Professional Documents
Culture Documents
052
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المقدمة
مع تطور المجتمعات البشرية تعددت الحاجات وتشابكت العالقات
ونشأت المصالح المتضاربة والغايات المتعارضة لذا لجأ األفراد إلى طرح
نزاعاتهم على شخص أو أشخاص معينين للفصل فيها دون اللجوء
للقضاء وقد أجازت الدول التحكيم وسنت له التشريعات التنظيمية ومن
ذلك جمهورية مصر العربية.
واذا كانت العدالة في الدولة المعاصرة تتميز بكونها عدالة عامة
تمارسها الدولة من خالل أجهزتها القضائية المختصة( ،)1فإن اعتبارات
قضاء الدولة هي المحتكرة الوحيدة
ُ متعددة اقتضت أن ال تبقى أجهزة
لحسم المنازعات بين األشخاص في المجتمع ،وانما يشاركها في ذلك،
وفي نطاق منازعات معينة ،قضاء التحكيم ،بحسبانه صورة منظمة قانوناً
من صور القضاء الخاص المعترف به في جميع النظم القانونية(.)2
ويالحظ أن تزايد المعامالت التجارية على المستوى الدولي؛ أدى
إلى تنامى التحكيم ،حتى أصبح الظاهرة المميزة لعصرنا ،بل اصبحت من
أهم الظواهر القانونية المعاصرة ،ظاهرة اإلنفتاح على التحكيم واتساع
آفاقه .وأنه المرجع األساسي لحسم خالفات التجارة الدولية( ،)3فالتحكيم
( )1يقصد بالعدالة العامة التي تتحقق من خالل القضاء العام في الدولة وذلك كاصطالح مقابل
الصطالح العدالة الخاصة التي كانت تسود في مجتمعات ما قبل ظهور الدولة الحديثة ،والتي
كانت تسمح للفرد أن يقتضي حقه بنفسه وبمساعدة قبيلته أو عشيرته .انظر في ذلك :د .وجدي
راغب :مبادئ القضاء المدني ،ط ،1دار الفكر العربي ،القاهرة1891 ،م ،ص.33-32
( )2د .محمد عبدالخالق عمر :النظام القضائي المدني ،ج ،1ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة،
1811م ،ص.81
) (3د .عبد الحميد األحدب :موسوعة التحكيم الدولي ،منشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة الثالثة،
بيروت ،لبنان2009 ،م ،ص.1
050
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
( )1د .حفيظة السيد الحداد :مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية في
المنازعات الخاصة الدولية المتفق بشأنها على التحكيم ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية،
مصر1881،م ،ص 1وما بعدها.
050
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
فحكم التحكيم ال يرتب أث اًر تلقائياً بمجرد صدوره إذا ما أريد تنفيذه
خارج دولة إصداره ،إنما البد أن يقترن الحكم األجنبي بإجراء يضعه
موضع التنفيذ ،عن طريق تدخل السلطة الوطنية في الدولة المطلوب من
محاكمها التنفيذ ،وفي ذلك يتحقق التوازن بين احترام السيادة اإلقليمية
لدوله محكمة تنفيذ الحكم األجنبي ،واحترام الحقوق المكتسبة لألفراد
بموجب قانون دولة المحكمة التي أصدرت األحكام.
وان إتباع إجراءات التنفيذ يسبقه فحص الحكم من قبل محكمة
الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها ،في ضوء شروط معينة يتطلب توزيعها
بحسب قانون الهيئة المعنية بالتحكيم التي أصدرت الحكم ،وبين قانون
المحكمة التي يراد تنفيذ الحكم على أراضيها ،ومن ثم يرتفع الحكم إلى
مرتبة التنفيذ( ،)1والذي يعد أهم مرحلة من مراحل التحكيم ككل إذ هو
ثمرته ونتيجته.
أوالً :مشكلة الدراسة:
نظ ار لإلشكاالت التي يثيرها تنفيذ أحكام التحكيم الدولية في مصر،
والتي قد تكون أحيانا غير متوافقة مع القانون المصرى ،ويعترض القضاء
على تنفيذ هذه األحكام ،مما يؤدي هذا إلى عدم تنفيذ األحكام الدولية،
وال تي به ال تتحقق الغاية من اللجوء إلى التحكيم ،فإننا نقف في هذه
الدراسة على مشكلة أساسية تكمن في مدى رقابة القضاء الوطني على
تنفيذ أحكام التحكيم الدولية التي صدرت (داخل أو خارج) جمهورية مصر
العربية.
) )1د .أحمد محمد حشيش :القوة التنفيذية لحكم التحكيم ،الطبعة األولى ،دار الفكر الجامعي،
اإلسكندرية2001 ،م ،ص 18وما بعدها.
052
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
052
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
055
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المبحث التمهيدى
أثر الرقابة القضائية على حكم التحكيم
تمهيد:
يترتب على تنفيذ حكم التحكيم العديد من اآلثار منها آثار تتعلق
بالرقابة القضائية على تنفيذ حكم التحكيم وهناك أيضا آثار تتعلق بتنفيذ
وبناء على ما سبق سوف نقسم هذا المبحث إلى
ً أحكام التحكيم الدولية.
مبحثين على النحو التالي:
المطلب األول :أثر الرقابة القضائية على تنفيذ حكم التحكيم
المطلب الثاني :آثار تنفيذ حكم التحكيم الدولية.
052
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المطلب األول
أثر الرقابة القضائية على تنفيذ حكم التحكيم
أدى وجود أنظمة للتحكيم في كافة الدول واالتفاقيات الدولية ،إلى
نشأة منظومة للفصل في المنازعات التجارية ،تقوم جنباً إلى جنب مع
المنظومة القضائية في الدولة ،للفصل في كافة المنازعات ،وتتحمل
بالتالي عبء الفصل في المنازعات سعياً إلى تسيير إجراءات التقاضى
السيما في المنازعات التجارية لما تحتاجه من سرعة الفصل فيها.
فهيئات التحكيم تختص بإصدار األحكام فيما يسند إليها من
منازعات بين األفراد ،أو بينهم وبين الدولة ،مثلها في ذلك مثل السلطة
القضائية المختصة أصالً بهذا األمر ،وفي إسناد جزء من هذه المهمة إلى
هيئات التحكيم ال شك أنه يخفف عن كاهل القضاء المثقل بأعباء ينوء
بحملها ،فذلك هو السبب إلصدار نظام التحكيم(.)1
يضاف إلى هذا السبب سبب أهم وهو أن وجود نظام تحكيم فى أى
دولة يشجع المستثمرين على اإلستثمار بال خوف فى تلك الدولة ألن
المستثمر يريد أن يقف على قدم المساواة عند النزاع مع أجهزة الدولة التى
يستثمر فيها وهذا لن يحدث عند التنازع أمام القضاء ولكنه يتوافر بالفعل
عند التنازع أمام هيئات التحكيم ألن المحكم مختار من قبل األطراف
وليس موظفاً تابعاً للدولة(.)2
( )1د .عبد الحميد األحدب :التحكيم الدولي :الجزء الثاني ،منشورات الحلبي ،لبنان2009 ،م ،ص 98
وما بعدها.
(2) F.Ramos Mendez,Arbitrage international et measures
conservatoires,Rev,arb,1985 p 258
052
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
)1د .فوزي محمد سامى :التحكيم التجاري الدولي – دراسة مقارنة ألحكام التحكيم التجاري الدولي،
دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة السادسة1833 ،هـ ، ،ص .311-310
جرت محاوالت عديدة على الصعيد الدولي بهدف توحيد القواعد الخاصة باالعتراف وتنفيذ أحكام
التحكيم األجنبية فعقدت عدة اتفاقيات دولية تبين كيفية االعتراف وتنفيذ تلك األحكام أو الق اررات
وأهم االتفاقيات التي أثرت في التشريعات الوطنية ووحدت إجراءات االعتراف والتنفيذ هي اتفاقية
نيويورك لعام 1899م .وهناك اتفاقيات أخرى في هذا المجال تطرقنا إليها في الفصل األول من
هذا المؤلف لتعريف القارئ بنصوصها ولكننا في مجال االعتراف وتنفيذ القرار التحكيمي األجنبي،
البد أن نشرح ما جاءت به تلك االتفاقيات التي ساهمت في جعل الق اررات التحكيمية الدولية ممكنة
التنفيذ في الدولة غير تلك التي صدرت فيها .فليس هناك أهم من إمكانية تنفيذ الق اررات التحكيمية
دولياً ذلك ألن المكان الذي صدر فيه القرار قد يتم اختياره بسبب مالءمته لألطراف دون أن يكون
للطرف الذي صدر ضده القرار أموال أو ممتلكات في الدولة التي تم اختيارها كمكان للتحكيم
وصدر القرار فيها ،ولهذا فإن الطرف الذي صدر القرار لصالحه يبحث عن الدولة التي يكون
لخصمه فيها أموال وممتلكات يمكن التنفيذ عليها.
(2) Jean Robert ,Arbitrage civil et commercial .1967 4 ed p41
052
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
ويتثبت من الحكم ،ثم يأمر بتنفيذه ،أو يرفض تنفيذه ،وفي هذا تعطيل
ألحكام التحكيم ،وزيادة عبء القضاء ،وهى العلة في وجود التحكيم،
وكأننا لم نفعل شيئاً(.)1
ويترتب على ما سبق فقدان الثقة في التحكيم ،وتفضيل أطراف
النزاع اللجوء إلى القضاء ،حيث أن اللجوء إلى التحكيم ،سيكون مآله في
النهاية إلى القضاء .لذلك سوف يتم تقسيم الدراسة في هذا المبحث إلى
فرعين على النحو التالي:
الفرع األول :أثر الرقابة في سرعة تنفيذ حكم التحكيم.
الفرع الثاني :أثر الرقابة في منح الثقة بأحكام التحكيم.
052
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
الفرع األول
أثر الرقابة في سرعة تنفيذ الحكم التحكيمى
الشك أن المتغيرات اإلقتصادية والقانونية على مستوى العالم
جعلت من التحكيم الوسيلة األساسية للفصل في المنازعات المتعلقة
بالتجارة واالستثمار الدوليين ،حتى أنه لم يعد للمحاكم الوطنية في هذا
المجال إال دور ثانوي ،وقد انعكس بدوره على التحكيم ،فالتشريعات
المختلفة تعترف بالتمييز بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي ،والتحكيم
التجاري يتم عن طريق إدراج شرط التحكيم في العقود التجارية ،كما
أصبح هناك هيئات ومراكز دائمة للتحكيم على مستوى العالم ،تساهم
بشكل كبير في تطوير التحكيم الدولي(.)1
واكتسب التحكيم الدولي ثقة التجارة واالستثمارات الدولية عبر
سنوات طويلة ،في ظل التطور اإلقتصادي العالمي ،فقد كان للتحكيم دور
فعال في هذا التطور ،وأن يفرض نفسه كوسيلة قائمة بذاتها للفصل في
المنازعات التجارية ،بوجه عام ،وضمانه لالستثمارات .حتى صار التحكيم
)1د .أحمد هندى :تنفيذ أحكام المحكمين األمر بتنفيذ أحكام المحكمين الوطنية واألجنبية ،دار الجامعة
الجديدة للنشر ،اإلسكندرية2001 ،م ص .239
شهدت العالقات التجارية الدولية تطو اًر هائالً بحيث غدت تقوم بين أشخاص عديدين ينتمون إلى دول
مختلفة ...وكان من الضروري أن يواكب هذا التطور في عالقات األشخاص تطو اًر مماثالً
لوسائل تنظيم هذه العالقات ولم يعد مناسباً إخضاع المنازعات الناشئة عن هذه العالقات للقضاء
الوطني لكل دولة أو تطبيق قانون القاضي عليها ،وفي سبيل الوصول إلى قواعد موحدة تجتمع
عليها الدول ،تحكم هذه العالقات .قامت لجنة األمم المتحدة في 18ديسمبر 1811بوض ع
قواعد االنست ارل ،تعد بمثابة قانون نموذجي ومناشدة الدول بأن تحتذيه ،وحاولت تلك القواعد وضع
بذرة قانون عالمي جديد يتمثل في "الحكم وفقاً لمبادئ العدل واإلنصاف" ،وزاد االهتمام بالتحكيم
باعتباره أفضل الوسائل لحسم المنازعات المنبثقة عن هذه العالقات لما يتميز به من السرعة
والتخصص الفني وأنه يجري في سرية تتفق وحاجة المعامالت التجارية.
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
(1) Andr è Panchaudi ,le siège de l,arbitrage international de droit priv è
,Rev,arb,1966,1,.p 211
020
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
020
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
) )1نقض مدني مصري في 1891/2/1م الطعن رقم 2191لسنة 92قضائية ،وحكم أخر فى
1899/3/30م الطعن 1093لسنة 98قضائية،
)2د .مصلح أحمد الطراونة :الرقابة القضائية على األحكام التحكيمية في القانون األردني – دراسة
مقارنة ،دار وائل للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،ص .90-88
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
االتجاه إال أن هناك أوجه نقد عديدة نالت منه بل واعتبرها البعض نوعاً
من الهروب وعدم التصدي الحقيقي للمشكلة وهى الطبيعة المتميزة
للتحكيم(.)1
وهو ما ساق البعض إلى القول باستقالل التحكيم عن القضاء من
حيث الطبيعة ،مما يجعله مختلفاً عن العقود ،وفيه أيضاً ما يميزه ،ويحتفظ
له بطبيعة مستقلة .ورغم ذلك فإن نظرية االستقالل لم تنل حظها من
الرواج ،حيث لم يجد أنصارها أمام أوجه النقد إال القول بأهمية هذا
االستقالل ،والتمسك بذلك باعتبار التحكيم نظاماً قانونياً خاصاً لحل
المنازعات بين األطراف بغير القضاء فالتحكيم أسبق في الظهور ،هذا
إلى جانب قواعده الخاصة وبنائه الذاتي المتميز.
والذي يهمنا أنه حالياً أصبحت أحكام التحكيم تتصف بالطبيعة
القضائية استناداً إلى أن هيئة التحكيم هيئة شبه قضائية ،وتستجمع كل
العناصر الشكلية والموضوعية للهيئة القضائية العادية ،وما يصدر عنها
يعد عمالً قضائياً ،يأخذ شكل األحكام القضائية ،وينتج آثا اًر هي ذات
اآلثار الناشئة عن األحكام الصادرة عن قضاء الدولة من حيث حيازة
الحكم قوة األمر المقضي واستنفاد والية من يصدره.
ويالحظ أنه في معظم التشريعات الوطنية الحديثة في التحكيم،
نجدها وان كانت تتفق على ترجيح الطابع القضائي لحكم التحكيم ،إال أنها
تختلف في مدى إعمال اآلثار التي تترتب على هذا الطابع ،وباألخص
تلك اآلثار المتعلقة بصورة الرقابة التي يمارسها قضاء الدولة على حكم
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
التحكيم ،ومرد هذا االختالف هو المدى الذي يسمح فيه المشرع لمبدأ
سلطان اإلرادة في عملية قضاء التحكيم.
فالتشريعات التي تغلب الطابع القضائي لحكم التحكيم ،على أصله
االتفاقي ،تجيز الطعن بهذا الحكم بنفس الطرق المقررة للطعن في أحكام
المحاكم العادية للدولة ،وعلى رأسها اإلستئناف ،هذا باإلضافة إلى طرق
الرقابة األخرى الخاصة بحكم التحكيم ،وأهم هذه التشريعات القانون
الفرنسي والقانون اإلنجليزي.
أما التشريعات التي توازن بين الطابع القضائي لحكم التحكيم
وأصله االتفاقي ،فإنها ال تجيز الطعن فيه باإلستئناف ،ألن اإلستئناف
ال يرد إال على األحكام ،وانما احتراماً لألصل االتفاقي للتحكيم وثقة بقدرة
اإلرادة على حسم المنازعات .حيث أن األطراف عندما اختاروا اللجوء إلى
التحكيم كقضاء خاص لفض منازعاتهم أرادوا من وراء هذا االختيار
أن ال يخضع الحكم الذي ينتهي إليه هذا القضاء لنفس طرق الطعن التي
يخضع إليها الحكم الصادر عن المحاكم العادية للدولة ،وبذلك تتحقق
غاية هذه األطراف في الحصول على حكم سريع وسري بالمقارنة مع
األحكام القضائية التي تصدر عن القضاء النظامي للدولة(.)1
وعليه يمكن القول أن هذا االتجاه في التشريعات المعاصرة،
ال يعتمد في تحديده صور الرقابة القضائية على أحكام المحكمين على
الطابع الذي يسبغه الفقه على حكم التحكيم ،وانما على نظرة المشرع
الوطني لقضاء التحكيم وعلى مدى ثقته به كقضاء خاص إلى جانب
025
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
القضاء النظامي .وبالتالي فإن ثقة مشرع الدولة في قضاء التحكيم تؤدي
إلى قناعته بضرورة تقليص القيود المفروضة عليه ،وبالتالي الحد من
المعوقات التي تعترض الحكم بعد صدروه(.)1
وبهذا نجد أن هذه الطائفة من التشريعات تخضع حكم التحكيم إلى
رقابة قضائية خاصة ،تتمثل بدعوى البطالن ،تأخذ بعين االعتبار الطابع
القضائي لحكم التحكيم ،وال تتجاهل أصله االتفاقي وذلك من خالل تنوع
أسباب البطالن وسوف نتحدث عن ذلك تفصيالً بعد ذلك .
الفرع الثاني
أثر الرقابة على الثقة بأحكام التحكيم
إن اإلفـراط فــي الرقابــة القضــائية علــى أحكــام التحكــيم قــد يــؤدى إلــى
فقــدان الثقــة ف ــي هــذه األحكــام ،خاص ــة عنــدما تنشــأ مش ــكالت فــي مرحل ــة
التنفيــذ وتقــديم تظلمــات أثنــاء إجراءاتــه ،ويطــول أمــد الن ـزاع فــي معــامالت
تختلــف طبيعتهــا عــن المعــامالت األخــرى التــي ترفــع أمــام القضــاء العــادي،
مما يؤدى إلى إنعدام الثقة بأحكام التحكيم.
فـ ــالتحكيم يـ ــتم اللجـ ــوء إليـ ــه بإعتبـ ــاره الوسـ ــيلة األفضـ ــل للفصـ ــل فـ ــي
المنازع ــات الناشـــئة ع ــن العالقـ ــات التجاري ــة الدوليـــة( ،)2خاص ــة مـ ــع نمـــو
العالقــات التجاري ــة الدولي ــة وزي ــادة عــدد الش ــركات الدولي ــة الع ــابرة للق ــارات،
وذل ــك ألن ــه بتق ــديم المنازع ــات لهيئ ــات تحك ــيم خاص ــة ومحاي ــدة ،ال تنتم ــي
) (1د .مصلح أحمد الطراونة الرقابة القضائية على األحكام التحكيمية في القانون األردني ،المرجع
السابق ،ص.11-10
)2د .نبيل إسماعيل عمر :التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية ،دار الجامعة الجديدة،
اإلسكندرية2011 ،م ،ص8-9
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
لجنس ــية دول ــة معين ــة ،ف ــإن ذل ــك يبع ــث عل ــى الثق ــة ف ــي أحكامه ــا م ــن قب ــل
أطراف النزاع.
فقـد أثبتـت التجـارب قبـول أطـراف النـزاع وتنفيـذ أحكـام التحكـيم أيسـر
مــن قبلــوهم وتنفيــذهم ألحكــام القضــاء العــادي ،نظ ـ اًر لمــا تتمتــع بــه أحكــام
التحكــيم مــن ثقــة فــي مجــال المعــامالت الوطنيــة والدوليــة علــى حــد س ـواء،
لذلك كان البـد مـن البحـث عـن آليـات تـدعم هـذه الثقـة فـي أحكـام التحكـيم،
ومما زاد الثقة في التحكيم أنه في العادة قليل النفقات(.)1
ـي في ــه تحقي ــق الرغب ــة ف ــي تجن ــب النفق ــات الت ــي يتكب ــدها
حي ــث روع ـ ت
الخصــوم عنــد التجــائهم إلــى القضــاء العــادي ،فــالتحكيم ال يتطلــب رســوماً
أو أتعاب محامين كما هو الحال فى القضاء العادى والسيما إذا نظرنا إلى
طول فترة التقاضى أمام القضاء العادى بالمقارنة بالتحكيم.
عــالوة علــى أن المحكــم ال يلتــزم بتطبيــق قواعــد القــانون ويحكــم فــي
النـزاع وفــق قواعــد العدالــة( ،)2وهــذا يمنحـه حريــة أكثــر مــن القاضــي العــادي
الــذي يجــب أن يبحــث عــن القــانون الواجــب التطبيــق علــى موضــوع الن ـزاع
ويطبق ـ ــه ،واإلجـ ـ ـراءات الخاص ـ ــة ب ـ ــه ،ف ـ ــال يلت ـ ــزم المحك ـ ــم إال بالض ـ ــمانات
األساس ــية لح ــق التقاض ــي ،وبالقواع ــد اآلمـ ـرة ف ــي الدول ــة الت ــي يج ــري فيه ــا
التحكيم عادة.
)1د .أحمد مليجي موسى :تحديد نطاق الوالية القضائية واالختصاص القضائي ،دار النهضة العربية،
بدون تاريخ .ص .193
)2د .عمرو عيسى الفقى :الجديد في التحكيم في الدول العربية ،الناشر :المكتب الجامعي الحديث،
ص.18
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
ف ــالتحكيم ي ــوفر ألطـ ـراف النـ ـزاع ،م ازي ــا عدي ــدة وه ــذا م ــا يعج ــز عن ــه
القاضي في محاكم القضاء العـادي فـي الدولـة ،باإلضـافة إلـى عـدم إهمالـه
الضمانات العامة لتحقيق العدالة والمعمولة بها أمام المحاكم(.)1
إن الم ازيــا التــي يتمتــع بهــا التحكــيم ،والتــي تــم بناؤهــا عبــر الســنين،
يؤكــد وجــود قــدر معقــول مــن الرقابــة القضــائية علــى أحكــام التحكــيم لتكــون
أحكامـ ـاً نهائي ــة ذات ثق ــة( ،)2فحك ــم التحك ــيم وفقـ ـاً للق ــانون المص ــرى يح ــوز
حجية األمر المقضـي بـه ويكـون واجـب النفـاذ وتصـدر المحكمـة المختصـة
أو مــن تندبــه أم ـ اًر بتنفيــذ حكــم التحكــيم بعــد تقــديم طلــب لهــا بــذلك وهــذا مــا
سوف نتناوله بالبحث تفصيالً فيما بعد .
ونـرى أن تــدخل القضــاء بشــكل مبــالغ فيــه فــي أحكــام التحكــيم يــؤدي
إلــى فقــدان الثقــة بهــا ،ويجــب حصــر ســلطة قضــاء الدولــة فــي الرقابــة علــى
أحكــام التحكــيم فــي أضــيق الحــدود ،ويجــب أن تتغيــر هــذه الســلطة لتكــون
رقابة داعمة تعطي أحكام التحكيم مزيداً من الثقة أمام الكافة.
)1د .خالد أحمد حسن :د .خالد أحمد حسن :بطالن حكم التحكيم د ارسة مقارنه بين قانون التحكيم
المصري واالنجليزي وقواعد الشريعة اإلسالمية ،دار النهضة العربية ،القاهرة2010 ،م ص.91
)2د .أحمد هندى ،المرجع السابق ،ص.119
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المطلب الثاني
آثار تنفيذ أحكام التحكيم الدولية
سوف نتناول في هذا الفرع أهمية التمييز بين حكـم التحكـيم الـوطني
وب ــين حك ــم التحك ــيم ال ــدولي واألجنب ــي ف ــى ف ــرع أول ث ــم ف ــى مطل ــب ث ــانى
نوضح أهمية رقابة القضاء على حكم التحكيم الدولى.
الفرع األول
التمييز بين حكم التحكيم الوطني والدولي واألجنبي
سوف نتحدث عن التمييز بين تلك األنواع من أحكام التحكيم
بإظهار أهمية هذا التمييز أوالً ثم نتحدث عن معيار دولية حكم التحكيم
ثانياً.
أوالً :أهمية التمييز بين أنواع أحكام التحكيم:
حكم التحكيم الـوطني ال يثيـر أي التبـاس حـول بيـان ماهيتـه والفـارق
بينه وبين غيره من أنواع أحكـام التحكـيم .فحكـم التحكـيم الـوطني هـو الـذي
ينتمــي بكــل عناص ـره ،س ـواء مــن حيــث طبيعــة المنازعــة أو اإلج ـراءات أو
القــانون الواجــب التطبيــق ،إلــى دولــة بعينهــا .وهــذا ال يثيــر أي مشــكلة مــن
حيث تكييفه ،أو تحديد القانون الذي يسرى عليه(.)1
أمــا إذا كــان حكــم التحكــيم لــه عالقــة فــي أحــد عناصـره بعوامــل غيــر
وطنية ،فإنه يتصف باألجنبية( )2وهو الذي ينتمي إلى نظام قانوني معـين،
وصدر في مكـان غيـر المكـان الـذي يـراد تنفيـذ الحكـم فيـه ،فهـو وان اعتبـر
حكماً وطنيـاً فـي الدولـة التـي صـدر فيهـا ،إال أنـه يعـد حكمـاً أجنبيـاً بالنسـبة
( )1د .عامر فتحي البطاينة :دور القاضي في التحكيم التجاري الدولي ،دار الثقافية للنشر والتوزيع،
عمان1830 ،هـ2008-م ،ص.21
( )2د .خالد أحمد حسن :المرجع السابق ،ص.99
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
إلــى الدولــة األخــرى التــي ي ـراد تنفيــذ الحكــم فيهــا .أمــا إذا كــان هنــاك عالقــة
بين حكم التحكيم والنظم القانونية لدول مختلفة ،أو كان حكم التحكيم طليقا
من االرتبـاط بـأي نظـام قـانوني وطني(مثـل قواعـد وأعـراف التجـارة الدوليـة)
فإنه هنا يتصف بالدولية(.)1
)1د .فوزي محمد سامى :التحكيم التجاري الدولي – دراسة مقارنة ألحكام التحكيم التجاري الدولي ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة السادسة1833 ،هـ ،ص.88-89
قيل أن معيار التفرقة ،هو القانون الواجب التطبيق بالنسبة لإلجراءات الخاصة بالتحكيم .ففي كل حالة،
يصار إلى معرفة صفة التحكيم ،بمعرفة قانون اإلجراءات الذي خضع له التحكيم ،فإذا كان ذلك
قانوناً داخلياً .فإن التحكيم يعتبر تحكيماً وطنياً ،أما إذا كانت قواعد اإلجراءات مأخوذة من قانون
أجنبي ،فإن التحكيم يعتبر في هذه الحالة تحكيماً أجنبياً ،وكذلك الحال إذا كانت قواعد اإلجراءات
مستمدة من نصوص اتفاقية دولية أو أجنبية ويالحظ أن التحكيم قد يعتبر وطنياً بالنسبة لدولة ما،
ويعتبر أجنبياً بالنسبة لدولة أخرى.
وقد تعرضت هذه النظرية إلى انتقادات عديدة منها ،احتمال سير إجراءات التحكيم في عدة دول
وبموجب قوانين متعددة ،فإذا أخذ مثالً بالقواعد اإلجرائية ،للبلد الذي صدر فيه قرار التحكيم،
سنجد أنه من الصعب في بعض الحاالت االعتماد على هذا المعيار ذلك ألنه قد ال يتواجد
المحكمون في البلد المذكور إال فترة قصيرة جداً ،وقد يكون وجودهم في ذلك المكان إلعداد قرار
التحكيم .ويكفي أن نعرف أن هناك حاالت لم يجتمع فيها المحكمون سوية إلصدار قرار التحكيم،
بل يتم التوصل إلى اتخاذ القرار بالمراسلة ،ففي هذه الحاالت ،يصعب جداً تحديد مكان صدور
قرار التحكيم .ويقول " ،"FRAGISTSأن هذه االنتقادات تسبب صعوبات عديدة ،قد تكون في
بعض الحاالت على جانب من الخطورة ،ويرى أن أهم انتقاد وجه إلى هذه النظرية (نظرية قانون
اإلجراءات) الذي جرى بموجبه التحكيم هو أنها تترك الباب مفتوحاً للبحث عن القانون المذكور
منذ بداية التحكيم وحتى إصدار القرار النهائي بحسم النزاع.
وهناك معا يير أخرى لمعرفة صفة التحكيم ،منها ما ينسب التحكيم إلى مكان صدور القرار ،مثال ذلك،
ما جاء في المادة األولى من اتفاقية نيويورك لعام 1899حول االعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم
األجنبية .حيث نصت على أن أحكام االتفاقية تطبق على ق اررات المحكمين الصادرة في إقليم
دولة ،غير التي يطلب منها االعتراف وتنفيذ األحكام على إقليمها .وهذا المعيار كانت قد أخذت
به قبل ذلك اتفاقية جنيف لعام 1821الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم األجنبية في مادتها األولى.
ويعاب على هذا المعيار ،أنه غير دقيق فقد يعين أطراف النزاع مكاناً للتحكيم ،ويختارون قانوناً غير
قانون المكان المذكور ليطبق على موضوع النزاع ،وفي هذه الحالة يعتبر التحكيم أجنبياً بالنسبة
للدولة التي جرى على إقليمها التحكيم بسبب تطبيق القانون األجنبي.
وهناك معايير أخرى منها ما يتخذ جنسية المحكم ،أو جنسية الخصوم كمعيار للتفرقة بين التحكيم
ال وطني والتحكيم األجنبي ،أو الدولي .ومنها ما يستند إلى المكان الذي يوجد فيه المركز الرئيسي
للمؤسسة التي تتولى التحكيم ومنها ما يستند إلى األخذ بمكان المحكمة المختصة أصالً بموضوع
النزاع ،والتي استبعدت عن نظر الدعوى بسبب االتفاق على حسم النزاع بالتحكيم ،فإذا جرى
التحكيم في غير الدولة التي توجد فيها تلك المحكمة ،كان التحكيم دولياً.
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
وللتفرق ــة ب ــين حك ــم التحك ــيم ال ــوطني وحك ــم التحك ــيم ال ــدولي أهمي ــة
كبيـ ـرة ،يترت ــب عليه ــا نت ــائج بالغ ــة ف ــي الخط ــورة ،ق ــد يك ــون أهمه ــا ،تحدي ــد
القــانون الواجــب التطبيــق ،وكــذلك أعمــال فك ـرة النظــام العــام حيــث يختلــف
مجال هذه الفكرة ،في التحكيم الوطني عن مجالها في التحكيم الدولي ،كما
أن هناك بعض المسائل ال يجوز أن تكـون محـال للتحكـيم الـوطني ،وجـائز
التحكيم فيها في مجال التحكيم الـدولي ،وكـذلك تبـدو لهـذه التفرقـة فيمـا بـين
التحكــيم الــوطني والتحكــيم الــدولي أهميتهــا فــي أهــم م ارحــل التحكــيم وه ــى
مرحلة تنفيذ الحكم الصادر في شأنه(.)1
ثانياً :معيار دولية حكم التحكيم:
يعتب ــر موض ــوع دولي ــة حك ــم التحك ــيم م ــن الموض ــوعات الت ــي الق ــت
اهتمام ـاً كبي ـ اًر مــن جانــب الفقــه والقضــاء فــي مختلــف الــدول ،وتكفلــت هــذه
الدول في قوانينهـا ببيـان مـا يعتبـر تحكيمـاً دوليـاً ومـا يعتبـر تحكيمـاً وطنيـاً،
وذل ــك م ــن خ ــالل وض ــع مع ــايير تس ــهل عملي ــة التميي ــز بينهم ــا ،وم ــن أه ــم
المعايير التي تحدد طبيعة حكم التحكيم ان كان دوليا ام وطنيا هـي معيـار
موض ــوع الن ـ ـزاع ومعيـــار جنســـية ومحـ ــل إقامـ ــة األط ـ ـراف ومعيـ ــار جنســـية
المحكم ــين ومعي ــار الق ــانون الواج ــب التطبي ــق عل ــى النـ ـزاع ومعي ــار ق ــانون
إج ـراءات المحاكمــة المطبــق ومعيــار مكــان التحكــيم ومعيــار لغــة التحكــيم.
وه ــذه المعـ ــايير تص ــلح أن تكـــون مـ ــع غيره ــا م ــن المؤشـ ـرات لف ــك ارتبـــاط
التحك ــيم ببل ــد م ــا أو بالتج ــارة الداخلي ــة لبل ــد م ــا أو لالقتص ــاد ال ــداخلي ألي
بلد(.)2
) (1د .عـ ـ ـ ـ ــاطف شـ ـ ـ ـ ــهاب :أتفـ ـ ـ ـ ــاق التحكـ ـ ـ ـ ــيم التجـ ـ ـ ـ ــاري الـ ـ ـ ـ ــدولي واالختصـ ـ ـ ـ ــاص التحكيمـ ـ ـ ـ ــي ،رقـ ـ ـ ـ ــم
اإليداع ،2002/19388:ص.30
) )2د .محمود عمر محمود :نظام التحكيم السعودي الجديد دراسة مقارنة ،الخوارزمي العلمية ،جده،
1838هـ 2013-م ،ص.32
020
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
وقد ساد اعتماد معيـارين أساسـيين للتمييـز بـين حكـم التحكـيم الـدولي وحكـم
التحكــيم الــوطني وهــي المعيــار الجغ ارفــي (مكــان صــدور الحكــم) ،والمعيــار
االقتصادي (موضوع النزاع) وهى كاآلتي:
.1المعيار الجغرافي (مكان صدور الحكم):
ومــؤدى هــذا المعيــار أن حكــم المحكمــين يأخــذ جنســية المكــان الــذي
صــدر فيــه ،حيــث يعتب ــر مكــان صــدور حكــم التحك ــيم مــن أكثــر المع ــايير
()1
انتشــا اًر ،إذ إنــه ي ـربط بــين جنســية حكــم التحكــيم والبلــد الــذي جــرى فيــه،
وهــذا هــو المقيــاس الــذي أخذتــه بــه اتفاقيــة نيويــورك لتنفيــذ أحكــام التحكــيم
األجنبية.
إال أن هــذا المعيــار ال يؤخــذ علــى إطالقــه بــل أخــذ بعــين اإلعتبــار
مك ــان إقام ــة األطـ ـراف ،وه ــو م ــا اخ ــذ ب ــه الق ــانون النم ــوذجي للجن ــة األم ــم
المتحــ ــدة للقــ ــانون التجــ ــاري الــ ــدولي UNCITRALحي ـ ــث قـ ـ ــررت قواعــ ــد
االنســترال "أن التحكــيم يكــون دولي ـاً إذا كانــت مؤسســات الفرقــاء فــي اتفاقيــة
تحكيميــة عنــد إج ـراء هــذه االتفاقيــة تقــع فــي بلــدان مختلفــة أو إذا كــان أحــد
األماكن المذكورة الحقاً يقع خارج الدولـة التـي تقـع فيهـا مؤسسـات الفرقـاء".
ويؤخذ بعين االعتبار مكـان التحكـيم إذا كـان محـدداً فـى اتفاقيـة التحكـيم أو
مكــان تنفيــذ جــزء أساســي مــن االلت ازمــات الناشــئة عــن العالقــة التجاريــة أو
المكـ ــان الـ ــذي يكـ ــون للن ـ ـزاع عالقـ ــة أوثـ ــق بـ ــه أو إرادة الط ـ ـرفين إذا اتفقـ ــا
صراحة(.)2
020
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
وق ــد اخـــذ بهـــذا المعيـ ــار كثيـ ــر م ــن الق ـ ـوانين الحديثـــة ،ومنهـــا نظـ ــام
التحكيم السعودي الجديد الذي اخذ به ولم يجعله المعيار الوحيد فـي تحديـد
دولية حكم التحكيم.
.2المعيار االقتصادي (موضوع النزاع):
يعتبــر المعيــار االقتصــادي أكثــر المعــايير الرائجــة فــي كــل مــن الفقــه
والقضــاء المقــارنين ،فمــؤدى هــذا المعيــار إن طبيعــة النـزاع هــي التــي تؤخــذ
بعــين االعتبــار ،فيعتبــر تحكيم ـاً دولي ـاً ،ذلــك الن ـزاع الــذي يتعلــق بمصــالح
تجاريـ ــة دوليـ ـ ـة ،دون أخ ـ ــذ مك ـ ــان التحكـ ــيم أو ق ـ ــانون إج ـ ـراءات المحاكم ـ ــة
المطبق أو جنسية الفرقاء بعين االعتبار(.)1
فـ ــالتحكيم يكـ ــون دولي ـ ـاً حيـ ــث يكـ ــون هنالـ ــك حركـ ــة انتقـ ــال لألم ـ ـوال
والخدمات والمدفوعات وغير ذلك عبر حدود الدول ،فهو إذاً قبل كل شيء
خروج من االقتصاد الداخلي للبلد(.)2
واذا نظرن ــا إل ــى ق ــانون التحك ــيم المص ــري فنج ــد أن ــه أخ ــذ بالمعي ــار
المكاني دون أن يترك المعيار االقتصـادي كليـة بـل أنـه حـاول إقامـة تـوازن
()3
من ــه بــين المعيــار الجغ ارفــي والمعيــار االقتص ــادي حيــث نصــت المــادة
علــى أنــه " يكــون التحكــيم دولي ـاً فــى حكــم هــذا القــانون إذا كــان موضــوعه
نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك فى األحوال اآلتية:
أوالً :إذا كــان المركــز الرئيســي ألعمــال كــل مــن طرفــى التحكــيم يقــع
فى دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم ،فإذا كان ألحد الطرفين عدة
( )1د .عبد الحميد األحدب :موسوعة التحكيم ،الكتاب الثاني ،التحكيم الدولي ،منشورات الحلبي
الحقوقية ،الطبعة الثالثة ،بيروت ،لبنان ،2009،ص.13
( )2د .عامر فتحي البطاينة :المرجع السابق ،ص.88
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
مراكز لألعمال فالعبرة بالمركز األكثر ارتباطاً بموضوع اتفـاق التحكـيم واذا
لم يكن ألحد طرفى التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
ثانياً :إذا اتفقا طرفا التحكيم على االلتجـاء إلـى منظمـة تحكـيم دائمـة
أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
ثالثاً :إذا كان موضوع النزاع الذى يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر
من دولة واحدة.
رابعاً :إذا كـان المركـز الرئيسـي ألعمـال كـل مـن طرفـى التحكـيم يقـع
فــى نفــس الدولــة وقــت إبـرام اتفــاق التحكــيم وكــان أحــد األمــاكن التاليــة واقعـاً
خارج هذه الدولة:
(أ) مك ــان إجـ ـراء التحك ــيم كم ــا عين ــه اتف ــاق التحك ــيم أو أش ــار إل ــى كيفي ــة
تعيينه.
(ب) مكـ ــان تنفيـ ــذ جانـ ــب جـ ــوهرى مـ ــن االلت ازمـ ــات الناشـ ــئة عـ ــن العالقـ ــة
التجارية بين الطرفين.
(جـ) المكان األكثر ارتباطاً بموضوع النزاع .
ومــن ثــم فــإن قــانون التحكــيم لــم يغفــل أن يــنص علــى المكــان األكثــر
ارتباط ـاً بموضــوع الن ـزاع وهــذا يعتبــر تطبيق ـاً للمعيــار االقتصــادي رغــم أن
المشرع اتخذ المعيار الجغرافي هو األساس لتحديـد مـدى وطنيـة الحكـم مـن
عدمه.
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
الفرع الثانى
أهمية الرقابة القضائية على حكم التحكيم الدولى
إن الرقاب ــة القض ــائية عل ــى حك ــم التحك ــيم بص ــفة عام ــة ل ــه أهميت ــه
القانونيـة والعمليـة ولكـن تلـك األهميـة تتضـاعف عنـدما يكـون حكـم التحكــيم
دولياً نظ اًر ألنه عادة يرتبط بين أكثر مـن قـانون( ،)1ونسـتطيع الوقـوف عـل
أهمية الرقابة القضائية على حكم التحكيم الدولى فى النقاط التالية:
.1التزام المحكوم عليه بالوفاء بما تضمنه الحكم:
يلتزم المحكوم عليه بتنفيذ ما تضمنه الحكم التحكيمي المذيل
بالصيغة التنفيذية حيث أنه بهذا اإلجراء قد اكتسب حجية األمر المقضي
به ،وأصبح ما تضمنه الحكم حقاً ثابتاً في ذمته ،ولهذا فال غضاضة من
إجباره والزامه بالقوة بأداء ما ثبت في ذلك الحكم(. )2
.2اكتساب الحكم القوة التنفيذية:
وضع الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم ،ال يتعلق بالنزاع الذي
فصل فيه الحكم ،إنما يمنحه القوة التنفيذية ،التي تمكن المحكوم له من
التنفيذ الجبري والذي تقوم به السلطة العامة تحت إشراف القضاء ورقابته.
فحكم التحكيم يشتمل على ثالثة أمور تخوله الحصول على هذه
القوة وهي :أنه حجة بإعتباره عمالً نظامياً له قوة ملزمة ،وأنه مستند
رسمي في اإلثبات واجب التنفيذ ،كما أن صدور األمر بتنفيذ حكم التحكيم
من قاضي التنفيذ يرتقي بحكم التحكيم الدولي الصادر خارج مصر ليصبح
025
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المبحث األول
الرقابة القضائية من خالل دعوى البطالن
عندما اتجه المشرع إلى إنشاء التحكيم كطريق مو ٍاز للقضاء ،لم
يتنازل عن كامل سلطته القضائية ،حالة االتفاق على التحكيم ،بل احتفظ
للقضاء بالحق في الرقابة على إجراءات التحكيم ،مراعاة منه العتبارات
عديدة ،ولم يكتفي القضاء بهذه الرقابة بل امتد في رقابته إلى ما بعد
صدور الحكم التحكيمي الفاصل في النزاع ،إال أن هذه الرقابة ال تشمل
كل ما يتعلق بإجراءات الحكم التحكيمي ،فالرقابة القضائية لها حدود ال
ينبغي تجاوزها( ،)1حيث ال يجوز للقضاء أن يقوم بدور محكمة
االستئناف ،فينظر النزاع للمرة الثانية.
ويفترض فيما تقدم أن يكون الحكم التحكيمي وطني أو دولي صادر
داخل مصر ،حتى يكون خاضعا للرقابة ،أما الحكم األجنبي الذي صدر
خارجها فال يخضع لرقابة القضاء الوطني ألنه يكون بمثابة حكم تحكيمي
أجنبي ،والقضاء ال والية له على أحكام التحكيم األجنبي ،ورغم ذلك فإن
)1د .مصلح أحمد الطراونة :الرقابة القضائية على األحكام التحكيمية في القانون األردني – دراسة
مقارنة ،دار وائل للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى2010 ،م ،ص.21-20
تختلف صور الرقابة القضائية على أحكام التحكيم باختالف نوع الغلط الذي يبيح لقضاء الدولة التدخل
في أحكام المحكمين بعد صدورها.
فإن كان من المتفق عليه أن المنازعات الالحقة على صدور حكم التحكيم قد تلتهم كل محاسن التحكيم،
وبخاصة السرعة والسرية واالقتصاد في التكاليف ،إال أنه ال يمكن التسليم بحكم مشوب بالغلط.
ومن هنا يبدو أن الطعن فيه أمام القضاء العادي قد أصبح أم اًر ضرورياً ومسلماً به في جميع
النظم القانونية الخاصة بالتحكيم .ولكن يبقى السؤال مطروحاً حول نوع الغلط الذي يبيح لقضاء
الدولة ممارسة رقابته على حكم التحكيم؟
نظ اًر ألن حكم التحكيم هو شكل من أشكال العمل القضائي ،فإن الغلط الذي يصيبه ويبرر الرقابة عليه
ال يخرج عن أحد النماذج المتعارف عليها للغلط في األعمال القضائية وهي :أوالً :الغلط المادي،
وثانياً :الغلط في التقدير ،سواء أكان غلطاً في الواقع أو في القانون ،وثالثاً :الغلط في اإلجراء.
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
هذا ال ينفي خضوع مثل هذا النوع من التحكيم لنوع من الرقابة القضائية
المحدودة ،تتمثل في عدم قابلية الحكم للتنفيذ على األراضي المصرية ما
لم يتم وضع الصيغة التنفيذية عليه ،وفقا لإلجراءات التي تنص عليها
األنظمة الداخلية واالتفاقيات التي وقعت عليها جمهورية مصر العربية في
هذا الشأن.
وعليــه ولمــا كــان هــذا البحــث مخصصـاً للرقابــة القضــائية علــى تنفيــذ
أحك ــام التحك ــيم الدولي ــة ف ــي الق ــانون المص ــرى فإن ــه س ــوف نقتص ــر عل ــى
إيضــاح صــور الرقابــة ،التــي تتعلــق بالرقابــة القضــائية علــى حكــم التحكــيم،
والتي تتمثل في رقابة القضاء على صحة حكم التحكـيم عـن طريـق الطعـن
بــه ،ورقابــة القضــاء علــى تصــديق وتنفيــذ حكــم التحكــيم ،وهــذه الصــور تعــد
م ــن الرقاب ــة الالحق ــة عل ــى أعم ــال هيئ ــة التحك ــيم وذل ــك م ــن خ ــالل دع ــوى
بطــالن حكــم التحكــيم التــى ترفــع أمــام القضــاء العــادى فــى حالــة تـوافر أحــد
حاالتها الواردة على سبيل الحصر.
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المطلب األول
ماهية دعوى البطالن
يالحظ أن الرقابة القضائية على صحة حكم التحكيم من حيث
صحة اتفاق التحكيم واإلجراءات وتطبيق القانون على النزاع تطبيقاً
صحيحا؛ ال يأتي إال من خالل الطعن في حكم التحكيم عن طريق دعوى
البطالن وهو الطريق الوحيد لمهاجمة هذا الحكم بعد صدوره أمام قضاء
(.)1
الدولة
وعلى ذلك يمكن اعتبار أوجه البطالن أو اإلبطال التي يقررها
القانون لرقابة مشروعية حكم المحكمين أنها تترجم بشكلي سلبي اعتراف
النظام القانوني بالتحكيم كسلطة موازية لقضاء الدولة.
()2
أن الطعن بالبطالن في حكم المحكم يعتبر ويرى جانب من الفقه
في أحد معانيه ضرباً من ضروب الطعن غير العادي ،أو يشبه الطعن
بالنقض في األحكام القضائية من ناحية تحديد أسباب الطعن على سبيل
الحصر ،وضرورة بناء الطعن على هذه األسباب المحددة حص اًر .
وان كنا نخالف هذا الرأى فى أنه إذا اتفقت دعوى البطالن مع
الطعن بالنقض فى تحديد أسبابه على سبيل الحصر فإنه يختلف معه فى
أن اختصاص المحكمة التى تنظر دعوى البطالن يقتصر على تقريره
والوقوف عند هذا الحد دون تناول الموضوع والفصل فيه فهى ممنوعة من
ذلك منعاُ باتاً.
) (1د .حفيظة السيد الحداد :الطعن بالبطالن على أحكام التحكيم ،دار الفكر العربي ،اإلسكندرية،
بدون تاريخ ،ص.139
( )2د .نبيل اسماعيل عمر :التحكيم في المواد المدنية والتجارية الوطنية والدولية ،دار الجامعة
الجديدة ،اإلسكندرية2011 ،م ،ص.383
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
أما محكمة النقض فإنها عند نظر الدعوى المرفوعة أمامها فإنها
غالباً إذا رأت إلغاء الحكم المطعون فيه فإنها تعيده إلى محكمة الدرجة
الثانية التى أصدرته أمام دائرة أخرى ولكن هذا ال ينفى حق محكمة
النقض فى التعرض للموضوع والحكم فيه مباشرة دون إعادته للمحكمة
المذكورة مرة أخرى .
و الطعن فى حكم التحكيم مر بعدة مراحل فى القانون المصرى قبل
صدور قانون التحكيم الحالى حيث أن قانون المرافعات الصادر سنة
1888م أجازت المادة 989منه الطعن فى حكم التحكيم باإلستئناف
والتماس إعادة النظر .
وحينما صدر قانون المرافعات عام 1819م نص فى المادة 910
على عدم جواز الطعن فى حكم التحكيم باالستئناف وأبقى على طريق
وحيد للطعن فى حكم التحكيم وهو إلتماس إعادة النظر.
حتى صدر قانون التحكيم الحالى رقم 21لسنة 1888م وألغى
الطعن بإلتماس إعادة النظر فى حكم التحكيم وذلك بإلغاء المادة 910
من قانون المرافعات ،ومن ثم فلم يعد هناك أى طريق من طرق الطعن
فى حكم التحكيم وفق قانون التحكيم الحالى حيث نصت المادة 92منه
على أنه(" )1ال تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقاً ألحكام هذا القانون
الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون
المرافعات المدنية والتجارية".
ويتضح أن دعوى بطالن حكم التحكيم ليست طريقة من طرق
الطعن فى حكم التحكيم ألن القانون منع الطعن فيه بأى وسيلة من وسائل
الطعن ولكنها دعوى مستقلة ال تشكل جزء من خصومة التحكيم ولكنها
دعوى مستقلة يمكن رفعها إذا توافرت حالة من الحاالت التى أوردها
القانون على سبيل الحصر .
020
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المطلب الثانى
إجراءات دعوى البطالن
كانت المادة ( )913من قانون المرافعات تنص علي أن ترفع
دعوى بطالن حكم المحكمين أمام المحكمة المختصة أصآل بنظر النزاع،
وبالتالي كان الحكم الذى تصدره هذه المحكمة يمكن استئنافه ثم الطعن
في حكم االستئناف بالنقض ،وقد عدل المشرع في القانون الجديد عن هذا
النهج فجعل االختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها
المحكمة المختصة أصآل بنظر النزاع إذا كان التحكيم داخلياً ،أما في
حالة التحكيم الدولي فينعقد االختصاص لمحكمة استئناف القاهرة أو
لمحكمة االستئناف المتفق عليها ومؤدى هذا أن الحكم فى دعوى البطالن
يصدر دوماً من محكمة استئنافية.
وترفع دعوى بطالن حكم التحكيم أمام محكمة (م )8حيث تنص
المادة ( )2|98على أنه "تختص بدعوى البطالن في التحكيم التجاري
الدولي المحكمة المشار إليها في المادة ( )8من هذا القانون وفي غير
التحكيم الدولي يكون االختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها
المحكمة المختصة أصالً بنظر النزاع ".
ويقتصر دور المحكمة التي تنظر دعوى البطالن علي الحكم
برفض الدعوى أو الحكم بالبطالن وهي ال تقضي بالبطالن كما سبق أن
أشرنا إال استنادا لتوافر سبب من األسباب التى أوردها القانون على سبيل
الحصر ،واذا قضت بالبطالن فهي ال شأن لها بموضوع النزاع ،فال تملك
التصدى لفحص طلبات األطراف واصدار حكم ينهي النزاع ،فااللتجاء
إليها إنما يقتصر علي طلب فحص الحكم من حيث صحته أو بطالنه
وفقا للنصوص القانونية المنظمة لذلك.
020
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
()1
أن المدة التى ترفع خالله دعوى البطالن طويلة ويرى البعض
جداً وال تتفق مع حاجات التجارة الدولية إلى السرعة فى إنهاء النزاعات
المتعلقة بها.
()2
أن تلك المدة قصيرة جداً إذا ما إال أن االتجاه الذى نؤيده
قورنت بتلك التى كانت متاحة لألطراف قبل ذلك للطعن بالبطالن فى
أحكام التحكيم وفقاً لقواعد التحكيم الملغاة فى قانون المرافعات حيث أنه لم
يكن هناك ميعاد لرفع الدعوى وفقاً لتلك القواعد مما كان يستتبع تطبيق
القواعد العامة فى هذا الشأن فكانت إمكانية رفع دعوى بطالن حكم
التحكيم تظل قائمة حتى انقضاء الدعوى بمرور خمسة عشر عاماً من
تاريخ صدور حكم التحكيم.
وترفع دعوى البطالن من كل ذي مصلحة وهم أطراف خصومة
التحكيم إذا توافرت أحد األسباب آنفة الذكر وال يعوقه عن رفع الدعوى
سبق اإلتفاق علي نزوله عن الحق في رفعها قبل صدور الحكم ،أما بعد
صدور الحكم فيجوز له النزول عن حقه مع إقتصار أثر هذا التنازل عليه
وحده فال يحجب سواه عن إمكانية رفع الدعوى إذا توافرت فيه الصفة
وتوافر له سبب من أسباب البطالن.
)1د .عبد الحميد مصطفى عبد الرحمن – تعليق على قانون التحكيم المصرى رقم 21لسنة 1888
مقارناً باإلتجاهات الحديثة فى التحكيم الدولى الخاص ،دار النهضة العربية 1889ص 119
)2د .إبراهيم أحمد إبراهيم – التحكيم الدولى الخاص – دار النهضة العربية –الطبعة الثالثة -2000
ص .232
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المطلب الثالث
أسباب بطالن حكم التحكيم
إن أسباب بطالن حكم التحكيم وردت في المادة 93من قانون
التحكيم المصرى على سبيل الحصر والتى تنص على:
( )1ال تقبل دعوى بطالن حكم التحكيم إال في األحوال األتية-:
أ .إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا االتفاق باطالً أو قابالً لألبطال
أو سقط بانتهاء مدته.
ب .إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد األهلية أو ناقصها
وفقاً للقانون الذى يحكم أهليته.
ج .إذا تعذر علي أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعالنه
إعالناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو ألي سبب أخر
خارج عن إرادته.
د .إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق األطراف علي
تطبيقه علي موضوع النزاع.
هـ .إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين علي وجه مخالف
للقانون أو التفاق الطرفين.
و .إذا فصل حكم التحكيم في مسائل ال يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز
حدود هذا االتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة
بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير
الخاضعة له فال يقع البطالن إال علي األجزاء األخيرة وحدها.
ز .إذا وقع بطالن في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة
بطالناً أثر في الحكم.
025
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
( )2وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطالن من تلقاء نفسها لبطالن
حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر
العربية.
وبناء على ما تقدم ال يجوز بناء بطالن حكم التحكيم على أسباب
ً
أخرى غير هذه الواردة في المادة السابقة في هذا القانون ،ويتضح من
نص المادة السابقة أن حاالت رفع دعوى البطالن هى:
الحالة األولى :عددم وجدود إتفداح تحكديم أو بطالنده أو قابليتده ل بطدال
أو سقوطه بإنتهاء مدته:
إتفاق التحكيم يخضع للقواعد العامة في القانون المدني؛ فيلزم توافر
التراضي الصحيح الذى ينبئ عن إيجاب وقبول االلتجاء االختياري
للتحكيم لفض نزاع ثار فعالً أو لما يحتمل أن يثور من منازعات بمناسبة
إبرام عقد أصلي يربط بين األطراف.
ويلزم أن ينصب االتفاق سواء كان شرطاً أو مشارطة علي موضوع
قابل للتسوية بطريق التحكيم ،كما يلزم تحديد موضوع النزاع إذا تعلق
األمر بمشارطة التحكيم واال إعتبرت باطلة ،وفضآل عن الشروط
الموضوعية يجب أن يكون االتفاق مكتوباً؛ فأصبحت الكتابة شرط صحة
ال شرط إثبات ،كما كان األمر في ظل نصوص قانون المرافعات الملغاة.
فإذا لم يتوافر أحد األركان السابقة موضوعية أو شكلية فان اإلتفاق
يكون باطالً ،أما إذا تعلق األمر ببطالن نسبي كما لو ثبت نقص أهلية
أحد األطراف فإن االتفاق يكون قابالً لإلبطال لصالح ناقص األهلية الذى
يمكنه إجازة االتفاق بعد بلوغه سن الرشد.
والواقع أن بطالن حكم التحكيم لهذا السبب أمر يتماشى مع فلسفة
كون التحكيم إختيارياً ال يجوز اللجوء إليه إال إذا اتفقت إرادة طرفي النزاع
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
علي ذلك ،كذلك يكون حكم التحكيم عرضه للبطالن إذا سقط إتفاق
التحكيم بإنتهاء المدة المتفق عليها في اإلتفاق نفسه أو المدة التي حددها
شهر من تاريخ بدء إجراءات التحكيم
القانون سواء كانت مدة اإلثني عشر اً
إعتبار من تاريخ تسلم المحتكم ضده إنذار المحتكم بتعيين محكم ،أو تلك
اً
المدة مضافاً إليها مدة الستة أشهر اإلضافية التي يحق لهيئة التحكيم
إضافتها ،أو المدة التي تحددها المحكمة المختصة أصالً بنظر النزاع عند
إنتهاء المدة األصلية وعند طلب أحد الخصوم مد تلك المدة.
الحالة الثانية :إذا تعذر علي أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه ألى سبب:
يمكن رفع دعوى البطالن إذا تعذر على أحد طرفى التحكيم تقديم
دفاعه ألى سبب كإعالنه إعالناً غير صحيح بتعيين محكم أو ألى سبب
آخر خارج عن إرادته ؛ والمشرع بهذا السبب أراد أن يؤكد إحترام حق
الدفاع بإعتباره من الحقوق الدستورية األساسية.
وقد أعتبر المشرع أن اإلعالن إذا تم بشكل غير صحيح يعد قرينة
عن عدم إمكانية الطرف الذي وجه له من تقديم دفاعه مما يعرض حكم
التحكيم للبطالن ،ويقصد بحق الدفاع هو تمكين الخصم من االطالع
وتقديم المذكرات ومناقشة حجج خصمه ؛ فهذا السبب يستوعب كل
الصور التي تمثل إخالآل بالمبادئ األساسية الموجهة لسير الدعوى.
ومثال ذلك عدم إعالن أحد األطراف بندب خبير أو عدم تمكينه
من االطالع علي تقرير الخبير المقدم للهيئة أو علي المستندات المقدمة
من الطرف األخر أو عدم إخطاره بمواعيد الجلسات أو قبلها بموعد كاف،
وكافة الصور التي قد يفرزها الواقع ويكون من شأنها تعذر تقديم أحد
األطراف لدفاعه لسبب خارج عن إرادته.
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
والتزام المحكم عند إعالن قبوله الكتابي للمهمة باإلفصاح عن أية ظروف
تثير الشك حول إستقالله أو حيدته.
الحالة الخامسة :فصل حكم التحكيم في مسائل ال يشملها إتفاح التحكيم
أو تجاوزه لحدود هذا اإلتفاح:
إن هيئة التحكيم تلتزم بالفصل في المسائل المطروحة عليها والتقيد
بدقة في تحديد نطاق إختصاصاتها ،لذلك ال تمتد والية المحكم للمسائل
الفرعية لعدم إنطباق قاعدة أن قاضي األصل هو قاضي الفرع ،ولذا فإذا
تصدت هيئة التحكيم لمسائل معروضة عليها ومسائل أخرى ترتبط بها
فإن البطالن يقتصر علي ما قضت فيه المسائل المرتبطة وال يمتد الي ما
تصدت له من مسائل تضمنها إتفاق التحكيم بالفعل ،إال إذا أقيم الدليل
علي عدم اإلنفصال بين الشقين ،وهذا الشرط يؤكد غلبة الطابع العقدى
للتحكيم ؛ ويالحظ أن البطالن هنا غير متصل بالنظام العام.
الحالة السادسة :وقوع بطالن في حكم التحكيم أو في اجراءاته علي
نحو أثر في الحكم:
بطالن الحكم يتحقق إذا إفتقد الحكم أحد الشروط التي يجب توافرها
في حكم التحكيم ،سواء من الناحية الموضوعية أو الشكلية ،مثال ذلك:
صدور الحكم شفاهة ،أو دون توافر األغلبية ،أو دون مداولة ،أو دون
توقيعه من األغلبية ،أو خلوه من بيان أسباب عدم توقيع األقلية ،أو عدم
تسبيب الحكم ،رغم عدم وجود إتفاق علي إعفاء المحكمين من التسبيب،
أو خلوه من البيانات التي تستلزمها الفقرة الثالثة من المادة ( )89خاصة
عدم تضمين الحكم صورة من إتفاق التحكيم حتى يتسني تحديد دائرة
إختصاص الهيئة.
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
)1د .إبراهيم أحمد إبراهيم – التحكيم الدولى الخاص – المرجع السابق -ص 238
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
ويالحظ أنه ال إطراد بين الصفة اآلمرة للقاعدة القانونية وبين صفة
النظام العام المصرى ،وتبرز هنا أهميـة التمسـك بـالمفهوم المصـرى للنظـام
العـام ،خصوصـاً فــي ظــل دعــاوى التحــرر التــي تثــور العــالم الغربــي المتقــدم
والــبطالن هنــا متعلــق بالنظــام العــام تقضــي بــه المحكمــة مــن تلقــاء نفســها
ولــو لــم يتمســك بــه أحــد األط ـراف ،وتعتبــر مخالفــة للنظــام العــام المصــري
أحكــام التحكــيم التــي تصــدر مخالفــة لق ـوانين التســعيرة أو لقواعــد المنافس ــة
المشـ ــروعة أو لق ـ ـوانين محاربـ ــة اإلحتكـ ــارات وذلـ ــك إلتصـ ــال هـ ــذه الق ـ ـوانين
بالمصالح االقتصادية.
أخير يالحظ أن أسباب بطالن حكم التحكيم تمتاز بالطابع
اً
الحصرى فالمشرع أوردها علي سبيل الحصر مما يعني عدم جواز الطعن
بالبطالن ألي سبب أخر سوى األسباب آنفة الذكر ،فال يجوز طلب
البطالن تأسيساً علي خطأ المحكمين في تفسير شروط العقد أو نصوص
القانون واجب التطبيق ،أو سوء تحصيل الوقائع ،بل وأصبح الباب
موصدآ بعد إلغاء إمكانية الطعن بإلتماس إعادة النظر ،حتي لو ثبت
وجود غش أو صدور الحكم بناء علي مستندات مزورة أو شهادة قضي
بتزويرها.
ونضيف أنه ألى طرف صفة في رفع دعوى البطالن إذا تأسست
على مخالفة الحكم للنظام العام ،أما إذا كان السبب مبنياً علي إعتبار
خاص بأحد األطراف ،كما لو صدر الحكم دون إعالنه بإجراء من
إجراءات التحكيم أو لعدم ثمثيله بعد حدوث سبب أدى الي إنقطاع
الخصومة ،مما أدى إلي إستمرار اإلجراءات في غيبته ،فلهذا الطرف
وحده الصفة في رفع دعوى البطالن ،وكذلك يقتصر الحق في رفع
الدعوى علي ناقص األهلية إذا تأسس طلب بطالن الحكم علي بطالن
020
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
إتفاق التحكيم لنقص أهلية أحد األطراف ،أما في حالة رفع الدعوى
تأسيساً علي بطالن اإلتفاق لعدم قابلية النزاع للتسوية بطريق التحكيم ،أو
لخروج المحكمين عن حدود اإلتفاق ،أو وقوع بطالن في الحكم ؛ فلكل
األطراف الحق في رفع الدعوى.
أما بشأن أثر رفع دعوى بطالن حكم التحكيم فقد كان المشرع
المصرى وفق المادة 913الملغاة من قانون المرافعات يجعل األصل
المترتب على رفع دعوى البطالن هو وقف تنفيذ الحكم كأثر مباشر لرفع
دعوى البطالن وأجاز للمحكمة التى تنظر دعوى البطالن أن تأمر بالتنفيذ
رغم رفع دعوى البطالن.
أما وفق قانون التحكيم الحالى فقد نصت المادة 91منه على أنه
"ال يترتب علي رفع دعوى البطالن وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك
يجوز للمحكمة ان تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة
الدعوى وكان الطلب مبنياً علي اسباب جدية وعلي المحكمة الفصل في
طلب وقف التنفيذ خالل ستين يوماً من تاريخ اول جلسة محددة لنظره واذا
أمرت بوقف التنفيذ جاز لها ان تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي وعليها
إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوة البطالن خالل ستة اشهر من
تاريخ صدور هذا األمر".
ومن ثم فإنه يتضح أن قانون التحكيم الحالى قد جعل األصل فى
حالة رفع دعوى بطالن حكم التحكيم هو استمرار التنفيذ أما االستثناء هو
إيقاف التنفيذ وأعطى للمحكمة الحق فى وقف التنفيذ إذا رأت لذلك
مقتضى.
والبــد أن يــتم اإليقــاف بنــاء علــى طلــب المــدعى فــى دعــوى الــبطالن
فال يصح إيقاف تنفيذ حكم التحكيم بدون طلب من صاحب المصلحة وهو
020
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المــدعى فــى دعــوى بطــالن حكــم التحكــيم ،بــل واشــترط القــانون شــكل معــين
لطلـب وقــف التنفيـذ وهــو أن يــرد الطلـب فــى ذات صـحيفة دعــوى الــبطالن،
ف ــال يصـــح تقديمـــه بش ــكل مسـ ــتقل أو كطل ــب ع ــارض أثنـ ــاء نظـ ــر دعـــوى
ال ــبطالن ،كم ــا أن للمحكم ــة أن تطل ــب م ــن طال ــب وق ــف التنفي ــذ كفال ــة أو
ضمان مالى إذا رأت أن إيقاف تنفيذ حكم التحكيم قد يسبب ضر اًر يصعب
تداركه.
واذا ما اشتملت صحيفة دعوى البطالن على طلب إيقاف تنفيذ
الحكم تعين على المحكمة البدء بنظر هذا الطلب قبل النظر فى الدعوى
وتحديد جلسة لذلك ،على أنه يجب أن تفصل المحكمة فى طلب إيقاف
تنفيذ حكم التحكيم خالل ستين يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظره.
ويجب علينا أن نشير إلى أن الحكم بعدم قبول دعوى البطالن ألي
سبب من أسباب عدم القبول ال يحول دون رفع دعوى البطالن مرة أخرى
بعد استيفاء الشكل ،ألن األحكام الصادرة بعدم القبول هي أحكام شكلية
ال عالقة لها بالموضوع ،وبالتالي ال يجوز للطرف المستفيد في الحكم
بعدم القبول الدافع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها(.)1
ومن ثم فإن دعوى بطالن حكم التحكيم التى ترفع أمام القضاء
العادى هى من أهم صور رقابة القضاء على أحكام التحكيم كما سبق لنا
توضيحه.
) )1د .خالد عبد الهادى الزناتى :بطالن حكم التحكيم الدولي ،المكتبة العصرية ،المنصورة2011 ،م،
ص.108 - 103
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المبحث الثانى
دور القضاء فى التأكد من توافر شروط تنفيذ حكم التحكيم
تمهيد:
إذا أراد الخصم الذي صدر لصالحه حكم التحكيم أن يقوم بتنفيذ
حكم التحكيم ،وفي هذه الحالة يدخل التحكيم مرحلة جديدة ،وقبل ذلك كان
قانون إرادة الطرفين هو المقدم وقانون مكان التحكيم في درجة أدنى ،أما
اآلن فإن قانون إرادة الطرفين يتراجع ليفسح المجال لقانون مكان التنفيذ
حيث تطبق المحكمة أحكام القانون الداخلي بتنفيذ الحكم(.)1
واألصل أن تنفيذ حكم التحكيم اختياري فإذا صدر حكم التحكيم
وكان خالي من العيوب فإن حسن النية يفترض قيام األطراف بتنفيذه ومن
المتصور أال يقوم المحكوم عليه بالتنفيذ اإلختياري لحكم التحكيم وتعد هذه
المسألة من أكثر المشاكل التي تواجه التحكيم فالمحكوم له ال يعنيه كسب
الدعوى بقدر ما يعنيه الحصول على ما حكمت به هيئة التحكيم لصالحه
أى تنفيذ الحكم(.)2
ويمثل تنفيذ حكم التحكيم شأن بالغ الدقة إذ يعتبر أحد مظاهر
الوصل بين القضاء والتحكيم .والشك أن القضاء الوطني يمارس دو اًر
رقابياً خالل األمر بالتنفيذ وتضاعف أهمية هذا الدور بالنسبة لألسباب
التي يمكن للمحكمة التمسك بها من تلقاء نفسها.
( )1د .عبد الحميد األحدب :التحكيم الدولي ،الجزء الثاني ،منشورات الحلبي ،لبنان2009 ،م ،ص
.880
( )2د .عبد الفتاح عطية عزمي :قانون التحكيم الكويتي ،الطبعة األولى ،مطبعة جامعة
الكويت1880،م ،ص .380
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
فحكم التحكيم ال يحوز القوة التنفيذية إال بعد صدور أمر من
القضاء في الدولة التي يراد تنفيذ الحكم بها وذلك لتحقيق رقابة على حكم
التحكيم من قبل السلطة القضائية قبل تنفيذه والغرض من هذه الرقابة أن
يتأكد القضاء من خلو حكم التحكيم من العيوب الجوهرية التي قد تشوبه
أو يمنع تنفيذه وذلك بعد التحقق من أن الحكم قد استوفى من الناحية
الشكلية التي تظهر من مجرد اإلطالع على الشروط التي يتطلبها القانون
دون البحث من الناحية الموضوعية ومطابقته للقانون وحينئذ يتم تنفيذه
وفقاً لإلجراءات المتبعة لتنفيذ أحكام القضاء(.)1
وقد رأى المشرع أن يكون للسلطة القضائية اإلشراف والرقابة على
تنفيذ أحكام المحكمين لكونها صادرة في الغالب من أناس غير متصفين
بالصفات التي يجب توافرها في القضاة عادة بحيث يكون احتمال صدور
حكم منهم مغاي اًر للنظام العام أمر وارداً ،وهو ما ال يفترض في األحكام
الصادرة من قضاء المحاكم العادية الذي يعدون حراساً للنظام العام.
فالمحكمين ليسوا قضاة وليس لهم في األصل والية الحكم فيما
يعرضون للقضاء فيه ،فإنه ال يتصور أن يترك المشرع والية القضاء من
غير رقابة واشراف وال يتصور أن يجيز تنفيذ أحكامهم من غير هذه
الرقابة لرعاية حقوق الخصوم فالتحكيم ال يلغى حق اإللتجاء إلى القضاء
الذي يعد من الحقوق المتعلقة بالنظام العام .وانما يقيده فقط(.)2
( )1د .محمود التحيوي :تنفيذ حكم المحكمين ،دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،طبعة اولى2002،م،
ص 11-10
(2) E.Gaillard:”arbitrage commercial international convention d, arbitrage,
autonmie principe devalidit è ,Droit applicable,”J.GI, Dr.Inter fasc p251
025
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
ويمكن القول بأن تعليق تنفيذ أحكام التحكيم على أمر القضاء هو
تحقيق نوع من الرقابة واإلشراف على القضاء الخاص المتمثل في حكم
التحكيم فإن هذه الرقابة ليس بقصد عرقلة تنفيذ الحكم ،وانما بقصد التأكد
من خلو الحكم من العيوب الجوهرية التي قد تشوبه والتحقق من انتفاء
موانع تنفيذه(.)1
تعتبر مرحلة تنفيذ حكم التحكيم ،من أهم المراحل بالنسبة لحكم
التحكيم فمن خاللها يتم تجسيده على أرض الواقع ،فال يتم تنفيذ حكم
التحكيم الدولي إال من خالل قيام السلطة القضائية بمنحه الصيغة
التنفيذية وذلك بعد إتباع مجموعة من اإلجراءات القانونية ،وهذا ما تأخذ
به أغلب التشريعات الوطنية للدول وكذلك االتفاقيات الدولية الخاصة
بالتحكيم التجاري الدولي.
فالتشريعات الوطنية للدول تنص على جملة من القواعد اإلجرائية
والموضوعية والتي يشترط إتباعها للحصول على االعتراف بحكم التحكيم
وامكانية تنفيذه(.)2
وبالنظر إلى أحكام التحكيم الصادرة وفقاً لقانون التحكيم المصرى
يتضح بجالء من خالل نصوص هذا القانون أنها ال تحوز كقاعدة عامة
القوة التنفيذية ولكن البد من صدور أمر خاص من قبل السلطة القضائية
يسمى بأمر التنفيذ وذلك يعود إلى اعتناق المشرع المصرى إلى مبدأ عدم
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
) )1د .أحمد أبو الوفا :التحكيم االختياري واإلجباري ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية2001 ،م ،ص
.291-290
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
المطلب األول
إجراءات تنفيذ حكم التحكيم وفح قانون التحكيم
أخضع القانون المصرى نوعين من أحكام التحكيم للتنفيذ وفق
قانون التحكيم المصرى ،يتثمل النوع األول فى أحكام التحكيم التى تصدر
داخل جمهورية مصر العربية ،أما النوع الثانى فهى أحكام التحكيم التى
تصدر خارجها ولكن يتفق أطراف النزاع على إخضاعه للقانون المصرى.
ويبدأ تنفيذ هذا النوع من األحكام بطلب يقدم إلى رئيس المحكمة
المختصة أصالً بنظر النزاع فى التحكيم الداخلى أو لرئيس محكمة
استئناف القاهرة فى التحكيم الدولى ما لم يتفق األطراف على اختصاص
محكمة استئناف أخرى أو من يندبه رئيس محكمة االسئناف من قضاة
المحكمة.
ونجد هنا أن قانون التحكيم المصرى لم يتطلب دعوى بطلب التنفيذ
لرئيس المحكمة أى أنه ال يشترط إعداد صحيفة دعوى بهذا الشأن بل
مجرد طلب ولكن يلزم إعالن الخصم بطلب التنفيذ المقدم.
وقد أوجبت المادة ( )91من قانون التحكيم أن يتضمن طلب تنفيذ
حكم التحكيم مستندات معينة وهي:
.1أصل الحكم وصورة موقعة منه.
.2صورة من اتفاق التحكيم سواء ورد في شكل شرط تحكيم أم مشارطة
تحكيم أو إحالة إلي وثيقة تتضمن شرط التحكيم (المادة )2/10من
قانون التحكيم.
.3ترجمة باللغة العربية لحكم التحكيم إذا لم يكن الحكم صاد اًر بها ويجب
أن تكون الترجمة رسمية أو موثقة (المادة.)3/91
.8صورة من محضر إيداع حكم التحكيم.
022
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
022
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
أل نه لو تم قبول دعوي البطالن فلن يتم تنفيذ حكم التحكيم لصدور حكم
قضائي ببطالنه.
ثالثا :يجب أال يتعارض حكم التحكيم المراد تنفيذه مع حكم سبح صدوره
من المحاكم المصرية في موضوع النزاع:
وفقاً للمادة (/2/99أ) فإنه يجب أال تكون رغبة المشرع في تشجيع
اللجوء للتحكيم سببا في إهدار حجية األحكام القضائية مما يستتبع ضرورة
إعالء حجية القضاء علي حكم التحكيم الذي صدر بعده ولكن ذلك يتم
وفق الضوابط التالية:
أ .إذا كان حكم القضاء الذي صدر قبل حكم التحكيم قد انصب علي جزء
من موضوع النزاع فقط أي يكون التعارض بين الحكمين يتعلق بجزء
فقط مما فصل فيه حكم التحكيم جاز هنا األمر بالتنفيذ بالنسبة للجزء
الصادر في حكم التحكيم الذي لم يفصل فيما فصل فيه هذا الحكم
القضائي وال يتعارض مع ما فصل فيه أي بمعني جواز تجزئة الحكم
بتنفيذ الجزء الذي ال يتعارض مع حكم القضاء السابق وعدم تنفيذ
الجزء الذي يتعارض معه إذا كانت هذه التجزئة ممكنة.
ب .يجب أن يكون حكم القضاء قد صدر بالفعل وليس مجرد رفع دعوي
امام القضاء ،وينطبق النص بمنع التنفيذ إذا كان حكم القضاء الذي
صدر من المحكمة المصرية قد صدر بعد صدور حكم التحكيم طالما
أنه قد صدر قبل طلب تنفيذ حكم التحكيم.
بات
ج .لم يشترط القانون أن يكون الحكم القضائي قد أصبح نهائيآ او ً
فيكفي صدور حكم ابتدائي في الموضوع ولو كان قد تم الطعن فيه
باإلستثناف.
222
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
د .يجب أن يكون حكم القضاء الذي يتعارض معه حكم التحكيم لكي
صادر من المحاكم
ً سبب في دعم تنفيذ حكم التحكيم أن يكون
ً يكون
المصرية وليس من محكمة أجنبية أو من هيئة تحكيم في مصر أو
خارجها.
ولكن إذا تم االعتراف به في مصر وفق القانون المصري فـإن هـذا
الحكــم يحــوز حجيــة األمــر المقضــي بــه فــي مصــر وأن ذلــك يتعلــق بالنظــام
العــام ويجــب علــي حكــم التحكــيم الــذي يصــدر بعــده أن يحتــرم هــذة الحجيــة
واال اعتبر حكم التحكيم هذا مخالفاً للنظـام العـام واذا صـدرأمر بتنفيـذه رغـم
ذلـــك فإنـــه يمكـ ــن الـ ــتظلم منـــه وطل ــب إلغائـــه لمخالفت ــه شـ ــرط م ــن شـ ــروط
إصداره.
رابعاً :أال يتضمن حكم التحكيم المراد تنفيذه ما يخالف النظام العام في
مصر:
نصت المادة (\2\99ب) على أنه "ويجوز للمحكمة أن تقضي من
تلقاء نفسها بإلغاء حكم التحكيم الذي يخالف النظام العام في مصر" كما
هو الحال في األمر بتنفيذ حكم محكمين قضي بدين قمار أو بإلزام طرف
بدفع ثمن مخدرات.
ولكن يجب التفرقة بين فكرة النظام العام علي المستوي الداخلي
وفكرة النظام العام علي المستوي الدولي فليس كل ما يخالف النظام العام
الداخلي يعتبر مخالفا للنظام العام علي المستوي الدولي كما هو الحال في
مخالفة قاعدة آمرة فإنة يعتبر مخالفا للنظام العام الداخلي ولكنه ال يعتبر
كذلك علي المستوي الدولي:
220
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
220
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
المطلب الثانى
تنفيذ حكم التحكيم األجنبي وفح نصوص قانون المرافعات
بعد صدور التحكيم لم يصبح تنفيذ التحكيم األجنبي وفق قانون
المرافعات إال لتنفيذ حكم التحكيم الصادر في الخارج ولم يتفق أطرافه علي
خضوعه للقانون المصري وال يدخل في إطار إتفاقية دولية ترتبط بها
مصر وذلك وفق المادة ( )288مرافعات وهي تنطبق علي تنفيذ الحكم
األجنبي سواء كان حكم تحكيم أو حكم قضائي صادر بالخارج أما إذا
اتفق أطراف حكم التحكيم األجنبي علي خضوعه للقانون المصري فينطبق
قانون التحكيم المصري علي تنفيذ هذا الحكم ،واذا صدر حكم التحكيم
األجنبي في إطار اتفاقية دولية فيتم تطبيق أحكام هذه االتفاقية بشأن تنفيذ
هذا الحكم.
وقد أوجب المشرع المصري في قانون المرافعات المصري توافر
شروط معينة لتنفيذ حكم التحكيم وتتمثل هذه الشروط في:
الشرط االول :عدم اختصاص المحاكم المصرية:
فلقد استحدث المشرع هذا الشرط بموجب القانون رقم 13لسنة
1819فنص في المادة ()289علي انه "ال يجوز األمر بالتنفيذ إال بعد
التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها
الحكم او األمر "ومن ثم فإنه يتعين قبل أن يصدر القاضي األمر بتنفيذ
الحكم األجنبي النظر في حاالت اإلختصاص القضائي الدولي التي
يقررها المشرع المصري فإذا تبين له أن النزاع الذي صدر فيه الحكم
يدخل في الحاالت المقررة الختصاص المحاكم المصرية فيرفض إصدار
األمر(.)1
)1عصام صالح أحمد – أثر اتفاق التحكيم المدرج فى االلتزامات المصرفية – رسالة دكتوراه كلية
الحقوق جامعة حلوان 2008ص 213
222
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
222
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
علي حكم التحكيم بالتميز وقانون المرافعات القطري رقم 13لسنة 1881
وقانون المرافعات البحريني رقم 12لسنة 1811وليس من المقبول أن يتم
تنفيذ حكم تحكيم يمكن إلغائه بعد ذلك ،لذلك اشترط القانون أن يكون حكم
التحكيم نهائيا.
الشرط الخامس :عدم تعارض الحكم مع حكم سابح:
اشترط قانون المرافعات لكي يتم تنفيذ حكم التحكيم األجنبي في
مصر أال يكون متعارضاً مع حكم أو أمر سابق من المحاكم المصرية
وذلك لعدم إهدار حجية األحكام الصادرة من المحاكم المصرية.
الشرط السادس :أال يتعارض الحكم مع النظام العام داخل مصر:
تعد فكرة النظام العام فكرة متطورة تتغير وتتطور باستمرار كما أنها
تختلف في مجال المعامالت الدولية عن المعامالت الداخلية كما سبق لنا
القول وقد قضت محكمة النقض الفرنسية في هذا الشأن برفض االستناد
لفكرة النظام العام في فرنسا كسبب لعدم تنفيذ حكم تحكيم صدر في
انجلت ار لكون هذا الحكم غير مسبب وذلك ألنه وان كان عدم تسبيب
()1
فإنه ال يمكن اعتباره الحكم يتعارض مع النظام العام الداخلي بفرنسا
كذلك في مجال المعامالت الدولية وجاء في حكم المحكمة أنه "في مجال
القانون الدولي الخاص فإن عدم تسبيب الحكم اليعتبر مخالفا للنظام العام
بالنسبة للتحكيم الدولي الذي تخضع اجراءاته لقانون اجنبي".
الشرط السابع :قابلية المسألة للحل بالتحكيم:
اشترط المشرع المصري لتنفيذ حكم التحكيم األجنبي في مصر وفق
قواعد قانون المرافعات أن يكون صاد ار في مسالة يجوز التحكيم فيها طبقا
225
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
للقانون المصري وقد نصت المادة ( )11من قانون التحكيم علي أنه
"ال يجوز التحكيم في المسائل التي ال يجوز فيها الصلح "كما تنص المادة
( )991مدني علي انه ال يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة
الشخصية والنظام العام" ،ومن ثم ال يجوز تنفيذ حكم تحكيم أجنبي صادر
بشأن الحالة الشخصية او النظام العام ألن تلك المسائل ال يجوز التحكيم
فيها وفق قواعد القانون المصري لذلك فال يمكن قبول تنفيذ حكم التحكيم
الصادر بشأنها.
الشرط الثامن :المعاملة بالمثل:
وذلك وفق نص المادة ( )281من قانون المرافعات التي تنص
علي أن األحكام واألوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز األمر بتنفيذها
بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ األحكام واألوامر المصرية
فيه مما يعني أنه يتم معاملة حكم التحكيم الصادر في دولة أجنبية بنفس
أسلوب معاملة هذه الدول لألحكام واألوامر الصادرة فى مصر ويراد
تنفيذها بتلك الدول.
ويعرف البعض المعاملة بالمثل بأنها "وضع يتحقق عندما تضمن
دولة ما أو تعد دولة أخرى بمعاملة ممثليها أو وطنييها أو تجارتها أو غير
ذلك معاملة مماثلة أو معادلة لتلك التى تضمنها لها الدولة األخيرة أو
تعدها بذلك"(.)1
بمعنى أن حكم التحكيم الذى صدر فى دولة أجنبية وليس وفق
القانون المصرى فلن يقوم القضاء المصرى بإصدار أمر بتنفيذه فى مصر
إال إذا كانت تلك الدولة التى صدر فيها الحكم تعامل األحكام المصرية
بنفس المعاملة.
( )1د إبراهيم أحمد إبراهيم-التحكيم الدولى الخاص -مرجع سابق ص383
222
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
الخاتمة
تناولت هذه الدراسة موضوع "الرقابة القضائية على تنفيذ أحكام
التحكيم الدولية في القانون المصرى" ،وقد قسمنا هذه الدراسة إلى مبحث
تمهيدي ومبحثين ،وعرضنا في المبحث التمهيدي أثر الرقابة القضائية
على حكم التحكيم وتناولنا خالله في المطلب األول أثر الرقابة القضائية
على تنفيذ حكم التحكيم ،وفى المطلب الثانى تناولنا أثر تنفيذ احكام
التحكيم الدولية.
ثم تناولنا في المبحث األول الرقابة القضائية على حكم التحكيم من
خالل دعوى البطالن ،بشرح مفهوم دعوى البطالن واجراءاتها وأسبابها.
أما في المبحث الثاني فقد تناولنا دور القضاء فى التأكد من توافر
شروط تنفيذ حكم التحكيم من خالل شرح تنفيذ حكم التحكيم وفق قانون
التحكيم المصرى فى مطلب أول ثم فى مطلب ثانى تناولنا تنفيذ حكم
التحكيم وفق قانون المرافعات المصرى.
وبعد ان انتهينا من هذه الدراسة فقد توصلنا الى العديد من النتائج
والتوصيات وسوف نتناولها على النحو التالي:
اوالً :النتائج:
.1أن القانون المصرى قد اخذ بمعيار مميز للتفرقة بين التحكيم الدولي
والتحكيم الداخلي في تحقق صفة الدولية في التحكيم وهو المزج بين
معيارين :الجغرافي ،واالقتصادي وان كان المعيار الجغرافى هو
األصل فى التمييز بينهما إال أنه لم يغفل المعيار اإلقتصادى.
.2أن القانون المصرى قد جاء بشرط عدم مخالفة النظام العام ،ولكن
هناك تمييز بين النظام العام الداخلي ،والنظام العام الدولي ،فهناك
222
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
بعض األمور مثل مخالفة قاعدة آمرة تعتبر مخالفة للنظام العام داخلياً
وال تعتبر كذلك بالنسبة للنظام العام على المستوى الدولى.
.3أصبح األصل لرفع دعوى بطالن حكم النتحكيم عدم إيقاف تنفيذ
الحكم المطعون فيه عكس ما كان عليه الحال وفق النصوص الملغية
لقانون المرافعات التى كانت تجعل األصل لرفع دعوى البطالن هو
إيقاف التنفيذ فأصبح األصل استثناء واإلستثناء هو األصل مما ساهم
فى سرعة وتيسير تنفيذ حكم التحكيم.
.8أن حكم التحكيم في المسائل التي ال يجوز فيها التحكيم هي مسائل
بناء على اتفاق
تتعلق بالنظام العام ،فيعد الحكم غير قابل للتنفيذ ً
باطل.
.9يتم تنفيذ حكم التحكيم األجنبى فى مصر وفق ثالثة قواعد:
األولى :عندما يصدر الحكم فى دولة ترتبط مع مصر بافاقية دولية ويتم
التنفيذ هنا وفق تلك اإلتفاقية.
الثانية :أن يصدر حكم التحكيم خارج مصر وفق قانون آخر غير القانون
المصرى وهنا يتم التنفيذ وفق قواعد قانون المرافعات المصرى.
الثالثة :أن يصدر حكم التحكيم خارج مصر ولكن وفق القانون المصرى
وهنا يتم التنفيذ وفق قواعد قانون التحكيم المصرى.
.1لم يوضح القانون المقصود بإخضاع حكم التحكيم األجنبى للقانون
المصرى هل يقصد أن يحكم القانون المصرى موضوع النزاع أم
إجراءاته أم تنفيذه.
.1تنفيذ حكم التحكيم األجنبى وفق قانون المرافعات يشترط المعاملة
بالمثل من قبل الدولة التى صدر فيها الحكم مع مصر.
222
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
ثانيا :التوصيات:
.1ضرورة إبرام اتفاقيات دولية مع الدول األخرى والسيما التى بين مصر
وبينها تبادل تجارى مستمر وعدم اإلقتصار على اتفاقية جامعة الدلو
العربية واتفاقية نيويورك.
.2أن يضع القانون تحديدا للنظام العام الدولي ،وفقا للمبادئ األساسية
فى المجتمع الدولي ،مما يمنع القاضي من تطبيق النظام العام
الداخلي على أحكام التحكيم الدولي
.3أن يكون للقاضي إذا كان حكم التحكيم يشمل مسائل يجوز فيها
التحكيم وأخرى ال يجوز فيها التحكيم ،أن يصدر أمر بتنفيذ الجزء
الذي يجوز فيه التحكيم ورفض الجزء الذي ال يجوز فيه التحكيم إال
إذا كان هناك ارتباط بين األجزاء فيجب رفض تنفيذ الحكم كله لعدم
القابلية للتجزئة.
.8نرى ضرورة إلغاء شرط المعاملة بالمثل لتطبيق حكم التحكيم األجنبى
وفق قانون المرافعات ألنه ليس من المناسب أن تلجأ الدولة لمبدأ
المعاملة بالمثل إلجبار دولة أخرى على تبنى قاعدة اإلسناد التى
اقتنعت بها والتى قد ال تتوافق مع دولة أخرى.
.9ضرورة توحيد القانون الذى يتم التنفيذ وفقه وهو قانون التحكيم
المصرى وأال يتوقف ذلك على أن يخضع النزاع للقانون المصرى فال
نرى معنى للخضوع لقانون التحكيم فى حاالت وحاالت أخرى لقانون
المرافعات.
.1ضرورة تحديد حالة تنفيذ حكم التحكيم األجنبى وفق القانون المصرى
بأنه يقصد به أن يتقق على أن يحكم فى موضوعه وفق قواعد القانون
المصرى وليس إجراءات الحكم أو تنفيذه.
222
0202م – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
أهم المراجع
المراجع باللغة العربية:
.1د .ابوزيد رضوان :األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ،دار
الفكر العربي ،القاهرة1891،
.2د .أحمد السيد الصاوى :التحكيم :طبقاً للقانون رقم 21لسنة 1888م
وأنظمة التحكيم الدولية ،القاهرة ،المؤسسة الفنية للطباعة2002 ،م،
.3د .احمد عبدالكريم سالمة :أصول المرافعات المدنية والدولية ،مكتبة
العالمية ،المنصورة1898 ،م،
.8د .أحمد محمد حشيش :القوة التنفيذية لحكم التحكيم ،الطبعة األولى،
دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية2001 ،م
.9د .أحمد هندى :تنفيذ أحكام المحكمين األمر بتنفيذ أحكام المحكمين
الوطنية واألجنبية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية،
2001م،
.1د .أحمد هندى :التحكيم دراسة إجرائية في ضوء قانون التحكيم
المصري وقوانين الدول العربية واألجنبية ،دار الجامعة الجديدة
للنشر ،اإلسكندرية2013 ،م
.1د .حفيظة السيد الحداد :مدى اختصاص القضاء الوطني باتخاذ
اإلجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات الخاصة الدولية المتفق
اإلسكندرية، الجامعي، الفكر دار التحكيم، على بشأنها
مصر1881،م
.9د .حفيظة السيد الحداد :الطعن بالبطالن على أحكام التحكيم،
اإلسكندرية ،دار الفكر الجامعي1881 ،م
202
الرقابة القضائية على حكم التحكيم
.9د .خالد أحمد حسن :بطالن حكم التحكيم دراسة مقارنه بين قانون
التحكيم المصري واالنجليزي وقواعد الشريعة اإلسالمية ،دار النهضة
العربية ،القاهرة2010 ،م
.10د .عاطف شهاب :أتفاق التحكيم التجاري الدولي واالختصاص
التحكيمي ،رقم اإليداع،2002/19388:
.11د .عصام الدين القصبى :النفاذ الدولي ألحكام التحكيم ،دراسة
تحليلية لقواعد القانون الدولي االتفاق والقانون المقارن ،دار النهضة
العربية ،القاهرة1883،م
.12د .عبد الحميد األحدب :موسوعة التحكيم الدولي ،منشورات الحلبي
الحقوقية ،الطبعة الثالثة ،بيروت ،لبنان2009 ،م
.13د .فتحي والي :الوسيط في قانون القضاء المدني ،دار النهضة
العربية2001 ،م
.18د .فوزي محمد سامى :التحكيم التجاري الدولي – دراسة مقارنة
ألحكام التحكيم التجاري الدولي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة
السادسة1833 ،هـ
.19د .فوزي محمد سامى :التحكيم التجاري الدولي ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،عمان ،الطبعة السادسة1833 ،هـ2012-م
.11د .محمد بدران :مذكرات في حكم التحكيم ،القاهرة ،دار النهضة
العربية1888 ،م
.11د .محمد داود الزغبى :دعوى بطالن حكم التحكيم في المنازعات
التجارية الدولية ،عمان ،دار الثقافة للنشر والتوزيع2011 ،م
.19د .محمود مختار أحمد بريري :التحكيم التجاري الدولي ،القاهرة ،دار
النهضة العربية ،ط2008 ،3
200
م0202 – جملة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية بنات – دمنهور
:المراجع األجنبية
1. Andr è Panchaudi ,le siège de l,arbitrage international de
droit privè ,Rev,arb,1966,1,.
2. F.Fouchard “l impact de la loi de la C.N.U.D.C Isur l,
arbitrage commercial international “
3. E.Gaillard: ”arbitrage commercial international
convention d, arbitrage, autonmie principe devalidit è
,Droit applicable, ”J. GI, Dr. Inter fasc
4. G.Delaume,l, arbitrage transnational et les tribunaux
nationaux,D.D.I,1984
5. F.Ramos Mendez, Arbitrage international et measures
conservatoires, Rev,arb,1985
6. Jean Robert ,Arbitrage civil et commercial .1967 4 ed
7. Sir.Michael. J. Mustill. The law and pravtice of
commercial arbitration in England, second edition 1989
200