You are on page 1of 503

‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫" فال وربك ال يؤمنون حتى يحكموك فيم ا ش جر بينهم ثم ال يج دوا‬

‫في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "‪.‬‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫سورة النساء اآلية ‪65‬‬

‫‪1‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫شكر وتقدير‬

‫أشكر هللا سبحانه الذي ألهمني الطموح وس دد خط اي‪ ،‬وأتق دم بعمي ق الشكـــــــــــــر‬

‫والعرفان لألس تاذ ال دكتور ‪ ....................................‬ال ذي أش رف على ه ذا العم ل ولم‬

‫يبخل بجهد أو نصيحة وكان نعم المؤطر والموجه ‪.‬‬

‫كما أشكر األساتذة األفاضل أعضاء لجن ة المناقش ة على تفض لهم بقب ول مناقش ة ه ذه‬

‫األطروحة ‪.‬‬

‫وال يفوتني أن أشكر كل من ساهم من بعيد أو قريب في إنجاز هذا العمل العلمي‪.‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يعت بر القض اء الطري ق الط بيعي لفض المنازع ات‪ ،‬ووس يلة إلحالل الع دل في‬

‫المجتمع‪ ،‬ولكن مع تطور ظروف التجارة واالستثمار الداخلي والدولي‪ ،‬والتغيير في أنماط‬

‫العالقات التجارية‪ ،‬نتيجة للتحوالت االقتصادية التي يشهدها هذا العصر‪ ،‬أخذت تنشأ إلى‬

‫ج انب ه ذا القض اء وس ائل أخ رى اختياري ة‪ 1‬يلج أ الخص وم إليه ا بمحض إرادتهم لفض‬

‫المنازعات التي تنشأ بينهم‪.‬‬

‫ومن بين هذه الوس ائل نجد التحكيم ال ذي حظي باهتم ام ب الغ على كافة المستويات‪،‬‬

‫فه و يع د إح دى الوس ائل البديل ة لح ل المنازع ات‪ ،‬حيث اتس ع آفاق ه إقليمي ا ودولي ا وعم‬

‫االع تراف بش رعيته في المجتم ع ال دولي على اختالف نظمه ا القانوني ة وأوض اعها‬

‫االقتص ادية‪ ،‬ه ذا األس لوب‪ ،‬عرفت ه المجتمع ات القديم ة واتخ ذت من ه أداة لحس م المنازع ات‬

‫بين أفراده ا‪ ،‬على أس اس األع راف والتقالي د الس ائدة فيه ا‪ ،‬واللج وء إلي ه كآلي ة لح ل‬

‫المنازعات‪ ،‬عرفه المجتمع اليوناني قب ل الميالد والروماني‪ ،‬وكذلك الشعوب العربية قبل‬

‫ظهور اإلسـ ــالم‪ ،‬وقد أقرته أيضا الشريعة اإلسالمية السمحاء‪.‬‬

‫ولع ل من أهم األس باب ال تي ت دفع اللج وء إلى التحكيم تنطل ق من الحس ـــنات‬

‫وااليجابيات التي يتصف بها‪ ،‬وخصوصا في إطار العالقات الدولية‪ ،‬إذ يقوم على تبسيط‬

‫إج راءات الفص ل في ال نزاع‪ ،‬والتح رر من الش كليات‪ ،‬والس رية في ع دم ذك ر أس ماء‬

‫المتخاصمين وعدم نشر األحكام إال برضا أصحاب العالقة فيها بغية حل النزاع بأقصى‬

‫سرعة ممكنة‪ ،‬وذلك بتعيين محكمين ذوي خبرة فنية متخصصة تساعدهم في حسم النزاع‪،‬‬

‫تلك الخبرة التي ال يتمتع بها عادة القضاة العاملون في محاكم الدولة ‪.‬‬

‫تتمثل هذه الوسائل في التحكيم‪ ،‬المصالحة‪ ،‬التوفيق‪ ،‬الوساطة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كما أن من أهم النتائج االيجابية التي تترتب على اللجوء للتحكيم لحسم المنازعات‬

‫تخفي ف العبء عن قض اء الدول ة ال ذي يرف ع أمام ه ك ل ع ام ع دد هائ ل من ال دعاوى‪ ،‬مم ا‬

‫يؤدي إلى تأخير الفصل فيها ‪.‬‬

‫وهك ذا أص بح نظ ام التحكيم من أهم الوس ائل البديل ة‪ ،‬حيث حظي باهتم ام دول ـ ـ ـ ـــي‬

‫ومحلي من جمي ع أط راف التعاق د كم ا س بقت اإلش ارة الى ذل ك‪ ،‬وال س يما من أص حاب‬

‫االستثمارات األجنبية ‪.‬‬

‫إن اللج وء إلى التحكيم ليس ح ديث العه د ب ل إن ه يع ود إلى زمن بعي د في ت اريخ‬

‫البش رية والمجتم ع ال دولي‪ ،‬فق د تم اللج وء إلي ه قب ل اللج وء إلى القض اء‪ ،‬حيث ع ثر في‬

‫الحض ارات القديم ة على آث ار ت دل على لجوء المتن ازعين في تل ك الحقب ة إلى نظ ام مش ابه‬

‫لنظــام التحكيـم‪ ،‬وق د تح دث يوم ا أرس طو عن التحكيم والقض اء ق ائال‪" :‬إن القاض ي يحكم‬

‫طبقا للقانون‪ ،‬أما المحكم فيحكم طبقا للعدالة"‪.‬‬

‫ومن هنا ندرك بأن شأن التحكيم كان محطة اهتمام من لدن كبار الفالسفة القدماء‪،‬‬

‫ولما جاء اإلسالم أقر التحكيم واعترف به‪ ،‬حيث جاء في القرآن الكريم موضوع التحكيم‬

‫بين الزوجين إذا اختلفا فقال تعالى ‪ " :‬فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها‪ " 2‬باإلض افة‬

‫إلى هذا فقد روي في الحديث الشريف أن رسول اهلل صلى اهلل علي ـ ــه وسلم قال‪" :‬إن ق ومي‬

‫يحتكم ون إلي ف أحكم بينهم فيرض ون"‪ .‬فق ال علي ه الص الة والس الم‪" :‬م ا أحس ن ه ذا"‪ .‬ومن‬

‫الوق ائع المش هورة في الت اريخ اإلس المي‪ ،‬التحكيم بين علي ومعاوية‪ ،3‬فاإلس الم ي دعو إلى‬

‫‪ -‬سورة النساء اآلية ‪. 25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬قضية التحكيم بين علي ومعاوية‪ ،‬والزعم بأن عمرو بن العاص خدع أبا موسى األشعري‪ ،‬رضي اهلل عن جميع الصحابة‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫تروني ?‪http://www.fnoor.com/main/articles.aspx‬‬ ‫ع اإللك‬ ‫فح الموق‬ ‫ات تص‬ ‫د من المعلوم‬ ‫للمزي‬


‫‪article_no=11587#.VwPdL5zJzcs‬‬

‫‪4‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التصالح بوسائله المختلفة في تسوية ما قد يثور من خالفات بين جماعات المؤمنين وذلك‬

‫سعيا وراء تحقيق السالم والعدل بدال من التنـ ـ ــازع والفرقة‪ ،‬ويتضح ذلك في قوله تعالى ‪":‬‬

‫َو ِإْن طاِئَفتاِن ِم َن اْلُم ْؤ ِمِنيَن اْقَتَتُلوا َفَأْص ِلُح وا َبْيَنُهما َف ِإْن َبَغْت ِإْح داُهما َع َلى اُأْلْخ رى َفق اِتُلوا‬

‫اَّلِتي َتْبِغ ي َح َّتى َتِفي َء ِإلى َأْمِر ِهَّللا َفِإْن فاَء ْت َفَأْص ِلُح وا َبْيَنُهما ِباْلَع ْد ِل َو َأْقِس ُطوا ِإَّن َهَّللا ُيِحُّب‬

‫اْلُم ْقِس ِط يَن ‪ِ ،‬إَّنَم ا اْلُم ْؤ ِم ُنوَن ِإْخ َو ٌة َفَأْص ِلُح وا َبْيَن َأَخ َو ْيُك ْم َو اَّتُقوا َهَّللا َلَعَّلُك ْم ُتْر َح ُم وَن "‪.4‬‬

‫وهك ذا ف التحكيم باعتب اره أداة لتحقي ق العدال ة‪ ،‬رهين باتف اق األط راف على ط رح‬

‫نزاعهم على من يرتضونه محكما بينهم‪ ،‬وإ جراءات التحكيم وضوابط الفصل في النزاع‪،‬‬

‫رهينة بما يرتضيه هؤالء األطراف‪ ،‬فهو اتفاق بين األطراف على حل أصل النزاع القائم‬

‫أو الذي سيقوم من قبل شخص أو أشخاص يتم اختياره أو اختيارهم لهذا الغرض ‪.‬‬

‫لكن التحكيم في المجتمع ات المعاص رة يتم يز م ع ذل ك بمالمح ه الخاص ة ب ه‪ ،‬فلق د‬

‫خاضت العدالة تجربة طويلة في مضمار قضاء الدولة‪ ،‬خرجت منها بأسس ثابتة ومبادئ‬

‫عامة ال غنى عنها لتحقيق العدالة في أي قانون‪ ،‬منها ما يتعلق بإجراءات التقاضي كمبدأ‬

‫المس اواة بين الخص وم ومب دأ المواجه ة بينهم ومبدأ كفالة حق ال دفاع لهم‪ ،‬ومنها ما يتعل ق‬

‫بالموض وع‪ ،‬كمب دأ رب ط قي ام االل تزام اإلرادي بت وافر اإلرادة الح رة الواعي ة‪ ،‬ومب دأ‬

‫التع ويض عن الفع ل غ ير المش روع‪ ،‬ومب دأ التع ويض عن اإلث راء على حس اب الغ ير دون‬

‫سبب قانوني‪.‬‬

‫ومن تم لم يكن من المتص ور أن تتج اوز العدال ة التحكيمي ة المعاص رة عن ه ذه‬

‫األس س والمب ادئ بحس بانها ترتب ط بتحقي ق العدال ة في ذاته ا وبص رف النظ ر عن كونه ا‬

‫‪ -‬سورة الحجرات اآليتان ‪. 10-9‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫قض اء خالص ا للدول ة أو تحكيم ا يق وم على إرادة أط راف ال نزاع‪ ،‬ثم أن التحكيم المعاص ر‬

‫يق وم في رح اب دول له ا قض اؤها الم زود بس لطة األم ر وس لطة الرقاب ة على تص رفات‬

‫الن اس‪ ،‬ويتم تنفي ذه في ه ذه ال دول‪ ،‬وفي ظ ل ه ذه الحقيق ة ك ان من الط بيعي أن يس تعين‬

‫التحكيم في أداء وظيفته بسلطة األمر الثابتة للقضاء‪ ،‬وأن يخضع أداؤه لها لرقابته ‪.‬‬

‫و على ه ذا األس اس ينظ ر إلى التحكيم حالي ا في ال دول النامي ة باعتب اره وس يلة من‬

‫ش أنها إفس اح المج ال أم ام التن افس ال دولي الص حي‪ ،‬فالتمس ك بع رض ال نزاع على القض اء‬

‫الوطني الذي يطبق في الغالب قانون بلده‪ ،‬يؤدي تلقائيا إلى عدم اطمئنان الشركات الك برى‬

‫على حقوقها أو مكاسبها األمر الذي يؤثر على خطط التنمية في هذا البلد‪ ،‬ويبقى القول إن ه‬

‫في اس تطاعة ط رفي التعام ل التج اري ال دولي‪ ،‬باتف اق ص ريح إدخ ال م ا يبرم ه من تع ديل‬

‫على بن ود العق ود النموذجي ة أو الش روط العام ة بم ا يالءم الص فقة ال تي يبرمونه ا في ذل ك‬

‫التعديل بند أو شرط التحكيم ذاته ‪.‬‬

‫أص بح التحكيم ش ئنا أم أبين ا حاج ة أساس ية من احتياج ات المجتم ع الق انوني ال دولي‬

‫ال ذي نحي اه‪ ،‬ومن العس ير تج اوزه في عق د من عق ود التج ارة أو الص ناعة أو االس تثمار أو‬

‫المق اوالت أو اإلنش اءات أو الوك االت أو التنمي ة أو ال بيوع ع بر ال دول‪ ،‬وتأك د التحكيم‬

‫كطري ق ط بيعي للفص ل في منازع ات التج ارة الدولي ة ب ل تن بئ الش واهد بانتش ار ش رط‬

‫التحكيم بش كل س ريع مط رد في عق ود التج ارة على المس توى الوط ني ومبعث ذل ك‪،‬‬

‫الضرورات العمليـ ـ ــة وشعور األطراف بما يقدمه لهم التحكيم من مزايا يعجز قضاء الدول ة‬

‫عن تحقيقها‪ ،‬حيث قيل أن ممارسة التحكيم بالطريقة الجيدة بات أس لوبا من أس اليب السيادة‬

‫الوطنية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هكذا عم االعتراف بشرعية التحكيم كافة أفراد الجماعة الدولية على اختالف نظمها‬

‫السياسـ ـ ـ ـ ـــي واالجتم اعي واالقتص ادي‪ ،‬وعن درج ة س موها االقتص ادي ت ترك ل ه مكان ا‬

‫متزاي دا في تحقي ق العدال ة‪ ،‬وتحي ط مؤسس اته الوطني ة فيه ا بالرعاي ة‪ ،‬وعلى المس توى‬

‫الموضوعي اتسع نطاق القابلية للتحكيم ليشمل مجاالت كانت باألمس القريب بعيدة عنه‪،‬‬

‫كما هو الحال مثال في المنازعات التي تكون الدولة أو أحد األشخاص العامة طرفا فيها‬

‫وفي المنازعات التي يتصل موضوعها بالنظام العام والذي هو محور هذه الرسالة‪.‬‬

‫ونظ را لألهمي ة الخاص ة ال تي يتمت ع به ا نظ ام التحكيم‪ ،‬فق د أب رم بش أنه العدي د من‬

‫االتفاقي ات‪ ،‬وأنش ئت ل ه الكث ير من المراك ز الدولي ة لتق ديم الخ دمات التحكيمي ة‪ ،‬كم ا عم ل‬

‫المشرع في مختلف الدول على وضع تنظيما عاما ‪.‬‬

‫وإ ذا كان اللجوء إلى التحكيم ال يثير الكثير من المشاكل القانونية في عقود القانون‬

‫الخاص‪ ،‬فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة لعقود القانون العام‪ ،‬فمن المعروف أن العقود‬

‫اإلداري ة تتمت ع بخص ائص ذاتي ة تميزه ا عن غيره ا من العق ود األخ رى‪ ،‬وتخض ع بص فة‬

‫أساس ية ألحك ام الق انون اإلداري‪ ،‬ويعه د إلى القض اء اإلداري بنظ ر النزاع ات الناش ئة عن‬

‫تنفي ذها‪ ،‬وبالت الي ف إن من ش أن إج ازة التحكيم بص دد ه ذه العق ود أن ي ؤثر بالس لب على‬

‫خصائص ها الذاتي ة وخاص ة إذا اس تبعدت أحك ام الق انون اإلداري‪ ،‬وطبقت بش أنها أحك ام‬

‫الق انون الخ اص‪ ،‬عالوة على االعت داء على االختص اص األص يل للقض اء اإلداري بنظ ر‬

‫المنازع ات المتول دة عن تل ك العق ود‪ ،‬ل ذا ك ان من غ ير المس تغرب أن يص ف الفقه اء‬

‫الفرنس يين ال ذين ع الجوا إش كالية التحكيم في العق ود اإلداري ة العالق ة القائم ة بين التحكيم‬

‫والعقد اإلداري بأنها عالقة في صراع دائم ويستحيل التعايش بينهما‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وق د جس د الق انون الوض عي مس ألة اللج وء إلى التحكيم وذل ك من ذ نهاي ة الح رب‬

‫العالمي ة األولى‪ ،‬فعلى المس توى ال دولي‪ ،‬تم إب رام برتك ول ج نيف في ‪ 24‬س بتمبر عــام‬

‫‪1923‬م‪ ،‬وبش أن االع تراف بأحك ام المحكمين األجنبي ة وتنفي ذها‪ ،‬وفي إط ار منظم ة األمم‬

‫المتحدة تم إبرام اتفاقية نيويورك في ‪ 10‬يونيو ‪ 1958‬والتي دخلت حيز التنفيذ في ‪-6-7‬‬

‫‪. 1959‬‬

‫كم ا أولت لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي أهمي ة خاص ة للتحكيم‪،‬‬

‫فوضعت قواعد خاصة به بتاريخ ‪ 15‬ديسمبر سنة ‪ 1976‬بموجب القرار رقم ‪ 98‬للدورة‬

‫الحاديـ ـ ـ ــة والثالثين‪ ،‬كما وضعت القانون النموذجي سنة ‪ 1985‬لكي تسترشد به الدول عن د‬

‫إص دارها لتشريعات جديدة‪ ،‬وتعد تلك خطوة أخرى في سبيل تقنين القواع د الدولية التي‬

‫تحكم تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ‪.‬‬

‫وق د نش أت العدي د من مراك ز التحكيم الدائم ة ذات الط ابع ال دولي وال تي من أهمه ا‬

‫محكم ة التحكيم الدائم ة ل دى غرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس والجمعي ة األمريكي ة للتحكي ـ ـ ـــم‬

‫ومحكمة لندن للتحكيم ‪.‬‬

‫وعلى المس توى ال داخلي‪ ،‬تص دت تش ريعات مختل ف ال دول لتنظيم التحكيم وبي ان‬

‫قواعده وتيسير أحكامه‪ ،‬وصدرت العديد من التشريعات الحديثة بشأن التحكيم منها القانون‬

‫الفرنسي رقم ‪ 972‬الصادر في ‪ 16‬يناير ‪ ،1986‬والذي أجاز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫الدولي ة خروجا على مبدأ الحظر الع ام المف روض على الدولة وسائر األش خاص المعنوية‬

‫العامة األخرى‪ ،‬وفي مصر صدر القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬الذي نسخ جميع القواعد‬

‫ال تي ش ملها ق انون المرافع ات بخص وص التحكيم‪ ،‬كم ا أج از المش رع المص ري بمقتض ى‬

‫‪8‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة‪ ،‬وبالت الي تم حس م‬

‫الخالف ال ذي ث ار بين القض اء والفق ه ح ول م دى ج واز اللج وء إلى التحكيم في ه ذه‬

‫المنازع ات‪ ،‬وفي المغ رب يمكن الق ول‪ :‬إن التحكيم ك ان راس خا في ثقاف ة ج ل القبائ ل ال تي‬

‫ك انت تلج ا إلى الع ادات والتقالي د لفض الخالف ات ال تي ق د تنش ب بينهم‪ ،‬وبع د حص ول‬

‫المغ رب على اإلس تقالل‪ ،‬أص بح التحكيم بص فة عام ة منظم ا بمقتض ى ق انون المس طرة‬

‫المدنية لسنة ‪ . 1974‬لكن بعد التطور الذي عرفه المغرب في مختلف المعامالت‪ ،‬أجاز‬

‫المشرع المغربي التحكيم في منازعات العقود اإلدارية بمقتضى القانون‪.5‬‬

‫ولق د تع ززت جه ود المش رع المغ ربي في التحكيم بتوجيه ات مل ك المغ رب في‬

‫خط اب ‪ 20‬غش ت ‪ 2009‬وال ذي أك د في ه على ض رورة تعبئ ة كاف ة الف اعلين إلنج اح‬

‫اإلص الح القض ائي‪ ،‬وذل ك من خالل تط وير الط رق القض ائية البديل ة كالوس اطة والتحكيم‬

‫والص لح‪ ،‬واألخ ذ بالعقوب ات البديل ة‪ ،‬وإ ع ادة النظ ر في قض اء الق رب‪ ،‬وفي س لطنة عم ان‬

‫حيث تشكل فيها التجربة نموذجا رائدا في التنظيم القضائي ومعالجة أمر التحكيم اإلداري‪،‬‬

‫فق د ص در المرس وم الس لطاني رقم ‪ 90/99‬في ‪ 21‬نوفم بر س نة ‪ 1999‬بتنظيم الس لطة‬

‫القض ائية‪ ،‬حيث تم إنش اء محكم ة القض اء اإلداري ال تي أني ط به ا النظ ر في المنازع ات‬

‫اإلداري ة‪ ،‬وتتمت ع باالس تقالل والحي اد وبعي دة عن ت أثيرات الس لطة التنفيذي ة‪ ،‬كم ا تع ززت‬

‫مؤسسة التحكيم بقانون التحكيم العماني الصادر بتاريخ ‪ 28‬مايو ‪ 1997‬بموجب المرسوم‬

‫الس لطاني رقم ‪ ،47/1997‬وفي ‪ 28‬نوفم بر س نة ‪ 2005‬ص در المرس وم الس لطاني رقم‬

‫يتعلق األمر بالقانون رقم ‪ 08.05‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.169‬بتاريخ ‪ 30‬نوفمبر ‪،2007‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪ 6‬ديسمبر ‪.2007‬‬

‫‪9‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ 98/2005‬بإصدار قانون التوفيق والمصالحة حيث أكد على أن اللجوء إلى لجان التوفيق‬

‫والمصالحة يكون اختياريا وليس إجباريا‪.‬‬

‫وفي دولة اإلمارات العربية المتحدة يمكن القول‪ :‬أنه قبل إعالن االتحاد بين مختلف‬

‫اإلمارات‪ ،‬تطرق قانون اإلجراءات المدنية لسنة ‪ 1970‬الذي كان معموال به في إمارة أبو‬

‫ظبي إلى التحكيم‪ ،‬وأما بالنسبة لإلمارات الشمالية وهي ( دبي – الشارقة – عجمان – أم‬

‫القي وين – رأس الخيم ة – الفج يرة ) فق د ك ان مطبق ا به ا ق انون العق ود لس نة ‪ 1971‬حيث‬

‫نصت المادة ‪ 13‬من قانون تنظيم العالقات القضائية بين اإلمارات‪ ،‬على أن أحكام التحكيم‬

‫الص ادرة في إح دى اإلم ارات األعض اء قابل ة للتنفي ذ في س ائر اإلم ارات األعض اء في‬

‫االتح اد‪ ،‬ولم تج ز قي ام المحكم ة بالتص دي ألس اس ال نزاع عن دما يطلب منه ا إعط اء حكم‬

‫المحكمين صيغة التنفيذ‪.‬‬

‫ومنذ إنشاء غرف التجارة والصناعة في اإلمارات‪ ،‬كان بعض التجار يلجؤون إليه ا‬

‫لح ل نزاع اتهم‪ ،‬من خالل لج ان تس وية المنازع ات عن طري ق الوس اطة والتحكيم وال تي تم‬

‫تشكيلها في تلك الغرف‪ ،‬وقبل قيام االتحاد تم تقنين التحكيم في ثالث إمارات من إمارات‬
‫‪6‬‬
‫الدولة‪.‬‬

‫أما المشرع الكويتي فقد أصدر تشريعا خاصا ابتكر فيه نظاما فريدا للتحكيم أطلق‬

‫عليه مصطلح "قانون التحكيم القضائي" جمع فيه بين صورة من صور التحكيم االختياري‬

‫وفي المنازع ات بين األف راد وص ورة من ص ور التحكيم اإلجب اري في المنازع ات ال تي‬

‫تكون الدولة أو أحد األشخاص القانونية العامة طرفا فيها ‪.‬‬

‫‪ -‬يتعلق األمر بإمارة أبو ظبي‪ ،‬وإ مارة دبي وإ مارة الشارقة ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪10‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وفي ظ ل عملي ة االنفت اح االقتص ادي ورغب ة الدول ة في تحقي ق التنمي ة االقتصاديـة‬

‫واالجتماعية الشاملة‪ ،‬اضطرت الدولة وسائر أشخاص القانون العام األخرى إلى التدخل‬

‫في إب رام أو اإلش راف والرقاب ة على عق ود ه ذه التنمي ة‪ ،‬وال تي تعت بر في الغ الب عق ودا‬

‫إداري ة‪ ،‬ويك ون التحكيم ه و الوس يلة المالئم ة أو المفروض ة من قب ل المتعاق د اآلخ ر لفض‬

‫الخالفات التي تثور بمناسبة تنفيذ هذه العقود ‪.‬‬

‫فكثير من المستثمرين يميلون عند إبرام العقود مع الدولة أو أحد األشخاص العامة‬

‫األخرى إلى اللجوء إلى التحكيم لتسوية أي نزاع ينشأ عن تنفيذ هذه العقود‪ ،‬وقد تضطر‬

‫ال دول أو أش خاص الق انون الع ام‪ ،‬إلى قب ول التحكيم في العق ود ال تي تتص ل بتنظيم أو س ير‬

‫المرافق األساسية في الدولة ‪.‬‬

‫ومن هن ا أص بح التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ض رورة ملح ة يش ترطه‬

‫المس تثمر األجن بي أو الوط ني ض من بن ود العق د ح تى يحق ق ل ه الطمأنين ة في حال ة نش وب‬

‫نزاع مع الدولة المتعاقدة‪ ،‬نظرا لصعوبة قبول الدولة المثول أمام قضاء أجنبي‪ ،‬أو قبول‬

‫تطبيق قانون أجنبي عليها‪ ،‬أضف الى هذا‪ ،‬بطء إجراءات التقاضي وعدم تجاوب األنظمة‬

‫القانونية الداخلية مع متطلبات التجارة الدولية ‪.‬‬

‫وعلى الص عيد آخ ر‪ ،‬حظي موض وع التحكيم باهتم ام ب الغ من ج انب الفق ه وترب ع‬

‫على قمة المواضيع التي شغلت أذهان الباحثين‪ ،‬وجذب أنظارهم‪ ،‬ولذا كثرت فيه المؤلفات‬

‫واألبح اث والن دوات والم ؤتمرات‪ ،‬كم ا ع نيت ب ه المعاه دات العالمي ة‪ ،‬فه ذه البح وث‬

‫والدراسات التي سوف يقدمها الباحثون بطبيعة الحال سوف تثري كافة الجوانب العلمية‬

‫‪11‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫والعملية على حد س واء للمحكم بالدرجة األولى‪ ،‬والتي بدورها كذلك سوف تثري البحث‬

‫العلمي والقانوني في هذا النمط من البحوث ‪.‬‬

‫‪ -‬أهمية الموضوع ‪:‬‬

‫إذا ك ان التحكيم ال يث ير أي ة مش كلة بش أن م دى ج واز اللج وء إلي ه لحس م منازع ات‬

‫العقود المدنية والتجارية التي تكون الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة طرفا فيها‪،‬‬

‫حيث اس تقر الوض ع على ج واز اللج وء إلى التحكيم لفض منازع ات ه ذه العق ود‪ ،‬إال أن‬

‫األمر على خالف ذلك في العقود اإلدارية‪ ،‬لما له من أثر سلبي على خصائصها الذاتية‪،‬‬

‫وال تي تميزه ا عن العق ود المدني ة‪ ،‬وخصوص ا االمتي ازات ال تي تول دها ه ذه العق ود لإلدارة‬

‫في مواجه ة المتعاق د معه ا‪ ،‬إذ ي ترتب على تط بيق أس لوب التحكيم لحس م منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة خ روج ه ذه المنازع ات عن نط اق والي ة القض اء اإلداري ص احب االختص اص‬

‫األصيل في نظر هذه المنازعات ‪.‬‬

‫لهذا اختلفت االتجاهات في الفقه والقضاء حول مدى جواز اللجوء إلى التحكيم في‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة بين مؤي د ومع ارض‪ ،‬وذل ك في ظ ل وج ود نص وص دستوري ـ ـــة‬

‫وقانونية تجعل االختصاص بنظر منازعات هذه العقود معقودا للقضاء اإلداري ‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬وكثرة اإلشكاالت التي أثارها‪،‬‬

‫ف إن التحكيم يحت اج إلى دراس ة متأني ة دقيق ة‪ ،‬بعي دة عن التوس عات ال تي ق د ت ؤدي إلى ع دم‬

‫اإللمام بهذا الموضوع ‪.‬‬

‫وأم ام االعتق اد الس ائد ل دى المس تثمر األجن بي‪ ،‬ب أن الجه از القض ائي في الدول ة ال‬

‫يتمتع باستقاللية في مواجهة السلطة السياسية‪ ،‬فضال عن عدم اإللمام بخصوصيات قواعد‬
‫‪12‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الق انون الوط ني المطب ق بمعرف ة ه ذه األنظم ة‪ ،‬وك ذا تعق د المس اطر وإ ج راءات التقاض ـ ـــي‬

‫وع دم مالءمته ا م ع مس تلزمات المحي ط التج اري ال دولي‪ ،‬ب ات التحكيم في المنازع ات‬

‫اإلداري ة ض رورة ملح ة‪ ،‬يش ترط المس تثمر األجن بي إدراج ه ض من بن ود العق د ح تى يك ون‬

‫مطمئنا في حالة نشوب نزاع مع الدولة المتعاقدة‪ ،‬نظرا لصعوبة قبول مثول الدولة أمام‬

‫القاضي األجنبي‪ ،‬أو قبول تطبيق قانون أجنبي عليها ‪.‬‬

‫وتزداد أهمية البحث في موضوع التحكيم في العقود اإلدارية على وجه الخصوص‬

‫في كون هذا األخير‪ ،‬يسعى إلى تحقيق وتعزيز العدالة التص الحية‪ ،‬بحيث يمكن ألطراف‬

‫ال نزاع أن يجعل وا من العق د طريق ة استش راف المس تقبل والتغلب على الص عوبات ال تي بال‬

‫ش ك س وف ت ؤثر س لبا على عالق اتهم المس تقبلية وه و األم ر ال ذي س وف يوص لنا كنتيج ة‬

‫حتمية لذلك إلى الوقاية من المنازعات ‪.‬‬

‫إن م ا تطرح ه تح ديات الواق ع اإلداري في بعض ال دول وتطلعاته ا التنموي ة كبل دان‬

‫تدعو إلى االستثمار في كافة جوانب التنمية‪ ،‬يجعل لهذه األطروحة أهمية كبيرة‪ ،‬فبدورها‬

‫سوف تساهم ولو بالشيء اليسير بالتطلع لتنفيذ ما تتوصل إليه من نتائج وتوصيات تصب‬

‫في أغ وار ه ذا المج ال‪ ،‬وإ لى التفك ير بش كل عملي وعلمي ك ذلك ح ول خل ق آلي ات جدي دة‬

‫كالتحكيم لفض المنازعات بأقل كلفة وفي وقت وجيز‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫إن من أهم الظ واهر القانوني ة المعاص رة‪ ،‬ظ اهرة االنفت اح على التحكيم واتس اع آفاق ه‪،‬‬

‫فعلى المس توى اإلقليمي عم االع تراف بش رعية التحكيم كاف ة أف راد الجماع ة الدولي ة على‬

‫اختالف نظمها القانونية واختالف أوضاعها االقتصادية‪ ،‬وباتت كافة الدول بصرف النظر‬

‫‪13‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫عن نظامها السياسي واالجتماعي وعن درجة نموها االقتصادي تترك له مكانا متزايدا في‬

‫تحقيق العدالة‪ ،‬وتحيط مؤسساته الوطنية فيها بالرعاية‪ ،‬وعلى المستوى الموضوعي اتسع‬

‫نطاق القابلية للتحكيم ليشمل مجاالت كانت باألمس القريب بعيدة عنه‪ ،‬كما هو الحال مثال‬

‫في المنازعات التي تكون الدولة أو أحد األشخاص العامة طرفا فيها وفي المنازعات التي‬

‫يتصل موضوعها بالنظام العام‪.‬‬

‫وهكذا ان نظام التحكيم في فض منازعات العقود اإلدارية من األنظمة القائمة والمتبعة‬

‫على مستوى العالم كبديل للنظام القضائي أو كمساعد له‪ ،‬لذا رأينا من الضروري أن نسهم‬

‫في بحث هذا الموض وع وتق ديم أفك ار متعمقة حول ه‪ ،‬نظرا لما له من أهمي ة قص وى بغية‬

‫إب راز ك ل مس تجدات التش ريعات القائم ة ل دى بعض ال دول‪ ،‬ل ذا ف إن اختي اري لموض وع‬

‫التحكيم ودوره في فض منازع ات العق ود اإلداري ة لم ي أت بمحض الص دفة أو االرتج ال‪،‬‬

‫ولكن تبل ور بع د تفك ير طوي ل وتأم ل عمي ق م ع ال وعي بض رورة معالج ة موض وع يرتب ط‬

‫ارتباطا وثيق ا بعلم اإلدارة‪ ،‬باإلضافة إلى هذا فاختياري لهذا الموضوع كان مرتبطا بعدة‬

‫عوامل أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬إن التغييرات التي حدثت في اآلونة األخيرة وتزايد المنازعات اإلدارية كانت هي الدافع‬

‫األساسي للبحث‪ ،‬لمسايرة الدول المتقدمة‪ ،‬فكان البد من إجراءات الدراسات والبحوث التي‬

‫تمكنن ا من معرف ة م ا ي دور في ه ذا النظ ام‪ ،‬وم ا هي احتياجات ه؟ وإ ص دار التشريعــات‬

‫والقرارات المناسبة حياله ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬على الرغم من أن موضوع التحكيم في العقود اإلدارية قد حظي باهتمام كبير من قبل‬

‫الفق ه الغ ربي‪ ،‬بي د أن ه لم يح ظ بنفس الق در من االهتم ام في الفق ه الع ربي إال في الس نوات‬

‫األخيرة‪ ،‬وذلك بسبب انتشار العقود اإلدارية بصورة كبيرة ‪.‬‬

‫‪ -‬إن التحكيم موض وع الدراس ة يث ير العدي د من المس ائل القانوني ة الج ديرة ب البحث‪ ،‬من‬

‫أهممه ا مس ألة أهلي ة الدول ة واألش خاص العام ة التابع ة له ا في االتف اق على التحكيم وأث ره‬

‫على حص انة الدول ة القض ائية والتنفيذي ة‪ ،‬ه ذا باإلض افة إلى مس ألة الق انون ال ذي يحكم‬

‫إجراءات التحكيم وموضوع النزاع الذي تكون الدولة أو أحد األجهزة التابعة لها طرف ا في ه‬

‫‪.‬‬

‫‪ -‬وجود مؤلفات كثيرة تناولت التحكيم التجاري والتحكيم الدولي بالبحث والدراسة‪ ،‬بينما‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية يفتقر لمثل هذه المراجع نظرا لحداثته خاصة في الدول النامية‪.‬‬

‫‪ -‬أصبح الوضع السائد هو التردد ما بين تشجيع االستثمارات األجنبية ودفع عجلة التنمية‬

‫من ناحي ة‪ ،‬وبين الحف اظ على كي ان العق د اإلداري واالمتي ازات ال تي يقرره ا للدول ة تج اه‬

‫المتعاق د اآلخ ر‪ ،‬وق د أدى ذل ك إلى احت دام الخالف الفقهي والقض ائي في ه ذا الص دد ‪...‬‬

‫ح تى أن الفق ه والقض اء ومن بع دها تش ريعات العدي د من ال دول الزالت تختل ف فيم ا بينه ا‬

‫بشأن جواز التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي ‪.‬‬

‫ونظ را الحتي اج ال دول النامي ة ومن بينه ا ال دول العربي ة إلب رام العدي د من عق ود‬

‫االستثمار والتنمية مع أطراف أجنبية‪ .‬وفي الغالب األعم يلجأ الطرف األجنبي المتعاقد مع‬

‫الدول ة إلى التمس ك ب إدراج ش رط التحكيم في ه ذه العق ود ألس باب متع ددة ت دور في الغ الب‬

‫‪15‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫حول عدم ثقته في حياد قضاء الدولة أمام سلطة الدولة السياسية أو عدم معرفته بالقوانين‬

‫الداخلية للدولة ‪.‬‬

‫وإ زاء كل ما تقدم‪ ،‬ونظرا ألهمية العقود اإلدارية استقر رأيي على ضرورة معالجة‬

‫موض وع دور التحكيم في فض منازع ات العق ود اإلداري ة وف ق دراس ة مقارن ة‪ ،‬باعتم اد‬

‫تجارب عدة‪ ،‬وذلك إلرضاء فضولنا العلمي في صبر أغوار هذا المجال لما يطرحه من‬

‫تحديات على الواقع اإلداري بالعالم العربي وتطلعاته التنموية ‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبات البحث ‪:‬‬

‫إذا كان من المسلم به بداهة أن كل عمل أو بحث أو تقرير البد أن يقف في طريقه‬

‫صعوبات كثيرة ومتعددة‪ ،‬فنفس الشيئ بالنسبة لهذه األطروحة‪ ،‬حيث واجهتنا مجموع ة من‬

‫الصعوبات من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬ن درة المؤلف ات واألبح اث األجنبي ة‪ ،‬عالوة على غي اب المص ادر باللغ ة العربي ة وال تي‬

‫تتن اول بالدراس ة التنظيم الق انوني للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة من خالل وجه ة‬

‫نظر القانون العام ‪.‬‬

‫‪ -‬قل ة األحك ام القض ائية ذات الص لة بالموض وع لالس تئناس به ا‪ ،‬نظ را لحداث ة القض اء‬

‫اإلداري في دول ة اإلم ارات‪ ،‬ومحدودي ة المنازع ات المتعلق ة ب العقود اإلداري ة المطروح ة‬

‫أم ام المح اكم‪ ،‬أو ام ام التحكيم أو تل ك المعروض ة ام ام التس وية الودي ة‪ ،‬ك ل ه ذا ش كل‬

‫ص عوبة بالغ ة في االس تعانة بالكـم والن وع المطل وب من تل ك األحك ام‪ ،‬مم ا جعلن ا نعتم د‬

‫بص فة أساس ية على القض اء والفق ه اإلداريين لبعض ال دول ال تي له ا ب اع طوي ل في ه ذا‬

‫المج ال ‪ .‬كم ا تم توزي ع ال وقت وتنظيمـ ـــه‪ ،‬واالس تعانة بمن لدي ه اس تعداد على اإلعان ة‬
‫‪16‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫والمساعدة خاصة أهل الخبرة والعلم‪ ،‬ومن سبقني في مجال إعداد البحوث والدراسات‪ ،‬ثم‬

‫االستنارة برأي أستاذي المشرف وتوجيهـــه وإ رشاده لي إلى الطريق الصحيح إلنجاز هذا‬

‫البحث‪ ،‬وهكذا بحمد اهلل وتوفيقه وبالجهود المخلصة والعزيمة واإلرادة‪ ،‬تمكنا من الوصول‬

‫إلى هذا العمل الذي الشك أنه سوف يكون نواة خير لجهود طيبة قادمة من ب احثين آخرين‬

‫‪.‬‬

‫‪ -‬إشكالية البحث ‪:‬‬

‫يكتس ي التحكيم كوس يلة لفض منازع ات العق ود اإلداري ة أهمي ة ك برى في ال وقت‬

‫ال راهن‪ ،‬ويع د إح دى انش غاالت الس لطات العام ة للدول ة والب احثين والدارس ين والمس ؤولين‬

‫على الجهاز القضائي للدولة‪ ،‬وخيارا استراتيجيا لتحقيق العدالة التصالحية وتحديث الجهاز‬

‫القضائي للدول‪ .‬إن ما تشكله هذه النقلة النوعية لموضوع التحكيم‪ ،‬فإنه وبصفة عامة قد‬

‫واجه بعض التحفظات خاصة في مجال االستثمارات األجنبية وعلى وجه الخصوص في‬

‫الدول النامية‪.‬‬

‫أم ا فيم ا تعل ق بنط اق العق ود اإلداري ة فق د واج ه التحكيم فيه ا موقف ا متص لبا من‬

‫القض اء اإلداري‪ ،‬حيث إن ه لم يتس امح ح ول ن زع اختصاص ه ب النظر في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية‪ ،‬معلال ذلك بأن التحكيم في العقود اإلدارية ال يكفل لها خصائصها الذاتية وطابعها‬

‫المميز الذي تميزت به عن العقود المدنية‪ ،‬ذلك أن طبيعة مجال العقود اإلدارية تستهدف‬

‫النفع العام والمصلحة العامة‪ ،‬وهو بخالف ما عليه الحال في العقود المدنية‪ ،‬وكذلك الحال‬

‫في شأن مبدأ إعمال سلطان اإلرادة بين العقود المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إن ه ذا المب دأ يج د نط اق تطبيق ه في عق ود األف راد‪ ،‬بينم ا التعب ير عن اإلرادة عن د‬

‫إب رام العق ود اإلداري ة تحكم ه قواع د أخ رى‪ ،‬فأش خاص الق انون الع ام ال تتمت ع بالحري ة‬

‫المطلق ة في إب رام تعاق داتها‪ ،‬حيث أنه ا ال تمل ك الحري ة المطلق ة في اختي ار من ت رغب في‬

‫التعاق د مع ه حيث بين له ا ق انون المناقص ات طرق ا للتعاق د‪ ،‬األم ر ال ذي ي ترتب في حال ة‬

‫إق رار اللج وء إلى التحكيم في العق ود اإلداري ة إحاط ة ه ذه العق ود بالعدي د من التحفظ ات‬

‫والضوابط‪ ،‬وثمة مظهر آخر يظهر خصوصيـ ـــة وذاتية العقد اإلداري‪ ،‬وذلك حين تنفيذه‪،‬‬

‫فاإلدارة في العقد اإلداري تتمتع بامتـ ـ ـ ـــيازات وسلطات في مواجهة المتعاقد معها حيث ال‬

‫مجال إلعمال مبدأ المساواة بين طرفي العقد اإلداري بالقدر المعروف في العقود المدنية‪،‬‬

‫ويرجع ذلك إلى الوضع المتميز الذي يحويه العقد اإلداري من شروط غير مألوفة تعكس‬

‫مظاهر السلطة العامة فيه‪ ،‬في حين أن التحكيم على خالف القضاء اإلداري ال يعتد بأوجه‬

‫التمييز الجوهرية بين العقود المدنـ ـ ـ ــية والعقود اإلدارية ‪.‬‬

‫ولما كانت اإلدارة قد أعطيت لها في شأن العقود اإلدارية سلطات واس عة وكثـ ـ ـــيرة‪،‬‬

‫ولكي ال يحجم األف راد والجه ات عن التعاق د معه ا لم ا ق د يتعرض ون ل ه من زي ادة في‬

‫األعب اء المالي ة في ض وء تل ك الس لطات الكب يرة والخط يرة‪ ،‬ف إن القض اء اإلداري في كث ير‬

‫من ال دول ق د أوج د توازن ا مالي ا للعق د اإلداري‪ ،‬يتمث ل في ض رورة النظ ر إلى ه ذا العق د‬

‫كأس اس ث ابت نس بيا من حيث تحدي د الحق وق المالي ة للمتعاق د‪ ،‬ف إذا أدى ت دخل اإلدارة إلى‬

‫اإلخالل الجس يم به ذه الحق وق المالي ة كم ا ح ددت وقت التعاق د وجب إع ادة الت وازن الم الي‬

‫للعق د إلى م ا كــان علي ه‪ ،‬وق د ظه رت تحقيق ا له ذه الغاي ة نظري ة لقيت في التط بيق العملي‬

‫رواجا كبيرا ألنها عملت على حماية المتعاقد مع اإلدارة من المخاطر اإلدارية التي تنجم‬

‫‪18‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫عن تص ـــرفات اإلدارة‪ ،‬أال وهي نظري ة عم ل األم ير ال تي تع ني ل دى الفق ه والقض اء "ك ل‬

‫تصرف أو إجراء يصدر من السلطات العامة في الدولة ويؤدي إلى زيادة أعباء المتعاقد‬

‫مع اإلدارة في تنفيذ التزاماته التعاقدية "‪ ،‬وهذا التصرف أو اإلجراء قد يصدر من الجهة‬

‫اإلداري ة المتعاق دة نفس ها‪ ،‬أو من أي ة جه ة أو س لطة عام ة أخ رى في الدول ة‪ ،‬كم ا أن ه ذا‬

‫التص رف أو اإلج راء ق د يق ع على العق د اإلداري مباش رة‪ ،‬ك أن تق وم اإلدارة بتع ديل بعض‬

‫ش روطه األساس ية لمصلحتهـــا‪ ،‬وق د ي ؤثر على التزام ات المتعاق د بطري ق غ ير مباش ر‪،‬‬

‫كإجراء تعديالت على بعض التشريعات في الدولة بحيث تزداد أعباء المتعاقد نتيجة تطبيق‬

‫هذه التشريعات المعدلة الجديدة‪ ،‬وقد جرى القضاء اإلداري في مثل هذه الحاالت وفي عدد‬

‫من ال دول على الحكم بتع ويض المتعاق د م ع اإلدارة تعويض ا ك امال يحق ق الت وازن الم الي‬

‫للعقد اإلداري في ضوء األعمال الصادرة عن اإلدارة نفسها والتي تخل بهذا التوازن ‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان القض اء في الدول ة ق د أص بح حك را عليه ا‪ ،‬وأن ه وح ده ص احب الوالي ة‬

‫العامة للقيام بهذه الوظيفة‪ ،‬إال أن ذلك ال يمنع الدولة من الخروج على هذا األصل‪ ،‬ذلك‬

‫بأن تمنع قضاء ما من نظر منازعات معينة أو أن تجيز لألفراد أو الهيئات القيام بمهمة‬

‫الفصل في بعض المنازعات ‪.‬‬

‫ويمث ل التحكيم الص ورة األساس ية له ذا الخ روج على اختص اص القض اء إذ تمنح‬

‫غالبي ة ال دول للمحكم أو المحكمين وهم في األص ل ليس لهم س لطة القض اء‪ ،‬س لطة الفص ل‬

‫في بعض المنازعات ‪.‬‬

‫والفك رة ال تي يق وم عليه ا التحكيم في ك ل التش ريعات المعاص رة هي ح ق األط راف‬

‫في االتف اق فيم ا بينهم على تج نيب دور قض اء الدول ة في منازع اتهم وإ خض اعها لقض اة‬

‫‪19‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يختارونهم بأنفسهم ويرضون طوعا بأن يفرض عليهم ما يصدره أولئك القضاة من أحك ام‪،‬‬

‫ف التحكيم ال يختل ف عن القض اء إال في أن الدول ة في ه ذا األخ يرهي ال تي تعين القاض ي‬

‫وتلزم الناس بالتقاضي أمامـه وتنفذ األحكام التي تصدر عنه‪ ،‬بينما في التحكيم فالخصوم‬

‫هم ال ذين يخت ارون القضــاة ويلزم ون أنفس هم بتنفي ذ م ا حكم ب ه المحكم ب وازع من ض ميره‬

‫تحت ت أثير الضغــوط والعالق ات االجتماعي ة ألط راف ال نزاع ‪،‬و له ذا يعت بر التحكيم في‬

‫عصرنا الحالي قضاء خاصا ‪.‬‬

‫والتحكيم باعتباره نظاما خاصا للتقاضي ال يكفي إرادة األطراف وحدها ليقضى به‪،‬‬
‫بل يجب أن ينص عليه القانون ويقضي بجوازه وقابلية أحك ام التحكيم للتنفيذ‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فالتحكيم يرتكز على أساسين هما إرادة الخصوم وإ قرار الدولة لهذه اإلرادة‪.‬‬

‫واتفاق الشخص على التحكيم ال يبعده عن حماية القانون‪ ،‬وال عن حقه في االلتجاء‬
‫إلى القضاء فاللجوء إلى القضاء هو من الحقوق التي تتعلق بالنظام العام في ك ـ ـ ـــل الدول‪،‬‬
‫ولكن وكما سبق القول باالتفاق على التحكيم يمنح المحكم سلطة الحكم في النزاع بدال من‬
‫المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع‪ ،‬ف إرادة األط راف في اتف اق التحكيم تقتص ر على‬
‫مجرد إحالل المحكم محل المحكمة المختصة بنظر النزاع بحيث إذا لم ينفذ اتفاق التحكيــم‬
‫ألي س بب‪ ،‬ع ادت س لطة الحكم إلى المحكم ة وعلى ذل ك يق وم المحكم بإجب ار الخص م على‬
‫الرض وخ لمحاكمت ه والحكم في ال نزاع‪ ،‬وإ ال ع ادت الس لطة القض ائية إلى ممارس ة عمله ا‪،‬‬
‫إذن ف التحكيم ه و تقني ة لفض نزاع ات العق ود اإلداري ة في جمي ع ال دول س واء المتقدم ة أو‬
‫السائرة في طريق النمو‪ ،‬ودولة اإلمارات العربية المتحدة لجأت إلى التحكيم كباقي الـــدول‬
‫وعليه فإن اإلشكالية المركزية للبحث تكمن في الجواب على التساؤل الرئيسي التالي ‪:‬‬

‫كيف يساهم التحكيم في فض منازعات العقود اإلداري ة ؟ وم ا م دى مشروعيتـــــــــه‬


‫وخصوص يته في التش ريع اإلم اراتي مقارن ة ببعض ال دول ؟ إلى ج انب الج واب عن ه ذه‬

‫‪20‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلش كالية س يتم تحدي د ماهي ة وم دلوالت التحكيم اإلداري ومعي ار تمي يزه عن غ يره من‬
‫األنظمة المشابهة‪ ،‬وكذا تطور األساس الفقهي والقضائي في بعض الدول كنماذج للمقارنة‪،‬‬
‫ومن جه ة ينص ب البحث ك ذلك على معالج ة أش كال التحكيم في بعض المنازع ات‬
‫اإلداري ـ ـ ـ ـ ـــة والمع ايير المعتم دة لقابلي ة أي منازع ة إداري ة للتحكيم‪ ،‬وأخ يرا يتن اول البحث‬
‫مختل ف مظ اهر التحكيم في المنازع ات اإلداري ة على ض وء نظري ات الق انون الع ام‪ ،‬وذل ك‬
‫من خالل مب دأ س يادة الدول ة‪ ،‬ونظري ات الق انون اإلداري‪ ،‬وك ذا آف اق تط ور التحكيم في‬
‫مجال فض منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫لعلنا نستطيع معالجة كل هذا من خالل تناولنا للجوانب المتعددة المتعلقة بموضوع‬
‫التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وذل ك ع بر ه ذه الدراس ة ال تي نض عها بك ل الحيـ ـ ـ ـــاد‬
‫والتواض ع العلمي بين ي دي الق ارئ الفاض ل وال تي اخترن ا له ا للتحلي ل من اهج ومقارب ات‬
‫علمية‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج المعتمد ‪:‬‬

‫المنهج هو عبارة عن السيرورة والكيفية المتبعة من أجل الكشف عن حقيقة علمية‬


‫معينة‪ ،‬أي مجموع الخطوات التي على الباحث اتباعها بغية البرهنة أو الوصول إلى حقيقة‬
‫م ا‪ ،‬ومن المؤك د أن اختالف المنهج المتب ع للوص ول إلى الح ل ي ؤدي إلى اختالف النتائـ ـــج‬
‫والحلول ‪.‬‬

‫ونظ را لت داخل ج وانب الموض وع بت داخل الحق ول المعرفي ة ال تي ينتمي إليهـ ـ ـ ـ ـــا‪،‬‬
‫(القانون اإلداري – علم اإلدارة – القضاء اإلداري) ونظرا ألنه ليس هناك منهج تفضيلي‬
‫وأولوي‪ ،‬ووجود عدة مناهج بمقدورها دراسة نفس الظاهرة‪ ،‬فإن طبيعة الموضوع تدعو‬
‫إلى استعمال أكثر من منهج ‪ .‬لكن من أجل الدقة والتحكم في الموضوع وفي كل جوانبه‬
‫اعتمدنا ‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المنهج المقارن الذي يكون إما على المستوى الكيفي أو الكمي لنقارن بين األنظمة‬
‫السائدة في بعض الدول‪ ،‬وما ورد في االتفاقيات الدولية وأحكام القضاء والتحكيم المختلف ة‪،‬‬
‫وما قدم من دراسات عامة ومتخصصة‪.‬‬

‫باإلض افة إلى ه ذا المنهج س يتم االس تعانة بمجموع ة من المقارب ات والمتمثل ة ف ـــي‬

‫اآلتي‪:‬‬

‫المقاربة التاريخية ‪ :‬ال تي تس اعدنا على فهم أص ول بني ان التحكيم والعق ود اإلداري ة‬

‫التي تلجأ إليها الدولة لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وكذلك إلبراز التطور الذي عرفه التحكيـــم‬

‫واتساع نشاط الدولة المستمر في مجال العقود اإلدارية‪ ،‬وكل ذلك كان ألجل الوقوف على‬

‫مدى مواكبة النص وتفاعله ومالءمته للتطورات التي يعرفها المحيط السوسيو اقتصـــادي‬

‫واإلداري‪ ،‬وخصوص ا إذا ك انت العق ود تمث ل األداة المحوري ة لالس تجابة لحاجي ات‬

‫المواط نين األساس ية والملح ة وم دى أهمي ة التحكيم ومس اهمته في فض منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫المقارب ة القانوني ة ‪ :‬حيث نعتم د فيه ا على ق راءة النص وص القانوني ة المنظم ة‬

‫للتحكيم لتحلي ل بني ة ه ذه النص وص‪ ،‬ه ذه المقارب ة تتم يز ببس اطتها وس هولتها‪ ،‬وم ا يميزه ا‬

‫كذلك توفر الوثائق القانونية مما يجعل من السهل العثور عليها وتحليلها ‪.‬‬

‫اإلجته ادات القض ائية ‪ :‬نعتم د فيه ا على م ا قررت ه المح اكم من أحك ام قض ائية‬

‫وخاصة تلك المتعلقة بالعقود اإلدارية المحددة بنص القانون‪ ،‬على اعتبار أن لهذه األحكام‬

‫قيمة عملية تجعل الموضوع ذي طبيعة تقريرية وقيمة علمية تثري البحث وتجعله واقعيا ‪.‬‬

‫‪ -‬خطة البحث ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تبعا لإلشكالية الرئيسية وما تفرع عنها من تساؤالت فإن محور هذه الدراسة ينقسم‬

‫إلى قسمين سعيا منهم ا لتسهيل الق ارئ والب احث والمستقص ي تتبع موض وعات البحث في‬

‫إطار منهج منطقي يرسم التكوين النظري والمعرفي لهذه األطروحة‪.‬‬

‫و بناء على ما تقدم سيكون تصميم البحث على الشكل التالي‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬اإلطار النظري للتحكيم وماهية العقود اإلدارية‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬تطبيقات التحكيم في مجال العقود اإلدارية‪.‬‬

‫القسم األول ‪ :‬اإلطار النظري للتحكيم وماهية العقود اإلدارية‬

‫يحت ل التحكيم في ال وقت ال راهن مكان ا ب ارزا س واء على المس توى ال داخلي أو على‬

‫المستوى الدولي‪ ،‬فالمطلع على واقع التعامل االقتصادي خاصة على الصعيد الدولي يجد‬

‫أن األف راد يتجه ون أك ثر ف أكثر وهم بص دد ح ل من ازعتهم إلى التحكيم لم ا يتم يز ب ه من‬

‫بساطة في اإلجراءات وسرعة الفصل في المنازعات ‪.‬‬

‫و إذا كان اللجوء إلى التحكيم ال يثير الكثير من المشاكل في عقود القانون الخ اص‪،‬‬

‫فإن األمر على خالف ذلك بالنسبة لعقود القانون العام نظرا لتمتع هذه العقود بخصائص‬

‫‪23‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ذاتي ة تميزه ا عن غيره ا من العق ود األخ رى ويعه د بص فة أساس ية إلى القض اء اإلداري‬

‫بنظر النزاعات الناشئة عنها‪.7‬‬

‫الواقع أن التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات يحقق إلى جانب القضاء الرسمي في‬

‫الدولة مزايا عديدة للخصوم‪ ،‬بالرغم من تعرضه للنقد من جانب فريق من الفقهاء‪ ،‬حيث‬

‫لم يع د خافي ا على رج ال الق انون وك ذا المتع املين في مج ال العق ود اإلداري ة إدراك أهمي ة‬

‫التحكيم كقض اء واقعي وكوس يلة هام ة لفض المنازع ات الداخلي ة والدولي ة على ح د س واء‪،‬‬

‫وقد زاد اللجوء إليه في اآلونة األخيــرة نتيجة ازدياد عالقات األشخاص الخاصة من أفراد‬

‫وشركات وتخطيها حدود الدول بشكل ملحوظ‪ ،‬بحيث أنه ال يكاد يخلو عقد من العقود ال تي‬

‫تبرمه ا الدول ة من بن د أو ش رط يق رر ال تزام أطراف ه ب اللجوء إلى التحكيم للفص ل في‬

‫المنازعات الناشئة عن تنفيذه ‪.‬‬

‫و بالنظر إلى أهمية التحكيم ودوره في العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬فقد أنشأت الدول‬

‫كم ا س بقت اإلش ارة الى ذل ك جه ات ومراك ز للتحكيم المؤسس ي متخصص ة في المنازع ات‬

‫المختلفة يتم اللجوء إليها عند االتفاق بين أطراف العقد أو أطراف المنازعة على عرض‬

‫المنازع ات ال تي تنش أ بينه ا على ه ذا المرك ز أو ذاك ومن تم يك ون األس اس الق انوني في‬

‫اختصاص هذا األخير بنظر النزاع‪ ،‬وسلب االختصاص األصلي للقضاء الوطني به هو "‬

‫اتفاق التحكيم " الذي أبرموه بينهم‪ ،‬كما أصدرت الدول قوانين تنظم التحكيم الدولي ووقعت‬

‫اتفاقيات دولية في مجال االعتراف بأحكام التحكيم الدولي وتنفيذها ‪.‬‬

‫و الج دير بال ذكر أن التحكيم ال يختل ف عن القض اء إال في ك ون الدول ة هي ال تي‬

‫تعين القاض ي وتل زم األف راد بالتقاض ي أمام ه وتنف ذ األحك ام ال تي تص در عن ه‪ .‬بينم ا في‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية ‪ -‬الطبعة الثانية دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة مصر ‪ ،2005‬ص ‪.47‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪24‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم فالخص وم هم ال ذين يخت ارون القض اة ويلزم ون أنفس هم بتنفي ذ م ا حكم ب ه المحكم‬

‫بوازع من ضميره‪ ،‬ولهذا يعتبر التحكيم في عصرنا الحالي بمثابة قضاء خاص للتقاضي‪،‬‬

‫ولهذا اإلعتار‪ ،‬فال تكفي إرادة األطراف وحدها العتماده‪ ،‬بل يجب أن ينص عليه القانون‬

‫ويقضي بجوازه وقابلية أحكام التحكيم للتنفيذ‪. 8‬‬

‫إن التحكيم اس تطاع أن يلم مج االت متع ددة إلى دائ رة منازعت ه‪ ،‬ب ل أك ثر من ه ذا‪،‬‬

‫أصبح يشكل الفضاء العادي في تسوية نزاعات تتعلق بالعقود اإلدارية‪ ،‬خاصة في نادي‬

‫ال دول الك برى ال تي له ا تجرب ة رائ دة في التحكيم في مختل ف المج االت كانجلـ ـ ـــترا وفرنس ا‬

‫وأمريكا‪ ،‬وفي اإلمارات برزت أهمية وضرورة تقنين المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية‬

‫بواسطة آلية التحكيم من خالل المكانة التعليمية والدولية التي أصبحت تحتلها اإلمارات في‬

‫مجال خدمات األعمال وجلب االستثمار ورؤوس األموال فضال عن كثرة العقود اإلدارية‬

‫وما ترتب عنها من تشابك العالقات التعاقدية ونشوء نزاعات معقدة تتطلب حلوال سريعة‬

‫وفعالة من لدن أجهزة يصعب على القضاء الرسمي الوطني حلها ‪.‬‬

‫و لق د انتش ر األخ ذ بنظ ام التحكيم وك ثر االلتج اء إلي ه كوس يلة لتس وية المنازع ات‬

‫الناشئة عن المعامالت التجارية بصفة عامة والمعامالت على المستويين ال داخلي وال دولي‪،‬‬

‫وبصفة خاصة تلك الناشئة عن العقود‪ ،‬وكان من أوائل هذه العقود وأهمها العقود اإلدارية‪،‬‬

‫حيث يدل استقراء العديد من هذه األخيرة خصوصا في منطقة الخليج على اتجاه عام يكاد‬

‫يغ دو ظ اهرة مش تركة ه و األخ ذ بنظ ام التحكيم كوس يلة لتس وية المنازع ات ال تي يمكن أن‬

‫تنش أ عنه ا بين األط راف‪ ،‬حيث وج دت اإلدارة أن المتعاق د معه ا لدي ه الرغب ة الملح ة في‬

‫اللج وء للتحكيم‪ ،‬وذل ك إلنه اء ال نزاع الناش ئ عن العالق ة العقدي ة ب دال من اللج وء إلى‬

‫القض اء‪ ،‬لم ا تتمت ع ب ه أحكام ه من تم يز من حيث عنص ر الس رعة والس رية باإلض افة إلى‬
‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.48‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪25‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإللزامية العتباره الوسيلة األولى والفعالة لمواكبة التطور السريع في تدفق المعامالت في‬

‫البالد وما ينتج عنها من منازعات تعرقل االستثمار‪ ،‬كما يتيح للخصوم اختيار المحكمين‬

‫ممن تتوافر لديهم الخبرة الفنـ ـ ـ ـ ــية والمهنية‪ ،‬حيث أن القضاء يستعين في أحيان كثيرة بأهل‬

‫الخبرة فيما يخص التجارة الفنية‪ ،‬ولذلك كان التحكيم يتفادى بذلك طول اإلجراءات ويؤدي‬

‫إلى حل النزاع بوسائل مختصرة ‪.‬‬

‫فهذه األهمية الخاصة للتحكيم أدت إلى إثارة النقاش والجدل الفقهي والقضائي حول‬

‫حق جهة اإلدارة في اللجوء إلى التحكيم كوسيلة بديلة إلنهاء النزاع في عقودها اإلدارية‪،‬‬

‫كل هذا أوجب علينا أن نتعرض إلى اإلطار النظري الع ام للتحكيم ( الفصل األول ) كما‬

‫سنتطرق إلى ماهية العقد اإلداري ( الفصل الثاني ) ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار النظري العام للتحكيم‬

‫يلعب التحكيم دورا هام ا في حس م منازع ات العق ود اإلداري ة في ال وقت ال راهن‪،‬‬

‫حيث تض طر الدول ة أو أح د أش خاص الق انون الع ام األخ رى إلى الت دخل في إب رام عق ود‬

‫التنمية االقتصادية واإلشراف والرقابة عليها‪.‬‬

‫ومن المتوق ع أن تث ور خالف ات ومنازع ات بش أنها‪ ،‬ويع د التحكيم الوس يلة المالئم ة‬

‫لفض ه ذه المنازع ات‪ ،‬فالدول ة وأش خاص الق انون الع ام األخ رى يص عب قب ول خض وعهم‬

‫لقضاء دولة أجنبية‪ ،‬لما في ذلك من مساس بسيادة الدولة‪ ،‬وذلك على عكس التحكيم حيث‬

‫تشارك الدولة في اختيار المحكمين واختيار القانون الواجب التطبيق ‪.‬‬

‫ورغم مزاي ا التحكيم‪ ،‬ف األمور ليس ت س هلة دائم ا‪ ،‬حيث العق د اإلداري ولي د إرادة‬

‫الجهة اإلدارية والمتعاقد معها‪ ،‬ال تخضع فيه إال للقانون واعتبارات الصالح العام‪ ،‬فالدولة‬

‫لها الحق في أن تضمن العقد ما تراه من شروط في نطاق الصالحيات المخولة لها بنص‬

‫الق انون ال ذي تس تمد من ه س لطاتها وص الحيتها‪ ،‬ل ذا ب ات من الض روري االع تراف للدولــة‬

‫واألشخاص المعنوية بسلطة إدراج شرط التحكيم في عقودهم‪.9‬‬

‫وهك ذا يمكن الق ول أن أهم الظ واهر القانوني ة المعاص رة‪ ،‬ظ اهرة االنفت اح على‬

‫التحكيم واتس اع آفاقه‪ ،‬فعلى المس توى اإلقليمي‪ ،‬عم االعتراف بش رعية التحكيم كافة أفراد‬

‫الجماعة الدولية على اختالف نظمها القانونية واختالف أوضاعها االقتص ادية‪ ،‬وب اتت كافة‬

‫دول الع الم بص رف النظ ر على نظامه ا السياس ي واالجتم اعي وعن درج ة نموه ا‬

‫االقتصادي تترك له مكانا متزايدا في تحقيق العدالة وتحيط مؤسساته الوطنيـــة بالرعاية‪،‬‬

‫‪ -‬أنس جعفر – العقود اإلدارية – دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ 2007‬ص ‪.97-96‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪27‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وعلى المس توى الموض وعي اتس ع نط اق القابلي ة للتحكيم ليش مل مج االت ك انت ب األمس‬

‫القريب بعيدة عنه‪ ،‬كما هو الحال مثال في المنازعات التي تكون الدولة أو أحد األشخاص‬

‫العامة طرفا فيها وفي المنازعات التي ينص موضوعها بالنظام العام‪.‬‬

‫وال ش ك أن انتش ار التحكيم واتس اع مجال ه على ه ذا النح و يش كل مج اال نوعي ا في‬

‫تطور وظائف الدولة بمفهومها التاريخي‪ ،‬وقد عرفت المجتمعات القديمة التحكيم واتخذت‬

‫من ه أداة لحس م المنازع ات بين أفراده ا‪ ،‬على أس اس األع راف والتقالي د الس ائدة فيه ا‪،‬‬

‫فالتحكيم يتميز بتغليب سلطان اإلرادة‪ ،‬حيث يستطيع األطراف االتفاق على اختيار المحكم‬

‫من بين األش خاص األك ثر ق درة وكف اءة على ح ل ه ذه المنازع ات وذل ك بحس ب نوعيته ا‪،‬‬

‫ك ذلك ف إن لألط راف أن يتفق وا على اختي ار إج راءات تالءم ظ روف المع امالت الخاص ة‬

‫بهم‪ ،‬كما يستطيع اختيار القانون الذي يرغبون في تطبيقه على نزاعهم‪ ،‬فض ال عن إمكاني ة‬

‫تخويل هيئة التحكيم الفصل في النزاع دون التقيد بقواعد قانونية محددة‪ .‬ومن هنا أصبح‬

‫التحكيم في اآلون ة األخ يرة ه و الوس يلة المفض لة والمعت ادة ال تي يلج أ إليه ا األط راف لح ل‬

‫المنازعات التي تحدث بينهم‪ ،‬خاصة تلك التي تحدث في إطار العالقات الناتجة عن العق ود‬

‫اإلدارية‪.10‬‬

‫ومن أج ل اإللم ام ب التحكيم ومبررات ه وبأنواع ه وطبيعت ه وتم يزه عن ب اقي الط رق‬

‫األخ رى المتعلق ة بتس وية المنازع ات ارتأين ا أن نقس م ه ذا الفص ل إلى مبح ثين نتن اول في‬

‫األول اإلط ار المف اهيمي والت اريخي للتحكيم‪ ،‬أم ا الث اني فسنخصص ه للتحكيم تميـ ـ ـ ـــيزه‬

‫وشروطه ‪.‬‬

‫‪ -‬أنس جعفر – العقود اإلدارية – دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ 2007‬ص ‪.97‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪28‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪29‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي والتاريخي للتحكيم‬

‫إذا كان الفقه يرى أن التحكيم في أوله اتفاق وفي وسطه إجراء وفي آخره حكم‪ ،‬إال‬

‫أنه في الواقع هو نظام قانوني إجرائي يرمي إلى تحقيق حماية قضائية للحقوق والمراكز‬

‫القانوني ة المتن ازع حوله ا‪ ،‬وذل ك بتط بيق قواع د الق انون والعدال ة بواس طة ش خص وه و‬

‫المحكم وتل ك وظيف ة قض ائية بالدرج ة األولى تتط ابق إلى ح د كب ير م ع وظيف ة القاضـ ـ ـــي‪،‬‬

‫وبالت الي فطبيع ة ه ذا النظ ام ش كلت س ببا دف ع المتع املين في مج ال التج ارة الدولي ة بص فة‬

‫عام ة وفي مج ال منازع ات العق ود اإلداري ة بص فة خاص ة الختي ار قض اء التحكيم لتس وية‬

‫منازعاتهم بالنظر ألهمية ومزاياه مما جعله يفرض نفسه على المنازعات اإلدارية بحيث‬

‫أص بح الوس يلة المحتم ة لفض ه ذه المنازع ات‪ ،‬وذل ك بع د أن عج زت الس لطات القض ائية‬

‫التقليدي ة عن تحقي ق ه ذه المزاي ا إذ بواس طة التحكيم يتم الفص ل في المنازع ات اإلداري ة‬

‫بسرعة فائقة بخالف إذا تم الفصل فيها بواسطة القضاء‪. 11‬‬

‫و بن اء علي ه ونظ را ألهمي ة التحكيم في مج ال المنازع ات الناتج ة عن العق ود‬

‫اإلدارية‪ ،‬فقد أصبح من الضروري والمنطقي تحقيقا للعدل واالستقرار التشجيع على آلية‬

‫اللج وء للتحكيم خصوص ا في مج ال العق ود اإلداري ة‪ ،‬ب ل وتهيئ ة المن اخ الق انوني المالءم‬

‫إلنجاحه سواء تعلق األمر بإطاره القانوني أو المؤسساتي واعتماد التحكيم سواء من قبل‬

‫األشخاص الخاصة أو أشخاص القانون العام كأداة لتسوية منازعاتهم الغاية منه هو سحب‬

‫النزاعات من اختصاص محاكم الدولة نتيجة عدم اإللمام التام والجيد بالتقنيات التي تتطلب‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬التحكيم في المعامالت المالية الداخلية والدولية المدنية والتجارية‬ ‫‪11‬‬

‫واإلدارية والجمركي ـ ــة والضريبية‪ ،‬دراسة مقارنة الطبعة األولى دار النهضة العربية ‪ 2006‬ص ‪. 45‬‬

‫‪30‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خ برة وكف اءة خصوص ا في مج ال المنازع ات اإلداري ة‪ ،‬ك ل ه ذا يقودن ا إلى التط رق إلى‬

‫مفهوم التحكي ـ ـ ــم ومبرراته وتطوره التاريخي وأنواعه وذلك في المطالب التالية ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم التحكيم ومبرراته‬

‫التحكيم يقوم على فلسفة تناسب الطابع العملي لالستثمار ألن القضاء العادي قضاء‬

‫جامد مكبل بنصوص القانون يلتزم باحترامها ويمتنع عليه مخالفتها وإ ن اقتضت ظروف‬

‫ال دعوى ذل ك‪ ،‬بينم ا يمت از قض اء التحكيم ب التحرر ال ذي يتمث ل في ج واز إفس اح الحري ة‬

‫للمحكم للتقدير والفصل في النزاع بما يحقق مصلحة الخصوم ولو اقتضى األمر الخروج‬

‫عن منط ق النص وص وق د قي ل بح ق أن القض اء الع ادي يبحث عن العدال ة لص الح الق انون‬

‫بينما يبحث عنها قضاء التحكيم لصالح الخصوم‪. 12‬‬

‫و إذا كان قضاء الدولة والتحكيم يتفقان في هدف واحد‪ ،‬وهو الفصل في المنازعات‬

‫بح ل ع ادل ومل زم ف إن التحكيم يس تهدف أيض ا بج انب ذل ك‪ ،‬الحف اظ على اس تمرار العالق ة‬

‫بين الخص وم‪ ،‬ف يراد ب ه الوص ول إلى ح ل لل نزاع م ع تحقي ق مص الحة بينهم ‪ .‬ل ذا اهتمت‬

‫التشريعات الحديثة بالتحكيم باعتباره وسيلة فعالة لحل المنازعات‪ ،‬وقد جاء هذا التطور‬

‫التشريعي كثمرة للجهود الفقهية التي بذلت في هذا النطاق‪ ،‬سواء على النطاق الداخلي أو‬

‫النطاق الدولي‪ ،‬وكنتيجة لتطور القضاء الذي استقر على بعض المبادئ مما دفع المشرع‬

‫إلى نقلها من نطاق التجريب إلى نطاق التجريء‪ .‬وأسهمت المؤتمرات الدولية الكثيرة التي‬

‫انعقدت في هذا المجال في حل مشاكل التحكيم التي أثرت على العالم فاعليته في الماضـي‬

‫‪ -‬الدكتور محسن شفيق – التحكيم التجاري الدولي – دراسة في قانون التجارة الدولية‪ ،‬دراسة لطلبة دبلوم الدراسات‬ ‫‪12‬‬

‫العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاهرة – كلية الحقوق ‪ 1974-1973‬ص ‪. 10‬‬

‫‪31‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وشجعت المشرع في القانون المقارن إلى تعديل التشريعات التي كانت قائمة أو استحداث‬

‫تشريعات جديدة خاصة بالتحكيم على النطاقين الداخلي والدولي ‪.‬‬

‫ونظ را ألهمي ة التحكيم كوس يلة لفض المنازع ات بطريق ة ودي ة ورض ائية فإنن ا‬

‫سوف نتناوله من خالل دراسة تعريف التحكيم ومبرراته ومزاياه ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف التحكيم‬

‫التحكيم هو اتفاق على طرح نزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا‬

‫فيه دون المحكمة المختصة‪.13‬‬

‫و من تم فهو عملية قانونية مركبة تقوم على اتفاق أطراف نزاع معين على ع رض‬

‫خالفهم على محكم أو أكثر للفصل فيه في ضوء قواعد القانون ومبادئه العامة التي تحكم‬

‫ب إجراءات التقاض ي أو على ض وء قواع د العدال ة وفق ا لم ا ينص علي ه االتف اق‪ ،‬م ع تعه د‬

‫أطراف النزاع بقبول الحكم الذي يصدر عن محكمين‪ ،‬والذي يحوز حجية األمر المقضـــى‬

‫به ويصدر بتنفيذه أمر من السلطة القضائية في الدولة التي يراد تنفيذه بها‪.14‬‬

‫ويعرف ج انب من الفق ه التحكيم بأنه "أس لوب لفض المنازع ات مل زم ألطرافـ ـ ـ ـــه‪،‬‬

‫ويتوقف على اختيار الخصوم لتلك المهمة أفرادا عاديين للفصل بينهم فيما يثور أو يمكن‬

‫أن يثور بينهم من نزاع"‪.15‬‬

‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬طعن رقم ‪ 886‬لسنة ‪ 30‬ق جلسة ‪. 1994.1.18‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ -‬الدكتور يسرى محمد العصار ‪ ..‬التحكيم في المنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية دار النهضة العربية سنة‬ ‫‪14‬‬

‫‪ 2002‬ص ‪. 14‬‬
‫‪ -‬جابر جاد نصار – التحكيم في العقود اإلدارية دراسة مقارنة – دار النهضة العربية ‪ 1974‬ص ‪. 19‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪32‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ي رى البعض أن التحكيم نظ ام يس مح ألش خاص آخ رين غ ير أط راف ال نزاع‬

‫بممارسة االختصاص القضائي في حدود ما يقرره المتنازعون ‪.‬‬

‫و عرفه كذلك آخرون بأنه " اتفاق بين أطراف النزاع لعرضه على محكم أو أكثر‬

‫حسب االتفاق فيما بينهم للفصل فيه بحكم ملزم ألطرافه على أن يقر المشرع هذا االتفاق‬

‫شرطا كان أو مشارطة "‪.‬‬

‫و ب النظر لتل ك التع اريف نج د أن الفقه اء ق د أجمع وا على أن التحكيم أس لوب‬

‫استثنائ ـــي وخ اص لفض المنازع ات بين األف راد من قب ل الغ ير‪ ،‬ولكن منهم من اش ترط‬

‫إقرار المشرع لمثل هذا االتفاق‪ ،‬ومنهم من رأى ضرورة أن يتم ذلك تحت إشراف ورقابة‬

‫القضاء ‪.‬‬

‫و نحن نؤيد الجمع بينهما على أن يتم إقرار المشرع لمثل هذا االتفاق شرطا كان‬

‫أم مشارطة‪ ،‬وذلك ليكتسب صفة الشرعية‪ ،‬وكذلك ضرورة توافر الدور الرقابي للقضاء‬

‫على أحكام المحكمين‪ ،‬منعا ألية تجاوزات يمكن أن تحدث من قبل المحكمين‪. 16‬‬

‫و في ضوء ما تقدم يمكن أن نعرف التحكيم بأنه " نظام متفق عليه من قبل أط راف‬

‫ال نزاع‪ ،‬وذل ك لفض منازع اتهم القائم ة أو المتوقع ة عن طري ق آخ رين‪ ،‬ويس مح لهم‬

‫بممارسة االختصاص القضائي للفصل في ذلك النزاع "‪.‬‬

‫و بما أن الغير يقوم بممارسة االختصاص القضائي فمن باب أولى أن يكون هناك‬

‫ن وع من اإلش راف والرقاب ة على أحك ام المحكمين من قب ل القض اء لض مان حق وق األف راد‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬التحكيم في المعامالت المالية الداخلية والدولية المدنية والتجارية واإلدارية والجمركيـ ـــة‬ ‫‪16‬‬

‫والضريبية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 46‬‬

‫‪33‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ألن ه ح ق ق د كفل ه لهم الدس تور‪ ،‬وأن التحكيم في حقيقت ه س لب الختص اص قض ائي أج ازه‬

‫المشرع ويعتبر استثناء من األصل‪.17‬‬

‫أم ا ق انون المع امالت المدني ة اإلم اراتي فق د أج از للمتعاق دين بص فة خاص ة اللج وء‬

‫للتحكيم على أن يضمن ذلك في العقد األساسي أو باتفاق الحق كما أجاز التحكيم بشروط‬

‫خاصة ولكن لم يتطرق لذكر تعريف التحكيم‪.‬‬

‫و قد جاء ص دور ق انون اإلجراءات المدني ة االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬ليفرق‬

‫بين التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة والتحكيم الذي يتم خارج المحكمة‪ ،‬لكنه لم يرتب‬

‫على ذلك نتائج سوى بالنسبة اليداع الحكم بكتابة المحكمة أو عدم ايداعه كما لم يفرق بين‬

‫التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي ‪ ...‬لكنه حقق خطوات هامة تمثلت في أنه لم يشترط في‬

‫المحكم ال دين وال جنس‪ ،‬وأج از االتف اق التحكيمي ص راحة‪ ،‬كم ا تم يز أيض ا بتفويض ه‬

‫للمحكمين ب أن يحلف وا اليمين قب ل أداء ش هادتهم ويعت بر أن ك ل من أدى ش هادة كاذب ة أم ام‬

‫المحكمين مرتكب ا لجريم ة ش هادة ال زور‪ ،‬وق د أعطى المش رع اإلم اراتي ب ذلك للبيئ ة‬

‫الشخص ية دورا هام ا في التحكيم كونه ا ك انت الوس يلة األساس ية المعتم دة في التش ريع‬

‫اإلس المي نظ را لع دم انتش ار الكتاب ة كوس يلة في اإلثب ات ورغم إش ارة الق رآن الك ريم‬

‫ألهميته ا كم ا في قول ه تعالـ ـــى ‪ " :‬ي ا أيه ا ال ذين آمن وا إذا ت داينتم ب دين إلى أج ل مس مى‬

‫فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعـــدل وال يأب ك اتب أن يكتب كم ا علم ه اهلل فليكتب وليمل ل‬

‫الذي عليه الحق وليتق اهلل ربه وال يبخس منه شيئا ‪."18‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار‪ ،‬العقود اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 12‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ -‬سورة البقرة آلية ‪. 283‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪34‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لكن ه م ع ذل ك أبقى للمح اكم الرقاب ة القض ائية اإلجرائي ة على الحكم التحكيمي وال تي‬

‫تتمثل في التصديق على هذا الحكم لمنحه صيغة التنفيذ أو القضاء ببطالنه‪. 19‬‬

‫إلى ج انب ه ذا كل ه ق د ع رفت الجمعي ة العمومي ة لقس مى الفت وى والتش ريع بمجلس‬

‫الدول ة المص ري التحكيم بأن ه ‪ " :‬االتف اق على ع رض ال نزاع أم ام محكم أو أك ثر ليفص لوا‬

‫فيه بدال من المحكمة المختصة به وذلك بحكم ملزم للخصوم‪.20‬‬

‫و في تعريف المحكمة الدستورية العليا للتحكيم ذهبت إلى أن التحكيم هو‪ " :‬عرض‬

‫ل نزاع معين بين ط رفين على محكم من األغي ار يعين باختيارهم ا أو بتف ويض منهم ا على‬

‫ض وء ش روط يح ددانها‪ ،‬ليفص ل ه ذا المحكم في ذل ك ال نزاع بق رار يك ون نائب ا عن ش بهة‬

‫الممالة مج ردا من التحام ل وقاطع ا ل دابر الخص ومة في جوانبه ا ال تي أح ال الطرف ان إلي ه‬

‫بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيال من خالل ضمانات التقاضي الرئيسية ‪.‬‬

‫وفي إسباغ الطبيعة القضائية على التحكيم ذهبت هذه المحكمة إلى أنه " وسيلة فنية‬

‫له ا طبيع ة قض ائية‪ ،‬غايته ا الفص ل في ن زاع مح دد‪ ،‬مبن اه عالقة مح ل اهتم ام من طرفه ا‪،‬‬

‫وركيزت ه اتف اق خ اص‪ ،‬يس تمد المحكم ون من ه س لطاتهم وال يتول ون مه امهم بالت الي بإس ناد‬

‫من الدولة‪.21‬‬

‫والتحكيم اصطالح عام يقترن به مسميات فرعية تختلف بحسب المنازعة التي ي راد‬

‫حس مها‪ ،‬ف إذا ك انت المنازع ة تجاري ة س مي ب التحكيم التج اري وإ ذا ك انت المنازع ة مدني ة‬

‫أطلق عليه تحكيما مدنيا‪ ،‬وإ ذا كانت المنازعة إدارية سمي التحكيم إداريا ‪.‬‬

‫‪ -‬شعبان رأفت عبد اللطيف – قضاء التحكيم في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ 2008 – 1992‬ص ‪. 13‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪ -‬فتوى رقم ‪ 261‬في ‪ 1989.7.1‬جلسة ‪ 1989.5.17‬ص ‪. 138‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ -‬المحكمة الدستورية العليا – قضية رقم ‪ 65‬لسنة ‪ 18‬ق جلسة ‪ 2001.1.6‬م ‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪35‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و التحكيم اإلداري ه و وس يلة قانوني ة تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د األش خاص المعنوي ة‬

‫العامة األخرى لتسوية كل أو بعض المنازعات الحالية أو المستقبلية الناشئة عن عالقات‬

‫قانوني ة ذات ط ابع إداري عقدي ة أو غ ير عقدي ة فيم ا بينه ا أو بين أح دها أو أح د أش خاص‬

‫الق انون الخ اص الوطني ة أو األجنبي ة‪ ،‬س واء ك ان اللج وء إلى التحكيم اختياري ا أو إجباري ا‬

‫وفقا لقواعد القانون اآلمرة‪.22‬‬

‫و على الرغم من أن إرادة أطراف العقد أو النزاع هي التي تنشئ اتف اق التحكيم إال‬

‫أنها ال تنشئ التحكيم ذاته‪ ،‬حيث أن إجازة التحكيم تتطلب نص المشرع على تلك اإلجازة‬

‫مح ددا لنط اق التحكيم بمع نى تحدي د المس ائل ال تي يج وز أو يحظ ر فيه ا التحكيم‪ ،‬إض افة‬

‫لضرورة تحديد التشريع لكيفية تنفيذ أحكام المحكمين والطعن عليها ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا اتج ه المش رع األردني إلى تعري ف " اتف اق التحكيم" عموم ا موحي ا‬

‫بمفه وم التحكيم نفس ه افتراض ا بأن ه " االتف اق الخطي المتض من إحال ة الخالف ات القائم ة أو‬

‫المقبلة على التحكيم سواء أكان اسم المحكم أو المحكمين مذكورا في االتفاق أم لم يكن"‪.23‬‬

‫أم ا المش رع الكوي تي فلم ي ورد تعريف ا للتحكيم أو التف اق التحكيم س واء في ق انون‬

‫المرافع ات المدني ة والتجاري ة أو في الق انون الخ اص بش أن التحكيم القض ائي إنم ا ق رر في‬

‫المادة ‪ 173‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ‪ 38‬لسنة ‪ 1980‬أنه يجوز االتفاق‬

‫على التحكيم في ن زاع معين‪ ،‬كم ا يج وز االتف اق على التحكيم في جمي ع المنازع ات ال تي‬

‫تنشأ عن تنفيذ عقد معين ‪.‬‬

‫‪ -‬الدكتورة عزيزة الشريف – التحكيم اإلداري في القانون المصري – دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪. 1993‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -‬المادة الثانية من قانون التحكيم األردني – رقم ‪ 31‬لسنة ‪. 2001‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪36‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لم يختل ف القض اء الكوي تي كث يرا في تحدي ده لمفه وم التحكيم عن المع نى المتق دم‪،‬‬

‫حيث عرفته دائرة التمييز بمحكمة االستئناف بأنه " عقد يتفق طرفاه بموجبه على عرض‬

‫المنازع ات ال تي نش أت أو تنش أ بينهم ا على ف رد أو أف راد متع ددين ليفص لوا في ه ب دال من‬

‫المحكمة المختصة‪. 24‬‬

‫و ذهب الفقه اء إلى تع اريف متع ددة ومتنوع ة حس ب الزاوي ة ال تي ينظ ر منه ا إلى‬

‫التحكيم‪ ،‬وهك ذا عرف ه البعض بأن ه " اص طالح يقص د ب ه ايج اد ح ل لل نزاع الق ائم بين‬

‫شخص ين أو أك ثر بواس طة ش خص محكم أو أك ثر غ ير أط راف ال نزاع‪ ،‬وال ذين يس تمدون‬


‫‪25‬‬
‫س لطاتهم من االتف اق الم برم بين ط رف ال نزاع دون أن يكون وا معي نين من قب ل الدول ة‬

‫وهـــو " النظام الذي يسمح لشخص آخر غير أطراف النزاع ممارسة اختصاص قضائي‬

‫في نطاق ما هو مقرر له بواسطة هؤالء "‪.26‬‬

‫و يالح ظ من ه ذه التع اريف أنه ا ال تختل ف عن المفه وم ال ذي ح دده المش رع أو‬

‫القضاء للتحكيم فهذه التعاريف تتضمن عنصرين ‪:‬‬

‫‪ -‬أن اللجوء للتحكيم وليد تراضي أطراف النزاع على حكمه ليس بواسطة قضاء‬

‫الدولة‪ ،‬وإ نما بواسطة شخص أو أشخاص بتولي أطراف النزاع اختيارهم والعنصر‪.‬‬

‫‪ -‬الطابع اإللزامي للحل الذي يقرره المحكمون ‪.‬‬

‫و استنادا إلى ما سبق وأخذا بعين االعتبار كل ما تقدم يمكن القول أن التحكيم هو‬

‫إج راء أو اتف اق ي أذن ب ه المش رع للجه ات واألف راد أو تنص رف إلي ه إرادة الط رفين‬

‫‪ -‬طعن رقم ‪ 444/97‬تجاري جلسة ‪ 1998.5.17‬مجلة القضاة والقانون السنة ‪ 26‬الجزء األول ص ‪. 306‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪25‬‬
‫‪- David René – l’arbitrage dans le commerce international – Paris Economica 1982 p 9 .‬‬
‫‪ -‬أحمد أبو الوفا – التحكيم االختياري واالجباري – منشأة المعارف االسكندرية ‪ 2001‬ص ‪. 15‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪37‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المتعاق دين‪ ،‬يخ ولهم إحال ة م ا يمكن أن ينش أ بينهم من منازع ات (س واء بخص وص تنفي ذ‬

‫االلتزامات في عقد معين أو أية التزامات قانونية أخرى) إلى واحد أو أك ثر من األش خاص‬

‫يس مون ب المحكمين ليفص لوا في موض وعات وج وانب ال نزاع المع روض عليهم‪ ،‬ويقول وا‬

‫كلمتهم فيه‪ ،‬بدال من أن يفصل فيه بداية القضاء المختص إذا اقتضى األمر ذلك ‪.‬‬

‫و ارتباط ا بموض وعنا التحكيم اإلداري‪ ،‬ف إن ه ذا التحكيم يع ني النص في العق د‬

‫اإلداري نفسه أو بأي عقد مستقل آخر سواء بأسلوب جوازي أو إلزامي على اللجوء إلى‬

‫التحكيم لح ل أي ن زاع ق د ينش أ بص دد تنفي ذ بن ود العق د األص يل بين الط رفين المتعاق دين‪،‬‬

‫وذلك باختيار محكم أو أكثر للفصل في هذا النزاع ‪.27‬‬

‫ه ذا فيم ا يتعل ق بتعري ف الفق ه والتش ريع والقض اء لمفه وم التحكيم‪ ،‬وه و أس لوب‬

‫عرفته معظم فروع القانون في الدول الحديثة والتي منها القانون المدني والقانون التجاري‬

‫والق انون اإلداري والق انون ال دولي الع ام وغيره ا‪ ،‬وأخ ذت ب ه االتفاقي ات المحلي ة والعربي ة‬

‫والدولي ة في كث ير من األحي ان ووص ف بأن ه األس لوب العاق ل واله ادئ والع ادل والمحاي ـــد‬

‫والنزيه لدى كثير من األفراد والمؤسسات والهيئات والمنظمات المختصة ‪.‬‬

‫و تأكيدا لما تقدم‪ ،‬فإننا نالحظ في العصر الحديث وفي الوقت الراهن بأن التحكيم‬

‫عموم ا ل دى غالبي ة ال دول وأجهزته ا وفقهه ا وتش ريعها وقض ائها ق د أص بح وس يلة الوئـ ـــام‬

‫والص فاء وال ود ال تي يفض ل أن يم ر به ا األف راد عن د قي ام آي ة منازع ات تنش أ بينهم‪ ،‬وذل ك‬

‫قبل أن يصلوا بها إذا استحال فضها عن طريق هذه الوسيلة إلى معقل القضاء ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مبررات التحكيم وطبيعته‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪38‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم ه و طري ق خ اص لح ل المنازع ات‪ ،‬قوام ه الخ روج عن طري ق التقاض ي‬

‫العادية‪ ،‬ويستند أساسا على أن أطراف النزاع هم الذين يختارون قضاتهم بدال من االعتماد‬

‫على التنظيم القضائي للبلد الذي يقيمون فيه‪ ،‬وهكذا ينشأ التحكيم من إرادة الخصوم‪ ،‬فهذه‬

‫اإلرادة هي ال تي تخل ق التحكيم وهي ق وام وج وده‪ ،‬وب دونها ال يتص ور أن يخل ق أو يك ون‪،‬‬

‫إال أن ه ذه اإلرادة ال تكفي وإ نم ا يتعين أن يق ر المش رع اتف اق الخص وم على التحكيـ ـ ـ ـ ـــم‪،‬‬

‫وبعبارة أخرى إذا لم ينص المشرع على جواز التحكيم وجواز تنفيذ أحكام المحكمين‪ ،‬ما‬

‫كانت إرادة الخصوم كافية لخلقه‪.‬‬

‫و أيا كان األمر‪ ،‬فإن إلقاء نظرة متأنية ومحايدة على واقع األمر القانوني في الدول‬

‫الحديث ة ودراس ة الج وانب المتع ددة والمعق دة المتص لة بح ل المنازع ات ال تي ق د تث ور بين‬

‫الجه ات واألف راد عموم ا وفي مختل ف المج االت ال تي أوج دها العص ر ال راهن الحاف ل‬

‫بالمعجزات‪ ،‬يجعلنا نكتشف كثيرا من المبررات والفوائد القانونية والعملية المتعلقة باللجوء‬

‫إلى التحكيم‪.28‬‬

‫ه ذه الم بررات والمزاي ا س نعمل على توض يحها والتوس ع فيه ا‪ ،‬وذل ك في فق رتين‬

‫نخصص األولى لمبررات التحكيم أما الفقرة الثانية سنخصصها لطبيعة التحكيم ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مبررات اللجوء للتحكيم‬

‫ع رف النظ ام الق انوني لع دة دول نظ ام التحكيم من ذ زمن بعي د إال أن أهمي ة التحكيم‬

‫كوسيلة لفض المنازعات بديال عن القضاء أو بمعنى آخر طريقة بديلة لتسوية المنازعات‬

‫لم تظهر أهميتها وخاصة في نطاق المنازعات اإلدارية إال في أوائل الثمانينات من القرن‬

‫الماضي مع اتجاه الدول إلى االقتصاد الحر‪ ،‬وخوصصة مؤسسات وشركات القطاع العام‬
‫‪ -‬حفيظة السيد الحداد – االتفاق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة اإلدارية وأثرها على القانون الواجب‬ ‫‪28‬‬

‫التطبيق دار المطبوعات الجامعية ‪ ،2001‬ص ‪.112‬‬

‫‪39‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وتف ويت ت دبيرها إلى ش ركات أجنبي ة عن طري ق م ا يس مى بالت دبير المف وض‪ ،‬فب دأ االتج اه‬

‫نحو هذا النوع من التحكيم يتزايد تدريجيا ‪.‬‬

‫و تج در اإلش ارة أن التحكيم والقض اء الع ام في الدول ة ش ريكان في تحقي ق ه دف‬

‫واحد‪ ،‬هو تسوية المنازعات وإ ن اختلف األول عن الثاني في أنه يستند إلى إرادة طرفي‬

‫ال نزاع كأس اس لقيام ه‪ ،‬حيث تتج ه تل ك اإلرادة إلى التحكيم لتس وية المنازع ات الحالي ة أو‬

‫المستقبلية بصدد موضوع معين بحكم ملزم ألطراف المنازعة مفضلة بذلك نظام التحكيم‬

‫عن اللجوء إلى القضاء وذلك باالستناد إلى مجموعة من المبررات أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬السرية ‪ :‬التحكيم يحافظ على خفايا وأسرار األطراف الشخصية والقانونية والواقعي ـــة‪،‬‬

‫ويحفظ العالقات المتصلة بكل جوانب هذا النزاع من االنتشار والذيوع‪ ،‬وما قد يسببه ذلك‬

‫من أض رار كب يرة ومش كالت معق دة ومتفاقم ة تتعل ق بجمي ع الخص وم‪ ،‬ل ذلك ف األطراف‬

‫المعنية يجدون في اللجوء للتحكيم غاياتهم حيث أن إرادتهم هي التي تحدد إجراءاته‪ ،‬ولهم‬

‫إذا أرادوا ذلك‪ ،‬جعل كافة إجراءات التحكيم سرية‪ ،‬إذا رأوا أن في عالنيتها ما يلحق بهم‬

‫الضرر وهو األمر الذي ال يملكونه في حالة التقاضي أمام القضاء العادي والذي ال تكون‬

‫جلس اته س رية إال إذا تعل ق األم ر بالحف اظ على اآلداب العام ة أو أمن الدول ة الخ ارجي أو‬

‫الداخلي وفق تقدير المحكمة المنظور أمامها النزاع‪.29‬‬

‫‪ -‬المرون ة ‪ :‬التحكيم في ح د ذات ه كتص رف ق انوني ينط وي على مب دأ المرون ة عن د ح ل‬

‫المنازع ات‪ ،‬الس يما وأن المحكمين يأخ ذون دائم ا بعين االعتب ار وهم يقوم ون بواجب اتهم‬

‫عناص ر " التوفي ق " والمص الح المش تركة – الت وازن – والمالئم ة ويس تمدون قناع اتهم من‬

‫‪ -‬ال دكتور جمي ل عب د اله ادي – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة – دراسة تحليلي ة مقارن ة – الطبع ة األولى –‬ ‫‪29‬‬

‫دار وائل للنشر ‪ 2005‬ص ‪. 16‬‬

‫‪40‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫القوانين واألعراف والقيم االجتماعية واألخالق اإلدارية والتجارية والعادات التي تنبع من‬

‫البيئة السياسية واالجتماعية واالقتصادية والقانونية التي يعملون فيها ومن خاللهـــا‪ ،‬وهذه‬

‫األمور تجعل من التحكيم تصرفا مرنا ومرضيا وعادال ومتميزا في كثير من الحاالت ‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار أطراف النزاع لمحكميه ‪ :‬تمكين أط راف ال نزاع من اختي ار من يص درون حكم ا‬

‫في ه م يزة ينف رد به ا التحكيم يفتق دونها في حال ة اللج وء إلى القض اء حيث ال يمل ك الخص م‬

‫اختيار قاضيه‪.30‬‬

‫و يحق ق تمكين أط راف ال نزاع من اختي ار هيئ ة التحكيم م يزة هام ة تتمث ل في ثقتهم‬

‫في هؤالء المحكمين الذين وقع عليهم االختيار السيما إذا كان النزاع متعلق بمسائل فنية‬

‫يص عب على القاض ي الفص ل فيه ا دون إحالته ا إلى خب ير في الموض وع مح ل المنازع ة‬

‫األم ر ال ذي ق د يس تغرق وقت ا ق د يط ول رغم م ا له ذا ال وقت من أهمي ة بالنس بة ألط راف‬

‫ال نزاع ناهي ك عن إجه ادهم مالي ا‪ ،‬في أم ر من ش أن لج وئهم للتحكيم للفص ل في ه أن يغ نيهم‬

‫عن ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬توف ير ال وقت والجه د والم ال ‪ :‬أن اللج وء إلى التحكيم لح ل أي ن زاع ق د يث ور بين‬

‫األط راف ي وفر ال وقت والجه د والم ال له ذه األط راف إذا م ا نش أت بينه ا خالف ات أو‬

‫منازعات حالة أو مستقبلية‪ ،‬وتفسير ذلك أن الجلسات التي يعقدها المحكم ون تتم في أم اكن‬

‫اختيارية مناسبة‪ ،‬وفي أوقات متتابعة تناسب احتياجات وظروف جميع الجهات واألطراف‬

‫المعني ة‪ ،‬كم ا أن مواعي د ه ذه الجلس ات ق د تك ون س ريعة ومتقارب ة ج دا الس يما إذا ك ان‬

‫المحكم ون مقي دين بأوق ات مح ددة يجب أن يص دروا ق رارهم التحكيمي خالله ا وب دون أي‬

‫‪ -‬ال دكتور عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة – دار الكتب‬ ‫‪30‬‬

‫القانونية مصر ‪ 2006‬ص ‪. 22‬‬

‫‪41‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تج اوز له ا‪ ،‬وبخاص ة عن دما ت وجب ذل ك بعض ق وانين وأنظم ة ول وائح واتفاقي ات التحكيم‬

‫العربية والعالمية ‪.‬‬

‫و بهذا فإن طريق اللجوء إلى التحكيم يختلف تماما عن طريق اللجوء إلى القضاء‬
‫بدرجاته المتعددة‪ ،‬حيث يحتاج هذا األخير في حاالت كثيرة إلى وقت طويل وجهد كبـ ـــير‬
‫وتك اليف باهض ة تتمث ل في رس وم ال دعاوى ومص روفات إب راز الوث ائق والحص ول على‬
‫األوراق الرس مية وإ حض ار اإلثبات ات المادي ة وأج ور الخ برة وأتع اب المحام اة وغيـ ـــرها‪،‬‬
‫وكل هذه األمور قد تخف حدتها كثيرا ويقل الوقت والجهد والمال فيها ولو بصورة نسبية‬
‫مرضية في مجال التحكيم ‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق الثقة بين األطراف ‪ :‬تسود الثقة بين أطراف النزاع عندما يتم اختيار المحكمين‬
‫من قب ل أط راف ال نزاع أنفس هم‪ ،‬إذ من الب ديهي أن يخت اروهم بن اء على معرف ة جي دة وثق ة‬
‫شخصية مطلقة‪ ،‬يضاف إلى ما تقدم‪ ،‬أن من يتم اختيارهم إلجراء التحكيم عموما‪ ،‬يكونوا‬
‫من أص حاب ال رأي والحكم ة والتخص ص والخ برة القانوني ة وغ ير القانوني ة وف ق طبيع ة‬
‫النزاع ‪.‬‬

‫‪ -‬بس اطة اإلج راءات ‪ :‬يمت از التحكيم ببس اطة اإلج راءات إذا م ا ق ورن ب اللجوء إلى‬
‫القض اء‪ ،‬ف إجراءات التحكيم ال تنط وي على التعقي دات ال تي ينط وي عليه ا القض اء‪ ،‬حيث‬
‫نج د أن هيئ ة التحكيم تتمت ع بحري ة أوس ع وأك ثر من القض اء الوط ني في ك ل م ا يتعل ق‬
‫بإجراءات التقاضي‪ 31‬فأطراف النزاع هم الذين يحددون إجراءات التحكيم وميعاد صدور‬
‫الق رار في ه‪ ،‬ف اللجوء إلى التحكيم ي ؤدي إلى اقتص ار درج ات التقاض ي ومراحل ه‪ ،‬حيث‬
‫يصدر حكم نهائي غير قابل ألي طعن موضوعي وقابل للتنفيذ الفوري‪.‬‬

‫‪ -‬ال دكتور ش ريف يوس ف خ اطر – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وض وابطه دار النهض ة العربي ة مص ر‬ ‫‪31‬‬

‫‪ 2009‬ص ‪. 96‬‬

‫‪42‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و مم ا الش ك في ه أن الس رعة ال تي يحققه ا التحكيم في نص المنازع ات الناش ئة عن‬


‫التعام ل في مج ال التج ارة الدولي ة تع د أم را ال يس تهان ب ه ودافع ا الختي ار التحكيم كوس يلة‬
‫لفض النزاع‪.‬‬

‫إلى جانب هذا‪ ،‬فالتحكيم يتميز بالسرعة في حسم النزاع‪ ،‬حيث يخصص للمحكمين‬
‫مدة معينة يلتزمون بإصدار حكمهم خاللها‪ ،‬مثال ذلك نظام تحكيم غرفة التجارة بباريس‪،‬‬
‫حيث تنص الفق رة األولى من الم ادة الثامن ة عش ر من ه على ض رورة ص دور الحكم خالل‬
‫ستة أشهر من تاريخ استالم المستندات أو الوثائق المحددة في المادة الثالثة من هذا النظ ام‪،‬‬
‫كما تقضي المادة السابعة من الئحة مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري بأنه يتعين‬
‫على هيئة التحكيم أن تصدر قرارها خالل مدة أقصاها ‪ 6‬أشهر من تاريخ استالم المهمة‬
‫ما لم يتفق الطرفان على مدة أطول‪. 32‬‬

‫فه ذه الم يزة تش جع على اللج وء إلى التحكيم خصوص ا في مج ال عالق ات التج ارة‬
‫الدولية التي ال تتحمل‪ ،‬بما تقتضيه من سرعة ومرونة بطء وتعقيدات وإ جراءات التقاضي‬
‫أمام المحاكم الداخلية لدولة ما ‪.‬‬

‫و يعت بر عام ل الس رعة من العوام ل الهام ة في تنفي ذ المع امالت الدولي ة ال تي تت أثر‬
‫بتقلبات أسعار المواد والصرف ‪ .‬كذلك فإن نمو العالقات الدولية التجارية واالستثمارية‬
‫بين دول الغرب والدول النامية‪ ،‬وبخاصة الدول النفطية‪ ،‬يتطلب حلوال فعالة للمنازعات‬
‫المحتملة بطريقة محايدة يتفادى بها بقدر اإلمكان تدخل االختبارات السياسية‪.33‬‬

‫لكن بالرغم من هذه المبررات والمزايا الهامة للتحكيم‪ ،‬فه ذا األخير يص طدم ببعض‬
‫المث الب حيث يؤخ ذ علي ه ك ثرة المص اريف بالمقارن ة م ع قض اء الدول ة الوط ني‪ ،‬حيث ال‬

‫‪ -‬الدكتور شريف يوسف خاطر – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية وضوابطه ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 97‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ -‬الدكتور أحمد شرف الدين – دراسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية دار النهضة العربية مصر ‪2006‬‬ ‫‪33‬‬

‫ص ‪.23‬‬

‫‪43‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يدفع أطراف النزاع أتعاب القاضي وال يتحمل المدعي ابتداء إال رس وما بس يطة‪ ،‬وال يحكم‬
‫بالمصاريف األعلى من خسر الدعوى بعد انتهاء الخصوم بحكم نهائي ‪.‬‬

‫أم ا في التحكيم خصوص ا ال دولي‪ ،‬نج د أن ه مكل ف مادي ا‪ ،‬فق د يك ون أعض اء هيئ ة‬
‫التحكيم وأط راف ال نزاع والمح امين من جنس يات مختلف ة أو مقيمين في دول مختلف ة‪ ،‬مم ا‬
‫يعني زيادة مصاريف التحكيم بالنسبة لتنقالتهم واجتماعاتهم في مكان معين‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫ألتعاب المحكمين والمصاريف اإلدارية الخاصة بالمركز الذي ينظم التحكيم في حالة كون‬
‫التحكيم مؤسسيا ‪.‬‬

‫كم ا أن اللج وء إلى التحكيم ال يج يز لمن خس ر دع واه أن يق وم برف ع دع وى جدي دة‬


‫أمام القضاء‪ ،‬وفي كثير من النظم القانونية ومنها تشريعات بعض الدول‪ ،‬مثال‪ :‬كالتشريع‬
‫المص ري نج د أن حكم التحكيم يك ون غ ير قاب ل للطعن في ه ب أي طري ق من ط رق الطعن‬
‫العادية أو غير العادية التي ينص عليها قانون المرافعات‪ ،‬أما الحكم الصادر عن القاضي‬
‫المختص بنظ ر ال نزاع يك ون ق ابال للطعن بط رق الطعن العادي ة وغ ير العادي ة مم ا يس اعد‬
‫على الوصول لحل عادل للنزاع ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطبيعة القانونية للتحكيم‬

‫إن الطبيعة القانونية للتحكيم تكتسي دراستها أهمية كبيرة لما أثارته ه ذه المس ألة من‬
‫جدل فقهي واسع لمعرفة ما إذا كان التحكيم ذا طبيعة تعاقدية أو رضائية‪ ،‬ولما تتميز به‬
‫هذه الطبيعة من القدرة على التوصل إلى حقيقة هذا النظام‪ ،‬ومعرفة الدواعي التي دفعت‬
‫األف راد للج وء إلي ه كطري ق آخ ر غ ير القض اء للعم ل على فض المنازع ات فيم ا بينهم‬
‫ومص در الق وة لحكم التحكيم‪ 34‬ه ذه الطبيع ة لم يتف ق الفق ه والقض اء على توج ه واح د‬
‫لتحدي دها‪ ،‬ف ذهب اتج اه إلى تغليب الطبيع ة العقدي ة للتحكيم حيث ي رى ه ذا التوج ه في‬

‫‪ -‬الدكتور أحمد شرف الدين – دراسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 23‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪44‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الطبيع ة العقدي ة إعط اء حري ة أك بر للمتعاق دين أط راف التحكيم في تحدي د أش كال االتف اق‬
‫والقواع د المنظم ة ل ه‪ ،‬حيث ي دمج أنص ار ه ذا التوج ه اتف اق التحكيم بق رار التحكيم دون‬
‫تمييز ‪.‬‬

‫و ي رى ج انب من الفق ه أن ي رجح الط ابع القض ائي للتحكيم‪ ،‬حيث ي رى أن التحكيم‬
‫يعت بر قض اء إجباري ا تم االتف اق علي ه‪ ،‬بحيث ال يج وز الته رب من أحكام ه‪ ،‬وأن المحكم‬
‫كالقاض ي يق وم بفض ال نزاع المط روح علي ه من خالل الحكم ال ذي يص دره‪ ،‬ف التحكيم في‬
‫صورته التقليدية الشائعة شريك للقضاء في تحقيق العدالة ‪.‬‬

‫و نج د اتج اه آخ ر في الفق ه يأخ ذ بالنظري ة المختلف ة في بي ان الطبيع ة القانوني ة‬


‫للتحكيم‪ .‬هذه االتجاهات المختلفة سنعمل على توضيحها في النقط اآلتية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬النظرية التعاقدية‬

‫أنص ار ه ذه النظري ة ي رون أن الق انون اإلداري ه و الق انون ال ذي يحكم ال نزاع‬

‫وبالت الي ه و الق انون ال واجب التط بيق‪ ،‬فبم ا أن أس اس التحكيم ه و االتف اق بين األط راف‪،‬‬

‫ل ذلك يجب أن يعل و مب دأ س لطان اإلرادة في اختي ار الق انون ال واجب التط بيق على ال نزاع‪،‬‬

‫أم ا من حيث حكم التحكيم فيع د من قب ل مؤي دي النظ رة التعاقدي ة مج رد نتيج ة التف اق‬

‫التحكيم‪ ،‬فالتحكيم ال يكون واجب النفاذ إال بإقرار المحكمة ‪.‬‬

‫يض اف إلى م ا تق دم أن التحكيم في ح د ذات ه ق د يه دف أحيان ا إلى تحقي ق مص الح‬

‫خاص ة ب األطراف المعني ة فق ط‪ ،‬فيبتع د ب ذلك عن المص لحة العام ة المج ردة‪ ،‬كم ا أن‬

‫المحكمين قد يستمدون اختصاصاتهم وسلطاتهم التي تقتصر عليهم وحدهم وبصفة شخصية‬

‫أحيانا من إرادة األطراف المعنية‪ ،‬وبالتالي فإن اختيار هذه األطراف للمحكمين يكون في‬

‫الغالب اختيارا واسعا سواء من حيث عددهم أو حتى من حيث جنسياتهم‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬

‫‪45‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يق رره المحكم ون في كث ير من األحي ان يمكن الطعن أو التج ريح ب ه من قب ل األط راف‬

‫المتنازع ة بـــل ويمكن في ح االت معين ة إع ادة التحكيم للوص ول إلى حل ول تواف ق عليه ا‬

‫األط ـ ـ ــراف‪ ،‬وكل هذه األمور في رأي هذا الجانب من الفقه تؤكد بأن التحكيم في ذاتيته ذو‬

‫طبيعة اتفاقية رضائية تعاقدية‪. 35‬‬

‫لعل ما يؤيد هذا االتجاه أحكام محكمة النقض الفرنسية األولى التي كانت تؤسس‬

‫للنظري ة العقدي ة وف ق األس س المتقدم ة من اتف اق األف راد على التحكيم يع ني تن ازلهم عن‬

‫اللجوء للقضاء وإ عمال إرادتهم في تخويل سلطتهم لمحكمين‪ ،‬وهذه السلطة ال يمكن بالطبع‬

‫أن تك ون قض ائية مم ا يع ني أن التحكيم دعامت ه األساس ية إرادة األف راد‪ ،‬مم ا يض في علي ه‬

‫الصفة العقدية‪.36‬‬

‫لذلك فقد أجمل بعض الفقه أسانيد هذه النظرية فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬حكم المحكمين ال يمكن أن ينفص ل عن إرادة األط راف‪ ،‬ف التحكيم ج وهره ه و انتق اء‬

‫إرادة المحتكمين بقرار المحكم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬سلطة المحكم مصدرها اإلرادة الذاتية ألطراف اتفاق التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬يؤكد القانون الوضعي أن عمل المحكم ليس عمال قضائيا‪ ،‬فقد أجاز أن يكون المحكم‬

‫أجنبيا وأجاز رفع الدعوى مبتدئة ببطالن القرار الذي يصدره كما أن المذكرة االيضاحية‬

‫لقانون المرافعات في نصوصه الملغاة تؤيد الطبيعة العقدية للتحكيم ‪.‬‬


‫‪ -‬الدكتور طالب حسن موسى – الموجز في قانون التجارة الدولية – دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان ‪ 1997‬ص‬ ‫‪35‬‬

‫‪. 157‬‬
‫‪ -‬هالل حم د هالل الس عدي – التحكيم ودوره في تسوية المنازع ات اإلداري ة – دراس ة مقارن ة في الفقه والقض اء –‬ ‫‪36‬‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام – جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أكدال الرباط السنة الجامعية ‪-2007‬‬
‫‪ 2008‬ص ‪. 96‬‬

‫‪46‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ثانيا ‪ :‬النظرية القضائية‬

‫يذهب أنصار هذه النظرية إلى القول‪ " :‬بأن التحكيم ذو طبيعة قضائية ألنه يهدف‬

‫في ج وهره إلى ح ل منازع ات مح ددة‪ ،‬وه ذا ه و اله دف األساس ي للقض اة‪ ،‬كم ا أن ق رار‬

‫التحكيم يتم الت داول في ش أنه وتكتب أس بابه وحيثيات ه‪ ،‬ويح وز حجي ة األم ر المقض ي ب ه‪،‬‬

‫وهو ما تتمتع به بصورة دائمة األحكام القضائية "‪.37‬‬

‫و قد كان ألنصار هذا الرأي العديد من الحجج واألسانيد نذكرها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬تطابق بين التحكيم والقضاء في طريقة الفصل في النزاع وتطبيق حكم القانون‪.‬‬

‫‪ -‬اع تراف الدول ة من خالل النص وص ال واردة في الق وانين ب التحكيم واعتب اره نوع ا من‬

‫أنواع القضاء ‪.‬‬

‫‪ -‬ال تحول بعض الفروقات البسيطة بين النظامين من تمتع التحكيم بالصفة القضائية ‪.‬‬

‫‪ -‬حي ازة ق رار التحكيم لق وة األم ر المقض ي ب ه‪ ،‬وه ذه الحجي ة ال تتم ا ش ى م ع األحك ام‬

‫القضائية‪.‬‬

‫و م ع ذل ك ف إن أنص ار ه ذا االتج اه ي رون أن التحكيم ال تنطب ق علي ه جمي ع قواع د‬

‫الدولة حيث يظل التحكيم اتفاقا‪ ،‬واالتفاق عقد من عقود القانون الخاص‪.‬‬

‫يضاف إلى م ا تق دم أن المحكمين يقومون ب التزام الحياد بين األطراف المتنازع ـ ـ ـــة‬

‫ويأخ ذون خالل تحكيمهم بمب دأ المواجه ة ومب دأ كفال ة ح ق ال دفاع‪ ،‬ويطبق ون في بعض‬

‫األحيان اإلجراءات والقوانين المرعية‪ ،‬وهذه المبادئ والوقائع من مستلزمات وخصائص‬

‫‪ -‬عبد اهلل حمد عمران الشامسي – التحكيم في المنازعات اإلدارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة – رسالة لنيل‬ ‫‪37‬‬

‫دبلوم الماجستير في القانون العام جامعة القاهرة‪ ،‬كلية الحقوق ‪ 2007‬ص ‪. 80‬‬

‫‪47‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫القض اء‪ ،‬كم ا أن ه ذا القض اء ال ذي ينش ؤه وينظم ه المش رع وإ ن ك ان مظه را من مظ اهر‬

‫السلطة وسيادة الدولة فال يجوز القيام به أو مباشرته من قبل أشخاص أو جهات أخرى‪،‬‬

‫إال أن ه ذه الس لطة والس يادة بوس اطة أدواته ا القانوني ة تس تطيع أيض ا وفي ال وقت نفس ه أن‬

‫تـــأذن وتواف ق لمث ل ه ؤالء األش خاص أو لمث ل ه ذه الجه ات على ح ل المنازع ات بين‬

‫األطراف المعنية والراغبة بذلك عن طريق التحكيم‪ ،‬فيكون هذا التحكيم إذن عمال قضائيا‬

‫خالصا‪. 38‬‬

‫ثالثا ‪ :‬النظرية المختلطة‬

‫ي ذهب أنص ار ه ذه النظري ة إلى أن ه إذا ك ان أنص ار النظري تين الس ابقتين يقف ون من‬

‫طبيعة التحكيم موقف المتشدد حيث يضفي عليه البعض الطبيعة التعاقدية في كافة مراحله‬

‫المركب ة والمعق دة والبعض اآلخ ر يعتق دون في طبيعت ه القض ائية‪ ،‬ف اعتبر التحكيم ذا طبيعة‬

‫تعاقدية بسبب االتفاق بين األطراف للجوء للتحكيم‪ ،‬ومن الناحية األخرى يعتبر ذا طبيعة‬

‫قضائية لفصله في المنازعات كالقضاء فيعتبر التحكيم وفقا ألنصار هذا االتجاه ذا طبيعة‬

‫مختلط ة أو مركب ة عقدي ة ‪ /‬قض ائية‪ ،‬حيث يب دأ التحكيم عق دا من خالل االتف اق وينتهي‬

‫قضاء من خالل نظر المنازعة وإ صدار الحكم وحيازة الحكم لقوة الشيء المقضي به ‪.‬‬

‫و م ازال الخالف قائم ا في تحدي د الطبيع ة الخاص ة للتحكيم‪ ،‬حيث ظ ل القض اء‬

‫الفرنس ي متبع ا للنظري ة التعاقدي ة لحكم التحكيم ح تى في أحكام ه الحديث ة وتبعت ه في ذل ك‬

‫محكمة النقض المصرية من خالل إصدار بعض األحكام الدالة على ذلك‪.39‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل حمد عمران الشامسي – التحكيم في المنازعات اإلدارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة مرجع سابق‬ ‫‪38‬‬

‫ص ‪. 80‬‬
‫‪ -‬حكم محكمة النقض الفرنسية صادر في ‪ 28‬يوليو ‪.1937‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪48‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و في ه ذا اإلط ار ذهب الفقي ه "ج ورجي ش فيق" ال ذي رأى ع دم وج وب الرب ط بين‬

‫اتفاق التحكيم وعمل التحكيم ذاته‪.40‬‬

‫فلتحدي د طبيع ة التحكيم يجب النظ ر في مض مون التحكيم كنظ ام بحيث يوض ع في‬

‫االعتب ار االج راءات المتبع ة واالث ار المترتب ة على ذل ك ونوعي ة المحكمين والش روط‬

‫الواجب توافرها فيهم ‪.‬‬

‫و ال يجب النظر لالتفاق العقدي للجوء للتحكيم في حالة المنازعة‪ ،‬فذلك يعد اتفاقا‬

‫للقي ام بمهم ة معين ة وهي التحكيم‪ ،‬ف التحكيم في ذات ه عم ل قض ائي حيث إن التحكيم ينتهي‬

‫بحكم وه ذا الحكم يعت بر قض ائيا ففك رة المنازع ة وكيفي ة النظ ر فيه ا واإلج راءات المتبع ة‬

‫للوصول إلى العدالة كل ذلك يؤصل الطبيعة القضائية للتحكيم ‪.‬‬

‫و استنادا إلى ما سبق يمكن القول أن اتفاق األطراف على اللجوء إلى التحكيم هو‬

‫البداي ة‪ ،‬وإ ذا لم يتفق وا على اللج وء للتحكيم لم يج برهم أح د ومن تم ف إن أول أذرع العالق ة‬

‫ه و رض اء الط رفين‪ ،‬وذراعه ا الث اني ه و تخوي ل المش رع المحكم الفص ل في ال نزاع وف ق‬

‫النص وص القانوني ة ال تي تحكم العالق ة‪ ،‬وأج از الطعن في ه ذا الق رار س واء ب البطالن أو‬

‫باالس تئناف ومن تم فق د اعت بره قض اء أول درج ة وإ ال لم ا أج از اس تئنافه وجع ل ه ذا‬

‫االستئناف أمام محكمة استئناف‪.‬‬

‫و من جماع ما تقدم يبين أن التحكيم هو مزيج من االتفاق والقضاء وهو ما نميل‬

‫معه إلى ترجيح النظرية المختلطة ‪.‬‬

‫‪ -‬ج ورجي ش فيق س اري – التحكيم وم دى ج واز اللج وء إلي ه لفض المنازع ات في مج ال العق ود اإلداري ة – دار‬ ‫‪40‬‬

‫النهضة العربية القاهرة ‪ 2005‬ص ‪. 44‬‬

‫‪49‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التطور التاريخي للتحكيم وأنواعه‬

‫في ظ ل التط ور الس ريع ال ذي يش هده الع الم من كاف ة الن واحي وخاص ة االقتص ادية‬

‫منها‪ ،‬برزت الحاجة إلى اللجوء إلى التحكيم كأسلوب لفض المنازعات‪ ،‬لما يتمتع به من‬

‫مميزات تعمل على إنهاء الخصومة بين أطرافها كما يبتغون حيث بدأت القوانين المنظمة‬

‫له تصدر واحدا تلو اآلخر‪ ،‬والتحكيم عرف منذ أقدم العصور‪ ،‬حتى يمكن القول أنه سبق‬

‫نش وء الق وانين والمح اكم في الت اريخ‪ ،‬ف التحكيم نظ ام ق ديم عرف ه اليون انيون الق دماء‬

‫والروم ان‪ ،‬عرف ه الع رب قب ل اإلس الم‪ ،‬ثم وض عت قواع ده بع د ظه ور اإلس الم في الفق ه‬

‫اإلسالمي ثم طورته بعد ذلك التشريعات حتى يساير التطورات الحديثة التي طرأت على‬

‫التجارة وخاصة التجارة الدولية ‪.‬‬

‫ف التحكيم يعت بر أعلى مراح ل التط ور ال ذي وص لت إلي ه الجماع ات الفطري ة‪ ،‬وق د‬

‫استقرت فكرة التحكيم في أذهان الناس وألفوا االلتجاء إليها حتى أصبحت عادة أصيلة في‬

‫نفوس هم‪ ،‬وم ع ذل ك ك ان االلتج اء إلى التحكيم اختياري ا وتنفي ذ الحكم الص ادر م تروك أم ره‬

‫إلى المتنازعين‪.41‬‬

‫و إذا ك ان التحكيم كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك يع د وس يلة ودي ة للفص ل في‬

‫المنازعات التي تثور بين األفراد عن طريق القضاء العام في الدولة فإنه بذلك يتشابه مع‬

‫غيره من األنظمة الودية األخرى‪ ،‬كما أن التحكيم يتخذ عدة أنواع في الواقع العملي ‪.‬‬

‫كل هذه األفكار سنعمل على توضيحها في فرعين نتناول في األول تطور التحكيم‬

‫في األنظمة المختلفة ثم نخصص الثاني ألنواع التحكيم‪. 42‬‬


‫‪ -‬اسماعيل االسطل – التحكيم في الشريعة اإلسالمية – مكتبة النهضة العربية بدون تاريخ ص ‪. 24‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ -‬اسماعيل االسطل – التحكيم في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 24‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪50‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفرع األول ‪ :‬تطور التحكيم في األنظمة المختلفة‬

‫تعتم د الدول ة وهي بص دد قيامه ا بالتزاماته ا س واء في تنفي ذ السياس ات العمومي ة في‬

‫مج ال التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة أو بن اء هياك ل ومؤسس ات إداري ة إلى العدي د من‬

‫األس اليب والتنظيم ات‪ ،‬فهي ق د تلج أ إلى إص دار ق رارات إداري ة‪ ،‬وق د تلج أ إلى آلي ة‬

‫التراض ي واالتف اق م ع غيره ا المتمثل ة في إب رام عق ود إداري ة‪ ،‬ه ذه األخ يرة ق د ينجم عن‬

‫تنفي ذها منازع ات تس تلزم بالض رورة حله ا‪ ،‬ومن المعل وم أن القض اء الرس مي ه و ص احب‬

‫االختص اص للنظ ر في ه ذه المنازع ات‪ ،‬ولكن ل تراكم وتعق د المس اطر وبطء اإلج راءات‬

‫فضال عن تشكك الطرف األجنبي المتعاقد مع الدولة في مدى حياد القاضي الوطني‪ ،‬لذلك‬

‫ك ان من الض روري البحث عن وس يلة أخ رى لحس م منازع ات العق ود اإلداري ة ومن هن ا‬

‫ظه ر التحكيم كوس يلة مثالي ة لحس م منازع ات ه ذه العق ود خروج ا على األص ل الع ام في‬

‫اختص اص القض اء بنظ ر ه ذه المنازع ات وهك ذا ازدادت أهمي ة ال دور ال ذي أص بح يلعب ه‬

‫التحكيم اإلداري في ال وقت الح الي في حس م منازع ات العق ود اإلداري ة بع د تراج ع دور‬

‫الدولة وسلطتها في مجال اإلشراف على التنمية والتجارة في ميدان تنفيذ العديد من العقود‬

‫فضال عن تزايد عدد القضايا أمام المحاكم وبطء إجراءات التقاضي‪ ،‬باإلضافة إلى وجود‬

‫بعض العق ود ال تي يعت بر التحكيم الوس يلة الناجع ة لحس م منازعاته ا كعق د األش غال العام ة‪،‬‬

‫وهك ذا أص بح يتن امى االهتم ام في وقتن ا الحاض ر ب التحكيم في المنازع ات اإلداري ة وال تي‬

‫تث ور في المجتم ع ال داخلي أو ال دولي حيث ب دأ التحكيم على مش ارف عص ر جدي د‪ ،‬وم رد‬

‫ذلك إلى الثورة المعلوماتي ــة وظهور مجاالت قانونية متخصصة بأنماطه إلى درجة أصبح‬

‫فرع ا قانوني ا مس تقال‪ ،‬الش يء ال ذي دف ع العدي د من األنظم ة إلى اللج وء إلى التحكيم نظ را‬

‫‪51‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لبس اطته وس رعة اجراءات ـ ـ ـ ـــه وخض وعه للتط ور باس تمرار‪ ،‬ه ذه األنظم ة هي عدي دة‬

‫ومتع ددة س نعمل على التط رق إلى البعض منه ا نظ را ألهميته ا في الفق رات الموالي ة‬

‫مخصص ين الفق رة األولى للتط ور الت اريخي للتحكيم في فرنس ا والثاني ة لتط ور التحكيم في‬

‫مص ر والثالث ة للتط ور الت اريخي للتحكيم في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة أم ا الفق رة‬

‫الرابعة واألخيرة سنخصصها لتطور التحكيم اإلداري في دولة المغرب ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التطور التاريخي للتحكيم في فرنسا‬

‫إن التحكيم صادف في كل من دولة من الدول التي ورثت القانون الروماني عقبات‬

‫وتيارات متعارضة فكان له في كل دولة منها طابع خاص‪ ،‬ففي فرنسا ظل التحكيم طوال‬

‫الق رون الوس طى نقط ة تص ادم بين المل ك والبرلمان ات ه ذا بري د تش جيعه‪ ،‬وتل ك تبغي‬

‫تحريم ه لكيال يتخ ذ أداة لس لب اختصاص ها القض ائي‪ ،‬ومن ص ور ه ذا الص راع أن المل ك‬

‫فرانس وا الث اني أص در مرس وما ع ام ‪ 1560‬يجع ل التحكيم إجباري ا في المس ائل التجاري ة‬

‫وقسمة التركات‪ ،‬ويشترط للطعن في قرار المحكم أمام القضاء العادي تنفيذ القرار أوال أو‬

‫أداء الج زاء الم الي إن ك ان مش روطا ‪،‬و على ال رغم من ه ذا المرس وم ظلت بعض‬

‫البرلمان ات ال تقب ل التحكيم أص ال‪ ،‬وج رى بعض ها اآلخ ر على قب ول الطعن في ق رارات‬

‫المحكمين دون شرط أو قيد‪.43‬‬

‫ثم جاءت الثورة الفرنسية تنادي بالحرية بكل المجاالت وبينها في مجال التعاقـ ـــد‪،‬‬

‫وله ذا ب اركت نظ ام التحكيم بوص فه مظه را من مظ اهر ه ذه الحري ة واعتبرت ه كم ا يق ول‬

‫دستور فرنسا عام ‪ 1971‬الوسيلة المثلى إلنهاء المنازعات بين المواطنين وحقا مقدرا لها‬

‫‪ -‬ناريمان عبد القادر – اتفاق التحكيم – الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1996‬ص ‪. 38‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪52‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ال يج وز للش ارع االنتق اص من ه وزاي د دس تور ع ام ‪ 1793‬فجع ل التحكيم إجباري ا في‬

‫المنازعات المتعلقة بتوزيع األموال العامة ‪.‬‬

‫في الع ام ‪ 1806‬ش هد اتس اع نط اق التحكيم في فرنس ا انتكاس ه أدت إلى تض ييق‬

‫نطاق ه بع د ص دور ق انون وص ول المحاكم ات المدني ة‪ ،‬حيث اتس م ه ذا الق انون بمعارض ة‬

‫للتحكيم اإللزامي من جهة وتكريس التحكيم االختياري مع تضييق نطاقه ‪.‬‬

‫و ق د ب ررت الدول ة وقته ا ه ذا النك وس‪ ،‬ب أن العدال ة هي من ص الحيات الدولـ ـ ـ ـ ـــة‪،‬‬

‫واعتب ار أن التحكيم ي ؤدي إلى عدال ة مس تبدة‪ ،‬بعي دة عن ت دخل القاض ي‪ ،‬ومن جه ة أخ رى‬

‫فق د ك رس ق انون التج ارة ايج اد مح اكم التج ارة ال تي تختص ب التحكيم في النزاع ات بين‬

‫التج ار‪ ،‬إال أن ط ول اإلج راءات والبطء في الفص ل في المنازع ات التجاري ة‪ ،44‬أدى إلى‬

‫خسارة المال والوقت مما أعطى المبرر للجوء إلى التحكيم مرة أخرى وايقاف صالحيات‬

‫محاكــم التج ارة ‪.‬ه ذا القض اء قوب ل بعاص فة من النقض بلغت أش دها في أعق اب الح رب‬

‫العالمية األولى عندما زاد حجم التجارة الدولية وذاع في مجالها شرط التحكيم السابق على‬

‫قيام الن ـ ـ ــزاع واعترفت غالبية التشريعات بصحة هذا الشرط فاضطر الشارع الفرنسي إلى‬

‫التدخل بالقانون الصادر في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1925‬الذي أضاف إلى المادة ‪ 231‬من القانون‬

‫التج اري فق رة جدي دة تج يز للمتعاق دين االتف اق وقت التعاق د على التحكيم في المس ائل‬

‫الم ذكورة في الفق رة األولى من ه ذه الم ادة وهي المس ائل ال تي من اختص اص القض اء‬

‫التج اري (تعه دات التج ار فيم ا بينه ـ ـ ـ ـــم ومس ائل الش ركات والمس ائل المتعلق ة باألعم ال‬

‫التجاري ة أي ا ك انت ص فة الق ائمين بـ ـ ـــها)‪ ،‬وب ذلك أض اف الش ارع الفرنس ي إلى التفرق ة بين‬

‫‪ -‬ناريمان عبد القادر – اتفاق التحكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 38‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪53‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األعمال التجاريـ ـ ـ ــة واألعمال المدنية أهمية جديدة إذ صار شرط التحكيم السابق على قيام‬

‫النزاع جائزا في األولى‪ ،‬باطال في الثانية‪.45‬‬

‫استمرت نصوص التحكيم في قانون المرافعات الفرنسي التي وردت في قانون سنة‬

‫‪ 1806‬مطبق ة لف ترة طويل ة دون أن ينتابه ا تغي ير ج ذري‪ ،‬رغم ذي وع التحكيم في الحي اة‬

‫العملية‪ ،‬ورغم انتشار المؤسسات التي تتولى التحكيم‪ ،‬ورغم اختالف القضاء حول تطبيق‬

‫العديد من نصوص هذا القانون‪ ،‬تدخل المشرع الفرنسي أخيرا بمرسوم رقم ‪ 354/80‬في‬

‫‪ 1980-05-14‬وق د عم ل ب ه اعتب ارا من ‪ 1980-10-01‬مس تحدثا تنظيم ا تش ريعيا‬

‫متكامال للتحكيم في القانون الداخلي وقد أدرجت نصوص هذا المرسوم فيما بعد في صلب‬

‫قانون المرافعات في المواد من ‪. 1491-1442‬‬

‫و يمكن القول بصفة عامة بأن هذا التشريع الجديد قد احتفظ بالفلسفة العامة لنظام‬

‫التحكيم كما جاءت في القانون الملغى‪ ،‬ولكنه يختلف مع ذلك عنه في كثير من المسائـ ـــل‪،‬‬

‫وهو قد قنن كثيرا من المبادئ التي ثار عليها القضاء في السنوات األخيرة قبل صدوره‪،‬‬

‫كم ا قنن بعض م ا ج رى علي ه العم ل أم ام هيئ ات التحكيم المؤسس ي‪ ،‬كم ا حس م كث يرا من‬

‫الخالف ات ال تي انقس م بش أنها الفق ه والقض اء وخاص ة قض اء محكم ة النقض ومحكم ة‬

‫االس تئناف ب اريس‪ ،‬بع د ه ذا ت دخل المش رع م رة أخ رى ونظم التحكيم ال دولي ألول م رة‬

‫بمرس وم رقم ‪ 500/81‬في ‪ 1981-5-12‬ال تي أدرجت نصوص ه فيم ا بع د في ص لب‬

‫ق انون المرافع ات في المطلب الخ امس من البحث المخص ص للتحكيم‪ ،‬وق د عن ون المش رع‬

‫الفرنس ي ه ذا المطلب باس م التحكيم ال دولي ويتض من ه ذا المطلب الم واد من ‪ 1492‬إلى‬

‫‪ -‬ماجد محمد فهاد تربان – إشكالية التحكيم في العقود اإلدارية " دراسة مقارنة " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪45‬‬

‫العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية ‪ 2012 – 2011‬ص ‪. 111‬‬

‫‪54‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ ،1507‬ه ذا التحكيم ق د أح دث وض عا جدي دا بمعالجت ه لموض وع االع تراف ب القرارات‬

‫التحكيمي ة الص ادرة في الخ ارج أو في م ادة التحكيم ال دولي وتنفي ذها إجباري ا ووس ائل‬

‫المراجع ة بص ددها‪ ،‬ورغم أن فرنس ا ق د وقعت على اتفاقي ة نيوي ورك فق د ك ان الق انون‬

‫الفرنسي السابق صامتا‪ ،‬بصدد تمكين القاضي من االعتراف بقضاء تحكيمي ما‪ ،‬دون أن‬

‫يعمد إلى منحه الصيغة التنفيذية ‪.‬‬

‫و ي ترتب عن االع تراف ب القرار التحكيمي عن منح ه الص يغة التنفيذي ة ب أن الق رار‬

‫بش أنه ينحص ر في مراقب ة قانوني ة الق رار التحكيمي واالع تراف ل ه بق وة القض ية المقض ية‪،‬‬

‫دون أن يعمد إلى منحه الصيغة التنفيذية ‪.‬‬

‫و في ه ذا الص دد ف إن الق رارات التحكيمي ة الص ادرة في فرنس ا في م ادة التحكيم‬

‫ال دولي ال يمكن اعتباره ا بمثاب ة حكم فرنس ي‪ ،‬وهي غ ير خاض عة لالس تئناف‪ ،‬وال يمكن‬

‫بصددها اللجوء للمطالبة بإبطالها‪ ،‬األمر الذي يقرب ما بينها وبين العقود‪ ،‬ومن جهة ثانية‬

‫ف إن الق رارات التحكيمي ة الص ادرة في الخ ارج ليس ت بمثاب ة حكم أجن بي األم ر ال ذي ك ان‬

‫يقض ي من قاض ي التنفي ذ التحق ق من كونه ا ص حيحة وقابل ة للتنفي ذ ال ذي ص درت في ه‪ ،‬ب ل‬

‫هي بمثابة عمل خاص يقوده قاضي التنفيذ بكثير من الحرية‪. 46‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في مصر‬

‫إن المش رع المص ري ق د تن اول موض وع التحكيم بش كل متكام ل م ع أن ه موض وع‬

‫حديث النشأة ولم يطرح في مصر بأهميته إال خالل العقدين األخيرين‪.‬‬

‫‪-3‬د‪/‬ن دير بن محم د الطيب أوه اب ‪:‬نظري ة العق ود الإلداري ة‪ ،‬دراس ة مقارن ة بين الفق ه اإلس المي و الق انون‪1427،‬ه‪2006-‬م‪،‬مرك ز‬ ‫‪46‬‬

‫البحوث‪،‬معهد اإلدارة العامة‪،‬المملكة العربية السعودية‪،‬ص‪.8-6‬‬

‫‪55‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إال أن ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة الص ادر ب األمر الع الي الم ؤرخ في ‪13‬‬

‫نوفم بر س نة ‪ 1883‬م ق د أف رد بأكمل ه من التنظيم الخ اص ب التحكيم تحت عن وان تحكيم‬

‫المحكمين‪.47‬‬

‫و ق د وقعت األحك ام التفص يلية له ذا الفص ل في ‪ 26‬م ادة هي الم واد من ‪ 702‬إلى‬

‫‪ 727‬وحملت تنظيم ا قانوني ا متط ورا ومتك امال للتحكيم‪ ،‬حيث جعلت األم ر فيه ا تعاق ديا‬

‫مرهون ا ب إرادة المتعاق دين‪ ،‬واس تلزمت ثب وت مش ارطة التحكيم بالكتاب ة كم ا ح ددت آج اال‬

‫إلنه اء إج راءات التحكيم ورس مت الطري ق لتع يين محكم عن الط رف ال ذي يتق اعس عن‬

‫تعيين محكمه‪ ،‬ثم بينت كيفية الطعن في أحكام المحكمين ‪.‬‬

‫و قد ظل هذا التنظيم هو التنظيم القانوني الناقد في مسائل التحكيم حتى ألغى قانون‬

‫المرافعات القديم وحل محله قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ‪ 77‬لسنة ‪ 1949‬الذي‬

‫عالج مسائل التحكيم في الباب الثالث من الكتاب الثالث تنظيما أوفى عما كان عليه الحال‬

‫في التنظيم القديم‪ ،‬حين احتوى هذا الباب المواد من ‪ 818‬إلى ‪. 850‬‬

‫و بالرغم من توافق التنظيم القانوني المتقدم للتحكيم كطريق ميسر لفض المنازع ات‬

‫منذ عام‪ ،‬إال أنه طوال الفترة الممتدة منذ ذلك التاريخ حتى صدور قانون المرافع ات الت الي‬

‫في ع ام ‪ 1949‬ب ل وإ لى م ا بع د الف ترة الممت دة من ذ ذل ك الت اريخ لس نوات لم يح ظ التحكيم‬

‫على مس توى الواق ع الفعلي بأهمي ة ت ذكر‪ ،‬وظ ل اللج وء إلى القض اء ه و الطري ق ص احب‬

‫الهيمنة الساحقة لتسوية المنازعات ‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد محمد عبد البديع شتا – شرح قانون التحكيم – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2005‬ص ‪. 47‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪56‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يالحظ من خالل ما تقدم غياب النص التشريعي الصريح ح ول ج واز التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬وهك ذا نص ت الم ادة ‪ 501‬من ق انون المرافع ات المدني ة رقم ‪ 13‬لس نة‬

‫‪ 1968‬على " يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة‪ ،‬كما يجوز‬

‫االتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين "‪.‬‬

‫إن ظ اهر النص أج از التحكيم في جمي ع المنازع ات‪ ،‬ولكن م ا يحمل ه بين ثناي اه من‬

‫مع ان تتطلب تفس يرا ل ه‪ ،‬وبم ا أن ه ذا الق انون يختص بالمنازع ات المدني ة فإن ه ال يف ترض‬

‫فيه توجيه قصده إلى العقود اإلدارية‪.48‬‬

‫و ص در بع د ذل ك الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬في ش أن الم واد المدني ة والتجاري ة‬

‫وق د ح ددت الم ادة األولى من ه نط اق تطبيق ه على ك ل تحكيم بين أط راف من أش خاص‬

‫القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العالقة القانونية التي يدور حولها النزاع‪،‬‬

‫ومع ذلك ظ ل الخالف قائم ا بين الفقه اء وفي القض اء المص ري على جواز أو عدم جواز‬

‫االتفاق على التحكيم في العقود اإلدارية‪.49‬‬

‫أما القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬فقد تم إصداره بسبب الجدل الذي أثاره ص دور حكم‬

‫لمحكم ة اس تئناف الق اهرة بت اريخ ‪ 19‬م ارس ‪ 1997‬وال ذي أج از االتف اق على التحكيم في‬

‫العقود اإلدارية‪ ،‬مما دفع بالحكومة بالعمل على تقديم مشروع قانون لتعديل قانون التحكيم‬

‫السابق رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬ينص صراحة على التحكيم في العقود اإلدارية ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل حمد عمران الشامسي – التحكيم في المنازعات اإلدارية في دولة اإلمارات العربية المتحدة – رسالة لنيل‬ ‫‪48‬‬

‫درجة الماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة القاهرة كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2007‬ص ‪. 64‬‬
‫‪ -‬ع اطف ش هاب – اتف اق التحكيم التج اري ال دولي واالختص اص التحكيمي ‪ ،‬فت وى الجمعي ة العمومي ة للفت وى‬ ‫‪49‬‬

‫والتشريع بجلستها بتاريخ ‪ – 1996-12-18‬ص ‪110‬‬

‫‪57‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هذا القانون أضاف فقرة ثانية للمادة األولى من القانون الذي سبقه نصت على أن ـ ـــه‬

‫"‪ ...‬وبالنس بة إلى منازع ات العق ود اإلداري ة يك ون االتف اق على التحكيم بموافق ة ال وزير‬

‫المختص أو من يت ولى اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة‪ ،‬وال يج وز‬

‫التفويض في ذلك "‪.‬‬

‫و اس تنادا إلى ق انون التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة رقم ‪ 27‬لس نة ‪1994‬‬

‫يج وز التحكيم في الخ ارج في المنازع ات المث ارة بش أن ه ذه العق ود‪ ،‬إال أن ه بالنس بة للحكم‬

‫الصادر في الخارج يشترط إلصدار أمر بتنفيذه في القضاء المصري توافر شرطين هما‪:‬‬

‫‪ -‬أن يك ون ص ادرا في مس ألة يج وز فيه ا التحكيم في الق انون المص ري وع دم اختص اص‬

‫المحاكم المصرية بنظر النزاع‪.50‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في دولة اإلمارات‬

‫عملت دولة اإلمارات العربية المتحدة أسوة بباقي الدول العربية على إعداد قانون‬

‫التحكيم حيث أف رد المش رع بالفص ل التاس ع من الق انون المحلي رقم ‪ 3‬لس نة ‪ 1970‬أحك ام‬

‫التحكيم من الم ادة ‪ 82‬إلى ‪ 94‬معم وال به ا ح تى ص دور الق انون االتح ادي رقم ‪ 11‬لس نة‬

‫‪ 1992‬في ش أن اإلج راءات المدني ة وال ذي ب دأ نف اذه في ‪ 1992-06-08‬فخص التحكيم‬

‫في الباب الثالث بالمواد ‪ 203‬إلى ‪ 218‬وهكذا نصت المادة ‪ 203‬على ‪:‬‬

‫‪ – 1‬يجوز للمتقاعدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد األساسي أو باتفاق الحق عرض‬

‫م ا ق د ينش أ بينهم من ال نزاع في تنفي ذ عق د معين على محكم أو أك ثر‪ ،‬كم ا يج وز االتف اق‬

‫على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة ‪.‬‬


‫‪ -50‬د‪ .‬مصطفى محمود عفيفي‪ :‬الوسيط في مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دراسة نظرية تطبيقية مقارنة في تنظيم ونشاط اإلدارة‪ ،‬كلية شرطة دبي‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ،1990‬ص‪.225 :‬‬

‫‪58‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 2‬وال يثبت االتفاق على التحكيم إال بالكتابة ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ويجب ان يح دد موض وع ال نزاع في وثيق ة التحكيم أو أثن اء نظ ر ال دعوى ول و ك ان‬

‫المحكمون مفوضين بالصلح وإ ال كان التحكيم باطال ‪.‬‬

‫‪ -4‬وال يج وز التحكيم في المس ائل ال تي ال يج وز فيه ا الص لح وال يص ح االتف اق على‬

‫التحكيم إال ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع ‪.‬‬

‫‪ – 5‬وإ ذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع ما فال يجوز رفع الدعوى به أمام القض ـ ـــاء‬

‫ومع ذل ك إذا لجأ أحد الط رفين إلى رفع ال دعوى دون اعتداد بش رط التحكيم ولم يعترض‬

‫الطرف اآلخر في الجلسة األولى جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم الغيا‪. 51‬‬

‫بينت هذه المادة أنه يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة‪،‬‬

‫كما يجوز االتفاق على التحكيم في المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين‪ ،‬وأوجبت هذه‬

‫الم ادة أن ه يثبت االتف اق على التحكيم كتاب ة ومن تم ال يمكن إثب ات االتف اق على التحكيم‬

‫بشهادة الشهود أو باليمين مهما تكن قيمة المتفق بصدده على التحكيم أو نوعه‪ ،‬وكما تلزم‬

‫الكتاب ة إلثب ات عق د التحكيم تل زم أيض ا اإثب ات ك ل ش رط من ش روطه‪ ،‬وال يتطلب الق انون‬

‫ش كال خاص ا في مش ارطة التحكيم‪ ،‬فللط رفين أن يحرراه ا ب أي ش كل أرادا ش أن العق ود‬

‫األخـــرى‪ ،‬ول ذلك ال يتقي د ش كلها بلف ظ م ا‪ ،‬وم ا أق ره الخص م يغ ني عن الكتاب ة إذ ك ل م ا‬

‫يتطلبه القانون أن يكون شرط التحكيم صريحا وثابتا بصورة ال تقبل الشك‪ ،‬فالكتابة إذن‬
‫‪52‬‬
‫شرط إلثبات العقد لوجود ‪.‬‬

‫‪ - 51‬د‪ .‬محمد البخاري‪ :‬منازعات العقد اإلداري في نطاق القضاء الشامل‪ ،‬مجلة الملحق القضائي‪ ،‬عدد ‪ ،35‬أكتوبر ‪ ،2008‬ص‪.107‬‬
‫‪ -‬راشد علي الم رزوقي – التحكيم البح ري ودوره في تسوية المنازع ات – دراسة تحليلي ة أطروحة لني ل الدكتوراه‬ ‫‪52‬‬

‫في القانون العام جامعة عبد المالك السعدي – كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية ‪ 2011‬ص ‪ 2012‬ص ‪. 94‬‬

‫‪59‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و حظ رت ه ذه الم ادة التحكيم في المس ائل ال تي ال يج وز فيه ا الص لح كمس ائل‬

‫األح وال الشخص ية والجنس ية‪ ،‬فبالنس بة إلى مس ائل األح وال الشخص ية ف إن اإلجم اع ينعق د‬

‫على تقسيمها إلى مواد متصلة ب األحوال الشخصية البحثة ومواد تتص ل بالمص الح المالية‬

‫أي تتصل بالمال‪ ،‬واألولى وحدها هي التي ال يجوز التحكيم في خصوصه تتصل بما إذا‬

‫كان عقد الزواج صحيحا أو باطال أو خصومة بما إذا كان شخص ما يعتبر وارثا أو غير‬

‫وارث‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا نص ت الم ادة ‪ 205‬من الق انون نفس ه على " ع دم ج واز تف ويض‬

‫المحكمين بالصلح إال بتحديد أسمائهم في االتفاق التحكيمي أو اتفاق الحق له‪ ،‬مما يخرج‬

‫بعض القوانين من نطاق التحكيم كقانون العقوبات واألحوال الشخصية ‪.‬‬

‫و تخرج بعض المسائل عن نطاق التحكيم في بعض القوانين األخرى كقانون تنظيم‬

‫الوكاالت التجارية‪.53‬‬

‫فالم ادة ‪ 203‬توض ح لن ا أن ه بص دور أول ق انون للمرافع ات في دول ة اإلم ارات ق د‬

‫تض منت ج واز االتف اق على التحكيم‪ ،‬ولكن ه ل يتم ذل ك في المس ائل المدني ة فق ط أم أنه ا‬

‫تضم معها المسائل اإلدارية ؟‬

‫فب الرجوع للق وانين ال تي س بقتنا في ذل ك النظ ام وم ا أثارت ه من ج دل بين الفق ه‬

‫والقض اء ينبغي أن تفس ر تل ك الم ادة على أن القص د من ج واز االتف اق على التحكيم يع ني‬

‫في المسائل المدنية فقط وينبغي أن يصدر نص خاص بجوازه في المسائل اإلدارية انتقاد‬

‫ألي جدل فقهي يمكن أن يثيره ذلك الغموض‪ ،‬فمن الناحية النظرية لم يتطرق ذلك القانون‬
‫‪ -‬السيد المراكبي – التحكيم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2001‬ص‬ ‫‪53‬‬

‫‪. 130‬‬

‫‪60‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للتحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬أما من الناحية العملية فإن الدولة تلجأ إلى التحكيم في العقود‬

‫اإلدارية وخاصة في المسائل الدولية‪. 54‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في دولة المغرب‬

‫لقد تبنى المغرب منذ عهد الحماية سياسة االقتصاد الحر المفتوح في وجه الشركاء‬

‫األجانب‪ ،‬وإ بان إبرام اتفاقية الحماية صدر قانون االلتزامات والعقود في ‪،1913-8-12‬‬

‫هذا القانون الذي نظم التحكيم في المغرب وذلك في الباب الخامس عشر من القسم الس ابع‪،‬‬

‫إذ خص ص ل ه الفص ول من ‪ 527‬إلى ‪ ،543‬وك ان ه ذا التحكيم يخص الم واد المدني ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫والتجاري ة دون الم واد اإلداري ة‪ ،‬حيث س يالحظ جلي ا ب أن المش رع المغ ربي بقي ثابت ا على‬

‫المبدأ العام الذي يحرم على الدولة اللجوء إلى التحكيم فقد نص في مادته ‪ 527‬على أنه "‬

‫لك ل األش خاص أن يتفق وا على التحكيم في الحق وق ال تي يملك ون التص رف فيه ا باس تثناء‬

‫المس ائل ال تي تتعل ق بالنظ ام الع ام " كم ا أن الم ادة ‪ 186‬من نفس الق انون ك انت تقض ي‬

‫بوج وب تبلي غ النياب ة العام ة لح ل ال دعاوى ال تي تمس النظ ام ولح ل ال دعاوى ال تي تتعل ق‬

‫بال دول والبلدي ـــات والمؤسس ات العمومي ة‪ ،‬ثم ج اء بع د ذل ك ق انون المس طرة المدني ة لس نة‬

‫‪ 1974‬والمصادق عليه بتاريخ ‪ 28‬شتنبر ‪ 1974‬والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر‬

‫‪ 1974‬ف ألغى ك ل مقتض يات الظه ير الس ابق لس نة ‪ 1913‬وق ام بإع ادة تنظيم التحكيم في‬

‫الباب الثامن من القسم الخامس أي من الفصول ‪ 306‬إلى ‪. 327‬‬

‫و المالحظ أن قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 1974‬م لم يأت بجديد يذكر ألن المنع‬

‫بقي قائم ا حس ب نص الم ادة ‪ ،306‬كم ا أن وج وب تبلي غ النياب ة العام ة في ال دعاوى ال تي‬

‫‪ ،Dunsher de abranches -54‬التحكيم والعق ود المتعلق ة باألعم ال العلمي ة‪ ،‬والتكنولوجي ة والبحثي ة‪ ،‬واس تخدام المخترع ات‪ ،‬والدراي ة الفني ة‪،‬‬
‫تقرير مقدم إلى المؤتمر الدولي الرابع للتحكيم‪ ،‬موسكو ‪ 6-3‬أكتوبر ‪ ،1972‬مجلة التحكيم ‪ ،1972‬بند ‪ ،17‬ص ‪.284‬‬

‫‪61‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تكون الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية طرفا بقي قائما‪ ،‬حسب نص المادة‬

‫‪ 9‬من نفس القانون ‪.‬‬

‫و رغبة من المشرع المغربي بأهمية المشاركة في المنظمة االقتصادية العالمـ ـ ـــية‪،‬‬

‫والتي نال التحكيم فيها مكانة عظيمة‪ ،‬إذ أن عدم المشاركة يعني العزلة والصيرورة إلى‬

‫عالم آخر‪ ،‬لذا فقد أجاز التحكيم في مجال منازعات االستثمار القائمة بين الدولة والشخص‬

‫األجن بي‪ ،‬وذل ك رغم الحض ر المض روب على التحكيم بم وجب الفص ل ‪ 306‬حيث أثبتت‬

‫الممارس ة التعاقدي ة أن المغ رب أخ ذ بنظ ام التحكيم كوس يلة لفض المنازع ات الواقع ة في‬

‫مجال االستثمار األجنبي‪ ،‬ومنها العقد بين مكتب األبحاث والمساهمات المعدنية وشركة‬

‫‪ ELF‬الف الفرنسية سنة ‪ ،1979‬والعقد المبرم بين المملكة المغربية وشركة شال‬

‫االنجليزي ة فــي ‪ 1975-11-05‬ليبقى ب ذلك المن ع محص ورا على العالق ات الداخلي ة دون‬

‫الدولية‪. 55‬‬

‫و تحت ضغط التطورات االقتصادية اهتم المشرع اإلداري بالمغرب بضرورة خلق‬

‫محيط قانوني مالئم لالستثمار بشكل عام‪ ،‬وجاذبا للمستثمرين األجانب في عصر عولمة‬

‫الص فقات وعولم ة االقتص اد والتن افس بين األنظم ة القانوني ة الوطني ة‪ ،‬ألن المس تثمرين في‬

‫‪ -‬لقد نصت المادة ‪ 306‬من قانون المسطرة المدنية المغربي على ‪ " :‬يمكن لألشخاص الذين يتمتعون باألهلية أن يوافقوا على‬ ‫‪55‬‬

‫التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها غير أنه ال يمكن االتفاق عليه ‪:‬‬
‫‪ -‬في الهبات والوصايا المتعلقة باألطعمة والمالبس والمساكن ‪.‬‬
‫‪ -‬في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام ‪.‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جنائي – النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد األثمان والتداول الجبري والصرف والتجارة‬
‫الخارجية ‪...‬‬
‫راج ع في الموض وع ‪ :‬التحكيم في العق ود اإلدارية – رس الة لني ل دبل وم الدراسات العليا المعمقة – جامعة عبد المالك السعدي –‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة السنة الجامعية ‪ 2008-2007‬ص ‪. 22‬‬

‫‪62‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫حاج ة إلى ج و من األمن الق انوني يعطي لهم رؤي ة واض حة بخص وص التش ريع ال واجب‬

‫التطبيق ويطمئنهم على حل نزاعاتهم بالطرق البديلة عن القضاء وفي مقدمتها التحكيم ‪.‬‬

‫و من أجل إحداث ممارسة تحكيمية بالمغرب تعنى بفاعلية التحكيم اإلداري وجدواه‬

‫في خدمة المصلحة العامة والعليا للدولة‪ ،‬كأحد أهم الوسائل القانونية المعترف لها بتسوية‬

‫المواد اإلدارية وتحقيق النمو االقتصادي دون اإلخالل بالمركز المالي لميزانية الدولة ‪.‬‬

‫و تجاوب ا م ع ه ذا االهتم ام عم ل المش رع اإلداري على إص دار ق انون رقم ‪08.05‬‬

‫قضى بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1-7-169‬بتاريخ ‪ 30‬نوفمبر ‪ 2007‬والذي نس ـ ـ ـ ـ ـــخ‬

‫‪.‬‬ ‫‪56‬‬
‫وعوض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية لسنة ‪1974‬‬

‫و بناء على ما جاء في مقتضيات هذا القانون‪ ،‬يتبين أن المشرع المغربي قد خطا‬

‫خطوات جد ايجابية في إقرار التحكيم في مجال العقود اإلدارية التي تحتوي طياتها عقود‬

‫ص فقات الدول ة‪ ،‬كم ا أق ر إلى جانب ه وألول م رة الوس اطة االتفاقي ة كإمكاني ة بديل ة لح ل‬

‫المنازعات المتعلقة بهذه العقود‪.‬‬

‫ح دد المش رع المغ ربي في الق انون رقم ‪ 08.05‬التحكيم ال داخلي على أن ه االتفاقي ة‬

‫التي يلتزم بموجبها الطرفان باللجوء إلى هيئة تحكيمية خاصة لتسوية نزاع قائم أو على‬

‫وشك الحدوث‪ ،‬يخص عالقة قانونية معينة ذات طبيعة تعاقدية أو غير تعاقدية‪ ،‬حيث ينص‬

‫الفص ل ‪ 307‬ب أن ‪ ...‬اتف اق التحكيم ه و ال تزام األط راف ب اللجوء إلى التحكيم قص د ح ل‬

‫نزاع نشأ أو قد ينشأ عن عالقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية ‪.‬‬

‫‪ -‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5584‬بتاريخ ‪. 2008-12-6‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪63‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و محاول ة من المش رع لتأكي د ح ق الدول ة وكاف ة فروعه ا في التحكيم نص الفص ل‬

‫‪ 310‬من القانون ‪ 08.05‬على أنه " يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها‬

‫الدول ة أو الجماع ات المحلية محل اتف اق تحكيم ‪ " ...‬ولما ك انت عب ارة النزاع ات المتعلقة‬

‫بالعقود جاءت مطلقة وغير محددة‪ ،‬بحيث يدخل فيها كافة العقود التي تبرمها اإلدارة سواء‬

‫المبرم ة في إط ار الق انون الخ اص أو الق انون الع ام وبموجب ه فإن ه يمكن الق ول ب أن العق ود‬

‫ال تي تبرمه ا الدول ة في مج ال الص فقات العمومي ة ت دخل في مج ال التحكيم‪ ،‬م ع مراع اة‬

‫الضوابط القانوني ــة والتنظيمية لها ‪.‬‬

‫و في نفس السياق نجد المشرع المغربي في القانون ‪ 08.05‬قد أعطى في الفصل‬

‫‪ 311‬حق إمكانية لجوء المقاوالت العامة والمؤسسات العامة للتحكيم وذلك بالنص علـــى‬

‫أنه‪" :‬يجوز للمقاوالت العامة الخاضعة لقانون الشركات أن تبرم اتفاقيات وفق اإلجـ ـ ــراءات‬

‫والشروط المحددة من لدن مجالس إدارتها أو رقابتها ‪.‬‬

‫و يس تفاد مم ا س بق أن التحكيم في العق ود اإلداري ة أص بح ممكن ا م ع التقي د فق ط‬

‫بالمقتض يات الخاص ة بالمراقب ة أو الوص اية‪ ،‬م ع اإلش ارة إلى أن المش رع ق د جع ل التحكيم‬

‫ممكن ا في أي مرحل ة من مراح ل العق د اإلداري ح تى ول و لم يض من ش رط التحكيم أثن اء‬

‫إبرام العقد اإلداري ‪.‬‬

‫كذلك فإن عدم التنصيص في شرط التحكيم على تعيين المحكم أو المحكمين أو ع دم‬

‫التنصيص على طريقة تعيينهم ال يؤدي إلى بطالن شرط التحكيم ‪.‬‬

‫و إذا ك انت ه ذه المس اطر واإلج راءات التش ريعية أو التنظيمي ة غالب ا م ا تك ون‬

‫ض رورية ألن حري ة المب ادرة الخاص ة ال تي كرس ها الدس تور تقتض ي ايج اد إط ار ق انوني‬

‫‪64‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مل زم كفي ل وح ده بطمأن ة المس تثمر س واء ك ان وطني ا أو أجنبي ا خاص ا أو عام ا وض مان‬

‫مس اواة الجمي ع أم ام الق انون وك ذا تهيئ ة من اخ مالئم للمنافس ة الش ريفة‪ ،‬ف إن من ال واجب‬

‫تبس يط ه ذه اإلج راءات والمس اطر وتقليص ها والح رص على أن يتم العم ل به ا ب أكثر م ا‬

‫يمكن من القرب من المستثمرين‪. 57‬‬

‫في ه ذا اإلط ار دش ن القض اء اإلداري المغ ربي أحكام ا إداري ة ج د مهم ة في س بيل‬

‫تعزي ز دور التحكيم كمؤسس ة قض ائية خاص ة ووس يلة قانوني ة لتس وية منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة لتحقي ق التنمي ة وإ عط اء الحق وق ل ذوي الش أن في أس رع وقت تتطلب ه الس رعة‬

‫التنموي ة إلنج از العق ود اإلداري ة‪ ،‬إنه ا ايجابي ات س جلها القض اء اإلداري المغ ربي بفض ل‬

‫االجتهادات الفرنسية التي لها باع طويل في هذا المجال ‪.‬‬

‫و لق د أعلنت المحكم ة اإلداري ة بال دار البيض اء عن اختصاص ها ب النظر في قض ية‬

‫تتعل ق بطلب إع ادة النظ ر في ق رار تحكيمي يتعل ق بعق د إداري‪ ،‬وفي الموض وع قض ت‬

‫برفض ه بعل ة أن الطاعن ة وافقت على مبل غ التع ويض المق ترح عليه ا في إط ار مس طرة‬

‫التحكيم‪.58‬‬

‫كم ا أن بعض المؤسس ات العمومي ة تنص في دف تر التحمالت المتعلق ة ببعض‬

‫ص فقاتها على مس طرة التحكيم مث ل م ا ه و منص وص علي ه الح ال في الم ادة ‪ 16‬و‪ 26‬من‬

‫دفتر التحمالت للمكتب الوطني للسكك الحديدية وعقدة التسيير التي تربط إحدى الشركات‬

‫‪ -‬بنسالم أويجال – الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات – الطبعة األولى دار القلم الرباط ‪2009‬‬ ‫‪57‬‬

‫ص ‪. 71‬‬
‫‪ -‬حكم إدارية الدار البيضاء‪ ،‬عدد ‪ 351‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪ 1999‬في الملف ‪ 363/98‬ع وحكم آخر في نفس الملف‬ ‫‪58‬‬

‫بت اريخ ‪ 2001-4-26‬يحم ل رقم ‪ 444‬قض ية ش ركة الص حراء للتج ارة والمن اجم ض د مكتب اس تغالل الم وانئ ومن‬
‫معه ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بجماعة الصخور السوداء بالدار البيضاء والمتعلقة بجمع النفايات المنزلية التي تنص في‬

‫فص لها ‪ 50‬على أن ك ل النزاع ات ال تي ق د تح دث أثن اء تنفي ذ العق د تع رض على لجن ة‬

‫تحكيمي ة يرأس ها عام ل عمال ة عين الس بع الحي المحم دي ومكون ة من رئيس جماع ة‬

‫الصخور الس ـ ـ ـ ـ ــوداء ومسير‪.59‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع التحكيم‬

‫سبق وأن عرفنا التحكيم بصورة عامة بأنه إجراء أو اتفاق يأذن به المشرع للجهات‬

‫واألفراد أو تنصرف إليه إرادة الطرفين المتعاقدين‪ ،‬يخولهم إحالة ما يمكن أن ينشأ بينهم‬

‫من منازع ات‪ ،‬إلى واح د أو أك ثر من األش خاص يس مون ب المحكمين‪ ،‬ليفص لوا في‬

‫موض وعات وج وانب ال نزاع المع روض عليهم ويقول وا كلمتهم في ه ب دال من أن يفص ل في ه‬

‫القضاء المختص إذا اقتضى األمر ذلك ‪.‬‬

‫و ه ذا التص رف الق انوني ال ذي أص بح يحظى في ال وقت ال راهن باهتم ام ال دول‬

‫الحديث ة والجه ات الرس مية والخاص ة واألف راد على ح د س واء لمزاي اه ومبررات ه ال تي‬

‫عرضنا ألهمها‪ ،‬هو في حقيقة األمر تصرف واحد ومستقل في كيانه وأشكاله وإ جراءاته‬

‫وجوهره وآثاره‪ ،‬ولكنه يتنوع وفقا للزوايا المختلفة التي يتم النظر من خاللها إليه‪ ،‬وذلك‬

‫بن اء على األس س التأص يلية ومح ددات المض امين الموض وعية واأله داف اللص يقة ب ه‬

‫والنطاق الزماني والمكاني الذي يتم فيه والظروف اإلضافية األخرى التي قد يتأثر ويؤثر‬

‫فيها بطبيعــة الحال ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد النجاري – منازعات العقد اإلداري في إطار القضاء الشامل – مجلة القصر العدد ‪ 4‬السنة ‪ 2003‬ص ‪29‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و له ذا نس تطيع الق ول بش يء من االطمئن ان العلمي ب أن التحكيم يتحق ق ض من ع دة‬

‫أنواع وإ ن كان يربطها مبدأ المفهوم الشمولي الذي سبق ذكره ‪.‬‬

‫و هك ذا يتن وع التحكيم من حيث إرادة األط راف المتنازع ة في إنش ائه إلى تحكيم‬

‫اختي اري وتحكيم إجب اري‪ ،‬ومن حيث النط اق الجغ رافي ينقس م إلى تحكيم داخلي وتحكيم‬

‫خارجي وأخيرا من حيث األساس الذي يستند إليه المحكمون إلى تحكيم بالقضاء والتحكيم‬

‫بالصلح ‪ .‬وهذه األنواع المختلفة سنعمل على توضيحها في الفقرات التالية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم االختياري والتحكيم اإلجباري‬

‫يق وم ه ذا التقس يم بحس ب دور اإلدارة في إنش ائه‪ ،‬فيك ون التحكيم اختياري ا إذا ك ان‬

‫االلتجاء إليه بإرادة األطراف ذوي الشأن‪ ،‬ويستند إلى اتفاق بينهما‪ ،‬أما إذا لم يكن إلرادة‬

‫األط راف ش أن في تكوين ه ب ل مفروض ا عليهم بنص ق انوني أو نظ ام معين فإن ه يك ون‬

‫تحكيما إجباريا ‪.‬‬

‫فالتحكيم االختياري وهو األصل يعتمد على دعامتين هما ‪ :‬اإلرادة الذاتية لألطراف‬

‫وإ ق رار المش رع له ذه اإلرادة‪ 60‬وه و يأخ ذ إح دى ص ورتين فإم ا أن يتم االتف اق علي ه قب ل‬

‫نشوء ال نزاع بين األطراف ( ش رط التحكيم ) أو يتم االتفاق بع د نشوء ال نزاع ( مش ارطة‬

‫التحكيم )‪.‬‬

‫و تع ني اختياري ة التحكيم حري ة أط راف ال نزاع لتس ويته به ذا األس لوب المتق دم أو‬

‫تركه مفضلين اللجوء إلى القضاء أو ألي طريق آخر لتسوية نزاعهم ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد نور شحاتة – النشأة االتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين – دار النهضة العربية ‪ 1993‬ص ‪. 5‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪67‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا التحكيم اإلجب اري فه و يك ون حين يفرض ه المش رع على المتن ازعين لتس وية‬

‫بعض المنازع ات نظ را لطبيعته ا الخاص ة‪ ،‬وتع ذر لج وءهم إلى القض اء بش أنها‪ 61‬وفي ه ق د‬

‫يكتفي المشرع بفرض التحكيم تاركا للخصوم حرية اختيار المحكم وتعيين إجراءته‪ ،‬وقد‬

‫ال يكتفي به ذا الق در من الت دخل فيض ع تنظيم ا ك امال إلج راءات التحكيم‪ ،‬بحيث ال يك ون‬

‫إلرادة الخصوم أي دور في هذا الشأن ‪.‬‬

‫ففي ه ذا الن وع من التحكيم هن اك بعض الح االت ال تي يج بر فيه ا المش رع أط راف‬

‫النزاع على إبرام اتفاق التحكيم وهي حاالت في الغالب الشائع منها يكون أطراف النزاع‬

‫فيها هم شركات أو هيئات عامة تابعة للدولة وظهر هذا النوع من التحكيم في بداية القرن‬

‫العش رين في ال دول االش تراكية مم ا دف ع تل ك ال دول وعلى رأس ها االتح اد الس وفياتي س ابقا‬

‫إلى إنشاء هيئات تحكيمية خاصة لفض مثل هذه النزاعات ‪.‬‬

‫أم ا في فرنس ا فق د ح دد المش رع الفرنس ي أيض ا بعض الح االت ال تي يك ون فيه ا‬

‫اللج وء إلى التحكيم إجباري ا وهي تل ك الح االت ال تي يك ون فيه ا ال نزاع بين المؤسس ات‬

‫التابع ة للدولـــة والعلة في ذل ك تعود إلى الطبيع ة المعقدة لتل ك المنازع ات‪ ،‬هذا وباإلض افة‬

‫إلى أن لفظة الخصوم ال يمكن أن تعود على مؤسسات الدولة ألنها هي في الحقيقة عبارة‬

‫عن أجهزة تنفذ بواسطتها الدولة سياستها الداخلية والخارجية‪. 62‬‬

‫هذا وال يختلف الحال في مصر أيضا فقد كان هذا النوع من التحكيم معروفا فيها‬

‫منذ عام ‪ 1966‬إذ توجد في مصر هيئات خاصة بالتحكيم لحل مثل هذه المنازعات التي‬
‫‪ -‬محم ود هاش م – النظري ة العام ة للتحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة الج زء األول – اتف اق التحكيم دار الفك ر‬ ‫‪61‬‬

‫العربي ‪ 1990‬ص ‪. 36‬‬


‫‪62‬‬
‫‪- Bertrand Morean et thierr bernard – Droit interne et droit international de l’arbitrage 2 ème‬‬
‫‪Edition – Delmas Paris 1985 p 16 .‬‬

‫‪68‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تقوم بين الهيئات العامة التابعة للدولة المصرية‪.63‬‬

‫و في دولة اإلمارات العربية المتحدة فإنه من المقرر أن وجود التحكيم االختياري‬

‫ال يمن ع من أن يجع ل الق انون من نظ ام التحكيم في بعض المنازع ات بين األف راد أم را ال‬

‫يملكون معه رفعه ا أم ام القض اء ال ذي ال تكون له في ه ذه المنازع ات سلطة الفص ل فيها‬

‫ابتداء وإ نما على األفراد أطراف هذه المنازعات‪ ،‬إن أرادوا الفصل فيها االلتجاء إلى نظام‬

‫التحكيم ال ذي ق رره الق انون وجعل ه إلزامي ا‪ ،‬وه ذا الن وع من نظ ام التحكيم ه و م ا يع رف‬

‫بالتحكيم اإلجباري‪ ،‬ومن المقرر أن النص في المادة ‪ 4‬من القانون االتحادي رقم ‪ 4‬لسنة‬

‫‪ 2000‬في ش أن هيئ ة وس وق اإلم ارات لألوراق المالي ة والس لع‪ ،‬على أن أوال ‪ :‬للهيئ ة في‬

‫س بيل تحقي ق أغراض ها ممارس ة الص الحيات اآلتي ة ‪ :‬وض ع األنظم ة التالي ة بالتش اور‬

‫والتنسيق مع األسواق المرخصة في الدولة ‪ :‬أ ‪ ....‬ونظام التحكيم في المنازعات الناشئة‬

‫عن تداول األوراق المالية والسلع ‪ ) ...‬وفي المادة ‪ 30‬من ق رار رئيس مجلس إدارة هيئ ة‬

‫األوراق المالي ة رقم ‪ 1‬لس نة ‪ 2000‬بش أن النظ ام الخ اص بالوس طاء على أن ( تخض ع‬

‫جميع النزاعات ذات الصلة بتداول األوراق المالية والسلع والوسطاء ألحكام نظام التحكيم‬

‫الذي تضعه الهيئة بالتش ـ ـ ـ ـ ــاور والتنسيق مع األسواق المرخصة في الدولة ‪ .‬وفي المادة ‪2‬‬

‫من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة األوراق المالية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 2001‬بشأن نظام التحكيم‬

‫في المنازع ات الناش ئة عن ت دوال األوراق المالي ة والس لع على أن يتم الفص ل في‬

‫المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون فيما بين المتعاملين في مجال األوراق المالية والس لع‬

‫عن طريق التحكيم دون غيره‪ ،‬ويطبق في هذا الشأن أحكام هذا النظام‪ ،‬ويعتبر التعامل في‬

‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2000‬ص‬ ‫‪63‬‬

‫‪. 30‬‬

‫‪69‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األوراق إق رار بقب ول التحكيم والتزام ا بتنفي ذ حكم المحكمين وتن ازال عن ط رق الطعن في ه‬

‫عدا ما هو مقرر في هذا النظام‪.64‬‬

‫إلى ج انب ه ذا كل ه هن اك ن وع من أن واع التحكيم تأخ ذ ب ه بعض الق وانين ويك ون‬

‫خليط ا من التحكيم االختي اري والتحكيم اإلجب اري‪ ،‬ويتحق ق ه ذا الن وع من التحكيم عن دما‬

‫يك ون اختص اص هيئ ة التحكيم اختياري ا بالنس بة ألح د أط راف ال نزاع وإ جباري ا بالنس بة‬

‫للطرف اآلخر‪ 65‬بمعنى أنه إذا لجأ الطرف الذي أعطاه القانون حق االختيار إلى التحكيم‬

‫ف إن الط رف اآلخ ر يك ون مج برا على قب ول التحكيم‪ ،‬وه ذا الن وع أخ ذ ب ه الق انون الكوي تي‬

‫حيث ج اء في الم ادة الثاني ة من الق انون رقم ‪ 11‬لس نة ‪ 1995‬فق رة ‪ : 3‬تختص هيئ ة‬

‫التحكيم باآلتي ‪ – 3 .... - 2 ... - 1 :‬الفصل في طلبات التحكيم التي يقدمها األفراد أو‬

‫األشخاص االعتبارية ضد الوزارات أو الجهات الحكومية أو األشخاص االعتبارية العامة‬

‫في المنازعات التي تقوم بينهم‪ ،‬وتلتزم هذه الجهات بالتحكيم ما لم تكن المنازعة قد سبق‬

‫رفعها أمام القضاء‪.66‬‬

‫و في الشأن المغربي في شأن األخذ بالتحكيم اإلجباري‪ ،‬فإن مدونة الشغل بالمملكة‬

‫المغربية أخذت بالتحكيم اإلجباري حول تسوية منازعات الشغل الجماعية‪ ،‬مما يعني العمل‬

‫بالتحكيم اإلجباري في حل نزاعات الشغل الجماعية بنص المادة ‪ 580‬من قانون الشغل‪.67‬‬

‫‪ -‬الطعن رقم ‪ 2007 / 50‬مدني جلسة ‪ 2007-4-17‬محكمة تمييز دبي اإلمارات العربية المتحدة ‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪ -‬شمس مرغني علي – التحكيم في منازعات المشروع العام – عالم الكتب القاهرة ‪ 1973‬ص ‪. 6‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪ -‬خالد فالح عواد العنزي – التحكيم في العقود اإلدارية في الكويت – الطبعة األولى – دار النهضة العربية القاهرة‬ ‫‪66‬‬

‫‪ 2007‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬بق الي محمد – المفي د في التحكيم وف ق الق انون المغ ربي المرك ز الدولي للوس اطة والتحكيم‬ ‫‪67‬‬

‫بطنجة مطبعة اسبارطيل طنجة ‪ 2010‬ص ‪. 17‬‬

‫‪70‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم الداخلي والتحكيم الخارجي‬

‫يعت بر اقليم الدول ة ه و المعي ار المم يز بين ه ذين الن وعين من التحكيم‪ ،‬ف التحكيم‬

‫الوطني هو الذي يقع داخل اقليم الدولة وبين رعاياها‪ ،‬أما األجنبي فهو الذي يقع خارج‬

‫اقليم الدولة ويراد تطبيق حكمه داخل اقليمها‪ ،‬ويمكن القول بأن التفرقة بين هذين النوعين‬

‫من التحكيم شائعة في معظم القوانين المعاصرة‪. 68‬‬

‫فالمش رع الفرنس ي أخ ذ به ذه التفرق ة وذل ك عن دما أص در الق انون الفرنس ي في ع ام‬

‫‪ 1980‬والخ اص ب التحكيم ال داخلي وال ذي تك ون من خمس ين م ادة ثم ع اد م رة أخ رى في‬

‫عام ‪ 1981‬وأصدر قانون خاص بالتحكيم الدولي والذي كان في ستة عشر مادة ‪.‬‬

‫و في مصر يعد التحكيم داخليا ومن ثم يخضع ألحكام ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة‬

‫‪ 1994‬متى صدر حكم التحكيم في مصر‪ ،‬حتى ولو كان تحكيما تجاريا دوليا‪ ،‬أي يحسم‬

‫نزاع ا ناش ئا عن عالق ة قانوني ة ذات ط ابع اقتص ادي وك ان موض وعه متعلق ا بالتج ارة‬

‫الدولـــية وذلك بشرط توافر إحدى الحاالت التي نص عليها القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬

‫بشأن التحكيم ‪.‬‬

‫و على العكس من ذل ك ف إن التحكيم يع د خارجي ا إذا ص در في ه حكم التحكيم خ ارج‬

‫مص ر‪ ،‬وه ذا الن وع من التحكيم خ ارج عن نط اق الخض وع للق انون المص ري وذل ك على‬

‫ال رغم من أن التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬أي المتعل ق بالتج ارة الدولي ة يمكن أن يخض ع‬

‫لقانون التحكيم المصري في حالة اتفاق أطرافه على إخضاعه لهذا القانون ‪.‬‬

‫‪ -‬جورج حزبون – النظام القانوني للتحكيم األجنبي في القانون الداخلي –مجلة الحقوق الكويتية العدد الرابع السنة‬ ‫‪68‬‬

‫‪ 1987-11‬ص ‪. 163‬‬

‫‪71‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بن اء على م ا تق دم يتض ح أن المش رع المص ري يعتم د في تحدي ده لدولي ة التحكيم‬

‫على معي ارين أولهم ا جغ رافي يس تند إلى تع دد جنس يات أط راف التحكيم وتع دد األم اكن‬

‫ومك ان التنفي ذ ومك ان التحكيم ومح ل إقام ة أط راف ال نزاع وثانيهم ا اقتص ادي حيث يك ون‬

‫التحكيم دوليا متى كان موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة الدولية‪ ،‬حيث نصت المادة الثالثة‬

‫من قانون التحكيم على أن يكون التحكيم دوليا متى كان موضوعه يتعلق بالتجارة الدولية‬

‫‪.69‬‬

‫و ق د س لك المش رع العم اني فيم ا يخص معي ار دولي ة التحكيم‪ ،‬المعي ار الم زدوج‬

‫كأس اس للتحكيم‪ ،‬ذل ك المعي ار ال ذي يق وم على الجم ع بين ك ل من المعي ار االقتص ادي‬

‫والقانوني‪ ،‬وهذا ما أكدته المادة الثالثة من قانون التحكيم العماني على أنه " يكون التحكيم‬

‫دوليا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة الدولية "‪.‬‬

‫و من المفترض أن ما نصت عليه هذه المادة جاءت على سبيل المثال ال الحصر‪،‬‬

‫ألن معي ار ( طبيع ة ال نزاع وم دى اتص اله بعملي ات التج ارة الدولي ة ) معي ار م رن يتس ع‬

‫ليشمل حاالت جديدة تعد من قبيل التجارة الدولية‪ ،‬السيما مع التطور المستمر والمتسارع‬

‫للتجارة الدولية‪ ،‬وانضمام السلطنة إلى منظمة التجارة الدولية وتوقيعها التفاقيات التجارة‬

‫الحرة مع عدد من الدول والتكثالت االقتصادية‪ ،‬وكان حري بالمشرع أن ينص على تبنيه‬

‫للمعيار‪ ،‬ويترك للفقه والقضاء أمر تفسيره ووضع ضوابط أعماله‪. 70‬‬

‫‪ -‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة – دار الكتب القانوني ة‬ ‫‪69‬‬

‫مصر ‪ 2006‬ص ‪. 30‬‬


‫‪ -‬ناصر بن عبد اهلل بن عيسى التاعبي – التحكيم في العقود اإلدارية وضوابطه في سلطنة عمان – أطروحة لنيل‬ ‫‪70‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام – كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة الموسم الجامعي ‪ 2012-2011‬ص‬
‫‪. 348‬‬

‫‪72‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لق د س ار على ه ذا النهج المش رع المغ ربي حيث ج اء في الق انون رقم ‪08.05‬‬

‫السالف الذكر يعتبر دوليا التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية‪ ،‬والذي يكون ألحد‬

‫أطراف ه على األق ل م وطن أو مق ر بالخ ارج ولق د رب ط المش رع المغ ربي الص فة الدولي ة‬

‫بالتحكيم في الحاالت التالية ‪:‬‬

‫‪ – 1‬إذا كان ألطراف اتفاق التحكيم وقت إبرام هذا االتفاق مؤسسات بدول مختلفة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أو تعلق األمر بأحد األمكنة التالي بيانه‪ ،‬واقعا بخارج الدولة الموجودة بها مؤسسات‬

‫األطراف ‪.‬‬

‫أ – مك ان التحكيم‪ ،‬عن دما يك ون منصوص ا علي ه في اتف اق التحكيم أو معين ا بمقتض ى ه ذا‬

‫االتفاق ‪.‬‬

‫ب – كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من االلتزامات المترتبة على العالقة التجارية‬

‫أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة ‪.‬‬

‫أو إذا ك ان األط راف متفقين ص راحة على أن موض وع اتف اق التحكيم يهم أك ثر من بل د‬

‫واحد ‪.‬‬

‫و في دولة اإلمارات العربية المتحدة يالحظ أن التحكيم قد حظي في اآلونة األخ يرة‬

‫باهتمام كبير‪ ،‬من خالل المراكز التي أسستها غرف التجارة والصناعة في إمارات الدولة‪،‬‬

‫وق د ع ني المش رع بتنظيم إج راءات التحكيم التج اري في الدول ة من خالل الم واد ال تي‬

‫تضمنها قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬حيث لم يتم إصدار قانون خاص بالتحكيم ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بدراسة نصوص المواد المتعلقة ب التحكيم الواردة في قانون اإلجراءات المدنية‪،‬‬

‫نج د الم ادة ‪ 203‬من ق انون المع امالت المدني ة تنص في الفق رة ‪ 1‬منه ا على أن ه يج وز‬

‫للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد األساسي‪ ،‬أو باتفاق الحق عرض ما قد ينشأ‬

‫بينهم من النزاع‪ ،‬في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم‬

‫في نزاع معين بشروط خاصة ‪.‬‬

‫أم ا دستور اإلم ارات‪ ،‬فق د ش رع أن يك ون لالتح اد محكم ة اتحادي ة ابتدائي ة أو أك ثر‬

‫تنعقد في عاصمة االتحاد الدائمة أو في بعض عواصم اإلمارات لممارسة الوالية القضائية‬

‫في دائرة اختصاصها في القضايا التالية ‪:‬‬

‫المنازعات المدنية والتجارية واإلدارية بين االتحاد واألفراد سواء كان االتحاد فيها‬

‫أو مدعى عليه ‪.‬‬

‫و هذا يعني أن القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬بشأن اإلج راءات المدني ة‪ ،‬لم‬

‫يقيد ويحدد صفة المتعاقدين‪ ،‬بل تركها على إطالقها وعمومها بذكره عبارة ( المتعاقدين‬

‫بص فة عام ة ) فهي تع ني الف رد‪ ،‬وتع ني الش خص المعن وي الع ام‪ ،‬كم ا تع ني الش خص‬

‫الطبيعي والشخص االعتباري‪.71‬‬

‫ك ذلك نج د أن دس تور دول ة اإلم ارات ق د منح المح اكم االتحادي ة س لطة الوالي ة‬

‫القضائية في نظر المنازعات المدنية والتجارية واإلدارية بين االتحاد واألفراد سواء كان‬

‫االتحاد فيها مدعيا أو مدعى عليه ‪.‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬عبد اهلل حمد عمران الشامسي – التحكيم في المنازعات اإلدارية في دولة اإلمارات العربية‬ ‫‪71‬‬

‫المتحدة – دراسة مقارنة – رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة ‪ 2007‬ص ‪. 73‬‬

‫‪74‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لم ينص الدس تور على تأس يس قض اء إداري منفص ل عن القض اء المدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــي‬

‫والتج اري‪ ،‬كم ا لم تنص الم واد القانوني ة المنظم ة للتحكيم على فص ل التحكيم اإلداري عن‬

‫التحكيم التج اري والم دني‪ ،‬ب ل س اوى المش رع بين أط راف ال نزاع‪ ،‬ولم يش ترط إج راءات‬

‫خاصة بالتحكيم اإلداري‪ ،‬بل شملت النصوص كافة المتعاقدين بصفة عامة ‪.‬‬

‫و في تق ديرنا أن المش رع في دول ة اإلم ارات يق ف موقف ا محاي دا من التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬كم ا لم يخص ه بق انون خ اص ب ه‪ ،‬أو بتش ريع مس تقل يم يزه ب إجراءات‬

‫مختلف ة عن التحكيم في العق ود التجاري ة أو المدني ة التابع ة للق انون الخ اص وأم ا في الواق ع‬

‫العملي فإننا نتفق مع من قال بأن المطبق هو أن الدولة والمصالح الحكومية تقبل التحكيم‬

‫ال داخلي قليـــال‪ ،‬وكث يرا م ا ت ذهب إلى التحكيم ال دولي‪ ،‬وهي بص دد إص دار تش ريع يس مح‬

‫ب التحكيم في العق ود اإلداري ة بش رط موافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى اختصاص ه‬

‫بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة التي ال تتبع وزيرا ويجوز التفويض في ذلك‪. 72‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح‬

‫ينقس م التحكيم من حيث س لطة المحكمين في الفص ل في ال نزاع إلى تحكيم طبق ا‬

‫لقواعد القانون‪ ،‬وتحكيما طبقا لقواعد العدل واإلنصاف‪ ،‬فالتحكيم وفقا لقواعد القانون‪ ،‬هو‬

‫التحكيم ال ذي يتقي د في ه المحكم ون بقواع د الق انون الموض وعي عن د الفص ل في ال نزاع‬

‫المطروح عليهم‪ ،‬بينما التحكيم طبقا لقواعد العدل واإلنصاف هو التحكيم الذي ال يتقيد فيه‬

‫المحكم ون بقواع د الق انون الموض وعي عن د الفص ل في ال نزاع‪ ،‬حيث يمكنهم الفص ل في‬

‫‪ - 72‬د‪ /‬يسرى محمد العصار‪ ،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪2002‬م‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪75‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ال نزاع المع روض عليهم اس تنادا إلى قواع د العدال ة‪ ،‬ول و أدى ذل ك إلى اس تبعاد قواع د‬

‫القانون واجبة التطبيق ‪.‬‬

‫و األص ل في التحكيم أن ه تحكيم طبق ا لقواع د الق انون‪ ،‬بينم ا التحكيم طبق ا لقواع د‬

‫العدل واإلنصاف هو االستثناء‪ ،‬ويترتب على ذلك لزاما أنه يجب أن يكون منصوصا عليه‬

‫في االتفاق صراحة‪ ،‬وعند تفسيره يجب التزام التفسير الضيق ‪.‬‬

‫و في الن وعين ال يتقي د المحكم ون بأوض اع المرافع ات‪ ،‬وم ا تقض ي ب ه إال أنهم‬

‫يتقي دون رغم ذل ك بالمب ادئ األساس ية للتقاض ي‪ ،‬كض رورة اح ترام حق وق ال دفاع‪ ،‬وتمكين‬

‫الخص وم من إب داء طلب اتهم ودف وعهم ودف اعهم‪ ،‬باإلض افة إلى ال تزامهم بالقواع د القانوني ة‬

‫المنظم ة للتحكيم كم ا ال يف ترق التحكيم م ع التف ويض بالص لح عن التحكيم وفق ا للق انون من‬

‫حيث الطبيعة القانونية فكالهما قضاء ويصدر قرار المحكم ملزما لألطراف وحائزا لحجة‬

‫األمر المقضي به‪.73‬‬

‫بيد أن التحكيم وفقا لمبادئ العدالة يمكن اعتباره إذا ما اختاره أطراف النزاع تنازال‬

‫عن االس تئناف ل دى النظم ال تي تج يز الطعن في أحك ام المحكمين باالس تئناف كق انون‬

‫المرافعات الفرنسي الجديد ‪.‬‬

‫و قد أخذ المشرع المصري في القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بكال النوعين إذ نص‬

‫في الفقرة األولى والثانية من المادة ‪ 39‬منه على أن تفصل هيئة التحكيم في النزاع طبقا‬

‫للقواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان‪ ،‬أو القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى‬

‫‪ - 73‬د‪ /‬يسرى محمد العصار‪ ،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪2002‬م‪ ،‬ص ‪.14‬‬

‫‪76‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هيئ ة التحكيم أن ه أك ثر اتص اال ب النزاع‪ ،‬إذا لم يتف ق الطرف ان على القواع د القانوني ة واجب ة‬

‫التطبيق على موضوع النزاع ‪.‬‬

‫و قد نصت الفقرة الرابعة من نفس المادة على أنه ‪ " :‬يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق‬

‫طرف ا التحكيم ص راحة على تفويض ها بالص لح أن تفص ل في موض وع ال نزاع على قواع د‬

‫مقتضى العدالة واإلنصاف دون التقييد بأحكام القانون ‪.‬‬

‫كم ا أخ ذ المش رع الفرنس ي أيض ا بكال الن وعين من التحكيم في ق انون المرافع ات‬

‫الملغى وأعاد النص على ذلك في قانون المرافعات الجديد الصادر بمرسوم ‪ 12‬مايو لسنة‬

‫‪. 1981‬‬

‫و في دولة اإلمارات العربية المتحدة يكون التحكيم بالقضاء عندما يتفق األطراف‬

‫على ح ل ال نزاع بينهم عن طري ق التحكيم بص فة عام ة س واء عن طري ق اش تراط ذل ك في‬

‫العق د األساس ي‪ ،74‬أو باالتف اق الحق ا بش روط خاص ة وفق ا لم ا ج اء في الفق رة ‪ 1‬من الم ادة‬

‫‪ 203‬من القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬بشأن اإلجراءات المدنية لدولة اإلمارات‬

‫والمع دل بالق انون االتح ادي رقم ‪ 30‬لس نة ‪ 2005‬وال يش ترط في ه ذا الن وع من التحكيم‬

‫ذك ر أس ماء المحكمين في عق د أو مش ارطة تحكيم‪ ،‬وإ نم ا يحيل ون ن زاعهم للح ل بطريق ة‬

‫‪ -‬يفرق قانون المرافعات المدنية رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬لدولة اإلمارات العربية المتحدة بشأن التحكيم ( م ‪) 2/ 237‬‬ ‫‪74‬‬

‫بين التحكيم بالص لح والتحكيم بالق انون " إذ يصدر المحكم ون حكمهم على مقتض ى قواع د الق انون إال إذا ك انوا مفوضين‬
‫بالصلح فال يتقيدون بهذه القواعد ‪.‬‬
‫و نظ ام التحكيم الس عودي الص ادر س نة ‪( 1983‬م ‪ ) 16‬إال أن ه أوجب التحكيم بالص لح ص دور الحكم باإلجم اع‪ ،‬أم ا إذا‬
‫كان التحكيم بالقانون فإن أغلبية اآلراء كافية إلعطاء الحكم آثاره ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيـ ـ ـ ـ ـ ـــم وبواس طة محكمين يتم اختي ارهم حس ب االتف اق فيم ا بين الخص وم‪ ،‬أو وفق ا لم ا‬

‫ينص عليه القانون‪ ،‬ليصدر المحكم أو المحكمين حكمهم في النزاع بمقتضى القانون‪.75‬‬

‫أم ا التحكيم بالص لح يع ني ال نزول المتب ادل عن بعض الحق وق في س بيل حس م‬

‫الن ــزاع‪ ،‬ومن تم تنقضي الحقوق وااللتزامات التي نزل عنها المتعاقدون‪ ،‬ومن تم ال يجوز‬

‫للمحكم المص الح أن يقضي لصالح أحد األطراف بكل ما يدعيه‪ ،‬كم ا أن التحكيم بالصلح‬

‫فيه معنى النزول المتبادل عن االدعاءات ‪.‬‬

‫و عمال بنص الم ادة رقم ‪ 205‬من الق انون رقم ‪ 11‬لس نة ‪ 1992‬بش أن اإلج راءات‬

‫المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة‪ 76‬فإنه ال يجوز تفويض المحكمين بالصلح‪ ،‬إال إذا‬

‫ك انوا م ذكورين بأس مائهم في االتف اق على التحكيم أو في وثيق ة الحق ة‪ ،‬وعلى ذل ك يص الح‬

‫المحكم بالص لح‪ ،‬أي يمل ك أن ي نزل بعض حق وق أح د الخص وم‪ ،‬مقاب ل أن ي نزل خص مه‬

‫بعضا مما يتمسك به‪ ،‬وقد فوض المحكم المصالح بتنسيق التقابل في الحقوق وااللتزامات‪،‬‬

‫وال يعت بر المحكم بالص لح مف وض بالص لح‪ ،‬وعمال بنص الفق رة ‪ 2‬من الم ادة ‪ 212‬من‬

‫ق انون اإلجراءات المدنية اإلم اراتي‪ ،77‬يك ون حكم المحكم على مقتض ى قواع د الق انون إال‬

‫إذا ك ان مفوض ا بالص لح فال يتقيد به ذه القواع د عدا ما تعل ق منه ا بالنظ ام الع ام‪ ،‬واالتف اق‬

‫على تفويض المحكم بالصلح ال أثر له على الطبيعة القضائية للتحكيم‪ ،‬فال يغير منها‪ ،‬فهو‬

‫ليس باإلجراء المنافس ووظيفة الحكم بالصلح وظيفة قضائية ‪.‬‬


‫‪ -‬محمد عبد الفتاح ترك – التحكيم البحري – دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2006‬ص ‪. 39‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪ -‬تنص الم ادة ‪ 205‬من الق انون االتح ادي رقم ‪ 11‬لس نة ‪ 1992‬بش أن اإلج راءات المدني ة لدول ة اإلم ارات العربي ة‬ ‫‪76‬‬

‫المتح دة ‪ " :‬ال يج وز تف ويض المحكمين بالص لح إال إذا ك انوا م ذكورين بأس مائهم في االتف اق على التحكيم أو في وثيق ة‬
‫الحقة" ‪.‬‬
‫‪ -‬تنص الفق رة ‪ 2‬من الم ادة ‪ 212‬من ق انون اإلج راءات المدني ة اإلم اراتي ‪ " :‬ويك ون حكم المحكم على مقتض ى‬ ‫‪77‬‬

‫قواعد القانون إال إذا كان مفوضا بالصلح فال يتقيد بهذه القواعد عدا ما تعلق منها بالنظام العام " ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فض ال عن ذل ك ف إن الحكم الص ادر عن المف وض بالص لح يمكن الطعن في ه بنفس‬

‫ط رق الطعن في الحكم الص ادر عن المحكم بالق انون‪ ،‬ومن المس لم ب ه أن ش رط التف ويض‬

‫بالص لح يع ادل التن ازل عن االس تئناف‪ ،‬ولكن يبقى االس تئناف ممكن ا قانون ا ض د أحك ام‬

‫المفوض بالصلح إذا اشترطه الخصوم صراحة ‪.‬‬

‫بي د أن المقص ود من التحكيم االس تغناء عن اللج وء للقض اء وبم ا أن الثق ة في حس ن‬

‫تقدير المحكم‪ ،‬وحسن عدالته هي األساس في االتفاق للجوء إلى التحكيم‪ ،‬فإن اشتراط ذكر‬

‫أس ماء المحكمين في االتف اق غايت ه التحق ق من أن أس ماء المحكمين المص الحين ك انت‬

‫واض حة في أذه ان المحتكمين‪ ،‬وأنه ا ذات ثق ة في إج راء التحكيم بالص لح‪ ،‬غ ير أن ه من‬

‫الج ائز اتف اق الخص وم على تخوي ل ش خص معين باس مه أو بص فته اختي ار المحكم أو‬

‫المحكمين ك ذلك يج وز تع يين المحكم بص فته إذا ك انت ه ذه الص فة تص لح لتحدي د ش خص‬

‫معين بذاته‪. 78‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التحكيم تمييزه وشروطه‬

‫التحكيم هو اتفاق على طرح نزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليحكموا‬

‫فيه دون المحكمة المختصة‪. 79‬‬

‫و من تم فه و عملي ة قانوني ة مركب ة تق وم على اتف اق أط راف ال نزاع على ع رض‬

‫خالفهم على محكم أو أكثر للفصل فيه في ضوء قواعد القانون ومبادئه العامة التي تحكم‬

‫إج راءات التقاض ي‪ ،‬أو على ض وء قواع د العدال ة وفق ا لم ا ينص علي ه االتف اق‪ ،‬م ع تعه د‬

‫‪ -‬جم ال حس ن النج ار – التحكيم وفق ا لق انون اإلج راءات المدني ة رقم ‪ 11‬لس نة ‪ 1992‬لدول ة اإلم ارات العربي ة‬ ‫‪78‬‬

‫المتحدة‪ ،‬مجلة الحق‪ ،‬العدد السابع ‪ 2001‬ص ‪. 14‬‬


‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا بسلطنة عمان طعن رقم ‪ 886‬لسنة ‪ 30‬ق جلسة ‪. 1994-1-18‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪79‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أطراف النزاع بقبول الحكم الذي يصدر عن المحكمين والذي يحوز حجية األمر المقضي‬

‫بتنفيذه بأمر من السلطة القضائية في الدول التي يراد تنفيذه بها‪.80‬‬

‫و للتحكيم ذاتية خاصة تميزه عن الوسائل األخرى لتسوية المنازعات هذه األخيرة‬

‫التي تحسم بعض النظر عن نوعها إما قضاء وإ ما صلحا أو توفيقا ‪ .‬إذن إن اتفاق التحكيم‬

‫م ا ه و إال عق د ي رتب على ع اتق طرفي ه التزام ات متبادل ة وبالت الي وجب أن تت وافر في ه‬

‫الشروط الموضوعية الالزمة لصحة هذا االتفاق وكذلك الشروط الشكلية ‪.‬‬

‫ك ل ه ذه األفك ار س نعمل على تحليله ا وتوض يحها في مطل بين نتن اول في األول‬

‫التحكيم وتمييزه عن بعض األنظمة المشابهة‪ ،‬أما الثاني فسنخصصه لشروط التحكيم ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن األنظمة المشابهة‬

‫يختل ف التحكيم عن مجموع ة من النظم ال تي تتش ابه مع ه‪ ،‬ويتعل ق األم ر بنظ ام‬

‫الصلح والخبرة والتوفيق والقضاء وأسلوب التفاوض‪.‬‬

‫و لإللم ام بك ل ه ذه األفك ار س نعمد إلى تقس يم ه ذا المطلب إلى ف رعين نتن اول في‬

‫الف رع األول التحكيم وتمي يزه عن الص لح والخ برة أم ا الف رع الث اني فس نعالج في ه التحكيم‬

‫وتمييزه عن التوفيق والقضاء ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن الصلح والخبرة‬

‫إذا ك ان نظ ام التحكيم ه و وس يلة للفص ل في المنازع ات ال تي تق ع بين األف راد‪ ،‬عن‬

‫غ ير طري ق القض اء الع ام في الدول ة‪ ،‬فإن ه يع د نظام ا خاص ا متم يزا بقواع ده عن الوس ائل‬

‫‪ -‬يسري محمد العصار – التحكيم في المنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية دار النهضة العربية القاهية ‪2002‬‬ ‫‪80‬‬

‫ص ‪. 14‬‬

‫‪80‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫والطرق األخرى المعروضة لتسوية المنازعات ‪.‬‬

‫ف المحكم ليس قاض يا أو مص الحا وال ه و وكيال وال ح تى خب يرا‪ ،‬إنم ا ه و ش خص‬

‫يعه د إلي ه بالفص ل في ن زاع مع روض على التحكيم بحكم نه ائي ومل زم لألط راف وقاب ل‬

‫للتنفيذ ‪.‬‬

‫و الج دير بال ذكر أن ه ال ع برة بالتس مية ال تي ق د يطلقه ا األف راد على اتف اقهم‪ ،‬وإ نم ا‬

‫الع برة بحقيق ة عم ل الش خص ال ذي تم اختي اره‪ ،‬وم ا إذا ك ان تحكيم ا أم ال‪ 81‬وفيم ا يلي‬

‫سنعرض تمييز التحكيم عن الصلح والخبرة في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم والصلح‬

‫الص لح ه و وس يلة لتس وية المنازع ات بين األف راد والجماع ات يق وم به ا األط راف‬

‫ذووا الش أن بأنفس هم أو من يمثل ونهم‪ ،‬وبمقتض اه يحس مون خالف اتهم عن طري ق ن زول ك ل‬

‫منهم عن بعض أو كل ما يتمسك به قبل اآلخر‪.82‬‬

‫و لقد عرف المشرع المصري الصلح في المادة ‪ 549‬من التقنين المدني المصري‬

‫بأنه ‪ " :‬عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما أو يتقيان به نزاعا محتمال وذلك بأن ينزل كل‬

‫منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعاءاته ‪.‬‬

‫أما المشرع الفرنسي فقد عرفه في المادة ‪ 2044‬من التقنين المدني الفرنسي‪ 83‬بأنـــه‬

‫‪ " :‬عق د يحس م ب ه المتعاق دان نزاع ا قائم ا أو يتقي ان ب ه نزاع ا محتمال ويتض ح من ه ذين‬

‫التعريفين أن الصلح يتكون من ثالث عناصر وهي ‪:‬‬


‫‪ -‬أحمد المليجي – قواعد التحكيم في القانون الكويتي مؤسسة دار الكتب – الطبعة األولى ‪ 1996‬ص ‪. 68‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪ -‬محمود السيد التحيوي – الصلح والتحكيم في المواد المدنية والتجارية – دار الفكر الجامعي ‪ 2003‬ص ‪. 141‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪83‬‬
‫‪- Robert (J) Arbitrage civil et commercial tome 1 troisième édition 1961 p 5 .‬‬

‫‪81‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 1‬وجود نزاع قائم أو محتمل‬

‫‪ – 2‬نية حسم النزاع‬

‫‪ – 3‬نزول كل من الطرفين المتصالحين عن جزء من ادعاءاته ‪.‬‬

‫و هذا ما سار عليه المشرع العماني حيث جاء في المادة ‪ 505‬من مشروع قانون‬

‫المع امالت المدني ة ‪ :‬الص لح عق د يحس م الطرف ان بمقتض اه نزاع ا قائم ا أو يتوقع ان نزاع ا‬

‫محتمال وذلك فيما يجوز التصالح فيه " ‪.‬‬

‫و يتضح من أحكام محكمة استئناف القاهرة في مسائل التحكيم التجاري أن الصلح‬

‫يشتمل على تنازالت متبادلة بين األطراف‪ ،‬في حين أن التحكيم يحسم النزاع بصفة نهائية‬

‫بحكم يقضى لطرف بكامل طلباته أو جزء منها دون أن يقدم أية تنازالت‪.84‬‬

‫و ق د ق ررت محكم ة تمي يز دبي أن الص لح ال ذي يص دق علي ه القاض ي بمحض ر‬

‫القضية ال يعدو أن يكون عقدا وليس حكما له حجية الشيء المحكوم به‪ 85‬فالصلح ال تتم‬

‫االستعانة فيه دائما بالغير لحل النزاع وإ نما يمكن أن يتم وديا بين أطرافه‪ ،‬باإلضافة إلى‬

‫التنازالت التي تقدم من طرفي النزاع ‪.‬‬

‫أما التحكيم فيتم فيه اللجوء للغير لتسوية منازعاتهم‪ ،‬وكذلك فإنه ال يتم عن طريق‬

‫تقديم أية تنازالت بل يتم صدور حكم لصالح أحد األطراف المتنازعة ‪.‬‬

‫‪ -‬حسن محمد هند – التحكيم في المنازعات اإلدارية – دار الكتب القانونية القاهرة ‪ 1989‬ص ‪. 9‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪ -‬القاعدة رقم ‪ 97‬الص ادرة في العدد ‪ 15‬سنة ‪ 2004‬حقوق رقم الصفحة ‪ 650‬التي تضمنها حكم محكمة التمي يز‬ ‫‪85‬‬

‫دبي بتاريخ ‪ 2004-4-4‬في الطعن رقم ‪. 80 / 2003‬‬

‫‪82‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و هناك وجه من التماثل بين التحكيم والصلح في أن كل منهما أداة قانونية لتسوية‬

‫المنازعات مستقلة عن القضاء باإلض افة إلى أن كال النظامين يتطلب وكالة خاصة وأهلية‬

‫التصرف ‪.‬‬

‫و يمكن للمحكم أن يق وم ب دور الص لح‪ ،‬فق انون المع امالت المدني ة بدول ة اإلم ارات‬

‫أجاز تفويض المحكمين بالقيام بوظيفة الصلح واشتراط أن يكونوا مذكورين بأسمائهم في‬

‫االتفاق على التحكيم أو في الوثيقة المعدة الحقا‪. 86‬‬

‫و لكن لم يعرف الصلح من كافة األنظمة المتبعة في مجال التحكيم والمع دة من قب ل‬

‫غرف التجارة والصناعة في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪.‬‬

‫و يستفاد مما تقدم أن الصلح مجرد اقتراحات ال تلزم أطراف النزاع على األخذ بها‬

‫فيمكن أن تبوء بالفشل فال تفصل في ذلك النزاع فيعتبر تقريبا لوجهات النظر ‪.‬‬

‫و هك ذا فم ع وج ود التش ابه بين التحكيم والص لح نج د أن ه توج د م ع ذل ك اختالف ات‬

‫جوهرية بينهما ‪.‬‬

‫يتم تسوية النزاع عن طريق الصلح بنزول كل طرف من األطراف المتنازعة عن‬

‫بعض أو ك ل م ا يتمس ك ب ه في مواجه ة اآلخ ر‪ ،‬وذل ك بخالف التحكيم ال ذي يقتص ر دور‬

‫األطراف المتنازعة فيه على اختيار محكم يعهدون إليه بحسم النزاع استقالال عنهم بحكم‬

‫ملزم لهم وال يشترط فيه أن يتنازل طرف لصالح آخر ‪.‬‬

‫‪ -‬مادة (‪ ) 205‬قانون المعامالت المدنية اإلماراتي ص ‪. 194‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪83‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫قد يقب ل حكم المحكمين الطعن بط رق الطعن المختلفة بحسب القواع د العامة‪ ،‬بينما‬

‫عق د الص لح يل زم أطراف ه وغ ير قاب ل للطعن بط رق الطعن المق ررة بالنس بة لألحك ام‪ ،‬وإ ن‬

‫كان قابال للفسخ بحسب قواعد القانون المدني ‪.‬‬

‫يقتض ي الص لح بطبيع ة التن ازل المتب ادل من الخص وم عن ج زء من الح ق‬

‫الموضوعي محل النزاع‪ ،‬أما التحكيم فإنه ال يتضمن أي تنازل عن الحق بل أن المحكم ق د‬

‫يقضي بالحق كله ألحد األطراف‪. 87‬‬

‫و بن اء على م ا تق دم ف إن الص لح يع د نظام ا مختلف ا عن التحكيم‪ ،‬فتنحص ر أوج ه‬

‫التش ابه بينهم ا في اتف اق ط رفي ال نزاع على االبتع اد عن طري ق القض اء في من ازعتهم‪،‬‬

‫ون رى أن الص لح ه و إح دى وس ائل تس وية المنازع ات يتم االتف اق على العم ل به ا بع د‬

‫ح دوث المنازعـــة وبن اء على اتف اق بين أط راف ال نزاع‪ ،‬وي رى أح د الب احثين أن التحكيم‬

‫يتش ابه م ع الص لح في أن كال منهم ا يوج د في ه ط رف ث الث ‪ :‬ففي التحكيم هن اك المحكم‬

‫‪ Arbitre‬أم ا في الص لح فيوج د المص لح ( ‪ ) Conciliateur‬واعت بر الص لح إج راء غ ير‬

‫رسمي يسعى من خالله المصلح إلى حمل أطراف النزاع على الوصول إلى اتفاق بتقريب‬

‫وجه ات النظ ر بينهـ ـ ـ ـــم وتق ديم المعون ة الفني ة لهم والبحث عن تس وية غ ير رس مية يتم‬

‫التفاوض عليها‪.88‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم والخبرة‬

‫‪ -‬أحمد حسان الغندور‪ ،‬التحكيم في العقود الدولية لإلنشاءات‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪ 2007‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬نجمة حمد األحمد التعاقد من الباطن في نطاق العقود اإلدارية أطروحة لنيل الدكتوراه في‬ ‫‪88‬‬

‫الحقوق‪ ،‬جامعة دمشق السنة الجامعية ‪ 1989 – 1988‬ص ‪. 132‬‬

‫‪84‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الخبرة هي استعانة األطراف المعنية عندما تقع المنازعات بينها بخبير أو أكثر يتم‬

‫اختي ارهم باتف اق وإ رادة األط راف يس مون ب الخبراء ليقوم وا بدراس ة أو معاين ة ج وانب‬

‫المنازعات المطلوبة منهم‪ ،‬ومن تم يقدموا لذوي الشأن رأيهم أو تقريرهم حول الموضوع‬

‫لتتم االستعانة به بصورة أو بأخرى لإلسهام في الوصول إلى حلول مقبولة بقدر اإلمكان‪،‬‬

‫أو لإلس تئناس واالسترش اد بمض مونه لفض المنازع ات القائم ة بع د ذل ك ب أي طري ق من‬

‫الطرق التي يختارها الفرقاء‪. 89‬‬

‫وبن اء على ذل ك ف إن الخ برة المقص ودة هن ا هي (الخ برة الودي ة) وليس ت الخ برة‬

‫القضائية التي قد يأمر بها القضاء الرسمي في الدولة ولهذا‪ ،‬فإن هذه الخبرة تختلف عن‬

‫التحكيم من حيث أنه ا يتم اللج وء إليه ا في الغ الب األعم بع د أن تق ع المنازع ات فعال بين‬

‫األطراف المعنية‪ ،‬وتكون في المسائل الفنية المتخصصة جدا‪ ،‬ومن حيث أنها تقدم للفرقاء‬

‫مجرد آراء استشارية أو تقديرية أو اجتهادية (فقط) وبالتالي فإن هذه الخبرة الودية ال تقدم‬

‫م ا يقدم ه التحكيم س واء في إجراءات ه أو في تنفي ذه أو في غايات ه أو في آث اره القانوني ة‬

‫النهائية‪.‬‬

‫وعلى ه ذا األس اس يقص د ب الخبرة ذل ك اإلج راء ال ذي يعه د بمقتض اه القاض ي أو‬

‫المحكم أو الخص وم إلى ش خص بمهم ة إب داء رأي ه في بعض المس ائل ذات الط ابع الف ني‬

‫الذي يكون على دراية بها ودون إلزام القاضي أو الخصوم هذا الرأي‪.‬‬

‫و في حالة اختيار الخبير من قبل الخصوم فإنه قد يحدث الخلط بينه وبين المحكم‪،‬‬

‫بمعنى أن التساؤل يثور حول ما إذا كان األمر يتعلق بعمل من أعمال الخبرة‪ ،‬ويرجع ذلك‬

‫‪ -‬بشار جميل عبد الهادي – مرجع سابق ص ‪. 35‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪85‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إلى وجود بعض أوجه التشابه بينهما‪ ،‬فكل من الخبير والمحكم ليس قاضيا وال ينتمي إلى‬

‫السلطة القضائية‪ ،‬وكالهما يختار من قبل الخصوم للنظر في مسألة محل نزاع بين ـ ـــهم ‪.‬‬

‫وب الرغم من ذل ك فإن ه يوج د بين التحكيم والخ برة ف ارق ج وهري ه و الف ارق بين ال دور‬

‫المس ند إلى ك ل من المحكم والخب ير‪ ،‬ف المحكم مطل وب من ه أن يبحث ال نزاع ليفص ل في ه‬

‫بحكم مل زم ج ائز لق وة الش يء المقض ي ب ه‪ ،‬في حين أن الخب ير يبحث المس ألة الفني ة ال تي‬

‫حددت له لبيدي فيها رأيا ال يلزم الخصوم باألخذ به‪.90‬‬

‫و مم ا ه و ج دير بال ذكر أن ه يجب أال يعت د بالتس مية ال تي يطلقه ا الخص وم على‬

‫الشخص يعهدون إليه بمهمة التحكيم أو الخبرة‪ ،‬وإ نما العبرة دائما بطبيعة المهمة التي تناط‬

‫بهذا الشخص والتي يمكن الكشف عنها من خالل الواقع وظروف القضية ‪.‬‬

‫و بناء عليه إذا اتفق البائع والمشتري على تحديد ثمن المبيع بمعرفة شخص ثالث‪،‬‬

‫فإن هذا الشخص ال يعد محكما لكونه كما انتهى إليه قضاء النقض الفرنسي بعد تردد يعد‬

‫خبيرا حتى ولو سمي محكما‪. 91‬‬

‫و يظل هناك فارق بين الخبير والمحكم يتعلق بكيفية أداء كل منهما للمهمة المنوط ة‬

‫ب ه‪ ،‬ف المحكم يص در ق راره بن اء على م ا يقدم ه ل ه األط راف من مس تندات ومرافع ات‪ ،‬أم ا‬

‫الخب ير فه و يعتم د على معلومات ه وخبرات ه‪ ،‬فض ال عم ا يقدم ه ل ه األط راف من معلوم ات‪،‬‬

‫فالخبير له التصدي وإ بداء رأيه دون حاجة للرجوع لألطراف‪ ،‬وهو ما ال يتسنى للمحكم‬

‫‪ -‬محمود مختار أحمد بربري – التحكيم التجاري الدولي – الطبعة الثالثة دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪2007‬‬ ‫‪90‬‬

‫ص ‪. 22-21‬‬
‫‪ -‬محم ود الس يد عم ر التحي وي – أن واع التحكيم وتمي يزه عن الوكال ة والص لح والخ برة دار المطبوع ات الجامعي ة‬ ‫‪91‬‬

‫االسكندرية مصر ‪ 2002‬ص ‪. 293‬‬

‫‪86‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ال ذي يتحتم علي ه تخوي ل األط راف إمكاني ة تق ديم مس تنداتهم وح ق ك ل ط رف في االطالع‬

‫على ما يقدمه الطرف اآلخر‪ ،‬فهو يقوم بدور مشابه لدور القاضي ‪.‬‬

‫و الج دير بال ذكر أن ه ي راعى عن د اختي ار الخب ير درايت ه الفني ة‪ ،‬وال يراع يى ذل ك‬

‫بالنس بة للمحكم ألن ه بإمكان ه االس تعانة بخب ير‪ ،‬وك ذلك ع دم ج واز الطعن ب الطرق المق ررة‬

‫قانونا في قرار الخبير ألنه ال يصدر حكما‪ ،‬بينما يجوز ذلك بالنسبة لحكم المحكم ‪.‬‬

‫و عليه وبناء على ما سبق‪ ،‬يتبين لنا أن عملية الخبرة ليس هدفها حسم نزاع معيـــن‬

‫وإ نم ا ه دفها إعط اء رأي متخص ص بص دد مش كلة م ا‪ ،‬في حين أن اله دف من العملي ة‬

‫التحكيمية هو حسم النزاع برأي ملزم للخصوم ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن التوفيق والقضاء والتفاوض‬

‫يعرف التحكيم كما سبقت اإلشارة إلى ذلك بأنه نزول أطراف النزاع عن االلتجاء‬

‫إلى قضاء الدولة والتزامهم بطرح النزاع على محكم أو أكثر لحسم النزاع بحكم ملزم‪.92‬‬

‫و تقوم الفكرة األساسية للتحكيم على ترك الحرية ألطراف العقود في اختي ار وسيلة‬

‫تس وية منازعته ا س واء فيم ا يتعل ق بالجه از المكل ف ب ذلك أو فيم ا يتعل ق بنظ ام عم ل ه ذا‬

‫الجهاز‪.‬‬

‫و على ه دي م ا تق دم ف إن التحكيم ه و اتف اق األط راف على إقص اء خص ومة معين ة‬

‫عن القض اء وعرض ها على محكمين ليحكم وا فيه ا وف ق ق انون العالق ة القانوني ة مح ل‬

‫ال نزاع‪ ،‬ل ذلك فق د يختل ط التحكيم ب التوفيق والقض اء ل ذلك س نعرض ع بر الفق رات التالي ة‬

‫‪ -‬علي سالم ابراهيم – الرقابة القضائية على التحكيم أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة عين شمس القاهرة‬ ‫‪92‬‬

‫‪ 1997‬ص ‪. 6‬‬

‫‪87‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التمي يز بين التحكيم والتوفي ق والقض اء وذل ك على المن وال الت الي ‪ :‬الفق رة األولى التحكيم‬

‫والتوفيق‪ ،‬الفقرة الثانية التحكيم والقضاء ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم والتوفيق‬

‫التوفيق هو صورة من صور تسويات المنازعات بطرق ودية‪ ،‬ينص عليه في عقد‬

‫معين بأن ه عن د اختالف األط راف فإن ه يج وز لهم اللج وء إلى التوفي ق لتس وية األوضـــاع‬

‫بينهم‪. 93‬‬

‫و يمكن تعري ف التوفي ق بأن ه ‪ ":‬طري ق ودي لفض المنازع ات عن طريق ه يس تطيع‬

‫الخص وم بأنفس هم أو بمس اعدة ش خص من الغ ير‪ ،‬االجتم اع والتش اور والوص ول إلى ح ل‬

‫منهي للخصومة‪ ،‬فإذا نجح في التوصل إلى هذا يحررون به محضرا رسميا موقعا منه ـ ـــم‬

‫ومن الشخص المختار للتوفيق بينهم‪. 94‬‬

‫و نظام التوفيق يقوم على قيام الموفق أو الموفقين الذين يقع عليهم اختيار األط راف‬

‫بتق ريب وجه ات النظ ر بين المتن ازعين‪ ،‬بحيث يجعلهم يش تركون مع ه في ايج اد تس وية‬

‫مناسبة لحكم النزاع‪ ،‬أو على األقل يحيطهم علما بالقرار الذي سوف يتخذه في هذا الشأن‪،‬‬

‫ف إذا لم يقب ل األط راف اق تراح الموف ق أو انس حبوا‪ ،‬أو انس حب أح دهم أثن اء س ير عملي ة‬

‫‪ -‬سحر عبد الستار إمام يوسف – المركز القانوني للمحكم دراسة مقارنة – دار النهضة العربية مصر سنة ‪2006‬‬ ‫‪93‬‬

‫ص ‪. 44‬‬
‫‪ -‬علي رمضان بركات – خصومة التحكيم في القانون المصري والمقارن – أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق –‬ ‫‪94‬‬

‫كلية الحقوق جامعة القاهرة ‪ 1996‬ص ‪. 56‬‬

‫‪88‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التوفيق‪ ،‬فإن أي قرار يصدر منه ال يكتسب أية قوة إلزامية‪ ،‬ويظل باب التقاضي متاحا‬

‫ألطراف النزاع‪.95‬‬

‫و من هن ا يتض ح أن هن اك فروق ا بين التوفي ق والتحكيم تتمث ل في أن أس اس اختي ار‬

‫التحكيم كوس يلة تس وية للمنازع ات ه و اإلرادة الح رة بين أط راف ال نزاع‪ ،‬ففي حال ة‬

‫الع زوف عن ه ينعق د اختص اص الق اء تلقائي ا‪ ،‬أم ا اللج وء للج ان التوفي ق ال تي يسند له ا ه ذه‬

‫المهمة فإنه يتخذ طابع الوجوب في حالة وجود الدولة أو شخصا اعتباريا عاما طرفا في‬

‫النزاع ‪.‬‬

‫و الفرق اآلخر هو أن األحكام الصادرة عن هيئة التحكيم ملزمة ألطرافها‪ ،‬أما ما‬

‫يصدر عن الموفقين أو لجان التوفيق فيخلو من صفة اإللزام وال يعدو أن يكون توصي ـــة‪،‬‬

‫وفي حالة الموافقة على تلك التوصية خالل خمسة عشر يوما من قبل األطراف المتنازعـــة‬

‫وتمثل اإلدارة أحدهما اكتساب الطابع اإللزامي‪.96‬‬

‫و هناك أيضا فارق جوهري‪ ،‬حيث يرى جانب من الفقه ضرورة األخذ به للتمكن‬

‫من التمي يز بين التحكيم والتوفي ق وه و أن األخ ير ينب ني على تن ازالت من أط راف ال نزاع‬

‫ليتم التوصل إلى اتفاق يحرر به محضر في صيغة عقد ليكون ملزما ألطرافه طبقا لقاعدة‬

‫العقد شريعة المتعاقدين‪.97‬‬

‫‪ -‬أحم د مخل وف – اتف اق التحكيم كأس لوب لتس وية منازع ات عق ود التج ارة الدولي ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة‬ ‫‪95‬‬

‫مصر ‪ 2005‬ص ‪. 18‬‬


‫‪ -‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة – دار الفك ر الج امعي‬ ‫‪96‬‬

‫القاهرة ‪ 1990‬ص ‪. 19‬‬


‫‪ -‬الس يد المرك بي – التحكيم في دول مجلس التع اون ل دول الخليج العربي ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة الطبع ة‬ ‫‪97‬‬

‫األولى ‪ 2001‬ص ‪. 34‬‬

‫‪89‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لقد نظم المشرع المصري التوفيق كوسيلة لحسم بعض المنازعات اإلدارية التي‬

‫تكون الوزارات واألشخاص االعتبارية طرفا فيها بالقانون رقم ‪ 7/2000‬الخاص بإنشاء‬

‫لجان التوفيق حيث نصت المادة األولى منه على أن ينشأ في كل وزارة أو هيئة عامـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫وغيره ا من األش خاص االعتباري ة العام ة لجن ة أو أك ثر للتوفي ق في المنازع ات المدني ـ ـ ـ ـــة‬

‫والتجاري ة واإلداري ة ال تي تنش أ بين ه ذه الجه ات والع املين به ا أو بينه ا وبين األف ـ ـ ـ ـــراد‬

‫واألشخاص االعتبارية الخاصة ‪.‬‬

‫و تش كل ه ذه اللج ان برئاس ة أح د رج ال القض اء أو أح د أعض اء الهيئ ات القض ائية‬

‫الس ابقين من درج ة مستش ار على األق ل‪ ،‬ممن ال يش غلون وظيف ة أو يمارس ون مهن ة ومن‬

‫يمثل الجهة اإلدارية بدرجة مدير عام على األقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختص ـ ـ ـــة‬

‫وينض م إلى عض وية اللجن ة الط رف اآلخ ر في ال نزاع أو من ين وب عن ه‪ ،‬ف إذا تع دد ه ذا‬

‫الط رف وجب عليهم اختي ار ن ائب واح د عنهم‪ ،‬ف إذا تعارض ت مص الحهم ك ان لك ل منهم‬

‫ممثل في اللجنة‪. 98‬‬

‫و تص در ه ذه اللجن ة كم ا نص ت الم ادة التاس عة من الق انون توص ياتها في المنازع ة‬

‫مع إشارة موجزة ألسبابها تثبت في محض رها‪ ،‬وذلك في ميعاد ال يجاوز ستين يوما من‬

‫تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها‪ ،‬وتعرض التوصية خالل سبعة أيام تاريخ صدورها على‬

‫الس لطة المختص ة‪ ،‬والط رف اآلخ ر في ال نزاع ف إذا اعتم دتها وقبله ا الط رف اآلخ ر كتاب ة‬

‫خالل الخمسة عشر يوما التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما ام االتفاق عليه‬

‫‪ -‬المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪. 7/2000‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪90‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذي يبلغ للسلطة‬

‫المخت ــصة‪ ،‬ويحق لكل من الطرفين اللجوء إلى القضاء في حالة عدم قبول التوصية‪. 99‬‬

‫و من الجانب اإلماراتي فقد عرف التوفيق بأنه أحد وسائل حل المنازعات التجارية‬

‫ودي ا‪ ،‬فتق وم بموجب ه الهيئ ة المكون ة ل ذلك ( هيئ ة التوفي ق ) بمحاول ة الح د من اتس اع ذل ك‬

‫ال نزاع وذل ك ب اقتراح أفض ل الس بل لحل ه ودي ا‪ ،‬بم ا يكف ل تجنب المنازع ة التحكيمي ة أو‬

‫‪.‬‬ ‫‪100‬‬
‫القضائية وبما يقرب وجهات النظر بين األطراف المتنازعة الستمرار مصالحهم‬

‫و في ظ ل وج ود العدي د من الجه ات ال تي تنظم العم ل بالوس ائل المتبع ة في تس وية‬

‫المنازعات لم يكن هناك ذكر لتعريف واضح للتوفيق عدا مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم‬

‫التجاري فهو الجهة الوحيدة التي تصدت لهذه المسألة‪.‬‬

‫و اس تنادا إلى م ا س بق يالح ظ أن هن اك توافق ا في تعري ف التوفي ق م ا بين الج انبين‬

‫المصري واإلماراتي في أن التوفيق هو وسيلة لتسوية المنازعات بطريقة ودية وال تأخذ‬

‫قراراتها شكل اإلجبار أو اإللزام في تنفيذها‪ ،‬وإ نما هي مجرد محاولة من الغير في التدخل‬

‫وإ بداء الرأي والمشورة لحل النزاع القائم بين أطرافه بعد معرفة كافة المعطيات الخاصة‬

‫بموضوع النزاع‪ ،‬وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬فال يأخذ ذلك الحل المقترح شكل اإللزام‬

‫إال بع د تحري ر محض ر ب ذلك والتوقي ع علي ه من قب ل األط راف المتنازع ة والموفـــق أو‬

‫الوسيط ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن هناك اسما مرادف للتوفيق وهو " الوساطة " فيرى البعض أن‬

‫الوس اط هي ت دخل من قب ل الغ ير س واء ك ان خب يرا أو وس يطا يعم ل على تق ريب وجه ات‬
‫‪ -‬المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪. 7/2000‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪ -‬النظام األساسي والئحة إجراءات مركز أبو ظبي للتوفيق والتحكيم التجاري الماد ‪ 18‬ص ‪. 23‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪91‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫النظر بين األطراف المتنازعة لتسوية ما قد تم التفاوض بشأنه‪ ،‬وال تعمل الوساطة على‬

‫الفصل النهائي في القضايا وكذلك ال تعطي ضمانا بتحقيق نتيجة‪ ،‬ففي حالة فشل أسلوب‬

‫الوساطة فالبد من العمل على ايجاد وسيلة أخرى لتسوية ذلك النزاع‪ ،‬فإما القضاء وإ ما‬

‫التحكيم‪.101‬‬

‫و الوس اطة ال تخل و من بعض العي وب واالنتق ادات ال تي يمكن أن تفق دها دعامته ا‪،‬‬

‫فال تع دو أن تك ون مج رد محاول ة إلص الح عالق ة بطريق ة ودي ة‪ ،‬ويش ترط أن تت وافر ل دى‬

‫الخص وم الني ة والرغب ة في الص لح فيم ا بينهم وب أنهم في س بيل ذل ك يت وجب عليهم التن ازل‬

‫عن بعض حقوقهم‪ ،‬وإ ال فلن يكون للوساطة أي دور في تلك العملية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم والقضاء‬

‫يعتبر بعض الفقهاء أن القضاء العادي بما يرتكز عليه من نظم وقواعد يعجز أحيانا‬

‫عن إمكاني ة تس وية المنازع ات ال تي تنش أ عن عق ود التج ارة الدولي ة‪ ،‬ول ذلك يتم اللج وء‬

‫للتحكيم كوسيلة بديلة محل تلك المنازعات‪.102‬‬

‫و ذلك يعني أن لدى نظام التحكيم قدرة على حل المنازعات أكبر من قدرة القضاء‬

‫فيما يخص عقود التجارة الدولية‪ ،‬وذلك ليس ألن القضاء العادي ناقص وإ نما لما يتمتع به‬

‫التحكيم من مزايا متعددة كسرعة اإلجراءات وبساطتها والسرية في الجلسات والكفاءة في‬

‫األداء والخبرة‪ ،‬وكذلك النفقات‪ ،‬فإن التحكيم أقل كلفة من القضاء حيث أن األخير يتطلب‬

‫نفقات كثيرة كتوفير المحامين والخبراء وغيرهم إضافة إلى الوقت والجهد الذي تستغرقه‬

‫الدعوى القضائية ‪.‬‬


‫‪ -‬ريتشارد جويت – مؤتمر فض نزاعات الشحن البحري – مجلة مركز دبي للتحكيم الدولي – العدد ‪ 1‬ص ‪. 70‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة – التحكيم التجاري الدولي الداخلي – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2004‬ص ‪. 8‬‬ ‫‪102‬‬

‫‪92‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ق د يتش ابه التحكيم م ع القض اء في حكم التحكيم وال ذي يص در بع د اتب اع الض مانات‬

‫األساسية في التقاضي‪ ،‬ويكون له حجية األمر المقضي وواجب النفاذ بعد الحصول على‬

‫أم ر التنفي ذ من المحكم ة المختص ة‪ ،‬وه ذا العنص ر القض ائي جع ل بعض الفقه اء كم ا س يتم‬

‫توضيح ذلك الحقا يعتبر نظام التحكيم نوع من القضاء الخاص ‪.‬‬

‫إال أن التحكيم يختلف عن القضاء في عدة مسائل منها ‪:‬‬

‫‪ -‬يتم اللجوء إلى التحكيم بمقتضى وجود اتفاق بين الخصوم‪ ،‬أو نص خاص في القانون‪،‬‬

‫بينما االلتجاء إلى القضاء حق عام يستعمله الخصم تلقائيا دون حاجة إلى حصول موافقة‬

‫الخص م اآلخ ر أو االس تناد إلى نص خ اص‪ ،‬وبالت الي ف إن القاض ي موظ ف في الدول ة‬

‫يتقاضى راتبه منها في حين أن المحكم شخص من آحاد الناس ليست له صفة رسمية‪ ،‬إنما‬

‫يستمد سلطاته من إرادة الخصوم‪ ،‬وقد يتقاضى أجرا منهم‪.‬‬

‫‪ -‬يل تزم القاض ي في عمل ه بقواع د الق انون الموض وعية واإلجرائي ة منه ا‪ ،‬بعكس المحكم‬

‫ال ذي ال يل تزم إال بقواع د التحكيم اإلجرائي ة إذا ك ان التحكيم تحكيم ا بالص لح‪ ،‬كم ا س بقت‬

‫اإلش ارة إلى ذل ك‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة يطب ق قواع د الع دل واإلنص اف‪ ،‬وله ذا ف إن إج راءات‬

‫التحكيم تكون سهلة ومبسطة وسريعة بعكس إجراءات المحاكم تتسم بالتعقيد والبطء ‪.‬‬

‫‪ -‬نط اق والي ة القض اء أوس ع من نط اق التحكيم‪ ،‬وذل ك ألن والي ة القض اء تش مل جمي ع‬

‫أنواع الدعاوى‪ ،‬أما التحكيم فال يجوز في المسائل المتعلقة بالنظام العام وال المسائل التي‬

‫ال تقبل الصلح والتنازل ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و إذا عرض ت أم ام هيئ ة التحكيم مس ألة تخ رج عن اختصاص ها‪ ،‬ورأت أن الفص ل‬

‫في ه ذه المس ألة ض روريا للفص ل في ال نزاع الق ائم أمامه ا‪ ،‬فإنه ا توق ف إج راءات التحكيم‬

‫حتى يصدر حكم نهائي بصدد هذه المسألة من الجهة القضائية المختصة‪.103‬‬

‫و أيض ا أعم ال المحكمين تخض ع لرقاب ة القض اء كم ا في حال ة بطالن حكم التحكيم‬

‫أما أعمال القضاة فال يبطل حكمه إال بحكم قضائي أعلى منه‪.‬‬

‫و من مظاهر النطاق الواسع للقضاء عن نطاق التحكيم‪ ،‬هو أن سلطة المحكم تك ون‬

‫مقيدة بما هو وارد في اتفاق التحكيم‪ ،‬أما القاضي فيكون له سلطات واسعة طبقا للقانون‪.‬‬

‫‪ -‬حكم التحكيم ال تك ون ل ه حج ة إال في مواجه ة أط راف التحكيم أم ا ح ك القض اء ف إن ل ه‬

‫حجية عامة لدى الكافة‪.‬‬

‫و هناك كذلك اختالف من ناحية قابلية الحكم للتنفيذ‪ ،‬فالحكم القضائي واجب التنفيذ‬

‫بمج رد ص دوره وانقض اء المواعي د المق ررة للطعن‪ ،‬أم ا حكم المحكم فيتطلب لتنفي ذه أم را‬

‫من السلطة القضائية‪.104‬‬

‫و يضيف البعض فيما يختص بتمييز التحكيم عن القضاء أن بإمكان أط راف ال نزاع‬

‫المحتكمين ع زل المحكم قب ل الحكم‪ ،‬ولكن ليس بإمك انهم ع زل القاض ي ألن ه موظ ف ع ام‬

‫كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬كذلك يمكن للقاضي إبطال حكم المحكم في حالة بطالنه ولكن‬

‫ال يمكن للمحكم إبط ال أي حكم س واء ك ان حكم ا قض ائيا أو تحكيمي ا‪ ،‬فمن لدي ه الس لطة‬

‫إلبطال حكم القاضي هو قاضي أعلى منه درجة كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬تنص على ذلك كال من المادة ‪ 46‬من قانون التحكيم المصري والمادة ‪ 180‬من قانون المرافعات الكويتي ‪.‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية – دار الفكر الجامعي القاهرة ‪ 1989‬ص‬ ‫‪104‬‬

‫‪. 18-15‬‬

‫‪94‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ت بين الم ادة ‪ 6/2‬من ق انون اإلج راءات المدني ة اإلم اراتي ج واز إبط ال المحكم ة‬

‫لق رار التحكيم في ص دوره ب دون اتفاقي ة تحكيم بين األط راف المتنازع ة أو على أس اس‬

‫الوثائق التي استند إليها قرار التحكيم في حالة سقوط األثر القانوني لها بمرور الزمن‪ ،‬أو‬

‫في حال ة تج اوز المحكم للح دود ال تي أش ير إليه ا بم وجب اتفاقي ة التحكيم‪ ،‬باإلض افة إلى‬

‫الحاالت العديدة التي يمكن أن يستأنف فيها قرار التحكيم ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التحكيم والتفاوض‬

‫تعرف المفاوضات بأنها وسيلة للتداول تهدف إلى إنشاء أو تعديل أو إنه اء عالقـ ـــة‪،‬‬

‫وأفضل تعريف أعطي للمفاوضات هي التشاور أو التواصل بقصد اإلقناع‪.105‬‬

‫وتع د عملي ة التف اوض من أعق د العملي ات على اإلطالق ففيه ا مح اورة ومراوغـ ـ ـــة‬

‫وإ صرار ومثابرة‪ ،‬هذه العملية ظهرت منذ وقت بعيد على شكل المساومة حيث يسعى كل‬

‫ط رف إلى تحقي ق أقص ى منفع ة من الص فقة المتف اوض عليه ا نظ ير أدنى مقاب ل‪،‬‬

‫فالمفاوضات مهمة جدا إذا كان الفرقاء واقفين على أسس متساوية ويهدفون للمحافظ ة على‬

‫عالقاتهم فهي وسيلة مرنة وال تحتاج إلى مظاهر وشكليات إلنهاء الخالف القائم بل مجرد‬

‫تعيين المكـــان والزمان والمواضيع التي تحتاج إلى حوار ونقاش جدي‪ ،‬وذلك بحسن نية‬

‫ورضا األطراف أنفسهم بهدف الوصول إلى حل نقاط الخالف فيما بينهم ‪.‬‬

‫و نظ را ألهمي ة التف اوض كوس يلة لفض المنازع ات تح رص الكث ير من عق ود‬

‫( الب وت ) على النص علي ه إذا نش أ أي خالف بين الط رفين‪ ،‬وق د يتف ق األط راف أثن اء‬

‫التعاقد على تحديد فترة زمنية يل تزمون خالله ا باتباع طري ق التف اوض بغية التوص ل إلى‬

‫ح ل ال نزاع‪ ،‬بحيث ال يج وز لهم قب ل انته اء ه ذه الم دة الزمني ة اللج وء إلى وس ائل أخ رى‬

‫‪ -‬عالء أبا ريان – الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية – الطبعة األولى – منشورات الحليي الحقوقية‪ ،‬بيروت‬ ‫‪105‬‬

‫لبنان ‪ 2008‬ص ‪. 71‬‬

‫‪95‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لتس وية النـ ـــزاع‪ ،‬ويمكن االتف اق على أن يتم التف اوض بين الم ديرين التنفي ذيين لط رفي‬

‫ال نزاع لمناقش ة االقتراح ات المطروح ة للتس وية‪ ،‬ويه دف ه ذا اإلج راء إلى ع رض ال نزاع‬

‫على أش خاص آخ رين غ ير من ك ان لهم دور في الوق ائع ال تي أدت إلى ظه وره‪ ،‬وهم‬

‫أش خاص يكون ون بحكم م وقعهم أك ثر ق درة على مواجه ة ال نزاع والوق وف على أس بابه‬

‫‪.‬‬ ‫‪106‬‬
‫الحقيقية‪ ،‬ومن تم يمكن اختيار الحل األكثر موضوعية واألكثر قبوال لدى طرفي العقد‬

‫و أم ا عن الموازن ة االيجابي ة مث ل الخب ير والوس يط‪ ،‬والمص الح وهي تس عى ايض ا‬

‫كالتحكيم إلى ايجاد الحلول المناسبة ألطراف النزاع‪ ،‬وقد تنجح في هذا األمر نجاحا كبيرا‬

‫فتجنب تل ك األط راف مش قة اللج وء إلى القض اء الرس مي في الدول ة‪ ،‬وم ا يس تتبع ذل ك في‬

‫كثير من األحيان من استنزاف للوقت والجهد والمال‪ ،‬باإلضافة إلى أن إجراءاتها في كثير‬

‫من الحاالت أيضا تشبه إجراءات التحكيم من حيث أنها إجراءات تتسم بالسير والسرعـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫والمرونة‪ ،‬أما بعد ذلك فإنها تختلف عن التحكيم في األمور والمسائل التي حاولنا إظهار‬

‫أهمها بقدر ما يتسع له المقام في هذه األطروحة‪.107‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شرط التحكيم وشروط التحكيم‬

‫بما أن اتفاق التحكيم هو تصرف قانوني كأي تصرف قانوني آخر فإنه ال يسري‬

‫بحق الغير وال يرتب أي أثر من اآلثار القانونية‪ ،‬إال في حالة توافر الشروط الخاصة بهذا‬

‫التصرف حيث بدون هذه الشروط يكون التصرف باطال ال بل معدوما ‪.‬‬

‫‪ -‬مفت اح خليف ة وحم د محم د الش لماني – العق ود اإلداري ة وأحك ام إبرامه ا – دار المطبوع ات الجامعي ة االس كندرية‬ ‫‪106‬‬

‫مصر ‪ 2008‬ص ‪. 355‬‬


‫‪ -‬عزيزة الشريف‪ ،‬التحكيم اإلداري في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪107‬‬

‫‪96‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و تج در اإلش ارة أن ه في م ارس ‪ 1992‬ص در ق انون التحكيم االتح ادي في دول ة‬

‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬وذلك ضمن قانون المرافعات المدنية الجديد وجاء التحكيم في‬

‫الب اب الث الث من الق انون الجدي د من الم ادة ‪ 203‬إلى الم ادة ‪ ،218‬ه ذا ف إن المش رع‬

‫اإلم اراتي ق د س بق ل ه أن أش ار للتحكيم ثالث ة م رات من دون ال دخول في تفاص يله تارك ا‬

‫لتشريعات كل إمارة من اإلمارات أن تكمل ذلك ‪.‬‬

‫و على هذا األساس سوف نتناول بالتحليل شرط التحكيم ( الفرع األول ) أم ا الفرع‬

‫الثاني فسنخصصه لشروط التحكيم‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شرط التحكيم والمحكمين وإ جراءات الدعوى والحكم‬

‫جاء القانون الجديد في دولة اإلمارات العربية المتحدة ليفرق بين التحكيم الذي يتم‬

‫عن طريق المحكمة والتحكيم الذي يتم خارج المحكمة ولم يترتب عليه نتائج س وى بالنس بة‬

‫إليداع الحكم في المحكمة أو عدم ايداعه ‪.‬‬

‫و الق انون الجدي د ال يف رق بين التحكيم ال داخلي والتحكيم ال دولي‪ ،‬ولكن ه حق ق‬

‫خط وات عص رية هام ة وجريئ ة إذا لم يش ترط في المحكم ال دين وال جنس وأج اد الش رط‬

‫التحكيمي صراحة وانفرد عن سائر قوانين التحكيم في أنه فوض المحكمين تحليف الشهود‬

‫اليمين قبل أداء شهادتهم ولكنه أبقى للمحاكم القضائية وصاية على الحكم التحكيمي ‪.‬‬

‫و لإللمام بمضامين هذا الفرع ارتأينا أن نقسمه إلى فقرتين نتن اول في األولى ش رط‬

‫التحكيم أما الثانية فسنعالج فيها المحكمون واجراءات الدعوى والحكم ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شرط التحكيم‬

‫‪97‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ش رط التحكيم ه و اتف اق ي رد ض من نص وص عق د معين‪ ،‬يق رر بموجب ه األط راف‬

‫اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات المستقبلية التي تثور حول العقد وتنفيذه‪ ،‬وعادة ما‬

‫يدرج شرط التحكيم في العقد األصلي إال أن هذا ال يمنع من االتفاق عليه في وثيقة مستقلة‬

‫تعد ملحقا للعقد األصلي‪ ،‬وشرط التحكيم مستقل عن العقد الذي ورد به‪ ،‬ومن تم فال يؤدي‬

‫بطالن ه ذا العق د إلى بطالن ش رط التحكيم‪ ،‬وق د تأك د ه ذا االس تقالل بنص الم ادة ‪ 23‬من‬

‫القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ ،108 1917‬بشأن التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية من أنـ ـــه‬

‫" يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى‪ ،‬وال يترتب على بطالن العقد‬

‫أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه‪ ،‬إذا كان هذا الشرط صحيحا‬

‫في ذاته" ‪.‬‬

‫أما مشارطة التحكيم فهي اتفاق يبرمه األطراف منفصال عن العقد األصلي بموجبه‬

‫يتم اللجوء إلى التحكيم للفصل في نزاع قائم فعال بصدد هذا العقد‪.‬‬

‫و لم ي رد بنص الم ادة ‪ 10‬من ق انون التحكيم المش ار إلي ه تقيي دا للش رط التحكيمي‬

‫حيث نص البن د ‪ 2‬من الم ادة ‪ 10‬على أن ه " يج وز أن يق ع التحكيم في ش كل ش رط تحكيم‬

‫سابق على قيام النزاع يرد في عقد معين أو في شكل اتفاق منفصل يبرم بعد قيام النزاع‬

‫ولو كانت قد أقيمت بشأنه دعوى أمام جهة قضائية‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب أن يحدد االتف اق‬

‫المسائل التي يشملها التحكيم وإ ال كان االتفاق باطال " ووفقا لنص البند ‪ 03‬من المادة ‪10‬‬

‫من قانون التحكيم المشار إليه فإنه ‪ " :‬يعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى‬

‫‪ -‬ق انون التحكيم في المنازع ات المدني ة والتجاري ة الص ادر بالمرس وم الس لطاني رقم ‪ 47‬لس نة ‪ 1997‬الجري دة‬ ‫‪108‬‬

‫الرسمية عدد ‪ 602‬بتاريخ ‪. 1997-7-1‬‬

‫‪98‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد‬

‫‪.‬‬

‫و في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة أج از الق انون الجدي د ش رط التحكيم بش كل‬

‫صريح وواضح إذ نص على أنه ‪ " :‬يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد‬

‫‪.‬‬ ‫‪109‬‬
‫األساسي أو باتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع ‪ ...‬على محكم أو أكثر‬

‫و لكن الش رط التحكيمي ال ذي أج ازه الق انون الجدي د ه و ح ر في التحكيم بالق انون‬

‫ومقي د في التحكيم بالص لح بتس مية أس ماء المحكمين‪ ،‬ذل ك أن المش رع اإلم اراتي يعت بر‬

‫التحكيم بالص لح غ ير المقي د بالق انون وال ذي ال يخض ع س وى لض مير المحكم أو المحكمين‬

‫ويش ترط المش رع لص حة ه ذا التحكيم أن يس مي في ه المحكم ون س ابقا من األط راف في‬

‫الشرط التحكيمي أو في الحق للنزاع‪.110‬‬

‫فإذا تعذر ذلك بطل هذا الشرط التحكيمي وحتى االتفاق التحكيمي الالحق للنزاع‪،‬‬

‫أما إذا تضمن شرط التحكيم بالصلح أو االتفاق الالحق للنزاع على التحكيم بالصلح أسماء‬

‫المحكمين فهما يعتبران نافذين وينزعان من القضاء اختصاصه ‪.‬‬

‫و لكن القانون فيه إرث من الماضي‪ ،‬هكذا أضاف القانون الج دي " ويجب أن يح دد‬

‫موضوع النزاع في وثيقة التحكيم أو أثناء نظر الدعوى ‪.‬‬

‫و هنا تجدر اإلشارة إلى عدم دقة القانون فيما يتعلق بالتعابير المستعملة األمر الذي‬

‫يؤدي إلى تناقص وغموض في النص ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 203‬من قانون مارس ‪ 1992‬المتعلق بالتحكيم بدولة اإلمارات ‪.‬‬ ‫‪109‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 205‬من نفس القانون ‪.‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪99‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ب اعتراف الق انون الجدي د بالش رط التحكيمي ال ذي ال يمكن أن يتض من موض وع‬

‫ال نزاع ألن ه عن د توقي ع العق د ال ذي يتض من الش رط التحكيمي ال يك ون هن اك ن زاع‪ ،‬أوج د‬

‫المشرع في اإلمارات حال للشرط التحكيمي إذ أظهر أن قاعدة تحديد موضوع النزاع ما‬

‫ت زال س ارية المفع ول ولكنه ا لم تع د مش روطة لص حة وثيق ة التحكيم ب ل أص بح باإلمك ان‬

‫اإلدالء بها أثناء نظر الدعوى ‪،‬أي أنه أوجد مخرجا لبقا لموضوع ايراد موضوع النزاع‬

‫‪.‬‬ ‫‪111‬‬
‫في وثيقة التحكيم‬

‫و هكذا وإ ذا ما قرئنا القانون الجديد بالقانون الذي كان مطبقا في إمارتي أبو ظبـ ـــي‬

‫ودبي نالح ظ أن ق انون أب و ظ بي ك ان ق د خال من التفري ق الص ريح بين الش رط التحكيمي‬

‫الس ابق لل نزاع واتف اق التحكيم الالح ق لل نزاع وإ ن ك ان الش رط التحكيمي الس ابق لل نزاع‬

‫أوجد لنفسه طريقا ولكن بقوة االجتهاد وليس بصراحة النص وحمايته ‪.‬‬

‫إما في إمارة دبي فقد كان القانون يكرس صحة الشرط التحكيمي ( مراجعة قانون‬

‫العقود المادة ‪ – 32‬الفقرة ‪ 2‬ب ) ‪.‬‬

‫أوجد القانون االتحادي الجديد في الحالة التي أشرنا إليها أعاله حال في الم ادة ‪203‬‬

‫إال أن ه ع اد فط رح مش كلة في الم ادة ‪ ... 6/2‬ه ذا ويمكن الق ول ب أن الوض ع الس ابق ال ذي‬

‫شق فيه الشرط التحكيمي طريقه عبر االجتهاد أفضل من الوضع الجديد والسيما أن ق انون‬

‫دبي الذي كان مطبقا كان يعترف بالشرط التحكيمي بدون تناقض ‪.‬‬

‫و قض ت المحكم ة االتحادي ة العلي ا بنقض الحكم المطع ون وإ ع ادة ال دعوى إلى‬

‫محكمة الدرجة األولى للفصل في موضوعها ‪.‬‬

‫‪ -‬عزيزة الشريف‪ ،‬التحكيم اإلداري في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪111‬‬

‫‪100‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و اعتبرت هذه المحكمة أن القانون ‪ 14/1988‬ناط بمحاكم الدولة الفصل في كافة‬

‫المنازعات الناشئة عن تنفيذ عقد الوكالة التجارية بين الوكيل والموكل وإ بطال كل اتفاق‬

‫‪.‬‬ ‫‪112‬‬
‫يخالف ذلك متى كانت الوكالة مسجلة في سجل الوكالء التجاريين‬

‫و لم ا الطرف ان ق د اتفق ا على التحكيم باتفاقي ة التوزي ع المؤرخ ة في ‪1988-6-1‬‬

‫ولما كانت الدعوى قد رفضت بعد نفاذ القانون رقم ‪ 14/1958‬فمن تم فإن القانون يسري‬

‫شرط التحكيم بأثر فوري باعتباره متعلقا بالنظام العام وبالتالي فإنه ال يعتد بشرط التحكيم‬

‫وينعقد االختصاص لمحاكم الدولة بنظر النزاع الناشئ بين الطرفين عن تنفيذ عقد الوكالة‬

‫التجارية‪.‬‬

‫و ق د ص در ق رار عن محكم ة تمي يز دبي يتعل ق بنفس الموض وع والقض ية تتعل ق‬

‫ب نزاع م ا بين ش ركة مدعي ة ك انت ق د وقعت عق د تمثي ل تج اري ل بيع س يارات م ع الش ركة‬

‫مدعية كانت قد وقعت عقد تمثيل تجاري لبيع سيارات مع الشركة المدعى عليها تتضمن‬

‫شرطا تحكيميا يحيل النزاعات التي يمكن أن تنشأ على التحكيم ‪.‬‬

‫أق امت الش ركة المدعي ة ال دعوى أم ام محكم ة دبي االبتدائي ة وط البت بفس خ العق د‬

‫الم برم م ع الش ركة الم دعى عليه ا لع دم تنفي ذها كاف ة موجباته ا وتمس كت الش ركة الم دعى‬

‫عليها بالتحكيم وطالبت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ‪.‬‬

‫قض ت المحكم ة االبتدائي ة بع دم قب ول ال دعوى‪ ،‬اس تأنفت المدعي ة الحكم رفض ت‬

‫محكمة االستئناف وأيدت الحكم المستأنف ‪.‬‬

‫‪ -‬عزيزة الشريف‪ ،‬التحكيم اإلداري في القانون المصري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪112‬‬

‫‪101‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وادعت في تمييزه ا أن حكم‬ ‫‪113‬‬


‫عن دما طعنت الش ركة ب التمييز الحكم االس تئنافي‬

‫الحكم المطع ون يخ الف الق انون وأش ارت أن تمس ك الدول ة بح ق قض ائها في النظ ر في‬

‫المنازعات التي تدخل في صالحية هذا القضاء يعتبر من أعمال السيادة التي تتعلق بالنظام‬

‫الع ـ ـ ـــام‪ ،‬وأوردت محكم ة النقض ه ذا االدع اء بقوله ا أن االتف اق على تحكيم يج ري في‬

‫الخارج بمحكمين أجانب ال يمس النظام العام وأيدت بذلك الحكم المستأنف‪ ،‬وأشارت إلى‬

‫ذلك المادة ‪ 32‬من قانون العقود الدبوي وجاء فيه أن المشرع الدبوي حرص على تأكيد‬

‫كفال ة في االلتج اء إلى القض اء باعتب اره الطري ق الع ادي لفض المنازع ات وحس مها إال أن ه‬

‫ح رص في نفس ال وقت على إج ازة االتف اق على التحكيم لحس م ن زاع معين بم ا م ؤداه أن‬

‫االتفاق على التحكيم في ذاته ليس فيه ما يمس النظام العام ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المحكمون واجراءات الدعوى والحكم‬

‫إن الق انون الجدي د بدول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ ،‬لم يتع رض الس تقاللية الش رط‬

‫التحكيمي‪ ،‬وبالت الي فليس هن اك نص يجع ل المحكمين مختص ين للنظ ر في اختصاص هم‪،‬‬

‫األمر الذي يعرض الشرط التحكيمي للخطر إذا أثير موضوع بطالن العقد الذي يتضمن‬

‫الش رط التحكيمي إال أن المش رع اإلم اراتي باعتراف ه ب التحكيم النظ امي‪ ،‬فإن ه يفتح باب ا‬

‫الس تقاللية الش رط التحكيمي في ح ال اتف اق الط رفين إلى تحكيم نظ امي يش ترط اس تقاللية‬

‫الش رط التحكيمي‪ ،‬وهك ذا ف إذا وق ع ن زاع ولم يكن الخص وم ق د اتفق وا على المحكمين أو‬

‫امتن ع واح د أو أك ثر من المحكمين المتف ق عليهم عن العم ل أو اعتزال ه أو ع زل عن ه أو‬

‫حكم ب رده أو ق ام م انع من مباش رته ل ه ولم يكن هن اك اتف اق في ه ذا الش أن بين الخص وم‬

‫‪ -‬الطعن رقم ‪ 293‬لسنة ‪ 1991‬محكمة تمييز دبي ‪. 1991-11-10‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪102‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫عينت المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب‬

‫أحد الخصوم باإلجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة‬

‫مساويا للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكمال له‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪114‬‬
‫و ال يجوز الطعن في الحك الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن‬

‫‪ -‬المحكمون ‪:‬‬

‫إن المش رع في اإلم ارات العربي ة المتحدة لم يل زم المتعاقدون بتس مية المحكمين في‬

‫الشرط التحكيمي ذلك أنه إذا وقع خالف وامتنع طرف عن تسمية محكم عنه أو حال س بب‬

‫دون مباشرة المحكم لمهنته فإن التحكيم ال يقف أمام حائط مسدود بل يكون القضاء جاهزا‬

‫لمعالجة أي خلل يطرأ أو أي مماطلة يلجأ إليها خصم سيء النية فعين محكما عن الطرف‬

‫الممتنع عن تعيين محكم عنه ويعين محكما مكان المحكم الذي تحول أسباب دون متابعته‬

‫عمل ه التحكيمي‪ ،‬بحيث أن القض اء يبقى ض مانا وعون ا لس ير التحكيم‪ ،‬وحرص ا على قط ع‬

‫طري ق المماطل ة جع ل المش رع من الحكم القض ائي الص ادر بص دد تس مية المحكمين جرم ا‬

‫وهك ذا فمن الواض ح أن المش رع اإلم اراتي‬ ‫‪115‬‬


‫غ ير قاب ل ألي طري ق من ط رق المراجع ة‬

‫ترك األرجحية لسلطان اإلرادة‪ ،‬وهذا يتأكد من جهتين ‪.‬‬

‫أن المادة ‪( 204‬أ ) التي تشير إلى وقوع نزاع لم يتفق فيه الخص وم على المحكمين‬

‫أو امتناع محكم أو أكثر عن العمل ‪ ...‬جعلت تدخل القضاء مشروطا بأن " ال يكون هناك‬

‫اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 204‬من نفس القانون ‪.‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪ -‬راشد علي المرزوقي – التحكيم البحري ودوره في تسوية المنازعات‪ ،‬دراسة تحليلية أطروحة لنيل الدكتوراه في‬ ‫‪115‬‬

‫القانون العام جامعة عبد المالك السعدي – كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية ‪ 2012-2011‬ص ‪. 114‬‬

‫‪103‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بالت الي ف إن ت دخل المحكم ة القض ائية ي أتي في حي ال غي اب االتف اق بين الط رفين‬

‫على طريقة تعيين المحكم وبالتالي فإنه في حال وجود اتفاق في شرط تحكيمي يحيل إلى‬

‫نظ ام هيئ ة تحكيمي ة‪ ،‬ف إن ه ذا االتف اق يحجب ت دخل المحكم ة القض ائية ويص بح النظ ام‬

‫التحكيمي الذي اختاره اتفاق الطرفين المرجح وتصبح الهيئة التحكيمية وفق نظامها الذي‬

‫اختاره الطرفان هي صاحبة االختصاص في اختيار المحكم البديل ‪.‬‬

‫و المادة ‪ )1( 203‬قد أشارت أيضا صراحة إلى التحكيم النظامي الذي له أرجحية‬

‫على اإلج راءات التحكيمي ة ال تي وض عها المش رع إذا اخت ارت إرادة الط رفين التحكيم‬

‫تقول ‪ " ...‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معين‬ ‫‪116‬‬
‫النظامي مثال‪ ،‬فالمادة ‪203‬‬

‫بشروط خاصة ‪.‬‬

‫و في كل األحوال فإن النص الذي يشير إلى تدخل الماكم القضائية لتعيين المحكم‬

‫البديل ليس فيه أي إشارة إلى أنه نص إلزامي ال صراحة وال ضمنا ‪.‬‬

‫إذا تع دد المحكم ون وجب في جمي ع األح وال أن يك ون ع ددهم وت را حس ب الم ادة‬

‫‪ 206‬من القانون السابق ذكره ‪.‬‬

‫‪ -‬إجراءات الدعوى ‪:‬‬

‫ترك المشرع في اإلمارات الحرية للمحكم أو المحكمين في وضع إج راءات التحكيم‬

‫هذا‬ ‫‪117‬‬
‫لسير المحاكمة التحكيمية دون التقيد بالقواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية‬

‫‪ -‬المادة ‪ 208‬من قانون التحكيم اإلماراتي مستخرج من قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 208‬من قانون التحكيم اإلماراتي مستخرج من قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪104‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إذا لم يتف ق األط راف على غ ير ذل ك‪ ،‬وال تنتق ل ه ذه الس لطة للمحكمين إال في ح ال غي اب‬

‫اتفاق الطرفين على ذلك ‪.‬‬

‫و لكن المحكم أو المحكمين يبقون ملزمين بالتقيد بقواعد مواجهة المحاكمة ومراع اة‬

‫حق الدفاع‪ ،‬ولكن هل تعتبر قاعدتنا المواجهة وحق الدفاع من النظام العام ‪.‬‬

‫إن المش رع يتخ ذ في ه ذا الموض وع بعض الغم وض فه و يق ول إن المحكم يص در‬

‫حكم ه " غ ير مقي د ب إجراءات المرافع ات ع دا م ا نص ت علي ه اإلج راءات الخاص ة ب دعوة‬

‫الخص ـ ــوم وسماع أوجه دفاعهم وتمكينهم من تقديم مستنداتهم‪.118‬‬

‫و لكن ه يض يف ‪ " :‬وم ع ذل ك يج وز للخص وم االتف اق على اج راءات معين ة يس ير‬

‫عليها المحكم‪ ،‬ولكن هل يجب أن تحترم هذه اإلجراءات والحق بتقديم المستندات من قبل‬

‫كل خصم ؟‬

‫إن النص ي وحي ب ذلك ولكن تج در اإلش ارة إلى أن رقاب ة المح اكم القض ائية على‬

‫الحكم التحكيمي ليس فيه ا من األس باب ال تي تجع ل الحكم ق ابال لإلبط ال إذا لم ي راع مب دأ‬

‫المواجهـ ــة وال احترام حق الدفاع ‪.‬‬

‫و يأتي المشرع لينقد حق الدفاع وحق المواجهة بعض الشيء حيث ينص في الم ادة‬

‫‪ " ) 5( 212‬ويصدر حكم المحكمين باغلبية األراء وتجب كتابته مع الرأي المخالف ويجب‬

‫أن يشتمل بوجه خاص على صورة من اإلتفاق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخص وم‬

‫ومس تنداتهم وأس باب الحكم ومنطوق ه وت اريخ ص دوره والمك ان ال ذي ص در في ه وتوقيع ات‬

‫‪ -‬المادة ‪ 212‬من قانون التحكيم اإلماراتي – مستخرج من قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪105‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المحكمين‪ ،‬وإ ذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم‬

‫صحيحا إذا وقعته أغلبية المحكمين‪".‬‬

‫و نص المش رع على إج راءات للمحاكم ة التحكيمي ة غ ير إلزامي ة إذ تبقى قابل ة‬

‫كم ا أج از المش رع اإلم اراتي ك ذلك الحكم بن اء على م ا‬ ‫‪119‬‬


‫للتع ديل وفق ا إلرادة الط رفين‬

‫يقدم ه ج انب واح د إذا تخل ف اآلخ ر عن ذل ك في الموع د المح دد‪ ،120‬كم ا يجب أن يص در‬

‫الحكم خالل ستة أشهر من تاريخ الجلسة األولى إال إذا اتفق الطرفان على غير ذلك‪ ،‬فإذا‬

‫لم يص در الحكم فمن المهل ة ولم يكن الطرف ان متفق ان على مهل ة األص ول وال ح ددا المهلة‬

‫وال حددها المحكم الذي يملك تمديد المهلة إذ داك تستعيد المحاكم القضائية اختصاصها ‪.‬‬

‫و المالح ظ أن المش رع يج يز للط رفين تحدي د المهل ة ويج يز ذل ك أيض ا للمحكم إذا‬

‫فوض ه ب ذلك الطرف ان‪ ،‬ك ذلك أج از للمحكم ة القض ائية تمدي د المهل ة بن اء لطلب المحكم أو‬

‫أحد الخصوم ‪.‬‬

‫أم ا فيم ا يخص اإلثب ات يمكن الق ول أن ق انون تحكيم اإلم ارات يتم يز عن أغلب‬

‫قوانين التحكيم العربية وأكثر القوانين التحكيمية في العالم في أنه يعطي المحكمين السلطة‬

‫في أن يحلف وا الش هود اليمين‪ ،‬ويعت بر أن ك ل من أدى ش هادة كاذب ة أم ام المحكمين يعت بره‬

‫وهذا الموقف يكرس تغليب الطابع القضائي للتحكيم على‬ ‫‪121‬‬


‫مرتكبا لجريمة شهادة الزور‬

‫الط ابع التعاق دي‪ ،‬ولكن مص دره ه و الش رع اإلس المي ال ذي رجح البين ة الشخص ية على‬

‫‪ -‬المادة ‪ 208‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪ -‬نفس المادة أعاله ‪.‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 211‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪121‬‬

‫راجع في الموضوع ‪ :‬راشد علي المرزوقي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 118‬‬


‫هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 319‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪106‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫البينــة الكتابي ة‪ ،‬وه و أم ر لم ي ذهب إلي ه المش رع في اإلم ارات حيث اك د على البين ة‬

‫الشخص ية ودوره ا في التحكيم وأحيطه ا بالحماي ة الالزم ة‪ ،‬ذل ك أن للبين ة الشخص ية في‬

‫الش رع اإلس المي أهمي ة بالغ ة ‪ ،‬إذ ك انت وس يلة اإلثب ات األساس ية المعتم دة بخالف البين ة‬

‫الكتابية التي كانت تشكل مجاال لحذر شديد من قبل الفقهاء الذين كانوا يعتبرون وربما عن‬

‫حق وفي عصر لم يكن باإلمكان الركون إليه‪ ،‬ويزيد من منطقية هذا التوجه‪ ،‬أن الكتابة لم‬

‫تكن منتشرة‪ ،‬لم يكن باإلمكان اعتبارها وسيلة أساسية من وسائل اإلثبات ‪.‬‬

‫‪ -‬الحكم ‪:‬‬

‫يفرق قانون تحكيم اإلمارات بين التحكيم بالقانون والتحكيم بالصلح وهذا األخير ال‬

‫يتقيد بقواعد القانون عدا ما يتعلق بالنظام العام‪.122‬‬

‫و تجدر اإلشارة أنه إذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقي ع الحكم يذك ـ ـــر ذلك‬

‫ويكون الحكم صحيحا إذا وقعته أغلبية المحكمين ‪.‬‬

‫يكتب الحكم باللغة العربية إال إذا اتفق الخصوم على غير ذلك األمر الذي يكرس‬

‫س لطان اإلرادة ويجع ل اإلم ارات العربي ة موطن ا مناس با للتحكيم ال دولي‪ ،‬ولكن إذا اتف ق‬

‫الخص وم على لغ ة أخ رى غ ير العربي ة فيتعين عنذئ د أن ترف ق ب ه عن د ايداع ه ترجم ة‬

‫رسمية‪ ،‬أما فيما يخص اإليداع والمصادقة فالمشرع يفرق هنا للمرة األولى بين نوعين من‬

‫إجراءات التحكيم وهما ‪:‬‬

‫‪ -‬التحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة‪.123‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 212‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪122‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 12‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪123‬‬

‫‪107‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وهو ذلك الذي امتنع أحد طرفيه عن‬ ‫‪124‬‬


‫‪ -‬التحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة‬

‫تنفيذ االتفاق التحكيمي‪ ،‬فاضطر الطرف الثاني ألن يتوجه إلى المحكمة القضائية إللزامه‬

‫بالسير بإجراءات التحكيم ابتداء من تعيين المحكم ‪.‬‬

‫ففي التحكيم ال ذي يتم عن طري ق المحكم ة يجب على المحكمين اي داع أص ل الحكم‬

‫مع أصل وثيقة التحكيم والمحاضر والمستندات في كتاب المحكمة المختصة أصال بنظر‬

‫الدعوى خالل الخمسة عشر يوما التالية لصدور الحكم كما يجب عليهم ايداع صورة من‬

‫الحكم في الكتابة الخاصة للمحكمة لتسليمها إلى كل طرف‪ ،‬األمر الذي يجب أن يتم خالل‬

‫خمسة أيـ ــام ويحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا االيداع ويعرضه على القاضي أو رئيس‬

‫الدائرة لتحديد جلسة خالل خمسة عشر يوما للتصديق على الحكم ويعلن الطرفان بها‪.‬‬

‫أم ا في التحكيم ال ذي يتم بين الخص وم خ ارج المحكم ة فيجب على المحكمين أن‬

‫يس لموا ص ورة الحكم إلى ك ل ط رف خالل خمس ة أي ام من ص دوره وتنظ ر المحكم ة في‬

‫تصديق الحكم أو إبطاله بناء على طلب أحد الخصوم باإلجراءات المعتادة لرفع الدعوى ‪.‬‬

‫و يبقى الس ؤال مطروح ا ح ول مهل ة إلزامي ة لع رض الحكم على المحكم ة إلعطائ ه‬

‫ص يغ التنفي ذ ؟ وهك ذا فبالنس بة للتحكيم ال ذي يتم عن طري ق المحكم ة مقي د بمهل ة لحص وله‬

‫على ص يغة التنفي ذ فه و ي ودع بالمحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع خالل خمس ة عش ر‬

‫يوما من صدوره ويجري تبليغ نسخة عنه إلى كل من الطرفين ثم يحدد القاضي أو رئيس‬

‫دائرة المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع جلسة خالل خمسة عشر يوما إلعطاء الحكم‬

‫صيغة التنفيذ ويبلغ الطرفان بموعد هذه الجلسة ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 13‬من نفس القانون ‪.‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪108‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إذن فالحكم التحكيمي الذي يتم عن طريق المحكمة أما خمسة عشر يوما إليداع ـ ـــه‬

‫وخمس ة عش ر يوم ا لتعق د المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع جلس ة إلعطائ ه ص يغة‬

‫التنفيذ أي ما مجموعه ثالثين يوما كحد أقصى إلعطائه صيغة التنفيذ ‪.‬‬

‫أما الحكم التحكيمي الذي يتم خارج المحكمة فهو غير خاضع لمهلة محددة لعرضه‬

‫على المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع بل يمكن للطرف الصادر لمصلحته عرضه في‬

‫أي وقت يشاء‪ ،‬ولكن ذلك يجعل الوضع معقدا للغاية إذ أن المحكمة القضائية تملك إعادة‬

‫الحكم للمحكمين لتعديله‪ ،‬فماذا إذا عرض الحكم التحكيمي عليها إلعطائه صيغة التنفيذ بعد‬

‫ثالث‪.125‬‬

‫و تجدر اإلشارة أنه البد من التعرض إلى الحكم التحكيمي الصادر في اإلم ـ ـــارات‬

‫والحكم التحكيمي الص ادر خ ارج اإلم ارات‪ ،‬بداي ة ف الحكم التحكيمي يجب أن يص در في‬

‫دول ة اإلم ارات‪ ،‬ف إذا ص در خارجه ا اتبعت في ش أنه القواع د المق ررة ألحك ام المحكمين‬

‫ف الحكم التحكيمي الص ادر في دول ة اإلم ارات يحت اج لص يغة‬ ‫‪126‬‬
‫الص ادرة في بل د أجن بي‬

‫التنفيذ في جلسة وجاهية وفقا للشروط المقررة في المادة ‪. 215-1‬‬

‫أما عن الحكم التحكيمي الصادر خارج دولة اإلمارات بهذا الخصوص يمكن القول‬

‫أن دولة اإلمارات لم تنظم بعد إلى معاهدة نيويورك والحكم التحكيمي الصادر خارج دولة‬

‫اإلمارات يشترط أن يكون حائزا على صيغة التنفيذ من المحكمة القضائية في بلد المن ـ ـــشأ‬

‫ويش ترط أيض ا أن يك ون الحكم األجن بي ص ادرا عن قض اء وبل د أجن بي يطب ق المعامل ة‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬هالل حمد هالل السعدي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 325‬‬ ‫‪125‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ )4( 212‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪109‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بالمث ل وال تك ون مح اكم اإلم ارات ملزم ة بقب ول أي حكم من محكم ة أجنبي ة إذا ك ان ه ذا‬

‫الحكم ‪:‬‬

‫‪ -‬وفقا لقانون البلد األجنبي الذي صدر فيه‪ ،‬صادر من محكمة غير ذات اختصاص أو لم‬

‫يكتسب الصورة القطعية ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط اتفاق التحكيم‬

‫التحكيم كإجراء قانوني يستوجب توافر شروط شكلية وموضوعية الزمة لصحته‪،‬‬

‫هذه الشروط بمختلف أنواعها سنعمل على توضيحها في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط الشكلية التفاق التحكيم‬

‫إن الش روط الش كلية التف اق التحكيم يمكن أن تتلخص في ش رط واح د فق ط‪ ،‬نص ت‬

‫عليه أغلب االتفاقيات والتشريعات الوضعية‪ ،‬فهذا الشرط الوحيد هو الكتابة أي أن يكون‬

‫عق د التحكيم مكتوب ا‪ ،‬وذل ك ب أن يوق ع من ط رفي التعاق د أو تتض منه الرس ائل والبرقي ات‬

‫وغيره ا من وس ائل االتص ال المكتوب ة المتبادلة بينهم ا إذا انطوت ص راحة على اتجاه نية‬

‫الط رفين للتحكيم‪ ،‬ويع د ب اطال ك ل اتف اق تحكيم لم يف رغ في ش كل مكت وب‪ ،‬ووفق ا لق انون‬

‫فإن ه يجب أن‬ ‫‪127‬‬


‫التحكيم العم اني في المنازع ات المدني ة والتجاري ة رقم ‪ 47‬لس نة ‪1997‬‬

‫يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإ ال كان باطال‪ ،‬ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر‬

‫وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل‬

‫االتصال المكتوبة ‪.‬‬

‫‪ -‬ق انون التحكيم في المنازع ات المدني ة والتجاري ة الص ادر بالمرس وم الس لطاني رقم ‪ 47‬لس نة ‪ 1997‬الجري دة‬ ‫‪127‬‬

‫الرسمية عدد ‪ 602‬الصادر في ‪. 1997-7-1‬‬

‫‪110‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أما في التشريع الفرنسي فقد ميز هذا التشريع بين مشارطة التحكيم وشرط التحكيم‬

‫فاعتبر حالة تخلف الكتابة بالنسبة إلى شرط التحكيم الواردة ضمن بنود العقد ما هي إال‬

‫حالة البطالن المطلق لهذا الشرط وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 1443‬من قانون اإلجراءات‬

‫الفرنس ي‪ ،‬في حين أن المش رع لم يق رر ص راحة حال ة البطالن بالنس بة إلى اتف اق التحكيم‬

‫المستقل أي مشارطة التحكيم‪ ،‬ذلك ألن نص المادة ‪ 1449‬قد جاء أكثر مرونة في التأكيد‬

‫على ه ذا الش رط " الكتاب ة " بقول ه أن ه ذا االتف اق يثبت بالكتاب ة ويج وز إثبات ه بواس طة‬

‫‪.‬‬ ‫‪128‬‬
‫محضر يوقعه األطراف والمحكم‬

‫أم ا التش ريع المص ري فق د اعت بر الكتاب ة ركن ا من أرك ان اتف اق التحكيم ونص على‬

‫حكم البطالن في حالة تخلفها وهذا في المادة ‪ 12‬منه وبذلك فقد حسم الخالف الفقهي حول‬

‫في حين ذهب االتج اه اآلخ ر إلى‬ ‫‪129‬‬


‫طبيع ة ه ذا الش رط فمنهم من ق ال بأن ه ش رط لإلثب ات‬

‫اعتب اره ش رطا لالنعق اد إال أن المش رع المص ري ع اد في الم ادة نفس ها وأعطى مج اال‬

‫للتط ور ال ذي ق د يح دث في وس ائل االتص ال من الس رعة واختص ار ال وقت فأج از اتف اق‬

‫التحكيم الذي قد يحدث عن طريق البرقيات والرسائل شرط أن يكون مكتوبا وهذا الحكم‬

‫يمكن أن يطب ق على االتف اق ال ذي يحص ل عن طري ق ش بكة االن ترنيت وه ذا ال ذي جع ل‬

‫أغلب الفقه يرى أن الكتابة هي شرط لإلثبات وليس شرطا لالنعقاد ‪.‬‬

‫و في دولة اإلمارات العربية المتحدة جاء في المادة ‪ 82‬من قانون المرافعات على‬

‫أن يكون االتفاق على التحكيم مكتوبا وإ ال اعتبر باطال ‪.‬‬

‫‪ - 128‬أسعد فاضل منديل – أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته دراسة مقارنة – دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع العراق‬
‫‪ 2011‬ص ‪. 81‬‬
‫‪ -‬أحم د أب و الوف ا – التحكيم في الق وانين العربي ة الطبع ة األولى منش أة المع ارف االس كندرية ب دون س نة طب ع ص‬ ‫‪129‬‬

‫‪. 20‬‬

‫‪111‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و هك ذا ف إن أغلب األنظم ة القانوني ة تتطلب ض رورة ت وافر الش كل المكتوب إلب رام‬

‫اتف اق التحكيم وص حته‪ ،‬وتش مل العدي د من ق وانين التحكيم كق انون التحكيم اإلنجل يزي لس نة‬

‫‪ 1950‬وقانون التحكيم الفدرالي األمريكي لسنة ‪ 1926‬وقانون المسطرة المدنية كما وقع‬

‫تعديل ه وتتميم ه المغ ربي وكاف ة المعاه دات والوث ائق الص ادرة عن اللجن ة المتح دة للق انون‬

‫التج اري ال دولي كاتفاقي ة ه امبورغ ‪ 1978‬بش أن النق ل البح ري ال دولي للبض ائع واتفاقي ة‬

‫التي نصت مادتها الثانية على أنه ‪:‬‬ ‫‪130‬‬


‫نيويورك ‪1958‬‬

‫‪ – 1‬تع ترف ك ل دول ة متعاق دة باالتف اق المكت وب ال ذي يتعه د األط راف بمقتض اه أن‬

‫يخضعوا للتحكيم كافة أو أي خالفات نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وتعبير اتفاق مكتوب يشمل شرط التحكيم الوارد في عقد أو اتفاق تحكيم موقع عليه‬

‫من األطراف أو تضمن في تبادل للخطابات والبرقيات ويتضح بذلك أن الكتابة تعد ركنا‬

‫أساس يا يجب ت وافره فم ا ك ان الق ول بوج ود اتف اق التحكيم‪ ،‬فه ذا النص ق د ق رر ف ر الفق رة‬

‫األولى قاعدة موحدة تقتضي الكتابة كشرط صحة تتعلق بوجود االتفاق ذات ه وليس عنص را‬

‫خارجيا متطلبا لإلثبات فقط‪ ،‬ويترتب على تخلف الكتابة بطالن االتفاق بطالنا مطلقا متعلقا‬

‫بالنظام العام ‪.‬‬

‫كما أن الفقرة الثانية من المادة الثانية من نفس االتفاقية قد أوردت ص ورتين لتحقي ق‬

‫االتفاق الكتابي وهما ‪:‬‬

‫أ – إخراج اتفاق التحكيم في وثيقة موقع عليها من األطراف ‪.‬‬

‫‪ -‬فوزي سامي محمد – التحكيم التجاري الدولي – جامعة بغداد ‪ 1992‬ص ‪. 124‬‬ ‫‪130‬‬

‫‪112‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪.‬‬ ‫‪131‬‬
‫ب – وجود تبادل مستندات كتابية بين األطراف يفيد قبولهم التحكيم‬

‫و بالنس بة للتش ريع اإلم اراتي ش أنه ش أن كاف ة ال دول المنظم ة إلى اتفاقي ة نيوي ورك‬

‫‪ 1958‬يعت بر كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك ش رط الكتاب ة الزم النعق اد اتف اق التحكيم ب أن‬

‫يضمن شرط التحكيم كتابة في االتفاق األصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل ال لبس فيه ‪.‬‬

‫باإلض افة إلى ذل ك يجب أن يتض من س ند التحكيم تحت طائل ة البطالن موض وع‬

‫النزاع واسم المحكمين ويحدد األجل الذي يتعين على المحكم أو المحكمين أن يصدروا فيه‬

‫حكمهم التحكيمي وكذا األجل الذي يستفيد فيه المحكمون صالحيتهم ‪.‬‬

‫و الب د من مراع اة القواع د المتعلق ة بالنظ ام الع ام وبالت الي اس تبعاد ك ل ن زاع يتعل ق‬

‫بالنظ ام الع ام من عرض ه على أنظ ار المحكمين ألن النظ ر في ه ذه المس ألة ه و من‬

‫اختصاص المحاكم الوطنية المقامة من طرف الدولة‪ ،‬وغاية المشرعين من هذا المنع هو‬

‫تمكين القضاء من ممارسة وبسط رقابته على كل العالقات وإ لى الرغبة في ايجاد قواعد‬

‫موح دة لتط بيق على ك ل المس ائل المتعلق ة بالنظ ام الع ام‪ ،‬ثم كونه ا قض ايا من األم ور‬
‫‪132‬‬
‫الدقي ـ ـ ـ ـ ـ ـــقة والخط يرة ال تي ال يعرفه ا إال القض اة ال ذين يت وفرون على ثقاف ة قانوني ة‬

‫وعالوة على ذلك ضرورة تضمين اتفاق المحكمين وطريقة تعيينهم ‪.‬‬

‫و خالص ة م ا تق دم يمكن الق ول أن هن اك أم را يجب معرفت ه وه و ه ل أن ش رط‬

‫الكتابة في عقد التحكيم هو شرطا إلثبات أم أنه ركنا فيه ؟‬

‫‪ -‬أش رف عب د العليم الرف اعي – اتف اق التحكيم والمش كالت العملي ة والقانوني ة في العالق ات الخاص ة الدولي ة دراس ة‬ ‫‪131‬‬

‫فقهية قضائية مقارنة – دار الفكر الجامعي االسكندرية ‪ 2006‬ص ‪. 302‬‬


‫‪ -‬رحال البوعناني – التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬ ‫‪132‬‬

‫في القانون الخاص جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط السنة الجامعية‬
‫‪. 1987- 1986‬‬

‫‪113‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يمكن اإلجابة على هذا التساؤل بالرجوع إلى نصوص التشريعات المقارنة المتقدم‬

‫بيانها إذ نجد أن المقصود من شرط الكتابة هو تحديد الطريقة التي يثبت بها عقد التحكيم‬

‫لخطورت ه وأهميت ه من الناحي ة العملي ة وه ذا واض ح من اس تقراء نص وص الم واد الخاص ة‬

‫بهذا الشرط في أغلب قوانين األقطار العربية‪ ،‬وعليه فإن االتجاه الراجح هو ذلك االتجاه‬

‫الذي يقضي بأن شرط الكتابة إلثبات عقد التحكيم وليس ركنا فيه‪ ،‬وهذا هو موقف القانون‬

‫العراقي واألردني والفرنسي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروط الموضوعية التفاق التحكيم‬

‫إن نظ ام التحكيم يب دأ باتف اق أي عق د يع بر من خالل ه الطرف ان عن إرادتهم ا في‬

‫عرض النزاع على محكمين بدال من القضاء العادي‪ ،‬وعليه وبما أن هذا النظام يبدأ بعقد‪،‬‬

‫فالب د أن يخض ع للش روط الموض وعية ال تي تخض ع له ا العق ود وال تي هي الرض ا والمح ل‬

‫والسبب والتي سوف تكون موضوع هذه الفقرة وعلى شكل نقاط وبالتتابع ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الرضا‬

‫تلعب إرادة ط رفي التعاق د دورا ب ارزا في مج ال التحكيم‪ ،‬حيث يتف ق على االلتج اء‬

‫إليه في التعاقد ذاته‪ ،‬أو يبرم اتفاقا خاصا ينطوي على قبول طرفي التعاقد بتسوية نزاعاته‬

‫من خالل أسلوب التحكيم ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ض رورة الرض ا ب اللجوء إلى التحكيم كب ديل للج وء للقض اء في تس وية منازع ات‬

‫العق ود اإلداري ة أساس ه أن التحكيم نظ ام ورد على س بيل االس تثناء من األص ل الع ام ال ذي‬

‫يجعل من القضاء سبيال لتسوية كافة المنازعات ‪.‬‬

‫و لعل المقصود بالرضا من الناحية القانونية هو ‪ " :‬اتفاق إرادتين على إحداث أثر‬

‫قانوني‪ ،‬وقد يكون التراضي مشروطا بأن يكون على صيغة معينة فتكون هنا الشكلية ركنا‬

‫‪.‬‬ ‫‪133‬‬
‫في العقد‬

‫و لكن هنا يجب أن نقول بأن الرضا وحده ال يكفي إلنشاء العقد بل يجب أن تكون‬

‫هناك إرادة صحيحة غير معيبة بعيب من عيوب اإلرادة وأن تتطابق هذه اإلرادة م ع إرادة‬

‫الطرف اآلخر مطابقة تامة‪ ،134‬وال يكون هذا باالتفاق على جميع المسائل الجوهرية التي‬

‫يشتمل عليها العقد ‪.‬‬

‫و الغالب أن يقع التعبير عن اإلرادة صريحا فيبرم الطرفان اتفاقا خاصا على التحكيم‪ ،‬أو‬

‫ينصان في العقد األصلي على االلتجاء إليه عند قيام النزاع ‪.‬‬

‫و قد يتفق الطرفان صراحة على مبدأ التحكيم ولكنهما يحيالن فيما يتعلق بإجراءات ه‬

‫إلى الئحة إحدى المنظمات الدائمة ‪.‬‬

‫أما إذا أحال الخصوم صراحة إلى الشروط العامة التي جرى العرف عليها في نوع‬

‫معين من التج ارة الدولي ة وك انت ه ذه الش روط العام ة تتض منه ش رطا على التحكيم فمن‬

‫ال واجب البحث عن حقيق ة قص دها‪ ،‬فال يك ون التحكيم ملزم ا إال إذا اتض ح أنهم ا يقص دان‬

‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري – النظرية العامة لاللتزامات الجزء األول – نظرية العقد القاهرة ‪ 1934‬ص ‪. 148‬‬ ‫‪133‬‬

‫‪ -‬نفس المرجع أعاله ص ‪. 275‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪115‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلحال ة إلى الش روط بأكمله ا‪ ،‬بم ا يتض منه من أحك ام تتعل ق بمس ائل تنظيمي ة لمس ألة‬

‫والمسألة المهمة في ركن الرضا هي تحديد األهلية الالزمة إلبرام العقد ولهذا‬ ‫‪135‬‬
‫التحكيم‬

‫سوف نبحث في هذا الشرط عن األهلية المطلوب توافرها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األهلية‬

‫من المس تقر علي ه أن ه ال يج وز االتف اق على التحكيم إال للش خص الط بيعي أو‬

‫االعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه‪ ،‬وهذا ما قضت به المادة ‪ 11‬من ق انون التحكيم‬

‫المصـــري والم ادة ‪ 2059‬من الق انون الم دني الفرنس ي‪ ،‬واألهلي ة تك ون مطلوب ة س واء‬

‫بالنسبة للمحتكمين وكذلك بالنسبة للمحكم ‪.‬‬

‫‪ -‬أهلية المحتكمين ‪:‬‬

‫يقصد باألهلية هي صالحية الشخص لصدور العمل القانوني منه على وجه يعتد به‬

‫ويمكن الق ول ب أن األهلي ة ال تي يم ر به ا اإلنس ان تقس م إلى أهلي ة وج وب وأهلي ة‬ ‫‪136‬‬


‫ش رعا‬

‫أداء‪ ،‬ه ذا وباإلض افة إلى أن الفقه اء يقس مون أهلي ة األداء إلى أهلي ة اغتن اء وأهلي ة إرادة‬

‫وأهلية تصرف وأهلية تبرع وهذا ما يمر به اإلنسان منذ والدته وحتى بلوغه سن الرشد‬

‫إذا لم يعترضه عارض من عوارض األهلية ‪.‬‬

‫أم ا األهلي ة المطلوب ة هن ا فهي ص الحية الش خص على إحال ة ال نزاع قائم ا ك ان أو‬

‫محتمال إلى هيئ ة التحكيم‪ ،‬ففي ه ذه الحال ة يجب ت وافر األهلي ة الكامل ة وهي بل وغ س ن‬

‫الرش د‪ ،‬وفي ض وء ه ذه الحقيق ة‪ ،‬يش ترط في ط رفي ال نزاع أن يتمت ع ك ل منهم ا بأهلي ة‬

‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2008‬ص‬ ‫‪135‬‬

‫‪. 55‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق الصنهوري – مرجع سابق ص ‪. 22‬‬ ‫‪136‬‬

‫‪116‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التصرف في الحق موضوع التحكيم‪ ،‬وبذلك ال يملك الوصي أن يلجأ إلى التحكيم إال بإذن‬

‫المحكمة‪ ،‬كما ال يملكه الولي إال في خصوص ما له الحق في التصرف فيه ‪.‬‬

‫كما أن المفلس وإ ن لم يكن ناقص األهلية فإنه ممنوع من التصرف في حقوقه‪ ،‬ولذا‬

‫ال يجوز له االتفاق على التحكيم في شأنها‪ ،‬فإذا أبرم مثل هذا االتفاق فال يكون باطـ ـ ـــال‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪137‬‬
‫وإ نما ال يحتج به على جماعة الدائنين‬

‫و األمر واضح كما سبقت اإلشارة إلى ذلك فيما يتعلق بالقصر والمحجور عليهم‪،‬‬

‫فهم غير أهل إلبرام اتفاقات التحكيم‪ ،‬فإذا أبرم أحدهم اتفاقا تحكيميا كان باطال ‪.‬‬

‫‪ -‬أهلية المحكم ‪:‬‬

‫أغلب التش ريعات لم تش ترط بل وغ المحكم أهلي ة معين ة ح تى يتمكن من الفص ل‬

‫بالنزاع المعروض عليه بل اشترطت هذه التشريعات أن يكون المحكم كامل األهلية‪ ،‬فال‬

‫يج وز أن يك ون المحكم محروم ا من حقوق ه المدني ة أو محج وزا علي ه أو مفلس ا لم ي رد ل ه‬

‫اعتباره ‪.‬‬

‫و في دول ة اإلم ارات ال يص ح االتف اق على التحكيم إال ممن ل ه أهلي ة التص رف في‬

‫الح ق مح ل ال نزاع‪ ،‬وهك ذا فإن ه ال يكفي من أج ل توقي ع عق د التحكيم أهلي ة االلتج اء إلى‬

‫القض اء ب ل الب د من أهلي ة التص رف في الحق وق‪ ،‬وهك ذا يك ون المش رع في اإلم ارات ق د‬

‫كرس للتحكيم مفهوما على أنه قضاء استثنائي‪ ،‬وهذا يكون منعكسا على الشخص المعنوي‬

‫الذي أصبح مديره يحتاج ألن تكون لديه سلطة بإبرام صلح األمر الذي يستتبع أن مدير‬

‫‪ -‬محسن شفيق – التحكيم التجاري الدولي – مرجع سابق ص ‪. 177‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪117‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الش خص المعن وي يجب أن يك ون ح ائزا إم ا بمقتض ى نظ ام الش ركة أو بق رار من هيئته ا‬

‫المختصة على سلطة إبرام عقد مصالحة حتى يكون عقد التحكيم الذي يوقعه قانونيا‪.138‬‬

‫إلى جانب هذا لم يتطرق القانون االتحادي ألهلية المصالح الحكومية لالحتكام ولكن‬

‫المطب ق عملي ا ه و أن الدول ة االتحادي ة والمص الح الحكومي ة تقب ل التحكيم ال داخلي قليال‬

‫وكثيرا ما تذهب إلى التحكيم الدولي ‪.‬‬

‫و إذا اتف ق الخص وم على التحكيم في ن زاع م ا فال يج وز رف ع ال دعوى ب ه أم ام‬

‫القضـــاء وم ع ذل ك إذا لج أ أح د الط رفين إلى رف ع ال دعوى ب ه أم ام القض اء دون االعت داد‬

‫بش رط التحكيم ولم يع ترض الط رف اآلخ ر في الجلس ة األولى ج از نظ ر ال دعوى واعت بر‬

‫شرط التحكيم الغيا‪.139‬‬

‫و في مصر نصت المادة ‪ 11‬من قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬على أنه ‪...‬‬

‫" ال يج وز االتف اق على التحكيم إال للش خص الط بيعي أو االعتب اري ال ذي يمل ك التص رف‬

‫في حقوقه "‪.‬‬

‫و بالنسبة لألهلية في مجال االتفاق على التحكيم في منازعات العقود اإلدارية فإن‬

‫الش خص الع ام ليس أهال إلب رام ه ذا االتف اق إال بموافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى‬

‫اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة وذل ك تطبيق ا لنص الم ادة األولى من‬

‫القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬المعدل لبعض أحكام قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪. 1994‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المحل‬

‫‪ -‬راجع المادة ‪ 203‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 203‬من قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪118‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مح ل اتف اق التحكيم ه و موض وع ال نزاع‪ ،‬ويش ترط لص حة التحكيم أال يك ون‬

‫موضوعه " محله " مخالفا للنظام العام وإ ال وقع االتفاق عليه باطال ‪.‬‬

‫و الحكم ة من ع دم ج واز التحكيم في المس ائل المتعلق ة بالنظ ام الع ام تتمث ل في‬

‫خضوع هذه المسائل لرقابة وإ شراف السلطة العامة التي يعينها ويهمها أن تسري عليها‬

‫قواعد عامة موحدة‪.140‬‬

‫و النظام العام فكرة قوامها المصلحة العامة‪ ،‬سواء كانت هذه المصلحة سياسية أم‬

‫اقتصادية أم اجتماعية أم أدبية ‪.‬‬

‫و على ذلك‪ ،‬ال يجوز التحكيم إذن في أية منازعة تتصل بما ال يجوز التعامل فيه‬

‫بمقتضى قوانين خاصة ألي سبب من األسباب كالتعامل في األسلحة والذخائر‪ ،‬والحشيش‬

‫وأوراق البن وك الم زورة‪ ،‬كم ا ال يج وز التحكيم فيم ا يتع ارض م ع حس ن اآلداب‬

‫كالخص ومات المتعلق ة ب بيت من بي وت ال دعارة‪ ،‬أو بمعاش رة ش خص ام رأة معاش رة غ ير‬

‫ش رعية‪ ،‬كم ا ال يج وز التحكيم في المس ائل ال تي ت دخل في اختص اص المح اكم الوطني ة‬

‫وحدها‪.141‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن للمحل شروط معينة تتمثل في اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون المحل موجودا أو ممكن الوجود ‪ :‬هذا الشرط يمكن تطبيقه على ركن المحل‬

‫في عقد التحكيم فقد يتفق الطرفان على إبرام عقد التحكيم بعد حصول النزاع‪.142‬‬

‫‪ -‬أحمد أبو الوفا – التحكيم االختياري واإلجباري – منشأة المعارف االسكندرية مصر ‪ 1987‬ص ‪. 73‬‬ ‫‪140‬‬

‫‪ -‬نفس المرجع أعاله ص ‪. 85‬‬ ‫‪141‬‬

‫‪ -‬الم ادة ‪ 251‬من ق انون المرافع ات الع راقي ال تي تنص ‪ " :‬يج وز االتف اق على التحكيم في ن زاع معين كم ا يج وز‬ ‫‪142‬‬

‫االتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬أن يكون المحل معينا أو قابال للتعيين ‪.‬‬

‫و هذا الشرط يؤكد ما نصت عليه أغلب التشريعات بصدد تحديد موضوع النزاع‬

‫في عقد التحكيم وعلى هذا فمن الواجب على الطرفين أن يحددا وبشكل دقيق كل جوانـ ـ ـ ـــب‬

‫وإ بعاد النزاع وهنا يجب التمييز بين االتفاق الذي يكون بصورة شرط يعقد بصورة مستقلة‬

‫بعد قيام النزاع وبين االتفاق الذي يكون بصورة شرط ضمن شروط عقد معين وقبل قيام‬

‫ال نزاع‪ ،‬ففي الحال ة األولى تك ون مس ألة تع يين ال نزاع وتحدي ده مس ألة اعتيادي ة ألن ك ل‬

‫طرف يعرف ما يريد من الطرف اآلخر فالمسألة ليست مستحيلة وال صعبة‪ ،‬أما بالنسبة‬

‫إلى الحال ة الثاني ة ف إن المش رع أراد ب أن يك ون ال نزاع ق ابال للتع يين وه ذا م ا يمكن تحقيق ه‬

‫بالنسبة إلى شرط التحكيم‪.143‬‬

‫و تتف ق التش ريعات الخاص ة ب التحكيم أو المتعلق ة ب ه على أن ه ال يج وز التحكيم في‬

‫المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬فهكذا تنص المادة ‪ 551‬من القانون المدني المصري كما‬

‫سبقت اإلشارة إلى ذلك على أنه ‪ " :‬ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية‬

‫أو بالنظام العام ‪.‬‬

‫و لكن يج وز الص لح على المص الح المالي ة ال تي ت ترتب على الحال ة الشخص ية أو‬

‫التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم "‪.‬‬

‫و من تم تك ون المنازع ات ال تي ال يج وز فيه ا التحكيم هي المتعلق ة ب األحوال‬

‫الشخصية والجنسية والمتصلة بالنظام العام‪ ،‬ألن المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية تدخل‬

‫ضمن مسائل األحوال الشخصية‪ ،‬وهذا ما أكد عليه قانون المرافعات الفرنسي الذي يشترط‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬أسعد فاضل منديل – أحكام التحكيم وإ جراءاته – دراسة مقارنة مرجع سابق ص ‪. 91‬‬ ‫‪143‬‬

‫‪120‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أيضا أال يكون التحكيم مخالفا للنظام العام أو اآلداب العامة وإ ال كان االتفاق ب اطال‪ ،‬إال أن‬

‫المادة ‪ 1004‬منه أضافت شرطا آخر وهو أال يكون النزاع ناشئا عن إحدى المسائل التي‬

‫‪.‬‬ ‫‪144‬‬
‫ال يجوز عرضها على التحكيم‬

‫و هي ‪ :‬المنازعات الناشئة عن الهبات والوصايا التي يكون موضوعها تقرير نفقة‬

‫أو إيواء في مسكن أو إعطاء كسوة ‪.‬‬

‫‪ -‬المنازعات المتعلقة بالفرقة بين الزوجين أو الطالق ‪.‬‬

‫‪ -‬المنازعات المتعلقة بالحالة المدنية كالجنسية والموطن‪.‬‬

‫‪ -‬المنازعات التي يجب تبليغها إلى النيابة العامة والتي تستلزم حضورها في الخصوم ـــة‪،‬‬

‫وفي المنازعات المذكورة في المادة ‪ 83‬مرافعات‪ ،‬ومن بينها المنازعات التي تكون الدول ة‬

‫أو الشخص العام طرفا فيها‪.‬‬

‫‪ -‬المنازعات التي تدور حول مسائل تتعلق بالنظام العام ‪.‬‬

‫و كخالص ة لم ا تق دم يمكن الق ول بوج ه ع ام أن ك ل الق وانين الوطني ة ال تي أج ازت‬

‫لألطراف االتفاق على اللجوء إلى التحكيم قد أخذت من حيث المبدأ بقاعدة امتناع القضاء‬

‫الع ادي عن نظ ر المنازع ات ال تي أب رم األط راف بش أنها اتف اق التحكيم‪ ،‬ون ذكر من ذل ك‬

‫القانون الفرنسي الجديد بشأن التحكيم فقد نصت المادة ‪ 1458‬من القانون على أنه ‪ " :‬إذا‬

‫رف ع ال نزاع المع روض محكم ة التحكيم بم وجب اتف اق تحكيم يجب على قض اء الدول ة أن‬

‫يقرر عدم اختصاصه وإ ذا لم تكن محكمة التحكيم قد اتصلت بعد بالنزاع‪ ،‬يجب أيضا على‬

‫ه ذا القض اء أن يق رر ع دم اختصاص ه ‪ .‬ومن ذل ك أيض ا ق انون دول ة اإلم ارات العربي ة‬

‫‪ -‬أسعد فاضل منديل – أحكام التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 92‬‬ ‫‪144‬‬

‫‪121‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المتح دة الجدي د بش أن التحكيم لس نة ‪ 1992‬فق د نص ت الم ادة ‪ )5( 203‬من ه على أن ه " إذا‬

‫اتفق أو اتفقت األطراف في شأن نزاع معين على اللجوء إلى التحكيم فال يجوز حمل هذا‬

‫ال نزاع أم ام المح اكم الوطني ة ‪" ...‬و الق انون المص ري الجدي د بش أن التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة‬

‫‪ 1994‬فق د نص ت الفق رة األولى من الم ادة ‪ 13‬من ه ذا الق انون على أن ه " يجب على‬

‫‪.‬‬ ‫‪145‬‬
‫المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى‬

‫و هك ذا يالح ظ على أن ه على خالف الق انون اإلم اراتي للتحكيم نج د المش رع في‬

‫فرنس ا ومص ر ق د اس تخدما لفض ع دم االختص اص‪ ،‬وه ذا اس تخدام في غ ير محل ه ذل ك أن‬

‫الدفع باالعتداد بشرط التحكيم هو دفع بعدم القبول وليس دفع بعدم االختصاص ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬ماهية العقود اإلدارية وأنواعها‬

‫إن اللجوء إلى المسطرة التعاقدية دو أهمية قانونية خاصة‪ ،‬فهي تنطوي أيضا على‬

‫اعتب ارات اقتص ادية‪،‬إذ أن الص فقات العمومي ة للدول ة واألش خاص المعنوي ة األخ رى‪ ،‬تلج أ‬

‫للعقود اإلدارية بقصد التموين سواء باألدوات أو األعمال أو الخدمات الض رورية للتسيير‪،‬‬

‫فالدول ة ونظ را للتط ور الحاص ل في مفه وم المص لحة العام ة وبالت الي تس يير المراف ق‬

‫العمومي ة‪ ،‬لم تع د بص فة عام ة في موق ف القي ام بال دور التقلي دي المتمث ل في الحف اظ على‬

‫األمن ب ل وخاص ة بع د ظه ور المراف ق العمومي ة ذات الطبيع ة اإلقتص ادية والتجاري ة‬

‫‪ -‬أسعد فاضل منديل – أحكام التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 92‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪122‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أص بحت مطالب ة بالت دخل في مختل ف المي ادين عن طري ق التعاق د للوف اء باإلس تجابة‬

‫للمتطلبات التي تقتضيها المصلحة العامة‪ ،‬خاصة أنه في العصر الحديث ومع تطور الزمن‬

‫وظه ور نظري ة المرف ق الع ام كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك‪ ،‬ب دأت نظري ة العق ود اإلداري ة‬

‫تف رض نفس ها على الواق ع العملي في تع امالت الدول ة وأه دافها من أج ل تس يير المراف ق‬

‫العامة‪ ،‬وترتبط ارتباطا ال يقبل التجزئة بالنشاط اإلقتصادي واإلجتماعي والثقافي ‪،‬فأصبح‬

‫العقد أحد أهم اإلختراعات التي عرفتها البشرية على اإلطالق‪،‬فهو األداة الرئيسية للتبادل‬

‫اإلقتص ادي‪ ،‬كم ا يعت بر إح دى الوس ائل األساس ية للتنظيم اإلجتم اعي‪ ،‬ح تى يمكن الق ول إن‬

‫وه دا‬ ‫‪146‬‬


‫العق د ه و الفك رة الجوهري ة المس يطرة على العالق ات بين األف راد في المجتم ع‬

‫النوع الجديد من العقود هو العقد اإلداري والذي يستمد قواعده إما من نصوص تشريعية‬

‫تنظم جاني ا أو أك ثر من جواني ه‪ ،‬حيث يعت بر النظ ام الق انوني للعق ود اإلداري ة أح د رك ائز‬

‫الق انون اإلداري‪ ،‬ويس تقل تمام ا عن النظ ام المعم ول ب ه بالنس بة للعق ود المدني ة وإ م ا من‬

‫أحكام القضاء اإلداري الذي يمارس القاضي من خاللها دورا بارزا في خلق واستخالص‬

‫المب ادئ القانوني ة ال تي تحكم ه دا العق د دون التقي د في دل ك بأحك ام الق انون الم دني‪ ،‬فعلى‬

‫س بيل المث ال قاع دة " العق د ش ريعة المتعاق دين " ال تنطب ق على العق د اإلداري بالص ورة‬

‫المطلقة المعروفة بها في القانون المدني‪ ،‬وذلك ألن اإلدارة كطرف في العقد اإلداري إنما‬

‫تستهدف تشغيل المرافق العامـ ــة ورعاية المصلحة العامة‪.‬‬

‫و لم ا ك انت اإلدارة وهي بص دد تعاق داتها اإلداري ة تتص رف في م ال ع ام للدول ـ ـ ـ ـــة‬

‫وتهدف بالدرجة األولى إلى تحقيق المصلحة العامة في ذلك‪ ،‬فإن الق انون اإلداري لم يترك‬

‫‪-1146‬مهند مختار نوع‪ -‬االيجاب والقبول في العقد اإلداري (دراسة مقارنة) الطبعة األولى منشورات الحلبي الحقوقية‬
‫‪2005‬ص‪9‬‬

‫‪123‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫له ا حري ة مطلق ة في اختي ار من تتعاق د مع ه‪ ،‬وإ نم ا أض فى على العق د اإلداري إج راءات‬

‫معينة‪ ،‬وألزم المشرع الجهة اإلدارية اتباعها‪ ،‬مع مراعاة المبادئ التي تخضع لها أساليب‬

‫التعاقد كمبدأ العالنية والمساواة وحرية المنافسة‪ ،‬وتعد عملية إختيار المتعاقد مع اإلدارة‬

‫ال ذي يتق دم بأفض ل الش روط الفني ة والمالي ة وبأق ل س عر‪ ،‬خط وة هام ة نح و التمهي د لتوقي ع‬

‫العقد بين طرفيه‪.‬‬

‫وإ ذا ك انت للعق ود اإلداري ة أهمي ة بحس بانها أس لوب لممارس ة اإلدارة لنش اطها‬

‫المتعدد األوجه‪ ،‬فإن دراسة هده العقود تثير العديد من المسائل التي تتعلق بتحديد اإلدارية‬

‫وبي ان نش اطها وإ خض اع منازعته ا لقض اء إداري متخص ص يختل ف عن القض اء الع ادي‪،‬‬

‫ويطب ق قواع د مختلف ة عن قواع د الق انون الم دني وهي قواع د الق انون اإلداري‪ ،‬كم ا أن‬

‫عملية تكوين هده العقود تصبح أكثر أهمية‪ ،‬ودلك ألنه بقدر استقامة طريقة تكوين العقد‬

‫وسالمته فإنه يستطيع أن يحقق أهدافه والتي تصب في النهاية في روافد المصلحة العامة‪.‬‬

‫وتأسيس ا على م ا تق دم فإنن ا س نتناول ب البحث والتفص يل ماهي ة العق د اإلداري في‬

‫المبحث األول أما المبحث الثاني فسنخصصه ألنواع العقود اإلدارية‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية العقود اإلدارية وأركانها‬

‫يع د العق د اإلداري أس لوبا من أس اليب ممارس ة اإلدارة لنش اطها‪ ،‬وال ش ك أن ه ذه‬

‫األهمية سوف تزداد كثيرا مع اتجاه الدول نحو سياسة االقتصاد والحر‪ ،...‬فاالنتقال من‬

‫اقتصاد التخطيط إلى اقتصاد السوق سيؤدي إلى زيادة وأهمية العقود التي تبرمها اإلدارة‬

‫سواء كانت إدارية أم مدنية أم تجارية ألن اقتصاد السوق قائم على التخلي عن األوامـ ـ ـ ـــر‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪.359‬‬ ‫‪147‬‬

‫‪124‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وأس اليب القه ر‪،‬إال أن عق ود اإلدارة ليس ت كله ا عق ودا تخض ع لنظ ام ق انوني موح د إذ ق د‬

‫يك ون عق د اإلدارة عق دا من عق ود الق انون الخ اص كم ا ق د يك ون عق دا إداري ا تس ري علي ه‬

‫أحك ام الق انون الع ام‪ ،‬وذل ك لع دم تواف ق أحك ام الق انون الخ اص م ع طبيع ة النش اط ال ذي‬

‫تمارس ه اإلدارة في كث ير من األح وال‪ ،‬أض ف إلى ه ذا‪ ،‬أن العق ود اإلداري ة هي إح دى‬

‫وس ائل اإلدارة في ممارس ة نش اطها وتمت از بطبيع ة قانوني ة خاص ة‪ ،‬وبأحك ام تختل ف عن‬

‫طبيعة األعمال اإلدارية األخرى‪ ،‬كما تمتاز أيضا بأحكام تختلف عن طبيعة العقود المدنية‬

‫ال تي تخض ع للق انون الخ اص أو عق ود التج ارة الدولي ة المعت ادة‪ ،‬فالعق د اإلداري يس تمد‬

‫قواع ده من القواع د ال تي تحكم العالق ات الخاص ة‪ ،‬إال أن اإلدارة بحكمه ا تمث ل المص لحة‬

‫العامة وتتمتع بالسلطة العامة تجد نفسها كطرف أقوى فتحتفظ لنفسها ببعض االمتيازات‪،‬‬

‫وبالتالي يص بح للعقد خصوصيات غير مألوفة في مراحل تكوينه وتنفيذه ما تستهدف به‬

‫اإلدارة ت أمين المراف ق العام ة وض مان حس ن س يرها وكفال ة اح ترام المتعاق د معه ا لش روط‬

‫العق د‪ ،‬وب ذل العناي ـ ـــة والدق ة في تنفي ذه‪ ،‬وب الطبع ف إن ه ذه اإلج راءات ه دفها األساس ي‬

‫الوصول إلى تنفيذ االلتزام المتصل بالمرفق العام أو استبعاد االختالل الذي يكون قد لحق‬

‫به ا وض مان س يرها بانتظـــام واظط راد ومنح اإلدارة الوس ائل الفعال ة ال تي تس تطيع به ا‬

‫التواصل إلى تنفيذ االلتزام المتصل بالمرفق العام‪.‬‬

‫فوجود فكرة السلطة العامة في العقود اإلدارية وفي النظام القانوني لهذه العقود‪ ،‬هو‬

‫الذي يميزها عن عقود القانون الخاص ويضفي عليها طابعا مستقال تماما عن هذه العقود‪،‬‬

‫فيس تمد فيه ا الض ابط الموض وعي له ذا المعي ار وه و احت واء العق د على ش روط اس تثنائية‬

‫‪125‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خارج ة على الق انون الخ اص‪ ،‬كم ا يرتك ز عليه ا أيض ا الض ابط الش كلي في ه ذا المعي ار‬

‫وهو وجوب أن تكون اإلدارة طرفا في العقد‪.‬‬

‫و على ذل ك يمكن الق ول ب أن العق د ه و تص رف ق انوني يه دف لتحقي ق غاي ة هي‬

‫إح داث أث ر ق انوني‪ ،148‬ف إذا م ا تخل ف ه ذا القص د انتقت ص فة العق د فليس ك ل اتف اق بين‬

‫طرفين يشكل عقدا‪ ،‬وإ ذ أن العقد اإلداري يق وم على نفس أسس وأركان العقد المدني من‬

‫حيث ض رورة ت وافر الرض ا والمح ل وقي ام الس بب‪ ،‬ف اإلختالف بينهم ا في النظ ام الق انوني‬

‫الذي يخضع له كل منهما‪ ،‬إذ العقد اإلداري يخضع للقانون العام بينما العقد الذي يخضع‬

‫للق انون الخ اص وفق ا لمب دأ العق د ش ريعة المتعاق دين كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك‪ ،‬ويع زز‬

‫اإلختالف بين العق ود اإلداري ة والمدني ة فعال‪ ،‬كم ا س بق أن األولى يتطلب ابرامه ا اتب اع‬

‫إج راءات خاص ة ال مثي ل له ا في الثاني ة ويس تمد العق د اإلداري قواع ده إم ا من نص وص‬

‫تشريعية تنظم جانبا أو أكثر من جوانبه‪ ،‬وإ ما لقواعد خصوصية أوجدها القاض ي اإلداري‪،‬‬

‫وهذا ال يمنع من تواجد ارتباط وطيد بين قواعد القانون اإلداري وأحكام وقواعد القانون‬

‫الخاص في بعض الميادين‪ ،‬وإ ذا كانت عقود إدارية بنص القانون فإن الجانب األكبر منها‬

‫غير محدد‪ ،‬وهذا ما سيدفعنا إلى توضيح مفهوم العقد اإلداري وشروطه وذلك في مطلبين‬

‫نخصص األول لمفهوم العقد اإلداري أما الثاني فنتناول فيه شروط العقد اإلداري‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العقد اإلداري‬

‫ت زداد أهمي ة العق ود اإلداري ة نتيج ة زي ادة مس ؤولية الدول ة في تحقي ق التنمي ة‬

‫االجتماعي ة واالقتص ادية وإ نش اء المزي د من المنش آت والب نى التحتي ة وإ ج راء العدي د من‬

‫‪-148148‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة‪ -‬األس س العام ة في العق ود اإلداري ة‪ -‬الطبع ة األولى المرك ز الق ومي لإلص دارات‬
‫القانونية القاهرة مصر ‪2008‬ص ‪15‬‬

‫‪126‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الدراس ات العملي ة الهام ة واس تيراد مختل ف البض ائع والمس تلزمات الحديث ة ال تي تس اهم في‬

‫دف ع عجل ة التق دم والتط ور‪ ،‬ومن تم ف إن أحكامه ا وأسس ها تتط ور باس تمرار لتس تجيب‬

‫لحاجيات المرافق العامة المتجددة‪.149‬‬

‫و أص بح من المس لم ب ه أن العق د س واء أك ان م دنيا أم إداري ا يتك ون بتواف ق إرادتين‬

‫بقص د إح داث أث ر ق انوني معين على أن ه إذا ك ان أط راف العق د الم دني يتمتع ون بحري ة‬

‫كب يرة في التعب ير عن إرادتهم في تحدي د مض مون العق د ووس ائل تنفي ذه كقاع دة عام ة‪ ،‬في‬

‫حين يخضع العقد المدني الحترام ما اتفق عليه األطراف‪ ،‬فإن األمر يختلف كثيرا بالنسبة‬

‫للعق د اإلداري باعتب ار أن اإلدارة تعت بر طرف ا في ه تبرم ه باعتباره ا شخص ا من أش خاص‬

‫القانون العام استخدمه في ذلك أساليب السلطة العامة وتهدف من ورائه إدارة مرفق عام‬

‫أو تس ـ ـــييره‪ ،‬ومن تم ف إن المش رع ح دد نظام ا معين ا للعق د اإلداري يحكم ه في مراحل ه‬

‫المختلفة ‪.‬‬

‫و ي ترتب على اعتب ار أن العق د ه و عق د إداري أن ينعق د االختص اص بنظ ر‬

‫المنازع ات ال تي تنش أ عن ه س واء فيم ا يتعل ق بتفس ير نصوص ه أو البحث في المس ؤولية‬

‫الناش ئة عن ه‪ ،‬ومن تم طلب التع ويض لمح اكم القض اء اإلداري خالف ا للعق ود ال تي تبرمه ا‬

‫الدول ة باعتباره ا كأح د األش خاص فإنه ا تخض ع الختص اص مح اكم القض اء الع ادي وليس‬

‫لمح اكم القض اء اإلداري‪ ،‬وفي ه ذا اإلط ار أك دت المحكم ة اإلداري ة العلي ا في مص ر ‪" :‬‬

‫من اط العق د اإلداري أن تك ون اإلدارة أح د أطراف ه‪ ،‬وأن يتص ل بنش اط المرف ق الع ام من‬

‫حيث تنظيم ه وتس ييره بغي ة خدم ة أغراض ه وتحقي ق احتياجات ه‪ ،‬مراع اة لوج ه المص لحة‬

‫‪ -‬م ال اهلل جعف ر عب د المال ك الحم ادي – ض مانات العق د اإلداري الطبع ة الثاني ة دار الجامع ة الجدي دة االس كندرية‬ ‫‪149‬‬

‫مصر ‪ 2010‬ص ‪. 13‬‬

‫‪127‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العام ة‪ ،‬وم ا تقتض يه من تغليبه ا على مص لحة األف راد الخاص ة‪ ،‬وأن يأخ ذ العق د بأس لوب‬

‫القانون العام وما ينطوي عليه من شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص‬

‫‪.‬‬ ‫‪150‬‬
‫سواء تضمن العقد هذه الشروط أو كانت مقررة بمقتضى القوانين واللوائح‬

‫و تج در اإلش ارة إلى أن ه إذا ك ان العق د اإلداري ال ذي يتم إبرام ه باتف اق إرادة أح د‬

‫أش خاص الق انون الع ام م ع إرادة أخ رى يتف ق م ع العق د الم دني ال ذي يعق د بين أش خاص‬

‫الق انون الخ اص‪ ،‬من حيث قيام ه على أس اس التراض ي واالتف اق بين الط رفين المتعاق دين‪،‬‬

‫ف إن ه ذا التش ابه بين العق دين يق ف عن د ه ذا الح د وال يتع داه‪ ،‬إذ يختل ف العق د اإلداري عن‬

‫العقد المدني بخصائص محددة‪ ،‬ثم أنه ليس كل عقد تبرمه اإلدارة نسميه عقدا إداريا‪ ،‬بل‬

‫يقتصر ذلك على فئة خاصة من عقود اإلدارة كما سوف يتضح الحقا في ه ذا الس ياق‪ ،‬هي‬

‫التي يطلق عليها اصطالحا العقود اإلدارية‪ ،‬فكيف يمكن تمييز العقود اإلدارية عن عقود‬

‫األفـ ـ ـ ـــراد وعق ود اإلدارة ال تي تخض ع للق انون الخ اص‪ ،‬ولإللم ام به ذه األفك ار ارتأين ا أن‬

‫نتن اول في الف رع األول التعري ف الفقهي للعق ود اإلداري ة أم ا الف رع الث اني فسنخصص ه‬

‫للتعريف القانوني للعقد اإلداري ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التعريف الفقهي للعقد اإلداري الوطني والدولي‬

‫اإلنسان بطبيعته ال يستطيع أن يعيش بمفرده وارتباطه مع اآلخرين بالتعامل معهم‬

‫لقضاء حاجاته في األمور الجوهرية التي تحقق له وللجماعة ما يصبون إليه وهذا التعامل‬

‫البد من إفراغه في قالب معين في صورة التعاقد بأشكاله المختلفة ووفقا لموضوع التعامل‬

‫المراد والذي يترتب بموجبه إحداث أثر قانوني ‪.‬‬

‫‪ -‬القضية رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 1‬قضائية الصادر في ‪ 19‬يناير سنة ‪ 1980‬مشار إليها لدى الدكتور سليمان محمد الطماوي‬ ‫‪150‬‬

‫– األسس العامة للعقود اإلدارية الطبعة الخامسة دار الفكر العربي القاهرة مصر ‪ 2008‬ص ‪. 61‬‬

‫‪128‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و قد اختلفت اآلراء حول نشأة هذا التعاقد‪ ،‬حيث أرجع البعض نشأة العقود اإلداري ة‬

‫إلى فرنسا‪ ،‬الذي ترعرع في أحضان المدرسة القانونية الالثينية الفرنسية‪ ،‬ويرجح فريق‬

‫أصل نشأة العقود بصفة عامة والعقود اإلدارية بصفة خاصة إلى الفقه اإلسالمي‪ ،‬فال أحد‬

‫ينكر أن القرآن الكريم تن اول العق ود في آي ات عدي دة من ذل ك قول ه تع الى ‪ " :‬يا أيها الذين‬

‫" وه ذه اآلي ة ت وجب على ك ل م ؤمن الوف اء بم ا عق ده وارتب ط ب ه‪،‬‬ ‫‪151‬‬


‫آمنوا أوفوا بالعقود‬

‫وليس ألحد أن يقيدها أطلقه الشارع اال ببينة عنه ‪.‬‬

‫و العق د اإلداري وإ ن ك ان من العق ود المس تحدثة في االس تخدام إال أن ه داخ ل في‬

‫عم وم النص الق رآني واجب الوف اء م ا لم يتع ارض م ع أص ول النص وص الش رعية‪ ،‬وفي‬

‫السنة ثبت أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسل أعطى خيبر اليهود أرضا على أن يعملوها‬

‫ويزرعـ ــوها ولهم شطر ما يخرج منها ‪.‬‬

‫و اعتبر الفقه أن هذا العقد هو عقد إداري وأنه من العقود المشروعة التي أبرمها‬

‫الرسول "ص" لما فيه صالح عموم المسلمين وبصفته يمثل إدارة المسلمين وإ مامهم ‪.‬‬

‫و هكذا فكلمة " عقد " هي كلمة قديمة في مبناها وفي معناها في اللغة العربي ة‪ ،‬فهي‬

‫تطلق على عدة معان متعددة من أهمها الربط والتقوية والتوثيق‪ ،‬فاألصل في هذه الكلمة‬

‫ه و الرب ط الحس ي بين أط راف الش يء‪ ،‬فيق ال عق د الحب ل أي ربط ه وجم ع أج زاءه‪ ،‬وعق د‬

‫الرباط أي قواه‪ ،‬إال أن العرب قد استعملوها للربط المعنوي للكالم بين شخصين فيقال عقد‬

‫‪.‬‬ ‫‪152‬‬
‫البيع وعقد الزواج‬

‫‪ -‬سورة المائدة اآلية ‪. 1‬‬ ‫‪151‬‬

‫‪ -‬محمد نجيب عوضين المغربي – نظرية العقد في الفقه اإلسالمي دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2003‬ص ‪. 19‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪129‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و كم ا في قول ه تع الى ك ذلك " ال يؤاخذكم هللا باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بم ا‬

‫أي وتقتموها بالقصد والنية ‪.‬‬ ‫‪153‬‬


‫عقدتم االيمان"‬

‫و بهذا يتبين أن العقد في اللغة يطلق على عدة معاني منها ‪ :‬العهد والربط والش ـــد‬

‫واإلحكام والتوثيق والجمع بين أطراف الشيء وربطها ‪.‬‬

‫و في العصر الحالي تلجأ الدولة وهي في سبيلها لتحقيق أغراضها إلى التعاقد مع‬

‫أشخاص آخرين سواء كان الطرف المتعاقد معه شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا وسواء‬

‫كان الطرف وطنيا أو أجنبيا ‪.‬‬

‫و على ه ذا األس اس س وف نتع رض لتعري ف العق د اإلداري بش كل ع ام والعق د‬

‫اإلداري الدولي بشكل خاص وذلك في فقرتين مستقلتين ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التعريف الفقهي والقضائي للعقد اإلداري‬

‫اس تقر الفق ه على تعري ف العق د اإلداري بأن ه ‪ " :‬العق د ال ذي يبرم ه ش خص معن وي‬

‫عام بقصد تسيير مرفق عام مستخدما أساليب القانون العام‪ ،‬ويتجلى ذلك إما بتضمين العق د‬

‫ش روطا اس تثنائية أو الس ماح للمتعاق د م ع اإلدارة باالش تراك مباش رة في تس يير المرف ق‬

‫العام‪.154‬‬

‫و العقد اإلداري في الفقه المغربي هو " ذلك العمل القانوني الذي تتدخل بواسطته‬

‫اإلدارة في مجال ممارستها لنشاطها‪ ،‬الذي يختلف عن باقي األعمال األخرى انطالقا من‬

‫كونه يقوم على أساس نسبية هيمنة السلطة العمومية نتيجة طابعه التعاقدي‪ ،‬وانطالقا من‬

‫‪ -‬سورة المائدة اآلية ‪. 89‬‬ ‫‪153‬‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – الوجيز في القانون اإلداري – دار الفكر العربي القاهرة ‪ 1988‬ص ‪. 299‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪130‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫انفراده بخصائص ال مثيل لها في مجال عالقات التعاقد القائمة بين الخواص‪ ،155‬كما يمكن‬

‫تعري ف العق د اإلداري بأن ه ه و ال ذي تق وم اإلدارة بإبرام ه أو أح د األش خاص المعنوي ة م ع‬

‫ش خص آخ ر من األش خاص المعنوي ة العام ة أو م ع ش خص من أش خاص الق انون الخ اص‬

‫بهدف تسيير مرفق عام أو إنجاز أشغال عامة أو تدبير ملك عمومي أو استغالل أو لتوف ير‬

‫أدوات أو إبرام خدمات لفائدة الدولة‪ ،‬أو التعهد بالقيام بالدراسات الض رورية لتحقي ق بعض‬

‫المنجزات‪.156‬‬

‫أما الدكتور عبد اهلل حداد فقد عرف صفقات األشغال العمومية بأنها ‪ " :‬عقد مقاولة‬

‫بين أش خاص الق انون الع ام وف رد أو ش ركة أو بين شخص ين من أش خاص الق انون الع ام‬

‫بمقتضاه يتعهد بالقيام بعمل من أعمال البناء أو الترميم أو الصيانة في عقار لحساب هذا‬

‫الشخص المعنوي العام تحقيقا لمصلحة عامة مقابل ثمن يحدد في العقد‪.157‬‬

‫كم ا اس تقر قض اء مجلس الدول ة الفرنس ي على تعري ف العق د اإلداري بأن ه العق د‬

‫المبرم بين الدولة أو أحد األشخاص اإلدارية وشخص عام أو خاص بوصفها سلطة عامة‬

‫تتمتع بحقوق وامتيازات ال يتمتع بها المتعاقد معها وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة‬

‫مرف ق من المراف ق العام ة وتعتم د الدول ة في إبرام ه وتنفي ذه على أس اليب الق انون الع ام‬

‫وووسائلـــه وذل ك بتض مينه ش روطا اس تثنائية غ ير مألوف ة في عق ود الق انون الخ اص س واء‬

‫ك انت ه ذه الش روط واردة في العق د ذات ه أو مق ررة بمقتض ى الق وانين والل وائح وق د تمنح‬

‫‪ -‬محم د ك رامي – الق انون اإلداري – التنظيم اإلداري – النش اط اإلداري‪ ،‬الطبع ة األولى مطبع ة النج اح الجدي دة‬ ‫‪155‬‬

‫الدار البيضاء ‪ 2000‬ص ‪. 246‬‬


‫‪ -‬محمد يحيا‪ ،‬المغرب اإلداري الطبعة الثالثة مطبعة سبارطيل ‪ 2006‬ص ‪. 388‬‬ ‫‪156‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل حداد‪ ،‬صفقات األشغال العمومية ودورها في التنمية الطبعة الثانية منشورات عكاظ ‪ 2002‬ص ‪. 4‬‬ ‫‪157‬‬

‫‪131‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلدارة للمتعاقد معها حقوقا ال مقابل لها في روابط القانون الخاص بسبب كونه ال يعمل‬

‫لمصلحة فردية بل يعاون السلطة اإلدارية ويشترك معها في إدارة المرفق العام أو تسييره‬

‫أو استغالله تحقيقا للنفع العام ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا جاء في حكم محكمة القضاء اإلداري في مصر في حكمها الصادر‬

‫اس تقر قض اء ه ذه المحكم ة على أن العق د الم برم بين‬ ‫‪158‬‬


‫في ‪ 24‬ف براير س نة ‪... 1956‬‬

‫شخص معنوي عام وبين أحد األفراد‪ ،‬ال يستلزم بذاته اعتبار العقد من العقود اإلدارية بل‬

‫إن المعيار المميز لهذه العقود عما عداه من عقود القانون الخاص ليس في صفة المتعاقد‬

‫بل في موضوع العقد متى اتصل بمرفق عام من مرافق الدولة من حيث تنظيم المرفق أو‬

‫تس ييره أو اس تغالله أو المعاون ة أو المس اهمة في ه مش تركا في ذل ك وعلى درج ة متس اوية‬

‫بظهور نية الشخص المعنوي في أن يأخذ في العقد بأسلوب القانون العام وأحكامه فيتضمن‬

‫‪.‬‬ ‫‪159‬‬
‫العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص‬

‫تبنت المحكم العليا في ليبيا في العديد من قراراتها االتجاه ذاته فقضت في قرارها‬

‫الص ادر في ‪ 1970-6-20‬م " ومن حيث أن ه يت بين من االطالع على العق دين موض وع‬

‫التداعي أنهما يتصالن بمرفق عام وهو مرفق الحج‪ ،‬ويهدفان إلى تحقيق مصلحة عام ـــة‬

‫وهي تمكين الحج اج الليب يين الراغ بين في أداء فريض ة الحج المقدس ة على أكم ل وجـ ـ ـــه‪،‬‬

‫وأنهم ا ق د تض منا ش روطا غ ير مألوف ة في عق ود الق انون الخ اص المماثل ة‪ ،‬ومن حيث‬

‫مقتض ى م ا تق دم العق دان الم ذكوران ق د اتس ما بالط ابع المم يز للعق ود اإلداري ة ومن حيث‬

‫‪ -‬وائ ل ع ز ال دين يوس ف – التحكيم في العق ود اإلداري ة ذات الط ابع ال دولي – دراس ة بين مص ر وفرنس ا وال دول‬ ‫‪158‬‬

‫العربية – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2010‬ص ‪. 9‬‬


‫‪ -‬القضية رقم ‪ 779‬لسنة ‪ 10‬قضائية بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪. 1956‬‬ ‫‪159‬‬

‫‪132‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اتصالهما بمرفق عام وأخذهما بأسلوب القانون العام فيما تضمناه من شروط استثنائية ومن‬

‫تم يكونان عقدين إداريين‪.160‬‬

‫و المالح ظ على مختل ف التع اريف المتف ق عليه ا فقه ا والمس تقر عليه ا أيض ا قض اء‬

‫ال تي استعرض ناها أعاله عن العق د اإلداري‪ ،‬أنه ا تش ترط لص حة قي ام العق د اإلداري ثالث ة‬

‫شروط بدون أحدها يفقد العقد اإلداري الصفة اإلدارية‪ ،‬وهي أن يكون أحد أطرافه شخصا‬

‫معنوي ا عام ا‪ ،‬ويعت بر من ه ذه األش خاص الدول ة وم ا تش مله ك الوزارات أو الوح دات‬

‫الحكومية أو الهيئات والمؤسسات العمومية أو الشركات المملوكة بالكامل للحكومة‪ ،‬ومن‬

‫هن ا ف إن العق د اإلداري ال ذي يبرم ه ش خص من أش خاص الق انون الع ام الش ك في ص فته‬

‫اإلدارية‪ ،‬ولكن يجب التنبيه هنا أنه ليس كل عقد تبرمه اإلدارة يعتبر عقدا إداريا‪ ،‬فكثيرا‬

‫ما تلجأ اإلدارة إلى إبرام عقود بينها وبين جهة أخرى أو بينها وبين بعض األشخاص من‬

‫جه ة أخ رى في ظ ل قواع د الق انون الخ اص‪ ،‬فالش خص اإلداري الع ام ق د ي برم عق دا م دنيا‬

‫كما يبرم عقدا إداريا سواء بسواء‪ ،‬ونظرا لعدم كفاية هذا الشرط األولي لوحده‪ ،‬فالبد من‬

‫توافر الشروط األخرى‪ ،‬وهي أن ينصب العقد اإلداري على تنظيم وتسيير مرفق عمومي‬

‫كتوري د الم واد أو تق ديم الخ دمات أو القي ام بأش غال‪ ،‬أي أن يك ون العق د ذو ص لة وطي دة‬

‫ب المرفق العموم ـــي‪ ،‬وأخ يرا اتب اع أس لوب ووس ائل الق انون الع ام‪ ،‬فالمعي ار المم يز للعق د‬

‫اإلداري عن العقد الخاص ال يكمن باألساس في صفة المتعاقد بل في موضوع العقد نفسه‬

‫بمعنى أن العقد الذي تبرمه اإلدارة ال يعد بذاته عقدا إداريا‪ ،‬ولكي يكون إداريا فالبد أن‬

‫يحتوي على نية السلطة العمومية في تطبيق أحكام القانون العام‪ ،161‬وهكذا فإن العقود التي‬

‫تبرمه ا تل ك األش خاص المعنوي ة تأخ ذ ص فة العق ود اإلداري ة إذا م ا ت وافرت فيه ا المع ايير‬
‫‪ -‬حكم المحكمة العليا الليبية – طعن إداري رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 17‬ق صادر بتاريخ ‪. 1970-6-20‬‬ ‫‪160‬‬

‫‪133‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وإ ذا فقد العقد شرطا من الشروط التي يتحقق بتوافرها‬ ‫‪162‬‬


‫األخرى المميزة للعقود اإلدارية‬

‫مناط العقد اإلداري صار العقد من عقود القانون الخاص‪ ،‬وهكذا يشترط في العقد اإلداري‬

‫م ا يش ترط في جمي ع العق ود من وج وب ت وافر األهلي ة القانوني ة للمتعاق دين والتراض ي‬

‫والمحل والسبب والشكل ويتم العقد اإلداري بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتين‬

‫متطابقتين ‪.‬‬

‫و التراض ي ال يك ون ص حيحا إال إذا ك ان ص ادرا من ذي األهلي ة‪ ،‬ولم تكن إرادة‬

‫أحد المتعاقدين مشوبة بعيب‪ ،‬وعيوب اإلرادة هي الغلط والتدليس واإلكراه واالستغـ ـــالل‪،‬‬

‫ويش ترط في مح ل العق د أي العملي ة القانوني ة ال تي ي راد تحقيقه ا من وراء العق د‪ ،‬أن يك ون‬

‫موج ودا أو ق ابال للتعام ل في ه‪ ،‬أم ا الس بب فيش ترط أن يك ون موج ودا أو مش روعا‪ ،‬أم ا‬

‫بالنسبة للشكل فإنه يشترط اتباع شكليات قانونية معينة النعقاد العقود اإلدارية مثل القواعد‬

‫التي تحكم إجراءات المناقصات أو المزايدات والتقدم بالعطاءات ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعريف العقد اإلداري الدولي‬

‫تعرض نا في الفق رة الس ابقة لبي ان المقص ود بالعق د اإلداري بص فة عام ة س واء من‬

‫ج انب الفقه أو من جانب القض اء‪ ،‬ويتعين علينا في ه ذه الفقرة بي ان بي ان المقص ود بالعقد‬

‫اإلداري ذي الطابع الدولي‪ ،‬وفي هذا اإلطار ذهب جانب من الفقه لتأكيد ذاتية هذه العقود‬

‫بحص ر العناص ر ال تي تع د من وجه ة نظ ره مرجح ة العتب ار العق د من عق ود الدول ة ال تي‬

‫تخ رج من زم رة عق ود التج ارة الدولي ة المألوف ة‪ ،‬وق د ذهب األس تاذ ‪ Me nair‬إلى تع داد‬
‫‪ -‬حكم المحكم ة اإلداري ة العلي ا المص رية ال دائرة الثالث ة في الطعن رقم ‪ 154‬لس نة ‪ 34‬قض ائية علي ا جلس ة ‪-1-2‬‬ ‫‪161‬‬

‫‪ 1997‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الغني بسيوني عبد اهلل – النظرية العامة في القانون اإلداري دراسة مقارنة ألسس ومبادئ القانون اإلداري‬ ‫‪162‬‬

‫وتطبيقاتها في مصر منشأة المعارف ‪ 2003‬ص ‪. 529‬‬

‫‪134‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العناصر المميزة لعقود الدولة‪ ،‬فقام بحصر عدة عناصر واجب توافرها في العقد اإلداري‬

‫ال دولي‪ ،‬منه ا أن يتم إب رام العق د بين الحكوم ة من ع دة عناص ر واجب توافره ا في العق د‬

‫اإلداري ال دولي‪ ،‬منه ا أن يتم إب رام العق ود بين الحكوم ة من ج انب وش خص أجن بي يتمت ع‬

‫بالشخصية القانونية بناء على أحكام قانون الدولة التي يتبعها هذا الشخص‪ ،‬وأن تتسم هذه‬

‫العق ود بأنه ا طويل ة األج ل كاس تغالل م ورد ط بيعي لع دد من الس نوات وأن يمنح بموجبه ا‬

‫الشخص األجنبي المتعاقد مع الدولة حقوقا ال تعد حقوقا تعاقدية صرفة‪ ،‬والتي تعد غير‬

‫مألوفة‪ ،‬أو التي لها طابع شبه سياسي‪ ،‬كحرية المتعاقد في االستيراد والتصدير واالستفادة‬

‫من بعض أو كل اإلعفاءات الضريبية‪ ،‬كذلك تتميز هذه العقود بأنها تخضع في جانب من‬

‫جوانبه ا للق انون الع ام‪ ،‬وبينم ا يس ري الق انون الخ اص على بعض جوانبه ا األخ رى‪،‬‬

‫باإلضافة إلى أن هذه العقود عادة ما تشتمل على شرط التحكيم والذي بناء عليه يتم سلب‬

‫بين طرفي التعاقد‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫‪163‬‬


‫االختصاص من المحاكم الوطنية لكل من طرفي العقد‬

‫أنها تحرص على دعـ ــم وإ براز الطابع التقليدي لالتفاق المبرم بين الدولة والطرف األجن بي‬

‫باحتوائه ا على نص وص ته دف إلى تحقي ق الثب ات التش ريعي وع دم المس اس بالعق د‬

‫وإ خض اعه لنظم خاص ة ب ه أو للق انون ال دولي‪ ،‬وذل ك بغ رض حماي ة الط رف المتعاق د من‬

‫المخ اطر الناجم ة عن ك ون الدول ة ش خص س يادي ق ادر على إص دار التش ريعات وإ نه اء‬

‫العقود بإرادة منفردة‪.164‬‬

‫‪ -‬حفيظ ة الح داد‪ ،‬العق ود المبرم ة بين ال دول واالش خاص األجنبي ة تحدي د ماهيته ا والنظ ام الق انوني الح اكم له ا‪،‬‬ ‫‪163‬‬

‫منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ‪ 2003‬ص ‪. 27‬‬


‫‪ -‬حفيظة الحداد‪ ،‬العقود المبرمة بين الدول واالشخاص األجنبية – مرجع سابق ص ‪. 31‬‬ ‫‪164‬‬

‫‪135‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و في تق ديرنا أن العق د اإلداري ال دولي ه و العق د ال ذي تبرم ه الدول ة أو أح د‬

‫األش خاص المعنوي ة العام ة من جه ة وش خص ط بيعي أو اعتب اري من أش خاص الق انون‬

‫الخ اص إلنش اء أو تس يير مرف ق ع ام أو إش باع حاج ات ذات نف ع ع ام‪ ،‬ويتض من ش روطا‬

‫استثنائية وغير مألوفة في القانون الخاص ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أنه إلى جانب التعاريف التي سقناها أعاله‪ ،‬ومن أجل تعميم الفائدة‬

‫أك ثر ارتأين ا أن نتط رق إلى مع ايير دولي ة للعق د مبت دئين بالمعي ار الق انوني حيث يق وم ه ذا‬

‫المعيار على فكرة أساسية مؤداها أن العقد يعد دوليا فيما لو اتصلت عناصره بأكثر من‬

‫دولة غير دولة القاضي المطروح عليه النزاع الناشئ عن العقد ومن تم اتصاله بأكثر من‬

‫نظام قانوني واحد ‪.‬‬

‫و بصدد المعنى ذاته يؤكد جانب كبير من الفقه المصري أن المعيار القانوني يعتبر‬

‫هو المعيار األصيل والتقليدي للعقد الدولي ومقتضاه أنه يعتبر دوليا كل عقد اشتمل على‬

‫عنص ر أجن بي س واء اتص ل ه ذا العنص ر باألعم ال المتعلق ة بإبرام ه أو تنفي ذه أو بم وطن‬

‫المتعاقدين أو بجنسيتهم ‪ ...‬إذ يكفي أن يتصل العقد بأحد عناصره بأكثر من نظام قانوني‬

‫حتى يكون دوليا‪.165‬‬

‫و ب المعنى ذات ه أيض ا أن المعي ار ال ذي اس تقر علي ه الفق ه ه و أن تط رق الص فة‬

‫األجنبية إلى أي عنصر من عناصر العالقة القانونية يؤدي إلى اعتبارها من العالقات ذات‬

‫الصفة األجنبية ‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة – قانون العقد الدولي – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2001‬ص ‪. 184‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪136‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و على هذا األساس عرف األستاذ ‪ Me Nair‬العقد اإلداري الدولي بأنه هو " عقد‬

‫طويل المدة يبرم بين الحكومة من جانب‪ ،‬وبين شخص أجنبي يتمتع بالشخصية القانونية‬

‫من جانب آخر ويتعلق باستغالل الموارد الطبيعية ويتضمن شروطا غير مألوف ة في العقود‬

‫الداخلية‪ ،‬مثل شرط اإلعفاء الجمركي‪ ،‬ويخضع هذا العقد في بعض جوانبه للقانون العـــام‬

‫وفي بعض جوانبه للقانون الخاص‪.166‬‬

‫بينم ا وض ع األس تاذ ‪ Seidl-Hobenveldern‬ع دة خص ائص لتمي يز عق ود الدول ة‬

‫ف ذهب إلى أنه ا تل ك العق ود المبرم ة باس م الدول ة‪ ،‬إم ا عن طري ق رئيس الدول ة أو رئيس‬

‫الحكوم ة وال تي يتم أحيان ا نش رها في الجري دة الرس مية‪ ،‬وأن ه يح ق للط رف المتعاق د م ع‬

‫الدولة ممارسة بعض الحقوق المخصصة للدولة‪ ،‬وأن الدولة تضمن التص رفات االستثنائية‬

‫وال تي ال يمكن للط رف الخ اص ض مانها‪ ،‬كم ا أنه ا يتم فص ل المنازع ات الناش ئة عنه ا‬

‫بالتحكيم من خالل هيئة ‪ ad boc‬باإلضافة إلى أنها تستبعد تطبيق قانون الدولة الطـ ـ ـــرف‬

‫وكذلك اختصاص محاكمها‪.167‬‬

‫و في قض ية ‪ Sapphire‬تع رض المحكم ‪ Cavin‬إلى تعري ف المقص ود ب العقود‬

‫اإلدارية الدولية‪ ،‬فذهب إلى أنه " عقد يبرم بين شركة وطنية تأخذ شكل المشروع العـــام‪،‬‬

‫وشركة تجارية خاضعة للقانون المدني األجنبي‪ ،‬ومحل هذا العق د ال ينص ب على العملي ات‬

‫التجاري ة العادي ة ألن ه يل زم الش ركة ص احبة االمتي از بالقي ام باس تثمارات ض خمة‪ ،‬وإ قام ة‬

‫‪166‬‬
‫‪- Mc. Nair the general principales of law recognized by civilized notions Y.B.I 1957 p 1 etc‬‬
‫…‬
‫‪167‬‬
‫‪- Seidl . Hohenveldern : the theory of quasi international and partly international‬‬
‫‪agreements Rew belge de inter 1975 p 567 .‬‬
‫‪137‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫منش آت له ا ط ابع ال دوام ويتض من ش روطا غ ير مألوف ة مث ل المعامل ة الض ريبية الخاص ة‬

‫للشركة المتعاقدة‪.168‬‬

‫أما األستاذ ‪ dupuy‬المحكم في قضية ‪ Texaco‬فقد ركز على إبراز عوامل ثالثة‬

‫كعناصر مميزة لعقود الدولة تمثلت في أهمية هذه العقود بالنسبة القتصاد الدولة المضيـــفة‪،‬‬

‫وك ون ه ذه العق ود تخل ق نوع ا من التع اون طوي ل األج ل إال أن ه هن اك رأي آخ ر معاص ر‬

‫يفضل التفرقة بخصوص العناصر القانونية للعقد والتي قد تتطرق لها الصفة األجنبية بين‬

‫العناصر الفاعلة والمؤثرة وبين العناصر غير الفاعلة أو المحايدة‪ ،‬وعلى ذلك فإذا تطرقت‬

‫الصفة األجنبية لعنصر غير ذي بال من عناصر العقد أي لعنصر محايد ال يشكل أهمية‬

‫خاص ة في الرابط ة التعاقدي ة المطروح ة فإن ه ال يكفي لت وافر الص فة الدولي ة له ذه‬

‫الرابطة‪.169‬‬

‫و خالص ة الق ول مم ا س بق أن العق د يك ون دولي ا وفق ا للمعي ار الق انوني إذا تط رقت‬

‫الصفة األجنبية إلى أحد عناصر العالقة العقدية ‪ ...‬غير أنه يجب النظر إلى هذه الصفة‬

‫األجنبي ة بش كل موض وعي‪ ،‬بمع نى أن تك ون العالق ة العقدي ة ذات العنص ر األجن بي ذات‬

‫فاعلية وتأثير في الرابطة العقدية وذلك حتى ال يكون إدخال أي عنصر أجنبي في العقد‬

‫اإلداري ذريعة لوضع شرط تحكيم هروبا من القضاء الوطني للدولة المتعاقدة ‪.‬‬

‫و في العقود الدولية بصفة عامة فإن جانبا كبيرا من الفقه يأخذ بالمعيار القانون ـ ـ ـــي‬

‫ونرى أن هذا االتجاه جدير بالتأييد ‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫‪- International law report n° 35 p 136 .‬‬
‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي – دار النهضة العربية القاهرة ‪2000‬‬ ‫‪169‬‬

‫ص ‪. 103‬‬

‫‪138‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إال أن ه في مج ال العق د اإلداري ذي الط ابع ال دولي أفض ل ع دم األخ ذ بالمعي ار‬

‫الق انوني لع دم التوس ع في معي ار دولي ة العق د اإلداري‪ ،‬وذل ك ح تى ال يك ون إدخ ال أي‬

‫عنص ر أجن بي في العق د اإلداري ذريع ة لوض ع ش رط تحكيم هروب ا من القض اء الوط ني‬

‫للدولة المتعاقدة ‪.‬‬

‫وبه ذا الص دد يك ون المعي ار االقتص ادي ه و األفض ل لتحدي د دولي ة العق د اإلداري‪،‬‬

‫حيث يعد العقد اإلداري دوليا إذا ينطوي على رابطة تتجاوز االقتصاد الداخلي لدولة معينة‬

‫‪.‬‬

‫وه ذا المعي ار يع د أق رب لطبيع ة العق د اإلداري وم دعاه لع دم إص رار المس تثمر‬

‫األجن بي على تض مين العق د اإلداري ش رط تحكيم وبالت الي اله روب من القض اء الوط ني‬

‫للدولة‪.170‬‬

‫ومن كل ما سبق يمكن القول إن العقد اإلداري الدولي هو العقد الذي تبرمه الدولة‬

‫باعتبارها سلطة عامة أو أحد األشخاص المعنوية األخرى مع أحد األشخاص الطبيعية أو‬

‫المعنوية من رعايا الدول األخرى مثل عقود امتياز المرافق العامة التي يتطلبها تسيير ه ذه‬

‫المرافق والعقود التي تسند الدولة بمقتضاها استغالل ثرواتها الطبيعية إلى إحدى الشركات‬

‫األجنبي ة أو عق ود نق ل التكنولوجي ا أو العق ود ال تي تس ند فيه ا الدول ة إلى إح دى الش ركات‬

‫األجنبي ة المتخصص ة إنش اء المط ارات أو غيره ا من المش اريع الض خمة بنظ ام " الب وت "‬

‫مثـ ـ ـ ـ ــال وغيرها من أنواع وأشكال العقود التي ينطبق عليها التعريف المتقدم ‪.‬‬

‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪139‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ويالحظ على هذه النوعية من العقود أنها تشبه عقود القانون العام حيث أن طرفها‬

‫الدولة بصفتها وشخص طبيعي أو اعتباري من جهة أخرى‪.‬‬

‫كما أن الدولة تتمتع في هذه العقود بالحصانة القضائية أمام الطرف المتعاقد معها‬

‫الذي ال يتمتع بهذه الحصانة بالرغم من أن الطرف اآلخر قد يكون على قدر البأس ب ه من‬

‫القوة االقتصادية ‪.‬‬

‫ك ذلك ف إن ه ذه العق ود تختل ف عن العق ود ال تي تبرمه ا الدول ة م ع ط رف أجن بي في‬

‫نطاق القانون الخاص أي تتعاقد فيها الدولة بوصفها شخصا عاديا‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التعريف القانوني للعقد اإلداري‬

‫لما كان القانون اإلداري من صنع القضاء اإلداري فإن القواعد واألحكام التي قامت‬

‫عليها نظرية العقد اإلداري كما هو الشأن بالنسبة إلى سائر نظريات القانون اإلداري هي‬

‫من صنعه وبصورة أكثر تحديدا من صنع مجلس الدولة الفرنسي والتي استلمها فيما بعد‬

‫القضاء اإلداري المصري‪.‬‬

‫حقيق ة أن المش رع كث يرا م ا ت دخل وأق ام بتق نين بعض األحك ام القض ائية في م ادة‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬غ ير أن ه ب الرغم من ذل ك ف إن النظري ة ال ت زال في مجموعه ا قض ائية‪،‬‬

‫ولهذا فإن أحكامها تتطور باستمرار لتستجيب لحاجات المرافق العامة المستمرة‪.171‬‬

‫و هك ذا فالح ديث عن التعري ف الق انوني للعق ود اإلداري ة يتطلب من ا أن نع رض‬

‫لنشأتها وتطورها وفق تشريعات بعض الدول وذلك في الفقرات الموالية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع الفرنسي‬

‫لم تنش أ نظري ة العق ود اإلداري ة في فرنس ا إال في مطل ع الق رن العش رين حيث ك ان‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – األسس العامة للعقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 28‬‬ ‫‪171‬‬

‫‪140‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المعي ار المتب ع للتمي يز بين أعم ال الس لطة وأعم ال اإلدارة ه و معي ار الس لطة العام ة‪ ،‬ف إذا‬

‫تعل ق ال نزاع بعم ل من أعم ال الس لطة انعق د االختص اص للمح اكم اإلداري ة أم ا إذا تعلقت‬

‫المنازعة بعمل من أعمال اإلدارة فإن االختصاص يخول للمحاكم العادية‪.172‬‬

‫و نتيجة للتطور الذي حصل في مجال العقود اإلدارية عمد المشرع الفرنسي إلى‬

‫جعل االختصاص بنظر بعض المنازعات التي تثور بشأن بعض العقود التي تبرمها جهة‬

‫اإلدارة من اختصاص مجلس الدولة الفرنسي‪ ،‬ومن هذا القبيل قانون ‪ " 28‬بليفوز " للسنة‬

‫الثامن ة ال ذي جع ل من اختص اص مج الس األق اليم النظ ر في المنازع ات المتعلق ة بعق ود‬

‫األش غال العام ة وعق ود بي ع أمالك الدول ة‪ ،‬والق انون الص ادر في ‪ 17‬يولي و س نة ‪1790‬‬

‫والقانون الصادر في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1793‬الخاص بعقود القروض العامة التي تبرمها الدولة‬

‫والمرسوم بالقانون الصادر في ‪ 17‬يونيه ‪ 1938‬الخاص بعقود شغل الدومين العام‪ ،‬نجد‬

‫أن االختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بهذه العقود ينعقد للقضاء اإلداري‪ ،‬ومن تم فقد‬

‫أطل ق الفق ه على ه ذه النوعي ة من العق ود تس مية العق ود اإلداري ة بنص الق انون‪ ،‬ألن‬

‫االختصاص القضائي بنظر هذه العقود كان استنادا إلى إرادة المشرع الفرنسي‪ ،‬وليس إلى‬

‫الطبيعة الذاتية لهذه العقود ‪.‬‬

‫و على ذل ك لم تكن هن اك حاج ة لتمي يز عق ود اإلدارة بأحك ام خاص ة تختل ف عن‬

‫األحكام التي تنطبق على العقود المدنية‪ ،‬لكون االختصاص بنظر عقود اإلدارة كان منعقدا‬

‫بصفة عامة للقضاء العادي الذي يطبق عليها القواعد الخاصة بالعقود المدنية ‪.‬‬

‫لق د ع دل الفق ه والقض اء في فرنس ا عن األخ ذ بمعي ار الس لطة العام ة لتمي يز أعم ال‬

‫‪ -‬شريف يوسف خاطر – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية وضوابطه – دار النهضة العربية القاهرة ‪2009‬‬ ‫‪172‬‬

‫ص ‪. 10‬‬

‫‪141‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلدارة‪ ،‬حيث اتجه الفقه والقضاء إلى األخذ بمعيار آخر وهو معيار المرفق العام‪ ،‬وكان‬

‫الحكم الص ادر عن محكم ة التن ازع الفرنس ية في ‪ 8‬ف براير ‪ 1873‬م الش هير بحكم‬

‫‪ BLANCO‬أول من أثار إلى معيار المرفق العام ‪.‬‬

‫وطبق ا لمعي ار المرف ق الع ام‪ ،‬نج د أن القض اء اإلداري يختص بنظ ر المنازع ات‬

‫المتعلق ة بتنظيم وتس يير المراف ق العام ة س واء ك انت مراف ق قومي ة أو محلي ة وس واء ك انت‬

‫جهة اإلدارة تنصرف بوصفها سلطة عامة أم بوصفها فردا عاديا ‪.‬‬

‫وق د أك د مف وض الحكوم ة ‪ Romieu‬في التقري ر ال ذي أع ده في ه ذه ال دعوى أن‬

‫اختصاص القضاء اإلداري يستند إلى فكرة المرافق العامة سواء كانت مرافق توصية أم‬

‫مرافق محلية‪ ،‬ولكنه استثنى من ذلك تصرف اإلدارة كفرد عادي‪ ،‬حيث ينعقد االختص اص‬

‫بنظر المنازعات الخاصة بها للقضاء العادي‪ ،‬وذلك على أساس التمييز بين اإلدارة العامـــة‬

‫واإلدارة الخاصة ‪.‬‬

‫ومن تم يكون لجهة اإلدارة إما اتباع أسلوب القانون الخاص إلدارة المرافق العام ة‪،‬‬

‫ومن تم الخضوع للقضاء العادي أو اتباع أسلوب القانون العام ومن تم الخضوع للقضاء‬

‫‪.‬‬ ‫‪173‬‬
‫اإلداري‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬تكتسب عقود اإلدارة الصبغة اإلدارية‪ ،‬وذلك ليس بناء على إرادة‬

‫المش رع‪ ،‬ولكن اس تنادا إلى خصائص ها الذاتي ة‪ ،‬ف اإلدارة حينم ا تعه د للمتعاق د معه ا بتس يير‬

‫مرفق عمومي‪ ،‬فإنها تكون قد اختارت طريقة التعاقد‪ ،‬ومنذ إبرامه ال يسمح لها بأن تختار‬

‫‪ -‬عبد الحمي د كم ال حشيش – الق رارات القابل ة لالنفصال وعق ود اإلدارة‪ ،‬مجل ة مص ر المعاصرة الع دد رقم ‪362‬‬ ‫‪173‬‬

‫السنة ‪ 66‬أكتوبر ‪ 1975‬ص ‪. 550‬‬

‫‪142‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫طبيع ة العق د‪ ،‬ألن العق د يعت بر إداري ا بطبيعت ه‪ ،‬فازدواجي ة العق ود ال تي يمكن لإلدارة أن‬

‫تبرمها ال تتطابق دائما مع حرية اختيار اإلدارة وإ نما تبعا لموضوع العقد ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع المصري‬

‫الش ك أن فرنس ا هي أول دول ة أعطت للق انون اإلداري اس تقالليته ثم تبعته ا ال دول‬

‫األخ رى‪ ،‬وذل ك بع د نش أة القض اء اإلداري " مجلس الدول ة " ومن تل ك ال دول جمهوري ة‬

‫مصر العربية حيث أنها في ذلك الحين كانت دولة بوليسية تفتقد لنظام الدولة القانونية‪ ،‬ولم‬

‫يكن هناك فصل بين السلطات بل لم تكن هناك أي قوانين قبل إنشاء المحاكم المختلـ ـ ـ ـــطة‬

‫والمحاكم األهلية ولم يكن كذلك حق التقاضي مكفوال لألفراد ‪.‬‬

‫و عن دما ب دأ التفك ير في إلغ اء االمتي ازات األجنبي ة‪ ،‬ب دأت الحكوم ة المص رية في‬

‫وضع مشروع قانون إلنشاء مجلس الدولة في مصر على غرار مجلس الدولة الفرنسي‪،‬‬

‫وبالفع ل ص در الق انون رقم ‪ 112‬لس نة ‪ 1946‬الخ اص بإنش اء مجلس الدول ة في مص ر‪،‬‬

‫ولكن لم يوجد به إال محكمة واحدة فقط هي محكمة القضاء اإلداري وكانت اختصاصاتها‬

‫العقود اإلدارية‪ ،‬فظل االختصاص بنظر المنازعات الخاصة بعقود اإلدارة منعقدا للقضاء‬

‫الع ادي‪ ،‬واس تمر ذل ك الوض ع حتى ع ام ‪ 1949‬م‪ ،‬وقد تض منت الخامس ة من ه ذا الق انون‬

‫تحديد اختصاصات محكمة القضاء اإلداري بالفصل في منازعات عقود االلتزام واألشغال‬

‫العامة والتوريد اإلدارية الناشئة بين الحكومة والطرف اآلخر في اآلخر‪.174‬‬

‫وقد فسر بعض الفقه نص المادة " ‪ " 5‬من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 9‬لسنـ ــة ‪1949‬‬

‫واس تخلص من ه أن اختص اص مجلس الدول ة ب العقود اإلداري ة ق د ج اء مقص ورا على‬

‫‪ -‬محمد سليمان الطماوي – مرجع سابق ص ‪. 41‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪143‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االختص اص في نظ ر ثالث ة أن واع من العق ود اإلداري ة فق ط وال تي س بق ذكره ا وأن تل ك‬

‫العق ود الثالث ة ق د قس م اختص اص النظ ر فيه ا م ا بين مجلس الدول ة والقض اء الع ادي وه ذا‬

‫ي ؤدي إلى التض ارب في تأص يل األحك ام الخاص ة ب العقود اإلداري ة‪ ،‬إض افة إلى ذل ك ف إن‬

‫االختص اص بنظر تلك العق ود مرهونا بيد رفع الدعوى فهو من له حق اختي ار المحكمة‬

‫وبناء عليه ينعقد االختصاص‪.175‬‬

‫و استمر هذا الوضع قائما حتى صدور القانون رقم ‪ 165‬لسنة ‪ 1955‬الذي ألغى‬

‫الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1949‬حيث نص على اختص اص محكم ة القض اء اإلداري بنظ ر‬

‫المنازع ات الخاص ة بعق ود االمتي از واألش غال العام ة والتوري د وأي عق ود إداري ة أخـــرى‪،‬‬

‫وتم نق ل نفس النص إلى الق انون الح الي الخ اص بتنظيم مجلس الدول ة المص ري رقم ‪47‬‬

‫لس نة ‪ ،1972‬ومن تم أص بح مجلس الدول ة مختص ا دون غ يره بنظ ر المنازع ات الخاص ة‬

‫ب أي عق د إداري دون أن يش اركه في ذل ك القض اء الع ادي كم ا ك ان الوض ع من قب ل‪ ،‬ورد‬

‫هذا في الفقرة ‪ 11‬من المادة ‪.176 10‬‬

‫‪ -‬عاطف سعدي محمد علي – عقد التوريد اإلداري بين النظرية والتطبيق دار الحريري للطباعة القاهرة ‪2005‬‬ ‫‪175‬‬

‫ص ‪. 34‬‬
‫‪ -‬نص ت الم ادة العاش رة من ق انون مجلس الدول ة الص ادر بالق انون رقم ‪ 47‬لس نة ‪ 1972‬على أن ‪ :‬تختص مح اكم‬ ‫‪176‬‬

‫مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل اآلتية ‪( :‬أ) الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية ‪( .‬ب) المنازعات‬
‫الخاص ة بالمرتب ات والمعاش ات والمكاف آت المس تحقة للم وظفين العموم يين أو ورثتهم ‪( .‬ج) الطلب ات ال تي يق دمها ذوو‬
‫الش أن ب الطعن في الق رارات اإلداري ة الص ادرة ب التعيين في الوظ ائف العام ة أو الترقي ة أو منح العالوات ‪( .‬د) الطلب ات‬
‫المقدم ة من الم وظفين العموم يين بإلغ اء الق رارات اإلداري ة الص ادرة بإح التهم إلى المع اش أو االس تيداع أو فص لهم بغ ير‬
‫الطري ق الت أديبي ‪( .‬هـ) الطلب ات ال تي يق دمها األف راد أو الهيئ ات بإلغ اء الق رارات اإلداري ة النهائي ة ‪( .‬و) الطع ون في‬
‫القرارات النهائية الصادرة من الجهات اإلدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه‬
‫المنازعات أمام مجلس الدولة ‪(.‬ز) دعاوى الجنسية ‪(.‬ح) الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات‬
‫إدارية لها اختصاص قضائي‪ ،‬فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل‪ ،‬وذلك متى‬
‫كان مرجع الطعن عدم االختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها ‪( .‬ط)‬
‫الطلب ات ال تي يقدمها الموظفون العمومي ون بإلغ اء الق رارات التأديبي ة ‪ ( .‬ذ) طلب ات التع ويض من الق رارات المنصوص‬

‫‪144‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فالج دير بال ذكر أن القض اء اإلداري في مص ر ق د ب دأ حين أنش أ مجلس الدول ة‬

‫المص ري س نة ‪ 1946‬م‪ ،‬ومن ذ ذل ك الحين وه و يبت دع الحل ول القانوني ة لكاف ة المنازع ات‬

‫المطروحة أمامه حتى تأسس ذلك القضاء تأسيسا جيدا من خالل تلك األحكام التي ص درت‬

‫عنه وعن محاكمه التي أنشئت فيما بعد والقوانين التي صدرت عنه‪ ،‬وبذلك يك ون ق د تمكن‬

‫من ص نع الق انون اإلداري المص ري بنج اح‪ ،‬وأن يحق ق اس تقالليته وأص الته ع بر األحك ام‬

‫المتواثرة طوال تلك الفترة من قبل القضاء اإلداري ‪.‬‬

‫و ارتباط ا بالعق د اإلداري أش ارت العدي د من األحك ام القض ائية إلى تعري ف العق د‬

‫اإلداري‪ ،‬ال ذي يع ني العق د الم برم بواس طة أح د أش خاص الق انون الع ام بقص د إدارة مرف ق‬

‫عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في األخذ بأسلوب القانون العام‪ ،‬وذلك بأن يتضمن‬

‫العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص‪ ،‬كما قضت محكمة القضاء اإلداري‬

‫المصرية بأن العقد اإلداري حسبما استقرت عليه أحكام القضاء والفقه اإلداري‪ ،‬هو العقد‬

‫الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة‬

‫تسييره وأن تظهر نيته في العقد باألخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه وذلك بتضمين العقد‬

‫‪.‬‬ ‫‪177‬‬
‫شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص تسمى شروطا غليظة‬

‫و لقد أشارت المحكمة اإلدارية العليا في مصر إلى نفس المعنى في حكمها الص ادر‬

‫في ‪ 31‬مارس عام ‪ 1962‬حيث قضت بأن العقد يعتبر إداريا إذا كان أحد طرفيه شخصا‬

‫معنويا عاما ومتصال بمرفق عام ومتضمنا شروطا غير مألوفة في نطاق القانون الخاص‪،‬‬

‫عليها في البنود السابقة ‪( .‬ل) المنازعات الخاصة بعقود االلتزام أو األشغال العامة والتوريد أو أي عقد إداري آخر ‪(.‬م)‬
‫الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون ‪(.‬ن) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في‬
‫الحدود المقررة قانونا ‪(.‬ي) سائر المنازعات اإلدارية ‪.‬‬
‫‪ -‬محكمة القضاء اإلداري ‪ 1961-6-25‬دعوى رقم ‪ 14 – 1184‬ق ‪.‬‬ ‫‪177‬‬

‫‪145‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ف إذا تض من العق د ه ذه الش روط الثالث ة مجتمع ة ك ان عق دا إداري ا يختص بنظ ره القض اء‬

‫اإلداري بحسب واليته المحددة‪.178‬‬

‫يتضح من التعاريف السابقة أن القضاء المصري اشترط العتبار العقد إداريا توافر‬

‫ثالثة معايير ‪ :‬المعيار األول إبرام العقد بواسطة أحد األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬المعيار‬

‫الث اني تعل ق العق د أو ارتباط ه ب المرفق الع ام‪ ،‬المعي ار الث الث أن يتض من العق د ش روطا‬

‫اس تثنائية غ ير مألوف ة في الق انون الخ اص على العكس من ذل ك س نجد القض اء الفرنس ي‬

‫اشترط توافر معيارين فقط العتبار العقد إداريا هما ‪ :‬إبرام العقد بواسطة شخص معنوي‬

‫ع ام وتعل ق العق د ب إدارة أو تس يير مرف ق ع ام أو احت واء العق د على ش روط اس تثنائية غ ير‬

‫مألوفة في القانون الخاص ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العقد اإلداري وفق النظام القانوني اإلماراتي‬

‫إن العقد اإلداري كغيره من العقود يتطلب توافر إرادتين هما االيجاب والقبول وهو‬

‫ذل ك العق د ال ذي يبرم ه ش خص معن وي من أش خاص الق انون الع ام بقص د إدارة أو تس يير‬

‫مرفق عام وأن يأخذ بأسلوب القانون العام بتضمين العقد شرطا أو أكثر من الشروط التي‬

‫لم تألفها عقود القانون الخاص ‪.‬‬

‫و إن من المسلم به فقها أن اختيار اإلدارة لوسائل القانون العام هو الشرط المميز‬

‫للعق ود اإلداري ة وال ذي يتمث ل في الش روط االس تثنائية ال تي يتض منها العق د وال تي تعطي‬

‫لإلدارة حقوقا تعلو على حقوق المتعاقد اآلخر‪ ،‬ويمكن أن تصل إلى حقها في تعديل العقد‬

‫أو إنهائه‪ ،‬فإن لم يتضمن العقد تلك الشروط انتفى عنه وصف العقد اإلداري ‪.‬‬

‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا ‪ 31‬مارس ‪ 1962‬طعن رقم ‪ 9- 1889‬ق‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪146‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فالعق د اإلداري اكتس ب ه ذه الص فة ليس لكون ه ق د أبرمت ه اإلدارة وإ نم ا ه و في‬

‫طبيعت ه عق د كغ يره من العق ود األخ رى‪ ،‬وبارتدائ ه تل ك المم يزات الم ذكورة س ابقا جعلت ه‬

‫يتحول من مجرد عقد عادي إلى عقد إداري ‪.‬‬

‫و تج در اإلش ارة أن العق ود المبرم ة في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة وحس ب‬

‫النظام السائد هي عقود اإلدارة العامة بمعناها الواسع أي العقود المبرمة من قبل أشخاص‬

‫القانون العام‪ ،‬وتستوي في ذلك العقود التي يحكمها القانون الخاص والتي يحكمها القانون‬

‫الع ام‪ ،‬فعق ود اإلدارة العام ة ال تظه ر إال في ش كل عق ود مدني ة وتخض ع بالت الي للقاض ي‬

‫الع ـ ـ ـــادي ولقواع د الق انون الخ اص س واء في إبرامه ا أو تنفي ذها أو إنهائه ا ع دا بعض‬

‫‪.‬‬ ‫‪179‬‬
‫االستثناءات الواردة من خالل نصوص تشريعية تتصل بإبرام العقود فقط‬

‫و ق د م رت دول ة اإلم ارات بتط ور تش ريعي والئحي إداري في مس ألة تنظيم ط رق‬

‫المشتريات ومقاوالت األعمال المكونة للعقود اإلدارية‪ ،‬وكان ذلك عند صدور أول تعميم‬

‫مالي صادر في هذا الشأن رقم ‪ 4‬لسنة ‪ 1975‬وانتهاء بالتعميم المالي الصادر في أكتوبر‬

‫‪ 1985‬من اللجن ة الدائم ة للمش روعات بش أن تع ديل بن د حس م المنازع ات ال وارد بالش روط‬

‫العام ة للعق د المعتم د بين الجه ات الحكومي ة والمق اولين واالستش اريين‪ ،‬وك ان اله دف من‬

‫وراء ذلك ض مان حسن توجي ه اتفاق الم ال الع ام وترشيده باإلض افة إلى تحقيق المص لحة‬

‫المالية للدولة مع عدم اإلخالل باعتبارات العدالة والمساواة فيما بين المتنافسين على التعاقد‬

‫مع اإلدارة والممثلين للطرف اآلخر في العقد اإلداري‪.180‬‬

‫‪ -‬محمد فتوح محمد عثمان – أصول القانون اإلداري إلمارة دبي – دار الكتب القانونية دبي ‪ 2002‬ص ‪.53‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪ -‬مصطفى محمود عفيفي – الوسيط في مبادئ القانون اإلداري – دار الفكر العربية القاهرة ‪ 1980‬ص ‪.245‬‬ ‫‪180‬‬

‫‪147‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و من خالل البحث في التش ريعات والق وانين في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‬

‫الحظن ا وج ود تشريع خ اص ب التنظيم الق انوني للمناقص ات العام ة في إم ارة دبي ويع د من‬

‫التش ريعات الحديث ة في ه ذا الش أن وه و الق انون رقم ‪ 6‬لس نة ‪ 1997‬م وق د ص در بش أن‬

‫عق ود ال دوائر الحكومي ة في إم ارة دبي وتض من تعريف ا للعق د اإلداري " الص يغة الخطي ة‬

‫لالتف اق ال ذي ي برم بين أي دائ رة حكومي ة ( مؤسس ة أو هيئ ة أو س لطة تابع ة للحكوم ة في‬

‫إم ارة دبـــي ) وأي ة شخص ية أخ رى عام ة أو خاص ة معنوي ة أو طبيعي ة م ع جمي ع ملحقات ه‬

‫بهدف توريد المواد أو تنفيذ األشغال أو تقديم الخدمات ويشمل ذلك أوامر الشراء للمواد‬

‫وأوامر التكليف الصادرة لألشغال والخدمات عند قبولها‪.181‬‬

‫و يس تدل من ه ذا التعري ف على أن العق د اإلداري معم ول ب ه في دول ة اإلمـ ـ ـ ـــارات‬

‫وبص فة خاص ة في إم ارة دبي‪ ،‬وهن اك تحدي د لبعض العق ود في التعري ف الس ابق كعق د‬

‫التوري د واألش غال وعق ود الخ دمات العام ة‪ ،‬فالمش رع أوج د العق د اإلداري من خالل نص‬

‫قانون واضح المعالم يفترض لإلدارة عدم مخالفته ‪.‬‬

‫فقد نصت‬ ‫‪182‬‬


‫أما في مجال االختصاص القضائي بالنسبة لمنازعات العقود اإلدارية‬

‫الم ادة الثالث ة من الق انون االتح ادي اإلم اراتي رقم ‪ 6‬لس نة ‪ 1978‬على أن ‪ " ...‬تختص‬

‫المحكمة االبتدائية في عاصمة االتحاد بالنظر في جميع المنازعات اإلدارية بين االتحـ ـ ـــاد‬

‫واألفراد سواء كان االتحاد مدعيا أو مدعى عليه فيها ‪. " ...‬‬

‫‪ -‬المادة رقم (‪ )2‬من القانون رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 1997‬بشأن عقود الدوائر الحكومية في إمارة دبي‪.‬‬ ‫‪181‬‬

‫‪ -‬نواف كنعان – مبادئ القانون اإلداري وتطبيقاته في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬الشارقة‪ ،‬دار النشر العلمي‬ ‫‪182‬‬

‫‪ 2001‬ص ‪. 235‬‬

‫‪148‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بع د ه ذا ص در الق انون االتح ادي رقم ‪ 1978 – 17‬ليجع ل من المحكم ة االتحادي ة‬

‫محكمة نقض‪ ،‬وذلك لتنظيم حاالت وإ جراءات الطعن بالنقض ثم بصدور قانون اإلجراءات‬

‫المدنية االتحادي رقم (‪ )11‬لسنة ‪ ،1992‬وبموجب ذلك أضحت المحكمة االتحادية العليا‬

‫محكمة مختصة بالنظر والفصل في الطعون المرفوعة عن األحكام الصادرة من المحاكم‬

‫االتحادية االستثنائية بما فيها األحكام الص ادرة في المنازع ات اإلدارية باعتبار أن النظام‬

‫القضائي االتحادي يأخذ بنظام وحدة القضاء‪.183‬‬

‫كم ا أن الم ادة الثاني ة من الق انون نفس ه ذهبت إلى أن ه " ينق ل إلى المح اكم االتحادي ة‬

‫المنصوص عليها في المواد السابقة االختصاصات التي تتوالها الجهات القضائية المحلية‬

‫القائمة في اإلمارات المشار إليها ‪. " ...‬‬

‫و نتيج ة له ذه الخط وات فق د تحققت إلى ح د كب ير وح دة القض اء داخ ل الدولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫وخصوص ا بع د ن انض مت مح اكم أم القيوين‪ ،‬والتي ك ان ينظمها الق انون المحلي للمحاكم‬

‫رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1971‬إلى القض اء االتحادي‪ ،‬وأص بحت إم ارتي دبي ورأس الخيمة هم ا فقد‬

‫من احتفظ بهيئاتهما القضائية المحلية‪ ،‬ثم بعد لك في عام ‪ 2006‬صدر القانون رقم (‪)22‬‬

‫لسنة ‪ 2006‬والخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 1974‬والمتعلق بإعادة‬

‫تنظيم الجه از الحك ومي في إم ارة أب و ظ بي حيث تم إض افة م ادة رقم (‪ )5‬مك رر المتعلق ة‬

‫بإنش اء دائ رة القض اء في إم ارة أب و ظ بي تتب ع الح اكم مباش رة وتح ل مح ل دائ رة القض اء‬

‫الش رعي‪ ،‬ثم تال ذل ك ص دور الق انون رقم (‪ )23‬لس نة ‪ 2006‬والخ اص بتنظيم دائ رة‬

‫القضاء في إمارة أبو ظبي ‪.‬‬

‫‪ -‬من كتاب مجموعة األحكام الصادرة من المحكمة االتحادية العليا في منازعات القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪183‬‬

‫‪ 2006‬ص ‪ 5‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الخ اص بتش كيل‬ ‫‪184‬‬


‫و ينظم القض اء في إم ارة دبي الق انون رقم ‪ 3‬لس نة ‪1992‬‬

‫والمعدل بقانون رقم‬ ‫‪185‬‬


‫المحاكم المعدل بقانون تأسيس دائرة المحاكم رقم ‪ 3‬سنة ‪2000‬‬

‫وق د تم تعديل ه م ؤخرا بالق انون رقم ‪ 5‬س نة‬ ‫‪186‬‬


‫‪ 1‬س نة ‪ 2003‬بش أن تأس يس دائ رة الع دل‬

‫‪ 2005‬وال ذي بن اء علي ه تم إلغ اء ق انون تأسيس دائرة العدل وصدور الق انون رقم ‪ 6‬سنة‬

‫‪ 2005‬بشأن تنظيم محاكم دبي‪ ،‬هذا وتجدر اإلشارة إلى أن التعديل الذي تم في القانونين‬

‫األخ يرين‪ ،‬إنم ا اختص بتع ديل الهيك ل التنظيمي س واء ل دائرة المح اكم أو ل دائرة الع دل‬

‫واالختصاص ـ ـ ـ ــات والمهام التي تقوم بها كل منها‪.187‬‬

‫أما إمارة رأس الخيمة فإن القضاء فيها ينظمه قانون تشكيل المحاكم الصادر عام‬

‫وال ذي ع دل بق انون تنظيم القض اء س نة ‪ ،2002‬أم ا فيم ا يتعل ق بتنظيم المس ائل‬ ‫‪188‬‬
‫‪1971‬‬

‫اإلداري ة والمالي ة ل دائرة المح اكم في إم ارة رأس الخيم ة فق د نظمت بص دور المرس وم‬

‫األم يري رقم ‪ 7‬س نة ‪ 2002‬وه و المرس وم الخ اص بإص دار الهيك ل التنظيمي ل دائرة‬

‫المحاكم في إمارة رأس الخيمة ‪.‬‬

‫و ق د ح دثت نقل ة نوعي ة في التط ور القض ائي في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‬

‫عن دما ص در ق انون اإلج راءات المدني ة االتح ادي رقم ‪ 1‬س نة ‪ 1992‬منتهج ا التقس يم‬

‫المعم ول ب ه في بعض األنظم ة القض ائية العص رية‪ ،‬حيث تم تقس يم مح اكم أول درج ة إلى‬

‫مستويين ‪ :‬الدوائر الجزئية التي يتم تشكيلها من قاضي فرد‪ ،‬ثم الدوائر الكلية التي تشكل‬
‫‪ -‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 196‬سنة ‪. 1992‬‬ ‫‪184‬‬

‫‪ -‬منشور بالجريدة الرسمية لحكومة دبي عدد ‪ 262‬سنة ‪. 2000‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪ -‬منشور بالجريدة الرسمية لحكومة دبي عدد ‪ 285‬سنة ‪. 2003‬‬ ‫‪186‬‬

‫‪ -‬الجريدة الرسمية لحكومة دبي عدد ‪ 303‬سنة ‪. 2005‬‬ ‫‪187‬‬

‫‪ -‬للمزي د من التفص يل راج ع ‪ :‬محم د كام ل عب ده الرقاب ة على أعم ال اإلدارة‪ ،‬دراس ة مقارن ة في النظم القانوني ة‬ ‫‪188‬‬

‫المعاصرة والنظام القانوني في دولة اإلمارات العربية المتحدة كلية شرطة دبي‪ ،‬دبي ‪ 1999‬ص ‪. 724‬‬

‫‪150‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫من ثالث ة قض اة‪ ،‬كم ا تم تقس يم المح اكم االتحادي ة االبتدائي ة إلى ن وعين من ال دوائر طبق ا‬

‫لقيمة الدعوى‪.189‬‬

‫أما الدعاوى اإلدارية والتي هي منازعات تنشأ بين األفراد والحكومة االتحادية فإن‬

‫االختصاص فيها يكون للمحاكم االتحادية االبتدائية الموجودة في جميع إمارات الدولـ ـ ـــة‪،‬‬

‫وذلك طبقا لنص المادة ‪ 102‬من الدستور " يكون لالتحاد محكمة اتحادية ابتدائية أو أكثر‬

‫تنعقد في عاصمة االتحاد الدائمة أو في بعض عواصم اإلمارات لممارسة الوالية القضائية‬

‫في دائ رة اختصاص ها في القض ايا التالي ة ‪ :‬المنازع ات المدني ة والتجاري ة واإلداري ة بين‬

‫االتحاد واألفراد‪ ،‬سواء كان االتحاد مدعيا أو مدعى عليه فيها ‪.‬‬

‫كم ا ج اء في نص الم ادة ‪ 25‬من ق انون اإلج راءات المدني ة االتح ادي رقم ‪ 11‬س نة‬

‫‪ 1992‬أن ه ‪ " :‬تختص المح اكم االتحادي ة بنظ ر جمي ع المنازع ات المدني ة والتجاريـ ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫واإلدارية ‪.‬‬

‫و خالص ة الق ول أن دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة ليس به ا قض اء إداري مس تقل‬

‫يختص بنظر المنازعات اإلدارية كما هو حال كثير من الدول التي أخذت النمط الفرنسي‬

‫حيث يكون القضاء فيها مزدوجا‪ ،‬بل إن الظروف التي تم ذكرها جعلت من نظام القضاء‬

‫الموحد نظر جميع المنازعات التي تقع على إقليم الدولة دون اعتبار عمن يكون أطراف ـــها‪،‬‬

‫وس واء ك انت ال دعوى إدارية ك ون اإلدارة طرف ا فيه ا كس لطة عام ة أم أنه ا ك انت منازعة‬

‫‪ -‬المادة ‪ 30‬من قانون اإلجراءات المدنية االتحادي رقم ‪ 11‬سنة ‪. 1992‬‬ ‫‪189‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬عبد الحميد محمد عبد الحميد راشد الحسوني‪ ،‬إجراءات التقاضي في الدعوى اإلدارية بدولة‬
‫اإلم ارات العربي ة المتحدة‪ ،‬أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام‪ ،‬جامع ة عب د المال ك الس عدي‪ ،‬كلي ة الحق وق طنج ة‬
‫الموسم الجامعي ‪ 2011- 2010‬ص ‪. 32‬‬

‫‪151‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫عادي ة‪ ،‬تخض ع ألحك ام الق انون الخ اص‪ ،‬وه ذا ينطب ق على القض اء االتح ادي والقض اء‬

‫المحلي لإلمارات األعضاء في دولة االتحاد ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع المغربي‬

‫إن نظ ام العقود اإلدارية أو م ا يطلق عليه بالص فقات العمومي ة في المغرب متجدد‬

‫في الق دم من ذ معاه دة الجزي رة الخض راء‪ ،‬لكن أول ت دوين لنصوص ه المبع ثرة ك ان في‬

‫مرسوم ‪ 19‬ماي ‪ 1965‬والذي تم تعديله بمرسوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 1976‬هذا األخير تم نسخه‬

‫بمرس وم ‪ 30‬دجن بر ‪ 1998‬ال ذي ج اء بمب ادئ جدي دة في مس يرة إص الح نظ ام الص فقات‬

‫العمومي ة المغرب ـــي وهي الش فافية‪ ،‬ج دوى النفق ة العمومي ة ‪ ...‬المنافس ة الح رة ‪ ...‬ه ذا‬

‫المرس وم لم يعم ر ط ويال حيث تم نس خه بمقتض ى مرس وم ف براير ‪ 2007‬وال ذي تتمح ور‬

‫أهدافه حول المحاور التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬تثمين القواعد التي تشجع على حرية المنافسة وتحث على تبار أوسع بين المتعهدين ‪.‬‬

‫‪ -‬وضع آليات تمكن من ضمان الشفافية في إعداد الصفقات وإ برامها وتنفيذها ‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد مبدأ المساواة في التعامل مع المتعهدين خالل جميع مراحل إبرام الصفقات ‪.‬‬

‫‪ -‬إل زام ص احب المش روع بض مان اإلعالم المناس ب والمنص ف لجمي ع المتنافس ين خالل‬

‫‪.‬‬ ‫‪190‬‬
‫مختلف مراحل مساطر إبرام الصفقات‬

‫‪ -‬ترسيخ أخالقيات اإلدارة وذلك بإدراج إجراءات من شأنها التقليص من إمكانيات اللج وء‬

‫إلى كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد الحميد محمد عبد الحميد راشد الحسوني‪ ،‬إجراءات التقاضي في الدعوى اإلدارية بدولة اإلمارات العربية‬ ‫‪190‬‬

‫المتحدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 32‬‬

‫‪152‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬الح د من الت دخل الب تري من خالل ن زع الص فقة المادي ة عن المس اطر وإ ل زام أص حاب‬

‫المشاريع بنشر بعض المعلومات والوثائق في البوابة اإللكترونية لصفقات الدولة ‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد وسائل الطعن واللجوء للمصالحة لتسوية النزاعات المتعلقة بإبرام الصفقات ‪.‬‬

‫باإلض افة إلى ه ذا فالمرس وم ع رف الص فقة بأنه ا ‪ " :‬ك ل عق د بع وض ي برم بين‬

‫ص احب مش روع من جه ة‪ ،‬وش خص ط بيعي أو معن وي من جه ة أخ رى ي دعى مق اول أو‬

‫مورد أو خدماتي‪ ،‬ويهدف وفق التعاريف الواردة بعده إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات‬

‫أو القيام بخدمات‪.191‬‬

‫وعلى ه ذا األس اس يمكن الق ول أن الص فقة العمومي ة هي عق د ي برم بين اإلدارة‬

‫كس لطة عام ة قائم ة على تحقي ق المص لحة العام ة وبين األف راد أو الش ركات الخاص ة من‬

‫أجل إنجاز عمل معين يحقق المنفعة العامة بشكل مباشر مع تضمين هذا االتفاق أو هذا‬

‫العق د أهم ش روط وقواع د العم ل المطل وب‪ ،‬وأهم حق وق وواجب ات ك ل من الط رفين‬

‫المتعاق دين‪ ،‬وبه ذا نج د أن اإلدارة تلج أ إلى إب رام الص فقات العمومي ة كأس لوب فع ال من‬

‫أساليب تسيير أنشطتها وتنفيذ برامجها المختلفة عن طريق التعاون الحر من جانب األفراد‬

‫بدال من استخدام أسلوب القهــر واإلجبار في التعاون معهم والمتمثل في أسلوب القرارات‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫غ ير أن ه ذا المرس وم ه و اآلخ ر لم يعم ر ط ويال حيث تم نس خه بمقتض ى مرس وم‬

‫انسجاما مع التطور الذي يعرفه المغرب وطبقا لهذا المرسوم فالص فقة العمومية‬ ‫‪192‬‬
‫آخر‬

‫‪ -‬عبد الحميد محمد عبد الحميد راشد الحسوني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 33‬‬ ‫‪191‬‬

‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.12.349‬صادر في ‪ 8‬جمادى األولى ‪ 20 ( 1434‬مارس ‪ ) 2013‬يتعلق بالصفقات العمومية‬ ‫‪192‬‬

‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 6140‬بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪ 2013‬ص ‪. 3023‬‬

‫‪153‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هي‪" :‬عق ود بع وض ت برم بين ص احب مش روع من جه ة وش خص ذاتي أو اعتب اري من‬

‫جهة أخرى يدعى مقاوال أو موردا أو خدماتيا‪ ،‬وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات‬

‫أو القيام بخدمات وفق التعاريف الواردة بعده ‪.‬‬

‫أ – ص فقات أش غال ‪ :‬عق ود ته دف إلى تنفي ذ أش غال مرتبط ة على الخص وص بالبن اء أو‬

‫إع ادة البن اء أو ه دم أو إص الح أو تجدي د أو تهيئ ة وص يانة بناي ة أو منش أة أو بني ة وك ذا‬

‫أشغال إعادة التشجير ‪.‬‬

‫ب – صفقات توريدات ‪ :‬عقود ترمي إلى انتقاء منتوجات أو معدات أو ايجارها مع وجود‬

‫خي ار الش راء‪ ،‬وتتض من ه ذه الص فقات أيض ا بص فة ثانوي ة أش غال الوض ع وال تركيب‬

‫الضروريين إلنجاز العمل ‪.‬‬

‫ج – ص فقات الخ دمات ‪ :‬عق ود يك ون موض وعها إنج از أعم ال خدماتي ة ال يمكن وص فها‬

‫بأشغال أو توريدات ‪.‬‬

‫و يالح ظ من خالل ه ذا المرس وم أن ه ج اء بمجموع ة من اإلص الحات ال تي تهم‬

‫الج انب اإلداري والتق ني للص فقة العمومي ة وال تي تت وخى في مجمله ا تحقي ق ن وع من‬

‫الفعاليـ ـ ـ ـ ـ ــة والشفافية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط العقد اإلداري وتمييزه عن األعمال اإلدارية‬

‫تتم يز عق ود الدول ة عن غيره ا من العق ود في إط ار العالق ات التجاري ة الدولي ة‬

‫بخصوصية األسباب الدافعة إلى إبرامها‪ ،‬وبكثرتها وتنوعها بالنظر إلى المحل الذي تتعلق‬

‫‪154‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ب ه ه ذه العق ود وباآلث ار القانوني ة الناجم ة عنه ا‪ ،193‬وي رى الس نهوري ذاتي ة عق ود الدول ة‬

‫المستمدة من السبب الدافع إلى إبرامها إلى القانون الداخلي‪ ،‬والذي يمكن االستناد إليه في‬

‫تحديد العوامل التي تدفع الدولة والطرف األجنبي إلى إبرام هذه العقود‪.194‬‬

‫و يالح ظ أن الب اعث وراء إب رام ه ذه العق ود ه و التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة‬

‫للدول ة المض يفة‪ ،‬بينم ا تتب اين أس باب الط رف األجن بي المتعاق د‪ ،‬وأي ا ك انت ال دوافع أو‬

‫األسباب وراء إبرام هذه العقود إال أنه يتوجب توافر شروط فيها العتبارها عقود ا إدارية‪،‬‬

‫بحيث ال يكتسب العقد الصفة اإلدارية إال إذا انطوى على ثالثة عناصر تكاملية فيما بينها‬

‫بحيث ل و تخل ف أح دها انحس رت عن العق د الص فة اإلداري ة وأص بح عق دا م دنيا يخض ع‬

‫ألحكام القانون المدني‪ ،‬لذا يرى غالبية الفقهاء أن العقد اإلداري هو الذي يبرمه شخص‬

‫معن وي ع ام بقصـ ـ ـــد إدارة وتس يير مرف ق ع ام‪ ،‬ويتمن ش روطا اس تثنائية غ ير مألوف ة في‬

‫القانون الخاص‪ ،‬وقد أيدت ذلك المحكمة اإلدارية العليا في مصر في أكثر من حكم له ا‪،195‬‬

‫وهك ذا فالعق د ينبغي أن يتض من مجموع ة من الش روط ال تي تض في علي ه الط ابع اإلداري‬

‫وهي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون أحد طرفيه شخصا من أشخاص القانون العام ‪.‬‬

‫‪ -‬أن تأخذ اإلدارة فيه بأساليب القانون العام ويتحقق ذلك بتوافر أحد أمرين هما ‪:‬‬

‫‪193‬‬
‫‪- Giorgio Sacredotti : « Sta contracts and international law , A Reappraisal » I.Y.B.I.L‬‬
‫‪1987 p 26 .‬‬
‫‪ -‬عب د ال رزاق الس نهوري‪ ،‬الوس يط في ش رح الق انون الم دني الجدي د‪ ،‬نظري ة االل تزام المجل د األول دار النهض ة‬ ‫‪194‬‬

‫العربية ‪ 2000‬ص ‪. 413‬‬


‫‪ -‬الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية العليا في مصر في ‪ 24‬مارس ‪ 1968‬السنة ‪ 13‬ص ‪. 557‬‬ ‫‪195‬‬

‫‪155‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أ – احتواء العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في معامالت األفراد مثل حق اإلدارة‬

‫في الرقابة والتوجيه وحق توقيع الجزاءات على المتعاقد‪ ،‬وتعديل العقد بإرادتها المنف ـــردة‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪196‬‬
‫وحق إنهائه بغض النظر عن موقف الطرف الثاني أن يكون متصال بمرفق عام‬

‫و لإللم ام به ذه األفكار وتوض يحها ارتأين ا أن نتن اول هذه الش روط في الفرع األول‬

‫أما الفرع الثاني فسنخصصه للعقد وتمييزه عن األعمال اإلدارية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط العقد‬

‫بالنسبة للعقود اإلدارية بنص القانون التي نص عليها المشرع الفرنسي فلم تثر أي‬

‫مشكلة فيما يتعلق بالقاضي المختص والقانون الواجب التطبيق حيث يختص بنظر النزاع‬

‫بشأنها القاضي اإلداري ويطبق عليها أحكام القانون العام‪ ،‬ولكن المشكلة تثار بسبب العقود‬

‫األخرى التي لم يحددها المشرع الفرنسي والمصري حيث نجد أن مجلس الدولة المصري‬

‫مازال يأخذ بالنظرية التقليدية في تمييز العقد اإلداري التي تقتضي بأن العقد يكون إداريا‬

‫إذا ت وافرت في ه ثالث ة عناص ر كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك وهي ‪ :‬أن تك ون جه ة اإلدارة‬

‫طرفا في العقد‪ ،‬وأن يتصل العقد بمرفق عام وأخيرا أن يحتوي العقد على شروط استثنائية‬

‫أو غ ير مألوف ة في الق انون الخ اص‪ ،‬على العكس من ذل ك نج د أن مجلس الدول ة الفرنس ي‬

‫يش رط ت وافر ش رطين فق ط لتمي يز العق د اإلداري‪ ،‬األول أن تك ون جه ة اإلدارة طرف ا في‬

‫العقد‪ ،‬الثاني أن يتعلق العقد بمرفق عام أو يتضمن شروطا غير مألوفة في القانون الخاص‬

‫‪.‬‬

‫و سنحاول أن نتعرض لهذه الشروط في الفقرات اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 413‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪156‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أن تكون اإلدارة طرفا في العقد‬

‫ال يج وز كمب دأ ع ام وص ف العق د بالص فة اإلداري ة إال ك ان أح د أطراف ه ش خص‬

‫معن وي من أش خاص الق انون الع ام‪ ،‬مؤه ل ومختص قانوني ا إلب رام العق د اإلداري‪ ،‬فه ذا‬

‫الش رط ه و العنص ر األول في العق ود اإلداري ة وض روري وال زم لوص ف العق د بأن ه عق د‬

‫حيث يمث ل الج انب العض وي في المعي ار المم يز للعق د اإلداري ال ذي يس تند في‬ ‫‪197‬‬
‫إداري‬

‫المقام األول على صفة المتعاقدين‪ ،‬فالعقود اإلدارية هي طائفة من عقود اإلدارة‪ ،‬وبالتالي‬

‫يجب بالض رورة أن يك ون أح د ه ذه األط راف شخص ا معنوي ا عام ا‪ ،‬س واء تعل ق األم ر‬

‫بالدول ة أم بأح د األش خاص المعنوي ة اإلقليمي ة أو المرفقي ة كالمؤسس ات العام ة والهيئ ات‬

‫العامة ‪.‬‬

‫و من المعلوم أن الجهة اإلداري ة يمكن أن تتحول من شخص من أشخاص القانون‬

‫الع ام إلى ش خص من أش خاص الق انون الخ اص ومن تم ي ؤدي ذل ك إلى فق دان العق د ألح د‬

‫العناص ر ال تي تس بغ علي ه الص فة اإلداري ة ويتح ول إلى عق د م دني يخض ع لقواع د الق انون‬

‫الم دني ويختص في الفص ل في المنازع ات المتعلق ة ب ه القض اء الع ادي‪ ،‬وإ لى ذل ك ت ذهب‬

‫المحكم ة اإلداري ة في مص ر بتقريره ا " أن العق د إذا أص بح ط رف العق د شخص ا من‬

‫أش خاص الق انون الخ اص ف إن العق د يك ون ق د غ دا مفتق دا ألح د العناص ر األساس ية ال تي‬

‫هذا وال يكفي لقيام العقد اإلداري أن يكون أحد أطرافه‬ ‫‪198‬‬
‫تضفي عليه صفة العقد اإلداري‬

‫شخص معنوي عام بل البد من توافر الشروط الثالثة اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬ش ريف يوس ف خ اطر – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وض وابطه الطبع ة األولى دار النهض ة العربي ة‬ ‫‪197‬‬

‫القاهرة مصر ‪ 2009‬ص ‪. 20‬‬


‫‪ -‬الطعن رقم ‪ 1386‬لنة ‪ 33‬ق عليا جلسة ‪. 1994-1-18‬‬ ‫‪198‬‬

‫‪157‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬أن يظل الشخص المعنوي العام محتفظا بصفته العمومية طيلة مدة تنفيذ العقد فإذا فقدها‬

‫أثناء التنفيذ بتحوله إلى أحد أشخاص القانون الخاص غدا العقد عقدا مدنيا يخضع ألحكام‬

‫القانون المدني كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أن ت برم اإلدارة العق د بوص فها س لطة إداري ة عام ة‪ ،‬ف إذا أبرمت ه بوص فها أح د‬

‫أشخاص القانون الخاص عدا العقد عقدا مدنيا ‪.‬‬

‫و لذلك قضى بأن تعاقد اإلدارة مع مقاول مباني بصفتها ناظرة للوقف أي كشخص‬

‫من أش خاص الق انون الخ اص‪ ،‬وليس ت كس لطة عام ة‪ ،‬ال يس بغ على العق د الص فة‬

‫اإلدارية‪.199‬‬

‫و قد تأك د ه ذا المبدأ في قض اء المحكمة الدس تورية العلي ا‪ ،‬حيث ذهبت في قض ائها‬

‫الحديث إلى أنه ‪ " :‬يتعين العتبار العقد عقدا إداريا أن يكون أحد أطرافه شخصا عامـ ـ ـــا‪،‬‬

‫ويتعاقد بوصفه سلطة عامة ‪.200...‬‬

‫‪ -‬يجب أن تبرم السلطة التنفيذية العقد بوصفها سلطة إدارة وليست س لطة حكم‪ ،‬فالسلطة‬

‫التنفيذي ة تعت بر س لطة حكم حينم ا تباش ر أعم ال تتعل ق بش ؤون الحكم وهي تل ك المتص لة‬

‫بإدارة شؤون الدولة من الناحية السياسية‪ ،‬وتعتبر سلطة إدارة حينما تباشر أعماال تتعلق‬

‫بتس يير المراف ق العام ة‪ ،‬ومن تم ف إن العق د يك ون إداري ا إذا أبرمت ه الس لطة التنفيذي ة فيم ا‬

‫‪.‬‬ ‫‪201‬‬
‫يتعلق بإدارة مرفق عام حيث تتصرف السلطة التنفيذية هنا بوصفها جهة إدارة‬

‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا جلسة ‪ 1987-12-31‬مجموعة أحكام السنة الثانية والعشرين ص ‪. 852‬‬ ‫‪199‬‬

‫‪ -‬المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬قضية رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 12‬ق جلسة ‪ 1991-1-5‬المجموعة جزء ‪ 4‬ص ‪. 536‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 57‬‬ ‫‪201‬‬

‫‪158‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اتصال العقد بنشاط مرفق عام‬

‫ليست كل م ا تبرم ه اإلدارة من عقود يكتسب الص فة اإلدارية‪ ،‬ف اإلدارة إلى ج انب‬

‫إبرامها لتلك العقود تبرم أيضا عقودا مدنية‪ ،‬إذا رأت أن مصلحتها تقتضي ذلك ‪.‬‬

‫فال يج وز إذن إس باغ الص فة اإلداري ة على التعاق د إج راء أن اإلدارة أح د طرفيـ ـ ـــه‪،‬‬

‫وإ نما البد إلسباغ هذا الوصف على التعاقد أن يتصل بنشاط مرفق عام‪ ،‬وهو كل مشروع‬

‫تنش ئه الدول ة أو تش رف على إدارت ه‪ ،‬ويعم ل بانتظ ام واس تمرار وتس تعين في إنشائـ ـ ـ ـ ـــه‬

‫وتسييره بسلطات اإلدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة‪ ،‬بشرط أال يهدف هذا المشروع‬

‫إلى تحقيق ربح من وراء تزويده للمتعاملين معه بالحاجات العامة‪ ،‬بل يقصد المساهمة في‬

‫حماية النظام العام‪ ،‬وخدمة المصالح العامة في الدولة ‪.‬‬

‫و يفهم من ه ذا أن ه في حال ة انقط اع ص لة العق د ب الرفق الع ام ينتفي عن ه الوص ف‬

‫الق انوني بأن ه عق د إداري‪ ،‬وأص بح عق دا من عق ود الق انون الم دني ومن ذل ك على س بيل‬

‫المثال ما تقوم به األشخاص المعنوية العامة من بيع واستغالل في أموالها الخاصة‪ ،‬حيث‬

‫قض ت محكم ة القض اء اإلداري في مص ر ب أن عق ود بي ع الدول ة لثم ار بعض الح دائق‬

‫وفي‬ ‫‪202‬‬
‫المملوكة لها تعتبر عقودا مدنية ألنه ال عالقة لتلك العقود بتسيير مرفق عام ‪...‬‬

‫المغ رب أوض حت الغرف ة اإلداري ة فيم ا تعل ق بمي دان ك راء العق ارات فق د تك ري اإلدارة‬

‫سكنى ألحد موظفيها‪ ،‬فهي هنا تتصرف في وضعية الشخص العادي‪ ،‬بحيث ينزل المجلس‬

‫البلدي منزلة الخواص‪ ،‬ويتبع ذلك أن العقود المبرمة في هذا النطاق تعتبر عقودا للقانون‬

‫الخاص‪.203‬‬

‫‪ -‬قضية رقم ‪ 1235‬لسنة ‪ 13‬ق بتاريخ ‪. 1960-3-22‬‬ ‫‪202‬‬

‫‪ -‬قرار الغرفة اإلدارية عدد ‪ 555‬الصادر بتاريخ ‪. 1968-5-13‬‬ ‫‪203‬‬

‫‪159‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يع د المرف ق الع ام األس اس ال ذي ب ني علي ه العدي د من نظري ات الق انون اإلداري‬

‫وفي مقدمتها نظرية العقد اإلداري‪ ،‬األمر الذي يجعله متصدرا بين مختلف أشكال النشاط‬

‫ويرجع الفضل في نشأة نظرية المرفق العام إلى مجلس الدولة الفرنس ي وك ذلك‬ ‫‪204‬‬
‫اإلداري‬

‫محكمة التنازع الفرنسية‪ ،‬فقد كان مصطلح المرفق العام يستعمل بكثرة من قبل االجتهاد‬

‫القض ائي الفرنس ي في النص ف األول من الق رن التاس ع عش ر حيث يعت بر حكم بالنك و‬

‫‪ BLANCO‬الصادر عن محكمة التنازع في ‪ 8‬فبراير ‪ 1973‬الحكم األساسي الذي اعتمد‬

‫‪.‬‬ ‫‪205‬‬
‫معيار المرفق العام كمعيار جديد لتحديد اختصاص القضاء اإلداري‬

‫و تتعدد صور اتصال العقد اإلداري بالمرفق العام فقد يتعلق العقد بتسييره أو تنظيم‬

‫أو إدارته أو استغالله أو المعاونة فيه‪ ،‬وفي هذا الصدد تقول المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬أن‬

‫المعيار المميز لهذه العقود اإلدارية ‪ ...‬في موضوع العقد نفسه متى اتصل بمرفق عام من‬

‫حيث تنظيم ه وتس ييره بغي ة خدم ة أغراض ه وتحقي ق احتياجات ه مراع اة لوج ه المص لحة‬

‫العامة‪.206‬‬

‫كما اعتبر القضاء الفرنسي أن العقد المبرم بين المرافق العامة اإلدارية والمنتفعين‬

‫بخدماتها عقدا إداريا‪ ،‬حيث اعتبر المجلس أن العقد المبرم بين الدولة وبعض المالك بقصد‬

‫إع ادة تش جير األراض ي المملوك ة لهم عق دا إداري ا على أن ذل ك ي دخل ض من التنفي ذ ذات ه‬

‫لمرفق إعادة التشجير‪ ،‬والذي يعتبر مرفقا إداريا والمالك يعتبرون منتفعين من خدماته‪.207‬‬

‫‪ -‬عبد القادر باينة – أشكال النشاط اإلداري مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ 2006‬ص ‪. 7‬‬ ‫‪204‬‬

‫‪ -‬ابراهيم كومغار – المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث الطبعة األولى مطبعة النجاح الدار البيضاء ‪2009‬‬ ‫‪205‬‬

‫ص ‪. 16‬‬
‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا ‪ 24‬فبراير ‪. 1968‬‬ ‫‪206‬‬

‫‪ -‬شريف يوسف خاطر – مرجع سابق ص ‪. 37‬‬ ‫‪207‬‬

‫‪160‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اتباع وسائل القانون العام‬

‫يع د اختي ار المتعاق دين لوس ائل الق انون الع ام المعي ار الث الث المم يز للعق د اإلداري‬

‫ومما الشك فيه أن للمتعاقدين حرية اختيار أساليب التعاقد‪ ،‬فإما أن يتبعوا أسلوب القانون‬

‫الخاص‪ ،‬فيكون العقد عقدا مدنيا أو يتبعوا أسلوب القانون العام‪ ،‬فيكون العقد عقدا إداريا‪،‬‬

‫هذا ولما كان المقرر قانونا أن العقد اإلداري هو العقد الذي تبرمه جهة اإلدارة مستخدمة‬

‫أساليب القانون المدني التي إما أن تمثل قيام المتعاقد مع اإلدارة بتنفيذ مرفق عمومي كما‬

‫ه و الح ال في عق د امتي از المراف ق العمومي ة‪ ،‬وإ م ا أن تب دو في انط واء العق د على ش روط‬

‫استثنائية غير مألوفة في العقود التي ينظمها القانون الخاص‪ ،‬كأن تشترط اإلدارة لنفسها‬

‫‪ .‬وعليه أن شرط اتباع اإلدارة‬ ‫‪208‬‬


‫في العقد حق إعطاء األوامر للمتعاقد معها أثناء تنفيذه‬

‫وس ائل الق انون الع ام لص يرورته عق دا إداري ا يعت بر حق ا الش رط األساس ي إلض فاء الص فة‬

‫اإلداري ة على عقـــد م ا‪ ،‬ويع د المعي ار الق اطع في تحدي د العق ود اإلداري ة‪ ،‬فه ذه الش روط‬

‫االستثنائية غير المألوفة تكشف عن قصد اإلدارة في االلتجاء إلى أسلوب القانون العام في‬

‫تصرفاتها‪ ،‬وهي تختلف عن الشروط المعتادة التي يألفها الناس في عقود القانون الخاص‪،‬‬

‫ه ذا الش رط يعت بر في المغ رب مم يزا للعق ود اإلداري ة وأساسيا له ا اس تقر القض اء اإلداري‬

‫علي ه‪ ،‬وتطبيق ا على ذل ك ق رر المجلس األعلى على م ا يلي " وحيث أن ه إذا ك ان ش رط‬

‫المؤسس ة العمومي ة قائم ا بالنس بة للط رفين‪ ،‬وإ دارة المرف ق الع ام وت وفر عناص ر المنفع ة‬

‫العام ة ماثل ة‪ ،‬ف إن األم ر يتعل ق على ش رط أساس ي آخ ر ال يمكن اعقال ه وه و أن تك ون‬

‫ش روط غ ير مألوف ة تخ ول أح د الط رفين اللج وء إلى ج زاء معين في ح ال إخالل الط رف‬

‫‪ -‬حكم المحكمة التجارية بسلطنة عمان في دعوى االستئناف الجزئي رقم ‪ 165‬لسنة ‪ 1999‬جلسة األحد ‪-4-16‬‬ ‫‪208‬‬

‫‪. 2000‬‬

‫‪161‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪.‬‬ ‫‪209‬‬
‫اآلخر بالتزاماته التعاقدية‬

‫و لق د ذهب القض اء اإلم اراتي في ه ذا االتج اه واعت بر أن العق د اإلداري ه و عق د‬

‫تبرمه اإلدارة مع طرف آخر مستخدمة أساليب القانون العام بقصد تنظيم أو تسيير مرفق‬

‫عـ ـ ــام‪ ،‬وهذا ما أكدته المحكمة االتحادية العليا اإلماراتية في حكمها الصادر في الطعن رقم‬

‫‪ 3993‬لسنة ‪ 19‬القضائية بتاريخ ‪ 9‬أبريل عام ‪.210 2000‬‬

‫إض افة إلى ه ذا‪ ،‬يمكن تحدي د العق د اإلداري بم وجب الق انون ويس مى بالتحدي د‬

‫القانوني‪ ،‬وهو أن ينص القانون صراحة على إضفاء الصفة اإلدارية على العقد مثل عقد‬

‫امتياز المرافق العامة‪ ،‬وعقد القرض العام‪ ،‬وعقد األشغال العامة ‪.‬‬

‫و في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة لم ينص المش رع على عق ود معين ة أض فى‬

‫عليها الصفة اإلدارية بحيث تعتبر عقودا إدارية استنادا للنص القانوني كما أن المشرع لم‬

‫ينص على اختصاص محكمة بعينها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية بشكل‬

‫عام أو بعقود إدارية محددة على سبيل الحصر‪ ،‬مما يترتب عليه ترك األمر للقضاء لتقدير‬

‫متى يعتبر العقد إداريا أو مدنيا وفقا لخصائصه الذاتية وطبقا للمعايير التي يضعها القضاء‬

‫من خالل الغرفة اإلدارية بالمحكمة لتحديد العقد اإلداري ‪.‬‬

‫و يستفاد مما سبق أن اإلدارة ال تجبر على استمرار عالقاتها التعاقدية مع المتعاقد‬

‫معه ا‪ ،‬إذا رأت من االعتب ارات م ا يمنعه ا من التعام ل م ع المتعاق د معه ا ألس باب تبرره ا‬

‫‪ -‬قرار عدد ‪ 1428‬الصادر في ‪ 9‬أكتوبر ‪ 1997‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 54-53‬ص ‪. 307‬‬ ‫‪209‬‬

‫‪ -‬حيث حكمت أن العق د اإلداري ه و ال ذي يبرم ه ش خص من أش خاص الق انون الع ام بقص د إدارة مرف ق ع ام أو‬ ‫‪210‬‬

‫تسييره‪ ،‬وتظهر فيه اإلدارة إرادتها في األخذ بأحكام القانون العام‪ ،‬راجع الطعنين رقم ‪ 714‬لسنة ‪ 22‬قضائية و‪ 31‬لسنة‬
‫‪ 23‬قضائية مجلة الثالثاء ‪ 27‬يناير ‪. 2004‬‬

‫‪162‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اعتب ارات المص لحة العام ة‪ ،‬ودون احتج اج الط رف المتعاق د معه ا ب أن العق د ش ريعة‬

‫المتعاق دين‪ ،‬وأن ه ذا المب دأ األخ ير ال يمكن االحتج اج ب ه في مج ال العق ود اإلداري ة لغلب ة‬

‫المصلحة العامة على المصلحة الفردية ‪.‬‬

‫و لم ا ك ان ه ذا الش رط مم يزا للعق د اإلداري وكاش فا عن ني ة اإلدارة في ه في األخ ذ‬

‫بأسلوب القانون العام‪ ،‬فتعمل على تضمينه شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص‬

‫تتمثل من وجهة نظر القضاء في وجود امتيازات السلطة العمومية ال يمكن أن يتمتع بها‬

‫المتعاق د اآلخ ر‪ ،‬ك أن ي رد في العق د ح ق اإلدارة في تعديل ه أو إنهائ ه أو فس خه انفرادي ا‪ ،‬أو‬

‫التزام الجماعة عن جزء من األراضي أو تسديد صوائر النقل لشرك معينة أو باعتبار هذه‬

‫الش روط غ ير المألوف ة في الق انون الخ اص ت برر خدم ة المص لحة العام ة‪ ،‬ومنه ا احتف اظ‬

‫اإلدارة بح ق المراقب ة والتوجي ه أو بس لطة تنفي ذ العق د ال تي ال يس مح به ا المتعاق د وتحدي د‬

‫طريقة التنفيذ‪ ،‬وهذا يعني أن الطرفين المتعاقدين رضيا أن يكونا خاضعين لنظام السلطة‬

‫العمومي ة‪ ،‬ومن هن ا ج اءت حري ة اختي ار ط رفي العق د بين إدراج ش رط غ ير الم ألوف في‬

‫القانون الخاص أو عدم إدراجه‪ ،‬مع التنبيه أن شرط غير المألوف في القانون الخاص ال‬

‫يش ترط في ه أن يتض من العق د ع دة ش روط اس تثنائية‪ ،‬وإ نم ا يكتفي أن يحت وي على ش رط‬

‫‪.‬‬ ‫‪211‬‬
‫واحد حتى يعتبر العقد إداريا تظهر فيه اإلدارة في األخذ بأسلوب القانون الخاص‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العقد اإلداري وتمييزه عن األعمال اإلدارية‬

‫يف رق الفق ه بين العق د اإلداري ال ذي ينش أ بتواف ق إرادتين‪ ،‬إرادة اإلدارة وإ رادة‬

‫المتعاق د على تقري ر التزام ات متبادل ة ش أنه في ذل ك ش أن العق د الم دني‪ ،‬وبين األعم ال‬

‫‪ -‬شريف يوسف خاطر – مرجع سابق ص ‪.38‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪163‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلدارية األخرى التي تقوم بها اإلدارة بإرادة منفردة مثل إصدار القرارات بإرادة منفـ ـــردة‬

‫واألعمال المادية ‪.‬‬

‫و كذلك بفرق الفقه بين العقد اإلداري والعقد المدني‪ ،‬وعلى الرغم أن أركان العقد‬

‫اإلداري هي نفس أركان العقد المدني‪ ،‬حيث تقوم على التراضي بين طرفين وعلى توافر‬

‫السبب والمحل إال أن العقد اإلداري يختلف اختالفا جوهريا وخاصة فيما يتعلق بالمبادئ‬

‫العامة والقواعد التي تحكم كال من المتعاقدين‪.212‬‬

‫ف اإلدارة العام ة تك ون دائم ا طرف ا في ك ل عق د إداري‪ ،‬وهي في إبرامه ا للعق د‬

‫اإلداري تعم ل بوص فها س لطة عام ة تتمت ع بحق وق وامتي ازات ال يتمت ع األف راد بمثله ا‪ ،‬في‬

‫حين يتمت ع األف راد في ظ ل الق انون الخ اص بحري ة واس عة في مج ال التعاق د ويه دفون إلى‬

‫تحقيق مصالحهم الشخصية ال يحد من حريتهم إال قيد واحد هو عدم جواز مخالفة قواعد‬

‫‪.‬‬ ‫‪213‬‬
‫النظام العام واآلداب‬

‫و يه دف العق د اإلداري إلى تحقي ق النف ع الع ام‪ ،‬على عكس التعاق د في ظ ل الق انون‬

‫المدني‪ ،‬لذا فإن القانون اإلداري ال يساوي بين السلطة اإلدارية والمتعاقد معها في الحقوق‬

‫والواجب ات‪ ،‬وإ نم ا يمنح الس لطة اإلداري ة حقوق ا وامتي ازات ال يتمت ع بمثله ا المتعاق د معه ا‪،‬‬

‫على أس اس أنه ا في تعاق دها م ع األف راد إنم ا تعم ل للنف ع الع ام‪214‬و أن المص لحة العام ة‬

‫مفضلة على المصالح الخاصة‪ ،‬وفي المقابل فإن المتعاقد في العقود اإلدارية يمنح حقوقا ال‬

‫‪ -‬ماجد محمد فهاد تربان – إشكالية التحكيم في العقود اإلدارية – دراسة مقارنة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪212‬‬

‫العام – جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية ‪. 2012- 2011‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل حنفي – العقود اإلدارية ماهية العقد اإلداري وأحكام إبرامه – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1999‬ص‬ ‫‪213‬‬

‫‪.32‬‬
‫‪ -‬تروث بدوي – النظرية العامة للعقود اإلدارية – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1993‬ص ‪. 135‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪164‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مقابل لها في القانون المدني‪ ،‬ألنه يعاون اإلدارة في تنفيذ المرفق العام أو المشروع العام‪،‬‬

‫حيث يفترض في المتعاقد أن يكون معاون دائم لإلدارة ‪.‬‬

‫لذا فإن العقود التي تبرمها اإلدارة ليست قاصرة على العقود اإلدارية وإ نم ا تس تطيع‬

‫اإلدارة أن تبرم مع األفراد عقودا تخضع ألحكام القانون الخاص‪ ،‬وتكون فيه طرفا عاديا‬

‫ال يتمتع بسلطة أو امتياز ‪.‬‬

‫و من هنا يثور التساؤل فيما إذا كان الطرف المتعاقد مع الشخص األجنبي ليس ه و‬

‫الدول ة ذاته ا‪ ،‬وإ نم ا جه از ت ابع يعم ل لحس ابها وفي ه ذا الش أن ف رق الفق ه بين اتج اهين ‪:‬‬

‫االتج اه الض يق لعق ود الدول ة واالتج اه الواس ع‪ ،‬ك ل ه ذا س يتطلب من ا أن نوض ح ه ذه‬

‫االتجاه ات في فق رتين األولى تش مل االتج اه الض يق لتمي يز العق د اإلداري‪ ،‬أم ا الثاني ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪215‬‬
‫فسنخصصها لالتجاه الواسع‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االتجاه الضيق لتمييز العقود اإلدارية‬

‫يعتبر فقهاء هذا االتجاه أن العقد اإلداري هو الذي تقوم الدولة بنفسها بإبرامه من‬

‫خالل من يمثلها مع طرف أجنبي وهو الذي يتمتع بصفات العقد اإلداري‪ ،‬أما العقد الذي‬

‫تبرمه أي من أجهزة الدولة التابعة لها مع طرف أجنبي فإنه يعد عقدا من عقود التجارة‬

‫الدولية التقليدية وال يدخل في نطاق عقود الدولة ‪.‬‬

‫لكن السؤال الذي يطرح ما هي مسؤولية الدولة التي يتبعها الجهاز المتعاقد ؟‬

‫يذهب جانب من الفقه إلى أنه إذا تمكن المتعاقد مع الجهاز التابع للدولة من إثبات‬

‫أن الدولة لها نصيب من المسؤولية بصدد إبرام العقد أو بشأن قبول الجهاز المتعاقد ألحد‬

‫‪ -‬تروث بدوي – النظرية العامة للعقود اإلدارية مرجع سابق ص ‪. 135‬‬ ‫‪215‬‬

‫‪165‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ش روطه وال تي يجه ل عن حس ن ني ة أنه ا تع د باطل ة نظ را لع دم تحق ق األهلي ة التعاقدي ة‬

‫للجه از المتعاق د مع ه‪ ،‬فإن ه ال يمكن للجه از التمس ك ب البطالن إذ أن ه ليس ل ه مص لحة‬

‫شخصية مشروعة‪ ،‬وإ نما يسعى لمجرد التنصل من التعهدات التي تعهد بها بإرادته الحرة‪،‬‬

‫كذلك ال تستطيع الدولة التي يتبعها الجهاز التمسك بوجود مص لحة في بطالن العقد لعدم‬

‫المش روعية‪ ،‬وه و م ا يع ني في النهاي ة اس تبعاد أعم ال الق انون الوط ني للدول ة ال تي يتبعه ا‬

‫الجهاز ‪.‬‬

‫بيد أن مسلك الدولة فيما يتعلق بالعقود التي تبرمها األجهزة التابعة لها قد يتغير من‬

‫دولة ألخرى‪ ،‬بل ومن عقد آلخر في الدولة الواحدة‪ ،‬فإذا تدخلت الدولة تدخال مباشرا في‬

‫جمي ع المراح ل من التف اوض وح تى التوقي ع النه ائي‪ ،‬ف إن ذل ك يجع ل من الص عب عليه ا‬

‫التمس ك ببطالن العق د‪ ،‬وبالت الي يعت بر العق د ص حيحا أي ك انت األس باب ال تي يتعل ل به ا‬

‫الجه از الت ابع للدول ة س واء ك ان مرتبط ا بأهليت ه التعاقدي ة أو بقب ول إدراج ش رط محظ ور‬

‫على اإلتيان به‪.216‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االتجاه الواسع لتمييز العقود اإلدارية‬

‫يعتبر مؤيدو هذا االتجاه أن عقود الدولة تشمل العقود التي تبرمها الدولة بنفسها‪،‬‬

‫العقود التي تبرمها األجهزة التابعة للدولة‪ ،‬وذهب جانب من الفقه المؤيد لهذا االتجاه إلى‬

‫اإلش ارة إلى نص الم ادة ‪ 25‬من اتفاقي ة واش نطن المنش ئة للمرك ز ال دولي لح ل المنازع ات‬

‫الناش ئة عن االس تثمار‪ ،‬وال تي تقتض ي ب أن " يختص المرك ز بنظ ر المنازع ات القانوني ة‬

‫الناش ئة بين الدول ة المتعاق دة أو هيئ ة عام ة أو جه از ت ابع للدول ة تق وم الدول ة بتحدي ده أم ام‬

‫‪ -‬حفيظة الحداد – مرجع سابق ص ‪. 88‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ -‬راجع كذلك ‪ :‬ماجد محمد فهاد تربان – مرجع سابق ص ‪. 61‬‬

‫‪166‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المركز ‪ " ...‬وبذلك يكون المركز مختصا بنظر المنازعات التي تبرمه ا الدولة نفسهـ ـ ـــا‪،‬‬

‫ويمت د اختصاص ه أيض ا ليش مل نظ ر المنازع ات ال تي تبرمه ا الهيئ ات العام ة واألجه زة‬

‫التابعة للدولة التي تقوم الدولة بتحديدها أمام المركز ‪.‬‬

‫وق د أك د ه ذا المع نى العدي د من الكت اب ومنهم على س بيل المث ال األس تاذ‬

‫‪ Vorhoeven‬ال ذي رأى أن ه ال يمكن إغف ال الس يطرة الكامل ة للدول ة على األجه زة التابعة‬

‫لها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أي أن العقود التي تبرمها هذه األجهزة التابعة هي‬

‫عقود دولة لكون أن األجهزة التي أبرمتها قد أنشئت خصيصا لتحل محل الدولة في إطار‬

‫‪.‬‬ ‫‪217‬‬
‫التعاقدات االقتصاديـ ــة والتجارية الدولية‬

‫و ي رى ج انب من الفق ه " أن اتس اع مص طلح عق ود الدول ة عن المع نى الض يق أي‬

‫العقود التي تبرمها بنفسها‪ ،‬ليشمل العقود التي تبرمها األجهزة واألشخاص التابعة للدولـ ـــة‬

‫والتي تعمل على تحقيق األهداف االقتصادية للدولة‪ ،‬وتم تعليل ذلك بعدة اعتبارات منها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬عدم ظهور الدولة بطريق مباشر في هذه النوعية من العقود ال يعني أنها ال تعد من‬

‫قبل عقود الدولة‪ ،‬طالما تحققت فيها الشروط التي تحقق عقود الدولة بالمعنى الضيق ‪.‬‬

‫‪ – 2‬انحص ار مص طلح عق ود الدول ة ب المعنى الض يق عن ال تي تبرمه ا األجه زة التابع ة‬

‫للدولة قد يكون له أسباب عملية وقانونية‪ ،‬تهدف إلى تجنب ما يثيره هذا النوع من العقود‬

‫من مشاكل خاصة أبرزها ‪ :‬تحديد المعيار أو المعايير التي يتعين اللجوء إليها لمعرفة ما‬

‫إذا كان الجهاز المتعاقد مع الشخص األجنبي يعد جهازا تابعا للدولة ويعمل لحسابها على‬

‫نحو يسمح بإدراج العقد الذي يبرمه ضمن عقود الدولة بالمعنى الضيق‪ ،‬وهل تمتلك هذه‬

‫‪217‬‬
‫‪- Verhoeven : « Contrats entre etats et ressortissants d’autres Etas in le contrat‬‬
‫‪économique international Bruylant pedonc 1975 p 119 .‬‬

‫‪167‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األجهزة األهلية للتعاقد باسم الدولة ولحسابها ؟ وما هو القانون الذي يحكم هذه األهلية ؟ ‪.‬‬

‫‪ – 3‬تثير هذه العقود المبرمة من قبل األجهزة التابعة للدولة مشكلة مدى إمكانية تنصلها‬

‫من تنفي ذ التزاماته ا في مواجه ة الط رف األجن بي اس تنادا إلى قي ام الدول ة بإص دار ق رارات‬

‫تجعل من الصعب وفائها بالتزاماتها المتعاقد عليها ‪ .‬أو بمعنى آخر مدى اعتبار القرارات‬

‫التي تصدرها الدولة التي يتبعها الجهاز المتعاقد بمثابة القوة القاهرة التي تؤدي إلى تحلل‬

‫الشخص االعتباري من التزامه في مواجهة الطرف األجنبي ‪.‬‬

‫و تج در اإلش ارة أن ه م ع ازدي اد مس اهمة األش خاص الخاص ة في تس يير المراف ق‬

‫العمومية‪ ،‬قد نتساءل هل ينبغي اعتبار العقد عقدا إداريا انطالقا من اللحظة التي يكلف بها‬

‫أشخاص القانون الخاص بتأمين سير مرفق عمومي واستعمال مسطرة السلطة العمومية ؟‬

‫أك دت محكم ة النزاع ات الفرنس ية على أن العق د الم برم بين ش ركة‬ ‫‪218‬‬
‫ففي قض ية ب يروت‬

‫ذات االقتصاد المختلط مكلفة بتشييد طريق السيار‪ ،‬ومقاول البناء يعتبر عقدا إداريا بسبب‬

‫كون تكاليف التشييد تتحملها الدولة وحينها يعهد بذلك إلى شركة حرة‪ ،‬فالنظام ال يتغ ـــير‪،‬‬

‫وقد ساء الظن أن االجتهاد القضائي بفضل هذا القرار سيخلى نهائيا على معيار الشخص‬

‫‪.‬‬ ‫‪219‬‬
‫العمومي لوصف العقد إداريا‬

‫و هكذا يعتبر القضاء العقد عقدا إداريا بمشاركة شخص عمومي في العقد وينطبق‬

‫ه ذا االجته اد على العق ود المبرم ة بين ش ركات ذات االقتص اد المختل ط معه د له ا ب إدارة‬

‫مرف ق عم ومي أو حينم ا يتص رف الش خص الخ اص كوكي ل لش خص عم ومي أي يق وم‬

‫‪ -‬حكم محكمة النزاعات الفرنسية في قضية ‪ PEYROTE‬بتاريخ ‪ 8‬يوليو ‪. 1963‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة النزاعات الفرنسية في قضية ‪ Société interprofessionnelle du lait‬بتاريخ ‪ 3‬مارس ‪1969‬‬ ‫‪219‬‬

‫في هذه القضية وعلى الرغم من كون العقد المبرم بين شركة الحليب والمنتجين يتضمن شروطا غير مألوفة في القانون‬
‫الخاص فإن االجتهاد القضائي اعتبر العقد عقدا خاصا ‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بالعمل وتحت مسؤوليته‪ ،220‬أما إذا كان الطرفان من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬فإن العقد‬

‫هو بطبيعته عقد خاص‪ ،‬كالعقد المبرم بين صاحب امتياز مرفق عمومي وملتزم بأشغال‬

‫عمومية أو بين الملتزم األصلي وبين موردي المواد ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أنواع العقود اإلدارية ومختلف قواعد إبرامها‬

‫العق د اإلداري ه و أحد وس ائل اإلدارة في ممارسة نش اطها‪ ،‬ويمت از بطبيع ة قانونية‬

‫خاص ة وبأحك ام تختل ف عن طبيع ة األعم ال اإلداري ة األخ رى كم ا يمت از أيض ا بأحك ام‬

‫تختلف عن طبيعة العقد المدني الذي يخضع للقانون الخاص ‪.‬‬

‫و كم ا س بقت اإلش ارة إلى ذل ك‪ ،‬فالعق د اإلداري يختل ف عن األعم ال اإلداري ة‬

‫األخ رى مث ل ‪ " :‬إص دار الق رارات ب إرادة منف ردة‪ ،‬أعم ال مادي ة تنفي ذ مباش ر "‪ ،‬ذل ك أن‬

‫اإلدارة ال تنفرد في إنشاء العقد أو تنفيذه إذ أنه ينشأ بتوافق إرادتين‪ ،‬إرادة اإلدارة وإ رادة‬

‫المتعاقد معها على تقرير التزامات متبادلة شأنه في ذلك شأن العقد المدني ‪.‬‬

‫و أركان العقد اإلداري هي نفس أركان العقد المدني‪ ،‬فأركانه تقوم على التراضي‬

‫بين الط رفين وعلى ت وافر الس بب والمح ل‪ ،‬إال أن العق د اإلداري يختل ف اختالف ا جوهـ ـــريا‬

‫وخاصة فيما يتعلق بالمبادئ العامة والقواعد التي تحكم كال من العقدين ‪.‬‬

‫ف اإلدارة العام ة تك ون دائم ا طرف ا في ك ل عق د إداري‪ ،‬وهي في إبرامه ا للعق د‬

‫اإلداري تعمل بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات ال يتمتع األفراد بمثلها ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في ‪ 2‬يونيو ‪. 1961‬‬ ‫‪220‬‬

‫‪169‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إن العق ود اإلداري ة هي تل ك ال تي تش كل تعب يرا عن وض عية الدول ة في ممارس تها‬

‫لوظائفها سواء منها التقليدية أو الحديثة ومن تم فإن أهمها يظل خاضعا لتقدير السلطات‬

‫العمومية ‪.‬‬

‫و العق ود اإلداري ة وف ق نظامه ا تنقس م إلى ن وعين ‪ :‬عق ود إداري ة بنص الق انون‬

‫وعقود إدارية بطبيعتها كما أن إبرامها يتطلب قواعد خاصة ‪.‬‬

‫و للوقوف على فهم أنواع العقود ومختلف القواعد التي تحكمها ارتأينا أن نقسم هذا‬

‫المبحث إلى مطلبين نتناول في األول أنواع العقود اإلدارية أما الثاني فسنخصصه لمختلف‬

‫‪.‬‬ ‫‪221‬‬
‫القواعد التي تحكم هذه العقود‬

‫المطلب األول ‪ :‬أنواع العقود اإلدارية‬

‫تعت بر العق ود اإلداري ة وطني ة أو ذات ط ابع دولي وس يلة قانوني ة في أداء المراف ق‬

‫العامة ومن تم تخضع لنظام قانوني مختلف عن ذلك الذي يخضع له عقود األفراد‪.‬‬

‫و يظهر هذا النظام القانوني المتميز للعقود اإلدارية من خالل ما يفرضه المشرع‬

‫على اإلدارة من تقيي د لحريته ا فيم ا يتعل ق باختي ار المتعاق د معه ا‪ ،‬أو من إج راءات إب رام‬

‫العق د‪ ،‬كم ا يظه ر ه ذا النظ ام من خالل م ا يتمت ع ب ه المتعاق د م ع اإلدارة من حق وق غ ير‬

‫مألوف ة في عالق ات الق انون الخ اص وال ذي يبرره ا أن ه ذا المتعاق د م ا ه و إال مس اهم‬

‫ومع اون لإلدارة في تس يير وتنظيم المرف ق الع ام مح ل التعاق د ومن خالل م ا تتمت ع ب ه‬

‫اإلدارة من حقوق أوسع مدى من حقوق المتعاقد معها تكون لها بمثابة امتيازات‪.‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،2004 ،‬ص ‪.359‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪170‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و تعدد صور العقود اإلدارية كذلك بتعدد موضوعاتها حيث كانت العقود اإلدارية‬

‫تنحص ر في بعض العق ود‪ ،‬إال أنن ا الي وم نالح ظ عق ودا إداري ة بنص الق انون واألخ رى‬

‫بطبيعتها القانونية‪ ،‬وهذا ما نبينه من خالل فرعين نتناول في األول العقود اإلدارية بنص‬

‫‪.‬‬ ‫‪222‬‬
‫القانون أما الثاني فسنعالج فيه العقود اإلدارية بطبيعتها الذاتية‬

‫الفرع األول ‪ :‬العقود اإلدارية بنص القانون‬

‫و هي تل ك ال تي ينص الق انون ص راحة على أنه ا عق ود إداري ة حيث أف رز له ا‬

‫المش رع نظام ا قانوني ا خاص ا به ا‪ ،‬وهي م ا يطل ق عليه ا ع ادة الص فقات العمومي ة‪ ،‬ال تي‬

‫تشكل بدون شك الوسيلة التي تستعملها اإلدارة لتسيير مرافقها العمومية وتلبية احتياجاتها‬

‫وذل ك عن طري ق االتف اق ال ودي بينه ا وبين األش خاص المعنوي ة واألف راد‪ ،‬ه ذه الص فقات‬

‫تندرج في إطار مسميات شائعة حيث يحدد المشرع لكل نوع منها اسمه المعروف ونظام ه‬

‫القانوني الذي يحكمه‪ ،‬بعبارة أخرى أن هناك أنواع كثيرة من الصفقات العمومية سنعمل‬

‫على توضيح البعض منها في الفقرات الموالية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقد األشغال العامة‬

‫يع د عق د األش غال العام ة من أق دم العق ود اإلداري ة ال تي أرس ى القض اء اإلداري‬

‫مبادئـــها وأحكامه ا‪ ،‬وق د نص ت أغلب الق وانين على اعتب ار ه ذا العق د إداري ا‪ ،‬ولق د ك ان‬

‫للقضاء الفرنسي دور كبير في وضع الكثير من المبادئ واألحكام المتعلقة بهذا العقد‪.‬‬

‫و عقود األشغال العامة تبرم بواسطة أشخاص القانون العام ولحسابها بهدف القيام‬

‫بعمل من أعمال البناء أو الترميم أو صيانة العقارات ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.359‬‬ ‫‪222‬‬

‫‪171‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يعرف عقد األشغال العامة بأنه عقد يتعهد فيه المقاول بأن يصنع شيئا أو يؤدي‬

‫عمال لقاء أجر يتعهد به الطرف اآلخر وهو صاحب العمل‪ ،‬وعقد األشغال العامة هو عقد‬

‫المقاولة المعروف في القانون المدني عندما يتصل موضوعه بمرفق عام‪.223‬‬

‫كما يمكن اعتباره اتفاق بين اإلدارة وأحد األفراد أو الشركات بقصد القيام ببناء أو‬

‫ت رميم أو ص يانة عق ارات لحس اب ش خص معن وي ع ام‪ ،‬وبقص د تحقي ق منفع ة عام ة‪ ،‬في‬

‫نظ ير المقاب ل المتف ق علي ه ووفق ا للش روط ال واردة بالعق د ‪ ،224‬كم ا يقص د بعق د األش غال‬

‫العامة‪ ،‬قيام المتعهد ببناء عقارات لحساب شخص معنوي عام أو ترميمها أو صيانتها بغي ة‬

‫تحقيق منفعة عامة‪ ،‬وذلك لقاء ثمن محدود متفق عليه‪ ،‬سواء كان بنظام الدعوة المباشرة‪،‬‬

‫أي تكليف أحد الشركات الوطنية أو غيرها ممن تنطبق عليها الشروط بتنفيذ تلك األعمال‪،‬‬

‫ويتم االتف اق على قيم ة األعم ال المطل وب تنفي ذها‪ ،‬ومن تم إب رام العق د وفق ا للش روط ال تي‬

‫تضعها اإلدارة أو تلك التي تقوم اإلدارة بطرحها كمناقصة عامة يعلن عنها في الصحف‬

‫الرسميـــة‪ ،‬ويتم بي ان مواص فات األعم ال المطلوب ة والش روط الالزم توافره ا في المتق دم‬

‫لتنفيذ تلك األعمال‪ ،‬فيقوم المقاول من الباطن في إطار عقود األشغال العامة بشراء وثائق‬

‫المناقص ة مقاب ل رس وم‪ ،‬ويتق دم بالعط اء إلى اإلدارة المعني ة وتحدي د اإلدارة موع دا لفتح‬

‫المظ اريف حيث يتم إس ناد األعم ال إلى المتعاق د ال ذي تنطب ق علي ه المواص فات والش روط‬

‫والذي يتقدم بأقل األسعار أو أفضلها وتتعلق هذه العقود باألشغال العامة كأعمال الطرق‪،‬‬

‫واإلس ـــكان وص يانة وت رميم المب اني الحكومي ة‪ ،‬وتمدي دات خط وط المي اه والكهرب اء التابع ة‬

‫‪ -‬وليد فاروق جمعة – حماية المقاول من الباطن في إطار عقود األشغال العامة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬ ‫‪223‬‬

‫العام‪ ،‬كلية الحقوق جامعة عين شمس السنة الجامعية ‪ 2000‬ص ‪. 39‬‬
‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – األسس العامة للعقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 122‬‬ ‫‪224‬‬

‫‪172‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للدولة‪ ،‬أما بخصوص نظرة القضاء إلى عقد األشغال العامة نجد محكمة القضاء اإلداري‬

‫في مصر تعتبر عقد األشغال العامة عقد مقاولة بين شخصين من أشخاص القانون العام‬

‫وفرد أو شركة بمقتضاه يتعهد المقاول بالقيام بعمل من أعمال البناء أو ال ترميم أو الص يانة‬

‫في عقار لحساب هذا الشخص المعنوي العام وتحقيقا لمصلحة عامة مقابل ثمن يحدد في‬

‫العقد‪.225‬‬

‫و هكذا فحسبما اس تقر عليه الفقه والقض اء فعق د األش غال العامة هو كل اتف اق بين‬

‫شخص معنوي عام وبين أحد األفراد أو الشركات بقصد القيام بعمل من أعمال البناء أو‬

‫الترميم أو الصيانة في عقار عام ويتم العمل لحساب الشخص المعنوي العام ‪.‬‬

‫نصت المادة األولى من قرار المجلس التنفيذي إلمارة أبو ظبي رقم ‪ 23‬جلس ـ ـ ـ ـــة (‬

‫‪ ) 20/81‬في شأن الشروط العامة للعقد في مجال مقاوالت األعمال المدنية أن نطاق العقد‬

‫يشمل إنشاء جميع األعمال المطلوبة وإ تمامها وصيانتها إثناء الفترة المحددة بالعقد وتوريد‬

‫كافة المواد واآلالت والمعدات ووسائل النقل واأليدي العاملة وسواء كان ذا طبيعة دائمة‬

‫أو مؤقت ة‪ ،‬وطبق ا للموض ح تفص يال في وث ائق العق د بأجزائه ا األربع ة ال تي تعت بر وح دة‬

‫واحدة وهي‪:‬‬

‫‪ -‬وثائق ومستندات المناقصة والعقد ‪.‬‬

‫‪ -‬الشروط العامة والخاصة للعقد ‪.‬‬

‫‪ -‬المواصفات العامة والخاصة ‪.‬‬

‫‪ -‬المخططات والتصاميم والمراسالت المتبادلة ‪.‬‬

‫‪ -‬القضية رقم ‪ 284‬لسنة ‪ 28‬ق ديسمبر ‪ 1965‬س ‪ 11‬ص ‪. 104‬‬ ‫‪225‬‬

‫‪173‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و من نص ه ذه الم ادة وإ ن ك انت ال تش ير بوض وح ت ام إلى تعري ف اإلنش اءات أو‬

‫األش غال العام ة أو تحدي د مفهومه ا فيمكن للمتتب ع أو المتخص ص أن يس تفيد من ه ذا النص‬

‫طالم ا تم تحدي د نط اق العق د في مج ال مق اوالت األعم ال المدني ة ال تي هي ذاته ا المش اريع‬

‫اإلنش ائية العام ة أو مش اريع األش غال العام ة وال تي ج اء بأن ه يش مل إنش اء جمي ع األعم ال‬

‫المطلوبة‪ ،‬أي األعمال المدنية في اإلنشاءات العامة وإ تمامها وصيانتها ‪ ...‬وهذا ما يعني‬

‫هذا وقد توسع القضاء‬ ‫‪226‬‬


‫أن هذا النص قد حدد ولو بصورة مقتضبة عقد األشغال العامة‬

‫اإلداري الفرنسي في فكرة األشغال العامة وضمنها إضافة إلى ما سبق أعمال التنظيـ ـ ـــف‬

‫والكنس وال رش في الط رق العام ة ونق ل الم واد الالزم ة ل ذلك وإ قام ة خط وط اله اتف وم د‬

‫وإ نارة الشوارع ‪.‬‬ ‫‪227‬‬


‫األسالك تحت الماء‬

‫تطبيقا لذلك فإن مجلس الدولة الفرنسي لم يعتبر االتفاقيات التي يكون محلها إعدادا أو بناء‬

‫سفينة عقدا من عقود األشغال العامة‪ ،‬خالفا لذلك فإن العقد إذا كان خاصا بعقار حتى ولو‬

‫كان بالتخصيص يعد عقد أشغال عامة‪ ،‬مثال ذلك فإن العقد المتعلق بإقامة خطوط تليفونيـــة‬

‫ومد أسالك تحت الماء يعد عقد أشغال عامة ‪.‬‬

‫كم ا أن القض اء توس ع في مفه وم األش غال العام ة ولم يقص رها على أعم ال البن ـ ـ ـــاء‬

‫والترميم فقط‪ ،‬بل أدخل فيها كافة األعمال المتعلقة بأعمال صيانة العقارات العامة كنظافة‬

‫المنشآت أو الطرق العامة‪ ،‬فضال عن نقل المواد الالزمة لتنفيذ العمل‪.228‬‬

‫‪ -‬عب د اهلل محم د العبي دلي – إج راءات وص عوبات إب رام وتنفي ذ الص فقات العمومي ة في دول ة اإلم ارات العربي ة‬ ‫‪226‬‬

‫المتحدة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق أكدال السنة الجامعية ‪-2008‬‬
‫‪ 2009‬ص ‪. 48‬‬
‫‪ -‬حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في ‪ 1937-6-4‬في قضية ‪. Ciefri desecbles leg‬‬ ‫‪227‬‬

‫‪ -‬أنس جعفر العقود اإلدارية دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2007‬‬ ‫‪228‬‬

‫‪174‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بالرجوع إلى دولة اإلمارات نجد أن إمارة أبو ظبي أصدرت قانونا أوكل بموجبه‬

‫إلى المجلس التنفيذي في اإلمارة مهمة إصدار نماذج عقود واتفاقيات المقاوالت والتصميم‬

‫والبن اء‪ ،‬حيث نص ت الم ادة األولى من الق انون رقم ‪ 21‬لس نة ‪ 2006‬في ش أن عقـ ـ ـ ـ ـ ـــود‬

‫واتفاقيات اإلنشاء في مجال المقاوالت المدنية على ‪:‬‬

‫"مع عدم اإلخالل بالتشريعات واألحكام والقواعد التي تخضع لها الجهات الحكومية‬

‫ذات الشخص ية االعتباري ة المس تقلة بحكم الق انون‪ ،‬وب الرغم مم ا ورد في أي تش ريع آخ ر‪،‬‬

‫تخضع اعتبارا من تاريخ نفاذ أحكام هذا القانون‪ ،‬جميع عقود واتفاقيات اإلنشاء في مجال‬

‫المقاوالت المدنية التي تبرمها الدوائر الحكومية في إمارة أبو ظبي‪ ،‬للشروط واألحكـ ـ ـــام‬

‫والنماذج التي يصدرها أو يقررها المجلس التنفيذي ‪.229...‬‬

‫و تنفيذا ألحكام القانون ‪ 21/2006‬أصدر المجلس التنفيذي إلمارة أبو ظبي قراره‬

‫رقم (‪ )1‬لس نة ‪ 2007‬في ش أن إص دار نم وذج عق ود اتفاقي ات المق اوالت والتص ميم‬

‫والبنـ ـ ـ ــاء‪ ،‬وجاء في المادة األولى من هذا القرار والذي يشمل نموذجين األول يشمل أعمال‬

‫البناء فقط والثاني يتعلق بأعمال التصميم والبناء معا وذلك على النحو التالي ‪ :‬تكون جميع‬

‫عق ـ ــود واتفاقيات المقاوالت العامة التي تبرمها الدوائر الحكومية في إمارة أبو ظبي‪ ،‬والتي‬

‫ال تشمل قيام المقاول بأعمال التصميم‪ ،‬وفقا للنموذج رقم (‪ ) 1‬الملحق بهذا القرار تكون‬

‫تل ك العق ود واالتفاقي ات إذا اش تملت على قي ام المق اول بأعم ال التص ميم باإلض افة ألعم ال‬

‫المقاولة وفقا للنموذج رقم (‪ )2‬الملحق بهذا القرار‪.230‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 21‬لس نة ‪ 2006‬في ش أن العق ود واتفاقي ات اإلنش اء في مج ال المق اوالت المدني ة المطبق ة حالي ا في‬ ‫‪229‬‬

‫إمارة أبو ظبي ‪.‬‬


‫‪ -‬ق رار رئيس المجلس التنفي ذي إلم ارة أب و ظ بي رقم ‪ 1‬لس نة ‪ 2007‬في ش أن إص دار نم اذج عق ود واتفاقي ات‬ ‫‪230‬‬

‫المقاوالت والتصميم والبناء ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يعتبر هذان النموذجان صورة معدلة من عقد الفيديك ‪ FIDIC‬وهذه خطوة مهمة‬

‫تحسب لحكومة أبو ظبي في اهتمامها ألحد أهم العقود اإلدارية وهو عقد المقاولة العامة‬

‫أو اإلنشاءات العامة لما له من أهمية كبيرة نحو المساهمة في التطور الكبير الذي تشهده‬

‫إمارة أبو ظبي بصورة خاصة وللدولة بصورة عامة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقد التوريد وعقد البوت‬

‫يش هد العص ر الح الي تغ يرات وتط ورات كب يرة في كاف ة الن واحي والمج االت ومن‬

‫أهم ه ذه التط ورات والتغ يرات م ا يط رأ على الن واحي االقتص ادية والمالي ة والمع امالت‬

‫التجارية‪ ،‬ونتيجة لذلك فلقد نشأت صورا جديدة للتعامالت مثل عقود التوريد التي تتناول‬

‫الي وم جمي ع المج االت الص ناعية والزراعي ة والص حية والنق ل والمواص الت واالتص االت‬

‫والفن ادق واإلدارات الحكومي ة وبالت الي ص ارت من أب رز العق ود وأوس عها انتش ارا في ك ل‬

‫بالد العالم وعلى مختلف المستويات ‪.‬‬

‫و عق د التوري د من العق ود الهام ة ال تي تحتاجه ا الدول ة في أم ور كث يرة لت أمين‬

‫احتياجاته ا إلى ج انب إقام ة المش روعات الك برى ومش روعات التنمي ة األساس ية مس تخدمة‬

‫في ذل ك نظ ام الب وت‪ ،‬ه ذا الن وع األخ ير من العق ود يق دم حال لمش كلة تموي ل مش روعات‬

‫البنية األساسية دون أن تضطر الدولة إلى اللجوء إلى االقتراض‪ ،‬وفي نفس الوقت تحافظ‬

‫وبعدها يتم إعادة المشروع إلى الحكومة ‪.‬‬ ‫‪231‬‬


‫على ما هو موجود لديها من أرصدة أجنبية‬

‫إذن معرفة عقد التوريد وعقد البوت تقتضي منا التطرق إليهما بالتفصيل في النقط‬

‫اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية – الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪ 2005‬ص ‪.‬‬ ‫‪231‬‬

‫‪176‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أوال ‪ :‬عقد التوريد‬

‫بمقتض ى ه ذا العق د يتعه د أح د األف راد أو إح دى الش ركات الخاص ة بتوري د س لع أو‬

‫أجه زة معين ة لحس اب ش خص معن وي ع ام مقاب ل ثمن معين يتف ق علي ه في العق د‪ ،‬ويه دف‬

‫لتحقيق مصلحة عامة مثل توريد مالبس لجنود القوات المسلحة وللشرطة أو توريد مواد‬

‫غذائية للمدارس والمستشفيات‪ ،‬إذن عقود التوريد هي تلك التي تنشأ بين جهة إدارية عامة‬

‫وأخرى خاصة أو عامة لتوريد سلعة أو مواد محددة األوصاف في تواريخ معينة لق اء ثمن‬

‫معين‪ ،‬يسدد دفعات معلومة‪.232‬‬

‫تض م ك ل وزارة من ال وزارات أو دائ رة حكومي ة إدارة تس مى إدارة المش تريات‬

‫ويعه د إلى ه ذه اإلدارة جمي ع األعم ال المتعلق ة بالمش تريات الحكومي ة وال تي ع ادة م ا يتم‬

‫تحدي د األس اليب ال تي تعم ل به ا ه ذه اإلدارة إم ا بم وجب ق انون أو بق رارات وزاري ة‪ ،‬ويتم‬

‫وض ع ل وائح تنظيمي ة إلج راءات الش راء‪ ،‬وتتب ع اإلدارة إم ا نظ ام الش راء المباش ر ب دعوة‬

‫المـ ـ ــورد وتسليمه كراسة المواصفات والشروط الالزم توافرها في المتقدم للمناقصة وعند‬

‫اختي ار الم ورد يتم التعاق د مع ه وفق ا للش روط والمواص فات ال تي ح ددتها اإلدارة مس بقا‪،‬‬

‫وواف ق عليه ا المتعاق د‪ ،‬وه ذا الن وع من العق ود ه و من عق ود اإلداري ة ال تي تحتف ظ اإلدارة‬

‫لنفسها فيه ببعض االمتيازات كونها الطرف األقوى المتمتع بالسلطة العامة‬

‫و عقود التوريد لم ترد لها إشارة في نظام عقود اإلدارة في دولة اإلمارات العربية‬

‫المتحدة رقم (‪ )20‬لسنة ‪ ،2000‬وإ ن كانت روح النظام ال تمنع من األخذ بها‪ ،‬وبالفعل تم‬

‫تأكيد هذا في دليل المشتريات والمناقصات والمزايدات الصادر بموجب أحكام قانون رقم (‬

‫‪ -‬رفي ق ي ونس المص ري – مناقص ات العق ود اإلداري ة – عق ود التوري د ومق اوالت األش غال العام ة‪ ،‬دار المكت بي‬ ‫‪232‬‬

‫للطباعة والنشر والتوزيع ‪ 1999‬ص ‪. 14‬‬

‫‪177‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ )6‬لس نة ‪ 2008‬في ش أن المش تريات والمناقص ات والمزاي دات والمس تودعات بت اريخ ‪3‬‬

‫يوني و ‪ 2008‬حيث نص ت مادت ه الثالث ة على " يش تمل ه ذا ال دليل على السياس ات‬

‫واإلرش ادات واإلج راءات ال تي تطب ق على المش تريات واس تيراد الم واد وعق ود الخ دمات‬

‫وعقود تنفيذ األعمال أيا كانت وعلى الدائرة المعنية مراعاة االلتزام الكامل بأحكامه‪ ،‬وإ ال‬

‫تعرض الموظفون المختصون ألحكام المساءلة التأديبية ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن عقد التوريد يبقى عقدا رض ائيا بمعنى أنه يتم إبرامه باالتفاق‬

‫بين اإلدارة والمورد على توريد المواد واألشياء المحددة في العقد‪ ،‬وهو بذلك يختلف عن‬

‫االستيالء المؤقت على منقول‪ ،‬إذ أن المورد يقوم بتسليم المنقوالت المتعاقد عليها لإلدارة‬

‫المتعاق دة مع ه برض ائه‪ ،‬بينم ا في االس تيالء الم ؤقت على المنق ول تس تحوذ اإلدارة على‬

‫المنقول بمقتضى قرار إداري ويقوم المتعهد بتسليم المنقول لإلدارة تنفيذا لهذا القرار جبرا‬

‫عن صاحبه مقابل تعويض عادل‪.233‬‬

‫و ي ذهب في ه ذا االتج اه القض اء اإلداري المص ري حيث ع رفت محكم ة القض اء‬

‫اإلداري المص ري عق د التوري د بأن ه ‪ " :‬اتف اق بين ش خص معن وي من أش خاص الق انون‬

‫العــام وف رد أو ش ركة يتعه د بمقتض اه الف رد أو الش ركة بتوري د منق والت معين ة للش خص‬

‫المعنوي الزمة لمرفق عام مقابل ثن معين‪ ،‬وهو يختلف عن االستيالء في أن المورد في‬

‫العقد اإلداري يسلم المنقوالت المتعاقد عليها برضائه دون أن يكون مضطرا إلى ذلك بينم ا‬

‫االستيالء يكون بمقتضى قرار إداري بأن يسلم المورد المنقوالت المطلوبة بهذا القرار‪.234‬‬

‫‪ -‬عبد اهلل محمد العبيدلي – مرجع سابق ص ‪. 45‬‬ ‫‪233‬‬

‫‪ -‬القضية رقم ‪ 625‬لسنة ‪ 4‬ق الصادر في ‪. 1952-12-2‬‬ ‫‪234‬‬

‫‪178‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كم ا أن القض اء اإلداري في المغ رب يع ترف لعق ود التوري د بالص فة اإلداري ة‪،‬‬

‫وتطبيقا لذلك نجد حكم المحكمة اإلدارية في مراكش حيث قالت ‪ " :‬وحيث أن العقد المبرم‬

‫بين المدعي والجماعة بشأن تزويدها بمادة البنزين‪ ،‬وتنفيذه على دفعات متعددة خالل مدة‬

‫تزيد عن سنة وثالثة أشهر‪ ،‬يعتبر أخذا باتجاه الفقه والقضاء المغربي‪ ،‬عقد التوريد بغض‬

‫النظ ر عن مبلغ ه وه و عق د إداري بطبيعت ه نظ را لخصائص ه الذاتي ة‪ ،‬وكون ه يس اهم في‬

‫تسيير كرفق عمومي "‪.‬‬

‫و يتفرع من عقد في الوقت الحاضر‪ ،‬نظرا للتقدم التقني في مختلف أوجه النشـ ـــاط‬

‫والنتشار الصناعة‪ ،‬عقود مقاربة لم تكن مألوفة فيما مضى أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬عقود التوريد الصناعية ويقصد بها العقد الذي يلتزم بمقتضاه المتعاقد مع اإلدارة بتوريد‬

‫فهي عقود ال‬ ‫‪235‬‬


‫مواد أو منتجات صناعية بعد إنتاجها وفق مواصفات متفق عليها مقدما‬

‫تقتصر فيها مهمة المتعاقد على تسليم منقوالت معينة‪ ،‬بل يتولى تصنيعها بمعرفته حسب‬

‫المواصفات التي طلبتها الجهة اإلدارية المتعاقدة ‪.‬‬

‫‪ -‬عقد التحويل ‪ :‬الدولة في عقد التحويل تقوم بتسليم منقوالت إلى إحدى الشركات بقصد‬

‫تحويله ا إلى م ادة أخ رى ثم تعي دها إليه ا م رة أخ رى‪ ،‬وه ذا االتف اق م ركب من عملي تين‬

‫التحويل والتسليم‪ ،‬كما هو واضح‪ ،‬والقضاء الفرنسي اعتبره وفقا لقاعدة وحدة االتفاق عقد‬

‫توري د‪ ،‬وذل ك إذا م ا ك انت فك رة التوري د هي المهيمن ة على االتف اق‪ ،‬ولكن مجلس الدول ة‬

‫الفرنسي يفصل بين العمليتين التحويل والتسليم‪ ،‬إذا ما قامت كل عملية منهما مستقلة تماما‬

‫عن األخرى‪ ،‬وتطبيقا لذلك فقد أعلنت المحكمة اإلدارية عليا في مصر في حكمها الصادر‬

‫‪ -‬محمود عاطف البنا – العقود اإلدارية الطبعة األولى دار الفكر العربي القاهرة مصر ‪ 2007‬ص ‪. 12‬‬ ‫‪235‬‬

‫‪179‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بت اريخ ‪ 1969-2-1‬م أن ه يج وز لجه ة اإلدارة المتعاق دة أن ت زود المتعه دين بالخ دمات‬

‫الالزمة لصناعة أي صنف‪ ،‬وفي هذه الحالة يحاسب المتعهد على أجر تصنيع يقدر على‬

‫أساس الفرق بين الصنف وفق أسعار كشوف الوحدة وثمن الخامات الداخلة في صناعته‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪236‬‬
‫فإذا كانت تلك األصناف مسعرة فيكون أساس الحساب هو سعره الرسمي‬

‫ثانيا ‪ :‬عقد البوت ‪.BOT‬‬

‫عقود البوت هي اختصار لثالث كلمات هي ‪ BUILD‬بمعنى يبني أي شيد بها بناء‬

‫وتس يير مش روع م ا وكلم ة ‪ OPERATE‬وتع ني تش غيل أو إدارة ويقص د منه ا تش غيل‬

‫وإ دارة المشروع السابق بناؤه وكلمة ‪ TRANSFER‬وتعني ينقل ويقصد بها نقل الملكية‬

‫ممن ق ام بإنش ائه وتم اختص ار ه ذه الكلم ات االنجليزي ة الثالث بأخ ذ ح رف من ك ل منهم ا‬

‫لتص ــبح ‪. BOT‬‬

‫لقد عرفت لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( اليونسترال ) عقد البوت "‬

‫بأن ه ش كل من أش كال تموي ل المش اريع تمنح الحكوم ة بموجب ه مجموع ة من المس تثمرين‬

‫يطل ق عليهم االتح اد الم الي للمش روع امتي ازا لبن اء مش روع معين وتش غيله وإ دارت ه‬

‫واس تغالله تجاري ا لع دد من الس نين تك ون كافي ة الس ترداد تك اليف البن اء إلى ج انب تحقي ق‬

‫أرب اح منافس ة من عوائ د التش غيل واس تغالله تجاري ا أو من المزاي ا األخ رى الممنوح ة لهم‬

‫ضمن عقود االمتياز تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون أن أي تكلفة أو مقابل تكلفة‬

‫‪.‬‬ ‫‪237‬‬
‫مناسبة يكون قد تم االتفاق عليها مسبقا أثناء التفاوض على منح امتياز المشروع‬
‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – األسس العامة للعقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 136‬‬ ‫‪236‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬ناصر بن عبد اهلل بن عيسى الناعبي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 157‬‬
‫‪ -‬تقري ر لجن ة األمم المتح دة للق انون التج اري ال دولي – ال دورة التاس عة والعش رين نيوي ورك في ‪ 28‬م ايو إلى ‪14‬‬ ‫‪237‬‬

‫يونيو ‪ 1996‬بعنوان األعمال المقابلة المتعلقة بمشاريع البناء والتشغيل ونقل الملكية ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ته دف ه ذه العق ود إلى إنش اء المش روعات ذات النف ع الع ام‪ ،‬وال تي يتع ذر على‬

‫الدول ة إقامته ا بغ ير مس اعدة القط اع الخ اص‪ ،‬على أن تنق ل ل ه ملكيته ا مؤقت ا لف ترة معين ة‬

‫بشرط أن يقوم األخير بإعادة نقل الملكية مرة أخرى إلى الدولة بانتهاء العقد‪.238‬‬

‫و تعتمد أغلب الدول النامية حاليا على هذا النظام لتحقيق التنمية االقتصادية حيث‬

‫تع د مث ل ه ذه العق ود مص درا لتموي ل إنش اء المش روعات الكب يرة‪ ،‬مم ا يخف ف العبء على‬

‫ع اتق الدولة بحيث للقيام بالمشروعات التي ال تدر دخال وال تحقق ربحا للقطاع الخاص‬

‫كمرافق العدالة واألمن والصحة والتعليم ولكن اإلسراف فيه بال شك يحقق نتائج في المدى‬

‫البعيد ليست في صالح الدولة‪ ،‬منها أن ربح هذه المشروعات ال يؤول للدولة‪ ،‬وإ ذا كانت‬

‫الش ركة ال تي تنف ذ المش روع أجنبي ة وه ذا ه و الغ الب األعم فإنه ا تق وم بتحوي ل أرباحه ا‬

‫للخارج مما يضع أعباءا على الدولة في نقص النقد األجنبي والذي تعد الدول النامي في‬

‫أمس الحاجــة إليه ‪.‬‬

‫هذا وتجدر اإلشارة أن نظام البوت ‪ BOT‬يحقق مزايا عديدة من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬التخفي ف من كاه ل الموازن ة العام ة حيث يق وم القط اع الخ اص بتموي ل إنش اء وتش غيل‬

‫بعض المش روعات بم ا يمكن الدول ة من التف رغ الس تثمار أمواله ا في المش روعات ال تي ال‬

‫ي رحب القط اع الخ اص باس تثمار أموال ه فيه ا‪ ،‬وت زداد أهمي ة ه ذه العق ود إذا ك انت ش ركة‬

‫المش روع أجنبي ة‪ ،‬مم ا يع ني إدخ ال اس تثمارات جدي دة وتموي ل خ ارجي األم ر ال ذي ي ؤدي‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬م اهر محم د حام د – النظ ام الق انوني لعق ود اإلنش اء والتش غيل وإ ع ادة المش روع ‪ BOT‬دار‬
‫النهضة العربية القاهرة ‪ 2005‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ -‬جيهان حسن سيد أحمد – عقود البوت ‪ BOT‬وكيفية فض المنازعات الناشئة عنها‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‬ ‫‪238‬‬

‫‪ 2002‬ص ‪. 38‬‬

‫‪181‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إلى تحسين م يزان الم دفوعات وحفظ العج ز في الموازنة العامة للدول ة وتعزي ز حصيلتها‬

‫من النقد األجنبي‪.‬‬

‫‪ -‬إقام ة المش روعات والمراف ق والبني ة األساس ية ال تي تحتاجه ا الدول ة لتحقي ق التنمي ة‬

‫االجتماعية واالقتصادية في شتى المجاالت مما ي ؤدي إلى إتاحة مزيد من فرص العمل‪،‬‬

‫وض خ أم وال جدي دة إلى الس وق مم ا يقل ل من نس بة التض خم ويح د من نس بة الب احثين عن‬

‫العمل فضال عن كونها تؤدي إلى خلق قاعدة صناعية وخدمية جديدة مثل إنشاء محطات‬

‫الكهرباء أو المياه أو غير ذلك من المشروعات التي تتم عبر العقود‪.239‬‬

‫‪ -‬الحد من دور الدولة في مجاالت النشاط االقتصادي الذي يجب أن يلعب القطاع الخاص‬

‫الدور الرئيسي فيه ومن خالل ذلك يتسنى للحكومات االستفادة من خبرة القطاع في تقديم‬

‫الخدمة العامة ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذه المزاي ا هن اك بعض العي وب ال تي تك اد تح د من فعالي ة عق ود الب وت‬

‫من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬تكلفة المشروعات التي تنفذ عن طريق البوت تكون غالية على المدى الطويل إذا تعلق‬

‫األم ر بش راء الدول ة للمنت وج‪ ،‬فض ال عن أن إع داد ه ذا العق د يس تلزم نفق ات كب يرة كم ا‬

‫تستلزم هذه المشروعات دراسات جدوى كبيرة ومفاوضات قبل التعاقد‪ ،‬وكل هذا يشكل‬

‫عبئ ا كب يرا يزي د من تكلف ة المش روع بم ا ق د ي ؤدي إلى ط ول م دة العق د ح تى يحص ل‬

‫‪.‬‬ ‫‪240‬‬
‫المستثمر على كل أمواله التي أنفقها واألرباح التي يتوقعها‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 101‬‬ ‫‪239‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 104‬‬ ‫‪240‬‬

‫‪182‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬ع دم وج ود نظ ام ق انوني متكام ل إلب رام مث ل ه ذه العق ود يمث ل عيب ا خط يرا ح تى وإ ن‬

‫وجدت بعض التشريعات المتناثرة‪ ،‬ولكنها قليلة‪ ،‬وال تواجه أغلب المشكالت التي تعترض‬

‫عقود البوت وخاصة إذا كانت الشركة أجنبية ‪.‬‬

‫و مع جدية هذه المخاوف‪ ،‬فإنها ال تعني إغالق الباب أمام هذه العقود‪ ،‬وإ نما يجب‬

‫أن تتض افر جه ود الفق ه والمش رع في إص دار ق انون ي ؤمن اللج وء إلى مث ل ه ذه العقـ ـ ـــود‪،‬‬

‫ويعظم ايجابياته ا ويح د من الس لبيات ال تي تنتج عنه ا تحقيق ا للمص لحة الوطني ة ولتحقي ق‬

‫التنمي ة االقتص ادية المنش ودة‪ ،‬وإ ذا ك انت حاج ة ال دول النامي ة إلى رؤوس األم وال لتحقي ق‬

‫التنمي ة أم را ض روريا ف إن حاج ة ه ذه األم وال للعم ل داخ ل أس واق ه ذه ال دول أيض ا أم ر‬

‫ضروري لها ويحقق مصلحتها ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العقود اإلدارية بطبيعتها الذاتية‬

‫تمثل التنمية االقتصادية الهدف األساسي لدول العالم أجمع‪ ،‬وخاص ة ال دول الناميـــة‪،‬‬

‫وتمث ل الدراس ات الخاص ة بها محور اهتم ام ه ذه ال دول‪ ،‬ومعظم الدراسات تتجه الستبعاد‬

‫االعتماد كلية وبصفة كاملة على ميزانية الدولة والمساعدات والمنح الخارجية والتي تؤدي‬

‫لتراكم الديون مما يعطل أي محاولة للتقدم االقتصادي خاصة مع مغاالة الدول المقرضة‬

‫في شروطها ‪.‬‬

‫و إزاء ذلك اتجهت هذه الدول إلى االعتماد على المستثمرين الوطنيين واألجان ـ ـــب‬

‫وإ قامة المشروعات الكبرى ومشروعات التنمية األساسية مستخدمة في ذلك عقود االلتزام‬

‫لتدبير وتسيير المرافق العامة دون تحميل ميزانية الدولة ألي أعباء مالية مقابل حصول‬

‫‪183‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ص احب االمتي از على عائ د االس تثمارات لم دة مح دودة وبع دها يتم إع ادة المش روع‬

‫للحكومة ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا تلعب العقود الدولية لإلنشاءات دورا هاما في تحقيق التنمية في دول ة‬

‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬فهي تهدف إلى إقامة عمليات دولية في غاية الكبر واألهمية‪،‬‬

‫فالطرق والجسور والمطارات كلها مشاريع إنشائية سواء أكانت مكملة بمشاريع صناعيــة‬

‫وكهربائية‪ ،‬أم كانت منفردة‪ ،‬وعليه فهذه المشروعات أصبحت تشكل عامال اقتصاديا هاما‬

‫في حركة التجارة والتوظيف بين الدولتين ‪.‬‬

‫و لإللمام بهذه العقود نظرا ألهميتها ارتأينا أن نتناول في الفقرة األولى عقد االلتزام‬

‫‪.‬‬ ‫‪241‬‬
‫أما الفقرة الثانية فسنخصصها لعقود اإلنشاءات الدولية‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقد االلتزام‬

‫تع د عق ود االل تزام من أهم العق ود اإلداري ة ال تي تهيمن فيه ا اإلدارة على المرف ق‬

‫العــام وأنشطته‪ ،‬وهذا من أهم األسباب التي تميزه عن العقود المدنية ‪.‬‬

‫و عق د االل تزام يع رف بأن ه ‪ " :‬عق د إداري يت ولى المل تزم ف ردا ك ان أو ش ركة‬

‫بمقتضــاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي واستغالله مقابل رسوم يتقاضاها من‬

‫المنتفعين‪ ،‬م ع خض وعه للقواع د األساس ية الض ابطة لس ير المراف ق العام ة‪ ،‬فض ال عن‬

‫الشروط التي تضمنها اإلدارة عقد االلتزام‪.242‬‬

‫و عق د االل تزام ه و أس لوب إلدارة المراف ق العام ة االقتص ادية‪ ،‬وبمقتض اه تعه د‬

‫اإلدارة العامة إلى أحد األفراد أو أحد الشركات الخاصة‪ ،‬بإدارة أحد المرافق العامة لمدة‬
‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.361‬‬ ‫‪241‬‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي – األسس العامة للعقود اإلدارية دار الفكر العربي ‪ 2005‬ص ‪. 106‬‬ ‫‪242‬‬

‫‪184‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫معينة على نفقته الخاصة وتحت مسؤوليته وفي مقابل ذلك يتقاضى رسوما من المنتفعين‪،‬‬

‫وتك ون م دة العق د طويل ة ح تى يتمكن المل تزم من اس ترداد نفقات ه على المش روع وتحقي ق‬

‫األرباح المنتظرة‪.243‬‬

‫كما عرفه األستاذ محمد المنتصر الداودي بأنه ‪ " :‬عقد إداري يتولى الملتزم فردا‬

‫كان أو شركة بمقتضاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي واستغالله مقابل رسوم‬

‫يتقاضاها من المنتفعين مع خضوعه للقواعد األساسية المنظمة لسير المرافق العامة فضال‬

‫عن الشروط التي تضمنها اإلدارة عقد االمتياز‪.244‬‬

‫و حس ب منظ ور القض اء اإلداري فمحكم ة القض اء اإلداري المص رية ع رفت عق د‬

‫االل تزام بأن ه " ال تزام المراف ق العام ة ليس إال عق دا إداري ا يتعه د أح د األف راد أو الش ركات‬

‫بمقتض اه بالقي ام على نفقت ه وتحت مس ؤوليته المالي ة بتكلي ف من الدول ة أو إح دى وح داتها‬

‫اإلدارية وطبقا للشروط التي توضع له بأداء خدمة عامة للجمهور وذلك مقابل التصريح له‬

‫باستغالل المشروع لمدة محددة من الزمن واستيالئه على األرباح‪ ،‬فااللتزام عقد إداري ذو‬

‫طبيع ة خاص ة وموض وعه إدارة مرف ق ع ام‪ ،‬وال يك ون إال لم دة مح ددة‪ ،‬ويتحم ل المل تزم‬

‫نفقات المشروع وأخطاره المالية‪ ،‬ويتقاضى عوضا في شكل رسوم من المنتفعين‪.245‬‬

‫إذن ف الراجح فقه ا وقض اء أن عق ود ال تزام المراف ق العام ة تمت از باحتوائه ا على‬

‫ن وعين من الش روط ‪ :‬ش روط تعاقدي ة وش روط الئحي ة‪ ،‬فالتعاقدي ة تحكمه ا قاع دة أن العق د‬

‫شريعة المتعاقدين‪ ،‬وهذه الشروط ال تمتد إلى الطريقة التي تؤدي فيها الخدمة للمنتفعين‪،‬‬
‫‪ -‬مليكة الصروخ – الصفقات العمومية – الطبعة األولى‪ ،‬المطبعة الجديدة الدار البيضاء ‪ 2009‬ص ‪. 23‬‬ ‫‪243‬‬

‫‪ -‬محمد المنتصر الداودي – اإلشكاليات القانونية والواقعية في اختصاص القضاء اإلداري الطبعة األولى دار القلم‬ ‫‪244‬‬

‫للطباعة والنشر والتوزيع الرباط ‪ 1995‬ص ‪. 165‬‬


‫‪ -‬الدعوى رق ‪ 146‬لسنة ‪ 8‬ق جلسة ‪. 1956-3-25‬‬ ‫‪245‬‬

‫‪185‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وأم ا الالئحي ة فتمتل ك فيه ا اإلدارة زم ام األم ور حيث يك ون بإمك ان اإلدارة تع ديلها في أي‬

‫‪.‬‬ ‫‪246‬‬
‫وقت حسب حالة المرفق‬

‫يرجع ذلك إلى أن المكلف أساسا بإدارة المرفق هو الدولة‪ ،‬ويعتبر الملتزم مجرد‬

‫معاونا لها بتكليف منها‪ ،‬فال يجوز أن يضع نفسه في هذا الموقع دون أن تعهد إليه بالقيام‬

‫نيابة عنها بإدارة المرفق العام‪ ،‬وتلك اإلنابة ال تعتبر تنازال أو تخليا من الدولة عما هي‬

‫مكلف ة ب ه تج اه الش عب ل ذلك اس توجب ت دخلها في أي وقت تش اء لض مان س ير المرف ق‬

‫بانتـ ــظام واضطراد وتحقيقا للمصلحة العامة ‪.‬‬

‫و هك ذا فعق د االل تزام يعت بر من أش هر العق ود اإلداري ة المس ماة ب ل ه و من أهمه ا‪،‬‬

‫حيث هذا النوع من العقود بدأ في الظهور في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر حيث‬

‫منحت الحكوم ة الفرنس ية إلخ وان ببري ه امتي از توزي ع المي اه في العاص مة ب اريس ع ام‬

‫‪ 1782‬وتم منح أول امتي از في مص ر للمهن دس االنجل يزي " ج ورج سنيفنس ون " إلقام ة‬

‫أول خ ط س كة حدي د في مص ر ب ل وفي افريقي ا يرب ط بين االس كندرية والق اهرة والس ويس‬

‫ع ـ ـــام ‪ 1854‬م وتأسس ت بمقتض اه الش ركة العالمي ة لقن اة الس ويس البحري ة الس تغالل القن اة‬

‫في مرور السفن لمدة تسعة وتسعين عاما‪.247‬‬

‫و في المغ رب إب ان الحماي ة الفرنس ية اس تعمل االمتي از بش كل واس ع في مي ادين‬

‫الطاقـــة والنق ل الس كك واس تغالل الم وانئ وبع د االس تقالل ق امت الس لطات المغربي ة‬

‫باس ترجاع مختل ف االمتي ازات ال تي ك انت في ح وزة األج انب‪ ،‬كم ا ق ررت عن أس لوب‬

‫االمتي از إلى غاي ة س نة ‪ 1985‬عن دما تق رر الس ماح للقط اع الخ اص بتس يير بعض‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي مرجع سابق ص ‪. 107‬‬ ‫‪246‬‬

‫‪ -‬ماجد راغب الحلو – العقود اإلدارية الطبعة األولى – دار الجامعة الجديدة االسكندرية مصر ‪ 2009‬ص ‪. 193‬‬ ‫‪247‬‬

‫‪186‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االمتيازات المرفقية المتعلقة بالنقل الحضري للتخفيف من حدة األزمة التي يعرفها قطاع‬

‫النقل وخاصة في المدن الك ـ ــبرى‪ ،‬ووصل عدد الشركات ص احبة االمتياز سنة ‪ 1993‬إلى‬
‫‪248‬‬
‫‪ 51‬شركة‬

‫وهك ذا عملت اإلدارة على توف ير ه ذا الن وع من العق ود لحرص ها على تحقي ق‬

‫المصلحة العامة حيث تعمل جاهدة على مراقبة الملتزم واإلشراف التام على سير المرافق‬

‫بانتظـ ـــام واض طراد‪ ،‬وكم ا نعلم ف إن العق د يتض من ش روطا اس تثنائية ال تت وافر في عق ود‬

‫القانون الخاص والتي تفرض فيها اإلدارة سلطتها وتعطيها الحق في التعديل في بنود العق د‬

‫أو الفسخ أو في أحوال معينة‪ ،‬وهذا ما يجعلها عقودا إدارية خاضعة للقضاء اإلداري ‪.‬‬

‫أم ا دولة اإلم ارات العربي ة المتحدة فقد قض ت المحكم ة التجارية العلي ا في تعريف‬

‫لها عن العقد اإلداري بأنه ‪ " :‬العقد المبرم بين شخص معنوي من أشخاص القانون العام‪،‬‬

‫وبين أحد األفراد ال يستلزم بذاته اعتبار العقد من العقود اإلدارية‪ ،‬بل أن المعيار المميز‬

‫لهذه العقود عما عداها من عقود القانون الخاص ليس في صفة المتعاقد بل في موضوع‬

‫العق د نفس ه ب أن يتص ل بتس يير مرف ق ع ام وأن تظه ر اإلدارة نيته ا في األخ ذ في ش أنه‬

‫بأسلوب القانون العام‪ ،‬بأن يتضمن شروطا استثنائية غير مألوفة في نطاق القانون الخاص‬

‫‪.‬‬

‫و يعتبر هذا الشرط من أبرز الخصائص التي تميز نظام العقود اإلدارية عن نظام‬

‫العق ود المدني ة‪ ،‬ف اإلدارة تض من عقوده ا اإلداري ة ع ادة ش روطا تحتف ظ لنفس ها بمقتض اها‬

‫ب الحق في تع ديل التزام ات المتعاق د معه ا‪ ،‬وفس خ العق د بإرادته ا المنف ردة قب ل نهايت ه‬

‫‪ -‬أحمد بوعشيق – المرافق العامة الكبرى على ضوء التحوالت المعاصرة‪ ،‬الطبعة الثامنة‪،‬المطبعة الجديدة الدار‬ ‫‪248‬‬

‫البيضاء ‪ 2004‬ص ‪. 190‬‬

‫‪187‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الطبيعيـ ـ ـ ــة‪ ،‬وتوقيع عقوبات على المتعاقد معها في حالة إخالله بالتزاماته ودون حاجة إلى‬

‫االلتجاء إلى القضاء ‪.‬‬

‫و في هذا الشأن فقد صدر القرار الوزاري رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 2000‬بشأن نظام عقود‬

‫اإلدارة ونص في الم ادة األولى من ه على أن ه ‪ " :‬تس ري القواع د واإلج راءات ال واردة‬

‫بالنظ ام المرف ق به ذا الق رار على عق ود ش راء الم واد أو م ا يع رف بعق ود التوري د وعق ود‬

‫مق اوالت األعم ال واألش غال وك ذا عق ود اإلدارة األخ رى‪ ،‬ف ذكر ه ذين العق دان باعتبارهم ا‬

‫من أب ـــرز وأهم عق ود اإلدارة‪ ،‬ولكن بالمقاب ل فق د نص ت الم ادة ‪ 124‬من ه ذا النظ ام على‬

‫سريان اإلجراءات والقواعد المتعلقة بالتوريدات أو المقاوالت أو المواد والواردة في مواد‬

‫هذا النظام على جميع أنواع العقود األخرى كلما وردت ‪.‬‬

‫و يرى البعض في تفسير ذلك أن سريان هذه األحكام على باقي العق ود يتطلب ع دم‬

‫‪.‬‬ ‫‪249‬‬
‫التعارض مع طبيعة تلك العقود‬

‫و بما أن الفقه في دولة اإلمارات لم يلجأ إلى تعريف خاص بعقد االلتزام فيتطلب الرجوع‬

‫إلى القواع د العام ة في ذل ك ونراه ا في أحك ام المحكم ة الس ابقة ال ذكر وال تي تتط ابق م ع‬

‫الق انونين الفرنس ي والمص ري وب ذلك نس تطيع أن نع رف عق د االل تزام بأن ه ‪ " :‬عق د إداري‬

‫يكون أحد أطرافه شخصا من أشخاص القانون العام ومتصال بتسيير مرفق عام متضمنا‬

‫ش روطا اس تثنائية غ ير مألوف ة في نط اق الق انون الخ اص‪ ،‬وأن تظه ر ني ة اإلدارة باألخ ذ‬

‫بأسلوب القانون العام ‪.‬‬

‫‪ -‬عليوه مصطفى فتح الباب – نظام عقود اإلدارة – الكتاب األول مكتبة عبد الخالق ثروت القاهرة ‪ 2003‬ص ‪44‬‬ ‫‪249‬‬

‫‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و به ذا يمكن الق ول ب أن عق د االل تزام تكمن أهميت ه من حيث أن ه يس مح ب أن يح ل‬

‫ش خص ع ادي مح ل الس لطات العام ة في إدارة مرف ق ع ام‪ ،‬ولم يع د األم ر يقتص ر على‬

‫مجرد حلول شخص عادي أو شركة محل اإلدارة في إدارة مرفق عام‪ ،‬وإ نما أصبح الفرد‬

‫الع ادي أو المش رع يتكف ل ب داءة بإنش اء المرف ق وتش غيله م دة االل تزام ثم يعي ده م رة أخرى‬

‫إلى الدولة ‪.‬‬

‫و في ه ذا اإلط ار ن رى أن إمكاني ة اإلدارة بتكلي ف الغ ير بالقي ام ب دورها في إدارة‬

‫المرف ق واس تغالله يس تدعي ض رورة وج ود ق وانين تنظم ه ذه المس ألة لحماي ة الدول ـ ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫والمستهلك والتي يجب أن تقدم له الخدمة على الوجه المطلوب‪ ،‬حيث أن دولة اإلمارات‬

‫تفتقد لقانون خاص لعقود االلتزام أو العقود طويلة األجل ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقود اإلنشاءات الدولية‬

‫يمكن تعري ف ه ذا الن وع من العق ود بأن ه " ذل ك العق د ال ذي ي برم بين الدول ة أو أح د‬

‫األش خاص المعنوي ة العام ة من جه ة وبين ط رف أجن بي من جه ة أخ رى‪ ،‬يتعه د بمقتض اه‬

‫بتشييد مشروع ما كأعمال البناء وأشغال الهندسة المدنية أو التشييدات الصناعية األخرى‪،‬‬

‫وذلك في مقابل أجر‬ ‫‪250‬‬


‫وما يلحق به من أعمال مثل تصميم المشروع وتوريد التكنولوجيا‬

‫يتعهد به الطرف الوطني‪ ،‬وقد يتمثل األجر في مشروع يتقاسم األطراف تكاليفه وتوزع‬

‫بينهم أرباحه وخسائره ‪.‬‬

‫و يالحظ من خالل هذا التعريف ‪:‬‬

‫‪250‬‬
‫‪- HASSLERS (J) - Contrats de construction d’ensemble industriel- These de doctorat‬‬
‫‪Strasbourg France 1979 p 105 .‬‬
‫‪- G lavinis - Le contrat international de construction Paris 1993 p 283 .‬‬

‫‪189‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬أن هذه العقود تبرم في الغالب بين الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة من جه ـ ـ ـ ـــة‬

‫وطرف أجنبي خاص من جهة أخرى‪ ،‬ولكن ليس هناك ما يمنع من أن تبرم هذه العقود‬

‫بين دول تين أو شخص ين من أش خاص الق انون الع ام أو بين ط رفين من أش خاص الق انون‬

‫الخاص ‪.‬‬

‫‪ -‬يتمثل محل هذه العقود في أعمال البناء وأشغال الهندسة المدنية أو التشييدات الصناعية‬

‫األخ رى‪ ،‬وق د يتمث ل المح ل في م زيج من ه ذه األعم ال‪ ،‬وق د يقتص ر على إح داها‪ ،‬وال‬

‫يقتصر محل العقود على العقار وإ نما قد يكون محلها تشييد منقول كالطائرة أو السفينة أو‬

‫‪.‬‬ ‫‪251‬‬
‫نقل تكنولوجيا في مجال معين من بلد آلخر‬

‫‪ -‬تهدف هذه العقود إلى تنفيذ خطط التنمية االقتصادية وتحقيق الصالح العام من خالل ما‬

‫تقوم به من إنشاء عقارات وتشييد مشروعات البنية األساسية كنقل المعرفة عبر الدول‪.‬‬

‫و تتمث ل الطبيع ة القانوني ة له ذه العق ود في كونه ا ت برم بين دول نامي ة أو أح د‬

‫األش خاص المعنوي ة العام ة األخ رى به ا‪ ،‬وط رف خ اص أجن بي إلنش اء عق ارات أو تش ييد‬

‫مش روعات البني ة األساس ية وذل ك به دف تحقي ق التنمي ة االقتص ادية للبالد‪ ،‬وه ذا يع ني أن‬

‫أحد أطراف هذه العقود هو الدولة أو أحد أشخاص القانون العام وأنها تتعلق بمرفق عام‬

‫وته دف إلى تحقي ق المص لحة العام ة‪ ،‬وينطب ق عليه ا ش روط عق د األش غال العام ة في نظ ر‬

‫القان ـ ـ ـ ـ ـــون والقض اء الفرنس ي والمص ري‪ ،‬ولكن يش ترط النطب اق وص ف العق ود اإلداري ة‬

‫على ه ذه العق ود ت وافر ش روط اس تثنائية أي ممارس ة الدول ة أو أش خاص الق انون العام ة‬

‫ألساليب القانون العام في مواجهة الطرف األجنبي‪ ،‬ويعتبر هذا الشرط أساسي في مصر‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.183‬‬ ‫‪251‬‬

‫‪190‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وإ ن كان يمكن التجاوز عنه في فرنسا في حالة اتصال العقد بالمرفق العام اتصاال واضحا‬

‫ومباشرا‪.252‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن هذه العقود لها أهمية كبيرة في فرنسا خاصة أنها تجيز اللجوء‬

‫لكن‬ ‫‪253‬‬
‫إلى التحكيم في نطاق العقود الدولية وتحظر اللجوء إليه في نطاق العقود الداخلية‬

‫الصفة الدولية لهذه العقود يعتمد على معيارين ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬ويتمثل في المعيار االقتصادي حيث وفقا لهذا المعيار يعتبر العقد دوليا‪ ،‬إذا‬

‫ك ان ه ذا العقد متص ال بمص الح التجارة الدولية ولم ا كان مص طلح التج ارة الدولية يحت اج‬

‫إلى توض يح فق د ق امت محكم ة النقض الفرنس ية بتعريف ه في العدي د من أحكامه ا من خالل‬

‫اإلشارة إلى انطواء العقد على رابطة تتجاوز االقتصاد الداخلي لدولة معينة‪ ،‬بأن يتضمن‬

‫اس تيراد بض ائع من الخ ارج أو تص دير منتج ات وطني ة إلى دول ة أجنبي ة أو بص فة عام ة‬

‫يترتب عليه حركة ذهاب أو إياب للبضائع واألموال عبر الحدود‪.254‬‬

‫ثاني ا ‪ :‬المعي ار الق انوني – طبق ا له ذا المعي ار يع د العق د دولي ا إذا ك انت العناص ر‬

‫القانونية للعقد على اتصال بأكثر من نظام قانوني واحد‪ ،‬وعناصر العقد الذي يعول عليه‬

‫في تحديد هذه الصفة هي جنسية األطراف‪ ،‬مكان إقامتهم مكان إبرام العقد‪ ،‬ومكان تنفيذه‪،‬‬

‫لغة العقد العملة المستخدمة في الوفاء‪.255‬‬

‫‪ -‬ثروت بدوي – النظرية العامة للعقود اإلدارية – دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪ 1994‬ص ‪. 62‬‬ ‫‪252‬‬

‫‪ -‬أحم د رش اد محم ود س الم – عق ود اإلنش اء واإلدارة وتحوي ل الملكي ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة ‪ 2004‬ص‬ ‫‪253‬‬

‫‪.508‬‬
‫‪ -‬منير عبد المجيد – التنظيم القانوني للتحكيم التجاري الدولي والداخلي – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1997‬ص‬ ‫‪254‬‬

‫‪. 15‬‬
‫‪255‬‬
‫‪Jean Jacquet , - Le contrat international connaissance du droit DALLOZ 1992 p 5 .‬‬

‫‪191‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القواعد التي تحكم إبرام العقود اإلدارية‬

‫ألس اليب التعاق د قواع د ح ددها المش رع‪ ،‬وتتمث ل ه ذه القواع د في المس اواة بين‬

‫المتنافسين ومبدأ العالنية وحرمان بعض األشخاص من التعاقد مع اإلدارة‪ ،‬وهذا تأكيدا لم ا‬

‫ذهبت إلي ه محكم ة القض اء اإلداري العماني ة في أح د أحكامه ا ب القول ‪ " :‬إن مب ادئ تك افؤ‬

‫الفرص والمساواة وحرية التنافس بين المتنافسين ال تقوم إال في ظل وضع شروط موحدة‬

‫ه ذه القواع د والمب ادئ نظ را ألهميته ا س نعمل على‬ ‫‪256‬‬


‫للمناقص ة تس ري على الجمي ع‬

‫توضيحها في الفروع اآلتية ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المساواة بين المتنافسين‬

‫تعت بر المس اواة من المب ادئ المؤدي ة لتحقي ق اإلنص اف لج وانب الحي اة المختلفـ ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫واطمئن ان الن اس واس تقرار المجتم ع‪ ،‬وه ذا المب دأ من المب ادئ ال تي نص ت عليه ا مختل ف‬

‫الدساتير بصفة عامة ‪.‬‬

‫و في مج ال العق ود يس يطر في عق ود الق انون الخ اص مب دأ حري ة التعاق د ومب دأ‬

‫البساطة في التعاقد عدا بعض الشكليات التي قد يتطلبها القانون‪ ،‬بينما في القانون اإلداري‬

‫ف إن العق ود اإلداري ة يحكمه ا نظ ام ق انوني مختل ف عن مب ادئ الق انون الم دني‪ ،‬فالق انون‬

‫اإلداري يفرض على اإلدارة التزامات وقيود في صورة إجراءات التي قد ال يتبعها األفراد‬

‫فيما بينهم كما قد يضع على من تعاقد مع اإلدارة التزامات كثيرة تتطلبها فكرة المصلحة‬

‫العامة التي يعلو بها القانون على المصلحة الخاصة للمتعاقد مع اإلدارة ‪.‬‬

‫‪ -‬حكم محكم ة القض اء اإلداري في االس تئناف رقم ‪ 390‬لس نة ‪ 10‬ق منش ور في جري دة ال وطن العماني ة بالع دد‬ ‫‪256‬‬

‫‪ 9998‬بتاريخ ‪. 2010-12-18‬‬

‫‪192‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و تأسيسا على هذا كله أن حرية اإلدارة في اختيار المتعاقد معها مقيدة بقيود منها‬

‫المساواة بين المتنافسين على التعاقد معها‪ ،‬بغية الحصول على أحسن العروض‪ ،‬ولذلك ال‬

‫يجوز ها أن تخص بالعقد شخصا دون غيره ألسباب شخصية ال تمت إلى المصلحة العامة‬

‫بصلة‪ ،‬ومن هنا فإن اإلدارة والذين تتماثل مراكزهم القانونية‪.257‬‬

‫و يترتب على تطبيق مبدأ المساواة نتيجة قانونية هامة هي أنه ال يجوز لإلدارة أن‬

‫تخلق وسائل قانونية تميز بها المتقدمين للمنافسة‪ ،‬كما ال يجوز لها منح امتيازات أو وضع‬

‫عقب ات أم ام بعض المتق دمين للتعاق د‪ ،‬حيث أن ه ذه الوس ائل غ ير مش روعة‪ ،‬ومن وس ائل‬

‫التمي يز القانوني ة إعف اء أح د مق دمي العط اءات من دف ع الت أمين أو من تق ديم األوراق‬

‫المطلوب ة‪ ،‬ومن وس ائل التمي يز الواقعي ة خل ق وض ع واقعي يض ع بعض المتق دمين في‬

‫المناقص ة في وض ع أفض ل أو أس وأ من غ يرهم وذل ك أن فلس فة المناقص ة تكمن في فك رة‬

‫المساواة بين المنافسين على أساس مبدأ حرية المنافسة‪.258‬‬

‫و الحكمة من تطبيق هذه القاعدة هي ضمان الصالحية والكفاءة في مدن يرغب كل‬

‫من األفراد أو الشركات في التعاقد مع اإلدارة وذلك تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬إال أن مدى‬

‫حرية التنافس والمساواة بين المتنافسين يختلف باختالف طرق اختيار المتعاقد مع اإلدارة‬

‫حيث يتس ع مج ال إعم ال قاع دة المس اواة بين المتنافس ين في المناقص ات العام ة المفتوح ة‬

‫أمامهم جميعا فمن يجد في نفسه الكفاءة ويستطيع القيام باألعمال المطلوبة وفق الشروط‬

‫المعلن عنها ويرغب في المشاركة له ذلك ‪،‬بينما يقل مجال إعمالها في طريقة الممارسة‪،‬‬

‫‪ -‬نواف كنعان – القانون اإلداري – الكتاب الثاني‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان ‪ 2009‬ص ‪. 334‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة – األسس العامة في العقود اإلدارية – الطبعة األولى‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات‬ ‫‪258‬‬

‫القانونية القاهرة مصر ‪ 2008‬ص ‪. 232‬‬

‫‪193‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أو في المناقصة المحدودة والمحلية‪ ،‬وفي هذا االتجاه تنص الفقرة األولى من الباب الثالث‬

‫المخص ص لط رق الش راء والتعاق د من دلي ل المش تريات والمناقص ات والمزاي دات المطب ق‬

‫حاليا بإمارة أبو ظبي على ‪ " :‬أن المناقصة تقوم على مبادئ ثالثة حاكمة هي ‪ :‬العالنية‪،‬‬

‫المساواة‪ ،‬وحرية المنافسة‪.259‬‬

‫و على ه ذا األس اس ك ذلك ال يج وز لإلدارة أن تقب ل أي عط اء ال تت وافر في ه‬

‫الش ـــروط والمواص فات المطلوب ة‪ ،‬أو إذا تم تقديم ه بع د الميع اد‪ ،‬أو لم يس توف المس تندات‬

‫الجوهرية المطلوبة‪ ،‬أو إذا لم يرفق به الضمان االبتدائي كامال وهو ما أشارت إليه المادة‬

‫(‪ )41‬من ق انون المناقص ات العم اني حينم ا ذك رت بأن ه يجب على مجلس المناقص ات‬

‫استبعاد العطاء بقرار مسبب في أي من الحاالت اآلتية ‪:‬‬

‫أ – إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة ‪.‬‬

‫ب – إذا لم يكن العطاء مستوفيا للشروط والمواصفات ‪.‬‬

‫ج – إذا لم يكن مق دم العط اء مس جال في الس لطنة‪ ،‬وذل ك باس تثناء العط اءات المقدم ة في‬

‫المناقصات الدولية من الشركات والمؤسسات الدولية ‪.‬‬

‫د – إذا لم يكن العطاء مصحوبا بالتأمين المؤقت كامال ‪.‬‬

‫هـ ‪ -‬إذا لم يكن يثبت مقدم العطاء سالمة موقفه المالي ‪.‬‬

‫و – إذا كانت وثائق العطاء غير مكتملة أو غير موقعة أو غير مختومة من مقدمها ‪.‬‬

‫‪ -‬دليل المشتريات والمناقصات والمزايدات‪ ،‬صادر بموجب أحكام القانون رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 2008‬في شأن المشتريات‬ ‫‪259‬‬

‫والناقصات والمزايدات والمستودعات إلمارة أبو ظبي بدولة اإلمارات العربية المتحدة ‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ز – إذا صدر حك نهائي بإفالس أو إعسار مقدم العطاء أو اتخذت إجراءات قضائية ضده‬

‫لهذا السبب ‪.‬‬

‫ح – إذا انط وى العط اء على مخالف ة ألحك ام المرس وم الس لطاني رقم ‪ 39/1982‬بحماي ة‬

‫المال العام وتجنب تضارب المصالح ‪.‬‬

‫كما ال يجوز لإلدارة كقاعدة عامة أن تتفاوض مباشرة مع أحد المتقدمين بعط اءاتهم‬

‫دون اآلخرين في شأن تعديل عطائه في خارج االستثناءات التي قد يقررها المشرع على‬

‫هذه القاعدة العامة ‪.‬‬

‫و عموما فإن أية استثناءات ترد على قاعدة عامة من القواعد التي يتضمنها النظام‬

‫الق انوني للمناقص ات والمزاي دات يجب أن يرتب ط إعماله ا بمقتض اها ويتس اوى في تطبيقه ا‬

‫جمي ع المتق دمين ال ذين يوج دون في مرك ز ق انوني واح د‪ ،260‬إلى ج انب ه ذا تح رص‬

‫التش ريعات المقارن ة الخاص ة ب العقود اإلداري ة على النص ص راحة بحرم ان بعض األف راد‬

‫أو األشخاص المعنوية الخاصة من التعاقد مع اإلدارة لتالفي األضرار بالمصلحة العامة ‪.‬‬

‫و مم ا ينبغي التأكي د علي ه قب ل ك ل ش يء ه و أن اإلدارة له ا الح ق في اس تعمال‬

‫سلطاتها المتعددة كل على االنفراد وعلى نحو مستقل أو بصورة مجتمعة ما لم يكن هناك‬

‫عقب ات عملي ة في إمكاني ة جم ع ه ذه الس لطات على أن ال تتعس ف في ممارس ة ه ذه الق درة‬

‫القانوني ة تج اه المتعاق د‪ ،‬وتتمث ل س لطات اإلدارة في بعض األحي ان وهي محق ة في ذل ك‬

‫بحرم ان بعض المتنافس ين من التعاق د معه ا كج زاء على إخالل المتن افس إخالال جس يما‬

‫بالتزامات ه التعاقدي ـ ـــة ( كمحاولت ه للتع اطي للغش والتالعب ) أو لفق د االعتب ار في حال ة‬

‫اإلفالس أو لس حب العم ل من ه مس بقا أو لوج ود مظن ة اس تغالل النف وذ أو ممن لهم عالق ة‬

‫‪ -‬سعاد الشرقاوي – العقود اإلدارية – دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪ 1995‬ص ‪. 375‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪195‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مباشرة بين وظيفتهم وبين اإلدارة‪ ،‬وفي هذا اإلطار نصت المادة ‪ 11‬من القرار الوزاري‬

‫رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 2000‬بشأن نظام عقود اإلدارة بدولة اإلمارات العربية المتحدة على أنه "‬

‫ال يج وز للموظ ف أن تك ون ل ه مص لحة بال ذات أو بالواس طة في أعم ال أو المق اوالت أو‬

‫عق ود تتص ل بأعم ال ال وزارة الت ابع له ا‪ ،‬ويحظ ر على الع املين ب إدارة المش تريات أو قس م‬

‫المخازن بوزارة المالية والصناعة أو الوزارة الطالبة التقدم بعطاءات في المناقصات‪ ،‬كما‬

‫ال يجوز تكليفهم بتنفيذ أعمال أو شراء أصناف منهم سواء مباشرة أو عن طريق منشآت‬

‫يش اركون في ملكيته ا أو وكالء له ا‪ ،‬أو يكون ون ض من أعض اء مجلس إدارته ا‪ ،‬وينطب ق‬

‫‪.‬‬ ‫‪261‬‬
‫مضمون هذه المادة على أعضاء لجنة المناقصات‬

‫و تماش يا م ع ه ذا كل ه نص ت الفق رة الثاني ة من الم ادة ‪ 9‬من دلي ل المشتري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــات‬

‫والمناقص ات والمزاي دات على أن ه ‪ " :‬يحظ ر ترس ية عق ود المش تريات والخ دمات على‬

‫أط راف بقص د تحقي ق مص لحة شخص ية للموظ ف المس ؤول في ال دائرة المعني ة أوتك ون‬

‫قدمت له مكافأة أو عطية أو تفضيل معين بغية الحصول على عقد ما أو معاملة خاصة ‪.‬‬

‫و يستشف من هذا أن دولة اإلمارات العربية المتحدة تعمل جاهدة على حماية المال‬

‫العام وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار‪ ،‬وتلبية حاجيات المواطن التي تعتبر شغلها‬

‫الشاغل‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العالنية‬

‫إذا ك ان للف رد الحري ة الكامل ة في اختي ار من يتعاق د مع ه‪ ،‬ألن ه يتعام ل في أموال ـ ـ ـ ـــه‬

‫وش ؤونه الخاص ة‪ ،‬ف إن اإلدارة على العكس ال ي ترك له ا الق انون حري ة مطلق ة في اختي ار‬

‫المتعاق د‪ ،‬وإ نم ا يقي د ه ذه الحري ة بقي ود منه ا مب دأ العالني ة وال ذي يع ني قي ام جه ة اإلدارة‬

‫‪ -‬سعاد الشرقاوي – العقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪.376‬‬ ‫‪261‬‬

‫‪196‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الراغب ة في التعاق د ب اإلعالن عن موض وع التعاق د‪ ،‬وذل ك ليمكن ك ل من تنطب ق علي ه‬

‫شروطه التقدم بعطائه‪ ،‬فيكون هناك مجال حقيقي للمنافسة بين الراغبين في التعاقد م ـــتتتع‬

‫اإلدارة‪ ،‬وذل ك بغي ة الحص ول على أحس ن الع روض فيقص د ب اإلعالن إخب ار ذوي الش أن‬

‫بالمناقـ ـــصة وإ بالغهم بالش روط العام ة للعق د وكيفي ة الحص ول على قائم ة الش روط‬

‫والمواص ـ ـ ـ ـ ــفات واألسعار‪.262‬‬

‫و في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة يعت بر اإلعالن عنص را أساس يا من العناص ر‬

‫ال تي تض من قي ام مب دأ المنافس ة ألن ه يمنح الفرص ة لك ل راغب في التن افس أن يتق دم‬

‫بعطاءاته‪ ،‬كما يتعين على اإلدارة أن تقوم باتباع األوضاع التي فرضتها القوانين واللوائح‬

‫أو دفاتر الشروط العامة في شأن اإلعالن‪ ،‬فإذا خالفتها اإلدارة ترتب على مخالفتها بطالن‬

‫إجراءات المناقصة‪.‬‬

‫ل ذلك أوجب ك ل من المش رع االتح ادي والمحلي إلم ارة أب و ظ بي إج راءات معين ة‬

‫لإلعالن عن الناقصة وهي كاآلتي ‪:‬‬

‫المش رع االتح ادي ذهب إلى أن ه يتم اإلعالن عن المناقص ة في وقت مناس ب بحيث‬

‫يس مح بإعادته ا إذا ل زم األم ر‪ ،‬وأن يتم النش ر في لوح ة اإلعالن ات ب وزارة المالي ة‬

‫والصناعة‪ ،‬أو الوزارة المعنية وفي جريدتين يوميتين مختلفتين واسعتي االنتشار ‪،‬على أن‬

‫يكون النشر مرتين على األقل‪ ،‬وهذا على خالف المشرع العماني الذي لم يستلزم أن يتم‬

‫النش ر م رتين‪ ،‬إنم ا قص ره على م رة واح دة كم ا جع ل النش ر في جري دة يومي ة واس عة‬

‫االنتشار باللغتين العربية واالنجليزية‪ ،‬كذلك أجاز النشر بالوسائل اإللكترونية وفي لوحة‬

‫‪ -‬ناصر غنيم الزيد – رقابة القضاء على أعمال اإلدارة – دراسة مقارنة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬ ‫‪262‬‬

‫جامعة القاهرة كلية الحقوق السنة الجامعية ‪ 2004‬ص ‪. 406‬‬

‫‪197‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إعالن ات بمجلس المناقص ات أو الجه ة المعني ة ب اللغتين العربي ة واالنجليزي ة‪ ،‬وفي ال وقت‬

‫ذات ه ت رك األم ر لمجلس المناقص ات بش أن التج اوز عن مخالف ات النش ر إذا اقتض ت‬

‫المص لحة العامـ ـ ـــة ذل ك‪ ،‬وأن ه ذه الخط وة تعت بر جي دة إذا م ا نظ ر إلى التط ور الس ريع‬

‫الحاصل في شتى مجاالت الحياة‪ ،‬وخاصة وسائل اإلعالم المختلفة‪ ،‬وبالتالي فإنه في ظل‬

‫الم ادة ‪ 18‬من ق انون المناقص ات ال يحت اج األم ر إلى ت دخل المش رع م رة أخ رى ليع دل‬

‫المادة‪ ،‬بل األمر متاح لمجلس المناقصات بأن يقرر في ما تقتضيه المصلحة العامة بقرار‬

‫مسبب يصدر منه ‪.‬‬

‫أما بخصوص المناقصة العامة الدولية بدولة اإلمارات والتي توجه فيها الدعوة إلى‬

‫الم وردين والمق اولين داخ ل الدول ة وخارجه ا وذل ك من خالل ال دعوة إليه ا بط رق النش ر‬

‫المختلف ة أو على موق ع حكوم ة أب و ظ بي االلك تروني‪ ،‬لكن في س لطنة عم ان بخص وص‬

‫المناقص ات الخارجي ة ( الدولي ة ) أن النص لم يوض ح أس اليب النش ر ال واجب اتباعه ا في‬

‫الخارج‪ ،‬ذلك أن اإلخطار بصيغة اإلعالن فقط ال تغني عن نشر التفاصيل‪ ،‬كما أن تحديد‬

‫المقاولين أو الموردين المشتغلين بنوع النشاط موضوع المناقصة من قبل سفارتهم هو أم ر‬

‫في غاية الصعوبة‪ ،‬ولذلك كان من األفضل أن تتضمن المادة طريقة أكثر تفصيال وسهولة‬

‫لنشر اإلعالن في الخارج‪.263‬‬

‫و يستشف من كل ما تقدم أن القواعد التي تحكم إجراءات إبرام العقود اإلدارية ال‬

‫تعتبر مجرد قواعد داخلية للجهة اإلدارية إن شاءت تمسكت بها وإ ن شاءت تن ازلت عنـــها‪،‬‬

‫ولكنه ا قواع د وض عت لص الح اإلدارة واألف راد على الس واء وقص د به ا كفال ة اح ترام مب دأ‬

‫‪ -‬ناصر غنيم الزيد – رقابة القضاء على أعمال اإلدارة – دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 407‬‬ ‫‪263‬‬

‫‪198‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المس اواة بين المتعاق دين جميع ا‪ ،‬وي ترتب على مخالفته ا بطالن م ا تص دره اإلدارة من‬

‫ق رارات‪ ،‬تأكي دا للمب ادئ العام ة ال تي أقره ا النظ ام األساس ي للدول ة‪ ،‬وال تي تتض من أن‬

‫األف راد جميعهم سواس ية أم ام الق انون وهم متس اوون في الحق وق والواجب ات العام ة‪ ،‬وال‬

‫تمييز ببينهم في ذلك ‪.‬‬

‫و في ه ذا اإلط ار نص ت الم ادة األولى من المرس وم المتعل ق بالص فقات العمومي ة‬

‫على ‪:‬‬ ‫‪264‬‬


‫بدولة المغرب‬

‫يخضع إبرام الصفقات العمومية للمبادئ التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬حرية الولوج إلى الطلبية العمومية ‪.‬‬

‫‪ -‬المساواة في التعامل مع المتنافسين ‪.‬‬

‫‪ -‬ضمان حقوق المتنافسين ‪.‬‬

‫‪ -‬الشفافية في اختيارات صاحب المشرع ‪.‬‬

‫‪ -‬ويخضع إبرام الصفقات العمومية كذلك لقواعد الحكامة الجيدة ‪.‬‬

‫‪ -‬يأخذ إبرام الصفقات العمومية بعين االعتبار احترام البيئة وأهداف التنمية المستدامة ‪.‬‬

‫من ش أن ه ذه المب ادئ أن تمكن من ت أمين الفعالي ة في الطلبي ة العمومي ة وحس ن‬

‫اس تعمال الم ال الع ام‪ ،‬وتتطلب تعريف ا قبلي ا لحاج ات اإلدارة واح ترام واجب ات اإلش هار‬

‫واللجوء إلى المنافسة واختيار العرض األفضل اقتصاديا ‪.‬‬

‫‪ -‬يتعلق األمر بالمرسوم رقم ‪ 2-12-349‬المتعلق بالصفقات العمومية السالف الذكر ‪.‬‬ ‫‪264‬‬

‫‪199‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يتم تفعيل هذه المبادئ والواجبات وفقا للقواعد المحددة في هذا المرسوم‪ ،‬وبهذا‬

‫يمكن القول إن أساليب ومبادئ إبرام العقود اإلدارية عكست آثارها االيجابية على عملية‬

‫إبرام العقد اإلداري حيث كان هناك تقييد لحرية اإلدارة في التعاقد إذا أوجب المش رع على‬

‫اإلدارة اتباع األحكام المنصوص عليها في النظام األساسي للدولة وفي القوانين والقرارات‬

‫واألنظمة المختلفة التي تنظم عملية التعاقد ‪.‬‬

‫و يس تخلص مم ا س بق أن الص فقات العمومي ة تتطلب اتب اع اإلج راءات القانوني ـ ـ ـ ـــة‬

‫واإلدارية المقررة وفق القوانين والنظم السارية والمتعلقة بالعقود اإلدارية‪ ،‬ذلك أن العقود‬

‫في دول ة اإلم ارات ليس له ا تنظيم خ اص يخ ول جه ة اإلدارة س لطات أرحب للتمكن من‬

‫ت أمين س ير المراف ق العام ة وتحقي ق الغاي ة المرج وة من إنش ائه وهي الخ دمات العام ة‬

‫لألفـ ـ ـــراد‪ ،‬ول ذلك فهي تفتق د وج ود تعري ف واض ح لعق د االل تزام‪ ،‬حيث إن ه ذا التعري ف‬

‫يمكن استخالصه من المبادئ العامة في تكييف العقد‪ ،‬حيث تشير إلى أن العقد اإلداري ال‬

‫يرتبط بالوصف والمسمى ولكن بنية المتعاقدين عند إبرام العقد‪ ،‬وفي دولة اإلمارات أسند‬

‫ذلك إلى محكمة الموضوع‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المحكمة االتحادية العليا‪.265‬‬

‫و يطبق ذلك على العقود اإلدارية باعتباره من القواعد العامة التي ال تأبى وطبيعة‬

‫الروابط العقدية في القانون الخاص ‪.‬‬

‫ف العقود اإلداري ة يجب أن تعم ل على تحقي ق المص لحة العام ة وبص فة دائم ة‪ ،‬حيث‬

‫نصت في ذلك المادة ‪ 58‬من قانون المعامالت المدنية اإلماراتي على أن " التصرف على‬

‫الرعية منوط بالمصلحة " ويفسر البعض هذا النص بأنه يخلص إلى توافر أمرين هما ‪:‬‬

‫‪ -‬طعن مدني رقم ‪ 506‬لسنة ‪ 19‬ق جلسة ‪. 1999-10-26‬‬ ‫‪265‬‬

‫‪200‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أوال ‪ :‬أن رعاي ة المص لحة العام ة والس عي نح و تحقيقه ا من اط س لطة التص رف في‬

‫شؤون الرعية من ممثلي الجهات اإلدارية ‪.‬‬

‫ثاني ا ‪ :‬أن تل تزم اإلدارة في كاف ة تص رفاتها بتحقي ق ه دف رعاي ة أف راد المجتـ ـ ـ ـ ـــمع‬

‫وتحقي ق المص لحة العام ة‪ ،‬حيث تعت بر تص رفات اإلدارة ال تي ال ته دف منه ا إلى تحقي ق‬

‫المصلحة العامة خارج الهدف الذي منحت ألجله والية التصرف ‪.‬‬

‫فالسلطات االستثنائية الممنوحة لإلدارة سواء في سواء العقد أو إنهائه والتي تميز‬

‫العقود اإلدارية عن غيرها من العقود ال تستمد من نصوص العقد بل من متطلبات النظام‬

‫الع ام وم ا يتطلب ه من ض مان حس ن س ير المراف ق العام ة بانتظ ام واض طراد في أدائ ه‬

‫للخدمات المنوط إليه تقديمها للجمهور‪ ،‬لذلك لم تكن هناك ضرورة للنص عليه في العقد‬

‫أو موافق ة من الط رف المتعاق د م ع اإلدارة‪ ،‬لكن ذل ك مرتب ط بتحقي ق المص لحة فتعت بر‬

‫تصرفاتها باطلة‪ ،‬حيث إنه ال يحق لها ذلك إال لمقتضيات الصالح العام ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية وبعض تطبيقاته‬

‫على ال رغم من ع دم وج ود ق انون مس تقل للتحكيم في دول ة اإلم ارات العربي ة‬

‫المتح دة‪ ،‬إال أن المش رع اإلم اراتي ع الج موض وع التحكيم وخص ص ل ه باب ًا مس تقًال في‬

‫ق انون اإلج راءات المدني ة رقم ‪ 11/1992‬والمع دل بالق انون رقم ‪ 30/2005‬وت رك‬

‫ألطراف النزاع حرية االتفاق على التحكيم من خالل شرط التحكيم الذي قد يرد في العقد‬

‫أو في مشارطة مستقلة‪.‬‬

‫في فترة التسعينات وإ لى عهد قريب كان التحكيم من المواضيع الجديدة في المجتم ع‬

‫الق انوني لدول ة اإلم ارات ‪ -‬على ال رغم من ِق دم ه حيث عالجت ه الش ريعة اإلس المية ‪ -‬ل ذا‬
‫‪201‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كان محل جدل واسع السيما من ناحية تنفيذ أحكام المحكمين الصادرة خارج الدولة حيث‬

‫كانت تتردد المحاكم في إعطاء األمر بتنفيذ مثل هذه األحكام لعدم انسجامها مع الشروط‬

‫الخاص ة بتنفي ذ األحك ام األجنبي ة وأحك ام المحكمين ال واردة تفص يًال في ق انون اإلج راءات‬

‫المدنية‪.‬‬

‫ولكن ش يئًا فش يئًا أخ ذ ه ذا الموض وع يتط ور ويحظى باهتم ام العدي د من القطاع ات‬

‫خصوص ًا بع د النهض ة العمراني ة ال تي ش هدتها الدول ة في العق د األخ ير وال ذي ترك ز في‬

‫ج انب كب ير من ه على ج ذب المس تثمرين األج انب للمش اركة في مواص لة مس يرة النج اح‬

‫والنهضة‪ ،‬وألن التحكيم ُي شكل ضمانة حقيقية لهؤالء المستثمرين قبل اتخاذ قرار االس تثمار‬

‫في بل د م ا‪ ،‬أدرك المش رع اإلم اراتي أهمي ة موض وع التحكيم وأع اد النظ ر نح و إب رازه‬

‫بش كل ينم على احترام ه إلرادة األط راف في اللج وء إلى التحكيم كوس يلة بديل ة لفض‬

‫وخاص ة منازع ات الص فقات العمومي ة‪ .‬وتبل ور ه ذا‬ ‫‪266‬‬


‫المنازع ات عوض ًا عن القض اء‬

‫المفه وم أخ يرًا حينم ا انض مت دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة إلى اتفاقي ة نيوي ورك‬

‫لالعتراف بقرارات التحكيم األجنبية وتنفيذها وذلك من خالل المرسوم االتحادي رقم ‪43‬‬

‫لسنة ‪.2006‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬س نعالج في ه ذا المق ام التحكيم في منازع ات الص فقات العمومي ة‪ ،‬بينم ا‬

‫يخصص الجزء الثاني لبسط تطبيقات عملية لموضوع التحكيم من خالل بعض الصفقات‬

‫الدولية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‬

‫‪ -266‬قانون اإلجراءات المدنية المتعلق بالتحكيم باإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬الباب الثالث المتعلق بالتحكيم‪ ،‬من المادة ‪ 203‬إلى المادة ‪.218‬‬

‫‪202‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم كوس يلة لتس وية المنازع ات – بص فة عام ة – زادت أهميت ه في اآلون ة‬

‫األخ يرة نظ رًا لتش عب العالق ات االقتص ادية الدولي ة لم ا يتس م ب ه من س رعة اإلج راءات‬

‫وبساطتها‪ ،‬إضافة التصافه بالبعد عن لدد الخصومة الذي يمثل آفة التقاضي عادي ًا كان أم‬

‫إداريًا‪.267‬‬

‫ويتس م التحكيم بأن ه أس لوب فري د في تس وية المنازع ات حيث يخت ار أط راف‬

‫الخصومة قضاتهم فور إبرام التعاقد وقبل نشوء أي نزاع بصدده‪ ،‬بإدراج شرط في العقد‬

‫األصلي بتسوية منازعاته عن طريق التحكيم‪ ،‬أو بالنص عليه في وثيقة مستقلة ملحقة به ذا‬

‫العقد‪.‬‬

‫وفي كلتا الحالتين يستقل شرط التحكيم عن شروط العقد األخرى‪ ،‬بحيث ال ينسجم‬

‫م ا يع تري العق د من بطالن أو م ا ي رد علي ه من فس خ أو إنه اء على ه ذا الش رط م ا دام‬

‫صحيحًا في ذاته‪.‬‬

‫وإ ذا كان االتفاق على التحكيم قد يرد سابقًا على قيام نزاع‪ ،‬فإنه قد يأتي الحق ًا على‬

‫وقوعه في اتفاق منفصل عن العقد األصلي‪.‬‬

‫والتحكيم يك نى ب النزاع المتف ق على تس ويته ب ه‪ ،‬فق د يك ون تجاري ًا حينم ا يقص د ب ه‬

‫تس وية ن زاع تج اري‪ ،‬وق د يك ون إداري ًا حينم ا يه دف االتف اق علي ه إلى الفص ل في ن زاع‬

‫إداري عقديًا كان أم غير عقدي‪.‬‬

‫وق د أث ار التحكيم في منازع ات الص فقات العمومي ة ‪-‬في مص ر مثال‪ -‬ج دًال فقهي ًا‬

‫واسعًا وترددًا قضائيًا بِّينًا حول مدى جوازه في غياب نص تشريعي صريح يجيزه بقانون‬
‫‪ -267‬د‪ .‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة‪ :‬التحكيم في منازعات العقود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة – دراس ة تحليلي ة في ضوء أحدث أحك ام قضاء‬
‫مجلس الدولة‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2006‬ص ‪.5/6‬‬

‫‪203‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم في المنازع ات المدني ة والتجاري ة رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬إلى أن تم حس م ه ذا األم ر‬

‫بإج ازة التحكيم في منازع ات العق ود بم وجب التع ديل التش ريعي لق انون التحكيم الص ادر‬

‫بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ ،1997‬مع تقيد تلك اإلجازة بضرورة موافقة الوزير المختص‪ ،‬أو‬

‫من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة مع حظر التفويض في ممارسة‬

‫هذا االختصاص‪.‬‬

‫ويس ري على العق ود اإلداري ة ذات الط ابع ال دولي م ا يس ري على العق ود اإلداري ة‬

‫الداخلي ة من أحك ام التحكيم وقي وده‪ ،‬وذل ك رغب ة في ت دفق االس تثمارات األجنبي ة‪ ،‬كنتيج ة‬

‫لبث الطمأنين ة في نفس المس تثمر األجن بي ال ذي يستش عر توجس ًا حي ال القاض ي الوط ني‪،‬‬

‫والتعديالت المتعاقبة للتشريعات الداخلية‪ ،‬إضافة إلى قناعته بعدم صالحية النظ ام القض ائي‬

‫ال داخلي لتس وية نزاع ات دولي ة تك ون لس رعة الفص ل فيه ا أهمي ة بالغ ة‪ ،‬وه و األم ر ال ذي‬

‫يتحق ق ب التحكيم ال ذي يع د اس تثناء من االختص اص الع ام للقض اء بالفص ل في تس وية‬

‫المنازعات بكافة صورها وخصوصا المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية‪.‬‬

‫للتحكيم بص فة عام ة م بررات دعت إلى وج وده كوس يلة س ريعة لفض منازع ات‬

‫تقتضي طبيعتها الخاصة سرعة الفصل فيها‪.‬‬

‫وعلى ال رغم من ك ون التحكيم وس يلة لتس وية المنازع ات بحكم مل زم ألطرافه ا‪ ،‬إال‬

‫أن له ذاتيته الخاصة‪ ،‬التي ينفرد بها عما سواه من وسائل تسوية المنازعات‪.‬‬

‫وللتحكيم ص ورتين يتم إفراغ ه في أي منهم ا‪ ،‬كم ا أن ل ه العدي د من األن واع ال تي‬

‫تختلف بحس ب دور اإلرادة في قيام ه أو بحسب نطاقه الجغ رافي أو بحسب األساس ال ذي‬

‫يستند إليه المحكمون في إصدار قرارهم‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وإ ذا ك ان التحكيم في الص فقات العمومي ة ه و موض وع ه ذا الفص ل‪ ،‬ف إن األم ر‬

‫يقتضي منا عرضًا لألحكام العامة للتحكيم قبل تناول التحكيم في منازعاتها‪.‬‬

‫وكل ما سبق سوف نتناوله تفصيًال فيما يلي‪ :‬األول‪ :‬يتم من خالله تعريف التحكيم‬

‫ومبررات ه‪ ،‬الث اني‪ :‬يهم ص ور التحكيم وأنواع ه‪ ،‬الث الث‪ :‬يتع رض لش روط التحكيم‬

‫وإ جراءاته‪ ،‬والرابع‪ :‬يتناول الموقف إزاء التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف التحكيم وذاتيته‬

‫التحكيم هو اتفاق على طرح نزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا‬

‫فيه دون المحكمة المختصة‪.268‬‬

‫ويالح ظ من خالل س ير العملي ة التش ريعية للدول ة االتحادي ة بش أن تحدي د أس اليب‬

‫التعاقد اإلدارية أنه قد صدرت بعض التعاميم المالية واإلدارية المحدودة منها قرار مجلس‬

‫الوزراء رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1984‬بتشكيل اللجنة الدائمة للمشروعات االستثمارية التي تتظمنها‬

‫خطة الدولة‪.‬‬

‫ك ذلك ص در الق رار رقم ‪ 21‬لس نة ‪ 1976‬بخص وص تش كيل اللجن ة الدائم ة‬

‫للمش روعات العام ة وتحدي د اختصاص اتها‪ .‬ثم القرار رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1980‬ال دي حتم على‬

‫الجه ات اإلداري ة اتب اع أس اليب تعاقدي ة مح ددة تتمث ل في المناقص ة والش راء بالممارس ة‬

‫والش راء ب األمر المباش ر‪ .‬وأخ يرا ج اء الق رار ال وزاري رقم ‪ 20‬لس نة ‪ 2000‬بش أن نظ ام‬

‫عق ود اإلدارة لتنظيم قواع د وإ ج راءات ش راء الم واد ومق اوالت األعم ال واألش غال وعق ود‬
‫‪269‬‬
‫اإلدارة األخرى‪.‬‬
‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬طعن رقم ‪ 886‬لسنة ‪ 30‬ق‪ ،‬جلسة ‪18/1/1994‬م‪.‬‬ ‫‪268‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عاد علي الحمود القيسي ‪ :‬العقد اإلداري وفقا لنظام عقود اإلدارة في دولة اإلمارات العربية المتحدة مرجع سابق ص ‪161‬‬ ‫‪269‬‬

‫‪205‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إن جمي ع ه ده التش ريعات اإلداري ة ق د ع الجت موض وع العق ود اإلدارة إال أنه ا لم‬

‫تتط رق ص راحة إلى التحكيم اإلداري‪ ،‬ك دلك ق انون المرافع ات االتح ادي رقم ‪ 11‬لس نة‬

‫‪ 1992‬ه و اآلخ ر لم يع الج التحكيم اإلداري وإ نم ا اقتص رت نص وص التحكيم في ه على‬

‫تنظيم اإلجراءات والقواعد العامة للتحكيم في المواد من ‪ 218 – 202‬وجميعها نصوص‬

‫إجرائية وتنظيمية‪ ،‬أجازت بصفة عامة للمتعاقدين أن يشترطو في العقد األساسي أو باتف اق‬

‫الحق عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيد عقد معين على محكم أو أكثر ولم تجوز‬

‫االتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة‪ ،‬ولم يشر القانون المدكور عن طبيعة‬

‫أط راف ال نزاع فيم ا إدا ك ان من أش حاص الق انون الع ام أم ال‪ ،‬ولم يتع رض أيض ا بش كل‬

‫صريح إلى طبيعة هده المنازعات فيما إداكانت منازعات العقود اإلدارية داخلية أم دولية‪.‬‬

‫كم ا لم يتض من الق انون أي نص ص ريح يخص االع تراف بش رط التحكيم في ه ده‬

‫العقود وبالتالي لم يضع المشرع نظاما خاصا بالتحكيم بشأن منازعات عقود الدولة‪ .‬وإ نما‬

‫أناط أمر حسم المنازعات العقدية اإلدارية بلجنة التعويضات والتحكيم‪.‬‬

‫فالتحكيم إحدى الوسائل البديلة لحل المنازعات‪ ،‬اتسم أفاقه وطنيا ودوليا‪ ،‬حيث عم‬

‫االع تراف بش رعية التحكيم كاف ة أف راد الجماع ة الدولي ة على اختالف نظمه ا القانوني ة‬

‫واختالف أوض اعها االقتص ادية‪ ،‬وب اتت كاف ة دول الع الم –بص رف النظ ر على نظامه ا‬

‫السياسي واالجتماعي واالقتصادي وعن درجة نموها االقتصادي ‪-‬تترك له مكانا متزايدا‬

‫في تحقي ق العدال ة‪ ،‬وتحي ط مؤسس اته الوطني ة فيه ا بالرعاي ة‪ .‬وعلى المس توى الموض وعي‬

‫اتسع نطاق القابلية للتحكيم ليشمل مجاالت كانت باألمس القريب بعيدة عنه‪ ،‬كما هو الحال‬

‫مثال في المنازعات التي تكون الدولة أو أحد األشخاص العامة طرفا فيها وفي المنازعات‬

‫‪206‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التي يتصل موضوعها بالنظام العام‪.270‬ومن ثم فهو عملية قانونية مركبة تقوم على اتفاق‬

‫أط راف ن زاع معين على ع رض خالفهم على محكم أو أك ثر للفص ل في ه في ض وء قواع د‬

‫الق انون ومبادئ ه العام ة ال تي تحكم إج راءات التقاض ي‪ ،‬أو على ض وء قواع د العدال ة‪ ،‬وفق ًا‬

‫لما ينص عليه االتفاق‪ ،‬مع تعهد أطراف النزاع بقبول الحكم الذي يصدر عن المحكمين‪،‬‬

‫والذي يحوز حجية األمر المقضي ويصدر بتنفيذه أمر من السلطة القضائية في الدولة التي‬

‫يراد تنفيذه بها‪.271‬‬

‫وقد عرفته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بأنه " االتفاق‬

‫على عرض النزاع أمام محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بدًال من المحكمة المختصة به‪ ،‬وذلك‬
‫‪272‬‬
‫بحكم ملزم للخصوم‪.‬‬

‫وفي تعريف المحكمة الدستورية العليا للتحكيم ذهبت إلى أنه " عرض لنزاع معين‬

‫بين طرفين على محكم من األغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما‪ ،‬على ضوء شروط‬

‫يحددانها‪ ،‬ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائي ًا عن شبهة المماألة‪ ،‬مجردًا‬

‫من التحامل وقاطعًا لدابر الخصومة في جوانبها‪ ،‬التي أحال الطرفان إليه‪ ،‬بعد أن يدلي كل‬
‫‪273‬‬
‫منهما بوجهة نظره تفصيًال‪ ،‬من خالل ضمانات التقاضي الرئيسية‪.‬‬

‫وفي إسباغ الطبيعة القضائية على التحكيم ذهبت هذه المحكمة إلى أنه " وسيلة فنية‬

‫لها طبيعة قضائية‪ ،‬غايتها الفصل في نزاع محدد‪ ،‬مبناه عالقة محل اهتمام من أطرافها‪،‬‬

‫‪ ،Dunsher de abranches -270‬التحكيم والعق ود المتعلق ة باألعم ال العلمي ة‪ ،‬والتكنولوجي ة والبحثي ة‪ ،‬واس تخدام المخترع ات‪ ،‬والدراي ة الفني ة‪،‬‬
‫تقرير مقدم إلى المؤتمر الدولي الرابع للتحكيم‪ ،‬موسكو ‪ 6-3‬أكتوبر ‪ ،1972‬مجلة التحكيم ‪ ،1972‬بند ‪ ،17‬ص ‪.284‬‬
‫‪ - 271‬د‪ /‬يسرى محمد العصار‪ ،‬التحكيم في المنازعات اإلدارية العقدية وغير العقدية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪2002‬م‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -272‬فت وى رقم ‪ 661‬في ‪ ،1/7/1989‬جلس ة ‪ ،17/5/1989‬ص ‪ ،138‬مجموع ة المب ادئ القانوني ة ال تي قررته ا المحكم ة والجمعي ة العمومي ة‬
‫لقسمي الفتوى والتشريع في أربعين عامًا من أول أكتوبر سنة ‪ ،1955‬حتى آخر سبتمبر سنة ‪ ،1995‬ص ‪.143‬‬
‫‪ -‬المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬دعوى رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 15‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ،17/12/1994‬الجريدة الرسمية العدد ‪ 2‬في ‪.12/1/1995‬‬ ‫‪273‬‬

‫‪207‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وركيزت ه اتف اق خ اص‪ ،‬يس تمد المحكم ون من ه س لطاتهم وال يتول ون مه امهم بالت الي بإس ناد‬
‫‪274‬‬
‫من الدولة‪.‬‬

‫والتحكيم اصطالح عام يقترن به مسميات فرعية تختلف بحسب المنازعة التي ي راد‬

‫حس مها‪ ،‬ف إذا ك انت المنازع ة تجاري ة تس مى ب التحكيم التج اري وإ ذا ك انت المنازع ة مدني ة‬

‫أطلق عليه تحكيمًا مدنيًا‪ ،‬وإ ذا كانت المنازعة إدارية سمي التحكيم إداريًا‪.‬‬

‫والتحكيم اإلداري ه و وس يلة قانوني ة تلج أ إليه ا الدول ة أو أح د األش خاص المعنوي ة‬

‫العام ة األخ رى لتس وية ك ل أو بعض المنازع ات الحالي ة أو المس تقبلة الناش ئة عن عالق ات‬

‫قانوني ة ذات ط ابع إداري عقدي ة أو غ ير عقدي ة فيم ا بينه ا‪ ،‬أو بين إح داها وأح د أش خاص‬

‫الق انون الخ اص الوطني ة أو األجنبي ة‪ ،‬س واء ك ان اللج وء إلى التحكيم اختياري ًا أو إجباري ًا‬
‫‪275‬‬
‫وفقًا لقواعد القانون اآلمرة‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن إرادة أطراف العقد أو النزاع هي التي تنشئ اتفاق التحكيم إال‬

‫أنها ال تنشئ التحكيم ذاته‪ ،‬حيث أن إجازة التحكيم تتطلب نص المشرع على تلك اإلجازة‬

‫مح ددًا لنط اق التحكيم بمع نى تحدي د المس ائل ال تي يج وز أو يحظ ر فيه ا التحكيم‪ ،‬إض افة‬

‫لضرورة تحديد التشريع لكيفية تنفيذ أحكام المحكمين والطعن عليها‪.‬‬

‫وتأكيدًا لذلك فقد نصت المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم‬

‫في المواد المدنية والتجارية على أنه " ال يجوز االتفاق على التحكيم إال للشخص الطبيعي‬

‫أو االعتب اري ال ذي يمل ك التص رف في حقوق ه‪ ،‬وال يج وز التحكيم في المس ائل ال تي ال‬

‫يجوز الصلح فيها"‪.‬‬


‫‪ -‬المحكمة الدستورية العليا‪ ،‬قضية رقم ‪ 65‬لسنة ‪ 18‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ،6/1/2001‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 3‬في ‪.18/1/2001‬‬ ‫‪274‬‬

‫‪ -‬عزيزة الشريف‪ ،‬التحكيم اإلداري في القانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪ 21‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪275‬‬

‫‪208‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فهذا النص حدد الشخص الذي يملك إبرام اتفاق التحكيم وأخرج من نطاقه المسائل‬

‫التي ال يجوز تسويتها صلحًا‪.‬‬

‫وبن اء على م ا تق دم فإن ه إذا ك ان لمب دأ س لطان اإلرادة دور في قي ام التحكيم‪ ،‬إال أن‬

‫إرادة أطراف النزاع غير كافية لذلك‪ ،‬حيث يتعين أن يجيز المشرع لهم اللجوء لهذا النظ ام‬

‫في تس وية المنازع ة‪ ،‬وإ ال أض حى المختص ه و قض اء الدول ة ال تي وق ع على أرض ها‬


‫‪276‬‬
‫النزاع‪.‬‬

‫وب ذلك فالبد لقي ام التحكيم من تواف ق إرادة الخص وم م ع إرادة المش رع المفرغ ة في‬

‫نص تشريعي يجيز هذا النظام االستثنائي لتسوية النزاع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ذاتية وتميز التحكيم عن الوسائل األخرى لتسوية المنازعات‬

‫تحسم المنازعات بغض النظر عن نوعها إما قضاءًا وإ ما صلحًا‪ ،‬أو توفيق ًا ويتمتع‬

‫التحكيم بوص فه وس يلة لتس وية المنازع ات بذاتي ة خاص ة تم يزه عن األس اليب الس ابقة رغم‬

‫تشابهها معه وهذا ما سوف نستوضحه فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تميز التحكيم عن القضاء‪:‬‬

‫هن اك العدي د من األوج ه ال تي تم يز التحكيم عن قض اء الدول ة الرس مي‪ ،‬تتمث ل في‬

‫أساس ونطاق كل منهما‪ ،‬باإلضافة إلى الصالحيات التي تملكها المحكمة وهيئ ة التحكيم‪،‬‬

‫واآلثار المترتبة على كل منهما‪.‬‬

‫أ‪ -‬االختالف من حيث األساس‬

‫‪ -‬يراجع في ذلك‪ ،‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية سنة ‪1997‬م‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪276‬‬

‫‪209‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أس اس اللج وء للتحكيم ه و إرادة ط رفي ال نزاع س واء وردت في ش رط تحكيمي أو‬

‫في مش ارطة التحكيم‪ ،‬وعلى العكس من ذل ك ف إن اللج وء إلى القض اء ال يحت اج إلى اتف اق‬

‫أطراف النزاع على ذلك‪ ،‬حيث يكون بوسع كل من يدعي أن له حقًا لدى آخر أن يلجأ إلى‬

‫القض اء طالب ًا الحماي ة القض ائية لحق ه ال ذي ينازع ه في ه آخ ر‪ ،‬وهن ا ينش أ له ذا اآلخ ر ح ق‬

‫الدفاع عن نفسه أمام القضاء‪.‬‬

‫ومن ثم ف إن االلتج اء إلى القض اء ه و بمثاب ة ح ق ع ام للخص م أن يس تعمله تلقائي ًا‪،‬‬


‫‪277‬‬
‫دون حاجة إلى الحصول على موافقة الخصم اآلخر‪ ،‬أو االستناد إلى نص خاص‪.‬‬

‫واللج وء للتحكيم ال يع د بمثاب ة تن ازل عن ح ق اللج وء للقض اء لتعل ق ه ذا الح ق‬


‫‪278‬‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ولو تم مثل هذا التنازل فإنه يعد تنازًال باطًال ال يرتب أثرًا قانونيًا‪.‬‬

‫وعلى الرغم من ذلك فإن اتفاق طرفي النزاع على إحالته للتحكيم‪ ،‬يؤدي إلى عدم‬

‫جواز رفع دعوى بشأنه أمام القضاء‪ ،‬حيث يقضي بعدم قبول تلك الدعوى إذا دفع المدعى‬
‫‪279‬‬
‫عليه بذلك‪ ،‬لوجود اتفاق على حل النزاع بواسطة التحكيم‪.‬‬

‫ب‪ -‬االختالف من حيث نطاق االختصاص‬

‫نط اق اختص اص القض اء أوس ع بالمقارن ة بنط اق هيئ ة التحكيم نظ رًا لم ا يتمت ع ب ه‬

‫القضاء من والية عامة تمكنه من الفصل في جميع المنازعات في حين أن نطاق التحكيم‬

‫يقتصر على المنازعة المتعلقة بحقوق مالية‪ ،‬من الجائز الصلح والتنازل فيها‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪277‬‬

‫‪ -‬المحكمة االدارية العليا‪ ،‬طعن رقم ‪ 886‬لسنة ‪ 30‬ق‪ ،‬جلسة ‪.18/1/1994‬‬ ‫‪278‬‬

‫‪ -‬يراجع في ذلك نص المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم في مصر‪.‬‬ ‫‪279‬‬

‫‪210‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ومن ثم فال يمت د نط اق اختص اص التحكيم إلى الفص ل في المنازع ات المتعلق ة‬

‫بمشروعية أعمال اإلدارة كدعوى اإللغاء مثًال‪.‬‬

‫ومن الج دير بال ذكر أن ه إذا عرض ت أم ام هيئ ة التحكيم وهي بص دد الفص ل في‬

‫النزاع المعروض عليها‪ ،‬مسألة عرضية يخرج الفصل فيها عن اختصاص هيئة التحكيم‬

‫وكان هذا الفصل الزمًا للفصل في موضوع النزاع القائم أمامها‪ ،‬فعلى هيئ ة التحكيم إيق اف‬
‫‪280‬‬
‫إجراءاته‪ ،‬حتى يصدر حكم نهائي بصدد تلك المسألة من الجهة القضائية المختصة‪.‬‬

‫ج‪ -‬االختالف من حيث األثر‬

‫األصل العام في األحكام القضائية هو تمتعها بحجية نسبية‪ ،‬حيث تقتصر آثار الحكم‬

‫على أط راف ال دعوى دون أن تمت د لس واهم‪ ،‬ويس تثنى من ه ذا األص ل الع ام األحك ام‬

‫الص ادرة في ال دعوى ذات الطبيع ة العيني ة ك دعوى اإللغ اء‪ ،‬حيث تتمت ع األحك ام الص ادرة‬

‫فيها بحجية مطلقة‪ ،‬تسري في مواجهة الكافة‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذل ك ف إن حكم التحكيم ليس ل ه في جمي ع األح وال س وى حجي ة‬

‫نسبية حيث يقتصر أثره على طرفي النزاع وحدهما‪.‬‬

‫د‪ -‬االختالف من حيث قابلية الحكم للتنفيذ‬

‫الحكم القضائي يكون واجب التنفيذ بمجرد صدوره وانقضاء مواعيد الطعن عليه م ا‬

‫لم يكن قد قضي بوقف تنفيذه‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك فإن أحك ام المحكمين البد لتنفيذها من صدور أمر بذلك من‬

‫السلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬يراجع في ذلك المادة ‪ 46‬من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬م‪ ،‬بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية‪.‬‬ ‫‪280‬‬

‫‪211‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -2‬تميز التحكيم عن الصلح‪:‬‬

‫الص لح ش أنه كش أن التحكيم وس يلة لتس وية المنازع ات اإلداري ة بديل ة عن اللج وء‬

‫للقضاء العام في الدولة‪.‬‬

‫ويش به الص لح التحكيم في أن أس اس ك ل منهم ا اتج اه إرادة ط رفي المنازع ة إلى‬

‫تسويتها بعيدًا عن القضاء‪ ،‬سواء كانت تلك المنازعة قد وقعت بالفعل أو ستقع مستقبًال‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أوجه التشابه السابقة إلى أن هناك اختالفًا بينًا بين الصلح والتحكيم‬

‫يتمثل في أن األول ينطوي على تنازل كل من طرفي النزاع عن كل أو بعض ما يتمسك‬

‫به في مواجهة الطرف اآلخر‪ .‬في حين تتجه إرادة طرفي اتفاق التحكيم إلى االتفاق على‬

‫إحالة النزاع للتحكيم مع اختيارهم للمحكم الذي سيعهدون إليه بحسم النزاع بحكم يلزمهم‬

‫دون أن ينطوي ذلك على تنازالت متبادلة بين طرفي النزاع‪.‬‬

‫وبناءًا على ما تقدم فإن الصلح والتحكيم يختلفان في أن الصلح نظام ًا اتفاقي ًا صرفًا‬

‫من بداي ة إجراءات ه إلى نهايته ا‪ ،‬أم ا التحكيم فه و رض ائي فق ط في أساس ه‪ ،‬أي من حيث‬
‫‪281‬‬
‫حرية اللجوء أو عدم اللجوء إليه‪.‬‬

‫‪ -3‬تميز التحكيم عن التوفيق‪:‬‬

‫التوفي ق كأس لوب لتس وية المنازع ات ال تي تك ون الدول ة طرف ًا فيه ا أم ر اس تحدثه‬

‫المش رع بم وجب الق انون رقم ‪ 7‬لس نة ‪ 2000‬وال ذي نص ت الم ادة األولى من ه على أن "‬

‫تنش أ في ك ل وزارة أو محافظ ة أو هيئ ة عام ة أو غيره ا من األش خاص االعتباري ة العام ة‬
‫‪ -‬يراجع في ذلك د‪ .‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية سنة ‪ ،1997‬ص ‪.15‬‬ ‫‪281‬‬

‫‪212‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لجن ة أو أك ثر للتوفي ق في المنازع ات التجاري ة واإلداري ة‪ ،‬ال تي تنش أ بين ه ذه الجه ات‬

‫اإلدارية وبين العاملين بها‪ ،‬أو بينها وبين األفراد واألشخاص االعتبارية الخاصة‪.‬‬

‫ويصدر بتشكيل لجنة التوفيق قرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو‬

‫أح د أعض اء الهيئ ات القض ائية الس ابقين بدرج ة مستش ار على األق ل‪ ،‬وتمث ل فيه ا الجه ة‬

‫اإلدارية بعضو ويمثل أمام تلك اللجنة الطرف اآلخر في النزاع أو من ينوب عنه‪.‬‬

‫وتختص لجن ة التوفي ق اختصاص ًا وجوبي ًا بنظ ر جمي ع المنازع ات ال تي تك ون جه ة‬

‫إداري ة طرف ًا فيه ا‪ ،‬م ا ع دا المنازع ات ال تي تك ون وزارة ال دفاع طرف ًا فيه ا والمنازع ات‬

‫المتعلقة بالحقوق العينية العقارية والمنازعات التي تفرد القوانين لتسويتها أنظمة خاصة‪،‬‬

‫أو يتفق على فضها عن طريق التحكيم‪.‬‬

‫وعلى ض وء م ا تق دم ف إن هن اك ف روق جوهري ة بين نظ امي التحكيم والتوفي ق في‬

‫تس وية المنازع ات أوله ا‪ :‬أن اللج وء إلى التحكيم أساس ه اختي ار ط رفي ال نزاع وإ رادتهم‬

‫الح رة فلهم اللج وء إلي ه أو الع زوف عن ه وب ذلك ينعق د االختص اص للقض اء تلقائي ًا بتس وية‬

‫النزاع‪ ،‬في حين أن اللجوء إلى لجان التوفيق وجوبي ما دامت الدولة أو شخص ًا اعتباري ًا‬

‫عام ًا طرف ًا في ال دعوى‪ ،‬بحيث ال يج وز اللج وء إلى القض اء للفص ل في ال نزاع إال بع د‬

‫عرضه على لجنة التوفيق المختصة وإ صدارها توصية فيه لم يقبلها أحد طرفي ال نزاع‪ ،‬أو‬

‫انقضاء المدة التي حددها القانون للجنة إلصدارها توصيتها دون أن تصدرها‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬أن هيئة التحكيم تصدر أحكامًا يلتزم بها طرفي النزاع‪ ،‬أما ما يصدر عن‬

‫لجان التوفيق فال يعدو أن يكون توصية ال تكتسب طابع اإلل زام إال إذا وافقت عليه ا الجهة‬

‫اإلدارية وطرف النزاع اآلخر خالل خمسة عشر يومًا من تاريخ عرضها عليهما‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وثالثه ا‪ :‬اتس اع نط اق اختص اص لج ان التوفي ق بالمقارن ة باالختص اص المق رر‬

‫لهيئ ات التحكيم وال تي يقتص ر نط اق اختصاص ها على المس ائل الج ائز الص لح فيه ا لع دم‬

‫تعلقها بالنظام العام وعلى العكس من ذلك فإن نطاق اختصاص لجان التوفيق يمتد ليشمل‬

‫جميع المنازعات ما دامت اإلدارة طرفًا فيها‪ ،‬حتى ولو كانت تلك المنازعة متصلة بمسائل‬

‫تتعلق بالنظام العام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبررات اللجوء للتحكيم‬

‫التحكيم والقض اء الع ام في الدول ة ش ريكان في تحقي ق ه دف واح د ه و تس وية‬

‫المنازع ات وإ ن اختل ف األول عن الث اني في أن ه يس تند إلى إرادة ط رفي ال نزاع كأس اس‬

‫لقيامه‪ ،‬حيث تتجه تل ك اإلرادة إلى التحكيم لتسوية المنازعات الحالية أو المستقبلية بصدد‬

‫موضوع معين بحكم ملزم ألطراف المنازعة‪ ،‬مفضلة بذلك نظ ام التحكيم عن اللجوء إلى‬

‫القضاء وذلك لما يتسم به التحكيم من المميزات التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مميزات نظام التحكيم‬

‫‪ -1‬بساطة اإلجراءات وسرعة القرار‪:‬‬

‫إج راءات التحكيم بس يطة حيث يح دد أط راف ال نزاع تل ك اإلج راءات‪ ،‬األم ر ال ذي‬

‫إض افة لم ا في التحكيم من اختص ار ل درجات‬ ‫‪282‬‬


‫ي ؤدي إلى س رعة إص دار ق رار التحكيم‬

‫التقاض ي‪ ،‬حيث تص در هيئ ة التحكيم حكم ب ات غ ير قاب ل للطعن في ه من حيث الموض وع‬
‫‪283‬‬
‫وقابل للتنفيذ الفوري‪.‬‬

‫‪ -‬يراجع في هذا المعنى‪ ،‬د‪ .‬ناريمان عبد القادر‪ ،‬اتفاق التحكيم وفق ًا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬دار‬ ‫‪282‬‬

‫النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1996‬ص ‪.68‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيم االختياري واإلجباري‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪1978‬م‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫‪283‬‬

‫‪214‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -2‬السرية‪:‬‬

‫القض اء الع ادي تتص ف إجراءات ه بالعالني ة وه و أم ر ق د ال يفض له أط راف ال نزاع‪،‬‬

‫لم ا ت ؤدي إلي ه تل ك العالني ة من كش ف ألس رارهم المهني ة أو لمرك زهم االقتص ادي األم ر‬

‫الذي يلحق بهم ضررًا قد تفوق جسامته خسرانهم للدعوى‪.‬‬

‫ل ذلك ف إنهم يج دون في اللج وء للتحكيم بغيتهم حيث أن إرادتهم هي ال تي تح دد‬

‫إجراءات ه‪ ،‬ولهم – إذا أرادوا ذل ك – جع ل كاف ة إج راءات التحكيم س رية‪ ،‬إذا رأوا أن في‬

‫عالنيتها ما يلحق بهم الضرر وهو األمر الذي ال يملكونه في حالة التقاضي أمام القضاء‬

‫العادي والذي ال تكون جلساته سرية إال إذا تعلق األمر بالحفاظ على اآلداب العام ة أو أمن‬

‫الدولة الخارجي أو الداخلي وفق تقدير المحكمة المنظور أمامها النزاع‪.‬‬

‫‪ -3‬اختيار أطراف النزاع لمحكميه‪:‬‬

‫تمكين أط راف ال نزاع من اختي ار من يص درون حكم ًا في ه م يزة ينف رد به ا التحكيم‬

‫يفتقدونها في حالة اللجوء إلى القضاء حيث ال يملك الخصم اختيار قاضيه‪.‬‬

‫ويحق ق تمكين أط راف ال نزاع من اختي ار هيئ ة التحكيم م يزة هام ة‪ ،‬تتمث ل في ثقتهم‬

‫في هؤالء المحكمين الذين وقع عليهم االختيار ال سيما إذا كان النزاع متعلق بمسائل فنية‬

‫يص عب على القاض ي الفص ل فيه ا دون إحالته ا إلى خب ير في الموض وع مح ل المنازع ة‬

‫األم ر ال ذي ق د يس تغرق وقت ًا ق د يط ول رغم م ا له ذا ال وقت من أهمي ة بالنس بة ألط راف‬

‫ال نزاع ناهي ك عن إجه ادهم مالي ًا‪ ،‬في أم ر من ش أن لج وئهم للتحكيم للفص ل في ه أن يغ نيهم‬

‫عن ذلك‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لك ل م ا تق دم ف إن التحكيم كأس لوب لتس وية المنازع ات يع د أفض ل من القض اء الع ام‬

‫في الدول ة‪ ،‬ب ل أن من ش أن اتباع ه تخفي ف أعب اء ه ذا القض اء لم ا ي ؤدي إلي ه من تقلي ل‬

‫القضايا التي تعرض عليه‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تكدسها وإ طالة أمد الفصل فيها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االعتراض على نظام التحكيم‬

‫على ال رغم من األهمي ة الس ابقة لنظ ام التحكيم كوس يلة يس تغني به ا أط راف ال نزاع‬

‫عن قض اء الدول ة إال أن البعض اعت بر أن في اللج وء إلي ه فرض ًا إلرادة ط رف ق وي في‬

‫العالقة التي أنشأت المنازعة موضوع التحكيم على الطرف اآلخر‪ ،‬حيث اعتبره آلية من‬

‫فه و وس يلة تمكن وح دات ه ذا النظ ام وهي الش ركات‬ ‫‪284‬‬


‫آلي ات النظ ام الرأس مالي الع المي‬

‫العابرة للقارات من اإلفالت من التقاضي أمام القاضي الوطني‪ ،‬هذا من ناحية ومن ناحية‬

‫ثانية فتوجد اعتبارات كثيرة تؤثر في اختي ار المحكمين‪ ،‬وفي تحديد القانون المطبق على‬
‫‪285‬‬
‫النزاع نتيجة لوجود الدول الرأسمالية والشركات القوية كأطراف في عالقة التحكيم‪.‬‬

‫إض افة إلى م ا تق دم ف إن التحكيم يتس م بالتكلف ة االقتص ادية العالي ة وال تي مرجعه ا‬

‫األتعاب المرتفعة التي يحصل عليها المحكمين‪.286‬‬

‫وعلى الرغم من تلك االنتقادات الموجهة لنظام التحكيم إال أنها ال تؤثر في كون ه ق د‬

‫أصبح واقعًا يفرض نفسه كشرط حتمي لبقاء الدولة في المنظومة االقتصادية الدولية‪ ،‬وإ ن‬

‫ك ان األم ر يقتض ي التقلي ل من المس الب ال تي تح وط بنظ ام التحكيم بت دخل من المنظم ات‬

‫‪ -‬د‪ .‬حسام محمد عيسى‪ ،‬دراسات في اآلليات القانونية للتبعية الدولية " التحكيم التجاري الدولي" نظرية نقدي ة ب دون ت اريخ أو دار نشر‪ ،‬ص‬ ‫‪284‬‬

‫‪.6‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد القشري‪ ،‬التحكيم في عقود الدولة ذات العنصر األجنبي‪ ،‬مجموعات محاضرات الموسم الثقافي لنادي مجلس الدولة‪ ،‬سنة ‪،1981‬‬ ‫‪285‬‬

‫المجلد األول ص ‪.99‬‬


‫‪ -‬د ‪ .‬جابر جاد صابر‪ ،‬التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،1997،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪286‬‬

‫‪216‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االقتصادية الدولية لتحقيق التوازن والمثالية في هذا النظام‪ ،‬وحتى ال يكون وسيلة ينتصر‬

‫به طرف قوي على آخر ضعيف ألن ذلك ليس في صالح أحد من المنظور الع ام للعالق ات‬

‫االقتصادية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬صور التحكيم وأنواعه‬

‫سنعالج من خالل محتوى هذه الفقرة صور التحكيم وأنواعه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬صور التحكيم‬

‫االتف اق على اللج وء إلى التحكيم لتس وية ن زاع م ا‪ ،‬يتم إفراغ ه في إح دى ص ورتين‬

‫أولهما ما يسمى بشرط التحكيم وثانيهما يطلق عليه مشارطة التحكيم‪:‬‬

‫شرط التحكيم‬ ‫‪.1‬‬

‫ه و اتف اق ي رد ض من نص وص عق د معين‪ ،‬يق رر بموجب ه األط راف اللج وء إلى‬

‫التحكيم لتسوية المنازعات المستقبلية التي تثور حول العقد وتنفيذه‪.‬‬

‫وعادة ما يدرج شرط التحكيم في العقد األصلي إال أن هذا ال يمنع من االتفاق عليه‬

‫في وثيقة مستقلة تعد بمثابة ملحق للعقد األصلي‪.‬‬

‫وش رط التحكيم مس تقل عن العق د ال ذي ورد ب ه ومن ثم فال ي ؤدي بطالن ه ذا العق د‬

‫إلى بطالن ش رط التحكيم‪ ،‬وه ذا األم ر ي رتب اختص اص المحكم بس لطة النظ ر في‬

‫المنازع ات المتص لة ببطالن ه ذا العق د‪ ،‬حيث أن المحكم ال يس تمد واليت ه من العق د الباط ل‬
‫‪287‬‬
‫وإ نما من شرط التحكيم المستقل عنه‪.‬‬

‫‪ -‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.195‬‬ ‫‪287‬‬

‫‪217‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وق د تأك د ه ذا االس تقالل بنص الم ادة ‪ 23‬من الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بش أن‬

‫التحكيم في المواد المدنية والتجارية من أنه يعتبر شرط التحكيم اتفاق ًا مستقًال عن شروط‬

‫العقد األخرى‪ ،‬وال يترتب على بطالن العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم‬

‫الذي يتضمنه‪ ،‬إذا كان هذا الشرط صحيحًا في ذاته"‪.‬‬

‫مشارطة التحكيم‬ ‫‪.2‬‬

‫هي اتف اق يبرم ه األط راف‪ ،‬منفص ًال عن العق د األص لي‪ ،‬بموجب ه يتم اللج وء إلى‬

‫التحكيم للفصل في نزاع قائم فعًال بصدد هذا العقد‪.288‬‬

‫ومن ثم ف إن مش ارطة التحكيم ت أتي الحق ة على قي ام ال نزاع بعكس ش رط التحكيم‬

‫والذي يكون سابقًا على نشوئه‪.‬‬

‫وق د اع ترف ق انون التحكيم الح الي رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بص ورتي التحكيم‪ ،‬حيث‬

‫نص ت الم ادة العاش رة من ه على أن " اتف اق التحكيم ه و اتف اق الط رفين على االلتج اء إلى‬

‫التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة عالقة‬

‫قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية"‪.‬‬

‫ولم ي رد ب النص تقي دًا للش رط التحكيمي حيث نص ت الفق رة الثاني ة من ه على أن ه "‬

‫يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقًا على قيام النزاع سواء قام مستقًال بذاته أو ورد في عقد‬

‫معين بش أن ك ل أو بعض المنازع ات ال تي ق د تنش أ بين الط رفين وفي ه ذه الحال ة يجب أن‬

‫يحدد موضوع النزاع ‪ ....‬كما يج وز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد‬

‫‪ -‬يراجع في هذا المعنى‪ ،‬د‪ .‬سامية راشد‪ ،‬التحكيم في العالقات الدولية الخاصة‪ ،‬الكتاب األول ‪ -‬اتفاق التحكيم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة‬ ‫‪288‬‬

‫‪ ،1984‬ص ‪.75‬‬

‫‪218‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب أن يحدد االتفاق المسائل‬

‫التي يشملها التحكيم‪ ،‬وإ ال كان االتفاق باطًال"‪.‬‬

‫ووفقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة سالفة الذكر فإنه " ‪ ...‬يعتبر اتفاق ًا على‬

‫التحكيم كل إحالة ت رد في العق د إلى وثيقة تتضمن ش رط تحكيم إذا ك انت اإلحالة واض حة‬

‫في اعتبار هذا الشرط جزءًا من العقد"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع التحكيم‬

‫ينقس م التحكيم من حيث دور إرادة الخص وم في إنش ائه إلى تحكيم اختي اري وتحكيم‬

‫إجباري وبالنظر إلى النطاق الجغرافي ينقسم التحكيم إلى تحكيم داخلي وتحكيم خارجي‪.‬‬

‫كما ينقسم من حيث األساس الذي يستند إليه المحكمون إلى تحكيم بسيط وتحكيم م ع‬

‫التفويض بالصلح‪.‬‬

‫التحكيم االختياري والتحكيم اإلجباري‬ ‫‪.1‬‬

‫األص ل في التحكيم أن يك ون اختياري ًا‪ ،‬بحيث يس تند في قيام ه إلى إرادة أط راف‬

‫النزاع‪ ،‬في اتفاق يختارون فيه المحكم والقانون الواجب التطبيق وإ جراءات التحكيم‪.‬‬

‫واختيارية التحكيم تعني ترك الحرية ألطراف النزاع في اللجوء إلى هذا األسلوب‬

‫لتس وية ال نزاع‪ ،‬أو الع زوف عن ذل ك مفض لين رف ع األم ر للقض اء‪ ،‬أو اللج وء ألي طري ق‬

‫آخر لتسوية نزاعهم‪.‬‬

‫وعلى ال رغم من ذل ك فق د يك ون التحكيم إجباري ًا حينم ا يفرض ه المش رع على‬

‫الخص وم لتس وية بعض المنازع ات نظ رًا لطبيعته ا الخاص ة‪ ،‬بحيث ال يس تطيع الخص وم‬

‫‪219‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اللجوء إلى القضاء لتسوية تلك المنازعات‪.‬‬

‫وفي التحكيم اإلجب اري ق د يكتفي المش رع بف رض التحكيم تارك ًا للخص وم حري ة‬

‫اختي ار المحكم وتع يين إج راءات التحكيم‪ ،‬وق د ال يكتفي المش رع به ذا الق در من الت دخل‪،‬‬

‫فيض ع تنظيم ًا ك امًال إلج راءات التحكيم بحيث ال يك ون إلرادة الخص وم أي دور في ه ذا‬
‫‪289‬‬
‫الشأن‪.‬‬

‫ومن األمثلة الواضحة للتحكيم اإلجباري التحكيم في المنازعات التي تثور فيما بين‬

‫الهيئات العامة وشركات القطاع العام‪ ،‬حيث أن هذه المنازعات ال تعد خصومات حقيقية‬

‫تتصارع فيها مصالح األطراف المتنازعة‪ ،‬ألن نتيجة هذه المنازعات تؤول في النهاية إلى‬

‫ميزانية الدولة‪.‬‬

‫وق د أس بغ المش رع الطبيع ة القض ائية على الحكم ال ذي يص در عن هيئ ة التحكيم في‬

‫منازع ات المش روعات العام ة‪ ،‬حيث نص ت الم ادة ‪ 32‬من الق انون رقم ‪ 97‬لس نة ‪1983‬‬

‫بشأن شركات القطاع العام على أن هيئة التحكيم تنظر النزاع المطروح أمامها على وجه‬

‫الس رعة‪ ،‬دون تقي د بقواع د ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة‪ ،‬إال م ا تعل ق منه ا‬

‫بالض مانات األساس ية في التقاض ي‪ ،‬وعليه ا أن تص در أحكامه ا في م دة ال تج اوز ثالث ة‬

‫أشهر من تشكيلها‪.‬‬

‫كم ا نص ت الم ادة ‪ 66‬من ذات الق انون على أن أحك ام هيئ ات التحكيم تك ون نهائي ة‬

‫ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن‪.‬‬

‫‪ .2‬التحكيم الداخلي والتحكيم الخارجي‬

‫‪ -‬د‪ .‬عصمت عبد اهلل الشيخ‪ ،‬التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.30‬‬ ‫‪289‬‬

‫‪220‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يعد التحكيم داخليًا ومن ثم يخضع ألحكام التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬متى صدر‬

‫حتى ولو كان تحكيم ًا تجاري ًا دولي ًا‪ ،‬أي يحسم نزاع ًا ناشئًا عن‬ ‫‪290‬‬
‫حكم التحكيم في مصر‬

‫عالق ة قانوني ة ذات ط ابع اقتص ادي وك ان موض وعه متعلق ًا بالتج ارة الدولي ة وذل ك بش رط‬
‫‪291‬‬
‫توافر إحدى الحاالت التي نص عليها القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذل ك ف إن التحكيم يع د خارجي ًا إذا ص در في ه حكم التحكيم خ ارج‬

‫مص ر‪ ،‬وه ذا الن وع من التحكيم خ ارج عن نط اق الخض وع للق انون المص ري وذل ك على‬

‫ال رغم من أن التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬أي المتعل ق بالتج ارة الدولي ة يمكن أن يخض ع‬
‫‪292‬‬
‫لقانون التحكيم المصري‪ ،‬في حالة اتفاق أطرافه على إخضاعه لهذا القانون‪.‬‬

‫وبن اءًا على م ا تق دم يتض ح أن المش رع المص ري يعتم د في تحدي ده لدولي ة التحكيم‬

‫على معي ارين أولهم ا جغ رافي يس تند إلى تع دد جنس يات أط راف التحكيم وتع دد األم اكن‬

‫ومك ان التنفي ذ ومك ان التحكيم ومح ل إقام ة أط راف ال نزاع وثانيهم ا اقتص ادي حيث يك ون‬

‫التحكيم دوليًا متى كان موضوعه نزاع ًا يتعلق بالتجارة الدولية‪ ،‬حيث نصت المادة الثالثة‬

‫‪ -‬د‪ .‬فتحي والي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء المدني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.30‬‬ ‫‪290‬‬

‫‪ -‬يعتبر التحكيم تجاريًا دوليًا إذا توافرت فيه إحدى الحاالت اآلتية‪:‬‬ ‫‪291‬‬

‫‪ -‬إذا ك ان المرك ز ال رئيس ألعم ال ك ل من ط رفي التحكيم يق ع في دول تين مختلف تين وقت إب رام العق د‪ ،‬ف إذا ك ان ألح د الط رفين ع دة مراك ز‬
‫لألعم ال ف العبرة ب المركز األك ثر ارتباط ًا بموض وع اتف اق التحكيم‪ ،‬وإ ذا لم يكن ألح د ط رفي التحكيم مرك ز أعم ال ف العبرة بمح ل إقامت ه‬
‫المعتاد‪.‬‬
‫‪ -‬إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة‪ ،‬أو مركز التحكيم يوجد مقره داخل أو خارج مصر‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا ك ان المرك ز الرئيس ي ألعم ال ك ل من ط رفي التحكيم يق ع في الدول ة ذاته ا وقت إب رام اتف اق التحكيم‪ ،‬وك ان أح د األم اكن اآلتي ة واقع ًا‬
‫خارج الدولة‪:‬‬
‫مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم‪ ،‬أو أشار إلى كيفية تعيينه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مكان تنفيذ جانب جوهري من االلتزامات الناشئة عن العالقة التجارية بين الطرفين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫المكان األكثر ارتباطًا بموضوع النزاع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -‬المادة األولى من القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬بشأن التحكيم‪.‬‬ ‫‪292‬‬

‫‪221‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫من قانون التحكيم على أن يكون التحكيم دوليًا متى كان موضوعه يتعلق بالتجارة الدولية‪،‬‬

‫في أي من الحاالت السابق ذكرها‪.‬‬

‫‪ .3‬التحكيم البسيط والتحكيم مع التفويض بالصلح‬

‫التحكيم البس يط ه و التحكيم ال ذي يس تند المحكم في إص دار حكم ه في ه إلى قواع د‬

‫الق انون بمعن اه الواس ع وال ذي يش مل جمي ع القواع د القانوني ة مكتوب ة ك انت أم غ ير مكتوب ة‬

‫كالمبادئ القانونية العامة والعرف‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان التحكيم البس يط ه و األص ل فإن ه اس تثناء من ه يجيء التحكيم م ع التف ويض‬

‫بالص لح وبموجب ه يخول ط رفي المنازع ة هيئ ة التحكيم سلطة الفص ل في موض وع ال نزاع‬

‫على مقتضى قواعد العدل واإلنصاف دون التقيد بأحكام قانون ما‪.‬‬

‫وق د أخ ذ المش رع المص ري بكال الن وعين من التحكيم حيث نص ت الفق رتين األولى‬

‫والثاني ة من ق انون التحكيم على أن تفص ل هيئ ة التحكيم في ال نزاع طبق ًا للقواع د القانوني ة‬

‫التي يتفق عليها الطرفان‪ ،‬أو القواعد الموضوعية في القانون التي يتفق عليها الطرف ان‪ ،‬أو‬

‫القواع د الموض وعية في الق انون ال تي ت رى هيئ ة التحكيم أنه ا أك ثر اتص اًال ب النزاع‪ ،‬إذا لم‬

‫يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع‪.‬‬

‫إض افة إلى نص الفق رة الرابع ة من نفس الم ادة على أن ه " يج وز لهيئ ة التحكيم إذا‬

‫اتف ق طرف ا التحكيم ص راحة على تفويض ها بالص لح أن تفص ل في موض وع ال نزاع على‬

‫مقتضى قواعد العدالة واإلنصاف دون التقيد بأحكام القانون"‪.‬‬

‫‪ .4‬شروط التحكيم وإ جراءاته‬

‫‪222‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم كإجراء قانوني يستوجب توافر شروط شكلية وموضوعية الزمة لصحته‪،‬‬

‫هذا إلى جانب أن له إجراءات واجبة االتباع‪.293‬‬

‫أ‪ .‬شروط اتفاق التحكيم‬

‫التفاق التحكيم نوعين من الشروط‪ :‬األولى شكلية والثانية موضوعية‪.‬‬

‫الشروط الشكلية التفاق التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫تتمثل الشروط الشكلية التفاق التحكيم في ضرورة كتابته وأن يكون عدد المحكمين‬

‫فيه وترًا‪.‬‬

‫شرط كتابة اتفاق التحكيم‬ ‫‪‬‬

‫الكتابة شرطًا الزمًا لصحة اتفاق التحكيم‪ ،‬حيث يقع باطًال ك ل اتف اق تحكيم لم يفرغ‬

‫في شكل مكتوب‪.‬‬

‫ووفق ًا لنص المادة ‪ 12‬من قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬فإنه يجب أن يكون‬

‫اتفاق التحكيم مكتوبًا وإ ال كان باطًال‪ ،‬ويكون اتفاق التحكيم مكتوب ًا إذا تضمنه محرر وقعه‬

‫الطرف ان أو إذا تض منه م ا تبادل ه الطرف ان من رس ائل أو برقي ات أو غيره ا من وس ائل‬

‫االتصال المكتوبة"‪.294‬‬

‫ويالح ظ أن ه ذا النص ق د توس ع في تحدي ده للكتاب ة في اتف اق التحكيم حيث لم‬

‫يقصرها على المحررات الموقعة من الطرفين وإ نما جعل في حكمها رسائلهم أو برقياتهم‬

‫أو غيرها من وسائل االتصال المكتوبة إذا أشارت صراحة إلى اتجاه نيتهم للتحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪294‬‬

‫‪223‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وتش ير الم ادة (‪ )203‬من ق انون اإلج راءات المدني ة المتعل ق ب التحكيم باإلم ارات‬

‫العربية المتحدة إلى أنه‪:‬‬

‫" يج وز للمتعاق دين بص فة عام ة أن يش ترطوا في العق د األساس ي أو باتف اق الح ق‬

‫ع رض م ا ق د ينش أ بينهم من ال نزاع في تنفي ذ عق د معين على محكم أو أك ثر كم ا يج وز‬

‫االتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة‪.‬‬

‫وال يثبت االتفاق على التحكيم إال بالكتابة"‪.‬‬

‫شرط العدد الوتري للمحكمين‬ ‫‪‬‬

‫رغب ة في الوص ول إلى ح ل لل نزاع التحكيمي في حال ة انقس ام اآلراء فق د اس تلزم‬

‫قانون التحكيم بالمادة ‪ 155/2‬أن يكون عدد المحكمين وترًا إذا تعددوا‪.‬‬

‫وه ذا النص وإ ن ك ان المش رع ق د ت رك في ه ألط راف ال نزاع تحدي د ع دد المحكمين‬

‫بواحد أو أكثر‪ ،‬إال أنه قيد إرادتهم في حالة االتفاق على زيادة عدد المحكمين عن واحد‪،‬‬

‫حيث تطلب أن يكون العدد وترًا‪ ،‬وإ ال وقع االتفاق باطًال‪.‬‬

‫وإ ذا لم يتفق أطراف النزاع على تحديد لعدد المحكمين كان العدد ثالثة‪.‬‬

‫ويش ير ق انون اإلج راءات المدني ة المتعل ق ب التحكيم باإلم ارات العربي ة المتح دة في‬

‫المادة (‪ )206‬الفقرة الثانية إلى العدد الوتري للمحكمين‪:‬‬

‫"وإ ذا تعدد المحكمون وجب في جميع األحوال أن يكون عددهم وترا"‪.‬‬

‫ب‪ .‬الشروط الموضوعية التفاق التحكيم‬

‫‪224‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االتف اق بين ط رفي التعاق د على تس وية نزاعات ه عن طري ق التحكيم م ا ه و إال عق د‬

‫يلقي التزامًا على عاتق طرفيه بعدم االلتجاء إلى القضاء لتسوية هذا النزاع‪ ،‬وهذا يتطلب‬

‫أن تت وافر في ه ذا االتف اق الش روط الواجب ة الت وافر لص حة االلتزام ات بص فة عام ة وهي‬

‫الرضا والمحل واألهلية‪.295‬‬

‫شرط الرضا‬ ‫‪‬‬

‫تلعب إرادة ط رفي التعاق د دورًا ب ارزًا في مج ال التحكيم‪ ،‬حيث يتف ق على االلتج اء‬

‫إليه في التعاقد ذاته‪ ،‬أو يبرم اتفاقًا خاصًا ينطوي على قبول طرفي التعاقد بتسوية نزاعاته‬

‫من خالل أسلوب التحكيم‪.‬‬

‫وض رورة الرض ا ب اللجوء إلى التحكيم كب ديل للج وء للقض اء في تس وية منازع ات‬

‫العق ود اإلداري ة أساس ه أن التحكيم نظ ام ورد على س بيل االس تثناء من األص ل الع ام ال ذي‬

‫يجعل من القضاء سبيًال لتسوية كافة المنازعات‪.‬‬

‫ومن ثم فال يجوز فرض تسوية المنازعات التي يكون األفراد طرفًا فيها عن طريق‬

‫التحكيم‪ ،‬لم ا في ذل ك من مص ادرة لحق األف راد في التقاض ي أم ام قاض يهم الط بيعي‪ ،‬وهو‬

‫الحق المكفول دستوريًا بنص المادة ‪ 68‬من الدستور‪ ،‬والتي نصت على أن " التقاضي حق‬

‫مصون ومكفول للناس كافة‪ ،‬ولكل مواطن حق االلتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة‬

‫تقرير جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا ‪." .....‬‬

‫والمقص ود به ذا النص التقاض ي أم ام القض اء الع ام عادي ًا ك ان أم إداري ًا‪ ،‬وال يشمل‬

‫ذلك التحكيم الذي يعد نظامًا استثنائيًا لفض المنازعات‪.‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الداخلية والدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪295‬‬

‫‪225‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وق د تأك د ذل ك بحكم المحكم ة الدس تورية العلي ا وال ذي ذهبت في ه إلى ع دم دس تورية‬

‫الم ادة ‪ 18‬من الق انون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1977‬بإنشاء بنك فيصل اإلس المي تأسيس ًا على أن‬

‫هذا النص قد حجب عن القاضي الطبيعي والية نظر المسائل محل التحكيم حيث عهد بها‬

‫قسرًا إلى محكمين يتولون الفصل فيها بعد أن أقصاه عنها‪ ،‬مما يناقض حكم الم ادة ‪ 68‬من‬

‫الدس تور حيث ج اء بحيثي ات ه ذا الحكم أن " التحكيم ه و ع رض ن زاع معين بين ط رفين‬

‫على محكم من األغي ار يعين باختيارهم ا أو بتف ويض منهم ا‪ ،‬أو على ض وء ش روط‬

‫يحددانها‪ ،‬ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائي ًا عن شبهة المماألة‪ ،‬مجردًا‬

‫من التحامل وقاطعًا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه‪ ،‬بعد أن يدلي كل‬

‫منهم ا بوجه ة نظ ره تفص يًال من خالل ض مانات التقاض ي الرئيس ية‪ ،‬وال يج وز بح ال أن‬

‫يكون التحكيم إجباري ًا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذًا لقاعدة قانونية آمرة ال يجوز االتفاق‬

‫على خالفه ا‪ ،‬وذل ك س واء ك ان موض وع التحكيم نزاع ًا قائم ًا أو محتمًال‪ ،‬ذل ك أن التحكيم‬

‫مصدره االتفاق‪.296"...‬‬

‫وفي ه ذا الحكم تأكي دًا للرض ا ك ركن الزم لقي ام التحكيم في المنازع ات ال تي يك ون‬

‫األفراد أطرافًا فيها‪ ،‬وعدم دستورية إجبارهم على تسوية منازعاتهم بواسطته حيث ينط وي‬

‫ذلك على الحيلولة بينهم وبين المثول أمام قاضيهم الطبيعي‪.‬‬

‫على النح و الس ابق لن ا تناول ه ف إن التحكيم في المنازع ات ال تي يك ون أح د األف راد‬

‫طرف ًا فيه ا ال يك ون إال رض ائيًا نابع ًا عن إرادة ح رة‪ ،‬ف إن األم ر يك ون على عكس ذل ك‬

‫بالنسبة للمنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام أو تلك التي تحدث بين إحدى تلك‬

‫الشركات وجهة حكومية أو هيئة عامة‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 56‬من قانون شركات القطاع‬
‫‪ -‬المحكمة الدستورية العليا دعوى رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 10‬ق‪ ،‬جلسة ‪ .17/12/1994‬الجريدة الرسمية العدد الثاني‪ ،‬في ‪ 12‬يناير سنة ‪.1995‬‬ ‫‪296‬‬

‫‪226‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العام رقم ‪ 97‬لسنة ‪ 1983‬على أن االختصاص بنظرها يكون لهيئات التحكيم المنصوص‬

‫عليها في هذا القانون دون غيرها‪.‬‬

‫وبم وجب ه ذا النص ف إن تص دي أي ة جه ة أخ رى لمث ل تل ك المنازع ات يع د بمثاب ة‬

‫مخالفة لقواعد االختصاص الوالئي‪ ،‬األمر الذي يوصم حكمها بالبطالن لصدوره من جهة‬

‫غير مختصة‪.‬‬

‫وتأكي دًا ل ذلك فق د قض ت المحكم ة اإلداري ة العلي ا ب أن اختص اص هيئ ات التحكيم‬

‫المشكلة بالقانون رقم ‪ 97‬لسنة ‪ 1983‬بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع الع ام‬

‫أو بين إحدى تلك الشركات وجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة قطاع عام هو أمر‬
‫‪297‬‬
‫يتعلق بالنظام العام‪ ،‬مما يعني أن مخالفته ال يصححها إجازة أو قبول‪.‬‬

‫وبمفه وم المخالف ة للنص الس ابق فإن ه يخ رج عن اختص اص هيئ ات التحكيم ال نزاع‬

‫بين جه ة حكومي ة أو ش ركة قط اع ع ام وبين ش خص ط بيعي أو اعتب اري‪ ،‬حيث يتعين‬

‫النعقاد اختصاصها بنظر النزاع أن يكون طرفاه إما شركتي قطاع عام وإ ما إحدى تلك‬

‫الشركات وجهة حكومية أو هيئة عامة‪.‬‬

‫ومن الج دير بال ذكر أن نص الم ادة ‪ 56‬من الق انون رقم ‪ 97‬لس نة ‪ 1983‬بش أن‬

‫القط اع الع ام والخ اص ب التحكيم اإلجب اري في المنازع ات ال تي تق ع بين ش ركاته أو بينه ا‬

‫وبين جهة حكومية أو هيئة عامة يشمل كافة المنازعات عقدية كانت أم غير عقدية‪.‬‬

‫‪ -‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬طعن رقم ‪ 315‬لسنة ‪ 33‬ق‪ ،‬جلسة ‪.10/12/1991‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪227‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫* شرط المحل‬

‫مح ل اتف اق التحكيم ه و موض وع ال نزاع‪ ،‬ويش ترط لص حة التحكيم أال يك ون‬

‫موضوعه "محله" مخالفًا للنظام العام‪ ،‬وإ ال وقع االتفاق عليه باطًال‪ ،‬وينسحب هذا البطالن‬

‫إلى قرار التحكيم‪.‬‬

‫وحكمة عدم جواز االتفاق على التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬أن هذه‬

‫المس ائل خاض عة لرقاب ة الس لطة العام ة وإ ش رافها وال تي يعنيه ا أن تس ري عليه ا قواع د‬

‫وهو األمر الذي لن يتحقق في حالة اللجوء لنظام التحكيم بصدد تلك المسائل‪.‬‬ ‫‪298‬‬
‫موحدة‬

‫وقد تأكد عدم جواز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام بنص المادة ‪ 551‬من‬

‫القانون المدني‪ ،‬والتي نصت على أنه ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪.‬‬

‫وذل ك ألن المس ائل المتعلق ة بالنظ ام الع ام ال يج وز الص لح فيه ا‪ ،‬ووفق ًا لنص الم ادة‬

‫‪ 11‬من ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬فإن ه ال يج وز التحكيم في المس ائل ال تي ال‬

‫يج وز الص لح فيه ا ومن ثم فال يج وز االتف اق على اللج وء للتحكيم في المس ائل المتعلق ة‬

‫بالنظام العام‪.‬‬

‫وإ ذا كان التحكيم غير جائز في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬فإنه ال يجوز أيض ًا‬

‫فيما يتعارض مع حسن اآلداب كالخصومات المتعلقة بأمور غير أخالقية كبيوت الدعارة‬

‫وغيرها‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬التحكيم االختياري واإلجباري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫‪298‬‬

‫‪228‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يضاف إلى ما تقدم أنه ال يجوز أن يكون محًًال للتحكيم مسألة من مسائل األحوال‬
‫‪299‬‬
‫الشخصية ومسائل الجنسية حيث تعد تلك المسائل من النظام العام‪.‬‬

‫شرط األهلية‬ ‫‪‬‬

‫ألن اتف اق التحكيم ال يص ح إال إذا ك ان تعب يرًا عن إرادة ح رة لطرفي ه ف إن ه ذا‬

‫االتف اق يتعين أن يك ون طرفي ه من األش خاص الطبيع يين أو االعتب اريين ممن يملك ون‬

‫التصرف في حقوقهم‪ ،‬إعماًال لنص المادة ‪ 11‬من قانون التحكيم فيما ذهبت إليه من أنه "‬

‫ال يجوز االتفاق على التحكيم إال للشخص الطبيعي أو االعتباري الذي يملك التصرف في‬

‫حقوقه ‪"....‬‬

‫وبالنس بة لألهلي ة في مج ال االتف اق على التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ف إن‬

‫الش خص الع ام ليس أهًال إلب رام ه ذا االتف اق إال بموافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى‬

‫اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة وذل ك تطبيق ًا لنص الم ادة األولى من‬

‫القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬المعدل لبعض أحكام قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وه ذا‬

‫ما سوف نتناوله تفصيًال فيما بعد‪.‬‬

‫ج‪ .‬إجراءات التحكيم‬

‫تباش ر هيئ ة التحكيم اختصاص ها بحض ور ط رفي ال نزاع‪ ،‬ف إذا تخل ف أح دهما عن‬

‫حض ور إح دى الجلس ات‪ ،‬أو عن تق ديم م ا طلب من ه من مس تندات ج از لهيئ ة التحكيم‬

‫االس تمرار في إجراءات ه‪ ،‬وإ ص دار حكم في ال نزاع تس تند في ه إلى م ا ت وافر ل ديها من‬

‫عناصر إثبات‪.300‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪299‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪300‬‬

‫‪229‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ولهيئة التحكيم سماع شهادة شهود دون تحليفهم اليمين‪ ،‬كما أن بوسعها تعيين خبيرًا‬

‫أو أك ثر لتق ديم تقري ر مكت وب أو ش فهي في ال نزاع‪ ،‬حيث تق وم ب دورها بإخط ار ط رفي‬

‫النزاع بما حواه التقرير‪ ،‬مع إتاحة الفرصة لهما إلبداء ما يعن لهما من مالحظات على ما‬

‫ورد بهذا التقرير‪.‬‬

‫ولهيئ ة التحكيم أن تقرر عقد جلسة بحضور طرفي النزاع لسماع ومناقشة الخبير‬

‫فيما ورد بتقريره‪ ،‬مع كفالة الحق لكل من الطرفين في االستعانة بخبير أو أكثر لتفنيد ما‬

‫ج اء بتقري ر الخب ير المنت دب بواس طة هيئ ة التحكيم م ا لم يتف ق ط رفي التحكيم على خالف‬

‫ذلك‪.‬‬

‫وتص در هيئ ة التحكيم حكمه ا مكتوب ًا مش تمًال على أس ماء الخص وم وعن اوينهم وك ذا‬

‫أس ماء المحكمين وجنس ياتهم وص فاتهم وص ورة من اتف اق التحكيم م ع ملخص ألق وال‬

‫وطلبات ومستندات الخصوم ومنطوق الحكم وتاريخه ومكان إصداره‪ ،‬وتسلم هيئة التحكيم‬

‫ص ورة من حكم التحكيم للط رفين موقع ة من المحكمين الم وافقين علي ه خالل ثالثين يوم ًا‬

‫من تاريخ صدوره‪.‬‬

‫ويتعين إص دار حكم التحكيم في المدة المتفق عليها في اتفاق التحكيم‪ ،‬فإذا لم يوجد‬

‫اتفاق‪ ،‬فيجب أن يصدر الحكم خالل إثنا عشر شهرًا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم‪.‬‬

‫وفي جمي ع األح وال يح ق لهيئ ة التحكيم أن تق رر م د الميع اد لم دة ال تج اوز س تة‬

‫أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك‪.‬‬

‫ف إذا لم ينت ه التحكيم خالل ه ذه اآلج ال ج از ألي من طرفي ه أن يطلب من رئيس‬

‫محكمة استئناف القاهرة إصدار أمر بتحديد ميعاد إضافي أو إنهاء إجراءات التحكيم‪ ،‬مع‬
‫‪230‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ح ق أي ًا من الط رفين في ه ذه الحال ة‪ ،‬في رف ع دع وى إلى المحكم ة المختص ة أص ًال بنظ ر‬

‫النزاع‪.‬‬

‫الفق رة الرابع ة‪ :‬موق ف الفق ه والقض اء والتش ريع من التحكيم في العق ود اإلداري ة‬

‫باإلمارات‬

‫س تتطرق ه ذه الفق رة إلى موقف الفق ه والقض اء والتش ريع من التحكيم في منازع ات‬

‫العقود اإلدارية في غياب نص تشريعي منظم ثم عند تدخل المشرع بموجب القانون ليؤكد‬

‫ج واز تس وية منازع ات العق ود اإلداري ة عموم ا والمنازع ات المتعلق ة بالص فقات العمومي ة‬

‫خصوصا من خالل التحكيم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الفقه والقضاء في غياب النص التشريعي‬

‫في الف ترة الس ابقة على ص دور الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ ،1997‬وحيث لم ي رد نص‬

‫ينظم التحكيم في العق ود اإلداري ة ص راحة بمص ر‪ ،‬أم ا المش رع اإلم اراتي فلم يحس م ه و‬

‫اآلخ ر حيث بمقتض ى ق انون المرافع ات االتح ادي رقم ‪ 11‬لس نة ‪ 1992‬مس ألة ج واز‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية ولم يصدر تشريع إماراتي خاص يقضي بنص صريح بجواز‬

‫اللج وء إلى التحكيم ل دلك انقس م الفق ه في ش أن م دى ج واز ذل ك إلى قس مين أولهم ا ينك ر‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية وثانيهما يؤيده‪.‬‬

‫‪ .1‬االتجاه المنكر للتحكيم‬

‫انطلق أنص ار ه ذا االتجاه في رفض هم إلق رار التحكيم في العق ود اإلداري ة من مبدأ‬

‫سيادة الدولة‪ ،‬حيث يرون في هذا التحكيم سلبًا الختصاص القضاء الوطني األمر الذي يعد‬

‫‪231‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مساس ًا بس يادة الدول ة عالوة على م ا في ه من إحالل للق انون األجن بي مح ل الق انون‬

‫الوطني‪.301‬‬

‫والواقع أن التمسك بمبدأ سيادة الدولة وسيادة القانون الوطني في هذا المجال تمسك‬

‫في غير محله‪ ،‬حيث أنه وإ ن كان القضاء الوطني من مظاهر سيادة الدولة األمر الذي يع د‬

‫في سلبه الختصاصه مساسًا بتلك السيادة‪ ،‬إال أن هذا المساس ينتفي إذا صدر قانون يسمح‬

‫بذلك‪.‬‬

‫يض اف إلى م ا تق دم أن التحكيم ليس منبت الص لة بالقض اء ال ذي يك ون ل ه س لطة‬

‫التدخل في أعمال المحكمين بالمساعدة أو الرقابة‪ ،‬وهي أمور ينظمها المشرع الوطني في‬

‫النصوص المنظمة للتحكيم والتي يختلف مداها من تشريع إلى آخر‪.‬‬

‫كما أنه ليس في التحكيم تنحية للقانون الوطني على الدوام‪ ،‬حيث أنه ليس هناك ما‬

‫يمنع الشخص الطبيعي أو االعتباري حال إبرامه للعقد اإلداري المدرج به شرط التحكيم‬

‫كوسيلة لفض المنازعات التي قد تثور بصدده أن يشترط تط بيق الق انون الوط ني فال تالزم‬

‫إذن بين التحكيم واستبعاد تطبيق القانون الوطني‪ ،‬وإ نما األمر يرجع إلرادة طرف التحكيم‬

‫المنتمي بجنسيته لهذا القانون‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن للتحكيم خطورته على مصالح الدول النامية فيما يتعلق بالعقود التي‬

‫تبرمه ا م ع ال دول أو الش ركات الك برى‪ ،‬وال تي تجع ل من التحكيم ش رطًا ض روريًا إلب رام‬

‫التعاقد مستبعدة في ذلك اختصاص القضاء الوطني‪ ،‬وكذا عدم تطبيق القانون الوطني على‬

‫م ا يث ور من نزاع ات بش أن تنفي ذ العق د‪ ،‬وتنب ع الخط ورة هن ا من اختالل الت وازن بين‬

‫‪ -‬د‪ /‬س عيد عالم‪ ،‬محاض رات عن المش كالت األساس ية في التحكيم ال دولي من منظ ور التط وير – ألقيت في نط اق مجم ع تحكيم الش رق‬ ‫‪301‬‬

‫األوسط والبحر المتوسط بالقاهرة في ‪.12/1/1989‬‬

‫‪232‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مص لحة ط رفي العق د لمص لحة الط رف األجن بي حيث أن ينص ف التحكيم الط رف الوط ني‬

‫في أغلب األحوال‪.‬‬

‫‪ .2‬االتجاه المؤيد للتحكيم‬

‫ذهب أنصار هذا االتجاه في تأييدهم للتحكيم في العقود اإلدارية إلى أنه ليس هناك‬

‫ثمة نص تشريعي يمنع هذا التحكيم بل إن في نص المادة ‪ 50‬من قانون المرافعات إجازة‬

‫للتحكيم في العق ود اإلداري ة‪ ،‬وإ ن ك ان النص لم ي ورد ذل ك ص راحة إال أن في إطالق ه م ا‬

‫يؤكد ذلك حيث جاء النص على النحو التالي " يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معين‬

‫بوثيقة تحكيم خاصة‪ ،‬كما يجوز االتف اق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن‬

‫تنفيذ عقد معين وهذا النص أطلق الحكم بجواز االتفاق على التحكيم في جميع المنازعات‬

‫التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين‪.‬‬

‫كما ذهب هذا االتجاه تأييدًا لوجهة نظره إلى أن قانون مجلس الدولة الحالي أجاز‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية حيث نصت المادة ‪ 58‬منه على أنه " ال يجوز ألية وزارة أو‬

‫هيئة عامة أو مصلحة من مصالح الدولة أن تبرم أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو‬

‫تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آالف جنيه بغير استفتاء إدارة الفتوى‬

‫المختصة"‪.‬‬

‫فه ذه الم ادة تكش ف اتج اه المش رع نح و إج ازة التحكيم‪ ،‬وإ ال لم ا أل زم اإلدارة عن د‬

‫رغبتها في ذلك بعرض اتفاقها في هذا الشأن على مجلس الدولة لمراجعته‪.302‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحكيم في ظل النص القانوني‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬منشأة المعارف اإلسكندرية‪.359 ،2004 ،‬‬ ‫‪302‬‬

‫‪233‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫حسمًا للخالف الفقهي والتردد القضائي واإلفتائي بشأن جواز اللجوء للتحكيم لتسوية‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة‪ ،‬فق د ت دخل المش رع بم وجب الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬ليؤك د‬

‫ج واز تس وية منازع ات العق ود اإلداري ة من خالل التحكيم‪ ،‬وذل ك من خالل قيام ه بتع ديل‬

‫الفق رة األولى من ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬على الوج ه الت الي " تض اف إلى‬

‫الم ادة (‪ )1‬من ق انون التحكيم في الم واد المدني ة والتجارية الص ادر بالق انون رقم ‪ 27‬لسنة‬

‫‪ 1994‬فقرة ثانية نصها كاآلتي‪:‬‬

‫" وبالنسبة إلى منازعات العقود اإلدارية يكون االتفاق على التحكيم بموافقة الوزير‬

‫المختص‪ ،‬أو من يت ولى اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة‪ ،‬وال يج وز‬

‫التفويض في ذلك"‪ ،‬كما نصت الفقرة الثانية من القانون على أن يعمل به من اليوم التالي‬

‫لتاريخ نشره‪.‬‬

‫وق د أص در المش رع المص ري ه ذا التع ديل التش ريعي اله ام م دفوعًا بالرغب ة في‬

‫استقرار األوضاع القانونية وتهيئة مناخ مناسب لالستثمارات األجنبية للتدفق على مصر‪،‬‬

‫حيث يرى أصحاب األعمال أن في التحكيم وسيلة مثلى لتسوية منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫وله ذا الق انون نط اق تط بيق موض وعي وزم ني‪ ،‬كم ا له ذا التط بيق ش روطًا واجب ة‬

‫االح ترام‪ ،‬وه ذا م ا س وف نستوض حه كم ايلي‪ :‬نط اق تط بيق الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪1997‬‬

‫بش أن التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وش روط ج واز التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫‪ . 1‬نطاق تطبيق النص القانوني بشأن التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‬

‫نتن اول ه ذه المس ألة من خالل نقط تين‪ :‬أوالهم ا خصص ت للنط اق الموض وعي‬

‫وثانيهما للنطاق الزمني‪ ،‬لسريان قانون جواز التحكيم المذكور‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أ‪ .‬النطاق الموضوعي لسريان القانون‬

‫يش مل نط اق تط بيق ه ذا الق انون من الناحي ة الموض وعية ج واز التحكيم في كاف ة‬

‫أنواع العقود اإلدارية وطنية كانت أم ذات طابع دولي‪ ،‬حيث لم يخص المشرع نوع ًا معين ًا‬

‫منها يتم تسوية نزاعاته عن طريق التحكيم‪.‬‬

‫وإ ضافة لشمول النص لكافة أنواع العقود اإلدارية‪ ،‬فقد شمل كافة صور منازعات‬

‫تلك العقود سواء تعلقت باإلبرام أو التنفيذ أو اآلثار المترتبة على هذا التنفيذ‪.‬‬

‫وق د أج از الق انون للج وء إلى التحكيم من خالل ش رط تحكيم ي رد في ص لب العق د‬

‫األصلي‪ ،‬أو عبر مش ارطة تحكيم يبرمها أطرافه في مرحلة الحقة على إبرامه‪ ،‬في حالة‬

‫نشوء نزاع بينهما‪.‬‬

‫ب‪ .‬النطاق الزمني لسريان القانون‬

‫وفقًا لنص المادة الثانية من القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬والتي جاء بها " ينشر هذا‬

‫الق انون في الجري دة الرس مية‪ ،‬ويعم ل ب ه من الي وم الت الي لت اريخ نش ره"‪ ،‬ف إن ه ذا الق انون‬

‫يكون له أثر مباشر وليس أثرًا رجعيًا‪.‬‬

‫حيث أن تطبيق أي قانون بأثر رجعي يستوجب إما أن ينص صراحة من المشرع‬

‫في ص لب الق انون على تطبيق ه ب أثر رجعي‪ ،‬وإ م ا أن يتعل ق األم ر بنص في ق انون جن ائي‬
‫‪303‬‬
‫أصلح للمتهم حيث يتعلق األمر هنا بضمانة أساسية للحريات العامة‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬جابر جاد نصار‪ ،‬الوجيز في العقود اإلدارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1997 ،‬ص ‪ 102‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪303‬‬

‫‪235‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وليس هناك في القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬نص على رجعية تطبيقه‪ ،‬بل نص على‬

‫العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره‪ ،‬إضافة إلى عدم تعلقه بقانون جنائي أصلح للمتهم‪،‬‬

‫األمر الذي تنتفي معه مبررات الرجعية‪.‬‬

‫إضافة إلى ما تقدم فإنه ال يمكن اعتبار القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬تشريع تفسيري‬

‫لنص وص الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ ،1994‬ح تى يس ري ب أثر رجعي يرت د إلى وقت تط بيق‬

‫هذا القانون‪ ،‬حيث خرج القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬عن نطاق التفسير إلى نطاق التعديل‬

‫ب أن أض اف للق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬أحكام ًا جدي دة لم ت رد ب ه‪ ،‬إض افة إلى م ا ج اء‬

‫بنص ه ص راحة من أن ه ق انون بتع ديل بعض أحك ام ق انون التحكيم في الم واد المدني ة‬

‫والتجارية الصادر بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬ومن ثم فإن تطبيقه ال يمتد عبر نطاق‬

‫الماضي إلى وقت تطبيق القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪.1994‬‬

‫وإ ذا كنا قد انتهينا إلى امتداد سريان التعديل التشريعي الصادر بالقانون رقم ‪ 9‬لسنة‬

‫‪ 1997‬إلى كافة العقود اإلدارية داخلية كانت أم دولية‪ ،‬وأن هذا القانون يطبق بأثر مباشر‬

‫على العق ود الالحق ة لص دوره‪ ،‬ف إن لتطب ق التحكيم في مج ال منازع ات العق ود اإلداري ة‪،‬‬

‫شروطًا واجبة التوافر‪.‬‬

‫‪ .2‬شروط جواز التحكيم في الصفقات العمومية‬

‫لج واز التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ش رط إج رائي أتى ب ه الق انون رقم ‪9‬‬

‫لسنة ‪ 1997‬المعدل ألحكام القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم المدني والتجاري‪،‬‬

‫يتمث ل في ض رورة الحص ول على موافق ة ال وزير المختص أو من يق وم مقام ه بالنس بة‬

‫لألش خاص االعتباري ة العام ة‪ ،‬كم ا نص ق انون مجلس الدول ة على أخ ذ رأي الجمعي ة‬

‫‪236‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع بمجلس الدول ة عن د إب رام بعض العق ود اإلداري ة‬

‫المتضمنة لشرط أو مشارطة التحكيم‪.‬‬

‫كم ا ذهب ق انون المناقص ات والمزاي دات على إج ازة التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية بشرط التزام كل طرف باالستمرار في تنفيذ التزاماته الناشئة عن تلك العقود‪،304‬‬

‫وهذا ما سوف نستوضحه من استعراض الشروط شرط اإلذن باللجوء للتحكيم وشرط أخذ‬

‫رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫أ‪ .‬شرط اإلذن باللجوء للتحكيم‬

‫نص ت الم ادة األولى من الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬على إض افة فق رة ثاني ة إلى‬

‫المادة األولى من قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬ليكون نصها كاآلتي " وبالنسبة إلى‬

‫منازعات العقود اإلدارية يكون االتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يت ولى‬

‫اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬وال يجوز التفويض في ذلك ‪"....‬‬

‫ومن هذا النص يتضح إجازته للتحكيم في العقود اإلدارية بكافة صورها صراحة‪،‬‬

‫إال أن ه قي د اللجوء لتل ك الوس يلة من وس ائل تس وية منازع ات العقود اإلداري ة بقي د إج رائي‬

‫يتمث ل في ض رورة الحص ول على موافق ة ال وزير ال ذي ي دخل ال نزاع مح ل التحكيم ض من‬

‫اختصاص ات وزارت ه‪ ،‬وأج از الق انون لمن يت ولى اختصاص ات ال وزير في األش خاص‬

‫االعتبارية العامة اإلذن بتسوية نزاع يتعلق بعقد إداري بواسطة التحكيم‪.‬‬

‫ومن ثم ف إن تف ويض ال وزير المختص أو من يق وم مقام ه بش ركات القط اع الع ام‪،‬‬

‫يبطل اتفاق التحكيم التي تم بناءا على هذا التفويض الباطل لصدور الموافقة عليه من غير‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪304‬‬

‫‪237‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ذي ص فة‪ ،‬األم ر ال ذي تنحس ر مع ه والي ة هيئ ة التحكيم عن نظ ر ه ذا ال نزاع‪ ،‬وال تك ون‬

‫مختصة بالفصل فيه‪ ،‬حيث تقضي بعدم اختصاصها بنظره‪.‬‬

‫وقد حظر النص على الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص‬

‫االعتباري ة العام ة تف ويض غ يرهم في الموافق ة على تس وية ن زاع يتعل ق بعق د إداري في‬

‫نطاق اختصاصهم بواسطة التحكيم‪.‬‬

‫وهذا الحظر مرجعه تقدير المشرع لخطورة اللجوء للتحكيم لتسوية منازعات العقد‬

‫اإلداري بم ا يس تتبعه من تنحي ة للقض اء الوط ني عن االختص اص بنظ ر ال نزاع واس تبعاد‬

‫للقانون الوطني من التطبيق عليه‪ ،‬األمر الذي اقتضى منع الوزير المختص أو من يتولى‬

‫اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة من تف ويض اختصاص هم بمنح الموافق ة‬

‫األولية على التحكيم لسواهم مهما عال شأنه في السلم الوظيفي‪ ،‬ضمانًا لعدم إساءة استعمال‬

‫ذل ك االختص اص ورغب ة في تحدي د المس ئولية السياس ية عن د ح دوث إس اءة الس تخدام ه ذا‬

‫االختصاص بشكل يسيء لمصالح الدولة العليا‪.‬‬

‫وق د ب ررت الم ذكرة اإليض احية للق انون اش تراط موافق ة ال وزير المختص على‬

‫تضمين العقد اإلداري لشرط التحكيم بأن في ذلك ضبطًا الستعمال هذه الموافقة وضمانًا‬

‫لوف اء اتف اق التحكيم عندئ ذ باعتب ارات الص الح الع ام‪ ،‬وبحيث يك ون الم رد في ه ذا الش أن‬

‫للوزير المختص‪ ،‬أو من يمارس اختصاصه من األشخاص االعتبارية العامة‪.‬‬

‫وبهذا التحديد القانوني لمن تتوافر فيه صفة المتصرف بتوقيع اتف اق التحكيم في ه ذا‬

‫النوع من العقود‪ ،‬فإنه في حالة عدم توافر الصفة القانونية فيمن يوقع اتفاق التحكيم‪ ،‬يكون‬

‫االتفاق باطًال لتخلف الشكل الذي أوجبه القانون إلبرامه‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫والشكل المتخلف هنا شكل جوهري‪ ،‬حيث تطلب القانون توافره بنص ص ريح وألن‬
‫‪305‬‬
‫في تخلفه تفويت للغاية التي ألجلها أوجد المشرع هذا النص‪.‬‬

‫وق د انتق د بعض الفق ه ه ذا الش رط فيم ا يتعل ق بض رورة ص دور موافق ة من ال وزير‬

‫المختص إلمك ان اللج وء للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ذات الط ابع ال دولي حيث‬

‫ي ؤدي ذل ك إلى اإلض رار بالحكوم ة المص رية‪ ،‬وال تي تعتبره ا هيئ ة التحكيم طرف ًا في‬

‫ال نزاع‪ ،‬حيث أن ال وزير ال ذي يمثله ا وق ع على العق د مح ل ال نزاع بإجازت ه تس ويته عن‬

‫طريق التحكيم وقد حدث ذلك بالفعل حينما وقع وزير السياحة المصري على العقد المبرم‬

‫ع ام ‪ 1974‬بين الهيئ ة العام ة للس ياحة والفن ادق من ناحي ة وش ركة ممتلك ات الباس يفك من‬

‫ناحي ة أخ رى والمتعل ق بإنش اء مرك ز س ياحي بمنطق ة األهرام ات‪ ،‬ق د أدى إلى إل زام هيئ ة‬

‫التحكيم للحكوم ة المص رية ب أداء تع ويض للش ركة األجنبي ة ق دره (‪ )27.6‬ملي ون دوالر‬

‫أمريكي في مايو ‪ ،1992‬عن األضرار التي أصابتها من جراء إلغاء هذا المشروع توقي ًا‬
‫‪306‬‬
‫ألضراره‪ ،‬بالنسبة لمنطقة األهرامات ذات القيمة األثرية‪.‬‬

‫يبين الواقع العملي أن فوائد النص المتضمن لضرورة موافقة الوزير المختص على‬

‫اللجوء للتحكيم لتسوية نزاع عقد إداري الواردة بالمذكرة اإليضاحية للقانون‪ ،‬تفوق المنافع‬

‫التي يجلبها هذا القيد اإلجرائي‪ ،‬األمر الذي ال نجد معه مبررًا لإلبقاء عليه‪.‬‬

‫‪ -‬يراجع في تفاصيل عيب الشكل د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬أوجه الطعن بإلغاء القرار اإلداري في الفقه وقضاء مجلس الدولة‪ ،‬دار‬ ‫‪305‬‬

‫الفكر الجامعي باإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬


‫‪ -‬د‪ .‬محي الدين اسماعيل علم الدين‪ ،‬منصة التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬سنة ‪ ،2000‬ص ‪.122‬‬ ‫‪306‬‬

‫‪239‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ال س يما وأن منح ال وزير المختص موافقت ه على التحكيم في تل ك العق ود‪ ،‬يمكن أن‬

‫ي ؤدي إلى إقح ام الدول ة في ال نزاع واعتباره ا طرف ًا في ه‪ ،‬األم ر ال ذي ي رتب إلى تحميله ا‬

‫بنتائجه على اعتبار أن الوزير يمثلها‪.‬‬

‫ب‪ .‬جزاء اإلخالل بشرط الموافقة على التحكيم‬

‫لم يق رر الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬ج زاء يطب ق في حال ة إب رام عق د إداري‬

‫وتض مينه ش رط تحكيم دون الحص ول على موافق ة ال وزير المختص أو موافق ة من يت ولى‬

‫اختصاص ه بالنس بة لألش خاص االعتباري ة العام ة إعم اًال للتع ديل ال ذي أحدث ه التع ديل‬

‫التشريعي المذكور بالمادة األولى من قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬وإ ن كان افتقاد‬

‫تلك الموافقة يحول دون تسوية نزاع العقد بواسطة التحكيم‪.‬‬

‫وأم ام ذل ك ذهب بعض الفق ه إلى أن إق دام اإلدارة على اللج وء للتحكيم في عق د‬

‫إداري رغم ع دم موافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى اختصاص ه بالنس بة لألش خاص‬

‫االعتباري ة العام ة يمث ل خط أ مرفقي ًا من ج انب اإلدارة ي رتب مس ئوليتها عن الخط أ ال ذي‬

‫ارتكب ه ممثله ا في حم ل الط رف المتعاق د معه ا على االعتق اد بحس ن ني ة أن ه تم اللج وء‬

‫للتحكيم بع د اس تيفاء الش روط ال تي تطلبه ا المش رع ل ذلك‪ ،‬ومنه ا الموافق ة األولي ة على‬
‫‪307‬‬
‫التحكيم‪.‬‬

‫ومع نى ذل ك أن ش رط التحكيم المفتق د للموافق ة األولي ة علي ه ي رتب مس ئولية اإلدارة‬

‫عن تع ويض المتعاق د معه ا لم ا أص ابه من أض رار تتمث ل في ع دم إمكاني ة لجوئ ه للتحكيم‬

‫لتسوية النزاع الناشئ عن التعاقد‪.‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬حمدي علي عمر‪ ،‬التحكيم في عقود اإلدارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.39‬‬ ‫‪307‬‬

‫‪240‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وقد ذهب بعض الفقه إلى أن التعويض في هذه الحالة ال يقدم حًال كافي ًا – بالنسبة‬

‫للعق ود اإلداري ة الدولي ة – إذ ال يج وز لإلدارة التنص ل من اتف اق التحكيم بحج ة ع دم‬

‫حصولها على الموافقة عليه‪ ،‬لما في ذلك من مخالفة للنظام العام الدولي‪ ،‬الذي ال تقتصر‬

‫وظيفت ه على حماي ة المص الح العلي ا للمجتم ع فحس ب وإ نم ا ت دخل في الحس اب ض رورة‬

‫أخرى‪ ،‬هي حماية التض امن الدولي‪ ،‬وال ذي يتطلب من كل دولة أن تسهم في العمل على‬

‫تنش يط العالق ات الخاص ة بين الش عوب لتتق ارب وتتف اهم فيس ود الس الم بينه ا‪ ،‬ولم ا ك انت‬

‫التج ارة الدولي ة أهم مج االت تب ادل ال ثروات‪ ،‬وجب أن تعم ل ك ل دول ة على تيس يرها‬
‫‪308‬‬
‫وتنشيطها بإزالة ما يعترض طريقها من عقبات‪ ،‬ولو اقتضى األمر شيئًا من التضحية‪.‬‬

‫وتج در اإلش ارة في ه ذا الص دد إلى المب دأ ال دولي الع ام بع دم ج واز تنك ر الدول ة‬

‫اللتزامها باللجوء للتحكيم فيما أبرمته من عقود إدارية دولية‪ ،‬استنادًا إلى نصوص قوانينها‬
‫‪309‬‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫ومن ثم فإن عدم الحصول على الموافقة األولية ال يبطل شرط اللجوء للتحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة ذات الط ابع ال دولي‪ ،‬لخ روج تل ك العق ود عن نط اق المحلي ة‪ ،‬ومن ثم فال‬

‫تسري عليها القوانين الوطنية ما دامت الدولة قد انضمت إلى اتفاقية دولية تجيز التحكيم‬

‫على نحو ما سوف نرى الحقًا‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن تخلف موافقة الوزير المختص أو من يقوم مقامه بالنسبة لألشخاص‬

‫االعتباري ة العام ة على التحكيم في عق د إداري يح ول دون تس وية نزاع ات ه ذا العق د عن‬

‫‪ -‬د‪ .‬محسن شفيق‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪308‬‬

‫‪ -‬يراج ع في ذل ك د‪ .‬محس ن ماج د محم ود‪ ،‬العق د اإلداري ش رط التحكيم‪ ،‬مجل ة العل وم اإلداري ة‪ ،‬الس نة الخامس ة والثالث ون‪ ،‬الع دد الث اني‪،‬‬ ‫‪309‬‬

‫ديسمبر سنة ‪ ،1993‬ص ‪.142‬‬

‫‪241‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫طري ق التحكيم‪ ،‬حيث أن الموافق ة الس ابقة على اللج وء للتحكيم ش رط ش كلي ج وهري ل زم‬

‫لصحة اتفاق التحكيم حيث أنه تقرر بنص قانوني‪.‬‬

‫ويس ري ذات الحكم " البطالن" على اتف اق التحكيم إذا ص درت الموافق ة علي ه من‬

‫غير مختص‪ ،‬كما في حالة صدوره عن غير الوزير المختص أو من يقوم مقامه بشركات‬

‫القط اع الع ام كم ا ل و ك ان مفوض ًا من ال وزير المختص في منح تل ك الموافق ة‪ ،‬حيث أن‬

‫التفويض غير جائز في هذا الشأن لكون صفة الوزير أو من يقوم مقامه بالنسبة لألشخاص‬

‫االعتبارية العامة محل اعتبار عند منح االختصاص‪.‬‬

‫ومع ذلك يمكننا القول بأن شرط الموافقة السابقة على اللجوء إلى التحكيم ليس له‬

‫أهمي ة في التط بيق العملي س وى بالنس بة للعق ود اإلداري ة المحلي ة دون العق ود اإلداري ة‬

‫الدولية‪ ،‬التي يج وز التحكيم في منازعته ا حتى مع تخل ف ش رط الموافقة الس ابقة حيث أن‬

‫تلك الموافقة مصدرها القانون الداخلي للدولة المعنية بالعقد اإلداري‪ ،‬ومن ثم يص ح اللجوء‬

‫للتحكيم لتسوية منازعات تلك العقود إعماًال لمبدأ عدم جواز تمسك الدولة بقانونها الداخلي‬

‫للتنكر اللتزاماتها الدولية المتمثلة في انضمامها التفاقيات دولية تجيز التحكيم في منازع ات‬

‫العقود اإلدارية الدولية‪ ،‬حيث يعد االنضمام لتلك االتفاقيات بمثابة موافقة مسبقة من الدولة‬

‫على اللج وء للتحكيم لتس وية منازع ات تل ك العق ود‪ ،‬األم ر ال ذي ال يج وز مع ه للدول ة أن‬

‫تنسخ تلك الموافقة ينص في قانونها الداخلي والذي ال شأن للمتعاقد األجنبي به‪ ،‬حيث أن‬

‫م ا يحكم ه في تعامالت ه الدولي ة – ومنه ا التعاق د ال دولي‪ -‬ه و االتفاقي ات الدولي ة وليس‬

‫القوانين الداخلية كثيرة التغيير والتعديل‪ ،‬ال سيما في الدول النامية‪.‬‬

‫‪242‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ج‪ .‬شرط أخذ رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‬

‫وفق ًا لنص المادة ‪ 58‬من القرار بالقانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬بشأن مجلس الدولة‬

‫فإن ه يتعين على وزارات ومص الح الدول ة وهيئاته ا العام ة أخ ذ رأي الجمعي ة العمومي ة‬

‫لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة قبل إبرام أو إجازة أو تنفيذ قرار محكمين في عقد‬

‫إداري متى زادت قيمته على خمسة آالف جنيه حيث يتعين استفتاء اإلدارة المختصة قبل‬

‫اإلقدام على ذلك‪.310‬‬

‫وعلى ال رغم من االل تزام بأخ ذ رأي الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع‬

‫بمجلس الدولة بالنسبة لالتفاق على التحكيم في مثل هذه العقود‪ ،‬إال أن رأيها في هذا الش أن‬

‫هو من قبيل اآلراء االستشارية‪ ،‬التي يكون بوسع اإلدارة مخالفتها دون أن يوصم تصرفها‬

‫بالبطالن‪.‬‬

‫وليس مع نى ك ون رأي الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع في ه ذا الش أن‬

‫استشاري أنه يجوز التغاضي عن طلبه‪ ،‬حيث يؤدي مثل هذا التغاضي إلى بطالن اتفاق‬

‫التحكيم‪ ،‬وذل ك ألن طلب ال رأي في مث ل ه ذه الحال ة ش كل ج وهري واجب االح ترام بغض‬

‫النظر عن العمل به‪ ،‬ألن هذا الرأي يصدر عن جهة قضائية رفيعة المستوى لتسترشد به‬

‫جهة اإلدارة‪ ،‬وفي إغفال طلبه تفويت للغاية التي ألجلها وضع المشرع نص المادة ‪ 58‬من‬

‫القرار بقانون ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬بشأن مجلس الدولة الذي أوجب هذا الشكل‪.‬‬

‫دور القضاء في دولة اإلمارات العربية المتحدة في التحكيم‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬التحكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬ ‫‪310‬‬

‫‪243‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لقد تناول القانون االتحادي رقم ‪ 11‬وتعديالته في شأن اإلجراءات المدني ة موض وع‬

‫التحكيم من خالل الباب الثالث من المواد ‪ 203‬إلى ‪ 218‬ودلك وفقا للتفصيل التالي‪:‬‬

‫االتفاق على التحكيم‬ ‫أ‪.‬‬

‫أج از المش رع في دولة اإلمارات العربي ة المتح دة من خالل نص الم ادة ‪ 203‬من‬

‫قانون اإلجراءات المدنية للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطو في العقد األساسي أو باتفاق‬

‫الحق عرض ماقد ينشأ بينهم من النزاع في تنفيد عقد معين على محكم أو أكثر‪.‬‬

‫كما أجاز االتفاق على التحكيم في نزاع معين وفق شروط خاصة‪ ،‬واش ترط الق انون‬

‫أيضا أن إثبات االتفاق على التحكيم اليكون إن إال بالكتابة ويجب أن يحدد موضوع النزاع‬

‫في وثيق ة التحكيم أو أثن اء نظ ر ال دعوى ولوك ان المحكم ون مفوض ين بالص لح وإ ال ك ان‬

‫التحكيم باطال‪ ،‬فعدم تحديد موضوع النزاع من قبل أطرافه في وثيقة التحكيم أو أثناء نظر‬

‫الدعوى إلى بطالن حكم المحكم وبالتالي بطالن التحكيم‪.‬‬

‫كم ا دهب المش رع اإلم اراتي إلى ع دم ج واز التحكيم بخص وص المس ائل ال تي‬

‫اليج وز فيه ا الص لح واليص ح االتف اق على التحكيم إال ممن ل ه أهلي ة التص رف في الح ق‬

‫محل النزاع‪.‬‬

‫وفي ح ال م ا إدا اتف ق الخص وم على التحكيم في ن زاع م ا فال يج وز أن يتم رف ع‬

‫ال دعوى ب ه أم ام القض اء وم ع دل ك إدا لج أ أح د الط رفين إلى رف ع ال دعوى دون اعت داد‬

‫بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف اآلخر في الجلسة األولى وجب نظر الدعوى واعتبر‬
‫‪311‬‬
‫شرط التحكيم الغيا‪.‬‬

‫‪ - 311‬د محمد محمود الكمالي‪ :‬التحكيم ودور القضاء اإلماراتي‪ ،‬مجلة الدراسات القضائية العدد السابع السنة الرابعة ديسمبر ‪ 2011‬ص‪.7‬‬

‫‪244‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ب‪.‬سلطة المحاكم في تعيين المحكم‬

‫دهب الق انون اإلم اراتي من خالل نص الم ادة ‪ 204‬من ق انون اإلج راءات المدني ة‬

‫إلى أنه في حالة ما إدا وقع النزاع بين الخصوم ولم يكن قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع‬

‫واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده‬

‫أو ق ام م انع من مباش رته ل ه ولم يكن هن اك اتف اق في ه دا الش أن بين الخص وم عينت‬

‫المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع من يلزم من المحكمين ويكون دلك بناء على طلب‬

‫يتقدم به أحد الحصوم باإلجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم‬

‫المحكمة مساويا للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكمال له‪.‬‬

‫أ‪.‬الشروط الواجب توفرها في المحكم‬

‫تطلب الق انون اإلم اراتي من خالل نص الم ادة ‪ 306‬من ق انون اإلج راءات المدني ة‬

‫أن تتوافر في شخص المحكم عدد من الشروط نجملها في اآلتي‪:‬‬

‫أن يكون المحكم كامل األهلية‬ ‫‪.1‬‬

‫أن اليكون محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية أو‬ ‫‪.2‬‬

‫مفلسا ما لم يرد إليه اعتباره‪.‬‬

‫في حالة تعدد المحكمين وجب في جميع األحوال أن يكون عددهم وترا‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫ب‪.‬إجراءات التحكيم باإلمارات‬

‫أوجب المشرع اإلماراتي من خالل نص الم ادة ‪ 208‬من ق انون اإلج راءات المدنية‬

‫على المحكم أن يق وم خالل تالثين يوم ا على األك ثر من قب ول التحكيم بإخط ار الخص وم‬

‫بت اريخ أول جلس ة تح دد لنظ ر ال نزاع وبمك ان انعق اد تل ك الجلس ة دون أن يك ون مقي دا‬
‫‪245‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بالقواع د المق ررة في ه دا الق انون لإلعالن ويح دد المحكم ألط راف ال نزاع أو ل وكالئهم‬

‫موعدا لتقديم مستنداتهم ومدكراتهم وأوجه دفاعهم‪.‬‬

‫وعلى المحكمين إدا م ا أرادو س ماع ش هود في ال دعوى المعروض ة عليهم أن‬

‫يحلف وهم اليمين وك ل من أدى ش هادة كادب ة أم ام المحكمين يعت بر مرتكب ا لجريم ة ش هادة‬

‫الزور‪.‬‬

‫وأجاز المشرع للمحكم الحكم بناء على ما يقدمه جانب واحد إدا ما تخلف الطرف‬

‫اآلخر عن دلك في الموعد المحدد‪.‬‬

‫وفي ح ال م ا إدا تع دد المحكم ون وجب أن يتول وا مجتمعين التحقي ق وأن يوق ع ك ل‬

‫منهم على المحاضر‪.‬‬

‫وعموم ا ف إن المش رع اإلم اراتي لم يقي د المحكمين ب إجراءات معين ة لس ير التحكيم‬

‫غ ير القواع د المنص وص عليه ا في ق انون المرافع ات بش رط أن يك ون األط راف لم يتفق وا‬

‫على إج راءات أخ رى تك ون هي واجب ة اإلتب اع م ع مراع اة االل تزام بمب دأ المواجه ة بين‬
‫‪312‬‬
‫الخصوم ومراعاة حق الدفاع‪.‬‬

‫د السيد المراكبي‪ :‬التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي ومدى تأثره بسيادة الدولة‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ 2010‬القاهرة ص ‪126‬‬ ‫‪312‬‬

‫‪246‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خاتمة القسم األول ‪:‬‬

‫من خالل استعراض نا في ه ذا القس م لإلط ار النظ ري الع ام للتحكيم وماهي ة العق ود‬

‫اإلداري ة ت بين أن الع الم ق د ش هد تط ورات س ريعة ومتالحق ة في مج ال التج ارة الدولي ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫واالس تثمارات وتن وعت أش كالها ووس ائلها‪ ،‬وتك ونت الش ركات الع ابرة للق ارات‪ ،‬ودخلت‬

‫الحكومات كطرف في تعاقدات مع أشخاص القانون الخاص مما أدى إلى ظهور وسائـ ـ ـــل‬

‫ونظم بديلة لتحقيق العدالة خارج النظام القضائي‪ ،‬ويواكب استحداث هذه النظم البديلة مع‬

‫النتائج المترتبة على اتساع تدخل الدولة في نشاط األفراد وتحت شعار الحفاظ على النظام‬

‫العام والمصلحة العامة ‪.‬‬

‫و من أهم ه ذه النظم البديل ة والوس ائل االختياري ة‪ ،‬ه و نظ ام التحكيم ال ذي حظي‬

‫باهتم ام واس ع س واء ك ان على الص عيد المحلي أو ال دولي‪ ،‬والس يما من أص حاب‬

‫االس تثمارات األجنبي ة من خالل تمتع ه بمم يزات ال تت وافر في قض اء ال دول وبال ذات في‬

‫الدول غير المتحضرة التي ال تمتلك أنظمة قانونية مكتملة توفر الحد األدنى من الحماية‬

‫ل رؤوس أم وال المس تثمرين مم ا جع ل الحاج ة ماس ة للج وء إلى التحكيم كوس يلة لفض‬

‫النزاعات التي تنشأ عن العقود التي يبرمها المستثمر األجنبي سواء مع أشخاص القانون‬

‫العام أو أشخاص القانون الخاص ‪.‬‬

‫و لإللمام بهذا القسم وتوضيح أهم فصوله التي حملت كعناوين اإلطار المفاهيمـ ـــي‬

‫والت اريخي للتحكيم ( الفص ل األول ) وماهي ة العقود اإلداري ة وأنواعه ا ( الفص ل الث اني )‪،‬‬

‫ولعل ما تضمنه الفصل األول يتعلق بماهية التحكيم وبمفهومه حيث اتضح بأن التحكيم هو‬
‫‪247‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تسوية شخص أو أكثر لنزاع قائم أو محتمل يعهد به إليه للفصل فيه باتفاق أطرافه‪ ،‬وإ ذا‬

‫ك ان أس اس التحكيم ه و اتف اق إرادة أط راف ال نزاع إال أن ه ذا األس اس معل ق على ش رط‬

‫وهو إج ازة المش رع للتحكيم‪ ،‬ذل ك أن التحكيم ما ه و إال استثناء من األص ل الع ام المتمثل‬

‫في اختصاص القضاء بالفصل في المنازعات التي تقع على إقليم الدولة‪ ،‬لذلك فإنه وحتى‬

‫يكتسب التحكيم الشرعية القانونية فإنه ال يكفي إلقراره اتفاق أطراف النزاع على التحكـ ـــيم‬

‫وإ نم ا الب د وأن يج يزه المش رع ويض ع ل ه التنظيم ال ذي يحكم ه‪ ،‬وه ذا م ا لمس ناه عن دما تم‬

‫التطرق إلى التحكيم في كل من فرنسا ومصر ودولة اإلمارات العربية المتحدة والمغرب‪،‬‬

‫لنخلص إلى فكرة أساسية لهذه الدول مفادها أنه وعلى الرغم من أهمية الوسائل األخرى‬

‫القديم ة الحديث ة في حس م منازع ات العق ود اإلداري ة‪ ،‬إال أن التحكيم م ازال يمث ل الوس يلة‬

‫األكثر قبوال لحسم منازعات هذه العقود‪ ،‬ويرجع ذلك للمزايا التي يتمتع بها منها السرعة‬

‫في الفصل في النزاع إلى جانب السرية التي يبتغيها الطرفان عند نشوب نزاع بينهما‪ ،‬كم ا‬

‫أن ه يع د ض مانة قوي ة للط رف المتعاق د م ع اإلدارة في ع رض منازعات ه بعي دا عن القض اء‬

‫الوط ني للدول ة‪ ،‬ول ذا تش ترط الدول ة الراغب ة في جلب االس تثمارات األجنبي ة إلى أراض يها‬

‫وضع بند التحكيم في العقود ‪.‬‬

‫و هك ذا وب النظر إلى مزاي ا وعي وب التحكيم وم ا قي ل بش أنهما‪ ،‬فإن ه بطبيع ة الح ـــال‬

‫وبمقتضى الواقع فإن لكل نظام في الحياة القانونية مزايا وعيوب‪ ،‬ونظام التحكيم أحد هذه‬

‫األنظم ة فه و ليس خ يرا كل ه وليس ش را كل ه‪ ،‬إال أن ه يمكن الق ول ب أن مزاي ا التحكيم وم ا‬

‫يحققه من فوائد جمة تجعل عيوب هذا النظام تتالشى أمام هذه المزايا وتعلو عليها‪ ،‬أما‬

‫عن التحكيم ال دولي فيمكن االتف اق على تط بيق الق انون الوط ني في العملي ة التحكيمي ة ب ـــين‬

‫الط رفين‪ ،‬حيث أك دت الق وانين الوطني ة والمعاه دات الدولي ة‪ ،‬وهيئ ات التحكيم على ح ق‬

‫طرفي خصومة التحكيم في اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع بينهما ‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بخص وص أن واع التحكيم ال تي تناوله ا الف رع الث اني فيمكن التأكي د ب أن الص ورة‬

‫األساس ية للتحكيم ه و التحكيم االختي اري اس تنادا لمب دأ إرادة األط راف لكن إلى ج انب ه ذا‬

‫يمكن للمش رع أن يجع ل التحكيم إجباريا وذل ك في المنازع ات بين الجه ات اإلداري ة‪ ،‬حيث‬

‫إن هذه المنازعات تؤول نتيجتها في النهاية إلى صالح الدولة‪ ،‬وكذلك لرغبة المشرع في‬

‫توفير الوقت والجهد والنفقات والتخفيف عن كاهل المحاكم لفض المنازعات الناشئة بينها‪،‬‬

‫ل ذا ص ار نظ ام التحكيم في العص ر الحاض ر ل ه خص ائص العم ل اإلج رائي من حيث‬

‫الض مانات األساس ية فحكم المحكم يح وز حجي ة األم ر المقض ي ب ه في معظم التش ريعات‬

‫الحديثة كالتشريع الفرنسي والمصري والمغربي وتشريع دولة اإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬

‫وعن د معظم الفقه اء وللمحك وم ل ه أن يلج أ إلى القض اء طالب ا تنفي ذه‪ ،‬إذا لم ينف ذه المحك وم‬

‫علي ه بالتراضـــي ومن تم فإن ه ينبغي على ك ل ال دول وهيئاته ا اح ترام تعه داتها في مج ال‬

‫التحكيم حول العقود اإلدارية‪ ،‬هذه األخيرة تعرضنا لها بإسهاب كبير في الفصل الث اني من‬

‫ه ذا القس م واس تنتجنا أن العق ود اإلداري ة تتمت ع ببعض المم يزات ال تي تميزه ا عن ب اقي‬

‫العقود‪ ،‬فهذا التمييز نابع من كون اإلدارة تعمل على تغليب المصلحة العامة على مصلحة‬

‫األف راد الخاص ة‪ ،‬حيث أملت ه ذه الفك رة ش رطا الزم ا في العق ود اإلداري ة يف رض على‬

‫المتعاقد مع اإلدارة عدم جواز التنازل عن العقد مع اإلدارة ألي جهة أخرى‪ ،‬وذلك حتى‬

‫ال تكون العقود اإلدارية مجاال للوساطات والمضاربات‪ ،‬ويتبين هذا اإللزام مع عدم النص‬

‫علي ه من خالل وج وب اإلحال ة إلى القواع د العام ة في حال ة خل و النص وص التش ريعية‪،‬‬

‫وتتمث ل في الالئح ة التنفيذي ة لق انون تنظيم المناقص ات والمزاي دات وال تي يجب العم ل على‬

‫أساس ها عن د إب رام العق د‪ ،‬ه ذه العق ود س اهمت الدراس ة في توض يحها س واء تعل ق األم ر‬

‫بالعقود المحددة بنص القانون أو العقود طبيعتها الذاتية‪ ،‬وتتمثل هذه العقود في عقد التوريد‬

‫الذي يتميز بأن موضوعه دائما يكون توريد منقوالت‪ ،‬فال يرد على العقارات بطبيعتها أو‬

‫‪249‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العق ارات بالتخص يص‪ ،‬ويتف رع عن عق د التوري د في ال وقت الحاض ر بعض العق ود كعق ود‬

‫التوريد الصناعية وعقد التحويل‪ ،‬كما تم الوقوف عند عقود " البوت " وتبين أنه ليس من‬

‫اليس ير إب رام عق د بنظ ام الب وت نظ را ألن مش روعات " الب وت " متش ابكة ومركب ة من‬

‫الن احيتين القانوني ة والمالي ة‪ ،‬فهي بحاج ة إلى وقت كب ير للتف اوض‪ ،‬حيث تتطلب ت دخل‬

‫ومس اندة حكوم ة الدول ة المض يفة‪ ،‬كم ا تتطلب مناخ ا اقتص اديا مالئم ا‪ ،‬وك ذلك اس تقرارا‬

‫سياسيا وبنية قانونية محددة ومناسبة باإلضافة إلى حرية تحويل للعملة والعناصر األخرى‬

‫الالزمة لالستثمارات بصفة عامة ‪ .‬أما بخصوص عقد األشغال العامة فمن خصائصه أن‬

‫يكون موضوعه عقارا‪ ،‬ويجب أن يتم العمل لحساب شخص معنوي عام‪ ،‬كذلك يجب أن‬

‫يك ون اله دف من األش غال العام ة موض وع العق د تحقي ق منفع ة عام ة‪ ،‬وب التطرق لتعري ف‬

‫عق د االل تزام استخلص نا ب أن موض وع العق د هـ ـ ـ ـ ـــو إدارة واس تغالل مرف ق ع ام اقتص ادي‬

‫وليس نق ل ملكي ة‪ ،‬ه ذا الن وع من العق ود يح اول التوفي ق بين اعتب ارين ‪ :‬أولهم ا يتعل ق‬

‫بالمص لحة العام ة المتمثل ة في ض مان إدارة المراف ق العامـ ـ ـ ـ ـــة‪ ،‬وثانيهم ا يتص ل بالمص لحة‬

‫للملتزم الذي ال يقبل إدارة المرفق وتحمل أعبائه إال لتحقيق الربح ‪.‬‬

‫و بم ا أن عق د االل تزام من العق ود اإلداري ة‪ ،‬ففي دول ة اإلم ارات تحتف ظ القواني ـ ـ ـ ـــن‬

‫واألنظم ة للجه ات اإلداري ة بحقه ا في تع ديل عقوده ا بنس بة معين ة دون أن يك ون للمتعاق د‬

‫معه ا ح ق ال رفض‪ ،‬أم ا في حال ة الزي ادة فيس تطيع المل تزم أن يط الب جه ة اإلدارة بأس عار‬

‫تفوق تلك التي تم االتفاق عليها في العقد ‪.‬‬

‫أم ا بخص وص عق د اإلنش اءات الدولي ة فه و يطل ق اص طالحا على المش روعات‬

‫الخاص ة‪ ،‬بتش ييد أعم ال البن اء أو العق ارات ومش روعات الهندس ة المدني ة كش ف الط رق‬

‫‪250‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وإ قامة الجسور‪ ،‬إنشاء المطارات واألنفاق‪ ،‬وكذلك المشروعات الصناعية األخرى كشبكة‬

‫االتصاالت والمفاعالت النووية والتشييدات الميكانيكية والكهربائية ‪.‬‬

‫و الواق ع أن ه ذا االص طالح ليس مح ل إجم اع من ج انب الفق ه‪ ،‬والهيئ ات المعني ة‬

‫به ذه العق ود‪ ،‬ب ل على العكس تتع دد التس ميات المختلف ة ال تي تنطب ق على ه ذه العق ود مث ل‬

‫عق ودد البن اء والتش ييد الدولي ة‪ ،‬والعق ود الدولي ة لتش ييد الجمعي ات الص ناعية‪ ،‬عق ود تس ليم‬

‫المفتاح‪ ،‬عقود الهندسة‪ ،‬عقود المقاوالت الدولية لإلنشاءات المدنية والعقود الدولية لألش غال‬

‫العامة ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا تطرقنا إلى بعض القواعد والمبادئ التي تحكم إبرام العقود اإلداريـــة‬

‫والمتمثل ة في مب دأ المس اواة بين المتعاق دين وذل ك في س بيل اس تقطاب أك بر ع دد من‬

‫المتنافس ين على العق د‪ ،‬وه و م ا ي ؤدي إلى الحص ول على أق ل س عر ممكن مم ا ي ؤدي إلى‬

‫تحقي ق المص لحة المالي ة لإلداري ة‪ ،‬كم ا أن المنافس ة من ش أنها أن تحاف ظ على النزاه ة في‬

‫عمليات إبرام العقد‪ ،‬وتمنع شبهة المحاباة عن اإلدارة وموظفيها الذين ينهفون بعبئ عملي ة‬

‫اإلبرام‪ ،‬هذا فمبدأ المساواة ومبدأ المنافسة ال يكتمالن إال بوجود مبدأ العالنية والتي تؤدي‬

‫إلى إث ارة المنافس ة ض من من اخ المس اواة والش فافية‪ ،‬فب دون اإلعالن ال يوج د مج ال حقيقي‬

‫للمنافسة بين الراغبين في التعاقد مع اإلدارة ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا قامت الدول المتقدمة بوضع وتعديل تشريعاتها المتعلقة ب إبرام العقود‬

‫اإلداري ة لتس مح للجه ات الحكومي ة أو تلزمه ا ب إبرام عقوده ا الكتروني ا وف ق النظ ام‬

‫اإللك تروني ع بر ش بكة المعلوم ات‪ ،‬وك انت أول ال دول العربي ة اعتراف ا بنظ ام التعاق د‬

‫اإللكتروني بالنسبة لعقود السلطة اإلدارية هي دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬ذلك أن من‬

‫‪251‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ش أن اإلب رام االلك تروني للعق د اإلداري من ع االتص ال المباش ر بين م وظفي اإلدارات‬

‫المتعاقدة والمرشحين للتعاقد وغلق باب الرشوة واستغالل النفوذ واالبتزاز ‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫القسم الثاني ‪ :‬تطبيقات التحكيم في مجال العقود اإلدارية‬

‫ع رف النظ ام الق انوني لع دة دول نظ ام التحكيم من ذ زمن بعي د إال أن أهمي ة التحكيم‬

‫كوسيلة لفض المنازعات بديال عن القضاء‪ ،‬أو بمعنى آخر طريقة بديلة لتسوية المنازعات‬

‫لم تظهر أهميتها وخاصة في نطاق المنازعات اإلدارية إال في أوائل الثمانينات من القرن‬

‫الماض ي م ع اتج اه ال دول لالقتص اد الح ر وخوصص ة مؤسس ات وش ركات القط اع الع ام‪،‬‬

‫فمب دأ االتج اه نح و ه ذا النم ط من التحكيم يتزاي د ت دريجيا‪ ،‬ف االعتراف بمش روعية التحكيم‬

‫كوسيلة لحسم المنازعات اإلدارية من شأنه أن يؤدي إلى طمس معالم وأحكام المنازعات‬

‫اإلداري ة وإ لى خض وع اإلدارة للق انون الع ادي والقض اء الع ادي خصوص ا من ال دول ال تي‬

‫‪.‬‬ ‫‪313‬‬
‫تأخذ بازدواجية القانون وازدواجية القضاء‬

‫ف التحكيم ه و إح دى الوس ائل ال تي تس اعد على تش جيع أص حاب رؤوس األم وال‬

‫األجنبية لالستثمار في الدول التي تسعى لجذب األموال األجنبية لالستثمار على أرضها‪،‬‬

‫ألن المستثمر األجنبي يفضل عادة أسلوب التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات ألنه يتوجس‬

‫خيفة من انحياز القضاء الوطني لدولته‪ ،‬ووسيلة محايدة تدعو إلى الطمأنينة‪ ،‬والدولة التي‬

‫تقبل بشرط التحكيم في العقود التي تبرمها مع أطراف أجنبية ال يمكنها التمسك بحصانتها‬

‫القضائية أمام هيئة التحكيم‪ ،‬وأن المجاالت الفقهية المؤيدة والمعارضة الواسعة في مسائل‬

‫سريان التحكيم في مجال العقود اإلدارية بدأت تتالشى بحكم التدخل القانوني في جوازه‪،‬‬

‫ك ل ه ذا س نعمل على توض يحه في الفص ل األول تحت عن وان ‪ " :‬م دى قابلي ة خض وع‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة للتحكيم "‪ ،‬إلى ج انب ه ذا فحكم التحكيم اإلداري يمكن أن يك ون‬

‫‪ -‬أحمد المليجي – قواعد التحكيم في القانون الكويتي – مؤسسة دار الكتب الطبعة األولى ‪ ، 1996‬ص ‪.222‬‬ ‫‪313‬‬

‫‪253‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫محل طعن من طرف أحد المتعاقدين والمتفقين على شرط التحكيم‪ ،‬كما يمكن أن يتعرض‬

‫الحكم التحكيمي للبطالن‪ ،‬إضافة إلى هذا فحكم التحكيم في مجال منازعات العقود اإلدارية‬

‫يبقى بدون معنى إذا لم يتم تنفيذه‪ ،‬هذا التنفيذ تعترضه مجموعة من الصعوبات‪ ،‬وهذا ما‬

‫س نعمل على ش رحه وتحليل ه في الفص ل الث اني تحت عن وان ‪ " :‬حكم التحكيم اإلداري‬

‫وطرق الطعن فيه "‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل األول ‪ :‬مدى قابلية خضوع منازعات العقود اإلدارية للتحكيم‬

‫أص بح من المعل وم بالض رورة أن العق ود اإلداري ة وإ ن ك ان ه دفها األساس ي تحقي ق‬

‫المص لحة العام ة بالنس بة لإلدارة‪ ،‬إال أن الط رف الث اني يه دف بطبيع ة الح ال إلى إش باع‬

‫رغبته االقتصادية والتجارية بحصوله على الربح دون التفريط في رأسماله‪ ،‬وهو الشيء‬

‫ال ذي يجعل ه ال يج ازف ب اللجوء إلى القض اء قص د تس وية ال نزاع ح ال حدوث ه‪ ،‬وذل ك لم ا‬

‫يعتريه من تعقيدات يحتاج حلها إلى وقت قد يطول حتى على فرض قض اء نزيه ومستقل‪،‬‬

‫مم ا يفض ل مع ه االلتج اء إلى حل ول العدال ة العادل ة‪ ،‬وذل ك عن طري ق التس وية م ع اإلدارة‬

‫نفسها أو بواسطة لجانها المعنية بهذا الشأن أو عن طريق التحكيم ‪.‬‬

‫ف الواقع العملي أثبت فاعلي ة ه ذه العق ود في تحقي ق األه داف االس تراتيجية على‬

‫المس توى االقتص ادي للدول ة وتنظيم العالق ات القانوني ة بين اإلدارة وعمالئه ا‪ ،‬إذ يحب ذ‬

‫المتعاملون مع الدولة اللجوء إلى أسلوب التعاقد باعتباره أداة رضائية يوفر لهم الضمانات‬

‫الكفيلة بحماية حقوقهم ويسعون دائما إلى إدراج شرط التحكيم كوسيلة لحسم منازعات هذه‬

‫العقود بدال من اللجوء إلى القضاء الوطني والدولة في سبيل جلب االستثمار تدرج شرط‬

‫‪.‬‬ ‫‪314‬‬
‫التحكيم‬

‫ه ذا وخالف ا للفك رة الس ائدة ب أن التحكيم ال يج وز في العق ود اإلداري ة عن د بعض‬

‫التشريعات‪ ،‬فقد أصبح اآلن وبفعل الضرورة االقتصادية والحاجة الماسة لتنمية المشاريع‬

‫االقتصادية واإلدارية واالجتماعية‪ ،‬واالقتناع بفكرة جواز التحكيم في العقود اإلدارية ألنها‬

‫تس مح بتحقي ق التع اون بين األش خاص العام ة واألش خاص الخاص ة المحلي ة واألجنبي ة مم ا‬
‫‪ -‬عالء أباريان – الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية ‪ -‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية بيروت‬ ‫‪314‬‬

‫لبنان ‪ ، 2008‬ص ‪.100‬‬

‫‪255‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يؤدي إلى تشجيع االستثمار وإ عطاء الضمانات المناسبة لتلك األموال المساهمة في تنمية‬

‫الدول ة وفي تس يير وبن اء المراف ق العام ة وإ قام ة المش روعات الك برى دون تحمي ل ميزاني ة‬

‫الدولة أي أعباء مالية واالبتعاد عن المساعدات والمنح الخارجية ‪.‬‬

‫و تجاوب ا م ع ه ذا االهتم ام أب رمت العدي د من االتفاقي ات وبنج اح منقط ع النظ ير‬

‫خوص ا وأن الح واجز السياس ية والتجاري ة ب دأت تض محل ت دريجيا أم ام تح ديات التج ارة‬

‫الدولية التي تهدف إلى تلبية حاجات تنوع األطراف ألجل توحيد المفاهيم والقوانين فيما‬

‫بين المتعاملين من خالل دراسة واطالع هيئات التحكيم المكونة من حكام ينتمون إلى أكثر‬

‫من‪ 100‬بلد يعرض عليهم ما يقارب آالف القضايا طالت أطرافا وجهات حكومية وغير‬

‫حكوميـ ـ ـ ــة‪ ،‬ومقارنات قانونية واقتصادية وإ دارية وثقافية ولغوية مختلفة‪.315‬‬

‫و إذا كان نظام التحكيم قد تزايد في اآلونة األخيرة في العالقات الخاصة التي تقوم‬

‫بين األف راد الع اديين كوس يلة لح ل المنازع ات الناش ئة بينهم ف إن م دى ج وازه بالنس بة‬

‫لمنازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة ق د أث ار الج دل في الفق ه والخالف في القض اء‪ ،‬نظ را‬

‫لكون التحكيم يمثل اعتداء على اختصاص القضاء اإلداري صاحب االختصاص األصيل‬

‫بنظر هذه المنازعات طبقا لنصوص قانونية صريحة‪ ،‬فضال عن تعارضه مع خصوصية‬

‫العق ود اإلداري ة ال تي تحكمه ا قواع د مغ ايرة عن تل ك ال تي تحكم عق ود الق انون الخ اص‪،‬‬

‫إض افة إلى ذل ك م ا تتمت ع ب ه الدول ة ومؤسس اتها من مرك ز متم يز بوص فها أح د أش خاص‬

‫الق انون الع ـ ـــام واستنادا إلى مبدأ سيادة الدولة وضرورة الحفاظ على سالمتها ومصالحها‬

‫العليا ‪.‬‬

‫‪ -‬عالء أباريان – الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية – المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬ ‫‪315‬‬

‫‪256‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ه ذا وق د تب اينت في ذل ك اتجاه ات ال دول م ا بين مؤي د ومع ارض فهن اك من أخ ذ‬

‫باالتجاه الذي يضيق الطريق على التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات اإلدارية ذات الطبيعة‬

‫التعاقدية‪ ،‬وهناك من أخذ باالتجاه الذي يوسع الطريق أمامه مع مراعاة بعض الشروط في‬

‫هذا الصدد ‪.316‬‬

‫هذا وبالرغم من أن قوانين التحكيم في األنظمة المقارنة تتشابه في مصادر التش ريع‬

‫إال أنها تتباين في مواقفها واتجاهاتها من جواز اللجوء إلى التحكيم بشأن العقود اإلداري ـــة‪،‬‬

‫وأن ه ذه المواق ف اختلفت وتن وعت من النقيض إلى النقيض ‪،‬و ب الرغم من ك ل ه ذا‬

‫فالتحكيم يعتبر قضاءا خاصا‪ ،‬إذ أن أطراف النزاع هم الذين يختارون قضاءهم والقانون‬

‫الذي يحكم العقد مثار المنازعة بدال من االعتماد على التنظيم القضائي للبلد الذي يقيمون‬

‫في ه ورغبتهم في تخطي أو العلو على كل نظام قانوني محدد للدولة‪ ،‬والعم ل على تسوية‬

‫م ا يتول د بينهم من منازع ات بواس طة محكم أو محكمين يمارس ون وظيف ة قض ائية‪ ،‬وله ذا‬

‫حظي التحكيم باهتم ام واس ع س واء ك ان على الص عيد المحلي أو ال دولي والس يما من‬

‫أص حاب االس تثمارات األجنبي ة من خالل تمتع ه بمم يزات ال تت وفر في قض اء ال دول‪،‬‬

‫وبالذات في الدول غير المتحضرة التي ال تمتلك أنظمة قانونية مكتملة توفر الحد األدنى‬

‫من الحماية لرؤوس أموال المستثمرين مما جعل الحاجة ماسة للجوء إلى التحكيم كوسيلة‬

‫لفض النزاع ات ال تي تنش أ عن العق ود ال تي يبرمه ا المس تثمر األجن بي س واء م ع أش خاص‬

‫القانون العام أو أشخاص القانون الخاص‪ ،‬هذه العقود هي متعددة وتختلف فيما بينها‪ ،‬كل‬

‫هذا سنحاول أن نلقي عليه الضوء من خالل مبحثين نتناول في األول التحكيم اإلداري بين‬

‫‪ -‬عالء أباريان – الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية – المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪316‬‬

‫‪257‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االتج اه المؤي د والمع ارض وموق ف األنظم ة المقارن ة أم ا الث اني فسنخصص ه لمس اهمة‬

‫التحكيم في فض منازعات العقود اإلدارية‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬التحكيم اإلداري بين االتجاه المؤيد والمعارض وموقف األنظمة المقارنة‬

‫إن موضوع اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تثور في شأن العقود اإلدارية‬

‫يعت بر من الموض وعات الجدي دة المس تحدثة ال تي ب دأ ينتب ه إليه ا م ؤخرا المش رع في بعض‬

‫الدول الحديثة‪ ،‬كما بدأ ينتبه إليها فقه الق انون اإلداري بوجه ع ام‪ ،‬نظرا ألهميته كوسيلة‬

‫فعال ة لح ل المش كالت والعقب ات التش ريعية والعملي ة ال تي تواج ه أط راف العقـ ـ ـــد اإلداري‪،‬‬

‫وكب ديل للج وء إلى القض اء س واء ك ان نظامي ا أو إداري ا وم ا يس تلزم ذل ك أحيان ا من ه در‬

‫للوقت والجهد والمال ‪.‬‬

‫و إذا ك انت اإلدارة باعتباره ا الج انب الق وي في ط رفي المعادل ة‪ ،‬تمل ك من‬

‫الص الحيات القانوني ة والواقعي ة وال تي خوله ا له ا المش رع‪ ،‬فإن ه بإمكانه ا ف رض ال ذي‬

‫ترتض يه لح ل اي ن زاع ق د ينش أ بش أن عقوده ا اإلداري ة في مواجه ة المتعاق د معه ا‪ ،‬وذل ك‬

‫اعتمادا على ما تملك من سلطة عامة‪ ،‬فإن الطرف اآلخر قد يجد نفسه مضطرا لالحتماء‬

‫من ه ذه الس لطات بجه ات أخ رى ومنه ا أش خاص ع اديين يتف ق على االلتج اء إليهم للتحكيم‬

‫في حالة وقوع المنازعة‪ ،‬وأخيرا السلطة القضائية التي تعتبر الملجأ األخير والساهر على‬

‫‪.‬‬ ‫‪317‬‬
‫ضمان مساواة الجميع أمام القانون وروح العدالة‬

‫و إذا كان اللجوء إلى التحكيم الشمولي الواسع الضيق لحل المنازعات غير المتعلق ة‬

‫ب العقود اإلدارية قد اتسع نطاقه ومضت عليه مدة مناسبة وربما طويلة من الزمن سواء‬
‫‪ -‬محمود السيد عمر التحيوي – أنواع التحكيم وتمييزه عن الوكالة والصلح والخبرة – دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪317‬‬

‫االسكندرية مصر ‪ ،2002‬ص ‪ 83‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بين ال دول أو بين الهيئ ات المختلف ة أو بين األف راد‪ ،‬ف إن اللج وء إلي ه في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة على وجه التحدي د م ا ي زال في بداي ة الطري ق ومحاط ا بالدق ة والحساس ية وال تردد‬

‫والحذر الشديد شأنه شأن كل جديد‪ ،‬األمر الذي دفع بجانب من الفقهاء والعلماء ورجال‬

‫القانون بل والمشرعين في بعض الدول إلى استقباله بالترحاب والرضا والقبول‪ ،‬كما دفع‬

‫بج انب آخ ر من ه ذه الفئ ات على رفض ه ومعادات ه والتح ذير من ه في ه ذا المج ال‪ ،‬ولع ل‬

‫الس بب في ذل ك يكمن في ك ون التحكيم يمث ل اعت داء على اختص اص القض اء اإلداري‬

‫صاحب االختصاص األصيل بنظر هذه المنازعات طبقا لنصوص قانونية صريحة‪ ،‬فضال‬

‫عن تعارضه مع خصوصية العقود اإلدارية التي تحكمها قواعد مغايرة عن تلك ال تي تحكم‬

‫عقود القانون الخاص ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا ظهرت مواقف متباينة خاصة في المجال التشريعي حيث مجموعة‬

‫من القوانين لبعض الدول تجيز خضوع العقود اإلدارية للتحكيم‪ ،‬وأخرى ال تجيز ذلك مع‬

‫‪.‬‬ ‫‪318‬‬
‫فرض بعض االستثناءات وذلك للسماح ألشخاص القانون العام بالخضوع للتحكيم‬

‫و لإللم ام باالتج اهين المؤي د والمع ارض ومختل ف مواق ف تش ريعات األنظم ة‬

‫المقارن ة‪ ،‬ارتأين ا أن نتن اول في المطلب األول التحكيم اإلداري بين االتج اه المؤي د‬

‫والمعارض أما الثاني فخصصناه لموقف األنظمة المقارنة من التحكيم في منازعات العقود‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التحكيم اإلداري بين االتجاه المؤيد والمعارض‬

‫‪ -‬محمود السيد عمر التحيوي – أنواع التحكيم وتمييزه عن الوكالة والصلح والخبرة – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 84‬وما‬ ‫‪318‬‬

‫بعدها‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إذا كان نظام التحكيم قد تزايد في اآلونة األخيرة في العالقات الخاصة بين األفراد‬

‫العاديين كوسيلة لحل المنازعات الناشئة بينهم فإن مدى جوازه بالنسبة لمنازعات العقود‬

‫اإلداري ة الداخلي ة ق د أث ار الج دل في الفق ه والخالف في القض اء‪ .‬ولتوض يح ذل ك اقتص رنا‬

‫على نم وذج ل ه ب اع طوي ل في ه ذا المج ال ويتعل ق األم ر بدول ة فرنس ا‪ ،‬ففي ه ذه األخ يرة‬

‫يمكن الق ول أن المب دأ الع ام فيه ا ه و حظ ر لج وء األش خاص المعنوي ة العام ة للتحكيم‪ ،‬لكن‬

‫هذا المبدأ ورد عليه عدة استثناءات تتعلق بوجود نص قانوني أو اتفاق دولي يجيز لجوء‬

‫األش خاص المعنوي ة العام ة للتحكيم كوس يلة لفض المنازع ات الناش ئة عن العق ود اإلداري ة‪،‬‬

‫وتحقيق ا ل ذلك سنقس م ه ذا المطلب إلى ف رعين نتح دث في األول عن االتج اه المؤي د‬

‫والمع ارض للتحكيم اإلداري في العق ود اإلداري الوطني ة أم ا الث اني فسنخصص ه لالتج اه‬

‫‪.‬‬ ‫‪319‬‬
‫المؤيد والمعارض للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية‬

‫الفرع األول ‪ :‬التحكيم بين االتجاه المؤيد والمعارض في منازعات العق ود اإلداري ة‬

‫الوطنية‬

‫إن موضوع التحكيم في مجال العقود اإلدارية يتضمن كل يوم إضافة جديدة سواء‬

‫على مس توى الفق ه أو القض اء أو التش ريع ونظ را للتط ور الس ريع والمتالح ق له ـــذا‬

‫الموض وع‪ ،‬فم ا زال يعت بر حقال خص با للبحث والب احثين بحيث يس تطيع ك ل منهم أن ي دلو‬

‫بدلوه فيـ ـــه‪ ،‬ونتيجة لذلك ظهر اتجاهين ‪ :‬اتجاه مؤيد يرى إمكان لجوء أشخاص القانون‬

‫العام إلى االتفاق على التحكيم لحل المنازعات التي تنشأ عن العقود اإلدارية التي تبرم ـــها‪،‬‬

‫وعلى نقيض ه ذا االتج اه‪ ،‬ظه ر اتج اه مع ارض بقول ه ع دم إمك ان اللج وء إلى التحكيم‬

‫‪ -‬محمود السيد عمر التحيوي – أنواع التحكيم وتمييزه عن الوكالة والصلح والخبرة – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬ ‫‪319‬‬

‫‪260‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كوسيلة لتسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود اإلدارية‪ ،‬هذا وقد استند أنصار كل اتجاه‬

‫إلى عدة حجج وأسانيد لتبرير موقفه‪ ،‬وسنعمل على توضيح كل هذا في الفقرات الموالية ‪.‬‬

‫الفق رة األولى ‪ :‬أس باب وأس انيد االتج اه المؤي د للتحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية الوطنية‬

‫ذهب فقهاء ومؤيدو هذا االتجاه إلى إمكانية لجوء أشخاص القانون العام إلى االتف اق‬

‫على التحكيم لح ل المنازع ات ال تي تنش أ عن العق ود اإلداري ة ال تي تبرمه ا‪ ،‬وق د اس تند ه ذا‬

‫االتجاه إلى العديد من الحجج واألسانيد نجملها في النقط التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬إن الدولة بمختلف أجهزتها اإلدارية الرسمية العامة‪ ،‬تملك القدرة القانونية والشرعي ـ ـــة‬

‫والسياس ية واالجتماعي ة واالقتص ادية على اللج وء إلى أي ة تص رفات تراه ا مناس بة لح ل‬

‫منازعاته ا وخالفاته ا‪ ،‬ومن بين ه ذه التص رفات التحكيم‪ ،‬م ادام يحق ق مص الحها وي رعى‬

‫أه دافها وغاياته ا المش روعة‪ ،‬الس يما وأنه ا تمل ك اقليمه ا وجمي ع مش تمالته‪ ،‬وله ا الحـ ـــق‬

‫والس يادة الك برى علي ه‪ ،‬وبه ذه الص فة أيض ا تتعام ل م ع مواطنيه ا وم ع ال دول األخ رى‪،‬‬

‫أض ف إلى ه ذا أنه ا تتمت ع باختصاص ات واس عة وله ا س لطة تقديري ة في بعض المج االت‪،‬‬

‫فم ا ال ذي يمنعه ا من أن تلج أ إلى تص رف ق انوني وإ داري يتس م بالمرون ة في ح ل‬

‫المنازعـ ـ ـــات والخالف ات وتبس يط األم ور للوص ول إلى نت ائج مرض ية وعادل ة أال وه و‬

‫‪.‬‬ ‫‪320‬‬
‫التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫‪ -‬إن لج وء الدول ة إلى تص رف ق انوني أص بح معروف ا في معظم دول الع ام ول ه صفات ـ ـ ـ ـــه‬

‫وخصائصه وشروطه وإ جراءاته وآثاره الخاصة به أال وهو التحكيم الذي ال يسعى بدوره‬

‫‪ -‬بشار جميل عبد الهادي – مرجع سابق ص ‪. 46‬‬ ‫‪320‬‬

‫‪261‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إال إلى وض ع الح دود الدقيق ة والفاص لة والعادل ة بين حق وق والتزام ات تل ك الدول ة وبين‬

‫حق وق والتزام ات المتعاق د معه ا أي ا ك ان‪ ،‬لدرج ة أن جانب ا من الفق ه ق د أطل ق على ه ذا‬

‫التحكيم تسمية القضاء المساعد ‪.‬‬

‫‪ -‬إن لجوء األطراف الرسمية العامة في الدولة إلى التحكيم لحل المنازعات ال تي تث ور في‬

‫ش أن العقود اإلدارية س يدفعها في ض وء الواقع والعق ل والمنط ق إلى اختي ار محكمين على‬

‫درج ة عالي ة من التخص ص والخ برة والكف اءة‪ ،‬وستس مح لهم من خالل أعم الهم باتخ اذ م ا‬

‫يرونه مناسبا من أسانيد وتصرفا للوصول إلى الحلول المرضية المشروعة ‪.‬‬

‫و ي ترتب على ذل ك أن ه ؤالء المحكمين ق د يعمل ون القواع د القانوني ة المناسـ ـ ـ ـ ـ ـــبة‬

‫ويس يرون على ه دي األع راف اإلداري ة الثابت ة والملزم ة‪ ،‬ويح ترمون ويس تفيدون مع ا من‬

‫أية أحكام أو سوابق قضائية تتعلق بموضوع التحكيم بغية تحقيق واجباتهم المحددة‪ ،‬فعملهم‬

‫ه ذا ه و عم ل مش روع يتس م ب االلتزام والتحدي د وهدف ه تبي ان ح دود الحق وق وااللتزام ات‬

‫ألصحابها‪ ،‬وهو الهدف العام للدولة الذي ينتهي بتحقيق المصالح العليا لها‪ ،‬وبالتالي فإن‬

‫التحكيم ينس جم م ع طبيع ة أعم ال اإلدارة العام ة وأه دافها الس امية‪ ،‬وبمع نى آخ ر فإن ه ال‬

‫يوجد أي تعارض أو تنافر بين القانون العام وبين التحكيم نفسه ‪.‬‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ال يتع ارض وال يص طدم م ع أي‬

‫تأص يل ت اريخي أو فك ري أو سياس ي أو اجتم اعي أو اقتص ادي وال يتن افى م ع أي مص در‬

‫رسمي أو غير رسمي من مصادر التشريع أو القواعد األصولية العامة‪.321‬‬

‫‪321‬‬
‫‪- DELAUME ( GR ) - Transnational contract applicalle law and Settlement of disputes‬‬
‫‪New york 1995 p 10 .‬‬

‫‪262‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ق د ح اول ج انب من الفق ه والقض اء عن د غي اب النص وص القانوني ة الصريح ـ ـ ـ ـــة‬

‫والقاطع ة أن يبحث عن أي أص ل أو مص در أو قاع دة تح رم التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة فلم يج د ه ذا الج انب ذل ك‪ ،‬وبالت الي لم يب ق ل دى الفق ه والقض اء بص فة عام ة غ ير‬

‫االجتهادات ووجهات النظر الفكرية والقانونية الخاصة بأصحابها ‪.‬‬

‫الفق رة الثاني ة ‪ :‬أس باب وأس انيد االتج اه المع ارض للتحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية الوطنية‬

‫ي ذهب أنص ار ه ذا االتج اه إلى التحكيم كوس يلة لفض المنازع ات‪ ،‬إلى أن التحكيم‬

‫على خالف القض اء اإلداري ال يعت د بالتم ايز الج وهري بين العق ود المدني ة والعق ود‬

‫اإلداريـ ـ ـ ـــة ويتعام ل معه ا على ق دم المس اواة في إج راءات التحكيم‪ ،‬في حين أن العق ود‬

‫اإلدارية قد ارتبطت في نشأتها وتطورها بنشأة وتطور القانون اإلداري‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬

‫اللج وء إلى التحكيم في العق ود اإلداري يص طدم بمب دأ الحص انة القض ائية للدول ة وبمب دأ‬

‫وه و الش يء ال ذي جع ل أنص ار ه ذا االتج اه يبن ون أس بابهم‬ ‫‪322‬‬


‫س يادة الدول ة على أراض يها‬

‫وأسانيدهم ويقيمون آراءهم على االعتبارات الداعمة التالية‪.323‬‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ي ؤدي بص ورة مباش رة أو غ ير‬

‫مباش رة إلى اإلخالل الكب ير بمب دأ الفص ل بين الس لطات في الدول ة‪ ،‬وبال ذات بين الس لطتين‬

‫التنفيذي ــة والقضائية ‪.‬‬

‫‪ -‬عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية في ضوء القوانين الوضعية‬ ‫‪322‬‬

‫والمعاه دات الدولي ة وأحك ام مح اكم التحكيم‪ ،‬دراس ة مقارن ة دار الجامع ة الجدي دة للنش ر االس كندرية مص ر ‪ 2008‬ص‬
‫‪. 207‬‬
‫‪ -‬أحم د مليجي – تحدي د نط اق الوالي ة القض ائية واالختص اص القض ائي أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام‬ ‫‪323‬‬

‫جامعة عين شمس القاهرة ‪ 1979‬ص ‪. 183‬‬

‫‪263‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و تفسير ذلك في رأيهم أن التحكيم في حد ذاته ال يعدو أن يكون قضاءا خاصا له‬

‫طبيعت ه ال تي تجع ل من ه محقق ا ل ذات الغاي ات واأله داف ال تي يس عى إلى تحقيقه ا القض اء‬

‫الخ اص‪ ،‬فكي ف تقب ل اإلدارة العام ة في الدول ة وج ود محكمين في منازع ات عقوده ا‬

‫اإلدارية‪ ،‬وهي غير مسموح لها بأن تقبل قضاة مدنيين للنظر في معظم قضاياها اإلدارية‬

‫؟‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ي ؤدي إلى المس اس المعيب وغ ير‬

‫الج ائز بس يادة الدول ة‪ ،‬وإ لى االعت داء على اختص اص قض ائها وبال ذات اإلداري من ه‪ ،‬ه ذا‬

‫القضاء الذي يتسم بالصفة الرسمية وهو الذي أوجده ونظمه وحدد اختصاصاته المشرع ‪.‬‬

‫و تفس ير ذل ك في رأيهم أن المحكمين ال ذي تخت ارهم األط راف المعني ة لح ل‬

‫منازعاته ا الناش ئة عن العق ود اإلداري ة هم من الن اس الع اديين أو من الهيئ ات الخاص ة‪،‬‬

‫وت أبى س يادة الدول ة وأجهزته ا اإلداري ة الرس مية العام ة أن تتلقى حل وال أو تف رض عليه ا‬

‫قوانين أو آراء من هؤالء األفراد أو من هذه الهيئات حيث ال يجوز أن يكون الربط والحل‬

‫إال لقضاء هذه الدولة الرسمي الذي يحكم بقوة الدستور والقوانين‪ ،‬وتنظمه سلطة قضائية‬

‫‪.‬‬ ‫‪324‬‬
‫مستقلة في الدولة‬

‫يض اف إلى ه ذا أن التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ال يجب أو ين تزع‬

‫اختصاصات وسلطات القضاء الرسمي في الدولة سواء أكان هذا القضاء عاديا أم إداريا‬

‫بل هو طريق مواز لهذا القضاء يخفف العبء عنه ليلتفت إلى ألوف القضايا المعروضة‬

‫علي ه‪ ،‬كم ا أن التحكيم ق د يك ون مج رد طري ق تمهي دي لمحاول ة ح ل ال نزاع وق د ينتهي‬

‫‪ -‬أحمد مليجي – تحديد نطاق الوالية القضائية واالختصاص القضائي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 183‬‬ ‫‪324‬‬

‫‪264‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بالفـ ـ ـ ـــشل‪ ،‬وعندئ ذ يتم رج وع األط راف المعني ة إلى القض اء بك ل هيبت ه واحترام ه ليق ول‬

‫كلمت ه الملزم ة في ال نزاع المع روض علي ه‪ ،‬وفي ك ل األح وال يظ ل القض اء الرس مي في‬

‫الدول ة ه و الس يد األعلى لح ل المنازع ات‪ ،‬وتق وم من حول ه تص رفات قانوني ة أخ رى على‬

‫رأسها التحكيم تساعده وتحقق أهدافه‪ ،‬حيث ال يتم اللجوء إليها أصال إال بإذن من المشرع‬

‫ال ذي نظم القض اء نفس ه س واء أك ان ه ذا اإلذن الق انوني ب النص الص ريح أن باإلباح ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪325‬‬
‫الضمنية المفترضة‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة يص طدم بالمب ادئ األساس ية‬

‫وبالطبيعة الجوهري ة ( لنظري ة العق د اإلداري ) كما اس تقر عليه ا الفقه والقض اء اإلداري ان‬

‫في كث ير من ال دول‪ ،‬س واء من حيث اختالف ه ذا العق د عن العق د الخ اص اختالف ا كب يرا‬

‫وجوهريا أو من حيث طرق إبرامه والقيود التي ترد على هذا اإلبرام أو من حيث طوائفه‬

‫ومفهوم كل من هذه الطوائف واألنواع أو من حيث السلطات الواسعة التي تملكها اإلدارة‬

‫العام ة تج اه المتعاق د معه ا‪ ،‬أو من حيث الحق وق المح ددة ال تي يتمت ع به ا ه ذا المتعاق د م ع‬

‫اإلدارة العامة أو غير ذلك مما تتضمنه هذه النظرية العقدية اإلدارية المعروفة ‪.‬‬

‫و على ذلك فإن اللجوء إلى التحكيم يهدم هذه النظرية ألنه يأخذ بعين االعتبار دائما‬

‫أن العق د ش ريعة المتعاق دين‪ ،‬وبالت الي يس عى إلى تحقي ق المس اواة الكامل ة بين األط راف‬

‫المتعاقدة وإ لى عدم التمييز بينهما ألي سبب من األسباب أو ظرف من الظروف أو اعتبار‬

‫من االعتب ارات األم ر ال ذي ينتهي به ذا التص رف إلى ه دم القواع د األص ولية المس تقرة‬

‫والمتعارف عليها في شأن ركائز العقد اإلداري وتمييزه المنفرد به في نطاق العام ‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫‪- Albert Derby ( the concept of law – comparative study ) New york .C Heath and‬‬
‫‪company 1997 p 136 .‬‬

‫‪265‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وبال ذات العق ود اإلداري ة الدولي ة‬

‫المبرمة م ع دول أو أف راد أو جه ات أجنبية قد يجع ل الدولة المبرمة مع دول أو أفراد أو‬

‫جه ات أجنبي ة‪ ،‬ق د يجع ل الدول ة المتعاق دة تواف ق على تط بيق ق وانين أو أنظم ة أو ل وائح‬

‫أجنبي ة عنه ا أو معاه دات دولي ة ليس ت طرف ا فيه ا على ال نزاع المع روض على المحكمين‬

‫وال ذي هي ط رف في ه‪ ،‬وه ذا األم ر يتض من أيض ا مساس ا معيب ا باس تقالل ه ذه الدول ة‬

‫وسيادتها‪ ،‬كما يتضمن أيضا استبدال تشريعاتها وأعرافها بتشريعات وأعراف أجنبية قد ال‬

‫تتناسب بيئتها السياسية واالجتماعية واالقتصادية واإلدارية والقانونية‪.326‬‬

‫يض اف إلى م ا تق دم أن معظم العق ود اإلداري ة ال تي ق د يتم اللج وء إلى التحكيم في‬

‫منازعاتها‪ ،‬تكون في الغالب األعم محلية ووطنية وبالتالي فإن أية مشكالت تتعلق بالعقود‬

‫اإلدارية الدولية التي لها طبيعتها الخاصة يج أن ال تنتزع باس تثنائيتها وخصوص يتها القيمة‬

‫الكبرى لحل المنازعات العقدية اإلدارية الداخلية الخاصة بدولة محددة عن طريق اللجوء‬

‫إلى التحكيم‪ ،‬فإذا أضفنا إلى ذلك احتمال استفادة الدولة استفادة عظيمة ومبررة ومشروعة‬

‫من تط بيق تش ريعات أجنبي ة أحيان ا على منازع ات عقوده ا اإلداري ة الدولي ة وبرض اها‬

‫لوج دنا ب أن تحقي ق مص الح تل ك الدول ة محلي ا وعالمي ا يف وق أي ة اعتب ارات تتس م بالط ابع‬

‫النظري المجرد‪ ،‬وباالنغالق المظلم الكئيب عن التطور العملي الهائل والسريع وذلك تحت‬

‫ستار حجـ ـ ـ ــج وآراء قد تكون متوثرة ومنفعلة وغير متزنة وال مبررة في بعض األحيان ‪.‬‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة دون أن يك ون هن اك أي نص‬

‫قانوني صريح يجيزه‪ ،‬فيه مخالفة صارخة لمبدأ المشروعية ذلك ألن المشرع القانوني في‬

‫‪ -‬محمد كمال منير – مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية – مجلة العلوم‬ ‫‪326‬‬

‫اإلدارية السنة ‪ 33‬العدد األول ‪ 1991‬القاهرة ص ‪. 309‬‬

‫‪266‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫معظم دول العالم هو الذي أنشأ ونظم وحدد اختصاصات القضاء سواء أكان هذا القضاء‬

‫عاديا أم إداريا‪ ،‬وكانت أداته لذلك وفي الغالب األعم هي القانون الذي يصدره عن السلطة‬

‫التشريعية في الدولة‪ ،‬وبناء على ذلك فإن لجوء اإلدارة العامة إلى التحكم لحل المنازعات‬

‫الناشئة عن عقودها اإلدارية ( وقد جعل المشرع القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بحل‬

‫هذه المنازع ات ) يؤدي إلى تع ديل قواعد االختصاص التي نظمت والية هذا القض اء في‬

‫الدول ة‪ ،‬ولم ا ك انت ه ذه القواع د ق د وردت بموجب ق انون فإن ه ال يج وز االق تراب منه ا أو‬

‫تع ديلها أو االتف اق على م ا يخالفه ا إال بم وجب ق انون من نفس الق وة والمرتب ة التش ريعية‬

‫يسمح صراحة لإلدارة العامة باللجوء إلى التحكيم وليس بموجب قرار يصدر عنها أو عقد‬

‫‪.‬‬ ‫‪327‬‬
‫تبرمه مع غيرها أو إدارة ذاتية تخضع لرغباتها‬

‫واستنادا إلى ما تقدم‪ ،‬نرى أن المشرع عندما يس كت عن تحريم اللج وء إلى التحكيم‬

‫في منازع ات العق ود اإلداري ة ف إن مث ل ه ذا الس كوت أو الص مت يعت بر تص ريحا مني ا‬

‫باإلجازة والسماح‪ ،‬ألن كل ما هو غير محرم صراحة يعتبر مجازا ومسموحا به قانونا‪،‬‬

‫فإذا أضفنا إلى ذك ما سبق ذكره من أن التحكيم في حد ذاته هو وسيلة مساعدة ومساندة‬

‫ومجانيـ ـ ـ ــة وموازية لعمل القضاء الرسمي في الدولة‪ ،‬وأنه ال يجب وال ينتزع اختصاصات‬

‫ه ذا القض اء ألن ه س يظل ه و الس يد األعلى لح ل المنازع ات اإلداري ة وحس مها في معظم‬

‫األحيان ‪.‬‬

‫‪ -‬إن اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة ي ؤدي إلى إره اق األط راف‬

‫المتعاق دة بالتك اليف المالي ة الباهض ة الس يما تل ك ال تي ت دفع للمحكمين‪ ،‬كم ا أن ه ذا التحكيم‬

‫‪327‬‬
‫‪- Michael Bashan ( Administrative law –An analysis of modern theories –New york Holt‬‬
‫‪Rinchart and winston I.N.C 2003 p 315 .‬‬

‫‪267‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫نفسه يفتقر أحيانا إلى توافر بعض الضمانات القضائية التي كفلها المشرع في مجال التق اي‬

‫وأهمه ا نوعي ة المحكمين وض عف تك وينهم الق انوني حيث يكون وا في الغ الب من رج ال‬

‫السياس ة أو األعم ال أو االجتم اع أو االقتص اد وليس وا من رج ال الق انون كأعض اء الس لطة‬

‫القضائية بمختلف محاكمها‪ ،‬باإلضافة إلى أن اللجوء إلى التحكيم قد ال يحسم النزاع أحيانا‬

‫بين األطراف المعنية لعدم تحقق المستوى المتوازن والسلطة المتكافئة بينها‪ ،‬مع مالحظة‬

‫أن كث يرا من ق رارات التحكيم ال تك ون مس ببة وال يتم نش رها وفق ا لألص ول‪ ،‬األم ر ال ذي‬

‫يعرقل االستفادة منها أو االسترشاد بها في بعض الحاالت مما يهدر محاولة تفادي وقوع‬

‫‪.‬‬ ‫‪328‬‬
‫بعض المنازعات المستقبلية المماثلة‬

‫و كاستنتاج للفقرة األولى والفقرة الثانية أي بخصوص االتجاه المؤيد أو المعارض‬

‫للج وء للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة يمكن الق ول إن الص راع العقي دي ال ذي ث ار‬

‫وربم ا م ا ي زال ث ائرا بين المؤي دين للج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وبين‬

‫المعارض ين ل ه‪ ،‬ق د انتهى بحس م تش ريعي في كث ير من ال دول وذل ك بإج ازة المش رع له ذا‬

‫التحكيم صراحة سواء وضع له بعض القيود المحددة أو لم يضع ‪.‬‬

‫و ه ذا األم ر ل ه داللت ه الك برى على أن مثل ه ذا التحكيم اإلداري هو أم ر مش روع‬

‫وال يتن افى م ع طبيع ة الق انون الع ام‪ ،‬وال م ع طبيع ة أش خاص ه ذا الق انون وال م ع طبيع ة‬

‫أعمال اإلدارة العامة‪ ،‬بل أن هذا الحسم التشريعي إجازته في مثل هذه الدول وهي كثيرة‬

‫قد يغني عن أي تبرير أو دفاع أو بيان يتعلق بهذا الموضوع ‪.‬‬

‫‪ -‬زكي محمد النجار – الوسائل غير القضائية لحسم المنازعات اإلدارية دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1993‬ص‬ ‫‪328‬‬

‫‪. 284‬‬

‫‪268‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أما بخصوص االتجاه المعارض فرغم مجموعة من األسباب واألسانيد للجوء إليه‪،‬‬

‫فإنن ا ال نج د أي مي ل لقبول ه‪ ،‬ف اللجوء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة على وج ه‬

‫التحدي د يعت بر من األم ور غ ير المكلف ة مالي ا‪ ،‬ب ل أن ه في بعض األحي ان يك ون أوف ر بكث ير‬

‫من اللج وء إلى القض اء الرس مي في الدول ة بإجراءات ه الطويل ة المعق دة وجه ده المض ني‬

‫وتكاليفه الباهضة‪ ،‬وإ ذا كان هذا الرأي المعارض ينطبق في حاالت قليلة جدا على اللجوء‬

‫إلى التحكيم في مج ال العق ود اإلداري ة الدولي ة‪ ،‬فإن ه ال ينطب ق على اللج وء إلى التحكيم في‬

‫مجال العقود اإلدارية المحلية أو الوطنية ‪.‬‬

‫إضافة إلى هذا أن اختيار المحكمين في هذا الشأن وفي معظم األحيان يتم من قبل‬

‫األطراف المعنية‪ ،‬ويكون في ضوء نوع النزاع وظروفه وطبيعته وهؤالء المحكمون ع ادة‬

‫م ا يكون ون من أس اتذة الجامع ات ال ذين يمثل ون عق ل المجتم ع‪ ،‬ومن رج ال القان ـ ـ ـــون‬

‫والقض اء ومن كب ار الخ براء والمتخصص ين وأص حاب ال رأي ال ذين يباش رون أعم الهم‬

‫التحكيمي ة بك ل ثق ة وكف اءة واقت دار مم ا ي وفر لعملي ة التحكيم برمته ا الض مانات القانونيـ ـ ـــة‬

‫والفنية الكافية‪.329‬‬

‫و بخالف م ا يق ول ب ه االتج اه المع ارض للج وء إلى التحكيم‪ ،‬ف إن التحكيم ق د حس م‬

‫موض وع ال نزاع بين األط راف المعني ة في معظم األحي ان ألنه ا ق د ارتض ت اللج وء إلي ه‬

‫بإرادته ا الح رة‪ ،‬وأض فت علي ه وعلى الق ائمين ب ه الثق ة المطلوب ة والمقبول ة بداي ة لديه ـ ـــا‪،‬‬

‫والس يما وأن تع ثر التحكيم أو فش له ال يمن ع تل ك األط راف من اللج وء الحق ا إلى القض اء‬

‫الرسمي ليقول كلمته في موضوع النزاع نفسه ‪.‬‬

‫‪ -‬زكي محمد النجار – الوسائل غير القضائية لحسم المنازعات اإلدارية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 285‬‬ ‫‪329‬‬

‫‪269‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و الجدير باإلشارة أننا نحترم توجهات الجانب المعارض‪ ،‬ولكننا نجد بأن كثيرا من‬

‫أس انيده ق د ب نيت على أس اس النظ رة الش املة لمب دأ التحكيم عموم ا من جه ة‪ ،‬وعلى أس اس‬

‫القياس على حاالت قد تكون محددة وضيقة واستثنائية من جهة أخرى‪ ،‬ولهذا فإننا نميل‬

‫إلى إعم ال التحكيم في مختل ف المج االت بص فة عام ة وإ لى اللج وء إلي ه بالرض ا والتواف ق‬

‫لحل المنازعات التي قد تنشأ عن العقود اإلدارية بصفة خاصة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التحكيم بين االتجاه المؤيد والمعارض في منازعات العقود اإلدارية‬

‫الدولية‬

‫لق د ش هدت دول الع الم في الق رن العش رين وبخاص ة في الف ترة ال تي تلت الح رب‬

‫العالمية الثانية عددا من األحداث السياسية واالقتصادية المتسارعة نتج عنها لجوء الدول‬

‫إلى رؤوس األم وال األجنبي ة لس د النقص ال ذي تع اني من ه في ش تى المج االت ولتنفي ذ‬

‫طموحاتها االقتصادية‪ ،‬وكان ذلك ايذانا بنشأة عقود دولية يكون طرفها أشخاص القانون‬

‫العام الوطنية من جهة وأشخاص القانون الخاص األجنبية من جهة أخرى ‪.‬‬

‫و ك ان من الط بيعي أن يص احب التحكيم ه ذا الن وع الجدي د من العق ود باعتب اره‬

‫الوسيلة المثلى لحل المنازعات الناشئة عنها‪ ،‬ومرجع ذلك أن الطرف الخاص األجنبي يجد‬

‫نفسه يتعامل مع دولة ذات سيادة‪ ،‬وخوفا من المخاطر الناجمة عن هذه السيادة والمتمثلة‬

‫في إمكانية إهدار حياد القضاء الوطني أو إعمال الحصانة القضائية‪ ،‬لم يجد هذا الطرف‬

‫‪.‬‬ ‫‪330‬‬
‫األجنبي غير التحكيم بديال ليحتمي خلفه‬

‫‪ -‬أسعد فاضل منديل – أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته دراسة مقارنة – منشأة المعارف‪ ،‬االسكندرية بدون سنة الطبع‪،‬‬ ‫‪330‬‬

‫ص ‪.36‬‬

‫‪270‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ه ذا من ناحي ة‪ ،‬ومن ناحي ة أخ رى ف إن ال دول ذاته ا تعم ل على تض مين عقوده ا أو‬

‫قوانينه ا الوطني ة نصوص ا ص ريحة تقض ي بقب ول التحكيم كوس يلة لح ل المنازع ات الناش ئة‬

‫عن العق ود المبرم ة بينه ا وبين المس تثمرين األج انب ألنه ا ت رى في ذل ك تش جيعا وج ذبا‬

‫لالستثمار األجنبي على أراضيها ‪.‬‬

‫و لما كان العقد اإلداري ذو الطبيعة الدولية يحكمه النظرية العامة للعقود اإلدارية‬

‫على أس اس أن ه أوال وأخ يرا عق د إداري‪ ،‬وأن طبيعت ه الدولي ة ليس له ا أي أث ر في ه ذا‬

‫الش أن‪ ،‬وك انت ه ذه النظري ة من خل ق القض اء اإلداري وال تي يع ترف به ا لإلدارة بع دة‬

‫لطات تمثل امتيازات لها في مواجهة المتعاقد معها‪ ،‬فهل يجوز التحكيم في منازعات هذه‬

‫العقود ؟‬

‫لقد تباينت في ذلك أراء الفقه والقضاء وكذلك افتاءات مجلس الدولة المصري في‬

‫هذا الصدد ما بين مؤيد ومعارض إلى أن تدخل المشرع وحسم هذا الخالف سواء بإجازته‬

‫التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة عموم ا وطني ة ك انت أو ذات ط ابع دولي كالمش رع‬

‫المص ري أو بع دم إجازت ه للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة إال في بعض منه ا نظ را‬

‫لطابعها الفني أو التصالها بأمور التجارة الدولية ومن تم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫ذات الطابع الدولي كما هو الحال في فرنسا‪.331‬‬

‫ه ذا وس نعمل على ايض اح ك ل من االتج اهين المؤي د والمع ارض للج وء للتحكيم‬

‫الدولي عبر فقرتين نتناول في األولى االتجاه المؤيد للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫‪ -‬ولي د محم د عب اس – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة ذات الطبيع ة التعاقدي ة دار الجامع ة الجدي دة االس كندرية‬ ‫‪331‬‬

‫‪ 2010‬ص ‪. 318‬‬

‫‪271‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الدولية وسنخصص الفقرة الثانية لالتجاه المعارض للجوء إلى التحكيم في منازعات العق ود‬

‫اإلدارية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االتجاه المؤيد للجوء للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية‬

‫انقس م الفق ه في آراءه في ه ذا الص دد بين مؤي د ومع ارض ولك ل حجج ه وأدلت ه‪ ،‬إذ‬

‫في إجازة التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية تعارضا مع‬ ‫‪332‬‬
‫يرى جانب من الفقه‬

‫سيادة الدولة‪ ،‬ذلك ألن التحكيم هو سلب الختصاص القضاء الوطني الذي هو مظهر من‬

‫مظ اهر س يادة الدول ة‪ ،‬وإ ذا ك ان التحكيم مقب وال في المنازع ات ال تي تث ور بين األف راد‬

‫وب الرجوع إلى‬ ‫‪333‬‬


‫بعض هم البعض‪ ،‬فإن ه غ ير مقب ول في العق ود اإلداري ة وخاص ة الدولي ة‬

‫م دى ج واز اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة بفرنس ا نالح ظ أن‬

‫القضاء العادي الفرنسي أكد في العديد من األحكام الصادرة عنه على قدرة الدوة وسائر‬

‫أشخاصها العامة الوطنية على اللجوء إلى التحكيم في المجال الدولي واضعا قاعدة مادية‬

‫مفاده ا ص حة اتفاق ات التحكيم المبرم ة بواس طة األش خاص المعنوي ة العام ة في معامالته ا‬

‫الدولي ة‪ ،‬وه و االتج اه ال ذي عم ل على امت داده بع د ذل ك إلى المنازع ات ال تي يك ون أح د‬

‫أطرافها شخصا معنويا عاما من جنسية أجنبية‪ ،‬ومن أجل تعزيز هذا كله نستشهد ببعض‬

‫األحكام القضائية الصادرة في الموضوع‪ ،‬حيث يعد حكم محكمة استئناف باريس الصادر‬

‫بت اريخ ‪ 10‬من أبري ل ع ام ‪ 1957‬في قض ية ‪ Myrtoon Steam Ship‬بمثاب ة المرج ع‬

‫األساسي ألحكام القض اء العادي األخرى ال تي عملت على الخروج من القاعدة التشريعية‬

‫‪ -‬محمد شفيق – التحكيم التجاري الدولي – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1997‬ص ‪. 40‬‬ ‫‪332‬‬

‫‪333‬‬
‫‪- Mezghani: Souverainete de l’Etat et participation à l’arbitrage Rew Arb 1995 p 568 .‬‬

‫‪272‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الواردة في القانون الداخل الفرنسي والتي تقضي بحظر لجوء أشخاص القانون العام إلى‬

‫التحكيم ‪.‬‬

‫في أنه بتاريخ ‪ 29‬من فبراير عام ‪ 1940‬أبرمت‬ ‫‪334‬‬


‫و تتلخص وقائع هذه القضية‬

‫إدارة النق ل البح ري التابع ة ل وزارة التج ارة البحري ة عق د ايج ار إح دى الس فن م ع ش ركة‬

‫‪ Myrtoon Steam Ship‬وقد تتضمن هذا العقد من بين بنوده شرط تحكيم يتم بمقتضاه‬

‫إحالة المنازعات التي قد تنشأ عن هذا العقد إلى محكمين في لندن ‪.‬‬

‫و من أجل حل النزاع الذي ثار حول دفع قيمة تكاليف النقل‪ ،‬فق أحالت الشركة‬

‫الم ذكورة ه ذا ال نزاع إلى التحكيم وق امت بتع يين محكم عنه ا‪ ،‬ونظ را المتن اع إدارة النق ل‬

‫البحري عن تعيين محكمها‪ ،‬قام المحكم الذي عينته هذه الشركة بإصدار حكمه بتاريخ ‪26‬‬

‫من يناير عام ‪ 1951‬بإلزام وزير التجارة البحرية بأن يدفع قيمة تكاليف النقل عن المدة‬

‫من ‪ 21‬من سبتمبر عام ‪ 1940‬حتى ‪ 31‬من مارس عام ‪. 1941‬‬

‫و أثناء اتخاذ إجراءات تنفيذ هذا الحكم أمام محكمة السين المدنية دفع وزير التجارة‬

‫البحري ة ببطالن ش رط التحكيم ال وارد في العق د‪ ،‬تأسيس ا على ع دم أهلي ة لج وء الدول ة إلى‬

‫التحكيم مستندا في ذلك إلى المعي ار العضوي الوارد في ق انون اإلجراءات المدنية القديم‪،‬‬

‫كما دفع أيضا بعدم اختصاص المحاكم المدنية بتقرير مدى شرعية شرط التحكيم ألنها من‬

‫المسائل التي تدخل في االختصاص المقرر للقضاء اإلداري ‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫‪- Paris 10 Avril 1957 , Sté Myrtoon Ship c / Agent indiciaire du trésor publié in‬‬
‫‪H .Motulsky Ecrit Etudes et notes sur l’arbitrage préface de B Goldman et ph Fouchard‬‬
‫‪DALLOZ 1974 .‬‬

‫‪273‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ق د فص لت محكم ة الس ين المدني ة في ه ذين ال دفعين‪ ،‬مق ررة في حكمه ا الص ادر‬

‫بتاريخ ‪ 7‬من يوليو عام ‪ 1955‬بأنه ال يمكن للدولة الفرنسية اللجوء إلى التحكيم في غير‬

‫الح االت االس تثنائية المق ررة بواس طة الق وانين‪ ،‬كم ا أن النظ ر في تق دير ش رعية اتف اق‬

‫التحكيم الم برم بواس طة الس لطة اإلداري ة يع د من المس ائل األولي ة ال تي ينعق د االختص اص‬

‫‪.‬‬ ‫‪335‬‬
‫بشأنها للقضاء اإلداري‬

‫و لما عرض األمر على محكمة استئناف باريس استهلت قضائها باإلشارة إلى أن‬

‫الحضر الوارد في نص المادتين ‪ 1004-83‬من قانون اإلجراءات المدنية يقتصر نطاق‬

‫تطبيق ه فق ط على العق ود ال تي تتعل ق بالنظ ام الق انوني ال داخلي دون أن يمت د إلى االتفاق ات‬

‫التي تأخذ شكل الطابع الدولي ‪.‬‬

‫كم ا ق ررت أن من ع لج وء الدول ة إلى التحكيم وإ ن ك ان يؤس س على الحماي ة ال تي‬

‫قررته ا الم ادة ‪ 83‬من ق انون اإلج راءات المدني ة من ض رورة إبالغ النياب ة العام ة في‬

‫ال دعاوى ال تي تك ون طرف ا فيه ا‪ ،‬إال أن ه يمكن للدول ة التن ازل عن ه ذه الحماي ة عن طري ق‬

‫موافقتها على اختصاص القضاء األجنبي ‪.‬‬

‫ثم اتجهت بعد ذلك إلى اعتبار هذا العقد من عقود القانون الخاص مستندة في ذلك‬

‫إلى ع دم تعل ق موض وعه بمهم ة تنفي ذ مرف ق ع ام‪ ،‬عالوة على ع دم احت واءه على ش روط‬

‫استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص ‪.‬‬

‫و بع د أن أض فت محكم ة اس تئناف ب اريس الط ابع الخ اص على العق د مح ل ال نزاع‬

‫أك دت على ع دة نق اط‪ ،‬أهمه ا ‪ :‬إن ه ذا العق د يعت بر من العق ود الدولي ة لتعلق ه بمص الح‬
‫‪ -‬مفتاح خليفة وحمد محمد التلماني – العقود اإلدارية وأحكام إبرامها – دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية مصر‬ ‫‪335‬‬

‫‪ ،2008‬ص ‪.185‬‬

‫‪274‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التجارة الدولية‪ ،‬وأن القانون واجب التطبيق عليه هو القانون االنجليزي مستندة في ذلك‬

‫إلى أن هذا العقد قد أبرم في لندن وأن عملة الدفع هي الجنيه االسترليني‪ ،‬كما أن وجود‬

‫الدولة الفرنسية في عقد ما ليس من شأنه بالضرورة تطبيق أحكام القانون الفرنسي ‪.‬‬

‫و انتهت محكمة استئناف باريس إلى أن شرط التحكيم الوارد في هذاا العقد يعتبر‬

‫ص حيحا م ادام أن الق انون واجب التط بيق لي ه ه و الق انون االنجل يزي ال ذي ال تتض من‬

‫‪.‬‬ ‫‪336‬‬
‫نصوصه مثل هذا الحظر‬

‫و في مص ر قض ت المحكم ة الدس تورية العلي ا ب أن األص ل في التحكيم ه و ع رض‬

‫ن زاع معين بين ط رفين على محكم من األغي ار يعين باختيارهم ا أو بتف ويض منهم ا‪ ،‬أو‬

‫على ض وء ش روط يح ددانها‪ ،‬ليفص ل ه ذا المحكم في ذل ك ال نزاع بق رار يك ون نائي ا عن‬

‫شبهة المماألة مجردا من التحامل وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان‬

‫إلي ه بع د أن ي دلي ك ل منهم ا بوجه ة نظ ره تفص يال من خالل ض مانات التقاض ي الرئيس ية‪،‬‬

‫وال يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريا يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة‬

‫ال يج وز االتف اق على خالفه ا‪ ،‬وذل ك س واء ك ان موض وع التحكيم نزاع ا قائم ا أو محتمال‪،‬‬

‫ذل ك أن التحكيم مص دره االتف اق‪ ،‬إذ يح دد طرف اه وفق ا ألحكام ه نط اق الحق وق المتن ازع‬

‫عليها بينهما‪ ،‬أو المسائل الخالفية التي يمكن أن تعرض لهما‪ ،‬وإ ليه ترتد السلطة الكاملة‬

‫التي يباشرها المحكمون عند البت فيها‪ ،‬وهما يستمدان من اتفاقهما على التحكيم التزامهما‬

‫ب النزول على الق رار الص ادر في ه‪ ،‬وتنفي ذه تنفي ذا ك امال وفق ا لفح واه‪ ،‬ف إذا لم يكن الق رار‬

‫‪336‬‬
‫‪- T.C 19 Mai 1958 Sté Myrtoon Steam Ship and G° c / ministre de la marine ùarchande‬‬
‫‪Roc p 793 .‬‬

‫‪275‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الص ادر في ن زاع معين بين ط رفين‪ ،‬منهي ا للخص ومة بينهم ا‪ ،‬أو ك ان عاري ا عن الق وة‬

‫االلزامية‪ ،‬أو كان انفاذه رهن وسائل غير قضائية فإن هذا القرار ال يكون عمال‪.337‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االتجاه المعارض للجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية‬

‫يذهب الفقيه الفرنسي ‪ Fouchard‬في معرض المناقشات التي دارت بشأن توسيع‬

‫مجال التحكيم إلى القول بأن ‪ " :‬المشكلة األساسية مع مجلس الدولة أن قضاءه يجري على‬

‫التفرق ة بين الق انون الخ اص والق انون اإلداري قب ل التفرق ة بين الق انون ال داخلي والق انون‬

‫ال دولي‪ ،‬مم ا ي ترتب على ذل ك أن ه يعت بر إداري ا ذل ك ال ذي ال يع د دولي ا‪ ،‬وأن م ا يخص‬

‫المرفق العام أو امتيازات السلطة العامة في فرنسا ال يمكن اعتباره دوليا ‪.‬‬

‫كل هذا يفسر بوضوح أساس االختالف القائم بين جهتي القضاء العادي واإلداري‬

‫بش أن إش كالية خض وع منازع ات العق ود اإلداري ة لمج ال التحكيم ال دولي تحت اس م القاع دة‬

‫المادي ة ال تي ابت دعها في حكم ه الص ادر في قض ية ‪ GALAKIS‬دون أن يف رق بين عق ود‬

‫القانون الخاص من ناحية وعقود القانون العام من ناحية أخرى‪ ،‬وكل ما اشترطه في هذا‬

‫الص دد أن يتعل ق العق د مح ل التحكيم بعالق ة اقتص ادية تتج اوز في ح دودها إط ار الدول ة‬

‫الواحدة‪ ،‬وهذا المنهج ال يمكن تصور اتباعه من قبل القضاء اإلداري نظرا لموقفه الراف‬

‫الرتباط العقد اإلداري بعملية اقتصادية يترتب عليها حركة أموال وخدمات أو مدفوعات‬

‫ع بر الح دود‪ ،‬مم ا ي ترتب على ذل ك أن يظ ل العق د اإلداري وفق ا التجاه ات مجلس الدول ة‬

‫الفرنسي بمنآى عن الخضوع للتحكيم التجاري الدولي دون وجود نص قانوني صريح يبيح‬

‫ذلك ‪.‬‬

‫‪ -‬مفتاح خليفة وحمد محمد التلماني – العقود اإلدارية وأحكام إبرامها – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.185‬‬ ‫‪337‬‬

‫‪276‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بقوله ‪ " :‬إذا كان العقد من‬ ‫‪338‬‬


‫و هذا ما عبر عنه الفقيه الفرنسي ‪DELVOLVE‬‬

‫قبل عقود الق انون الخاص ويتعل ق بالتج ارة الدولي ة‪ ،‬فإنه يجوز اللج وء إلى التحكيم بش أنه‬

‫وفقا التجاهات القضاء العادي على اعتبار أنه يدخل في االختصاص المقرر لهذا القضاء‪،‬‬

‫أما إذا كان العقد من طبيعة إدارية‪ ،‬فال تكون هناك حاجة لمعرفة ما إذا هذا العقد متعلقا‬

‫بعمليات التجارة الدولية أو أنه يخص االستثمار‪ ،‬إذ يظل عقدا إداريا مما ال يجوز اللجوء‬

‫إلى التحكيم بشأنه وفقا التجاهات القضاء اإلداري ‪.‬‬

‫كما أن التشريعات نصت صراحة على عدم جواز االتفاق على التحكيم في العقود‬

‫اإلداري ة‪ ،‬فض ال عن أن أحك ان القض اء ال تي أي دت ع دم ج واز االتف اق على التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬كم ا س نبين ذل ك الحق ا‪ ،‬حيث نع رض حالي ا األس انيد الفقهي ة المؤي دة‬

‫ألصحاب االتجاه المعارض للتحكيم في العقود اإلدارية وهي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ -‬ع دم ج واز االتف اق على التحكيم في العق ود اإلداري ة اس تنادا إلى مب دأ توزي ع‬

‫االختصاص ‪.‬‬

‫ترتك ز ه ذه الحج ة على ض رورة وج ود ق اض إداري ينظ ر في المنازع ات ال تي‬

‫تكون جه ة اإلدارة طرفا فيه ا‪ ،‬ويطب ق قواع د الق انون اإلداري‪ ،‬أم ا إذا تم السماح ب اللجوء‬

‫إلى التحكيم في العق ود اإلداري ة‪ ،‬ف إن ذل ك يك ون معن اه ع دم اختص اص القض اء اإلداري‬

‫بنظ ر ه ذه المنازع ات وه ذا بح د ذات ه مخالف ة ص ريحة لمب دأ توزي ع االختص اص بين‬

‫‪338‬‬
‫‪- Delvolve - De noweaux contrats publics les contrats globaux REDA 1979 P 13 .‬‬

‫‪277‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫السلط ـــات اإلداريــة والقض ائية وال ذي يه دف لمن ع القض اء الع ادي من نظ ر المنازع ات‬

‫اإلدارية أو التدخل فيها‪.339‬‬

‫فالدولة ال تقبل أن تلجأ إلى التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬نظرا للنت ائج المشكوك فيها‬

‫بالنسبة لقرارات المحكمين‪ ،‬حيث أن القضاء اإلداري يتمتع بقدر أكبر من المحكمين على‬

‫ممارسة الرقابة على األعمال اإلدارية‪ ،‬وقد أيد مجلس الدولة الفرنسي ذلك‪ ،‬حيث قضى‬

‫بأن كل نزاع يتعلق بشخص من أشخاص القانون العام يبقى خارج مجال التحكيم‪ ،‬وذلك‬

‫استنادا إلى المبادئ العامة للقانون العام‪ ،‬والتي تستوجب خضوع جميع المنازعات المتعلق ة‬

‫باألشخاص المعنوية العامة الختصاص القضاء اإلداري‪ ،‬وأساس حظر التحكيم في العقود‬

‫اإلدارية يكمن في المبدأ العام للقانون الذي يستند على فكرة أن اللجوء للتحكيم من شأنه أن‬

‫‪.‬‬ ‫‪340‬‬
‫يتجاهل النصوص المحددة الختصاص القضاء‬

‫‪ -‬اصطدام التحكيم بمبدأ الحصانة القضائية للدولة ‪.‬‬

‫من المبادئ المستقرة في القانون الدولي‪ ،‬أن كل دولة تتمتع بالحصانة القضائية في‬

‫مواجه ة قض اء الدول ة األجنبي ة‪ ،‬ويق وم ه ذا المب دأ تأسيس ا على فك رة الس يادة واالستقـ ـ ـــالل‬

‫والمس اواة بين ال دول‪ ،‬وعلى ذل ك ال يج وز لدول ة أن تختص م دول أجنبي ة أم ام قض ائها‬

‫الوط ني ألن ه ذا يمس س يادة الدول ة األخ يرة فك ل دول ة في عالقاته ا المتبادل ة م ع ال دول‬

‫‪339‬‬
‫‪- Collavet (F) L’arbitrage dans le process ou les personnes publiques R.D.P 1906 p 472‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬عالء مح يي ال دين مص طفى أب و أحم د – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة ‪ -‬دار الجامع ة الجدي دة‬ ‫‪340‬‬

‫القاهرة ‪ 2008‬ص ‪. 213‬‬

‫‪278‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األخ رى تح رص على أال تخض ع لغ ير س لطان القض اء فيه ا‪ ،‬ح تى ال تج بر على تنفي ذ‬

‫‪.‬‬ ‫‪341‬‬
‫األحكام الصادرة ضدها‪ ،‬وهو ما يتنافى مع استقاللها وسيادتها‬

‫و من هنا يمكن القول أن التحكيم يتعارض مع الحصانة القضائية للدولة وذلك ألن‬

‫قض اء التحكيم على غ رار قض اء الدول ة يع د بمثاب ة منظم ة أجنبي ة‪ ،‬فه و يج ري خ ارج‬

‫اقليمها‪ ،‬ويعمل على تطبيق قوانين أجنبية كما أن المحكمين المنوط بهم الفصل في النزاع‬

‫هم أشخاص من جنسيات مختلفة ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا أي دت بعض األحك ام القض ائية االتج اه المع ارض للتحكيم في العق ود‬

‫اإلداري ة‪ ،‬وهك ذا تب نى مجلس الدول ة الفرنس ي موقف ا معارض ا‪ ،‬التف اق التحكيم في العق ود‬

‫اإلدارية‪ ،‬حيث استقر مجلس الدولة الفرنسي منذ مدة طويلة على فكر عدم جواز االتفاق‬

‫على التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وأنه ال يجوز سلب اختصاص القضاء اإلداري في نظر‬

‫المنازع ات اإلداري ة اس تنادا إلى م بررات النظ ام الع ام من ناحي ة‪ ،‬وطق ا لنص المادتي ـ ـــن‬

‫‪ 1004-83‬من ناحي ة أخ رى من تق نين اإلج راءات المدني ة‪ ،‬وق د اتخ ذ مجلس الدول ة‬

‫الفرنسي موقفا أكثر تشددا عندما ذهب إلى حظر التحكيم على أشخاص القانون العام مما‬

‫يعتبر مبدأ قانونيا وقضائيا مستقرا وبعيدا عن ي تبرير تشريعي ومن هذه األحكام الحكم‬

‫المتعلق بمشروع يورو ذيزنيالند اآلتي ‪:‬‬

‫في ‪ 6‬مارس ‪ 1986‬أصدرت الجمعية العمومية لمجلس الدولة الفرنسي فتوى بشأن‬

‫مشروع يورو ذيزنيالند ‪ EURO DISENY LAND‬حينما أرادت فرنسا أن تنشئ مدينة‬

‫مالهي أوروبي ة على غ رار مالهي والت دي زني في الوالي ات المتح دة األمريكي ة‪ ،‬فق د‬

‫‪ -‬عبد الحليم مصطفى عبد الرحمن – مشكلة الحصانة القضائية والحصانة ضد التنفيذ في القانون الدولي الخاص‬ ‫‪341‬‬

‫المقارن – مكتبة النصر بالقاهرة ‪ 1991‬ص ‪. 111‬‬

‫‪279‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أقدمت الدولة الفرنسية بمشاركة أكثر من شخص معنوي عام على التعاقد مع شركة "والت‬

‫ديزني " لتتولى إنشاء مدينة المالهي بإحدى المدن الفرنسية الجديدة ‪ Marne la valle‬وقد‬

‫أص درت الش ركة األمريكي ة على أن يتض من العق د ش رط التحكيم كوس يلة لح ل المنازع ات‬

‫التي يمكن أن تنشأ بين الطرفين‪.342‬‬

‫و ق د طلب وزي ر التخطي ط الفرنس ي فت وى مجلس الدول ة عن م دى ص حة تض مين‬

‫شرط التحكيم في العقد المزمع توقيعه مع الشركة األمريكية ‪.‬‬

‫قام مجلس الدولة الفرنسي بدراسة العقد‪ ،‬وانتهى إلى عدم جواز التحكيم في العقود‬

‫اإلداري ة اس تنادا إلى حكم الم ادة ‪ 2060‬من الق انون الم دني الفرنس ي وال تي تحظ ر التحكيم‬

‫في المنازعات التي تتعلق بأشخاص القانون العام‪ ،‬وقد أكد المجلس رأيه بعدة مبادئ هي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬يعتبر االتفاق على التحكيم في عالقات النظام القانوني الوطني باطال لمخالفة النظام‬

‫الع ام‪ ،‬م ا لم تكن هن اك نص وص تش ريعية ص ريحة أو اتفاق ات دولي ة ان درجت تحت مظل ة‬

‫القانون الداخلي تسمح بمثل هذا التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬إن اتفاقية واشنطن لعام ‪ 1965‬التي تتعلق بتسوية المنازعات الناشئة عن االستثمار‬

‫بين ال دول ورعاي ا ال دول األخ رى‪ ،‬ال تمنح أش خاص الق انون الع ام في فرنس ا ح ق اللج وء‬

‫إلى التحكيم اس تنادا إلى ه ذه االتفاقي ة معين ة ببي ان وس ائل تس وية المنازع ات ال تي يق رر‬

‫‪.‬‬ ‫‪343‬‬
‫األطراف إخضاعها للمركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار‬

‫‪ -‬أحم د مخل وف – اتف اق التحكيم كأس لوب لتس وية منازع ات عق ود التج ارة الدولي ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة‬ ‫‪342‬‬

‫‪ 2001‬ص ‪. 351‬‬
‫‪ -‬عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية في ضوء القوانين الوضعية‬ ‫‪343‬‬

‫والمعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم دراسة مقارنة دار الجامعة الديدة القاهرة ‪ 2008‬ص ‪. 213‬‬

‫‪280‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ق د ج اء ب الفتوى أيض ا‪ ،‬أن ه إذا ك انت ض رورةتحتمها المص لحة الوطني ة‪ ،‬لهــذا‬

‫الش رط‪ ،‬فيجب أن يص در ت رخيص خ اص ب ه من المش رع‪ ،‬وق د أص در البرلم ان الفرنس ي‬

‫الق انون رقم ‪ 972/86‬في ‪ 19‬أغس طس ‪ 1986‬ب الترخيص للدول ة والجماع ات‬

‫اإلقليمي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة‪ ،‬والمؤسس ات العام ة بش روط التحكيم في العق ود ال تي تبرمه ا م ع ش ركات‬

‫أجنبي ة لتنفي ذ عملي ات تخص المص لحة الوطني ة‪ ،‬وذل ك اس تثناءا من حكم الم ادة ‪ 2060‬من‬

‫القانون المدني الفرنسي‪ ،‬وقد جاءت عبارات القانون الصادر على إثر هذه الفتوى عامة‬

‫تس مح بتطبيق ه على كاف ة عق ود الدول ة واألش خاص المعنوي ة العام ة ال تي تتص ف بأنه ا من‬

‫العقود اإلدارية ‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬موقف األنظمة المقارنة من التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‬

‫أض حى التحكيم من أهم الوس ائل ال تي تلج أ إليه ا ال دول لتس وية المنازع ات الناش ئة‬

‫عن العقود الدولية‪ ،‬لما يحققه من ميزات عديد‪ ،‬أهمها سرعة االجراءات وبساطتها‪ ،‬ولما‬

‫يتمتع به المحكمون من خبرة وتخصص في مجال المنازعات‪ ،‬ولقد أصدرت جل الدول‬

‫ق وانين تح دد مج االت التحكيم‪ ،‬وتنظم إج راءات اللج وء إلي ه وغالبي ة ه ذه الق وانين تس ري‬

‫علىالمنازع ات التجاري ة‪ ،‬وم ع ذل ك ف إن بعض ق وانين التحكيم الحديث ة تتض من نصوص ا‬

‫تش ير إلى أن أحكامه ا ال تقتص ر فق ط على التحكيم التج اري وإ نم ا تمت د أيض ا إلى التحكيم‬

‫في العقود اإلدارية الداخلية والعقود اإلدارية ذات الطابع الدولي‪ ،‬وعلى هذا األساس وكما‬

‫س بقت اإلش ارة إلى ذل ك ب أن التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة يع د نظام ا اس تثنائيا‬

‫للتقاض ي بموجب ه يج وز للدول ة وس ائر أش خاص الق انون الع ام األخ رى‪ ،‬إخ راج بعض‬

‫المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية الناشئة عن عالقة قانونية عقدية وطنية أو أجنبية من‬

‫‪.‬‬ ‫‪344‬‬
‫والية قضاء المحاكم اإلدارية لكي تحل بطريقة التحكيم‬

‫و على ه ذا فإن ه يل زم ل بي ان ذل ك وايض احه ومعرف ة م ا توص لت إلي ه هـــذه‬

‫التشريعات‪ ،‬الحديث حول مختلف التجارب الفرنسية والتجارب المختلفة للدول العربية في‬

‫مضمار التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬وما هو الموقف التشريعي لهذه األنظمة من ذلك‪ ،‬لقد‬

‫تباينت التشريعات في تناولها للتحكيم في العقود اإلدارية بين التشريع اإلماراتي والمصري‬

‫الفرنسي‪ ،‬حيث نجد أن التشريع الفرنسي حرص على األخذ بالتحكيم في العقود اإلدارية‪،‬‬

‫لكن بتدرج مواز لتطور القضاء اإلداري في تطبيق النصوص التشريعية التي تقرر ذلك ‪.‬‬

‫أم ا المش رع المص ري فق د حس م األم ر بك ل ص راحة وتحدي د‪ ،‬وأج از للجه ات‬


‫‪ -‬نادية بنيوسف – التحكيم في العقود اإلدارية بين التأييد واالعتراض – أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة طنطا كلية‬ ‫‪344‬‬

‫الحقوق مصر السنة الجامعية ‪ 2006-2005‬ص ‪. 139‬‬

‫‪282‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلدارية الرسمية العامة في الدولة اللج وء إلى التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ عن‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬بي د أن مث ل ه ذا الحس م التش ريعي في جمهوري ة مص ر العربي ة ج اء بع د‬

‫مراحل متباينة ومهمة جدا‪ ،‬أما في دولة اإلمارات العربية المتحدة وكما سبقت اإلشارة إلى‬

‫ذلك فبعد إعالن قيام االتحاد اإلماراتي تم العمل على إصدار تشريعات القوانين االتحادية‬

‫باالضافة لقوانين كل إمارة والتي تنظم الشؤون الداخلية لها‪ ،‬أما فيما يتعلق بالتحكيم فقد‬

‫تبنى قانون المرافعات في المواد من ( ‪ ) 218-203‬وذلك على نطاق التشريع االتحادي‪،‬‬

‫أم ا في التش ريعات المحلي ة والخاص ة بك ل إم ارة‪ ،‬فق د وردت الق وانين المنظم ة للتحكيم في‬

‫إمارة أبي ظبي ضمن قانون اجراءات المحاكم المدنية وفي إمارتي دبي والشارقة فقد كان‬

‫ضمن قانون العقود‪ ،‬إلى جانب هذا نجد أن المشرع المغربي قد خطا خطوات جد ايجابية‬

‫في إقرار التحكيم في مجال العقود اإلدارية التي تحتوي بين طياتها عقود صفقات الدولة‪،‬‬

‫كم ا أق ر إلى جانب ه وألول م رة الوس اطة االتفاقي ة كإمكاني ة بديل ة لح ل المنازع ات المتعلق ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪345‬‬
‫بهذه العقود‬

‫ه ذا ولاللم ام بموق ف التش ريعات المقارن ة في مج ال التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة ارتأين ا أن نتن اول في الف رع األول موق ف التش ريع الفرنس ي من التحكيم اإلداري‬

‫أما الفرع الثاني فقد خصصناه لموقف تشريعات الدول العربية من التحكيم اإلداري ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الموقف الفرنسي من التحكيم اإلداري‬

‫الش ك أن التحكيم يعت بر من أهم الوس ائل المش جعة لالس تثمار داخ ل الدول ة وخاص ة‬

‫االس تثمار األجن بي‪ ،‬ذل ك أن المح اكم الوطني ة غ ير ق ادرة على تق دي نفس الخ دمات ال تي‬

‫يقدمها التحكيم ومختلف الوسائل البديلة لفض المنازعات التي أصبح ينظر إليها على أنها‬

‫‪ -‬نادية بنيوسف – التحكيم في العقود اإلدارية بين التأييد واالعتراض – أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة طنطا كلية‬ ‫‪345‬‬

‫الحقوق مصر السنة الجامعية ‪ 2006-2005‬ص ‪. 139‬‬

‫‪283‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وسائل قسرية‪ ،‬فإلى أي حد ينطبق ذلك على العقود اإلدرية ؟ بالنسبة للدول التي تعرف‬

‫ازدواجية القضاء‪ ،‬فإن األصل في المنازعات اإلدارية هو أن يعهد بالبت فيها إلى القضاء‬

‫اإلداري‪ ،‬فبموجب مرسوم ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1953‬أصبحت المحاكم اإلدارية الفرنسية صاحبة‬

‫الوالية العامة للبت في سائر المنازعات اإلدارية سواء تعلقت بدعاوى اإللغاء أو بدعاوى‬

‫القض اء الش امل‪ ،‬ولئن ك ان األص ل ه و انتماؤه ا له ذا األخ ير‪ ،‬وحيثم ا ك ان التحكيم يلعب‬

‫دورا هام ا في حس م النزاع ات المتعلق ة ب العقود اإلداري ة‪ ،‬فالمالح ظ أن دائ رة التحكيم في‬

‫العقود اإلدارية الدولية متسعة مقارنة مع نظيرها في العقود اإلدارية الداخلية‪ ،346‬ذلك أن‬

‫المبدأ التقليدي في القانون الفرنسي هو عدم جواز االلتجاء إلى التحكيم في المنازعات التي‬

‫تكون الدولة أو غيرها من أشخاص القانون العام طرفا فيها‪ ،‬فقد أنكر القضاء اإلداري منذ‬

‫الق رن التاس ع عش ر للميالد ح ق أش خاص الق انون الع ام في الرج وع إلى التحكيم‪ ،‬وقض ت‬

‫أحكام مجلس الدولة الفرنسي بأن ادراج شرط التحكيم في العقود اإلدارية يعد باطال بطالنا‬

‫مطلقا‪ ،‬ويعد هذا البطالن من النظام العام‪ ،‬فيجوز ألي من أطراف الدعوى التمسك به في‬

‫‪.‬‬ ‫‪347‬‬
‫أي حالة تكون عليها الدعوى ‪،‬كما يحق للقاضي أن يحكم بالبطالن من تلقاء نفسه‬

‫و طب ق ه ذا المب دأ بص فة عام ة س واء أك ان العق د اإلداري محلي ا أم دولي ا وعن د‬

‫عرض أحد العقود اإلدارية المتضمن شرط التحكيم على مجلس الدولة لمراجعته فإنه يحكم‬

‫بإلغ اء البن د الخ اص ب التحكيم‪ ،‬إال أن ه يس تثنى من ذل ك حال ة وج ود نص ص ريح يج يز‬

‫اللج وءإلى التحكيم لح ل ه ذه المنازع ات وال تي من بينه ا منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة‬

‫بموجب القانون رقم ‪ 972‬الصادر في ‪ 19‬أغسطس سنة ‪. 1986‬‬

‫‪346‬‬
‫‪- DAVID , L’arbitrage dans le commerce international , Economica 1982 p 9 .‬‬
‫‪ -‬عب د ال رقيب علي عب د اهلل ص غير – التحكيم في الخص ومة اإلداري ة ( دراس ة مقارن ة ) أطروح ة لني ل ال دكتوراه‬ ‫‪347‬‬

‫جامعة عدن كلية الحقوق الجمهورية اليمنية السنة الجامعية ‪ 2006‬ص ‪. 70‬‬

‫‪284‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و مع مرور الوقت تطور الوضع حيث تزايدت من ناحية االستثناءات التشريعيـ ـــة‪،‬‬

‫وموقف القض اء والفقه على مبدأ حظ ر التحكيم في المنازع ات اإلدارية‪ ،‬ه ذه االستثناءات‬

‫ال تي أص بحت تأخ ذ يوم ا بع د ي وم ط ابع القاع دة العام ة‪ ،‬وأص بح االتج اه الع ام يس ير نح و‬

‫اق رار الس ماح ب التحكيم في العق ود اإلداري ة كقاع دة عام ة وليس كاس تثناء‪ ،‬وذل ك من قبي ل‬

‫رغب ة المش رع الفرنس ي في ج ذب رؤوس األم وال األجنبي ة وتحقي ق التنمي ة االقتص ادية‬

‫للب ـ ـ ــالد‪ ،‬وهكذا ولمناقشة موقف التشريع الفرنسي من التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬فإنه البد‬

‫من التط رق إلى األس س التش ريعية لحظ ر التحكيم ثم االس تثناءات ال تي ج اء به ا المش رع‬

‫وال تي ط الت ه ذا الحظ ر لتص ل في األخ ير إلى ب وادر تع ديل تش ريعي يق ر بإمكاني ة لج وء‬

‫األشخاصص العامة إلى التحكيم في العقود اإلدارية بفرنسا ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬النصوص التشريعية كأساس لحظر التحكيم‬

‫‪348‬‬
‫يعد المبدأ العام في فرنسا هو عدم جواز لجوء األشخاص العامة إلى التحكي ـ ـ ـــم‬

‫وتتمث ل النص وص التش ريعية ال تي تع د المص در األساس ي لحظ ر التحكيم في المنازع ات‬

‫اإلداري ة‪ ،‬ومنه ا العق ود اإلداري ة في الم ادتين ‪ 1004-83‬من ق انون المرافع ات الفرنس ي‬

‫الق ديم الص ادر ع ام ‪1803‬و الم ادة ‪ 2020‬من الق انون الم دني الح الي االدر ع ام ‪1982‬‬

‫المعدل للقانون الصادر في ‪. 1975-7-9‬‬

‫فلق د تض من ق انون اإلج راءات المدني ة الق ديم م ادتي يعتبرهم ا القض اء الفرنس ي‬

‫األساس التشريعي لمبدأ حظر التحكيم بالنسبة ألشخاص القانون العام‪ ،‬فالمادة األولى منه‬

‫هي المادة ‪ 104‬والتي تضمنت النص على عدم جواز إبرام اتفاقيات تحكيم في المنازعات‬

‫‪ -‬عصمت عبد الحميد الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي – دار النهضة العربية ‪ 2000‬ص‬ ‫‪348‬‬

‫‪. 188‬‬

‫‪285‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التي يشترط القانون تبليغها إلى النيابة العامة‪ ،‬وحضورها في الدعوى‪ ،‬والمادة الثانية هي‬

‫المادة ‪ 83‬من التقنين ذاته والتي حددت المنازعات التي يجب إبالغ النيابة العامة بشأنها‬

‫وهي ال تي يك ون أح د أطرافه ا الدول ة أو البل ديات أو المؤسس ة العام ة‪ ،349‬وم ع أن الط ابع‬

‫اإلداري للعقد ال يتعارض مع موضوع التجارة الدولية فكان من الطبيعي أن يتبنى القاضي‬

‫اإلداري نفــس الحل‪ ،‬إال أن القضاء اإلداري‪ ،‬قد اتخذ موقفا صارما من حظر التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة بوج ه ع ام داخلي ة ك انت أو دولي ة وذل ك عمال بمقتض يات الم ادتين ‪ 83‬و‬

‫‪ 1004‬من ق انون المس طرة المدني ة الق ديم‪ ،‬وأيض ا اس تنادا على نص الم ادة ‪ 2060‬ال تي‬

‫حلت محله ا س واء تعل ق األم ر ب الوزراء أو بالمج الس المحلي ة ويك ون ب ذلك موق ف مجلس‬

‫الدولة جاء متحفظا كما يتضح من رأيه الذي أبداه بشأن ايروديزي في ‪ 06‬مارس ‪،1986‬‬

‫ففي قض ية بطالن بطالن ش رط التحكيم في عق د أش غال عام ة‪ ،‬فق د حكم مجلس الدول ة‬

‫ببطالن ش رط التحكيم بين ش ركة خاص ة ص احبة امتي از في مج ال الط رق الس ريعة وبين‬

‫مجموع ة من المش روعات‪ .350‬وه ذا العق د ال ذي يعت بر إداري ا طبق ا لم ا اس تقر علي ه قض اء‬

‫المجلس من ذ حكم ‪ PYROTE‬ك ان يح وي ش رط التحكيم أعلن بطالن ه اس تنادا إلى نص‬

‫المادة ‪ 2060‬من التقنين المدني التي تحظر شرط التحكيم‪ ،‬وموقف مجلس الدولة هذا لقي‬

‫العتماده على نصوص القانون المدني في مج ال‬ ‫‪351‬‬


‫انتقادا حادا من كثير من الفقه الفرنسي‬

‫القانون العام‪ ،‬فضال عن أن القضاء العادي الملزم بتطبيق قواعد القانون الخاص لم يمنح‬

‫التحكيم إال في العقود الداخلية دون الدولية ‪.‬‬

‫‪ -‬جابر نصار – الوجيز في العقود اإلدارية – دار النهضة العربية مصر ‪ 2000‬ص ‪. 149‬‬ ‫‪349‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة النقض الفرنسية في قضية ‪ p 1966 GLAKIS . D 575‬بتاريخ ‪. 1966-5-2‬‬ ‫‪350‬‬

‫‪ -‬نجالء حس ن س يد أحم د خلي ل – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة ‪ 2003‬ص‬ ‫‪351‬‬

‫‪. 121‬‬

‫‪286‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يرجع تحريم اللجوء إلى التحكيم والحال ما ذكر إلى عدة أسباب تندرج جميعها‬

‫تحت مظلة المبادئ العامة للقانون‪ ،‬فالقضاء اإلداري هو الجهة القض ائية الطبيعية للبت في‬

‫منازعات العقود اإلدارية كما سبقت اإلشارة إلى ذلك وبالتالي فمنح هذا االختصاص إلى‬

‫أش خاص ال ينتم ون إلى قض اء اإلدارة‪ ،‬وم ع ذل ك يقض ون في منازع ات خاص ة به ا ه و‬

‫اعتداء جسيم على اختصاص القضاء اإلداري فمنذ ‪ 1969‬قال الفقيه فيرناند بأن " القضاء‬

‫اإلداري يس تطيع أن يم ارس الرقاب ة على أعم ال اإلدارة أفض ل من المحكمين‪ ،‬كم ا أن‬

‫الفقيــه " ال فيريير " تساءل استنكارا‪ ،‬كيف للدولة أن تقبل منح المحكمين سلطة النظر في‬

‫المنازع ات ال تي لم تواف ق على منحه ا للقض اة الع اديين ؟ ومن جه ة أخ رى اس تند الفقـ ـ ـ ـ ـــه‬

‫والقض اء اإلداريين في فرنس ا إظلى اعتم اد فك رة فك رة النظ ام الع ام ال ذي يقض ي بتغليب‬

‫المص لحة العلي ا على المص الح الفردي ة‪ ،‬ومن تم فال يج وز التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة ال تي ال ته دف إال لتحقي ق المص لحة العام ة‪ ،‬وحيث ك ان المب دأ الع ام ه و حظ ر‬

‫اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة في فرنس ا‪ ،‬ف إن مب دأ حظ ر التحكيم في‬

‫المجال اإلداري جعل الهيئات العامة ال تظهر عدم رضاها عن قضاء الدولة‪ ،‬أو تهمل في‬

‫ال دفاع عن المص الح العام ة المكلف ة برعايته ا وال تي يحميه ا ه ذا القض اء‪ ،‬وإ لى أن اتف اق‬

‫التحكيم يمس االختصاص القضائي الذي ينفرد به القانون بتوزيعه بين الهيئات التي تقوم‬

‫ب ـ ـ ـ ـــه‪ ،‬والمس اس بمب ادئ الق انون اإلداري التقلي دي‪ ،‬وت دخل على مب دأ حظ ر التحكيم في‬

‫المجال اإلداري بعض االستثناءات تهدف إلى تخفيف تكدس القضايا لدى القضاء اإلداري‬

‫وتقريب التنظيم القضائي من التنظيم التجاري ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات التشريعية على مبدأ حظر التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫‪287‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إن الض رورات العملي ة والرغب ة في ايج اد ح ل س ريع لمنازع ات العق ود اإلداري ـ ـــة‪،‬‬

‫وذلك بعد منع المشرع الفرنسي من اللجوء إلى التحكيم فيها‪ ،‬أدت إلى صدور العديد من‬

‫التشريعات التي أجاز المشرع بها للدولة وغيرها من أشخاص القانون العام اللجوء للتحكيم‬

‫لحسم بعض منازعات العقود اإلدارية على سبيل االستثناء‪ ،‬حيث أجاز المشرع الفرنسي‬

‫للدول ة واألش خاص المعنوي ة العام ة اللج وء إلى التحكيم من ذ منتص ف الق رن التاس ع عش ر‬

‫اس تثناء من القاع دة العام ة‪ ،‬وذل ك بم وجب ع دة ق وانين منه ا المتعل ق بالمنازع ات المتعلق ة‬

‫ببعض االمتي ازات بم وجب الق انون الص ادر في ‪ 14‬م ارس ‪ 1845‬في ش أن القن وات‪،‬‬

‫وك ذلك بعض المنازع ات ال تي تك ون الدول ة طرف ا فيه ا بم وجب الق انون الص ادر في ‪11‬‬

‫يونيو ‪ 1880‬في شأن السكك الحديدية ذات الطابع المحلي وكذلك القانون الصادر في ‪30‬‬

‫يولي و ‪ 1880‬في ش أن الجس ور الخاض عة لرس وم م رور غ ير أن التوس ع في االس تثناء من‬

‫قاع دة حظ ر لج وء األش خاص العام ة إلى التحكيم أخ ذ في التزاي د م ع مطل ع الق رن‬

‫‪.‬‬ ‫‪352‬‬
‫العشرين‬

‫و يمكن حصر مجاالت هذه االستثناءات فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬االستثناء األول ‪ :‬التحكيم في ظل قانون ‪1906-4-17‬‬

‫لق د ص در ه ذا الق انون لمواجه ة المش كالت العملي ة ال تي ارتبطت بالتس وية المالي ة‬

‫للعقود التي أبرمت من أجل المعرض العالمي الذي أقيم سنة ‪ 1900‬ونتيجة للمشاكل التي‬

‫نتجت عن العقود التي أبرمتها هيئة السكك الحديدية ‪.‬‬

‫‪ -‬نادية بنيوسف – التحكيم في العقود اإلدارية بين التأييد واالعتراض – مرجع سابق ص ‪. 140‬‬ ‫‪352‬‬

‫‪288‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هذا االستثناء أدرجه المشرع الفرنسي في قانون األشغال العامة الحالي في المادتين‬

‫رقم ‪ 361-247‬ومفادها نص المادة ‪ 248‬أنه طبقا للمادة ‪ 9‬من القانون الصادر في ‪17‬‬

‫أبريل ‪ 1906‬والتي حملت ربط الميزانية العامة بااليرادات والنفقات لسنة ‪ 1906‬تستطيع‬

‫الدول ة اللج وء إلى التحكيم المنظم بالب اب ‪ 18‬من ق انون المرافع ات المدني ة الجدي د لتص فية‬

‫حس اب نفقاته ا بعق ود األش غال العام ة والتوري د‪ ،‬واس تلزمت أن يتم ال ترخيص ب اللجوء‬

‫للتحكيم بمقتض ى مرس وم يص در من مجلس ال وزراء مص دقا علي ه من ال وزير المخت ـ ـ ـ ـــص‬

‫ووزي ر المالي ة ومفاده ا نص الم ادة ‪ 361‬من ق انون األش غال العام ة أنه ا م دت نفس نط اق‬

‫التحكيم في عق ود األش غال العام ة الدولي ة إلى الجماع ات المحلي ة والمؤسس ات العام ة له ذه‬

‫الجماع ات وهم الدول ة والم ديريات والمقاطع ات كم ا ورد بنص الم ادة ‪ 69‬من القانـ ـ ـــون‪،‬‬

‫واستبعد المشروع العام المتخذ شكل الشرك الوطنية وشركات االقتصاد المختل ط من نط اق‬

‫‪.‬‬ ‫‪353‬‬
‫تطبيقه‬

‫االس تثناء الث اني ‪ :‬وه و المرس وم بق انون رقم ‪ 25‬يولي و ‪ 1960‬وال ذي وس ع من‬

‫نط اق تط بيق الق انون الص ادر في ‪ 1960-4-18‬حيث امت د بموجب ه نط اق س ريانه إلى‬

‫العق ود ال تي تبرمه ا البل ديات ونقاب ات البل ديات والنقاب ات المش تركة والمراك ز الحض رية‬

‫وقطاعات البلدية والمؤسسات العامة االقليمية والبلدية ‪.‬‬

‫االستثناء الثالث ‪ :‬ويتمثل في قانون ‪ 9‬يوليو ‪ 1975‬حيث أضاف هذا القانون فقرة‬

‫جدي دة للم ادة ‪ 2060‬من الق انون الم دني‪ ،‬وهي الفق رة الثالث ة ونص ها ك اآلتي ‪ " :‬وم ع ذل ك‬

‫‪353‬‬
‫‪- Foussard (D) L’arbitrage en droit public Rev. Arb N° 1 1990 P 18 .‬‬
‫‪L .REVELIN L’arbitrage en droit privé DALLOZ 1907 P 70 .‬‬

‫‪289‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فإنه يمكن للمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي التجاري بموجب مرسوم بأن تلجأ إلى‬

‫‪.‬‬ ‫‪354‬‬
‫التحكيم‬

‫و به ذا يك ون المش رع الفرنس ي ق د أج از للمؤسس ات العام ة ذات الط ابع الص ناعي‬

‫والتجاري االتفاق على شرط التحكيم‪ ،‬بشرط الحصول على مرسوم‪ ،‬وعلى الرغم من ذل ك‬

‫فإن ه لم يص در أي مرسوم يحرم التحكيم يين أو أي قرارات وزارية في ه ذا الش أن وظلت‬

‫وإ ذا كانت قد صدرت قوانين الخاصة تسمح لعدد من المؤسسات‬ ‫‪355‬‬


‫هذه الرخصة معطلة‬

‫العامة من خالل الترخيص لها ب اللجوء إلى التحكيم بنص تشريعي صريح‪ ،‬وذلك حرصا‬

‫على تسهيل أدائها لدورها في الحياة االقتصادية ‪.‬‬

‫االس تثناء الراب ع ‪ :‬ويتمث ل في الق انون الص ادر في ‪ 15‬يولي و ‪ 1982‬بالس ماح‬

‫للمؤسسات العامة أن تلجأ إلى التحكيم في حالة النزاع الناشئ عن تنفيذ عقود األبحاث مع‬

‫الهيئات األجنبية‪.‬‬

‫االس تثناء الس ادس ‪ :‬أج ازت الم ادة الثاني ة من الق انون رقم ‪ 587‬لس نة ‪1999‬‬

‫الص ادر في ‪ 1999-8-12‬الخ اص باالبتك ار والبحث العلمي للمؤسس ات ال تي تس اهم في‬

‫التعليم العالي باللجوء إلى التحكيم حيث أضافت هذه المادة للمادة السابعة من القانون رقم‬

‫‪ 52‬لسنة ‪ 1984‬الصادر في ‪ 1984-1-26‬نص يجيز للمؤسسات التي تساهم في مرفق‬

‫‪ -‬هاني صالح سري الدين – التحكيم في العقود اإلدارية بين الحظر واإلجازة بحث منشور في سلسلة إصدارات‬ ‫‪354‬‬

‫المركز اليمني للتوفي ـ ـ ــق والتحكيم العدد ‪ 1‬بعنوان التحكيم في األلفية الثالثة ‪ 2003‬ص ‪. 111‬‬
‫‪ -‬جابر جاد نصار – التحكيم في العقود اإلدارية – مرجع سابق ص ‪. 41‬‬ ‫‪355‬‬

‫‪290‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التعليم العالي باللجوء إلى الص لح المنظم في المادة ‪ 33/2‬من التقنين المدني واللجوء إلى‬

‫‪.‬‬ ‫‪356‬‬
‫التحكيم لحسم المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ العقود المبرمة مع المؤسسات األجنبية‬

‫و لق د أض افت ه ذه الم ادة ك ذلك إلى الم ادة ‪ 20‬من الق انون رقم ‪ 52‬لس نة ‪1984‬‬

‫فق رة ح ددت فيه ا خص ائص ه ذه المؤسس ات حيث اش ترطت أن تك ون مؤسس ات علمي ة‬

‫وثقافيـ ـ ـــة ومهني ة وذل ك به دف تنش يط البحث العلمي وزي ادة ف رص نق ل األبح اث وتب ادل‬

‫الخبرات مع المنظمات األجنبية التي تشترط في عقودها إدراج شرط التحكيم ولتنفي ذ ه ذين‬

‫النصين كان البد من إصدار مرسوم يوضح الشروط العملية للجوء إلى التحكيم ونطاقه‪،‬‬

‫وبالفع ل ص در المرس وم رقم ‪ 864/2000‬في ‪ 2000-8-6‬حيث اش ترط تص ديق مجلس‬

‫إدارة المؤسسة على اللجوء إلى التحكيم وحدد نطاقه بجميع منازعات العقود التي تبرمها‬

‫هذه المؤسسات سواء إدارية أو مدنية أو تجارية لكن يقتص ر التحكيم على المنازع ات التي‬

‫تثور بصدد تنفيذ هذه العقود ‪.‬‬

‫و هك ذا وبع د اس تعراض االس تثناءات التش ريعية الس ابقة ال واردة على مب دأ حظ ر‬

‫اللجوء إلى التحكيم يتضح أن االتجاه متزايد نحو إجازة اللجوء إلى التحكيم في فرنسا ‪.‬‬

‫و لق د تم تجمي ع ه ذه االس تثناءات وإ دراجه ا في الم ادة ‪ 311/6‬من ق انون القض اء‬

‫اإلداري الصادر من الحكومة بالمرسوم ‪ 387/2000‬في ‪ 4‬مايو ‪ ،2000‬ولقد أثارت هذه‬

‫المادة انتقاد الفقه‪ ،‬نظرا ألن هذه االستثناءات التشريعية السابقة الذكر تشكل استثناء على‬

‫الحظ ر ال وارد بنص الم ادة ‪ 2060‬من الق انون الم دني الفرنس ي‪ ،‬فك ان من المنطقي أن‬

‫تن درج في الق انون الم دني تحت ه ذه الم ادة‪ ،‬ويض اف إلى ذل ك أن معظم ه ذه االس تثناءات‬

‫‪ -‬أحم د مخل وف – اتف اق التحكيم كأس لوب لتس وية منازع ات عق ود التج ارة الدولي ة – دراس ة تحليلي ة دار النهض ة‬ ‫‪356‬‬

‫العربية القاهرة ‪ 2001‬ص ‪. 355‬‬

‫‪291‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تنظم عالق ات في الق انون الخ اص والقض اء اإلداري غ ير مختص إال بالق در ال ذي ينطب ق‬

‫فيه القانون العام على النزاع ‪.‬‬

‫و لق د تم إدراج ه ذه القواع د في الب اب الخ اص بمح اكم الدرج ة األولى أي اعت بر‬

‫التحكيم اس تثناء على اختص اص ه ذه المح اكم دون المح اكم االس تثنائية نظ را ألن ق انون‬

‫القض اء اإلداري لم يح دد الجه ة المختص ة ب الطعن في أحك ام التحكيم الص ادر في المس ائل‬

‫اإلداري ة وال مج ال لتط بيق الم ادة ‪ 1482‬من ق انون المرافع ات الفرنس ي الخاص ة ب الطعن‬

‫في أحكام التحكيم على المواد اإلدارية بدون نص ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬موقف الدول العربية من التحكيم اإلداري‬

‫لم يع د التحكيم اس تثنائيا ي أتي ض من ظ روف معين ة لح ل المنازع ات ذات الطبيع ة‬

‫الخاص ة‪ ،‬ب ل تع دى دوره ليص بح ض من إط ار مؤسس ة كامل ة له ا قواع دها وإ جراءاته ـ ـ ـ ـــا‬

‫‪.‬‬ ‫‪357‬‬
‫وطبيعتها الخاصة الموازية لعملية التقاضي التي تتم من خالل نشاط المحاكم المختلفة‬

‫كم ا أن ه ال يمكن ب أي ح ال اعتب ار التحكيم استنس اخ ألي ش كل من أش كال التقاض ي‬

‫الذي يمارس في المحاكم ممثلة بالسلطة القضائية مدعومة بسلطات الدولة لتنفيذ أحكامها‬

‫قس ـــرا‪ ،‬وإ نما هو عمل مستقل مباشر له مزاياه الكثيرة وعيوبه القليلة‪ ،‬لذلك فإن مؤسسة‬

‫التحكيم أصبح لها وزن فعال بين وسائل حل المنازعات المدنية والتجارية‪ ،‬حتى أنه امتد‬

‫إلى المنازعات المتعلقة بالعقود اإلدارية ضمن حدود معينة تحددها كل دول ة في تش ريعاتها‬

‫المتعلقة بالتحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬نادية بنيوسف – التحكيم في العقود اإلدارية بين التأييد واالعتراض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 141‬‬ ‫‪357‬‬

‫‪292‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و البعض نظ ر إلى مؤسس ة التحكيم باعتباره ا س ببا رئيس يا في زي ادة االس تثمارات‬

‫الخارجية في كل دولة وأحد أسباب ترغيب المستثمر في ولوج عالم االستثمار في الدولة‬

‫من خالل معرفت ه المسبقة ب أن المنازع ات المحتملة سوف يعهد أمر النظر فيه ا إلى هيئة‬

‫تحكيمي ة له ا دورا مهم ا في اختياره ا وتحدي د إط ار عمله ا‪ ،‬وه ذا األم ر تنبهت ل ه معظم‬

‫الدول حيث أفردت ضمن تشريعاتها تشريعا خاصا ناظما كمؤسسة التحكيم‪ ،‬ولم يكن ذلك‬

‫ولي د الص دفة ب ل ك ان عمال منهجي ا لتوس يع مج االت االس تثمارات ل ديها وج ذب رؤوس‬

‫األموال‪ ،‬وقد تخلت معظم الدول على الفكرة التقليدية المتمثلة بأن عملية التقاضي وج ه من‬

‫أوج ه س يادة الدول ة وال يمكن أن تتخلى عنه ا لهيئ ة تحكيمي ة خاص ة حيث أص بحت ه ذه‬

‫‪.‬‬ ‫‪358‬‬
‫الفكرة قديمة‬

‫إذن فنظام التحكيم هو أداة فعالة للفصل في المنازعات بين األفراد والجماعات بدال‬

‫من القضاء العام في الدولة الحديثة‪ ،‬صاحبة الوالية العامة واالختصاص بالفصل في جميع‬

‫منازع اتهم‪ ،‬وأي ا ك ان موض وعها إال م ا اس تثنى بنص ق انوني وض عي خ اص ألن مهم ة‬

‫التحكيم يتم اسنادها إلى أفراد عاديين أو أشخاص غير قضائية يطلق عليهم " هيئة التحكيم‬

‫" ويجري اختيارهم بواسطة أطراف النزاع موضوع االتفاق على التحكيم انطالقا من الثقة‬

‫التي يتمتعون ها في قدرتهم على حسم النزاع موضوع االتفاق على التحكيم أو انطالقا من‬

‫التخص ص الف ني وال ذي ق د ال يت وافر لغ يرهم مم ا يجعلهم أق در من اآلخ رين على فهم‬

‫المسائل المعروضة عليهم والفصل فيها‪.‬‬

‫‪ -‬نادية بنيوسف – التحكيم في العقود اإلدارية بين التأييد واالعتراض‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 142‬‬ ‫‪358‬‬

‫‪293‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ق د عملت مجموع ة من ال دول العربي ة على إع داد اإلط ار الق انوني لتنظيم مج ال‬

‫التحكيم واجراءاته‪.‬‬

‫و لما كان المنطق القانوني يستلزم عند تناول فكرة ما‪ ،‬تحديد أساسها القانوني ثم‬

‫عرض موقعها في السياق العام لتشريع الدولة وأخيرا بيان موقف تشريعاتها‪ ،‬فقد ارتأينا‬

‫اختي ار نم اذج من ال دول العربي ة إللق اء نظ رة المتمثل ة في مص ر ودول ة اإلم ارات العربي ة‬

‫المتحدة والمغرب وذلك في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الموقف المصري من التحكيم اإلداري‬

‫تعتبر مصر من الدول التي أخذ نظامها القانوني باالتجاه الذي يوسع الطريق أمام‬

‫تط بيق أس لوب التحكيم على منازع ات العق ود اإلداري ة غ ير أنه ا لم تص ل إلى ه ذا التط ور‬

‫طفرة واحدة وإ نما مرت بعدة مراحل من خاللها يمكن أن نستشف الموقف المصري من‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية ‪.359‬‬

‫‪ -‬المرحلة األولى ‪ :‬قبل صدور القانون رقم ‪27/1994‬‬

‫لق د تم يزت ه ذه المرحل ة بص مت المش رع عن تقري ر ج واز أو ع دم ج واز حس م‬

‫المنازع ات اإلداري ة ذات الطبيع ة التعاقدي ة عن طري ق التحكيم حيث لم يتض من ق انون‬

‫المرافعات المدنية والتجارية رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 1968‬بين طياته نصا صريحا يجيز أو يمنع‬

‫التحكيم في هذه المنازعات ‪.‬‬

‫وهك ذا م ع غي اب النص التش ريعي ن انقس مت آراء الفق ه بش أن مش روعية حس م‬

‫منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة بطري ق التحكيم إلى رأيين‪ ،‬أولهم ا ‪ :‬ي رفض تط بيق‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة – األسس العامة في العقود اإلدارية – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬ ‫‪359‬‬

‫‪294‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أسلوب التحكيم لحسم هذه المنازعات‪ ،‬وثانيهما يجيز ذلك وكان لكل منهما حججه وأسانيده‬

‫‪.‬‬

‫فالج انب المع ارض إلمكاني ة التحكيم في العق ود اإلداري ة اس تند إلى بعض الحجج‬

‫لتدعيم وجهة نظره تتمثل في اآلتي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬اعتداء التحكيم على االختصاص المقرر للقضاء اإلداري‪:‬‬

‫يذهب رأي في الفقه المعارض لمبدأ التحكيم الداخلي في منازعات العقود اإلدارية‬

‫إلى أن االتف اق على التحكيم ي رتب أث رين ه امين أح دهما ‪ :‬س لبي ويتمث ل في حرم ان‬

‫األط راف من االلتج اء إلى القض اء لح ل المنازع ات ال تي اتفق وا بش أنها على اللج وء إلى‬

‫التحكيم واآلخ ر ايج ابي ويتمث ل في فض ال نزاع عن طري ق التحكيم واالل تزام ب الحكم‬

‫الصادر فيه واعتباره كأنه صادر فيه واعتباره كأنه صادر عن المحكمة المختصة أصال‬

‫‪.‬‬ ‫‪360‬‬
‫بنظر النزاع‬

‫و ينب ني على ذل ك أن االتف اق على التحكيم بالنس بة لمنازع ات العق ود اإلداري ة يمث ل‬

‫بال ش ك اعت داء على اختص اص القض اء اإلداري ص احب االختص اص ألص يل بنظ ر ه ذه‬

‫المنازعات المعقود له بموجب نص المادة ‪ 172‬من الدستور الص ادر ع ام ‪ ،1971‬والم ادة‬

‫‪ 10/11‬من القرار بقانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬بشأن مجلس الدولة ‪.‬‬

‫‪ -2‬تعارض التحكيم مع النظام العام ‪:‬‬

‫‪ -‬محمد كمال منير ‪ :‬مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية ( تعليق على حكم‬ ‫‪360‬‬

‫المحكم ة اإلداري ة العلي ا في الطعن رقم ‪ 3049‬لس نة ‪ 32‬ق جلس ة ‪ 1990-2-20‬مجل ة العل وم اإلداري ة الس نة الثالث ة‬
‫والثالثون العدد األول يونيو ‪ 1991‬ص ‪. 331‬‬

‫‪295‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫في الواقع أن االستناد إلى هذه الحجة لتقرير عدم مشروعية حسم منازعات العقود‬

‫اإلداري ة بطري ق التحكيم في الف ترة الس ابقة على ص دور الق انون رقم ‪ 27/94‬له ا م ا‬

‫يبرره ا‪ ،‬ذل ك أن إرادة الخص وم ليس ت كافي ة بمفرده ا لخل ق نظ ام التحكيم في منازع ات‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬ب ل يتطلب األم ر ت دخل المش رع ب النص ص راحة على ج وازه في ه ذه‬

‫المنازعات‪ ،‬وال أدل على ذلك من أن المشرع حين أراد تطبيق أسلوب التحكيم على بعض‬

‫منازعات العقود اإلدارية أصدر عدة قوانين تبيح ذلك صراحة ‪.‬‬

‫إلى ج انب االتج اه المع ارض ظه ر اتج اه مؤي د لتط بيق أس لوب التحكيم على‬

‫المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية مستندا في ذلك إلى حجتين رئيسيتين ‪:‬‬

‫الحج ة األولى ‪ :‬تتمث ل في أن أحك ام ق انون المرافع ات وال تي أج از ق انون مجلس‬

‫الدول ة بمقتض ى نص الم ادة الثالث ة من م واد إص داره تطبيقه ا على المنازع ات اإلداري ة‬

‫ومنه ا ذات الطبيع ة التعاقدي ة وذل ك فيم ا لم ي رد بش أنه نص خ اص تج يز االتف اق على‬

‫التحكيم‪ ،‬فق د نص ت الم ادة ‪ 501‬من ق انون المرافع ات على أن ه ‪ " :‬يج وز االتف اق على‬

‫التحكيم في ن زاع معين بوثيق ة تحكيم خاص ة‪ ،‬كم ا يج وز االتف اق على التحكيم في جمي ع‬

‫‪.‬‬ ‫‪361‬‬
‫المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين‬

‫و تتمثل الحجة الثانية في أن أحكام قانون مجلس الدولة لم يتضمن بين طياته نصا‬

‫يقضي بحظر التحكيم في منازعات العقود اإلدارية وأن ما تضمنته الم ادة العاشرة من هذا‬

‫الق انون من تحدي د الختص اص مح اكم مجلس الدول ة ق د قص د به ا بي ان الح د الفاص ل بين‬

‫اختص اص القض اء اإلداري من القض اء الع ادي‪ ،‬ومن تم فال يج وز تع دي ه ذا الغ رض‬

‫‪ -‬محمد كمال منير ‪ :‬مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود اإلدارية مرجع س ابق‪ ،‬ص‬ ‫‪361‬‬

‫‪. 332‬‬

‫‪296‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للقول بعدم جواز حسم منازعات العقود اإلدارية بطريق التحكيم‪ ،‬فضال عن أن المادة ‪58‬‬

‫من ذات الق انون ق د قطعت ص راحة بج واز التج اء الجه ات اإلداري ة إلى التحكيم في‬

‫منازع ات اإلداري ة وذل ك عن دما اش ترطت على اإلدارة ب أال ت برم أو تقب ل أو تج يز اتف اق‬

‫تحكيم أو تنفي ذ ق رار محكمين في م ادة تزي د قيمته ا على خمس ة آالف جني ه بغ ير اس تفتاء‬

‫‪.‬‬ ‫‪362‬‬
‫إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة‬

‫أم ا موق ف القض اء في مص ر‪ ،‬فيمكن إجمال ه في موق ف الجمعي ة العمومي ة لقس مي‬

‫الفتوى والتشريع وموقف القضاء اإلداري‪.‬‬

‫فبخص وص موق ف الجمعي ة العمومي ة فق د أفتت ه ذه األخ يرة لمجلس الدول ة بثالث‬

‫فتاوى مختلفة ‪.‬‬

‫‪ -‬في البداي ة‪ ،‬أفتت بت اريخ ‪ 1970-1-7‬بع دم ج واز اللج وء إلى التحكيم لح ل‬

‫وك ذلك فعلت بت اريخ ‪-3‬‬ ‫‪363‬‬


‫منازع ات العق ود اإلداري ة من دون النص على ذل ك ص راحة‬

‫‪.364 1988-30‬‬

‫‪ -‬وبمناس بة مراجعته ا لعق د بين وزارة التعم ير والمجتمع ات العمراني ة ومجموع ة‬

‫العم ارة والتخطي ط ال ذي تض من اتف اق الط رفين على اللج وء إلى التحكيم بخص وص‬

‫النزاعات التي قد تنشأ عن تنفيذ بنوده أو تفسيرها قررت الجمعية المذكورة بتاريخ ‪-15‬‬

‫‪ 1989-5‬ج واز االتف اق على التحكيم اس تنادا إلى الم ادتين ‪ 167‬و‪ 172‬من الدس تور‬

‫‪ -‬مجدي عبد الحميد شعيب – التحكيم في العقود اإلدارية – المجلة القانونية االقتصادية العدد العاشر ‪ 1998‬ص‬ ‫‪362‬‬

‫‪. 115‬‬
‫‪ -‬فت وى الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع لمجلس الدول ة في المل ف رقم ‪ 163-6-86‬جلس ة ‪-1-15‬‬ ‫‪363‬‬

‫‪.1970‬‬
‫‪ -‬فتوى نفس الجمعية في الملف رقم ‪ 122-1-47‬بجلسة ‪. 1988-3-30‬‬ ‫‪364‬‬

‫‪297‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المص ري وم واد التحكيم من ‪ 501‬إلى ‪ 509‬ال واردة في ق انون المرافع ات المدني ة‬

‫والتجاري ة رقم ‪ 13‬لسن ـ ـــة ‪ 1968‬والم ادتين ‪ 10‬و‪ 58‬من ق انون مجلس الدول ة‪،‬‬

‫واستخلص ت من ك ل ذل ك أن التحكيم يق وم على رك يزتين هم ا ‪ :‬إرادة األط راف وإ ق رار‬

‫المش رع له ذه اإلرادة‪ ،‬وق د أج از المش رع االتف اق على التحكيم في الم ادة ‪ 58‬من ق انون‬

‫مجلس الدولة وفي قانون المرافعات‪ ،‬وأن قواعد هذا األخير هي الواجبة التطبيق في حالة‬

‫عدم وجود نص صريح ينظم التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬إال أن ذلك يبقى مشروطا بعدم‬

‫وهو نفس االتجاه الذي سبق أن سلكته الجمعية‬ ‫‪365‬‬


‫التعارض مع طبيعة الروابط اإلداري ـــة‬

‫الم ذكورة في فتواه ا بت اريخ ‪ 1988-12-5‬بمناس بة مراجع ة عق د م برم بين جامع ة‬

‫الزقازيق وشركة المقاوالت العمومية الستكمال منشآت المستشفى الجامعي بها‪.366‬‬

‫أم ا المحكم ة اإلداري ة العلي ا‪ ،‬فب الرجوع إلى األحك ام الص ادرة عن جه ة القض اء‬

‫اإلداري نلمس بوض وح ع دم اس تقرار ه ذا القض اء وتقلب ه بين إج ازة ومن ع اللج وء إلى‬

‫التحكيم لحسم المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية في الفترة الشابقة على صدور القانون‬

‫رقم ‪ ،27/94‬وه ذا يجب توض يحه من خالل رأيين ‪ :‬رأي أول ق ال بمن ع التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة لنفس الت بريرات ال تي س اقها المعارض ون ن وذل ك بمناس بة نظره ا في‬

‫الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير اإلسكان والمرافق ض د حكم محكمة‬

‫القض اء اإلداري الص ادر بت اريخ ‪ 1986-5-18‬في قض ية الش ركة لمص رية للمس اهمة‬

‫‪ -‬ملف رقم ‪ 265-1-54‬جلسة ‪. 1989-5-17‬‬ ‫‪365‬‬

‫‪ -‬ملف رقم ‪ 1971-5-1‬فتوى التعليم جلسة ‪. 1988-12-5‬‬ ‫‪366‬‬

‫‪ -‬للمزي د من التفص يل راج ع ‪ :‬محم د محج وبي – دور التحكيم في تس وية منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة في ض وء‬
‫القانون المغربي والمقارن – المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية العدد ‪ 86‬ماي – يونيو ‪ 2009‬ص ‪. 23‬‬

‫‪298‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ال ذي‬ ‫‪367‬‬


‫والتعمير واالنشاءات السياحية ضد وزير اإلسكان والمرافق ومن معه‪ ،‬ذلك الحكم‬

‫ألزم الوزير المذكور بتعيين محكم عنه استنادا إلى البند ‪ 5‬من االتفاق المبرم بين الطرفين‬

‫بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ 1955‬وهذا االتجاه الذي تبنته المحكمة اإلدارية العليا هو الذي سلكته‬

‫التزاما بما انتهت إليه المحكمة اإلدارية العليا ‪.‬‬ ‫‪368‬‬


‫محكمة القضاء اإلداري فيما بعد‬

‫و إذا ك انت المحكم ة اإلداري ة العلي ا ق د غلبت في الحكم المتق دم االتج اه القائ ل بع دم‬

‫مشروعية التحكيم استنادا إلى االختصاص المقرر لمحاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات‬

‫الناش ئة للعق ود اإلداري ة‪ ،‬إال أنه ا اتخ ذت منحى آخ ر في حكمه ا الص ادر بت اريخ ‪ 18‬من‬

‫ين اير ع ام ‪ 1994‬حيث أج ازت اللج وء إلى التحكيم بش أن ه ذه المنازع ات‪ ،‬ويتض ح ذل ك‬

‫جليا من خالل حيثيات حكمها المذكور إذ تقول‪ " :‬ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الخالف‬

‫بين الطرفين يتبلور في تفسير نصوص عقد االتفاق المبرم بينهم ا ( ‪ ) ...‬أي أن المنازعة‬

‫محل الطعن الماثل ال تجاوز في حقيقتها نطاق تفسير العقد اإلداري والتخرج عن دائرته‬

‫ومن ثم ت دخل في توالي ة القض اء الكام ل دون والي ة اإللغ اء وال ي رد عليه ا وق ف التنفي ذ‬

‫المتعلق بالقرارات اإلدارية ومن تم يجوز فيها شرط التحكيم طبقا لنص المادة ( ‪) 501‬‬

‫من قانون المرافعات خاصة وأن هذا الشرط قد تضمنه االتفاق المعقود في أغسطس سنة‬

‫‪ 1945‬قب ل إنش اء مجلس الدول ة ومن تم يتعين العم ل بمقتض اه وطبق ا للم ادة ‪ 21‬من عق د‬

‫االتف ـ ـ ـ ـ ــاق والسالف ذكرها‪.369‬‬

‫‪ -‬حكم محكمة القضاء اإلداري في الطعن رقم ‪ 3049‬السنة ‪ 32‬ق جلسة ‪. 1990-2-20‬‬ ‫‪367‬‬

‫‪ -‬كما في حكمها في القضية رقم ‪ 5429‬لجلسة ‪ 1991-1-20‬منشور في مجلة هيئة قضاء الدولة السنة ‪ 41‬العدد‬ ‫‪368‬‬

‫‪ 2‬ابريل يونيو ‪ 1997‬ص ‪.16‬‬


‫‪ -‬الطعن رقم ‪ 886‬لسنة ‪ 30‬ق ‪.‬ع جلسة ‪ 1994-1-18‬مجموعة المبادئ القانونية الت قررتها المحكمة اإلدارية‬ ‫‪369‬‬

‫العليا والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في العقود اإلدارية في أربعين عاما ص ‪. 148‬‬

‫‪299‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يتضح مما سبق مدى االختالف والتباين الذي ساد في الفقه والقضاء بشأن تطبيق‬

‫أسلوب التحكيم على المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية في الفترة السابقة على صدور‬

‫القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬ومرجع ذلك غياب النص التشريعي الذي يحسم هذه المس ألة‪،‬‬

‫وه و م ا ح اول المش رع العم ل على تالفي ه بإص داره الق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬بش أن‬

‫التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة‪ ،‬فه ل حس م ه ذا الق انون ذل ك االختالف أم أن األم ر‬

‫استمر على ذات المنوال ؟ هذا ما سوف نوضحه من خالل المرحلة الثانية ‪.‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬بعد صدور القانون رقم‪27/1994‬‬

‫على إث ر الخالف ال ذي احت دم بين الفق ه والقض اء ح ول مش روعية حس م منازع ات‬

‫العقود اإلدارية بطريق التحكيم في ظل قانون المرافعات رقم ‪ 13‬لسنة ‪ ،1968‬وعلى اثر‬

‫المطالب ة بوض ع ق انون يتض من تنظيم ا ش امال لنظ ام التحكيم في مص ر من أج ل ركب‬

‫االتجاه ات الدولي ة الحديث ة بش أن التحكيم التج اري ال دولي‪ ،‬ص در الق انون رقم‪ 27‬لس نة‬

‫‪ 1994‬بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية بتاريخ ‪ 18‬من أبريل عام ‪ ،1994‬وقد‬

‫نص ت الم ادة الثالث ة من م واد اإلص دار على أن ه ‪ " :‬تلغى الم واد من ‪ 501‬إلى ‪ 513‬من‬

‫الق انون رقم ‪ 13‬لس نة ‪ 1968‬بإص دار ق انون المرافع ات المدني ة والتجاري ة كم ا يلغى أي‬

‫حكم مخالف ألحكام هذا القانون "‪.‬‬

‫كم ا نص ت الم ادة األولى من ه ذا الق انون على أن ه ‪ " :‬م ع ع دم اإلخالل بأحك ام‬

‫االتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على‬

‫ك ل تحكيم بين أط راف من أش خاص الق انون الع ام أو الق انون الخ اص أي ا ك انت طبيع ة‬

‫‪300‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫العالق ة القانوني ة ال تي ي دور حوله ا ال نزاع إذا ك ان ه ذا التحكيم يج ري في مص ر أو ك ان‬

‫‪.‬‬ ‫‪370‬‬
‫تحكيما تجاريا يجري في الخارج واتفق أطرافه على اخضاعه ألحكام هذا القانون‬

‫فه ل حس م ه ذا الق انون الج دل الفقهي والقض ائي المث ار ح ول مش روعية التحكيم في‬

‫منازعات العقود اإلدارية ‪.‬‬

‫في الواق ع ت ردد الفق ه والقض اء ح ول م دى ج واز اللج وء إلى التحكيم في العق ود‬

‫اإلدارية وذلك نتيجة ألن المشرع لم ينص على ذلك صراحة ‪.‬‬

‫‪ – 1‬الموقف الفقهي ‪:‬‬

‫لقد اختلف الفقه المص ري بين مؤيد ومعارض لج واز التحكيم في العقود اإلدارية‪،‬‬

‫ح تى بع د ص دور ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬ال ذي أج از ألش خاص الق انون الع ام‬

‫اللجوء للتحكيم في المنازعات التي تكون طرفا فيها‪ ،‬أيا كانت طبيعة العالقة القانونية التي‬

‫يدور حولها النزاع شريطة أن يكون الموضوع الذي يثار بشأنه التحكيم من الموضوعات‬

‫التي تقبل الصلح والتصرف فيها ‪.‬‬

‫فق د ذهب ج انب من الفق ه المص ري إلى الق ول بج واز لج وء األش خاص المعنوي ة‬

‫العامة للتحكيم في منازعاتها اإلدارية خصوصا بعد ما جاء بنص المادة األولى من قانون‬

‫التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬ال تي تج يز ألش خاص الق انون الع ام اللج وء للتحكيم في أي ة‬

‫عالق ة قانوني ة ذات ط ابع اقتص ادي أو تج اري وتقب ل الص لح والتص رف‪ ،‬وال ش ك في‬

‫‪.‬‬ ‫‪371‬‬
‫انطباق هذا المعيار على منازعات العقود اإلدارية‬

‫‪ -‬ثروت بدوي – النظرية العامة للعقود اإلدارية – دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1993‬‬ ‫‪370‬‬

‫‪ -‬محمود سمير الشرقاوي – مفهوم التجارة الدولية وفقا لقانون التحكيم المصري الجديد – بحث مقدم إلى مؤتمر‬ ‫‪371‬‬

‫مراكز التحكيم العربية المنعقد في جامعة بيروت العربية في الفترة من ‪ 16‬إلى ‪ 18‬مايو سنة ‪. 1999‬‬

‫‪301‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ذهب أنصار هذا االتجاه تأييدا لوجهة نظرهم بإجازة التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫إلى القول بأن القاعدة األصولية تقضي بأن العام يؤخذ على إطالقه ما لم يأت ما يخصصه‬

‫وأن ه ال اجته اد م ع ص راحة النص ومن تم ف إن نص الم ادة األولى من ق انون التحكيم رقم‬

‫‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬ق د ج اء عام ا في س ريانه على التحكيم بين أش خاص الق انون الع ام أو‬

‫الخاص أيا كانت طبيعة العالقة القانونية التي يثار بشأنها النزاع طالما كان التحكيم داخل‬

‫مصر‪ ،‬ومن تم يجوز االتفاق على التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪.372‬‬

‫لكن جانبا آخر من الفقه المصري قد ذهب إلى القول بعدم جواز اللجوء للتحكيم في‬

‫منازعات العقود اإلداري ة‪ ،‬وذل ك ألن ق انون التحكيم رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬لم يتض من نص ا‬

‫صريحا يقضي بجواز التحكيم في العقود اإلدارية وأمام صمت المشرع في هذا الش أن‪ ،‬فال‬
‫‪373‬‬
‫يجوز استثناء هذه الطائفة من العقود إال بمقتضى نص تشريعي صريح يقضي بـ ـ ـــذلك‬

‫واس تند ه ذا الج انب من الفق ه إلى نص الم ادة ‪ 172‬من الدس تور ال تي تقض ي ب أن مجلس‬

‫الدول ة هيئ ة قض ائية مس تقلة ويختص بالفص ل في المنازع ات اإلداري ة وفي ال دعاوى‬

‫التأديبـ ـ ـ ــية ويحدد القانون اختصاصاته األخرى ‪.‬‬

‫كم ا ذهب أنص ار ه ذا االتج اه الفقهي إلى الق ول ب أن خض وع منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة للتحكيم يق ف أمامه ا ص عوبات ال يس تهان به ا‪ ،‬حيث أن نص الم ادة األولى من‬

‫قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬والمناقشات التي دارت بشأنها في مجلس الشعب وما‬

‫أوردته المذكرة االيضاحية لم يؤد إلى حسم المسألة بجواز التحكيم في العقود اإلدارية ‪.‬‬

‫‪ -‬ناريمان عبد القادر – اتفاق التحكيم – دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪ 1996‬ص ‪. 148‬‬ ‫‪372‬‬

‫‪ -‬اكثم الخ ولي – االتجاه ات العام ة في ق انون التحكيم الجدي د – بحث مق دم إلى م ؤتمر مرك ز الق اهرة االقليمي‬ ‫‪373‬‬

‫للتحكيم التجاري الدولي بتاريخ ‪ 13-12‬سبتمبر ‪. 1994‬‬

‫‪302‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إلى جانب هذا ذهب رأي ثالث وسط إلى القول بجواز التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫ذات الطابع الدولي‪ ،‬واتجه هذا الرأي في تحديده لمفهوم العقد اإلداري الدولي إلى القول‬

‫بأن ه " العق د ال ذي يلح ق بأطراف ه أو بموض وعه عنص ر أجن بي‪ ،‬ومن ذل ك أال يك ون مح ل‬

‫اإلقامة أو مقر الشخص المعنوي الطرف في العقد داخل الدوبة المتعاقدة أو يكون القانون‬

‫الواجب التطبيق على العقد مما يسمح بالتحكيم لفض ما ينشأ عنه من منازعات‪ ،‬وهو ما‬

‫‪.‬‬ ‫‪374‬‬
‫يجعل للعقد شأن على صعيد المعامالت التي تتجاوز الصفة الوطنية الخالصة‬

‫و تأييدا لهذه الفكرة نجد أن قانون التحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬قد أثار في المادة‬

‫والتي يمكن ايجازها فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪375‬‬


‫الثانية منه لمعايير دولية التحكيم‬

‫‪ – 1‬أن يك ون المرك ز الرئيس ي ألعم ال ك ل من ط رفي التحكيم واقع ا في دول تين‬

‫مختلفتين وقت ابرام اتفاق التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن يتف ق طرف ا التحكيم على اللج وء إلى منظم ة تحكيم دائم ة أو مرك ز للتحكيم‬

‫يكون مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها ‪.‬‬

‫‪ – 3‬أن يك ون موض وع ال نزاع ال ذي يش مله اتف اق التحكيم مرتبط ا ب أكثر من دولـــة‬

‫واحدة ‪.‬‬

‫‪ – 4‬أن يكون المركز الرئيسي ألعمال كل من طرفي التحكيم واقعا في نفس الدولة‬

‫وقت ابرام اتفاق التحكيم وكان أحد األماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة ‪.‬‬

‫‪ -‬اب راهيم علي حس ن – ت أمالت في اختص اص التحكيم بمنازع ات عق ود الدول ة – مجل ة هيئ ة قض ايا الدول ة الع دد‬ ‫‪374‬‬

‫الثاني السنة ‪ 2- 1‬ابريل – يونيو ‪. 1997‬‬


‫‪ -‬حفيظة السيد الحداد – االتف اق على التحكيم في عقود الدولة ذات الطبيعة اإلداري ة وأثره ا على الق انون الواجب‬ ‫‪375‬‬

‫التطبيق دار المطبوعات الجامعية ‪ 2001‬ص ‪. 36‬‬

‫‪303‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أ ‪ -‬مكان إجراء التحكيم‪.‬‬

‫ب – مكان تنفيذ جانب جوهري من التزامات العقد ‪.‬‬

‫ج – المكان األكثر ارتباطا بموضوع النزاع ‪.‬‬

‫‪ – 2‬الموقف القضائي ‪:‬‬

‫لقد اختلف القضاء المصري أيضا في نفس المسألة التي اختلف حولها الفقه‪ ،‬ذلك‬

‫أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع وبالرغم من صدور القانون رقم ‪ 27‬أعاله‬

‫ق الت بحظ ر التحكيم على العق ود اإلداري ة بعل ة أن ش رط التحكيم يعت بر متنافي ا م ع إداري ة‬

‫العقد‪ ،‬لذا ارتأت ضرورة تدخل المشرع بعمل تشريعي يجيز التحكيم في منازعات العقود‬

‫اإلدارية بضوابط محددة وقواعد منظمة ‪.‬‬

‫في حين أن القض اء اإلداري ذهب عكس م ا انتهت إلي ه الجمعي ة العمومي ة أعاله‪،‬‬

‫فأج از اللج وء إلى التحكيم في العق ود اإلداري ة بع دما ص در الق انون رقم ‪ ،27/1994‬كم ا‬

‫فعلت محكم ة القض اء اإلداري في حكمه ا الص ادر بت اريخ ‪ 1996-1-28‬في ال دعوى‬

‫المقام ة أمامه ا من وزي ر األش غال العام ة والم وارد المائي ة ض د الممث ل الق انوني لمجموعة‬

‫الش ركات األوربي ة المنف ذة لمش روع قن اطر اس نا الجدي دة المس ماة " الكونس ورتيوم " عن دما‬

‫ط الب ببطالن حكم هيئ ة التحكيم الص ادر بت اريخ ‪ 1994-1-15‬في قض ية التحكيم رقم‬

‫الدولي ‪.‬‬ ‫‪376‬‬


‫‪ 29/1992‬المرفوعة من المدعي أمام مركز القاهرة للتحكيم التجاري‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬بعد صدور القانون رقم ‪9/1997‬‬

‫‪ -‬حكم صدر في القضية رقم ‪ 4188‬السنة ‪. 48‬‬ ‫‪376‬‬

‫‪304‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ك ان لزام ا على المش رع بع د أن ازدادت ح دة الخالف في الفق ه والقض اء بش أن‬

‫مشروعية حسم منازعات العقود اإلدارية بطريق التحكيم أن يتدخل بموجب نص تشريعي‬

‫ص ريح ليحس م ه ذا الخالف‪ ،‬فأص در الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬ونص في مادت ه األولى‬

‫على أنه ‪ :‬تض اف إلى الم ادة (‪ )1‬من ق انون التحكيم في الم واد المدني ة والتجارية الص ادر‬

‫بالق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬فق رة ثاني ة‪ ،‬نص ها اآلتي‪ ،‬وبالنس بة إلى منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة يك ون االتف اق على التحكيم بموافق ة ال وزير المختص أو من يت ولى اختصاص ه‬

‫بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة وال يجوز التفويض في ذلك ‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 2/1‬من ذات القانون على أنه ‪ " :‬ينشر هذا القانون في الجريدة‬

‫الرسمية‪ ،‬ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره‪ ،‬وبهذا التعديل يكون المشرع المصري‬

‫ق د حس م كلي ا الخالف ال ذي ك ان دائ را في الفق ه والقض اء منح ازا ب ذلك إلى ج انب االتج اه‬

‫المؤيد لتطبيق أسلوب التحكيم على المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية‪.377‬‬

‫و يس تفاد من نص الم ادة األولى الس الفة ال ذكر أن الق انون الم ذكور ق د ش مل جمي ع‬

‫ص ور العق ود اإلداري ة‪ ،‬حيث إن ه لم يخص ص عق ودا معين ة وخص ها بج واز التحكيم فيه ا‪،‬‬

‫كم ا أن ه لم يس تبعد من نط اق تطبيق ه أي عق د إداري آخ ر‪ ،‬وب ذلك يش مل نط اق تط بيق ه ذا‬

‫القانون من الناحية الموضوعية ‪:‬‬

‫‪ -‬كافة العقود اإلدارية الوطنية منها أم الدولية‪ ،‬وذلك لعمومية نص الم ادة األولى‬

‫منه والتي لم تخص نوعا معينا منها يتم تسويته بطريق التحكيم ‪.‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬وليد محمد عباس – التحكيم في المنازعات اإلدارية ذات الطبيعة التعاقدية – دار الجامعة‬ ‫‪377‬‬

‫الجديدة االسكندرية ‪ 2010‬ص ‪. 201‬‬

‫‪305‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬كافة صور المنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية سواء كانت في مرحلة اإلب رام‬

‫أو التنفيذ أو ما يترتب على تنفيذها من آثار ‪.‬‬

‫أما من حيث النطاق الزمني‪ ،‬وكما جاء في نص المادة الثانية من القان ـ ـ ـــون رقم ‪9‬‬

‫لسنة ‪ 1997‬السالفة الذكر على أنه " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية‪ ،‬ويعمل به من‬

‫اليوم التالي لتاريخ نشره ‪...‬‬

‫و يستفاد من كل هذا أن هذه المادة قد حددت نطاق سريان أحكام هذا القانون من‬

‫اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية‪ ،‬وبالتالي فهو يطبق بأثر فوري وليس بأثــر‬

‫رجعي ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا ع برت الجمعي ة العمومي ة لقس مي الفت وى والتش ريع في الفت وى‬

‫الصادرة عنها بجلسة ‪ 10‬من دسمبر عام ‪ 1997‬بقولها ‪...‬‬

‫و أن ه إذا ك ان ش رط التحكيم في منازع ات العق ود الخاص ة ال يص ح لن اقص األهلي ة‬

‫إال بكتمال أهليته أو بتعيين وصيا من المحكمة فإنه في منازعات العقود اإلدارية ال يصح‬

‫إال باكتمال اإلرادة المعبرة عن كمال الوالية العامة في إجراءه وال تكتمل الوالية هنا إال‬

‫بعمل تش ريعي يجيز ش رط التحكيم في العق د اإلداري ال يص ح إال باكتم ال اإلرادة المعبرة‬

‫عن كمال الوالية العامة في إجراءه وال تكتمل الوالية هنا إال بعمل تشريعي يجيز شرط‬

‫التحكيم في العقد اإلداري بضوابط محددة وقواعد منظمة أو بتفويض جهة عام ة ذات ش أن‬

‫لإلذن ب ه في أي ة حال ة مخصوص ة‪ ،‬الحظت الجمعي ة العمومي ة أن ه على أث ر ص دور ه ذا‬

‫اإلفت اء ق ام المش رع بإص دار الق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1997‬بتع ديل ق انون التحكيم في الم واد‬

‫المدني ة والتجاري ة بإض افة فق رة جدي دة إلى الم ادة (‪ )1‬من ه تنص على أن ه (‪ )...‬وه و م ا‬

‫‪306‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يؤك د أن التحكيم لم يكن ج ائزا في منازع ات العق ود اإلداري ة ح تى ت دخل المش رع ب النص‬

‫‪.‬‬ ‫‪378‬‬
‫على إجازته بموجب التعديل المشار إليه‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الموقف اإلماراتي من التحكيم اإلداري‬

‫بدول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة خصوص ا مج ال التحكيم‪ ،‬يمكن الق ول ب أن‬

‫التش ريعات االتحادي ة للق وانين هي حديث ة النش أة‪ ،‬فق د ص درت ب ع إعالن الدس تور الم ؤقت‬

‫لالتح اد س نة ‪ 1972‬م‪ ،‬وق د خطت الدول ة اإلم ارات من ذ ذل ك الحين وح تى اآلن خط وة‬

‫ايجابية جيدة في هذا الشأن وسايرت دول العالم في كافة المجاالت‪ ،‬بل نستطيع القول ‪" :‬‬

‫أنها تخطت بعض الدول التي سبقتها‪ ،‬ولكن في ظل عدم وجود قانون ينظم مسائل التحكيم‬

‫في العق ود اإلداري ة ال تي ب اتت تش كل أهمي ة بالغ ة في ه ذه الف ترة‪ ،‬تظ ل دول ة اإلم ارات‬

‫مت أخرة وينبغي أن تس رع بإص داره وتعم ل على الفص ل في االختص اص بإنش اء مح اكم‬

‫خاصة للفصل في منازعات العقود اإلدارية أو أن ينظرها قضاة متفرعين لمسائل العقود‬

‫اإلدارية حتى ال يحدث خلط بين القانونين المدني واإلداري ‪.‬‬

‫و يجب أن ال نس تبعد م دى ت أثر القاض ي الم دني بالق انون الخ اص وإ مكاني ة ف رض‬

‫مبادئ ه من خالل األحك ام الص ادرة في منازع ات العق ود اإلداري ة ال تي ك ان من المف روض‬

‫أن يطب ق عليه ا قواع د الق انون اإلداري ال ذي يحم ل بين طيات ه روح التط ور المس تمر‬

‫والتغيير حسب متطلبات المستجدات المجتمعة في كافة المجاالت والبعد عن الجمود الذي‬

‫يمكن أن يسود القانون المدني ‪.‬‬

‫‪ -‬الفتوى رقم ‪ 28‬بتاريخ ‪ 1997-12-11‬مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثاني‪ ،‬السنة الرابعة واألربعون أبريل‬ ‫‪378‬‬

‫يونيو ‪ 200‬ص ‪. 192‬‬

‫‪307‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫فمتطلب ات الق انون اإلداري تختل ف كلي ا عن متطلب ات الق انون الم دني ل ذا يجب‬

‫االعتراف بأنه من غير المستحب أن يقوم القاضي المدني بنظر منازعات العقود اإلدارية‬

‫لتش بعه بقواع د الق انون الم دني وم ا ل ذلك من ت أثير على األحك ام ال تي ستص در على تل ك‬

‫المنازعات ‪.‬‬

‫أما لو استعرضنا الحاالت التي أشار إليها المشرع اإلماراتي فسيتبين أنه قد أشار‬

‫للتحكيم ثالث مرات بدون التعرض للتفاصيل التي تركها لتشريعات كل إمارة أن تكملها ‪.‬‬

‫الحال ة األولى ‪ :‬في ق انون تنظيم العالق ات القض ائية بين اإلم ارات في االتح اد فق د‬

‫اعت بر أحك ام المحكمين الص ادرة في إح دى اإلم ارات األعض اء قابل ة للتنفي ذ في س ائر‬

‫اإلمارات األعضاء في االتحاد‪.379‬‬

‫الحال ة الثاني ة ‪ :‬في ق انون تنظيم عالق ات العم ل وتطلب إنش اء لجن ة تس مى لجن ة‬

‫التحكيم العليا وتختص بحل منازعات العمل الجماعية‪.380‬‬

‫الحال ة الثالث ة ‪ :‬في ق انون اتح اد غ رف التج ارة والص ناعة فق د أس ند المش رع‬

‫االتح ادي التح اد الغ رف وظيف ة فض المنازع ات التجاري ة والص ناعية بطري ق التحكيم في‬

‫‪.‬‬ ‫‪381‬‬
‫حالة اتفاق أطراف النزاع على ذلك‬

‫و على غ رار ال دول الس الفة ال ذكر س ادت مواق ف بدول ة اإلم ارات من التحكيم في‬

‫العقود اإلدارية‪ ،‬هذه المواقف سنعمل على توضيحها في النقط الموالية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬موقف إمارة أبو ظبي من التحكيم في العقود اإلدارية‬


‫‪ -‬المادة ‪ 13‬من القانون ‪ 11‬لسنة ‪. 1973‬‬ ‫‪379‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 8‬لسنة ‪ 1980‬في شأن تنظيم عالقات العمل المواد ‪. 161-160‬‬ ‫‪380‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 5‬لسنة ‪ 1967‬بشأن اتحاد غرف التجارة والصناعة المادة ‪ 5‬فقرة ‪. 10‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪308‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫صدر القانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 1970‬إجراءات المحاكم المدنية‪ ،‬وخصص المشرع في‬

‫إم ارة أب و ظ بي الفص ل التاس ع من ه‪ ،‬من الم ادة ‪ 82‬إلى ‪ 98‬لتق نين التحكيم‪ ،‬وق د ف رق ه ذا‬

‫القانون بين ثالثة أنواع من التحكيم هي ‪:‬‬

‫‪ -‬التحكيم القض ائي لل نزاع ال ذي ك ان معروف ا أم ام المحكم ة‪ ،‬وه و ال ذي تحي ل في ه‬

‫المحكم ة للتحكيم‪ ،‬بن اء على طلب الخص وم‪ ،‬لك ل نقاط ال نزاع المعروض أو بعض ا منـ ـــها‪،‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪382‬‬
‫وتشرف المحكمة على كل اجراءات التحكيم‬

‫‪ -‬التحكيم المس جل عق ده‪ ،‬وه و االتف اق ال ذي يقض ي بإحال ة الخالف بين أطراف ه‬

‫للمحكمين فيج وز أن يطلب أح د األط راف تس جيله أم ام المحكم ة المختص ة عن دما يمتن ع‬

‫الخصم اآلخر عن االذعان للتحكيم ‪.‬‬

‫‪ -‬التحكيم الحر المسجل حكمه‪ ،‬هو التحكيم الرضائي الذي يجري بدون المحكمة‪،‬‬

‫فال يس جل التحكيم أم ام المحكم ة‪ ،‬وفي ه ذا التحكيم يح ق ألي ط رف طلب الحكم بع د‬

‫ويتض من‬ ‫‪383‬‬


‫ص دوره ل دى المحكم ة المختص ة‪ ،‬إذا لم يكن هن اك س بب ق انوني لرفض ه‬

‫منطوق الحكـم وأهم ما فيه أنه يحدد المحكمين بأي وجه من الوجوه‪.384‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موقف إمارة دبي من التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫يرتكز التشريع التحكيمي في إمارة دبي على مجموعة من القوانين تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ -‬ق انون العق ود وه و من أهم الق وانين المقنن ة في اإلم ارة وق د ص در بتاريـ ـــخ ‪-6-22‬‬

‫‪ 1971‬وعمل به في ‪. 1971-7-15‬‬
‫‪ -‬الماد ‪ 82‬من قانون اجراءات المحاكم المدنية في أبو ظبي ‪.‬‬ ‫‪382‬‬

‫‪ -‬المادتان ‪ 98- 97‬من قانون اجراءات المحاكم المدنية في أبو ظبي ‪.‬‬ ‫‪383‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 94‬الفقرة ‪ 3 – 2‬والمادة ‪ 98‬الفقرة ‪ 4-3‬من قانون اجراءات المحاكم المدنية في أبو ظبي ‪.‬‬ ‫‪384‬‬

‫‪309‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬الشريعة اإلسالمية والتي تعتبر من مصادر التشريع الرئيسية في االتحاد‪.‬‬

‫‪ -‬قانون غرفة التجارة والصناعة في دبي‪ ،‬الذي جعل من مهام الغرفة حل المنازعات بين‬

‫أعضائها بالتحكيم ‪.‬‬

‫‪ -‬القوانين االتحادية ذات العالقة بالتحكيم‪.‬‬

‫إلى جانب هذا فالتحكيم في إمارة دبي أصبح يرتكز على عدة قواعد موفـــقا للمادة‬

‫‪ 1-32‬من ق انون العق ود‪ ،‬فإن ه يعت بر ب اطال ك ل اتف اق يمن ع أح د أطراف ه من اللج وء إلى‬

‫‪.‬‬ ‫‪385‬‬
‫القضاء أو يحد من هذه الحرية‬

‫أم ا التحكيم فه و ج ائز‪ ،‬ألن ه اس تثناء للقاع دة‪ ،‬إذ يعت بر مش روع إم ارة دبي أن ه ليس‬

‫في نص هذه القاعدة‪ ،‬ما يجعل أي عقد مخالفا للقانون‪ ،‬إذا اتفق بموجبه شخصان أو أكثر‬

‫على إحال ة أي خالف ق د ينش أ فيم ا بينهم بخص وص أي موض وع أو ن وع من المواض يع‬

‫على التحكيم‪ ،‬وعلى أن يك ون المبل غ المحك وم ب ه في ذل ك التحكيم فق ط‪ ،‬ه و م ا يمكن‬

‫‪.‬‬ ‫‪386‬‬
‫تحصيله بشأن الخالف المحال بالصورة المذكورة‬

‫كما أن المشرع في إمارة دبي قد فرق بين االتفاق التحكيمي المسجل لدى المحكمـــة‬

‫وال ذي يطلب أح د األط راف من المحكم ة تنفي ذ عق د التحكيم‪ ،‬وه و عق د أب رم قب ل نش وب‬

‫النزاع أو بعده ‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة السالفة الذكر ‪ " :‬يعتبر باطال كل اتفاق يمنع أحد أطرافه‪ ،‬بصورة مطلقة من تنفيذ حقوقه في أي عقد‬ ‫‪385‬‬

‫أو بمقتض اه ب اإلجراءات القض ائية المعت ادة في المح اكم العادي ة‪ ،‬أو يقض ي بتحدي د الم دة التي يجوز ل ه فيه ا تنفي ذ حقوقه‬
‫وذلك بقدر ما يتضمن من منع "‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ -2-32‬أ من قانون العقود الصادر بتاريخ ‪. 1971-6-22‬‬ ‫‪386‬‬

‫‪310‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إضافة إلى كل هذا فالتحكيم النظامي لغرفة تجارة وصناعة دبي التي حددها قانون‬

‫إنش ائها ق د بين مهامه ا ‪ :‬منه ا فض المنازع ات ال تي تنش أ بين أعض ائها وتنظ ر ب التحكيم‬

‫وفق ا لنظ ام تعاق دي ه و أيض ا ي أتي ب دال عن ض ائع‪ ،‬فنظ ام‬ ‫‪387‬‬
‫اللجن ة التجاري ة في الغرف ة‬

‫الغرفة ال يضع نظاما للتحكيم‪ ،‬وال يمكنه اللجوء إلى قانون تحكيم يفصل اجراءات ونظام‬

‫التحكيم من هنا أبدعت الغرفة صيغة نموذجية لطلب تحكيم يلزم موقعيه ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬موقف إمارة الشارقة من التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫تطب ق إم ارة الش ارقة ق انون العق ود المطب ق في إم ارة دبي ويس تند على المصــادر‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬الشريعة اإلسالمية‬

‫‪ -‬القوانين االتحادية ذات العالقة التحكيمية‬

‫الذي يجعل من مهام الغرفة حل المنازعات‬ ‫‪388‬‬


‫قانون غرفة تجارة وصناعة الشارقة‬

‫بين أعضائها عن طريق التحكيم ‪.‬‬

‫شريعة الطرفين أي سلطان اإلرادة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬اجتهاد المحاكم‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬في شأن المعامالت المدنية‬

‫في سنة ‪ 1992‬صدر القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬في شأن اإلجراءات‬

‫المدني ة في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ ،‬وبقص د التيس ير على الخص وم والتبس يط‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1975‬المادة ‪ 11‬بشأن انشاء غرفة تجارة وصناعة دبي ‪.‬‬ ‫‪387‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 1‬الصادر سنة ‪ 1980‬بشأن انشاء غرفة تجارة وصناعة الشارقة ‪.‬‬ ‫‪388‬‬

‫‪311‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫عليهم واختصاراإلجراءات وسرعة الفصل في المنازعات‪ ،‬فقد أجاز القانون االتحادي‬

‫اللج وء إلى التحكيم‪ ،‬إال أن ه ال يس لب المح اكم اختصاص ها في إجراءات ه من حيث‬

‫االتف اق علي ه‪ ،‬والتحق ق من ص فة وأهلي ة المحتكمين‪ ،‬والتحق ق من أهلي ة وص الحية‬

‫المحكمين ومن أن موض وع ال نزاع يجوز طرح ه على التحكيم‪ ،‬كم ا أن حكم المحكمين‬

‫يخض ع لرقاب ة القض اء‪ ،‬فالمش رع وإ ن أج از التحكيم‪ ،‬إال أن ه أوجب مراع اة الش كل‬

‫المقرر في التشريع‪ ،‬إذ ال يجوز للمحكمين الخروج عن نطاق المواد القانونية المنظمة‬

‫إلجراءات التحكيم وشروط تعيين المحكمين ‪.‬‬

‫و في س نة ‪ 1993‬أنش أت غرف ة تج ارة أب و ظ بي مرك ز أب و ظ بي للت دقيق والتحكيم‬

‫التج اري‪ ،‬وبع د ذل ك أنش أت غرف ة تج ارة وص ناعة دبي‪ ،‬مرك ز دبي للتحكيم الدول ـ ـ ـــي‪،‬‬

‫وأخيرا صدر قرار تأسيس مركز الشارقة للتحكيم التجاري الدوللي بموجب المرسوم رقم‬

‫‪ 6‬لسنة ‪ 2009‬م التابع لغرفة تجارة وصناعة الشارقة ‪.‬‬

‫كم ا أك دت الم واد من ‪ 203‬إلى ‪ 218‬من ق انون اإلج اءات المدني ة اإلم اراتي‬

‫وتنظيم إجراءات التحكيم وشروط اختيار‬ ‫‪389‬‬


‫والمتعلقة بالتحكيم على جواز اللجوء للتحكيم‬

‫المحكمين وط رق الطعن على حكم التحكيم‪ ،‬وتحدي د س لطة المحكم ة المختص ة بالنس بة‬

‫للقرار الصادر عن التحكيم‪ ،‬وإ عطاء الصفة التنفيذية ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬في شأن االجراءات المدنية في دولة االمارات العربية المتحدة ‪.‬‬ ‫‪389‬‬

‫‪312‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كما نصت الفقرة ‪ 1‬من المادة ‪ 203‬منقانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬على جواز لجوء‬

‫المتعاق دين بص فة عام ة على اش تراط التحكيم في العق ود ال تي يبرمونه ا‪ ،‬أو االتف اق الحق ا‬

‫‪.‬‬ ‫‪390‬‬
‫على عرض النزاع بينهم على محكم أو أكثر‬

‫و ق د ذهب قض اء محكم ة تمي يز دبي إلى أن ه في ح ال اتف اق الط رفين على التحكيم‬

‫ي ترتب على ذل ك حرم ان أط راف العق د من االلتج اء إلى القض اء بص دد الخص ومة ال تي‬

‫اتفقوا فيها على التحكيم‪ ،‬لنزولهم عن االلتجاء إلى القضاء بصدده‪ ،‬وال يجوز الرجوع عن‬

‫ذل ك إال باتف اقهم وال يح ق ألي منهم الع دول عن االتف اق على التحكيم بإرادت ه المنف ردة‪ ،‬إذ‬

‫يظل شرط التحكيم قائما‪ ،‬ومتى نزل الخصوم بإرادتهم عن حق اللجوء إلى القضاء‪ ،‬فإن‬

‫الدعوى تفقد شرطا من شروط قبولها‪ ،‬مما يمتنع معه على المحـــكمة قبولها‪ ،‬وبذلك يمكن‬

‫الق ول بأن ه م ا دام ش رط التحكيم قائم ا‪ ،‬فإن ه يتن ع على المحكم ة نظ ر ال دعوى‪ ،‬رغم بقائه ا‬

‫ص احبة االختص اص‪ ،‬ومن تم ف إن ال دافع باالعت داد بش رط التحكيم من قبي ل ال دفوع بع دم‬

‫بعدم قبول الدعوى من الناحية اإلجرائية أمام القضاء ‪.‬‬

‫أما بخصوص خضوع المصالح الحكومية للتحكيم يمكن القول أن ق انون التحكيم في‬

‫إمارة أبو ظبي لم يتطرق إلى أهلية المصالح الحكومية لالحتكام‪ ،‬لكن المطبق عمليا هو أن‬

‫الدولة والمصالح الحكومية تقبل التحكيم الداخلي قليال‪ ،‬وكثيرا ما تذهب المصالح الحكومي ة‬

‫إلى التحكيم الدولي‪ ،‬نفس الشيء سار عليه المشرع في إمارة دبي في حين يستند حقوقيو‬

‫‪ -‬تنص الم ادة ‪ 203‬الفق رة ‪ 1‬من الق انون االتح ادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬في ش أن االج راءات المدني ة أن ه " يج وز‬ ‫‪390‬‬

‫للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد األساسي أو باتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ عقد‬
‫معين على محكم أو أكثر‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة ‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم الدولي إلى أقوال الحقوقيين في دبي بأن عقد التحكيم بين دولة االتحاد واألشخاص‬

‫‪.‬‬ ‫‪391‬‬
‫العاديين صحيح‬

‫و في رأينا واستنادا إلى ما سبق فالمشرع في دولة اإلمارات يقف موقفا محايدا من‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬حيث نجده لم يقف موقفا مضادا أو معاديا للتحكيم في العقود‬

‫اإلدارية‪ ،‬كما لم يخصه بقانون خاص به أو بتشريع مستقل يميزه بإجراءات مختلفة عن‬

‫التحكيم في العقود التجارية أو المدنية التابعة للقانون الخاص‪ ،‬وأما في الواقع العملي فإننا‬

‫نتف ق م ع من ق ال ب أن المطب ق ه و أن الدول ة والمص الح االحكومي ة تقب ل التحكيم ال داخلي‬

‫قليــال وكثيرا ما تذهب إلى التحكيم الدولي‪ ،‬وهي بصدد إصدار تشريع يسمح بالتحكيم في‬

‫العقود اإلدارية بشرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص‬

‫االعتبارية العامة التي ال تتبع وزيرا ويجوز التفويض في ذلك ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬موقف المغرب من التحكيم في العقود اإلدارية‬

‫بخص وص التحكيم بص فة عام ة في المغ رب الب د من اإلش ارة إلى لمح ة تاريخي ة‬

‫لمعرف ة تط ور ه ذا الن وع وه ذه الوس يلة لتس وية المنازع ات المختلف ة‪ ،‬وهك ذا فم ع مجيء‬

‫االس تعمار بع د التوقي ع على معاه دة الحماي ة بمدين ة ف اس في ‪ 30‬م ارس ‪ 1912‬ال تي‬

‫وض عت المغ رب في نظ ام الحماي ة الفرنس ي‪ ،‬ح اول المس تعمر س ن بعض الق وانين ال تي‬

‫تتماش ى م ع مطامعـ ـ ـ ـ ـــه ومص الحه من بينه ا ظه ير االلتزام ات والعق ود الص ادر في ‪12‬‬

‫غش ت ‪ 1913‬وظه ير المس طرة المدني ة الملغى الص ادر في نفس الت اريخ ف األول لم ي أت‬

‫‪391‬‬
‫‪- Edouard Chamy : l’arbitrage commercial international dans les pays Arabes , Paris 1‬‬
‫‪1985 p 351.‬‬
‫‪- Samir Seleh : Commercial Arbitration in the Arabe Middle East Dubai and Sharjah p 360 .‬‬

‫‪314‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بمقتضيات خاصة بالتحكي ــم وإ نما تناوله في فصول متناثرة كما هو الشأن في الفصل ‪894‬‬

‫أم ا الث اني فق د خص ص ل ه الفص ول من ‪ 527‬إلى ‪ 543‬خالف ا م ا ي ذهب إلي ه الفق ه من أن‬

‫التحكيم لم ينظم إال بمقتض ى ق انون المس طرة المدني ة الص ادر في ‪ 28‬س بتمبر ‪ 1974‬كم ا‬

‫أن ه ذه الف ترة ع رفت إص دار ع دة نص وص تهتم ب التحكيم كظه ير ‪ 1942‬المتعل ق بمهن ة‬

‫الص حافة والس يما الفص لين ‪ 7‬و‪ 8‬ال ذين يمنح ان االختص اص في البت في ال نزاع المتعل ق‬

‫بفس خ عق د العم ل في المج ال الصحف ـ ـ ـــي واس ناد مس ألة التع ويض إلى لجن ة التحكيم ك ذلك‬

‫الحال في قوانين الشغل بمقتضى ظهير ‪ 1946‬وما أدخل عليه من تعديالت سنة ‪1947‬‬

‫‪.‬‬ ‫‪392‬‬

‫أما في عهد االستقالل فقد تطور التحكيم وعرف انتشارا ملحوظا واهتماما تشريعيا‬

‫وفقهي ا‪ ،‬فتع ززت الترس انة القانوني ة الخاص ة ب التحكيم حيث ص در ق انون المس طرة المدني ة‬

‫في ‪ 28‬س بتمبر ‪ 1974‬ال ذي خص ص للتحكيم الفص ول من ‪ 306‬إلى ‪ 327‬في الب اب‬

‫الثامن من القسم الخامس بعد إلغاء قانون المسطرة المدنية لسنة ‪ 1913‬غير أن هذا القسم‬

‫تشوبه بعض العيوب خصوصا أنه تحدث فقط عن التحكيم الوطني وأغفل أهم النقاط وهو‬

‫التحكيم ال دولي‪ ،‬م ع العلم أن المغ رب ك ان من الس باقين إلى المص ادقة على االتفاق ات‬

‫الدولية‪ ،‬وبالموازاة مع ذلك إزداد وعي المغرب بأهمية التحكيم وذلك ما دفعه إلى تكثيف‬

‫جهوده في هذا المجال من أجل اللحاق بركب التطور العلمي والتكنولوجي والقانوني الذي‬

‫يعرف ه الع الم‪ ،‬بحيث عم ل المش رع على تقويةعالقات ه التجاري ة والدولي ة عن طري ق إب رام‬

‫بعض االتفاقيات مثل اتفاقية تسوية منازعات االستثمار لسنة ‪ 1974‬والتي صادق عليها‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬ش عيبي الم ذكوري – االتف اق على التحكيم في ق انون المس طرة المدني ة – مجل ة المح اكم‬ ‫‪392‬‬

‫المغربيةالعدد ‪ 1974- 74‬ص ‪. 42‬‬

‫‪315‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫س نة ‪ 1975‬واالتفاقي ة الموح دة الس تثمار رؤوس األم وال العربي ة في ال دول العربي ة لس نة‬

‫‪ 1980‬واتفاقية الرباط للتعاون القضائي لسنة ‪ 1983‬واتفاقية عمان العربية بتاريخ ‪-4-4‬‬

‫‪ 1987‬باإلض افة إلى ذل ك وق ع المغ رب على الق انون النم وذجي للتحكيم التج اري ال دولي‬

‫بالص ادر س نة ‪ 1985‬كم ا ح رص على المش اركة والمس اهمة في العدي د من الن دوات‬

‫‪.‬‬ ‫‪393‬‬
‫واللقاءات والمؤتمرات التي أثارت إشكالية التحكيم‬

‫لم يهمل المشرع المغربي مؤسسة التحكيم عند إنشائه للمحاكم التجارية حيث نص‬

‫في الفق رة األخ يرة من الم ادة ‪ 5‬من ق انون إح داث ه ذه المح اكم على أن ه يج وز لألط راف‬

‫االتف اق على ع رض النزاع ات المبين ة أعاله وال تي أس ند اختص اص البت فيه ا للمح اكم‬

‫التجاري ة على مس طرة التحكيم وف ق أحك ام الفص ول ‪ 306‬إلى ‪ 327‬من ق انون المس طرة‬

‫المدنية إضافة إلى تعديل ‪ 2003‬المتعلق بمدونة الشغل ‪.‬‬

‫و مسايرة للتطور الذي تعرفه التشريعات المقارنة في مجال التحكيم عمل المشرع‬

‫المغ ربي على إص دار ق انون المس طرة المدني ة رقم ‪ 8‬لس نة ‪ 2005‬ويع دل بموجبه ه الب اب‬

‫الثامن من قانون المسطرة المدنية بحيث استدرك فيها الهفوات التي كانت تشوبه ‪.‬‬

‫إن الق انون الجدي د أتى بأش ياء جدي دة وج ادة تتج اوب بالتأكي د م ع معطي ات العم ر‬

‫الجدي د وت واكب التق دم الس ريع للتكنولوجي ا والعلم ونخص منه ا أن الق انون خص ص قس ما‬

‫بأكمل ه للتحكيم ال دولي إلى ج انب التحكيم ال داخلي أو الوط ني‪ ،‬لكن الس ؤال ال ذي يط ـ ـ ـــرح‬

‫وال ذي ل ه ارتب اط بموض وعنا‪ ،‬م ا موق ف التش ريعات الس الفة ال ذكر من التحكيم في العق ود‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬علي بن ناص ر بن علي الش يباني – المفه وم الق انوني للعق ود اإلداري ة في س لطنة عم ان‬ ‫‪393‬‬

‫واشكاليةة حمايتها القانونية – دراسة مقارنة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق طنجة السنة الجامعية ‪. 2012- 2011‬‬

‫‪316‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلداري ة ؟ فبخص وص ه ذه النقط ة يمكن الق ول أن ه ب الرغم من ص دور ق انون المس طرة‬

‫المدني ة لس نة ‪ 1974‬لم ينص على إمكاني ة اللج وء إلى التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫اإلداري ة‪ ،‬ب ل نص ص راحة في الفص ل ‪ 306‬على ع دم إمكاني ة االتف اق على التحكيم في‬

‫النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام‪ ،394‬ويستشف من هذا‬

‫أن س بب حظ ر التحكيم في العق ود اإلداري ة ومختل ف المنازع ات اإلداري ة يرج ع في نظ ر‬

‫المشرع المغربي وقتئد إلى اعتبار مثل هذه المنازعات التي تحكمها قواعد القانون العام‬

‫وتن درج ض من النظ ام الع ام ال ذي ال يج وز التحكيم بش أنه‪ ،‬لكن بص دور الق انون ‪05-08‬‬

‫السالف الذكر نص المشرع صراحة في الفصل ‪ 308‬على ما يلي ‪:‬‬

‫" يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين‬

‫أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ‪." ...‬‬

‫كما نص صراحة كذلك في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 31‬على ما يلي ‪ ... " :‬يمكن‬

‫أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات الترابية محل اتفاق‬

‫تحكيم"‪.‬‬

‫وفي الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 311‬نص ص راحة ك ذلك على م ا يلي‪" :‬يج وز‬

‫للمؤسس ات العام ة إب رام عق ود تحكيم وف ق اإلج راءات والش روط المح ددة من ل دن مج الس‬

‫‪ -‬ينص الفص ل ‪ 306‬على ‪ " :‬يمكن لألش خاص ال ذين يتمتع ون باألهلي ة أن يوافق وا على التحكيم في الحق وق ال تي‬ ‫‪394‬‬

‫يملكون التصرف فيها‪ ،‬غير أنه ال يمكن االتفاق عليه ‪:‬‬


‫‪ -‬الهبات والوصايا المتعلقة باألطعمة والمالبس والمساكن‪.‬‬
‫‪ -‬في المسائل المتعلقة بحالة األشخاص وأهليتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة ‪:‬‬
‫‪ -‬النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام ‪.‬‬
‫للمزيد من التفصيل راجع ‪ :‬محمد محجوبي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.287‬‬

‫‪317‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إدارته ا وتك ون االتفاق ات المتض منة لش روط تحكيم تحم ل مداول ة خاص ة يجريه ا مجلس‬

‫اإلدارة"‪.‬‬

‫و يالحظ من كل هذا أن المشرع المغربي تجاوز المنع الذي أقرته بعض تشريعات‬

‫المغرب المغربي على التحكيم الذي يكون أحد طرفيه شخصا معنويا عاما كما هو الشأن‬

‫بالنس بة للمش رع التونس ي‪ ،‬ال ذي نص ص راحة في الفق رة ‪ 5‬من الم ادة ‪ 7‬من المجل ة‬

‫التونس ية للتحكيم على م ا يلي ‪ " :‬ال يج وز التحكيم ‪ ...‬خامس ا ‪ :‬في النزاع ات المتعلق ة‬

‫بالدول ـ ـ ـ ـ ـ ـــة والمؤسس ات العمومي ة ذات الص بعة اإلداري ة والجماع ات المحلي ة إال إذا ك انت‬

‫هذه النزاعات ناتجة عن عالقات دولية اقتصادية كانت أو تجارية أو مالية وينظمها الباب‬

‫الثالث من هذه المجلة "‪.‬‬

‫و على هذا األساس يمكن القول وبكل اطمئنان أن المشرع المغربي خطا خطوات‬

‫شجاعة في إقرار التحكيم المذكور ألول مرة متجاوزا مختلف االنتقادات الموجهة لنظيره‬

‫‪.‬‬ ‫‪395‬‬
‫الفرنسي والمصري وغيرهما من التشريعات المقارنة العربية وغير العربية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬مساهمة التحكيم في فض منازعات بعض نماذج العقود اإلدارية‬

‫تنظم التش ريعات الحديث ة العالق ة بين القض اء والتحكيم لرس م أوج ه المساع ـ ـ ـ ـ ـ ـــدة‬

‫والم ؤازرة بينهم ا وم دى أحقي ة القض اء في الرقاب ة واإلش راف على إج راءات وق رارات‬

‫التحكيم بهدف إرساء الضوابط والمقومات التي تكفل حسن سير التحكيم وتحقي ـ ــق أغراضه‬

‫‪،‬و االتجاه الغالب في معظم تشريعات التحكيم الدولي الحديثة هو الحل الوسط بين مذهبي‬

‫التوسيع والتضييق من نطاق رقابة وإ شراف المحاكم على التحكيم‪ ،‬فالتحكيم اإلداري يس تند‬

‫‪ -‬محمد كرامي – القانون اإلداري التنظيم اإلداري‪ ،‬النشاط اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.282‬‬ ‫‪395‬‬

‫‪318‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫على مجموعة من المبادئ األساسية تعينه على تحقيق وظيفته في حسم المنازعات الناتجة‬

‫عن العق ود اإلداري ة في أق ل وقت وأدنى تكلف ة وبكف اءة عالي ة ومن أولى ه ذه المب ادئ ه و‬

‫حرية األطراف مع قدر أدنى من السلطة الرقابية للمحاكم على عمليــة التحكيم‪ ،‬وهذاالمبدأ‬

‫يعطي ألط راف التحكيم ق درا متس عا من الحري ة الختي ار الطريق ة ال تي يتم به ا التحكيم‬

‫ومك ان ووقت إجرائ ه وع دد المحكمين واختي ارهم والق انون ال ذي يتف ق على تطبيق ه على‬

‫التحكيم ‪.‬‬

‫لذا درجت الدول التي يقصر االذخار الوطني فيها وعائدات ثرواتها الطبيعية عن‬

‫الوف اء بالحاج ات الكب يرة ل رؤوس األم وال ال تي تس تلزمها خططه ا التنموي ة على انته اج‬

‫سياس ات من ش أنها العم ل على حف ز وتش جيع االس تثمارات األجنبي ة‪ ،‬وذل ك بتوف ير وتهيئ ة‬

‫المن اخ المناس ب ال ذي تتحق ق في ه أوج ه الض مان المختلف ة ض د المخ اطر السياسيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫واالقتصادية‪ ،‬والشك أن شرط التحكيم الدولي الذي يرمي إلى التخلص من هيمنة القضاء‬

‫الرس مي من أج ل تس وية المنازع ات ال تي تث ور أو ال تي يمكن أن تث ور بمناس بة تنفي ذ أو‬

‫تفسير عقود االستثمار يحتل مكانا هاما وبارزا في مجال هذه الضمانات ‪.‬‬

‫فالتحكيم اإلداري بات وسيلة مقنعة ووحيدة من وجهة نظر المتعاقد األجنبي لتسوي ــة‬

‫وفض منازعاته مع الدولة المتعاقد معها وقد تأكدت أهمية اللج وء إلى التحكيم اإلداري بعد‬

‫ص دور ق وانين العق ود اإلداري ة في كث ير من ال دول‪ ،‬حيث حرص ت ه ذه األخ يرة على‬

‫تضمين هذه القوانين مجموعة من المزايا والضمانات الكفيلة بتشجيع وجذب المستثمرين‬

‫األجانب إال أن هذه المزايا أو تلك الضمانات التي ينص عليها قانون الدولة والتي تشتمل‬

‫عليها العقود المبرمة معها تصبح نظرية محض مجرد وعود من جانب الدولة وآمال من‬

‫‪319‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ج انب المس تثمر‪ ،‬في غي اب وس يلة فعال ة ك التحكيم اإلداري ق ادرة على مراقب ة تنفي ذها‬

‫واإلش راف على تطبيقه ا وق ادرة عن د االقتض اء على إجب ار الدول ة المض يفة على اح ترام‬

‫تعهداتها ‪.‬‬

‫إن حماي ة العق ود اإلداري ة ال تش كل نهاي ة المط اف أو اله دف الوحي د فهي ليس ت إال‬

‫وسيلة لتحقيق سياسات التنمية االقتصادية للبالد فهذه األخيرة يجب أن تحظى باهتمام بالغ‬

‫األهمية ‪.‬‬

‫إن التحكيم اإلداري وتوظيفه لخدمة العالقات بين ال دول ال يجب أن يقتصر فحسب‬

‫على تش جيع االس تثمارات الخاص ة األجنبي ة‪ ،‬وإ نم ا يجب أن يتم من منظ ور المص لحة‬

‫المتبادلة للطرفين وهو ما يقتضي األخذ في االعتبار الطبيعة الخاصة لمنازعات االستثمار‬

‫الناتج ة عن العق ود اإلداري ة من لحظ ة إب رام اتف اق التحكيم ونف اذه م رورا باجراءات ه نهاي ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪396‬‬
‫باالعتراف وتنفيذ الحكم‬

‫ه ذا ونظ را ألن التحكيم يق وم أساس ا على إرادة أط راف ال نزاع فهم ال ذين يفض لون‬

‫اللج وء إلي ه على قض اء الدول ة ويح ددون المحكمين باالش تراك بينهم وعلى ق دم المس اواة‬

‫وهم الذين يحددون كذلك القانون الواجب التطبيق‪ ،‬وعليه فالتحكيم قد يترتب عليه استبعاد‬

‫القض اء اإلداري واس تبعاد الق انون ال واجب التط بيق على المنازع ات اإلداري ة يختل ف في‬

‫طبيعت ه وأحكام ه عن الق انون الم دني وغ يره من ف روع الق انون الخ اص األم ر ال ذي يمس‬

‫باألساس القانوني لنظريات القانون اإلداري ‪.‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪..363‬‬ ‫‪396‬‬

‫‪320‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أدى دخ ول الدول ة في مج ال المع امالت الدولي ة الخاص ة وتخليه ا عن دور الدول ة‬

‫الحارسة‪ ،‬باإلضافة إلى رغبتها في جذب رؤوس األموال األجنبية وايجاد فرص استثمار‬

‫على أرضها إلى ظهور التحكيم كوسيلة فعالة لحسم منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬فالمستثمر‬

‫األجن بي يح رص على إدراج ش رط التحكيم فيم ا يبرم ه من عق ود م ع الدول ة أو أح د‬

‫األش خاص المعنوي ة العام ة حرص ا على اله روب من المث ول أم ام القض اء الوط ني ال ذي‬

‫يشك في حياده ومن القانون الوطني الذي يجهل أحكامه ‪.‬‬

‫و العقود التي يبرمها الطرف األجنبي مع الدولة أو أحد أشخاص القانون العام قد‬

‫ته دف إلى اس تغالل ال ثروات الطبيعي ة أو إقام ة عملي ات دولي ة ك الطرق والجس ور‬

‫والمط ارات وكله ا مش اريع س واء أك انت مكمل ة بمش اريع ص ناعية وكهربائي ة أو ك انت‬

‫منف ردة‪ ،‬فه ذه المش روعات أص بحت تش كل ع امال اقتص اديا هام ا في حرك ة التج ارة‬

‫والتوظي ف بين ال دول ه ذا فض ال عن أن معظم الدراس ات االقتص ادية تتج ه الس تبعاد‬

‫االعتم اد كلي ة وبص فة كامل ة على ميزاني ة الدول ة والمس اعدات والمنح الخارجي ة‪ ،‬وال تي‬

‫ت ؤدي إلى ت راكم ال ديون وتعط ل أي محاول ة للتق دم االقتص ادي خاص ة م ع مغ االة ال دول‬

‫المقرضة في شروطها‪.397‬‬

‫و بن اء على ذلك اتجهت ال دول إلى االعتماد على المستثمرين الوطنيين واألجان ـــب‬

‫وإ قامة المشروعات الكبرى ومشروعات التنمية األساسية مستخدمة في ذلك نظام الب ـــوت‬

‫‪ B.O.T‬وذل ك إلنش اء وتش ييد وتش غيل ه ذه المش روعات دون تحمي ل ميزاني ة الدول ة ب أي‬

‫أعباء مالية مقابل حصول صاحب االمتياز على عائد االستثمارات لمدة محددة وبعدها يتم‬

‫إعادة المشروع للحكومة ‪.‬‬


‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬األسس العامة للعقود اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.364‬‬ ‫‪397‬‬

‫‪321‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لق د أظه رت االتجاه ات الحديث ة والتح والت ال تي عرفه ا الوض ع ال دولي االتج اه‬

‫المتزايد نحو العقود اإلدارية خاصة عقود األشغال العامة لدورها الفعال األمر الذي حتم‬

‫على تش ريعات العدي د من ال دول توف ير الض مانات والحق وق والمم يزات للمتعاق دين إلى‬

‫ج انب ه ذا تش كل عق ود ال تزام المراف ق العام ة وعق ود التوري د والب وت أهم أنم اط العق ود‬

‫األك ثر انتش ارا على المس توى ال دولي نظ را ل دورها الفع ال في التنمي ة االقتص ادية‬

‫واالجتماعية ‪.‬‬

‫و هك ذا وللمزي د من االيض اح س نعمل على تقس يم ه ذا المبحث إلى مجموع ة من‬

‫المطالب نتن اول في األول دور التحكيم في حل منازعات عقود األشعال العامة‪ ،‬ونتطرق‬

‫في الث اني إلى التحكيم في عق ود ال تزام المراف ق العام ة وفي الث الث س نعرج على التحكيم‬

‫ودوره في حل منازعات عقود التوريد أما الفرع األخير فسنخصصه لدور التحكيم في حل‬

‫منازعات البوت ‪.B.O.T‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬دور التحكيم في حل منازعات عقود األشغال العامة‬

‫عقد األشغال العامة هو اتفاق تبرمه اإلدارة مع فرد أو شركة للقيام ببناء أو ترميم‬

‫أو صيانة عقار لحساب شخص معنوي عام نظير مقابل يتفق عليه ضمن شروط التعاقد‪.‬‬

‫و ب ذلك ف إن له ذا العق د عناص ر ثالت تتمث ل في المح ل وال ذي يك ون دائم ا أعم اال‬

‫تتص ل بعق ار في ص ورة بن اء أو ت رميم أو ص يانة والمس تفيد من ه ذا العم ل وه و ش خص‬

‫معنوي عام والذي ال يشترط أن يكون مالكا للعقار محل التعاقد‪ ،‬والغاية من هذا العقد هو‬

‫‪322‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تحقيق نفع عام‪ ،‬وهذه العناصر هي ذاتها عناصر عقد األشغال العامة الدولية مع إضافة‬

‫‪.‬‬ ‫‪398‬‬
‫عنصر جديد إليها يتعلق بالمتعاقد مع اإلدارة والذي ينبغي أن يكون أجنبيا‬

‫و عق د األش غال العام ة ه و عق د إداري في جمي ع األح وال ح تى ول و لم يتض من‬

‫‪.‬‬ ‫‪399‬‬
‫شروطا استثنائية‬

‫و هكذا مع انعقاد كل عقد من عقود األشغال العامة تتولد مجموعة من الحقـ ـ ـ ـ ـــوق‬

‫وااللتزام ات فيم ا بين الش خص الع ام والمق اول ومجموع ة مق اولي الب اطن والبنـ ـ ـ ـ ـ ـــوك‬

‫والش ركات ال تي تنش أ بينهم ا وبين المق اول الرئيس ي والدول ة التزام ات متبادل ة وك ذلك‬

‫المهن دس االستش اري ال ذي يك ون مس ؤوال م ع المق اول عن س المة البن اء لم دة ‪ 10‬س نوات‬

‫تالي ة بحكم الم ادة ‪ 65‬من الق انون الم دني المص ري والم ادة ‪ 880‬من ق انون المع امالت‬

‫المدنية اإلماراتي ‪.‬‬

‫و لهذه االعتبارات فالنزاعات متوقعة الحدوث‪ ،‬بل البد من أن تحدث وبالتالي فال‬

‫ب د من وج ود آلي ة لفض تل ك المنازع ات وتك ون النزاع ات من ج انب المق اول ع ادة ح ول‬

‫ع دم كفاي ة الم دفوعات ال تي تس لمها حس ب نص وص العق د‪ ،‬أو ع دم س داد المب الغ اإلض افية‬

‫نظير اأّل عمال اإلضافية التي قام بها‪ ،‬أو االخالل بشروط الثبات إذ عادة ما يستغرق تنفيذ‬

‫العقد وقتا طويال ويشترط المقاول تثبيت مقدار الضرائب ورسوم الجمارك وأسعار بعض‬

‫الم واد الخ ام خالل ف ترة التنفي ذ واإلخالل به ذه الش روط ق د ي ؤدي إلى اختالل الت وازن‬

‫االقتصادي للعقد وهذا على سبيل المثال ‪.‬‬


‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2000‬ص‬ ‫‪398‬‬

‫‪. 122‬‬
‫‪ -‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة – دار الكتب القانوني ة‬ ‫‪399‬‬

‫مصر ‪ 2006‬ص ‪. 160‬‬

‫‪323‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا من حيث الدول ة فتك ون المنازع ة بخص وص الت أخير في إنج از العم ل أو‬

‫مواص فات الم واد أو األعم ال المعيب ة مثال يجب أن نض ع في اعتبارن ا أن ه بع د مراع اة‬

‫الض وابط مثال كالش رط المتوق ف علي ه التحكيم أي موافق ة ال وزير المختص أو من يق وم‬

‫مقام ه حس ب الق انون المص ري‪ ،‬فإن ه عن د ح دوث خالف أو ن زاع أثن اء تنفي ذ العق د يجب‬

‫‪.‬‬ ‫‪400‬‬
‫االستمرار في تنفيذ االلتزامات وإ حالة النزاع للتحكيم دون تعطيل نفاذ العقد‬

‫و ه ذه ض رورة تقتض يها على وج ه الخص وص طبيع ة عق د األش غال العام ة إذ أن‬

‫تعطيل العمل يفاقم حتما المشكالت ويؤدي إلى استحالة تنفيذ العقد أحيانا ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا فالقضاء لم يترك حرية اختيار المحكمين على إطالقها‪ ،‬فال يجوز أن‬

‫يكون المحكم خصما في النزاع‪ ،‬وتطبيقا لذلك ال يجوز للمهندس الذي أشرف على عملية‬

‫م ا تنفي ذا للعق د أو ق ام بإع دادها للتنفي ذ أن يك ون محكم ا في الخص ومة بين رب العم ل‬

‫والمقاول الذي نفذ العملية إذ أن المهندس بهذه المثابة يكون قد أشرف على عمل المقاول‪،‬‬

‫األمر الذي يكون به المهندس قد أضحى طرفا في النزاع المعروض عليه وذلك ما قررته‬

‫محكمة القضاء اإلداري المصرية‪.401‬‬

‫و في حكم آخر لمحكمة القضاء اإلداري المصرية فيما يتعلق بدعوى التحكيم رقم‬

‫‪ 52/1994‬حيث دفع الطاعن برد المطعون ضده الث اني رئيس هيئ ة التحكيم على سند من‬

‫نص المادة ‪ 146‬من قانون المرافعات المدنية‪ ،‬ألن المطعون ضده الثاني كان يعمل نائبا‬

‫لرئيس لجنة ويدخل ضمن المشروعات الخاضعة إلشرافه المشروع محل العقد موضوع‬
‫‪ -‬المادة ‪ 42‬من قانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬في شأن المناقصات والمزايدات المصري ‪.‬‬ ‫‪400‬‬

‫‪ -‬طعن رقم ‪ 4860‬لسنة ‪ 49‬قضائية غير منشور ‪.‬‬ ‫‪401‬‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬محم د عب د المجي د اس ماعيل عق ود األش غال الدولي ة والتحكيم فيه ا – منش ورات الحل بي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان ‪. 2003‬‬

‫‪324‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم وأنه ( أي المطعون ضده الثاني ) بصفته تلك قد قدم مذكرة للجهة المختصة تحمل‬

‫اقتراح ا من ه لح ل إح دى المش كالت ال تي ص ادفت تنفي ذ المش روع مح ل التحكيم وهي من‬

‫ضمن المسائل المثارة أمام هيئة التحكيم ‪.‬‬

‫و اس تنادا إلى نص الم ادة ‪ 146‬من ق انون المرافع ات على أن يك ون القاض ي غ ير‬

‫صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في األحوال اآلتية ‪:‬‬

‫" إذا كان قد أفتي أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك‬

‫قبل اشتغاله بالقضاء‪ ،‬أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما أو كان قد أدى‬

‫شهادة فيها "‪.‬‬

‫و رتبت الم ادة ‪ 147‬من نفس الق انون بطالن ك ل عم ل القاض ي في األح وال‬

‫المتقدمـ ــة ولو باتفاق الخصوم وقد ذكرت المحكمة ما يلي ‪.‬‬

‫و من حيث إن ه ولئن ك ان المش رع في ق انون التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة‬

‫المش ار إليه ا لم يح دد أس باب ع دم ص الحية المحكم أو األس باب ال تي تج يز رده إال أن ه‬

‫اشترط أال تقوم بالمحكم أسباب تثير شكوكا جدية حول حيدته واستقالله‪ ،‬باعتبار أن من‬

‫الضمانات األساسية في التقاضي هي وجوب أن تتوافر في القاضي أو المحكم الميل وعدم‬

‫الحيدة إلى أحد الخصوم‪ ،‬وأن يكون القاضي صالحا للفصل في النزاع المط روح عليه بأال‬

‫يكون له رأي سابق فيه سواء بصفته محاميا أو قاضيا أو محكما أو خبيرا أو شاهدا‪ ،‬وعلة‬

‫ذلك ظاهرة هي اطمئنان المتقاضي إلى قاضيه وحيدته وخلو ذهنه من الموضوع وتلك من‬

‫‪.‬‬ ‫‪402‬‬
‫األمور المسلم بها التي ال تحتاج إلى النص عليها‬

‫‪ -‬محمد عبد المجيد اسماعيل عقود األشغال الدولية والتحكيم فيها – منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان ‪. 2003‬‬ ‫‪402‬‬

‫‪325‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و خلص ت المحكم ة إلى ع دم خل و ذهن رئيس هيئ ة التحكيم المطع ون ض ده عن‬

‫الموضوع مما يستتبع عدم صالحيته للفصل في النزاع‪.403‬‬

‫إن ما أوردته المحكمة في تسبيبها لحكمها هو استكمال وتوضيح للتشريع المتعلق‬

‫بالتحكيم ال غنى عنه من أجل نمو الممارسة القانونية للتحكيم وتطورها ‪.‬‬

‫إلى جانب هذا البد من التعرض لما أفرزه التشريع والممارسة بشأن التحكيم فيما‬

‫يتعلق بعقود األشغال الدولية وما ينتج عنها من مشكالت قانونية‪ ،‬فإن ضخامة المشروعات‬

‫المطلوب تنفيذها تستتبع في كثير من األحيان أن يكون هناك متعاقد أجنبي‪ ،‬ومن هنا يكون‬

‫أط راف العق د م رتبطين ب أكثر من نظ ام ق انوني مم ا يجع ل عق د األش غال العام ة في ه ذه‬

‫الحالة عقدا دوليا ‪.‬‬

‫لكن طبيع ة عق ود األش غال الدولي ة وم ا ينش أ عنه ا من التزام ات أو حق وق قانوني ة‬

‫متشابكة تتطلب اختيار محكم ذي درجة عالية من الدراية‪ ،‬ونظرا لتعدد أطراف النزاع فق د‬

‫ال يتم االتفاق على محكم واحد وهذه صعوبة عملية‪ ،‬وإ ذا حاول األطراف تجاوزها بتعيين‬

‫محكمين مثال فقد ال يتفقون على المحكم الثالث أو ال يوافق عليه أحد المحكمين المختاري ــن‬

‫ويكون الحل في هذه الحالة هو وضع ش رط في اتف اق التحكيم بأن تق وم إحدى مؤسس ات‬

‫التحكيم بتعيين المحكم الثالث أو كل المحكمين ‪.‬‬

‫و قد يتسبب تعدد األطراف في النزاع بشأن عقود األشغال العامة الدولية في طرح‬

‫األشكال بطريقة أخرى‪ ،‬فإذا ما قاضت الدولة المقاول فإنه بدوره سوف يقاضي المقاولين‬

‫من الباطن‪ ،‬وهكذا يكون هناك عدة نزاعات تحتاج لعدة تحكيمات متفرقة وقد تصدر عنها‬

‫‪ -‬محمد عبد المجيد اسماعيل – مرجع سابق ص ‪. 459‬‬ ‫‪403‬‬

‫‪326‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أحك ام متض اربة‪ ،‬غ ير أن ح ل ذل ك يكمن في تجنب التحكيم المتع دد ووض ع ال نزاع أم ام‬

‫‪.‬‬ ‫‪404‬‬
‫جهة تحكيم واحدة‬

‫و في هذا المقام فقد أقر القضاء اإلنجليزي ذلك المبدأ في قضية تحكيم شركة أبو‬

‫ظبي للغاز‪ ،‬حيث تتلخص الوقائع في أن الشركة سالفة الذكر أقامت تحكيما ضد المقاول‬

‫وهو شركة أمريكية في عقد من عقود األشغال العامة بأبو ظبي بادعاء أن التنكات المنشأة‬

‫لحفظ الغاز كانت معيبة فأنكر المقاول األمريكي ذلك ونسب الخطأ إلى المقاول من الباطن‬

‫الياباني الجنسية ‪.‬‬

‫أق امت ش ركة أب و ظ بي تحكيم ا في لن دن أم ام محكم ف رد ض د الش ركة األمريكيـ ـ ـ ـ ـــة‬

‫( المقاول الرئيسي ) كما أقامت األخيرة تحكيما منفصال في لندن ضد المقاول من الباطــن‪،‬‬

‫وق د رأت محكم ة االس تئناف بالمملك ة المتح دة أن ه ال يمكن ض م التحكيم لينظ ر س ويا في‬

‫نزاع واحد‪ ،‬دون رضا األطراف إذ أن الرضا هو أحد أهم عناصر التحكيم ‪.‬‬

‫إال أن المق اول األم ريكي تق دم بطلب إلى المحكم ة لتع يين محكم ف رد ليق وم بحس م‬

‫ال نزاعين بحكم واح د ف انتهت المحكم ة إلى حس م األم ر بتحكيم واح د تالفي ا لتضــارب‬

‫‪.‬‬ ‫‪405‬‬
‫األحكام‬

‫إن تع دد األط راف ق د يول د مش كلة أك ثر تعقي دا عن دما تك ون مص الح األط راف‬

‫المتعددة متعارضة‪ ،‬وذلك حين يتمسك كل طرف بتعيين محكم من جانبه ‪.‬‬

‫‪ -‬راجع الموضوع ‪ :‬عبد اهلل حمد عمران الشامسي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.213‬‬ ‫‪404‬‬

‫‪405‬‬
‫‪- Lioyds Rep 1892 – 425-427 .‬‬
‫‪ -‬أورده محمد عبد المجيد اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 459‬‬

‫‪327‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و قد ظهرت هذه المشكلة أكثر صعوبة فيما يسمى بعقود الكونسورتيوم والتي تقوم‬

‫بتنفي ذ المش روع فيه ا أك ثر من ش ركة‪ ،‬فق د ينش أ ال نزاع بين ش ركة وأخ رى أو بينه ا وبين‬

‫رب العم ل وبعض المق اولين من الب اطن‪ ،‬وق د تتف ق مص لحة ط رفين في حين تك ون‬

‫معارض ة لمص الح بقي ة أط راف ال نزاع‪ ،‬فكت ون المش كلة في كيفي ة تش كيل هيئ ة تحكيم‬

‫يختاره ا ك ل المتن ازعين ويك ون فيه ا أك بر ق در من المس اواة والعدال ة بين األط راف‬

‫‪.‬‬ ‫‪406‬‬
‫المتنازعة في اختيار المحكمين‬

‫و في قض ية مش هورة هي قض ية ( ‪ ) DUTCO‬تتلخص وقائعه ا في أن ش ركة‬

‫‪ BKMI‬وهي ( ألماني ة ) دخلت في اتف اق كونس ورتيوم م ع ش ركة ألماني ة أخ رى هي‬

‫‪ SIEMENS‬وشركة ‪ DUTCO‬لتنفيذ عقد اإلنشاء مصنع اسمنت لرب عمل من سلطنة‬

‫عم ان‪ ،‬وق د ج اء بن د التحكيم في العق د ب أن يحس م ال نزاع بين األط راف عن طري ق قواع د‬

‫التحكيم الخاص ة بغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس عن طري ق ثالث ة محكمين‪ ،‬وبالفع ل وق ع‬

‫خالف بين ‪ DUTCO‬من ناحية والشركتين األخيرتين من ناحية أخ رى وعينت ‪DUTCO‬‬

‫محكما عنها واعترضت الشركتان األخيرتان وطالبتا بأن يقام تحكيم ضد كل منهما على‬

‫ح دة‪ ،‬فطلبت غرف ة التج ارة بب اريس من الش ركتين تع يين محكم واح د لهم ا‪ ،‬فقبلت ا م ع‬

‫االحتف اظ بحقوقه ا‪ ،‬وأص درت هيئ ة التحكيم المش كلة حكم ا تمهي ديا فح واه أن ه حس م ال نزاع‬

‫عن طري ق تحكيم متع دد األط راف ‪،‬ألن ش رط التحكيم أش ار إلى غرف ة التج ارة الدولي ة (‬

‫‪ ) ICC‬بصفة عامة ولم يستثن من التحكيم متعدد األطراف‪ ،‬كما يجوز أن يتم حس م ال نزاع‬

‫بتحكيم متع دد األط راف وأث ار الحكم التمهي دي ألس باب أخ رى ت دعم ذل ك‪ ،‬وهن ا لج أت‬

‫‪406‬‬
‫‪- Lioyds Rep 1892 – 427 .‬‬
‫‪ -‬أورده محمد عبد المجيد اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 460‬‬

‫‪328‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الش ركتان ‪ SIMENS – BKMI‬لمحكم ة اس تئناف ب اريس متظلم تين من حرمانهم ا من‬

‫تعيين محكم خاص لكل شركة منهما على حدة‪ ،‬وقدد أيدت محكمة االستئناف قرار هيئة‬

‫التحكيم إال أن محكمة النقض الفرنسية قررت أن مبدأ المساواة بين أطراف النزاع هو من‬

‫أمور النظام العام وأن الحق في المساواة ال يمكن التنازل عنه قبل نشوب النزاع وإ نما بع د‬

‫نشوب النـ ــزاع‪ ،‬وأن حكم محكمة االستئناف بباريس قد تضمن خرقا لمبدأ المساواة ‪.‬‬

‫أم ا فيم ا يتعل ق بحي اد المحكمين فق د أجمعت تش ريعات المنظم ات المتع ددة للتحكيم‬

‫مث ل اليونس ترال وغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس ومحكم ة لن دن للتحكيم ال دولي وق وانين‬

‫التحكيم في ع دد من البل دان األوربي ة على ض رورة حي اد المحكمين وج رى التط بيق‬

‫باستبعاد المحكم ورده متى قامت شكوك في حياده ‪.‬‬

‫و اس تنادا إلى م ا س بق ن رى ض رورة األخ ذ بمب دأ حي اد المحكمين وأن تتج ه‬

‫المنظم ات التحكيمي ة إلى تك ريس مب دأ المس اواة في اختي ار المحكمين عن د تع دد األط راف‪،‬‬

‫وربم ا ك ان االتج اه إلى تحكيم محكم ف رد أق رب إلى الص واب في مث ل ه ذه األح وال م ا لم‬

‫‪.‬‬ ‫‪407‬‬
‫يتولد عن النزاع تطابق مصالح بعض أطرافه‬

‫إن مش كلة اختي ار المحكمين في منازع ات عق ود األش غال العام ة والتعقي دات ال تي‬

‫يولدها تضارب وتطابق المصالح قد جعلت غرفة التجارة الدولية بباريس تضع حال مفاده‬

‫أن تق وم محكم ة التحكيم الدولي ة بتع يين المحكمين دون أن يك ون ألي ط رف س لطة‬

‫تعيينهـ ـ ـ ـ ــم وحبذت ذلك في عقود األشغال الدولية ‪.‬‬

‫‪ -‬محمد عبد المجيد اسماعيل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 460‬‬ ‫‪407‬‬

‫‪329‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و هك ذا وعلى ض وء اإلش كاالت العملي ة ال تي فرض ها الواق ع في منازع ات عق ود‬

‫األش غال العام ة‪ ،‬فإن ه يجب عن د ص ياغة ش رط التحكيم يجب أن ي راعى تحدي د جه ة تق وم‬

‫بتعيين المحكمين‪ ،‬وتزداد الحاجة إلى ذلك كلما كان من المتوقع أن يكون عدد المتنازعين‬

‫كبيرا كي نتفادى عند وقوع النزاع صعوبة تعيين المحكمين ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التحكيم في عقود التزام المرافق العامة‬

‫يعت بر ال تزام المراف ق العمومي ة من أهم العق ود اإلداري ة ال تي يتم تنظيمه ا بم وجب‬

‫ق انون يح دد موض وع عق د االل تزام ال ذي ق د يتخ ذ إح دى الص ورتين ‪ :‬األولى ‪ :‬أن يك ون‬

‫موضوع االلتزام إنشاء منشآت عامة واستغاللها كالموانئ واألنفاق والطرق ذات الرسوم‬

‫مقاب ل تحص يل رس م معين من مس تغلي ه ذه المنش آت ط وال م دة االمتي از‪ ،‬والثاني ة ‪ :‬أن‬

‫يك ون موض وع االمتي از إدارة مرف ق ع ام وتق ديم خ دمات من خالل ه للجمه ور لتوزي ع‬

‫‪.‬‬ ‫‪408‬‬
‫المـ ـ ـ ـ ـ ــاء والكهرباء والنقل العام‬

‫و في المملك ة المغربي ة نش أت فك رة االمتي از عن م ذهب االقتص اد الح ر ال ذي ك ان‬

‫س ائدا في فرنس ا وال ذي س اعد الدول ة على منح ع دة امتي ازات في قطاع ات مختل ف ذات‬

‫طابع اقتصادي كالنقل السككي‪ ،‬وتوزيع الغازو الكهرباء والتزويد بالماء الصالح للشرب‪،‬‬

‫وبعد األزمة االقتصادية لسنة ‪ 1929‬والحرب العالمية الثانية صدرت عدة قوانين تحد من‬

‫س يطرة الرأس مالية‪ ،‬وتس جل تراجع ا في تس يير المراف ق العام ة بأس لوب االمتي از‪ ،‬وهك ذا‬

‫نهجت الدولة سياسة تأميم الكثير من االمتيازات كرد فعل إلحتكار بعض األنشطة الحيوية‬

‫من لدن الرأسمال الخاص ‪ .‬هذا ومع توقيع اتفاقية الجزيرة الخضراء سنة ‪ ،1906‬عملت‬

‫‪ -‬ماج د بن س الم بن س عيد الس عيدي – العق ود اإلداري ة في س لطنة عم ان وفي التش ريع المق ارن‪ ،‬أطروح ة لني ل‬ ‫‪408‬‬

‫الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة الموسم الجامعي ‪ 2012 – 2011‬ص ‪. 86‬‬

‫‪330‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫السلطات العمومية على منح االمتيازات المرفقية إلى األجانب‪ ،‬ومع توقيع معاهدة الحماية‬

‫في ‪ 30‬مارس ‪ 1912‬م‪ ،‬فقدت الحكومة المغربية سلطتها في إبرام عقود االمتي از المتعلق ة‬

‫بتسيير المرافق العامة‪ ،‬حيث ال يمكن لها بأي شكل من األشكال إبرام االمتياز دون طلب‬

‫ت رخيص من الحكوم ة الفرنس ية ‪ .‬وبع د االس تقالل ق امت الس لطات المغربي ة باس ترجاع‬

‫مختل ف االمتي ازات ال تي ك انت في ح وزة األج انب‪ ،‬كم ا ق ررت الس ماح للقط اع الخ اص‬

‫بتسيير بعض االمتيازات المرفقية المتعلقة بالنقل الحضري للتخفيف من حدة األزمة التي‬

‫يعرفها قطاع النقل وخاصة في المدن الكبرى‪.‬‬

‫و في دول ة اإلم ارات فهن اك ل وائح عام ة تعم ل على تنظيم المراف ق العام ة‪ ،‬وهن اك‬

‫أيضا الشروط االئحية التي يتضمنها العقد اإلداري‪ ،‬فاللوائح العامة تضعها السلطة التنفيذية‬

‫بقص د إنش اء وتنظيم المراف ق العام ة‪ ،‬كم ا تض ع السياس ة ال تي تض من س يرها بانتظـ ـ ـ ـ ـ ـــام‬

‫واض طراد س عيا لتحقي ق المص لحة العام ة م ع أن الدس تور االتح ادي اإلم اراتي لم ينص‬

‫ص راحة على اختص اص الس لطة التنفيذي ة بإص دار ل وائح خاص ة بإنش اء وتنظيم المراف ق‬

‫العام ة‪ ،‬ولكن يمكن اس تخالص س ندها من نص الم ادة " ‪ 60‬فق رة ‪ " 5‬من الدس تور وال تي‬

‫تقض ي باختص اص مجلس ال وزراء االتح ادي بوض ع الل وائح الخاص ة بترتيـ ـ ـ ـــب اإلدارات‬

‫وبمقتض ى ه ذا النص الدس توري يختص مجلس ال وزراء االتح ادي‬ ‫‪409‬‬
‫والمص الح العام ة‬

‫بإصدار لوائح تنظيم المرافق العامة كتشريع أصيل وليس تنفيذا لقانون قائم ‪.‬‬

‫‪ -‬نواف كنعان – مبادئ القانون اإلداري وتطبيقاته في دولة اإلمارات العربية المتحدة الشارقة النش ر العلمي ‪2001‬‬ ‫‪409‬‬

‫ص ‪. 123‬‬

‫‪331‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و كما سبقت اإلشارة إلى ذلك فإن هناك بعض القوانين التي تنظم العمل في بعض‬

‫العقود اإلدارية في دولة اإلمارات‪ ،‬كعقود األشغال العامة والتوريد والتي تعمل على إنشاء‬

‫المرافق العامة‪ ،‬ولكن لم يذكر بصفة مستقلة عقود التزام المرافق العامة ‪.‬‬

‫لذلك وحيث ال يوجد قانون ينظم العمل على هذا المشروع فمن الطبيعي أن تطبق‬

‫عليه األحكام الواردة في شأن العقود اإلدارية األخرى ‪.‬‬

‫أم ا من حيث منازعات ه‪ ،‬فم ع ع دم وج ود قض اء إداري مس تقل يمكن من خالل‬

‫األحك ام الص ادرة عن ه إرس اء نظري ة تحكم العق ود اإلداري ة‪ ،‬فيجب تط بيق م ا اس تقر علي ه‬

‫وج رى العم ل ب ه في دول القض اء الم زدوج على تل ك المنازع ات وم ا ص در عنه ا من‬

‫أحك ـ ـ ـ ـ ـ ــام ومبادئ‪ ،‬وذلك عند صعوبة تطبيق أحكام القانون المدني عليها ‪.‬‬

‫أم ا بخص وص التحكيم في ه ذا الن وع من العق ود‪ ،‬فيمكن أن نس تدل بعق ود الب ترول‬

‫حيث أن ه لم ا ك انت ه ذه األخ يرة متص لة مباش رة بمص الح الدول ة العلي ا التص اله بموارده ا‬

‫الطبيعية‪ ،‬وجب تصنيفها ضمن عقود االلتزام وترتيب النتيجة القانونية المترتبة على ذلك‬

‫أال وهي اشتراط موافقة الوزير على شرط التحكيم فيها بل إننا نميل إلى أن تشترط موافقة‬

‫مجلس ال وزراء كم ا ارتآه ا بعض الفقه اء‪ ،‬وذل ك ألن ش رط أو مش ارطة التحكيم تحت وي‬

‫عادة تفاصيل تشمل فيما تشمل القانون الواجب التطبيق على عقد االمتياز نفسه في حالة‬

‫ال نزاع فتحدي د الق انون ال واجب التط بيق ووض ع الض مانات داخ ل ش رط التحكيم على‬

‫االحتكام إلى ضوابط قانونية معقولة وعادلة عند النزاع تحتاج إلى عناية رفيعة المستوى‬

‫‪.‬‬ ‫‪410‬‬
‫من جان ــب الدولة‬

‫‪ -‬نواف كنعان – مبادئ القانون اإلداري وتطبيقاته في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 123‬‬ ‫‪410‬‬

‫‪332‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لعل ه من المفي د في ه ذا الص دد أن نش ير إلى التط بيق التحكيمي المتعل ق بقض ية‬

‫وما يمكن أن يستخلص منه من عبر ‪.‬‬ ‫‪411‬‬


‫تحكيم أبو ظبي عام ‪ 1951‬م‬

‫و تتلخص وقائع هذه القضية في أن حاكم أبو ظبي قد منح امتيازا بتروليا في سنة‬

‫‪ 1939‬لشركة انجليزية تدعى شركة تنمية البترول المحدودة للبحث والتنقيب عن البتـ ــرول‬

‫واستغالله في االقليم البري التابع لسلطته وكذلك في الجزر والمياه اإلقليمية التابعة له ‪.‬‬

‫و لم ا ش رع الش يخ ح اكم أب و ظ بي في منح امتي از ب ترولي للبحث والتنقيب عن‬

‫البترول واستغالله في منطقة الجرف القاري لشركة بترولية أخرى‪ ،‬نازعت شركة تنمية‬

‫الب ترول المح دودة في ذل ك على أس اس أن امتيازه ا الم برم في ‪ 1939‬يش مل أيض ا منطق ة‬

‫الج رف الق اري‪ ،‬وتطبيق ا لش رط التحكيم ال وارد في العق د تم اللج وء إلى التحكيم وتع يين "‬

‫اللورد اسكويت " محكما وحيدا للفصل في القضية ‪.‬‬

‫و لما لم يكن العقد المبرم بين شركة تنمية البترول وحاكم أبو ظبي يتضمن نصا‬

‫صريحا وواضحا يحدد القانون الواجب التطبيق على العقد‪ ،‬فقد أصبح على المحكم البحث‬

‫عن النظ ام الق انوني الوط ني واجب التط بيق‪ ،‬وأك د المحكم على أن " األم ر يتعل ق بعق د تم‬

‫إبرام ه في أب و ظ بي ويجب أن ينف ذ بالكام ل في ه ذا البل د‪ ،‬ف إذا ك ان هن اك ق انون داخلي‬

‫واجب التط بيق فيجب من أول وهل ة أن يك ون ق انون أب و ظ بي‪ ،‬لكن رفض المحكم األخ ذ‬

‫به ذه النتيج ة ال تي توص ل له ا وال تي يجب األخ ذ به ا طبق ا لقواع د اإلس ناد المتعلق ة ب العقود‬

‫ذات الط ابع ال دولي في الق انون ال دولي الخ اص‪ ،‬وب رر رفض ه بعب ارات ال تكش ف إال عن‬

‫جهله وخلو ذهنه عن أحكام الشرع اإلسالمي بالكامل قائال ‪ " :‬إنه ال يوجد نظام قانوني‬

‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي – الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‬ ‫‪411‬‬

‫القاهرة ‪ 2003‬ص ‪. 125‬‬

‫‪333‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫داخلي بأبو ظبي‪ ،‬ألن الشيخ يمارس عدالة تقديرية محضة مستعينا بالقرآن‪ ،‬وأنه ال يوجد‬

‫في ه ذا اإلقليم الب دائي مجموع ة من المب ادئ القانوني ة واجب ة التط بيق عن أدوات التج ارة‬

‫الحديثة "‪.‬‬

‫و اتجه بعد أن استبعد القانون واجب التطبيق إلى ما أسماه " المبادئ الراسخة في‬

‫العقل السليمم والممارسة المشتركة في األمم المتحضرة كنوع من القانون الطبيعي الحديث‬

‫" واتخ ذ ذل ك س بيال إلى تط بيق الق انون االنجل يزي ( ق انون الش ركة المتعاق دة ) على‬

‫موضوع العقد‪ ،‬هكذا طبق هذا المحكم ذوقه وأفكاره الشخصية ومنظوره الشخص‪ ،‬فهو ال‬

‫ي رى في أحك ام الش ريعة اإلس المية نظام ا قانوني ا ألن ه يجهله ا وت ربى على النظم القانوني ة‬

‫الغربيـ ـــة‪ ،‬وه و ال ي رى من الحض ارات إال حض ارة أورب ا ويعت بر م ا س واها أمم ا غ ير‬

‫متحضرة‪ ،‬وال يرى العقل السليم إال في العقل األوربي ‪.‬‬

‫و حتى ال تحدث مثل هذه النتائج الوخيمة‪ ،‬فإن المطلوب أن تولي الدولة ش ـ ـــروط‬

‫ومش ارطات التحكيم عناي ة رفيع ة المس توى‪ ،‬وأن تص اغ تفاص يلها بم ا يحف ظ المص الح‬

‫الوطنية العليا‪ ،‬وتكون المحصلة أن اشتراط موافقة الوزير ال تكفي كعمام يدرأ ما اتضح‬

‫من المخاطر‪.‬‬

‫إن اله دف األساس ي من إدراج ش رط التحكيم في عق ود الب ترول من وجه ة نظ ر‬

‫وذل ك‬ ‫‪412‬‬
‫المس تثمر األجن بي ه و إض فاء ط ابع المعاه دات الدولي ة على العق ود البترولي ة‬

‫بهدف استبعاد اختصاص المحاكم الوطنية فضال عن استبعاد تطبيق أحكام القانون الوطني‬

‫على هذه العقود لذا فإنه يجب على الدولة المضيفة أن تتوخى الحذر والحيطة عند إدراج‬

‫‪ -‬محم د طلعت الغ نيمي – التحكيم في اتفاقي ات الب ترول – مجل ة الحق وق للبح وث القانوني ة واالقتص ادية – الع ددان‬ ‫‪412‬‬

‫األول والثاني – السنة ‪ 10‬كلية الحقوق جامعة االسكندرية ‪ 1971 – 1970‬ص ‪. 10‬‬

‫‪334‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ش رط التحكيم في عقوده ا‪ ،‬وأن تتالقى اإلص الحات ال تي ق د يتعم د المس تثمر األجن بي‬

‫إدراجها في عقود البترول تحقيقا لهدفه في تدويل هذه العقود ‪.‬‬

‫و تتمث ل ه ذه المص طلحات على س بيل المث ال في اص طالح اتفاقي ات الب ترول‪ ،‬فه ذا‬

‫االصطالح يستخدم في مجال القانون الدولي العام في االتفاقيات بين الدول وليس للتدليل‬

‫على عقد بين دولة وشخص أجنبي وأيضا وما يشار إليه في بعض عقود البترول من أنه‬

‫سوف يتم تنفيذها وفقا للمبادئ القانونية المتعارف عليها في األمم المتمدنة‪ ،‬فهذه المبادئ‬

‫أح د مص ادر الق انون ال دولي الع ام والي تخ رج عن نطاق ه عق ود الب ترول وال تي يجب أن‬

‫تخضع لقانون الدولة المضيفة ‪.‬‬

‫و نظ را لدق ة ه ذه المس ألة وحرص ا على المص لحة العام ة لل دول مح ل االس تثمار‪،‬‬

‫فيجب أن يتم تحدي د نط اق المس ائل ال تي تخض ع للتحكيم في ه ذه العق ود بدق ة واي راد‬

‫التحفظ ات على المسائل ال تي ترى أنه ا تتعل ق بالمص الح الحيوي ة للبالد‪ ،‬وال تي في اللجوء‬

‫بشأنها للتحكيم مساسا بمصالح البالد وسيادتها ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التحكيم ودوره في حل منازعات عقود التوريد‬

‫عق د التوري د ه و ذل ك العق د ال ذي يتعه د بمقت اه أح د األف راد أو إح دى الش ركات‬

‫الخاص ة بتوري د س لع أو أجه زة معين ة لحس اب ش خص معن وي ع ام مقاب ل ثمن معين يتف ق‬

‫عليه فـــي العقد‪ ،‬ويهدف لتحقيق مصلحة عامة مثل توريد مالبس لجنود القوات المسلحة‬

‫وللشرطة أو توريد مواد غذائية للمدارس والمستشفيات‪.413‬‬

‫‪ -‬ناصر عبد اهلل بن عيسى الناعبي – مرجع سابق ص ‪. 151‬‬ ‫‪413‬‬

‫‪335‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و على هذا يتضح أن موضوع عقد التوريد يجب أن يكون أشياء منقولة‪ ،‬فال يمكن‬

‫أن يك ون محل ه عق ارا‪ ،‬كم ا أن ه ذه العق ود تنتفي عنه ا الص فة اإلداري ة م ا لم تت وفر فيه ا‬

‫الشروط المعتد بها كمعيار للعقود اإلدارية‪ ،‬حيث يمكن لإلدارة أن تتبنى عقود توريد في‬

‫ظ ل أحكـــام وقواع د الق انون الخ اص‪ ،‬وال تي تكتس ي ص بغة العق دالعادي وليس العق د‬

‫اإلداري ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أن عقد التوريد ال يكون دائما إداريا مثل عقود األشغال العامـ ـ ـ ـــة‬

‫واالل تزام‪ ،‬إذ يعتم د تص نيفه ك ذلك على ت وافر ش روط العق د اإلداري المتمثل ة في أن تك ون‬

‫اإلدارة طرف ا في ه‪ ،‬واتص اله بمرف ق ع ام واحتوائ ه على الش روط غ ير المألوف ة في الق انون‬

‫الخاص كما أسلفنا‪ ،‬لكن متى توافرت تلك الشروط فإن عقد التوريد اإلداري قد يكون على‬

‫درج ة من الخط ورة تض اهي م ا ذكرن اه بش أن عق دي االل تزام واألش غال العام ة عن د تعلق ه‬

‫بم واد حربي ة أو أغذي ة للق وات المس لحة أثن اء الح رب أو توري د المس تلزمات الطبي ة مثال‪،‬‬

‫مما يجعل جواز التحكيم فيه يستدعي نفس درجة الحذر التي تحدتنا عنها سلفا‪ ،‬ويضعنا‬

‫أمام التخوف من أن تسلب اإلدارة ميزاتها التي تتميز بها في العقد اإلداري‪.414‬‬

‫و رغم أن ه من التطبيق ات ال تي ج رت بش أن عق ود التوري د أم ام مرك ز الق اهرة‬

‫اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي نالحظ التأكيد على السمات المميزة للقواعد القانونية التي‬

‫تحكم تنفيذ العقد اإلداري ‪.‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – التحكيم في العقود اإلدارية – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2005‬ص ‪. 119‬‬ ‫‪414‬‬

‫‪336‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كم ا نالح ظ في القض ية رقم ‪ 52/94‬الص ادر حكم المحكمين به ا بتاري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــخ ‪-17‬‬

‫أن الحكم ق د أك د على م ا قررت ه المحكم ة اإلداري ة العلي ا بش أن ش رط أعم ال‬ ‫‪415‬‬
‫‪1995-7‬‬

‫نظري ة الظ روف الطارئ ة‪ ،‬وه و أن يك ون الظ رف الط ارئ من ش أنه أن يلح ق بالمتعاق د‬

‫خس ارة فادح ة اس تثنائية تج اوز الخس ائر العادي ة المألوف ة في التعام ل بحيث ي ترتب عليه ا‬

‫قلب اقتص اديات العق د رأس ا على عقب‪ ،‬كم ا أك د على م ا قررت ه الجمعي ة العمومي ة للقس م‬

‫االستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة في فتواها رقم ‪ 941‬جلسة ‪ 3‬نوفمبر ‪1964‬‬

‫بخصوص معيار الخسارة الجسيمة االستثنائية غير المألوفة ‪.‬‬

‫و يمكن الق ول إن ه ب ذلك ق د استص حب القواع د الموض وعية للفص ل في منازع ات‬

‫العقود اإلدارية‪ ،‬ورغم ذلك فإن التخوف من أن يمتنع على اإلدارة أن تمارس ما تمتاز به‬

‫في العق د اإلداري‪ ،‬ي أتي من خالل نص وص التش ريعات المنظم ة للتحكيم في مص ر ودول ة‬

‫اإلم ارات‪ ،‬كم ا أن ه ي أتي من أحك ام مراك ز التحكيم الدولي ة وال تي م ا ف تئت تص در األحك ام‬

‫التي تسلب النظم القانونية الوطنية حاكميتها على الموضوعات مثار التحكيم ‪.‬‬

‫فمن ناحية التشريعات نأخذ مثال المادة السادسة من قانون التحكيم المصري والتي‬

‫تنص على أنه ‪ " :‬إذا اتفق طرفا التحكيم على إخضاع العالقة القانونية بينهما ألي اتفاقية‬

‫دولي ة أو وثيق ة أخ رى وجب العم ل بأحك ام ه ذه الوثيق ة‪ ،‬بم ا تش مله من أحك ام خاصـــة‬

‫بالتحكيم " فهذا النص في رأي بعض الفقهاء يعطل تطبيق كل قواع د التحكيم المص رية بما‬

‫فيها القواعد اآلمرة كشرط كتابة اتفاق التحكيم أو تحديد عدد المحكمين أو القواعد الخاصة‬

‫‪ -‬محيي الدين اسماعيل علم الدين – أحكام مركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم التجاري الدولي – دار النهضة العربية‬ ‫‪415‬‬

‫‪ 2003‬ص ‪. 146‬‬

‫‪337‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بض مانات التقاض ي‪ ،‬مم ا يس اعد على تط بيق أحك ام دولي ة ق د ال ت راعي المص الح العام ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪416‬‬
‫بالداخل‬

‫و من ناحي ة أحك ام مراك ز وهيئ ات التحكيم الدولي ة‪ ،‬فإنه ا مس تقرة على ع دم ج واز‬

‫تمسك الدولة بحصانتها القضائية في حالة موافقتها على شروط التحكيم‪ ،‬كما تقرر في حكم‬

‫محكم ة التحكيم بغرف ة التج ارة الدولي ة‪ ،‬كم ا أن ع دم موافق ة الس لطات المختص ة في الدولة‬

‫على التحكيم ال يص لح س ببا للتمس ك ب ه في مواجه ة الط رف اآلخ ر في التحكيم إذا ك ان‬

‫األخير لم يحط علما بذلك عند التعاقد‪ ،‬كما أنه ال يجوز للدولة التنصل من اتفاق التحكيم‬

‫باإلسناد لتعديل الحق في تشريعاتها يبطل اتفاق التحكيم‪.417‬‬

‫و م ع أن ه يمكن االمتن اع عن تنفي ذ حكم المحكمين أم ام القض اء الوط ني إذا ك ان‬

‫يخالف النظام العام‪ ،‬وهذا ما تقرره المادة ‪ 5‬البند ‪ 2‬من اتفاقية نيوي ورك‪ ،‬فإن ه ال يمكن أن‬

‫يك ون ه ذا عالج ا ش افيا ل ذلك اإلش كال ب ل الب د من تك ريس ش رط الموافق ة المس بقة على‬

‫التحكي ـ ـ ـ ــم ومعالجة العيوب التشريعية ‪.‬‬

‫ه ذا وتجب اإلش ارة إلى أن بعض تطبيق ات التحكيم على عق د التوري د ق د تن اولت‬

‫خصائص ه فأك دت عليه ا‪ ،‬فف رق حكم مرك ز الق اهرة االقليمي للتحكيم التج اري ال دولي بين‬

‫عقد البيع العادي وعقد التوريد قائال ‪ :‬إن عقد التوريد وعقد البيع يتفقان في اشتمال كل‬

‫منهم ا على ب ائع ومش تر ومح ل ه و المنق ول الم بيع لكنهم ا يختلف ان في م دة العق د وكيفي ة‬

‫تنفيذه‪ ،‬ففي عقد البيع يكون البيع لسلعة محددة على صفقات أو شحنات حسب قدر المبيع‬
‫‪ -‬أحم د عب د الك ريم س المة – التحكيم التج اري ال دولي ال داخلي – الطبع ة األولى دار النهض ة العربي ة ‪ 2004‬ص‬ ‫‪416‬‬

‫‪.247‬‬
‫‪ -‬نجالء حس ن س يد أحم د خلي ل – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة – دار النهض ة العربي ة الق اهرة ‪ 2004‬ص‬ ‫‪417‬‬

‫‪. 452‬‬

‫‪338‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫في سقفــه األعلى‪ ،‬أما عقد التوريد فيكون لسلعة محددة على صفقات أو شحنات حسب ق در‬

‫المبيع في سقفه األعلى‪ ،‬أما عقد التوريد فيكون لسلعة بمقدار متفق عليه أو قابل للتحديد‬

‫حس ب إرادة المش تري وبق در حاجات ه على ف ترات معين ة ومح ددة بآج ال متف ق عليه ا‪،‬‬

‫ومتعارف عليها‪ ،‬فهو عقد من عقود المدة يكون سقفه األعلى هو الزمن على عكس عقد‬

‫البيع ‪.‬‬

‫و يستنتج مما سبق خصوصا حول التحكيم في عقود التوريد‪ ،‬أن التحكيم ضرورة‬

‫البد منها ولكنه سالح ذو حدين‪ ،‬فتطور وتوسع النشاط االقتصادي والتنموي يتطلب إج ازة‬

‫التحكيم‪ ،‬لكن البد من الحذر وعدم تعويض األشخاص العامة الوطنية إلى تجربة االغتراب‬

‫عن نظامها القانوني الوطني وعدم تعويض النشاطات الحيوية للدولة أن يحكم فيها تشريع‬

‫غريب لم يشرع لرعايتها ولذلك فالبد من سد الثغرات التي تمت اإلشارة إليها في التش ريع‬

‫والبد من اضطالع أجهزة الدولة بدورها بدقة عندما يكون واجبها إعطاء إشارة الموافقة‬

‫على اتفاق التحكيم أو مراجعة بنوده ‪.‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬التحكيم ودوره في حل منازعات عقود البوت ‪B.O.T‬‬

‫المقص ود باص طالح الب وت ‪ B.O.T‬البن اء والتش غيل والتموي ل‪ ،‬بمع نى أن يق وم‬

‫القطاع الخاص بتمويل إنشاء مشروعات ذات نفع عام تحددها الحكومة أو شركة المشروع‬

‫ال تي تق وم بتص ميمه وبنائ ه وتملك ه وتش غيله وإ رادت ه واس تغالله تجاري ا لع دد من الس نوات‬

‫تك ون كافي ة الس ترداد م ا تم إنفاق ه على المش روع م ع تحقي ق أرب اح مناس بة من عائ دات‬

‫‪339‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تشغيله بمعرفة المستخدمين له‪ ،‬وفي نهاية مدة االمتياز تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة‬

‫‪.‬‬ ‫‪418‬‬
‫دون أن تكون ملزمة بسداد أية تكلفة‬

‫و ه ذه العق ود تنط وي على فائ دة متبادل ة بين المس تثمر ص احب امتي از اس تغالل‬

‫المشروع والذي يحصل على ما يزيد عما أنفقه في إنشاءه من عائدات التشغيل والحكومة‬

‫مانح ة االمتي از ال تي يمكنه ا ه ذا األس لوب من إقام ة مش روعات حيوي ة وض خمة دون أن‬

‫تتحمل الخزانة العامة فيها بأية نفقات ترهقها السيما في الدول النامية ‪.‬‬

‫إض افة إلى اس تفادة الحكوم ة من الخ برات المتم يزة للقط اع الخ اص في إدارة‬

‫واستغالل المشروع محل االمتياز حيث يتسم هذا القطاع بكفاءة تفوق أجهزة الحكومة في‬

‫هذا المجال لتحرره من الروتين الذي يكبل العمل الحكومي ويعرقل سيرته‪.‬‬

‫و يذهب رأي من الفقه إلى اعتبار عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية ‪ B.O.T‬هي‬

‫عقود التزام مرافق عامة‪ ،‬وما من شك في أن عقد االلتزام يعتبر أهم العقود اإلدارية‪ ،‬وهو‬

‫عق د إداري بطبيعت ه أي أن ه يك ون إداري ا في ك ل األح وال م تى ك انت اإلدارة طرف ا في ه‬

‫واتصل بنشاط مرفق عام‪ ،‬وإ ذا كانت الصورة التقليدية لعقد االلتزام اعتباره أسلوبا إلدارة‬

‫المراف ق العام ة‪ ،‬إذ ت رى الدول ة ألس باب كث يرة أن تتخلى عن إدارة المرف ق وتعه د إلى‬

‫الملتزم‪ ،‬فإن هذا ال يمنع أن يقوم الملتزم بداءة بإنشاء المرفق وتشغيله مدة العقد ثم رده‬

‫مرة أخ رى إلى الجه ة اإلداري ة‪ ،‬وه و األمر ال ذي ك ان علي ه عق د ال تزام قن اة الس ويس ولم‬

‫‪.‬‬ ‫‪419‬‬
‫ينازع أحد في طبيعته‪ ،‬ومن ذلك أيضا عقود البترول‬

‫‪ -‬د‪ .‬عمرو أحمد حسبو – التطور الحديث عقود التزام المرافق العامة طبقًا لنظام ‪ B.O.T‬دراسة مقارنه – دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪418‬‬

‫مصر‪. 2002 ،‬‬


‫‪419‬‬
‫‪La live (p) : les contrats entre Etats et entreprises privées étrangères Rapport unidroit ,‬‬
‫‪Re , sep 1976 p 185 .‬‬

‫‪340‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا بخص وص التحكيم في ه ذا الموض وع من العق ود فيمكن الق ول " أن ه نظ را ألن‬

‫الط رف اآلخ ر في عق د الب وت أجن بي‪ ،‬ف إن ثقت ه في حي دة القض اء الوط ني وعدال ة الق انون‬

‫ال داخلي‪ ،‬غالب ا م ا تك ون منعدم ة‪ ،‬ل ذا فإن ه يش ترط أن تتم تس وية منازع ات ه ذا العق د عن‬

‫طريق التحكيم نظرا لما يتسم به من سرعة تتوافق مع الطبيعة الزمنية لتلك العقود ‪.‬‬

‫و تواف ق الدول ة المض يفة على ه ذا الش رط رغب ة منه ا في تش جيع االس تثمارات‬

‫األجنبي ة على ال دخول في مش روعات لن تس تطيع هي القي ام به ا نظ را لض عف إمكاناته ا‬

‫المادي ة أو التقني ة‪ ،‬إض افة إلى أن التحكيم ليس في ه اعت داد أو انتق اص من الس يادة الوطني ة‬

‫على النحو السابق ايضاحه ‪.‬‬

‫و ق د أج از المش رع المص ري التحكيم في العق ود اإلداري ة كاف ة دون تفرق ة في ه ذا‬

‫الشأن بين العقود الوطنية أو الدولية ومنها عقد البوت وذلك بموجب القانون رقم ‪ 9‬لسنة‬

‫‪ 1997‬المعدل للقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪. 1994‬‬

‫إال أن إج ازة التحكيم في تل ك العق ود يخض ع للقي د الع ام ال ذي أورده التع ديل‬

‫التشريعي للقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬من أنه بالنسبة إلى منازعات العقود اإلدارية يك ون‬

‫االتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص‬

‫االعتباري ة العام ة م ع ع دم ج واز التف ويض في ممارس ة ه ذا االختص اص استش عارا من‬

‫‪.‬‬ ‫‪420‬‬
‫المشرع بخطورة وأهمية هذا األمر‬

‫إضافة إلى معيار الموافقة األولية الالزمة إلجازة اللجوء للتحكيم لتسوية منازعات‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬فإن ه يتعين أن تك ون المس ألة ال تي يتم االتف اق على اللج وء للتحكيم بش أنها‬
‫‪ -420‬د‪ .‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة ‪ :‬التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الداخلي ة والدولي ة‪ ،‬منش أة المع ارف اإلس كندرية – الطبع ة األولى ‪،2006‬‬
‫ص‪154 :‬‬

‫‪341‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫من المسائل التي تقبل التصرف والتصالح بشأنها وهذا الشرط ينطبق على العقود اإلدارية‬

‫وطنية كانت أم دولية مثل عقود البوت ‪.‬‬

‫و واق ع األم ر أن تل ك العق ود يتول د عن تنفي ذها مراك ز قانوني ة شخص ية أو ذاتي ة‪،‬‬

‫ومن تم ت دور المنازع ات فيه ا ح ول حق وق مالي ة‪ ،‬وتل ك الحق وق لص فتها الذاتي ة قابل ة‬

‫للصل ـ ـ ـ ــح والتنازل األمر الذي يجوز معه االتفاق على التحكيم كأسلوب لتسويتها ‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن فيه‬

‫حكم التحكيم ه و ذروة ك ل إج راءات التحكيم والغاي ة األساس ية ال تي يس عى أط راف‬

‫النزاع إلى تحقيقها من خالل لجوءهم إلى نظام التحكيم ‪.‬‬

‫و ق د أل زمت تش ريعات ال دول هيئ ة التحكيم أن تص در حكمه ا في الميع اد المح دد‬

‫بحيث إذا انقضى هذا الميعاد دون حسم لموضوع النزاع‪ ،‬فإن التحكيم ينقض ي‬ ‫‪421‬‬
‫إلصداره‬

‫ويعتبر كأن لم يكن‪ ،‬ويكون للخصوم بالتالي طرح النزاع من جديد أمام القضاء الوطني‬

‫المختص ما لم يتفق األطراف من جديد على فضه بطريق التحكيم ‪.‬‬

‫و األصل أن حكم التحكيم يخضع لرقابة الحقة من جانب القضاء الوطني‪ ،‬فالرقابة‬

‫ال تي يمارس ها القض اء على حكم التحكيم هي ال تي تقل ل بالش ك من درج ة الخ وف الك ائن‬

‫بس بب لج وء اإلدارة إلى التحكيم‪ ،‬غ ير أن ه من المالح ظ أن تش ريعات بعض ال دول ق د‬

‫اختلفت فيما بينها حول مدى الدور الذي يلعبه القاضي الوطني بشأن إجراء الرقابة على‬

‫حكم التحكيم‪ ،‬حيث اتجه ج انب إلى إعط اء دور متس ع للقاض ي الوط ني عن طري ق تقري ر‬

‫نظام الطعن باإلستئناف في أحكام التحكيم‪ ،‬بينما اتجه الجانب اآلخر إلى التضييق من هذا‬

‫الدور عن طريق وضع حاالت معينة على سبيل الحصر يمكن من خاللها فقط الطعن في‬

‫هذه األحكام ‪.‬‬

‫‪ -‬انظ ر على س بيل المث ال ‪ " :‬الم ادة ‪ 1456‬من ق انون اإلج راءات المدني ة الفرنس ي ال تي تنص على أن ه " إذا لم‬ ‫‪421‬‬

‫يحدد اتفاق التحديد مدة التحكيم‪ ،‬فإن مهمة المحكمين تنتهي في خالل ستة أشهر على األكثر من قبول آخر محكم لمهمته‬
‫"‪ .‬وتنص الم ادة ‪ 210‬من ق انون االج راءات المدني ة اإلم اراتي على أن ه ‪ " :‬إذا لم يش ترط الخص وم في االتف اق على‬
‫التحكيم أجال للحكم ك ان على المحكم أن يحكم خالل س تة أش هر من ت اريخ جلس ة التحكيم األولى واإلج از لمن ش اء من‬
‫الخصوم رفع النزاع إلى المحكمة أو المضي فيه أمامها إذا كان مرفوعا من قبل "‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و ال يقتصر دور القضاء الوطني على رقابة حكم التحكيم فحسب‪ ،‬بل يتعاظم دوره‬

‫في مرحل ة تنفي ذه‪ ،‬إذ أن ه ب الرغم من تمت ع حكم التحكيم بالط ابع القض ائي‪ ،‬إال أن ه ال يمكن‬

‫تنفيذ هذا الحكم إال بعد الحصول على الصيغة التنفيذية من القضاء المختص فهذه الصيغة‬

‫هي ال تي تعطي لحكم التحكيم الق وة التنفيذي ة‪ ،‬وتس مح بالت الي بتنفي ذه ج برا ح ال امتن اع‬

‫المحك وم ض ده عن تنفي ذه طواعي ة أو اختياري ا‪ ،‬ففي ه ذه المرحل ة‪ ،‬فق د ص در حكم التحكيم‬

‫ويريد من ربح الددعوى أن يضعه موضع التنفيذ‪ ،‬وأن يجني ثمار دعواه ويسترد حقوقه‬

‫التي كان ينازعه فيها من خسر الدعوى ‪.‬‬

‫و األمر هنا ال يخرج عن أحد فرضين‪ ،‬الفرض األول هو أن حكم التحكيم المراد‬

‫تنفيذه قد ص در ص حيحا مستوفيا ألركان ه الشكلية والموض وعية‪ ،‬والفرض الث اني أن حكم‬

‫التحكيم قد شابه البطالن ‪.‬‬

‫و إذا ك ان الف رض األول لم ي ثر ج دال فقهي ا حيث أن الط رف الخاس ر يل تزم بتنفي ذ‬

‫حكم التحكيم باختياره‪ ،‬فإذا امتنع عن التنفيذ يستطيع الطرف اآلخر أن يستصدر أمرا من‬

‫القضاء ليجبره على التنفيذ‪ ،‬فإن الفرض الثاني قد أحدث جدال فقهيا وقض ائيا واسع النط اق‬

‫‪.‬‬

‫و قب ل إلق اء الض وء على النظ ام الق انوني لتنفي ذ ه ذه األحك ام والص عوبات ال تي ق د‬

‫تعترض تنفيذها‪ ،‬قد يكون من المناسب أن نسبق ذلك كله بمبحث نتناول فيه حكم التحكيم‬

‫اإلداري وطرق الطعن عليه‪ ،‬وعلى ذلك نقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في األول ‪:‬‬

‫حكم التحكيم اإلداري وط رق الطعن علي ه‪ ،‬أم ا الث اني فسنخصص ه لتنفي ذ حكم التحكيم‬

‫اإلداري والصعوبات التي تعترضه ‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المبحث األول ‪ :‬حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن عليه‬

‫بانته اء نظ ر ال دعوى التحكيمي ة تص ل اج راءات التحكيم إلى منتهاه ا وغايته ا‬

‫المرج وة وهي إص دار الحكم التحكيمي بع د تم ام إع داده في الميع اد المق رر ل ذلك اتفاق ا أو‬

‫قانونا مستوفيا كافة األركان الشكلية والموضوعية الواجب مراعاتها في هذا الصدد حتى‬

‫ينتج آثاره‪.‬‬

‫و األص ل أن أي حكم يخض ع لرقاب ة القض اء يج وزالطعن علي ه ب الطرق القانوني ة‪،‬‬

‫فوجود طرق الطعن مسألة ال مفر من مواجهتها فإذا كانت األحكام الصادرة عن القضاء‬

‫قابلة للطعن عليها بالطرق المقررة قانونا فإن حكم التحكيم والمستند إلى اتفاق األط راف ال‬

‫يمكن أن يكون بمعزل عن رقابة قضاء الدولة إال أن الطبيعة الخاصة للعدالة التي يقوم بها‬

‫المحكم والمس تند في أساس ها إلى إرادة األط راف‪ ،‬تض في على ط رق الطعن على المحكم‬

‫التحكيمي ذاتية خاصة‪ ،‬فقضاء التحكيم يستبعد ويستنكف الخضوع لقضاء الدولة وخاصة‬

‫وأن المنازع ات الالحق ة على ص دور حكم التحكيم تلتهم ك ل محاس ن التحكيم ب ل ذهب‬

‫البعض إلى أن نظام التحكيم يفقد سبب وجوده وقيمته إذا أعقب إجراءات التحكيم اجراءات‬

‫الحقة أمام قضاء الدولة ‪.‬‬

‫و على ال رغم من أهمي ة الملحوظ ة الس ابقة فإن ه يظ ل من غ ير المقب ول والمعق ول‬

‫االع تراف بحكم تحكيمي مش وب بالخط أ ومن تم فال مف ر والح ال ك ذلك من تقري ر إمكاني ة‬

‫‪345‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الطعن على أحك ام التحكيم ك ل م ا هنال ك أن ط رق الطعن على أحك ام التحكيم تنحص ر‬

‫‪.‬‬ ‫‪422‬‬
‫غايتها ليس في تعديل هذه األحكام وإ نما تعد بمثابة منازعة ببطالنه‬

‫و ب الرغم من أهمي ة تحدي د المقص ود ب الحكم التحكيمي إال أن النص وص القانوني ة‬

‫المنظم ة للتحكيم لم تض ع تعريف ا مح ددا للمقص ود بحكم التحكيم ب الرغم من أن ه ق د اق ترح‬

‫واضعوا القانون النموذجي للتحكيم الذي أعدته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي‬

‫تعريف ا لحكم التحكيم وه و " ك ل حكم قطعي يفص ل في جمي ع المس ائل المعروض ة على‬

‫محكمة التحكيم‪ ،‬وكل قرار آخر يصدر عن محكمة التحكيم يفصل بشكل نهائي في مسألة‬

‫تتعلق بموضوع النزاع‪ ،‬أيا كانت طبيعتها أو يفصل في مسألة اختصاص محكمة التحكيم‬

‫أو أي مسألة لها عالقة باإلجراءات‪ ،‬وفي الحالة األخيرة يعد قرار المحكمة حكما تحكيميا‬

‫فقط إذا قامت محكمة التحكيم بتكييف القرار الصادر عنها بأنه كذلك" ‪.‬‬

‫تم االختالف حول التعريف السابق‪ ،‬فيما يتعلق بالقرارات التي تصدر بش أن الفص ل‬

‫في موض وع اختص اص المحكمين أو ال تي تص در بش أن االج راءات وال تي يتعين تكييفه ا‬

‫بأنه ا أحك ام تحكيمي ة‪ ،‬مم ا أدى بواض عي الق انون النم وذجي إلى ت رك فكرة وض ع تعري ف‬

‫للحكم التحكيمي‪.423‬‬

‫و هك ذا ولإللم ام بم ا س بق قس منا ه ذا المبحث إلى مطل بين نتن اول في األول حكم‬

‫التحكيم اإلداري‪ ،‬مفهومه وشروطه وأنواعه‪ ،‬أما المطلب الثاني فسنعالج فيه طرق الطعن‬

‫على حكم التحكيم اإلداري ‪.‬‬


‫‪ -‬راجع في الموضوع حفيظة الحداد – الطعن بالبطالن على أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الخاصة الدولية‬ ‫‪422‬‬

‫– دار الفكر العربي االسكندرية بدون سنة نشر ص ‪. 16‬‬


‫‪423‬‬
‫‪- H – Holtzmann et J.E Nehaus‬‬ ‫‪A guide to the Unctral Model law in international‬‬
‫‪arbitration legislative history and commentray – Kluwer 1989 p 154 .‬‬

‫‪346‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪347‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب األول ‪ :‬حكم التحكيم اإلداري مفهومه وشروطه وأنواعه‬

‫التحكيم كم ا تمت اإلش ارة إلى ذل ك يس تمد وج وده من اتف اق طرفي ه‪ ،‬إال أن أس باب‬

‫فاعليت ه ونف اذ قرارات ه يكتس بها من س لطة القض اء وال تي تمارس ها المح اكم بطبيع ة الح ال‪،‬‬

‫األم ر ال ذي جع ل ج ل التش ريعات ال تي تنظم التحكيم تحت وي على مظ اهر عدي دة ومتنوع ة‬

‫للتعاون بين هيئات التحكيم ومحاكم الدولة ‪.‬‬

‫ف التحكيم نظ ام قض ائي اتف اقي خ اص ي وازي قض اء الدول ة وال يختل ط ب ه‪ ،‬ويتماث ل‬

‫حكم المحكمين بعد صدور األمر بتنفيذه مع الحكم الصادر من قضاء الدولة في كافة اآلثار‬

‫القانوني ة المترتب ة على الحكم القض ائي‪ ،‬كم ا يلتقي حكم المحكمين م ع قض اء الدول ة من‬

‫خالل المحكم ة المختص ة أثن اء نظ ر خص ومة التحكيم‪ ،‬ومن خالل دع وى البطالن وأيض ا‬

‫من خالل طلب األمر بتنفيذ حكم المحكمين بعد انتهاء خصومة التحكيم ‪.‬‬

‫من هذا المنطلق سنحاول أن نقوم بتوضيح مفهوم التحكيم وشروطه وأنواعه‪ ،‬ولما‬

‫ك انت الدراس ة تنص ب على حكم التحكيم الص ادر في المنازع ات الناش ئة عن العق ود‬

‫اإلدارية‪ ،‬فإنه من المتعين تحديد الطبيعة القانونية لهذا الحكم على ضوء نظري ات القانـ ـ ـــون‬

‫اإلداري والتي قبلت بشأن تحديد األعمال القضائية وتمييزها عن األعمال اإلدارية‪ ،‬لذا قد‬

‫يكون من المناسب التعرض بايجاز لتلك النظريات إلبراز الطبيعة القضائية لحكم التحكيم‬

‫من خالل وجه ة نظ ر الق انون اإلداري‪ ،424‬ك ل ه ذه األفك ار س يتم توض يحها وتحليله ا في‬

‫الفروع التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬ع اطف راش د الفقي – التحكيم في المنازع ات البحري ة – أطروح ة لني ل ال دكتوراه كلي ة الحق وق جامع ة المنوفي ة‬ ‫‪424‬‬

‫‪ 1995‬ص ‪. 527-526‬‬

‫‪348‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم حكم التحكيم وشروطه‬

‫بع د اكتم ال التحقيق ات وإ قف ال ب اب المرافع ة يص ل المحكم ون إلى المرحل ة األخ يرة‬

‫من مراح ل اإلج راءات التحكيمي ة وهي مرحل ة إع داد الحكم التحكيمي تمهي دا إلص داره‬

‫محققين بلك الغاية من العملية التحكيمية وهي الفصل في موضوع النزاع‪ ،‬ويتم تحقيق هذه‬

‫الغاية للمحكمين من خالل المداولة أي المناقشة وتبادل الرأي فيما بينهم لالتف اق على ش كل‬

‫الحكــم ومضمونه‪ ،‬فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد كان األمر يسيرا حيث ال‬

‫يتداول وال يتناقش إال مع نفسه في حوار داخلي يقوم بعده منفردا بإصدار الحكم‪ ،‬أما إذا‬

‫ك انت هيئ ة التحكيم مش كلة من أك ثر من محكم ف إن األم ر والش ك أك ثر تعقي دا حيث ي ؤدي‬

‫التشكيل المتعدد إلى حتمية المناقشات والم داوالت بين المحكمين وص وال إلى حكم تحكيمي‬

‫بإجم اع أو بأغلبي ة اآلراء ونظ را ألن جنس ية المحكمين غالب ا م ا تك ون مختلف ة فتتطلب‬

‫المداول ة والمناقش ة الس فر واالنتق ال ل ذلك فق د ت ركت حري ة تنظيم ه ذه الم داوالت لهيئ ة‬

‫‪ .‬من ه ذا المنطل ق م ا ه و مفه وم حكم التحكيم ؟ وم ا هي ش روطه ؟ طبع ا إن‬ ‫‪425‬‬


‫التحكيم‬

‫اإلجاب ة عن ه ذه التس اؤالت س تكون في فق رتين مس تقلتين نتن اول في األولى مفه وم حكم‬

‫التحكيم أما الثانية فسنخصصها لشروط حكم التحكيم ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم حكم التحكيم اإلداري‬

‫‪ -‬عاطف راشد الفقي – التحكيم في المنازعات البحرية – مرجع سابق ص ‪.527‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪349‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ينقس م الفق ه عن د تعري ف حكم التحكيم بص فة عام ة إلى رأيين‪ ،‬رأي يطل ق علي ه‬

‫التعريف الموسع لحكم التحكيم أما الرأي اآلخر يطلق عليه التعريف الضيق لحكم التحكيــم‪،‬‬

‫وفيما يلي نعرض لكل رأي على حدة ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التعريف الموسع لحكم التحكيم‬

‫إلى تعري ف الحكم التحكيمي بأن ه ه و الق رار‬ ‫‪426‬‬


‫ي ذهب األس تاذ ‪E.GAILLARD‬‬

‫ال ذي يص در عن المحكم بالفص ل بش كل قطعي على نح و كلي أو ج زئي في ال نزاع‬

‫المع روض علي ه‪ ،‬س واء ك ان ه ذا الق رار متعلق ا بموض وع ال نزاع أو باالختص اص أو ب أي‬

‫مسألة تتعلق باإلجراءات‪ ،‬وكان هذا الحكم منهيا للخصومة ‪.‬‬

‫و ي رى أص حاب ه ذا ال رأي أن التعري ف الموس ع لحكم التحكيم ال يتع بر الق رارات‬

‫الص ادرة عن المؤسس ات التحكيمية ال تي يعم ل المحكم تحت أنظمته ا أحك ام تحكيمية‪ ،‬مثل‬

‫القرار الصادر عن أي محكمة تحكيمية برد المحكم‪ ،‬فال يعتبر حكما تحكيميا يمكن الطعن‬

‫علي ه ب البطالن‪ ،‬ك ذلك ال تعت بر اإلج راءات ال تي يتخ ذها المحكم ون وال تي ال ته دف إلى‬

‫الفصل في النزاع أحكام تحكيمية يمكن الطعن عليها بالبطالن‪ ،‬مثل إجراءات التحقيق في‬

‫الدعوى والتي ال تعدو أن تكون مجرد إجراءات إدارية ال يمكن الطعن عليها بالبطالن ‪.‬‬

‫بينم ا قض ت محكم ة اس تئناف ب اريس في حكمه ا الص ادر في ‪ 7‬يولي و ‪ 1987‬ب أن‬

‫الق رار المس بب الص ادر عن المحكم‪ ،‬وال ذي وفق ا ل ه رفض القض اء بوق ف ال دعوى بع د‬

‫سماعه لوجهات نظر أطراف النزاع يعد عمال قضائيا‪ ،‬ويشكل حكم ا تحكيمي ا يمكن الطعن‬

‫‪426‬‬
‫– ‪- E.GAILLARD – Arbitrage commercial international – Sentence Arbitrale – Procédure‬‬
‫‪J.C.I Dr Inter 588 n° 7.‬‬
‫‪350‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫علي ه ب البطالن المنص وص علي ه في الم ادة ‪ 1504‬من ق انون المرافع ات الفرنس ي‬

‫‪.‬‬ ‫‪427‬‬
‫الجديد‬

‫و في تعري ف آخ ر لحكم التحكيم‪ ،‬ف التحكيم ه و جمي ع الق رارات الص ادرة عن‬

‫المحكـــم وال تي تفص ل بش كل قطعي في المنازع ات كك ل أم أحكام ا جزئي ة تفص ل في ش ق‬

‫منـ ـ ـ ـــها‪ ،‬وسواء تعلقت هذه القرارات بموضوع المنازعة ذاتها أو باالختصاص أو بمسألة‬

‫تتعلق باإلجراءات أدت بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة‪.428‬‬

‫و نمي ل إلى ال رأي القائ ل ب أن ‪ " :‬حكم التحكيم ه و الق رار الص ادر من محكم ل ه‬

‫الوالي ة بن اء على اتف اق تحكيم‪ ،‬فاص ال في ن زاع موض وعي أو إج رائي مم ا ي دخل في‬

‫اختصاص ـ ـــه وواليت ه بالش كل ال ذي يح دده الق انون أو المتف ق علي ه ويجب أن يك ون مكتوب ا‬

‫وهذا الحكم يخضع لذات الشكل المقرر لألحكام القضائية‪ ،‬وله ذات بيانات الحكم القضائي‪،‬‬

‫ويوق ع علي ه من ك ل المحكمين أو من أغلبهم‪ ،‬ويجب أن يش تمل على كاف ة عناص ر الحكم‬

‫القضائي‪.429‬‬

‫و يس تنتج من خالل ه ذا التعري ف أن حكم المحكمين الج ائز تنفي ذه ه و الفاص ل في‬

‫موضوع النزاع الملزم ألطرافه المنهي للخصومة‪ ،‬سواء كان صادرا بإجابة المدعي إلى‬

‫طلبات ه كله ا أو بعض ها أو برفض ها جميع ا أو في االختص اص أو االج راءات ويتخ ذ ش كل‬

‫‪.‬‬ ‫‪430‬‬
‫األحكام القضائية يتوافر الشروط المنصوص عليها في القانون أو في اتفاق الطرفين‬

‫‪ -‬األحدب عبد الحميد – موسوعة التحكيم – التحكيم الدولي‪ ،‬دار المعارف القاهرة مصر ‪ 1998‬ص ‪. 302‬‬ ‫‪427‬‬

‫‪ -‬عيد محمد القصاص – حكم التحكيم – دراسة تحليلية في قانون التحكيم المصري والمقارن دار النهضة العربية‬ ‫‪428‬‬

‫‪ 2003‬ص ‪. 70‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 43/1‬من قانون التحكيم العماني ‪.‬‬ ‫‪429‬‬

‫‪351‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و إذا كان فقهاء هذا االتجاه يميلون إلى توسيع نطاق حكم التحكيم على نحو يجعله‬

‫شامال لألحكام التي تفصل في المنازعات المعروضة على المحكمين سواء بشكل كلي أو‬

‫تل ك األحك ام ال تي تفص ل في أح د عناص ر المنازع ة بش كل ج زئي ف إن هن اك من ي رى‬

‫خـ ــالف ذلك ويضيق من نطاق تعريف حكم التحكيم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التعريف الضيق لحكم التحكيم‬

‫ذهب فقهاء هذا االتجاه إلى أن القرارات التي يصدرها المحكمون والتي ال تفصل‬

‫في النزاع بشكل كلي أو جزئي في النزاع المعروض عليهم بالرغم من اتصالها بموضــوع‬

‫ال نزاع‪ ،‬ال تع د أحكام ا تحكيمي ة فمثال الق رارات المتص لة بموض وع ال نزاع كص حة العق د‬

‫األصلـــي‪ ،‬ومب دأ المس ؤولية بالمقابل ة بمبل غ التع ويض‪ ،‬فإنه ا ال تع د أحكام ا تحكيمي ـ ـ ـــة‪،‬‬

‫ويعتبرها فقهاء هذا االتجاه مجرد أحكاما تحضيرية أو أولية‪ ،‬وبذلك ال تكون هذه األحكام‬

‫محال للطعن عليه ا ب البطالن اس تقالال عن الحكم التحكيمي ال ذي يص در بن اء على الطلب ات‬

‫المقدمة من أطراف النزاع ‪.‬‬

‫و يرى جانب من الفقه الفرنسي أن هذه النظرية الضيقة لفكرة الطلب أمام المحكم‬

‫ال يمكن األخ ذ به ا من ج انب الق انون الفرنس ي‪ ،‬ف القرار الص ادر عن المحكم بش أن‬

‫االختص اص‪ ،‬بش أن الق انون ال واجب التط بيق أو بتقري ر أو ع دم تقري ر مب دأ المس ؤولية‪،‬‬

‫يفص ل بش كل ق اطع في ج زء من المنازع ة‪ ،‬وبالت الي يعت بر حكم ا تحكيمي ا حقيقي ا‪ ،‬محال‬

‫‪.‬‬ ‫‪431‬‬
‫للطعن عليه بالبطالن مباشرة‬
‫‪ -‬نبيل اسماعيل عمر ‪ -‬التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية دار الجامعة الجديدة للنشر القاهرة‬ ‫‪430‬‬

‫‪ 2004‬ص ‪. 172‬‬
‫‪ -‬ماجد محمد تربان – مرجع سابق ص ‪. 297‬‬ ‫‪431‬‬

‫‪352‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬شروط حكم التحكيم اإلداري‬

‫يف رق ق انون التحكيم اإلم اراتي بين التحكيم بالق انون والتحكيم بالص لح‪ ،‬ألن التحكيم‬

‫بالص لح ال يتقي د بقواع د الق انون ع دا م ا يتعل ق بالنظ ام الع ام‪ ،‬وهك ذا ف الحكم التحكيمي‬

‫يتضمن مجموعة من البيانات اإللزامية‪ ،‬هذه األخيرة تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون الحكم التحكيمي مكتوبا وأن يشتمل بوجه خاص على ‪:‬‬

‫‪ -‬صورة من اتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬ملخص ألقوال الخصوم ومستنداتهم ‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون مسببا ‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون متمنا الفقرة التحكيمية‪.‬‬

‫‪ -‬تاريخ صدوره ‪.‬‬

‫‪ -‬المكان الذي صدر فيه ‪.‬‬

‫‪ -‬توقيع المحكمين ‪.‬‬

‫‪ -‬ويصدر الحكم باألغلبية‪.432‬‬

‫و إذا رفض واح د أو أك ثر من المحكمين توقي ع الحكم ي ذكر ذل ك ويك ون الحكم‬

‫صحيحا إذا وقعته أغلبية المحكمين‪ ،‬يكتب الحكم باللغة العربية إال إذا اتفق الخصوم على‬

‫غ ير ذل ك‪ ،‬األم ر ال ذي يك رس س لطان اإلرادة ويجع ل اإلم ارات العربي ة موطن ا مناس ب‬

‫‪ -‬المادة ‪ 212‬من قانون التحكيم اإلماراتي مستخرج من قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬‬ ‫‪432‬‬

‫‪353‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للتحكيم ال دولي‪ ،‬ولكن إذا تف ق الخص وم على لغ ة أخ رى غ ير العربي ة فيتعين عن د ايداع ه‬

‫ترجمة رسمية‪.‬‬

‫هذا ويعتبر الحكم صادرا من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته وبالتالي فإنه‬

‫يكتس ب ق وة القض ية المحكم ة من ت اريخ ص دوره ال من ت اريخ ايداع ه‪ ،‬أم ا بخص وص‬

‫االيداع والمصادقة‪ ،‬فالمشرع اإلماراتي يفرق بين نوعين من اجراءات التحكيم ‪:‬‬

‫وهو التحكيم الذي احترم فيه‬ ‫‪433‬‬


‫أ – التحكيم الذي يتم بين الخصوم خارج المحكمة‬

‫الطرفان اتفاق التحكيم وسارا على هديه إلى آخر الطريق ‪.‬‬

‫وهو التحكيم الذي امتنع أحد طرفيه‬ ‫‪434‬‬


‫ب – التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة‬

‫عن تنفي ذ االتف اق التحكيمي فاض طر الط رف الث اني ألن يتوج ه إلى المحكم ة القض ائية‬

‫إللزامه بالسير بإجراءات التحكيم ابتداء من تعيين المحكم ‪.‬‬

‫في التحكيم ال ذي يتم عن طري ق المحكم ة يجب على المحكمين اي داع أص ل وثيق ة‬

‫التحكيم والمحاض ر والمس تندات في الكتاب ة الخاص ة للمحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر‬

‫الدعوى خالل الخمسة عشر يوما التالية لصدور الحكم كما يجب أن يتم خالل خمسة أيام‬

‫ويح رر ك اتب المحكم ة محض را به ذا االي داع ويعرض ه على القاض ي أو رئيس ال دائرة‬

‫لتحديد جلسة خالل خمسة عشر يوما للتصديق على الحكم ويعلن الطرفان بها ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 213‬من نفس القانون المذكور أعاله ‪.‬‬ ‫‪433‬‬

‫‪ -‬نفس المادة أعاله ‪.‬‬ ‫‪434‬‬

‫‪354‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا في التحكيم ال ذي يتم بين الخص وم خ ارج المحكم ة فيجب على المحكمين أن‬

‫يس لموا ص ورة الحكم إلى ك ل ط رف خالل خمس ة أي ام من ص دوره وتنظ ر المحكم ة في‬

‫تصديق الحكم أو إبطاله بناء لطلب أحد الخصوم باإلجراءات المعتادة لرفع الدعوى ‪.‬‬

‫ج – مهل ة إلزامي ة لع رض الحكم على المحكم ة إلعطائ ه ص يغة التنفي ذ الحكم‬

‫التحكيمي في التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة مقيد بمهلة لحصوله على صيغة التنفيذ‬

‫فه و ي ودع حكم المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع خالل خمس ة عش ر يوم ا من‬

‫صدوره‪ ،‬ويجري تبليغ نسخة عنه إلى كل من الطرفين ثم يحدد القاضي أو رئيس دائرة‬

‫المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع جلسة خالل خمسة عشر يوما إلعطاء الحكم صيغة‬

‫التنفيذ ويبلغ الطرفان بموعد هذه الجلسة ‪.‬‬

‫إذن فالحكم التحكيمي الذي يتم عن طريق المحكمة أمامه خمسة عشر يوما اليداعـ ــه‬

‫وخمس ة عش ر يوم ا لتعق د المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع جلس ة إلعطائ ه ص يغة‬

‫التنفيذ أي ما مجموعه ثالثون يوما كحد أقصى إلعطائه صيغة التنفيذ‪.‬‬

‫أم ا الحكم التحكيمي ال ذي يك ون خ ارج المحكم ة فه و غ ير خاض ع لمهل ة مح ددة‬

‫لعرض ه على امحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع ب ل يمكن للط رف الص ادر لمص لحته‬

‫عرضه في أي وقت يشاء‪ ،‬ولكن ذلك يجعل الوضع معقدا للغاية إذ أن المحكمة القضائية‬

‫تمل ك إع ادة الحكم للمحكمين لتعديل ه ‪ ...‬فم اذا إذا ع رض الحكم التحكيمي عليه ا إلعطائ ه‬

‫صيغة التنفيذ بعد ثالث سنوات مثال ‪ ...‬وصار من المتعذر إذا لم يكن من المستحيل جمع‬

‫المحكمين ‪ ...‬فماذا يحصل عنذئد ‪.‬‬

‫د – إعادة الحكم للمحكمين‬

‫‪355‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يجوز للمحكمة القضائية المختصة أصال بنظر النزاع أثناء النظر في إعطاء الحكم‬

‫‪.‬‬ ‫‪435‬‬
‫التحكيمي صيغة التنفيذ أن نعيده للمحكمين‬

‫‪ -‬للنظر فيما أغفلوا الفصل فيه من مسائل التحكيم ‪.‬‬

‫‪ -‬لتوضيح الحكم إذا كان غير محدد بالدرجة التي يمكن معها تنفيذه‪.‬‬

‫و المحكم ة القض ائية تق رر ذل ك من تلق ائ نفس ها وب دون س ماع الط رفين ألن الحكم‬

‫التحكيمي ما يزال في مرحلة المذاكرة طالما أن المحكمة القضائية لم تصادق عليه ‪.‬‬

‫و بالتالي فإن أعضاء المحكمة القضائية يصبحون جزءا من المحكمة التحكيمية فيما‬

‫يتعل ق بوض وح الحكم لتنفي ذه وفي إغفال ه الفص ل في النق اط المش مولة ب التحكيم ومن خالل‬

‫ذلك يكون للقضاة اختصاصات واسعة جدا في التحكيم يشاركون فيها المحكمين في الفص ل‬

‫بالدعوى ‪.‬‬

‫و على المحكمين في ه ذه الحال ة أن يع دلوا في حكمهم التحكيمي وفق ا للق رار‬

‫القض ائي الص ادر به ذا الش أن وذل ك من خالل مهل ة ثالث ة أش هر أو خالل أي مهل ة أخ رى‬

‫تحددها المحكمة فإن فعلوا خالل المهلة واعتبرت المحكمة القضائية أن تعديلهم يوافق ما‬

‫طلبت ه منهم ص ادقت على حكمهم وأعطت ه ص يغة التنفي ذ وإ ال أبطلت ه وبط ل التحكيم بكامل ه‬

‫وب الطبع يبقى الحكم القض ائي بإعط اء ص يغة التنفي ذ أو باإلبط ال خاض عا لط رق المراجعة‬

‫العادية ‪.‬‬

‫و تجنب ا للمماطلة فق د نص المشرع اإلم اراتي على أن قرار المحكم ة بإع ادة الحكم‬

‫للمحكمين ال يقبل الطعن إال مع الحكم النهائي الصادر بتصديق الحكم أو إبطاله‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 214‬من قانون التحكيم اإلماراتي السالف الذكر ‪.‬‬ ‫‪435‬‬

‫‪356‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫هـ ‪ -‬تصحيح وتفسير الحكم‬

‫يجري تصحيح الحكم التحكيمي مرتين ‪ :‬األولى تقوم بها المحكمة من تلقاء نفسها‪،‬‬

‫إذا وجدت خطأ وذلك عند المصادقة عليه أي حيازته صيغة التنفيذ‪ ،‬والمرة الثانية تقوم به ا‬

‫المحكم ة ال تي هي المحكم ة المختص ة أص ال بحس م ال نزاع عن دما تق وم بتص حيح األخط ا‬

‫المادية في حكم المحكمين التي يطلبها الطرفان‪.436‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع حكم التحكيم اإلداري‬

‫قسم الفقهاء أحكام التحكيم إلى أحكام قطعية منهيةللخصومة‪ ،‬وأحكام جزئية تتصل‬

‫بج زء من المنازع ة كالفص ل في مس ألة االختص اص أو الق انون ال واجب التط بيق‪ ،‬وهن اك‬

‫أحك ام اتفاقي ة حين يص ل األط راف إلى تس وية ويرغب وا في إفراغه ا في ش كل عق د وإ نه اء‬

‫إجراءات التحكيم‪ ،‬كل هذا سنعمل على توضيحه في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الحكم التحكيمي القطعي‬

‫اس تخدم الفق ه مص طلح الحكم التحكيمي النه ائي للتعب ير عن م دلوالت مختلف ة‪ ،‬فق د‬

‫اس تخدم للتعب ير عن حكم تحكيمي يفص ل في ك ل المس ائل المتن ازع عليه ا‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى‬

‫انتهاء المحكم من مهمته واستنفاذ واليته ‪.‬‬

‫و اس تخدم لف ظ حكم التحكيم القطعي النه ائي أيض ا بمع نى الحكم ال ذي ي ؤدي إلى‬

‫إنهاء اإلجراءات التحكيمية‪ ،‬وهو المعنى نفسه الذي أضفته المادة ‪ 21‬فقرة أولى من الئح ة‬

‫التحكيم الخاص ة بغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس وال ذي يس تخدم مص طلح األحك ام الجزئي ة‬

‫بالمقابلة باألحكام النهائية ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 215‬من قانون التحكيم اإلماراتي السالف الذكر ‪.‬‬ ‫‪436‬‬

‫‪357‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ك ذلك نج د أن جانب ا من الفق ه االنجل يزي يس تخدم لفظ ة نه ائي للدالل ة على الحكم‬

‫النهائي الذي ينهي إجراءات التحكيم ‪.‬‬

‫و يس تخدم ه ذا المص طلح أيض ا للتعب ير عن حكم التحكيم ال ذي يفص ل في المنازع ة‬

‫ككل أو في جزء منها‪ ،‬ووفقا لهذا المعنى فإن مصطلح حكم تحكيمي نهائي أو قطعي يقابله‬

‫حكم تمهيدي أو مؤقت‪ ،‬والذي ال ينهي أي مسألة تتعلق بالمنازعة‪ ،‬مثل قرار المحكم بندب‬

‫خب ير في ال دعوى‪ ،‬ف إن ه ذا الحكم التحكيمي النه ائي ال يعت بر بالض رورة حكم ا يتعل ق‬

‫بالمنازعة ككل‪ ،‬والحكم الصادر بالفصل في مسألة المسؤولية مثال‪ ،‬يعد حكما نهائيا وحتى‬

‫لو لم يكن مصحوبا بإجراء تحقيق يهدف إلى تحديد المحكمين لمبلغ التعويض ‪.‬‬

‫و يذهب جانب من الفقه إلى أن الحكم التحكيمي بشأن مسألة المسؤولية‪ ،‬بالرغم من‬

‫أنه يضع جانب مسألة تقدير الضرر وقيمة التعويض حكم الحق‪ ،‬يعد حكما نهائيا أو قطعيا‬

‫حيث نص ت الم ادة ‪ 1049‬من ق انون‬ ‫‪437‬‬


‫جزئي ا حيث ك رس الق انون الهولن دي ه ذا المع نى‬

‫اإلج راءات المدني ة على أن محكم ة التحكيم له ا أن تفص ل في المنازع ة من خالل إص دار‬

‫أحكام نهائية شاملة أو جزئية ‪.‬‬

‫بي د أن ه ذا التفس ير األخ ير يتف ق م ع م ا يج ري علي ه العم ل في إط ار االتف اق على‬

‫التحكيم ال دولي‪ ،‬وم ا تقص ده الش روط التحكيمي ة عن دما ت ذكر أن الحكم التحكيمي الحتم ل‬

‫الصدور سيكون حكما نهائيا ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحكم التحكيمي الجزئي‬

‫‪437‬‬
‫‪- Sers et Van den Berg “the netherlands arbitration act” 1986 Kluwer 1987 p 80 .‬‬
‫‪358‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خالل نظر النزاع المعروض على المحكمين‪ ،‬قد يصدر المحكمون أحكاما منفصلة‬

‫يطلق عليها حكما جزئيا‪ ،‬وذلك عندما تخول األطراف المحكمون سلطة الفصل في جزء‬

‫من المنازعة كالفصل في مسألة اختصاصها أو تحديد القانون الواجب التطبيق‪ ،‬وأن هذه‬

‫األحكام تقابل أحكام التحكيم الكلية أو الشاملة لموضوع الدعوى‪ ،‬وال تقابل أحكام التحكيم‬

‫النهائية‪ ،‬ففي النزاع الذي قام بين طرف ايطالي وطرف ليبي بشأن عقد تشييد‪ ،‬نص في‬

‫وثيق ة التحكيم على أن لمحكم ة التحكيم الح ق في الفص ل بحكم ج زئي في مس ألة الق انون‬

‫الواجب التطبيق على موضوع النزاع‪ ،‬وأنه يسري على إج راءات التحكيم لالئحة الخاصة‬

‫بغرفة التجارة الدولية في باريس ‪.‬‬

‫و في الجلسة األولى المنعقدة لمحكمة التحكيم اتفقت األطراف المتنازعة على تحديد‬

‫القانون الواجب التطبيق‪ ،‬كذلك أصدرت محكمة التحكيم حكمها الجزئي في القض ية ‪4761‬‬

‫لعام ‪ 1984‬بأن يطبق القانون الليبي كقاعدة عامة على جميع أوجه النزاع بما ال يتع ارض‬

‫مع النظام العام الدولي وال مع مبادئ حسن النية ‪.‬‬

‫أما إذا لم تتفق األطراف على منح المحكمين سلطة االختصاص في إصدار أحكام‬

‫جزئية فللمحكمين العودة إلى القوانين التي تنطبق على الحالة الماثلة لهم في النزاع‪ ،‬حيث‬

‫نج د أن قواع د التحكيم ل دى مرك ز دبي للتحكيم ال دولي في الم ادة ‪ 37‬الفق رة ‪ 1‬تنص‬

‫عل ـ ــى ‪ " :‬للهيئة أن تصدر قرارات تمهيدية أو مؤقتة أو إعدادية أو جزئية أو أحك ام تحكيم‬

‫نهائية "‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كذلك تنص الم ادة ‪ 42‬من ق انون التحكيم في المنازع ات المدني ة والتجاري ة العم اني‬

‫رقم ‪ 97/47‬على أن ه ‪ " :‬يج وز أن تص در هيئ ة التحكيم أحكام ا وقتي ة أو في ج زء من‬

‫الطلبات وذلك قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة "‪.438‬‬

‫و أيض ا نص ت الم ادة الخامس ة من ق انون التحكيم الكوي تي على أن لهيئ ة التحكيم‬

‫سلطة الفصل في الدفوع المشار إليها في المادة المذكورة قبل الفصل في الموضوع أو أن‬

‫تضمها إليه للفصل فيها معا ‪.‬‬

‫و في حين نجد أن بعض القوانين الوضعية قد نصت ص راحة على منح المحكمين‬

‫هذه السلطة‪ ،‬نجد أن هناك قوانين أخرى تقيدها‪ ،‬مثال نجد الق انون السويسري الجديد ينص‬

‫في مادت ه ‪ 188‬على أن ه ‪ " :‬لمحكم ة التحكيم أن تص در أحكام ا جزئي ة م ا لم يوج د اتف اق‬

‫مخ الف " وك ذلك الم ادة ‪ 1495‬من ق انون اإلج راءات المدني ة الهولن دي تف وض للمحكمين‬

‫ه ذه السلطـــة والم ادة ‪ 1699‬من الق انون البلجيكي‪ ،‬ويع ترف الق انون االنجل يزي أيض ا‬

‫للمحكمين بسلطة إصدار أحكام جزئية طالما ال يوجد اتفاق مخالف من قبل المحتكمين ‪.‬‬

‫بي د أن ق انون اإلج راءات المدني ة الفرنس ي الجدي د ال يتض من نص ا ص ريحا يمنح‬

‫المحكم س لطة إص دار أحك ام جزئي ة‪ ،‬إال أن ج انب من الفق ه الفرنس ي ي رى أن القاع دة‬

‫المتقدمة تسري بالنسبة للقانون الفرنسي بشأن التحكيم‪.439‬‬

‫ه ذا وال يس تطيع أح د إنك ار ال دور ال ذي تلعب ه أحك ام التحكيم الجزئي ة في ح ل‬

‫المنازعات المعقدة والمركبة والتي يتفرع عنها العديد من المشاكل المستقلة‪ ،‬فاألحكام التي‬

‫تص در عن هيئ ات التحكيم المتمرس ة وذات الخ برة ق د تفي د ط رفي الخص ومة على الم دى‬

‫‪ -‬حفيظ ة الح داد – الطعن ب البطالن على أحك ام التحكيم الص ادرة في المنازع ات الخاص ة مرج ع س ابق ص ‪-29‬‬ ‫‪438‬‬

‫‪. 30‬‬
‫‪ -‬حفيظة الحداد – الطعن بالبطالن ‪ ،...‬مرجع سابق ص ‪. 30‬‬ ‫‪439‬‬

‫‪360‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫البعيد‪ ،‬حيث تسمح للطرف المتضرر أن يغطي األضرار التي لحقت به على نحو مباش ـــر‬

‫وبمجرد سماع كل من طرفي المنازعة ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الحكم التحكيمي االتفاقي‬

‫قد يحدث أثناء سير إجراءات التحكيم أن تتوصل األطراف المتنازعة إلى نوع من‬

‫التسوية‪ ،‬وترغب األطراف في إفراغ هذه التسوية في شكل عق د‪ ،‬وإ نه اء إج راءات التحكيم‬

‫أو ق د ت ذهب األط راف إلى أن يتم إص دار حكم تحكيمي يق رر ه ذا الص لح‪ ،‬ويس مى ه ذا‬

‫الحكم التحكيمي باالتفاقي ‪.‬‬

‫و يرى جانب من الفقه الفرنسي إنه إذا كان االتفاق يخضع للقانون الفرنسي‪ ،‬فإن‬

‫هذا الحكم االتفاقي يتمتع بحجية األمر المقضي به‪ ،‬شأنه في ذلك شأن األحكام النهائية ‪.‬‬

‫أم ا المش رع في دول ة اإلم ارات فق د نص في الم ادة ‪ 39‬من قواع د التحكيم ل دى‬

‫مرك ز دبي للتحكيم ال دولي أن ه إذا تف ق األط راف على تس وية ال نزاع قب ل ص دور حكم‬

‫التحكيم‪ ،‬تقرر الهيئة إنهاء التحكيم بناء على طلب األطراف تسجل هذه التسوية خطيا في‬

‫صيغة حك ــم اتفاقي‪ ،‬وفي هذه الحالة ال تكون الهيئة ملزمة بإبداء أسباب الحكم ‪.‬‬

‫و تبنت ل وائح التحكيم الدولي ة ه ذا التوج ه‪ ،‬فق د نص ت الم ادة ‪ 17‬من الئح ة التحكيم‬

‫الخاص ة بغرف ة التج ارة الدولي ة بب اريس على أن ه ‪ " :‬إذا اتفقت األط راف وك ان ال نزاع‬

‫منظ ورا أم ام المحكم ف إن ه ذا االتف اق يتم ترجمت ه من خالل إص دار حكم تحكيمي يك رس‬

‫هذا االتف ــاق وسارت على نفس النهج كل من الئحة التحكيم الخاصة بمحكمة لندن للتحكيم‬

‫الدول ـ ـ ــي‪ ،‬والئحة التحكيم لغرف التجارة األوربية العربية ‪.‬‬

‫‪361‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بي د أن نظ ام التحكيم للمرك ز ال دولي لفض المنازع ات الناش ئة عن االس تثمار ي ذهب‬

‫إلى اعتب ار أن اتف اق األط راف ال يثبت بواس طة حكم تحكيمي‪ ،‬وإ نم ا من خالل إص دار‬

‫مجــرد أمر‪ ،‬بينما لم تتعرض معاهدة نيويورك ‪ 1958‬ومعاهدة جنيف ‪ 1961‬ص راحة إلى‬

‫هذا الموضوع ‪.‬‬

‫و تثير هذه األحكام الكثير من الخالف بسبب مدى تمتعها بقواعد االعتراف والتنفي ذ‬

‫السارية في الدول المختلفة‪ ،‬وعدم وجود قضاء يحسم المسألة يفسر التردد الذي يعاني منه‬

‫الفقه في اتخاذ موقفا واضحا بشأن هذه المسألة ‪.‬‬

‫و ي ذهب ج انب من الفق ه إلى الق ول ب أن تب ني القاع دة المنص وص عليه ا في الم ادة‬

‫‪ 30‬الفق رة ‪ 2‬من الق انون النم وذجي للتحكيم يع بر عن وج ود ن وع من الرض ا الع ام‪ ،‬على‬

‫نحو يمكن التمسك به بشأن تفسير المعاهدات الدولية األخرى ‪.‬‬

‫و تج در اإلش ارة أن ه إلى ج انب أن واع الحكم التحكيمي الس الفة ال ذكر نج د أحك ام‬

‫التحكيم اإلضافية بحيث يالحظ أن المشرع في دولة اإلمارات يتبنى هذا التوجه من خالل‬

‫النص في الم ادة ‪ 214‬من ق انون اإلج راءات المدني ة المتعل ق ب التحكيم بدول ة اإلم ارات‬

‫على أنه يجوز للمحكمة أثناء النظر في طلب تصديق حكم المحكمين أن‬ ‫‪440‬‬
‫العربية المتحدة‬

‫تعي ده إليهم‪ ،‬للنظ ر فيم ا أغفل وا الفص ل في ه من مس ائل التحكيم‪ ،‬أو لتوض يح الحكم إذا ك ان‬

‫غير محدد بالدرجة التي يمكن معها تنفيذه وعلى المحكمين في هاتين الحالتين أن يصدروا‬

‫ق رارهم خالل ثالث ة أش هر من ت اريخ إبالغهم ب القرار إال إذا ق ررت المحكم ة خالف ذل ك‪،‬‬

‫وال يجوز الطعن في قرارها إال مع الحكم النهائي الصادر بتصديق الحكم أو إبطاله‪.‬‬

‫‪ -‬قانون اإلجراءات المدنية قانون اتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬في دولة اإلمارات ‪.‬‬ ‫‪440‬‬

‫‪362‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يؤكد المشرع في دولة اإلمارات من خالل قواعد التحكيم لدى مركز دبي للتحكيم‬

‫على أنه خالل الثالثين يوما من استالم حكم التحكيم النهائي التقدم بطلب خطي‬ ‫‪441‬‬
‫الدولي‬

‫للهيئة إلصدار حكم تحكيم إضافي بتفسير أي غموض أو لبس في حكم التحكيم أو تص حيح‬

‫أية أخطاء مادية وقعت في منطوق الحكم أو إصدار حكم تحكيم إضافي بشأن الدعوى أو‬

‫الدعوى المتقابلة التي لم يتم التعامل معها في أي حكم تحكيم ‪.‬‬

‫و ي رى المش رع في دول ة الك ويت أن تختص هيئ ة التحكيم بتص حيح م ا يق ع في‬

‫حكمها من أخطاء‪ ،‬وأن تفصل في الطلبات الموضوعية التي أغفلت الفصل فيها ‪.442‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬طرق الطعن على حكم التحكيم‬

‫يعت بر الفق ه الفرنس ي أن تقري ر المش رع لوس ائل الطعن ب القرار التحكيمي ه و أك بر‬

‫طعنه يوجهها إلى نظام التحكيم‪ ،‬على اعتبار أن لجوء األطراف المتنازعة إلى هذا النظام‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 38‬من قواعد التحكيم لدى مركز دبي للتحكيم الدولي على اآلتي ‪:‬‬ ‫‪441‬‬

‫التفسير – التصحيح – الحكم اإلضافي ‪.‬‬


‫‪ – 1‬يجوز لألطراف خالل الثالثين يوما من استالم حكم التحكيم النهائي التقدم بطلب خطي إلى الهيئة مع إرسال نسخة‬
‫إلى المركز لتفسير حكم التحكيم وإ ذا وجدت الهيئة أن الطلب مبرر‪ ،‬فعليها تقديم تفسير خالل ثالثين يوما من استالم ذلك‬
‫الطلب ويتخذ التفسير شكل حكم تحكيم إضافي موقع من الهيئة ويعد جزءا من حكم التحكيم النهائي‪.‬‬
‫‪ – 2‬يج وز ألي من األط راف خالل الثالثين يوم ا من اس تالم حكم التحكيم أن يتق دم بطلب خطي إلى الهيئ ة م ع إرس ال‬
‫نس خة إلى المرك ز وإ لى الط رف اآلخ ر لتص حيح أي خط أ حس ابي أو مطبعي أو م ادي في حكم التحكيم‪ ،‬وإ ذا وج دت‬
‫الهيئ ة أن الطلب م برر فعليه ا تص حيح الخط أ خالل الثالثين يوم ا من اس تالم ذل ك الطلب‪ ،‬ويتخ ذ التص حيح ش كل حكم‬
‫تحكيم إضافي موقع من الهيئة ويعد جزءا من حكم التحكيم ‪.‬‬
‫‪ – 4‬يجوز ألي طرف خالل ثالثين يوما من استالم حكم التحكيم أن يتقدم بطلب خطي إلى الهيئة مع إرسال نسخة إلى‬
‫المركز إلصدار حكم تحكيم إضافي بشأن الدعوى المتقابلة التي لم يتم التعامل معه ا في أي حكم تحكيم‪ ،‬وقبل البت في‬
‫الطلب تمنح الهيئ ة األط راف فرص ة لس ماعهم‪ ،‬وإ ذا اعت برت الهيئ ة أن الطلب م برر‪ ،‬تق وم بإص دار حكم تحكيم إض افي‬
‫خالل ستين يوما من استالم الطلب متى كان ذلك ممكنا ‪.‬‬
‫‪ -‬تنص المادة الثامنة من القانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1995‬بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية الكويتي‬ ‫‪442‬‬

‫على أن " تختص هيئ ة التحكيم بتص حيح م ا يقع حكمه ا من أخط اء مادي ة بحت ة كتابي ة أو حس ابية وبتفسيره‪ ،‬إذا وق ع في‬
‫منطوقه غموض أو لبس‪ ،‬كما تختص أيضا بالفصل في الطلبات الموضوعية التي أغفلت الفصل فيها ‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كطري ق لفض منازع اتهم ه و على أس اس تقتهم الكب يرة في عدال ة المحكم‪ ،‬زي ادة على م ا‬

‫يوفره لهم هذا النظام من مزايا جيدة ال يمكن أن يوفرها النظام القضائي في الدولة والتي‬

‫في مقدمتها السرعة في فض الخصومة واالقتصاد في الوقت والنفقات ‪.‬‬

‫و علي ه ف إن مس ألة تحدي د ط رق الطعن ب القرار التحكيمي تق ف ض د ه ذه المزاي ا‬

‫الجيدة‪ ،‬لكون أن هذه الوسائل أو الطرق من شأنها أن تؤدي إلى إعادة النظر في الدعوى‬

‫مج ددا من قب ل القض اء الع ادي وه ذا م ا يه در أهم م يزة للنظ ام التحكيمي‪ ،‬وهي الس رعة‬

‫والتحرر من اإلجراءات القضائية المعقدة التي ليس لها أي تأثير ايجابي في فض المنازع ة‬

‫‪.‬‬

‫فضال على أن تقرير الطعن من جانب المشرع ال يستقيم مع نصوص القانون التي‬

‫تقض ي بإعف اء المحكم يين من التقي د بالقواعد القانوني ة واالجراءات القض ائية خصوص ا إذا‬

‫كان المحكمين مفوضين بالصلح‪ ،‬ذلك ألن أساس الطعن بالقرار التحكيمي يستند إلى كون‬

‫ذلك القرار يصدر وفق االجراءات القضائية أو أنه مخالف لقاعدة من قواعد القانون‪.443‬‬

‫و على الرغم مما تقدم‪ ،‬فإن هذا ال يمنع من األخذ بتصور عملي آخر معاكس وه و‬

‫اعتب ار أن تل ك الط رق أو الوس ائل هي الض مانات القض ائية ال تي ق د يمنحه ا المش رع‬

‫للخصــوم وال تي ال يمكن االس تغناء عنه ا ح تى بالنس بة لألحك ام القض ائية الص ادرة عن‬

‫المحاكـــم القض ائية‪ ،‬وعلي ه فإن ه من ب اب أولي ال يمكن االس تغناء عنه ا أيض ا بالنس بة إلى‬

‫القرارات التحكيمية‪ ،‬ألنه في أغلب األحيان يكون المحكمون بعيدين عن القضاء‪ ،‬فبطبيعة‬

‫الحال تنقصهم الخبرة العلمية والعملية في إصدار مثل هذه القرارات ‪.‬‬

‫‪ -‬رمزي سيف – قواعد تنفيذ األحكام والمحورات الموثقة الطبعة ‪ 9‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1969‬ص ‪. 71‬‬ ‫‪443‬‬

‫‪364‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫لذا من المستحسن إن لم يكن من الواجب منح قدر من الرقابة للقضاء العادي على‬

‫النظام التحكيمي‪ ،‬لتكون قراراته موافقة للقانون شكال وموضوعا‪ ،‬والرأي الذي يمكن أن‬

‫نمي ل إلي ه ه و أن نق ر بوج ود ط رق طعن ب القرارات التحكيمي ة إال أنه ا يجب أن ال تك ون‬

‫بنفس الكيفية أو نفس ديناميكية اإلجراءات ذاتها المتبعة بالنسبة لألحكام القضائية‪ ،‬علما أن‬

‫الق رار التحكيمي ة ال تي يمكن للخص وم أن يطعن وا به ا هي فق ط تل ك الق رارات ال تي تفص ل‬

‫بالمنازع ـــة وتنهي الخص ومة‪ ،‬أم ا بقي ة الق رارات ال تي تص در قب ل الفص ل بالمنازع ة فال‬

‫يجوز الطعن بها استقالال ‪.‬‬

‫و تختل ف األنظم ة القانوني ة المعاص رة في الطعن ب البطالن على حكم التحكيم من‬

‫حيث نطاق الدعوى بالبطالن‪ ،‬ومدى اتباع الطعن لقواعد االجراءات الواجبة االتباع أمام‬

‫المح اكم االبتدائي ة‪ ،‬وك ذلك تختل ف األنظم ة القانوني ة فيم ا بينه ا من حيث م دة ان دماج‬

‫اج راءات البطالن أو ع دم ان دماجها ب دعوى األم ر بتنفي ذ حكم التحكيم‪ ،‬وأيض ا من األث ر‬

‫المترتب على انقضاء المدة التي يتعين فيها رفع الطعن بالبطالن وفي مدى قدرة األط راف‬

‫على التن ازل عن الطعن ب البطالن‪ ،‬وح ول اآلث ار المترتب ة على قب ول الطعن‪ ،‬وب الرغم من‬

‫وج ود ه ذه االختالف ات‪ ،‬إال أن هن اك تش ابه بينه ا فيم ا يتعل ق بأوج ه الطعن ب البطالن‬

‫واألسباب التي يستند إليها‪.444‬‬

‫و نظ را لتب اين مواق ف التش ريعات الوض عية من تل ك الط رق فق د ارتأين ا تقس يم ه ذا‬

‫المطلب إلى ف رعين‪ ،‬األول يخص ص لنط اق بطالن حكم التحكيم أم ا الث اني فيخص ص‬

‫لموقف التشريعات المقارنة من أسباب الطعن بالبطالن على حكم التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬رمزي سيف – قواعد تنفيذ األحكام والمحورات الموثقة امرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 72‬‬ ‫‪444‬‬

‫‪365‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفرع األول ‪ :‬نطاق بطالن حكم التحكيم‬

‫يلج أ أط راف ال نزاع أو أح دهم للطعن على حكم التحكيم ب البطالن لع دة أس باب‪،‬‬

‫وعادة ما تنحصر هذه األسباب في مسائل منها ما يتعلق بنطاق رقابة محكمة االستئناف‬

‫على حكم التحكيم ال ذي استبعد الق انون ال واجب التطبيق‪ ،‬ومنه ا ما يتعل ق باس تبعاد المحكم‬

‫للق انون المخت ار من قب ل األط راف ليحكم موض وع المنازع ة‪ ،‬بس بب ع دم مالئم ة الق انون‬

‫المخت ار لحكم العالق ة القانوني ة المعروض ة علي ه‪ ،‬ومنه ا م ا يتعل ق بأهلي ة أط راف التحكيم‬

‫وأخ رى له ا عالق ة بس ير إج راءات التحكيم‪ ،‬ومن أج ل ه ذا ع نى المش رعون بتنظيم ط رق‬

‫الطعن في أحكام المحكمين حتى تتاح الفرصة أمام المحكوم عليه إلصالح هذا الخطأ وال‬

‫تختل ف ط رق الطعن المق ررة بالنس بة ألحك ام التحكيم عن تل ك المق ررة لألحك ام القض ائية‪،‬‬

‫وإ ن كانت هناك بعض الطرق يفضل استبعادها من نظام التحكيم بسبب ذاتية هذا النظام‪،‬‬

‫لذا فإنه من المتعين التعرض ألسباب الطعن بالبطالن على حكم التحكيم (الفق رة األولى) ثم‬

‫س نبين مختل ف الط رق ال تي قررته ا الش ريعة العام ة للتحكيم لبعض ال دول ح تى نتمكن من‬

‫تحدي د الط رق المثلى للطعن في أحك ام التحكيم الص ادرة في المنازع ات اإلداري ة ذات‬

‫الطبيعة التعاقديـ ـ ـ ــة (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب الطعن بالبطالن على حكم التحكيم‬

‫يعتبر اتفاق األطراف على التحكيم بالشك عن اتجاه إرادتهم إلى استبعاد كل أشكال‬

‫تدخل القضاء الوطني بصدد النزاع المثار بينهم والمتفق على حله بطريق التحكيم‪ ،445‬غير‬

‫أن ذلك ال يعني التخلي عن حقهم في الرجوع إلى قضاء الدولة من أجل إصالح ما شاب‬

‫‪ -‬رمزي سيف – قواعد تنفيذ األحكام والمحورات الموثقة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 72‬‬ ‫‪445‬‬

‫‪366‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫حكم التحكيم من أخط اء‪ ،‬فحس ن س ير العدال ة في المجتم ع يتطلب دائم ا أن تت اح الفرص ة‬

‫كالة أمام المحكوم عليه في اللجوء إلى قضاء الدولة لتدارك ما وقع فيه حكم التحكيم من‬

‫أخطاء لذا سنعمل على توضيح بعض األسباب المتعلقة بالطعن بالبطالن على حكم التحكيم‬

‫وذلك في النقط التالية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬استبعاد القانون المختار من قبل األطراف‬

‫ق د ي رى المحكم أن الق انون المخت ار من قب ل أط راف الخص ومة‪ ،‬غ ير مالئم لحكم‬

‫العالقة القانونية في النزاع المثار أمامه‪ ،‬وبالتالي يقوم باستبعاد هذا القانون‪ ،‬وقد ال يكون‬

‫اس تبعاد المحكم للق انون المخت ار بس بب ع دم مالءمت ه‪ ،‬وإ نم ا ق د يك ون االس تبعاد بس بب أن‬

‫هذا القانون يتعارض مع النظام العام الدولي ‪.‬‬

‫و بم ا أن ه من غ ير المعت اد قب ول تمت ع المحكمين بحري ة اس تبعاد الق انون أو القواع د‬

‫المختارة من قبل أطراف النزاع‪ ،‬أي استبعاد اختيار األطراف للفصل في النزاع‪ ،‬بحجة‬

‫أن ه غ ير مالئم‪ ،‬واس تبداله بالق انون المالئم من وجه ة نظ ر المحكمين‪ ،‬فإن ه يك ون مقب وال‬

‫قبول استبعاد المحكمين للقانون المختار من قبل األطراف لمخالفته للنظام العام الدولي ‪.‬‬

‫و يذهب جانب من الفقه إلى عدم قبول تأييد حكم التحكيم في حالة استبعاد القانون‬

‫المخت ار من قب ل األط راف لكون ه ليس الق انون األص لح لحكم المنازع ة‪ ،‬بينم ا يجب تأيي د‬

‫الحكم في حالة استبعاد القانون المختار بسبب تعارضه مع النظام العام الدولي‪.446‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نطاق رقابة محكمة االستئناف على حكم التحكيم‬

‫‪446‬‬
‫‪- Pierre la live‬‬ ‫‪" l’ordre public transnational ou réellement international et l’arbitrage‬‬
‫‪international " Revue d’arbitrage 1986 p 399 .‬‬
‫‪367‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ذهبت محكم ة النقض الفرنس ية إلى القض اء ب أن وظيف ة محكم ة االس تئناف‪،‬‬

‫المعروض عليها الطعن ب البطالن على حكم التحكيم وفقا لنصوص المواد ‪1504-1502‬‬

‫من ق انون المرافع ات المدني ة الفرنس ي الجدي د تنحص ر في فحص أوج ه البطالن ال واردة‬

‫على س بيل الحص ر في ه اتين الم ادتين‪ ،‬وق د واف ق حكم محكم ة االس تئناف الحقيق ة عن دما‬

‫قض ت ب أن التأوي ل الخ اطئ للوث ائق من قب ل المحكمين ال يمكن تش بيهه بمخ الفتهم لالل تزام‬

‫الواقع عليهم بالفصل في النزاع المعروض عليهم في حدود المهمة الموكولة إليهم ‪.‬‬

‫ففي ال نزاع ال ذي نش ب بين ش ركة ‪ Fougerolle‬وال تي أس ند إليه ا بن اء مستش فى‬

‫عسكري في سوريا‪ ،‬والشركة اللبنانية شركة ‪ Butec Engineering‬حيث أبرمت األولى‬

‫معه ا ثالث عق ود في ع امي ‪ 1977-1976‬من أج ل القي ام بالدراس ات واألبح اث‪ ،‬وعلى‬

‫إث ر قي ام ص احب العم ل ب التوقف عن دف ع مس تحقات ش ركة ‪ Fougerolle‬ت وقفت هي‬

‫األخرى عن دفع مستحقات الشركة اللبنانية‪ ،‬متمسكة بأن نصوص العقد تتيح لها في حالة‬

‫عدم حصولها على مستحقاتها من صاحب العمل أن تتوقف عن الدفع لمكتب الدراسات ‪.‬‬

‫وعن د ع رض المنازع ة على التحكيم‪ ،‬ق رر المحكم ون أحقي ة الش ركة اللبناني ة في‬

‫اس تيفاء حقوقه ا من ش ركة ‪ ،Fougerolle‬ولق د رفض ت محكم ة اس تئناف ب اريس الطعن‬

‫ال ذي تق دمت ب ه ش ركة ‪ Fougerolle‬ض د حكم التحكيم الص ادر بإلزامه ا ب دفع األتع اب‬

‫المق ررة للش ركة اللبناني ة مم ا دفعه ا للج وء إلى الطعن في ه ذا الحكم أم ام محكم ة النقض‬

‫‪ .‬حيث أي دت محكم ة النقض‬ ‫‪447‬‬


‫ال تي أص درت حكمه ا المتق دم في ‪ 20‬ديس مبر ‪1993‬‬

‫الفرنسية هذا القض اء إذ قض ت ب أن ‪ " :‬اإلحال ة على المب ادئ العامة لإللتزام ات المنطبقة‬

‫بشكل عام على العقد‪ ،‬فإن المحكمين لم يقوموا إال بالوفاء باإللتزام الذي يقع على عاتقهم‬

‫‪447‬‬
‫‪- G.Cass , 20 Déc , Revu arbitrage 1994 p 126 note pierre Bell .‬‬
‫‪368‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بموجب البند الثامن من وثيقة تحديد مهام هيئة التحكيم بتحديد الق انون واجب التط بيق على‬

‫العقد المبرم"‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬خروج المحكمون عن نطاق المهمة الموكولة إليهم من قبل األطراف‬

‫يس تمد المحكم س لطته في الفص ل في ال نزاع المع روض علي ه‪ ،‬من إرادة األط راف‬

‫ال تي اتفقت على ع ر ال نزاع علي ه‪ ،‬وه ذه اإلرادة تعت بر هي المص در األص لي ال ذي يش تق‬

‫منه المحكم كل سلطة وسلطان‪ ،‬ولذا فإنه من المنطقي أن يتقيد المحكم عند نظره للنـ ـ ـ ـــزاع‬

‫وإ صدار للحكم في هذا النزاع‪ ،‬أن يتقيد بالمهمة الموكولة إليه‪ ،‬وأن يكون من الطبيعي إن‬

‫تجاوز المحكم ألداء مهمته وإ صدار حكم تحكيمي خارج نطاق موضوع النزاع المعروض‬

‫عليه للفصل فيه‪ ،‬هو حكما محال للطعن عليه بالبطالن‪ ،‬لذا يلجأ األطراف ولخروجهم عن‬

‫‪.‬‬ ‫‪448‬‬
‫حدود وثيقة التحكيم‬

‫فق د نص ت الم ادة ‪-2-34‬أ‪ 3-‬على أن ق رار التحكيم يتن اول نزاع ا ال يقص ده أو‬

‫اليش مله اتف اق الع رض على التحكيم أو أن ه يش تمل على ق رارات في مس ائل خارج ة عن‬

‫نط اق ه ذا االتف اق‪ ،‬على أن ه إذا ك ان من الممكن فص ل الق رارات المتعلق ة بالمس ائل‬

‫المعروض ة على التحكيم عن الق رارات غ ير المعروض ة على التحكيم‪ ،‬فال يج وز أن يلغى‬

‫من ق رار التحكيم س وى الج زء ال ذي يش تمل على الق رارات المتعلق ة بالمس ائل غ ير‬

‫المعروضة على التحكيم ‪.‬‬

‫و نس تخلص من ه ذا النص أم رين ‪ :‬األول ه و أن فص ل التحكيم في مس ائل لم‬

‫يش ملها اتف اق التحكيم يعت بر س ببا كافي ا للطعن ب البطالن على حكم التحكيم ألن ه فص ل في‬

‫‪- Catherine Ta See Kian : « Resolving disputes by arbitration – ridge Books –singapore‬‬
‫‪448‬‬

‫‪university press 2001 p 124 .‬‬


‫‪369‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مس ألة تخ رج عن نط اق االتف اق على التحكيم‪ ،‬واألم ر الث اني ه و إمكاني ة الطعن ب البطالن‬

‫على حكم التحكيم إذا تج اوز المحكم ح دود ه ذا االتف اق‪ ،‬وه ذا يع ني أن التج اوز ل ه ص ور‬

‫أخ رى بخالف فص ل الحكم في مس ائل تخ رج عن نط اق االتف اق‪ ،‬منه ا أن يغف ل المحكم‬

‫الفصل في مسألة اتفق على أنها جزء من مهمة المحكم المطلوب الفصل فيها ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬طرق الطعن المقررة ألحكام التحكيم‬

‫إن أح د أهم عوام ل الج ذب إلى التحكيم لح ل المنازع ات في العق ود اإلداري ة ه و‬

‫س رعة الفص ل في ه ذه المنازع ات بواس طة محكمين أكف اء‪ ،‬بعي دا عن البطء المعه ود في‬

‫القض اء الوط ني‪ ،‬وعن إس ناد ه ذه المنازع ات ذات األبع اد المتش ابكة والمعق دة إلى القض اء‬

‫الوطني الذي ربما ال تتوافر لديه الخبرة والدراية بمثل هذه المنازعات ولكن على الجانب‬

‫اآلخر يأتي المحكم كبشر مثل سائر البشر يعتريه ما يعتريهم من خطأ أو نسيان أو سوء‬

‫تص رف ف إذا ك ان الحكم التحكيمي يس تنفذ والي ة القض اء بمج رد ص دوره ف إن الحاج ة ق د‬

‫تدعو إلى معقب لتصحيح خطأ قد وقع فيه المحكم أو إلعادة األمور إلى نصابها الصحيح‬

‫‪ ،449‬وهك ذا لم ا ك ان موض وع الدراس ة ينص ب على أحك ام الص ادرة في منازع ات العق ود‬

‫اإلدارية فإنه من األهمية التعرض لطرق الطعن التي قررتها الشريعة العامة للتحكيم‪ ،‬هذه‬

‫الطرق سنعمل على توضيحها والوقوف عندها في النقط التالية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االستئناف‬

‫تخض ع أحك ام التحكيم الص ادرة عن المحكمين س واء ك ان التحكيم من خالل‬

‫المحكمة‪ ،‬أو أنه قد تم خارج المحكمة إلى رقابة القضاء‪ ،‬ولكي يصبح حكم التحكيم قابال‬
‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬محم ود هاش م – اس تنفاذ والي ة المحكمين في ق انون المرافع ات – مجل ة العل وم القانوني ة‬ ‫‪449‬‬

‫واالقتصادية – حقوق عين شمس السنة ‪ 26‬العددان ‪. 1984-2-1‬‬

‫‪370‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للتنفي ذ‪ ،‬الب د من مص ادقة المحكم ة المختص ة علي ه‪ ،‬وذل ك بع د قي ام المحكم ة المختص ة‬

‫بمراجعة االجراءات التي طبقت على سير عملية التحكيم‪ ،‬وفيما إذا كان قد شاب اج راءات‬

‫التحكيم بطالن ا من أي ن وع من المخالف ات ال تي تج يز إبط ال حكم التحكيم أو ع دم إعطائ ه‬

‫الصيغة التنفيذية‪ ،‬وتختص المحكمة بالرقابة على االجراءات التي اتبعت أثناء سير عملية‬

‫التحكيم‪ ،‬وال تنظ ر المحكم ة المختص ة في الموض وع‪ ،‬وينعق د االختص اص في رقاب ة‬

‫اج راءات التحكيم والمص ادقة على حكم التحكيم في الع ادة للمحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر‬

‫النزاع‪.450‬‬

‫و قد أخذ المشرع الفرنسي بنظام االستئناف كإحدى الوسائل التي يمكن من خاللها‬

‫الطعن في أحكام التحكيم الوطنية بشرط عدم تنازل طرفي التحكيم عن سلوك هذا الطريق‬

‫في اتف اق التحكيم أو أن يك ون التحكيم على مقتض ى قواع د العدال ة واإلنص اف‪ ،‬وتختص‬

‫بنظره محكمة االستئناف الصادر في نطاقه ا حكم التحكيم‪ ،‬على أن يقدم خالل مدة الشهر‬

‫ال ذي يلي إعالن حكم التحكيم الم ذيل بالص يغة التنفيذي ة‪ ،‬حيث تنص الم ادة ‪ 1486‬من‬

‫ق انون االج راءات المدني ة على أن ه ‪ " :‬االس تئناف والطعن ب البطالن يرفع ان أم ام محكم ة‬

‫االستئناف الص ادر في نطاقه ا حكم التحكيم‪ ،‬وال يقب ل االستئناف أو دع وى البطالن إال إذا‬

‫قدما خالل الشهر الذي يلي إعالن حكم التحكيم المذيل بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الطعن بالبطالن‬

‫الوضع المقرر في فرنسا إذا تنازل األطراف صراحة عن حق الطعن باالستئناف‬

‫أو إذا لم يتفقوا في حال ة التحكيم الطليق على االحتفاظ بهذا الحق في اتفاق التحكيم ينغلق‬

‫‪450‬‬
‫‪- Euin –perspectives pour une reforme des voies de recours Revue arbitrage 1992 p 325 .‬‬
‫‪371‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أمامهم طريق االستئناف ويبقى لهم فقط طريق الطعن بالبطالن وفقا للحاالت التي أوردها‬

‫‪.‬‬ ‫‪451‬‬
‫المشرع على سبيل الحصر في المادة ‪ 1484‬من قانون اإلجراءات المدنية‬

‫و تعد القواعد اإلجرائية التي تحكم الطعن بالبطالن‪ ،‬وكذلك المدة التي يتعين تقديم ه‬

‫في خالله ا هي ذاته ا المق ررة للطعن بطري ق االس تئناف‪ ،‬كم ا أن الطعن ب البطالن‬

‫واالستئناف يخضعان لذات االجراءات المتبعة أم محكمة االستئناف ‪.‬‬

‫و لق د أخ ذ المش رع الفرنس ي أيض ا بطري ق الطعن ب البطالن‪ ،‬دون س واه بالنس بة‬

‫ألحك ام التحكيم الص ادرة في ظ ل التحكيم ال دولي ش ريطة أن يك ون حكم التحكيم ق د ص در‬

‫في فرنس ا‪ ،‬فق د نص ت الم ادة ‪ 1504‬من ق انون االج راءات المدني ة على أن حكم التحكيم‬

‫الصادر في فرنسا في إطار تحكيم دولي يمكن أن يكون محال للطعن فيه بطريق اإلبطال‬

‫وفقا للحاالت المنصوص عليها في المادة ‪. 1502‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اعتراض الغير‬

‫يع د ه ذا الطري ق من ط رق الطعن غ ير العادي ة المق ررة لمراجع ة أحك ام التحكيم‬

‫اإلداري‪ ،‬وه و عب ارة عن وس يلة بمقتض اها يج وز أن يق دم ك ل ش خص لم يكنطرف ا في‬

‫‪ -‬وهذه الحاالت هي ‪:‬‬ ‫‪451‬‬

‫‪ -‬إذا فصل المحكم في النزاع دون وجود اتفاق تحكيم أو بناء على اتفاق باطل أو انتهت مهمته ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا شكلت محكمة التحكيم بصورة غير شرعية‪ ،‬أو إذا تم تعيين المحكم الوحيد بطريقة مخالفة للقانون ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا فصل المحكم في النزاع دون التقيد بحدود المهمة التي عهد بها إليه ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم يتم احترام مبدأ المواجهة ‪.‬‬
‫‪ -‬في جميع حاالت البطالن المنصوص عليها في المادة ‪ ( 1480‬وهذه الحاالت تتعلق ببيانات حكم التحكيم وتسبيبه )‬
‫‪ -‬إذا خالف المحكم قاعدة متعلقة بالنظام العام ‪.‬‬
‫انظر في شرح هذه الحاالت بالتفصيل واألحكام القضائية الصادرة بشأنها ‪:‬‬
‫‪- Mde Boiséson - Le droit français de l’arbitrage , Revue arbitrage 1987 p 367 .‬‬

‫‪372‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الخص ومة أو ممثال فيه ا اعتراض ا على الحكم الص ادر فيه ا وال ذي يكب ده أو يعرض ه‬

‫للضرر‪.452‬‬

‫و لق د أخ ذ المش رع الفرنس ي به ذه الوس يلة كإح دى الط رق المتاح ة لمراجع ة حكــم‬

‫التحكيم‪ ،‬فق د نص ت الم ادة ‪ 1481/2‬من ق انون االج راءات المدني ة على أن ه يج وز الطعن‬

‫في أحك ام التحكيم عن طريق اعتراض الغ ير أم ام المحكمة المختص ة أصال بنظر النزاع‬

‫في غياب االتفاق على التحكيم مع مراعاة أحكام المادة ‪ 588/1‬من ذلك القانون ‪.‬‬

‫و وفق ا للم ادة ‪ 583‬من ق انون االج راءات المدني ة ف إن اع تراض الخ ارج عن‬

‫الخصومة يجب أن تتوافر في شأنه ثالثة شروط ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يتعرض لضرر أو أن يهدد بحدوث ضرر ‪.‬‬

‫‪ -‬أال يكون طرفا في الخصومة ‪.‬‬

‫‪ -‬أال يكون مثل في الخصومة عدا حاالت الغش ‪.‬‬

‫و المالح ظ أن ق انون التحكيم المص ري لم يأخ ذ بطري ق اع تراض الخ ارج عن‬

‫الخصومة خالفا للقانون الفرنسي‪ ،‬وهذا االتجاه لم يلق قبوال لدى بعض الفقهاء الذي رأى‬

‫ضرورة أن يتدخل المشرع وينص على إمكانية الطعن في أحكام التحكيم بطريق اعتراض‬

‫الخارج عن الخصومة‪ ،‬وذلك لمواجهة الحاالت العملية‪ ،‬التي تضع الغير ذا المصلحة بين‬

‫شقى الرحى‪ ،‬فال هو طرف يملك ما يملكه األطراف من حق الحضور وأداء أوجه دفاع ه‪،‬‬

‫‪452‬‬
‫‪- Mde‬‬ ‫‪Boiséson - Le droit français de l’arbitrage , Revue arbitrage 1987 p 367 .‬‬

‫‪373‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وال ه و أجن بي من الغ ير‪ ،‬ال ذين ال تمت د إليهم آث ار حكم التحكيم وفق ا لم ا تتج ه إلي ه بعض‬

‫‪.‬‬ ‫‪453‬‬
‫اآلراء‬

‫رابعا ‪ :‬مدى جواز الطعن بطريق النقد في أحكام التحكيم‬

‫يع د طري ق الطعن ب النقض من أوج ه ط رق الطعن غ ير العادي ة المق ررة بالنس بة‬

‫لألحكام القضائية االنتهائية‪ ،‬إذ ال يمكن أن يوجه هذا الطعن إلى األحكام التي تكون قابلة‬

‫للطعن فيها باالستئناف أو بأي طريق آخر من طرق الطعن‪ ،‬وبالتالي فإن الطعن بالنقض‬

‫ال يمكن أن يوج ه مباش رة إلى أحك ام التحكيم باعتباره ا أحكام ا تقب ل الطعن فيه ا بط رق‬

‫أخرى ‪.‬‬

‫فض ال عن ذل ك‪ ،‬ف إن دور المح اكم العلي ا في الدول ة‪ ،‬كمحكم ة النقض والمحكم ة‬

‫اإلداري ة العلي ا في مص ر‪ ،‬ه و توحي د المب ادئ القانوني ة ال تي تطبقه ا المح اكم على اختالف‬

‫أنواعها منعا من االختالف حول تطبيق أو تفسير النص القانوني الواحد‪ ،‬وهذا االعتبار ال‬

‫ينطب ق على األحك ام الص ادرة عن هيئ ات التحكيم‪ ،‬ألنه ا ال تعت بر من مح اكم الدول ة وال‬

‫درجة من درجات التقاضي‪.454‬‬

‫كم ا أن التحكيم يعت بر قض اء خاص ا يحكم ح االت متباين ة‪ ،‬ومن تم فال مح ل لوح دة‬

‫‪.‬‬ ‫‪455‬‬
‫تطبيق القانون بشأنها كما هو الحال بالنسبة للقانون الداخلي‬

‫‪ -‬خال د أحم د حس ن – بطالن حكم التحكيم – دراس ة مقارن ة‪ ،‬رس الة دكت وراه مقدم ة إلى كلي ة الحق وق جامع ة عين‬ ‫‪453‬‬

‫شمس ‪ 2006‬ص ‪. 641‬‬


‫‪ -‬علي بركات – الطعن في أحكام التحكيم – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 2003‬ص ‪. 17‬‬ ‫‪454‬‬

‫‪ -‬أحم د الس يد ص اوي – التحكيم طبق ا للق انون رقم ‪ 27‬لس نة ‪ 1994‬وأنظم ة التحكيم الدولي ة‪ ،‬دون ذك ر دار النش ر‬ ‫‪455‬‬

‫‪ 2002‬ص ‪. 217‬‬

‫‪374‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و لع ل ه ذه االعتب ارات هي ال تي دفعت بالمش رع الفرنس ي إلى أن يحظ ر ص راحة‬

‫الطعن بالنقض في أحكام التحكيم في المادة ‪ 1481/1‬من قانون االجراءات المدنية ‪.‬‬

‫الف رع الث اني ‪ :‬موق ف التش ريعات المقارن ة من أس باب الطعن ب البطالن على حكم‬

‫التحكيم‬

‫تختلف األنظمة القانونية المعاصرة بشأن تحديد حكم التحكيم الخاضع للبطالن‪ ،‬ففي‬

‫الوقت الذي تذهب فيه بعض هذه األنظمة إلى إخض اع أي حكم تحكيمي دولي للطعن علي ه‬

‫ب البطالن بغض النظ ر عن مك ان ص دوره‪ ،‬ف إن البعض اآلخ ر ي ذهب في اتج اه ع دم‬

‫االختص اص بنظ ر دع اوى البطالن إال تل ك المقام ة ض د أحك ام تحكيم ص درت في اقليم‬

‫الدول ة المطل وب من قض ائها الحكم ب البطالن‪ ،‬وبعض ها يض يق نط اق اختص اص القض اء‬

‫الوطني بالبطالن وتجعله ال يختص إال بحاالت معينة تتعلق بالنظام الوطني‪ ،‬مما يجعلها‬

‫ال تختص بنظر الطعون على أحكام التحكيم حتى لو صدرت على اقليمها ‪.‬‬

‫و على ال رغم من أن التحكيم ه و قض اء اختي اري إال أن التش ريعات وض عت ل ه‬

‫قواعد وأسسا وضوابط قانونية‪ ،‬من حيث موضوع النزاع والشروط الواجب توافرها في‬

‫أطراف النزاع والمحكم ومدة التحكيم وحاالت عزل وتعيين ورد المحكم وطرق الطعن في‬

‫حكم التحكيم واجراءات الطعن وغيرها من الضوابط التي سبق أن تعرضنا لها إض افة إلى‬

‫هذا‪ ،‬تعرضنا إلى أسباب بطالن حكم التحكيم‪ ،‬والتي صدرت بشأنها عدة مواقف من لدن‬

‫دول مختلفة ‪ .‬هذه المواقف سنعمل على توضيحها في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬موقف تشريعات الدول العربية من الطعن في حكم التحكيم‬

‫‪375‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫إن بطالن حكم التحكيم يجع ل العملي ة التحكيمي ة ك أن لم تكن بالت الي يف ترض‬

‫ب أطراف ال نزاع مراجع ة ح االت البطالن ح تى ال يك ون مص ير اتف اقهم التحكيمي‬

‫البطالن‪ ،456‬لذا يجب على أطراف التحكيم مراجعة حاالت البطالن وأسبابها ويقف ون عليه ا‬

‫ويتجنبونه ا طيل ة ف ترة اج راءات التحكيم ح تى تك ون إج راءاتهم س ليمة وال ي ذهب جه دهم‬

‫وم الهم أدراج ال ريح ن غ ير أن أس باب بطالن الحكم التحكيمي تب اينت بش أنها مواق ف‬

‫التشريعات الوضعية سنعمل على توضيحها في النقط التالية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬موقف قانون التحكيم لدولة اإلمارات‬

‫نص المشرع اإلماراتي صراحة على عدم جواز الطعن في التحكيم بأي طريقة من‬

‫ط رق الطعن س واء ك انت ط رق الطعن العادي ة أم ط رق الطعن غ ير العادي ة‪ ،‬أي أن حكم‬

‫المحكم يحوز حجية األمر المقضي به ما لم يخالف النظام العام في الدولة إال فيما يتعلق‬

‫بتعيين المحكم فيجوز الطعن بذلك‪.457‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 212‬من القانون ذاته على ‪ " :‬ويجب أن يصدر حكم المحكم في‬

‫دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة وإ ال اتبعت في ش أنه القواع د المق ررة ألحك ام المحكمين‬

‫الصادرة في بلد أجنبي "‪.‬‬

‫مفاد هذا النص أن أحكام التحكيم الصادرة في دولة اإلمارات تعتبر أحكاما وطنيـ ـــة‬

‫وتخض ع لألحك ام القض ائية الوطني ة المق ررة في ق انون االج راءات المدني ة االتح ادي‪ ،‬وفي‬

‫‪ -‬علي بركات – الطعن في أحكام التحكيم – مرجع سابق ص ‪. 18‬‬ ‫‪456‬‬

‫‪ -‬نص ت الم ادة ‪ 204‬من ق انون االج راءات المدني ة االتح ادي على أن ه ‪ ":‬ال يج وز الطعن في الحكم الص ادر ب ذلك‬ ‫‪457‬‬

‫بأي طريقة من ط ـ ــرق الطعن "‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫حال صدر حكم التحكيم خارج الدولة فيكون حكما أجنبيا بالتالي يخضع للقواعد المقررة‬

‫في قانون االجراءات المدنية بشأن قواعد األحكام القضائية األجنبية ‪.‬‬

‫و ق د نص ت الم ادة ‪ 217‬على ‪ ... " :‬أم ا الحكم الص ادر بالمص ادقة على حكم‬

‫المحكمين أو ببطالنه فيجوز الطعن فيه بطرق الطعن المناسبة " ‪.‬‬

‫و من خالل التمعن في هذا النص يتضح الفرق في مدى جواز الطعن بحكم التحكيم‬

‫حيث يتضح من المواد الس ابقة أن حكم التحكيم ال يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة‬

‫في الق انون مهم ا ك انت‪ ،‬إال أن ه يج وز الطعن ببطالن حكم التحكيم أثن اء عرض ه أم ام‬

‫المحكمة المختصة للمصادقة عليه ‪.‬‬

‫فق د قض ت محكم ة تمي يز دبي على ‪ " :‬وإ ن ك ان حكم المحكم بمج رد ص دوره ل ه‬

‫حجيت ه بين الخص وم إال أن ه ذه الحجي ة تق ف عن دما يطعن علي ه ب البطالن ويك ون مص ير‬

‫الحكم معلقا على ما يقضي به في هذا الطعن ‪.‬‬

‫و ق د قض ت المحكم ة االتحادي ة العلي ا في الحكم رقم ( ‪ ) 218‬م دني لس نة ‪ 20‬ق‬

‫جلس ة ‪ : 2000-2-29‬أن حكم المحكمين بذات ه ال يج وز اس تئنافه‪ ،‬أس اس ذل ك الم ادة (‬

‫‪ ) 217‬فق رة ‪ 1‬إنم ا يج وز اس تئناف الحكم الص ادر بالمص ادقة على حكم المحكمين أو‬

‫بطالنه استثناء األحوال المذكورة في ف ‪ 3‬من المادة سالفة الذكر ‪.‬‬

‫أم ا بالنس بة لحكم التحكيم الص ادر خ ارج اإلم ارات فإن ه يعت بر حكم ا أجنبي ا ب االلي‬

‫تطبق في شأنه القواعد المقررة التطبيق على األحكام القضائية األجنبية‪ ،‬وفي كلتا الحالتين‬

‫ف إن المحكم ة عن د نظره ا طلب المص ادقة فإن ه تنظ ر لحكم التحكيم من الناحي ة الش كلية ال‬

‫الموض وعية على أال يخ الف النظ ام في الدول ة ‪ ،‬فهي تنظ ر الموض وع إذا تمسك الخصوم‬
‫‪377‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بذلك عند رفع دعوى بطالن حكم التحكيم أو في حال مخالفته للنظام العام في الدولة‪ ،‬عدا‬

‫‪.‬‬ ‫‪458‬‬
‫ذلك ال تنظر له إال من الناحية الشكلية من حيث صحة االجراءات‬

‫و تج در اإلش ارة أن دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة ق امت بإع داد مش روع ق انون‬

‫التحكيم‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 52‬من مشروع قانون التحكيم االتحادي على ‪ – 1 " :‬ال تقبل‬

‫أحك ام التحكيم ال تي تص در طبق ا ألحك ام ه ذا الق انون الطعن فيه ا ب أي طري ق من ط رق‬

‫الطعن العادية أو غير العادية ‪ – 2 .‬يجوز رفع دع وى بطالن حكم التحكيم وفقا لألحكام‬

‫المبينة في المادتين التاليتين ‪.‬‬

‫و ب ذلك اتف ق مش روع ق انون التحكيم االتح ادي م ع ق انون االج راءات المدني ة‬

‫االتح ادي في الم ادتين المش ار إليهم ا بع دم ج واز الطعن في حكم التحكيم ب أي طريق ة من‬

‫ط رق الطعن س واء أك انت ط رق الطعن عادي ة كاالس تئناف أو ط رق الطعن غ ير العادي ة‬

‫ك النقض والتم اس بإع ادة النظ ر‪ ،‬أي أن حكم التحكيم م تى ك ان مس توفيا للش روط القانوني ة‬

‫وتم إعماله وفقا لبنود مواد القانون فال يجوز الطعن فيه‪ ،‬إال أنه يجوز الطعن ببطالن حكم‬

‫التحكيم وفقا ألسب ـــاب وحاالت معينة أوردها المشرع على سبيل الحصر ال المثال يجوز‬

‫الطعن بمقتضاه في حكم التحكيم بالبطالن ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬موقف قانون التحكيم لدولة مصر‬

‫تختلف التشريعات المصرية بعضها عن البعض اآلخر في معالجة موض وع الطعن‬

‫حيث أن ق انون المرافع ات المص ري الملغي ك ان يج يز الطعن‬ ‫‪459‬‬


‫بق رارات هيئ ة التحكيم‬

‫‪ -‬جلسة ‪ 2003-4-13‬طعن رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 2003‬محكمة تمييز دبي ‪.‬‬ ‫‪458‬‬

‫‪ -‬انظر قانون المرافعات المصري السابق رقم ‪ 77‬لسنة ‪ 1949‬الملغى بقانون المرافعات المصري رقم ‪ 13‬لسنة‬ ‫‪459‬‬

‫‪ 1968‬والذي ألغيت منه المواد القانونية الخاصة بالتحكيم بقانون التحكيم المصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪. 1994‬‬

‫‪378‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫باالس تئناف ص د أحك ام المحكمين‪ ،‬وذل ك على أس اس أن المش رع يعت بر أحك ام المحكمين‬

‫نفس األحك ام الص ادرة من المح اكم القض ائية‪ ،‬فعلى ه ذا األس اس ك ان الق انون المص ري‬

‫الملغى يج يز الطعن باالس تئناف ض د أحك ام المحكمين وبحس ب القواع د واالج راءات‬

‫المقررة لهذا الطعن بالنسبة لألحكام القضائية‪ ،‬أما في تش ريع التحكيم المصري الجديد رقم‬

‫‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬فقد جاء المشرع المصري فيه بمنحى جديد يختلف عن كل ما كان في‬

‫ق وانين المرافع ات المص رية الس ابقة بالنس بة إلى ط رق الطعن بق رارات هيئ ة التحكيم‪ ،‬إذ‬

‫منع هذا القانون التعرض بالطعن لكل القرارات التي تصدرها هيئة التحكيم بأية طريقة من‬

‫‪ .‬كم ا أن المش رع المص ري ق د‬ ‫‪460‬‬


‫ط رق الطعن المق ررة في ق انون المرافع ات المص ري‬

‫حدد الحاالت التي يجوز فيها رفع دعوى البطالن دون غيرها‪ ،‬فال يجوز أن تختلط هذه‬

‫الح االت م ع ح االت ط رق الطعن األخ رى مث ل طلب التم اس إع ادة النظ ر‪ ،‬إذ اس تبعد‬

‫المشرع من حاالت طلب التماس إعادة النظر بالنسبة لقرارات التحكيم‪ ،‬حالة الحكم بأكثر‬

‫مم ا يطلب ه الخص وم أو بم ا ال يطلب وه‪ ،‬على اعتب ار أن ه ذه الحال ة هي خ روج المحكم في‬

‫حكم ه عن مش ارطة التحكيم وبالت الي فإنه ا ت دخل ض من ح االت دع وى بطالن الق رار‬

‫التحكيمي ‪.‬‬

‫أم ا عن الح االت ال تي يجب رف ع دع وى البطالن به ا وال تي ح ددها نص الفق رة‬

‫األولى من المادة ‪ 53‬من قانون التحكيم المصري فهي على الوجه التالي ‪:‬‬

‫‪ -‬رمزي سيف – قواعد تنفيذ األحكام والمحررات الموثقة‪ ،‬الطبعة التاسعة دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1970‬ص‬ ‫‪460‬‬

‫‪.89‬‬
‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬أسعد فاضل منديل أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار نيبور للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع العراق ‪ 2011‬ص ‪. 262‬‬

‫‪379‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬حالة إذا صدر القرار التحكيمي بدون اتفاق الخصوم أو كان هذا االتفاق باطال‬

‫أو قابال لإلبطال أو سقط بانتهاء المدة ‪.‬‬

‫‪ -‬حالة ما إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد األهلية أو ناقصا وفقا‬

‫للقانون الذي يحكم أهليته ‪.‬‬

‫‪ -‬حال ة إذا تع ذر على أح د ط رفي التحكيم تق ديم دفاع ه بس بب ع دم إعالن ه إعالن ا‬

‫صحيحا يتعين بحكم إو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر خارج عن إرادته ‪.‬‬

‫‪ -‬حال ة إذا اس تبعد ق رار التحكيم تط بيق الق انون ال ذي اتف ق األط راف على تطبيق ه‬

‫على موضوع النزاع ‪.‬‬

‫‪ -‬حالة إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو‬

‫التفاق الطرفين ‪.‬‬

‫‪ -‬حال ة إذا فص ل ق رار التحكيم في مس ائل ال يش ملها اتف اق التحكيم أو ج اوز ح دود‬

‫هذا االتفاق‪ ،‬ومع ذلك إذا أمكن فصل إجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن‬

‫أجزائه الخاصة غير الخاضعة له فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة ‪.‬‬

‫‪ -‬حالة إذا وقع بطالن قرار التحكيم‪ ،‬أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطالنا أثر‬

‫في القرار ‪.‬‬

‫و نافلة القول أن في حالة توافر أية حالة من حاالت البطالن المذكورة سابقا‪ ،‬فمن‬

‫واجب المحكمة المختصة أن تبطل القرار التحكيمي وذلك قبل أن تصدر أمر التنفي ذ عليه‪،‬‬

‫ألن هذه الحاالت هي من النظام العام والتي يمكن للمحكمة أن تحكم بها من تلقاء نفسها‪،‬‬

‫‪380‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا إذا أغفلت المحكم ة ح االت البطالن وأص درت أم ر تنفي ذ الق رار التحكيمي وه و معيب‬

‫بإحدى تلك الح االت‪ ،‬ففي مثل هذه الحالة يحق للخص م ال ذي ص در الحكم ض ده أن يرفع‬

‫دعوى البطالن أمام المحكمة المختصة مطالبا بإبطال ذلك القرار‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى وقف‬

‫تنفي ذ الق رار التحكيمي لحين أن تبت المحكم ة بتل ك ال دعوى إم ا ب الرفض واس تئناف تنفي ذ‬

‫القرار التحكيمي أو بالقبول وإ بطال ذلك القرار ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬موقف قانون التحكيم المغربي من الطعن في الحكم التحكيمي‬

‫إن قض اء التحكيم بطبيعت ه ه و قض اء خ اص يس تبعد ويس تنكف الخض وع لقض اء‬

‫الدولة خاصة وأن المنازعات الالحقة على صدور حكم التحكيم تلتهم كل محاسن التحكيم‪،‬‬

‫ب ـ ـــل وأن البعض ذهب إلى الق ول ب أن نظ ام التحكيم يفق د س بب وج وده وقيمت ه إذا أعقب‬

‫اجراءات التحكيم إجراءات الحقة أمام قضاء الدولة‪.461‬‬

‫و نالحظ أن المشرع المغربي في قانون ‪ 05/08‬كان صريحا في عدم قبول الحكم‬

‫التحكيمي للطعن‪ ،‬إال في الحاالت المنصوص عليها في القانون ‪.‬‬

‫و هك ذا فإن ه يمكن أن يك ون الحكم الص ادر عن الهيئ ة التحكيمي ة موض وع إع ادة‬

‫النظر طبقا للشروط المقررة في الفصل ‪ 402‬من قانون المسطرة المدنية‪.462‬‬


‫‪ -‬حفيظة السيد حداد – مرجع سابق ص ‪. 232‬‬ ‫‪461‬‬

‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 402‬من قانون المسطرة المدنية على أنه ‪:‬‬ ‫‪462‬‬

‫يمكن أن تكون األحكام التي ال تقبل الطعن بالتعرض واالستئناف موضوع إعادة النظر ممن كان طرفا في الدعوى أو‬
‫ممن استدعى بصفة قانونية للمشاركة فيها وذلك في اأّل حوال اآلتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 379‬المتعلقة بالمجلس األعلى ( محكمة النقض )‪.‬‬
‫‪ – 1‬إذا بت القاضي فيما لم يطلب منه أو حكم بأكثر مما طلب أو إذا أغفل البت في أحد الطلبات ‪.‬‬
‫‪ – 2‬إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى ‪.‬‬
‫‪ – 3‬إذا بني الحكم على مستندات واعتراف أو صرح بأنها ضرورة وذلك بعد صدور الحكم ‪.‬‬
‫‪ – 4‬إذا اكتشفت بعد الحكم وثائق حاسمة كانت محتكرة لدى الطرف اآلخر ‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كما يمكن للحكم التحكيمي أن يكون قابال لتعرض الغير الخارج عن الخصومة مع‬

‫احترام الفصول ‪ 303‬و‪ 304‬و‪ 305‬من قانون المسطرة المدنية ‪.463‬‬

‫أما الطعن ب البطالن في الحكم التحكيمي فقد حصر المشرع بمقتضى الفصل ‪-36‬‬

‫‪ 327‬الحاالت التي يمكن فيها الطعن بالبطالن وهي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬إذا ص در الحكم التحكيمي في غي اب اتف اق التحكيم إو إذا ك ان اتف اق التحكيم‬

‫باطال إو إذا صدر الحكم بعد انتهاء أجل التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية أو‬

‫مخالفة التفاق الطرفين ‪.‬‬

‫‪ – 3‬إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليه ا أو بتت في مس ائل ال‬

‫يش ملها التحكيم أو تج اوزت ح دود ه ذا االتف اق‪ ،‬وم ع ذل ك إذا أمكن فص ل أج زاء الحكم‬

‫الخاص ة بالمس ائل الخاض عة للتحكيم عن أجزائ ه الخاص ة بالمس ائل الغ ير خاض عة ل ه‪ ،‬فال‬

‫يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة وحدها ‪.‬‬

‫‪ – 5‬إذا وجد تناقض بين أجزاء نفس الحكم ‪.‬‬


‫‪ – 6‬إذا قض ت نفس المحكم ة بين نفس األط راف واس تنادا لنفس الوس ائل بحكمين انته ائيين ومتناقض ين وذل ك لعل ة ع دم‬
‫االطالع على حكم سابق أو لخطأ واقعي ‪.‬‬
‫‪ – 7‬إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين ‪.‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 303‬من قانون المسطرة المدنية على أنه ‪ " :‬يمكن لكل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس‬ ‫‪463‬‬

‫بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى ‪.‬‬


‫و ينص الفص ل ‪ 304‬من نفس الق انون على أن ه ‪ " :‬يق دم تع رض الغ ير الخ ارج عن الخص ومة وفق ا للقواع د المق ررة‬
‫للمقاالت االفتتاحية للدعوى ‪.‬‬
‫ال يقبل أي تعرض الخارج عن الخصومة إذا لم يرفق بوصل يثبت ايداعه بكتابة ضبط المحكمة مبلغا مساويا للغرامة‬
‫في حدها األقصى والتي يمكن الحكم بها تطبيقا للفصل اآلتي ‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 305‬من نفس القانون على أنه ‪ " :‬يحكم على الطرف الذي ال يقبل تعرضه بغرامة ال تتجاوز مائة درهم‬
‫بالنسبة للمحاكم االبتدائية وثالثمائة درهم بالنسبة لمحاكم االستئناف وخمسمائة درهم بالنسبة للمجلس األعلى ‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 4‬إذا لم تحترم مقتضيات الفصلين ‪ ( 327 -23‬الفقرة ‪ ) 2‬و‪ 327 – 24‬فيما‬

‫يخص أسماء المحكمين وتاريخ الحكم التحكيمي والفصل ‪. 327-25‬‬

‫‪ – 5‬إذا تع ذر على أي من ط رفي التحكيم تق ديم دفاع ه بس بب ع دم تبليغ ه تبليغ ا‬

‫صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر يتعلق بواجب احترام حقوق‬

‫الدفاع ‪.‬‬

‫‪ - 6‬إذا صدر الحكم التحكيمي خالفا لقاعدة من قواعد النظام العام ‪.‬‬

‫‪ – 7‬في حالة ع دم التقيد ب اإلجراءات المس طرية التي يتف ق األط راف على تطبيقها‬

‫أو استبعاد تطبيق القانون الذي اتفق األطراف على تطبيقه على موضوع النزاع ‪.‬‬

‫و يعت بر الطعن ب البطالن من النظ ام الع ام أي أن المحكم ة تث يره من تلق اء نفس ها‬

‫وذلك إذا تضمن ما يخالف النظام العام في المغرب أو إذا كان موضوع الناع في المسائل‬

‫التي ال يجوز فيها التحكيم ‪.‬‬

‫و من آث ار الطعن ب البطالن في الحكم التحكيمي أن ه يوق ف تنفي ذ الحكم التحكيمي‬

‫س واء قب ل التق دم ب الطعن أو بع ده وذل ك داخ ل أج ل خمس ة عش ر يوم ا من تبلي غ الحكم‬

‫التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية ‪.‬‬

‫ففي حالة ما إذا أبطلت المحكمة الحكم التحكيمي فإنها تنظر في جوهر النزاع وذلك‬

‫في إطار المهمة المسندة إلى الهيئة التحكيمية‪ ،‬هذا طبعا في حالة إذا لم يكن هذا اإلبطال‬

‫بسبب غياب اتفاق التحكيم أو بطالنه‪.464‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 327- 27‬من قانون التحكيم المغربي السالف الذكر ‪.‬‬ ‫‪464‬‬

‫‪383‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أما إذا قضت محكمة االستئناف برفض دعوى البطالن فيجب عليها في هذه الحالة‬

‫أن تأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي ويكون قرارها في هذه الحالة نهائيا‪.465‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬موقف تشريعات الدول األوربية من الطعن في حكم التحكيم‬

‫س نركز في ه ذه الفق رة على موق ف التش ريع الفرنس ي باعتب ار فرنس ا هي رائ دة في‬

‫مج ال التحكيم وعنه ا أخ ذت بعض ال دول‪ ،‬وع ل ه ذا األس اس فق انون التحكيم المص ري‬

‫الص ادر في س نة ‪ 1981‬ح دد بش كل واض ح دع وى الطعن ب البطالن على أحك ام التحكيم‬

‫ال تي يمكن رفعه ا أم ام المح اكم الفرنس ية‪ ،‬ل ذا نص ت الم ادة ‪ 1504‬من ق انون المرافع ات‬

‫المدني ة الفرنس ي في الفق رة األولى منه ا على " يمكن الطعن ب البطالن على أحك ام التحكيم‬

‫الصادرة في فرنسا بشأن التحكيم الدولي في األحوال المنصوص عليها في المادة ‪. 1502‬‬

‫و بص دور ق انون المرافع ات الجدي د يك ون ق د غ ير اتج اه قض اء محكم ة اس تئناف‬

‫باريس والذي كان يقرر عدم قبول الطعن بالبطالن على أحكام التحكيم التي تصدر وفقا‬

‫لقانون اجرائي آخر غير القانون الفرنسي‪ ،‬حيث أصبح له مجرد صدور حكم التحكيم في‬

‫فرنس ا يكفي في ح د ذات ه النعق اد االختص اص للمح اكم الفرنس ية بنظ ر دع وى الطعن‬

‫بالبطالن المرفوعة ضد هذه األحكام‪ ،‬وحتى ولو كان الحكم قد صدر في منازعة دولية ال‬

‫تتص ل بالنظ ام الق انوني الفرنس ي ب أي عام ل من العوام ل س وى أن مق ر التحكيم في‬

‫فرنسا‪.466‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 327-38‬من نفس القانون ‪.‬‬ ‫‪465‬‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬أس ماء عبي د – التحكيم في التش ريع المغ ربي‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الدراس ات العلي ا المعمق ة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال ‪ 2009-2008‬ص ‪. 59‬‬
‫‪466‬‬
‫‪- E.GAILLARD arbitrage commercial international , contrôle étatique . Droit commun inter‬‬
‫‪fase 586 – 10 n° 92 .‬‬
‫‪384‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و يش ير جانب ا من الفق ه الفرنس ي إلى أن األط راف ال تع نى بتحدي د الق انون ال واجب‬

‫التطبيق على االجراءات‪ ،‬والذي يبدو من وجهة نظرهم أقل أهمية من تحديد مقر انعقاد‬

‫جلس ات التحكيم‪ ،‬ويتمش ى ه ذا الض ابط م ع توقع ات األط راف ال تي تخت ار المق ر م ع م ا‬

‫يترتب عليه من تطبيق نظام قانوني معين على التحكيم بما يتضمنه ذلك من معرفة طرق‬

‫الرج وع المق ررة والمس موح به ا ض د حكم التحكيم الص ادر في دول ة المق ر وفق ا للق انون‬

‫المطبق فيها‪.467‬‬

‫كذلك يترتب على صياغة المادة ‪ 1504‬من قانون المرافعات الفرنسي الجدي د‪ ،‬ع دم‬

‫االعتراف باالختصاص للقضاء الفرنسي بنظر دعاوى البطالن‪ ،‬إال بصدد أحكام التحكيم‬

‫الصادرة في فرنسا‪ ،‬وهذا يعني أن اختيار القانون الفرنسي سواء من قبل األطراف أو من‬

‫قب ل المحكمين ليحكم إج راءات التحكيم غ ير ق ادر على ج ذب الحكم التحكيمي إلخض اعه‬

‫لسلطات النظام القانوني الفرنسي‪ ،‬والسيما ما يتعلق منه بدعوى البطالن‪ ،‬وهذا يتعارض‬

‫م ع م ا أخ ذ ب ه المش رع الفرنس ي من لج وء األط راف إلى القض اء الوط ني لتش كيل هيئ ة‬

‫التحكيم إذا ك ان الق انون الفرنس ي يطب ق على اج راءات التحكيم ال تي تج ري في الخ ارج‪،‬‬

‫فرئيس المحكمة الجزئية في باريس يفصل في المنازعات المتعلقة بتشكيل محكم ة التحكيم‪،‬‬

‫ليس فق ط بش أن التحكيم ال ذي تعق د اجراءات ه في فرنس ا‪ ،‬ولكن بش أن التحكيم ال ذي يتف ق‬

‫أطرافه على خضوعه لقانون االجراءات الفرنسي ‪.‬‬

‫و الش ك أن تمس ك المح اكم الفرنس ية بمعي ار الق انون ال واجب التط بيق على‬

‫االجراءات كمعيار يرجع إليه لتحديد اختصاص المحاكم الفرنسية بنظر دعاوى البطالن‪،‬‬

‫‪ -‬ماجد محمد فهاد تربان – مرجع سابق ص ‪. 319‬‬ ‫‪467‬‬

‫‪385‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يؤدي بها إلى القضاء ببطالن حكم تحكيمي يعد صحيحا من وجهة نظر قضاء دولة مقر‬

‫التحكيم‪ ،‬ولهذا فإن ترجيح ضابط عالمي لالختصاص لتقرير اختصاص القضاء الوطني‬

‫بنظر دعاوى البطالن كما هو الشأن بالنسبة لضابط مقر التحكيم من شأنه أن يتفادى مثل‬

‫‪.‬‬ ‫‪468‬‬
‫هذه التعرضات‬

‫و على سبيل المثال إذا تم توقيع الحكم التحكيمي في فرنسا‪ ،‬بينما كان مقر التحكيم‬

‫قد تم تحديده في دولة أخرى‪ ،‬فإنه يمكن ألحد األطراف أن يتمسك ب أن الحكم التحكيمي قد‬

‫صدر في فرنسا‪ ،‬ويستند على ذلك في اختصاص المحاكم الفرنسية بنظر البطالن ضد ه ذا‬

‫الحكم التحكيمي‪ ،‬ويخف ف من ه ذا التع ارض بين المق ر الق انوني للتحكيم‪ ،‬والمك ان ال ذي‬

‫ص در في ه الحكم التحكيمي‪ ،‬أن يك ون التحكيم ق د ص در تحت مظل ة غرف ة التج ارة الدولي ة‬

‫بب اريس‪ ،‬وال تي تنص الم ادة ‪ 22‬من الئح ة التحكيم الخاص ة به ا على أن ‪ " :‬حكم التحكيم‬

‫يفترض أنه صدر في دولة مقر التحكيم " ‪.‬‬

‫فق د قض ت محكم ة اس تئناف ب اريس في حكمه ا الص ادر في ‪ 28‬ف براير ‪ 1986‬في‬

‫دع وى بطالن ض د حكم تحكيمي ص ادر في انجل ترا ب أن الم ادة ‪ 1504‬من ق انون‬

‫االجراءات المدنية الفرنسي الجديد‪ ،‬مختصة فقط بأحكام التحكيم الصادرة في فرنسا بشأن‬

‫التحكيم ال دولي‪ ،‬وأن الم دعى علي ه ع رض انتقادات ه لحكم التحكيم أم ام قض اء غ ير‬

‫مختص‪.469‬‬

‫‪ -‬حفيظة الحداد – مرجع سابق ص ‪. 99‬‬ ‫‪468‬‬

‫‪469‬‬
‫‪- Cour d’appel de paris 28 février 1986 Revue d’arbitrage p 583 .‬‬
‫‪386‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بص فة عام ة يمكنن ا الق ول ب أن الش روط ال تي اتفقت عليه ا األط راف‪ ،‬أو الئح ة‬

‫التحكيم التي تستند إلى إرادة األطراف تظل غير قادرة على تعديل التنظيم الخاص بطرق‬

‫الطعن بالبطالن والذي يعد من النظام العام ‪.‬‬

‫أم ا بالنس بة للطعن بحكم التحكيم االنجل يزي‪ ،‬فهن اك نوع ان للطعن ‪ :‬األول ه و‬

‫الطعن ب الحكم التحكيمي النتف اء الص الحية والن وع اآلخ ر الطعن ب الحكم التحكيمي لمخالف ة‬

‫جوهرية‪ ،‬ويكون الطعن في كال الحالتين باإلبطال‪.470‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تنفيذ حكم التحكيم اإلداري والصعوبات التي تعترضه‬

‫التنفيذ يقصد به الوفاء بااللتزام بحيث يبرأ منه المدين‪ ،‬ويقسم التنفيذ بصورة عامة‬

‫إلى ن وعين ‪ :‬تنفي ذ رض ائي وتنفي ذ ج بري‪ ،‬وبم ا أن الق رار التحكيمي ه و النتيج ة الحتمي ة‬

‫التف اق التحكيم إذ أن ه ذا األخ ير يمث ل يمث ل إرادة الخص وم الص ريحة في الخض وع إلى‬

‫الق رار التحكيمي فالب د إذن من أن يك ون التنفي ذ الرض ائي ه و ذل ك الن وع من التنفي ذ ال ذي‬

‫ينتهي به القرار التحكيمي سواء أكان يمس أحد األطراف أم كليهما‪.471‬‬

‫أم ا إذا رفض أح د الخص وم التنفي ذ الج بري لألحك ام القض ائية ال تي نص عليه ا‬

‫القانون‪ ،‬وبما أن القرارات التحكيمية هي أحكام قضائية مع بعض االختالفات البسيطة من‬

‫حيث اإلج راءات والراجع ة إلى الخصوص ية ال تي يمت از به ا الق رار التحكيمي‪ ،‬ف إن أغلب‬

‫التش ريعات المقارن ة ق د أوجبت على المحكمين إي داع الق رار م ع أص ل وثيق ة التحكيم في‬

‫‪ -‬للمزيد راجع في ذلك ‪ :‬عبد الحميد األحدب‪ ،‬موسوعة التحكيم الدولي‪ ،‬الجزء الثاني دار المعارف لبنان ‪1996‬‬ ‫‪470‬‬

‫ص ‪. 490‬‬
‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬سعيد مبارك‪ ،‬أحكام قانون التنفيذ‪ ،‬مطبعة التعليم العالي‪ ،‬جامعة بغداد الموصل‪ ،‬العراق‬ ‫‪471‬‬

‫‪ 1989‬ص ‪. 73‬‬

‫‪387‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المحكمة المختصة بنظر النزاع‪ ،‬أما إذا كان اتفاق التحكيم واردا في قضية استئناف‪ ،‬فإنه‬

‫يجب أن يتم هذا االيداع في تلك المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف ‪.‬‬

‫و من الج دير باإلش ارة أن ه ذا االي داع ال يقتص ر فق ط على الق رارات المنهي ة‬

‫للخص ومة‪ ،‬ب ل إن ه يش مل ك ل الق رارات ال تي يمكن أن تص درها هيئ ة التحكيم وإ ن ك انت‬

‫والغ رض من إل زام المش رع هيئ ة‬ ‫‪472‬‬


‫متعلق ة بإثب ات وق ائع ال دعوى أو بس ير إجراءاته ا‬

‫التحكيم بهذا االيداع هو لتمكين الخصوم من االطالع على كل القرارات التي تصدرها تلك‬

‫‪.‬‬ ‫‪473‬‬
‫الهيئة بمجرد مراجعة المحكمة المختصة‬

‫و تلك القرارات أي قرارات التحكيم بعد ايداعها ال يمكن تنفيذها بصورة مباشرة‪،‬‬

‫أي أنه ا ال تك ون واجب ة التنفي ذ إال ب أمر تص دره المحكم ة المختص ة‪ ،‬إذ تنص التش ريعات‬

‫المقارن ة على وج وب أن يص در أم ر تنفي ذ ق رار المحكمين من قب ل قاض ي التنفي ذ في‬

‫المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع‪ ،‬وعلى ه ذا األس اس ي ذهب غالبي ة الفقه اء إلى أن‬

‫تنفي ذ أحك ام المحكمين ال يك ون إال إذا بل غ حكم التحكيم درج ة معين ة من الق وة‪ ،‬بحيث ال‬

‫يكون لالعتراض عليه أثر على قوته التنفيذية أو نفاذه ويكون ذلك بموافقة القضاء عليه‪،‬‬

‫ويؤكد ذلك أن الوفاء بما تضمنه حكم المحكمين قبل بلوغ تلك الدرجة قد ال يعني تنفيذه أن‬

‫المحكوم ضده قد يقوم بالوفاء‪ ،‬ويعترض على مضمونه وليس هناك ما يمنع من ذلك‪ ،‬بل‬

‫يعت بر ه ذا الفع ل في أعلى درج ات حس ن الني ة في تنفي ذ العق ود‪ ،‬إلى ج انب ه ذا فتنفي ذ‬

‫األحك ام التحكيمي ة تعترض ه مجموع ة من الص عوبات خاص ة إذا تعل ق األم ر بالتنفي ذ ض د‬

‫اإلدارة‪ ،‬ومن أج ل توض يح ه ذا كل ه‪ ،‬ارتأين ا أن نقس م ه ذا المبحث إلى مطل بين نتن اول في‬

‫‪ -‬فتحي والي‪ ،‬الوسيط في قانون القضاء المدني‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪. 1987‬‬ ‫‪472‬‬

‫‪ -‬نبيل اسماعيل عمر‪ ،‬اجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية مؤسسة الثقافة الجامعية القاهرة ‪. 1980‬‬ ‫‪473‬‬

‫‪388‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األول النظ ام الق انوني لتنفي ذ أحك ام التحكيم اإلداري أم ا المطلب الث اني فسنخصص ه‬

‫لصعوبات تنفيذ أحكام المحكمين ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم اإلداري‬

‫يح وز حكم التحكيم بمج رد ص دوره على حجي ة الش يء المقض ي ب ه‪ ،‬لكن من‬

‫المالح ظ أن ه ذه الحجي ة ليس ت كافي ة بمفرده ا لكي يمكن تنفي ذ حكم التحكيم إذ أن الطبيع ة‬

‫الخاص ة لقض اء التحكيم تتطلب ض رورة ت دخل القاض ي الوط ني إلعط اء الق وة التنفيذي ة‬

‫لألحكام الصادرة عنه‪ ،‬فالمحكم وإ ن كان يملك إقرار الحق وتقريره‪ ،‬إال أنه شخص عادي‬

‫ال يملك سلطة األمر أو الجبر التي يملكها القاضي الوطني لكي يسبغها على حكم التحكيم‪،‬‬

‫فصدور األمر بالتنفيذ هو الذي يعطي لحكم التحكيم القوة التنفيذية ويسمح بتنفيذه جبرا حال‬

‫‪.‬‬ ‫‪474‬‬
‫عدم امتثال المحكوم ضده لتنفيذه طواعية واختيارا‬

‫و إذا كانت إشكالية عدم امتثال المحكوم ضده لتنفيذ حكم التحكيم قد تبدو محدودة‬

‫األبعاد إذا ما ظلت في إطار النظام القانوني الداخلي‪ ،‬فإن جوانبها قد تتنامى وتتعاظم إذا‬

‫ما تعلق األمر بتنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪ ،‬ومرجع ذلك أن هذه األحكام األخيرة تصدر‬

‫عن أشخاص تابعين لدول أخرى وطبقت بشأنها قواعد قد تغاير وتباين تلك التي يطبقها‬

‫القاضي الوطني‪ ،‬وهذا ما يستدعي التعرض للنظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم الوطنية‬

‫واألجنبي ة ( الف رع الث اني ) ه ذه األحك ام س واء تعل ق األم ر باألحك ام الوطني ة أو األجنبي ة‪،‬‬

‫فهناك جهة مختصة لتنفيذها ( الفرع األول )‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الجهة المختصة بتنفيذ أحكام المحكمين‬

‫‪ -‬علي بركات – الطعن في أحكام التحكيم – مرجع سابق ص ‪. 19‬‬ ‫‪474‬‬

‫‪389‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تنص ق وانين األنظم ة المقارن ة ال تي تق رر مب دأ اللج وء إلى القض اء لتنفي ذ أحك ام‬

‫المحكمين على وج وب ص دور األم ر بالتنفي ذ من قاض ي األم ور الوقتي ة‪ ،‬وبعض ها ي وجب‬

‫‪ ،‬وفي ه ذا‬ ‫‪475‬‬


‫ص دوره من قاض ي التنفي ذ‪ ،‬والبعض اآلخ ر من قاض ي األم ور المس تعجلة‬

‫اإلطار تنص المادة ‪ 215‬من قانون االجراءات المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة "‬

‫قانون اتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ " 1992‬على أنه ‪:‬‬

‫‪ – 1‬ال ينف ذ حكم المحكمين إال إذا ص ادقت علي ه المحكم ة ال تي أودع الحكم قلم‬

‫كتابه ا‪ ،‬وذل ك بع د االطالع على الحكم ووثيق ة التحكيـــم والتثبت من أن ه ال يوج د م انع من‬

‫تنفي ذه وتختص ه ذه المحكم ة تص حيح األخط اء المادي ة في حكم المحكمين بن اء على طلب‬

‫ذوي الشأن بالطرق المقررة لتصحيح األحكام ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين "‪.‬‬

‫أم ا في فرنس ا ف إن ق انون المرافع ات المدني ة الفرنس ي الص ادر بالمرس وم ‪ 12‬أي ار‬

‫‪ ،1980‬فإن الجهة المختصة بتنفيذ حكم التحكيم الصادر داخله فرنسا هو قاضي التنفيـ ـــذ‪،‬‬

‫وأن السلطة في ذلك منعقدة للمحكمة االبتدائية‪ ،‬وأما بالنسبة للقرار الصادر خارج فرنسا‬

‫فإن القاضي المختص مكانيا هو القاضي الذي يقع التنفيذ في نطاق صالحيته‪ ،‬حيث يقضي‬

‫قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد في المادة ‪ 1500‬منه‪ ،‬بأن منح الصيغة التنفيذية‬

‫للحكم التحكيمي الدولي‪ ،‬خاضع لنفس اجراءات المحاكمة التي يخضع لها الحكم التحكيمي‬

‫ال داخلي‪ ،‬ويعت بر الق انون الجدي د أن الم ادتين ‪ 1479- 1476‬المتعلق تين ب التحكيم ال داخلي‬
‫‪ -‬في هذا االتجاه نصت المادة ‪ 204‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري‪ ،‬أنه ال يكون حكم المحكمين‬ ‫‪475‬‬

‫ق ابال للتنفي ذ إال ب أمر يص دره قاض ي المحكم ة ال تي أودع أص ل الحكم قلم كتابه ا بن اء على طلب أي من ذوي الش أن‪،‬‬
‫ويصدر القاض ي األم ر بالتنفيذ بع د االطالع على الحكم ووثيق ة التحكيم وبع د التثبت من أن ه ال يوجد م ا يمن ع من تنفيذه‬
‫ويوضع أمر التنفيذ بذيل أصل الحكم ويختص القاضي األمر بالتنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ الحكم ‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ق ابلتين للتط بيق‪ ،‬حيث تنص الم ادة ‪ 1476‬على أن الق رار التحكيمي ليس ق ابال للتنفـيذ‬

‫الجبري‪ ،‬إال بموجب قرار منحه صيغة تنفيذية صادرة عن المحكمة االبتدائية التي صدر‬

‫وأما‬ ‫‪476‬‬
‫القرار في نطاقها‪ ،‬وأن قاضي التنفيذ هو الذي يصدر قرار منح الصيغة التنفيذية‬

‫إذا كان القرار صادرا خارج فرنسا‪ ،‬فإن القاضي المختص مكانيا هو القاضي الذي يقع‬

‫التنفيذ في نطاق صالحيته ‪.‬‬

‫أما في سلطنة عمان فقد نص قانون التحكيم العماني في المادة ‪ 56‬على اختصاص‬

‫رئيس المحكم ة االبتدائي ة المختص ة بإص دار األم ر بتنفي ذ حكم المحكمين‪ ،‬وبن اء على ذل ك‬

‫فإن القاضي المختص هو الذي يمنح التحكيم القوة التنفيذية‪ ،‬فال يملك المحكم هذا األمر ‪.‬‬

‫فالمحكمة المختصة بإصدار أمر التنفيذ‪ ،‬بالنسبة ألحكام المحكمين التي تخضع في‬

‫تنفيذها لقانون التحكيم العماني‪ ،‬هي المحكمة االبتدائية المختصة بنظر النزاع وفقا لقانون‬

‫التحكيم العم اني‪ ،‬وهي أح د مح اكم القض اء الع ادي في التنظيم القض ائي العم اني‪ ،‬وينطب ق‬

‫هذا األمر بالنسبة لكافة أنواع التحكيم المدني والتجاري‪ ،‬وكذلك بالنسبة للتحكيم الوطني أو‬

‫التجاري الدولي الذي اتفق أطرافه على خضوعه لقانون التحكيم العماني ‪.‬‬

‫و ق د نص ت الم ادة ‪ 58‬من ق انون التحكيم العم اني ‪ 47/97‬م على ش روط الب د من‬

‫توافرها إلصدار أمر تنفيذ حكم المحكمين ‪.‬‬

‫و ال يتمت ع القاض ي المع روض علي ه طلب األم ر بالتنفي ذ بس لطة مراجع ة حكم‬

‫المحكمين من الناحية الموضوعية‪ ،‬وتقدير ص حته أو بطالنه أو مالئمة م ا انتهى إليه‪ ،‬أو‬

‫سالمـ ـ ـــة وص حة تفس يره للق انون أو الواق ع‪ ،‬ف رئيس المحكم ة االبتدائي ة المختص ة إم ا أن‬
‫‪ -‬المادة ‪ 1477‬الفقرة األولى من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد ‪.‬‬ ‫‪476‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬ماجد محمد محمد فهاد تربان – مرجع سابق ص ‪. 350‬‬

‫‪391‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يصدر األمر بالتنفيذ أو يرفضه‪ ،‬فهو ليس بجهة استئناف كما أنه ليس جهة مختصة بنظر‬

‫‪.‬‬ ‫‪477‬‬
‫بطالن الحكم‪ ،‬فالقاضي األمر بالتنفيذ ليس له إال أن يقضي بالتنفيذ أو برفض التنفيذ‬

‫أما في المغرب فالمشرع جعل رئيس المحكمة الص ادر الحكم التحكيمي في دائرتها‬

‫ه و المختص بإص دار أم ر بتخوي ل الص يغة التنفيذي ة للحكم التحكيمي‪ ،‬وهك ذا نص الفص ل‬

‫‪ 327-31‬من ق انون التحكيم المغ ربي على " ال ينف ذ الحكم التحكيمي جبري ا إال بمقتض ى‬

‫أمر ذويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها ‪.‬‬

‫ي ودع أص ل الحكم التحكيمي مص حوبا بنس خة من اتف اق التحكيم ترجمته ا إلى اللغ ة‬

‫العربية لدى كتابة ضبط المحكمة من لدن أحد حكمين أو الطرف األكثر استعجاال داخل‬

‫أجل سبعة أيام كاملة التالية لتاريخ صدوره ‪.‬‬

‫إذا تعل ق التحكيم باس تئناف حكم‪ ،‬وجب اي داع الحكم التحكيمي ل دى كتاب ة ض بط‬

‫محكمة االستئناف وفقا لمقتضيات الفقرة السابقة ‪.‬‬

‫و يصدر األمر بتخويل الصيغة التنفيذية عن الرئيس األول لهذه المحكمة ‪.‬‬

‫و على أية حال فإن تحديد جهة القضاء المختصة ب إجراء الرقاب ة على حكم التحكيم‬

‫ينبغي أن يك ون ب النظر إلى الجه ة ال تي ك ان من المف ترض عق د االختص اص له ا بنظ ر‬

‫ال نزاع ح ال غي اب االتف اق على التحكيم بحيث إذا ك انت المنازع ة ذات طبيع ة خاص ة‪ ،‬أو‬

‫إداري ـ ـــة وطرفه ا إدارة أجنبي ة‪ ،‬ف إن القاض ي المختص ب إجراء الرقاب ة على حكم التحكيم‬

‫‪ -‬قض ت محكم ة النقض المص رية به ذا المض مون في حكمه ا الص ادر بجلس ة ‪ 1990-5-15‬طعن ‪ 52-815‬ق‬ ‫‪477‬‬

‫حيث قضى بأنه " إذا تطرق القاضي إلى بحث مدى سالمة أو صحة قضاء التحكيم في موضوع الدعوى‪ ،‬فإنه يكون قد‬
‫خرج عن حدود واليته‪ ،‬ألنه ال يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد‪ ،‬وليس له إال أن يأمر بالتنفيذ أو برفضه "‪.‬‬
‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬محمود السيد بربري مرجع سابق ص ‪. 275‬‬

‫‪392‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الص ادر بش أنها س يكون بال ش ك القاض ي الع ادي على اعتب ار أن ه المختص أص ال بنظ ر‬

‫ال نزاع في حال ة غي اب االتف اق على التحكيم‪ ،‬أم ا إذا ك انت المنازع ة المطروح ة على‬

‫التحكيم من طبيعة إدارية وطرفها اإلدارة الوطنية‪ ،‬فإن القاض ي اإلداري‪ ،‬بال منازعة‪ ،‬هو‬

‫القاض ي الط بيعي لنظ ر المنازع ات المتعلق ة بحكم التحكيم الص ادر بش أنها‪ ،‬وه ذا م ا انتهى‬
‫‪479‬‬
‫وكذلك األحكام الصادرة عن جهات القضاء الفرنسي‬ ‫‪478‬‬
‫إليه رأي جمهور الفقه الفرنسي‬

‫وأيض ا تقري ر‬ ‫‪480‬‬


‫وأك دت علي ه الدراس ة ال تي أع دها مجلس الدول ة الفرنس ي ع ام ‪1993‬‬

‫مجموعة العم ل الص ادر بت اريخ ‪ 27‬من م ارس ع ام ‪ 2007‬بش أن وض ع التص ور النه ائي‬

‫لمشروع القانون المزمع إصداره بشأن التحكيم في المواد اإلدارية ‪.‬‬

‫و إذا انتهيت إلى ض رورة عق د االختص اص لجه ة القض اء اإلداري بش أن إج راء‬

‫الرقاب ة على أحك ام التحكيم اإلداري‪ ،‬ف إنهيتبقى لن ا في ه ذا المض مار تحدي د المحكم ة‬

‫المختصة التي يجب أن ينعقد لها االختصاص في هذا الشأن وبخاص ة في النظام المصري‬

‫‪.‬‬

‫يبدو أنه من األفضل أن تكون المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع بحسب قيمة‬

‫المنازع ة هي الجه ة المن وط به ا أعم ال الرقاب ة على أحك ام التحكيم‪ ،‬بحيث ترف ع الطع ون‬

‫‪ -‬انظر على سبيل المثال ‪:‬‬ ‫‪478‬‬

‫‪- G.M – DANANCE , L’aritrage en droit public 1 Sem, 1987 p 471 .‬‬
‫‪- j. Auby , l’arbitrage en matière administrative AJDA 1955 p 88 .‬‬
‫‪ -‬انظر على سبيل المثال ‪:‬‬ ‫‪479‬‬

‫‪- C.E 2 Mars 1956 , le secteur electrique de reuilly , p 102 .‬‬


‫‪- C. 13 Février 1959 compagnie des chemins de fer du midi Rec p 113 .‬‬
‫‪ -‬راجع ‪:‬‬ ‫‪480‬‬

‫‪- Conseil d’état , section du rapport et des études , régler autrement les conflits :‬‬
‫‪conciliation , transaction , arbitrage en matière administrative p 95 .‬‬

‫‪393‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ام المحكم ة المختص ة ال تي يق ع ض من نطاقه ا مك ان ص دور حكم التحكيم‪ ،‬وذل ك إذا م ا‬

‫تعلق األمر بتحكيم وطني‪ ،‬أما إذا كان التحكيم دوليا‪ ،‬سواء جرى في مصر أو في الخارج‬

‫واتفق أطرافه على إخضاعه ألحكام قانون التحكيم المصري‪ ،‬فيكون االختصاص لمحكمة‬

‫القضاء اإلداري بالقاهرة ما لم يتفق األطراف على اختصاص محكمة قضاء إداري أخرى‬

‫فـــي مص ر‪ ،‬وب ذلك تت اح الفرص ة أم ام ط رفي التحكيم في الطعن في حكم التحكيم بطري ق‬

‫التم اس إع ادة النظ ر في حال ة فتح المش رع المص ري ه ذا الطري ق من ط رق الطعن أم ام‬

‫وفي الطعن على األحكام الصادرة عن محكمة القضاء اإلداري‬ ‫‪481‬‬


‫محكمة القضاء اإلداري‬

‫في دعوى البطالن أمام المحكمة اإلدارية العليا ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم اإلداري الوطنية واألجنبية‬

‫الش ك أن المقول ة الش هيرة القائل ة " ال ينف ع تكلم بح ق النف اذ ل ه " تص دق على‬

‫معطي ات التحكيم بنفس الطريقة التي تص دق على األحكام التي تص در من المحاكم‪ ،‬إذ أن‬

‫غاية األطراف من اختيار التحكيم تتمحور وال في ما تتسم به الطريقة من سرعة في فض‬

‫الخالفات‪ ،‬هذه السرعة التي يطلبها األطراف ليس في الفصل في النزاع فقط‪ ،‬بل باألساس‬

‫في اقتضاء الحق والتنفيذ الفعلي على المحكوم عليه ‪.‬‬

‫و نظ را الفتق ار عيئ ة التحكيم للس لطة ال تي تمنه ا من إجب ار الط رف الممتن ع عن‬

‫التنفي ذ‪ ،‬ف إن ه ذا الوض ع يس تلزم ت دخل القض اء لألم ر بتنفي ذ حكم التحكيم ووض ع الص يغة‬

‫‪ -‬إذا كان من المستقر عليه في فقه قضاء المحكمة اإلدارية العليا أن الطعن بطريق التماس إعادة النظر جائز في‬ ‫‪481‬‬

‫األحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة عدا األحكام الصادرة عنها‪ ،‬ومن األحكام التي عبرت عن هذا المعنى الحكم‬
‫الص ادر في الطعن رقم ‪ 1993‬لسنة ‪ 47‬ق ع جلسة ‪ 2000 – 6-6‬مجموعة األحك ام الص ادرة عن المحكم ة اإلداري ة‬
‫العلي ا‪ ،‬ال دائرة األولى مرج ع س ابق ص ‪ 138‬فإن ه يس تفاد من ذل ك أن ه ال يج وز الطعن في حكم التحكيم بطري ق التم اس‬
‫إعادة النظر أمام امحكمة المحكمة اإلدارية العليا ‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التنفيذي ة علي ه‪ ،‬ح تى يمكن تنفي ذه ج برا‪ ،‬ف إذا ك انت إرادة األط راف بم وجب اع تراف‬

‫المش روع وإ ق راره تس تطيع اللج وء إلى نظ ام التحكيم وإ عمال ه في ح ل المنازع ات‪ ،‬إال أن ه‬

‫وبالرغم من ذلك تظل هذه اإلرادة عاجزة على تزويد حكم التحكيم الصادر بالقوة التنفيذية‬

‫ال تي ت تيح تنفي ذه ج برا‪ ،‬ومرج ع ذل ك أن اإلرادة الخاص ة ال تمل ك مكن ة تك وين الس ندات‬

‫التنفيذي ة‪ ،‬ذل ك أن األم ر بالتنفي ذ ه و ال ذي يص بغ الق وة التنفيذي ة على حكم التحكيم ويرفع ه‬

‫إلى مص افي الس ندات التنفيذي ة‪ ،‬أض ف إلى ذل ك أن أم ر التنفي ذ يظه ر الف رق بين أحك ام‬

‫القض اء وأحك ام التحكيم‪ ،‬حيث إن ه ذه األخ يرة ال توض ع عليه ا الص يغة التنفيذي ة إال بع د‬

‫صدور أمر التنفيذ مـــن القضاء‪ ،‬أما أحكام القضاء توضع عليها الصيغة التنفيذية دون أن‬

‫يس بق ذل ك ص دور أم ر بتنفي ذها كم ا أن األم ر يختل ف بين أحك ام التحكيم الوطني ة وأحك ام‬

‫التحكيم األجنبية كل هذا سنعمل على توضيحه في الفقرات التالية ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية‬

‫يعت بر أم ر التنفي ذ نقط ة هام ة من نق اط االلتق اء بين قض اء التحكيم وقض اء الدول ة‪،‬‬

‫فالبد من تدخل قضاء الدولة لألمر بتنفيذ حكم المحكمين وخلع القوة التنفيذية عليه‪ ،‬وعلى‬

‫ال رغم من أن ت دخل قض اء الدول ة في عملي ة التحكيم ق د ي ؤثر س لبا على مس تقبل التحكيم‬

‫ويقلل من شأن الميزة النسبية للتحكيم في البعد عن قضاء الدولة‪ ،‬فاألمر بالتنفيذ إن هو إال‬

‫‪.‬‬ ‫‪482‬‬
‫خاتم رسمي يدل على أن رقابة ما قد مورست من قبل السلطة العامة‬

‫و المحكم م ا ه و إال ش خص ع ادي اختارت ه اإلدارة الح رة لألط راف ولم يمنح ه‬

‫الق انون تل ك الس لطة في إس باغ الق وة التنفيذي ة على عمل ه‪ ،‬ومن تم ف إن األم ر يحت اج إلى‬

‫‪ -‬أحمد هندي – تنفيذ أحكام المحكمين – دار الفكر العربي القاهرة مصر ‪ 2004‬ص ‪. 102‬‬ ‫‪482‬‬

‫‪395‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تدخل من جانب قضاء الدولة‪ ،‬وينبغي النظر إلى ذلك في إطار تحقق قضاء الدولة‪ ،‬وال ذي‬

‫س وف ين اط ب ه اإلش راف على تنفي ذ ذل ك الحكم فيم ا بع د والنظ ر في منازع ات التنفي ذ‬

‫بكامله ا‪ ،‬من اتف اق حكم المحكمين م ع الق انون‪ ،‬وذل ك قب ل إج ازة تنفي ذه‪ ،‬وعلى ذل ك ف إن‬

‫الرج وع إلى قض اء الدول ة ليس لمراجع ة الحكم‪ ،‬أو الفص ل في ال نزاع من جدي د‪ ،‬وإ نم ا‬

‫للتأك د من إص داره على النح و ال ذي رس مه المش رع‪ ،‬ف إذا تم التأك د ف إن عم ل القاض ي‬

‫ينحصر في توجيه أمر تنفيذه إلى السلطة المختصة بتنفيذ السندات التنفيذية‪ ،‬دون أن يكون‬

‫‪.‬‬ ‫‪483‬‬
‫قد أضاف في الحقيقة على حكم المحكم شيئا ما‬

‫و هك ذا وطبق ا لق انون اإلج راءات المدني ة الفرنس ي‪ ،‬ف إن حكم التحكيم الوط ني ال‬

‫يكون قابال للتنفيذ الجبري بمجرد صدوره‪ ،‬وإ نما يستلزم األمر اللجوء إلى القض اء الوط ني‬

‫لوضع الصيغة التنفيذية عليه‪ ،‬وينبغي على طالب التنفيذ أن يودع أصل حكم التحكيم مرفق ا‬
‫‪484‬‬
‫ب ه نس خة من اتف اق التحكيم قلم المحكم ة االبتدائي ة ال تي ص در في دائرته ا حكم التحكيم‬

‫كم ايجب أن توض ع الص يغة التنفيذي ة على أص ل حكم التحكيم‪ ،‬وفي حال ة رفض منح ه ذه‬

‫الصيغة فينبغي على القاضي أن يعطي األسباب المبررة لهذا الرفض ‪.‬‬

‫و اشتراط اللجوء إلى القاضي الوطني من أجل استصدار أمرا بتنفيذ حكم التحكيم‬

‫ه و أم ر أجمعت علي ه كاف ة تش ريعات دول مجلس التع اون الخليجي فق انون اإلج راءات‬

‫المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة نص في مادته ‪ 215‬على ‪:‬‬

‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬ناصر بن عبد اهلل بن عيسى الناعبي – مرجع سابق ص ‪. 495‬‬ ‫‪483‬‬

‫‪ -‬تنص الم ادة ‪ 1477‬من ق انون اإلج راءات المدني ة على أن ه ‪ " :‬ال يك ون حكم التحكيم ق ابال للتنفي ذ الج بري إال‬ ‫‪484‬‬

‫بموجب صيغة تنفيذية تصدرها المحكمة االبتدائية التي صدر في دائرتها حكم التحكيم‪ ،‬ويأمر بالصيغة التنفيذية قاضي‬
‫التنفيذ في المحكمة‪ ،‬وألجل هذا يودع أحد المحكمين أو الطرف األكثر عجلة قلم المحكمة أصل حكم التحكيم مرفقا به‬
‫نسخة من اتفاق التحكيم "‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ " - 1‬ال ينف ذ حكم المحكمين إال إذا ص ادقت علي ه المحكم ة ال تي أودع الحكم قلم‬

‫كتابته ا وذل ك بع د االطالع على حكم ووثيق ة التحكيم والتثبت من أن ه ال يوج د م انع مــن‬

‫تنفيذه‪ ،‬وتختص هذه المحكمة بتصحيح األخطاء المادية في حكم المحكمين بناء على طلب‬

‫ذوي الشأن بالطرق المقررة لتصحيح األحكام ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا نص المش رع المص ري في الم ادة ‪ 56‬من ق انون التحكيم على أن ه "‬

‫يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة ‪ 9‬من هذا القانون أو من يندبه من قضاتها‬

‫بإصدار األمر بتنفيذ حكم المحكمين ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقا به ما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أصل الحكم أو صورة موقعة منه ‪.‬‬

‫‪ – 2‬صورة من اتفاق التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ترجم ة مص دق عليه ا من جه ة معتم دة إلى اللغ ة العربي ة لحكم التحكيم إذا لم‬

‫يكن صادرا بها ‪.‬‬

‫‪ – 4‬صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم وفقا للمادة ‪ 47‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫ال يمكن قبول طلب التنفيذ إال بعد‬ ‫‪485‬‬


‫و وفقا للمادة ‪ 57‬من قانون التحكيم المصري‬

‫انقض اء ميع اد رف ع دع وى بطالن حكم التحكيم‪ ،‬تس عون يوم ا من ت اريخ إعالن الحكم إلى‬

‫‪ -‬لق د ج رى نص ه ذه الم ادة كالت الي ‪ " :‬ال ي ترتب على رف ع دع وى البطالن وق ف تنفي ذ حكم التحكيم‪ ،‬وم ع ذل ك‬ ‫‪485‬‬

‫يج وز للمحكم ة أن ت أمر بوق ف التنفي ذ إذا طلب الم دعي ذل ك في ص حيفة ال دعوى وك ان الطلب مبني ا على أس باب جدي ة‬
‫وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خالل ستين يوما من ت اريخ أول جلسة محدودة لنظره‪ ،‬وإ ذا أمرت بوقف‬
‫التنفي ذ ج از له ا أن ت أمر بتقديم كفال ة أو ضمان م الي‪ ،‬وعليه ا إذا أم رت بوق ف التنفي ذ الفص ل في دع وى البطالن خالل‬
‫ستة أشهر من تاريخ صدور هذا األمر ‪.‬‬
‫‪ -‬راجع في الموضوع ‪ :‬وليد محمد عباس – مرجع سابق ص ‪. 596‬‬

‫‪397‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المحك وم ل ه " وال ي ترتب على رف ع ه ذه ال دعوى وق ف تنفي ذ الحكم في ص حيفة دعـوى‬

‫البطالن‪ ،‬أن ت أمر بوق ف التنفي ذ إذا ك ان طلب الوق ف مبني ا على أس باب جدي ة‪ ،‬على أن‬

‫يك ون ذل ك خالل س تين يوم ا من ت اريخ أول جلس ة مح ددة لنظ ر طلب الوق ف‪ ،‬وإ ذا رأت‬

‫المحكم ة ايق اف تنفي ذ حكم التحكيم ج از له ا أن ت أمر بتق ديم كفال ة أو ض مان م الي‪ ،‬ويجب‬

‫عليه ا في ه ذه الحال ة الفص ل في دع وى البطالن خالل س تة أش هر من ت اريخ ص دور ه ذا‬

‫األمر ‪.‬‬

‫و طبق ا لنص الم ادة ‪ 58/2‬من ذات الق انون‪ ،‬ال يجوز األم ر بتنفي ذ حكم التحكيم إال‬

‫بعد أن يتحقق القاضي من أن حكم التحكيم ال يتعارض مع حكم سبق ص دوره من المحاكم‬

‫المصرية في موضوع النزاع‪ ،‬وأنه ال يتضمن ما يخالف النظام العام الداخلي‪ ،‬وأنه أعلن‬

‫إعالنا صحيحا للمحكوم عليه ‪.‬‬

‫و يرى جانب من الفقه أن القاضي المعروض أمامه األمر بالتنفيذ‪ ،‬ال يتمتع بسلطة‬

‫النظ ر في الحكم من الناحي ة الموض وعية‪ ،‬أي من حيث ص حته أو بطالن ه‪ ،‬أو س المة‬

‫فالرقابة التي يمارسها قاضي التنفي ذ على حكم التحكيم‬ ‫‪486‬‬


‫وصحة تفسيره للقانون أو الوقائع‬

‫تعد رقابة محدودة تقتصر فقط على التحقق من أنه أمام حكم تحكيم بالمعنى الفني الدقيق‬

‫تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها القانون لتنفيذه ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‬

‫حرصا من الدول المختلفة على تشجيع االستثمار فقد أبرمت العديد من االتفاقيات‬

‫الثنائية والجماعية التي تلتزم بأحكام التحكيم وتنفيذها‪ ،‬وتأتي اتفاقية نيويورك ‪ 1958‬بشأن‬

‫‪ -‬أحمد محمد حشيش – القوة التنفيذية لحكم التحكيم – دار الفكر الجامعي ‪ 2001‬ص ‪. 92‬‬ ‫‪486‬‬

‫‪398‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االع تراف وتنفي ذ أحك ام التحكيم األجنبي ة على رأس ه ذه االتفاقي ات‪ ،‬وك ذلك نالح ظ أن‬

‫الق وانين الوطني ة ق د وض عت القواع د الالزم ة لالع تراف بأحك ام التحكيم وتنفي ذها‪ ،‬وعلى‬

‫ال رغم من التنظيم ال دقيق لعملي ة تنفي ذ أحك ام التحكيم ال تي وض عتها التش ريعات التش ريعات‬

‫المختلفة‪ ،‬إال أنه يالحظ أن الدول عادة ما تدفع أمام القضاء المختص بإصدار األمر بتنفيذ‬

‫‪.‬‬ ‫‪487‬‬
‫حكم التحكيم بحصانة الدولة ضد التنفيذ‬

‫و بالرجوع إلى اتفاقية نيويورك ‪ 1958‬نجد أن المادة الثالثة منها تنص علـ ـ ـ ــى أن "‬

‫تعترف كل دولة من الدول الموقعة على االتفاقية بحجية حكم التحكيم وتنفيذه طبقا لقواعد‬

‫قانون المرافعات المدنية المتبعة فيها‪ ،‬وال يجوز فرض شروط أكثر شدة أو رسوم أكثر‬

‫ارتفاعا بدرجة كبيرة من تلك المفروضة لتنفيذ أحكام التحكيم الداخلية ‪.‬‬

‫و قد أوضحت المادة الرابعة أنه على طالب التنفيذ أن يقدم وثيقتين هما ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أصل حكم التحكيم أو صورة رسمية منه ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أصل اتفاق التحكيم أوصورة رسمية منه ‪.‬‬

‫فإذا كانت إحدى هاتين الوثيقتين محررة بلغة أخرى غير لغة الدولة المطلوب إليها‬

‫التنفيذ التزم طالب التنفيذ بتقديم ترجمة رسمية لهما‪ ،‬فإذا قدم طالب التنفيذ هذه الوث ائق ف إن‬

‫االتفاقية لم تلزمه بشيء آخر‪ ،‬وينبغي صدور أمر بتنفيذ حكم التحكيم في هذه الحالة ‪.‬‬

‫في ه ذا اإلط ار أح ال المش رع الفرنس ي بش أن تنفي ذ أحك ام التحكيم األجنبي ة إلى‬

‫النص وص الخاص ة بتنفي ذ أحك ام التحكيم الوطني ة‪ ،‬فق د نص ت الم ادة ‪ 1500‬من ق انون‬

‫‪ -‬راج ع في الموض وع ‪ :‬عالء مح يي ال دين مص طفى أب و أحم د – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة الدولي ة –‬ ‫‪487‬‬

‫دار الجامعة الجديدة االسكندرية مصر ‪ 2012‬ص ‪. 412‬‬

‫‪399‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اإلجراءات المدنية في الباب المتعلق بالتحكيم الدولي على أنه ‪ " :‬تنطبق أحكام المواد من‬

‫‪ 1476‬إلى ‪ 1479‬على حكم التحكيم ‪.‬‬

‫و نظ را للطبيع ة الخاص ة ألحك ام التحكيم األجنبي ة‪ ،‬فق د وض ع المش رع الفرنس ي‬

‫بعض القواعد التي تستلزمها طبيعة تلك األحكام‪ ،‬فيجب أال يتضمن حكم التحكيم ما يخالف‬

‫النظ ام الع ام ال دولي على نح و ظ اهر ح تى يمكن االع تراف ب ه وتنفي ذه في فرنس ا بواس طة‬

‫قاضي التنفيذ‪ ،‬ويجب إثبات صدور الحكم عن طريق تقديم أصله مرفقا به اتفاق التحكيم‪،‬‬

‫أو عن طريق صورة هذين المستندين تتمتع بالشروط المتطلبة العتبارها مستندات رسمية‬

‫م ع إلزامي ة ترجمته ا من قب ل م ترجم مس جل في قائم ة الخ براء إذا لم تكن مح ررة باللغ ة‬

‫‪.‬‬ ‫‪488‬‬
‫الفرنسية‬

‫أما المادة ‪ 236‬من قانون االجراءات المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة على‬

‫على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي‪ ،‬ويجب أن‬ ‫‪489‬‬


‫أنه يسري حكم المادة السابقة‬

‫يك ون حكم المحكمين ص ادرا في مس ألة يج وز فيه ا التحكيم‪ ،‬طبق ا لق انون الدول ة وق ابال‬

‫للتنفيذ في البلد الذي صدر فيه ‪.‬‬

‫كما حدد المشرع المغربي كيفية االعتراف بالحكم التحكيمي الدولي وتنفيذه‪ ،‬إذ جاء‬

‫في الفص ل ‪ 327 – 46‬من ق انون المس طرة المدني ة م ا يلي ‪ " :‬يع ترف باألحك ام الدولي ة‬

‫في المملك ة إذا أثبت وجوده ا من يتمس ك به ا‪ ،‬ولم يكن ه ذا االع تراف مخالف ا للنظ ام الع ام‬

‫الوطني أو الدولي ‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 1498‬من قانون االجراءات المدنية الفرنسي ‪.‬‬ ‫‪488‬‬

‫‪ -‬الم ادة الس ابقة هي الم ادة ‪ 235‬من ق انون االج راءات المدني ة لدول ة اإلم ارات وال تي تنص على ش روط تنفي ذ‬ ‫‪489‬‬

‫األحكام واألوامر والسندات األجنبية ‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يخول االعتراف والصيغة التنفيذية لهذه األحكام في المغرب وفق الشروط لرئيس‬

‫المحكم ة التجاري ة ال تي ص درت في دائرته ا أو رئيس المحكم ة التجاري ة الت ابع له ا مك ان‬

‫التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج‪.490‬‬

‫إلى أن ه يتعين‬ ‫‪491‬‬


‫أم ا بالنس بة لوض ع ه ذه المس ألة في مص ر‪ ،‬في ذهب بعض الفقه اء‬

‫التفرقة بين أحكام التحكيم األجنبية التي تخضع في تنفيذها ألحكام قانون التحكيم وتلك التي‬

‫تخضع ألحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬فإذا اتفق األطراف على سريان أحكام‬

‫قانون التحكيم المصري على التحكيم الصادر بشأنه الحكم المراد تنفيذه‪ ،‬فإن قواعد التنفيذ‬

‫ال واردة في ذل ك الق انون هي ال تي تك ون واجب ة التط بيق في ه ذه الحال ة دون أن يخ ل ذل ك‬

‫بأحكام االتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر ‪.‬‬

‫و مع مراعاة ما تنص عليه المادة السادسة من قانون التحكيم من أنه إذا اتفق طرفا‬

‫التحكيم على إخضاع العالقة القانونية بينهما ألحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو وثيقة‬

‫أخرى‪ ،‬وجب العمل بأحكام هذه الوثيقة بما تشمله من أحكام خاصة بالتحكيم‪ ،‬فالخاص يقيد‬

‫العام‪ ،‬أي يتعين في هذه الحالة االلتزام بتنفيذ الحكم طبقا لالتفاقية الدولية أو لما أحال إليه‬

‫اتفاق الطرفين بشرط عدم إخالل ذلك بالنظام العام الداخلي ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬صعوبات تنفيذ أحكام التحكيم اإلداري‬

‫‪ -‬زكرياء الغزاوي – النظام العام وتأثيره على تنفيذ أحكام التحكيم الدولية – المجلة المغربية للوساطة والتحكيم –‬ ‫‪490‬‬

‫العدد ‪ 5‬الطبعة األولى ‪ 2011‬ص ‪. 144‬‬


‫‪ -‬أحمد السيد صاوي – التحكيم طبقا لقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وأنظمة التحكيم الدولية بدون دار النشر ‪2002‬‬ ‫‪491‬‬

‫ص ‪. 271‬‬

‫‪401‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫بالمقارنة مع األحكام القضائية‪ ،‬فإن قرار التحكيم ال يمكن أن يملك كل المزايا التي‬

‫تمت از به ا تل ك األحك ام‪ ،‬ص حيح أن ذل ك الق رار يس تطيع أن ين ال بس هولة م ا ينقص ه أو أن‬

‫يفقد م ا يملكه‪ ،‬وذل ك عن طري ق اللجوء إلى قض اء الدولة وال ذي يكون مسموحا به لهـــذا‬

‫الغرض‪ ،‬مثل حالة تصديق القضاء لذلك القرار أو حالة ابطاله للقرار التحكيمي‪ ،‬ويمكن‬

‫وذلك‬ ‫‪492‬‬
‫القول أن هذه الحاالت تمثل نوعا من رقابة القضاء على تلك القرارات التحكيمية‬

‫لتفادي أن يكون القرار التحكيمي مخالفا لنص من النصوص القانونية‪ ،‬إذ أن المحكم ليس‬

‫كالقاضي الذي يجب أن يكون على علم ومعرفة بكل النصوص القانونية الوطنية‪ ،‬بيد أن‬

‫ه ذا ال يع ني بأن ه من الالزم أن تك ون هن اك إش ارة في الق رار التحكيمي إلى النص وص‬

‫القانوني ة ال تي اعتم دتها هيئ ة التحكيم‪ ،‬ب ل يكفي أن تك ون النت ائج ال تي توص ل إليه ا ذل ك‬

‫الق رار ص حيحة من الناحي ة القانوني ة‪ ،‬ح تى وإ ن ك انت تختل ف عم ا ك انت ت راه المحكم ة‬

‫أنسب بالتطبيق ‪.‬‬

‫و علي ه يمكن الق ول ب أن س لطة المحكم ة في تص ديق الق رار التحكيمي أي س لطة‬

‫قاض ي التنفي ذ كم ا ه و الح ال في الق انون الفرنس ي والمص ري‪ ،‬إنم ا تك ون بمثاب ة رقاب ة‬

‫خارجية على القرار التحكيمي للتثبت من أن ذلك القرار يخلو من أي عيب إجرائي وللتأكد‬

‫وهذا هو مذهب‬ ‫‪493‬‬


‫من صحته بعدم وجود أي سبب من أسباب البطالن التي تعيق تنفيذه‬

‫الفقه الفرنسي إذ يرى بأن قاضي التنفيذ الذي يقع في اختصاصه إصدار أمر تنفيذ القرار‬

‫التحكيمي من واجبه األساسي أن يتحقق من ذلك القرار بأنه غير مشوب بعيب جوهري أو‬

‫‪ -‬أسعد فاضل منديل – مرجع سابق ص ‪. 220‬‬ ‫‪492‬‬

‫‪ -‬عزمي عبد الفتاح – نظام قاضي التنفيذ في القانون المصري والمقارن دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1978‬ص‬ ‫‪493‬‬

‫‪. 248‬‬

‫‪402‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أساسي فهو يبحث مثال في مدى قابلية خضوع المنازعة التفاق التحكيم أو في مدى التزام‬

‫المحكوم بحدود مشارطة التحكيم وعدم احتواء قراره على ما يخالف النظام العام أو يبحث‬

‫في ه ل أن الق رار التحكيمي ق د ص در من ك ل المحكمين المعي نين في وثيق ة التحكيم أم ال‪،‬‬

‫أو أن ه يبحث في االجراءات المتبعة من قبل هيئ ة التحكيم أهي كم ا نص عليها الق انون أو‬

‫اتفاق الطرفين أم ال ؟ وهذا بقدر تعلق األمر بالتشريع الفرنسي والمصري ‪.‬‬

‫أما بخصوص ما يتعلق بالتشريع لدولة اإلمارات العربية المتحدة فقد نصت المادة‬

‫‪ 214‬من قانون االجراءات المدنية على ‪ " :‬يجوز للمحكمة إثناء النظر في طلب تصديق‬

‫حكم المحكمين أن تعيده إليهم للنظر فيما أغفلوا الفصل فيه من مس ائل التحكيم أو لتوضيح‬

‫الحكم إذا ك ان غ ير مح دد بالدرج ة ال تي يمكن معه ا تنفي ذه وعلى المحكمين في ه اتين‬

‫الحالتين أن يصدروا قرارهم خالل ثالثة أشهر من تاريخ ابالغهم بالقرار‪ ،‬إال إذا قررت‬

‫المحكمة خالف ذلك ‪.‬‬

‫و ال يج وز الطعن في قراره ا إال م ع الحكم النه ائي الص ادر بتص ديق الحكم أو‬

‫إبطاله‪.‬‬

‫هذا وقد سبقت اإلشارة إلى مضمون المادة ‪ 215‬من قانون االجراءات المدنية التي‬

‫أك دت على ‪ – 1 :‬ال ينف ذ حكم المحكمين إال إذا ص ادقت علي ه المحكم ة ال تي أودع الحكم‬

‫قلم كتابها وذلك بعد االطالع على الحكم ووثيقة التحكيم والتثبت من أنه ال يوجد مانع من‬

‫تنفي ذه وتختص ه ذه المحكم ة بتص حيح األخط اء المادي ة في حكم المحكمين بن اء على طلب‬

‫ذوي الشأن بالطرق المقررة لتصحيح األحكام ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين ‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و على هذا األساس‪ ،‬فإن تنفيذ القرار التحكيمي في التشريع اإلماراتي البد من أن‬

‫يسبقه طلب يقدمه الخصم الذي صدر ذلك القرار لصالحه إلى المحكمة المختصة بعد أن‬

‫ت دفع الرس م الق انوني المق رر ل ه‪ ،‬إذ يك ون قاض ي المحكم ة ه و المختص في مث ل ه ذا‬

‫الطـ ـ ـــلب‪ ،‬وعن دما تنظ ر المحكم ة المختص ة في طلب التص ديق‪ ،‬فإنه ا تفحص ذل ك الق رار‬

‫من حيث م دى مطابقت ه للق انون من حيث الش كل فتالح ظ ص حة اختي ار المحكمين‬

‫واالج راءات المتبع ة من قبلهم وه ل تم حس م ال نزاع في الم دة المح ددة ل ه أم ال ؟ وغيره ا‬

‫من االج راءات الش كلية‪ ،‬أم ا من حيث الموض وع فتالح ظ المحكم ة ص حة النت ائج ال تي‬

‫توص لت إليه ا هيئ ة التحكيم في قراره ا التحكيمي وع دم مخالفت ه ألي نص من النص وص‬

‫القانونية اآلمرة ‪.‬‬

‫و يستش ف من ك ل ه ذا أن األحك ام القض ائية س واء تل ك الص ادرة عن القض اء‪ ،‬أو‬

‫التي أصدرها المحكمون وأصبحت نهائية وحائزة على الصيغة التنفيذية‪ ،‬بما يطلق عليه‬

‫بقوة الحقيقة القانونية سواء في مواجهة أطراف النزاع أو في مواجهة الكافة‪ ،‬هذا وعندما‬

‫يتوجه المحكوم له إلى القضاء‪ ،‬فإنه يسعى الستصدار حكم لص الحه يحمي حقوقه المعتدى‬

‫عليه ا من قب ل اإلدارة‪ ،‬وه ذه الحماي ة تبقى نظري ة‪ ،‬م ا لم ينف ذ الحكم‪ ،‬وم ا لم يج د القاض ي‬

‫الوسيلة إلجبار اإلدارة على تنفيذه‪ ،‬في حال امتناعها عن ذلك‪ ،‬حيث أن ظاهرة عدم تنفيذ‬

‫اإلدارة لألحكام الصادرة في مواجهتها ليست إشكالية جديدة‪ ،‬بل هي ظاهرة معروضة منذ‬

‫القدم‪ ،‬كما أنها ال ترتبط بدولة يعينها‪ ،‬بحيث أن جل الدول المعاصرة تشكو منها‪ ،‬إال أن‬

‫أهميته ا تختل ف من دول ة إلى أخ رى ب اختالف الوس ائل ال تي يض عها المش رع رهن إش ارة‬

‫‪404‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫القض اء اإلداري إلل زام اإلدارة باالذع ان لم ا يص در ض دها من أحك ام‪ ،494‬وارتباط ا‬

‫بموض وعنا فإنن ا س نتناول إش كالية تنفي ذ أحك ام التحكيم في مواجه ة اإلدارة‪ ،‬حيث يمكن‬

‫القول ‪ :‬إنه إذا كان المجال الطبيعي للتحكيم هو العقود المدنية‪ ،‬فإن تطبيقه بالنسبة للعقود‬

‫اإلداري ة أث ار ج دال فقهي ا واس عا بين مؤي د ومع ارض‪ ،‬وذل ك يرج ع إلى الص عوبات‬

‫والمعوق ات ال تي يص طدم به ا من خصوص يات التن ازع اإلداري‪ ،‬ك ل ه ذه األفك ار س نعمل‬

‫على توض يحها في ف رعين نتن اول في األول الص عوبات القانوني ة أم ا الث اني فسنخصص ه‬

‫للصعوبات الواقعية ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الصعوبات القانونية‬

‫الش ك أن ه في إط ار دول ة الق انون تك ون اإلدارة ملزم ة بتنفي ذ األحك ام الصـــادرة‬

‫ض دها‪ ،‬ولكن يالح ظ في ه ذا الش أن أن ه ذا اإلجب ار في الحقيق ة إجب ار أخالقي وليـــس‬

‫واقعي‪ ،‬بمع نى أن ه ال يوج د في الق انون من الوس ائل الجبري ة ال تي يمكن اس تخدامها ض د‬

‫اإلدارة ح ال امتناعه ا عن تنفي ذ األحك ام الص ادرة ض دها‪ ،‬ومرج ع ذل ك أن طبيع ة نش اط‬

‫اإلدارة يأبى ويتنافر مع إمكانية استخدام وسائل التنفيذ العادية ضدها والمنصوص عليها‬

‫في القانون الخاص ‪.‬‬

‫و على هذا األساس فإن الصيغة التنفيذية التي توضع على حكم التحكيم الص ادر في‬

‫منازعة إدارية ال تنتج أثرها بالنسبة لكل األشخاص الذين رفضوا االنصياع أو الخضوع‬

‫لهذا الحكم‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت القاعدة هي جواز لجوء اإلدارة إلى قواعد التنفيذ العادية من‬

‫أج ل إجب ار المحك وم ض ده على تنفي ذ حكم التحكيم الص ادر لص الحها‪ ،‬ف إن ه ذه القاع دة‬

‫‪ -‬أحم د المليجي – الموس وعة الش املة في التنفي ذ – المرك ز الق ومي لإلص دارات القانوني ة الطبع ة األولى الق اهرة‬ ‫‪494‬‬

‫‪ 2007‬ص ‪. 3‬‬

‫‪405‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يتعطل مجال إعمالها إذا كان هذا الحكم صادرا ضد اإلدارة ورفضت تنفيذه‪ ،‬ألن اإلدارة‬

‫تستطيع أن تدفع بحصانتها ضد طرق التنفيذ العادية‪.495‬‬

‫و يبدو أن إشكالية تنفيذ أحكام التحكيم في مواجهة اإلدارة تكمن في غي اب نصوص‬

‫قانونية خاصة بتنفيذ هذه األحكام من أجل إجبار اإلدارة على التنفيذ‪ ،‬فدول مجلس التعاون‬

‫الخليجي ة البعض منه ا ال يوج د به ا قض اء إداري‪ ،‬وبالت الي ليس به ا مح اكم إداري ة‪ ،‬يمكن‬

‫لط الب التنفي ذ اللج وء إليه ا طلب ا لتنفي ذ حكم التحكيم الص ادر لص الحه‪ ،‬كم ا أن ق انون‬

‫المرافعات المدنية والتجارية في بعض هذه الدول‪ ،‬أو قانون اإلجراءات المدني ة في البعض‬

‫اآلخ ر ال يتض من الوس ائل الالزم ة لج بر اإلدارة على تنفي ذ أحك ام التحكيم الح ائزة لق وة‬

‫الشيء المقضي به‪ ،‬إذا امتنعت اإلدارة عن التنفيذ ‪.‬‬

‫إض افة إلى ذل ك ت برز إش كالية منح أحك ام التحكيم األجنبي ة الص يغة التنفيذي ة‪ ،‬ال تي‬

‫تجعلها قابلة للتنفيذ من قبل المحاكم االبتدائية‪ ،‬وما يصاحبها من جهد وعناء وبذل المزيد‬

‫من النفقات‪ ،‬وقد تصطدم بموانع قانونية تحول دون حصولها على الصيغة التنفيذية‪ ،‬مما‬

‫يجعل الحكم التحكيمي عديم القيمة في مواجهة اإلدارة ‪.‬‬

‫و هناك صعوبة قانونية أخرى تتعلق بالمدة التي يجري فيها التنفيذ‪ ،‬في هذا اإلطار‬

‫نصت المادة ‪ 225‬من قانون اإلجراءات المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة على ‪:‬‬

‫‪ – 1‬ال يج وز التنفي ذ الج بري إال بس ند تنفي ذي اقتض اء لح ق محق ق الوج ود ومعين‬

‫المقدار وحال األداء ‪.‬‬

‫‪ -‬انظر في هذا المعنى ‪:‬‬ ‫‪495‬‬

‫‪- J . Puisoye , les juridictions arbitrales dans le contentieux administratif AJDA1969 p 283 .‬‬

‫‪406‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 2‬والسندات التنفيذية هي ‪:‬‬

‫أ – األحكام واألوامر ‪.‬‬

‫ب – المحررات الموثقة طبقا للقانون المنظم للتوثيق والتصديق ‪.‬‬

‫ج – محاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم ‪.‬‬

‫د – األوراق األخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة ‪.‬‬

‫و ال يج وز التنفي ذ في غ ير األحوال المس تثناة بنص في الق انون إال بم وجب ص ورة‬

‫من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ اآلتية ‪:‬‬

‫" على السلطات والجهات المختصة أن تبادر إلى تنفيذ هذا السند وإ جراء مقتضـــاه‬

‫وعليها أن تعين على تنفيذه ولو جبرا متى طلب إليها ذلك " ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وال تنف ذ الس ندات التنفيذي ة إذا ت ركت م دة خمس ة عش ر عام ا على ت اريخ آخ ر‬

‫معاملة تنفيذية أو إذا تركت لذات المدة منذ صدورها دون تنفيذ " ‪.‬‬

‫و السؤال هو حول طبيعة إشكال هذه المدة‪ ،‬بمعنى هل مدة خمسة عشر عاما هي‬

‫أجل تقادم أم أجل سقوط ؟‪.‬‬

‫إلى جانب هذا نصت المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك ‪ 1958‬على أنه إذا رأت‬

‫المحكمة أن الحكم التحكيمي المطلوب تنفيذه قد فصل في نزاع ال يقبل موضوعه الفصل‬

‫‪.‬‬ ‫‪496‬‬
‫فيه بالتحكيم وفقا لقانون القاضي الوطني فإنها ترفض طلب التنفيذ من تلقاء نفسها‬

‫‪ -‬عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد – مرجع سابق ص ‪. 416‬‬ ‫‪496‬‬

‫‪407‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫كما أضحت الفقرة الثانية من نفس المادة أعاله‪ ،‬أن القاضي الوطني يرفض إصدار‬

‫طلب تنفيذ حكم التحكيم من تلقاء نفسه إذا كان مخالفا للنظام العام في قانون دولة التنفيذ ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الصعوبات الواقعية‬

‫تع ترض تنفي ذ أحك ام التحكيم ض د اإلدارة مجموع ة من الص عوبات الواقعي ة ال تي‬

‫يك ون مص درها اإلدارة ذاته ا‪ ،‬بحيث تق وم ه ذه األخ يرة بالمن اورة من أج ل تف ادي آث ار‬

‫الش يء المقض ي ب ه ض دها‪ ،‬وذل ك من خالل خل ق ص عوبات قانوني ة أو مادي ة قانوني ة أو‬

‫مادية للتخلص من تنفيذ حكم التحكيم الصادر ضدها ‪.‬‬

‫و يعت بر التنفيذ الن اقص مظه را من مظ اهر هذه المن اورة‪ ،‬ومثال ذلك إعادة مورد‬

‫إلى العق د ال ذي تم س حبه من ه‪ ،‬بع د م رور ف ترة زمني ة من ص دور الحكم‪ ،‬وبع د إعادت ه‬

‫‪.‬‬ ‫‪497‬‬
‫امتنعت اإلدارة عن سداد الدفعات المستحقة له‬

‫كم ا أن اإلدارة ق د ت رفض تنفي ذ الحكم بش كل ص ريح وذل ك عن دما تم ل التب اطئ أو‬

‫تعجز عن المناورة‪ ،‬وهذا االمتناع نادر الوقوع‪ ،‬ألن اإلدارة تحاول في الغالب اللجوء إلى‬

‫المناورات‪ ،‬فامتناع اإلدارة عن التنفيذ يتخذ أشكاال مختلفة‪ ،‬منها التراخي والتنفيذ المعيب‬

‫أو الناقص واالمتناع الصريح عن التنفيذ‪ ،‬أو استعمال المعاملة بالمثل أو التبادل ومقتضى‬

‫هذا المبدأ أن المح اكم الوطنية لدولة ما‪ ،‬ال تقبل األمر بتنفي ذ الحكم األجنبي إال إذا كانت‬

‫المحاكم األجنبية التي أصدرت هذا الحكم تقبل تنفيذ األحكام الصادرة من قبل محاكم هذه‬

‫الدولة بنفس القدر وفي نفس الحدود وقد اختلفت الدول من حيث تقريرها لكيفية التحقق من‬

‫وج ود التب ادل‪ ،‬فمنه ا من يش ترك أن يك ون التب ادل دبلوماس يا‪ ،‬ومنه ا من يش ترط أن يك ون‬

‫‪ -‬ماجد محمد فهاد تربان – مرجع سابق ص ‪. 368‬‬ ‫‪497‬‬

‫‪408‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التبادل تشريعيا ومنها من يشرط أن يكون التبادل واقعيا بما يعني أن هذا األخير هو الذي‬

‫يقوم على ما يجري عليه العمل فعال في الواقع أمام القضاء األجنبي‪ ،‬أي عدم قبول تنفيذ‬

‫األحك ام األجنبي ة في دول ة م ا إال إذا ك انت تل ك الدول ة األجنبي ة الم راد تنفي ذ حكمه ا تس مح‬

‫بتنفي ذ الحكم الص ادر عن مح اكم الدول ة األولى المطل وب إليه ا إص دار األم ر بالتنفي ذ فال‬

‫ينظر إلى وجود معاهدة أو نص قانوني إلثبات توافر التبادل بل ينظر إلى ما يجري عليه‬

‫‪.‬‬ ‫‪498‬‬
‫العمل في الواقع‬

‫إلى جانب هذا كله نجد التبادل الدبلوماسي‪ ،‬وهو ذلك المنصوص عليه في معاهدة‬

‫معق ودة بين دول تين أو أك ثر بمع نى أن ه إذا وج د نص في المعاه دة يقض ي بض رورة تنفي ذ‬

‫مح اكم ك ل دول ة لألحك ام الص ادرة من مح اكم ال دول األخ رى‪ ،‬فإن ه يتعين على القاض ي‬

‫الوطني في هذه الحالة أن ينفذ الحكم األجنبي ‪.‬‬

‫و إذا ك ان مب دأ الحماي ة الدبلوماس ية يع د من إح دى الوس ائل ال تي يمكن اس تخدامها‬

‫لتنفي ذ أحك ام التحكيم الص ادرة ض د األش خاص المعنوي ة العام ة‪ ،‬إال أن ه ذه الوس يلة غ ير‬

‫فعال ة وال تتف ق م ع احتياج ات التج ارة الدولي ة‪ ،‬ومرج ع ذل ك أن إج راءات طلب الحماي ة‬

‫فض ال عن إمكاني ة اتف اق ال دول على‬ ‫‪499‬‬


‫الدبلوماس ية تتس م بأنه ا إج راءات ش اقة ومعق دة‬

‫وبالتالي يظل هذا المبدأ غير قادر على اختراق حصانة الدولة ضد التنفيذ‪،‬‬ ‫‪500‬‬
‫استبع ـ ـ ـ ــادها‬

‫ويبقى حكم التحكيم فارغا من أي معنى له في حالة عدم تنفيذه طواعية من جانب الدولة‪،‬‬
‫‪ -‬هشام خالد – تنفيذ األحكام القضائية والتحكيمية األجنبية – منشأة المعارف السكندرية مصر ‪ 2009‬ص ‪. 231‬‬ ‫‪498‬‬

‫‪ -‬عب د الحمي د األحدب – موس وعة التحكيم – التحكيم ال دولي – الج زء الث اني دار الفك ر الع ربي الق اهرة ‪ 199‬ص‬ ‫‪499‬‬

‫‪.31‬‬
‫‪ -‬وه و م ا يع رف بش رط ك الفو – ال ذي يقض ي بخض وع المش روعات األجنبي ة للق وانين والمح اكم الوطني ة للدول ة‬ ‫‪500‬‬

‫المضيفة – باإلضافة إلى تنازل هذه المشروعات األجنبية عن حق طلب الحماية الدبلوماسية من دولته ا بالنسبة لجميع‬
‫الدعاوى التي ترفعها ضد الدولة المضيفة ‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مما يعوق عملية تطور نظام التحكيم على الصعيد الدولي كإحدى الوسائل الودية للفصل‬

‫في المنازعات بين الدول واألشخاص الخاصة‪ ،‬وعدم تحقق االستقرار الالزم لالستثمارات‬

‫األجنبـ ـــية‪ ،‬ولذلك إذا ما أريد للتحكيم أن يتنامى على الصعيد الدولي ويصبح من الوسائل‬

‫الفعالة لحسم المنازعات الدولية‪ ،‬فإنه ينبغي أن يصاحب ذلك تطور في القواعد التي تحكم‬

‫حصانة الدولة ضد التنفيذ ‪.‬‬

‫زي ادة على ه ذا كل ه الب د من اإلش ارة إلى التب ادل التش ريعي‪ ،‬وه و ذل ك المنص وص‬

‫عليه في قانون الدول‪ ،‬بمعنى أنه ال تقوم محاكم الدول بتنفيذ األحكام األجنبية إال إذا كان‬

‫قانون هذه الدول يتضمن نصا يسمح بتنفيذ تلك األحكام األجنبية‪.‬‬

‫و يرى جانب من الفقه أن التبادل التشريعي أكثر ضمانا وأوضح معالما من التبادل‬

‫الواقعي‪ ،‬بينما يرى البعض اآلخر أن التبادل التشريعي ال يكفي وحده لقيام التبادل‪ ،‬ألنه قد‬

‫يح دث أن تك ون نص وص الق انون الخ اص بتنفي ذ األحك ام األجنبي ة معطل ة عن التط بيق في‬

‫البلد األجنبي بعكس التبادل الواقعي‪ ،‬فهو يكفي وحده لقيام التبادل‪ ،‬ولو لم يكن قانون البلد‬

‫األجن بي يكف ل من خالل نصوص ه تنفي ذ األحك ام األجنبي ة‪ ،‬ويجب أن نالح ظ أن الع برة في‬

‫تقدير قيام التبادل ال يرجع إلى الدولة التابع لها الخصوم‪ ،‬بل يرجع إلى الدولة التي صدر‬

‫‪.‬‬ ‫‪501‬‬
‫عنها الحكم المراد تنفيذه‬

‫و هذا يعني أن اإلدارة قد تمتنع عن تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪ ،‬بحجة أن الدولة‬

‫التي صدر عنها هذا الحكم‪ ،‬ال تقبل األمر بتنفيذ األحكام التي تصدر عن المحاكم التابعة‬

‫لإلدارة المطلوب منها التنفيذ ‪.‬‬

‫‪ -‬أحم د س المة – الق انون ال دولي الخ اص اإلم اراتي – مطبوع ات جامع ة اإلم ارات العربي ة الطبع ة األولى ‪2002‬‬ ‫‪501‬‬

‫ص ‪. 574‬‬

‫‪410‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بانتهاء عرض إشكالية تنفيذ األحكام الصادرة ضد اإلدارة والحلول التي وضعها‬

‫الق انون الوض عي للقض اء على ظ اهرة امتن اع اإلدارة عن تنفي ذ األحك ام‪ ،‬يكتم ل تن اول‬

‫الفصل الثاني والمخصص لجراسة حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن عليه وتنفيذه ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خاتمة القسم الثاني ‪:‬‬

‫وهكذا تنتهي دراسة القسم الثاني التي كرسناها لتطبيقات التحكيم في مجال العقود‬

‫اإلداري ة‪ ،‬حيث خصص نا الفص ل األول لم دى قابلي ة خض وع منازع ات العق ود اإلداري ة‬

‫للتحكيم‪ ،‬حيث عرضنا فيه االتجاه المؤيد والمعارض وموقف األنظم ة المقارن ة من التحكيم‬

‫اإلداري‪ ،‬فبخص وص االتج اه المع ارض ق د اس تند أنص ار ه ذا االتج اه إلى أن التش ريعات‬

‫الوطني ة ق د منحت مب دأ ع دم ج واز التحكيم في العق ود اإلداري ة الدولي ة‪ ،‬فالنص وص‬

‫التش ريعية في فرنس ا ق د وض عت قاع دة عام ة تتلخص في أن ه ال يج وز ألش خاص الق انون‬

‫الع ام االتف اق على اللج وء إلى التحكيم لح ل منازع اتهم‪ ،‬وتتمث ل ه ذه النص وص في نص‬

‫الم ـ ــادة ‪ 1004‬والمادة ‪ 83‬من قانون االجراءات المدنية الفرنسي القديم‪ ،‬وتناولت األسانيد‬

‫الفقهي ة ال تي اس تند إليه ا أنص ار ه ذا االتج اه وهي ع دم ج واز االتف اق على اللج وء إلى‬

‫التحكيم في العقود اإلدارية الدولية استنادا إلى مبدأ توزيع االختصاص ‪.‬‬

‫أما بخصوص االتجاه المؤيد للتحكيم في العقود اإلدارية الدولية‪ ،‬فقد استند أنصار‬

‫هذا االتجاه إلى أن مسألة التحكيم في العقود اإلدارية الدولية هي من المسائل المستقرة في‬

‫التش ريعات الوطني ة ومن ذل ك التش ريع الفرنس ي ففي الق انون الص ادر س نة ‪ 1986‬ق ررت‬

‫الم ادة التاس عة من ه الس ماح للدول ة واألش خاص المعنوي ة العام ة ب اللجوء إلى التحكيم في‬

‫العق ود اإلداري ة الدولي ة‪ ،‬وفي المعاه دة الدولي ة نالح ظ أن اتفاقي ة ج نيف ‪ 1961‬نص ت في‬

‫الم ادة ‪ 112‬على أن األش خاص المعنوي ة العام ة له ا الق درة على إب رام اتفاق ات تحكمي ة‬

‫صحي ـ ــحة‪ ،‬ونصت اتفاقية واشنطن ‪ 1965‬والتي أنشأت المركز الدولي لتسوية منازعات‬

‫‪412‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫االستثمار على جواز التحكيم في العقود التي تثور بين الدول ومواطني الدول األخرى إذا‬

‫كان هناك رضاء كتابي من الطرفين وكانت المنازعة متعلقة باالتثمار ‪.‬‬

‫إلى ج انب ه ذا استعرض نا موق ف ال دول العربي ة من التحكيم اإلداري‪ ،‬فبخص وص‬

‫موق ف دول ة مص ر فيمكن تلخيص ه في اآلتي ‪ :‬حيث أن ه إذا ك ان ش رط التحكيم في‬

‫منازع ات العقود الخاص ة ال يص ح لن اقص األهلي ة إال باكتم ال أهليته أو بتعيين وص يا من‬

‫المحكمة‪ ،‬فإنه في منازعات العقود اإلدارية ال يصح إال باكتمال اآلراء المعبرة عن كمال‬

‫الوالية العامة في إجراءه وال تكتمل الوالية هنا إال بعمل تشريعي يجيز شرط التحكيم في‬

‫العقد اإلداري بض وابط محددة وقواعد منظمة أو بتفويض جهة عامة ذات ش أن لإلذن به‬

‫في أية حالة مخصوصة ‪.‬‬

‫أم ا بخص وص موق ف دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ ،‬فالمش رع اإلم اراتي وق ف‬

‫موقف ا محاي دا من التحكيم في العق ود اإلداري ة‪ ،‬حيث موقف ه لم يكن مض ادا وال معادي ا‬

‫للتحكيم في العق ود اإلداري ة‪ ،‬كم ا لم يخص ه بق انون خ اص ب ه أو بتش ريع مس تقل يم يزه‬

‫بإجراءات مختلفة عن التحكيم في العقود التجارية أو المدنية التابعة للقانون الخاص ‪.‬‬

‫أما بخصوص المغرب فمسايرة للتطور الذي تعرفه التشريعات المقارنة في مجال‬

‫التحكيم عمل المشرع المغربي على إصدار قانون المسطرة المدنية رقم ‪ 8‬لسـ ـ ـــنة ‪2005‬‬

‫ويعدل بموجبه الباب الثامن من قانون المسطرة المدنية بحيث استدرك فيها الهفوات التي‬

‫كانت تشوبه‪ ،‬كما نص في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 310‬ما يلي ‪:‬‬

‫يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية‬

‫محل اتفاق تحكيم ‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و في نقط ة أخ رى من ه ذا القس م ركزن ا على مس اهمة التحكيم في ح ل منازع ات‬

‫العق ود اإلداري ة‪ ،‬نظ را لك ون التحكيم اإلداري يس تند على مجموع ة من المب ادئ األساس ية‬

‫تعين ه على تحقي ق وظيف ة في حس م المنازع ات الناتج ة عن العق ود اإلداري ة وال تي اخترن ا‬

‫نماذج منها كعقد األشغال العامة وعقد التوريد وعقد الخدمات وعقود البوت‪ ،‬وذلك في أقل‬

‫وقت وأدنى تكلفة وبكفاءة عالية‪ ،‬ومن أولى هذه المبادئ حرية األطراف مع قدر أدنى من‬

‫الس لطة الرقابي ة للمح اكم على عملي ة التحكيم‪ ،‬وه ذا المب دأ يعطي ألط راف التحكيم ق درا‬

‫متس عا من الحري ة الختي ار الطريق ة ال تي يتم به ا التحكيم ومك ان ووقت اجرائ ه وع دد‬

‫المحكم ـ ـ ـ ـــين واختي ارهم والق انون ال ذي يتف ق على تطبيق ه على التحكيم‪ ،‬إلى ج انب ه ذا‬

‫تطرقن ا إلى إش كالية تنفي ذ أحك ام التحكيم‪ ،‬حيث إن ه إذا ك انت إش كالية ع دم امتث ال المحك وم‬

‫ض ده لتنفي ذ حكم التحكيم ق د تب دو مح دودة األبع اد إذا م ا ظلت في إطارالنظ ام الق انوني‬

‫الداخلي‪ ،‬فإن جوانبها قد تتنامى وتتعاظم إذا ما تعلق األمر بتنفيذ أحكام التحكيم األجنبية‪،‬‬

‫ومرج ع ذل ك أن ه ذه األحك ام األخ يرة تص در عن اش خاص ت ابعين ل دول أخ رى وطبقت‬

‫بشانها قواعد قد تغاير وتباين تلك التي يطبقها القاضي الوطني‪ ،‬كل هذا حاولنا توضيحه‬

‫والوق وف على مواق ف ال دول المتباين ة ختمناه ا بمختل ف الص عوبات ال تي تع ترض تنفي ذ‬

‫أحكام التحكي ـ ـ ـ ــم اإلداري والمتمثلة في الصعوبات القانونية والصعوبات الواقعية ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫خاتمة عامة ‪:‬‬

‫اتض ح ع بر مس ار ه ذا البحث العلمي أن التحكيم يعت بر وس يلة فعال ة وس ريعة لح ل‬

‫المنازعات اإلدارية التي تثار بين الخصوم‪ ،‬إذ أنه ضرب من القضاء الخاص يقوم على‬

‫مبدأ سلطان اإلرادة أي أن أطراف النزاع أو أطراف العالقة تتفق فيما بينها على اللجوء‬

‫إليه في حل خالفاتهم ومنازعاتهم التي قد تحصل أو حصلت وهو تخل من المتعاقدين أو‬

‫الخصوم عن حقهم في اللجوء إلى القضاء واعتماده كسبيل لحل الخالف بينهم ‪.‬‬

‫و بما أن التحكيم ينبني على أساس قبول واتفاق األطراف على اللجوء إليه في حالة‬

‫حصول خالف بينهما فقد سمي ذلك بشرط التحكيم‪ ،‬أما إذا حصل الخالف بين األطـ ـــراف‬

‫ولم يكن بينهم ا مس بقا اتف اق للتحكيم ثم اتفق ا بع د ذل ك أي بع د حص ول الخالف على حل ه‬

‫بواسطة التحكيم سمي ذلك بمشارطة التحكيم‪ ،‬كل هذا تعرضنا له بإسهاب كبير في القسم‬

‫األول ال ذي خصص نا ل ه كعن وان ‪ :‬اإلط ار النظ ري للتحكيم وماهي ة العق ود اإلداري ة‪ ،‬حيث‬

‫أوض حنا أن ه م ع تزاي د حاج ة الدول ة له ذه المش روعات وع دم ق درتها على ت دبير التموي ل‬

‫الالزم له ا تزاي د على الج انب اآلخ ر ض غط المس تثمر األجن بي واش تراطه ض مانات زائ دة‬

‫أهمها اشتراط فض منازعات هذا العقد عن طريق التحكيم وأهم تلك الضمانات هو سلب‬

‫الدولة امتيازات السلطة العامة لتقف معه في مركز متساو عندما تقدم على التعاقد معه‪،‬‬

‫ه ذا وفي الفص ل األول من ه ذا القس م تح دثنا عن م دى ج واز اللج وء إلى التحكيم في‬

‫منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬وهكذا أوضحنا بما أن فرنسا ومصر والمغرب من الدول التي‬

‫سبقتنا في هذا المجال‪ ،‬لذا كان من المفترض أن نلجأ إلى المقارنة مع هذه الدول المهمة‬

‫وال تي يعت بر نظ ام التحكيم ل ديها من األنظم ة الرئيس ية لفض المنازع ات بع د القض اء‪،‬‬

‫‪415‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫باإلضافة إلى أنها من الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج‪ ،‬وهذا ما يجب البحث فيه‬

‫لمعرفة مدى ضرورة العمل بهذا النظام ‪.‬‬

‫و بم ا أن نظ ام التحكيم لدي ه ق درة على ح ل المنازع ات أك بر من ق درة القض اء فيم ا‬

‫يخص العقود اإلدارية بصفة خاصة والعقود األخرى بصفة عامة لما يتمتع به من مزايا‬

‫المتمثلة في ‪:‬‬

‫‪ -‬الس رعة في فض المنازع ات ألن المحكمين ع ادة م ا يك ون متف رغين للفص ل في‬

‫خصومة واحدة وعموما ال تتعدى أكثر من ‪ 6‬أشهر ‪.‬‬

‫‪ -‬االقتص اد في المص روفات ‪ :‬حيث أن نفق ات التحكيم أق ل كث يرا من نفق ات رس وم‬

‫المحاكم وأتعاب المحاماة وإ جراءات التنفيذ ‪.‬‬

‫الس رية ‪ :‬حيث أن مل ف الخص ومة بين الط رفين يبقى تحت علم المحكمين حص را‬

‫في حين جلس ات التقاض ي في المح اكم علني ة‪ ،‬وننس ى أن المحكمين يقس مون اليمين‬

‫في كل قضية يتولون التحكيم فيها للمحافظة على الحياد والسرية ‪.‬‬

‫يمت از التحكيم ببس اطة اجراءات ه والحري ة المتاح ة إلى هيئ ة التحكيم بحس م الخالف‬ ‫‪-‬‬

‫غير مقيدة إال بما ينفع حسم الموضوع ‪.‬‬

‫تكون طريقة اختيار المحكمين برضاء تام من الفرقاء المتنازعين بحيث يشعر كل‬ ‫‪-‬‬

‫منهم بكامل االطمئنان ألنهم اختاروا بإرادتهم من يحكم بينهم ‪.‬‬

‫إن التحكيم ي أتي أق رب م ا يك ون للتراض ي‪ ،‬ألن ه تم من محكمين ح ائزين على ثق ة‬ ‫‪-‬‬

‫الجمي ع‪ ،‬في ؤدي الحكم التحكيمي إلى وأد الخص ومة والمش احنات ومن تم إلى‬

‫اطمئنان النفوس والرضا وإ عادة العالقات الطيبة ‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و على إث ر ه ذا كل ه‪ ،‬أجمعت الكث ير من المص ادر ذات الص لة بموض وع التحكيم أن‬

‫كث يرا من الخص وم أص بحوا يرغب ون بالتمس ك ب التحكيم لح ل خالف اتهم بعي دا عن القض اء‬

‫وقوانينه‪ ،‬حتى أصبح التحكيم يؤدي دورا بارزا وأساسيا في تطوير وصياغة القوانين ‪.‬‬

‫و في ج انب آخ ر من ه ذه الدراس ة تم التط رق إلى التط ور الت اريخي للتحكيم في‬

‫األنظمة المقارنة وتم التركيز على دولة اإلمارات العربية المتحدة والتي قد حظي فيها في‬

‫اآلونة األخيرة التحكيم باهتمام كبير من خالل المراكز التي تم احداثها في إمارات الدولة‪،‬‬

‫وق د ع ني المش رع بتنظيم اج راءات التحكيم من خالل الم واد ال تي تض منها ق انون‬

‫االج راءات المدني ة‪ ،‬كم ا أن تط ور قواع د الق انون بدول ة اإلم ارات أص بح ض رورة ملح ة‬

‫خاص ة وأن الش ركات المس تثمرة األجنبي ة ال تي وف دت إلى دول ة اإلم ارات خالل الس نوات‬

‫القليلة الماض ــية والتي عادة ما تميل إلى تضمين بند التحكيم في عقودها‪ ،‬تحت اج إلى وض ع‬

‫قواع د تحكيمي ة متط ورة في الدول ة‪ ،‬بحيث تقن ع المس تثمر األجن بي بإمك ان إج راء التحكيم‬

‫لدى مؤسسات التحكيم التي تعمل داخل الدولة ‪.‬‬

‫و بدراسة نصوص المواد المتعلقة بالتحكيم الواردة في قانون االجراءات المدنية نجد‬

‫الم ادة ‪ 203‬من ق انون المع امالت المدني ة تنص في الفق رة ‪ 1‬منه ا على أن ه " يج وز‬

‫للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد األساسي‪ ،‬أو باتفاق الحق عرض ما قد ينشأ‬

‫بينهم من النزاع‪ ،‬في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر‪ ،‬كما يجوز االتفاق على التحكيم‬

‫في نزاع معين بشروط خاصة ‪.‬‬

‫أم ا في المغ رب وتماش يا م ع التط ور المهم لمعظم التش ريعات وخالف ا لق انون المس طرة‬

‫المدني ة الق ديم وال ذي ك ان يمن ع االتف اق على التحكيم في نزاع ات العق ود واألم وال ال تي‬

‫‪417‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تخضع للقانون العام‪ ،‬أي أنه كان يمنع الدولة من اللجوء إلى التحكيم وهذا ما كان سيؤدي‬

‫حتما إلى انغالق الدولة مما سيؤثر على االستثمار الداخلي والخارجي لكون أن هناك ع ددا‬

‫مهما من العقود اإلدارية تطبعها صفة التجارية‪ ،‬رغم خضوعها للقانون العام كالصفقات‬

‫العمومي ة‪ ،‬كم ا أن ه ذا ك ان س يتعارض م ع مجموع ة من المعاه دات واالتفاقي ات الدولـ ـ ـــية‬

‫وال تي تل زم الدول ة والمق اوالت العمومي ة ب اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬ق ام المش رع المغ ربي في‬

‫ق انون ‪ 05/08‬بت دارك ه ذا االنح راف عن التوج ه الس ائد في معظم ال دول بتوس يع مج ال‬

‫اللج وء إلى التحكيم‪ ،‬وهك ذا ف إن المش رع في الفص ل ‪ 310‬رغم ع دم إجازت ه االتف اق على‬

‫التحكيم في النزاعات المتعلقة بالتصرفات األحادية للدولة أو الجماعات الترابية أو غيرها‬

‫من الهيئ ات المتمتع ة باختصاص ات الس لطة العمومي ة‪ ،‬فإن ه أج از اللج وء إلى التحكيم في‬

‫النزاعات المالية الناتجة عن هذه التصرفات األحادية ‪.‬‬

‫كما أجاز المشرع بحكم هذا الفصل التحكيم في النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها‬

‫الدولة أو الجماعات الترابية مع استثنائه للنزاعات المالية المتعلقة بتطبيق قانون جبائي ‪.‬‬

‫و في جانب آخر من هذا البحث‪ ،‬خصصنا الفصل الثاني من القسم األول لماهية العقود‬

‫اإلدارية وأنواعها‪ ،‬وأوضحنا القواعد واألحكام الالزمة لصحة العقد اإلداري‪ ،‬كما أن هذا‬

‫األخ ير يعت بر إح دى وس ائل اإلدارة في ممارس ة نش اطها ويمت از بطبيع ة قانوني ة خاص ـ ـــة‪،‬‬

‫وبأحكام تختلف عن طبيعة االعمال اإلدارية األخرى‪ ،‬كما يمتاز أيضا بأحكام تختلف عن‬

‫طبيع ة العق ود المدني ة ال تي تخض ع للق انون الخ اص‪ ،‬فالعق د اإلداري يس تمد قواع ده من‬

‫القواعد التي تحكم العالقات الخاصة ( قانون مدني ) إال أن اإلدارة بحكمها تمثل المصلحة‬

‫العامـ ــة وتتمتع بالسلطة العامة تجد نفسها كطرف أقوى فتحتفظ لنفسها ببعض االمتيازات‪،‬‬

‫‪418‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫وبالت الي يص بح للعق د خصوص يات غ ير مألوف ة في مراح ل تكوين ه وتنفي ذه‪ ،‬كم ا ينبغي أن‬

‫تتوفر في العقد اإلداري مجموعة من القواعد واألحكام‪ ،‬التي تشترطها اإلدارة لصحة العقد‬

‫وإ مكاني ة إتم ام التعاق د م ع الط رف األجن بي‪ ،‬وح تى يك ون التعاق د ص حيحا ف إن ال دول‬

‫المتعاق دة تض ع قواع د وأحك ام تض بط ص ياغة العق ود‪ ،‬وال يج وز ألي إدارة من ال دوائر‬

‫المتعاق دة أن تتجاوزه ا أو تش د من تل ك القواع د واألحك ام‪ ،‬ولك ل دول ة من ال دول لوائحه ا‬

‫وقوانينه ا ال تي تتحكم في ش كل ومض مون وص ياغة العق ود‪ ،‬ولكن العام ل المش ترك بينهم ا‬

‫ه و أنه ا تتف ق في بعض الم واد واألحك ام ال تي تعت بر دولي ة‪ ،‬وض رورية لبن اء ش كل العق د‪،‬‬

‫وال تي ال ينض بط العق د‪ ،‬وال يك ون مكتمال إال به ا‪ ،‬وله ذا كل ه تطرقن ا إلى أن واع العق ود‬

‫اإلدارية حيث تم التركيز على العقود اإلدارية بنص القانون كعقد األشغال العامة والتوريد‬

‫وعقود البوت كما تم توض يح العقود اإلدارية التي تنهض بطبيعته ا الذاتية‪ ،‬كعقد االلتزام‬

‫وعقد اإلنشاءات الدولية ‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة أنه إذا اقتصر القسم األول على الجانب النظري للموضوع فإن القسم‬

‫الث اني تض من الج انب التط بيقي للتحكيم في مج ال العق ود اإلداري ة ‪ .‬في ه ذا القس م ق دمنا‬

‫شرحا تحليليا وافيا آلراء االتجاه المؤيد للجوء إلى التحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪،‬‬

‫ثم اتبعنا ذلك بشرح تحليلي واف أيضا آلراء االتجاه المعارض للجوء إلى أسلوب التحكيم‬

‫في هذه المنازعات‪ ،‬ومن ثم عرضنا لموقف بعض من أجازه أو حظر اللجوء إلى التحكيم‬

‫في مجال العقود اإلدارية‪ ،‬محاولين تبيان األسباب التأملية لهذه المواقف المختلفة‪ ،‬وهكذا‬

‫ففي فرنسا نجد أن المبدأ العام هو عدم جواز التحكيم في العقود اإلدارية‪ ،‬إال أن المشرع‬

‫قد أورد على هذه القاعدة عدة استثناءات اقتضتها ظروف ومناسبات معين ة‪ ،‬فأج از التحكيم‬

‫‪419‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫في المنازع ات المتعلق ة بتص فية نفق ات عق ود األش غال العام ة والتوري د ال تي تبرمه ا الدول ة‬

‫والمديري ـ ـ ـــات والبل ديات والنقاب ات المختلف ة‪ ،‬والمؤسس ات العام ة التابع ة للبل ديات أو‬

‫المديريات‪ ،‬وتطلب موافقة مجلس الوزراء بمرسوم موقع عليه من وزير المالية والوزير‬

‫المختص فيم ا يتعل ق بعق ود األش غال والتوري د ال تي تبرمه ا الم ديريات‪ ،‬وموافق ة المجلس‬

‫البلدي واعتماد مدير المديرية إذا تعلق األمر بعقود األشغال العامة والتوريد التي تبرمها‬

‫البل ديات‪ ،‬كم ا أج از أيض ا في مرحل ة الحق ة لبعض طرائ ف المؤسس ات العام ة الص ناعية‬

‫والتجارية التي يصدر بتحديدها مرسوم إلى التحكيم في منازعات العقود التي تكون طرفا‬

‫فيه ا‪ ،‬إال أن ه إلى اآلن لم يص در ه ذا المرس وم وأخ يرا أج از التحكيم في منازع ات العق ود‬

‫الدولية ‪.‬‬

‫أم ا بالنس بة للمش رع المص ري فنج ده ق د أج از التحكيم في كاف ة منازع ات العق ود‬

‫اإلداريـ ــة واشترط في ذلك شرطين هما ‪:‬‬

‫‪ -‬موافقة الوزير المختص أو من يقوم مقامه بالنسبة لألشخاص االعتبارية ‪.‬‬

‫‪ -‬ودون أن تكون هذه الموافقة قابلة للتفويض ‪.‬‬

‫و هك ذا ف التحكيم في مص ر أص بح أم را دارج ا ومت واثرا في العق ود اإلداري ة‪ ،‬ب ل‬

‫أص بحت اإلدارة تض من عقوده ا امتي ازات للمتعاق د األجن بي في مواجهته ا ذاته ا ب ل وص ل‬

‫األم ر إلى النص في عق ود يعتبره ا القض اء في ك ل من مص ر وفرنس ا عق ودا إداري ة‬

‫باس تمرار لص لتها الوثيق ة ب المرفق الع ام‪ ،‬ش رط تق ر في ه اإلدارة ب أن " ه ذا العق د ه و عق د‬

‫تجاري أو عق ـ ــد خاص"‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أم ا بخص وص التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة بدول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‪،‬‬

‫فالمشرع في دولة اإلم ارات وقف موقفا محاي دا من التحكيم اإلداري حيث نجده لم يحظر‬

‫اللج وء إلى التحكيم اإلداري‪ ،‬كم ا لم يخص ه بق انون خ اص ب ه‪ ،‬أو بتش ريع مس تقل يم يزه‬

‫بإجراءات مختلفة عن التحكيم التجاري أو المدني‪ ،‬وأما في الواقع العملي فإن المطبق هو‬

‫أن الدول ة والمص الح الحكومي ة ال تج د حرج ا في اللج وء إلى التحكيم ال داخلي‪ ،‬كم ا أنه ا‬

‫كثيرا ما تذهب إلى التحكيم الدولي ‪.‬‬

‫وقد سبق إلمارة أبو ظبي أن قبلت التحكيم منذ بداية ظهور البترول‪ ،‬وقبل أن يتكون‬

‫لديها نظام قضائي مكتمل‪ ،‬حيث كانت قوانين اإلمارة وقتها بدائية وال ترقى للمستوى الذي‬

‫يالءم حاج ة المع امالت الدولي ة‪ ،‬وق د أدى ذل ك إلى ظه ور الحاج ة ل دى المحكمين إلى‬

‫اس تبعاد ق انون الدول ة المتعاق دة باس م المب ادئ العام ة لألمم المتقدم ة لع دم مالءمت ه لحاج ة‬

‫المع امالت الدولية‪ ،‬باإلض افة إلى هذا كل ه‪ ،‬الحظنا ووقفن ا على كثرة المنازع ات اإلدارية‬

‫بدولة اإلمارات وهو األمر الذي يستدعي توافر جهات قضائية مختصة متفرغة للنظر في‬

‫هذا الكم من الدعاوى ‪.‬‬

‫وإ ن توفير هذا النظام القضائي الذي يستقل بالدعاوى اإلدارية يستدعي النظر فيه من‬

‫قب ل قض اة متخصص ين ل ذلك ومتمتعين بحس الق انون اإلداري والتح رر من قي ود الق انون‬

‫المدني عند النظر في تلك الدعاوى والفصل فيها ‪.‬‬

‫أما بخصوص موقف المغرب من التحكيم اإلداري‪ ،‬فيمكن القول بأن المغرب قد استفاد‬

‫والشك من تجارب سابقيه خاصة بعد صدور القانون المتعلق بالتحكيم ‪ ،08.05‬حيث إن‬

‫التص ور الح ديث ال ذي أخ ذ ب ه المش رع المغ ربي من ش أنه أن يش جع على اللج وء إلى‬

‫‪421‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التحكيم‪ ،‬فض ال عن أن المحكم عن دما يطب ق الق انون الوط ني أو أي ق انون آخ ر يع ترف‬

‫بازدواجي ة القض اء‪ ،‬فه و مل زم ب احترام قواع د الق انون الع ام وإ ال تع رض حكم التحكيم‬

‫للبطالن لمخالفته للنظام العام ‪.‬‬

‫بع د ه ذا أوردن ا في دراس تنا نم اذج تطبيقي ة للتحكيم في العق ود اإلداري ة بحكم وحجم‬

‫راهني ة ه ذه النم اذج وأش كال من العق ود في التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة لل دول‪ ،‬حين‬

‫أدى دخول الدولة في مجال المعامالت الدولية خاصة بعد أزمة أداء الدولة وتراجع دورها‬

‫أم ام المنافس ة االقتص ادية واتج اه ال دول نح و الخصخص ة وجلب االس تثمار إلى اعتم اد‬

‫أس لوب التحكيم كإح دى الوس ائل البديل ة لفض المنازع ات اإلداري ة‪ ،‬فالمس تثمر األجن بي‬

‫يح رص على إدراج ش رط التحكيم فيم ا يبرم ه من عق ود م ع الدول ة أو أح د األش خاص‬

‫المعنوية العامة حرصا على الهروب من المثول أمام القضاء الوطني الذي يشك في حياده‬

‫ومن القانون الوطني الذي يجهل أحكامه ‪.‬‬

‫و لق د وق ع اختيارن ا للعق ود أكثر انتش ارا كعق د األش غال العمومي ة وعق د ال تزام المراف ق‬

‫العامة وعقد التوريد وعقود البوت لدورها الفعال في التنمية‪ ،‬هذه األشكال من العقود عملنا‬

‫جاه دين على تحدي د هويته ا القانوني ة وتحدي د نطاقه ا الق انوني وعالقته ا ب التحكيم وآلي ات‬

‫تسوية المنازعات التي تطرحها ‪.‬‬

‫و في الفصل الثاني من القسم الثاني عنوان ه حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن علي ـــه‬

‫وتنفيذه‪ ،‬وفي هذا الجانب أوضحنا بل قمنا بشرح وتحليل مستفيضين لحكم التحكيم اإلداري‬

‫فيم ا يتعل ق بمفهوم ه وش روطه وأنواع ه لنص ل إلى موق ف التش ريعات المختلف ة من الطعن‬

‫في حكم التحكيم اإلداري وفي ه ذا الخص وص‪ ،‬أوض حنا موق ف التش ريع اإلم اراتي حيث‬

‫‪422‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫نص المش رع ص راحة على ع دم ج واز الطعن في حكم التحكيم ب أي طريق ة من ط رق‬

‫الطعن سواء كانت ط رق الطعن العادية أم طرق الطعن غير العادي ة‪ ،‬أي أن حكم المحكم‬

‫يحوز حجية األمر المقضي به ما لم يخالف النظام العام في الدولة إال فيما يتعلق بتعيين‬

‫المحكم فيج وز الطعن ب ذلك‪ ،‬كم ا نص المش رع على ‪ :‬يجب أن يص در حكم المحكم في‬

‫دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة وإ ال اتبعت في ش أنه القواع د المق ررة ألحك ام المحكمين‬

‫الصادرة في بلد أجنبي‪.‬‬

‫و في نقطة أخيرة من البحث تناولنا إشكالية تنفيذ أحكام التحكيم اإلداري‪ ،‬وبخصوص‬

‫ه ذه النقط ة ووفق ا لق انون االج راءات المدني ة في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة‪ ،‬يك ون‬

‫قاضي التنفيذ هو المختص بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين ‪.‬‬

‫و في ه ذا اإلط ار نص المش رع اإلم اراتي على أن ه‪ ،‬إذا ص در حكم من محكمين لم‬

‫يعينوا طبقا للقانون أو صدر من بعضهم دون أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة اآلخ رين‬

‫أو صدر بناء على وثيقة تحكيم له يحدد فيها موضوع النزاع أو صدر من شخص ليست‬

‫ل ه أهلي ة االتف اق على التحكيم أو من محكم ال تت وفر في ه الش روط القانوني ة‪ ،‬وبه ذا يك ون‬

‫المشرع اإلماراتي قد راعى كل ما يتعلق بأهلية األطراف المتفق ة على التحكيم‪ ،‬إلى جانب‬

‫هذا أوضحنا الصعوبات التي تعترض تنفيذ حكم التحكيم اإلداري وركزنا على الصعوبات‬

‫االجرائية والصعوبات التنفيذية ‪.‬‬

‫ص حيح أن الواق ع في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة يف رض على القاض ي الم دني‬

‫النظ ر في المنازع ات اإلداري ة من خالل ال دائرة المختص ة ل ذلك في المحكم ة االبتدائي ة‬

‫بالعاص مة‪ ،‬مم ا يمكن مع ه ف رض فك ر الق انون الم دني على تل ك ال دعاوى ال تي تتطلب أن‬

‫‪423‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫تنظ ر من قب ل القاض ي اإلداري ال ذي ال س يطرة للق انون الم دني علي ه ح تى ال يل تزم‬

‫بنصوصه بل يستعين بها وذلك لما يتطلبه القانون اإلداري من مسايرة للمتغيرات والتط ور‬

‫المستمر في كافة المجاالت‪ ،‬وهذا ال يمكن أن يقوم به القاضي المدني ‪.‬‬

‫ل ذا الب د من توف ير مح اكم إداري ة وقض اة مختص ين‪ ،‬ومن خالل األحك ام يمكن اس تنباط‬

‫مواد القانون اإلداري‪ ،‬باإلضافة إلى االستعانة بالقوانين المتبعة في الدول التي سبقتنا في‬

‫هذا المجال‪.‬‬

‫علم ا أن دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة تس تعد في الش هور القادم ة لوض ع ولي دها‬

‫الجدي د‪ ،‬ق انون التحكيم االتح ادي‪ ،‬قانون ا مس تقال متك امال ج اء ليس د ويغطي وينظم ويعطي‬

‫بـ ـ ـ ـــل ويحكم‪ ،‬فال زال المش روع في مرحل ة التح وير والتك وين النه ائي ليخ رج لن ا بكام ل‬

‫م ـ ــواده وبحلته الجديدة‪.‬‬

‫و أخيرا نود أن نؤكد أنه ليست هناك موانع وال عقبات قانونية أو دستورية تح ول دون‬

‫لج وء جه ة اإلدارة إلى التحكيم في مج ال العق ود اإلداري ة خاص ة الدولي ة‪ ،‬وال يمث ل ذل ك‬

‫اعتداء على القضاء اإلداري ‪.‬‬

‫و ن ود أن نط رح بعض التوص يات ح تى يك ون التحكيم أك ثر فعالي ة وعدال ة في تس وية‬

‫المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين األطراف ومن هذه التوصيات ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ -‬إصدار قانون جديد بدولة اإلمارات العربية المتحدة إسوة بالكثير من دول العال ـ ـ ـــم‪،‬‬

‫وذلك إما عن طريق نقل نصوص القانون النموذجي للتحكيم الصادر عن األمم المتحدة أو‬

‫عن طريق االقتباس من تلك النصوص ‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬تشجيع األطراف المتنازعة للجوء إلى التحكيم كوسيلة لحل المنازعات اإلدارية من‬

‫خالل النص في العق ود اإلداري ة على مس توى التحكيم أو المش ارطات التحكيمي ة والتنبي ه‬

‫على فعاليات المجتمع المدني على مكانة التحكيم اإلداري في حل المنازعات ‪.‬‬

‫‪ -‬إع داد خ براء لهم دراي ة قانوني ة وفني ة في ص ياغة وإ ب رام عق ود التحكيم واإللم ام‬

‫بق وانين األعم ال والش ركات‪ ،‬فض ال عن تعزي ز ال وعي واالحترافي ة القانوني ة وذل ك قص د‬

‫مواكبة التوجه الدولي والعربي من خالل عقد عدة ندوات ولقاءات علمية‪ ،‬لشرح ماهيت ـــه‬

‫ومزاي اه العام ة خاص ة تل ك المتعلق ة بكون ه‪ ،‬ق انون ت وافقي وق انون تراض ي‪ ،‬كون ه يتس م‬

‫ببساطة االجراءات‪ ،‬يتميز بالسرعة في البت ‪.‬‬

‫‪ -‬الب د من الفص ل بين الق انون الم دني واإلداري‪ ،‬وبالت الي يجب أن تع رض كاف ة‬

‫ال دعاوى اإلداري ة على ق اض إداري يتمت ع بحس الق انون اإلداري‪ ،‬ليتمكن من الفص ل في‬

‫المنازع ات اإلداري ة بص ورة ص حيحة وب دون س يطرة من الق انون الم دني يف رض االل تزام‬

‫بنصوص المواد القانونية حيث أن القانون اإلداري يتصف بالمرونة والتطور ‪.‬‬

‫‪ -‬يجب على األطراف أن يتفقوا صراحة على القانون الواجب التطبيق على موضوع‬

‫ال نزاع وأن ينص العق د ص راحة على أن ه ذه العق ود هي عق ود إداري ة تخض ع للنظري ة‬

‫العام ة للعق ود اإلداري ة‪ ،‬وذل ك بعب ارات واض حة ودقيق ة ال تحتم ل أي تأوي ل س واء ك ان‬

‫القانون المختار هو قانون الدولة المتعاقدة أو أي قانون آخر ‪.‬‬

‫‪ -‬يجب على جهة اإلدارة أن تحترم تعهداتها وتقوم بتنفيذ حكم التحكيم الصادر ضدها‬

‫طواعي ة واختي ارا وأال تح اول عرقل ة تنفي ذ أحك ام التحكيم واال تتمس ك بحص انتها القض ائية‬

‫‪425‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أو حص انتها ض د التنفي ذ إذ أن ه ذه األس اليب تفق د الدول ة مص داقيتها في تعامله ا م ع‬

‫الشركات األجنبية المستثمرة ‪.‬‬

‫‪ -‬اح ترام الدول ة وهيئاته ا لتعه داتها في مج ال التحكيم بص فة عام ة والتحكيم اإلداري‬

‫بص فة خاص ة‪ ،‬وأال تلج أ الدول ة بع د إب رام ش رط التحكيم إلى نكران ه‪ ،‬ألن ذل ك من ش أنه‬

‫زعزة الثقة في السياسة االقتصادية وفي مصداقيتها ‪.‬‬

‫و أخ يرا ن دعو المش رع في ال دول المختلف ة ونتم نى علي ه أم ام ه ذه الحاج ة الملح ة‪ ،‬أن‬

‫ينظم التحكيم في مجال العقود اإلدارية تنظيما دقيقا ومدروسا ووافيا ومستقال ألن أهميته‬

‫كما نعتقد أصبحت ال تخفى على أحد وال تقبل الجدل ‪.‬‬

‫و خ ير معين له ذا المش رع إذا ع زم أم ره على األخ ذ برأين ا ه ذا وق رر تنظيم ك ل‬

‫االج راءات واألم ور والج وانب القانوني ة والعملي ة المتعلق ة ب التحكيم اإلداري‪ ،‬والدراس ات‬

‫واألبحاث اإلدارية النظرية والتطبيقية التي يضعها أصحاب الخبرة واالختصاص أيا كانت‬

‫م واقعهم‪ ،‬م ادامت ه ذه الدراس ات واألبح اث تتض من م ا يمكن أن يق دم الع ون واإلف ادة‬

‫لسلطات الدولة‪ ،‬ومادامت كما نقول دائما وكما نعلم جميعا في حاجة ماسة إلى إخراجها‬

‫من العالم النظري والشفاف‪ ،‬إلى العالم التنفيذي والواقعي والعملي الحافل بالتطور السريع‬

‫الذي يقطع األنفاس ‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الـمــالحــــق‬

‫‪427‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الئحة المالحق بشأن قوانين التحكيم ‪:‬‬

‫الملحق األول ‪ :‬قانون التحكيم اإلماراتي ‪.‬‬

‫الملحق الثاني ‪ :‬قانون التحكيم المصري ‪.‬‬

‫الملحق الثالث ‪ :‬قانون التحكيم المغربي ‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الملحق األول‪:‬‬

‫قانون التحكيم االماراتي مستخرج من قانون االجراءات المدنية‬

‫الباب الثالث ‪ :‬التحكيم‬

‫المادة ‪: 203‬‬

‫‪ – 1‬يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في العقد األساسي أو باتفاق الحق عرض‬

‫ما قد ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر كما يجوز االتفاق على‬

‫التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يثبت االتفاق على التحكيم إال بالكتابة ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ويجب ان يح دد موض وع ال نزاع في وثيق ة التحكيم أو أثن اء نظ ر ال دعوى ول و ك ان‬

‫المحكمون مفوضين بالصلح وإ ال كان التحكيم باطال ‪.‬‬

‫‪ – 4‬وال يج وز التحكيم في المس ائل ال تي ال يج وز فيه ا الص لح وال يص ح االتف اق على‬

‫التحكيم إال ممن له أهلية التصرف في الحق محل النزاع ‪.‬‬

‫‪ – 5‬وإ ذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع ما فال يجوز رفع الدعوى به أمام القضـ ـــاء‬

‫ومع ذل ك إذا لجأ أحد الط رفين إلى رفع ال دعوى دون اعتداد بش رط التحكيم ولم يعترض‬

‫الطرف اآلخر في الجلسة األولى جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم الغيا ‪.‬‬

‫المادة ‪: 204‬‬

‫‪ – 1‬إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من‬

‫المحكمين المتف ق عليهم عن العم ل أو اعتزل ه أو ع زل عن ه أو حكم ب رده أو ق ام م انع من‬


‫‪429‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مباش رته ل ه ولم يكن هن اك اتف اق في ه ذا الش أن بين الخص وم عينت المحكم ة المختص ة‬

‫أصال بنظر النزاع من يلزم من المحكمين وذلك بناء على طلب أحد الخصوم باالجراءات‬

‫المعتادة لرفع الدعوى ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساويا للعدد المتفق عليه‬

‫بين الخصوم أو مكمال له ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن ‪.‬‬

‫المادة ‪: 205‬‬

‫ال يج وز تف ويض المحكمين بالص لح إال إذا ك انوا م ذكورين بأس مائهم في االتف اق‬

‫على التحكيم أو في وثيقة الحقة ‪.‬‬

‫المادة ‪: 206‬‬

‫‪ - 1‬ال يج وز أن يك ون المحكم قاص را أو محج وزا علي ه أو محروم ا من حقوق ه المدني ة‬

‫بسبب عقوبة جنائية أو مفلسا ما لم يرد إليه اعتباره ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا تعدد المحكمون وجب في جميع األحوال أن يكون عددهم وترا ‪.‬‬

‫المادة ‪: 207‬‬

‫‪ – 1‬يجب أن يكون قبول المحكم بالكتابة أو بإثبات قبوله في محضر الجلسة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا تنحى المحكم بغ ير س بب ج دي عن القي ام بعمل ه بع د قب ول التحكيم ج از الحكم‬

‫عليه بالتعويضات ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وال يجوز عزله إال بموافقة الخصوم جميعا غير أنه يجوز للمحكمة المختصة أصال‬

‫بنظر النزاع وبناء على طلب أحد الخصوم إقالة المحكم واألمر بتعيين بديل عنه بالطريقة‬

‫‪430‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫التي جرى تعيينه بها ابتداء وذلك في حالة ثبوت أن المحكم أهمل قصدا العمل بمقتضى‬

‫اتفاق التحكيم رغم لفت نظره خطيا بذلك ‪.‬‬

‫‪ – 4‬وال يجوز رده عن الحكم إال ألسباب تحدث أو تظهر بعد تعيين شخص ه ويطلب ال رد‬

‫لذات األسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع طلب الرد‬

‫إلى المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال دعوى خالل خمس ة أي ام من إخب ار الخص م بتع يين‬

‫المحكم أو من ت اريخ ح دوث س بب ال رد أو علم ه ب ه إذا ك ان تالي ا إلخب اره بتع يين المحكم‬

‫وفي جمي ع األح وال ال يقب ل طلب ال رد إذا ص در حكم المحكم ة أو أقف ل ب اب المرافع ة في‬

‫القضية ‪.‬‬

‫المادة ‪: 208‬‬

‫‪ – 1‬يقوم المحكم خالل ثالثين يوما على األكثر من قبول التحكيم بإخطار الخصوم بتاريخ‬

‫أول جلس ة تح دد لنظ ر ال نزاع وبمك ان انعقاده ا وذل ك دون تقي د بالقواع د المق ررة في ه ذا‬

‫القانون لإلعالن ويحدد لهم موعدا لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويج وز الحكم بن اء على م ا يقدم ه ج انب واح د إذا تخل ف اآلخ ر عن ذل ك في الموع د‬

‫المحدد ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وإ ذا تعدد المحكمون وجب أن يتولوا مجتمعين اجراءات التحقيق وأن يوقع كل منهم‬

‫على المحاضر ‪.‬‬

‫المادة ‪: 209‬‬

‫‪431‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 1‬تنقطع الخصومة أمام المحكم إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المقررة في‬

‫ه ذا الق انون وي ترتب على االنقط اع آث اره المق ررة قانون ا م ا لم تكن ال دعوى ق د حج زت‬

‫الحكم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا عرض ت خالل التحكيم مس ألة أولي ة تخ رج عن والي ة المحكم أو طعن ب تزوير‬

‫ورق ة أو اتخ ذت اج راءات جنائي ة عن تزويره ا أو عن ح ادث جن ائي آخ ر أوق ف المحكم‬

‫عمل ه ح تى يص در فيه ا حكم انته ائي كم ا يوق ف الحكم عمل ه للرج وع إلى رئيس المحكم ة‬

‫المختصة إلجراء ما يأتي ‪:‬‬

‫أ – الحكم بالجزاء المقرر قانونا على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع‬

‫عن اإلجابة ‪.‬‬

‫ب – الحكم بتكليف الغير إبراز مستندا في حوزته ضروري للحكم في التحكيم ‪.‬‬

‫ج – التقرير باإلنابات القضائية ‪.‬‬

‫المادة ‪: 210‬‬

‫‪ - 1‬إذا لم يشترط الخصوم في االتفاق على التحكيم أجال للحكم كان على المحكم أن يحكم‬

‫خالل س تة أش هر من ت اريخ جلس ة التحكيم األولى وإ ال ج از لمن ش اء من الخص وم رف ع‬

‫النزاع إلى المحكمة أو المضي فيه أمامها إذا كان مرفوعا من قبل ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وللخص وم االتف اق – ص راحة أو ض منا على م د الميع اد المح دد اتفاق ا أو قانون ا ولهم‬

‫تف ويض المحكم في م دة إلى أج ل معين ويج وز للمحكم ة بن اء على طلب المحكم أو أح د‬

‫الخصوم مد األجل المحدد بالفقرة السابق للمدة التي تراها مناسبة للفصل في النزاع ‪.‬‬

‫‪432‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 3‬ويوق ف الميع اد كلم ا أوقفت الخص ومة أو انقطعت أم ام المحكم ويس تأنف س يره من‬

‫ت اريخ علم المحكم ب زوال س بب الوق ف أو االنقط اع وإ ذا ك ان الب اقي من الميع اد أق ل من‬

‫شهر امتد إلى شهر ‪.‬‬

‫المادة ‪: 211‬‬

‫على المحكمين أن يحلف وا الش هود اليمين وك ل من أدى ش هادة كاذب ة أم ام المحكمين‬

‫يعتبر مرتكبا لجريمة شهادة الزور ‪.‬‬

‫المادة ‪: 212‬‬

‫‪ – 1‬يصدر المحكم حكمه غير مقيد باجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في ه ـ ــذا الباب‬

‫واالجراءات الخاصة بدعوة الخصوم وسماع أوجه دفاعهم وتمكينهم من تقديم مستنداتهـــم‬

‫ومع ذلك يجوز للخصوم االتفاق على اجراءات معينة يسير عليها المحكم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويكون حكم المحكم على مقتضى قواعد القانون إال إذا كان مفوضا بالصلح فال يتقيد‬

‫بهذه القواعد عدا ما تعلق منها بالنظام العام ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وتطبق القواعد الخاصة بالنفاذ المعجل على أحكام المحكمين ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ويجب أن يصدر حكم المحكم في دولة اإلمارات العربية المتحدة وإ ال اتبعت في شأنه‬

‫القواعد المقررة ألحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي ‪.‬‬

‫‪ – 5‬ويص در حكم المحكمين بأغلبي ة اآلراء وتجب كتابت ه م ع ال رأي المخ الف ويجب أن‬

‫يشتمل بوجه خاص على ص ورة من االتف اق على التحكيم وعلى ملخص أقوال الخصـ ـ ـــوم‬

‫ومس تنداتهم وأس باب الحكم ومنطوق ه وت اريخ ص دوره والمك ان ال ذي ص در في ه وتوقيع ات‬

‫‪433‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المحكمين وإ ذا رفض واحد أو أكثر من المحكمين توقيع الحكم ذكر ذلك فيه ويكون الحكم‬

‫صحيحا إذا وقعته أغلبية المحكمين ‪.‬‬

‫‪ – 6‬ويحرر الحكم باللغة العربية ما لم يتفق الخصوم على غير ذلك عنذئد يتعين أن ترف ق‬

‫به عند ايداعه ترجمة رسمية ‪.‬‬

‫‪ – 7‬ويعتبر الحكم صادرا من تاريخ توقيع المحكمين عليه بعد كتابته ‪.‬‬

‫المادة ‪: 213‬‬

‫‪ – 1‬في التحكيم ال ذي يتم عن طريق المحكم ة يجب على المحكمين ايداع الحكم مع أصل‬

‫وثيق ة التحكيم والمحاض ر والمس تندات في كتاب ة المحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال دعوى‬

‫خالل الخمسة عشر يوما التالية لصدور الحكم كما يجب عليهم اي داع ص ورة من الحكم في‬

‫كتاب ة المحكم ة لتس ليمها إلى ك ل ط رف وذل ك خالل خمس ة أي ام من اي داع األص ل ويح رر‬

‫كاتب المحكمة محضرا بهذا االيداع يعرضه على القاضي أو رئيس الدائرة حسب األحوال‬

‫لتحديد جلسة خالل خمسة عشر يوما للتصديق على الحكم ويعلن الطرفان بها ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا ك ان التحكيم واردا على قض ية اس تئناف ك ان االي داع في كتاب ة المحكم ة‬

‫المختصة أصال بنظر االستئناف ‪.‬‬

‫‪ – 3‬أم ا في التحكيم ال ذي يتم بين الخص وم خ ارج المحكم ة فيجب على المحكمين أن‬

‫يسلموا صورة من الحكم إلى كل طرف خالل خمسة أيام من صدور قرار التحكيم وتنظر‬

‫المحكم ة في تص ديق أو إبط ال الق رار بن اء على طلب أح د الخص وم ب االجراءات المعت ادة‬

‫لرفع الدعوى‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المادة ‪: 214‬‬

‫يج وز للمحكم ة أثن اء النظ ر في طلب تص ديق حكم المحكمين أن تعي ده إليهم للنظ ر‬

‫فيم ا أغفل وا الفص ل في ه من مس ائل التحكيم أو لتوض يح الحكم إذا ك ان غ ير مح دد بالدرج ة‬

‫التي يمكن معها تنفيذه وعلى المحكمين في هاتين الحالتين أن يصدروا قرارهم خالل ثالثة‬

‫أشهر من تاريخ إبالغهم بالقرار إال إذا قررت المحكمة خالف ذلك ‪.‬‬

‫و ال يج وز الطعن في قراره ا إال م ع الحكم النه ائي الص ادر بتص ديق الحكم أو‬

‫إبطاله‪.‬‬

‫المادة ‪: 215‬‬

‫‪ – 1‬ال ينف ذ حكم المحكمين إال إذا ص ادقت علي ه المحكم ة ال تي أودع الحكم في كتابته ا‬

‫وذل ك بع د االطالع على الحكم ووثيق ة التحكيم والتثبت من أن ه ال يوج د م انع من تنفي ذه‬

‫وتختص ه ذه المحكم ة بتص حيح األخط اء المادي ة في حكم المحكمين بن اء على طلب ذوي‬

‫الشأن بالطرق المقررة لتصحيح األحكام ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين ‪.‬‬

‫المادة ‪: 216‬‬

‫‪ – 1‬يجوز للخصوم طلب بطالن حكم المحكمين عندما تنظر المحكمة في المصادقة عليـ ـــه‬

‫وذلك في األحوال اآلتية ‪:‬‬

‫أ – إذا كان قد صدر بغير وثيقة تحكيم أو بناء على وثيقة باطلة أو سقطت بتجاوز‬

‫الميعاد أو إذا خرج الحكم عن حدود الوثيقة ‪.‬‬

‫‪435‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ب – إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقا للقانون أو صدر من بعضهم دون‬

‫أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة اآلخرين أو صدر بناء على وثيقة تحكيم لم يحدد فيها‬

‫موضوع النزاع أو صدر من شخص ليست له أهلية االتفاق على التحكيم أو من محكم ال‬

‫تتوفر فيه الشرائط القانونية ‪.‬‬

‫ج – إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في االجراءات أثر في الحكم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يمنع من قبول البطالن تنازل الخصم عن حقه فيه قبل صدور حكم المحكمين ‪.‬‬

‫المادة ‪: 217‬‬

‫‪ – 1‬أحكام المحكمين ال تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أم ا الحكم الص ادر بالمص ادقة على حكم المحكمين أو ببطالن ه فيج وز الطعن في ه‬

‫بطرق الطعن المناسبة ‪.‬‬

‫‪ – 3‬واس تثناء من حكم الفق رة الس ابقة ال يك ون الحكم ق ابال لالس تئناف إذا ك ان المحكم ون‬

‫مفوض ين بالص لح أو ك ان الخص وم ق د نزل وا ص راحة عن ح ق االس تئناف أو ك انت قيم ة‬

‫النزاع ال تزيد على عشرة آالف درهم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 218‬‬

‫ي ترك للمحكمين تق ديم أتع ابهم ومص اريف التحكيم ولهم أن يحكم وا به ا كله ا أو‬

‫بعضها على الطرف الخاسر وللمحكمة بناء على طلب أحد الخصوم تعديل هذا التق دير بم ا‬

‫يناسب الجهد المبذول وطبيعة النزاع ‪.‬‬

‫‪436‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الملحق الثاني‪:‬‬

‫قانون التحكيم المصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪1994‬‬

‫باسم الشعب‪:‬‬

‫رئيس الجمهورية‬

‫قرر مجلس الشعب القانون اآلتي نصه وقد أصدرناه‪:‬‬

‫مادة ‪: 1‬‬

‫يعمل بأحكام القانون المرافق على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعد نفاذه ولو‬

‫استند إلى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاذ هذا القانون ‪.‬‬

‫مادة ‪: 2‬‬

‫يص در وزي ر الع دل الق رارات الالزم ة لتنفي ذ أحك ام ه ذا الق انون ويض ع ق وائم‬

‫المحكمين الذين يجري االختيار من بينهم وفقا لحكم المادة (‪ )17‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫مادة ‪: 3‬‬

‫تلغى الم واد من ‪ 501‬إلى ‪ 513‬من الق انون رقم ‪ 13‬لس نة ‪ 1968‬بإص دار ق انون‬

‫المرافعات المدنية والتجارية كما يلغى أي حكم مخالف ألحكام هذا القانون ‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مادة ‪: 4‬‬

‫ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ‬

‫نشره ‪.‬‬

‫يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها ‪.‬‬

‫( حسني مبارك )‬

‫ص در برئاس ة الجمهوري ة في ‪ 7‬ذي القع دة س نة ‪ 1414‬المواف ق ‪ 18‬أبري ل سن ـــة‬

‫‪ 1994‬م ‪.‬‬

‫قانون في شأن التحكيم في المواد‬

‫المدنية والتجارية‬

‫الباب األول‬

‫أحكام عامة‬

‫المادة ‪: 1‬‬

‫مع عدم اإلخالل بأحكام االتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية‬

‫تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون‬

‫الخ اص أي ا ك انت طبيع ة العالق ة القانوني ة ال تي ي دور حوله ا ال نزاع إذا ك ان ه ذا التحكيم‬

‫يج رى في مص ر أو ك ان تحكيم ا تجاري ا دولي ا يج رى في الخ ارج واتف ق أطراف ه على‬

‫إخضاعه ألحكام هذا القانون ‪.‬‬

‫‪438‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و بالنسبة إلى منازعات العقود اإلدارية يكون االتفاق على التحكيم بموافقة الوزير‬

‫المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة لألشخاص االعتبارية العامة وال يجوز التفويض‬

‫في ذلك ‪.‬‬

‫( الفق رة الثاني ة مض افة بالق انون رقم ‪ 9‬لس نة ‪ 1998‬بتع ديل بعض أحك ام ق انون‬

‫التحكيم في المواد المدنية والتجارية )‪.‬‬

‫المادة ‪: 2‬‬

‫يك ون التحكيم تجاري ا في حكم ه ذا الق انون إذا نشأ ال نزاع حول عالقة قانونية ذات‬

‫ط ابع اقتص ادي عقدية ك انت أو غ ير عقدية ويشل ذل ك على سبيل المث ال توري د السلع أو‬

‫الخ دمات والوك االت التجاري ة وعق ود التش ييد والخ برة الهندس ية أو الفني ة ومنح ال تراخيص‬

‫الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا واالستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك‬

‫والت أمين والنق ل وعملي ات تنقيب واس تخراج ال ثروات الطبيعي ة وتوري د الطاق ة وم د أن ابيب‬

‫الغاز أو النفط وشق الطرق واألنفاق واستصالح األراضي الزراعية وحماية البيئة وإ قامة‬

‫المفاعالت النووية ‪.‬‬

‫المادة ‪: 3‬‬

‫يك ون التحكيم دولي ا في حكم ه ذا الق انون إذا ك ان موض وعه نزاع ا يتعل ق بالتج ارة‬

‫الدولية وذلك في األحوال اآلتية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬إذا ك ان المرك ز الرئيس ي ألعم ال ك ل من ط رفي التحكيم يق ع في دول تين‬

‫مختلف تين وقت اب رام اتف اق التحكيم ف إذا ك ان ألح د الط رفين ع دة مراك ز لألعم ال ف العبرة‬

‫‪439‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ب المركز األك ثر ارتباط ا بموض وع اتف اق التحكيم وإ ذا لم يكن ألح د ط رفي التحكيم مرك ز‬

‫أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إذا تفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم‬

‫يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها ‪.‬‬

‫ثالث ا ‪ :‬إذا ك ان موض وع التحكيم ال ذي يش مله اتف اق التحكيم يرتب ط ب أكثر من دول ة‬

‫واحدة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬إذا كان المركز الرئيسي ألعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة‬

‫وقت ابرام اتفاق التحكيم وكان أحد األماكن التالية واقعا خارج هذه الدولة ‪.‬‬

‫أ ) مكان اجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه ‪.‬‬

‫ب ) مك ان تنفي ذ ج انب ج وهري من االلتزام ات الناش ئة عن العالق ة التجاري ة بين‬

‫الطرفين ‪.‬‬

‫ج ) المكان األكثر ارتباطا بموضوع النزاع ‪.‬‬

‫المادة ‪: 4‬‬

‫‪ – 1‬ينص رف لف ظ " التحكيم " في حكم ه ذا الق انون إلى التحكيم ال ذي ينطب ق علي ه طرف ا‬

‫ال نزاع بإرادتهم ا الح رة س واء ك انت الجه ة ال تي تت ولى اج راءات التحكيم بمقتض ى اتف اق‬

‫الطرفين منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك ‪.‬‬

‫‪440‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 2‬وتنصرف عبارة " هيئة التحكيم " إلى الهيئة المشكلة من محكم واحد أو أكثر للفصل‬

‫في ال نزاع المح ال إلى التحكيم أم ا لف ظ " المحكم ة " فينص رف إلى المحكم ة التابع ة للنظ ام‬

‫القضائي في الدولة ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وتنصرف عبارة " طرفي التحكيم " في هذا القانون إلى أطراف التحكيم ولو تعددوا ‪.‬‬

‫المادة ‪: 5‬‬

‫في األح وال ال تي يج يز فيه ا ه ذا الق انون لط رفي التحكيم اختي ار اإلج راء ال واجب‬

‫االتباع في مسألة معينة تضمن ذلك حقهما في الترخيص للغير في اختيار هذا اإلجـ ـ ـ ـــراء‬

‫ويعتبر من الغير في هذا الشأن كل منظمة أو مركز للتحكيم في جمهورية مصر العربية‬

‫أو في خارجها ‪.‬‬

‫المادة ‪: 6‬‬

‫إذا اتف ق طرف ا التحكيم على اخض اع العالق ة القانوني ة بينهم ا ألحك ام عق د نم وذجي‬

‫اتفاقي ة دولي ة أو أي ة وثيق ة أخ رى وجب العم ل بأحك ام ه ذه الوثيق ة بم ا تش مله من أحك ام‬

‫خاصة بالتحكيم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 7‬‬

‫‪ – 1‬م ا لم يوج د اتف اق خ اص بين ط رفي التحكيم يتم تس ليم أي رس الة أو إعالن إلى‬

‫المرس ل إلي ه شخص يا أو في مق ر عمل ه أو في مح ل إقامت ه المعت اد أو في عنوان ه البري دي‬

‫المع روف للط رفين أو المح دد في مش ارطة التحكيم أو في الوثيق ة المنظم ة للعالق ة ال تي‬

‫يتناولها التحكيم‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 2‬وإ ذا تعذر معرفة أحد هذه العناوين بعد اجراء التحريات الالزمة يعتبر التسليم قد تم‬

‫إذا ك ان اإلعالن كت اب مس جل إلى آخ ر مق ر عم ل أو مح ل إقام ة معت اد أو عن وان بري دي‬

‫معروف للمرسل إليه ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ال تسري أحكام هذه المادة على اإلعالنات القضائية أمام المحاكم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 8‬‬

‫إذا استمر أحد طرفي ال نزاع في اجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط‬

‫في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز االتفاق على مخالفته ولم يقدم‬

‫اعتراض ا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق علي ه أو في وقت معقول عند عدم االتفاق‬

‫اعتبر ذلك نزوال منه عن حقه في االعتراض ‪.‬‬

‫المادة ‪: 9‬‬

‫‪ – 1‬يكون االختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المص ري‬

‫للمحكم ة المختص ة أص ال بنظ ر ال نزاع أم ا إذا ك ان التحكيم تجاري ا دولي ا س واء ج رى في‬

‫مص ر أو في الخ ارج فيك ون االختص اص لمحكم ة اس تئناف الق اهرة م ا لم يتف ق الطرف ان‬

‫على اختصاص محكمة استئناف أخرى في مصر ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وتظ ل المحكم ة ال تي ينعق د له ا االختص اص وفق ا للفق رة الس ابقة دون غيره ا ص احبة‬

‫االختصاص حتى انتهاء جميع اجراءات التحكيم ‪.‬‬

‫الباب الثاني‬

‫‪442‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫اتفاق التحكيم‬

‫المادة ‪: 10‬‬

‫‪ – 1‬اتف اق التحكيم ه و اتف اق الط رفين على االلتج اء إلى التحكيم لتس وية ك ل أو بعض‬

‫المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو‬

‫غير عقدية ‪.‬‬

‫‪ – 2‬يجوز أن يك ون اتف اق التحكيم س ابقا على قي ام النزاع سواء ق ام مستقال بذات ه أو ورد‬

‫في عق د معين ش أن ك ل أو بعض المنازع ات ال تي ق د تنش أ بين الط رفين وفي ه ذه الحال ة‬

‫يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليه في الفقرة األولى من المادة (‬

‫‪ ) 30‬من هذا القانون كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت‬

‫في ش أنه دع وى أم ام جه ة قض ائية وفي ه ذه الحال ة يجب أن يح دد االتف اق المس ائل ال تي‬

‫يشملها التحكيم وإ ال كان االتفاق باطال ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ويعت بر االتف اق على التحكيم ك ل إحال ة ت رد في العق د إلى وثيق ة تتض من ش رط تحكيم‬

‫إذا كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزء من العقد ‪.‬‬

‫المادة ‪: 11‬‬

‫ال يج وز االتف اق على التحكيم إال للش خص الط بيعي أو االعتب اري ال ذي يمل ك‬

‫التصرف في حقوقه وال يجوز التحكيم في المسائل التي ال يجوز فيها الصلح ‪.‬‬

‫المادة ‪: 12‬‬

‫‪443‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإ ال كان باطال ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا‬

‫تض منه مح رر وقع ه الطرف ان أو إذا تض منه ا تبادل ه الطرف ان من رس ائل أو برقي ات أو‬

‫غيرها من وسائل االتصال المكتوبة ‪.‬‬

‫المادة ‪: 13‬‬

‫‪ – 1‬يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول‬

‫الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يح ول رف ع ال دعوى المش ار إليه ا في الفق رة الس ابقة دون الب دء في اج راءات‬

‫التحكيم أو االستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 14‬‬

‫يجوز للمحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون أن تأمر بناء على طلب‬

‫أحد طرفي التحكيم باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في اج راءات التحكيم أو‬

‫أثناء سيرها ‪.‬‬

‫الباب الثالث ‪:‬‬

‫هيئة التحكيم‬

‫المادة ‪: 15‬‬

‫‪ – 1‬تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين من محكم واحد أو أكثر فإذا لم يتفقا على ع دد من‬

‫المحكمين كان العدد ثالثة ‪.‬‬

‫‪ – 2‬إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا وإ ال كان التحكيم باطال ‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المادة ‪: 16‬‬

‫‪ – 1‬ال يج وز أن يك ون المحكم قاص را أو محج ورا علي ه أو محروم ا من حقوق ه المدني ة‬

‫بسبب الحكم عليه في جناية أوجنحة مخلة بالشرف أو بسبب إفالسه ما لم يرد إليه اعتباره‬

‫‪.‬‬

‫‪ – 2‬ال يش ترط أن يك ون المحكم من جنس أو جنس ية معين ة إال إذا اتف ق طرف ا التحكيم أو‬

‫نص القانون على غير ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 3‬يك ون قب ول المحكم القي ام بمهمت ه كتاب ة ويجب علي ه أن يفص ح عن د قبول ه عن أي ة‬

‫ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقالله أو حيدته ‪.‬‬

‫المادة ‪: 17‬‬

‫‪ – 1‬لط رفي التحكيم االتف اق على اختي ار المحكمين وعلى كيفي ة ووقت اختي ارهم ف إذا لم‬

‫يتفقا اتبع ما يلي ‪:‬‬

‫أ ) إذا ك انت هيئ ة التحكيم مش كلة من محكم واح د ت ولت المحكم ة المش ار إليه ا في‬

‫المادة (‪ )9‬من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ‪.‬‬

‫ب ) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثالث محكمين اختار كل طرف محكما ثم‬

‫يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خالل الثالثين‬

‫يوم ا التالي ة لتس لمه طلب ا ب ذلك من الط رف اآلخ ر أو إذا لم يتف ق المحكم ان المعني ان على‬

‫اختي ار المحكم الث الث خالل الثالثين يوم ا التالي ة لت اريخ تع يين آخرهم ا ت ولت المحكم ة‬

‫المش ار إليه ا في الم ادة (‪ )9‬من ه ذا الق انون اختي اره بن اء على طلب أح د الط رفين ويك ون‬

‫‪445‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للمحكم ال ذي اخت اره المحكم ان المعين ان أو ال ذي اختارت ه المحكم ة رئاس ة هيئ ة التحكيم‬

‫وتسري هذه األحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر هيئة من ثالثة محكمين ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا خالف أحد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفقا أو لم‬

‫يتفق المحكم ان المعين ان على أمر مما يل زم اتفاقهما علي ه أو إذا تخلف الغ ير عن أداء ما‬

‫عهد به إليه في هذا الشأن وتولت المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون بن اء‬

‫على طلب أح د الط رفين القي ام ب اإلجراء أو بالعم ل المطل وب م ا لم ينص في االتف اق على‬

‫كيفية أخرى إلتمام هذا اإلجراء أو العمل ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وت راعي المحكم ة في المحكم ال ذي تخت اره الش روط ال تي يتطلبه ا ه ذا الق انون وتل ك‬

‫ال تي اتف ق عليه ا الطرف ان وتص در قراره ا باختي ار المحكم على وج ه الس رعة وم ع ع دم‬

‫اإلخالل بأحكام المادتين ( ‪ 18‬و‪ ) 19‬من هذا القانون ال يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي‬

‫طريق من طرق الطعن ‪.‬‬

‫المادة ‪: 18‬‬

‫‪ – 1‬ال يجوز رد المحكم إال إذا قامت ظروف تثير شكوكا جدية حول حيدته أو استقالله ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يج وز ألي من ط رفي التحكيم رد المحكم ال ذي عين ه أو اش تراك في تعيين ه إال‬

‫لسبب تبنيه بعد أن تم هذا التعيين ‪.‬‬

‫المادة ‪: 19‬‬

‫‪446‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 1‬يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبينا فيه أسباب الرد خالل خمسة عشر يوما‬

‫من ت اريخ علم ط الب ال رد بتش كيل ه ذه الهيئ ة أو ب الظروف الم بررة لل رد ف إذا لم يتنحى‬

‫المحكم المطلوب رده فصلت هيئة التحكيم في الطلب ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬لطالب الرد أن يطعن في الحكم برفض طلبه خالل ثالثين يوما من تاريخ إعالنه به‬

‫أمام المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون ويكون حكمها غير قابل للطعن‬

‫بأي طريق ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ال يترتب على تقديم طلب الرد أو على الطعن في حكم التحكيم الصادر برفضه وقف‬

‫إج راءات التحكيم وإ ذا حكم ب رد المحكم س واء من هيئ ة التحكيم أو من المحكم ة عن د نظ ر‬

‫الطعن ت رتب على ذل ك اعتب ار م ا يك ون ق د تم من اج راءات التحكيم بم ا في ذل ك حكم‬

‫المحكمين كأن لم يكن ‪.‬‬

‫( الم ادة ‪ 19‬معدل ة بالق انون رقم ‪ 8‬لس نة ‪ ،2000‬وك ان ق د حكم بع دم دس تورية الفق رة‬

‫األولى من المادة ‪ 19‬قبل التعديل بالحكم في الدعوى رقم ‪ 84‬لسنة ‪ 1999‬ق دستورية‪،‬‬

‫جلسة ‪. ) 6/11/1999‬‬

‫المادة ‪: 20‬‬

‫إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي إلى‬

‫ت أخير ال م برر ل ه في إج راءات التحكيم ولم يتنح ولم يتف ق الطرف ان على عزل ه ج از‬

‫‪447‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫للمحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون األمر بإنهاء مهمته بناء على طلب أي‬

‫من الطرفين ‪.‬‬

‫المادة ‪: 21‬‬

‫إذا انتهت مهم ة المحكم ب الحكم ب رده أو عزل ه أو تنحي ه أو ب أي س بب آخ ر وجب‬

‫تعيين بديل له طبقا لإلجراءات التي تتبع في اختيار المحكم الذي انتهت مهمته ‪.‬‬

‫المادة ‪: 22‬‬

‫‪ – 1‬تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية‬

‫على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم شموله لموضوع النزاع ‪.‬‬

‫‪ – 2‬يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد ال يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه المشار‬

‫إلي ه في الفق رة الثاني ة من الم ادة (‪ ) 30‬من ه ذا الق انون وال ي ترتب على قي ام أح د ط رفي‬

‫التحكيم بتع يين محكم أو االش تراك في تعيينه سقوط حقه في تق ديم أي من هذه ال دفوع أما‬

‫الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيره الطرف اآلخر من مسائل أثناء نظر النزاع فيجب‬

‫التمسك به فورا وإ ال سقط الحق فيه ويجوز في جميع األحوال أن تقبل هيئة التحكيم الدفع‬

‫المتأخر إذا رأت أن التأخير كان لسبب مقبول ‪.‬‬

‫‪ – 3‬تفص ل هيئ ة التحكيم في ال دفوع المش ار إليه ا في الفق رة األولى من ه ذه الم ادة قب ل‬

‫الفص ل في الموض وع أو أن تض مها إلى الموض وع لتفص ل فيهم ا مع ا ف إذا قض ت ب رفض‬

‫ال دفع فال يج وز التمس ك ب ه إال بطري ق رف ع دع وى بطالن حكم التحكيم المنهي للخص ومة‬

‫كلها وفقا للمادة (‪ ) 53‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المادة ‪: 23‬‬

‫يعت بر ش رط التحكيم اتفاق ا مس تقال عن ش روط العق د اآلخ ر وال ي ترتب على بطالن‬

‫العق د أو فس خه أو إنهائ ه أي أث ر على ش رط التحكيم ال ذي يتض منه إذا ك ان ه ذا الش رط‬

‫صحيحا في ذاته‪.‬‬

‫المادة ‪: 24‬‬

‫‪ – 1‬يجوز لطرفي التحكيم االتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما أن‬

‫ت أمر أي ا منهم ا باتخ اذ م ا ت راه من ت دابير مؤقت ة أو تحفظي ة تقتض يها طبيع ة ال نزاع وأن‬

‫تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات التدابير الذي تأمر به ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا تخلف من صدر إليه األمر عن تنفيذه جاز لهيئة التحكيم بناء على طلب الطرف‬

‫اآلخ ر أن ت أذن له ذا الط رف في اتخ اذ االج راءات الالزم ة لتنفي ذه وذل ك دون إخالل بح ق‬

‫هذا الط رف في أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون‬

‫األمر بالتنفيذ ‪.‬‬

‫الباب الرابع ‪:‬‬

‫إجراءات التحكيم‬

‫المادة ‪: 25‬‬

‫لطرفي التحكيم االتفاق على اإلجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما‬

‫في إخض اع ه ذه اإلج راءات للقواع د الناف ذة في أي منظم ة أو مرك ز تحكيم في جمهوري ة‬

‫‪449‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫مص ر العربي ة أو خارجه ا ف إذا لم يوج د مث ل ه ذا االتف اق ك ان لهيئ ة التحكيم م ع مراع اة‬

‫أحكام هذا القانون أن تختار اجراءات التحكيم التي تراها مناسبة ‪.‬‬

‫المادة ‪: 26‬‬

‫يعام ل طرف ا التحكيم على ق دم المس اواة وتهي أ لك ل منهم ا فرص ة متكافئ ة وكامل ة‬

‫لعرض دعواه ‪.‬‬

‫المادة ‪: 27‬‬

‫تب دأ إج راءات التحكيم من الي وم ال ذي يتس لم في ه الم دعى علي ه طلب التحكيم من‬

‫المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر ‪.‬‬

‫المادة ‪: 28‬‬

‫لطرفي التحكيم االتفاق على مكان التحكيم في مصر أو خارجها فإذا لم يوجد اتفاق‬

‫عينت هيئ ة التحكيم مك ان التحكيم م ع مراع اة ظ روف ال دعوى ومالئم ة المك ان ألطرافه ا‬

‫وال يخل ذلك بسلطة هيئة التحكيم في أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبا للقيام ب إجراء من‬

‫إجراءات التحكيم كسماع أطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء أو االطالع على مستندات‬

‫أو معاينة بضاعة أو أموال أو إجراء مداولة بين أعضائها أو غير ذلك ‪.‬‬

‫المادة ‪: 29‬‬

‫‪ – 1‬يج رى التحكيم باللغ ة العربي ة م ا لم يتف ق الطرف ان أو تح دد هيئ ة التحكيم ‪ ......‬حكم‬

‫االتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية وكذلك‬

‫‪450‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫على ك ل ق رار تتخ ذه ه ذه الهيئ ة أو رس الة توجهه ا أو حكم تص دره م ا لم ينص اتف اق‬

‫الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ولهيئ ة التحكيم أن تق رر أن يرف ق بك ل أو بعض الوث ائق المكتوب ة ال تي تق دم في‬

‫ال دعوى ترجم ة إلى اللغ ة أو اللغ ات المس تعملة في التحكيم وفي حال ة تع دد ه ذه اللغ ات‬

‫يجوز قصر الترجمة على بعضها ‪.‬‬

‫المادة ‪: 30‬‬

‫‪ – 1‬يرسل المدعي خالل الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى‬

‫المدعى عليه وإ لى كل واحد من المحكمين بيانا مكتوبا بدعواه يشتمل على اسمه وعنوان ـــه‬

‫واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته‬

‫وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويرس ل الم دعى علي ه خالل الميع اد المتف ق علي ه بين الط رفين أو ال ذي تعين ه هيئ ة‬

‫التحكيم إلى المدعي وكل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه ردا على ما ج اء ببي ان‬

‫الدعـــوى وله أن يضمن هذه المذكرة أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع أو أن‬

‫يتمس ك بح ق ناش ئ عن ه بقص د ال دفع بالمقاص ة ول ه ذل ك ول و في مرحل ة الحق ة من‬

‫اإلجراءات إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير ‪.‬‬

‫‪ – 3‬يجوز لكل من الطرفين أن يرفق ببيان الدعوى أو بمذكرة الدفاع على حسب األحوال‬

‫صورا من الوثائق التي يستند إليها وأن يشير إلى كل أو بعض الوثائق وأدلة اإلثبات التي‬

‫يعتزم تقديمها وال يخل هذا بحق هيئة التحكيم في أي مرحلة كانت عليها ال دعوى في طلب‬

‫تقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستند إليها أي من طرفي الدعوى ‪.‬‬
‫‪451‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المادة ‪: 31‬‬

‫ترسل صورة مما يقدمه أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو‬

‫أوراق أخ رى إلى الط رف اآلخ ر وك ذلك ترس ل إلى ك ل من الط رفين ص ورة من ك ل م ا‬

‫يقدم إلى الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء والمستندات وغيرها من األدلة ‪.‬‬

‫المادة ‪: 32‬‬

‫لك ل من ط رفي التحكيم تع ديل طلبات ه أو أوج ه دفاع ه أو اس تكمالها خالل إج راءات‬

‫التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك منعا من تعطيل الفصل في النزاع ‪.‬‬

‫المادة ‪: 33‬‬

‫‪ – 1‬تعق د هيئ ة التحكيم جلس ات مرافع ة لتمكين ك ل من الط رفين من ش رح موض وع‬

‫الدعـــوى وع رض حجج ه وأدلت ه وله ا االكتف اء بتق ديم الم ذكرات والوث ائق المكتوب ة م ا لم‬

‫يتفق الطرفان على غير ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات واالجتماعات التي تق رر هيئ ة التحكيم‬

‫عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وتدون خالصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منه إلى‬

‫كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك‪.‬‬

‫‪ – 4‬ويكون سماع الشهود والخبراء بدون أداء يمين ‪.‬‬

‫المادة ‪:34‬‬

‫‪452‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 1‬إذا لم يقدم المدعي دون عذر مقبول بيانا مكتوبا بدعواه وفقا للفقرة األولى من المادة‬

‫(‪ ) 30‬وجب أن تأمر هيئة التحكيم بإنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غيــر‬

‫ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا لم يق دم الم دعى علي ه م ذكرة بدفاع ه وفق ا للفق رة الثاني ة من الم ادة (‪ )30‬من ه ذا‬

‫القانون وجب أن تستمر هيئة التحكيم في إجراءات التحكيم دون أن يعتبر ذلك بذاته إقرارا‬

‫من المدعى عليه بدعوى المدعي ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك ‪.‬‬

‫المادة ‪: 35‬‬

‫إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور إحدى الجلسات أو عن تقديم ما طلب منه من‬

‫مس تندات ج از لهيئ ة التحكيم االس تمرار في اج راءات التحكيم وإ ص دار حكم في ال نزاع‬

‫استنادا إلى عناصر اإلثبات الموجودة أمامها ‪.‬‬

‫‪453‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المادة ‪: 36‬‬

‫‪ – 1‬لهيئ ة التحكيم تع يين خب يرا أو أك ثر لتق ديم تقري ر مكت وب أو ش فهي يثبت في محض ر‬

‫الجلس ة بش أن مس ائل معين ة تح ددها وترس ل إلى مك ان من الط رفين من قراره ا بتحدي د‬

‫المهمة المسندة إلى الخبير ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وعلى كل من الطرفين أن يقدم إلى الخبير المعلومات المتعلقة بالنزاع وأن يمكنه من‬

‫معاينة وفحص ما يطلبه من وثائق أو بضائع أو أموال أخرى متعلقة بالنزاع وتفص ل هيئ ة‬

‫التحكيم في كل نزاع يقوم بين الخبير وأحد الطرفين في هذا الشأن ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وترسل هيئة التحكيم صورة من تقرير الخبير بمجرد ايداعه إلى كل من الطرفين مع‬

‫إتاحة الفرصة له إلبداء رأيه فيه ولكل من الطرفين الحق في االطالع على الوثائق التي‬

‫استند إليها الخبير في تقريره وفحصها ‪.‬‬

‫‪ – 4‬ولهيئ ة التحكيم بع د تق ديم تقري ر الخب ير أن تق رر من تلق اء نفس ها أو بن اء على طلب‬

‫أح د ط رفي التحكيم عق د جلس ة لس ماع أق وال الخب ير م ع إتاح ة الفرص ة للط رفين لس ماعه‬

‫ومناقش ته بش أن م ا ورد في تقري ره ولك ل من الط رفين أن يق دم في ه ذه الجلس ة خب يرا أو‬

‫أك ثر من طرف ه إلب داء ال رأي في المس ائل ال تي تناوله ا تقري ر الخب ير ال ذي عينت ه هيئ ة‬

‫التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك ‪.‬‬

‫المادة ‪: 37‬‬

‫يختص رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون بناء على طلب‬

‫هيئة التحكيم بما يلي ‪:‬‬

‫‪454‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫أ ) الحكم على من يتختل ف من الش هود عن الحض ور أو يمتن ع عن اإلجاب ة‬

‫ب الجزاءات المنص وص عليه ا في الم ادتين ‪ 78‬و‪ 80‬من ق انون اإلثب ات الم واد المدني ة‬

‫والتجارية ‪.‬‬

‫ب ) األمر باإلنابة القضائية ‪.‬‬

‫المادة ‪: 38‬‬

‫ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم في األحوال ووفقا للشروط المقررة لذلك‬

‫في قانون المرافعات المدنية والتجارية ويترتب على انقطاع سير الخصومة اآلثار المقررة‬

‫في القانون المذكور ‪.‬‬

‫الباب الخامس ‪:‬‬

‫حكم التحكيم وإ نهاء اإلجراءات‬

‫المادة ‪: 39‬‬

‫‪ – 1‬تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان وإ ذا اتفقا‬

‫على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاص ة بتن ازع‬

‫القوانين ما لم يتفق على غير ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا لم يتف ق الطرف ان على القواع د القانوني ة واجب ة التط بيق على موض وع ال نزاع‬

‫طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه األكثر اتصاال بالنزاع ‪.‬‬

‫‪ – 3‬يجب أن ت راعي هيئ ة التحكيم عن د الفص ل في موض وع ال نزاع ش روط العق د مح ل‬

‫النزاع واألعراف الجارية في نوع المعاملة ‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 3‬يج وز لهيئ ة التحكيم – إذا اتف ق طرف ا التحكيم ص راحة على تفويض ها بالص لح – أن‬

‫تفص ل في موض وع ال نزاع على مقتض ى قواع د العدال ة واإلنص اف دون التقي د بأحك ام‬

‫القانون‪.‬‬

‫المادة ‪: 40‬‬

‫يص در حكم هيئ ة التحكيم المش كلة من أك ثر من محكم واح د بأغلبي ة اآلراء بع د‬

‫مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك ‪.‬‬

‫المادة ‪: 41‬‬

‫إذا اتف ق الطرف ان خالل اج راءات التحكيم على تس وية تنهي ال نزاع ك ان لهم ا أن‬

‫يطلب ا إثب ات ش روط التس وية أم ام هيئ ة التحكيم ال تي يجب عليه ا في ه ذه الحال ة أن تص در‬

‫قرارا يتضمن شروط التسوية وينهي اإلجراءات ويكون لهذا القرار ما إلحكام المحكمين‬

‫من قوة بالنسبة للتنفيذ‪.‬‬

‫المادة ‪: 42‬‬

‫يج وز أن تص در هيئ ة التحكيم أحكام ا وقتي ة أو في ج زء من الطلب ات وذل ك قب ل‬

‫إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها ‪.‬‬

‫المادة ‪: 43‬‬

‫‪ – 1‬يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر‬

‫من محكم واح د يكتفي بتوقيع ات أغلبي ة المحكمين بش رط أن تثبت في الحكم أس باب ع دم‬

‫توقيع األقلية ‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 2‬يجب أن يك ون حكم التحكيم مس ببا إال إذا اتف ق طرف ا التحكيم على غ ير ذل ك أو ك ان‬

‫القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم ال يشترط ذكر أسباب الحكم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬يجب أن يش تمل حكم التحكيم على أس ماء الخص وم وعن اوينهم وأس ماء المحكميـ ـ ـ ـــن‬

‫وعن اوينهم وجنس ياتهم وص فاتهم وص ورة من اتف اق التحكيم وملخص لطلب ات الخصـ ـــوم‬

‫وأق والهم ومس تنداتهم ومنط وق الحكم وت اريخ ومك ان إص داره وأس بابه إذا ك ان ذكره ا‬

‫واجبا ‪.‬‬

‫المادة ‪: 44‬‬

‫‪ – 1‬تسلم هيئة التحكيم إلى كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعه من المحكمين‬

‫الذين وافقوا عليه خالل ثالثين يوما من تاريخ صدوره ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وال يجوز نشر حكم التحكيم أو نشر إجزاء منه إال بموافقة طرفي التحكيم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 45‬‬

‫‪ – 1‬على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خالل الميعاد الذي اتفق عليه‬

‫الطرفان فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خالل إثني عشر شهرا من تاريخ بدء‬

‫إجراءات التحكيم وفي جميع األحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على أال تزي د‬

‫فترة المد على ستة أشهر ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وإ ذا لم يصدر حكم التحكيم خالل الميعاد المشار إليه في الفترة السابقة جاز ألي من‬

‫طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون أن‬

‫‪457‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يص در أم را بتحدي د ميع اد إض افي أو بإنه اء إج راءات التحكيم ويك ون ألي من الط رفين‬

‫عنذئد رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصال بنظرها ‪.‬‬

‫المادة ‪: 46‬‬

‫إذا عرض ت خالل إج راءات التحكيم مس ألة تخ رج عن والي ة هيئ ة التحكيم أو طعن‬

‫ب الزور في ورق ة ق دمت له ا أو اتخ ذت اج راءات جنائي ة عن تزويره ا أو عن فع ل جن ائي‬

‫آخر لهيئة التحكيم االستمرار في نظر موضوع النزاع إذا رأت أن الفصل في هذه المسألة‬

‫أو في تزوي ر الورق ة أو في الفع ل الجن ائي اآلخ ر ليس الزم ا للفص ل في موض وع ال نزاع‬

‫وإ ال أوقفت اإلج راءات ح تى يص در حكم نه ائي في ه ذا الش أن وي ترتب على ذل ك وق ف‬

‫سريان الميعاد المحدد إلصدار حكم التحكيم ‪.‬‬

‫المادة ‪: 47‬‬

‫يجب على من ص در حكم التحكيم لص الحه اي داع أص ل الحكم أو ص ورة موق ع من ه‬

‫باللغ ة ال تي ص در به ا أو ترجم ة باللغ ة العربي ة مص دقا عليه ا من جه ة معتم دة إذا ك ان‬

‫صادرا بلغة أجنبية وذلك في كتابة المحكمة المشار إليها في المادة (‪ )9‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫و يحرر كاتب المحكمة محضرا بهذا االيداع ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب‬

‫الحصول على صورة من هذا المحضر ‪.‬‬

‫المادة ‪: 48‬‬

‫‪458‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 1‬تنتهي إجراءات التحكيم بصدور الحكم المنهي للخصومة كلها أو بصدور أمر بإنهاء‬

‫إج راءات التحكيم وفق ا للفق رة الثاني ة من الم ادة (‪ )45‬من ه ذا الق انون كم ا تنتهي أيض ا‬

‫بصدور قرار من هيئة التحكيم بإنهاء اإلجراءات في األحوال اآلتية ‪:‬‬

‫‪459‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الباب السادس ‪:‬‬

‫بطالن حكم التحكيم‬

‫المادة ‪: 52‬‬

‫‪ – 1‬ال تقب ل أحك ام التحكيم ال تي تص در طبق ا ألحك ام ه ذا الق انون الطعن فيه ا ب أي طري ق‬

‫من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية ‪.‬‬

‫‪ – 2‬يجوز رفع دعوى بطالن حكم التحكيم وفقا لألحكام المبينة في المادتين التاليتين ‪.‬‬

‫المادة ‪: 53‬‬

‫‪ – 1‬ال تقبل دعوى بطالن حكم التحكيم إال في األحوال اآلتية ‪:‬‬

‫إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا االتفاق باطال أو قابال لإلبطال أو سقط بانتهاء‬ ‫أ)‬

‫مدته ‪.‬‬

‫إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد األهلية أو ناقصها وفقا للقانون‬ ‫ب)‬

‫الذي يحكم أهليته ‪.‬‬

‫ج) إذا تع ذر على أح د ط رفي التحكيم تق ديم دفاع ه بس بب ع دم إعالن ه إعالن ا ص حيحا‬

‫بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب آخر خارج عن إرادته ‪.‬‬

‫د) إذا اس تبعد حكم التحكيم تط بيق الق انون ال ذي اتف ق األط راف على تطبيق ه على‬

‫موضوع النزاع ‪.‬‬

‫هـ) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو التفاق‬

‫الطرفين ‪.‬‬
‫‪460‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫و) إذا فص ل حكم التحكيم في مس ائل ال يش ملها اتف اق التحكيم أو ج اوز ح دود ه ذا‬

‫االتف ــاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن‬

‫أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فال يقع البطالن إال على األجزاء األخيرة‬

‫وحدها‪.‬‬

‫ز) إذا وق ع بطالن في حكم التحكيم أو ك انت إج راءات التحكيم باطل ة بطالن ا أث ر في‬

‫الحكم‪.‬‬

‫‪ – 2‬وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطالن من تلقاء نفسها ببطالن حكم التحكيم إذا‬

‫تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية ‪.‬‬

‫المادة ‪: 54‬‬

‫‪ – 1‬ترف ع دع وى بطالن حكم التحكيم خالل التس عين يوم ا التالي ة لت اريخ إعالن حكم‬

‫التحكيم للمحكوم عليه وال يحول دون قبول دعوى البطالن نزول م دعي البطالن عن حقه‬

‫في رفعها قبل صدور حكم التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 2‬تختص ب دعوى البطالن في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة‬

‫(‪ )9‬من هذا القانون وفي غير التحكيم التجاري الدولي يكون االختصاص لمحكمة الدرجة‬

‫الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصال بنظر النزاع ‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الباب السابع ‪:‬‬

‫حجية أحكام المحكمين وتنفيذها‬

‫المادة ‪: 55‬‬

‫تح وز أحك ام المحكمين الص ادرة طبق ا له ذا الق انون حجي ة األم ر المقض ي وتك ون واجب ة‬

‫النفاذ بمراعاة األحكام المنصوص عليها في هذا القانون ‪.‬‬

‫المادة ‪: 56‬‬

‫يختص رئيس المحكم ة المش ار إليه ا في الم ادة (‪ )9‬من ه ذا الق انون أو من يندب ه من‬

‫قضاتها بإصدار األمر بتنفيذ حكم المحكمين ويقدم طلب تنفيذ الحكم مرفقا به ما يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أصل الحكم أو صورة موقعة منه ‪.‬‬

‫‪ – 2‬صورة من اتفاق التحكيم ‪.‬‬

‫‪ – 3‬ترجم ة مص ادق عليه ا من جه ة معتم دة إلى اللغ ة العربي ة لحكم التحكيم إذا لم يكن‬

‫صادرا بها ‪.‬‬

‫‪ – 4‬صورة من المحضر الدال على ايداع الحكم وفقا للمادة (‪ ) 47‬من هذا القانون ‪.‬‬

‫المادة ‪: 57‬‬

‫ال يرتب على رفع دعوى البطالن وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة‬

‫أن ت أمر بوق ف التنفي ذ إذا طلب الم دعي ذل ك في ص حيفة ال دعوى وك ان الطلب مبني ا على‬

‫أسباب جدية وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خالل ستين يوما من تاريخ أول‬

‫‪462‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫جلسة محددة لنظره وإ ذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مال ـــي‬

‫وعليه ا إذا أم رت بوق ف التنفي ذ الفص ل في دع وى البطالن خالل س تة أش هر من ت اريخ‬

‫صدور هذا األمر ‪.‬‬

‫المادة ‪: 58‬‬

‫‪ – 1‬ال يقبل تنفيذ حكم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطالن الحكم قد انقضى ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ال يجوز األمر بتنفيذ حكم التحكيم وفقا لهذا القانون إال بعد التحقق مما يأتي ‪:‬‬

‫أنه ال يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع ‪.‬‬ ‫أ)‬

‫أنه ال يتضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية ‪.‬‬ ‫ب)‬

‫ج) أنه قد تم إعالنه للمحكوم عليه إعالنا صحيحا ‪.‬‬

‫‪ – 3‬وال يج وز التظلم من األم ر الص ادر بتنفي ذ حكم التحكيم أم ا األم ر الص ادر ب رفض‬

‫التنفي ذ فيج وز التظلم من ه إلى المحكم ة المختص ة وفق ا لحكم الم ادة (‪ )9‬من ه ذا الق انون‬

‫خالل ثالثين يوما من تاريخ صدوره ‪.‬‬

‫ملحوظة هامة ‪:‬‬

‫( صدر حكم بعدم دستورية البند ‪ 3‬من المادة ‪ 58‬فيما تضمنته من أنه ال يجوز التظلم من‬

‫األم ر الص ادر بتنفي ذ حكم التحكيم في القض ية رقم ‪ 92‬لس نة ‪ 21‬ق دس تورية جلســة‬

‫‪.) 6/1/2001‬‬

‫‪463‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الملحق الثالث‪:‬‬

‫قانون رقم ‪ 08.05‬يقضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون‬

‫المسطرة المدنية المغربي المنشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 5584‬بتاريخ ‪ 25‬ذو‬

‫القعدة ‪ 1428‬الموافق ل ‪ 6‬ديسمبر ‪.2007‬‬

‫الفصل ‪: 308‬‬

‫يجب أن يعين س ند التحكيم تحت طائل ة البطالن موض وع ال نزاع واس م المحكمي ـ ـــن‬

‫ويحدد األجل ال ذي يتعين على المحكم أو المحكمين أن يصدروا فيه حكمهم التحكيمي وإ ذا‬

‫لم يحدد السند أجال يستنفذ المحكمون صالحيتهم بعد ثالثة أشهر من تاريخ تبليغ تعيينهم ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 309‬‬

‫يمكن لألطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد‬

‫تنفيذ هذا العقد على المحكمين ‪.‬‬

‫يمكن لهم أن يعين وا عالوة على ذل ك مس بقا وفي نفس العق د إذا تعل ق بعم ل تج اري‬

‫محكما أو محكمين ويتعين في هذه الحالة أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد وموافق ا عليه‬

‫بصفة خاصة من لدن األطراف تحت طائلة البطالن ‪.‬‬

‫و إذا تع ذر تع يين المحكمين أو لم يعين وا مق دما ورفض أح د األط راف عن د قي ام‬

‫منازع ة إج راء ه ذا التع يين من جانب ه أمكن للط رف اآلخ ر أن يق دم مق اال إلى رئيس‬

‫المحكم ة ال ذي س يعطي لحكم المحكمين الق وة التنفيذي ة لتع يين المحكمين ب أمر غ ير قاب ل‬

‫للطعن ‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫يمارس المحكمون المعينون من األطراف أو بأمر الرئيس سلطاتهم ضمن الشـــروط‬

‫واآلجال المقررة في الفصل ‪. 308‬‬

‫الفصل ‪: 310‬‬

‫ال يمكن عزل المحكمين خالل مدة التحكيم إال إذا أجمع األطراف على ذلك ويمكن‬

‫أن يخص هذا العزل أحد المحكمين فقط ‪.‬‬

‫يض ع الع زل ح دا لس لطات المحكمين فيك ون ك ل حكم ق د يص درونه بع د ذل ك ب اطال‬

‫ولو لم يخطروا مقدما بالعزل ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 311‬‬

‫يتب ع األط راف والمحكم ون في المس طرة اآلج ال واإلج راءات المق ررة بالنس بة‬

‫للمحاكم االبتدائية إال إذا اتفق األطراف على خالف ذلك ‪.‬‬

‫يل تزم المحكم ون بالمش اركة جميع ا في ك ل األش غال والعملي ات وك ذا في تحري ر‬

‫المحاضر إال إذا إذن لهم األطراف بالعهدة ألحدهم بتنفيذ إجراء من هذه اإلجراءات ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 312‬‬

‫ينتهي التحكيم ‪:‬‬

‫‪ – 1‬بوفاة أحد المحكمين أو رفضه أو استقالته أو حدوث عائق له إال إذا نص العقد على‬

‫اس تمرار التحكيم أو على أن تع ويض ه ذا المحكم يتم باختي ار األط راف أو المحكم أو‬

‫المحكمين الباقين ‪.‬‬

‫‪ – 2‬بانصرام األجل المشترط أو ثالثة أشهر إذا لم يحدد أجل خاص ‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ – 3‬بتساوي األصوات إذا لم تكن للمحكمين صالحية اختيار محكم من الغير ‪.‬‬

‫‪ – 4‬بوفاة أحد األطراف إذا ترك وارثا قاصرا أو أكثر ‪.‬‬

‫‪ – 5‬بصيرورة أحد األطراف قبل صدور حكم المحكمين فاقدا لألهلية ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 313‬‬

‫ال يمكن للمحكمين أن يتخل وا عن مهمتهم إذا ش رعوا في عملي اتهم تحت طائل ة‬

‫تعويض األطراف عن الضرر الذي أحدثه خطأهم ‪.‬‬

‫ال يمكن تجريحهم إال لسبب نشأ أو اكتشف بعد تعيينهم ويوقف المحكمون أشغالهم‬

‫إذا وق ع الطعن ب الزور ول و م دنيا أو ط رأت أثن اء التحكيم ع وارض جنائي ة إلى أن تبت‬

‫المح اكم العادي ة في المس ألة العارض ة ويوق ف األج ل المح دد وال يس ري من جدي د إال من‬

‫تاريخ البت فيها نهائيا ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 314‬‬

‫يل تزم ك ل ط رف بتق ديم مس تنداته ووس ائل دفاع ه قب ل انقض اء أج ل التحكيم بخمس ة‬

‫عشر يوما على األقل وال يلزم المحكمون بالبت إال فيما قدم إليهم ‪.‬‬

‫يوق ع ك ل واح د من المحكمين الحكم وإ ذا ك ان المحكم ون أك ثر من اث نين ورفض ت‬

‫األقلية التوقيع أشار المحكمون اآلخرون لذلك فيه ويكون للحكم نفس المفعول كما لو وقع‬

‫من الجميع ‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل ‪: 315‬‬

‫إذا لم يتفق المحكمون على حل النزاع المعروض عليهم وكان األطراف قد اتفقوا‬

‫عند إقامة عقد التحكيم أو الشرط التحكيمي على أن المحكمين في هذه الحالة يلتجئون إلى‬

‫محكم من الغير للفصل بينهم عينه هؤالء فإذا لم يتفقوا على تعيينه حرروا محضرا بذلك‬

‫وعين حينئ ذ بن اء على طلب من يب ادر ب ذلك ب أمر يص دره رئيس المحكم ة ال ذي ق د يك ون‬

‫مختصا في إصدار األمر بتنفيذ حكم المحكمين وال يقبل هذا األمر أي طعن ‪.‬‬

‫يلتزم المحكمون المختلفون بتحرير آرائهم المعللة في محضر واحد أو في محاضر‬

‫مستقلة ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 316‬‬

‫إذا لم ينص على أي شرط في عقد التحكيم أو في العقد الذي عين في ه من يحكم من‬

‫الغير التزم هذا األخير بالبت خالل الشهر الموالي لقبوله ‪.‬‬

‫يح اط من يحكم من الغ ير بالموض وع من خالل رأي المحكمين المختلفين وفي‬

‫االجتماع الذي يعقده معهم ويمكن له عالوة على ذلك أن يأمر بإجراءات تحقيق جديدة إال‬

‫أن ه يتعين علي ه االقتص ار على تحدي د ال رأي ال ذي يفض له على بقي ة اآلراء واإلفص اح في‬

‫حكمه على االختيار الذي انتهى إليه ولو بمفرده في غيبة المحكمين الذين أنذروا لحضــور‬

‫االجتماع ‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل ‪: 317‬‬

‫يجب على المحكمين ومن يحكم من الغير أن يرجعوا إلى القواعد القانونية المحددة‬

‫المطبقة على النزاع إال إذا قرر األطراف في عقد التحكيم أو في شرطة الفصل بإنصاف‬

‫كوسطاء بالتراضي دون التقيد بالقواعد القانونية أو كانت السلطات التي خولها األطراف‬

‫للمحكمين تسمح بتأكيد أن ذلك هو إرادة األطراف معا ‪.‬‬

‫إذا ك انت للمحكمين المعي نين س لطة البت كوس طاء بالتراض ي تقي د ب ذلك بمن يحكم‬

‫من الغير ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 318‬‬

‫يجب أن يك ون حكم المحكمين مكتوب ا ويتض من بيان ا إلدع اءات األط راف ونق اط‬

‫النزاع التي تناولها والمنطوق الذي بت فيه ‪.‬‬

‫يوقع الحكم من لدن المحكمين وتحدد فيه هويتهم ويبين تاريخ ومحل إصداره ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 319‬‬

‫ال يقبل حكم المحكمين الطعن في أية حالة ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 320‬‬

‫يصير حكم المحكمين قابال للتنفيذ بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية التي صدر في‬

‫دائرة نفوذها ‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫ي ودع أح د المحكمين له ذا الغ رض أص ل الحكم بكتاب ة ض بط ه ذه المحكم ة خالل‬

‫ثالثة أيام من صدوره إذا تعلق التحكيم االستئناف حكم يودع حكم المحكمين بكتابة ضبط‬

‫محكمة االستئناف ويصدر األمر من الرئيس األول لها ‪.‬‬

‫يتحمل األطراف دون المحكمين مصاريف ايداع المقاالت ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 321‬‬

‫ال يت أتى ل رئيس المحكم ة االبتدائي ة أو لل رئيس األول لمحكم ة االس تئناف أن ينظ ر‬

‫بع د تق ديم المق ال إلي ه ب أي وج ه من موض وع القض ية غ ير أن ه مل زم بالتأك د من أن حكم‬

‫المحكمين غير معيب ببطالن يتعلق بالنظام العام وخاصة بخرق مقتضيات الفصل ‪. 306‬‬

‫الفصل ‪: 322‬‬

‫تعطى الص يغة التنفيذي ة نهائي ا لحكم المحكمين من ل دن رئيس المحكم ة االبتدائي ة أو‬

‫الرئيس األول لمحكمة االستئناف بعد استئناف أحد األطراف ويبلغ بطلب من يبادر لذلك ‪.‬‬

‫يقبل أمر رئيس المحكمة االبتدائية االستئناف ضمن اإلجراءات العادية خالل ثالثين‬

‫يوم ا من تبليغ ه إال إذا تخلى األط راف مق دما عن ه ذا الطعن عن د تع يين المحكمين أو بع د‬

‫تعيينهم وقبل صدور حكم المحكمين ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 323‬‬

‫يق دم ه ذا االس تئناف أم ام محكم ة االس تئناف وتك ون المحكم ة المختص ة محلي ا هي‬

‫التي صدر حكم المحكمين في دائرة نفوذها ‪.‬‬

‫‪469‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفصل ‪: 324‬‬

‫تبت محكمة االستئناف تبعا للقواعد العادية ‪.‬‬

‫تطبق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل ألحكام المحاكم على أحكام المحكمين ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 325‬‬

‫ال تس ري آث ار أحك ام المحكمين ول و ذيلت ب أمر أو ق رار الص يغة التنفيذي ة بالنس بة‬

‫للغير الذي يمكن له مع ذلك أن يقدم تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضمن الشروط‬

‫المقررة في الفصل ‪ 303‬إلى ‪. 305‬‬

‫الفصل ‪: 326‬‬

‫يمكن أن تكون أحك ام المحكمين موضوع طلب إع ادة النظر أم ام المحكمة التي قد‬

‫تكون مختصة في القضية لو لم يتم فيها التحكيم ‪.‬‬

‫الفصل ‪: 327‬‬

‫تقب ل النقض الق رارات الص ادرة انتهائي ا في طلب إع ادة النظ ر أو في اس تئناف حكم‬

‫منح الصيغة التنفيذية أو رفضها وكذا األمر الذي يصدره الرئيس األول لمحكمة االستئناف‬

‫تطبيقا للفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪. 320‬‬

‫‪470‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الئحة المراجع المعتمدة‬

‫‪471‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المراجع باللغة العربية ‪:‬‬

‫‪ – 1‬الكتب العامة ‪:‬‬

‫‪ -‬ابراهيم كومغار – المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث – الطبعة األولى – مطبعة‬

‫النجاح‪ ،‬البيضاء ‪. 2009‬‬

‫‪ -‬أحم د المليجي – الموس وعة الش املة في التنفي ذ – المرك ز الق ومي لإلص دارات القانوني ة‬

‫الطبعة األولى القاهرة ‪. 2007‬‬

‫‪ -‬أحمد المليجي – قواعد التحكيم في القانون الكويتي – مؤسسة دار الكتب الطبعة األولى‬

‫‪. 1996‬‬

‫‪ -‬أحم د بوعش يق – المراف ق العام ة الك برى على ض وء التح والت المعاص رة – الطبع ة‬

‫الثامنة‪ ،‬المطبعة الجديدة الدار البيضاء ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬أحمد رشا محمود سالم – عقود إنشاء وإ دارة وتحويل الملكية – دار النهضة العربية‪،‬‬

‫القاهرة ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬أحمد سالمة – القانون الدولي الخاص اإلماراتي – مطبوعات جامعة اإلمارات العربية‬

‫الطبعة األولى ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة – قانون العقد الدولي – دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬أحمد محمد حشيش – القوة التنفيذية لحكم التحكيم دار الفكر الجامعي ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬أحمد هندي – تنفيذ أحكام المحكمين – دار الفكر العربي القاهرة مصر ‪. 2004‬‬

‫‪472‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬أسعد فاضل منديل – أحكام عقد التحكيم وإ جراءاته دراسة مقارنة – منشأة المعارف‪،‬‬

‫االسكندرية بدون سنة الطبع ‪.‬‬

‫‪ -‬أشرف عبد الحليم الرفاعي – اتفاق التحكيم والمشكالت العملية والقانونية في العالقات‬

‫الخاصة الدولية دارسة فقهية قضائية مقارنة – دار الفكر الجامعي ‪،‬االسكندرية ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬اكثم الخ ولي – االتجاه ات العام ة في ق انون التحكيم الجدي د – بحث مق دم إلى م ؤتمر‬

‫القاهرة االقليمي للتحكيم الدولي بتاريخ ‪ 13-12‬سبتمبر ‪. 1994‬‬

‫‪ -‬أنس جعفر – العقود اإلدارية – دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪. 2007‬‬

‫‪ -‬بنس الم أديج ال – الوس اطة كوس يلة من الوس ائل البديل ة لفض المنازع ات‪ -‬الطبع ة‬

‫األولى‪ ،‬دار القلم الرباط ‪. 2009‬‬

‫‪ -‬ثروت ب دوي – النظرية العام ة للعق ود اإلداري ة – دار النهض ة العربية‪ ،‬الق اهرة مصــر‬

‫‪. 1994‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – العقود اإلدارية ‪ -‬الطبعة الثانية دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة مصر‬

‫‪. 2005‬‬

‫‪ -‬جيه ان حس ن س يد أحم د – عق ود الب وت وكيفي ة فض المنازع ات الناش ئة عنه ا – دار‬

‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬حفيظ ة الس يد الح داد – الطعن ب البطالن على أحك ام التحكيم الص ادرة في المنازع ات‬

‫الخاصة الدولية – دار الفكر العربي – االسكندرية بدون سنة نشر ‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬حفيظ ة الس يد الح داد – العق ود المبرم ة بين ال دول واألش خاص األجنبي ة تحدي د ماهيته ا‬

‫والنظام القانوني الحاكم لها – منشورات الحلبي الحقوقية ‪،‬بيروت لبنان ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬حفيظ ة الس يد الح داد – االتف اق على التحكيم في عق ود الدول ة ذات الطبيع ة اإلداري ة‬

‫وأثرها على القانون الواجب التطبيق دار المطبوعات الجامعية ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬رفيق يونس المصري – مناقصات العقود اإلدارية – عقود التوريد ومقاوالت األشغال‬

‫العامة – دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع ‪. 1999‬‬

‫‪ -‬رم زي س يف – قواع د تنفي ذ األحك ام والمح ررات الموثق ة – الطبع ة ‪ 9‬دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة ‪. 1969‬‬

‫‪ -‬زكي محم د النج ار – الوس ائل غ ير القض ائية لحس م المنازع ات اإلداري ة دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة ‪. 1993‬‬

‫‪ -‬سحر عبد الستار إمام يوسف – المركز القانوني للمحكم دراسة مقارنة – دار النهضة‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة مصر ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬سعاد الشرقاوي – العقود اإلدارية – دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة مصر ‪. 1995‬‬

‫‪ -‬س عيد مب ارك – أحك ام ق انون التنفي ذ – مطبع ة التعليم الع الي – جامع ة بغ داد الموص ول‬

‫العراق ‪. 1989‬‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطم اوي – األسس العامة للعقود اإلدارية ‪ -‬الطبعة الخامسة دار الفكر‬

‫العربي‪ ،‬القاهرة مصر ‪. 2008‬‬

‫‪474‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬س ليمان محم د الطم اوي – الوج يز في الق انون اإلداري– دار الفك ر الع ربي‪ ،‬الق اهرة‬

‫‪.1988‬‬

‫‪ -‬طالب حسن موسى – الموجز في قانون التجارة الدولية – دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫عمان ‪. 1997‬‬

‫‪ -‬ع اطف س عدي محم د علي – عق د التوري د بين النظري ة والتط بيق‪ -‬دار الحري ري‬

‫للطباعة‪ ،‬القاهرة ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬عب د الحليم مص طفى عب د الرحم ان – مش كلة الحص انة القض ائية والحص انة ض د التنفي ذ‬

‫في القانون الدولي الخاص المقارن – مكتبة النصر القاهرة ‪. 1991‬‬

‫‪ -‬عب د الحمي د األح دب – موس وعة التحكيم ال دولي – الج زء الث اني دار المع ارف لبن ان‬

‫‪.1996‬‬

‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري – النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬الجزء األول نظرية العقد – دار‬

‫الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪. 1934‬‬

‫‪ -‬عب د ال رزاق الس نهوري – الوس يط في ش رح الق انون الم دني الجدي د‪ ،‬نظري ة االل تزام‬

‫المجلد األول – دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 2000‬‬

‫‪ -‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – األس س العام ة في العق ود اإلداري ة – الطبع ة األولى –‬

‫المركز القومي لإلصدارات القانونية ‪،‬مصر ‪. 2008‬‬

‫‪ -‬عب د العزي ز عب د المنعم خليف ة – األس س العام ة في العق ود اإلداري ة – الطبع ة األولى‬

‫المركز القومي لإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة مصر ‪. 2008‬‬

‫‪475‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬عب د الغ ني بس يوني عب د اهلل – النظري ة العام ة في الق انون اإلداري ‪ -‬دراس ة مقارن ة‬

‫ألسـ ــس ومبادئ القانون اإلداري وتطبيقاتها في مصر – منشأة المعارف ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬عبد القادر باينة – أشكال النشاط اإلداري – مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬عب د اهلل ح داد – ص فقات األش غال العمومي ة ودوره ا في التنمي ة – الطبع ة الثاني ة‬

‫منشورات عكاظ الرباط ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬عب د اهلل حنفي – العق ود اإلداري ة‪ ،‬ماهي ة العق د اإلداري وأحك ام إبرام ه – دار النهض ة‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 1999‬‬

‫‪ -‬ع زمي عب د الفت اح – نظ ام قاض ي التنفي ذ المص ري والمق ارن – دار النهض ة العربي ة‬

‫القاهرة ‪. 1978‬‬

‫‪ -‬عالء أباري ان – الوسائل البديلة لحل المنازع ات التجارية ‪ -‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬

‫الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ‪. 2008‬‬

‫‪ -‬علي وة مص طفى فتح الب اب – نظ ام عق ود اإلدارة – الكت اب األول مكتب ة عب د الخ الق‬

‫ثروت‪ ،‬القاهرة ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬فتحي والي – الوسيط في قانون القضاء المدني – دار النهضة العربية القاهرة ‪. 1987‬‬

‫‪ -‬ماجد راغب الحلو – العقود اإلدارية – الطبعة األولى دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‬

‫مصر ‪. 2009‬‬

‫‪ -‬م ال اهلل جعف ر عب د المال ك الحم ادي – ض مانات العق د اإلداري ‪ -‬الطبع ة الثاني ة دار‬

‫الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية مصر ‪. 2010‬‬

‫‪476‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬م اهر محم د حام د – النظ ام الق انوني لعق ود االنش اء والتش غيل وإ ع ادة المش روع – دار‬

‫النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬محمد المنتصر الداودي – اإلشكاليات القانونية والواقعية في اختصاص القضاء اإلداري‬

‫– الطبعة األولى دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪. 1995‬‬

‫‪ -‬محم د عب د المجي د اس ماعيل – عق ود األش غال الدولي ة والتحكيم فيه ا منش ورات الحل بي‬

‫الحقوقية لبنان ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬محمد فتوح محمد عثمان – أصول القانون اإلداري إلم ارة دبي – دار الكتب القانونية‪،‬‬

‫دبي ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬محم د كام ل عب ده – الرقاب ة على أعم ال اإلدارة‪ -‬دراس ة مقارن ة في النظم القانوني ة‬

‫المعاص رة والنظ ام الق انوني في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة – كلي ة ش رطة دبي‬

‫‪. 1999‬‬

‫‪ -‬محم د ك رامي – الق انون اإلداري التنظيم اإلداري‪ ،‬النش اط اإلداري – الطبع ة األولى‪،‬‬

‫مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪. 2000‬‬

‫‪ -‬محم د نجيب عوض ين المغ ربي – نظري ة العق د في الفق ه اإلس المي – دار النهض ة‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬محمد نور شحاتة – النشأة االتفاقية للسلطات القضائية للمحكمين – دار النهضة العربية‬

‫‪. 1993‬‬

‫‪ -‬محمد يحيا – المغرب اإلداري – الطبعة الثالثة مطبعة اسبارطيل ‪. 2006‬‬

‫‪477‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬محمود السيد عمر التحيوي – الصلح والتحكيم في المواد المدنية والتجارية – دار الفكر‬

‫الجامعي ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬محم ود الس يد عم ر التحي وي – أن واع التحكيم وتمي يزه عن الوكال ة والص لح والخ برة –‬

‫دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية مصر ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬محم ود ع اطف البن ا – العق ود اإلداري ة – الطبع ة األولى دار الفك ر الع ربي‪ ،‬الق اهرة‬

‫مصر ‪. 2007‬‬

‫‪ -‬محمود هاش م – النظرية العام ة للتحكيم في المواد المدني ة والتجاري ة – الجزء األول –‬

‫اتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر العربي ‪. 1990‬‬

‫‪ -‬مص طفى محم ود عفيفي – الوس يط في مب ادئ الق انون اإلداري – دار الفك ر‬

‫العربية ‪،‬القاهرة ‪. 1980‬‬

‫‪ -‬مفتاح خليفة وحمد محمد التلماني – العقود اإلدارية وأحكام إبرامها – دار المطبوعات‬

‫الجامعية‪ ،‬االسكندرية مصر ‪. 2008‬‬

‫‪ -‬مليكة الصروخ – الصفقات العمومية – الطبعة األولى – المطبعة الجديدة الدار البيضاء‬

‫‪. 2009‬‬

‫‪ -‬من ير عب د المجي د – التنظيم الق انوني للتحكيم التج اري ال دولي وال داخلي – دار النهض ة‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪. 1997‬‬

‫‪ -‬موالي ادريس الحلبي الكتاني – العقود اإلدارية – مكتبة دار السالم ‪،‬الرباط ‪. 2000‬‬

‫‪ -‬ناريمان عبد القادر – اتفاق التحكيم – دار النهضة العربية القاهرة مصر ‪. 1996‬‬

‫‪478‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬نبي ل اس ماعيل عم ر – إج راءات التنفي ذ في الم واد المدني ة والتجاري ة – مؤسس ة الثقاف ة‬

‫الجامعية القاهرة ‪. 1980‬‬

‫‪ -‬ن واف كنع ان – الق انون اإلداري – الكت اب الث اني – دار الثقاف ة للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‬

‫‪. 2009‬‬

‫‪ -‬نواف كنعان – مبادئ القانون اإلداري وتطبيقاته في دولة اإلمارات العربية المتحدة –‬

‫دار النشر العلمي‪ ،‬الشارقة ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬هشام خالد – تنفيذ األحكام القضائية والتحكيمية األجنبية – منشأة المعارف االسكندرية‬

‫مصر ‪. 2009‬‬

‫‪-‬عب د الحمي د األح دب – موس وعة التحكيم – التحكيم ال دولي – الج زء الث اني دار الفك ر‬

‫العربي القاهرة ‪. 1999‬‬

‫‪ – 2‬الكتب المتخصصة ‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد أبو الوفا – التحكيم االختياري واالجباري – منشأة المعارف االسكندرية ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬أحمد السيد صاوي – التحكيم طبقا لقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ ،1994‬وأنظمة التحكيم الدولية‬

‫بدون دار النشر ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬أحمد السيد صاوي – التحكيم طبقا للقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬وأنظمة التحكيم الدولي ة‬

‫– دون ذكر دار النشر ‪. 2002‬‬

‫‪ -‬أحم د حس ن الغن دور – التحكيم في العق ود الدولي ة لالنش اءات – دار النهض ة العربي ة‬

‫القاهرة مصر ‪. 2007‬‬

‫‪479‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬أحم د ش رف ال دين – دراس ات في التحكيم في منازع ات العق ود الدولي ة دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬أحم د عب د الك ريم س المة – التحكيم التج اري ال دولي ال داخلي – دار النهض ة العربي ة‬

‫القاهرة ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬أحم د محم د عب د الب ديع ش تا – ش رح ق انون التحكيم – دار النهض ة العربي ة الق اهرة‬

‫‪. 2005‬‬

‫‪ -‬أحم د مخل وف – اتف اق التحكيم كأس لوب لتس وية منازع ات عق ود التج ارة الدولي ة – دار‬

‫النهضة العربية مصر ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬أس عد فاض ل من ديل – أحك ام عق د التحكيم واجراءات ه – دراس ة مقارن ة دار نيب ور‬

‫للطباع ـ ــة والنشر والتوزيع العراق ‪. 2011‬‬

‫‪ -‬اس ماعيل األس طل – التحكيم في الش ريعة اإلس المية – مكتب ة النهض ة العربي ة ب دون‬

‫تاريخ‪.‬‬

‫‪ -‬الس يد المراك بي – التحكيم في دول مجلس التع اون ل دول الخليج العربي ة دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬الس يد المرك بي – التحكيم في دول مجلس التع اون ل دول الخليج العربي ة دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة مصر ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬بشار جميل عبد الهادي – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية دراسة تحليلية مقارنة‬

‫الطبعة األولى دار وائل للنشر ‪. 2005‬‬

‫‪480‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬بق الي محم د – المفي د في التحكيم وف ق الق انون المغ ربي – المرك ز ال دولي للوس اطة‬

‫والتحكيم بطنجة – مطبعة اسبارطيل طنجة ‪. 2010‬‬

‫‪ -‬جابر جاد نصار – التحكيم في العقود اإلدارية – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية‬

‫‪. 1974‬‬

‫‪ -‬ج ورجي ش فيق س اري – التحكيم وم دى ج واز اللج وء إلي ه لفض المنازع ات في مج ال‬

‫العقود اإلدارية – دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬حس ن محم د هن د – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة – دار الكتب القانوني ة الق اهرة‬

‫‪. 1989‬‬

‫‪ -‬خالد فالح عواد العنزي – التحكيم في العقود اإلدارية في الكويت الطبعة األولى – دار‬

‫النهضة العربية القاهرة ‪. 2007‬‬

‫‪ -‬ش ريف يوس ف خ اطر – التحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة وض وابطه دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة مصر ‪. 2009‬‬

‫‪ -‬ش عبان رأفت عب د اللطي ف – قض اء التحكيم في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة ‪1992‬‬

‫بدون دار النشر ‪.‬‬

‫‪ -‬ش مس مرغ ني علي – التحكيم في منازع ات المش روع الع ام – ع الم الكتب الق اهرة‬

‫‪. 1973‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الداخلية والدولية‬

‫– دار الكتب القانونية مصر ‪. 2006‬‬

‫‪481‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬عبد الكريم سالمة – التحكيم في المعامالت المالية الداخلية والدولية المدنية والتجاري ـــة‬

‫واإلداري ة والجمركي ة والض ريبية – دراس ة مقارن ة الطبع ة األولى دار النهض ة العربي ة‬

‫القاهرة ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬عزيزة الشريف – التحكيم اإلداري في القانون المصري – دار النهضة العربية القاهرة‬

‫مصر ‪. 1993‬‬

‫‪ -‬عصمت عبد اهلل الشيخ – التحكيم في العقود اإلدارية – ذات الطابع ال دولي دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة ‪. 2000‬‬

‫‪ -‬عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية –‬

‫دار الجامعة الجديدة االسكندرية مصر ‪. 2012‬‬

‫‪ -‬عالء محيي الدين مصطفى أبو أحمد – التحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية في‬

‫ضوء القوانين الوضعية والمعاهدات الدولية وأحكام محاكم التحكيم – دراسة مقارنة – دار‬

‫الجامعة الجديدة للنشر االسكندرية مصر ‪. 2008‬‬

‫‪ -‬علي بركات – الطعن في أحكام التحكيم – دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬عي د محم د القص اص – حكم التحكيم – دراس ة تحليلي ة في ق انون التحكيم المصـ ـ ـ ـ ـ ـــري‬

‫والمقارن – دار النهضة العربية مصر ‪.2003‬‬

‫‪ -‬فوزي سامي محمد – التحكيم التجاري الدولي – جامعة بغداد العراق ‪. 1992‬‬

‫‪ -‬محم د عب د الفت اح ت رك – التحكيم البح ري – دار الجامعة الجدي دة للنش ر الطبع ة األولى‬

‫‪. 2006‬‬

‫‪482‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬محم د مخت ار أحم د برب ري – التحكيم التج اري ال دولي – الطبع ة الثالث ة – دار النهض ة‬

‫العربية القاهرة مصر ‪. 2007‬‬

‫‪ -‬مح يي ال دين اس ماعيل علم ال دين – أحك ام مرك ز الق اهرة االقليمي للتحكيم التج اري‬

‫الدولي – دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2003‬‬

‫‪ -‬نايريم ان عب د الق ادر – اتف اق التحكيم – الطبع ة األولى دار النهض ة العربي ة الق اهرة‬

‫‪.1996‬‬

‫‪ -‬نبي ل اس ماعيل عم ر – التحكيم في الم واد المدني ة والتجاري ة الوطني ة والدولي ة – دار‬

‫الجامعة الجديدة للنشر القاهرة مصر ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬نجالء حس ن س يد أحم د خلي ل – التحكيم في المنازع ات االداري ة – دار النهض ة العربية‬

‫القاهرة ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬وائل عز الدين يوسف – التحكيم في العقود اإلدارية ذات الطابع الدولي دراسة مقارنة‬

‫بين مصر وفرنسا دار النهضة العربية القاهرة ‪. 2010‬‬

‫‪ -‬وليد محمد عباس – التحكيم في المنازعات اإلدارية ذات الطبيعة التعاقدية دار الجامعة‬

‫الجديدة االسكندرية مصر ‪. 2010‬‬

‫‪ -‬يس ري محم د العص ار – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة العقدي ة وغ ير العقدي ة – دار‬

‫انهضة العربية ‪. 2002‬‬

‫‪-‬محس ن ش فيق – التحكيم التج اري ال دولي – دراس ة في ق انون التج ارة الدولي ة جامع ة‬

‫القاهرة – كلية الحقوق ‪. 1974‬‬

‫‪483‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪484‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫األطروحات والرسائل ‪:‬‬

‫أ – األطروحات ‪:‬‬

‫‪ -‬أحم د مليجي – تحدي د نط اق الوالي ة القض ائية واالختص اص القض ائي – أطروح ة لني ل‬

‫الدكتوراه في القانون العام – جامعة عين شمس كلية الحقوق القاهرة ‪. 1979‬‬

‫‪ -‬خالد أحمد حسن – بطالن حكم التحكيم – دراسة مقارنة – أطروحة لنيل الدكتوراه في‬

‫الحقوق – جامعة عين شمس كلية الحقوق مصر ‪. 2006‬‬

‫‪ -‬راشد علي المرزوقي – التحكيم البحري ودوره في تسوية المنازعات دراسة تحليلية –‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة عبد المالك السعدي – كلية الحقوق طنجة‬

‫‪. 2012-2011‬‬

‫‪ -‬ع اطف راش د الفقي – التحكيم في المنازع ات البحري ة – أطروح ة لني ل ال دكتوراه كلي ة‬

‫الحقوق جامعة المنوفية ‪. 1995‬‬

‫‪ -‬عب د الحمي د محم د الحمي د راش د الحوس ني – اج راءات التقاض ي في ال دعوى اإلداري ة‬

‫بدول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة – أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام جامع ة عب د‬

‫المالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق طنجة ‪. 2011-2010‬‬

‫‪ -‬عب د ال رقيب علي عب د اهلل ص غير – التحكيم في الخص ومة اإلداري ة دراس ة مقارن ة –‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة عدن كلية الحقوق اليمن ‪.2006‬‬

‫‪485‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬عبد اهلل محمد العبيدلي – اجراءات وصعوبات ابرام وتنفيذ الص فقات العمومية في دولة‬

‫اإلم ارات العربي ة المتح دة – أطروح ة لني ل ال دكتوراه في الق انون الع ام جامع ة محم د‬

‫الخامس‪ ،‬كلية الحقوق الرباط ‪. 2009- 2008‬‬

‫‪ -‬علي بن ناصر بن علي الشيباني – المفهوم القانوني للعقود اإلدارية في سلطنة عمـ ـ ـ ـــان‬

‫وإ ش كالية حمايته ا القانوني ة – دراسة مقارن ة – أطروحة لنيل ال دكتوراه في الق انون الع ام‪،‬‬

‫جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة ‪. 2012-2011‬‬

‫‪ -‬علي رمض ان برك ات – خص ومة التحكيم في الق انون المص ري والمق ارن – أطروح ة‬

‫لنيل الدكتوراه في الحقوق – جامعة القاهرة كلية الحقوق مصر ‪. 1996‬‬

‫‪ -‬علي س الم اب راهيم – الرقاب ة القض ائية على التحكيم – أطروح ة لني ل ال دكتوراه في‬

‫الحقوق جامعة عين شمس القاهرة مصر ‪. 1997‬‬

‫‪ -‬ماجد محمد فهاد تربان – إشكالية التحكيم في العقود اإلدارية دراسة مقارنة – أطروحة‬

‫لنيل الدكتوراه في القانون العام – جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق طنجة ‪-2011‬‬

‫‪. 2012‬‬

‫‪ -‬نادي ة بنيوس ف – التحكيم في العق ود اإلداري ة بين التأيي د واالع تراض – أطروح ة لني ل‬

‫الدكتوراه في الحقوق جامعة طنطا كلية الحقوق مصر ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬ناص ر عب د اهلل بن عيس ى الن اعبي – التحكيم في العق ود اإلداري ة وض وابطه في س لطنة‬

‫عمان – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة عبد المالك السعدي كلية الحقوق‬

‫طنجة ‪. 2012-2011‬‬

‫‪486‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬ناصر غ نيم الزيد – رقابة القض اء على أعمال اإلدارة دراسة مقارنة – أطروحة لنيل‬

‫الدكتوراه في القانون العام – جامعة القاهرة كلية الحقوق ‪. 2004‬‬

‫‪ -‬نجم ة حم د األحم د – التعاق د من الب اطن في نط اق العق ود اإلداري ة – أطروح ة لني ل‬

‫الدكتوراه في القانون العام جامعة دمشق سوريا ‪. 1988‬‬

‫‪ -‬هالل حمد هالل السعدي – التحكيم ودوره في تسوية المنازعات اإلدارية دراسة مقارن ة‬

‫في الفقه والقضاء – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬

‫الحقوق أكدال الرباط ‪. 2008-2007‬‬

‫‪ -‬ولي د ف اروق جمع ة – حماي ة المق اول من الب اطن في إط ار عق ود األش غال العام ة –‬

‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عين شمس كلية الحقوق ‪.2000‬‬

‫ب – الرسائل ‪:‬‬

‫‪ -‬أسماء عبيد – التحكيم في التشريع المغربي – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬

‫– جامع ة محم د الخ امس كلي ة العل وم القانوني ة واالقتص ادية واالجتماعي ة س ال ‪-2008‬‬

‫‪. 2009‬‬

‫‪ -‬رحال البوعناني – التحكيم االختياري في القانون المغربي الداخلي – رسالة لنيل دبلوم‬

‫الدراسات العلي ا المعمقة في الق انون الخ اص – جامعة محمد الخ امس كلية الحقوق أك دال‬

‫الرباط ‪. 1987 1986‬‬

‫‪487‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬عب د اهلل حم د عم ران الشامس ي – التحكيم في المنازع ات اإلداري ة في دول ة اإلم ارات‬

‫العربي ة المتح دة – رس الة لني ل دبل وم الماجس تير في الق انون الع ام جامع ة الق اهرة كلي ة‬

‫الحقوق ‪.2007‬‬

‫‪488‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المقاالت ‪:‬‬

‫‪ -‬ابراهيم علي حسن – تأمالت في اختصاص التحكيم بمنازعات عقود الدولة مجلة هيئة‬

‫قضايا الدولة – العدد الثاني السنة ‪ 41‬أبريل ‪ -‬يونيو ‪. 1997‬‬

‫‪ -‬جم ال حس ن النج ار – التحكيم وفق ا لق انون االج راءات المدني ة لدول ة اإلم ارات العربي ة‬

‫المتحدة – مجلة الحق العدد السابع ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬جورج حزبون – النظام القانوني للتحكيم األجنبي في القانون الداخلي – مجلة الحقوق‬

‫الكويتية العدد الرابع السنة ‪. 1987-11‬‬

‫‪ -‬ريتش ارد ج ويت – م ؤتمر فض نزاع ات الش حن البح ري – مجل ة دبي للتحكيم الدولـ ـــي‬

‫العدد ‪. 1‬‬

‫‪ -‬ش عبي الم ذكوري – االتف اق على الحكيم في ق انون المس طرة المدني ة مجل ة المح اكم‬

‫المغربية العدد ‪. 1974 – 74‬‬

‫‪ -‬عب د اهلل كم ال حش يش – الق رارات القابل ة لالنفص ال وعق ود اإلدارة – مجل ة مص ر‬

‫المعاصرة العدد رقم ‪ 362‬السنة ‪ 66‬أكتوبر ‪. 1975‬‬

‫‪ -‬مجدي عبد الحميد شعيب – التحكيم في العقود اإلدارية – المجلة القانونية االقتص ادية –‬

‫العدد العاشر ‪. 1998‬‬

‫‪ -‬محم د النج اري – منازع ات العق د اإلداري في إط ار القض اء الش امل – مجل ة القص ر‬

‫العدد ‪ 4‬السنة ‪. 2003‬‬

‫‪489‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬محمد طلعت الغنيمي – التحكيم في اتفاقيات البترول – مجلة الحقوق للبحوث القانونيـ ـــة‬

‫واالقتصادية العدد األول والثاني السنة ‪ 10‬كلية الحقوق جامعة االسكندرية ‪. 1971‬‬

‫‪ -‬محمد كمال منير – مدى جواز االتفاق على االلتجاء إلى التحكيم االختياري في العقود‬

‫اإلدارية مجلة العلوم اإلدارية السنة ‪ 33‬العدد األول القاهرة ‪. 1991‬‬

‫‪ -‬محمد محج وبي – دور التحكيم في تسوية منازع ات العقود اإلداري ة الداخلية في ضوء‬

‫الق انون المغ ربي والمق ارن – المجل ة المغربي ة لإلدارة المحلي ة والتنمي ة الع دد ‪ 86‬م اي –‬

‫يونيو ‪. 2009‬‬

‫‪ -‬محمود هاشم – استنفاذ والية المحكمين في قانون المرافعات – مجلة العلوم القانون ـ ـ ـــية‬

‫واالقتصادية – حقوق عين شمس السنة ‪ 26‬العددان ‪. 1984 – 2-1‬‬

‫‪ -‬ه اني ص الح س ري ال دين – التحكيم في العق ود اإلداري ة بين الحظ ر واإلج ازة بحث‬

‫منش ور في سلسلة إص دارات المرك ز اليم ني للتوفي ق والتحكيم الع دد ‪ 1‬بعن وان التحكيم في‬

‫األلفية الثالثة ‪. 2003‬‬

‫النصوص القانونية ‪:‬‬

‫‪ -‬دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة لسنة ‪ 1971‬كما وقع تعديله وتتميمه‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬بشأن المرافعات المدنية لدولة اإلمارات العربية المتحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 1992‬بشأن اإلجراءات المدنية لدولة اإلم ارات العربي ة‬

‫المتحدة‪ ،‬المعدل بالقانون رقم ‪ 30‬لسنة ‪. 2005‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 6‬لسنة ‪ 1997‬بشأن عقود الدوائر الحكومية في إمارة دبي ‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 2006‬بشأن العقود واتفاقيات اإلنشاء في مجال المقاوالت المدنية‬

‫المطبق حاليا في إمارة أبو ظبي ‪.‬‬

‫‪ -‬دلي ل المش تريات والمزاي دات والمناقص ات الص ادر بم وجب أحك ام الق انون رقم ‪ 6‬لس نة‬

‫‪ 2008‬في شأن المشتريات والمناقصات والمزايدات والمستودعات إلمارة أبو ظبي بدولة‬

‫اإلمارات العربية المتحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬الق انون رقم ‪ 2‬لس نة ‪ 1975‬بش أن إنش اء غرف ة تج ارة وص ناعة دبي بدول ة اإلم ارات‬

‫العربية المتحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪ 1980‬بشأن إنشاء غرفة تجارة وصناعة الشارقة لدولة اإلمارات‬

‫العربية المتحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 31‬لسنة ‪ 2001‬بشأن التحكيم لدولة األردن ‪.‬‬

‫‪ -‬ق انون التحكيم لس لطنة عم ان في المنازع ات المدني ة والتجاري ة الص ادر بالمرس وم‬

‫السلطاني رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1997‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 602‬بتاريخ ‪. 1997-7-1‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 1994‬بشأن التحكيم لدولة مصر ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1997‬بشأن التحكيم لدولة مصر ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون االتحادي رقم ‪ 8‬لسنة ‪ 1980‬بشأن تنظيم عالقات العمل بدولة اإلمارات العربية‬

‫المتحدة ‪.‬‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 89‬لسنة ‪ 1998‬بشأن المناقصات والمزايدات لدولة مصر ‪.‬‬

‫‪491‬‬
‫ دراسة مقارنة‬:‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‬

‫ بشأن التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية لدولة‬1995 ‫ لسنة‬11 ‫ القانون رقم‬-

. ‫الكويت‬

‫ المتعل ق بالص فقات العمومي ة‬2013 ‫ م ارس‬20 ‫ ص ادر في‬2-12-349 ‫ مرس وم رقم‬-

. 2013 ‫ أبريل‬4 ‫ بتاريخ‬6140 ‫لدولة المغرب الجريدة الرسمية عدد‬

‫ يقض ي بنس خ وتع ويض الب اب الث امن بالقس م الخ امس من ق انون‬08-05 ‫ ق انون رقم‬-

. 2007 ‫ ديسمبر‬6 ‫ بتاريخ‬5584 ‫ الجريدة الرسمية عدد‬،‫المسطرة المدنية المغربي‬

: ‫المراجع باللغة األجنبية‬

:‫الفرنسية‬
 . Mez Ghani – Souverainete de l’état et participation a l’arbitrage
Revue Arbitrage 1995 .
 . P. Delvolve – de nouveaux contacts publics les contrats globaux
Revue Francaise de droit administratif 1979 .
 1990 .
 Bert rand Morean et Thierr Bernard – Droit interne et droit
international de l’arbitrage , 2ème Edition Delmas Paris 1985 .
 Collavet (F) l’arbitrage dans le process les personnes publiques .D.P
1906.
 David René – l’arbitrage dans le commerce international Paris
Economica 1982 .
 E. Loquin – Perspectives pour une reforme des voies de recours
Revue arbitrage 1992 .
 Edouerd Chamy – l’arbitrage commercial international dans les pays
arabes – Paris 1 1985.

492
‫ دراسة مقارنة‬:‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‬

 Foussard (D) l’arbitrage en droit public Revue Arabitrage n° 1


 G Lavinis , le contrat internatinal de construction Paris 1993 .
 G.M Dawance – l’arbitrage en droit public 1er sem 1987 .
 Hasslers (J) Contrats de construction d’ensemble industriel these de
doctorat Strasbourg France 1979.
 J. puisoye, les juridictions arbitrales dans le contentieux administratif
A J D A 1969 .
 J.M Auby – l’arbitrage en matière administrative AJDA 1975
 Jean Jacques , le contrat international connaissance du droit Dalloz
1992 .
 L – Revelin – l’arbitrage en droit privé Dalloz 1907.
 La live (P) – les contrats entre Etats et entreprises privées étrangères-
Rapport unidroit Rome sep 1976.
 M. de boisseson , le droit français de l’arbitrage – Revue arbitrage
1987 .
 Pierre Lalive – l’ordre public transnational ou reellement
international et l’arbitrage international – Revue d’arbitrage 1986 .
 R. David – l’arbitrage dans le commerce international, Economica
1982.
 Robert (J) Arbitge civil et commercial Tome 1 troisième Edition
1961.
 Samir Salah – Commercial attribution in the arabe Middle East and
Shorjah 1986.
 Sanders et vanden berg–the netherlands arbitration act Kluwer 1987.
 Verhoeven – Contrats entre Etats et ressortissants d’autres Etats in le
contrat économique internatinal Brylant Pedone 1975 .

493
‫ دراسة مقارنة‬:‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‬

:‫اإلنجليزية‬
 Albert Derby – the concept of law – comparative – study New-york
D.C Heath and company 1997 .
 Catherine Tay swee kian – resolving by arbitration Ridge books
Singapore University 2001.
 Delaume (G.R ) Transnational contacts appliccable law and
settlement of disputes – New york 1995 .
 E. Gaillard –Arbitrage commercial international Sentence Arbitrale,
procedure J.C.I Dr –inter n° . 1988.
 Giorgio Sacredotti – State contracts and international law A
reappraisel I Y B I L 1987 .
 H. Hltzman et J.E Neuhaus a guide to the Unctral Mdel law on
international commercial arbitration legislative history and
commentray Kluwer 1989.
 MC Nair , the general principales of law recognized by civilized
nations Y.B.I 1957 .
 Michael Bashan – Administrative law an analysis of modern theories
New-york Holt Rinchart and winston I.N.C 2003 .
 Seidl . Hohenveldern : the theory of quasi international and partly
international agreements – Rew Belge de inter 1975 .

494
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفـهــرس‬

‫مقدمة ‪3................................................................................ :‬‬

‫القسم األول ‪ :‬اإلطار النظري للتحكيم وماهية العقود اإلدارية ‪23...........................‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار النظري العام للتحكيم ‪26............................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي والتاريخي للتحكيم ‪28...................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم التحكيم ومبرراته ‪29...............................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف التحكيم ‪30..........................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬مبرارات التحكيم وطبيعته ‪37................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مبررات اللجوء للتحكيم ‪37..................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطبيعة القانونية للتحكيم ‪42..................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬النظرية التعاقدية ‪43.................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬النظرية القضائية ‪45.................................................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬النظرية المختلطة ‪46.................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التطور التاريخي للتحكيم وأنواعه ‪48.......................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تطور التحكيم في األنظمة المختلفة ‪49........................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التطور التاريخي للتحكيم في فرنسا‪50.......................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في مصر ‪53..........................................‬‬


‫‪495‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في دولة اإلمارات ‪56................................‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬تطور التحكيم اإلداري في دولة المغرب ‪59.................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أنواع التحكيم ‪64.............................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم االختياري والتحكيم اإلجباري ‪65....................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم الداخلي والتحكيم الخارجي ‪69........................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التحكيم البسيط والتحكيم بالتفويض بالصلح‪73................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬التحكيم تمييزه وشروطه ‪77................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن األنظمة المشابهة ‪78...................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن الصلح والخبرة ‪78......................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم والصلح ‪79.........................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم والخبرة ‪82..........................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التحكيم وتمييزه عن التوفيق والقضاء والتفاوض‪85...........................‬‬

‫‪86...................................................‬‬ ‫الفقرة األولى ‪ :‬التحكيم والتوفيق‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التحكيم والقضاء ‪90..........................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التحكيم والتفاوض ‪92........................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط التحكيم وشروط التحكيم ‪94.........................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شرط التحكيم والمحكمين وإ جراءات الدعوى والحكم‪94.......................‬‬

‫‪496‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شرط التحكيم ‪95............................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المحكمون واجراءات الدعوى والحكم ‪99.....................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط اتفاق التحكيم ‪107......................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط الشكلية التفاق التحكيم ‪107...........................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروط الموضوعية التفاق التحكيم ‪111.......................................‬‬

‫أوال ‪ :‬الرضا ‪112...........................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األهلية ‪113...........................................................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المحل ‪116...........................................................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬ماهية العقود اإلدارية ‪120..................................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية العقود اإلدارية وشروطها‪122.........................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬مفهوم العقد اإلداري ‪124....................................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬التعريف الفقهي للعقد اإلداري الوطني والدولي‪126............................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التعريف الفقهي والقضائي للعقد اإلداري ‪127.................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعريف العقد اإلداري الدولي ‪132..............................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التعريف القانوني للعقد اإلداري ‪137...........................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع الفرنسي ‪137.....................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع المصري ‪140.....................................‬‬

‫‪497‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العقد اإلداري وفق النظام القانوني اإلماراتي ‪143..............................‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬العقد اإلداري وفق التشريع المغربي ‪149.....................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬شروط العقد اإلداري وتمييزه عن األعمال اإلدارية ‪152.....................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط العقد ‪153..............................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أن تكون اإلدارة طرفا في العقد ‪154..........................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اتصال اإلدارة بنشاط مرفق عام ‪156..........................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬اتباع وسائل القانون العام ‪158.................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العقد وتمييزه عن األعمال اإلدارية‪160........................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬االتجاه الضيق لتمييز العقود اإلدارية ‪162.....................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االتجاه الواسع لتمييز العقود اإلدارية‪163......................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أنواع العقود اإلدارية ومختلف قواعد إبرامها‪166............................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬أنواع العقود اإلدارية ‪167...................................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العقود اإلدارية بنص القانون ‪168..............................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عقود األشغال العامة ‪168.....................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد التوريد وعقد البوت ‪173...................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬عقد التوريد ‪174......................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عقد البوت ‪177........................................................................‬‬

‫‪498‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العقود اإلدارية بطبيعتها الذاتية ‪180............................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عقد االلتزام ‪181..............................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقد اإلنشاءات الدولية ‪186....................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬القواعد التي تحكم إبرام العقود اإلدارية ‪189.................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬المساواة بين المتنافسين ‪189...................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬العالنية ‪193..................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التحكيم في منازعات العقود اإلدارية وبعض تطبيقات‪198......................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التحكيم في منازعات الصفقات العمومية‪199...................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف التحكيم وذاتيته ‪202.............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ذاتية وتميز التحكيم عن الوسائل األخرى لتسوية المنازعات‪206........................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبررات اللجوء للتحكيم ‪211....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬مميزات نظام التحكيم ‪211..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االعتراض على نظام التحكيم ‪213.....................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬صور التحكيم وأنواعه ‪214....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬صور التحكيم ‪214.....................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنواع التحكيم ‪216......................................................................‬‬

‫‪499‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬موقف الفقه والقضاء والتشريع من التحكيم في العقود اإلدارية باإلمارات‪. .‬‬

‫‪228‬‬

‫أوال‪ :‬موقف الفقه والقضاء في غياب النص التشريعي ‪228....................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحكيم في ظل النص القانوني ‪230.....................................................‬‬

‫‪244.................................................................‬‬ ‫خاتمة القسم األول‪:‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬تطبيقات التحكيم في مجال العقود اإلدارية ‪249.................................‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مدى قابلية خضوع منازعات العقود اإلدارية للتحكيم‪251.....................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التحكيم اإلداري بين االتجاه المؤيد والمعارض وموقف األنظمة المقارنة‪. .‬‬

‫‪254‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التحكيم اإلداري بين االتجاه المؤيد والمعارض‪255...........................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التحكيم بين االتجاه المؤيد والمعارض في منازعات العقود اإلدارية الوطنية‬

‫‪256‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب وأسانيد االتجاه المؤيد للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية الوطنية ‪.‬‬

‫‪257‬‬

‫الفق رة الثاني ة‪ :‬أس باب وأس انيد االتج اه المع ارض للتحكيم في منازع ات العق ود اإلداري ة‬

‫الوطنية ‪259.................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التحكيم بين االتجاه المؤيد والمعارض في منازعات العقود اإلدارية الدولية‪..‬‬

‫‪266‬‬
‫‪500‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االتجاه المؤيد للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية‪267........................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االتجاه المعارض للتحكيم في منازعات العقود اإلدارية الدولية‪271.............‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬موقف األنظمة المقارنة من التحكيم في منازعات العقود اإلدارية ‪277........‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الموقف الفرنسي من التحكيم اإلداري ‪278......................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬النصوص التشريعية كأساس لحظر التحكيم‪280................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات التشريعية على مبدأ حظر التحكيم في العقود اإلدارية‪283..........‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف الدول العربية من التحكيم اإلداري ‪287..................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الموقف المصري من التحكيم اإلداري ‪289.....................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الموقف اإلماراتي من التحكيم اإلداري ‪302....................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الموقف المغربي من التحكيم في العقود اإلدارية‪309............................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مساهمة التحكيم في فض منازعات بعض نماذج العقود اإلدارية‪313..........‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور التحكيم في حل منازعات األشغال العامة‪317............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحكيم في عقود التزام المرافق العامة ‪325..................................‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التحكيم ودوره في حل منازعات عقود التوريد ‪330..........................‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬التحكيم ودوره في حل منازعات عقود البوت ‪334...........................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن عليه وتنفيذه ‪338.........................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حكم التحكيم اإلداري وطرق الطعن عليه‪340.................................‬‬

‫‪501‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب األول‪ :‬حكم التحكيم اإلداري مفهومه – شروطه – أنواعه ‪342.......................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬حكم التحكيم اإلداري مفهومه وشروطه ‪343....................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم حكم التحكيم اإلداري ‪343...............................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬شروط حكم التحكيم اإلداري ‪346.............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أنواع حكم التحكيم اإلداري ‪351................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الحكم التحكيمي القطعي ‪351..................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحكم التحكيمي الجزئي ‪352..................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الحكم التحكيمي االتفاقي ‪354..................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق الطعن على حكم التحكيم ‪357...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نطاق بطالن حكم التحكيم ‪359..................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أسباب الطعن بالبطالن على حكم التحكيم‪360..................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬طرق الطعن المقررة ألحكام التحكيم ‪363......................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬موقف التشريعات المقارنة من أسباب الطعن بالبطالن على حكم التحكيم‪....‬‬

‫‪368‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موقف تشريعات الدول العربية من الطعن في حكم التحكيم‪369.................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف تشريعات الدول األوربية من الطعن في حكم التحكيم‪377................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تنفيذ حكم التحكيم اإلداري والصعوبات التي تعترضه‪380....................‬‬

‫‪502‬‬
‫التحكيم في العقود االدارية في دولة االمارات العربية المتحدة‪ :‬دراسة مقارنة‬

‫المطلب األول‪ :‬النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم اإلداري‪382..............................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجهة المختصة بتنفيذ أحكام المحكمين ‪383.....................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النظام القانوني لتنفيذ أحكام التحكيم اإلداري الوطنية واألجنبية‪388..............‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية ‪389...............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية ‪392................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صعوبات تنفيذ أحكام التحكيم اإلداري‪395....................................‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الصعوبات القانونية ‪398.......................................................‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الصعوبات الواقعية ‪401.......................................................‬‬

‫خاتمة القسم الثاني ‪405................................................................... :‬‬

‫خاتمة عامة ‪408........................................................................... :‬‬

‫المالحق ‪420.............................................................................. :‬‬

‫المراجع ‪462............................................................................... :‬‬

‫الفهرس ‪492............................................................................. :‬‬

‫‪503‬‬

You might also like