You are on page 1of 440

‫الـمقدمــــــــــــــة‪:‬‬

‫يعت بر الق انون ض رورة اجتماعي ة‪ ،‬إذ ال يمكن تص ور ق انون ب دون مجتم ع أو مجتم ع ب دون‬

‫قانون‪ .‬فاإلنسان اجتماعي بطبعه وهاته الصفة أساسها أنه ال يعيش منفردا‪ ،‬بل يعيش في جماعة سواء‬

‫صغرت هذه الجماعة أو كبرت‪ .1‬وألن من النادر أن يستطيع شخص العيش منفردا عن أبناء جنسه‪،2‬‬

‫كان الطابع االجتماعي لإلنسان ضرورة وحتمية‪ 3‬بالنسبة له وبالنسبة لغيره من أفراد مكونات مجتمعه‬

‫سواء كانوا أفرادا أو جماعات‪.‬‬

‫والط ابع االجتم اعي لإلنس ان ظه ر أك ثر تأص يال وتقري را بع د مجيء اإلس الم‪ ،‬ألن ه ذا األخ ير‬

‫اهتم بقضية المجتمع اهتماما كبيرا‪ ،‬بقدر اهتمامه بالقضايا الروحية لهذا اإلنسان‪ ،‬وهذا ما تؤكده آيات‬

‫قرآنية كثيرة تضع اجتماعية اإلنسان في الصدارة‪ ،‬ومثال ذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات‬

‫(اآلية ‪ " ) 12‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"‪.‬‬

‫إال أن العيش واالختالط داخ ل الجماع ة‪ ،‬ال يم ر دائم ا في ود وس الم‪ ،‬خصوص ا م ع الطبيع ة‬

‫األناني ة لإلنس ان‪ ،‬وال تي تدفع ه إلى التص ارع والتص ادم لدرج ة التط احن م ع اآلخ رين‪ ،‬ح ول الس لطة أو‬

‫المال أو أمور أخرى كثيرة‪.4‬‬

‫‪ -1‬دنيا مباركة‪ "،‬الوجيز في النظرية العامة للقانون والحق"‪ ،‬دار النشر الجسور‪ ،‬وجدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم فكري‪" ،‬المدخل لدراسة القانون"‪ ،‬نشر البديع‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -3‬حمدي القبيالت‪ ،‬أنيس المنصور‪ ،‬محمد أبو الهيجاء‪ ،‬صالح حجازي ‪ "،‬القانون في حياتنا"‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -4‬نور الدين لعرج‪ "،‬المدخل لدراسة القانون الوضعي"‪ ،‬سيليكي إخوان‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.3‬‬
‫‪1‬‬
‫لهذا كان البد للمجتمع من قانون‪ ،‬ينظم سلوك األفراد في الجماعة‪ ،‬ويحمي النشاط الفردي بما‬

‫يتفق م ع مص لحة هات ه األخ يرة حتى يس ود األمان والع دل بين أف راد المجتمع‪ .5‬ك ل ذل ك‪ ،‬يؤك د ص دق‬

‫القائل "أن ال إنسان اجتماعي بدون جماعة‪ ،‬وال جماعة مستقرة ومنظمة بدون قانون"‪.6‬‬

‫وال يمكن ألح د أن ينفي أن التن ازع والخص ام‪ 7‬بين الن اس ه و إح دى النت ائج الحتمي ة والطبيعي ة‬

‫لتعايشهم‪ ،8‬فهم يتناقشون ويختلفون وق د يتوقفون عن التعامل فيم ا بينهم‪ ،‬فيحاول أح دهم تجنب اآلخر‪،‬‬

‫فينهار كل شيء من بين أيديهم‪.‬‬

‫إن النزاع ات تع د ج زءا ال يتج زأ من الحي اة شخص ية ك انت أم اجتماعي ة ‪ .‬فكم ا يختل ف‬

‫األصدقاء والمعارف والزمالء‪ ،‬تختلف األسرة والمؤسسات واألحزاب السياسية والشعوب والدول‪.9‬‬

‫وإ ذا أقررنا بأن النزاع شيء موجود ‪ -‬شئنا أم أبينا‪ -‬فإن هذا ليس سوى خطوة أخرى نحو‬

‫إدراك مس ألة مهم ة وهي أنن ا في الواق ع بحاج ة إلى ه ذا األخ ير وبحاج ة إلى منافع ه وهي كث يرة من‬

‫أهمها‪:‬‬

‫دفع الناس إلدراك المشاكل والوعي بها‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحفيز التغيير الضروري‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إيجاد الحلول وتحسينها ورفع معنويات المتنازعين‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رعاية تطوير القدرات الشخصية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رفع مستوى الوعي الذاتي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -5‬محمد المقريني‪ "،‬المدخل لدراسة القانون الوضعي"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -6‬أحمد حسن قدادة ‪ "،‬شرح النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري"‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪ ،2002‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 7‬للمزيد من التوسع حول مفهوم الخصومة‪ ،‬اإلدعاء‪ ،‬الدعوى‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬سيد أحمد محمود ‪ "،‬التقاضي بقضية وبدون قضية‪ ،‬في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬قواعده‪ -‬عناصره‪ -‬مراحله‪ -‬إجراءاته وآثارها"‪ ،‬دار الكتب‬
‫القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪ 98‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -8‬أحمد الورفلي ‪"،‬التحكيم الدولي في القانون التونسي والقانون المقارن"‪ ،‬طبع الشركة التونسية لفنون الرسم‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -9‬غالينا لوبيموفا‪ ،‬نزار عيون السود‪ "،‬نظرة عامة إلى علم النزاع وسيكولوجية النزاع"‪.‬‬
‫مقال منشور بموقع ‪ palestine.ahlamontada.com :‬تاريخ حصر الموقع ‪ 16‬سبتمبر ‪.2007‬‬
‫‪2‬‬
‫تحسين مستوى النضج النفسي والرفع من جودته‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهنا قد ال يتفق البعض‪ -‬انطالقا من تجربته الذاتية مثال‪ -‬مع القول بمنافع النزاع المشار إليها‬

‫هنا‪ ،‬فإنه مدعو معنا للتأمل في المساهمة اإليجابية التي يقدمها النزاع على كل المستويات‪.10‬‬

‫وإ ذا ك ان اإلنس ان اجتماعي ا بطبع ه فال ب د أن يحي ا بين أف راد المجتم ع ويتش بع بأعراف ه وعادات ه‬

‫وتقاليده‪ ،‬وال بد أن يقتنع بالقانون والنظام وقواعد الضبط التي تسود هذا المجتمع‪.‬‬

‫ويتولى القضاء باعتباره سلطة عامة‪ ،‬تطبيق القانون‪ .11‬ذلك ألن الدور التقليدي المسند للقاضي‬

‫هو فض النزاعات التي تعرض عليه تطبيقا لقواعد القانون‪ ،‬فهو الذي يبعث في النص القانوني الحياة‬

‫بشرحه وتأويله ومالئمة تطبيقه حسب الوقائع المعروضة عليه‪ ،‬فمهمة القاضي هنا األساسية هي قول‬

‫حكم القانون في النزاع‪ 12‬والتعبير عن موقفه تجاهه‪.13‬‬

‫إال أن س لوك طري ق القض اء الرس مي ‪ -‬ورغم م ا ي وفره من ض مانات تكف ل س المة وتحقي ق‬

‫العدالة‪ ،‬فإنه يتسم بطول اإلجراءات وتعقيدها‪ ،‬مما ينعكس سلبا على استقرار العالقات‪.‬‬

‫وأمام ضرورة اندماج المغرب في النسيج االقتصادي العالمي‪ ،‬واالستجابة لمتطلبات العولمة‪،‬‬

‫تن امت الحاج ة إلى اعتم اد وس ائل وتقني ات أخ رى غ ير القض اء الرس مي‪ ،‬وال تي أص بحت في ال وقت‬

‫الراهن من األمور الضرورية في إرساء الضمانات القانونية التي تشكل سياجا يقي العالقات القانونية‬

‫الناشئة عن األعمال والخدمات والتجارة والصناعة من اآلثار السلبية للمتقاضي أمام القضاء الرسمي‪،‬‬

‫وغير ذلك من القضايا التي أصبحت المحاكم الرسمية غير قادرة على استيعابها لوحدها‪ ،‬وذلك في ظ ل‬

‫‪ -10‬أمونير تقية‪"،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪، ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010 -2009‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -11‬خالــد عبــد العظيم أبــو غابــة‪ "،‬ط رق اختي ار القض اة‪ ،‬دراس ة مقارن ة بين الش ريعة اإلس المية والتش ريعات الوض عية"‪ ،‬دار الكتب القانوني ة‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬السنة ‪ ،2009‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -12‬عبد المنعم كيوة ‪"،‬حل النزاعات التجار ية طبق مبادئ العدل واإلنصاف"‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة ‪ ،1988‬ص ‪.69‬‬
‫‪ - 13‬للمزيد من التوسع حول تعريف القضاء ‪،‬القاضي‪ ،‬الشروط الواجب توفرها في القاضي‪ ،‬طرق اختيار القاضي أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬خالد عبد العظيم أبو غابة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 17‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫اختالف المعامالت وتعدد أطرافها وحاجة هؤالء إلى السرعة في اقتضاء الحقوق في أقل وقت وبأقل‬

‫جهد ممكن‪ ،‬وبأقل خسارة مادية ممكنة‪ .‬فما المقصود بالوسائل البديلة لحل النزاعات؟‬

‫يقصد بالوسائل البديلة لحل النزاعات‪ ،‬تلك الوسائل التي يلجأ إليها األطراف بدال من القضاء‬

‫العادي عند نشوب خالف أو نزاع بينهم‪ 14‬بغية التوصل لحل ذلك الخالف‪ .‬فتلك اآلليات تسهل الولوج‬

‫إلى العدالة‪ ،‬وتلين المواقف بصدد المنازعات‪ ،‬والبعد عن تعقيدات األنظمة القضائية‪.15‬‬

‫والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات ليس ت آلي ة جدي دة وإ نم ا هي قديم ة ق دم اإلنس انية‪ ،16‬وك انت‬

‫موج ودة وفعال ة‪ ،‬لكن الجدي د ه و ض رورتها في وقت يحت اج إليه ا الجمي ع على مختل ف المس تويات‬

‫والمج االت‪ ،‬ه ذه الض رورة أفرزته ا بعض اإلكراه ات‪ 17‬ال تي يواجهه ا القض اء من د أم د في مختل ف‬

‫األنظمة القضائية عبر العالم‪ ،‬والتي يتجلى أهمها في تراكم أعداد من القضايا بسبب التأخير في إصدار‬

‫األحكام وظاهرة البطء في إجراءات التقاضي‪ 18‬التي تكاد تعاني منها أغلب األنظمة والدول‪.19‬‬

‫‪ -14‬شمس الدين عبداتي ‪ "،‬التحكيم المؤسسي بالمغرب"‪ ،‬الندوة الجهوية الحادية عشر‪ ،‬الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل‬
‫اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬قصر المؤتمرات بالعيون‪ ،02 -01 ،‬نونبر ‪ ،2007‬ص‪.21‬‬
‫‪ -15‬طارق الجبلي ‪ "،‬مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية‪ ،‬التحكيم التجاري نموذجا"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010 -2009‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -16‬سليمان محمد عبد الرحمن‪" ،‬القاضي وبطء العدالة‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.123‬‬
‫‪ - 17‬من بين تلك المعوقات اإلكراهات التي تواجه القضاء الرسمي‪ ،‬وجعله أحيانا عاجزا عن النجاح في أداء رسالته في المستوى المنشود‪:‬‬
‫‪ -‬الخصاص الملحوظ في الموارد البشرية‪ ،‬سواء تعلق األمر بالقضاة أو بالعاملين بجهاز كتابة الضبط‪ ،‬وذلك لمواجهة عدد القضايا الرائجة أمام‬
‫المحاكم‪،‬‬
‫‪ -‬االكتظاظ وكثرة القضايا المعروضة‪،‬‬
‫‪ -‬عدم التناسب الكبير بين النسمة السكانية في البلد وعدد القضايا الرائجة أمام المحاكم من جهة وبين عدد القضاة من جهة أخرى‪،‬‬
‫‪ -‬المشاكل التي يعرفها تجهيز القضايا ومشاكل جهاز التبليغ‪،‬‬
‫‪ -‬عدم االلتزام باحترام قاعدة "التقاضي بحسن النية"‪ ،‬وتردد اإلدعاء الكيدي والتعسفي‪،‬‬
‫‪ -‬الصعوبات التي تعترض تنفيذ األحكام والمقررات القضائية واقعا وقانونا‪.‬‬
‫عالل البصراوي ‪" ،‬التحكيم االختياري واألنظمة المشابهة" مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر‪ -‬دجنبر‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -18‬معمرو بومكوسي‪" ،‬دور الصلح في النزاعات األسرية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪.‬‬
‫مقال منشور بموقع ‪ http://www.startimes.com :‬تاريخ حصر الموقع ‪2011/02/08‬‬
‫‪ - 19‬للمزيد من التوسع حول موضوع‪ ":‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات‪ ،‬تعريفها‪ ،‬تطورها التاريخي‪ ،‬أنواعها‪ ،‬مميزاتها" أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد ‪ "، "،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬طوب باريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬
‫‪ -‬عالء آباريــان‪ "،‬الوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات التجاري ة‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬منش ورات الحل بي الحقوقي ة‪ ،‬ب يروت‪ ،‬لبن ان‪ ،‬الطبع ة الثاني ة‪ ،‬س نة‬
‫‪.2012‬‬
‫‪4‬‬
‫ويعتبر التحكيم إحدى وسائل فض وحل المنازعات بين األطراف المعنية بواسطة الغير بعيدا‬

‫عن قض اء الدول ة‪ ،20‬كم ا يعت بر الس بيل األك ثر ش يوعا بالنس بة لفض النزاع ات ال تي تنش أ فيم ا بين‬

‫األش خاص ال ذين ينتم ون لجنس يات مختلف ة بخص وص عالق اتهم التعاقدي ة الناجم ة عن عق ود مش اريع‬

‫االس تثمار‪ ،21‬وذل ك لم ا ي وفره من ض مانات بفض ل ثق ة األط راف في االحتك ام إلى هيئ ات مس تقلة‬

‫ومتخصصة‪ ،‬فضال عن توفير الوقت والجهد‪.22‬‬

‫وق د ع رف الفق ه التحكيم‪ 23‬بأن ه " مكن ة أو رخص ة يمنحه ا الق انون لألط راف الختي ار ش خص‬

‫يتولى فض نزاعهم القائم أو المحتمل‪ ،‬بعيدا عن إجراءات التقاضي لمحاكم الدولة"‪ ،24‬كما عرفه البعض‬

‫اآلخ ر بأن ه " االتف اق على ط رح ال نزاع على ش خص معين أو أش خاص معي نين ليفص لوا في ه دون‬
‫"‪. 25‬‬
‫المحكمة المختصة به‬

‫‪ -‬ازاد شكور صالح ‪ "،‬الوسائل البديلة لتسوية منازعات عقود االستثمار الدولية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبع ة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -20‬عمر أزوكار ‪ "،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب‪ ،‬قراءة في التشريع والقضاء"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -21‬عبد اهلل درويش ‪ "،‬الدفع بوجود شرط التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2016‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -22‬إلهام عاللي‪" ،‬واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009 – 2008‬‬
‫‪ -23‬التحكيم لغة مصدر حكم ويقال حكمت فالنا في مالي أي فوضت إليه الحكم فيه‪ ،‬وحكموه فيما بينهم‪ ،‬أي جعلوه حكما فيما بينهم‪.‬‬
‫والحكم لغة هو من يتم اختياره للفصل بين المتنازعين‪ ،‬إذ قال تعالى في كتابه العزيز" وإ ن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من‬
‫أهلها" ( سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.)35‬‬
‫للمزيد من التوسع حول المفهوم اللغوي للتحكيم أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أسعد فاضل منديل‪ "،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬العراق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪14‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -24‬محمــد ســالم‪ "،‬الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية"‪ ،‬الن دوة‬
‫الجهوي ة الحادي ة عش ر‪ ،‬بعن وان‪" :‬الص لح والتحكيم والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات من خالل اجته ادات المجلس األعلى"‪ ،‬قص ر الم ؤتمرات‬
‫بالعيون‪ – 1 ،‬نونبر‪ ،‬سنة ‪ ،،2007‬ص ‪.339‬‬
‫‪ -25‬أشرف عبد العليم الرفاعي ‪ "، "،‬اتفاق التحكيم والمشكالت العملية والقانونية في العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬دراسة فقهية قضائية مقارنة"‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.223‬‬
‫‪5‬‬
‫وعرفه أحمد أبو الوفا بأنه " االتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين‬

‫ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة"‪.26‬‬

‫أيضا عرفه عبد السالم زوير بكونه " لجوء المتنازعين إلى أحد الخواص يطلبون منه فض‬

‫ال نزاع الق ائم بينهم" أن ه قض اء خ اص يس تند إلى ش رط تعاق دي أو ه و " نظ ام تعاق دي يلج أ إلي ه فريق ان‬

‫ألجل حل الخالف الناشئ بينهما بواسطة شخص أو أكثر من غير القضاء"‪.27‬‬

‫في حين عرف ه حس ني المص ري بأن ه " نظ ام قض ائي خ اص يس تطيع بموجب ه الطرف ان االتف اق‬

‫على أن يحيال إلى محكم أو محكمين أو مؤسسة تحكيمية جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت‬

‫أو قد تنشأ بينهما‪ ،‬بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية كانت أم غير تعاقدية من أجل الفصل فيها بقرار‬

‫ملزم‪ ،‬بدل اللجوء إلى محاكم الدولة‪ ،‬ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط التحكيم وارد في‬

‫العقد أو في صورة اتفاق منفصل"‪.28‬‬

‫وعرفت ه مجل ة األحك ام العدلي ة من خالل الم ادة ‪ 1790‬بأن ه " اتخ اذ الخص مين حكم ا برض اهما‬

‫لفصل خصومتهما ودعواهما"‪.29‬‬

‫‪ -26‬أحمد أبو الوفا‪" ،‬التحكيم االختياري واإلجباري"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،1978‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -27‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬خديجة فارحي‪ "،‬محاضرات في مادة "الوسائل البديلة لحل المنازعات"‪ ،‬ألقيت على طلبة ماستر قانون األعمال‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬بجامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬برسم الموسم الجامعي ‪.2009 – 2008‬‬
‫‪ -‬حارث عبد العالي ‪ " ،‬شرط التحكيم في المادة التجارية على ضوء العقود النموذجية واالتفاقيات الدولية" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪،‬‬
‫وح دة التك وين والبحث‪ :‬ق انون األعم ال‪ ،‬جامع ة الحس ن الث اني‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬الس نة الجامعي ة‬
‫‪ .2006‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -‬عبد السالم زوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإ شكالياته العملية "‪ ،‬نشر مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -28‬حسني المصري‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.3‬‬
‫‪ -29‬حسنة عبد اللطيف لحلو‪ ،‬رشيد عبد الرحمان الراقي ‪ "،‬إصالح ذات البين بين الزوجين ودور المجالس العلمية‪ ،‬أي دور؟ وأية فعالية؟"‪،‬‬
‫إصدارات ومنشورات المجلس العلمي األعلى‪ ،‬األمانة العامة‪ .‬المجلس العلمي المحلي بالمحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪2014‬م‪1435 -‬ه‪ ،‬ص‬
‫‪.69‬‬
‫‪6‬‬
‫أما االتفاقيات الدولية والمتعلقة بالتحكيم كاتفاقية نيويورك لعام ‪ 1958‬والقانون النموذجي الذي‬

‫أعدت ه لجن ة التج ارة الدولي ة لألمم المتح دة لس نة ‪ ،1985‬وح تى غرف ة التج ارة الدولي ة في ب اريس ‪ICC‬‬

‫وغيرها من االتفاقيات الدولية بشأن التحكيم التجاري الدولي فلم تعرف التحكيم‪.30‬‬

‫ومن زاوي ة التش ريعات المقارن ة‪ ،‬يالح ظ ش به غي اب تعري ف ق انوني للتحكيم س واء في الق انون‬

‫الفرنس ي أو غ يره من الق وانين األجنبي ة‪ .‬وق د يع زى ذل ك حس ب بعض الفق ه‪ 31‬على األرجح إلى أقدمي ة‬

‫مؤسسة التحكيم‪ ،‬فال تحتاج إلى تعريف قانوني‪ ،‬خاصة وأن المشرع ال يرى مبررا للتطاول على مجال‬

‫يرجع فيه االختصاص للفقه‪ .‬غير أن هذا التوجه قد خالفه المشرع المغربي في القانون رقم ‪08 -05‬‬

‫المتعل ق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة حينم ا تص دى لتعري ف ه ذه المؤسس ة في الفص ل ‪ 306‬بم ا يلي‪":‬‬

‫يراد بالتحكيم‪ ،‬حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية‪ ،‬تتلقى من األطراف مهمة الفصل في النزاع‪ ،‬بناء على‬

‫اتف اق تحكيم" م ع تعري ف اتف اق التحكيم في الفص ل ‪ 307‬بأن ه " ال تزام األط راف ب اللجوء إلى التحكيم‬

‫قص د ح ل ن زاع نش أ أو ق د ينش أ عن عالق ة قانوني ة معين ة‪ ،‬تعاقدي ة أو غ ير تعاقدي ة"‪ .‬وقب ل ذل ك‪ ،‬ك ان‬

‫الق انون التونس ي س باقا في تص ديه لتعري ف ه ذه اآللي ة‪ ،‬حيث ج اء في مجل ة التحكيم‪ 32‬م ا يلي‪ ":‬التحكيم‬

‫هو طريقة خاصة لفصل بعض أصناف النزاعات من قبل هيئة تحكيم يسند إليها األطراف مهمة البت‬

‫فيها بموجب اتفاقية تحكيم"‪.‬‬

‫ومن خالل مختل ف العناص ر الس ابقة المتعلق ة بتحدي د مفه وم التحكيم يت بين أن التحكيم بمفهوم ه‬

‫الفني يقتضي وجود أربعة عناصر وهي‪:‬‬

‫‪ -‬نش وب ن زاع‪ :‬يجب التأكي د على أن جمه ورا كب يرا من الفق ه ي ذهب إلى أن من مم يزات‬

‫التحكيم أن يرتب ط ب نزاع ناش ئ أو سينش أ‪ .‬ويمكن الق ول بأن ه ال تحكيم ب دون ن زاع ألن التحكيم قض اء‬

‫‪ -30‬عالء آباريان ‪ "،‬الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪31‬‬
‫‪- Charles Jarrosson, « la notion d’arbitrage » , édition LGDJ , 1987 p 369.‬‬
‫‪ -32‬الفصل األول من قانون عدد ‪ 42‬لسنة ‪ 1993‬مؤرخ في ‪ 26‬أبريل ‪ 1993‬المتعلق بإصدار مجلة التحكيم‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫والقضاء يجب معه وجود نزاع للبت فيه‪ .‬ومن المعلوم أن النزاع يقتضي توفر شرطين أساسين وهما‬

‫تعارض في المصالح بين األطراف‪ ،‬وأن يتعلق باإلدعاءات ذات طبيعة قانونية‪ ،‬أي ذات سند قانوني‪،‬‬

‫مما يعني إمكانية إيجاد حل قانوني لهذا النزاع‪33‬؛‬

‫‪ -‬قابلية النزاع ألن يكون موضوعا للتحكيم‪ ،‬أي أن تكون المادة المتنازع بشأنها تدخل ضمن‬

‫الحقوق التي يملك األطراف حرية التصرف فيها أي ال تتعلق بالنظام العام‪.‬‬

‫‪ -‬إسناد مهمة حل النزاع للغير" الشخص الثالث" والذي يتعين أن يكون مستقال عن األطراف‬

‫ومتص فا بالحي اد ويحظى بثقتهم‪ ،‬وذل ك بم وجب اتف اق مش ترك بين الخص وم ينص على مب دأ التحكيم‬

‫وجميع عملياته‪ .‬فعنصر التراضي بين األطراف يعتبر جوهر التحكيم في مفهومه الفني القانوني‪.‬‬

‫‪ -‬وظيف ة المحكم هي وظيف ة قض ائية‪ ،‬وه و ق اض خ اص منح ه المتخاص مان س لطة الفص ل في‬

‫خصومتهما بحكم ملزم لتقثهما فيه على ضوء القانون المختار من قبلهما‪.34‬‬

‫واألصل أن يكون التحكيم اختياريا‪ ،‬حيث يلجأ إليه األطراف برضاهم وإ رادتهم الحرة الختياره‬

‫كوس يلة لح ل ال نزاع‪ ،‬حيث ي ترتب على ذلك تن ازلهم الم ؤقت عن حقهم في ط رح ال نزاع أم ام القض اء‪،‬‬

‫أما االستثناء هو أن يكون التحكيم إجباريا‪.35‬‬

‫ويتضمن التحكيم االختياري نوعين أساسيين هما‪:‬‬

‫التحكيم الح ر ‪ -‬أو م ا يس مى بتحكيم الح االت الخاص ة – وال ذي يعين في ه الخص وم المحكمين‬

‫بأنفسهم‪ ،‬كما قد يقومون بعزلهم وإ نهاء مهامهم‪.36‬‬

‫‪ -33‬إسماعيل أوبلعيد‪ "، "،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -34‬إسماعيل أوبلعيد‪ "، "،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -35‬مثال التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية‪.‬‬
‫‪ -36‬يمكن الرجوع في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪Majdouline halimi, " l’arbitrage: mode de règlement du contentieux du commerce international", mémoire de‬‬
‫‪DESA, faculté de droit , Casablanca, 2006 – 2007, p 11.‬‬
‫‪8‬‬
‫التحكيم المؤسسي وهو الذي يخضع لمؤسسة أو مركز تحكيمي‪ 37‬ولنظامها الخاص‪ ،‬حيث بموجبه‬

‫تتح دد اإلج راءات واآلج ال‪ ،‬وق انون ‪ 08 -05‬ينص ص راحة على مباش رة ه ذا الن وع من التحكيم في‬

‫المادة ‪ 319‬منه‪.‬‬

‫كم ا ق د يك ون التحكيم إم ا تحكيم ا بالقض اء‪ - ،‬حيث أن مهم ة المحكم في ه تنحص ر بالفص ل في‬

‫ال نزاع‪ ،‬وه و في ه ذا المق ام مث ل القاض ي‪ ،38‬يص در الحكم وف ق م ا ي راه وال يأخ ذ في االعتب ار إرادة‬

‫الخص وم‪ .‬أو تحكيم ا بالص لح‪ ،39‬حيث يف وض الخص وم المحكم إج راء الص لح‪ ،‬ومهم ة المحكم هن ا‬

‫تنحصر في تقريب وجهات النظر بين الخصوم بناء على ما يقدم إليه من وثائق‪.40‬‬

‫ويك ون التحكيم إم ا تحكيم ا داخلي ا‪ ،‬حيث أن ه يج ري داخ ل ح دود الدول ة ويتعل ق بنزاع ات بين‬

‫مواطنيه ا أو المقيمين فيه ا تك ون في أص لها من اختص اص محاكمه ا‪ ،‬وتطب ق بش أنها قوانينه ا‪ .‬وإ م ا‬

‫تحكيما دوليا حيث يجمع بين أطراف من دول مختلفة‪ ،‬وعادة ما يجري خارج دولهم‪ ،‬ويكون موضوعه‬

‫نزاعات تهم التجارة الدولية كصفقات إنجاز األشغال الكبرى (مثل بناء الطرق والسدود وبناء المعامل‬

‫والمركبات الصناعية الضخمة)‪.41‬‬

‫وإ ذا كان نظام التحكيم كوسيلة اختيارية يلجأ إليها األفراد بمحض إرادتهم لحل نزاعاتهم‪ ،‬فإنه‬

‫ق د تط ور بش كل كب ير وأص بحت ل ه أهميت ه البالغ ة في وقتن ا الحاض ر وال ذي ش هد ويش هد العدي د من‬

‫التحوالت العميقة والمعطيات الجديدة‪ ،‬بفعل ازدهار العالقات التجارية الدولية واتساع مجاالتها نتيجة‬

‫التطور الصناعي واالقتصادي الذي عرفته العديد من دول العالم وانفتاح بعضها على بعضها اآلخر‪،‬‬

‫‪ - 37‬راجع ما ستتم دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -38‬علي سالم إبراهيم‪" ،‬والية القضاء على التحكيم"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.167‬‬
‫‪ -39‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد أبو الوفا ‪ "،‬التحكيم بالقضاء والصلح"‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -40‬لمياء أزطوط‪" ،‬اتفاق التحكيم بين التشريع المغربي والمقارن"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني بالدار‬
‫البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2008-2007 :‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -41‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.342‬‬
‫‪9‬‬
‫وما صاحب ذلك من سهولة المواصالت‪ ،‬وانتقال رؤوس األموال‪ .‬هذا باإلضافة إلى تسابق الدول‪ -‬ال‬

‫سيما دول العالم الثالث‪ -‬نحو استقطاب االستثمارات األجنبية‪ ،‬وتوفير مستلزمات لذلك‪ ،‬باعتبارها من‬

‫الخيارات اإلستراتيجية المرتبطة بالتنمية‪.42‬‬

‫وتج در اإلش ارة إلى أن التحكيم يعت بر أول وأق دم وس يلة اكتش فها اإلنس ان واعتم دها في فض‬

‫النزاعات‪ ، 43‬حيث كان يعهد إلى شيخ القبيلة أو زعيمها مهمة الفصل في النزاعات التي يحكم فيها‪ ،‬وقد‬

‫اعتم د علي ه في مجتمع ات مص ر القديم ة وباب ل والفينيق يين والروم ان واليون ان‪ ،44‬وب دورها الحض ارة‬

‫العربية عرفت التحكيم سواء قبل ظهور اإلسالم أو بعد ظهوره‪.45‬‬

‫والع رب في العص ور الجاهلي ة عرف وا ض روبا من نظ ام التحكيم الب دائي وخاص ة م ا يس مى‬

‫باالحتك ام إلى الق وة‪ ،‬إذ ك انت المجتمع ات العربي ة في العص ر الج اهلي تعتق د بوج ود الق وة الخارق ة في‬

‫األشياء الصلبة ومنها الحجارة‪ ،‬فقد كانت تحتكم إليها عن طريق دعوى اليمين أو القسم‪ ،‬إذ كان على‬

‫الم دعي ح تى يس تطيع إثب ات حق ه ودع واه علي ه أن يقس م به ذه الحج ارة اعتق ادا من ه بوج ود ق وة خارق ة‬

‫تكمن فيها وأنها سوف تنتقم منه وتصب عليه غضبها إذا كان قسمه فيها كذبا‪ ،‬وهذا القسم أو الحلف‬

‫عند الجماعات البدائية وسيلة إلثبات دعوى المدعي في الوقت الذي لم تكن الكتابة فيه قد ظهرت‪.46‬‬

‫‪ -42‬إبراهيم العسري‪ "،‬التحكيم ومس تلزمات األمن الق انوني والقض ائي‪ ،‬دراس ة على ض وء الق انون ‪ ،"08 -05‬مجل ة المل ف‪ ،‬الع دد ‪ ،21‬أكت وبر‬
‫‪ ،2013‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -43‬امحمد برادة غزيول ‪ "،‬تقنيات الوساطة لتسوية النزاعات دون اللجوء إلى القضاء"‪ ،‬الدار العالمية للكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2015‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -44‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب ‪ "،‬حجية أحكام المحكين في إطار قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مجلة رسالة الدفاع‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -45‬للمزيد من اإلطالع على أهمية التحكيم عند العرب ما قبل اإلسالم أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي ‪ "،‬الوسيط في قانون التجارة المغربي والمقارن‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬النظرية العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية"‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪ 205‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -46‬أسعد فاضل منديل‪ "،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪10‬‬
‫باإلضافة إلى هذا فقد كان معروفا عند العرب في الجاهلية ما يسمى بالقسامة وهي أن يحلف‬

‫خمسون رجال من أهل القتيل بأن القاتل شخصا معينا‪ ،‬فإن حلف الخمسين اليمين استحقوا الدية وإ ن لم‬

‫يحلفوا وحلف المدعى عليه فإنه يعتبر بريئا‪.47‬‬

‫وهكذا استمر نظام التحكيم في التطور صعودا إلى أن شاع بين الجماعات العربية في العصر‬

‫الج اهلي وأص بح الوس يلة األساس ية لفض المنازع ات وأص بح المحكم ه و ص احب ال رأي فيم ا ينش أ بين‬

‫المتخاص مين من منازع ات وه و في أغلب األحي ان ش يخ القبيل ة ال ذي ك ان يت ولى مهم ة الفص ل في‬

‫المنازعات التي كانت تنشأ بين أفراد القبيلة الواحدة‪.48‬‬

‫وهك ذا ك ان عب د المطلب ش يخ قبيل ة ق ريش حكم ا في الجاهلي ة‪ ،‬كم ا ع رف عن الن بي ص لى اهلل‬

‫علي ه وس لم بأن ه ي دعى األمين قب ل البعث ة‪ ،‬ول ذلك عين حكم ا في بعض النزاع ات أهمه ا وض ع الحج ر‬

‫األسود في مكانه عند تجديد بناء الكعبة المشرفة‪.49‬‬

‫أما بالنسبة إلى المنازعات التي كانت تنشأ بين قبيلتين أو أكثر فكانت مهمة الفصل فيها تعزى‬

‫إلى شيخ قبيلة محايدة‪.50‬‬

‫‪ -47‬عبد السالم الترمانيني‪ "،‬الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية"‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،1982‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -48‬أسعد فاضل منديل‪ "،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -49‬محمد سالم‪ " ،‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬
‫‪.309‬‬
‫‪ -50‬رشا علي الدين ‪ "،‬السوابق التحكيمية‪ ،‬إطاللة على ضوء أحكام المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص ‪.9‬‬
‫‪11‬‬
‫ونظ ام التحكيم ق د وج د ل ه المج ال ال رحب واألرض الخص بة لكي يك ون نظام ا قانوني ا متك امال‬

‫وه و م ا ثبت بقول ه تع الى‪ ":‬إن اهلل ي أمركم أن ت ؤذوا‬ ‫‪52‬‬


‫عن دما ظه ر اإلس الم فش رعه وحث علي ه‪-51‬‬

‫األمانات إلى أهلها وإ ذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "‪.53‬‬

‫والمغ رب ب دوره قب ل الفتح الع ربي اإلس المي ك ان يعيش على العدال ة الخاص ة‪ ،‬ال تي ك انت‬

‫الوسيلة الوحيدة السترداد الحقوق ألصحابها‪ ،‬شأنه في ذك شأن المجتمعات البدائية األولى التي كانت‬

‫تلج أ إلى االنتق ام الشخص ي أو الت آمر كوس يلة لل دفاع عن حقوقه ا وممتلكاته ا والحف اظ على أمنه ا‬

‫واس تقرارها‪ ،‬وق د ك ان الف رد المغ ربي يس ترد حقوق ه عن طري ق االعتم اد على قوت ه‪ ،‬وبقي األم ر على‬

‫هذه الحالة حتى تبلور مفهوم العشيرة والقبيلة البربرية‪ ،‬وانتشر في ظله مبدأ التحكيم الرضائي‪ ،‬حيث‬

‫أص بح أط راف ال نزاع يختص مون رض ائيا إلى ش خص مع روف في العش يرة لينظ ر في ال نزاع ال ذي‬

‫عرضه عليه المتخاصمان باعتباره حكما بينهما‪.54‬‬

‫‪ - 51‬للمزيد من التوسع حول موضوع " نشأة وتطور التحكيم" أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬ناريمــان عبــد القــادر‪ " ،‬اتف اق التحكيم وفق ا لق انون التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة رقم ‪ 27‬لس نة ‪ ،"1994‬ص من‪ 30 :‬إلى ‪ ،43‬حيث‬
‫تناولت التحكيم عند غير العرب اإلغريق‪ ،‬والرومان‪ ،‬والبابليين‪ ،‬واألشوريين‪ ،‬وقدماء المصريين‪ ،‬والتحكيم عند العرب قبل مجيء اإلسالم وبعده‬
‫وأيضا في الشريعة اإلسالمية من ص‪ 91 :‬إلى ‪.99‬‬
‫‪ -‬عبد الحفيظ األمراني العلوي‪ " ،‬التحكيم في الشريعة اإلسالمية مفهوم التحكيم فقها وقضاء"‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري‪،‬‬
‫عدد ‪ ،2‬لسنة ‪ 2003‬ص من‪ 113 :‬إلى ‪ ،121‬حيث تناول فيه التحكيم في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ "،‬التحكيم التج اري في النظ ام الق انوني المغ ربي"‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة دف اتر المجلس األعلى‪ ،‬الع دد ‪ ،2‬الس نة ‪،2002‬‬
‫ص‪.197‬‬
‫‪ -‬حفيظة السيد حداد‪ " ،‬النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬لسنة ‪ ،2004‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬ص من‪ 5 :‬إلى‬
‫‪.8‬‬
‫‪ -‬زكرياء الغزاوي ‪" ،‬تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسساتي"‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬عدد ‪ ،2‬لسنة‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ "،‬التحكيم في قانون المسطرة المدنية المغربي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنتدى‪ ،‬العدد ‪ ،2‬دجنبر ‪ ،2000‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 52‬للمزيد من التوسع حول موضوع " مشروعية التحكيم في اإلسالم بالكتاب والسنة واإلجماع" أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد سالم‪ " ،‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬
‫‪.337‬‬
‫‪ -53‬سورة النساء اآلية ‪.64‬‬
‫‪ -54‬عزيز الفتح ‪ "،‬تاريخ المؤسسات والوقائع االجتماعية في الحضارات القديمة‪ ،‬الحضارات العربية اإلسالمية‪ ،‬الحضارة المغربية"‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2003 -2002‬ص ‪.179‬‬
‫‪12‬‬
‫وبالرغم من هذا التطور الذي رافق فكرة التحكيم‪ ،‬إال أنه مع ذلك لم توجد تلك القواعد القانونية‬

‫الثابت ة والمستقرة والتي يمكن بواس طتها أن يصدر المحكم ق راره في ذلك النزاع المعروض علي ه‪ ،‬بل‬

‫على العكس‪ ،‬فقد كانت ظروف البيئة االجتماعية وظروف الجماعة البشرية وأحوالها لها األثر الفعال‬

‫على فكرة التحكيم وقرار المحكم‪ ،‬فضال على العادات والتقاليد االجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع‬

‫المغ ربي ال تي ك ان له ا ال دور الكب ير في تك وين القناع ة والحس الق انوني ل دى المحكم‪ ،‬فق د ك انت الغاي ة‬

‫الوحي دة ل دى المحكم هي فض ال نزاع بص ورة ودي ة وإ خم اد ن ار الغض ب وروح االنتق ام الفردي‪ ،‬وه ذا‬

‫أيضا هو هدف وغاية نظام التحكيم نفسه‪.55‬‬

‫كم ا ع رف التحكيم في المجتم ع المغ ربي قب ل الحماي ة الفرنس ية وبع دها‪ ،‬وفي عه د االس تقالل‪،‬‬

‫بحيث ك ان التحكيم في الق ديم يق وم على األع راف والع ادات واألل واح‪ ،56‬وص ور ه ذا التحكيم ال زالت‬

‫قائم ة لح د الي وم في أبس ط ص ورها‪ ،‬وه و" أمين الس وق" أو "أمين الحرف ة" ال ذي يلج أ إلي ه لحس م ال نزاع‬

‫الق ائم بين الممته نين لنفس المهن ة‪ ،‬أو بين ممتهن له ذه المهن ة وأح د األغي ار ال ذي يتعام ل مع ه‪ ،‬ويك ون‬

‫قضاءه مسموعا ومنفذا بدون أي إجراء قضائي‪.57‬‬

‫ويع ود االهتم ام ب التحكيم التج اري في المغ رب إلى عه د الم ولى إس ماعيل‪ ،‬وتحدي دا إلى س نة‬

‫‪ 1693‬تاريخ إبرام معاهدة " سان جرمان " مع الدولة الفرنسية في عهد " لويس الرابع عشر" ‪ ،‬التي‬

‫تضمنت إمكانية الفصل في بعض المنازعات الخاصة عن طريق التحكيم‪.58‬‬

‫‪ -55‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ -56‬شكري أحمد السباعي‪ "،‬الوسيط في القانون التجاري‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬طبعة ‪ ،1988‬ص ‪.207‬‬
‫أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب ‪ "،‬موسوعة التحكيم في البالد العربية‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -57‬إلهام عاللي ‪" ،‬واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009 – 2008‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -58‬عبد السالم زوير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪13‬‬
‫وق د ب دأ نظ ام التحكيم في الق انون المغ ربي أثن اء خض وع المغ رب للحماي ة الفرنس ية‪ ،59‬وذل ك‬

‫بصدور ظهير المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪( 1913‬الظهير الشريف الصادر في‪ 9‬رمضان‬

‫‪ )1331‬ال ذي ع الج التحكيم في الب اب الخ امس عش ر من القس م الس ابع‪ ،60‬وبع د ذل ك ص در ق انون‬

‫المسطرة المدنية بتاريخ ‪ 28‬شتنبر‪( 611974‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1 .74 .447‬بتاريخ‬

‫‪ 11‬رمض ان ‪ 1394‬مواف ق ‪ 28‬ش تنبر ‪ )1974‬معوض ا وناس خا ظه ير ‪ 1913‬الم ذكور أعاله‪.‬‬

‫والمالح ظ أن ه ذا الق انون لم ي أت بجدي د يتعل ق بنظ ام ب التحكيم‪ ،‬فك ل من الق انونين اقتص را على بي ان‬

‫أحك ام التحكيم ال داخلي دون التحكيم ال دولي‪ ،‬وه ذا يفرض ط رح مجموع ة من التس اؤالت منه ا‪ :‬م ا ه و‬

‫اإلطار القانوني للتحكيم الدولي بالمغرب؟ وما هي معايير تحديد دولية التحكيم؟ تم ما هي اإلجراءات‬

‫والمساطر التي تخضع لها أحكام التحكيم الدولية؟‬

‫‪ -59‬فرضت الحماية الفرنسية على المغرب في ‪ 30‬مارس ‪1912‬م بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب من طرف السلطان عبد‬
‫الحفيظ وامتدت فترة الحماية حتى حصول المغرب على استقالله سنة ‪.1956‬‬
‫‪ -60‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 15‬بتاريخ ‪ 12‬رمضان ‪ 1331‬الموافق ‪ 15‬غشت ‪.1913‬‬
‫‪ -61‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3230‬مكرر بتاريخ ‪ 13‬رمضان ‪ 1394‬موافق ‪ 30‬شتنبر ‪ ،1974‬ص‪.2741 :‬‬
‫‪14‬‬
‫ه ذا م ا دف ع الفق ه وعلى رأس هم األس تاذ عب د اهلل درميش إلى الق ول ب أن المش رع المغ ربي ت رك‬

‫تنظيم ذلك إلى االتفاقيات الدولية واإلقليمية‪ 62‬التي أبرمها المغرب في مجال التحكيم‪ .63‬ولعل ما يعزز‬

‫هذا الطرح‪ ،‬نص المشرع المغربي على ذلك صراحة في المادة ‪ 17‬من ميثاق االستثمار‪ ( 64‬قانون رقم‬

‫‪ 18 -95‬الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم ‪ 1.74.447‬بت اريخ ‪ 11‬رمض ان ‪ 1394‬مواف ق ‪28‬‬

‫ش تنبر ‪ ) 1974‬وال تي نص ت على م ا يلي‪ ":‬يمكن أن تتض من العق ود المش ار إليه ا أعاله بن ودا تقض ي‬

‫بفض كل نزاع قد ينشأ بين الدولة المغربية والمستثمر األجنبي بخصوص االستثمار‪ ،‬وفقا لالتفاقيات‬

‫الدولية التي صادق عليها المغرب في ميدان التحكيم الدولي"‪.‬‬

‫إال أن أب رز تح ول عرفت ه الترس انة القانوني ة المغربي ة في مج ال التحكيم‪ ،‬ك ان بص دور الق انون‬

‫رقم ‪( 08-05‬الص ادر بتنفي ذه الظه ير الش ريف رقم ‪ 1 . 07 .169‬بت اريخ ‪ 19‬ذي القع دة ‪1428‬‬

‫مواف ق ‪ 30‬نوفم بر ‪ . 2007‬الجري دة الرس مية ع دد ‪ 5584‬بت اريخ ‪ 25‬ذو القع دة ‪ 1428‬مواف ق ل ‪6‬‬

‫‪ -62‬من بين هاته االتفاقيات الدولية واإلقليمية نذكر‪:‬‬


‫‪" -‬اتفاقية نيويورك" لسنة ‪ 1958‬بشأن االعتراف بالمقررات التحكيمية األجنبية وتنفيذها – صدر بتنفيذها الظهير الشريف رقم ‪59 . 1 .266‬‬
‫بتاريخ ‪ 21‬شعبان ‪ 19 / 1379‬يناير ‪.1960‬‬
‫‪" -‬اتفاقي ة البن ك ال دولي" لتس وية منازع ات االس تثمار بين ال دول ومواط ني ال دول األخ رى‪ ،‬المؤرخ ة في ‪ 18‬م ارس ‪ – 1965‬ص در بتنفي ذها‬
‫المرس وم الملكي رقم ‪ 564 .65‬بت اريخ ‪ 16‬رجب ‪ 1386‬مواف ق ‪ 31‬أكت وبر ‪ – 1966‬المنش ور في الجري دة الرس مية ع دد ‪ 2820‬بت اريخ ‪3‬‬
‫شعبان ‪ 1386‬موافق ‪ 16‬نونبر ‪ 1966‬ص ‪.2377‬‬
‫‪" -‬اتفاقي ة تيس ير وتنمي ة التب ادل التج اري بين ال دول العربي ة"‪ ،‬الموقع ة بت ونس في ‪ 27‬ف براير ‪ – 1981‬ص در بتنفي ذها الظه ير الش ريف رقم‬
‫‪ 1 . 82 .182‬بتاريخ ‪ 3‬ربيع الثاني ‪ 1403‬موافق ‪ 18‬يناير ‪ – 1983‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3668‬بتاريخ ‪ 2‬جمادى األولى ‪ 1403‬موافق‬
‫‪ 16‬فبراير ‪ ،1983‬ص ‪.252‬‬
‫‪" -‬اتفاقية إنشاء الوكالة الدولية لضمان االستثمار"‪ ،‬صدر بتنفيذها الظهير الشريف رقم ‪ 1 88 .114‬بتاريخ ‪ 16‬ربيع األول ‪ 1413‬موافق ‪14‬‬
‫شتنبر ‪ ،1992‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4171‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع الثاني ‪ 7 ،1413‬أكتوبر ‪ ،1992‬ص ‪.1229‬‬
‫‪" -‬اتفاقية الكويت" بشأن إنشاء المؤسسة العربية لضمان االستثمار الموقعة بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪.1971‬‬
‫‪" -‬اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري" الموقعة باألردن في ‪ 14‬أبريل ‪.1987‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إلهام عاللي‪" ،‬واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬فضيلي أكدر‪"،‬اإلطار القانون للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2002 – 2001‬ص ‪ 19‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -63‬عبد اهلل درميش‪ "،‬اهتم ام المغ رب ب التحكيم‪ ،‬إلى أي ح د؟"‪ ،‬مجلة المح اكم المغربي ة‪ ،‬عدد ‪ 73‬لشهري ين اير‪ -‬فبراير‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪9‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -64‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4335‬بتاريخ ‪ 6‬رجب ‪ /1416‬موافق ‪ 29‬نونبر ‪ 1995‬ص‪.3030 :‬‬
‫‪15‬‬
‫ديس مبر ‪ ،2007‬ص‪ )3894 :‬القاض ي بنس خ وتع ويض الب اب الث امن من القس م الخ امس من ق انون‬

‫المسطرة المدنية‪.‬‬

‫وق د تم التنص يص ألول م رة في الق انون المغ ربي ع بر ق انون ‪ 08-05‬على مقتض يات متعلق ة‬

‫ب التحكيم ال دولي‪ 65‬تتالءم م ع االلتزام ات الدولي ة للمغ رب كنتيج ة لمص ادقته على االتفاقي ات الدولي ة في‬

‫هذا المجال‪.66‬‬

‫إال أن م ا يث ير االنتب اه ه و الج دل العس ير ال ذي ث ار بش أن ه ذا الق انون‪ ،‬حيث انقس م الفق ه إلى‬

‫اتج اهين اث نين‪ :‬أح دهما أراده قانون ا مس تقال‪ ،‬بينم ا ذهب االتج اه الث اني إلى ترك ه بين دف تي أحض ان‬

‫نصوص هذا األخير قبل صدوره في ‪ ،672007‬وهو ما كان سببا رئيسا في تأخر صدور قانون ‪-05‬‬

‫‪ 08‬لسد فراغ تشريعي دام عقودا من الزمن‪.68‬‬

‫‪65‬‬
‫‪- Bouchra JDAINI, "l’arbitrage commercial interne et international en droit marocain", Revue marocaine‬‬
‫‪d’administration local et développement, n° 103, Mars- Avril, 2012, p 163.‬‬
‫‪ -66‬نظم المش رع المغ ربي في ق انون ‪ 08 -05‬التحكيم ال دولي في الف رع الث اني من ه ذا الق انون وذل ك في الفص ول من ‪ 327 -39‬إلى ‪-54‬‬
‫‪.327‬‬
‫‪ -67‬عبد اهلل درميش‪ "،‬اهتمام المغرب بالتحكيم‪ ،‬إلى أي حد؟"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -68‬تجدر اإلشارة إلى أن وزارة العدل والحريات تقدمت بمسودة مشروع قانون قصد تعديل قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وقد تضمنت هذه الوثيقة‬
‫من بين موادها مشروع تع ديل للنصوص القانونية المنظم ة للتحكيم التي وردت في الباب الثامن من المسودة في الف رعين‪ ،‬تم تخصيص الفرع‬
‫األول للتحكيم الداخلي في حين تم تخصيص الفرع الثاني لتنظيم التحكيم الدولي من خالل المواد من ‪ 309‬إلى ‪.385‬‬
‫‪16‬‬
‫على أن موق ع نظ ام التحكيم في الق انون المغ ربي ال يقتص ر فق ط على مختل ف نص وص ق وانين‬

‫المس طرة المدني ة المتعاقب ة‪ ،‬ب ل إن المش رع المغ ربي نص علي ه كمس طرة بديل ة لح ل المنازع ات في‬

‫قوانين ومجاالت عدة‪ ،69‬حيث جاءت هاته األخيرة بمثابة نصوص خاصة ومكملة للنظرية العامة لنظام‬

‫التحكيم‪.70‬‬

‫وإ ذا ك ان التحكيم ق د عرف في مختلف الحض ارات البش رية عبر الت اريخ‪ ،71‬وأق ره اإلس الم في‬

‫إط ار تخلي ق المع امالت بين األف راد وتش جيعهم على التس امح‪ ،‬إال أن ه ق د تط ور بم رور ال زمن إلى أن‬

‫أص بح ظ اهرة من ظ واهر عص رنا الح ديث في مج ال الفص ل في المنازع ات‪ ،‬وعدال ة من ن وع آخ ر‬

‫تتالءم مع مقتضيات العصر وعالقاته المتشابكة‪ ،‬والمتطورة بين األفراد والدول على حد سواء‪.‬‬

‫وفي أغلب األحيان يصعب التمييز بين النظام القانوني للتحكيم واألنظمة القانونية األخرى التي‬

‫قد تختلط به‪ ،‬باعتبار أن أهمية هذه التفرقة تتجلى بالخصوص في كون األطراف قد يكيفون ما هو غير‬

‫تحكيم تحكيما أو العكس‪.‬‬

‫‪ -69‬يظهر االهتمام التشريعي بالتحكيم من خالل تناول العديد من القوانين له‪ ،‬وهكذا فقد أشار إليه قانون االلتزامات والعقود في الفصل ‪894‬‬
‫بمناسبة التطرق لصالحيات والتزامات الوكيل‪.‬‬
‫كم ا أن هن اك ظه ائر ق د اعتنت ب التحكيم‪ ،‬ومنه ا ظه ير ‪ 1942-04-18‬المتعل ق بنظ ام المتع اطين لمهن ة الص حافة ب المغرب‪ ،‬حيث ج اء في‬
‫الفصلين السادس والسابع منه على أن اختصاص البت في النزاعات المتعلقة بفسخ عقد العمل في الصحافة والتعويض عن ه يرجع إلى هيئات أو‬
‫لج ان تحكيمي ة‪ .‬وهن اك أيض ا ظه ير ‪ 1946-11-16‬الملغى والمتعل ق بملكي ات الطبق ات المش تركة‪ ،‬إذ أج از الفص ل الث امن من ه ح ل الخالف ات‬
‫الناشئة بين المالك عن طريق التحكيم‪ .‬وهناك أيضا ظهير ‪ 1970-12-29‬المتعلق باختصاص رجال السلك الدبلوماسي والقناصلة بالخارج‪،‬‬
‫والذي ينص الفصل ‪ 32‬منه على أنه إذا كان األطراف متفقين ومن جنسية مغربية‪ ،‬فإنهم يستطيعون مباشرة أي تحكيم يدخل في اختصاصهم‪.‬‬
‫كما نص القانون رقم ‪ 70 – 03‬المتعلق بمدونة األسرة على التحكيم وكان ذلك في المواد (‪ .)82 ،94 ،95 ،96 ،97‬ونص القانون رقم ‪.93‬‬
‫‪ 54‬المتعل ق بإح داث المح اكم التجاري ة في الم ادة ‪ 5‬على التحكيم‪ ،‬وأيض ا الق انون رقم ‪ 65 -99‬المتعل ق بمدون ة الش غل ال ذي نص على التحكيم‬
‫وذلك في المواد من ‪ 567‬إلى ‪.581‬‬
‫‪ -70‬محسن القوارطي‪ " ،‬التحكيم في إطار االتفاقيات االقتصادية في المغرب مع اإلتحاد األوروبي والواليات المتحدة األمريكية نموذجا "‪ ،‬رسالة‬
‫لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال الجديدة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص‪ 3‬و ‪.4‬‬
‫‪ - 71‬للمزيد من التوسع حول موضوع التحكيم في الحضارات‪ :‬وادي الرافدين‪ ،‬الحضارة اليونانية‪ ،‬الحضارة الرومانية"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أسعد فاضل منديل‪ "،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عالء آباريان‪ "،‬الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س ‪ 34‬و ‪.35‬‬
‫‪17‬‬
‫تمييز التحكيم عن القضاء‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫األص ل أن يك ون الفص ل في المنازع ات من اختص اص القض اء‪ ،‬إال أن ه ذه المس ألة ليس ت من‬

‫النظ ام الع ام‪ ،‬وبالت الي يج وز مخالفته ا فال ذي يقص د بالقض اء ه و الحكم أو ه و عم ل القاض ي‪ ،‬أم ا في‬

‫اصطالح الفقهاء فيعرفه بعضهم بأنه " قول ملزم يصدر عن والية عامة والقضاء يفصل في الخصومة‬

‫بالحق والعدل"‪.72‬‬

‫ويلتقي التحكيم والقض اء الرس مي‪ 73‬في أن كال منهم ا يق وم بح ل النزاع ات‪ ،‬لكنهم ا يختلف ان من‬

‫نواح عدة‪:‬‬

‫‪ -‬القضاء ال يتطلب اتفاق المتنازعين حتى يرفع النزاع إليه وهذا بعكس التحكيم حيث أن لكل‬

‫من المتنازعين الحق في أن يرفع دعواه إلى القضاء دون الحاجة إلى رضا خصمه‪.74‬‬

‫‪ -‬أن القاضي موظف في الدولة ويصدر أحكامه باسم سيادة دولته‪ ،‬في حين أن المحكم شخص‬

‫من آح اد الن اس ليس ت ل ه ص فة رس مية‪ ،‬يتم اختي اره وفق ا إلرادة األط راف أو بواس طة القض اء وف ق‬

‫مسطرة منصوص عليها في القانون‪ ،‬ويشارك في نظر خصومة التحكيم والحكم فيها‪.75‬‬

‫‪ -‬ال يح اط المحكم بالض مانات ال تي يح اط به ا القاض ي أثن اء مزاولت ه لمهام ه‪ ،76‬وإ نم ا يس تمد‬

‫سلطاته من القانون الذي أجاز اللجوء للتحكيم‪ ،‬ومن إرادة الذين اختاروه وارتضوه‪.‬‬

‫‪ -72‬ضياء شيت خطاب‪ "،‬فن القضاء"‪ ،‬مؤسسة الخليج للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد‪ ،‬سنة ‪ ،1984‬ص ‪.13‬‬
‫‪ -73‬للتوسع أكثر في المقارنة بين المحكم والقاضي‪ ،‬يمكن الرجوع إلى‪ :‬محمد أحمد عبد المنعم‪"،‬حدود الرقابة القضائية على التحكيم الداخلي في‬
‫منازعات العقود اإلدارية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة ‪ ،2002‬ص ‪ 68‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -74‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -75‬ج اء في ق رار للمجلس األعلى أن‪ ":‬المحكمين في النازل ة هم خ براء يمارس ون مهنتهم الح رة وليس وا منص بين لت ولي مه ام القض اء‪ ،‬وق د‬
‫استمدوا صالحيتهم للفصل في هذا النزاع من إرادة الطرفين الذين اتفقوا على االلتجاء إلى مسطرة التحكيم‪ "...‬قرار رقم ‪ 1766‬صادر بتاريخ‬
‫‪ - .7/7/1992‬عبد الكبير العلـوي الصوصـي‪" ،‬رقاب ة القض اء على التحكيم"‪ ،‬دار القلم بالرب اط‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة ‪ ،2012‬ص ‪ ،17‬ه امش‬
‫‪.40‬‬
‫‪ -76‬ليس ت للمحكم حماي ة قانوني ة أثن اء مزاولت ه لمهام ه‪ ،‬فال يتمت ع مثال بالحماي ة ض د التهدي دات التي ق د يتع رض له ا‪ ،‬كم ا هو الح ال مثال أثن اء‬
‫قيامه بمعاينات وتنقالت‪...‬في المقابل يكون مسؤوال مدنيا وجنائيا‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬والية القضاء أعم من والية المحكم ‪ ،‬ودائرتها أوسع من دائرة التحكيم‪.77‬‬

‫‪ -‬إذا ك ان حكم المحكم ب اطال يك ون للقاض ي الحكم ببطالن ه‪ ،‬أم ا القاض ي فال يبط ل حكم ه إال‬

‫بحكم قاض أعلى منه درجة‪.‬‬

‫‪ -2‬تمييز التحكيم عن الوساطة‪:‬‬

‫الوس اطة هي وس يلة يت ولى فيه ا ط رف ث الث من اختي ار األط راف‪ ،‬تق ريب وجه ات نظ رهم‬

‫ومساعدتهم على إيجاد تسوية لنزاع قائم بينهما‪.78‬‬

‫وتمت از الوس اطة بالس رعة القياس ية نظ را لكونه ا يمكن أن تنهي ال نزاع في وقت وج يز ق د ال‬

‫يتجاوز دقائق معدودة‪ ،‬كما تتميز بالمرونة الكاملة‪ ،‬ألن الوسيط ال يتقيد بأية شكليات قانونية‪ ،‬بل يمكن‬

‫له أن يناقش مع الطرفين الجوانب االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وحتى اإلنسانية المحيطة بالنزاع‪ ،‬وله أن‬

‫يوجه األسئلة التي يراها مفيدة‪ ،‬وأن يقوم بما يضمن له التقريب بين وجهات النظر‪ ،‬والدفع بالطرفين‬

‫لالتفاق على حل ودي‪.79‬‬

‫وأهم ما يميز نظام التحكيم عن الوساطة أنه‪:‬‬

‫‪ -‬التحكيم إذا كان يشبه الوسيط في وجود طرف ثالث يعمل على حل النزاع إال أنه يعتبر من‬

‫حيث نتيجت ه ملزم ا‪ ،‬بحيث يمل ك المحكم أو هيئ ة التحكيم س لطة اتخ اذ الق رار في أس اس ال نزاع والبت‬

‫فيه‪ ،‬وهذا على خالف الوسيط الذي ال يملك هذه السلطة‪.80‬‬

‫‪ -‬التحكيم متى اتفق عليه ( قبل نشوء النزاع أو بعده) يصبح ملزما‪ ،‬ويتوجب على األطراف‬

‫السير به حتى نهاية إجراءاته وإ صدار الحكم المنهي للخصومة من خالله‪ ،‬ويعتبر حكم التحكيم ملزما‬

‫‪ -77‬عبد الكبير العلوي الصوصي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪ -78‬بقالي محمد‪ "،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪ ،‬طنجة‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -79‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 343‬و ‪.344‬‬
‫‪ -80‬أحمد أنوار ناجي ‪ "،‬الوساطة في منازعات الملكية الفكرية"‪ ،‬مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬سلسلة " األعداد الخاصة"‪ "،‬الوسائل الودية لفض‬
‫المنازعات"‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪ ،2012‬ص ‪.95‬‬
‫‪19‬‬
‫ويس توي م ع الق رار الص ادر عن المحكم ة إذا م ا تم تذييل ه بالص يغة التنفيذي ة‪ ،‬فإم ا أن ينف ذ الط رف‬

‫الص ادر ض ده طواعي ة وإ ال س يتم تنفي ذه ج برا‪ .‬عكس م ا علي ه األم ر في الوس اطة‪ ،‬ف األطراف هن ا هم‬

‫الذين يصنعون النتيجة‪ ،‬فمهمة الوسيط تقتصر على تيسير التواصل والتفاوض بين الطرفين ال التحكيم‬

‫بينهما‪.81‬‬

‫فأهم ميزة تتميز بها الوساطة هي مساهمة الطرفين في وضع حل للنزاع‪ ،‬وشعورهما بأن هذا‬

‫الحل لم يفرض عليهما من أية جهة‪ ،‬وبالتالي ضمان قبولها لهذا الحل وامتثالهما لتنفيذ مضمونه‪.82‬‬

‫تمييز التحكيم عن الخبرة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الخب ير ه و ك ل ش خص ل ه معرف ة أو دراي ة بعلم معين أو فن من الفن ون يس تطيع من خالله ا‬

‫إبداء الرأي إذا ما طلب منه ذلك من قبل القضاء‪.83‬‬

‫وأهم ما يميز نظام التحكيم عن الخبرة أنه‪:‬‬

‫‪ -‬ال يش ترط في المحكم أن تك ون لدي ه معرف ة أو دراي ة بعلم أو فن معين ب ل ق د يك ون غ ير‬

‫متخص ص وال خ برة ل ه ب ذلك‪ ،‬ألن مهمت ه تنحص ر في الفص ل في ال نزاع المع روض علي ه‪ .84‬فه و‬

‫كالقاضي‪ ،‬أي أنه يحسم النزاع القائم بين األطراف المتخاصمة عن طريق إصدار حكم قضائي‪ .‬بينما‬

‫ن رى أن المه ام ال تي يق وم به ا الخب ير هي فق ط إب داء ال رأي غ ير المل زم ال للط رفين وال للمحكم ة‬

‫المختصة‪.85‬‬

‫‪ -‬يظه ر االختالف واض حا بين الخ برة والتحكيم في ك ون ه ذا األخ ير طري ق قض ائي للفص ل‬

‫في ال نزاع بمقتض ى حكم التحكيم‪ ،‬في حين يبقى تقري ر الخب ير مج رد رأي ق د يأخ ذ ب ه المحكم وق د ال‬

‫‪ -81‬عبد الرحيم زضاكي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ -82‬عبد الرحيم زضاكي ‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬نونبر ‪.16 ،2010‬‬
‫‪ -83‬راجع المادة ‪ 59‬وما يليها من قانون المسطرة المدنية بخصوص نظام الخبرة‪.‬‬
‫‪ -84‬أحمد أبو الوفا ‪ "،‬التحكيم االختياري واإلجباري"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬سنة ‪ ،1988‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -85‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪20‬‬
‫يأخذ به‪ .86‬فالخبير ال يفصل في النزاع وإ نما يساعد على استجالء جانب غامض منه‪ ،‬وال يترتب على‬

‫رأيه نتائج قانونية‪.87‬‬

‫إن التفرقة بين التحكيم والخبرة ال تعني القطيعة بينهما بل إنهما متجاوران ومتساندان باعتبار‬

‫أن الخب ير يعت بر من مس اعدي هيئ ة التحكيم‪ ،‬حيث يلتج أ إلي ه لتق ديم رأي ف ني‪ ،‬ب ل ق د يخت ار بس بب‬

‫تخصصه الفني ليكون من ضمن أعضاء تلك الهيئة التي تصنع قرار التحكيم‪.88‬‬

‫‪ -4‬تمييز التحكيم عن التوفيق‪:‬‬

‫في التوفيق يتولى األطراف تعيين طرف ثالث إليجاد صيغة توافقية بينهما من شأنها أن تضع‬

‫ح دا لل نزاع الق ائم بينهم ا‪ ،‬وتتمث ل مهم ة الموف ق في دراس ة مختل ف ج وانب ال نزاع المع روض علي ه‬

‫واقتراح أحسن توفيق على األطراف‪.89‬‬

‫والموف ق يمكن أن يكون شخصا واحدا‪ ،‬كم ا يمكن أن يك ون جماعة من األش خاص‪ ،‬وق د يعينه‬

‫الطرفان لهذه المهمة‪ ،‬وقد ال يعينانه وإ نما تأتي المبادرة منه أو من الغير فيقبالنها‪ ،‬كما أن مهمته تكون‬

‫مجانية وال يتقاضى عنها أي مقابل إال نادرا‪.‬‬

‫وهكذا فالتوفيق يلتقي مع الوساطة في األهداف والنتائج وهي الوصول إلى تسوية ودية مقبولة‬

‫من الطرفين‪ ،‬كما يلتقي معها في األسلوب المتبع لبلوغ ذلك وهو السعي لتقريب وجهات النظر‪.90‬‬

‫لكن الموف ق م ع ذل ك يختل ف عن الوس يط في ك ون األول يق دم اقتراح ات ومش اريع تس وية‪ ،‬في‬

‫حين ال يقدم الوسيط أي اقتراح من عنده‪ ،‬ويكتفي بنقل العروض واالقتراحات من طرف إلى الطرف‬

‫اآلخر‪.‬‬

‫‪ -86‬عبد الرحيم زضاكي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪ -87‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -88‬إسماعيل أوبلعيد‪ "، "،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -89‬بقالي محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -90‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫‪21‬‬
‫ومن هنا يبدو التوفيق أقرب إلى المحكم لوال أن قراراته غير ملزمة للطرفين إال بعد موافقتهما‬

‫بخالف ق رارات المحكم في التحكيم المل زم‪ .‬فإنه ا تص بح س ندا تنفي ذيا ق ابال للتنفي ذ الج بري بع د ت ذييلها‬

‫بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة المختصة‪.91‬‬

‫ويالحظ بأن الوساطة والتوفيق تعتبر كلها آليات متداخلة‪ ،‬وتكاد تعني شيئا واحدا في األنظمة‬

‫األنجلوسكس ونية كالوالي ات المتح دة األمريكي ة وبريطاني ا ونيوريالن دا‪ ،‬إال أن التحكيم‪ ،‬يتم يز على ه ذه‬

‫األنظمة بفكرة الحياد من طرف المحكم وقراره الحاسم للنزاع‪ ،‬والملزم لألطراف‪ ،‬وإ ن كان يتفق معها‬

‫في العهدة إلى شخص من الغير ألداء مهمة معينة‪.92‬‬

‫وما كان لنظام التحكيم بالمغرب أن يحظى بكل هذا االهتمام الفقهي والقانوني‪ -‬والذي وصفه‬

‫البعض ب الثورة في الط رق القض ائية لح ل المنازع ات‪ -‬ل و لم يكن متم يزا بخص ائص إيجابي ة ت وفر‬

‫ألطراف الخصومات ما افتقدوه في مساطر التقاضي العادية‪ ،‬وتجنبهم كل ما قد يعانونه من السلبيات‬

‫والعواقب الوخيمة لهاته المساطر أحيانا‪.93‬‬

‫فم ا هي أهم خص ائص ومم يزات نظ ام التحكيم وال تي تجع ل من ه منافس ا قوي ا للقض اء الرس مي‬

‫ووسائل التقاضي األخرى البديلة‪ ،‬على األقل على المستوى النظري؟‬

‫مميزات وخصائص نظام التحكيم‬ ‫‪-‬‬

‫يمكن إجمال أهم خصائص ومميزات نظام التحكيم في اآلتي‪:‬‬

‫‪ -91‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.332‬‬


‫‪ -92‬يوسف الساقوط ‪ "،‬دور العمل القاضي في تحقيق فعالية حكم التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ -93‬محمد سالم‪ "،‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬
‫‪.319‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -1‬السرعة‬

‫ي وفر التحكيم مس طرة س ريعة لفض المنازع ات وهن ا يك اد يتف ق الجمي ع على أن المس طرة‬

‫القض ائية أم ام القض اء الرس مي تتم يز ببطئه ا الن اجم أساس ا عن تع دد اإلج راءات وتعقي دها‪ ،‬إض افة إلى‬

‫كون األحكام القضائية الصادرة عن القضاء الرسمي‪ ،‬تكون محال للعديد من طرق الطعن‪ ،‬مما يؤدي‬

‫في الغ الب إلى تعلي ق عملي ة تنفي ذ األحك ام القض ائية‪ .94‬مم ا يقي د األط راف وي رهنهم ب إجراءات بطيئ ة‪،‬‬

‫وت أخيرات ال متناهي ة ق د ال تك ون دائم ا ض رورية وم بررة‪ ،‬مم ا يف اقم األض رار ال تي تنجم عن ع دم‬

‫تحصيل الحقوق في آماد استحقاقها‪ ،‬بسبب عدم حل النزاعات في آجال معقولة‪.95‬‬

‫وفي مقابل ذلك فإن ألطراف النزاع في نظام التحكيم كامل الحرية في تحديد األجل الذي يتعين‬

‫على المحكمين إص دار الحكم المنهي لل نزاع داخل ه‪ .96‬بعب ارة أخ رى فإن ه ال يمكن أن تس تمر إج راءات‬

‫العملي ة التحكيمي ة‪ ،‬إال ألجل قص ير يملك األطراف أنفسهم ص الحية تحدي ده أو تمدي ده‪ .‬وفي حال ة عدم‬

‫قيامهم بذلك فإن قانون ‪ 08 -05‬المنظم للتحكيم والوساطة االتفاقية قد يتولى ذلك‪.97‬‬

‫‪ -2‬السرية‪:‬‬

‫يمتاز نظام التحكيم بضمان السرية التامة لكل ما يجري خالل العملية التحكيمية‪ .‬وهو ما من‬

‫شأنه الحفاظ على أسرار وخصوصية األطراف المتنازعة‪( ،‬خاصة في النزاعات العائلية‪ ،‬والتي يؤدي‬

‫إفشاؤها أمام المحاكم إلى تعميق الخالفات وتأجيج النزاع)‪.‬‬

‫‪ -94‬فضيلي أكدر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫‪ -95‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ -96‬فضيلي أكدر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -97‬ينص الفصل ‪ 327 – 20‬من قانون ‪ 08 – 05‬على ما يأتي‪":‬إذا لم يحدد اتفاق التحكيم للهيئة التحكيمية أجال إلصدار الحكم التحكيمي‪ ،‬فإن‬
‫مهمة المحكمين تنتهي بعد مضي ستة أشهر على اليوم الذي قبل فيه آخر محكم مهمته‪ .‬يمكن تمديد األجل االتفاقي أو القانوني لنفس المدة إما‬
‫باتفاق األطراف وإ ما من لدن رئيس المحكمة بناءا على طلب من أحد األطراف أو من الهيئة التحكيمية‪.‬‬
‫إذا لم يصــدر حكم التحكيم خالل الميعــاد المشــار إليــه في الفقــرة أعاله جــاز ألي من طــرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمــة المختصــة أن‬
‫يصدر أمرا بإنهاء إجراءات التحكيم فيكون ألي من الطرفين بعد ذلك رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصال للنظر في النزاع"‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وبالنسبة ألطراف القضايا التجارية والذين يفضلون عدم نشر خالفاتهم على المأل‪ ،‬ألن ذلك قد‬

‫يؤثر على سمعتهم التجارية ويهدد قدرتهم التنافسية‪.‬‬

‫كما يحافظ نظام التحكيم على خاصية السرية مهما كانت نتيجة العملية التحكيمية‪ ،‬سواء كانت‬

‫إيجابي ة وانتهت بحكم نه ائي يفص ل في ال نزاع‪ ،‬أو ك انت س لبية بتع ذر ه ذه التس وية‪ .‬بحيث يمن ع على‬

‫الجمي ع ‪ -‬أطراف ا ومحكمين‪ -‬نش ر المرافع ات وك ذا االتفاق ات‪ ،‬أو األحك ام التحكيمي ة الص ادرة بش أن‬

‫النزاع‪ .98‬فال يطلع عليها سوى أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع االتفاق على‬

‫التحكيم‪ ،‬والمح امون الم دافعون عنهم‪ ،‬م ع ال تزام ه ؤالء بالمحافظ ة على األس رار المهني ة‪ .99‬فق د ج اء‬

‫الفص ل ‪ 326‬من ق انون ‪ 08-05‬ليض من ه ذه الخاص ية في الفص ل ‪ ،326‬حين أل زم المحكمين بكتم ان‬

‫السر المهني طبقا لما هو منصوص عليه في القانون الجنائي‪.‬‬

‫وخاصية السرية ال يوفرها التقاضي أمام القضاء الرسمي‪ ،‬والذي يقوم على مبدأ مناقض لمبدأ‬

‫الس رية وه و مب دأ العلني ة وال ذي يقص د ب ه عالني ة اإلج راءات من ناحي ة‪ ،‬وعالني ة الجلس ات من ناحي ة‬

‫ثاني ة‪ ،100‬وال تي تجع ل من س احة التقاض ي ومب دأ العلني ة س احة معرك ة مفتوح ة ال يت وانى أي ط رف‬

‫خاللها في استعمال كل معلومة يرى بأنها تفيده في كسب هذه المعركة‪.101‬‬

‫‪ -3‬المرونة‪:‬‬

‫من أهم الخص ائص ال تي ينف رد به ا نظ ام التحكيم‪ ،‬خاص ية المرون ة ال تي تم يز ه ذا األخ ير عن‬

‫التقاض ي أم ام القض اء الرس مي‪ ،‬وال تتجلى خاص ية المرون ة هات ه في كيفي ة اللج وء لنظ ام التحكيم ع بر‬

‫اإلرادة الح رة لألط راف فق ط‪ ،‬وال في كيفي ة وض ع ح د له ذا االختي ار وإ نهائ ه في أي وقت‪ ،102‬وال في‬

‫‪ -98‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.322‬‬


‫‪ -99‬محمود السيد عمر التحيوي ‪" ،‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم"‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -100‬سيد أحمد محمود‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.245‬‬
‫‪ -101‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ -102‬ومثال ذلك ما نص عليه المشرع المغربي في الفصل ‪ 325‬من قانون ‪ 08 -05‬في فقرته األولى‪ ":‬عندما تنتهي مهمة محكم ألي سبب من‬
‫األسباب يجب أن يعين محكم لتعويضه وفقا لنفس القواعد المطبقة على تعيين المحكم الذي تم تعويضه"‬
‫‪24‬‬
‫سرعة إجراءات ومشاركة األطراف في مختلف مراحل العملية التحكيمية‪ ،‬ولكنها تتجلى كخاصية في‬

‫نظ ام التحكيم بش كل كب ير وواض ح في مس ألة حري ة اختي ار المحكم أو الهيئ ة التحكيمي ة‪ ،‬وفي الحري ة‬

‫الكاملة التي يتمتع بها هؤالء في المهمة التحكيمية‪.‬‬

‫ورغم أن المحكم أو الهيئ ة التحكيمي ة ملزم ون بتط بيق الق انون ال ذي اخت اره األط راف‪،‬‬

‫وملزمون كذلك بإصدار أحكام تحكيمية – مما يقربهم من القضاء الرسمي ‪ -‬فإن كل ذلك ال يتنافى مع‬

‫خاص ية المرون ة ال تي يتمت ع به ا عم ل ومهم ة المحكمين وال ي ؤثر على ه امش الحري ة المت اح لهم في‬

‫عملهم التحكيمي‪.103‬‬

‫‪ -4‬المحافظة على استمرار العالقات بين األطراف‪:‬‬

‫إن نظ ام التحكيم ق ريب من نظ ام التص الح من حيث اآلث ار والتقني ات والخص ائص‪ ،‬وه و ليس‬

‫طريق ا هجومي ا‪ ،‬فغايت ه اس تمرار العالق ات بين المتن ازعين‪ ،‬خالف ا للمنازع ات المعروض ة على القض اء‬

‫الرسمي والتي قد تنتهي إلى حد الالعودة للعالق ات بين المتنازعين‪ ،‬ولذلك قيل في السابق "احتكم وال‬

‫تتقاض"‪.104‬‬

‫إذن فباعتم اد نظ ام التحكيم كوس يلة بديل ة لح ل النزاع ات عوض ا عن القض اء الرس مي يتمكن‬

‫األط راف من تس وية نزاع اتهم ويح افظون ك ذلك على اس تمرار العالق ات اإلنس انية واالجتماعي ة ال تي‬

‫ت ربطهم أوال‪ ،‬وعلى اس تمرار المع امالت التجاري ة واالقتص ادية بينهم ثاني ا‪ ،‬مم ا يحاف ظ على تماس ك‬
‫‪105‬‬
‫النسيج االجتماعي أو االقتصادي أحيانا ‪ ،‬ويبقي على ثقافة الحوار وفضيلة التضامن‪ ،‬وقيم التسامح‬

‫خاصة في العالقات اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬

‫وم ا نص علي ه في الفص ل ‪ 327 -8‬في فقرت ه األولى‪ " :‬إذا ق دم طلب تج ريح أو ع زل أح د المحكمين وجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم‬
‫البت في هذا الطلب‪ ،‬ما عدا إذا قبل المحكم المعني باألمر التخلي عن مهمته"‬
‫‪ -103‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪ -104‬عالء أبريان ‪ "،‬الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -105‬محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.324‬‬
‫‪25‬‬
‫وعموم ا ف إن لج وء األط راف لنظ ام التحكيم ب دل اللج وء للقض اء الرس مي‪ ،‬يعكس الرغب ة في‬

‫االس تفادة من مزاي ا ه ذا األخ ير ال تي ال يق دمها القض اء الرس مي‪ ،‬كخ برة المحكم وكفاءت ه‪ ،‬خاص ة في‬

‫منازعات التجارة الدولية‪ ،‬والتي تتسم بطبيعة فنية معقدة أحيانا‪ ،‬بحيث ال يستطيع فهمها والحسم فيها‬

‫إال خب ير ف ني متخص ص ومث ال ذل ك‪ :‬تق دير ج ودة البض ائع الم وردة‪ ،‬ج ودة األعم ال ال تي تمت‪ ،‬ج ودة‬

‫الخدمات المؤداة‪ .‬فإذا ما تم عرض نزاع حول ما تقدم‪ ،‬أمام محكمة معينة‪ ،‬فالثابت أن هذه المحكمة ال‬

‫تستطيع أن تحسم مثل هذا النزاع إال عن طريق اللجوء إلى أهل الخبرة في المجال المعني‪.106‬‬

‫وق د يحتج أح د األط راف على تقري ر الخب ير ‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى فتح مس طرة الخ برة المض ادة‪،‬‬

‫وفي ذلك مضيعة للوقت والجهد والتكلفة‪ .‬وكأن الخبير هو الذي يحكم ال القاضي‪ .‬وهو ما يحققه حرية‬

‫اختيار محكم خبير مختص والذي يتم اللجوء إليه كجهة مؤهلة وذات خبرة كافية‪.‬‬

‫وبشكل عام يمكن القول أن اللجوء لنظام التحكيم‪ ،‬يترجم إرادة األطراف في الهروب واالبتعاد‬

‫عن ت دخل المح اكم الرس مية‪ ،‬ومن تط بيق الق وانين الوطني ة‪ ،‬كم ا يعكس رغبتهم‪ ،‬في عدال ة أخ رى‬

‫يحققها نظام التحكيم‪.108‬‬ ‫‪107‬‬


‫مختلفة‬

‫أهمية موضوع البحث‬

‫تكتسي هذه الدراسة أهمية بالغة نظرا لما يمتاز به التحكيم من مميزات هامة على مستوى حل‬

‫النزاعات الدولية والداخلية على حد السواء‪ ،‬خصوصا في هذه الفترة التي ازدهرت فيها التجارة واتسع‬

‫‪ -106‬هشام خالد ‪"،‬جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -107‬يوســف الســاقوط‪" ،‬دور العم ل القض ائي في تحقي ق فعالي ة حكم التحكيم‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008 – 2007‬ص ‪5‬‬
‫و ‪.6‬‬
‫‪ -108‬رغم األهمية الكبيرة لهذه الخصائص التي يتميز بها نظام التحكيم‪ ،‬إال أن لها جانبا سلبيا يعيق تطور هذا النظام بالمغرب‪ .‬راجع ما ستتم‬
‫دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫مجالها نتيجة لتطور التقنيات الحديثة‪ ،‬وانفتاح دول العالم بعضها على البعض‪ ،‬هذه الفترة التي تطورت‬

‫فيه ا أيض ا النزاع ات بكاف ة أش كالها‪ ،‬األم ر ال ذي أدى إلى ض رورة البحث عن وس ائل بديل ة لح ل‬

‫النزاعات‪ ،‬خاصة في مجال التجارة التي تقتضي السرعة في البت والمرونة في اإلجراءات المسطرية‪،‬‬

‫فضال عن القلق الذي يراود المستثمرين وهم أمام القضاء الرسمي‪ ،‬كالشك في الحياد والتحيز وغيرها‪،‬‬

‫وهذا ما جعل المتقاضين وخاصة في مجال األعمال ينفرون من القضاء العادي ويفضلون سلوك نظام‬

‫التحكيم الذي لم يعد يلعب تلك الوسيلة التقليدية التي تهم حل النزاعات فحسب‪ ،‬بل أصبح له دور فعال‬

‫في حل النزاعات االقتصادية التي تهم الدولة واالقتصاد بصفة عامة‪.‬‬

‫وم ا جعلن ا نبحث في موض وع " الص عوبات القانوني ة والواقعي ة لنظ ام التحكيم ب المغرب" ه و‬

‫حداثت ه في الس احة القانوني ة المغربي ة‪ ،‬وقل ة البح وث الجامعي ة ال تي تناولت ه‪ ،‬ه ذا فض ال عن اإلرادة في‬

‫المس اهمة في التنقيب عن اإلش كاليات القانوني ة والص عوبات العملي ة ال تي يمكنه ا عرقل ة نظ ام التحكيم‪،‬‬

‫وذلك من أجل محاولة البحث عن حلول مالئمة لتجاوزها حتى يؤدي مهامه في أحسن الظروف‪.‬‬

‫ولقد وقع اختيارنا على موضوع " الصعوبات القانونية والواقعية لنظام التحكيم بالمغرب" بغية‬

‫تحقيق مجموعة من األهداف من بينها‪:‬‬

‫‪ -‬العم ل على إعط اء ق راءة نقدي ة لق انون ‪ 08 -05‬المتعل ق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة‬

‫للوقوف على القيمة المضافة التي شكلها هذا القانون داخل المنظومة القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬معرف ة الوض عية الراهن ة لنظ ام التحكيم ب المغرب من خالل اس تقراء مواطن ه في مختل ف‬

‫نص وص التش ريع المغ ربي وك ذا بعض االتفاقي ات الدولي ة ال تي أبرمه ا المغ رب وص ادق‬

‫عليها‪.‬‬

‫‪ -‬اإلطالع على حقيق ة مراك ز التحكيم وم دى مس اهمتها في انتع اش التحكيم بص فة عام ة‬

‫والتحكيم التجاري بصفة خاصة‪.‬‬


‫‪27‬‬
‫نطاق موضوع البحث‬

‫ينحص ر موض وع بحثن ا في دراس ة نظ ام التحكيم االختي اري بك ل أش كاله س واء ك ان ح را أو‬

‫مؤسس اتيا‪ ،‬وبالت الي فإنن ا نس تبعد من ه ذه الدراس ة التحكيم اإلجب اري‪ ،109‬بحيث لن نتط رق إلي ه إال في‬

‫حاالت خاصة‪ ،‬ومتى وجدت لذلك ضرورة ملحة‪ .‬ونشير إلى أن هذا النوع من التحكيم تفرضه بعض‬

‫التشريعات على األطراف وتجعل اللجوء إليه إلزاميا بموجب قواعد قانونية آمرة بالنسبة لمنازعات في‬

‫مجاالت محددة ومراعاة لظروفها الخاصة‪.‬‬

‫اإلشكالية الرئيسية للبحث‬

‫بالرغم من التطور واالهتمام التشريعي الدولي والوطني الذي أحاط بنظام التحكيم في تسوية‬

‫المنازعات بناءا على الخصائص المذكورة سابقا‪ ،‬وبالرغم من انتشاره كوسيلة بديلة لحل المنازعات‪،‬‬

‫واتساع موقعه وتعدد االهتمامات التشريعية والمنظمات الدولية الجهوية واإلقليمية المتعلقة به‪ ،‬فإنه ال‬

‫زال يواجه عدة إشكاليات‪.‬‬

‫وت برز تل ك اإلش كاليات بخص وص ق انون ‪ ،08 – 05‬ه ذا األخ ير ال ذي ح اول من خالل ه‬

‫المشرع المغربي قدر اإلمكان تفادي بعض أوجه النقص في تنظيم التحكيم في التشريعات السابقة‪ ،‬ومع‬

‫ذل ك ظلت بعض نص وص الق انون ‪ 08 -05‬تط رح ص عوبات كث يرة‪ ،‬مخلف ة نوع ا من التذب ذب‬

‫والغم وض في فهم مغ زى قواع ده القانوني ة المنظم ة للتحكيم أوال‪ ،‬ومنتج ة ص عوبات كث يرة له ذا النظ ام‬

‫في أدائه لوظيفته ثانيا‪.‬‬

‫إذن يجب رص د الوض عية الحقيقي ة الراهن ة لنظ ام التحكيم ب المغرب من خالل الكش ف عن‬

‫م واطن الق وة والض عف في التش ريع المغ ربي ( ق انون ‪ ،)08 -05‬وإ ب راز أهم اإلش كاليات العملي ة‬

‫‪ -109‬التحكيم اإلجب اري ه و ال ذي يف رض على الط رفين بنص ق انوني‪ ،‬أو بم وجب اتفاقي ة ثنائي ة أو دولي ة موقع ة أو مص ادق عليه ا من ط رف‬
‫دولهما‪ ،‬ومن تم ال وجود إلرادة األطراف في قيام هذا النوع من التحكيم‪.‬‬
‫محمد سالم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.341‬‬
‫‪28‬‬
‫والقانوني ة ال تي يواجهه ا ه ذا النظ ام وال تي تق ف حج رة ع ثرة أم ام نجاعت ه ونجاح ه كوس يلة بديل ة لح ل‬

‫النزاع بعيدا عن القضاء الرسمي‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإن مراكز التحكيم بالمغرب ‪ -‬باعتبارها الميكانيزم الحقيقي الذي يحرك ويفعل‬

‫النص وص القانوني ة المتعلق ة ب التحكيم‪ ،‬في ك ل مناس بة يط رح فيه ا ن زاع أمامه ا ‪ -‬تعترض ها ع دة‬

‫ص عوبات تح ول دون تحقي ق فعاليته ا‪ .‬مم ا يفتح ب اب التس اؤل عن األهمي ة النظري ة والعملي ة لالل تزام‬

‫العلمي في البحث في موضوع هاته اإلشكاالت وهاته الصعوبات؟‬

‫بداي ة نش ير إلى أن موض وع بحثن ا س يكون عب ارة عن محاول ة لرص د بعض اإلش كاليات ال تي‬

‫يثيره ا نظ ام التحكيم وال تي من ش أنها أن تح دت أزم ة‪ ،‬وتك ون س ببا في محدودي ة ه ذا النظ ام‪ ،‬وذل ك‬

‫ب النظر لمجموع ة من المعيق ات واإلكراه ات س واء على المس توى النظ ري أو على المس توى التط بيقي‬

‫لنظ ام التحكيم‪ .‬فس نحاول تش خيص ه ذه الص عاب واق تراح بعض الحل ول لعلن ا نتمكن من المس اهمة في‬

‫تط وير ه ذا النظ ام – بش قيه التحكيم ال داخلي والتحكيم ال دولي ‪ -‬وتأكي د المكان ة المهم ة والحيوي ة ال تي‬

‫يستحقها‪.‬‬

‫وتج در اإلش ارة ك ذلك أن اله دف األساس ي من دراس ة ه ذا الموض وع يكمن في الكش ف‬

‫وتشخيص العيب الذي يحول دون تطور نظام التحكيم كقاطرة لتنمية التجارة الدولية التي يراهن عليها‬
‫‪29‬‬
‫في ظ ل العولم ة والتطور التكنولوجي الهائل‪ ،112-111‬حيث‬ ‫‪110‬‬
‫المجتمع الدولي عام ة‪ ،‬والمغرب خاص ة‬

‫أصبح ال اختيار في االنضمام إلى المنظومة الدولية والتكتالت الجهوية في مجال التجارة الدولية‪.‬‬

‫الص عوبات كث يرة ومتع ددة واختيارن ا لمعالج ة البعض منه ا يبقى ‪ -‬حس ب رأين ا المتواض ع‪-‬‬

‫العتبارها األهم واألكثر إعاقة لنظام التحكيم نصا وواقعا‪.‬‬

‫فمـــــا هي أهم اإلشكاالت القانونيـــة التــي يطرحها تطبيق نصــوص قانــــون التحكيـــم المغربـــي‬

‫‪08 – 05‬؟‬

‫وم ــا هي الص ــعوبات والعوائ ــق الواقعي ــة ال ــتي من ش ــأنها الح ــد من تط ــور ه ــذا النظ ــام‪ ،‬على‬

‫المستوى العملي والتطبيقي بالمغرب؟‬

‫منهجية وخطة موضوع البحث‬

‫‪ -1‬منهجية موضوع البحث‬

‫‪ -110‬تجدر اإلشارة إلى أن وزارة العدل والحريات والهيئة المالية المغربي ة وقعت اتفاقية للشراكة سنة ‪ 2012‬يسعى من خاللها الجانبان إلى‬
‫وض ع إط ار ق انوني لترس يخ وتنمي ة تعاونهم ا اإليج ابي‪ ،‬ودعم جهودهم ا إلنج اح مش روع القطب الم الي لل دار البيض اء ي روم " ت دعيم وتط وير‬
‫الوساطة والتحكيم في القضايا المتعلقة باألموال والتجارة"‪.‬‬
‫وقد قال المدير العام للقطب المالي للدار البيضاء‪ ،‬سعيد إبراهيمي‪ ،‬في حديث نشرته صحيفة (ليكونوميست) "إن القطب يعتزم بلوغ ‪ 100‬مقاولة‬
‫عند متم سنة ‪ ،2015‬وهو ما يمثل ‪ 40‬شركة إضافية مقارنة مع سنة ‪." 2014‬‬
‫وأش ار إلى أن القطب الم الي للدار البيضاء يت وفر على ع دة نق اط ق وة؛ خاص ة في مج ال إح داث المق اوالت‪ ،‬وتس ليم التأش يرات ورخص اإلقام ة‬
‫ورخص العمل‪ "... ،‬وإ ذا كان هناك تصنيف لألعمال خاص بالقطب المالي للدار البيضاء لن يكون لدينا التصنيف الشمولي للمغرب؛‬
‫وفي م ا يتعل ق بالرب ط الخ اص بالش راكة على المس توى ال دولي‪ ،‬ق ال" إن القطب الم الي لل دار البيض اء ال ذي حص ل على ش راكة أولي ة في الق ارة‬
‫األمريكي ة يع تزم عق د أخ رى في أمريك ا الجنوبي ة قب ل التوج ه إلى آس يا‪ ،‬مض يفا أن "اله دف يتمث ل في تحس ين التنافس ية على المس توى ال دولي‪،‬‬
‫والتعريف بالدار البيضاء وبالتالي بالمغرب كبوابة لشمال إفريقيا وإ فريقيا جنوب الصحراء"‪.‬‬
‫منشور على الموقع اإللكتروني‪ www.menara.ma :‬تاريخ حصر الموقع‪.3 -2 -2015 :‬‬
‫‪ -111‬إن الدول ة في ظ ل العولم ة تحت اج إلى إع ادة هيكل ة بنائه ا مؤسس يا ووظيفي ا وفكري ا لكي تس تطيع التعام ل م ع متغ يرات العولم ة والظ واهر‬
‫الناتجة عنها بأنواعها ومستوياتها المختلفة‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد سعد أبوعامود‪ "،‬العولمة والدولة"‪ ،‬مقال منشور ب الموقع اإللكتروني‪ http://digital.ahram.org.eg :‬تاريخ حصر الموقع‪ :‬يوليوز‬
‫‪.2005‬‬
‫‪ -112‬رضوان الزهراوي ‪ "،‬معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2009-2008‬ص ‪.20‬‬
‫‪30‬‬
‫لق د اقتض ت طبيع ة اإلش كالية موض وع الدراس ة اعتم اد جمل ة من المقارب ات المنهجي ة العلمي ة‬

‫المختلف ة والمتكامل ة‪ ،‬منه ا م ا ه و وص في‪ ،‬ومنه ا م ا ه و تحليلي‪ ،‬وذل ك من خالل التحلي ل والنق د‬

‫الموضوعي‪ ،‬وصوال إلى وضع بعض المالحظات واالستنتاجات التي سنحاول ما أمكن تطعيمها ‪ -‬في‬

‫كل مناسبة – ببعض االقتراحات لسد الثغرات التي كشفنا عنها في موضوع البحث‪.‬‬

‫كما أننا اعتمدنا المنهج المقارن‪ ،‬وذلك ألن طبيعة البحث تقتضي تناول الموضوع في القانون‬

‫المغربي‪ ،‬إلى جانب العديد من القوانين المقارنة كالقانون الفرنسي والقانون المصري‪ ،‬وكذا االتفاقيات‬

‫الدولية المتعلقة والمهتمة بنظام التحكيم ‪.‬‬

‫ورغم صعوبة المهمة‪ ،‬فإننا اعتمدنا المنهج الميداني لالطالع قدر اإلمكان على ما هو موجود‬

‫فعال في الحياة القانونية السائدة‪ ،‬والتعرف على واقع نظام التحكيم بالمغرب والصعوبات التي تعترضه‪.‬‬

‫كم ا اعتم دنا أس لوب االس تمارات االس تبيانية كش كل من أش كال األس ئلة المتنوع ة المتعلق ة‬

‫بموضوع البحت‪ .‬وقمنا بتحليلها الستخالص االستنتاجات واالقتراحات في ضوء النتائج المقدمة‪.‬‬

‫ولعل االعتماد على مناهج مختلفة لتحقيق هذا البحث تفرضه خصوصية الموضوع من جهة‪،‬‬

‫وإ شكالياته المتشعبة من جهة ثانية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن البحث عن واقع تطبيق وتفعيل نظام التحكيم في الميدان العملي يقتضي‬

‫األخ ذ بعين االعتب ار أن األم ر يتعل ق بالوس يلة البديل ة االتفاقي ة ال تي ال يت دخل فيه ا القض اء إال عن دما‬

‫تع تري مس اطرها بعض العراقي ل‪ .‬وبعب ارة أخ رى‪ ،‬فمب دأ الكتم ان أو الس رية ال ذي يعت بر أح د الم يزات‬

‫لهذه الوسيلة ال يساعد على التوفر على مؤشرات ذات مصداقية بشأن الممارسة الفعلية لهذه اآللية‪ ،‬هذا‬

‫فضال عن طابعه االختياري الذي ال يفترض التتبع والرصد سواء تم في إطار مؤسساتي أو في إطار‬

‫إلى انع دام نش ر الق رارات التحكيمي ة وال ألي إحص ائيات أو‬ ‫‪113‬‬
‫خ اص‪ .‬ولق د أش ار أح د فقه اء الق انون‬

‫‪113‬‬
‫‪- Driss Alami Machichi , "concurrence, droit et obligation des entreprises au Maroc", édition Eddif, 2004, p :‬‬
‫‪325.‬‬
‫‪31‬‬
‫معلومات ذات مصداقية بشأن النشاط الحقيقي لألجهزة المكلفة بهذه الوسيلة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يطرح‬

‫التساؤل حول المؤشرات الممكن اعتمادها لتقييم درجة ممارسة هذه اآللية في الميدان العملي‪ ،‬والحال‬

‫أنها آلية اتفاقية يطبعها مبدأ الكتمان أو السرية‪.114‬‬

‫ولتجاوز هذه اإلشكالية‪ ،‬يمكن االعتماد على مؤشرات غير مباشرة بالرجوع – قدر المستطاع‪-‬‬

‫إلى م ا نش ر من األحك ام والق رارات القض ائية الص ادرة في مج ال ت ذييل الق رارات التحكيمي ة بالص يغة‬

‫التنفيذي ة‪ ،‬وغ الب ه ذه الق رارات تم الحص ول عليه ا بالخص وص ل دى المحكم ة التجاري ة ومحكم ة‬

‫االس تئناف التجاري ة بالبيض اء‪ ،‬إلى ج انب بعض ق رارات المجلس األعلى‪ .115‬وق د همت ه ذه الق رارات‬

‫النزاع ات ذات الط ابع التج اري ال داخلي وال دولي‪ .‬كم ا يمكن االعتم اد على بعض المؤش رات ال تي يتم‬

‫نشرها من قبل الممارسين‪ ،116‬كما أن نتائج بعض الدراسات الميدانية المنجزة ( استمارات) وكذا بعض‬

‫المؤش رات الم دلى به ا من ط رف المهتمين بالموض وع تظ ل مفي دة‪ ،117‬يمكن االس تئناس به ا في ه ذا‬

‫الصدد‪.‬‬

‫‪ -2‬خطة موضوع البحث‬

‫ارتأينا تماشيا مع موضوع البحث أن نقسم الخطة العامة له إلى بابين‪ ،‬نعالج في الباب األول‬

‫الصعوبات القانونية التي تعتري قانون التحكيم ‪ ،08 -05‬ولنشخص ونرصد في الباب الثاني المشاكل‬

‫العملية لنظام التحكيم وبعض سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -114‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪ -115‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح ‪ "،‬التحكيم التجاري من خالل العمل القضائي المغربي‪ ،‬رصد لقرارات محكمة النقض ومحاكم الموضوع"‪،‬‬
‫مطبعة اسبارطيل‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ -‬عمر أزوكار ‪ "،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب‪ ،‬قراءة في التشريع والقضاء"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬
‫‪ -116‬ن ذكر على س بيل المث ال‪ :‬أحمــد عبــد الغفــار‪ ( ،‬مستش ار ومحكم دولي‪ ،‬الم دير التنفي ذي وعض و مجلس األمن اء‪ ،‬مرك ز اإلس كندرية للتحكيم‬
‫الدولي والوسائل البديلة لحل المنازعات‪ ،‬عضو المجمع البريطاني للمحكمين الدوليين)‪.‬‬
‫‪ -117‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪32‬‬
‫ويرجع تفضيلنا تقسيم هذه الخطة على هذا النحو لكونها تسهل علينا مأمورية العرض التفصيلي‬

‫ألهم العوائق التشريعية والص عوبات العملي ة التي أثرت س لبيا على فاعلية نظ ام التحكيم‪ ،‬وعلى تحقيق‬

‫األهداف التي جاء من أجلها‪.‬‬

‫وبناءا على ما تقدم فإن الخطة التي اعتمدناها تنقسم إلى بابين‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬اإلشكاالت القانونية التي يطرحها قانون التحكيم ‪.08 – 05‬‬

‫الباب الثاني‪:‬الصعوبات العملية لنظام التحكيم وسبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫البـــاب األول‬
‫الباب األول‪:‬الصعوبات القانونية التي يطرحها قانون التحكيم ‪08 -05‬‬

‫اإلشكاليات القانونية التــي يطرحها قانــون‬


‫التحكيـــم ‪08 -05‬‬

‫‪34‬‬
‫الباب األول‪:‬اإلشكاليات القانونية التي يطرحها قانون التحكيم ‪08 -05‬‬

‫يعتبر التحكيم من أقدم اآلليات والوسائل التي أسند إليها مهمة حل النزاعات وتسويتها‪ ،‬حيت‬

‫صاحب اإلنسان منذ عهود قديمة‪ ،‬وتطور بتطور المبادالت التجارية بين الشعوب والقبائل‪ ،‬حتى أصبح‬

‫عادة مترسخة في نفوس الناس والوجهة الوحيدة للبت في قضاياهم وخالفاتهم‪.‬‬

‫وبالرغم من أن التحكيم قد بدأ بسيطا بساطة المجتمعات البدائية‪ ،‬فإنه تطور وظهرت له صور‬

‫متنوع ة منه ا التحكيم اإلداري ال ذي يع د وس يلة لحس م المنازع ات اإلداري ة بعي دا عن القض اء الرس مي‪،‬‬

‫والذي من شأنه أن يكون له دور في جذب فرص االستثمار ورؤوس األموال األجنبية‪ .‬ومنها التحكيم‬

‫اإللكتروني الذي يعد وسيلة لتسوية المنازعات بطريقة إلكترونية تتالءم مع طبيعة المعامالت التجارية‬

‫اإللكترونية المتميزة بالسرعة وعامل احتساب الوقت‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان ق انون ‪ 08 -05‬ق د ج اء من أج ل وض ع إط ار ق انوني للتحكيم ال داخلي والتحكيم‬

‫الدولي‪ ،‬ليستجيب للتطورات التي يعرفها ميدان المال واألعمال بالمغرب‪ ،‬فإن تنوع النشاط التجاري‪،‬‬

‫وتوسع مجاالت االستثمار صاحبه ظهور خالفات ومنازعات متعددة‪ .‬بفعل تشابك المصالح واختالف‬

‫النظم القانوني ة المحيط ة به ا‪ .118‬فه ل ك ان ق انون ‪ 08 -05‬ملبي ا لمتطلب ات األف راد والش ركات؟ وه ل‬

‫بإمكانه المساهمة في تنمية وتطوير االقتصاد الوطني؟‬

‫هذا ما سنحاول معالجته من خالل فصلين‪ :‬نتطرق في األول لإلشكاليات التي يطرحها التحكيم‬

‫التجاري‪ ،‬ونتطرق في الثاني لإلشكاليات التي يطرحها التحكيم اإلداري‪.‬‬

‫‪ -118‬إلهام عاللي‪ "،‬واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري في قانون ‪08 -05‬‬

‫مخصصا له الباب‬ ‫‪119‬‬


‫كان ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬أول ظهير ينظم بكيفية مفصلة نظام التحكيم‬

‫الخامس عشر من القسم السابع في الفصول من ‪ 527‬إلى ‪ ،534‬ليأتي بعد ذلك قانون المسطرة المدنية‬

‫المصادق عليه بتاريخ ‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر ‪ 1974‬ناسخا بذلك‬

‫مقتضيات ظهير ‪ 1913‬ومخصصا للتحكيم الباب الثامن من القسم الخامس أي من الفصول ‪ 306‬إلى‬

‫‪.327‬‬

‫وما يثير االنتباه أن المشرع المغربي اهتم فقط بتنظيم التحكيم الداخلي‪ ،‬وأغفل بشكل كلي تنظيم‬

‫التحكيم التجاري الدولي في القانون المذكور أعاله‪ ،‬بحيث اكتفى بمضمون االتفاقيات الدولية التي كان‬

‫س باقا للمص ادقة عليه ا‪ ،‬إذ ك ان المغ رب ث اني دول ة انض مت إلى اتفاقي ة نيوي ورك المؤرخ ة في‬

‫‪ 10/06/1958‬والمتعلق ة ب االعتراف وتنفي ذ الق رارات التحكيمي ة‪ .‬كم ا ك ان من بين أوائ ل ال دول ال تي‬

‫انضمت إلى اتفاقية واشنطن المؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪ 1965‬لحل الخالفات المتعلقة باالستثمارات بين‬

‫الدول ورعايا الدول األخرى‪.‬‬

‫ونظ را لألهمي ة ال تي يكتس يها التحكيم التج اري ال دولي في ال وقت ال راهن باعتب اره وس يلة من‬

‫المفروض أن تستجيب لرغبات الفاعلين في هذا المجال بشكل فعال‪ ،‬فإن المشرع المغربي قام بتعديل‬

‫مقتض يات الفص ول من ‪ 306‬إلى ‪ 327‬من ق انون المس طرة المدني ة لس نة ‪ - 1974‬وال تي ك انت تهتم‬

‫فقط بالتحكيم الداخلي‪ -‬ليعوضها بقانون ‪ ،08 – 05‬هذا األخير نظم التحكيم الداخلي بمقتضى الفرع‬

‫األول في الفص ول من ‪ 306‬إلى ‪ 327 -38‬ونظم التحكيم التج اري ال دولي بمقتض ى الف رع الث اني في‬

‫الفصول من ‪ 327 -39‬إلى ‪.327 -54‬‬

‫‪ -119‬عبد المجيد غميجة‪" ،‬مس تجدات مش روع الق انون المتعل ق ب التحكيم والوس اطة"‪ ،‬مجل ة المح اكم التجاري ة‪ ،‬الع دد الث اني‪ ،‬دجن بر ‪ ،2006‬ص‬
‫‪.27‬‬

‫‪36‬‬
‫وإ ذا كان لكل قانون ميزات وحسنات‪ ،‬إال أنه قد يطرح مالحظات أو إشكاليات قد تكون سببا‬

‫في صعوبة تطبيقها‪ ،‬فما هي إذن الصعوبات القانونية التي يطرحها تطبيق بعض محتويات قانون ‪-05‬‬

‫‪08‬؟‬

‫ه ذا م ا س نحاول معالجت ه ض من مبح ثين‪ ،‬س نتناول في األول أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا‬

‫التحكيم التجاري الداخلي‪ ،‬ونتناول في الثاني أبرز اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الدولي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلشكاالت التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي‬

‫لقد كان لتطور وازدهار التجارة الدولية األثر الكبير في بروز مكانة التحكيم باعتباره أداة بالغ ة‬

‫األهمية لتنشيط التجارة الدولية‪ ،‬األمر الذي خلق اتجاها قويا في مختلف دول العالم ذات النظم القانونية‬

‫المعاص رة إلى تنظيم التحكيم‪ ،‬وتع ديل قوانينه ا بص ورة تس اير ه ذا التط ور‪ ،‬مم ا أف رز لن ا العدي د من‬

‫التي تنظم التحكيم عبر مجموعة من النصوص القانونية التي تم تبنيها‬ ‫‪120‬‬
‫االتفاقيات واألنظمة القانونية‬

‫من قبل العديد من التشريعات لتكون بذلك عصب نظام التحكيم في مختلف دول العالم‪ ،‬مما دفع المشرع‬

‫المغربي إلصدار قواعد خاصة بالتحكيم عبر قانون ‪ 08 – 05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪،121‬‬

‫وذلك مواكبة لما وصلت إليه التشريعات الحديثة وإ دراكا منه للدور الذي أصبح يلعبه التحكيم في نمو‬

‫وازدهار التجارة الداخلية والدولية‪.‬‬

‫‪ -120‬لق د اهتمت بتنظيم القواع د الخاص ة ب التحكيم العدي د من االتفاقي ات والمنظم ات الدولي ة مث ل لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي‬
‫‪ ،Unicitral‬والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ‪ ،Unidroit‬حيث تم إصدار القانون النم وذجي للتحكيم‪ ،‬هذا األخير الذي نهلت من مقتضياته‬
‫معظم مؤسس ات التحكيم الدولي ة كغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس‪ ،‬كم ا عق دت بش أنها اتفاقي ة نيوي ورك ‪ (1958‬انظم إليه ا المغ رب في ‪/02 /12‬‬
‫‪ 1959‬ظهير ‪ )1960 /02 /19‬والتي تهتم باالعتراف وتنفيذ المقررات التحكيمية األجنبية واتفاقية واش نطن ( انظم إليها المغ رب في ‪/18/03‬‬
‫‪ )1965‬ـ أنظ ر المرس وم الملكي بت اريخ ‪ ،)31/10/1965‬واتفاقي ة عم ان العربي ة للتحكيم التج اري أقره ا مجلس وزراء الع رب في دورت ه‬
‫الخامس ة بق رار رقم ‪ 80/816/407‬هـ ـ ‪14/04/1987‬م‪ ،‬ك ذلك نظ ام التوفي ق للجن ة الق انون التج اري ال دولي ق رار ‪ 35/152‬اتخذت ه الجمعي ة‬
‫العامة ‪ ،04/12/1980‬واتفاقية جامعة الدول العربية الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم والعديد من االتفاقيات األخرى مثل اتفاقية الرياض العربية‬
‫للتعاون القضائي في سنة ‪ 1983‬ونظام المركز اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة‪.‬‬
‫‪ -121‬تجدر اإلشارة إلى أن القواعد الخاصة بالتحكيم كانت منظمة في التشريع المغربي ضمن أحكام قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 1953‬ولسنة‬
‫‪ ،1974‬لكن هذا األخير اهتم فقط بالتحكيم الداخلي‪ ،‬دون الدولي والتحكيم الفردي دون المؤسساتي‪ ،‬إلى أن جاءت التعديالت المنصوص عليها‬
‫في قانون ‪ ( 08- 05‬أنظر الجريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 06‬ديسمبر ‪ ،2007‬ص ‪.)3895‬‬
‫‪37‬‬
‫ولق د اهتم المش رع المغ ربي ب التحكيم ال داخلي اهتمام ا ال يق ل عن ب اقي التش ريعات المقارن ة في‬

‫باقي الدول‪ ،‬وخصوصا بعد صدور قانون ‪ 08 -05‬إذ خصص الفرع األول من الباب الثامن للتحكيم‬

‫ال داخلي وال ذي خص ص ل ه الفص ول من ‪ 306‬إلى ‪ ،327 -38‬حيث ج اء بالعدي د من المقتض يات‬

‫الجديدة سواء من حيث تنظيم الهيئة التحكيمية على أساس أنها المحور الجوهري في عملية التحكيم‪ ،‬أو‬

‫من حيث كيفية صدور الحكم التحكيمي ومحتوياته والقيمة القانونية التي يتمتع بها وطرق الطعن التي‬

‫قد يواجهها‪.‬‬

‫فما هي اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة التحكيمية؟ وما‬

‫هي أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا ه ذا الن وع من التحكيم على مس توى ت ذييل الحكم التحكيمي بالص يغة‬

‫التنفيذية؟‬

‫لكن قب ل تس ليط الض وء على بعض اإلش كاليات ال تي يطرحه ا ق انون التحكيم ‪ ،08 -05‬ق د‬

‫يكون من المناسب أن نبدأ بالحديث عن الطبيعة القانونية لنظام التحكيم لننتقل بعد ذلك للكشف عن أهم‬

‫الصعوبات التي يواجهها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم‬

‫اعتبارا التساع دائرة المعامالت التجارية في ظل العولمة وحرية التجارة‪ ،‬واتفاقيات التبادل‬

‫الحر‪ ،‬فقد برزت أهمية التحكيم التجاري‪ ،‬وأضحى الوسيلة غايتها القدرة على حل المنازعات التجاري ة‪،‬‬

‫بفضل ما تتميز به من خصائص ومميزات غير متوفرة في القضاء الرسمي‪ ،122‬كالتحرر من الشكليات‬

‫المعقدة‪.‬‬

‫كم ا أن من ش أن اللج وء لنظ ام التحكيم تحقي ق الت وازن بين اعتب ارين اث نين اح ترام س لطان‬

‫اإلرادة‪ ،‬وض روريات الخض وع للتنظيم الق انوني في مجتم ع معين‪ ،‬إض افة إلى ذل ك أن ه يق وم على‬

‫‪ -122‬إبراهيم العسري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.149‬‬


‫‪38‬‬
‫عنص ري الس رعة والتخص ص‪ ،123‬فالس رعة تتحق ق من خالل االس تعانة ب إجراءات تتس م بالس هولة‬

‫واليسر‪ ،‬أم ا التخص ص فإن ه يتجلى من خالل اختي ار المحكمين من أه ل الخ برة والمعرف ة في موض وع‬

‫ال نزاع المع روض عليهم‪ ،‬وعلى ال رغم من ك ل ه ذه المزاي ا ال تي يتم يز به ا نظ ام التحكيم فإن ه ال ي زال‬

‫يواجه عدة إشكاليات ونقاشات خاصة حول طبيعته‪ ،‬هل هي طبيعة تعاقدية أم طبيعة قض ائية؟ أم طبيع ة‬

‫مختلطة؟ أم مستقلة تميزه عن كل ما سبق؟‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة التعاقدية لنظام التحكيم‬

‫أن عملي ة التحكيم عقد من ب دايتها إلى نهايتها‪ ،125‬فنظ ام التحكيم‬ ‫‪124‬‬
‫يرى أص حاب ه ذه النظري ة‬

‫بالنسبة لهؤالء ذو طبيعة تعاقدية وليست قضائية‪ .‬وأن أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع‬

‫موض وع االتف اق على التحكيم ليس وا قض اة وليس لهم والي ة الحكم وأنهم مج رد أف رادا ع اديين‪ ،‬وأن‬

‫أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات موضوع اتفاقات التحكيم ليست أحكاما قضائية وإ نما هي أحكام‬

‫تس تمد قوته ا من إرادة األط راف والمحكمين ال ذين حكم وهم للفص ل في منازع اتهم‪ ،‬واتفق وا على‬

‫الخض وع لقض ائهم‪ ،126‬وه ذه اآلث ار ت بين بوض وح الطبيع ة العقدي ة للتحكيم‪ ،‬وق د أخ ذت محكم ة النقض‬

‫الفرنسية بهذا االتجاه عام ‪ 1937‬مؤكدة صراحة على الطبيعة العقدية للتحكيم‪.127‬‬

‫‪ - 123‬راجع ما عرضنا له بخصوص السرعة والتخصص في المقدمة‪.‬‬


‫‪ -124‬من أنصار الطبيعة التعاقدية لنظام التحكيم‪:‬‬
‫‪ -‬نبيل إسماعيل عمر ‪ "،‬الدفع بعدم القبول‪ ،‬ونظامه القانوني"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.219‬‬
‫‪ -‬أمينة النمر ‪ "،‬قوانين المرافعات"‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1982‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -‬مختار أحمد بريري ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار النهضة العربية بالقاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪ 7‬و ‪.8‬‬
‫‪ -‬محمود هاشم‪ "،‬النظرية العامة للتحكيم في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬اتفاق التحكيم"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬سنة ‪ ،1990‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -125‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -126‬محمود السيد عمر التحيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ -127‬أبو زيد رضوان ‪ "،‬األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.25‬‬
‫‪39‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القضائية لنظام للتحكيم‬

‫ي رى أنص ار النظري ة القض ائية‪ ،128‬أن التحكيم قض اء إجب اري يل زم الخص وم في حال ة اتف اقهم‬

‫على اللجوء إليه كوسيلة لحل خالفاتهم‪ .‬وأنه بهذه الصفة يحل محل القضاء‪ ،‬وأن عمل المحكم وإ ن قام‬

‫وتأسس على اتفاق التحكيم إال أن هذا األخير ليس هو األساس الوحيد لعمل المحكم‪ ،‬فعمل المحكم هو‬

‫عمل قضائي‪ ،129‬شأنه شأن العمل القضائي الصادر عن السلطة القضائية في الدولة‪ .130‬فمهمة المحكم‬

‫هي مهمة قضائية وحكمه يرتب نفس اآلثار التي يرتبها الحكم القضائي‪.131‬‬

‫وبالتالي فإن عملية التحكيم بالنسبة للنظرية القضائية هي عمل قضائي صرف‪ .132‬كما أن جل‬

‫تطلق على قرار التحكيم مصطلح الحكم التحكيمي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬ ‫‪133‬‬
‫األنظمة القانونية الوضعية‬

‫للتش ريع المغ ربي وم ا ذهب إلي ه الق انون الفرنس ي من إطالق لف ظ محكم ة التحكيم على المحكمين‪،‬‬

‫باإلضافة إلى القواعد التفصيلية التي أوردتها القوانين لتنظيم الخصومة في التحكيم وإ جراءات تس ييرها‪،‬‬

‫وذلك بشكل يتطابق أحيانا مع القواعد التي تنظم سير الخصومة القضائية‪.134‬‬

‫ب الرغم من األس انيد العدي دة ال تي ق امت عليه ا نظري ة الطبيع ة القض ائية لنظ ام التحكيم‪ ،‬فهي لم‬

‫تس لم من انتق ادات كث يرة أهمه ا قوله ا أن التحكيم والقض اء يحقق ان وظيف ة واح دة‪ ،‬هي الفص ل في‬

‫‪ -128‬من أنصار هذه النظرية‪:‬‬


‫‪ -‬ناريمان عبد القادر‪ "،‬اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬دراسة مقارنة‪ ،‬اتفاقية نيويورك‪،‬‬
‫القانون الفرنسي‪ ،‬القانون النموذجي‪ ،‬الشريعة اإلسالمية‪ ،‬التشريعات العربية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬ص ‪ 53‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬أبو زيد رضوان ‪ "،‬األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -129‬لمياء أزطوط‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -130‬عبد الرحيم زضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬نونبر‬
‫‪ ،2010‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -131‬محمود السيد عمر التحيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫‪-132‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ -133‬قانون المسطرة المدنية الفرنسي‪.‬‬
‫قانون المسطرة المدنية المغربي (‪.)327-22‬‬
‫‪ -134‬لمياء أزطوط‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪40‬‬
‫المنازع ات القانوني ة بين األف راد والجماع ات‪ .‬ف إن القض اء الي وم يق وم بوظيف ة قانوني ة بحث ه تتمث ل في‬

‫حماية الحقوق والمراكز القانونية لألفراد والجماعات بصرف النظر عن وجود نزاع أو عدم وجوده‪،‬‬

‫خالفا لوظيفة التحكيم التي هي إما اجتماعية‪ ،‬أو اقتصادية‪ ،‬لحل هذا األخير بالقانون أو بغيره‪ ،135‬على‬

‫نحو يضمن استمرار العالقات بين أطراف هذا النزاع في المستقبل‪.‬‬

‫كم ا أن اع تراف األنظم ة القانوني ة الوض عية باالتف اق على التحكيم‪ ،‬ال ينفي أن ه ذا االتف اق ه و‬

‫المصدر المباشر لسلطة المحكم‪ ،‬والذي ليس إال شخصا أو هيئة مفوضا لها من األطراف أمر الفصل‬

‫في النزاع وليس قاضيا معينا من الدولة‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان ج وهر وظيف ة هيئ ة التحكيم هي الفص ل في ال نزاع‪ ،‬ف إن ج وهر وظيف ة القاض ي هي‬

‫حماي ة الق انون الوض عي‪ ،‬والق انون ال ذي ينظم ممارس ة تل ك الوظيف ة ه و ق انون يختل ف تمام ا عن ذل ك‬

‫المطبق على المحكم‪.136‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الطبيعة المختلطة لنظام التحكيم‬

‫يرى أصحاب هذه النظرية‪ ،137‬أن نظام التحكيم له طبيعة مختلطة‪ ،‬تبدأ باتفاق األطراف على‬

‫اختي اره للفص ل في ال نزاع وتنتهي بص دور الحكم التحكيمي ال ذي ال يختل ف في مض مونه عن الحكم‬

‫القض ائي‪ .138‬ليك ون نظ ام التحكيم في نظ ر أنص ار نظري ة الطبيع ة المختلط ة لنظ ام التحكيم‪ ،139‬نظام ا‬

‫تتعاقب عليه الصفتان‪ :‬الصفة التعاقدية والصفة القضائية‪.140‬‬

‫‪ -135‬قواعد من صنع عادات وأعراف التجارة الدولية‪ ،‬وقواعد العدالة واإلنصاف‬


‫راجع ما سنعرض له بخصوص هذا الموضوع في الباب األول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -136‬محمود السيد عمر التحيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 554‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -137‬عبـد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -138‬عبد الرحيم زضاكي ‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -139‬عبد اهلل درميش ‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪ -‬الدار البيضاء – عين الشق‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،1983 – 1982‬ص ‪.1‬‬
‫‪-140‬‬
‫يمكن الرجوع في ذلك إلى‪:‬‬
‫‪41‬‬
‫على ال رغم من الح ل الت وفيقي ال ذي ج اءت ب ه ه ذه النظري ة إال أنه ا لم تس لم من النق د ال ذي‬

‫يتلخص في أن هذا االتجاه لم يحل المشكلة جذريا‪ ،‬بل اختار الحل السهل الذي أبقى الخالف قائما بين‬

‫أنصار االتجاهين‪.141‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الطبيعة المستقلة لنظام التحكيم‬

‫يرى أنصار هاته النظرية‪ ،142‬أن نظام التحكيم له طبيعته الخاصة وذاتيته المستقلة التي تختلف‬

‫عن غ يره من العق ود‪ ،‬كم ا تختل ف عن أحك ام القض اء‪ ،‬ول ذلك ال يجب ال زج بنظ ام التحكيم في أحض ان‬

‫أنظمة قانونية أخرى يختلف عنها في أمور ويتشابه معها في أمور أخرى‪.143‬‬

‫نظ ام التحكيم إذن‪ ،‬ال يخض ع لنظ ام العم ل القض ائي وح ده وإ ن ك ان يس تعير من ه بعض قواع ده‬

‫الخاصة‪ ،‬كما ال يخضع للنظام القانوني للعقد وحده وإ ن كان يستعير منه بعض قواعده الخاصة‪ ،‬بل هو‬

‫خاضع لقواعد مستقلة خاصة به تعبر عن ذاتيته‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة‬

‫التحكيمية‬

‫تع د الجه ة ال تي يتم اللج وء إليه ا لتس وية ال نزاع عن طري ق التحكيم هي الهيئ ة التحكيمي ة‪ ،‬فهي‬

‫ال ركن الج وهري في التحكيم إذ ال يتص ور قيام ه ب دونها‪ ،‬ذل ك أن طبيعته ا تختل ف من خاص ة إلى‬

‫مؤسساتية‪ ،‬كما أن تركيبتها تتكون دائما من أشخاص طبيعيين سواء تعلق األمر بمحكم فرد أو أكثر‪.‬‬

‫‪ -‬حفيظة السيد الحداد‪ "،‬الم وجز في النظري ة العامي ة في التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬منش ورات الحل بي الحقوقي ة‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة ‪،2004‬‬
‫ص ‪.323‬‬
‫‪ -141‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬ازاد شكور صالح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫‪ -142‬خديجــة فــارحي‪ ،‬محاض رات في م ادة "الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات"‪ ،‬ألقيت على طلب ة ماس تر ق انون األعم ال‪ ،‬الس نة الثاني ة‪ ،‬بجامع ة‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬برسم الموسم الجامعي ‪.2009 – 2008‬‬
‫‪ -‬عزت محمد علي البحيري ‪ "،‬تنفيذ أحكام التحكيم األجنبي‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -‬سيد أحمد محمود ‪ "،‬مفهوم التحكيم وفقا لقانون المرافعات"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪ 53‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -143‬محمود السيد عمر التحيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.604‬‬
‫‪42‬‬
‫وم ا يمكن مالحظت ه عن اختي ار ه ذه الهيئ ة أن ه يتم مب دئيا من قب ل األط راف‪ ،144‬إم ا بص فة وجوبي ة إذا‬

‫إذا‬ ‫‪145‬‬
‫تعل ق األم ر بعق د التحكيم‪ ،‬وإ م ا بش كل ج وازي إذا تعل ق األم ر بمج رد ش رط التحكيم‪ ،‬أو قض ائي‬

‫تع ذر االتف اق على تعيينه ا في حال ة رفض أح د الخص وم تع يين المحكم أو المحكمين األعض اء من‬

‫جهته‪.146‬‬

‫ويعت بر تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة عن طري ق اتف اق األط راف األك ثر تماش يا م ع روح التحكيم‬

‫والفلس فة ال تي يق وم عليه ا‪ ،‬وال تي تحق ق أهم الض مانات للمحتكمين في اختي ار أش خاص المحكمين‬

‫بمع رفتهم‪ ،‬كم ا يحق ق ه ذا الطري ق للخص وم أهم س مات التحكيم وال تي تتمث ل في المحافظ ة على س رية‬

‫النزاع وسرية إجراءاته وسرية ما تم تبادله من مستندات ووثائق يحرص المحتكمون على إخفائها‪.147‬‬

‫ولإلش ارة ف إن ك ل التش ريعات ال تي اس تطعنا اإلطالع عليه ا في موض وع التحكيم لم تض ع أي‬

‫تعري ف للهيئ ة التحكيمي ة‪ ،148‬ب ل تكتفي بتنظيم كيفي ة تع يين ه ذه األخ يرة‪ .‬وه ذا م ا س ار علي ه المش رع‬

‫المغ ربي أيض ا في ق انون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬إذ نص في الفص ل ‪ 2‬ـ ‪ 327‬من ه على م ا يلي‪ " :‬تتش كل الهيئ ة‬

‫‪ -144‬فجمي ع التش ريعات المقارن ة تتف ق على تخوي ل الخص وم الص الحية الكامل ة في تع يين هيئ ة التحكيم‪ ،‬على اعتب ار أنهم الجه ة الوحي دة ال تي‬
‫يمكنه ا وضع الثق ة في ه ذه الهيئ ة لخبرته ا واس تقالليتها ومن ثم إعطاؤه ا لل نزاع حال قانوني ا وع ادال في نفس ال وقت‪ .‬فق وام ه ذه الثق ة تتمث ل في‬
‫الشرف واألمانة والنزاهة واليقظة‪.‬‬
‫‪ -145‬فع دم اتف اق األط راف على تع يين الهيئ ة التحكيمي ة ال يعت بر م انع من إتم ام إج راءات التحكيم‪ ،‬وإ نم ا يتم الحق ا إحالل المحكم ة المختص ة‬
‫محلهما في هذا التعيين‪.‬‬
‫‪ -146‬ناصر بلعيد‪ " ،‬وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي دراسة تحليلية في ضوء قانون ‪ 05‬ـ ‪ "08‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2007‬ـ ‪ ،2008‬ص ‪.04‬‬
‫راجع أيضا عزيز الفتح‪ " ،‬الهيئة التحكيمية في ظل مشروع قانون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬للوساطة والتحكيم" مقال منشور بمجلة القانون المغ ربي‪ ،‬الع دد ‪،12‬‬
‫السنة ‪ ،2008‬مطبعة دار السالم‪ ،‬ص ‪. 157‬‬
‫‪ -147‬أبو العال علي أبو العال ‪ " ،‬تكوين التحكيم‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2000 ،‬ص‪.28 :‬‬
‫‪ - 148‬كقاعدة فإن مهمة التعريف ليست من المهام األصيلة للقوانين والتشريعات‪ ،‬بل مهمة من مهام الفقه والفقهاء‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار الهيئة التحكيمية بأنها" تلك الجهة المعينة إما من طرف الخصوم‪ ،‬أو القضاء في حالة تعذر ذلك‪ ،‬من أجل النظر في نزاع معين‬
‫وفق اتفاق األطراف وداخل مدة زمنية معينة"‪.‬‬
‫‪ -‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪43‬‬
‫التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين تكون لألطراف حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم إما‬

‫في االتفاق التحكيمي وإ ما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع لدى المؤسسة التحكيمية المختارة "‪.149‬‬

‫وق د اش ترطت غالبي ة التش ريعات العربي ة المنظم ة للتحكيم‪ ،150‬أن يك ون ع دد ه ؤالء المحكمين‬

‫وترا‪ ،‬أيا كانت الطريقة التي يتم بها تعيين المحكمين وتحديدهم‪ ،‬سواء تم ذلك باتفاق المحتكمين أنفسهم‬

‫في االتفاق ذاته أو في اتفاق مستقل‪ ،‬أو تم التعيين بواسطة المحكمة المختصة بناءا على طلب أي من‬

‫المحتكمين‪ ،‬أو تم عن طريق مركز أو هيئة أو مؤسسة تحكيمية‪.151‬‬

‫واشتراط القانون أن يكون عدد المحكمين وترا يتفق مع ما جاءت به المادة الثانية من قواعد‬

‫الئحة غرفة التجارة الدولية حيث تنص على ما يلي‪ 2 " :‬ـيجوز أن يفصل في المنازعات محكم واحد‬

‫أو ثالث ة محكمين ويقص د بلف ظ محكم في الم واد التالي ة المحكم الف رد أو المحكمين الثالث على حس ب‬

‫األحوال"‪.152‬‬

‫والعل ة من اس تلزام الع دد ال وتري حس ب بعض الفق ه هي تالفي الحال ة ال تي ق د ينتهي إليه ا‬

‫التحكيم‪ ،‬وهي حالة اختالف المحكمين فيما بينهم دون أن يصلوا إلى قرار واحد‪.153‬‬

‫‪ -149‬أنظ ر ق انون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬القاض ي بنس خ وتع ويض الب اب الث امن بالقس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة‪ ،‬الجري دة الرس مية‪ ،‬ع دد ‪5584‬‬
‫المنشورة بتاريخ ‪ 6‬دجنبر الموافق لـ ‪ 25‬ذو القعدة ‪ ،1428‬ص ‪.3897‬‬
‫‪ -‬المادة ‪( 206‬الفقرة ‪ )2‬من القانون اإلماراتي ‪ /‬المادة ‪( 234‬الفقرة ‪ )1‬من القانون البحريني ‪ /‬المادة ‪( 4‬الفقرة ‪ )1‬من الق انون األردني ‪/‬‬ ‫‪150‬‬

‫الم ادة ‪( 193‬الفق رة ‪ )2‬من الق انون القط ري ‪ /‬الم ادة ‪ 511‬من الق انون الس وري ‪ /‬الم ادة ‪ 257‬من الق انون الع راقي ‪ /‬الم ادة ‪ 17‬من الق انون‬
‫اليمني‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب ‪" ،‬موسوعة التحكيم‪ ،‬التحكيم في البالد العربية‪ ،‬الجزء األول" دار المعارف‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪ 53‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -151‬علي طاهر البياتي ‪ "،‬التحكيم التجاري البحري‪ ،‬دراسة قانونية مقارنة"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2005‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -152‬نور الدين حسن الدين‪" ،‬تدخل النظام العام في مجال التحكيم بين االطالق والتقييد"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون االعمال‪ ،‬جامعة‬
‫الحسن الثاني بالدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011- 2010‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -153‬أسعد فاضل منديل‪ " ،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪"،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارن ة"‪ ،‬دار نيبور‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.109‬‬
‫‪44‬‬
‫على اإلج راءات ال واجب إتباعه ا إذا م ا عين األط راف ع ددا‬ ‫‪154‬‬
‫وق د نص ق انون ‪08 -05‬‬

‫مزدوج ا من المحكمين‪ ،‬إذ أوجب تكمي ل تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة بمحكم يتم اختي اره إم ا طبق ا لم ا اتف ق‬

‫علي ه األط راف‪ ،‬وإ م ا أن يتم اختي اره وتكملت ه من ل دن المحكمين المعي نين في حال ة ع دم حص ول ه ذا‬

‫االتفاق‪ ،‬وإ ما أن يتم تعيينه من لدن رئيس المحكمة بناء على أمر غير قابل للطعن‪ ،‬كما أنه وفي حالة‬

‫تحكيم مؤسس ي ف إن تع يين الهيئ ة التحكيمي ة يتم وفق ا للمس طرة ال تي وض عتها المؤسس ة التحكيمي ة‬

‫المختارة‪.‬‬

‫تكمي ل تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة بقب ول المحكم أو المحكمين‬ ‫‪155‬‬


‫كم ا رب ط المش رع المغ ربي‬

‫المعينين للمهمة المسندة إليهم‪ ،‬إذ يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله للمهمة‬

‫التحكيمي ة عن أي ظ روف من ش أنها إث ارة الش كوك ح ول حي اده واس تقالله‪ .156‬كم ا يتعين على المحكم‬

‫الذي يعلم بوجود أحد أسباب التجريح في نفسه أن يشعر األطراف بذلك‪ .‬وفي هذه الحالة ال يجوز له‬

‫قبول مهمته إال بعد موافقة األطراف‪ .157‬كما بين المشرع اإلجراءات الواجب إتباعها عند تقديم طلب‬

‫تج ريح أو ع زل أح د المحكمين‪ ،‬إذ يجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم البت في الطلب م ا ع دا إذا‬

‫قبل المحكم المعني باألمر التخلي عن مهمته‪.158‬‬

‫على مس توى آخر وباس تقراء مقتض يات ق انون ‪ 08 -05‬يالحظ أن المشرع المغربي لم ينص‬

‫كالتشريع التونس ي‬ ‫‪159‬‬


‫على إمكانية قيام القاضي بمهمة محكم‪ .‬بخالف بعض التشريعات العربية المقارنة‬

‫ال ذي نص ص راحة في الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 10‬من ق انون التحكيم التونس ي على ج واز "أن يك ون‬

‫‪ -154‬الفصل ‪ 327-4‬من قانون ‪ 05‬ـ ‪ ( 08‬أنظر الملحق)‪.‬‬


‫‪ -155‬الفقرة األولى من الفصل ‪ 327- 6‬من قانون ‪ ( 08- 05‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ -156‬الفقرة الثانية من الفصل ‪ 327- 6‬من قانون ‪ ( 08 -05‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ -157‬الفصل ‪ 327 -7‬من قانون ‪ ( 08 -05‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪ -158‬الفصل ‪ 327 - 8‬من قانون ‪ ( 08 - 05‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪-159‬‬
‫بالنسبة لقانون المرافعات المدنية والتنفيذ العراقي فقد نصت المادة ‪ 155‬منه على ما يلي‪ " :‬ال يجوز أن يكون المحكم من رجال القضاء‬
‫إال بإذن مجلس القضاء ‪"...‬‬
‫‪45‬‬
‫القاض ي أو الع ون العم ومي محكم ا بش رط ع دم اإلخالل بالوظ ائف األص لية والحص ول على ت رخيص‬

‫مسبق من السلطة قبل القيام بأية مهمة في التحكيم‪."...‬‬

‫فهل عدم تنصيص القانون المغربي(‪ )08 -05‬على إمكانية إسناد مهمة التحكيم للقاضي تؤخذ‬

‫على معنى المنع أم على معنى اإلباحة؟‬

‫أن قاعدة ما ال يمنعه القانون صراحة فهو جائز‪ ،‬ال يمكن تطبيقها على‬ ‫‪160‬‬
‫يرى بعض الفقه‬

‫هذه الحالة ألن كل ما يتعلق بالمهام التي يمكن للقضاة القيام بها يجب أن ينص عليها القانون صراحة‬

‫نظرا الرتباط مهنة القضاء بعدد من األعراف والتقاليد‪ .‬إال أن ممارسة القضاة لمهام التحكيم ال يتنافى‬

‫م ع مهمتهم كقض اة‪ ،‬ب ل على العكس ف إن ه ؤالء يمكنهم أن ينجح وا في مهمتهم كمحكمين‪ ،‬نظ را لم ا‬

‫يتم يزون ب ه من ملك ة اإلحاط ة ب النزاع وتط بيق القاع دة القانوني ة على النازل ة المعروض ة عليهم بك ل‬

‫ج دارة ومهني ة‪ .‬ل ذا يجب أن يت دارك المش رع المغ ربي ه ذا النقص ألن من ش أن إتاح ة ه ذه اإلمكاني ة‬

‫للقض اة أن تمكن مؤسس ة التحكيم من االس تفادة من تجرب ة وخ برة ه ؤالء في مج ال فض النزاع ات‬

‫التجارية على وجه الخصوص‪.161‬‬

‫إن درجة فعالية عمل هيئات التحكيم تقاس عادة من خالل مدى كفاية تنظيمها القانوني وكذا بم ا‬

‫يتمت ع ب ه األط راف من ض مانات في مواجهته ا‪ ،‬إال أن ه مهم ا ك انت درج ة تنظيم ه ذه الهيئ ات فإنه ا ال‬

‫تسلم من بعض الثغرات التي قد تحد من دورها في تسوية النزاع وهذا ما ينطبق على قانون‪.08 -05‬‬

‫وفي خضم هذا الفرع‪ ،‬سنحاول أن نتطرق ألهم اإلشكاليات التي يثيرها قانون ‪ 08 -05‬فيما‬

‫وذلك على الشكل التالي‪:‬‬ ‫‪162‬‬


‫يتعلق بالهيئة التحكيمية‬

‫‪ -160‬مصطفى التراب ‪ "،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي"‪ ،‬مقال مأخوذ من منشورات مجلة الحقوق المغربية‪،‬‬
‫الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التحكيم‪ ،‬الصلح‪ ،‬مقاربات وتجارب متعددة"‪ ،‬العدد ‪ ،4‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -161‬مصطفى التراب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ - 162‬تجدر اإلشارة إلى أن اإلشكاليات المتعلقة بالهيئة التحكيمية هي كثيرة ومتعددة واختيارنا لبعض منها يبقى ‪ -‬حسب رأينا‪ -‬اعتبارها األهم‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها تطبيق الفصــل ‪ 320‬من قــانون ‪ 08 -05‬بخصــوص‬
‫مسألة أهلية المحكم‬
‫س نتناول في ه ذا المطلب موق ف التش ريع المغ ربي (الفق رة األولى) والتش ريعات المقرن ة من‬

‫مسألة أهلية المحكم (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف التشريع المغربي من مسألة أهلية المحكم‬

‫تط رق المش رع المغربي لش رط األهلي ة في الفق رة األولى من الفص ل ‪ 320‬من ق انون ‪08-05‬‬

‫لم يسبق أن صدر‬ ‫‪163‬‬


‫الذي نص على أنه "ال يمكن إسناد مهمة المحكم إال إلى شخص ذاتي كامل األهلية‬

‫عليه حكم نهائي باإلدانة من أجل ارتكاب أفعال تخل بالشرف أو صفات االستقامة أو اآلداب العامة أو‬

‫بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة أو حق من حقوقه المدنية"‪ ،‬وهو أمر منطقي ألن القاصر ال يمكن‬

‫له أن يتولى مهمة قضائية وال هو قادر على الدفاع على مصالحه أو إجراء تصرفات قانونية‪ ،‬كما أنه‬

‫ال ينبغي للمحكم أن يكون محجورا علي ه أو محروما من حقوق ه المدنية بسبب عقوب ة جنائية‪ ،‬هذا وقد‬

‫نص المش رع المغ ربي في الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 320‬من ق انون ‪ 08 - 05‬على أن ه "إذا عين في‬

‫االتفاق شخص معنوي‪ ،‬فإن هذا الشخص ال يتمتع سوى بصالحية تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره"‪.‬‬

‫وهو أمر مفهوم ومقبول ألن الشخص الطبيعي هو الذي يرى ويحس وهو الذي يفكر ويقرر‬

‫على ض وء م ا يحي ط ب ه من ظ واهر وحق ائق‪ .164‬ل ذا فال يمكن بح ال من األح وال أن يك ون المحكم‬

‫شخص ية معنوي ة كش ركة أو جمعي ة أو هيئ ة عام ة أو مؤسس ة عام ة‪ ،‬أم ا إذا عين الش خص المعن وي‬

‫‪ -‬أي راشد حسب مفهوم المادة ‪ 210‬من مدونة األسرة المغربية‪ .‬وتجدر اإلشارة أن هذه المقتضيات نصت عليها مجموع ة من التش ريعات‪،‬‬ ‫‪163‬‬

‫ن ذكر منه ا التش ريع اإلم اراتي ال ذي نص في الم ادة ‪ 206‬من الق انون االتح ادي رقم ‪ 11 /1992‬المنش ور في الجري دة الرس مية ع دد ‪235‬‬
‫والصادر بتاريخ ‪ ،08 / 03 / 1992‬على أنه ال يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة‬
‫جنائية ‪ ،‬أو مفلسا ما لم يرد إليه اعتباره‪ .‬أنظر‪ :‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم زضاكي‪" ،‬الوجيز في شرح القانون المغربي الجدي د للتحكيم الداخلي"‪ ،‬مطبعة سليكي إخوان‪ ،‬طنج ة‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬الجزء‬ ‫‪164‬‬

‫األول‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.34‬‬


‫‪47‬‬
‫محكما فال يمكن له إال أن ينظم التحكيم من حيث التسيير اإلداري واإلجرائي‪ ،165‬وهو ما يحدث عمليا‬

‫في التحكيم عن طريق منظمة أو هيئة متخصصة وهو ما يسمى بالتحكيم المؤسسي أو المنظم‪.166‬‬

‫وتطبيق الفصل ‪ 320‬أعاله من قانون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬قد يطرح إشكاليات قانونية‪:‬‬

‫‪ -‬إن الفص ل ‪ 320‬يط رح إش كاال قانوني ا يتعل ق بنط اق س ريان مفه وم الرش د من حيث‬

‫األش خاص‪ ،‬فه ل يطب ق على جمي ع المحكمين بم ا فيهم األج انب؟ أم أن ه يقتص ر فق ط على المحكمين‬

‫المغاربة؟ خاص ة أنه بعد اس تقراء مقتض يات األحكام العامة من الباب التمهيدي لمدونة األسرة نجدها‬

‫تنص بمفه وم المخالف ة على أن أحك ام ه ذه األخ يرة ال تطب ق على األج انب المعروف ة جنس يتهم‪ ،‬وتبع ا‬

‫لذلك فإذا ما افترضنا أن القانون الشخصي للمحكم األجنبي الذي يريد مزاولة التحكيم بالمغرب ينص‬

‫على سن للرشد أكبر من ذلك المنصوص عليه في القانون المغربي‪ ،‬فهل في هذه الحالة سيتم االكتفاء‬

‫بالسن المذكور في القانون المغربي دون األخذ بعين االعتبار القانون الشخصي للمحكم األجنبي؟ أم أن‬

‫هذا األخير تقدم مقتضياته على مقتضيات الفصل ‪ 320‬المذكورة أعاله؟ ونفس اإلشكال يذكر في الحال ة‬

‫المعاكسة أي فيما إذا كان القانون الشخصي للمحكم األجنبي يحدد سنا للرشد أقل من ذلك المنصوص‬

‫عليه في القانون المغربي‬

‫يرى بعض الفقه‪ 167‬ضرورة إعمال سن الرشد المعمول به في القانون المغربي على أس اس أن‬

‫المحكم األجن بي س يمارس مه ام التحكيم داخ ل ال تراب المغ ربي‪ ،‬فض ال عن أنه ا تع د بطبيعته ا مهام ا‬

‫حساسة لتعلقها بحقوق األشخاص الذين غالبا ما يكونون من المواطنين المغاربة‪.168‬‬

‫‪ -165‬عبد اهلل درميش‪" ،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية" م س‪ ،‬ص ‪.246‬‬


‫‪ -166‬أحمد هندي ‪ " ،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية في ضوء قانون التحكيم المصري وقوانين الدول العربية واألجنبي ة‪ ،‬خصومة التحكيم‪ ،‬رد المحكم‪،‬‬
‫الحكم التحكيمي‪ ،‬دعوى البطالن‪ ،‬تنفيذ الحكم التحكيمي‪ ،‬التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -167‬ناصر بلعيد "وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‪ ،‬دراسة تحليلية في ضوء قانون ‪ 05‬ـ ‪ ،"08‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -168‬إن المشرع المغربي كان عليه تفاديا لمثل هذه الثغرات القانونية أن يقوم بصياغة الفصل ‪ 320‬كالتالي‪" :‬ال يمكن إسناد مهمة التحكيم إال‬
‫إلى شخص ذاتي كامل األهلية كما نص عليها القانون المغربي ‪."...‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن نفس اإلشكال القانوني قد وقع فيه المشرع المغربي حينما أراد إصدار مدونة التجارة سنة ‪ ،1996‬وكان ذلك بمناسبة‬
‫تطرق ه لموض وع ممارس ة الش خص األجن بي للتج ارة ب المغرب‪ ،‬و تنص الم ادة ‪ 15‬من ه ذا الق انون على م ا يلي‪" :‬يعت بر األجن بي كام ل األهلي ة‬
‫‪48‬‬
‫كاستثناء من هذا المنع بعد صدور الحكم باإلدانة‪،‬‬ ‫‪169‬‬
‫‪ -‬إن الفصل ‪ 320‬لم يذكر رد االعتبار‬

‫وبالمقابل هذا ما نصت عليه بعض التشريعات المقارنة خالل صياغتها لمثل هذه المقتضيات‪.170‬‬

‫‪ -‬لوح ظ على المش رع المغ ربي حص ره لألفع ال الجرمي ة المرتكب ة من قب ل المحكمين ال تي‬

‫ب إدانتهم من أجله ا يمتن ع عليهم ممارس ة المه ام التحكيمي ة في اإلخالل بالش رف وص فات االس تقامة‬
‫‪171‬‬
‫واآلداب العامة فقط‪ ،‬إذ كان عليه تفاديا لسلبيات مثل هذا الحصر أن ينص على الجرائم بصفة عامة‬

‫لمزاولة التجارة في المغرب ببلوغه ‪ 18‬سنة كاملة‪ ،‬ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعال مما هو منصوص عليه في القانون المغربي"‪.‬‬
‫أم ا الم ادة ‪ 16‬فق د نص ت على م ا يلي‪ " :‬ال يج وز لألجن بي غ ير الب الغ س ن الرش د المنص وص علي ه في الق انون المغ ربي أن يتج ر إال ب إذن من‬
‫رئيس المحكمة التي ينوي ممارسة التجارة بدائرتها حتى ولو كان قانون جنسيته يقضي بأنه راشد‪"...‬‬
‫هكذا نرى أن المشرع المغربي أخد بنظرية المصلحة الوطنية المرتبطة بالتجارة والذي كان عليه أن يأخذ بها أيضا أثناء صياغته للفصل ‪320‬‬
‫نظرا لخطورة مهام التحكيم‪.‬‬
‫للتوس ع أك ثر ح ول ت اريخ إعم ال نظري ة المص لحة الوطني ة أنظ ر‪:‬أحمــد زوكــاغي‪ " ،‬أحك ام التن ازع بين الق وانين في التش ريع المغ ربي "‪ ،‬طبع ة‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.144‬‬
‫‪ - 169‬رد االعتبار في معناه اللغوي هو‪ :‬إعادة الثقة العامة في شخص بعد أن فقدها إثر اقترافه لفعل ال يقبله أو يجرمه المجتمع‪.‬‬
‫أم ا في معناها الق انوني فهو‪ :‬إجراء يه دف من ورائ ه المحكوم علي ه‪ ،‬محو اآلث ار الناتج ة عن عقوب ة جنائي ة أو جنحي ة أو مخالف ة‪ ،‬صدرت عن‬
‫إحدى محاكم المملكة‪ ،‬من بطاقة سوابقه العدلية أو السجل العدلي‪ ،‬أو ما يعرف عند المتقاضين بحسن السيرة والسلوك‪ ،‬وذلك بعد توافر مجموعة‬
‫من الشروط القانونية (أنظر المواد من ‪ 687‬إلى ‪ 703‬من القانون المسطرة الجنائية المغربية)‪.‬‬
‫أم ا الفائ دة من مح و آث ار اإلدان ة‪ ،‬فهي إتاح ة الفرص ة من جدي دة للمحك وم علي ه الس تعادة أهليت ه في االن دماج الفعلي في الحي اة االجتماعي ة عام ة‬
‫واإلدارية خاصة‪.‬‬
‫ورد االعتبار كما هو منظم في قانون المسطرة الجنائية من الفصل ‪ 687‬إلى الفصل ‪ 703‬فهو‪:‬‬
‫‪ -1‬إما بحكم القانون (رد االعتبار القانوني)‪.‬‬
‫‪ - 2‬و إما بناء على قرار تصدره الغرفة الجنحية بمحكمة اإلسثئناف (رد االعتبار القضائي)‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬العلمي عبد الواحد ‪ "،‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ ،‬القسم العام"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬سنة ‪.2002‬‬
‫‪ -‬محمود محمود مصطفى ‪ "،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام"‪ ،‬دار مطابع الشعب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬سنة ‪.1964‬‬
‫‪ -‬محمود نجيب حسني‪ "،‬دروس في العقوبة"‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1989‬‬
‫‪ -‬محمد علي السالم‪ ،‬عياد الحلبي‪" ،‬ش رح ق انون العقوب ات‪ ،‬القس م الع ام"‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬اإلص دار األول‪،‬‬
‫سنة ‪.2007‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح مصطفى الصفي ‪"،‬قانون العقوبات‪ ،‬النظرية العامة"‪ ،‬دار الهدى للمطبوعات‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون ذكر الطبعة والسنة‪.‬‬
‫‪ -170‬ومثال ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 16‬من قانون التحكيم المصري‪ ،‬على أنه ‪ ... " :‬أو مجردا من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية‬
‫جنحية مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفالسه ما لم يرد إليه اعتباره"‪.‬‬
‫وهناك من التشريعات التي خالفت هذا المبدأ وقضت على أن المحكم بالرغم من رد اعتباره فال يمكنه أن يصبح محكما وهذا ما جاءت به المادة‬
‫‪ 15‬من قانون التحكيم األردني " ال يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه بجناية أو‬
‫بجنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفالسه ولو رد إليه اعتباره"‪.‬‬
‫‪ -171‬هدى محمد حمدي عبد الرحمان ‪ " ،‬دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1997‬ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪49‬‬
‫ال على س بيل الحص ر (م ع مراع اة الج رائم البس يطة)‪ ،172‬فبمفه وم المخالف ة مع نى ه ذا الفص ل يج وز‬

‫للمحكم الذي أدين من أجل جريمة القتل العمد أو اإليذاء العمدي ممارسة أعمال التحكيم‪ ،‬بينما سيتعذر‬

‫عليه ذلك لو أدين من أجل جريمة خيانة األمانة أو السرقة مثال‪.173‬‬

‫أما فيما يتعلق بالحكم على المحكم بالحرمان من أهلية ممارسة التجارة والمنصوص عليها في‬

‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 320‬أعاله فإنه هو اآلخر سيؤدي إلى منع ه من أداء مهام التحكيم‪ ،174‬وما‬

‫ينبغي اإلش ارة إلي ه ه و أن ه ذا الحرم ان ق د يتع ارض م ع المقتض يات القانوني ة المتعلق ة بس قوط األهلي ة‬

‫التجارية المنصوص عليها في المواد ‪ 711‬وما يليها من مدونة التجارة‪.175‬‬

‫وتنص الم ادة ‪ 711‬على أن ه‪" :‬ي ترتب عن س قوط األهلي ة التجاري ة من ع اإلدارة أو الت دبير أو‬

‫التس يير أو المراقب ة بص فة مباش رة أو غ ير مباش رة لك ل مقاول ة تجاري ة أو حرفي ة ولك ل ش ركة تجاري ة‬

‫ذات نشاط اقتصادي"‪.‬‬

‫وفي نفس الس ياق نش ير إلى أن الفص ل ‪ 320‬من الق انون ‪ 08 -05‬المش ار إلي ه أعاله حينم ا‬

‫أورد الحكم بالحرم ان من األهلي ة التجاري ة كم انع من مزاول ة مه ام التحكيم لم ينص على ض رورة‬

‫مراع اة الم ادتين ‪ 719‬و ‪ 720‬من مدون ة التج ارة عن د تط بيق الفص ل أعاله‪ ،‬س يما وأن ه اتين الم ادتين‬

‫تنص ان من جه ة على أن الحكم بس قوط األهلي ة التجاري ة‪ ،176‬ينتهي أث ره بق وة الق انون بمج رد انته اء‬

‫األجل المحدد له دون حاجة إلى انتظار صدور حكم قضائي آخر يقر ذلك‪.‬‬

‫‪ - 172‬ومثال ذلك مخالفات السير‪ ،‬والغرامات الضئيلة‪ ،‬للتوسع أكثر أنظر‪:‬‬


‫‪Thomas Clay,, "L’arbitre " nouvelle bibliothèque de thèses, Dalloz, édition 2001, p 381‬‬
‫‪ -173‬ناصر بلعيد‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -174‬عبد الرحمان العاللي ‪ "،‬مجاالت التحكيم والنظام العام"‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬عدد ‪ ،12‬أبريل ‪ ،2007‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -175‬الق انون رقم ‪ 15 -95‬المتعل ق بمدون ة التج ارة‪ ،‬المنش ور بالجري دة الرس مية ع دد ‪ 4418‬بت اريخ ‪ 19‬جم ادى األولى ‪ 3( 1407‬أكت وبر‬
‫‪.)1996‬‬
‫‪ -176‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬كريم آيت يال ‪ "،‬استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.216‬‬
‫‪50‬‬
‫ومن جه ة أخ رى على أن قف ل المس طرة بس بب انقض اء الخص وم ك إجراء في إط ار مس اطر‬

‫معالجة صعوبات المقاولة يعيد األهلية التجارية لرئيس المقاولة أو لمسيري الشركة بقوة القانون‪ ،‬هذا‬

‫مع مراعاة أحكام المادة ‪ 720‬من مدونة التجارة التي رتبت جزاء رد االعتبار للمحكوم عليه بسقوط‬

‫أهليته التجارية بعد إرجاعها إليه من قبل المحكمة المختصة‪.‬‬

‫لذا فإن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 320‬من القانون ‪ 08 -05‬بشأن األهلية التجارية‪ ،‬تقتضي‬

‫إعمال هذا المنع من مزاولة مهام التحكيم في حالة الحكم على المحكم بسقوط أهليته التجارية ولو تم رد‬

‫اعتباره‪.177‬‬

‫وال ش ك أن موق ف المش رع المغ ربي ه ذا ك ان في ه إجح اف كب ير في ح ق المحكمين المعن يين‬

‫ب األمر‪ ،‬خاص ة أن مقتض يات الفص ل ‪ 320‬أعاله تتمت ع بأولوي ة التط بيق على غيره ا من النص وص‬

‫القانوني ة العتباره ا ق د ج اءت ض من المس اطر الخاص ة المنص وص عليه ا في ق انون المس طرة المدني ة‪،‬‬

‫فكي ف يستس اغ أن يح رم المحكم من ممارس ة أعم ال التحكيم وال ذي تم الحكم علي ه الحق ا ب رد اعتب اره‬

‫بعدما برئ من األفعال المنسوبة إليه؟‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف التشريعات المقارنة من مسألة أهلية المحكم‬

‫على أن ه يجب أن يك ون المحكم كام ل األهلي ة‪ ،‬وعلي ه فيع د ه ذا‬ ‫‪178‬‬


‫ت ذهب أغلب التش ريعات‬

‫الشرط النتيجة المنطقية لرغبة المشرع في أن تكون عملية التحكيم عملية صحيحة وناجحة دون مخالفة‬

‫للقانون‪.‬‬

‫‪ -177‬ناصر بلعيد‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪ -178‬المادة ‪( 234‬الفقرة ‪ )1‬من قانون المرافعات البحريني‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 728‬من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪( 174‬الفقرة ‪ )1‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪( 194‬الفقرة ‪ )1‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 741‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية الليبي‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الحميد األحدب ‪" ،‬موسوعة التحكيم‪ ،‬التحكيم في البالد العربية‪ ،‬الجزء األول" ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 53‬وما يليها‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫ومما ال شك فيه أنه عندما يكون المحكم كامل األهلية فإنه يكون قادرا على تمييز الخطأ من‬

‫الص واب‪ ،‬وه ذه هي الغاي ة األساس ية لنظ ام للتحكيم‪ ،‬وه ذا ه و موق ف الق انون الفرنس ي‪ ،‬فق د اش ترط‬

‫المشرع الفرنسي على أن تكون للمحكم األهلية الكاملة الستعمال حقوقه‪ .179‬فقد نصت الفقرة األولى من‬

‫المادة ‪ 1451‬من قانون المرافعات الفرنسي أنه‪" :‬ال يمكن أن تعهد مهمة المحكم إال للشخص الطبيعي‬

‫ويجب على هذا األخير أن يتمتع باألهلية التي تخوله ممارسة كافة حقوقه المدنية "‪.180‬‬

‫وك ذلك نج د انعك اس ه ذا الموق ف في ك ل من الق انونين المص ري والع راقي من خالل مفه وم‬

‫المخالف ة لنص الم ادة ‪ 16‬من الق انون المص ري ال تي تنص‪ " ":‬ب أن ال يج وز أن يك ون المحكم قاص را"‪،‬‬

‫وك ذلك نص الم ادة ‪ 255‬من ق انون المرافع ات الع راقي ال تي ج اء فيه ا أن ه‪" :‬ال يج وز أن يك ون‬

‫قاصرا"‪.181‬‬

‫ه ذا ويجب اإلش ارة إلى أن ه ذا االتج اه – وه و وج وب أن يك ون المحكم كام ل األهلي ة‪ -‬ق د‬

‫والذي يرى بأنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون المحكم قاصرا‬ ‫‪182‬‬
‫تعرض للنقد من قبل جانب من الفقه‬

‫في بعض الح االت ال تي يك ون فيه ا القاص ر أفض ل من غ يره ك أن يك ون ت اجرا أو ل ه خ برة في بعض‬

‫المع امالت التجاري ة‪ .‬وم ع ذل ك ف إن ه ذا النق د ال يمكن التس ليم ب ه ألن ه ذه الح االت ال تي يك ون فيه ا‬

‫القاص ر أفض ل من غ يره إن وج دت فهي اس تثنائية ومح دودة إن ص ح التعب ير‪ ،‬وعلي ه ف إن ه ذا النق د لم‬

‫يكن سليما من الناحية القانونية ولم يؤثر على المبدأ العام وهو كمال أهلية المحكم‪.183‬‬

‫‪179‬ـ راجع بهذا الخصوص‪ :‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ -180‬مهنــد أحمــد الصــانوري‪" ،‬دور المحكم في خص ومة التحكيم ال دولي الخ اص‪ ،‬دراس ة مقارن ة ألحك ام التحكيم التج اري ال دولي في غالبي ة‬
‫التشريعات العربية واألجنبية واالتفاقيات والمراكز الدولية"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬سنة ‪،2003‬‬
‫ص ‪.65‬‬
‫‪ -181‬فوزي محمد سامي‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراس ة مقارن ة ألحك ام التحكيم التجاري الدولي كم ا ج اءت في القواعد واالتفاقي ات الدولي ة‬
‫واإلقليمية والعربية مع إشارة إلى أحكام التحكيم في التشريعات العربية"‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص‬
‫‪ 101‬و ‪.102‬‬
‫‪ -182‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪ -183‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪116‬‬
‫‪52‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعترض تطبيق الفصل ‪ 321‬من قانون ‪ 08-05‬بخصوص‬
‫رقابة القضاء‬
‫باعتب ار أن نظ ام التحكيم يق وم في أساس ه على وج ود إرادة ح رة ل دى كال ط رفي ال نزاع‪،184‬‬

‫فالمبدأ أن كل واحد من المحتكمين يعبر عن إرادته بطواعية واختيار سواء عند اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬أو‬

‫عند اختيار المحكمين‪ .185‬لكن إلى أي مدى ينسجم هذا الطرح مع ما نص عليه الفصل ‪ 321‬من قانون‬

‫‪08 -05‬؟‬

‫من المف ترض أن تخض ع الش روط ال واجب توفره ا في الهيئ ة التحكيمي ة إلرادة األط راف‪،186‬‬

‫لك ونهم األك ثر حرص ا على حماي ة مص الحهم من غ يرهم‪ ،‬وفي المقاب ل ال يخض ع اختي ار القض اة لمث ل‬

‫هذه اإلرادة وإ نما الدولة هي التي تحدد معايير معينة لتعيينهم‪.‬‬

‫وبالرغم من استقرار هذا المبدأ فإن المشرع المغربي قد تجاهله بصياغته للفصل ‪ 321‬مخضعا‬

‫بمقتضياته هيئة التحكيم للرقابة القبلية للقضاء والمتجسدة في جهاز النيابة العامة لدى محاكم االستئناف‪.‬‬

‫ولحص ر س لبيات ه ذا الفص ل ال ب أس من ذك ره على الش كل الت الي‪" :‬يجب على األش خاص‬

‫الطبيع يين ال ذين يقوم ون اعتيادي ا أو في إط ار المهن ة بمه ام المحكم إم ا بص ورة منف ردة أو في حظ يرة‬

‫شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه االجتماعية أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة‬

‫االس تئناف الواق ع في دائ رة نفوذه ا مح ل إقام ة األش خاص الطبيع يين الم ذكورين أو المق ر االجتم اعي‬

‫للشخص المعنوي‪.‬‬

‫يس لم الوكي ل الع ام وص ال بالتص ريح ويقي د المع ني ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى محكم ة‬

‫االستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم"‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫‪.‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪- 12‬‬
‫‪ -185‬بقالي محمد‪" ،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة اسمارطيل‪ ،‬طبعة ‪ ،2010‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -186‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫فبتنص يص المش رع على مث ل ه ذه المقتض يات يك ون ق د قي د حري ة األط راف ول و بش كل غ ير‬

‫مباش ر في اختي ار الهيئ ة التحكيمي ة المناس بة لهم‪ ،‬وبالمقاب ل فإن ه ق د قلص من إمكاني ة مزاول ة المحكمين‬

‫ألعمال التحكيم بصفة مباشرة‪.‬‬

‫ومن بين االلتزام ات ال تي وض عها المش رع على ع اتق المحكمين ح تى يتم قب ول م زاولتهم‬

‫للتحكيم ضرورة تصريحهم بذلك للوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف إما الواقعة بدائرة نفوذها‬

‫محل إقامتهم أو تلك التابع لها مقر مؤسسة التحكيم إذا كانوا منضوين تحت لواءها‪.‬‬

‫وهك ذا ف إن الفص ل ‪ 321‬يط رح ع دة إش كاليات فم ا هي هات ه اإلش كاليات ؟ ه ذا م ا س نحاول‬

‫معالجته على الشكل التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلشكال المتعلق بمسألة اعتياد ممارسة التحكيم‬

‫نشير من خاللها إلى أن المشرع استهل الفصل بصيغة الوجوب مما يعني أننا أمام قاعدة آم رة‬
‫‪187‬‬
‫يجب عدم مخالفتها‪ ،‬حيث ألزم المشرع األشخاص الطبيعيين الذين يمارسون التحكيم بشكل اعتيادي‬

‫بتقديم تصريح للوكيل العام لدى محكمة االستئناف‪ ،‬وعليه فبمفهوم المخالفة لهذا الفصل فإن الشخص‬

‫ال ذي ي دير العملي ة التحكيمي ة ألول م رة ال يك ون ملزم ا بتق ديم التص ريح وبالت الي يمكنن ا الق ول بأن ه ال‬

‫يخضع لرقابة النيابة العامة‪.‬‬

‫وبعب ارة أخ رى ف إن ه ذا االل تزام بالتص ريح ينحص ر مفعول ه في تل ك الفئ ة التي ت زاول أعم ال‬

‫التحكيم ألكثر من مرة واحدة‪ .‬وهكذا فالمحكم الذي يدير مهام التحكيم في قضية واحدة وألول مرة ال‬

‫يكون ملزما بمقتضى الفقرة أعاله بهذا التصريح‪.188‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكال المتعلق بالمقصود بوضعية المحكمين في اصطالح الفصل ‪321‬‬
‫‪ -187‬ينص الفصل ‪ 321‬على ما يلي‪":‬يجب على األشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا ‪"...‬‬
‫‪-188‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 128‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫تتجلى هات ه اإلش كالية في اش تراط المش رع إلدراج المحكمين في الل وائح الممس وكة من قب ل‬

‫الوكالء العامين وجوب دراسة وضعيتهم قبل ذلك‪.‬‬

‫إال أن المش رع لم يح دد طبيع ة ه ذه الوض عية الم راد دراس تها فه ل ك ان يقص د به ا الوض عية‬

‫القانونية كمراقبة توفر ركن األهلية المدنية وتحقق شرط المروءة وحسن السلوك؟ أم أن األمر يقتصر‬

‫على الوض عية المهني ة للمحكم كض رورة حص وله على ش واهد علمي ة معين ة مثال؟ أم أن ه تج اوز ذل ك‬

‫لتنصب إرادته على الوضعية االجتماعية مثل ضرورة انتماء المحكمين إلى طبقة اجتماعية معينة؟‬

‫ويمكنن ا التأكي د على أن ه ذه الفرض ية األخ يرة مس تبعدة تمام ا لتعارض ها الص ارخ م ع المب دأ‬

‫الدستوري القاضي بمساواة جميع المواطنين أمام القانون خاصة في تقلد الوظائف والمهام‪.‬‬

‫ومن ه ذا المنطل ق نتم نى أن يق وم المش رع مس تقبال بتع ديل تش ريعي يوض ح بمقتض اه طبيع ة‬

‫"الوضعية" الواردة في الفصل ‪ 321‬والتي نحبذ أن تقتصر على الوضعية القانونية دون غيرها احتراما‬

‫إلرادة األطراف‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اإلشكالية التي يطرحها عدم تقييد المحكم في الئحة المحكمين‬

‫تتعلق هاته اإلشكالية بالحالة التي يصدر فيها المحكم أو المحكمين الحكم التحكيمي دون قيامهم‬

‫بالتقييد المسبق بالالئحة الممسوكة من قبل الوكيل العام المختص‪ ،‬فاإلشكال القانوني المطروح هنا هو‬

‫م ا مص ير ه ذا الحكم بمع نى ه ل يكون ب اطال من ذ ص دوره أم أن ه يقب ل اإلبط ال بع د ذلك؟ أم أن ه يك ون‬

‫صحيحا هذا مع العلم أن المشرع بمقتضى الفصل ‪ 321‬لم ينص على أي جزاء قانوني في حالة عدم‬

‫احترام مقتضياته‪ ،‬فضال على أن الفصل ‪ 327-36‬وبمناسبة تطرقه ألسباب الطعن بالبطالن لم يذكر‬

‫ضمنها حالة قيام المحكم بإصدار الحكم التحكيمي دون تقييده المسبق بالالئحة السالفة الذكر‪.‬‬

‫ونود اإلشارة أيضا في إطار هذه اإلشكالية إلى أن المشرع لم ينص على ما إذا كانت الالئحة‬

‫المحص ورة من قب ل الوكي ل الع ام دائم ة أم أنه ا مؤقت ة فق ط وقابل ة للتع ديل ؟ وحب ذا ل و يت دخل لينص‬
‫‪55‬‬
‫صراحة على اعتبارها مؤقتة تقبل التحيين سنويا‪ ،‬كما هو الحال عليه بالنسبة للوائح الخاصة بالخبراء‬

‫القض ائيين الموض وعة من ط رف مديري ة الش ؤون المدني ة ب وزارة الع دل وذل ك ح تى يتم االحتف اظ‬

‫بالمحكمين المتوفرة فيهم الشروط المتطلبة قانونا فقط‪.189‬‬

‫خل ق اله وة بين اله دف المت وخى من التحكيم والمتمث ل في الس رعة وك ذلك‬ ‫‪190‬‬
‫إن الفص ل ‪321‬‬

‫الص يغة التحكيمي ة ال تي تبقى توافقي ة وإ رادي ة بين األط راف‪ ،‬حيث ح ولت مراقب ة القض اء في ه ذه‬

‫المرحلة من جهاز احتياطي يمكن اللجوء إليه في حال فشل نظام التحكيم‪ ،‬إلى جهاز يتدخل بشكل قبلي‬

‫ح تى في تفعي ل إرادة الط رفين ال تي تبقى المرج ع األساس ي في اللج وء إلى التحكيم‪ ،‬إذ ه ذا الفص ل‬

‫سيعطي بالتأكيد صفة للتحكيم مغايرة لمبتغاه‪.191‬‬

‫‪ -189‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 129‬و ‪.130‬‬


‫‪ -190‬ص درت في إط ار تط بيق مقتض يات الفص ل ‪ 321‬دوري ة ع دد ‪ 12‬س ‪ 2‬عن الس يد وزي ر الع دل إلى الس ادة الرؤس اء األول ون لمح اكم‬
‫االستئناف والوكالء العامين لديها قصد توحيد تطبيق مقتضياته على أرض الواقع بين كافة محاكم المملكة والتي أكدت على ضرورة التقيد في‬
‫هذا التطبيق ب "األعمال التحضيرية ومختلف النقاشات التي جرت بشأنه على مستوى البرلمان"‪.‬‬
‫وأوردت الرسالة الدورية في معرض توضيحها لمقاصد وأهداف المشرع وراء التنصيص على الفصل ‪ 321‬من قانون ‪.08-05‬‬
‫الهدف األول ‪ :‬وضع قائمة تشمل أسماء المحكمين وعناوينهم ومؤهالتهم العلمية والمهنية وكل البيانات الضرورية ذات األهمية‪.‬‬
‫الهدف الثاني‪ :‬جعل مسطرة التصريح آلية لتسهيل مهمة رئيس المحكمة في إطار مقتضيات الفصلين ‪ 327-4‬و ‪ 327-5‬من القانون ‪08-05‬‬
‫عندما يلجأ إليه قصد تعيين أو إتمام تشكيل هيئة التحكيم‪.‬‬
‫أوض حت ك ذلك أن ه ذه المقتض يات ليس من ش أنها جع ل القي ام بمهم ة التحكيم حك را على فئ ة المحكمين المقي دين بالقائم ة المنص وص عليه ا في‬
‫الفصل أعاله‪ ،‬كما أنه ليس من شأنها تقييد حرية األطراف وإ لزامهم باختيار المحكمين من هذه القائمة أو حصر اختيارهم في دائرة األشخاص‬
‫الذين يقومون بمهمة التحكيم على وجه االعتياد أو في إطار المهنة‪ ،‬وعن مفهوم االعتياد أشارت إلى أن "واقعة االعتياد يمكن التحقق منها بكافة‬
‫القرائن المتوفرة‪ ،‬ال سميا القرارات التحكيمية التي يمكن أن يدلي بها المصرح والتي تنبث قيامه بهذه المهمة على وجه االعتياد"‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذه الدورية أنظر‪:‬‬
‫‪com.Maroc Arbitrage -‬‬
‫‪ -‬كما أن هذه الدورية منشورة في مجلة المحاكم التجارية‪ ،‬العدد ‪ 3‬و ‪ ،4‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.351-350‬‬
‫‪ -191‬راجع في هذا الموضوع‪:‬‬
‫‪ -‬عزيز الفتح‪ "،‬الهيئة التحكيمية في ظل مشروع قانون ‪ 08 -05‬للوساطة والتحكيم"‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،12‬سنة‬
‫‪ ،2008‬مطبعة دار السالم‪.‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد غميجة ‪ "،‬قراءة في مشروع مدونة التحكيم"‪ ،‬مقال منشور في أشغال الندوة العلمية المنظمة بفاس‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2004‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -‬رياض فخري‪ ،‬قواعد التحكيم قراءة في القانون رقم ‪ ،08 -05‬الندوة الجهوية ‪ 11‬من سلسلة ندوات المجلس األعلى المنظمة بمناسبة‬
‫االحتفال بالذكرى الخمسينية لتأسيسه‪ ،‬جمعية التكافل االجتماعي لقضاة وموظفي المجلس األعلى‪ ،‬نونبر ‪.2007‬‬
‫‪ -‬طارق مصدق‪ "،‬قراءة أولية في مستجدات القانون المغربي للتحكيم ‪ ،"08-05‬المجلة المغربية للوساطة والتحكيم الصادرة عن المركز الدولي‬
‫للوساطة والتحكيم بالرباط‪ ،‬العدد ‪ ،4‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.223-222‬‬
‫‪56‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة وإ شكاالتها‬

‫العديد من اإلشكاالت‪ ،‬تقتضي في الكثير من‬ ‫‪192‬‬


‫تثير مسألة اإلجراءات الوقتية والتحفظية‬

‫لمواجهة كل خطر محدق محقق‪ ،‬من شأن التأخر في وضع حل‬ ‫‪193‬‬
‫األوضاع اتخاذ أمور مستعجلة‬

‫عاجل ومؤقت له أن يعرض النزاع لخطر يصعب تداركه‪.‬‬

‫‪ - 192‬لم يعرف المشرع المغربي المسائل المستعجلة سواء في الباب الثاني من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية المعنون بالمساطر‬
‫الخاصة باالستعجال ومسطرة األمر باألداء أو في الباب الثامن من القسم الخامس الذي يعتبر بمثابة قانون للتحكيم‬
‫و بالرجوع للفصلين ‪ 327-1‬و ‪ 327-15‬يظهر بأن األمور المستعجلة هي كل إجراء وقتي أو تحفظي‪.‬‬
‫وقد عرف الفقه اإلجراء الوقتي بأنه اإلجراء الذي يرمي إلى حماية حق يخشى عليه من فوات الوقت‪ ،‬أو الذي يقصد منه إبعاد خطر محقق‬
‫الوقوع أو المحافظة على حالة معينة مشروعة‪ ،‬أو صيانة مركز قانوني قائم‪.‬‬
‫ويمكن تعريف اإلجراء التحفظي بأنه التدبير الذي يهدف منه الحفاظ على حق أو مركز قانوني‪.‬‬
‫ويشترط في اإلجراء االستعجالي أن يكون مقرونا بعنصر االستعجال‪ ،‬ويبت في األمر االستعجالي قاضي يطلق عليه قاضي المستعجالت‪،‬‬
‫ويعرف هذا النوع من القضاء بأنه قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصال مؤقتا ال يمس أصل الحق‪ ،‬و‬
‫إنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على األوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح‬
‫الطرفين المتنازعين‪ ،‬كما يعرف قاضي األمور المستعجلة بأنه هو القاضي الذي يختص بالبت بصورة مؤقتة‪ ،‬ودون المساس بالموضوع في كل‬
‫نزاع يكتسي صبغة االستعجال‪.‬‬
‫وعموما يمكن القول أن القانون نظم حماية مؤقتة للحقوق والمراكز القانونية التي قد تتعرض لخطر داهم يهددها أو ضرر محدق‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يتطلب معه اتخاذ إجراء عاجل لصد هذا الخطر أو الضرر وهو ما يعرف باألمور المستعجلة‪.‬‬
‫لم يحدد المشرع المغربي في قانون ‪ 08 -05‬الشروط الواجب توفرها في المسألة المتعلقة بالدعوى التحكيمية الستصدار أمر استعجالي‪ ،‬وعليه‬
‫يفترض توافر الشروط العامة التي يتطلبها القانون الختصاص القضاء المستعجل‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد علي راتب ومحمد نصر الدين كامل ومحمد راتب فاروق ‪ "،‬قضاء األمور المستعجلة"‪ ،‬نشر عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬ص‬
‫‪.30‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب"‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل الشرقاوي ‪ "،‬صعوبة تنفيذ األحكام والقرارات"‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،128‬يوليوز ‪ ،1978‬ص ‪.31 -30‬‬
‫‪ -‬عبد الباسط جميعي ‪ "،‬نظرية االختصاص في قانون المرافعات الجديدة وتعديالته"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف هداية اهلل‪ "،‬القض اء المس تعجل في الق انون المغ ربي"‪ ،‬مطبع ة النج اح الجدي دة‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة ‪ ،1998‬ص‬
‫‪.12‬‬
‫‪ -‬محمد عبد اللطيف‪ "،‬القضاء المستعجل"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 193‬عرف أحمد محمد عبد البديع شتا المسائل المستعجلة بأنها ‪ :‬تلك المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت وتتطلب اتخاذ تدابير معجلة‪،‬‬
‫تحفظية أو وقتية‪ ،‬درءا لضرر محدق أو خطر داهم يؤدي إلى اختالل مركز قانوني معين يتعين حمايته‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد محمد عبد البديع شتا‪" ،‬شرح قانون التحكيم"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2005‬ص ‪.204‬‬
‫‪57‬‬
‫والنزاعات الوقتية المثارة أمام التحكيم‪ ،‬هي نزاعات عارضة مرتبطة بالنزاع األصلي‬

‫المعروض عليه بموجب اتفاق التحكيم‪ .‬على اعتبار أنه هو المحدد لحرية األطراف في اختيار قانونهم‬

‫وقاضيهم لتتسع هذه الحرية لتشمل تحديد سلطات ومجال عمل المحكم‪.194‬‬

‫وموضوع التدابير الوقتية والتحفظية المتعلقة بالمنازعات المعروضة على التحكيم يثير عدة‬

‫إشكاالت عملية تتمحور أهمها في معالجة مدى اختصاص المحكم باتخاذ مثل هذه التدابير ومدى‬

‫إمكانية تدخل القضاء التخاذها عند الحاجة‪.195‬‬

‫فمسألة تحديد الجهة المختصة باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية تعتبر من أهم المسائل التي‬

‫تثور في مجال التحكيم‪ ،‬ذلك أنه من حيث المبدأ فإن قضاء الدولة وحده المختص اختصاصا قاصرا‬

‫باتخاذ تلك التدابير‪ ،‬وأن هيئة التحكيم تختص فقط بالفصل في النزاع الموضوعي‪ ،196‬إال أنه ومسايرة‬

‫لفقه التحكيم فقد أصبح اإلقرار بمنح هيئة التحكيم سلطة إصدار هذه اإلجراءات انطالقا من أن قاضي‬

‫األصل هو قاضي الفرع‪ ،‬ومن تم فمحكم األصل هو محكم الفرع‪.197‬‬

‫‪ -194‬الرافة وتاب ‪ "،‬اإلجراءات الوقتية والتحفظية بين القضاء والتحكيم"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 195‬أنظر بتفصيل الدور المحوري للقاضي الوطني في تسهيل اإلجراءات التحفظية والوقتية في المنازعة المعروضة على التحكيم‪ ،‬نهال‬
‫اللواح ‪ "،‬القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬نوقشت بجامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬سنة ‪ ،2014 -2013‬ص ‪ 306‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -196‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح ‪ "،‬التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية"‪ ،‬دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬ص ‪.116‬‬
‫‪ - 197‬تعترف العديد من التشريعات الحديثة وقواعد مراكز التحكيم المختلفة بسلطة هيئة التحكيم في األمر باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية‪،‬‬
‫مثال قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ‪ ،ICC‬وقواعد جمعية التحكيم األمريكية ‪ ،AAA‬وقواعد لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي‬
‫‪.UNCITRAL‬‬
‫كما تعتبر اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات االستثمار لعام ‪ 1965‬هي الوحيدة التي نصت على أن االختصاص القاصر للمحكم باتخاذ‬
‫اإلجراءات الوقتية والتحفظية‪ ،‬فالمادة ‪ 62‬من هذه االتفاقية تنص على أن " اتفاق األطراف على خضوع التحكيم لقواعد المركز الدولي لتسوية‬
‫منازعات االستثمار المؤسس بموجب هذه االتفاقية‪ ،‬يعد التزاما بعدم اللجوء إلى أي جهة أخرى"‪.‬‬
‫للتفصيل حول اختصاص هيئة التحكيم في اإلجراءات الوقتية والتحفظية أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال ‪ ،‬اإلجراءات الوقتية والتحفظية في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سنة ‪ ، 2005‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان المصباحي‪ "،‬التحكيم والتدابير المؤقتة والتحفظية"‪ ،‬مقال منشور بمجلة التحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،8‬أكتوبر ‪ ،2010‬ص ‪ 584‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬موقف التشريع المغربي بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة‬

‫حتى تتمكن هيئة التحكيم من أداء مهامها بشكل سليم كان ال بد من تمتيعها بصالحيات واسعة‬

‫في إدارته ا لل نزاع المع روض عليه ا‪ ،‬وذل ك لتمكينه ا من إنه اء ه ذا ال نزاع في ظ روف مالئم ة‪ .‬فكلم ا‬

‫ك انت الهيئ ة التحكيمي ة متحكم ة في مس طرة التحكيم كلم ا تمكنت من تحقي ق العدال ة بين الخص وم في‬

‫ظرف زمني وجيز‪.198‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار نص المش رع المغ ربي في الفص ل ‪ "327-11‬تق وم الهيئ ة التحكيمي ة بجمي ع‬

‫إجراءات التحقيق باالستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو بأي إجراء آخر"‪ ،‬كما أنه وسع من دائرة‬

‫صالحية الهيئة التحكيمية‪ ،‬إذ نص في الفقرة الثانية من الفصل المذكور على أنه " إذا كانت بيدي أحد‬

‫األط راف وس يلة إثب ات‪ ،‬ج از للهيئ ة التحكيمي ة أن تطلب من ه اإلدالء به ا‪ .‬يج وز للهيئ ة ك ذلك االس تماع‬

‫إلى كل شخص إذا رأت في ذلك فائدة"‪.‬‬

‫والمالح ظ من ق راءة ه ذا الفص ل أن المش رع أعطى ص الحية واس عة للهيئ ة التحكيمي ة التخ اذ أي‬

‫إج راء يس اعدها على الوق وف على حقيق ة ال نزاع المط روح‪ ،‬كم ا يالح ظ أن ه ذا الفص ل ج اء بص يغة‬

‫عامة حيث إنه لم يبين الطبيعة القانونية لعمل الهيئة‪ ،199‬ذلك أنه جاء بمفردات عامة مثل ما ورد في‬

‫الفقرة األولى من الفصل ‪ 327 -11‬أعاله " أي إجراء آخر"‪.‬‬

‫لكن هل يمكن اعتبار أن اإلجراءات الوقتية والتحفظية تدخل ضمن اختصاصات الهيئة التحكيمية بناء‬

‫على الصياغة العامة التي جاء بها هذا النص؟‬

‫‪198‬ـ‪ -‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫‪-199‬‬
‫مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪59‬‬
‫يمكن اعتب ار أن المش رع أج اب على ه ذا الس ؤال من خالل الفص ل ‪ 327-15‬حيث نص "‬

‫يجوز للهيئة التحكيمية‪ ،‬ما لم يتم االتفاق على خالف ذلك‪ ،‬أن تتخذ بطلب من أحد األطراف كل تدبير‬

‫مؤقت أو تحفظي تراه الزما في حدود مهمتها"‪.‬‬

‫ويعت بر ه ذا المقتض ى من المستجـــدات التـ ـ ـــي ج اء به ا قانـــون ‪ 08 - 05‬خالف ا للق وانين‬

‫ذلك أن هذا األمر كان يطرح إشكاال كبيرا عند الفقه حول مسألة من يعود إليه االختصاص‬ ‫‪200‬‬
‫السابقة‬

‫في اتخ اذ هذه اإلج راءات التحفظي ة أو الوقتي ة ه ل للقض اء أم للمحكم‪ .201‬والمش رع المغ ربي ورغم أن ه‬

‫حس م الج دال ال ذي ك ان س ائدا‪ .‬إال أن ه لم يكن جريئ ا في عب ارات ه ذا التنص يص بحيث نص فق ط على‬

‫ص يغة الج واز‪ ،‬كم ا أن ه لم يخ ول للمحكم تلقائي ا اللج وء له ذه اإلج راءات رغم أهميته ا أحيان ا في حس م‬

‫النزاع‪ ،‬بل قيد ذلك بضرورة وجود طلب من أحد الطرفين مما يشكل قيدا على حرية المحكم في اتخاذ‬

‫اإلج راءات التحفظي ة ال تي يراه ا مناس بة‪ .‬كم ا أن الفص ل ‪ 327 -15‬جع ل القاع دة في اتخ اذ ه ذه‬

‫اإلجراءات من اختصاص القضاء واالستثناء هو أن تكون من اختصاص الهيئة التحكيمية‪.202‬‬

‫ونعتبر أن القول باختصاص هيئة التحكيم في اإلجراءات الوقتية والتحفظية دون تدخل القضاء‬

‫في ذلك‪ ،‬ينطوي على نوع من التعارض بين البت في جوهر النزاع الذي يتواله المحكم‪ ،‬وبين التدابير‬

‫الوقتي ة ال تي له ا قواع د خاص ة بقض اء الدول ة االس تعجالي‪ ،‬ويتجلى ه ذا التع ارض أك ثر في رغب ة‬

‫األطراف في االبتعاد عن القضاء ورغبتهم كذلك في االستفادة من اإلجراءات التحفظية والوقتية‪ ،‬ذلك‬

‫أن األطراف ال يتقبلون سوى عقلية المحاكم والخضوع لسلطة وإ جبار القضاء‪ ،‬وأن اللجوء أصال إلى‬

‫التحكيم م ا زال لم يس توعبه ك ل المتن ازعين ه ذا بالنس بة للتحكيم ال داخلي فم ا بال ك بال دولي‪ ،‬ال ذي ح تى‬

‫وإ ن عرف إقباال فيكون اإلقبال على المؤسسات التحكيمية الكبرى واألجنبية أما المغرب فما زال الحال‬

‫‪ -200‬ظهير المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬وقانون المسطرة المدنية بتاريخ ‪ 28‬شتنبر‪.1974‬‬
‫‪ -201‬خالد أحمد عبد المجبد ‪ "،‬دور القضاء المساند لخصومة التحكيم" سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪ 144‬إلى ‪.146‬‬
‫‪ -202‬محمد المختار الراشدي ‪ "،‬إجراءات مسطرة التحكيم"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر‪ -‬دجنبر‪ ،‬السنة ‪ ،2008‬ص ‪.99‬‬
‫‪60‬‬
‫ضئيال هذا من جهة‪ ،203‬ومن جهة ثانية ضعف التنظيم القانوني المحكم لسلطات المحكم وقوته اإللزامية‬

‫مم ا يك ون لت دخل القض اء في ه ذا المج ال ض رورة حتمي ة لض مان ص يرورة اإلج راءات إلى نهايته ا‬

‫والوقوف في وجه الطرف سيء النية‪.204‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار نناش د المش رع المغ ربي بإع ادة ص ياغة الفص ول المتعلق ة ب اإلجراءات الوقتي ة‬

‫والتحفظي ة‪ ،‬م برزا في ذلك بوض وح ح دود ت دخل ك ل من قض اء الدول ة وقض اء التحكيم وتحدي دا الجه ة‬

‫القض ائية المخ ول له ا باتخ اذ اإلج راء الوق تي أو التحفظي مم يزا في ذل ك بين التحكيم ال داخلي‬

‫والدولي‪.205‬‬

‫وب الرجوع إلى مقتض يات الفص ل ‪ 327 -1‬ال ذي ينص على أن ه‪ ":‬ال يمن ع اتف اق التحكيم أي‬

‫طرف من اللجوء إلى قاضي األمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم‪ ،‬أو أثناء سيرها‬

‫لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا لألحكام المنصوص عليها في هذا القانون‪ .‬ويجوز التراجع‬

‫عن تلك اإلجراءات بالطريقة ذاتها"‪.‬‬

‫إن المشرع المغربي خول للقضاء االستعجالي التدخل باتخاذ إجراءات وقتية وتحفظية متعلقة‬

‫بالتحكيم سواء قب ل تشكيل الهيئ ة التحكيمي ة أو أثن اء مباشرتها لمهمتها‪ ،‬غير أن تدخل ه في هذا المجال‬

‫جاء محددا في األحكام المتعلقة باالستعجال المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‪ ،206‬وال يشكل‬

‫ه ذا تن ازال عن اتف اق التحكيم ب ل ص ورة من ص ور االس تعجال الناتج ة عن الض رورة الملح ة‪ ،‬س عيا‬

‫‪ -203‬راجع ما تمت دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -204‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح ‪ "،‬التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ -205‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح ‪ "،‬التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ -206‬الرافة وتاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪61‬‬
‫لتوف ير الحماي ة القض ائية تفادي ا لح دوث الض رر ب الحقوق والمراك ز القانوني ة‪ ،207‬ويبقى مج رد مس اعدة‬

‫للتحكيم على نحو يضمن للقرار الالحق الصادر عنها في نفس النزاع الفعالية‪.208‬‬

‫ت دخل القض اء االس تعجالي في ه ذه المرحل ة التخ اذ م ا يل زم أم ام وج ود‬ ‫‪209‬‬


‫ويؤي د بعض الفق ه‬

‫صعوبة في تنفيذ إجراء أو تدبير معين‪ ،‬وذلك ليس سوى من باب المساعدة والمساندة لقضاء التحكيم‪،‬‬

‫وأن تك ريس والي ة القض اء إلص دار األوام ر الوقتي ة والتحفظي ة ي برز دوره التكميلي والم ؤازر ال ذي‬

‫يس اهم من خالل ه في تحقي ق فاعلي ة التحكيم ليس إال‪ ،‬فالقاض ي المس اند يمث ل قطب ال رحى لم د ي د‬

‫المساعدة في تسهيل اإلجراءات التحفظية والوقتية والتدخل في إجراءات تحقيق الدعوى التحكيمية دون‬

‫الحلول مكان الهيئة التحكيمية‪.‬‬

‫تبع ا لك ل م ا ذك ر‪ ،‬ن رى أن الق انون المغ ربي‪ ،‬يج يز للهيئ ة التحكيمي ة اتخ اذ إج راءات وقتي ة‬

‫وتحفظية مع االحتفاظ للقضاء االستعجالي بهذا االختصاص األصيل‪ .‬ليكون بذلك قد ساير التشريعات‬

‫الحديث ة ال تي تأخ ذ بمب دأ االختص اص المش ترك‪ ،‬بتخوي ل األط راف حري ة اختي ار الجه ة المطل وب منه ا‬

‫اتخاذ اإلجراءات المذكورة‪.210‬‬

‫ويث ور التس اؤل بخص وص اتف اق األط راف على اس تبعاد القض اء من النظ ر في المس ائل‬

‫المستعجلة من عدمه؟‬

‫‪ -207‬عبد الرحمان المصباحي ‪ "،‬المبادئ الضرورية لضمان فعالية التحكيم في منازعات عقود االستثمار"‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء والقانون‪،‬‬
‫العدد ‪ ،156‬يناير ‪ ،2009‬ص ‪.110‬‬
‫‪ -208‬نجاة عز الدين اإلدريسي ‪" ،‬اختصاص المحكم في المجال االستعجالي‪ ،‬اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007-2006‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -209‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -210‬الرافة وتاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪62‬‬
‫أنه ال يمكن أن تكون إلرادة األطراف السلطة في اس تبعاد اإلج راءات‬ ‫‪211‬‬
‫حيث يرى بعض الفقه‬

‫الوقتية والتحفظية من نطاق اختصاص محاكم الدولة‪ ،‬ألن هناك من اإلجراءات الوقتية أو التحفظية ما‬

‫له عالقة بفكرة النظام العام‪.‬‬

‫بقي أن نتساءل عن قوة نفاذ القرارات التحكيمية الوقتية‪212‬؟‬

‫لقد تطرق المشرع المغربي لهذا اإلشكال في الفقرة الثانية من مقتضيات الفصل ‪" 327 -15‬‬

‫إذا تخلف من صدر إليه األمر عن تنفيذه‪ ،‬يجوز للطرف الذي صدر األمر لصالحه االلتجاء إلى رئيس‬

‫المحكمة المختصة بقصد استصدار أمر بالتنفيذ"‪.‬‬

‫والمالح ظ أن المش رع لم يل زم رئيس المحكم ة بت ذييل األحك ام التحكيمي ة الوقتي ة داخ ل أج ل‬

‫معين‪ ،‬بالرغم من حالة االستعجال التي يكتسيها األمر‪ ،‬وهو ما قد يفرغ اللجوء إلى التحكيم من محتواه‬

‫ومن طابع السرعة الذي يميزه‪.213‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬موقف األنظمة القانونية المقارنة بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر‬

‫المستعجلة‬

‫لقد اختلفت اتجاهات الفقه والقضاء بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة حيث‬

‫نجد ثالثة اتجاهات رئيسية وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -211‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬


‫‪ -‬حفيظة السيد حداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -‬محمد مصطفى الجمال وعكاشة عبد العال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 205‬و ‪.206‬‬
‫‪ - 212‬للمزيد من التوسع حول موضوع " طبيعة القرارات التحكيمية الوقتية وقابليتها للنفاذ من عدمه"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 168‬و ‪.169‬‬
‫‪ -213‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪63‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يعتبر أن القضاء هو الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة‪ .‬حيث يذهب‬

‫إلى أنه وإ ن كان صحيحا أن من آثار اتفاق التحكيم حجب االختصاص عن القضاء‬ ‫‪214‬‬
‫جانب من الفقه‬

‫الوطني بالفصل في المنازعات المتفق بشأنها على التحكيم أو ما يعرف باألثر السالب التفاق التحكيم‪،‬‬

‫ف إن نط اق ه ذا األث ر مره ون بالفص ل في موض وع ال نزاع ذات ه مح ل االتف اق على التحكيم‪ ،‬وال يش مل‬

‫بالتالي المسائل األخرى التي قد تثور بشكل تبعي كاإلجراءات الوقتية والتحفظية‪.‬‬

‫ويستند أصحاب هذا االتجاه إلى مجموعة من المبررات من بينها‪:‬‬

‫افتق اد الهيئ ة التحكيمي ة لس لطة اإلجب ار س واء في مواجه ة أط راف اتف اق التحكيم أو في مواجه ة‬ ‫‪-‬‬

‫الغير‪ ،‬عكس القضاء الذي يملك هذه السلطة‪.215‬‬

‫صعوبة اجتماع أعضاء الهيئة التحكيمية إلصدار إجراء وقتي خاصة في حالة االستعجال التي ال‬ ‫‪-‬‬

‫تتحم ل الت أخير‪ ،‬الش يء ال ذي يف رض مع ه منح االختص اص للقض اء‪ ،‬وك ذلك الح ال عن د ت وفر‬

‫عنصر االستعجال في واقعة ما حدثت قبل تعيين الهيئة التحكيمية‪.‬‬

‫أن المحكم ال يمل ك س لطة تنفي ذ األحك ام الص ادرة عن ه‪ ،‬س واء ك انت موض وعية أو وقتي ة مم ا‬ ‫‪-‬‬

‫سيضطر معه الخصوم إلى اللجوء للقضاء الوطني للحصول على أمر بتنفيذ هذه األحكام‪ ،‬فيكون‬

‫من األفضل اللجوء إلى القضاء من البداية‪.216‬‬

‫هن اك من يعت برون ب أن القض اء ه و الجه از المختص بإص دار األوام ر المس تعجلة‪ ،‬وذل ك راج ع‬ ‫‪-‬‬

‫للضمانات المتوفرة في القضاة من حيث درايتهم ومعرفتهم بالقانون والخبرة في تطبيقه‪.217‬‬

‫‪ -214‬حسام الدين فتحي ناصف ‪ "،‬قاعدة منع قضاء الدولة من نظر موضوع المنازعة المتفق بشأنها على التحكيم وقيود تطبيقها‪ ،‬طبعة ‪،2001‬‬
‫ص ‪ 100‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -215‬عبد اللطيف مشبال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -216‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى ‪ "،‬دور القضاء في مسطرة التحكيم"‪ ،‬سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين‪ ،‬العدد ‪،3‬‬
‫مارس ‪ ،2011‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -217‬سيد أحمد محمود أحمد ‪ "،‬مدى سلطة المحكم في اتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية"‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة ‪ ،2001‬ص ‪.97‬‬
‫‪64‬‬
‫ومن بين التش ريعات ال تي تس اير ه ذا االتج اه‪ ،‬ق انون المرافع ات اليون اني في الم ادة ‪ 685‬من ه‬

‫ال تي تنص على أن" الس لطات الوطني ة القض ائية‪ ،‬هي ال تي تختص وح دها باتخ اذ اإلج راءات‬

‫الوقتية والتحفظية‪.218"...‬‬

‫وعلى مس توى القض اء فق د ذهب القض اء المغ ربي في قض ية الق رض العق اري والس ياحي ض د‬

‫شركة هيسا (هوليداي اين) باختصاص قاضي المستعجالت في إصدار أمر يقضي بمواصلة إجراءات‬

‫البناء المتوقفة‪ ،‬بعلة أن النزاع ال يمس جوهر الخالف دائما‪ ،‬فاإلجراء الوقتي يهدف إلى حماي ة مص الح‬

‫األطراف والمحافظة على حقوق الدائن‪.219‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى إخضاع اإلجراءات التحفظية أو الوقتية المتصلة بالمنازعة المتفق بشأنها‬

‫على التحكيم الختصاص المحكم وحده‪ ،‬مستندا في ذلك إلى إرادة األطراف التي جعلت من المحكم بعد‬

‫تش كيل الهيئ ة الجه ة المختص ة للنظ ر في أي ة ص عوبة‪ ،‬تح وم ح ول موض وع ال نزاع‪ ،‬كم ا أن الهيئ ة‬

‫المطروح عليها النزاع هي األدرى من غيرها بطبيعة الموضوع وتقدير مدى مالءمة اتخاذ مثل هذه‬

‫اإلجراءات‪.220‬‬

‫أضف إلى ما يحققه ذلك من اقتصاد في النفقات وتوفير في الوقت وسهولة في تنفيذ ما تأمر باتخاذه من‬

‫إجراءات وقتية أو تحفظية‪.‬‬

‫‪ -218‬الرافة وتاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ -219‬قرار استئنافية الرباط الصادر بتاريخ ‪ .03/1950 /31‬مشار إليه في رسالة عبد اهلل درميش‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي في المواد‬
‫التجارية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪-‬‬
‫الدار البيضاء – عين الشق‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ، ،1983 – 1982‬ص ‪.227 -226‬‬
‫‪ -220‬حفيظة السيد حداد ‪ "،‬مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها‬
‫على التحكيم"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬ص ‪.24‬‬
‫‪65‬‬
‫وقد أخذت محكمة النقض الفرنسية بهذا الرأي في بعض أحكامها‪ ،‬تمنع فيه اللجوء إلى قضاء‬

‫المستعجالت عند وجود اتفاق لألطراف على منح المحكم سلطة إصدار األوامر الوقتية إذا كان النزاع‬

‫قد طرح فعال على الهيئة التحكيمية‪.221‬‬

‫االتجاه الثالث‪ :222‬يذهب هذا االتجاه إلى إخضاع المسائل المستعجلة لالختصاص المشترك بين‬

‫القضاء الرسمي والهيئة التحكيمية‪ ،223‬وهو ما ذهب إليه المشرع المصري من خالل الق انون رقم ‪27‬‬

‫لس نة ‪ 1994‬في الم واد ‪ 2 /24 ،1 /24 ،14‬حيث وزع االختص اص باتخ اذ اإلج راءات التحفظي ة‬

‫والوقتي ة‪ ،‬بين القاض ي و المحكم‪ ،‬ف أعطى للقض اء‪ -‬من حيث األص ل‪ -‬س لطة اتخ اذ ه ذه اإلج راءات‬

‫( المادة ‪ 14‬من قانون التحكيم المصري) ولكن أجاز في الوقت نفسه للخصوم االتفاق على إعطاء هذه‬

‫السلطة لهيئة التحكيم‪.224‬‬

‫ويجيز القانون البلجيكي للخصوم اللجوء إلى القضاء الوطني لطلب اتخاذ إجراءات وقتية‪ ،‬دون‬

‫أن يكون هذا االختصاص مقصورا عليه وحده‪ ،‬وعلى ذلك يختص القضاء أصال بالفصل في المسائل‬

‫الوقتية‪ ،‬ولكن يجوز إسناد النظر في هذه المسائل لهيئة التحكيم إذا اتفق الخصوم صراحة على ذلك‪.225‬‬

‫وق د أخ ذت محكم ة االس تئناف التجاري ة بال دار البيض اء به ذا ال رأي في بعض أحكامه ا " ب أن‬

‫االتفاق على ش رط التحكيم لن يمن ع األط راف من اللج وء إلى القض اء االس تعجالي من أج ل اتخ اذ تدبر‬

‫‪ -221‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ -222‬للمزيد من التوسع حول هذه االتجاهات أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 147‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 223‬للمزيد من التوسع حول موضوع " موقف التشريعات من موضوع االختصاص المشترك للقضاء الرسمي والمحكم بشأن اتخاذ اإلجراءات‬
‫الوقتية والتحفظية"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد الورفلي ‪ "،‬القضاء في الدول المغاربية والتحكيم التجاري الدولي بين الرقابة والمساعدة"‪ ،‬عرض تقدم به في أعمال الندوة األولى‬
‫المغربية التونسية التي انعقدت بالرباط في ‪ 2‬و ‪ 3‬ماي ‪ ، 2002‬منشور في‪ :‬المغرب العربي وآليات فض المنازعات التجارية في إطار المنظمة‬
‫العالمية للتجارة‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪ -224‬وهو ما نصت عليه المادة ‪.24‬‬
‫‪ -225‬بخصوص موقف المشرع البلجيكي يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬عزمي عبد الفتاح ‪ "،‬قانون التحكيم الكويتي والمقارن"‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬طبعة ‪ ،1‬سنة ‪ ،1990‬ص ‪.129‬‬
‫‪66‬‬
‫تحفظي أو إج راء وق ائي‪ ،‬وليس في ذل ك أي تع ارض م ع ش رط التحكيم لفض المنازع ات بين‬

‫المتعاقدين"‪.226‬‬

‫كما قضت محكمة جنوب القاهرة االبتدائية " بأن االتفاق على التحكيم ال يمنع صاحب الشأن من‬

‫اللجوء إلى القضاء المستعجل في شأن الطلبات الوقتية إال إذا اتفق على عرضها على التحكيم"‪.227‬‬

‫قد سار على منوال االتجاه والموقف المؤيد لالختصاص‬ ‫‪228‬‬


‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفقه المغربي‬

‫المش ترك للقض اء وهيئ ات التحكيم‪ ،‬ال ذي يعت بر أن مج رد االتف اق على التحكيم من األط راف ال يح ول‬

‫دون اللجوء للقضاء االستعجالي التخاذ كل إجراء وقتي وتحفظي‪ ،‬وفي نفس الوقت فإنه يمكن لهيئات‬

‫التحكيم اتخ اذ مث ل ه ذه اإلج راءات كلم ا ك ان في مق دورها كفالته ا وض مان تنفي ذها على وج ه الس رعة‬

‫المطلوبة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬اإلشكال المتعلق بمسؤولية الهيئة التحكيمية‬

‫لم يخص ص المش رع المغ ربي في ق انون ‪ 08 -05‬للهيئ ة التحكيمي ة تنظيم ا محكم ا يخص‬

‫مس ؤوليتها‪ ،‬وهن ا نتس اءل أليس من ب اب الع دل واإلنص اف أن نس ائل الهيئ ة التحكيمي ة عن األعم ال‬

‫واألفعال واألضرار التي تسببت فيها ؟‬

‫‪ -226‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد ‪ 2000 /1186‬بتاريخ ‪ 2000 /11 /7‬أحال عيه‪ :‬الرافة وتاب‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.81‬‬
‫‪ -227‬حكم استعجالي صادر بتاريخ ‪.1987 /02 /28‬‬
‫‪ -‬محمد أنور شحاتة ‪ "،‬النشأة االتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.166‬‬
‫‪ -228‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ -‬رحال البوعناني ‪ "،‬التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية الحقوق الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،‬سنة ‪ ،1987 -1986‬ص ‪.147‬‬
‫‪ -‬إدريس الضحاك ‪ ،‬عرض بعنوان‪ ":‬التحكيم في القانون البحري المغربي" قدم بمناسبة انعقاد المؤتمر الخامس للمحكمين البحريين بالبيضاء أيام‬
‫‪ 25/26/27‬شتنبر ‪ ،1985‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪67‬‬
‫سواء كانت هناك قواعد تؤطر مسؤوليتها أو تم إخضاع مسؤوليتها للقواعد العامة للمسؤولية‬

‫المهم ه و إق رار مب دأ مس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة أوال‪ ،‬ثم بع د ذل ك يمكن التس اؤل عن التك ييف الق انوني‬

‫السليم لهذه المسؤولية‪.‬‬

‫ومن تم كي ف الس بيل لوض ع نظ ام محكم ومتكام ل لقواع د المس ؤولية يكف ل الت وازن بين حري ة‬

‫الهيئ ة التحكيمي ة في أدائه ا لمهامه ا وحس ن ممارس تها‪ ،‬وبين حماي ة المحتكمين والغ ير م ع اإلبق اء على‬

‫نظام التحكيم ذاته بطابعه المتميز؟‪.229‬‬

‫هذا ما سنحاول معالجته من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين‪ :‬نخصص األولى للحديث عن‬

‫اإلش كال المتعل ق بمس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة في التش ريع المغ ربي ونف رد الثاني ة للح ديث عن مس ؤولية‬

‫الهيئة التحكيمية في الفقه المقارن‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مسؤولية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي‬

‫بالرجوع إلى القانون ‪ 08 -05‬نجد أن موقف المشرع من مساءلة الهيئة التحكيمية يظهر نقصا‬

‫جليا على هذا المستوى‪ ،‬ففي ظل غياب أحكام مؤطرة جامعة مانعة – على حد ما وصل إليه علمي‪-‬‬

‫ال يس ع إال التنقيب عن بعض النص وص ذات العالق ة بالموض وع ومحاول ة تأطيره ا بالمب ادئ العام ة‬

‫للمسؤولية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة للمسؤولية المدنية الخاصة بالهيئة التحكيمية‪:‬‬

‫تترتب مسؤولية هيئة التحكيم كلما ارتكبت خطأ مهنيا يمس بالقواعد التقنية لمهمتها‪ ،‬أو لجهلها‬

‫الفادح بأصول القانون ومسلماته‪ ،‬أو النسحابها غير المبرر من اإلجراءات‪ ،‬أو إلخاللها بالتزامها تجاه‬

‫األطراف‪ ،‬أو لتأخرها في المواعيد القانونية واالتفاقية‪...‬‬

‫مسؤولية الهيئة التحكيمية المرتبطة بقبولها المهمة التحكيمية‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -229‬محمد الحبيب ‪" ،‬مسؤولية المحكم‪ ،‬دراسة على ضوء التشريع المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.9‬‬
‫‪68‬‬
‫لق د نص المش رع المغ ربي في الفص ل ‪ 327-6‬من ق انون رقم ‪ 08-05‬على إمكاني ة مس اءلة‬

‫الهيئة التحكيمية وذلك تحت طائلة تعويضها لألطراف عن األضرار الالحقة بهم‪ ،‬حيث ورد في الفقرة‬

‫الثالث ة من الفص ل أعاله م ا يلي‪ ... ":‬يجب على ك ل محكم أن يس تمر في القي ام بمهمت ه إلى نهايته ا وال‬

‫يج وز ل ه تحت طائل ة دف ع تعويض ات أن يتخلى عنه ا دون س بب مش روع بع د قبوله ا وذلك بع د إرس اله‬

‫إشعارا يذكر فيه أسباب تخليه"‪.‬‬

‫ويستنتج من هذا الفصل أنه ينبغي لقيام مسؤولية المحكمين المدنية توفر ثالث شروط أساسية‬

‫وهي‪:‬‬

‫وذلك عن طريق التزام كتابي صادر عنهم كالتوقيع على‬ ‫‪230‬‬


‫‪ -‬ضرورة قبول المحكمين القيام بالمهمة‬

‫اتفاق التحكيم مثال‪.231‬‬

‫‪ -‬ضرورة التوقف عن أداء هذه المهمة أي عدم االستمرار فيها أيا كانت المرحلة التي وصلت إليها‬

‫القض ية س واء عن د مرحل ة اتخ اذ اإلج راءات الالزم ة للنط ق ب الحكم أو عن د رفض التوقي ع على ه ذا‬

‫األخير‪.‬‬

‫‪ -‬ض رورة ع دم وج ود م برر مش روع يس مح للهيئ ة ب التخلي عن مهمته ا ويعتق د بعض الفق ه أن األم ر‬

‫يتعلق بتحقق إحدى الحاالت المنصوص عليها في الفصل ‪ 327-19‬من نفس القانون‪.232‬‬

‫‪ -‬مسؤولية الهيئة التحكيمية المثارة ألسباب تتعلق بالحكم التحكيمي‪:‬‬

‫‪ -230‬أحمد أبو الوفا ‪ "،‬التحكيم االختياري واإلجباري"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الخامسةٍ‪ ،‬سنة ‪ ،1988‬ص ‪.173‬‬
‫‪ - 231‬ويتضح هنا أن المشرع قد تشدد نوعا ما في مسؤولية الهيئة التحكيمية كما جعلها تثور بمجرد قبولها للمهمة التحكيمية‪ ،‬وهذا اتجاه محمود‬
‫سيمنع من حدوث التراجعات التعسفية التي قد تلحق أضرارا كثيرة ومتنوعة في حق الخصوم‪.‬‬
‫‪ -232‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 148‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫وتتحقق هذه المسؤولية في الحالة التي يصدر فيها الحكم التحكيمي دون التحقق من وجود اتف اق‬

‫تحكيمي‪ ،‬أي عندما ينعدم ركن الرضى القاضي باللجوء إلى التحكيم أو النتفاء أهلية أحد األطراف أو‬

‫لعدم احترام موانع اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬إن هذه الحاالت كلها تؤدي إلى إبطال الحكم التحكيمي‪.233‬‬

‫ولهذا فإن مسؤولية الهيئة التحكيمية تنعقد بمجرد تجاهلها لإلجراءات السابق ذكرها‪.‬‬

‫كما أن التزام المحكمين بالعمل بضمير مهني يوجب عليهم أن يتقيدوا بالمهلة المحددة اتفاقا أو‬

‫قانونا إلصدار الحكم التحكيمي‪ ،‬وذلك تحت طائلة قيام مسؤوليتهم‪ ،‬ولو تم تمديد هذه المهلة بطلبهم طبقا‬

‫للفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ ،327-20‬إذ وإ ن ك ان ت أخر المحكمين في إص دار حكمهم ال ينط وي على‬

‫سوء نية‪ ،‬فإنهم يبقون مسؤولين مدنيا أمام األطراف لتأخرهم في إصدار هذا الحكم في اآلجال المحددة‬

‫سلفا‪.‬‬

‫مسؤولية الهيئة التحكيمية المتعلقة بتجاوز حدود سلطاتها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يرج ع أس اس الس لطات ال تي تتمت ع به ا الهيئ ة التحكيمي ة إلى اتف اق التحكيم‪ ،‬ل ذا ف إن ك ل خ روج‬

‫عن نط اق ه ذا االتف اق يع رض ه ذه الهيئ ة إلى المس اءلة القانوني ة المدني ة‪ ،‬كم ا ل و أغفلت أو تغ افلت‬

‫الفصل في جزء من النزاع أو امتنعت عن القيام بإجراء من اإلجراءات الضرورية‪...‬‬

‫ونحن نعلم حجم األضرار المادية والمعنوية التي قد تلحق أحد األطراف أو هما معا في حالة‬

‫إبط ال الحكم التحكيمي نتيج ة ه ذا اإلهم ال‪ ،‬الش يء ال ذي يجعلن ا نؤي د قي ام المس ؤولية في ح ق ه ؤالء‬

‫المحكمين المهملين‪.234‬‬

‫مسؤولية الهيئة التحكيمية المتعلقة بعدم احترام سرية التحكيم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -233‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬نبيل إسماعيل عمر ‪ "،‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪،2004‬‬
‫ص ‪.263‬‬
‫‪ -‬رفعت عبد المجيد ‪ "،‬سقوط اتفاق التحكيم وصوره"‪ ،‬أشغال ندوة العمل القضائي والتحكيم التجاري‪ ،‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،7‬سنة‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -234‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪70‬‬
‫يعود التزام المحكم بالسرية إلى عقد التحكيم الذي وقعه بعد تعهده بعدم إفشاء أسرار األط راف‪،‬‬

‫ل ذا ف إن ه ذا االل تزام يك ون ذا طبيع ة عقدي ة‪ ،‬وإ ن ك ان يبت دئ قب ل التوقي ع على ه ذا العق د ليس ري ب ذلك‬

‫حتى بعد صدور الحكم التحكيمي‪ ،‬وترجع دوافع التمسك بالسرية إلى حماية المراكز الشخصية والمالية‬

‫واالقتصادية لألطراف وذلك بغية عدم المساس بسمعتهم في مختلف مجاالت معامالتهم‪.‬‬

‫وفي ه ذا الس ياق تع رض المش رع المغ ربي إلى مس ؤولية المحكم ال ذي أفش ى س ره المه ني في‬

‫الفصل ‪ 326‬من قانون ‪ 08-05‬إال أنه تطرق لهذه المسؤولية من الناحية الجنائية فقط‪ ،‬ومع ذلك فال‬

‫يوجد ما يمنع من ترتيبها حتى على المستوى المدني تطبيقا للقواعد العامة المنظمة للمسؤولية العقدية‪.‬‬

‫ونش ير أيض ا أن غالبي ة المؤسس ات التحكيمي ة ق د نص ت لوائحه ا ص راحة على وج وب اح ترام‬

‫المحكمين التابعين لها لسرية إجراءات التحكيم‪ ،‬وكنموذج منها نذكر المادة ‪ 7‬من نظام مركز القاهرة‬

‫للتحكيم وال ذي نص على م ا يلي‪" :‬ال يج وز للمحكم االس تفادة من المعلوم ات ال تي حص ل عليه ا أثن اء‬

‫إجراءات التحكيم لتحقيق أي غنم لنفسه أو للغير للمساس بمصالح اآلخرين"‪.‬‬

‫مسؤولية الهيئة التحكيمية الناشئة عن تصريحاتها‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫وتتعلق هذه المسؤولية بتلك الحالة التي ال يفصح فيها المحكم لألطراف عن العالقات والمصالح‬

‫التي تربطه بأحدهم‪.235‬‬

‫وفي ه ذا الب اب نص الفص ل ‪ 327-7‬على م ا يلي‪" :‬يتعين على المحكم ال ذي يعلم بوج ود أح د‬

‫أس باب التج ريح في نفس ه أن يش عر األط راف ب ذلك وفي ه ذه الحال ة ال يج وز ل ه قب ول مهمت ه إال بع د‬

‫موافقة األطراف"‬

‫فهذا الفصل و إن لم ينص على إمكانية قيام مسؤولية المحكم الذي لم يفصح عن عالقاته بأحد‬

‫األطراف‪ ،‬فإنها تجد تبريرها في القواعد العامة للمسؤولية‪ ،‬كما تنطبق هذه القاعدة أيضا على مسؤولية‬

‫‪235‬‬
‫‪.‬محمد الحبيب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪- 70‬‬
‫‪71‬‬
‫المحكم المترتب ة في حال ة تحايل ه أو تدليس ه‪ ،236‬كاختي اره لمك ان التحكيم الغ ير المتف ق علي ه من قب ل‬

‫األطراف‪ ،‬أو تعمده اختيار قانون معين بغية تحقيق مصلحة أحد الخصوم على حساب اآلخر‪.237‬‬

‫وهكذا نستنتج أن المسؤولية المدنية للهيئة التحكيمية يمكن أن تثار في جميع المراحل التي تمر‬

‫منه ا العملي ة التحكيمي ة‪ ،‬ب ل تس تمر ح تى بع د إص دار الحكم التحكيمي‪ ،‬وذل ك حماي ة لمص الح األط راف‬

‫التي يمكن أن تتضرر من بعض التصرفات غير القانونية الصادرة عن هذه الهيئة‪.238‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للمسؤولية الجنائية الخاصة بالهيئة التحكيمية‪:‬‬

‫إن أداء الهيئة التحكيمية لمهامها يقتضي إخضاع تصرفاتها ألحكام المسؤولية الجنائية‪ ،‬والدافع‬

‫لذلك ضرورة كبح كل محاولة من شأنها المس بحقوق األطراف المحمية جنائيا‪.239‬‬

‫‪ -236‬محمد الحبيب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.72‬‬


‫‪ -237‬وفي هذا الموضوع أصدرت لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي مدونة سمية ب‪":‬سلوكيات المحكم"‪ ،‬والتي نصت على مجموعة‬
‫من المبادئ منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للمحكم االتصال بأطراف التحكيم للسعي نحو التعيين أو االختيار كمحكم‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للمحكم قبوله التعيين أو االختيار كمحكم إال بعد التأكد من القدرة والصالحية ألداء هذه المهمة دون ما تميز ومن إمكان تخصيص‬
‫الوقت واالهتمام الالزمين لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على من يرشح ليكون محكما أن يصرح لمن يتصل به في أمر هذا الترشح بكل الظروف التي من شأنها احتمال إثارة شكوك ال يبرر‬
‫حياده أو استقالله‪ ،‬وعلى المحكم بمجرد تعيينه أو اختياره التصريح بهذه الظروف ألطراف النزاع‪ ،‬إال إذا كان قد سبق إحاطتهم علما بذلك‪.‬‬
‫‪ -238‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 150‬و ‪.151‬‬
‫‪ -239‬أورد الق انون المق ارن ع دة أمثل ة ك ان فيه ا المحكم متابع ا جنائي ا بس بب س وء ممارس ته لمهمت ه القض ائية وفي ه ذا الص دد نس تدل بقض ية‬
‫‪ ،Tronic Bel‬حيث ق ام المجلس الوط ني للتحكيم بتع يين هيئ ة تحكيمي ة قص د النظ ر في ن زاع ث ار بين ش ركة خاض عة للق انون الكن دي وأخ رى‬
‫فرنسية‪ .‬وفعال فصلت الهيئة التحكيمية المكونة من ثالثة أشخاص النزاع المعروض عليها لفائدة الشركة الفرنسية‪.‬‬
‫إال أنه وبعد إجراء بحث من طرف الشرطة تبين بعد مراجع ة الحكم التحكيمي ورفض الهيئة التحكيمية الفرنسية إلغاؤه أن األمر يتعلق بمركز‬
‫تحكيمي وهمي ال وج ود ل ه على أرض الواق ع‪ ،‬وأن المحاض ر المنج زة هي وث ائق م زورة كم ا أن الهيئ ة التحكيمي ة مكون ة في الواق ع من محكم‬
‫وحيد يساعده شخصان ال عالقة لهما بميدان التحكيم‪.‬‬
‫وهك ذا تمت متابع ة ه ذا الش خص ب التزوير واس تعماله في وث ائق خصوص ية حيث حكم علي ه بثالث س نوات س جنا ناف ذة وغرام ة مالي ة كم ا تمت‬
‫متابعته مدنيا بالتعويض عن األضرار التي لحقت بالشركة الكندية‪.‬‬
‫ليستنتج من خالل هذا المثال أن المسؤولية الجنائية للمحكم تبقى واردة كما يمكن متابعة المحكمين باالرتشاء أو المشاركة فيه‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬محمد الحبيب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 40‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫وبفعل األخطار المحتملة التي تهدد مصالح األطراف أخضع المشرع المغربي الهيئة التحكيمية‬

‫إلى إمكانية المساءلة الجنائية كلما اقترفت جرما في حق الخصوم أضر بسمعتهم‪ ،‬ويظهر هذا االهتمام‬

‫التشريعي على الخصوص في مسألتين اثنتين‪:‬‬

‫فيما يتعلق بإفشاء الهيئة التحكيمية ألسرار الخصوم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫تتجلى الحماية الجنائية ألسرار األطراف في مقتضيات الفصل ‪ 326‬من قانون ‪ 08-05‬والتي‬

‫تنص على م ا يلي‪" :‬يل زم المحكم ون بكتم ان الس ر المه ني طبق ا لم ا ه و منص وص علي ه في الق انون‬

‫الجنائي"‪.‬‬

‫وهكذا نرى أن الهيئة التحكيمية تخضع هي األخرى إلى ضوابط كتمان السر المهني مثلها في‬

‫ذلك مثل باقي المهن التي تؤتمن على أسرار األشخاص‪.240‬‬

‫وبرجوعنا إلى القانون الجنائي المغربي نجد الفصل ‪ 446‬منه‪ ،‬قد حدد األشخاص األمناء على‬

‫األسرار كما نص على العقوبات المقررة ضدهم في حالة إفشائهم لها‪.‬‬

‫وبتحليلن ا للفص ل أعاله نج ده يهم ح تى الهيئ ة التحكيمي ة وذل ك لتض منه لعب ارة عام ة تقض ي‬

‫بإخضاع كل شخص بحكم مهنته لضوابط حماية السر المهني"‪...‬وكل شخص يعتبر من األمناء على‬

‫األسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه وذلك في غير األحوال التي‬

‫يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه‪."...‬‬

‫‪ -240‬مثل األطباء و الصيادلة والمحامين‪...‬‬


‫‪73‬‬
‫ويع اقب طبق ا للفص ل أعاله ك ل من أفش ى س را أؤتمن علي ه ب الحبس من ش هر إلى س تة أش هر‬

‫حبسا وغرامة مالية من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم‪.‬‬

‫فيما يتعلق بارتكاب الهيئة التحكيمية لجريمة الرشوة‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫يس اءل المحكم أيض ا عم ا يرتكب ه من ج رائم الرش وة طبق ا لمقتض يات الفص ل ‪ 248‬من الق انون‬

‫الجنائي وال ذي ينص على المقتض يات التالي ة‪" :‬يعد مرتكبا لجريم ة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين‬

‫إلى خمس وبغرامة من ألفي درهم إلى خمسين ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعد أو تسلم هب ة‬

‫أو أية فائدة أخرى من أجل‪.‬‬

‫‪.............‬‬

‫إص دار ق رار أو إب داء رأي لمص لحة ش خص أو ض ده و ذل ك بص فته حكم ا أو خب يرا عينت ه‬

‫السلطة اإلدارية أو القضائية أو اختاره األطراف ‪"...‬‬

‫وهكذا نرى أن على المحكمين‪ -‬وإ ن كانوا غير موظفين بمفهوم القانون اإلداري‪ -‬فإنه مع ذلك‬

‫تطبق عليهم جزاءات جريمة الرشوة التي تطبق على الموظف أو القاضي العمومي‪ ،‬نظرا للتشابه في‬

‫المهمة الملقاة على عاتق كل منهم‪ ،‬ولما يجب أن يتوفر فيهم من صدق وحرص على األمانة والثقة‪،241‬‬

‫وه ذا التج ريم يه دف إلى الحف اظ على دع ائم النزاه ة والحي اد ال تي يجب أن تتحلى به ا الهيئ ة التحكيمي ة‬

‫طوال مسطرة التحكيم‪.243-242‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكال المتعلق بمسؤولية الهيئة التحكيمية في الفقه المقارن‬

‫هناك عدة آراء فقهية تضاربت حول مدى قابلية إخضاع الهيئة التحكيمية ألحكام المسؤولية من‬

‫عدمه‪ ،‬فمنها من رفضت هذا اإلخضاع ومنها من أيدته‪ ،‬وذلك حسب التبريرات التالية‪:‬‬

‫‪ -241‬البوعناني رحال‪" ،‬التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬فرع القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1987 – 1986‬ص ‪.127‬‬
‫‪ - 242‬ونشير في هذا الصدد إلى إمكانية متابعة المحكمين في حالة ثبوت ارتكابهم لجرائم أخرى‪ ،‬كجنح االختالس والتزوير والغدر‪.‬‬
‫‪ -243‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 152‬و ‪.153‬‬
‫‪74‬‬
‫أوال‪ :‬االتجاه الرافض لتقرير مسؤولية هيئة التحكيم‪:‬‬

‫اعتب ارا للطبيع ة الخاص ة ال تي تتم يز به ا أعم ال التحكيم فق د ظه ر تي ار فقهي داف ع عن حماي ة‬

‫المحكمين من أية مساءلة‪ ،‬سواء الجنائية منها أو المدنية‪ .‬ويعود ارتكاز موقفهم هذا إلى عدة حجج جاء‬

‫على رأس ها ض رورة توف ير المن اخ المالئم للهيئ ة التحكيمي ة لكي تس تطيع أداء مهامه ا في ج و تس وده‬

‫الطمأنينة واالستقرار‪.244‬‬

‫ومن هذه الحجج أيضا تدعيم هيبة نظام التحكيم التي يستمدها من طبيعته القضائية‪ ،245‬وكذلك‬

‫ما ينبغي أن يتوافر لهذه الهيئة من احترام وفاعلية تضمن لها سرعة تسوية المنازعات‪ ،‬هذا فضال عن‬

‫إشكالية صعوبة إثبات األخطاء المهنية التي يرتكبها المحكمون نظرا للطابع السري الذي يطبع أعمالهم‬

‫التحكيمية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار أكد بعض الفقه أن إخضاع المحكمين للمسؤولية سوف يؤدي إلى إحجامهم عن‬

‫قبول مه ام التحكيم‪ ،‬إض افة إلى ت أثير ذل ك على ج ودة األحك ام الص ادرة عنهم نتيج ة توزي ع مجهوداتهم‬

‫بين أدائهم ألعمال التحكيم وبين التصدي لدعاوى المسؤولية المرفوعة ضدهم‪.246‬‬

‫وفي مقابل هذا االتجاه ظهر تيار آخر يؤيد فرضية إخضاع المحكمين ألحكام المسؤولية‪ ،‬فما‬

‫هي أهم المبررات التي يستند إليها هذا االتجاه ؟‬

‫ثانيا‪ :‬االتجاه المؤيد لتقرير مسؤولية هيئة التحكيم‪:‬‬

‫‪ -244‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ -245‬هدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.385‬‬
‫‪ -246‬هدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.386‬‬
‫‪75‬‬
‫لقد انطلق ه ذا االتج اه من ك ون م بررات التي ار أعاله غ ير مقنع ة‪ ،‬معت برا في نفس ال وقت أن‬

‫تع د بمثاب ة تقص ير ب التزام ق انوني وال ذي بوقوع ه يتكب د أط راف ال دعوى‬ ‫‪247‬‬
‫أخط اء الهيئ ة التحكيمي ة‬

‫التحكيمية أضرارا مادية ومعنوية مختلفة‪ ،‬الشيء الذي يؤدي حتما إلى قيام المسؤولية في حقها‪.‬‬

‫ويب ني ه ذا االتج اه موقف ه على مجموع ة من الم بررات ال تي تؤي د حس ب رأي ه مس ألة إق رار‬

‫مسؤولية هيئة التحكيم وأبرزها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن القاع دة العام ة في المس ؤولية المدني ة ت رتب على ك ل خط أ س بب ض ررا للغ ير قي ام‬

‫المسؤولية لمرتكبه‪ ،‬وبالتالي وجوب تعويض المتضرر عما لحقه من ضرر‪.248‬‬

‫‪ -‬أن مهام التحكيم تدر على المحكمين أرباحا خيالية لذا يتعين أن يتحملوا غرم ما قد يلحقونه‬

‫من ض رر نتيج ة لم ا اق ترفوه من أخط اء‪ ،‬فكلم ا ك انوا ذوي كف اءة عالي ة وأخالق حمي دة إال وس يبقون‬

‫بعيدين عن شبح المساءلة القانونية‪.‬‬

‫‪ -‬أن لجوء األطراف إلى التحكيم تحفزه عادة الثقة الزائدة التي يضعونها في الهيئة التحكيمية‪،‬‬

‫فب دون وج ود قواع د للمس ؤولية فال يمكن ض مان عدال ة ه ذه الهيئ ة ال تي ق د تك ون متح يزة ألح د‬

‫المتخاصمين مثال‪.249‬‬

‫ويعد هذا االتجاه األرجح بحيث نرى أن إخضاع الهيئة التحكيمية ألحكام المسؤولية أمر حتمي‬

‫لكي ال يبقى في لوائح مهنة التحكيم سوى أوالئك الذين تجتمع فيهم الشروط النموذجية المتطلبة‪ ،‬ومنها‬

‫على الخصوص الكفاءة والنزاهة والحنكة‪.251-250‬‬

‫‪ -247‬من أمثلة أخطاء الهيئة التحكيمية التي ترتب مسؤوليتها امتناعها عن إصدار األحكام التحكيمية بدون أي عذر مقبول‪ ،‬وتجاوزها للميعاد‬
‫المقرر لها إلصدار هذه األحكام‪ ،‬أو تسببها في بطالن أحكامها ألسباب ترجع إلى إهمالها أو خطئها‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك أيضا قيامها بصرف‬
‫مبالغ كبيرة عند إجراء التحقيق والتي ال تتناسب مع قيمة النزاع‪ ،‬كما تدخل فيها إخفاءها لعالقتها السابقة بأحد األطراف‪.‬‬
‫‪ -248‬مصطفى محمد الجمال‪ ،‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.599‬‬
‫‪ -249‬للمزيد من التوضيحات حول هذه المبررات راجع‪ :‬هدى محمد حمدي عبد الرحمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.385‬‬
‫‪ - 250‬ومن التشريعات التي استبعدت مبدأ حصانة المحكم‪ ،‬التشريع اإلسباني للتحكيم الصادر بتاريخ ‪ ،1988-12-05‬في المادة ‪.)1( 16‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -251‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪76‬‬
‫إال أن التس اؤل ال ذي يط رح في ه ذا اإلط ار ه و‪ :‬م ا هي ن وع المس ؤولية المترتب ة على ع اتق‬

‫المحكمين؟ هل هي مسؤولية عقدية أم أنها مسؤولية تقصيرية؟‬

‫قب ل اإلجاب ة عن ه ذا التس اؤل يجب علين ا أن ن بين بعض ا من الف روق ال تي تق وم بين كال‬

‫المس ؤوليتين‪ ،‬فالمس ؤولية العقدي ة هي ال تي تق وم نتيج ة اإلخالل ب التزام عق دي ق ائم بين الط رفين‪ ،‬أم ا‬

‫المسؤولية التقصيرية فهي التي تكون جزاء لإلخالل بالتزام قانوني عام‪.‬‬

‫وعلي ه ف إن المحكم يمكن أن يس أل إذا أخط أ وف ق أحك ام المس ؤولية العقدي ة على اعتب ار أن ه ق د‬

‫أخ ل ب التزام عق دي منص وص علي ه في عق د التحكيم‪ ،‬فمثال إذا انقض ى ميع اد اتف اق التحكيم المح دد من‬

‫قبل الط رفين ولم يقض المحكم في النزاع ب دون أي مبرر مشروع جاز مساءلته م دنيا عن هذا الخطأ‬

‫الذي ارتكبه وفق أحكام المسؤولية العقدية‪ ،‬على اعتبار أن المحكم قد أخل بالتزام تعاقدي‪.‬‬

‫عالوة على ذل ك يمكن مس اءلة المحكم أيض ا وف ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية على أس اس أن‬

‫المحكم ق د أخل بالتزام ق انوني عام يفرض ه القانون‪ ،‬ف المحكم عندما يتم اختياره من قب ل الخصوم فإنه‬

‫يجب علي ه أن يل تزم ب التزام ق انوني‪ ،‬وه و أن يحس م ال نزاع بالع دل وف ق قواع د الق انون أو وف ق مب ادئ‬

‫العدالة واإلنصاف‪.‬‬

‫فإذا صدر من المحكم غشا أو تدليسا مثال كأن يقوم بتغيير أقوال الخصوم أو الشهود أو إخفاء‬

‫الس ندات واألوراق الص الحة لالس تناد عليه ا في الحكم‪ ،‬ففي مث ل ه ذه الح االت يك ون المحكم ق د أخ ل‬

‫ب التزام ق انوني ع ام ي وجب مس اءلته علي ه وف ق أحك ام المس ؤولية التقص يرية‪ ،‬ومن ثم ف إن الخص م‬

‫المتضرر يحق له أن يرفع دعوى ضد هذا المحكم وهي دعوى المسؤولية لتعويضه عن تلك األضرار‬

‫التي تسبب فيها‪.252‬‬

‫‪ -252‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 153‬و ما بعدها‪.‬‬


‫‪77‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها قانون ‪ 08 -05‬في مسألة تذييل الحكم التحكيمي‬
‫الداخلي بالصيغة التنفيذية‬

‫إذا كان وجود التحكيم يتحقق بوجود اتفاق تحكيمي أو شرط تحكيمي في العقد فإن نتيجته تظهر‬

‫بصدور الحكم التحكيمي‪.‬‬

‫وقبل تعريف الحكم التحكيمي نرى أن ه من المفيد التنبي ه إلى الخالف اللغوي حول تسمية حكم‬

‫المحكمين ب القرار التحكيمي أو المق رر التحكيمي أو الحكم التحكيمي‪ ،‬وه ذه التس ميات هي مج رد‬

‫مس ميات لمس مى واح د‪ .‬إال أن هن اك جانب ا من الفق ه يحب ذ تس ميته ب القرار التحكيمي لتمي يزه فق ط عن‬

‫الحكم القضائي‪.253‬‬

‫وما دام المشرع المغربي قد أطلق عليه لفظ الحكم في قانون ‪ ،08-05‬فإننا ال نرى حرجا في‬

‫استعمال لفظ حكم تحكيمي‪ ،‬ما دام مميزا عن الحكم القضائي بصفة التحكيمي بدال من القضائي‪.254‬‬

‫‪ -253‬عبد اهلل درميش‪ " ،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ -254‬لقد عرف الفقه الحكم القضائي بتعاريف متعددة فهو‪:‬‬
‫‪ -1‬الق رار الص ادر عن محكم ة مش كلة تش كيال ص حيحا في خص ومة رفعت إليه ا وف ق قواع د المرافع ات‪ ،‬س واء ك ان ص ادرا في موض وع‬
‫الخصومة أو في شق منه أو مسألة متفرعة عنه‪.‬‬
‫وهو أيضا القرار الذي يصدره القاضي إعماال لسلطته القضائية في خصومة مرفوعة إليه‪ ،‬وفقا لقواعد المرافعات سواء صدر هذا القرار في‬
‫نهاية الخصومة أو أثناء سيرها وسواء كان صادرا في موضوع الخصومة أو في مسألة إجرائية تتعلق بتنظيم سير الخصومة‪.‬‬
‫وهكذا فإن للحكم أركانا جوهرية وهي‪:‬‬
‫* أن يصدر عن محكمة‪.‬‬
‫* أن يصدر في نزاع‪.‬‬
‫* أن يكون مكتوبا‪.‬‬
‫وبالتالي فإذا فقد الحكم أحد هذه األركان أو ناله عيب جوهري أصاب كيانه‪ ،‬فإنه يفقد صفته كحكم كما لو صدر من شخص أو جهة ال يخولها‬
‫القانون والية إصداره أو لم يفرغ في محرر مكتوب أو صدر في نزاع غير واقع طبقا للقانون‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬محمـادي لمعكشـاوي‪ "،‬الوج يز في األحك ام القض ائية وط رق الطعن فيه ا في ض وء ق انون المس طرة المدني ة "‪ ،‬مطبع ة النج اح الجدي دة‪ ،‬ال دار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.12 ً،2011‬‬
‫‪78‬‬
‫بأنه‪ ":‬ذلك القرار الذي يحسم النزاع الذي أحيل على‬ ‫‪255‬‬
‫وقد عرف بعض الفقه الحكم التحكيمي‬

‫الهيئة التحكيمية من قبل األطراف"‪.256‬‬

‫كما عرفه البعض اآلخر بأنه‪" :‬كل حكم قطعي في جميع المسائل المعروضة على هيئة التحكيم‬

‫بما في ذلك موضوع النزاع‪ ،‬فيتعين على المحكمين بعد االنتهاء من نظر النزاع وختام أقوال الخصوم‬

‫في القضية المنظورة أمامهم أن يصدروا حكما في موضوع النزاع"‪.257‬‬

‫وعلى العموم فكل حكم تصدره هيئة التحكيم وتصفه بأنه حكما تحكيميا فإنه يعد كذلك‪.258‬‬

‫بأن ه "الحكم ال ذي يفص ل بش كل نه ائي في ال نزاع المع روض على‬ ‫‪259‬‬


‫ويعرف ه القض اء الفرنس ي‬

‫الحك ام إم ا بش كل كلي أو ج زئي س واء في ج وهر ال نزاع أو في االختص اص أو في مس ألة مس طرية‬

‫والتي تقودهم إلى وضع حد للدعوى"‪.260‬‬

‫‪ -255‬يمكن الرجوع في هذا الشأن‪:‬‬


‫‪Abdellah boudahrain," L’arbitrage commercial et international au regard du Maroc", Casablanca 1ère édition‬‬
‫‪almadariss , 1999 , p 105.‬‬
‫‪256‬‬
‫‪- Alliouch- kerboua- Meziani naima, "l’arbitrage commercial international en Algérie, la loi n° 08- 09‬‬
‫‪portant code de procédure civil et administrative", office des publications universitaire, 05- 2010, ben- aknoun-‬‬
‫‪Alger, p 61.‬‬
‫‪ -257‬محمد أمين فضلون ‪"،‬التحكيم" ‪ ،‬مؤسسة النوري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪ ،1994‬ص ‪. 216‬‬
‫‪ -258‬محمد فاضل الليلي‪ "،‬الحكم التحكيمي"‪ ،‬الندوة الجهوية الحادية عشر بعنوان‪ " :‬الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل‬
‫اجتهادات المجلس األعلى"‪ ،02 -01 ،‬نونبر ‪ ،2007‬ص ‪.273‬‬
‫‪ -259‬عبد الرحيم زضاكي ‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ -260‬إن هيئ ة التحكيم لما لها من سلطة في الفصل في النزاع المعروض عليها قد تصدر حكم ا تحكيميا واحدا‪ ،‬وقد تصدر أنواعا متع ددة من‬
‫األحكام ويمكن تقسيمها إلى أحكام شاملة وأخرى جزئية‪.‬‬
‫ويقصد باألحكام الشاملة تلك التي تتناول القضية المعروضة على هيئ ة التحكيم وتفصل فيه ا بصفة ش املة وهي ب دورها متع ددة؛ ومنه ا‪ :‬الحكم‬
‫التحكيمي القطعي‪ ،‬الحكم التحكيمي اإلتفاقي‪ ،‬الحكم التحكيمي اإلضافي أو التكميلي‪ ،‬الحكم التحكيمي التصحيحي‪ ،‬الحكم التحكيمي التفسيري‪.‬‬
‫أم ا األحك ام الجزئي ة فيقص د به ا تل ك األحك ام ال تي تص درها هيئ ة التحكيم وال تي ال تفص ل في ال نزاع بص فة نهائي ة ويمكن أن ن ذكر منه ا‪:‬‬
‫االختصاص‪ ،‬القانون الواجب التطبيق‪ ،‬المسؤولية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬محمد فاضل الليلي‪،‬م س‪ ،‬ص ‪ 275‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد داود الزعـبي‪ "،‬دع وى بطالن حكم التحكيم في المنازع ات التجاري ة الدولي ة"‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،2011‬ص ‪ 98‬و ‪.99‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 105‬و ‪.106‬‬
‫‪79‬‬
‫وسنحاول في هذا الفرع تناول الحكم التحكيمي في مطلبين‪ :‬نخصص األول للحديث عن قيمته‬

‫القانونية في قانون ‪ 08 -05‬ونفرد الثاني لإلشكاليات التي يثيرها هذا القانون بخصوص مسطرة تذييل‬

‫الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القيمة القانونية للحكم التحكيمي في قانون ‪08 -05‬‬

‫ترتبط بحكم التحكيم مجموعة من الشروط التي تعد جوهرية كرسها المشرع المغربي بموجب‬

‫قانون ‪ 08 -05‬المتعلق بالتحكيم والوس اطة االتفاقية فما هي إذا هذه الشروط؟ وهل للهيئة التحكيمية‬

‫دور في إصالح أخطاء الحكم التحكيمي؟ ثم ما هي آثار هذا األخير ؟ هذا ما سنحاول معالجته وذلك‬

‫على الشكل التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط صحة الحكم التحكيمي‬

‫حتى يكون الحكم التحكيمي صحيحا ونافذا وحائزا لحجية األمر المقضي به بعيدا عن دعوى‬

‫البطالن ينبغي توافر شروط معينة نورد منها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الكتابة‪:‬‬

‫لقد نص الفصل ‪ 327-23‬على ما يلي‪ ":‬يصدر الحكم التحكيمي كتابة ‪ "...‬وبقراءة جد متأنية‬

‫له ذا الفص ل نج د ب أن المش رع المغ ربي بقي وفي ا للقاع دة ال تي نص عليه ا في الفص ل ‪ 318‬من ق انون‬

‫المس طرة المدني ة الملغى‪ .261‬وهي مس ألة محم ودة ألن من ش أن الكتاب ة أن تض ع حال لمجموع ة من‬

‫التساؤالت والصعوبات التي قد يدعيها أو يتخيلها األطراف‪ ،‬فلو أن الحكم التحكيمي صدر دون مراعاة‬

‫ه ذه الش كلية لك ان ذل ك س ببا في تعطي ل ال دور األساس ي ال ذي يمكن أن يلعب ه التحكيم كوس يلة لفض‬

‫المنازعات بين األفراد‪.262‬‬

‫‪ -261‬نص الفصل ‪ 318‬من قانون المسطرة المدنية الملغى على ما يلي‪ " :‬يجب أن يكون حكم المحكمين مكتوبا‪."...‬‬
‫‪ -262‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب ‪ " ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬أبريل ‪ ،2009‬ص ‪.361‬‬
‫‪80‬‬
‫وق د أوردت ه ذا الش رط الم ادة (‪/41‬أ) من ق انون التحكيم األردني ال تي نص ت على أن ه "يتم‬

‫ت دوين حكم التحكيم كتاب ة ‪ ،"...‬وأوردت ه أيض ا الم ادة (‪ )43/1‬من ق انون التحكيم المص ري التي نص ت‬

‫على أنه "يصدر حكم التحكيم كتابة ‪ "...‬وكما أوردته المادة (‪ )212/2‬من قانون المرافعات اإلماراتي‬

‫التي نصت على أنه " يجب أن يكون الحكم التحكيمي مكتوبا‪.263"...‬‬

‫وتتجلى أهمية كتابة الحكم التحكيمي في تذييله فيما بعد بالصيغة التنفيذية التي يأمر بها رئيس‬

‫المحكم ة الص ادر الحكم في دائرته ا أو ال رئيس األول لمحكم ة االس تئناف‪ ،‬بحس ب األح وال طبق ا‬

‫لمقتضيات الفصل ‪.264327-31‬‬

‫ثانيا‪ :‬البيانات اإللزامية للحكم التحكيمي‬

‫إن بيانات الحكم اإللزامية ال تخرج عن‪:‬‬

‫أسماء األطراف وعناوينهم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫الحكم التحكيمي يجب أن يتض من أس ماء األط راف الشخص ية والعائلي ة وص فتهم أو مهنتهم‬

‫فاألطراف هم المخاطبون بالحكم الصادر في النزاع‪ ،265‬ولذلك يعتبر هذا البيان من البيانات اإللزامية‬

‫في الحكم التحكيمي‪ ،‬ويترتب على إغفاله البطالن‪ ،‬ألن ه أمر يتعلق بقواعد النظام العام ولذلك استعمل‬

‫المشرع في الفصل ‪ 327-24‬عبارة "يجب" التي تفيد اإللزام‪.‬‬

‫ومن جه ة أخ رى يعت بر ذك ر عن اوين األط راف في الحكم التحكيمي من البيان ات الض رورية‪،‬‬

‫وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 327-24‬من القانون ‪.08-05‬‬

‫أسماء المحكمين وعناوينهم وأتعابهم ومصاريف التحكيم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬أمينة خبابة ‪ "،‬التحكيم اإللكتروني في التجارة اإللكترونية"‪ ،‬دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬ص ‪.150‬‬
‫‪ -263‬محمد داود الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -264‬رضوان الحسوسي ‪ "،‬الحكم التحكيمي مشتمالته وتقنياته"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪ ،2008‬ص ‪.111‬‬
‫‪ -265‬أمينة خبابة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪81‬‬
‫يعتبر هذا البيان من البيانات التي يجب توفرها في الحكم التحكيمي والتي نص عليها الفصل‬

‫‪ 327-24‬من القانون ‪ ،08-05‬وهذا األمر منطقي ألنه ال يمكن أن نتصور صدور حكم من مجهول‪،‬‬

‫بحيث يعت بر ه ذا البي ان دلي ل على ص حة تش كيل الهيئ ة التحكيمي ة وأن ه ذا التش كيل ال يخ الف الق انون‬

‫واتفاق األطراف‪.266‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 327-24‬تنص على وجوب تضمين الحكم‬

‫التحكيمي أتع اب المحكمين ونفق ات التحكيم وكيفي ة توزيعه ا بين األط راف‪ .267‬وإ ذا لم يتم االتف اق بين‬

‫األطراف والمحكمين على تحديد أتعاب المحكمين فيتم تحديدها بقرار مستقل من هيئة التحكيم‪ ،‬ويكون‬

‫قراره ا به ذا الش أن ق ابال للطعن أم ام رئيس المحكم ة المختص ة ال ذي يك ون ق راره في ه ذا الموض وع‬

‫نهائيا غير قابل ألي طعن‪.‬‬

‫اإلشارة إلى اتفاق التحكيم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫نص المش رع المغ ربي من خالل الفص ل ‪ 327-23‬من ق انون ‪ 08-05‬على م ا يلي‪" :‬يص در‬

‫الحكم التحكيمي كتابة ويجب أن يشار فيه إلى اتفاق التحكيم‪."...‬‬

‫والحكم ة من ض رورة اش تمال الحكم على اتف اق التحكيم هي ض مان الرقاب ة على م دى ال تزام‬

‫المحكم بحدود ذلك االتفاق‪.268‬‬

‫موجز للوقائع وادعاءات األطراف ودفوعاتهم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويقصد بالوقائع السرد التاريخي لوقائع النزاع المعروض على المحكمة بحيث يتم ذكر األدلة‬

‫والحجج وأيض ا اإلج راءات المتبع ة في جلس ات المناقش ات والمرافع ات‪ ،‬والحكم التحكيمي ك الحكم‬

‫‪ -266‬رضوان الحسوسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ -267‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.376‬‬
‫‪ -268‬للمزيد من اإليضاح أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬برهان عبد اهلل‪" ،‬المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي‪ ،‬العدد ‪ ،40‬السنة ‪ ،2006‬ص ‪.15‬‬
‫‪82‬‬
‫القض ائي يجب أن ت ذكر في ه وق ائع ال نزاع وأيض ا دفوع ات األط راف وادع اءاتهم‪ ،‬وه ذا م ا نص علي ه‬

‫الفص ل ‪ 327-23‬من الق انون ‪ 08-05‬وال ذي ج اء في ه "يص در الحكم التحكيمي كتاب ة ويجب أن يش ار‬

‫فيه إلى اتفاق التحكيم وأن يتضمن عرضا موجزا للوقائع وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على التوالي‬

‫والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي‪"...‬‬

‫وه ذا البي ان يجب أن يت وفر في الحكم التحكيمي وذل ك من أج ل مراقب ة عم ل المحكم للتأك د من‬

‫التزامه بأداء مهمته واإلحاطة بموضوع النزاع وطلبات األطراف‪.‬‬

‫تعليل الحكم التحكيمي‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫نص المش رع المغ ربي في الفص ل ‪ 327-23‬من ق انون ‪ 08-05‬في فقرت ه الثاني ة‪" :‬يجب أن‬

‫يك ون الحكم التحكيمي معلال م ا لم يتم اتف اق األط راف على خالف ذل ك في اتف اق التحكيم‪ ،‬أو ك ان‬

‫القانون الواجب التطبيق على مسطرة التحكيم ال يشترط تعليل الحكم‪." ...‬‬

‫وق د أك د المش رع المغ ربي في ق انون ‪ 08 -05‬على أن تعلي ل الحكم يبقى مس ألة ض رورية‬

‫وبيانا إلزاميا متى تعلق األمر بنزاع يكون أحد أطرافه شخصا يخضع للقانون العام (الفصل ‪)327-23‬‬

‫الفقرة الثانية منه‪.‬‬

‫تاريخ ومكان إصدار الحكم‪:‬‬

‫وق د نص‬ ‫‪269‬‬


‫يعت بر مك ان وت اريخ ص دور الحكم من البيان ات الض رورية في الحكم التحكيمي‬

‫القانون ‪ 08-05‬على هذا البيان من خالل الفصل ‪" 327-24‬يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي بيان ما‬

‫يلي‪:‬‬

‫‪ -2‬تاريخ صدوره‪.‬‬

‫‪ -269‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ "،‬التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة في ض وء الق وانين الوض عية والمعاه دات الدولي ة وأحك ام‬
‫محاكم التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص ‪.347‬‬
‫‪83‬‬
‫‪ -3‬مكان إصداره"‪.‬‬

‫وأهمية ذكر تاريخ صدور الحكم التحكيمي تتمثل في التأكد من صدور الحكم خالل مدة سريان‬

‫اتفاق التحكيم والتحقق كذلك من صدوره خالل المهلة المحددة له قانونا أو اتفاقا‪.‬‬

‫وبخصوص مكان إصدار الحكم التحكيمي تظهر أيضا أهميته من نواح كثيرة فهو الذي يحدد‬

‫نوعية الحكم هل يعتبر حكما وطنيا أو أجنبيا‪.270‬‬

‫منطوق الحكم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويقص د ب ذلك النتيج ة النهائي ة ال تي انتهت إليه ا هيئ ة التحكيم وال تي تمث ل رأيه ا النه ائي ال ذي‬

‫توصلت إليه لحسم النزاع بالفصل في طلبات الخصوم ‪ ،‬وقد نصت على ذلك المادة (‪/41‬ج) من قانون‬

‫التحكيم األردني كم ا نص ت على ذل ك الم ادة (‪ )43/3‬من ق انون التحكيم المص ري وه و م ا نص علي ه‬

‫أيضا المشرع اإلماراتي في المادة (‪/212/5‬د) من قانون المرافعات‪.271‬‬

‫وقد نص القانون ‪ 08-05‬على هذا البيان في الفصل ‪ 327-23‬والذي جاء فيه "يصدر الحكم‬

‫التحكيمي كتاب ة ويجب أن يش ار في ه إلى اتف اق التحكيم وأن يتض من عرض ا م وجزا للوق ائع وادع اءات‬

‫األطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي‬

‫وكذا منطوقا لما قضي به"‪.‬‬

‫التوقيع على الحكم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ح تى يك ون للحكم وج ود ق انوني ويعت بر حج ة يجب أن يك ون موقع ا ممن أص دره س واء ك ان‬

‫محكما أو قاضيا وبغير هذا التوقيع يعتبر الحكم معدوما فال يترتب عليه أثر قانوني‪.272‬‬

‫‪ -270‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬رضوان الحسوسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 112‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -271‬محمد داود الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ -272‬رضوان الحسوسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪84‬‬
‫ولق د نص الق انون ‪ 08-05‬على ه ذا البي ان في الفص ل ‪ 327-25‬ال ذي ج اء في ه "يوق ع الحكم‬

‫التحكيمي ك ل محكم من المحكمين‪ .‬وفي حال ة تع دد المحكمين وإ ذا رفض ت األقلي ة التوقي ع‪ ،‬يش ير‬

‫المحكمون اآلخرون إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويكون للحكم نفس األث ر‬

‫كما لو كان موقعا من لدن كل محكم من المحكمين"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور الهيئة التحكيمية في إصالح أخطاء األحكام التحكيمية‬

‫الهيئ ة التحكيمي ة وهي تص در أحكامه ا فإم ا أن تك ون ه ذه األخ يرة س ليمة خالي ة من أي عيب‬

‫يمكن أن يطالها‪ ،‬وإ ما أن تشوبها بعض العيوب التي تحتاج إلى تدخل الهيئة التحكيمية من جديد لتقويم‬

‫اعوجاجها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إصالح أخطاء األحكام التحكيمية بصفة تلقائية‬

‫ويكون ذلك كلما تعلق األمر بإصالح خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو الكتابة وهذا الخطأ قد‬

‫ويقص د‬ ‫‪273‬‬
‫يس بب مش اكل في تنفي ذ الحكم التحكيمي‪ ،‬فيمكن الرج وع إلى هيئ ة التحكيم لتص حيحه‬

‫باألخطاء المادية التي قد ترد في الحكم األخطاء الكتابية الشكلية المتعلقة بتحريره‪.274‬‬

‫والتص حيح ي رد على األخط اء المادي ة كتابي ة ك انت أو حس ابية أو مطبعي ة س واء في وص ف‬

‫ش خص أو شيء أو مال أو غلط م ادي ورد في الحكم التحكيمي أو تسرب إليه بس بب عدم انتباه هيئ ة‬

‫التحكيم‪ ،‬أو ما يطلق عليه خطأ القلم‪ ،‬و ليس خطأ الفكر فهو خطأ في التعبير وليس خطأ في التفكير‪.‬‬

‫فتقوم هيئة التحكيم ولو من تلقاء نفسها بتصحيح هذا الخطأ‪ .275‬وبمقتضى الفصل ‪ 327-28‬من قانون‬

‫‪ -273‬أحمد هندي‪ "،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.127‬‬


‫‪ -274‬فاطمة الدحاني‪ "،‬دور رئيس المحكم ة في التحكيم ال داخلي ب المغرب"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪،‬‬
‫السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.94‬‬
‫‪ -275‬أحمد هندي‪ "،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ 08-05‬أص بحت للهيئ ة التحكيمي ة الص الحية التام ة إلص الح األخط اء المادي ة المتس ربة ألحكامه ا‬

‫التحكيمية‪ ،276‬وذلك سواء كانت في الكتابة أو الحساب أو غيرها‪.277‬‬

‫ب ل وأهم من ذل ك فإنه ا تس تطيع مباش رة ه ذه المس طرة من تلق اء نفس ها دون التوق ف على طلب‬

‫يقدمه أحد األطراف‪ .‬إال أن هذه الصالحية تبقى مع ذلك مقيدة في الزمان إذ يجب مباشرتها داخل أجل‬

‫ثالثين يوما من تاريخ صدور الحكم التحكيمي‪.‬‬

‫وإ ذا كان الفصل ‪ 327 -28‬ال يلزم بتحديد جلسة يحضرها أطراف النزاع عند تصحيح الهيئة‬

‫له ذه األخط اء‪ ،‬ف إن تبلي غ الحكم المص حح لألط راف يك ون مفترض ا لكي يتمكن وا من االس تفادة من ه في‬

‫وقت س ريع وقب ل أن يلج أوا هم لطلب ه‪ ،‬إذ كي ف يعق ل أن تق وم ه ذه الهيئ ة بتص حيح الحكم دون تبليغ ه‬

‫لألطراف؟‬

‫لذا فحتى يتم تفعيل هذا التصحيح التلقائي للهيئة التحكيمية يجب على المشرع أن يعيد صياغة‬

‫الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 327-28‬ض مانا إلنج اح تس وية الخالف في وقت قص ير وذل ك على الش كل‬

‫التالي‪" :‬غير أن للهيئة التحكيمية‪:‬‬

‫‪" - 276‬إذا رأت محكمة التحكيم بعد دراسة حجج األطراف أن الطلب له ما يبرره تستجيب لهذا الطلب خالل مهلة ثالثين يوما"‪.‬‬
‫‪ -277‬وتنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 327 -28‬على ما يلي‪... " :‬غير أن للهيئة التحكيمية‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن تقوم تلقائيا داخل أجل ثالثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي بإصالح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو الكتابة‪ ،‬أو أي خطأ من‬
‫نفس القبيل وارد في الحكم‪."...‬‬
‫ولق د اس تقرت س لطة هيئ ة التحكيم في تص حيح حكمه ا في مختل ف ق وانين التحكيم الحديث ة‪ ،‬من بينه ا ق انون التحكيم القض ائي الكوي تي (الم ادة ‪)8‬‬
‫والق انون العم اني ( الم ادة ‪ )50‬وق انون التحكيم اليم ني لس نة ‪( 1992‬الم ادة ‪ )52‬وق انون التحكيم األردني لس نة ‪ ( 1993‬الم ادة ‪ )25‬وق انون‬
‫أصول المحاكمات المدنية اللبناني (المادة ‪.)792‬‬
‫وهذا االتجاه والتنظيم هو ما تبنته قواعد األونسترال لسنة ‪ 1976‬في المادة ‪ ،35‬وهو نفس ما قررته المادة ‪ 36‬من قواعد مركز الق اهرة للتحكيم‬
‫التج اري ال دولي‪ ،‬وك ذلك الم ادة ‪ 31‬من قواع د الهيئ ة األمريكي ة للتحكيم ‪ A.A.A‬والم ادة ‪ 27‬من نظ ام تحكيم محكم ة تحكيم لن دن ‪. L.C.I.A‬‬
‫والمادة ‪ 66‬من قواعد نظام تحكيم الويبو ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية)‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن ‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 128‬وما يليها‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫أ – أن تق وم تلقائي ا داخ ل أج ل ثالثين يوم ا التالي ة للنط ق ب الحكم التحكيمي بإص الح ك ل خط أ‬

‫م ادي أو خط أ في الحس اب أو الكتاب ة أو أي خط أ من نفس القبي ل‪ ،‬وارد في الحكم ويتعين عليه ا تبلي غ‬

‫الحكم المصحح لألطراف داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ التصحيح ‪.278"...‬‬

‫أن صالحية الهيئة في هذا الباب ستكون أكثر فعالية‪.‬‬ ‫‪279‬‬


‫وبهذه الصيغة يعتقد بعض الفقه‬

‫ومن بين العيوب التي يعاني منها الفصل ‪ 327 -28‬عدم وضعه لحل قانوني في حالة تجاوز‬

‫أم‬ ‫‪280‬‬
‫هيئة التحكيم لسلطاتها في هذا التصحيح فهل سيتم الطعن في الحكم التحكيمي المصحح بالبطالن‬

‫أن األمر يبقى على حاله الشيء الذي قد تتضرر معه مصالح أحد األطراف أو هما معا؟‬

‫على حاله هو الحل الوحيد‬ ‫‪281‬‬


‫وكجواب عن هذا التساؤل فاإلبقاء على الحكم التحكيمي المصحح‬

‫المطروح لعدم إدراج المشرع لحالة تجاوز الهيئة التحكيمية لسلطتها‪ ،‬لتصحيح أحكامها ضمن الحاالت‬

‫التي يجوز فيها الطعن بالبطالن والتي جاءت على سبيل الحصر في الفصل ‪.282327-26‬‬

‫ثانيا‪ :‬إصالح أخطاء األحكام التحكيمية بناء على طلب أحد األطراف‬

‫يكون إصالح أخطاء األحكام التحكيمية بناء على طلب أحد األطراف كلما تعلق األمر‪:‬‬

‫بتأويل جزء معين من الحكم‬ ‫‪-‬‬

‫ينص الفص ل ‪ 327 -28‬على أن ه‪ ":‬ينهي الحكم مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة بش أن ال نزاع ال ذي تم‬

‫الفصل فيه غير أن للهيئة التحكيمية أن تقوم داخل أجل الثالثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي بناء‬

‫على طلب أحد األطراف ودون فتح أي نقاش جديد بما يلي‪:‬‬

‫ب‪ -‬تأويل جزء معين من الحكم‪."...‬‬

‫‪ -278‬وللعلم فإن الهيئة التحكيمية تقوم به ذا التصحيح تلقائيا في األخطاء المادي ة فقط‪ ،‬دون أن تنصرف هذه التلقائي ة إلى تأويل جزء معين من‬
‫الحكم أو إصدار حكم تكميلي‪ ،‬إذ أن هذه الحاالت تبقى متوقفة على طلب من أحد األطراف‪.‬‬
‫‪ -279‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 280‬كما نص على ذلك المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة ‪ 50‬من قانون التحكيم المصري‪.‬‬
‫‪ -281‬عبد اهلل درميش ‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪ -282‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪87‬‬
‫ال يعني أنها ستفصل في النزاع من جديد بل كل‬ ‫‪283‬‬
‫إن تفسير هيئة التحكيم للحكم الذي أصدرته‬

‫ما في األمر أنها ستقوم بإزالة اللبس وعدم الفهم الذي يحيط به‪ .284‬فالتفسير ال يجوز أن يتضمن تعديال‬

‫للحكم أو معاودة النظر فيه وإ ال تعرض الحكم لمخاطر عدم التنفيذ‪.285‬‬

‫إذن مسألة تأويل الحكم التحكيمي ال تثور إال إذا كان الحكم غامضا في معناه‪ ،286‬وعليه فطلب‬

‫تفس ير الحكم التحكيمي يك ون غ ير مقب ول إذا ك ان الحكم واض حا‪ ،‬وذل ك ح تى ال يك ون طلب التفس ير‬

‫وسيلة للمساس بما لحكم التحكيم من حجية الشيء المقضي به‪.287.‬‬

‫من قسم أسباب التأويل إلى سببين‪ :‬سبب رئيسي يتمثل‬ ‫‪288‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هناك من الفقه‬

‫في غموض الحكم وتناقض معناه‪ ،‬حيث إنه إذا كان الحكم مبهما يجعل األطراف تلتبس فيه‪ ،‬وبالتالي‬

‫عدم فهم حقيقة المعنى المراد منه‪ ،‬أما السبب الثاني لطلب التأويل فهو وجود نزاع بين الطرفين حول‬

‫تأويل الحكم‪.‬‬

‫بإصدار حكم تكميلي بشأن طلب تم إغفال البت فيه ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -283‬يتف ق المش رع المغ ربي في ذل ك م ع الق وانين الحديث ة في التحكيم‪ ،‬فالم ادة ‪ 22‬من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي لس نة ‪1985‬‬
‫تقرر "يجوز ألحد الطرفين بشرط إخطار الطرف اآلخر أن يطلب من هيئة التحكيم تفسير نقطة معينة في قرار التحكيم أو جزء معين منه إن‬
‫ك ان الطرف ان ق د اتفق ا على ذل ك‪ .‬وإ ذا رأت هيئ ة التحكيم أن للطلب م ا م ا ي برره فإنه ا تص در التفس ير خالل ثالثين يوم ا من ت اريخ تس لم الطلب‬
‫ويكون التفسير جزءا من قرار التحكيم " أما القانون الفرنسي فقد أقر في المادة ‪ 1457‬من قانون المرافعات على أن " صدور الحكم التحكيمي‬
‫من ش أنه رفع ي د المحكمين عن النزاع ال ذي فصلوا في ه ولكن للمحكم ص الحية تفس يره ‪...‬وتطبيق أحك ام ق انون المرافع ات بص دد تفسير الحكم‬
‫القض ائي على ذل ك‪ .‬ويق ترب من ذل ك نص الم ادة ‪ 33‬من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي ب البحرين‪ ،‬والم ادة ‪ 49‬من ق انون التحكيم‬
‫العماني لسنة ‪ 1997‬والمادة ‪ 52‬من قانون التحكيم اليمني لسنة ‪ 1992‬والمادة ‪ 42‬من الالئحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -284‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -285‬منير عبد المجيد ‪" ،‬قضاء التحكيم في منازعات التجارة الدولية "‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.263‬‬
‫‪ -‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.125‬‬ ‫‪286‬‬

‫‪ -287‬فتحي والي ‪ "،‬الوسيط في قانون القضاء المدني"‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.1012‬‬
‫‪ -288‬حسين حنفي عمر ‪ "،‬دور محكمة العدل الدولية كمحكمة "‪ ،‬مطبعة دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.224‬‬
‫‪88‬‬
‫ينص الفص ل ‪ 327 -28‬من ق انون ‪ 08 -05‬في فقرت ه الثاني ة‪ ،‬على م ا يلي ‪... " :‬غ ير أن‬

‫للهيئ ة التحكيمي ة أن تق وم داخ ل أج ل الثالثين يوم ا التالي ة لتبلي غ الحكم التحكيمي بن اء على طلب أح د‬

‫األطراف ودون فتح أي نقاش جديد بما يلي‪:‬‬

‫ج‪ -‬إص دار حكم تحكيمي بش أن طلب وق ع إغف ال البت في ه م ا لم يتف ق األط راف على خالف‬

‫ذلك"‪.‬‬

‫وم ا يمكن مالحظت ه على ه ذه الفق رة أنه ا جعلت ص الحية هيئ ة التحكيم متوقف ة على إرادة‬

‫األطراف فإذا لم يوافقوا عليها امتنع عليها النظر في الطلب‪ .‬وما يجب االنتباه إليه أن هذه الهيئة يتعين‬

‫عليها إصدار الحكم التحكيمي خالل أجل ستين يوما تبتدئ من تاريخ تقديم الطلب إليها‪ ،‬وبذلك نالحظ‬

‫أن المشرع قد ضاعف هذا األجل مقارنة مع صالحية نفس الهيئة وهي تبت في تصحيح األخطاء أو‬

‫تفسير األحكام الصادرة عنها‪.289‬‬

‫وإ ذا ك ان رئيس المحكم ة الص ادر ب دائرتها الحكم التحكيمي ه و المختص ب البت في طلب‬

‫التصحيح أو التفسير في تلك الحالة التي يتعذر فيها اجتماع الهيئة التحكيمية من أجل ذلك‪ ،‬فإنه بالمقابل‬

‫ال يسوغ له البت في الطلبات المغفلة من قبلها على أساس أن هذه اإلمكانية لم يتطرق إليها المشرع في‬

‫الفصل ‪ 327-29‬الذي أشار للصالحيات التي يقوم بها هذا الرئيس في حالة غياب هيئة التحكيم‪.290‬‬

‫ون رى أن س بب من ع رئيس المحكم ة من النظ ر في ه ذا الن وع من الطلب ات يرج ع إلى وج ود‬

‫اتفاق التحكيم الذي يحجب عليه هذا االختصاص‪ .‬ومع ذلك فإن التساؤل حول الجهة المختصة بالبت‬

‫‪ -289‬ينص الفصل ‪ 327 -28‬من قانون ‪ ..." 08 -05‬تصدر الهيئة التحكيمية حكمها خالل الثالثين يوما التالية لتقديم المقال إليها إذا تعلق‬
‫األمر بتصحيح أو تأويل حكم وخالل أجل ستين يوما إذا تعلق األمر بحكم تكميلي"‪.‬‬
‫‪ - 290‬وللعلم فإن رئيس المحكمة يلتزم هو اآلخر بالبت في طلبات التفسير والتصحيح داخل أجل ثالثين يوما بأمر ال يقبل الطعن‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫أم أن األطراف سوف يقومون‬ ‫‪291‬‬
‫فيها يبقى مطروحا فهل تتم العودة إلى الجهة القض ائية أي المحكمة‬

‫بتعيين هيئة تحكيم جديدة تنظر في هذه الطلبات المغفلة؟‬

‫إمكاني ة اللج وء إلى القض اء لكون ه يتم يز‬ ‫‪292‬‬


‫وكج واب عن ه ذا التس اؤل ي رجح بعض الفق ه‬

‫باالس تمرارية وال دوام والعتب ار الطلب المغف ل يك ون في غ الب األح وال ذا قيم ة ثانوي ة بالنس بة للطلب‬

‫األصلي الذي تم البت فيه من طرف الهيئة التحكيمية قبل انحاللها‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬آثار الحكم التحكيمي‬

‫يترتب على صدور الحكم التحكيمي عدة آثار وهي انتهاء مهمة هيئة التحكيم ( أوال) واكتساب‬

‫الحكم التحكيمي حجية الشيء المقضي به ( ثانيا) ومنح هذا األخير الصيغة التنفيذية ( ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬انتهاء مهمة هيئة التحكيم‬

‫إن حكم التحكيم ينهي عم ل هيئ ة التحكيـ ـ ـ ـ ـــم باستثنـ ـ ـــاء الح االت المشـ ـ ـــار إليهـ ـ ـــا في الفص ـ ـــل‬

‫‪ ،293327-28‬وألطراف التحكيم دور أساسي في تنفيذ حكم التحكيم بحيث قد يرى الطرف الذي خسر‬

‫القض ية أن ه ذا الحكم ص ائب‪ ،‬وأن الطعن ببطالن ه ه و فق ط مض يعة لل وقت‪ ،‬كم ا أن ه ق د ي رى ب أن ه ذا‬

‫الحكم ج ائر‪ ،‬وال يمكن اعتب اره عنوان ا للحقيق ة وأن الطعن ببطالن ه أم ر أساس ي إلع ادة األم ور إلى‬

‫نصابها‪.294‬‬

‫ثانيا‪ :‬اكتساب حكم التحكيم حجية الشيء المقضي به‬

‫‪ -291‬ه ذا علم ا أن المحكم ة تبقى مختص ة في ه ذا البت إلى حين تمس ك أح د األط راف بوج ود اتف اق التحكيم‪ ،‬الش يء ال ذي يجعله ا تص در حكم ا‬
‫يقضي بعدم قبول الدعوى‪.‬‬
‫‪ -292‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ -293‬ينص الفصل ‪ 327-28‬على ما يلي‪" :‬ينهي الحكم مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه‬
‫غير أن للهيئة التحكيمية‪.......:‬‬
‫‪ - 2‬أن تقوم داخل أجل الثالثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي بناء على طلب أحد األطراف ودون فتح أي نقاش جديد بما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تصحيح كل خطأ مادي في الحساب أو الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد على الحكم‬
‫ب‪ -‬تأويل جزء معين من الحكم‬
‫ج‪ -‬إصدار حكم تحكيمي بشأن طلب وقع إغفال البت فيه ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك‪"...‬‬
‫‪ -294‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪90‬‬
‫لما كان المحكم يقوم بعمل قضائي إذ أنه يحسم نزاعا بين األطراف بقرار ملزم لهم فإن حكمه‬

‫يتمتع بحجية األمر المقضي‪ ،‬وهو ما صرح به المشرع المغربي في الفصل ‪" 327-26‬يكتسب الحكم‬

‫التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه ‪ ."...‬وهذا ما‬

‫أكدت ه ك ذلك اتفاقي ة نيوي ورك لتنفي ذ أحك ام المحكمين األجنبي ة لس نة ‪" 1958‬تع ترف ك ل من ال دول‬

‫المتعاقدة بحجية حكم التحكيم ‪ ...‬المادة ‪ 3‬من االتفاقية"‪.‬‬

‫وقد عرف بعض الفقه اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشيء المقضي به بأنه‪ ":‬ال يجوز إعادة‬

‫طرحه على القضاء أو حتى على التحكيم مرة أخرى فالنزاع ال يفصل فيه إال مرة واحدة‪.295‬‬

‫وهناك من عرف اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشيء المقضي به بأنها تعني ثبوت الحجية‬

‫للحكم فيم ا فص ل في ه من حق وق وتعت بر قرين ة قاطع ة ال يمكن نقض ها‪ ،296‬ومؤداه ا أن ه ذا الحكم ق د‬

‫صدر صحيحا فهو حجة على ما قضى به وال يمكن ألحد الخصوم اللجوء إلى القضاء في نزاع سبق‬

‫الفصل فيه حيث يجوز للطرف اآلخر الدفع بحجية األمر المقضي به‪.297‬‬

‫ثالثا‪ :‬منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي‬

‫‪ -295‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪ -296‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -297‬مصطفى هرنـدو‪ " ،‬ت ذييل األحك ام األجنبي ة بالص يغة التنفيذي ة في قض ايا األس رة على ض وء العم ل القض ائي المغ ربي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم‬
‫الماس تر المتخص ص في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬السويس ي‪ ،‬الس نة الجامعي ة‬
‫‪ ،2009 -2008‬ص ‪.55‬‬
‫‪91‬‬
‫ه و اإلج راء ال ذي يص در من القاض ي المختص قانون ا‬ ‫‪298‬‬
‫الص يغة التنفيذي ة أو األم ر بالتنفي ذ‬

‫ويأمر بمقتضاه بتمتيع حكم المحكمين وطنيا أو أجنبيا بالقوة التنفيذية‪.299‬‬

‫والقاض ي عن دما يبت في األم ر بالتنفي ذ فإن ه يم ارس رقاب ة على الحكم التحكيمي من خالل‬

‫التدقيق في مدى توفره على الشروط الواجب توفرها فيه وكذلك عدم مخالفته للنظام العام‪ ،‬هذا من جه ة‬

‫ومن جه ة أخ رى الرقاب ة على مدى وج ود اتف اق التحكيم وخلوه من أس باب البطالن‪ ،‬ومن ثم يقرر إم ا‬

‫إصدار أمر بتخويل الصيغة التنفيذية وإ ما إصدار أمر برفض تخويل الصيغة التنفيذية وفي هذه الحالة‬

‫يجب أن يكون قراره معلال‪.300‬‬

‫والرقاب ة ال تي تراقبه ا المحكم ة على الحكم التحكيمي هي رقاب ة خارجي ة وش كلية وال تمت د إلى‬

‫موضوع النزاع ومدى تطبيق المحكمين للقانون الواجب التطبيق‪.301‬‬

‫وفي هذا اإلطار صدر عن القضاء الفرنسي قرار يؤكد على مبدأ الرقابة الشكلية لقاضي التنفيذ‬

‫على الحكم التحكيمي حيث جاء فيه‪" :‬إن دور القاضي المختص بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي‬

‫مح دد ال يمكن ه أن ي رفض طلب إعط اء ه ذه الص يغة التنفيذي ة‪ ،‬إال إذا ك ان بطالن ه ظ اهرا أو إذا ك ان‬

‫يخالف في مقتضياته النظام العام"‪.302‬‬

‫‪ -298‬للتوسع أكثر في هذا الموضوع وفقا للقانون المغربي يراجع‪:‬‬


‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ "،‬نظ ام تنفي ذ ق رارات التحكيم األجنبي ة في المغ رب"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة الحس ن‬
‫الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1996 -1995‬‬
‫‪ -299‬محمــد فاضــل الليلي‪ "،‬ت ذييل أحك ام التحكيم الوطني ة واألجنبي ة بالص يغة التنفيذي ة في التش ريع المغ ربي والمق ارن "‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة‬
‫المرافعة‪ ،‬عدد ‪ ،20‬سنة ‪ ،2010‬ص ‪300‬‬
‫‪ -300‬حيث ينص الفصل ‪ 327 -33‬في فقرته األولى‪ " :‬يجب أن يكون األمر الذي يرفض الصيغة التنفيذية معلال "‪.‬‬
‫‪ -301‬عامر فتحي الباطانية‪ " ،‬دور القاض ي في التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬دراس ة مقارن ة "‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبع ة‬

‫األولى‪،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.250‬‬


‫‪ -302‬أمين سليم ‪ "،‬الرقابة القضائية على التحكيم في القانون المغ ربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬‬
‫بالدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2011 -2010‬ص ‪.91‬‬
‫‪92‬‬
‫انطالق ا مما سبق يتبين بأن أس اس رفض القاضي منح الص يغة التنفيذي ة للحكم التحكيمي مرده‬

‫إلى س ببين‪ :‬يتجلى األول في إمكاني ة إثارت ه من قب ل األط راف وأب رز أمثلت ه تتمث ل في نقص أهلي ة أح د‬

‫أط راف اتف اق التحكيم عن د إبرام ه وبمع نى أوس ع بس بب بطالن اتف اق التحكيم‪ ،‬أو بس بب خ روج الهيئ ة‬

‫التحكيمية عن حدود اختصاصاتها المسندة لها في اتفاق التحكيم‪ ،‬أو أن يكون صادرا عن هيئة مشكلة‬

‫بطريقة غير قانونية ‪...‬‬

‫وك ذلك‬ ‫‪303‬‬


‫وك ذلك بس بب ع دم ت وفر البيان ات اإللزامي ة ال واجب توفره ا في الحكم التحكيمي‬

‫الشروط التي أقرها المشرع‪.304‬‬

‫أم ا الس بب الث اني فيتجلى في إمكاني ة إثارت ه من القاض ي بص فة تلقائي ة ويتمث ل في الحال ة ال تي‬

‫يكون فيها الحكم التحكيمي مخالفا للنظام العام‪.‬‬

‫إن عملية تذييل الحكم التحكيمي بالص يغة التنفيذية من طرف القض اء تعتبر بمثاب ة الممر الذي‬

‫بدون ه ال يمكن للحكم التحكيمي أن يص بح ق ابال للتنفي ذ في ت راب الدول ة المعني ة بالتنفي ذ‪ ،‬بحيث تعت بر‬

‫الوس يلة الفعال ة لمن ع تس لل الق رارات التحكيمي ة المخالف ة للنظ ام الع ام‪ ،‬وإ ن ك ان ه ذا اإلج راء يب دو أن ه‬

‫ش كلي‪ ،‬إال أن أغلب الق وانين – على ح د م ا وص لني‪ -‬تنص علي ه وتعت بره أساس ا ليص بح الحكم‬

‫التحكيمي قابال للتنفيذ داخل الدولة مكان التنفيذ‪.‬‬

‫‪ -303‬ينص الفصل ‪ 327 -24‬على ما يلي‪ " :‬يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي بيان ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أسماء المحكمين الذين أصدروه وجنسياتهم وصفاتهم وعناوينهم‪.‬‬
‫‪ -2‬تاريخ صدوره‪.‬‬
‫‪ -3‬مكان إصداره‪.‬‬
‫‪ -4‬األسماء العائلية والشخصية لألطراف أو عنوانهم التجاري وكذا موطنهم أو مقرهم االجتماعي‪ ،‬وإ ن اقتضى الحال‪ ،‬أسماء المحامين أو أي‬
‫شخص ممثل األطراف أو آزرهم‪ .‬يتعين أن يتضمن حكم التحكيم تحديد أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم وكيفية توزيعها بين األطراف‪."...‬‬
‫‪ -304‬نظم المشرع هذه الشروط في الفصلين ‪ 327 -23‬و ‪:327 -25‬‬
‫حيث نص الفص ل ‪ " 327 -23‬يص در الحكم التحكيمي كتاب ة‪ ،‬ويجب أن يش ار في ه إلى اتف اق التحكيم وأن يتض من عرض ا م وجزا للوق ائع‬
‫وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي وكذا منطوقا لما قضى به "‪.‬‬
‫كما نص الفصل ‪ " 327 -25‬يوقع الحكم التحكيمي كل محكم من المحكمين‪.‬‬
‫وفي حالة تعدد المحكمين وإ ذا رفضت األقلية التوقيع يشير المحكمون اآلخرين إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويك ون‬
‫للحكم نفس األثر كما لو كان من لدن كل محكم من المحكمين "‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫لكن ما هي اإلشكاليات التي يثيرها قانون ‪ 08 -05‬بخصوص مسطرة تذييل األحكام التحكيمية‬

‫الداخلية بالصيغة التنفيذية ؟ هذا ما سنحاول معالجته في المطلب الموالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي يثيرها قانون ‪ 08 -05‬بخصوص مسطرة التذييل بالصيغة‬
‫التنفيذية‬
‫يعت بر ص دور الحكم التحكيمي مرحل ة فاص لة في ح ل ال نزاع الناش ئ بين األط راف المتنازع ة‬

‫لكن م ا يم يز ه ذه المرحل ة ه و أن ه بع د ص دور الحكم التحكيمي تخ رج القض ية من ي د هيئ ة التحكيم فال‬

‫تمل ك ح ق مراجع ة الحكم التحكيمي وال تعديل ه‪ ،305‬لينتق ل ب ذلك الحكم التحكيمي لمرحل ة التنفي ذ‪ ،‬ألن‬

‫الحكم التحكيمي حائز لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬ويصبح بذلك مثل األحكام القضائية‪ .‬وهذا ما عملت به‬

‫مختلف التشريعات الحديثة‪ ،‬ومن بينها المشرع المغربي في قانون ‪ 08-05‬الذي نص في الفص ل ‪-26‬‬

‫‪ 327‬بأن الحكم التحكيمي يكتسب بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم‬

‫الفصل فيه‪.‬‬

‫ويكون من المفترض قبول الخصم المحكوم ضده لحكم المحكمين‪ ،‬ومن ثم تنفيذه اختياريا‪ ،‬وم ع‬

‫ذل ك ق د يتع ذر التنفي ذ االختي اري نتيج ة ع دم قب ول الحكم أو تم التعنت من قب ل الخص م المحك وم ض ده‪،‬‬

‫‪ -305‬غالب غانم ‪ " ،‬دور القضاء اللبناني في الرقابة على التحكيم"‪ ،‬مجلة التحكيم العربي‪ ،‬العدد ‪ ،7‬غشت ‪ ،2006‬ص ‪.283‬‬
‫‪94‬‬
‫لحكم المحكمين‪ .‬وال ينف ذ الحكم‬ ‫‪306‬‬
‫وفي ه ذه الحال ة يك ون من المحتم االلتج اء إلى التنفي ذ الج بري‬

‫التحكيمي جبريا ضد المحكوم عليه إال بمقتضى أمر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫ويتطلب تذييل وتنفيذ األحكام التحكيمية الداخلي ة سلوك مسطرة قضائية خاص ة يتم من خاللها‬

‫المرور بعدة مراحل تهدف أساسا إلى التحقق من احترام هذه األحكام للمقتضيات المتعلقة بالنظام العام‬

‫الداخلي وهو ما يطرح عدة إشكاليات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاالت التي تطرحها مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية‬

‫‪ -306‬بالرجوع إلى القانون المغربي رقم ‪ 08 -05‬المتعلق بالتحكيم ال توجد فيه مسطرة خاصة بالتنفيذ الجبري لحكم التحكيم؛ ويرى بعض الفقه‬
‫أن عدم تنظيم هذه المسألة في قانون خاص للتحكيم له داللة واحدة وهي أن المشرع المغربي أراد تفادي االزدواجية في معالجة قضايا التنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬ألن حكم التحكيم ليس في نهاية المطاف سوى حكم يخضع لنفس اإلجراءات التي يخضع لها الحكم القضائي‪.‬‬
‫وبمجرد منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي‪ ،‬فإنه يصبح قابال للتنفيذ‪ ،‬ومكتسبا للقوة التنفيذية‪ ،‬وخاضعا للعديد من القواعد المنصوص عليها‬
‫في ق‪ .‬م‪.‬م‪ ،‬كالتنفيذ المعجل الذي يكون إما بقوة القانون‪ -‬في قضايا حوادث الشغل‪ ،‬واألمراض المهنية‪ ،‬وقضايا الضمان االجتماعي‪ ،‬وقضايا‬
‫عقود الشغل‪ ، -...‬وإ ما أن تكون نافذة معجال استنادا إلى حكم القضاء‪ ،‬سواء على وجه الوجوب‪ ،‬كما لو يتعلق األمر بنزاع مبني على سند‬
‫رسمي‪ ،‬أو تعهد معترف به‪ ،‬أو حكم سابق غير مستأنف‪ ،‬أو على وجه الجواز الذي يمنح بحسب ظروف كل قضية ومالبساتها‪.‬‬
‫وقواعد التنفيذ‪ ،‬قد تكون اختيارية أو إجبارية‪ ،‬ففي الحالة التي يكون فيها التنفيذ اختياريا‪ ،‬فإنه يؤدي إلى حل النزاع‪ ،‬ومنح الحق لصاحبه بدون‬
‫ص عوبات‪ ،‬بخالف التنفي ذ الج بري‪ ،‬ال ذي يخل ق ص عوبات في التنفي ذ‪ ،‬وه و على ن وعين‪ :‬إم ا مباش ر‪ -‬يق ع على الش خص المع ني‪ ، -‬وإ م ا غ ير‬
‫مباشر‪ -‬ويقع على أمواله المنقولة والعقارية‪ . -‬والتنفيذ غير المباشر هو األكثر شيوعا في الحياة العملية‪ ،‬إذ غالبا ما يسلك المحكوم لهم الحجز‬
‫إلجبار المحكوم عليهم بتنفيذ األحكام‪ ،‬والحجز إما تحفظي‪ ،‬أو تنفيذي‪ ،‬أو حجز لدى الغير‪ ،‬أو ارتهاني‪ ،‬أو استحقاقي‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر كال من‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ " ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬الطيب برادة‪ " ،‬التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪.1988‬‬
‫‪ -‬عبـد اإللـه العسـري‪ " ،‬مقتطف ات من مس طرة الحج ز في التش ريع المغ ربي"‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة الملح ق القض ائي‪ ،‬يص درها المعه د الوط ني‬
‫للدراسات القضائية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد ‪ ،25‬أكتوبر ‪ ،1992‬ص ‪ 154‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف الحاتمي ‪ " ،‬تنفيذ األحكام واقع ومعالجة"‪ ،‬مقال منشور بمجلة المحاماة‪ ،‬تصدرها جمعيات هيئة المحامين بالمغرب‪ ،‬سنة ‪،1994‬‬
‫ص ‪ 183‬وما يليها‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫ينص الفص ل ‪ 327-31‬من ق انون ‪ 08-05‬على أن ه‪" :‬ال ينف ذ الحكم التحكيمي ج برا إال‬

‫بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها‪."... 307‬‬

‫ويالحظ من خالل هذا الفصل أن المشرع المغربي لم يمنح الحكم التحكيمي القوة التنفيذية لذاته‬

‫وإ نما نص على ضرورة تذييله بالصيغة التنفيذية من قبل السلطات القضائية المختصة‪.‬‬

‫وتنص الفقرة الثانية من الفصل أعاله على أنه " يودع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة‬

‫من اتف اق التحكيم م ع ترجمته ا إلى اللغ ة العربي ة ل دى كتاب ة ض بط المحكم ة من ل دن أح د المحكمين أو‬

‫الطرف األكثر استعجاال داخل أجل سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره ‪."...‬‬

‫وما يسجل على هذا الفصل هو أنه لم يعد يلزم فقط أحد المحكمين بوضع الحكم التحكيمي لدى‬

‫كتابة ضبط المحكمة بصفته محكما في النزاع كما كان ينص عليه الفصل ‪ 320‬من ق‪.‬م‪.‬م القديم‪،308‬‬

‫وإ نما أصبح بإمكان أحد األطراف القيام بإيداع أصل الحكم التحكيمي كذلك‪ ،309‬لذا فإن كاتب الضبط‬

‫المختص يتعين عليه أن يتأكد من كون مقدم الحكم المذكور إما أحد المحكمين الذين شاركوا في الهيئة‬

‫التحكيمية التي أصدرته أو أحد أطراف اتفاق التحكيم‪ ،‬وبذلك فكل شخص تقدم بإيداع أصل الحكم فال‬

‫يتم قبوله إذا كان من غير األشخاص الذين تم ذكرهم وذلك النتفاء صفته في ذلك‪.‬‬

‫‪ -307‬أما في مرحلة ما قبل هذا التع ديل فقد كان الفصل ‪ 320‬من قانون المسطرة المدني ة ينص على أن ه‪ " :‬يصير حكم المحكمين قابال للتنفيذ‬
‫بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية التي صدر في دائرة نفوذها "‪.‬‬
‫‪ -308‬لق د ك ان الفص ل ‪ 320‬من ق انون المس طرة المدني ة ينص على م ا يلي‪ " :‬ي ودع أح د المحكمين له ذا الغ رض أص ل الحكم بكتاب ة ض بط ه ذه‬
‫المحكمة خالل ثالثة أيام من صدوره "‪.‬‬
‫‪ -309‬يقول ذ‪ .‬عبد اهلل درميش في مسألة اإليداع "أن الحكم التحكيمي يتم إيداعه‪:‬‬
‫‪ -‬ليكتسب التاريخ تاريخا رسميا‪ ،‬وينتقل من الوثيقة العرفية إلى الوثيقة الرسمية‬
‫‪ -‬هيئة التحكيم تندثر لسبب من األسباب كموت المحكمون أو أحدهم‪ ،‬فتتفرق هيئة التحكيم ويستحيل علين ا أن نع رف أعضائها والتحكيم هو ليس‬
‫مؤسساتيا وإ نما هو تحكيم خاص‪ ،‬كما أن مقر التحكيم قد يتغير بينما مقر المحكمة ال يتغير فهو تابت ومستقر‬
‫‪ -‬حتى ال يقع االحتيال على األجل‬
‫اإليداع ليس شرطا ولكن من الناحية العملية يجب أن يتم‬
‫وقاضي الصيغة التنفيذية ال يطلع على اإليداع‪ ،‬وال تدلي الهيئة التحكيمية بما يفيد ذلك ويعطي القاضي الصيغة التنفيذية"‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫أن المشرع المغربي قد جعل اإليداع ممكنا من قب ل المحكم‬ ‫‪310‬‬
‫ونتيجة لما سبق يرى بعض الفقه‬

‫أو من ط رف أح د األط راف‪ ،‬وم ع ذل ك ك ان علي ه أن يحص ر األش خاص ال ذين يمكنهم إي داع أص ل‬

‫األحك ام التحكيمي ة ل دى كتاب ة الض بط المختص ة في أط راف التحكيم أو وكالئهم في حال ة ح دوث ع ائق‬

‫لهم‪ ،‬وكذا األعوان اإلداريين الملحقين بمؤسسات التحكيم‪.‬‬

‫ومن بين المستجدات التي جاء بها المشرع في قانون ‪ 08-05‬تمديده للمدة الزمنية التي يتعين‬

‫خاللها على المحكم أو أحد األطراف القيام بوضع الحكم التحكيمي لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة‪،‬‬

‫فبعدما كانت هذه المدة بمقتضى القانون القديم محددة في ثالثة أيام دون تحديد تاريخ احتسابها أصبحت‬

‫اآلن محددة في سبعة أيام يتم احتسابها من يوم صدور الحكم‪ ،‬فهذا األجل أصبح إلى حد ما كافيا من‬

‫الناحية العملية مقارنة باألجل القديم‪ ،‬وأكثر انسجاما مع طبيعة القضايا المعروضة على هيئات التحكيم‪.‬‬

‫بحيث تتطلب نوع ا خاص ا من الدق ة والتح ري وإ ع ادة ق راءة الحكم التحكيمي الص ادر بص ددها ق راءة‬

‫متأنية حتى ال يكون موضوع طعن مستقبلي‪ ،‬وبالتالي إفراغه من مميزاته المتعارف عليها عالميا‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان المش رع المغ ربي ق د أوجب أن يتم اإلي داع داخ ل أج ل س بعة أي ام من ت اريخ ص دور‬

‫الحكم التحكيمي‪ ،‬فإنه لم يرتب أي جزاء ال على عدم احترام هذا األجل وال على عدم اإليداع أصال‪.‬‬

‫ومع ذلك يمكن القول بأن أهمية تحديد هذا األجل تتمثل في أنه بمروره يحق ألي واحد من المحتكمين‬

‫مطالب ة المحكمين بإي داع الوث ائق المنص وص عليه ا في الفص ل ‪ 327-31‬من ق ‪ ،08-05‬ب ل ورف ع‬

‫دعوى ضدهم إذا كان قد لحقه ضرر من جراء التلكؤ في هذا اإليداع ألن األجل المذكور قرر لمصلحة‬

‫المحتكمين‪.311‬‬

‫‪ -310‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ "،‬دور القضاء في مسطرة التحكيم"‪ ،‬سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين‪ ،‬العدد ‪،3‬‬
‫مارس ‪ ،2011‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -311‬محمد أمعنان عيساوي‪ "،‬تنفيذ األحكام التحكيمية بالمغرب" ‪ ،‬بحث نهاية التخرج بالمعهد العالي للقضاء‪ ،‬فترة التدريب ‪،2009 -2007‬‬
‫ص ‪ 42‬و ‪.43‬‬
‫‪97‬‬
‫على مس توى آخ ر هن اك إش كال يط رح يتعل ق بالحال ة ال تي يض يع فيه ا أص ل الحكم التحكيمي‬

‫ال داخلي الم ذيل بالص يغة التنفيذي ة‪ ،‬فه ل تس تطيع الهيئ ة التحكيمي ة في ه ذه الحال ة إص دار أص ل حكم‬

‫تحكيمي جديد؟ أم أن الطرف ذي المصلحة يمكنه اللجوء إلى المحكمة من أجل استصدار حكم يقضي‬

‫بتمتيعه بنسخة جديدة من هذا الحكم تحمل صيغة تنفيذية جديدة ؟‬

‫في حال ة ك ون ه ذا الخي ار األخ ير ه و الص ائب فم ا هي الجه ة القض ائية المختص ة داخ ل نفس‬

‫المحكمة؟ فهل ينعقد االختصاص لمحكمة الموضوع أم لرئيس المحكمة ؟‬

‫لقد أجاب قض اء المجلس األعلى عن هذا اإلشكال القانوني وذلك من خالل قراره الصادر في‬

‫المادة المدنية إذ جاء بإحدى حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬ومن جهة ثانية فإنه طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 320‬من ق‪.‬م‪.‬م فحكم المحكمين يودع أصله‬

‫بكتابة الضبط خالل ثالثة أيام من صدوره‪ ،‬ويقوم كاتب الضبط بإعطاء نسخة تنفيذية منه بعد تذييلها‬

‫بالص يغة التنفيذي ة‪ ،‬ويج وز لمن فق دها الحص ول على نس خة تنفيذي ة ثاني ة بمقتض ى أم ر يص دره قاض ي‬

‫المستعجالت في إطار الفصل ‪ 435‬من قانون المسطرة المدنية‪.312"...‬‬

‫وما يستنتج من هذا القرار هو أن الجهة القضائية المختصة في منح الصيغة التنفيذية الثانية هي‬

‫مؤسس ة رئيس المحكم ة وذل ك في إط ار ال دعاوى االس تعجالية‪ ،‬وليس تل ك المبني ة على طلب‪ .‬إال أن‬

‫المالحظ على هذا القرار القضائي هو استناده في تعليالته المذكورة على مقتضيات قانونية تقتص ر على‬

‫ضمن الباب الثالث من قانون‬ ‫‪313‬‬


‫األحكام القضائية دون سواها‪ ،‬ودليلنا في ذلك هو ورود الفصل ‪435‬‬

‫المس طرة المدني ة المتعل ق بالقواع د العام ة بش أن التنفي ذ الج بري لألحك ام دون أن تمت د لتش مل األحك ام‬

‫‪ -312‬قرار صادر بغرفتين عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،2006 /4 /26‬الملف المدني عدد ‪ 04 /3 /1 /4165‬قرار عدد ‪.1363‬‬
‫‪ -‬مصــطفى بونجــة‪ ،‬نهــال اللــواح‪ "،‬التحكيم التج اري من خالل العم ل القض ائي المغ ربي‪ ،‬رص د لق رارات محكم ة النقض ومح اكم الموض وع"‪،‬‬
‫مطبعة اسبارطيل‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -313‬وينص الفصل ‪ 435‬من قانون المسطرة المدنية على ما يلي‪ " :‬تسلم نسخة تنفيذية واحدة ويجوز لمن فقدها أن يحصل على نسخة تنفيذية‬
‫ثانية بمقتضى قرار يصدره قاضي المستعجالت بعد استدعاء جميع ذوي المصلحة "‪.‬‬
‫‪98‬‬
‫التحكيمية‪ ،‬هذه األخيرة التي تم التنصيص على المقتضيات القانونية المنظمة لها ضمن القسم الخامس‬

‫المتعلق بالمساطر الخاصة‪.‬‬

‫كما أن اللجوء إلى هذه المسطرة القضائية ال يخدم ميزة السرعة التي تتضمنها مؤسسة التحكيم‬

‫بحيث إن ص ريح الفص ل ‪ 435‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ .‬يتطلب اس تدعاء جمي ع األط راف (ذوي المص لحة) لكي‬

‫يتسنى لقاضي المستعجالت تسليم النسخة التنفيذية لطالبها‪ ،‬مما سيستغرق معه هذا اإلجراء وقتا كبيرا‬

‫يضر بمصالح الطرف المعني باألمر‪.314‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الجهة القضائية المختصة في تذييل األحكام التحكيمية وإ شكاالتها‬

‫يكتسي تحديد الجهة المختصة بالنظر في طلب تذييل األحكام التحكيمية بالصيغة التنفيذية أهمية‬

‫قص وى‪ ،‬إذ من خالل ه ذا التحدي د يمكنهم اس تجالء م دى مرون ة أي نظ ام ق انوني في التعام ل م ع ه ذه‬

‫األحكام ما دام أن إجراءات البت في هذا الطلب تختلف بحسب ما إذا كانت الجهة المختصة إدارية أو‬

‫قضائية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجهة المختصة في تذييل األحكام التحكيمية‬

‫تختلف الجهة المختصة في البت في طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية في المغرب‬

‫بحسب ما إذا كان موضوع النزاع الذي يبت فيه الحكم التحكيمي مدنيا أو تجاريا‪ ،‬فإن كان مدنيا فإن‬

‫الطلب يقدم لرئيس المحكمة االبتدائية أو الرئيس األول لمحكمة االستئناف‪.‬‬

‫أما إذا كان موضوع النزاع تجاريا فيقدم الطلب إلى رئيس المحكمة التجارية أو الرئيس األول‬

‫لمحكمة االستئناف التجارية إذا تعلق التحكيم باستئناف حكم تجاري‪.315‬‬

‫أما إذا كان موضوع التحكيم الداخلي يخص نزاعا ذا طبيعة إدارية فإن الجهة القضائية المخولة‬

‫قانون ا للنظ ر في ه هي المحكم ة اإلداري ة‪ ،‬فه ذه األخ يرة يختل ف اختصاص ها المحلي بحس ب نط اق تنفي ذ‬
‫‪ -314‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 63‬و ‪.64‬‬
‫‪ -315‬لمياء أزطوط‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪99‬‬
‫الحكم التحكيمي فإذا ما كان يتعلق بمنطقة محدودة ومعينة فإن االختصاص المحلي يرجع إلى الدائرة‬

‫القض ائية للمحكم ة اإلداري ة‪ ،‬ال تي ت دخل في نفوذه ا ه ذه المنطق ة‪ .‬أم ا إذا ك ان يش مل مجم وع ال تراب‬

‫الوط ني ف إن االختص اص هن ا يع ود إلى المحكم ة اإلداري ة بالرب اط‪ .‬وخالف ا لم ا ذهب إلي ه المش رع في‬

‫فإن االختصاص القضائي في تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الفاصل في‬ ‫‪316‬‬
‫الحاالت األخرى‬

‫ال نزاع اإلداري ينعقد لمحكمة الموضوع‪ ،‬وليس إلى محكم ة الرئيس وذلك بص ريح الفقرة األخيرة من‬

‫الفصل ‪ 310‬من قانون ‪ 08-05‬نظرا لما يتمتع به هذا النزاع من مميزات خاصة تجعله محط بحث‬

‫وت دقيق عمي ق‪ ،‬الرتباط ه المباش ر بالمص الح االقتص ادية للدول ة ال تي تف ترض في مث ل ه ذه النزاع ات‬

‫التعام ل معه ا بص رامة أك بر‪ .‬بحيث أن ه ذا اإلج راء ال يمكن أن يتحق ق إال بواس طة القض اء الجم اعي‬

‫بفعل ما يؤمنه من ضمانات عديدة تنجح هذه المهمة‪.317‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلشكاالت التي تطرحها الجهة القضائية المختصة في تذييل األحكام التحكيمية‬

‫إن موض وع الجه ة القض ائية المختص ة في ت ذييل األحك ام التحكيمي ة الداخلي ة غ ير المتعلق ة‬

‫بالنزاعات ذات الصبغة اإلدارية يثير إشكالية قانونية‪ ،‬وهي مدى إمكانية إصدار القضاة لألوامر بالتنفيذ‬

‫نياب ة عن رئيس المحكم ة المختص ة؟ ه ذا علم ا أن النص الق انوني ال يس عف في ذل ك بحيث أن ه لم يتح‬

‫لنواب رئيس المحكمة مباشرة هذه المسطرة‪ ،‬فلو كانت إرادة المشرع تنصرف إلى قبول هذه اإلمكانية‬

‫لنص في الفصل ‪ 312‬من القانون أعاله على ما يلي‪ " :‬يراد في هذا الباب ما يلي‪"... :‬‬

‫رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية أو من ينوب عنه ما لم يرد خالف ذلك"‪.‬‬

‫وبالرغم من وجود هذه الثغرة القانونية سواء قبل صدور قانون ‪ 08 -05‬أو بعد صدوره‪ ،‬فإن‬

‫إح دى االجته ادات القض ائية الص ادرة عن محكم ة االس تئناف ب القنيطرة ق د ذهبت إلى قب ول األوام ر‬

‫‪ -316‬ونقصد بهذه الحاالت تلك النزاعات غير المتعلقة بالجانب اإلداري التي جعل المشرع اختصاص منح الصيغة التنفيذية لألحكام التحكيمية‬
‫الصادر بصددها لرؤساء المحاكم إما االبتدائية منها أو التجارية سواء كان ذلك على مستوى محاكم الدرجة األولى أو الثانية‪.‬‬
‫‪ -317‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪100‬‬
‫القض ائية المتعلق ة بالتنفي ذ ال تي تص در عن القض اة نياب ة عن ال رئيس بص فتهم ه ذه‪ ،‬وه ذا م ا يؤخ ذ من‬

‫الحيثية التالية‪..." :‬لكن حيث إن العبرة برئيس المحكمة المخول له سلطة األمر بتذييل أحكام المحكمين‬

‫بالص يغة التنفيذي ة ليس فق ط لمن ه و معين على رأس المحكم ة االبتدائي ة أو محكم ة االس تئناف حس ب‬

‫األحوال‪ ،‬بل تمتد هذه السلطة لمن ينيبه عنه ألنه ال يتصور منطقا وال يحظر قانونا أال يعيق الرئيس‬

‫عائق فينيب عنه أحد القضاة ‪.318"...‬‬

‫وتظه ر أهمي ة ه ذا االجته اد القض ائي في تس وية اإلش كال الق انوني الناش ئ عن تل ك ال تي يك ون‬

‫فيها الرئيس قد حدث له عائق قانوني مؤقت يحول دون تمكنه من البت في مثل هذه المساطر الخاصة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن قانون ‪ 08-05‬قد تضمن العديد من اإلشكاليات القانونية التي ال يمكن‬

‫معرفته ا إال من خالل التط بيق‪ .‬وذل ك عن طري ق العم ل القض ائي المرتب ط بالموض وع‪ ،‬والمتجلي ة‬

‫بالخصوص في المفهوم الغامض الذي وضعه المشرع لما حدد الجهة القضائية المختصة في التعامل‬

‫مع مسطرة التحكيم‪.‬‬

‫ومن أبرز صور هذا الغموض نذكر الصياغة المعيبة التي جاء بها القانون المذكور في الفصل‬

‫‪" 312‬يراد في هذا الباب ما يلي‪... :‬‬

‫‪ -3‬رئيس المحكم ة‪ :‬رئيس المحكم ة التجارية ما لم يرد خالف ذلك"‪ ،‬حيث كان على المشرع‬

‫تفاديا لمثل هذا الغموض الذي قد يوهم المهتم أن األمر يخص بصفة أساسية رؤساء المحاكم التجارية‬

‫وبصفة ثانوية غيرهم من رؤساء المحاكم األخرى أن ينص على الصياغة التالية‪" :‬يراد في هذا الباب‬

‫ما يلي‪..." :‬‬

‫‪ -3‬رئيس المحكمة رئيس المحكمة االبتدائية أو التجارية ما لم يرد خالف ذلك"‪.‬‬

‫‪ - 318‬قرار محكمة االستئناف بالقنيطرة‪ ،‬ملف مدني عدد ‪ 93 /3169‬صادر بتاريخ ‪.1995 /10 /10‬‬
‫‪ -‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.404‬‬
‫‪101‬‬
‫وما يبرر أن الفصل المذكور أعاله يوهم المتقاضين ويحدث لهم خلطا كبيرا هو لجوءهم الفعلي‬

‫بعد صدور قانون ‪ 08 -05‬إلى رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬من أجل تذييل أحكامهم التحكيمية الصادرة‬

‫وبدل لجوءهم إلى رئيس المحكمة االبتدائية الذي‬ ‫‪319‬‬


‫في القضايا ذات الصبغة المدنية بالصيغة التنفيذية‬

‫عادة ما يعود إليه االختصاص في مثل هذه األحوال‪ ،‬ألنهم يعتقدون في ذلك أن هذا القانون قد سحب‬

‫من رئيس المحكمة االبتدائية اختصاص األمر بالتنفيذ‪.320‬‬

‫وه ذا م ا يس تخلص من وق ائع دع وى قض ائية س بق أن تم عرض ها على أنظ ار رئيس المحكم ة‬

‫التجاري ة بال دار البيض اء بت اريخ ‪ ،2008-05/03‬وال تي تتلخص في ك ون أج يرتين ك انت تربطهم ا‬

‫عالق ة ش غل م ع مش غلتهما تم إنهاءه ا‪ .‬وبع د ذل ك تم تحدي د التعويض ات المس تحقة بمقتض ى مق ررين‬

‫تحكيم يين قب ل إي داعهما بكتاب ة ض بط نفس المحكم ة‪ ،‬ملتمس ات معاين ة خل و المق ررين التحكيم يين أعاله‬

‫من أية مخالفة لمقتضيات الفصل ‪ 306‬وما يليه من ق‪.‬م‪.‬م مع األمر بإعطاء الصيغة التنفيذية لهما‪.‬‬

‫وبع د إدخ ال ه ذه القض ية إلى التأم ل توص ل ن ائب رئيس المحكم ة من خالل تعليالت ه إلى ك ون‬

‫المحكم ة التجاري ة المع روض عليه ا ه ذه القض ية غ ير مختص ة نوعي ا وذل ك حس ب الت بريرات القانوني ة‬

‫التالية‪:‬‬

‫" ‪ ...‬حيث إن المح اكم التجاري ة تبت في المنازع ات بين التج ار وبين الت اجر وغ ير الت اجر‬

‫بمناسبة أعماله التجارية إذا وجد اتفاق طبقا للمادة ‪ 5‬من قانون إحداث المحاكم التجارية‪.‬‬

‫وحيث إن رئيس المحكم ة التجاري ة يم ارس االختصاص ات الموكول ة ل ه س واء بص فته قاض يا‬

‫للمس تعجالت (الفص ل ‪ 21‬من ق انون إح داث المح اكم التجاري ة) أو بص فته تل ك في ح دود االختص اص‬

‫النوعي للمحكمة التجارية التي يرأسها‪.‬‬

‫‪ - 319‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.197‬‬


‫‪ -320‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪102‬‬
‫وحيث إن من بين اختصاصات رئيس المحكمة بصفته تلك االختصاصات الموكولة له بمقتض ى‬

‫القانون رقم ‪ 08-05‬القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية‬

‫والمتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫وحيث إن المشرع وبمقتضى الفصل ‪ 312‬من القانون أعاله نص على أنه "يراد في هذا الباب‬

‫بما يلي‪ "... :‬رئيس المحكمة" رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خالف ذلك‪.‬‬

‫وحيث إن في ذلك إشارة ألن المقصود برئيس المحكمة ليس دائما هو رئيس المحكمة التجارية‬

‫ما دام أنه تم التنصيص على عبارة "ما لم يرد خالف ذلك"‪.‬‬

‫وحيث بمراجع ة مقتض يات الق انون الم ذكور يتض ح أن المش رع لم يش ر ص راحة إلى رئيس‬

‫المحكمة األخرى غير أن ه وفي أكثر من فصل أش ار إلى رئيس المحكمة المختص ة كما هو الشأن في‬

‫الفصلين ‪ 327 -5‬و ‪ 337-20‬ويبقى المقصود بالمحكمة المختصة هي المحكمة المختصة نوعيا‪.‬‬

‫وحيث إن ال ذي يؤك د ذل ك وبش كل واض ح ه و الفص ل ‪ 327-34‬ال ذي ينص على أن ه "ال يقب ل‬

‫الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين ‪ 327-35‬و ‪ 327-36‬بعده‪ .‬يمكن أن يكون‬

‫الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية موضوع إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل ‪ 402‬بعده‬

‫وذلك أمام المحكمة التي كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق التحكيم"‪.‬‬

‫وكما جاء في الفصل ‪ 327-35‬ما يلي‪ " :‬ال يواجه األغيار باألحكام التحكيمية ولو كانت مذيل ة‬

‫بالص يغة التنفيذي ة ويمكنهم أن يتعرض وا عليه ا تع رض الغ ير الخ ارج عن الخص ومة طبق ا للش روط‬

‫المقررة في الفصول من ‪ 303‬إلى ‪ 305‬أمام المحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق‬

‫تحكيم"‪.‬‬

‫وحيث وأمام الثبوت القاطع بأن الحكم التحكيمي يرجع النظر في طرق الطعن فيه وك ذا بإبطال ه‬

‫إلى المحكم ة المختص ة نوعي ا للبت في ال نزاع ال ذي ك ان موض وع عملي ة التحكيم ف إن ت ذييل الحكم‬
‫‪103‬‬
‫التحكيمي بالصيغة التنفيذية ال يخرج عن ذلك‪ .‬ومن تم يتعين الرجوع إلى رئيس كل محكمة بشأن تلك‬

‫الصيغة بحسب األحوال إما رئيس المحكمة االبتدائية إذا تعلق األمر بنزاع مدني وإ ما رئيس المحكمة‬

‫التجاري ة إذا تعل ق األم ر ب نزاع تج اري‪ .‬أم ا إذا تعل ق األم ر ب النزاع اإلداري فالمش رع أوك ل ذل ك إلى‬

‫المحكم ة اإلداري ة وليس لرئيس ها عمال ب الفقرة األخ يرة من الفص ل ‪ 310‬ال تي ج اء فيه ا " ويرج ع‬

‫اختص اص النظ ر في طلب ت ذييل الحكم التحكيمي الص ادر في نط اق ه ذا الفص ل إلى المحكم ة‬

‫اإلدارية ‪."...‬‬

‫وحيث إن الطلب الح الي يتعل ق بحكم تحكيمي ص در في إط ار نزاع ات الش غل ومعل وم أن ه ذه‬

‫األخيرة تخرج عن االختصاص النوعي للمحكمة التجارية وبالتالي فطلب تذييله بالصيغة التنفيذية المقدم‬

‫لرئيس المحكمة التجارية إنما قدم إلى جهة غير مختصة نوعيا ويتعين التصريح بذلك‪.321"...‬‬

‫وانطالق ا من ه ذه الحيثي ات ف األمر الرئاس ي أعاله ق د ح اول وض ع النص الق انوني المعيب في‬

‫مساره الصحيح والسليم مستندا في ذلك على التفسير الصائب لمقتضياته بعد استنباطه لإلرادة الحقيقية‬

‫التي كان المشرع يقصدها عند وضعه متجاوزا في ذلك التشويشات السطحية التي يمكن أن تحدث في‬

‫أذهان المتعاملين مع هذا النص‪.322‬‬

‫الم طلب الثالث‪ :‬طرق الطعن تعيق عملية تنفيذ األحكام التحكيمية‬

‫‪ -321‬أمر رئاسي عدد ‪ 569‬صادر بتاريخ ‪ 2008 /03 /05‬في الملف عدد ‪2008 /1 /261‬‬
‫‪ -‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 472‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -322‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪104‬‬
‫إن المحكم عندما يفصل في النزاع المعروض عليه‪ ،‬ويصدر حكما فإنه قد يصيب أو قد يخطئ‬

‫أو غير‬ ‫‪324‬‬


‫سواء العادية‬ ‫‪323‬‬
‫الشيء الذي يفتح الباب لتعرض األحكام الصادرة عنه لمختلف طرق الطعن‬

‫ال تي وض عها المش رع رهن إش ارة أط راف ال نزاع أو رهن إش ارة الغ ير ال ذي أض ر الحكم‬ ‫‪325‬‬
‫العادي ة‬

‫الصادر بحقوقه ومصالحه‪.‬‬

‫ونش ير إلى أن التش ريعات ق د اختلفت بين مؤي د ومع ارض ح ول إمكاني ة الطعن في الحكم‬

‫التحكيمي‪ ،‬فاالتجاه المعارض منع الطعن في حكم التحكيم ضمانا الستقاللية ومرونة التحكيم‪ ،‬واالتجاه‬

‫المؤي د أي د الطعن في حكم التحكيم ص يانة للنظ ام الق انوني وض مانا لحق وق المحتكمين واألغي ار‪ ،‬حيث‬

‫‪ - 323‬إذا كان وجود طرق الطعن أمرا منطقيا وطبيعيا بصدد أحكام المحاكم‪ ،‬إال أن بعضهم ينتقد وجودها بصدد أحكام المحكمين‪ ،‬بوصفها تشكل‬
‫– بنظرهم‪ -‬عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمين ألسباب مختلفة منها‪:‬‬
‫‪ -‬أنها تعيق عملية التنفيذ أو تطيل أمد إجراءاتها‪.‬‬
‫‪ -‬وتشكل نوعا من االزدواجية في العدالة ( التحكيمية والقضائية) التي قد تنتهي إلى تغليب القضائية منها على التحكيمية‪.‬‬
‫‪ -‬وتزعزع مسألة السرية في التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬وتؤدي أحيانا إلى منح المحاكم الوطنية للخصوم سلطة فصل النزاع‪ ،‬وهذا يمكن أن يشكل نوعا من اإلخالل بالحيادية في التحكيم‪.‬‬
‫ومم ا ال شك في ه أن ط رق الطعن باألحك ام التحكيمي ة‪ ،‬تظ ل رغم انتقاداته ا أم را طبيعي ا تملي ه المب ادئ العام ة للتقاضي بشكل ع ام وضرورات‬
‫الرقاب ة القضائية على أحك ام المحكمين لت أمين حس ن سير العدال ة التحكيمي ة‪ .‬ولكنه ا تتمت ع بخصوصية تميزه ا‪ ،‬ضمن ح دود معين ة‪ ،‬عن طري ق‬
‫الطعن بأحكام المحاكم‪ ،‬وذلك العتبارات مستمدة من طبيعة التحكيم االتفاقية أو اإلدارية‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد السيد خليل ‪ "،‬مدى إمكانية تعايش التحكيم والطعن معا"‪ ،‬المؤتمر السنوي السادس عشر( التحكيم التجاري الدولي)‪ ،‬ص ‪ 873‬وما بعدها‬
‫مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪.http://iefpedia.com/arab/wp.content/uploads/2011/01‬تاريخ حصر الموقع‪2013 /2 /15 :‬‬
‫‪ -‬فؤاد ديب‪ "،‬تنفي ذ أحك ام التحكيم ال دولي بين البطالن والكس اء في االتفاقي ات الدولي ة والتش ريعات العربي ة الحديث ة‪ ،‬القس م األول"‪ ،‬مجل ة جامع ة‬
‫دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬المجلد ‪ ،27‬العدد الثالث‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬
‫مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪http://www.damascusuniversity,edu,sy/mag/law/images/stories/q-43.pdf‬‬
‫‪ - 324‬تعرف طرق الطعن العادية بتلك التسمية ألنها ال تحتاج إلجراءات استثنائية إذ بموجبها يمكن الطعن في األحكام بناء على أي سبب سواء‬
‫كان متعلقا بالواقع أو القانون‪ ،‬كما تسمى كذلك ألن القاضي الذي ينظر فيها ال يتمتع بسلطات إضافية لتلك التي كان يتمتع بها القاضي المصدر‬
‫لألحكام المطعون فيها‪ ،‬وطرق الطعن العادية في القانون المغربي هي التعرض واالستئناف‪.‬‬
‫‪ - 325‬يمكن تعريف طرق الطعن غير العادية بأنها" تلك الطرق التي تتطلب إجراءات استثنائية وسلطات إضافية‪ ،‬فهي توجه ضد األحكام الح ائزة‬
‫لحجية الشيء المقضي به التي لم يعد باإلمكان الطعن فيها بالطرق العادية وهي في القانون المغربي إعادة النظر وتعرض الغير الخارج عن‬
‫الخصومة والنقض"‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ "،‬المختصر في الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مارس ‪ ،2005‬ص ‪.182‬‬
‫‪105‬‬
‫أج ازت بعض ها ومنه ا المش رع المغ ربي الطعن في حكم التحكيم بإع ادة النظ ر وتع رض الغ ير الخ ارج‬

‫عن الخصومة فضال عن إمكانية رفع دعوى بطالن حكم التحكيم كطعن خاص‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بإعادة النظر‬

‫منح المشرع المغربي لألطراف حق الطعن بإعادة النظر في حالة ظهور وقائع تتعل ق بال دعوى‬

‫التحكيمي ة بع د ص دور الحكم التحكيمي وب الرجوع إلى ق انون ‪ 08-05‬نج د أن الفص ل ‪ 327-34‬أج از‬

‫أن تك ون أحك ام المحكمين مح ل إع ادة النظ ر‪ ،‬ولكن ه لم ي أت بأحك ام خاص ة في ذل ك وإ نم ا أح ال على‬

‫القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‪ .‬فقد نظم المشرع المغربي الطعن بإعادة‬

‫النظ ر بالقس م الث امن من ق انون المس طرة المدني ة تحت عن وان "إع ادة النظ ر" وذل ك ض من الفص ول من‬

‫‪ 402‬إلى ‪ 410‬وقد أشار المشرع إلى إمكانية سلوك هذا الطعن فيما يخص األحكام التحكيمية الداخلية‬

‫وذلك في الفقرة الثاني ة من الفص ل ‪ 327-34‬الذي جاء ضمن الج زء الفرعي الث الث من الفرع األول‬

‫المتعل ق ب التحكيم ال داخلي حيث نص " يمكن أن يك ون الحكم الص ادر عن الهيئ ة التحكيمي ة موض وع‬

‫إعادة النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل ‪ 402‬بعده ‪."...‬‬

‫وق د اس تبعد المش رع المغ ربي في ق انون ‪ 08-05‬الطعن بإع ادة النظ ر ض د الحكم التحكيمي‬

‫التجاري الدولي‪ ،326‬ونرى أن هذا التوجه هو محل نظر من زاويتين‪:‬‬

‫األولى‪ :‬وهي االزدواجية في التعامل مع األحكام التحكيمية التجارية‪ ،‬فبأي منطق يمكن تبرير‬

‫فتح باب الطعن بإعادة النظر في وجه الحكم التحكيمي الداخلي‪ ،‬بينما ال يفتح في وجه الحكم التحكيمي‬

‫الدولي‪ ،‬والحال أن مظاهر الغش والخداع تكون أكثر في مجال التجارة الدولية وبامتياز‪.‬‬

‫‪ -326‬يرى البعض أن استبعاد هذه الطريقة من طرق الطعن غير العادية ضد الحكم التحكيمي الدولي يعتبر أمرا مبالغا فيه وقابال للنقد بسبب‬
‫وجود مخاطر الغش والخداع التي يمكن أن تحصل دائما في أي مجال‪ ،‬أكثر من ذلك يسجل هذا الجانب من الفقه على القانون الفرنسي‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق بطرق الطعن في مادة الحكيم الدولي أنه تعامل معها بمنهج االكتراث‪ ،‬سواء في المراقبة التي يمارسها القاضي الفرنسي بالنسبة لألحكام‬
‫التحكيمية الصادرة في الخارج‪ ،‬أو تلك الصادرة في فرنسا‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪"،‬التحكيم في البالد العربية‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 362‬و ‪.363‬‬
‫‪106‬‬
‫الثانية‪ :‬وهي هل الحاجة تظل مستمرة إلى هذا الطريق من طرق الطعن على الرغم من إقرار‬

‫دعوى البطالن في قانون ‪.08-05‬‬

‫أنه تجب إعادة النظر في الطعن بإعادة النظر‪:‬‬ ‫‪327‬‬


‫لذلك يرى بعض الفقه‬

‫‪ -‬فإم ا أن يتم تعميمه ا على التحكيم بص فة عام ة م ع حص ر حال ة اللج وء إلي ه في حال ة ك ون‬

‫الحكم التحكيمي ب ني على أدل ة إثب ات م زورة م ع تنظيم إجراءات ه بش كل يتماش ى وخصوص ية التحكيم‬

‫التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬وإ ما أن يتم التخلي عن هذا الطعن‪ ،‬وكل ذلك من أجل فعالية التحكيم ومنعا لتعدد طرق الطعن‬

‫وتوحيد الهدف منها المتمثل باألساس في ضمان التحقق من صحة الحكم وعدالته تم حماية النظام العام‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 327-34‬من ق انون ‪ 08-05‬ال تي تنص على أن ه‬

‫"يمكن أن يك ون الحكم الص ادر عن الهيئ ة التحكيمي ة موض وع إع ادة النظ ر طبق ا للش روط المق ررة في‬

‫الفصل ‪ 402‬بعده ‪."...‬‬

‫وق د نص الفص ل ‪ 402‬من ق انون المس طرة المدني ة على أن ه " يمكن أن تك ون األحك ام ال تي ال‬

‫تقبل الطعن بالتعرض واالستئناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي‬

‫بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك في األحوال اآلتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها‬

‫في الفصل ‪ 379‬المتعلقة بالمجلس األعلى‪:328‬‬

‫‪ -327‬موالي لكبير الصوصي العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.95‬‬


‫‪ -328‬ينص الفصل ‪ 379‬من ق م م على أنه‪ ":‬ال يمكن الطعن في القرارات التي يصدرها المجلس األعلى إال في األحوال اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬يجوز الطعن بإعادة النظر‪:‬‬
‫‪ -1‬ضد القرارات الصادرة استنادا على وثائق صرح أو اعترف بزوريتها؛‬
‫‪ -2‬ضد القرارات الصادرة بعدم القبول أو السقوط ألسباب ناشئة عن بيانات ذات صبغة رسمية وضعت على مستندات الدعوى ثم تبين عدم‬
‫صحتها عن طريق وثائق رسمية جديدة وقع االستظهار بها فيما بعد؛‬
‫‪ -3‬إذا صدر القرار على أحد الطرفين لعدم إدالئه بمستند حاسم احتكره خصمه؛‬
‫‪ -4‬إذا صدر القرار دون مراعاة لمقتضيات الفصول ‪ 371‬و ‪ 372‬و ‪.375‬‬
‫ب‪ -‬يمكن أن يطعن من أجل طلب تصحيح القرارات التي لحقها خطأ مادي من شأنه أن يكون قد أثر فيها؛‬
‫ج‪ -‬يقبل تعرض الخارج عن الخصومة ضد القرارات الصادرة عن المجلس األعلى في طعون إلغاء مقررات السلطات اإلدارية‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫‪ -1‬إذا بتت المحكمة فيما لم يطلب منها أو حكمت بأكثر مم ا طلب أو إذا أغفلت البت في أحد‬
‫الطلبات‬
‫‪ -2‬إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى‬

‫‪ -3‬إذا بني الحكم على مستندات اعترف أو صرح بأنها مزورة وذلك بعد صدور الحكم‬

‫‪ -4‬إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف اآلخر‬

‫‪ -5‬إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم‬

‫‪ -6‬إذا قض ت نفس المحكم ة بين نفس األط راف واس تنادا لنفس الوس ائل بحكمين انته ائيين‬

‫ومتناقضين وذلك لعلة عدم اإلطالع على حكم سابق أو لخطأ واقعي‬

‫‪ - 7‬إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين"‪.‬‬

‫وإ ذا كانت األسباب الخمسة األولى ال تثير إشكاال إذ تحكمها القواعد العامة فإن السبب السادس‬

‫والسابع يتطلبان بعض التوضيحات ذلك ألن السبب السادس يصعب حصوله عمليا ألن حكم المحكمين‬

‫ال يصدر إال بناء على اتفاق األطراف‪ ،‬والذين في الغالب يسايرون مسطرة التحكيم ويتبعونها وتجري‬

‫بحض ورهم ل ذلك فإن ه بال ش ك س يكونون على علم بك ل األحك ام ال تي يص درها المحكم ون‪ ،‬فيك ون إذن‬

‫عمليا من الصعب صدور حكمين تحكيميين بين نفس األطراف واستنادا إلى نفس الوسائل دون علم به‬

‫ودون أن يتمسك أحد األطراف بالحكم الذي صدر سابقا‪.329‬‬

‫كما أن السبب السابع ال يمكن تصوره في الحكم التحكيمي وذلك ألن التحكيم يمنع في القضايا‬

‫المتعلقة بالنظام العام ومنها قضايا شؤون القاصرين‪.‬‬

‫لكن اإلشكال الذي يطرح نفسه هو ما هي الجهة المختصة بالبت في الطعن بإعادة النظر ؟‬

‫‪ -329‬موالي لكبير الصوصي العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪108‬‬
‫القاع دة أن طلب إع ادة النظ ر يرف ع إلى المحكم ة ال تي أص درت الحكم المطع ون في ه وعلي ه‬

‫نتساءل ما مدى إمكانية تطبيق هذه القاعدة في التحكيم‪ ،‬وبالتالي رف ع طلب إعادة النظر إلى المحكمة‬

‫التحكيمية ؟‬

‫لم ينص المش رع المغ ربي على ه ذه اإلمكاني ة كم ا أن الفص ل ‪ 327-34‬في فقرت ه الثاني ة ك ان‬

‫واض حا حيث أعطى االختص اص للمحكم ة ال تي ك انت س تنظر في القض ية في حال ة ع دم وج ود اتف اق‬

‫التحكيم‪ ،‬واألك ثر من ه ذا أن مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة تنتهي بص دور الحكم التحكيمي وفي ه ذا اإلط ار‬

‫نص المش رع في الفق رة األولى من الفص ل ‪ 327-28‬على أن ه‪" :‬ينهي الحكم مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة‬

‫بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه"‪ ،‬حيث إن الهيئة التحكيمية ترفع يدها عن النزاع باستثناء قيامها بتأويل‬

‫ج زء معين من الحكم التحكيمي أو إص الح خط أ م ادي أو خط أ في الحس اب أو في الكتاب ة واردا في‬

‫حكمها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة‬

‫بهدف حماية مصالح األغيار وحقوقهم فإن المشرع خولهم حق الطعن بتعرض الغير الخارج‬

‫عن الخصومة‪.‬‬

‫والمشرع المغربي لم يأت بأحكام جديدة خاصة بتعرض الغير الخارج عن الخصومة في ميدان‬

‫التحكيم تتف ق م ع طبيعت ه ومكونات ه‪ ،‬ب ل أوجب تط بيق نفس المقتض يات القانوني ة المطبق ة أم ام المح اكم‬

‫الرس مية وه و م ا نص علي ه الفص ل ‪ 327-35‬من الق انون ‪" 08-05‬ال يواج ه األغي ار باألحك ام‬

‫التحكيمي ة ول و ك انت مذيل ة بالص يغة التنفيذي ة ويمكنهم أن يتعرض وا عليه ا تع رض الغ ير الخ ارج عن‬

‫الخص ومة طبق ا للش روط المق ررة في الفص ول من ‪ 303‬إلى ‪ 305‬أعاله أم ام المحكم ة ال تي ك انت‬

‫ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق التحكيم"‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫لذلك ومن أجل حماية حقوق الغير أورد القانون المغربي طريقة الطعن بتعرض الغير الخارج‬

‫عن الخصومة من أجل حماية حقوقهم إال أن هذه اإلمكانية غير متاحة في مادة التحكيم الدولي‪ .‬وهو ما‬

‫من ش أنه أن يض ر بحق وق األغي ار دون أدنى حماي ة قانوني ة‪ .‬أال يحت اج الغ ير إلى الحماي ة في التحكيم‬

‫ال دولي؟ ه ل الس رعة وجلب االس تثمار المتطلب ان في التج ارة الدولي ة كافي ان الس تبعاد ه ذا الطري ق من‬

‫طرق الطعن؟‬

‫وعند اكتشاف الغير أن حقوقه قد تم المساس بها بسبب الحكم التحكيمي الصادر فأي جهة عليه‬

‫التوج ه إليه ا لالع تراض على الحكم التحكيمي ؟ ه ل يتج ه للهيئ ة التحكيمي ة باعتباره ا الجه ة ال تي‬

‫أصدرت الحكم؟ أم يتجه إلى القضاء ؟‬

‫باعتبار أن الغير لم يكن طرفا في اتفاق التحكيم فإن آثاره ال تلزمه كما أنه لم يساهم في تش كيل‬

‫الهيئة التحكيمية سواء بتعيين محكم من جانبه في حالة تشكلها من ثالثة محكمين أو بمساهمته في تحديد‬

‫اإلجراءات المتبعة لتعيين الهيئة التحكيمية من محكم واحد‪.‬‬

‫وعلي ه ف إن على الط اعن التوج ه إلى القض اء للطعن في الحكم التحكيمي الص ادر عن الهيئ ة‬

‫التحكيمي ة وق د ح دد الفص ل ‪ 327-35‬من ق انون ‪ 08-05‬الجه ة القض ائية ال تي يجب على الط اعن‬

‫التوجه إليها حيث منح االختصاص للمحكمة التي كانت ستنظر في النزاع لو لم يبرم اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطعن بالبطالن‬

‫‪110‬‬
‫لحماي ة الحقوق والمص الح المش روعة التي ق د يض ر به ا الحكم التحكيمي الص ادر ف إن المش رع‬

‫أخض عه للطعن ب البطالن‪ ،330‬ال ذي يخ ول ألح د أط راف ال نزاع الح ق بالمطالب ة ببطالن الحكم في حال ة‬

‫توفر الحاالت الموجبة لذلك‪.‬‬

‫‪ -330‬إن بعض من الفقه اء ال يفرق ون في الدراس ة بين دع وى البطالن بق وة الق انون‪ ،‬ودع وى اإلبط ال‪ ،‬وإ نم ا يخصص ون لل دعويين موض وعا‬
‫واحدا بعنوان واحد هو دعوى البطالن " ولكن ارتأينا أن نخالف هذا التقليد اجتنابا لك ل لبس أو غلط من جه ة‪ ،‬والختالف األحكام الخاصة بكل‬
‫من الدعوتين من جه ة ثاني ة وخاصة أن التشريع المغ ربي سار في هذا الطريق فتكلم عن األحكام الخاصة ب دعوى اإلبطال في المواد ‪– 311‬‬
‫‪ 318 – 313‬وق د ازداد اقتناعن ا بوج وب ه ذه التفرق ة بين دع وى البطالن‪ ،‬واإلبط ال‪ ،‬أن المش رع المغ ربي اخت ار االص طالحين الح ديتين "‬
‫البطالن" و"اإلبط ال" للتمي يز بين البطالن المطل ق والبطالن النس بي‪ ،‬وبعب ارة أدق أن ه م ادام هن اك بطالن وإ بط ال فهن اك دع وى بطالن ودع وى‬
‫إبطال‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ "،‬نظرية بطالن العقود في القانون المدني المغربي والفقه اإلسالمي والقانون المقارن"‪ ،‬منشورات عكاظ‪ 1987 ،‬ص‬
‫‪ 335‬وما بعدها‪.‬‬
‫وقد أثارت دعوى البطالن ضد حكم التحكيم جدال فقهيا حادا بين مناهض ومؤيد وكل اتجاه يحاول الدفاع عن وجهة نظره عبر مجموعة من‬
‫األسانيد‪.‬‬
‫االتجاه المعارض ‪ :‬أول ما يثيره هذا االتجاه‪ ،‬هو أن الحكم التحكيمي‪ ،‬تتوفر فيه كل مقومات الحكم القضائي‪ ،‬والمعروف أن األحكام القضائية‪ ،‬ال‬
‫تحتم ل الطعن ب البطالن‪ ،‬ب ل بس لوك ط رق الطعن المعروف ة العادي ة‪ ،‬والغ ير العادي ة‪ ،‬إذ ال ذي يطعن فيه ا ب البطالن هي العق ود‪ ،‬وليس األحك ام‬
‫القضائية‪ ،‬التي تتوفر على حجية‪ ،‬ال يمكن ضحدها إال بالطرق المعدة لذلك قانونا هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يعتبر هذا االتجاه المناهض‬
‫للطعن ب البطالن ض د حكم التحكيم‪ ،‬أن ه ذا األم ر ال يمكن أن يفس ر إال بالحيط ة والح ذر من أعم ال الخ واص‪ ،‬مم ا ك ان ل ه نت ائج معكوس ة على‬
‫التحكيم‪ ،‬أدت إلى تعطيل فعاليته كآلية لحل المنازعات‪.‬‬
‫ومن أهم األسباب التي دافع من خاللها المؤيدين لفكرة إلغاء الطعن بالبطالن ضد حكم التحكيم‪ ،‬أن اإلكساء بالصيغة التنفيذية الذي يتطلبه هذا‬
‫األخير‪ ،‬ال يمنح إال بعد التأكد من عدم وجود أحد االخالالت التي تؤدي إلى إبطاله‪ ،‬ويكون بالتالي هذا اإلجراء األخير‪ ،‬كاف ويستغرق دعوى‬
‫الطعن بالبطالن‪ ،‬وبالتالي يكون هذا الطعن عديم الجدوى‪ ،‬بل إنه يعقد اإلجراءات‪ ،‬ويزيدها طوال دون فائدة‪.‬‬
‫االتجاه المؤيد‪ :‬إن حكم التحكيم‪ ،‬باعتب اره ن وع خ اص من العدال ة‪ ،‬ال يتالءم بس هولة م ع ط رق الطعن في األحك ام ال تي ته دف إلى إع ادة فحص‬
‫النزاع بعد إلغاء الحكم المطعون فيه عند األحوال التي يتم فيها ذلك‪ ،‬نظرا لوجود االتفاق اإلرادي كأساس تعاقدي في التحكيم‪ ،‬الذي يهدف إلى‬
‫البعد عن قضاء الدولة‪ ،‬وعلى ذلك فرقابة قضاء الدولة لحكم التحكيم‪ ،‬تقتصر على رقابة المسؤولية أو الصحة‪ ،‬أي أنها تنصب على رقابة كيفية‬
‫إصدار المحكم لحكمه‪ ،‬وليس ما تم تقريره‪ ،‬وال كيفية هذا التقرير وإ ن من شأن ذلك‪ ،‬أن يساهم في تحصين حكم التحكيم ويعطيه الفعالية إذا تم‬
‫رفض الطعن ضده بالبطالن‪ ،‬حيث يزيد التدخل القضائي من قوة الحكم التحكيمي‪ ،‬إذ يعتبر ذلك عنوان للحقيقة ال يمكن تعطيل مصداقيتها‪.‬‬
‫حول هذا الجدل أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬يوسف الساقوط‪ "،‬دور العمل القاضي في تحقيق فعالية حكم التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،‬ص ‪ 36‬و ‪.37‬‬
‫‪ -‬نبيل إسماعيل عمر ‪ "،‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.260‬‬
‫‪ -‬أحمد الورفلي‪ "،‬القضاء في الدول المغاربية والتحكيم التجاري الدولي بين الرقابة والمساعدة"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،1‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬العالقة بين قرارات القاضي في بلد األصل وقرارات القاضي في بلد التنفي ذ"‪ ،‬المجلة التونس ية للتحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،1‬سنة‬
‫‪ ،2000‬ص ‪ 29‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫ويتج ه بعض الفق ه إلى تعري ف البطالن كج زاء إج رائي بأن ه‪" :‬الج زاء الق انوني على ع دم‬

‫استجماع العقد ألركانه كاملة مستوفية لشروطها"‪.331‬‬

‫وب الرجوع إلى ق انون ‪ 08-05‬نج ده ينص في الفص ل ‪ 327-36‬على أن ه " رغم ك ل ش رط‬

‫مخالف‪ ،‬تكون األحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطالن طبقا للقواعد العادية أمام محكمة االستئناف التي‬

‫صدرت في دائرتها‪.‬‬

‫ويك ون تقديم ه ذا الطعن مقب وال بمج رد ص دور الحكم التحكيمي وال يتم قبول ه إذا لم يقدم داخ ل‬

‫أجل ‪ 15‬يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫ال يكون الطعن بالبطالن ممكنا إال في الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫إذا ص در الحكم التحكيمي في غي اب اتف اق التحكيم أو إذا ك ان اتف اق التحكيم ب اطال أو إذا‬ ‫‪-1‬‬

‫صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم‪.‬‬

‫إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو مخالفة التفاق‬ ‫‪-2‬‬

‫الطرفين‪.‬‬

‫إذا بتت الهيئ ة التحكيمي ة دون التقي د بالمهم ة المس ندة إليه ا أو بتت في مس ائل ال يش ملها‬ ‫‪-3‬‬

‫التحكيم أو تج اوزت ح دود ه ذا االتف اق وم ع ذل ك إذا أمكن فص ل أج زاء الحكم الخاص ة‬

‫بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فال يقع البطالن‬

‫إال على األجزاء األخيرة وحدها‪.‬‬

‫إذا لم تح ترم مقتض يات الفص لين ‪( 327-32‬الفق رة ‪ )2‬و ‪ 327-24‬فيم ا يخص أس ماء‬ ‫‪-4‬‬

‫المحكمين و تاريخ الحكم التحكيمي و الفصل ‪.327-25‬‬

‫‪ -‬حفيظــة الســيد الحــداد‪ "،‬الرقاب ة على أحك ام التحكيم بين االزدواجي ة والوح دة‪ ،‬دراس ة تحليلي ة وانتقادي ه بمناس بة قض ية الش ركة األمريكي ة‬
‫كرومالوي ضد جمهورية مصر العربية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ -331‬عبد الرزاق السنهوري ‪"،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر االلتزام"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 486‬و‬
‫‪.487‬‬
‫‪112‬‬
‫إذا تع ذر على أي من ط رفي التحكيم تق ديم دفاع ه بس بب ع دم تبليغ ه تبليغ ا ص حيحا بتع يين‬ ‫‪-5‬‬

‫محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاع‪.‬‬

‫إذا صدر الحكم التحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫في حال ة ع دم التقي د ب اإلجراءات المس طرية ال تي اتف ق األط راف على تطبيقه ا أو اس تبعاد‬ ‫‪-7‬‬

‫تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع"‪.‬‬

‫وينص الفص ل ‪ 327-51‬من ق انون ‪ 08-05‬على أن ه‪ " :‬يك ون الحكم التحكيمي الص ادر‬

‫بالمملكة في مادة التحكيم الدولي قابال للطعن بالبطالن في الحاالت المنصوص عليها في الفصل ‪-49‬‬

‫‪ 327‬أعاله ‪"...‬‬

‫وب الرجوع إلى الفص ل ‪ 327-49‬نج ده ينص على أن ه " ال يمكن الطعن باالس تئناف في األم ر‬

‫القاضي بتخويل االعتراف أو الصيغة التنفيذية إال في الحاالت التالية‪:‬‬

‫إذا بتت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل‬ ‫‪-1‬‬

‫التحكيم‪.‬‬

‫إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫إذا لم تحترم حقوق الدفاع‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫إذا كان االعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني"‪.332‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ - 332‬ال نرى ضرورة لعرض تفاصيل هذه األسباب إذ أن الكثير من المراجع أشبعتها درسا وتعليال وتعليقا ويكفي الرجوع إليها ومن أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد أهندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 171‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد داود الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 326‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬فوزي محمد سامي‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي" ‪ ،‬م س‬
‫‪ -‬نجالء حكم " التحكيم في تسوية نزاعات االستثمارات األجنبية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون‬
‫المق اوالت‪ ،‬جامع ة محم د الخامس‪ ،‬كلي ة العلوم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬أك دال‪ ،‬الرب اط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2004 -2003‬ص ‪100‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬أمين سليم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 116‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫وهو ما يعني توجه المشرع المغربي نحو إقرار دعوى بطالن حكم التحكيم سواء منه الداخلي‬

‫أما الذي يصدر خارجها فال سلطان للمحاكم المغربية‬ ‫‪333‬‬


‫أو الدولي‪ ،‬إذا كان صادرا بالمملكة المغربية‬

‫سوى عدم االعتراف به أو عدم األمر بتنفيذه‪.‬‬

‫ونأسف للتوجه الذي يذهب إليه قانون ‪ 08-05‬والذي يذهب في اتجاه توسيع الطعون المرتبط ة‬

‫ب التحكيم التجاري‪ ،‬ونأسف ك ذلك لالزدواجي ة في التعام ل بين الحكم التحكيمي الدولي والحكم التحكيمي‬

‫ال داخلي‪ ،‬ذل ك أن المش رع المغ ربي عم د إلى توس يع ح االت البطالن إذا تعل ق األم ر ب التحكيم ال داخلي‬

‫وه و تمي يز ال ن رى م بررا مقب وال ل ه‪ ،‬س وى أن ه ينم عن ع دم الثق ة في آلي ة التحكيم التج اري ال داخلي‪،‬‬

‫وبالتالي تشديد الرقابة القضائية عليه في الوقت الذي تدعو فيه جميع الجهات الرسمية إلى خلق المناخ‬

‫المالئم للتحكيم كآلي ة مس اعدة للقض اء في ح ل المنازع ات‪ ،‬والح ال أن ه أم ام تل ك الح االت (ح االت‬

‫البطالن) المتسعة الستيعاب كل الجزئيات في العملية التحكيمية من شأنها أن تقف حاجزا أمام مص داقية‬

‫أي حكم تحكيمي‪ ،‬وبذلك يكون المشرع المغربي قد أعطى آليات قانونية للطرف سيئ النية كي يسعى‬

‫‪.‬‬ ‫لتعطيل تنفيذ الحكم التحكيمي على أساس التوسع في استعمال حاالت الطعن بالبطالن ‪-‬‬
‫‪335 334‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الدولي‬

‫من أهم عوام ل وج ود التحكيم التج اري ال دولي وانتش اره ه و تق دم وازده ار وتن وع التج ارة‬

‫الدولي ة وزي ادة حرك ة التب ادل التج اري في كاف ة المج االت المختلف ة بين معظم دول الع الم‪ ،‬مم ا ك انت‬
‫‪ -‬لمياء أزطوط‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 97‬ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -333‬كما هو عليه العمل في القانون الفرنسي‪ .‬حول مكان التحكيم يمكن الرجوع إلى‪:‬‬
‫» ‪- Gabrielle Kaufmann- Koheler. «Le lieu de l’arbitrage a l’aune de la mondialisation‬‬
‫‪(Réflexions a propos de deux formes récentes d’arbitrage) Rev-arb. 1998-N°3-P.517.‬‬
‫‪ -334‬موالي لكبير الصوصي العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ -335‬تجدر اإلش ارة إلى أن المشرع المغ ربي خول لمحكم ة االستئناف‪ ،‬مراقب ة م دى صحة األم ر القاضي بتخوي ل الصيغة التنفيذي ة‪ ،‬أو رفض‬
‫تخويلها‪ ،‬وذلك عن طريق الطعن باالستئناف في الفصول ‪ 327-48‬و ‪ 327-49‬فيم ا يخص التحكيم الدولي‪ ،‬في حين تطرق في الفصل ‪-33‬‬
‫‪ 327‬في فقرته الثانية‪ ،‬للطعن باالستئناف ضد األمر الذي يرفض منح الصيغة التنفيذي ة‪ ،‬في حين اعتبر في الفقرة الثاني ة من الفصل ‪327-32‬‬
‫أن الطعن بالبطالن المنصوص عليه في الفصل ‪ ،327-36‬يعتبر بمثابة طعنا في األمر بتخويل الصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫أيضا ولضمان صحة القرارات االستئنافية‪ ،‬وخلوه ا من العي وب‪ ،‬فقد أخضعها المشرع ب دورها لرقاب ة محكم ة النقض‪ ،‬وذلك في الفصل ‪-38‬‬
‫‪ 327‬حيث نص في فقرته الثانية‪ ":‬تكون قرارات محكمة االستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العادية"‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫نتيجته الحتمية هو سرعة انتشارها وتطورها حتى يمكن لها أن تلبي مطالب المجتمع الدولي بأسره مما‬

‫ت رتب على ذل ك ك ثرة المنازع ات بين ال دول ال تي يتم بينه ا حرك ة التب ادل التجاري ة‪ ،‬مم ا اس تدعي مع ه‬

‫األمر حل تلك المنازعات‪ .‬فكان الح ل الوحيد واألمث ل لحلها هو الدخول في التحكيم ات الدولي ة لفض‬

‫المنازعات فيما بينهم‪.336‬‬

‫وق د ع رف الفق ه‪ 337‬التحكيم ال دولي بأن ه "ذل ك التحكيم ال ذي تتص ل كاف ة عناص ره المكون ة ل ه‬

‫بمجموعة من الدول تكون أطرافا فيه وال يكون مقتصرا على دولة واحدة"‪ ،‬ويعرفه البعض اآلخر بأنه‬

‫" االتفاق على إحالة النزاع المتصل بمسألة من مسائل التجارة الدولية والناشئ بين الخصوم إلى جهة‬

‫غير المحاكم للفصل فيه‪ ،‬ويكون القرار التحكيمي الصادر ملزما لهم"‪.338‬‬

‫أم ا بالنس بة للمش رع المغ ربي فق د نص في الفص ل ‪ 40-327‬من ق انون ‪ 08-05‬ب أن التحكيم‬

‫يكون دوليا إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية وإ ذا كان ألحد أطرافه على األقل موطن أو مقر بالخارج‪.‬‬

‫وس نحاول من خالل ه ذا المبحث الوق وف على أهم اإلش كاليات ال تي يثيره ا التحكيم التج اري‬

‫ال دولي في ق انون ‪ 05‬ـ ‪ ( 08‬الف رع األول)‪ ،‬ثم إش كالية توحي د القواع د الموض وعية للتحكيم ال دولي‬

‫واالتفاقيات الدولية ونخص بالذكر اتفاقية نيويورك ( الفقرة الثانية)‪ ،‬وأخيرا إشكاليات يطرحها التحكيم‬

‫اإللكتروني باعتباره وسيلة لفض المنازعات التي تثار في إطار عقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬كشكل جديد‬

‫من أشكال التجارة الدولية ( الفرع الثالث)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الدولي في قانون ‪ 05‬ـ ‪08‬‬

‫إن اآلثار اإليجابية التي فرضتها ظاهرة العولمة وما أحدثته من انعكاسات فعالة وواضحة على‬

‫عقود التجارة الدولية‪ .‬أكدت أن العولمة االقتصادية المنشودة لن تتحقق إال عبر عولمة الفكر القانوني‬

‫‪ -336‬محمد علي سكيكر‪"،‬تشريعات التحكيم في مصر والدول العربية"‪،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.29‬‬


‫‪ -337‬محمد علي سكيكر‪ "،‬تشريعات التحكيم في مصر والدول العربية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -338‬طالب حسن موسى ‪ " ،‬قانون التجارة الدولية"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬طبعة ‪ ،2005‬ص ‪.228‬‬
‫‪115‬‬
‫أوال‪ ،‬الشيء الذي فرض على المغرب ضرورة مالئمة قانون التحكيم والوساطة االتفاقية رقم ‪08 -05‬‬

‫م ع االتفاقي ات الدولي ة من حيث الموض وع‪ ،‬وم ع المب ادئ العام ة المق ررة للتحكيم التج اري عموم ا‬

‫وال دولي على وج ه الخص وص‪ ،‬من أج ل تش جيع االس تثمارات األجنبي ة بش كل يض من تحقي ق التنمي ة‬

‫االقتصادية واالجتماعية المنشودة‪.339‬‬

‫ولع ل س بب تفض يل التحكيم التج اري ال دولي عن القض اء راج ع إلى المزاي ا ال تي يمت از به ا‬

‫كقضاء خاص في حل المنازعات الناشئة عن العالقات االقتصادية الدولية وأهم هذه المميزات‪:‬‬

‫سرعة البت في المنازعات‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫فمما الشك فيه أن قصر الوقت الذي يفصل فيه المحكم في النزاع يحقق للخصوم ميزة مهمة‬

‫تتمث ل في تج نيبهم خس ائر مادي ة ومعنوي ة معين ة ق د تلح ق بهم في ح ال لج وئهم للقض اء الع ادي للدول ة‪،‬‬

‫وتبدو هذه الميزة أكتر وضوحا في مجال التحكيم التجاري الدولي حيث تتعلق المنازعات بمبالغ مالية‬

‫كب يرة وترتب ط بالتج ارة ال تي تع د س رعة إنج از المع امالت عنص را أساس يا فيه ا‪ .‬وفي ه ذا يق ول بعض‬

‫الفق ه أن عالق ات التج ارة الدولي ة ال تتحم ل بم ا تقتض يه من س رعة ومرون ة بطء وتعقي دات إج راءات‬

‫التقاض ي أم ام المح اكم الداخلي ة لدول ة معين ة‪ .‬ويعت بر عام ل الس رعة من العوام ل الهام ة في تنفي ذ‬

‫المعامالت الدولية التي تتأثر بتقلبات أسعار المواد والصرف‪.340‬‬

‫المحافظة على أسرار الخصوم في معامالتهم‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫ض من أهم م ا يتم يز ب ه التحكيم ه و أن تس وية ال نزاع تتم في س رية تام ة بحيث ال يس تطيع أي‬

‫شخص من خارج نطاق المنازعة أن يطلع على ظروف النزاع ومالبساته‪ ،‬وهذا يرجع إلى أن جلسات‬

‫التحكيم تقتص ر على أط راف ال نزاع ووكالئهم فال يس مح للعام ة بالحض ور وال تعق د ه ذه الجلس ات في‬

‫‪ -339‬يونس العياشي‪ " ،‬مدى مالئمة مشروع قانون التحكيم رقم ‪ 08 -05‬مع االتفاقيات الدولية ومبادئ التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مجلة محاكمة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،2‬مارس‪ -‬ماي‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.189 -188‬‬
‫‪ -340‬جورج حزيون‪ " ،‬النظام القانوني للتحكيم األجنبي في القانون الداخلي"‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،4‬ديسمبر ‪ ،1987‬ص ‪.187‬‬
‫‪116‬‬
‫مكان عام مثل قاعة المحكمة‪ ،‬بل تعقد في مكان يختاره األطراف المتنازعون دون أن يكون مفروضا‬

‫عليهم مثل مكتب المحكم أو منزله أو قاعة لدى الغرفة التجارية أو غيرها‪.‬‬

‫فعلى خالف قضاء الدولة الذي تعد العالنية أحد خصائصه المميزة‪ ،‬تعد السرية ميزة خاصة‬

‫ينف رد به ا قض اء التحكيم عن قض اء الدول ة‪ .‬فمب دأ س رية جلس ات التحكيم من األم ور اللص يقة به ذا‬

‫وتفرد غالبية أنظمة التحكيم الدولية نصوصا خاصة تقتضي هذه السرية وتحض عليها‪.342‬‬ ‫‪341‬‬
‫النظام‬

‫إن إعم ال مب دأ العلني ة بالنس بة للتحكيم يمكن أن ي ؤدي إلى وض ع ح د للعالق ات الخاص ة بين‬

‫الخصوم مستقبال وخاصة في مجال التجارة الدولية‪ ،‬فكم من تاجر أو مستثمر أو شركة عالمية يفضلون‬

‫خس ارة دع واهم على كش ف أس رار تج ارتهم أو ص ناعتهم ال تي تمث ل في نظ رهم قيم ة أعلى من قيم ة‬

‫الح ق ال ذي يناض لون من أجل ه في ال دعوى‪ ،‬وذل ك ألن موض وع المنازع ة التحكيمي ة واإلعالن عن ه‬

‫ونشره قد يؤدي إلى فشل المشروع برمته مما يستتبع أضرارا فاحشة‪.343‬‬

‫ويضرب الفقه مثال يوضح أهمية السرية في مجال التحكيم في التجارة الدولية‪ ،‬إذ يقول لو أن‬

‫هناك اتفاقا سريا تم إبرامه بين مصنع لألسلحة ودولة تخوض حربا‪ ،‬ثم حدث نزاع بين طرفي العقد‬

‫بشأن توريد الصفقات فإن اللجوء إلى القضاء العادي وما يستلزمه من إعمال مبدأ العالنية يعني تدمير‬

‫كل األهداف المبتغاة من إبرام هذا االتفاق‪.344‬‬

‫وبالرغم من الفوائد والمزايا الجليلة التي يقدمها التحكيم التجاري الدولي والتي سبق ذكرها فإنه‬

‫يثير العديد من اإلشكاليات تبرز خاصة في قانون ‪.08 -05‬‬

‫‪ -341‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬


‫‪ -342‬على سبيل المثال تنص المادة ‪ ( 26‬الفقرة ‪ )7‬من نظام غرفة التجارة الدولية على مبدأ جلسات التحكيم‪ ،‬وكذلك المادة ‪ 34‬من نظام الهيئة‬
‫األمريكية للتحكيم نصت على ذلك‪ ،‬وأيضا المواد ‪ 73‬إلى ‪ 76‬من نظام المنظمة العالمية لحماية حقوق الملكية الفكرية( ‪.)WIPO‬‬
‫‪ -343‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪344‬ـ سامية راشد ‪ "،‬التحكيم في العالقات الدولية الخاصة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1984‬ص ‪.3‬‬
‫‪117‬‬
‫وتقتض ي دراس ة أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا التحكيم التج اري ال دولي في ق انون ‪08 -05‬‬

‫التطرق أوال لمعايير دوليته حيث تبنىت القوانين المقارنة والقانون المغربي معيارا مزدوجا مكونا من‬

‫عاملين في وصف التحكيم بالصفة الدولية أحدهما اقتصادي واآلخر قانوني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معــاييــــر دوليـــــــة التحكيــــــــــم‬

‫يوجد معياران في مجال تحديد دولية التحكيم‪ ،‬وقد تم استخدامهما سواء مجتمعين أو منفصلين‪،‬‬

‫أولهما معيار قانوني‪ ،‬والثاني معيار اقتصادي‪ ،‬وهو ما سنتناوله بالشرح فيما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬معايير دولية التحكيم في قانون ‪08 -05‬‬

‫نص المش رع المغ ربي في الفص ل ‪ 327 -40‬من ق انون ‪ 08 -05‬على م ا يلي‪ ":‬يعت بر دولي ا‬

‫حس ب م دلول ه ذا الف رع التحكيم ال ذي يتعل ق بمص الح التج ارة الدولي ة وال ذي يك ون ألح د أطراف ه على‬

‫األقل موطن أو مقر بالخارج"‪.‬‬

‫واعتبر المشرع المغربي التحكيم دوليا في أربع حاالت‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا ك ان التحكيم مرتبط ا بمص الح التج ارة الدولي ة وألح د أطراف ه م وطن أو مق ر‬

‫بالخارج‪ .‬وهنا ال بد من تحقق شرطين‪ :‬أن يكون التحكيم مرتبطا بالتجارة الدولية‪ ،‬والشرط الثاني أن‬

‫يك ون ألح د أط راف اتف اق التحكيم م وطن أو مق ر بالخ ارج مم ا يؤك د دون ش ك اعتم اد المش رع على‬

‫المعيار القانوني والمعيار االقتصادي‪.‬‬

‫الحالــة الثانيــة‪ :‬إذا ك ان ألح د ألط راف أك ثر من مؤسس ة ف إن المؤسس ة ال واجب اعتماده ا هي‬

‫المؤسس ة ال تي تربطه ا ص لة وثيق ة باتف اق التحكيم أك ثر من غيره ا‪ .‬أم ا إذا لم تكن ل ه أي ة مؤسس ة فإن ه‬

‫يقوم مقامها محل سكناه االعتيادية‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫الحال ــة الثالث ــة‪ :‬يعت بر التحكيم دولي ا إذا ك ان أح د األمكن ة الت الي بيانه ا واقع ا خ ارج ال دول‬

‫الموجودة بها مؤسسات األطراف‪:‬‬

‫‪ -‬مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا االتفاق‪.‬‬

‫‪ -‬كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من االلتزامات المترتبة على العالقة التجارية أو المكان‬

‫الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة‪.‬‬

‫الحالة الرابعة ‪ :‬اتفاق األطراف صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد واحد‪.‬‬

‫لكن السؤال المطروح هنا هل المشرع رصد الحاالت التي يعتبر فيها التحكيم دوليا على سبيل‬

‫الحصر أم على سبيل المثال؟‬

‫الواض ح من خالل النص‪ ،‬أن المش رع المغ ربي ق ام بتع داد ه ذه الح االت على س بيل الحص ر‬

‫وليس على سبيل المثال حيث استهل الفصل بعبارة ( يعتبر) وقام بتعدادها الواحدة تلوى األخرى‪ ،‬كذلك‬

‫فإن الجملة الفعلية دالة على الجزم والحصر‪.‬‬

‫ويبدو أن المشرع المغربي في قانون ‪ 08 -05‬بإيراده لهذه المعايير يرغب في توسيع نطاق‬

‫مفه وم التحكيم التج اري ال دولي وال ذي وإ ن اتفقن ا مع ه في ه ذا االتج اه فإنن ا ال نق ره في تع داده لبعض‬

‫الح االت ال تي ت دخل في إط ار التحكيم ال دولي‪ .‬حيث لم يكن هن اك م ا ي دعو إلى ه ذا التع داد واالكتف اء‬

‫باتصال العالقة محل النزاع بمصلحة اقتصادية أو تجارية دولية‪.345‬‬

‫وتج در اإلش ارة إلى أن الم ادة ‪ 62‬من مش روع ق انون التحكيم والوس اطة‪ ،‬اعت برت أن التحكيم‬

‫يك ون دولي ا م تى تعل ق بمص الح تجاري ة دولي ة دون أخ ذ مك ان التحكيم أو ق انون إج راءات المحاكم ة‬

‫المطبق أو جنسية األطراف بعين االعتبار‪.346‬‬

‫‪ -345‬صالح الدين جمال الدين‪ ،‬محمـود مصـيلحي‪" ،‬الفعالي ة الدولي ة لقب ول التحكيم في منازع ات التج ارة الدولي ة‪ ،‬دراس ة في ض وء أهم وأح دث‬
‫أحكام التحكيم الدولي"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -346‬مصطفى بونجة ‪ "،‬قراءة نقدية لمقتضيات التحكيم في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية"‪ .‬أنظر الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ http://www.almaghribia.ma‬تاريخ حصر الموقع‪11.11.2014 :‬‬
‫‪119‬‬
‫وفش ل المع ايير القانوني ة في تحدي د ماهي ة التحكيم الدولي هي ال تي دفعت المشرع الفرنسي إلى‬

‫اعتن اق المعي ار االقتص ادي أو بعب ارة أخ رى" العام ل اآلخ ر ال ذي دف ع المش رع الفرنس ي لتب ني المعي ار‬

‫االقتص ادي كأس اس لت دويل التحكيم من وجه ة نظ ر فوش ار فه و عام ل ذو ط ابع ف ني ويتعل ق بفش ل‬

‫المحاوالت المبذولة في تعريف التحكيم الدولي من خالل استخدام المعايير القانونية‪.347"...‬‬

‫ووجوب أن يكون النزاع متعلقا بالتجارة الدولية هو في الحقيقة مسألة صعبة ال تحل بدورها‬

‫المش كلة الناش ئة عن ص عوبة تحدي د الطبيع ة الدولي ة للتحكيم فلكي نح دد م تى تعت بر العالق ة دولي ة ه ذه‬

‫مسألة ليست بالبساطة وال السهولة التي قد تتصور ألنها مسألة تختلف من عالقة إلى أخرى‪.‬‬

‫وهناك جانب من الفقه انتقد المعيار االقتصادي وذلك نظرا التساعه وغموضه وعدم انضباطه‬

‫وما يترتب عليه من إعطاء المحكمة المعنية سلطة واسعة‪ .‬األمر الذي يؤدي إلى اختالف المحاكم في‬

‫تحدي د ماهي ة التحكيم الدولي في الدولة الواحدة‪ ،‬وس يكون مثل ه ذا االختالف أكثر وضوحا ح ال تعلق‬

‫األمر بمحاكم الدول المختلفة حيث ال توجد ثمة محكمة عليا تحكمها جميعا‪.348‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬معايير دولية التحكيم في القوانين المقارنة‬

‫تبنت التش ريعات المقارن ة مجموع ة من المع ايير تح دد مفه وم التحكيم ال دولي وق د انقس مت إلى‬

‫اتجاهين‪:‬‬

‫اتج اه تب نى المعيــار القــانوني لتحدي د مفه وم التحكيم ال دولي ويرك ز ه ذا المعي ار على االرتب اط‬

‫القائم بين التحكيم وبين النظام القانوني لدولة معينة‪ ،‬فإذا كان التحكيم ينتمي بجميع عناصره سواء كان‬

‫ذلك من حيث المنازعات أو اإلجراءات أو القانون الواجب التطبيق إلى دولة واحدة عد تحكيما وطنيا‪،‬‬

‫أم ا دولي ة التحكيم فتع ني العدي د من نق اط االلتق اء ال تي ال ص لة له ا ب أي من النظم القانوني ة الوطني ة‪.349‬‬

‫‪ -347‬هشام خالد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.517‬‬


‫‪ -348‬هشام خالد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.517‬‬
‫‪ -349‬فوزي سامي‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪120‬‬
‫فيعت بر تحكيم ا دولي ا ك ل تحكيم تتف رق عناص ره في أك ثر من دول ة‪ .‬لكن ه ذا المعي ار تنقص ه الدق ة‬

‫العتم اده على العدي د من المؤش رات المختلف ة في درجاته ا وتع وزه البس اطة ال تي هي من أهم س مات‬

‫المعيار‪.350‬‬

‫بينما تبنت دول أخرى المعيار االقتصادي‪ ،‬ويتعلق هذا المعيار بطبيعة النزاع فال مجال لجنسية‬

‫األط راف وال لمح ل إق امتهم وال لمك ان التحكيم وال لجنس ية المحكمين وإ نم ا الع برة بطبيع ة ال نزاع إذ‬

‫يعتبر التحكيم دوليا إذا تعلق بمصالح تجارة دولية‪ .351‬وهنا يطرح التساؤل اآلتي‪ :‬ما المقصود بالتجارة‬

‫الدولية؟‬

‫إن نطاق التجارة الدولية يغطي كل نشاط اقتصادي دولي والصفة الدولية تكون موجودة عندما‬

‫يحص ل على الص عيد االقتص ادي انتق ال أم وال أو خ دمات م ا بين بل د وآخ ر أو يك ون األط راف من‬

‫جنسيات مختلفة أو مقيمين في بلدان مختلفة‪.352‬‬

‫وإ ذا كان هذا المعيار يتفق والمعامالت التجارية الدولية في الوقت الحاضر‪ ،‬إذ إن التحكيم ما‬

‫هو إال وسيلة لفض المنازعات الناشئة عن المعامالت التجارية الدولية‪ ،‬فإنه هو اآلخر يتسم بالغموض‬

‫وعدم التحديد‪ ،‬وهو غير واضح بما فيه الكفاية‪ .‬خاصة فيما يتعلق بتعريف العقد الدولي ويثير الكثير‬

‫من المشاكل أكثر مما يجد لها من الحلول‪.353‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬اإلشكاالت التي تواجه التحكيم التجاري الدولي في قانون ‪08 -05‬‬

‫تمت اإلش ارة إلى أن ق انون المس طرة المدني ة لس نة ‪ 1974‬لم ينظم التحكيم ال دولي في الب اب‬

‫الثامن (المواد من ‪ 306‬إلى ‪ )327‬من قانون المسطرة المدنية‪ .‬في حين أفرد القانون ‪ 08 -05‬الفرع‬

‫الثاني لتنظيم التحكيم الدولي‪ ،‬حيث تم ملء الفراغ التشريعي الذي كانت تعرفه المسطرة المدنية وذلك‬

‫‪ -350‬عبد اإلله برجاني ‪ "،‬بند التحكيم في عقود التجارة الدولية"‪ ،‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى العدد ‪ ، 2‬السنة ‪ ،2002‬ص ‪.442‬‬
‫‪ -351‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬التحكيم في البالد العربية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪9‬‬
‫‪ -352‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬التحكيم في البالد العربية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 9‬ـ ‪.10‬‬
‫‪ -353‬هشام خالد ‪"،‬معيار دولية التحكيم التجاري"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.517‬‬
‫‪121‬‬
‫بإض افة المقتض يات الخاص ة ب التحكيم التج اري ال دولي ال تي تكتس ي أهمي ة خاص ة‪ ،‬حيث سيس اهم ه ذا‬

‫النوع من التحكيم في حل مجموعة من المنازعات الشائكة التي ظلت عالقة لسنوات‪ ،‬وذلك لما له من‬

‫انعكاسات إيجابية على االقتصاد المغربي وما سيوفره من ضمانات للمستثمر األجنبي‪.‬‬

‫إال أن النصوص التي أفردها المشرع المغربي للتحكيم التجاري الدولي تكتنفها إشكاليات جمة‬

‫قد تساهم في عدم فعالية هذا النظام‪ ،‬ويمكن إبراز أهم هذه اإلشكاليات فيما يلي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إشكاليـــة عــدم التمييــــز بيـــن التحكيــــم الدولي والتحكيــــم األجنبــــي فـــــــي‬
‫قانـــــون ‪08 -05‬‬
‫إن ق انون التحكيم (‪ )08 -05‬ح اول فيم ا يخص دولي ة التحكيم الحف اظ على ارتباط ه الت اريخي‬

‫مع التشريع الفرنسي وفي الوقت ذاته أخذ بما نص عليه القانون النموذجي لألونسترال‪ .‬إال أننا نعتبر‬

‫أن المب دأ ال ذي ج اء ب ه ه و مب دأ ع ام حيث لم يتم توض يح م تى يعت بر التحكيم دولي ا بالنس بة للمغ رب؟‬

‫وم تى يعت بر أجنبي ا؟ بحيث ك ان من األج دى أن يتم تفص يل ه ذه النقط ة أس وة بق وانين أخ رى كالق انون‬

‫التونسي واللبناني اللذان اعتبرا أن الحكم يكون دوليا إذا كان مكان التحكيم هو البلد والقواعد المطبقة‬

‫هي المقتضيات الوطنية ويكون الحكم أجنبيا إذا صدر خارج البلد بقواعد أجنبية‪.354‬‬

‫إن المش رع المغ ربي لم يم يز في ق انون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬بين التحكيم ال دولي والتحكيم األجن بي‪،‬‬

‫والوق وف على التمي يز بين تعب ير "دولي ة" التحكيم و"أجنبيت ه" ه و من المس ائل المعق دة والدقيق ة في نفس‬

‫الوقت لتشابك هذين المصطلحين فيما بينهما‪ .‬وهناك من يذهب إلى القول بأن األجنبية هي "في الواقع‬

‫‪ -354‬إلهام عاللي‪ "،‬واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪122‬‬
‫مرادفة للدولية" فكل تحكيم أجنبي قد يكون مرادفا للتحكيم الدولي حيث إن التحكيم المذكور يتعدى في‬

‫إجراءاته وأثره والقانون الواجب التطبيق حدود دولة واحدة‪.355‬‬

‫أن تعب ير الدولي ة أوس ع نطاق ا من تعب ير األجنبي ة وتبع ا ل ذلك ف إن التحكيم‬ ‫‪356‬‬
‫وي رى بعض الفق ه‬

‫يوص ف بالدولي ة حينم ا ال يمكن أن ترتب ط المنازع ة في ه أو التحكيم نفس ه إلى دول ة معين ة وكمث ال على‬

‫ذلك التحكيم الذي يجري وفق إجراءات الدولة (أ) ومن حيث القانون الواجب التطبيق إلى الدولة (ب)‬

‫ومن حيث مك ان تنفي ذ ق رار التحكيم لدول ة (ج) ومن حيث أط راف التحكيم إلى دول ة (د) و (ه) فه و‬

‫بذلك حسب األستاذ عبد اهلل درميش يشمل معظم حاالت التحكيم التي توصف باألجنبية‪.‬‬

‫وهك ذا يظه ر أن التحكيم األجن بي ه و ال ذي يج ري وف ق إج راءات منص وص عليه ا في ق انون‬

‫أجنبي‪ ،‬أما التحكيم الدولي فهو الذي يشتمل على عنصر أجنبي ـ ليس من الضروري أن يكون القانون‬

‫ال واجب التط بيق على اإلج راءات ـ فق د يك ون ذل ك أو ألي أم ر آخ ر كس ريان الق انون األجن بي على‬

‫موض وع ال نزاع‪ ،‬أو اختالف جنس ية الخص وم أو مك ان التحكيم‪ ،‬أو ذل ك التحكيم ال ذي تك ون عناص ره‬

‫"مزيجا" من تشريعات وطنية مختلفة‪.357‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية تحديد القانون الواجب التطبيق‬

‫تبقى األهمية العملية من وراء تحديد القانون الواجب التطبيق هي تفادي أي خالف قد يقع من‬

‫أو‬ ‫‪359‬‬
‫بعد‪ ،358‬فهي مسألة في غاية األهمية سواء أكان القانون الواجب التطبيق يتعلق بإجراءات التحكيم‬

‫‪ -355‬فوزي محمد سامي‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 101‬و ‪.102‬‬
‫‪ -356‬عبد اهلل درميش‪"،‬القضايا المعاصرة للتحكيم الدولي‪ ،‬الرقابة القضائية على األحكام التحكيمية األجنبية والدولية في الدول العربية"‪ ،‬المجلة‬
‫المغربية للوساطة والتحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،4‬السنة ‪ ،2009‬ص ‪.8‬‬
‫‪ -357‬عبد اهلل درميش‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪358‬‬
‫‪-PH. Fouchard, E. Gaillard. B.Goldman,” traité de l’arbitrage commercial international», année 1996, p‬‬
‫‪801.‬‬
‫‪ -359‬يقصد بالقانون المطب ق على إج راءات التحكيم مجموعة من القواع د اإلجرائي ة التي يتعين إتباعه ا بع د تشكيل هيئ ة التحكيم وحتى صدور‬
‫الق رار ال ذي يفص ل في المنازع ة‪ ،‬وتعت بر ه ذه القواع د اإلجرائي ة ال تي تحكم س ير المنازع ة المطروح ة على التحكيم من المس ائل الجوهري ة في‬
‫فلس فة التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬على اعتب ار أن أط راف المنازع ة عن د لج وئهم لطري ق التحكيم لتس وية ن زاعهم إنم ا يه دفون تف ادي أي تعطي ل‬
‫محتمل في المساطر إذا اتبعت القواعد اإلجرائية والشكلية العادية‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫بموضوع النزاع‪ ،‬وتزداد أهمية هذه المسألة أمام المحكم الدولي الذي ال يوجد له قانون اختصاص يحدد‬

‫على أساسه القانون الواجب التطبيق‪.360‬‬

‫أوال‪ :‬القانون الواجب التطبيق في قانون ‪08 -05‬‬

‫يقصد بالقانون الواجب التطبيق "مجموعة القواعد القانونية التي تتوصل هيئة التحكيم إلى أنها‬

‫هي المالئم ة‪ ،‬والمناس بة للتط بيق على موض وع ال نزاع المط روح عليه ا لكي تق ول حكم الق انون في ه‪،‬‬

‫س واء أك ان مص درها أح د الق وانين الوطني ة ذات الص لة ب النزاع أم ك انت قواع د مش تركة ومس تمدة من‬

‫مجموعة قوانين وطنية‪ ،‬أم كانت قواعد متعارف عليها في محيط التجارة الدولية‪ ،‬وسواء أكان أطراف‬

‫ال نزاع هم ال ذين ق اموا باختياره ا في عق دهم أو في اتف اق الح ق ب إرادتهم الح رة‪ ،‬أم تم تحدي دها‬

‫واستخالصها بمعرفة هيئة التحكيم ذاتها"‪.361‬‬

‫وقد جاء قانون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬بمقتضى هام يتيح تطبيق مبدأ حرية اختيار القانون الواجب التطبيق‬

‫وفق ا للفص ل ‪ 327 -44‬ال ذي نص على م ا يلي‪ ":‬تح دد في اتف اق التحكيم بك ل حري ة القواع د القانوني ة‬

‫ال تي يتعين على الهيئ ة التحكيمي ة تطبيقه ا على ج وهر ال نزاع وفي حال ة ع دم اختي ار األط راف للقواعد‬

‫المذكورة فإن الهيئة التحكيمية تفصل في النزاع طبقا للقواعد التي تراها مالئمة‪.‬‬

‫ولتحديد سير إجراءات التحكيم وتحديد القانون الواجب التطبيق فإننا نجد أن أغلب التشريعات ـ من بينها التشريع المغ ربي في الفص ل ‪ 10‬ـ ‪327‬‬
‫من ق انون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬ـ أعطت الحري ة إلرادة األط راف في اختي ار الق انون ال واجب التط بيق على إج راءات التحكيم‪ ،‬وفي حال ة غي اب إرادة‬
‫األطراف أو عدم االتفاق على تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات النزاع فإن األمر يعود إلى الهيئة التحكيمية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول موضوع القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل أوبهــا‪ " ،‬إش كاالت التحكيم في المنازع ات التجاري ة البحري ة " رس الة لني ل الماس تر في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪،‬‬
‫السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -‬نور الدين حسن الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -‬عزيز الشعراني ‪ " ،‬القانون الواجب التطبيق في التحكيم التجاري "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة قانون األعمال‪ ،‬جامع ة‬
‫الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ -‬المحمدية‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2011 -2010‬‬
‫‪ -‬مهند أحمد الصانوري ‪ "،‬دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص" ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪. 120‬‬
‫‪ -360‬نور الدين حسن الدين‪ " ،‬تدخل النظام العام في مجال التحكيم " م س‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ -361‬محمد السيد عرفة‪ " ،‬التحكيم والصلح وتطبيقاتهما في المجال الجنائي" ‪ ،‬الرياض‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.385‬‬
‫‪124‬‬
‫في جمي ع األح وال تأخ ذ الهيئ ة التحكيمي ة بعين االعتب ار مقتض يات العق د ال ذي يرب ط بين‬

‫األطراف والعادات السائدة في ميدان التجارة"‪.362‬‬

‫يتضح إذن أن تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع من قبل األطراف كمبدأ عام‬

‫يتم عن طري ق النص علي ه من خالل أح د بن ود العق د موض وع ال نزاع أو بمقتض ى اتف اق أو مش ارطة‬

‫ال‬ ‫‪364-363‬‬
‫للتحكيم مستقلة عن هذا العقد‪ .‬حيث إن أطراف النزاع يتوفرون على حرية واسعة به ذا الش أن‬

‫يح د منه ا إال النظ ام الع ام بمفهوم ه ال دولي وال داخلي‪ .365‬كم ا أن هيئ ة التحكيم تعت د أوال في تحدي دها‬

‫للق انون ال واجب التط بيق على موض وع ال نزاع بالق انون ال ذي ح دده األط راف ص راحة بم وجب اتف اق‬

‫التحكيم أو القانون الذي تستنبطه الهيئة التحكيمية من خالل مؤشرات معينة للتعبير عن اإلرادة الضمنية‬

‫لألطراف المتنازعة‪.‬‬

‫في تحدي د الق انون ال واجب‬ ‫‪366‬‬


‫أم ا إذا غ ابت إرادة األط راف‪ ،‬س واء الص ريحة أو الض منية‬

‫التطبيق على موضوع النزاع فإن سلطة تحديد هذا القانون تنتقل إلى الهيئة التحكيمية التي تق وم باختي ار‬

‫‪ -362‬طـارق مصـدق‪ " ،‬ق راءة أولي ة في مس تجدات الق انون الجدي د للتحكيم "‪ ،‬المجل ة المغربي ة للوس اطة والتحكيم‪ ،‬الع دد ‪ ،4‬الطبع ة الثاني ة‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،2009‬ص ‪ 44‬و ‪.45‬‬
‫‪363‬‬
‫‪- Alliouch- kerboua- Meziani Naima,op. cit, p 27.‬‬
‫‪ -364‬وهذا ما تؤكده وتعتد به العديد من االتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف من خالل مادتها ‪ 7‬التي تنص على" أن ألطراف النزاع الحرية الكامل ة‬
‫في تحديد القانون الذي يجب أن يطبقه المحكمون على موضوع المنازعة "‪.‬‬
‫‪ -365‬أنظر ما تمت دراسته بخصوص موضوع " النظام العام " في المبحث األول من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪ -366‬إن هيئة التحكيم تلتزم بتطبيق القانون الذي اتفق األطراف على وجوب تطبيقه على موضوع النزاع بشكل صريح فإذا لم يتفقوا على هذا‬
‫القانون صراحة في اتفاق التحكيم‪ ،‬جاز لهيئ ة التحكيم أن تبحث عن اإلرادة الضمنية لهؤالء األطراف‪ ،‬وهذه اإلرادة الضمنية تستنبط من خالل‬
‫مكان عقد التحكيم‪ ،‬حيث تستنبط اإلرادة الضمنية ألطراف النزاع بتطبيق القانون اإلنجليزي أو الفرنسي أو المغربي من خالل اختيارهم لغرفة‬
‫تحكيم مؤسسي كغرفة اللويدز بلندن أو غرفة التحكيم ببارس‪.‬‬
‫وتتجس د ه ذه اإلرادة الض منية من خالل بعض القض ايا الض منية البحري ة‪ ،‬ففي حكم التحكيم رقم ‪ 280‬الص ادر عن هيئ ة التحكيم التابع ة لغرف ة‬
‫التحكيم البحري لباريس بتاريخ ‪ 25‬شتنبر ‪ ،1978‬قررت الهيئة التحكيمي ة على أنه لم ا كان األطراف قد ق رروا بمحض إرادتهم التحاكم أمام‬
‫غرفة التحكيم بباريس فإن ذلك يعد قرينة على أن إرادتهم قد اتجهت إلى تطبيق القانون الفرنسي على النزاع‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل أوبها ‪ " ،‬إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 67‬و ‪.68‬‬
‫‪125‬‬
‫القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أكثر اتصاال بالموضوع‪ ،‬أو أنها تقوم بالبحث عن حل مالئم‬

‫لموضوع النزاع‪ ،‬وغالبا ما تلتجئ إلى عادات‪ ،‬وأعراف التجارة الدولية‪.367‬‬

‫ويت بين من األحك ام القانوني ة ال واردة في ق انون ‪ 08 -05‬س عي الق انون المغ ربي إلى تب ني ك ل‬

‫المبادئ المتعارف عليها في مجال التحكيم الدولي وخصوصا في الشق الخاص باختيار القانون الواجب‬

‫التط بيق‪ ،368‬فنالح ظ أن المش رع لم يس تخدم لف ظ الق انون وإ نم ا اس تعمل لف ظ القواع د القانوني ة وه ذا ال‬

‫يعني بالضرورة اختيار قانون وطني معين وإ نما يمكن تفسيره بأن األطراف بإمكانهم أن يختاروا بكل‬

‫حرية أي قواعد قانونية لتحكم موضوع النزاع‪ ،‬سواء كانت واردة في قانون وطني معين‪ ،‬أو في الئحة‬

‫مركز تحكيمي أو في اتفاقية دولية أو في أعراف التجارة الدولية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها القانون الواجب التطبيق في قانون ‪08 -05‬‬

‫بالنسبة لعادات وأعراف التجارة الدولية‬ ‫‪-1‬‬

‫قد تتفق األطراف في العقود الدولية على عدم اختيار أي قانون ليطبق على النزاع ألنها ترمي‬

‫إلى إخضاع النزاع إلى قواعد العرف والعادات السائدة في التعامل التجاري الدولي وهي ما يس مى ‪lex‬‬

‫‪ ،369 mercatoria‬ويع ني إخض اع المع امالت الدولي ة على اختالف أطرافه ا واختالف مجاله ا لنظ ام‬

‫موحد مستقل عن النظم الوطنية يعرف بقانون التجارة الدولية‪.‬‬

‫‪ -367‬عبد اهلل أوبها ‪ " ،‬إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -368‬طارق مصدق ‪ " ،‬قراءة أولية في مستجدات القانون الجديد للتحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -369‬هي مجموعة القواعد العرفية المتبعة في التعامل التجاري الدولي‪ ،‬وهناك من يذهب إلى تطبيق ما يسمى ‪ tronc commun‬مفادها أنه عند‬
‫ع دم تع يين الق انون ال واجب التط بيق من الط رفين وع دم معرف ة إرادتهم ا الض منية ف إن على المحكم أن يطب ق القواع د المش تركة لق انون ك ل من‬
‫الطرفين‪ ،‬فإنهما في هذه الحالة لم ينصا على قانون معين بسبب جهلهما بقانون كل طرف بالنسبة اآلخر‪ ،‬ولكنهما ال يذهبان إلى أكثر من ذلك‬
‫بحيث يفرضان ما هو مشترك في قوانينهما الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬فوزي محمد سامي‪ " ،‬التحكيم التجاري الدولي " م س‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪126‬‬
‫وق د نص ق انون ‪ 08 -05‬على ه ذا المقتض ى في الفص ل ‪ 44‬ـ ‪ 327‬في فقرت ه الثاني ة "‪ ...‬في‬

‫جميع الحاالت تأخذ الهيئة التحكيمية بعين االعتبار مقتضيات العقد الذي يربط بين األطراف واألعراف‬

‫والع ادات الس ائدة في مي دان التج ارة" إال أن اإلش كال ال ذي يط رح في ه ذا اإلط ار ه و أن ه ذه الفق رة ال‬

‫تتالءم مع القرن ‪ ،21‬ألن العادات واألعراف ليست هي القواعد الموضوعية الوحيدة في مجال التج ارة‬

‫الدولي ة‪ .370‬ف المحكم ل ه اختي ار واس ع يمكن ل ه أن يطب ق مقتض يات اتفاقي ة دولي ة أو ع ادات أو أع راف‬

‫التجارة الدولية أو عقود نموذجية وبالتالي فإن هذه الفقرة تبدو وكأنها تقيد عمل المحكم وتحصره في‬

‫العادات والتقاليد ‪.‬‬

‫ينضاف إلى ما سبق أن نظام ‪371 lex mercatoria‬ما زال نظاما غير محدد وغير متكامل ألن‬

‫غالبية قواعده ذات طابع مكمل أو مفسر إلرادة المتعاقدين‪ .‬أضف إلى ذلك عدم كفايتها لنظر مختلف‬

‫ج وانب ال نزاع كالج انب المتعل ق بأهلي ة المتعاق دين أو س المة الرض ى‪ ،‬وكم ا يق ول البعض عنه ا بأنه ا‬

‫قواعد ضبابية وغامضة بسبب عدم تقنين الكثير منها في نصوص معلومة للكافة‪ ،‬أو لعدم تسبيب ونش ر‬

‫أحكام التحكيم الصادرة على أساسها مما يصعب من مهمة الكشف عنها‪.372‬‬

‫أيض ا عن دما يج د المحكم ال دولي نفس ه مض طرا إلى ح ل ال نزاع عن طري ق إعم ال قواع د من‬

‫ف إن الص عوبة تكمن في أن ه ليس من الس هل أن توج د دائم ا‬ ‫‪373‬‬


‫ص نع ع ادات وأع راف التج ارة الدولي ة‬

‫‪ -370‬محمد تكمنت ‪ " ،‬التحكيم الدولي "‪ ،‬مداخلة في إطار ندوة نظمت في موضوع‪" ،‬مشروع التحكيم والوساطة " في ‪ 27‬يونيو ‪ ،2007‬ص ‪19‬‬
‫‪ -371‬هي مجموعة القواعد العرفية المتبعة في التعامل التجاري الدولي‪ ،‬وهناك من يذهب إلى تطبيق ما يسمى ‪ tronc commun‬مفادها أنه عند‬
‫ع دم تع يين الق انون ال واجب التط بيق من الط رفين وع دم معرف ة إرادتهم ا الض منية ف إن على المحكم أن يطب ق القواع د المش تركة لق انون ك ل من‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫‪ -372‬وفاء مزيد ملحوظ ‪" ،‬النظام القانوني الواجب التطبيق في إطار التحكيم"‪ ،‬المؤتمر السنوي السادس عشر‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫مقال منشور بموقع‪:‬‬
‫‪http://slconf.uaeu.ac.ae/papers/n2/wafa%20falhot.pdf‬‬
‫‪ -373‬المحكم الدولي يلجأ إلى تطبيق عادات و أعراف التجارة الدولية على موضوع النزاع ألسباب مختلفة تختلف باختالف خصوصية النزاع‪.‬‬
‫فقد يلجأ المحكم الدولي إلى تطبيقها متى تبين له استحالة تطبيق قانون معين على موضوع النزاع سواء بس بب نقص في العق د مث ار المنازعة أو‬
‫بسبب تناقض و تعارض في موقف أطراف النزاع‪ ،‬وعدم إمكان ربط النزاع بقانون معين‪ ،‬ومثال ذلك أن يتشبث كل طرف في النزاع بتطبيق‬
‫قانونه الوطني‪ ،‬األمر الذي يستحيل معه على المحكم ترجيح أي من هذه القوانين على األخرى‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫عادات أو أعراف تنظم تلك المعاملة المثار حولها النزاع‪ ،374‬إذ أن الطبيعة المتسارعة للتجارة الدولية‬

‫تسمح بظهور عقود جديدة ومعامالت اقتصادية حديثة لم يكن لها أي أثر من ذي قبل‪.‬‬

‫ي ذهب إلى التمي يز بين الع ادات واألع راف التجاري ة‬ ‫‪375‬‬
‫وتج در اإلش ارة أن بعض الفق ه‬

‫الدولية‪ ، 376‬وذلك على أساس عنصرين عنصر مادي يتمثل في سلسلة من التصرفات واألفعال المتكررة‬

‫والمتصلة والمستمرة‪ ،‬وعنصر معنوي يتمثل في الشعور باإللزام القانوني‪ .377‬فإذا كانت العادة تتوقف‬

‫عند العنصر المادي فقط دون العنصر المعنوي‪ ،‬فإن العرف البد له من عنصرين معا‪ ،‬كما أن العرف‬

‫هو مصدر معترف به للقاعدة القانونية في الفقه والتشريع بينما ال تعتبر العادة كذلك‪ ،‬ولذلك يرون أنه‬

‫من عدم الدقة التسوية بينهما‪.378‬‬

‫وقد يسكت األطراف سواء في اتفاق التحكيم أو في مراسالتهم عن ذكر أي قانون محكم موضوع النزاع األمر الذي قد يعني تفويض المحكم في‬
‫اعتماد عادات وأعراف التجارة الدولية كأساس للحكم في موضوع المنازعة وتحديد وتفسير التزامات وحقوق األطراف‪.‬‬
‫وقد يعمل المحكم الدولي عادات وأعراف التجارة الدولية حتى في الحالة التي يخضع فيها النزاع لقانون وطني معين‪ ،‬وذلك لسد الثغرات أو‬
‫لتفسير المواقف الغامضة في القوانين الوطنية التي يختارها األطراف لحكم موضوع النزاع أو الستبعاد هذه القوانين ذاتها إذا م ا ك انت تتعارض‬
‫وفكرة النظام العام الدولي‪.‬‬
‫وأخ يرا فق د يك ون ت دخل ع ادات وأع راف التج ارة الدولي ة في البني ان الق انوني لق رار المحكم ت دخال ض روريا‪ ،‬بقص د تفس ير الغم وض‪ ،‬أو بقص د‬
‫إعطاء المفاهيم ذات الصيغة الوطنية طابعا ينسجم ومعطيات التجارة الدولية‪ ،‬ويعتقها بذلك من االعتبارات الداخلية البحتة‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أبو زيد رضوان‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 183‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪ -374‬عرف بعض الفقه األعراف التجارية الدولية في كونها " قواعد قانونية تتصف بالشمولية نتجت عن المبادئ العامة المسلم بها كونيا وتلك‬
‫التي انبثقت أيضا عن مقررات التحكيم المنشورة " وعرفها أيضا " في كونها قواعد قانونية تبلورت داخل قطاعات مختلفة أكسبتها قيمة عرفية "‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي‪ ،‬على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -375‬عبد الكريم سالمة ‪" ،‬نظرية العقد الدولي الطليق‪ ،‬بين القانون الدولي الخاص وقانون التجارة الدولية‪ ،‬دراسة تأصيلية انتقادي ه"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1989‬ص ‪.330‬‬
‫‪ -376‬إن القواع د العرفي ة هي مجموع ة القواع د الش ائعة التط بيق في األوس اط التجاري ة أو المهني ة‪ ،‬ذل ك أن التفرق ة بين األع راف والع ادات‪،‬‬
‫أصبحت غير مؤكدة وفقدت كثيرا من أهميتها‪ ،‬إذ أن المصطلح األكثر استعماال حسب الفقه أحكام المحكمين وفي النصوص التش ريعية‪ ،‬مص طلح‬
‫العادات ‪ Les usages‬وليست األعراف‪ ،‬كما تشير بذلك االتفاقية األوروبية للتحكيم التجاري الدولي في مادتها السابعة وكذلك بالنسبة للمشرع‬
‫الفرنسي بخالف المشرع المغربي‪ ،‬فهو يشمل مصطلح العادات واألعراف‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬سعيد البكوري ‪ "،‬تطبيق العادات واألعراف أمام المحكم في المنازعات التجارية الدولية"‪ ،‬مقال مأخوذ من منشورات مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬م‬
‫س‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ -377‬حيــاة متوكــل‪ "،‬ق انون التج ار ال دول‪ ،)LEX MERCATORIA (:‬المب ادئ العام ة وقواع د اإلعم ال"‪ ،‬المجل ة المغربي ة لق انون األعم ال‬
‫والمقاوالت‪ ،‬العدد ‪ ،11‬أكتوبر ‪ ،2006‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -378‬عبد الكريم سالمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.335‬‬
‫‪128‬‬
‫وي رى بعض الفق ه أن ه إذا ك ان للتفرق ة بين الع رف والع ادة أس اس فه ذا في األنظم ة القانوني ة‬

‫الداخلية‪ ،379‬ذلك أن العرف يعد قاعدة قانونية ملزمة مثل سائر القواعد التشريعية يطبقه القاضي من‬

‫تلق اء نفس ه‪ ،‬في حين أن الع ادة ال تع د قاع دة قانوني ة ملزم ة إال إذا اتف ق األط راف على ذل ك‪ ،‬بينم ا في‬

‫فكالهما يتمتعان‬ ‫‪380‬‬


‫التجارة الدولية فغالبية الفقه يسيرون في اتجاه مساواة العادات واألعراف التجارية‬

‫بصفة اإللزام‪.381‬‬

‫إال أن ه ب الرغم من ذل ك فق د تواج ه المحكم ص عوبات في حال ة اختي اره لع ادة أو ع رف تج اري‬

‫تتعل ق بتفس ير القاع دة العرفي ة‪ ،‬ففي عق د بين ش ركة أمريكي ة وأخ رى ياباني ة مثال ق د يعطي ك ل ط رف‬

‫تفسيرا لتلك القاعدة العرفية‪ ،‬وذلك حسب نظرته إليها وكيفية تطبيقه لها في محيطه التجاري‪ ،‬وهنا يجد‬

‫المحكم نفس ه مض طرا إلى البحث عن األس اس ال ذي سيس تند علي ه من أج ل تفس ير ه ذه القاع دة العرفي ة‬

‫وهو أمر في غاية الصعوبة‪.382‬‬

‫بالنسبة لقواعد العدالة واإلنصاف‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ -379‬عبد السالم اإلدريسي ‪ " ،‬النظام العام في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ‪ ،‬جامعة محم د الخامس‪ ،‬كلي ة‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -380‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد السالم اإلدريسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬حياة متوكل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 118‬و ‪.119‬‬
‫‪ -381‬هشام علي صادق ‪ " ،‬القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.160‬‬
‫‪ -382‬إسحاق شارية‪" ،‬التحكيم التج اري والق انون الع بر دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008 - 2007‬ص ‪.122‬‬
‫‪129‬‬
‫تعب ير ش ديد المرون ة يتوق ف بالدرج ة األولى على التك وين‬ ‫‪384‬‬
‫واإلنص اف‬ ‫‪383‬‬
‫إن تعب ير الع دل‬

‫الثق افي وال ديني واالجتم اعي لش خص المحكم؛ ألنه ا مس ألة تتعل ق بالدرج ة األولى بالض مير واألخالق‬

‫أن يك ون االتف اق ص راحة ال ض منا وأن‬ ‫‪385‬‬


‫وتختل ف من ش خص آلخ ر؛ ل ذا تح رص غالبي ة التش ريعات‬

‫يق ترن الع دل باإلنص اف تق ديرا من ه على أن الحكم بالع دل وح ده ال يكفي أو بمع نى آخ ر ق د ال يك ون‬

‫الحكم بالعدل منصفا ذلك أن اإلنصاف أعم وأشمل وأسمى في المرتبة‪ .386‬فقد يكون العدل ما يقضي به‬

‫الق انون أو يملي ه روح الق انون بينم ا اإلنص اف أس مى من ع دل النص وص القانوني ة وروح التش ريع أو‬

‫بمعنى آخر فاإلنصاف يعني بالدرجة األولى مراعاة الرحمة التي تعلو على اعتبارات العدالة‪.387‬‬

‫على أن المحكم عدال وإ نصافا يلتزم بالمبادئ األساسية للتقاضي فال يحكم‬ ‫‪388‬‬
‫ويؤكد بعض الفقه‬

‫بغ ير م ا يطلب ه المحتكم ون أو يخ رج على اتف اق التحكيم أو يغ ير أو يش وه وق ائع ال نزاع‪ ،‬كم ا أن علي ه‬

‫‪ -383‬إن العدالة كفكرة هي شعور نفسي وقناعات ضمير ووجدان حول ما نعتقده عدال أو ظلما‪ ،‬و أن الحق يكون في هذا االتجاه أو ذاك‪ .‬وكل‬
‫حكم قضائي أو تحكيمي‪ ،‬يجب أن يبتغي العدالة‪ ،‬حتى ولو كان يطبق القانون؛ فالق انون يجب أن يكون في خدمة العدالة‪ ،‬وليس العدالة هي التي‬
‫في خدمة القانون وقواعده‪.‬‬
‫‪ -384‬أما اإلنصاف‪ ،‬كفكرة أيضا‪ ،‬فهو التسامح والفضل ومراعاة االعتبارات اإلنسانية في التعامل‪ ،‬وعدم اإللزام بأداء الحق وتنفيذ االلتزام إال‬
‫في حدود الطاقة ‪ ،‬وبما يحقق التوازن المعقول بين أعباء األطراف‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمـد عبـد الكـريم سـالمة‪ "،‬الق انون ال واجب التط بيق على موض وع التحكيم‪ ،‬مح اذير وتوجيه ات"‪ ،‬مجل ة األمن والق انون‪ ،‬الع دد األول‪ ،‬ين اير‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -385‬من بينه ا التش ريع المغ ربي ال ذي نص في الفصل ‪ 327 -18‬من قانون ‪ 08 -05‬على أن ه" ‪....‬وإ ذا اتف ق طرف ا التحكيم صراحة تف ويض‬
‫هيئة التحكيم صفة وسطاء التراضي‪ ،‬تفصل الهيئة في هذه الحالة في موضوع النزاع بناء على قواعد العدالة واإلنصاف دون التقيد بالقانون"‪.‬‬
‫ونشير إلى أنه إذا كانت هاته المقتضيات تتماشى مع طبيعة العقود المدنية والتجارية والتي تجد سندها في العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فإن هاته‬
‫المقتضيات ال تتماش ى م ع طبيع ة العق د اإلداري‪ ،‬ب ل إن الح ديث عن العق د اإلداري هن ا ال يعكس مضمونه انطالق ا من تخل ف ش رطين أساسيين‬
‫وهما القاضي اإلداري ومقتضيات القانون العام التي تحدد طبيعة هذا العقد‪.‬‬
‫فإذا ما سلمنا بإمكانية استبدال القاضي اإلداري بالقاضي الخاص الذي هو المحكم‪ ،‬فإنه ال يمكن التسليم باستبدال القاعدة القانونية بقواعد العدل‬
‫واإلنصاف‪ ،‬ذلك أن التزام اإلدارة بالقاعدة القانونية هو محدد أساسي لدولة القانون والمؤسسات‪ ،‬ويمتد هذا المحدد ليشمل جميع أشكال نشاط‬
‫اإلدارة سواء تعلق األمر بالقرارات اإلدارية أو العقود اإلدارية‪.‬‬
‫مصطفى بونجة ‪ "،‬قراءة نقدية لمقتضيات التحكيم في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬أنظر الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.almaghribia.ma‬‬
‫‪ -386‬محمد علي سكيكر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -387‬محمد عبد الخالق الزعبي ‪ "،‬قانون التحكيم كنظام قانوني قضائي اتفاقي من نوع خاص ملحقا ب ه أهم اتفاقيات وتش ريعات التحكيم الدولية"‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬ص ‪.289‬‬
‫‪ -388‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪130‬‬
‫احترام القواعد اآلمرة التي تمس النظام العام في دولة مقر التحكيم أو الدولة التي سينفذ فيها الحكم‪ ،‬إال‬

‫أن ه يح ذر في ذات ال وقت من ه ذا الن وع من التحكيم حيث ال يت وفر األم ان الق انوني ال ذي يستش عره‬

‫المحتكمون في التحكيم بالقانون‪.‬‬

‫ولع ل م ا ي دعم ذل ك قل ة ع دد التحكيم ات ال تي تتم وفق ا لقواع د الع دل واإلنص اف من ناحي ة‪،‬‬

‫وتضييق التشريعات الخاص ة بالتحكيم من اللجوء إليه وجعله اس تثناء من األصل العام وبشرط أن يتم‬

‫االتفاق علي ه صراحة بين األط راف بحيث يتحملون في النهاية‪ ،‬النتائج التي يمكن أن يؤدي إليها ذلك‬

‫النوع من التحكيم‪ ،‬إن خيرا أم شرا‪ ،‬ألحدهما أو كليهما‪.389‬‬

‫ومن تم يتعين على المحكم حين يس تند إلى مب ادئ العدال ة واإلنص اف أن يب ني اجته اده على‬

‫اعتبارات موضوعية عامة وليس تفكيرا ذاتيا خاصا يعني هذا أنه ال يتأثر في حكمه بأفكاره الذاتية‪.390‬‬

‫في الخت ام يمكن القول أن ه عن دما يتم تحديد القانون الواجب التط بيق على النزاع يجب على‬

‫المحكم عدم استخدام صياغات غير واضحة يكون مضمونها غير مؤكد ومثيرا للخالف‪.‬‬

‫ب أال يتم اختي ار الق انون الوط ني بطريق ة عش وائية فليس من‬ ‫‪391‬‬
‫كم ا يوص ي بعض الفق ه‬

‫الض روري أن يك ون ق انون أح د األط راف ه و الق انون األك ثر مناس بة لح ل ال نزاع‪ ،‬وال الق وانين ال تي‬

‫اشتهرت بالحداثة والتحررية‪ .‬فال يجب أن يتم اختيار قانون قابل للتطبيق على موضوع النزاع إال عن‬

‫معرفة ودراسة متأنية لمضمونه ونتائجه التي يمكن أن يقتضيها تطبيقه بالنسبة لكال الطرفين‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬إشكالية عدم الحسم في تحديد مفهوم النظام العام‬

‫يهدف النظام العام إلى حماية المصالح العليا للمجتمع والوقوف في وجه كل ما من شأنه أن‬

‫يضر بهذه المصالح فهو بمثابة سالح يستخدم ضد التجاوزات التي يقدم عليها األفراد في تصرفاتهم‪.‬‬

‫‪ -389‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ -390‬رشــا علي الــدين‪" ،‬الس وابق التحكيمي ة‪ ،‬إطالل ة على ض وء أحك ام المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات االس تثمار"‪ ،‬دار الجامع ة الجدي دة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -391‬ناريمان عبد القادر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪131‬‬
‫إال أنه يجب التمييز وعدم الخلط في هذا الخصوص بين القواعد اآلمرة وقواعد النظام العام فالغ الب في‬

‫القواع د اآلم رة أنه ا ته دف إلى ص يانة حق وق األف راد الخاص ة‪ ،‬وي ترتب على خرقه ا البطالن في حين‬

‫تتصل القواعد المتعلقة بالنظام العام بالمصلحة العامة ويترتب أيضا على خرقها البطالن‪.392‬‬

‫وتعتبر فكرة النظام العام مفهوما غامضا بإجماع فقهاء القانون ومتغيرا في والزمان والمكان‬

‫فالفقه غير مستقر على تعريف واضح للنظام العام بل يحاول فقط أن يقربه‬ ‫‪393‬‬
‫بالنسبة للدولة الواحدة‬

‫من األذه ان‪ ،394‬وه ذا م ا يط رح إش كاليات في الواق ع العملي س يما إذا تعل ق بعالق ة ذات عنص ر أجن بي‬

‫(أوال) كما أنه يعتبر من أهم المشاكل التي تقف حجرة عثرة أمام انطالق التحكيم سواء من حيث تأثيره‬

‫في ص حة اتفاق ات التحكيم أو بالنس بة لالع تراف بأحكام ه وتنفي ذها‪ .‬وأن أزم ة التحكيم تكمن حالي ا في‬

‫الدفع بالنظام العام والذي كثيرا ما يأتي بصورة تعسفية‪ ،‬فالقاضي الوطني عندما ال يجد مبررا معقوال‬

‫الستبعاد الحكم فإنه يلجأ إلى هذه الوسيلة‪ (395‬ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المحاوالت الفقهية في تعريف النظام العام في مجال التحكيم التجاري الدولي‬

‫يصعب حصر نطاق مفهوم النظام العام ومن تم أحسن وصف يمكن أن يطلق عليه هو كونه‬

‫بمثاب ة رم ال متحرك ة يستعص ي التحكم في وجهته ا بحيث لم يس تطع الفق ه الق انوني أن يعطي ه تعريف ا‬

‫واضحا ودقيقا‪ ،‬ألنه فكرة غير محددة ومتغيرة وتخضع للظروف السياسية واالقتص ادية واالجتماعية‬

‫للبالد‪ ،396‬الش يء ال ذي انعكس س لبا على التمي يز بين م ا يمكن أن ي دخل في نط اق النظ ام الع ام ال داخلي‬

‫وبين ما يمكن أن يندرج في إطار النظام العام الدولي‪.‬‬

‫التعريف الفقهي للنظام العام‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -392‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.264‬‬


‫‪ -393‬بقالي محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -394‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -395‬رشـيد معنـاني‪ "،‬التحكيم في عق ود االس تثمار بين دول ة ومس تثمر خ اص أجن بي"‪ ،‬بحث لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د‬
‫الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2004 -2003‬ص ‪.77‬‬
‫‪396‬‬
‫‪Abdellal Boudhrain, op.cit, p 45.‬‬
‫‪132‬‬
‫أن تعري ف النظ ام الع ام يع د في حقيق ة األم ر مغ امرة وأن ه يجب التعام ل‬ ‫‪397‬‬
‫ي رى بعض الفق ه‬

‫فهذا النظام ال زال يستعصي على الباحثين من حيث إمكانية وضع تعريف جامع مانع له‪،‬‬ ‫‪398‬‬
‫معه بحذر‬

‫يغنينا عن السلطة التقديرية للمحكمة ولقد باءت كل المحاوالت التي بذلت في هذا الصدد بالفشل‪.399‬‬

‫إلى أنه يقصد بالنظام‬ ‫‪400‬‬


‫ويمكن أن نسوق بعض التعاريف للنظام العام فقد ذهب جانب من الفقه‬

‫الع ام في دول ة م ا "مجم وع القواع د ال تي ته دف إلى تحقي ق الح د األدنى من االس تقرار االقتص ادي‬

‫واالجتماعي و األخالقي الذي ال يمكن االستغناء عنه لضمان المصلحة العامة"‪.‬‬

‫ويقول األستاذ عبد الرزاق السنهوري في شرح مفهوم النظام العام‪" :401‬المسألة ال يجدي فيها‬

‫نص تش ريعي وهي من أك ثر المس ائل القانوني ة تعقي دا فنحن نري د أن نع رف م ا إذا ك انت قاع دة قانوني ة‬

‫معينة تتعلق بنظام المجتمع األعلى‪ ،‬حتى يخضع لها الجميع وال يجوز ألحد أن يخالفها أو هي قاعدة‬

‫اختيارية وكل شخص حر في إتباعها أو في تعديلها كما يشاء‪.‬‬

‫فما هو هذا النظام األعلى للمجتمع الذي يتحتم على كل شخص عدم الخروج عليه؟ يوجد دون‬

‫شك من القواعد القانونية ما يحقق مصلحة عامة تمس النظام األعلى للمجتمع‪ .‬وهذه المصلحة إما أن‬

‫تكون سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية والمصلحة الخلقية‪ :‬هي التي تقوم عليها اآلداب العامة‬

‫ومن ذلك نرى أن دائرة النظام العام واسعة فهي تشمل اآلداب أيضا‪.‬‬

‫والنظ ام الع ام واآلداب هم ا الب اب ال ذي ت دخل من ه العوام ل االجتماعي ة واالقتص ادية والخلقي ة‬

‫فت ؤثر في الق انون وروابط ه وتجعل ه يتماش ى م ع التط ورات االجتماعي ة واالقتص ادية والخلقي ة‪ .‬وتتس ع‬

‫‪397‬‬
‫‪- Chedly lotfy, "l’arbitrage commercial international au Maroc et ordre public transnational", centre de‬‬
‫‪publication universitaire, Tunis, 2002, p 15.‬‬
‫‪398‬‬
‫‪- Homayoon arfazadeh," ordre public et arbitrage international à l’épreuve de la mondialisation ", Bruylant,‬‬
‫‪Bruxelles, 2005, p 168.‬‬
‫‪ -399‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.436‬‬
‫‪ -400‬محمد شيلح ‪ "،‬سلطان اإلرادة في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬أسسه ومظاهره في نظرية العقد"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،1983‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -401‬عبد الرزاق السنهوري ‪ "،‬نظرية العقد"‪ ،‬منشورات محمد الداية‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ النشر‪ ،‬ص ‪.492‬‬
‫‪133‬‬
‫دائرة النظام العام واآلداب أو تضيق تبعا لهذه التطورات وطريقة فهم الناس لنظم عصرهم وما توافقوا‬

‫عليه من آداب‪ ،‬وتبعا لتقدم العلوم االجتماعية‪.‬‬

‫كل هذا يترك للقاضي يفسره التفسير المالئم لروح عصره‪ ،‬فالقاضي يكاد يكون إذا مشرعا في‬

‫هذه الدائرة المرنة‪ .‬بل هو مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم أمته األساسية ومصالحها العامة"‪.402‬‬

‫أم ا األس تاذ عب د الح ق الص افي فيق ول في ش أن مفه وم النظ ام الع ام " يمكن الق ول بش كل ع ام‬

‫وتقريبي أنه مجموعة المصالح األساسية التي تشكل ركيزة كيان المجتمع‪ .‬ومن ثم فقواعد النظام العام‬

‫هي التي تستهدف تحقيق مصلحة عامة سياسية أو أخالقية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬ويقصد بالمص لحة‬

‫العامة كل ما يتصل بالنظام العام للمجتمع بحيث يرجح على كل مصلحة فردية لذلك يتعين على كافة‬

‫األفراد احترام متعلقات النظام العام ولو ترتب عن ذلك تضحية بمصالحهم الذاتية فإذا هم خالفوه باتفاق‬

‫خاص وقع هذا االتفاق باطال"‪.403‬‬

‫إن النظام الع ام – كما يتض ح من خالل اس تقراء آراء الفقه‪ -‬ليس ل ه مفهوم مح دد وال تعريف‬

‫واضح وال يمكن حصره في دائرة معينة أو تعداده بالمحسوس‪ .‬وإ نما هو فكرة مجردة وغامضة مؤداها‬

‫وجود " نظام المجتمع األعلى" وهو نظام يستند إلى مجموع األسس والمبادئ األساسية التي يقوم عليها‬

‫نظام المجتمع سواء كانت خلقية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية‪ .‬وبذلك يوصف النظام العام بكونه‬

‫ش يء نس بي‪ .404‬أي ال يثبت على حال ة واح دة وال ينحص ر في قواع د معين ة وإ نم ا ه و مختل ف ومتغ ير‬

‫‪-402‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬


‫‪ -‬عبد الحميد األحدب في كتابه" موسوعة التحكيم‪ ،‬التحكيم الدولي‪ ،‬الجزء الثاني"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.357‬‬
‫‪ -‬نجالء حكم في رس التها " التحكيم في تسوية نزاعات االستثمارات األجنبي ة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمق ة في القانون الخاص‪،‬‬
‫وحدة قانون المقاوالت‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2004 -2003‬‬
‫ص ‪ 111‬و ‪.112‬‬
‫‪ -403‬عبد الحق الصافي‪ "،‬القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬المصدر اإلرادي لاللتزامات"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2006‬ص ‪.418‬‬
‫‪404‬‬
‫‪-Jean-Baptiste Racine, "L’arbitrage commercial international et l’ordre public" ,L.G.D.J,1997,p 525.‬‬
‫‪134‬‬
‫بحسب الزمان والمكان‪ .‬فما يعتبر من النظام العام في المغرب قد ال يعتبر كذلك في غيره من البلدان‪.‬‬

‫وما يعتبر من النظام العام في نفس البلد في وقت سابق قد ال يكون كذلك في وقت الحق‪.405‬‬

‫هذه التعاريف لفكرة النظام العام تظهر مدى صعوبة تحديد هذه الفكرة وأنها تأبى على التحديد‬

‫لكونها متغيرة وغير ثابتة ال يكتب لها االستقرار في حدود معينة بل هي فكرة دائما في تطور وتغير‬

‫مستمرين‪.‬‬

‫لكن التس اؤل المط روح هن ا ه و ه ل هن اك م ا يس مى بفك رة النظ ام الع ام ال دولي والنظ ام الع ام‬

‫الداخلي‪ .‬وإ ذا كان هناك فرق بينهما فهل هناك معيار للتفرقة بين كل منهما؟‬

‫تمييز النظام العام الدولي عن النظام العام الداخلي‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ -405‬إدريس العلوي العبدالوي ‪ "،‬أصول القانون‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬نظرية القانون"‪ ،‬مطابع دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪ ،1971‬ص ‪.514‬‬
‫‪135‬‬
‫إن أهم عائق يقف أم ام تنفي ذ األحكام التحكيمي ة الدولي ة في المغ رب هو فكرة النظ ام العام ‪.406‬‬

‫ألنه ا فك رة ذات مفهوم فض فاض ونسبي كم ا أن تحدي دها أم ر يتس م في بعض األحي ان بص عوبة بالغ ة‪،‬‬

‫خاصة مع اختالف نطاق النظام العام في كل دولة عن األخرى وكذلك مع التغيير المستمر في مفهومه‬

‫في كل دولة وفقا لسرعة تغير المعايير التي تحدده وسرعة التطور فيها‪.‬‬

‫‪ -406‬غالب ا م ا يتم الرب ط بين القابلي ة للتحكيم ومفه وم النظ ام الع ام ف أغلب المواض يع ال تي تع د منازعاته ا غ ير قابل ة للتحكيم هي مواض يع تتم يز‬
‫بحساسية خاصة‪ ،‬وتتعلق بالنظام العام بل ويمكن القول‪ ،‬أن هناك تالؤما بين مفهوم عدم القابلية للتحكيم ومفهوم النظام العام‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقه في ربط فكرة النظام العام بالقابلية للتحكيم‪ ،‬فمنهم من قال بوجوب ربط فكرة النظام العام في التحكيم بالمسائل التي ال يجوز‬
‫فيها الصلح بحيث يصبح النظام العام في نطاقه مرتبطا بمفهوم النظام العام في الصلح ويؤاخذ على هذا الفقه أنه لم يراع اختالف المعطي ات في‬
‫ك ل منه ا‪ ،‬ف إذا ك ان الص لح يقض ي التن ازل عن ج زء من الح ق ال ذي ق د يك ون مخالف ا للنظ ام الع ام إال أن التحكيم ال يتض من في ح د ذات ه فك رة‬
‫ال نزول عن الح ق أو االتف اق على م ا يخ الف النظ ام الع ام وله ذا فال مج ال للرب ط بين النظ ام الع ام في مفه وم الص لح والنظ ام الع ام في مفه وم‬
‫التحكيم‪.‬‬
‫لكن رغم ذلك تبقى قاعدة‪" :‬ما ال يجوز فيه الصلح ال يجوز فيه التحكيم" قاعدة متأصلة‪ ،‬ولكن ليس على أساس أن المسألة ترتبط بالنظام العام‬
‫بالمفهوم السابق‪.‬‬
‫في حين تبنى اتجاه آخر القول أنه ال يكفي في مجال التحكيم أن يكون هناك مجرد صلة بين الموضوع محل التحكيم والقاعدة الواجبة التطبيق‪،‬‬
‫ولكن المقصود هو تعمد أطراف النزاع االتفاق على التحكيم في مسألة تنطوي على تعدي على النظام العام وهذا الرأي ال يضع معيارا واضحا‬
‫دقيقا للمشكلة‪.‬‬
‫أما االتجاه الثالث فيرمي إلى معاملة التحكيم معاملة القضاء له‪ ،‬بمعنى أنه يسمح للمحكمين بنظر النزاع الذي قد يتعلق بمسألة تتصل بالنظام‬
‫الع ام‪ ،‬ولكن تك ون رقابت ه ل ه الحق ة أي بع د ص دور الحكم أو عن د طلب تنفي ذه فيقض ي القض اء ببطالن الحكم التحكيمي‪ ،‬ال ذي ال يح ترم القواع د‬
‫المتعلق ة بالنظام العام بغ رض حماية مصالح المجتمع والرقاب ة على احترامها ويعد النظام العام جوهرها‪ ،‬وب ذلك تصبح رقاب ة القضاء الوطني‬
‫رقابة الحقة وليست سابقة على حكم التحكيم‪ ،‬وهو االتجاه الذي أخد به قانون التحكيم المصري في المادة ‪ 53‬منه‪.‬‬
‫ونعتق د أن ه ه و االتج اه ال ذي أخ ذ ب ه أيض ا المش رع المغ ربي في الفق رة األخ يرة من الم ادة ‪(( 327-36‬تنظ ر محكم ة االس تئناف ال تي تنظ ر في‬
‫الطعن ب البطالن من تلق اء نفس ها ببطالن حكم التحكيم إذا تضمن م ا يخ الف النظام الع ام في المملك ة المغربي ة أو إذا وج دت موضوع النزاع من‬
‫المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها))‪.‬‬
‫وسندنا في ذلك أن المشرع المغربي لم يربط النزاعات التي يجوز فيها التحكيم بفكرة النظام العام في المواد األولى من القانون المحددة لنطاق‬
‫التطبيق على عكس ما كان عليه األمر في القانون السابق‪ .‬الذي منع التحكيم في المسائل التي تمس النظام العام ( المادة ‪.)306‬‬
‫للمزيد من التوسع حول موضوع" التحكيم وعالقته بالنظام العام " أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬رفعت محمد عبد المجيد ‪ "،‬مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية"‪ ،‬مجلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،7‬ص ‪ 20‬و ‪.21‬‬
‫‪ -‬محمد باية ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2006 -2005‬ص ‪ 47‬و ‪.48‬‬
‫‪ -‬أمونير تقية‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬إياد محمود بردان‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان عاللي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬حسام الدين فتحي ناصف ‪ "،‬قابلية محل النزاع للتحكيم في عقود التجارة الدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪ -‬رضا السيد عبد الحميد ‪ "،‬مسائل في التحكيم"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪136‬‬
‫كما أنه من البديهي مالحظة الفرق في هذا الخصوص بين النظام العام الداخلي والنظام العام‬

‫الدولي واختالف نطاق كل منهما عن اآلخر‪.‬‬

‫وإ ذا ك انت فك رة النظ ام الع ام في الق انون ال داخلي تع ني مجموع ة الق وانين الداخلي ة ال تي تل زم‬

‫األفراد وتقيد القاضي على حد سواء‪ ،‬فإن هذه الفكرة قد امتدت لتشمل كذلك مجال العالقات ذات الطابع‬

‫األجن بي‪ ،‬وأص بحت تلعب دورا حاس ما في اس تبعاد تط بيق أي ق انون أجن بي م تى ك ان متعارض ا م ع‬

‫النظام العام الوطني‪ .‬كما امتدت لتشمل أيضا مجال تنفيذ األحكام األجنبية لتعمل على تعطيل تنفيذ أي‬

‫حكم أو قرار تحكيمي أجنبي متى كان هذا الحكم أو القرار متعارضا مع النظام العام في دولة التنفيذ‪.‬‬

‫وب ذلك لم يع د ال دور ال ذي يلعب ه النظ ام الع ام مقص ورا على العالق ات الوطني ة البحت ة ب ل تج اوزه إلى‬

‫العالقات المتميزة بوجود عنصر أجنبي‪ ،‬وأصبح الحديث في إطار عالقات القانون الدولي الخاص عما‬

‫يسمى بالنظام العام الدولي‪.407‬‬

‫‪ -407‬هن اك من الفق ه من ال يع ترف بالنظ ام الع ام ال دولي حيث ي رى هش ام ص ادق أن فك رة النظ ام الع ام ال دولي ال يمكن تص ورها إزاء الوض ع‬
‫الحالي لألمور‪ ،‬حيث ال توجد سلطة عليا فوق الدول يمكن لها أن تفرض هذا النظام‪ .‬فال وجود لفكرة النظام العام الدولي بهذا المعنى‪ ،‬وأن فكرة‬
‫النظ ام الع ام ليست إال فك رة واح دة س واء في اإلط ار ال داخلي أو على المستوى ال دولي‪ .‬فهي تعكس األفك ار والمب ادئ الس ائدة في مجتم ع معين‪،‬‬
‫ومن ثم فإن النظام العام هو في حقيقته وطني دائما سواء في نطاق العالقات الداخلية أو في نطاق العالقات الدولية الخاصة ‪.‬‬
‫في حين يرى ‪ lalive‬أن الممارسة العملية المتعلقة بقضاة الدول‪ ،‬وتلك المتعلقة ب المحكمين ال تسمح اليوم بإنكار مفهوم النظام العام الدولي وال‬
‫بإنكار فائدته‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬هشام علي صادق ‪ "،‬تنازع االختصاص القضائي الدولي"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،1974‬ص ‪ 319‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬إياد محمود بردان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.572‬‬
‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم الزضاكي‪ " ،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪137‬‬
‫‪409‬‬
‫هو حماية مص الح التجارة الدولية‬ ‫‪408‬‬
‫ولقد كان الهدف من ابتداع فكرة النظام العام الدولي‬

‫والتخفي ف من ش دة وص رامة النظ ام الع ام كم ا ه و مق رر في اإلط ار ال داخلي بحيث أص بح إعم ال ه ذه‬

‫الفكرة في اإلطار الدولي ينحصر في مجال أضيق مما هو معمول به في المجاالت األخرى‪ .‬كما أن‬

‫وظيفة النظام العام لم تعد تتمثل في ضرورة حماية المصالح العليا للمجتمع فحسب‪ ،‬وإ نما بدأت تدخل‬

‫في الحس اب اعتب ارات أخ رى تتمث ل في وج وب حماي ة التض امن ال دولي‪ ،‬واإلس هام في تنش يط التج ارة‬

‫الدولية‪ ،‬وتنمية العالقات الخاصة بين األمم والشعوب‪.410‬‬

‫وقد تجلى تطبيق هذه األفكار واضحا في العديد من األمور المرتبطة بالتحكيم التجاري الدولي‬

‫وتنفيذ قراراته‪ ،‬ومن أمثلة هذه األمور قضية بت فيها القضاء المغربي والتي من خاللها أبرم المكتب‬

‫الوط ني المغ ربي للش اي والس كر م ع ش ركة للس كر من دول ة الفل بين عق د بي ع من خالل ه يتكل ف المكتب‬

‫بتسليم كمية من السكر حسب جدول زمني متفق عليه‪.‬‬

‫واتف ق الطرف ان على ح ل ال نزاع ال ذي س يقع بينهم ا بواس طة التحكيم‪ .‬وأم ام خ رق المكتب‬

‫اللتزامه‪ ،‬لجأت هذه الشركة إلى مجلس جمعية السكر بلندن للفصل في موضوع النزاع‪ .‬وبالفعل أصدر‬

‫هذا المجلس مقرره وطلبت هذه الشركة من رئيس المحكمة تذييل مقرر التحكيم‪ ،‬وهو ما قام به رئيس‬

‫المحكمة غير أن المكتب الوطني للشاي والسكر استأنف أمر الرئيس بدعوى أن اتفاق التحكيم يناقض‬

‫‪ -408‬هناك من الفقه من ميز بين نوعين من النظام العام الدولي‪ ،‬وهما النظام العام الدولي النسبي‪ ،‬والنظام العام الدولي اآلمر المطلق‪.‬‬
‫ويطلق اصطالح النظام العام الدولي النسبي على مجموع المبادئ األساسية الحامية للنظام القانوني واالجتماعي واالقتصادي والسياسي الوطني‪،‬‬
‫وذلك من خالل استبعاد تطبيق القانون األجنبي كلما تعارضت أحكامه مع القانون الوطني‪ ،‬كما هو الشأن لمسائل تنظيم األهلية‪ ،‬في بلد معين‪.‬‬
‫أما النظام العام الدولي المكمل‪ ،‬فهو تلك األحكام العامة المنظمة ألخالقيات المعامالت الدولية‪ ،‬وهذا النوع الثاني يصعب تصور تعريفه‪ ،‬م ادامت‬
‫المعامالت التجارية الدولية في تغير مستمر حسب الزمان وأيضا أطراف العالقة التعاقدية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان عاللي ‪ "،‬مجاالت التحكيم والنظام العام"‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬العدد ‪ ،2‬أبريل ‪ ،2007‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -409‬الطراسي قاسم ‪ "،‬وضعية قاعدة اإلسناد أمام المحكم الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -410‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪138‬‬
‫رفضت طلب المكتب‪ ،‬معللة األمر‬ ‫‪411‬‬
‫النظام العام المغربي غير أن محكمة االستئناف بالدار البيضاء‬

‫المتخذ من طرف السيد رئيس المحكمة في كونه ال يناقض النظام العام الدولي‪.‬‬

‫إلى أن ه " ال يمكن اإلق رار بالتفرق ة بين النظ ام الع ام ال داخلي‬ ‫‪412‬‬
‫وق د ذهب ج انب من الفق ه‬

‫وال دولي وال إيج اد ح د فاص ل أو معي ار للتفرق ة بينهم ا‪ ،‬واالكتف اء بتردي د ه ذه العب ارة في ه مس خ لفك رة‬

‫النظام العام بل وتحريف لها‪ ،‬ففكرة النظام العام ذات أثر عام في التطبيق سواء أكان النزاع داخليا أم‬

‫دوليا فقواعد النظام العام ملزمة للمحكم في جميع الحاالت"‪.‬‬

‫وفي المقابل ينادي اتجاه آخر بالتفرقة بين النظام العام الدولي والداخلي واألخذ بعين االعتبار‬

‫إلى أنه ليس كل‬ ‫‪413‬‬


‫النظام العام الدولي عندما نكون بصدد حكم تحكيم دولي‪ .‬فقد ذهب جانب من الفقه‬

‫حكم يتعل ق بالنظ ام الع ام في التط بيق ال داخلي للنص وص ه و بالض رورة ك ذلك على الص عيد ال دولي أو‬

‫التطبيق الدولي‪ ،‬وذلك بالنظر إلى طبيعة االختالف بين النظم القانونية واالجتماعية بين الدول ويترتب‬

‫على ذلك بالضرورة القول بعدم تطابق فكرة النظام العام الداخلي في كل األحوال أو الحاالت مع فكرة‬

‫النظام العام على الصعيد الدولي‪.‬‬

‫وما يتطلبه النظام العام الداخلي لكل بلد ولكل مجتمع هو نسبي ويختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬أما‬

‫النظام العام الدولي فهو مشترك بين كل دول العالم ومن هنا‪ ،‬فإن هناك نظامان عامان‪ :‬النظام العام‬

‫الداخلي والنظام العام الدولي‪.414‬‬

‫إن االتج اه الح ديث في القض اء والتش ريع ه و التفري ق بين النظ ام الع ام ال داخلي والنظ ام الع ام‬

‫ال دولي ورفض تنفي ذ الحكم عن دما يتع ارض م ع النظ ام الع ام ال دولي‪ ،‬وه ذا م ا يس تنتج من ق انون‬

‫‪ -411‬عبد الرحيم الزضاكي ‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬ص ‪.37‬‬


‫‪ -412‬عامر فتحي البطاينة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -‬أحمد الشيخ قاسم ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬مطبوعات جامعة دمشق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1994‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -413‬أبو زيد رضوان ‪ "،‬األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -414‬عامر فتحي البطاينة‪ ،" ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 190‬إلى ‪.192‬‬
‫‪139‬‬
‫المحاكمات المدنية اللبناني‪ ،‬الذي ينص على أنه‪" :‬يعترف بالقرارات التحكيمية وتعطى الص يغة التنفيذي ة‬

‫إذا أتبت الشخص الذي يتذرع بها وجودها ولم تكن مخالفة بصورة واضحة للنظام العام الدولي"‪.415‬‬

‫من ه ذا المنطل ق إذن أص بح التمي يز بين النظ ام الع ام ال داخلي والنظ ام الع ام ال دولي قائم ا في‬

‫العديد من تشريعات الدول واجتهاد محاكمها بحيث لم يعد ما يعتبر من النظام العام في اإلطار ال داخلي‪،‬‬

‫يعت بر بالض رورة متعلق ا بالنظ ام الع ام ب المفهوم ال دولي‪ ،‬وأص بح النظ ام الع ام في كث ير من األحي ان‬

‫متجاوزا خدمة ألهداف ومصالح التجارة الدولية‪.416‬‬

‫ويالح ظ أن الق رارات القض ائية الفرنس ية غني ة في ه ذا االتج اه فهي تف رق بين النظ ام الع ام‬

‫ال داخلي والنظ ام الع ام ال دولي وق د تم تنفي ذ العدي د من الق رارات التحكيمي ة وإ ن ك انت تتض من مخالف ة‬

‫للنظام العام الفرنسي‪ ،‬ذلك ألنها ال تخالف النظام العام الدولي‪ .417‬أما إذا تعلق األمر بالتحكيم الداخلي‬

‫فالض ابط حينه ا ه و النظ ام الع ام ال داخلي‪ .‬وه ذا م ا يفهم من نص الم ادة ‪ 1484‬من ق انون المس طرة‬

‫المدنية الفرنسي التي تنص على أنه‪" :‬وال يكون الطعن بطريق البطالن جائز إال في الحاالت التالية ‪...‬‬

‫‪ – 6‬إذا خالف قاعدة من قواعد النظام العام"‪.‬‬

‫غير أن بعض التشريعات ال تعترف بهذه التفرقة كما هو الحال بالنسبة للمشرع المصري‪ ،‬فقد‬

‫ج اء في الم ادة ‪ 53‬من ق انون التحكيم المص ري على أن ه "‪ ...‬وتقض ي المحكم ة ال تي تنظ ر دع وى‬

‫البطالن من تلق اء نفس ها ببطالن حكم التحكيم إذا تض من م ا يخ الف النظ ام الع ام في جمهوري ة مص ر‬

‫العربية"‪.‬‬

‫‪ -415‬المادة ‪ 814‬من قانون المحاكمات اللبناني‪.‬‬


‫‪ -416‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫‪ -417‬إلهام عاللي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪140‬‬
‫وعليه فالمقصود هو صدور حكم التحكيم متضمنا لما يخالف النظام العام داخل جمهورية مصر‬

‫العربية‪ ،‬وهي مسألة على ج انب كب ير من األهمي ة‪ ،‬إذ يكون ب ذلك القانون المصري يرفض ما يسمى‬

‫بالنظام العام الدولي‪ ،‬تأسيسا على الطابع الوطني لمفهوم النظام العام‪.418‬‬

‫وقد عرفت محكمة النقض المصرية القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام " بالقواعد التي‬

‫يقص د به ا تحقيق مص لحة عام ة سياس ية أو اجتماعي ة أو اقتص ادية تتعلق بنظ ام المجتم ع األعلى وتعلو‬

‫على مصلحة األفراد‪ .‬حيث ينبغي على جميع األفراد مراعاة تلك المصلحة وال يجوز لهم االتفاق على‬

‫ما يخالفها نظرا ألن المصلحة العامة تسمو على المصلحة الفردية"‪.419‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكاالت تطرحها فكرة النظام العام في قانون ‪08-05‬‬

‫ال ذي يري د منح الص يغة التنفيذي ة للحكم التحكيمي أن‬ ‫‪420‬‬
‫يتعين على رئيس المحكم ة المختص ة‬

‫يتأك د أوال من م دى ك ون ه ذا األخ ير غ ير مخ الف لمقتض يات النظ ام الع ام‪ .‬وه ذا فعال م ا تط رق إلي ه‬
‫‪423‬‬
‫و ‪310‬‬ ‫‪422‬‬
‫و ‪309‬‬ ‫‪421‬‬
‫المشرع المغربي حينما ركز على ضرورة احترام مقتضيات الفصول ‪308‬‬

‫‪ -418‬يمكن الرجوع في نفس االتجاه عند محمود مختار أحمد بربري‪"،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪،2003‬‬
‫ص ‪.232‬‬
‫‪ -419‬عبد الرحيم زضاكي ‪" ،‬الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 26‬و ‪.27‬‬
‫‪ -420‬ويقصد ب رئيس المحكم ة في قانون ‪ 08-05‬حسب الفقرة الثالث ة من الفصل ‪ .312‬رئيس المحكم ة التجارية م ا لم يرد خالف ذلك‪ ،‬ولعل‬
‫االس تثناء ال وارد على ه ذه الحال ة يتمث ل في رئيس المحكم ة االبتدائي ة وال رئيس األول لمحكم ة االس تئناف التجاري ة وال رئيس األول لمحكم ة‬
‫االستئناف‪ ،‬أما األحكام التحكيمية المتعلقة بالنزاعات الناشئة عن العقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية فإنها تدخل ضمن اختصاصات‬
‫المحاكم اإلدارية والمحاكم اإلدارية االستئنافية‪.‬‬
‫‪ -421‬ينص الفصل ‪ 308‬من قانون ‪ 08 -05‬على ما يلي‪ " :‬يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين‬
‫أن ي برموا اتف اق تحكيم في الحق وق ال تي يملك ون حري ة التص رف فيه ا ض من الح دود ووف ق اإلج راءات والمس اطر المنص وص عليه ا في ه ذا‬
‫الباب‪."...‬‬
‫‪ -422‬ينص الفص ل ‪ 309‬من ق انون ‪ 08 -05‬على م ا يلي‪ " :‬م ع مراع اة مقتض يات الفص ل ‪ 308‬أعاله‪ ،‬ال يج وز أن ي برم اتف اق التحكيم بش أن‬
‫تسوية النزاعات التي تهم حالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة "‪.‬‬
‫‪ -423‬ينص الفص ل ‪ 310‬من ق انون ‪ 08 -05‬على م ا يلي‪ " :‬ال يج وز أن تك ون مح ل تحكيم النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات األحادي ة للدول ة أو‬
‫الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية‪.‬‬
‫غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها‪ ،‬يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي‪."...‬‬
‫‪141‬‬
‫من قانون ‪ 08-05‬التي تعتبر طبيعتها من صميم النظام العام‪ ،424‬بحيث إنه كلما كان النزاع موضوع‬

‫طبق ا للفص ول أعاله إال وك ان على رئيس المحكم ة‬ ‫‪425‬‬


‫التحكيم ال يج وز تس ويته عن طري ق التحكيم‬

‫المختص ة رفض منح هذه الص يغة التنفيذي ة‪ ،‬ونفس الش يء ينطبق عن دما يتع ارض ه ذا الحكم التحكيمي‬

‫مع اآلداب واألخالق الحميدة‪.‬‬

‫‪ -424‬إن المشرع المغربي شعر بدقة طبيعة النظام العام‪ ،‬فأحجم عن تعريفه‪ ،‬ونص فقط على ضرورة احترام ه‪ ،‬واكتفى بالقول في العديد من‬
‫النصوص القانونية أن هذه النصوص متعلقة بالنظام العام‪ ،‬أو نصوص ال يمكن االتفاق على ما يخالفها‪.‬‬
‫وقد تضمن القانون المغربي عدة نصوص لها صلة بالنظام العام ورد أغلبها في قانون االلتزامات والعقود نذكر منها على سبيل المثال الفصول‪:‬‬
‫‪.986 -985 -881 -72 -62‬‬
‫‪ - 425‬يعد استبعاد التحكيم من بعض النزاعات‪ ،‬استثناء من المبدأ العام الذي يقضي بجواز التحكيم في جميع المواضيع التي يملك األطراف حرية‬
‫التعاقد بشأنها‪.‬‬
‫ويأتي هذا االستثناء المتعلق بعدم قابلية نزاع ما للتحكيم‪ ،‬لالستجابة لرغبة الدولة في االحتفاظ برقابة على الموضوع المستبعد من التحكيم‪ ،‬وذل ك‬
‫عن طريق حصر أمر البت في المنازعات المتعلقة به على القضاء لحساسية هذا الموضوع وارتباطه الوثيق بالمصلحة العامة التي تعد جوهر‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫فصدور حكم في نزاع غير قابل للحل عن طريق التحكيم يعتبر قرارا مخالفا للنظام العام‪ .‬وهذا الشرط منصوص عليه في تشريعات سائر الدول‬
‫نظ را لخطورت ه‪ ،‬ألن الغ رض من إق راره ه و من ع األف راد من اللج وء إلى التحكيم في ش أن بعض المنازع ات ال تي له ا ص لة بمقوم ات الدول ة‬
‫والمصلحة العامة‪.‬‬
‫أم ا ق انون التحكيم المغ ربي ‪ 08 -05‬ن رى أن المش رع المغ ربي نص على أن محكم ة االس تئناف تنظ ر في الطعن ب البطالن من تلق اء نفس ها‬
‫ببطالن حكم التحكيم إذا تض من م ا يخ الف النظ ام الع ام في المملك ة المغربي ة أو إذا وج دت موض وع ال نزاع من المس ائل ال تي ال يج وز التحكيم‬
‫فيه ا‪ ( .‬الفصل ‪ .)327 -36‬وب ذلك يك ون ق د أخ د باالتج اهين أي أن الحكم التحكيمي يك ون ب اطال إذا تضمن م ا يخ الف النظام الع ام‪ .‬وإ ذا ك ان‬
‫موضوع النزاع من المسائل التي ال يجوز التحكيم فيها وبديهي أن المسائل المتعلقة بالنظام العام ال يجوز التحكيم فيها‬
‫كم ا نج د أن المش رع ح اول تب ني توج ه التش ريعات المقارن ة وال س يما المش رع الفرنس ي ال ذي توس ع في إج ازة التحكيم في المنازع ات الداخلي ة‬
‫( قانون ‪ 420‬لسنة ‪ )2000‬في حين انتهج مسلكا غير محمود عندما لم ينظم بصفة دقيقة المسائل التي ال يجوز فيه ا التحكيم‪ ،‬بخالف مقتضيات‬
‫قانون المسطرة المدنية الملغاة‪ ،‬وفي سبيل التحديد يرى بعض الفقه أن المشرع المغربي لم يحدد مواصفات المسائل المتعلقة بالنظام العام التي‬
‫يحظر التحكيم فيها بشكل تقريبي يضبط هذا المفهوم حسب التعاريف المتفق عليها‪ ،‬كما أنه – أي المشرع – كان يجب عليه اإلشارة صراحة‬
‫ليس إلى النظام العام فقط‪ ،‬وإ نما كذلك إلى المسائل التي ال يجوز فيها التحكيم رفعا منها لكل لبس قد يثير اإلحالة إلى الفصل ‪ 62‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫وحول م ا إذا ك انت تتعل ق باتف اق التحكيم نفس ه أو التص رفات موضوع الحق وق ال تي يملكه ا أص حابها حري ة التصرف فيه ا وإ خض اع النزاعات‬
‫المتعلقة بها للتحكيم أو هما معا‪.‬‬
‫كما أن عدم قابلية المسائل التي لها اتصال بالنظام العام للتحكيم ال تعتبر محل خالف‪ ،‬لكن التنصيص على ذلك قانونا يدخل نوعا من الشك في‬
‫مصداقية التحكيم‪ ،‬والمقتضيات الحالية تحمل على االعتقاد بأن التحكيم هو الذي يعتبر ممنوعا باسم النظام العام‪ ،‬والحال أن االتفاق الذي ينص‬
‫على التحكيم بخصوص مسألة لها ارتباط بالنظام العام هو الذي يعتبر غير مشروع ومن ثم فإن التنصيص على كون المسائل التي لها اتصال‬
‫بالنظام العام ال يمكن أن تخضع للتحكيم‪ ،‬يعتبر من باب الحشو واإلطناب والذي من شأنه إدخال نوع من التشكك في آلية التحكيم‪.‬‬
‫للمزيد من اإليضاح المرجو الرجوع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان المصباحي ‪ "،‬المادة التحكيمية أو قابلية النزاع للتحكيم"‪ ،‬المجلة القانونية التونسية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬السنة ‪ ،2004‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -‬رياض فخري‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ -‬عبــد الصــادق ربيــع‪ "،‬التحكيم التج اري من التش كك إلى المص داقية" م أخوذ من سلس لة دف اتر المجلس األعلى‪ ،‬تحت عن وان" التحكيم التج اري‬
‫الداخلي والدولي"‪ ،‬العدد ‪ ،6‬السنة ‪ ،2005‬ص ‪.37‬‬
‫‪142‬‬
‫كما نجد المشرع المغربي قد خصص الفصل ‪ 327-46‬من قانون ‪ 08-05‬ليشترط ضرورة‬

‫كون الحكم التحكيمي غير مخالف لمقتضيات النظام العام‪ ،‬وذلك حتى يتم االعتراف به داخل التراب‬

‫المغربي‪.426‬‬

‫وبالرغم من دقة ووضوح مقتضيات الفصل ‪ 327-46‬الذي ينظم الحاالت التي يتعين بتحققها‬

‫التص ريح ب رفض ت ذييل الحكم التحكيمي بالص يغة التنفيذي ة‪ .427‬ف إن هن اك من اإلش كاليات القانوني ة ال تي‬

‫تبقى مطروح ة في ه ذا الص دد ومنه ا على الخص وص طبيع ة النظ ام الع ام المقص ود حمايت ه في ه ذا‬

‫الق انون‪ .‬فه ل يتعل ق األم ر بالنظ ام الع ام ال داخلي‪ ،428‬ال ذي يقتص ر دوره على حماي ة األس س السياس ية‬

‫‪ -‬محمد أبو العينين ‪ "،‬قابلية المنازعات للتحكيم"‪ ،‬مأخوذ من سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -‬أمونير تقية‪"،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪، ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010 -2009‬‬
‫‪ -426‬يمكن القول أن جميع المقتضيات القانوني ة أعاله التي تحدد الشروط الواجب توافره ا في الحكم التحكيمي لتنفي ذه هي مستلهمة في األصل‬
‫من الفقرة الثانية من المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك‪ ،‬التي نصت في هذا الخصوص على ما يلي‪ ":‬يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب‬
‫إليها االعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض االعتراف والتنفيذ إذا تبين لها‪:‬‬
‫‪ -‬أن قانون ذلك البلد ال يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬أن االعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه يخالف النظام العام في هذا البلد"‪.‬‬
‫‪ -427‬وضع قانون ‪ 08-05‬مجموعة من الشروط المتطلب ة من أجل االعتراف وتنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الدولي ة‪ ،‬إذ يمكن وصفها بأنه ا نسخة‬
‫طبق األصل لما جاءت به اتفاقية نيويورك في هذا الصدد ( المادة الرابعة)‪.‬‬
‫فينص الفصل ‪ 327-47‬على أنه " يثبت وجود الحكم التحكيمي باإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخ هاتين الوثيقتين وتت وفر فيه ا ش روط‬
‫الصحة المطلوبة‪.‬‬
‫إذا كانت الوثيقتان المذكورتان غير محررتين باللغة العربية‪ ،‬وجب اإلدالء بترجمة لهما مشهود بصحتهما من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم"‪.‬‬
‫أما بالنسبة للشروط الموضوعية المتطلبة لتنفيذ الحكم التحكيمي الدولي‪ ،‬فهي التي نص عليها الفصل ‪ 327-49‬حسب الشكل التالي‪ ":‬ال يمكن‬
‫الطعن باالستئناف في األمر القاضي بتخويل االعتراف أو الصيغة التنفيذية إال في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا بتت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا لم تحترم حقوق الدفاع‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كان االعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني"‪.‬‬
‫‪-428‬‬
‫حاول الفقه إعطاء تعريف يتناسب وعبارة النظام العام الداخلي‪ ،‬فق د عرف ه مثال بلعيد كرومي بأن ه‪ ":‬مجم وع القواع د القانوني ة الداخلي ة التي‬
‫ال يجوز لألطراف االتفاق على مخالفتها استنادا على مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬سواء تعلق األمر باتفاقيات يشارك فيها طرفان أو أكثر‪ ،‬أم بتصرفات‬
‫قانونية صادرة عن إرادة منفردة"‪.‬‬
‫إن فكرة النظام العام فكرة تستهدف صيانة كيان المجتمع الوطني ورعاية األسس القانونية والمصالح الجوهرية لهذا المجتمع‪ ،‬وهذا التعريف‬
‫يقتص ر على النظ ام الع ام ال داخلي ال ذي يمكن تعريف ه بأن ه تل ك القواع د ال تي ال يج وز مخالفته ا بواس طة التص رفات القانوني ة أو القواع د ال تي ال‬
‫يج وز لألف راد مخالفته ا‪ ،‬ك أن يتعل ق ال نزاع بتوزي ع أرب اح ك ازينو ألع اب قم ار‪ ،‬إذا أحي ل ال نزاع على التحكيم وص در حكم تحكيمي في ال دول‬
‫‪143‬‬
‫واالجتماعي ة واالقتص ادية الوطني ة أم أن ه يتعلق بالنظ ام العام الدولي‪ ،429‬الذي يتس م بالمرون ة والتيسير‬

‫خدمة لمصالح التجارة الدولية‪.430‬‬

‫إن المش رع المغ ربي يأخ ذ بمفه وم النظ ام الع ام‪ ،‬وذل ك بتقري ره اس تبعاد ك ل حكم تحكيمي في ه‬

‫مساس بالمصالح األساسية التي يقوم عليها المجتمع سواء كانت سياسية أو اقتص ادية أو اجتماعية‪ .‬وفي‬

‫هذا الصدد يمكن االستشهاد ببعض الحاالت التي قد تبرر إبطال الحكم التحكيمي بناء على أساس خرق‬

‫الغربية يعتبر موضوع هذا العقد عملية تجارية وبالت الي يعطي للحكم التحكيمي صيغة التنفيذ‪ .‬ولكن في الدول اإلسالمية يعتبر الميسر محرما‬
‫فالحكم التحكيمي الذي يبث بموضوع توزيع األرباح مخالف للنظام العام‪.‬‬
‫من هذه الزاوية يمكن القول إن الميسر هو من النظام العام الداخلي‪ ،‬كما أن الحكم التحكيمي الذي يصدر عن هيئة تحكيمية بشأن نزاع وقع بين‬
‫تج ار الخم ر يعت بر مقب وال في ك ل ال دول الغربي ة إال في البل دان اإلس المية ال تي يع د فيه ا ال بيع واس تهالك الخم ور ممنوع ا‪ .‬ك ل ذل ك يجرن ا إلى‬
‫الحديث عن نظام آخر وهو النظام العام اإلسالمي الذي يكون له طابع عام ديني والذي تنهجه األطراف المتعاقدة التي لها اعتقاد إسالمي والذي‬
‫تصدر عنه تعليمات وممنوعات إجبارية هذه الفكرة تبقى جد محدودة في مجال التجارة الدولية والمغرب قليال ما يختار كمكان للتحكيم خاصة‬
‫عندما تكون أحد األطراف المتعاقدة غير معترفة بالعقيدة اإلسالمية‪.‬‬
‫وفي سياق فلسفة حماية النظم القانونية واالقتصادية والسياسية واالجتماعية والدينية الداخلية أو بعبارة أخرى‪ ،‬حرصا على القيم العليا وللحلول‬
‫دون المساس بالشعور الجماعي الداخلي‪ ،‬فإن النظام العام لعب دورا فنيا آخر وتحت تسمية أخرى تستوعب وظيفته أكثر ما تعبر عن مصدره‬
‫الوطني الصرف‪ ،‬وهو ما يعرف قانونا بالنظام العام في القانون الدولي الخاص ‪.L’exception de l’ordre public‬‬
‫هذا القانون عرفه أستاذنا إطوبان بكونه كل ما يرتبط بالسياسة التشريعية للدولة التي ال يمكن مخالفتها في إطار النزاعات ذات العنصر األجنبي‬
‫المرفوع ة أم ام القاض ي الوط ني س واء ك انت ه ذه السياس ة التش ريعية تتعل ق بحماي ة المص الح الخاص ة أو العام ة للدول ة أو تتعل ق ب اإلجراءات‬
‫القانونية التي يلزم إتباعها عند البدء في أي نزاع داخلي أو أجنبي‪ ،‬فهذا القانون غير فاعل على مستوى العالقات والمع امالت التجاري ة الداخلي ة‪،‬‬
‫وليس له عالقة مباشرة بآمرية القواعد القانونية الداخلية‪ ،‬وإ نما هو من جهة ال يتدخل سوى في العالقات الخاصة الدولية بما فيه ا التجاري ة‪ ،‬ومن‬
‫جهة ثانية يكون إعماله مشروطا باختصاص القاضي الوطني‪ ،‬وهو من جهة ثالثة ال يركز سوى على صيانة األسس والقيم والمبادئ األسمى‬
‫داخل الدولة دون التقيد بالتطابق بين القانون األجنبي والقانون الوطني من حيث اآلمرية والتحريم واإلباحة‪ ،‬وهو بهذه الصفة يقوم على نطاق‬
‫أضيق من النظام العام الداخلي بالمفهوم السابق‪.‬‬
‫للتوسع في مفاهيم النظام العام أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إياد محمود بردان ‪ "،‬التحكيم والنظام العام‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفــاعي‪ "،‬اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة الدولي ة‪ ،‬دراس ة فقهي ة قض ائية مقارن ة"‪ ،‬دار‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 75‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بحماني‪ "،‬تنفيذ األحكام األجنبية في المغرب"‪ ،‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬عدد ‪ ،148‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -‬محمد منير ثابت‪ "،‬تنازع القوانين في مادة التعاقد"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون"‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق بالدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،2001 -2000‬ص ‪.320‬‬
‫‪- Boudhrain Abdellal, Op. cit, p 45‬‬
‫‪- Majdouline halimi, Op. cit ,p 123.‬‬
‫‪ - 429‬إن النظام العام الدولي نظرته شاملة وأحكامه عامة تشمل العالم بأسره كالبغاء وتجارة المخدرات وتجارة الرقيق والرشوة واستغالل النفوذ‪،‬‬
‫والعقد الذي ظاهره عمولة وباطنه رشوة هو مخالف للنظام العام الدولي‪.‬‬
‫وقد عرف بعض الفقه النظام العام الدولي بأنه‪ ":‬كل ما يميز القوانين األساسية إلدارة العدالة ووضع االلتزامات التعاقدية موضع التنفيذ ويعبر‬
‫أيضا عن مقتضيات األخالق الدولية"‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫( المتاجرة في الذهب أو التبغ)‪ ،‬أو منع‬ ‫‪431‬‬
‫للنظام العام مثل احتكار الدولة لبعض األنشطة االقتصادية‬

‫امتالك األراضي الزراعية من طرف أجنبي‪ ،‬حيث أن موضوع التعاقد باطل بمنظور النظام العام‪.432‬‬

‫وي ؤدي حكم التحكيم ال ذي لم ي راع عن د ص دوره النظ ام الع ام المغ ربي إلى البطالن‪ .‬وه و م ا‬

‫ينص عليه الفصل ‪ 327-36‬من قانون ‪ 08-05‬رغم كل شرط مخالف تكون األحكام التحكيمية قابلة‬

‫للطعن بالبطالن طبقا للقواعد العادية أمام محكمة االستئناف التي صدرت في دائرتها ‪."...‬‬

‫فحماي ة للنظ ام الع ام س واء الوط ني أو ال دولي رتب المش رع المغ ربي حكم البطالن من خالل‬

‫الفص ل ‪ 327-36‬على ك ل حكم تحكيمي يمس األس س الجوهري ة للدول ة أو يمس المص الح األساس ية‬

‫للمجتمع الدولي‪ .‬حيث ينص هذا الفصل على أنه‪ ..." :‬ال يكون الطعن بالبطالن ممكنا إال في الحاالت‬

‫اآلتية‪... :‬‬

‫‪ -6‬إذا صدر الحكم التحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام"‪.‬‬

‫وبحسب محكم ة النقض الفرنسية" يتضمن النظام الع ام الدولي مجموعة من القواعد اآلم رة التي تحترم ممارس ة التجارة الدولي ة‪ ،‬ويرتكز على‬
‫المعاهدات الدولية‪ ،‬والمبادئ العامة في القانون والمبادئ العامة ألعراف التجارة الدولية"‪.‬‬
‫ولتقريب الفكرة أكثر حول مفهوم النظام العام الدولي‪ ،‬نورد المثال الذي ذكره أشرف عبد العليم الرفاعي ويتعلق األمر بشركة بريطانية ترغب‬
‫في إب رام عق د م ع األرجن تين بمبل غ قيم ة ‪ 4‬ماليين ل يرة‪ .‬وبع د االتص ال ب الموظف المحلي ال ذي عم ل في وس عه للحص ول على مس اندة ال رئيس‬
‫‪ PERON‬والذي بدونه كانت فرصة إبرام العقد ضئيلة ومقابل هذه الخدمة يحصل على عمولة ‪ %10‬من المبلغ اإلجمالي للعقد‪.‬ولكن في سنة‬
‫‪ 1955‬فقد ‪ PERON‬السلطة‪ .‬وهذا لم يمنع الشركة البريطانية من إبرام العقد بمبلغ ‪ 9‬ماليين ليرة وقد طالب الموظف بالعمولة التي كانت قد‬
‫وع دت به ا الش ركة‪ .‬وأم ام رفض ه ذه األخ يرة لطلب الموظ ف‪ ،‬رف ع ه ذا األخ ير دع واه أم ام‪ LARGGREGEN‬بص فته محكم ا غ ير أن ه ذا‬
‫األخ ير ص رح" بأن ه ال يمكن أن ن رفض وج ود مب دأ ع ام في الق انون المع ترف ب ه من األمم المتحض رة بمقتض اه تك ون العق ود المخالف ة لألخالق‬
‫الفاضلة أو النظام العام الدولي غير صحيحة أو على األقل غير قابلة للتنفيذ‪ ،‬وال يمكن أن تقرها المحاكم أو المحكمين‪ ،‬ليقرر هذا المحكم عدم‬
‫اختصاصه في إصدار حكم في هذه القضية معلال ذلك بقوله‪ :‬بعد تقييم جميع األدلة‪ ،‬قد اقتنعت بأن حالة مثل هذه الحالة تنطوي على مخالفة‬
‫واضحة لألخالق الفاضلة‪ ،‬والنظام العام الدولي وال يمكن ألي محكمة سواء في األرجنتين أو في فرنسا أن تقر بصحة هذا العق د وال في أي بلد‬
‫متحضر وال أمام أي محكمة تحكيمية"‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 42‬و‪.43‬‬
‫‪ -‬أشرف عبد العليم الرفاعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 111‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 430‬هناك بعض التشريعات المقارنة قد استثنت النظام العام الوطني مكتفية بالنظام العام الدولي‪ .‬على سبيل المثال ال الحصر نذكر فرنسا‬
‫( المادة ‪ 1489‬من المدونة الجديدة للمسطرة المدنية) وتونس ( الفصل ‪ 80‬من مجلة التحكيم التونسية) والجزائر ( المادة ‪ 458‬مكرر من قانون‬
‫المسطرة المدنية الجزائري)‪.‬‬
‫‪ -431‬محمد شلغوم ‪ "،‬الطعن في شرط التحكيم في الشريعة اإلسالمية"‪ ،‬مجلة التحكيم العالمية‪ ،‬لبنان‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.164‬‬
‫‪-432‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪145‬‬
‫إال أن م ا يالح ظ على ه ذه الفق رة أنه ا أش ارت إلى فك رة النظ ام الع ام فه ل يقص د ب ذلك أن أي‬

‫مخالفة للنظام العام الداخلي في المغرب تؤدي إلى إهدار حكم التحكيم؟ أم أن فكرة النظام العام يقصد‬

‫به ا فكرة النظ ام العام الدولي المتعارف على إعمالها في إط ار العالق ات الخاص ة الدولي ة وليس مجرد‬

‫فكرة النظام العام الداخلي؟‬

‫يب دو لن ا أن ع دم ذك ر المش رع المغ ربي للف ظ ال دولي بج انب فك رة النظ ام الع ام ترج ع إلى أن‬

‫قانون ‪ 08 -05‬ال يعالج فقط التحكيم التجاري الدولي ولكنه يسري أيضا على التحكيم الداخلي‪ ،‬دون‬

‫تفرق ة بين النص وص ال تي تخص كال الن وعين من أن واع التحكيم‪ .433‬ولع ل ه ذه أب رز االنتق ادات ال تي‬

‫يمكن أن توجه إلى هذا القانون الذي كان حري به أن يقرر لكل منهما القواعد الخاصة والذاتية له‪.‬‬

‫وقد تطرق المشرع المغربي في قانون ‪ 08-05‬إلى مبدأ النظام العام الدولي وذلك من خالل‬

‫الفص ل ‪ 327-46‬ال ذي ينص على أن ه‪" :‬يع ترف باألحك ام التحكيمي ة الدولي ة في المملك ة إذا أثبت‬

‫وجوده ا من يتمس ك به ا ولم يكن ه ذا االع تراف مخالف ا للنظ ام الع ام الوط ني أو ال دولي" أيض ا نص‬

‫المش رع المغ ربي في الفص ل ‪ 327-49‬على أن ه‪ " :‬ال يمكن الطعن باالس تئناف في األم ر القاض ي‬

‫بتخوي ل االع تراف أو الص يغة التنفيذي ة إال في الح االت التالي ة ‪...‬إذا ك ان االع تراف أو التنفي ذ مخالف ا‬

‫للنظام العام الدولي أو الوطني"‬

‫‪ -433‬تج در اإلش ارة إلى أن المش رع المغ ربي في ق انون ‪ 08 -05‬لم يح دد م دة ص دور الحكم التحكيمي ال دولي مم ا يس تنتج إخض اعه التف اق‬
‫التحكيم أي حسب إرادة األطراف‪ .‬وبخصوص مسألة تعليل الحكم التحكيمي فإذا كان المشرع المغربي قد تطرق إليها في التحكيم الداخلي فإنه لم‬
‫يحدد موقفه منها في التحكيم التجاري الدولي‪ .‬أيضا بخصوص إمكانية تصحيح الحكم التحكيمي الداخلي وتفسيره والحكم اإلضافي فه ذا المقتضى‬
‫ب دوره لم يش ر إلي ه المش رع المغ ربي بخص وص التحكيم التج اري ال دولي في الق انون رقم ‪ ،08-05‬وطبق ا للفص ل ‪ 327-47‬ف إن ه ذا الحكم‬
‫التحكيمي الذي تم إصداره يثبت وجوده عن طريق اإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخة من هاتين الوثيقتين‪.‬‬
‫ه ذا فيم ا يتعل ق بص دور الحكم التحكيمي وبع د ذل ك ت أتي مرحل ة تنفي ذ ه ذا الحكم التحكيمي وهن ا يم ر ه ذا الحكم بمرحل تين مرحل ة االع تراف‬
‫ومرحلة التذييل بالصيغة التنفيذية‪.‬‬
‫وهناك فرق كبير بين االعتراف بالحكم وبين تنفيذه فقد يعترف ب الحكم ولكن ال ينفذ وإ ذا نفذ فقد يكون قد تم االعتراف ب ه‪ ،‬وقد حاول فوزي‬
‫محمد سامي التمييز بينهما فقال‪" :‬االعتراف يعني أن القرار قد صدر في شكل صحيح وملزم لألطراف بينما التنفيذ يعني الطلب إلى الخصم‬
‫الذي صدر الحكم ضده أن ينفذ ما جاء في الحكم"‪.‬‬
‫‪ -‬فوزي محمد سامي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪146‬‬
‫وق د س ار ب ذلك في نهج االتفاقي ات الدولي ة المتعلق ة ب التحكيم ال س يما اتفاقي ة نيوي ورك بش أن‬

‫االع تراف وتنفي ذ ق رارات المحكمين األجنبي ة حيث أش ارت الم ادة الخامس ة من ه ذه االتفاقي ة على أن ه‪:‬‬

‫"يج وز للس لطة المختص ة في دول ة التنفي ذ رفض االع تراف ب القرار التحكيمي وتنفي ذه إذا ت بين له ا أن‬

‫االعتراف بهذا القرار وتنفيذه فيه ما يخالف النظام العام"‪.434‬‬

‫إال أن صياغة " ‪...‬ولم يكن هذا االعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي" المذكورة في‬

‫الفص ل ‪ 327 -46‬وص ياغة "إذا ك ان االع تراف أو التنفي ذ مخالف ا للنظ ام الع ام ال دولي أو الوط ني"‬

‫المذكورة في الفصل‪ 327-49‬من قانون ‪ 08 -05‬معيبة‪ ،‬ذلك أن المشرع المغربي استعمل "الدولي"‬

‫أو "الوطني" وهو ما يعني إعطاء الخيار للقاضي بين أن يختار النظام العام الدولي أو أن يختار النظام‬

‫العام الوطني‪ ،‬وقد يكون كمبرر لعدم االعتراف وعدم األمر بالتنفيذ ولذلك فعلى المشرع المغربي أن‬

‫يتدارك ذلك بالتعبير عن موقفه بشكل محدد‪.‬‬

‫أنه من أجل تشجيع اللجوء إلى مؤسسات التحكيم لتسوية النزاعات الناش ئة‬ ‫‪435‬‬
‫ويرى بعض الفقه‬

‫عن معامالت التجارة الدولية‪ ،‬التي أصبح المغرب بفعل التزاماته الدولية عضوا فاعال فيها‪ .‬ولجذب‬

‫االس تثمارات األجنبي ة إلي ه ك ان على المش رع المغ ربي أن يقتص ر على ض رورة اح ترام ه ذه األحك ام‬

‫التحكيمية الدولية للنظام العام الدولي فقط دون النظام العام الوطني‪ ،436‬وذلك لتميزه بميزتي المرونة‬

‫واليس ر الل تين تتماش يان م ع طبيع ة ومتطلب ات مص الح التج ارة الدولي ة المبني ة على عنص ر الس رعة‪،‬‬

‫ويتعين على القاضي أن يترجم في ممارسته هذا التوجه بالتضييق من مفهوم النظام العام الداخلي كلما‬

‫‪ -434‬عبــد اهلل أوبهــا‪ "،‬إش كاالت التحكيم في المنازع ات التجاري ة البحري ة"‪ ،‬رس الة لني ل الماس تر في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪،‬‬
‫السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪98‬‬
‫‪ -435‬مريم العباسي‪ ،‬ناصر بلعيد‪ ،‬كريم بنموسى‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪ - 436‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تضمنت التوصيات المنبثقة عن الندوة‪ -‬المنظمة من قبل المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط بشراكة مع مركز‬
‫تونس للمصالحة والتحكيم وبتعاون مع وزارة العدل والغرفة الوطنية للتوثيق العصري وجهة الرباط سال زمور زعير‪ -‬حول تنفيذ أحكام‬
‫التحكيم‪ :‬الصعوبات والحلول" يومي ‪ 28‬و ‪ 29‬ماي ‪ 2010‬بالرباط‪ ،‬التوصية المتعلقة بإعادة النظر في الفصل ‪ 327 -46‬من القانون ‪-05‬‬
‫‪ 08‬وذلك باالقتصار فقط على النظام العام الدولي‪ ( .‬أشغال هذه الندوة منشورة في المجلة المغربية للوساطة والتحكيم عدد ‪ 5‬سنة ‪.)2011‬‬
‫‪147‬‬
‫ومصالح الدولة‬ ‫‪437‬‬
‫تعلق األمر بعقود دولية وذلك من أجل خلق نوع من التوازن بين مصالح التحكيم‬

‫المغربية في الجانب المتعلق بالتنمية االقتصادية وذلك باستحضار آثار الرفض على االستثمار‪.438‬‬

‫أن الصواب هو النظام العام للمملكة المغربية أي النظام‬ ‫‪439‬‬


‫في حين يرى جانب آخر من الفقه‬

‫الع ام الوط ني وذل ك انس جاما م ع موق ف المش رع المص ري‪ ،‬وحس ما لم ا يمكن أن يث ار في ه ذا الص دد‬

‫يعل و على النظ ام الع ام للملك ة المغربي ة عن دما يتعل ق األم ر بتج ارة‬ ‫‪440‬‬
‫ح ول وج ود نظ ام ع ام دولي‬

‫‪ - 437‬من بين هذه المصالح التنسيق بين مختلف األنظمة القانونية المختلفة ومراعاة حاجيات التجارة الدولية‪.‬‬
‫‪ -438‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫‪ -439‬موالي لكبير الصوصي العلوي موالي لكبير الصوصي العلوي ‪ "،‬طرق الطعن المرتبطة بالمقررات التحكيمية التجارية في القانون المغربي‬
‫والمقارن"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.188‬‬
‫‪ -440‬لقد سارعت معظم الدول إلى االن دماج في المنظوم ة االقتصادية الدولي ة‪ ،‬مما حتم عليه ا التخلي عن جملة من الخصوصيات والقيود التي‬
‫تعيق التحكيم التجاري‪.‬‬
‫وظهر بذلك ما يسمى بالقواعد الموضوعية للتجارة الدولي ة كنظام قانوني خاص بالتجارة الدولي ة‪ ،‬والتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬وكان ال بد له ذا‬
‫القانون من نظام عام حمائي تجلى في النظام العام عبر الدولي أو أي تسمية أخرى اختارها الفقهاء والمناصرين لهذا الطرح‪.‬‬
‫وقد ث ار جدل حول وجود نظام عام عبر دولي يمكن ه أن يحقق الحماي ة لمصالح التجارة الدولي ة‪ ،‬وم رد هذا الجدل أساس ا هو االختالف حول‬
‫وج ود نظ ام ق انوني للتج ارة الدولي ة‪ ،‬والنظ رة التقليدي ة لبعض الفقه اء لمفه وم النظ ام الق انوني ال ذي ال يتص ور في نظ رهم إال في إط ار الدول ة‪،‬‬
‫جعلتهم يدافعون على أطروحة نظرية تتمثل في عدم وجود نظام قانوني للتجارة الدولية‪ ،‬وبذلك فإنه في نظرهم ال يمكن تصور وجود نظام عام‬
‫إال إذا كان مرتبط بالنظام القانوني للدولة‪ .‬كما أن وجود هذا النظام العام عبر الدولي كان نتيجة للتطور وازدهار التجارة الدولية‪ ،‬وحاجتها إلى‬
‫االس تقاللية وتج اوز الت أثيرات الس لبية للنظ ام الع ام الوط ني‪ ،‬خاص ة حينم ا يب نى على مص الح نظري ة غ ير جدي ة من ش أنها عرقل ة نم و وازده ار‬
‫التجارة الدولية‪ ،‬وقد كان لعمليات التجارة الدولية دورا فاعال في تأصيل وإ براز وجود هذا النظام العام عبر الدولي‪ ،‬وذلك من خالل آلية التحكيم‬
‫التجاري الدولي‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول موضوع" النظام العام عبر الدولي‪ :‬مفهومه‪ ،‬مصادره‪ ،‬الخالف حول وجوده ومدى سموه" أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬عبــد الرحمــان عاللي‪ "،‬ق انون اإلرادة في التحكيم"‪ ،‬موض وع بحث لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د‬
‫الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪ 147‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عبد السالم اإلدريسي‪ "،‬النظ ام الع ام في التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة ‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007 -2006‬‬
‫‪ -‬إياد محمود بردان‪ "،‬م س‪ ،‬ص ‪ 568‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬صوفية دينار ‪ "،‬السلطة التقديرية للمحكم الدولي إزاء القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪ 91‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪148‬‬
‫دولية‪ ،441‬بل هناك من ينظر إلى فكرة النظام العام نظرة حذر وارتياب‪ ،‬وأنه يقصد بها طمس الهوية‬

‫القومية للدول المراد تنفيذ الحكم فيها وبصفة خاصة الدول النامية‪.442‬‬

‫ف إذا الح ظ القاض ي الوط ني أن الحكم التحكيمي ال دولي ال يتع ارض في ش يء م ع النظ ام الع ام‬

‫المغربي‪ ،‬أصدر األمر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية إذا توفرت بقية الشروط األخرى‪ ،‬أما إذا تضمن‬

‫الحكم التحكيمي الدولي ما يخدش الشعور العام‪ ،‬أو يمس بالمقومات األساسية التي يرتكز عليها المشرع‬

‫المغربي‪ ،‬وجب عليه حينئذ رفض منح الصيغة التنفيذية‪.443‬‬

‫وإ ذا تطابق النظام العام الداخلي مع النظام العام الدولي فالتحكيم الدولي ال يثير مشكلة‪ .‬أما إذا‬

‫تعارضا فإن القاضي المغربي ال يملك تغليب األخير عن األول عند طلب تنفيذ حكم التحكيم الدولي في‬

‫بلده‪.444‬‬

‫وإ ذا ك ان اله دف األساس ي من فك رة النظ ام الع ام ه و حماي ة النظ ام الق انوني للدول ة وحماي ة‬

‫مص الحها العام ة‪ ،‬فإنن ا ن رى تط بيق ه ذه الفك رة في مج ال تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الدولي ة في أض يق‬

‫الح دود وتفس يرها تفس يرا يتماش ى م ع مس تلزمات الحف اظ على المب ادئ األساس ية للعدال ة واألخالق‬

‫وأن حكم التحكيم ال يعد‬ ‫‪445‬‬


‫ومصالح المجتمع العليا‪ ،‬وأال نربط عدم قابلية النزاع للتحكيم بالنظام العام‬

‫من جه ة‪ .‬وم ا‬ ‫‪446‬‬


‫مخالف ا للنظ ام الع ام إال إذا ك ان يمث ل خرق ا كب يرا للنظ ام الع ام وليس مج رد مالمس ته‬

‫‪ -441‬سرحان عبد اهلل المعمري ‪ "،‬الرقابة القضائية على مقررات التحكيم في القانون اليمني‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬س ال‪ ،‬الس نة الجامعي ة ‪-2007‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -442‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪ -443‬مصطفى هرندو‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -444‬رفعت محمد عبد المجيد‪ "،‬م س‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 445‬يالحظ أن االتجاه السائد اليوم يرمي بشكل واضح إلى توسيع مجال التحكيم عبر القبول بإمكانية البت عن طريقه في المسائل التي ترتبط‬
‫بشكل أو بآخر بالنظام العام‪ .‬وقد تم وفقا لهذا التوجه القبول في العديد من الدول بالفصل في النزاعات المتعلقة مثال بقوانين المنافسة وقوانين‬
‫اإلفالس وقوانين الملكية الفكرية عن طريق هذه اآللية‪.‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ -446‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.226‬‬
‫‪149‬‬
‫يتطلب ه مب دأ التع اون ال دولي وتقتض يه مص الح التج ارة الدولي ة من جه ة أخ رى‪ .‬ويبقى على القض اء‬

‫المغ ربي مراع اة ه اذين الج انبين مع ا ومحاول ة التوفي ق بينهم ا دون إف راط أو تفري ط‪ ،‬أي دون إه دار‬

‫حقوق األفراد الخاص ة التي تكرسها هذه األحكام‪ ،‬وكذلك دون التضحية بالمص الح العليا للدولة سواء‬

‫كانت هذه المصالح اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو خلقية‪.447‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إشكالية توحيد القواعد الموضوعية للتحكيم الدولي واالتفاقيات الدولية‬
‫‪-‬اتفاقية نيويورك نموذجا‪-448‬‬

‫إن اختالف الحلول المعمول بها في التشريعات الوطنية وتباينها في تنظيم المعامالت التجارية‬

‫الدولي ة من ش أنه إش اعة القل ق وع دم االس تقرار بين المتع املين في التج ارة الدولي ة‪ ،‬األم ر ال ذي ف رض‬

‫ضرورة توحيد الحلول القانونية المعمول بها في تنظيم العالقات التجارية الدولية‪ ،‬عن طريق إقرار أو‬

‫خلق أو تجميع الحلول الموضوعية التي من شأنها تقديم حلول قانونية تتالءم وطبيعة العالقة التجارية‬

‫الدولي ة‪ ،‬وذل ك لتوف ير ج و من الثق ة والطمأنين ة للعالق ات الخاص ة الدولي ة عموم ا والتجاري ة الدولي ة‬

‫خاصة‪.‬‬

‫‪ -447‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.267‬‬


‫‪ -448‬سيكون من المتعذر اإلشارة إلى كل االتفاقيات الدولية‪ ،‬ألنها ال تكاد تقع تحت الحصر‪ ،‬وتزداد يوما عن يوم خاصة وأن البعض يقدر عدد‬
‫االتفاقيات الثنائية المتعلقة بضمان وحماية االستثمار وحدها بما يفوق ‪ 1500‬اتفاقية أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬قراءة نقدية ألهم القرارات التحكيمية" عرض مقدم للندوة األولى المغربية التونسية بالرباط بتاريخ ‪ 3 -2‬ماي ‪2002‬‬
‫منشور بسلسلة مواضيع الساعة عدد ‪ ،41‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.103‬‬
‫‪150‬‬
‫من أهم الوس ائل الدولي ة نجاح ا في توحي د القواعد الموض وعية التي‬ ‫‪449‬‬
‫وتع د االتفاقي ات الدولي ة‬

‫تحكم العالقات التجارية الدولية‪ .‬ولذلك كان من الطبيعي أن تتجه الجهود الدولية إلى إبرام العديد من‬

‫االتفاقي ات الدولي ة بغي ة توحي د بعض األحك ام والقواع د المتعلق ة بمجموع ة من المع امالت الهام ة على‬

‫الص عيد ال دولي (كالنق ل‪ ،‬ال بيع‪ ،‬االس تثمار‪ ،)...‬وال تي من ش أن توحي دها الح د من العراقي ل القانوني ة‬

‫المتمثلة في اختالف النظم القانونية واختالف الحلول المعمول بها األمر الذي كان يقف حاجزا يحول‬

‫‪ -449‬تجدر اإلشارة إلى أنه بخصوص سمو االتفاقيات الدولية على القانون الداخلي فإننا نجد المشرع المغربي قد حسم هذه المسألة وذلك في‬
‫الفصل ‪ 327-39‬من قانون ‪ 08-05‬عندما نص على أنه "تطبق مقتضيات هذا الف رع على التحكيم الدولي دون اإلخالل بم ا ورد في االتفاقيات‬
‫الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية والمنشورة في الجريدة الرسمية"‬
‫واالتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب هي التالية‪:‬‬
‫‪" -‬اتفاقي ة نيوي ورك" المبرم ة في ‪ 10‬يوني و ‪ 1958‬بش أن االع تراف ب المقررات التحكيمي ة وتنفي ذها ال تي ق ررت اتخاذه ا اللجن ة االقتص ادية‬
‫واالجتماعي ة التابع ة لهيئ ة األمم المتح دة‪ ،‬وال تي ص ادق عليه ا المغ رب بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم ‪ 59.1.266‬بت اريخ ‪ 21‬ش عبان ‪1379‬‬
‫الموافق ل ‪ 19‬يناير ‪.1960‬‬
‫‪" -‬اتفاقية الهاي" المؤرخة في فاتح مارس ‪ ،1954‬والمتعلقة بالمسطرة المدنية‪ ،‬وقد تم االنخراط فيها بمقتضى ظهير رقم ‪ 67-645‬في شهر‬
‫رجب ‪ 1389‬الموافق ل ‪ 30/09/1969‬المنشورة بالجريدة الرسمية رقم ‪ 3011‬بتاريخ ‪.05/07/1970‬‬
‫‪" -‬اتفاقية البنك الدولي" لتسوية المنازعات االستثمارية بين الدول‪ ،‬ومواطني الدول األخرى المؤرخة في ‪.18/03/1965‬‬
‫‪" -‬اتفاقية واشنطن" التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 14/10/1966‬وصادق عليها المغرب بمقتضى مرسوم ملكي مؤرخ في ‪،1966-10-31‬‬
‫وأصبح دولة متعاقدة في هذه االتفاقية بتاريخ ‪ 10/06/1967‬ونشرت بالجريدة الرسمية المؤرخة في ‪.15/03/1966‬‬
‫هذا بخصوص االتفاقيات الدولية الغير العربية أما االتفاقيات العربية فهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪"-‬اتفاقي ة بإنش اء المؤسس ة العربي ة لض مان االس تثمار" ال تي وقعت في الك ويت بت اريخ ‪ ،27/05/1991‬وال تي انظم إليه ا المغ رب من ذ‬
‫‪ ،15/11/1995‬حيث أودع وثائق المصادقة عليها‪ ،‬والتي ينص ملحقها األول على مسطرة المفاوضات والتوفيق والتحكيم‪.‬‬
‫‪" -‬االتفاقي ة الموح دة الس تثمار رؤوس األم وال العربي ة" في ال دول الموقع ة بعم ان بت اريخ ‪ ،26/11/1980‬وال تي دخلت ح يز التنفي ذ بت اريخ‬
‫‪ ،07/09/1981‬وانضمت إليها جميع الدول العربية بما فيها المغرب باستثناء مصر وعمان والجزائ ر‪ ،‬والتي تنص المادة ‪ 25‬منها على تسوية‬
‫المنازعات الناشئة عن تطبيقها عن طريق التوفيق والتحكيم و اللجوء إلى محكمة االستثمار العربية التي يجب إنشاؤها لحين إنشاء محكمة الع دل‬
‫العربية‪ ،‬وتحديد اختصاصاتها‪ ،‬ويكون مقر محكمة االستثمار هذه في المقر الدائم لجامعة الدول العربية‪.‬‬
‫‪" -‬اتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية" الموقعة بتونس بتاريخ ‪ 1981-02-27‬التي صدر بشأنها قانون ‪ 11-82‬بالموافقة‬
‫على مب دأ المص ادقة‪ .‬وهي متمم ة لالتفاقي ة الموح دة الس تثمار رؤوس األم وال العربي ة في ال دول العربي ة‪ ،‬إذ يحي ل فص لها الراب ع بش أن تس وية‬
‫المنازعات على الفصل ‪ 6‬في االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األموال العربية‪.‬‬
‫‪" -‬اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي ‪ ،"1983‬وهي االتفاقية التي حلت محل االتفاقية العربية لتنفيذ األحكام الصادرة عن جامعة الدول‬
‫العربية لسنة ‪.1952‬‬
‫‪" -‬اتفاقي ة عم ان العربي ة للتحكيم التج اري"‪ ،‬وال تي ج رت ب األردن بت اريخ ‪ 04/04/1987‬وهي من األهمي ة بمك ان نظ را لمس ايرتها للتط ور‬
‫االقتصادي‪ ،‬ومواكبتها لما وصل إليه التحكيم التجاري الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬محمد رافع‪" ،‬اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر – دجنبر ‪ ،2008‬ص‬
‫‪ 28‬و‪.29‬‬
‫‪151‬‬
‫دون ازده ار التج ارة الدولي ة‪ .‬أض ف إلى ذل ك أن االتفاقي ات الدولي ة الموح دة للقواع د الموض وعية تع د‬

‫الوسيلة األكثر فعالية في مواكبة التطورات السريعة التي تعرفها الحياة التجارية الدولية‪.450‬‬

‫من أهم العوامل التي أسهمت بشكل كبير في التطور والتقدم الذي‬ ‫‪451‬‬
‫وتعتبر اتفاقية نيويورك‬

‫عرف ه التحكيم باعتب اره وس يلة لفض المنازع ات المرتبط ة بالتج ارة الدولي ة‪ ،‬وال تي تحت ل اآلن‬

‫الص دارة‪ ،452‬وتس تند في األص ل إلى مش روع أعدت ه غرف ة التج ارة الدولي ة وقدمت ه للمجلس االقتص ادي‬

‫واالجتماعي لمنظمة األمم المتحدة‪ ،‬وتم التوقيع عليها بعد انعقاد مؤتمر بمدينة نيويورك لهذا الغرض‬

‫بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪.454-4531958‬‬

‫وس عيا من واض عي "اتفاقي ة نيوي ورك" النض مام أك بر ع دد من ال دول إليه ا‪ ،‬وج دوا أنفس هم‬

‫مجبرين على مسايرة مختلف توجهات هذه األخيرة في مجال التحكيم‪ ،‬فخولوا للدول المتعاقدة إمكانية‬

‫األخذ بتحفظين في شأن تطبيق مقتضيات االتفاقية نصت عليهما الفقرة الثالثة من المادة األولى‪ ،‬يتمثل‬

‫أولهم ا في إمكاني ة تص ريح الدول ة بأنه ا س تطبق االتفاقي ة على النزاع ات الناش ئة عن العالق ات القانوني ة‬

‫التعاقدية أو غير التعاقدية المعتبرة بمثابة نزاعات تجارية بموجب قانونها الوطني فقط‪.455‬‬

‫‪ -450‬عبد السالم اإلدريسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32‬‬


‫‪ - 451‬حلت اتفاقية نيويورك محل اتفاقية جنيف السابقة‪ ،‬وتعتبر في الوقت الحاضر االتفاقية المعمول بها في شأن تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية‬
‫في مختلف البلدان‬
‫‪ -452‬عبـد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -453‬فضيلي أكدر ‪ " ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -454‬صادق عليها المغرب بموجب ظهير رقم ‪ 59‬ـ ‪ 1‬ـ ‪ 266‬المؤرخ ب ‪ 19‬يناير ‪ ،1960‬ج ر‪ 2473 :‬بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ ،1960‬ص ‪.637‬‬
‫‪ -455‬حيث رفضت محكمة باريس في قرار لها بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ ،1975‬االعتراف بمقرر تحكيمي أجنبي طبقا ألحكام اتفاقية نيويورك اعتبارا‬
‫لكون المقرر صدر بناءا على اتفاق تحكيم صدر في مادة غير تجارية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬فؤاد الصفريوي ‪ " ،‬نظام تنفيذ قرارات التحكيم في المغرب "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 215‬ـ ‪216‬‬
‫‪152‬‬
‫أم ا التحف ظ الث اني فيتمث ل في ش رط المعامل ة بالمث ل‪ ،456‬حيث س محت االتفاقي ة لل دول المتعاق دة‬

‫بالتحف ظ على تط بيق أحك ام االتفاقي ة في مواجه ة المق ررات التحكيمي ة الص ادرة عن دول غ ير‬

‫‪.‬‬ ‫متعاقدة‬
‫‪457‬‬

‫وق د أولت "اتفاقي ة نيوي ورك" اهتمام ا خاص ا بتنظيم المس ائل المتعلق ة باتف اق التحكيم فق د ج اءت‬

‫بتنظيم شامل للشروط الشكلية الواجب توافرها لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬وذلك عن طريق إيراد مجموعة‬

‫من القواعد الموضوعية الموحدة تضمنتها مادتها الثانية‪ .‬وبتوافر الشروط المنصوص عليها في المادة‬

‫المذكورة يترتب التزام على كافة الدول المتعاقدة باالعتراف باتفاق التحكيم وإ عماله وعدم االستناد في‬

‫شأنه إلى أية شروط أخرى يتضمنها قانونها الداخلي‪.458‬‬

‫لكن على خالف التوحي د ال ذي ج اءت ب ه ه ذه االتفاقي ة فيم ا يخص الش روط الش كلية التف اق‬

‫التحكيم فإنها لم تتوفق في الوصول إلى توحيد مماثل للقواعد المتعلقة بالشروط الموضوعية لهذا االتفاق‬

‫ولم تتضمن نصوصها أية قاعدة موضوعية موحدة في هذا الشأن‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إشكاليات تطرحها مسألة " اتفاق التحكيم" في اتفاقية نيويورك‬

‫نصت اتفاقية نيويورك في مادتها الثانية على أنه‪ " -1:‬تعترف كل دولة من الدول المتعاقدة "‬

‫باالتفاقية الكتابية" التي يتعهد فيها الفريقان بأنهم يعرضون على التحكيم جميع النزاعات أو البعض من‬

‫النزاعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما حول عالقة قانونية تعاقدية أو غير تعاقدية تشمل مسألة‬

‫يس وغ فص لها عن طري ق التحكيم‪ -2 .‬يقص د بعب ارة " اتفاقي ة كتابي ة" ش رط تحكيمي م درج في عق د أو‬

‫اتفاق تحكيمي يوقع عليهما الفريقان أو يتضمنهما تبادل رسائل أو برقيات"‪.‬‬

‫‪ -456‬فضيلي أكدر ‪ " ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -457‬بالنسبة للمغرب فقد وضع التحفظ التالي‪" :‬‬
‫أ‪ -‬اإلعالن ات والتحفظ ات‪ .‬لن تطب ق ه ذه الدول ة االتفاقي ة إال على االع تراف بق رارات التحكيم الص ادرة في أراض ي دول ة متعاق دة أخ رى وعلى‬
‫إنفاذ تلك القرارات"‬
‫‪ -458‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪153‬‬
‫والمالحظ أن اتفاقية نيويورك وإ ن كانت قد تناولت في مادتها الثانية اتفاقات التحكيم من حيث‬

‫االعتراف بها‪ ،‬وشروط صحتها وآثارها‪ ،‬إال أنها مع ذلك لم تتعرض لتحديد الضوابط المحددة لنطاق‬

‫تطبيقها على اتفاق ات التحكيم من حيث الموضوع‪ .‬وهذا من شأنه أن يثير التساؤل حول معرف ة ماهية‬

‫االتفاقات التحكيمية التي تنطبق عليها أحكام المادة الثانية من هذه االتفاقية‪.459‬‬

‫لكن المالح ظ ك ذلك أن ه ذه االتفاقي ة وإ ن لم تكن ق د ح ددت مج ال تطبيقه ا بالنس بة التفاق ات‬

‫التحكيم إال أنها عملت على تحديد هذا المجال بالنسبة لقرارات التحكيم‪ ،‬حيث اعتمدت في ذلك معيارين‬

‫أحدهما جغرافي والثاني قانوني‪ .460‬فهل يمكن القول أن هذه االتفاقية قد عمدت ضمنيا إلى تمديد ذات‬

‫المع ايير ال واردة في ش أن تحدي د ص فة ق رارات التحكيم إلى اتفاق ات التحكيم ك ذلك‪ .‬أم أن س كوتها يفي د‬

‫بوج وب إطالق تط بيق أحك ام الم ادة الثاني ة على كاف ة اتفاق ات التحكيم كيفم ا ك انت ص فتها وح تى ول و‬

‫ك انت س تؤدي في النهاي ة إلى ص دور ق رارات تحكيمي ة غ ير خاض عة لمج ال تط بيق االتفاقي ة‪ .‬أم يمكن‬

‫القول بأن االتفاقية أمام صعوبة اتخاذ موقف موحد من هذه المسألة‪ ،‬قد تركت للسلطات المختصة في‬

‫كل دولة متعاقدة تحديد صفة اتفاق التحكيم حسب ما تشير إليه الضوابط المعتمدة في قانونها الوطني؟‬

‫ب الرجوع إلى األعم ال التحض يرية ال تي واكبت وض ع نص الم ادة الثاني ة من االتفاقي ة وخاص ة‬

‫البروتوكول الذي كان يتضمن مشروع هذه المادة‪ ،‬يالحظ أن هذا المشروع كان ينص بصورة ص حيحة‬

‫على أن نصوص ه تس ري على اتفاق ات التحكيم ال تي ت ؤدي إلى ص دور ق رارات تحكيمي ة خاض عة‬

‫‪ -459‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.103‬‬


‫‪ - 460‬المعيار الجغرافي هو الذي يعتد بمكان صدور القرار فيكون قرار التحكيم أجنبيا متى كان صادرا في بلد أجنبي‪ ،‬أما المعيار القانوني يعتمد‬
‫قانون اإلجراءات الذي صدر بمقتضاه القرار‪ ،‬فيكون قرار التحكيم أجنبيا متى كان صادرا وفق إجراءات يحكمها قانون أجنبي‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬هشام علي صادق ‪ "،‬تنازع االختصاص القضائي الدولي"‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،1972‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -‬علي المزغني ‪ "،‬تنفيذ القرارات التحكيمية األجنبية في القانون التونسي"‪ ،‬المجلة القانونية التونسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية واالقتصادية‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -‬عكاشة محمد عبد ‪ "،‬اإلجراءات المدنية والتجارية‪ ،‬االختصاص القضائي الدولي‪ ،‬القانون الواجب التطبيق‪ ،‬تنفيذ األحكام األجنبية"‪ ،‬مكتبة سعيد‬
‫رأفت‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬سنة ‪ ،1985 -1984‬ص ‪.280‬‬
‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 64‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫لالتفاقي ة‪ .‬إال أن ال بروتوكول ظ ل مح ل خالف بين الم ؤتمرين إلى أن اتخ ذ ص يغته النهائي ة في نص‬

‫الم ادة الثاني ة‪ .‬وبإلغ اء ه ذا ال بروتوكول ث ار التس اؤل من جدي د ح ول طبيع ة االتفاق ات التحكيمي ة ال تي‬

‫تعنيها المادة الثانية من هذه االتفاقية‪.‬‬

‫إنه مما ال شك فيه أن اتفاق التحكيم الخاضع ألحكام المادة الثانية يجب أن يكون أجنبيا‪ ،‬إذ ال‬

‫معنى للقول بتطبيق مقتضيات هذه المادة على اتفاقات تحكيمية وطنية كما لو كان االتفاق معقودا بين‬

‫وطن يين‪ ،‬ويقض ي ب إجراء تحكيم في ال داخل‪ ،‬وب التطبيق للق انون الوط ني‪ .‬ومن ثم فإن ه ول و في غي اب‬

‫إشارة تتضمنها االتفاقية في هذا الشأن يجب القول أن التنظيم الذي جاءت به اتفاقية نيويورك يستهدف‬

‫أساس ا معالج ة اتفاق ات التحكيم الص ادرة في مج ال عالق ات الق انون ال دولي الخ اص‪ ،‬وأن إعم ال قواعد‬

‫هذا القانون يقتضي وجوبا أن تكون العالقة موضوع التنظيم تتميز بوجود عنصر أجنبي‪.461‬‬

‫على مس توى آخ ر ف إن "اتفاقي ة نيوي ورك" أهملت تنظيم بعض المس ائل المتعلق ة بعناص ر اتف اق‬

‫التحكيم وهو ما سنحاول معالجته على الشكل التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قصور مقتضيات اتفاقية نيويورك في تنظيم مسالة "األهلية"‬

‫أكدت "اتفاقية نيويورك" على وجوب تحقق شرط األهلية عندما جعلت من بين أسباب رفض‬

‫االع تراف بق رار التحكيم األجن بي وتنفي ذه ك ون " أط راف االتف اق المنص وص علي ه في الم ادة الثاني ة‬

‫عديمي األهلية بموجب القانون الذي ينطبق عليهم‪.462" ...‬‬

‫فباس تقراء مقتض يات ه ذا النص يالح ظ أن "اتفاقي ة نيوي ورك" لم ت أت بتنظيم ش امل للمس ائل‬

‫المتعلقة باألهلية‪ ،‬كما أنها لم تورد أية قاعدة موضوعية في شأن تحديد القانون الذي على ضوئه يتم‬

‫‪ - 461‬للمزيد من التوسع حول موضوع‪ ":‬الضوابط التي يمكن اعتمادها لتحديد الصفة األجنبية التفاق التحكيم‪ ،‬والحلول التي اعتمدتها الدول‬
‫الموقعة على اتفاقية نيويورك في تحديدها التفاقات التحكيم الخاضعة لنطاق تطبيق أحكام االتفاقية"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬فؤاد الصفريوي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 101‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬فضيلي أكدر ‪ " ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح" م س‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -462‬المادة الخامسة ( ‪ -1‬أ) من االتفاقية‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫تقدير أهلية األطراف إلبرام اتفاق التحكيم وإ نما تركت ذلك لقواعد اإلسناد المقررة في التشريع الداخلي‬

‫لدولة التنفيذ‪.463‬‬

‫إن "اتفاقية نيويورك" لم تتناول هذه المسائل بالتنظيم إال بصفة عرضية األمر الذي يتحتم معه‬

‫الرجوع بشأن صحة هذه العناصر إلى التشريعات الداخلية للدول المتعاقدة‪.‬‬

‫على مس توى آخ ر يع اب على "اتفاقي ة نيوي ورك" أنه ا لم تح دد موقفه ا من مس ألة أهلي ة الدول ة‬

‫ومؤسس اتها العام ة إلب رام اتف اق التحكيم ولم تتخ ذ موقف ا حاس ما بش أن ه ذا الموض وع ‪ .464‬ولع ل ه ذا‬

‫الصمت الذي التزمته االتفاقية حيال هذه المسألة هو الذي دفع ببعض الدول أو بعض مؤسساتها العامة‬

‫إلى التملص من مسؤولياتها بالدفع بانعدام أهليتها إلبرام اتفاق التحكيم كما فعل المكتب الوطني للشاي‬

‫والسكر‪ ،‬عندما امتنع عن تنفيذ القرار التحكيمي الصادر في مواجهته بدعوى أنه شخص عام ال يملك‬

‫أهلية إبرام اتفاق التحكيم بحسب ما ينص عليه الفصل ‪ 306‬من قانون المسطرة المدنية‪ .465‬وكان حري‬

‫‪ -463‬يع رف فقه الق انون الدولي الخ اص قاعدة اإلس ناد بتعريف ات متش ابهة‪ ،‬فمنهم من يعرفه ا "بالقاعدة التي ترش د القاضي إلى الق انون الواجب‬
‫التط بيق على المراك ز القانوني ة ذات العنص ر األجن بي"‪ ،‬كم ا يعرفه ا البعض اآلخ ر بأنه ا "القواع د ال تي تك ون وظيفته ا األساس ية هي اإلش ارة أو‬
‫اإلسناد إلى قانون يتولى حل النزاع في العالقات ذات الطابع الدولي"‪.‬‬
‫وعرفها البعض اآلخر بأنها "القواعد التي تقوم بتحديد القانون األنسب واألجدر بحكم العالقة ذات الطابع الدولي والتي تتزاحم على حكمها أكثر‬
‫من قانون"‪.‬‬
‫أيضا هناك من عرفها بأنها "قواعد وطنية يضعها المشرع الوطني تشير إلى تطبيق القانون الواجب التطبيق في العالقات ذات العنصر األجنبي‬
‫هدفها تحقيق العدالة والمنفعة وال تصطدم بمصالح الدولة العليا أو السياسية"‪.‬‬
‫وقد عرفها آخرون بأنها "القواعد القانونية الوطنية المصدر أو الدولية أحيانا التي بواسطتها يسترشد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق من بين‬
‫الق وانين المتزاحم ة ويخت ار أكثره ا مالئم ة لحكم العالق ة الخاص ة الدولي ة المش وبة بعنص ر أجن بي بم ا يحق ق مص الحه االقتص ادية والسياس ية‬
‫واالجتماعية"‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪ :‬كريم مزعل شبي الساعدي‪" ،‬مفهوم قاعدة اإلسناد وخصائصها (دراسة مقارنة في تنازع القوانين)"‪ ،‬مجلة جامعة كربالء‪،‬‬
‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثالث عشر‪ ،‬دجنبر‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬البحوث اإلنسانية‪.‬‬
‫مقال منشور بموقع‪&http://www.iasj.net/iasj?func=fulltext :‬‬
‫‪ -464‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ "،‬م س‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪ -465‬تجدر اإلشارة أنه تم صدور قانون ‪ 08 -05‬يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وينص في‬
‫الفصل ‪ 310‬منه على ما يلي‪... " :‬بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 317‬أدناه‪ ،‬يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها‬
‫الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم ‪"...‬‬
‫راجع ما عرضنا له بخصوص موضوع التحكيم اإلداري في الفصل الثاني من هذا الباب‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫بهذه االتفاقية أن تضع في هذا الشأن قاعدة موضوعية تلزم كل الدول األعضاء وتغني عن اللجوء إلى‬

‫التشريع الداخلي للدولة المعنية لمعرفة ما إذا كان يجوز لها إبرام اتفاق التحكيم من عدم ذلك‪.466‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مسألة قابلية النزاع للتحكيم في اتفاقية نيويورك‬

‫يعاب على "اتفاقية نيويورك" إحالتها على التشريعات الداخلية للدول المتعاقدة بالنسبة للعديد من‬

‫المسائل‪ ،‬أهمها مسألة تحديد قابلي ة النزاع للتحكيم‪ ،467‬فهي لم تحدد المسائل التي تدخل في دائرة تلك‬

‫القابل ة للتحكيم‪ ،‬وي رى الس يد ‪ A. J. Van der Berg‬في مؤلف ه‪The new York Arbitration :‬‬

‫لم يقحم في‬ ‫‪468‬‬


‫‪ 1958 Convention of‬ب أن ه ذا الخص اص يرج ع باألس اس إلى ك ون ه ذا المقتض ى‬

‫االتفاقي ة إال في اللحظ ات األخ يرة ال تي س بقت توقيعه ا‪ .469‬فأم ام اس تحالة وص ول االتفاقي ة إلى تقري ر‬

‫قاعدة موضوعية تحدد فيها المسائل التي يجوز التحكيم بشأنها من تلك التي ال يجوز‪ ،‬اقتصرت على‬

‫تقرير الشرط تاركة تحديد مضمونه للتشريعات الداخلية للدول المتعاقدة‪.‬‬

‫وال يخفى على أح د م دى مغب ة ت رك المس ألة للتش ريعات الداخلي ة لل دول‪ ،‬إذ تس تطيع أي ة دول ة‬

‫تريد أن تقاطع مسطرة التحكيم أو تمتنع عن تنفيذ قرار صادر في مواجهتها أن تدفع بعدم قابلية النزاع‬

‫للتحكيم بحس ب قانونه ا الوط ني‪ .‬وبه ذا تس تطيع الته رب من مس ؤولياتها الدولي ة عن طري ق االحتم اء‬

‫وراء مقتضيات تشريعها الداخلي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلشكاالت التي تشوب حكم التحكيم في اتفاقية نيويورك‬

‫‪ -466‬سامية راشد ‪ "،‬التحكيم في العالقات الخاصة الدولية ‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬اتفاق التحكيم"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1984‬ص ‪.328‬‬
‫‪ -467‬للمزيد من التوسع حول موضوع " قابلية النزاع للتحكيم " المرجو النظر‪:‬‬
‫‪ -‬أمونير تقية‪ " ،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -468‬والمقصود هنا هما الفقرتان‪ :‬األولى والثانية من المادة الثانية‪ ،‬اللتان تنصان على ما يلي‪ 1" :‬ـ تعترف كل دولة متعاقدة باالتفاق المكتوب‬
‫ال ذي يل تزم بمقتض اه األط راف ب أن يخض عوا للتحكيم ك ل أو بعض المنازع ات الناش ئة أو التي ق د تنش أ بينهم بش أن موض وع من رواب ط الق انون‬
‫التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم‪.‬‬
‫‪ -2‬يقصد بـ " اتفاق مكتوب " شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من األطراف أو االتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو‬
‫البرقيات"‪.‬‬
‫‪ -469‬فضيلي أكدر ‪" ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪157‬‬
‫إذا ك انت الش روط الش كلية والموض وعية لص حة اتف اق التحكيم تخض ع للمقتض يات ال واردة في‬

‫تخض ع للمقتض يات ال واردة في الم ادة‬ ‫‪470‬‬


‫الم ادة الثاني ة من االتفاقي ة ف إن ش روط ص حة حكم التحكيم‬

‫الخامسة منها‪ . 471‬وباستعراض مقتضيات هذه المادة يتبين أن االتفاقية‪ ،‬قد جعلت المبدأ هو تنفيذ القرار‬

‫واالس تثناء ه و رفض ه ذا التنفي ذ إذا وج دت حال ة من الح االت المنص وص عليه ا في الم ادة الخامس ة‪.‬‬

‫وبناءا على ذلك فإن رفض االعتراف بقرار التحكيم أو تنفيذه في ظل هذه االتفاقية ال يمكن أن يستند‬

‫إال إلى أحد األسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة‪.‬‬

‫وعلى ال رغم من محاول ة االتفاقي ة وض ع تنظيم موح د وش امل لمختل ف المس ائل ال تي يطرحه ا‬

‫موضوع تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية إال أنها مع ذلك قد أغفلت بعض الجوانب في هذا التنظيم‪ ،‬هذا‬

‫ما سنحاول معالجته في الفقرات الموالية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم تمييز االتفاقية بين الحكم التحكيمي األجنبي والحكم التحكيمي الدولي‬

‫‪ -470‬نش ير إلى أن "اتفاقي ة نيوي ورك" لم ت أت بتعري ف " للمق رر التحكيمي ‪ "La sentence arbitrage‬غ ير أن ه من الواض ح ب أن مقتض ياتها ال‬
‫تطبق فقط على مقررات التحكيم الحر‪ ،‬بل أيضا على تلك الصادرة في إطار التحكيم المؤسساتي‪ ،‬وذلك ما يستفاد من الفقرة الثانية من المادة‬
‫األولى‪.‬‬
‫وق د ج اء في الفق رة الثاني ة من الم ادة األولى من اتفاقي ة نيوي ورك م ا يلي‪" :‬ويقص د ب " مق ررات المحكمين " ليس فق ط المق ررات الص ادرة من‬
‫محكمين معينين للفصل في حاالت محددة‪ ،‬بل أيضا المقررات الصادرة من هيئات تحكيم دائمة يحتكم إليها األطراف "‪.‬‬
‫‪ -471‬تنص المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك على ما يلي‪1 " :‬ـ ال يجوز رفض االعتراف بالمقرر وتنفيذه بناءا على طلب الخصم الذي يحتج‬
‫عليه بالمقرر إال إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها االعتراف والتنفيذ الدليل على‪:‬‬
‫أ ـ أن أطراف االتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي األهلية أو أن االتفاق المذكور غير صحيح‬
‫وفقا للقانون الذي أخضعه له األطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه المقرر‪.‬‬
‫ب ـ أن الخصم المطلوب تنفيذ المقرر عليه لم يعلن إعالنا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر‬
‫أن يقدم دفاعه‪.‬‬
‫ت ـ أن المق رر فص ل في ن زاع غ ير وارد في ش رط التحكيم أو في عق د التحكيم أو تج اوز ح دودهما فيم ا قض ى ب ه وم ع ذل ك يج وز االع تراف‬
‫وتنفيذ جزء من المقرر الخاضع أصال للتسوية بطريق التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء المقرر الغير متفق على حلها بهذا الطريق‪.‬‬
‫ث ـ أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه األطراف أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم االتفاق‪.‬‬
‫ج ـ أن المقرر لم يصبح ملزما للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد الذي فيه أو بموجب قانونه صدر المقرر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها االعتراف وتنفيذ مقرر المحكمين أن ترفض االعتراف والتنفيذ إذا تبين لها‪:‬‬
‫أ ـ أن قانون ذلك البلد ال يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم أو‬
‫ب ـ أن في االعتراف بمقرر المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫ولم تعر أي اهتمام‬ ‫‪472‬‬
‫اهتمت اتفاقية " نيويورك" بمعالجة موضوع تنفيذ قرار التحكيم األجنبي‬

‫لموضوع تنفيذ قرار التحكيم الدولي رغم أهميته ومكانته على صعيد التحكيم التجاري الدولي‪ .‬ومن ثم‬

‫أصبح التساؤل قائما عن مدى قابلية تطبيق مقتضيات هذه االتفاقية الخاصة بتنفيذ ق رار التحكيم األجن بي‬

‫على قرار التحكيم الدولي‪.473‬‬

‫نشير في هذا الصدد أن مشروع "اتفاقية نيويورك" كان يرمي في األصل إلى معالجة موضوع‬

‫االعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الدولية‪ .474‬إال أنه عند إعادة صياغة نصوص االتفاقية أبدت بعض‬

‫ال دول تحفظه ا في ش أن دولي ة ق رار التحكيم مم ا أدى ب المؤتمرين إلى اس تبدال لف ظ " الدولي ة" بلف ظ "‬

‫األجنبية"‪.475‬‬

‫واألصل أن هذه االتفاقية من حيث صياغتها تنصرف إلى تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية‪ .‬لكن‬

‫م ع ذل ك الش يء يح ول دون أن يش مل نط اق تطبيقه ا ك ذلك ق رارات التحكيم الدولي ة‪ .‬ذل ك وكم ا ي رى‬

‫بعض الفقه أن العبارات التي استعملتها هذه االتفاقية عبارات فضفاضة يمكنها أن تشمل حتى القرارات‬

‫التحكيمي ة األجنبي ة ب المفهوم الواس ع‪ ،‬مؤك دا على أن ه " ال يعلم حال ة لم تطب ق فيه ا االتفاقي ة ب دعوى أن‬

‫القرار موضوع البحث هو قرار ذو طابع دولي"‪ .‬وهو الرأي الذي يسانده كذلك الفقيه موتلسكي الذي‬

‫‪ - 472‬وهو ذلك القرار الذي يرتبط بدولة أجنبية معينة ‪ ،‬سواء كان هذا االرتباط جغرافيا يعتمد مكان صدور القرار‪ ،‬أو كان قانونيا يعتمد قانون‬
‫اإلجراءات الذي صدر بمقتضاه القرار‪.‬ويقابله القرار التحكيمي الوطني وهو الصادر في تحكيم تجتمع كل عناصره في دولة واحدة أو هو على‬
‫حد تعبير بعض الفقه ذلك الذي ال يستدعي تنفيذه تدخل قاضي أجنبي‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول أهمية التمييز بين صفتي الوطنية واألجنبية لقرار التحكيم‪ ،‬وللمعايير التي يمكن االستناد إليها في تحديد صفة ه ذا الف رار‬
‫يمكن الرجوع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 60‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 473‬وهو ذلك القرار الطليق الذي ال يستند إلى تشريع وطني معين وال يرتبط بدولة معينة وهذه الفكرة لقيت تشجيعا ومساندة من جانب فريق‬
‫من الفقه‪ ،‬كما لقيت في ذات الوقت معارضة شديدة ورفضا باتا من قبل فريق آخر‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول مواقف الفقه من فكرة قرار التحكيم الدولي وما لقيته هذه الفكرة من ت رحيب ومعارضة‪ ،‬وللوقوف على المعايير التي‬
‫يمكن االستناد عليها في تحديد الصفة الدولية لهذا القرار المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 70‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -474‬عبد اهلل درميش‪ " ،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية "‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪ -475‬محمد الوكيلي‪ " ،‬تحكيم البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار بين دولة وشخص خاص أجنبي"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،1982‬ص ‪(135‬هامش)‪.‬‬
‫‪159‬‬
‫ي رى أن ق رار التحكيم ال دولي يمكن أن يخض ع في تنفي ذه "التفاقي ة نيوي ورك"‪ ،‬ويأخ ذ حكم نظ ام ق رار‬

‫التحكيم األجنبي‪.476‬‬

‫إن االع تراف بوج ود ق رار التحكيم ال دولي أص بح في ال وقت الحاض ر أم را ال يجب إنك اره في‬

‫ظل التحكيمات الدولية‪ ،‬خصوصا عندما تجري هذه التحكيمات في إطار مؤسسات التحكيم ذات الطابع‬

‫الدولي وتسفر عن صدور قرارات تحكيم ليس لها ارتباط بأي نظام قانوني وطني‪ ،‬وال يمكن أن تحمل‬

‫ف إن‬ ‫‪477‬‬
‫جنس ية دول ة معين ة‪ .‬وه ذه الفك رة وإ ن ك انت ال زالت تلقى معارض ة من ج انب بعض الفقه اء‬

‫األم ر س ينتهي بهم إلى قبوله ا كم ا ه و الش أن بالنس بة لبعض المف اهيم الجدي دة ك التحكيم ال دولي والعق د‬

‫ال دولي وغيرهم ا‪ ،‬وال تي ك انت في الماض ي مح ل رفض وأص بحت في ال وقت الحاض ر من المس لمات‬

‫التي لم تعد قابلة ألي نقاش أو جدال‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم توضيح االتفاقية لمعنى إلزامية الحكم التحكيمي األجنبي‬

‫اشترطت "اتفاقية نيويورك" من أجل االعتراف بقرار التحكيم األجنبي وتنفيذه "أن يكون القرار‬

‫قد أصبح ملزما "‪ .478‬لكن االتفاقية لم توضح المقصود بتوافر الطابع اإللزامي في القرار األمر الذي‬

‫طرح عدة تساؤالت حول مدلول هذه العبارة‪.‬‬

‫فأمام غموض النص ذهب الفقه في تفسيره لعبارة "قرار إلزامي" أو "ملزم" الواردة في االتفاقية‬

‫إلى تفس يرات مختلف ة‪ .‬فهن اك اتج اه ي رى أن "اتفاقي ة نيوي ورك" تقص د به ذه العب ارة الق رارات ال تي‬

‫‪ -476‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ -477‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ - 478‬إن اقتضاء هذا الشرط الغرض منه ضمان قدر من االستقرار والثبات لألحكام والقرارات التحكيمية المراد تنفي ذها‪ ،‬وتجنب المفاجآت التي‬
‫قد تترتب على تعديلها أو إلغائها‪ .‬إذ ليس من المنطق تنفيذ حكم أو قرار تحكيمي في بلد أجنبي وهو غير قابل للتنفيذ في بلده األصلي‪ ،‬أو أن‬
‫يكتسب آثارا في بلد أجنبي هو فاقدها في بلده األصلي‪.‬‬
‫والمقصود بهذا الشرط كما يذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء هو أن يكون الحكم أو القرار قد اكتسب قوة الشيء المقضي به في البلد الذي صدر‬
‫فيه‪ ،‬وهو يكون على هذه الصورة متى صار غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية‪ .‬أما كونه ال يزال قابل للطعن فيه بأحد‬
‫طرق الطعن غير العادية فإن ذلك ال يمنع من اعتباره نهائيا وال يحول دون إمكانية االعتراف به وتنفيذه‪.‬‬
‫‪ -‬هشام علي صادق ‪ "،‬تنازع االختصاص القضائي الدولي"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1964‬‬
‫‪160‬‬
‫اكتسبت حجية الشيء المحكوم فيه‪ ،‬وهي تقابل القرارات التمهيدية التي ال تزال خاضعة لمختلف طرق‬

‫الطعن‪.479‬‬

‫وذهب اتج اه ث ان إلى أن المقص ود ب القرارات اإللزامي ة في إط ار "اتفاقي ة نيوي ورك" الق رارات‬

‫التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به‪ ،‬أي تلك التي لم تعد قابلة للطعن فيها بطرق الطعن العادية‪ .‬فلو‬

‫أن قرارا تحكيميا ال زال قابال لالستئناف فإنه ال يجوز تنفيذه إال بعد انتهاء ميعاد الطعن طبقا لقانون‬

‫البلد الذي صدر فيه‪ ،‬إذا كان قانون ذلك البلد يجيز الطعن في قرارات التحكيم ويحدد لذلك ميعادا‪.480‬‬

‫وذهب اتج اه ث الث من الفق ه إلى أن غم وض العب ارة ك ان مقص ودا من ج انب واض عي "اتفاقي ة‬

‫نيويورك"‪ ،‬وذلك حتى تتمكن كل دولة متعاقدة من إعطائها التفسير الذي يناسبها‪.481‬‬

‫أم ا القض اء فق د ح اول من جانب ه البحث عن تفس ير للمقص ود بإلزامي ة الق رار في ظ ل "اتفاقي ة‬

‫نيوي ورك" ف أعطى للعب ارة مفهوم ا يتماش ى ومقاص د ه ذه االتفاقي ة‪ ،‬حيث ص رح في أح د قرارات ه "يجب‬

‫اعتب ار ق رار التحكيم ملزم ا في مفه وم "اتفاقي ة نيوي ورك" م تى ك ان ص ادرا بص ورة ص حيحة ومس توفيا‬

‫لإلجراءات الضرورية التي تضفي عليه صبغة قرار تحكيمي يلزم األطراف بنفس القدر الذي يلزمهم‬

‫حكم القضاء"‪.482‬‬

‫فهذا التأويل الذي ذهب إليه القضاء ممثال في محكمة استئناف باريس اعتمد في تفسيره لعبارة‬

‫"ق رار إل زامي" على مس ألتين‪ :‬األولى أن ق رار التحكيم ال يعت بر ملزم ا لألط راف‪ ،‬إال إذا ك ان ص ادرا‬

‫بص ورة ص حيحة‪ .‬ويقص د بص حة الق رار من ه ذه الناحي ة اس تيفاؤه لكاف ة الش روط الجوهري ة ال تي ال‬

‫‪ -479‬ثروت حبيب ‪ "،‬دراسة في قانون التجارة الدولية"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1974‬‬
‫‪ -480‬إبراهيم أحمد إبراهيم ‪ "،‬التحكيم الدولي الخاص‪ ،‬طبيعته وصفته‪ ،‬القانون الواجب التطبيق‪،‬قواعد تحكيم هيئات التحكيم‪،‬تنفيذ أحكام التحكيم‬
‫األجنبية"‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة‪ ،1986 ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -481‬أحمد هندي‪ " ،‬التحكيم دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.253‬‬
‫‪ -482‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪,193‬‬
‫‪161‬‬
‫يتحق ق وج وده ب دون توافره ا‪ .‬والثاني ة أن يك ون الق رار مس توفيا عن د ص دوره كاف ة الش روط الش كلية‬

‫الضرورية التي تضفي عليه الطابع القضائي شأنه في ذلك شأن أي حكم صادر عن القضاء‪.‬‬

‫أن العب ارة ال تي اس تعملتها اتفاقي ة نيوي ورك من ك ون الق رار المطل وب‬ ‫‪483‬‬
‫ويعتق د بعض الفق ه‬

‫تنفيذه يشترط فيه أن يكون قد "أصبح ملزما لألطراف" هي عبارة غامضة وغير دقيقة‪ .484‬ذلك أن قرار‬

‫التحكيم يكون ملزما لألطراف مند اللحظة التي يصدر فيها‪ .‬فاإللزام عنصر من عناصر قرار التحكيم‪،‬‬

‫وهو في ذلك يماثل األحكام الصادرة عن القضاء ألنه حكم‪ .‬لذلك يرى أن تحديد معنى العبارة يرجع‬

‫فيه إلى روح نصوص االتفاقية والغاية التي وجدت من أجلها‪.‬‬

‫الفقــرة الثالثــة‪ :‬عــدم تحديــد االتفاقيــة لمســطرة موحــدة لالعــتراف بــالحكم التحكيمي األجنــبي‬

‫وتنفيذه‬

‫يؤاخ ذ على "اتفاقي ة نيوي ورك" كونه ا لم ترص د مس طرة موح دة لالع تراف بمق ررات التحكيم‬

‫األجنبي ة وتنفيذها بل ج اءت بمقتض يات فضفاض ة تحتمل أك ثر من تأوي ل‪ ،‬تض منتها مادته ا الثالث ة التي‬

‫أوجبت على ك ل دول ة متعاق دة أن تع ترف "بحجي ة مق رر التحكيم وت أمر بتنفي ذه طبق ا لقواع د المرافع ات‬

‫المتبع ة في اإلقليم المطل وب إلي ه التنفي ذ" وقض ت أيض ا ب أن " ال تف رض لالع تراف أو تنفي ذ مق ررات‬

‫المحكمين ال تي تطب ق عليه ا أحك ام االتفاقي ة الحالي ة ش روط أك ثر ش دة وال رس وم قض ائية أك ثر ارتفاع ا‬

‫بدرج ة ملحوظ ة من تل ك ال تي تف رض لالع تراف وتنفي ذ مق ررات المحكمين الوطن يين"‪ ،‬وب ذلك يمكن‬

‫اعتب ار الم ادة ‪ 3‬من االتفاقي ة متأك ا لتط بيق القواع د المس طرية الوطني ة المتعلق ة بتنفي ذ مق ررات التحكيم‬

‫األجنبي ة‪ ،‬وه ذا م ا يح ول بطبيع ة الح ال دون بل وغ الغ رض المنش ود من االتفاقي ة المتمث ل في توحي د‬

‫إجراءات تنفيذ مقررات التحكيم األجنبية على المستوى الدولي‪.485‬‬

‫‪ -483‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.192‬‬


‫‪ -484‬أحمد هندي‪ " ،‬التحكيم دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.253‬‬
‫‪ -485‬فضيلي أكدر ‪" ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪162‬‬
‫ونش ير إلى أن االتفاقي ة ق د م يزت بين مجموع تين من األس باب الموجب ة ل رفض االع تراف‬

‫بالمقرر التحكيمي وتذييله بالصيغة التنفيذية‪ ،‬حيث تضمنت الفقرة األولى من المادة الخامسة المجموعة‬

‫األولى التي يجب إثارتها من قبل الطرف صاحب المصلحة في عدم تنفيذ المقرر‪ ،‬بينما تضمنت الفقرة‬

‫الثانية من نفس المادة المجموعة الثانية التي يمكن إثارتها من طرف القاضي نفسه‪ .‬لكن تطبيق محتوى‬

‫هذه المادة لن يحجب اإلشكال المتمثل في أن تشريعات الدول المتعاقدة ومحاكمها ال تأخذ بنفس المفهوم‬

‫لموجبات رفض التنفيذ التي تضمنتها‪.487-486‬‬

‫ينض اف إلى م ا س بق أن "اتفاقي ة نيوي ورك" لم تتض من أي تنظيم لط رق الطعن ال تي يمكن‬

‫ممارس تها في مواجه ة ق رار التحكيم األجن بي‪ ،‬فهي لم تنظم دع وى البطالن ولم تتع رض للطعن‬

‫باالستئناف في أحكام المحكمين‪ ،488‬واكتفت بترك المسألة لما يقرره التشريع الداخلي لدولة التنفيذ في‬

‫هذا الشأن‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مقترحات فقهية بخصوص تحديث وتطوير اتفاقية نيويورك‬

‫إذا كانت اتفاقية نيويورك قد استهدفت وضع إطار قانوني موحد‪ ،‬تقتدي به الدول الملتزمة بهذه‬

‫االتفاقية لضمان فعالية تنفيذ أحكام التحكيم الدولية واالعتراف بها‪ ،‬إال أن هذه االتفاقية لم توفق إلى حد‬

‫ما في توحيد قواعد االعتراف والتنفيذ بأحكام التحكيم الدولية‪ ،‬بل إنها أصبحت متجاوزة مما يقتضي‬

‫تحيينها‪.489‬‬

‫‪ -486‬ومن موجبات التي ال تأخذ الدول بمفهوم موحد لها‪ ،‬نجد النظام العام‪.‬‬
‫‪ -487‬فضيلي أكدر ‪" ،‬اإلطار القانوني للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -488‬أحمد هندي‪ "،‬التحكيم دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ -489‬نهال اللواح ‪ "،‬القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬تقرير حول أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬ص ‪،4‬‬
‫منشور بالموقع اإللكتروني‪www.Maroc Arbitrage.com :‬‬
‫‪163‬‬
‫من يطلب إدخال تعديالت عملية على هذه االتفاقية‪ .‬فهي لم تكن منسجمة‬ ‫‪490‬‬
‫وهناك من الفقه‬

‫م ع نفس ها وغ ير متناس قة في بنوده ا ولم تحق ق األه داف المرج وة منه ا‪ ،‬والمتمثل ة في توف ير مع ايير‬

‫تشريعية مشتركة بشأن االعتراف باألحكام التحكيمية وتنفيذها وإ لزام األطراف بضمان ذلك‪.‬‬

‫مما يجعل هذه االتفاقية متجاوزة ويتعين إعادة النظر فيها وأن ذلك ممكن وضروري خصوصا‬

‫أن التحكيم ال دولي أص بح يلعب دورا كب يرا ومهم ا في التج ارة الدولي ة ويمكن تحقي ق ه ذا التغي ير من‬

‫خالل االتفاقية ذاتها‪.491‬‬

‫يعترف بهرم االتفاقية وشيخوختها وعدم مواكبتها ويقترح بعض‬ ‫‪492‬‬


‫وهناك جانبا آخر من الفقه‬

‫الحلول لتفادي هذا كله وهي كاآلتي‪:‬‬

‫وضع بروتوكول يجدد من االتفاقية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وضع قانون نموذجي جديد مكمل لالتفاقية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم اإللكتروني‬

‫يش هد الع الم تط ورا ه ائال ومتس ارعا في ع الم االتص االت‪ ،‬ح تى أن ه ذا التط ور يع د ث ورة‬

‫والتي بواسطتها بدأت تبرم العديد من الصفقات والعقود ولو عن‬ ‫‪493‬‬
‫صناعية تعرف بالثورة المعلوماتية‬

‫بعد‪ ،‬كما أصبحت تشكل عنصرا أساسيا في جميع األنشطة الحياتية التي نعيشها بل وأصبح اإلنسان‬

‫مرتبط ا به ذه التقني ة أش د االرتب اط س واء من خالل اتص االته أو تنقالت ه أو معامالت ه‪ .494‬فالمع امالت‬

‫‪Rev - arb‬‬ ‫‪. " L’exécution des sentences arbitrales dans le monde de demain " -jann°4 p 63 ,1998 ,. 490‬‬
‫‪.Paulsson‬‬
‫‪ -491‬عبد اللطيـف بولعلـف‪ "،‬فعالي ة بطالن الحكم التحكيمي ال دولي"‪ ،‬مق ال م أخوذ من منش ورات مجل ة الحق وق المغربي ة‪ ،‬الوس ائل الودي ة لفض‬
‫المنازعات‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 128‬و‪.129‬‬
‫‪492‬‬
‫‪- Philippe Fouchard," Suggestions pour accroitre l’efficacité internationale des sentences arbitrales ", Rev -‬‬
‫‪arb, n° 4 ; 1998 ; p 662 et 663.‬‬
‫‪ -493‬محمد أمين الرومي ‪ " ،‬النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -494‬رغم المم يزات العدي دة له ذه الث ورة‪ ،‬إال أن له ا جانب ا مظلم ا‪ .‬فلق د أث رت على االس تقرار االقتص ادي واالجتم اعي وس هلت االعت داء على‬
‫حريات األفراد وحقوقهم الشخصية والفكرية‪ ،‬كما تثير هذه الثورة عدم المساواة الفاحش بين الدول‪ ،‬أدى إلى تعرض الدول النامية لما يسمى‬
‫"باالس تعمار المعلوم اتي"‪ .‬راج ع عبــد الكــريم غــالي‪" ،‬ق انون المعلومي ات‪ :‬الحماي ة القانوني ة لإلنس ان من مخ اطر المعلومي ات"‪ ،‬أطروح ة لني ل‬
‫الدكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق أكدال – الرباط‪ 1995 ،‬ص ‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪164‬‬
‫التجاري ة في إط ار ث ورة االتص االت زاد حجمه ا وظه ر ن وع جدي د من التب ادل التج اري بين الب ائع‬

‫والمش تري من مختل ف دول الع الم‪ ،‬حيث وج دوا في ش بكة االتص االت – خصوص ا اإلن ترنت‪ -‬وس يلة‬

‫س هلة إلب رام عق ودهم على المس توى المحلي وال دولي‪ .‬فالب ائع انفتحت أمام ه آف اق جدي دة من التج ارة‬

‫والخ دمات بمج رد إنش اء موق ع على ش بكة اإلن ترنت‪ .495‬أو إنش اء عن وان إلك تروني‪ ،‬والمش تري انفتح‬

‫أمام ه المج ال للتعام ل م ع الب ائع في الس وق المحلي ة أو الدولي ة من خالل الش بكة العنكبوتي ة اإلن ترنت‬

‫لطلب السلع والخدمات دون الحاجة إلى الدخول في عالقة مباشرة مع البائع‪.‬‬

‫وق د أص بحت التج ارة اإللكتروني ة ظ اهرة جدي دة تأخ ذ مكانه ا يوم ا بع د ي وم في أط وار حياتن ا‬

‫اليومية نتيجة للتطور المتسارع للمبادالت اإللكترونية‪ ،496‬وخصوصا تبادل المعطيات المعلوماتية "‪Ech‬‬

‫‪ -495‬اإلن ترنت هي مجموع ة ش بكات وأجه زة الحاس ب اإللك تروني ال تي تتواج د في مختل ف دول الع الم‪ ،‬وتتص ل ببعض ها بواس طة أنظم ة‬
‫االتصاالت اإللكترونية التي تستخدم لنقل البيانات ‪ .IP / TCP Transmission control Protocol/Internet Protocol‬ويمكن ألي شخص‬
‫الدخول للشبكة‪ ،‬شرط التوفر على كمبيوتر مزود بجهاز ‪ Modem‬واشتراك لدى مقدم خدمة اإلنترنيت وخط تليفوني‪.‬‬
‫ويعتبر اإلنترنت أول مؤسسة عالمية ال يملكها أحد‪ ،‬وملكيتها مقسمة بين الدول والحكومات والجامعات والشركات والمؤسسات‪ .‬أما من يملك‬
‫الخدمات الرئيسية لإلنترنت فهو مقدم خدمة اإلنترنت ‪ ، Internet Server provider ISP‬ويدار اإلنترنت عن طريق‪:‬‬
‫‪ -‬مؤسسة بناء اإلنترنت‪ :‬وهي مكلفة بتكنولوجيا وهندسة اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬مؤسسة ‪ :ICANN‬مهمتها تحديد نظام إدارة أسماء مالك مواقع اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬إتحاد شبكة اإلنترنت‪ :‬يعمل من أجل تطوير وتعديل المعاهدات الدولية بما يتناسب وتطور تكنولوجيا اإلنترنت‪.‬‬
‫‪ -496‬من األم ور ال تي اختلفت عن دها وجه ات النظ ر محاول ة وض ع تعري ف للتج ارة اإللكتروني ة‪ .‬فعلى المس توى ال دولي نالح ظ أن الق انون‬
‫النم وذجي للتج ارة اإللكتروني ة (‪ )UNCITRAL‬لم يع رف التج ارة اإللكتروني ة واكتفى بتعري ف تب ادل المعلوم ات أو البيان ات اإللكتروني ة وال تي‬
‫تشمل التجارة اإللكترونية بنصه على أنه " يراد بمصطلح تبادل البيانات اإللكترونية نقل المعلومات إلكترونيا من حاسوب إلى اآلخر باستخدام‬
‫معيار متفقا عليه لتكوين المعلومات "‪.‬‬
‫كم ا عملت العدي د من التش ريعات العربي ة على تعري ف التج ارة اإللكتروني ة ض من نصوص ها‪ .‬فق د ع رف ق انون المب ادالت والتج ارة اإللكتروني ة‬
‫التونسي التجارة اإللكترونية في الفقرة الثانية من المادة الثانية من ه حيث جاء فيها بأن التجارة اإللكترونية هي" العمليات التجارية التي تتم عبر‬
‫المبادالت اإللكترونية" وعرف المبادالت اإللكترونية في الفقرة األولى من نفس المادة بأنها‪ ":‬المبادالت التي تتم باستعمال الوثائق اإللكترونية" أما‬
‫المشرع اإلماراتي فقد عرف التجارة اإللكتروني ة في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 2‬من قانون المع امالت والتجارة االلكترونية بأنه ا‪ ":‬المعامالت‬
‫التجارية التي تباشر بواسطة المراسالت اإللكترونية" فوفقا لهذا التعريف فإن التجارة اإللكترونية تشمل أي تعامل أو عقد أو اتفاق يتم إرساله‬
‫واستقباله بوسيلة إلكترونية سواء كانت هذه الوسيلة اإللكترونية متمثلة في الفاكس‪ ،‬أو اإلنترنت‪ ،‬أو غيرها من الوسائل اإللكترونية المتاحة في‬
‫الوقت الحالي أو التي قد تخترع مستقبال"‪.‬‬
‫أم ا ب الرجوع إلى مقتض يات الق انون المغ ربي رقم ‪ 53 – 05‬المتعل ق بالتب ادل اإللك تروني للمعطي ات القانوني ة فإنن ا نج دها ال تع رف التج ارة‬
‫اإللكترونية بهذا المصطلح ولكن مع ذلك فإن المادة األولى منه جاءت لتحدد مضامين هذا القانون‪ .‬ومن أهمها أن هذا القانون جاء ليحدد النظام‬
‫المطب ق على المعطي ات القانوني ة ال تي يتم تبادله ا بطريق ة إلكتروني ة ولع ل التج ارة اإللكتروني ة – باعتباره ا تق وم على تب ادل اإلرادات بش كل‬
‫إلكتروني – معنية في هذا الصدد‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول موضوع "تعريف التجارة اإللكترونية" أنظر‪:‬‬
‫‪165‬‬
‫‪ "ange de données informatisées‬بين المقاوالت وبين هذه األخيرة واإلدارة‪ ،‬إضافة إلى النجاح‬

‫المتزايد للطرق المبتكرة في تصريف المنتوجات‪ .‬ومع تطور اإلنترنت أخذت التجارة اإللكترونية أبعادا‬

‫جديدة والتي سمحت بشكل غير مسبوق بعولمة التجارة ورفع الحدود والتقليص من المصاريف‪.497‬‬

‫وإ ذا كانت التجارة اإللكترونية تسمح بتوزيع وتبادل البضائع والخدمات بشكل مرن‪ ،‬فإن تلك‬

‫المتعلق ة باالس تهالك تعت بر المج ال األفض ل له ذه التج ارة‪ .‬حيث بإمك ان المس تهلك اقتن اء م ا يش اء‬

‫إلكتروني ا‪ :‬م نزل س يارة ت ذاكر س فر ألبس ة أطعم ة تجه يزات‪ ،...‬باإلض افة إلى الحص ول على مجموع ة‬

‫من الخدمات اإلعالمية المالية أو القانونية وبعض الخدمات القابلة لالستهالك مباشرة من طرف الزبون‬

‫كاستعمال بنك المعلومات ‪.498‬‬

‫‪ -‬حس ــن الحف ــني‪"،‬التج ارة اإللكتروني ة في ال وطن الع ربي الف رص والتح ديات" ‪ ،‬سلس لة دراس ات اقتص ادية (‪ ،)6‬مرك ز الخليج للدراس ات‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ماي ‪ ،2002‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -‬فضيلي أكدر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -‬أحمد هندي‪ "،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.289‬‬
‫‪ -‬رأفت رضوان ‪ " ،‬عالم التجارة اإللكترونية" المنظمة العربية للتنمية اإلدارية بحوث ودراسات‪ ،‬القاهرة‪ ،1999 ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 497‬كما تتميز التجارة اإللكترونية بعدد من الخصائص تختلف فيها عن التجارة التقليدية منها‪:‬‬
‫‪ -‬اختفاء الوثائق الورقية في المعامالت التجارية اإللكترونية‪ :‬فالهدف من التجارة اإللكترونية هو "خلق مجتم ع المع امالت الالورقي ة"‪ ،‬أي إحالل‬
‫دعائم إلكترونية محل الدعائم الورقية وهو ما يعني االستغناء عن التعامل بالمستندات الورقية التقليدية ليحل محلها المستند اإللكتروني‪ ،‬وذلك بع د‬
‫أن تكش فت بعض س لبيات العم ل بتل ك المس تندات منه ا بطء حرك ة المس تندات الورقي ة‪ ،‬واحتم ال ت أخير إج راءات الجم ارك‪ ،‬وقابلي ة محفوظ ات‬
‫المستندات الورقية للتضخم وصعوبة تداولها‪.‬‬
‫‪ -‬تسليم المنتجات إلكترونيا‪ :‬فقد أتاحت شبكة اإلنترنت إمكانية تسليم بعض المنتجات إلكترونيا مثل‪ :‬برامج الحاسوب‪ ،‬التسجيالت الموسيقية‪،‬‬
‫الكتب‪ ،‬األبحاث والتقارير‪ ...‬إلخ‪ .‬أو تسليم الخدمات مثل‪ :‬االستشارات القانونية أو الطبية أو الهندسية‪.‬‬
‫‪ -‬غي اب العالق ة المباش رة بين األط راف المتعاق دة‪ :‬ففي عق ود التج ارة اإللكتروني ة ال يك ون هن اك مجلس للعق د م ادي‪ ،‬فمجلس العق د اإللك تروني‬
‫مجلس افتراضي فقد يكون البائع في مكان والمشتري يبعد عنه بآالف األميال‪ .‬وقد يختلف التوقيت الزمني بينهما بل قد يغيب العنصر البشري‬
‫تماما‪ ،‬وتقوم أجهزة الكمبيوتر بالتراسل اإللكتروني فيما بينها‪.‬‬
‫‪ -‬وجود الوس يط اإللك تروني‪ :‬فالوسيط اإللك تروني بين ط رفي التعاق د هو جه از الكم بيوتر والمتص ل بش بكة االتصاالت الدولي ة التي تق وم بنق ل‬
‫التعبير عن اإلرادة إلكترونيا لكل من الطرفين المتعاقدين في ذات اللحظة رغم انفصالهما مكانيا‪ .‬وعادة ما تصل الرسالة اإللكتروني ة في ذات‬
‫اللحظ ة إلى الط رف اآلخ ر إال إذا ح دث عط ل في الش بكة فق د ال تص ل الرس الة أو تص ل مغلوط ة أو غ ير مق روءة‪ ،‬وهن ا تث ار مس ؤولية مق دمي‬
‫الخدمات‪.‬‬
‫‪ -‬محمد لمسلك‪"،‬تس وية منازع ات التج ارة اإللكتروني ة‪ ،‬دراس ة في إط ار الق انون ال دولي الخ اص والق انون التج اري ال دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم‬
‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية بسال‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ -498‬فضيلي أكدر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪117‬‬
‫‪166‬‬
‫ولقد ساهمت خصائص التعاقد اإللكتروني – من حيث أنه يبرم دون التواجد المادي لألطراف‬

‫وباستخدام الوسائط اإللكترونية مع اتسامه بالطابع التجاري واالستهالكي وغالبا بالطابع الدولي ‪ -‬في‬

‫انتشاره وتوسع استخدامه فأصبح ال يقف عند حدود سياسية‪ ،‬أو جغرافية‪.‬‬

‫فك ان لظه ور المعطي ات القانوني ة الجدي دة من عالق ات تعاقدي ة ال يتم إبرامه ا في نط اق مك اني‬

‫محدد تأثير واسع تمثل في أهمية تبني وسائل تسوية للمنازعات تتناسب مع تلك المعطيات‪ ،‬فالحاجة‬

‫إلى تبني قواعد قانونية جديدة تتالءم مع هذا النوع من المعامالت القانونية أصبحت ضرورة مادامت‬

‫القواعد القانونية المتاحة وجدت واستقرت لتحمي معامالت تبرم وتنفذ ماديا‪ ،‬ما يجعلها عاجزة تماما‬

‫عن أن تمتد بحكمها لتشمل معامالت سمتها األساسية أنها إلكترونية تبرم وتنفذ إلكترونيا‪.‬‬

‫فإذا كان الوسط اإللكتروني المتمثل في شبكة اإلنترنت هو الوسيلة التي تستخدم إلبرام التعامل‬

‫اإللك تروني وتنفي ذه‪ ،‬ف إن فض أي ن زاع ينش أ عن ه ذا التعام ل ينبغي أن يحكم ب المنطق ذات ه من حيث‬

‫الوس يلة والوس ط‪ ،‬وهك ذا ظه ر التحكيم اإللك تروني بص ورة جدي دة متط ورة عن التحكيم في ش كله‬

‫الكالس يكي ومنس جمة م ع خصوص ية التعام ل وال نزاع في البيئ ة اإللكتروني ة‪ ،‬وال ذي أتبث فعاليت ه في‬

‫مجال التجارة اإللكترونية‪.499‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار ف إن الس ؤال ال ذي يط رح نفس ه ه ل التش ريعات الوطني ة – ومنه ا التش ريع‬

‫المغربي‪ -‬التي وضعت أصال لتنطبق على التحكيم التقليدي‪ ،‬تصلح للتطبيق على التحكيم اإللكتروني‪،‬‬

‫أم أن ه ذه القواع د تعج ز عن اس تيعاب المش اكل ال تي تتول د عن اس تخدام التقني ات الحديث ة في إج راء‬

‫‪ -499‬يتوجي سامية‪" ،‬التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬عرض مقدم في إطار الدراسة النظرية لمقياس‪ :‬التحكيم الدولي‪ ،‬جامعة محمد خيضر – بسكرة‪،-‬‬
‫ص ‪ .3‬أنظر الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://dc387.4shared.com/doc/hQ8fnnqf/Preview.html‬‬
‫‪167‬‬
‫التحكيم‪ ، 500‬فنكون عندئذ بحاجة إلى قواعد وتشريعات جديدة لحكم هذا النوع من التحكيم؟ وتزداد أهمية‬

‫هذا السؤال في ظل ندرة التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية التي تعالج مثل هذا الموضوع‪.501‬‬

‫ولمحاولة حل هذه اإلشكالية يكون من المناسب تقسيم هذا الفرع إلى خمس مطالب‪ ،‬نتناول في‬

‫(المطلب األول) تحديد ماهية التحكيم اإللكتروني مع التركيز على إيجابياته وسلبياته‪ .‬أما في (المطلب‬

‫الثاني) فسنخصصه للحديث عن العقبات التي يعرفها اتفاق التحكيم اإللكتروني‪ ،‬وسنتناول في (المطلب‬

‫الث الث) بعض المش اكل ال تي تواج ه هيئ ة التحكيم اإللك تروني‪ ،‬كم ا أنن ا سنس لط الض وء في (المطلب‬

‫الراب ع) على أهم اإلش كاليات ال تي يطرحه ا حكم التحكيم اإللك تروني‪ ،‬وأخ يرا وفي (المطلب الخ امس)‬

‫سنفرده للحديث عن المكانة التي يمكن أن يتبوأها مستقبال هذا الصنف من التحكيم‪.‬‬

‫ونود التنبيه منذ البداية أن هذه المشاكل أو الموضوعات لن نتناولها بمعزل عن أحكام وقواعد‬

‫التحكيم التقليدي‪ ،‬وإ نما سنأخذها في الحسبان وذلك لكي نبين مدى مالءمتها للوسائل اإللكترونية الحديث ة‬

‫التي يجري من خاللها وعلى ضوئها التحكيم اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ايجابيات وسلبيات التحكيم اإللكتروني‬

‫أص بحت التج ارة اإللكتروني ة تلعب دورا رئيس يا في المع امالت التجاري ة المحلي ة أو الدولي ة‬

‫وأض حت تش غل ح يزا هام ا في ش بكة اإلن ترنت‪ ،502‬ه ذه األخ يرة جعلت من تب ادل المعلوم ات أم را‬

‫ميسورا للغاية فصار باإلمكان بلوغ أي مكان في العالم عبر هذه الشبكة دونما داع لالنتقال المادي إليه‪.‬‬

‫‪ -500‬سامي عبد الباقي أبو صالح ‪ "،‬التحكيم التجاري اإللكتروني‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ - 501‬تجدر اإلشارة إلى أن التحكيم اإللكتروني يحكمه وينظمه مجموعة من االتفاقيات والقوانين الدولية أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية لعام ‪.1996‬‬
‫‪ -‬اتفاقية األمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات االلكترونية في العقود الدولية لعام ‪.2005‬‬
‫‪ -‬نظام تحكيم القاضي االفتراضي‪.‬‬
‫‪ -‬نظام مركز التحكيم والوساطة التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية‪.‬‬
‫بينما نجد المشرع المغربي لم ينظم التحكيم اإللكتروني بنصوص خاصة تتالئم مع طبيعته وتتفهم أسسه‪.‬‬
‫الدغمي عادل ‪"،‬التعاقد في التجارة اإللكترونية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬ ‫‪- 502‬‬
‫واالقتصادية و االجتماعية – المحمدية‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008 -2007‬ص ‪.1‬‬
‫‪168‬‬
‫وق د اس تغلت ه ذه اإلمكان ات الهائل ة للش بكة في مج االت مختلف ة أهمه ا إب رام المع امالت القانوني ة على‬

‫اختالفه ا مدني ة وتجاري ة وتنفي ذها أحيان ا‪ .‬ومن الب ديهي أن أي تعام ل ق انوني يحتم ل في إبرام ه وتنفي ذه‬

‫وانقض ائه أم رين‪ :‬أولهم ا أن يس ير ه ذا اإلب رام أو التنفي ذ أو االنقض اء س يرا طبيعي ا دونم ا ن زاع بين‬

‫الطرفين‪ .‬وثانيهما أن يثار نزاع بينهما حول أمر من هذه األمور‪ .‬وفي هذا الفرض الثاني يحتاج األمر‬

‫إلى وسيلة لفض النزاع بين الطرفين‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان التحكيم وس يلة ذات مزاي ا دعت الحاج ة إلى اعتماده ا في المع امالت التقليدي ة كونه ا‬

‫تحقق السرعة والسرية في حسم المنازعات خالفا لطريق القضاء الطويل العلني‪ ،‬فإن هذه المزايا تظهر‬

‫الحاج ة إليه ا بش كل أك ثر وض وحا إذا تعل ق األم ر بالمع امالت ال تي تك ون ش بكة المعلوم ات الدولي ة‬

‫اإلن ترنت وس يلة إلبرامه ا‪ ،‬ف إذا ث ار ن زاع بين الط رفين ف إن األم ر يس تلزم – تناس با م ع ه ذه الطبيع ة‪-‬‬

‫الس رعة في حس مه‪ .‬وه ذا م ا يجع ل للتحكيم أهمي ة خاص ة في مج ال المع امالت ال تي ت برم ع بر‬

‫اإلنترنت‪.503‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهم ايجابيات التحكيم اإللكتروني‬

‫إن الح ديث عن التحكيم اإللك تروني يع ني منظوم ة قانوني ة تختل ف في نش وئها وإ جراءاته ا‬

‫وطريقة مقرراتها عن التحكيم التقليدي الذي ينشأ باتفاق مكتوب وينتهي بحكم تحكيمي‪.‬‬

‫والتحكيم عامة هو عبارة عن نظام قانوني خاص يتفق فيه األطراف على عرض نزاعهم على‬

‫شخص أو عدة أشخاص يسندون إليهم مهمة تسوية النزاع الذي قد ينشأ أو نشأ بالفعل بينهم‪ ،‬بدال من‬

‫إخضاعه للمحاكم القضائية‪ .‬أما التحكيم اإللكتروني فإنه ال يختلف عن التحكيم العادي من حيث الجوهر‬

‫‪ -503‬آالء يعقوب النعيمي‪ "،‬اإلطار القانوني التفاق التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانوني ة‪ ،‬المجلد ‪ ،6‬العدد ‪،2‬‬
‫يونيو‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪ 205‬و ‪.206‬‬
‫هذه المجلة منشورة بموقع‪:‬‬
‫‪.http: //iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2010/01‬‬
‫‪169‬‬
‫وإ نما من حيث الوسيلة أو الطريقة التي يتم إجراء التحكيم بها‪ ،504‬حيث تتم بطريقة سمعية بصرية ع بر‬

‫ش بكة دولي ة مفتوح ة لالتص ال عن بع د دون الحاج ة إلى التق اء أط راف ال نزاع والمحكمين في مك ان‬

‫معين‪.505‬‬

‫ف التحكيم اإللك تروني ق د ينطل ق ويت داول بطريق ة رقمي ة دون االس تناد على دعام ة ورقي ة حيث‬

‫تتالءم هذه الطريقة الرقمية مع سرعة وتطور وسائل االتصال اإللكترونية (اإلنترنت)‪ ،‬مما ييسر عملية‬

‫التب ادل ال دولي‪ .‬عكس التقاض ي ال ذي يش مل مجموع ة من اإلج راءات في مختل ف االختصاص ات مم ا‬

‫يجع ل العملي ة أك ثر تعقي دا‪ ،‬عالوة على أن تع دد درج ات التقاض ي وبطء اإلج راءات ي ؤدي إلى زي ادة‬

‫التكلفة باإلضافة إلى عدم تجاوب القواعد الوطنية التي يطبقها القاضي مع متطلبات التجارة اإللكترونية‬

‫ال تي تتم يز بالس رعة‪ ،‬ه ذا باإلض افة إلى أن التحكيم اإللك تروني ال يس تلزم الوج ود الم ادي ألط راف‬

‫النزاع وانتقالهم إلى مكان آخر بعيدا عن مكان إقامتهم‪ .‬حيث يتم االستماع إليهم عبر وسائل االتصال‬

‫الحديثة عبر األقمار االصطناعية‪ .506‬كما أنه يتميز بسهولة الحصول على الحكم وذلك لسهولة وسرعة‬

‫تق ديم المس تندات المطلوب ة عن طري ق البري د اإللك تروني أومن خالل االتص ال المباش ر ب الخبراء على‬

‫عناوينهم اإللكترونية أو بتبادل الحديث معهم من خالل شبكة اإلنترنت‪.507‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أهم سلبيات التحكيم اإللكتروني‬

‫‪ -504‬الدغمي عادل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.117‬‬


‫‪ -505‬إلى ج انب عب ارة التحكيم اإللك تروني ت رد في المص نفات القانوني ة العربي ة اطالق ات أخ رى مث ل التحكيم الش بكي والمحكم ة اإللكتروني ة‬
‫والتحكيم المباش ر والقاض ي االفتراض ي محاول ة منه ا لترجم ة عب ارات ( ‪Cyber Arbitration, Cyber Tribunal, Arbitration on line,‬‬
‫‪ ), Virtual Magistrate‬وكلها في الحقيقة تدل على التحكيم اإللكتروني‪ ،‬فهو شبكي الرتباطه بالشبكة العالمية للمعلوماتية‪ ،‬وهو مباشر لكون‬
‫إجراءاته تتم بين أطرافه في نفس الوقت و لو لم يكونوا في نفس المكان من خالل خطوط االتصال‪ ،‬وهو افتراضي الرتباطه بذلك العالم غير‬
‫المادي‪ .‬لكن ذلك التعدد في المصطلحات يعكس درجة من عدم االستقرار في ترسيخ المفهوم‪.‬‬
‫‪ -506‬أحمد هندي‪ "،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ -507‬بشرى النبيه العلوي ‪" ،‬دور التحكيم اإللكتروني في االستثمار" الندوة الجهوية الرابعة بمحكمة االستئناف التجارية‪ ،‬الدار البيضاء‪19-18 ،‬‬
‫أبريل ‪ ،2007‬ص ‪.323‬‬
‫‪170‬‬
‫إذا ك ان التحكيم اإللك تروني يحق ق بعض المزاي ا ال تي ت دفع األط راف إلى اللج وء إلي ه لح ل‬
‫‪508‬‬
‫منازع اتهم‪ ،‬فإن ه ينط وي على بعض الس لبيات ال تي تجع ل المتع املين في مج ال التج ارة اإللكتروني ة‬

‫ولعل من أهم عيوبه ما يأتي‪:‬‬ ‫‪509‬‬


‫يحجمون عن تبنيه كطريق لوضع حد لمنازعاتهم‬

‫أوال‪ :‬الخشية من عدم سرية التحكيم‪:‬‬

‫يع د الحف اظ على س رية ال نزاع والفص ل في ه واح دا من ال دوافع المهم ة للج وء إلى التحكيم دون‬

‫القض اء‪ ،‬وال س يما فيم ا يتعل ق بالمنازع ات التجاري ة‪ ،‬إذ يح رص التج ار والمش روعات التجاري ة على‬

‫الحفاظ فيم ا يخص هم من أس رار تجارية خشية اس تغاللها من قبل المش روعات المنافس ة له ا‪ .‬وحيث إن‬

‫إجراءات التحكيم يمكن أن تكون سرية فتقتصر جلساته على أطراف النزاع دون غيرهم‪ ،‬خالفا للقضاء‬

‫الذي تكون فيه الجلسات علنية‪.510‬‬

‫وإ ذا كان األمر يصدق على التحكيم التقليدي فإن التحكيم اإللكتروني قد ال يحقق السرية المبتغاة‬

‫بالنس بة ذاته ا ال تي يحققه ا التحكيم التقلي دي‪ .511‬ويع ود الس بب في ذل ك إلى أن إج راءات التحكيم‬

‫اإللك تروني تتم ع بر اإلن ترنت‪ .512‬وه ذا الوس ط ق د يش كل تهدي دا لس رية التحكيم في أك ثر من ج انب‬

‫فإجراءات التحكيم تقتضي – رغبة في الحفاظ على السرية – أن يكون لكل طرف رقم سري يتيح له‬

‫وحده الدخول إلى الموقع الخاص بالقضية التي يجري التحكيم فيها‪ .‬فيلتقي بالمحكم أو بالطرف اآلخر‬

‫‪ - 508‬تواجه التجارة اإللكترونية العديد من المعيقات‪ ،‬التي أثرت في تطورها‪ ،‬ويرجع ذلك إلى التفاوت التقني الهائل بين الدول المتقدمة والنامي ة‪،‬‬
‫في مجال االتصاالت وتشمل هذه التحديات بعض التحديات القانونية والمشاكل التقنية والتكنولوجية والعقبات التجارية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عصام عبد الفتاح مطر ‪" ،‬التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ، 2009‬ص‬
‫‪.120‬‬
‫‪ -‬محمد أبو الهيجاء ‪"،‬عقود التجارة اإللكترونية"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬طبعة ‪ ،2005‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -‬بهاء شاهين ‪" ،‬العولمة والتجارة اإللكترونية ‪ -‬رؤية إسالمية"‪ ،‬الفاروق الحديثة للطباعة والنشر‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ -509‬عبد الخالق ثروت ‪" ،‬التحكيم التجاري اإللكتروني‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -510‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ -511‬حسن الحفني‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -512‬بشرى النبيه العلوي ‪ "،‬دور التحكيم اإللكتروني‪ ،‬الندوة الجهوية الرابعة‪ "،‬قضايا االستثمار والتحكيم من خالل توجهات المجلس األعلى"‪،‬‬
‫‪ 19 -18‬أبريل‪ ،2007 ،‬ص ‪.342‬‬
‫‪171‬‬
‫ويتمكن من الحص ول على الوث ائق والمس تندات المتعلق ة ب النزاع‪ .‬إال أن حص ول أط راف ال نزاع على‬

‫األرق ام الس رية‪ ،‬يتطلب ت دخل أش خاص آخ رين‪ ،‬ال عالق ة لهم ب النزاع لتيس ير حص ولهم على األرق ام‬

‫الس رية وه ؤالء األش خاص هم بطبيع ة الح ال من المختص ين فني ا به ذا الش أن‪ .‬وه ذا م ا يع ني عمال أن‬

‫معرف ة األرق ام الس رية لم تع د مقص ورة على أط راف ال نزاع وح دهم وه و م ا ق د يش كل تهدي دا لس رية‬

‫التحكيم‪.513‬‬

‫هذا من جه ة‪ ،‬أما من جه ة ثاني ة يواج ه اإلن ترنت والمعلوم ات المتاح ة عليها بش كل عام خطر‬

‫االخ تراق ممن يطل ق عليهم بالقراص نة والمخ ربين وهم أش خاص يجوب ون اإلن ترنت ويعترض ون‬

‫المعلوم ات الس رية‪ .514‬وق د ال يك ون ه دفهم من ه ذا إال التع رف على خصوص يات اآلخ رين إش باعا‬

‫للفضول مثلما يمكن أن يكون هدفهم أخطر من ذلك‪ ،‬كأن يتمثل بسلب أموال الغير بإجراء تحويل غير‬

‫مشروع لألموال‪ ،‬بعد التعرف على أرقام بطاقات االئتمان السرية‪ .‬فإذا كانت هذه المعلومات خاصة‬

‫ب نزاع مع روض على تحكيم إلك تروني ف إن اختراقه ا يش كل بال ش ك تهدي دا لس رية التحكيم وأس رار‬

‫التجارة في إطار التحكيم‪.515‬‬

‫وعلى ال رغم من أن ع دم ض مان الس رية بش كل كام ل يش كل تهدي دا حقيقي ا للتحكيم اإللك تروني‬

‫ودوره كأسلوب لحل المنازعات‪ ،‬فإن من الممكن تالفي هذه المشكلة بجانبيها فتدخل أشخاص من أهل‬

‫الخبرة إلعداد األرقام السرية يمكن أن يصحبه تضمين العقد معهم شرطا بالمحافظة على السرية فيتعهد‬

‫هؤالء بموجب التزام عقدي بعدم إساءة استعمال األرقام السرية‪ ،‬التي يعدونها وعدم نشر أي معلومات‬

‫‪ -513‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ "،‬التحكيم بواسطة االنترنت"‪ ،‬الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -514‬تجدر اإلشارة إلى أن هناك فيروسات ك ‪ w22 ,RIDCODE, NINDA‬كلفت مليارات الدوالرات ودمرت أنظمة معلوماتية حكومية‬
‫وغير حكومية واخترقت أنظمة‪ :‬مثل نظام توليد الطاقة ‪ ، SQADA‬ونظام شركات الطيران ‪.SITA‬‬
‫‪ -‬خالد سعد زغلول‪ "،‬الحماية القانونية للتجارة اإللكترونية"‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،1‬السنة الخامسة والعشرون‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2000‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح بيومي حجازي ‪ "،‬الحماية القانونية للتجارة اإللكترونية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.88‬‬
‫‪ -515‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.215 – 214‬‬
‫‪172‬‬
‫يكون قد حصل عليها بسبب تدخله في عملية التحكيم باعتباره شخصا فنيا‪ .516‬أما الجانب الثاني المتعلق‬

‫ب اختراق المعلوم ات من القراص نة والمخ ربين فيمكن تالفي ه أيض ا باتخ اذ إج راءات تش فير البيان ات‬

‫المتعلقة بالتحكيم وتزويد المواقع التي تضم هذه البيانات ببرامج تحصنها من االختراق والتجسس‪.517‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدم مالءمة التشريعات الداخلية للتحكيم اإللكتروني‬

‫إن الق وانين ال تي تنظم التحكيم كأس لوب لفض المنازع ات تش ترط ش كلية معين ة إلب رام اتف اق‬

‫التحكيم‪ ،‬وش كلية معين ة إلص دار حكم التحكيم وش روط معين ة لتنفي ذ حكم التحكيم‪ ،518‬وق د يك ون من‬

‫المتع ذر اس تيفاء التحكيم االلك تروني لك ل م ا تتطلب ه تل ك القواع د من ش كليات وش روط‪ ،‬كونه ا قواع د‬

‫وض عت أص ال لتنظيم تحكيم ا تقلي ديا يتم بوس ائل وإ ج راءات تقليدي ة‪ ،‬وفي ه ذه الحال ة لن يك ون التحكيم‬

‫االلكتروني مجديا فعدم استيفائه للشروط والشكليات القانونية الالزمة يؤدي إلى عدم إمكانية تنفيذ حكم‬

‫المحكم‪.‬‬

‫ولتالفي ذلك يتعين أن يتدخل المشرع في الدول على اختالفها إلقرار قواعد جديدة بما ينسجم‬

‫م ع خصوص ية التحكيم االلك تروني مثلم ا فع ل بش أن القواع د ال تي تحكم التعام ل اإللك تروني‪ .‬فكم ا أن‬

‫التعامل عبر اإلنترنت صار حقيقة واقعة تستدعي وجود قواعد قانونية تواكبها وتالئمها‪ ،‬فإن التحكيم‬

‫االلكتروني بدوره صار وسيلة ال غنى عنها لفض المنازعات التي تثار بشأن التعامل عبر االنترنت‪،‬‬

‫وهو ما يستدعي وجود قواعد قانونية تنظمه وتالئمه‪.519‬‬

‫وفي هذا اإلطار تجدر اإلشارة إلى أن هذا النوع من التحكيم لم يلق بعد من المشرع المغربي‬

‫تحديد إطار قانوني ينظمه‪ ،‬بحيث نالحظ في قانون ‪ 08-05‬فراغا تشريعيا واضحا بخصوص التحكيم‬

‫االلكتروني باستثناء إشارة باهتة في المادة ‪ 313‬من هذا القانون‪ ،‬بشأن وسيلة إبرام اتفاق التحكيم س واء‬

‫‪ -516‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ ،‬م س‪.68 ،‬‬


‫‪ -517‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ -518‬محمد سليم العوا ‪ "،‬دراسات في قانون التحكيم المصري والمقارن"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -519‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪173‬‬
‫أب رم عن طري ق رس ائل متبادل ة أو اتص ال ب التلكس أو برقي ات أو أي ة وس يلة أخ رى من وس ائل‬

‫االتصال‪.520‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إشكاليات يطرحها "اتفاق التحكيم اإللكتروني"‬

‫يعرف اتفاق التحكيم عموما بأنه اتفاق بمقتضاه يتعهد األطراف بأن يتم الفصل في المنازعات‬

‫الناشئة بينهم والمحتمل نشوءها من خالل التحكيم‪.521‬‬

‫وعرفته المادة ‪ 7‬من الفقرة األولى من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته‬

‫لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي ‪ ،UNCITRAL‬بأن ه‪" :‬اتف اق بين ط رفين على أن يحي ل‬

‫جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينها بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية كانت‬

‫أو غير تعاقدية ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أو في صورة عقد‬

‫منفصل"‪.522‬‬

‫وقد عرفه المشرع المغربي في المادة ‪ 307‬في فقرتها األولى من ق‪.‬م‪.‬م بأنه‪":‬التزام األطراف‬

‫باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة‪ ،‬تعاقدية أو غير تعاقدية"‬

‫كم ا نج ده نص في الفق رة الثاني ة من نفس الم ادة على الص ور ال تي ق د يكتس يها اتف اق التحكيم‪ ،‬على‬

‫أنه‪":‬يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد التحكيم أو شرط التحكيم"‪.‬‬

‫إن النصوص المتقدمة بجملتها تتناول بالتحديد مفهوم اتفاق التحكيم على النحو الذي تتضح معه‬

‫ماهيته‪ .‬كما أنها تحدد في الوقت ذاته الصور التي يمكن أن يتم بها هذا االتفاق‪.‬‬

‫‪-520‬‬
‫أنظر المادة ‪ 313‬من قانون ‪.08 -05‬‬
‫‪ - 521‬للمزيد من التوسع حول موضوع " اتفاق التحكيم" أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد علي الزيادي ‪ "،‬اتفاق التحكيم التجاري"‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -522‬يتوجي سامية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 21‬أنظر أيضا‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد مخلوف ‪ "،‬اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.56‬‬
‫‪174‬‬
‫وال تختل ف طبيع ة اتف اق التحكيم اإللك تروني في ه ذه الناحي ة عن طبيع ة اتف اق التحكيم بص فة‬

‫عامة‪ .‬فاتفاق التحكيم اإللكتروني يعد بدوره تصرفا قانونيا من جانبين إال أن ما يميزه هو أنه يبرم ع بر‬

‫وسيلة إلكترونية‪.523‬‬

‫فمص طلح اتف اق التحكيم اإللك تروني ل ه معني ان‪ :‬األول ك ون أط راف ال نزاع اتفق وا على تس وية‬

‫ن زاعهم عن طري ق وس ائل التحكيم التقليدي ة ولكن التوص ل التف اق التحكيم تم عن طري ق الوس ائل‬

‫اإللكتروني ة‪ .‬والث اني ك ون أط راف ال نزاع اتفق وا على اللج وء إلى التحكيم لح ل خالف اتهم عن طري ق‬

‫استخدام وسائل تقنية حديثة‪.524‬‬

‫ف التحكيم اإللك تروني ش أنه ش أن التحكيم التقلي دي يب دأ باتف اق أط راف ال نزاع على اللج وء إلي ه‬

‫كوس يلة لفض ال نزاع‪ .‬فه و مب دئيا يعت بر الخط وة األولى في التحكيم وأس اس قيام ه وانتف اؤه يع ني انتف اء‬

‫التحكيم في ذات ه‪ .‬إال أن التحكيم اإللك تروني يتم يز عن التحكيم التقلي دي بالطبيع ة الخاص ة للوس ط ال ذي‬

‫يتم ع بره وه و الوس ط اإللك تروني ل ذا ف إن االتف اق في إط ار ه ذا الن وع من التحكيم ال يتم بالص يغة‬

‫التقليدية التفاق التحكيم‪ .‬فهو في الواقع اتفاق إلكتروني ومثل هذا األمر قد يثير تساؤالت قانونية عدة‬

‫من حيث م دى إمكاني ة تط بيق القواع د القانوني ة الخاص ة باتف اق التحكيم بص يغته التقليدي ة على اتف اق‬

‫التحكيم اإللكتروني وبالتالي مدى صحة هذا االتفاق وقوة إلزامه ألطرافه‪.525‬‬

‫وتع د اإلجاب ة عن ه ذه التس اؤالت أم را في غاي ة األهمي ة‪ .‬فالعقب ات القانوني ة ال تي تق ف أم ام‬

‫ت ؤدي إلى نتيج ة حتمي ة هي الع زوف عن اللج وء إلى التحكيم‬ ‫‪526‬‬
‫االع تراف باتف اق التحكيم اإللك تروني‬

‫‪ -523‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.219‬‬


‫‪ -524‬يتوجي سامية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -525‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -526‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أمينة خبابة‪ "،‬التحكيم اإللكتروني في التجارة اإللكترونية"‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬طبعة ‪.2014‬‬
‫‪ -‬خالد ممدوح إبراهيم ‪ "،‬التحكيم اإللكتروني في عقود التجارة الدولية"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪ -‬سامي عبد الباقي أبو صالح ‪ "،‬التحكيم الجاري اإللكتروني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬نسرين عبد الحميد نبيه‪ "،‬الجانب اإللكتروني للقانون التجاري"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪175‬‬
‫ويمكن ألي منهم ا أن يمتن ع عن‬ ‫‪527‬‬
‫اإللك تروني‪ ،‬طالم ا أن االتف اق علي ه ليس ل ه ق وة ملزم ة ألطراف ه‬

‫تطبيق ه دون أن يك ون للط رف اآلخ ر غط اء ق انوني يمكن ه من إجب ار الممتن ع عن تنفي ذ اتفاقهم ا‪ ،‬فه ذا‬

‫االتفاق ال وجود له في نظر القانون‪.‬‬

‫وحيث إن للتحكيم اإللك تروني مزاي ا ع دة تجعل ه من بين أفض ل الوس ائل لح ل المنازع ات ال تي‬

‫تث ار في إط ار عق ود التج ارة اإللكتروني ة‪ ،‬وحيث إن ه ذه األخ يرة ب اتت واقع ا ملموس ا ونس بتها ت زداد‬

‫باطراد‪ ،‬فإن من الضروري تشخيص العقبات القانونية التي يثيرها اتفاق التحكيم اإللكتروني ومحاولة‬

‫إيجاد الحلول القانونية لتخطيها‪.528‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القيمة القانونية التفاق التحكيم اإللكتروني‬

‫‪529‬‬
‫لقد أثير ج دل حول مش روعية اتفاق التحكيم الم برم إلكتروني ا ال س يما أن االتفاقي ات الدولي ة‬

‫لم تتفق على ضرورة تبني نظام موحد فيما يتعلق بكتابة اتفاق التحكيم‪ .‬لذلك هل‬ ‫‪530‬‬
‫والقوانين الوطنية‬

‫تع د الكتاب ة ركن ا من أرك ان اتف اق التحكيم أو مج رد وس يلة إلثبات ه؟ وه ل يع د اتف اق التحكيم الم برم‬

‫إلكترونيا اتفاقا مكتوبا؟‬

‫بالنسبة للتساؤل األول فقد اختلفت اآلراء بشأن اإلجابة عن ه حيث ذهب البعض إلى أن واضعي‬

‫هذه النصوص استلزموا كتابة اتفاق التحكيم على اعتبار أن هذه الكتابة تعد ركنا أساسيا لقيام االتفاق‬

‫على التحكيم يلزم وجودها للحديث عن وجود اتفاق تحكيم‪.531‬‬

‫‪ -527‬بشرى النبيه العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.342‬‬


‫‪ -528‬آالء يعقوب النعيمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -529‬من االتفاقية الدولية التي اشترطت كتابة اتفاق التحكيم‪ ،‬هناك المادة (‪ )7/2‬من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي المؤرخ في ‪21‬‬
‫يونيو ‪ ،1985‬والمادة (‪ )2‬من اتفاقية نيويورك المتعلقة باالعتراف وتنفيذ األحكام األجنبية لعام ‪.1958‬‬
‫‪ -530‬تنص بعض الدول في تشريعاتها على ضرورة الكتابة‪ ،‬من ذلك المادة (‪ )807‬من قانون المرافعات اإليطالي‪ ،‬والمادة (‪ )1027‬من الق انون‬
‫األلماني‪ ،‬والمادة (‪ )12‬من قانون التحكيم المصري لسنة ‪ ،1994‬والمادة (‪ )1043‬من قانون التحكيم الفرنسي في مجال التحكيم الداخلي‪ .‬وأبعد‬
‫من ذلك يشترط أحيانا أن يكون اتفاق التحكيم موثقا ومشهرا كما جاء في قانون المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -531‬عادل أبو هشيمة ‪ "،‬عقود خدمات المعلومات اإللكترونية في القانون الدولي الخاص"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.306‬‬
‫‪176‬‬
‫بالمقابل يرى البعض أن التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية استلزمت الكتابة ليس باعتبارها‬

‫ركنا لصحة اتفاق التحكيم بل هي وسيلة إلثبات مضمون االتفاق‪.532‬‬

‫أن ه ال يوج د م ا يمن ع من قب ول اتف اق التحكيم‬ ‫‪533‬‬


‫أم ا بالنس بة للتس اؤل الث اني ف يرى بعض الفق ه‬

‫بالوسائل اإللكترونية حيث يمكن لألطراف االتفاق على اللجوء للتحكيم من خالل تبادل رسائل البيانات‬

‫ألن مش رعي ال دول وواض عي االتفاقي ات الدولي ة ال ذين اس تلزموا الكتاب ة لم يش ترطوا ش كال خاص ا‬

‫لصياغتها أو طريقة لتدوينها فقد تكون هذه الكتابة خطية أو مطبوعة بأي وسيلة من وسائل االتصال‬

‫ل ذلك ال يوج د م ا يمن ع من أن تك ون الكتاب ة مح ررة على دعام ة إلكتروني ة طالم ا تحق ق نفس اله دف‪،‬‬

‫فالمهم أن يتم حفظ البيانات المتداولة إلكترونيا بحيث يمكن االحتفاظ بها والرجوع إليها عند النزاع دون‬

‫أن يطرأ عليها أي تعديل أو تحريف‪.‬‬

‫أخ ذت‬ ‫‪535‬‬


‫والتش ريعات الوطني ة‬ ‫‪534‬‬
‫وم ا ي دعم وجه ة نظ رهم أن العدي د من االتفاقي ات الدولي ة‬

‫ب المفهوم الواس ع للكتاب ة‪ ،‬كم ا أق ر به ذا المفه وم العدي د من األحك ام القض ائية ‪ .536‬ب ل إن الئح ة المحكم ة‬

‫اإللكتروني ة أق رت ص حة ش رط التحكيم ش ريطة أن تك ون المس تندات المعلوماتي ة المودع ة من ج انب‬

‫األطراف تقدم ضمانات جدية وكافية حتى يمكن االعتماد عليها‪.‬‬

‫‪ -532‬عصام عبد الفتاح مطر ‪" ،‬التجارة اإللكترونية في التشريعات العربية واألجنبية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪، 2009‬‬
‫ص ‪.155‬‬
‫‪ -533‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 67‬و ‪.68‬‬
‫‪ - 534‬بعد أن اشترطتا اتفاقيتا جنيف ونيويورك الكتابة لوجود شرط التحكيم‪ ،‬أقرتا مفهوما واسعا لها‪ ،‬بحيث يشمل إلى جانب الكتابة على الدعامة‬
‫الورقية‪ ،‬تلك التي تنتج عن استخدام وسائل االتصال الحديثة‪ .‬كما نصت المادة (‪ )7/2‬من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الصادر عن األمم‬
‫المتحدة في عام ‪ 1985‬على إمكانية إبرام اتفاق التحكيم من خالل وسائل االتصال الحديثة كالفاكس والبرقيات‪ ،‬ثم أشارت إلى أية وسيلة اتصال‬
‫أخرى يكشف عنها التطور التكنولوجي وتسمح بإثبات وجود اتفاق التحكيم‪ .‬هذا فضال عن المادة (‪ )6‬من القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية‬
‫والتي أعطت للوثيقة اإللكترونية نفس حجية الوثيقة المكتوبة‪.‬‬
‫‪ -535‬من ذلك‪ ،‬المادة (‪ )178‬من القانون السويسري للقانون الدولي الخاص‪ ،‬ومنها قانون التحكيم األلماني الصادر عام ‪ ،1997‬والمادة (‪)12/2‬‬
‫من قانون الحكيم المصري الصادر عام ‪ ،1994‬والمادة (‪ )4/2‬من قانون التحكيم التركي الصادر في ‪ 20‬يونيو ‪.2001‬‬
‫‪ -536‬لق د أق ر القضاء األم ريكي مش روعية ش رط التحكيم الموج ود في الش روط العام ة لعق د الترخيص الم برم إلكتروني ا‪ ،‬على اعتب ار أن الش رط‬
‫المبرم إلكترونيا يتماثل مع الشرط المبرم ب الطرق التقليدي ة ال ذي نصت علي ه الم ادة (‪ )2‬من ق انون التحكيم الفي درالي‪.‬أنظ ر محمد لمسلك‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.36‬‬
‫‪177‬‬
‫ويس تلزم قب ول ش رط التحكيم اإللك تروني س هولة وص ول المس تخدم إلي ه حيث رفض ت محكم ة‬

‫وهذا الشرط‬ ‫‪537‬‬


‫النقض الفرنسية أن ترتب أي أثر لشرط التحكيم إذا لم يستطع المستخدم الوصول إليه‬

‫أساسي في البيئة اإللكترونية‪.‬‬

‫والشك أن اختالف القوانين الوطنية في مسألة مدى تحقق شرط الكتابة في الرسائل اإللكترونية‬

‫من ش أنه أن يث ير العدي د من الص عوبات‪ ،‬في حال ة طلب تنفي ذ حكم التحكيم في بل د ال يأخ ذ بالتفس ير‬

‫إلى أن بعض المح اكم الوطني ة ال تي تأخ ذ بالتفس ير‬ ‫‪538‬‬


‫الواس ع لش رط الكتاب ة‪ .‬وتش ير وث ائق األونس ترال‬

‫الضيق لشرط كتابة شرط التحكيم تذهب إلى أن مقتضى الشرط ال يتحقق إال في عدة حاالت هي توقيع‬

‫الطرفين على الوثيقة الكتابية‪ ،‬وتبادل الرسائل بين الطرفين أي الرد على رسالة برسالة كتابية أخرى‪.‬‬

‫ونعتق د أن ه لن تث ار إش كالية في المغ رب مس تقبال بخص وص حجي ة اتف اق التحكيم اإللك تروني‬

‫حيث نج د الم ادة (‪ )313/2‬من ق انون ‪ ،08 – 05‬أخ ذت ب المفهوم الواس ع التف اق التحكيم وج اء فيه ا‬

‫"يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من األطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال‬

‫بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل االتصال والتي تعد بمثابة االتفاق تثبت وجوده(‪،")..‬‬

‫وه و م ا ي دل على اع تراف المش رع المغ ربي بمش روعية اس تخدام وس ائل االتص ال الحديث ة‪ -‬كالبري د‬

‫اإللكتروني‪ -‬في إبرام اتفاق التحكيم‪ ،‬وهي مرونة مقصودة من المشرع الغاية منها فسح المجال أمام‬

‫إمكاني ة إثب ات اتف اق التحكيم بك ل وس يلة يمكن الوث وق به ا والرك ون إليه ا‪ ،‬م ادامت ت ترك أث را كتابي ا‬

‫باإلمكان الرجوع إليه والتأكد من محتواه ومن نسبته إلى شخص معين دون آخر‪.539‬‬

‫‪ -537‬عادل أبو هشيمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.312‬‬


‫‪ -538‬وثيقة األونسترال المؤرخة ‪ 26/01/2000‬بشأن اشتراط كتابة بند التحكيم والتدابير التحفظية (النسخة العربية)‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -539‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪178‬‬
‫وه و م ا يتواف ق أيض ا م ع الق انون رقم ‪ 53 – 05‬والمتعل ق بالتب ادل اإللك تروني للمعطي ات‬

‫القانوني ة وال ذي أق ر مب دأ المعادل ة بين الوث ائق المح ررة على ال ورق وتل ك المع دة على دعام ة‬

‫وح دد اإلط ار الق انوني المطب ق على‬ ‫‪541‬‬


‫إلكتروني ة‪ ،540‬واع ترف بحجي ة التوقي ع اإللك تروني في اإلثب ات‬

‫العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة اإللكترونية‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن اتفاق األطراف على التحكيم يرتبط بتنازلهم نهائيا عن الرجوع إلى القض اء‬

‫الوطني بشأن موضوع النزاع المتفق على حله بالتحكيم‪ ،‬كما أن النصوص المتعلقة بالتحكيم تتطلب أن‬

‫يكون االتفاق موقعا ‪ signée‬وتوقيع األطراف مطلوب ألغراض حمائية باعتبار أن من وظائف التوقيع‬

‫بيان إرادة حقيقية في االرتباط بمضمون التصرف‪.‬‬

‫بالمقاب ل ف إن الض غط على األيقون ة ‪ en cliquant sur une icône‬بالموافق ة ‪ accepter‬أو‬

‫التوقيع اإللكتروني ال يعطي صورة واضحة عن اإلرادة‪ ،542‬عكس التوقيع اليدوي الذي يفيد بأن الموق ع‬

‫‪ -540‬ينص الفصل (‪ )417-1‬من القانون رقم ‪ 53.05‬على أنه‪ " :‬تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها‬
‫الوثيقة المحررة على الورق‪.‬‬
‫وتقب ل الوثيق ة المح ررة بش كل إلك تروني لإلثب ات‪ ،‬ش أنها في ذل ك ش أن الوثيق ة المح ررة على ال ورق‪ ،‬ش ريطة أن يك ون باإلمك ان التع رف بص فة‬
‫قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها"‪.‬‬
‫‪ -541‬تب اينت التعريف ات ال تي أعطيت للتوقي ع اإللك تروني ب اختالف الزاوي ة ال تي ينظ ر منه ا إلي ه‪ ،‬فهن اك من رك ز على التقني ات المس تخدمة في‬
‫إنجازه‪ ،‬بينما ركز البعض اآلخر على الوظائف التي ينبغي أن يقوم بها‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى التعريف الذي أوردته المادة ‪ 2‬من القانون ن النموذجي للتوقيعات اإللكترونية‪ ":‬بأنها بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة‬
‫بيان ات أو مض افة إليه ا أو مرتبط ة به ا منطقي ا‪ ،‬يج وز أن تس تخدم لتع يين هوي ة الموق ع بالنس بة إلى رس الة البيان ات ولبي ان موافق ة الموق ع على‬
‫المعلومات الواردة في رسالة البيانات"‪.‬‬
‫على أن هناك صور عديدة للتوقيع اإللكتروني منها‪:‬‬
‫‪ -‬التوقيع اليدوي االلكتروني‪.‬‬
‫‪ -‬التوقيع باستخدام الخواص الذاتية أو التوقيع البيومتري‬
‫‪ -‬التوقيع باستخدام البطاقة الممغنطة والرقم السري‬
‫‪ -‬التوقيع الرقمي‬
‫حول مفاهيم هذه التوقيعات ودرجة أمان كل منها ومدى استيفاءها لوظائف التوقيع بخط اليد‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الفتاح بيومي حجازي ‪ "،‬التوقيع االلكتروني في النظم القانونية المقارنة"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬ط ‪ 2005‬ص ‪ 23‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عزيز جواهري ‪ "،‬التوقيع االلكتروني واإلثبات"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪ ،2005 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -542‬رامي علوان ‪ "،‬التعبير عن اإلرادة عن طريق االنترنت واثبات التعاقد االلكتروني"‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ 26 ،4‬ديسمبر ‪ ،2002‬ص ‪.65‬‬
‫‪179‬‬
‫قرأ بدقة كل بنود االتفاق قبل أن يضع عليه بصمته‪ ،‬واألمر على خالف ذلك بالنسبة لمن يوافق على‬

‫اتفاق في الشكل اإللكتروني حيث تكون الشروط غالبا ممزوجة في تفاصيل االتفاق‪.543‬‬

‫وم ع ذل ك فيمكن التغلب على تل ك الص عوبات ب أن يتف ق األط راف على تأكي د القب ول بالض غطة‬

‫الثانية الدالة على الموافقة أو بأي إجراء آخر‪ ،‬مثل إرسال بريد إلكتروني ‪courrier électronique‬‬

‫مع تطلب إفادة باالستالم ‪ accusé de réception‬عند االقتضاء فكل ذلك يمكن أن يكشف عن وجود‬

‫الرضاء‪.544‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية تحديد مكان التحكيم اإللكتروني‬

‫من خالل اتف اق التحكيم يس تطيع األط راف تحدي د كاف ة المس ائل المتعلق ة ب التحكيم س واء من‬

‫الناحي ة اإلجرائي ة كأش خاص المحكمين أو ال وقت ال ذي تس تغرقه عملي ة التحكيم أو الق انون ال ذي يحكم‬

‫أو من الناحية الموضوعية كتحديد المسائل محل النزاع‪ ،‬أو من الناحية المكانية كالمكان‬ ‫‪545‬‬
‫اإلجراءات‬

‫الذي يرتبط به التحكيم‪.546‬‬

‫ومنها مكان وجود‬ ‫‪547‬‬


‫وهناك العديد من الطرق التي تساعد على تحديد مكان التحكيم االلكتروني‬

‫المحكم إال أن ه معي ار غير ك اف ح تى في التحكيم الع ادي‪ ،‬فه ل يجب االعت داد بمك ان وج ود المحكم في‬

‫بداية اإلجراء أو االعتداد بقانون موطنه أو محل إقامته فضال عن تعقد المشكلة حال تعدد المحكمين‪.‬‬

‫‪ -543‬تتص اعد المخ اطر عن دما يك ون هن اك اتف اق تحكيم م درجا بإحال ة إلى وثيق ة إلكتروني ة أي عن دما يتعين على األط راف الرج وع إلى عق ود‬
‫نموذجية تتضمن شرط التحكيم‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ " ،‬التحكيم التجاري الدولي والداخلي"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.258‬‬
‫‪ -‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -544‬بشار محمود دودين ‪" ،‬اإلطار القانوني للعقد المبرم عبر شبكة اإلنترنت"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -545‬أمينة خبابة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -546‬الختيار مكان التحكيم أهمي ة قصوى‪ ،‬إذ كثيرا م ا يتوقف عليه تعيين القانون المطبق على بعض مسائل التحكيم‪ ،‬كم ا يتوقف عليه أحيانا‬
‫تعيين جنسية القرار‪ ،‬والتحكيم ال يكون مفيدا إال إذا جرى في ظروف مالئمة للخصوم وفي مقدمتها إجراؤه في مكان مناسب‪.‬‬
‫‪ -547‬راجع هذه الطرق في كتاب‪:‬‬
‫‪ -‬محمد أمين الرومي‪" ،‬النظام القانون للتحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ، 2006‬ص ‪.103‬‬
‫‪180‬‬
‫كم ا أن ه ال يمكن االعتم اد على مك ان الترك يز الجغ رافي لمق دم الخدم ة ألن ه ق د يتع دد مق دموا الخ دمات‬

‫ويقع كل منهم في دولة مختلفة ومن الخطأ أن نؤسس قواعد قانونية على متغيرات إلكترونية‪.‬‬

‫كما ال يمكن األخذ بالحل الذي يفضل نظرية التحكيم الغير التوطيني ‪ délocalisé‬التي توجب‬

‫االعتراف لهذا التحكيم بالطابع غير التوطيني وغير الوطني ‪ dénationalisé‬وهو ما يعني عدم إسناد‬

‫ه ذا الن وع من التحكيم إلى ق انون مك ان التحكيم ويص عب قب ول ذل ك الح ل بالنس بة إلى المح اكم الوطني ة‬

‫وال يتوافق مع أحكام اتفاقية نيويورك‪.548‬‬

‫لذلك يبدو أن الحل األقرب إلى اإلقناع هو ترك الحرية الكاملة لألطراف والمحكمين في تحديد‬

‫مك ان افتراض ي للتحكيم‪ .‬ألن ذل ك يتف ق من جه ة م ع ع دم وج ود مق ر م ادي لبعض مراك ز التس وية‬

‫ونص‬ ‫‪550‬‬
‫ويتواف ق من جه ة أخ رى م ع الم ادة (‪ )14/1‬من الئح ة غرف ة التج ارة الدولي ة‬ ‫‪549‬‬
‫اإللكتروني ة‬

‫المادة (‪ )20/1‬من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي‪.551‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اإلشكاالت التي تواجه هيئة التحكيم اإللكتروني‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختيار المحكمين‬

‫يع د اختي ار المحكمين من األم ور المهم ة في عملي ة التحكيم‪ ،552‬حيث يوض ع األم ر بع د ه ذا‬

‫االختي ار في ي د المحكم أو المحكمين المخت ارين‪ .‬ويمكن لألط راف تع يين المحكمين س واء ب النص على‬

‫‪ -548‬أم ام تع ذر تحدي د مك ان التحكيم‪ ،‬يك ون من المش روع التس اؤل ح ول كيفي ة تحدي د القاض ي المختص إلس ناد التحكيم ومس اعدة األط راف‬
‫والمحكمين على تجاوز العراقيل اإلجرائية‪ ،‬وعن كيفية تحديد القضاء المختص بالنظر في الطعون الموجهة ضد الحكم التحكيمي‪.‬‬
‫‪ -549‬تذهب الئحة تحكيم المحكمة اإللكترونية ‪ cyber tribunal‬إلى األخذ بمعيار مكان موقع القضية على اإلنترنت ‪site de l’ affaire en‬‬
‫‪ ، cours‬حيث تذهب المادة (‪ )13/1‬من تلك الالئحة إلى أن‪ ":‬مقر المحكمة التحكيمية في إطار الالئحة الحالية يفهم بشكل حصري على أنه‬
‫مقر تحكيم بالمعنى القانوني‪ ،‬وال يتطلب وجود المحكم في مكان معين في أي مرحلة من مراحل اإلجراء"‪.‬‬
‫كما تقرر المادة (‪ )13/3‬أن‪ ":‬محكمة التحكيم تحدد مقر التحكيم آخذة في االعتبار ظروف القضية ورغبات األطراف"‪.‬‬
‫ويظهر أن هذا الحل أكثر تطابق مع الواقع ومع أعراف التجارة اإللكترونية‪ ،‬ال سيما أنه مكان محايد ليس له عالقة باألطراف‪.‬‬
‫محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -550‬تنص المادة (‪ ) 13‬من الئحة غرفة التجارة الدولية على أنه‪ ":‬تحدد المحكمة مكان التحكيم شريطة أال يكون األطراف قد حددوه"‪.‬‬
‫‪ -551‬تنص المادة (‪ )20/1‬من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على أنه‪ ":‬للطرفين حرية االتف اق على مك ان التحكيم‪ ،‬فإن لم يتفقا على‬
‫ذلك‪ ،‬تولت هيئة التحكيم تعيين هذا المكان‪ ،‬على أن تؤخذ في االعتبار ظروف القضية‪ ،‬بما في ذلك راحة الطرفين (‪.")...‬‬
‫‪ - 552‬راجع ما تمت دراسته بخصوص موضوع "الهيئة التحكيمية" في المبحث األول من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫تعيينهم في اتفاق التحكيم مباشرة أم باإلشارة إلى نظام تحكيم مؤسسي كغرفة التجارة الدولية بباريس أو‬

‫نظام المراكز اإللكترونية‪.‬‬

‫وجرى العمل على أن يقوم كل طرف باختيار محكم ويقوم المحكمان المختاران باختيار الثالث‪،‬‬

‫وق د يتم ه ذا االختي ار في اتف اق التحكيم أو بع د نش وء ال نزاع‪ .‬وعن دما يتف ق األط راف على اللج وء إلى‬

‫نظ ام تحكيم مؤسس ي ف إن ح ريتهم تك ون مقي دة في اختي ار المحكم‪ ،553‬حيت تنص الم ادة (‪ )8‬من الئح ة‬

‫تحكيم المحكمة اإللكترونية على أنه‪ ":‬محكمة التحكيم يتم تشكيلها بتسمية محكم وحيد أو ثالث محكمين‪،‬‬

‫واختي ار المحكمين وتحدي د ع ددهم تت واله الس كرتارية"‪ .‬بمع نى أن ه حيث يحي ل األط راف إلى القواع د‬

‫المنظمة للمراكز اإللكترونية فإن أمانة المركز هي التي تتولى تعيين أعضاء المحكمة‪.‬‬

‫وعلى خالف ذلك تأتي المادة (‪ )8/3‬من القواعد المنظمة لغرفة التجارة الدولية بباريس‪ ،‬والتي‬

‫تعطي لألف راد الحري ة في اختي ار المحكمين وال تعطي لمؤسس ة التحكيم ح ق الت دخل إال في حال ة ع دم‬

‫االتف اق (‪ ،)8/4‬وفي نفس االتج اه ت ذهب الم ادة (‪ )10/1‬من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري‬

‫الدولي‪.554‬‬

‫ومما ال شك فيه أن ثمة صعوبات يمكن أن تثور عندما يكون حياد المحكم أو استقالليته محل‬

‫شك‪ ،‬ويتعين والحال ما ذكر‪ ،‬إتباع إجراء معين غالبا ما ينص عليه في الئح ة هيئة التحكيم‪ .555‬ومن‬

‫ذلك ما تقرره الئحة غرفة التجارة الدولية بطريقة وقائية في المادة (‪ )7/2‬من أن المحكم قبل تسميته‬

‫أو مصادقته يوقع تصريحا باستقالله ويبلغ السكرتارية كتابة بالوقائع أو الظروف التي يمكن أن تؤثر‬

‫على استقالله‪.‬‬

‫‪ -553‬محمد أمين الرومي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،118‬وعادل أبو هشيمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪,317‬‬
‫‪ -554‬وتنص كذلك المادة ‪ 327-2‬من القانون رقم ‪ 08 -05‬على أنه‪ ":‬تتشكل الهيئة التحكيمية من محكم واحد أو عدة محكمين‪ ،‬تكون لألطراف‬
‫حرية تحديد إجراءات تعيينهم وعددهم إما في االتفاق التحكيمي وإ ما باالستناد إلى نظام التحكيم الموضوع للمؤسسة المختارة(‪.")...‬‬
‫‪ -555‬حسام الدين فتحي ناصف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪182‬‬
‫وال شك أن هذا اإلجراء يصعب إقراره بشأن التحكيم اإللكتروني في الحدود التي يقضي فيها‬

‫مثل هذا النوع من التحكيم من كتابة التصريح وتوقيعه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إجراءات المحاكمة أمام هيئة التحكيم اإللكتروني‬

‫يتم اختيار هيئة التحكيم من قبل األطراف‪ ،‬وقد يتفق األطراف على‬ ‫‪556‬‬
‫كما في التحكيم العادي‬

‫إحال ة ال نزاع إلى محكم ة تحكيم تت ولى اختي ار المحكمين‪ ،‬وتض اف إلى اتف اق األط راف قواع د خاص ة‬

‫ب التحكيم االلك تروني‪ ،‬لع ل أهمه ا كيفي ة التواص ل بين المتخاص مين والمحكمين عن بع د – ع بر ش بكة‬

‫االنترنت‪ -‬وكيفية تقديم المستندات االلكترونية‪.‬‬

‫ولتناول إجراءات التحكيم االلكتروني ارتأينا تقسيم هذه الفقرة إلى مسألتين‪ :‬أولهما كيفية عرض‬

‫النزاع في التحكيم االلكتروني‪ ،‬وثانيهما بدء إجراءات التحكيم االلكتروني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬اإلجراءات المتخذة لعرض النزاع على مركز للتحكيم اإللكتروني‬

‫ألهمي ة تنظيم عملي ة التحكيم دأبت مراك ز التحكيم عن بع د‪ ،‬على تنظيم س ير العملي ة بم ا يتواف ق م ع‬

‫يجب مراعاته ا وإ ال ك ان الفش ل مص ير ه ذه‬ ‫‪557‬‬


‫طبيع ة االن ترنت وم ا تتطلب ه من إج راءات خاص ة‬

‫من بين أهمها‪:‬‬ ‫‪558‬‬


‫اإلجراءات‪ ،‬لذلك فقد اتبعت مراكز التحكيم سلسلة من اإلجراءات‬

‫التوج ه لموق ع مرك ز التحكيم المعين على ش بكة االن ترنت والنق ر على المفت اح ليظه ر على الشاش ة‬ ‫‪-1‬‬

‫نموذج طلب التحكيم المعد سلفا من قبل المركز‪.‬‬

‫يجب أن يتضمن طلب التحكيم عدة بيانات تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -556‬أنظر الفصل ‪ 327 -2‬و ‪ 327 -4‬من قانون ‪.08 -05‬‬


‫‪ -557‬بشرى النبيه العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 329‬وما يليها‪.‬‬
‫‪558‬‬
‫‪- Caprioli," arbitrage et médiation dans le commerce électronique : L’expérience du cyber tribunal",‬‬
‫‪Rev.Arb, 1999, n 2, p 232 .‬‬
‫‪183‬‬
‫أس ماء األط راف بالكام ل وعن اوينهم البريدي ة واإللكتروني ة وطبيع ة أعم الهم وتحدي د وس يلة‬ ‫‪-‬‬

‫االتصال بهم (هاتف‪ ،‬فاكس‪ ،‬بريد إلكتروني)‪.559‬‬

‫وصف لطبيعة وظروف النزاع وأية حلول يراها مناسبة لحله‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تحديد عدد المحكمين(‪ )1،3،5‬وعند إغفال ذلك يعتبر قد اختار محكما وحيدا‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫اختي ار اإلج راءات المتبع ة خالل نظ ر ال نزاع‪ ،‬وبإغف ال ذل ك س يعد راض يا وموافق ا على‬ ‫‪-‬‬

‫اإلجراءات التي اعتمدها المحكم‪.560‬‬

‫إرفاق نسخة من اتفاق التحكيم للمركز‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫إعداد قائمة باألدلة والبيانات المستند إليهما في اإلدعاء وإ رفاقهما مع طلب التحكيم‪.561‬‬ ‫‪-‬‬

‫يتعين بعد ذلك أن يوجه المدعي إلى أمانة المركز طلب التحكيم وتقوم األمانة خالل خمسة أيام من‬ ‫‪-2‬‬

‫تاريخ تلقي الطلب بتحديد مدى دخول هذا الطلب في اختصاصها من عدمه‪.562‬‬

‫أداء الرسوم اإلدارية المحددة وفق جدول الرسوم‪.563‬‬ ‫‪-3‬‬

‫يبدأ تاريخ نظر النزاع باستالم المركز لطلب التحكيم‪ ،‬ليقوم عند ذلك المركز بإخطار المحتكم ض ده‬ ‫‪-4‬‬

‫باإلدع اء‪ .‬وهن ا ن رى اختالف ا واض حا في ميع اد ب دء اإلج راءات بين التحكيم اإللك تروني والتحكيم‬

‫الع ادي‪ ،‬ف أغلب ق وانين التحكيم نص ت على ب دء إج راءات التحكيم من د إعالم المحتكم ض ده ض مانا‬

‫لحق وق ال دفاع وح ق الخص م في العلم ب إجراءات التحكيم‪ ،‬خصوص ا أن اإلخالل بحق وق ال دفاع ه و‬

‫من األمور اإلجرائية التي يمكن االستناد عليها لقبول دعوى بطالن حكم التحكيم‪.564‬‬

‫‪ -559‬أنظر مركز التحكيم التابع ل ‪:O.M.P.I‬‬


‫‪http://arbiter.wipo.int/arbitration/arbitration_rules/commencement.html‬‬
‫‪ -560‬أنظر الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.eresolution.ca/pr/economic_times.htm‬‬
‫‪ -561‬المادة ‪ 41‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬
‫‪http://arbiter.wipo.int‬‬
‫‪ -562‬المادة ‪ 15‬من الئحة المحكمة اإللكترونية ‪cybertribunal‬‬
‫‪ - 563‬يراجع حول أنواع الرسوم‪ ،‬مقدارها‪ ،‬طريقة أدائها‪ :‬مركز الوساطة التحكيم التابع ل ‪O.M.P.I. http://arbiter.wipo.int‬‬
‫‪ -564‬محمد إبراهيم أبو الهيجاء‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪184‬‬
‫وبقيام المركز بإعالم المحتكم ضده بطلب التحكيم يمنح مهلة إلرسال جواب للمركز‪ ،‬والذي يجب‬ ‫‪-5‬‬

‫أن يتض من دفوع ه واعتراض اته على اإلدع اء وقائم ة بالبيان ات المؤي دة الدعائ ه‪ ،‬باإلض افة لتحدي د‬

‫عدد وأسماء المحكمين‪ ،‬وفي حالة اختيار المحتكم محكم فردا لنظر النزاع وعارض المحتكم ضده‬

‫ه ذا االختي ار خالل م دة خمس ة عش ر يوم ا من ب دء التحكيم فعلي ه أداء الرس وم عن ثالث ة محكمين‬

‫وإ رسال قائمة بأسماء ثالثة محكمين ليكون أحدهم في هيئة التحكيم‪.565‬‬

‫يق وم المرك ز بتع يين الهيئ ة إذا م ا تجاه ل المحتكم ض ده طلب التحكيم ولم يق دم جواب ا خالل الم دة‬ ‫‪-6‬‬

‫المحددة له‪ ،‬مع إخطاره بضرورة تقديم الجواب‪.566‬‬

‫إذا وجد المركز نقصا ببيانات المحتكم ضده بالجواب فعلى المركز إخطاره بذلك خالل أسبوع من‬ ‫‪-7‬‬

‫استالم الجواب ومنحه مهلة يومين إلكمال النقص‪.‬‬

‫أعطت مراكز التحكيم لطرفي النزاع الحق في تنحي ة المحكم الذي اختاره الطرف اآلخر أو الذي‬ ‫‪-8‬‬

‫اختاره المركز‪ ،‬في حالة وجود شكوك جدية تثور حول حيدة ونزاهة المحكم‪ ،‬وذلك بإخطار يقدم‬

‫للمركز خالل مدة معينة حددتها بعض المراكز بعشرة أيام تبتدئ من تاريخ ظهور السبب إن كان‬

‫هو من اختاره ومن تاريخ اإلخطار إن لم يختره‪ ،‬ليقرر المركز بعدها تنحية المحكم أو صالحيته‬
‫‪567‬‬
‫لنظر النزاع خالل خمسة عشر يوما من تقديم الطلب‪.‬‬

‫يعين المركز موعد المحاكمة بتمام بيانات طرفي النزاع‪.‬‬ ‫‪-9‬‬

‫تك ون جلس ات المحاكم ة س رية وس ريعة بحيث يمكن أن ال تتج اوز ثالث ة أي ام في ح ال طلب س ماع‬ ‫‪-10‬‬

‫الشهود أو طلب الخبرة الفنية أو تقديم أية بينة سبق أن أشار إليها المحتكم ضده ضمن قائم ة بياناته‬

‫وإ خطار المركز أنه سيقدمها وقت المحاكمة‪.568‬‬

‫‪ -565‬المادة ‪ 14‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬


‫‪ -566‬المادة ‪ 42‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬
‫‪ -567‬بشرى النبيه العلوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ -568‬منير محمد الجنبهي ومحمود محمد الجنبهي‪ "،‬التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.111‬‬
‫‪185‬‬
‫ثانيا‪ :‬سير إجراءات التحكيم اإللكتروني‬

‫تبدأ إجراءات المحاكمة أمام هيئة التحكيم في اليوم المعلن عنه‪ ،‬والذي أخبر به المحتكمين بعد‬

‫أن يكون المركز قد تسلم جواب وبيانات المحتكم ضده ومنحه فترة كافية لتقديم أية بيانات إضافية أو‬

‫التعديل فيها‪ ،569‬ويتم السماح لهم بأن يوكلوا ممثلين‪.570‬‬

‫وإ ذا ك انت الجلس ات في التحكيم الع ادي تعق د لس ماع األط راف والش هود والخ براء‪ ،‬فه ل من‬

‫المقبول إدارة الجلسات في الشكل اإللكتروني؟‬

‫توجد العديد من الوسائل تسمح بتبادل األصوات والصور والنصوص‪ ،‬فهناك البريد اإللكتروني‬

‫وال ذي يس مح بنق ل الوث ائق والمس تندات‪ ،‬وهن اك الم ؤتمرات المبرم ة عن بعد والتي تس مح لك ل ش خص‬

‫ب أن يرس ل ويق رأ في آن واح د رس ائل بالمش اركة م ع أش خاص آخ رين‪ ،‬وتجع ل األط راف ك أنهم‬

‫موجودون طبيعيا في مكان واحد‪ ،‬وتستخدم هذه الطريقة في الواليات المتحدة األمريكية في الدعاوى‬
‫‪571‬‬
‫القضائية العادية‪.‬‬

‫ولم تش ر القواع د المنظم ة للتحكيم الع ادي له ذه الوس ائل‪ ،‬فلق د نص ت القواع د المنظم ة لغرف ة التج ارة‬

‫الدولية ‪ CCI‬في المادة ‪ 20‬على أن تسمع المحكمة أقوال األطراف والشهود والخبراء حضوريا‪ ،‬كما‬

‫أنه ا لم تش ر في الم ادة ‪ 21‬إال للجلس ات ال تي تعق د طبيعي ا‪ ،‬وأك دت على ض رورة حض ور األط راف‬

‫شخص يا حيث ج اء في ه ذه الم ادة " عن دما تعق د الجلس ة تس تدعي محكم ة التحكيم األط راف للحض ور‬

‫أمامها في المكان والزمان المحددين من قبلها"‪.‬‬

‫ونرى أن المصطلحات المستخدمة في هذه النصوص مثل " الحضور" و" المكان" وغيرهما ال‬

‫تتناسب مع خصوصية التحكيم اإللكتروني‪.572‬‬

‫‪ -569‬المادة ‪ 44‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬


‫‪ -570‬المادة ‪ 42‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬
‫‪ -571‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -572‬أمينة خبابة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪186‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يمكن لألطراف الراغبين في الخضوع للقواعد المنظمة لغرفة التجارة‬

‫الدولية االتفاق على سماع مرافعاتهم في شكل مبادالت إلكترونية‪ .‬ويتوافق ذلك مع ما جاء في المادة(‬

‫‪ )21/2‬من القواعد المنظمة للمحكمة اإللكترونية التي أجازت حدوث الحوار بين الخصوم بكل وسيلة‬

‫معقول ة‪ .‬ل ذا فإن ه يجب أن يش مل مص طلح الجلس ة‪ -‬بج انب الحض ور الط بيعي لألط راف‪ -‬الم ؤتمرات‬

‫اإللكترونية واالجتماعات السمعية البصرية‪ ،‬والتبادل الفوري الموثق لالتصاالت اإللكترونية بالطريقة‬

‫التي تسمح بإرسال واستقبال هذه المعلومات‪.573‬‬

‫ومن تم يمكن إدارة جلس ات التحكيم إلكتروني ا‪ ،574‬ألن ه ذه الوس ائل ت ؤدي نفس ال دور ال ذي تق وم ب ه‬

‫الجلس ات ال تي تعق د طبيعي ا‪ ،‬بحيث تنق ل الص ور في الح ال مم ا ي تيح الفرص ة ألص حاب الش أن برؤي ة‬

‫المؤتمر بشكل يضمن احترام حقوق الدفاع وحق المواجهة‪.575‬‬

‫ويث ور التس اؤل ح ول مص ير اإلج راءات ال تي اتخ ذت في ح ال وف اة أح د المحكمين أو فقدان ه‬

‫أهليته؟‬

‫وقد نصت مراكز التحكيم على استبدال المحكم‪ ،‬كمحاولة منها الستبقاء استقرار عملية التحكيم والسير‬

‫فيه ا ق دما‪ ،‬دونم ا أي ة معوق ات وخصوص ا عنص ر ال زمن المقي د للهيئ ة في ص دور الحكم خالل ه‪ ،‬وه ذه‬

‫الح االت هي ( الوف اة‪ ،‬فق دان المحكم ألهليت ه‪ ،‬إص ابة المحكم بعج ز يمنع ه من االس تمرار في نظ ر‬

‫النزاع‪.)...‬‬

‫هذا وقد نصت مراكز التحكيم اإللكتروني على حق طرفي النزاع في طلب إنهاء النظر إذا ما‬

‫توصال لتسوية ودية‪ ،‬بشرط أن يأتي الطلب قبل صدور الحكم التحكيمي‪.‬‬

‫‪ -573‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.82‬‬


‫‪ -574‬أمينة خبابة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -575‬حسام الدين فتحي ناصف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪187‬‬
‫وبع د انته اء محكم ة التحكيم من س ماع اإلدع اء وال دفاع وفحص وس ائل اإلثب ات المقدم ة من‬

‫األطراف‪ ،‬تقوم المحكمة بإصدار حكمها في النزاع في ظرف ثالثين يوما من تاريخ قفل باب المرافعة‬

‫م ا لم تم د أمان ة المرك ز ه ذا الميع اد م دة أط ول بن اء على طلب المحكم ة‪ ،‬إذا ك انت هن اك أس باب‬

‫جوهرية‪.576‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬إشكاليات يطرحها حكم التحكيم اإللكتروني‬

‫بهدف حماية المحتكمين توجب النصوص المتعلقة بالتحكيم شروطا تتعلق بشكل الحكم وأخرى‬

‫بكيفية اإلخطار بهذا الحكم‪ ،‬فهل يستوي حكم التحكيم اإللكتروني هذه الشروط؟‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شكل الحكم‬

‫تتطلب ض رورة كتاب ة حكم‬ ‫‪578‬‬


‫واالتفاقي ات الدولي ة‬ ‫‪577‬‬
‫رغم أن العدي د من التش ريعات الوطني ة‬

‫التحكيم‪ ،‬إال أن معظمها لم تشترط شكال خاصا لصياغتها‪ ،‬فقد تكون بخط اليد أو بالوسائل اإللكترونية‪،‬‬

‫لذا فإن صدور الحكم بالكتابة اإللكترونية يحقق شرط الشكل المطلوب‪.‬‬

‫أم ا فيم ا يتعل ق ب التوقيع على الحكم‪ ،‬فق د نص ت الم ادة (‪ )31‬من الق انون النم وذجي للتحكيم‬

‫التج اري ال دولي على ض رورة توقي ع المحكم أو المحكمين ح ال تع ددهم على حكم التحكيم وه ذا ه و‬

‫المعم ول ب ه في التحكيم الع ادي‪ ،579‬حيث يق وم المحكم ون بتوقي ع الحكم بخ ط الي د‪ .‬إال أن التوقي ع بخ ط‬

‫إرس ال نس خة مطبوع ة من الحكم إلى‬ ‫‪580‬‬


‫الي د غ ير متيس ر في التحكيم اإللك تروني‪ ،‬ل ذا اق ترح البعض‬
‫‪ -576‬المادة ‪ 63‬من قواعد مركز الوساطة والتحكيم التابع ل ‪.O.M.P.I‬‬
‫‪ -577‬من ذلك مثال‪ :‬المادة ‪ 54‬من القانون األردني الخاص بالتحكيم‪.‬‬
‫‪ -578‬من ذلك مثال‪ :‬المادة ‪ 4‬من اتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية واالعتراف بها لسنة ‪.1958‬‬
‫‪ -579‬نظم المشرع المغربي هذه الشروط في الفصلين ‪ 327 -23‬و ‪ 327 -25‬من قانون ‪:08 -05‬‬
‫حيث نص الفص ل ‪ " 327 -23‬يص در الحكم التحكيمي كتاب ة‪ ،‬ويجب أن يش ار في ه إلى اتف اق التحكيم وأن يتض من عرض ا م وجزا للوق ائع‬
‫وادعاءات األطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي وكذا منطوقا لما قضى به "‪.‬‬
‫كما نص الفصل ‪ " 327 -25‬يوقع الحكم التحكيمي كل محكم من المحكمين‪.‬‬
‫وفي حالة تعدد المحكمين وإ ذا رفضت األقلية التوقيع يشير المحكمون اآلخرين إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويك ون‬
‫للحكم نفس األثر كما لو كان من لدن كل محكم من المحكمين "‪.‬‬
‫‪580‬‬
‫‪- HUET (J) et VALMACHINO (S) , « Réflexions sur l’arbitrage électronique dans le commerce‬‬
‫‪international » , Gaz pal , janvier février 2000, p 113‬‬
‫‪188‬‬
‫أعض اء لجن ة التحكيم لتوقيعه ا‪ ،‬وه ذا الح ل ال يمكن قبول ه ألن ه يخ رج عن اإلط ار اإللك تروني ال ذي‬

‫أن الح ل يتمث ل في إعط اء التوقي ع اإللك تروني نفس حجي ة‬ ‫‪581‬‬
‫يج ري في ه التحكيم‪ .‬وي رى بعض الفق ه‬

‫وهو ما أقرته المادة (‪ )54‬من الئحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية ‪،583O.M.P.I‬‬ ‫‪582‬‬
‫التوقيع العادي‬

‫والمادة (‪ )25/3‬من الئحة المحكمة اإللكترونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية تبليغ الحكم التحكيمي اإللكتروني‬

‫فيم ا يخص تبلي غ الحكم فتوض ح النص وص المعني ة ب التحكيم التج اري ال دولي أس لوب تبلي غ‬

‫الحكم‪ .‬فلقد نصت المادة (‪ )28‬من قواعد التحكيم في غرفة التجارة الدولية لسنة ‪ 1998‬على أنه‪":‬يعلم‬

‫األطراف بالحكم من أمانة المحكمة أو بتسليمهم صورة طبق األصل منه"‪ ،‬كما نصت المادة (‪)31/4‬‬

‫من الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي لس نة ‪ 1985‬على أن ه‪ ":‬تس لم ص ورة من الحكم‬

‫لألطراف"‪ .‬فهل تنطبق المصطلحات الموجودة في هذه النصوص مثل "التسليم" و"صورة طبق األصل"‬

‫مع التحكيم اإللكتروني الذي يجري من خالل الشبكات االلكترونية ؟‬

‫نرى أن المهم هو أن يص ل الحكم إلى األط راف دون تعديل أثن اء النقل أما وس يلة التبليغ فهي‬

‫غ ير مهم ة‪ .‬ونس تدل على ذل ك بنص الم ادة (‪ )3/2‬من قواع د غرف ة التج ارة الدولي ة وال تي تش ير إلى‬

‫إمكانية حدوث التبليغ "بكل وسيلة اتصال تسمح بإقامة الدليل على اإلرسال"‪.584‬‬

‫ولق د نص ت المنظم ات المعني ة بالع الم اإللك تروني على مس ألة تبلي غ الحكم منه ا الم ادة ( ‪)25/4‬‬

‫من القواع د المنظم ة للمحكم ة اإللكتروني ة ‪ Cyber tribunal‬على أن ه‪ ":‬تت ولى الس كرتارية نش ر الحكم‬

‫‪ -581‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪85‬‬


‫‪ -582‬تنص الم ادة ‪ 33‬من ق انون التحكيم األم ريكي الموح د الص ادر في ‪ 16‬م ارس ‪ 2000‬على اس تخدام التوقي ع اإللك تروني من المحكمين على‬
‫الحكم عندما ينقل الحكم لألطراف عبر اإلنترنت‪.‬‬
‫‪-583‬‬
‫تنص المادة ‪ 54‬من الئحة المنظمة العالمية للملكية الفكرية ‪ O.M.P.I‬على أنه‪" :‬يوقع الحكم إلكترونيا من أعضاء اللجنة"‪.‬‬
‫تعد هذه المادة نموذجا يمكن السير على هداه‪ ،‬باعتمادها للتوقيع اإللكتروني‪.‬‬
‫‪-584‬‬
‫عادل أبو هشيمة محمود حوتة‪" ،‬عق ود خ دمات المعلوم ات اإللكتروني ة في الق انون ال دولي الخ اص"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬الطبع ة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2004‬ص ‪.325‬‬
‫‪189‬‬
‫على موقع القضية ‪ au site de l’affaire‬وتبلغه لألطراف بكل وسيلة ممكنة"‪ ،‬لكن لم يوضح النص‬

‫كيفية حدوث التبليغ والراجح هو أن يقوم المحكم بإرساله عن طريق البريد اإللكتروني المشفر أو عن‬

‫طريق البريد العادي‪.585‬‬

‫ولألطراف بعد استالمهم قرار المحكم الرجوع لهيئة التحكيم وسؤالها حول أية أخطاء مادية أو‬

‫حسابية أو غموض ش اب القرار‪ ،‬ويمكن للهيئ ة من تلقاء نفس ها تص حيح أية أخط اء مادي ة وذل ك خالل‬

‫ثالثين يوما من صدور القرار‪.586‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬تنفيذ الحكم‬

‫عندما يفضل األطراف اللجوء للتحكيم‪ ،‬فإنه يجب عليهم تنفيذ الحكم الصادر من محكمة التحكيم‬

‫دون ت أخير‪ ،‬إال أن الط رف الخاس ر س يء الني ة ق د ي رفض تنفي ذ ه ذا الحكم‪ ،587‬مم ا يض طر الط رف‬

‫المس تفيد من الحكم إلى اللج وء للقض اء لطلب تنفي ذه‪ ،588‬وعلي ه أن يق دم أص ل الحكم أو ص ورة طب ق‬

‫األصل منه لالعتراف به وتنفيذه‪ ،‬باإلضافة إلى أصل أو صورة طبق األصل من اتفاق التحكيم‪.589‬‬

‫وال يوجد مشكلة في التحكيم العادي إال أن األمر ليس كذلك في التحكيم اإللكتروني لسببين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المعلوماتية ال تميز بين األصل والصورة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وجود صعوبات تتعلق بالتصديق على الوثائق اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ -585‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫‪-586‬‬
‫المادة ‪ 66‬من قواعد مركز الوساطة و التحكيم التابع لـ ‪.O.M.P.I‬‬
‫‪ -587‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد اإلدريسي العمراوي ‪ "،‬دور القاضي في تنفيذ القرارات التحكيمية األجنبية"‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،33‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف مشبال‪ "،‬القاضي الوطني والتحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.363‬‬
‫‪ -588‬ينص الفصل ‪ 327-31‬من قانون ‪ 08-05‬على أنه‪" :‬ال ينفذ الحكم التحكيمي جبرا إال بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره‬
‫رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها ‪."...‬‬
‫‪ -589‬أنظر الفصل ‪ 327 -47‬من قانون ‪ 08 -05‬والفقرة األولى من المادة الرابعة من اتفاقية نيويورك لسنة ‪ 1958‬والمتعلقة باالعتراف‬
‫وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية‪.‬‬
‫‪190‬‬
‫ولم تح ل الم ادة ‪ 54‬من الئح ة ‪ O.M.P.I‬ه ذه المش كلة حيث نص ت على أن ه‪ ":‬تس لم للط رف‬

‫المدعي صورة مطابقة ألصل القرار"‪ ،‬إال أنها لم توضح الوسيلة التي يتم بها التصديق الكتابي‪ .‬ولقد‬

‫جاءت المادة ‪ 8‬من القانون النموذجي للتجارة اإللكترونية الصادر عام ‪ 1996‬بحل لهذه المشكلة حيث‬

‫نصت على تماثل الوثيقة مع األصل بشرطين هما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان مصداقية نقل المعلومات كاملة دون تحريف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إثبات مضمون المعلومات‪.590‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مسألة إيداع حكم التحكيم اإللكتروني‬

‫تثور مشكلة أخرى تتعلق بإيداع حكم التحكيم اإللكتروني في المحكمة المختصة ومدى إمكانية‬

‫ح دوث ذل ك‪ .‬فهن اك بعض ال دول ال تي ت وجب إي داع الحكم التحكيمي من ذل ك الم ادة (‪ )47‬من ق انون‬

‫التحكيم المصري‪ .591‬وبالتالي يثار إشكال حول مدى إمكانية إيداع حكم التحكيم اإللكتروني لدى كتابة‬

‫الضبط بالمحكمة ؟ وهل المحاكم الوطنية مؤهلة لالحتفاظ بهذا اإليداع من الناحية الفنية والتقنية ؟ وما‬

‫ه و الش كل ال ذي يتم في ه االحتف اظ بحكم التحكيم اإللك تروني ؟ ه ل يحتف ظ ب ه على ‪ Disquette‬أم‬

‫أسطوانات ‪ CD‬أم غير ذلك؟‬

‫أنه رغم قانونية وإ مكانية االتفاق والتوقيع اإللكتروني فال بد من التذكير أن‬ ‫يرى بعض الفقه‬
‫‪592‬‬

‫اتف اق التحكيم وحكم التحكيم الموج ود على دعام ات ورقي ة مطل وب دائم ا حين تق ديم طلب االع تراف‬

‫بالحكم وتنفيذه‪ .‬حيث إن المحاكم ال تتعامل بالوثائق اإللكترونية ومن تم فالبد من أن يكون حكم التحكيم‬

‫قابال لالستخراج على الورق حتى يكون قابال للتنفيذ‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬مكانة التحكيم اإللكتروني مستقبال‬

‫‪ -590‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪ -591‬أنظر الفصل ‪ 327 -31‬من قانون ‪.08 -05‬‬
‫‪ -592‬محمد لمسلك‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪191‬‬
‫يب دو جلي ا أن التحكيم االلك تروني من بين مس تلزمات وج ود وازده ار التج ارة االلكتروني ة ل ذلك‬

‫فإن دراسته قد تمكن من سبر أغوار موقف المشرع من التجارة االلكترونية عموما وتحديد مدى كفاءة‬

‫القواعد العامة في استيعاب التحكيم االلكتروني‪ ،‬أو في مقاومته بوصفه دخيال على هذه المنظومة ولعل‬

‫في ذل ك م ا ي برر التس اؤل عن المكان ة ال تي يمكن أن يتبوأه ا مس تقبال ه ذا الص نف من التحكيم ض من‬

‫النسيج القانوني المغربي؟‬

‫وحتى نكون واقعيين‪ ،‬نقول أن أهمية األخذ بهذا النظام بالمغرب ال زالت في بدايتها خصوصا‬

‫م ع ض عف لج وء المس تهلك المغ ربي للمع امالت االلكتروني ة ألس باب ثقافي ة واقتص ادية وقانوني ة أيض ا‪،‬‬
‫‪593‬‬
‫لكن هذه األهمية ستبرز بشكل واضح خالل العقود القادمة مع تطور التجارة االلكترونية بالمغرب‬

‫ال تي تتس م بالط ابع ال دولي وط ابع الس رعة وخصوص ية الوس ائل االلكتروني ة المعتم دة خالل التعاق د ‪،594‬‬

‫وأكيد أن سن المشرع المغربي لمجموعة من القوانين في المجال المعلوماتي يوضح اتجاهه الجدي إلى‬

‫‪ - 593‬تجدر اإلشارة إلى أن الفيدرالية الوطنية للتجارة اإللكترونية بالمغرب التي تم إنشاؤها في ‪ 5‬شتنبر ‪ 2011‬والتي وتهدف إلى تجميع ونشر‬
‫المعلومات الكفيلة بتطوير القطاع‪ ،‬والعمل لفائدة التنمية المستدامة والبعد األخالقي للبيع عن بعد والمتاجرة اإللكترونية ب المغرب‪ ،‬أطلقت قاعدة‬
‫“صنع في المغرب” يوم ‪ 22‬يناير ‪ 2015‬بغرفة التجارة والصناعة بالدار البيضاء‪ ،‬وهي عبارة عن أكبر قاعدة بيانات للتجارة اإللكترونية لم‬
‫يسبق لها مثيل بإفريقيا‪ ،‬موجهة بصورة كلية إلى المنتوجات المصنعة في المغرب‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.ahdath.info/?p=47103‬‬
‫‪ - 594‬تجدر اإلشارة إلى أن المغرب يعد من أوائل الدول التي نظمت منتدى دولي حول االتصاالت عن بعد عن طريق األقمار الصناعية‪ ، ،‬كما‬
‫أن الحكومة السابقة أطلقت برنامجا للتجارة اإللكترونية في مجال الصناعة التقليدية والفالحة والصيد البحري‪ ،‬وذلك من خالل دعم المقاوالت‬
‫الصناعية الصغيرة والمتوسطة على استخدام تقنيات االتصال الحديثة من خالل الترويج لمنتجاتها عن طريق التجارة اإللكترونية‪ ،‬حتى تتمكن‬
‫من المنافس ة على الصعيد ال دولي‪ .‬وهك ذا تم إح داث لجن ة وزاري ة أني ط به ا مهم ة إع داد اقتراح ات تس اهم في تط وير قط اع تكنولوجي ا االتص ال‬
‫والمعلومات‪.‬‬
‫كما بادرت الحكومة المغربية السابقة بخلق لجنة وزارية مختلطة من أجل تطوير التجارة اإللكترونية‪ ،‬والتي وضعت نتائج عملها أمام الوزير‬
‫األول‪ .‬هذه اللجنة تتكون من ممثلين عن اإلدارة العمومي ة‪ ،‬وممثلين عن القطاع الخاص والتي خلصت إلى ضرورة وضع إطار تشريعي لسد‬
‫الفراغ الق ائم في هذا اإلط ار وتشجيع األفراد على التج ارة اإللكتروني ة من خالل سياسة قرب عام ة وذلك بمنح الثق ة للمس تخدمين من مقاوالت‬
‫وأفراد ومؤسسات عمومية‪.‬‬
‫لكن ورغم هذه اإلس تراتيجيات الحكومي ة لتشجيع استعمال تقني ات االتصال والمعلومي ات سواء لدى األفراد أو المؤسس ات‪ ،‬إال أنه ا لم تنجح في‬
‫تحقيق األهداف المرجوة مما دفع إلى التفكير في آليات جديدة للدفع بهذا القطاع وهو ما تجلى في إستراتيجية (المغرب الرقمي)‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬هشام البخفاوي ‪" ،‬واقع التجارة اإللكترونية بالمغرب"‪ ،‬مجلة قانون وأعمال‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مارس ‪ ،2011‬ص ‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫استيعاب كل صور المعامالت الحديثة‪ ،‬وبدون شك فإن الحاجة إلى مسايرة هذا التطور ستمتد أيضا‬

‫حتى على مستوى األشكال الجديدة للوسائل البديلة لفض المنازعات مما سيجعل المشرع مضطرا إلى‬

‫وض ع لبن ات تش ريعية جدي دة تناس ب خصوص يات ه ذه الوس ائل عموم ا والتحكيم االلك تروني على وج ه‬

‫الخصوص‪.595‬‬

‫انتشر التحكيم وذاع وأصبح من أفضل الوسائل لحل منازعات التجارة الدولية‪ ،‬ومن المتوق ع أن‬

‫ينتشر التحكيم االلكتروني ويسود منازعات التجارة االلكترونية وذلك ألنه أنسب الطرق وأفضلها لحل‬

‫هذه المنازعات‪ ،‬فهو صورة متطورة للتحكيم ووسيلة سريعة مرنة تناسب التقدم العلمي والتكنولوجي‬

‫الهائ ل ال ذي تش هده البش رية في العص ر الح ديث‪ .596‬ويجب على المش رع في مختل ف ال دول تنظيم ه ذا‬

‫التحكيم بصورة تتالءم مع طبيعته وتتفهم أسسه فالمستقبل للتحكيم االلكتروني‪.597‬‬

‫كما نناشد المشرع المغربي أن ينظم التحكيم اإللكتروني بواسطة قواعد قانونية محددة وشاملة‬

‫للموضوع باعتباره واقعة مادية فرضت تطبيقها في عصر المعلوماتية وسرعة االتصاالت‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم اإلداري‬

‫يطلق على التحكيم مسميات فرعية حسب طبيعة المنازعة التي يراد حسمها عن طريقه‪ .‬فإذا‬

‫كانت المنازعة تجارية سمي التحكيم تجاريا‪ .‬وإ ذا كانت المنازعة مدنية سمي التحكيم مدنيا‪ .‬وإ ذا كانت‬

‫إدارية سمي التحكيم إداريا‪.598‬‬

‫ويالح ظ أن المش رع المغ ربي لم يتع رض لتعري ف التحكيم اإلداري وبي ان حاالت ه كم ا فع ل‬

‫بالنسبة للتحكيم بصفة عامة في قانون ‪.08 -05‬‬

‫‪-595‬‬
‫أمين أعزان ‪" ،‬فعالية التحكيم اإللكتروني في ضوء متطلبات القوانين الوطنية و االتفاقيات الدولية"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ -596‬أحمد هندي‪"،‬التحكيم‪ ،‬دراسة إجرائية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ -597‬للمزيد من اإليضاح أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد محمد فتحي الخولي ‪ "،‬التحكيم اإللكتروني كوسيلة لحل المنازعات المدنية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬سنة ‪.2017‬‬
‫‪ -598‬محمد األعرج‪" ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية"‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪ ،34‬ص ‪.87‬‬
‫‪193‬‬
‫وق د عرف ه الفق ه الق انوني الفرنس ي بأن ه‪" :‬نظ ام اس تثنائي للتقاض ي بموجب ه يج وز للدول ة وس ائر‬

‫أشخاص القانون العام األخرى إخراج بعض المنازعات اإلدارية الناشئة عن عالقات قانونية عقدية أو‬

‫غ ير عقدي ة وطني ة أو أجنبي ة من والي ة قض اء مجلس الدول ة لكي تح ل بطري ق التحكيم بن اء على نص‬

‫ق انوني يج يز ذل ك‪ ،‬وخروج ا على مب دأ الحظ ر الع ام الوارد على أهلي ة الدول ة وس ائر أش خاص الق انون‬

‫العام األخرى في اللجوء إلى التحكيم‪.599‬‬

‫أم ا الفق ه المص ري فق د ع رف التحكيم اإلداري بأن ه‪ ":‬وس يلة قانوني ة تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د‬

‫األشخاص المعنوية العامة وبمقتضاها يستغنى بها عن القضاء اإلداري لتسوية ك ل أو بعض المنازعات‬

‫الحالية أو المستقبلة الناشئة عن عالقات ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية فيما بينها أو بين إح داها‬

‫أو أحد أشخاص القانون الخاص الوطنية أو األجنبية سواء كان اللجوء اختيارا أو إجباريا وفقا لقواعد‬

‫القانون اآلمرة‪.600‬‬

‫وقد برزت أهمية موضوع التحكيم اإلداري بقوة في السنوات األخيرة إذ أصبح التحكيم وسيلة‬

‫أساس ية لح ل المنازع ات ال تي تك ون الدول ة طرف ا فيه ا‪ ،‬فنظ را لزي ادة اهتم ام الدول ة بمج ال التنمي ة‬

‫االقتص ادية وإ برامها الكث ير من العقود م ع األش خاص الطبيعي ة أو المعنوي ة الخاص ة‪ ،‬وم ا ق د ينش أ عن‬

‫هذه العقود من منازعات أصبح التحكيم اإلداري الوسيلة المثلى لدى الشركات الكبرى العالمية للفصل‬

‫في منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫إال أن موض وع التحكيم اإلداري تث ار بش أنه العدي د من اإلش كاليات المرتبط ة أساس ا بم دى‬

‫مش روعية التحكيم اإلداري‪ ،‬س ير إج راءات التحكيم في المنازع ات اإلداري ة ‪ ،‬الق انون المطب ق على‬

‫‪-599‬‬
‫محمد األعرج‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪-600‬‬
‫خالد بن عبد اهلل بن عبد الرحمان الخضير‪" ،‬التحكيم في العق ود اإلداري ة‪ ،‬في الفق ه اإلس المي والنظم المعاص رة م ع دراس ة تطبيقي ة للنظ ام‬
‫السعودي"‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬كلية الشريعة والقانون‪ ،‬قسم السياسة الشرعية‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫أنظر الموقع اإللكتروني‪http://libback.uqu.edu.sa/ 2011 :‬‬
‫‪194‬‬
‫موض وع ال نزاع في التحكيم اإلداري‪ ،‬حكم التحكيم اإلداري‪ ،‬ش كله‪ ،‬مض مونه وبيانات ه اإللزامي ة‪ ،‬حجي ة‬

‫الحكم التحكيمي اإلداري‪ ،‬وقوته التنفيذية‪ ،‬تنفيذ الحكم التحكيمي اإلداري‪ ،‬والطعن فيه‪.‬‬

‫لكن وبالنظر لتشعب كل تلك المحاور والتي ال تختلف في جوهرها على سير إجراءات التحكيم‬

‫بشكل عام‪ ،‬فإننا سنقتصر في المبحث األول على إشكالية مدى مشروعية التحكيم اإلداري أما المبحث‬

‫الثاني فيختص بالحديث عن إشكاليات يطرحها نطاق التحكيم اإلداري‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مدى مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫تعتمد الدولة وهي بصدد قيامها بالتزاماتها سواء في تنفيذ السياسات العمومية في مجال التنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أو بناء هياكل ومؤسسات إدارية إلى العديد من األساليب والتنظيمات‪ .‬فهي قد‬

‫تلجأ إلى إصدار قرارات إدارية بهدف إحداث آثار قانونية مشروعة استنادا لما تملكه من س لطة إص دار‬

‫هذه القرارات بمقتضى القوانين والمراسيم‪ ،‬أو اللوائح‪ ،‬وقد تلجأ إلى آلية التراضي واالتفاق مع غيرها‬

‫أخرى‪ ،‬وذلك قصد إبرام عقود تقوم على توافق‬ ‫‪601‬‬


‫سواء كانوا أفرادا أو شركات‪ ،‬أو أشخاص معنوية‬

‫حالي ا في ظ ل عج ز الدول ة بمفرده ا عن تحقي ق التنمي ة‬ ‫‪602‬‬


‫إرادتين‪ .‬ولق د ازدادت أهمي ة العق د اإلداري‬

‫‪ -601‬األش خاص المعنوي ة يمكن أن تك ون أش خاص معنوي ة خاص ة مث ل الش ركات‪ ،‬أو أشخاص ا معنوي ة عام ة مثال الدول ة وال وزارات والمص الح‬
‫والمؤسسات العامة التابعة لها‪.‬‬
‫‪ -602‬يمكن تعريف العقود اإلدارية بأنها تلك االتفاقيات التي تبرم بين اإلدارة كسلطة عامة قائمة على تحقيق المصلحة العامة وبين األفراد أو‬
‫الشركات الخاصة من أجل إنجاز عمل معين يحقق المنفعة العامة بشكل مباشر‪ ،‬مع تضمين االتفاق أهم شروط وقواعد تنفيذ العمل المطلوب‬
‫وأهم حقوق وواجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل‪.‬‬
‫وه ذه العق ود ب الرغم من كونه ا عق ودا ت برم برض ى طرفيه ا مع ا‪ ،‬إال أنه ا ال ت برم بين ط رفين متس اويين في الق وة أو في اله دف‪ ،‬فهي ت برم بين‬
‫ط رف أك ثر ق وة يس عى إلى تحقي ق المص لحة العام ة وه و اإلدارة‪ ،‬وبين ط رف أق ل ق وة يس عى إلى تحقي ق مص لحته الشخص ية وه و الف رد ( أو‬
‫الشركة الخاصة) المتعاقد مع اإلدارة‪ ،‬والذي يعزز قوة اإلدارة في التعاقد هو ما تملكه من امتيازات استثنائية – في ه ذا المجال – تساعدها على‬
‫رعاية المصلحة العامة‪ ،‬تلك االمتيازات التي ال نجد لها وجودا في العقود التي تبرم في إطار قواعد القانون الخاص‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" ،‬الصفقات العمومية في المغرب‪ ،‬األشغال‪ -‬التوريدات – الخدمات"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2009‬ص ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫الش املة‪ ،‬واض طرت إلى البحث عن شركاء ج دد للتدخل قص د اإلبرام واإلش راف على جمل ة من عقود‬

‫التنمية االقتصادية‪ ،‬سواء في المجال الداخلي أو الدولي‪.603‬‬

‫منازعات‪ ،‬تستلزم بالضرورة حلها‪ ،‬ومن المعلوم‬ ‫‪604‬‬


‫لكن قد تنجم عن تنفيذ هذه العقود اإلدارية‬

‫أن القض اء الرس مي هو ص احب االختص اص للنظ ر في ه ذه المنازعات‪ ،‬ولكن ل تراكم وتعقد المس اطر‬

‫وبطء اإلجراءات فضال عن تشكك الطرف األجنبي المتعاقد مع الدولة في مدى حياد القاضي الوطني‪،‬‬

‫ك ان من الض روري البحث عن وس يلة أخ رى لحس م منازع ات العق ود اإلداري ة‪ ،‬ومن هن ا ظه ر التحكيم‬

‫كوس يلة مثالي ة لحس م منازع ات ه ذه العق ود خروج ا على األص ل الع ام في اختص اص القض اء اإلداري‬

‫بنظر هذه المنازعات‪.‬‬

‫وت أتي أهمي ة البحث في م دى مش روعية التحكيم اإلداري نظ را لم ا تتمت ع ب ه الدول ة من س يادة‬

‫وحصانة ومركز قانوني متميز‪ ،‬باعتبارها أحد أشخاص القانون العام في مواجهة المتعاقدين معها في‬

‫مجال المعامالت التجارية واالقتصادية‪ .‬وفضال عن تخليها عن أهم مرفق من مرافقها العامة أال وهو‬

‫مرفق القضاء فاألصل أن جميع المنازعات اإلدارية يختص بالفصل فيها دون غيره‪ ،‬القضاء اإلداري‪،‬‬

‫ومنها المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقود اإلدارية‪.605‬‬

‫وفي غياب النص التشريعي الذي ينظم التحكيم في منازعات العقود اإلدارية – وطنية كانت أم‬

‫ذات ط ابع دولي‪ -‬اختل ف الفق ه‪ ،‬وتب اينت أحك ام القض اء في العدي د من الدول حول مدى جواز التحكيم‬

‫في منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -603‬هالل حمد هالل السعدي ‪ " ،‬التحكيم ودوره في تسوية المنازعات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة في الفقه والقضاء"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2008 -2007‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -604‬عبد اهلل حنفي ‪ " ،‬العقود اإلدارية‪ ،‬ماهية العقد اإلداري وأحكام إبرامه‪ " ،‬الكتاب األول ‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،1999‬ص ‪.12‬‬
‫‪-605‬‬
‫أحمد محمد عبد البديع شتا‪" ،‬شرح قانون التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة وفقا آلراء الفقه وأحكام القضاء‪ ،‬وهيئات التحكيم العربية والدولية"‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.222‬‬
‫‪196‬‬
‫وفي خضم هذا المبحث سنحاول في الفرع األول‪ ،‬تحديد موقف التشريع المغربي من مشروعية‬

‫التحكيم اإلداري في حين س نعمل في الف رع الث اني على تبي ان موق ف بعض األنظم ة القانوني ة المقارن ة‬

‫من هذا الموضوع‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف التشريع المغربي من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫لإلحاط ة بموق ف التش ريع المغ ربي من مش روعية التحكيم اإلداري تقتض ي الض رورة تن اول‬

‫الموض وع خالل مرحل تين‪ :‬مرحل ة م ا قب ل ص دور الق انون رقم ‪ 08.05‬لس نة ‪ 2007‬حيث لم يس مح‬

‫خالل تل ك الف ترة ب اللجوء إلى التحكيم اإلداري (المطلب األول)‪ ،‬ومرحل ة م ا بع د ص دور ه ذا الق انون‬

‫ال ذي يس مح ب اللجوء إلى ه ذا الن وع من التحكيم غ ير أن مج ال ممارس ته ظ ل مح دودا وغ ير واض ح‬

‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مـــدى مشـــروعية التحكيم اإلداري في التشـــريع المغـــربي قبـــل صـــدور قـــانون‬

‫‪08.05‬‬

‫يرج ع س بب من ع التحكيم في العق ود اإلداري ة ومختل ف المنازع ات اإلداري ة قب ل ص دور ق انون‬

‫‪ 08 -05‬إلى اعتب ار مث ل ه ذه المنازع ات تن درج ض من النظ ام الع ام‪ ،‬ال ذي ال يج وز التحكيم بش أنه‬

‫(الفقرة األولى)‪ ،‬وقد تباينت آراء الفقه والقضاء بين مؤيد ومعارض حول مدى جواز اللجوء للتحكيم‬

‫في هذا النوع من المنازعات (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬فكرة النظام العام في الفصل ‪ 306‬ومنع التحكيم اإلداري‬

‫إن أول المقتض يات ال تي نص ت على التحكيم في التش ريع المغ ربي هي الفص ول من ‪ 527‬إلى‬

‫الملغى‪ ،‬وك ان ه ذا‬ ‫‪606‬‬


‫‪ 549‬من ق انون المس طرة المدني ة الق ديم الص ادر بش أنه ظه ير ‪ 12‬غش ت ‪1913‬‬

‫التحكيم يخص المواد المدنية والتجارية دون المواد اإلدارية‪.‬‬


‫‪ -606‬المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 46‬والذي بدأ العمل به يوم األربعاء ‪ 15‬أكتوبر ‪ ،1913‬وذلك بموجب الباب ‪ 15‬من القسم ‪ 7‬منه‪.‬‬
‫الذي كان يضم ‪ 23‬فصال‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫وب الرغم من إلغ اء ه ذا الق انون وص دور ق انون المس طرة المدني ة الح الي بت اريخ ‪ 28‬ش تنبر‬

‫‪ ،6071974‬إال أن ه لم يتع رض إلمكاني ة اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ب ل نص‬

‫على عدم إمكانية االتفاق على التحكيم في المسائل التي تمس النظام العام‬ ‫‪608‬‬
‫صراحة في الفصل ‪306‬‬

‫وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام‪.‬‬

‫ه ذا التوج ه تم إرجاع ه إلى ك ون ذل ك س يؤدي إلى تحقي ق الحماي ة للم ال الع ام وبالت الي تغليب‬

‫المصلحة العامة على المصلحة الفردية‪ ،‬إضافة إلى ذلك هناك من اعتبر أن اللجوء إلى التحكيم في هذه‬

‫الحالة يعني عدم الثقة في القضاء اإلداري للدولة وأيضا عدم احترام قواعد االختصاص بشكل عام‪.609‬‬

‫ف المنع من اللج وء للتحكيم اإلداري ك ان يرج ع وقتئ ذ إلى اعتب ار أن ه ذه المنازع ات تع د من‬

‫القضايا التي تدخل في المجال الذي يحكمه النظام العام‪.‬‬

‫وبما أن العقود اإلدارية تتصل اتصاال وثيقا بالنظام العام‪ ،‬فال مجال للتحكيم في منازعاتها‪.610‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف الفقه والقضــاء من مشــروعية التحكيم اإلداري قبــل صــدور قــانون ‪-05‬‬

‫‪08‬‬

‫‪ -607‬ال ذي ص در بموجب ه الظه ير الش ريف بمثاب ة ق انون رقم ‪ 1 .74 .447‬بت اريخ ‪ 11‬من رمض ان ‪ 28( 1394‬س بتمبر ‪ )1974‬منش ور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3230‬مكرر بتاريخ ‪ 13‬من رمضان ‪ 30( 1394‬سبتمبر ‪.)1974‬‬
‫‪ -608‬نص الفصل ‪ 306‬على ما يلي‪" :‬يمكن لألشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها‪،‬‬
‫غير أنه ال يمكن االتفاق عليه‪:‬‬
‫‪ -‬في الهبات والوصايا المتعلقة باألطعمة والمالبس والمساكن‪،‬‬
‫‪ -‬في المسائل المتعلقة باألشخاص وأهليتهم‪،‬‬
‫‪ -‬في المسائل التي تمس النظام العام‪ ،‬وخاصة‪:‬‬
‫* النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام‪،‬‬
‫* النزاعات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي‪،‬‬
‫* النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد األثمان والتداول الجبري والصرف‪ ،‬والتجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -609‬محمد األعرج‪" ،‬مشروعية التحكيم في المنازعات اإلدارية‪ ،‬المنازعات اإلدارية في تطبيقات القضاء اإلداري المغربي"‪ ،‬منشورات المجلة‬
‫المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،57‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.196‬‬
‫‪ -610‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.554‬‬
‫‪198‬‬
‫اختلف الفقه بين من يرى عدم جواز لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم سواء تعلق األمر‬

‫بعق ود وأم وال خاض عة للق انون الع ام أو خاض عة للق انون الخ اص‪ ،‬وذل ك اس تنادا إلى الفص لين (‪ 9‬و‬

‫‪ )306‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫ومن أنص ار ه ذا ال رأي األس تاذ محم د ال وكيلي ال ذي يق ول في أطروحت ه ح ول موض وع تحكيم‬

‫البن ك ال دولي لتس وية خالف ات االس تثمار بين الدول ة وش خص خ اص أجن بي بأن ه‪ " :‬يالح ظ أن ه ال يوج د‬

‫اختالف كب ير بين ق انون المس طرة المدني ة الجدي د الص ادر في ‪ 28‬س بتمبر ‪ 1974‬وق انون المس طرة‬

‫المدنية القديم من حيث منع الدولة من اللجوء إلى التحكيم‪ .‬فالمادة ‪ 306‬منه تمنع االتفاق على التحكيم‬

‫بالنسبة للمسائل التي تمس النظام العام‪ .‬كما أن المادة ‪ 9‬من نفس القانون توجب تبليغ النيابة العامة‪ ،‬كل‬

‫القض ايا ال تي تتعل ق بالنظ ام الع ام والدول ة والجماع ات المحلي ة والمؤسس ات العمومي ة‪ ،‬وه ذا يع ني أن‬

‫األساس الذي يقوم عليه تحريم اللجوء إلى التحكيم بالنسبة للدولة ما زال موجودا"‪.611‬‬

‫أم ا األس تاذ عب د اهلل درميش وال ذي على عكس األس تاذ ال وكيلي اع ترف للدول ة وغيره ا من‬

‫أشخاص القانون العام باللجوء إلى التحكيم‪ ،‬لكن على أساس تفسير آخر باعتبار أن الفصل ‪ 9‬من ق م‬

‫م يشكل قاعدة عامة لدخوله تحت المقتضيات التمهيدية أما الفصل ‪ 306‬فهو نص خاص لدخوله تحت‬

‫مقتضيات المساطر الخاصة‪ .‬وبذلك فإن القاعدة العامة هي تبليغ النيابة جميع الدعاوى والمساطر التي‬

‫تكون الدولة أو أحد المؤسسات العمومية طرفا فيها طبقا للفصل ‪ .9‬وأن االستثناء من تلك القاعدة هي‬

‫تلكم المتعلقة بعقود وأموال خاضعة لنظام القانون الخاص حيث ال دخل للنيابة العامة في ذلك خصوص ا‬

‫وأن مسطرة التحكيم هي مسطرة خاصة ال تخضع وجوبا إال للقواعد الواردة في باب التحكيم‪.612‬‬

‫‪ -611‬محمد الوكيلي ‪ "،‬تحكيم البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار بين دولة وشخص خاص أجنبي"‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،1982‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -612‬عبد اهلل درميش‪" ،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 96‬وما يليها‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫أم ا على مس توى االجته اد القض ائي المغ ربي فلم يخ رج عن االتج اه ال ذي تبن اه المش رع‬

‫بخصوص هذا الموضوع‪ ،613‬وكان ذلك في إحدى القرارات الصادرة عنه إبان عهد الحماية‪ .‬إذ جاء‬

‫في بعض حيثيات ه م ا يلي‪ ..." :‬وحيث إن ه في الحقيق ة ال يمكن للدول ة أن تس حب النزاع ات ال تي تك ون‬

‫طرفا فيها من أنظار قضاة قامت هي بنفسها بتعيينهم‪...‬‬

‫‪ ...‬وحيث إنه طبقا للظهائر السارية وخصوصا الصادر منها بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪ 1917‬المتعلق‬

‫بالمحاسبة العامة ال يكون لمديري ورؤساء مصالح الدولة الشريفة وخصوصا مدير األشغال العمومية‪،‬‬

‫حرية التصرف في حقوق الدولة المناط بهم إدارتها إال في حدود ضيقة وبصورة محدودة‪...‬‬

‫‪ ...‬وحيث إن ه من جه ة أخ رى وتطبيق ا للفص ل ‪ 186‬من ظه ير المس طرة المدني ة يجب على‬

‫النيابة العامة وبصورة إلزامية تقديم مستنتجاتها في كل النزاعات التي تتعلق باإلدارات العمومية‪...‬‬

‫‪ ...‬وحيث إن ه ذا البطالن مطل ق يمكن التمس ك ب ه من ط رف المس تأنفين ومن ط رف اإلدارة‬

‫كذلك"‪.614‬‬

‫وهكذا نخلص إلى بيان أسباب استبعاد القانون المغربي في مرحلة ما للنزاعات التي يكون أحد‬

‫أطرافها شخصا معنويا عاما من القابلية للتحكيم‪.615‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إباحة التحكيم اإلداري كقاعدة بعد صدور قانون ‪08 -05‬‬

‫إن تك ريس المش رع المغ ربي إلمكاني ة اللج وء للتحكيم لح ل النزاع ات الناتج ة عن عق ود يك ون‬

‫أحد أطرافها شخص عام في قانون ‪ ،08 -05‬هو أمر محمود في ظل االنفتاح االقتصادي الذي يشهده‬

‫‪ -613‬وكان ذلك في إطار الفصل ‪ 227‬من قانون المسطرة المدنية القديم الصادر سنة ‪.1913‬‬
‫‪ -614‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 26‬يونيو ‪ ،1923‬منشور بمجموعة قرارات محكمة االستئناف (سنة ‪ -2- 1923‬ص‬
‫‪)131‬‬
‫‪ -‬البوعناني رحال‪" ،‬التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -615‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪200‬‬
‫المغ رب (الفق رة األولى)‪ ،‬إال أن م ا يمكن طرح ه في ه ذا الش أن ه و الص ياغة ال تي اعتم دها المش رع‬

‫لتنظيم حالة اللجوء للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الفصل ‪ 310‬من قانون ‪ 08 -05‬وأساس مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫إذا كان المشرع المغربي قد أكد في الفصل ‪ 306‬من قانون المسطرة المدنية‪ -‬القديم‪ -‬بصريح‬

‫العب ارة على ع دم ج واز االتف اق على التحكيم في المنازع ات المتعلق ة ب العقود اإلداري ة‪ ،‬فإن ه بص دور‬

‫الظه ير الش ريف رقم ‪ 1-07-169‬بت اريخ ‪ 30‬نوفم بر ‪ 2007‬بتنفي ذ الق انون رقم ‪ 08-05‬القاض ي‬

‫بنس خ وتع ويض الب اب الث امن بالقس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة ومن خالل التوج ه الح ديث‬

‫لوظيفة الدولة في المجاالت االقتصادية سعيا الستقطاب االستثمارات األجنبية‪ ،‬برزت ضرورة اللجوء‬

‫للتحكيم اإلداري وهذا ما رسخته مقتضيات المادة ‪ 310‬من قانون ‪ 08-05‬بحيث يالحظ تغيرا واضحا‬

‫في موق ف المش رع المغ ربي بخص وص مس ألة االتف اق على التحكيم في العق ود ال تي يبرمه ا األش خاص‬

‫المعنوي ة العام ة وه ذا التح ول م رده إلى انفت اح الدول ة على القط اع الخ اص وإ ب رام ش راكات مع ه في‬

‫المشاريع االقتصادية الهامة‪.616‬‬

‫وق د ج اء في الفص ل ‪ 310‬من الق انون الم ذكور وال س يما الفق رة الثالث ة من ه على م ا يلي‪:‬‬

‫"بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل ‪ 317‬أدناه‪ ،‬يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي‬

‫تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو‬

‫الوصاية المنصوص عليها في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود‬

‫المعنية"‪.‬‬

‫‪ -616‬فقد ورد في مذكرة تقديم مشروع القانون رقم ‪ 08-05‬في النقطة المتعلقة بإمكانية إبرام اتفاق تحكيم فيما يخص العقود التي تبرمها الدولة‬
‫والجماع ات المحلي ة م ا يلي‪" :‬اس تجابة لمتطلب ات العولم ة‪ ،‬وتنافس ية االقتص اد‪ ،‬واس تقطاب االس تثمارات‪ ،‬ص ار من الض روري الس ماح لبعض‬
‫األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام باللجوء إلى التحكيم توخيا إلرساء مفهوم شراكة وثيق ة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬إال أن ه ال يمكن‬
‫فرض مسطرة التحكيم على األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن االنفتاح على هذه األش خاص يتم في إطار احترام‬
‫المقتضيات المتعلقة بالمراقبة والوصاية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪."...‬‬
‫أنظر‪ :‬مصطفى التراب ‪ "،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،22‬هامش ‪.24‬‬
‫‪201‬‬
‫يس تفاد من ه ذه المقتض يات أن المش رع المغ ربي رف ع الحظ ر المتعلق بعدم ج واز االتفاق على‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬فعلى الرغم من أن مقتضيات الفصل ‪ 310‬جاءت فضفاضة بحيث أنها لم‬

‫تحدد نوعية العقود التي يمكن للدولة أو الجماعات المحلية االتفاق على التحكيم بشأنها إال أن الشائع في‬

‫مجال القانون اإلداري أن الدولة تلجأ في تعامالتها إلى إبرام نوعين من العقود‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬عقود خاضعة لنظام يحكمه القانون الخاص‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬عقود خاضعة لنظام يحكمه القانون العام وهي العقود اإلدارية‪.‬‬

‫ومن تم يمكن االستناد إلى إرادة المشرع الضمنية والمعبر عنها في الفصل ‪ 310‬السالف الذكر‬

‫للقول بجواز التحكيم في المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكاليات يطرحها الفصل ‪ 310‬بخصوص التحكيم اإلداري‬

‫إن موضوع التحكيم اإلداري يثير العديد من اإلشكاليات تتعلق أهمها بالشروط الخاصة بمسألة‬

‫لج وء الدول ة والجماع ات المحلي ة إلى إب رام اتف اق التحكيم ( أوال)‪ ،‬كم ا أنه ا من زاوي ة ثاني ة تتعل ق‬

‫بمحدودية مجاالت إعمال التحكيم اإلداري ( ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إشكالية المراقبة أو الوصاية في مجال التحكيم اإلداري‬

‫‪202‬‬
‫إن المش رع المغ ربي لم يض ع أي قي د أو ش رط معين بخص وص لج وء الدول ة والجماع ات‬

‫إلى إب رام اتف اق التحكيم‪ ،‬إال قي د وش رط ض رورة التقي د بالمقتض يات الخاص ة بالمراقب ة‪ ،‬أو‬ ‫‪617‬‬
‫المحلي ة‬

‫الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬

‫وعب ارة التقي د بالمقتض يات المتعلق ة بالوص اية أو المراقب ة تث ير أك ثر من س ؤال فه ل اتف اق‬

‫التحكيم (ش رط أو عق د) بش أن العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة أو الجماع ات المحلي ة والمؤسس ات العام ة‪- ،‬‬

‫لكي يك ون ص حيحا‪ -‬يجب أن تت وفر في ه باإلض افة إلى الش روط الم ذكورة في الم ادة ‪ 117‬من الق انون‬

‫‪ ،08 -05‬الش روط ال تي تقرره ا النص وص المنظم ة للعق ود ال تي تبرمه ا ه ذه الجه ات وال تي تقتض ي‬

‫موافقة سلطة الوصاية أو سلطة المراقبة المالية؟‬

‫فهذه القيود تطرح وكما ذهب إلى ذلك األستاذ رياض فخري أكثر من سؤال حول المراقبة أو‬

‫الوص اية ال تي يمكن أن يخض ع له ا لج وء الدول ة أو الجماع ات المحلي ة في النزاع ات المالي ة إلى آلي ة‬

‫التحكيم‪ ،‬هل يعني ذلك أنه يجب أن تحصل على ترخيص مسبق بذلك من جهات معينة حتى تستطيع‬

‫مباشرة مسطرة التحكيم ؟ وفي حالة ما إذا كان هذا الترخيص ضروريا فإنه يطرح سؤال آخر حول‬

‫تحدي د طبيع ة ه ذا ال ترخيص أي ه ل يعت بر ترخيص ا عام ا ين درج ض من اختصاص ات اإلدارة المعني ة‬

‫وبالتالي ال تحتاج إلى إصدار ترخيص كلما أرادت اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬أم أنه يعد ترخيصا خاصا يمنح‬

‫‪ -617‬إذا ك انت األش خاص العام ة الترابي ة تم ارس مهامه ا في الح دود الجغرافي ة المخصص ة والمرس ومة له ا تحت رقاب ة ووص اية الدول ة‪ ،‬ف ان‬
‫الدولة تخضع في معاملتها إلى رقابة إدارية ومالية محددة طبقا للقانون‬
‫فطبقا للمادة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬فان الهيئات العامة الخاضعة لهذا‬
‫القانون هي ‪ :‬الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العامة‪.‬‬
‫ولق د نص الفص ل ‪ 145‬من دس تور ‪ 2011‬على أن والة الجه ات وعم ال األق اليم والعم االت يمثل ون الس لطة المركزي ة في الجماع ات الترابي ة‬
‫ويمارسون المراقبة اإلدارية ‪ ،‬كما أنهم يعملون على تأمين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ‪.‬‬
‫وانطالقا من أن صالحيات الوصاية المخولة للسلطة اإلدارية تهدف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي القوانين واألنظمة‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬وكذا ضمان حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدة اإلدارة‪ ،‬فإن قرارات المجلس الجماعي تكون غير قابلة للتنفي ذ إال بعد‬
‫مصادقة سلطة الوصاية عليها متى تعلق األمر بالقرارات المنصوص عليها في المادة ‪ 69‬من القانون رقم ‪ 78 -00‬المتعلق بالميثاق الجماعي‪.‬‬
‫‪ -‬مصطفى بونجة ‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية وفقا لقانون المسطرة المدنية المغربي"‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪www.Maroc Arbitrage.com‬‬
‫‪203‬‬
‫بمناس بة ك ل ن زاع على ح دى كلم ا ارت أت اإلدارة تس ويته عن طري ق التحكيم ؟ ه ذا باإلض افة إلى‬

‫استحضاره للمشاكل المتولدة عن تعيين الجهة الموكول لها اختصاص منح مثل هذه التراخيص‪ ،‬فهل‬

‫تعهد إلى السلطات المحلية أم إلى سلطات الوصاية المركزية‪618‬؟‬

‫إن اإلجاب ة عن ه ذه النق ط يحتم علين ا استحض ار المب ادئ العام ة ال تي ت ؤطر الق انون اإلداري‬

‫وبالتالي ال يسعنا إال أن نعتبر إيراد مثل هذه المقتضيات في القانون ‪ ،08-05‬هو ضمان الحفاظ على‬

‫هيب ة الدول ة وتفوقه ا على ب اقي األش خاص االعتباري ة الخاص ة والطبيعي ة أيض ا‪ ،‬كم ا أن ذل ك من ش أنه‬

‫الحفاظ على المكانة السامية لمفهوم النظام العام في ظل هذا الفرع القانوني وإ ن كان ذلك سينعكس سلبا‬

‫من جهة ثانية على تطور العالقات التي قد يكون الشخص العام طرفا فيها‪.619‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكالية محدودية مجاالت إعمال التحكيم اإلداري‬

‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 310‬من قانون ‪ 08-05‬نجده ينص على أنه‪" :‬ال يجوز أن يكون محل‬

‫تحكيم النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات األحادي ة للدول ة أو الجماع ات المحلي ة أو غيره ا من الهيئ ات‬

‫المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية‬

‫غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق‬

‫قانون جبائي"‪.‬‬

‫فيستفاد من هذه المقتضيات أن النزاعات التي قد تثار بشأن تطبيق قرارات صادر عن الدولة‬

‫أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية‪ ،‬ال يجوز االتفاق‬

‫على اللجوء إلى التحكيم بشأنها‪ ،‬ألن االختصاص ينعقد فيها لوالية القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪ -618‬رياض فخري‪ "،‬قواعد التحكيم‪ ،‬قراءة في القانون رقم ‪ ،"08 -05‬مقال منشور ضمن أعمال ندوة " الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل‬
‫النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪ ،2007‬ص ‪ 435‬و ‪.436‬‬
‫‪ -619‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪204‬‬
‫كما أن المسائل المتعلقة بأعمال سلطات الدول الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية تعد إحدى‬

‫الص ور الواض حة للنظ ام الع ام‪ ،‬فطبيع ة ال دول ودس تورها ونظامه ا السياس ي ال يتص ور مع ه اللج وء‬

‫بش أنها إلى التحكيم كنظ ر ن زاع يتعل ق بدس تورية ق انون‪ ،‬أو بص حة ق رار إداري‪ ،620‬فهي مس ائل تتعل ق‬

‫بصميم نظام الدولة الذي ال يكون الفصل فيها إال عن طريق محاكمها‪.621‬‬

‫وإ ذا كان المشرع المغربي قد نهج تدريجيا سياسة تحرير األشخاص المعنوية العامة من الحظر‬

‫الذي كان مفروضا عليها في إمكانية اللجوء إلى الهيئات التحكيمية‪ .‬فإنه مع ذلك يبقى استثناء النزاع ات‬

‫المتعلق ة بتط بيق الق وانين الجبائي ة منطقي ا‪ ،‬وذل ك الرتباطه ا الق وي بالنظ ام الع ام من جه ة والعتباره ا‬

‫تتعلق بالتزامات منصوص عليها دستوريا من جهة ثانية‪ ،‬والتي يتعين أن يتحملها كل مواطن مغربي‬

‫حسب استطاعته الشيء الذي يجعل الجهة القضائية المالئمة لصونها هي القضاء اإلداري لما يتمتع به‬

‫من احترافية عالية في هذا المجال‪.622‬‬

‫والمشرع المغربي بمنعه للتحكيم في المنازعات الجبائية يكون قد تأثر ببعض االتجاهات الفقهية‬

‫بفرنسا والتي تعتبر بأن اإلقرار بالتحكيم في المنازعات الضريبية هو مساس بالنظام العام‪ ،‬واعتداء‬

‫على االختصاص الحصري للقاضي اإلداري‪ ،‬غير أن هاته األسباب لم تعد قائمة مادام أن المشرع‬

‫قد أقر بإمكانية التحكيم في العقود اإلدارية والمنازعات المالية المترتبة عن القرارات اإلدارية‪ ،‬فسواء‬

‫تعل ق األم ر ب العقود اإلداري ة والمنازع ات المالي ة المترتب ة عن الق رارات اإلداري ة أو المنازع ات‬

‫الضريبية فان األمر يتعلق دائما وأبدا بالمال العام‪. 623‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف األنظمة القانونية المقارنة من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫‪ -620‬دع وى اإللغ اء تق وم على الطعن في الق رار اإلداري‪ ،‬واختص اص القض اء اإلداري به ذه ال دعوى يتعل ق بالنظ ام الع ام إذ من المق رر فقه ا‬
‫وقضاء أن دعوى اإللغاء هي وسيلة عامة للدفاع عن المشروعية والصالح العام أكثر منها وسيلة خاصة للدفاع عن الحقوق والمصالح الخاصة‪.‬‬
‫راجع ما سنعرض له بتفصيل بخصوص موضوع دعاوى اإللغاء في المبحث الثاني من هذا الباب‪.‬‬
‫‪ -621‬رفعت محمد عبد المجيد ‪" ،‬مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية"‪ ،‬مجلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪.7‬‬
‫‪ -622‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -623‬مصطفى بونجة‪ "،‬القانون المدني‪ ،‬المسطرة المدنية"‪ ،‬أنظر الموقع اإللكتروني‪http://www.alkanounia.com :‬‬
‫‪205‬‬
‫في ه ذا الف رع س نحاول تبي ان م دى مش روعية التحكيم اإلداري‪ ،‬والج دل الفقهي والتش ريعي‬

‫والقضائي الذي ثار بشأنها في بعض األنظمة القانونية المقارنة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬موقف النظام القانوني المصري من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫لق د ع رف موض وع التحكيم اإلداري خالف ات ومناقش ات ح ادة بين الفقه اء والقض اة من حيث‬

‫ش رعية اللج وء إلي ه وذل ك في المرحل ة م ا قب ل ص دور الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بش أن التحكيم في‬

‫المواد المدنية والتجارية‪ ،‬واستمر هذا الخالف والنقاش حتى بعد صدور هذا القانون ألنه لم يتعرض‬

‫للمادة اإلدارية إلى أن جاء القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬المتعلق بالتحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫والذي أباح صراحة اللجوء إليه‪.‬‬

‫وتبعا لما أشرنا إليه أعاله قد يكون من المناسب قبل الحديث عن موقف التشريع المصري من‬

‫مشروعية التحكيم اإلداري أن نبدأ بتبيان موقف الفقه والقضاء المصري من هذا الموضوع سواء قبل‬

‫صدور قانون ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬أو بعد صدوره‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه والقضاء المصري من مشروعية التحكيم اإلداري قبل صدور‬
‫القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬

‫قب ل ص دور الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بش أن التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة اختل ف‬

‫الفقهاء والقضاة حول إمكانية تطبيق التحكيم اإلداري بين مؤيدين ومعارضين ولكل اتجاه من االتج اهين‬

‫مبرراته وأسانيده‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موق ــف الفق ــه المص ــري من مش ــروعية التحكيم اإلداري قب ــل ص ــدور ق ــانون ‪ 27‬لس ــنة‬

‫‪1994‬‬

‫لق د انقس م الفقه اء فيم ا يخص التحكيم اإلداري خالل الف ترة المش ار إليه ا أعاله إلى اتج اهين‪:‬‬

‫االتجاه الرافض لمسألة اللجوء إلى هذه الوسيلة واالتجاه المؤيد لهذا اللجوء‪.‬‬
‫‪206‬‬
‫‪ -1‬االتجاه الرافض‬

‫أو توزي ع‬ ‫‪624‬‬


‫اس تند ه ذا الفري ق من الفقه اء على العدي د من األس س ال تي تتعل ق بس يادة الدول ة‬

‫االختصاص بين جهتي القضاء بها أو التشكيك في حيدة المحكمين‪.‬‬

‫ولقد ذهب هذا الموقف الرافض إلى حد اعتبار التحكيم في منازعات العقود اإلدارية متعارضا‬

‫مع فكرة النظام العام ذاتها وذلك وفق ما يلي بيانه‪:‬‬


‫‪625‬‬
‫أ – مساس التحكيم بسيادة الدولة‬

‫وذل ك بس لب القض اء الوط ني اختصاص ه وإ س ناده إلى جه ة أخ رى غ ير قض ائية‪ .‬ف التحكيم‬

‫يتع ارض م ع س يادة الدول ة‪ ،‬ألن ه يعت بر في حقيقت ه س لبا الختص اص القض اء الوط ني ال ذي ه و مظه ر‬

‫أساسي من مظاهر سيادتها‪ ،‬وإ ذا كان ذلك مقبوال بالنسبة لمنازعات األفراد بعضهم البعض‪ ،‬فإنه غير‬

‫مقبول في العقود اإلدارية سواء كانت وطنية أو دولية‪ ،626‬فقبولها بالنسبة للدولة يعتبر ماسا بسيادتها‬

‫هذا فضال عن كون التحكيم يستبعد تطبيق القانون الوطني ويؤدي إلى تطبيق القانون األجنبي‪.627‬‬

‫وقد رد بعض الفقهاء على الحجة – المشار إليها أعاله – بعدم صحتها لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬قد يكونوا قضاة الدولة غير مختصين في المسائل الفنية محل النزاع األمر الذي يدفعهم إلى‬

‫االستعانة بالخبراء‪ .‬ووقف الفصل في الدعوى انتظارا لتقاريرهم فإذا كان األمر كذلك فإنه يكون من‬

‫األوفق اختصارا للوقت وتوفيرا للنفقات لجوء الخصوم إلى هؤالء الخبراء مباشرة وتنصيبهم محكمين‬

‫للفصل في النزاع القائم بينهم‪.‬‬

‫‪ -624‬محسن شفيق ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة في قانون التجارة الدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بدون سنة الطبع‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪-625‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد الشلقاني ‪" ،‬الدولة والتحكيم في عقود التجارة الدولية"‪ ،‬مجلة قضايا الحكومة‪ ،‬مطابع البالغ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪ ،1966‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -626‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫‪-627‬‬
‫أحمد محمد عبد البديع شتا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪207‬‬
‫‪ -‬وإ ذا ك ان التحكيم يس لب القض اء اختصاص ه ففي ذل ك تخفي ف علي ه من ك ثرة القض ايا ال تي‬

‫يعاني منها من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن هذا التحكيم ال يتم إال بمقتضى قانون يسمح به‪ .‬ألن إرادة‬

‫األفراد ليست كافية بمفردها لخلق هذا التحكيم وإ قرار اللجوء إليه‪.628‬‬

‫وإ ق رار التحكيم والعم ل ب ه ال يع ني انقط اع الص لة بين التحكيم والقض اء الوط ني طالم ا أن‬

‫القضاء يملك بموجب نصوص تشريعية سلطة التدخل في أعمال المحكمين سواء بالمساعدة أو الرقابة‬

‫واإلشراف‪.629‬‬

‫كم ا وأن الق انون الوط ني غ ير مس تبعد في جمي ع األح وال من التط بيق في حال ة النص على‬

‫التحكيم إذ يظل بوسع األشخاص العامة وهي بصدد إبرام العقد اإلداري وإ دراج شرط التحكيم كأسلوب‬

‫لتسوية نزاعاته أن تشترط تطبيق القانون الوطني كأساس لتسوية النزاع‪.630‬‬

‫ب – في اللجوء إلى التحكيم اعتداء على اختصاص القضاء الوطني‬

‫اس تند الفري ق المع ارض في تدعيم ه له ذه الحج ة على نص الم ادة العاش رة من ق انون مجلس‬

‫الدول ة المص ري رقم ‪ 47‬لس نة ‪ 1972‬وال تي تنص في فقرته ا الحادي ة عش ر على اختص اص المجلس‬

‫دون سواه بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود االلتزام واألشغال العامة أو التوريد أو أي عقد إداري‬

‫آخر‪ .‬بمعنى أن االختصاص اإلداري في هذه األنواع من النزاعات مقتصرة على القض اء اإلداري دون‬

‫سواه‪ .‬وذلك بالنظر للطبيعة الخاصة لهذه النزاعات وما تتطلبه من أحكام واجتهادات خاصة‪ .‬ومن تم‬

‫يصعب إسنادها للتحكيم إذا لم ينص المشرع صراحة على خضوعها له‪.‬‬

‫ولقد رد على هذا الموقف بعض الفقهاء المؤيدين للتحكيم بما يلي‪:631‬‬

‫‪ -628‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.539‬‬


‫‪ -629‬أحمد الشلقاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -630‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.539‬‬
‫‪-631‬‬
‫محمد كمال منير‪" ،‬م دى ج واز االلتج اء إلى التحكيم االختي اري في العق ود اإلداري ة"‪ ،‬مجل ة العل وم اإلداري ة الص ادرة عن الش عبة المص رية‬
‫للمعهد الدولي للعلوم اإلدارية بالقاهرة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ ،1991‬ص ‪.330‬‬
‫‪208‬‬
‫‪ -‬إن نص الم ادة العاش رة المح ددة الختص اص مجلس الدول ة المش ار إليه ا أعاله قص د به ا‬

‫المشرع بيان حدود اختصاص القضاء اإلداري وتمييزه عن القضاء العادي‪ .‬األمر الذي ال يجوز معه‬

‫تج اوز قص د المش رع ب القول ب أن النص يع ني ع دم ج واز لج وء الهيئ ات اإلداري ة إلى التحكيم لتس وية‬

‫المنازعات الخاصة بها‪.‬‬

‫‪ -‬كما وأن االستدالل بالمادة العاشرة ال يغني عن اإلطالع على المواد األخرى من القانون ال‬

‫سيما المادة ‪ 58‬منه التي تضمنت إباحة اللجوء إلى التحكيم وقبول حكم المحكمين بشرط الحصول على‬

‫فتوى بذلك من قسم الفتوى بالمجلس وفي ذلك إجازة للتحكيم من طرف المشرع‪.‬‬

‫ج – تعارض التحكيم مع الدستور‬

‫يس تند ال رأي ال رافض للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة على مقتض يات الم ادة ‪ 172‬من‬

‫الدس تور وال تي تنص على أن‪" :‬مجلس الدول ة هيئ ة قض ائية مس تقلة يختص بالفص ل في المنازع ات‬

‫اإلداري ة وفي الدعاوى التأديبي ة ويحدد القانون اختصاصاته األخرى"‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬ف إن أي اتفاق على‬

‫التحكيم بهذا الشأن يكون مخالفا للدستور‪.‬‬

‫وي رى بعض الفقه اء ردا على الموق ف الفقهي المش ار إلي ه أعاله أن االس تناد على ه ذا النص‬

‫ألن ه ذا النص وإ ن ك ان ينط وي على تقري ر والي ة عام ة لمح اكم مجلس‬ ‫‪632‬‬
‫الدس توري في غ ير محل ه‬

‫الدولة بنظر المنازعات اإلدارية إال أن ذلك ال يعني حرمان المشرع من إسناد االختصاص بالفصل في‬

‫بعض المنازعات اإلدارية‪ ،‬ومنها المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية إلى جهات أخرى‪.633‬‬

‫د– تعارض التحكيم مع فكرة النظام العام‬

‫‪ -632‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬محمد بكر حسين‪ "،‬العقد اإلداري والتحكيم"‪ ،‬مكتبة السعادة بطنطا‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪ 155‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد ماجد محمود ‪ "،‬العقد اإلداري وشرط التحكيم الدولي"‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬السنة ‪ ،35‬العدد األول‪ ،‬يونيو ‪ ،1993‬ص ‪.138‬‬
‫‪-633‬‬
‫مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 540‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫يستند الرأي الرافض للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية في كونه يتعارض مع فكرة النظام‬

‫الع ام‪ ،634‬على اعتب ار أن المقص ود به ذه الفك رة في الق انون اإلداري ه و تغليب المص لحة العام ة على‬

‫المصلحة الخاصة أي تحقيق مصلحة عليا تعلو على المصالح الفردية‪.635‬‬

‫فهذه الفكرة تهيمن على العقود اإلدارية بالمقارنة مع العقود المدنية ومن تم ال يجوز اللجوء إلى‬

‫التحكيم بشأنها إال بنص صريح من المشرع‪.‬‬

‫وي رى بعض الفق ه أن ال رد على ه ذا الموق ف يكمن في محتوي ات ال رأي ال رافض بح د ذات ه‬

‫لسببين‪:‬‬

‫‪ -‬أن ت رجيح المص لحة العام ة على المص لحة الخاص ة ال يتم إال عن د تعارض هما في ح االت‬

‫الض رورة أم ا القاع دة العام ة فتقض ي بمراع اة المص الح والتوفي ق بينه ا تحقيق ا لمب دأ المش روعية وحكم‬

‫القانون الذي يقضي في كثير من الحاالت بالتعويض لجبر الضرر‪.‬‬

‫‪ -‬كم ا وأن إح داث التحكيم وص الحية اللج وء إلي ه ال يتم إال بم وجب النص الق انوني ال ذي يق ر‬

‫به ذا األس لوب في تس وية المنازع ات إلى ج انب القض اء وإ ال ك ان االتف اق على التحكيم ب اطال فممارس ة‬

‫التحكيم في إطاره القانوني ال يتعارض مع فكرة النظام العام‪.636‬‬

‫‪ -2‬االتجـــاه المؤيــد‬

‫‪ -634‬يراجع بخصوص هذا الموضوع‪.‬‬


‫‪ -‬عزيزة الشريف‪ "،‬التحكيم اإلداري في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1993‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -‬مجدي عبد الحميد شعيب‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬بدون ناشر‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -‬نجالء حسن سيد أحمد خليل ‪ "،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -635‬هالل حمد هالل السعدي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ -636‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.542‬‬
‫‪210‬‬
‫أجاز الفقهاء المؤيدون للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية االتفاق على تسوية هذا النوع من‬

‫المنازعات بهذه الوس يلة القانونية ونلمس هذا التوج ه الفقهي من خالل الردود ونقد الحجج المقدم ة من‬

‫طرف الفقهاء المعارضين – وفق ما سبق ذكره ‪.-‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء المصري من مشروعية التحكيم اإلداري قبـل صدور القانون رقـــم ‪27‬‬
‫لسنة ‪1994‬‬

‫يمكن تلخيص ه ذا الموق ف من خالل ثالث ة آراء لك ل من مجلس الدول ة القض اء اإلداري‬

‫والقضاء العادي‪.‬‬

‫‪ – 1‬رأي مجلس الدولة‬

‫اختل ف موق ف مجلس الدول ة اإلفت ائي والقض ائي من التحكيم في العق ود اإلداري ة قب ل ص دور‬

‫وه ذا م ا نلمس ه من استعراض نا لمواق ف‬ ‫‪637‬‬


‫ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بين اإلج ازة وال رفض‬

‫الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع والقضاء اإلداري وذلك على النحو الموالي‪:‬‬

‫‪ -‬في البداي ة أفتت الجمعي ة بت اريخ ‪ 7‬ين اير ‪ 1970‬بع دم ج واز اللج وء إلى التحكيم لح ل‬

‫منازعات العقود اإلدارية من دون النص على ذلك صراحة بقولها‪" :‬أن إرادة الخصوم ال تكفي وحدها‬

‫لخلق نظام التحكيم بل يجب أن يقرر المشرع اتفاقهم بحيث يمكن القول أنه لوال إجازة المشرع االلتجاء‬

‫إلى التحكيم ونصه على تنفيذ أحكام المحكمين ما كانت إرادة الخصوم وحدها كافية لخلقه"‪.‬‬

‫وأكدت الجمعية العمومية نفس الموقف في فتواها بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ 1988‬حيث ذهبت إلى أن‬

‫من األص ول المق ررة في الق انون اإلداري أن أهلي ة األش خاص القانوني ة العام ة في التص رف والقي ام‬

‫باألعمال الالزمة لتحقيق األهداف المنوط بها تحقيقها إنما هي أهلية محددة وتنظمها القوانين والقرارات‬

‫المنشئة لها وعليه فال يجوز أن تلجأ إلى التحكيم بغير نص يصرح لها بذلك‪.‬‬

‫‪ -637‬جابر جاد نصار ‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.66‬‬
‫‪211‬‬
‫‪ -‬وفي سنة ‪ 1989‬قضت الجمعية العمومية بموجب قرارها بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 1989‬بجواز‬

‫اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة اس تنادا إلى الم ادتين ‪ 167‬و ‪ 172‬من الدس تور‬

‫المص ري وم واد التحكيم من ‪ 501‬إلى ‪ 509‬ال واردة في ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة رقم ‪13‬‬

‫لس نة ‪ ،1968‬والم ادتين ‪ 10‬و ‪ 58‬من ق انون مجلس الدول ة‪ ،‬وذل ك بمناس بة نظره ا في قض ية مراجع ة‬

‫عق د بين وزارة التعم ير والمجمع ات العمراني ة ومجموع ة العم ارة والتخطي ط واستخلص ت من عناص ر‬

‫العقد والم واد القانونية المشار إليه ا أعاله أن التحكيم يقوم على ركيزتين‪ :‬هما إرادة األطراف وإ قرار‬

‫المشرع لهذه اإلرادة‪.638‬‬

‫ولق د أج از المش رع االتف اق على التحكيم في الم ادة ‪ 58‬من ق انون مجلس الدول ة وفي ق انون‬

‫المرافعات وأن قواعد هذا األخير هي الواجبة التطبيق في حالة عدم وجود نص صريح ينظم التحكيم‬

‫في العقود اإلدارية إال أن ذلك يبقى مشروطا بعدم التعارض مع طبيعة الروابط اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬وفي س نة ‪ 1993‬أك دت الجمعي ة العمومي ة في قراره ا بت اريخ ‪ 7‬ف براير ‪ 1993‬إلى ج واز‬

‫اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة م ع اش تراطها ض رورة تط بيق القواع د القانوني ة‬

‫الموضوعية التي تطبق على العقود اإلدارية‪ ،‬واتخاذ الجمعية لهذا القرار كان بمناسبة النظر في مسألة‬

‫مراجعة عقد أبرم بين وزارة األوقاف ومركز األهرام للتنظيم والميكروفيلم التابع لمؤسسة األهرام التي‬

‫تضمن بندا يقضي باللجوء إلى التحكيم لحل أي نزاع أثناء تنفيذه‪.639‬‬

‫‪ -2‬رأي القضاء اإلداري‬

‫‪ -638‬هالل حمد هالل السعدي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 147‬و ‪.148‬‬


‫‪ -639‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 542‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫أ‪ -‬بالنس بة لمحكم ة القض اء اإلداري فإنه ا أج ازت التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة في‬

‫حكمه ا بت اريخ ‪ 18‬م اي ‪ 1986‬بمناس بة دع وى أقامته ا إح دى الش ركات ض د وزي ر اإلس كان والمراف ق‬

‫وآخرين‪ .‬مستندة في ذلك إلى أن العقد المبرم بين الشركة المدعية ووزارة اإلسكان والتعمير هو عقد‬

‫إداري ونص في أحد بنوده على أن‪" :‬كل خالف بين الطرفين على تفسير وتنفيذ األحكام التي تضمنها‬

‫االتفاق‪ ،‬يفصل فيه عن طريق التحكيم‪ ...‬وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن أمام المحاكم المصرية‬

‫بالطرق التي رسمها القانون"‪.640‬‬

‫وعن دما طعنت إدارة قض ايا الدول ة في ه ذا الحكم أم ام المحكم ة اإلداري ة العلي ا قض ت ه ذه‬

‫األخيرة بإلغائه مقررة عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪.641‬‬

‫وإ زاء رفض المحكمة اإلدارية للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية اضطرت محكمة القضاء‬

‫اإلداري للتحول عن موقفها متبعة نهج رفض التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬على أساس سلبه الختصاص‬

‫مجلس الدول ة مس تندة في ذل ك على مقتض يات الم ادة العاش رة من الق انون رقم ‪ 47‬لس نة ‪ 1972‬بش أن‬

‫قانون مجلس الدولة المصري‪.642‬‬

‫ب‪ -‬بالنسبة للمحكمة اإلدارية العليا‪ :‬كان لها رأيان‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬ال رافض للتحكيم في العق ود اإلداري ة –وف ق م ا س بق أن رأين اه ‪ ،-‬وال ذي نهج في‬

‫ذلك نفس التبريرات التي اعتمدها المعارضون في الدفاع عن موقفهم‪.643‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬المؤيد للتحكيم في العقود اإلدارية مما يعني تراجع المحكم ة – الم ذكورة أعاله –‬

‫عن موقفه ا الس ابق‪ .‬وذل ك في ق رار له ا بت اريخ ‪ 18‬ين اير ‪ 1994‬اس تنادا إلى الم ادة ‪ 501‬من ق انون‬

‫‪ -640‬جابر جاد نصار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66‬‬


‫‪ -641‬خالد بن عبد اهلل بن عبد الرحمان الخضير‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -642‬خالد بن عبد اهلل بن عبد الرحمان الخضير‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -643‬جابر جاد نصار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪213‬‬
‫المرافع ات بعل ة أن االتف اق على التحكيم ال ي نزع االختص اص من القض اء اإلداري وإ نم ا يمنع ه من‬

‫سماع الدعوى طالما بقي شرط التحكيم قائما‪.‬‬

‫‪ -3‬رأي القضاء العادي‬

‫ونخص بالذكر في هذا المج ال محكم ة النقض المص رية لوضوح موقفها وإ لى طريق ة التعليل‬

‫التي انتهجتها بشأن جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫إذ قض ت بن اء على مقتض يات الم ادة ‪ 501‬من ق انون المرافع ات ال تي تنص على أن ه‪" :‬يج وز‬

‫االتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز االتفاق في جميع المنازعات التي‬

‫تنشأ عن تنفيذ عقد معين" بما يلي بيانه‪:‬‬

‫بالنظر لعموم محتوى النص – المشار إليه سلفا ‪ -‬فإن تطبيقه يسري على كل العقود‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وبم ا أن التحكيم ينب ني على إرادة األط راف وإ ق رار المش رع له ذه اإلرادة وه و م ا حص ل‬ ‫‪-‬‬

‫بالفعل لذا فهو جائز في العقود اإلدارية‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس سار موقفها المؤيد للتحكيم في حل المنازعات اإلدارية‪.644‬‬ ‫‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف الفقه والقضاء المصري من التحكيم اإلداري بعد صدور القانون رقم‬
‫‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬

‫نظرا لتباين المواقف القضائية والفقهية تدخل المشرع المصري بموجب القانون رقم ‪ 27‬لسنة‬

‫‪ 1994‬بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬والذي نص في مادته األولى على ما يلي‪" :‬مع عدم‬

‫اإلخالل بأحك ام االتفاقي ات الدولي ة المعم ول به ا في جمهوري ة مص ر العربي ة تس ري أحك ام ه ذا الق انون‬

‫على ك ل تحكيم بين أط راف من أش خاص الق انون الع ام أو الق انون الخ اص أي ا ك انت طبيع ة العالق ة‬

‫‪ -644‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.543‬‬


‫‪214‬‬
‫القانونية التي يدور حولها النزاع وإ ذا كان هذا التحكيم يجري في مصر‪ ،‬أو كان تحكيما تجاريا دوليا‬
‫‪645‬‬
‫يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه ألحكام هذا القانون"‬

‫والجدير بالذكر أن القانون المشار إليه أعاله يخص المواد المدنية والتجارية كما وأن عمومية‬

‫نص الم ادة األولى فتح المج ال للنق اش ح ول إمكاني ة إدخ ال العق ود اإلداري ة ض من االتفاق ات الخاض عة‬

‫للتحكيم‪ . 646‬فاختلفت وجهات النظر بين الفقهاء(أوال) والقضاء(ثانيا) المؤيدين والمعارضين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الفقهاء من مشروعية التحكيم اإلداري بعد صدور القانون ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬

‫انقس م الفقه اء بش أن إمكاني ة اللج وء إلى التحكيم اإلداري بع د ص دور الق انون رقم ‪ 27‬لس نة‬

‫‪ 1994‬إلى ثالثة آراء‪ :‬رأي معارض‪ ،‬رأي مؤيد‪ ،‬و رأي وسط‪.‬‬

‫‪ -1‬الــرأي المعــارض‪ :647‬يس تند باألس اس على م ا تقض ي ب ه الم ادة ‪ 172‬من الدس تور فيم ا‬

‫نص ت علي ه من أن "مجلس الدول ة هيئ ة قض ائية مس تقلة ويختص بالفص ل في المنازع ات اإلداري ة وفي‬

‫الدعاوي التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته األخرى"‪.‬‬

‫وانتهى ه ذا ال رأي إلى أن قابلي ة منازع ات العق ود اإلداري ة للتحكيم تق ف أمامه ا ص عوبات ال‬

‫يس تهان به ا حيث أن نص الم ادة األولى لق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬والمناقش ات ال تي دارت‬

‫‪ -645‬تجدر اإلشارة أن المادة األولى من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬قد أضيفت إليها الفقرة الموالية بموجب القانون ‪ 9‬لسنة ‪ ،1997‬والتي‬
‫تقض ي ب اآلتي‪ ":‬بالنس بة إلى منازع ات العق ود اإلداري ة يك ون االتف اق على التحكيم بموافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى اختصاص ه بالنس بة‬
‫لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وال يجوز التعويض في ذلك"‪ .‬بمعنى أن التحكيم في مادة العقود اإلدارية أصبح مباحا بموجب القانون ولكن ضمن‬
‫شروطه وضوابطه‪.‬‬
‫‪ -646‬عز الدين بوزلماط ‪ "،‬دور التحكيم في تسوية المنازعات المتعلقة بصفقات الدولة‪ ،‬دراسة في القانون المغربي والقانون المقارن"‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلي ة العلوم القانوني ة واالقتصادية واالجتماعي ة‪ ،‬سال‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2008– 2007‬ص ‪.27‬‬
‫‪ -647‬منهم‪:‬‬
‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي ‪ "،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬مطبعة عين الشمس‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬ص ‪.194‬‬
‫‪ -‬محمد كمال منير ‪ "،‬مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،33‬يونيو ‪.1991‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد الشواربي ‪ "،‬التحكيم والتصالح في ضوء الفقه والقضاء والتشريع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.465‬‬
‫‪215‬‬
‫حولها في مجلس الشعب‪ ،‬وما أوردته المذكرة اإليضاحية‪ ،‬ال يقطع برأي نهائي في مسألة التحكيم في‬

‫العقود بمختلف أنواعها‪.648‬‬

‫لج واز التحكيم في المنازع ات اإلداري ة على م دلول‬ ‫‪649‬‬


‫‪ -2‬الــرأي المؤيــد‪ :‬اس تند ه ذا الفري ق‬

‫نص الم ادة األولى من الق انون – المش ار إلي ه أعاله – ال ذي يخ ول لألش خاص القانوني ة العام ة اللج وء‬

‫للتحكيم‪ ،‬في أية عالقة قانونية ذات طابع تجاري أو اقتصادي‪ ،‬وتقبل الصلح والتصرف‪.‬‬

‫ولما كان التحكيم بهذا المفهوم يشمل جميع المنازعات ذات الطابع االقتصادي فهو بذلك ينطبق‬

‫على المنازعات المدنية والتجارية ويمتد ليشمل المنازعات اإلدارية ذات الطابع االقتصادي‪.‬‬

‫وي دعم ه ذا الفري ق موقف ه المؤي د للتحكيم – في إط ار الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ -1994‬بعمومي ة‬

‫النص الم ذكور أعاله‪ .‬ه ذه العمومي ة ال تي تفس ر لص الح التحكيم اإلداري تطبيق ا للقاع دة األص ولية ال تي‬

‫تقضي بأن‪":‬العام يؤخذ على إطالقه ما لم يخصص" و" أنه ال اجتهاد مع وضوح النص"‪.‬‬

‫وتبع ا ل ذلك انتهى ه ذا الفري ق إلى الق ول بامت داد نط اق التحكيم على العق ود اإلداري ة باعتباره ا‬

‫إحدى صور العالقات القانونية بين أشخاص القانون العام والخاص‪.650‬‬

‫‪ -3‬الــرأي الوســط‪ :‬يجس د ه ذا ال رأي موق ف ثل ة من الفقه اء ال ذين يج يزون التحكيم فق ط في‬

‫منازعات العقود اإلدارية ذات الشأن الدولي‪ ،‬أي تلك التي يلحق بأطرافها أو موضوعها عنصر أجنبي‪،‬‬

‫ويتحدد هذا العنصر األجنبي بمحل إقامته أو مقر إبرام العقد الذي يكون خارج الدولة المتعاقدة أو يكون‬

‫تنفيذ العقد بدولة أخرى أو يتعلق موضوعه بالتجارة الدولية‪.651‬‬

‫‪ -648‬أكثم الخولي ‪ " ،‬االتجاهات العامة في قانون التحكيم الجديد‪ ،‬بحث قدم إلى مؤثمر مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي في الفترة‬
‫من ‪ 12‬إلى ‪ 13‬سبتمبر ‪.1994‬‬
‫‪ -649‬منهم‪:‬‬
‫‪ -‬ماجد راغب الحلو ‪ "،‬العقود اإلدارية والتحكيم"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.189‬‬
‫‪ -‬قحطان الدوري ‪ "،‬عقد التحكيم في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي"‪ ،‬دار الفرقان للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،1999 ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -650‬ناريمان عبد القادر‪ "،‬اتفاق التحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -651‬إبراهيم علي حسن‪" ،‬ت أمالت في اختص اص التحكيم بمنازع ات عق ود الدول ة"‪ ،‬مقال ة منش ورة بمجل ة هيئ ة قض ايا الدول ة‪ ،‬الس نة ‪ ،41‬الع دد‬
‫الثاني‪ ،‬أبريل و ماي لسنة ‪ ،1997‬ص ‪.26‬‬
‫‪216‬‬
‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء المصــري من مشروعيـــة التحكيـــم اإلداري بعــد صــدور القانــــون ‪27‬‬
‫لسنة ‪1994‬‬

‫إن االجته ادات القض ائية بع د ص دور الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬ق د اتجهت اتج اهين‪ :‬اتج اه‬

‫مؤيد وآخر معارض‪.‬‬

‫أ‪ -‬االتجاه المؤيد‪ :‬يمثله موقف محكمة القضاء اإلداري الذي أجاز اللجوء إلى التحكيم لتسوية‬

‫منازعات العقود اإلدارية تطبيقا لمقتضيات القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬وذلك في حكمها الصادر في‬

‫‪ 18‬يناير ‪ .1996‬بشأن الدعوى المقامة من وزير األشغال (بصفته) وضد الممثل القانوني لمجموعة‬

‫الشركات األوروبية المنفذة لمشروع قناطر إسنا الجديدة حيث رفضت طلب المدعي ببطالن حكم هيئة‬

‫التحكيم في الدعوى لعدم اختصاص تلك الهيئة بالنظر فيها لتعلقها بعقد إداري وهو عقد أشغال عامة‬

‫والذي ينعقد االختصاص بالبت في منازعاته لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري متخصص‪.‬‬

‫ب‪ -‬االتجاه المعارض‪ :‬يجس ده موق ف الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع ال رافض للتحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة رغم ص دور الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ .1994‬بعل ة أن ش رط التحكيم يعت بر متنافي ا م ع‬

‫إدارية العقد‪ ،652‬لذلك ارتأت ضرورة تدخل المشرع بعمل تشريعي يجيز التحكيم في منازعات العقود‬

‫اإلدارية بضوابط محددة وقواعد منظمة‪.‬‬

‫وفعال ص در القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬الخاص ب التحكيم في منازعات العقود اإلداري ة حسما‬

‫للخالف الفقهي والتردد القضائي واإلفتائي بشأن اللجوء للتحكيم لتسوية تلك المنازعات‪.653‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬المصري ومسألة مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫‪ -652‬محمد عبد المجيد إسماعيل ‪ "،‬عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪ 406‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ -653‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.547‬‬
‫‪217‬‬
‫أص در المش رع المص ري الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬بش أن التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة حس ما للخالف الفقهي وال تردد القض ائي واإلفت ائي وتخفيف ا على القض اء من ك ثرة الملف ات‬

‫والقضايا‪ ،‬وسرعة في البت في النزاعات‪.‬‬

‫وقد أجاز القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية بشرطين‬

‫هما‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬الحصول على إذن باللجوء للتحكيـــم‬

‫تطبيق ا لمقتض يات الم ادة األولى من الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬ف إن اللج وء إلى التحكيم في‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة يتطلب الحص ول على موافق ة ال وزير المختص أو من يق وم مقام ه بالنس بة‬

‫لألشخاص االعتبارية العامة‪.654‬‬

‫غير أن شرط الموافقة هذا تعرض للنقد من طرف بعض الفقهاء ألنه يمكن أن ي ؤدي إلى إقحام‬

‫الدولة في النزاع وباعتبارها طرفا فيه مما يحملها نتائجه‪.655‬‬

‫وش رط الموافق ة الس ابق ه ذا في اللج وء إلى التحكيم يع د ش رطا جوهري ا الزم ا لص حة اتف اق‬

‫التحكيم وفي حال ة ع دم الحص ول على ه ذه الموافق ة من ال وزير المختص أو ممن يق وم مقام ه بالنس بة‬

‫لألشخاص االعتبارية العامة فإنه ال يجوز اللجوء إلى التحكيم‪.656‬‬

‫‪ -654‬ازاد شكور صالح ‪ "،‬الوسائل البديلة لتسوية منازعات عقود االستثمار الدولية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.233‬‬
‫‪ -655‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.548‬‬
‫‪ -656‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪218‬‬
‫وشرط الموافقة على اللجوء إلى التحكيم يقتصر على التحكيم في العقود اإلداري ة الداخلية وليس‬

‫الدولية‪.657‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أخذ رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‬

‫نص الم ادة ‪ 58‬من الق انون رقم ‪47‬‬ ‫يقض ي بض رورة اإلطالع على رأي الجمعي ة العمومي ة‬
‫‪658‬‬

‫لس نة ‪ 1972‬بش أن مجلس الدول ة بأن ه‪ :‬يتعين على وزارة ومص الح الدول ة وهيئاته ا العام ة أخ ذ رأي‬

‫الجمعية العمومي ة لقسمي الفتوى والتش ريع بمجلس الدولة قبل إبرام أو إجازة أو تنفيذ قرار المحكمين‬

‫في عقد إداري متى زادت قيمته على خمسة آالف (‪ )5000‬جني ه حيث يتعين اس تفتاء اإلدارة المختص ة‬

‫قبل اإلقدام على ذلك‪.‬‬

‫وإ ذا كان رأي هذه الجمعية العمومية من قبيل اآلراء االستشارية غير الملزمة – في هذا الشأن‬

‫‪ ،-‬إال أنه ال يجوز التغاضي عن طلبه‪ ،‬ألن طلب الرأي في مثل هذه الحالة يعد من اإلجراءات الشكلية‬

‫الضرورية بغض النظر عن العمل به‪.‬‬

‫‪ -657‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 548‬و ‪.549‬‬


‫‪ -658‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.230‬‬
‫‪219‬‬
‫والجدير بالذكر أن التشريع المصري قد خطا خطوات سريعة وفعالة في مجال التحكيم اإلداري‬
‫‪660‬‬
‫وفق ما رأيناه سلفا وسواء كانت وطنية أو دولية‪ ،659‬مع التسليم بأهمية دور العقود اإلدارية الدولية‬

‫في جلب االستثمارات األجنبية والتعجيل بالرفع من عجلة التنمية‪.661‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬موقف بعض التشريعات العربية المقارنة من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫لقد كان القانون الجزائري أكثر وضوحا في تعامله مع لجوء أشخاص القانون العام للتحكيم فهو‬

‫لم يجز التحكيم بالنسبة لهذه األشخاص إال في إطار العالقات االقتصادية الدولية أو في إطار الصفقات‬

‫على‬ ‫‪662‬‬
‫العمومي ة‪ ،‬حيث نص ت الم ادة ‪ 1006‬من الق انون رقم ‪ 09-08‬الم ؤرخ في ‪ 25‬ف براير ‪2008‬‬

‫أنه‪ ":‬ال يجوز لألشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم‪ ،‬ما عدا في عالقاتها االقتصادية الدولية أو‬

‫في إطار الصفقات العمومية "‪.‬‬

‫في حين نجد المشرع التونسي نص في الفصل ‪ 7‬من مجلة التحكيم ‪ 663‬على أنه‬

‫" ال يجوز التحكيم‪.........‬‬

‫‪ - 659‬للمزيد من التوسع حول موضوع " تطور مشروعية اللجوء إلى التحكيم في العقود اإلدارية الدولية بمصر"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬هالل حمد هالل السعدي في رسالته‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 152‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -660‬العقد اإلداري الدولي هو العقد الذي تبرمه الدولة باعتبارها سلطة عامة أو أحد األشخاص المعنوية األخرى مع أحد األشخاص الطبيعية أو‬
‫المعنوية من رعايا الدول األخرى مثل عقود شراء األسلحة للحفاظ على األمن الداخلي أو الخارجي وعقود امتياز المرافق العامة الني يتطلبها‬
‫تس يير ه ذه المراف ق والعق ود ال تي تس ند الدول ة بمقتض اها اس تغالل ثرواته ا الطبيعي ة وبص فة خاص ة التنقيب عن الب ترول إلى إح دى الش ركات‬
‫األجنبية ويترتب على هذه العقود انتقال لألموال والخدمات عبر الحدود أي تتصل بمصالح التجارة الدولية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول " مفهوم العقد اإلداري الدولي" المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬محمد نوري حسن ‪ "،‬التحكيم في تسوية منازعات العقود اإلدارية‪ -‬الدولية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 59‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬هالل حمد هالل السعدي في رسالته‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪ -661‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.549‬‬
‫‪ -662‬منشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪.2008‬‬
‫‪ -663‬قانون عدد ‪ 42‬لسنة ‪ 1993‬مؤرخ في ‪ 26‬أبريل ‪ 1993‬يتعلق بإصدار مجلة التحكيم‪ ( ،‬الرائد الرسمي عدد ‪ 33‬بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪) 1993‬‬
‫‪220‬‬
‫خامسا‪ :‬في النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية والجماعات‬

‫المحلي ة إال إذا ك انت ه ذه النزاع ات ناتج ة عن عالق ات دولي ة اقتص ادية ك انت أو تجاري ة أو مالي ة‬

‫وينظمها الباب الثالث من هذه المجلة"‪.‬‬

‫وب ذلك فالمش رع التونس ي ك ان أك ثر محدودي ة بالمقارن ة م ع نظ يره الجزائ ري حيث لم يس مح‬

‫بإعمال التحكيم في النزاعات التي يكون أحد أطرافها شخصا عاما إال إذا كان األمر يتعلق بنزاع ناتج‬

‫عن عالقة دولية اقتصادية أو تجارية أو مالية أي يمكن فقط إعمال التحكيم الدولي دون الداخلي‪.‬‬

‫بينما نجد المشرع اللبناني أقر قانونا في ‪ 29/7/2002‬برقم ‪ 440‬قضى بتعديل بعض أحكام‬

‫أصول المحاكمات المدنية المتعلقة بالتحكيم وجاء في الفقرة (‪ )2‬من المادة ‪ 762‬المعدلة منه أنه "يجوز‬

‫للدولة وألشخاص القانون العام أيا كانت طبيعة العقد موضوع النزاع اللجوء إلى التحكيم"‪.664‬‬

‫أم ا في المملك ة العربي ة الس عودية فق د نص ت الم ادة العاش رة من نظ ام التحكيم بأن ه "ال يج وز‬

‫للجه ات الحكومي ة االتف اق على التحكيم إال بع د موافق ة رئيس مجلس ال وزراء م ا لم ي رد نص نظ امي‬

‫خاص يجيز ذلك"‪.665‬‬

‫إذن القاعدة العامة في النظام السعودي أنه من غير الجائز للهيئات الحكومية اللجوء إلى‬

‫التحكيم إال بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء‪.‬‬

‫والواقع أن موافقة رئيس مجلس الوزراء على اللجوء للتحكيم في المنازعات الناشئة عن عقود الدولة‬

‫‪ -664‬وج اء في الفق رة (‪ )3‬من الم ادة (‪ )762‬المعدل ة من ذات الق انون م ا يلي " اعتب ارا من ت اريخ العم ل به ذا الق انون التع ديلي وال يك ون البن د‬
‫التحكيمي أو اتفاق التحكيم نافذا في العقود اإلدارية إال بعد إجازته بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءا على اقتراح الوزير المختص بالنسبة‬
‫للدولة أو سلطة الوصاية بالنسبة لألشخاص المعنويين من القانون العام"‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬محي الدين القيسي‪ "،‬امكانية التحكيم لحسم منازعات مشروعات البنية األساسية"‪ ،‬بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة بيروت العربية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.253 -252‬‬
‫‪ -665‬المرسوم الملكي رقم م‪ 34 -‬بتاريخ ‪16 /1433 -5 -24‬هجرية‪ 2012 -4 -16 /‬ميالدية‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫تعد بمثابة صمام األمان الذي به يمكن التأكد من أن اختيار التحكيم هو الوسيلة األكثر مالءمة لتحقيق‬

‫المصلحة العامة‪.666‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬موقف بعض االتفاقيات الدولية من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫فيما يخص موقف االتفاقيات الدولية فإن معظمها قد اعترف بأهلية الدولة والمؤسسات التابعة‬

‫له ا إلب رام اتف اق التحكيم ومن ذل ك اتفاقي ة واش نطن لع ام ‪ 1965‬بش أن تس وية منازع ات االس تثمار بين‬

‫الدول ورعايا الدول األخرى‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 25‬على أن "يمتد اختصاص المركز إلى المنازعات‬

‫القانوني ة بين دول متعاق دة ورعاي ا دول ة أخ رى متعاق دة وال تي له ا ص لة مباش رة باالس تثمار وال تي اتفق‬

‫األطراف كتابة على إخضاعها للمركز‪. "...‬‬

‫وأيض ا االتفاقي ة العربي ة للتحكيم التج اري نص ت في مادته ا الثاني ة على أنه ا تطب ق على‬

‫المنازع ات التجاري ة ال تي تنش أ بين أش خاص طبيع يين ومعن ويين أي ا ك انت جنس ياتهم وي ربطهم تعام ل‬

‫تجاري مع إحدى الدول العربية أو أحد أشخاصها‪.667‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬موقف األنظمة القانونية األوروبية من مشروعية التحكيم اإلداري‬


‫‪-‬النظام القانوني الفرنسي نموذجا‪-‬‬

‫إذا ك ان التحكيم في فرنس ا بنوعي ه ال داخلي والخ ارجي ال يث ير أي إش كال في مج ال الق انون‬

‫الخاص لوجود مقتضيات قانونية واضحة بشأنه‪ ،‬إال أن التحكيم في مجال القانون العام أي التحكيم في‬

‫منازعات العقود اإلدارية خاصة ذات الطبيعة الداخلية للدولة يثير عدة إشكاليات وخالف ات متنوع ة على‬

‫‪ -666‬محمد بن عفيف‪ "،‬التحكيم في العق ود اإلداري ة"‪ ،‬أنظ ر الموق ع اإللك تروني‪ http://binafif-law.blogspot.com :‬ت اريخ حص ر الموق ع‪:‬‬
‫‪ 23‬غشت ‪.2012‬‬
‫‪ -667‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬فوزي محمد سامي‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -‬هالل محمد هالل السعدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ -‬فايز نعيم رضوان‪" ،‬اتفاق التحكيم وفقا لقواعد األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (األونسترال) بشأن التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬مجلة األمن‬
‫والقانون‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يناير ‪.2007‬‬
‫‪222‬‬
‫ص عيد ك ل من الفق ه والقض اء والتش ريع‪ ،‬وب ذلك فالح ديث عن موق ف التش ريع الفرنس ي من مش روعية‬

‫التحكيم اإلداري ي دفعنا ب ادئ ذي ب دء إلى أن نق ف بداي ة عن د موق ف الفق ه والقض اء الفرنس ي(الفق رة‬

‫األولى) لننتقل بعد ذلك للحديث عن موقف التشريع الفرنسي من هذا الموضوع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه والقضاء الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫سنقوم بتبيان موقف كل من الفقه والقضاء الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري وذلك على‬

‫النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الفقه الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫في بداية القرن العشرين كان موقف الفقه الفرنسي متشددا في رفضه للتحكيم في مجال العقود‬

‫اإلداري ة‪ ،‬على اعتب ار أن العق ود اإلداري ة من اختص اص القض اء اإلداري ال ذي ه و ص احب الوالي ة‬

‫العامة في هذا المجال‪ .‬وألن القضاء اإلداري يستطيع أن يمارس الرقابة على أعمال اإلدارة أفضل من‬

‫المحكمين‪.‬‬

‫وه ذا االتج اه الفقهي اس تند في تق ديم تبريرات ه على فك رة النظ ام الع ام ال تي تقض ي ب ترجيح‬

‫المص لحة العام ة على المص الح الخاص ة لألف راد ومن تم أك د على ع دم ج واز التحكيم في منازع ات‬

‫العقود اإلدارية‪.668‬‬

‫غ ير أن ه م ع مطل ع األلفي ة الثالث ة‪ ،‬وتوس يع مج ال المع امالت التجاري ة واالس تثمارية أص بحت‬

‫العق ود اإلداري ة ب دورها تتح رر من بعض القي ود والدول ة ذاته ا أض حت تبحث عن الم داخيل لتحس ين‬

‫خ دماتها في إط ار المص لحة العام ة‪ .‬وأن الحل ول العادي ة والس ريعة لمنازعاته ا مطلوب ة للتعجي ل بعجل ة‬

‫التنمي ة والتق دم االقتص ادي والعلمي‪ .‬األم ر ال ذي دف ع ثل ة من الفقه اء والب احثين للمطالب ة برف ع الحظ ر‬

‫‪ -668‬محمد ماجد محمود ‪ "،‬العقد اإلداري وشرط التحكيم الدولي"‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬يونيو ‪ ،1993‬ص ‪.126‬‬
‫‪223‬‬
‫المفروض على التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬على أساس أن يمارس في إطاره القانوني‪ ،‬ووفق‬

‫ضوابطه وشروطه‪.669‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقف القضاء الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫‪670‬‬
‫لق د تمس ك القض اء (الع ادي) الفرنس ي بمقتض يات الم ادة ‪ 2060‬من ق انون المس طرة المدني ة‬

‫فقض ى ب المنع كأس اس‪ ،‬في حين أج از اس تثناء اللج وء إلى التحكيم اإلداري في المنازع ات ذات الط ابع‬

‫ال دولي وه ذا م ا توص لت إلي ه محكم ة االس تئناف بب اريس في قراره ا الص ادر في ‪ 10‬أبري ل ‪1957‬‬

‫بقولها‪" :‬أن التحكيم محظور بموجب قانون المسطرة المدنية ويتعلق األمر بالتحكيم الداخلي دون التحكيم‬

‫الدولي"‪.‬‬

‫إال أن القض اء اإلداري الفرنسي ونخص بالذكر في هذا المجال مجلس الدولة كان أكثر تشددا‬

‫في اتخ اذه لموق ف المن ع الكلي للتحكيم س واء تعل ق األم ر ب التحكيم ال داخلي أو التحكيم ال دولي بش أن‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة‪ ،‬وجع ل من ش رط التحكيم في العق ود اإلداري ة ش رطا ب اطال واعت بر‬

‫بحيث يج وز ألي ط رف من أط راف ال دعوى‪ ،‬التمس ك ب ه في أي ة‬ ‫‪671‬‬


‫دع وى البطالن من النظ ام الع ام‬

‫حال ة تك ون عليه ا ال دعوى‪ ،‬كم ا وأن للقاض ي إث ارة بطالن ه ذا الش رط من تلق اء نفس ه أثن اء النظ ر في‬

‫الدعوى‪.‬‬

‫‪ -669‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.582‬‬


‫‪ -670‬نص ت الم ادة ‪ 2060‬من ق انون المس طرة المدني ة الفرنس ي الص ادر في ‪ 5‬يولي وز ‪ 1972‬في فقرته ا األولى على ع دم إمكاني ة اللج وء‬
‫للتحكيم فيما يخص المنازعات المتعلقة بالجماعات المحلية والمؤسسات العامة‪.‬‬
‫‪ -671‬أنظر في ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬زكي محمد محمد النجار ‪ "،‬نظرية البطالن في العقود اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -‬محمد عبد المجيد إسماعيل‪ ،‬م س‪.392 ،‬‬
‫‪224‬‬
‫ولقد لقي مجلس الدولة الفرنسي في موقفه هذا انتقادا حادا من كثير من الفقهاء العتماده على‬

‫نص وص القانون الم دني في مج ال القانون الع ام‪ ،‬م ع أن القض اء الع ادي الملزم بتط بيق قواع د القانون‬

‫الخاص لم يمنع التحكيم اإلداري إال في العقود الداخلية دون الدولية‪.672‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف التشريع الفرنسي من مشروعية التحكيم اإلداري‬

‫إذا ك ان التحكيم ال دولي في منازع ات العق ود اإلداري ة ق د ع رف اتس اعا ال س يما بالنس بة للعق ود‬

‫التي لها عالقة بالمش اريع االقتص ادية الدولية‪ ،‬فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة للتحكيم الداخلي في‬

‫العقود المذكورة إذ عرف هذا النوع األخير من التحكيم المنع النهائي في بداية األمر تم أبيح اللجوء إليه‬

‫في مجاالت محددة وذلك كاآلتي‪:‬‬

‫من ق انون المس طرة المدني ة الفرنس ي‬ ‫‪673‬‬


‫يج د المن ع الم ذكور س نده في أحك ام الم ادة ‪2060‬‬

‫الصادر في ‪ 5‬يوليوز ‪.6741972‬‬

‫إال أن ه ذا المن ع في إط ار ق انون المس طرة المدني ة الفرنس ي الق ديم وال ذي تم التأكي د علي ه في‬

‫قانون المسطرة المدنية المعدل كان وما يزال يعرف نوعا من االستثناء‪ ،‬المنصوص عليها في المادة‬

‫‪ 69‬من قانون ‪ 17‬أبريل ‪ ،1906‬التي تبيح التحكيم في بعض المنازعات المتعلقة بتصفية نفقات عقود‬

‫التوريد واألشغال العامة‪.675‬‬

‫كما عرف الحظر المذكور في نطاق المادة ‪ 2060‬من قانون المسطرة المدنية الفرنسي‪ ،‬نوعا‬

‫من الليون ة بإض افة المش رع على الم ادة الم ذكورة فق رة ثاني ة بم وجب الق انون الص ادر في ‪ 5‬يولي وز‬

‫‪ -672‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.551‬‬


‫‪ -673‬لق د حلت الم ادة ‪ – 2060‬المش ار إليه ا أعاله – مح ل الم ادتين ‪ 83‬و ‪ 1004‬من ق انون المس طرة المدني ة الق ديم الص ادر في ‪ 14‬أبري ل‬
‫‪ 1806‬والذي دخل حيز التنفيذ سنة ‪ ،1807‬ووفق ما لحقه من تعديالت وتتميمات‪.‬‬
‫‪ -674‬المعدل والمتمم للقانون القديم – الذي سبق ذكره ‪. -‬‬
‫‪ -675‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪225‬‬
‫‪ 1975‬والتي تجيز التحكيم لبعض المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬على أن يصدر‬

‫بتحديدها مرسوم‪.‬‬

‫ولقد تم تجميع هذه االستثناءات وأدرجت في المادة ‪ 6311‬من القانون رقم ‪ 387/2000‬في ‪4‬‬

‫ماي ‪ 2000‬وقد أثارت هذه المادة انتقادات من طرف الفقهاء على أساس أن هذه االستثناءات التشريعية‬

‫السالفة الذكر تشكل استثناء عن الحظر الوارد في المادة ‪ 2060‬من قانون المسطرة المدنية الفرنسي‪،‬‬

‫فكان من المنطقي أن تدرج هذه المادة في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬فضال عن أن هذه االستثناءات تنظم‬

‫عالق ات في الق انون الخ اص‪ ،‬والقض اء اإلداري غ ير مختص إال بالق در ال ذي يطب ق في ه الق انون الع ام‬

‫على النزاع‪.‬‬

‫ألجل ذلك تظل القاعدة العامة التي تحكم هذا المجال‪ ،‬هو عدم جواز اللجوء إلى التحكيم في‬

‫المنازع ات اإلداري ة‪ ،‬م ع مراع اة االس تثناءات ال واردة في النص وص المش ار إليه ا أعاله ويتعل ق ه ذا‬

‫الحظر بمجال القانون العام الداخلي دون الدولي‪.676‬‬

‫أن المشرع الفرنسي لن يصمد طويال أمام هذا الحظر الذي أوجبه على‬ ‫‪677‬‬
‫ويرى بعض الفقه‬

‫أشخاص القانون العام في العقود الداخلية أسوة بالعقود الدولية‪ ،‬ألن دور عوامل التنمية في البالد تلعب‬

‫دورا أساسيا في تغير التشريعات الداخلية بما يتالءم مع موافقتها وانسجامها للمتغيرات الدولية‪.‬‬

‫ورغم أن الفقه أجمع على ج واز التحكيم في العقود الدولي ة التي تكون الدول ة الفرنسية أو أحد‬

‫مؤسساتها العامة طرفا فيها‪ ،‬فإن المشرع الفرنسي لم ينص على جواز لجوء الدولة وأشخاص القانون‬

‫الع ام إلى التحكيم ال دولي‪ ،‬وذل ك بمناس بة إدخال ه للتع ديالت األخ يرة على النص وص القانوني ة المنظم ة‬

‫للتحكيم‪.678‬‬

‫‪ -676‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 550‬و ‪.551‬‬


‫‪-677‬‬
‫أحمد محمد عبد البديع شتا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫‪678‬‬
‫‪- décret n° 2011-48 du 13 janvier 2011 portant réforme de l’arbitrage.‬‬
‫‪226‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إشكاليات يطرحها نطاق تطبيق التحكيم اإلداري‬

‫المنازع ات اإلداري ة تبع ا لم ا اس تقر علي ه قض اء المحكم ة اإلداري ة العلي ا هي ‪" :‬إج راءات‬

‫الخصومة القضائية بين الفرد واإلدارة"‪.679‬‬

‫والمنازع ة اإلداري ة وإ ن ك ان له ا خصائص ها إال أنه ا ال تتع ارض م ع مفه وم المنازع ة كفك رة‬

‫قانوني ة ذات م دلول مح دد إال أنه ا تختل ف عن المنازع ات بأنه ا وس يلة قانوني ة ال تي كفله ا الق انون‬

‫لألشخاص لحماية حقوقهم في مواجهة اإلدارة عن طريق القضاء اإلداري‪.680‬‬

‫ويشترط لتحقق المنازعة اإلدارية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن ترف ع للمطالب ة بح ق من الحق وق الناتج ة عن تس يير اإلدارة للمراف ق العام ة ال تي ت دار‬

‫وفقا للقانون العام وأساليبه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يتضح فيها وجه السلطة العامة ومظهرها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون القانون العام هو الواجب التطبيق على المنازعة‪.681‬‬

‫وإ ذا كان التحكيم في المنازعات اإلدارية يقصد به اختيار محكم أو محكمين للبت في نزاع أحد‬

‫أش خاص الق انون الع ام طرف ا في ه‪ ،682‬ف إن التس اؤل المط روح ه و‪ :‬ه ل ك ل المنازع ات اإلداري ة يمكن‬

‫عرضها على هيئة التحكيم أم أن هناك منازعات معينة تستثنى من ذلك؟‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلشكاليـــة التي يطرحهـــا جواز اعتمــــاد التحكيــــم فـــــــي دعــــاوى العقـــــود‬
‫اإلداريـــة دون القرارات‬

‫‪ -679‬أنظر بخصوص المنازعة اإلدارية‪:‬‬


‫‪ -‬محمد األعرج ‪" ،‬نظام العقود اإلدارية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات األعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪ ،58‬ص‬
‫‪ 120‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -680‬خالد بن عبد اهلل بن عبد الرحمان الخضير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ -681‬يسري محمد عصار‪" ،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.171‬‬
‫‪ -682‬عبد الكريم العلوي الصوصي‪ "،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية"‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني‪www.Maroc Arbitrage.com :‬‬
‫‪227‬‬
‫بقدر ما كان المشرع المغربي في قانون ‪ 08 -05‬موفقا عندما اعترف بإمكانية حل النزاعات‬

‫المترتب ة عن العق ود اإلداري ة عن طري ق التحكيم‪ ،‬بق در م ا ك ان م ع اف تراض حس ن الني ة مقص را عن د‬

‫ص ياغته للفص ول المنظم ة له ذه اإلمكاني ة‪ ،‬مم ا فتح المج ال أم ام االختالف الفقهي في تفس ير نص وص‬

‫التحكيم في مجال القانون العام‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قانون ‪ 08 -05‬يسمح بالتحكيم في مجال العقود اإلدارية‬

‫إن التط ور التش ريعي في المغ رب بخص وص موض وع التحكيم اإلداري ج اء كنتيج ة لك ون‬

‫عوام ل التنمي ة في البالد تلعب دورا أساس يا في تغي ير التش ريعات الداخلي ة بم ا يتالءم م ع المتغ يرات‬

‫الدولي ة من جه ة‪ ،‬ومن جه ة ثاني ة ف إن إج ازة التحكيم في العق ود بص فة عام ة والعق ود اإلداري ة بص فة‬

‫خاصة‪ ،‬يبرره تأثر المشرع المغربي بما قررته بعض التشريعات بشأن جواز التحكيم في هذا النوع من‬

‫العقود‪ .‬تم إنه لو كان في نية المشرع المغربي استبعاد اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫لعبر عن ذلك بصريح العبارة كما فعل في الفصل ‪ 306‬من قانون المسطرة المدنية لسنة ‪.1974‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جواز التحكيم في النزاعات المالية الناتجة عن التصرفات األحادية للشخص‬
‫العام والعقود التي تبرمها الدولة‬

‫إن الق انون رقم ‪ 08 -05‬وإ ن لم يج ز االتف اق على التحكيم في النزاع ات المتعلق ة بالتص رفات‬

‫األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاص السلطة العمومية‪ ،‬فإنه‬

‫نص في الم ادة ‪ 310‬على أن النزاع ات المالي ة الناتج ة عنه ا التص رفات األحادي ة يمكن أن تك ون مح ل‬

‫عقد تحكيم‪ ،‬كما يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل‬

‫اتف اق تحكيم في دائ رة التقيي د بالمقتض يات الخاص ة بالمراقب ة‪ ،‬أو الوص اية المنص وص عليه ا في‬

‫النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية‪ ،‬وكذا ألزم المشرع في‬

‫الحكم التحكيمي الذي يهم نزاع يتعلق بالشخص العام أن يكون دائما معلال وفقا للفصل ‪.327 -23‬‬
‫‪228‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جواز التحكيم في النزاعات التي تهم المقاوالت والمؤسسات العامة‬

‫نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 311‬من قانون ‪ 08 -05‬على أنه " يجوز للمقاوالت العامة‬

‫الخاضعة لقانون الشركات التجارية أن تبرم اتفاقات تحكيم وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن‬

‫مجالس إدارتها أو رقابتها أو أجهزة تسييرها‬

‫رغما عن مقتض يات الفقرة الثاني ة من الفص ل ‪ 317‬بعده يجوز للمؤسس ات العام ة إبرام عقود‬

‫تحكيم وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها وتكون االتفاقات المتضمنة لشروط‬

‫تحكيم محل مداولة خاصة يجريها مجلس اإلدارة"‪.‬‬

‫وبمقتض ى أحك ام الفص ل ‪ - 311‬المش ار إلي ه أعاله – ف إن المش رع المغ ربي أل زم ب أن يتم‬

‫اللجوء للتحكيم اإلداري وفق اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس اإلدارة أو الرقابة أو أجهزة‬

‫التس يير بالنس بة للمق اوالت العام ة‪ ،683‬ووف ق الش روط واإلج راءات المح ددة من ل دن مج الس اإلدارة‬
‫‪684‬‬
‫بالنسبة للمؤسسات العامة‪ ،‬إذا تعلق األمر بعقد تحكيم‪ ،‬أما إذا تعلق األمر باتفاق المؤسسات العامة‬

‫‪ - 683‬تطلق المقاولة العامة على الهيئة االقتصادية المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تزودها الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة األخرى‬
‫برأسمال كلي أو جزئي بقصد تنفيذ نشاط اقتصادي‪ ،‬مستعملة قواعد يغلب عليها طابع القانون الخاص مع خضوعها لرقابة الشخص المعنوي‬
‫العام‪.‬‬
‫ويعت بر أس لوب المقاول ة العام ة أح د األس اليب ال تي تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د األش خاص المعنوي ة العام ة في ت دخالتها االقتص ادية‪ ،‬فالدول ة حين‬
‫تمارس اإلنتاج والتداول البد أن تأخذ باألساليب السائدة في القطاع الخاص الذي ولدت وترعرعت فيه‪ ،‬وهذه المقاولة تستعمل القانون الخاص‬
‫كإطار قانوني لها‪ ،‬ولكنها في نفس الوقت تستفيد من امتيازات القانون العام‪.‬‬
‫وتأخذ المقاولة العامة بالمغرب‪ ،‬أشكال قانونية متعددة‪ ،‬كشكل مؤسسة عامة تجارية وصناعية أو شكل شركة ذات الرأسمال العمومي أو شكل‬
‫شركات ذات اقتصاد مختلط‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 69 -00‬على أنه تجرى المراقبة المالية للدولة على المؤسسات العامة والشركات والمقاوالت العامة بكيفية قبلية‬
‫أو بعدي ة تبع ا لشكلھا الق انوني وطريق ة تسييرھا وذلك وفق الش روط المنصوص عليھا في ھذا الق انون وعلى الهيئ ات الخاضعة للمراقب ة المالي ة‬
‫للدولة بمقتضى قانون خاص‪.‬‬
‫أنظر بخصوص هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬زهير جمال الدين ومحمد األعرج‪" ،‬النظام القانوني للمقاوالت العامة بالمغرب"‪ ،‬المعهد المغربي للكتاب‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1997‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -‬زهير جمال الدين ‪" ،‬القاضي ومفهوم المقاولة العامة بالمغرب"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ ، 19‬أبريل – يونيو ‪، 1997‬‬
‫ص ‪.130‬‬
‫‪ - 684‬تعتبر المؤسسات العامة شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬كما أن المؤسسة العامة هي أسلوب من أساليب إدارة المرافق العامة من قبل‬
‫األشخاص العامة والتي تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬ويكون لها قدر من االستقالل اتجاه الشخص العام الذي ترتبط به برابطة الخضوع لرقابته‬
‫الوصائية مما يترتب عن ذلك بأنها تتقاضى وتتعاقد‪ ،‬وترفع الدعاوي‪ ،‬وترفع عليها‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫على اللج وء للتحكيم بواس طة ش رط تحكيم‪ ،‬ف إن ه ذا الش رط يك ون مح ل مداول ة خاص ة من ل دن مجلس‬

‫إدارة هذه المؤسسات‪.685‬‬

‫والمالح ظ أن القواع د ال تي تض منتها الفص ول ‪ 310‬و‪ 311‬من ق انون ‪ 08 -05‬بخص وص‬

‫التحكيم اإلداري‪ ،‬هي قواعد آمرة ال يمكن مخالفتها‪ ،‬ويترتب على كل مخالفة لها بطالن حكم التحكيم‪،‬‬

‫لعدم احترام أطراف اتفاق التحكيم لتلك اإلجراءات التي تضمنتها الفصول المتحدث عنها‪.‬‬

‫فقد تناول الفصل ‪ 311‬شكليات وشروط التحكيم في العقود التي تكون فيها المقاوالت العامة‬

‫والمؤسس ات العام ة ط رف فيه ا‪ ،‬فه ذه األخ يرة مثال عليه ا أن ت راعي إلزامي ة ش رط المداول ة الخاص ة‬

‫لمجلس إدارته ا‪ ،‬كلم ا تعل ق األم ر بش رط تحكيم مض من في اتفاق ات معين ة‪ ،‬وإ ال ك ان م آل ه ذا الش رط‬

‫التحكيمي ه و البطالن‪ ،‬طالم ا أن الفص ل ‪ 308‬من ق انون ‪ 08 -05‬أل زم أن يتم اللج وء للتحكيم ض من‬

‫الح دود ووف ق اإلج راءات والمس اطر المنص وص عليه ا في ه ذا الق انون‪ ،‬ومن ض من ه ذه اإلج راءات‬

‫ش رط المداول ة‪ ،‬حيث نص على أن ه‪ ":‬يج وز لجمي ع األش خاص من ذوي األهلي ة الكامل ة س واء ك انوا‬

‫وم ادام أن المؤسس ات العام ة ش خص من أش خاص الق انون الع ام فإنه ا تخض ع لرقاب ة مالي ة وإ داري ة مح ددة قانون ا وذل ك ب الرغم من االس تقالل‬
‫اإلداري والمالي والفني الذي تتمتع به‪.‬‬
‫فاالستقالل الذي تتمتع به المؤسسات العمومية ال ينحصر في االستقالل اإلداري فقط‪ ،‬بل إنه وزيادة على االستقالل اإلداري والمالي للمؤسسات‬
‫العمومية يمثل االستقالل الفني للمؤسسة العامة وجها آخر من وجوه استقالل المؤسسة العامة‪ ،‬هذا األخير الذي يعني أنها غير ملزمة بإتباع‬
‫الوسائل واألساليب التي يتبعها الشخص العام الذي ترتبط به برابطة الخضوع لسلطته الوصائية‪ ،‬وإ نما يكون لها وسائلها وأساليبها الفنية الخاص ة‬
‫بها في إدارة المرفق العام بالشكل الذي يتناسب مع احتياجاته وظروفه‪ ،‬فقد تختار إتباع قواعد وأنظمة الشركات الخاصة‪.‬‬
‫وفيم ا يتعل ق بالرقاب ة المالي ة ال تي تخض ع له ا المؤسس ات العمومي ة ف ان الم ادة ‪ 3‬من الق انون رقم ‪ 69.00‬المتعل ق بالمراقب ة المالي ة للدول ة على‬
‫المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬فقد اعتبرت بأن المؤسسات العامة تخضع لمراقبة قبلية يقوم بھا الوزير المكلف بالمالية وم راقب الدولة وخازن‬
‫مكلف باألداء وفقا للمواد ‪ 7‬و ‪ 8‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة‪.‬‬
‫أنظر بخصوص هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬محمد األعرج‪ "،‬طرق ت دبير المرافق العام ة ب المغرب"‪ ،‬منشورات المجلة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‬
‫عدد ‪ ،52‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -‬أحمد بوعشيق ‪" ،‬المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة"‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.164‬‬
‫‪ -‬مليكة الصروخ‪" ،‬القانون الداري"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬أكتوبر ‪ ، 2001‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -‬شكراني الحسين‪ "،‬المؤسسات العامة والمراقبة المالية للدولة‪ ،‬مدخل عام"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬العدد ‪ 77 -76‬شتنبر‬
‫دجنبر ‪ ،2007‬ص ‪.79‬‬
‫‪ - -685‬مصــطفى بونجــة‪ "،‬التحكيم في العق ود اإلداري ة وفق ا لق انون المس طرة المدني ة المغ ربي"‪ ،‬ص ‪ 4‬وم ا بع دها ‪ ،‬مق ال منش ور ب الموقع‬
‫اإللكتروني‪www.Maroc Arbitrage.com :‬‬
‫‪230‬‬
‫طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الح دود‬

‫ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب‪ "...‬أي الباب الثامن من قانون المسطرة‬

‫المدنية المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪.‬‬

‫وإ ذا علمنا أن مجلس اإلدارة في المؤسسات العامة‪ ،‬يترأسه رئيس الحكومة حالي ا أو من يفوض‬

‫له ذلك وهذه المجالس ال تنعقد بانتظام للنظر في القرارات والحسابات المتعلقة بهذه المؤسسات‪ ،‬فكيف‬

‫لها أن تنعقد للمداولة بشأن شرط تحكيمي والحال أن إبرام عقد معين في مجال التجارة الدولية يتطلب‬

‫الس رعة والفوري ة‪ ،‬فإن ه يب دو أن ه ذه الش كليات ق د تف رغ إمكاني ة اللج وء للتحكيم اإلداري ه ذه من‬

‫محتواها‪.686‬‬

‫ه ذا باإلض افة إلى أن ه من الن ادر االتف اق على التحكيم اإلداري‪ ،‬ألن األم ر يتعل ق بنظ ام غريب‬

‫عن النظ ام التعاق دي اإلداري وذل ك راج ع إلى الذهني ة ال تي يتعام ل به ا بعض المس ؤولين م ع أس اليب‬

‫تصريف مصالح الدولة‪ ،‬وهي ذهنية قائمة على اعتماد ما كان معموال به من طرف سلفهم‪ ،‬وال مجال‬

‫للمب ادرة الذاتي ة إلعم ال م ا ه و جدي د خاص ة وأن ه توج د من اإلدارات من تح ل ال نزاع بواس طة الص لح‬

‫باعتباره آلية يتم العمل بها داخل اإلدارات منذ وقت طويل‪.‬‬

‫على كل حال فإنه بالرغم من أن المشرع المغربي كان ذا فلسفة انفتاحية عند إقراره بإمكانية‬

‫االعتم اد على التحكيم في النزاع ات اإلداري ة‪ ،‬بغض النظ ر عن القص ور ال ذي ط ال ص ياغة بعض‬

‫النصوص وإ فراطه في تغليب المقاربة الشكلية حين معالجته لهذا الموضوع‪ ،‬إال أنه على مستوى آخر‬

‫فإن ه من الالزم أن تس عى المؤسس ات الرس مية إلى توض يح الم يزات والض مانات ال تي يوفره ا إعم ال‬

‫التحكيم عن طري ق قن وات تس تهدف مجتمع ا ال زالت نس بة األمي ة في ه مرتفع ة‪ ،‬مقارن ة م ع محيط ه‬

‫‪ -686‬للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬عبد الكريم العلوي الصوصي‪ "،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية"‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني‪www.Maroc Arbitrage.com :‬‬
‫‪231‬‬
‫ال دولي‪ ،‬خاص ة وأن الثقاف ة القانوني ة ال زالت ش يئا م ا غ ير منتش رة على مس توى العدي د من ش رائح‬

‫المجتمع الشيء الذي يجعل أي جديد منظم للعالقة التعاقدية مصدر تخوف بالنسبة إليهم‪.687‬‬

‫فإعمال التحكيم في المنازعات اإلدارية ال يمكن أن يتحقق فقط بمجرد إجازته من خالل القانون‬

‫بل يتوجب بدءا إصدار مناشير تحت اإلدارة على اللجوء إلى هذه اآللية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬قانون ‪ 08 -05‬وإ قصاء التحكيم من مجال القرارات اإلدارية‬

‫تنقسم المنازعات اإلدارية على الرغم من تعدادها إلى قسمين أو نوعين رئيسيين‪:‬‬

‫‪ -1‬منازعات تنتمي إلى قضاء الحقــوق‪ :‬وال تي ته دف إلى حماي ة المراك ز القانوني ة الشخص ية‬

‫أو الذاتية‪.‬‬

‫وأهم المنازعات التي تدخل في نطاق قضاء الحقوق المنازعات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬المنازع ات المتعلق ة بطلب التع ويض عن األض رار الناجم ة عن أنش طة اإلدارة القانوني ة‬

‫والمادية‪.‬‬

‫‪ -2‬منازعات تنتمي إلى قضاء المشــروعية‪ :‬وال تي ته دف إلى حماي ة المش روعية وال دفاع عن‬

‫القانون وإ لغاء كل عمل يخالفه ومنع االعتداء على المراكز القانونية العامة أو الموضوعية‪.‬‬

‫وأهم المنازعات التي تنتمي إلى قضاء المشروعية هي المنازعات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬دعوى تفسير القواعد القانونية العامة تخص مشروعية القرارات اإلدارية‬


‫‪688‬‬
‫‪ -‬منازعات االنتخابات التي يكون محلها صحة االنتخاب ومشروعيته‬

‫‪ -‬دعوى إلغاء القرارات اإلدارية غير المشروعة‪.‬‬

‫‪ -687‬محمد شوراق ‪" ،‬التحكيم الداخلي في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مقاربة اختزالية لمقتضيات القانون رقم ‪ ،"08 – 05‬منشورات مجلة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬سلسلة فقه القضاء اإلداري بعنوان "المنازعات اإلدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء اإلداري"‪ ،‬الع دد األول‪ ،‬س نة ‪ ،2014‬ص‬
‫‪.80‬‬
‫‪ -688‬أمونير تقية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪232‬‬
‫فهذه المنازعات ال يمكن اللج وء إلى التحكيم بش أنها لكونها من المس ائل المتعلق ة بالنظام الع ام‪،‬‬

‫ويرجع االختصاص للنظر فيها للقضاء اإلداري‪.689‬‬

‫كما أن بعض المنازعات الخاصة بالموظفين ال تقبل التحكيم ومن بينها‪ :‬المنازعات التي يكون‬

‫موضوعها قرارا إداريا بالتعيين‪ ،‬أو الترقية‪ ،‬أو توقيع جزاء تأديبي‪ ،‬أو قرارا بنقل الموظف وغيرها‬

‫من المنازعات التي ال تقوم على الدفاع عن حق مالي‪ ،‬و إنما الدفاع عن المشروعية‪.690‬‬

‫وبالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 310‬من قانون ‪ 08 -05‬يستنتج أن التحكيم ال يجب أن يشمل‬

‫منازع ات دع اوى اإللغ اء الرتباطه ا بمش روعية الق رار اإلداري‪ ،‬بخالف دع اوى التع ويض ال تي يج وز‬

‫فيه ا الص لح‪ ،691‬وبالت الي إمكاني ة الرج وع للتحكيم في المقتض يات المتعلق ة به ا م تى ك انت مقترن ة بح ق‬

‫يقبل التصرف بوجه ال يخالف النظام العام‪.693‬‬ ‫‪692‬‬


‫مالي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مدى إمكانية اعتماد التحكيم في المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‬

‫‪ -689‬تنص المادة ‪ 20‬من قانون ‪ 41 -90‬المحدثة بموجبه محاكم إدارية على ما يلي‪ ":‬كل قرار إداري صدر من جهة غبر مختصة أو لعيب‬
‫في شكله أو النحراف في السلطة أو النعدام التعليل أو لمخالفة القانون‪ ،‬يشكل تجاوزا في استعمال السلطة‪ ،‬يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجه ة‬
‫القضائية المختصة"‪.‬‬
‫‪ -690‬عز الدين بوزلماط‪ ،"،‬م س‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 691‬دعوى التعويض تجد أساسها في القاعدة العامة التي تجيز الصلح بشأن األموال العامة‪ ،‬وبما أن االرتباط قائم ما بين جواز الصلح وجواز‬
‫التحكيم‪ ،‬فإنه ال بأس من االتفاق على التحكيم في حالة إذا كان النزاع يهم جانب التعويض باعتباره حق شخصي مالي يحق ألطراف العقد‬
‫التصرف واالتفاق بشأنه‬
‫‪ -692‬إن الح ق الم الي يقب ل التحكيم ح تى ول و ت رتب عن عم ل ال يج وز اللج وء بش أنه إلى التحكيم‪ ،‬وعلي ه فيج وز التحكيم بش أن التع ويض عن‬
‫أعمال اإلدارة حتى ولو كانت مترتبة عن عمل ال يجوز فيه التحكيم كقرار إداري غير مشروع مثال‪ ،‬بمعنى يجوز اللجوء إلى التحكيم لحسم أي‬
‫نزاع يثور بشأن طلب التعويض عن أي قرار إداري غير مشروع أو عمل مادي سبب ضررا للغير نظرا لمالئمة طبيعة دعوى التعويض مع‬
‫التحكيم‪ ،‬فهذه المنازعات تتعلق بمسائل ذات طبيعة مالية‪ ،‬وتهدف إلى تعويض المضرور عما أصابه من ضرر وعليه يج وز اللج وء إلى التحكيم‬
‫بشأنها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد األعرج‪ "،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -693‬أمونير تقية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪233‬‬
‫فهي مظه ر من مظ اهر‬ ‫‪695‬‬
‫عق ودا إداري ة بق وة الق انون‬ ‫‪694‬‬
‫تش كل عق ود الص فقات العمومي ة‬

‫امتيازات السلطة‪ .‬كما أنها مرتبطة باستخدام وتوظيف األموال العامة‪ ،‬وقد ارتبط ظهور هذه العقود‬

‫بالتطور الذي عرفه مفهوم الدولة‪ ،‬من دولة حارسة تسعى إلى الحفاظ على النظام العام والدفاع الوطني‬

‫والعدال ة بين المواط نين‪ ،‬إلى دول ة متدخل ة في جمي ع المن احي االقتص ادية واالجتماعي ة به دف تحقي ق‬

‫التنمي ة الش املة بمختل ف مفاهيمه ا ومقاص دها‪ .696‬باإلض افة إلى رغبته ا في ج ذب رؤوس األم وال‬

‫األجنبية وإ يجاد فرص استثمار على أرضها‪.‬‬

‫فمن الضروري أن تتواكب النظم القانونية مع هذا التطور االقتصادي وهذا التغيير الذي طرأ‬

‫على الساحة االقتصادية‪ ،‬فهذه النظم أصبحت غير كافية لمواكبة التنمية االقتص ادية‪ ،‬ومن هنا اتجهت‬

‫األنظ ار للوس ائل البديل ة لحس م المنازع ات االقتص ادية ومنه ا التحكيم باعتب اره أك ثر الوس ائل فاعلي ة‬

‫لإلسهام في إنهاء منازعات عقود الصفقات العمومية بطريقة سريعة وسليمة‪.697‬‬

‫‪ -694‬الصفقة (‪ ) Marché‬تعني كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة‪ ،‬وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى يدعى مقاوال‪ ،‬أو‬
‫موردا‪ ،‬أو خدماتيا‪ ،‬بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات‪.‬‬
‫بحيث إذا كان موضوع الصفقة يتعلق بتنفيذ األشغال‪ ،‬أو تسليم توريدات‪ ،‬أو القيام بخدمات‪ .‬فإن الصفقة تسمى باسم موضوعها لتصبح‪:‬‬
‫‪ -‬صفقة األشغال‪ :‬وهي عقود تهدف إلى تنفيذ أشغال مرتبطة‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬بالبناء أو إعادة البناء أو هدم أو إصالح أو تجديد أو تهيئة‬
‫وصيانة بناية أو منشأة أو بنية وكذا أشغال إعادة التشجير‪.‬‬
‫‪ -‬أو صفقة التوريدات‪ :‬وهي عقود ترمي إلى اقتناء منتوجات أو معدات أو إيجارها مع وجود خيار الشراء‪ .‬وتتضمن هذه الصفقات أيضا‪،‬‬
‫بصفة ثانوية‪ ،‬أشغال الوضع والتركيب الضروريين إلنجاز العمل‪.‬‬
‫‪ -‬أو صفقة الخدمات‪ :‬وهي عقود يكون موضوعها إنجاز أعمال خدماتية التي ال يمكن وصفها بأشغال أو بتوريدات‪.‬‬
‫أنظر المرسوم رقم ‪ 2 .12 .349‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬المتعلق بالصفقات العمومية‬
‫‪ -695‬عبد اهلل إدريس ‪ " ،‬محاضرات في القانون اإلداري المغربي‪ ،‬النشاط اإلداري"‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.263‬‬
‫‪ -696‬فاطمة بوطالب اإلدريسي‪" ،‬دور الصفقات العمومية في تنشيط االقتصاد المحلي‪ ،‬جماعة بئر النصر بنسليمان نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل ماستر‬
‫في الق انون الع ام‪ ،‬ش عبة الحكام ة المحلي ة‪ ،‬جامع ة الحس ن الث اني‪ ،‬المحمدي ة بال دار البيض اء‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪،‬‬
‫المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2012-2011‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -697‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬غالب عبد الحق " التحكيم في الصفقات العمومية وفقا للتشريع الجزائري في ظل المرسوم الرئاسي ‪ 247 -15‬الجديد"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫سنة ‪.2017‬‬
‫‪234‬‬
‫وإ ذا استندنا إلى مقتضيات الفصول التالية‪ 308 :‬و‪ 310‬و‪ ،311‬من القانون رقم ‪ 08-05‬لسنة‬

‫‪ 2007‬يت بين لن ا نهج المش رع المغ ربي إلمكاني ة اللج وء إلى التحكيم في منازع ات ص فقات الدول ة‬

‫بشروط وضوابط محددة وذلك كاآلتي بيانه‪:‬‬

‫الفص ل ‪ :308‬ينص على أن ه‪" :‬يج وز لجمي ع األش خاص من ذوي األهلي ة الكامل ة س واء أك انوا‬

‫طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الح دود‬

‫ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها"‪.698‬‬

‫الفصل ‪ :310‬تنص فقرته ‪ 3‬على أنه‪" :‬يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها‬

‫الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم‪.699"...‬‬

‫وتنص الفق رة ‪ 4‬من ه على م ا يلي‪" :‬يرج ع اختص اص النظ ر في طلب ت ذييل الحكم التحكيمي‬

‫الصادر في نطاق هذا الفصل إلى المحكمة اإلدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى‬

‫المحكمة اإلدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني"‪.‬‬

‫الفص ل ‪ :311‬تنص فقرت ه ‪ 2‬على أن ه‪ ..." :‬يج وز للمؤسس ات العام ة إب رام عق ود تحكيم وف ق‬

‫اإلجراءات والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها‪ ،‬وتكون االتفاقات المتضمنة لشروط تحكيم محل‬

‫مداولة خاصة يجريها مجلس اإلدارة"‪.‬‬

‫‪ - 698‬في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وفي قانون االلتزامات والعقود وال سيما الفصل ‪ 62‬منه‪ ،‬مع مراعاة التعديالت والتتميمات الملحقة بالقانونين‬
‫المذكورين‪.‬‬
‫‪ - 699‬باستثناء النزاعات المتعلقة بالمسائل التالية‪ ،‬والتي ال يجوز إبرام اتفاق التحكيم بشأنها‪:‬‬
‫‪ -‬النزاعات التي تهم حالة األشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي ال تكون موضوع تجارة‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيريها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المالية المتعلقة بتطبيق قانون جبائي‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المبنية على سبب غير مشروع‪ ،‬كمخالفة األخالق الحميدة أو النظام العام أو القانون‪.‬‬
‫أنظر الفصلين ‪ 309‬و ‪ ( 310‬في فقرتيه‪ 1 ،‬و ‪ ) 2‬من القانون رقم ‪ 08 -05‬لسنة ‪ 2007‬بشأن تعديل وتتميم قانون المسطرة المدنية‪ ،‬والفصل‬
‫‪ 62‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪235‬‬
‫يس تفاد من مقتض يات الفص ول المش ار إليه ا أعاله‪ ،‬أن‪ :‬الفص ل ‪ 308‬ق د ش مل ح تى الدول ة‬

‫باعتبارها شخص معنوي عام يملك حق التصرف في الحقوق المسندة إليه قانونا وذلك ضمن الحدود‬

‫ووفق اإلجراءات والمساطر التشريعية والتنظيمية‪.‬‬

‫وفي مجال الصفقات العمومية‪ ،‬هل يدخل موضوع عقد األشغال والتوريدات والخدمات ضمن‬

‫الحق وق ال تي يمل ك الش خص المعن وي الع ام ح ق التص رف فيه ا ؟ إن اإلجاب ة تختل ف ب اختالف طبيع ة‬

‫األم وال ال تي تس تخدمها الص فقات العمومي ة‪ .‬ف إذا ك انت من أم وال ال دومين الع ام ال تي يج وز اس تعمالها‬

‫واس تغاللها دون التص رف فيه ا‪ ،‬فال يج وز أن تك ون موض وع تحكيم‪ ،‬أم ا إذا ك انت أمواله ا من قبي ل‬

‫أم وال ال دومين الخ اص ال تي يج وز اس تعمالها واس تغاللها والتص رف فيه ا‪ ،‬يج وز أن تك ون موض وع‬

‫تحكيم‪.700‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار يمكن التس اؤل عن العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة أو الجماع ات المحلي ة م ع‬

‫أش خاص الق انون الخ اص‪ ،‬ال ذين يعه د إليهم بتس يير مرف ق ع ام إم ا في إط ار عق د االمتي از أو الت دبير‬

‫المفوض فهل يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بشأنها محل اتفاق تحكيم أو شرط تحكيم؟‬

‫أن هذه العقود ما دامت إدارية فهي غير مستثناة من إمكانية فض النزاع ات‬ ‫‪701‬‬
‫يرى بعض الفقه‬

‫المتعلقة بها عن طريق التحكيم‪ ،‬هذا فضال عن أن القانون رقم ‪ 05 -54‬المتعلق بالتدبير المفوض‪،702‬‬

‫يجيز بشكل صريح اللجوء إلى التحكيم بخصوص المنازعات المتعلقة بعقود التدبير المفوض‪ .703‬إال أن‬

‫الم ادة ‪ 3‬من المرس وم رقم ‪ 2 .12 . 349‬الص ادر بت اريخ ‪ 20‬م ارس ‪ 2013‬المتعل ق بالص فقات‬

‫‪ -700‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.562‬‬


‫‪ -701‬مصطفى التراب ‪ " ،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -702‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5404‬بتاريخ ‪.2006 /03 /16‬‬
‫‪ -703‬ورد في القانون رقم ‪ 05 -54‬المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة ما يلي‪ " :‬يمكن أن ينص عقد التدبير المفوض على اللجوء إلى‬
‫مسطرة التحكيم إما وفق التشريع الجاري به العمل أو بموجب اتفاقية دولية ثنائية أو متعددة األطراف مطبقة على العقد المعني‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫وقوع نزاع بين الطرفين المتعاقدين"‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫العمومي ة‪ ،704‬لئن ك انت ق د اس تثنت بص ريح النص عق ود الت دبير المف وض للمراف ق العام ة والمنش آت‬

‫العام ة من مج ال تط بيق ه ذا المرس وم‪ ،705‬فإن ه ليس مع نى ه ذا أن تل ك العق ود غ ير إداري ة‪ ،‬ب ل على‬

‫العكس فإنها عقود إدارية بحكم القانون وبالتالي فإنه ينطبق عليها مفهوم الفصل ‪ 310‬من القانون رقم‬

‫‪ 08 -05‬من حيث قابلية النزاعات المتعلقة بها للتحكيم‪.706‬‬

‫وب الرجوع لمقتض يات الفص ل ‪ – 310‬المش ار إلي ه أعاله – فعب ارة "النزاع ات المتعلق ة ب العقود"‬

‫جاءت عامة وشاملة‪ ،‬بحيث تشمل نزاعات مختلف العقود سواء المبرمة في إطار القانون الخاص أو‬

‫تلك المبرمة في إطار القانون العام (العقود اإلدارية)‪ .‬ولما كان من حق الدولة إبرام النوعين من العقود‬

‫ك ل في مجال ه‪ ،‬فإن ه يمكن الق ول أن عق ود ص فقات الدول ة ت دخل في مج ال التحكيم س واء تعل ق األم ر‬

‫بالصفقات الوطنية‪ ،‬أو الدولية‪ ،‬ولكن في حدود الضوابط القانونية والتنظيمية لها‪.‬‬

‫والج دير بال ذكر أن المغ رب ش أنه ش أن معظم دول الع الم ق د أج از إمكاني ة اللج وء إلى التحكيم‬

‫ال دولي في منازع ات ص فقاته الدولي ة‪ .‬وه ذه اإلمكاني ة تج د أساس ها في قوانينه ا الداخلي ة‪ ،707‬وفي‬
‫‪708‬‬
‫مصادقتها على االتفاقيات والمعاهدات الدولية‬

‫‪ -704‬المرسوم المذكور منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6140‬بتاريخ ‪ 23‬جمادى األولى ‪ 4 ( 1434‬أبريل ‪ ،)2013‬ص ‪.3023‬‬
‫‪ -705‬تنص المادة ‪ 3‬من على ما يلي‪ ":‬تستثنى من مجال تطبيق هذا المرسوم‪:‬‬
‫عقود التدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية‪"...‬‬
‫‪ -706‬مصطفى التراب ‪ " ،‬موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي"‪ ،‬ديوان المظالم‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،7 -6‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -707‬من ذلك مثال‪ -:‬القانون اإلطار رقم ‪ 95.18‬لسنة ‪ 1995‬بمثابة ميثاق االستثمار المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4336‬بتاريخ ‪ 29‬نوفمبر‬
‫‪ 1995‬الذي نص في مادته ‪ 17‬على إقرار مبدأ التحكيم في النزاعات القائمة بين الدولة المغربية والمستثمر األجنبي في العقود اإلداري ة الدولي ة‪.‬‬
‫بعض الق وانين واالتفاقي ات المماثل ة ال تي تهتم ب التحكيم ال دولي في مج االت معين ة مث ل‪ :‬اتفاقي ة التب ادل الح ر م ا بين المملك ة المغربي ة والوالي ات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬وتسوية المنازعات المتعلقة بها عن طريق التحكيم والوساطة بتاريخ ‪ 2‬ماس ‪.2004‬‬
‫‪ - 708‬من االتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي تعد من المرجعات األساسية في هذا المجال‪:‬‬
‫‪ " -‬اتفاقية نيويورك" بشأن االعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪.1958‬‬
‫‪ -‬القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪.1985‬‬
‫‪ -‬نظ ام المصالحة والتحكيم لغرف ة التجارة الدولي ة بب اريس (النظ ام الجدي د للمصالحة ونظ ام التحكيم المع دل)‪ ،‬الس اري المفعول اعتب ارا من أول‬
‫يناير ‪.1990‬‬
‫‪ -‬ولق د لحقته ا الكث ير من االتفاقي ات والمعاه دات ال تي تهم التحكيم في مج االت معين ة من العق ود اإلداري ة الدولي ة ومن نم اذج التحكيم في العق ود‬
‫اإلدارية الدولية‪ ،‬مثل‪ :‬التحكيم في عقود البوت ‪ B.O.T‬والتحكيم في عقود األشغال العامة الدولية ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪237‬‬
‫البــاب الثانـــي‬

‫الصعوبات العمليـــة لنظام التحكيـــــم وبعــض‬

‫سبـل مواجهتهــا‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 563‬و ‪.564‬‬


‫‪ -‬هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 360‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عز الدين بوزلماط‪ ،‬م س‪ 37 ،‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬أحمد سالمة بدر ‪ "،‬العقود اإلدارية وعقود البوت"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪,2003‬‬
‫‪ -‬أحمد حسان غندور‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -‬محمد يوسف علوان ‪ "،‬االتجاهات الحديثة في العقود االقتصادية الدولية"‪ ،‬مجلة نقابة المحامين األردنية‪ ،‬العدد ‪ ،11‬سنة ‪ ،1991‬ص ‪.95‬‬
‫‪238‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬الصعوبات العملية لنظام التحكيم وبعض سبل مواجهتها‬

‫إن المش رع المغ ربي ورغب ة من ه في تس هيل س بل فض النزاع ات عن طري ق التحكيم‪ ،‬والعم ل‬

‫على تس هيل إجراءات ه وتبس يطها وإ يج اد آلي ة واض حة المع الم‪ ،709‬عم ل على س ن الق انون رقم ‪08-05‬‬

‫المتعلق بالتحكيم بشكل أكثر تطورا وأوسع نطاقا من القانون القديم‪ ،710‬بحيث أن اللجوء لهذا األخير من‬

‫شأنه أن يؤدي إلى تعزيز فرص االستثمار الوطنية واألجنبية في مجال المشاريع االستثمارية لتتوضح‬

‫لدى المستثمرين معالم صون حقوقهم وأموالهم‪ ،‬وحفظها من مخاطر الضياع‪.711‬‬

‫إال أن ه وب الرغم من ك ل اإليجابي ات ال تي يتس م به ا نظ ام الحكيم يمكن رص د بعض الص عوبات‬

‫التي تقف كعائق أمام نجاح وفعالية هذه الوسيلة وأداء مهامها وتحقيقها للغايات المرجوة منها ‪.‬‬

‫‪ -709‬تكفل وتضمن سرعة تنفيذ أحكام المحكمين‪ ،‬إلى جانب تشجيع األطراف المتعاقدة في المشاريع االستثمارية‪.‬‬
‫‪ -710‬قانون المسطرة المدنية بتاريخ ‪ 28‬شتنبر‪.1974‬‬
‫‪ -711‬مصطفى التراب‪" ،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪239‬‬
‫وس نحاول من خالل هذا الب اب البحث عن أهم هذه الصعوبات والكشف عنها‪( ،‬الفص ل األول)‬

‫محاولين اقتراح بعض الحلول أو على األقل تشخيص هذه الصعاب حتى نتمكن من المساهمة في تطور‬

‫نظام التحكيم وكذا إعطائه المكانة التي يستحقها (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الصعوبات العملية لنظام التحكيم بالمغرب‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن من أهم العوامل التي جعلت من التحكيم األداة المناسبة لفض المنازعات‬

‫التجارية الدولية والداخلية‪:‬‬

‫نمو المعامالت التجارية سواء الداخلية أو الدولية نتيجة تنامي الشركات المتعددة الجنسيات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫تطور وسائل االتصال والنقل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫استخدام التكنولوجيا الحديثة في اإلنتاج‪ ،‬وعولمة االقتصاد‪ ،‬ورفع الحواجز الجمركية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫رغبة المتعاملين في التحرر من القيود التي تفرضها النظم القانونية للدول الداخلية‪.712‬‬ ‫‪-‬‬

‫وب الرغم من ك ل اإليجابي ات والمم يزات ال تي يتس م به ا نظ ام التحكيم فهن اك مجموع ة من‬

‫الص عوبات تعترض ه وتح ول دون تحق ق نجاعت ه وقيام ه بال دور المن وط ب ه‪ ،‬من أهم ه ذه الص عوبات‬

‫ص عوبات عملي ة تثيره ا إج راءات التحكيم (المبحث األول) وص عوبات واقعي ة واجتماعي ة تع ترض ه ذا‬

‫النظام (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الصعوبات العملية التي تثيرها إجراءات التحكيم‬

‫ال يج ادل اثن ان في أن نظ ام التحكيم التج اري يع د الوس يلة الفعال ة لتس وية المنازع ات ليس فق ط‬

‫ألن آلية القضاء الوطني لها من السلبيات والمشاكل ما من شأنه النفور من اللجوء إليه‪ ،‬ولكن أيضا ألن‬

‫هذه الوسيلة البديلة (نظام التحكيم) تتمتع بسمات ومزايا تؤهلها لتعويض القضاء‪.‬‬

‫‪ -712‬رغم أن القضاء هو الضامن الرسمي‪ ،‬للحقوق والحريات في الميدان التعاقدي خاصة‪ ،‬إال أنه يعاب عليه كونه بطيئا في إصدار األحكام‬
‫بسبب طول المساطر واإلجراءات والدفوعات فيما بين المتقاضين فترتفع الصوائر والمصاريف القضائية وغيرها (‪ )...‬دون نسيان ت راكم أعداد‬
‫هائلة من القضايا التي تنتظر دورها للفصل فيها‪ ،‬بسبب التأخر في إصدار األحكام‪ ،‬والبطء في الحسم في النزاعات‪ ،‬وتعدد أوجه الطعن عبر‬
‫مختلف درجات التقاضي‪ ،‬زيادة على اتسام إجراءات التبليغ والتنفيذ بالتعقيد وافتقارها للسرعة‪.‬‬
‫‪240‬‬
‫وشأنه شأن كل األنظمة القانونية الوضعية فإن لنظام التحكيم صعوبات عملية تواجهه ويمكن‬

‫أن تحد من فعاليته وتقف في وجه تطوره‪ ،‬وهي إما صعوبات تثار أثناء سير العملية التحكيمية (الفرع‬

‫األول)‪ ،‬أو صعوبات تثار ما بعد صدور الحكم التحكيمي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الصعوبات العملية أثناء سير العملية التحكيمية‬

‫في ظ ل التط ور الحاص ل في ع الم التج ارة واألعم ال وم ا نتج عن ه وتش ابك وتن وع العالق ات‬

‫التجارية وشيوع عقود لم تكن موجودة في السابق‪ ،‬نتيجة ثورة التكنولوجيا الحديثة وزوال كل الحدود‬

‫الجغرافي ة‪ ،‬واالقتص ادية‪ ،‬واالجتماعي ة أم ام الغ زو العلمي والتق ني‪ ،‬ونتيج ة نظ ام جدي د وه و العولم ة‬

‫‪ Mondialisation‬ونظام الخصخصة ‪ Privatisation‬والتي اكتسحت العالم لم يعد نظام التحكيم بديال‬

‫مغريا عن القضاء العادي ولم يبق هو الوسيلة الوحيدة لحسم النزاعات‪ ،713‬ولم يبق مجردا من أي عيب‬

‫بل بات مقرونا بظاهرة بطء التقاض ي‪ ،‬وارتفعت تكاليفه حيث أصبحت تشكل أرقاما خيالية ال تناسب‬

‫التجار ورجال األعمال والشركات التجارية‪.714‬‬

‫وب الرغم من وج ود ش رط التحكيم في العق د فق د ت بين من الممارس ة أن ذل ك ال يمن ع قي ام‬

‫األط راف بأعم ال من ش أنها ت أخير عملي ة تع يين المحكمين‪ ،‬والش روع في إج راءات التحقي ق‪ ،‬أو على‬

‫األق ل الح د من الس رعة ال تي ك ان من المف روض أن تباش ر به ا المس طرة إن لم نق ل الس عي لتوقيفه ا‬

‫بالمرة‪.715‬‬

‫من خالل هذا الفرع سنحاول الكشف عن أهم هذه الصعوبات التي يثيرها نظام التحكيم أثناء‬

‫سير العملية التحكيمية‪ ،‬وذلك على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -713‬للمزيد من التفصيل أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬محمد إبراهيم قطب غانم ‪ "،‬انعكاسات العولمة على التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬سنة ‪.2017‬‬
‫‪ -714‬عالء آباريان ‪ " ،‬الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 42‬و ‪.43‬‬
‫‪ -715‬ويك ون ذل ك بواس طة ع دة طلب ات ت رمي إلى طلب إدالء الخص م بع دد من الوث ائق ح تى يتمكن المحكم ون من اإلطالع عليه ا‪ ،‬أو بطلب‬
‫االستماع إلى عدد من الشهود ال يوجد بعضهم في البلد الذي يتم فيه التحكيم‪ ،‬وإ ما االستقالة أو التخلي لمجرد التعطيل ألسباب واهية‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور األطراف في تعطيل إجراءات العملية التحكيمية‬

‫بفعل بعض الممارسات التي يقوم بها األطراف أصبحت مسطرة التحكيم أحيانا مسطرة معقدة‬

‫وبطيئة مما يعطل سير العملية التحكيمية‪ ،‬وهو ما يتعارض مع الهدف والغاية من التحكيم والذي هو‬

‫التخلص من بطء القضاء العادي ومسطرته المعقدة‪.‬‬

‫فق د يش عر بعض األط راف أن الح ل النه ائي لن يرض يهم‪ ،‬فكث يرا م ا يلج أون إلى خل ق ثغ رات‬

‫إجرائية حيث يعطلون التحكيم‪ ،‬ويتصدون إلى الوصول إلى حكم في آجال معقولة مثيرين بذلك بعض‬

‫المسائل التي ال يرمون من ورائها إلى ربح الوقت‪ ،‬أو ملتجئين إلى القضاء الوطني محرفين لوظيفته‬

‫األساسية في التحكيم أال وهي مساعدة القضاء الخاص‪.716‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬رفض التوقيع على عقد التحكيم‬

‫يعد التوقيع على عقد التحكيم بعد صياغته بواسطة المحكم أو المحكمين أو بواسطة المتنازعين‬

‫من عقبات التحكيم‪ ،‬ذلك أن أيا من الطرفين قد يرفض أو يتلكأ في التوقيع على العقد بحجة عدم مقدرته‬

‫على دفع األتعاب المقترحة بواسطة المحكم أو المحكمين‪ .‬أو بحجة اللغة أو المكان أو مدة الفصل في‬

‫النزاع بهدف كسب الوقت أو إفشال عملية التحكيم برمتها‪.‬‬

‫وتكمن المشكلة في حال رفض أو مماطلة أحد الطرفين التوقيع فإذا كان العقد ينص على حل‬

‫ال نزاع عن طري ق التحكيم يتم الرج وع إلى الق انون ال واجب التط بيق‪ ،‬فيم ا يتعل ق بحكم البن د المختل ف‬

‫عليه (األتعاب – المكان ‪ -‬المدة)‪ .‬فإذا وجد نص صريح لمعالجة هذه البنود فال توجد ضرورة للتوقيع‬

‫على العقد‪ ،‬أما إذا كان العقد قاصرا في حكم بعض المسائل فالسلطة تقديرية لهيئة التحكيم إليجاد حل‬

‫للخالف‪.‬‬

‫‪ -716‬رضوان الزهراوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪242‬‬
‫أم ا في حال ة خل و العق د من ش رط تحكيم ووج ود ن زاع اتف ق الطرف ان على إحالت ه للتحكيم‪ ،‬ففي‬

‫حال فشل األطراف أو رفض أحدهما التوقيع على عقد التحكيم فال محل للسير في التحكيم‪ ،‬إذ يعد هذا‬

‫العق د بمثاب ة اتف اق أولي ونه ائي بح ل ال نزاع عن طري ق التحكيم‪ ،‬ف إذا تع ذر التوقي ع عليه ا فال مج ال‬

‫لألطراف سوى اللجوء إلى المحكمة المختصة لحسم النزاع‪.717‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رفض أحد األطراف المشاركة في تشكيل هيئة التحكيم‬

‫إن رفض أح د األط راف المش اركة في تش كيل هيئ ة التحكيم ق د تح ول دون نج اح العملي ة‬

‫التحكيمي ة‪ ،‬حيث أن اختي ار المحكمين من قب ل األط راف يعت بر الخاص ية األساس ية له ذا القض اء المب ني‬

‫أساسا على الثقة في شخص المحكم وكفاءته‪ .‬فرفض الطرف السيئ النية تعيين محكم سيدفع الطرف‬

‫اآلخر على أن يلتجئ إلى القضاء للبت في القضية مما قد يشجع على هذه التصرفات‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى مقتض يات الفص لين ‪ 327-4‬و ‪ 327-5‬من ق انون ‪ 08-05‬بخص وص تش كيل‬

‫الهيئ ة التحكيمي ة‪ ،‬ف إن رفض أح د الط رفين تع يين محكم عن ه أو عج ز المحكمين المعي نين عن اختي ار‬

‫المحكم الرئيسي يقتضي اللجوء إلى رئيس المحكمة المختصة ليتولى تعيينه على اعتبار توفر القضاء‬

‫على سلطة اإلجبار‪ ،‬مما ينتج عنه سلسلة من اإلجراءات القضائية التي قد يطول أمدها فيتأخر تشكيل‬

‫الهيئ ة ويفق د التحكيم إح دى ميزات ه الرئيس ية المتمثل ة في س رعة البت في ال نزاع‪ .‬ل ذلك ك ان من‬

‫الض روري أن يتض من النص الق انوني موض وع الدراس ة مقتض يات تل زم المحكم ة باستص دار ق رار‬

‫التعيين داخل آجال قصيرة وبواسطة إجراءات مختصرة‪.718‬‬

‫‪ -717‬أحمد عبد الغفار ‪ ( ،‬مستشار ومحكم دولي‪ ،‬المدير التنفيذي وعضو مجلس األمناء‪ ،‬مركز اإلسكندرية للتحكيم الدولي والوسائل البديلة لحل‬
‫المنازعات‪ ،‬عضو المجمع البريطاني للمحكمين الدوليين)‪.‬‬
‫‪ -‬ورقة عمل مقدمة في الندوة العامة في واقع وآفاق التحكيم التجاري الدولي في مصر والدول العربية التي ينظمها مركز اإلسكندرية للتحكيم‬
‫ال دولي والوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات ( ‪ )AIACADRS‬المنعق دة بت اريخ ‪ 7‬و ‪ 8‬يولي وز ‪ 2012‬بقاع ة م يراج س ان جيوف اني‪ -‬اإلس كندرية‪-‬‬
‫مصر‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫منشور بالموقع اإللكتروني‪http//www.draigarbitration.com/tahkimwork :‬‬
‫‪ -718‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.191‬‬
‫‪243‬‬
‫كم ا يجب على القض اء الوط ني أن يلعب دور المس اعدة للعملي ة التحكيمي ة في مث ل ه ذه‬

‫كأن يساعد األطراف على تشكيل الهيئة التحكيمية (المادة ‪ )327/5‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬ ‫‪719‬‬
‫الحاالت‬

‫فتدخل ه ه ذا اس تثنائي ج دا إذ تمكن ه ذه الم ادة األط راف من القي ام بأنفس هم ب التعيين وال يت دخل‬

‫القض اء إال إذا لم يتم التع يين مس بقا‪ ،‬وذل ك كل ه النق اد العملي ة التحكيمي ة من التالش ي أم ام س وء ني ة أو‬

‫تقاعس أحد األطراف‪.720‬‬

‫وبذلك فالص عوبات التي تعترض نظام التحكيم تتمثل في صعوبة اختيار المحكمين نتيج ة عدم‬

‫ال سيما في حالة تعارض وجهات النظر‪ ،‬وهذا يؤدي إلى‬ ‫‪721‬‬
‫التفاهم والتعاون بين األطراف المتنازعة‬

‫إطال ة أم د ال نزاع بغ ير م وجب‪ .‬ويعط ل حص ول ذي الح ق على حق ه دون مس وغ‪ ،‬وتبقى طلب ات‬

‫األط راف معلق ة أم ام هيئ ة التحكيم ال تمل ك حياله ا تص رفا ص حيحا يقط ع داب ر ال نزاع‪ .‬وهك ذا تبقى‬

‫الحقوق غير مؤداة‪ ،‬والمواقف القانونية غير محسومة بصورة تضر بصاحب الحق‪ ،‬وقد تذهب بكل‬

‫قيمة له عندما يقتضيه بعد زمني أطول مما تحتمل ظروفه التجارية واالقتصادية انتظاره‪.‬‬

‫لذلك يذهب الفق ه إلى أن الص عوبة الخاص ة بتشكيل هيئ ة التحكيم ق د تكون ص عوبة غير هين ة‪.‬‬

‫ألن التحكيم يعتمد في تحقيق الغاية منه‪ ،‬كاملة‪ ،‬على وجود روح تعاون بين الطرفين والمحامين الذين‬

‫يمثلونهم‪ .‬ويكون من وراء ذلك نظام قضائي فعال وسريع‪ ،‬يمكن اللجوء إليه لمواجهة العقبات الحقيقية‬

‫‪ -719‬ال يتفق ذ‪ .‬عبد اهلل درميش مع من يقول بأن التحكيم هو بديل للقضاء‪ .‬فهما يسيران في خطين متوازيين كسكة الحديد‪.‬‬
‫ف التحكيم ليس ب ديال للقض اء وال يلغي ه ب دليل أن القض اء ي راقب اتف اق التحكيم وي راقب عملي ة التحكيم وي راقب العناص ر ال تي يجب أن تت وفر في‬
‫المحكم كما يراقب القضاء التحكيم بعد صدور الحكم التحكيمي‪ .‬فالقضاء دائما يقض وساهر على مراقبة عملية التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -720‬رضوان الزهراوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -721‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪244‬‬
‫التي تواجه تشكيل هيئة التحكيم‪ .‬ألنه بال هيئة تحكيم مشكلة تشكيال صحيحا‪ ،‬يتعطل نظام التحكيم كله‬

‫عن العمل‪.722‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم التزام األطراف بسداد ما حددته الهيئة من مصروفات وأتعاب‬

‫من المؤك د أن للمحكم ال ذي أتم عمل ه أن يط الب بمص اريفه وأتعاب ه‪ ،‬اللهم إال إذا قب ل المهم ة‬

‫ب دون مقاب ل‪ .‬وتش مل مص اريف التحكيم المص اريف اإلداري ة لمؤسس ات التحكيم ومص اريف الخ براء‬

‫المعي نين من ط رف هيئ ة التحكيم‪ .‬والمص اريف األخ رى كمص اريف الترجم ة واس تدعاء الش هود‬

‫واالستشارات القانونية‪ ،723‬وتشمل المصاريف أيضا نفقات السفر من موطنه إلى مكان ال نزاع إذا تطلب‬

‫األمر ذلك‪ ،‬ونفقات اإلقامة الكاملة في هذا المكان‪ .‬أما األتعاب فهي تقتصر على تعويض مقابل العناء‬

‫الذي بدله المحكم عند نظر النزاع على أساس مدة التحكيم وقيمة الدعوى مع االعتداد بالعرف الجاري‬

‫إذا كان ثمة عرف في هذا الصدد‪.724‬‬

‫ويعد حق المحكم في تقاضي أتعاب عمله كمحكم من أهم االلتزامات الواقعة على عاتق أطراف‬

‫التحكيم وهو حق مؤكد في الواقع العملي‪ ،‬وتقدير أتعاب هيئة التحكيم‪ ،‬األصل أن يتم االتفاق عليها بين‬

‫ط رفي التحكيم وبين المحكم أو هيئ ة التحكيم‪ ،‬ف إذا لم يوج د مث ل ه ذا االتف اق قب ل ب دء التحكيم أو بع د‬

‫انتهائه‪ ،‬كان المرجع في تقدير األتعاب القاضي وذلك بناء على طلب صاحب المصلحة‪.725‬‬

‫إن العالق ة بين المحكم أو هيئ ة التحكيم وبين أط راف اتف اق التحكيم ينظمه ا عق د التحكيم الم برم‬

‫بين الط رفين وال ذي بموجب ه تتح دد الحق وق وااللتزام ات لك ل من الط رفين قب ل اآلخ ر وال تزام أط راف‬

‫‪ -722‬محمد سليم العوا ‪ "،‬دراسات في قانون التحكيم المصري والمقارن"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪ 196‬و ‪197‬‬
‫‪ -723‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬الوجيز في شرح القانون المغربي الجديد للتحكيم الداخلي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -724‬جعفر مشيمش ‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية والمدنية والتجارية وأسباب بطالن القرار التحكيمي وآثاره"‪ ،‬منشورات زين الحقوقية واألدبية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -725‬نص ت الم ادة ‪ 327 -24‬من ق انون ‪ 08 -05‬على م ا يلي‪... " :‬يتعين أن يتض من حكم التحكيم تحدي د أتع اب المحكمين ونفق ات التحكيم‬
‫وكيفي ة توزيعه ا بين األط رف‪ ،‬وإ ذا لم يتم االتف اق بين األط راف والمحكمين على تحدي د أتع اب المحكمين فيتم بق رار مس تقل من هيئ ة التحكيم‬
‫ويكون قرارها بهذا الشأن قابال للطعن أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل ألي طعن"‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫اتفاق التحكيم – المحتكمين‪ -‬بدفع األتعاب المقررة للمحكم هو التزام تعاقدي‪ ،‬ومن ثم فإن اإلخالل بهذا‬

‫االل تزام ي رتب مس ؤولية طبق ا لقواع د المس ؤولية العقدي ة وهم مل تزمون بالتض امن عن أداء األتع اب‬

‫فمس ؤوليتهم مس ؤولية تض امنية في حال ة االتف اق على التض امن‪ ،‬فيح ق للمحكم مالحق ة األط راف أم ام‬

‫القضاء‪ ،‬القتضاء حقه في األتعاب إذا رفض المحتكمون الوفاء بها‪.726‬‬

‫إن ع دم ال تزام األط راف بس داد م ا حددت ه الهيئ ة من مص روفات وأتع اب ي ترتب علي ه إنه اء‬

‫إجراءات التحكيم أو وقفها‪ .‬وهذه الصورة تجعل التحكيم كله بال جدوى‪ ،‬وينتهي األمر باللجوء للقضاء‬

‫بعد وقت وجهد وتكلفة ال طائل من ورائها تكبدها أحد طرفي التحكيم وتكبدتها هيئته‪.727‬‬

‫وفي الواقع العملي نجد أن مسألة األتعاب قد تعد إحدى تحديات التحكيم من حيث مغاالة بعض‬

‫المحكمين في التق دير وبخس أط راف ال نزاع في تحدي دها بمبل غ ض ئيل‪ ،‬أو تاف ه في بعض الح االت‪.‬‬

‫بعض المحكمين يبالغون ألنهم يعتبرونها فرصة العمر في الحصول على مبلغ كبير دفعة واحدة خالل‬

‫مدة وجيزة قد ال يحصلون عليه طوال حياتهم‪ ،‬وبالتالي يسعون بكل ما أوتوا من قوة لبلوغ هدفهم كما‬

‫أن ط رفي ال نزاع ق د يك ون لهم رأي في تق دير أتع اب المحكمين ح تى ول و ك ان معق وال وعلى وج ه‬

‫الخص وص المحتكم ض ده‪ ،‬إم ا يك ون محق ا في ذل ك وإ م ا من اورة من ه لتطوي ل أم د ال نزاع لتوفي ق‬


‫‪728‬‬
‫أوضاعه‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬دعوى التجريح تعطل سير العملية التحكيمية‬

‫‪ -726‬محمد عبد الخالق الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.150‬‬


‫‪ -727‬محمد سليم العوا‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ -728‬أحمد عبد الغفار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪246‬‬
‫وج ه من وجوه ممارسة حق التقاضي‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهناك‬ ‫‪729‬‬
‫يعتبر نظام تجريح المحكم‬

‫من يعتبره من الضمانات الجوهرية التي يتعين توفرها ألطراف النزاع‪ ،730‬في حين اعتبره آخرون حقا‬

‫من حقوق الدفاع‪.731‬‬

‫ويحق للمحكم أن يستغل هذا النظام تلقائيا لحماية نفسه وذلك كلما استشعر وجود ما يمكن أن‬

‫يمس نزاهته وكرامته‪ ،‬على اعتبار أنهما الميزتان الوحيدتان اللتان تكونان رصيده المعنوي الذي يعول‬

‫عليه في أداء مهامه التحكيمية بكل حياد‪.732‬‬

‫ومن آث ار تج ريح المحكم إبع اده عن النظ ر في موض وع ال نزاع ويع د ذل ك من أهم الض مانات‬

‫التي توفرها القوانين لألطراف إذا توفرت األس باب الموضوعية لذلك‪ ،733‬لكن قد يتخذ أحد األطراف‬

‫‪ -729‬بالفرنسية‪ Récusation de l’arbitre :‬ويقابل مصطلح "التجريح" في األنظمة القانونية العربية المشرقية مصطلح "الرد"‪.‬‬
‫‪ -730‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.724‬‬
‫‪ -731‬هدى حمدي عبد الرحمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.186‬‬
‫‪ -732‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -733‬خصص المشرع المغربي في قانون ‪ 08 -05‬عدة مقتضيات تهم تنظيم مسطرة تجريح المحكمين‪ ،‬ويتعلق األمر بالفصول ‪ 322‬و ‪323‬‬
‫و ‪ 327 – 7‬و ‪.327 – 8‬‬
‫ينص الفصل ‪ 322‬من قانون ‪ 08-05‬على ما يلي‪" :‬ال يجوز ألي من طرفي التحكيم تجريح المحكم إال لسبب طرأ أو أكتشف بعد تعيينه"‬
‫و ينص الفصل ‪ 323‬على أنه‪" :‬يمكن تجريح المحكم إذا‪:‬‬
‫‪ -1‬صدر في حقه حكم نهائي باإلدانة من أجل ارتكاب أحد األفعال المبينة في الفصل ‪ 320‬أعاله ‪،‬‬
‫‪ -2‬كانت له أو لزوجه أو ألصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في النزاع‪،‬‬
‫‪ - 3‬كانت قرابة أو مصاهرة تجمع بينه أو زوجه وبين أحد األطراف إلى درجة أبناء العمومة األشقاء‪،‬‬
‫‪- 4‬كانت هناك دعوى جارية أو دعوى منتهية في أقل من سنتين بين أحد األطراف والمحكم أو زوجه أو أحد األصول أو الفروع‪،‬‬
‫‪ -5‬كان المحكم دائنا أو مدينا ألحد األطراف‪،‬‬
‫‪ -6‬سبق أن خاصم أو مثل غيره أو حضر كشاهد في النزاع‪،‬‬
‫‪ -7‬تصرف بوصفه الممثل الشرعي ألحد األطراف‪،‬‬
‫‪ - 8‬كانت توجد عالقة تبعية بين المحكم أو زوجه أو أصوله أو فروعه وبين أحد األطراف أو زوجه أو أصوله أو فروعه‪،‬‬
‫‪ -9‬كانت صداقة أو عداوة بادية بينه وبين أحد األطراف‪.‬‬
‫يق دم طلب التج ريح كتاب ة إلى رئيس المحكم ة المختص ة يتض من أس باب التج ريح‪ ،‬وذل ك داخ ل أج ل ثماني ة أي ام من ت اريخ علم ط الب التج ريح‬
‫بتشكيل هيئة التحكيم أو بالظروف المبررة للتجريح‪ ،‬فإذا لم يسحب المحكم موضوع التجريح من تلقاء نفسه بع د تجريحه‪ ،‬فصل رئيس المحكمة‬
‫في الطلب داخل أجل عشرة أي ام بق رار غير قاب ل للطعن في ه ب أي طريق من ط رق الطعن‪ .‬وال يقب ل طلب التج ريح ممن سبق له ان قدم طلب‬
‫تج ريح المحكم نفس ه في ذات التحكيم وللسبب ذات ه‪ .‬وإ ذا حكم بتج ريح محكم تعتبر إج راءات التحكيم التي ش ارك فيه ا كأنه ا لم تكن بم ا في ذلك‬
‫الحكم"‬
‫وأخ يرا ينص الفص ل ‪ 327-8‬على أن ه‪ " :‬إذا ق دم طلب تج ريح أو ع زل أح د المحكمين‪ ،‬وجب وق ف مس طرة التحكيم إلى أن يتم البت في ه ذا‬
‫الطلب‪ ،‬ما عدا إذا قبل المحكم المعني باألمر التخلي عن مهمته‪.‬‬
‫‪247‬‬
‫من هذه الضمانة وسيلة لتعطيل مسطرة التحكيم أو للرغبة في المماطلة والضغط على الطرف اآلخر‬

‫في الخصومة‪.734‬‬

‫إذا كان توفير مثل هذه الضمانات ضروريا فإنه من الالزم أن تعطى من غير تمكين األطراف‬

‫من تعطيل التحكيم‪ .‬فيجب على المشرع عند سنه لهذه الضمانات الالزمة أن يحاول ما استطاع تجنب‬

‫كل ما من شأنه أن يوفر ألي طرف‪ ،‬سيئ النية ذريعة لتعطيل‪ ،‬أو إجهاض العملية التحكيمية‪ .‬هذا من‬

‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يجب تأويل هاته القوانين بطريقة توفيقية بين ضرورة تحقيق ضمانات كافية‬

‫لألطراف وضرورة عدم توفير وسائل لهدم التحكيم وتعطيله‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور المحكم في تعطيل إجراءات العملية التحكيمية‬

‫يعت بر المحكم عنص ر فاع ل أثن اء إج راءات التحكيم‪ ،‬فه و يح رر المحاض ر‪ ،‬ويش ارك في جمي ع‬

‫العملي ات ال تي يتطلبه ا التحكيم من ذ قبول ه لمهمت ه إلى حين ص دوره لحكم التحكيم‪ .‬إال أن ع دم إلمام ه‬

‫ب إجراءات التحكيم وبموض وع ال نزاع (الفق رة األولى) واس تقالته لس بب غ ير مش روع ( الفق رة الثاني ة)‪،‬‬

‫ورفضه الحضور للمداولة ( الفقرة الثالثة) يعد من أهم المشاكل والصعوبات التي قد تؤدي إلى تعطيل‬

‫ترف ع الص عوبات الناتج ة عن تج ريح أو ع زل المحكمين إلى رئيس المحكم ة ال ذي يبت في األم ر ب أمر غ ير قاب ل للطعن في إط ار مس طرة‬
‫حضورية"‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن األحكام المتعلقة بالتجريح قد جاءت متفرقة ( ف ‪ ) 327 -8 / 327 -7 ( ، )326 -325 -324 -323‬لذا فقد طالب‬
‫بعض الفقه تجميعها في تسلسل واحد‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول موضوع "تجريح الهيئة التحكيمية" المرجو النظر إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬حسن المصري ‪ " ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪ 215‬إلى ‪216‬‬
‫‪ -‬مهند الصانوري ‪ " ،‬دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 201‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬محمد عبد الخالق الزعبي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬موسوعة التحكيم‪ ،‬التحكيم في البالد العربية‪ ،‬الجزء األول" م س‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪" ،‬التحكيم في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪ -‬البوعناني رحال ‪" ،‬التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي" م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪ 116‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -734‬تجدر اإلشارة إلى أن القضاء المقارن يتشدد جدا في االستجابة لطلبات تجريح المحكمين‪ ،‬ومثال ذلك القضاء األمريكي الذي تواثر على‬
‫رفض طلبات التجريح بالرغم من وجود األسباب التي تجيزه وهذا ما انتهت إليه محكمة االستئناف األمريكي ة من رفض رد أو تجريح المحكم‬
‫رغم ثبوت أنه كان محاميا ألحد الخصوم ولم يفصح عن ذلك‪.‬‬
‫ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،113‬هامش ‪.5‬‬
‫‪248‬‬
‫عملية التحكيم‪ ،‬أو إجراء التحكيم بصورة غير صحيحة األمر الذي يؤدي إلى إبطال الحكم التحكيمي إذا‬

‫ما أقيمت دعوى بطالن بشأنه‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم اإللمام بإجراءات التحكيم وبموضوع النزاع‬

‫التحكيم قضاء‪ ،‬والمحكم قاضي‪ ،‬وهيئة التحكيم محكمة‪ ،‬وقرار التحكيم حكم قضائي‪ ،‬لذلك البد‬

‫لمن يتولى أمر التحكيم أن يكون ملما بإجراءات التحكيم‪ .‬فمن الضروري اإللمام بها سواء أكان المحكم‬

‫قانونيا أو من أص حاب المهن األخرى‪ ،‬ألن التحكيم أصبح صناعة وحرفة في العصر الحديث لتشعب‬

‫القضايا المتعلقة بتنفيذ العقود الدولية على وجه الخصوص‪.‬‬

‫في الواق ع العملي وأثن اء اإلج راءات يواج ه المحكم أو هيئ ة التحكيم بمس ائل إجرائي ة تحت اج‬

‫لحس مها معرف ة ودراي ة ألن تجاهله ا أو حس مها بطريق ة غ ير ص حيحة ق د ي ؤثر على عملي ة التحكيم‬

‫برمته ا‪ ،‬وبالت الي ق د يك ون س ببا للطعن ب البطالن وإ لغ اء حكم التحكيم‪ .‬ل ذلك ف إن أهمي ة اإللم ام به ذه‬

‫اإلجراءات تكمن في أنها تقرب المسافة بين كافة قطاعات المجتمع بتخصصاتهم المختلفة‪ ،‬ألن المحكم‬

‫ليس بالض رورة أن يك ون قانوني ا‪ ،‬أو محاس با‪ ،‬أو مهندس ا‪ ،‬ب ل ك ل من ل ه معرف ة بمج ال م ا‪ ،‬يمكن أن‬

‫يكون محكما (مزارع – تاجر – محامي – طبيب – مهندس – عامل ‪...‬الخ)‪.735‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن عدم الخبرة والمعرفة بموضوع النزاع قد يعد من عقبات التحكيم‪،736‬‬

‫على سبيل المثال قد يختار المتنازعان في مجال اإلنشاءات الهندس ية محاميا‪ ،‬أو محاسبا‪ ،‬أو طبيبا ال‬

‫خ برة ل ه في المج ال موض وع ال نزاع‪ ،‬وبالت الي ق د يج د ص عوبة كب يرة في تفهم م ا يقدم ه الطرف ان من‬

‫‪ -735‬تنص المادة ‪ 11‬من القانون اإلسباني بعد تعديله‪ ":‬ال يقوم بالتحكيم فيما يتعلق بالنزاعات ذات الطابع القانوني إال المحامي دون غيره"‪.‬‬
‫عبد اهلل درميش‪ ،‬مداخلة في إطار دورة تكوينية نظمها المركز الدولي للوساطة والتحكيم ومؤسسة كوركمار في موضوع‪ " :‬المحامي المحكم‪:‬‬
‫من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -736‬راجع ما سنعرض له بخصوص موضوع "كفاءة وخبرة المحكم" في المبحث الثاني من هذا الباب‬
‫‪249‬‬
‫حجج وبراهين‪( ،‬مستندات أو شهود) وقد ال يسعفه حتى إذا استعان بخبير في هذا المجال‪ ،‬وبالتالي هذا‬

‫القصور في الفهم قد يؤثر في صحة القرار الذي سيصدره في المستقبل‪.737‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬استقالة المحكم لسبب غير مشروع‬

‫قد يرى المحكم أو هيئة التحكيم أن القضية التي يفصل فيها سيخسرها ال محال الطرف الذي‬

‫اختاره ولذلك قد يبادر إلى االستقالة من تلقاء نفسه دون سبب مشروع‪.738‬‬

‫وط بيعي أن ت ؤدي ه ذه االس تقالة إلى تعطي ل إج راءات التحكيم وعلى األج ل ال ذي سيص در في ه‬

‫حكم التحكيم‪.‬‬

‫إن االستمرار في مهمة التحكيم يعتبر من أهم الواجبات على المحكم فطالما أنه قبلها فعليه أن‬

‫يتابعها إلى حين انتهائها بإصداره للحكم الذي يحسم النزاع‪ ،‬وهذا يعني أن المحكم ال يحق له االستقالة‬

‫إال ألس باب مش روعة‪ ،‬ألن االس تقالة ال تي ال م برر له ا س تؤدي إلى إع ادة القض ية من أوله ا‪ ،‬وه ذا‬

‫سيفضي إلى مضيعة للوقت خصوصا إذا جاء المحكم البديل وقدم استقالته هو اآلخر‪.739‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬رفض المحكم الحضور للمداولة‬

‫يجب على هيئة التحكيم قبل إنهاء المرافعة وحجز القضية للحكم أن تستفسر أوال من األطراف‬

‫عما إذا كان لديهم أدلة أخرى لتقديمها‪ ،‬أو شهود آخرين لسماعهم فإن لم يعد لديهم ما يقدمونه فتعلن‬

‫هيئ ة التحكيم إنه اء المرافع ة‪ ،740‬وتب دأ في إص دار الحكم التحكيمي ولكنه ا ال تص در حكمه ا إال بع د‬

‫التشاور فيما بينها للتوصل إلى هذا الحكم‪.‬‬

‫بمع نى أن ه يجب أن تك ون هن اك ف ترة زمني ة يتم خالله ا المداول ة الالزم ة بين أعض اء هيئ ة‬

‫التحكيم إلصدار ذلك الحكم‪.‬‬

‫‪ -737‬أحمد عبد الغفار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.6‬‬


‫‪ -738‬عبد الرحيم الزضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -739‬حميد محمد علي اللهبي‪ "،‬المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2002-2001 ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪ -740‬حميد محمد علي اللهبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪250‬‬
‫وتعني المداولة تبادل الرأي بين المحكمين توصال إلصدار الحكم بحيث يأتي ثمرة لتعاونهم‪.741‬‬

‫ثم إصدار حكم التحكيم العتقاده الجازم أن‬ ‫‪742‬‬


‫وقد يرفض المحكم الحضور للمداولة للتصويت‬

‫الطرف الذي عينه سيخسر القضية‪.‬‬

‫وتطرح هذه الحالة في الواقع العملي مسألة أساسية وهي ما مدى مسؤولية المحكم عند رفضه‬
‫‪743‬‬
‫الحضور للمداولة؟‬

‫إن مس ؤولية المحكم الغ ائب عن الحض ور فهي ال تخ رج عن نط اق المس ؤولية المدني ة وفي‬

‫الحقيقة قد يطرح غياب المحكم هذا مشكال حقيقيا من الناحية العملية‪.‬‬

‫فمن جهة ال يجدي نفعا عزل المحكم لما لذلك من تأثير على التاريخ الذي سيصدر فيه الحكم‬

‫التحكيمي‪ ،‬وذلك بعد أن قطعت إجراءات التحكيم شوطا طويال‪ .‬ومن جهة أخرى ال يوجد من الناحية‬

‫القانونية ما يفيد إجبار المحكم للحضور إلى المداولة‪.‬‬

‫أن المعول عليه هو أن يدرج األطراف شرطا جزائيا يحمل المحكم‬ ‫‪744‬‬
‫ولذلك يرى بعض الفقه‬

‫المسؤولية متى امتنع عن الحضور للمداولة‪.‬‬

‫إن المحكم قد يحاول االنحراف ببعض ما اقتضاه القانون لضمان محاكمة عادلة واستعمال ذلك‬

‫لتعطيل أوتأجيل حل النزاع‪ ،‬كما نالحظ أنه قد يقع استغالل أي ثغرة في القوانين للوصول إلى توجيه‬

‫التحكيم إلى الحل الذي يراه مناسبا‪.‬‬

‫‪ -741‬محمود السيد عمر التحيوي ‪" ،‬حكم التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.230‬‬
‫‪ -742‬المقص ود بالتص ويت على حكم التحكيم‪":‬أن يص در أعض اء هيئ ة التحكيم آراءهم س واء باإليج اب أو النفي"‪ .‬وبالت الي ف إن االمتن اع عن‬
‫التصويت على حكم التحكيم يعتبر صوتا سلبيا ال يعتد به في الحسبان‪ ،‬وبالتالي فإن قاعدة األغلبية هي التي تسود غالبا في التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬محمود السيد عمر التحيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫‪ -743‬عبد الرحيم زضاكي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -744‬عبد الرحيم زضاكي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪251‬‬
‫وفي ع الم التج ارة ال وقت ه و الم ال والس رعة ب اتت تش كل س مة من س مات العص ر الح ديث‬

‫ونتيجة لذلك فإن العدالة البطيئة هي بمثابة نوع من الظلم المبين‪.745‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المشاكل التي تواجهها صياغة شرط التحكيم‬

‫إن الش رط المعيب يش كل أفض ل وس يلة للط رف س يئ الني ة ال ذي لم تع د ل ه مص لحة في س ير‬

‫التحكيم للمماطل ة وعرقل ة التحكيم‪ ،‬وه ذا من ش أنه أن يش كل ح اجزا دون إمكاني ة س ير التحكيم بس الم‪،‬‬

‫في ميدان‬ ‫‪746‬‬


‫فينتهي هذا األخير بقرار تحكيمي معرض للبطالن‪ .‬وفي هذا الصدد أشار أحد الممارسين‬

‫المحاماة أن نسبة من النزاعات ناتجة عن سوء نية أحد الطرفين الذي يريد استغالل تعبير سيئ ألحد‬

‫بن ود العق د المح رر ل دى ك اتب عم ومي أو إغف ال ه ذا األخ ير بس وء ني ة أو عن جه ل ض بط ش رط من‬

‫( محكم ة النقض حالي ا) أن ه ال‬ ‫‪747‬‬


‫ش روطه األساس ية‪ .‬وفي ه ذا المنحى ج اء في ق رار للمجلس األعلى‬

‫يمكن اللج وء إلى التحكيم إال إذا ك ان هن اك ش رط تحكيمي أو اتف اق على التحكيم ح رر بش كل ال لبس‬

‫بسبب كتابته من قبل غير المختصين الكثير من المشاكل العملية‬ ‫‪748‬‬


‫فيه‪ .‬هذا وتواجه الشرط التحكيمي‬

‫تتخذ الكثير من التجليات تتمثل أهمها في الشرط التحكيمي المعيب والشرط التحكيمي‬ ‫‪749‬‬
‫عند صياغته‬

‫المركب‪.750‬‬

‫وبالنسبة للشرط التحكيمي المعيب‪ ،‬يمكن أن ينتج عن كثير من األسباب‪ ،‬منها على سبيل المثال‬

‫أو أن يتم التعبير‬ ‫‪751‬‬


‫ال الحصر اإلحالة إلى مركز تحكيم ال وجود له أو غير محدد بشكل غير واضح‬

‫‪ -745‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪ -746‬محمد لحكيم بناني‪ "،‬الصلح بين مشروعيته في الفقه اإلسالمي وواقع المجتمع المغربي المعاصر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.183‬‬
‫‪ -747‬قرار عدد ‪ 7968‬المؤرخ في ‪ 30‬دجنبر ‪ 1998‬الملف التجاري عدد ‪.96 /2064‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.314‬‬
‫‪ -748‬عبد اهلل درويش‪ "،‬الدفع بوجود شرط التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -749‬يونس قربي ‪ "،‬شرط التحكيم في عقود الدولة‪ ،‬دراسة في أنظمة التحكيم الدولية والنظام القانوني المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‪-2006 :‬‬
‫‪ ،2007‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.314‬‬ ‫‪750‬‬

‫‪ -751‬محي الدين إسماعيل علم الدين‪ "،‬منصة التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.76‬‬
‫‪252‬‬
‫أو النص على إجراءات للتحكيم غير قابلة للتطبيق عمليا‪.753‬‬ ‫‪752‬‬
‫عن االلتزام بالتحكيم بشكل مضطرب‬

‫ويتم استغالل هذه الشروط المعيبة من طرف الطرف سيئ النية لعرقلة التحكيم‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشرط التحكيمي المركب‪ ،‬فيقصد به الشرط الذي يحيل في نفس الوقت إلى التحكيم‬

‫وإ لى اختص اص المح اكم القض ائية‪ .754‬ولق د أعطى القض اء الفرنس ي له ذا الش رط أث ر ايجابي ا النق اد‬

‫التحكيم وإ زالة العقبات أمامه‪ .‬فموقف محكمة استئناف باريس تمثل في اعتبار هذا الشرط ليس باطال‪،‬‬

‫إذ ذهبت إلى أن الشركة التي وقعت هذا العقد احتفظت بحق الخيار بين القضاء والتحكيم‪ ،‬وبلجوئها إلى‬

‫التحكيم فإنها تكون قد مارست خيارها‪ .‬وجاء تعليل صحة هذا الشرط التحكيمي من قبل ذات المحكمة‬

‫كما يلي " يجب أن يفسر هذا الشرط على أساس نية الطرفين التي لو تشأ إحالة النزاع على التحكيم لما‬

‫كانت قد أضافت الشرط التحكيمي إلى العقد وكونها أدرجت الشرط التحكيمي فإنها عبرت بشكل واضح‬

‫عن إرادتها في إحالة النزاع الذي ينشأ عن العقد على التحكيم"‪.755‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات العملية المثارة لما بعد صدور الحكم التحكيمي‬

‫يشكل الحكم التحكيمي ثمرة مجهود هيئة التحكيم‪ ،‬باإلضافة إلى أنه المبتغى الذي يطمح إليه‬

‫أطراف النزاع لوضع حد نهائي لنزاعهم وبموجبه يحصل كل ذي حق على حقه‪ .‬ويطرح الحكم‬

‫التحكيمي مجموعة من الصعوبات في الواقع العملي سواء بعد صدوره (المطلب األول) أو أثناء تنفيذه‪،‬‬

‫خاصة وأن التنفيذ هو الذي يعطيه وجودا حقيقيا وفعليا ألنه بدون التنفيذ يبقى الحكم التحكيمي موازيا‬

‫للعدم‪(756‬المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ - 752‬كالتعبير عن الشرط التحكيمي بالصيغة التالية" إذا حصل خالف يمكن إحالته إلى التحكيم‪."...‬‬
‫‪ -753‬كتحديد آجال قصيرة جدا‪.‬‬
‫‪ -754‬يونس قربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -755‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪ -‬يونس قربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 64‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -756‬محمد فاضل الليلي‪ "،‬الحكم التحكيمي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.274‬‬
‫‪253‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الصعوبات العملية المثارة عند صدور الحكم التحكيمي‬

‫إن من أهم الص عوبات ال تي ق د تكتن ف الحكم التحكيمي في الواق ع العملي ه و ط ول م دة‬

‫صدوره‪ ،‬فقد أثبتت التجارب العملية من الناحية العملية انتشار قرارات تأجيل قضايا التحكيم‪ ،‬وهذا من‬

‫ش أنه أن يج رد التحكيم من أهم ما يم يزه عن القض اء الرسمي‪ ،‬فقد تط ول في بعض األحي ان مدة حسم‬

‫النزاع إلى بضع سنوات‪ ،757‬رغم أن مراكز التحكيم الدولي تنص على تحديد مدة قصيرة يجب خاللها‬

‫حس م ال نزاع‪ .‬فمثال في قض ية بن ك ‪ Mellat‬اإلي راني وش ركة ‪ GAA‬البريطاني ة للتنمي ة واإلعم ار (‬

‫‪ )GAA Development and construction‬دامت القض ية من يوني و ‪ 1979‬وح تى يولي وز ع ام‬

‫‪ 1987‬حيث ص در حكم عن محكم ة لن دن التجاري ة للتحكيم بأغلبي ة المحكمين يل زم بن ك ‪ Mellat‬ب دفع‬

‫مبل غ ق دره ‪ 3,655,914‬دوالر أم ريكي م ع الفوائ د لش ركة ‪ .GAA‬وأيض ا ص در حكم عن محكم ة‬

‫التحكيم الدولية لغرفة التجارة الدولية بباريس في قضية رقم ‪ 8035‬بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية‬

‫وش ركة بي تروليوم إن ك األمريكي ة‪ ،‬دام أك ثر من س نتين‪ .758‬وأيض ا في قض ية ش ركة (‪Sothern )SPP‬‬

‫‪ Pacific Properties‬والمعروف ة بقض ية هض بة األه رام‪ ،‬حيث دامت أربع ة عش رة عام ا بين غرف ة‬

‫التج ارة الدولي ة ‪ ICC‬والمرك ز ال دولي لح ل النزاع ات الناش ئة عن االس تثمارات ‪ ،ICSID‬وأص درت‬

‫محكم ة التحكيم حكمه ا ب إلزام الحكوم ة المص رية ب دفع مبل غ ق دره ‪ 27,661,000‬دوالر أم ريكي على‬

‫سبيل التعويض لشركة (‪.759)SPP‬‬

‫وأيض ا قض ية هولي داي اي نز ‪ -‬أوكس يدونتال بي تروليوم ‪Holiday inns occidental‬‬


‫‪761‬‬
‫‪ petroleum‬والحكومة المغربية التي دامت أكثر من خمس سنوات‪-760‬‬

‫‪ -757‬فتحي والي ‪ "،‬قانون التحكيم في النظرية والتطبيق"‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -758‬علي عبد المجيد عبد اهلل ‪ "،‬عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.485‬‬
‫‪ -759‬جال ل وفاء محمدين ‪ "،‬التحكيم بين المستثمر األجنبي والدولة المضيفة لإلستثمار"‪ ،‬دار الجامعة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -760‬راجع تفصيل هذه القضية في المطلب الثاني من هذا الفرع‪.‬‬
‫‪ -761‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪254‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الصعوبات العملية المثارة أثناء تنفيذ الحكم التحكيمي‬

‫ق د ال يس تطيع األط راف تنفي ذ الحكم التحكيمي‪ ،‬إال بع د الحص ول على الص يغة التنفيذي ة من‬

‫الس لطة القض ائية الوطني ة في البل د ال ذي ي راد التنفي ذ في ه‪ ،‬ووض ع ه ذه الص يغة ل ه ش روط تس مح له ذه‬

‫الس لطة بإع ادة النظ ر في حكم التحكيم‪ ،‬وق د تق رر االمتن اع عن تنفي ذه‪ )762‬الفق رة األولى(‪ ،‬ويك ون من‬

‫المتعين علين ا أن نلقي الض وء على بعض المنازع ات التحكيمي ة ال تي تط رح العدي د من اإلش كاليات‬

‫العملي ة أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي‪ ،‬ونخص بال ذكر منازع ات االس تثمار المبرم ة بين الدول ة والمس تثمر‬

‫األجنبي‪ ،‬والتي تعد من أهم أنماط العقود األكثر انتشارا على المستوى الدولي‪ ،‬نظرا لدورها الفعال في‬

‫التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬وال تي تتس م بخصوص ية معين ة ناجم ة عن الطبيع ة الخاص ة ألط راف‬

‫ه ذه العق ود الدولي ة‪ ،‬إذ تث ير خليط ا من المش اكل المعق دة والمركب ة ال تي ال تث ار في غيره ا من العق ود)‬

‫الفقرة الثانية ‪(.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات تنفيذ الحكــــم التحكيمــــي فـــــي التشريـــع المغربي نسف ألهـــم ميزات‬
‫نظام التحكيم‬

‫لق د س بق الق ول ب أن ق انون ‪ 08 -05‬لحق ه تع ديل مهم على مس توى القواع د القانوني ة المنظم ة‬

‫للتحكيم إذ نسخت المقتضيات القديمة وتم تعويضها بأخرى جديدة شملت أحكاما قانونية تتعلق ليس فقط‬

‫بالتحكيم الداخلي وإ نما أيضا بالتحكيم الدولي‪ ،‬الذي نظم ألول مرة ضمن هذا القانون‪ .‬لذلك يكون من‬

‫المفيد معرفة ما إذا كان المشرع المغربي قد راعى من خالل هذه المقتضيات األهداف المبررة لللجوء‬

‫إلى التحكيم عند تنظيمه لمسألة تنفيذ األحكام التحكيمية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إجراءات تنفيذ الحكم التحكيمي الداخلي‬

‫‪ -762‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪255‬‬
‫إن مهم ة الهيئ ة التحكيمي ة تنتهي بإص دارها لحكمه ا التحكيمي وبع دها تب دأ رغب ة األط راف في‬

‫تنفي ذه‪ .‬وه ذا التنفي ذ ق د يك ون طوعي ا وق د يك ون جبري ا فالتنفي ذ الط وعي ه و ال ذي يق وم ب ه المنف ذ علي ه‬

‫والتنفيذ‬ ‫‪763‬‬
‫طواعية وبطريقة ودية ودون حاجة إلى اللجوء إلى مساطر أخرى قصد جبره على التنفيذ‬

‫االختياري أو الطوعي ال يتطلب أية شكلية معينة للقيام به‪.‬‬

‫أما في حالة امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ الطوعي فإن طالب التنفيذ يلتجئ إلى القضاء قصد‬

‫منح حكم المحكمين الصيغة التنفيذية‪ ،‬وهذا األمر يستلزم سلوك مسطرة خاصة تتمثل في مجموعة من‬

‫اإلجراءات هي ملقاة على عاتق طالب التنفيذ‪.764‬‬

‫ونش ير في ه ذا اإلط ار أن ه إذا ص در الحكم التحكيمي وف ق أحك ام ق انون التحكيم ‪ 08-05‬فإن ه‬

‫يح وز حجي ة األم ر المقض ي ب ه بمج رد ص دوره ويك ون ملزم ا وق ابال للتنفي ذ تلقائي ا من قب ل األط راف‪،‬‬

‫وهكذا إذا رضي األطراف بالحكم الصادر عن المحكم أو المحكمين فإنه يتم تنفيذه تلقائيا وطواعية‪.‬‬

‫لكن ق د يح دث وأن يتملص أو أن ي رفض الط رف اآلخ ر تنفي ذ الحكم‪ ،‬مم ا ي دفع الط رف ال ذي‬

‫حكمت لفائدته لللجوء مرة أخرى إلى القضاء قصد منح الحكم التحكيمي الصيغة التنفيذية إلخراجه إلى‬

‫الواق ع العملي‪ .765‬فهيئ ة التحكيم ال تمل ك الس لطة الكافي ة لتنفي ذ األحك ام الص ادرة عنه ا ل ذا ف إن حكم‬

‫المحكمين‪ ،‬ال يمكن أن يكون نهائيا إال بعد إكسائه صيغة التنفيذ أمام القضاء‪ ،‬وبذلك فإن أكثر ميزات‬

‫التحكيم أهمي ة وخاص ة الس رعة والس رية تفق د أهميته ا عن د إعط اء حكم المحكمين ص يغة التنفي ذ أم ام‬

‫القضاء الذي يتطلب منه غالبا البت في صحة أو بطالن حكم المحكمين‪ ،‬وينظر كذلك إلى عدم مخالفته‬

‫‪ -763‬في ه ذا الص دد يق ول ذ‪ .‬عبــد اهلل درميش أن‪ 90% ":‬من األحك ام التحكيمي ة تنف ذ حبي ا وال تحت اج إلى اللج وء للص يغة التنفيذي ة وبص فة‬
‫خاصة التحكيم الدولي"‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -764‬محمد فاضل الليلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪ -765‬عبد اهلل درميش‪" ،‬اهتمام المغرب بالتحكيم إلى أي حد "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪256‬‬
‫للنظ ام الع ام مم ا يتطلب وقت ا وجه دا إض افيين‪ .766‬وه ذا يع د عقب ة هام ة تص طدم بحكم التحكيم بع د‬

‫ص دوره كم ا تعت بر ه ذه المس ألة من أك ثر المش اكل خط ورة ال تي تواج ه حكم التحكيم من الناحي ة‬

‫العملية‪.767‬‬

‫وعلي ه وجب على ط الب التنفي ذ س لوك مس طرة خاص ة تتمث ل في مجموع ة من اإلج راءات هي‬

‫ملقاة على عاتقه وهي إيداع أصل الحكم التحكيمي مصحوبا بنسخة من اتفاق التحكيم مع ترجمتها إلى‬

‫اللغة العربية لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بإعطاء الصيغة التنفيذية‪ ،‬وذلك داخل سبعة أيام كاملة‬

‫التالي ة لت اريخ ص دوره‪ .‬وهن ا نش ير إلى أن ع دم وض عه داخ ل األج ل المح دد قانون ا ق د ينتج عن ه الحكم‬

‫بعدم قبول إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي‪.‬‬

‫وإ ذا لم تتوفر في هذه اإلجراءات جميع الشروط المنصوص عليها في الفصل ‪ 327-31‬من‬

‫ق انون ‪ 08-05‬ف إن الحكم التحكيمي ال يمكن تذييل ه بالص يغة التنفيذي ة وبالت الي لن يك ون ق ابال للتنفي ذ‪،‬‬

‫وهذه اإلجراءات قد تأخذ وقتا طويال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إجراءات تنفيذ الحكم التحكيمي الدولي‬

‫ك ذلك بالنس بة للحكم التحكيمي ال دولي لكي ي ذيل بالص يغة التنفيذي ة الب د وأن يتم وف ق إج راءات‬

‫خاص ة وهي وجوب االعتراف باألحكام التحكيمية وإ ثبات وجودها من الطرف المتمسك بها‪ ،‬شريطة‬

‫أن ال يكون هذا االعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي‪ ،768‬كما يثبت وجود الحكم التحكيمي‬

‫باإلدالء بأصله مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخة من هاتين الوثيقتين تتوفر فيها شروط الصحة المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -766‬محمد اإلدريسي العصراوي‪" ،‬دور القاض ي في تنفي ذ الق رارات التحكيمي ة"‪ ،‬مق ال منش ور بمجلة الملحق القض ائي‪ ،‬عدد ‪ .33‬سنة ‪،1998‬‬
‫ص ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -767‬ازاد شكور صالح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪ -768‬الفصل ‪ 327-46‬من قانون ‪.08 -05‬‬
‫‪257‬‬
‫إذا ك انت الوثيقت ان الم ذكورتان غ ير مح ررتين باللغ ة العربي ة وجب اإلدالء بترجم ة لهم ا مش هودا‬

‫بصحتها من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم‪.769‬‬

‫ورغم ك ل ه ذا الجه د ال ذي يقدم ه ط الب تنفي ذ الحكم من وقت وإ جه اد نفس ي وم الي ف إن أحك ام‬

‫المحكمين ال تسري آثارها ولو أمر بتنفيذها‪ ،‬أو ذيلت بالصيغة التنفيذية بالنسبة للغير الذي يمكن له مع‬

‫ذل ك أن يقدم تعرض الغير الخ ارج عن الخص ومة طبقا للشروط المقررة في الفصول ‪ 303‬إلى ‪305‬‬

‫من ق‪.‬م‪.‬م‪.770‬‬

‫وعليه فإن الغايات التي ينشدها الخصوم من مرونة واستعجال حين اختيارهم لنظام التحكيم ال‬

‫تتحقق بسبب صعوبة تنفيذ الحكم التحكيمي‪.771‬‬

‫إن اإلج راءات الس الفة ال ذكر وإ ن ك انت ال تفق د نظ ام التحكيم جمي ع مميزات ه فإنه ا تجعل ه أق ل‬

‫مثالية وجدوى مما ينبغي أن يكون عليه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطعن في الحكم التحكيمي وخرق مبدأ السرية‬

‫‪ -769‬الفصل ‪ 327-47‬من قانون ‪.08 -05‬‬


‫‪ -770‬راجع ما عرضنا له بخصوص موضوع "الحكم التحكيمي" في الباب األول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ - 771‬على الرغم من أن الهدف من اللجوء إلى التحكيم هو اإلسراع في تسوية المنازعات إال أن التعقيدات التي قد تصاحب العملية التحكيمية‬
‫قد تؤدي في نهاية األمر إلى حدوث تأخير في الفصل فيها‪ .‬ينظر بصفة خاصة في مساوئ وعيوب التحكيم‪:‬‬
‫‪ -‬مختار أحمد بربري ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة خاصة للقانون المصري الجديد بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪ 12‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫تعرضت سرية التحكيم (بما في ذلك أحكام التحكيم) لبعض االنتهاكات في كثير من القض ايا‪،772‬‬

‫ففي قض ية ش ركة ‪ ESSO‬ض د ش ركة ‪ BHP‬في اس تراليا أص درت المحكم ة العلي ا ع ام ‪ 1975‬حكم ا‬

‫ذكرت في ه أن "س رية التحكيم ال تع د أح د الخص ائص الرئيس ية للتحكيم في اس تراليا"‪ .‬وك ذلك هو الح ال‬

‫ل دى القض اء الس ويدي ففي حكم ص در ع ام ‪ 1999‬عن محكم ة اس تئناف الس ويد لم يعت بر مب دأ س رية‬

‫التحكيم من الرك ائز الجوهري ة لنظ ام التحكيم‪ ،‬حيث رفض ت المحكم ة أن تقض ي ب أن نش ر حكم التحكيم‬

‫الجزئي في مجلة قانونية يفيد التنازل عن التحكيم معللة بذلك بأن السرية ال تعد مبدأ أساسيا في إطار‬

‫التحكيم‪.773‬‬

‫‪ -1‬تقدير مبدأ سرية األحكام التحكيمية ايجابيات وسلبيات‬

‫على ال رغم من أن أهمي ة الس رية في التحكيم في جمي ع مراحل ه موض ع تس ليم من ج انب معظم‬

‫الفق ه فهي أح د مف اتيح نج اح ه ذه اآللي ة لتس وية المنازع ات‪ ،774‬إال أن هن اك العدي د من الفوائ د والمزاي ا‬

‫ال تي يمكن أن تتحق ق بنش ر أحك ام التحكيم لع ل أهمه ا أن نش ر أحك ام التحكيم يرس خ قيم ة الس وابق‬

‫‪ -772‬إن الق وانين الحديث ة في التحكيم التج اري ال دولي لم تع د تع ير أي اهتم ام لمب دأ الس رية ال س يما الق انون الص ادر ع ام ‪ 1985‬لألمم المتح دة‬
‫والمعروف باألونسترال فإن هذا القانون لم يأخذ أي موقف حول مبدأ سرية أو عدم سرية عملي ة التحكيم على عكس قانون ‪ 1976‬لألمم المتحدة‬
‫وال ذي اعت بر أن مب دأ س رية التحكيم مب دأ ع ام ونص على ذل ك ص راحة في الم ادة ‪( 25‬الفق رة ‪ )4‬والم ادة ‪( 32‬الفق رة ‪ .)5‬علم ا أن الق انون‬
‫لألونسترال لعام ‪ 1985‬أخذت به عشرات من الدول في تنظيم أحكامها المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي‪.‬‬
‫وأيضا القانون اإلنجليزي لعام ‪ 1996‬والمتعلق بالتحكيم التجاري الدولي لم يتعرض لمبدأ سرية التحكيم ولم يعرها اهتماما‪.‬‬
‫وفي إط ار قواع د مؤسس ات التحكيم‪ ،‬نج د أن قواع د غرف ة التج ارة الدولي ة لم تتض من أحكام ا خاص ة بنش ر أحك ام التحكيم‪ ،‬بينم ا نص ت الم ادة (‬
‫‪ )27/4‬من قواع د هيئ ة التحكيم األمريكي ة على أن ه ال يج وز نش ر حكم التحكيم إال بموافق ة الط رفين أو عمال بأحك ام الق انون ال واجب التط بيق‪،‬‬
‫وكذلك نصت المادة (‪ )30/3‬من قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي على أنه ال يجوز نشر حكم التحكيم أو جزء منه إال بموافقة خطية مسبقة‬
‫من جميع األطراف ومن هيئة التحكيم‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عــادل علي محمــد النجــار‪"،‬نش ر أحك ام التحكيم بين الحظ ر واإلباح ة‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬سلس لة دراس ات وأبح اث‪ ،‬الوس ائل البديل ة لتس وية‬
‫المنازعات‪ :‬الصلح‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التحكيم في ضوء مستجدات القانون رقم ‪ 08-05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬منشورات مجلة القضاء‬
‫المدني‪ ،‬العدد ‪ ،3‬السنة ‪ ،2013‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -773‬عالء أباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -774‬عادل علي محمد النجار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪259‬‬
‫‪776‬‬
‫التحكيمي ة‪ ،775‬ذل ك أن ن درة م ا ينش ر من ق رارات المحكمين يع وق الدراس ات النظري ة بش أن التحكيم‬

‫كبحث م دى انتش ار وطبيع ة المنازع ات ال تي يالئمه ا‪ .‬وهيئ ات التحكيم ال تي يفض ل التج ار ورج ال‬

‫األعم ال والمس تثمرون االلتج اء إليه ا واألمكن ة ال تي ي ؤثرون إج راءه فيه ا‪ .‬كم ا أن اإلحج ام عن نش ر‬

‫ق رارات المحكمين يحول دون تكوين قضاء تحكيم يساهم في تطور قانون التجارة الدولية‪ .‬كما يؤدي‬

‫نشر أحكام التحكيم إلى تطوير وتحقيق االنسجام بين قوانين وقواعد التحكيم‪ ،‬وهو ما يبعث على الثقة‬

‫بنظام التحكيم كما أنه سيساعد األطراف في تجنب المنازعات المستقبلية حيث سيستفيدون من تجارب‬

‫اآلخ رين‪ .‬وأن نش ر أحك ام التحكيم س يتيح لألك اديميين والممارس ين فهم وتحلي ل ونق د تل ك األحك ام بم ا‬

‫‪ -775‬تعرف السوابق التحكيمية بأنها مجموعة من المبادئ التي أرستها أحكام التحكيم الدولية السابقة‪ ،‬وبإتباع األخذ بها في األحكام التحكيمية‬
‫الالحقة كونت سوابق تحكيمية مستقرة يطبقها المحكمون على النزاعات المماثلة‪ ،‬فالمحكم الدولي عندما تع رض علي ه بعض القضايا التي ال يجد‬
‫لها حلوال في القانون الدولي‪ ،‬اإلتفاقي أو العادات واألعراف التجارية الدولية‪ ،...‬فإنه غالبا ما يبحث عن قرارات تحكيمية صدرت في قضايا‬
‫مماثلة لكي يستعين بها للوصول إلى حل للقضية المعروضة عليه‪.‬‬
‫وب ذلك تلعب الس وابق التحكيمي ة دورا فع اال ومحوري ا في ترس يخ وتك ريس مجموع ة من القواع د يس تقي منه ا المحكم حل وال للن وازل المطروح ة‬
‫أمامه‪.‬‬
‫ويعرفه ا ج انب آخر بأنه ا مصطلح قانوني يشير إلى األحكام التحكيمي ة في دعاوى سابقة‪ ،‬والتي تلزم غيره ا من هيئ ات التحكيم في النزاعات‬
‫المتماثلة‪.‬‬
‫ويمكن تشبيه هذا بأحكام المحكمة العليا‪ ،‬في المملكة المتحدة‪ ،‬التي تعد سوابق قضائية لغيرها من المحاكم األدنى‪ .‬وعلى هذا يتعين على المحكم ة‬
‫األدنى االلتزام بما أقرته المحكمة العليا‪.‬‬
‫كما عرفها البعض بأنها أي قرار أو حكم أو فعل قانوني يعد نموذجا أو دليال لتطبيق حكم في حاالت مماثلة الحقة‪.‬ويكون لهذا الحكم التحكيمي‬
‫حجية أمام الهيئات التحكيمية في المستقبل في الحاالت المماثلة أو المتشابهة‪ .‬مما يعني أنه ينبغي على المحكم إتباع السابقة التحكيمية عند البت‬
‫في أي حالة مماثلة في وقت الحق‪.‬‬
‫ويتطلب االعتراف بوجود سابقة تحكيمية توافر أحكام تحكيمية سابقة‪ ،‬ومن هنا نجد أن التعريفات السابقة أكدت جميعها على أنه ال وجود للسابقة‬
‫إال بوجود أحكام تحكيمية سابقة في دعاوى مماثلة للنزاعات التحكيمية الالحقة‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬رشا علي الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫ـ عاطف محمد الفقي‪ " ،‬التحكيم في المنازعات البحرية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪ ،2004‬ص ‪.509‬‬
‫ـ عبد اهلل أوبها‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫ـ عبد السالم اإلدريسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪ - 776‬إن عدم نشر األحكام التحكيمية يكون أيضا عرقلة أمام الباحث في ميدان التحكيم‪ ،‬ألن األحكام التحكيمية المهمة والممتازة هي األحكام التي‬
‫ال تنشر والتي ال تصل إلى القضاء‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪260‬‬
‫س يعود أث ره على تحس ين نظ ام التحكيم‪ ،‬كم ا أن نش ر أحك ام التحكيم سيس مح لألط راف بتق ييم أداء‬

‫المحكمين في التحكيمات السابقة وبالتالي تحري اختيارهم مستقبال‪.‬‬

‫غير أن هذه االعتبارات ال تعادل في نظر التجار والمستثمرين ما قد يترتب عن التخلي على‬

‫الس رية من أض رار عملي ة بالغ ة‪ .‬وال ش ك في أن نظ ام التحكيم يفق د كث يرا من أنص اره إذا تج رد من‬

‫طبيعته السرية‪.777‬‬

‫إن النظ ر إلى الفوائ د ال تي يمكن أن تتحق ق بنش ر أحك ام التحكيم ق د انعكس على موق ف الفق ه‬

‫من هذه المسألة فرأى البعض أنه يجب تفسير حظر نشر أحكام التحكيم في ضوء الغرض منه‪ ،‬بحيث‬

‫يكون منع نشر تلك األحكام مقصور على النشر الذي يتضمن أسماء الخصوم أو وقائع النزاع بم ا يمكن‬

‫من تحديد أشخاصهم‪.778‬‬

‫أما وفقا لرأي البعض اآلخر فإنه يجب نشر أحكام التحكيم سواء بشكل كامل أو بعد حذف ما‬

‫يدل على تحديد أطراف التحكيم‪.779‬‬

‫وخلص بعض الفقه بعد عرضه للفوائد التي تترتب على نشر أحكام التحكيم إلى أنه يتعين اتخاذ‬

‫نهج ا متوازن ا لتقرير الس رية في التحكيم والس ماح بقدر أك بر من الش فافية‪ ،‬ألن ه من ش أن ذل ك أن يعود‬

‫بفائ دة أك بر على نظ ام التحكيم ويق ترح أن تع دل مؤسس ات التحكيم أنظمته ا لتنش ئ قاع دة عام ة تنص‬

‫بموجبها على أن أحكام التحكيم ستنشر ما لم يعترض كال الطرفين مسبقا‪.780‬‬

‫والواق ع أن الفوائ د المترتب ة على نش ر أحك ام التحكيم لم ينعكس أثره ا على موق ف الفق ه من‬

‫مس ألة حظ ر نش ر تل ك األحك ام فق ط وإ نم ا على موق ف بعض قواع د التحكيم‪ ،‬فعلى س بيل المث ال نج د‬

‫قواع د هيئ ة التحكيم األمريكي ة وفق ا للتع ديل ال ذي دخ ل ح يز التنفي ذ في يولي وز ‪ ،2003‬فبع د أن ك انت‬

‫‪777‬ـ ناريمان عبد القادر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.44‬‬


‫‪ -778‬فتحي والي ‪ "،‬قانون التحكيم في النظرية والتطبيق"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.452‬‬
‫‪ -779‬عادل علي محمد النجار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -780‬عادل علي محمد النجار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪261‬‬
‫القواع د الس ابقة (لس نة ‪ )1993‬ال تج يز نش ر حكم التحكيم أو ج زء من ه إال بموافق ة خطي ة مس بقة من‬

‫األط راف‪ ،‬أص بحت تل ك القواعد وفقا للتع ديل الم ذكور تجيز نش ر أحك ام وق رارات تحكمي ة مخت ارة أو‬

‫منتق اة ‪ ،‬بع د ح ذف أس ماء األط راف والتفاص يل الدال ة على هوي اتهم م ا لم يتف ق األط راف على خالف‬

‫ذلك‪.‬‬

‫في هذا الصدد أنه ينبغي احترام إرادة األطراف (الصريحة أو الضمنية)‬ ‫‪781‬‬
‫ويرى بعض الفقه‬

‫في الحف اظ على س رية التحكيم س واء في مرحل ة اإلج راءات أو بع د ص دور الحكم التحكيمي‪ .‬ففي كث ير‬

‫من القضايا يكون باعث األطراف في اللجوء للتحكيم‪ .‬هو ما يتمتع به من خصوصية وسرية ويقتضي‬

‫االل تزام بع دم نش ر أحك ام التحكيم كقاع دة عام ة‪ ،782‬أن ه ال يمكن نش ر أحك ام التحكيم بع د ح ذف م ا ي دل‬

‫على تحدي د أط راف التحكيم‪ .‬ففي كث ير من األحي ان ال يك ون ه ذا اإلج راء فع اال في حماي ة أط راف‬

‫التحكيم فعن دما ي درك الجمه ور أن تحكيم ا ج رى بين ط رفين وبع د ذل ك ص در الحكم ونش ر فليس من‬

‫الصعب التوصل إلى تحديد طرفي الحكم‪ .‬ومن ناحية أخرى فإنه وإ ن كان ثمة فوائد يمكن أن تتحقق‬

‫بنشر أحكام التحكيم‪ ،‬فإن االستثناءات التي ترد على قاعدة منع نشر أحكام التحكيم كفيلة بتحقيقها‪.‬‬

‫أول ه ذه االس تثناءات ه و ج واز نش ر حكم التحكيم بموافق ة ط رفي التحكيم وه و م ا نص علي ه‬

‫صراحة كل من قانون التحكيم المغربي واليمني والمصري‪ ،‬ويالحظ أنه إذا اتفق الطرفان على إجراء‬

‫التحكيم وفق ا لقواع د تحكيمي ة معين ة وك انت تل ك القواع د تج يز للمحكم أو لهيئ ة التحكيم أن تنش ر الحكم‬

‫فإنه ينبغي اعتبار أن األطراف قد وافقت على النشر‪.783‬‬

‫‪ -781‬عادل علي محمد النجار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 109‬و ما يليها‪.‬‬


‫‪ -782‬رشا علي الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -783‬محمد سليم العوا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪262‬‬
‫‪ -2‬طرق الطعن ضرب لمبدأ السرية في األحكام التحكيمية‬

‫‪784‬‬
‫إن ت دخل القض اء من أجل النظ ر في الطعن ببطالن الحكم التحكيمي أم ام محكم ة االستئناف‬

‫يؤدي إلى فقدان الحكم لسريته إذ تنظر الدعوى في جلسات علنية ويصدر الحكم فيها علنا‪ ،‬ويمكن ألي‬

‫ش خص أن يحض ر جلس ات ال دعوى وأن يحص ل على ص ورة من ذل ك الحكم‪ .‬والتط ور العلمي ال ذي‬

‫يجب أن يكون لنظام التحكيم منه نصيب وافر ال يتأتى إال بإتاح ة السبل لنشر أحكام التحكيم والتعليق‬

‫عليها وهو أمر يتعارض مع اعتبارات السرية التي يحرص أطراف التحكيم عليها‪.785‬‬

‫من ناحي ة أخ رى فإن ه يجب مالحظ ة أن إج ازة رف ع دع وى بطالن حكم التحكيم يجع ل جمي ع‬

‫بيانات التحكيم متاحة للكافة‪ .786‬وهذا تناقض في التشريعات التي تمنع النشر من ناحية وتتيحه دون أية‬

‫مس ؤولية على فاعل ه من ناحي ة أخ رى‪ .787‬وال مخ رج من ه ذا التن اقض إال النص في ش أن دع وى‬

‫البطالن على أن ال يك ون لغ ير ذوي الش أن حض ور جلس اتها أو الحص ول على ص ور من األحك ام‬

‫الصادرة فيها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أهم مجاالت الصعوبة العملية لتنفيذ الحكم التحكيمي‬


‫‪-‬مجال منازعات االستثمار نموذجا‪-‬‬

‫تثير دراسة العقود اإلدارية الدولية المبرمة بين جهة اإلدارة من ناحية واألشخاص األجنبية من‬

‫ناحية أخرى العديد من المشاكل ذات الصعوبة البالغة‪ ،‬وتنجم هذه الصعوبة من التفاوت وعدم التساوي‬

‫في المراكز القانونية ألطراف هذه العقود‪ ،‬فهذه العقود تبرم بين طرفين غير متكافئين هما جهة اإلدارة‬

‫والشخص األجنبي‪.‬‬

‫‪ -784‬مصطفى التراب ‪" ،‬موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪15‬‬
‫‪ -785‬محمد داود الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪ -786‬فتحي والي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.452‬‬
‫‪ -787‬من بينه ا التش ريع المغ ربي ال ذي أج از رف ع دع وى البطالن في الفص ل ‪ 327-36‬بالنس بة للتحكيم ال داخلي‪ ،‬والفص ل ‪ 327-51‬بالنس بة‬
‫للتحكيم الدولي‪ .‬والتشريع المصري الذي خصص الفصول ‪ 52‬و ‪ 53‬و ‪ 54‬من قانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬لبطالن حكم التحكيم‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫فجهة اإلدارة وهي شخص من أشخاص القانون العام تتمتع بمزايا سيادية استثنائية ال يتمتع بها‬

‫الشخص المتعاقد معها والذي يعد كأصل عام من أشخاص القانون الخاص‪ .‬وفي مقابل التفاوت وعدم‬

‫التكافؤ القانوني هناك عدم تكافؤ من نوع آخر وهو عدم التكافؤ في المراكز االقتصادية‪ ،‬فجهة اإلدارة‬

‫على ال رغم من أنه ا تتمت ع بمزاي ا س يادية اس تثنائية ال تت وافر للط رف األجن بي المتعاق د معه ا فإنه ا في‬

‫كثير من األحيان تكون في مركز اقتصادي أضعف بكثير من المركز الذي تتمتع به الشركات العمالقة‬

‫الع ابرة لل دول‪ ،‬وال تي تبل غ ميزاني ات بعض ها ميزاني ات ال دول النامي ة مجتمع ة وب ذلك يش عر ك ل من‬

‫الطرفين أنه هو الطرف األضعف‪.788‬‬

‫وعلى اعتب ار ك ون عق ود االس تثمار ت برم بين ط رفين غ ير متك افئين أي الدول ة ذات س يادة من‬

‫ناحية والمستثمر األجنبي الخاص من ناحية أخرى‪ ،‬يالحظ أن قضاء محاكم الدولة المضيفة لالستثمار‬

‫ق د ال يقاب ل بالرض ي الت ام من ج انب المس تثمر األجن بي بس بب الص عوبات التي ق د يواجهه ا في اللجوء‬

‫إليه‪.789‬‬

‫فالمس تثمر األجن بي المتعاق د م ع الدول ة يح رص على إدراج ش رط التحكيم لح ل المنازع ات ال تي‬

‫تثيرها عقود االستثمار خوفا من استعمال الدولة لسيادتها‪ ،‬فضال عن عدم ثقة المستثمر بعدالة محاكم‬

‫الدولة المضيفة وتأكده من جانب آخر أن نظر قضاء الدولة الوطنية في النزاع لن يكون حياديا بشكل‬

‫كامل‪.‬‬

‫‪ -788‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.57‬‬


‫‪ -789‬أبو زيد رضوان‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪264‬‬
‫لذا فمن الضروري‬ ‫‪790‬‬
‫وتمثل االستثمارات الخاص ة األجنبي ة عصبا رئيسيا القتص اديات الدول‬

‫توفير اإلمكانيات المناسبة لجذب هذه االستثمارات وتشجيعها‪ ،‬والدولة في سبيل جذب رؤوس األموال‬

‫األجنبي ة ل دعم التنمي ة االقتص ادية للبالد تواجهه ا ص عوبات ق د ترج ع إلى سياس ة الدول ة ذاته ا اتج اه‬

‫المس تثمر األجن بي‪ ،‬وال تي تتمث ل في ع دم وفائه ا بم ا قطعت ه على نفس ها من وع ود وم ا ال تزمت ب ه من‬

‫تعهدات‪.791‬‬

‫أوال‪ :‬الصعوبات العملية لتنفيذ الحكم التحكيمي في منازعات االستثمار‬

‫المقصود بمنازعات االستثمار‬ ‫‪-1‬‬

‫عرف االستثمار كمصطلح وكمعاملة انتشارا واسعا خالل العقود األخيرة مما جعل هذه الكلمة‬

‫تس يطر على المع امالت التجاري ة س واء على المس توى ال دولي أو الوط ني‪ ،‬وتن وعت تبع ا ل ذلك العق ود‬

‫ال تي يبرمه ا المس تثمرون س واء ك انوا أشخاص ا من الق انون الع ام أو الخ اص وس واء ك انوا وطن يين أو‬

‫أجانب‪.792‬‬

‫وتعد كلمة "استثمار" مصدرا لفعل استثمر وهذا يعني طلب الثمار وحسب معجم الرائد استثمر‬

‫الم ال أو نح وه جعل ه يثم ر‪ ،‬وفي المفه وم الغ ربي ك المفهوم الفرنس ي مثال ت أتي كلمة‪investissement‬‬

‫‪ - 790‬نشير في هذا اإلطار أن قانون اإلطار لميثاق االستثمارات المغربي لسنة ‪ 1995‬لم يكن يعرف تطبيقا كثيرا في السابق‪ ،‬ولكن اآلن أصبح‬
‫حاضرا في الساحة وبصفة خاصة في التحكيم‪.‬‬
‫هذا القانون يطبق على جميع االستثمارات سواء كانت صناعية أو تجارية باستثناء المنازعات المتعلقة باالستثمارات الفالحية‪.‬‬
‫كم ا أن ق انون االس تثمار س يعرف اآلن انتعاش ا كب يرا وبص فة خاص ة م ع دول أجنبي ة‪ :‬إس بانيا وفرنس ا وم ع ال دول العربي ة‪ :‬قط ر‪ ،‬الس عودية‬
‫واإلمارات‪.‬‬
‫واآلن هناك تدفق لالستثمارات األجنبية في المغرب وبصفة خاصة في أكادير‪ ،‬طنجة‪ ،‬القنيطرة والدار البيضاء‪.‬‬
‫كما أن المغرب يتوفر على قطب مالي بالدار البيضاء وهو قطب كبير جدا وماليته ال تحصى وسيكون قبلة لألجانب وللمستثمرين العرب‪.‬‬
‫والمؤسسات االئتمانية )األبناك( تشارك في هذا القطب المالي‪.‬‬
‫كما أن القطب المالي يوجد به مركز يتعلق بالفصل في المنازعات عن طريق التحكيم‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -791‬هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 352‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -792‬أحمد شرف الدين ‪" ،‬طرق إزالة المعوقات القانونية لالستثمار"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬ص ‪.7‬‬
‫‪265‬‬
‫من فع ل ‪ investir‬ولكن ه ذا الفع ل يحتم ل حس ب اإلط ار الع ام ع ددا من الت أويالت فق د يع ني تقلي د‬

‫ش خص س لطة معينة ‪ ،investir quelqu’un d’une autorité‬ويع ني أيض ا وه ذا ه و المقص ود‬

‫للكلم ة في اللغ ة العربي ة أي المع نى ال ذي نقص ده من دراس تنا وه و‪ :‬توظي ف أم وال ترقب ا لج ني‬

‫األرباح‪.793‬‬

‫ويمكن القول بصورة عامة أن االستثمار يعني‪" :‬كل مساهمة تنجز خالل مدة زمنية محددة من‬

‫أجل تنمية نشاط اقتصادي معين"‪.‬‬

‫ويعتبر االستثمار أجنبيا بالنظر لقانون الدولة التي ينجز فوق إقليمها مع مراعاة قواعد القانون‬

‫الدولي في هذا الشأن‪.‬‬

‫ويك ون االس تثمار األجن بي عام ا إذا تحق ق عن طري ق دول ة أو منظم ة دولي ة أو بص فة عام ة‬

‫بمقتضى اتفاقية دولية‪ .‬ويعتبر من قبيل االستثمارات العامة القروض التي يمنحها البنك الدولي لتنفيذ‬

‫مش روع معين في إح دى ال دول األعض اء‪ .‬حيث الب د أن تض منها حكوم ة ه ذه الدول ة ح تى ول و ك ان‬

‫القرض لمصلحة مشروع خاص‪ .‬والميزة الرئيسية لالستثمار العام أنه يستفيد من حماية القانون الدولي‬

‫العام إذا أخلت الدولة المقترضة بأحد التزاماتها‪.‬‬

‫ويعت بر االس تثمار األجن بي خاص ا إذا ك ان ص ادرا عن شخص يات أجنبي ة خاص ة أو أنج ز في‬

‫إط ار عالق ة قانوني ة خاض عة لقواع د الق انون الخ اص‪ .‬وتتخ ذ االس تثمارات الخاص ة األجنبي ة ص ورا‬

‫متعددة فقد تكون في صورة استثمارات مباشرة إذا تمت عن طريق مساهمات مالية أو تقنية فوق إقليم‬

‫الدول ة المستثمر فيه ا من طرف أش خاص طبيعيين أو معنويين أج انب بصورة مس تقلة‪ ،‬في حين تعتبر‬

‫االس تثمارات غ ير مباش رة إذا أنج زت مثال في إط ار مش روعات مش تركة بين األش خاص الخاص ة‬

‫األجنبية واألشخاص الوطنية‪.794‬‬


‫‪ -793‬نجالء حكم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -794‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 15‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪266‬‬
‫وق د اتجهت ال دول إلى االعتم اد على المس تثمرين الوطن يين واألج انب وإ قام ة المش روعات‬

‫الكبرى ومشروعات التنمية األساسية مستخدمة في ذلك نظام البوت‪ ،795‬وذلك إلنشاء وتشييد وتشغيل‬

‫هذه المشروعات دون تحميل ميزانية الدولة بأي أعباء مالية مقابل حصول صاحب االمتياز على عائد‬

‫االستثمارات لمدة محددة وبعدها يتم إعادة المشروع للحكومة‪.‬‬

‫ولق د أظه رت االتجاه ات الحديث ة والتح والت ال تي عرفه ا الوض ع ال دولي اتجاه ا متزاي دا نح و‬

‫العق ود الدولي ة خاص ة العق ود االس تثمارية ل دورها الفع ال في تحري ر التج ارة‪ ،‬األم ر ال ذي حتم على‬

‫تشريعات العديد من الدول توفير الضمانات والحقوق والمميزات لهؤالء المستثمرين‪.796‬‬

‫ويقص د بعق ود االس تثمار تل ك العق ود ال تي بمقتض اها يتم انتق ال رأس الم ال األجن بي إلى الدول ة‬

‫المض يفة على نح و مباش ر‪ ،‬وتس تهدف في المق ام األول تس يير مرف ق ع ام‪ ،‬وذل ك ب أن يق وم المس تثمر‬

‫األجن بي مباش رة بإنش اء مش روع تج اري في الدول ة المض يفة إم ا بنفس ه أو بمش اركة م ع رأس الم ال‬

‫الوطني‪.797‬‬

‫‪ -795‬يقصد باصطالح البوت ‪ B.O.T‬البناء والتشغيل والتمويل‪ ،‬ويقوم هذا النظام على استخدام التمويل من القطاع الخاص إلنشاء المشروعات‬
‫العامة وبمقتضاه تمنح حكومة ما لفترة محددة من الزمن أحد االتحادات المالية الخاصة ويطلق عليها شركة المشروع امتيازا لدراسة وتطوير‬
‫وتنفي ذ مش روع معين تقترح ه الحكوم ة أو ش ركة المش روع وتق وم الش ركة بتصميمه وبنائ ه وتملك ه وتش غيله وإ دارت ه واس تغالله تجاري ا لع دد من‬
‫الس نوات تك ون كافي ة لتس ترد الش ركة تك اليف البن اء إلى ج انب تحقي ق أرب اح مناس بة من عائ دات تش غيل المش روع بمعرف ة المس تخدمين ل ه‪،‬‬
‫واالستفادة بأية مزايا أخرى تمنح لها ضمن عقد االمتياز‪ ،‬وفي نهاية مدة االمتياز تنقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون أية تكلفة‪ ،‬أو مقابل‬
‫تكلفة مناسبة يكون قد تم االتفاق عليها مسبقا أثناء مرحلة التفاوض على منح امتياز المشروع‪.‬‬
‫ويختلف هذا النظام عن نظام ‪ Boo‬الذي يعني تملك القطاع الخاص للمشروع الحكومي تملكا كامال في مقابل دفع القيمة‪ ،‬فهو يعني الخصخصة‬
‫الكاملة‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 383‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -796‬هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 333‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -797‬عصمت عبد اهلل الشيخ ‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.112‬‬
‫‪267‬‬
‫كم ا ع رف أح د الفقه اء عق ود االس تثمار بأنه ا‪ ":‬العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة م ع ش خص من‬

‫أش خاص الق انون الخ اص األجن بي‪ ،‬ال تي تتعل ق بمباش رة األنش طة ال تي ت دخل في إط ار خط ط التنمي ة‬

‫االقتصادية للبالد"‪.798‬‬

‫أهمية التحكيم في مجال االستثمار‬

‫يع د التحكيم أح د أهم الوس ائل ال تي يمكن من خالله ا تس وية المنازع ات العقدي ة في مج ال‬

‫العالقات التجارية واالستثمارية‪ ،‬بيد أن أهمية التحكيم وزيادة الرغبة في اللجوء إليه ازدادت في ب دايات‬

‫القرن العشرين نتيجة النمو الكبير في العالقات التجارية بين مختلف أطراف العالم وتعقد وتشابك هذه‬

‫العالقات وبالتالي حاجتها إلى نظام يضمن تسوية النزاعات التي قد تنشأ عنها بشكل سريع وفعال‪.799‬‬

‫ولع ل أب رز مث ال تش بت وإ ص رار المس تثمر على إدراج ش رط التحكيم في عق د االس تثمار العق د‬

‫الحاصل بين شركة (ديزني ‪ -‬وورلد) األمريكية وفرنسا‪ ،‬حيث اشترط المستثمر األمريكي حتى يمكنه‬

‫الموافق ة على االس تثمار أن تح ال المنازع ات المتعلق ة به ذا االس تثمار الذي يجري في ض واحي ب اريس‬

‫إلى التحكيم ولم يكن بذلك أي خيار أمام دولة فرنسا إال قبول الشرط في األخير بعد ترددات وتحفظات‬

‫مجلس الشورى للدولة الفرنسية‪.800‬‬

‫ولم يعد الشكل التقليدي القديم للفصل في منازعات االستثمار بين المستثمرين الغربيين والدول‬

‫النامية سائدا حاليا وفقا للقواعد التقليدية‪ ،‬فمنازعات االستثمار األجنبي أصبحت حاليا بين أطراف من‬

‫جمي ع الجنس يات ي رون في التحكيم الوس يلة الطبيعي ة لحس م ه ذه المنازع ات‪ ،‬وق د يك ون المس تثمرون‬

‫شركات أجنبية أو دوال أجنبية تستثمر في دول أخرى سواء في دول متقدمة أو نامية‪ ،‬فلم تعد صورة‬

‫‪ -798‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬ازاد شكور صالح ‪ "،‬الوسائل البديلة لتسوية منازعات عقود االستثمار الدولية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2016‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -799‬ازاد شكور صالح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪ -800‬بشار محمد األسعد‪"،‬عقود االستثمار في العالقات الدولية الخاصة "‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.354‬‬
‫‪268‬‬
‫االستثمار قاصرة على استثمار الدول المتقدمة في الدول النامية‪ ،‬وأحد األمثلة على ذلك هو االستثمار‬

‫الذي قام به بعض المستثمرين الكويتيين في بعض الدول األوروبية‪.801‬‬

‫فالتحكيم بذلك أضحى إحدى الوسائل الرئيسية الجتذاب االستثمار األجنبي حيث يمكن التحكيم‬

‫كآلية لفض النزاع من كسب ثقة المتعاملين في التجارة الدولية‪ ،‬وتفسر هذه األهمية في كون أنه عند‬

‫اس تحالة اللج وء إلى التحكيم ف إن الش ركات الك برى وال تي هي وح دها الق ادرة على تق ديم المش اريع‬

‫والمعرفة الفنية العلمية الراقية لبلدان العالم النامي‪ ،‬سوف تتخلى في الغالب عن القيام بتلك االس تثمارات‬

‫التي تحتاجها البلدان النامية‪.802‬‬

‫ويعتقد معظم المستثمرين األجانب في بلدان العالم الثالث أن الضمانات واالمتيازات التي تمنح‬

‫لهم بمقتضى القوانين الداخلية للدول التي يتعاملون معها أو عن طريق العقود المبرمة مع هذه الدول‪،‬‬

‫غير كافية لتأمين مصالحهم في ظل غياب حماية موازية على الصعيد القضائي‪ .‬فماذا تفيد حسب رأيهم‬

‫وعود قوانين وعقود االستثمار إذا لم يكن هناك أي جهاز قضائي لضمان تطبيقها وإ رغام الدولة – إذا‬

‫اقتضى األمر ذلك‪ -‬على احترامها؟‬

‫كما أن دول العالم الثالث في تعاملها مع االستثمارات األجنبية الخاصة تواجه عدة اختيارات‬

‫متناقضة‪ :‬فهي ترغب في جذب هذه االستثمارات لمواجهة ضعفها االقتصادي والحصول على الخبرات‬

‫التكنولوجي ة ال تي ال تت وفر عليه ا‪ ،‬ولكنه ا في نفس ال وقت تري د المحافظ ة على س لطة توجي ه ه ذه‬

‫االستثمارات والرقابة عليها عن طريق فرض قوانينها الداخلية عليها‪ ،‬كما تضطر إلى إعطاء كثير من‬

‫الضمانات لطمأنة جانب المستثمرين‪ ،‬ومن جملتها إمكانية استعمال التحكيم كوسيلة لتسوية ما ينشأ بينه ا‬

‫‪ -801‬محمد أبو العينين‪" ،‬التحكيم في منازعات االستثمار األجنبي"‪ ،‬مجلة التحكيم العربي ‪،‬العدد ‪ ، 7‬يوليوز ‪ ،2004‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -802‬عكاشــة محمــد عبــد العــال‪" ،‬الض مانات القانوني ة لحماي ة االس تثمارات األجنبي ة "‪ ،‬منش ورات مرك ز الدراس ات العربي ة األوروبي ة‪ ،‬الطبع ة‬
‫األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.59‬‬
‫‪269‬‬
‫وبين المس تثمرين األج انب من نزاع ات بس بب ه ذه االس تثمارات في غي اب وس ائل تس وية كافي ة مقبول ة‬

‫من األطراف‪.803‬‬

‫إذن ترج ع األهمي ة البالغ ة ال تي أخ ذ يعرفه ا التحكيم في عق ود االس تثمار المبرم ة بين الدول ة‬

‫والمستثمر األجنبي إلى االعتبارات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الطابع الخاص الذي يميز التحكيم في هذا المجال نظرا الختالف أطراف النزاع ومراكزهم‬

‫القانونية باعتباره قائما بين دولة ذات سيادة تخضع لقواعد القانون العام ومستثمر أجنبي يخضع لقواعد‬

‫القانون الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬وج ود مص الح متعارض ة بين الط رفين تجع ل الدول ة المض يفة لالس تثمار ت رفض الخض وع‬

‫لقض اء أو هيئ ة قض ائية أجنبي ة غ ير قض ائها الوط ني‪ ،‬وت دفع المس تثمر إلى العم ل على اس تبعاد قض اء‬

‫الدول ة المتعاق دة على اعتب ار أن ه منح از وغ ير محاي د بالنس بة للمنازع ات ال تي تك ون دولت ه أو أح د‬

‫أجهزتها العامة طرفا فيها‪.‬‬

‫‪ -‬غي اب نظ ام أو هيئ ة قض ائية دولي ة متخصص ة لفض ال نزاع ال ذي ينش أ بين دول ة ومس تثمر‬

‫أجن بي وه و م ا أدى إلى تأكي د ال دور المتزاي د للتحكيم‪ .‬وال يمكن االس تعانة في ه ذا الص دد بخ دمات‬

‫محكمة العدل الدولية لكون المستثمر األجنبي الخاص ال يخضع لقواعد القانون الدولي العام‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الطبيعة الفنية المعقدة لمنازعات االستثمار التي تجعل القضاء عاجزا عن الفصل‬

‫فيها‪.‬‬

‫المغرب واالتفاقيات الدولية المتعلقة باالستثمار‬ ‫‪-2‬‬

‫إن رغبة الدول النامية في مسايرة التطور الذي يعرفه التحكيم على المستوى الدولي لم تقتصر‬

‫على تنظيم التحكيم التجاري الدولي وإ صدار قوانين االستثمار فحسب‪ ،‬بل تجاوزته إلى إبرام اتفاقيات‬

‫‪ -803‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.18‬‬


‫‪270‬‬
‫خاصة بتشجيع وحماية االستثمارات األجنبية تلتزم بموجبها على احترام تعهداتها‪ ،‬ومن ضمنها التزام‬

‫الدولة المضيفة لالستثمار باعتماد أسلوب التحكيم لفض الخالفات الناشئة عن االستثمار‪.804‬‬

‫وفي ه ذا اإلط ار نش ير إلى أن المغ رب ص ادق على اتفاقي ة واش نطن بم وجب المرس وم الملكي‬

‫رقم ‪ 546 – 65‬الم ؤرخ ب ‪ 31‬أكت وبر ‪ ،8051966‬وأص بح دول ة متعاق دة من د ‪ 10‬يوني و ‪.8061967‬‬

‫وقد دخلت حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،1966‬والمالحظ أن أولى الدول المتعاقدة كانت في غالبيتها‬

‫دوال في طور النمو‪ ،‬من بينها دول إفريقية كالمغرب‪.807‬‬

‫وتبرز خصوصية هذه االتفاقية في كون قواعدها تقتصر على منازعات االستثمار التي تحدث‬

‫بين الدول ورعايا الدول األخرى‪ .‬وقد لعبت هذه االتفاقية دورا ملحوظا في مجال خلق المناخ المالئم‬

‫لالستثمار بإنشائها للمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‪.808‬‬

‫المركز الدولي لفض خالفات االستثمار‬ ‫‪-3‬‬

‫للحف اظ على ال دور المتزاي د للتحكيم أنش أت اتفاقي ة واش نطن مرك زا لح ل منازع ات االس تثمار ه و‬

‫"المركز الدولي لفض خالفات االستثمار" ‪ ،809CIRDI‬وقد كان الهدف األساسي لهذا المركز هو تيسير‬

‫تس وية منازع ات االس تثمار بين الدول ة والمس تثمرين األج انب بغ رض زي ادة الت دفقات االس تثمارية‬

‫الدولية‪.810‬‬

‫شروط االستفادة من التحكيم أمام المركز الدولي لفض خالفات االستثمار‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ -804‬رشيد معناني‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪ -805‬الجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 16‬نونبر ‪ ،1966‬ص ‪ ( 1288‬بالفرنسية)‪.‬‬
‫‪ -806‬محمد الناصري‪ " ،‬تس وية النزاع ات المتعلق ة باالس تثمارات من ط رف المرك ز ال دولي‪ ،‬اتفاقي ة واش نطن المؤرخ ة في ‪ 18‬م ارس ‪،"1965‬‬
‫مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،110‬السنة ‪ ،2007‬ص ‪.20‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪-807‬‬
‫صادق المغرب أيضا على"اتفاقية تهم تسوية منازعات االستثمار بين الدول العربية" سنة ‪1975‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش‪ "،‬التحكيم الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -808‬فضيلي أكدر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪809‬‬
‫‪- Le centre international pour le règlement des différends relatif aux investissements.‬‬

‫‪ -810‬رشا علي الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪271‬‬
‫يشترط لالستفادة من التحكيم أمام المركز‪:‬‬

‫‪ -‬أن تكون المنازعة قانونية والهدف من وراء اشتراط اعتبار النزاع المعروض على المركز‬

‫ي رى أن‬ ‫‪811‬‬
‫أن يك ون ذو ص بغة قانوني ة ه و إبع اد الخالف ات ذات الط ابع السياس ي‪ .‬إال أن بعض الفق ه‬

‫حصر اختصاص المركز في الخالفات القانونية ال يالئم منازعات االستثمار‪ ،‬ألن الطابع السياسي هو‬

‫ال ذي يغلب عليه ا في كث ير من الح االت لك ون ه ذه المنازع ات ال تث ار إال بس بب الرغب ة في تغي ير‬

‫وضعية اقتصادية معينة ناشئة بطريقة مباشرة عن االستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون المنازعة ناشئة بطريقة مباشرة عن االستثمار‪.‬‬

‫وينبغي اإلش ارة إلى أن الفق رة الرابع ة من الم ادة ‪ 25‬من اتفاقي ة واش نطن تط رح إش كاال يتعل ق‬

‫ب أن االتفاقي ة تش ترط ب أن تك ون النازل ة ناش ئة بطريق ة مباش رة عن عق د اس تثمار‪ ،‬ولم تتض من االتفاقي ة‬

‫تعريف ا واض حا أو مح ددا للمقص ود بتعب ير االس تثمار إذ ت ركت االتفاقي ة لألط راف في اتف اق االس تثمار‬

‫س لطة تقديري ة واس عة في تق دير م ا إذا ك انت معامل ة م ا أو ص فقة م ا تعت بر اس تثمارا‪ ،‬وإ ذا ك ان ت رك‬

‫الحرية لألطراف في إضفاء وصف االستثمار على موضوع اتفاقهم‪ ،‬من شأنه إعطاء مرونة كبيرة في‬

‫تطبيق االتفاقية إال أنه مع ذلك قد يمثل خطورة على مصالح الدول النامية‪ ،‬إذ أن المستثمرين من الدول‬

‫الغنية المتقدمة عادة ما تكون لهم اليد العليا في مفاوضات عقود االستثمار مع الدول النامية‪ ،‬فيحرصون‬

‫على تعريف موضوع االتفاق‪ ،‬وإ ضفاء وصف االستثمار عليه توصال إلى استيفاء شروط اختصاص‬

‫المرك ز ح تى يت وفر لهم فرص ة تس وية منازع ات االس تثمار بعي دا عن القض اء الوط ني لل دول المض يفة‬

‫لالستثمار‪.‬‬

‫‪ -811‬عبد اللطيـف بـو العلـف‪ "،‬التحكيم في منازع ات االس تثمارات‪ ،‬اتفاقي ة واش نطن المؤرخ ة في ‪ 18‬م ارس ‪ ،"1965‬مجل ة المح اكم المغربي ة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،117‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪ ،2008‬ص ‪. 128‬‬
‫‪272‬‬
‫والواقع أن ترك الحرية لألطراف لتحديد نوعية منازعاتهم وما إذا كانت تنطوي على استثمار‬

‫معين أم ال ك ان ق رارا حكيم ا من ج انب واض عي االتفاقي ة‪ .‬ذل ك أن تعري ف االس تثمار في الق وانين‬

‫الوطنية غالبا ما يختلف من دولة إلى أخرى طبقا للسياسات االقتصادية المتبعة في كل منها‪ ،‬وعلى كل‬

‫األح وال ف إن تعري ف االس تثمار ع ادة م ا يك ون متض منا في ق وانين االس تثمار بالنس بة للدول ة المض يفة‬

‫لالستثمار كذلك قد يوجد في اتفاقيات ثنائية تعقدها الدولة المضيفة مع دولة المستثمر األجنبي‪.812‬‬

‫‪ -‬أن يك ون أح د األط راف دول ة متعاق دة وأن يك ون الط رف اآلخ ر مواطن ا (أو مواط نين) من دول ة‬

‫متعاقدة أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬الرضا‪ :‬ويعتبر الرضا أو قبول التحكيم لدى المركز العمود الفقري الختصاصه‪ ،813‬والذي يتعين أن‬

‫يكون كتابة وال يمكن العدول عنه إال في حالة موافقة الطرف اآلخر على هذا العدول‪.814‬‬

‫نماذج من قضايا عرضت على المركز الدولي لفض خالفات االستثمار‬ ‫ب‪-‬‬

‫القضية األولى‪ :‬هوليداي اينز ‪ -‬أوكسيدونتال بيتروليوم‬ ‫‪-‬‬

‫إن قض ية هولي داي اي نز‪ -‬أوكس يدونتال بي تروليوم‪Holiday inns- occidental )،‬‬

‫‪ )petroleum‬تعتبر أول قضية تحكيمية تعرض على المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‪ .‬وقد‬

‫ث ار ال نزاع بين ك ل من الش ركتين المش ار إليهم ا أعاله‪ ،‬والحكوم ة المغربي ة نتيج ة الختالف الط رفين‬

‫ح ول تفس ير نص وص العق د الم برم بينهم ا في ‪ 5‬ديس مبر ‪ ،1966‬وعلى األخص تل ك ال تي تتعل ق‬

‫بالتزامات الطرف الخاص األجنبي‪ .‬فقد تعهدت كل من "هوليداي اينز" (شركة ذات جنسية سويسرية)‬

‫و أوكسيدونتال بيتروليوم (شركة ذات جنسية أمريكية) بأن تبني وتجهز أربعة فنادق سياحية من فئة ‪5‬‬

‫‪ -812‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 217‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -813‬على أنه ال يجب فهم الرضاء بكونه مجرد مصادقة الدولة الطرف في النزاع‪ ،‬ودولة المستثمر على االتفاقية‪ ،‬بل ال بد من اتفاق األطراف‬
‫على إحالة النزاع على تحكيم المركز في مرحلة الحقة للمصادقة على االتفاقية‪.‬‬
‫‪ -814‬أنظر الفقرة األولى من المادة ‪ 25‬من اتفاقية واشنطن‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫نج وم‪ ،‬في ك ل من م راكش‪ ،‬ف اس‪ ،‬طنج ة‪ ،‬وال دار البيض اء يش تمل ك ل منه ا على ‪ 300‬غرف ة‪ ،‬وذل ك‬

‫ضمن آجال معينة تم تحديدها في العقد‪.‬‬

‫والتزمت الحكومة المغربية من جهتها من أن تقرض الشركتين مبلغا ماليا معينا لبناء كل من‬

‫هذه الفنادق‪ ،‬على ضوء كلفة البناء المحددة بصورة مسبقة في العقد‪ ،‬باإلضافة إلى منحها مكافأة تتعلق‬

‫بتجهيز الفنادق المبنية‪ ،‬باستثناء فندق الدار البيضاء‪ ،‬وامتيازات أخرى مما هو مذكور في ظهير ‪31‬‬

‫ديسمبر ‪ 1961‬المعتبر بمثابة قانون لتشجيع االستثمارات‪.‬‬

‫غ ير أن الش ركتين لم تفي ا بتعه داتهما إذ أنهم ا تأخرت ا في بن اء الفن ادق وح تى تل ك ال تي اكتم ل‬

‫بناؤها لم تكن درجتها ترقى إلى فئة ‪ 5‬نجوم المنصوص عليها في العقد‪ .‬وبعد أخد ورد اتفقت الحكوم ة‬

‫المغربي ة بمقتض ى عق د ص لح أب رم في ‪ 5‬س بتمبر ‪ 1970‬م ع الش ركتين على انج از التزاماتهم ا‬

‫المنصوص عليها في العقد األصلي في حدود أجل ال يتجاوز ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1970‬لكن العالقات ازدادت‬

‫م ع ذل ك ت وترا بين الط رفين خصوص ا بع د إق دام الش ركتين على إغالق فن دقي ف اس وم راكش الل ذين‬

‫اكتمل بناؤهما‪ ،‬ووقف أعمال البناء بالنسبة لفندقي الدار البيضاء‪ ،‬و طنجة‪ .‬فطلبت الحكومة المغربية‬

‫من القضاء المغربي وضع فنادق تحت الحراسة القضائية‪ .‬وقد ردت الشركتان على هذا اإلجراء بأن‬

‫طلبت ا اللج وء إلى مس طرة التحكيم المنص وص عليه ا في البن د ‪ 14‬من العق د األساس ي الم ؤرخ ب ‪5‬‬

‫ديسمبر ‪ 1966‬يقضي بأن تسوى جميع النزاعات المتعلقة بالعقد طبقا لقواعد التحكيم المنصوص عليها‬

‫في اتفاقية البنك الدولي لتسوية خالفات االستثمار‪.‬‬

‫وقد تم تسجيل دعوى التحكيم التي وجهتها الشركتان ضد الحكومة بتاريخ ‪ 13‬يناير ‪،1972‬‬

‫من طرف الكاتب العام للمركز الدولي لتسوية خالفات االستثمار‪ .‬وتم تكوين المحكمة التحكيمية بتاريخ‬

‫‪ 28‬مارس ‪ 1972‬برئاسة محكم سويدي وعضوية محكمين اثنين‪ ،‬أحدهما من جنسية فرنسية واآلخر‬

‫من جنسية هولندية ‪.‬‬


‫‪274‬‬
‫ونظ را ألن الط رفين تمكن ا خالل جري ان المس طرة من الوص ول إلى ح ل ح بي لل نزاع‪ ،‬فق د‬

‫أص درت المحكم ة التحكيمي ة ق رارا بت اريخ ‪ 17‬أكت وبر ‪ 1978‬أش هدت من خالل ه على التن ازل عن‬

‫المسطرة عمال بأحكام المادة ‪ 43/1‬من نظام تحكيم المركز‪.815‬‬

‫القضية الثانية‪ :‬ساليني كوستريكتوري‪ -‬إيطالستراد‬ ‫‪-‬‬

‫بع د م رور أك ثر من عش رين س نة عن قض ية هولي داي اي نز ‪ -‬أوكس يدونتال بي تروليوم تمت‬

‫مقاض اة المغ رب من جدي د أم ام المرك ز من ط رف مس تثمرين أج انب في إط ار قض ية تهم مجموع ة‬

‫إيطالي ة مكون ة أساس ا من ش ركتي س اليني كوس تريكتوري‪ -‬إيطالس تراد) ‪Salini costrukttori et‬‬

‫‪ ،( italstrade‬ادعت أنه ا تض ررت من رفض الش ركة الوطني ة للط رق الس يارة ب المغرب منحه ا‬

‫تعويضات بسبب رداءة أحوال الطقس وبسبب األشغال اإلضافية والتمست من المركز تبعا لذلك الحكم‬

‫على الدولة المغربية بمنحها التعويضات المذكورة جبرا للضرر‪.‬‬

‫س جلت ه ذه القض ية بكتاب ة المرك ز بت اريخ ‪ 13‬يوني و ‪ 2000‬وتم تش كيل المحكم ة التحكيمي ة‬

‫بت اريخ ‪ 25‬ش تنبر ‪ 2000‬من رئيس سويس ري ومحكمين اث نين أح دهما جنس ية اس بانية في حين يحم ل‬

‫الثاني الجنسيتين الفرنسية واللبنانية ‪.‬‬

‫وبتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ 2001‬أصدرت المحكمة التحكيمية حكما تحكيميا أوال يتعلق باالختصاص‬

‫بتت في ه باختصاص ها للنظر في النزاع‪ ،‬ش ريطة أن تقدم المجموعة المدعي ة الحج ة على خط أ ارتكبت ه‬

‫اإلدارة المغربي ة‪ ،‬يمكن اعتباره خرق ا من جانب الدولة المغربي ة لالتفاقية الثنائي ة المبرمة بين المغرب‬

‫وإ يطاليا والتي تتضمن شرطا تحكيميا لفائدة المركز‪.‬‬

‫‪ -815‬للمزيد من التوسع حول هذه القضية المرجو النظر إلى‪:‬‬


‫‪ -‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 77‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬جالل وفاء محمدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ -‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.295‬‬
‫‪275‬‬
‫ونظ را ألن الط رفين تمكن ا خالل جري ان المس طرة من االتف اق على ح ل ح بي لل نزاع‪ ،‬ف ان‬

‫المحكمة التحكيمية أصدرت بتاريخ ‪ 4‬فبراير ‪ 2004‬حكما باإلشهاد على التنازل عمال بأحكام المادة‬

‫‪ )1( 43‬من نظام تحكيم المركز ‪.‬‬

‫يتضح مما سبقت اإلشارة إليه أعاله أن فض النزاعات بفعالية بين الدول المتلقية لالستثمارات‬

‫والمستثمرين األجانب يعتبر من أهم أوجه الحماية القانونية لالستثمارات األجنبية ‪.‬‬

‫وتظه ر ه ذه الفعالي ة في أن وج ود وس يلة فعال ة لح ل النزاع ات ك اف لوح ده قص د الت أثير في‬

‫سلوك األطراف‪ ،‬ومنعهم من افتعال عدد من النزاعات متى تيقنوا أنهم سيخسرون الدعوى ال محالة في‬

‫نهاية المطاف ‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك فان إمكانية صدور حكم في غير صالح أحد األطراف يقوي رغبتهم في حل‬

‫نزاعاتهم حبيا وتعتبر التجربة المغربية في هذا المجال خير دليل على ذلك‪ .‬إذ أن القضيتين اللتين تم‬
‫‪816‬‬
‫عرضهما على المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار تمت تسويتهما حبيا أثناء جريان المسطرة‬

‫‪.‬‬

‫إذا كان التحكيم في التجارة الدولية يبدو حال مالئما فإنه أصبح أمرا حتميا بالنسبة للمنازعات‬

‫ال تي تنش أ بين دول ة أو أح د مؤسس اتها العمومي ة وبين مس تثمر أجن بي خ اص‪ ،‬على اعتب ار أن وس ائل‬

‫التسوية القضائية التقليدية سواء الداخلية أو الدولية ال تعطي حلوال ترضي كال منهما وأن التحكيم قادر‬

‫على ضمان المعاملة المتكافئة وتحقيق العدالة المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -816‬عبد الرحمان المصباحي‪" ،‬دور القضاء في تطبيق وإ نفاذ االتفاقيات الدولية في منازعات االستثمار"‪ ،‬المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا‬
‫في الدول العربية‪ ،‬المنعقد بالدوحة بدولة قطر من ‪ 24‬إلى ‪ 26‬شتنبر ‪.2013‬‬
‫‪276‬‬
‫ثانيا‪ :‬المشاكل التي تعترض تنفيذ الحكم التحكيمي في منازعات االستثمار‬

‫إن من ش أن المش اكل ال تي تواج ه تنفي ذ الحكم التحكيمي على المس توى العملي أن تنعكس‬

‫بالضرورة على الدور الذي يضطلع به التحكيم ويفقده بالتالي فاعليته في مجال منازعات االستثمار‪،817‬‬

‫ويعت بر تمس ك الدول ة بحص انتها ض د تنفي ذ الحكم التحكيمي من أهم ه ذه العراقي ل )ثاني ا(‪ ،‬لكن ق د يك ون‬

‫من المناس ب قب ل الح ديث عن الحص انة ض د إج راءات التنفي ذ ال تي ته دف إلى الحيلول ة دون اتخ اذ‬

‫إج راءات التنفي ذ الج بري ض د الدول ة‪ ،818‬أن نش ير إلى حص انة أخ رى ته دف إلى الحيلول ة دون مث ول‬

‫الدولة أمام القضاء الوطني لدولة أخرى أال وهي الحصانة القضائية‪ ،‬والتي تطرح أيضا عدة مشاكل‬

‫تح ول دون نج اح التحكيم في تس وية منازع ات االس تثمار ال تي تنش أ بين دول ة ومس تثمر خ اص‬

‫أجنبي )أوال(‪.‬‬

‫تمسك الدولة بحصانتها القضائية‬ ‫‪-1‬‬

‫إن ما يترتب على ولوج الدولة ميدان التجارة الدولية هو ارتباطها بعقود االستثمار‪ ،‬وإ ذا كانت‬

‫منازع ات االس تثمار تتم يز بالتعقي د بص فة عام ة ف إن منازع ات االس تثمار ال تي تك ون الدول ة طرف ا فيه ا‬

‫تص بح أك ثر تعقي دا لم ا يض في عليه ا نوع ا من الحساس ية لم ا يث يره ظه ور الدول ة من اعتب ارات متعلق ة‬

‫بالس يادة‪ .‬وهك ذا ف إن المس تثمر يتخ وف من التعاق د م ع الدول ة أو إح دى المؤسس ات العام ة التابع ة له ا‬

‫والمتمتعة بالحصانة القض ائية فيم ا إذا أراد مخاصمتها أمام قضائها الوطني الذي ينظر إليه المستثمر‬

‫األجن بي بعين الريب ة خوف ا من تح يزه إلى دولت ه باعتباره ا طرف ا في المنازع ة من جه ة وتمس كها‬

‫بحصانتها من جهة أخرى‪.819‬‬

‫‪ -817‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ -818‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪ -819‬محمد البرانصي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪277‬‬
‫معنى الحصانة القضائية‬

‫من المب ادئ المس تقرة في الق انون ال دولي الع ام أن ك ل دول ة تتمت ع بالحص انة القض ائية في‬

‫مواجهة قضاء الدولة األجنبية‪ ،820‬ويقوم هذا المبدأ أساسًا على فكرة السيادة واالستقالل والمساواة بين‬

‫الدول‪ ،821‬ويعني ذلك أن ه ال يجوز لدول ة أن تختص م دول ة أجنبي ة أمام قض ائها الوطني ألن ذلك يمس‬

‫فكل دولة في عالقاتها المتبادلة مع الدول األخرى تحرص أال تخضع لغير‬ ‫‪822‬‬
‫بسيادة الدولة األخرى‬

‫سلطان القضاء فيها وإ ال كان معنى ذلك إجازة خضوعها للقضاء األجنبي أن تلتزم بتنفيذ الحكم الص ادر‬

‫ض دها‪ ،‬وأن تج بر على تنفي ذه وه و م ا يتن افى تمام ا م ع اس تقاللها ومس اواتها بال دول األخ رى وه و‬

‫األساس الذي اعتمدته محكمة النقض الفرنسية منذ ‪ 1849‬في قرار صادر عنها حيث قضت المحكمة‬

‫أن مبدأ استقالل الدول هو من المبادئ المسلم بها في القانون الدولي العام وهو ما يمنع مقاضاة دولة‬

‫معينة أمام محكمة دولة أخرى‪.823‬‬

‫وغالبا ما تقوم الدولة الطرف في عقود االستثمار في سعيها للتخلص من قبولها عملية التحكيم‬

‫مع المستثمر األجنبي بالدفع بما تتمتع به من حصانة كدولة ذات سيادة من الخضوع لقضاء دولة أجنبية‬

‫للق ول بع دم ج واز خض وعها للتحكيم‪ .824‬بمع نى أن ه ال يج وز إخض اع المنازع ات ال تي تك ون الدول ة أو‬

‫أحد األشخاص المعنوية العامة المنبثقة عنها طرفا فيها لغير قضاء هذه الدول‪ .‬األمر الذي يعني عدم‬

‫اختصاص قضاء دولة أجنبية أو هيئة تحكيمية أجنبية بالنظر في تلك المنازعات‪.‬‬

‫‪ -820‬حسين فريجة ‪ "،‬دور التحكيم في فض منازعات عقود االستثمار الدولية"‪ ،‬مجلة القبس المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد الث اني‪،‬‬
‫يناير ‪ ،2012‬ص ‪.167‬‬
‫‪-‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪821‬‬

‫‪ -822‬عبد الحكيم مصطفى عبد الرحمان ‪ " ،‬مشكلة الحصانة القضائية والحصانة ضد التنفيذ في القانون الدولي الخاص والمقارن"‪ ،‬مكتبة النص‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1991‬ص ‪.111‬‬
‫‪-‬محمد البرانصي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪823‬‬

‫‪ -824‬حفيظة السيد الحداد ‪ "،‬الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪278‬‬
‫والمالح ظ أن الدول ة أو أح د مؤسس اتها العمومي ة بع د أن ع برت عن قبوله ا اللج وء إلى التحكيم‬

‫لفض منازع ات االس تثمار ال تي ق د تنش أ بينه ا وبين المس تثمر األجن بي س واء في عق د االس تثمار أو في‬

‫اتف اق الح ق‪ ،‬فإنه ا عن د ب دء إج راءات التحكيم أو عن د تنفي ذ الحكم الص ادر عن ه تتمس ك بحص انتها‬

‫القضائية كرمز لسيادتها‪ ،‬وهو ما يفرغ االتفاق المسبق العتماد التحكيم من محتواه القانوني ويؤثر في‬

‫ص حته‪ .‬ألن دف ع ال دول بحص انتها القض ائية يع ني ع ودة المنازع ة م رة أخ رى الختص اص محاكمه ا‬

‫الوطنية التي أراد المستثمر األجنبي باالتفاق على التحكيم اإلفالت من سيطرتها‪.825‬‬

‫لكن يبقى التس اؤل المط روح في ه ذا الص دد‪ ،‬يتمث ل في م دى ج دوى التمس ك من ج انب الدول ة‬

‫بالحص انة القض ائية أم ام هيئ ات التحكيم‪ ،‬على ال رغم من أنه ا ق د ارتض ت في اتف اق التحكيم مب دأ فض‬

‫المنازعات الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ بينها وبين أحد أشخاص القانون الخاص عن طريق التحكيم؟‬

‫وجهات نظر فقهية حول جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم‬ ‫أ‪-‬‬

‫ي رى بعض الفق ه أن ه حينم ا ت دخل الدول ة في اتف اق تحكيم م ع ش خص خ اص أجن بي فإن ه من‬

‫المف ترض أن ذل ك االتف اق يتض من تن ازال ض منيا عن حص انتها ض د القض اء‪ ،‬وبالت الي يمتن ع عليه ا أن‬

‫تتخلص من قبوله ا عملي ة التحكيم باس تغالل س يادتها‪ .‬ومن ه ذا المنطل ق ذهبت هيئ ة التحكيم التابع ة‬

‫للمركز الدولي لتسوية منازعات االس تثمار في قضية هضبة األهرام بتاريخ ‪ 20‬مايو ‪ ،8261992‬إلى‬

‫أن تمسك الحكومة المصرية بالحصانة القضائية أمام المركز بعدم قبول شرط التحكيم ال قيمة له‪ ،‬ألن‬

‫قبول هذا الشرط يعني التنازل عن الحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم الذي قبلت الخضوع له‪.‬‬

‫وي ذهب ‪ Goldman‬إلى أن ه "مم ا ال ش ك في ه أن قب ول الدول ة لش رط التحكيم يس تتبع علين ا‬

‫وبالضرورة التنازل عن الحصانة القضائية"‪.‬‬

‫‪ -825‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ -826‬بشار محمد األسعد ‪"،‬عقود االستثمار في العالقات الدولية الخاصة "‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.386‬‬
‫‪279‬‬
‫‪Il n’est pas douteux que l’acceptation par l’Etat d’une clause‬‬
‫‪«compromissoire implique manifestement et nécessairement renonciation à‬‬
‫‪827‬‬
‫‪»l’immunité de juridiction‬‬
‫وفي نفس االتج اه يق ول ‪" :Jaquet‬إن توقي ع الدول ة على ش رط التحكيم أو مش ارطة التحكيم‬

‫يشكل داللة ملموسة على تنازلها عن الحصانة القضائية"‪.828‬‬

‫أن قبول الدولة اعتماد التحكيم كآلية لتسوية منازعات االستثمار يعتبر‬ ‫‪829‬‬
‫كما اعتبر بعض الفقه‬

‫بمثابة تنازل ضمني من قبلها عن التمسك بالحصانة القضائية أمام المحكم الدولي‪ .‬وذهب البعض اآلخر‬

‫إلى أن الحصانة القضائية ميزة ال يمكن الدفع بها إال في مواجهة قضاء دولة تملك ذات الحق‪ ،‬وبالتالي‬

‫ال يمكن إعمالها حيال شخص خاص ألن التحكيم ال يعد خاضعا لسيادة أية دولة بل هو قضاء خاص‪.‬‬

‫إلى أنه من األمور التي تحمل بين طياتها التناقض الكامل أن يؤدي‬ ‫‪830‬‬
‫وخلص جانب من الفقه‬

‫التمس ك بالحص انة القض ائية في حال ة االع تراف به ا إلى حرم ان المحكم من الفص ل في المنازع ات‬

‫المعروض ة علي ه‪ ،‬في حين أن ه ذا المحكم ق د اس تمد ك ل س لطاته من إرادة األف راد ال تي ق امت بتعيين ه‬

‫للفصل في المنازعة الناشئة بينهما‪.‬‬

‫ينتق د ال رأي الس ابق على أس اس أن ه إذا ك ان المس اس بس يادة‬ ‫‪831‬‬


‫وم ع ذل ك ف إن جانب ا من الفق ه‬

‫الدولة ال يمكن قبوله في حالة ما إذا تعلق األمر بخضوعها لقضاء وطني تابع لدولة أخرى‪ ،‬فإنه ومن‬

‫باب أولى أن ال يتم قبوله إذا تعلق األمر بخضوع الدولة للقضاء الصادر من شخص عادي هو المحكم‪.‬‬

‫‪ -827‬محمد البرانصي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.98‬‬


‫‪828‬‬
‫‪- «La signature d’une clause compromissoire ou d’une compromis constitue la signe tangible de renonciation à‬‬
‫» ‪l’immunité de juridiction de l’Etat‬‬
‫محمد البرانصي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -829‬منير عبد المجيد ‪ ،‬قضاء التحكيم في منازعات التجارة الدولية "‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.67‬‬
‫‪ -830‬أحمد حسان الغندور ‪ "،‬التحكيم في العقود الدولية لإلنشاءات"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.309‬‬
‫‪831‬‬
‫‪- MEZGHANI (A) : "souveraineté de l’Etat et participation à l’arbitrage". Rev. Arb , 1985. p :543.‬‬
‫‪280‬‬
‫واعتبر البعض اآلخر أن وجود شرط التحكيم ال يعد قرينة في حد ذاته على تنازل الدولة عن حص انتها‬

‫أمام القضاء الوطني اللهم إذا سلكت الدولة مسلكا صريحا يفيد تنازلها عنها‪.832‬‬

‫ج‪ -‬موقف التشريعات الوضعية من جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم‬

‫إن غالبي ة التش ريعات لم تتخ ذ موقف ا ص ريحا من م دى ح ق الدول ة للتمس ك بحص انتها القض ائية‬

‫بعد أن ارتضت اعتماد التحكيم لتسوية نزاعات االستثمار أسوة بكل من التشريع األمريكي واإلنجليزي‪.‬‬

‫ونش ير إلى أن التش ريع األم ريكي ق د اقتص ر في البداي ة على مج رد اإلش ارة في األعم ال‬

‫التحض يرية للق انون الخ اص بحص انات الس يادة األجنبي ة لس نة ‪ ،1976‬على أن قب ول الدول ة التحكيم في‬

‫دولة أخرى يعد من قبيل التنازل الضمني على الحصانة إال أنه اعتبر بموجب القانون لسنة ‪-11-16‬‬

‫‪ 1988‬أن وجود اتفاق التحكيم يمنع الدولة من التمسك بحصانتها القضائية والتنفيذية (المادة ‪.833)2‬‬

‫وقد اتخذ التشريع اإلنجليزي نفس الموقف بموجب قانون الحصانة اإلنجليزي لسنة ‪،8341978‬‬

‫في الفقرة األولى من المادة ‪ 9‬التي جاء فيها‪" :‬أنه إذا اتفقت دولة ما على إخضاع النزاع كتابة للتحكيم‬

‫فإنه ال يمكنها الدفع بحصانتها القضائية أمام المحاكم البريطانية المرتبطة بهذا التحكيم"‪.‬‬

‫وباإلض افة إلى ذل ك نص ت االتفاقي ة األوروبي ة في فقرته ا األولى من الم ادة ‪ 12‬على أن ه إذا‬

‫وافقت دولة متعاقدة كتابة على إخضاع منازعة ما نشأت أو يمكن أن تنشأ عن عالقة تجارية أو مدنية‬

‫للتحكيم‪ ،‬ف إن ه ذه الدول ة ال يمكنه ا التمس ك بالحص انة القض ائية أم ام قض اء دول ة متعاق دة أخ رى يتم‬

‫التحكيم على إقليمها أو بموجب قانونها‪.‬‬

‫أم ا بالنس بة التفاقي ة واش نطن لس نة ‪ 1965‬فالمالح ظ أن ه رغم ع دم تناوله ا له ذه المس ألة ف إن‬

‫النظام الذي وضعته لعقد االختصاص للمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‪ ،‬يدعو إلى االعتراف‬

‫‪ -832‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.70‬‬


‫‪833‬‬
‫‪- LEARYER (THIEFFERY) : " Les nouvelles lois des Etats American sur l’arbitrage international ". Rev.‬‬
‫‪Arb 1989. p : 43.‬‬
‫‪834‬‬
‫‪- Grawfard (J) : " Les Etats et l’exécution des sentences arbitrales dans les droit Américain et Anglais " Rev‬‬
‫‪arb. 1985. p : 689.‬‬
‫‪281‬‬
‫بأن الدولة الطرف في النزاع والقابلة الختصاص هذا المركز يكون قد تنازلت عن أي دفع بما في ذلك‬

‫حصانتها القضائية‪.‬‬

‫ومجم ل الق ول أن الدول ة ال تي وافقت على إدراج ش رط التحكيم في العق د الم برم بينه ا وبين‬

‫ط رف خ اص ال يمكنه ا االس تفادة من الحص انة القض ائية أم ام هيئ ة التحكيم‪ ،‬ألنه ا ق د تن ازلت ض منيا‬

‫بقبولها لشرط التحكيم عن التمسك بحصانتها القضائية وهو الموقف الذي أبداه القضاء في عدة قرارات‪.‬‬

‫د‪ -‬موقف القضاء من جدوى التمسك بالحصانة القضائية أمام هيئة التحكيم‬

‫اعت بر القض اء في ع دة أحك ام أن قب ول الدول ة لش رط التحكيم يع د بمثاب ة تن ازل من قبله ا عن‬

‫التمس ك بحص انتها القض ائية أم ام المحكم‪ ،‬ال تي قبلت بموجب ه الخض وع االختي اري لقض ائه ألن الق ول‬

‫بغير ذلك يتعارض مع مبدأ حسن النية المطلوب بصدد تنفيذ االلتزامات التعاقدية‪.835‬‬

‫وكرست هذا االتجاه مجموعة من أحكام التحكيم في مجموعة من القضايا منها الحكم التحكيمي‬

‫الصادر عن غرفة التجارة الدولية في الدعوى رقم ‪ 3879‬لعام ‪ 1984‬إذ قرر أنه وفقا للمفهوم المقب ول‬

‫في سويس را مث ل غيره ا من بل دان الع الم أن إب رام الدول ة التف اق التحكيم يس تلزم أن تتن ازل الدول ة عن‬

‫حصانتها القضائية‪.836‬‬

‫وإ لى ج انب ه ذا الحكم التحكيمي يوج د حكم تحكيمي آخ ر ص ادر عن محكم ة تحكيم غرف ة‬

‫التجارة الدولية بباريس صدر في الدعوى رقم ‪ ،35-80‬وهي بصدد البت في نزاع يتعلق بأحد عقود‬

‫امتياز استغالل حقول البترول للجمهورية الليبية إذ قضت محكمة التحكيم أن الدفع بالحصانة القضائية‬

‫للدول ة ال يتف ق م ع نظ ام التحكيم ال ذي يق وم أساس ا على تس وية ال نزاع بش كل رض ائي من خالل اتف اق‬

‫‪ -835‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 73‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -836‬محمد البرانصي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪282‬‬
‫مس بق بين األط راف بالخض وع إلي ه‪ ،‬وبالت الي ف إن قب ول الدول ة له ذا االتف اق م ع أح د أط راف الق انون‬

‫الخاص يشكل في حد ذاته تنازال عن حصانتها القضائية‪.837‬‬

‫ومن تم فقب ول الدول ة التف اق التحكيم يلزمه ا بتس وية المنازع ات المتعلق ة بعق ود االس تثمار أم ام‬

‫هيئ ة التحكيم فق ط‪ ،‬ومن ثم ف إن تمس كها بالحص انة القض ائية يعت بر إخالال ص ريحا من جانبه ا لم ا س بق‬

‫وأن التزمت به‪.‬‬

‫يض اف إلى ذل ك أن محاول ة التحل ل من ش رط التحكيم بع د االتف اق علي ه في العق د الم برم م ع‬

‫طرف أجنبي بذريعة الحصانة القضائية من شأنه أن يهز ثقة المتعاملين مع الجهات الحكومية ويجعل‬

‫المستثمرين األجانب يمتنعون عن االستثمار في الدولة التي ال تحترم تعهداتها‪.838‬‬

‫تمسك الدولة بحصانتها ضد تنفيذ الحكم التحكيمي‬ ‫‪-2‬‬

‫من أهم اإلكراهات والمشاكل التي تقف عرض الحائط أمام نجاعة نظام التحكيم في منازعات‬

‫االستثمار يتمثل في تمسك الدولة بحصانتها ضد إجراءات التنفيذ‪ ،839‬فقد يفاجأ المحكوم له إذا ما حص ل‬

‫على حكم تحكيمي لص الحه بتمس ك الدول ة به ذه الحص انة فال يس تطيع أن يق وم بتنفي ذه للحص ول على‬

‫الحق المقرر له‪ ،‬مما يثير التساؤل عن أثر اتفاق التحكيم الذي أبرمته الدولة بإرادتها على هذه الحصانة‬

‫؟‬

‫إذا ك انت الحص انة القض ائية ال تش كل تهدي دا حقيقي ا على ص حة اتفاق ات التحكيم بفع ل موق ف‬

‫القضاء وغالبية الفقه كما رأينا والتي توصلت إلى إقرار قاعدة أساسية مفادها أن وجود شرط التحكيم‬

‫في عقد االستثمار يعتبر قرينة كافية على تنازل الدولة الضمني عن التمسك بحصانتها القضائية‪ ،‬فإن‬

‫‪ -837‬محمد البرانصي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.98‬‬


‫‪ -838‬ازاد شكور صالح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪ -839‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪283‬‬
‫الحص انة ض د إج راءات التنفي ذ ال زالت تط رح إش كاال حقيقي ا س واء عن د تنفي ذ الحكم التحكيمي أو عن د‬

‫إنجاز مسطرة الحجز على أموال الدولة الموجودة خارج إقليمها‪.840‬‬

‫المقصود بحصانة الدولة ضد إجراءات التنفيذ‬ ‫أ‪-‬‬

‫يقصد بالحصانة ضد إجراءات التنفيذ أن األموال التي تملكها دولة معينة خارج إقليمها تتمتع‬

‫بالحماية في مواجهة أي عمل تنفيذي لدولة أخرى بما في ذلك اإلجراءات التحفظية‪ ،‬مثل الوضع تحت‬

‫الحراس ة القض ائية أو الحج ز ل دى الغ ير‪ .‬وأهم م ا يم يز ه ذا ال دفع أن مجال ه ينحص ر دائم ا أم ام قض اء‬

‫الدول ة األجنبي ة وذل ك على خالف ال دفع بالحص انة القض ائية ال ذي يمكن أن يك ون أم ام ه ذا القض اء أو‬

‫قضاء التحكيم‪.841‬‬

‫وقد عرف البعض اآلخر الحصانة ضد إجراءات التنفيذ بأنها دفع تسعى الدولة من خالله إلى‬

‫عرقلة إجراءات التنفيذ التي يسعى المحكوم له بحكم تحكيمي التخاذها ضد الدولة‪ ،‬فتستطيع بذلك أن‬

‫ترفض إصدار األمر بتنفيذ حكم التحكيم وبالتالي تمنع دائنيها من التنفيذ جبرا على أموالها‪.842‬‬

‫وق د ذهب البعض إلى أن حص انة الدول ة ض د التنفي ذ هي حص انة مطلق ة أي أن الدول ة تس تطيع‬

‫أن تتمس ك به ا بص رف النظ ر عن ن وع العق د ال ذي أبرمت ه ح تى ول و ك ان من طبيع ة تجاري ة خالص ة‪،‬‬

‫ويرج ع الس بب في ذل ك إلى أن اتخ اذ إج راءات التنفي ذ ض د الدول ة من ش أنه أن ي ؤدي إلى إح داث خل ل‬

‫جسيم في العالقات الدولية مما تنطوي عليه هذه اإلجراءات من انتهاك شديد لسيادة الدول‪.843‬‬

‫‪ -840‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ -841‬سهام السويتي ‪ "،‬التحكيم في حل منازعات عقود نقل التكنولوجيا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2008 -2007‬ص ‪.159‬‬
‫‪ -842‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 420‬و ‪.421‬‬
‫‪843‬‬
‫‪- Craw Ford (J.): “Les Etats et l’exécution des sentences arbitrales dans les droits américain et Anglais, Rev .‬‬
‫‪arb, 1985 , p. 693.‬‬
‫‪284‬‬
‫واس تند أنص ار ه ذا االتج اه إلى الحكم الص ادر من محكم ة اس تئناف ب اريس ‪ 1969‬حيث ذهب‬

‫إلى أن حص انة التنفي ذ ال ترتب ط ب أي وج ه من الوج وه بالحص انة القض ائية‪ ،‬وأن ه ذا مب دأ مطل ق يجب‬

‫تطبيقه حتى ولو تعلق األمر بتصرفات تستند إلى القانون الخاص‪.844‬‬

‫في حين ي رى بعض الفق ه أن الق ول بالطبيع ة المطلق ة لحص انة التنفي ذ يتع ارض م ع مب دأ حس ن‬

‫النية ويؤدي إلى عرقلة إبرام العقود اإلدارية الدولية‪ ،‬حيث إن المتعاقد مع الدولة سوف يواجه العقبة‬

‫تل و األخ رى فبع د أن يتخطى الحص انة القض ائية ويحص ل على حكم تحكيمي يواج ه عقب ة جدي دة هي‬

‫الحصانة التنفيذية‪ ،‬باإلضافة إلى أن أغلب التشريعات الوطنية أخذت بالحصانة التنفيذية المقيدة فاكتفى‬

‫المش رع الفرنس ي بت وافر شرط وحي د لتنفي ذ حكم التحكيم وهو أال يك ون مخالفا للنظ ام الع ام ال دولي في‬

‫المادة (‪ )1498‬من قانون المرافعات‪.‬‬

‫كما أخذ التشريع اإلنجليزي بمبدأ الحصانة التنفيذية المقيدة حيث إنه أجاز التنفيذ على األموال‬

‫المملوكة للدولة إذا كانت مستخدمة في األغراض التجارية‪.‬‬

‫وقد استند أنصار هذا االتجاه إلى األحكام القضائية التي أكدت على الحصانة التنفيذية المقيدة‬

‫ومنه ا الحكم الص ادر من محكم ة اس تئناف ب اريس في ع ام ‪ ،1982‬حيث أك دت المحكم ة على أن‬

‫الحصانة التنفيذية ليست مطلقة وأنه يمكن استبعادها على سبيل االستثناء عندما يكون المال المحجوز‬

‫عليه مخصصا من قبل الدولة األجنبية لتنفيذ عملية تجارية محضة‪.845‬‬

‫موقف الفقه من مسألة تمسك الدولة بحصانتها ضد تنفيذ الحكم التحكيمي‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪ -844‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.421‬‬
‫‪ -845‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪422‬‬
‫‪285‬‬
‫إن تمس ك الدول ة بحص انتها ض د إج راءات التنفي ذ يس مح له ا ب التهرب من تنفي ذ الحكم التحكيمي‬

‫الص ادر ض دها‪ ،‬وال يوج د في الق وانين المنظم ة للتحكيم م ا ي برر خ رق ه ذه القاع دة رغم أن الط ابع‬

‫التعاقدي للتحكيم يرتب كبقية العقود على عاتق الطرف الذي صدر ضده الحكم االلتزام بالتنفيذ‪.846‬‬

‫إلى أن اتفاق التحكيم الذي قبلته الدولة يجب أن يمتد في‬ ‫‪847‬‬
‫وفي هذا اإلطار يذهب بعض الفقه‬

‫آثاره ليشمل تنفيذ حكم التحكيم‪ ،‬بمعنى أن وجود هذا االتفاق في ذاته يعتبر تنازال منها عن حصانتها‬

‫ضد التنفيذ وذلك تحقيقا الستقرار المعامالت وتحقيقا لفاعلية اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫ج‪ -‬موقف القضاء من مسألة تمسك الدولة بحصانتها ضد تنفيذ الحكم التحكيمي‬

‫ذهبت محكم ة النقض الفرنس ية في قض ية ‪ ،848creighton‬إلى أن دخ ول الدول ة في اتف اق‬

‫التحكيم يعتبر تنازال ضمنيا عن حصانتها ضد التنفيذ دونما حاجة لصياغة نص واضح ينص على تلك‬

‫المسألة‪.‬‬

‫وهو نفس االتجاه الذي ذهبت فيه محكمة استئناف باريس حيث قضت في حكم سنة ‪ 1992‬ب أن‬

‫قبول الدولة بخضوع النزاع للتحكيم يفيد بالضرورة االلتزام بتنفيذ الحكم التحكيمي‪.849‬‬

‫إال أن محكم ة االس تئناف بب اريس ذهبت إلى خالف ذل ك في الق رار الص ادر عنه ا بت اريخ ‪13‬‬

‫يناير ‪ 1981‬بخصوص قضية ‪ benevenuti bonfant‬ضد الكونغو‪ ،‬وتتلخص وقائع النزاع في أنه تم‬

‫االتفاق بين دولة الكونغو وشركة ‪ benevenuti bonfant‬اإليطالية في ‪ 16‬أبريل ‪ 1973‬على إنشاء‬

‫‪ -846‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬سراج حسين أبو زيد ‪ "،‬التحكيم في عقود البترول"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.447‬‬
‫‪ -‬حفيظة الحداد ‪ "،‬االتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1997 ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ -847‬بشار محمد األسعد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.387‬‬
‫‪ -848‬بشار محمد األسعد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.388‬‬
‫‪ -849‬للمزيد من اإليضاح راجع‪:‬‬
‫‪ -‬جورجي شفيق ساري ‪ "،‬التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض المنازعات في مجال العقود اإلدارية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص‬
‫‪.65‬‬
‫‪ -‬جابر جاد نصار‪ "،‬التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪230‬‬
‫‪286‬‬
‫شركة لتصنيع الزجاجات البالستيكية‪ ،‬وتضمن هذا االتفاق شرطا بتقديم المنازعات التي قد تنشأ بين‬

‫الطرفين إلى محكمة التحكيم بالمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‪.‬‬

‫وإ ثر قيام النزاع بينها حول بنود عقد االستثمار تقدمت الشركة اإليطالي ة أعاله بطلب التحكيم‬

‫أمام المركز وبعد إصدار محكمة التحكيم لقرار التحكيم لصالح الشركة تقدمت هذه األخيرة إلى محكمة‬

‫ب اريس لالع تراف ب الحكم في فرنس ا‪ ،‬وعندئ ذ أعلنت ه ذه المحكم ة على ض رورة الحص ول على إذن‬

‫خ اص من أج ل تنفي ذ حكم المرك ز وه و م ا دف ع ه ذه الش ركة إلى تق ديم ش كوى أم ام محكم ة االس تئناف‬

‫بباريس بدعوى أن هذا اإلجراء غير الزم لتنفيذ حكم المركز‪.‬‬

‫إال أن محكمة االستئناف بباريس قررت بأن موقف الدولة التي ستتولى االعتراف بحكم التحكيم‬

‫الص ادر عن المرك ز يجب أال يتع دى فحص الحكم وكون ه مص ادق علي ه من الس كرتير الع ام ب المركز‪،‬‬

‫وأن ه ال يج وز ألي ة محكم ة وطني ة في أح د ال دول المتعاق دة مناقش ة مس ألة التنفي ذ على أم وال وأمالك‬

‫الدولة الطرف في التحكيم وتبقى هذه المسألة خارجة عن نطاق مرحلة االعتراف بحكم التحكيم‪.‬‬

‫وتس اءل بعض الفق ه عن د تعليق ه على الق رار الم ذكور ح ول م ا إذا ك ان من المعق ول والمنطقي‬

‫التمس ك بالحص انة التنفيذي ة في مج ال التحكيم‪ ،850‬فض مان العالق ات االقتص ادية وك ذا الط ابع التعاق دي‬

‫وتج انس ه ذه المعطي ات فيم ا بينه ا ال يتماش ى م ع مكان ة التمس ك بالحص انة التنفيذي ة‪ ،‬وأض اف أن ه من‬

‫الغ ريب بع د قب ول الدول ة ال دخول طرف ا في مس طرة تعاقدي ة (التحكيم) أن تس تطيع رفض تنفي ذ الحكم‬

‫الصادر ضدها متخذة من حصانتها التنفيذية درعا واقيا‪.851‬‬

‫ونجد أن المحكمة العليا بباريس بعد أن أكدت في األمر الصادر عنها بتاريخ ‪ 8‬يوليوز ‪1970‬‬

‫على أن تض مين العق د ش رطا تحكيمي ا تك ون الدول ة اليوغس الفية ق د تخلت عن حص انتها القض ائية‪،‬‬

‫وأضافت أن التخلي عن الحصانة القضائية ال يؤدي إلى التخلي على حصانة التنفيذ‪.‬‬
‫‪ -850‬عالء محي الدين مصطفى أبو أحمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.423‬‬
‫‪ -851‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 75‬و ‪. 76‬‬
‫‪287‬‬
‫والمالح ظ أن القض اء ي رفض االع تراف لمح اكم التحكيم بس لطة التنفي ذ على أم وال الدول ة‬

‫الموجودة خارج إقليمها معتبرة أنها ال تدخل ضمن سلطتها‪ .852‬فالعقبة األساسية والجوهرية التي كانت‬

‫تع ترض المحك وم ل ه ال ت زال قائم ة وال تي تتمث ل في ع دم إمكاني ة الحج ز على أم وال الدول ة العام ة‬

‫الخاض عة للق انون الع ام والمخصص ة للمنفع ة العام ة‪ ،‬ل ذلك الب د من مراع اة طبيع ة م ال الدول ة الص ادر‬

‫الحكم ضدها ما إذا كان من المال العام أم ال‪ ،‬وإ ن كان قبول الدولة لشرط التحكيم يعد تنازال منها عن‬

‫حصانتها ضد التنفيذ لتصبح مثلها مثل الفرد العادي‪.‬‬

‫إال أن ذل ك ال يه در الش روط ال واجب توافره ا في الم ال الم راد الحج ز علي ه خاص ة وأن الف رد‬

‫العادي ال يمكن الحجز على كل أمواله فكذلك الدولة لها من األموال ما ال يجوز الحجز عليها‪ ،‬وهي‬

‫األم وال المخصص ة للمنفع ة العام ة‪ .‬إال أن إعط اء الدول ة الح ق المتمث ل في ع دم إمكاني ة الرج وع على‬

‫األم وال العام ة س يجعلها تكي ف ك ل األم وال الم راد الحج ز عليه ا بأنه ا عام ة من أج ل تمس كها بح ق‬

‫الحصانة ضد التنفيذ‪.‬‬

‫ومن تم يمكن الق ول أن المحك وم ل ه ال يمكن أن يطلب الحج ز على م ال الدول ة إال إذا ك ان في‬

‫ملكيتها الخاصة‪ ،‬وإ ن كان خارج إقليمها ما دامت مخصصة ألغراض اقتصادية تجارية أو خاصة في‬

‫الحالة التي ال تنفذ الدولة الحكم التحكيمي الصادر ضدها رضائيا‪.853‬‬

‫كاستنتاج عام ال يمكن القول بوجود الطبيعة المطلقة لحصانة الدولة ضد إجراءات التنفيذ حيث‬

‫أن ه أم ر يتن افى م ع المنط ق‪ ،‬ومن ش أنه تجري د اتف اق التحكيم من ك ل قيم ة ل ه ف الحكم ه و ثم رة التحكيم‬

‫فقب ول الدول ة التف اق التحكيم ومثوله ا أم ام هيئ ة التحكيم وامتناعه ا بع د ذل ك عن تنفي ذ الحكم يع د أم را‬

‫محال للنقض‪ .‬فالدول ة تلج ا إلى التحكيم في المس ائل ال تي ال تمس س يادة الدول ة وفي الح دود ال تي يس مح‬

‫‪ -852‬رشيد معناني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫‪ -853‬سهام السويتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 168‬و ‪. 169‬‬
‫‪288‬‬
‫بها قانونها الوطني فمثلها في ذلك مثل الفرد العادي ال يجوز لها أن تدفع بالحصانة ضد التنفيذ فهذا‬

‫الدفع يتنافى مع حسن النية‪ 854‬في تنفيذ االلتزامات الدولية‪.‬‬

‫د‪ -‬قواعد اإلسطوبل وصعوبة تنفيذ الحكم التحكيمي‬

‫إلى جانب مبدأ حسن النية المتطلب في تنفيذ االلتزامات التعاقدية نجد هناك مفهوم متولد عن‬

‫تلك المؤسسة األم‪ ،‬أصبح يحظى باهتمام متزايد في صفوف القانونيين وهو ما يعرف ب "اإلسطوبل"‬

‫أو عدم التناقض في األقوال واألفعال‪.‬‬

‫معنى قواعد اإلسطوبل‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -854‬ح اول ج انب من الفق ه إيج اد وإ عط اء تعري ف لمب دأ حس ن الني ة ‪ ،‬فعرف ه البعض بأن ه" توج ه القلب المس لم إلى الخ ير"‪ ،‬وقي ل أن ه " الص دق‬
‫واإلخالص"‪ ،‬وبأنه يعني" االستقامة والنزاهة وعدم الغش"‪ ،‬ويقصد به أيضا " التعامل بصدق واستقامة وشرف مع الغير" و " إن أسمى مظهر‬
‫لحسن النية هو احترام االلتزام الموعود به"‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يعرف حسن النية بأنه ‪ " :‬احترام ما قام بينك وبين الطرف اآلخر من أوضاع‪ ،‬وأن تنفذها وفقا لذلك وليس كما تريد"‪.‬‬
‫أما بخصوص تحديد مضمون حسن النية في التصرفات القانونية‪ ،‬فإن الفقه الفرنسي انقسم إلى اتجاهين رئيسيين‪:‬‬
‫االتجاه األول‪ :‬يرى أن حسن النية في التصرفات القانونية هو الجهل المبرر بواقعة معينة يرتب عليها الشارع أثرا قانونيا‪ ،‬أي الجهل بالعيب‬
‫الذي يجعل التصرف غير فعال‪ ،‬وحسن أو سوء النية في هذه الحالة يعتبر أمرا ذاتيا ونفسيا يقاس بالنسبة لشخص الغير فقط‪ ،‬وهو مفترض لدى‬
‫الكافة ألنه يتعلق بواقعة أساسية سلبية وال يطالب المرء بإثبات الواقعة السلبية‪ ،‬ومن تم يكون إثباتها على عاتق من يدعي خالفها‪.‬‬
‫االتجاه الثاني‪ :‬يذهب هذا االتجاه في تحديده لمضمون حسن النية في التصرفات‪ ،‬إلى القول بأن حسن النية ليس هو الجهل بالعيب وال هو الغلط‬
‫الم برر أو المش روع‪ ،‬فش تان بين ه ذه األم ور وحس ن الني ة‪ ،‬وذل ك أن ه ذه العناص ر‪ ،‬س واء ك انت جهال أو غلط ا أو خط أ‪ ،‬هي جميعه ا عناص ر‬
‫متصلة‪ ،‬وقد تلتقي في بعض الفروض‪ ،‬إال أن التطابق بينها ليس دائما كامال وتاما‪ ،‬فالجهل عبارة عن عدم العلم بأمر من األمور‪ ،‬أما الغلط فهو‬
‫يق وم في نفس الش خص يص ور ل ه الح ال على غ ير حقيقت ه‪ ،‬والخط أ س لوك م دان ومعيب لبع ده عن الص واب وم ا يجب أن يك ون علي ه الش خص‬
‫المعتاد‪.‬‬
‫لمزيد من اإليضاح راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عبد المنعم موسى إبراهيم ‪" ،‬حسن النية في العقود‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.83‬‬
‫‪ -‬عبد الحليم عبد اللطيف القوني ‪" ،‬حسن النية في التصرفات‪ ،‬في الفقه اإلسالمي والقانون المدني"‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص‬
‫‪.79‬‬
‫‪289‬‬
‫يع ني مص طلح "اإلس طوبل" لغ ة‪ :‬الص د‪ ،‬المن ع‪ ،‬اإلعاق ة‪ ،‬وهي مس تقاة من الكلم ة الالتيني ة "‬

‫‪ "stuppa‬والمعروف ة يوناني ا "‪ "stuppe‬وفي ألماني ا ب "‪ "stoppan‬مقتبس ة من كلم ة "‪"estouppe‬‬

‫المتداولة في اللغة الفرنسية القديمة والمستبدلة مند مطلع القرن ‪ 19‬م بكلمة "‪."étouppe‬‬

‫أم ا اص طالحا فيفي د مص طلح "اإلس طوبل" عن قاع دة إجرائي ة ش كلية تطب ق في س ياق المنازع ة‬

‫القضائية لمنع التناقض في األقوال واألفعال‪ ،‬وهذا ما تؤكده مجمل المجامع القانونية وتؤيده التعريفات‬

‫الفقهية‪.‬‬

‫ويقص د بالتناقض "قول" الشيء وعكس ه‪ ،‬كمن يعد بالوف اء واإلخالص تم يخون‪ ،‬أو كمن يلتزم‬

‫تم يتراجع‪ ،‬و"القول" هنا ال يؤخذ بمعناه الضيق‪ ،‬أي الجمل والعبارات‪ ،‬بل بمعناه الواسع أي باإلشارة‬

‫والسلوك‪ ،‬وكما أنه ال يفيد عن "عدم التنفيذ" أو "تقلب" بل "عدم التطابق" و"عدم التجانس" بين سلوكين‬

‫أو موقفين تصريحين صادرين عن نفس الشخص ويتصالن بذات الموضوع‪.855‬‬

‫دور قواعد اإلسطوبل في تنفيذ األحكام التحكيمية‬ ‫‪-‬‬

‫الشك أن غاية القانون واقعية نفعية ترمي إلى تحقيق األمن االجتماعي والخير العام‪ ،‬في حين‬

‫أن غاية األخالق مثالية تهدف إلى تحقيق الكمال الذاتي وراحة الضمير وتقتصر على تقرير الواجبات‬

‫اتجاه النفس والغير‪.‬‬

‫والب د من الق ول أن ه من الط بيعي أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي تجنب الوق وع في ش باك ع دم‬

‫التن اقض م ع االلتزام ات الص ادرة عن األط راف المتعاق دة من ذ البداي ة‪ ،‬ف الحكم الص ادر عن الهيئ ة‬

‫التحكيمية ما هو إال نتيجة لرغبة هؤالء في اتخاذ قضاء التحكيم وسيلة بديلة عن القضاء الرسمي وبناء‬

‫عليه فمن الواجب الخضوع لذلك الحكم التحكيمي وتنفيذه‪.‬‬

‫‪ -855‬للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬محمود محمود المغربي‪ "،‬اإلسطوبل" ‪ L’ESTOPPEL‬في قانون التحكيم"‪ ،‬تقديم سامي منصور‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫سنة ‪.2000‬‬
‫‪290‬‬
‫وال تزام الدول ة بتنفي ذ أحك ام التحكيم الص ادرة في مواجهته ا يكف ل للتحكيم فاعليت ه ويحق ق الثق ة‬

‫للمتعاملين مع الدولة من أفراد وشركات في ضمان تنفيذ الحكم الذي صدر ضدها‪ ،‬فضال عن أنه يجنب‬

‫الدول ة م ا ق د يف رض عليه ا من عقوب ات دولي ة من ج راء ع دم تنفي ذ أحك ام التحكيم‪ .‬فعلى س بيل المث ال‬

‫األحك ام الص ادرة عن المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات االس تثمار‪ ،‬يتم تنفي ذها بص ورة فوري ة دون أن‬

‫تتمكن الدولة المحكوم ضدها أن تعرقل تنفيذها وإ ال تعرضت لعقوبات دولية‪.856‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬الصعوبات الواقعية واالجتماعية لنظام التحكيم‬

‫لقد أضحى اللجوء لنظام التحكيم أمر طبيعي لما يتسم به من سرية وسرعة في إصدار األحكام‪،‬‬

‫فضال عن تحرره وبعده عن التعقيدات التي تمر بها الدعوى أمام القضاء العادي‪.857‬‬

‫وبالموازاة مع ذلك قد يكون نظام التحكيم عامال في نمو الدول وازدهارها‪ ،‬إذ يساعد القضاء‬

‫بالتقلي ل من األعب اء الملق اة على ه ذا األخ ير‪ ،‬كم ا ي وفر الكث ير من النفق ات الالزم ة لتك وين القض اة‬

‫وأجورهم ويعطي طابعا حسنا للمتقاضين سواء كانوا وطنيين أم أجانب‪.‬‬

‫ف التحكيم لم يع د يلعب تل ك الوس يلة التقليدي ة ال تي تهم ح ل النزاع ات فحس ب ب ل أص بح ل ه دور‬

‫فعال في حل النزاعات االقتصادية التي تهم الدولة واالقتصاد بصفة عامة‪.‬‬

‫ينضاف إلى ما سبق أن التحكيم أصبح وسيلة فعالة في التنمية من خالل جلبه للمستثمرين نظ را‬

‫لما يوفره من المزايا والفوائد التي سبق ذكرها‪.858‬‬

‫ورغم ه ذه المزاي ا والفوائ د ال تي يتم يز به ا نظ ام التحكيم إال أن هن اك مجموع ة من الص عوبات‬

‫تؤدي إلى عرقلة تطبيقه‪ ،‬وهذه الصعوبات قد تكون صعوبات واقعية والتي تشكل عائقا حقيقيا (الفرع‬

‫األول)‪ ،‬وقد تكون صعوبات نفسية سيكولوجية واجتماعية يعاني منها هذا النظام (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪ -856‬عز الدين بوزلماط‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 94‬و ‪.95‬‬


‫‪ -857‬طلبة ماستر قانون األعمال‪"،‬أبحاث في المنازعات التجارية والتحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -858‬عبــد الــودود ولــد بــداد‪ "،‬التحكيم االختي اري في الق انون ال داخلي‪ ،‬دراس ة مقارن ة في التش ريعين الموريت اني والمغ ربي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم‬
‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007-2006‬ص ‪.4‬‬
‫‪291‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الصعوبات الواقعية لنظام التحكيم بالمغرب‬

‫ينص الفصل ‪ 228‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي على أن " االلتزامات ال تلزم إال من‬

‫كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر الغير وال تنفعهم إال في الحاالت المذكورة في القانون"‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان المب دأ‪ ،‬ه و ع دم انص راف آث ار العق د إال اتج اه أطراف ه‪ ،‬إال أن هن اك بعض الح االت‬

‫التي تخرج استثناء عن هذا المبدأ كمجموعة الشركات ومجموعة العقود‪.‬‬

‫ف الواقع العملي يش هد ص ور كث يرة تث ير الخالف ح ول من يعت بر طرف ا في التحكيم‪ ،‬خاص ة م ع‬

‫تن وع الص ور العص رية الحديث ة‪ ،‬إذ يوج د م ا يس مى بمجموع ة الش ركات‪ ،‬حيث يعه د إلى مجموع ة‬

‫ش ركات تنتمي إلى جنس يات متع ددة تقوم بتنفي ذ المش روعات الض خمة ال تي ال تقوى ش ركات بمفردها‬

‫على القيام بها‪ ،‬وتجتمع هذه الشركات لتحقيق غرض مشترك ( هدف) اقتصادي واحد وتخضع لرقابة‬

‫موحدة بينما تظل كل شركة تتمتع بشخصية معنوية مستقلة‪.859‬‬

‫ويط رح التس اؤل في حال ة م ا إذا أب رم ش خص اتف اق التحكيم م ع مجموع ة الش ركات أو ش ركة‬

‫ك برى وال تي تس مى بالش ركة المتع ددة الجنس ية ففي مث ل ه ذه الحال ة ه ل يك ون اتف اق التحكيم ملزم ا‬

‫للشركة التي وقعت عليه وحدها أم أنه يمتد إلى بقية الشركات التي تنتمي إلى المجموعة؟‬

‫كم ا يحص ل في المع امالت التجاري ة أن ي برم األط راف العدي د من العق ود المتتالي ة المتص لة‬

‫بالعالق ات التعاقدي ة المعت ادة بينهم‪ ،‬تتم يز بنفس الطبيع ة أو من طبيع ة أخ رى مش ابهة تس مى بسلس لة‬

‫العقود‪ ،‬فيحدث عمليا أن ال يتضمن أحد هذه العقود شرطا تحكيميا بينما تتض من العقود السابقة عليه‬

‫ش رط التحكيم‪ .‬فه ل يمكن أن يمت د ش رط التحكيم من العق ود الس ابقة المتض منة له ذا الش رط إلى العق د‬

‫الالحق الخالي منه؟ هذا ما سنحاول معالجته في (المطلب األول)‪.‬‬

‫‪ -859‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪292‬‬
‫على مستوى آخر ونظرا ألهمية التحكيم وتزايد انتشاره خاصة في مجال التجارة الدولية‪ ،‬فقد‬

‫ق امت مؤسس ات غالب ا م ا تك ون من القط اع الخ اص بوض ع قواع د خاص ة للتحكيم‪ ،‬تتعل ق ب إجراءات‬

‫التحكيم بما فيها تعيين هيئات التحكيم وفق شروط وأحكام معينة نصت عليها تلك القواعد‪.‬‬

‫واله دف من ذل ك ه و تس هيل العملي ة التحكيمي ة وتيس يرها على األط راف وض بطها بطريق ة‬

‫أصولية‪ ،‬باإلضافة لمراقبة وإ دارة العملية التحكيمي ة من بدايتها وحتى نهايتها من قبل مؤسس ة التحكيم‬

‫المعنية‪ .‬فإذا تمت إحالة النزاع إلى التحكيم وفق قواعد إحدى هذه المؤسسات‪ ،‬فإن هذه القواعد تطبق‬

‫على العملية التحكيمية ويلتزم بها الطرفان حتى لو لم يطلعوا عليها مسبقا‪ .‬كما تلتزم بها هيئة التحكيم‬

‫بعد تشكيلها بل ومؤسسة التحكيم أيضا‪.‬‬

‫ويمكن القول في هذه الحالة أن قواعد التحكيم أصبحت عقدا‪ ،‬أو جزءا من عقد متعدد األط راف‬

‫يلتزم به كل من قبل التحكيم وفق هذه القواعد‪ .‬وفي عالقة الطرفين يبعضهما‪ ،‬فإن مجرد اإلحالة في‬

‫اتفاق التحكيم لقواعد مؤسسة معينة‪ ،‬فإن هذه القواعد تصبح جزءا من االتفاق‪ .‬أما دور مؤسسة التحكيم‬

‫في العملي ة التحكيمي ة فهو دور تنظيمي لها وإ ش رافي عليها حس ب ما هو منصوص علي ه في قواعدها‬

‫مقاب ل رس وم وأتع اب مح ددة س لفا‪ ،‬ي دفعها الطرف ان لتل ك المؤسس ة ويطل ق على التحكيم في تل ك الحال ة‬

‫بالتحكيم المنظم أو التحكيم المؤسسي‪.860‬‬

‫ويعت بر التحكيم المؤسس ي األك ثر ش يوعا في مج ال تحكيم المنازع ات الخاص ة الدولي ة وس ائر‬

‫عملي ات التج ارة الع ابرة للح دود‪ ،‬وه ذا الن وع من التحكيم ه و ال ذي تختص ب ه مراك ز وهيئ ات دائم ة‪،‬‬

‫‪ -860‬لإلحاطة أكثر بتعريفات حول التحكيم المؤسسي‪ ،‬أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬زكرياء الغزاوي ‪ "،‬تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسسي"‪ ،‬المجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد األحدب‪ "،‬موسوعة التحكيم‪،‬الجزء الثالث"‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬سنة ‪.1990‬‬
‫‪ -‬محمد سالم ‪"،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق التنمية االجتماعية واالقتصادية"‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫مجلة الملف‪ ،‬عدد ‪ ،12‬مارس‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪293‬‬
‫أنشئت خصيصا لتقديم خدمات استشارية وقضائية للمتعاملين في مجاالت التجارة والصناعة وغيرها‬

‫من مختلف القطاعات اإلنتاجية والخدماتية‪ ،‬سواء في المعامالت الوطنية أو الدولية‪.861‬‬

‫وتكمن الغاي ة من نهج ه ذا الش كل الجدي د من التحكيم‪ ،‬في كون ه ي وفر الثق ة والطمأنين ة والخ برة‬

‫والتخص ص‪ ،862‬وه ذا م ا يبحث عن ه أط راف ال نزاع باإلض افة إلى تف ادي التعقي دات والص عوبات ال تي‬

‫تعرفه ا المس اطر القض ائية‪ ،863‬كم ا يس اهم في تط وير الق وانين والتش ريعات الخاص ة بتنظيم التج ارة‬

‫الدولية‪.864‬‬

‫ويع د المغ رب من بين ال دول ال تي أولت اهتمام ا به ذا الن وع من التحكيم نظ را لم ا ي وفره من‬

‫تش جيع لالس تثمار وجلب ل رؤوس األم وال األجنبي ة‪ .‬فعم ل على إنش اء مجموع ة من المراك ز التحكيمي ة‬

‫تلبية لهذا الغرض وتلبية لهدفه المنشود والمتمثل في االنضمام للمنظومة االقتصادية العالمية وخوض‬

‫‪ -861‬عبد الرحمان عاللي‪ "،‬قانون اإلرادة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.102‬‬
‫‪ -862‬فالمحكمون يتم اختيارهم من قبل الخصوم وفق الجداول الموضوعة من لدن المؤسسات التحكيمية الدائمة هذه الجداول تضم خيرة الخبراء‬
‫والمحكمين ال ذين تت وفر فيهم ك ل ش روط القب ول والنج اح‪ ،‬ويظه ر ذل ك من خالل الش روط ال تي تفرض ها ه ذه المراك ز لالنتس اب إلى الج داول‬
‫المعتم دة من قبله ا‪ .‬كالم ادة ‪ 11‬من نظ ام مرك ز التحكيم التج اري ل دول مجلس التع اون الخليجي‪ ،‬العربي ة ال تي تش ترط "في المحكم أن يك ون من‬
‫رج ال الق انون أو القض اء أو من ذوي الخ برة العالي ة واإلطالع الواس ع في التج ارة والص ناعة أو الم ال‪ ،‬وأن يك ون متمتع ا ب األخالق العالي ة‬
‫والسمعة الحسنة‪ ،‬واالستقالل في الرأي"‪.‬‬
‫‪ -863‬فلجوء أطراف النزاع إلى مركز أو منظمة للتحكيم يكونوا قد ارتضوا اللجوء للتحكيم وفق القواعد والقوانين الخاصة به ذا المركز‪ ،‬وغالبا‬
‫ما تتسم أنظمة المراكز الدائمة للتحكيم بالليونة والمرونة والتنظيم مقارنة مع التحكيم الحر ويالحظ ذلك من خالل‪:‬‬
‫المدة الـتي يتم خاللهـا إصـدار حكم التحكيم‪ :‬حيث أن غالبي ة أنظم ة مراك ز التحكيم تح دد م دة قص يرة إلص دار الق رار‪ ،‬إذا لم يتف ق األط راف‬
‫على مدد أخرى‪ ،‬مقابل طول وإ جراءات التقاضي التي قد تدوم سنوات عدة‪ ،‬فقد جاء في المادة ‪ 44‬من نظام المركز اليمني للتوفيق والتحكيم‪":‬‬
‫على الهيئة إصدار حكمها خالل مدة ثالثة أشهر من تاريخ عقد أول جلسة للهيئة‪."...‬‬
‫الطعن في األحكام التحكيمية‪ :‬إن بعض المراكز والمؤسسات التحكيمية تمنع على األط راف الطعن في الحكم التحكيمي‪ ،‬مثال في الفقرة الثانية‬
‫من المادة ‪ 48‬من إجراءات التوفيق والتحكيم أمام المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط تقر بأن ه‪ ":‬ال يقب ل حكم المحكمين الطعن في أية حال‬
‫من األحوال"‪.‬‬
‫تنفيذ األحكام التحكيمية‪ :‬للزيادة في ضمان حسن تنفيذ الحكم التحكيمي فإن مؤسسات التحكيم تشترط تنفيذه دون تأخير‪ .‬نجد ذلك مثال في نظام‬
‫المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط في المادة ‪ 49‬التي جاء فيها‪...":‬يلتزم األطراف نتيجة إخضاع نزاعاتهم لتحكيم المركز الدولي للتوفيق‬

‫والتحكيم بالرباط‪ ،‬بأن ينفذوا الحكم الذي يصدر بحسن نية وسرعة ودون تأخير"‪.‬‬
‫‪ - 864‬للمزيد من التوسع حول "مزايا التحكيم المؤسسي" أنظر‪ :‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 62‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪294‬‬
‫غم ار العولم ة‪ ،865‬لكن وكم ا يق ال‪ ،‬تج ري الري اح بم ا ال تش تهي الس فن‪ .‬فه ذه المراك ز الزالت تع اني‬

‫العديد من الصعوبات التي تقف حجرة عثرة في مسيرتها العملية‪ ،‬ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة عوامل‬

‫والتي سنتناولها في (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬امتداد شرط التحكيم في العالقات التجارية‬

‫األصل أن اتفاق التحكيم يخضع لمبدأ نسبية اآلثار المتولدة على العقد من حيث األطراف ومن‬

‫حيث الموضوع‪ .‬فكما ال يمكن للعقد أن يلزم غير أطرافه‪ ،‬فإن اتفاق التحكيم أيضا ال يمكن االحتجاج‬

‫به على من لم يكن طرفا فيه وال يمكن أيضا للغير أن يتمسك به في مواجهة من هم أطراف فيه‪ ،‬كما‬

‫أنه تتحد آثاره من حيث الموضوع بالمنازعات التي اتفق على حلها بهذا الطريق‪ ،‬وبالتالي ال يمتد أثر‬

‫هذا االتفاق إلى غير ذلك من المسائل التي ال يشملها االتفاق على التحكيم‪.‬‬

‫غير أن شرط التحكيم يعرف استثناءا بخصوص هذا المبدأ يتمثل في امتداده إلى أطراف أخرى‬

‫وعق ود أخ رى تتص ل بالمعامل ة التجاري ة‪ ،‬تحقيق ا لمص الح التج ارة الدولي ة‪ ،‬وتمث ل مجموع ة الش ركات‬

‫ومجموعة العقود واقعا ملموسا لهذا االمتداد‪.‬‬

‫‪ - 865‬إن انفتاح المغرب على االقتصاد العالمي وتدشينه للعديد من المناطق االقتصادية الحرة بعد إبرامه لعدد ال يستهان به من االتفاقي ات الدولي ة‬
‫في المج ال التج اري والص ناعي‪ ،‬ف إن المش رع المغ ربي أدرك أهمي ة تنظيم التحكيم المؤسس ي لتأقلم ه م ع الظ روف الجدي دة ال تي أص بح عليه ا‬
‫االقتصاد المغربي وهذا ما أقدم عليه فعال لما أصدر قانون رقم ‪.08-05‬‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 319‬من هذا القانون نجد المشرع قد نص على أن "التحكيم يكون إما خاصا أو مؤسساتيا"‪.‬‬
‫وبذلك يكون قد اعترف ألول مرة بأحقية هذه المراكز التحكيمي ة في تنظيم عملية التحكيم‪ ،‬وهذا ما نصت عليه الفقرة األخيرة من الفصل ‪319‬‬
‫أعاله‪ ...":‬عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية‪ ،‬فإن هذه األخيرة تتولى تنظيمه وضمان حسن سيره طبقا لنظامها"‪.‬‬
‫وم ع ذل ك‪ ،‬ف إن ه ذه المراك ز ال يمكنه ا في جمي ع األح وال أن تق وم بالعملي ة التحكيمي ة مباش رة‪ ،‬وإ نم ا يعه د بمه ام الفص ل في ال نزاع إلى الهيئ ة‬
‫التحكيمي ة التابع ة له ا‪ ،‬وال تي يجب أن تتك ون تحت طائل ة البطالن من أش خاص طبيع يين‪ ،‬وه ذا م ا أكدت ه الفق رة األخ يرة من الفص ل ‪ 320‬من‬
‫الق انون أعاله على غ رار س ائر التش ريعات المقارن ة‪ ،‬بحيث نص ت على م ا يلي‪ ...":‬إذا عين في االتف اق ش خص معن وي‪ ،‬ف إن ه ذا الش خص ال‬
‫يتمتع سوى بصالحية تنظيم التحكيم‪ ،‬وضمان حسن سيره"‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪295‬‬
‫‪866‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬شرط التحكيم في مجموعة الشركات‬

‫تعرف مجموعة الشركات بأنها نظام قانوني يضم عددا من الشركات تتميز باتحادها من الناحية‬

‫االقتصادية واستقاللها من الناحية القانونية‪ ،‬والغالب أن تكون هذه الشركات متعددة الجنسيات‪.867‬‬

‫وتحتل مجموعة من الشركات أهمية كبيرة في مجال التجارة الدولية حيث تقوم بتنفيذ العدي د من‬

‫المش روعات االقتص ادية العمالق ة بم ا فيه ا نق ل رؤوس األم وال وتط وير التكنولوجي ا مم ا أعطى دفع ة‬

‫قوية لتنشيط حركة التجارة بين سائر بلدان العالم‪ ،‬وكان طبيعيا أن تلجأ مجموعة الشركات وهي بصدد‬

‫تنفيذ مشروعاتها المختلفة إلى األخذ باتفاق التحكيم في كل عملية تجارية‪ ،‬سواء صدر هذا االتفاق من‬

‫( الفرع) األمر الذي أثير معه التساؤل حول مدى إمكانية امتداد‬ ‫‪868‬‬
‫الشركة األم أو من الشركة الوليدة‬

‫‪ - 866‬نشير أن كل أشكال الشركات التجارية حظيت بعناية من طرف المشرع المغربي‪ ،‬وكان ذلك بمقتضى القانون رقم ‪ 95-17‬المتعلق‬
‫بشركات المساهمة والقانون ‪ 96 -5‬المتعلق بشركة التضامن‪ ،‬وشركة التوصية البسيطة‪ ،‬وشركة التوصية باألسهم‪ ،‬و الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪ ،‬وشركة المحاصة‪ ،‬حيث أصبح القانون ‪ 95-17‬بمثابة الشريعة العامة لكل الشركات التجارية من حيث الشكل والتي تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية من تاريخ القيد في السجل التجاري‪.‬‬
‫ويصح شرط التحكيم الوارد في عقد الشركة التجارية أو في نظامها األساسي للفصل في المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين الشركاء‬
‫والمساهمين‪ ،‬متى ورد شرط التحكيم في عقد الشركة ذاته أو في نظامها األساسي‪ ،‬فال يخضع له الشركاء‪ ،‬أو المساهمين األوائل الذين وقعوا‬
‫على عقد الشركة‪ ،‬أو صادقوا على نظامها فحسب‪ ،‬بل يخضع له أيضا الشركاء‪ ،‬أو المساهمون الذين انضموا إلى الشركة أثناء حياتها عن‬
‫طريق شراء الحصص‪ ،‬واألسهم‪ ،‬واالكتتاب في زيادة رأس مال الشركة‪ ،‬ويقصد بالمنازعات بين الشركاء‪ ،‬أو المساهمين في هذا الشأن جميع‬
‫المنازعات التي تنشأ عن عقد الشركة سواء تعلق بالعقد ذاته أم بتنفيذه‪ ،‬أم تعلقت بنزاع يقتضي مباشرة دعوى الشركة قبل الشركاء‪ ،‬أو دعوى‬
‫الشركاء ضد الشركة‪ ،‬وكذا المنازعات المتعلقة ببطالن مداوالت جمعيتها العامة‪ ،‬أو المتعلقة بمسؤولية المديرين أو أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬أو‬
‫بمطالبة الشركاء‪ ،‬أو المساهمين بأداء الحصص التي تعهدوا بتقديمها للشركة‪ ،‬أو برد ما حصلوا عليه من أرباح صورية‪.‬‬
‫‪ -‬حسن المصري ‪ " ،‬شرط التحكيم التجاري" مقالة مقدمة في مؤتمر التحكيم في القانون الداخلي‪ ،‬والقانون الدولي"‪ ،‬العريش في الفترة من ‪20‬‬
‫إلى ‪ 25‬سبتمبر ‪ ،1987‬المطبعة الحديثة‪ ،‬سنة ‪ ،1988‬ص ‪.17‬‬
‫وقد أكد هذا االتجاه القرار الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 13/02/2002‬والذي تتلخص وقائعه في أن المطلوب س‪ ،‬أبرم اتفاقا سنة‬
‫‪ 1991‬مع الطالبة شركة فالدونيك الذي هو مساهم فيها ومديرها‪ ،‬وذلك من أجل تجريده من صفته وتفويت أسهمه‪ ،‬وبسبب عدم تسديد الشركة‬
‫له مبلغا ماليا مستحقا وعدم توصله برفع اليد عن رهن عقاري‪ ،‬سجل دعوى طالبا الحكم فيها بفسخ االتفاق انتهت استئنافيا وفق طلبه بالرغم من‬
‫وجود شرط في االتفاق يسند االختصاص للتحكيم‪ ،‬وهو ما حدى بالمجلس األعلى لما عرض عليه النزاع إلى نقض القرار االستئنافي بسبب‬
‫تجاوز شرط التحكيم الذي التزم به الطرفان كتابة‪.‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 240‬الصادر بتاريخ ‪ 2002 /02 /13‬في الملف التجاري عدد ‪ 1998 /3021‬أشار إليه ‪ :‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪867‬‬
‫‪- Yves Gyon, Droit des affaires. Economica, 1991.p 564.‬‬
‫‪ -868‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬التوزاني أسامة‪ "،‬أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير"‪ ،‬مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -‬وسيم عزيز‪ "،‬امتداد الشرط التحكيمي"‪ ،‬المجلة التونسية للتحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،8‬السنة ‪.،2016‬‬
‫‪296‬‬
‫شرط التحكيم من إحدى هذه الشركات إلى الشركة األخرى‪ ،‬أي من الشركة األم إلى الشركة الوليدة‪ ،‬أو‬

‫العكس‪ ،‬وذلك في ظل االستقالل القانوني للشركات المكونة للمجموعة؟‬

‫في هذا الصدد ينقسم الفقه والقضاء في اإلجابة عن هذا التساؤل إلى اتجاهين رئيسيين ‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :‬عدم امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات‬

‫إلى عدم األخذ بامتداد شرط التحكيم في مجموعة الش ركات على أس اس‬ ‫‪869‬‬
‫يميل جانب من الفقه‬

‫وأن شرط التحكيم باعتباره‬ ‫‪870‬‬


‫أن كل شركة تنتمي للمجموعة لها شخصية معنوية مستقلة عن األخرى‬

‫يقوم على الطابع اإلرادي يصعب أن يحتج به على أية شركة داخل المجموعة لم تكن طرفا في العملية‬

‫التجارية‪.871‬‬

‫وق د ع بر عن ه ذا االتج اه الحكم الص ادر عن غرف ة التج ارة الدولي ة رقم ‪ ،4504‬حيث رفض‬

‫امت داد ش رط التحكيم من الش ركة الولي دة إلى الش ركة األم‪ ،‬تأسيس ا على أن الش ركتين المكون تين‬

‫للمجموعة تشكالن وحدة مستقلة قادرة على أن تتعهد بالتزاماتها بوجه منفصل عن الشركة األخرى‪،‬‬

‫مما ال يسري معه آثار التزام أحدهما اتجاه اآلخر‪.872‬‬

‫االتجاه الثاني‪ :‬امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات‬

‫بخالف االتج اه الس ابق‪ ،‬ظه ر اتج اه آخ ر اعت بر أن أث ر اتف اق التحكيم أو ش رط التحكيم‪ ،‬ال‬

‫يقتصر على الشركة الطرف التي وقعت على االتفاق بل يمتد إلى بقية الشركات األخرى التي لم توقع‬

‫على ه ذا االتف اق‪ ،873‬وال تي تنتمي إلى المجموع ة نفس ها على اعتب ار أن ه ذه الش ركات هي مجموع ة‬

‫اقتصادية واحدة وأن الرابط االقتصادي هو الذي يربط كل هذه الشركات بعضها بالبعض اآلخر‪ ،‬هذا‬

‫‪869‬‬
‫‪- I. Fadlalah « Clause d’arbitrage et groupes des sociétés » Travaux du comité français.D.I.P. 1985. P 120.‬‬
‫‪ -870‬أحمد هندي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -871‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪-872‬‬
‫حكم تحكيم غرفة التجارة الدولية رقم ‪ ،4504‬سنة ‪ 1985‬المنشور ب‪ I.D.J :‬السنة ‪ .1986‬ص ‪.1118‬‬
‫‪-873‬‬
‫أسعد فاضل منديل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪297‬‬
‫وبغض النظ ر عن التع دد الم ادي أو الش كلي له ذه الش ركات فهي من الناحي ة االقتص ادية يمكن ع دها‬

‫ش ركة واح دة ذات ف روع متع ددة‪ ،‬وعلى ه ذا ف إن الش ركة األم وك ل الش ركات األخ رى ال تي تنتمي إلى‬

‫المجموعة تكون ملزمة بموجب هذا االتفاق أو شرط التحكيم‪.874‬‬

‫وقد أكد هذا االتجاه القضاء الفرنسي‪ ،‬بحيث ذهبت محكمة االستئناف ب (‪ )Pau‬في قرار لها‬

‫صادر بتاريخ ‪ 26‬يونيو لسنة ‪ 1986‬إلى إدخال الشركة األم طرفا في إجراءات التحكيم‪ ،‬وقد جاء في‬

‫بعض حيثيات ه م ا يلي‪ ":‬إن ه إذا ك ان مم ا ال ش ك في ه أن الش ركة الولي دة تع د طرف ا في ه ذا ال نزاع ف إن‬

‫الشركة األم مما لعبت من دور هام في مرحلة المفاوضات وحتى تمام إبرام العقد‪ ،‬وكذلك من دور في‬

‫عدم تنفيذ الشركة الوليدة لتعهداتها‪ ،‬يتضح أنها كانت الرأس المفكر للشركة الوليدة"‪.875‬‬

‫ويس تفاد من الق رار أن ه ق رر ص راحة أن ش رط التحكيم ال ذي يتم قبول ه بواس طة بعض ش ركات‬

‫المجموع ة يجب أن ترتب ط ب ه الش ركات األخ رى لل دور ال ذي تلعب ه في إب رام أو تنفي ذ أو فس خ العق ود‬

‫المتضمنة تلك الشروط‪ ،‬وتعتبر كما لو كانت أطرافا حقيقية في هذه العقود‪ ،‬أو معينة في المقام األول‬

‫بها وبالمنازعات التي يمكن أن تنتج عنها‪.876‬‬

‫وه ذا م ا كرس ه االجته اد القض ائي المغ ربي من خالل ق رار ص ادر عن محكم ة االس تئناف‬

‫التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬إذ جاء في إحدى حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫"‪ ...‬وحيث إنه ال نزاع في كون شرط التحكيم في النازلة ورد فعال كتابة بدليل الفصل ‪ 34‬من‬

‫العق د الراب ط بين المس تأنفتين وش ركة اين ا اس منت‪ ،‬إال أن ال نزاع ال يتمح ور ح ول وج ود ش رط التحكيم‬

‫‪ -874‬أندريه شابيل ‪ "،‬التحكيم والغير‪ ،‬حقوق األشخاص المعنوية"‪ ،‬بحث منشور في المجلة العربية للفقه والقضاء‪ ،‬العدد التاسع‪ ،1986 ،‬ص‬
‫‪.518‬‬
‫‪- cour d’app. De Pau. 26 juin . 1986. Sté Sponsor. A. BC. / LESTRADE. Rev. Arb 1988. P 153. Note.A.‬‬
‫‪875‬‬

‫‪Chappelle.‬‬
‫‪ - 876‬أنظر بهذا المعنى األحكام الصادرة عن غرفة التجارة الدولية التي قضت بمبدأ امتداد شرط التحكيم الحكم رقم ‪ 1434‬الصادر سنة ‪1975‬‬
‫المنشور ب‪ I.D.J :‬السنة ‪ 1976‬ص ‪ 978‬والحكم رقم ‪ 2375‬الصادر سنة ‪ 1975‬المنش ور ب‪ I.D.J :‬الس نة ‪ .1976‬ص ‪ ،973‬والحكم رقم‬
‫‪ 5730‬الص ادر س نة ‪ 1988‬المنش ور ب‪ .I.D.J. 1990 :‬ص ‪ 1029‬والحكم رقم ‪ .6519‬الص ادر س نة ‪ .1991‬المنش ور ب‪ I.D.J :‬الس نة‬
‫‪ .1991‬ص‪.1065 .‬‬
‫‪298‬‬
‫كتابة من عدمه وإ نما حول مدى إمكانية تمديد شرط التحكيم إلى طرف لم يوقع عليه‪ ،‬خاصة أن مبدأ‬

‫نس بية العق ود يقتض ي أال تل زم اتفاقي ة التحكيم إال من ك ان طرف ا فيه ا‪ ،‬فهي ال تض ر وال تنف ع األغي ار‬

‫تطبيقا للمبدأ العام المجسد في الفصل ‪ 228‬من ق ل ع؛‬

‫لكن حيث إن االتجاه الغالب في قضاء التحكيم الدولي ينصرف إلى التمييز بين مفهوم الطرف‬

‫الموق ع على اتف اق التحكيم عن مفه وم الط رف في المس طرة التحكيمي ة‪ ،‬بحيث أق ر ه ذا االتج اه امت داد‬

‫ش رط التحكيم‪ ،‬الم درج في العق د ال ذي أبرم ه بعض األط راف‪ ،‬إلى غيره ا من األش خاص رغم ع دم‬

‫توقيعها ذلك العقد‪ ،‬توافر شرط أساسي متمثل في قيام هؤالء األشخاص بدور فعلي في إبرام أو تنفيذ‬

‫أو إنهاء العقد الذي تضمن شرط التحكيم؛‬

‫وحيث إن شراح اتفاقية نيويورك بشأن االعتراف وتذييل المقررات التحكيمية الدولية أكدوا هذا‬

‫التوج ه حينم ا اعت بروا أن مس ألة اش تراط الكتاب ة في اتف اق التحكيم مس تقلة عن مس ألة تحدي د أط راف‬

‫النزاع التحكيمي‪ ،‬وأن األولى ترتبط بمسألة الصحة اإلجرائية لالتفاق ‪ ،‬في حين ترتبط الثانية بجوهر‬

‫النزاع؛‬

‫وحيث إن ه كلم ا ظه ر من واق ع ال نزاع أن أشخاص ا لم توق ع أص ال ش رط التحكيم‪ ،‬ولكنه ا لعبت‬

‫دورا في إبرام أو تنفيذ أو فسخ العقد المتضمن لذلك الشرط‪ ،‬فإنها تصبح بذلك أطرافا حقيقية في العقد‬

‫أو معنية به وبالمنازعات التي يمكن أن تنشأ عنه وينصرف إليها إذن شرط التحكيم دون أن يكون في‬

‫ذل ك أي خ رق للقواع د أو المب ادئ األساس ية المش كلة للنظ ام الع ام ال دولي أو الوط ني وال أن يك ون في‬
‫‪877‬‬
‫ذلك مساس بنسبية العقود أو بشرط كتابة اتفاق التحكيم‪"...‬‬

‫‪ - 877‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 220‬صدر بتاريخ ‪ 2015 /01 /15‬في الملف رقم ‪/8224 /2669‬‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ -‬عمر أزوكار ‪ " ،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب‪ ،‬قراءة في التشريع والقضاء‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 327‬وما يليها‪.‬‬
‫‪299‬‬
‫ويمكن أن نستنتج مما سبق أن االتجاه الرامي إلى امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات‬

‫ه و االتج اه ال راجح فقه ا وقض اء‪ ،878‬ونحن ب دورنا نؤي د ه ذا االتج اه ونناص ره ون راه األولى بالتأيي د‬

‫باعتباره هو الذي يعطي األمان القانوني للعالقات التجارية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شرط التحكيم في مجموعة العقود‬

‫إن تحدي د نط اق أث ر ش رط التحكيم في مجموع ة العق ود يط رح ع دة إش كاليات قانوني ة فتع دد‬

‫األطراف يقتضي تحديد نطاق تطبيق شرط التحكيم‪ ،‬ألن طرفا أو أطرافا تكون مرتبطة بشرط التحكيم‬

‫بينم ا ال تك ون أطراف ا أخ رى مرتبط ة به ذا الش رط‪ .‬فه ل من مص لحة إخض اع ك ل األط راف لنظ ام‬

‫التحكيم‪ ،‬أم أن شرط التحكيم يقتصر أثره على من التزم به تطبيقا لقاعدة نسبية آثار العقود ؟ سنعالج‬

‫هذا اإلشكال القانوني في العقود الواردة على محل واحد وكذا في العقود التي ال ترد على نفس المحل‬

‫وإ نما تتظافر لتحقيق هدف اقتصادي واحد‪.‬‬

‫بالنسبة للص ورة األولى‪ ،‬تتوالى عدة عقود على ذات المح ل على ال رغم من اختالف أطرافها‪،‬‬

‫أو م ا يس مى بسلس لة العق ود‪ ،‬كم ا إذا تعل ق األم ر بعق ود ال بيع المتتالي ة على ش يء واح د أو عق د إيج ار‬

‫شيء يقوم مستأجره بت أجيره من الباطن لش خص آخر‪ .‬ال ش ك أن الطرف األخ ير في السلس لة العقدي ة‬

‫يمل ك ح ق مقاض اة المتعاق دين الس ابقين بص فته خلف ا خاص ا لكن ه ل يواج ه ه ذا الط رف بش رط التحكيم‬

‫المدرج في العقد الذي لم يكن طرفا فيه؟‬

‫لق د تض اربت مواق ف القض اء الفرنس ي به ذا الخص وص ففي ق رار ص ادر عن محكم ة النقض‬

‫الفرنس ية بت اريخ ‪ 6‬نون بر ‪ ،1990‬قض ت المحكم ة ب رفض االحتج اج بش رط التحكيم في مواجه ة‬

‫المشتري األخير‪ ،‬وكذا متعاقده المباشر وقد عللت المحكمة قرارها بعدم انتقال شرط التحكيم‪.879‬‬

‫‪ -878‬للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬حارث عبد العالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.200 -199‬‬
‫‪879‬‬
‫‪- Rev. Arb 1991 p 73.‬‬
‫‪300‬‬
‫وبهذا تكون محكمة النقض قد اعتمدت قاعدة نسبية آثار العقود‪ ،‬ألن المشتري األخير لم يكن‬

‫طرفا في العقد الذي أدرج فيه شرط التحكيم‪ .‬إال أن موقف محكمة النقض لم يسلم من النقد‪ ،‬إذ ال يعقل‬

‫أن يضمن كل بائع وسيط‪ ،‬عقده نفس الشروط التي تضمنها العقد األصلي‪ ،‬كما أن اجتهاد المحكمة من‬

‫شأنه أن يقلل من فعالية نظرية سلسلة العقود التي تقوم على فكرة التبعية‪ ،‬وقد تراجعت محكمة النقض‬

‫عن اجتهاده ا في الق رار الص ادر بت اريخ ‪ 6‬ف براير ‪ 2001‬حيث ص رحت بأن ه في سلس لة متجانس ة من‬

‫العق ود الناقل ة لملكي ة البض ائع ينتق ل ش رط التحكيم ال دولي م ع ال دعوى العقدي ة إال إذا ك ان ثم ة جه ل‬

‫معقول بوجود هذا الشرط‪.880‬‬

‫أما بالنسبة للصورة الثانية المتعلقة بالعقود التي تتضافر لتحقيق هدف اقتصادي واحد من دون‬

‫أن ت رد على نفس المح ل‪ ،‬فق د قض ت محكم ة االس تئناف بفرس اي أن قض اء التحكيم يس تمد س لطته من‬

‫اتفاق ات أط راف ال نزاع ف إذا تع دد ه ؤالء‪ ،‬وك انوا م رتبطين بع دة عق ود‪ ،‬عق دان منه ا تض من ش رطين‬

‫تحكيم يين مختلفين‪ ،‬فعلى المحكمين أن يرجع وا إلى ك ل عق د من أج ل تق دير اختصاص هم بالنس بة لك ل‬

‫طرف وكل عنصر من عناصر النزاع فعلى الرغم من أن النزاع كان يتضمن سبعة أشخاص معنوية‬

‫بعض هم من أش خاص الق انون الع ام والبعض اآلخ ر من أش خاص الق انون الخ اص‪ ،‬فق د ألغت المحكم ة‬

‫الق رار التحكيمي ال ذي بت في ال نزاع بحكم واح د‪ ،‬وق د عللت الهي أة التحكيمي ة قراره ا ب أن ش رطي‬

‫التحكيم متكاملين ما دام الشرط الثاني مجرد توضيح للشرط األول ليس إال‪.881‬‬

‫فالمحكمة قضت بأن شرط التحكيم المدرج في أحد العقود ال يمكن أن ينتج أثره سوى تجاه من‬

‫ك ان طرف ا في ذل ك العق د‪ ،‬وه ذا م ا قض ت ب ه محكم ة االس تئناف بب اريس حيث ص رحت أن القواع د‬

‫‪ -880‬لالطالع على المزي د من األحك ام به ذا الش أن ي رجى الرج وع إلى أحم د كويس ي‪" ،‬نط اق أث ر ش رط التحكيم من حيث األش خاص"‪ ،‬مس اهمة‬
‫مقدم ة بمناسبة أش غال الن دوة العلمي ة التي نظمت بكلي ة الحق وق بف اس ح ول موضوع‪" :‬الط رق البديل ة لتس وية المنازع ات"‪ ،‬ي ومي ‪ 4‬و ‪ 5‬أبري ل‬
‫‪ .2003‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد ‪ .2004 ،2‬ص ‪ 158‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪-881‬‬
‫‪301‬‬
‫كما قضت نفس المحكمة في قرارها‬ ‫‪882‬‬
‫القانونية الخاصة بالتحكيم ال تسمح أن يتعدى أثرها إلى الغير‬

‫بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ 1995‬أن الشركة التي تقتني بواسطة مقاول من الباطن معدات تنتجها شركة ثالثة‪،‬‬

‫ال يمكن أن تواجه بشرط التحكيم المدرج في العقد المبرم بين المقاول والشركة المنتجة ما لم تكن على‬

‫علم بشروط ذلك العقد‪.883‬‬

‫أما قضاء التحكيم الدولي فيتبنى نفس الموقف‪ ،‬حيث قضت غرفة التحكيم الدولية بباريس بأن‬

‫المقاول من الباطن ال يقوم بتنفيذ العقد المبرم بين المقاول الرئيسي ورب العمل‪ ،‬ألنه لم يل تزم إزاء ه ذا‬

‫األخير‪ ،‬ومن ثم ال يمكن اعتباره طرفا في العقد المبرم بين رب العمل والمقاول الرئيسي‪ ،‬وأن توقيعه‬

‫على ذلك العقد ال معنى له‪ ،‬وبذلك فإنه ال يمكن مواجهته بشرط التحكيم المضمن في عقد المقاولة‪.884‬‬

‫يتض ح مم ا س بق أن قض اء الدول ة اعتم د في كث ير من الح االت على نس بية آث ار العق ود وعلى‬

‫الطابع العقدي للتحكيم الستبعاد تمديد شرط التحكيم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العراقيل التي تحد من تطور مراكز التحكيم بالمغرب‬

‫أم ام ض رورة جلب االس تثمارات األجنبي ة لتحقي ق التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة ق ام المغ رب‬

‫بإنش اء مجموع ة من مراك ز التحكيم‪ ،‬ه ذه األخ يرة تق ف الي وم أم ام مح ك حقيقي يتمث ل في كيفي ة تفعي ل‬

‫دوره ا وك ذا تجس يد أه دافها على مس توى العملي ة التحكيمي ة من الناحي ة الواقعي ة‪ .‬إذ الزالت تعترض ها‬

‫مجموعة من الصعوبات تحول دون تحقيق فعاليتها‪.‬‬

‫والح ديث عن معيق ات تط ور وفعالي ة مراك ز التحكيم ب المغرب ي دفعنا ب ادئ ذي ب دء‪ ،‬إلى القي ام‬

‫بسرد أهم مراكز التحكيم الدولية واإلقليمية والوطنية التي تهتم بتسوية المنازعات التجارية عن طريق‬

‫‪882‬‬
‫‪- Paris 19 décembre 1986 rev. Arb 1987 p 359.‬‬
‫‪883‬‬
‫‪- Paris 9 novembre 1956 JCP 1966 II 14819 obs P. Lesccot.‬‬
‫‪884‬‬
‫‪- versailles 7 Mars 1990 rev. arb . 1991 P ; 326, Paris 1er juin 1999 rev.arb 2000. P 493 sentence cci dans‬‬
‫‪l’affaire. N 5721 en 1990 JDI 1990 p 1019.‬‬
‫‪302‬‬
‫التحكيم‪ ،‬لننتق ل بع د ذل ك للح ديث عن دواعي إح داث بعض مراك ز التحكيم المغربي ة وأه دافها وأهم‬

‫األنشطة التي قامت بها ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إطاللة على أهم مراكز التحكيم الدولية واإلقليمية والوطنية‬

‫أوال‪ :‬مراكز التحكيم الدولية‬

‫والتي كانت تسمى حتى عام ‪ 1981‬بمحكمة لندن للتحكيم‬ ‫‪885‬‬


‫تعد محكمة لندن للتحكيم الدولي‬

‫من أقدم هيئات التحكيم على الصعيد الدولي‪ ،‬حيث أنشئت سنة ‪ ،1892‬ومنذ ذلك الوقت وهي تضطلع‬

‫ب دور كب ير في دعم دور التحكيم واعتب اره أداة رئيس ية لتس وية منازع ات التج ارة الدولي ة إلى ج انب‬

‫وس ائل التس وية البديل ة األخ رى‪ ،‬وله ذه المؤسس ات قواع دها الخاص ة ب التحكيم التج اري ال دولي وال تي‬

‫عرفت مجموعة من التعديالت‪ ،‬كان أهمها تعديل سنة ‪ ،1981‬والذي اعتمد قواعد جديدة استهدف من‬

‫ورائ ه التخفي ف من ك ثرة اإلج راءات الش كلية في قض ايا التحكيم ال دولي‪ ،‬ووض ع نظ ام بس يط وم رن‬

‫يستجيب إلى حاجات المحتكمين في كل أنحاء العالم‪.886‬‬

‫وفي نفس السياق تم إنشاء محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس سنة ‪،8871923‬‬

‫وقد كان الغرض من إنشائها تسوية المنازعات الناشئة عن المعامالت التجارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬إما‬

‫ويس ري ذل ك على جمي ع طوائ ف المع امالت التجاري ة الدولي ة‬ ‫‪888‬‬


‫بطري ق المص الحة أو بطري ق التحكيم‬

‫دون تخص يص فال توج د قي ود تتعل ق بن وع ال نزاع التج اري ال ذي يخض ع لتحكيم الغرف ة‪ ،‬وق د اكتس بت‬

‫‪ -885‬يطلق عليها في اإلنجليزية بـ‪London court of international arbitration :‬‬


‫‪ -886‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 887‬توضح النشرات الدولية التي تصدر عن غرفة التجارة الدولية‪ ،‬كالنشرة رقم ‪ 447‬ورقم ‪ 581‬المهام المنوطة بها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تمثيل أوساط األعمال الدولية على المستوى الوطني والدولي‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع التجارة واالستثمارات الدولية القائمة على المنافسة الحرة الشريفة‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع العادات التجارية ووضع المصطلحات والتوجيهات للمستوردين والمصدرين‪.‬‬
‫‪ -‬توفير خدمات عالية لألعمال‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،6‬هامش ‪.3‬‬
‫‪ -888‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ "،‬تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية"‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬العدد ‪ ،37‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪.13‬‬
‫‪303‬‬
‫الغرف ة من ذ نش أتها إلى الي وم ش هرة واس عة في الع الم أجم ع وأص بحت النم وذج األمث ل ألي مؤسس ة‬

‫تحكيمي ة‪ ،‬ب ل وأدى نج اح نظ ام التحكيم الخ اص به ا من ذ س ريانه ع ام ‪ 1975‬إلى اتس اع نط اق التحكيم‬

‫التجاري الدولي بصفة عامة وزيادة انتشاره وقد ازداد عدد التحكيمات الخاصة بمنازعة التجارة الدولية‬

‫أم ام الغرف ة بمع دل غ ير مس بوق إذ وص ل ع دد القض ايا ال تي تفص ل فيه ا س نويا م ا يق رب من أل ف‬

‫قضية‪.889‬‬

‫كم تم إنشاء المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار وذلك بموجب اتفاقية دولي ة وقعت في‬

‫واشنطن بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪ 1965‬والتي تعرف باتفاقية تسوية منازعات االستثمار بين الدول ورعايا‬

‫وتتجلى خصوصية هذا المركز في كونه المنظمة الوحيدة في العالم التي تختص بالفصل‬ ‫‪890‬‬
‫دول أخرى‬

‫في منازعات االستثمار التي تنشأ بين المستثمر األجنبي والدولة المضيفة لالستثمار‪.891‬‬

‫إضافة إلى مراكز التحكيم التي تم تقديمها‪ ،‬هناك مجموعة من المراكز الدولية التي تهتم بتسوية‬

‫منازعات التجارة الدولية عن طريق التحكيم والمنتشرة حول سائر أنحاء العالم‪ ،‬من قبيل مثال الجمعية‬

‫األمريكي ة للتحكيم ال تي أنش أت في ع ام ‪ 1962‬ومقره ا في نيوي ورك‪ ،‬وك ذا غرف ة التحكيم البح ري‬

‫بباريس التي تأسست سنة ‪ 1929‬والتي تهتم أساسا بتسوية المنازعات التي تثيرها التجارة البحرية‪.892‬‬

‫‪ -889‬أحمـد عبـد الكـريم سـالمة‪ "،‬ق انون التحكيم التج اري ال دولي وال داخلي‪ ،‬تنظيم وتط بيق مق ارن للق انون المص ري واإلنجل يزي"‪ ،‬دار النهض ة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.82‬‬
‫‪ - 890‬راجع ما عرضنا له بخصوص "اتفاقية تسوية منازعات االستثمار بين الدول ورعايا دول أخرى" في الباب األول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -891‬للتوسع أكثر في أهداف هذا المركز واختصاصاته وإ جراءاته‪ ،‬راجع في ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬خالد محمد الجمعة‪ "،‬المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار كطريق لحل منازعات االستثمار المباشر‪ ،‬مجلة الحقوق الكويتية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،3‬سنة ‪.1998‬‬
‫‪ -892‬محمد أخياط ‪ "،‬التحكيم البحري‪ ،‬غرفة التحكيم البحري بالمغرب"‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد ‪ ،1‬يناير ‪ ،2002‬ص ‪.9‬‬
‫‪304‬‬
‫ثانيا‪:‬مراكز التحكيم اإلقليمية‬

‫توجد مراكز أو هيئات التحكيم الدائمة ذات الطابع اإلقليمي على الصعيد العربي ويعد مركز‬

‫القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي أحد أهم هذه المراكز‪ ،893‬والذي يهدف نشاطه لإلسهام في دفع‬

‫عجل ة التنمي ة االقتص ادية بالبل دان العربي ة وذل ك من خالل الخ دمات الفني ة المتخصص ة ال تي يق دمها في‬

‫مجال التسوية لمنازعات التجارة واالستثمار الدوليين‪.894‬‬

‫ويتم حسم هذه المنازعات طبقا لقواعد لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولية أو وفقا للقواعد‬

‫التي يتفق عليها األطراف‪ ،‬وذلك من خالل إجراءات عادلة وسريعة وغير مكلفة عن طريق محكمين‬

‫عرب وأج انب متخصص ين‪ ،‬يح رص المرك ز على اختي ارهم وف ق مع ايير دقيق ة‪ ،‬ويش ترط فيهم الخ برة‬

‫والكف اءة العلمي ة والعملي ة في مختل ف المج االت‪ ،‬الش يء ال ذي أكس ب المرك ز خالل العش ر س نوات‬

‫األخ يرة من الق رن العش رين ش هرة واس عة وب دأ يجت ذب انتب اه المتع املين في مج ال التج ارة والتب ادل‬

‫الدولي ال سيما من جانب األطراف المصريين‪.‬‬

‫ينض اف إلى م ا س بق توج د مراك ز وهيئ ات تحكيم إقليمي ة أخ رى تعكس االهتم ام ب التحكيم‬

‫التج اري ال دولي وال دور ال ذي تلعب ه في تس وية منازع ات التج ارة والمب ادالت الدولي ة‪ ،‬ويكفي أن نس رد‬

‫فيه ا على س بيل المث ال‪ :‬مرك ز التحكيم التج اري ل دى مجلس التع اون ل دى دول الخليج العربي ة ومق ره‬

‫المنام ة بمملك ة البح رين وك ذا مرك ز أب و ظ بي للتوفي ق والتحكيم التج اري‪ ،‬وهيئ ة التحكيم ل دى غرف ة‬

‫تجارة وصناعة دبي وكالهما في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪.895‬‬

‫‪ -893‬للمزيد من التوسع حول هذا المركز أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -894‬رفعت محمـد عبـد المجيـد‪ "،‬مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي وم دى ت أثيره على االس تثمار وحمايت ه"‪ ،‬مجل ة دف اتر المجلس‬
‫األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،2002‬ص ‪.351‬‬
‫‪ -895‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 9‬و ‪.10‬‬
‫‪305‬‬
‫ثالثا‪ :‬مراكز التحكيم الوطنية‬

‫رغم غي اب تش ريع تنظيمي للتحكيم المؤسس ي في ق انون التحكيم والوس اطة االتفاقي ة رقم ‪-05‬‬

‫‪ 08‬فكان أولها إلى الوجود غرفة التحكيم البحرية بالدار البيضاء والتي أنشئت سنة ‪.8961980‬‬

‫ثم تلتها مراكز تحكيمية أخرى يبقى أهمها المركز الدولي للتوفيق التحكيم بالرباط‪ 897‬والذي أنشأ‬

‫بتاريخ ‪ 28‬أبريل ‪ 1999‬وذلك بمبادرة من غرف ة التج ارة والصناعة والخ دمات لوالي ة الرباط – سال‬

‫وبتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة والطاقة والمعادن (الوزارة الوصية) ووزارة العدل‪.898‬‬

‫وفي نفس الس نة ال تي أنش أ فيه ا المرك ز ال دولي للتوفي ق والتحكيم بالرب اط ق امت غرف ة التج ارة‬

‫والصناعة والخدمات بمراكش بإنشاء مركز تحكيمي خاص بها أسوة بمركز الرباط والذي أطلق عليه‬

‫اس م "مرك ز التوفي ق والتحكيم التج اري بم راكش"‪ 899‬وذل ك بت اريخ ‪ 30‬يولي وز ‪ ،1999‬وال ذي تمت‬

‫المصادقة على قانونه وانتخاب مجلسه اإلداري بتاريخ ‪ 16‬يوليوز ‪ 2000‬هذا المركز يختص بإجراء‬

‫التوفيق والتحكيم في النزاعات التجارية الناشئة بين التجار سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين أيا‬

‫كانت جنسياتهم‪.900‬‬

‫ودعم ا للتحكيم المؤسس ي في المغ رب فق د تم تأس يس ع دد من مراك ز التحكيم والوس اطة أو‬

‫ومنها مركز وجدة للوساطة والتحكيم الذي تم إحداثه سنة‬ ‫‪901‬‬


‫التوفيق بباقي الحواضر الكبرى للمملكة‬

‫‪ -896‬ج اءت فك رة إنش اء ه ذه الغرف ة نتيج ة المكان ة ال تي يتمت ع به ا القط اع البح ري ب المغرب‪ ،‬ذل ك أن معظم المب ادالت التجاري ة للمغ رب من‬
‫واردات وص ادرات تتم عن طري ق واجهتي ه البحري تين (المتوس طية واألطلس ية)‪ ،‬مم ا يقتض ي بالض رورة وج ود عالق ة تجم ع بين المتع املين في‬
‫مج ال المالح ة البحري ة س واء مغارب ة فيم ا بينهم أو مغارب ة وأج انب‪ ،‬وه ذه العالق ات ال تي ال تخل و من خالف ات ونزاع ات معق دة تس تدعي إيج اد‬
‫حلول سريعة وفعالة ومرضية لكل األطراف بصورة تتالءم وخصوصيات تلك المنازعات‪ ،‬ونظرا لغياب قضاء مغ ربي متخصص في المادة‬
‫البحرية‪ ،‬فإن مختلف المقاوالت التي تتعامل مع المغرب في هذا المجال تشترط اللجوء إلى تحكيم المؤسسات الدولية األجنبية‪.‬‬
‫‪ -897‬تم استبدال هذا االسم ب" المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط"‪.‬‬
‫‪ -898‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 899‬تم استبدال هذا االسم ب" مركز مراكش للوساطة والتحكيم"‪.‬‬
‫‪ -900‬المادة ‪ 3‬من نظام مركز التوفيق والتحكيم التجاري بمراكش‪.‬‬
‫‪ -901‬تج در اإلش ارة إلى أن ه تم إطالق مرك ز دولي للوس اطة والتحكيم ‪،‬من ط رف القطب الم الي لل دار البيض اء‪ ،‬وال ذي من المنتظ ر أن يك ون‬
‫مرك زا مخصص ًا للوس اطة والتحكيم والتقاض ي التج اري وحلق ة وص ل بين إفريقي ا وبقي ة الع الم‪.‬وتس عى مدين ة ال دار البيض اء إلى تس جيل نفس ها‬
‫كمركز عالمي للتحكيم بإفريقيا‪..‬‬
‫‪306‬‬
‫‪ ،2008‬باإلض افة إلى المرك ز األورو – متوس طي للوس اطة والتحكيم بال دار البيض اء‪ ،‬ومرك ز التحكيم‬

‫بين الغرفة التجارية ألكادير والس بالمالس وتينيريفي‪ ،902‬والمحكمة األطلسية للتحكيم الدولي‪.903‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دواعـــي إحداث مراكــــز التحكيـــم بالمغرب‪ ،‬وبعض األنشطــــة التي تقوم بها‬

‫‪ -‬المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط نموذجا‪-‬‬

‫ليس من الممكن خالل هذه الفقرة أن نقوم بتعداد كل مراكز التحكيم المغربية التي سبق ذكرها‪،‬‬

‫فنظ را لكثرته ا فإنن ا سنقتص ر بالدراس ة والتحلي ل على أهمه ا‪ ،‬وق د اخترن ا في دراس تنا له ذا الموض وع‬

‫نم وذج‪":‬المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط" وذل ك ألن ه يعت بر أهم وأفض ل مرك ز تحكيمي على‬

‫الصعيد الوطني‪ ،‬إذ يعد الوجهة المفضلة لرجال األعمال والمستثمرين في تسوية منازعاتهم التجارية‪.‬‬

‫فم ا هي األس باب وال دواعي ال تي س اعدت على إح داث المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم‬

‫بالرباط؟ ثم ما هي األنشطة التي قام بها من أجل التحسيس بأهمية التحكيم ونشر ثقافته؟‬

‫أوال‪ :‬دواعي إحداث المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط وأهدافه‬

‫بالتنس يق والتع اون بين غرف ة التج ارة والص ناعة والخ دمات بوالي ة الرب اط – س ال‪ ،‬ووزارة‬

‫التج ارة والص ناعة ووزارة الع دل تم إنش اء مرك ز دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط في ‪ 28‬أبري ل‬

‫وس يتمكن المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ال دار البيض اء‪ ،‬من خالل هيئ ة القطب الم الي ال دار البيض اء‪ ،‬من تعزي ز مكانت ه في مج ال التحكيم‬
‫الدولي‬
‫وبإقامة هيئة تحكيم دولية يسير المغرب على خطى مركز دبي المالي العالمي وهو أكبر مركز مصرفي في الشرق األوسط‪ .‬وهيئة التحكيم في‬
‫دبي والنظ ام القض ائي لمرك ز دبي الم الي الع المي من األس باب ال تي تش جع الش ركات متع ددة الجنس يات على إقام ة مق ار في المرك ز دبي الم ال‬
‫الع المي وتش جع المح امين وش ركات الخ دمات المتخصص ة األخ رى على فتح مك اتب في اإلم ارة مم ا يق ود لخفض التكلف ة وتهيئ ة بيئ ة اقتص ادية‬
‫تجذب مزيدا من الشركات المالية‪.‬‬
‫مقال منشور على الموقع اإللكتروني‪ www.anfaspress.com :‬تاريخ حصر الموقع‪.23 -11 -2014 :‬‬
‫‪ -902‬يه دف ه ذا المرك ز إلى تش جيع االس تثمار في ه ذه المن اطق‪ ،‬راج ع كلم ة الس يد وزي ر الع دل ال تي ألقاه ا بت اريخ ‪ 15‬ين اير ‪ 2007‬بمناس بة‬
‫التوقيع على بروتوكول التعاون القضائي المتعلق بالمرحلة الثالثة من برنامج إدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات بالمغرب بين وزارة العدل‬
‫دل‬ ‫وزارة الع‬ ‫تروني ل‬ ‫ع اإللك‬ ‫اط‪ ،‬الموق‬ ‫ة بالرب‬ ‫فارة البريطاني‬ ‫تركة والس‬ ‫ية مش‬ ‫ة البحث عن أرض‬ ‫ومنظم‬
‫‪http://www.justice.gov.ma/fr/Actualites‬‬
‫‪ -‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -903‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪307‬‬
‫‪ ،1999‬غ ير أن االنطالق ة الفعلي ة للمرك ز لم تكن إال بع د الن دوة الدولي ة ح ول التحكيم ب المغرب خالل‬

‫أيام ‪ 24‬و ‪ 25‬ماي ‪ 2001‬بالرباط‪ ،‬مما أعطى دفعة جديدة للقوانين المنظمة للتحكيم ببالدنا‪ ،‬خصوصا‬

‫بعد القيام بمراجعة النصوص المنظمة للتحكيم وتعديلها‪ ،‬وجعلها تساير التطورات االقتصادية التجارية‬

‫وطني ا ودولي ا‪ ،‬وتتالءم م ع التش ريعات الدولي ة وتس تجيب لتطلع ات المس تثمرين‪ ،‬ورج ال األعم ال وذلك‬

‫من قبيل ما يوفره التحكيم من ضمانات كالسرعة والسرية وقلة التكاليف مقارنة مع قضاء الدولة‪.904‬‬

‫فم ا هي دواعي إح داث المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط؟ وم ا هي أهداف ه؟ ه ذا م ا‬

‫سنحاول معالجته على النحو اآلتي‪:‬‬

‫دواعي إحداث المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‬ ‫‪-1‬‬

‫هناك العديد من األسباب والدواعي التي ساعدت على إحداث المركز ومن أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬شعور غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالرباط بضرورة دعم المبادرات الهادفة إلى تحسين مناخ‬

‫االستثمار بالمغرب‪.‬‬

‫‪ -‬تلبي ة رغب ات الف اعلين االقتص اديين والتج ار‪ ،‬والمس تثمرين الوطن يين‪ ،‬واألج انب‪ ،‬في إيج اد آلي ة‬

‫مؤسساتية وقانونية بديلة لحل المنازعات التجارية واالستثمارية واالقتصادية‪ ،‬غير القضاء الرسمي‪.‬‬

‫‪ -‬استجابة أيضا للتوجيهات الملكية السامية لجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل الواردة في رسالة‬

‫جاللت ه إلى الس يد ال وزير األول في ‪ 9‬ين اير ‪ ،2000‬وال تي دع اه فيه ا إلى العم ل على تحس ين من اخ‬

‫االستثمار واالستمرار في تحسين إدارة العدل‪ .‬حيث يقول جاللته "ينبغي مواصلة الجهود لتحسين إدارة‬

‫العدل ومراجعة التسوية التوافقية لما قد ينشأ من نزاعات بين التجار وذلك بتمكينهم من اللجوء أكثر ما‬

‫يمكن إلى التحكيم "‪.‬‬

‫‪ -904‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.63‬‬


‫‪308‬‬
‫وك ذلك م ا ورد في خط اب جاللت ه من دع وة الحكوم ة مج ددا في ين اير ‪ 2003‬إلى مواص لة‬

‫الجهود لعصرنة القضاء وتبسيط المساطر‪ ،‬وتعميم المعلوميات كما يجب تنويع مساطر التسوية التوافقية‬

‫لما قد ينشأ من منازعات بين التجار وذلك من خالل اإلعداد السريع لمشروع التحكيم التجاري الوطني‬

‫والدولي ليستجيب نظامنا لمتطلبات عولمة االقتصاد وتنافسيته‪ ،‬وسيسهم في جلب االستثمار األجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬نشر ثقافة التحكيم بين األوساط االقتصادية والقانونية والتجارية‪.‬‬

‫‪ -‬إح داث ش بكة من المحكمين‪ ،‬والخ براء‪ ،‬والوس طاء األكف اء الع المين بأص ول وإ ج راءات التحكيم‪،‬‬

‫والوساطة وطنيا ودوليا‪.‬‬

‫‪ -‬توفير آليات مرنة ومحايدة لحل وتسوية النزاعات‪.905‬‬

‫‪ -2‬أهداف المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‬

‫للمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط أهداف متعددة ومتنوعة يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إقام ة نظ ام تحكيم مؤسس ي س ليم ت راعى في ه أحك ام الق انون واألع راف التجاري ة وس رعة الفص ل في‬

‫المنازع ات والحف اظ على أس رار المحاكم ة وتق ديم التس هيالت اإلداري ة للمحكمين‪ ،‬أو الم وفقين لض مان‬

‫سرعة البت في النزاع وفق مسطرة مبسطة وسريعة‪.906‬‬

‫‪ -‬ترس يخ ثقاف ة التحكيم كآلي ة يتم اختياره ا حس ب رغب ة أط راف ال نزاع وبملء إرادتهم تحت رعاي ة‬

‫مؤسسة نظامية لها قواعدها ومصداقيتها‪.907‬‬

‫‪ -905‬شمس الدين عبـداتي‪ "،‬التحكيم المؤسس ي ب المغرب"‪ ،‬الن دوة الجهوي ة الحادي ة عش ر‪ ،‬الص لح والتحكيم والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات من‬
‫خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 235‬و ‪.236‬‬
‫‪ -906‬عبد الرحيم بن سالمة‪ "،‬نظام التحكيم في التشريع المغربي"‪ ،‬مجلة األمن الوطني‪ ،‬العدد ‪ ،217‬السنة ‪ ،2002‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -907‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫‪309‬‬
‫‪ -‬الدفع بمسيرة التنمية االقتصادية واالجتماعية لبلدنا في جلب رؤوس األموال الوطنية واألجنبية‪ ،‬من‬

‫خالل بعث الثق ة في نف وس المس تثمرين وطم أنتهم على أم والهم ببالدن ا‪ ،‬وترس يخ مفه وم التحكيم في‬

‫المنطقة‪.908‬‬

‫‪ -‬توفير إمكانية تسوية منازعات االستثمار والتجارة الدولية عن طريق التوفيق والتحكيم وفقا لقواعد‬

‫المركز المطابقة للقانون النموذجي للجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (األونسترال)‪.909‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهم أنشطة المركز في مجال التحكيم‬

‫يعم ل المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط من ذ إنش ائه بش كل أساس ي على نش ر الثقاف ة‬

‫التحكيمي ة وذل ك بك ل الوس ائل المش روعة والمتاح ة‪ .‬وفي ه ذا اإلط ار ق ام المرك ز من خالل مس يرته‬

‫بالكثير من األنشطة التي تصب في هذا المنحى‪ 910‬من قبيل‪:‬‬

‫المؤتمرات والندوات‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -‬الم ؤتمر ال دولي للتحكيم التج اري ب المغرب (الواق ع واآلف اق) وذل ك ي ومي ‪ 24‬و ‪ 25‬م اي‬

‫‪ 2001‬بالرباط‪.‬‬

‫‪ -‬تنظيم ال دورة األولى المغربي ة التونس ية المش تركة ح ول المغ رب الع ربي والمنظم ة العالمي ة‬

‫للتجارة وذلك أيام ‪ 3–2‬ماي ‪ 2002‬بمشاركة مركز تونس للمصالحة والتحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬احتض ان وتنظيم الم ؤتمر الخ امس لإلتح اد الع ربي للتحكيم ال دولي المنظم تحت الرعاي ة‬

‫السامية لصاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل بتعاون مع اإلتحاد العربي للتحكيم الدولي في‬

‫موضوع التحكيم واالستثمار في ‪ 1‬و ‪ 2‬يوليوز ‪ 2004‬بالرباط‪.‬‬

‫‪ -908‬أحمد الفالحي ‪ "،‬دور التحكيم في حل نزاعات االستثمارات األجنبية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ -909‬شمس الدين العبداتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ -910‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪310‬‬
‫‪ -‬تنظيم لقاء تحسيسي حول الطرق البديلة لتسوية المنازعات بتعاون مع مركز حل الخالفات‬

‫بروم ا ومرك ز ب اريس للمص الحة والتحكيم في ‪ 12‬م اي ‪ 2005‬في إط ار المش روع األوروبي اله ادف‬

‫إلى إنعاش وتنمية التحكيم التجاري الدولي والطرق البديلة لحل المنازعات في بلدان الضفة المتوسطية‪.‬‬

‫‪ -‬المش اركة في م ؤتمرات اإلتح اد الع ربي للتحكيم في دورت ه الثالث ة ‪ 2001‬ودورت ه الرابع ة‬

‫بصنعاء ‪.2002‬‬

‫‪ -‬تنظيم ن دوة أورو مغاربي ة بش راكة م ع مرك ز ت ونس للمص الحة تحت عن وان "االس تثمار‬

‫والتمويل والتحكيم" بدعم من مركز التجارة الدولي التابع للمنظمة الدولية للتحكيم ولجنة األمم المتحدة‬

‫للتج ارة والتنمي ة‪ ،‬وبالتع اون ك ذلك م ع بعض المؤسس ات التحكيمي ة وذل ك خالل ي ومي ‪ 27‬و ‪ 28‬م اي‬

‫‪.2004‬‬

‫‪ -‬تنظيم الم ؤتمر الخ امس لإلتح اد الع ربي للتحكيم التج اري ال دولي تحت عن وان "التحكيم‬

‫واالستثمار" وذلك خالل الفترة المتراوحة من فاتح يوليوز والثالث منه ‪.2004‬‬

‫‪ -‬تنظيم ن دوة دولي ة بش راكة م ع هيئ ة المح امين بال دار البيض اء ووح دة التك وين والبحث ق انون‬

‫األعم ال والمق اوالت بكلي ة س طات تحت عن وان "ق راءة في ق انون التحكيم والوس اطة االتفاقي ة المغ ربي‬

‫الجديد" يوم ‪ 24‬أبريل ‪.2008‬‬

‫‪ -‬تحت الرعاي ة الس امية لص احب الجالل ة المل ك محم د الس ادس نص ره اهلل نظم المرك ز ن دوة‬

‫دولي ة ح ول‪ :‬تنفي ذ أحك ام التحكيم (الص عوبات والحل ول) وذل ك بت اريخ ‪ 28‬و‪ 29‬م اي ‪ 2010‬بالرب اط‬

‫وذلك بشراكة مع مركز تونس للمصالحة والتحكيم وبتعاون مع وزارة العدل والغرفة الوطنية للتوثيق‬

‫العصري وجهة الرباط سال زمور زعير‪.911‬‬

‫‪ -911‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.132‬‬


‫‪311‬‬
‫‪ -‬تنظيم ندوة بشراكة مع فريق التحكيم السعودي ومركز التحكيم التجاري لدول مجلس التع اون‬

‫ل دول الخليج العربي ة ومجلس جه ة الرب اط‪ ،‬وغرف ة التج ارة والص ناعة والخ دمات للرب اط تحت عن وان"‬

‫دور الوسائل البديلة في تسوية منازعات االستثمار‪ :‬نموذج المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي" ي وم‬

‫‪ 18‬يونيو ‪.9122013‬‬

‫‪ -‬استضافت المملكة المغربية الملتقى الدولي حول" االستثمار وتسوية المنازعات" في الفترة ما‬

‫بين ‪ 25‬و ‪ 26‬أبري ل ‪ 2014‬وذل ك في ال دار البيض اء بفن دق روي ال منص ور بتنظيم من مرك ز التحكيم‬

‫التج اري ل دول مجلس التع اون ل دول الخليج العربي ة والمرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط وذل ك‬

‫بشراكة كل من وزارة السياحة المغربية الدار البيضاء الكبرى غرفة التجارة الدولية لباريس(‪.)ICC‬‬

‫كما قام المركز بعدة لقاءات دولية وإ قليمية كلها تصب في منحى محاولة تطوير نظام التحكيم‬

‫في المغ رب‪ ،‬والمس اهمة ك ذلك في تش جيع االس تثمارات الدولي ة والداخلي ة ال تي تعتبره ا الدول ة من أهم‬

‫وفي هذا الصدد قام المركز بعقد الكثير من اللقاءات مع أطراف دولية إقليمية‪ 914‬مثل‪:‬‬ ‫‪913‬‬
‫عوامل التنمية‬

‫‪ -‬المش اركة في الم ؤتمر اإلقليمي ح ول دور ال دول النامي ة في المفاوض ات وتس وية المنازعات‬

‫ب دعوى من مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي المنعق د بمق ر الجامع ة العربي ة بالق اهرة‬

‫وباشتراك مع منظمة التجارة العالمية وجامعة القاهرة ووزارة الخارجية المصرية وذلك في الفترة من‬

‫‪ 11‬إلى ‪ 13‬فبراير ‪.9152006‬‬

‫‪ -‬المشاركة في ندوة اإلستراتيجية الجديدة في التحكيم الدولي المنظمة من طرف غرفة التحكيم‬

‫لميالنو اإليطالية بتعاون مع غرف ة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء وبلدية ميالنو وبدعم‬

‫‪ -912‬أنظر الموقع اإللكتروني‪www.maghress.com:http//:‬‬


‫‪ -913‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪90‬‬
‫‪ -914‬لإلحاطة أكثر ببعض المؤتمرات واللقاءات التي تمت مع لقاءات خارجية أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬الهامش ‪ 1‬ص ‪.90‬‬
‫‪ -‬موقع المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‪www.CIMAR.org.ma :‬‬
‫‪ -915‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪312‬‬
‫من الس فارة اإليطالي ة ب المغرب وذل ك ي وم الثالث اء ‪ 28‬ف براير ‪ 2006‬بفن دق حي اة ريجنس ي بال دار‬

‫البيضاء‪.916‬‬

‫‪ -2‬االتفاقيات الدولية‬

‫ق ام المرك ز ب التوقيع والمص ادقة على مجموع ة من االتفاقي ات ه دفها تعزي ز عالق ات التع اون‬

‫والشراكة مع مراكز دولية للتوفيق والتحكيم من دول مختلفة في هذا المجال ومن بينها‪:‬‬

‫‪ -‬االتفاقي ة المبرم ة م ع المرك ز التونس ي للمص الحة والتحكيم بت اريخ ‪ 11‬ين اير ‪ 2001‬وال تي‬

‫استهدف منها إعداد برامج تدريبية وورشات عمل في مجال التحكيم التجاري‪.‬‬

‫‪ -‬االتفاقي ة المبرم ة م ع مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي الموقع ة في ‪ 13‬ين اير‬

‫‪ 2001‬بهدف تبادل الخبرة والمعلومات في مجال الحل السلمي للنزاعات‪.‬‬

‫‪ -‬االتفاقي ة المبرم ة م ع المرك ز اليم ني للتوفي ق والتحكيم الموقع ة بت اريخ ‪ 16‬ش تنبر ‪2002‬‬

‫الهدف منها المشاركة في األنشطة التي من شأنها اإلفادة واالستفادة في مجال التحكيم‪.917‬‬

‫‪ -3‬الدورات التكوينية‬

‫للتأكيد على ضرورة العمل على إشاعة ثقافة اللجوء للوسائل البديلة لفض النزاعات والتي من‬

‫بينه ا التحكيم وإ ض فاء المص داقية عليه ا من أج ل خل ق بيئ ة مالئم ة لتنمي ة وتش جيع االس تثمار بالمملك ة‪،‬‬

‫وك ذا في ظ ل العولم ة والح راك االقتص ادي ونش وء التكتالت االقتص ادية في ك ل أنح اء الع الم‪ .‬نظم‬

‫‪ -916‬شمس الدين عبداتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.245‬‬


‫‪ -917‬إضافة إلى هذه االتفاقيات فقد أبرم المركز اتفاقيات التعاون والشراكة مع هيئة المحامين بالرباط‪ ،‬كما أنه أبرم اتفاقيات أخرى في ميدان‬
‫التحكيم والتوفي ق التج اري ه دفها تعزي ز التع اون التج اري‪ ،‬وه ذه االتفاقي ات تم إبرامه ا م ع الهيئ ة العص رية للتوثي ق ب المغرب‪ ،‬ثم م ع الفري ق‬
‫السعودي للتحكيم‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫المركز عدة دورات تكوينية للتعريف بالتحكيم وتعلم المهارات والتقنيات المستخدمة في هذا المجال من‬

‫بين أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬دورة تكوينية نظمها المركز بمدينة مراكش انطلقت من ‪ 05‬أبريل إلى غاية ‪ 18‬ماي ‪2014‬‬

‫بفندق مريديان نفيس حول موضوع" التحكيم وسيلة مالئمة لفض النزاعات" وكان لهدا التكوين سياقين‪:‬‬

‫س ياق مؤسس اتي يتعل ق بتنفي ذ مخط ط برن امج عم ل المرك ز وإ س تراتيجيته في تك وين جي ل جدي د من‬

‫المحكمين األكفاء والمؤهلين لممارس ة التحكيم وتس وية المنازعات‪ ،‬أم ا السياق الثاني فهو س ياق مهني‬

‫يعني تقوية قدرات المشاركين‪ -‬المستفيدين من التكوين‪ -‬باعتماد مقاربة قانونية ومهنية‪ -‬وعملية‪ ،‬من‬

‫ش أنها تط وير كف اءات المش اركين وإ كس ابهم مرجعي ات نظري ة أساس ية في نظ ام تس وية المنازع ات‬

‫وخاصة التحكيم‪.918‬‬

‫‪ -‬نظم المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط يومي ‪ 18‬و ‪ 19‬أبريل ‪ 2015‬دورة تدريبية‬

‫بعن وان "التحكيم التج اري مهن ة المس تقبل" وذل ك تحت ت دريب وت أطير األس تاذ أحم د ال ورفلي واألس تاذ‬

‫حسن أسوكي‪.919‬‬

‫‪ -4‬استقبال الباحثين‬

‫كم ا يعم ل المرك ز على اس تقبال الب احثين المهتمين بمج ال التحكيم حيث يتواف د على المرك ز‬

‫العدي د من طلب ة س لك الماس تر وال دكتوراه من مختل ف كلي ات الحق وق الوطني ة وبعض األط ر اإلداري ة‬

‫والمهتمين بالش أن التحكيمي يستفس رون ح ول مواض يع وقض ايا ترتب ط إجم اال ب الطرق البديل ة لح ل‬

‫المنازعات وخاصة التحكيم التجاري وقد تم تزويدهم بكل المعلومات الضرورية المتعلقة باستفساراتهم‬

‫وتساؤالتهم‪.920‬‬

‫‪ -918‬يمكن الرجوع في هذا الصدد للموقع اإللكتروني ‪aljassour.com::htt//‬‬


‫‪ -919‬موقع المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‪www.CIMAR.org.ma :‬‬
‫‪ -920‬شمس الدين عبداتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.246‬‬
‫‪314‬‬
‫‪-5‬اإلعالم والتواصل‬

‫في مج ال اإلعالم والتواص ل وس عيا لترس يخ ثقاف ة التحكيم والط رق البديل ة لح ل المنازع ات‬

‫ونشرها بين األوساط القانونية واالقتصادية والقضائية‪ ،‬عمل المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‬

‫على نشر العديد من البالغات الصحفية في عدد من المنابر اإلعالمية المرئية والسمعية والمكتوبة‪.921‬‬

‫كما يتوفر المركز على منشورات دورية يبقى أهمها المجلة المغربية للتحكيم التجاري والتي يستهدف‬

‫من إصدارها أساسا‪:‬‬

‫‪ -‬مش اركة خ براء ومحكمين متمرس ين من ال وطن الع ربي في تحريره ا والمس اهمة في إث راء‬

‫مواضيعها العلمية والقانونية‪.‬‬

‫‪ -‬تغطيتها لتقارير ومقاالت تتناول آخر تطورات الطرق البديلة لفض النزاعات محليا وعربيا‬

‫ودوليا‪.‬‬

‫‪ -‬تزويد القراء بتقارير وتحليالت معمقة حول األحكام التحكيمية المقارنة‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمة في نشر ثقافة الحلول البديلة لحل المنازعات والتحكيم‪.922‬‬

‫ورغم األنشطة واألدوار التي يلعبها المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط بص فة خاصة و‬

‫المجه ودات القيم ة ال تي تق وم به ا مراك ز التحكيم المغربي ة بص فة عام ة‪ ،923‬من أج ل بل ورة النظ ام‬

‫‪ -921‬عبد الودود ولد وداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪ -922‬شمس الدين عبداتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.247‬‬
‫‪ -923‬نذكر على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ -‬نظمت غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدار البيضاء ومركز الوساطة والتحكيم‪ ،‬في ‪ 25‬ماي ‪ 2011‬ندوة تحت عنوان" الوساطة والتحكيم‬
‫ب المغرب" وق د ك ان اله دف من ه ذه الن دوة تس ليط األض واء بص ورة أساس ية على مس ألة الوس اطة والتحكيم في المغ رب‪ ،‬وك ذا معرف ة مؤسس اته‬
‫ونظمه وقوانينه وإ جراءاته‪ ،‬وواقعه بالمغرب‪ ،...‬وقد كانت مناسبة أيضا للتعريف بمركز الوساطة والتحكيم للدار البيضاء‪ .‬كما دخلت هذه الندوة‬
‫في إطار تفعيل دور المركز ‪ CMAC‬في مجال دعم ونشر ثقافة اللجوء للوسائل البديلة لفض النزاعات القائمة‪ ،‬كما شكلت مناسبة لتقوية عالقات‬
‫المركز بالمؤسسات المهنية الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬احتضنت غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء يوم ‪ 2013 -7 -1‬ندوة هامة حول" واقع التحكيم في البلدان العربية‪ -‬المغرب‬
‫ودول مجلس التعاون الخليجي نموذجا" هذه الندوة تندرج في إطار سلسلة األنشطة اإلشعاعية التي يتولى مركز الوساطة والتحكيم تنظيمها من‬
‫أجل االنفتاح على مختلف الفعاليات الثقافية والعلمية ذات االهتمام المشترك‪.‬‬
‫أنظر الموقع اإللكتروني‪http//www.maghress.com :‬‬
‫‪315‬‬
‫التحكيمي وتطويره فإنه ا الزالت محاط ة بمجموعة من اإلكراه ات تش كل حجرة عثرة في وجهها نحو‬

‫تحقيق األهداف التي تسعى إليها وهي تطوير نظام التحكيم لتواكب هذه المراكز ما وصلت إليه المراكز‬

‫العالمية المتقدمة في هذا المجال‪.‬‬

‫فما هي إذن هذه المعيقات والعراقيل التي تحد من تطور المراكز التحكيمية وتؤثر بالتالي على‬

‫مدى فعاليتها في تسوية المنازعات ؟ هذا ما سنحاول معالجته في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬معيقات تطور وفعالية مراكز التحكيم بالمغرب‬

‫تعاني مراكز التحكيم بالمغرب من مجموعة من المعيقات التي يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النظام القانوني األساسي للمراكز وتقييد إرادة أطراف النزاع‬

‫إن هامش الحرية في مراكز التحكيم ال يكون واسعا بالنسبة ألطرافه مقارنة مع التحكيم الحر‬

‫هذا األخير الذي يعطي الحق لألطراف المتنازعة أمر اختيار اإلجراءات التي تتناسب مع خصوصية‬

‫نزاعاتهم‪ ،‬واختيار المحكمين الذي ارتضوهم وكذا القانون المطبق على جوهر النزاع والذي يمكن أن‬

‫ال ينتمي إلى أي نظ ام ق انوني وط ني‪ .924‬في حين يبقى أط راف مراك ز التحكيم مقي دين ب إجراءات‬

‫وقواعد تحكيم المركز بشكل كبير‪ ،‬كما لو أن منازعاتهم يتم تسويتها عن طريق جهاز قضائي‪.925‬‬

‫وبذلك يجب التقيد بنظام التحكيم المطبق لدى مركز التحكيم وال يجوز الخروج عن هذا النظام‬

‫إال في حدود ما هو مسموح به في النظام ذاته إن سمح بذلك‪ .‬وهذه القاعدة ملزمة لألطراف ولمركز‬

‫التحكيم ولهيئة التحكيم أيضا‪.‬‬

‫‪ -‬نظمت محكمة النقض بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بأكادير والعيون‪ ،‬القطب المالي للدار البيضاء وغرفة التجارة الدولية‪ ،‬ندوة دولية حول‬
‫موضوع ‪" :‬آفاق التحكيم الدولي بالمغرب "‪ ،‬وذلك يومي ‪ 5‬و‪ 6‬دجنبر ‪ 2014‬بفندق أطلنتيك بالص ‪ -‬المنطقة السياحية بمدينة أكادير‪.‬‬
‫أنظر الموقع اإللكتروني‪ http://www.onmagharebia.com :‬تاريخ حصر الموقع‪ 5 :‬دجنبر ‪.2014‬‬
‫‪ -924‬فوزي محمد سامي ‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -925‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪316‬‬
‫ف األطراف باتف اقهم على التحكيم وف ق قواع د مرك ز معين ألزم وا أنفس هم به ذا النظ ام ب إرادتهم‬

‫والقاعدة المستقرة في هذا الشأن أنه ليس ألحد الطرفين الخروج بإرادته المنفردة على اتفاق كان طرفا‬

‫في ه‪ .‬وك ذلك األم ر فإن ه ال يج وز لمرك ز التحكيم الخ روج على قواع ده الس ارية المفع ول دون موافق ة‬

‫الط رفين‪ .‬والش يء ذات ه بالنس بة للمحكم ال ذي قب ل مهم ة التحكيم وف ق تل ك القواع د‪ .‬وبمع نى أدق ف إن‬

‫قواعد التحكيم المعمول بها لدى مركز ما ملزمة مبدئيا للطرفين ولتلك المؤسسة ولهيئة التحكيم‪.926‬‬

‫وإ ذا ك انت س لطة هيئ ة التحكيم تب دو مح دودة إزاء النظ ام اإلج رائي في التحكيم المؤسس ي ل دى‬

‫مراكز التحكيم‪ ،‬فإن ذلك في الحقيقة يشكل مبدأ أو قاعدة لها استثناءاتها التي تتوسع معها حدود سلطة‬

‫هيئة التحكيم‪ ،‬خاصة عند عدم نص نظام المركز على قاعدة إجرائية معينة أو عند تركه لبعض األمور‬

‫اإلجرائية لتدبيرها اتفاقا من طرف األطراف أنفسهم‪.927‬‬

‫والس ؤال ال ذي يث ار في ه ذا اإلط ار ه و م دى ق درة األط راف على مخالف ة القواع د اإلجرائي ة‬

‫المنص وص عليه ا في الئح ة مرك ز تحكيم دائم‪ ،‬انطالق ا من ك ون س لطات المحكم هي في كث ير من‬

‫الحاالت نابعة من إرادة األطراف؟‬

‫الحقيقة أن مواقف هيئات ومراكز التحكيم جاءت متباينة من حيث معالجتها لهذه اإلشكالية في‬

‫أنظمته ا ولوائحه ا اإلجرائي ة‪ .‬ف إذا ك ان نظ ام التحكيم ل دى غرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس الص ادر س نة‬

‫‪ 1998‬ق د وس ع من س لطات المحكم واألط راف في تع يين الق انون اإلج رائي في حال ة س كوت ه ذا‬

‫النظام‪ ،928‬فإن بعض المراكز الدولية الدائمة قد كانت أكثر مرونة في هذا الباب‪ .‬إذ أن المادة ‪ 15‬من‬

‫نظام التحكيم لدى المحكمة الدائمة للتحكيم بالهاي الصادر في ‪ ،1992.10.20‬قد منحت المحكم سلطة‬

‫‪ -926‬حمزة أحمد حداد‪ "،‬التحكيم في الق وانين العربي ة‪ ،‬ق وانين اإلم ارات والبح رين والس عودية وس وريا والع راق وقط ر والك ويت ولبن ان وليبي ا"‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.120‬‬
‫‪ -927‬خليل إبراهيم عال ‪ "،‬حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،.2008-2007‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -928‬أنظر المادة ‪ 15‬من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ‪.CCI‬‬
‫‪317‬‬
‫أوس ع‪ ،‬بحيث منحت ه س لطة تحدي د اإلج راءات ال تي تب دو ل ه مناس بة‪ .‬كم ا أن الئح ة أب و ظ بي للتوفي ق‬

‫والتحكيم التجاري لسنة ‪ 1993‬جعلت إرادة األطراف تبدو أولى من نظام المركز‪ ،‬بحيث اعتبرت في‬

‫المادة ‪ 2/3‬أن هذه الالئحة تعتبر مفسرة ومكملة إلرادة األطراف ال أكثر‪.‬‬

‫ونجد نظام التوفيق والتحكيم التجاري لدى غرفة تجارة وصناعة دبي الصادر سنة ‪ 1994‬قد‬

‫سلك نهجا وسطا‪ ،‬بحيث اعتبرت أن االتفاق على تحكيم هذا المركز هو إرادة ضمنية إلقرار األطراف‬

‫بقبول إجراءات وأحكام نظام المركز وااللتزام بتنفيذها‪ .‬غير أنه أجاز االتفاق كتابة على إتباع أحكام‬

‫مختلفة يراها األطراف مناسبة‪.‬‬

‫أن ه من الص عب الوص ول إلى إجاب ة موح دة في ل وائح أنظم ة‬ ‫‪929‬‬


‫وتبع ا ل ذلك ي رى بعض الفق ه‬

‫مراكز التحكيم عن السؤال السابق‪ .‬لكن ومع ذلك يجب التسليم ببعض الفروض التي تتحدد معها سلطة‬

‫المحكم في ه ذا الش أن وهي أن المحكم أوال محاي د ومس تقل في قرارات ه عن األط راف‪ ،‬وعن المرك ز‬

‫ذات ه ال ذي ال يمل ك إال اإلش راف اإلداري على عملي ة التحكيم‪ .‬ثم إن التحكيم يق وم على إرادة األط راف‬

‫واإلج راءات هي وس يلة للوص ول إلى ح ل م رض لهم‪ .‬وألج ل ذل ك ف إنهم يملك ون االتف اق على مخالف ة‬

‫إجراءات المركز وال تبقى سوى سلطة المحكم في فحص مدى مخالفتها لقواعد النظام العام من عدمه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكالية تنفيذ األحكام التحكيمية الصادرة عن مراكز التحكيم‬

‫إن حكم التحكيم بع د ص دوره ق د يص طدم بعقب ة هام ة ق د تح ول دون فعالي ة المرك ز التحكيمي‬

‫وهي تنفيذه‪ .‬وتعتبر هذه المسألة من أكثر المشاكل خطورة التي تواجه حكم التحكيم من الناحية العملية‪،‬‬

‫ف رغم اش تراط بعض المراك ز التحكيمي ة من خالل لوائحه ا التنظيمي ة تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الص ادرة‬

‫عنه ا ب دون ت أخير وعن حس ن ني ة‪ ،930‬فق د ي رفض الط رف الص ادر في حق ه الحكم التحكيمي مث ل ه ذا‬

‫‪ -929‬خليل إبراهيم عال‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫‪ -930‬تنص المادة ‪ 49‬من نظام المركز الدولي للتوفي ق والتحكيم بالرباط على أن ه "‪ ...‬يلتزم األطراف نتيجة إخضاع نزاعاتهم لتحكيم المركز‬
‫الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط‪ ،‬بأن ينفذوا الحكم الذي يصدر بحسن نية وبسرعة وبدون تأخير‪.‬‬
‫‪318‬‬
‫التنفي ذ الط وعي مم ا يض طر الط رف ال ذي كس ب ال دعوى أن يلج أ للقض اء الوط ني لتنفي ذ حكم التحكيم‬

‫جبرا مما يعني رجوعه عمليا إلى نقطة الصفر‪.931‬‬

‫التنفيذ الطوعي كمبدأ‬ ‫‪-1‬‬

‫إن أك ثر من ‪ 90%‬من األحك ام التحكيمي ة الص ادرة في الم واد التجاري ة الدولي ة عن مراك ز‬

‫التحكيم الدائمة تحظى بالتنفيذ التلقائي من طرف األطراف دونما حاجة إلى إتباع أي إجراء معين‪،932‬‬

‫ذل ك أن اللج وء إلى نظ ام التحكيم أم ام ه ذه المراك ز ق د تم بطريق ة اختياري ة‪ ،‬بمع نى أن األط راف ق د‬

‫ارتضوا مسبقا على ما قد يخلص إليه المحكم أو الهيئة التحكيمية من حكم‪ ،‬فضال عن أن غالبية التجار‬

‫على الص عيد ال دولي‪ ،‬يخش ون على س معتهم التجاري ة إن هم لم يق دموا على تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة‬

‫الصادرة في هذا المجال‪.‬‬

‫ل ذلك ف إن أحك ام التحكيم الص ادرة في ظ ل بعض المراك ز الدولي ة للتحكيم تنف ذ دون حاج ة‬

‫الستصدار أمر بتنفيذها من قبل المحاكم الوطنية‪ .‬فإخضاع النزاع لنظام تحكيم غرف ة التجارة الدولية‬

‫بب اريس ي ترتب علي ه تنفي ذ الحكم التحكيمي دون ت أخير كون ه يمث ل ق وة االل تزام التعاق دي‪ .‬كم ا أل زمت‬

‫أما أحكام المحكمين الصادرة‬ ‫‪933‬‬


‫أيضا قواعد مركز القاهرة اإلقليمي تنفيذ الحكم التحكيمي دون تأخير‬

‫طبقا لنظام مركز التوفيق والتحكيم بالرباط‪ ،‬فهي تحوز حجية األمر المقضي به وتكون واجبة التنفيذ‬

‫مع مراعاة الفصل ‪ 320‬من قانون المسطرة المدنية المغربي‪.934‬‬

‫‪ -931‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،1‬هامش ‪.1‬‬ ‫‪932‬‬

‫‪ -933‬فاطمة بوشـكورت‪ "،‬دور التحكيم المؤسس ي في تس وية منازع ات التج ارة الدولي ة"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬سال‪ ،‬سنة ‪ ،2007 -2006‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -934‬الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 50‬من نظام المركز الدولي للتوفيق والتحكيم بالرباط‪.‬‬
‫‪319‬‬
‫بعض الحلول المعتمدة لمواجهة صعوبة التنفيذ الطوعي‬ ‫‪-2‬‬

‫تتس م األحك ام الص ادرة عن غرف ة التحكيم البحري ة بب اريس بتنفي ذها التلق ائي واالختي اري‪ ،‬وفي‬

‫حالة الرفض فإن هناك جملة من الجزاءات المعنوية والمادية التي يفرضها التحكيم البحري المؤسسي‪،‬‬

‫حيث يطلب دفع التكاليف والمصروفات مقدما مناصفة بين الطرفين أو تقديم كفالة‪ ،‬مما يشكل ضغطا‬

‫ماديا على رافض التنفيذ يدفعه إلى التنفيذ اختياريا مجبرا بمثل هذه الجزاءات المادية أو المعنوية‪.935‬‬

‫وتس هيال لتنفي ذ أحك ام التحكيم الص ادرة عن المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات االس تثمار أل زم‬

‫المركز كل دولة متعاقدة باالعتراف بحكم التحكيم وتنفيذ االلتزامات المالية الناشئة عنه فوق إقليمها كما‬

‫ل و ك ان قطعي ا ص ادرا عن إح دى محاكمه ا‪ ،936‬ويكفي لتنفي ذ الحكم التحكيمي حص ول الط رف المع ني‬

‫على نسخة من حكم التحكيم مصادقا عليها من الكاتب العام للمركز وتقديمها إلى المحكمة المختصة أو‬

‫أي سلطة أخرى معينة لهذا الغرض في الدول المتعاقدة‪.937‬‬

‫كم ا يتمت ع المرك ز ال دولي بس لطة مادي ة ومعنوي ة واس عة إلجب ار الط رف المحك وم علي ه على‬

‫الوف اء بااللتزام ات الناش ئة عن الحكم التحكيمي‪ ،938‬إض افة إلى ذل ك يتم االس تعانة بالحماي ة الدبلوماس ية‬

‫كوسيلة فعالة لضمان فعالية األحكام الصادرة عن مركز واشنطن‪ ،‬وتجنبا لعدم االنصياع لحكم التحكيم‬

‫فإنه من حق أي دولة متعاقدة أن تقدم شكواها أمام محكمة العدل الدولية للمطالبة بتنفيذ الحكم‪ .‬وكذا إذا‬

‫كان المستثمر األجنبي قد أصابته أضرار مادية من جراء عدم تنفيذ الحكم التحكيمي ألن الدول كثيرا‬

‫ما تعمد إلى االمتناع عن تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهتها عن طريق الدفع بالحصانة التنفيذية‪ ،‬هذا‬

‫السالح الذي تملكه الدولة أو أحد أجهزتها في مواجهة األحكام الصادرة ضدها لصالح الطرف الخاص‬

‫‪ -935‬الفصل ‪ 32‬من دليل غرف التحكيم البحرية بالدار البيضاء‪.‬‬


‫‪ -936‬الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 54‬من اتفاقية واشنطن لتسوية خالفات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -937‬الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 54‬من اتفاقية واشنطن لتسوية خالفات االستثمار‪.‬‬
‫‪ -938‬محمد الوكيلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.291‬‬
‫‪320‬‬
‫األجنبي بعد تجاوزه للعراقيل السابقة سواء منها الدفوع المتعلقة بعدم اختصاص محكمة التحكيم والدفع‬

‫بالحصانة القضائية ومسطرة االعتراف بالحكم التحكيمي وتنفيذه‪.939‬‬

‫ومن تم يالح ظ أن مراك ز التحكيم الدائم ة ق د اس تلزمت تنفي ذ األحك ام التحكيمي ة الص ادرة عنه ا‬

‫بش كل اختي اري وتلق ائي إذ يبقى من الص عب ج دا من الناحي ة الواقعي ة االمتن اع عن تنفي ذ ه ذه األحك ام‬

‫التحكيمية‪ ،‬نظرا للعقوبات التي يمكن أن توقعها الشركات المتعددة الجنسيات على الطرف الذي يرفض‬

‫تنفيذ هذه األحكام والتي قد تصل إلى حد المقاطعة الكاملة‪.940‬‬

‫وتبقى مراجع ة القض اء للحكم التحكيمي أم را ض روريا وواجب ا يفرض ه مب دأ العدال ة إلنص اف‬

‫المحك وم ل ه وتمكين ه من الحص ول على حقوق ه من المحك وم علي ه ول و ج برا عن د االقتض اء‪ ،‬إذ يح ق‬

‫لص احب المص لحة اللج وء إلى قض اء الدول ة الم راد تنفي ذ الحكم على أراض يها الستص دار أم ر قض ائي‬

‫بالتنفيذ الجبري للحكم‪.941‬‬

‫غ ير أن ت دخل المح اكم الوطني ة في مس ألة االع تراف بحكم التحكيم وتنفي ذه تعترض ه العدي د من‬

‫الص عوبات نظ را الختالف مواق ف التش ريعات بش أن تنظيم إج راءات التنفي ذ تبع ا للنظ ام الق انوني ال ذي‬

‫تفرضه سلطات دولة التنفيذ‪ ،‬حيث تستقل كل دولة بوضع هذا النظام حسب ما تمليه عليها توجهاتها‬

‫‪ -939‬في هذا اإلطار يقول ذ‪ .‬عبد اهلل درميش‪ ":‬إن اتفاقية واشنطن تمتاز بثالث ميزات‪:‬‬
‫‪ -‬تتعلق اتفاقية واشنطن بقطاع واحد وهو االستثمار‬
‫‪ -‬تطبق اتفاقية واشنطن بين الدولة المضيفة لالستثمار ومستثمر أجنبي طبيعيا كان أو معنويا كشركة أو مقاولة لدولة أخرى مصادقة على هذه‬
‫االتفاقية‬
‫‪ -‬أن الحكم الذي يصدر في إطار اتفاقية واشنطن ينفذ من طرف المحكوم عليه حتى ولو لم يذيل بالصيغة التنفيذية‬
‫فكل األحكام التحكيمية ال يمكن تنفيذها جبريا إال إذا ذيلت بالصيغة التنفيذية‪ ،‬باستثناء األحكام التي تصدر في إطار اتفاقية واشنطن فإنها تنفذ‬
‫حتى بدون صيغة تنفيذية‪.‬‬
‫لكن إذا رفضت الدولة المضيفة لإلستثمار تنفيذ هذا الحكم ما هو الحل؟‬
‫هذه الدولة ستنفذ الحكم التحكيمي ويكون ذلك بضغط دولي من الدول المصادقة ومن مراكز التحكيم‪ ،‬ألن الضغط الدولي يكون أحيانا قوة جبرية‬
‫ويكون أقسى من التنفيذ الجبري بالوسائل المعهودة لدينا‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -940‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 73‬و ‪.74‬‬
‫‪ -941‬فؤاد الصفريوي ‪ "،‬نظام تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية بالمغرب"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪321‬‬
‫االقتص ادية والسياس ية وك ذا درج ة حرص ها وتش بثها بمب دأ س يادتها اإلقليمي ة أو اس تجابتها لمتطلب ات‬

‫التعاون الدولي‪.942‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مراكز التحكيم بالمغرب‪ ،‬قضايا محدودة‪ ،‬وعوامل األزمة‬

‫إن الوجود القانوني لمراكز التحكيم بالمغرب لم يسايره مع األسف الوجود الفعلي إذ أن معظم‬

‫فهي ال زالت تعترض ها مجموع ة من الص عوبات‪،‬‬ ‫‪943‬‬


‫أجهزته ا اإلداري ة غ ير مفعل ة بالش كل المتطلب‬

‫الشيء الذي يمكن أن نستشفه بوضوح من خالل عدد المنازعات التي عرضت على مؤسسات التحكيم‬

‫خالل فترة زمنية معينة وهو ما سيبرزه الجدول أسفله إذ يمكن من خالل ذلك إعطاء تقييم أولي لعمل‬

‫هذه المراكز رغم حداثة تأسيسها بالمقارنة مع بعض المراكز الدولية والعربية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬قراءة في نسب المنازعات المعروضة على مراكز التحكيم بالمغرب‬


‫‪COUR‬‬ ‫المرك ز األطلن تي‬ ‫مركز وجدة‬ ‫المركز الدولي‬ ‫مركز مراكش‬ ‫مركز الوساطة‬ ‫المركز الدولي‬
‫‪MAROCAIN‬‬
‫للتحكيم أكادير‬ ‫للوساطة‬ ‫للوساطة والتحكيم‬ ‫للوساطة‬ ‫والتحكيم للدار‬ ‫للوساطة والتحكيم‬
‫‪D’ARBITRAGE‬‬
‫‪948‬‬
‫والتحكيم‬ ‫‪947‬‬
‫بطنجة‬ ‫‪946‬‬
‫والتحكيم‬ ‫‪945‬‬
‫البيضاء‬ ‫‪944‬‬
‫بالرباط‬

‫‪ -942‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬


‫‪ -‬فؤاد الصفريوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 286‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 74‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬عزيز الزاهـر‪"،‬خص ومة التحكيم التج اري ال دولي بين التش ريعات المقارن ة والتش ريع المغ ربي‪ ،‬دراس ة تطبيقي ة"‪ ،‬بحث نهاي ة التم رين بالمعه د‬
‫العالي للقضاء الفوج ‪ ،25‬السنة ‪ ،1996-1995‬ص ‪ 65‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬عمر األسكرمي المرابط ‪"،‬سلطة القاضي على المقررات التحكيمية"‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2004-2003‬ص ‪ 124‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -943‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 944‬إن المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط ما زال يعاني العديد من الصعوبات التي تقف حجرة عثرة في مسيرته العملية‪ ،‬وهذا ما يظهر‬
‫لنا جليا من خالل عدد القضايا المطروحة عليه‪ ،‬مما يتطلب من هذا المركز بدل العديد من المجهودات وتكتيفه ا من أجل التعري ف بنظام التحكيم‬
‫وب اقي الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات ب المغرب‪ ،‬وتش جيع أط راف ال نزاع ب اللجوء إليه ا‪ ،‬كم ا ينبغي إع ادة النظ ر ك ذلك في تكوين ه‪ ،‬ومنح ه‬
‫الصالحيات الالزمة للقيام بالدور الفعال المنوط به‪ ،‬شأنه شأن المراكز العالمية المختصة بحل النزاعات الدولية‪ ،‬والتي تفوقت إلى حد كبير في‬
‫ج ل القض ايا المطروح ة عليه ا كم ا ه و الش أن بالنس بة لمرك ز الق اهرة‪ ،‬ه ذا األخ ير ال ذي يع رف تص اعدا مس تمرا من حيث ع دد قض ايا التحكيم‬
‫المس جلة ب المركز بحيث وص ل ه ذا الع دد إلى ‪ 551‬قض ية من بينه ا ‪ 466‬قض ية تم الفص ل فيه ا س واء بأحك ام تحكيمي ة نهائي ة متض منة أحكام ا‬
‫بشروط متفق عليها أو بواسطة الوساطة أو التوفيق الالحقين‪ ،‬هذا بينما ال تزال هناك ‪ 85‬قضية لم يتم الفصل فيها‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن سنة‬
‫‪ 2006‬ق د ش هدت زي ادة في ع دد القض ايا المحال ة على المرك ز بلغت ‪ ،%70‬وهي زي ادة تس جل ‪ 64‬قض ية جدي دة مقاب ل ‪ 37‬قض ية جدي دة ع ام‬
‫‪ ،2005‬وفي حين أن عدد القضايا التي تم إيداعها خالل النصف األول من عام ‪ 2007‬قد بلغ ‪ 25‬قضية جديدة‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا المركز المرجو النظر إلى‪:‬‬
‫‪ -‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪322‬‬
‫من ‪ 1998‬إلى ‪2014‬‬ ‫من ‪2010‬‬ ‫من ‪ 2012‬إلى‬ ‫من ‪ 1999‬إلى‬ ‫من ‪ 2001‬إلى‬ ‫من ‪ 1999‬إلى‬ ‫المدة الزمنية‬

‫من ‪ 2004‬إلى‬ ‫إلى ‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪2014‬‬

‫أقل من ‪ 90‬نزاع‬ ‫لم يعرض عليها‬ ‫‪ 18‬نزاع‬ ‫لم يعرض عليه‬ ‫‪ 8‬نزاعات بشكل‬ ‫‪ 60‬نزاع بشكل‬ ‫‪ 45‬نزاع بشكل‬ ‫عدد المنازعات التي‬

‫بشكل تقريبي‬ ‫أي نزاع‬ ‫بشكل‬ ‫أي نزاع‬ ‫تقريبي‬ ‫تقريبي‬ ‫تقريبي‬ ‫عرضت على بعض‬

‫تقريبي‬ ‫مراكز التحكيم‬

‫‪ -‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.137‬‬


‫‪ -945‬من خالل زي ارة ميداني ة قمن ا به ا لمرك ز الوس اطة والتحكيم بال دار البيض اء أك د لن ا رئيس المرك ز موس ى جل ولي في لق اء مباش ر بمكتب ه‬
‫بالمركز أنه من بين أهم الصعوبات التي تعترض المركز‪:‬‬
‫‪ -‬أن ثقافة التحكيم غير موسعة وال تعرف انتشارا‪.‬‬
‫‪ -‬أن هن اك بعض المح امين ال يتق ون في لج وء م وكليهم للتحكيم العتق ادهم ب أن التحكيم ل ه مصاريف كث يرة س وف لن يستطيع موكلوهم تحمله ا‬
‫وبأن هناك إجراءات ومساطر معقدة‪.‬‬
‫وما يفهمه المحامي أنه ال يمكن الترافع عن موكلهم أمام هيئة التحكيم‪ ،‬هذه األخيرة التي ستدافع عنه وبالتالي سوف لن يحصل على أتعابه فهو‬
‫يبحث عن الربح أينما يوجد‪.‬‬
‫وه ذه آراء مغلوط ة حس ب رأي رئيس المرك ز بحيث أن هيئ ة التحكيم تع د جه ة يتم اللج وء إليه ا لتس وية ال نزاع عن طري ق التحكيم‪ ،‬وال تعت بر‬
‫وكيال عن أح د األط راف أو مدافع ة عن ه‪ ،‬ف المحكم عن د تعيين ه ال يك ون اله دف من ه ال دفاع عن مص الح معين ة في القض ية موض وع ال نزاع ب ل‬
‫الغرض من هذا التعيين إيجاد حل عادل ونزيه للنزاع القائم بين الطرفين ولو كان األمر كذلك الختل شرط مهم وهو الحياد واالستقاللية‪.‬‬
‫عكس بعض المحامين الذين يوفرون على ثقافة ودراية كبيرة في مجال التحكيم وال يجدون صعوبة بأن يوجهوا موكليهم للتحكيم لما يتمتع به من‬
‫سرعة وسرية‪.‬‬
‫‪ -946‬اكتفى مركز مراكش للوساطة والتحكيم بوضع معايير عامة الختيار المحكمين من سمعة حسنة وكفاءة علمية في ميدان التجارة الصناعة‬
‫والخدمات دون غيرها من المجاالت‪ ،‬عكس المركز اليمني للتوفيق والتحكيم الذي اعتمد جدوال خاصا بالمحكمين المؤهلين للنظر في النزاعات‬
‫والذين تتوفر فيهم كل شروط القبول والنجاح بالنسبة لمعايير االنتساب المحددة لجدول المحكمين المعتمدين‪ ،‬إذ يضم الجدول حوالي ‪ 200‬محكم‬
‫يمن يين وع رب وأج انب‪ ،‬وجميعهم من كب ار رج ال الق انون والمحام اة واالقتص اد بمختل ف فروع ه‪ ،‬عالوة على ج دول خ اص ب الخبراء والتراجم‬
‫الذين تستعين بهم هيئ ة التحكيم وهم من دوي المؤهالت العلمية والخبرات في مجاالت المحاسبة القانونية والت أمين والهندسة بمختلف فروعها‪،‬‬
‫والمنازع ات البحري ة وغيره ا من المج االت‪ ،‬وه ذا التن وع في طبيع ة تخص ص المحكمين سيس اهم في اتس اع مج ال عم ل ه ذا المرك ز من ع دد‬
‫القضايا المطروحة أمامه‪.‬‬
‫فهذا المركز كان أكثر تفصيال فيما يخص معايير قبول المحكمين‪ ،‬وبذلك تميزت جداول المحكم التابعة لهم بالتنوع على مستويات متعددة‪.‬‬
‫ويع اب على مرك ز م راكش أن ه أغف ل تحدي د تكلف ة التحكيم‪ ،‬حيث منح المرك ز لمجلس اإلدارة الص الحية الكامل ة في تحدي د تك اليف التحكيم دون‬
‫وضع ص قف أقص ى له ذه التك اليف من أج ل ض مان حق وق المحتكمين‪ ،‬عكس مجموع ة من مراك ز التحكيم العربي ة ال تي عملت على تحدي د ه ذه‬
‫التكلفة تماشيا مع قيمة الدعوى المرفوعة أمام المركز كما هو الشأن بالنسبة لمركز تونس للوساطة والتحكيم‪.‬‬
‫أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 120‬و ‪.121‬‬
‫‪ -947‬أنش ئ ه ذا المرك ز عن طري ق م ؤتمر تأسيس ي وك انت عب ارة عن ن دوة ح ول "الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات" حض رها أس اتذة في مج ال‬
‫التحكيم وأطر من وزارة العدل وأساتذة جامعيين‪.‬‬
‫ويه دف ه ذا المرك ز إلى أن يص بح آلي ة لخدم ة المقاول ة والعم ل على تنمي ة االس تثمار داخ ل الجه ة ال تي تعت بر حلق ة أساس ية لإلقالع والنه وض‬
‫بالنسيج االقتصادي‪ ،‬ونشر ثقافة الوساطة والتحكيم بين الفاعلين االقتصاديين‪ .‬والمساهمة في تحسين مناخ االستثمار عبر تطوير اإلطار القانوني‬
‫المرافق للنشاط االقتصادية وتحسيس الفاعلين االقتصاديين بخصوص المستجدات المتعلقة بقانون األعمال‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫بناءا على المنازعات (أو انعدامها بالنسبة لبعض المراكز) التي عرضت على المراكز الوطنية‬

‫أعاله يتبين أن هذه المراكز ال زالت لم تكتسب بعد ثقة المتنازعين وطنيين كانوا أم أج انب‪ ،‬إذ ك ان من‬

‫المنتظر عند إنشائها أن تقوم بأدوار طالئعية ليس فقط على مستوى التحكيم الداخلي وإ نما كذلك على‬

‫المستوى العربي والدولي نظرا لمجموعة من العوامل أهمها الموقع الجغرافي للمغرب‪ ،‬وكذلك باعتباره‬

‫بل دا واع دا في جلب االس تثمارات ورؤوس األم وال األجنبي ة عالوة على أن التحكيم كآلي ة بديل ة لفض‬

‫المنازعات ليس غريبا عن المغاربة وال عن شريعتهم اإلسالمية‪.‬‬

‫وب الرجوع إلى اإلحص ائيات ال تي ت بين بش كل تقري بي ع دد المنازع ات ال تي عرض ت على‬

‫المراك ز التحكيمي ة‪ ،‬والمبين ة في الج دول أعاله نس تنتج وبلغ ة األرق ام‪ ،‬م دى عجزه ا على اس تقطاب‬

‫األطراف المتنازعة من أجل عرض خدماتها عليها‪ ،‬بل األكثر من ذلك فإن هذه المنازعات المعروضة‬

‫عليها لم يتم الفصل فيها جميعا إذ ال يزال بعضها قيد الدراسة من طرف بعض المراكز‪.949‬‬

‫باإلضافة إلى أن بعض مراكز التحكيم وقفت عند نقطة انطالقها – مكتفية بإنشائها‪ -‬في انتظار‬

‫عرض أطراف النزاع قضاياهم عليها دون توفير اآلليات وحشد الطاقات قصد تحقيق األهداف المرجوة‬

‫من إحداثها (المركز الدولي للوساطة والتحكيم بطنجة الذي يعد بمثابة خلية نائمة إذ لم يعرض علي ه أي‬

‫نزاع منذ تاريخ إنشائه إلى غاية ‪.)2014‬‬

‫أنظر في هذا الصدد‪ :‬الموقع اإللكتروني‪http.//www.maghess.com :‬‬


‫‪ -948‬نشير إلى مركز وجدة للوساطة والتحكيم كان متوقف عن العمل بسبب استقالة المدير التنفيذي له ألسباب مجهولة ولم يتم استبداله بمدير‬
‫آخر ومن أهم الصعوبات التي تواجه المركز‪ :‬غياب ثقافة التحكيم والوساطة لدى غالبية الناس‪.‬‬
‫‪ - 949‬مثل مركز الوساطة والتحكيم بالرباط الذي واجه عدة صعوبات أثناء نظره في طلبات التحكيم المقدمة إليه بسبب‪:‬‬
‫‪ -‬عدم وضوح النزاع‪ ،‬إذ غالبا ما يكون محفوفا بمجموعة من التعقيدات‪ ،‬حيث عجزت عن حله الطرق الدبلوماسية وكذلك المحاكم مما يجعل‬
‫مهمة المركز جد مستحيلة‪.‬‬
‫‪ -‬خلو طلبات التحكيم من المعلومات الكافية إذ غالبا ما تقدم هذه الطلبات خالية من عناوين األطراف مما يجعل صعوبة أمام المركز في القيام‬
‫بالتبليغ إلى غير ذلك من المهام الضرورية لقيام المركز بدوره في العملية التحكيمية‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪-‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪324‬‬
‫من ه ذا المنطل ق يمكنن ا التس اؤل عن الس بب الحقيقي وراء ض عف اللج وء له ذه المراك ز‬

‫التحكيمية؟‬

‫ثانيا‪ :‬أهم عوامل أزمة مراكز التحكيم بالمغرب‬

‫في حقيقة األمر هناك العديد من العوامل التي أدت بشكل رئيسي إلى بلوغ هذه المراكز لهذا‬

‫المستوى يبقى أهمها‪:‬‬

‫ضعف اإلقبال على مراكز التحكيم‬ ‫‪-1‬‬

‫إن المق اوالت األجنبي ة المتخ ذة من المغ رب مق را لبعض فروعه ا لم تعم ل على ارتي اد المراك ز‬

‫الوطنية قصد حل النزاعات الناشئة عن معامالتها‪.950‬‬

‫أن هذا اإلحجام كان إراديا من قبلها وما يدعم هذا الطرح كون أغلب‬ ‫‪951‬‬
‫ويرجح بعض الفقه‬

‫العق ود ال تي تبرمه ا م ع الف اعلين االقتص اديين المحل يين منهم وال دوليين تعم ل جاه دة على تض مينها‬

‫لشروط أو لمشارطات تحكيمية‪ ،‬حتى تجعل الجهة المختصة في فض النزاع المحتمل النشوء عنها هي‬

‫إحدى المراكز التحكيمي ة األجنبي ة (كغرف ة التجارة الدولي ة بب اريس أو مركز واشنطن لتسوية نزاعات‬

‫‪ -950‬في الكلمة التي ألقاها حسن الشامي‪ ،‬رئيس اإلتحاد العام لمقاوالت المغرب‪ ،‬بمناسبة ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من‬
‫طرف وزارة العدل واإلتحاد العام لمقاوالت المغرب‪ ،‬يومي ‪ 4 -3‬مارس ‪ ، 2004‬جاء فيها ‪" :‬ومع ذلك يبقى التحكيم التجاري غير معروف‬
‫لدى عدد كبير من المقاوالت‪ ،‬خصوصا المتوسطة والصغرى‪ ،‬وإ ذا عرفنا أن هاته المقاوالت تمثل أكثر من ‪ 90‬في المائة من النسيج المقاوالتي‬
‫المغ ربي فلنا أن نستنتج أن هذه اآللي ة لحل النزاعات التجارية ال تستعملها إال نخبة من المق اوالت‪ ،‬ولن ا أن نتساءل لم اذا ؟ وسنجد عدة أجوبة‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬الكلفة المرتفعة للتحكيم والتي غالبا ما تشكل عقبة لدى عدد من المقاوالت في اللجوء إليه‪.‬‬
‫‪ -‬عقلي ة بعض أرب اب المق اوالت التي ت رفض أن يت ولى ش خص خ ارج المح اكم مهم ة ح ل نزاعاته ا التجاري ة‪ ،‬وك ذلك اعتماده ا كلي ا على الح ل‬
‫القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم توفر المغرب على مدونة للتحكيم واضحة ومتكاملة تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالتحكيم التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬غير أن أهم هذه األسباب يكمن في غياب شبه كلي لحمالت تحسيسية للمقاوالت باللجوء إلى التحكيم‪".‬‬
‫‪ -‬حسن الشامي ‪ ،‬كلمة افتتاح ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من طرف وزارة العدل واالتحاد العام لمقاوالت المغرب‪ ،‬يومي‬
‫‪ 4 -3‬مارس ‪ ، 2004‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ ،6‬سنة ‪ 2005‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -951‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪325‬‬
‫الدول ورعايا الدول األخرى أو غيرها من المراكز)‪ ،‬وقد ينصرف تبريرها في ذلك إلى كون التحكيم‬

‫المغربي لم يتوفر بعض على التجربة الالزمة واألشخاص المؤهلين لتولي مهام التحكيم كما هو عليه‬

‫الحال في الدول المتقدمة في هذا المجال‪.‬‬

‫ضعف ثقة المستثمرين في كفاءة محكمي مراكز التحكيم‬ ‫‪-2‬‬

‫فق د ال يث ق كب ار المس تثمرين وخاص ة األج انب منهم في كف اءة محكمي ه ذه المراك ز في فض‬

‫المنازعات المعروضة عليهم بالنظر لخبرتهم المحدودة وتخصصهم المقتصر على المجال القانوني دون‬

‫غ يره‪ ،‬األم ر ال ذي يخ الف م ا ه و متع ارف علي ه في المراك ز التحكيمي ة األجنبي ة وال تي تتك ون من‬

‫محكمين من مختلف التخصصات‪ ،‬مما ال يثير أي إشكال على مستوى اختيار المحكمين المتخصصين‬

‫في مج ال ال نزاع المع روض عليهم وك ذلك ب النظر للتك وين المس تمر ال ذي ت وفره لهم ه ذه المراك ز‪.952‬‬

‫األمر الذي ال نلمسه على مستوى المراكز التحكيمية المغربية حيث نجدها تعتمد على نوعية معينة من‬

‫المحكمين دون غيرهم رغم اقتصار تخصصهم في الشؤون القانونية دون غيرها‪.953‬‬

‫مم ا ي دفع بالمؤسس ات التجاري ة الك برى إلى اللج وء لمراك ز التحكيم الدولي ة ع وض المراك ز‬

‫الوطنية وكمثال على ذلك المكتب الوطني الستغالل الموانئ الذي يعرض النزاعات التي يكون طرفا‬

‫فيها على غرفة التحكيم البحرية بلندن‪.‬‬

‫ضعف الموارد الماليــة والبشريــة‬ ‫‪-3‬‬

‫‪ - 952‬تعتبر المراكز الدولية أكثر خبرة وتنظيم سواء على مستوى الوسائل اللوجستيكية‪ ،‬وكذا على مستوى التأطير أو التنظيم القانوني‪.‬‬
‫استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان‪ ،‬المحمدية‪ ،‬الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أس ئلة متنوعة‬
‫متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على مجموعة من المحامين والموثقين‪.‬‬
‫‪ -953‬في الغ الب تعتم د ه ذه المراك ز على ذ‪ .‬المرنيســي‪ ،‬ذ‪ .‬التــبر‪ ،‬ذ‪ .‬درميش وهم محكمين متخصص ون في الش ؤون القانوني ة وذل ك بك ونهم‬
‫محامون‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫تع اني مراك ز التحكيم من ع دم تخص يص الدول ة لميزاني ات مالي ة كافي ة تمنح لفائ دتها قص د‬

‫النه وض به ا مهني ا وإ عالمي ا حيث تع اني ه ذه المراك ز من مش كل التموي ل ال ذي يح د من فعاليته ا‪ ،‬إذ‬

‫تقتصر ميزانيتها على تلك المنح المالية التي تحصل عليها من الغرف التابعة لها‪ ،‬تضاف إليها بعض‬

‫الم داخيل الزهي دة ال تي تحص ل عليه ا من خالل بي ع إص دارات أو المص اريف ال تي يتم اس تغاللها من‬

‫المحتكمين الذين لجؤوا إليها‪.954‬‬

‫إض افة إلى مش كل التموي ل هن اك مش كل ض عف الكف اءات البش رية إذ تحت اج ه ذه المراك ز إلى‬

‫ط اقم من محكمين وأط ر متخصص ين ومتق نين للغ ات الحي ة ح تى يتس نى له ا أن تكس ب ثق ة األط راف‬

‫الدولية الفاعلة في مجال التجارة الدولية‪ ،‬وبالتالي تكسب القضايا الكبيرة التي تدار عليها أرباحا كبيرة‬

‫وتعطيها سمعة عالمية كغيرها من المراكز الدولية المتميزة في هذا المجال‪.955‬‬

‫عدم استقاللية بعض مراكز التحكيم‬ ‫‪-4‬‬

‫وإ ن تم االعتراف لها‬ ‫‪956‬‬


‫إذ يتم اعتبارها مصلحة من المصالح التابعة لغرفة التجارة والصناعة‬

‫باالستقالل القانوني من خالل السماح لها بوضع األنظمة القانونية األساسية لمراكز التحكيم‪.‬‬

‫فإدم اج مراك ز التحكيم الوطني ة في غ رف التج ارة والص ناعة والخ دمات انعكس س لبا على‬

‫اس تقالليتها في وض ع ال برامج واإلس تراتيجيات المالئم ة له ا بس بب التعقي د اإلداري ال ذي ينتج عن مث ل‬

‫هذه التبعية‪ ،‬وهكذا كان يجب أن تتأسس هذه المراكز بشكل مستقل في تدبيرها وإ دارتها على غرار ما‬

‫هو متبع لدى المؤسسات العمومية التابعة للدولة‪.957‬‬

‫‪ -954‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 30‬و ‪.31‬‬


‫‪ -955‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ - 956‬حيث يتم تنصيب رئيس غرفة التجارة والصناعة كعضو في أجهزة هذه المراكز حفاظا على تبعية المركز لهذه الغرفة‪.‬‬
‫‪ -957‬في هذا اإلطار يقول ذ‪ .‬محمد طارق‪:‬‬
‫"نحتاج أن نجد مراكز مستقلة عن الغرف وعن الدولة؛‬
‫نحتاج إلى مراكز تحكيمية متخصصة في موضوعات حقيقية ( بنكية‪ ،‬أسرية‪ ،‬بورصة‪ ،)...‬وبمؤهالت عائلية؛‬
‫نحتاج إلى شروط علمية واضحة للدخول في هذا الميدان( مذكرات أخالقية‪ ،‬نصوص قانونية واضحة‪.")...‬‬
‫‪327‬‬
‫وتعتبر جل قوانين مراكز التحكيم والوساطة بالمغرب إلى حد ما مسايرة لباق قوانين مراكز‬

‫التحكيم ع بر الع الم ومتطرق ة ألغلب المش اكل ب الحلول مم ا يجعله ا أداة فعال ة لح ل النزاع ات التجاري ة‬

‫واإلبق اء على العالق ات الودي ة بين التج ار والمس اهمة في دف ع عجل ة التق دم في ه ذا البل د ه ذا فق ط من‬

‫الناحي ة النظري ة‪ ،‬في حين أن ه على أرض الواق ع فالمالح ظ أن جمي ع ه ذه المراك ز تبقى قوانينه ا مج رد‬

‫حبر على ورق وال تؤدي الدور المنوط بها‪ ،‬إذ أن أزمة التحكيم في المغرب ليست أزم ة نص تش ريعي‬

‫بقدر ما هي أزمة ثقافة تحكيمية لدى المؤسسات التجارية وبقية اآلليات الفاعلة في الميدان التحكيمي‪.‬‬

‫كما أن هناك أزمة ثقة في المراكز التحكيمية التي ال تبدل المجهودات الالزمة للتعريف بها والمساهمة‬

‫في إبراز أهمية هذا النظام‪ ،‬وما يدل على هذا العدد الهزيل للقضايا التحكيمية التي عرضت على هذه‬

‫المراكز والتي ال تتجاوز عدد أصابع اليد‪.‬‬

‫فمن المؤس ف أن يك ون المغ رب ب الرغم من قرب ه من أورب ا وتش ابك عالقات ه االقتص ادية‬

‫والتجارية معها وانفتاحه المبكر على االقتصاد والتجارة الدوليين ودخوله في شراكة وتعاون مع معظم‬

‫بلدان العالم متوفر على مراكز تحكيمية بهذا المستوى الضعيف‪.958‬‬

‫وإ ذا ك انت هذه هي أهم الص عوبات التي تعترض مراكز التحكيم بالمغرب فما هي الص عوبات‬

‫االجتماعية التي يواجهها نظام التحكيم؟‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات االجتماعية التي تواجه نظام التحكيم‬

‫يعتبر نظام التحكيم آلية مهمة لفض المنازعات خصوصا في الوقت الراهن ويعود ذلك لكون‬

‫ج ل مش اريع االس تثمار الوطني ة الك برى تعت بر العنص ر األجن بي ض روريا ومهم ا ب ل ط رف أساس ي ال‬

‫‪ -‬مداخل ة لألس تاذ محمـد طـارق‪ "،‬ق راءة في واق ع تط بيق الق انون رقم ‪ 08 -05‬الخ اص ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة بع د ‪ 8‬س نوات"‪ ،‬في ن دوة‬
‫علمية تحت عنوان‪ "،‬التقنيات البديلة لتسوية المنازعات بين النص القانوني وواقع الممارسة"‪ ،‬بالمحمدية‪ ،‬الخميس ‪ 21‬ماي ‪.2015‬‬

‫‪ -958‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪328‬‬
‫غنى عن ه في بعض أنواع االس تثمارات‪ ،‬بحيث أص بح التحكيم ش رطا يحرص على إدراج ه كل طرف‬

‫مشارك في العقود واالتفاقيات الدولية لفض المنازعات بالسرعة المطلوبة‪.‬‬

‫لكن رغم هذا كله فنظام التحكيم وكأي نظام يسعى إلى النجاح البد من وجود بعض التحديات‬

‫التي تواجهه وتخلق صعوبات فعلية أمامه‪.‬‬

‫ومن بين تلك الصعوبات التي حالت وتحول دون تطويره وانتشاره ما يتعلق بالجانب النفسي‬

‫السيكولوجي (المطلب األول)‪ ،‬أو ما يخص الجانب االجتماعي (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المشاكل المؤثرة من الناحية النفسية السيكولوجية‬

‫إذا كان المشرع المغربي قد اهتم بالتحكيم إيمانا منه بأن هذا النظام يساهم بشكل كبير في حل‬

‫نزاعات األفراد ولكونه هو المعمول به لدى بعض المناطق التي تعيش على العرف والعادة‪ ،959‬ويظهر‬

‫ه ذا كل ه من خالل النص وص ال تي خص ها المش رع للتحكيم‪ ،960‬ومن التع ديل ال ذي عرفت ه بعض ه ذه‬

‫النصوص لمسايرة التطور الذي عرفته بعض النشاطات االقتصادية كالنشاط التجاري‪.961‬‬

‫إال أن اإلشكال الذي يبقى مطروحا هو حقيقة الدور الذي يلعبه التحكيم في مجتمعنا المعاصر‬

‫إذا نظرن ا إلي ه كمؤسس ة قانوني ة؟ ه ل فعال يتم اإلقب ال علي ه من ط رف المواط نين بجمي ع ش رائحهم من‬

‫أجل فض منازعاتهم؟ وإ ذا كان الجواب بالنفي فلماذا؟ ما هي الصعوبات النفسية السيكولوجية التي تقف‬

‫كعائق أمام تفعيل نظام التحكيم وأدائه مهامه بكل فعالية؟‬

‫‪ -959‬يوج د اآلن التحكيم في بعض المن اطق النائي ة ويحتكمون إلى شيخ القبيلة أو إلى ش خص يح دى ب االحترام ويتم تنفي ذ الحكم التحكيمي ب دون‬
‫صيغة تنفيذية حتى ال ينظر إلى الشخص الذي تقاعس عن التنفيذ نظرة اشمئزاز وحتى ال يبعد من الجماعة وهذا هو التحكيم الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -960‬لم يقتص ر تنظيم التحكيم على ق انون المس طرة المدني ة وح دها‪ ،‬ب ل نج د العدي د من المقتض يات ال تي له ا ص لة به ذا الموض وع في ق وانين‬
‫أخرى‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ومدونة األسرة‪ ،‬ومدونة الشغل‪ ،‬وغيرها من الظه ائر الصادرة في مجاالت مختلفة‬
‫والتي تنص في بعض مقتضياتها على اللجوء للتحكيم‪.‬‬
‫‪ -961‬يعد قانون ‪ 08 -05‬من أبرز الخيارات اإلستراتيجية المرتبطة بالتنمية‪ ،‬خاصة مع اتساع العالقات الدولية‪ ،‬وعولمة االقتصاد‪ ،‬وسرعة‬
‫تحرك األموال‪ ،‬وذلك من أجل توفير المناخ المالئم لالستثمار‪ ،‬وترسيخ دعائم األمن القانوني في ميدان األعمال‪.‬‬
‫‪329‬‬
‫هذا ما سنحاول معالجته من خالل تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين‪ :‬نخصص األولى للحديث عن‬

‫أهم الصعوبات السيكولوجية التي يطرحها التحكيم االختياري أما الفقرة الثانية فسنخصصها للحديث عن‬

‫أهم الصعوبات السيكولوجية التي تواجه التحكيم اإلجباري‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الصعوبات السيكولوجية التي يطرحها التحكيم االختياري‬

‫إذا ك ان التحكيم االختي اري ه و التحكيم ال ذي يلج أ إلي ه أط راف الخص ومة برض اهم وإ رادتهم‬

‫الح رة حيث ي ترتب على لج وئهم إلى التحكيم تن ازلهم الم ؤقت عن حقهم في ط رح ال نزاع على القض اء‬

‫العادي‪ ،‬فإن التحكيم اإلجباري هو الذي يخضع المشرع فيه الخصوم على اللجوء إليه لحل نزاعهم‪ ،‬إذ‬

‫ال يجوز لهم اللجوء إلى القضاء العادي بطرح ذلك النزاع عليه ألسباب اقتصادية أو اجتماعية والتحكيم‬

‫بهذا الشكل يعتبر استثناءا ألن األصل في التحكيم أن يكون اختياريا‪.963‬‬ ‫‪962‬‬
‫اإلجباري‬

‫نوعين أساسيين‪:‬‬ ‫‪964‬‬


‫ويتضمن التحكيم االختياري‬

‫وه و ال ذي يخض ع لنظ ام خ اص لمؤسس ة أو مرك ز تحكيمي حيث بموجب ه‬ ‫‪965‬‬


‫تحكيم مؤسس ي‬

‫تتح دد اإلج راءات واآلج ال‪ ،‬وتحكيم ح ر أو م ا يس مى بتحكيم الح االت الخاص ة وه و ال ذي يتم بمعرف ة‬

‫محكم أو محكمين يختارهم الخصوم وفقا لما يحدده هؤالء من قواعد وإ جراءات‪.‬‬

‫ففي هذا النوع من التحكيم ال يلجأ فيه الخصوم إلى هيئة تحكيم دائمة منظمة سلفا وتفصل فيما‬

‫يعرض عليها وفق قواعد وإ جراءات تحددها الئحتها‪ ،‬وإ نما يلجأ الخصوم إلى اختيار محكم أو أكثر ثم‬

‫يت ولى ه ؤالء المحكمين الفص ل في ال نزاع المع روض عليهم وفق ا لم ا ح دده لهم الخص وم من قواع د أو‬

‫وفقا للقواعد العامة في التحكيم‪.966‬‬

‫‪ - 962‬مثل التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية في مدونة الشغل المغربية‪.‬‬


‫‪ -963‬فاطمة الدحاني‪ "،‬دور رئيس المحكمة في التحكيم الداخلي بالمغرب"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -964‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد أبو الوفا ‪ "،‬التحكيم االختياري واإلجباري"‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ - 965‬راجع ما عرضنا له بخصوص موضوع" التحكيم المؤسسي" في المبحث الثاني من هذا الباب‪.‬‬
‫‪ -966‬أشرف عبد العليم الرفاعي ‪ ،‬اتفاق التحكيم والمشكالت العملية والقانونية في العالقات الخاصة الدولية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪330‬‬
‫والمالح ظ في المغ رب أن الثق ة في مث ل ه ذا الن وع من التحكيم غائب ة تمام ا مم ا يط رح مع ه‬

‫التساؤل لماذا يرفض الخصوم أن يتولى شخص خارج المحاكم مهمة حل نزاعاتهم؟ هل يرجع ذلك إلى‬

‫العقلية المغربية وتكوينها والتي لم تتعود على اتخاذ قرار فصل نزاع بناءا على اإلرادة بل تم التعود‬

‫على الص بغة القض ائية؟ أم إلى س بب ض عف الثقاف ة الخاص ة ب التحكيم‪967‬؟ أم يتعل ق األم ر بع دم ت وفر‬

‫األطراف على ضمانات كافية لحياد المحكم واستقالله؟‬

‫في المغرب قد يرجع إلى عدة عوامل من بينها‪:‬‬ ‫‪968‬‬


‫إن سبب معانات التحكيم االختياري الحر‬

‫أوال‪ :‬تشبث أطراف النزاع بقضاء الدولة‬

‫إن اخ تزال مفه وم العدال ة في تل ك المتأتي ة من مح اكم الدول ة المش كلة للتنظيم القض ائي أص بح‬

‫مس ألة متج ذرة في القناع ة الجماعي ة المغربي ة‪ ،‬مم ا ي دل إم ا على ع دم ثق ة أط راف ال نزاع في نظ ام‬

‫التحكيم أو عدم درايتهم بمزاياه‪.969‬‬

‫ضعف مؤشــــر الثقـــــة‬ ‫‪-1‬‬

‫إن الثق ة المفرط ة للمحتكمين وللمؤسس ات التجاري ة والمس تثمرين في القض اء الرس مي وس يطرة‬

‫ثقافة القضاء الرسمي على المواطن‪ ،‬قد تكون من أبرز الصعوبات االجتماعية التي تحول دون انتشار‬

‫التحكيم‪.970‬‬

‫‪ -967‬سنتناول الحديث بتفصيل عن مسألة " عدم انتشار ثقافة اللجوء للتحكيم" في المطلب الثاني الالحق من هذا الموضوع المتعلق بالصعوبات‬
‫ذات الطابع االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -968‬ينبغي اإلش ارة إلى أن التحكيم االختياري الحر يع اني من منافس ة مراكز التحكيم سواء الوطنية أو الدولي ة‪ ،‬إذ في الغ الب يتم اللجوء لمثل‬
‫هذه المراكز لما توفره من وضوح في المصاريف‪ .‬ففي التحكيم الحر قد يصطدم بمصاريف ال يستحقها موضوع النزاع أصال‪.‬‬
‫‪ -969‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪ -970‬عب ــد الوه ــاب الب ــاهي‪ "،‬ت ونس مرك ز للتحكيم‪ ،‬المتطلب ات والرهان ات"‪ ،‬سلس لة دراس ات برلماني ة بعن وان‪ ":‬التحكيم في ت ونس‪ ،‬الواق ع‬
‫والرهانات"‪ ،‬وقائع اليوم الدراسي السابع‪ ،‬األربعاء ‪ 10‬ماي ‪ ،2006‬بتونس‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪331‬‬
‫في حين أن‬ ‫‪971‬‬
‫فالقض اء ينظ ر إلي ه على أن ه م وطن الض مانات باعتب اره إح دى س لطات الدول ة‬

‫التحكيم ه و عم ل ش خص أو أش خاص ال يمثل ون الدول ة بأي ة ح ال‪ ،‬ف المحكم يس تمد واليت ه من إرادة‬

‫الفرقاء الذين اختاروه أو فرضوا جهة أو شخصا في اختياره‪.972‬‬

‫فهن اك كث ير من المتن ازعين ووكالئهم يميل ون إلى اللج وء للمح اكم واإلص رار على الل ذة في‬

‫الخص ام‪ ،‬وافتع ال المس اطر واإلج راءات العدي دة والمتش عبة ورك وب ك ل الس بل ال تي تمكنهم من ه زم‬

‫الخصم وإ ثقال كاهله بالمصاريف القضائية والنزاعات الكيدية‪.973‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬نالحظ تجاهل هؤالء األطراف المتنازعة لمصالحهم الحقيقية وتشبثهم بالمواقف‬

‫والمشاعر وعدم استعدادهم نفسيا للتنازالت المتقابلة‪ ،‬مما يجعلهم يعتقدون بأن الحاجات المتنازع بشأنها‬

‫ال يمكن االس تجابة له ا إال على حس اب الط رف اآلخ ر‪ ،‬فيكون ون في وض عية رابح‪ /‬خاس ر في إط ار‬

‫الدعوى القضائية‪ .‬فيتم اللجوء إثر ذلك وبطريقة كيدية إلى الطعن في الحكم القضائي الذي يؤدي إلى‬

‫تأخير تنفيذه‪ .‬ولعل الحكاية الشعبية المتداولة تعبر أحسن تعبير عن العقلية العدائية السائدة في الواقع‬

‫أن رجال ب اع عجال لمواجه ة مص اريف الدعوى القض ائية التي رفعها‬ ‫‪974‬‬
‫المغ ربي‪ .‬ومفاد هذه الحكاية‬

‫ض د ج اره ألن ه ذا األخ ير قت ل ل ه ديك ا‪ .‬ويب دو أن ه ذه العقلي ة العدائي ة ال تج د س ببها في األمي ة ال تي‬

‫تصيب فئة عريضة من المجتمع المغربي بل نجدها منتشرة لدى الفاعلين االقتصاديين‪ ،975‬إذ تكون أول‬

‫‪ -971‬في هذا اإلطار يقول ذ‪ .‬عبد اهلل درميش‪ ":‬إن التحكيم قضاء استثنائي في التحكيم الداخلي والقضاء الرسمي هو األصل‪ ،‬أما في المنازعات‬
‫التجارية الدولية والمنازعات االستثمارية فالتحكيم قضاء أصيل والقضاء الرسمي هو استثناء في هذا النوع من المنازعات"‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -972‬الكـوفي علي أعبـوده‪ "،‬بعض التح ديات ال تي تواج ه التحكيم في ليبي ا‪ ،‬التحكيم في ليبي ا بين ترك ة الماض ي وآف اق المس تقبل"‪ ،‬مجل ة التحكيم‬
‫العالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪ ،18‬أبريل ‪ ،2013‬السنة الخامسة‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -973‬محمد سالم‪ ،‬دور الطرق البديلة لحل المنازعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة"‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬العدد ‪،87‬‬
‫ص ‪.44‬‬
‫‪ -974‬صدوق رشيد‪ "،‬إستراتيجية تنمية العدالة في المغرب"‪ ،‬دار النشر المغربية‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ص ‪.285‬‬
‫‪ -975‬صدوق رشيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫‪332‬‬
‫ردة فعلهم على إث ر نش وء ن زاع هي تحري ك مس طرة نزاعي ة أم ام القض اء دون التفك ير في ب دائل‬

‫أخرى‪.976‬‬

‫فالتصور التقليدي الذي يدفع إلى التشبث بالنظام القضائي للدولة ويرفض بالتالي كل حل متأتي‬

‫من اعتم اد الوس ائل البديل ة وعلى وج ه الخص وص التحكيم ق د يج د تفس يره في أن المواط نين بق در م ا‬

‫تتولد لديهم أزمة ثقة داخل المجتمع بقدر ما تتجذر ثقتهم في كل ما يصدر عن الدولة‪ ،‬فال يثق ون إال في‬

‫األجهزة الرسمية للدولة‪.977‬‬

‫وينبغي اإلشارة أن التحكيم كان الوجهة المفضلة لتسوية المنازعات في فترة الحماية فالعديد من‬

‫القض ايا تم حله ا ع بر آليات ه دون ط رق أب واب القض اء الرس مي‪ ،‬ولكن بع د حص ول المغ رب على‬

‫االستقالل ومغادرة كثير من األجانب له أخذ االهتمام بالتحكيم يقل‪ ،‬ويمكن أن يفسر هذا في جانب كب ير‬

‫منه إلى ضعف وعي المتقاضين الذين يجهلون أو الكثير منهم نظام التحكيم‪.978‬‬

‫أنه رغم تنظيم المشرع المغربي للتحكيم والوساطة االتفاقية‬ ‫‪979‬‬


‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أكد أحد الفقهاء‬

‫ف إن "األغلبي ة الس احقة من المغارب ة المس تهلكين والبس طاء ال زالت تتمس ك بالقض اء الع ادي ال لمجانيت ه‬

‫فقط بل للثقة في سلطته ونفوذه"‪.‬‬

‫‪ -976‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.164‬‬


‫‪ -977‬عبد الصادق ربيع‪ "،‬التحكيم التجاري‪ :‬من التشكيك إلى المصداقية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -978‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -979‬أحمد شكري السباعي ‪ "،‬الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬دار نشر المعرفة‬
‫الرباط‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬ص ‪.308‬‬
‫‪333‬‬
‫ويظه ر ه ذا ال تراجع جلي ا من خالل تحمي ل القض اء العبء األوف ر في تس وية نزاع ات‬

‫وهذا ما تترجمه عدد القضايا المعروضة على محاكمه‪ ،‬إذ انتقلت تدريجيا من ‪307.627‬‬ ‫‪980‬‬
‫األشخاص‬

‫قضية سنة ‪ 1957‬إلى أكثر من ثالثة ماليين قضية سنة ‪ 2004‬أي بزيادة تقارب ‪ ،%3000‬وإ ذا كانت‬

‫ه ذه اإلحص ائيات تهم القض ايا بش كل ع ام دون التمي يز فيم ا بينه ا (فيم ا إذا ك انت مدني ة أو تجاري ة أو‬

‫عقارية‪ ،)...‬فإن القضايا ذات الطابع التجاري المعروضة على القضاء كان عددها خالل سنة ‪2003‬‬

‫يناهز ‪ 96716‬قضية جديدة و ‪ 98943‬قضية محكومة‪.981‬‬

‫وقد سجلت المحكمة التجارية بالدار البيضاء وحدها سنة ‪ 2003‬ما يمثل نسبة ‪ % 61.20‬من‬

‫مجموع القضايا المسجلة على صعيد المحاكم التجارية المغربية‪.982‬‬

‫أم ا س نة ‪ 2013‬فق د بل غ ع دد القض ايا المس جلة بمجم وع المح اكم ‪ 2 .469 .043‬قض ية من‬

‫و‪85‬‬ ‫‪984‬‬
‫بينها ‪ 239 .811‬قضية بمحاكم الدرجة الثانية‪ ،983‬و‪ 2 .086 .382‬قضية بالمحاكم االبتدائية‬

‫‪ 142 .0‬قضية بمحاكم الدرجة األولى المتخصصة‪.985‬‬

‫‪ -980‬وذل ك ب الرغم من المش اكل ال تي يع اني منه ا القط اع المغ ربي‪ ،‬إذ يق ول محمـد اإلدريسـي العلمي في ه ذا الب اب م ا يلي‪...":‬أق ل المؤسس ات‬
‫تطورا مع روح العصر‪...‬ال نلمس كثيرا التغيير في طرق عمله وتفتحه على التجديد‪ ،‬أو باألحرى يكاد يكون القضاء الباب األكثر جمودا‪،"...‬‬
‫دراسة تحت عنوان" استقالل القضاء وفصل السلط"‪ ،‬مجلة القانون واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سنة ‪ ،1990‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -981‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 982‬تعج المحاكم التجارية بملفات كثيرة حول المنازعات التجارية والمالية والعقارية مما يعيق االستثمار‪ ،‬ويكبح عجلة التطور‪.‬‬
‫وتشير اإلحصاءات إلى أن عدد القضايا التي تروج في المحكمة التجارية لمدينة الدار البيضاء تتراوح بين ‪ 8000‬و ‪ 10‬آالف قضية شهريا‪،‬‬
‫أك ثر من نص فها عب ارة عن منازع ات بين البن وك وعمالئه ا‪ ،‬ومن أك ثر القض ايا المطروح ة م ا يتعل ق ب العقود البنكي ة واس تخالص الق روض‬
‫وغيرهما‪ ،‬وفق تقارير إعالمية‪.‬‬
‫‪-‬خالد مجدوب ‪"،‬المغرب يعتزم إحداث مراكز جهوية للتحكيم الستقطاب المستثمرين"‪ ،‬مقال منشور على الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ http//www.maghress.com‬تاريخ حصر الموقع‪.2012 /4 /14 :‬‬
‫‪ 21 -983‬محكمة استئناف و‪ 3‬محاكم استئناف تجارية ومحكمتي استئناف إداريتين‪.‬‬
‫‪ 70 -984‬محكمة ابتدائية‪.‬‬
‫‪ 8 -985‬محاكم تجارية و‪ 7‬محاكم إدارية‪.‬‬
‫‪334‬‬
‫كما بلغ عدد القضايا الرائجة بمجموع محاكم المملكة ‪ 3 .342 .653‬قضية من بينها ‪.725‬‬

‫‪ 400‬قضية بمحاكم الدرجة الثانية‪ ،‬و‪ 2 .749 .632‬بالمحاكم االبتدائية‪ ،‬و‪ 192 .296‬قضية بمحاكم‬

‫الدرجة األولى المتخصصة‪.‬‬

‫وبالنسبة للقضايا التي تم البت فيها خالل سنة ‪ 2013‬بمجموع محاكم المملكة فقد بلغت ‪.002‬‬

‫‪ 2 .465‬قض ية من بينه ا ‪ 243 .644‬قض ية تم البت فيه ا بمح اكم الدرج ة الثاني ة‪ ،‬و ‪2 .073 .270‬‬

‫قضية بالمحاكم االبتدائية و‪ 148 .088‬بمحاكم الدرجة األولى المتخصصة‪.986‬‬

‫بينم ا ال نك اد نس مع بتس وية قض ية م ا عن طري ق إح دى المراك ز التحكيمي ة ك المركز األطلن تي‬

‫للوساطة والتحكيم بأكادير مثال‪.‬‬

‫التحليل االقتصادي الختيار المتنازعين آللية حل النزاع‬ ‫‪-2‬‬

‫للنزاع ات ينطل ق من مس لمة مفاده ا أن لألط راف المتنازع ة س لوكا‬ ‫‪987‬‬


‫إن التحلي ل االقتص ادي‬

‫يمكنهم من اختيار الطريق الذي يسمح لهم من الحصول على أقصى منفعة سواء باللجوء إلى‬ ‫‪988‬‬
‫عقالنيا‬

‫‪ -986‬أنظر في هذا الشأن‪:‬‬


‫‪ -‬كتاب بعنوان " معالم على درب اإلصالح العميق والشامل لمنظومة العدالة‪ ،‬حصيلة منجزات وزارة العدل والحريات خالل سنة ‪ ،"2013‬سنة‬
‫‪.2013‬‬
‫‪ - 987‬التحليل االقتصادي للقانون هو تطبيق ألدوات التحليل االقتصادي على القانون‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬فهد علي الزميع ‪ "،‬التحليل االقتصادي للقانون بين التجريد النظري والتطبيق العملي"‪ ،‬مجلة الحقوق الكويتية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪.2012‬‬
‫‪ -‬محمد علي اللبني ‪" ،‬مقدمة في التحليل االقتصادي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪.1970‬‬
‫‪ -‬مطانيوس حبيب ‪" ،‬بعض مسائل االقتصاد الالسياسي‪ ،‬العولمة وتداعياتها في الوطن العربي"‪ ،‬دار الرضا للنشر‪ ،‬دمشق‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬تظهر تجليات هذا السلوك العقالني في لجوء بعض الشركات الكبرى‪ ،‬خاصة فروع الشركات األجنبية في الغرب إلى اعتماد الوسائل‬ ‫‪988‬‬

‫البديلة بدل القضاء ذي التكلفة المرتفعة منظور إليها من حيث طول مدة الدعوى وعلنية الجلسات وبطء المساطر‪.‬‬
‫وتشكل نظرية اللعب اإلطار النظري لهذا السلوك العقالني‪.‬‬
‫وأساس نظرية اللعب يعتمد على التحليل االقتصادي لمحاولة فهم القرار العقالني الذي ينبغي اتخاذه من قبل األطراف المعنية عندما تكون‬
‫قرارات كل منهم مرتبطة بقرارات الطرف اآلخر‪ .‬ويمكن تطبيق هذه النظرية في مجال النزاعات لمحاولة تفسير نزوع لجوء األطراف إلى‬
‫القضاء الرسمي طلبا لحل النزاع الذي ينشب بينهم‪ .‬وتعتمد هذه النظرية لمحاولة تقديم إجابة عن السؤال اآلتي‪ :‬لماذا يقرر األطراف اللجوء إلى‬
‫قضاء الدولة بدل اعتماد الوسائل البديلة؟‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫‪335‬‬
‫القضاء أو اللجوء إلى الوسائل البديلة ‪ -‬ومنها على وجه الخصوص التحكيم‪ ،-‬خاصة وأنه في مجال‬

‫اقتصاد القضاء ينظر إلى الدعوى القضائية على أنها بمثابة فشل التعاون بين األطراف‪ .‬وتكمن أهمية‬

‫ه ذا التع اون في تس هيل اعتم اد التس وية الودي ة ال تي تمكن‪ -‬في غ الب األحي ان‪ -‬من تحقي ق ف ائض‬

‫لألطراف مقارنة مع الحكم القضائي‪.‬‬

‫فإص دار الق رار القض ائي ي ؤدي إلى حص ول ال ربح أو الخس ارة لألط راف‪ ،‬وك ل ذل ك يتم في‬

‫إط ار القواع د القانوني ة‪ .‬فالتسلس ل الزم ني للق رارات ال تي يتخ ذها األط راف ه و ك اآلتي‪ :‬بع د نش وء‬

‫الخالف‪ ،‬يلجأ الطرف المتضرر إلى تقديم الدعوى أمام القضاء‪ ،‬وذلك بعد إجراء المقارنة بين التكاليف‬

‫ال تي تتطلبه ا ه ذه ال دعوى والمزاي ا ال تي تتحق ق من س لوك الطري ق القض ائي من جه ة وك ذا إج راء‬

‫المقارن ة بين مكاس ب التف اوض والتس وية الودي ة م ع مكاس ب إص دار الق رار القض ائي من جه ة أخ رى‪.‬‬

‫فالسلوك العقالني والمنطقي الذي يوجد وراء اللجوء إلى القضاء ينبني على مقارنتين تفضيان إلى نهج‬

‫الطريق القضائي (مكاسب الدعوى أكبر من التكاليف التي تتطلبها المسطرة القضائية ومكاسب التقاضي‬

‫أكبر من مكاسب التسوية الودية)‪.989‬‬

‫فالمدعي ينطلق من تقييم مكاسب دعواه بأنها النتيجة المتأتية من ضرب احتمال نجاحه في مبلغ‬

‫الذي يتوق ع أداءه من قبل المدعى عليه‪ .‬إذن فاختيار نوع الطريق الذي يجب سلكه لحل‬ ‫‪990‬‬
‫التعويض‬

‫النزاع ال يرتبط إال بتوقعات الربح والتكاليف المرتبطة بالحكم القضائي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن توقع‬

‫المدعي ربح قضيته بناء على احتمال ‪ %70‬والحصول على مبلغ التعويض في حدود ‪ 10.000‬درهم‬

‫م ع خص م تك اليف ال دعوى ال تي تق در ب ‪ 2000‬درهم‪ ،‬يجع ل أن المبل غ األدنى ال ذي يقب ل الم دعي‬

‫التفاوض بشأنه هو كالتالي‪ 5000 =2000 -10.000 *%70 :‬درهم‪ .‬فإذا كان المدعى عليه يقترح‬

‫على الم دعي مبلغ ا أق ل من ‪ 5.000‬درهم في إط ار التس وية الودي ة‪ ،‬ف إن ه ذا األخ ير لن يقب ل ب ه‪،‬‬
‫‪ -989‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.167‬‬
‫‪ - 990‬بكيفية عامة‪ ،‬يتعلق األمر بما يجنيه المدعي من المدعى عليه سواء كان تعويضا أو عدم فسخ العقد أو تأكيدا للملكية‪...‬‬
‫‪336‬‬
‫وسيفض ل ب دال من التحكيم اللج وء إلى القض اء‪ .‬وفي الج انب المقاب ل‪ ،‬ف إذا افترض نا أن الم دعى علي ه‬

‫يعتقد أن خصمه (المدعي) يتوفر على احتمال ‪ %50‬للحصول على تعويض ‪ 10.000‬درهم مع نفس‬

‫التكلف ة أي ‪ 2000‬درهم‪ ،‬وك ان المبل غ األقص ى ال ذي يك ون مس تعدا ألدائ ه ه و ‪ 7.000‬درهم ( ال ذي‬

‫يف وق م ا يط الب ب ه الم دعي‪ 5000 =10.000 * %50 :‬درهم)‪ ،‬ف إن في ه ذه الحال ة هن اك إمكاني ة‬

‫تس وية ال نزاع ودي ا م ا دام المبل غ ال ذي يط الب ب ه الم دعي أق ل من المبل غ األقص ى ال ذي يك ون الم دعي‬

‫عليه مستعدا ألدائه‪.‬‬

‫وهك ذا ف إن التب اين في توقع ات األط راف يمكن أن ي ؤدي إلى تفض يل ال دعوى على التس وية‬

‫الودي ة‪ :‬ف إذا ك انت األط راف تتوق ع ارتف اع حظ وظ نجاحه ا في ال دعوى‪ ،‬فيك ون من الص عب حص ول‬

‫تس وية ودي ة بينهم‪ .‬وعلى العكس من ذل ك‪ ،‬ف إذا ك انت توقع اتهم متش ائمة بش أن نج اح ال دعوى‪ ،‬فهن اك‬

‫حظوظ إلبرام تسوية في هذا المجال‪.991‬‬

‫ومن ج انب آخ ر‪ ،‬ف إن انع دام ال وعي بأهمي ة نظ ام التحكيم وانعكاس اته االيجابي ة على األط راف‬

‫وال ربح في ال وقت والجه د‪ ،993‬ف يرجع على م ا يب دو إلى مش كل‬ ‫‪992‬‬
‫من حيث االقتص اد في المص اريف‬

‫تنزع نحو التفاوض وتفادي وسائل المواجهة‪ .‬هذا فض ال عن أن‬ ‫‪994‬‬


‫بنيوي متجسد في غياب ثقافة سلمية‬

‫نج اح اعتم اد اللج وء إلى ه ذه الوس يلة في ال دول المتقدم ة تفس ره عوام ل مرتبط ة من جه ة‪ ،‬بنض ج‬

‫‪ -991‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.166‬‬


‫‪ - 992‬يعتبر البعض أن التحكيم ليس عدالة متاحة للجميع‪ ،‬بل عدالة من نوع رفيع تتطلب أمواال طائلة ال يستطيع اللجوء إليه إال الشركات‬
‫الكبرى واألغنياء‪.‬‬
‫‪ -‬أنظر ماتمت دراسته بخصوص هذا الموضوع في المطلب الثاني من هذا الفرع‪.‬‬
‫‪ - 993‬هناك من ينظر إلى مسألة ارتفاع تكاليف التحكيم نظرة نسبية بالنظر إلى اعتبارات مرتبطة بتعقد النزاع ( عقود مركبة ومعقدة) وأهمية‬
‫المبالغ المتنازع بشأنها وأن غالبية النفقات الواجبة (‪ )%80‬موجهة لخدمات المستشارين والخبراء والمصاريف اإلدارية وليس للمحكمين‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -‬محي الدين إسماعيل علم الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ - 994‬للمزيد من التفصيل بشأن "مظاهر غياب الثقافة السلمية في المجتمع المغربي"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل لخلوفي ‪ "،‬آليات صناعة التخلف وقفة صريحة مع الذات"‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬
‫‪337‬‬
‫وبوجود تحول اجتماعي جوهري يتجلى في الوضعية التي‬ ‫‪995‬‬
‫المجتمع الذي يعطي للوقت قيمة خاصة‬

‫من خاللها يتم المرور من قانون مفروض إلى قانون متفاوض بشأنه من جهة أخرى‪ ،‬مما يعني تراجع‬

‫زمن الدولة القوية التي تعتمد على التشريع والقوانين التنظيمية كوسائل الضبط وحلول محلها تدريجيا‬

‫زمن العقد‪ .‬كما أن العقلية الغالبة لدى فئة عريضة من المتقاضين هي عقلية االنتقام من الخصم بجره‬

‫أم ام رده ات المح اكم دون إقام ة أي اعتب ار للنت ائج ال تي س يجنيها من وراء ذل ك‪ .‬وه ذه التص رفات‬

‫الخاطئة تعزى إلى عدم تشكل بيئة اجتماعية يسود فيها الحوار والتشاور وثقافة العدالة التصالحية بدل‬

‫المواجه ة ذات التكلف ة الباهظ ة اجتماعي ا واقتص اديا‪ .‬ه ذا فض ال عن أزم ة ثق ة داخ ل المجتم ع وتراج ع‬

‫الوازع األخالقي‪ ،‬مما يؤدي باألطراف إلى إجادة البحث عن الوسائل القانونية وغير القانونية للتنكيل‬

‫بخصومهم أمام المحاكم أو بعرقلة تنفيذ القرارات القضائية أو التحكيمية‪.996‬‬

‫ثانيا‪ :‬التباعد النفسي بين المحكم والمحتكمين عامل أساسي في أزمة التحكيم‬

‫إن سبب عدم اإلقبال على التحكيم االختياري الحر في المغرب من الناحية النفسية السيكولوجية‬

‫قد يرجع إلى عدم معرفة المحتكمين بالمحكم معرفة كافية توفر لهم الثقة في حيدته وأمانته واستقالله‪.‬‬

‫فحتى تكون هناك محاكمة عادلة حسب المقاييس المتعارف عليها البد وأن يكون المحكم محايدا‬

‫لكن ماذا نقصد بالحياد واالستقاللية؟‬ ‫‪997‬‬


‫ومستقال‬

‫‪ -1‬استقالل المحكم وحياده‬

‫‪ -995‬عبد اهلل لخلوفي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫يذهب المؤلف إلى أن" الطريقة التي يتم التعامل بها مع الوقت هي التي تحدد الفرق بين األمم التي تنشد التقدم االجتماعي واالقتصادي واألمم‬
‫التي تعيش على الهامش"‪.‬‬
‫‪ -996‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.171 -170‬‬
‫‪997‬‬
‫‪- Ahmed ouerfelli, " l’arbitrage dans la jurisprudence tunisienne", édition latrach, LGDJ, 2010, p228.‬‬
‫‪338‬‬
‫االس تقاللية هي مجم وع العناص ر الموض وعية ال تي ت بين ع دم وج ود أي عالق ة س ابقة ألح د‬

‫الحكام مع أحد األطراف والتي من شأنها التأثير على صحة التحكيم‪ ،998‬وإ ذا كان المحكم مستقال عن‬

‫كل المؤثرات الخارجية فإن هذا ال يكفي لوحده بل يتعين عليه أن يحصن نفسه من التأثر بموقف هذا‬

‫الط رف أو ذاك‪ ،‬وخصوص ا الط رف ال ذي اخت اره وأن يل تزم ج انب الحي اد ح تى ال يجع ل أي ط رف‬

‫يطمع في محاباته واستمالته‪.‬‬

‫والمحكم مثل ه مث ل القاض ي يجب علي ه أال يس تند إلى علم ه الشخص ي في إص دار أحكام ه وإ نم ا‬

‫عليه أن يستند على الحجج والبراهين التي قدمت أمامه ونوقشت من طرف األطراف وسلموا بها‪.‬‬

‫إال أن للتحكيم خص ائص يختص به ا ومن أهمه ا أن المحكم ق د يخت ار من بين أرب اب الص نائع‬

‫كأن يختار مهندس فالحي مثال للبت في نزاع بين الفالحين فيما يرجع لشؤون فالحتهم‪ ،‬أو يختار رجل‬

‫صناعة ضليع في مهنته للنظر في نزاع من طبيعة تقنية صرفة نشب بين صناعيين من حرفته‪.‬‬

‫وهن ا الب د من التمي يز بين العلم الشخص ي والمعرف ة الشخص ية‪ ،‬ف المحكم يس تند إلى معرفت ه‬

‫ودرايته‪ ،‬إذ غالبا ما يكون من أرباب الصنائع والحرف فهو يوظف معرفته ببواطن األمور‪ ،‬إال أنه ال‬

‫يس تند إلى م ا وص ل إلى علم ه الشخص ي من أم ور تتص ل ب النزاع المع روض أمام ه‪ .‬ف إذا ك ان ال نزاع‬

‫المط روح يتعلق ح ول عيب خفي ظه ر في بض اعة معين ة ف إن للمحكم أن يس تند إلى معرفت ه حول ه ذه‬

‫البض اعة ون وع العي وب ال تي يمكن أن تظه ر به ا خالل م دة معين ة‪ ،‬وحص ر أس باب ه ذه العي وب ه ل‬

‫ترجع إلى الصنع مثال أو إلى التخزين أم أن هذه العيوب ترجع أساسا إلى عدم التقيد بضوابط التلفيف‬

‫والنقل؟ وهذه كلها أمور تقنية يمكن للمحكم أن يستند في تحديدها إلى معرفته وخبرته وحنكته وكلها من‬

‫مكونات علمه ورصيده المعرفي‪.‬‬

‫‪ -998‬عبد الرحيم زضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي" م س‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫‪339‬‬
‫إال أن ه ال يمكن ه بح ال أن يس تند إلى م ا وص ل إلى علم ه من معطي ات وق رائن ح ول ال نزاع‬

‫المع روض أمام ه س واء قب ل نش وب المنازع ة أو أثناءه ا‪ ،‬ك أن يس تند على م ا ي روج في أوس اط التج ار‬

‫بخص وص س معة الط رف الم دعى علي ه وبأن ه ع رف ب الغش في البض اعة مثال أو أن هن اك مح اوالت‬

‫سابقة بين الطرفين للتوصل إلى صلح وأن الطرف المدعى عليه قد اعترف بما نسب إليه من أخطاء‪،‬‬

‫فه ذه كله ا وق ائع م ا لم تع رض على المحكم وتن اقش أمام ه ليس بإمكان ه أن يس تند عليه ا ويجعله ا من‬

‫أسباب وعلل حكمه وإ ن فعل يكون قد استند إلى علمه الشخصي وهو علم محظور عليه لتنافيه م ع مب دأ‬

‫الحياد ويعرض بالتالي حكمه لإللغاء‪.999‬‬

‫وبالت الي ف إن المحكم يجب علي ه أن يتجنب أي ش يء من ش أنه أن يخ ل بمب دأ الحي اد‪ ،‬وذل ك ألن‬

‫أي إخالل بموجب الحياد من شأنه أن يكون منحازا إلى أحد األطراف وبالتالي تنتزع عنه صفة الحياد‬

‫والنزاهة‪.1000‬‬

‫والتزام المحكم بالحياد ليس بااللتزام اليسير إذ يتطلب من ه تركيزا عاليا وضميرا نبيال مدعما‬

‫بالت دريب العلمي ال ذي يكف ل ممارس ته لمهام ه بحي اد‪ ،‬كم ا يتطلب فهم ا عميق ا لحقيق ة مهمت ه وممارس ته‬

‫بعيدا عن التعصب واالنتماءات العرقية أو التأثر بأية قرابة أو مصاهرة أو أي عالقة تبعية بين المحكم‬

‫أو أحد أقاربه وبين أحد أطراف النزاع وهذا ما أكدت عليه العديد من التشريعات‪ ،1001‬وكذلك القانون‬

‫المغ ربي من خالل الفص ل ‪ 323‬من ق انون ‪ 08-05‬وال ذي ح دد الح االت ال تي يتم فيه ا تج ريح المحكم‬

‫وبالتالي انسحابه من العملية التحكيمية بحيث تعتبر إجراءات التحكيم التي شارك فيها كأنها لم تكن بما‬

‫‪ -999‬خديجة فارحي ‪ ،‬محاضرات في مادة‪ "،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬ألقيت على طلبة ماستر قانون األعمال‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009 -2008‬‬
‫‪ -1000‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -1001‬اشترط قانون التحكيم المصري لسنة ‪ 1994‬حياد المحكم وذلك في موضعين األول‪ :‬عندما ألزمت المادة ‪ 16/3‬المحكم باإلفصاح عن أي ة‬
‫ظروف من شأنها إثارة الشكوك حول حياده أو استقالله والثاني‪ :‬عندما أجازت المادة ‪ 17/1‬رد المحكم إذا ما قامت ظروف تثير شكوكا حول‬
‫حي اده أو اس تقالله‪ ،‬وبعض األنظم ة تف ترض تح يز المحكم بحس ب األص ل م ا لم يتف ق األط راف أو ينص العق د أو القواع د المؤسس ية أو الق انون‬
‫الواجب التطبيق على غير ذلك كما تبين بعض األنظمة مفهوما خاطئا للحياد تحظر بمقتضاه على األطراف حتى معرفة أسماء المحكمين بحجة‬
‫الحفاظ على حيادهم ومنها قواعد جمعية كوبنهاجن لتبادل الحبوب واألغذية‪.‬‬
‫‪340‬‬
‫في ذلك الحكم التحكيمي‪ ،‬وهذا يعتبر في حد ذاته ضمانة لألطراف إال أنها ضمانة غير كافية ألن تحيز‬

‫المحكم في بعض الح االت ق د يص عب إثبات ه ه ذا من ناحي ة‪ ،‬ومن ناحي ة أخ رى ف التحقيق القض ائي في‬

‫دواف ع المحكم ليس ب األمر اليس ير في دع وى ع دم حي اده ب ل ق د يتع ارض م ع اس تقاللية المحكم في أداء‬

‫مهمت ه وله ذا ف إن االهتمام بتس جيل جلس ات التحكيم وتمكين األط راف من اإلطالع عليها ق د يكفل الحد‬

‫من تحيز المحكم وييسر إثبات هذا التحيز‪.1002‬‬

‫وتج در اإلش ارة إلى أن ه يتعين توعي ة األط راف أن المحكم المعين من قبلهم ال يعت بر وكيال أو‬

‫محاميا عن الطرف الذي عينه وأنه ملزم بالمحافظة على السر المهني‪ .‬على أنه من األهمية بمكان أن‬

‫يكون وا على بين ة من الواجب ات الملق اة على ع اتق المحكم المخت ار من الق درة والص الحية ألداء المهم ة‬

‫بدون تحيز في المواعيد المناسبة مع التصريح بكل الظروف التي من شأنها احتمال إثارة شكوك حول‬

‫حي اده واس تقالله‪ .1003‬ونش ير بش أن االس تقاللية ك ون محكم أم ريكي مرم وق وض ع ش روطا لمقابلت ه م ع‬

‫الط رف ال ذي ي رغب في اختي اره محكم ا عن ه وهي أن تج ري مقابل ة الط رف المع ني في مكتب ه وليس‬

‫على غداء أو عشاء وذلك بمعية محام مستقل‪ ،‬دون أن تتجاوز مدة المقابلة نصف ساعة‪ ،‬مع تسجيل ما‬

‫دار في االجتم اع لتمكين ذوي الش أن من االطالع علي ه ( اإلفص اح للمحكم اآلخ ر عن وق وع‬

‫المقابلة)‪.1004‬‬

‫كم ا هن اك بعض الهيئ ات‪ 1005‬تش ترط أن يك ون المحكم من جنس ية تختل ف عن جنس ية األط راف‬

‫توخيا للحياد وعدم انحيازه للطرف الذي يتحد معه بالجنسية‪.1006‬‬

‫‪ - 2‬مسؤولية المحكم في ممارسة الحياد واالستقاللية‬

‫‪ -1002‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.98‬‬


‫‪ -1003‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ -1004‬محمد سليم العوا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -1005‬المادة ‪ (18‬الفقرة ‪ )4‬من االتفاقية العربية للتحكيم التجاري‪.‬‬
‫‪ -1006‬علي طــاهر البيــاتي‪ "،‬التحكيم التج اري البح ري‪ ،‬دراس ة قانوني ة مقارن ة"‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬اإلص دار‬
‫األول‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.117‬‬
‫‪341‬‬
‫إن التحكيم ق د يحس ن أو يساء استخدامه ف إذا ق ام المحكم أو هيئ ة التحكيم بواجبهم تحققت مزايا‬

‫التحكيم ولكن ه ذه المزاي ا تتالش ى وتنقلب إلى ض دها وتك ون النتيج ة ش را ب ل ش را محض ا عن دما تحي د‬

‫إج راءات التحكيم عن قواع ده الس ليمة فيتص دى للتحكيم محكم ون غ ير أكف اء يش وب س لوكهم التح يز‪،‬‬

‫يعالجون الوقائع في ظل مصالح شخصية ضمن إجراءات خاطئة تقودهم في النهاية إلى حكم مجانب‬

‫للع دل و مج انب للص واب فتح ل الكارث ة ألن حكم التحكيم مهم ا ك ان مجحف ا فه و نه ائي ومل زم وواجب‬

‫النفاذ‪.1007‬‬

‫فك ل إس اءة يرتكبه ا المحكم في إدارة التحكيم تعت بر انحراف ا عن العدال ة وأن االل تزام بقواع د‬

‫الس لوك في جانبه ا الخلقي ليس أق ل أهمي ة من االلتزام في قواعد التحكيم وش روطه في جانبه ا القانوني‬

‫ألن الخطأ في الجانب الخلقي يرد إلى سوء النية أو سوء القصد وتعمد اإلضرار بالخصوم‪ ،‬وهي أمور‬

‫لو صحت ألذهبت الثقة بالمحكم وأساءت إلى سمعته المهنية إساءة قد يفقد بسببها مهنته كلها‪ ،‬أما الخط أ‬

‫القانوني فإنه قد يقبل اإلصالح أو يمكن تداركه بالطرق القانونية‪.1008‬‬

‫وهنا يحضرنا تساؤل ماذا يجب على المحكم أن يفعله حتى يحوز ثقة المتنازعين ويتغلب على‬

‫مخاوفهم أو ارتيابهم بخصوص مدى حيدته واستقالله؟‬

‫أوال‪ :‬يجب أن يك ون المحكم حس ن الس يرة والس لوك وه ذا ش رط ط بيعي تقتض يه مهم ة المحكم‬

‫المتمثلة في قيامه بالعمل كقاضي بين أطراف النزاع للفصل في الخالف الحاصل بينهم‪ ،‬فالمحكم يجلس‬

‫مجلس القضاء وبالتالي يجب أال تمس سمعته وتصرفاته وحياده ونزاهته أية شائبة‪.1009‬‬

‫‪ -1007‬ناريمان عبد القادر‪ "،‬اتفاق التحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ -1008‬محمد سليم العوا‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -1009‬محمد بن ناصر بن محمد البجاد‪ "،‬التحكيم في المملك ة العربي ة الس عودية"‪ ،‬مرك ز الطباع ة والنش ر بمعه د اإلدارة العام ة‪ ،‬الس عودية‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.141‬‬
‫‪342‬‬
‫وما‬ ‫‪1010‬‬
‫ثانيا‪ :‬من الناحية العلمية أو السيكولوجية يتعين أن يتحلى المحكم بالموضوعية والحياد‬

‫يجب عليه أن يبذله حتى يكون محايدا‪ ،‬هو أن يمنح لكل طرف فرصة عادلة وكافية ومتساوية لعرض‬

‫دعواه والدفاع عنها ومن ثم إصدار حكمه بعيدا عن العواطف والعالقات والمصالح مهما كان شكلها‪،‬‬

‫وسنده في ذلك ما يثبت لديه من خالل ما يقدمه األطراف من أدلة ووثائق وإ ثباتات في الدعوى فيجب‬

‫علي ه أن ي وفر لألط راف ولب اقي المش تركين في التحكيم الظ روف المالئم ة للفص ل في التحكيم بع دل‬

‫ودون تحيز أو تأثر بضغوط خارجية‪ ،‬أو خشية االنتقاد‪ ،‬أو تأثير أي مصلحة شخصية‪ ،‬وعلى المحكم‬

‫تخصيص الوقت والجهد الالزمين لسرعة الفصل في التحكيم مع األخذ في االعتبار مختلف الظروف‬

‫المحيطة بالموضوع‪.1011‬‬

‫على ك ل ح ال يبقى التحكيم المؤس س على االل تزام بالحي دة بتقالي دها الدقيق ة والق ائم تع يين‬

‫المحكمين في ه على اعتب ارات موض وعية قوامه ا الكف اءة والنزاه ة‪ ،‬والبعي د عن االعتب ارات الشخص ية‬

‫البحتة هو المطلوب لتصبح المحاكمة التحكيمية عادلة غير متحيزة بل هو أمر ضروري لنجاح نظام‬

‫التحكيم ذاته في تحقيق األهداف المرجوة منه‪.‬‬

‫وإ ذا كان حياد قاضي الدولة هي مناط الثقة لدى المتقاضين فإن حياد المحكم بدوره هي التي‬

‫يمكن أن تبعث الثق ة في نف وس المحتكمين وتك ون ض مانة لهم‪ ،‬كم ا أنه ا تعطي حكم التحكيم مص داقية‬

‫تف رض نفس ها خاص ة عن دما يع رض أم ره أم ام المح اكم‪ ،‬وم ع ذل ك ينبغي لن ا االع تراف ب أن النزاه ة‬

‫والحياد والموضوعية هي في نهاية المطاف ميزات شخصية تنتج من الضمير الشخصي للمحكم وهي‬

‫وإ ن كانت ثقافة شخصية فإنها أيضا ثقافة مجتمع‪.‬‬

‫لج وء الفرق اء إلى التحكيم يف رض عليهم ت وخي الح رص على اختي ار المحكم ال ذي تت وافر في ه‬

‫مقتض يات االس تقالل والحي دة والنزاه ة واليقظ ّة‪ ،‬وب أن يك ون من يختارون ه أهال للثق ة من ناحي ة الكف اءة‬
‫‪ -1010‬عبد الرحمان عيسوي ‪ "،‬علم النفس القانوني"‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬ص ‪ 28‬و ‪.29‬‬
‫‪ -1011‬حميد محمد علي اللهبي‪ "،‬المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪343‬‬
‫المطلوب ة في ال نزاع المط روح كم ا تف رض على المحكم أال يقب ل اختي اره أو تعيين ه محكم ا إال بع د أن‬

‫يكون واعيا بطبيعة مهمته التحكيمية ومؤهال للقيام بها‪.1012‬‬

‫من جانب آخر يتعين على أطراف اتفاق التحكيم مخاطبة ومعاملة المحكم أو هيئة التحكيم بكل‬

‫توقير واحترام‪ ،‬على اعتبار أنه الشخص الذي تم اختياره على أساس الثقة والنزاهة والحياد والكفاءة‬

‫والخبرة في حل النزاع‪ ،‬وبما أن المحكم ال يتمتع بالضمانات التي يحظى بها قاضي الدولة فيمكن نقده‬

‫في الحدود التي تسمح بها المبادئ العامة‪.1013‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الصعوبات السيكولوجية التي تواجه التحكيم اإلجباري بالمغرب‬


‫‪ -‬مؤسسة الحكمين نموذجا‪-‬‬

‫إن اإلنس ان م دني ب الطبع ال ينف ك عن معاش رة ب ني جنس ه‪ ،‬وه ذه المعاش رة تقتض ي تب ادل‬

‫المصالح غير أن هذا التبادل قد يفضي أحيانا إلى الخالفات‪ ،‬مما يعرض العالقات البشرية ألنماط من‬

‫التنازع والتضاد التي تتعارض مع مقاصد الشريعة الهادفة إلى حفظ نظام التعايش والتساكن‪.‬‬

‫ولم ا ك انت األس رة حص نا من حص ون األم ة المس لمة فقد ش رع اهلل س بحانه وتع الى ك ل م ا من‬

‫ش أنه أن يبقي على بيض ة ه ذه األس رة من الم ودة والرحم ة واالح ترام ومراع اة الحق وق المتبادل ة بين‬

‫ال زوجين‪ ،‬ولم يج ز لل زوج الطالق إال بع د األخ ذ بالوس ائل العالجي ة األخ رى على ال ترتيب من وع ظ‬

‫وهجر وتأديب وبعد استنفاد طاقته النفسية في االحتمال والصبر على ما يكره‪.‬‬

‫لكن ق د يح دث ن وع من النش وز من قب ل ال زوجين مع ا‪ ،‬وال يع رف الظ الم منهم ا من المظل وم‪،‬‬

‫وتصير الحياة الزوجية بينهما جحيما ال يطاق من جراء ما يحصل بينهما من التنافر والتنازع والتضاد‬

‫وبالتالي خلخلة السكينة التي هي مطلب وغاية‪.1014‬‬

‫‪ -1012‬إسماعيل إبراهيم الزيادي ‪"،‬المفهوم المختلف لحيدة المحكم عن الحيدة الواجبة في القاضي"‪ ،‬مجلة التحكيم‪ ،‬الع دد الراب ع‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص‬
‫‪.60‬‬
‫‪ -1013‬محمد عبد الخالق الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -1014‬عبد القادر أحنوت‪ "،‬مبدأ التحكيم اإلسالمي والتحكيم بين الزوجين"‪ ،‬مجلة التذكرة‪ ،‬العدد ‪ ،13‬المجلد ‪ ،4‬يونيو ‪ ،2009‬ص ‪.43‬‬
‫‪344‬‬
‫وق د أم ر اهلل تع الى والحال ة ه ذه ببعث الحكمين إذا وق ع الش قاق أو خي ف من وقوع ه تحقيق ا‬

‫لمقصد الصلح وإ بقاء على تماسك األسرة قال عز وجل‪{:‬وإ ن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله‬

‫وحكما من أهلها إن يريدا إصالحا يوفق اهلل بينهما}‪.‬‬

‫والش قاق ه و الخالف أو ال نزاع الح اد بين ال زوجين وال ذي من ش أنه أن يح دث ش قا في العالق ة‬

‫الزوجية بينهما‪.1015‬‬

‫وتتجلى مهمة الحكمين في السعي إلى التعرف على أسباب هذا الشقاق وإ يجاد حل وسط يرضاه‬

‫الزوجان فإن أرادا إصالحا وفق اهلل الزوجين إلى الوفاق‪ ،‬وقيل‪ :‬إن يريدا أي الحكمان إصالحا يوفق‬

‫اهلل بين الزوجين أي يقدرهما على ما هو الطاعة من إصالح أو فراق‪.1016‬‬

‫وبالرجوع إلى اآلية الكريمة يتضح أن اهلل سبحانه وتعالى أكد على أن التحكيم يكون في مرحلة‬

‫يكون فيها النزاع في بدايته " وإ ن خفتم‪ "....‬فتطبيق التحكيم والقيام ببعث الحكمين بمجرد ظهور بوادر‬

‫الشقاق الحاد هو القول السديد والعمل الصائب الموفق‪ ،‬وهو التطبيق السليم ألمر اهلل الوارد في قوله‬

‫سبحانه‪" :‬وإ ن خفتم شقاقا بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها‪ "....‬ألن اآلية اشتملت على أمر‬

‫واجب التنفي ذ على الف ور ال على االس تحباب وال تراخي‪ ،‬ألن م ا يح دث م ع ال تراخي والبطء في بعث‬

‫الحكمين من ضياع لحقوق اهلل والزوجين واألوالد والمجتمع كله ليس له جبر‪.1017‬‬

‫وب الرجوع إلى مدون ة األسرة نج د أن المحكم ة تك ون ملزم ة في حال ة م ا إذا طلب الزوج ان أو‬

‫أح دهما ح ل ن زاع بينهم ا يخ اف من ه الش قاق أن تق وم بك ل المح اوالت إلص الح ذات ال بين‪ ،‬ومن بين‬

‫اإلج راءات الض رورية والواجب على المحكم ة القي ام به ا هو انت داب حكمين م ؤهلين إلص الح الخالف‬

‫بين الزوجين واللذان يقومان ببذل جهدهما إلنهاء النزاع‪.1018‬‬

‫‪ -1015‬ابتدائية بنسليمان‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم رقم ‪ 2014 /584‬بتاريخ ‪ ،2014 /05 /21‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -1016‬عبد القادر أحنوت‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ -1017‬أمونير تقية‪"،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ - 1018‬إن الدور الذي يقوم به الحكمان في مدونة األسرة يختلف عن دور المحكمين في مسطرة التحكيم من عدة وجوه منها‪:‬‬
‫‪345‬‬
‫وإ ذا ك انت مدون ة األس رة ‪ -‬كم ا ه و الح ال‪ -‬في مدون ة األح وال الشخص ية الملغ اة لم تح دد‬

‫أوصاف الحكمين وال الجهة التي ينتقى منها‪ ،‬فيمكن سد هذه الثغرة بالرجوع إلى المادة ‪ 400‬م أ والتي‬

‫تنص على أن‪ " :‬كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة‪ ،‬يرجع فيه إلى المذهب المالكي واالجته اد الذي‬

‫يراعى فيه تحقيق قيم اإلسالم في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف"‪.‬‬

‫وبرجوعنا إلى المذهب المالكي نجده عموما يشترط في الحكمين الذكورة والعدالة والرشد زيادة‬

‫على الفقه بأحكام الجمع والتفريق ويعينان من أقارب الزوجين أحدهما من أقارب الزوج وثانيهما من‬

‫أق ارب الزوج ة‪ ،1019‬ألن األق ارب أع رف بب واطن األم ور والنف وس ترت اح لمن ك ان قريب ا ص ديقا فيق ع‬

‫الب وح ل ه من ال زوج أو الزوج ة بالس ر وحقيق ة م ا يش كو من ه ويفض ي إلي ه بم ا ق د يخفي ه عن غ يره من‬
‫‪1020‬‬
‫الناس‪.‬‬

‫وتج در اإلش ارة إلى أن أق ارب الزوجي ة ش رط واجب عن د المالكي ة ومس تحب عن د الش افعية‬

‫والحنابلة‪.1021‬‬

‫إال أن القض اء ق د ال يع ير اهتمام ا كب يرا له ذه الش روط‪ ،‬إم ا لص عوبة توافره ا مجتمع ة أو لع دم‬

‫أهمية بعضها‪ ،‬كشرط الذكورة ذلك أن المرأة أصبحت تبث في طلبات التطليق للشقاق بصفتها قاضية‬

‫فمن باب أولى انتدابها كحكم الستجالء أسباب النزاع بين الزوجين‪.‬‬

‫‪ -‬إن الحكمين في مدونة األسرة ال يحسمان النزاع وإ نما يحاوالن إصالح ذات البين بين الزوجين‪ ،‬وأن المحكمة هي التي تبت في النزاع في‬
‫ضوء ما توصل إليه الحكمان من صلح أو عدمه‪ ،‬في حين أن المحكم في مسطرة التحكيم هو من يحسم النزاع‪.‬‬
‫‪ -‬إن المحكمة هي التي تنتدب الحكمين طبقا لمدونة األسرة‪ ،‬بينما طرفا مسطرة التحكيم هما اللذان يختاران المحكم واحدا كان أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن اللجوء إلى الحكمين إال بسبب النزاع المعروض على محكمة األسرة‪ ،‬في حين أن اللجوء إلى مس طرة التحكيم يغني عن اللجوء إلى‬
‫القضاء‪ ،‬كما أن عرض النزاع على المحكمة ال يحول دون اللجوء إلى مسطرة التحكيم إذا كان النزاع لم يفصل فيه بعد‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬مصطفى التراب ‪"،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان‪:‬‬
‫"الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪ ،2012‬ص ‪.30‬‬
‫‪ -1019‬أحمد خرطة ‪ "،‬الصلح القضائي من خالل مسطرة الشقاق‪ ،‬قراءة في بعض مواد مدونة األسرة"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت‬
‫عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪ ،2012‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -1020‬محمود شمام ‪ "،‬قضايا التحكيم والتدوين في الفقه والقانون"‪ ،‬منشورات نيرفانا‪ ،‬تونس‪ ،‬مارس ‪ ،2006‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -1021‬أحمد خرطة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪346‬‬
‫وبالنس بة لش رط القراب ة نالح ظ أن مدون ة األس رة لم تنص علي ه الحتم ال أن يك ون أقرب اء‬

‫الزوجين هم أنفسهم سبب النزاع بين الزوجين‪.1022‬‬

‫وللحكمين أن يستأنس ا في مهمتهم ا بتوجيه ات القاض ي المق رر وأه ل الفض ل من الج يران‬

‫واألقارب وبكل من له نفوذ معنوي عليهما كاألب والجد مثال‪.‬‬

‫واله دف من بعث الحكمين ه و محاول ة اإلص الح بين ال زوجين وذل ك بع د التع رف على أس باب‬

‫الشقاق ودعوة الزوجين إلى تركها ألن التطليق ليس هو المقصود بالذات من عمل الحكمين‪.1023‬‬

‫وفي حال ة لم يتوص ل الحكم ان إلى تحقي ق ذل ك أو لم يتفق ا على ح ل مناس ب ف إن للمحكم ة أن‬

‫ترسل حكمين آخرين كما يمكنها أن ترسل إلى الزوجين امرأة أمينة تعاشرهما مدة لتطلع على أحوالهما‬

‫وتتعرف على سبب اختالفهما وتخبر المحكمة بما تبين لها لتحكم بما يجب على ضوء ذلك‪.‬‬

‫والمشرع المغربي قد سار في هذا االتجاه‪ ،‬حيث أورد في المادة ‪ 96‬من المدونة على أنه‪" :‬إذا‬

‫اختل ف الحكم ان في مض مون التقري ر أو في تحدي د المس ؤولية أو لم يق دماه خالل األج ل المح دد لهم ا‬

‫أمكن للمحكمة أن تجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي تراها مالئمة"‪.‬‬

‫كم ا أن الم ادة ‪ 95‬م أ ق د ح ددت مهم ة الحكمين في محاول ة التع رف على األس باب الجوهري ة‬

‫ال تي أدت إلى الخالف بين ال زوجين لالنتق ال إلى ت ذويب ه ذه المش اكل وتق ريب وجه ات نظ ر الط رفين‬

‫للوصول إلى صلح يرضيهما ويرجع الطمأنينة والسكينة للعالقة الزوجية‪.1024‬‬

‫‪ -1022‬الســعدية مجيــدي‪ "،‬الص لح في مس طرة التطلي ق الش قاق"‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة الحق وق المغربي ة تحت عن وان‪" :‬الوس ائل الودي ة لفض‬
‫المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪ ،2012‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -1023‬أحمد خرطة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ -1024‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 95‬م أ على أنه‪...":‬إذا توصل الحكمان إلى اإلصالح بين الزوجين‪ ،‬حررا مضمونه في تقرير من ثالث‬
‫نسخ يوقعها الحكمان والزوجان ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه‪ ،‬وتحفظ الثالثة بالملف ويتم اإلشهاد على‬
‫ذلك من طرف المحكمة"‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫لكن اإلشكال الذي يمكن طرحه في هذا اإلطار‪ :‬هل استطاع التحكيم تحقيق الغاية التي ج اء من‬
‫‪1025‬‬
‫أجلها أي إصالح ذات البين بين الزوجين ومحاولة التخفيف من عدد طلبات الطالق؟‬

‫وأص بحت المح اكم تش تكي من ه ذه الظ اهرة الخط يرة‬ ‫‪1026‬‬
‫ارتفعت نس بة الطالق بجمي ع أنواع ه‬

‫ال تي تمس المجتم ع بكامل ه‪ ،‬فك ثرت تبع ا ل ذلك نس بة األطف ال المنح رفين المش ردين وك ثرت الج رائم‬

‫والفساد واألدهى واألمر من ذلك أن تعاقب السنين ال تزيد الظاهرة إال استفحاال وتعقيدا‪.‬‬

‫وإ ذا كان التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق قادر على مواجهة كل الصعاب وإ يجاد الحلول‬

‫الناجع ة الجذري ة لمش اكل األس رة‪ ،‬وإ عادته ا إلى م ا يجب أن تك ون علي ه من ود وتف اهم وتع اون على‬

‫تربية الناشئة تربية سليمة فإنه ال يزال يتعرض إلى نوع من التعطيل والتطبيق وهذا راجع إلى عدة‬

‫عوامل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضعف جودة التشريع في موضوع مؤسسة الحكمين‬

‫‪ -1025‬تقول ذ‪.‬ة حسنة لحلو عضو المجلس العلمي بالمحمدي ة أن التحكيم لم يستطع تحقيق الغاية التي جاء من أجلها‪ ،‬وهي إصالح ذات البين‬
‫بين الزوجين‪ ،‬ومحاولة التخفيف من عدد طلبات الطالق ألن‪:‬‬
‫‪ -‬المشرع ترك ذلك للسلطة التقديرية للمحكمة؛‬
‫‪ -‬ألن إصالح ذات البين ال يكون مرتبطا بإرادة الحكمين االحقيقية في ذلك؛‬
‫‪ -‬إضافة إلى غياب غرف المشورة في بعض المحاكم االبتدائية‪.‬‬
‫‪ -1026‬ارتفعت نسبة التطليق للشقاق بشكل مهول حيث أضحى إيقاع الصلح بين الطالب والمطلوب في الشقاق مطلبا ال يدرك إال بمشقة‪ ،‬وفي‬
‫كثير من األحيان ال يدرك مهما اجتهد القضاة في السعي إليه وتوفير أسبابه‪ ،‬حتى أصبحت محاولة الصلح إجراءا مسطريا روتينيا ال يلجأ إليه‬
‫إال ألن عدم القيام به يعيب إجراءات التطليق؛ ذلك أن دعوى التطليق ال ترد وال ترفض في أغلب األحيان وأصبح مصطلح الشقاق اسما مألوفا‬
‫ودعواه استغرقت جميع أنواع التطليق األخرى‪.‬‬
‫وخالل ثالث س نوات األخ يرة ارتفعت نس بة التطلي ق للش قاق بنس بة ‪ . 97 %‬بثينــة قــروري مستش ارة وزي ر الع دل والحري ات في تص ريح له ا‬
‫ببرنامج ‪ 45‬دقيقة حول موضوع " الطالق" بالقناة المغربية في ‪ 2014 /08 /14‬على الساعة ‪ 9‬ليال‪.‬‬
‫ويرجع ذلك حسب رأي ذ ة حسنة لحلو عضو المجلس العلمي بالمحمدية إلى عدة عوامل‪:‬‬
‫‪ -‬سهولة مسطرة التطليق للشقاق وعدم تقييده بشروط؛‬
‫‪ -‬يعتبر التطليق للشقاق وسيلة للتهرب من الطالق الرجعي وتبعاته؛‬
‫‪ -‬المشرع المغربي فتح باب التطليق للشقاق للزوجين معا‪.‬‬
‫‪348‬‬
‫وهذا ما يفيد أن هذه‬ ‫‪1027‬‬
‫إن آليات الصلح لم تستطع أن تنجح إال في القليل من قضايا التطليق‬

‫اآلليات ما زالت بعيدة عن الهدف المتوخى منها‪ ،1028‬فهل للمشرع أن يتدخل من أجل إعادة تأهيل هذه‬

‫اآلليات ومن أجل وضع نصوص أكثر إلزامية في هذا اإلطار؟‬

‫يجب على المشرع المغربي تنظيم مهمة الحكمين تنظيما دقيقا يبين فيه االختصاص وتحدد فيه‬

‫الش روط والمس طرة ال واجب تطبيقه ا ح تى تص بح محاول ة الص لح إج راءا جوهري ا يم ارس بش كل‬

‫‪ -1027‬إن جل القضايا التي نظرت فيها المحاكم في هذا الموضوع تعتمد في حيثياتها على‪:‬‬
‫‪ -‬عدم حضور أحد الزوجين لجلسة الصلح‪ ،‬مما يؤكد الرغبة الجامحة لالفتراق أو لتحاشي المواجهة‪،‬‬
‫‪ -‬فشل الحكمين في الصلح‪.‬‬
‫دون تفصيل فيما يخص طبيعة هذا الفشل الذي يمكن استنتاجه من التقرير المقدم من طرف الحكمين ‪ ،‬ألنه في الغالب ما يكون التحكيم شكليا‬
‫تطبيقا لمقتضى قانوني‪.‬‬
‫ابتدائية برشيد‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم رقم ‪ 819‬بتاريخ ‪ 9/05/2005‬غير منشور‬
‫ابتدائية المحمدية‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم رقم بتاريخ ‪ ،12/12/2005‬غير منشور‬
‫‪ -‬محمد األزهر ‪ "،‬شرح مدونة األسرة"‪ ،‬مطبعة دار النشر المغربية ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2006 ،‬ص ‪ ،266 -265‬الهامش ‪.420-419‬‬
‫أما األحكام التي تعتمد في حيثياتها على فشل الحكمين في الصلح هي‪:‬‬
‫ابتدائية بنسليمان‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم رقم ‪ 2014 /584‬بتاريخ ‪ ،2014 /05 /21‬غير منشور‪.‬‬
‫ابتدائية بنسليمان‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم عدد ‪ 754/2014‬بتاريخ ‪ ،2014 /07 /02‬غير منشور‪.‬‬
‫ابتدائية بنسليمان‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم عدد ‪ 908/2014‬بتاريخ ‪ ،03/09/2014‬غير منشور‪.‬‬
‫ابتدائية بنسليمان‪ ،‬قضاء األسرة‪ ،‬حكم عدد ‪ 913/2014‬بتاريخ ‪ ،2014 /09 /03‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -1028‬إن المحكمة مدعوة في إطار السلطة المخولة لها في مسطرة التطليق للشقاق إعمال وتفعيل كل آليات الصلح واستعمال جميع اإلجراءات‬
‫التي ترى فيها إمكانية تسوية النزاع واإلبقاء على العالقة الزوجية قائمة‪ ،‬ذلك أن األهم هو الغاية وليس الوسيلة‪.‬‬
‫إن الم ادة ‪ 82‬من مدون ة األس رة أش ارت إلى إمكاني ة انت داب مجلس العائل ة بمناس بة ع رض مل ف الطالق على القض اء‪ ،‬وأح الت الم ادة ‪ 94‬من‬
‫المدونة على نفس المقتضيات‪ ،‬عندما يتعلق األمر بطلب التطليق للشقاق‪.‬‬
‫والم ادة ‪ 251‬من نفس المدون ة أش ارت في فقرته ا األخ يرة إلى إح داث مجلس العائل ة‪ ،‬تن اط ب ه مهم ة مس اعدة القض اء في اختصاص اته المتعلق ة‬
‫بشؤون األسرة‪ ،‬ويحدد تكوينه ومهامه نص تنظيمي‪.‬‬
‫وقد صدر المرسوم بتاريخ ‪ 14‬يونيو ‪ 2004‬بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه‪ ،‬فقد نصت المادة السابعة من المرسوم المذكور على ما‬
‫يلي‪ " :‬مهام مجلس العائلة مهام استشارية‪ ،‬يقوم مجلس العائلة بالتحكيم إلصالح ذات البين وإ بداء رأيه في كل ما له عالقة بشؤون األسرة"‪.‬‬
‫إال أن هذا المرسوم لم يصل إلى الدرجة المطلوبة من الوضوح وتحقيق الغاية المتوخاة منه‪،‬‬
‫فظلت عدة إشكاالت مطروحة بإلحاح‪ ،‬خاصة على مستوى التطبيق والممارسة‪ ،‬وصعوبات تعترض سبيله وتحد من فعاليته‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬علي المنتصــر‪ "،‬التحكيم بين ال زوجين في حال ة الش قاق"‪ ،‬أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الحق وق‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2002 -2001‬ص ‪.359‬‬
‫‪349‬‬
‫فعلي‪ ،1029‬ال أن يك ون عب ارة عن إج راء روتي ني فحس ب يس تدعى له ا الطرف ان دون ب ذل أي مجه ود‬

‫للتقريب بينهما وإ ظهار ما يترتب عادة على التطليق من آثار وخيمة من نواح متعددة‪.1030‬‬

‫‪ -1029‬تج در اإلش ارة إلى أن مس طرة الص لح في قض ايا األس رة تعترض ها ع دة معوق ات تح ول دون تحقي ق الغاي ة المبتغ اة منه ا فهن اك نوع ا من‬
‫االرتباك في تطبيق هذه مسطرة وخاصة عندما تتعلق بالتطليق للشقاق‪.‬‬
‫فنج د بعض المح اكم تس تعين ب أي ك ان ح تى وإ ن ك ان أو ك انت ال تربطهم ا ب الزوجين أي ة رابط ة‪ -‬وذل ك‪ -‬فق ط من أج ل االس تجابة لإلج راء‬
‫الجوهري الملزم بسلوك مسطرة الصلح بين الطرفين‪.‬‬
‫بل إن بعض المحاكم تلجأ إلى االستعانة بالنساء من كال الطرفين وفي الغالب تكونان من المتسببات في ظهور الشقاق والنزاع بين الزوجين‪ ،‬بل‬
‫إن ذل ك ال يختفي ح تى في مجلس محاول ة الص لح فيص بح القاض ي المق رر المكل ف بالص لح ب دال من أن يص لح بين الط رفين المتخاص مين فإن ه‬
‫يصلح بين الحمتين‪ ،‬وفي ذلك ضياع للوقت والجهد الذي يبذل من قبل الكثير من قضاة األسرة في المحاكم المغربية‪.‬‬
‫وقد ثبت من خالل الواقع المعاش أن أغلبية محاوالت الصلح تتكلل بالفشل وذلك راجع إلى‪:‬‬
‫‪ -‬أسباب قانونية وقضائية‬
‫تكمن أولى هذه الصعوبات في إسناد مهمة القي ام بالصلح لقاضي الحكم حيث يقوم نفس القاضي بعملي ة التصالح ومتابعة القضية إلصدار حكم‬
‫فيها‪ ،‬ونجد أن مدونة األسرة كرست نفس المبدأ وأسندت في ك ل موادها التي أوجبت فيه ا سلوك مسطرة الصلح‪ ،‬ممارس ة المساعي الصلحية‬
‫لقاضي األسرة الذي هو قاضي الحكم وهذا من شأنه أن يعطل هذه العملية وينقص من فعاليتها‪.‬‬
‫فإسناد الصلح لقاضي ذو اختصاص مزدوج يؤدي إلى نتائج تنبئ بفشله وبالتالي عدم نجاحه‪ ،‬كما قد يتخلى عن دوره الرائد في دفع الطرفين‬
‫للتص الح وتق ريب وجه ة نظرهم ا‪ ،‬الش يء ال ذي يجعل ه يكتفي باإلش ارة إلى مقتض يات الص لح بمج رد اإلش ارة الع ابرة ك إجراء مس طري روتي ني‬
‫ويتعامل معه كشكلية ضرورية يقتضيها النص القانوني أو الرقابة القضائية للمحكمة‪.‬‬
‫ويع د من أهم أسباب عدم نجاح الصلح عدم وجود الوقت الك افي إلب رام الصلح وكثرة المنازعات األس رية وقلة الم وارد البش رية وعدم اقتن اع‬
‫األطراف المتنازعة بثقافة الصلح وحل النزاعات بالطرق السلمية‪.‬‬
‫كما جرى العمل عند فشل محاولة الصلح في أول جلسة بعد حضور الزوجين إعالن القاضي عن فشل الصلح دون أن يبدل جهدا إضافيا عبر‬
‫عقد جلسات صلحية أخرى رغم أن المشرع ال يمنعه من ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب بالمتخاصمين‬
‫إصرار الزوجين على مواقفهم ا وتصلبهما غير م دركين مزاي ا الصلح وخصوصياته‪ ،‬وم ا يرنو إلي ه من جن وح إلى الس لم وحل للنزاعات ودي ا‬
‫وبعيدا عن نشر الحقد والكراهية بين األطراف فتمسك الخصوم بالمواقف يبقى الخالف قائما والحل اإلتفاقي مستعصيا‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬الحسن بويقيني ‪ "،‬أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي"‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة‬
‫الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة ‪ ،2004‬ص ‪ 28‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬زهور الحر ‪ "،‬الصلح والوساطة األسرية في القانون المغربي والقانون المقارن"‪ ،‬الندوة الجهوية الحادية عشر‪ ،‬الصلح والتحكيم والوسائل‬
‫البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬قصر المؤتمرات بالعيون‪ ،02 -01 ،‬نونبر ‪.2007‬‬
‫‪ -‬إبراهيم بحماني ‪ "،‬الصلح والوساطة في قضايا األسرة"‪ ،‬الندوة الجهوية الحادية عشر‪ ،‬الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من‬
‫خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬قصر المؤتمرات بالعيون‪ ،02 -01 ،‬نونبر ‪.2007‬‬
‫معمرو بومكوسي ‪ "،‬دور الصلح في النزاعات األسرية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬ص ‪ 9‬و ‪.10‬‬
‫مقال منشور بموقع‪http://www.startimes.com :‬‬
‫‪ -1030‬أحمد خرطة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪38‬‬
‫‪350‬‬
‫فيتعين على المش رع أن يعم ل على جع ل التحكيم ج ديرا باالهتم ام والتط بيق والتط وير ح تى‬

‫يك ون في مس توى تح ديات العص ر ومواجه ة مش اكل األس رة ال تي تعت بر بص دق اللبن ة األساس ية في‬

‫المجتمع والعمل على التخفيف من هول الطالق الذي يعرف تفاقما خطيرا وارتفاعا كبيرا‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬الصعوبات السيكولوجية واالجتماعية المعيقة لنجاح مؤسسة الحكمين‬

‫تتمث ل الص عوبات الس يكولوجية في العن اد بين ال زوجين‪ ،‬وض عف الق درة على التس امح‬

‫والتصالح ويأسهم من التوص ل إلى حل خاص ة بعد وصول النزاع إلى المحكمة‪ ،1031‬كما تتجلى أيضا‬

‫ه ذه الص عوبات في ك ون ال زوجين إذا ك ان يت وفران على تك وين علمي وثق افي غالب ا م ا ت دفع بهم ه ذه‬

‫المؤهالت إلى عدم الرغبة في إشراك األقارب في نزاعاتهم‪ ،‬خصوصا إذا كان هؤالء أميين أو أق ل من‬

‫مستواهم الثقافي والعلمي كما أن الزوجين أو أحدهما قد ال يتقبل طرح مشاكلهما أمام قاضي األسرة أو‬

‫الحكمين ظنا منهما أن بسط نزاعاتهما أمامهم لن يفضي إلى نتيجة تذكر‪.1032‬‬

‫له ذا يتطلب في قاض ي األس رة إلى ج انب ت وفره على الحنك ة والتجرب ة والتك وين الجي د ص برا‬

‫وسعة صدر حتى يقوم باستقصاء حقيقة عالقات الزوجين‪ ،‬ويتعرف على مدى استعدادهما لالستمرار‬

‫في الحياة الزوجية وللتغلب على أسباب الشقاق ودوافعه‪.‬‬

‫وله ذا ال يكفي أن يك ون قاض ي األس رة رج ل ق انون فق ط لكن ه قب ل ذل ك ينبغي أن يك ون طبيب ا‬

‫اجتماعيا‪ ،‬يعرف كيف يكسب ثقة الزوجين ليحدثاه بصراحة عما يختلج في ضميرهما وعما يحسان به‬

‫إزاء استمرار زواجهما‪.1033‬‬

‫كما أن القاضي مهما اتسعت معلوماته ال يستطيع اإللمام بشتى العلوم فال ضرر من االستعانة‬

‫بخبرات المس اعدين االجتم اعيين‪ ،‬ثم ال ب د من تفعي ل دور المجتم ع المدني في هذا المج ال لتكون لدينا‬

‫‪ -1031‬اس تطالع لل رأي قمن ا ب ه ع بر ملئ اس تمارات اس تبيانية على ش كل أس ئلة متنوع ة متعلق ة بموض وع البحث تم طرحه ا على بعض أعض اء‬
‫المجلس العلمي بالمحمدية ( ذ ة حسنة لحلو)‪.‬‬
‫‪ -1032‬علي المنتصر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.359‬‬
‫‪ -1033‬أحمد خرطة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪351‬‬
‫جمعيات أو مراكز متخصصة في تسوية الخالفات األسرية‪ ،‬يتمثل دورها في تسوية الخالفات والعمل‬

‫على التحسيس بأهمية التماسك األسري وإ شاعة ثقافة التسامح‪ ،‬واحترام اآلخر حتى تستقر ثقافة العدل‬

‫والمساواة في نفوس أفراد األسرة‪.1034‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المشاكل االجتماعية التي تواجه نظام التحكيم‬

‫تواجه نظام التحكيم صعوبات اجتماعية يمكن أن تقف في وجه تطوره من بينها‪ :‬ارتفاع تكلفة‬

‫التحكيم (الفقرة األولى)‪ ،‬عدم انتشار ثقافة اللجوء إليه (الفقرة الثانية)‪ ،‬وضعف الثقة في كفاءة وخبرة‬

‫المحكم (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ارتفاع تكلفة اللجوء للتحكيم مقارنة بالقضاء‬

‫إن التحكيم يكلف المتنازعين أك ثر من القض اء الرس مي‪ ،‬حيث ت دفع الدول ة مرتب ات القض اة وال‬

‫يدفع من يرفع الدعوى سوى الرسوم المقررة (أوال)‪ ،‬بينما في التحكيم‪ ،‬يدفع الخصوم أتعاب المحكمين‬

‫ومصاريف انتقالهم وإ قامتهم (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬انخفاض تكلفة اللجوء للقضاء مقارنة مع التحكيم‬

‫نظ را لل دور الرئيس ي ال ذي يلعب ه القض اء من خالل إقام ة األحك ام وحماي ة حق وق األط راف‬

‫وحماية المجتمع وتوفير األمن واالطمئنان فيه فقد تولت الدولة تحمل نفقاته مما جعل هذا القضاء يمتاز‬

‫بالمجانية‪.1035‬‬

‫ويقصد بمجانية القضاء أن المتقاضين ال يدفعون لقضائهم أجرا على أعمالهم وإ نما تدفع الدولة‬

‫هذا األجر من خزانتها‪ ، 1036‬فالعدالة ليس لها مقابل ألنها إذا كانت بمقابل فسوف يستميلها األغنياء إليهم‬

‫على حساب المعوزين‪.‬‬

‫‪ -1034‬السعدية مجيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.48‬‬


‫‪ -1035‬محمد بنحساين‪ ،‬محمد البوشواري ‪ "،‬التنظيم القضائي المغربي"‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -1036‬الطيب الفصــايمي‪ "،‬الوج يز في الق انون القض ائي الخ اص"‪ ،‬مطبع ة النج اح الجدي دة‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬الطبع ة الثالث ة‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،1999‬ص ‪.56‬‬
‫‪352‬‬
‫والقض اء اإلس المي أول من أق ر ه ذا المب دأ ومن ع على القاض ي أن يأخ ذ أج را من المتقاض ين‬

‫فك ان القاض ي تابع ا للخليف ة يتقاض ى أجرت ه من م ال الدول ة‪ ،‬فل و وكلت أجرت ه إلى المتقاض ين لك انت‬

‫األحكام دوما لصالح من يدفع أكثر وكنا ال مع المساواة ولكن مع األقوى واألغنى ماال‪.1037‬‬

‫ومع أن القضاء مجاني بهذا المعنى فإن االلتجاء إلى القضاء يكلف المتقاضين رسوما تحصلها‬

‫خزانة الدولة وهذا ال يخالف مبدأ مجانية القضاء ألن جباية هذه الرسوم ال يعني اقتضاء الدولة تكاليف‬

‫التقاض ي من الخص وم‪ ،‬وإ نم ا القص د من ذل ك ه و التقلي ل من الخص ومات الكيدي ة والتأكي د من أن راف ع‬

‫فوضعت تلك الرسوم بمثابة رقابة معنوية وذاتية على جدية دعواه وتالفيا‬ ‫‪1038‬‬
‫الدعوى مجد في إدعائه‬

‫للدعاوى التافهة التي قد يحلو للبعض رفعها دون وازع أو رقيب‪.1039‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الخصم الذي يخسر الدعوى هو الذي يتحمل بكل الرسوم والنفقات ألنه‬

‫هو الذي تسبب في االلتجاء إلى القضاء بما أنكر على خصمه من حق‪.1040‬‬

‫ثانيا‪ :‬ارتفاع تكلفة اللجوء للتحكيم‬

‫إن المحكم ون يتقاض ون أتعاب ا لق اء قي امهم بالمهم ة التحكيمي ة الموكول ة إليهم وأص بحت الي وم‬

‫خاصة عندما يكون التحكيم دوليا‪ ،1042‬ففي هذه الحالة قد يكون كل من أعضاء‬ ‫‪1041‬‬
‫تشكل أرقاما خيالية‬

‫هيئ ة التحكيم وأط راف ال نزاع والمح امين من جنس يات مختلف ة‪ ،‬أو مقيمين في دول مختلف ة مم ا يع ني‬

‫زي ادة مص اريف التحكيم بالنس بة لتنقالتهم واجتماع اتهم في مك ان معين‪ ،1043‬باإلض افة إلى المص اريف‬

‫‪ -1037‬خالد المير‪ ،‬إدريس قاسمي‪ "،‬التنظيم القضائي بالمغرب"‪ ،‬سلسلة التكوين اإلداري‪ ،‬طبعة ‪ ،1999‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -1038‬الطيب الفصايمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -1039‬خالد المير‪ ،‬إدريس قاسمي‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -1040‬الطيب الفصايمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -1041‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ -1042‬للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬ازاد شكور صالح‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪249‬‬
‫‪ -1043‬حمزة حداد‪ "،‬التحكيم التجاري وجوانبه االتفاقية"‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص ‪.40‬‬
‫‪353‬‬
‫اإلدارية الخاصة بالمركز‪1044‬عندما يتم التحكيم عن طريق مؤسسة تديره وتشرف عليه والتي تقدم له‬

‫كتعويض عن الخدمات المقدمة من طرفه والتي يزداد مقدارها كلما ازدادت قيمة النزاع‪.1045‬‬

‫ويمكن إعط اء بعض األرق ام بش أن أتع اب المحكمين بالنس بة للتحكيم النظ امي يخص كال من‬

‫غرفة التجارة الدولية ‪ CCI‬والمركز البلجيكي للتحكيم والوساطة ‪ ،CEPANI‬إلى جانب المركز الدولي‬

‫للوس اطة والتحكيم بالرب اط ‪ CIMAR‬وذل ك بالنس بة ل نزاع قيمت ه ‪ 100.000‬ي ورو‪ ،‬أي م ا يع ادل‬

‫‪ 1.100.000‬درهم‪ .‬وتبل غ أتع اب محكم منف رد يش تغل تحت مظل ة غرف ة التج ارة الدولي ة في المتوس ط‬

‫‪ 13.000‬ي ورو‪ ،‬أي م ا يع ادل ‪ 143.000‬درهم ا‪ ،‬بينم ا يبل غ متوس ط ه ذه األتع اب بالنس بة لثالث ة‬

‫محكمين ‪ 30.500‬ي ورو‪ ،‬أي م ا ين اهز ‪ 335.500‬درهم ا‪ .‬وعلى العكس من ذل ك فال تتع دى ه ذه‬

‫األتع اب بالنس بة للمرك ز البلجيكي للتحكيم والوس اطة ‪ 4400‬ي ورو ( ‪ 48.400‬درهم) إذا تعل ق األم ر‬

‫بمحكم منف رد و ‪ 13.200‬ي ورو ( ‪ 145.200‬درهم) في حال ة اختي ار ثالث ة محكمين‪ .‬وهن ا نالح ظ‬

‫االختالف الشاس ع بين أتع اب محكمي ه اتين المؤسس تين‪ ،‬إذ يص ل الف رق م ا بين ‪ 2‬إلى ‪ 3‬م رات‬

‫( تك اليف التحكيم ل دى ‪ CCI‬أك بر من تك اليف ‪ .)CEPANI‬أم ا فيم ا يتعل ق بأتع اب محكمي المرك ز‬

‫الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط فحسب التسعيرة المنشورة في موقعه اإللكتروني‪ ،1046‬بالنسبة لنزاع‬

‫تبلغ قيمته ‪ 1.000.000‬درهم‪ ،‬فتصل كحد أدنى ‪ 8000‬درهم و ‪ 17.000‬درهم كحد أقصى بالنسبة‬

‫للمحكم المنفرد‪.1048-1047‬‬

‫‪ -1044‬تضع مراكز التحكيم المحلية والدولية غالبا جداول بأتعاب المحكمين‪.‬‬


‫‪ -1045‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -1046‬موقع المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط‪www.CIMAR.org.ma :‬‬
‫‪ -1047‬هذه األتعاب أحال عليها‪ :‬امحمد برادة غزيول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 319‬و‪.20‬‬
‫‪ - 1048‬للمزيد من التوسع حول موضوع " تكاليف وأجور المحكمين"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬بشير الصليبي ‪ "،‬الحلول البديلة للنزاعات المدنية"‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪ -‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬ص ‪ 39‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 45 - 44‬و ص ‪.100 -99‬‬
‫‪354‬‬
‫األم ر ال ذي دف ع أي ف غي ون ‪ Yves Guyon‬إلى الق ول إن "التحكيم عدال ة كمالي ة محفوظ ة‬

‫للمتقاضين األثرياء الذين يفضلون أحيانا ألسباب ال يفصحون عنها أن يلجؤوا إلى التحكيم كما يفضل‬

‫بعض المرضى العيادات الخاصة بدال من المستشفيات العادية"‪.‬‬

‫إال أن مشكل ارتفاع تكلفة التحكيم يجب أال يقدر بمعزل عن العامل الزمني إذا تم إنهاء النزاع‬

‫خالل مدة قصيرة أو حتى مدة محددة قد يكون له قيمة كبيرة في ذاته‪.‬‬

‫كما أن حصول صاحب الحق على حقه عن طريق القضاء بعد مضي سنوات من إثارة النزاع‬

‫المص حوب ب نزيف م ادي ق د تك ون حص يلته أك ثر كلف ة من نفق ات التحكيم المرتفع ة وال تي تنهي ال نزاع‬

‫سريعا‪.1049‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضعف انتشار ثقافة التحكيم عامل أساسي في إعاقة نظام التحكيم‬

‫على الرغم من أن الشعب المغربي هو شعب مسلم فإن الواقع الحالي ال يعكس تجاوبا كامال‬

‫لنظ ام التحكيم ال ذي يف ترض أن ه األق رب إلى تحقي ق عدال ة أس رع‪ ،1050‬ولع ل من بين أهم العوام ل ال تي‬

‫س اهمت في تكريس هذا المناخ الغ ير المناس ب للتحكيم على وج ه الخصوص هو ض عف ثقاف ة التحكيم‬

‫في المغ رب إلى ح د غيابه ا في بعض األحي ان‪ ،‬وذل ك رغم أن التحكيم كأس لوب لح ل النزاع ات متج در‬

‫في حضارتنا العربية اإلسالمية وقد عرفته بالدنا منذ زمن قديم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تحول دور التحكيم من الوسيلة األصيلة إلى الوسيلة البديلة في المجتمع المغربي‬

‫إن لمفاهيم النزاع والخالف والصراع داللة واحدة تفيد وجود تضارب في المواقف والمصالح‬

‫بين شخص ين أو أك ثر؛ وبص فة عام ة ق د يج د الفرد نفس ه في وض عية خص ام بس بب عوام ل سياس ية أو‬

‫اجتماعي ة أو أس رية أو مهني ة تح ول لدي ه مش اعر التع اون والتس امح والتع ايش م ع الغ ير إلى اإلحس اس‬

‫‪ -1049‬مناني فراح ‪ "،‬التحكيم طريق بديل لحل النزاعات"‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪ ،2010‬ص ‪ 123‬و ‪.124‬‬
‫‪ -1050‬الكوني علي أعبوده‪ "،‬بعض التح ديات ال تي تواج ه التحكيم في ليبي ا‪ ،‬التحكيم في ليبي ا بين ترك ة الماض ي وآف اق المس تقبل"‪ ،‬مجل ة التحكيم‬
‫العالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪ ،18‬أبريل ‪ ،2013‬السنة الخامسة‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪355‬‬
‫بضرورة إزاحته من أجل إشباع بعض حاجياته الخاصة واالستئثار بها؛ فمثل هذه المشاعر نجدها بين‬

‫ص احب المقاول ة والنقاب ة في عالق ات الش غل وبين ال زوج والزوج ة في العالق ات األس رية وبين الب ائع‬

‫والمشتري أو المستهلك في العالقات التجارية‪.1051‬‬

‫ولم ا خل ق اهلل ه ذا الك ون جع ل الن اس بعض هم ف وق بعض لحكم ة أراده ا اهلل س بحانه وتع الى‬

‫وجعل فيهم الضعيف والقوي‪ ،‬واألصل أن يستمد اإلنسان قوته من صالبة عضالته وصحة جسده كما‬

‫يمكن أن يس تمدها من أس رته ومال ه وممتلكات ه‪ .‬وكيفم ا ك ان مص در ه ذه الق وة ف إن الف رد وجماعت ه‬

‫يستغالنها لبسط هيمنتهم على اآلخرين وفض نزاعاتهم باستبعاد خصومهم وقتلهم‪.1052‬‬

‫ففي المجتمع ات البدائي ة ‪ -‬حيث تك ون منغلق ة على نفس ها ويطل ق عليه ا اس م "مجتمع ات ب دون‬

‫ت اريخ" ‪ Sociétés sans histoire‬بحيث إن الظ روف الجغرافي ة والوس ط ال روحي ال ذي ك انت تعيش‬

‫في ه قاده ا إلى أن تحاف ظ تقريب ا وب دون تغي ير على نفس مؤسس ات األج داد‪ ،1053-‬لم تكن تع رف س لطة‬

‫تق وم بت أمين العدال ة ألفراده ا إذ ك ان ه ؤالء أو العش يرة أو القبيل ة يلج ؤون إلى الق وة من أج ل تحص يل‬

‫حقوقهم‪.‬‬

‫فق د ك انت الق وة هي ال تي تنش ئ الح ق وتحمي ه وهي الحكم في ك ل خص ومة والفيص ل الحاس م‬

‫لكل نزاع وكان القوي هو صاحب الحق في كل ما يناله بالغلبة والقهر لكن مع مرور الزمن برز نظام‬

‫يلجأ بمقتضاه المتخاصمون إلى طرف ثالث ليفصل في الخالف الناشئ بينهم يختارونه لما يتمت ع ب ه من‬

‫أو من المش هود لهم بفص احة ال رأي ويطل ق‬ ‫‪1054‬‬


‫مواص فات إذ يك ون من ذوي النف وذ أو ص احب خ برة‬

‫عليه شيخ القبيلة المشهود له بالحياد واألمانة‪ ،‬لذلك ففي حالة وقوع نزاع بين أفراد القبيلة سواء كان‬

‫‪ -1051‬بقالي محمد‪"،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬


‫‪ -1052‬بقالي محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -1053‬بوعزاوي بوجمعة‪ "،‬علم االجتماع القانوني"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.73‬‬
‫‪ - 1054‬للمزيد من التوسع حول‪ :‬نظام القوة ومجال استعمالها‪ ،‬وأسباب التخلي عنها‪ ،‬ووسائل الحد من االلتجاء إليها أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬صاحب عبيد الفتالوي‪ "،‬ت اريخ الق انون‪ ،‬الظ واهر القانوني ة في العص ور البدائي ة‪ ،‬مص ادر التنظيم الق انوني في المجتمع ات القديم ة‪ ،‬الم دونات‬
‫القانونية في الشرق والغرب‪ ،‬تاريخ القانون الروماني الشريعة اإلسالمية وفقهها"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.27‬‬
‫‪356‬‬
‫هذا النزاع مدنيا أو تجاريا يتم االتفاق باللجوء إلى هذا الشيخ ليحكم بينهما بحكم وغالبا ما يتم احترام‬

‫نظ را لمكان ة الش يخ أو خوف ا من س طوه وبطش ه ولم ا لمنزل ة المحكم عن د س كان‬ ‫‪1055‬‬
‫تنفي ذ ه ذا الحكم‬

‫القبيلة‪.‬‬

‫ولم يكن التحكيم غريبا على المغرب فقد عرف من خالل األعراف والعادات فكان س كان بعض‬

‫المناطق المغربية‪1056‬عند قيام نزاع بينهم يعرضونه على محكمين مختارين من قبلهم‪ ،‬ويكون المحكمين‬

‫ع ادة من فقه اء القبيل ة أو ال دوار أو رئيس للقبيل ة أو لل دوار‪ ،1057‬وفي حال ة نش وب ن زاع بين الت اجر‬

‫والتاجر أو بين التاجر وزبون له فإن المحكم عادة ما يكون أمين السوق أو أمين الحرفة‪.1058‬‬

‫ومن جهة أخرى كان الناس خاصة في البوادي يطلبون الفتاوى الشرعية من علماء الدين وأئمة‬

‫المساجد ومدارس علوم الدين ال في أمور دينهم فحسب ولكن حتى فيما يتعلق بمعامالتهم الدنيوية وما‬

‫ينش ب من نزاع ات حوله ا‪ ،‬وك انوا يس لمون بم ا تتض منه الفت وى ويرض ون ب ه كحكم نه ائي فاص ل في‬
‫‪ -1055‬شمس الدين عبداتي ‪ "،‬التحكيم التجاري قضاء المستقبل"‪ ،‬المجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪ ،2003‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -1056‬كمنطقة الصحراء المغربية‪.‬‬
‫‪ -1057‬يقول في هذا اإلطار ذ‪ .‬عبد اهلل درميش‪ ":‬يوجد اآلن التحكيم في بعض المناطق النائية ويحتكمون إلى شيخ القبيلة أو إلى شخص يحدى‬
‫باالحترام ويتم تنفيذ الحكم التحكيمي بدون صيغة تنفيذية حتى ال ينظر إلى الشخص الذي تقاعس عن التنفيذ نظرة اشمئزاز وحتى ال يبعد من‬
‫الجماعة وهذا هو التحكيم الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل درميش ‪ ،‬مداخلة في إطار دورة تكوينية نظمها المركز الدولي للوساطة والتحكيم ومؤسسة كوركمار في موضوع‪ " :‬المحامي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -1058‬إن األمناء هم الذين يتولون فض النزاعات التي تحدث بين الحرفيين أنفسهم أو بينهم وبين زبنائهم‪ ،‬والمستفيدين من خدماتهم‪ ،‬وكان لكل‬
‫حرفة " أمين " يختار من بين أمهر الصناع "المعلمين" المعروفين باألمانة والصدق أوال‪ ،‬والماسكين بأسرار الحرفة والحاذقين فيها ثانيا‪.‬‬
‫ويلعب أمين الحرفة دور مهما ورياديا في السوق من خالل حل النزاعات القائمة بين الحرفيين والرقي بالحرفة إلى مستوى تطلعات الحرفيين‬
‫أنفسهم‪ ،‬وك ذا بينهم وبين الزبناء المغارب ة واألجانب الذين ما زالوا مواظبين على اقتناء المنتوجات التقليدي ة على اختالف أنوعها‪ ،‬بل يحرص‬
‫الجميع على ضرورة التقيد بالجودة للنهوض بالقطاع الحرفي‪.‬‬
‫فاألمين يعد العمود الفقري للحرفة‪ ،‬ما دام يعرف خباياها وممارسيها داخل األحياء الحرفية وغيرها‪ ،‬وعادة ما ينال األمين احترام الجميع ما‬
‫دام البعض يلجئون إليه عند الحاجة بما في ذلك الزبناء‪ ،‬نظرا لدوره التحكيمي‪.‬‬
‫كما أن المحتسب يعد مرجعا للفصل في بعض النزاعات التي لم يحسمها األمناء‪ ،‬أو التي تتعلق بمحارب ة الغش في البضائع‪ ،‬أو احتكارها لرفع‬
‫أسعارها إلى جانب قيامه بأدوار واختصاصات أخرى واسعة‪ ،‬دينية وتربوية ترمي كلها إلى نشر األخالق الفاضلة‪ ،‬وقيم التضامن والتسامح‪،‬‬
‫وهو ما يؤهله في كثير من األحيان للتوفيق والتسديد بين المتخاصمين‪ ،‬وإ صالح ذات البين بينهم‪.‬‬
‫راجع في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ -‬محمد سالم‪ "،‬الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‬
‫‪.315‬‬
‫‪ -‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني‪ http://tadbir.ma :‬تاريخ حصر الموقع‪ 30 :‬مارس ‪.2015‬‬
‫‪357‬‬
‫الموض وع خاص ة وأن مرجعي ة ه ؤالء المف تين ك انت هي األحك ام الش رعية ال واردة في الق رآن الك ريم‬

‫والس نة النبوي ة وب اقي مص ادر الش ريعة اإلس المية ومن ثم ك ان للج انب ال روحي وال وازع ال ديني أك بر‬

‫األثر في القبول بالفتاوى الصادرة منهم‪.1059‬‬

‫وفي ه ذا الص دد يق ول محم د المخت ار السوس ي‪" :‬ألن أس تاذ المدرس ة بمنزل ة القاض ي الرس مي‬

‫للقبيل ة يقض ي ب التحكيم بين الن اس في الجب ال ال تي ال قض اء رس ميا فيه ا فقلم ا يتج اوز إلى غ يره إال إذا‬

‫ك ان مغم ورا بأس تاذ آخ ر أعلى من ه ش أنا أو أكبر من ه س نا" كم ا يقول في مك ان آخ ر‪ ":‬إن عام ة الن اس‬

‫ترسخ في أذهانها بأن الفقهاء هم الذين يتولون فض النزاعات وقسمة األموال والتركات لذلك يحتكمون‬

‫إليهم وهذا شأن القبائل السوسية بدون استثناء‪.1060‬‬

‫ثانيا‪ :‬تدخل المشرع المغربي ومحاولة إعادة االعتبار لنظام التحكيم‬

‫لم تكن هن اك قواع د قانوني ة ب المعني الح ديث قب ل مجيء االس تعمار ف المحكم ك ان يطب ق في‬

‫إجراءاته ما كان معروفا في سماع األطراف وأدلتهم واالستماع إلى الشهود وتتجلى مهمته في الحياد‬

‫واالستقامة واالستقاللية‪.‬‬

‫وم ع مجيء االس تعمار وبع د التوقي ع على معاه دة الحماي ة ال تي وض عت المغ رب في نظ ام‬

‫الحماي ة الفرنس ي ح اول المس تعمر س ن بعض الق وانين ال تي تتماش ى م ع مطامع ه ومص الحه من بينه ا‪:‬‬

‫ظهير االلتزامات والعقود ‪1061‬وقانون المسطرة المدنية الملغى الصادر في سنة ‪ ،1913‬فاألول لم يأتي‬

‫بمقتضيات خاصة بالتحكيم وإ نما تناوله في فصول متناثرة كما هو الشأن في الفصل ‪ 894‬أما الثاني‬

‫‪ -1059‬محمد سالم ‪ "،‬دور الطرق البديلة لحل النزاعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -1060‬محمد سالم‪ "،‬الط رق البديل ة لتس وية النزاع ات ودوره ا في تخفي ف العبء على القض اء وتحقي ق التنمي ة االجتماعي ة واالقتص ادية"‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.338‬‬
‫‪ -1061‬زكرياء الغزاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪358‬‬
‫فق د خص ص ل ه الفص ول ‪ 527‬إلى ‪ 543‬خالف ا لم ا ذهب إلي ه بعض الفق ه من أن التحكيم لم ينظم‬

‫بالمغرب إال بمقتضى قانون المسطرة المدنية الصادر سنة ‪.10621974‬‬

‫كم ا أن ه ذه الف ترة ع رفت إص دار ع دة نص وص تهتم ب التحكيم كظه ير ‪ 1942‬المتعل ق بمهن ة‬

‫الص حافة والس يما الفص لين ‪ 7‬و ‪ 8‬الل ذان يمنح ان االختص اص في البت في ال نزاع المتعل ق بفس خ عق د‬

‫العم ل في المج ال الص حفي وإ س ناد مس ألة التع ويض إلى لجن ة التحكيم ك ذلك الح ال في ق وانين الش غل‬

‫بمقتضى ظهير ‪ 1946‬وما أدخل عليه من تعديالت سنة ‪.10631947‬‬

‫وب الرغم من ع دم وعي المواط نين وع دم وج ود ثقاف ة التحكيم ل دى المؤسس ات العام ة ال تي‬

‫أنشأتها الدولة بعد الحصول على االستقالل‪ ،‬فإن المغرب في هذه الفترة كان مهتما باالنفتاح التجاري‬

‫على بقية دول العالم من خالل اللجوء إلى تشجيع االستثمار‪ ،‬حيث تم إصدار ظهير شريف سنة ‪1958‬‬

‫ينص في فصله ‪ 39‬على اللجوء للتحكيم في المنازعات المتعلقة باالستثمار‪.‬‬

‫وقد تعززت الترسانة القانونية بمقتضيات خاصة بالتحكيم من خالل الخروج بقانون المسطرة‬

‫المدنية الصادر في ‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬والذي خصص له الفصول من ‪ 306‬إلى ‪ 327‬في الباب الثامن‬

‫من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية بعد إلغاء قانون المسطرة المدينة لسنة ‪ ،1913‬غير أن‬

‫ه ذا الق انون ك انت تش وبه مجموع ة من الن واقص من أبرزه ا إغفال ه للتحكيم ال دولي واكتفائ ه ب التحكيم‬

‫الداخلي‪ ،‬رغم أن المغرب كان من الدول السباقة إلى المصادقة على االتفاقيات الدولية ومسايرة للتطور‬

‫الذي تعرفه التشريعات المقارنة في مجال التحكيم‪ ،‬عمل المشرع المغربي على إصدار قانون ‪08-05‬‬

‫‪ -1062‬ألخذ فكرة عن التحكيم في المسطرة المدنية أنظر‪:‬‬


‫‪ -‬شعيبي المذكوري ‪ "،‬االتفاق على التحكيم في قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،74‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -‬شعيبي المذكوري ‪ "،‬القرارات التحكيمية في قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،76‬شتنبر ‪ ،1975‬ص ‪ 15‬ومل بعدها‪.‬‬
‫‪ -1063‬يوسف الزوجال ‪" ،‬التحكيم في القانون المغربي بين الماضي‪ ،‬الحاضر والمستقبل"‪ ،‬مقال منشور على موقع العلوم القانونية‪com.www. :‬‬
‫‪marocdroit‬‬
‫‪359‬‬
‫يع دل بموجب ه الب اب الث امن من القس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة بحيث اس تدرك في ه الهفوات‬

‫التي كانت تشوبه‪.1064‬‬

‫ولكن على ال رغم من ه ذه الجه ود فإن ه ال ي زال آلي ة مجهول ة لكث ير من المواط نين بجمي ع‬

‫والبعض اآلخر لم يتفهم أهميته بعد‪.‬‬ ‫‪1065‬‬


‫شرائحهم في المغرب فالبعض منهم يجهل وجوده‬

‫وال يمكن بأي حال من األحوال اعتبار التشريع المغربي في مجال التحكيم هو العامل الرئيسي‬

‫وراء وضعية التحكيم بالمغرب‪ ،‬بل غياب ثقافة التحكيم لدى عامة المغاربة يبقى له الجانب األوفر في‬

‫مدى تطور التحكيم في بالدنا‪.‬‬

‫إن انع دام ال وعي بأهمي ة التحكيم في األوس اط الفاعل ة من مؤسس ات وبن وك‪ 1066‬وتج ار يش كل‬

‫العام ل األساس ي في ض عف التحكيم‪ ،‬ف المجتمع التج اري ه و المن اخ الخص ب لنم و التحكيم وتط وره‬

‫والمع امالت بين مختل ف أط راف مجتم ع التج ار ينبغي أن تحت وي على ش روط‬ ‫‪1067‬‬
‫ف العقود التجاري ة‬

‫‪ -1064‬مع ازدهار التجارة العالمية ورغبة من المغرب في مواجهة تحديات العولمة االقتصادية‪ ،‬وفي تشجيع المستثمرين على استثمار أموالهم‬
‫في ه‪ ،‬تم إص دار ق انون ‪ 08 -05‬ال ذي يعت بر ق انون للتحكيم والوس اطة وذل ك بمقتض ى الظه ير الش ريف رقم ‪ 1 .07 .169‬بت اريخ ‪ 19‬من ذي‬
‫القعدة ‪ 1428‬الموافق ل ‪ 30‬نوفمبر ‪ ،2007‬حيث تم التنصيص عليه في الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪ - 1065‬بعض المؤسسات ( شركات‪ ،‬بورصة) لم تسمع بمصطلح التحكيم وال تعلم ما معناه‪ ،‬ولم يسبق لها أن تعاملت معه‪.‬‬
‫اس تطالع لل رأي قمن ا ب ه ع بر ملئ اس تمارات اس تبيانية على ش كل أس ئلة متنوع ة متعلق ة بموض وع البحث تم طرحه ا على بعض الش ركات‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫‪ -1066‬الوس يلة األك ثر اس تخداما في فض المنازع ات البنكي ة هي‪ :‬الوس اطة البنكي ة‪ ،‬وذل ك ألنه ا تمكن المتع املين من التوص ل إلى ح ل يناس ب‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان‪ ،‬المحمدية‪ ،‬الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أسئلة متنوعة‬
‫متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على بعض المؤسسات البنكية‪.‬‬
‫إن العزوف عن نظام التحكيم في مجال المعامالت البنكية يجد أساسه في غياب ثقافة التحكيم في الوسط البنكي‪ ،‬وفي عدم الثق ة في ج دوى جه از‬
‫التحكيم في فض منازع ات تقني ة ودقيق ة بش كل ع ادل‪ ،‬تم غي اب اإلمكاني ات البش رية‪ :‬المحكمين المتخصص ين في الم ادة البنكي ة‪ ،‬كم ا أن الق وة‬
‫االقتصادية للمؤسسات البنكية يستبعد معها جلوس البنك على طاولة واحدة مع العميل من أجل مناقشة شرط التحكيم وآثاره‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عائشة الشرقاوي المالقي‪ "،‬الوجيز في القانون البنكي المغربي"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬سنة ‪ 2007،‬ص ‪ 68‬وما‬
‫يليها‪.‬‬
‫‪ -‬نجيب أحمد عبد اهلل‪ "،‬اتفاق التحكيم في المنازعات البنكية"‪ ،‬سلسلة إصدارات المركز اليمني للتوفيق والتحكيم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪،2004‬‬
‫ص ‪.502‬‬
‫‪- Georges Affaki. "Le banquier et l’arbitrage, banque et droit" , N° 93, janvier – février, 2004. p 3.‬‬
‫‪ -1067‬منها على سبيل المثال عقود النقل‪ ،‬وعقود الرهن التجاري والعقود البنكية‪ ،‬إلى غير ذلك من العقود الواردة في الفصول ‪ 334‬وما يليه‬
‫من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪360‬‬
‫تس مح ب اللجوء إلى التحكيم في حال ة وج ود أي خالف ح ول تط بيق أو تنفي ذ أو تفس ير تل ك العق ود‪،1068‬‬

‫وهذا ما يغذي التحكيم ويرفع من شأنه غير أن هذا األمر غائب في المغرب‪.1069‬‬

‫ومرد ذلك هو عدم انتشار ثقافة اللجوء إليه في ظل غياب إعالم يساعد على نشر هذه الثقافة‬

‫من خالل ال برامج ال تي تعم ل على التعري ف ب التحكيم وع رض مميزات ه بالتفص يل ح تى يتس نى لك ل‬

‫مواطن معرفتها بدقة بجميع إجراءاتها ومساطرها‪.‬‬

‫وأن تكون هناك برامج موجهة إلى التجار والمقاوالت التجارية الهدف منها تحسيسهم بضرورة‬

‫تضمين عقودهم ببنود تبيح اللجوء إلى التحكيم‪.‬‬

‫ه ذا ال دور اإلعالمي م ازال غائب ا لألس ف ح تى اآلن‪ ،‬األم ر ال ذي ينبغي جعل ه في الحس بان‬

‫ومحاولة معالجة هذا المشكل‪.1070‬‬

‫‪ -1068‬يلعب المش رع دورا هام ا بتنصيص ه على بن ود قانوني ة تل زم األط راف المتنازع ة على اللج وء إلى مس طرة التحكيم في حال ة وج ود أي‬
‫خالف حول تطبيق أو تنفيذ العقود‪.‬‬
‫استطالع للرأي قمنا به في بعض المدن المغربية (ابن سليمان‪ ،‬المحمدية‪ ،‬الدار البيضاء) عبر ملئ استمارات استبيانية على شكل أسئلة متنوعة‬
‫متعلقة بموضوع البحث تم طرحها على مجموعة من الموثقين‪.‬‬
‫‪ -1069‬تجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي عمل في قانون ‪ 08-05‬على تحديد المنازعات التجارية التي يمكن لألشخاص طبيعيين كانوا أو‬
‫معن ويين أن ي برموا اتف اق تحكيم بش أنها‪ ،‬ذل ك أن ه ج اء في الفق رة األخ يرة من الفص ل ‪ 308‬على أن ه " يمكن بوج ه خ اص أن تك ون مح ل اتف اق‬
‫تحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عمال بالمادة ‪ 5‬من القانون ‪ 95.53‬القاضي بإحداث محاكم تجارية"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 5‬من القانون المحدث بموجب المحاكم التجارية نجد على أن هذه األخيرة تختص بالنظر في الدعاوي التالية‪:‬‬
‫الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية‪.‬‬
‫الدعاوي التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية‪.‬‬
‫النزاعات المتعلقة باألوراق التجارية‪.‬‬
‫النزاعات المتعلقة باألصول التجارية‪.‬‬
‫وبناءا عليه فإنه يجوز لألطراف أن يتفقوا على إبرام اتفاق التحكيم في مختلف هذه المنازعات‪.‬‬
‫وق د ج اء في ق رار ص ادر عن المجلس األعلى بت اريخ ‪ 05/01/2000‬بأن ه" ش رط التحكيم ي أتي ص حيحا في العق ود المبرم ة بخص وص أص ول‬
‫تجاري ة بصفة عام ة‪ ،‬والسيما فيما يتعلق بأداء الوجيب ة الكرائية وإ فراغ المكتري ومن يقوم مقام ه حيث يرتبط شرط التحكيم أثره باللجوء إلى‬
‫المحكمين بدال من اللجوء إلى المحاكم التجارية التي لها حق النظر في النزاعات الناشئة عن األصول التجارية وذلك بمقتضى المادة الخامسة‬
‫من القانون ‪ 53/95‬القاضي بإحداث هذه المحاكم والسيما الفقرة الرابعة التي نصت على نظر النزاعات الناشئة بين جميع األشخاص فيما يتعلق‬
‫بأصل تجاري‪ ،‬كما أن القانون الواجب تطبيقه بخصوص طلب األداء واإلفراغ للمحالت واألصول التجارية يبقى هو ظهير ‪ 24‬ماي ‪."1955‬‬
‫‪ -‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 16‬الصادر بتاريخ ‪ 05/01/2000‬في الملف التجاري عدد ‪ 3538/1994‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‬
‫عدد‪ 53 :‬و ‪ 54‬ص ‪.204‬‬
‫‪ - 1070‬راجع ما ستتم دراسته بخصوص" توظيف اإلعالم في نشر ثقافة التحكيم" في الفصل الثاني من هذا الباب‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫في الحقيق ة نج اح التحكيم أو فش له متوق ف بالدرج ة األولى على وعي المش رع والمتقاض ين‬

‫بأهميته فعندما يقدرون أهمية هذا النظام والدور الذي يمكن أن يلعبه في حل نزاعاتهم ال شك أن هذا‬

‫النظام سيزدهر وينمو والعكس صحيح‪.1071‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ضعف الثقة في كفاءة وخبرة المحكم‬

‫إن كفاءة وخبرة المحكم أو الهيئة التحكيمية ككل للفصل في النزاع ركيزة للتحكيم برمته إذ بها‬

‫تتأمن فعالية وجدوى التحكيم و بها يتحقق الهدف من ولوجه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مسألة كفاءة المحكم‬

‫عند اختيار الهيئة التحكيمية ينبغي بالخصوص مراعاة األمرين التاليين ‪:‬‬

‫األم ــر األول‪ :‬الب د أن يت وافر ل دى المحكم الح د األدنى من العلم الق انوني باعتب ار أن التحكيم‬

‫يخض ع لبعض النص وص اإلجرائي ة ال تي ال ب د من التقي د به ا تحت طائل ة إبط ال الحكم التحكيمي إلى‬

‫جانب وجود أحكام تتعلق بالنظام العام والتي ال مفر من تطبيقها واحترامها‪.‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬البد أن تتوافر لدى المحكم المؤهالت والصفات التي تستجيب لتوقعات األطراف‬

‫والتي حدت بهم إلى اختيار التحكيم كوسيلة لفض النزاع‪ ،‬مثال لو اتفق األطراف على تطبيق الشريعة‬

‫اإلس المية فإن ه ينبغي أن يك ون المحكم ض ليعا في الفق ه اإلس المي‪ ،‬أو ك ذلك إذا اتف ق الطرف ان على‬

‫تط بيق ق انون دول ة معين ة فيمكن الق ول بأن ه على المحكم أن يك ون على علم بمب ادئ ه ذا الق انون على‬

‫األقل‪.1072‬‬

‫‪ -1071‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬


‫‪ -1072‬محمود أنيس بالطيب ‪ "،‬المحكم في التشاريع العربية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬مجلة التحكيم العالمية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪362‬‬
‫وتج در اإلش ارة أن المش رع المغ ربي لم ينص في ق انون ‪ 08 -05‬على أي بن د يس تفاد من ه‬

‫وإ نما ترك ذلك إلى اإلرادة الحرة لألطراف‪ ،1074‬إال‬ ‫‪1073‬‬
‫ضرورة كون المحكم يعرف القراءة والكتابة‬

‫أن التح والت االجتماعي ة واالقتص ادية ال تي يعرفه ا المغ رب في اآلون ة األخ يرة جعلت معظم الفعالي ات‬

‫تس تجيب لمتطلب ات ه ذه الظرفي ة بم ا فيه ا الهيئ ات التحكيمي ة‪ ،‬فبع دما ك ان دوره ا يقتص ر على ح ل‬

‫النزاعات الناشئة غالبا بين نفس أصحاب المهنة أو بين الشركاء في الشركات التجارية‪ ،‬فإنها أصبحت‬

‫في ال وقت ال راهن بفع ل العولم ة ال تي اكتس حت المغ رب مؤهل ة للفص ل في خالف ات الش ركات الك برى‬

‫وذلك لتعدد مزايا نظام التحكيم التي ينفرد بها عن القضاء الرسمي‪.1075‬‬

‫ولتسهيل مأمورية الهيئات التحكيمية كان البد على المشرع المغربي أن يضع ضوابط خاصة‬

‫يحترمها كل من أراد القيام بمهام المحكم‪ ،‬ومن بينها على الخصوص وجوب حصوله على تأهيل علمي‬

‫ولغوي معين حتى يتأقلم مع محيطه الجديد الذي يغلب عليه طابع السرعة والتعقيد‪.1076‬‬

‫‪ -1073‬تجدر اإلشارة في هذا اإلطار أنه ظهر برأي الفقه المقارن اتجاهان اثنان فاألول يروم إلى الرأي القائل بعدم اشتراط كون المحكم عالما‬
‫بقواعد القراءة والكتابة إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من عضو منفرد فإذا كان من محكم منفرد وجب تعيين شخص آخر لمجرد كتابة الحكم‪،‬‬
‫وقد استندوا في ذلك إلى أنه قد يكون الشخص الذي يجهل قواعد القراءة والكتابة لديه من الخبرة ورجاحة العقل ما يفوق ذلك الشخص الملم‬
‫بقواعد القراءة والكتابة‪ ،‬مما يدفع أطراف االتفاق على التحكيم إلى تفضيل اختيار الشخص األول الجاهل بها على اختيار من يكون عالما بها‪.‬‬
‫في حين ذهب جانب آخر إلى القول بأن شرط العلم بالقراءة والكتابة هو من األمور البديهية لذلك لم تنص عليها التشريعات المختلفة وذلك ألن‬
‫نظ ام التحكيم والفص ل في المنازع ات يس تلزم في الق ائم به ا أن يك ون عالم ا بقواع د الق راءة والكتاب ة‪ ،‬ح تى يتمكن من اإلطالع على مس تندات‬
‫الخصوم وأوراقهم وكتابة حكم التحكيم الصادر في النزاع وتوقيعه وذكر أسبابه‪.‬‬
‫كما أنه إذا كان يجوز لألفراد أن يتفقوا على تعيين محكم أو محكمين يجهلون قواعد القراءة والكتابة فإن ذلك غير متصور في التعيين الذي يتم‬
‫من قبل المحكمة فيجب على المحكمة أن تقوم بتعيين أشخاص يلمون بقواعد القراءة والكتابة‪ ،‬أضف إلى ذلك أن ه في المعامالت التي يكون فيها‬
‫عنصر أجن بي ال يتكلم المحكم لغ ة الخصم أو لغ ة المحكمين رغم ضرورة وجود مترجم حتى يسمع الط رف اآلخر م ا يقوله الخصم فإن على‬
‫المحكمة في تحكيم تجاري دولي أن تقوم بتعيين محكمين يكونون على إطالع بلغة الخصوم‪.‬‬
‫أنظر في هذا الشأن‪:‬‬
‫محمود السيد التحيوي ‪" ،‬العنصر الشخصي لمحل التحكيم"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪ ،2003‬ص ‪ 305‬وما بعدها‪.‬‬
‫عامر فتحي البطانية‪" ،‬دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪ 93‬و ‪.94‬‬
‫وهذا ما تترجمه الفقرة األولى من الفصل ‪ 309‬من ق ‪ .‬م ‪ .‬م على ما يلي‪" :‬يمكن لألطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات‬ ‫‪1074‬‬

‫التي قد تنشأ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين‪ ."...‬وبذلك فلم ينص على أي شرط يتعلق بتحديد المستوى الدراسي للمحكمين‪.‬‬
‫وقد تركت أحكام قانون التحكيم المصري أيضا الحرية لألطراف في اختيار المحكمين ولم تشترط فيهم أي كفاءة علمية حيث نصت المادة ‪17‬‬
‫في فقرتها األولى على أنه " لطرفي التحكيم االتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووفق اختيارهم‪.‬‬
‫‪ -1075‬ومن هذه المزايا‪ :‬السرعة‪ ،‬السرية‪ ،‬الكفاءة‪ ،‬التخصص‪...‬‬
‫‪ - 1076‬وهذا ما ينطبق على أعمال التجارة الدولية التي أصبح فيها المغرب عضوا فاعال‪.‬‬
‫‪363‬‬
‫ولكي تفص ل هيئ ة التحكيم في ال نزاع ال ب د وأن تك ون ذات إطالع واس ع على الق وانين الواجب ة‬

‫التطبيق والتي قد تكون في غالب األحي ان أجنبية عنها‪ ،‬وحتى تتحقق هذه الغاي ة كان ال بد أن يكون‬

‫أعضاء هذه الهيئة على درجة عالية من التكوين اللغوي والعلمي لكي يتسنى لهم فهم معنى وروح هذه‬

‫القوانين‪.1077‬‬

‫ومن جه ة أخ رى ف إن تع دد الوث ائق المتعلق ة ب النزاع المعروض ة على أنظ ار الهيئ ة التحكيمي ة‬

‫والتي تكون غالبا محررة بلغات أجنبية نظرا لطبيعة هذا النزاع‪ ،‬فإنه يضطر معه المحكم أن يتقن أكثر‬

‫من لغة لكي يتجاوب مع هذه المستندات‪ ،‬أما في حالة تعذر تمكنه من هذه اللغات فإن مصالح األطراف‬

‫تصبح في خطر كبير نتيجة جهل الهيئة التحكيمية‪.‬‬

‫إض افة إلى ذل ك ف إن المحكم ذي التك وين اللغ وي تك ون ل ه الق درة بم ا يكفي إلدارة العملي ة‬

‫التحكيمية بسرعة كبيرة وفاعلية عالية‪ ،‬وهذا ما يؤهله إلى تحديد الخطة اإلجرائية المالئمة للفصل في‬

‫ال نزاع على نح و يتحق ق مع ه الس ير الط بيعي له ذه األخ يرة‪ ،1078‬مم ا يجعل ه يص ل إلى الق رار الحاس م‬

‫والعادل بسهولة كبيرة‪.‬‬

‫إن العدي د من التش ريعات المقارن ة تح دد مجموع ة من الش روط يتعين توفره ا في المحكم ح تى‬

‫يس تطيع مباش رة المهم ة التحكيمي ة ن ذكر منه ا التش ريع الس عودي ال ذي يش ترط ت وافر كف اءة ودراي ة‬

‫بالتشريع اإلسالمي في شخص رئيس الهيئة التحكيمية‪.1079‬‬

‫‪ -1077‬أحمد شكري السباعي‪ " ،‬الوس يط في النظري ة العام ة في ق انون التج ارة والمق اوالت التجاري ة والمدني ة‪ ،‬دراس ة معمق ة في ق انون التج ارة‬
‫المغربي الجديد والمقارن‪ ،‬التحكيم الوطني والدولي وقانون األونسترال‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬هامش‬
‫ص ‪.276‬‬
‫‪ -1078‬ه ذا م ع العلم أن أهم مم يزات اللج وء إلى التحكيم هي تل ك الس رعة في فص ل المنازع ات‪ ،‬ف إذا لم يتحق ق ه ذا المم يز فإن ه حينئ ذ يفض ل‬
‫عرضها على القضاء أصال‪.‬‬
‫‪ -1079‬الم ادة الثالث ة"‪ ...‬وعن د تع دد المحكمين يك ون رئيس هم على دراي ة بالقواع د الش رعية واألنظم ة التجاري ة والع رف والتقالي د الس ارية في‬
‫المملكة"‪.‬‬
‫‪364‬‬
‫ونفس الشيء ينطبق على االتفاقية العربية لالستثمار حيث تقضي المادة ‪ 35‬من االتفاقية على‬

‫أن‪ " :‬أس ماء المحكمين يتم اختي ارهم من األش خاص المش هود لهم‪ ...‬بق دراتهم في مي ادين الق انون أو‬

‫التجارة أو الصناعة أو المال أو الزراعة أو الخدمات أو أي خبرة تقتضي موضوع النزاعات"‪.1080‬‬

‫وب الرغم من ص دور ق انون ‪ 08 -05‬فلم ي ذكر المش رع المغ ربي م ا إذا ك ان على المحكم أن‬

‫يت وافر في ه تأهي ل لغ وي معين أم ال وه ذا الس كوت ق د يع رض حق وق األط راف للض ياع نتيج ة احتم ال‬

‫وضعها رهن إشارة محكمين أميين‪.‬‬

‫وب اإلطالع على مقتض يات الفق رة األخ يرة من الفص ل ‪ 321‬من ق انون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬وال تي نص ت‬

‫على وج وب دراس ة الوكي ل الع ام للمل ك لوض عية المحكمين قب ل إدراجهم في الل وائح المع دة ل ذلك‪ ،‬ق د‬

‫يتب ادر إلى ال ذهن أن المش رع يقص د وض عيتهم الدراس ية أو كف اءاتهم المهني ة أو العلمي ة ل ورود كلم ة "‬

‫وض عيتهم" بش كل مبهم وغ امض‪ ،‬إال أنن ا نعتق د أن األم ر ليس ك ذلك فمادمن ا أم ام مقتض يات وردت في‬

‫إطار مساطر خاصة فال يجوز التوسع في تفسيرها‪.1081‬‬

‫ومن وجهة نظري المتواضعة فإنني أتفق مع الفقه الذي يعتبر أن الطابع الرضائي للتحكيم وما‬

‫يتمتع به المحكم من سلطات واسعة في إدارة النزاع يفترض معه إسناد مهامه إلى شخص يتوفر على‬

‫تأهيل علمي ولغوي مناسب‪.1082‬‬

‫ومن بين الحجج المؤي دة لوج وب ك ون المحكم م ؤهال لغوي ا م ا نص علي ه الفص ل ‪ 319‬من‬

‫قانون ‪ 08-05‬حينما قضى بأن الهيئة التحكيمية تتكفل بتنظيم إجراءات التحكيم الحر وبتحديد المس طرة‬

‫الواجبة اإلتباع‪ ،‬فمثل هذه المهام ال يستقيم والمنطق أن يؤديها سوى ذلك المحكم ذي التكوين اللغوي‬

‫‪ -1080‬عبد اإلاله المحبوب‪ "،‬الضمانات القانونية للهيئة التحكيمية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات‪،‬‬
‫الص لح‪ ،‬الوس اطة‪ ،‬التحكيم‪ ،‬في ضوء مستجدات الق انون رقم ‪ 08 -05‬المتعلق ب التحكيم والوس اطة االتفاقي ة"‪ ،‬منش ورات مجل ة القضاء الم دني‪،‬‬
‫سنة ‪ ،2013‬ص ‪.131‬‬
‫‪ -1081‬راجع ما تمت دراسته بخصوص الفصل ‪ 321‬واإلشكاليات التي يطرحها في الباب األول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -1082‬هدى محمـد حمـدي عبـد الرحمـان‪" ،‬دور المحكم في خص ومة التحكيم وح دود س لطاته"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬س نة ‪ ،1997‬ص‬
‫‪.112‬‬
‫‪365‬‬
‫الواسع‪ ،‬اعتبارا لكونها تتصف عادة بالتعقيد الشديد فالتغلب على كل ما من شأنه التأثير على سيرها‬

‫العادي يفترض أن يتم تعيين هذا المحكم من فئة المحكمين المشهود لهم بالكفاءة اللغوية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسألة خبرة المحكم‬

‫يجب على المحكم ولكي يم ارس عملي ة التحكيم في ال نزاع المع روض علي ه أن يتمت ع بخ برة‬

‫عالي ة في مج ال التحكيم وخصوص ا في مج ال التحكيم التج اري ال دولي‪ .‬فلكي يك ون المحكم دولي ا علي ه‬

‫أال يقف عند ثقافته وخبرته الداخلية بالتحكيم‪ ،‬وإ نما عليه أن يتعداها إلى ثقافات وخبرات اآلخرين بالفهم‬

‫والتفهم واألف ق الواس ع ألن ه من المض ر ج دا ب التحكيم ال دولي أن تتغلب الثقاف ة المحلي ة للمحكم على‬

‫نظرت ه لل نزاع‪ ،‬وك ل ذل ك يتطلب معرف ة المحكم بمختل ف الق وانين والقواع د ال تي تنظم التحكيم على‬

‫المستوى الدولي وأن يكون ملما بالعادات والمعامالت التجارية ومطلعا على مختلف األنظمة السياسية‬

‫واالجتماعية‪.1083‬‬

‫موقف الفقه من مسألة خبرة المحكم‬ ‫‪-1‬‬

‫يذهب بعض الفقه إلى القول بعدم اشتراط أن يكون المحكم عالما بالقانون ولو كانت المسألة‬

‫المعروضة عليه قانونية أوله خبرة فنية في موضوع النزاع المعروض عليه أي عدم اشتراط أن يكون‬

‫المحكم متخصصا في المسألة المتنازع عليها والمعروضة عليه‪ ،1084‬وسندهم في ذلك هو ذات األساس‬

‫الفلسفي الذي يقوم عليه نظام التحكيم والمتمثل في أن الثقة في شخص المحكم وفي حسن عدالته هو في‬

‫األص ل مبعث االتف اق على التحكيم‪ ،‬فق د يتف ق أط راف المنازع ة في ش خص ويق درون قدرت ه على ح ل‬

‫منازعاتهم بالشكل المالئم بالنسبة لهم وبالسرعة المطلوبة ويطمئنون إلى قضائه‪ ،‬وذلك بالرغم من أنه‬
‫‪ -1083‬حميد محمد علي اللهبي‪ " ،‬المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -1084‬أحمد أبو الوفا ‪" ،‬التحكيم االختياري واإلجباري"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،1978‬ص ‪.154‬‬
‫‪366‬‬
‫ق د ال يك ون خب يرا أو متخصص ا في مج ال المنازع ة المعروض ة على التحكيم أو ليس عالم ا بالق انون‬

‫وذلك بالرغم من أن المسألة المعروضة على التحكيم قد تكون مسألة قانونية‪.1085‬‬

‫في حين ذهب ج انب آخ ر من الفق ه إلى اش تراط أن يك ون المحكم من ذوي الخ برة في ال نزاع‬

‫المع روض علي ه ف المحكم وإ ن لم يكن من رج ال الق انون فإن ه يجب على األق ل أن يك ون متخصص ا في‬

‫المنازعة التي يفصل فيها‪ ،‬أو تكون له خبرته بها والتي تغني ه عن االستعانة بالخبراء وهو م ا يحقق‬

‫مصلحة مؤكدة لألطراف المحتكمين‪.1086‬‬

‫ويعتبر هذا الرأي هو الراجح بحيث جعل من شرط خ برة المحكم الض مانة األساس ية والملح ة‬

‫الس تقالليته فكلم ا افتقر إليه ا كلم ا ك ان أك ثر عرض ة للت أثر باتجاه ات وآراء اآلخ رين بم ا فيهم أط راف‬

‫النزاع‪.1087‬‬

‫وارتباط ا ب ذات الموض وع ف إن هن اك من ي رى أن الخ برة الفني ة وح دها ال تكفي لجع ل المحكم‬
‫‪1088‬‬
‫يحيط بكل جوانب النزاع مهما كانت درجة خبرته هاته‪ ،‬مؤكدا أنه يتعين أن توازيها خبرة قانونية‬

‫فقد يقوم أطراف النزاع باختيار المحكم من وسطهم المهني الذي يكون في غالب األحيان ذي خبرة فنية‬

‫عالية‪ ،‬إال أنه ومع ذلك فال يستطيع أداء مهمته التحكيمية القضائية على أحسن وجه‪ ،‬كاحترامه لحقوق‬

‫الدفاع والمواجهة وغيرها من اإلجراءات إذا لم يكن على بينة من القواعد القانونية التي عادة ما تكون‬

‫صعبة اإلدراك ومعقدة التطبيق‪.1089‬‬

‫ونعتقد أن الفقيه "فوشار" كان على صواب حينما أشار إلى أن االستعانة برجال القانون شيء‬

‫طبيعي في مجال التحكيم لكون جل المنازعات التي تعرض على الهيئة التحكيمية تبدأ وتنتهي بتفسير‬

‫‪ -1085‬محمود السيد التحيوي ‪" ،‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية "‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬ص ‪ 191‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1086‬محمود محمد هاشم‪ "،‬اتفاق التحكيم وأثره على سلطة القضاء"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -1087‬هدى محمد حمدي عبد الرحمان‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -1088‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬هامش ‪ ،276‬وأيضا هدى محمد حمدي عبد الرحمان‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 1089‬إن المحكمين المختصين في المسائل الفنية ال يكونون ‪ -‬في الغالب األعم – على دراية بالقانون وال بكيفية تحرير األحكام‪ .‬لذا يجب على‬
‫األقل أن يتم اختيار المحكم الرئيس أو المحكم الفرد من بين رجال القانون ذوي الخبرة والممارسة مثل رجال القضاء السابقين‪.‬‬
‫‪367‬‬
‫نصوص ذات طبيعة قانونية وهي مهمة ال يتقنها من حيث المبدأ سوى الضالع في العلوم القانونية‪،1090‬‬

‫وما يؤيد هذا الرأي هو عجز رجال األعمال والصناعة عن تجاوز التعقيدات القانونية التي تعترضهم‬

‫بمناسبة إبرامهم للصفقات وذلك الفتقارهم للمؤهالت والمهارات القانونية الضرورية لحلها‪.1091‬‬

‫وحقيقة فإنه يعتبر من الناذر في عصرنا الحالي أن نعثر على محكم مزدوج التكوين ‪ :‬قانوني‬

‫فني يفصل في النزاعات إال أن ه للتغلب على هذه الندرة فال مناص من تعيين األطراف لخبير قانوني‬

‫بين أعضاء الهيئة التحكيمية‪ ،‬وذلك من أجل االستفادة من مهاراته القانونية في تسيير خصومة التحكيم‬

‫وفي صياغة األحكام التحكيمية‪.1092‬‬

‫غياب شرط الخبرة في التشريع المغربي‬ ‫‪-2‬‬

‫بالرغم من الدور الهام الذي تؤديه خبرة المحكم في تسوية النزاع فإن المشرع المغربي كغيره‬

‫لم يتطلب توفرها في هذا المحكم وإ نما رفع يده عن ذلك تاركا اختصاص‬ ‫‪1093‬‬
‫من جل القوانين المقارنة‬

‫اش تراطها لفائ دة أط راف ال نزاع‪ ،‬رغم أن ه ك ان علي ه أن ينص على ض رورة ت وفر المحكم على خ برة‬

‫معين ة ول و في موض وع ال نزاع المع روض علي ه فق ط ألن ه من المف روض أال يلج أ الخص وم إلى ط رح‬

‫نزاع اتهم المعق دة على محكمين ليس وا بخ براء في موض وعها‪ ،‬ه ذا فض ال على أن ه ال يستس اغ ط رح‬

‫النزاع على مثل هؤالء المحكمين وبعدها يتم إحالته على أحد الخبراء الستشارته في حلها وذلك تحت‬

‫‪ -1090‬فيليب فوشار(‪ "،)Ph.fouchard‬الشروط التحكيمية في االتفاقات الصناعية الدولية‪ ،‬باريس‪ ،‬سنة ‪ ،1975‬ص ‪.1‬‬
‫‪ -1091‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1092‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -1093‬نشير إلى أن نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م‪ )46 /‬وتاريخ ‪ 1403 / 7 /12‬كان ينص في مادته الرابعة على‬
‫ما يلي‪ ":‬يشترط في المحكم أن يكون من ذوي الخبرة حسن السيرة والسلوك‪."...‬‬
‫إال أنه بمقتضى المرسوم الملكي رقم م‪ 34 -‬بتاريخ ‪16 /1433 -5 -24‬هجرية‪ 2012 -4 -16 /‬ميالدية تراجع عن هذا المقتضى وسكت‬
‫عن تحديد شرط الخبرة ونص في المادة الرابعة عشر على أنه‪ ":‬يشترط في المحكم ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون كامل األهلية‬
‫‪ -2‬أن يكون حسن السيرة والسلوك‪."...‬‬
‫ه ذا المرس وم منش ور في الجري دة الرس مية ( أم الق رى) بع ددها رقم ‪ 4413‬الص ادر بت اريخ ‪ 1433 -7 -18‬هجري ة الموافق ‪2012 -6 -8‬‬
‫ميالدية‪.‬‬
‫‪368‬‬
‫ومن هذا المنطلق فإننا نتساءل عن إمكانية لجوء‬ ‫‪1094‬‬
‫نفقة األطراف كما هو عليه الحال بالنسبة للقضاء‬

‫األطراف مباشرة إلى خبراء دون المرور عن طريق المحكمين أعاله توفيرا للمصاريف وربحا للوقت؟‬

‫وإ ذا م ا انطلقن ا من أن القاض ي يس تعين عن د بت ه في القض ايا بمس اعدة دف اع األط راف ورأي‬

‫الخبراء فإن المحكم عكس ذلك ال تتاح له مثل هذه اإلمكانيات في غالب األحوال‪ ،‬مما يكون مع ه تمتع ه‬

‫ب الخبرة الالزم ة الس الح الحاس م الوحي د لتن وير مس لكه في إدارة ال دعوى قص د إص دار حكم ا تحكيمي ا‬

‫عادال‪.‬‬

‫أما بالنسبة للتحكيم المؤسسي فإن معظم اللوائح التحكيمية التابعة لمراكز التحكيم المنتشرة في‬

‫مختلف بقاع العالم قد اشترطت توافر الخبرة في محكميها‪ ،‬ومن بين هذه األنظمة نذكر نظام المركز‬

‫ال دولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط إذ أن ه نص في مادت ه الثامن ة والعش رون على أن "الهيئ ة التحكيمي ة‬

‫يجب أن تتكون من رجال القانون والقضاء ومن ذوي الخبرة والتخصص واإلطالع في ميادين التجارة‬

‫والصناعة والخدمات والهندسة واإلعالم والصحة إلى غيرها من العلوم"‪.‬‬

‫‪ -1094‬تجدر اإلشارة إلى أنه لما أعدت األمانة العامة للحكومة سنة ‪ 2006‬لمشروع قانون ‪ 05‬ـ ‪ 08‬الذي يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن‬
‫من القس م الخ امس من ق انون المس طرة المدني ة‪ ،‬تط رق إلى مس ألة الخ برة بش كل جلي في الفص ل ‪ 320‬من ه وال ذي ك ان ينص على م ا يلي‪ " :‬ال‬
‫يمكن إسناد مهمة المحكم إال إلى شخص ذاتي ذي خبرة ‪ ،"...‬بل وأكثر من ذلك فإن نفس هذه المقتضيات نص عليها مشروع القانون كما وافق‬
‫عليه ا مجلس المستش ارين بالبرلم ان‪ ،‬إال أن ه بت والي انعق اد الن دوات والم ؤتمرات القانوني ة لمناقش ة ه ذا المش روع وال تي تمت بمس اهمة ك ل من‬
‫القط اع الع ام والقط اع الخ اص‪ ،‬وال تي ك انت من بينه ا المائ دة المس تديرة المنظم ة من ط رف ك ل من الفري ق االش تراكي بمجلس الن واب ووح دة‬
‫التكوين والبحث " أنظمة التحكيم" بكلية الحقوق بسال التي حضرتها مجموعة من فعاليات المجتمع المدني من أساتذة جامعيين‪ ،‬ومهن يين‪ ،‬وقض اة‪،‬‬
‫وباحثين‪ ،‬حيث تم خاللها إثارة نقاش قانوني حاد حول مدى تطلب الخبرة المذكورة في الفصل أعاله؟ لوحظ من خالله وبكل أسف مهاجمتها‬
‫بشراس ة كب يرة‪ ،‬من قب ل العدي د من المت دخلين على اعتب ار أن ه ذه الخ برة ق د ج اءت في إط ار غ امض‪ ،‬خاص ة فيم ا يتعل ق بنوعيته ا ومع ايير‬
‫اعتمادها أي هل يتم تحديدها بواسطة الشهادات المهنية الصادرة عن المعاهد العليا والجامعات؟ أم أنها تقتصر فقط على تلك الخبرة التي تكتسب‬
‫بفعل الممارسة والتجربة الشخصية؟‬
‫فقد أثار الفصل ‪ 320‬من المشروع معارضة شديدة من طرف المتدخلين في هذه الندوة خاصة ذ‪ .‬المرنيسي وذ‪ .‬التبر وذ درميش حيث طالبوا‬
‫بإلغاء مصطلح ( ذي خبرة) ألنها صفة ال تستقيم وطبيعة التحكيم نظرا لغموض مفهوم الخبرة وتعدد أنواعها الشيء الذي يستحيل معه تحديد‬
‫صفة المحكم‪ ،‬كما عابوا على الفصل ‪ 321‬من المشروع لكونه يحاول تنظيم مهنة المحكم وهي محاولة فاشلة خاصة مع إقحام النيابة العامة في‬
‫تنظيم هذه المهنة بحيث يرون أنه تدخل سافر وغير مقبول بتاتا‪...‬‬
‫ونتيجة للضغوط الممارسة على المشرع‪ ،‬صادق مجلس النواب على القانون رقم ‪ 05‬ـ ‪ 08‬دون أن يشير في فصله ‪ 320‬إلى أي مقتضى يس تفاد‬
‫منه اشتراط كون المحكم ذي خبرة‪ ،‬متراجعا بذلك عن الموقف الذي تبنته الغرفة الثانية من البرلمان‪.‬‬
‫‪369‬‬
‫ونفس هذه المقتضيات نص عليها كل من الفصل ‪ 14‬من اتفاقية واشنطن المنشئة لمركز فض‬

‫نزاعات االستثمار المؤرخ ة في ‪ 18‬مارس ‪ 1965‬والفص ل ‪ 5‬من نظ ام المركز الدولي للتحكيم التابع‬

‫للغرفة االقتصادية الفدرالية لفيينا والذي نص على ما يلي‪:‬‬

‫" إن المحكمين يجب أن يكون وا على درج ة عالي ة وخ برة كب يرة من المس ائل القانوني ة‬

‫واالقتصادية وفي جميع الميادين المتعلقة بالنزاع"‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬بعض سبل النهوض بنظام التحكيم في المغرب‬

‫أصبح نظام التحكيم في الوقت الحاضر من مظاهر وضرورات العصر بالنظر لألهمية الكبيرة‬

‫ال تي يكتس يها في المع امالت والعق ود التجاري ة خاص ة الدولي ة منه ا‪ ،‬ل ذلك تزاي د االهتم ام ب ه في ك ل‬

‫وقد ساعد‬ ‫‪1095‬‬


‫التشريعات الحديثة ومن طرف كل الفاعلين االقتصاديين والخبراء القانونيين على السواء‬

‫على ذل ك المزاي ا ال تي يتمت ع به ا كالبس اطة في اإلج راءات والس رعة في البت والس رية في الجلس ات‬

‫والكفاءة التي يتحلى بها المحكمون‪.1096‬‬

‫لكن إذا أريد لنظام التحكيم النجاح والتوفيق والتطبيق على الوجه األحسن وجب أن تكون خطته‬

‫واضحة مضبوطة وهيكله العام متكامال متجانسا ومنسجما‪ ،‬والعمل القانوني أو المنظومة القانونية يجب‬

‫أن تك ون ك ذلك‪ ،‬وإ ال فك ل خل ل أو تن اقض أو نقص في ه ذا العم ل أو ذاك ي ؤدي حتم ا إلى التط بيق‬

‫السيئ‪ ،‬واالختالف في األداء والتباين في النتائج‪.1097‬‬

‫إن المغرب الذي يطمح إلى تحسين مردودية اقتصاده وفعالية قضائه لحري به أن يعمل جهد‬

‫المستطاع وأن يبدل كل ما في إمكانه من أجل النهوض بنظام التحكيم‪ ،‬وذلك عبر مجموعة من الوسائل‬

‫‪ -1095‬محمد سالم‪"،‬الطرق البديلة لتسوية النزاعات و دورها في تخفيف العبء على القضاء و تحقيق التنمية االجتماعية و االقتصادية"‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.339‬‬
‫‪ -1096‬عبد الكريم الطالب‪"،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.330‬‬
‫‪ -1097‬علي المنتصر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪370‬‬
‫من أهمها تحسين اإلطار القانوني والمؤسسي (المبحث األول) كما ينبغي أخد العامل الثقافي والتوعوي‬

‫بعين االعتب ار للوص ول إلى األه داف المنش ودة ال تي يتوخاه ا المش رع من ق انون ‪( 08-05‬المبحث‬

‫الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬بعض سبل النهوض بنظام التحكيم على المستوى التشريعي‬

‫الش ك أن نظ ام التحكيم سيص بح ه و قض اء المس تقبل‪ ،‬لكن على المغ رب أن ينخ رط حكوم ة‬

‫ومواط نين في ه ذه الص يرورة الكوني ة ال تي تقتض ي ع دة إص الحات‪ ،‬س واء على المس توى‬

‫التشريعي(الفرع األول)‪ ،‬أو على المستوى المؤسسي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرفع من مستوى التشريع وتحسين جودته‬

‫عمل المغرب مند التسعينات على تحديث ترسانته القانونية حتى تستطيع مواكبة آثار العولمة"‬

‫‪ "Mondialisation‬التي أثرت على جميع المعامالت خاصة التجارية منها‪.‬‬

‫ولع ل أهم تع ديل عرفت ه نص وص المس طرة المدني ة المتعل ق ب التحكيم ق انون ‪ 08-05‬القاض ي‬

‫بنسخ وتعويض الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية الذي نظم ألول مرة التحكيم‬

‫التجاري الدولي بالمغرب بشكل مفصل‪ ،‬وقد حاول المشرع في هذا القانون األخذ باالتجاهات الحديثة‬

‫للتحكيم التج اري ال دولي رغب ة من ه في ال دخول في منافس ة لجلب االس تثمارات ال تي وص فها البعض‬

‫بالطائر المهاجر الذي يبحث عن البيئة المالئمة لالستقرار‪.‬‬

‫ونظ را لتط ورات العص ر فإن ه يت وجب على المغ رب االهتم ام بنظ ام التحكيم كوس يلة لفض‬

‫المنازع ات بتط وير ترس انته القانوني ة‪ ،‬وتحس ين جودته ا وجعله ا متماش ية م ع التح والت الراهن ة‬
‫‪371‬‬
‫والتحديات التي تطرحها العولمة‪ ،‬مما سيجعل المغرب يحقق التنمية االقتصادية ويستفيد من إيجابيات‬

‫التحكيم ويتغلب على سلبيات القضاء‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬وضع قانون مستقل لنظام التحكيم على شكل مدونة‬

‫والشك‬ ‫‪1098‬‬
‫يعاب على قانون ‪ 08 -05‬أنه جاء مدمجا في إطار فصول قانون المسطرة المدنية‬

‫أن هذا اإلدراج في إطار هذا القانون باعتباره قانون إجرائي من شأنه أن يرهب األشخاص في التحكيم‬

‫بحسبان أنه غالبا ما ينظر إلى قانون المسطرة المدنية بأنه قانون معقد وشائك‪.1099‬‬

‫ولقد كان من األجدى وضع قانون مستقل لنظام التحكيم‪ 1100‬خارج قواعد المسطرة المدنية وذل ك‬

‫لتعزيز الترسانة القانونية في ميدان األعمال بهدف تشجيع االستثمارات الوطنية واألجنبية ‪.1101‬‬

‫كما نناشد بجمع شتات النصوص المتناثرة في مختلف القوانين المرتبطة بالتحكيم سواء الوطني‬

‫(التحكيم في مدونة الشغل‪ ،‬في األسرة‪ ،‬في القانون البحري‪ ،‬في القانون الجنائي‪ ،‬في القانون الجمركي‪،‬‬

‫إضافة إلى مجموعة من الظهائر المنظمة للتحكيم في الميادين التالية‪ :‬االستثمار‪ ،‬الصحافة‪ ،‬وغيرها)‪،‬‬

‫‪ -1098‬ويترتب على ذلك أنه‪:‬‬


‫‪ -‬ليس لنا قانون تحكيم‪،‬‬
‫‪ -‬التقليد األعمى للمشرع الفرنسي‪،‬‬
‫ولكن يجب أن نعلم بأن القضاء الفرنسي‪ ،‬الفقه الفرنسي‪ ،‬الثقافة الفرنسية‪ ،‬الصناعة الفرنسية‪ ،‬كل ما تملكه فرنسا متخلف عشرات السنين عن‬
‫الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا وبعض الدول المتقدمة‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ -1099‬عزيز الفتح ‪ ،‬محاضرات في مادة التحكيم‪ ،‬ألقيت على طلبة ماستر قانون األعمال‪ ،‬الفصل الثالث‪ ،‬الموسم الجامعي‪.2008 -2007 ،‬‬
‫‪ - 1100‬كما هو الحال بالنسبة لجمهورية مصر العربية وتونس وكثير من الدول‪.‬‬
‫‪ -1101‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪372‬‬
‫أو الدولي وذلك في مدونة متخصصة لتسهيل الرجوع إلى مقتضيات هذا النظام على كل من المحتكمين‬

‫والمحكمين‪.1102‬‬

‫ينض اف إلى م ا س بق أن المش رع المغ ربي لم ينظم التحكيم المؤسس ي من خالل المقتض يات‬

‫المتعلقة بالتحكيم سواء في قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ ،1913‬أو في قانون سنة ‪ ،1974‬وال حتى في‬

‫قانون التحكيم رقم ‪ 08 -05‬والذي أشار إليه فقط من خالل الفصل ‪ 319‬منه "يكون التحكيم إما خاصا‬

‫أو مؤسس اتيا"‪ ،‬عكس مجموع ة من التش ريعات المقارن ة ال تي اهتمت ب ه ونظمت ه تنظيم ا ش امال مث ل‪:‬‬

‫القانون الفرنسي لسنة ‪ 1981‬والقانون السويسري لعام ‪ 1987‬والقانون اإلماراتي لسنة ‪.11031992‬‬

‫وبذلك يجب اعتراف قانوننا الوطني بالتحكيم المؤسسي وإ خراج مدونة تحكيم مستقلة متضمنة‬

‫لمقتضيات متعلقة بهذا النوع من التحكيم‪.‬‬

‫كما يلزم على المشرع المغربي أن يحرص عند إخراج القانون ‪ 08 -05‬لحيز الوجود على‬

‫مراع اة مط الب الفق ه الق انوني المغ ربي ب دل االكتف اء بالتقلي د األعمى للتش ريعات المقارن ة خاص ة وأن‬

‫وضع النص التشريعي يجب أن يالئم دائما الظروف التي ستطبق فيها وخصوصيتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالتحكيم‬

‫إذا كان قانون ‪ 08 -05‬جاء بمجموعة من المقتضيات اإليجابية فإن هذا لم يحل ووجود بعض‬

‫اإلشكاليات القانونية‪ ،‬كما يعاب على هذا القانون عدم الدقة في استعمال المصطلحات والعبارات الشيء‬

‫الذي قد ينعكس سلبيا على التعامل مع النص التشريعي‪ ،‬فيجب أن يتم استصدار نصوص تشريعية فيما‬

‫قد يطرأ على قانون ‪ 08 -05‬من تعديالت مستقبلية تفسر الغموض الذي اكتنف مقتضيات هذا القانون‪،‬‬

‫تفاديا لما قد ينجم عن الصياغة المعيبة من ثغرات وغموض‪ ،‬وما يرافق ذلك من جدل فقهي وقضائي‪،‬‬

‫‪ -1102‬إلهام عاللي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.120‬‬


‫‪ -1103‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪373‬‬
‫وأن تك ون ه ذه النص وص واض حة وس هلة الفهم‪ ،‬وال تحتم ل ت أويالت متع ددة وتجيب في ذات ال وقت‬

‫وبشكل صريح عن العديد من التساؤالت المطروحة دون االعتماد على الصياغات الفضفاضة‪.‬‬

‫وتحس ين اإلط ار التش ريعي المتعل ق بق انون التحكيم‪ ،‬والرف ع من جودت ه يس تلزم األخ ذ بعين‬

‫االعتبار خصوصيات كل من التحكيم الداخلي والدولي‪.‬‬

‫فهن اك بعض المقتض يات ال تي يجب اإلس راع في تع ديلها لكي تتماش ى م ع روح وأه داف نظ ام‬

‫التحكيم ونذكر على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬

‫‪ -‬لم يف رق المش رع المغ ربي بين التحكيم الم دني والتحكيم التج اري وذل ك عكس بعض‬

‫فقد جاء قانون ‪ 08-05‬أكثر غموضا من القانون السابق‪ ،‬حين وسع من نطاق‬ ‫‪1104‬‬
‫التشريعات المقارنة‬

‫وذل ك بش كل غ ير مباش ر من خالل اقتص ار أغلب‬ ‫‪1105‬‬


‫التحكيم التج اري على حس اب التحكيم الم دني‬

‫فص وله على المع امالت التجاري ة وإ قص ائه للمع امالت المدني ة‪ ،‬وه ذا إن دل على ش يء فإنم ا ي دل على‬

‫االتجاه الخاطئ والغير البناء الذي سلكه قانون ‪ 08-05‬فعوض تشجيع أفراد المجتمع المدني على فض‬

‫نزاعاته عن طريق القانون التفاوضي اإلرادي سلك القانون اتجاه تشجيع األفراد الذين ليست لهم صفة‬

‫تاجر ولوج المحاكم وهذا يتناقض مع فلسفة التفاوض والحوار المبتغين من جراء سن هذا القانون‪.‬‬

‫‪ -‬ينص الفص ل ‪ 321‬من ق انون ‪ 08-05‬على أن ه "يجب على األش خاص الطبيع يين ال ذين‬

‫يقوم ون اعتيادي ا أو في إط ار المهن ة بمه ام المحكم إم ا بص ورة منف ردة أو في حظ يرة ش خص معن وي‬

‫يعت بر التحكيم أح د أغراض ه االجتماعي ة‪ ،‬أن يص رحوا ب ذلك إلى الوكي ل الع ام ل دى محكم ة االس تئناف‬

‫الواق ع في دائ رة نفوذه ا مح ل إقام ة األش خاص الطبيع يين الم ذكورين أو المق ر االجتم اعي للش خص‬

‫‪ -1104‬مثل التشريع اليمني‪ ،‬حينما ميز في المادة الثانية بين التحكيم التجاري والتحكيم المدني فعرف التحكيم المدني في كونه" اختيار الطرفين‬
‫برضائهما شخصا آخر أو أكثر للتحكيم بينهما‪ ،‬دون المحكم ة المختصة‪ ،‬فيما يقوم بينهم ا من خالفات ونزاعات" والتحكيم التجاري في كونه "‬
‫التحكيم الذي تكون أطرافه أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين يمارسون أعماال تجارية أو اقتصادية أو استثمارية أيا كان نوعها‪ ،‬سواء كانوا يمنيين‬
‫أم عرب أو أجانب"‪.‬‬
‫‪ -1105‬أنظر في هذا الشأن‪ :‬أمونير تقية‪" ،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 56‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪374‬‬
‫المعن وي يس لم الوكي ل الع ام وص ال بالتص ريح ويقي د المعن يين ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى محكم ة‬

‫االستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم"‪.‬‬

‫أرس ى المش رع المغ ربي قاع دة غريب ة مفاده ا أن ه يطلب من المحكمين أن يص رحوا بمهمتهم‬

‫للوكي ل الع ام ويعطيهم ه ذا األخ ير وص ال بالتص ريح ويقي د المعن يين ب األمر في قائم ة المحكمين ل دى‬

‫محكمة االستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم فهذا الفصل يتناقض تماما مع مفهوم التحكيم وهذا‬

‫المقتضى سيعطي سلطة للوكيل العام ويسحب كل مصداقية للمحكمين الذين اختارهم األطراف‪.1106‬‬

‫إن وزارة العدل تريد بسط يدها على مجريات التحكيم من جراء هذا التنصيص فما جدوى هذا‬

‫القانون المنظم للتحكيم إذا سلبنا الطابع األساسي للتحكيم أال وهو اإلرادة واالختيار‪.1107‬‬

‫فيجب إبعاد تدخل القضاء في اختصاص األطراف أثناء تعيينهم ألعضاء الهيئة التحكيمي ة وذلك‬

‫بإق دام المش رع على إلغ اء المقتض يات القانوني ة المنص وص عليه ا في ق انون ‪ ،08-05‬ال تي تل زم‬

‫المحكمين الراغ بين في ممارس ة أعم ال التحكيم أن يص رحوا مس بقا ب ذلك ل دى الوكي ل الع ام للمل ك‬

‫المختص ألن في ذلك تطاوال على إرادة األطراف من جهة‪ ،‬وإ رهاقا للقضاء نفسه من جهة ثانية‪.1108‬‬

‫‪ -‬ظه ور بعض الوس ائل التكنولوجي ة الحديث ة مث ل اإلن ترنت س اهمت في تط وير آلي ة التحكيم‬

‫حتى أصبح هناك ما يسمى بالتحكيم االفتراضي وهو ما لم يسايره المشرع المغربي‪ ،‬بحيث سكت عن‬

‫هذه النقطة ولم يتطرق إليها في قانون ‪ 08 -05‬باستثناء إشارة باهتة في المادة ‪ 113‬من هذا القانون‬

‫بشأن وسيلة إبرام اتفاق التحكيم‪ ،‬سواء أبرم عن طريق رسائل متبادلة أو اتصال ب التلكس أو برقيات أو‬

‫أية وسيلة أخرى من وسائل االتصال‪.1109‬‬

‫‪ - 1106‬راجع ما تمت دراسته بخصوص هذا الموضوع في الباب األول من هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -1107‬يوسف الزوجال ‪" ،‬التحكيم في القانون المغربي بين الماضي‪ ،‬الحاضر والمستقبل"‪ ،‬مقال منشور على موقع العلوم القانونية‪:‬‬
‫‪ com.www.marocdroit‬تاريخ حصر الموقع‪ 18 :‬ماي ‪2010‬‬
‫‪ -1108‬ناصر بلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -1109‬أنظر المادة ‪ 313‬من قانون ‪( 08-05‬أنظر الملحق)‪.‬‬
‫‪375‬‬
‫إن التحكيم اإللك تروني ب دوره ص ار وس يلة ال غ نى عنه ا لفض المنازع ات ال تي تث ار بش أن‬

‫التعامل عبر اإلنترنت وهو ما يستدعي وجود قواعد قانونية تنظمه وتالئمه‪.‬‬

‫إن الجانب التشريعي مهما عدلت النصوص وألغيت أو تممت أو سنت من جديد ال يكفي وح ده‪،‬‬

‫وال يقوى على جعل نظام التحكيم قادر على تحقيق أهدافه وغاياته المنشودة‪ ،‬ما لم يتم االهتمام البالغ‬

‫بالجوانب األخرى التي لها صلة وعالقة به ومن أجل أن يكون نظام التحكيم في المستوى المطلوب منه‬

‫واآلمال المعقودة‪:‬‬

‫‪ -‬على الدولة المتعاقدة واألجهزة التابعة لها أن تحترم تعهداتها والتزاماتها التعاقدية وبخاصة‬

‫فيم ا يتعل ق بش رط التحكيم وأال تتب ع أس اليب التس ويف والمماطل ة ب أن ت دعي ع دم ص حة اتف اق التحكيم‬

‫استنادا إلى عدم أهليتها في االتفاق على اللجوء إليه‪ ،‬أو أن تدفع بالحصانة القضائية أمام المحكمين إذ‬

‫يبدو لنا أن هذه األساليب تفقد الدولة مصداقيتها في تعاملها مع الشركات األجنبية المستثمرة‪.1110‬‬

‫‪ -‬على المغرب أن يسعى إلى إبرام اتفاقيات تحكيم سواء منها الجماعية أو الثنائية‪ ،‬مع أكثر م ا‬

‫يمكن من الدول التي لها باع طويل في االقتصاد العالمي وأن يعيد النظر في كثير من االتفاقيات التي‬

‫ال زالت تفتقر إلى بعض اإلجراءات وبادر إلى قبولها‪.1111‬‬

‫‪ -‬إن الش رط المعيب يش كل أفض ل وسيلة للط رف سيئ الني ة الذي لم تعد ل ه مصلحة في سير‬

‫التحكيم للمماطل ة وعرقل ة التحكيم‪ ،‬ومن أج ل تف ادي ذل ك‪ ،‬يتعين إعط اء عناي ة خاص ة عن د كتاب ة ه ذا‬

‫الشرط وذلك بالقيام بالتدابير االحترازية المتمثلة في كتابة العقود من قبل المهنيين للوقاي ة من النزاعات‬

‫وض مان األمن الق انوني‪ .‬فم ا الج دوى من التحكيم إذا تول دت عن ه الكث ير من المنازع ات والمش اكل في‬

‫التط بيق العملي‪ ،‬والح ال أن التحكيم ش رع للح د من ك ثرة اإلش كاالت والنزاع ات‪ .‬كم ا أن دعم تك وين‬

‫المح امين في مج ال االستش ارة القانوني ة وتمكينهم من تط وير ثق افتهم نح و الحل ول الس لمية ب دل ثقاف ة‬
‫‪ -1110‬محمد داود الزعبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 371‬و ‪.372‬‬
‫‪ -1111‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪376‬‬
‫الخصومة من شأنهما ضمان الصياغة السليمة لكتابة بند التحكيم‪ .‬وهكذا فإنه يجب التروي وبذل العناية‬

‫القصوى عند صياغة شرط التحكيم في العقود التي يتم إبرامها سواء كانت ذات طابع تجاري أو م دني‪،‬‬

‫ذلك أن وجود بعض الثغرات في مضمونه أو صياغته قد ينحرف بالتحكيم عن مساره الطبيعي‪.1112‬‬

‫‪ -‬كم ا أن هيئ ات المح امين يمكن له ا أن تس اهم في تعبئ ة األش خاص المعن يين وتحسيس هم‬

‫وتوعيتهم بأهمية التحكيم من خالل النصح لموكلهم وإ رشادهم قصد اللجوء للتحكيم لما فيه من إيجابيات‬

‫بالمقارنة مع القضاء الرسمي‪.‬‬

‫إال أن التصور السائد لدى فئة عريضة من المحامين المغاربة هو أنه كلما تم حسم النزاع بين‬

‫األط راف في ظ رف وج يز وبط رق س لمية كلم ا قلت م داخيلهم وال تي ك انت متأتي ة من تطوي ل مس طرة‬

‫الدعوى القضائية التي ال تنتهي‪ -‬في الغالب األعم‪ -‬في المرحلة االبتدائية‪ ،‬بل قد تستمر حتى مرحلة‬

‫النقض‪ .‬وخالل هذه المراحل‪ ،‬يتم بطبيعة الحال تأدية أتعاب المحامي من قبل األطراف مما يضمن له‬

‫مداخيل مستمرة ومستقرة في الزمن لن تتوفر له‪ -‬حسب تصوره‪ -‬لو تم البت في النزاع عن طريق‬

‫التحكيم‪.1113‬‬

‫وإ ذا كان هدف المتقاضين هو أن يصل كل طرف إلى كسب دعواه وتحقيق غايته‪ ،‬فإن غاية‬

‫المح امي باعتب اره القاض ي األول لل دعوى يجب أن تك ون هي البحث م ع موكل ه إمكاني ة إيج اد الحل ول‬

‫المناس بة والعادل ة عن طري ق اعتم اد الوس ائل الودي ة واالبتع اد كلم ا ك ان ذل ك ممكن ا عن المح اكم‬

‫والمساطر القضائية‪.1114‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬يجب كذلك االهتمام بدور الموثق في إدراج شرط التحكيم ضمن العقود التي‬

‫يقوم بتوثيقها‪.‬‬

‫‪ -1112‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.317‬‬


‫‪ - 1113‬للمزيد من التوسع حول موضوع "الدور البارز للمحامي في تفعيل الوسائل البديلة عموما والتحكيم على وجه الخصوص"‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 172‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1114‬أسامة توفيق أبو الفضل‪ ،‬رسالة المحاماة ‪ ،2-1‬دار طارق بن زياد‪ ،‬سنة ‪ ،2010‬دمشق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪377‬‬
‫إذن يجب على القاض ي والمح امي والموث ق وجمي ع الف اعلين من جمي ع الجه ات المس اهمة في‬

‫التط وير والرف ع من ش أن نظ ام التحكيم وإ يص ال مض مونه وأهميت ه إلى أقص ى نقط ة ممكن ة‪ ،‬وبجه د‬

‫هؤالء المهتمين يضمن نظام التحكيم مستقبله ويتحقق المراد المرجو منه وهو تشجيع االستثمار ودفع‬

‫عجلة النمو إلى األمام وتحقيق السلم والعدل في المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬على مس توى آخ ر ف إن الجامع ات تع د إح دى مؤسس ات التعليم في المجتم ع الح ديث وتعت بر‬

‫ظاهرة التعليم الجامعي من الظواهر االجتماعية والتعليمية التي نالت اهتمام العديد من المهتمين بقضايا‬

‫التعليم الجامعي‪ ،‬أو القائمين على وضع السياسات التعليمية والتربوية والعلمية واالقتصادية والمهنية في‬

‫الوقت الحاضر‪ .‬فالجامعات وما لديها من وظائف متعددة ومتنوعة أصبح ينظر إليها من منظور التنظيم‬

‫الرئيس ي في المجتم ع‪ ،‬وال ذي تنعكس نتائج ه على العدي د من المؤسس ات المجتمعي ة األخ رى في كاف ة‬

‫المجاالت والتخصصات ومن ثم تلعب الجامعات دورا أساسيا في عمليات التنشئة االجتماعية والتربوية‬

‫والعلمية والمهنية‪.1115‬‬

‫فالجامعة تمثل في أي مجتمع من المجتمعات منارة اإلشعاع الفكري وال تقتصر وظيفتها على‬

‫الت دريس فق ط‪ ،‬ب ل تتع داه إلى ممارس ة البحث العلمي ال ذي يمث ل أهم خاص ية للمجتمع ات المتقدم ة‬

‫فالبحوث العلمية تساهم في إنتاج المعرفة الضرورية وفي االرتقاء بمستوى اإلنسان فكريا وثقافيا‪.1116‬‬

‫بناءا على ذلك يتعين على الجامعات‪:‬‬

‫* ت دريس نظ ام التحكيم كعلم ق ائم بذات ه ل ه قواع ده وأحكام ه ال تي تم يزه‪ ،‬وكم ادة فرض تها ض رورة‬

‫العصر وأصبح له دور ال غنى عنه في الحياة العامة‪.‬‬

‫* إعطاء أولوية أكثر للبحوث الميدانية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -1115‬عبد اهلل محمد عبد الرحمان‪ "،‬سوسيولوجيا التعليم الجامعي‪ ،‬دراسة في علم االجتماع التربوي"‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،1991‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -1116‬عبد الحميد جفـال‪ "،‬معوق ات البحث العلمي‪ ،‬في الجزائ ر‪ :‬الواق ع واآلف اق"‪ ،‬مجل ة التواص ل في العل وم اإلنس انية واالجتماعي ة‪ ،‬الع دد ‪،28‬‬
‫يونيو ‪ ،2011‬ص ‪.176‬‬
‫‪378‬‬
‫* إشاعة ثقافة التحكيم من خالل إدماجها في البرامج الدراسية بكليات الحقوق‪.‬‬

‫* إقدام الجامعات المغربية على فتح وحدات للبحث والتكوين يعول عليها في تخريج أفواج من الباحثين‬

‫المتخصص ين في ق انون التحكيم من أج ل تطعيم مراك ز التحكيم ح تى تس تفيد على األق ل من معارفه ا‬

‫النظرية‪.1117‬‬

‫* العمل على إيجاد قنوات اتصال بين كليات الحقوق ومراكز التحكيم سواء في الداخل أو في الخارج‪.‬‬

‫ينض اف إلى م ا س بق أن الجامع ة ال يمكن أن ت ؤدي رس التها إال إذا اعتم دت على مكتب ة حديث ة‬

‫ومتجددة‪ ،‬فالمكتبة تساهم مساهمة كبيرة في دفع البحث العلمي بالجامعة من خالل عدة وسائل من بين‬

‫أهمها‪:‬‬

‫* تغذية مستمرة لمجموعات المكتبة بالمواد الجديدة في مجال التحكيم‬

‫* نشر الرسائل المتميزة والبحوث القيمة التي تمت مناقشتها في الجامعة والتي تهتم بالتحكيم‪.‬‬

‫* إقام ة ن دوات وعق د م ؤتمرات وحلق ات دراس ية على مس توى الجامع ة تتن اول قض ايا تتعل ق‬

‫بنظام التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬من ناحي ة أخ رى يتعين االهتم ام ب المحكم وذل ك ب إجراء امتحان ات خاص ة بول وج التحكيم كم ا ه و‬

‫الش أن بالنسبة للقض اء والمحاماة أو الموثقين‪ ،‬وهذا لعدم االقتص ار على المحكين الموج ودين حاليا في‬

‫المغرب ولتوسيع قاعدة المحكمين بالبالد‪ ،‬لكون هذه الزيادة في عدد المحكمين سيتيح ألطراف النزاع‬

‫ه امش اختي ار أك بر في شخص ية المحكم وبالت الي ع دم الس قوط في فخ العالق ة بين المحكم والش خص‬

‫المتنازع معه‪.‬‬

‫‪ -1117‬تج در اإلش ارة هن ا إلى أن ه على مس توى جمي ع الجامع ات المغربي ة‪ ،‬لم تكن س وى وح دة تكويني ة يتيم ة تهتم بمي دان التحكيم بش كل معم ق‬
‫وذلك بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪.‬‬
‫واآلن نرى إقدام العديد من الجامعات المغربية على فتح وحدات للبحث والتكوين في هذا المجال ( مثل ماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات‬
‫الموجود بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية)‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫فم تى ك انوا ق ادرين‬ ‫‪1118‬‬
‫فنج اح نظ ام التحكيم وازدي اد أهميت ه متوق ف على شخص ية المحكمين‬

‫على ممارس ة مهمتهم لم ا يجب أن يت وفروا علي ه من خ برة واس تقامة وق درة على ح ل المش اكل الفني ة‬

‫والقانوني ة‪ ،‬إال وازده ر التحكيم وانعكس ذل ك على التنمي ة واالس تثمار‪ ،‬وبالت الي على االقتص اد الوط ني‬

‫فيجب إعداد محكمين أكفاء يساعدون على تطور النظام التحكيمي والدفع به قدما‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االهتمام بالتحكيم المؤسسي والرفع من جودته‬

‫إن التط ور االجتم اعي واالقتص ادي وتوس ع النش اط التج اري وانفت اح الدول ة على االس تثمار‬

‫الخ ارجي يس تدعي حتمي ة مس ايرة التط ور الع المي في مج ال التحكيم ال ذي أص بح م يزة من مم يزات‬

‫حماية المعامالت التجارية واالقتصادية عبر العالم‪ ،‬وال ريب في أن التوفر على مراكز للتحكيم أصبح‬

‫ضرورة ملحة لتسهيل المعامالت الداخلية والخارجية على وجه الخصوص‪.‬‬

‫واالهتم ام بمراك ز التحكيم ب المغرب وتش جيع األط راف على اعتماده ا واإلقب ال عليه ا لن يت أتى‬

‫إال بمنح ه ذه المراك ز االس تقالل الم ادي والمعن وي عن غ رف الص ناعة والتج ارة والخ دمات‪ ،‬وأيض ا‬

‫مدها بالمساعدات وكافة اإلمكانيات التي تمكنها من القيام بمهامها على الوجه األكمل لترقى إلى مستوى‬

‫التطلعات وتواكب روح العولمة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنسيق والتعاون بين مختلف المراكز الوطنية‪.‬‬

‫فإن الصورة الغالبة التي يعرفها التحكيم بالمغرب في‬ ‫‪1119‬‬


‫على غرار ما تشهده الساحة العالمية‬

‫اآلون ة األخ يرة خاص ة م ع مجيء الق انون ‪ ،08-05‬هي إح داث ع دة مراك ز للتحكيم في ج ل أرك ان‬

‫‪ -1118‬يرى األستاذ عبد اهلل درميش أنه يشترط في المحكم باإلضافة إلى أن يكون تكوينه متعلقا بالقواعد القانونية المتعلقة بالتحكيم‪ ،‬أن يكون‬
‫تكوينه تكوينا متينا فيما يتعلق بأدبيات وأخالقيات التحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة كوركم ار في موض وع‪ " :‬المح امي‬
‫المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪ 23‬فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 1119‬من أهم المنظمات والمراكز الدائمة والمؤسسات التحكيمية على الصعيد الدولي نجد غرفة التجارة الدولية بباريس‪ ،‬المركز الدولي لتسوية‬
‫منازعات االستثمار بواشنطن‪ ،‬مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية‪.‬‬
‫‪380‬‬
‫وفي هذا اإلطار يقول زكرياء الغزاوي أنه‪ ":‬يتعين على هذه المراكز والمؤسسات‬ ‫‪1120‬‬
‫التراب الوطني‬

‫على المستوى المحلي والعالمي والتي أصبحت تمثل بعدا حضاريا وقانونيا من شأنه تشجيع االستثمار‬

‫األجن بي والف اعلين في األس واق المحلي ة والدولي ة أن تنس ق فيم ا بينه ا وتكث ف التع اون الف ني واإلداري‬

‫بتق ديم الخ دمات التحكيمي ة ألن التج اء األط راف للتحكيم المؤسس ي ه و في ح د ذات ه تش جيع لالس تثمار‬

‫وبالتالي التنمية االقتصادية واالجتماعية المنشودة"‪.1121‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تدارك ضعف تكوين المتخصصين في التحكيم المؤسسي‬

‫إن التحدي األكبر بالنسبة للتحكيم المؤسسي هو تدارك ضعف تكوين المتخصصين وقلتهم في‬

‫بالدن ا ال ذي تح اول بعض المراك ز والهيئ ات التحكيمي ة تج اوزه ب اللجوء إلى مهن يين كالمح امين‬

‫والمستش ارين الق انونيين‪ ،‬والح ل يتجلى في إيج اد أرض ية تس مح باالعتم اد على خل ق ناش ئة متخصص ة‬

‫كخريجي المعاهد والجامعات وكليات الحقوق بغية تهييئهم لمزاولة مهام التحكيم مستقبال وهذا لن يتأتى‬

‫إال في إطار عقد شراكات بين الجامعات والمراكز حتى تعم االستفادة على جميع األطراف المتعاقدة‪.‬‬

‫كم ا يتعين أيض ا إقام ة اتص االت م ع الكف اءات والمراك ز العالمي ة واإلقليمي ة في مج ال التحكيم‬

‫وذلك من خالل زيارات لجهات تحكيم دولية لالستفادة من تجاربها‪ ،1122‬ولإلطالع على التقنيات العملية‬

‫وفي ذات ال وقت التعري ف ب التحكيم في بالدن ا وإ قام ة ش راكة في مج ال تب ادل المعلوم ات م ع أعض اء‬

‫التحكيم المغربي‪.1123‬‬

‫‪ -1120‬ن ذكر على سبيل المث ال‪ :‬المرك ز الدولي للوس اطة والتحكيم بالرب اط‪ ،‬مرك ز التحكيم والوساطة الت ابع لغرف ة التجارة والصناعة والخدمات‬
‫بالدار البيضاء‪ ،‬مركز مراكش للوساطة والتحكيم‪.‬‬
‫‪ -1121‬زكرياء الغزاوي ‪ "،‬تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ -1122‬عزيز شعراني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ -1123‬عبد الجليل أمدغوس‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪381‬‬
‫ف المغرب متاح ة لدي ه الفرص ة لإلطالع على تج ارب بعض ال دول الرائ دة في مج ال التحكيم‬

‫المحلي والدولي واالستفادة من خبراتها وإ مكانية تبادل التجارب معها مما سيساهم ال محالة في تعزيز‬

‫سمعة المغرب على الصعيدين اإلقليمي والدولي‪.‬‬

‫على مستوى آخر يتعين على مراكز التحكيم أن تضع أقل تكلفة ممكنة مما سيشجع أكثر على‬

‫يقترح أن يتم إنشاء صندوق يتم تمويله من‬ ‫‪1124‬‬


‫اللجوء إليها‪ ،‬وفي هذا اإلطار نشير إلى أن بعض الفقه‬

‫قب ل الهيئ ات المهني ة للش ركات التجاري ة والبن وك من جه ة والدول ة من جه ة أخ رى وذل ك لتمكين‬

‫المتع املين االقتص اديين وخاص ة المق اوالت الص غرى والمتوس طة من مواجه ة التك اليف المالي ة ال تي‬

‫يتطلبها اعتماد التحكيم وذلك في نطاق النزاعات الداخلية ‪ .‬كما يكن االعتماد على محكم واحد بدل هيئة‬

‫تحكيمية لتخفيض التكلفة من حيث قيمة األتعاب ومن حيث طول المدة التي يستغرقه التحكيم‪ .‬وفي هذا‬

‫الص دد ف إن المرك ز البلجيكي للتحكيم والوس اطة ق د ف رض اللج وء إلى محكم منف رد بالنس بة للتحكيم ات‬

‫ذات المبالغ التي ال تتجاوز ‪ 12500‬دوالر أمريكي‪ ،‬مما جعل أن ‪ %61‬من حاالت تحكيم هذا المركز‬

‫تمت عن طريق محكم وحيد‪ .1125‬وال شك أن هذا التوجه يمكن من تقليص تكاليف ومدة التحكيم فيكون‬

‫بذلك جديرا باإلتباع من قبل المراكز المغربية المختصة في التحكيم والوساطة‪.1126‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التوسع في إنشاء مراكز التحكيم بالمغرب‬

‫يالحظ على مراكز التحكيم أنها غير منتشرة بالشكل المطلوب في بعض المناطق مثل القرى‬

‫والب وادي النائي ة‪ ،‬واقتص رت فق ط على التمرك ز بالم دن الك برى والم دار الحض ري م ع العلم أن هن اك‬

‫نزاع ات احتمالي ة ق د تنش أ بين الفالحين بخص وص قض ايا التحفي ظ‪ ،‬وال تي تس تلزم حال ودي ا لكن نظ را‬

‫‪ -1124‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.322‬‬


‫‪ -1125‬أحمد الورفلي ‪ "،‬التحكيم الدولي في القانون التونسي والقانون المقارن"‪ ،‬مجمع األطرش لنشر وتوزيع الكتاب المختص‪ ،‬تونس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.885-884‬‬
‫‪ -1126‬للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‬
‫‪ -‬إسماعيل أوبلعيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 318‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪382‬‬
‫لجه ل مث ل هات ه الفئ ات بوج ود وس يلة التحكيم يلتج ؤون إلى المح اكم وبالت الي تط ول المس اطر في ظ ل‬

‫كلفته ا وتعقي داتها‪ ،‬ل ذلك يستحس ن التفك ير في إرس اء مؤسس ات تابع ة للقي ادات أو مراك ز في الب وادي‬

‫لتقريب ونشر وكذا التعريف بأهمية التحكيم لدى الفئات التي تقطن في تلك المناطق باعتبارها جزءا ال‬

‫يتجزأ عن المجتمع المغربي‪.1127‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬بعض سبل النهوض بنظام التحكيم عبر نشر وترسيخ ثقافة التحكيم‬

‫ال يمكن التحدث عن نجاح نظام التحكيم بالمغرب باعتباره قضاء المستقبل دون إعطاء األهمية‬

‫للعامل الثقافي‪.1128‬‬

‫فلكي يعرف نظام التحكيم تطبيقا فعاال وبوجه صحيح يجب العمل على نشر ثقاف ة التحكيم سواء‬

‫على المستوى اإلعالمي (الفرع األول)‪ ،‬أو على المستوى التعليمي (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬توظيــف اإلعالم في نشــر ثقافــة التحكيــم‬

‫تؤثر وسائل اإلعالم على تشكيل البناء اإلدراكي والمعرفي للفرد والمجتمع ويساهم هذا البناء‬

‫في تشكيل رؤية الفرد والمجتمع اتجاه قضايا مجتمعه‪ ،‬والقدرة على تحليلها واستيعابها التخاذ السلوك‬

‫المناسب حول هذه القضايا‪ ،‬فوسائل اإلعالم أيضا قادرة على تغيير سلوك وأنماط المجتمع وقد يكون‬

‫ت أثير وس ائل اإلعالم في بعض األحي ان قوي ا ج دا وق ادرا على نش ر نم ط س لوكي واجتم اعي وثق افي‬

‫ينتهجه الفرد أو المجتمع‪.1129‬‬

‫لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بإلحاح هو أي الوسائل األكثر تأثيرا هل الصحافة المكتوبة أم‬

‫اإلذاعة أم التلفزيون؟ وما دور وسائل اإلعالم في نشر ثقافة التحكيم؟‬

‫‪ -1127‬يوسف الزوجال ‪" ،‬التحكيم في القانون المغربي بين الماضي‪ ،‬الحاضر والمستقبل"‪ ،‬مقال منشور على موقع العلوم القانونية‪:‬‬
‫‪ com.www.marocdroit‬تاريخ حصر الموقع‪ 18 :‬ماي ‪.2010‬‬
‫‪ - 1128‬للمزيد من التوسع حول "مفهوم الثقافة‪ ،‬عناصرها وخصائصها" أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬إبراهيم ناصر ‪ "،‬التنشئة االجتماعية"‪ ،‬دار عمار للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2004،‬ص ‪ 139‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -1129‬محمد طلعت طايع ‪ "،‬تأثير وسائل اإلعالم على الفرد والمجتمع بين التوجيه والتحليل للتوعية والتثقيف"‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫مقال منشور بموقع‪ mkleit.wordpress.com:‬تاريخ حصر الموقع‪.2012 /6 /1 :‬‬
‫‪383‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نوعية وسائل اإلعالم األكثر تأثيرا في تغيير سلوك وأنماط المجتمع‬

‫إن الص حافة تس عى إلى الت أثير على المتلقي بس حر الكلم ة للتحكم في عقلي ة الف رد وتوجيه ه‬

‫التوجيه الصحيح باعتبار أننا نتحدث عن الصحافة الجادة‪ ،‬التي تؤدي وظيفتها الكبرى بكل أبعادها كأثر‬

‫فع ال لخدم ة المجتم ع‪ ،‬وباعتباره ا وس يلة هام ة لتقوي ة أواص ر التكام ل بين أف راد المجتم ع‪ ،‬والرف ع من‬

‫مستوياتهم الثقافية‪.1130‬‬

‫فهي تع د المتنفس األس اس لمعظم المفك رين والمثقفين‪ ،‬وهي المي دان الرئيس ي ال ذي يظه ر في ه‬

‫الفك ر‪ ،‬واألرض الخص بة لنم و وازده ار الثقاف ة من خالل م ا يط رح في األس واق يومي ا من ص حف‬

‫فثقافة‬ ‫‪1131‬‬
‫ومجالت ونشرات يستطيع كل شخص كيفما كان مستواه الثقافي إشباع رغباته وتنمية ثقافته‬

‫الشخص ومعتقداته تؤثر فيما يدركه من موضوعات العالم الخارجي ومن تأويله لها‪.1132‬‬

‫أما بالنسبة لإلذاعة باعتبارها وسيلة من وسائل اإلعالم التي نحصل من خاللها على حوالي ‪%‬‬

‫‪ 60‬من األخبار وهنا تبرز أهميتها كأداة اجتماعية لتوجيه األفراد وتوعيتهم‪ ،‬هذا ما جعلها أكثر وسائل‬

‫اإلعالم انتش ارا وأق درها على اجتي از المس افات والوص ول إلى عم ق المجتم ع وأداة فعال ة للتوعي ة‬

‫والتثقيف‪.1133‬‬

‫‪ -1130‬مصطفى الشليح‪ ،‬أمينة الدهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.141‬‬


‫‪ -1131‬مصطفى الشليح‪ ،‬أمينة الدهري‪" ،‬التواصل الثقافي‪ ،‬تأمالت في المفهوم والتداول"‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية بالمحمدية‪ ،‬سلسلة الندوات رقم ‪ ،19‬مطبعة فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.141‬‬
‫‪ -1132‬عبد الرحمان محمد العيسوي‪ "،‬القضاء والبحث العلمي"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقي ة‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص‬
‫‪.395‬‬
‫‪ -1133‬حققت إذاعة ”ميد راديو” إنجازا جيدا جديدا وهي تحتل الرتبة األولى بين كل اإلذاعات الخاصة في مدة االستماع التي بلغت حسب‬
‫الموجة األخيرة من قياس نسب االستماع الخاصة بأبريل‪ ،‬ماي‪ ،‬يونيو‪ ،‬وذلك بمعدل ساعة و‪ 49‬دقيقة مقابل ساعة و ‪45‬دقيقة إلذاعة ”إم إف‬
‫إم”‪ ،‬وساعة و‪ 29‬دقيقة لإلذاعة التاريخية ”ميدي ‪ ”١‬وساعة و‪ 23‬دقيقة لشدى إف إم‪.‬‬
‫وربحت إذاعة ”ميد راديو” في قياس النسب الذي أعلن عن نتائجه نقطة واحدة في قياس النسبة اإلجمالية لالستماع‪ ،‬حيث انتقلت من ‪ 6,99‬إلى‬
‫تحقيق ‪ ،7,91‬وهو األمر ذاته الذي تحقق فيما يخص حصة المتابعة حيث انتقلت اإلذاعة من رقم ‪ 7,77‬إلى رقم ‪ ،8,82‬وهو ما يعني أن تقدم‬
‫هذه اإلذاعة يتواصل في المشهد السمعي البصري اعتمادا على جودة المادة اإلذاعية التي تقدمها لمستمعيها‪ ،‬واعتمادا أيضا على تنويع طبقها‬
‫البرامجي‪ ،‬واستجابتها ألذواق أكبر قدر ممكن من الشرائح المستهدفة بمنتوجها‪.‬‬
‫مقال منشور بموقع األحداث المغربية ‪ http://www.ahdath.info :2015‬تاريخ حصر الموقع‪ 22 :‬يوليو ‪2014‬‬
‫‪384‬‬
‫أم ا التلفزيون فنج ده يختلف عن الص حافة واإلذاعة المتالك ه ق درة الت أثير من خالل خصائص ه‬

‫الفني ة في نق ل الص وت والص ورة‪ ،‬مم ا جعل ه يكس ب ق درة وجاذبي ة تجعل ه يس تقطب أك بر نس بة من‬

‫المش اهدين ب اختالف أعم ارهم ومش اربهم‪ ،1134‬كم ا أن ه باس تطاعته التغلغ ل في أي مك ان في الم نزل أو‬

‫المجتمع أو المدرسة مما مكنه من لعب دور متميز في نشر الثقافة بين الجماهير‪.1135‬‬

‫وينبغي اإلش ارة إلى أن وس ائل اإلعالم تعت بر ذات ت أثير يس ير في اتج اهين‪ :‬االتج اه األول‬

‫إيجابي واالتجاه الثاني قد يكون سلبي إذا ما أسيء استخدامه‪ ،‬أما إذا ما استغل واستخدم للتثقيف ونشر‬

‫الثقافة وتعزيزها وتعديلها وإ ثرائها فإن فائدة وسائل اإلعالم تكون إيجابية مثمرة‪ ،‬وقد استخدمت وسائل‬

‫اإلعالم وال تزال تستخدم لنشر المبادئ الجديدة واألسس السليمة واآلراء القيمة والتوجيه الصحيح‪.1136‬‬

‫من المالحظ في حياتنا المعاصرة أن دور وسائل اإلعالم قد تعاظم بشكل هائل وفي ضوء ذلك‬

‫يذهب البعض إلى أن التغير الثقافي ما هو إال ثمرة من ثمرات وسائل اإلعالم‪.1137‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلعالم ودوره الحاسم في نشر ثقافة التحكيم‬

‫‪ -1134‬كشف مسئولون في «ماروك ميتري»عن نتائج بحث حول عالقة المغاربة بالتلفزيون أن ‪ 5،7‬مليون بيت في المغرب يتوفر على جهاز‬
‫تلفزي ون‪ ،‬وهو م ا يشكل نسبة ‪ 90،4‬في المائ ة‪ ،‬وأض اف المص در ذات ه أن ‪ 96‬في المائ ة من بي وت الم دن المغربي ة تت وفر على جه از تلفزي ون‬
‫مقابل ‪ 80،5‬في المائة في القرى‪ ،‬وأوضحوا أن ‪ 80‬في المائة من األسر المغربية تتوفر على جهاز تلفزيون واحد داخل البيت‪ ،‬مقابل ‪ 17‬في‬
‫المائة تتوفر على جهازين‪ ،‬ونسبة ‪ 3‬في المائة فقط تتوفر على ثالثة أجهزة‪ ،‬وأن ‪ 55،8‬في المائ ة من البيوت المغربية تتوفر على جهاز رقمي‬
‫الس تقبال القن وات الفض ائية مقاب ل ‪ 44،2‬ال يت وفرون علي ه‪ ،‬وأض افوا أن المش اهدين المغارب ة ال ذين ينتم ون إلى الش ريحة العمري ة أك ثر من ‪5‬‬
‫‪222‬‬
‫دقيقة يوميا أمام التلفزيون‪.‬‬ ‫سنوات‪ ،‬يمضون‬
‫للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع أنظر‪:‬‬
‫‪ -‬عماد مزوار ‪ "،‬القياس الرقمي لنسبة مشاهدة التلفزيون بالمغرب"‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://tetouanplus.com/news.php?extend.6437.23‬تاريخ حصر الموقع‪ :‬الجمعة ‪ 23‬يناير ‪21:11:24 - 2015‬‬
‫‪-1135‬‬
‫مصطفى الشليح‪ ،‬أمينة الدهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ -1136‬إبراهيم ناصر‪"،‬التنشئة االجتماعية"‪ ،‬دار عمار للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ،2004‬ص ‪.273‬‬
‫‪ -1137‬صالح محمد علي أبو جادو‪" ،‬سيكولوجية التنشئة االجتماعية"‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة ‪،1998‬‬
‫ص ‪.263‬‬
‫‪385‬‬
‫لإلعالم دور هام في نشر الثقافة القانونية بين المواطنين وتعريفهم بالتشريعات المطبقة وتقديم‬

‫ش رح لجوانبه ا المختلف ة‪ ،‬ح تى يت وافر لهم العلم بالتش ريعات ال تي تحكم عالق اتهم س واء فيم ا بينهم أو‬

‫بعالقتهم بالدولة تحقيقا للقاعدة القانونية الخاصة بافتراض العلم بالقانون‪ ،1138‬وبتحقق هذا العلم يتحقق‬

‫للم واطن الوق وف على مال ه من حق وق وم ا علي ه من التزام ات‪ ،‬وبالت الي م دى إمكاني ة نجاح ه أو فش له‬

‫فيم ا يقيم ه من دع اوى‪ ،‬باإلض افة إلى ذل ك ف إن اإلعالم يس اهم في نش ر المعرف ة الواس عة بالمعلوم ات‬

‫القانونية والقضائية‪.1139‬‬

‫ولم ا ك ان نظ ام التحكيم يع د إح دى الوس ائل المس اعدة المؤدي ة إلى تخفي ف العبء عن المح اكم‬

‫والقضاة فإنه ولزيادة فعاليته والعمل على انتشاره كإحدى بدائل اللجوء إلى القضاء‪ ،‬فإن ه يتعين استخدام‬

‫الوج ود المكث ف لإلعالم المق روء والمس موع والم رئي في التوعي ة بفوائ د ه ذا النظ ام في ح ل النزاع ات‬

‫وأصول وطرق عمله وإ مكانياته‪ ،‬وأن إتباع أسلوب المحاكمات التقليدية يكلف أطراف الدعاوى الكثير‬

‫من الجهد والنفقات‪...‬‬

‫فيجب ال ترويج للتحكيم ك أداة لفض النزاع ات ودع وة المواط نين إلى اتخ اذه كب ديل عن قض اء‬

‫الدولة وتوعيتهم بأهميته ومميزاته والفوائد التي قد تعود عليهم إن هم سلكوا طريقه‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال‬

‫ب انخراط وس ائل اإلعالم المرئي ة والمس موعة في بث وص الت إش هارية تحث المواط نين على اللج وء‬

‫للتحكيم لح ل نزاع اتهم‪ .‬أم ا بالنس بة لوس ائل اإلعالم المكتوب ة ف دورها يتمث ل في تك ريس مقاالته ا‬

‫وص فحاتها للتعري ف بالمقتض يات القانوني ة الخاص ة ب التحكيم ح تى يتس نى لعم وم المواط نين قراءته ا‬

‫والتفاعل معها‪.1140‬‬

‫‪ -1138‬محمد سليمان محمد عبد الرحمن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.379‬‬


‫‪ -1139‬محمد سليمان محمد عبد الرحمن‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ -1140‬يوسف الزوجال ‪" ،‬التحكيم في القانون المغربي بين الماضي‪ ،‬الحاضر والمستقبل"‪ ،‬مقال منشور على موقع العلوم القانونية‪com.www. :‬‬
‫‪ marocdroit‬تاريخ حصر الموقع‪ 18 :‬ماي ‪2010‬‬
‫‪386‬‬
‫إن مس اهمة وس ائل اإلعالم في توض يح وتفس ير التحكيم وتبي ان مزاي اه وأهمي ة اللج وء إلي ه‬

‫وبالت الي اإلرشاد والتش جيع على تض مين العقود التي يبرمه ا التجار ورج ال األعمال فيم ا بينهم أو مع‬

‫الغ ير ش رط التحكيم أو االتف اق علي ه‪ ،1141‬يع د من أهم األنش طة ال تي من ش أنها اإلس هام في إنج اح ه ذا‬

‫النظام كما أنه كفيل بتصحيح الفكرة التي لدى بعض المواطنين والتي ترفض أن يتولى شخص خارج‬

‫المحاكم مهمة حل نزاعاتهم وكذلك اعتمادهم الكلي على الحل القضائي‪.1142‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬توظيف البرامج التعليمية في نشر ثقافة التحكيم‬

‫ينبغي على المنه اج التعليمي أن يس اعد المتعلمين على اكتس اب م ا يالئمهم من ال تراث الثق افي‬

‫وتوجههم نحو مفاهيم الوالء واالنتماء للمجتمع وثقافته‪ ،‬فضال عن مساعدتهم في إنماء قدراتهم العقلية‬

‫وإ مكاني اتهم في س بيل اكتس اب الق درة على أنم اط التفك ير ومس توياته المختلف ة للتفاع ل م ع الحي اة داخ ل‬

‫المجتمع والتكيف مع التغيرات والمستجدات التي تؤدي إلى تقدمها‪.1143‬‬

‫ونظ ام التحكيم ليس نص ا قانوني ا وال ه و بعق د وليس ش رطا فق ط وإ نم ا ه و ثقاف ة تحث كاف ة‬

‫األط راف على البحث عن حل ول متف اوض بش أنها في أس رع وقت وبكام ل الض مانات م ع مواص لة‬

‫استمرارية حفظ العالقة المستقبلية بين األطراف المتنازعة‪.1144‬‬

‫إن إش اعة ثقاف ة إعمال نظ ام التحكيم يع د الس بيل األنج ع لتحس ين ج ودة األداء القض ائي ويجعل ه‬

‫أكثر استجابة لمتطلبات المتقاضين ويزرع الثقة في النفوس واالطمئنان للقرارات الصادرة عنه‪.1145‬‬

‫وسعيا لترسيخ ثقافة التحكيم ونشرها يجب العمل على‪:‬‬

‫‪ -1141‬عبد الودود ولد بداد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.75‬‬


‫‪ -1142‬كلم ة الس يد حس ن الش امي في الن دوة ال تي نظمت من ط رف وزارة الع دل واإلتح اد الع ام لمق اوالت المغ رب بإش راف وإ ع داد من المجلس‬
‫األعلى في ‪ 4 – 3‬مارس ‪ ،2004‬م س‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -1143‬ســهيلة محســن‪ ،‬كــاظم الفتالوي‪ "،‬المنه اج التعليمي والت دريس الفاع ل"‪ ،‬دار الش روق للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬اإلص دار‬
‫األول‪ ،‬سنة ‪ ،2006‬ص ‪.196‬‬
‫‪ -1144‬شمس الدين عبداتي‪ "،‬التحكيم المؤسسي بالمغرب"‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪248‬‬
‫‪ -1145‬كلمة السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس األعلى الطيب الشرقاوي في الندوة الجهوية الحادية عشر‪ ،‬قصر المؤتمرات بالعيون‪2-1 ،‬‬
‫نونبر ‪ ،2007‬ص ‪.19‬‬
‫‪387‬‬
‫‪ -‬إدخ ال التحكيم كمق رر دراس ي في المن اهج الدراس ية بكلي ات الحق وق ذل ك أن نظ ام التحكيم أص بح‬

‫تخصصا قائم الذات‪ ،‬كما هو الحال لباقي فروع القانون لذلك يجب تخصيص برامج ومقررات وأساتذة‬

‫ورجال قانون مختصين لتلقين مبادئه وقواعده حتى يساهم الجميع في بناء صرحه وتأسيس قواعده‪.1146‬‬

‫‪ -‬إنش اء وح دات للبحث والتك وين بكلي ات الحق وق في مج ال التحكيم وال تي من ش أنها أن تعم ل على‬

‫النهوض بمستوى التحكيم بالمغرب والتعريف بهذا النظام‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بالجانب العلمي واألكاديمي لنظام التحكيم بعقد الندوات واأليام الدراسية والمؤتمرات في هذا‬

‫الموضوع والوقوف على كل ما هو جديد في هذا المجال‪.‬‬

‫‪ -‬عق د ش راكات م ع المعاه د والمؤسس ات الجامعي ة لالس تفادة من الخ برات والدراس ات والبح وث‬

‫األكاديمية التي تصب في هذا اإلطار‪.‬‬

‫‪ -‬تشجيع االهتمام بالبحث في مجال التحكيم وذلك من خالل عدة وسائل من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬قي ام الجامع ات بإعط اء أولوي ة أك ثر للبحوث الميداني ة في مج ال التحكيم حيث لم تعد الجامع ات اآلن‬

‫كما كانت في الماضي تهتم بالعلم من أجل العلم بقدر اهتمامها بالعلم من أجل المجتمع‪.1147‬‬

‫‪ -‬ض رورة عم ل أبح اث ودراس ات مقارن ة بين النص وص التش ريعية الوطني ة والمعاه دات واالتفاقي ات‬

‫الدولي ة ومعرف ة إيجابي ات وس لبيات ك ل منهم ا وم دى مالءم ة ك ل منهم ا لح ل المنازع ات عن طري ق‬

‫التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬تزوي د المكتب ات في الكلي ات بك ل م ا ل ه ص لة ب التحكيم فيجب تحس ين الوض ع ال راهن لخ دمات مكتب ة‬

‫الجامعات وتعزيزها بمصادر حديثة ومتنوعة‪.‬‬

‫‪ -1146‬رضوان الزهراوي‪" ،‬معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ -1147‬ســالم محمــد الســالم‪" ،‬واق ع البحث العلمي في الجامع ات"‪ ،‬مط ابع جامع ة اإلم ام محم د بن س عود اإلس المية‪ ،‬الري اض‪ ،‬س نة ‪ ،1997‬ص‬
‫‪.176‬‬
‫‪388‬‬
‫الخـاتمـــــــــــــــــــة‬

‫أصبح االقتصاد الدولي مبنيا على التعاون في جميع المجاالت االقتصادية بوجه عام (العلمية‪،‬‬

‫والص ناعية‪ ،‬والثقافي ة واإلعالمي ة‪ )...‬وأص بحت التج ارة الدولي ة أداة لتط وير االقتص اد ال دولي وعمال‬

‫فعاال من أجل استثبات األمن والتوازن والرخاء‪ ،1148‬والبحث عن العدالة‪.‬‬

‫العولم ة والخوصص ة مص طلحان ثقيالن لم تس لم منهم ا وظيف ة المؤسس ة القض ائية (فض‬

‫المنازع ات)‪ ،‬فتمخض عن عالق ة التأثير هذه‪ ،‬اس تنجاد التج ارة الدولي ة بنظ ام التحكيم كوظيفة ترسخت‬

‫جذورها داخل المجتمعات السابقة‪ ،‬في شتى نواحي الحياة‪ ،‬وكآلية جديدة في شكل متطور م واكب للتق دم‬

‫التكنولوجي‪ ،‬تحاول من خالله الفعاليات التجارية الدولية التخلص من سلطة القوانين الداخلية‪ ،‬والحيلولة‬

‫دون االصطدام مع السلبيات التي تعاني منها مؤسسة القضاء‪ ،‬خاصة الدول النامية‪.‬‬

‫فالتحكيم له أهمية كبيرة في عالم األعمال لكونه يقدم خدمات قيمة عند تسوية النزاعات الناشئة‬

‫في المجال التجاري‪ ،1149‬فهو يعتبر إلى حد ما وسيلة ناجعة تستجيب لرغبات رجال األعمال والتجار‬

‫في حل النزاعات بشكل فعال ‪ ،‬لما يمتاز به التحكيم من سرعة في البث والحفاظ على سرية المعلومات‬
‫‪1150‬‬
‫‪ ،‬وما يتمتع به المحكم من وقت كاف تمكنه من دراسة القضية المعروضة عليه بتأن وعمق‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان من المس لم ب ه أن المنازع ات أو الخالف ات المرتبط ة بالتج ارة واالس تثمار أص بحت‬

‫تس وى س لميا من خالل مجموع ة من اآللي ات والوس ائل‪ ،‬ال تي أثبتت فعاليته ا‪ ،‬وال تي يش كل التحكيم‬

‫أهمه ا‪ .1151‬ف إن التحكيم كآلي ة من آلي ات فض المنازع ات وب الرغم من أهميت ه ودوره ‪ ،‬تعترض ه بعض‬

‫‪ -‬زكرياء الغزاوي ‪" ،‬تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسساتي"‪ ،‬المجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬مطبعة إدكل ‪ ،‬العدد ‪2‬‬ ‫‪1148‬‬

‫– السنة ‪ ،2003‬ص ‪ 94‬وما يليها‪.‬‬


‫‪1149‬‬
‫‪ -Mohamed el harti." L’arbitrage commercial en droit marocain interne". Extrait d’un ensemble de‬ـ‬
‫‪buplications de l’association de diffusion des données juridiques et judiciaires. N° 2, 2éme édition. Mars. 2007 p‬‬
‫‪40.‬‬
‫‪ 1150‬ـ إدريس الضحاك ‪" ،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي "‪ .‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ .‬العدد ‪ 2005 . 6‬ص ‪.8‬‬
‫‪ - 1151‬محمد أبو العينين ‪ -‬حسم منازعات عقود البناء والتشغيل وتحويل الملكية‪ -‬المجلة المغربيـة للتحكيم التجاري‪ -‬العدد ‪ -2‬السـنة ‪ -2003‬ص ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪389‬‬
‫الص عوبات ال تي ت ؤثر على فعاليت ه في فض المنازع ات س واء تعل ق األم ر بتل ك ال تي تط رح في إط ار‬

‫العالقات التجارية الداخلية‪ ،‬أو تلك التي تظهر على المستوى الدولي‪.‬‬

‫من ج انب آخ ر ف إن ممارس ة التحكيم من خالل مراك ز التحكيم والوس اطة‪ ،‬يمث ل بع دا حض اريا‬

‫وقانونيا من شأنه تشجيع االستثمار األجنبي وتأمين المعامالت التجارية الدولية‪.‬‬

‫ودراسة دور مراكز التحكيم تعتبر بالغة األهمية‪ -‬إن لم نقل ضرورية‪ -‬لما لهذه الدراسة من‬

‫إطالع على أهمية هذه المراكز من شتى النواحي‪ ،‬فمن الناحية القانونية تمكن من خلق تشريعات داخلية‬

‫متطورة مواكبة لتطور االقتصاد العالمي‪ ،‬ومن الناحية االقتصادية فدور مراكز التحكيم يؤثر باإليجاب‬

‫والسلب على فض المنازعات التجارية الدولية‪ ،‬ومنه على عقود االستثمار والمعامالت التجارية‪ ،‬كما‬

‫أن تواجد هذه المراكز وفعالية دورها يعد معيارا على تحرر االقتصاد الوطني وتقدم الدول‪.‬‬

‫وإ ذا ك انت مراك ز التحكيم تواج ه مجموع ة من الص عوبات منه ا م ا ه و متعل ق بم دى اس تقاللية‬

‫وحياد هذه المراكز في القيام بوظيفتها‪ ،‬ومنها ما هو متعلق بغياب أي تنصيص قانوني مفصل ألدوار‬

‫هذه المراكز‪ ،‬فإن المشرع المغربي ملزم بالتدخل سريعا من أجل تعزيز آليات تفعيل دورها‪ ،‬وجعل‬

‫طاقاته ا ص اعدة ومهي أة لفض النزاع ات التجاري ة الدولي ة‪ ،‬ال مج رد االكتف اء ب أدوار ثانوي ة في مي دان‬

‫التحكيم (أش غالها ال ت زال محتش مة ومرك زة على أدوار ثانوي ة (اإلعالم‪ ،‬دورات تكويني ة‪ ،‬اتفاقي ات‬

‫التعاون‪ ،‬ندوات‪.)....‬‬

‫وما نراه اليوم‪ ،‬وخاصة في ظل التطور الحاصل في عالم التجارة واألعمال وازدياد العالقات‬

‫االقتص ادية والتجاري ة وتك اثر العق ود وتش ابكها بش كل كب ير بحيث أخ ذت تتخطى ح دود ال دول بع د أن‬

‫أصبح العالم شبة قرية كونية في ظل موجة العولمة والخصخصة‪ ،‬وما نتج عن ذلك من منافسة شديدة‬

‫في ع الم التج ارة الداخلي ة والدولي ة خصوص ا‪ ،‬األم ر ال ذي دف ع التج ار ورج ال األعم ال وأص حاب‬

‫المش اريع والش ركات الكب يرة للبحث عن س بل أخ رى لح ل نزاع اتهم بعي دا عن قض اء الدول ة والتحكيم‪،‬‬
‫‪390‬‬
‫وت وفر لهم ال وقت والجه د والم ال وتحاف ظ على س رية نزاع اتهم بش كل أفض ل وأيس ر والتخلص من‬

‫الش كليات‪ ،‬واالبتع اد عن ج و المح اكم المكتظ ة بال دعاوى إض افة إلى ذل ك تجنب اللج وء إلى هيئ ات‬

‫التحكيم كلما أمكن ذلك‪ ،‬ألنها باتت هي أيضا مكلفة ومرهقة وال تحقق دائما تطلعات المتنازعين الذين‬

‫يرغب ون في الوص ول إلى حقهم بأفض ل الوس ائل‪ .‬ومن جه ة أخ رى ف إن التج ار ورج ال األعم ال‬

‫وأص حاب المش اريع والش ركات الكبرى هم أن اس غير ق انونيين وما يهمهم وم ا يفكرون ب ه هو كم من‬

‫ال وقت والجه د والم ال س وف تس تغرق ال دعوى في س بيل ح ل ن زاعهم‪ ،‬فهم ينظ رون ويفك رون بوجه ة‬

‫نظر مالية‪.1152‬‬

‫إن التحوالت االجتماعية واالقتصادية التي يعرفها عالمنا المعاصر تدعو إلى تعميق الدراسة‬

‫حول مستقبل العدالة ‪ ،‬وإ لى توسيع المنظور إليها‪ ،‬لكي تأخذ بعدا جديدا يتجاوب مع االطراد المتواتر‬

‫في ارتفاع عدد القضايا والوسائل المتاحة لديها‪ ،‬والتفكير في إيجاد وسائل بديلة لفض المنازعات رغم‬

‫ما يكفله القضاء من سيادة القانون وإ شاعة الثقة واألمن‪ ،‬وتحفيز التنمية واالستثمار‪.‬‬

‫فمثال بدأت الوساطة تأخذ حيزا واسعا في حسم مختلف أنواع النزاعات‪ ،‬وباتت تبدو وكأنها‬

‫الوجه أو الصورة األنسب للقضاء والعدالة الحديثة والفعالة‪ .‬والوسيط ال يحسم النزاع إنما يلفت نظر‬

‫المتن ازعين على مص الحهم وحق وقهم والتزام اتهم المتبادل ة‪ ،‬ويقنعهم بااللتق اء والت داول فيم ا بينهم س عيا‬

‫لبل وغ ح ل يحق ق مص الحهم المتبادل ة ويح د من الض رر الن اجم عن خالفهم‪ ،‬ويس عى إلى إزال ة الت وتر‬

‫وخلق ظروف تساعد على االستمرار في الحوار والنقاش‪.‬‬

‫فنجاح هذه الوسائل يعتمد في المقام األول على الغير ( الوسيط أو الشخص الثالث المكلف بحل‬

‫ال نزاع) وال ذي يجب أن يتمت ع بالش روط الش كلية المطلوب ة والمتعلق ة بوج وده‪ ،‬وأيض ا بالش روط‬

‫‪ -1152‬عالء آباريان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪60‬‬


‫‪391‬‬
‫الموضوعية والتي تتعلق باختصاصه وكفاءته واستقالله وحياده‪ .‬وأيضا فإن حسن النية المفترضة لدى‬

‫المتنازعين في السعي للوصول إلى حل حبي ينهي النزاع ويؤمن ضمانة وفعالية نجاح هذه الوسائل‪.‬‬

‫والوس ائل البديل ة لح ل النزاع ات متع ددة ومتنوع ة ومتج ددة على ال دوام‪ ،‬وتلقى إقب اال كب يرا‪،‬‬

‫واهتماما منقطع النظير في السنوات األخيرة‪ ،‬خاصة في المجتمعات المتقدمة‪ ،‬وذلك ألنها تساهم بشكل‬

‫كبير في تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة والفساد‪ ،‬كما أنها ال تترك أي مجال لكل الذين يستغلون‬

‫جه ل بعض المتقاض ين أو مآس يهم أو التعقي دات والش كليات المس طرية‪ ،‬أو الثغ رات ال تي ق د تع تري‬

‫القوانين من أجل ممارسة النصب واالحتيال‪ ،‬كما أن هذه الوسائل أثبتت فعاليتها‪ ،‬وتم تطبيقها في بعض‬

‫البلدان عمليا قبل أن يتم تقنينها من طرف المشرع في خطوة متأخرة أحيانا‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بنظام التحكيم فإن قواعده وتطبيقاته القضائية‪ ،‬ومقارن ة التشريعات الحاكمة له‬

‫في الدول العربية‪ ،‬والتطورات الدولية التي تطرأ على كيفية إجرائه‪ ،‬ال تزال تنتظر مزيدا من البحث‬

‫واالجته اد الفقهي‪ ،‬ال ذي يعين القض اء ويعين هيئ ات التحكيم على التط بيق المحق ق لغايت ه الموص ل‬

‫ألهداف ه‪ ،‬س واء فيم ا يتعل ق بال ذين يمارس ونه مهن ة ( المح امين) أو والي ة (المحكمين) أم أطراف ا‬

‫( المحتكمين والمحتكم ض دهم)‪ ،‬أم على س بيل الس لطة الخاص ة (مراك ز التحكيم ومؤسس اته) أو الس لطة‬

‫العامة ( محاكم الدولة التي تنظر طلبات تنفيذ أحكامه أو دعاوى البطالن التي ترفع بشأنها)‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫المـــــالحق‬

‫‪393‬‬
‫‪ ‬المراجــــــــــــع المعتمـــدة‬

‫‪ ‬المراجع باللغة العربية‬

‫& المراجع العامة‬

‫أحمــد شــكري الســباعي‪ "،‬الوس يط في ق انون التج ارة المغ ربي والمق ارن‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬النظري ة‬ ‫‪‬‬

‫العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية"‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ "،‬نظرية بطالن العقود في القانون المدني المغربي والفقه اإلس المي والقانون‬ ‫‪‬‬

‫المقارن"‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬سنة ‪.1987‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ "،‬الوسيط في القانون التجاري‪ ،‬الجزء األول"‪ ،‬طبعة ‪.1988‬‬ ‫‪‬‬

‫الطيب الفصايمي ‪ "،‬الوجيز في القانون القضائي الخاص"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة الثالثة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬

‫أحمد حسن قدادة‪ "،‬شرح النظرية العامة للقانون في القانون الجزائري"‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪‬‬

‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪.2002‬‬

‫إبراهيم فكري ‪" ،‬المدخل لدراسة القانون"‪ ،‬نشر البديع‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬ ‫‪‬‬

‫إدريس العل ــوي العب ــدالوي‪ "،‬أص ول الق انون‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬نظري ة الق انون"‪ ،‬مط ابع دار القلم‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫بيروت‪ ،‬سنة ‪.1971‬‬

‫إبراهيم ناصر‪"،‬التنشئة االجتماعية"‪ ،‬دار عمار للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2004‬‬

‫‪394‬‬
‫أحمد شرف الدين‪" ،‬طرق إزالة المعوقات القانونية لالستثمار"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.1992‬‬

‫بوعزاوي بوجمعة‪ "،‬علم االجتماع القانوني"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬ ‫‪‬‬

‫بشار محمد األسعد‪" ،‬عقود االس تثمار في العالق ات الدولي ة الخاص ة "‪ ،‬منش ورات الحل بي الحقوقي ة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫بشار محمود دودين‪" ،‬اإلطار القانوني للعقد المبرم عبر ش بكة اإلن ترنت"‪ ،‬دار الثقاف ة للنش ر‬ ‫‪‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫حمدي القبيالت‪ ،‬أنيس المنصور‪ ،‬محمد أبو الهيجاء‪ ،‬صالح حجازي‪ "،‬القانون في حياتنا"‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬

‫وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬

‫حس ــين حنفي عم ــر‪ "،‬دور محكم ة الع دل الدولي ة كمحكم ة "‪ ،‬مطبع ة دار النهض ة العربي ة‪ ،‬س نة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2003‬‬

‫حس ــن الحف ــني‪" ،‬التج ارة اإللكتروني ة في ال وطن الع ربي الف رص والتح ديات" ‪ ،‬سلس لة دراس ات‬ ‫‪‬‬

‫اقتصادية (‪ ،)6‬مركز الخليج للدراسات اإلستراتيجية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ماي ‪.2002‬‬

‫خالد عبد العظيم أبو غابة‪ "،‬طرق اختيار القضاة‪ ،‬دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية‬ ‫‪‬‬

‫والتشريعات الوضعية"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬السنة ‪.2009‬‬

‫خالد المير‪ ،‬إدريس قاسمي‪ "،‬التنظيم القضائي بالمغرب"‪ ،‬سلسلة التكوين اإلداري‪ ،‬طبعة ‪.1999‬‬ ‫‪‬‬

‫دنيا مباركة‪ "،‬الوجيز في النظرية العامة للقانون والحق"‪ ،‬دار النشر الجسور‪ ،‬وجدة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬

‫األولى‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫سيد أحمد محمود ‪ "،‬التقاضي بقضية وبدون قضية‪ ،‬في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬قواعده‪-‬‬ ‫‪‬‬

‫عناصره‪ -‬مراحله‪ -‬إجراءاته وآثارها"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬

‫‪395‬‬
‫سليمان محمد عبد الرحمن‪" ،‬القاضي وبطء العدالة‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬ ‫‪‬‬

‫سهيلة محسن‪ ،‬كاظم الفتالوي‪ "،‬المنهاج التعليمي والتدريس الفاعل"‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫سالم محمد سالم‪" ،‬واقع البحث العلمي في الجامعات"‪ ،‬مطابع جامعة اإلمام محمد بن سعود‬ ‫‪‬‬

‫اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬

‫صالح محمد علي أبو جادو‪"،‬سيكولوجية التنشئة االجتماعية"‪ ،‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‬ ‫‪‬‬

‫والطباعة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫طالب حسن موسى ‪ " ،‬قانون التجارة الدولية"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬طبعة ‪.2005‬‬ ‫‪‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري ‪ "،‬نظرية العقد"‪ ،‬منشورات محمد الداية‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ النشر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪"،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫مصادر االلتزام"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.1964‬‬

‫عبد الحـق الصـافي‪ "،‬الق انون الم دني‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬المص در اإلرادي لإللتزام ات"‪ ،‬مطبع ة النج اح‬ ‫‪‬‬

‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫عبد السالم زوير‪ ،‬االختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإ شكالياته العملية "‪ ،‬نشر مكتبة دار‬ ‫‪‬‬

‫السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬طبعة ‪.2004‬‬

‫علي طاهر البياتي‪ "،‬التحكيم التجاري البحري‪ ،‬دراسة قانونية مقارنة"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬

‫عبد الكريم الطالب‪ " ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مطبوعات المعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبع ة‬ ‫‪‬‬

‫الخامسة‪ ،‬أبريل ‪.2009‬‬

‫‪396‬‬
‫عبــد الكــريم ســالمة‪" ،‬نظري ة العق د ال دولي الطلي ق‪ ،‬بين الق انون ال دولي الخ اص وق انون التج ارة‬ ‫‪‬‬

‫الدولية‪ ،‬دراسة تأصيلية انتقاديه"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1989‬‬

‫عصــام عبــد الفتــاح مطــر‪" ،‬التج ارة اإللكتروني ة في التش ريعات العربي ة واألجنبي ة"‪ ،‬دار الجامع ة‬ ‫‪‬‬

‫الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬

‫عادل أبو هشيمة محمود حوتة‪" ،‬عقود خدمات المعلومات اإللكترونية في القانون الدولي الخ اص"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬

‫عب ــد اهلل حنفي‪ " ،‬العق ود اإلداري ة‪ ،‬ماهي ة العق د اإلداري وأحك ام إبرام ه‪ " ،‬الكت اب األول ‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬

‫النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪.1999‬‬

‫عكاشــة محمــد عبــد العــال‪" ،‬الض مانات القانوني ة لحماي ة االس تثمارات األجنبي ة "‪ ،‬منش ورات مرك ز‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات العربية األوروبية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬

‫عبيد الفتالوي ‪ "،‬تاريخ القانون‪ ،‬الظواهر القانونية في العصور البدائية‪ ،‬مصادر التنظيم القانوني في‬ ‫‪‬‬

‫المجتمعات القديمة‪ ،‬المدونات القانونية في الشرق والغرب‪ ،‬تاريخ القانون الروماني الشريعة اإلسالمية‬

‫وفقهها"‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫عبــد الرحمــان عيســوي‪ "،‬علم النفس الق انوني"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة للطباع ة والنش ر‪ ،‬ب دون ذك ر‬ ‫‪‬‬

‫السنة‪.‬‬

‫عبد الرحمان محمد العيسوي‪ "،‬القضاء والبحث العلمي"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪-‬‬ ‫‪‬‬

‫لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫عبد اهلل محمد عبد الرحمان‪ "،‬سوسيولوجيا التعليم الجامعي‪ ،‬دراسة في علم االجتماع التربوي"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1991‬‬

‫‪397‬‬
‫عبد الحميد جفال ‪ "،‬معوقات البحث العلمي‪ ،‬في الجزائر‪ :‬الواقع واآلفاق"‪ ،‬مجلة التواصل في العلوم‬ ‫‪‬‬

‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد ‪ ،28‬يونيو ‪.2011‬‬

‫محمد بنحساين‪ ،‬محمد البوشواري‪ "،‬التنظيم القضائي المغربي"‪ ،‬طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬

‫األولى‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫مصطفى الشليح‪ ،‬أمينة الدهري‪" ،‬التواصل الثقافي‪ ،‬تأمالت في المفهوم والتداول"‪ ،‬جامعة الحسن‬ ‫‪‬‬

‫الثاني‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالمحمدية‪ ،‬سلسلة الندوات رقم ‪ ،19‬مطبعة فضالة‪،‬‬

‫المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫نور الدين لعرج ‪ "،‬المدخل لدراسة القانون الوضعي"‪ ،‬سيليكي إخوان‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2003‬‬

‫" معالم على درب اإلصالح العميق والشامل لمنظومة العدالة‪ ،‬حصيلة منجزات وزارة العدل‬ ‫‪‬‬

‫والحريات خالل سنة ‪ ،"2013‬سنة ‪.2013‬‬

‫& المراجع الخاصة‬

‫أشرف عبد العليم الرفــاعي‪ "، "،‬اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة‬ ‫‪‬‬

‫الدولية‪ ،‬دراسة فقهية قضائية مقارنة"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫أشــرف عبــد العليم الرفــاعي‪ "،‬اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة‬ ‫‪‬‬

‫الدولية‪ ،‬دراسة فقهية قضائية مقارنة"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫أبــو العال علي أبــو العال‪ " ،‬تك وين التحكيم‪ ،‬دراس ة تحليلي ة مقارن ة"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪.2000 ،‬‬

‫‪398‬‬
‫أبو زيد رضوان‪ " ،‬األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬

‫األولى‪ ،‬سنة ‪.1981‬‬

‫الرافة وتاب ‪ " ،‬اإلجراءات الوقتية والتحفظية بين القضاء والتحكيم"‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2016‬‬

‫أحمد هنــدي‪ " ،‬التحكيم‪ ،‬دراس ة إجرائي ة في ض وء ق انون التحكيم المص ري وق وانين ال دول العربي ة‬ ‫‪‬‬

‫واألجنبي ة‪ ،‬خص ومة التحكيم‪ ،‬رد المحكم‪ ،‬الحكم التحكيمي‪ ،‬دع وى البطالن‪ ،‬تنفي ذ الحكم التحكيمي‪،‬‬

‫التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2013‬‬

‫امحمد برادة غزيـول‪ "،‬تقني ات الوس اطة لتس وية النزاع ات دون اللج وء إلى القض اء"‪ ،‬ال دار العالمي ة‬ ‫‪‬‬

‫للكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬

‫أسعد فاضل منديل‪ " ،‬أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة"‪"،‬أحكام عق د التحكيم وإ جراءات ه‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫دراسة مقارنة"‪ ،‬دار نيبور‪ ،‬العراق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬

‫أحمــد عبــد الكــريم ســالمة‪ "،‬الق انون ال واجب التط بيق على موض وع التحكيم‪ ،‬مح اذير وتوجيه ات"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫مجلة األمن والقانون‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يناير ‪.2008‬‬

‫أحمــد الشــيخ قاســم‪ "،‬التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬مطبوع ات جامع ة دمش ق‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬س نة‬ ‫‪‬‬

‫‪.1994‬‬

‫أحمد الورفلي‪"،‬التحكيم الدولي في القانون التونسي والقانون المقارن"‪ ،‬طبع الشركة التونسية لفنون‬ ‫‪‬‬

‫الرسم‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫أحمد محمد عبد البديع شتا‪" ،‬شرح قانون التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة وفقا آلراء الفقه وأحكام القضاء‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وهيئات التحكيم العربية والدولية"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬

‫‪399‬‬
‫أمينــة خبابــة‪ "،‬التحكيم اإللك تروني في التج ارة اإللكتروني ة"‪ ،‬دار الفك ر والق انون للنش ر والتوزي ع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.2014‬‬

‫ازاد شــكور صــالح‪ "،‬الوس ائل البديل ة لتس وية منازع ات عق ود االس تثمار الدولي ة‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬

‫إسماعيل أوبلعيد ‪ "،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات"‪ ،‬طوب باريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2015‬‬

‫بقالي محمد‪" ،‬المفيد في التحكيم وفق القانون المغربي"‪ ،‬مطبعة اسمارطيل‪ ،‬طبعة ‪.2010‬‬ ‫‪‬‬

‫جعفــر مشــيمش‪ "،‬التحكيم في العق ود اإلداري ة والمدني ة والتجاري ة وأس باب بطالن الق رار التحكيمي‬ ‫‪‬‬

‫وآثاره"‪ ،‬منشورات زين الحقوقية واألدبية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫حفيظة السيد حداد‪ " ،‬النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬لسنة ‪.2004‬‬

‫حفيظة السيد حداد ‪ "،‬مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية في‬ ‫‪‬‬

‫المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1996‬‬

‫حسني المصري‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬ ‫‪‬‬

‫حسنة عبد اللطيف لحلو‪ ،‬رشيد عبد الرحمان الراقي‪ "،‬إصالح ذات البين بين الزوجين ودور‬ ‫‪‬‬

‫المجالس العلمية‪ ،‬أي دور؟ وأية فعالية؟"‪ ،‬إصدارات ومنشورات المجلس العلمي األعلى‪ ،‬األمانة‬

‫العامة‪ .‬المجلس العلمي المحلي بالمحمدية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪2014‬م‪1435 -‬ه‪.‬‬

‫حميــد محمــد علي اللهــبي‪ "،‬المحكم في التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪.2002-2001 ،‬‬

‫‪400‬‬
‫حمــزة أحمــد حــداد‪ "،‬التحكيم في الق وانين العربي ة‪ ،‬ق وانين اإلم ارات والبح رين والس عودية وس وريا‬ ‫‪‬‬

‫والع راق وقط ر والك ويت ولبن ان وليبي ا"‪ ،‬الج زء األول‪ ،‬منش ورات الحل بي الحقوقي ة‪ ،‬ب يروت‪ ،‬الطبع ة‬

‫األولى‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬

‫حمزة حداد‪ "،‬التحكيم التجاري وجوانبه االتفاقية"‪ ،‬عمان‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬ ‫‪‬‬

‫حميد محمد علي اللهبي ‪ " ،‬المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.2002‬‬

‫رشـا علي الـدين‪" ،‬الس وابق التحكيمي ة‪ ،‬إطالل ة على ض وء أحك ام المرك ز ال دولي لتس وية منازع ات‬ ‫‪‬‬

‫االستثمار"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2010‬‬

‫سامية راشد‪ "،‬التحكيم في العالقات الدولية الخاصة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1984‬‬ ‫‪‬‬

‫سامي عبد الباقي أبو صالح‪ "،‬التحكيم التجاري اإللكتروني‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫القاهرة‪.‬‬

‫صالح الدين جمال الـدين‪ ،‬محمـود مصـيلحي‪" ،‬الفعالي ة الدولي ة لقب ول التحكيم في منازع ات التج ارة‬ ‫‪‬‬

‫الدولي ة‪ ،‬دراس ة في ض وء أهم وأح دث أحك ام التحكيم ال دولي"‪ ،‬دار الفك ر الج امعي‪ ،‬اإلس كندرية‪ ،‬طبع ة‬

‫‪.2004‬‬

‫عالء أبريان ‪ "،‬الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬منشورات الحلبي‬ ‫‪‬‬

‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.2012‬‬

‫عمر أزوكار‪ "،‬التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب‪ ،‬قراءة في التشريع والقضاء"‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪‬‬

‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬

‫عبد الـرحيم زضــاكي‪" ،‬الوج يز في ش رح الق انون المغ ربي الجدي د للتحكيم ال داخلي"‪ ،‬مطبع ة س ليكي‬ ‫‪‬‬

‫إخوان‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬


‫‪401‬‬
‫عبد الرحيم زضاكي‪ "،‬التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي الجديد والمقارن"‪ ،‬دار السالم‬ ‫‪‬‬

‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬نونبر ‪.2010‬‬

‫علي سالم إبراهيم ‪" ،‬والية القضاء على التحكيم"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬ ‫‪‬‬

‫عبــد الحميــد األحــدب‪" ،‬موس وعة التحكيم‪ ،‬التحكيم في البالد العربي ة‪ ،‬الج زء األول" دار المع ارف‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.1998‬‬

‫عبد الكبير العلوي الصوصي‪" ،‬رقابة القضاء على التحكيم"‪ ،‬دار القلم بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2012‬‬

‫عامر فتحي الباطانية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫" دور القاض ي في التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬دراس ة مقارن ة "‪ ،‬مطبع ة دار الثقاف ة‪ ،‬عم ان‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫األردن‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫"دور القاض ي في التحكيم التج اري ال دولي" دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪ ،‬الطبع ة‬ ‫‪-‬‬

‫األولى‪ ،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫عالء محي الــدين مصــطفى أبــو أحمــد‪ "،‬التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة في ض وء‬ ‫‪‬‬

‫الق وانين الوض عية والمعاه دات الدولي ة وأحك ام مح اكم التحكيم‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬دار الجامع ة الجدي دة‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2012‬‬

‫عبد الخالق ثــروت‪" ،‬التحكيم التج اري اإللك تروني‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪ ،‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫بدون ذكر السنة‪.‬‬

‫عبد الحكيم مصطفى عبد الرحمان‪ " ،‬مش كلة الحص انة القض ائية والحص انة ض د التنفي ذ في الق انون‬ ‫‪‬‬

‫الدولي الخاص والمقارن"‪ ،‬مكتبة النص‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1991‬‬

‫‪402‬‬
‫فوزي محمد سامي‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة ألحكام التحكيم التجاري الدولي كما‬ ‫‪‬‬

‫جاءت في القواعد واالتفاقيات الدولية واإلقليمية والعربية مع إشارة إلى أحكام التحكيم في التشريعات‬

‫العربية"‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫مهنـد أحمـد الصـانوري‪" ،‬دور المحكم في خص ومة التحكيم ال دولي الخ اص‪ ،‬دراس ة مقارن ة ألحك ام‬ ‫‪‬‬

‫التحكيم التج اري ال دولي في غالبي ة التش ريعات العربي ة واألجنبي ة واالتفاقي ات والمراك ز الدولي ة"‪ ،‬دار‬

‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬اإلصدار األول‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال‪ "،‬التحكيم في العالقات الخاصة الدولية والداخلية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الجزء األول‪ ،‬وضع التحكيم في النظام القانوني الكلي‪ ،‬اتفاق التحكيم‪ ،‬خصومة التحكيم"‪ ،‬الفتح للطباعة‬

‫والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬

‫مص ــطفى بونج ــة‪ ،‬نه ــال الل ــواح‪ "،‬التحكيم التج اري من خالل العم ل القض ائي المغ ربي‪ ،‬رص د‬ ‫‪‬‬

‫لقرارات محكمة النقض ومحاكم الموضوع"‪ ،‬مطبعة اسبارطيل‪ ،‬طنجة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬

‫مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ "،‬التحكيم في المواد التجارية اإلدارية والمدنية"‪ ،‬دار اآلفاق المغربية‬ ‫‪‬‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬

‫محمد السيد عرفة‪ " ،‬التحكيم والصلح وتطبيقاتهما في المجال الجنائي" ‪ ،‬الرياض‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬ ‫‪‬‬

‫محمد أمين فضلون ‪ "،‬التحكيم" ‪ ،‬مؤسسة النوري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪.1994‬‬ ‫‪‬‬

‫محمد داود الزعبي ‪ "،‬دعوى بطالن حكم التحكيم في المنازعات التجارية الدولية"‪ ،‬دار الثقافة للنش ر‬ ‫‪‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬

‫منير عبد المجيـد‪" ،‬قض اء التحكيم في منازع ات التج ارة الدولي ة "‪ ،‬دار المطبوع ات الجامعي ة‪ ،‬س نة‬ ‫‪‬‬

‫‪.1995‬‬

‫محمد علي سكيكر‪"،‬تشريعات التحكيم في مصر والدول العربية"‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬ ‫‪‬‬

‫‪403‬‬
‫محمد عبد الخالق الزعبي‪ "،‬ق انون التحكيم كنظ ام ق انوني قض ائي اتف اقي من ن وع خ اص ملحق ا ب ه‬ ‫‪‬‬

‫أهم اتفاقيات وتشريعات التحكيم الدولية"‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪.2010 ،‬‬

‫محمد أمين الرومي‪ " ،‬النظام القانوني للتحكيم اإللكتروني"‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫مليكة الصروخ ‪" ،‬الصفقات العمومية في المغرب‪ ،‬األشغال‪ -‬التوريدات – الخدمات"‪ ،‬مطبعة النجاح‬ ‫‪‬‬

‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫‪-‬محسن شفيق‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬ ‫‪‬‬

‫محمــد ســليم العــوا‪ "،‬دراس ات في ق انون التحكيم المص ري والمق ارن"‪ ،‬دار الكتب القانوني ة‪ ،‬مص ر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.2008‬‬

‫محمود السيد عمر التحيوي‪" ،‬حكم التحكيم اإللكتروني"‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية الطبعة‬ ‫‪‬‬

‫األولى‪ ،‬سنة ‪.2011‬‬

‫محمود السيد التحيوي‪" ،‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية "‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.1999‬‬

‫محمود محمود المغربي‪ "،‬اإلس طوبل" ‪ L’ESTOPPEL‬في ق انون التحكيم"‪ ،‬تق ديم س امي منص ور‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬

‫مناني فراح‪ "،‬التحكيم طريق بديل لحل النزاعات"‪ ،‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫طبعة ‪.2010‬‬

‫ناريمان عبد القادر‪ "،‬اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ‪ 27‬لسنة‬ ‫‪‬‬

‫‪ ، 1994‬دراسة مقارنة‪ ،‬اتفاقية نيويورك‪ ،‬القانون الفرنسي‪ ،‬القانون النموذجي‪ ،‬الشريعة اإلسالمية‪،‬‬

‫التشريعات العربية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.1996‬‬


‫‪404‬‬
‫نبيل إسماعيل عمر‪ "،‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬

‫يسري محمد عصار‪" ،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارن ة"‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬

‫هشام خالد ‪ " ،‬جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2005‬‬

‫هشــام علي صــادق ‪ " ،‬الق انون ال واجب التط بيق على عق ود التج ارة الدولي ة"‪ ،‬دار الفك ر الج امعي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬

‫هدى محمد حمدي عبد الرحمــان‪" ،‬دور المحكم في خص ومة التحكيم وح دود س لطاته"‪ ،‬دار النهض ة‬ ‫‪‬‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬

‫‪ ‬األطروحـــــات والرسائــــــل‬

‫‪ ‬األطـــــروحــــــــــــات‬

‫حارث عبد العالي ‪ " ،‬شرط التحكيم في المادة التجارية على ضوء العقود النموذجية واالتفاقيات‬ ‫‪‬‬

‫الدولية" أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬وحدة التكوين و البحث‪ :‬قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن‬

‫الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2006‬‬

‫علي المنتصر‪ "،‬التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2001‬‬

‫‪.2002‬‬

‫‪405‬‬
‫محمد الوكيلي‪ "،‬تحكيم البن ك ال دولي لتس وية خالف ات االس تثمار بين دول ة وش خص خ اص أجن بي"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫أطروح ة لني ل دكت وراه الدول ة في الق انون‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.1982‬‬

‫هالل حمد هالل السعدي ‪ " ،‬التحكيم ودوره في تسوية المنازعات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة في الفقه‬ ‫‪‬‬

‫والقض اء"‪ ،‬أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة‬

‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008 -2007‬‬

‫‪ ‬الرســـائــــــــــل‬

‫الطراســي قاســم‪ "،‬وض عية قاع دة اإلس ناد أم ام المحكم ال دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا‬ ‫‪‬‬

‫المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬س ال‪ ،‬الس نة الجامعي ة‬

‫‪.2007 -2006‬‬

‫الــدغمي عــادل‪"،‬التعاق د في التج ارة اإللكتروني ة"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الماس تر في ق انون األعم ال‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جامع ة الحس ن الث اني‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية و االجتماعي ة – المحمدي ة‪ -‬ال دار البيض اء‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪.2008 -2007‬‬

‫أمونير تقية ‪"،‬مفهوم المنازعة القابلة للحل عن طريق التحكيم"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬ ‫‪‬‬

‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪، ،‬الدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬

‫المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010 -2009‬‬

‫‪406‬‬
‫أمين ســليم ‪ "،‬الرقاب ة القض ائية على التحكيم في الق انون المغ ربي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الماس تر في‬ ‫‪‬‬

‫قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬بالدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬

‫المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011 -2010‬‬

‫إس ــحاق ش ــارية‪ " ،‬التحكيم التج اري والق انون الع بر دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا‬ ‫‪‬‬

‫المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬س ال‪ ،‬الس نة الجامعي ة‬

‫‪ 2007‬ـ ‪.2008‬‬

‫إلهام عاللي ‪" ،‬واقع آفاق التحكيم التجاري الدولي بالمغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪‬‬

‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬

‫سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009 – 2008‬‬

‫خليل إبراهيم عال ‪ "،‬حدود سلطة المحكم في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬

‫العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬

‫رضوان الزهراوي ‪ "،‬معوقات تطور التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪‬‬

‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009-2008‬‬

‫رشــيد معنــاني‪ "،‬التحكيم في عق ود االس تثمار بين دول ة ومس تثمر خ اص أجن بي"‪ ،‬بحث لني ل دبل وم‬ ‫‪‬‬

‫الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2004 -2003‬‬

‫‪407‬‬
‫ســرحان عبــد اهلل المعمــري‪ "،‬الرقاب ة القض ائية على مق ررات التحكيم في الق انون اليم ني‪ ،‬دراس ة‬ ‫‪‬‬

‫مقارن ة"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪،‬‬

‫السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008 -2007‬‬

‫ســهام الســويتي‪ "،‬التحكيم في ح ل منازع ات عق ود نق ل التكنولوجي ا"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات‬ ‫‪‬‬

‫العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬س ال‪ ،‬الس نة‬

‫الجامعية ‪.2008 -2007‬‬

‫ص ــوفية دين ــار‪ "،‬الس لطة التقديري ة للمحكم ال دولي إزاء الق انون ال واجب التط بيق على موض وع‬ ‫‪‬‬

‫ال نزاع"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة‬

‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007 -2006‬‬

‫طارق الجبلي ‪ "،‬مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية‪ ،‬التحكيم التجاري نموذجا"‪ ،‬بحث‬ ‫‪‬‬

‫لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010 -2009‬‬

‫عبد اهلل درميش ‪" ،‬التحكيم التجاري الدولي في المواد التجارية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬ ‫‪‬‬

‫المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني ‪-‬‬

‫الدار البيضاء – عين الشق‪ ،‬الموسم الجامعي ‪.1983 – 1982‬‬

‫عبد اهلل أوبها‪ "،‬إشكاالت التحكيم في المنازعات التجارية البحرية"‪ ،‬رسالة لنيل الماس تر في الق انون‬ ‫‪‬‬

‫الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬الرب اط‪،‬‬

‫السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬

‫‪408‬‬
‫عبد السالم اإلدريسي‪ "،‬النظام العام في التحكيم التجاري الدولي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العلي ا‬ ‫‪‬‬

‫المعمقة ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‬

‫‪.2007 -2006‬‬

‫عز الدين بوزلماط ‪ "،‬دور التحكيم في تسوية المنازعات المتعلقة بصفقات الدولة‪ ،‬دراسة في الق انون‬ ‫‪‬‬

‫المغ ربي والق انون المق ارن"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة‬

‫محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪2007‬‬

‫– ‪.2008‬‬

‫عبد الجليـل أمـدغوس‪" ،‬التحكيم المؤسس اتي كآلي ة لتس وية منازع ات التج ارة الدولي ة" ‪ ،‬رس الة لني ل‬ ‫‪‬‬

‫دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬يونيو ‪.2010‬‬

‫عبد الودود ولد بداد‪ "،‬التحكيم االختياري في القانون الداخلي‪ ،‬دراسة مقارنة في التشريعين‬ ‫‪‬‬

‫الموريتاني والمغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007-2006‬‬

‫عبــد الرحمــان عاللي‪ "،‬ق انون اإلرادة في التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات‬ ‫‪‬‬

‫العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007 -2006‬‬

‫عزيز الشعراني‪ " ،‬الق انون ال واجب التط بيق في التحكيم التج اري "‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الماس تر في‬ ‫‪‬‬

‫الق انون الخ اص وح دة ق انون األعم ال‪ ،‬جامع ة الحس ن الث اني‪ ،‬ال دار البيض اء‪ -‬المحمدي ة‪ ،‬كلي ة العل وم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2011 -2010‬‬

‫‪409‬‬
‫فاطمة بوطالب اإلدريسي ‪" ،‬دور الصفقات العمومية في تنشيط االقتصاد المحلي‪ ،‬جماعة بئر النصر‬ ‫‪‬‬

‫بنسليمان نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل ماستر في القانون العام‪ ،‬شعبة الحكامة المحلية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬‬

‫المحمدي ة بال دار البيض اء‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬المحمدي ة‪ ،‬الس نة الجامعي ة‬

‫‪.2012-2011‬‬

‫فؤاد الصفريوي ‪ "،‬نظام تنفيذ قرارات التحكيم األجنبية في المغرب"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬

‫العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار‬

‫البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪1996 -1995‬‬

‫فاطمة الدحاني‪ "،‬دور رئيس المحكم ة في التحكيم ال داخلي ب المغرب"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات‬ ‫‪‬‬

‫العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪.2007 -2006‬‬

‫فضيلي أكدر ‪"،‬اإلطار القانون للتحكيم التجاري بالمغرب‪ ،‬الواقع وسبل اإلصالح"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪.2002 – 2001‬‬

‫لمياء أزطوط ‪" ،‬اتفاق التحكيم بين التشريع المغربي والمقارن"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬ ‫‪‬‬

‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬

‫المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية‪.2008-2007 :‬‬

‫محسن القوارطي‪ " ،‬التحكيم في إطار االتفاقيات االقتصادية في المغرب مع اإلتحاد األوروبي‬ ‫‪‬‬

‫والواليات المتحدة األمريكية نموذجا "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬‬

‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال الجديدة‪ ،‬السنة الجامعية‬

‫‪.2009-2008‬‬
‫‪410‬‬
‫محمـــد الحـــبيب‪" ،‬مس ؤولية المحكم‪ ،‬دراس ة على ض وء التش ريع المغ ربي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬

‫محمــد شــيلح‪ "،‬س لطان اإلرادة في ض وء ق انون االلتزام ات والعق ود المغ ربي‪ ،‬أسس ه ومظ اهره في‬ ‫‪‬‬

‫نظري ة العقد"‪ ،‬رس الة لنيل دبلوم الدراس ات العلي ا في القانون الخ اص‪ ،‬جامعة محمد الخ امس‪ ،‬الرب اط‪،‬‬

‫سنة ‪.1983‬‬

‫مصـطفى هرنـدو‪ " ،‬ت ذييل األحك ام األجنبي ة بالص يغة التنفيذي ة في قض ايا األس رة على ض وء العم ل‬ ‫‪‬‬

‫القضائي المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2009 -2008‬‬

‫محمد باية‪ "،‬التحكيم التجاري الدولي في منازعات الملكية الصناعية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬ ‫‪‬‬

‫العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬الرب اط‪ ،‬الس نة‬

‫الجامعية ‪.2006 -2005‬‬

‫موالي لكبير الصوصي العلوي‪ "،‬طرق الطعن المرتبطة بالمقررات التحكيمية التجارية في القانون‬ ‫‪‬‬

‫المغ ربي والمق ارن"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في الق انون الخ اص‪ ،‬جامع ة محم د‬

‫الخ امس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬س ال‪ ،‬الس نة الجامعي ة ‪-2006‬‬

‫‪.2007‬‬

‫محمــد لمســلك‪"،‬تس وية منازع ات التج ارة اإللكتروني ة‪ ،‬دراس ة في إط ار الق انون ال دولي الخ اص‬ ‫‪‬‬

‫والق انون التج اري ال دولي"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬كلي ة‬

‫العلوم القانونية االقتصادية واالجتماعية بسال‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫محمد البرانصي‪" ،‬دور التحكيم التجاري الدولي في جلب االستثمارات األجنبية"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007-2006‬‬

‫نجالء حكم في رس التها " التحكيم في تس وية نزاع ات االس تثمارات األجنبي ة"‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم‬ ‫‪‬‬

‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون المقاوالت‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلي ة العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2004 -2003‬‬

‫نج ــاة ع ــز ال ــدين اإلدريس ــي‪" ،‬اختص اص المحكم في المج ال االس تعجالي‪ ،‬اتخ اذ الت دابير الوقتي ة‬ ‫‪‬‬

‫والتحفظي ة"‪ ،‬بحث لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة‪ ،‬جامع ة محم د الخ امس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلي ة العل وم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007-2006‬‬

‫ناصر بلعيد‪ " ،‬وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي دراسة تحليلية في ضوء قانون ‪ 05‬ـ‬ ‫‪‬‬

‫‪ "08‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪،‬‬

‫السنة الجامعية ‪.2008- 2007‬‬

‫نـور الـدين حسـن الـدين‪" ،‬ت دخل النظ ام الع ام في مج ال التحكيم بين اإلطالق والتقيي د"‪ ،‬رس الة لني ل‬ ‫‪‬‬

‫دبل وم الماس تر في ق انون األعم ال‪ ،‬جامع ة الحس ن الث اني بال دار البيض اء‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة‬

‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011 -2010‬‬

‫يوسف الساقوط ‪" ،‬دور العمل القضائي في تحقيق فعالية حكم التحكيم‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل‬ ‫‪‬‬

‫دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008 – 2007‬‬

‫‪412‬‬
‫يونس قربي ‪ "،‬شرط التحكيم في عقود الدولة‪ ،‬دراسة في أنظمة التحكيم الدولية والنظام القانوني‬ ‫‪‬‬

‫المغربي"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويسي‪ ،‬كلية‬

‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬سال‪ ،‬السنة الجامعية‪.2007 -2006 :‬‬

‫‪ ‬المجــــالت والمـــــــقـــــــاالت‬

‫أحمد خرطة ‪ "،‬الصلح القضائي من خالل مسطرة الشقاق‪ ،‬قراءة في بعض مواد مدونة األسرة"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة –‬

‫التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪.2012‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ "،‬التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة دفاتر‬ ‫‪‬‬

‫المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،2‬السنة ‪.2002‬‬

‫السعدية مجيدي ‪ "،‬الصلح في مسطرة التطليق الشقاق"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت‬ ‫‪‬‬

‫عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد‬

‫الرابع‪ ،‬ماي ‪.2012‬‬

‫الكوفي علي أعبوده‪ "،‬بعض التحديات التي تواجه التحكيم في ليبيا‪ ،‬التحكيم في ليبيا بين تركة‬ ‫‪‬‬

‫الماضي وآفاق المستقبل"‪ ،‬مجلة التحكيم العالمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد ‪ ،18‬أبريل ‪ ،2013‬السنة الخامسة‪.‬‬

‫إبراهيم العسري ‪ "،‬التحكيم ومستلزمات األمن القانوني والقضائي‪ ،‬دراسة على ضوء القانون ‪-05‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ،"08‬مجلة الملف‪ ،‬العدد ‪ ،21‬أكتوبر ‪.2013‬‬

‫إبراهيم علي حسن‪" ،‬تأمالت في اختصاص التحكيم بمنازعات عقود الدولة"‪ ،‬مقالة منشورة بمجلة‬ ‫‪‬‬

‫هيئة قضايا الدولة‪ ،‬السنة ‪ ،41‬العدد الثاني‪ ،‬أبريل و ماي لسنة ‪.1997‬‬

‫‪413‬‬
‫إسماعيل إبراهيم الزيادي ‪"،‬المفهوم المختلف لحيدة المحكم عن الحيدة الواجبة في القاضي"‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬

‫التحكيم‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫بشــرى النبيــه العلــوي‪" ،‬دور التحكيم اإللك تروني في االس تثمار" الن دوة الجهوي ة الرابع ة بمحكم ة‬ ‫‪‬‬

‫االستئناف التجارية‪ ،‬الدار البيضاء‪ 19-18 ،‬أبريل ‪.2007‬‬

‫جــورج حزيــون‪ "،‬النظ ام الق انوني للتحكيم األجن بي في الق انون ال داخلي"‪ ،‬مجل ة الحق وق‪ ،‬الك ويت‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫العدد ‪ ،4‬ديسمبر ‪.1987‬‬

‫حياة متوكل‪ "،‬قانون التجار الدول‪ ،)LEX MERCATORIA (:‬المبادئ العامة وقواعد اإلعمال"‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫المجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬العدد ‪ ،11‬أكتوبر ‪.2006‬‬

‫حسين فريجة ‪ "،‬دور التحكيم في فض منازعات عقود االستثمار الدولية"‪ ،‬مجلة القبس المغربية‬ ‫‪‬‬

‫للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يناير ‪.2012‬‬

‫خالد أحمد عبد المجبد ‪ "،‬دور القضاء المساند لخصومة التحكيم" سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬عدد‬ ‫‪‬‬

‫‪ ،7‬سنة ‪.2005‬‬

‫رفعت محمد عبد المجيد‪ "،‬مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية"‪ ،‬مجلة دفاتر‬ ‫‪‬‬

‫المجلس األعلى‪ ،‬العدد ‪.7‬‬

‫رفعت محمــد عبــد المجيــد‪ "،‬مرك ز الق اهرة اإلقليمي للتحكيم التج اري ال دولي وم دى ت أثيره على‬ ‫‪‬‬

‫االستثمار وحمايته"‪ ،‬مجلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،2‬سنة ‪.2002‬‬

‫رياض فخري‪ "،‬قواعد التحكيم‪ ،‬قراءة في القانون رقم ‪ ،"08 -05‬مقال منشور ضمن أعمال ندوة‬ ‫‪‬‬

‫" الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى"‪ ،‬مطبعة األمنية‪،‬‬

‫الرباط‪ ،‬طبعة ‪.2007‬‬

‫‪414‬‬
‫رضــوان الحسوســي‪ "،‬الحكم التحكيمي مش تمالته وتقنيات ه"‪ ،‬مجل ة المح اكم المغربي ة‪ ،‬الع دد ‪،117‬‬ ‫‪‬‬

‫نونبر‪ -‬دجنبر ‪.2008‬‬

‫زكري ــاء الغ ــزاوي‪" ،‬تس وية المنازع ات التجاري ة عن طري ق التحكيم المؤسس اتي"‪ ،‬مق ال منش ور‬ ‫‪‬‬

‫بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬عدد ‪ ،2‬لسنة ‪.2003‬‬

‫ســيد أحمــد محمــود أحمــد‪ "،‬م دى س لطة المحكم في اتخ اذ اإلج راءات الوقتي ة والتحفظي ة"‪ ،‬مجل ة‬ ‫‪‬‬

‫الحقوق‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة ‪.2001‬‬

‫شمس الدين عبداتي‪ "،‬التحكيم المؤسسي بالمغرب"‪ ،‬الندوة الجهوية الحادية عشر‪ ،‬الصلح والتحكيم‬ ‫‪‬‬

‫والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬قصر المؤتمرات بالعيون‪-01 ،‬‬

‫‪ ،02‬نونبر ‪.2007‬‬

‫شمس الدين عبداتي‪ "،‬التحكيم التجاري قضاء المستقبل"‪ ،‬المجلة المغربية للتحكيم التجاري‪ ،‬العدد‬ ‫‪‬‬

‫‪ ،2‬السنة ‪.2003‬‬

‫طــارق مصــدق‪ " ،‬ق راءة أولي ة في مس تجدات الق انون الجدي د للتحكيم "‪ ،‬المجل ة المغربي ة للوس اطة‬ ‫‪‬‬

‫والتحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،4‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬

‫عب ــد اهلل درميش‪ "،‬اهتم ام المغ رب ب التحكيم‪ ،‬إلى أي ح د؟"‪ ،‬مجل ة المح اكم المغربي ة‪ ،‬ع دد ‪73‬‬ ‫‪‬‬

‫لشهري يناير‪ -‬فبراير‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬

‫عب ــد اهلل درميش‪"،‬القض ايا المعاص رة للتحكيم ال دولي‪ ،‬الرقاب ة القض ائية على األحك ام التحكيمي ة‬ ‫‪‬‬

‫األجنبية والدولية في الدول العربية"‪ ،‬المجلة المغربية للوساطة والتحكيم‪ ،‬العدد ‪ ،4‬السنة ‪.2009‬‬

‫عبد الكريم الطالب‪ "،‬حجية أحكام المحكين في إطار قانون المسطرة المدنية"‪ ،‬مجلة رسالة الدفاع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫العدد الرابع‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬

‫‪415‬‬
‫عبد اهلل درويش‪ "،‬ال دفع بوج ود ش رط التحكيم‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬منش ورات مجل ة القض اء الم دني‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬

‫عبد المنعم كيوة ‪"،‬حل النزاعات التجارية طبق مبادئ العدل واإلنصاف"‪ ،‬مجلة القضاء والتشريع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫العدد ‪ ،1‬السنة ‪.1988‬‬

‫عالل البصراوي‪" ،‬التحكيم االختياري واألنظمة المشابهة" مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪،117‬‬ ‫‪‬‬

‫نونبر‪ -‬دجنبر‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬

‫عبد الكبير العلوي الصوصي‪" ،‬رقابة القضاء على التحكيم"‪ ،‬دار القلم بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة‬ ‫‪‬‬

‫‪.2012‬‬

‫عبد القادر أحنوت‪ "،‬مبدأ التحكيم اإلسالمي والتحكيم بين الزوجين"‪ ،‬مجلة التذكرة‪ ،‬العدد ‪،13‬‬ ‫‪‬‬

‫المجلد ‪ ،4‬يونيو ‪.2009‬‬

‫عبــد المجيــد غميجــة‪" ،‬مس تجدات مش روع الق انون المتعل ق ب التحكيم والوس اطة"‪ ،‬مجل ة المح اكم‬ ‫‪‬‬

‫التجارية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬دجنبر ‪.2006‬‬

‫عبد اإلله برجاني‪ "،‬بند التحكيم في عقود التجارة الدولية"‪ ،‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى العدد ‪، 2‬‬ ‫‪‬‬

‫السنة ‪.2002‬‬

‫عبد اللطيف بولعلف‪ "،‬فعالية بطالن الحكم التحكيمي الدولي"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية‬ ‫‪‬‬

‫تحت عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪،‬‬

‫العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪.2012‬‬

‫عادل علي محمد النجار‪"،‬نشر أحكام التحكيم بين الحظر واإلباحة‪ ،‬دراسة مقارنة"‪ ،‬سلسلة دراس ات‬ ‫‪‬‬

‫وأبحاث‪ ،‬الوسائل البديلة لتسوية المنازعات‪ :‬الصلح‪ ،‬الوساطة‪ ،‬التحكيم في ضوء مستجدات القانون رقم‬

‫‪ 08-05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬العدد ‪ ،3‬السنة ‪.2013‬‬
‫‪416‬‬
‫عبــد اللطيــف بــو العلــف‪ "،‬التحكيم في منازع ات االس تثمارات‪ ،‬اتفاقي ة واش نطن المؤرخ ة في ‪18‬‬ ‫‪‬‬

‫مارس ‪ ،"1965‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪.2008‬‬

‫عبــد اللطيــف مشــبال‪ ،‬اإلج راءات الوقتي ة والتحفظي ة في التحكيم التج اري ال دولي"‪ ،‬دف اتر المجلس‬ ‫‪‬‬

‫األعلى‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سنة ‪.2005‬‬

‫عبــد الــرحيم بن ســالمة‪ "،‬نظ ام التحكيم في التش ريع المغ ربي"‪ ،‬مجل ة األمن الوط ني‪ ،‬الع دد ‪،217‬‬ ‫‪‬‬

‫السنة ‪.2002‬‬

‫عبـ ــد الرحمـ ــان المصـ ــباحي‪ "،‬المب ادئ الض رورية لض مان فعالي ة التحكيم في منازع ات عق ود‬ ‫‪‬‬

‫االستثمار"‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،156‬يناير ‪.2009‬‬

‫عب ــد اإلل ــه المحب ــوب‪ "،‬الض مانات القانوني ة للهيئ ة التحكيمي ة‪ ،‬دراس ة مقارن ة"‪ ،‬سلس لة دراس ات‬ ‫‪‬‬

‫وأبح اث‪ ،‬الوس ائل البديل ة لتس وية المنازع ات‪ ،‬الص لح‪ ،‬الوس اطة‪ ،‬التحكيم‪ ،‬في ض وء مس تجدات الق انون‬

‫رقم ‪ 08 -05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة االتفاقية‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬سنة ‪.2013‬‬

‫عبــد الوهــاب البــاهي‪ "،‬ت ونس مرك ز للتحكيم‪ ،‬المتطلب ات والرهان ات"‪ ،‬سلس لة دراس ات برلماني ة‬ ‫‪‬‬

‫بعن وان‪ ":‬التحكيم في ت ونس‪ ،‬الواق ع والرهان ات"‪ ،‬وق ائع الي وم الدراس ي الس ابع‪ ،‬األربع اء ‪ 10‬م اي‬

‫‪ ،2006‬بتونس‪.‬‬

‫غــالب غــانم‪ " ،‬دور القض اء اللبن اني في الرقاب ة على التحكيم"‪ ،‬مجل ة التحكيم الع ربي‪ ،‬الع دد ‪،7‬‬ ‫‪‬‬

‫غشت ‪.2006‬‬

‫فتحي والي‪ " ،‬دور القاض ي في منح الق وة التنفيذي ة ألحك ام التحكيم "‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫العربي‪ ،‬العدد السابع‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬

‫محمد سالم ‪"،‬الطرق البديلة لتسوية المنازعات ودورها في تخفيف العبء على القضاء وتحقيق‬ ‫‪‬‬

‫التنمية االجتماعية واالقتصادية"‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مجلة الملف‪ ،‬عدد ‪ ،12‬مارس‪ ،‬سنة ‪2008‬‬
‫‪417‬‬
‫محمد المختار الراشدي‪ "،‬إجراءات مسطرة التحكيم"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬نونبر‪-‬‬ ‫‪‬‬

‫دجنبر‪ ،‬السنة ‪.2008‬‬

‫محمد سالم‪ ،‬دور الطرق البديلة لحل المنازعات في إصالح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات‬ ‫‪‬‬

‫العولمة"‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬العدد ‪.87‬‬

‫محمد المختار الراشــدي‪ "،‬إج راءات مس طرة التحكيم"‪ ،‬مجل ة المح اكم المغربي ة‪ ،‬ع دد ‪ ،117‬نونبرـ‬ ‫‪‬‬

‫دجنبر ‪.2008‬‬

‫مــريم العباســي‪ ،‬ناصــر بلعيــد‪ ،‬كــريم بنموســى‪" ،‬دور القض اء في مس طرة التحكيم"‪ ،‬سلس لة رس ائل‬ ‫‪‬‬

‫نهاية تدريب الملحقين القضائيين‪ ،‬العدد ‪ ،3‬مارس ‪.2011‬‬

‫محمــد فاضــل الليلي‪ "،‬الحكم التحكيمي"‪ ،‬الن دوة الجهوي ة الحادي ة عش ر بعن وان‪ " :‬الص لح والتحكيم‬ ‫‪‬‬

‫والوسائل البديلة لحل النزاعات من خالل اجتهادات المجلس األعلى"‪ ،02 -01 ،‬نونبر ‪.2007‬‬

‫محمد فاضل الليلي‪ "،‬تذييل أحكام التحكيم الوطنية واألجنبية بالصيغة التنفيذية في التشريع المغ ربي‬ ‫‪‬‬

‫والمقارن "‪ ،‬مقال منشور بمجلة المرافعة‪ ،‬عدد ‪ ،20‬سنة ‪.2010‬‬

‫محمد رافع‪" ،‬اتفاق التحكيم في ظل القانون المغربي واالتفاقيات الدولية"‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫العدد ‪ ،117‬نونبر – دجنبر ‪.2008‬‬

‫محمد األعرج ‪" ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية"‪ ،‬مجلة المعيار‪ ،‬عدد ‪ ،34‬بدون ذكر السنة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫محم ــد األع ــرج‪" ،‬مش روعية التحكيم في المنازع ات اإلداري ة‪ ،‬المنازع ات اإلداري ة في تطبيق ات‬ ‫‪‬‬

‫القض اء اإلداري المغ ربي"‪ ،‬منش ورات المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة‪ ،‬سلس لة مواض يع‬

‫الساعة‪ ،‬عدد ‪ ،57‬سنة ‪.2007‬‬

‫محمد األعرج‪" ،‬نظام العقود اإلدارية"‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة‬ ‫‪‬‬

‫مؤلفات األعمال الجامعية‪ ،‬عدد ‪.58‬‬


‫‪418‬‬
‫محمد شوراق ‪" ،‬التحكيم الداخلي في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مقاربة اختزالية لمقتضيات القانون‬ ‫‪‬‬

‫رقم ‪ ،"08 – 05‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة فقه القضاء اإلداري بعنوان "المنازعات‬

‫اإلدارية على ضوء التوجهات الحديثة للقضاء اإلداري"‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬

‫مصطفى التراب‪ " ،‬موقع نظام التحكيم في التشريع المغربي"‪ ،‬ديوان المظالم‪ ،‬عدد مزدوج ‪،7 -6‬‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪.2008‬‬

‫مصــطفى الــتراب‪" ،‬موق ع نظ ام التحكيم في التش ريع المغ ربي "‪ ،‬المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة‬ ‫‪‬‬

‫والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،89‬نونبر ـ دجنبر ‪.2009‬‬

‫مصطفى التراب ‪"،‬أي دور للتحكيم في فض المنازعات من خالل التشريع المغربي؟"‪ ،‬مقال منشور‬ ‫‪‬‬

‫بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪،‬‬

‫سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪.2012‬‬

‫محمــد اإلدريســي العصــراوي‪" ،‬دور القاض ي في تنفي ذ الق رارات التحكيمي ة"‪ ،‬مق ال منش ور بمجل ة‬ ‫‪‬‬

‫الملحق القضائي‪ ،‬عدد ‪ .33‬سنة ‪.1998‬‬

‫محمــد أبــو العيــنين‪" ،‬التحكيم في منازع ات االس تثمار األجن بي"‪ ،‬مجل ة التحكيم الع ربي ‪،‬الع دد ‪، 7‬‬ ‫‪‬‬

‫يوليوز ‪.2004‬‬

‫محمــد الناصــري‪ " ،‬تس وية النزاع ات المتعلق ة باالس تثمارات من ط رف المرك ز ال دولي‪ ،‬اتفاقي ة‬ ‫‪‬‬

‫واشنطن المؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪ ،"1965‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،110‬السنة ‪.2007‬‬

‫محمد أوضبحي ‪ " ،‬دور التحكيم في إطار تجربة المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار بين‬ ‫‪‬‬

‫الدول والمستثمرين األجانب"‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية تحت عنوان‪" :‬الوسائل الودية لفض‬

‫المنازعات‪ ،‬الوساطة – التحكيم – الصلح‪ ،‬سلسلة األعداد الخاصة‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ماي ‪.2012‬‬

‫‪419‬‬
‫محمد كمال منير‪" ،‬مدى جواز االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية"‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫‪‬‬

‫اإلدارية الصادرة عن الشعبة المصرية للمعهد الدولي للعلوم اإلدارية بالقاهرة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يونيو‬

‫‪.1991‬‬

‫يونس العياشي‪ " ،‬مدى مالئمة مشروع قانون التحكيم رقم ‪ 08 -05‬مع االتفاقيات الدولية ومبادئ‬ ‫‪‬‬

‫التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مجلة محاكمة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬مارس‪ -‬ماي‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬

‫‪ ‬النـــدوات والمؤتمـــــرات‬

‫‪‬حسن الشامي‪ ،‬كلمة افتتاح ندوة " التحكيم التجاري الداخلي والدولي" المنظمة من طرف وزارة العدل‬

‫واالتحاد العام لمقاوالت المغرب‪ ،‬يومي ‪ 4 -3‬مارس ‪ ، 2004‬سلسلة دفاتر المجلس األعلى‪ ،‬مطبعة‬

‫األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ ،6‬سنة ‪2005‬‬

‫‪‬عبــد اهلل درميش‪ ،‬مداخل ة في إط ار دورة تكويني ة نظمه ا المرك ز ال دولي للوس اطة والتحكيم ومؤسس ة‬

‫كوركمار في موضوع‪ " :‬المحامي المحكم‪ :‬من الحرفة إلى المؤسسة"‪ ،‬يومي السبت واألحد ‪ 22‬و ‪23‬‬

‫فبراير ‪ ،2014‬بفندق رويال منصور‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪‬عبد الرحمــان المصــباحي‪" ،‬دور القض اء في تط بيق وإ نف اذ االتفاقي ات الدولي ة في منازع ات االس تثمار"‪،‬‬

‫المؤتمر الرابع لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية‪ ،‬المنعقد بالدوحة بدولة قطر من ‪ 24‬الى ‪26‬‬

‫شتنبر ‪.2013‬‬

‫محمــد تكمنت‪ " ،‬التحكيم ال دولي "‪ ،‬مداخل ة في إط ار ن دوة نظمت في موض وع‪" ،‬مش روع التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫والوساطة " في ‪ 27‬يونيو ‪.2007‬‬

‫‪420‬‬
‫مداخل ة لألس تاذ محمــد طــارق‪ "،‬ق راءة في واق ع تط بيق الق انون رقم ‪ 08 -05‬الخ اص ب التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫والوساطة االتفاقية بعد ‪ 8‬سنوات"‪ ،‬في ندوة علمية تحت عنوان‪ "،‬التقنيات البديلة لتسوية المنازع ات بين‬

‫النص القانوني وواقع الممارسة"‪ ،‬بالمحمدية‪ ،‬الخميس ‪ 21‬ماي ‪.2015‬‬

‫‪ ‬المحاضــــــــرات‬

‫خديجــة فــارحي‪ ،‬محاض رات في م ادة "الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات"‪ ،‬ألقيت على طلب ة ماس تر‬ ‫‪‬‬

‫قانون األعمال‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬بجامعة الحسن الثاني‪ ،‬برسم الموسم الجامعي ‪.2009 – 2008‬‬

‫عب ــد اهلل إدريس‪ " ،‬محاض رات في الق انون اإلداري المغ ربي‪ ،‬النش اط اإلداري"‪ ،‬الج زء الث اني‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬

‫طلبــة ماســتر قــانون األعمــال‪"،‬أبح اث في المنازع ات التجاري ة والتحكيم"‪ ،‬تحت إش راف عبــد اهلل‬ ‫‪‬‬

‫درميش‪ ،‬جامع ة الحس ن الث اني‪ ،‬عين الش ق‪ ،‬كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة ال دار‬

‫البيضاء‪ ،‬الفصل الرابع‪.2009 – 2008 ،‬‬

‫‪ ‬المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪Les ouvrages‬‬

‫‪ Abdellah boudahrain," L’arbitrage commercial et international au regard‬‬


‫‪du Maroc", Casablanca 1ère édition almadariss , 1999 .‬‬

‫‪421‬‬
 Alliouch- kerboua- Meziani naima, "l’arbitrage commercial international
en Algérie, la loi n° 08- 09 portant code de procédure civil et administrative",
office des publications universitaire, 05- 2010, ben- aknoun- Alger.
 Ahmed ouerfelli, " l’arbitrage dans la jurisprudence tunisienne", édition
latrach, LGDJ, 2010.
 Chedly lotfy, "l’arbitrage commercial international au Maroc et ordre public
transnational", centre de publication universitaire, Tunis, 2002.
 David René," L’arbitrage dans le commerce international, economica",
paris, 1982.
 Jean-Baptiste Racine, "L’arbitrage commercial international et l’ordre
public" ,L.G.D.J,1997.
 Homayoon arfazadeh," ordre public et arbitrage international à l’épreuve
de la mondialisation ", Bruylant, Bruxelles, 2005.
 PH. Fouchard, E. Gaillard. B.Goldman,” traité de l’arbitrage commercial
international», année 1996.
 HUET (J) et VALMACHINO (S) , « Réflexions sur l’arbitrage
électronique dans le commerce international » , Gaz pal , janvier février 2000.

Les Thèses:

 Majdouline halimi. L’arbitrage, mode de règlement du contentieux du


commerce international. Mémoire de DESA faculté de droit . casa blanca. 2006
– 2007.

Les Revues

422
 Bouchra JDAINI, "l’arbitrage commercial interne et international en droit
marocain", Revue marocaine d’administration local et développement, n° 103,
Mars- Avril, 2012.
 Craw Ford (J.): “Les Etats et l’exécution des sentences arbitrales dans les
droits américain et Anglais, Rev . arb, 1985.
 jan Paulsson," L’exécution des sentences arbitrales dans le monde de
demain " , Rev- arb , n°4, 1998.
 Philippe Fouchard," Suggestions pour accroitre l’efficacité internationale
des sentences arbitrales ", Rev -arb, n° 4 ; 1998.

 Sites sur internet

www.Maroc Arbitrage.com
www.maghress.com:http
www.CIMAR.org.ma
http://dc387.4shared.com/doc/hQ8fnnqf/Preview.html
http: //iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2010/01
http://www.startimes.com
http://www.almaghribia.ma
http://slconf.uaeu.ac.ae/papers/n2/wafa%20falhot.pdf
http://libback.uqu.edu.sa/ 2011
http://binafif-law.blogspot.com
http//www.draigarbitration.com/tahkimwork
http// aljassour.com
http://www.startimes.com
mkleit.wordpress.com
palestine.ahlamontada.com

423
‫الفـــهرس‬
‫‪424‬‬
‫المقدمة‪01.........................................................................................:‬‬

‫الباب األول‪:‬اإلشكاليات القانونية التي يطرحها قانون التحكيم ‪35...........................08 -05‬‬

‫الفصــل األول‪ :‬اإلشــكاالت الــتي يطرحهــا التحكيم التجــاري في قــانون ‪.......................08 -05‬‬

‫‪36‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اإلش ــكاالت الــتي يطرحه ــا التحكيم التج ــاري الــداخلي‪..................................‬‬

‫‪37‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة القانونية لنظام التحكيم‪38......................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة التعاقدية لنظام التحكيم‪39.....................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القضائية لنظام للتحكيم‪40....................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الطبيعة المختلطة لنظام التحكيم‪41...................................................‬‬

‫المطلب الراب ع‪ :‬الطبيع ة المس تقلة لنظ ام التحكيم‪.....................................................‬‬

‫‪42‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي يطرحها التحكيم التجاري الداخلي على مستوى الهيئة التحكيمية‪.....‬‬

‫‪42‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلش كاليات ال تي يطرحه ا تط بيق الفص ل ‪ 320‬من ق انون ‪ 08 -05‬بخص وص مس ألة‬

‫أهلية المحكم‪47......................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف التشريع المغربي من مسألة أهلي ة المحكم‪.......................................‬‬

‫‪47‬‬

‫‪425‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف التشريعات المقارنة من مسألة أهلي ة المحكم‪.....................................‬‬

‫‪51‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬اإلش كاليات ال تي تع ترض تط بيق الفص ل ‪ 321‬من ق انون ‪ 08-05‬بخص وص رقاب ة‬

‫القضاء‪53...........................................................................................‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬اإلش كال المتعل ق بمس ألة اعتي اد ممارس ة التحكيم‪.......................................‬‬

‫‪54‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬اإلش كال المتعل ق بالمقصـ ـ ـــود بوضـ ـــعية المحكمين في اصطـــالح الفص ل ‪..........321‬‬

‫‪55‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬اإلش كالية ال تي يطرحه ا ع دم انتم اء المحكم لالئح ة المحكمين‪...........................‬‬

‫‪55‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الجهة المختصة بإصدار األوامر المستعجلة وإ شكاالتها‪.............................‬‬

‫‪57‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬موقف التشريع المغربي بخصوص الجهة المختصة بإصدار األوامر المس تعجلة‪........‬‬

‫‪59‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬موق ف األنظم ة القانوني ة المقارن ة بخص وص الجه ة المختص ة بإص دار األوام ر‬

‫المستعجلة‪63........................................................................................‬‬

‫المطلب الراب ع‪ :‬اإلش كال المتعل ق بمس ؤولية الهيئ ة التحكيمي ة‪..........................................‬‬

‫‪67‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مسؤولية الهيئة التحكيمية في التشريع المغ ربي‪........................................‬‬

‫‪68‬‬
‫‪426‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكال المتعلق بمسؤولية الهيئة التحكيمية في الفقه المقارن‪...........................‬‬

‫‪74‬‬

‫الف ــرع الث ــالث‪ :‬اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا ق ــانون التحكيم في مس ــألة ت ــذييل الحكم التحكيمي ال ــداخلي‬

‫بالصيغة التنفيذية‪77................................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬القيم ة القانوني ة للحكم التحكيمي في ق انون ‪................................. 08 -05‬‬

‫‪79‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬ش روط ص حة الحكم التحكيمي‪........................................................‬‬

‫‪79‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬دور الهيئ ة التحكيمي ة في إص الح أخط اء األحك ام التحكيمي ة‪............................‬‬

‫‪84‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬آث ار الحكم التحكيمي‪.................................................................‬‬

‫‪89‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬اإلش كاليات ال تي يثيره ا ق انون التحكيم بخص وص مس طرة الت ذييل بالص يغة‬

‫التنفيذية‪93..........................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلشكاالت التي تطرحها مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذي ة‪.............................‬‬

‫‪95‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬الجه ة المختص ة في ت ذييل األحك ام التحكيمي ة وإ ش كاالتها‪...............................‬‬

‫‪98‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طرق الطعن تعيق عملية تنفيذ األحكام التحكيمية‪104.................................‬‬

‫‪427‬‬
‫الفق رة األولى‪ :‬الطعن بإع ادة النظ ر‪..........,.....................................................‬‬

‫‪105‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬الطعن بتع رض الغ ير الخ ارج عن الخص ومة‪.........................................‬‬

‫‪108‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬الطعن ب البطالن‪....................................................................‬‬

‫‪109‬‬

‫المبحث الث ــاني‪ :‬اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم التج ــاري ال ــدولي‪................................‬‬

‫‪113‬‬

‫الفــرع األول‪ :‬اإلشــكاليات الــتي يطرحهــا التحكيم التجــاري الــدولي في قــانون ‪ 05‬ـ ‪...............08‬‬

‫‪114‬‬

‫المطلب األول‪ :‬معايير دولية التحكيم‪116.............................................................‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬مع ايير دولي ة التحكيم في ق انون ‪........................................... 08 -05‬‬

‫‪117‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬مع ايير دولي ة التحكيم في الق وانين المقارن ة‪............................................‬‬

‫‪119‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬اإلش كاالت ال تي تواج ه التحكيم التج اري ال دولي في ق انون ‪.................08 -05‬‬

‫‪120‬‬

‫الفقـرة األولى‪ :‬إشكــالي ـ ـ ـ ـ ـ ـــة عـ ـ ـ ـ ـــدم التميي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــز بيـ ـ ـ ـ ـ ـــن التحكي ـ ـ ـ ـ ـ ـــم الدولـ ـ ـ ـ ـ ـــي والتحكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم‬

‫األجنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬

‫في قانون ‪121............................................................................. 08 -05‬‬


‫‪428‬‬
‫الفق رة الثاني ة‪ :‬إش كالية تحدي د الق انون ال واجب التط بيق‪...............................................‬‬

‫‪122‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬إش كالية ع دم الحس م في تحدي د مفه وم النظ ام الع ام‪....................................‬‬

‫‪130‬‬

‫الف ــرع الث ــاني‪ :‬إش ــكالية توحي ــد القواع ــد الموض ــوعية للتحكيم ال ــدولي واالتفاقي ــات الدولي ــة‪-‬اتفاقي ــة‬

‫نيوي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورك‬

‫نموذجا‪148.......................................................................................-‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إش كاليات تطرحه ا مس ألة " اتف اق التحكيم" في اتفاقي ة نيوي ورك‪.......................‬‬

‫‪151‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬قص ور مقتض يات اتفاقي ة نيوي ورك في تنظيم مس ألة "األهلي ة"‪..........................‬‬

‫‪153‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬مس ألة قابلي ة ال نزاع للتحكيم في اتفاقي ة نيوي ورك‪......................................‬‬

‫‪154‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬اإلش كاالت ال تي تش وب حكم التحكيم في اتفاقي ة نيوي ورك‪...........................‬‬

‫‪155‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم تمييز االتفاقية بيـ ـ ــن الحك ـ ـ ـ ـ ــم التحكيمي األجنبي والحكـم التحكيمي الدولــي‪.......‬‬

‫‪156‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬ع دم توض يح االتفاقي ة لمع نى إلزامي ة الحكم التحكيمي األجن بي‪.........................‬‬

‫‪158‬‬

‫‪429‬‬
‫الفق رة الثالث ة‪ :‬ع دم تحديـ ـ ـ ـــد االتفاقي ة لمسطـ ـ ـ ـــرة موح ـ ـ ـــدة لالع تراف ب الحكم التحكيم ـ ـ ـ ـ ـــي األجنب ـ ـ ـ ـــي‬

‫وتنفيـ ـ ـ ـ ـ ــذه‪160.......................................................................................‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مقترحات فقهية بخصوص تحديث وتطوير اتفاقية نيوي ورك‪...........................‬‬

‫‪161‬‬

‫الف ــرع الث ــالث‪ :‬اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم اإللك ــتروني‪......................................‬‬

‫‪162‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ايجابي ات وس لبيات التحكيم اإللك تروني‪.............................................‬‬

‫‪166‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬أهم ايجابي ات التحكيم اإللك تروني‪...................................................‬‬

‫‪167‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬أهم س لبيات التحكيم اإللك تروني‪.....................................................‬‬

‫‪168‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬إش كاليات يطرحه ا "اتف اق التحكيم اإللك تروني"‪......................................‬‬

‫‪171‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬القيم ة القانوني ة التف اق التحكيم اإللك تروني‪...........................................‬‬

‫‪173‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬إش كالية تحدي د مك ان التحكيم اإللك تروني‪.............................................‬‬

‫‪177‬‬

‫المطلب الث الث‪ :‬اإلش كاالت ال تي تواج ه هيئ ة التحكيم اإللك تروني‪...................................‬‬

‫‪179‬‬
‫‪430‬‬
‫الفق رة األولى‪ :‬اختي ار المحكمين‪..................................................................‬‬

‫‪179‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬إج راءات المحاكم ة أم ام هيئ ة التحكيم اإللك تروني‪.....................................‬‬

‫‪180‬‬

‫المطلب الراب ع‪ :‬إش كاليات يطرحه ا حكم التحكيم اإللك تروني‪.........................................‬‬

‫‪185‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬ش كل الحكم‪........................................................................‬‬

‫‪185‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬إش كالية تبلي غ الحكم التحكيمي اإللك تروني‪............................................‬‬

‫‪186‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬تنفي ذ الحكم‪.........................................................................‬‬

‫‪187‬‬

‫الفق رة الرابع ة‪ :‬مس ألة إي داع حكم التحكيم اإللك تروني‪................................................‬‬

‫‪188‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬مكانة التحكيم اإللكتروني مستقبال‪189..............................................‬‬

‫الفص ــل الث ــاني‪ :‬اإلش ــكاليات ال ــتي يطرحه ــا التحكيم اإلداري‪..........................................‬‬

‫‪191‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مـــــــدى مشـــــــروعية التحكيم اإلداري‪..................................................‬‬

‫‪192‬‬

‫‪431‬‬
‫الف ــرع األول‪ :‬موق ــف التش ــريع المغ ــربي من مش ــروعية التحكيم اإلداري‪.............................‬‬

‫‪194‬‬

‫المطلب األول‪ :‬م دى مش روعية التحكيم اإلداري في التش ريع المغ ربي قب ل ص دور ق انون ‪.....08.05‬‬

‫‪194‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬فك رة النظ ام الع ام في الفص ل ‪ 306‬ومن ع التحكيم اإلداري‪.............................‬‬

‫‪195‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف الفقه والقضاء من مشروعية التحكيم اإلداري قبل صدور قانون ‪.......08 -05‬‬

‫‪196‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬إباح ة التحكيم اإلداري كقاع دة بع د ص دور ق انون ‪.........................08 -05‬‬

‫‪198‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬الفص ل ‪ 310‬من ق انون ‪ 08 -05‬وأس اس مش روعية التحكيم اإلداري‪.................‬‬

‫‪198‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬إش كاليات يطرحه ا الفص ل ‪ 310‬بخص وص التحكيم اإلداري‪...........................‬‬

‫‪199‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬موقــف األنظمــة القانونيــة المقارنــة من مشــروعية التحكيم اإلداري‪....................‬‬

‫‪203‬‬

‫المطلب األول‪ :‬موق ف النظ ام الق انوني المص ري من مش روعية التحكيم اإلداري‪......................‬‬

‫‪203‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه والقضاء المصري من مشروعية التحكي ـ ـــم اإلداري قبل ص ـــدور القان ـ ـ ـ ـــون‬

‫رق ـ ـ ـ ـ ــم‬
‫‪432‬‬
‫‪ 27‬لسنة ‪203................................................................................ 1994‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف الفقه والقضاء المصـ ـ ـ ـ ـــري من التحكيـ ـ ـــم اإلداري بعـ ـ ـ ـ ـــد ص ـــدور القان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــون رقم‬

‫‪27‬‬

‫لسنة ‪211.................................................................................... 1994‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬الق انون ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬المص ري ومس ألة مش روعية التحكيم اإلداري‪...................‬‬

‫‪215‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬موق ف بعض التش ريعات العربي ة المقارن ة من مش روعية التحكيم اإلداري‪.............‬‬

‫‪217‬‬

‫المطلب الث الث‪ :‬موق ف بعض االتفاقي ات الدولي ة من مش روعية التحكيم اإلداري‪......................‬‬

‫‪219‬‬

‫المطلب الراب ع‪ :‬مـوق ـ ـ ـ ـ ـ ـــف األنظم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة القانـونيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة األوروبيـ ـ ـ ـ ـــة م ـ ـ ـــن مشــروعيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة التحكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم‬

‫اإلداري‬

‫‪-‬النظ ام الق انوني الفرنس ي نموذج ا‪..............................................................-‬‬

‫‪219‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف الفقه والقضاء الفرنسي من مش روعية التحكيم اإلداري‪..........................‬‬

‫‪220‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬موق ف التش ريع الفرنس ي من مش روعية التحكيم اإلداري‪...............................‬‬

‫‪222‬‬

‫المبحث الث ــاني‪ :‬إش ــكاليات يطرحه ــا نط ــاق تط ــبيق التحكيم اإلداري‪..................................‬‬

‫‪223‬‬
‫‪433‬‬
‫الفـ ــرع األول‪ :‬اإلشـ ــكالية الـ ــتي يطرحهـ ــا جـ ــواز اعتمـ ــاد التحكيم في دعـ ــاوى العقــــود اإلداريــــة دون‬

‫القــــــــــــ رارات‪.........................................................................................‬‬

‫‪224‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ق انون ‪ 08 -05‬يس مح ب التحكيم في مج ال العق ود اإلداري ة‪..........................‬‬

‫‪225‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬ج واز التحكيم في النزاع ات المالي ة الناتج ة عن التص رفات األحادي ة للش خص الع ام‬

‫ا‬ ‫تي تبرمه‬ ‫ود ال‬ ‫والعق‬

‫الدولة‪225...............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جواز التحكيم في النزاعات التي تهم المقاوالت العامة والمؤسسات العامة‪..............‬‬

‫‪225‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬ق انون ‪ 08 -05‬وإ قص اء التحكيم من مج ال الق رارات اإلداري ة‪.......................‬‬

‫‪229‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬مــدى إمكانيــة اعتمــاد التحكيم في المنازعــات المتعلقــة بالصــفقات العموميــة‪............‬‬

‫‪230‬‬

‫البــاب الثــاني‪ :‬الصــعوبات العمليــة لنظــام التحكيم وبعض ســبل مواجهتهــا‪............................‬‬

‫‪235‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الصعوبات العملية لنظام التحكيم بالمغرب‪236.........................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الص ــعوبات العملي ــة ال ــتي تثيره ــا إج ــراءات التحكيم‪...................................‬‬

‫‪237‬‬

‫‪434‬‬
‫الفــرع األول‪ :‬الصــعوبات العمليــة أثنــاء ســير العمليــة التحكيميــة‪.....................................‬‬

‫‪237‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور األط راف في تعطي ل إج راءات العملي ة التحكيمي ة‪...............................‬‬

‫‪238‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬رفض التوقي ع على عق د التحكيم‪.....................................................‬‬

‫‪239‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬رفض أح د األط راف المش اركة في تش كيل هيئ ة التحكيم‪...............................‬‬

‫‪239‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم التزام األطراف بسداد ما حددته الهيئة من مصروفات وأتعاب‪....................‬‬

‫‪241‬‬

‫الفق رة الرابع ة‪ :‬دع وى التج ريح تعط ل س ير العملي ة التحكيمي ة‪........................................‬‬

‫‪243‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬دور المحكم في تعطي ل إج راءات العملي ة التحكيمي ة‪................................‬‬

‫‪245‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم اإللمام بإجراءات التحكيم وبموضوع ال نزاع‪......................................‬‬

‫‪245‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬اس تقالة المحكم لس بب غ ير مش روع‪..................................................‬‬

‫‪246‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬رفض المحكم الحض ور للمداول ة‪.....................................................‬‬

‫‪247‬‬
‫‪435‬‬
‫المطلب الث الث‪ :‬المش اكل ال تي تواجهه ا ص ياغة ش رط التحكيم‪......................................‬‬

‫‪248‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬الصــعوبات العمليــة المثــارة لمــا بعــد صــدور الحكم التحكيمي‪..........................‬‬

‫‪250‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الص عوبات العملي ة المث ارة عن د ص دور الحكم التحكيمي‪.............................‬‬

‫‪250‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬الص عوبات العملي ة المث ارة أثن اء تنفي ذ الحكم التحكيمي‪..............................‬‬

‫‪251‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات تنفيذ الحكم التحكيمي في التشريع المغربي نسف ألهم ميزات نظام التحكيم‪...‬‬

‫‪252‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاالت الصعــوب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة العمـ ــليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لت ـنـ ــفي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ الحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الت ـ ــحكي ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬

‫‪-‬مج ال منازع ات االس تثمار نموذج ا‪.............................................................-‬‬

‫‪259‬‬

‫المبحث الثــاني‪:‬الصــعوبات الواقعيــة واالجتماعيــة لنظــام التحكيم بــالمغرب‪............................‬‬

‫‪287‬‬

‫الف ــرع األول‪ :‬الص ــعوبات الواقعي ــة لنظ ــام التحكيم ب ــالمغرب‪.........................................‬‬

‫‪288‬‬

‫المطلب األول‪ :‬امت داد ش رط التحكيم في العالق ات التجاري ة‪.........................................‬‬

‫‪291‬‬

‫‪436‬‬
‫الفق رة األولى‪ :‬ش رط التحكيم في مجموع ة الش ركات‪.................................................‬‬

‫‪292‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬ش رط التحكيم في مجموع ة العق ود‪....................................................‬‬

‫‪296‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬العراقي ل ال تي تح د من تط ور مراك ز التحكيم ب المغرب‪...............................‬‬

‫‪298‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬إطالل ة على أهم مراك ز التحكيم الدولي ة واإلقليمي ة والوطني ة‪...........................‬‬

‫‪299‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬دواعـــي إح داث مراك ـــز التحكيـــم ب المغرب‪ ،‬وبعض األنشط ـــة ال تي تق وم به ا‪ -‬المرك ز‬

‫اط‬ ‫اطة والتحكيم بالرب‬ ‫دولي للوس‬ ‫ال‬

‫نموذجا‪303...............................................................-‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬معيق ات تط ور وفعالي ة مراك ز التحكيم ب المغرب‪.......................................‬‬

‫‪312‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬مراكز التحكيم بالمغرب‪ ،‬قضايا محدودة‪ ،‬وعوامل األزم ة‪.............................‬‬

‫‪318‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬الصــعوبات االجتماعيــة الــتي تواجــه نظــام التحكيم‪....................................‬‬

‫‪324‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المش اكل الم ؤثرة من الناحي ة النفس ية الس يكولوجية‪...................................‬‬

‫‪325‬‬

‫‪437‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الصعوبات السيكولوجية التي يطرحها التحكيم االختياري‪.............................‬‬

‫‪326‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬الصعوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــات السيكول ـ ـ ــوجيـ ـ ـ ـ ـ ـــة الت ـ ـ ـ ـ ـــي تواجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــه التــحكيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــم اإلجـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــاري‬

‫بالمغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب‬

‫‪ -‬مؤسس ة الحكمين نموذجـــا‪....................................................................-‬‬

‫‪340‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المشاكل االجتماعية التي تواجه نظام التحكيم‪348.....................................‬‬

‫الفق رة األولى‪ :‬ارتف اع تكلف ة اللج وء للتحكيم مقارن ة بالقض اء‪.........................................‬‬

‫‪348‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬ض عف انتش ار ثقاف ة التحكيم عام ل أساس ي في إعاق ة نظ ام التحكيم‪....................‬‬

‫‪351‬‬

‫الفق رة الثالث ة‪ :‬ض عف الثق ة في كف اءة وخ برة المحكم‪.................................................‬‬

‫‪358‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬بعض سبل النهوض بنظام التحكيم في المغرب‪366...................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬بعض س ــبل النه ــوض بنظ ــام التحكيم على المس ــتوى التش ــريعي‪......................‬‬

‫‪367‬‬

‫الفــرع األول‪ :‬الرفــع من مســتوى التشــريع وتحســين جودتــه‪.........................................‬‬

‫‪367‬‬

‫المطلب األول‪ :‬وض ع ق انون مس تقل لنظ ام التحكيم على ش كل مدون ة‪................................‬‬

‫‪368‬‬
‫‪438‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالتحكيم‪369.................................‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬االهتمــام بــالتحكيم المؤسســي والرفــع من جودتــه‪....................................‬‬

‫‪376‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنس يق والتع اون بين مختل ف المراك ز الوطني ة‪....................................‬‬

‫‪376‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬ت دارك ض عف تك وين المتخصص ين في التحكيم المؤسس ي‪..........................‬‬

‫‪377‬‬

‫المطلب الث الث‪ :‬التوس ع في إنش اء مراك ز التحكيم ب المغرب‪.........................................‬‬

‫‪378‬‬

‫المبحث الثــاني‪ :‬بعض ســبل النهــوض بنظــام التحكيم عــبر نشــر وترســيخ ثقافــة التحكيم‪..............‬‬

‫‪379‬‬

‫الفرع األول‪ :‬توظيف اإلعالم في نشر ثقافة التحكيم‪379.............................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نوعي ة وس ائل اإلعالم األك ثر ت أثيرا في تغي ير س لوك وأنم اط المجتم ع المغ ربي‪.......‬‬

‫‪380‬‬

‫المطلب الث اني‪ :‬اإلعالم ودوره الحاس م في نش ر ثقاف ة التحكيم‪.......................................‬‬

‫‪382‬‬

‫الفــرع الثــاني‪ :‬توظيــف الــبرامج التعليميــة في نشــر ثقافــة التحكيم‪....................................‬‬

‫‪383‬‬

‫الخـــاتمـــــــــــــــــــــــة‪385..............................................................................:‬‬

‫المالحق‪389.......................................................................................:‬‬
‫‪439‬‬
‫المراجــــــــــــع المعتمـــدة‪390.........................................................................:‬‬

‫الفهــــــرس‪420.....................................................................................:‬‬

‫‪440‬‬

You might also like