المش روع بمعرف ة المس تخدمين ل ه،
واالستفادة بأية مزايا أخرى تمنح لها ضمن عقد االمتياز ،وفي نهاية مدة االمتياز تنقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون أية تكلفة ،أو مقابل
تكلفة مناسبة يكون قد تم االتفاق عليها مسبقا أثناء مرحلة التفاوض على منح امتياز المشروع.
ويختلف هذا النظام عن نظام Booالذي يعني تملك القطاع الخاص للمشروع الحكومي تملكا كامال في مقابل دفع القيمة ،فهو يعني الخصخصة
الكاملة.
للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى:
-هالل حمد هالل السعدي ،م س ،ص 383وما يليها.
-796هالل حمد هالل السعدي ،م س ،ص 333و ما بعدها.
-797عصمت عبد اهلل الشيخ "،التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،2000ص .112
267
كم ا ع رف أح د الفقه اء عق ود االس تثمار بأنه ا ":العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة م ع ش خص من
أش خاص الق انون الخ اص األجن بي ،ال تي تتعل ق بمباش رة األنش طة ال تي ت دخل في إط ار خط ط التنمي ة
االقتصادية للبالد".798
يع د التحكيم أح د أهم الوس ائل ال تي يمكن من خالله ا تس وية المنازع ات العقدي ة في مج ال
العالقات التجارية واالستثمارية ،بيد أن أهمية التحكيم وزيادة الرغبة في اللجوء إليه ازدادت في ب دايات
القرن العشرين نتيجة النمو الكبير في العالقات التجارية بين مختلف أطراف العالم وتعقد وتشابك هذه
العالقات وبالتالي حاجتها إلى نظام يضمن تسوية النزاعات التي قد تنشأ عنها بشكل سريع وفعال.799
ولع ل أب رز مث ال تش بت وإ ص رار المس تثمر على إدراج ش رط التحكيم في عق د االس تثمار العق د
الحاصل بين شركة (ديزني -وورلد) األمريكية وفرنسا ،حيث اشترط المستثمر األمريكي حتى يمكنه
الموافق ة على االس تثمار أن تح ال المنازع ات المتعلق ة به ذا االس تثمار الذي يجري في ض واحي ب اريس
إلى التحكيم ولم يكن بذلك أي خيار أمام دولة فرنسا إال قبول الشرط في األخير بعد ترددات وتحفظات
ولم يعد الشكل التقليدي القديم للفصل في منازعات االستثمار بين المستثمرين الغربيين والدول
النامية سائدا حاليا وفقا للقواعد التقليدية ،فمنازعات االستثمار األجنبي أصبحت حاليا بين أطراف من
جمي ع الجنس يات ي رون في التحكيم الوس يلة الطبيعي ة لحس م ه ذه المنازع ات ،وق د يك ون المس تثمرون
شركات أجنبية أو دوال أجنبية تستثمر في دول أخرى سواء في دول متقدمة أو نامية ،فلم تعد صورة
فالتحكيم بذلك أضحى إحدى الوسائل الرئيسية الجتذاب االستثمار األجنبي حيث يمكن التحكيم
كآلية لفض النزاع من كسب ثقة المتعاملين في التجارة الدولية ،وتفسر هذه األهمية في كون أنه عند
اس تحالة اللج وء إلى التحكيم ف إن الش ركات الك برى وال تي هي وح دها الق ادرة على تق ديم المش اريع
والمعرفة الفنية العلمية الراقية لبلدان العالم النامي ،سوف تتخلى في الغالب عن القيام بتلك االس تثمارات
ويعتقد معظم المستثمرين األجانب في بلدان العالم الثالث أن الضمانات واالمتيازات التي تمنح
لهم بمقتضى القوانين الداخلية للدول التي يتعاملون معها أو عن طريق العقود المبرمة مع هذه الدول،
غير كافية لتأمين مصالحهم في ظل غياب حماية موازية على الصعيد القضائي .فماذا تفيد حسب رأيهم
وعود قوانين وعقود االستثمار إذا لم يكن هناك أي جهاز قضائي لضمان تطبيقها وإ رغام الدولة – إذا
كما أن دول العالم الثالث في تعاملها مع االستثمارات األجنبية الخاصة تواجه عدة اختيارات
متناقضة :فهي ترغب في جذب هذه االستثمارات لمواجهة ضعفها االقتصادي والحصول على الخبرات
التكنولوجي ة ال تي ال تت وفر عليه ا ،ولكنه ا في نفس ال وقت تري د المحافظ ة على س لطة توجي ه ه ذه
االستثمارات والرقابة عليها عن طريق فرض قوانينها الداخلية عليها ،كما تضطر إلى إعطاء كثير من
الضمانات لطمأنة جانب المستثمرين ،ومن جملتها إمكانية استعمال التحكيم كوسيلة لتسوية ما ينشأ بينه ا
-801محمد أبو العينين" ،التحكيم في منازعات االستثمار األجنبي" ،مجلة التحكيم العربي ،العدد ، 7يوليوز ،2004ص .11
-802عكاشــة محمــد عبــد العــال" ،الض مانات القانوني ة لحماي ة االس تثمارات األجنبي ة " ،منش ورات مرك ز الدراس ات العربي ة األوروبي ة ،الطبع ة
األولى ،سنة ،2001ص .59
269
وبين المس تثمرين األج انب من نزاع ات بس بب ه ذه االس تثمارات في غي اب وس ائل تس وية كافي ة مقبول ة
من األطراف.803
إذن ترج ع األهمي ة البالغ ة ال تي أخ ذ يعرفه ا التحكيم في عق ود االس تثمار المبرم ة بين الدول ة
-الطابع الخاص الذي يميز التحكيم في هذا المجال نظرا الختالف أطراف النزاع ومراكزهم
القانونية باعتباره قائما بين دولة ذات سيادة تخضع لقواعد القانون العام ومستثمر أجنبي يخضع لقواعد
القانون الخاص.
-وج ود مص الح متعارض ة بين الط رفين تجع ل الدول ة المض يفة لالس تثمار ت رفض الخض وع
لقض اء أو هيئ ة قض ائية أجنبي ة غ ير قض ائها الوط ني ،وت دفع المس تثمر إلى العم ل على اس تبعاد قض اء
-غي اب نظ ام أو هيئ ة قض ائية دولي ة متخصص ة لفض ال نزاع ال ذي ينش أ بين دول ة ومس تثمر
أجن بي وه و م ا أدى إلى تأكي د ال دور المتزاي د للتحكيم .وال يمكن االس تعانة في ه ذا الص دد بخ دمات
محكمة العدل الدولية لكون المستثمر األجنبي الخاص ال يخضع لقواعد القانون الدولي العام.
باإلضافة إلى الطبيعة الفنية المعقدة لمنازعات االستثمار التي تجعل القضاء عاجزا عن الفصل
فيها.
إن رغبة الدول النامية في مسايرة التطور الذي يعرفه التحكيم على المستوى الدولي لم تقتصر
على تنظيم التحكيم التجاري الدولي وإ صدار قوانين االستثمار فحسب ،بل تجاوزته إلى إبرام اتفاقيات
الدولة المضيفة لالستثمار باعتماد أسلوب التحكيم لفض الخالفات الناشئة عن االستثمار.804
وفي ه ذا اإلط ار نش ير إلى أن المغ رب ص ادق على اتفاقي ة واش نطن بم وجب المرس وم الملكي
رقم 546 – 65الم ؤرخ ب 31أكت وبر ،8051966وأص بح دول ة متعاق دة من د 10يوني و .8061967
وقد دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 14أكتوبر ،1966والمالحظ أن أولى الدول المتعاقدة كانت في غالبيتها
وتبرز خصوصية هذه االتفاقية في كون قواعدها تقتصر على منازعات االستثمار التي تحدث
بين الدول ورعايا الدول األخرى .وقد لعبت هذه االتفاقية دورا ملحوظا في مجال خلق المناخ المالئم
للحف اظ على ال دور المتزاي د للتحكيم أنش أت اتفاقي ة واش نطن مرك زا لح ل منازع ات االس تثمار ه و
"المركز الدولي لفض خالفات االستثمار" ،809CIRDIوقد كان الهدف األساسي لهذا المركز هو تيسير
تس وية منازع ات االس تثمار بين الدول ة والمس تثمرين األج انب بغ رض زي ادة الت دفقات االس تثمارية
الدولية.810
شروط االستفادة من التحكيم أمام المركز الدولي لفض خالفات االستثمار أ-
-أن تكون المنازعة قانونية والهدف من وراء اشتراط اعتبار النزاع المعروض على المركز
ي رى أن 811
أن يك ون ذو ص بغة قانوني ة ه و إبع اد الخالف ات ذات الط ابع السياس ي .إال أن بعض الفق ه
حصر اختصاص المركز في الخالفات القانونية ال يالئم منازعات االستثمار ،ألن الطابع السياسي هو
ال ذي يغلب عليه ا في كث ير من الح االت لك ون ه ذه المنازع ات ال تث ار إال بس بب الرغب ة في تغي ير
وينبغي اإلش ارة إلى أن الفق رة الرابع ة من الم ادة 25من اتفاقي ة واش نطن تط رح إش كاال يتعل ق
ب أن االتفاقي ة تش ترط ب أن تك ون النازل ة ناش ئة بطريق ة مباش رة عن عق د اس تثمار ،ولم تتض من االتفاقي ة
تعريف ا واض حا أو مح ددا للمقص ود بتعب ير االس تثمار إذ ت ركت االتفاقي ة لألط راف في اتف اق االس تثمار
س لطة تقديري ة واس عة في تق دير م ا إذا ك انت معامل ة م ا أو ص فقة م ا تعت بر اس تثمارا ،وإ ذا ك ان ت رك
الحرية لألطراف في إضفاء وصف االستثمار على موضوع اتفاقهم ،من شأنه إعطاء مرونة كبيرة في
تطبيق االتفاقية إال أنه مع ذلك قد يمثل خطورة على مصالح الدول النامية ،إذ أن المستثمرين من الدول
الغنية المتقدمة عادة ما تكون لهم اليد العليا في مفاوضات عقود االستثمار مع الدول النامية ،فيحرصون
على تعريف موضوع االتفاق ،وإ ضفاء وصف االستثمار عليه توصال إلى استيفاء شروط اختصاص
المرك ز ح تى يت وفر لهم فرص ة تس وية منازع ات االس تثمار بعي دا عن القض اء الوط ني لل دول المض يفة
لالستثمار.
-811عبد اللطيـف بـو العلـف "،التحكيم في منازع ات االس تثمارات ،اتفاقي ة واش نطن المؤرخ ة في 18م ارس ،"1965مجل ة المح اكم المغربي ة،
العدد ،117نونبر -دجنبر ،2008ص . 128
272
والواقع أن ترك الحرية لألطراف لتحديد نوعية منازعاتهم وما إذا كانت تنطوي على استثمار
معين أم ال ك ان ق رارا حكيم ا من ج انب واض عي االتفاقي ة .ذل ك أن تعري ف االس تثمار في الق وانين
الوطنية غالبا ما يختلف من دولة إلى أخرى طبقا للسياسات االقتصادية المتبعة في كل منها ،وعلى كل
األح وال ف إن تعري ف االس تثمار ع ادة م ا يك ون متض منا في ق وانين االس تثمار بالنس بة للدول ة المض يفة
لالستثمار كذلك قد يوجد في اتفاقيات ثنائية تعقدها الدولة المضيفة مع دولة المستثمر األجنبي.812
-أن يك ون أح د األط راف دول ة متعاق دة وأن يك ون الط رف اآلخ ر مواطن ا (أو مواط نين) من دول ة
متعاقدة أخرى.
-الرضا :ويعتبر الرضا أو قبول التحكيم لدى المركز العمود الفقري الختصاصه ،813والذي يتعين أن
يكون كتابة وال يمكن العدول عنه إال في حالة موافقة الطرف اآلخر على هذا العدول.814
نماذج من قضايا عرضت على المركز الدولي لفض خالفات االستثمار ب-
إن قض ية هولي داي اي نز -أوكس يدونتال بي تروليومHoliday inns- occidental )،
)petroleumتعتبر أول قضية تحكيمية تعرض على المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار .وقد
ث ار ال نزاع بين ك ل من الش ركتين المش ار إليهم ا أعاله ،والحكوم ة المغربي ة نتيج ة الختالف الط رفين
ح ول تفس ير نص وص العق د الم برم بينهم ا في 5ديس مبر ،1966وعلى األخص تل ك ال تي تتعل ق
بالتزامات الطرف الخاص األجنبي .فقد تعهدت كل من "هوليداي اينز" (شركة ذات جنسية سويسرية)
و أوكسيدونتال بيتروليوم (شركة ذات جنسية أمريكية) بأن تبني وتجهز أربعة فنادق سياحية من فئة 5
والتزمت الحكومة المغربية من جهتها من أن تقرض الشركتين مبلغا ماليا معينا لبناء كل من
هذه الفنادق ،على ضوء كلفة البناء المحددة بصورة مسبقة في العقد ،باإلضافة إلى منحها مكافأة تتعلق
بتجهيز الفنادق المبنية ،باستثناء فندق الدار البيضاء ،وامتيازات أخرى مما هو مذكور في ظهير 31
غ ير أن الش ركتين لم تفي ا بتعه داتهما إذ أنهم ا تأخرت ا في بن اء الفن ادق وح تى تل ك ال تي اكتم ل
بناؤها لم تكن درجتها ترقى إلى فئة 5نجوم المنصوص عليها في العقد .وبعد أخد ورد اتفقت الحكوم ة
المغربي ة بمقتض ى عق د ص لح أب رم في 5س بتمبر 1970م ع الش ركتين على انج از التزاماتهم ا
المنصوص عليها في العقد األصلي في حدود أجل ال يتجاوز 31ديسمبر 1970لكن العالقات ازدادت
م ع ذل ك ت وترا بين الط رفين خصوص ا بع د إق دام الش ركتين على إغالق فن دقي ف اس وم راكش الل ذين
اكتمل بناؤهما ،ووقف أعمال البناء بالنسبة لفندقي الدار البيضاء ،و طنجة .فطلبت الحكومة المغربية
من القضاء المغربي وضع فنادق تحت الحراسة القضائية .وقد ردت الشركتان على هذا اإلجراء بأن
طلبت ا اللج وء إلى مس طرة التحكيم المنص وص عليه ا في البن د 14من العق د األساس ي الم ؤرخ ب 5
ديسمبر 1966يقضي بأن تسوى جميع النزاعات المتعلقة بالعقد طبقا لقواعد التحكيم المنصوص عليها
وقد تم تسجيل دعوى التحكيم التي وجهتها الشركتان ضد الحكومة بتاريخ 13يناير ،1972
من طرف الكاتب العام للمركز الدولي لتسوية خالفات االستثمار .وتم تكوين المحكمة التحكيمية بتاريخ
28مارس 1972برئاسة محكم سويدي وعضوية محكمين اثنين ،أحدهما من جنسية فرنسية واآلخر
أص درت المحكم ة التحكيمي ة ق رارا بت اريخ 17أكت وبر 1978أش هدت من خالل ه على التن ازل عن
إيطالي ة مكون ة أساس ا من ش ركتي س اليني كوس تريكتوري -إيطالس تراد) Salini costrukttori et
،( italstradeادعت أنه ا تض ررت من رفض الش ركة الوطني ة للط رق الس يارة ب المغرب منحه ا
تعويضات بسبب رداءة أحوال الطقس وبسبب األشغال اإلضافية والتمست من المركز تبعا لذلك الحكم
س جلت ه ذه القض ية بكتاب ة المرك ز بت اريخ 13يوني و 2000وتم تش كيل المحكم ة التحكيمي ة
بت اريخ 25ش تنبر 2000من رئيس سويس ري ومحكمين اث نين أح دهما جنس ية اس بانية في حين يحم ل
وبتاريخ 23يوليوز 2001أصدرت المحكمة التحكيمية حكما تحكيميا أوال يتعلق باالختصاص
بتت في ه باختصاص ها للنظر في النزاع ،ش ريطة أن تقدم المجموعة المدعي ة الحج ة على خط أ ارتكبت ه
اإلدارة المغربي ة ،يمكن اعتباره خرق ا من جانب الدولة المغربي ة لالتفاقية الثنائي ة المبرمة بين المغرب
المحكمة التحكيمية أصدرت بتاريخ 4فبراير 2004حكما باإلشهاد على التنازل عمال بأحكام المادة
يتضح مما سبقت اإلشارة إليه أعاله أن فض النزاعات بفعالية بين الدول المتلقية لالستثمارات
والمستثمرين األجانب يعتبر من أهم أوجه الحماية القانونية لالستثمارات األجنبية .
سلوك األطراف ،ومنعهم من افتعال عدد من النزاعات متى تيقنوا أنهم سيخسرون الدعوى ال محالة في
وعالوة على ذلك فان إمكانية صدور حكم في غير صالح أحد األطراف يقوي رغبتهم في حل
نزاعاتهم حبيا وتعتبر التجربة المغربية في هذا المجال خير دليل على ذلك .إذ أن القضيتين اللتين تم
816
عرضهما على المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار تمت تسويتهما حبيا أثناء جريان المسطرة
.
إذا كان التحكيم في التجارة الدولية يبدو حال مالئما فإنه أصبح أمرا حتميا بالنسبة للمنازعات
ال تي تنش أ بين دول ة أو أح د مؤسس اتها العمومي ة وبين مس تثمر أجن بي خ اص ،على اعتب ار أن وس ائل
التسوية القضائية التقليدية سواء الداخلية أو الدولية ال تعطي حلوال ترضي كال منهما وأن التحكيم قادر
-816عبد الرحمان المصباحي" ،دور القضاء في تطبيق وإ نفاذ االتفاقيات الدولية في منازعات االستثمار" ،المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا
في الدول العربية ،المنعقد بالدوحة بدولة قطر من 24إلى 26شتنبر .2013
276
ثانيا :المشاكل التي تعترض تنفيذ الحكم التحكيمي في منازعات االستثمار
إن من ش أن المش اكل ال تي تواج ه تنفي ذ الحكم التحكيمي على المس توى العملي أن تنعكس
بالضرورة على الدور الذي يضطلع به التحكيم ويفقده بالتالي فاعليته في مجال منازعات االستثمار،817
ويعت بر تمس ك الدول ة بحص انتها ض د تنفي ذ الحكم التحكيمي من أهم ه ذه العراقي ل )ثاني ا( ،لكن ق د يك ون
من المناس ب قب ل الح ديث عن الحص انة ض د إج راءات التنفي ذ ال تي ته دف إلى الحيلول ة دون اتخ اذ
إج راءات التنفي ذ الج بري ض د الدول ة ،818أن نش ير إلى حص انة أخ رى ته دف إلى الحيلول ة دون مث ول
الدولة أمام القضاء الوطني لدولة أخرى أال وهي الحصانة القضائية ،والتي تطرح أيضا عدة مشاكل
تح ول دون نج اح التحكيم في تس وية منازع ات االس تثمار ال تي تنش أ بين دول ة ومس تثمر خ اص
أجنبي )أوال(.
إن ما يترتب على ولوج الدولة ميدان التجارة الدولية هو ارتباطها بعقود االستثمار ،وإ ذا كانت
منازع ات االس تثمار تتم يز بالتعقي د بص فة عام ة ف إن منازع ات االس تثمار ال تي تك ون الدول ة طرف ا فيه ا
تص بح أك ثر تعقي دا لم ا يض في عليه ا نوع ا من الحساس ية لم ا يث يره ظه ور الدول ة من اعتب ارات متعلق ة
بالس يادة .وهك ذا ف إن المس تثمر يتخ وف من التعاق د م ع الدول ة أو إح دى المؤسس ات العام ة التابع ة له ا
والمتمتعة بالحصانة القض ائية فيم ا إذا أراد مخاصمتها أمام قضائها الوطني الذي ينظر إليه المستثمر
األجن بي بعين الريب ة خوف ا من تح يزه إلى دولت ه باعتباره ا طرف ا في المنازع ة من جه ة وتمس كها
من المب ادئ المس تقرة في الق انون ال دولي الع ام أن ك ل دول ة تتمت ع بالحص انة القض ائية في
مواجهة قضاء الدولة األجنبية ،820ويقوم هذا المبدأ أساسًا على فكرة السيادة واالستقالل والمساواة بين
الدول ،821ويعني ذلك أن ه ال يجوز لدول ة أن تختص م دول ة أجنبي ة أمام قض ائها الوطني ألن ذلك يمس
فكل دولة في عالقاتها المتبادلة مع الدول األخرى تحرص أال تخضع لغير 822
بسيادة الدولة األخرى
سلطان القضاء فيها وإ ال كان معنى ذلك إجازة خضوعها للقضاء األجنبي أن تلتزم بتنفيذ الحكم الص ادر
ض دها ،وأن تج بر على تنفي ذه وه و م ا يتن افى تمام ا م ع اس تقاللها ومس اواتها بال دول األخ رى وه و
األساس الذي اعتمدته محكمة النقض الفرنسية منذ 1849في قرار صادر عنها حيث قضت المحكمة
أن مبدأ استقالل الدول هو من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي العام وهو ما يمنع مقاضاة دولة
وغالبا ما تقوم الدولة الطرف في عقود االستثمار في سعيها للتخلص من قبولها عملية التحكيم
مع المستثمر األجنبي بالدفع بما تتمتع به من حصانة كدولة ذات سيادة من الخضوع لقضاء دولة أجنبية
أحد األشخاص المعنوية العامة المنبثقة عنها طرفا فيها لغير قضاء هذه الدول .األمر الذي يعني عدم
اختصاص قضاء دولة أجنبية أو هيئة تحكيمية أجنبية بالنظر في تلك المنازعات.
-820حسين فريجة "،دور التحكيم في فض منازعات عقود االستثمار الدولية" ،مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،العدد الث اني،
يناير ،2012ص .167
-عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص .208 821
-822عبد الحكيم مصطفى عبد الرحمان " ،مشكلة الحصانة القضائية والحصانة ضد التنفيذ في القانون الدولي الخاص والمقارن" ،مكتبة النص،
القاهرة ،طبعة ،1991ص .111
-محمد البرانصي ،م س ،ص .91 823
-824حفيظة السيد الحداد "،الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص .33
278
والمالح ظ أن الدول ة أو أح د مؤسس اتها العمومي ة بع د أن ع برت عن قبوله ا اللج وء إلى التحكيم
لفض منازع ات االس تثمار ال تي ق د تنش أ بينه ا وبين المس تثمر األجن بي س واء في عق د االس تثمار أو في
اتف اق الح ق ،فإنه ا عن د ب دء إج راءات التحكيم أو عن د تنفي ذ الحكم الص ادر عن ه تتمس ك بحص انتها
القضائية كرمز لسيادتها ،وهو ما يفرغ االتفاق المسبق العتماد التحكيم من محتواه القانوني ويؤثر في
ص حته .ألن دف ع ال دول بحص انتها القض ائية يع ني ع ودة المنازع ة م رة أخ رى الختص اص محاكمه ا
الوطنية التي أراد المستثمر األجنبي باالتفاق على التحكيم اإلفالت من سيطرتها.825
لكن يبقى التس اؤل المط روح في ه ذا الص دد ،يتمث ل في م دى ج دوى التمس ك من ج انب الدول ة
بالحص انة القض ائية أم ام هيئ ات التحكيم ،على ال رغم من أنه ا ق د ارتض ت في اتف اق التحكيم مب دأ فض
المنازعات الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ بينها وبين أحد أشخاص القانون الخاص عن طريق التحكيم؟
وجهات نظر فقهية حول جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم أ-
ي رى بعض الفق ه أن ه حينم ا ت دخل الدول ة في اتف اق تحكيم م ع ش خص خ اص أجن بي فإن ه من
المف ترض أن ذل ك االتف اق يتض من تن ازال ض منيا عن حص انتها ض د القض اء ،وبالت الي يمتن ع عليه ا أن
تتخلص من قبوله ا عملي ة التحكيم باس تغالل س يادتها .ومن ه ذا المنطل ق ذهبت هيئ ة التحكيم التابع ة
للمركز الدولي لتسوية منازعات االس تثمار في قضية هضبة األهرام بتاريخ 20مايو ،8261992إلى
أن تمسك الحكومة المصرية بالحصانة القضائية أمام المركز بعدم قبول شرط التحكيم ال قيمة له ،ألن
قبول هذا الشرط يعني التنازل عن الحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم الذي قبلت الخضوع له.
أن قبول الدولة اعتماد التحكيم كآلية لتسوية منازعات االستثمار يعتبر 829
كما اعتبر بعض الفقه
بمثابة تنازل ضمني من قبلها عن التمسك بالحصانة القضائية أمام المحكم الدولي .وذهب البعض اآلخر
إلى أن الحصانة القضائية ميزة ال يمكن الدفع بها إال في مواجهة قضاء دولة تملك ذات الحق ،وبالتالي
ال يمكن إعمالها حيال شخص خاص ألن التحكيم ال يعد خاضعا لسيادة أية دولة بل هو قضاء خاص.
إلى أنه من األمور التي تحمل بين طياتها التناقض الكامل أن يؤدي 830
وخلص جانب من الفقه
التمس ك بالحص انة القض ائية في حال ة االع تراف به ا إلى حرم ان المحكم من الفص ل في المنازع ات
المعروض ة علي ه ،في حين أن ه ذا المحكم ق د اس تمد ك ل س لطاته من إرادة األف راد ال تي ق امت بتعيين ه
الدولة ال يمكن قبوله في حالة ما إذا تعلق األمر بخضوعها لقضاء وطني تابع لدولة أخرى ،فإنه ومن
باب أولى أن ال يتم قبوله إذا تعلق األمر بخضوع الدولة للقضاء الصادر من شخص عادي هو المحكم.
أمام القضاء الوطني اللهم إذا سلكت الدولة مسلكا صريحا يفيد تنازلها عنها.832
ج -موقف التشريعات الوضعية من جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم
إن غالبي ة التش ريعات لم تتخ ذ موقف ا ص ريحا من م دى ح ق الدول ة للتمس ك بحص انتها القض ائية
بعد أن ارتضت اعتماد التحكيم لتسوية نزاعات االستثمار أسوة بكل من التشريع األمريكي واإلنجليزي.
ونش ير إلى أن التش ريع األم ريكي ق د اقتص ر في البداي ة على مج رد اإلش ارة في األعم ال
التحض يرية للق انون الخ اص بحص انات الس يادة األجنبي ة لس نة ،1976على أن قب ول الدول ة التحكيم في
دولة أخرى يعد من قبيل التنازل الضمني على الحصانة إال أنه اعتبر بموجب القانون لسنة -11-16
1988أن وجود اتفاق التحكيم يمنع الدولة من التمسك بحصانتها القضائية والتنفيذية (المادة .833)2
وقد اتخذ التشريع اإلنجليزي نفس الموقف بموجب قانون الحصانة اإلنجليزي لسنة ،8341978
في الفقرة األولى من المادة 9التي جاء فيها" :أنه إذا اتفقت دولة ما على إخضاع النزاع كتابة للتحكيم
فإنه ال يمكنها الدفع بحصانتها القضائية أمام المحاكم البريطانية المرتبطة بهذا التحكيم".
وباإلض افة إلى ذل ك نص ت االتفاقي ة األوروبي ة في فقرته ا األولى من الم ادة 12على أن ه إذا
وافقت دولة متعاقدة كتابة على إخضاع منازعة ما نشأت أو يمكن أن تنشأ عن عالقة تجارية أو مدنية
للتحكيم ،ف إن ه ذه الدول ة ال يمكنه ا التمس ك بالحص انة القض ائية أم ام قض اء دول ة متعاق دة أخ رى يتم
أم ا بالنس بة التفاقي ة واش نطن لس نة 1965فالمالح ظ أن ه رغم ع دم تناوله ا له ذه المس ألة ف إن
النظام الذي وضعته لعقد االختصاص للمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار ،يدعو إلى االعتراف
حصانتها القضائية.
ومجم ل الق ول أن الدول ة ال تي وافقت على إدراج ش رط التحكيم في العق د الم برم بينه ا وبين
ط رف خ اص ال يمكنه ا االس تفادة من الحص انة القض ائية أم ام هيئ ة التحكيم ،ألنه ا ق د تن ازلت ض منيا
بقبولها لشرط التحكيم عن التمسك بحصانتها القضائية وهو الموقف الذي أبداه القضاء في عدة قرارات.
د -موقف القضاء من جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم
التمس ك بحص انتها القض ائية أم ام المحكم ،ال تي قبلت بموجب ه الخض وع االختي اري لقض ائه ألن الق ول
بغير ذلك يتعارض مع مبدأ حسن النية المطلوب بصدد تنفيذ االلتزامات التعاقدية.835
وكرست هذا االتجاه مجموعة من أحكام التحكيم في مجموعة من القضايا منها الحكم التحكيمي
الصادر عن غرفة التجارة الدولية في الدعوى رقم 3879لعام 1984إذ قرر أنه وفقا للمفهوم المقب ول
في سويس را مث ل غيره ا من بل دان الع الم أن إب رام الدول ة التف اق التحكيم يس تلزم أن تتن ازل الدول ة عن
حصانتها القضائية.836
وإ لى ج انب ه ذا الحكم التحكيمي يوج د حكم تحكيمي آخ ر ص ادر عن محكم ة تحكيم غرف ة
التجارة الدولية بباريس صدر في الدعوى رقم ،35-80وهي بصدد البت في نزاع يتعلق بأحد عقود
امتياز استغالل حقول البترول للجمهورية الليبية إذ قضت محكمة التحكيم أن الدفع بالحصانة القضائية
للدول ة ال يتف ق م ع نظ ام التحكيم ال ذي يق وم أساس ا على تس وية ال نزاع بش كل رض ائي من خالل اتف اق
ومن تم فقب ول الدول ة التف اق التحكيم يلزمه ا بتس وية المنازع ات المتعلق ة بعق ود االس تثمار أم ام
هيئ ة التحكيم فق ط ،ومن ثم ف إن تمس كها بالحص انة القض ائية يعت بر إخالال ص ريحا من جانبه ا لم ا س بق
يض اف إلى ذل ك أن محاول ة التحل ل من ش رط التحكيم بع د االتف اق علي ه في العق د الم برم م ع
طرف أجنبي بذريعة الحصانة القضائية من شأنه أن يهز ثقة المتعاملين مع الجهات الحكومية ويجعل
من أهم اإلكراهات والمشاكل التي تقف عرض الحائط أمام نجاعة نظام التحكيم في منازعات
االستثمار يتمثل في تمسك الدولة بحصانتها ضد إجراءات التنفيذ ،839فقد يفاجأ المحكوم له إذا ما حص ل
على حكم تحكيمي لص الحه بتمس ك الدول ة به ذه الحص انة فال يس تطيع أن يق وم بتنفي ذه للحص ول على
الحق المقرر له ،مما يثير التساؤل عن أثر اتفاق التحكيم الذي أبرمته الدولة بإرادتها على هذه الحصانة
؟
إذا ك انت الحص انة القض ائية ال تش كل تهدي دا حقيقي ا على ص حة اتفاق ات التحكيم بفع ل موق ف
القضاء وغالبية الفقه كما رأينا والتي توصلت إلى إقرار قاعدة أساسية مفادها أن وجود شرط التحكيم
في عقد االستثمار يعتبر قرينة كافية على تنازل الدولة الضمني عن التمسك بحصانتها القضائية ،فإن
يقصد بالحصانة ضد إجراءات التنفيذ أن األموال التي تملكها دولة معينة خارج إقليمها تتمتع
بالحماية في مواجهة أي عمل تنفيذي لدولة أخرى بما في ذلك اإلجراءات التحفظية ،مثل الوضع تحت
الحراس ة القض ائية أو الحج ز ل دى الغ ير .وأهم م ا يم يز ه ذا ال دفع أن مجال ه ينحص ر دائم ا أم ام قض اء
الدول ة األجنبي ة وذل ك على خالف ال دفع بالحص انة القض ائية ال ذي يمكن أن يك ون أم ام ه ذا القض اء أو
قضاء التحكيم.841
وقد عرف البعض اآلخر الحصانة ضد إجراءات التنفيذ بأنها دفع تسعى الدولة من خالله إلى
عرقلة إجراءات التنفيذ التي يسعى المحكوم له بحكم تحكيمي التخاذها ضد الدولة ،فتستطيع بذلك أن
ترفض إصدار األمر بتنفيذ حكم التحكيم وبالتالي تمنع دائنيها من التنفيذ جبرا على أموالها.842
وق د ذهب البعض إلى أن حص انة الدول ة ض د التنفي ذ هي حص انة مطلق ة أي أن الدول ة تس تطيع
ويرج ع الس بب في ذل ك إلى أن اتخ اذ إج راءات التنفي ذ ض د الدول ة من ش أنه أن ي ؤدي إلى إح داث خل ل
جسيم في العالقات الدولية مما تنطوي عليه هذه اإلجراءات من انتهاك شديد لسيادة الدول.843
إلى أن حص انة التنفي ذ ال ترتب ط ب أي وج ه من الوج وه بالحص انة القض ائية ،وأن ه ذا مب دأ مطل ق يجب
تطبيقه حتى ولو تعلق األمر بتصرفات تستند إلى القانون الخاص.844
في حين ي رى بعض الفق ه أن الق ول بالطبيع ة المطلق ة لحص انة التنفي ذ يتع ارض م ع مب دأ حس ن
النية ويؤدي إلى عرقلة إبرام العقود اإلدارية الدولية ،حيث إن المتعاقد مع الدولة سوف يواجه العقبة
تل و األخ رى فبع د أن يتخطى الحص انة القض ائية ويحص ل على حكم تحكيمي يواج ه عقب ة جدي دة هي
الحصانة التنفيذية ،باإلضافة إلى أن أغلب التشريعات الوطنية أخذت بالحصانة التنفيذية المقيدة فاكتفى
المش رع الفرنس ي بت وافر شرط وحي د لتنفي ذ حكم التحكيم وهو أال يك ون مخالفا للنظ ام الع ام ال دولي في
كما أخذ التشريع اإلنجليزي بمبدأ الحصانة التنفيذية المقيدة حيث إنه أجاز التنفيذ على األموال
وقد استند أنصار هذا االتجاه إلى األحكام القضائية التي أكدت على الحصانة التنفيذية المقيدة
ومنه ا الحكم الص ادر من محكم ة اس تئناف ب اريس في ع ام ،1982حيث أك دت المحكم ة على أن
الحصانة التنفيذية ليست مطلقة وأنه يمكن استبعادها على سبيل االستثناء عندما يكون المال المحجوز
موقف الفقه من مسألة تمسك الدولة بحصانتها ضد تنفيذ الحكم التحكيمي ب-
-844عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص .421
-845عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص 422
285
إن تمس ك الدول ة بحص انتها ض د إج راءات التنفي ذ يس مح له ا ب التهرب من تنفي ذ الحكم التحكيمي
الص ادر ض دها ،وال يوج د في الق وانين المنظم ة للتحكيم م ا ي برر خ رق ه ذه القاع دة رغم أن الط ابع
التعاقدي للتحكيم يرتب كبقية العقود على عاتق الطرف الذي صدر ضده الحكم االلتزام بالتنفيذ.846
إلى أن اتفاق التحكيم الذي قبلته الدولة يجب أن يمتد في 847
وفي هذا اإلطار يذهب بعض الفقه
آثاره ليشمل تنفيذ حكم التحكيم ،بمعنى أن وجود هذا االتفاق في ذاته يعتبر تنازال منها عن حصانتها
ضد التنفيذ وذلك تحقيقا الستقرار المعامالت وتحقيقا لفاعلية اتفاق التحكيم.
ج -موقف القضاء من مسألة تمسك الدولة بحصانتها ضد تنفيذ الحكم التحكيمي
التحكيم يعتبر تنازال ضمنيا عن حصانتها ضد التنفيذ دونما حاجة لصياغة نص واضح ينص على تلك
المسألة.
وهو نفس االتجاه الذي ذهبت فيه محكمة استئناف باريس حيث قضت في حكم سنة 1992ب أن
قبول الدولة بخضوع النزاع للتحكيم يفيد بالضرورة االلتزام بتنفيذ الحكم التحكيمي.849
إال أن محكم ة االس تئناف بب اريس ذهبت إلى خالف ذل ك في الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ 13
يناير 1981بخصوص قضية benevenuti bonfantضد الكونغو ،وتتلخص وقائع النزاع في أنه تم
االتفاق بين دولة الكونغو وشركة benevenuti bonfantاإليطالية في 16أبريل 1973على إنشاء
وإ ثر قيام النزاع بينها حول بنود عقد االستثمار تقدمت الشركة اإليطالي ة أعاله بطلب التحكيم
أمام المركز وبعد إصدار محكمة التحكيم لقرار التحكيم لصالح الشركة تقدمت هذه األخيرة إلى محكمة
ب اريس لالع تراف ب الحكم في فرنس ا ،وعندئ ذ أعلنت ه ذه المحكم ة على ض رورة الحص ول على إذن
خ اص من أج ل تنفي ذ حكم المرك ز وه و م ا دف ع ه ذه الش ركة إلى تق ديم ش كوى أم ام محكم ة االس تئناف
إال أن محكمة االستئناف بباريس قررت بأن موقف الدولة التي ستتولى االعتراف بحكم التحكيم
الص ادر عن المرك ز يجب أال يتع دى فحص الحكم وكون ه مص ادق علي ه من الس كرتير الع ام ب المركز،
وأن ه ال يج وز ألي ة محكم ة وطني ة في أح د ال دول المتعاق دة مناقش ة مس ألة التنفي ذ على أم وال وأمالك
الدولة الطرف في التحكيم وتبقى هذه المسألة خارجة عن نطاق مرحلة االعتراف بحكم التحكيم.
وتس اءل بعض الفق ه عن د تعليق ه على الق رار الم ذكور ح ول م ا إذا ك ان من المعق ول والمنطقي
التمس ك بالحص انة التنفيذي ة في مج ال التحكيم ،850فض مان العالق ات االقتص ادية وك ذا الط ابع التعاق دي
وتج انس ه ذه المعطي ات فيم ا بينه ا ال يتماش ى م ع مكان ة التمس ك بالحص انة التنفيذي ة ،وأض اف أن ه من
الغ ريب بع د قب ول الدول ة ال دخول طرف ا في مس طرة تعاقدي ة (التحكيم) أن تس تطيع رفض تنفي ذ الحكم
ونجد أن المحكمة العليا بباريس بعد أن أكدت في األمر الصادر عنها بتاريخ 8يوليوز 1970
على أن تض مين العق د ش رطا تحكيمي ا تك ون الدول ة اليوغس الفية ق د تخلت عن حص انتها القض ائية،
وأضافت أن التخلي عن الحصانة القضائية ال يؤدي إلى التخلي على حصانة التنفيذ.
-850عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد ،م س ،ص .423
-851رشيد معناني ،م س ،ص 75و . 76
287
والمالح ظ أن القض اء ي رفض االع تراف لمح اكم التحكيم بس لطة التنفي ذ على أم وال الدول ة
الموجودة خارج إقليمها معتبرة أنها ال تدخل ضمن سلطتها .852فالعقبة األساسية والجوهرية التي كانت
تع ترض المحك وم ل ه ال ت زال قائم ة وال تي تتمث ل في ع دم إمكاني ة الحج ز على أم وال الدول ة العام ة
الخاض عة للق انون الع ام والمخصص ة للمنفع ة العام ة ،ل ذلك الب د من مراع اة طبيع ة م ال الدول ة الص ادر
الحكم ضدها ما إذا كان من المال العام أم ال ،وإ ن كان قبول الدولة لشرط التحكيم يعد تنازال منها عن
إال أن ذل ك ال يه در الش روط ال واجب توافره ا في الم ال الم راد الحج ز علي ه خاص ة وأن الف رد
العادي ال يمكن الحجز على كل أمواله فكذلك الدولة لها من األموال ما ال يجوز الحجز عليها ،وهي
األم وال المخصص ة للمنفع ة العام ة .إال أن إعط اء الدول ة الح ق المتمث ل في ع دم إمكاني ة الرج وع على
األم وال العام ة س يجعلها تكي ف ك ل األم وال الم راد الحج ز عليه ا بأنه ا عام ة من أج ل تمس كها بح ق
الحصانة ضد التنفيذ.
ومن تم يمكن الق ول أن المحك وم ل ه ال يمكن أن يطلب الحج ز على م ال الدول ة إال إذا ك ان في
ملكيتها الخاصة ،وإ ن كان خارج إقليمها ما دامت مخصصة ألغراض اقتصادية تجارية أو خاصة في
كاستنتاج عام ال يمكن القول بوجود الطبيعة المطلقة لحصانة الدولة ضد إجراءات التنفيذ حيث
أن ه أم ر يتن افى م ع المنط ق ،ومن ش أنه تجري د اتف اق التحكيم من ك ل قيم ة ل ه ف الحكم ه و ثم رة التحكيم
فقب ول الدول ة التف اق التحكيم ومثوله ا أم ام هيئ ة التحكيم وامتناعه ا بع د ذل ك عن تنفي ذ الحكم يع د أم را
محال للنقض .فالدول ة تلج ا إلى التحكيم في المس ائل ال تي ال تمس س يادة الدول ة وفي الح دود ال تي يس مح
إلى جانب مبدأ حسن النية المتطلب في تنفيذ االلتزامات التعاقدية نجد هناك مفهوم متولد عن
تلك المؤسسة األم ،أصبح يحظى باهتمام متزايد في صفوف القانونيين وهو ما يعرف ب "اإلسطوبل"
-854ح اول ج انب من الفق ه إيج اد وإ عط اء تعري ف لمب دأ حس ن الني ة ،فعرف ه البعض بأن ه" توج ه القلب المس لم إلى الخ ير" ،وقي ل أن ه " الص دق
واإلخالص" ،وبأنه يعني" االستقامة والنزاهة وعدم الغش" ،ويقصد به أيضا " التعامل بصدق واستقامة وشرف مع الغير" و " إن أسمى مظهر
لحسن النية هو احترام االلتزام الموعود به".
بناء على ما سبق ،يعرف حسن النية بأنه " :احترام ما قام بينك وبين الطرف اآلخر من أوضاع ،وأن تنفذها وفقا لذلك وليس كما تريد".
أما بخصوص تحديد مضمون حسن النية في التصرفات القانونية ،فإن الفقه الفرنسي انقسم إلى اتجاهين رئيسيين:
االتجاه األول :يرى أن حسن النية في التصرفات القانونية هو الجهل المبرر بواقعة معينة يرتب عليها الشارع أثرا قانونيا ،أي الجهل بالعيب
الذي يجعل التصرف غير فعال ،وحسن أو سوء النية في هذه الحالة يعتبر أمرا ذاتيا ونفسيا يقاس بالنسبة لشخص الغير فقط ،وهو مفترض لدى
الكافة ألنه يتعلق بواقعة أساسية سلبية وال يطالب المرء بإثبات الواقعة السلبية ،ومن تم يكون إثباتها على عاتق من يدعي خالفها.
االتجاه الثاني :يذهب هذا االتجاه في تحديده لمضمون حسن النية في التصرفات ،إلى القول بأن حسن النية ليس هو الجهل بالعيب وال هو الغلط
الم برر أو المش روع ،فش تان بين ه ذه األم ور وحس ن الني ة ،وذل ك أن ه ذه العناص ر ،س واء ك انت جهال أو غلط ا أو خط أ ،هي جميعه ا عناص ر
متصلة ،وقد تلتقي في بعض الفروض ،إال أن التطابق بينها ليس دائما كامال وتاما ،فالجهل عبارة عن عدم العلم بأمر من األمور ،أما الغلط فهو
يق وم في نفس الش خص يص ور ل ه الح ال على غ ير حقيقت ه ،والخط أ س لوك م دان ومعيب لبع ده عن الص واب وم ا يجب أن يك ون علي ه الش خص
المعتاد.
لمزيد من اإليضاح راجع:
-عبد المنعم موسى إبراهيم " ،حسن النية في العقود ،دراسة مقارنة" ،منشورات زين الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،سنة ،2006ص .83
-عبد الحليم عبد اللطيف القوني " ،حسن النية في التصرفات ،في الفقه اإلسالمي والقانون المدني" ،دار المطبوعات الجامعية ،سنة ،2004ص
.79
289
يع ني مص طلح "اإلس طوبل" لغ ة :الص د ،المن ع ،اإلعاق ة ،وهي مس تقاة من الكلم ة الالتيني ة "
المتداولة في اللغة الفرنسية القديمة والمستبدلة مند مطلع القرن 19م بكلمة "."étouppe
أم ا اص طالحا فيفي د مص طلح "اإلس طوبل" عن قاع دة إجرائي ة ش كلية تطب ق في س ياق المنازع ة
القضائية لمنع التناقض في األقوال واألفعال ،وهذا ما تؤكده مجمل المجامع القانونية وتؤيده التعريفات
الفقهية.
ويقص د بالتناقض "قول" الشيء وعكس ه ،كمن يعد بالوف اء واإلخالص تم يخون ،أو كمن يلتزم
تم يتراجع ،و"القول" هنا ال يؤخذ بمعناه الضيق ،أي الجمل والعبارات ،بل بمعناه الواسع أي باإلشارة
والسلوك ،وكما أنه ال يفيد عن "عدم التنفيذ" أو "تقلب" بل "عدم التطابق" و"عدم التجانس" بين سلوكين
الشك أن غاية القانون واقعية نفعية ترمي إلى تحقيق األمن االجتماعي والخير العام ،في حين
أن غاية األخالق مثالية تهدف إلى تحقيق الكمال الذاتي وراحة الضمير وتقتصر على تقرير الواجبات
والب د من الق ول أن ه من الط بيعي أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي تجنب الوق وع في ش باك ع دم
التن اقض م ع االلتزام ات الص ادرة عن األط راف المتعاق دة من ذ البداي ة ،ف الحكم الص ادر عن الهيئ ة
التحكيمية ما هو إال نتيجة لرغبة هؤالء في اتخاذ قضاء التحكيم وسيلة بديلة عن القضاء الرسمي وبناء
للمتعاملين مع الدولة من أفراد وشركات في ضمان تنفيذ الحكم الذي صدر ضدها ،فضال عن أنه يجنب
الدول ة م ا ق د يف رض عليه ا من عقوب ات دولي ة من ج راء ع دم تنفي ذ أحك ام التحكيم .فعلى س بيل المث ال
األحك ام الص ادرة عن المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات االس تثمار ،يتم تنفي ذها بص ورة فوري ة دون أن
لقد أضحى اللجوء لنظام التحكيم أمر طبيعي لما يتسم به من سرية وسرعة في إصدار األحكام،
فضال عن تحرره وبعده عن التعقيدات التي تمر بها الدعوى أمام القضاء العادي.857
وبالموازاة مع ذلك قد يكون نظام التحكيم عامال في نمو الدول وازدهارها ،إذ يساعد القضاء
بالتقلي ل من األعب اء الملق اة على ه ذا األخ ير ،كم ا ي وفر الكث ير من النفق ات الالزم ة لتك وين القض اة
ينضاف إلى ما سبق أن التحكيم أصبح وسيلة فعالة في التنمية من خالل جلبه للمستثمرين نظ را
تؤدي إلى عرقلة تطبيقه ،وهذه الصعوبات قد تكون صعوبات واقعية والتي تشكل عائقا حقيقيا (الفرع
األول) ،وقد تكون صعوبات نفسية سيكولوجية واجتماعية يعاني منها هذا النظام (الفرع الثاني).
ينص الفصل 228من قانون االلتزامات والعقود المغربي على أن " االلتزامات ال تلزم إال من
كان طرفا في العقد ،فهي ال تضر الغير وال تنفعهم إال في الحاالت المذكورة في القانون".
وإ ذا ك ان المب دأ ،ه و ع دم انص راف آث ار العق د إال اتج اه أطراف ه ،إال أن هن اك بعض الح االت
تن وع الص ور العص رية الحديث ة ،إذ يوج د م ا يس مى بمجموع ة الش ركات ،حيث يعه د إلى مجموع ة
ش ركات تنتمي إلى جنس يات متع ددة تقوم بتنفي ذ المش روعات الض خمة ال تي ال تقوى ش ركات بمفردها
على القيام بها ،وتجتمع هذه الشركات لتحقيق غرض مشترك ( هدف) اقتصادي واحد وتخضع لرقابة
ويط رح التس اؤل في حال ة م ا إذا أب رم ش خص اتف اق التحكيم م ع مجموع ة الش ركات أو ش ركة
ك برى وال تي تس مى بالش ركة المتع ددة الجنس ية ففي مث ل ه ذه الحال ة ه ل يك ون اتف اق التحكيم ملزم ا
للشركة التي وقعت عليه وحدها أم أنه يمتد إلى بقية الشركات التي تنتمي إلى المجموعة؟
كم ا يحص ل في المع امالت التجاري ة أن ي برم األط راف العدي د من العق ود المتتالي ة المتص لة
بالعالق ات التعاقدي ة المعت ادة بينهم ،تتم يز بنفس الطبيع ة أو من طبيع ة أخ رى مش ابهة تس مى بسلس لة
العقود ،فيحدث عمليا أن ال يتضمن أحد هذه العقود شرطا تحكيميا بينما تتض من العقود السابقة عليه
ش رط التحكيم .فه ل يمكن أن يمت د ش رط التحكيم من العق ود الس ابقة المتض منة له ذا الش رط إلى العق د
ق امت مؤسس ات غالب ا م ا تك ون من القط اع الخ اص بوض ع قواع د خاص ة للتحكيم ،تتعل ق ب إجراءات
التحكيم بما فيها تعيين هيئات التحكيم وفق شروط وأحكام معينة نصت عليها تلك القواعد.
واله دف من ذل ك ه و تس هيل العملي ة التحكيمي ة وتيس يرها على األط راف وض بطها بطريق ة
أصولية ،باإلضافة لمراقبة وإ دارة العملية التحكيمي ة من بدايتها وحتى نهايتها من قبل مؤسس ة التحكيم
المعنية .فإذا تمت إحالة النزاع إلى التحكيم وفق قواعد إحدى هذه المؤسسات ،فإن هذه القواعد تطبق
على العملية التحكيمية ويلتزم بها الطرفان حتى لو لم يطلعوا عليها مسبقا .كما تلتزم بها هيئة التحكيم
ويمكن القول في هذه الحالة أن قواعد التحكيم أصبحت عقدا ،أو جزءا من عقد متعدد األط راف
يلتزم به كل من قبل التحكيم وفق هذه القواعد .وفي عالقة الطرفين يبعضهما ،فإن مجرد اإلحالة في
اتفاق التحكيم لقواعد مؤسسة معينة ،فإن هذه القواعد تصبح جزءا من االتفاق .أما دور مؤسسة التحكيم
في العملي ة التحكيمي ة فهو دور تنظيمي لها وإ ش رافي عليها حس ب ما هو منصوص علي ه في قواعدها
مقاب ل رس وم وأتع اب مح ددة س لفا ،ي دفعها الطرف ان لتل ك المؤسس ة ويطل ق على التحكيم في تل ك الحال ة
ويعت بر التحكيم المؤسس ي األك ثر ش يوعا في مج ال تحكيم المنازع ات الخاص ة الدولي ة وس ائر
عملي ات التج ارة الع ابرة للح دود ،وه ذا الن وع من التحكيم ه و ال ذي تختص ب ه مراك ز وهيئ ات دائم ة،
وتكمن الغاي ة من نهج ه ذا الش كل الجدي د من التحكيم ،في كون ه ي وفر الثق ة والطمأنين ة والخ برة
والتخص ص ،862وه ذا م ا يبحث عن ه أط راف ال نزاع باإلض افة إلى تف ادي التعقي دات والص عوبات ال تي
تعرفه ا المس اطر القض ائية ،863كم ا يس اهم في تط وير الق وانين والتش ريعات الخاص ة بتنظيم التج ارة
الدولية.864
ويع د المغ رب من بين ال دول ال تي أولت اهتمام ا به ذا الن وع من التحكيم نظ را لم ا ي وفره من
تش جيع لالس تثمار وجلب ل رؤوس األم وال األجنبي ة .فعم ل على إنش اء مجموع ة من المراك ز التحكيمي ة
تلبية لهذا الغرض وتلبية لهدفه المنشود والمتمثل في االنضمام للمنظومة االقتصادية العالمية وخوض
-861عبد الرحمان عاللي "،قانون اإلرادة في التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،2007 -2006ص .102
-862فالمحكمون يتم اختيارهم من قبل الخصوم وفق الجداول الموضوعة من لدن المؤسسات التحكيمية الدائمة هذه الجداول تضم خيرة الخبراء
والمحكمين ال ذين تت وفر فيهم ك ل ش روط القب ول والنج اح ،ويظه ر ذل ك من خالل الش روط ال تي تفرض ها ه ذه المراك ز لالنتس اب إلى الج داول
المعتم دة من قبله ا .كالم ادة 11من نظ ام مرك ز التحكيم التج اري ل دول مجلس التع اون الخليجي ،العربي ة ال تي تش ترط "في المحكم أن يك ون من
رج ال الق انون أو القض اء أو من ذوي الخ برة العالي ة واإلطالع الواس ع في التج ارة والص ناعة أو الم ال ،وأن يك ون متمتع ا ب األخالق العالي ة
والسمعة الحسنة ،واالستقالل في الرأي".
-863فلجوء أطراف النزاع إلى مركز أو منظمة للتحكيم يكونوا قد ارتضوا اللجوء للتحكيم وفق القواعد والقوانين الخاصة به ذا المركز ،وغالبا
ما تتسم أنظمة المراكز الدائمة للتحكيم بالليونة والمرونة والتنظيم مقارنة مع التحكيم الحر ويالحظ ذلك من خالل:
المدة الـتي يتم خاللهـا إصـدار حكم التحكيم :حيث أن غالبي ة أنظم ة مراك ز التحكيم تح دد م دة قص يرة إلص دار الق رار ،إذا لم يتف ق األط راف
على مدد أخرى ،مقابل طول وإ جراءات التقاضي التي قد تدوم سنوات عدة ،فقد جاء في المادة 44من نظام المركز اليمني للتوفيق والتحكيم":
على الهيئة إصدار حكمها خالل مدة ثالثة أشهر من تاريخ عقد أول جلسة للهيئة."...
الطعن في األحكام التحكيمية :إن بعض المراكز والمؤسسات التحكيمية تمنع على األط راف الطعن في الحكم التحكيمي ،مثال في الفقرة الثانية
من المادة 48من إجراءات التوفيق والتحكيم أمام المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط تقر بأن ه ":ال يقب ل حكم المحكمين الطعن في أية حال
من األحوال".
تنفيذ األحكام التحكيمية :للزيادة في ضمان حسن تنفيذ الحكم التحكيمي فإن مؤسسات التحكيم تشترط تنفيذه دون تأخير .نجد ذلك مثال في نظام
المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط في المادة 49التي جاء فيها...":يلتزم األطراف نتيجة إخضاع نزاعاتهم لتحكيم المركز الدولي للتوفيق
والتحكيم بالرباط ،بأن ينفذوا الحكم الذي يصدر بحسن نية وسرعة ودون تأخير".
- 864للمزيد من التوسع حول "مزايا التحكيم المؤسسي" أنظر :عبد الودود ولد بداد ،م س ،ص 62وما بعدها.
294
غم ار العولم ة ،865لكن وكم ا يق ال ،تج ري الري اح بم ا ال تش تهي الس فن .فه ذه المراك ز الزالت تع اني
العديد من الصعوبات التي تقف حجرة عثرة في مسيرتها العملية ،ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة عوامل
األصل أن اتفاق التحكيم يخضع لمبدأ نسبية اآلثار المتولدة على العقد من حيث األطراف ومن
حيث الموضوع .فكما ال يمكن للعقد أن يلزم غير أطرافه ،فإن اتفاق التحكيم أيضا ال يمكن االحتجاج
به على من لم يكن طرفا فيه وال يمكن أيضا للغير أن يتمسك به في مواجهة من هم أطراف فيه ،كما
أنه تتحد آثاره من حيث الموضوع بالمنازعات التي اتفق على حلها بهذا الطريق ،وبالتالي ال يمتد أثر
هذا االتفاق إلى غير ذلك من المسائل التي ال يشملها االتفاق على التحكيم.
غير أن شرط التحكيم يعرف استثناءا بخصوص هذا المبدأ يتمثل في امتداده إلى أطراف أخرى
وعق ود أخ رى تتص ل بالمعامل ة التجاري ة ،تحقيق ا لمص الح التج ارة الدولي ة ،وتمث ل مجموع ة الش ركات
- 865إن انفتاح المغرب على االقتصاد العالمي وتدشينه للعديد من المناطق االقتصادية الحرة بعد إبرامه لعدد ال يستهان به من االتفاقي ات الدولي ة
في المج ال التج اري والص ناعي ،ف إن المش رع المغ ربي أدرك أهمي ة تنظيم التحكيم المؤسس ي لتأقلم ه م ع الظ روف الجدي دة ال تي أص بح عليه ا
االقتصاد المغربي وهذا ما أقدم عليه فعال لما أصدر قانون رقم .08-05
وبالرجوع إلى الفصل 319من هذا القانون نجد المشرع قد نص على أن "التحكيم يكون إما خاصا أو مؤسساتيا".
وبذلك يكون قد اعترف ألول مرة بأحقية هذه المراكز التحكيمي ة في تنظيم عملية التحكيم ،وهذا ما نصت عليه الفقرة األخيرة من الفصل 319
أعاله ...":عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية ،فإن هذه األخيرة تتولى تنظيمه وضمان حسن سيره طبقا لنظامها".
وم ع ذل ك ،ف إن ه ذه المراك ز ال يمكنه ا في جمي ع األح وال أن تق وم بالعملي ة التحكيمي ة مباش رة ،وإ نم ا يعه د بمه ام الفص ل في ال نزاع إلى الهيئ ة
التحكيمي ة التابع ة له ا ،وال تي يجب أن تتك ون تحت طائل ة البطالن من أش خاص طبيع يين ،وه ذا م ا أكدت ه الفق رة األخ يرة من الفص ل 320من
الق انون أعاله على غ رار س ائر التش ريعات المقارن ة ،بحيث نص ت على م ا يلي ...":إذا عين في االتف اق ش خص معن وي ،ف إن ه ذا الش خص ال
يتمتع سوى بصالحية تنظيم التحكيم ،وضمان حسن سيره".
أنظر :ناصر بلعيد ،م س ،ص .52
295
866
الفقرة األولى :شرط التحكيم في مجموعة الشركات
تعرف مجموعة الشركات بأنها نظام قانوني يضم عددا من الشركات تتميز باتحادها من الناحية
االقتصادية واستقاللها من الناحية القانونية ،والغالب أن تكون هذه الشركات متعددة الجنسيات.867
وتحتل مجموعة من الشركات أهمية كبيرة في مجال التجارة الدولية حيث تقوم بتنفيذ العدي د من
المش روعات االقتص ادية العمالق ة بم ا فيه ا نق ل رؤوس األم وال وتط وير التكنولوجي ا مم ا أعطى دفع ة
قوية لتنشيط حركة التجارة بين سائر بلدان العالم ،وكان طبيعيا أن تلجأ مجموعة الشركات وهي بصدد
تنفيذ مشروعاتها المختلفة إلى األخذ باتفاق التحكيم في كل عملية تجارية ،سواء صدر هذا االتفاق من
( الفرع) األمر الذي أثير معه التساؤل حول مدى إمكانية امتداد 868
الشركة األم أو من الشركة الوليدة
- 866نشير أن كل أشكال الشركات التجارية حظيت بعناية من طرف المشرع المغربي ،وكان ذلك بمقتضى القانون رقم 95-17المتعلق
بشركات المساهمة والقانون 96 -5المتعلق بشركة التضامن ،وشركة التوصية البسيطة ،وشركة التوصية باألسهم ،و الشركة ذات المسؤولية
المحدودة ،وشركة المحاصة ،حيث أصبح القانون 95-17بمثابة الشريعة العامة لكل الشركات التجارية من حيث الشكل والتي تتمتع بالشخصية
المعنوية من تاريخ القيد في السجل التجاري.
ويصح شرط التحكيم الوارد في عقد الشركة التجارية أو في نظامها األساسي للفصل في المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين الشركاء
والمساهمين ،متى ورد شرط التحكيم في عقد الشركة ذاته أو في نظامها األساسي ،فال يخضع له الشركاء ،أو المساهمين األوائل الذين وقعوا
على عقد الشركة ،أو صادقوا على نظامها فحسب ،بل يخضع له أيضا الشركاء ،أو المساهمون الذين انضموا إلى الشركة أثناء حياتها عن
طريق شراء الحصص ،واألسهم ،واالكتتاب في زيادة رأس مال الشركة ،ويقصد بالمنازعات بين الشركاء ،أو المساهمين في هذا الشأن جميع
المنازعات التي تنشأ عن عقد الشركة سواء تعلق بالعقد ذاته أم بتنفيذه ،أم تعلقت بنزاع يقتضي مباشرة دعوى الشركة قبل الشركاء ،أو دعوى
الشركاء ضد الشركة ،وكذا المنازعات المتعلقة ببطالن مداوالت جمعيتها العامة ،أو المتعلقة بمسؤولية المديرين أو أعضاء مجلس اإلدارة ،أو
بمطالبة الشركاء ،أو المساهمين بأداء الحصص التي تعهدوا بتقديمها للشركة ،أو برد ما حصلوا عليه من أرباح صورية.
-حسن المصري " ،شرط التحكيم التجاري" مقالة مقدمة في مؤتمر التحكيم في القانون الداخلي ،والقانون الدولي" ،العريش في الفترة من 20
إلى 25سبتمبر ،1987المطبعة الحديثة ،سنة ،1988ص .17
وقد أكد هذا االتجاه القرار الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ 13/02/2002والذي تتلخص وقائعه في أن المطلوب س ،أبرم اتفاقا سنة
1991مع الطالبة شركة فالدونيك الذي هو مساهم فيها ومديرها ،وذلك من أجل تجريده من صفته وتفويت أسهمه ،وبسبب عدم تسديد الشركة
له مبلغا ماليا مستحقا وعدم توصله برفع اليد عن رهن عقاري ،سجل دعوى طالبا الحكم فيها بفسخ االتفاق انتهت استئنافيا وفق طلبه بالرغم من
وجود شرط في االتفاق يسند االختصاص للتحكيم ،وهو ما حدى بالمجلس األعلى لما عرض عليه النزاع إلى نقض القرار االستئنافي بسبب
تجاوز شرط التحكيم الذي التزم به الطرفان كتابة.
-القرار عدد 240الصادر بتاريخ 2002 /02 /13في الملف التجاري عدد 1998 /3021أشار إليه :حارث عبد العالي ،م س ،ص .197
867
- Yves Gyon, Droit des affaires. Economica, 1991.p 564.
-868للمزيد من التوسع أنظر:
-التوزاني أسامة "،أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير" ،مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ،العدد ،2سنة .2016
-وسيم عزيز "،امتداد الشرط التحكيمي" ،المجلة التونسية للتحكيم ،العدد ،8السنة .،2016
296
شرط التحكيم من إحدى هذه الشركات إلى الشركة األخرى ،أي من الشركة األم إلى الشركة الوليدة ،أو
في هذا الصدد ينقسم الفقه والقضاء في اإلجابة عن هذا التساؤل إلى اتجاهين رئيسيين :
إلى عدم األخذ بامتداد شرط التحكيم في مجموعة الش ركات على أس اس 869
يميل جانب من الفقه
يقوم على الطابع اإلرادي يصعب أن يحتج به على أية شركة داخل المجموعة لم تكن طرفا في العملية
التجارية.871
وق د ع بر عن ه ذا االتج اه الحكم الص ادر عن غرف ة التج ارة الدولي ة رقم ،4504حيث رفض
امت داد ش رط التحكيم من الش ركة الولي دة إلى الش ركة األم ،تأسيس ا على أن الش ركتين المكون تين
للمجموعة تشكالن وحدة مستقلة قادرة على أن تتعهد بالتزاماتها بوجه منفصل عن الشركة األخرى،
بخالف االتج اه الس ابق ،ظه ر اتج اه آخ ر اعت بر أن أث ر اتف اق التحكيم أو ش رط التحكيم ،ال
يقتصر على الشركة الطرف التي وقعت على االتفاق بل يمتد إلى بقية الشركات األخرى التي لم توقع
على ه ذا االتف اق ،873وال تي تنتمي إلى المجموع ة نفس ها على اعتب ار أن ه ذه الش ركات هي مجموع ة
اقتصادية واحدة وأن الرابط االقتصادي هو الذي يربط كل هذه الشركات بعضها بالبعض اآلخر ،هذا
869
- I. Fadlalah « Clause d’arbitrage et groupes des sociétés » Travaux du comité français.D.I.P. 1985. P 120.
-870أحمد هندي ،م س ،ص .40
-871حارث عبد العالي ،م س ،ص .199
-872
حكم تحكيم غرفة التجارة الدولية رقم ،4504سنة 1985المنشور ب I.D.J :السنة .1986ص .1118
-873
أسعد فاضل منديل ،م س ،ص .76
297
وبغض النظ ر عن التع دد الم ادي أو الش كلي له ذه الش ركات فهي من الناحي ة االقتص ادية يمكن ع دها
ش ركة واح دة ذات ف روع متع ددة ،وعلى ه ذا ف إن الش ركة األم وك ل الش ركات األخ رى ال تي تنتمي إلى
وقد أكد هذا االتجاه القضاء الفرنسي ،بحيث ذهبت محكمة االستئناف ب ( )Pauفي قرار لها
صادر بتاريخ 26يونيو لسنة 1986إلى إدخال الشركة األم طرفا في إجراءات التحكيم ،وقد جاء في
بعض حيثيات ه م ا يلي ":إن ه إذا ك ان مم ا ال ش ك في ه أن الش ركة الولي دة تع د طرف ا في ه ذا ال نزاع ف إن
الشركة األم مما لعبت من دور هام في مرحلة المفاوضات وحتى تمام إبرام العقد ،وكذلك من دور في
عدم تنفيذ الشركة الوليدة لتعهداتها ،يتضح أنها كانت الرأس المفكر للشركة الوليدة".875
ويس تفاد من الق رار أن ه ق رر ص راحة أن ش رط التحكيم ال ذي يتم قبول ه بواس طة بعض ش ركات
المجموع ة يجب أن ترتب ط ب ه الش ركات األخ رى لل دور ال ذي تلعب ه في إب رام أو تنفي ذ أو فس خ العق ود
المتضمنة تلك الشروط ،وتعتبر كما لو كانت أطرافا حقيقية في هذه العقود ،أو معينة في المقام األول
وه ذا م ا كرس ه االجته اد القض ائي المغ ربي من خالل ق رار ص ادر عن محكم ة االس تئناف
" ...وحيث إنه ال نزاع في كون شرط التحكيم في النازلة ورد فعال كتابة بدليل الفصل 34من
العق د الراب ط بين المس تأنفتين وش ركة اين ا اس منت ،إال أن ال نزاع ال يتمح ور ح ول وج ود ش رط التحكيم
-874أندريه شابيل "،التحكيم والغير ،حقوق األشخاص المعنوية" ،بحث منشور في المجلة العربية للفقه والقضاء ،العدد التاسع ،1986 ،ص
.518
- cour d’app. De Pau. 26 juin . 1986. Sté Sponsor. A. BC. / LESTRADE. Rev. Arb 1988. P 153. Note.A.
875
Chappelle.
- 876أنظر بهذا المعنى األحكام الصادرة عن غرفة التجارة الدولية التي قضت بمبدأ امتداد شرط التحكيم الحكم رقم 1434الصادر سنة 1975
المنشور ب I.D.J :السنة 1976ص 978والحكم رقم 2375الصادر سنة 1975المنش ور ب I.D.J :الس نة .1976ص ،973والحكم رقم
5730الص ادر س نة 1988المنش ور ب .I.D.J. 1990 :ص 1029والحكم رقم .6519الص ادر س نة .1991المنش ور ب I.D.J :الس نة
.1991ص.1065 .
298
كتابة من عدمه وإ نما حول مدى إمكانية تمديد شرط التحكيم إلى طرف لم يوقع عليه ،خاصة أن مبدأ
نس بية العق ود يقتض ي أال تل زم اتفاقي ة التحكيم إال من ك ان طرف ا فيه ا ،فهي ال تض ر وال تنف ع األغي ار
لكن حيث إن االتجاه الغالب في قضاء التحكيم الدولي ينصرف إلى التمييز بين مفهوم الطرف
الموق ع على اتف اق التحكيم عن مفه وم الط رف في المس طرة التحكيمي ة ،بحيث أق ر ه ذا االتج اه امت داد
ش رط التحكيم ،الم درج في العق د ال ذي أبرم ه بعض األط راف ،إلى غيره ا من األش خاص رغم ع دم
توقيعها ذلك العقد ،توافر شرط أساسي متمثل في قيام هؤالء األشخاص بدور فعلي في إبرام أو تنفيذ
وحيث إن شراح اتفاقية نيويورك بشأن االعتراف وتذييل المقررات التحكيمية الدولية أكدوا هذا
التوج ه حينم ا اعت بروا أن مس ألة اش تراط الكتاب ة في اتف اق التحكيم مس تقلة عن مس ألة تحدي د أط راف
النزاع التحكيمي ،وأن األولى ترتبط بمسألة الصحة اإلجرائية لالتفاق ،في حين ترتبط الثانية بجوهر
النزاع؛
دورا في إبرام أو تنفيذ أو فسخ العقد المتضمن لذلك الشرط ،فإنها تصبح بذلك أطرافا حقيقية في العقد
أو معنية به وبالمنازعات التي يمكن أن تنشأ عنه وينصرف إليها إذن شرط التحكيم دون أن يكون في
ذل ك أي خ رق للقواع د أو المب ادئ األساس ية المش كلة للنظ ام الع ام ال دولي أو الوط ني وال أن يك ون في
877
ذلك مساس بنسبية العقود أو بشرط كتابة اتفاق التحكيم"...
- 877قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 220صدر بتاريخ 2015 /01 /15في الملف رقم /8224 /2669
.2013
-عمر أزوكار " ،التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب ،قراءة في التشريع والقضاء ،م س ،ص 327وما يليها.
299
ويمكن أن نستنتج مما سبق أن االتجاه الرامي إلى امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات
ه و االتج اه ال راجح فقه ا وقض اء ،878ونحن ب دورنا نؤي د ه ذا االتج اه ونناص ره ون راه األولى بالتأيي د
األطراف يقتضي تحديد نطاق تطبيق شرط التحكيم ،ألن طرفا أو أطرافا تكون مرتبطة بشرط التحكيم
بينم ا ال تك ون أطراف ا أخ رى مرتبط ة به ذا الش رط .فه ل من مص لحة إخض اع ك ل األط راف لنظ ام
التحكيم ،أم أن شرط التحكيم يقتصر أثره على من التزم به تطبيقا لقاعدة نسبية آثار العقود ؟ سنعالج
هذا اإلشكال القانوني في العقود الواردة على محل واحد وكذا في العقود التي ال ترد على نفس المحل
بالنسبة للص ورة األولى ،تتوالى عدة عقود على ذات المح ل على ال رغم من اختالف أطرافها،
أو م ا يس مى بسلس لة العق ود ،كم ا إذا تعل ق األم ر بعق ود ال بيع المتتالي ة على ش يء واح د أو عق د إيج ار
شيء يقوم مستأجره بت أجيره من الباطن لش خص آخر .ال ش ك أن الطرف األخ ير في السلس لة العقدي ة
يمل ك ح ق مقاض اة المتعاق دين الس ابقين بص فته خلف ا خاص ا لكن ه ل يواج ه ه ذا الط رف بش رط التحكيم
لق د تض اربت مواق ف القض اء الفرنس ي به ذا الخص وص ففي ق رار ص ادر عن محكم ة النقض
المشتري األخير ،وكذا متعاقده المباشر وقد عللت المحكمة قرارها بعدم انتقال شرط التحكيم.879
طرفا في العقد الذي أدرج فيه شرط التحكيم .إال أن موقف محكمة النقض لم يسلم من النقد ،إذ ال يعقل
أن يضمن كل بائع وسيط ،عقده نفس الشروط التي تضمنها العقد األصلي ،كما أن اجتهاد المحكمة من
شأنه أن يقلل من فعالية نظرية سلسلة العقود التي تقوم على فكرة التبعية ،وقد تراجعت محكمة النقض
عن اجتهاده ا في الق رار الص ادر بت اريخ 6ف براير 2001حيث ص رحت بأن ه في سلس لة متجانس ة من
العق ود الناقل ة لملكي ة البض ائع ينتق ل ش رط التحكيم ال دولي م ع ال دعوى العقدي ة إال إذا ك ان ثم ة جه ل
أما بالنسبة للصورة الثانية المتعلقة بالعقود التي تتضافر لتحقيق هدف اقتصادي واحد من دون
أن ت رد على نفس المح ل ،فق د قض ت محكم ة االس تئناف بفرس اي أن قض اء التحكيم يس تمد س لطته من
اتفاق ات أط راف ال نزاع ف إذا تع دد ه ؤالء ،وك انوا م رتبطين بع دة عق ود ،عق دان منه ا تض من ش رطين
تحكيم يين مختلفين ،فعلى المحكمين أن يرجع وا إلى ك ل عق د من أج ل تق دير اختصاص هم بالنس بة لك ل
طرف وكل عنصر من عناصر النزاع فعلى الرغم من أن النزاع كان يتضمن سبعة أشخاص معنوية
بعض هم من أش خاص الق انون الع ام والبعض اآلخ ر من أش خاص الق انون الخ اص ،فق د ألغت المحكم ة
الق رار التحكيمي ال ذي بت في ال نزاع بحكم واح د ،وق د عللت الهي أة التحكيمي ة قراره ا ب أن ش رطي
التحكيم متكاملين ما دام الشرط الثاني مجرد توضيح للشرط األول ليس إال.881
فالمحكمة قضت بأن شرط التحكيم المدرج في أحد العقود ال يمكن أن ينتج أثره سوى تجاه من
ك ان طرف ا في ذل ك العق د ،وه ذا م ا قض ت ب ه محكم ة االس تئناف بب اريس حيث ص رحت أن القواع د
-880لالطالع على المزي د من األحك ام به ذا الش أن ي رجى الرج وع إلى أحم د كويس ي" ،نط اق أث ر ش رط التحكيم من حيث األش خاص" ،مس اهمة
مقدم ة بمناسبة أش غال الن دوة العلمي ة التي نظمت بكلي ة الحق وق بف اس ح ول موضوع" :الط رق البديل ة لتس وية المنازع ات" ،ي ومي 4و 5أبري ل
.2003سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،العدد .2004 ،2ص 158وما بعدها.
-881
301
كما قضت نفس المحكمة في قرارها 882
القانونية الخاصة بالتحكيم ال تسمح أن يتعدى أثرها إلى الغير
بتاريخ 22مارس 1995أن الشركة التي تقتني بواسطة مقاول من الباطن معدات تنتجها شركة ثالثة،
ال يمكن أن تواجه بشرط التحكيم المدرج في العقد المبرم بين المقاول والشركة المنتجة ما لم تكن على
أما قضاء التحكيم الدولي فيتبنى نفس الموقف ،حيث قضت غرفة التحكيم الدولية بباريس بأن
المقاول من الباطن ال يقوم بتنفيذ العقد المبرم بين المقاول الرئيسي ورب العمل ،ألنه لم يل تزم إزاء ه ذا
األخير ،ومن ثم ال يمكن اعتباره طرفا في العقد المبرم بين رب العمل والمقاول الرئيسي ،وأن توقيعه
على ذلك العقد ال معنى له ،وبذلك فإنه ال يمكن مواجهته بشرط التحكيم المضمن في عقد المقاولة.884
أم ام ض رورة جلب االس تثمارات األجنبي ة لتحقي ق التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة ق ام المغ رب
بإنش اء مجموع ة من مراك ز التحكيم ،ه ذه األخ يرة تق ف الي وم أم ام مح ك حقيقي يتمث ل في كيفي ة تفعي ل
دوره ا وك ذا تجس يد أه دافها على مس توى العملي ة التحكيمي ة من الناحي ة الواقعي ة .إذ الزالت تعترض ها
والح ديث عن معيق ات تط ور وفعالي ة مراك ز التحكيم ب المغرب ي دفعنا ب ادئ ذي ب دء ،إلى القي ام
بسرد أهم مراكز التحكيم الدولية واإلقليمية والوطنية التي تهتم بتسوية المنازعات التجارية عن طريق
882
- Paris 19 décembre 1986 rev. Arb 1987 p 359.
883
- Paris 9 novembre 1956 JCP 1966 II 14819 obs P. Lesccot.
884
- versailles 7 Mars 1990 rev. arb . 1991 P ; 326, Paris 1er juin 1999 rev.arb 2000. P 493 sentence cci dans
l’affaire. N 5721 en 1990 JDI 1990 p 1019.
302
التحكيم ،لننتق ل بع د ذل ك للح ديث عن دواعي إح داث بعض مراك ز التحكيم المغربي ة وأه دافها وأهم
الفقرة األولى :إطاللة على أهم مراكز التحكيم الدولية واإلقليمية والوطنية
من أقدم هيئات التحكيم على الصعيد الدولي ،حيث أنشئت سنة ،1892ومنذ ذلك الوقت وهي تضطلع
ب دور كب ير في دعم دور التحكيم واعتب اره أداة رئيس ية لتس وية منازع ات التج ارة الدولي ة إلى ج انب
وس ائل التس وية البديل ة األخ رى ،وله ذه المؤسس ات قواع دها الخاص ة ب التحكيم التج اري ال دولي وال تي
عرفت مجموعة من التعديالت ،كان أهمها تعديل سنة ،1981والذي اعتمد قواعد جديدة استهدف من
ورائ ه التخفي ف من ك ثرة اإلج راءات الش كلية في قض ايا التحكيم ال دولي ،ووض ع نظ ام بس يط وم رن
وفي نفس السياق تم إنشاء محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس سنة ،8871923
وقد كان الغرض من إنشائها تسوية المنازعات الناشئة عن المعامالت التجارية ذات الطابع الدولي ،إما
دون تخص يص فال توج د قي ود تتعل ق بن وع ال نزاع التج اري ال ذي يخض ع لتحكيم الغرف ة ،وق د اكتس بت
التجاري الدولي بصفة عامة وزيادة انتشاره وقد ازداد عدد التحكيمات الخاصة بمنازعة التجارة الدولية
قضية.889
كم تم إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار وذلك بموجب اتفاقية دولي ة وقعت في
واشنطن بتاريخ 18مارس 1965والتي تعرف باتفاقية تسوية منازعات االستثمار بين الدول ورعايا
وتتجلى خصوصية هذا المركز في كونه المنظمة الوحيدة في العالم التي تختص بالفصل 890
دول أخرى
في منازعات االستثمار التي تنشأ بين المستثمر األجنبي والدولة المضيفة لالستثمار.891
إضافة إلى مراكز التحكيم التي تم تقديمها ،هناك مجموعة من المراكز الدولية التي تهتم بتسوية
منازعات التجارة الدولية عن طريق التحكيم والمنتشرة حول سائر أنحاء العالم ،من قبيل مثال الجمعية
األمريكي ة للتحكيم ال تي أنش أت في ع ام 1962ومقره ا في نيوي ورك ،وك ذا غرف ة التحكيم البح ري
بباريس التي تأسست سنة 1929والتي تهتم أساسا بتسوية المنازعات التي تثيرها التجارة البحرية.892
-889أحمـد عبـد الكـريم سـالمة "،ق انون التحكيم التج اري ال دولي وال داخلي ،تنظيم وتط بيق مق ارن للق انون المص ري واإلنجل يزي" ،دار النهض ة
العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى ،سنة ،2004ص .82
- 890راجع ما عرضنا له بخصوص "اتفاقية تسوية منازعات االستثمار بين الدول ورعايا دول أخرى" في الباب األول من هذا البحث.
-891للتوسع أكثر في أهداف هذا المركز واختصاصاته وإ جراءاته ،راجع في ذلك:
-محمد الوكيلي ،م س.
-خالد محمد الجمعة "،المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار كطريق لحل منازعات االستثمار المباشر ،مجلة الحقوق الكويتية ،العدد
،3سنة .1998
-892محمد أخياط "،التحكيم البحري ،غرفة التحكيم البحري بالمغرب" ،مجلة القصر ،العدد ،1يناير ،2002ص .9
304
ثانيا:مراكز التحكيم اإلقليمية
توجد مراكز أو هيئات التحكيم الدائمة ذات الطابع اإلقليمي على الصعيد العربي ويعد مركز
القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي أحد أهم هذه المراكز ،893والذي يهدف نشاطه لإلسهام في دفع
عجل ة التنمي ة االقتص ادية بالبل دان العربي ة وذل ك من خالل الخ دمات الفني ة المتخصص ة ال تي يق دمها في
ويتم حسم هذه المنازعات طبقا لقواعد لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية أو وفقا للقواعد
التي يتفق عليها األطراف ،وذلك من خالل إجراءات عادلة وسريعة وغير مكلفة عن طريق محكمين
عرب وأج انب متخصص ين ،يح رص المرك ز على اختي ارهم وف ق مع ايير دقيق ة ،ويش ترط فيهم الخ برة
والكف اءة العلمي ة والعملي ة في مختل ف المج االت ،الش يء ال ذي أكس ب المرك ز خالل العش ر س نوات
األخ يرة من الق رن العش رين ش هرة واس عة وب دأ يجت ذب انتب اه المتع املين في مج ال التج ارة والتب ادل
ينض اف إلى م ا س بق توج د مراك ز وهيئ ات تحكيم إقليمي ة أخ رى تعكس االهتم ام ب التحكيم
التج اري ال دولي وال دور ال ذي تلعب ه في تس وية منازع ات التج ارة والمب ادالت الدولي ة ،ويكفي أن نس رد
فيه ا على س بيل المث ال :مرك ز التحكيم التج اري ل دى مجلس التع اون ل دى دول الخليج العربي ة ومق ره
المنام ة بمملك ة البح رين وك ذا مرك ز أب و ظ بي للتوفي ق والتحكيم التج اري ،وهيئ ة التحكيم ل دى غرف ة
رغم غي اب تش ريع تنظيمي للتحكيم المؤسس ي في ق انون التحكيم والوس اطة االتفاقي ة رقم -05
08فكان أولها إلى الوجود غرفة التحكيم البحرية بالدار البيضاء والتي أنشئت سنة .8961980
ثم تلتها مراكز تحكيمية أخرى يبقى أهمها المركز الدولي للتوفيق التحكيم بالرباط 897والذي أنشأ
بتاريخ 28أبريل 1999وذلك بمبادرة من غرف ة التج ارة والصناعة والخ دمات لوالي ة الرباط – سال
وبتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة والطاقة والمعادن (الوزارة الوصية) ووزارة العدل.898
وفي نفس الس نة ال تي أنش أ فيه ا المرك ز ال دولي للتوفي ق والتحكيم بالرب اط ق امت غرف ة التج ارة
والصناعة والخدمات بمراكش بإنشاء مركز تحكيمي خاص بها أسوة بمركز الرباط والذي أطلق عليه
اس م "مرك ز التوفي ق والتحكيم التج اري بم راكش" 899وذل ك بت اريخ 30يولي وز ،1999وال ذي تمت
المصادقة على قانونه وانتخاب مجلسه اإلداري بتاريخ 16يوليوز 2000هذا المركز يختص بإجراء
التوفيق والتحكيم في النزاعات التجارية الناشئة بين التجار سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين أيا
كانت جنسياتهم.900
ودعم ا للتحكيم المؤسس ي في المغ رب فق د تم تأس يس ع دد من مراك ز التحكيم والوس اطة أو
-896ج اءت فك رة إنش اء ه ذه الغرف ة نتيج ة المكان ة ال تي يتمت ع به ا القط اع البح ري ب المغرب ،ذل ك أن معظم المب ادالت التجاري ة للمغ رب من
واردات وص ادرات تتم عن طري ق واجهتي ه البحري تين (المتوس طية واألطلس ية) ،مم ا يقتض ي بالض رورة وج ود عالق ة تجم ع بين المتع املين في
مج ال المالح ة البحري ة س واء مغارب ة فيم ا بينهم أو مغارب ة وأج انب ،وه ذه العالق ات ال تي ال تخل و من خالف ات ونزاع ات معق دة تس تدعي إيج اد
حلول سريعة وفعالة ومرضية لكل األطراف بصورة تتالءم وخصوصيات تلك المنازعات ،ونظرا لغياب قضاء مغ ربي متخصص في المادة
البحرية ،فإن مختلف المقاوالت التي تتعامل مع المغرب في هذا المجال تشترط اللجوء إلى تحكيم المؤسسات الدولية األجنبية.
-897تم استبدال هذا االسم ب" المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط".
-898عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .11
- 899تم استبدال هذا االسم ب" مركز مراكش للوساطة والتحكيم".
-900المادة 3من نظام مركز التوفيق والتحكيم التجاري بمراكش.
-901تج در اإلش ارة إلى أن ه تم إطالق مرك ز دولي للوس اطة والتحكيم ،من ط رف القطب الم الي لل دار البيض اء ،وال ذي من المنتظ ر أن يك ون
مرك زا مخصص ًا للوس اطة والتحكيم والتقاض ي التج اري وحلق ة وص ل بين إفريقي ا وبقي ة الع الم.وتس عى مدين ة ال دار البيض اء إلى تس جيل نفس ها
كمركز عالمي للتحكيم بإفريقيا..
306
،2008باإلض افة إلى المرك ز األورو – متوس طي للوس اطة والتحكيم بال دار البيض اء ،ومرك ز التحكيم
بين الغرفة التجارية ألكادير والس بالمالس وتينيريفي ،902والمحكمة األطلسية للتحكيم الدولي.903
الفقرة الثانية :دواعـــي إحداث مراكــــز التحكيـــم بالمغرب ،وبعض األنشطــــة التي تقوم بها
ليس من الممكن خالل هذه الفقرة أن نقوم بتعداد كل مراكز التحكيم المغربية التي سبق ذكرها،
فنظ را لكثرته ا فإنن ا سنقتص ر بالدراس ة والتحلي ل على أهمه ا ،وق د اخترن ا في دراس تنا له ذا الموض وع
نم وذج":المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط" وذل ك ألن ه يعت بر أهم وأفض ل مرك ز تحكيمي على
الصعيد الوطني ،إذ يعد الوجهة المفضلة لرجال األعمال والمستثمرين في تسوية منازعاتهم التجارية.
فم ا هي األس باب وال دواعي ال تي س اعدت على إح داث المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم
بالرباط؟ ثم ما هي األنشطة التي قام بها من أجل التحسيس بأهمية التحكيم ونشر ثقافته؟
بالتنس يق والتع اون بين غرف ة التج ارة والص ناعة والخ دمات بوالي ة الرب اط – س ال ،ووزارة
التج ارة والص ناعة ووزارة الع دل تم إنش اء مرك ز دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط في 28أبري ل
وس يتمكن المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ال دار البيض اء ،من خالل هيئ ة القطب الم الي ال دار البيض اء ،من تعزي ز مكانت ه في مج ال التحكيم
الدولي
وبإقامة هيئة تحكيم دولية يسير المغرب على خطى مركز دبي المالي العالمي وهو أكبر مركز مصرفي في الشرق األوسط .وهيئة التحكيم في
دبي والنظ ام القض ائي لمرك ز دبي الم الي الع المي من األس باب ال تي تش جع الش ركات متع ددة الجنس يات على إقام ة مق ار في المرك ز دبي الم ال
الع المي وتش جع المح امين وش ركات الخ دمات المتخصص ة األخ رى على فتح مك اتب في اإلم ارة مم ا يق ود لخفض التكلف ة وتهيئ ة بيئ ة اقتص ادية
تجذب مزيدا من الشركات المالية.
مقال منشور على الموقع اإللكتروني www.anfaspress.com :تاريخ حصر الموقع.23 -11 -2014 :
-902يه دف ه ذا المرك ز إلى تش جيع االس تثمار في ه ذه المن اطق ،راج ع كلم ة الس يد وزي ر الع دل ال تي ألقاه ا بت اريخ 15ين اير 2007بمناس بة
التوقيع على بروتوكول التعاون القضائي المتعلق بالمرحلة الثالثة من برنامج إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات بالمغرب بين وزارة العدل
دل وزارة الع تروني ل ع اإللك اط ،الموق ة بالرب فارة البريطاني تركة والس ية مش ة البحث عن أرض ومنظم
http://www.justice.gov.ma/fr/Actualites
-ناصر بلعيد ،م س ،ص .42
-903عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .12
307
،1999غ ير أن االنطالق ة الفعلي ة للمرك ز لم تكن إال بع د الن دوة الدولي ة ح ول التحكيم ب المغرب خالل
أيام 24و 25ماي 2001بالرباط ،مما أعطى دفعة جديدة للقوانين المنظمة للتحكيم ببالدنا ،خصوصا
بعد القيام بمراجعة النصوص المنظمة للتحكيم وتعديلها ،وجعلها تساير التطورات االقتصادية التجارية
وطني ا ودولي ا ،وتتالءم م ع التش ريعات الدولي ة وتس تجيب لتطلع ات المس تثمرين ،ورج ال األعم ال وذلك
من قبيل ما يوفره التحكيم من ضمانات كالسرعة والسرية وقلة التكاليف مقارنة مع قضاء الدولة.904
فم ا هي دواعي إح داث المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط؟ وم ا هي أهداف ه؟ ه ذا م ا
هناك العديد من األسباب والدواعي التي ساعدت على إحداث المركز ومن أهمها:
-شعور غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالرباط بضرورة دعم المبادرات الهادفة إلى تحسين مناخ
االستثمار بالمغرب.
-تلبي ة رغب ات الف اعلين االقتص اديين والتج ار ،والمس تثمرين الوطن يين ،واألج انب ،في إيج اد آلي ة
مؤسساتية وقانونية بديلة لحل المنازعات التجارية واالستثمارية واالقتصادية ،غير القضاء الرسمي.
-استجابة أيضا للتوجيهات الملكية السامية لجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل الواردة في رسالة
جاللت ه إلى الس يد ال وزير األول في 9ين اير ،2000وال تي دع اه فيه ا إلى العم ل على تحس ين من اخ
االستثمار واالستمرار في تحسين إدارة العدل .حيث يقول جاللته "ينبغي مواصلة الجهود لتحسين إدارة
العدل ومراجعة التسوية التوافقية لما قد ينشأ من نزاعات بين التجار وذلك بتمكينهم من اللجوء أكثر ما
الجهود لعصرنة القضاء وتبسيط المساطر ،وتعميم المعلوميات كما يجب تنويع مساطر التسوية التوافقية
لما قد ينشأ من منازعات بين التجار وذلك من خالل اإلعداد السريع لمشروع التحكيم التجاري الوطني
والدولي ليستجيب نظامنا لمتطلبات عولمة االقتصاد وتنافسيته ،وسيسهم في جلب االستثمار األجنبي.
-إح داث ش بكة من المحكمين ،والخ براء ،والوس طاء األكف اء الع المين بأص ول وإ ج راءات التحكيم،
للمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط أهداف متعددة ومتنوعة يمكن حصرها فيما يلي:
-إقام ة نظ ام تحكيم مؤسس ي س ليم ت راعى في ه أحك ام الق انون واألع راف التجاري ة وس رعة الفص ل في
المنازع ات والحف اظ على أس رار المحاكم ة وتق ديم التس هيالت اإلداري ة للمحكمين ،أو الم وفقين لض مان
-ترس يخ ثقاف ة التحكيم كآلي ة يتم اختياره ا حس ب رغب ة أط راف ال نزاع وبملء إرادتهم تحت رعاي ة
-905شمس الدين عبـداتي "،التحكيم المؤسس ي ب المغرب" ،الن دوة الجهوي ة الحادي ة عش ر ،الص لح والتحكيم والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات من
خالل اجتهادات المجلس األعلى ،م س ،ص 235و .236
-906عبد الرحيم بن سالمة "،نظام التحكيم في التشريع المغربي" ،مجلة األمن الوطني ،العدد ،217السنة ،2002ص .36
-907عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .126
309
-الدفع بمسيرة التنمية االقتصادية واالجتماعية لبلدنا في جلب رؤوس األموال الوطنية واألجنبية ،من
خالل بعث الثق ة في نف وس المس تثمرين وطم أنتهم على أم والهم ببالدن ا ،وترس يخ مفه وم التحكيم في
المنطقة.908
-توفير إمكانية تسوية منازعات االستثمار والتجارة الدولية عن طريق التوفيق والتحكيم وفقا لقواعد
المركز المطابقة للقانون النموذجي للجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (األونسترال).909
يعم ل المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط من ذ إنش ائه بش كل أساس ي على نش ر الثقاف ة
التحكيمي ة وذل ك بك ل الوس ائل المش روعة والمتاح ة .وفي ه ذا اإلط ار ق ام المرك ز من خالل مس يرته
-الم ؤتمر ال دولي للتحكيم التج اري ب المغرب (الواق ع واآلف اق) وذل ك ي ومي 24و 25م اي
2001بالرباط.
-تنظيم ال دورة األولى المغربي ة التونس ية المش تركة ح ول المغ رب الع ربي والمنظم ة العالمي ة
-احتض ان وتنظيم الم ؤتمر الخ امس لإلتح اد الع ربي للتحكيم ال دولي المنظم تحت الرعاي ة
السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل بتعاون مع اإلتحاد العربي للتحكيم الدولي في
-908أحمد الفالحي "،دور التحكيم في حل نزاعات االستثمارات األجنبية ،دراسة مقارنة" ،م س ،ص .54
-909شمس الدين العبداتي ،م س ،ص .236
-910عبد الودود ولد بداد ،م س ،ص .89
310
-تنظيم لقاء تحسيسي حول الطرق البديلة لتسوية المنازعات بتعاون مع مركز حل الخالفات
بروم ا ومرك ز ب اريس للمص الحة والتحكيم في 12م اي 2005في إط ار المش روع األوروبي اله ادف
إلى إنعاش وتنمية التحكيم التجاري الدولي والطرق البديلة لحل المنازعات في بلدان الضفة المتوسطية.
-المش اركة في م ؤتمرات اإلتح اد الع ربي للتحكيم في دورت ه الثالث ة 2001ودورت ه الرابع ة
بصنعاء .2002
-تنظيم ن دوة أورو مغاربي ة بش راكة م ع مرك ز ت ونس للمص الحة تحت عن وان "االس تثمار
والتمويل والتحكيم" بدعم من مركز التجارة الدولي التابع للمنظمة الدولية للتحكيم ولجنة األمم المتحدة
للتج ارة والتنمي ة ،وبالتع اون ك ذلك م ع بعض المؤسس ات التحكيمي ة وذل ك خالل ي ومي 27و 28م اي
.2004
-تنظيم الم ؤتمر الخ امس لإلتح اد الع ربي للتحكيم التج اري ال دولي تحت عن وان "التحكيم
واالستثمار" وذلك خالل الفترة المتراوحة من فاتح يوليوز والثالث منه .2004
-تنظيم ن دوة دولي ة بش راكة م ع هيئ ة المح امين بال دار البيض اء ووح دة التك وين والبحث ق انون
األعم ال والمق اوالت بكلي ة س طات تحت عن وان "ق راءة في ق انون التحكيم والوس اطة االتفاقي ة المغ ربي
-تحت الرعاي ة الس امية لص احب الجالل ة المل ك محم د الس ادس نص ره اهلل نظم المرك ز ن دوة
دولي ة ح ول :تنفي ذ أحك ام التحكيم (الص عوبات والحل ول) وذل ك بت اريخ 28و 29م اي 2010بالرب اط
وذلك بشراكة مع مركز تونس للمصالحة والتحكيم وبتعاون مع وزارة العدل والغرفة الوطنية للتوثيق
ل دول الخليج العربي ة ومجلس جه ة الرب اط ،وغرف ة التج ارة والص ناعة والخ دمات للرب اط تحت عن وان"
دور الوسائل البديلة في تسوية منازعات االستثمار :نموذج المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي" ي وم
18يونيو .9122013
-استضافت المملكة المغربية الملتقى الدولي حول" االستثمار وتسوية المنازعات" في الفترة ما
بين 25و 26أبري ل 2014وذل ك في ال دار البيض اء بفن دق روي ال منص ور بتنظيم من مرك ز التحكيم
التج اري ل دول مجلس التع اون ل دول الخليج العربي ة والمرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط وذل ك
بشراكة كل من وزارة السياحة المغربية الدار البيضاء الكبرى غرفة التجارة الدولية لباريس(.)ICC
كما قام المركز بعدة لقاءات دولية وإ قليمية كلها تصب في منحى محاولة تطوير نظام التحكيم
في المغ رب ،والمس اهمة ك ذلك في تش جيع االس تثمارات الدولي ة والداخلي ة ال تي تعتبره ا الدول ة من أهم
وفي هذا الصدد قام المركز بعقد الكثير من اللقاءات مع أطراف دولية إقليمية 914مثل: 913
عوامل التنمية
-المش اركة في الم ؤتمر اإلقليمي ح ول دور ال دول النامي ة في المفاوض ات وتس وية المنازعات
ب دعوى من مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي المنعق د بمق ر الجامع ة العربي ة بالق اهرة
وباشتراك مع منظمة التجارة العالمية وجامعة القاهرة ووزارة الخارجية المصرية وذلك في الفترة من
-المشاركة في ندوة اإلستراتيجية الجديدة في التحكيم الدولي المنظمة من طرف غرفة التحكيم
لميالنو اإليطالية بتعاون مع غرف ة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء وبلدية ميالنو وبدعم
البيضاء.916
-2االتفاقيات الدولية
ق ام المرك ز ب التوقيع والمص ادقة على مجموع ة من االتفاقي ات ه دفها تعزي ز عالق ات التع اون
والشراكة مع مراكز دولية للتوفيق والتحكيم من دول مختلفة في هذا المجال ومن بينها:
-االتفاقي ة المبرم ة م ع المرك ز التونس ي للمص الحة والتحكيم بت اريخ 11ين اير 2001وال تي
استهدف منها إعداد برامج تدريبية وورشات عمل في مجال التحكيم التجاري.
-االتفاقي ة المبرم ة م ع مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي الموقع ة في 13ين اير
-االتفاقي ة المبرم ة م ع المرك ز اليم ني للتوفي ق والتحكيم الموقع ة بت اريخ 16ش تنبر 2002
الهدف منها المشاركة في األنشطة التي من شأنها اإلفادة واالستفادة في مجال التحكيم.917
-3الدورات التكوينية
للتأكيد على ضرورة العمل على إشاعة ثقافة اللجوء للوسائل البديلة لفض النزاعات والتي من
بينه ا التحكيم وإ ض فاء المص داقية عليه ا من أج ل خل ق بيئ ة مالئم ة لتنمي ة وتش جيع االس تثمار بالمملك ة،
وك ذا في ظ ل العولم ة والح راك االقتص ادي ونش وء التكتالت االقتص ادية في ك ل أنح اء الع الم .نظم
بين أهمها:
-دورة تكوينية نظمها المركز بمدينة مراكش انطلقت من 05أبريل إلى غاية 18ماي 2014
بفندق مريديان نفيس حول موضوع" التحكيم وسيلة مالئمة لفض النزاعات" وكان لهدا التكوين سياقين:
س ياق مؤسس اتي يتعل ق بتنفي ذ مخط ط برن امج عم ل المرك ز وإ س تراتيجيته في تك وين جي ل جدي د من
المحكمين األكفاء والمؤهلين لممارس ة التحكيم وتس وية المنازعات ،أم ا السياق الثاني فهو س ياق مهني
يعني تقوية قدرات المشاركين -المستفيدين من التكوين -باعتماد مقاربة قانونية ومهنية -وعملية ،من
ش أنها تط وير كف اءات المش اركين وإ كس ابهم مرجعي ات نظري ة أساس ية في نظ ام تس وية المنازع ات
وخاصة التحكيم.918
-نظم المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط يومي 18و 19أبريل 2015دورة تدريبية
بعن وان "التحكيم التج اري مهن ة المس تقبل" وذل ك تحت ت دريب وت أطير األس تاذ أحم د ال ورفلي واألس تاذ
حسن أسوكي.919
-4استقبال الباحثين
كم ا يعم ل المرك ز على اس تقبال الب احثين المهتمين بمج ال التحكيم حيث يتواف د على المرك ز
العدي د من طلب ة س لك الماس تر وال دكتوراه من مختل ف كلي ات الحق وق الوطني ة وبعض األط ر اإلداري ة
والمهتمين بالش أن التحكيمي يستفس رون ح ول مواض يع وقض ايا ترتب ط إجم اال ب الطرق البديل ة لح ل
المنازعات وخاصة التحكيم التجاري وقد تم تزويدهم بكل المعلومات الضرورية المتعلقة باستفساراتهم
وتساؤالتهم.920
في مج ال اإلعالم والتواص ل وس عيا لترس يخ ثقاف ة التحكيم والط رق البديل ة لح ل المنازع ات
ونشرها بين األوساط القانونية واالقتصادية والقضائية ،عمل المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط
على نشر العديد من البالغات الصحفية في عدد من المنابر اإلعالمية المرئية والسمعية والمكتوبة.921
كما يتوفر المركز على منشورات دورية يبقى أهمها المجلة المغربية للتحكيم التجاري والتي يستهدف
-مش اركة خ براء ومحكمين متمرس ين من ال وطن الع ربي في تحريره ا والمس اهمة في إث راء
-تغطيتها لتقارير ومقاالت تتناول آخر تطورات الطرق البديلة لفض النزاعات محليا وعربيا
ودوليا.
ورغم األنشطة واألدوار التي يلعبها المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط بص فة خاصة و
المجه ودات القيم ة ال تي تق وم به ا مراك ز التحكيم المغربي ة بص فة عام ة ،923من أج ل بل ورة النظ ام
تحقيق األهداف التي تسعى إليها وهي تطوير نظام التحكيم لتواكب هذه المراكز ما وصلت إليه المراكز
فما هي إذن هذه المعيقات والعراقيل التي تحد من تطور المراكز التحكيمية وتؤثر بالتالي على
تعاني مراكز التحكيم بالمغرب من مجموعة من المعيقات التي يمكن إجمالها فيما يلي:
إن هامش الحرية في مراكز التحكيم ال يكون واسعا بالنسبة ألطرافه مقارنة مع التحكيم الحر
هذا األخير الذي يعطي الحق لألطراف المتنازعة أمر اختيار اإلجراءات التي تتناسب مع خصوصية
نزاعاتهم ،واختيار المحكمين الذي ارتضوهم وكذا القانون المطبق على جوهر النزاع والذي يمكن أن
ال ينتمي إلى أي نظ ام ق انوني وط ني .924في حين يبقى أط راف مراك ز التحكيم مقي دين ب إجراءات
وقواعد تحكيم المركز بشكل كبير ،كما لو أن منازعاتهم يتم تسويتها عن طريق جهاز قضائي.925
وبذلك يجب التقيد بنظام التحكيم المطبق لدى مركز التحكيم وال يجوز الخروج عن هذا النظام
إال في حدود ما هو مسموح به في النظام ذاته إن سمح بذلك .وهذه القاعدة ملزمة لألطراف ولمركز
-نظمت محكمة النقض بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بأكادير والعيون ،القطب المالي للدار البيضاء وغرفة التجارة الدولية ،ندوة دولية حول
موضوع " :آفاق التحكيم الدولي بالمغرب " ،وذلك يومي 5و 6دجنبر 2014بفندق أطلنتيك بالص -المنطقة السياحية بمدينة أكادير.
أنظر الموقع اإللكتروني http://www.onmagharebia.com :تاريخ حصر الموقع 5 :دجنبر .2014
-924فوزي محمد سامي "،التحكيم التجاري الدولي" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،سنة ،2006ص .19
-925عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .29
316
ف األطراف باتف اقهم على التحكيم وف ق قواع د مرك ز معين ألزم وا أنفس هم به ذا النظ ام ب إرادتهم
والقاعدة المستقرة في هذا الشأن أنه ليس ألحد الطرفين الخروج بإرادته المنفردة على اتفاق كان طرفا
في ه .وك ذلك األم ر فإن ه ال يج وز لمرك ز التحكيم الخ روج على قواع ده الس ارية المفع ول دون موافق ة
الط رفين .والش يء ذات ه بالنس بة للمحكم ال ذي قب ل مهم ة التحكيم وف ق تل ك القواع د .وبمع نى أدق ف إن
قواعد التحكيم المعمول بها لدى مركز ما ملزمة مبدئيا للطرفين ولتلك المؤسسة ولهيئة التحكيم.926
وإ ذا ك انت س لطة هيئ ة التحكيم تب دو مح دودة إزاء النظ ام اإلج رائي في التحكيم المؤسس ي ل دى
مراكز التحكيم ،فإن ذلك في الحقيقة يشكل مبدأ أو قاعدة لها استثناءاتها التي تتوسع معها حدود سلطة
هيئة التحكيم ،خاصة عند عدم نص نظام المركز على قاعدة إجرائية معينة أو عند تركه لبعض األمور
والس ؤال ال ذي يث ار في ه ذا اإلط ار ه و م دى ق درة األط راف على مخالف ة القواع د اإلجرائي ة
المنص وص عليه ا في الئح ة مرك ز تحكيم دائم ،انطالق ا من ك ون س لطات المحكم هي في كث ير من
الحقيقة أن مواقف هيئات ومراكز التحكيم جاءت متباينة من حيث معالجتها لهذه اإلشكالية في
أنظمته ا ولوائحه ا اإلجرائي ة .ف إذا ك ان نظ ام التحكيم ل دى غرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس الص ادر س نة
1998ق د وس ع من س لطات المحكم واألط راف في تع يين الق انون اإلج رائي في حال ة س كوت ه ذا
النظام ،928فإن بعض المراكز الدولية الدائمة قد كانت أكثر مرونة في هذا الباب .إذ أن المادة 15من
نظام التحكيم لدى المحكمة الدائمة للتحكيم بالهاي الصادر في ،1992.10.20قد منحت المحكم سلطة
-926حمزة أحمد حداد "،التحكيم في الق وانين العربي ة ،ق وانين اإلم ارات والبح رين والس عودية وس وريا والع راق وقط ر والك ويت ولبن ان وليبي ا"،
الجزء األول ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،الطبعة األولى ،سنة ،2007ص .120
-927خليل إبراهيم عال "،حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،
جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية ،.2008-2007ص .47
-928أنظر المادة 15من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية .CCI
317
أوس ع ،بحيث منحت ه س لطة تحدي د اإلج راءات ال تي تب دو ل ه مناس بة .كم ا أن الئح ة أب و ظ بي للتوفي ق
والتحكيم التجاري لسنة 1993جعلت إرادة األطراف تبدو أولى من نظام المركز ،بحيث اعتبرت في
المادة 2/3أن هذه الالئحة تعتبر مفسرة ومكملة إلرادة األطراف ال أكثر.
ونجد نظام التوفيق والتحكيم التجاري لدى غرفة تجارة وصناعة دبي الصادر سنة 1994قد
سلك نهجا وسطا ،بحيث اعتبرت أن االتفاق على تحكيم هذا المركز هو إرادة ضمنية إلقرار األطراف
بقبول إجراءات وأحكام نظام المركز وااللتزام بتنفيذها .غير أنه أجاز االتفاق كتابة على إتباع أحكام
مراكز التحكيم عن السؤال السابق .لكن ومع ذلك يجب التسليم ببعض الفروض التي تتحدد معها سلطة
المحكم في ه ذا الش أن وهي أن المحكم أوال محاي د ومس تقل في قرارات ه عن األط راف ،وعن المرك ز
ذات ه ال ذي ال يمل ك إال اإلش راف اإلداري على عملي ة التحكيم .ثم إن التحكيم يق وم على إرادة األط راف
واإلج راءات هي وس يلة للوص ول إلى ح ل م رض لهم .وألج ل ذل ك ف إنهم يملك ون االتف اق على مخالف ة
إجراءات المركز وال تبقى سوى سلطة المحكم في فحص مدى مخالفتها لقواعد النظام العام من عدمه.
إن حكم التحكيم بع د ص دوره ق د يص طدم بعقب ة هام ة ق د تح ول دون فعالي ة المرك ز التحكيمي
وهي تنفيذه .وتعتبر هذه المسألة من أكثر المشاكل خطورة التي تواجه حكم التحكيم من الناحية العملية،
ف رغم اش تراط بعض المراك ز التحكيمي ة من خالل لوائحه ا التنظيمي ة تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الص ادرة
عنه ا ب دون ت أخير وعن حس ن ني ة ،930فق د ي رفض الط رف الص ادر في حق ه الحكم التحكيمي مث ل ه ذا
إن أك ثر من 90%من األحك ام التحكيمي ة الص ادرة في الم واد التجاري ة الدولي ة عن مراك ز
التحكيم الدائمة تحظى بالتنفيذ التلقائي من طرف األطراف دونما حاجة إلى إتباع أي إجراء معين،932
ذل ك أن اللج وء إلى نظ ام التحكيم أم ام ه ذه المراك ز ق د تم بطريق ة اختياري ة ،بمع نى أن األط راف ق د
ارتضوا مسبقا على ما قد يخلص إليه المحكم أو الهيئة التحكيمية من حكم ،فضال عن أن غالبية التجار
على الص عيد ال دولي ،يخش ون على س معتهم التجاري ة إن هم لم يق دموا على تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة
ل ذلك ف إن أحك ام التحكيم الص ادرة في ظ ل بعض المراك ز الدولي ة للتحكيم تنف ذ دون حاج ة
الستصدار أمر بتنفيذها من قبل المحاكم الوطنية .فإخضاع النزاع لنظام تحكيم غرف ة التجارة الدولية
بب اريس ي ترتب علي ه تنفي ذ الحكم التحكيمي دون ت أخير كون ه يمث ل ق وة االل تزام التعاق دي .كم ا أل زمت
طبقا لنظام مركز التوفيق والتحكيم بالرباط ،فهي تحوز حجية األمر المقضي به وتكون واجبة التنفيذ
-933فاطمة بوشـكورت "،دور التحكيم المؤسس ي في تس وية منازع ات التج ارة الدولي ة" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،سال ،سنة ،2007 -2006ص .116
-934الفقرة 1من المادة 50من نظام المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط.
319
بعض الحلول المعتمدة لمواجهة صعوبة التنفيذ الطوعي -2
تتس م األحك ام الص ادرة عن غرف ة التحكيم البحري ة بب اريس بتنفي ذها التلق ائي واالختي اري ،وفي
حالة الرفض فإن هناك جملة من الجزاءات المعنوية والمادية التي يفرضها التحكيم البحري المؤسسي،
حيث يطلب دفع التكاليف والمصروفات مقدما مناصفة بين الطرفين أو تقديم كفالة ،مما يشكل ضغطا
ماديا على رافض التنفيذ يدفعه إلى التنفيذ اختياريا مجبرا بمثل هذه الجزاءات المادية أو المعنوية.935
وتس هيال لتنفي ذ أحك ام التحكيم الص ادرة عن المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات االس تثمار أل زم
المركز كل دولة متعاقدة باالعتراف بحكم التحكيم وتنفيذ االلتزامات المالية الناشئة عنه فوق إقليمها كما
ل و ك ان قطعي ا ص ادرا عن إح دى محاكمه ا ،936ويكفي لتنفي ذ الحكم التحكيمي حص ول الط رف المع ني
على نسخة من حكم التحكيم مصادقا عليها من الكاتب العام للمركز وتقديمها إلى المحكمة المختصة أو
كم ا يتمت ع المرك ز ال دولي بس لطة مادي ة ومعنوي ة واس عة إلجب ار الط رف المحك وم علي ه على
الوف اء بااللتزام ات الناش ئة عن الحكم التحكيمي ،938إض افة إلى ذل ك يتم االس تعانة بالحماي ة الدبلوماس ية
كوسيلة فعالة لضمان فعالية األحكام الصادرة عن مركز واشنطن ،وتجنبا لعدم االنصياع لحكم التحكيم
فإنه من حق أي دولة متعاقدة أن تقدم شكواها أمام محكمة العدل الدولية للمطالبة بتنفيذ الحكم .وكذا إذا
كان المستثمر األجنبي قد أصابته أضرار مادية من جراء عدم تنفيذ الحكم التحكيمي ألن الدول كثيرا
ما تعمد إلى االمتناع عن تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهتها عن طريق الدفع بالحصانة التنفيذية ،هذا
السالح الذي تملكه الدولة أو أحد أجهزتها في مواجهة األحكام الصادرة ضدها لصالح الطرف الخاص
ومن تم يالح ظ أن مراك ز التحكيم الدائم ة ق د اس تلزمت تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الص ادرة عنه ا
بش كل اختي اري وتلق ائي إذ يبقى من الص عب ج دا من الناحي ة الواقعي ة االمتن اع عن تنفي ذ ه ذه األحك ام
التحكيمية ،نظرا للعقوبات التي يمكن أن توقعها الشركات المتعددة الجنسيات على الطرف الذي يرفض
وتبقى مراجع ة القض اء للحكم التحكيمي أم را ض روريا وواجب ا يفرض ه مب دأ العدال ة إلنص اف
المحك وم ل ه وتمكين ه من الحص ول على حقوق ه من المحك وم علي ه ول و ج برا عن د االقتض اء ،إذ يح ق
لص احب المص لحة اللج وء إلى قض اء الدول ة الم راد تنفي ذ الحكم على أراض يها الستص دار أم ر قض ائي
غ ير أن ت دخل المح اكم الوطني ة في مس ألة االع تراف بحكم التحكيم وتنفي ذه تعترض ه العدي د من
الص عوبات نظ را الختالف مواق ف التش ريعات بش أن تنظيم إج راءات التنفي ذ تبع ا للنظ ام الق انوني ال ذي
تفرضه سلطات دولة التنفيذ ،حيث تستقل كل دولة بوضع هذا النظام حسب ما تمليه عليها توجهاتها
-939في هذا اإلطار يقول ذ .عبد اهلل درميش ":إن اتفاقية واشنطن تمتاز بثالث ميزات:
-تتعلق اتفاقية واشنطن بقطاع واحد وهو االستثمار
-تطبق اتفاقية واشنطن بين الدولة المضيفة لالستثمار ومستثمر أجنبي طبيعيا كان أو معنويا كشركة أو مقاولة لدولة أخرى مصادقة على هذه
االتفاقية
-أن الحكم الذي يصدر في إطار اتفاقية واشنطن ينفذ من طرف المحكوم عليه حتى ولو لم يذيل بالصيغة التنفيذية
فكل األحكام التحكيمية ال يمكن تنفيذها جبريا إال إذا ذيلت بالصيغة التنفيذية ،باستثناء األحكام التي تصدر في إطار اتفاقية واشنطن فإنها تنفذ
حتى بدون صيغة تنفيذية.
لكن إذا رفضت الدولة المضيفة لإلستثمار تنفيذ هذا الحكم ما هو الحل؟
هذه الدولة ستنفذ الحكم التحكيمي ويكون ذلك بضغط دولي من الدول المصادقة ومن مراكز التحكيم ،ألن الضغط الدولي يكون أحيانا قوة جبرية
ويكون أقسى من التنفيذ الجبري بالوسائل المعهودة لدينا.
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-940عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص 73و .74
-941فؤاد الصفريوي "،نظام تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية بالمغرب" ،م س ،ص .3
321
االقتص ادية والسياس ية وك ذا درج ة حرص ها وتش بثها بمب دأ س يادتها اإلقليمي ة أو اس تجابتها لمتطلب ات
التعاون الدولي.942
إن الوجود القانوني لمراكز التحكيم بالمغرب لم يسايره مع األسف الوجود الفعلي إذ أن معظم
الشيء الذي يمكن أن نستشفه بوضوح من خالل عدد المنازعات التي عرضت على مؤسسات التحكيم
خالل فترة زمنية معينة وهو ما سيبرزه الجدول أسفله إذ يمكن من خالل ذلك إعطاء تقييم أولي لعمل
هذه المراكز رغم حداثة تأسيسها بالمقارنة مع بعض المراكز الدولية والعربية.
2014
أقل من 90نزاع لم يعرض عليها 18نزاع لم يعرض عليه 8نزاعات بشكل 60نزاع بشكل 45نزاع بشكل عدد المنازعات التي
بشكل تقريبي أي نزاع بشكل أي نزاع تقريبي تقريبي تقريبي عرضت على بعض
أعاله يتبين أن هذه المراكز ال زالت لم تكتسب بعد ثقة المتنازعين وطنيين كانوا أم أج انب ،إذ ك ان من
المنتظر عند إنشائها أن تقوم بأدوار طالئعية ليس فقط على مستوى التحكيم الداخلي وإ نما كذلك على
المستوى العربي والدولي نظرا لمجموعة من العوامل أهمها الموقع الجغرافي للمغرب ،وكذلك باعتباره
بل دا واع دا في جلب االس تثمارات ورؤوس األم وال األجنبي ة عالوة على أن التحكيم كآلي ة بديل ة لفض
وب الرجوع إلى اإلحص ائيات ال تي ت بين بش كل تقري بي ع دد المنازع ات ال تي عرض ت على
المراك ز التحكيمي ة ،والمبين ة في الج دول أعاله نس تنتج وبلغ ة األرق ام ،م دى عجزه ا على اس تقطاب
األطراف المتنازعة من أجل عرض خدماتها عليها ،بل األكثر من ذلك فإن هذه المنازعات المعروضة
عليها لم يتم الفصل فيها جميعا إذ ال يزال بعضها قيد الدراسة من طرف بعض المراكز.949
باإلضافة إلى أن بعض مراكز التحكيم وقفت عند نقطة انطالقها – مكتفية بإنشائها -في انتظار
عرض أطراف النزاع قضاياهم عليها دون توفير اآلليات وحشد الطاقات قصد تحقيق األهداف المرجوة
من إحداثها (المركز الدولي للوساطة والتحكيم بطنجة الذي يعد بمثابة خلية نائمة إذ لم يعرض علي ه أي
التحكيمية؟
في حقيقة األمر هناك العديد من العوامل التي أدت بشكل رئيسي إلى بلوغ هذه المراكز لهذا
إن المق اوالت األجنبي ة المتخ ذة من المغ رب مق را لبعض فروعه ا لم تعم ل على ارتي اد المراك ز
أن هذا اإلحجام كان إراديا من قبلها وما يدعم هذا الطرح كون أغلب 951
ويرجح بعض الفقه
العق ود ال تي تبرمه ا م ع الف اعلين االقتص اديين المحل يين منهم وال دوليين تعم ل جاه دة على تض مينها
لشروط أو لمشارطات تحكيمية ،حتى تجعل الجهة المختصة في فض النزاع المحتمل النشوء عنها هي
إحدى المراكز التحكيمي ة األجنبي ة (كغرف ة التجارة الدولي ة بب اريس أو مركز واشنطن لتسوية نزاعات
-950في الكلمة التي ألقاها حسن الشامي ،رئيس اإلتحاد العام لمقاوالت المغرب ،بمناسبة ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من
طرف وزارة العدل واإلتحاد العام لمقاوالت المغرب ،يومي 4 -3مارس ، 2004جاء فيها " :ومع ذلك يبقى التحكيم التجاري غير معروف
لدى عدد كبير من المقاوالت ،خصوصا المتوسطة والصغرى ،وإ ذا عرفنا أن هاته المقاوالت تمثل أكثر من 90في المائة من النسيج المقاوالتي
المغ ربي فلنا أن نستنتج أن هذه اآللي ة لحل النزاعات التجارية ال تستعملها إال نخبة من المق اوالت ،ولن ا أن نتساءل لم اذا ؟ وسنجد عدة أجوبة
منها:
-الكلفة المرتفعة للتحكيم والتي غالبا ما تشكل عقبة لدى عدد من المقاوالت في اللجوء إليه.
-عقلي ة بعض أرب اب المق اوالت التي ت رفض أن يت ولى ش خص خ ارج المح اكم مهم ة ح ل نزاعاته ا التجاري ة ،وك ذلك اعتماده ا كلي ا على الح ل
القضائي.
-عدم توفر المغرب على مدونة للتحكيم واضحة ومتكاملة تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالتحكيم التجاري.
-غير أن أهم هذه األسباب يكمن في غياب شبه كلي لحمالت تحسيسية للمقاوالت باللجوء إلى التحكيم".
-حسن الشامي ،كلمة افتتاح ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من طرف وزارة العدل واالتحاد العام لمقاوالت المغرب ،يومي
4 -3مارس ، 2004سلسلة دفاتر المجلس األعلى ،مطبعة األمنية ،الرباط ،العدد ،6سنة 2005ص .18
-951ناصر بلعيد ،م س ،ص .53
325
الدول ورعايا الدول األخرى أو غيرها من المراكز) ،وقد ينصرف تبريرها في ذلك إلى كون التحكيم
المغربي لم يتوفر بعض على التجربة الالزمة واألشخاص المؤهلين لتولي مهام التحكيم كما هو عليه
فق د ال يث ق كب ار المس تثمرين وخاص ة األج انب منهم في كف اءة محكمي ه ذه المراك ز في فض
المنازعات المعروضة عليهم بالنظر لخبرتهم المحدودة وتخصصهم المقتصر على المجال القانوني دون
غ يره ،األم ر ال ذي يخ الف م ا ه و متع ارف علي ه في المراك ز التحكيمي ة األجنبي ة وال تي تتك ون من
محكمين من مختلف التخصصات ،مما ال يثير أي إشكال على مستوى اختيار المحكمين المتخصصين
في مج ال ال نزاع المع روض عليهم وك ذلك ب النظر للتك وين المس تمر ال ذي ت وفره لهم ه ذه المراك ز.952
األمر الذي ال نلمسه على مستوى المراكز التحكيمية المغربية حيث نجدها تعتمد على نوعية معينة من
المحكمين دون غيرهم رغم اقتصار تخصصهم في الشؤون القانونية دون غيرها.953
مم ا ي دفع بالمؤسس ات التجاري ة الك برى إلى اللج وء لمراك ز التحكيم الدولي ة ع وض المراك ز
الوطنية وكمثال على ذلك المكتب الوطني الستغالل الموانئ الذي يعرض النزاعات التي يكون طرفا
- 952تعتبر المراكز الدولية أكثر خبرة وتنظيم سواء على مستوى الوسائل اللوجستيكية ،وكذا على مستوى التأطير أو التنظيم القانوني.
استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان ،المحمدية ،الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أس ئلة متنوعة
متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على مجموعة من المحامين والموثقين.
-953في الغ الب تعتم د ه ذه المراك ز على ذ .المرنيســي ،ذ .التــبر ،ذ .درميش وهم محكمين متخصص ون في الش ؤون القانوني ة وذل ك بك ونهم
محامون.
326
تع اني مراك ز التحكيم من ع دم تخص يص الدول ة لميزاني ات مالي ة كافي ة تمنح لفائ دتها قص د
تقتصر ميزانيتها على تلك المنح المالية التي تحصل عليها من الغرف التابعة لها ،تضاف إليها بعض
الم داخيل الزهي دة ال تي تحص ل عليه ا من خالل بي ع إص دارات أو المص اريف ال تي يتم اس تغاللها من
إض افة إلى مش كل التموي ل هن اك مش كل ض عف الكف اءات البش رية إذ تحت اج ه ذه المراك ز إلى
ط اقم من محكمين وأط ر متخصص ين ومتق نين للغ ات الحي ة ح تى يتس نى له ا أن تكس ب ثق ة األط راف
الدولية الفاعلة في مجال التجارة الدولية ،وبالتالي تكسب القضايا الكبيرة التي تدار عليها أرباحا كبيرة
باالستقالل القانوني من خالل السماح لها بوضع األنظمة القانونية األساسية لمراكز التحكيم.
فإدم اج مراك ز التحكيم الوطني ة في غ رف التج ارة والص ناعة والخ دمات انعكس س لبا على
هذه التبعية ،وهكذا كان يجب أن تتأسس هذه المراكز بشكل مستقل في تدبيرها وإ دارتها على غرار ما
التحكيم ع بر الع الم ومتطرق ة ألغلب المش اكل ب الحلول مم ا يجعله ا أداة فعال ة لح ل النزاع ات التجاري ة
واإلبق اء على العالق ات الودي ة بين التج ار والمس اهمة في دف ع عجل ة التق دم في ه ذا البل د ه ذا فق ط من
الناحي ة النظري ة ،في حين أن ه على أرض الواق ع فالمالح ظ أن جمي ع ه ذه المراك ز تبقى قوانينه ا مج رد
حبر على ورق وال تؤدي الدور المنوط بها ،إذ أن أزمة التحكيم في المغرب ليست أزم ة نص تش ريعي
بقدر ما هي أزمة ثقافة تحكيمية لدى المؤسسات التجارية وبقية اآلليات الفاعلة في الميدان التحكيمي.
كما أن هناك أزمة ثقة في المراكز التحكيمية التي ال تبدل المجهودات الالزمة للتعريف بها والمساهمة
في إبراز أهمية هذا النظام ،وما يدل على هذا العدد الهزيل للقضايا التحكيمية التي عرضت على هذه
فمن المؤس ف أن يك ون المغ رب ب الرغم من قرب ه من أورب ا وتش ابك عالقات ه االقتص ادية
والتجارية معها وانفتاحه المبكر على االقتصاد والتجارة الدوليين ودخوله في شراكة وتعاون مع معظم
وإ ذا ك انت هذه هي أهم الص عوبات التي تعترض مراكز التحكيم بالمغرب فما هي الص عوبات
يعتبر نظام التحكيم آلية مهمة لفض المنازعات خصوصا في الوقت الراهن ويعود ذلك لكون
ج ل مش اريع االس تثمار الوطني ة الك برى تعت بر العنص ر األجن بي ض روريا ومهم ا ب ل ط رف أساس ي ال
-مداخل ة لألس تاذ محمـد طـارق "،ق راءة في واق ع تط بيق الق انون رقم 08 -05الخ اص ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة بع د 8س نوات" ،في ن دوة
علمية تحت عنوان "،التقنيات البديلة لتسوية المنازعات بين النص القانوني وواقع الممارسة" ،بالمحمدية ،الخميس 21ماي .2015
لكن رغم هذا كله فنظام التحكيم وكأي نظام يسعى إلى النجاح البد من وجود بعض التحديات
ومن بين تلك الصعوبات التي حالت وتحول دون تطويره وانتشاره ما يتعلق بالجانب النفسي
إذا كان المشرع المغربي قد اهتم بالتحكيم إيمانا منه بأن هذا النظام يساهم بشكل كبير في حل
نزاعات األفراد ولكونه هو المعمول به لدى بعض المناطق التي تعيش على العرف والعادة ،959ويظهر
ه ذا كل ه من خالل النص وص ال تي خص ها المش رع للتحكيم ،960ومن التع ديل ال ذي عرفت ه بعض ه ذه
النصوص لمسايرة التطور الذي عرفته بعض النشاطات االقتصادية كالنشاط التجاري.961
إال أن اإلشكال الذي يبقى مطروحا هو حقيقة الدور الذي يلعبه التحكيم في مجتمعنا المعاصر
إذا نظرن ا إلي ه كمؤسس ة قانوني ة؟ ه ل فعال يتم اإلقب ال علي ه من ط رف المواط نين بجمي ع ش رائحهم من
أجل فض منازعاتهم؟ وإ ذا كان الجواب بالنفي فلماذا؟ ما هي الصعوبات النفسية السيكولوجية التي تقف
-959يوج د اآلن التحكيم في بعض المن اطق النائي ة ويحتكمون إلى شيخ القبيلة أو إلى ش خص يح دى ب االحترام ويتم تنفي ذ الحكم التحكيمي ب دون
صيغة تنفيذية حتى ال ينظر إلى الشخص الذي تقاعس عن التنفيذ نظرة اشمئزاز وحتى ال يبعد من الجماعة وهذا هو التحكيم الحقيقي.
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-960لم يقتص ر تنظيم التحكيم على ق انون المس طرة المدني ة وح دها ،ب ل نج د العدي د من المقتض يات ال تي له ا ص لة به ذا الموض وع في ق وانين
أخرى ،كما هو الشأن بالنسبة لقانون االلتزامات والعقود ،ومدونة األسرة ،ومدونة الشغل ،وغيرها من الظه ائر الصادرة في مجاالت مختلفة
والتي تنص في بعض مقتضياتها على اللجوء للتحكيم.
-961يعد قانون 08 -05من أبرز الخيارات اإلستراتيجية المرتبطة بالتنمية ،خاصة مع اتساع العالقات الدولية ،وعولمة االقتصاد ،وسرعة
تحرك األموال ،وذلك من أجل توفير المناخ المالئم لالستثمار ،وترسيخ دعائم األمن القانوني في ميدان األعمال.
329
هذا ما سنحاول معالجته من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين :نخصص األولى للحديث عن
أهم الصعوبات السيكولوجية التي يطرحها التحكيم االختياري أما الفقرة الثانية فسنخصصها للحديث عن
إذا ك ان التحكيم االختي اري ه و التحكيم ال ذي يلج أ إلي ه أط راف الخص ومة برض اهم وإ رادتهم
الح رة حيث ي ترتب على لج وئهم إلى التحكيم تن ازلهم الم ؤقت عن حقهم في ط رح ال نزاع على القض اء
العادي ،فإن التحكيم اإلجباري هو الذي يخضع المشرع فيه الخصوم على اللجوء إليه لحل نزاعهم ،إذ
ال يجوز لهم اللجوء إلى القضاء العادي بطرح ذلك النزاع عليه ألسباب اقتصادية أو اجتماعية والتحكيم
بهذا الشكل يعتبر استثناءا ألن األصل في التحكيم أن يكون اختياريا.963 962
اإلجباري
تتح دد اإلج راءات واآلج ال ،وتحكيم ح ر أو م ا يس مى بتحكيم الح االت الخاص ة وه و ال ذي يتم بمعرف ة
محكم أو محكمين يختارهم الخصوم وفقا لما يحدده هؤالء من قواعد وإ جراءات.
ففي هذا النوع من التحكيم ال يلجأ فيه الخصوم إلى هيئة تحكيم دائمة منظمة سلفا وتفصل فيما
يعرض عليها وفق قواعد وإ جراءات تحددها الئحتها ،وإ نما يلجأ الخصوم إلى اختيار محكم أو أكثر ثم
يت ولى ه ؤالء المحكمين الفص ل في ال نزاع المع روض عليهم وفق ا لم ا ح دده لهم الخص وم من قواع د أو
التساؤل لماذا يرفض الخصوم أن يتولى شخص خارج المحاكم مهمة حل نزاعاتهم؟ هل يرجع ذلك إلى
العقلية المغربية وتكوينها والتي لم تتعود على اتخاذ قرار فصل نزاع بناءا على اإلرادة بل تم التعود
على الص بغة القض ائية؟ أم إلى س بب ض عف الثقاف ة الخاص ة ب التحكيم967؟ أم يتعل ق األم ر بع دم ت وفر
إن اخ تزال مفه وم العدال ة في تل ك المتأتي ة من مح اكم الدول ة المش كلة للتنظيم القض ائي أص بح
مس ألة متج ذرة في القناع ة الجماعي ة المغربي ة ،مم ا ي دل إم ا على ع دم ثق ة أط راف ال نزاع في نظ ام
إن الثق ة المفرط ة للمحتكمين وللمؤسس ات التجاري ة والمس تثمرين في القض اء الرس مي وس يطرة
ثقافة القضاء الرسمي على المواطن ،قد تكون من أبرز الصعوبات االجتماعية التي تحول دون انتشار
التحكيم.970
-967سنتناول الحديث بتفصيل عن مسألة " عدم انتشار ثقافة اللجوء للتحكيم" في المطلب الثاني الالحق من هذا الموضوع المتعلق بالصعوبات
ذات الطابع االجتماعي.
-968ينبغي اإلش ارة إلى أن التحكيم االختياري الحر يع اني من منافس ة مراكز التحكيم سواء الوطنية أو الدولي ة ،إذ في الغ الب يتم اللجوء لمثل
هذه المراكز لما توفره من وضوح في المصاريف .ففي التحكيم الحر قد يصطدم بمصاريف ال يستحقها موضوع النزاع أصال.
-969إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .164
-970عب ــد الوه ــاب الب ــاهي "،ت ونس مرك ز للتحكيم ،المتطلب ات والرهان ات" ،سلس لة دراس ات برلماني ة بعن وان ":التحكيم في ت ونس ،الواق ع
والرهانات" ،وقائع اليوم الدراسي السابع ،األربعاء 10ماي ،2006بتونس ،ص .106
331
في حين أن 971
فالقض اء ينظ ر إلي ه على أن ه م وطن الض مانات باعتب اره إح دى س لطات الدول ة
التحكيم ه و عم ل ش خص أو أش خاص ال يمثل ون الدول ة بأي ة ح ال ،ف المحكم يس تمد واليت ه من إرادة
فهن اك كث ير من المتن ازعين ووكالئهم يميل ون إلى اللج وء للمح اكم واإلص رار على الل ذة في
الخص ام ،وافتع ال المس اطر واإلج راءات العدي دة والمتش عبة ورك وب ك ل الس بل ال تي تمكنهم من ه زم
إلى جانب ذلك ،نالحظ تجاهل هؤالء األطراف المتنازعة لمصالحهم الحقيقية وتشبثهم بالمواقف
والمشاعر وعدم استعدادهم نفسيا للتنازالت المتقابلة ،مما يجعلهم يعتقدون بأن الحاجات المتنازع بشأنها
ال يمكن االس تجابة له ا إال على حس اب الط رف اآلخ ر ،فيكون ون في وض عية رابح /خاس ر في إط ار
الدعوى القضائية .فيتم اللجوء إثر ذلك وبطريقة كيدية إلى الطعن في الحكم القضائي الذي يؤدي إلى
تأخير تنفيذه .ولعل الحكاية الشعبية المتداولة تعبر أحسن تعبير عن العقلية العدائية السائدة في الواقع
أن رجال ب اع عجال لمواجه ة مص اريف الدعوى القض ائية التي رفعها 974
المغ ربي .ومفاد هذه الحكاية
ض د ج اره ألن ه ذا األخ ير قت ل ل ه ديك ا .ويب دو أن ه ذه العقلي ة العدائي ة ال تج د س ببها في األمي ة ال تي
تصيب فئة عريضة من المجتمع المغربي بل نجدها منتشرة لدى الفاعلين االقتصاديين ،975إذ تكون أول
-971في هذا اإلطار يقول ذ .عبد اهلل درميش ":إن التحكيم قضاء استثنائي في التحكيم الداخلي والقضاء الرسمي هو األصل ،أما في المنازعات
التجارية الدولية والمنازعات االستثمارية فالتحكيم قضاء أصيل والقضاء الرسمي هو استثناء في هذا النوع من المنازعات".
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-972الكـوفي علي أعبـوده "،بعض التح ديات ال تي تواج ه التحكيم في ليبي ا ،التحكيم في ليبي ا بين ترك ة الماض ي وآف اق المس تقبل" ،مجل ة التحكيم
العالمية ،بيروت ،العدد ،18أبريل ،2013السنة الخامسة ،ص .25
-973محمد سالم ،دور الطرق البديلة لحل المنازعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة" ،مجلة الملحق القضائي ،العدد ،87
ص .44
-974صدوق رشيد "،إستراتيجية تنمية العدالة في المغرب" ،دار النشر المغربية ،سنة ،2013ص .285
-975صدوق رشيد ،م س ،ص .285
332
ردة فعلهم على إث ر نش وء ن زاع هي تحري ك مس طرة نزاعي ة أم ام القض اء دون التفك ير في ب دائل
أخرى.976
فالتصور التقليدي الذي يدفع إلى التشبث بالنظام القضائي للدولة ويرفض بالتالي كل حل متأتي
من اعتم اد الوس ائل البديل ة وعلى وج ه الخص وص التحكيم ق د يج د تفس يره في أن المواط نين بق در م ا
تتولد لديهم أزمة ثقة داخل المجتمع بقدر ما تتجذر ثقتهم في كل ما يصدر عن الدولة ،فال يثق ون إال في
وينبغي اإلشارة أن التحكيم كان الوجهة المفضلة لتسوية المنازعات في فترة الحماية فالعديد من
القض ايا تم حله ا ع بر آليات ه دون ط رق أب واب القض اء الرس مي ،ولكن بع د حص ول المغ رب على
االستقالل ومغادرة كثير من األجانب له أخذ االهتمام بالتحكيم يقل ،ويمكن أن يفسر هذا في جانب كب ير
منه إلى ضعف وعي المتقاضين الذين يجهلون أو الكثير منهم نظام التحكيم.978
ف إن "األغلبي ة الس احقة من المغارب ة المس تهلكين والبس طاء ال زالت تتمس ك بالقض اء الع ادي ال لمجانيت ه
وهذا ما تترجمه عدد القضايا المعروضة على محاكمه ،إذ انتقلت تدريجيا من 307.627 980
األشخاص
قضية سنة 1957إلى أكثر من ثالثة ماليين قضية سنة 2004أي بزيادة تقارب ،%3000وإ ذا كانت
ه ذه اإلحص ائيات تهم القض ايا بش كل ع ام دون التمي يز فيم ا بينه ا (فيم ا إذا ك انت مدني ة أو تجاري ة أو
عقارية ،)...فإن القضايا ذات الطابع التجاري المعروضة على القضاء كان عددها خالل سنة 2003
وقد سجلت المحكمة التجارية بالدار البيضاء وحدها سنة 2003ما يمثل نسبة % 61.20من
أم ا س نة 2013فق د بل غ ع دد القض ايا المس جلة بمجم وع المح اكم 2 .469 .043قض ية من
و85 984
بينها 239 .811قضية بمحاكم الدرجة الثانية ،983و 2 .086 .382قضية بالمحاكم االبتدائية
-980وذل ك ب الرغم من المش اكل ال تي يع اني منه ا القط اع المغ ربي ،إذ يق ول محمـد اإلدريسـي العلمي في ه ذا الب اب م ا يلي...":أق ل المؤسس ات
تطورا مع روح العصر...ال نلمس كثيرا التغيير في طرق عمله وتفتحه على التجديد ،أو باألحرى يكاد يكون القضاء الباب األكثر جمودا،"...
دراسة تحت عنوان" استقالل القضاء وفصل السلط" ،مجلة القانون واالقتصاد ،العدد ،6سنة ،1990ص .48
-981ناصر بلعيد ،م س ،ص .50
- 982تعج المحاكم التجارية بملفات كثيرة حول المنازعات التجارية والمالية والعقارية مما يعيق االستثمار ،ويكبح عجلة التطور.
وتشير اإلحصاءات إلى أن عدد القضايا التي تروج في المحكمة التجارية لمدينة الدار البيضاء تتراوح بين 8000و 10آالف قضية شهريا،
أك ثر من نص فها عب ارة عن منازع ات بين البن وك وعمالئه ا ،ومن أك ثر القض ايا المطروح ة م ا يتعل ق ب العقود البنكي ة واس تخالص الق روض
وغيرهما ،وفق تقارير إعالمية.
-خالد مجدوب "،المغرب يعتزم إحداث مراكز جهوية للتحكيم الستقطاب المستثمرين" ،مقال منشور على الموقع اإللكتروني:
http//www.maghress.comتاريخ حصر الموقع.2012 /4 /14 :
21 -983محكمة استئناف و 3محاكم استئناف تجارية ومحكمتي استئناف إداريتين.
70 -984محكمة ابتدائية.
8 -985محاكم تجارية و 7محاكم إدارية.
334
كما بلغ عدد القضايا الرائجة بمجموع محاكم المملكة 3 .342 .653قضية من بينها .725
400قضية بمحاكم الدرجة الثانية ،و 2 .749 .632بالمحاكم االبتدائية ،و 192 .296قضية بمحاكم
وبالنسبة للقضايا التي تم البت فيها خالل سنة 2013بمجموع محاكم المملكة فقد بلغت .002
2 .465قض ية من بينه ا 243 .644قض ية تم البت فيه ا بمح اكم الدرج ة الثاني ة ،و 2 .073 .270
يمكنهم من اختيار الطريق الذي يسمح لهم من الحصول على أقصى منفعة سواء باللجوء إلى 988
عقالنيا
البديلة بدل القضاء ذي التكلفة المرتفعة منظور إليها من حيث طول مدة الدعوى وعلنية الجلسات وبطء المساطر.
وتشكل نظرية اللعب اإلطار النظري لهذا السلوك العقالني.
وأساس نظرية اللعب يعتمد على التحليل االقتصادي لمحاولة فهم القرار العقالني الذي ينبغي اتخاذه من قبل األطراف المعنية عندما تكون
قرارات كل منهم مرتبطة بقرارات الطرف اآلخر .ويمكن تطبيق هذه النظرية في مجال النزاعات لمحاولة تفسير نزوع لجوء األطراف إلى
القضاء الرسمي طلبا لحل النزاع الذي ينشب بينهم .وتعتمد هذه النظرية لمحاولة تقديم إجابة عن السؤال اآلتي :لماذا يقرر األطراف اللجوء إلى
قضاء الدولة بدل اعتماد الوسائل البديلة؟
للمزيد من التوسع أنظر:
-إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .166
335
القضاء أو اللجوء إلى الوسائل البديلة -ومنها على وجه الخصوص التحكيم ،-خاصة وأنه في مجال
اقتصاد القضاء ينظر إلى الدعوى القضائية على أنها بمثابة فشل التعاون بين األطراف .وتكمن أهمية
ه ذا التع اون في تس هيل اعتم اد التس وية الودي ة ال تي تمكن -في غ الب األحي ان -من تحقي ق ف ائض
فإص دار الق رار القض ائي ي ؤدي إلى حص ول ال ربح أو الخس ارة لألط راف ،وك ل ذل ك يتم في
إط ار القواع د القانوني ة .فالتسلس ل الزم ني للق رارات ال تي يتخ ذها األط راف ه و ك اآلتي :بع د نش وء
الخالف ،يلجأ الطرف المتضرر إلى تقديم الدعوى أمام القضاء ،وذلك بعد إجراء المقارنة بين التكاليف
ال تي تتطلبه ا ه ذه ال دعوى والمزاي ا ال تي تتحق ق من س لوك الطري ق القض ائي من جه ة وك ذا إج راء
المقارن ة بين مكاس ب التف اوض والتس وية الودي ة م ع مكاس ب إص دار الق رار القض ائي من جه ة أخ رى.
فالسلوك العقالني والمنطقي الذي يوجد وراء اللجوء إلى القضاء ينبني على مقارنتين تفضيان إلى نهج
الطريق القضائي (مكاسب الدعوى أكبر من التكاليف التي تتطلبها المسطرة القضائية ومكاسب التقاضي
فالمدعي ينطلق من تقييم مكاسب دعواه بأنها النتيجة المتأتية من ضرب احتمال نجاحه في مبلغ
الذي يتوق ع أداءه من قبل المدعى عليه .إذن فاختيار نوع الطريق الذي يجب سلكه لحل 990
التعويض
النزاع ال يرتبط إال بتوقعات الربح والتكاليف المرتبطة بالحكم القضائي .فعلى سبيل المثال ،فإن توقع
المدعي ربح قضيته بناء على احتمال %70والحصول على مبلغ التعويض في حدود 10.000درهم
التفاوض بشأنه هو كالتالي 5000 =2000 -10.000 *%70 :درهم .فإذا كان المدعى عليه يقترح
على الم دعي مبلغ ا أق ل من 5.000درهم في إط ار التس وية الودي ة ،ف إن ه ذا األخ ير لن يقب ل ب ه،
-989إسماعيل أوبلعيد ،م س ،ص .167
- 990بكيفية عامة ،يتعلق األمر بما يجنيه المدعي من المدعى عليه سواء كان تعويضا أو عدم فسخ العقد أو تأكيدا للملكية...
336
وسيفض ل ب دال من التحكيم اللج وء إلى القض اء .وفي الج انب المقاب ل ،ف إذا افترض نا أن الم دعى علي ه
يعتقد أن خصمه (المدعي) يتوفر على احتمال %50للحصول على تعويض 10.000درهم مع نفس
يف وق م ا يط الب ب ه الم دعي 5000 =10.000 * %50 :درهم) ،ف إن في ه ذه الحال ة هن اك إمكاني ة
تس وية ال نزاع ودي ا م ا دام المبل غ ال ذي يط الب ب ه الم دعي أق ل من المبل غ األقص ى ال ذي يك ون الم دعي
وهك ذا ف إن التب اين في توقع ات األط راف يمكن أن ي ؤدي إلى تفض يل ال دعوى على التس وية
الودي ة :ف إذا ك انت األط راف تتوق ع ارتف اع حظ وظ نجاحه ا في ال دعوى ،فيك ون من الص عب حص ول
تس وية ودي ة بينهم .وعلى العكس من ذل ك ،ف إذا ك انت توقع اتهم متش ائمة بش أن نج اح ال دعوى ،فهن اك
ومن ج انب آخ ر ،ف إن انع دام ال وعي بأهمي ة نظ ام التحكيم وانعكاس اته االيجابي ة على األط راف
وال ربح في ال وقت والجه د ،993ف يرجع على م ا يب دو إلى مش كل 992
من حيث االقتص اد في المص اريف
نج اح اعتم اد اللج وء إلى ه ذه الوس يلة في ال دول المتقدم ة تفس ره عوام ل مرتبط ة من جه ة ،بنض ج
من خاللها يتم المرور من قانون مفروض إلى قانون متفاوض بشأنه من جهة أخرى ،مما يعني تراجع
زمن الدولة القوية التي تعتمد على التشريع والقوانين التنظيمية كوسائل الضبط وحلول محلها تدريجيا
زمن العقد .كما أن العقلية الغالبة لدى فئة عريضة من المتقاضين هي عقلية االنتقام من الخصم بجره
أم ام رده ات المح اكم دون إقام ة أي اعتب ار للنت ائج ال تي س يجنيها من وراء ذل ك .وه ذه التص رفات
الخاطئة تعزى إلى عدم تشكل بيئة اجتماعية يسود فيها الحوار والتشاور وثقافة العدالة التصالحية بدل
المواجه ة ذات التكلف ة الباهظ ة اجتماعي ا واقتص اديا .ه ذا فض ال عن أزم ة ثق ة داخ ل المجتم ع وتراج ع
الوازع األخالقي ،مما يؤدي باألطراف إلى إجادة البحث عن الوسائل القانونية وغير القانونية للتنكيل
ثانيا :التباعد النفسي بين المحكم والمحتكمين عامل أساسي في أزمة التحكيم
إن سبب عدم اإلقبال على التحكيم االختياري الحر في المغرب من الناحية النفسية السيكولوجية
قد يرجع إلى عدم معرفة المحتكمين بالمحكم معرفة كافية توفر لهم الثقة في حيدته وأمانته واستقالله.
فحتى تكون هناك محاكمة عادلة حسب المقاييس المتعارف عليها البد وأن يكون المحكم محايدا
الحكام مع أحد األطراف والتي من شأنها التأثير على صحة التحكيم ،998وإ ذا كان المحكم مستقال عن
كل المؤثرات الخارجية فإن هذا ال يكفي لوحده بل يتعين عليه أن يحصن نفسه من التأثر بموقف هذا
الط رف أو ذاك ،وخصوص ا الط رف ال ذي اخت اره وأن يل تزم ج انب الحي اد ح تى ال يجع ل أي ط رف
والمحكم مثل ه مث ل القاض ي يجب علي ه أال يس تند إلى علم ه الشخص ي في إص دار أحكام ه وإ نم ا
عليه أن يستند على الحجج والبراهين التي قدمت أمامه ونوقشت من طرف األطراف وسلموا بها.
إال أن للتحكيم خص ائص يختص به ا ومن أهمه ا أن المحكم ق د يخت ار من بين أرب اب الص نائع
كأن يختار مهندس فالحي مثال للبت في نزاع بين الفالحين فيما يرجع لشؤون فالحتهم ،أو يختار رجل
صناعة ضليع في مهنته للنظر في نزاع من طبيعة تقنية صرفة نشب بين صناعيين من حرفته.
وهن ا الب د من التمي يز بين العلم الشخص ي والمعرف ة الشخص ية ،ف المحكم يس تند إلى معرفت ه
ودرايته ،إذ غالبا ما يكون من أرباب الصنائع والحرف فهو يوظف معرفته ببواطن األمور ،إال أنه ال
يس تند إلى م ا وص ل إلى علم ه الشخص ي من أم ور تتص ل ب النزاع المع روض أمام ه .ف إذا ك ان ال نزاع
المط روح يتعلق ح ول عيب خفي ظه ر في بض اعة معين ة ف إن للمحكم أن يس تند إلى معرفت ه حول ه ذه
البض اعة ون وع العي وب ال تي يمكن أن تظه ر به ا خالل م دة معين ة ،وحص ر أس باب ه ذه العي وب ه ل
ترجع إلى الصنع مثال أو إلى التخزين أم أن هذه العيوب ترجع أساسا إلى عدم التقيد بضوابط التلفيف
والنقل؟ وهذه كلها أمور تقنية يمكن للمحكم أن يستند في تحديدها إلى معرفته وخبرته وحنكته وكلها من
المع روض أمام ه س واء قب ل نش وب المنازع ة أو أثناءه ا ،ك أن يس تند على م ا ي روج في أوس اط التج ار
بخص وص س معة الط رف الم دعى علي ه وبأن ه ع رف ب الغش في البض اعة مثال أو أن هن اك مح اوالت
سابقة بين الطرفين للتوصل إلى صلح وأن الطرف المدعى عليه قد اعترف بما نسب إليه من أخطاء،
فه ذه كله ا وق ائع م ا لم تع رض على المحكم وتن اقش أمام ه ليس بإمكان ه أن يس تند عليه ا ويجعله ا من
أسباب وعلل حكمه وإ ن فعل يكون قد استند إلى علمه الشخصي وهو علم محظور عليه لتنافيه م ع مب دأ
وبالت الي ف إن المحكم يجب علي ه أن يتجنب أي ش يء من ش أنه أن يخ ل بمب دأ الحي اد ،وذل ك ألن
أي إخالل بموجب الحياد من شأنه أن يكون منحازا إلى أحد األطراف وبالتالي تنتزع عنه صفة الحياد
والنزاهة.1000
والتزام المحكم بالحياد ليس بااللتزام اليسير إذ يتطلب من ه تركيزا عاليا وضميرا نبيال مدعما
بالت دريب العلمي ال ذي يكف ل ممارس ته لمهام ه بحي اد ،كم ا يتطلب فهم ا عميق ا لحقيق ة مهمت ه وممارس ته
بعيدا عن التعصب واالنتماءات العرقية أو التأثر بأية قرابة أو مصاهرة أو أي عالقة تبعية بين المحكم
أو أحد أقاربه وبين أحد أطراف النزاع وهذا ما أكدت عليه العديد من التشريعات ،1001وكذلك القانون
المغ ربي من خالل الفص ل 323من ق انون 08-05وال ذي ح دد الح االت ال تي يتم فيه ا تج ريح المحكم
وبالتالي انسحابه من العملية التحكيمية بحيث تعتبر إجراءات التحكيم التي شارك فيها كأنها لم تكن بما
-999خديجة فارحي ،محاضرات في مادة "،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات" ،ألقيت على طلبة ماستر قانون األعمال ،السنة الثانية ،كلية العلوم
القانونية االقتصادية واالجتماعية ،المحمدية ،السنة الجامعية .2009 -2008
-1000عالء آباريان ،م س ،ص .118
-1001اشترط قانون التحكيم المصري لسنة 1994حياد المحكم وذلك في موضعين األول :عندما ألزمت المادة 16/3المحكم باإلفصاح عن أي ة
ظروف من شأنها إثارة الشكوك حول حياده أو استقالله والثاني :عندما أجازت المادة 17/1رد المحكم إذا ما قامت ظروف تثير شكوكا حول
حي اده أو اس تقالله ،وبعض األنظم ة تف ترض تح يز المحكم بحس ب األص ل م ا لم يتف ق األط راف أو ينص العق د أو القواع د المؤسس ية أو الق انون
الواجب التطبيق على غير ذلك كما تبين بعض األنظمة مفهوما خاطئا للحياد تحظر بمقتضاه على األطراف حتى معرفة أسماء المحكمين بحجة
الحفاظ على حيادهم ومنها قواعد جمعية كوبنهاجن لتبادل الحبوب واألغذية.
340
في ذلك الحكم التحكيمي ،وهذا يعتبر في حد ذاته ضمانة لألطراف إال أنها ضمانة غير كافية ألن تحيز
المحكم في بعض الح االت ق د يص عب إثبات ه ه ذا من ناحي ة ،ومن ناحي ة أخ رى ف التحقيق القض ائي في
دواف ع المحكم ليس ب األمر اليس ير في دع وى ع دم حي اده ب ل ق د يتع ارض م ع اس تقاللية المحكم في أداء
مهمت ه وله ذا ف إن االهتمام بتس جيل جلس ات التحكيم وتمكين األط راف من اإلطالع عليها ق د يكفل الحد
وتج در اإلش ارة إلى أن ه يتعين توعي ة األط راف أن المحكم المعين من قبلهم ال يعت بر وكيال أو
محاميا عن الطرف الذي عينه وأنه ملزم بالمحافظة على السر المهني .على أنه من األهمية بمكان أن
يكون وا على بين ة من الواجب ات الملق اة على ع اتق المحكم المخت ار من الق درة والص الحية ألداء المهم ة
بدون تحيز في المواعيد المناسبة مع التصريح بكل الظروف التي من شأنها احتمال إثارة شكوك حول
حي اده واس تقالله .1003ونش ير بش أن االس تقاللية ك ون محكم أم ريكي مرم وق وض ع ش روطا لمقابلت ه م ع
الط رف ال ذي ي رغب في اختي اره محكم ا عن ه وهي أن تج ري مقابل ة الط رف المع ني في مكتب ه وليس
على غداء أو عشاء وذلك بمعية محام مستقل ،دون أن تتجاوز مدة المقابلة نصف ساعة ،مع تسجيل ما
دار في االجتم اع لتمكين ذوي الش أن من االطالع علي ه ( اإلفص اح للمحكم اآلخ ر عن وق وع
المقابلة).1004
كم ا هن اك بعض الهيئ ات 1005تش ترط أن يك ون المحكم من جنس ية تختل ف عن جنس ية األط راف
التحكيم ولكن ه ذه المزاي ا تتالش ى وتنقلب إلى ض دها وتك ون النتيج ة ش را ب ل ش را محض ا عن دما تحي د
إج راءات التحكيم عن قواع ده الس ليمة فيتص دى للتحكيم محكم ون غ ير أكف اء يش وب س لوكهم التح يز،
يعالجون الوقائع في ظل مصالح شخصية ضمن إجراءات خاطئة تقودهم في النهاية إلى حكم مجانب
للع دل و مج انب للص واب فتح ل الكارث ة ألن حكم التحكيم مهم ا ك ان مجحف ا فه و نه ائي ومل زم وواجب
النفاذ.1007
فك ل إس اءة يرتكبه ا المحكم في إدارة التحكيم تعت بر انحراف ا عن العدال ة وأن االل تزام بقواع د
الس لوك في جانبه ا الخلقي ليس أق ل أهمي ة من االلتزام في قواعد التحكيم وش روطه في جانبه ا القانوني
ألن الخطأ في الجانب الخلقي يرد إلى سوء النية أو سوء القصد وتعمد اإلضرار بالخصوم ،وهي أمور
لو صحت ألذهبت الثقة بالمحكم وأساءت إلى سمعته المهنية إساءة قد يفقد بسببها مهنته كلها ،أما الخط أ
وهنا يحضرنا تساؤل ماذا يجب على المحكم أن يفعله حتى يحوز ثقة المتنازعين ويتغلب على
أوال :يجب أن يك ون المحكم حس ن الس يرة والس لوك وه ذا ش رط ط بيعي تقتض يه مهم ة المحكم
المتمثلة في قيامه بالعمل كقاضي بين أطراف النزاع للفصل في الخالف الحاصل بينهم ،فالمحكم يجلس
مجلس القضاء وبالتالي يجب أال تمس سمعته وتصرفاته وحياده ونزاهته أية شائبة.1009
يجب عليه أن يبذله حتى يكون محايدا ،هو أن يمنح لكل طرف فرصة عادلة وكافية ومتساوية لعرض
دعواه والدفاع عنها ومن ثم إصدار حكمه بعيدا عن العواطف والعالقات والمصالح مهما كان شكلها،
وسنده في ذلك ما يثبت لديه من خالل ما يقدمه األطراف من أدلة ووثائق وإ ثباتات في الدعوى فيجب
علي ه أن ي وفر لألط راف ولب اقي المش تركين في التحكيم الظ روف المالئم ة للفص ل في التحكيم بع دل
ودون تحيز أو تأثر بضغوط خارجية ،أو خشية االنتقاد ،أو تأثير أي مصلحة شخصية ،وعلى المحكم
تخصيص الوقت والجهد الالزمين لسرعة الفصل في التحكيم مع األخذ في االعتبار مختلف الظروف
المحيطة بالموضوع.1011
على ك ل ح ال يبقى التحكيم المؤس س على االل تزام بالحي دة بتقالي دها الدقيق ة والق ائم تع يين
المحكمين في ه على اعتب ارات موض وعية قوامه ا الكف اءة والنزاه ة ،والبعي د عن االعتب ارات الشخص ية
البحتة هو المطلوب لتصبح المحاكمة التحكيمية عادلة غير متحيزة بل هو أمر ضروري لنجاح نظام
وإ ذا كان حياد قاضي الدولة هي مناط الثقة لدى المتقاضين فإن حياد المحكم بدوره هي التي
يمكن أن تبعث الثق ة في نف وس المحتكمين وتك ون ض مانة لهم ،كم ا أنه ا تعطي حكم التحكيم مص داقية
تف رض نفس ها خاص ة عن دما يع رض أم ره أم ام المح اكم ،وم ع ذل ك ينبغي لن ا االع تراف ب أن النزاه ة
والحياد والموضوعية هي في نهاية المطاف ميزات شخصية تنتج من الضمير الشخصي للمحكم وهي
لج وء الفرق اء إلى التحكيم يف رض عليهم ت وخي الح رص على اختي ار المحكم ال ذي تت وافر في ه
مقتض يات االس تقالل والحي دة والنزاه ة واليقظ ّة ،وب أن يك ون من يختارون ه أهال للثق ة من ناحي ة الكف اءة
-1010عبد الرحمان عيسوي "،علم النفس القانوني" ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،ص 28و .29
-1011حميد محمد علي اللهبي "،المحكم في التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص .218
343
المطلوب ة في ال نزاع المط روح كم ا تف رض على المحكم أال يقب ل اختي اره أو تعيين ه محكم ا إال بع د أن
من جانب آخر يتعين على أطراف اتفاق التحكيم مخاطبة ومعاملة المحكم أو هيئة التحكيم بكل
توقير واحترام ،على اعتبار أنه الشخص الذي تم اختياره على أساس الثقة والنزاهة والحياد والكفاءة
والخبرة في حل النزاع ،وبما أن المحكم ال يتمتع بالضمانات التي يحظى بها قاضي الدولة فيمكن نقده
إن اإلنس ان م دني ب الطبع ال ينف ك عن معاش رة ب ني جنس ه ،وه ذه المعاش رة تقتض ي تب ادل
المصالح غير أن هذا التبادل قد يفضي أحيانا إلى الخالفات ،مما يعرض العالقات البشرية ألنماط من
التنازع والتضاد التي تتعارض مع مقاصد الشريعة الهادفة إلى حفظ نظام التعايش والتساكن.
ولم ا ك انت األس رة حص نا من حص ون األم ة المس لمة فقد ش رع اهلل س بحانه وتع الى ك ل م ا من
ش أنه أن يبقي على بيض ة ه ذه األس رة من الم ودة والرحم ة واالح ترام ومراع اة الحق وق المتبادل ة بين
ال زوجين ،ولم يج ز لل زوج الطالق إال بع د األخ ذ بالوس ائل العالجي ة األخ رى على ال ترتيب من وع ظ
وهجر وتأديب وبعد استنفاد طاقته النفسية في االحتمال والصبر على ما يكره.
وتصير الحياة الزوجية بينهما جحيما ال يطاق من جراء ما يحصل بينهما من التنافر والتنازع والتضاد
-1012إسماعيل إبراهيم الزيادي "،المفهوم المختلف لحيدة المحكم عن الحيدة الواجبة في القاضي" ،مجلة التحكيم ،الع دد الراب ع ،سنة ،2009ص
.60
-1013محمد عبد الخالق الزعبي ،م س ،ص .152
-1014عبد القادر أحنوت "،مبدأ التحكيم اإلسالمي والتحكيم بين الزوجين" ،مجلة التذكرة ،العدد ،13المجلد ،4يونيو ،2009ص .43
344
وق د أم ر اهلل تع الى والحال ة ه ذه ببعث الحكمين إذا وق ع الش قاق أو خي ف من وقوع ه تحقيق ا
لمقصد الصلح وإ بقاء على تماسك األسرة قال عز وجل{:وإ ن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله
والش قاق ه و الخالف أو ال نزاع الح اد بين ال زوجين وال ذي من ش أنه أن يح دث ش قا في العالق ة
الزوجية بينهما.1015
وتتجلى مهمة الحكمين في السعي إلى التعرف على أسباب هذا الشقاق وإ يجاد حل وسط يرضاه
الزوجان فإن أرادا إصالحا وفق اهلل الزوجين إلى الوفاق ،وقيل :إن يريدا أي الحكمان إصالحا يوفق
وبالرجوع إلى اآلية الكريمة يتضح أن اهلل سبحانه وتعالى أكد على أن التحكيم يكون في مرحلة
يكون فيها النزاع في بدايته " وإ ن خفتم "....فتطبيق التحكيم والقيام ببعث الحكمين بمجرد ظهور بوادر
الشقاق الحاد هو القول السديد والعمل الصائب الموفق ،وهو التطبيق السليم ألمر اهلل الوارد في قوله
سبحانه" :وإ ن خفتم شقاقا بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها "....ألن اآلية اشتملت على أمر
واجب التنفي ذ على الف ور ال على االس تحباب وال تراخي ،ألن م ا يح دث م ع ال تراخي والبطء في بعث
الحكمين من ضياع لحقوق اهلل والزوجين واألوالد والمجتمع كله ليس له جبر.1017
وب الرجوع إلى مدون ة األسرة نج د أن المحكم ة تك ون ملزم ة في حال ة م ا إذا طلب الزوج ان أو
أح دهما ح ل ن زاع بينهم ا يخ اف من ه الش قاق أن تق وم بك ل المح اوالت إلص الح ذات ال بين ،ومن بين
اإلج راءات الض رورية والواجب على المحكم ة القي ام به ا هو انت داب حكمين م ؤهلين إلص الح الخالف
-1015ابتدائية بنسليمان ،قضاء األسرة ،حكم رقم 2014 /584بتاريخ ،2014 /05 /21غير منشور.
-1016عبد القادر أحنوت ،م س ،ص .43
-1017أمونير تقية"،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،م س ،ص .54
- 1018إن الدور الذي يقوم به الحكمان في مدونة األسرة يختلف عن دور المحكمين في مسطرة التحكيم من عدة وجوه منها:
345
وإ ذا ك انت مدون ة األس رة -كم ا ه و الح ال -في مدون ة األح وال الشخص ية الملغ اة لم تح دد
أوصاف الحكمين وال الجهة التي ينتقى منها ،فيمكن سد هذه الثغرة بالرجوع إلى المادة 400م أ والتي
تنص على أن " :كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة ،يرجع فيه إلى المذهب المالكي واالجته اد الذي
وبرجوعنا إلى المذهب المالكي نجده عموما يشترط في الحكمين الذكورة والعدالة والرشد زيادة
على الفقه بأحكام الجمع والتفريق ويعينان من أقارب الزوجين أحدهما من أقارب الزوج وثانيهما من
أق ارب الزوج ة ،1019ألن األق ارب أع رف بب واطن األم ور والنف وس ترت اح لمن ك ان قريب ا ص ديقا فيق ع
الب وح ل ه من ال زوج أو الزوج ة بالس ر وحقيق ة م ا يش كو من ه ويفض ي إلي ه بم ا ق د يخفي ه عن غ يره من
1020
الناس.
وتج در اإلش ارة إلى أن أق ارب الزوجي ة ش رط واجب عن د المالكي ة ومس تحب عن د الش افعية
والحنابلة.1021
إال أن القض اء ق د ال يع ير اهتمام ا كب يرا له ذه الش روط ،إم ا لص عوبة توافره ا مجتمع ة أو لع دم
أهمية بعضها ،كشرط الذكورة ذلك أن المرأة أصبحت تبث في طلبات التطليق للشقاق بصفتها قاضية
فمن باب أولى انتدابها كحكم الستجالء أسباب النزاع بين الزوجين.
-إن الحكمين في مدونة األسرة ال يحسمان النزاع وإ نما يحاوالن إصالح ذات البين بين الزوجين ،وأن المحكمة هي التي تبت في النزاع في
ضوء ما توصل إليه الحكمان من صلح أو عدمه ،في حين أن المحكم في مسطرة التحكيم هو من يحسم النزاع.
-إن المحكمة هي التي تنتدب الحكمين طبقا لمدونة األسرة ،بينما طرفا مسطرة التحكيم هما اللذان يختاران المحكم واحدا كان أو أكثر.
-ال يمكن اللجوء إلى الحكمين إال بسبب النزاع المعروض على محكمة األسرة ،في حين أن اللجوء إلى مس طرة التحكيم يغني عن اللجوء إلى
القضاء ،كما أن عرض النزاع على المحكمة ال يحول دون اللجوء إلى مسطرة التحكيم إذا كان النزاع لم يفصل فيه بعد.
أنظر :مصطفى التراب "،أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟" ،مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان:
"الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة ،العدد الرابع ،ماي ،2012ص .30
-1019أحمد خرطة "،الصلح القضائي من خالل مسطرة الشقاق ،قراءة في بعض مواد مدونة األسرة" ،مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت
عنوان" :الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة ،العدد الرابع ،ماي ،2012ص .35
-1020محمود شمام "،قضايا التحكيم والتدوين في الفقه والقانون" ،منشورات نيرفانا ،تونس ،مارس ،2006ص .38
-1021أحمد خرطة ،م س ،ص .35
346
وبالنس بة لش رط القراب ة نالح ظ أن مدون ة األس رة لم تنص علي ه الحتم ال أن يك ون أقرب اء
وللحكمين أن يستأنس ا في مهمتهم ا بتوجيه ات القاض ي المق رر وأه ل الفض ل من الج يران
واله دف من بعث الحكمين ه و محاول ة اإلص الح بين ال زوجين وذل ك بع د التع رف على أس باب
الشقاق ودعوة الزوجين إلى تركها ألن التطليق ليس هو المقصود بالذات من عمل الحكمين.1023
وفي حال ة لم يتوص ل الحكم ان إلى تحقي ق ذل ك أو لم يتفق ا على ح ل مناس ب ف إن للمحكم ة أن
ترسل حكمين آخرين كما يمكنها أن ترسل إلى الزوجين امرأة أمينة تعاشرهما مدة لتطلع على أحوالهما
وتتعرف على سبب اختالفهما وتخبر المحكمة بما تبين لها لتحكم بما يجب على ضوء ذلك.
والمشرع المغربي قد سار في هذا االتجاه ،حيث أورد في المادة 96من المدونة على أنه" :إذا
اختل ف الحكم ان في مض مون التقري ر أو في تحدي د المس ؤولية أو لم يق دماه خالل األج ل المح دد لهم ا
كم ا أن الم ادة 95م أ ق د ح ددت مهم ة الحكمين في محاول ة التع رف على األس باب الجوهري ة
ال تي أدت إلى الخالف بين ال زوجين لالنتق ال إلى ت ذويب ه ذه المش اكل وتق ريب وجه ات نظ ر الط رفين
-1022الســعدية مجيــدي "،الص لح في مس طرة التطلي ق الش قاق" ،مق ال منش ور بمجل ة الحق وق المغربي ة تحت عن وان" :الوس ائل الودي ة لفض
المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة ،العدد الرابع ،ماي ،2012ص .45
-1023أحمد خرطة ،م س ،ص .36
-1024تنص الفقرة الثانية من المادة 95م أ على أنه...":إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين ،حررا مضمونه في تقرير من ثالث
نسخ يوقعها الحكمان والزوجان ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه ،وتحفظ الثالثة بالملف ويتم اإلشهاد على
ذلك من طرف المحكمة".
347
لكن اإلشكال الذي يمكن طرحه في هذا اإلطار :هل استطاع التحكيم تحقيق الغاية التي ج اء من
1025
أجلها أي إصالح ذات البين بين الزوجين ومحاولة التخفيف من عدد طلبات الطالق؟
وأص بحت المح اكم تش تكي من ه ذه الظ اهرة الخط يرة 1026
ارتفعت نس بة الطالق بجمي ع أنواع ه
ال تي تمس المجتم ع بكامل ه ،فك ثرت تبع ا ل ذلك نس بة األطف ال المنح رفين المش ردين وك ثرت الج رائم
والفساد واألدهى واألمر من ذلك أن تعاقب السنين ال تزيد الظاهرة إال استفحاال وتعقيدا.
وإ ذا كان التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق قادر على مواجهة كل الصعاب وإ يجاد الحلول
الناجع ة الجذري ة لمش اكل األس رة ،وإ عادته ا إلى م ا يجب أن تك ون علي ه من ود وتف اهم وتع اون على
تربية الناشئة تربية سليمة فإنه ال يزال يتعرض إلى نوع من التعطيل والتطبيق وهذا راجع إلى عدة
عوامل.
-1025تقول ذ.ة حسنة لحلو عضو المجلس العلمي بالمحمدي ة أن التحكيم لم يستطع تحقيق الغاية التي جاء من أجلها ،وهي إصالح ذات البين
بين الزوجين ،ومحاولة التخفيف من عدد طلبات الطالق ألن:
-المشرع ترك ذلك للسلطة التقديرية للمحكمة؛
-ألن إصالح ذات البين ال يكون مرتبطا بإرادة الحكمين االحقيقية في ذلك؛
-إضافة إلى غياب غرف المشورة في بعض المحاكم االبتدائية.
-1026ارتفعت نسبة التطليق للشقاق بشكل مهول حيث أضحى إيقاع الصلح بين الطالب والمطلوب في الشقاق مطلبا ال يدرك إال بمشقة ،وفي
كثير من األحيان ال يدرك مهما اجتهد القضاة في السعي إليه وتوفير أسبابه ،حتى أصبحت محاولة الصلح إجراءا مسطريا روتينيا ال يلجأ إليه
إال ألن عدم القيام به يعيب إجراءات التطليق؛ ذلك أن دعوى التطليق ال ترد وال ترفض في أغلب األحيان وأصبح مصطلح الشقاق اسما مألوفا
ودعواه استغرقت جميع أنواع التطليق األخرى.
وخالل ثالث س نوات األخ يرة ارتفعت نس بة التطلي ق للش قاق بنس بة . 97 %بثينــة قــروري مستش ارة وزي ر الع دل والحري ات في تص ريح له ا
ببرنامج 45دقيقة حول موضوع " الطالق" بالقناة المغربية في 2014 /08 /14على الساعة 9ليال.
ويرجع ذلك حسب رأي ذ ة حسنة لحلو عضو المجلس العلمي بالمحمدية إلى عدة عوامل:
-سهولة مسطرة التطليق للشقاق وعدم تقييده بشروط؛
-يعتبر التطليق للشقاق وسيلة للتهرب من الطالق الرجعي وتبعاته؛
-المشرع المغربي فتح باب التطليق للشقاق للزوجين معا.
348
وهذا ما يفيد أن هذه 1027
إن آليات الصلح لم تستطع أن تنجح إال في القليل من قضايا التطليق
اآلليات ما زالت بعيدة عن الهدف المتوخى منها ،1028فهل للمشرع أن يتدخل من أجل إعادة تأهيل هذه
يجب على المشرع المغربي تنظيم مهمة الحكمين تنظيما دقيقا يبين فيه االختصاص وتحدد فيه
الش روط والمس طرة ال واجب تطبيقه ا ح تى تص بح محاول ة الص لح إج راءا جوهري ا يم ارس بش كل
-1027إن جل القضايا التي نظرت فيها المحاكم في هذا الموضوع تعتمد في حيثياتها على:
-عدم حضور أحد الزوجين لجلسة الصلح ،مما يؤكد الرغبة الجامحة لالفتراق أو لتحاشي المواجهة،
-فشل الحكمين في الصلح.
دون تفصيل فيما يخص طبيعة هذا الفشل الذي يمكن استنتاجه من التقرير المقدم من طرف الحكمين ،ألنه في الغالب ما يكون التحكيم شكليا
تطبيقا لمقتضى قانوني.
ابتدائية برشيد ،قضاء األسرة ،حكم رقم 819بتاريخ 9/05/2005غير منشور
ابتدائية المحمدية ،قضاء األسرة ،حكم رقم بتاريخ ،12/12/2005غير منشور
-محمد األزهر "،شرح مدونة األسرة" ،مطبعة دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،2006 ،ص ،266 -265الهامش .420-419
أما األحكام التي تعتمد في حيثياتها على فشل الحكمين في الصلح هي:
ابتدائية بنسليمان ،قضاء األسرة ،حكم رقم 2014 /584بتاريخ ،2014 /05 /21غير منشور.
ابتدائية بنسليمان ،قضاء األسرة ،حكم عدد 754/2014بتاريخ ،2014 /07 /02غير منشور.
ابتدائية بنسليمان ،قضاء األسرة ،حكم عدد 908/2014بتاريخ ،03/09/2014غير منشور.
ابتدائية بنسليمان ،قضاء األسرة ،حكم عدد 913/2014بتاريخ ،2014 /09 /03غير منشور.
-1028إن المحكمة مدعوة في إطار السلطة المخولة لها في مسطرة التطليق للشقاق إعمال وتفعيل كل آليات الصلح واستعمال جميع اإلجراءات
التي ترى فيها إمكانية تسوية النزاع واإلبقاء على العالقة الزوجية قائمة ،ذلك أن األهم هو الغاية وليس الوسيلة.
إن الم ادة 82من مدون ة األس رة أش ارت إلى إمكاني ة انت داب مجلس العائل ة بمناس بة ع رض مل ف الطالق على القض اء ،وأح الت الم ادة 94من
المدونة على نفس المقتضيات ،عندما يتعلق األمر بطلب التطليق للشقاق.
والم ادة 251من نفس المدون ة أش ارت في فقرته ا األخ يرة إلى إح داث مجلس العائل ة ،تن اط ب ه مهم ة مس اعدة القض اء في اختصاص اته المتعلق ة
بشؤون األسرة ،ويحدد تكوينه ومهامه نص تنظيمي.
وقد صدر المرسوم بتاريخ 14يونيو 2004بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه ،فقد نصت المادة السابعة من المرسوم المذكور على ما
يلي " :مهام مجلس العائلة مهام استشارية ،يقوم مجلس العائلة بالتحكيم إلصالح ذات البين وإ بداء رأيه في كل ما له عالقة بشؤون األسرة".
إال أن هذا المرسوم لم يصل إلى الدرجة المطلوبة من الوضوح وتحقيق الغاية المتوخاة منه،
فظلت عدة إشكاالت مطروحة بإلحاح ،خاصة على مستوى التطبيق والممارسة ،وصعوبات تعترض سبيله وتحد من فعاليته.
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر:
-علي المنتصــر "،التحكيم بين ال زوجين في حال ة الش قاق" ،أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الحق وق ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة
واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،السنة الجامعية ،2002 -2001ص .359
349
فعلي ،1029ال أن يك ون عب ارة عن إج راء روتي ني فحس ب يس تدعى له ا الطرف ان دون ب ذل أي مجه ود
للتقريب بينهما وإ ظهار ما يترتب عادة على التطليق من آثار وخيمة من نواح متعددة.1030
-1029تج در اإلش ارة إلى أن مس طرة الص لح في قض ايا األس رة تعترض ها ع دة معوق ات تح ول دون تحقي ق الغاي ة المبتغ اة منه ا فهن اك نوع ا من
االرتباك في تطبيق هذه مسطرة وخاصة عندما تتعلق بالتطليق للشقاق.
فنج د بعض المح اكم تس تعين ب أي ك ان ح تى وإ ن ك ان أو ك انت ال تربطهم ا ب الزوجين أي ة رابط ة -وذل ك -فق ط من أج ل االس تجابة لإلج راء
الجوهري الملزم بسلوك مسطرة الصلح بين الطرفين.
بل إن بعض المحاكم تلجأ إلى االستعانة بالنساء من كال الطرفين وفي الغالب تكونان من المتسببات في ظهور الشقاق والنزاع بين الزوجين ،بل
إن ذل ك ال يختفي ح تى في مجلس محاول ة الص لح فيص بح القاض ي المق رر المكل ف بالص لح ب دال من أن يص لح بين الط رفين المتخاص مين فإن ه
يصلح بين الحمتين ،وفي ذلك ضياع للوقت والجهد الذي يبذل من قبل الكثير من قضاة األسرة في المحاكم المغربية.
وقد ثبت من خالل الواقع المعاش أن أغلبية محاوالت الصلح تتكلل بالفشل وذلك راجع إلى:
-أسباب قانونية وقضائية
تكمن أولى هذه الصعوبات في إسناد مهمة القي ام بالصلح لقاضي الحكم حيث يقوم نفس القاضي بعملي ة التصالح ومتابعة القضية إلصدار حكم
فيها ،ونجد أن مدونة األسرة كرست نفس المبدأ وأسندت في ك ل موادها التي أوجبت فيه ا سلوك مسطرة الصلح ،ممارس ة المساعي الصلحية
لقاضي األسرة الذي هو قاضي الحكم وهذا من شأنه أن يعطل هذه العملية وينقص من فعاليتها.
فإسناد الصلح لقاضي ذو اختصاص مزدوج يؤدي إلى نتائج تنبئ بفشله وبالتالي عدم نجاحه ،كما قد يتخلى عن دوره الرائد في دفع الطرفين
للتص الح وتق ريب وجه ة نظرهم ا ،الش يء ال ذي يجعل ه يكتفي باإلش ارة إلى مقتض يات الص لح بمج رد اإلش ارة الع ابرة ك إجراء مس طري روتي ني
ويتعامل معه كشكلية ضرورية يقتضيها النص القانوني أو الرقابة القضائية للمحكمة.
ويع د من أهم أسباب عدم نجاح الصلح عدم وجود الوقت الك افي إلب رام الصلح وكثرة المنازعات األس رية وقلة الم وارد البش رية وعدم اقتن اع
األطراف المتنازعة بثقافة الصلح وحل النزاعات بالطرق السلمية.
كما جرى العمل عند فشل محاولة الصلح في أول جلسة بعد حضور الزوجين إعالن القاضي عن فشل الصلح دون أن يبدل جهدا إضافيا عبر
عقد جلسات صلحية أخرى رغم أن المشرع ال يمنعه من ذلك.
-أسباب بالمتخاصمين
إصرار الزوجين على مواقفهم ا وتصلبهما غير م دركين مزاي ا الصلح وخصوصياته ،وم ا يرنو إلي ه من جن وح إلى الس لم وحل للنزاعات ودي ا
وبعيدا عن نشر الحقد والكراهية بين األطراف فتمسك الخصوم بالمواقف يبقى الخالف قائما والحل اإلتفاقي مستعصيا.
أنظر في هذا الشأن:
-الحسن بويقيني "،أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي" ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،سلسلة
الندوات واأليام الدراسية ،العدد الثاني ،السنة ،2004ص 28و ما بعدها.
-زهور الحر "،الصلح والوساطة األسرية في القانون المغربي والقانون المقارن" ،الندوة الجهوية الحادية عشر ،الصلح والتحكيم والوسائل
البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،قصر المؤتمرات بالعيون ،02 -01 ،نونبر .2007
-إبراهيم بحماني "،الصلح والوساطة في قضايا األسرة" ،الندوة الجهوية الحادية عشر ،الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من
خالل اجتهادات المجلس األعلى ،قصر المؤتمرات بالعيون ،02 -01 ،نونبر .2007
معمرو بومكوسي "،دور الصلح في النزاعات األسرية" ،كلية الحقوق ،جامعة محمد األول ،وجدة ،ص 9و .10
مقال منشور بموقعhttp://www.startimes.com :
-1030أحمد خرطة ،م س ،ص 38
350
فيتعين على المش رع أن يعم ل على جع ل التحكيم ج ديرا باالهتم ام والتط بيق والتط وير ح تى
يك ون في مس توى تح ديات العص ر ومواجه ة مش اكل األس رة ال تي تعت بر بص دق اللبن ة األساس ية في
المجتمع والعمل على التخفيف من هول الطالق الذي يعرف تفاقما خطيرا وارتفاعا كبيرا.
تتمث ل الص عوبات الس يكولوجية في العن اد بين ال زوجين ،وض عف الق درة على التس امح
والتصالح ويأسهم من التوص ل إلى حل خاص ة بعد وصول النزاع إلى المحكمة ،1031كما تتجلى أيضا
ه ذه الص عوبات في ك ون ال زوجين إذا ك ان يت وفران على تك وين علمي وثق افي غالب ا م ا ت دفع بهم ه ذه
المؤهالت إلى عدم الرغبة في إشراك األقارب في نزاعاتهم ،خصوصا إذا كان هؤالء أميين أو أق ل من
مستواهم الثقافي والعلمي كما أن الزوجين أو أحدهما قد ال يتقبل طرح مشاكلهما أمام قاضي األسرة أو
الحكمين ظنا منهما أن بسط نزاعاتهما أمامهم لن يفضي إلى نتيجة تذكر.1032
له ذا يتطلب في قاض ي األس رة إلى ج انب ت وفره على الحنك ة والتجرب ة والتك وين الجي د ص برا
وسعة صدر حتى يقوم باستقصاء حقيقة عالقات الزوجين ،ويتعرف على مدى استعدادهما لالستمرار
اجتماعيا ،يعرف كيف يكسب ثقة الزوجين ليحدثاه بصراحة عما يختلج في ضميرهما وعما يحسان به
كما أن القاضي مهما اتسعت معلوماته ال يستطيع اإللمام بشتى العلوم فال ضرر من االستعانة
بخبرات المس اعدين االجتم اعيين ،ثم ال ب د من تفعي ل دور المجتم ع المدني في هذا المج ال لتكون لدينا
-1031اس تطالع لل رأي قمن ا ب ه ع بر ملئ اس تمارات اس تبيانية على ش كل أس ئلة متنوع ة متعلق ة بموض وع البحث تم طرحه ا على بعض أعض اء
المجلس العلمي بالمحمدية ( ذ ة حسنة لحلو).
-1032علي المنتصر ،م س ،ص .359
-1033أحمد خرطة ،م س ،ص .38
351
جمعيات أو مراكز متخصصة في تسوية الخالفات األسرية ،يتمثل دورها في تسوية الخالفات والعمل
على التحسيس بأهمية التماسك األسري وإ شاعة ثقافة التسامح ،واحترام اآلخر حتى تستقر ثقافة العدل
تواجه نظام التحكيم صعوبات اجتماعية يمكن أن تقف في وجه تطوره من بينها :ارتفاع تكلفة
التحكيم (الفقرة األولى) ،عدم انتشار ثقافة اللجوء إليه (الفقرة الثانية) ،وضعف الثقة في كفاءة وخبرة
إن التحكيم يكلف المتنازعين أك ثر من القض اء الرس مي ،حيث ت دفع الدول ة مرتب ات القض اة وال
يدفع من يرفع الدعوى سوى الرسوم المقررة (أوال) ،بينما في التحكيم ،يدفع الخصوم أتعاب المحكمين
نظ را لل دور الرئيس ي ال ذي يلعب ه القض اء من خالل إقام ة األحك ام وحماي ة حق وق األط راف
وحماية المجتمع وتوفير األمن واالطمئنان فيه فقد تولت الدولة تحمل نفقاته مما جعل هذا القضاء يمتاز
بالمجانية.1035
ويقصد بمجانية القضاء أن المتقاضين ال يدفعون لقضائهم أجرا على أعمالهم وإ نما تدفع الدولة
هذا األجر من خزانتها ، 1036فالعدالة ليس لها مقابل ألنها إذا كانت بمقابل فسوف يستميلها األغنياء إليهم
فك ان القاض ي تابع ا للخليف ة يتقاض ى أجرت ه من م ال الدول ة ،فل و وكلت أجرت ه إلى المتقاض ين لك انت
األحكام دوما لصالح من يدفع أكثر وكنا ال مع المساواة ولكن مع األقوى واألغنى ماال.1037
ومع أن القضاء مجاني بهذا المعنى فإن االلتجاء إلى القضاء يكلف المتقاضين رسوما تحصلها
خزانة الدولة وهذا ال يخالف مبدأ مجانية القضاء ألن جباية هذه الرسوم ال يعني اقتضاء الدولة تكاليف
التقاض ي من الخص وم ،وإ نم ا القص د من ذل ك ه و التقلي ل من الخص ومات الكيدي ة والتأكي د من أن راف ع
فوضعت تلك الرسوم بمثابة رقابة معنوية وذاتية على جدية دعواه وتالفيا 1038
الدعوى مجد في إدعائه
وتجدر اإلشارة إلى أن الخصم الذي يخسر الدعوى هو الذي يتحمل بكل الرسوم والنفقات ألنه
هو الذي تسبب في االلتجاء إلى القضاء بما أنكر على خصمه من حق.1040
إن المحكم ون يتقاض ون أتعاب ا لق اء قي امهم بالمهم ة التحكيمي ة الموكول ة إليهم وأص بحت الي وم
خاصة عندما يكون التحكيم دوليا ،1042ففي هذه الحالة قد يكون كل من أعضاء 1041
تشكل أرقاما خيالية
هيئ ة التحكيم وأط راف ال نزاع والمح امين من جنس يات مختلف ة ،أو مقيمين في دول مختلف ة مم ا يع ني
زي ادة مص اريف التحكيم بالنس بة لتنقالتهم واجتماع اتهم في مك ان معين ،1043باإلض افة إلى المص اريف
-1037خالد المير ،إدريس قاسمي "،التنظيم القضائي بالمغرب" ،سلسلة التكوين اإلداري ،طبعة ،1999ص .14
-1038الطيب الفصايمي ،م س ،ص .56
-1039خالد المير ،إدريس قاسمي،م س ،ص .14
-1040الطيب الفصايمي ،م س ،ص .57
-1041عالء آباريان ،م س ،ص .45
-1042للمزيد من التوسع أنظر:
-ازاد شكور صالح ،م س ،ص 249
-1043حمزة حداد "،التحكيم التجاري وجوانبه االتفاقية" ،عمان ،سنة ،2001ص .40
353
اإلدارية الخاصة بالمركز1044عندما يتم التحكيم عن طريق مؤسسة تديره وتشرف عليه والتي تقدم له
كتعويض عن الخدمات المقدمة من طرفه والتي يزداد مقدارها كلما ازدادت قيمة النزاع.1045
ويمكن إعط اء بعض األرق ام بش أن أتع اب المحكمين بالنس بة للتحكيم النظ امي يخص كال من
غرفة التجارة الدولية CCIوالمركز البلجيكي للتحكيم والوساطة ،CEPANIإلى جانب المركز الدولي
للوس اطة والتحكيم بالرب اط CIMARوذل ك بالنس بة ل نزاع قيمت ه 100.000ي ورو ،أي م ا يع ادل
1.100.000درهم .وتبل غ أتع اب محكم منف رد يش تغل تحت مظل ة غرف ة التج ارة الدولي ة في المتوس ط
13.000ي ورو ،أي م ا يع ادل 143.000درهم ا ،بينم ا يبل غ متوس ط ه ذه األتع اب بالنس بة لثالث ة
محكمين 30.500ي ورو ،أي م ا ين اهز 335.500درهم ا .وعلى العكس من ذل ك فال تتع دى ه ذه
األتع اب بالنس بة للمرك ز البلجيكي للتحكيم والوس اطة 4400ي ورو ( 48.400درهم) إذا تعل ق األم ر
بمحكم منف رد و 13.200ي ورو ( 145.200درهم) في حال ة اختي ار ثالث ة محكمين .وهن ا نالح ظ
االختالف الشاس ع بين أتع اب محكمي ه اتين المؤسس تين ،إذ يص ل الف رق م ا بين 2إلى 3م رات
( تك اليف التحكيم ل دى CCIأك بر من تك اليف .)CEPANIأم ا فيم ا يتعل ق بأتع اب محكمي المرك ز
الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط فحسب التسعيرة المنشورة في موقعه اإللكتروني ،1046بالنسبة لنزاع
تبلغ قيمته 1.000.000درهم ،فتصل كحد أدنى 8000درهم و 17.000درهم كحد أقصى بالنسبة
للمحكم المنفرد.1048-1047
للمتقاضين األثرياء الذين يفضلون أحيانا ألسباب ال يفصحون عنها أن يلجؤوا إلى التحكيم كما يفضل
إال أن مشكل ارتفاع تكلفة التحكيم يجب أال يقدر بمعزل عن العامل الزمني إذا تم إنهاء النزاع
خالل مدة قصيرة أو حتى مدة محددة قد يكون له قيمة كبيرة في ذاته.
كما أن حصول صاحب الحق على حقه عن طريق القضاء بعد مضي سنوات من إثارة النزاع
المص حوب ب نزيف م ادي ق د تك ون حص يلته أك ثر كلف ة من نفق ات التحكيم المرتفع ة وال تي تنهي ال نزاع
سريعا.1049
الفقرة الثانية :ضعف انتشار ثقافة التحكيم عامل أساسي في إعاقة نظام التحكيم
على الرغم من أن الشعب المغربي هو شعب مسلم فإن الواقع الحالي ال يعكس تجاوبا كامال
لنظ ام التحكيم ال ذي يف ترض أن ه األق رب إلى تحقي ق عدال ة أس رع ،1050ولع ل من بين أهم العوام ل ال تي
س اهمت في تكريس هذا المناخ الغ ير المناس ب للتحكيم على وج ه الخصوص هو ض عف ثقاف ة التحكيم
في المغ رب إلى ح د غيابه ا في بعض األحي ان ،وذل ك رغم أن التحكيم كأس لوب لح ل النزاع ات متج در
في حضارتنا العربية اإلسالمية وقد عرفته بالدنا منذ زمن قديم.
أوال :تحول دور التحكيم من الوسيلة األصيلة إلى الوسيلة البديلة في المجتمع المغربي
إن لمفاهيم النزاع والخالف والصراع داللة واحدة تفيد وجود تضارب في المواقف والمصالح
بين شخص ين أو أك ثر؛ وبص فة عام ة ق د يج د الفرد نفس ه في وض عية خص ام بس بب عوام ل سياس ية أو
اجتماعي ة أو أس رية أو مهني ة تح ول لدي ه مش اعر التع اون والتس امح والتع ايش م ع الغ ير إلى اإلحس اس
-1049مناني فراح "،التحكيم طريق بديل لحل النزاعات" ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر ،طبعة ،2010ص 123و .124
-1050الكوني علي أعبوده "،بعض التح ديات ال تي تواج ه التحكيم في ليبي ا ،التحكيم في ليبي ا بين ترك ة الماض ي وآف اق المس تقبل" ،مجل ة التحكيم
العالمية ،بيروت ،العدد ،18أبريل ،2013السنة الخامسة ،ص .53
355
بضرورة إزاحته من أجل إشباع بعض حاجياته الخاصة واالستئثار بها؛ فمثل هذه المشاعر نجدها بين
ص احب المقاول ة والنقاب ة في عالق ات الش غل وبين ال زوج والزوج ة في العالق ات األس رية وبين الب ائع
ولم ا خل ق اهلل ه ذا الك ون جع ل الن اس بعض هم ف وق بعض لحكم ة أراده ا اهلل س بحانه وتع الى
وجعل فيهم الضعيف والقوي ،واألصل أن يستمد اإلنسان قوته من صالبة عضالته وصحة جسده كما
يستغالنها لبسط هيمنتهم على اآلخرين وفض نزاعاتهم باستبعاد خصومهم وقتلهم.1052
ففي المجتمع ات البدائي ة -حيث تك ون منغلق ة على نفس ها ويطل ق عليه ا اس م "مجتمع ات ب دون
ت اريخ" Sociétés sans histoireبحيث إن الظ روف الجغرافي ة والوس ط ال روحي ال ذي ك انت تعيش
في ه قاده ا إلى أن تحاف ظ تقريب ا وب دون تغي ير على نفس مؤسس ات األج داد ،1053-لم تكن تع رف س لطة
تق وم بت أمين العدال ة ألفراده ا إذ ك ان ه ؤالء أو العش يرة أو القبيل ة يلج ؤون إلى الق وة من أج ل تحص يل
حقوقهم.
فق د ك انت الق وة هي ال تي تنش ئ الح ق وتحمي ه وهي الحكم في ك ل خص ومة والفيص ل الحاس م
لكل نزاع وكان القوي هو صاحب الحق في كل ما يناله بالغلبة والقهر لكن مع مرور الزمن برز نظام
يلجأ بمقتضاه المتخاصمون إلى طرف ثالث ليفصل في الخالف الناشئ بينهم يختارونه لما يتمت ع ب ه من
عليه شيخ القبيلة المشهود له بالحياد واألمانة ،لذلك ففي حالة وقوع نزاع بين أفراد القبيلة سواء كان
نظ را لمكان ة الش يخ أو خوف ا من س طوه وبطش ه ولم ا لمنزل ة المحكم عن د س كان 1055
تنفي ذ ه ذا الحكم
القبيلة.
ولم يكن التحكيم غريبا على المغرب فقد عرف من خالل األعراف والعادات فكان س كان بعض
المناطق المغربية1056عند قيام نزاع بينهم يعرضونه على محكمين مختارين من قبلهم ،ويكون المحكمين
ع ادة من فقه اء القبيل ة أو ال دوار أو رئيس للقبيل ة أو لل دوار ،1057وفي حال ة نش وب ن زاع بين الت اجر
والتاجر أو بين التاجر وزبون له فإن المحكم عادة ما يكون أمين السوق أو أمين الحرفة.1058
ومن جهة أخرى كان الناس خاصة في البوادي يطلبون الفتاوى الشرعية من علماء الدين وأئمة
المساجد ومدارس علوم الدين ال في أمور دينهم فحسب ولكن حتى فيما يتعلق بمعامالتهم الدنيوية وما
ينش ب من نزاع ات حوله ا ،وك انوا يس لمون بم ا تتض منه الفت وى ويرض ون ب ه كحكم نه ائي فاص ل في
-1055شمس الدين عبداتي "،التحكيم التجاري قضاء المستقبل" ،المجلة المغربية للتحكيم التجاري ،العدد ،2السنة ،2003ص .105
-1056كمنطقة الصحراء المغربية.
-1057يقول في هذا اإلطار ذ .عبد اهلل درميش ":يوجد اآلن التحكيم في بعض المناطق النائية ويحتكمون إلى شيخ القبيلة أو إلى شخص يحدى
باالحترام ويتم تنفيذ الحكم التحكيمي بدون صيغة تنفيذية حتى ال ينظر إلى الشخص الذي تقاعس عن التنفيذ نظرة اشمئزاز وحتى ال يبعد من
الجماعة وهذا هو التحكيم الحقيقي.
-عبد اهلل درميش ،مداخلة في إطار دورة تكوينية نظمها المركز الدولي للوساطة والتحكيم ومؤسسة كوركمار في موضوع " :المحامي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
-1058إن األمناء هم الذين يتولون فض النزاعات التي تحدث بين الحرفيين أنفسهم أو بينهم وبين زبنائهم ،والمستفيدين من خدماتهم ،وكان لكل
حرفة " أمين " يختار من بين أمهر الصناع "المعلمين" المعروفين باألمانة والصدق أوال ،والماسكين بأسرار الحرفة والحاذقين فيها ثانيا.
ويلعب أمين الحرفة دور مهما ورياديا في السوق من خالل حل النزاعات القائمة بين الحرفيين والرقي بالحرفة إلى مستوى تطلعات الحرفيين
أنفسهم ،وك ذا بينهم وبين الزبناء المغارب ة واألجانب الذين ما زالوا مواظبين على اقتناء المنتوجات التقليدي ة على اختالف أنوعها ،بل يحرص
الجميع على ضرورة التقيد بالجودة للنهوض بالقطاع الحرفي.
فاألمين يعد العمود الفقري للحرفة ،ما دام يعرف خباياها وممارسيها داخل األحياء الحرفية وغيرها ،وعادة ما ينال األمين احترام الجميع ما
دام البعض يلجئون إليه عند الحاجة بما في ذلك الزبناء ،نظرا لدوره التحكيمي.
كما أن المحتسب يعد مرجعا للفصل في بعض النزاعات التي لم يحسمها األمناء ،أو التي تتعلق بمحارب ة الغش في البضائع ،أو احتكارها لرفع
أسعارها إلى جانب قيامه بأدوار واختصاصات أخرى واسعة ،دينية وتربوية ترمي كلها إلى نشر األخالق الفاضلة ،وقيم التضامن والتسامح،
وهو ما يؤهله في كثير من األحيان للتوفيق والتسديد بين المتخاصمين ،وإ صالح ذات البين بينهم.
راجع في هذا الشأن:
-محمد سالم "،الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية ،م س ،ص
.315
-مقال منشور بالموقع اإللكتروني http://tadbir.ma :تاريخ حصر الموقع 30 :مارس .2015
357
الموض وع خاص ة وأن مرجعي ة ه ؤالء المف تين ك انت هي األحك ام الش رعية ال واردة في الق رآن الك ريم
والس نة النبوي ة وب اقي مص ادر الش ريعة اإلس المية ومن ثم ك ان للج انب ال روحي وال وازع ال ديني أك بر
وفي ه ذا الص دد يق ول محم د المخت ار السوس ي" :ألن أس تاذ المدرس ة بمنزل ة القاض ي الرس مي
للقبيل ة يقض ي ب التحكيم بين الن اس في الجب ال ال تي ال قض اء رس ميا فيه ا فقلم ا يتج اوز إلى غ يره إال إذا
ك ان مغم ورا بأس تاذ آخ ر أعلى من ه ش أنا أو أكبر من ه س نا" كم ا يقول في مك ان آخ ر ":إن عام ة الن اس
ترسخ في أذهانها بأن الفقهاء هم الذين يتولون فض النزاعات وقسمة األموال والتركات لذلك يحتكمون
لم تكن هن اك قواع د قانوني ة ب المعني الح ديث قب ل مجيء االس تعمار ف المحكم ك ان يطب ق في
إجراءاته ما كان معروفا في سماع األطراف وأدلتهم واالستماع إلى الشهود وتتجلى مهمته في الحياد
واالستقامة واالستقاللية.
وم ع مجيء االس تعمار وبع د التوقي ع على معاه دة الحماي ة ال تي وض عت المغ رب في نظ ام
الحماي ة الفرنس ي ح اول المس تعمر س ن بعض الق وانين ال تي تتماش ى م ع مطامع ه ومص الحه من بينه ا:
ظهير االلتزامات والعقود 1061وقانون المسطرة المدنية الملغى الصادر في سنة ،1913فاألول لم يأتي
بمقتضيات خاصة بالتحكيم وإ نما تناوله في فصول متناثرة كما هو الشأن في الفصل 894أما الثاني
-1059محمد سالم "،دور الطرق البديلة لحل النزاعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة" ،م س ،ص .46
-1060محمد سالم "،الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية" ،م س،
ص .338
-1061زكرياء الغزاوي ،م س ،ص .93
358
فق د خص ص ل ه الفص ول 527إلى 543خالف ا لم ا ذهب إلي ه بعض الفق ه من أن التحكيم لم ينظم
كم ا أن ه ذه الف ترة ع رفت إص دار ع دة نص وص تهتم ب التحكيم كظه ير 1942المتعل ق بمهن ة
الص حافة والس يما الفص لين 7و 8الل ذان يمنح ان االختص اص في البت في ال نزاع المتعل ق بفس خ عق د
العم ل في المج ال الص حفي وإ س ناد مس ألة التع ويض إلى لجن ة التحكيم ك ذلك الح ال في ق وانين الش غل
وب الرغم من ع دم وعي المواط نين وع دم وج ود ثقاف ة التحكيم ل دى المؤسس ات العام ة ال تي
أنشأتها الدولة بعد الحصول على االستقالل ،فإن المغرب في هذه الفترة كان مهتما باالنفتاح التجاري
على بقية دول العالم من خالل اللجوء إلى تشجيع االستثمار ،حيث تم إصدار ظهير شريف سنة 1958
وقد تعززت الترسانة القانونية بمقتضيات خاصة بالتحكيم من خالل الخروج بقانون المسطرة
المدنية الصادر في 28شتنبر 1974والذي خصص له الفصول من 306إلى 327في الباب الثامن
من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بعد إلغاء قانون المسطرة المدينة لسنة ،1913غير أن
ه ذا الق انون ك انت تش وبه مجموع ة من الن واقص من أبرزه ا إغفال ه للتحكيم ال دولي واكتفائ ه ب التحكيم
الداخلي ،رغم أن المغرب كان من الدول السباقة إلى المصادقة على االتفاقيات الدولية ومسايرة للتطور
الذي تعرفه التشريعات المقارنة في مجال التحكيم ،عمل المشرع المغربي على إصدار قانون 08-05
ولكن على ال رغم من ه ذه الجه ود فإن ه ال ي زال آلي ة مجهول ة لكث ير من المواط نين بجمي ع
وال يمكن بأي حال من األحوال اعتبار التشريع المغربي في مجال التحكيم هو العامل الرئيسي
وراء وضعية التحكيم بالمغرب ،بل غياب ثقافة التحكيم لدى عامة المغاربة يبقى له الجانب األوفر في
إن انع دام ال وعي بأهمي ة التحكيم في األوس اط الفاعل ة من مؤسس ات وبن وك 1066وتج ار يش كل
العام ل األساس ي في ض عف التحكيم ،ف المجتمع التج اري ه و المن اخ الخص ب لنم و التحكيم وتط وره
والمع امالت بين مختل ف أط راف مجتم ع التج ار ينبغي أن تحت وي على ش روط 1067
ف العقود التجاري ة
-1064مع ازدهار التجارة العالمية ورغبة من المغرب في مواجهة تحديات العولمة االقتصادية ،وفي تشجيع المستثمرين على استثمار أموالهم
في ه ،تم إص دار ق انون 08 -05ال ذي يعت بر ق انون للتحكيم والوس اطة وذل ك بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم 1 .07 .169بت اريخ 19من ذي
القعدة 1428الموافق ل 30نوفمبر ،2007حيث تم التنصيص عليه في الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية.
- 1065بعض المؤسسات ( شركات ،بورصة) لم تسمع بمصطلح التحكيم وال تعلم ما معناه ،ولم يسبق لها أن تعاملت معه.
اس تطالع لل رأي قمن ا ب ه ع بر ملئ اس تمارات اس تبيانية على ش كل أس ئلة متنوع ة متعلق ة بموض وع البحث تم طرحه ا على بعض الش ركات
بالمغرب.
-1066الوس يلة األك ثر اس تخداما في فض المنازع ات البنكي ة هي :الوس اطة البنكي ة ،وذل ك ألنه ا تمكن المتع املين من التوص ل إلى ح ل يناس ب
الطرفين.
استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان ،المحمدية ،الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أسئلة متنوعة
متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على بعض المؤسسات البنكية.
إن العزوف عن نظام التحكيم في مجال المعامالت البنكية يجد أساسه في غياب ثقافة التحكيم في الوسط البنكي ،وفي عدم الثق ة في ج دوى جه از
التحكيم في فض منازع ات تقني ة ودقيق ة بش كل ع ادل ،تم غي اب اإلمكاني ات البش رية :المحكمين المتخصص ين في الم ادة البنكي ة ،كم ا أن الق وة
االقتصادية للمؤسسات البنكية يستبعد معها جلوس البنك على طاولة واحدة مع العميل من أجل مناقشة شرط التحكيم وآثاره.
للمزيد من التوسع أنظر:
-عائشة الشرقاوي المالقي "،الوجيز في القانون البنكي المغربي" ،الطبعة الثانية ،دار أبي رقراق للطباعة والنشر ،سنة 2007،ص 68وما
يليها.
-نجيب أحمد عبد اهلل "،اتفاق التحكيم في المنازعات البنكية" ،سلسلة إصدارات المركز اليمني للتوفيق والتحكيم ،الطبعة األولى ،سنة ،2004
ص .502
- Georges Affaki. "Le banquier et l’arbitrage, banque et droit" , N° 93, janvier – février, 2004. p 3.
-1067منها على سبيل المثال عقود النقل ،وعقود الرهن التجاري والعقود البنكية ،إلى غير ذلك من العقود الواردة في الفصول 334وما يليه
من مدونة التجارة.
360
تس مح ب اللجوء إلى التحكيم في حال ة وج ود أي خالف ح ول تط بيق أو تنفي ذ أو تفس ير تل ك العق ود،1068
وهذا ما يغذي التحكيم ويرفع من شأنه غير أن هذا األمر غائب في المغرب.1069
ومرد ذلك هو عدم انتشار ثقافة اللجوء إليه في ظل غياب إعالم يساعد على نشر هذه الثقافة
من خالل ال برامج ال تي تعم ل على التعري ف ب التحكيم وع رض مميزات ه بالتفص يل ح تى يتس نى لك ل
وأن تكون هناك برامج موجهة إلى التجار والمقاوالت التجارية الهدف منها تحسيسهم بضرورة
ه ذا ال دور اإلعالمي م ازال غائب ا لألس ف ح تى اآلن ،األم ر ال ذي ينبغي جعل ه في الحس بان
-1068يلعب المش رع دورا هام ا بتنصيص ه على بن ود قانوني ة تل زم األط راف المتنازع ة على اللج وء إلى مس طرة التحكيم في حال ة وج ود أي
خالف حول تطبيق أو تنفيذ العقود.
استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان ،المحمدية ،الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أسئلة متنوعة
متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على مجموعة من الموثقين.
-1069تجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي عمل في قانون 08-05على تحديد المنازعات التجارية التي يمكن لألشخاص طبيعيين كانوا أو
معن ويين أن ي برموا اتف اق تحكيم بش أنها ،ذل ك أن ه ج اء في الفق رة األخ يرة من الفص ل 308على أن ه " يمكن بوج ه خ اص أن تك ون مح ل اتف اق
تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة 5من القانون 95.53القاضي بإحداث محاكم تجارية".
وبالرجوع إلى المادة 5من القانون المحدث بموجب المحاكم التجارية نجد على أن هذه األخيرة تختص بالنظر في الدعاوي التالية:
الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية.
الدعاوي التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية.
النزاعات المتعلقة باألوراق التجارية.
النزاعات المتعلقة باألصول التجارية.
وبناءا عليه فإنه يجوز لألطراف أن يتفقوا على إبرام اتفاق التحكيم في مختلف هذه المنازعات.
وق د ج اء في ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ 05/01/2000بأن ه" ش رط التحكيم ي أتي ص حيحا في العق ود المبرم ة بخص وص أص ول
تجاري ة بصفة عام ة ،والسيما فيما يتعلق بأداء الوجيب ة الكرائية وإ فراغ المكتري ومن يقوم مقام ه حيث يرتبط شرط التحكيم أثره باللجوء إلى
المحكمين بدال من اللجوء إلى المحاكم التجارية التي لها حق النظر في النزاعات الناشئة عن األصول التجارية وذلك بمقتضى المادة الخامسة
من القانون 53/95القاضي بإحداث هذه المحاكم والسيما الفقرة الرابعة التي نصت على نظر النزاعات الناشئة بين جميع األشخاص فيما يتعلق
بأصل تجاري ،كما أن القانون الواجب تطبيقه بخصوص طلب األداء واإلفراغ للمحالت واألصول التجارية يبقى هو ظهير 24ماي ."1955
-قرار المجلس األعلى عدد 16الصادر بتاريخ 05/01/2000في الملف التجاري عدد 3538/1994منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى
عدد 53 :و 54ص .204
- 1070راجع ما ستتم دراسته بخصوص" توظيف اإلعالم في نشر ثقافة التحكيم" في الفصل الثاني من هذا الباب.
361
في الحقيق ة نج اح التحكيم أو فش له متوق ف بالدرج ة األولى على وعي المش رع والمتقاض ين
بأهميته فعندما يقدرون أهمية هذا النظام والدور الذي يمكن أن يلعبه في حل نزاعاتهم ال شك أن هذا
إن كفاءة وخبرة المحكم أو الهيئة التحكيمية ككل للفصل في النزاع ركيزة للتحكيم برمته إذ بها
عند اختيار الهيئة التحكيمية ينبغي بالخصوص مراعاة األمرين التاليين :
األم ــر األول :الب د أن يت وافر ل دى المحكم الح د األدنى من العلم الق انوني باعتب ار أن التحكيم
يخض ع لبعض النص وص اإلجرائي ة ال تي ال ب د من التقي د به ا تحت طائل ة إبط ال الحكم التحكيمي إلى
جانب وجود أحكام تتعلق بالنظام العام والتي ال مفر من تطبيقها واحترامها.
األمر الثاني :البد أن تتوافر لدى المحكم المؤهالت والصفات التي تستجيب لتوقعات األطراف
والتي حدت بهم إلى اختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاع ،مثال لو اتفق األطراف على تطبيق الشريعة
اإلس المية فإن ه ينبغي أن يك ون المحكم ض ليعا في الفق ه اإلس المي ،أو ك ذلك إذا اتف ق الطرف ان على
تط بيق ق انون دول ة معين ة فيمكن الق ول بأن ه على المحكم أن يك ون على علم بمب ادئ ه ذا الق انون على
األقل.1072
وإ نما ترك ذلك إلى اإلرادة الحرة لألطراف ،1074إال 1073
ضرورة كون المحكم يعرف القراءة والكتابة
أن التح والت االجتماعي ة واالقتص ادية ال تي يعرفه ا المغ رب في اآلون ة األخ يرة جعلت معظم الفعالي ات
تس تجيب لمتطلب ات ه ذه الظرفي ة بم ا فيه ا الهيئ ات التحكيمي ة ،فبع دما ك ان دوره ا يقتص ر على ح ل
النزاعات الناشئة غالبا بين نفس أصحاب المهنة أو بين الشركاء في الشركات التجارية ،فإنها أصبحت
في ال وقت ال راهن بفع ل العولم ة ال تي اكتس حت المغ رب مؤهل ة للفص ل في خالف ات الش ركات الك برى
وذلك لتعدد مزايا نظام التحكيم التي ينفرد بها عن القضاء الرسمي.1075
ولتسهيل مأمورية الهيئات التحكيمية كان البد على المشرع المغربي أن يضع ضوابط خاصة
يحترمها كل من أراد القيام بمهام المحكم ،ومن بينها على الخصوص وجوب حصوله على تأهيل علمي
ولغوي معين حتى يتأقلم مع محيطه الجديد الذي يغلب عليه طابع السرعة والتعقيد.1076
-1073تجدر اإلشارة في هذا اإلطار أنه ظهر برأي الفقه المقارن اتجاهان اثنان فاألول يروم إلى الرأي القائل بعدم اشتراط كون المحكم عالما
بقواعد القراءة والكتابة إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من عضو منفرد فإذا كان من محكم منفرد وجب تعيين شخص آخر لمجرد كتابة الحكم،
وقد استندوا في ذلك إلى أنه قد يكون الشخص الذي يجهل قواعد القراءة والكتابة لديه من الخبرة ورجاحة العقل ما يفوق ذلك الشخص الملم
بقواعد القراءة والكتابة ،مما يدفع أطراف االتفاق على التحكيم إلى تفضيل اختيار الشخص األول الجاهل بها على اختيار من يكون عالما بها.
في حين ذهب جانب آخر إلى القول بأن شرط العلم بالقراءة والكتابة هو من األمور البديهية لذلك لم تنص عليها التشريعات المختلفة وذلك ألن
نظ ام التحكيم والفص ل في المنازع ات يس تلزم في الق ائم به ا أن يك ون عالم ا بقواع د الق راءة والكتاب ة ،ح تى يتمكن من اإلطالع على مس تندات
الخصوم وأوراقهم وكتابة حكم التحكيم الصادر في النزاع وتوقيعه وذكر أسبابه.
كما أنه إذا كان يجوز لألفراد أن يتفقوا على تعيين محكم أو محكمين يجهلون قواعد القراءة والكتابة فإن ذلك غير متصور في التعيين الذي يتم
من قبل المحكمة فيجب على المحكمة أن تقوم بتعيين أشخاص يلمون بقواعد القراءة والكتابة ،أضف إلى ذلك أن ه في المعامالت التي يكون فيها
عنصر أجن بي ال يتكلم المحكم لغ ة الخصم أو لغ ة المحكمين رغم ضرورة وجود مترجم حتى يسمع الط رف اآلخر م ا يقوله الخصم فإن على
المحكمة في تحكيم تجاري دولي أن تقوم بتعيين محكمين يكونون على إطالع بلغة الخصوم.
أنظر في هذا الشأن:
محمود السيد التحيوي " ،العنصر الشخصي لمحل التحكيم" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،طبعة ،2003ص 305وما بعدها.
عامر فتحي البطانية" ،دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص 93و .94
وهذا ما تترجمه الفقرة األولى من الفصل 309من ق .م .م على ما يلي" :يمكن لألطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات 1074
التي قد تنشأ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين ."...وبذلك فلم ينص على أي شرط يتعلق بتحديد المستوى الدراسي للمحكمين.
وقد تركت أحكام قانون التحكيم المصري أيضا الحرية لألطراف في اختيار المحكمين ولم تشترط فيهم أي كفاءة علمية حيث نصت المادة 17
في فقرتها األولى على أنه " لطرفي التحكيم االتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووفق اختيارهم.
-1075ومن هذه المزايا :السرعة ،السرية ،الكفاءة ،التخصص...
- 1076وهذا ما ينطبق على أعمال التجارة الدولية التي أصبح فيها المغرب عضوا فاعال.
363
ولكي تفص ل هيئ ة التحكيم في ال نزاع ال ب د وأن تك ون ذات إطالع واس ع على الق وانين الواجب ة
التطبيق والتي قد تكون في غالب األحي ان أجنبية عنها ،وحتى تتحقق هذه الغاي ة كان ال بد أن يكون
أعضاء هذه الهيئة على درجة عالية من التكوين اللغوي والعلمي لكي يتسنى لهم فهم معنى وروح هذه
القوانين.1077
ومن جه ة أخ رى ف إن تع دد الوث ائق المتعلق ة ب النزاع المعروض ة على أنظ ار الهيئ ة التحكيمي ة
والتي تكون غالبا محررة بلغات أجنبية نظرا لطبيعة هذا النزاع ،فإنه يضطر معه المحكم أن يتقن أكثر
من لغة لكي يتجاوب مع هذه المستندات ،أما في حالة تعذر تمكنه من هذه اللغات فإن مصالح األطراف
إض افة إلى ذل ك ف إن المحكم ذي التك وين اللغ وي تك ون ل ه الق درة بم ا يكفي إلدارة العملي ة
التحكيمية بسرعة كبيرة وفاعلية عالية ،وهذا ما يؤهله إلى تحديد الخطة اإلجرائية المالئمة للفصل في
ال نزاع على نح و يتحق ق مع ه الس ير الط بيعي له ذه األخ يرة ،1078مم ا يجعل ه يص ل إلى الق رار الحاس م
إن العدي د من التش ريعات المقارن ة تح دد مجموع ة من الش روط يتعين توفره ا في المحكم ح تى
يس تطيع مباش رة المهم ة التحكيمي ة ن ذكر منه ا التش ريع الس عودي ال ذي يش ترط ت وافر كف اءة ودراي ة
-1077أحمد شكري السباعي " ،الوس يط في النظري ة العام ة في ق انون التج ارة والمق اوالت التجاري ة والمدني ة ،دراس ة معمق ة في ق انون التج ارة
المغربي الجديد والمقارن ،التحكيم الوطني والدولي وقانون األونسترال ،الجزء األول" ،دار نشر المعرفة ،الطبعة األولى ،سنة ،2001هامش
ص .276
-1078ه ذا م ع العلم أن أهم مم يزات اللج وء إلى التحكيم هي تل ك الس رعة في فص ل المنازع ات ،ف إذا لم يتحق ق ه ذا المم يز فإن ه حينئ ذ يفض ل
عرضها على القضاء أصال.
-1079الم ادة الثالث ة" ...وعن د تع دد المحكمين يك ون رئيس هم على دراي ة بالقواع د الش رعية واألنظم ة التجاري ة والع رف والتقالي د الس ارية في
المملكة".
364
ونفس الشيء ينطبق على االتفاقية العربية لالستثمار حيث تقضي المادة 35من االتفاقية على
أن " :أس ماء المحكمين يتم اختي ارهم من األش خاص المش هود لهم ...بق دراتهم في مي ادين الق انون أو
وب الرغم من ص دور ق انون 08 -05فلم ي ذكر المش رع المغ ربي م ا إذا ك ان على المحكم أن
يت وافر في ه تأهي ل لغ وي معين أم ال وه ذا الس كوت ق د يع رض حق وق األط راف للض ياع نتيج ة احتم ال
وب اإلطالع على مقتض يات الفق رة األخ يرة من الفص ل 321من ق انون 05ـ 08وال تي نص ت
على وج وب دراس ة الوكي ل الع ام للمل ك لوض عية المحكمين قب ل إدراجهم في الل وائح المع دة ل ذلك ،ق د
يتب ادر إلى ال ذهن أن المش رع يقص د وض عيتهم الدراس ية أو كف اءاتهم المهني ة أو العلمي ة ل ورود كلم ة "
وض عيتهم" بش كل مبهم وغ امض ،إال أنن ا نعتق د أن األم ر ليس ك ذلك فمادمن ا أم ام مقتض يات وردت في
ومن وجهة نظري المتواضعة فإنني أتفق مع الفقه الذي يعتبر أن الطابع الرضائي للتحكيم وما
يتمتع به المحكم من سلطات واسعة في إدارة النزاع يفترض معه إسناد مهامه إلى شخص يتوفر على
ومن بين الحجج المؤي دة لوج وب ك ون المحكم م ؤهال لغوي ا م ا نص علي ه الفص ل 319من
قانون 08-05حينما قضى بأن الهيئة التحكيمية تتكفل بتنظيم إجراءات التحكيم الحر وبتحديد المس طرة
الواجبة اإلتباع ،فمثل هذه المهام ال يستقيم والمنطق أن يؤديها سوى ذلك المحكم ذي التكوين اللغوي
-1080عبد اإلاله المحبوب "،الضمانات القانونية للهيئة التحكيمية ،دراسة مقارنة" ،سلسلة دراسات وأبحاث ،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات،
الص لح ،الوس اطة ،التحكيم ،في ضوء مستجدات الق انون رقم 08 -05المتعلق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة" ،منش ورات مجل ة القضاء الم دني،
سنة ،2013ص .131
-1081راجع ما تمت دراسته بخصوص الفصل 321واإلشكاليات التي يطرحها في الباب األول من هذا البحث.
-1082هدى محمـد حمـدي عبـد الرحمـان" ،دور المحكم في خص ومة التحكيم وح دود س لطاته" ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة ،س نة ،1997ص
.112
365
الواسع ،اعتبارا لكونها تتصف عادة بالتعقيد الشديد فالتغلب على كل ما من شأنه التأثير على سيرها
العادي يفترض أن يتم تعيين هذا المحكم من فئة المحكمين المشهود لهم بالكفاءة اللغوية.
يجب على المحكم ولكي يم ارس عملي ة التحكيم في ال نزاع المع روض علي ه أن يتمت ع بخ برة
عالي ة في مج ال التحكيم وخصوص ا في مج ال التحكيم التج اري ال دولي .فلكي يك ون المحكم دولي ا علي ه
أال يقف عند ثقافته وخبرته الداخلية بالتحكيم ،وإ نما عليه أن يتعداها إلى ثقافات وخبرات اآلخرين بالفهم
والتفهم واألف ق الواس ع ألن ه من المض ر ج دا ب التحكيم ال دولي أن تتغلب الثقاف ة المحلي ة للمحكم على
نظرت ه لل نزاع ،وك ل ذل ك يتطلب معرف ة المحكم بمختل ف الق وانين والقواع د ال تي تنظم التحكيم على
المستوى الدولي وأن يكون ملما بالعادات والمعامالت التجارية ومطلعا على مختلف األنظمة السياسية
واالجتماعية.1083
يذهب بعض الفقه إلى القول بعدم اشتراط أن يكون المحكم عالما بالقانون ولو كانت المسألة
المعروضة عليه قانونية أوله خبرة فنية في موضوع النزاع المعروض عليه أي عدم اشتراط أن يكون
المحكم متخصصا في المسألة المتنازع عليها والمعروضة عليه ،1084وسندهم في ذلك هو ذات األساس
الفلسفي الذي يقوم عليه نظام التحكيم والمتمثل في أن الثقة في شخص المحكم وفي حسن عدالته هو في
األص ل مبعث االتف اق على التحكيم ،فق د يتف ق أط راف المنازع ة في ش خص ويق درون قدرت ه على ح ل
منازعاتهم بالشكل المالئم بالنسبة لهم وبالسرعة المطلوبة ويطمئنون إلى قضائه ،وذلك بالرغم من أنه
-1083حميد محمد علي اللهبي " ،المحكم في التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص .101
-1084أحمد أبو الوفا " ،التحكيم االختياري واإلجباري" ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،الطبعة الثالثة ،1978ص .154
366
ق د ال يك ون خب يرا أو متخصص ا في مج ال المنازع ة المعروض ة على التحكيم أو ليس عالم ا بالق انون
في حين ذهب ج انب آخ ر من الفق ه إلى اش تراط أن يك ون المحكم من ذوي الخ برة في ال نزاع
المع روض علي ه ف المحكم وإ ن لم يكن من رج ال الق انون فإن ه يجب على األق ل أن يك ون متخصص ا في
المنازعة التي يفصل فيها ،أو تكون له خبرته بها والتي تغني ه عن االستعانة بالخبراء وهو م ا يحقق
ويعتبر هذا الرأي هو الراجح بحيث جعل من شرط خ برة المحكم الض مانة األساس ية والملح ة
الس تقالليته فكلم ا افتقر إليه ا كلم ا ك ان أك ثر عرض ة للت أثر باتجاه ات وآراء اآلخ رين بم ا فيهم أط راف
النزاع.1087
وارتباط ا ب ذات الموض وع ف إن هن اك من ي رى أن الخ برة الفني ة وح دها ال تكفي لجع ل المحكم
1088
يحيط بكل جوانب النزاع مهما كانت درجة خبرته هاته ،مؤكدا أنه يتعين أن توازيها خبرة قانونية
فقد يقوم أطراف النزاع باختيار المحكم من وسطهم المهني الذي يكون في غالب األحيان ذي خبرة فنية
عالية ،إال أنه ومع ذلك فال يستطيع أداء مهمته التحكيمية القضائية على أحسن وجه ،كاحترامه لحقوق
الدفاع والمواجهة وغيرها من اإلجراءات إذا لم يكن على بينة من القواعد القانونية التي عادة ما تكون
ونعتقد أن الفقيه "فوشار" كان على صواب حينما أشار إلى أن االستعانة برجال القانون شيء
طبيعي في مجال التحكيم لكون جل المنازعات التي تعرض على الهيئة التحكيمية تبدأ وتنتهي بتفسير
-1085محمود السيد التحيوي " ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية " ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،سنة ، 1999ص 191وما بعدها.
-1086محمود محمد هاشم "،اتفاق التحكيم وأثره على سلطة القضاء" ،م س ،ص .122
-1087هدى محمد حمدي عبد الرحمان،م س ،ص .108
-1088أحمد شكري السباعي ،م س ،هامش ،276وأيضا هدى محمد حمدي عبد الرحمان،م س ،ص .110
- 1089إن المحكمين المختصين في المسائل الفنية ال يكونون -في الغالب األعم – على دراية بالقانون وال بكيفية تحرير األحكام .لذا يجب على
األقل أن يتم اختيار المحكم الرئيس أو المحكم الفرد من بين رجال القانون ذوي الخبرة والممارسة مثل رجال القضاء السابقين.
367
نصوص ذات طبيعة قانونية وهي مهمة ال يتقنها من حيث المبدأ سوى الضالع في العلوم القانونية،1090
وما يؤيد هذا الرأي هو عجز رجال األعمال والصناعة عن تجاوز التعقيدات القانونية التي تعترضهم
بمناسبة إبرامهم للصفقات وذلك الفتقارهم للمؤهالت والمهارات القانونية الضرورية لحلها.1091
وحقيقة فإنه يعتبر من الناذر في عصرنا الحالي أن نعثر على محكم مزدوج التكوين :قانوني
فني يفصل في النزاعات إال أن ه للتغلب على هذه الندرة فال مناص من تعيين األطراف لخبير قانوني
بين أعضاء الهيئة التحكيمية ،وذلك من أجل االستفادة من مهاراته القانونية في تسيير خصومة التحكيم
بالرغم من الدور الهام الذي تؤديه خبرة المحكم في تسوية النزاع فإن المشرع المغربي كغيره
لم يتطلب توفرها في هذا المحكم وإ نما رفع يده عن ذلك تاركا اختصاص 1093
من جل القوانين المقارنة
اش تراطها لفائ دة أط راف ال نزاع ،رغم أن ه ك ان علي ه أن ينص على ض رورة ت وفر المحكم على خ برة
معين ة ول و في موض وع ال نزاع المع روض علي ه فق ط ألن ه من المف روض أال يلج أ الخص وم إلى ط رح
نزاع اتهم المعق دة على محكمين ليس وا بخ براء في موض وعها ،ه ذا فض ال على أن ه ال يستس اغ ط رح
النزاع على مثل هؤالء المحكمين وبعدها يتم إحالته على أحد الخبراء الستشارته في حلها وذلك تحت
-1090فيليب فوشار( "،)Ph.fouchardالشروط التحكيمية في االتفاقات الصناعية الدولية ،باريس ،سنة ،1975ص .1
-1091ناصر بلعيد ،م س ،ص 35وما بعدها.
-1092ناصر بلعيد ،م س ،ص .38
-1093نشير إلى أن نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م )46 /وتاريخ 1403 / 7 /12كان ينص في مادته الرابعة على
ما يلي ":يشترط في المحكم أن يكون من ذوي الخبرة حسن السيرة والسلوك."...
إال أنه بمقتضى المرسوم الملكي رقم م 34 -بتاريخ 16 /1433 -5 -24هجرية 2012 -4 -16 /ميالدية تراجع عن هذا المقتضى وسكت
عن تحديد شرط الخبرة ونص في المادة الرابعة عشر على أنه ":يشترط في المحكم ما يأتي:
-1أن يكون كامل األهلية
-2أن يكون حسن السيرة والسلوك."...
ه ذا المرس وم منش ور في الجري دة الرس مية ( أم الق رى) بع ددها رقم 4413الص ادر بت اريخ 1433 -7 -18هجري ة الموافق 2012 -6 -8
ميالدية.
368
ومن هذا المنطلق فإننا نتساءل عن إمكانية لجوء 1094
نفقة األطراف كما هو عليه الحال بالنسبة للقضاء
األطراف مباشرة إلى خبراء دون المرور عن طريق المحكمين أعاله توفيرا للمصاريف وربحا للوقت؟
وإ ذا م ا انطلقن ا من أن القاض ي يس تعين عن د بت ه في القض ايا بمس اعدة دف اع األط راف ورأي
الخبراء فإن المحكم عكس ذلك ال تتاح له مثل هذه اإلمكانيات في غالب األحوال ،مما يكون مع ه تمتع ه
ب الخبرة الالزم ة الس الح الحاس م الوحي د لتن وير مس لكه في إدارة ال دعوى قص د إص دار حكم ا تحكيمي ا
عادال.
أما بالنسبة للتحكيم المؤسسي فإن معظم اللوائح التحكيمية التابعة لمراكز التحكيم المنتشرة في
مختلف بقاع العالم قد اشترطت توافر الخبرة في محكميها ،ومن بين هذه األنظمة نذكر نظام المركز
ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط إذ أن ه نص في مادت ه الثامن ة والعش رون على أن "الهيئ ة التحكيمي ة
يجب أن تتكون من رجال القانون والقضاء ومن ذوي الخبرة والتخصص واإلطالع في ميادين التجارة
-1094تجدر اإلشارة إلى أنه لما أعدت األمانة العامة للحكومة سنة 2006لمشروع قانون 05ـ 08الذي يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن
من القس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة ،تط رق إلى مس ألة الخ برة بش كل جلي في الفص ل 320من ه وال ذي ك ان ينص على م ا يلي " :ال
يمكن إسناد مهمة المحكم إال إلى شخص ذاتي ذي خبرة ،"...بل وأكثر من ذلك فإن نفس هذه المقتضيات نص عليها مشروع القانون كما وافق
عليه ا مجلس المستش ارين بالبرلم ان ،إال أن ه بت والي انعق اد الن دوات والم ؤتمرات القانوني ة لمناقش ة ه ذا المش روع وال تي تمت بمس اهمة ك ل من
القط اع الع ام والقط اع الخ اص ،وال تي ك انت من بينه ا المائ دة المس تديرة المنظم ة من ط رف ك ل من الفري ق االش تراكي بمجلس الن واب ووح دة
التكوين والبحث " أنظمة التحكيم" بكلية الحقوق بسال التي حضرتها مجموعة من فعاليات المجتمع المدني من أساتذة جامعيين ،ومهن يين ،وقض اة،
وباحثين ،حيث تم خاللها إثارة نقاش قانوني حاد حول مدى تطلب الخبرة المذكورة في الفصل أعاله؟ لوحظ من خالله وبكل أسف مهاجمتها
بشراس ة كب يرة ،من قب ل العدي د من المت دخلين على اعتب ار أن ه ذه الخ برة ق د ج اءت في إط ار غ امض ،خاص ة فيم ا يتعل ق بنوعيته ا ومع ايير
اعتمادها أي هل يتم تحديدها بواسطة الشهادات المهنية الصادرة عن المعاهد العليا والجامعات؟ أم أنها تقتصر فقط على تلك الخبرة التي تكتسب
بفعل الممارسة والتجربة الشخصية؟
فقد أثار الفصل 320من المشروع معارضة شديدة من طرف المتدخلين في هذه الندوة خاصة ذ .المرنيسي وذ .التبر وذ درميش حيث طالبوا
بإلغاء مصطلح ( ذي خبرة) ألنها صفة ال تستقيم وطبيعة التحكيم نظرا لغموض مفهوم الخبرة وتعدد أنواعها الشيء الذي يستحيل معه تحديد
صفة المحكم ،كما عابوا على الفصل 321من المشروع لكونه يحاول تنظيم مهنة المحكم وهي محاولة فاشلة خاصة مع إقحام النيابة العامة في
تنظيم هذه المهنة بحيث يرون أنه تدخل سافر وغير مقبول بتاتا...
ونتيجة للضغوط الممارسة على المشرع ،صادق مجلس النواب على القانون رقم 05ـ 08دون أن يشير في فصله 320إلى أي مقتضى يس تفاد
منه اشتراط كون المحكم ذي خبرة ،متراجعا بذلك عن الموقف الذي تبنته الغرفة الثانية من البرلمان.
369
ونفس هذه المقتضيات نص عليها كل من الفصل 14من اتفاقية واشنطن المنشئة لمركز فض
نزاعات االستثمار المؤرخ ة في 18مارس 1965والفص ل 5من نظ ام المركز الدولي للتحكيم التابع
" إن المحكمين يجب أن يكون وا على درج ة عالي ة وخ برة كب يرة من المس ائل القانوني ة
أصبح نظام التحكيم في الوقت الحاضر من مظاهر وضرورات العصر بالنظر لألهمية الكبيرة
ال تي يكتس يها في المع امالت والعق ود التجاري ة خاص ة الدولي ة منه ا ،ل ذلك تزاي د االهتم ام ب ه في ك ل
على ذل ك المزاي ا ال تي يتمت ع به ا كالبس اطة في اإلج راءات والس رعة في البت والس رية في الجلس ات
لكن إذا أريد لنظام التحكيم النجاح والتوفيق والتطبيق على الوجه األحسن وجب أن تكون خطته
واضحة مضبوطة وهيكله العام متكامال متجانسا ومنسجما ،والعمل القانوني أو المنظومة القانونية يجب
أن تك ون ك ذلك ،وإ ال فك ل خل ل أو تن اقض أو نقص في ه ذا العم ل أو ذاك ي ؤدي حتم ا إلى التط بيق
إن المغرب الذي يطمح إلى تحسين مردودية اقتصاده وفعالية قضائه لحري به أن يعمل جهد
المستطاع وأن يبدل كل ما في إمكانه من أجل النهوض بنظام التحكيم ،وذلك عبر مجموعة من الوسائل
-1095محمد سالم"،الطرق البديلة لتسوية النزاعات و دورها في تخفيف العبء على القضاء و تحقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية" ،م س،
ص .339
-1096عبد الكريم الطالب"،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،م س ،ص .330
-1097علي المنتصر ،م س ،ص .305
370
من أهمها تحسين اإلطار القانوني والمؤسسي (المبحث األول) كما ينبغي أخد العامل الثقافي والتوعوي
بعين االعتب ار للوص ول إلى األه داف المنش ودة ال تي يتوخاه ا المش رع من ق انون ( 08-05المبحث
الثاني).
المبحث األول :بعض سبل النهوض بنظام التحكيم على المستوى التشريعي
الش ك أن نظ ام التحكيم سيص بح ه و قض اء المس تقبل ،لكن على المغ رب أن ينخ رط حكوم ة
ومواط نين في ه ذه الص يرورة الكوني ة ال تي تقتض ي ع دة إص الحات ،س واء على المس توى
عمل المغرب مند التسعينات على تحديث ترسانته القانونية حتى تستطيع مواكبة آثار العولمة"
ولع ل أهم تع ديل عرفت ه نص وص المس طرة المدني ة المتعل ق ب التحكيم ق انون 08-05القاض ي
بنسخ وتعويض الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الذي نظم ألول مرة التحكيم
التجاري الدولي بالمغرب بشكل مفصل ،وقد حاول المشرع في هذا القانون األخذ باالتجاهات الحديثة
للتحكيم التج اري ال دولي رغب ة من ه في ال دخول في منافس ة لجلب االس تثمارات ال تي وص فها البعض
ونظ را لتط ورات العص ر فإن ه يت وجب على المغ رب االهتم ام بنظ ام التحكيم كوس يلة لفض
المنازع ات بتط وير ترس انته القانوني ة ،وتحس ين جودته ا وجعله ا متماش ية م ع التح والت الراهن ة
371
والتحديات التي تطرحها العولمة ،مما سيجعل المغرب يحقق التنمية االقتصادية ويستفيد من إيجابيات
المطلب األول :وضع قانون مستقل لنظام التحكيم على شكل مدونة
والشك 1098
يعاب على قانون 08 -05أنه جاء مدمجا في إطار فصول قانون المسطرة المدنية
أن هذا اإلدراج في إطار هذا القانون باعتباره قانون إجرائي من شأنه أن يرهب األشخاص في التحكيم
بحسبان أنه غالبا ما ينظر إلى قانون المسطرة المدنية بأنه قانون معقد وشائك.1099
ولقد كان من األجدى وضع قانون مستقل لنظام التحكيم 1100خارج قواعد المسطرة المدنية وذل ك
لتعزيز الترسانة القانونية في ميدان األعمال بهدف تشجيع االستثمارات الوطنية واألجنبية .1101
كما نناشد بجمع شتات النصوص المتناثرة في مختلف القوانين المرتبطة بالتحكيم سواء الوطني
(التحكيم في مدونة الشغل ،في األسرة ،في القانون البحري ،في القانون الجنائي ،في القانون الجمركي،
إضافة إلى مجموعة من الظهائر المنظمة للتحكيم في الميادين التالية :االستثمار ،الصحافة ،وغيرها)،
والمحكمين.1102
ينض اف إلى م ا س بق أن المش رع المغ ربي لم ينظم التحكيم المؤسس ي من خالل المقتض يات
المتعلقة بالتحكيم سواء في قانون المسطرة المدنية لسنة ،1913أو في قانون سنة ،1974وال حتى في
قانون التحكيم رقم 08 -05والذي أشار إليه فقط من خالل الفصل 319منه "يكون التحكيم إما خاصا
أو مؤسس اتيا" ،عكس مجموع ة من التش ريعات المقارن ة ال تي اهتمت ب ه ونظمت ه تنظيم ا ش امال مث ل:
القانون الفرنسي لسنة 1981والقانون السويسري لعام 1987والقانون اإلماراتي لسنة .11031992
وبذلك يجب اعتراف قانوننا الوطني بالتحكيم المؤسسي وإ خراج مدونة تحكيم مستقلة متضمنة
كما يلزم على المشرع المغربي أن يحرص عند إخراج القانون 08 -05لحيز الوجود على
مراع اة مط الب الفق ه الق انوني المغ ربي ب دل االكتف اء بالتقلي د األعمى للتش ريعات المقارن ة خاص ة وأن
وضع النص التشريعي يجب أن يالئم دائما الظروف التي ستطبق فيها وخصوصيتها.
إذا كان قانون 08 -05جاء بمجموعة من المقتضيات اإليجابية فإن هذا لم يحل ووجود بعض
اإلشكاليات القانونية ،كما يعاب على هذا القانون عدم الدقة في استعمال المصطلحات والعبارات الشيء
الذي قد ينعكس سلبيا على التعامل مع النص التشريعي ،فيجب أن يتم استصدار نصوص تشريعية فيما
قد يطرأ على قانون 08 -05من تعديالت مستقبلية تفسر الغموض الذي اكتنف مقتضيات هذا القانون،
تفاديا لما قد ينجم عن الصياغة المعيبة من ثغرات وغموض ،وما يرافق ذلك من جدل فقهي وقضائي،
وبشكل صريح عن العديد من التساؤالت المطروحة دون االعتماد على الصياغات الفضفاضة.
وتحس ين اإلط ار التش ريعي المتعل ق بق انون التحكيم ،والرف ع من جودت ه يس تلزم األخ ذ بعين
فهن اك بعض المقتض يات ال تي يجب اإلس راع في تع ديلها لكي تتماش ى م ع روح وأه داف نظ ام
-لم يف رق المش رع المغ ربي بين التحكيم الم دني والتحكيم التج اري وذل ك عكس بعض
فقد جاء قانون 08-05أكثر غموضا من القانون السابق ،حين وسع من نطاق 1104
التشريعات المقارنة
فص وله على المع امالت التجاري ة وإ قص ائه للمع امالت المدني ة ،وه ذا إن دل على ش يء فإنم ا ي دل على
االتجاه الخاطئ والغير البناء الذي سلكه قانون 08-05فعوض تشجيع أفراد المجتمع المدني على فض
نزاعاته عن طريق القانون التفاوضي اإلرادي سلك القانون اتجاه تشجيع األفراد الذين ليست لهم صفة
تاجر ولوج المحاكم وهذا يتناقض مع فلسفة التفاوض والحوار المبتغين من جراء سن هذا القانون.
-ينص الفص ل 321من ق انون 08-05على أن ه "يجب على األش خاص الطبيع يين ال ذين
يقوم ون اعتيادي ا أو في إط ار المهن ة بمه ام المحكم إم ا بص ورة منف ردة أو في حظ يرة ش خص معن وي
يعت بر التحكيم أح د أغراض ه االجتماعي ة ،أن يص رحوا ب ذلك إلى الوكي ل الع ام ل دى محكم ة االس تئناف
الواق ع في دائ رة نفوذه ا مح ل إقام ة األش خاص الطبيع يين الم ذكورين أو المق ر االجتم اعي للش خص
-1104مثل التشريع اليمني ،حينما ميز في المادة الثانية بين التحكيم التجاري والتحكيم المدني فعرف التحكيم المدني في كونه" اختيار الطرفين
برضائهما شخصا آخر أو أكثر للتحكيم بينهما ،دون المحكم ة المختصة ،فيما يقوم بينهم ا من خالفات ونزاعات" والتحكيم التجاري في كونه "
التحكيم الذي تكون أطرافه أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين يمارسون أعماال تجارية أو اقتصادية أو استثمارية أيا كان نوعها ،سواء كانوا يمنيين
أم عرب أو أجانب".
-1105أنظر في هذا الشأن :أمونير تقية" ،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،م س ،ص 56وما بعدها.
374
المعن وي يس لم الوكي ل الع ام وص ال بالتص ريح ويقي د المعن يين ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى محكم ة
أرس ى المش رع المغ ربي قاع دة غريب ة مفاده ا أن ه يطلب من المحكمين أن يص رحوا بمهمتهم
للوكي ل الع ام ويعطيهم ه ذا األخ ير وص ال بالتص ريح ويقي د المعن يين ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى
محكمة االستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم فهذا الفصل يتناقض تماما مع مفهوم التحكيم وهذا
المقتضى سيعطي سلطة للوكيل العام ويسحب كل مصداقية للمحكمين الذين اختارهم األطراف.1106
إن وزارة العدل تريد بسط يدها على مجريات التحكيم من جراء هذا التنصيص فما جدوى هذا
القانون المنظم للتحكيم إذا سلبنا الطابع األساسي للتحكيم أال وهو اإلرادة واالختيار.1107
فيجب إبعاد تدخل القضاء في اختصاص األطراف أثناء تعيينهم ألعضاء الهيئة التحكيمي ة وذلك
بإق دام المش رع على إلغ اء المقتض يات القانوني ة المنص وص عليه ا في ق انون ،08-05ال تي تل زم
المحكمين الراغ بين في ممارس ة أعم ال التحكيم أن يص رحوا مس بقا ب ذلك ل دى الوكي ل الع ام للمل ك
المختص ألن في ذلك تطاوال على إرادة األطراف من جهة ،وإ رهاقا للقضاء نفسه من جهة ثانية.1108
-ظه ور بعض الوس ائل التكنولوجي ة الحديث ة مث ل اإلن ترنت س اهمت في تط وير آلي ة التحكيم
حتى أصبح هناك ما يسمى بالتحكيم االفتراضي وهو ما لم يسايره المشرع المغربي ،بحيث سكت عن
هذه النقطة ولم يتطرق إليها في قانون 08 -05باستثناء إشارة باهتة في المادة 113من هذا القانون
بشأن وسيلة إبرام اتفاق التحكيم ،سواء أبرم عن طريق رسائل متبادلة أو اتصال ب التلكس أو برقيات أو
- 1106راجع ما تمت دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب األول من هذا البحث.
-1107يوسف الزوجال " ،التحكيم في القانون المغربي بين الماضي ،الحاضر والمستقبل" ،مقال منشور على موقع العلوم القانونية:
com.www.marocdroitتاريخ حصر الموقع 18 :ماي 2010
-1108ناصر بلعيد ،م س ،ص .156
-1109أنظر المادة 313من قانون ( 08-05أنظر الملحق).
375
إن التحكيم اإللك تروني ب دوره ص ار وس يلة ال غ نى عنه ا لفض المنازع ات ال تي تث ار بش أن
التعامل عبر اإلنترنت وهو ما يستدعي وجود قواعد قانونية تنظمه وتالئمه.
إن الجانب التشريعي مهما عدلت النصوص وألغيت أو تممت أو سنت من جديد ال يكفي وح ده،
وال يقوى على جعل نظام التحكيم قادر على تحقيق أهدافه وغاياته المنشودة ،ما لم يتم االهتمام البالغ
بالجوانب األخرى التي لها صلة وعالقة به ومن أجل أن يكون نظام التحكيم في المستوى المطلوب منه
واآلمال المعقودة:
-على الدولة المتعاقدة واألجهزة التابعة لها أن تحترم تعهداتها والتزاماتها التعاقدية وبخاصة
فيم ا يتعل ق بش رط التحكيم وأال تتب ع أس اليب التس ويف والمماطل ة ب أن ت دعي ع دم ص حة اتف اق التحكيم
استنادا إلى عدم أهليتها في االتفاق على اللجوء إليه ،أو أن تدفع بالحصانة القضائية أمام المحكمين إذ
يبدو لنا أن هذه األساليب تفقد الدولة مصداقيتها في تعاملها مع الشركات األجنبية المستثمرة.1110
-على المغرب أن يسعى إلى إبرام اتفاقيات تحكيم سواء منها الجماعية أو الثنائية ،مع أكثر م ا
يمكن من الدول التي لها باع طويل في االقتصاد العالمي وأن يعيد النظر في كثير من االتفاقيات التي
-إن الش رط المعيب يش كل أفض ل وسيلة للط رف سيئ الني ة الذي لم تعد ل ه مصلحة في سير
التحكيم للمماطل ة وعرقل ة التحكيم ،ومن أج ل تف ادي ذل ك ،يتعين إعط اء عناي ة خاص ة عن د كتاب ة ه ذا
الشرط وذلك بالقيام بالتدابير االحترازية المتمثلة في كتابة العقود من قبل المهنيين للوقاي ة من النزاعات
وض مان األمن الق انوني .فم ا الج دوى من التحكيم إذا تول دت عن ه الكث ير من المنازع ات والمش اكل في
التط بيق العملي ،والح ال أن التحكيم ش رع للح د من ك ثرة اإلش كاالت والنزاع ات .كم ا أن دعم تك وين
المح امين في مج ال االستش ارة القانوني ة وتمكينهم من تط وير ثق افتهم نح و الحل ول الس لمية ب دل ثقاف ة
-1110محمد داود الزعبي ،م س ،ص 371و .372
-1111عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .141
376
الخصومة من شأنهما ضمان الصياغة السليمة لكتابة بند التحكيم .وهكذا فإنه يجب التروي وبذل العناية
القصوى عند صياغة شرط التحكيم في العقود التي يتم إبرامها سواء كانت ذات طابع تجاري أو م دني،
ذلك أن وجود بعض الثغرات في مضمونه أو صياغته قد ينحرف بالتحكيم عن مساره الطبيعي.1112
-كم ا أن هيئ ات المح امين يمكن له ا أن تس اهم في تعبئ ة األش خاص المعن يين وتحسيس هم
وتوعيتهم بأهمية التحكيم من خالل النصح لموكلهم وإ رشادهم قصد اللجوء للتحكيم لما فيه من إيجابيات
إال أن التصور السائد لدى فئة عريضة من المحامين المغاربة هو أنه كلما تم حسم النزاع بين
األط راف في ظ رف وج يز وبط رق س لمية كلم ا قلت م داخيلهم وال تي ك انت متأتي ة من تطوي ل مس طرة
الدعوى القضائية التي ال تنتهي -في الغالب األعم -في المرحلة االبتدائية ،بل قد تستمر حتى مرحلة
النقض .وخالل هذه المراحل ،يتم بطبيعة الحال تأدية أتعاب المحامي من قبل األطراف مما يضمن له
مداخيل مستمرة ومستقرة في الزمن لن تتوفر له -حسب تصوره -لو تم البت في النزاع عن طريق
التحكيم.1113
وإ ذا كان هدف المتقاضين هو أن يصل كل طرف إلى كسب دعواه وتحقيق غايته ،فإن غاية
المح امي باعتب اره القاض ي األول لل دعوى يجب أن تك ون هي البحث م ع موكل ه إمكاني ة إيج اد الحل ول
المناس بة والعادل ة عن طري ق اعتم اد الوس ائل الودي ة واالبتع اد كلم ا ك ان ذل ك ممكن ا عن المح اكم
والمساطر القضائية.1114
من جانب آخر ،يجب كذلك االهتمام بدور الموثق في إدراج شرط التحكيم ضمن العقود التي
يقوم بتوثيقها.
التط وير والرف ع من ش أن نظ ام التحكيم وإ يص ال مض مونه وأهميت ه إلى أقص ى نقط ة ممكن ة ،وبجه د
هؤالء المهتمين يضمن نظام التحكيم مستقبله ويتحقق المراد المرجو منه وهو تشجيع االستثمار ودفع
-على مس توى آخ ر ف إن الجامع ات تع د إح دى مؤسس ات التعليم في المجتم ع الح ديث وتعت بر
ظاهرة التعليم الجامعي من الظواهر االجتماعية والتعليمية التي نالت اهتمام العديد من المهتمين بقضايا
التعليم الجامعي ،أو القائمين على وضع السياسات التعليمية والتربوية والعلمية واالقتصادية والمهنية في
الوقت الحاضر .فالجامعات وما لديها من وظائف متعددة ومتنوعة أصبح ينظر إليها من منظور التنظيم
الرئيس ي في المجتم ع ،وال ذي تنعكس نتائج ه على العدي د من المؤسس ات المجتمعي ة األخ رى في كاف ة
المجاالت والتخصصات ومن ثم تلعب الجامعات دورا أساسيا في عمليات التنشئة االجتماعية والتربوية
والعلمية والمهنية.1115
فالجامعة تمثل في أي مجتمع من المجتمعات منارة اإلشعاع الفكري وال تقتصر وظيفتها على
الت دريس فق ط ،ب ل تتع داه إلى ممارس ة البحث العلمي ال ذي يمث ل أهم خاص ية للمجتمع ات المتقدم ة
فالبحوث العلمية تساهم في إنتاج المعرفة الضرورية وفي االرتقاء بمستوى اإلنسان فكريا وثقافيا.1116
* ت دريس نظ ام التحكيم كعلم ق ائم بذات ه ل ه قواع ده وأحكام ه ال تي تم يزه ،وكم ادة فرض تها ض رورة
-1115عبد اهلل محمد عبد الرحمان "،سوسيولوجيا التعليم الجامعي ،دراسة في علم االجتماع التربوي" ،دار المعرفة الجامعية ،اإلسكندرية ،سنة
،1991ص .5
-1116عبد الحميد جفـال "،معوق ات البحث العلمي ،في الجزائ ر :الواق ع واآلف اق" ،مجل ة التواص ل في العل وم اإلنس انية واالجتماعي ة ،الع دد ،28
يونيو ،2011ص .176
378
* إشاعة ثقافة التحكيم من خالل إدماجها في البرامج الدراسية بكليات الحقوق.
* إقدام الجامعات المغربية على فتح وحدات للبحث والتكوين يعول عليها في تخريج أفواج من الباحثين
المتخصص ين في ق انون التحكيم من أج ل تطعيم مراك ز التحكيم ح تى تس تفيد على األق ل من معارفه ا
النظرية.1117
* العمل على إيجاد قنوات اتصال بين كليات الحقوق ومراكز التحكيم سواء في الداخل أو في الخارج.
ينض اف إلى م ا س بق أن الجامع ة ال يمكن أن ت ؤدي رس التها إال إذا اعتم دت على مكتب ة حديث ة
ومتجددة ،فالمكتبة تساهم مساهمة كبيرة في دفع البحث العلمي بالجامعة من خالل عدة وسائل من بين
أهمها:
* نشر الرسائل المتميزة والبحوث القيمة التي تمت مناقشتها في الجامعة والتي تهتم بالتحكيم.
* إقام ة ن دوات وعق د م ؤتمرات وحلق ات دراس ية على مس توى الجامع ة تتن اول قض ايا تتعل ق
بنظام التحكيم.
-من ناحي ة أخ رى يتعين االهتم ام ب المحكم وذل ك ب إجراء امتحان ات خاص ة بول وج التحكيم كم ا ه و
الش أن بالنسبة للقض اء والمحاماة أو الموثقين ،وهذا لعدم االقتص ار على المحكين الموج ودين حاليا في
المغرب ولتوسيع قاعدة المحكمين بالبالد ،لكون هذه الزيادة في عدد المحكمين سيتيح ألطراف النزاع
ه امش اختي ار أك بر في شخص ية المحكم وبالت الي ع دم الس قوط في فخ العالق ة بين المحكم والش خص
المتنازع معه.
-1117تج در اإلش ارة هن ا إلى أن ه على مس توى جمي ع الجامع ات المغربي ة ،لم تكن س وى وح دة تكويني ة يتيم ة تهتم بمي دان التحكيم بش كل معم ق
وذلك بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال.
واآلن نرى إقدام العديد من الجامعات المغربية على فتح وحدات للبحث والتكوين في هذا المجال ( مثل ماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات
الموجود بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،المحمدية).
379
فم تى ك انوا ق ادرين 1118
فنج اح نظ ام التحكيم وازدي اد أهميت ه متوق ف على شخص ية المحكمين
على ممارس ة مهمتهم لم ا يجب أن يت وفروا علي ه من خ برة واس تقامة وق درة على ح ل المش اكل الفني ة
والقانوني ة ،إال وازده ر التحكيم وانعكس ذل ك على التنمي ة واالس تثمار ،وبالت الي على االقتص اد الوط ني
فيجب إعداد محكمين أكفاء يساعدون على تطور النظام التحكيمي والدفع به قدما.
إن التط ور االجتم اعي واالقتص ادي وتوس ع النش اط التج اري وانفت اح الدول ة على االس تثمار
الخ ارجي يس تدعي حتمي ة مس ايرة التط ور الع المي في مج ال التحكيم ال ذي أص بح م يزة من مم يزات
حماية المعامالت التجارية واالقتصادية عبر العالم ،وال ريب في أن التوفر على مراكز للتحكيم أصبح
واالهتم ام بمراك ز التحكيم ب المغرب وتش جيع األط راف على اعتماده ا واإلقب ال عليه ا لن يت أتى
إال بمنح ه ذه المراك ز االس تقالل الم ادي والمعن وي عن غ رف الص ناعة والتج ارة والخ دمات ،وأيض ا
مدها بالمساعدات وكافة اإلمكانيات التي تمكنها من القيام بمهامها على الوجه األكمل لترقى إلى مستوى
اآلون ة األخ يرة خاص ة م ع مجيء الق انون ،08-05هي إح داث ع دة مراك ز للتحكيم في ج ل أرك ان
-1118يرى األستاذ عبد اهلل درميش أنه يشترط في المحكم باإلضافة إلى أن يكون تكوينه متعلقا بالقواعد القانونية المتعلقة بالتحكيم ،أن يكون
تكوينه تكوينا متينا فيما يتعلق بأدبيات وأخالقيات التحكيم.
-عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع " :المح امي
المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23فبراير ،2014بفندق رويال منصور ،الدار البيضاء.
- 1119من أهم المنظمات والمراكز الدائمة والمؤسسات التحكيمية على الصعيد الدولي نجد غرفة التجارة الدولية بباريس ،المركز الدولي لتسوية
منازعات االستثمار بواشنطن ،مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
380
وفي هذا اإلطار يقول زكرياء الغزاوي أنه ":يتعين على هذه المراكز والمؤسسات 1120
التراب الوطني
على المستوى المحلي والعالمي والتي أصبحت تمثل بعدا حضاريا وقانونيا من شأنه تشجيع االستثمار
األجن بي والف اعلين في األس واق المحلي ة والدولي ة أن تنس ق فيم ا بينه ا وتكث ف التع اون الف ني واإلداري
بتق ديم الخ دمات التحكيمي ة ألن التج اء األط راف للتحكيم المؤسس ي ه و في ح د ذات ه تش جيع لالس تثمار
إن التحدي األكبر بالنسبة للتحكيم المؤسسي هو تدارك ضعف تكوين المتخصصين وقلتهم في
بالدن ا ال ذي تح اول بعض المراك ز والهيئ ات التحكيمي ة تج اوزه ب اللجوء إلى مهن يين كالمح امين
والمستش ارين الق انونيين ،والح ل يتجلى في إيج اد أرض ية تس مح باالعتم اد على خل ق ناش ئة متخصص ة
كخريجي المعاهد والجامعات وكليات الحقوق بغية تهييئهم لمزاولة مهام التحكيم مستقبال وهذا لن يتأتى
إال في إطار عقد شراكات بين الجامعات والمراكز حتى تعم االستفادة على جميع األطراف المتعاقدة.
كم ا يتعين أيض ا إقام ة اتص االت م ع الكف اءات والمراك ز العالمي ة واإلقليمي ة في مج ال التحكيم
وذلك من خالل زيارات لجهات تحكيم دولية لالستفادة من تجاربها ،1122ولإلطالع على التقنيات العملية
وفي ذات ال وقت التعري ف ب التحكيم في بالدن ا وإ قام ة ش راكة في مج ال تب ادل المعلوم ات م ع أعض اء
التحكيم المغربي.1123
-1120ن ذكر على سبيل المث ال :المرك ز الدولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط ،مرك ز التحكيم والوساطة الت ابع لغرف ة التجارة والصناعة والخدمات
بالدار البيضاء ،مركز مراكش للوساطة والتحكيم.
-1121زكرياء الغزاوي "،تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم" ،م س ،ص .101
-1122عزيز شعراني ،م س ،ص .161
-1123عبد الجليل أمدغوس ،م س ،ص .140
381
ف المغرب متاح ة لدي ه الفرص ة لإلطالع على تج ارب بعض ال دول الرائ دة في مج ال التحكيم
المحلي والدولي واالستفادة من خبراتها وإ مكانية تبادل التجارب معها مما سيساهم ال محالة في تعزيز
على مستوى آخر يتعين على مراكز التحكيم أن تضع أقل تكلفة ممكنة مما سيشجع أكثر على
قب ل الهيئ ات المهني ة للش ركات التجاري ة والبن وك من جه ة والدول ة من جه ة أخ رى وذل ك لتمكين
المتع املين االقتص اديين وخاص ة المق اوالت الص غرى والمتوس طة من مواجه ة التك اليف المالي ة ال تي
يتطلبها اعتماد التحكيم وذلك في نطاق النزاعات الداخلية .كما يكن االعتماد على محكم واحد بدل هيئة
تحكيمية لتخفيض التكلفة من حيث قيمة األتعاب ومن حيث طول المدة التي يستغرقه التحكيم .وفي هذا
الص دد ف إن المرك ز البلجيكي للتحكيم والوس اطة ق د ف رض اللج وء إلى محكم منف رد بالنس بة للتحكيم ات
ذات المبالغ التي ال تتجاوز 12500دوالر أمريكي ،مما جعل أن %61من حاالت تحكيم هذا المركز
تمت عن طريق محكم وحيد .1125وال شك أن هذا التوجه يمكن من تقليص تكاليف ومدة التحكيم فيكون
يالحظ على مراكز التحكيم أنها غير منتشرة بالشكل المطلوب في بعض المناطق مثل القرى
والب وادي النائي ة ،واقتص رت فق ط على التمرك ز بالم دن الك برى والم دار الحض ري م ع العلم أن هن اك
نزاع ات احتمالي ة ق د تنش أ بين الفالحين بخص وص قض ايا التحفي ظ ،وال تي تس تلزم حال ودي ا لكن نظ را
كلفته ا وتعقي داتها ،ل ذلك يستحس ن التفك ير في إرس اء مؤسس ات تابع ة للقي ادات أو مراك ز في الب وادي
لتقريب ونشر وكذا التعريف بأهمية التحكيم لدى الفئات التي تقطن في تلك المناطق باعتبارها جزءا ال
المبحث الثاني :بعض سبل النهوض بنظام التحكيم عبر نشر وترسيخ ثقافة التحكيم
ال يمكن التحدث عن نجاح نظام التحكيم بالمغرب باعتباره قضاء المستقبل دون إعطاء األهمية
للعامل الثقافي.1128
فلكي يعرف نظام التحكيم تطبيقا فعاال وبوجه صحيح يجب العمل على نشر ثقاف ة التحكيم سواء
على المستوى اإلعالمي (الفرع األول) ،أو على المستوى التعليمي (الفرع الثاني).
تؤثر وسائل اإلعالم على تشكيل البناء اإلدراكي والمعرفي للفرد والمجتمع ويساهم هذا البناء
في تشكيل رؤية الفرد والمجتمع اتجاه قضايا مجتمعه ،والقدرة على تحليلها واستيعابها التخاذ السلوك
المناسب حول هذه القضايا ،فوسائل اإلعالم أيضا قادرة على تغيير سلوك وأنماط المجتمع وقد يكون
ت أثير وس ائل اإلعالم في بعض األحي ان قوي ا ج دا وق ادرا على نش ر نم ط س لوكي واجتم اعي وثق افي
لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أي الوسائل األكثر تأثيرا هل الصحافة المكتوبة أم
-1127يوسف الزوجال " ،التحكيم في القانون المغربي بين الماضي ،الحاضر والمستقبل" ،مقال منشور على موقع العلوم القانونية:
com.www.marocdroitتاريخ حصر الموقع 18 :ماي .2010
- 1128للمزيد من التوسع حول "مفهوم الثقافة ،عناصرها وخصائصها" أنظر:
-إبراهيم ناصر "،التنشئة االجتماعية" ،دار عمار للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،2004،ص 139و ما بعدها.
-1129محمد طلعت طايع "،تأثير وسائل اإلعالم على الفرد والمجتمع بين التوجيه والتحليل للتوعية والتثقيف" ،الجزء األول.
مقال منشور بموقع mkleit.wordpress.com:تاريخ حصر الموقع.2012 /6 /1 :
383
المطلب األول :نوعية وسائل اإلعالم األكثر تأثيرا في تغيير سلوك وأنماط المجتمع
إن الص حافة تس عى إلى الت أثير على المتلقي بس حر الكلم ة للتحكم في عقلي ة الف رد وتوجيه ه
التوجيه الصحيح باعتبار أننا نتحدث عن الصحافة الجادة ،التي تؤدي وظيفتها الكبرى بكل أبعادها كأثر
فع ال لخدم ة المجتم ع ،وباعتباره ا وس يلة هام ة لتقوي ة أواص ر التكام ل بين أف راد المجتم ع ،والرف ع من
مستوياتهم الثقافية.1130
فهي تع د المتنفس األس اس لمعظم المفك رين والمثقفين ،وهي المي دان الرئيس ي ال ذي يظه ر في ه
الفك ر ،واألرض الخص بة لنم و وازده ار الثقاف ة من خالل م ا يط رح في األس واق يومي ا من ص حف
فثقافة 1131
ومجالت ونشرات يستطيع كل شخص كيفما كان مستواه الثقافي إشباع رغباته وتنمية ثقافته
الشخص ومعتقداته تؤثر فيما يدركه من موضوعات العالم الخارجي ومن تأويله لها.1132
أما بالنسبة لإلذاعة باعتبارها وسيلة من وسائل اإلعالم التي نحصل من خاللها على حوالي %
60من األخبار وهنا تبرز أهميتها كأداة اجتماعية لتوجيه األفراد وتوعيتهم ،هذا ما جعلها أكثر وسائل
اإلعالم انتش ارا وأق درها على اجتي از المس افات والوص ول إلى عم ق المجتم ع وأداة فعال ة للتوعي ة
والتثقيف.1133
الفني ة في نق ل الص وت والص ورة ،مم ا جعل ه يكس ب ق درة وجاذبي ة تجعل ه يس تقطب أك بر نس بة من
المش اهدين ب اختالف أعم ارهم ومش اربهم ،1134كم ا أن ه باس تطاعته التغلغ ل في أي مك ان في الم نزل أو
المجتمع أو المدرسة مما مكنه من لعب دور متميز في نشر الثقافة بين الجماهير.1135
وينبغي اإلش ارة إلى أن وس ائل اإلعالم تعت بر ذات ت أثير يس ير في اتج اهين :االتج اه األول
إيجابي واالتجاه الثاني قد يكون سلبي إذا ما أسيء استخدامه ،أما إذا ما استغل واستخدم للتثقيف ونشر
الثقافة وتعزيزها وتعديلها وإ ثرائها فإن فائدة وسائل اإلعالم تكون إيجابية مثمرة ،وقد استخدمت وسائل
اإلعالم وال تزال تستخدم لنشر المبادئ الجديدة واألسس السليمة واآلراء القيمة والتوجيه الصحيح.1136
من المالحظ في حياتنا المعاصرة أن دور وسائل اإلعالم قد تعاظم بشكل هائل وفي ضوء ذلك
يذهب البعض إلى أن التغير الثقافي ما هو إال ثمرة من ثمرات وسائل اإلعالم.1137
-1134كشف مسئولون في «ماروك ميتري»عن نتائج بحث حول عالقة المغاربة بالتلفزيون أن 5،7مليون بيت في المغرب يتوفر على جهاز
تلفزي ون ،وهو م ا يشكل نسبة 90،4في المائ ة ،وأض اف المص در ذات ه أن 96في المائ ة من بي وت الم دن المغربي ة تت وفر على جه از تلفزي ون
مقابل 80،5في المائة في القرى ،وأوضحوا أن 80في المائة من األسر المغربية تتوفر على جهاز تلفزيون واحد داخل البيت ،مقابل 17في
المائة تتوفر على جهازين ،ونسبة 3في المائة فقط تتوفر على ثالثة أجهزة ،وأن 55،8في المائ ة من البيوت المغربية تتوفر على جهاز رقمي
الس تقبال القن وات الفض ائية مقاب ل 44،2ال يت وفرون علي ه ،وأض افوا أن المش اهدين المغارب ة ال ذين ينتم ون إلى الش ريحة العمري ة أك ثر من 5
222
دقيقة يوميا أمام التلفزيون. سنوات ،يمضون
للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر:
-عماد مزوار "،القياس الرقمي لنسبة مشاهدة التلفزيون بالمغرب" ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني:
http://tetouanplus.com/news.php?extend.6437.23تاريخ حصر الموقع :الجمعة 23يناير 21:11:24 - 2015
-1135
مصطفى الشليح ،أمينة الدهري ،م س ،ص .142
-1136إبراهيم ناصر"،التنشئة االجتماعية" ،دار عمار للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،سنة ،2004ص .273
-1137صالح محمد علي أبو جادو" ،سيكولوجية التنشئة االجتماعية" ،دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان ،الطبع ة األولى ،س نة ،1998
ص .263
385
لإلعالم دور هام في نشر الثقافة القانونية بين المواطنين وتعريفهم بالتشريعات المطبقة وتقديم
ش رح لجوانبه ا المختلف ة ،ح تى يت وافر لهم العلم بالتش ريعات ال تي تحكم عالق اتهم س واء فيم ا بينهم أو
بعالقتهم بالدولة تحقيقا للقاعدة القانونية الخاصة بافتراض العلم بالقانون ،1138وبتحقق هذا العلم يتحقق
للم واطن الوق وف على مال ه من حق وق وم ا علي ه من التزام ات ،وبالت الي م دى إمكاني ة نجاح ه أو فش له
فيم ا يقيم ه من دع اوى ،باإلض افة إلى ذل ك ف إن اإلعالم يس اهم في نش ر المعرف ة الواس عة بالمعلوم ات
القانونية والقضائية.1139
ولم ا ك ان نظ ام التحكيم يع د إح دى الوس ائل المس اعدة المؤدي ة إلى تخفي ف العبء عن المح اكم
والقضاة فإنه ولزيادة فعاليته والعمل على انتشاره كإحدى بدائل اللجوء إلى القضاء ،فإن ه يتعين استخدام
الوج ود المكث ف لإلعالم المق روء والمس موع والم رئي في التوعي ة بفوائ د ه ذا النظ ام في ح ل النزاع ات
وأصول وطرق عمله وإ مكانياته ،وأن إتباع أسلوب المحاكمات التقليدية يكلف أطراف الدعاوى الكثير
فيجب ال ترويج للتحكيم ك أداة لفض النزاع ات ودع وة المواط نين إلى اتخ اذه كب ديل عن قض اء
الدولة وتوعيتهم بأهميته ومميزاته والفوائد التي قد تعود عليهم إن هم سلكوا طريقه ،ولن يتأتى ذلك إال
ب انخراط وس ائل اإلعالم المرئي ة والمس موعة في بث وص الت إش هارية تحث المواط نين على اللج وء
للتحكيم لح ل نزاع اتهم .أم ا بالنس بة لوس ائل اإلعالم المكتوب ة ف دورها يتمث ل في تك ريس مقاالته ا
وص فحاتها للتعري ف بالمقتض يات القانوني ة الخاص ة ب التحكيم ح تى يتس نى لعم وم المواط نين قراءته ا
والتفاعل معها.1140
وبالت الي اإلرشاد والتش جيع على تض مين العقود التي يبرمه ا التجار ورج ال األعمال فيم ا بينهم أو مع
الغ ير ش رط التحكيم أو االتف اق علي ه ،1141يع د من أهم األنش طة ال تي من ش أنها اإلس هام في إنج اح ه ذا
النظام كما أنه كفيل بتصحيح الفكرة التي لدى بعض المواطنين والتي ترفض أن يتولى شخص خارج
ينبغي على المنه اج التعليمي أن يس اعد المتعلمين على اكتس اب م ا يالئمهم من ال تراث الثق افي
وتوجههم نحو مفاهيم الوالء واالنتماء للمجتمع وثقافته ،فضال عن مساعدتهم في إنماء قدراتهم العقلية
وإ مكاني اتهم في س بيل اكتس اب الق درة على أنم اط التفك ير ومس توياته المختلف ة للتفاع ل م ع الحي اة داخ ل
ونظ ام التحكيم ليس نص ا قانوني ا وال ه و بعق د وليس ش رطا فق ط وإ نم ا ه و ثقاف ة تحث كاف ة
األط راف على البحث عن حل ول متف اوض بش أنها في أس رع وقت وبكام ل الض مانات م ع مواص لة
إن إش اعة ثقاف ة إعمال نظ ام التحكيم يع د الس بيل األنج ع لتحس ين ج ودة األداء القض ائي ويجعل ه
أكثر استجابة لمتطلبات المتقاضين ويزرع الثقة في النفوس واالطمئنان للقرارات الصادرة عنه.1145
تخصصا قائم الذات ،كما هو الحال لباقي فروع القانون لذلك يجب تخصيص برامج ومقررات وأساتذة
ورجال قانون مختصين لتلقين مبادئه وقواعده حتى يساهم الجميع في بناء صرحه وتأسيس قواعده.1146
-إنش اء وح دات للبحث والتك وين بكلي ات الحق وق في مج ال التحكيم وال تي من ش أنها أن تعم ل على
-االهتمام بالجانب العلمي واألكاديمي لنظام التحكيم بعقد الندوات واأليام الدراسية والمؤتمرات في هذا
-عق د ش راكات م ع المعاه د والمؤسس ات الجامعي ة لالس تفادة من الخ برات والدراس ات والبح وث
-تشجيع االهتمام بالبحث في مجال التحكيم وذلك من خالل عدة وسائل من أهمها:
-قي ام الجامع ات بإعط اء أولوي ة أك ثر للبحوث الميداني ة في مج ال التحكيم حيث لم تعد الجامع ات اآلن
كما كانت في الماضي تهتم بالعلم من أجل العلم بقدر اهتمامها بالعلم من أجل المجتمع.1147
-ض رورة عم ل أبح اث ودراس ات مقارن ة بين النص وص التش ريعية الوطني ة والمعاه دات واالتفاقي ات
التحكيم.
-تزوي د المكتب ات في الكلي ات بك ل م ا ل ه ص لة ب التحكيم فيجب تحس ين الوض ع ال راهن لخ دمات مكتب ة
-1146رضوان الزهراوي" ،معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي" ،م س ،ص .163
-1147ســالم محمــد الســالم" ،واق ع البحث العلمي في الجامع ات" ،مط ابع جامع ة اإلم ام محم د بن س عود اإلس المية ،الري اض ،س نة ،1997ص
.176
388
الخـاتمـــــــــــــــــــة
أصبح االقتصاد الدولي مبنيا على التعاون في جميع المجاالت االقتصادية بوجه عام (العلمية،
والص ناعية ،والثقافي ة واإلعالمي ة )...وأص بحت التج ارة الدولي ة أداة لتط وير االقتص اد ال دولي وعمال
العولم ة والخوصص ة مص طلحان ثقيالن لم تس لم منهم ا وظيف ة المؤسس ة القض ائية (فض
المنازع ات) ،فتمخض عن عالق ة التأثير هذه ،اس تنجاد التج ارة الدولي ة بنظ ام التحكيم كوظيفة ترسخت
جذورها داخل المجتمعات السابقة ،في شتى نواحي الحياة ،وكآلية جديدة في شكل متطور م واكب للتق دم
التكنولوجي ،تحاول من خالله الفعاليات التجارية الدولية التخلص من سلطة القوانين الداخلية ،والحيلولة
دون االصطدام مع السلبيات التي تعاني منها مؤسسة القضاء ،خاصة الدول النامية.
فالتحكيم له أهمية كبيرة في عالم األعمال لكونه يقدم خدمات قيمة عند تسوية النزاعات الناشئة
في المجال التجاري ،1149فهو يعتبر إلى حد ما وسيلة ناجعة تستجيب لرغبات رجال األعمال والتجار
في حل النزاعات بشكل فعال ،لما يمتاز به التحكيم من سرعة في البث والحفاظ على سرية المعلومات
1150
،وما يتمتع به المحكم من وقت كاف تمكنه من دراسة القضية المعروضة عليه بتأن وعمق.
وإ ذا ك ان من المس لم ب ه أن المنازع ات أو الخالف ات المرتبط ة بالتج ارة واالس تثمار أص بحت
تس وى س لميا من خالل مجموع ة من اآللي ات والوس ائل ،ال تي أثبتت فعاليته ا ،وال تي يش كل التحكيم
أهمه ا .1151ف إن التحكيم كآلي ة من آلي ات فض المنازع ات وب الرغم من أهميت ه ودوره ،تعترض ه بعض
-زكرياء الغزاوي " ،تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسساتي" ،المجلة المغربية للتحكيم التجاري ،مطبعة إدكل ،العدد 2 1148
العالقات التجارية الداخلية ،أو تلك التي تظهر على المستوى الدولي.
من ج انب آخ ر ف إن ممارس ة التحكيم من خالل مراك ز التحكيم والوس اطة ،يمث ل بع دا حض اريا
ودراسة دور مراكز التحكيم تعتبر بالغة األهمية -إن لم نقل ضرورية -لما لهذه الدراسة من
إطالع على أهمية هذه المراكز من شتى النواحي ،فمن الناحية القانونية تمكن من خلق تشريعات داخلية
متطورة مواكبة لتطور االقتصاد العالمي ،ومن الناحية االقتصادية فدور مراكز التحكيم يؤثر باإليجاب
والسلب على فض المنازعات التجارية الدولية ،ومنه على عقود االستثمار والمعامالت التجارية ،كما
أن تواجد هذه المراكز وفعالية دورها يعد معيارا على تحرر االقتصاد الوطني وتقدم الدول.
وإ ذا ك انت مراك ز التحكيم تواج ه مجموع ة من الص عوبات منه ا م ا ه و متعل ق بم دى اس تقاللية
وحياد هذه المراكز في القيام بوظيفتها ،ومنها ما هو متعلق بغياب أي تنصيص قانوني مفصل ألدوار
هذه المراكز ،فإن المشرع المغربي ملزم بالتدخل سريعا من أجل تعزيز آليات تفعيل دورها ،وجعل
طاقاته ا ص اعدة ومهي أة لفض النزاع ات التجاري ة الدولي ة ،ال مج رد االكتف اء ب أدوار ثانوي ة في مي دان
التحكيم (أش غالها ال ت زال محتش مة ومرك زة على أدوار ثانوي ة (اإلعالم ،دورات تكويني ة ،اتفاقي ات
التعاون ،ندوات.)....
وما نراه اليوم ،وخاصة في ظل التطور الحاصل في عالم التجارة واألعمال وازدياد العالقات
االقتص ادية والتجاري ة وتك اثر العق ود وتش ابكها بش كل كب ير بحيث أخ ذت تتخطى ح دود ال دول بع د أن
أصبح العالم شبة قرية كونية في ظل موجة العولمة والخصخصة ،وما نتج عن ذلك من منافسة شديدة
في ع الم التج ارة الداخلي ة والدولي ة خصوص ا ،األم ر ال ذي دف ع التج ار ورج ال األعم ال وأص حاب
المش اريع والش ركات الكب يرة للبحث عن س بل أخ رى لح ل نزاع اتهم بعي دا عن قض اء الدول ة والتحكيم،
390
وت وفر لهم ال وقت والجه د والم ال وتحاف ظ على س رية نزاع اتهم بش كل أفض ل وأيس ر والتخلص من
الش كليات ،واالبتع اد عن ج و المح اكم المكتظ ة بال دعاوى إض افة إلى ذل ك تجنب اللج وء إلى هيئ ات
التحكيم كلما أمكن ذلك ،ألنها باتت هي أيضا مكلفة ومرهقة وال تحقق دائما تطلعات المتنازعين الذين
يرغب ون في الوص ول إلى حقهم بأفض ل الوس ائل .ومن جه ة أخ رى ف إن التج ار ورج ال األعم ال
وأص حاب المش اريع والش ركات الكبرى هم أن اس غير ق انونيين وما يهمهم وم ا يفكرون ب ه هو كم من
ال وقت والجه د والم ال س وف تس تغرق ال دعوى في س بيل ح ل ن زاعهم ،فهم ينظ رون ويفك رون بوجه ة
نظر مالية.1152
إن التحوالت االجتماعية واالقتصادية التي يعرفها عالمنا المعاصر تدعو إلى تعميق الدراسة
حول مستقبل العدالة ،وإ لى توسيع المنظور إليها ،لكي تأخذ بعدا جديدا يتجاوب مع االطراد المتواتر
في ارتفاع عدد القضايا والوسائل المتاحة لديها ،والتفكير في إيجاد وسائل بديلة لفض المنازعات رغم
ما يكفله القضاء من سيادة القانون وإ شاعة الثقة واألمن ،وتحفيز التنمية واالستثمار.
فمثال بدأت الوساطة تأخذ حيزا واسعا في حسم مختلف أنواع النزاعات ،وباتت تبدو وكأنها
الوجه أو الصورة األنسب للقضاء والعدالة الحديثة والفعالة .والوسيط ال يحسم النزاع إنما يلفت نظر
المتن ازعين على مص الحهم وحق وقهم والتزام اتهم المتبادل ة ،ويقنعهم بااللتق اء والت داول فيم ا بينهم س عيا
لبل وغ ح ل يحق ق مص الحهم المتبادل ة ويح د من الض رر الن اجم عن خالفهم ،ويس عى إلى إزال ة الت وتر
فنجاح هذه الوسائل يعتمد في المقام األول على الغير ( الوسيط أو الشخص الثالث المكلف بحل
ال نزاع) وال ذي يجب أن يتمت ع بالش روط الش كلية المطلوب ة والمتعلق ة بوج وده ،وأيض ا بالش روط
المتنازعين في السعي للوصول إلى حل حبي ينهي النزاع ويؤمن ضمانة وفعالية نجاح هذه الوسائل.
والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات متع ددة ومتنوع ة ومتج ددة على ال دوام ،وتلقى إقب اال كب يرا،
واهتماما منقطع النظير في السنوات األخيرة ،خاصة في المجتمعات المتقدمة ،وذلك ألنها تساهم بشكل
كبير في تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة والفساد ،كما أنها ال تترك أي مجال لكل الذين يستغلون
جه ل بعض المتقاض ين أو مآس يهم أو التعقي دات والش كليات المس طرية ،أو الثغ رات ال تي ق د تع تري
القوانين من أجل ممارسة النصب واالحتيال ،كما أن هذه الوسائل أثبتت فعاليتها ،وتم تطبيقها في بعض
البلدان عمليا قبل أن يتم تقنينها من طرف المشرع في خطوة متأخرة أحيانا.
أما فيما يتعلق بنظام التحكيم فإن قواعده وتطبيقاته القضائية ،ومقارن ة التشريعات الحاكمة له
في الدول العربية ،والتطورات الدولية التي تطرأ على كيفية إجرائه ،ال تزال تنتظر مزيدا من البحث
واالجته اد الفقهي ،ال ذي يعين القض اء ويعين هيئ ات التحكيم على التط بيق المحق ق لغايت ه الموص ل
ألهداف ه ،س واء فيم ا يتعل ق بال ذين يمارس ونه مهن ة ( المح امين) أو والي ة (المحكمين) أم أطراف ا
( المحتكمين والمحتكم ض دهم) ،أم على س بيل الس لطة الخاص ة (مراك ز التحكيم ومؤسس اته) أو الس لطة
العامة ( محاكم الدولة التي تنظر طلبات تنفيذ أحكامه أو دعاوى البطالن التي ترفع بشأنها).
392
المـــــالحق
393
المراجــــــــــــع المعتمـــدة
أحمــد شــكري الســباعي "،الوس يط في ق انون التج ارة المغ ربي والمق ارن ،الج زء األول ،النظري ة
العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية" ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،سنة .1998
أحمد شكري السباعي "،نظرية بطالن العقود في القانون المدني المغربي والفقه اإلس المي والقانون
أحمد شكري السباعي "،الوسيط في القانون التجاري ،الجزء األول" ،طبعة .1988
الطيب الفصايمي "،الوجيز في القانون القضائي الخاص" ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
أحمد حسن قدادة "،شرح النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري" ،ديوان المطبوعات
إبراهيم فكري " ،المدخل لدراسة القانون" ،نشر البديع ،مراكش ،الطبعة األولى ،سنة .2001
إدريس العل ــوي العب ــدالوي "،أص ول الق انون ،الج زء األول ،نظري ة الق انون" ،مط ابع دار القلم،
إبراهيم ناصر"،التنشئة االجتماعية" ،دار عمار للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ،سنة
.2004
394
أحمد شرف الدين" ،طرق إزالة المعوقات القانونية لالستثمار" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،سنة
.1992
بوعزاوي بوجمعة "،علم االجتماع القانوني" ،الطبعة األولى ،سنة .2004
بشار محمد األسعد" ،عقود االس تثمار في العالق ات الدولي ة الخاص ة " ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة،
بشار محمود دودين" ،اإلطار القانوني للعقد المبرم عبر ش بكة اإلن ترنت" ،دار الثقاف ة للنش ر
والتوزيع ،عمان ،سنة .2006
حمدي القبيالت ،أنيس المنصور ،محمد أبو الهيجاء ،صالح حجازي "،القانون في حياتنا" ،دار
حس ــين حنفي عم ــر "،دور محكم ة الع دل الدولي ة كمحكم ة " ،مطبع ة دار النهض ة العربي ة ،س نة
.2003
حس ــن الحف ــني" ،التج ارة اإللكتروني ة في ال وطن الع ربي الف رص والتح ديات" ،سلس لة دراس ات
خالد عبد العظيم أبو غابة "،طرق اختيار القضاة ،دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية
خالد المير ،إدريس قاسمي "،التنظيم القضائي بالمغرب" ،سلسلة التكوين اإلداري ،طبعة .1999
دنيا مباركة "،الوجيز في النظرية العامة للقانون والحق" ،دار النشر الجسور ،وجدة ،الطبعة
سيد أحمد محمود "،التقاضي بقضية وبدون قضية ،في المواد المدنية والتجارية ،قواعده-
عناصره -مراحله -إجراءاته وآثارها" ،دار الكتب القانونية ،مصر ،سنة .2008
395
سليمان محمد عبد الرحمن" ،القاضي وبطء العدالة ،دراسة مقارنة" ،الطبعة األولى ،سنة .2011
سهيلة محسن ،كاظم الفتالوي "،المنهاج التعليمي والتدريس الفاعل" ،دار الشروق للنشر والتوزيع،
سالم محمد سالم" ،واقع البحث العلمي في الجامعات" ،مطابع جامعة اإلمام محمد بن سعود
صالح محمد علي أبو جادو"،سيكولوجية التنشئة االجتماعية" ،دار المسيرة للنشر والتوزيع
طالب حسن موسى " ،قانون التجارة الدولية" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،طبعة .2005
عبد الرزاق السنهوري "،نظرية العقد" ،منشورات محمد الداية ،بيروت ،بدون تاريخ النشر.
عبد الرزاق السنهوري"،الوسيط في شرح القانون المدني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،الجزء األول،
عبد الحـق الصـافي "،الق انون الم دني ،الج زء األول ،المص در اإلرادي لإللتزام ات" ،مطبع ة النج اح
عبد السالم زوير ،االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإ شكالياته العملية " ،نشر مكتبة دار
علي طاهر البياتي "،التحكيم التجاري البحري ،دراسة قانونية مقارنة" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع،
عبد الكريم الطالب " ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية" ،مطبوعات المعرفة ،مراكش ،الطبع ة
396
عبــد الكــريم ســالمة" ،نظري ة العق د ال دولي الطلي ق ،بين الق انون ال دولي الخ اص وق انون التج ارة
الدولية ،دراسة تأصيلية انتقاديه" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1989
عصــام عبــد الفتــاح مطــر" ،التج ارة اإللكتروني ة في التش ريعات العربي ة واألجنبي ة" ،دار الجامع ة
عادل أبو هشيمة محمود حوتة" ،عقود خدمات المعلومات اإللكترونية في القانون الدولي الخ اص"،
عب ــد اهلل حنفي " ،العق ود اإلداري ة ،ماهي ة العق د اإلداري وأحك ام إبرام ه " ،الكت اب األول ،دار
عكاشــة محمــد عبــد العــال" ،الض مانات القانوني ة لحماي ة االس تثمارات األجنبي ة " ،منش ورات مرك ز
عبيد الفتالوي "،تاريخ القانون ،الظواهر القانونية في العصور البدائية ،مصادر التنظيم القانوني في
المجتمعات القديمة ،المدونات القانونية في الشرق والغرب ،تاريخ القانون الروماني الشريعة اإلسالمية
عبــد الرحمــان عيســوي "،علم النفس الق انوني" ،دار النهض ة العربي ة للطباع ة والنش ر ،ب دون ذك ر
السنة.
عبد الرحمان محمد العيسوي "،القضاء والبحث العلمي" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت-
عبد اهلل محمد عبد الرحمان "،سوسيولوجيا التعليم الجامعي ،دراسة في علم االجتماع التربوي"،
397
عبد الحميد جفال "،معوقات البحث العلمي ،في الجزائر :الواقع واآلفاق" ،مجلة التواصل في العلوم
محمد بنحساين ،محمد البوشواري "،التنظيم القضائي المغربي" ،طوب بريس ،الرباط ،الطبعة
مصطفى الشليح ،أمينة الدهري" ،التواصل الثقافي ،تأمالت في المفهوم والتداول" ،جامعة الحسن
الثاني ،منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالمحمدية ،سلسلة الندوات رقم ،19مطبعة فضالة،
نور الدين لعرج "،المدخل لدراسة القانون الوضعي" ،سيليكي إخوان ،طنجة ،الطبعة األولى ،سنة
.2003
" معالم على درب اإلصالح العميق والشامل لمنظومة العدالة ،حصيلة منجزات وزارة العدل
أشرف عبد العليم الرفــاعي "، "،اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة
الدولية ،دراسة فقهية قضائية مقارنة" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة .2006
أشــرف عبــد العليم الرفــاعي "،اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة
الدولية ،دراسة فقهية قضائية مقارنة" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة .2003
أبــو العال علي أبــو العال " ،تك وين التحكيم ،دراس ة تحليلي ة مقارن ة" ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة،
398
أبو زيد رضوان " ،األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي" ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،الطبعة
الرافة وتاب " ،اإلجراءات الوقتية والتحفظية بين القضاء والتحكيم" ،مطبعة األمنية ،الرباط ،سنة
.2016
أحمد هنــدي " ،التحكيم ،دراس ة إجرائي ة في ض وء ق انون التحكيم المص ري وق وانين ال دول العربي ة
واألجنبي ة ،خص ومة التحكيم ،رد المحكم ،الحكم التحكيمي ،دع وى البطالن ،تنفي ذ الحكم التحكيمي،
امحمد برادة غزيـول "،تقني ات الوس اطة لتس وية النزاع ات دون اللج وء إلى القض اء" ،ال دار العالمي ة
أسعد فاضل منديل " ،أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته ،دراسة مقارنة""،أحكام عق د التحكيم وإ جراءات ه،
أحمــد عبــد الكــريم ســالمة "،الق انون ال واجب التط بيق على موض وع التحكيم ،مح اذير وتوجيه ات"،
أحمــد الشــيخ قاســم "،التحكيم التج اري ال دولي" ،مطبوع ات جامع ة دمش ق ،الطبع ة األولى ،س نة
.1994
أحمد الورفلي"،التحكيم الدولي في القانون التونسي والقانون المقارن" ،طبع الشركة التونسية لفنون
أحمد محمد عبد البديع شتا" ،شرح قانون التحكيم ،دراسة مقارنة وفقا آلراء الفقه وأحكام القضاء،
وهيئات التحكيم العربية والدولية" ،دار النهضة العربية ،الطبعة الثالثة ،سنة .2005
399
أمينــة خبابــة "،التحكيم اإللك تروني في التج ارة اإللكتروني ة" ،دار الفك ر والق انون للنش ر والتوزي ع،
سنة .2014
ازاد شــكور صــالح "،الوس ائل البديل ة لتس وية منازع ات عق ود االس تثمار الدولي ة ،دراس ة مقارن ة"،
إسماعيل أوبلعيد "،الطرق البديلة لتسوية المنازعات" ،طوب باريس ،الرباط ،الطبعة األولى ،سنة
.2015
بقالي محمد" ،المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي" ،مطبعة اسمارطيل ،طبعة .2010
جعفــر مشــيمش "،التحكيم في العق ود اإلداري ة والمدني ة والتجاري ة وأس باب بطالن الق رار التحكيمي
حفيظة السيد حداد " ،النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي" ،منشورات الحلبي الحقوقية،
حفيظة السيد حداد "،مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية في
المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،سنة .1996
حسني المصري "،التحكيم التجاري الدولي" ،دار الكتب القانونية ،سنة .2006
حسنة عبد اللطيف لحلو ،رشيد عبد الرحمان الراقي "،إصالح ذات البين بين الزوجين ودور
المجالس العلمية ،أي دور؟ وأية فعالية؟" ،إصدارات ومنشورات المجلس العلمي األعلى ،األمانة
العامة .المجلس العلمي المحلي بالمحمدية ،الطبعة األولى ،سنة 2014م1435 -ه.
حميــد محمــد علي اللهــبي "،المحكم في التحكيم التج اري ال دولي" ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة،
400
حمــزة أحمــد حــداد "،التحكيم في الق وانين العربي ة ،ق وانين اإلم ارات والبح رين والس عودية وس وريا
والع راق وقط ر والك ويت ولبن ان وليبي ا" ،الج زء األول ،منش ورات الحل بي الحقوقي ة ،ب يروت ،الطبع ة
حمزة حداد "،التحكيم التجاري وجوانبه االتفاقية" ،عمان ،سنة .2001
حميد محمد علي اللهبي " ،المحكم في التحكيم التجاري الدولي" ،دار الفكر العربي ،الطبعة األولى،
سنة .2002
رشـا علي الـدين" ،الس وابق التحكيمي ة ،إطالل ة على ض وء أحك ام المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات
سامية راشد "،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1984
سامي عبد الباقي أبو صالح "،التحكيم التجاري اإللكتروني ،دراسة مقارنة" ،دار النهضة العربية،
القاهرة.
صالح الدين جمال الـدين ،محمـود مصـيلحي" ،الفعالي ة الدولي ة لقب ول التحكيم في منازع ات التج ارة
الدولي ة ،دراس ة في ض وء أهم وأح دث أحك ام التحكيم ال دولي" ،دار الفك ر الج امعي ،اإلس كندرية ،طبع ة
.2004
عالء أبريان "،الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية ،دراسة مقارنة" ،منشورات الحلبي
عمر أزوكار "،التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب ،قراءة في التشريع والقضاء" ،مطبعة
عبد الـرحيم زضــاكي" ،الوج يز في ش رح الق انون المغ ربي الجدي د للتحكيم ال داخلي" ،مطبع ة س ليكي
علي سالم إبراهيم " ،والية القضاء على التحكيم" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1997
عبــد الحميــد األحــدب" ،موس وعة التحكيم ،التحكيم في البالد العربي ة ،الج زء األول" دار المع ارف،
سنة .1998
عبد الكبير العلوي الصوصي" ،رقابة القضاء على التحكيم" ،دار القلم بالرباط ،الطبعة األولى ،سنة
.2012
" دور القاض ي في التحكيم التج اري ال دولي ،دراس ة مقارن ة " ،مطبع ة دار الثقاف ة ،عم ان، -
"دور القاض ي في التحكيم التج اري ال دولي" دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع ،عم ان ،الطبع ة -
عالء محي الــدين مصــطفى أبــو أحمــد "،التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة في ض وء
الق وانين الوض عية والمعاه دات الدولي ة وأحك ام مح اكم التحكيم ،دراس ة مقارن ة" ،دار الجامع ة الجدي دة،
عبد الخالق ثــروت" ،التحكيم التج اري اإللك تروني ،دراس ة مقارن ة" ،دار النهض ة العربي ة ،الق اهرة،
عبد الحكيم مصطفى عبد الرحمان " ،مش كلة الحص انة القض ائية والحص انة ض د التنفي ذ في الق انون
402
فوزي محمد سامي" ،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة ألحكام التحكيم التجاري الدولي كما
جاءت في القواعد واالتفاقيات الدولية واإلقليمية والعربية مع إشارة إلى أحكام التحكيم في التشريعات
العربية" ،دار الثقافة ،عمان ،الطبعة األولى ،اإلصدار الثاني ،سنة .2006
مهنـد أحمـد الصـانوري" ،دور المحكم في خص ومة التحكيم ال دولي الخ اص ،دراس ة مقارن ة ألحك ام
التحكيم التج اري ال دولي في غالبي ة التش ريعات العربي ة واألجنبي ة واالتفاقي ات والمراك ز الدولي ة" ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،الطبعة األولى ،اإلصدار األول ،سنة .2003
مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال "،التحكيم في العالقات الخاصة الدولية والداخلية،
الجزء األول ،وضع التحكيم في النظام القانوني الكلي ،اتفاق التحكيم ،خصومة التحكيم" ،الفتح للطباعة
مص ــطفى بونج ــة ،نه ــال الل ــواح "،التحكيم التج اري من خالل العم ل القض ائي المغ ربي ،رص د
لقرارات محكمة النقض ومحاكم الموضوع" ،مطبعة اسبارطيل ،طنجة ،الطبعة األولى ،سنة .2014
مصطفى بونجة ،نهال اللواح "،التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية" ،دار اآلفاق المغربية
محمد السيد عرفة " ،التحكيم والصلح وتطبيقاتهما في المجال الجنائي" ،الرياض ،سنة .2006
محمد أمين فضلون "،التحكيم" ،مؤسسة النوري للطباعة والنشر والتوزيع ،دمشق ،سنة .1994
محمد داود الزعبي "،دعوى بطالن حكم التحكيم في المنازعات التجارية الدولية" ،دار الثقافة للنش ر
منير عبد المجيـد" ،قض اء التحكيم في منازع ات التج ارة الدولي ة " ،دار المطبوع ات الجامعي ة ،س نة
.1995
محمد علي سكيكر"،تشريعات التحكيم في مصر والدول العربية" ،سنة .2006
403
محمد عبد الخالق الزعبي "،ق انون التحكيم كنظ ام ق انوني قض ائي اتف اقي من ن وع خ اص ملحق ا ب ه
أهم اتفاقيات وتشريعات التحكيم الدولية" ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى.2010 ،
محمد أمين الرومي " ،النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني" ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية،
مليكة الصروخ " ،الصفقات العمومية في المغرب ،األشغال -التوريدات – الخدمات" ،مطبعة النجاح
-محسن شفيق" ،التحكيم التجاري الدولي" ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1997
محمــد ســليم العــوا "،دراس ات في ق انون التحكيم المص ري والمق ارن" ،دار الكتب القانوني ة ،مص ر،
سنة .2008
محمود السيد عمر التحيوي" ،حكم التحكيم اإللكتروني" ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية الطبعة
محمود السيد التحيوي" ،التحكيم في المواد المدنية والتجارية " ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
سنة .1999
محمود محمود المغربي "،اإلس طوبل" L’ESTOPPELفي ق انون التحكيم" ،تق ديم س امي منص ور،
مناني فراح "،التحكيم طريق بديل لحل النزاعات" ،دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ،الجزائر،
طبعة .2010
ناريمان عبد القادر "،اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27لسنة
، 1994دراسة مقارنة ،اتفاقية نيويورك ،القانون الفرنسي ،القانون النموذجي ،الشريعة اإلسالمية،
يسري محمد عصار" ،التحكيم في المنازعات اإلدارية ،دراسة مقارن ة" ،دار النهض ة العربي ة،
القاهرة ،سنة .2001
هشام خالد " ،جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي" ،منشأة المعارف باإلسكندرية ،سنة
.2005
هشــام علي صــادق " ،الق انون ال واجب التط بيق على عق ود التج ارة الدولي ة" ،دار الفك ر الج امعي،
هدى محمد حمدي عبد الرحمــان" ،دور المحكم في خص ومة التحكيم وح دود س لطاته" ،دار النهض ة
األطروحـــــات والرسائــــــل
األطـــــروحــــــــــــات
حارث عبد العالي " ،شرط التحكيم في المادة التجارية على ضوء العقود النموذجية واالتفاقيات
الدولية" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،وحدة التكوين و البحث :قانون األعمال ،جامعة الحسن
الثاني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية .2006
علي المنتصر "،التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،السنة الجامعية -2001
.2002
405
محمد الوكيلي "،تحكيم البن ك ال دولي لتس وية خالف ات االس تثمار بين دول ة وش خص خ اص أجن بي"،
أطروح ة لني ل دكت وراه الدول ة في الق انون ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية
هالل حمد هالل السعدي " ،التحكيم ودوره في تسوية المنازعات اإلدارية ،دراسة مقارنة في الفقه
والقض اء" ،أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة
الرســـائــــــــــل
الطراســي قاســم "،وض عية قاع دة اإلس ناد أم ام المحكم ال دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا
المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،س ال ،الس نة الجامعي ة
.2007 -2006
الــدغمي عــادل"،التعاق د في التج ارة اإللكتروني ة" ،رس الة لني ل دبل وم الماس تر في ق انون األعم ال،
جامع ة الحس ن الث اني ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية و االجتماعي ة – المحمدي ة -ال دار البيض اء،
أمونير تقية "،مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني، ،الدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
406
أمين ســليم "،الرقاب ة القض ائية على التحكيم في الق انون المغ ربي" ،رس الة لني ل دبل وم الماس تر في
قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني ،بالدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
إس ــحاق ش ــارية " ،التحكيم التج اري والق انون الع بر دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا
المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،س ال ،الس نة الجامعي ة
2007ـ .2008
إلهام عاللي " ،واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
خليل إبراهيم عال "،حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
رضوان الزهراوي "،معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
رشــيد معنــاني "،التحكيم في عق ود االس تثمار بين دول ة ومس تثمر خ اص أجن بي" ،بحث لني ل دبل وم
الدراس ات العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،السويس ي ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية
407
ســرحان عبــد اهلل المعمــري "،الرقاب ة القض ائية على مق ررات التحكيم في الق انون اليم ني ،دراس ة
مقارن ة" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس،
السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية .2008 -2007
ســهام الســويتي "،التحكيم في ح ل منازع ات عق ود نق ل التكنولوجي ا" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات
العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،س ال ،الس نة
ص ــوفية دين ــار "،الس لطة التقديري ة للمحكم ال دولي إزاء الق انون ال واجب التط بيق على موض وع
ال نزاع" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة
طارق الجبلي "،مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية ،التحكيم التجاري نموذجا" ،بحث
لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
عبد اهلل درميش " ،التحكيم التجاري الدولي في المواد التجارية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني -
عبد اهلل أوبها "،إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية" ،رسالة لنيل الماس تر في الق انون
الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس ،السويس ي ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،الرب اط،
408
عبد السالم اإلدريسي "،النظام العام في التحكيم التجاري الدولي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العلي ا
المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية
.2007 -2006
عز الدين بوزلماط "،دور التحكيم في تسوية المنازعات المتعلقة بصفقات الدولة ،دراسة في الق انون
المغ ربي والق انون المق ارن" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة
محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال ،السنة الجامعية 2007
– .2008
عبد الجليـل أمـدغوس" ،التحكيم المؤسس اتي كآلي ة لتس وية منازع ات التج ارة الدولي ة" ،رس الة لني ل
دبلوم الماستر في القانون الخاص ،وحدة قانون األعمال والمقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،السويسي،
عبد الودود ولد بداد "،التحكيم االختياري في القانون الداخلي ،دراسة مقارنة في التشريعين
الموريتاني والمغربي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم
عبــد الرحمــان عاللي "،ق انون اإلرادة في التحكيم التج اري ال دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات
العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية
عزيز الشعراني " ،الق انون ال واجب التط بيق في التحكيم التج اري " ،رس الة لني ل دبل وم الماس تر في
الق انون الخ اص وح دة ق انون األعم ال ،جامع ة الحس ن الث اني ،ال دار البيض اء -المحمدي ة ،كلي ة العل وم
409
فاطمة بوطالب اإلدريسي " ،دور الصفقات العمومية في تنشيط االقتصاد المحلي ،جماعة بئر النصر
بنسليمان نموذجا" ،رسالة لنيل ماستر في القانون العام ،شعبة الحكامة المحلية ،جامعة الحسن الثاني،
المحمدي ة بال دار البيض اء ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،المحمدي ة ،الس نة الجامعي ة
.2012-2011
فؤاد الصفريوي "،نظام تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية في المغرب" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار
فاطمة الدحاني "،دور رئيس المحكم ة في التحكيم ال داخلي ب المغرب" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات
العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال،
فضيلي أكدر "،اإلطار القانون للتحكيم التجاري بالمغرب ،الواقع وسبل اإلصالح" ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط،
لمياء أزطوط " ،اتفاق التحكيم بين التشريع المغربي والمقارن" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
محسن القوارطي " ،التحكيم في إطار االتفاقيات االقتصادية في المغرب مع اإلتحاد األوروبي
والواليات المتحدة األمريكية نموذجا " ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص،
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال الجديدة ،السنة الجامعية
.2009-2008
410
محمـــد الحـــبيب" ،مس ؤولية المحكم ،دراس ة على ض وء التش ريع المغ ربي" ،رس الة لني ل دبل وم
الدراسات العليا المعمقة ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،سال،
محمــد شــيلح "،س لطان اإلرادة في ض وء ق انون االلتزام ات والعق ود المغ ربي ،أسس ه ومظ اهره في
نظري ة العقد" ،رس الة لنيل دبلوم الدراس ات العلي ا في القانون الخ اص ،جامعة محمد الخ امس ،الرب اط،
سنة .1983
مصـطفى هرنـدو " ،ت ذييل األحك ام األجنبي ة بالص يغة التنفيذي ة في قض ايا األس رة على ض وء العم ل
القضائي المغربي" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السويسي ،السنة الجامعية .2009 -2008
محمد باية "،التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،الرب اط ،الس نة
موالي لكبير الصوصي العلوي "،طرق الطعن المرتبطة بالمقررات التحكيمية التجارية في القانون
المغ ربي والمق ارن" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص ،جامع ة محم د
الخ امس ،السويس ي ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ،س ال ،الس نة الجامعي ة -2006
.2007
محمــد لمســلك"،تس وية منازع ات التج ارة اإللكتروني ة ،دراس ة في إط ار الق انون ال دولي الخ اص
والق انون التج اري ال دولي" ،رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،كلي ة
411
محمد البرانصي" ،دور التحكيم التجاري الدولي في جلب االستثمارات األجنبية" ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
نجالء حكم في رس التها " التحكيم في تس وية نزاع ات االس تثمارات األجنبي ة" ،رس الة لني ل دبل وم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة قانون المقاوالت ،جامعة محمد الخامس ،كلي ة العلوم
نج ــاة ع ــز ال ــدين اإلدريس ــي" ،اختص اص المحكم في المج ال االس تعجالي ،اتخ اذ الت دابير الوقتي ة
والتحفظي ة" ،بحث لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة ،جامع ة محم د الخ امس ،السويس ي ،كلي ة العل وم
ناصر بلعيد " ،وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي دراسة تحليلية في ضوء قانون 05ـ
"08رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي،
نـور الـدين حسـن الـدين" ،ت دخل النظ ام الع ام في مج ال التحكيم بين اإلطالق والتقيي د" ،رس الة لني ل
دبل وم الماس تر في ق انون األعم ال ،جامع ة الحس ن الث اني بال دار البيض اء ،كلي ة العل وم القانوني ة
يوسف الساقوط " ،دور العمل القضائي في تحقيق فعالية حكم التحكيم ،دراسة مقارنة" ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية العلوم
412
يونس قربي "،شرط التحكيم في عقود الدولة ،دراسة في أنظمة التحكيم الدولية والنظام القانوني
المغربي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق ،جامعة محمد الخامس ،السويسي ،كلية
المجــــالت والمـــــــقـــــــاالت
أحمد خرطة "،الصلح القضائي من خالل مسطرة الشقاق ،قراءة في بعض مواد مدونة األسرة"،
مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان" :الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة –
أحمد شكري السباعي "،التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي" ،مقال منشور بمجلة دفاتر
السعدية مجيدي "،الصلح في مسطرة التطليق الشقاق" ،مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت
عنوان" :الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة ،العدد
الكوفي علي أعبوده "،بعض التحديات التي تواجه التحكيم في ليبيا ،التحكيم في ليبيا بين تركة
الماضي وآفاق المستقبل" ،مجلة التحكيم العالمية ،بيروت ،العدد ،18أبريل ،2013السنة الخامسة.
إبراهيم العسري "،التحكيم ومستلزمات األمن القانوني والقضائي ،دراسة على ضوء القانون -05
إبراهيم علي حسن" ،تأمالت في اختصاص التحكيم بمنازعات عقود الدولة" ،مقالة منشورة بمجلة
هيئة قضايا الدولة ،السنة ،41العدد الثاني ،أبريل و ماي لسنة .1997
413
إسماعيل إبراهيم الزيادي "،المفهوم المختلف لحيدة المحكم عن الحيدة الواجبة في القاضي" ،مجلة
بشــرى النبيــه العلــوي" ،دور التحكيم اإللك تروني في االس تثمار" الن دوة الجهوي ة الرابع ة بمحكم ة
جــورج حزيــون "،النظ ام الق انوني للتحكيم األجن بي في الق انون ال داخلي" ،مجل ة الحق وق ،الك ويت،
حياة متوكل "،قانون التجار الدول ،)LEX MERCATORIA (:المبادئ العامة وقواعد اإلعمال"،
حسين فريجة "،دور التحكيم في فض منازعات عقود االستثمار الدولية" ،مجلة القبس المغربية
خالد أحمد عبد المجبد "،دور القضاء المساند لخصومة التحكيم" سلسلة دفاتر المجلس األعلى ،عدد
،7سنة .2005
رفعت محمد عبد المجيد "،مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية" ،مجلة دفاتر
رفعت محمــد عبــد المجيــد "،مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي وم دى ت أثيره على
رياض فخري "،قواعد التحكيم ،قراءة في القانون رقم ،"08 -05مقال منشور ضمن أعمال ندوة
" الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى" ،مطبعة األمنية،
414
رضــوان الحسوســي "،الحكم التحكيمي مش تمالته وتقنيات ه" ،مجل ة المح اكم المغربي ة ،الع دد ،117
زكري ــاء الغ ــزاوي" ،تس وية المنازع ات التجاري ة عن طري ق التحكيم المؤسس اتي" ،مق ال منش ور
ســيد أحمــد محمــود أحمــد "،م دى س لطة المحكم في اتخ اذ اإلج راءات الوقتي ة والتحفظي ة" ،مجل ة
شمس الدين عبداتي "،التحكيم المؤسسي بالمغرب" ،الندوة الجهوية الحادية عشر ،الصلح والتحكيم
والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى ،قصر المؤتمرات بالعيون-01 ،
،02نونبر .2007
شمس الدين عبداتي "،التحكيم التجاري قضاء المستقبل" ،المجلة المغربية للتحكيم التجاري ،العدد
،2السنة .2003
طــارق مصــدق " ،ق راءة أولي ة في مس تجدات الق انون الجدي د للتحكيم " ،المجل ة المغربي ة للوس اطة
عب ــد اهلل درميش "،اهتم ام المغ رب ب التحكيم ،إلى أي ح د؟" ،مجل ة المح اكم المغربي ة ،ع دد 73
عب ــد اهلل درميش"،القض ايا المعاص رة للتحكيم ال دولي ،الرقاب ة القض ائية على األحك ام التحكيمي ة
األجنبية والدولية في الدول العربية" ،المجلة المغربية للوساطة والتحكيم ،العدد ،4السنة .2009
عبد الكريم الطالب "،حجية أحكام المحكين في إطار قانون المسطرة المدنية" ،مجلة رسالة الدفاع،
415
عبد اهلل درويش "،ال دفع بوج ود ش رط التحكيم ،دراس ة مقارن ة" ،منش ورات مجل ة القض اء الم دني،
عبد المنعم كيوة "،حل النزاعات التجارية طبق مبادئ العدل واإلنصاف" ،مجلة القضاء والتشريع،
عالل البصراوي" ،التحكيم االختياري واألنظمة المشابهة" مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117
عبد الكبير العلوي الصوصي" ،رقابة القضاء على التحكيم" ،دار القلم بالرباط ،الطبعة األولى ،سنة
.2012
عبد القادر أحنوت "،مبدأ التحكيم اإلسالمي والتحكيم بين الزوجين" ،مجلة التذكرة ،العدد ،13
عبــد المجيــد غميجــة" ،مس تجدات مش روع الق انون المتعل ق ب التحكيم والوس اطة" ،مجل ة المح اكم
عبد اإلله برجاني "،بند التحكيم في عقود التجارة الدولية" ،سلسلة دفاتر المجلس األعلى العدد ، 2
السنة .2002
عبد اللطيف بولعلف "،فعالية بطالن الحكم التحكيمي الدولي" ،مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية
تحت عنوان" :الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة،
عادل علي محمد النجار"،نشر أحكام التحكيم بين الحظر واإلباحة ،دراسة مقارنة" ،سلسلة دراس ات
وأبحاث ،الوسائل البديلة لتسوية المنازعات :الصلح ،الوساطة ،التحكيم في ضوء مستجدات القانون رقم
08-05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،منشورات مجلة القضاء المدني ،العدد ،3السنة .2013
416
عبــد اللطيــف بــو العلــف "،التحكيم في منازع ات االس تثمارات ،اتفاقي ة واش نطن المؤرخ ة في 18
عبــد اللطيــف مشــبال ،اإلج راءات الوقتي ة والتحفظي ة في التحكيم التج اري ال دولي" ،دف اتر المجلس
عبــد الــرحيم بن ســالمة "،نظ ام التحكيم في التش ريع المغ ربي" ،مجل ة األمن الوط ني ،الع دد ،217
السنة .2002
عبـ ــد الرحمـ ــان المصـ ــباحي "،المب ادئ الض رورية لض مان فعالي ة التحكيم في منازع ات عق ود
عب ــد اإلل ــه المحب ــوب "،الض مانات القانوني ة للهيئ ة التحكيمي ة ،دراس ة مقارن ة" ،سلس لة دراس ات
وأبح اث ،الوس ائل البديل ة لتس وية المنازع ات ،الص لح ،الوس اطة ،التحكيم ،في ض وء مس تجدات الق انون
رقم 08 -05المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية ،منشورات مجلة القضاء المدني ،سنة .2013
عبــد الوهــاب البــاهي "،ت ونس مرك ز للتحكيم ،المتطلب ات والرهان ات" ،سلس لة دراس ات برلماني ة
بعن وان ":التحكيم في ت ونس ،الواق ع والرهان ات" ،وق ائع الي وم الدراس ي الس ابع ،األربع اء 10م اي
،2006بتونس.
غــالب غــانم " ،دور القض اء اللبن اني في الرقاب ة على التحكيم" ،مجل ة التحكيم الع ربي ،الع دد ،7
غشت .2006
فتحي والي " ،دور القاض ي في منح الق وة التنفيذي ة ألحك ام التحكيم " ،مق ال منش ور بمجل ة التحكيم
محمد سالم "،الطرق البديلة لتسوية المنازعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق
التنمية االجتماعية واالقتصادية" ،الجزء األول ،مجلة الملف ،عدد ،12مارس ،سنة 2008
417
محمد المختار الراشدي "،إجراءات مسطرة التحكيم" ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،117نونبر-
محمد سالم ،دور الطرق البديلة لحل المنازعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات
محمد المختار الراشــدي "،إج راءات مس طرة التحكيم" ،مجل ة المح اكم المغربي ة ،ع دد ،117نونبرـ
دجنبر .2008
مــريم العباســي ،ناصــر بلعيــد ،كــريم بنموســى" ،دور القض اء في مس طرة التحكيم" ،سلس لة رس ائل
محمــد فاضــل الليلي "،الحكم التحكيمي" ،الن دوة الجهوي ة الحادي ة عش ر بعن وان " :الص لح والتحكيم
والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى" ،02 -01 ،نونبر .2007
محمد فاضل الليلي "،تذييل أحكام التحكيم الوطنية واألجنبية بالصيغة التنفيذية في التشريع المغ ربي
محمد رافع" ،اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية" ،مجلة المحاكم المغربية،
محمد األعرج " ،التحكيم في منازعات العقود اإلدارية" ،مجلة المعيار ،عدد ،34بدون ذكر السنة.
محم ــد األع ــرج" ،مش روعية التحكيم في المنازع ات اإلداري ة ،المنازع ات اإلداري ة في تطبيق ات
القض اء اإلداري المغ ربي" ،منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة ،سلس لة مواض يع
محمد األعرج" ،نظام العقود اإلدارية" ،منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة
رقم ،"08 – 05منشورات مجلة العلوم القانونية ،سلسلة فقه القضاء اإلداري بعنوان "المنازعات
اإلدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء اإلداري" ،العدد األول ،سنة .2014
مصطفى التراب " ،موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي" ،ديوان المظالم ،عدد مزدوج ،7 -6
سنة .2008
مصــطفى الــتراب" ،موق ع نظ ام التحكيم في التش ريع المغ ربي " ،المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة
مصطفى التراب "،أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟" ،مقال منشور
بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان" :الوسائل الودية لفض المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح،
محمــد اإلدريســي العصــراوي" ،دور القاض ي في تنفي ذ الق رارات التحكيمي ة" ،مق ال منش ور بمجل ة
محمــد أبــو العيــنين" ،التحكيم في منازع ات االس تثمار األجن بي" ،مجل ة التحكيم الع ربي ،الع دد ، 7
يوليوز .2004
محمــد الناصــري " ،تس وية النزاع ات المتعلق ة باالس تثمارات من ط رف المرك ز ال دولي ،اتفاقي ة
محمد أوضبحي " ،دور التحكيم في إطار تجربة المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار بين
الدول والمستثمرين األجانب" ،مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان" :الوسائل الودية لفض
المنازعات ،الوساطة – التحكيم – الصلح ،سلسلة األعداد الخاصة ،العدد الرابع ،ماي .2012
419
محمد كمال منير" ،مدى جواز االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية" ،مجلة العلوم
اإلدارية الصادرة عن الشعبة المصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلدارية بالقاهرة ،العدد األول ،يونيو
.1991
يونس العياشي " ،مدى مالئمة مشروع قانون التحكيم رقم 08 -05مع االتفاقيات الدولية ومبادئ
التحكيم التجاري الدولي ،مجلة محاكمة ،العدد ،2مارس -ماي ،سنة .2007
النـــدوات والمؤتمـــــرات
حسن الشامي ،كلمة افتتاح ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من طرف وزارة العدل
واالتحاد العام لمقاوالت المغرب ،يومي 4 -3مارس ، 2004سلسلة دفاتر المجلس األعلى ،مطبعة
عبــد اهلل درميش ،مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة
كوركمار في موضوع " :المحامي المحكم :من الحرفة إلى المؤسسة" ،يومي السبت واألحد 22و 23
عبد الرحمــان المصــباحي" ،دور القض اء في تط بيق وإ نف اذ االتفاقي ات الدولي ة في منازع ات االس تثمار"،
المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية ،المنعقد بالدوحة بدولة قطر من 24الى 26
شتنبر .2013
محمــد تكمنت " ،التحكيم ال دولي " ،مداخل ة في إط ار ن دوة نظمت في موض وع" ،مش روع التحكيم
420
مداخل ة لألس تاذ محمــد طــارق "،ق راءة في واق ع تط بيق الق انون رقم 08 -05الخ اص ب التحكيم
والوساطة االتفاقية بعد 8سنوات" ،في ندوة علمية تحت عنوان "،التقنيات البديلة لتسوية المنازع ات بين
المحاضــــــــرات
خديجــة فــارحي ،محاض رات في م ادة "الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات" ،ألقيت على طلب ة ماس تر
قانون األعمال ،السنة الثانية ،بجامعة الحسن الثاني ،برسم الموسم الجامعي .2009 – 2008
عب ــد اهلل إدريس " ،محاض رات في الق انون اإلداري المغ ربي ،النش اط اإلداري" ،الج زء الث اني،
طلبــة ماســتر قــانون األعمــال"،أبح اث في المنازع ات التجاري ة والتحكيم" ،تحت إش راف عبــد اهلل
درميش ،جامع ة الحس ن الث اني ،عين الش ق ،كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ال دار
Les ouvrages
421
Alliouch- kerboua- Meziani naima, "l’arbitrage commercial international
en Algérie, la loi n° 08- 09 portant code de procédure civil et administrative",
office des publications universitaire, 05- 2010, ben- aknoun- Alger.
Ahmed ouerfelli, " l’arbitrage dans la jurisprudence tunisienne", édition
latrach, LGDJ, 2010.
Chedly lotfy, "l’arbitrage commercial international au Maroc et ordre public
transnational", centre de publication universitaire, Tunis, 2002.
David René," L’arbitrage dans le commerce international, economica",
paris, 1982.
Jean-Baptiste Racine, "L’arbitrage commercial international et l’ordre
public" ,L.G.D.J,1997.
Homayoon arfazadeh," ordre public et arbitrage international à l’épreuve
de la mondialisation ", Bruylant, Bruxelles, 2005.
PH. Fouchard, E. Gaillard. B.Goldman,” traité de l’arbitrage commercial
international», année 1996.
HUET (J) et VALMACHINO (S) , « Réflexions sur l’arbitrage
électronique dans le commerce international » , Gaz pal , janvier février 2000.
Les Thèses:
Les Revues
422
Bouchra JDAINI, "l’arbitrage commercial interne et international en droit
marocain", Revue marocaine d’administration local et développement, n° 103,
Mars- Avril, 2012.
Craw Ford (J.): “Les Etats et l’exécution des sentences arbitrales dans les
droits américain et Anglais, Rev . arb, 1985.
jan Paulsson," L’exécution des sentences arbitrales dans le monde de
demain " , Rev- arb , n°4, 1998.
Philippe Fouchard," Suggestions pour accroitre l’efficacité internationale
des sentences arbitrales ", Rev -arb, n° 4 ; 1998.
www.Maroc Arbitrage.com
www.maghress.com:http
www.CIMAR.org.ma
http://dc387.4shared.com/doc/hQ8fnnqf/Preview.html
http: //iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2010/01
http://www.startimes.com
http://www.almaghribia.ma
http://slconf.uaeu.ac.ae/papers/n2/wafa%20falhot.pdf
http://libback.uqu.edu.sa/ 2011
http://binafif-law.blogspot.com
http//www.draigarbitration.com/tahkimwork
http// aljassour.com
http://www.startimes.com
mkleit.wordpress.com
palestine.ahlamontada.com
423
الفـــهرس
424
المقدمة01.........................................................................................:
الفصــل األول :اإلشــكاالت الــتي يطرحهــا التحكيم التجــاري في قــانون .......................08 -05
36
المبحث األول :اإلش ــكاالت الــتي يطرحه ــا التحكيم التج ــاري الــداخلي..................................
37
42
الفرع الثاني :اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة التحكيمية.....
42
المطلب األول :اإلش كاليات ال تي يطرحه ا تط بيق الفص ل 320من ق انون 08 -05بخص وص مس ألة
أهلية المحكم47......................................................................................
47
425
الفقرة الثانية :موقف التشريعات المقارنة من مسألة أهلي ة المحكم.....................................
51
المطلب الث اني :اإلش كاليات ال تي تع ترض تط بيق الفص ل 321من ق انون 08-05بخص وص رقاب ة
القضاء53...........................................................................................
الفق رة األولى :اإلش كال المتعل ق بمس ألة اعتي اد ممارس ة التحكيم.......................................
54
الفق رة الثاني ة :اإلش كال المتعل ق بالمقصـ ـ ـــود بوضـ ـــعية المحكمين في اصطـــالح الفص ل ..........321
55
55
57
الفقرة األولى :موقف التشريع المغربي بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المس تعجلة........
59
الفق رة الثاني ة :موق ف األنظم ة القانوني ة المقارن ة بخص وص الجه ة المختص ة بإص دار األوام ر
المستعجلة63........................................................................................
المطلب الراب ع :اإلش كال المتعل ق بمس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة..........................................
67
68
426
الفقرة الثانية :اإلشكال المتعلق بمسؤولية الهيئة التحكيمية في الفقه المقارن...........................
74
الف ــرع الث ــالث :اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا ق ــانون التحكيم في مس ــألة ت ــذييل الحكم التحكيمي ال ــداخلي
بالصيغة التنفيذية77................................................................................
79
79
الفق رة الثاني ة :دور الهيئ ة التحكيمي ة في إص الح أخط اء األحك ام التحكيمي ة............................
84
89
المطلب الث اني :اإلش كاليات ال تي يثيره ا ق انون التحكيم بخص وص مس طرة الت ذييل بالص يغة
التنفيذية93..........................................................................................
الفقرة األولى :اإلشكاالت التي تطرحها مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذي ة.............................
95
98
427
الفق رة األولى :الطعن بإع ادة النظ ر..........,.....................................................
105
108
109
المبحث الث ــاني :اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم التج ــاري ال ــدولي................................
113
الفــرع األول :اإلشــكاليات الــتي يطرحهــا التحكيم التجــاري الــدولي في قــانون 05ـ ...............08
114
117
الفق رة الثاني ة :مع ايير دولي ة التحكيم في الق وانين المقارن ة............................................
119
المطلب الث اني :اإلش كاالت ال تي تواج ه التحكيم التج اري ال دولي في ق انون .................08 -05
120
الفقـرة األولى :إشكــالي ـ ـ ـ ـ ـ ـــة عـ ـ ـ ـ ـــدم التميي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــز بيـ ـ ـ ـ ـ ـــن التحكي ـ ـ ـ ـ ـ ـــم الدولـ ـ ـ ـ ـ ـــي والتحكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم
األجنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
122
الفق رة الثالث ة :إش كالية ع دم الحس م في تحدي د مفه وم النظ ام الع ام....................................
130
الف ــرع الث ــاني :إش ــكالية توحي ــد القواع ــد الموض ــوعية للتحكيم ال ــدولي واالتفاقي ــات الدولي ــة-اتفاقي ــة
نيوي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورك
نموذجا148.......................................................................................-
المطلب األول :إش كاليات تطرحه ا مس ألة " اتف اق التحكيم" في اتفاقي ة نيوي ورك.......................
151
الفق رة األولى :قص ور مقتض يات اتفاقي ة نيوي ورك في تنظيم مس ألة "األهلي ة"..........................
153
الفق رة الثاني ة :مس ألة قابلي ة ال نزاع للتحكيم في اتفاقي ة نيوي ورك......................................
154
المطلب الث اني :اإلش كاالت ال تي تش وب حكم التحكيم في اتفاقي ة نيوي ورك...........................
155
الفقرة األولى :عدم تمييز االتفاقية بيـ ـ ــن الحك ـ ـ ـ ـ ــم التحكيمي األجنبي والحكـم التحكيمي الدولــي.......
156
الفق رة الثاني ة :ع دم توض يح االتفاقي ة لمع نى إلزامي ة الحكم التحكيمي األجن بي.........................
158
429
الفق رة الثالث ة :ع دم تحديـ ـ ـ ـــد االتفاقي ة لمسطـ ـ ـ ـــرة موح ـ ـ ـــدة لالع تراف ب الحكم التحكيم ـ ـ ـ ـ ـــي األجنب ـ ـ ـ ـــي
وتنفيـ ـ ـ ـ ـ ــذه160.......................................................................................
الفقرة الرابعة :مقترحات فقهية بخصوص تحديث وتطوير اتفاقية نيوي ورك...........................
161
الف ــرع الث ــالث :اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم اإللك ــتروني......................................
162
166
167
168
المطلب الث اني :إش كاليات يطرحه ا "اتف اق التحكيم اإللك تروني"......................................
171
173
177
المطلب الث الث :اإلش كاالت ال تي تواج ه هيئ ة التحكيم اإللك تروني...................................
179
430
الفق رة األولى :اختي ار المحكمين..................................................................
179
180
185
185
186
187
188
الفص ــل الث ــاني :اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم اإلداري..........................................
191
192
431
الف ــرع األول :موق ــف التش ــريع المغ ــربي من مش ــروعية التحكيم اإلداري.............................
194
المطلب األول :م دى مش روعية التحكيم اإلداري في التش ريع المغ ربي قب ل ص دور ق انون .....08.05
194
195
الفقرة الثانية :موقف الفقه والقضاء من مشروعية التحكيم اإلداري قبل صدور قانون .......08 -05
196
المطلب الث اني :إباح ة التحكيم اإلداري كقاع دة بع د ص دور ق انون .........................08 -05
198
198
199
203
المطلب األول :موق ف النظ ام الق انوني المص ري من مش روعية التحكيم اإلداري......................
203
الفقرة األولى :موقف الفقه والقضاء المصري من مشروعية التحكي ـ ـــم اإلداري قبل ص ـــدور القان ـ ـ ـ ـــون
رق ـ ـ ـ ـ ــم
432
27لسنة 203................................................................................ 1994
الفقرة الثانية :موقف الفقه والقضاء المصـ ـ ـ ـ ـــري من التحكيـ ـ ـــم اإلداري بعـ ـ ـ ـ ـــد ص ـــدور القان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــون رقم
27
الفق رة الثالث ة :الق انون 9لس نة 1997المص ري ومس ألة مش روعية التحكيم اإلداري...................
215
المطلب الث اني :موق ف بعض التش ريعات العربي ة المقارن ة من مش روعية التحكيم اإلداري.............
217
المطلب الث الث :موق ف بعض االتفاقي ات الدولي ة من مش روعية التحكيم اإلداري......................
219
المطلب الراب ع :مـوق ـ ـ ـ ـ ـ ـــف األنظم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة القانـونيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة األوروبيـ ـ ـ ـ ـــة م ـ ـ ـــن مشــروعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة التحكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم
اإلداري
219
220
222
المبحث الث ــاني :إش ــكاليات يطرحه ــا نط ــاق تط ــبيق التحكيم اإلداري..................................
223
433
الفـ ــرع األول :اإلشـ ــكالية الـ ــتي يطرحهـ ــا جـ ــواز اعتمـ ــاد التحكيم في دعـ ــاوى العقــــود اإلداريــــة دون
القــــــــــــ رارات.........................................................................................
224
225
الفق رة األولى :ج واز التحكيم في النزاع ات المالي ة الناتج ة عن التص رفات األحادي ة للش خص الع ام
الدولة225...............................................................................
الفقرة الثانية :جواز التحكيم في النزاعات التي تهم المقاوالت العامة والمؤسسات العامة..............
225
المطلب الث اني :ق انون 08 -05وإ قص اء التحكيم من مج ال الق رارات اإلداري ة.......................
229
الفــرع الثــاني :مــدى إمكانيــة اعتمــاد التحكيم في المنازعــات المتعلقــة بالصــفقات العموميــة............
230
235
المبحث األول :الص ــعوبات العملي ــة ال ــتي تثيره ــا إج ــراءات التحكيم...................................
237
434
الفــرع األول :الصــعوبات العمليــة أثنــاء ســير العمليــة التحكيميــة.....................................
237
المطلب األول :دور األط راف في تعطي ل إج راءات العملي ة التحكيمي ة...............................
238
239
الفق رة الثاني ة :رفض أح د األط راف المش اركة في تش كيل هيئ ة التحكيم...............................
239
الفقرة الثالثة :عدم التزام األطراف بسداد ما حددته الهيئة من مصروفات وأتعاب....................
241
243
المطلب الث اني :دور المحكم في تعطي ل إج راءات العملي ة التحكيمي ة................................
245
245
246
247
435
المطلب الث الث :المش اكل ال تي تواجهه ا ص ياغة ش رط التحكيم......................................
248
الفــرع الثــاني :الصــعوبات العمليــة المثــارة لمــا بعــد صــدور الحكم التحكيمي..........................
250
المطلب األول :الص عوبات العملي ة المث ارة عن د ص دور الحكم التحكيمي.............................
250
المطلب الث اني :الص عوبات العملي ة المث ارة أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي..............................
251
الفقرة األولى :إجراءات تنفيذ الحكم التحكيمي في التشريع المغربي نسف ألهم ميزات نظام التحكيم...
252
الفقرة الثانية :أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاالت الصعــوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العمـ ــليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لت ـنـ ــفي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ الحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الت ـ ــحكي ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي
259
287
الف ــرع األول :الص ــعوبات الواقعي ــة لنظ ــام التحكيم ب ــالمغرب.........................................
288
291
436
الفق رة األولى :ش رط التحكيم في مجموع ة الش ركات.................................................
292
296
298
الفق رة األولى :إطالل ة على أهم مراك ز التحكيم الدولي ة واإلقليمي ة والوطني ة...........................
299
الفق رة الثاني ة :دواعـــي إح داث مراك ـــز التحكيـــم ب المغرب ،وبعض األنشط ـــة ال تي تق وم به ا -المرك ز
نموذجا303...............................................................-
312
الفقرة الرابعة :مراكز التحكيم بالمغرب ،قضايا محدودة ،وعوامل األزم ة.............................
318
324
المطلب األول :المش اكل الم ؤثرة من الناحي ة النفس ية الس يكولوجية...................................
325
437
الفقرة األولى :الصعوبات السيكولوجية التي يطرحها التحكيم االختياري.............................
326
الفق رة الثاني ة :الصعوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــات السيكول ـ ـ ــوجيـ ـ ـ ـ ـ ـــة الت ـ ـ ـ ـ ـــي تواجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــه التــحكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم اإلجـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــاري
بالمغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب
340
348
الفق رة الثاني ة :ض عف انتش ار ثقاف ة التحكيم عام ل أساس ي في إعاق ة نظ ام التحكيم....................
351
358
المبحث األول :بعض س ــبل النه ــوض بنظ ــام التحكيم على المس ــتوى التش ــريعي......................
367
367
المطلب األول :وض ع ق انون مس تقل لنظ ام التحكيم على ش كل مدون ة................................
368
438
المطلب الثاني :تعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالتحكيم369.................................
376
المطلب األول :التنس يق والتع اون بين مختل ف المراك ز الوطني ة....................................
376
المطلب الث اني :ت دارك ض عف تك وين المتخصص ين في التحكيم المؤسس ي..........................
377
378
المبحث الثــاني :بعض ســبل النهــوض بنظــام التحكيم عــبر نشــر وترســيخ ثقافــة التحكيم..............
379
المطلب األول :نوعي ة وس ائل اإلعالم األك ثر ت أثيرا في تغي ير س لوك وأنم اط المجتم ع المغ ربي.......
380
382
383
الخـــاتمـــــــــــــــــــــــة385..............................................................................:
المالحق389.......................................................................................:
439
المراجــــــــــــع المعتمـــدة390.........................................................................:
الفهــــــرس420.....................................................................................:
440