You are on page 1of 116

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة الدكتور موالي الطاهر – سعيدة –‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬

‫قسم ‪ :‬حقوق‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر تخصص قانون اقتصادي حول ‪:‬‬

‫آثار إتفاق التحكيم‬


‫( دراسة مقارنة )‬

‫تحت إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالبة ‪:‬‬

‫‪ -‬بوشنتوف بوزيان‬ ‫‪ -‬هاشمي فاطمة‬

‫أعضاء اللجنة المناقشة ‪:‬‬

‫مشرفا و مقررا‬ ‫أستاذ محاضر( أ ) جامعة سعيدة‬ ‫‪ – 1‬د ‪ .‬بوزيان بوشنتوف‬

‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر( أ ) جامعة سعيدة‬ ‫‪ – 2‬د ‪ .‬طيطوس فتحي‬

‫عضوا مناقشا‬ ‫أستاذ محاضر( ب ) جامعة سعيدة‬ ‫‪ – 3‬د ‪ .‬هني عبد اللطيف‬

‫الموسم الجامعي ‪2112-2112:‬‬


‫تشكرات ‪:‬‬

‫أتقدم بالشكر األول واألخري إىل اهلل عز وجل وإىل الوالدين إرتوينا من مناهلهم الصافية‪ ،‬وتشبعنا‬

‫بآرائهم احلكمية‪ ،‬حماولني األخذ مبسريهتم يف جمال املعرفة‪.‬‬

‫وإىل األساتذة الكرام خاصة األستاذ املشرف‪ :‬بوشنتوف بوزيان‪.‬‬

‫إىل كل من علمنا حرفا منذ نعومة أظافرنا إىل يومنا هذا كما ال أنسى عمال معهد العلوم الثانوية‬

‫واإلدارية وإىل عمال املكتبة والدوريات‪.‬‬


‫اإلهداء‪:‬‬

‫إىل تلك اليت أنارت دريب صباحا وعشية‪ ،‬ببسمتها ورضاها هدية إىل اليت سهرت وتعبت من أجل‬

‫راحيت‪ ،‬إىل الشمعة اليت ذابت من أجل أن تضيء درب حيايت‪ ،‬إىل منبع احلنان والعطف‪ ،‬إىل‬

‫بلسم روحي وعنوان أملي إىل من وضعت اجلنة حتت أقدامها إىل أعز ما أملك يف الوجود أمي‬

‫الغالية احلبيبة‪.‬‬

‫إىل الذي من أجله تركت رضا نفسي‪ ،‬وإبتغيت رضاه‪ ،‬إىل الذي من يف شكره ظل قليب وتاه‪ ،‬إىل‬

‫من سيظل موضع إعجايب وفخري أيب الغايل خالد أطال اهلل يف عمرمها‪.‬‬

‫إهداء خاص إىل عائلة هامشي وعلي شريف كبريا وصغريا‪ ،‬إىل اإلخوة‪ :‬هشام وعامر‪ ،‬إىل إبتسامة‬

‫البيت املشرقة مجال الدين إىل أعز الصديقات‪ ،‬األخت اليت مل تلدها يل أمي‪ :‬شيماء سعادي‪.‬‬

‫أهدي أمسى حتيايت وأرقى عبارايت إىل كل من ساعدين طوال مشواري الدراسي‪.‬‬

‫فاطمة هامشي‬
‫املقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫التحكيم مؤسسة عريقة ترجع جذورها إىل بداية تواجد اإلنسان على وجه األرض فعرفته خمتلف‬

‫احلضارات القدمية كاحلضارة اإلسالمية واليونانية والرمانية‪ ،‬حيث كان حمال لإلقرار أو االعتراف‬

‫به من كافة هذه األنظمة القانونية األساسية املعروفة منذ البداية البشرية‪ ،‬فقد مر مبراحل وأتى‬

‫عليه حقب من الزمن فقد قيمته‪ ،‬وكانت تنطفئ مشعته خصوصا بعدما أصبح قضاء الدولة هو‬

‫القضاء الرمسي والطريق األكثر شيوعا حلل أي نزاع‪ ،‬لكن تسارع النمو اإلقتصادي وتطور‬

‫العالقات الدولية واإلقليمية اليت سارعت لتنفيذه وتنظيمه وأصبح اإلقبال عليه من قبل األطراف‬

‫املتعاقدة يف اجملال الدويل خاصة حلل نزاعاهتم ويف الوقت اليت ظهرت فيه النظم القضائية الوطنية‬

‫العاجزة وقاصرة عن بلوغ حد الكفاية ملواجهة عقود التجارة الدولية وتصدي ملا ينشأ عنها من‬

‫منازعات إنتشرت وكثرت مؤسسات التحكيم الدولية وإزداد اإلقبال على التحكيم التجاري‬

‫الدويل واحدا من أهم وسائل تسوية املنازعات التجارية على الصعيد الدويل‪ ،‬وهو وسيلة لتسوية‬

‫املنازعات بشكل إختياري رضائي بعيدا عن السلطة الدولة القضائية هبدف تفادي العيوب اليت‬

‫يتصف هبا النظام القضائي‪ .‬فالتحكيم قوامه اخلروج عن طرق التقاضي العادية فهو يعتمد أساسا‬

‫على قيام أطراف النزاع بأنفسهم بإختيار قضائهم بدال من اإلعتماد على التنظيم القضائي للبلد‬

‫الذين يقيمون فيه‪ ،‬وال يعرض النزاع على احملكمني إال بإتفاق قوي الشأن إتفاقا صحيحا‪ ،‬واضحا‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫على الفصل فيه عن طريق التحكيم وإتفاق التحكيم كما عرفه م‪.‬ج بأنه‪" :‬إتفاق التحكيم هو‬
‫‪1‬‬
‫اإلتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض النزاع سبق نشوؤه على التحكيم"‬

‫يعترب االتفاق على التحكيم عقد من عقود القانون اخلاص يسوده مبدأ سلطات اإلدارة وتسري‬

‫عليه القواعد العامة يف العقود وبناء على ذلك فالبد لقيام إتفاق التحكيم جيب أن يتوفر فيه مجيع‬

‫الشروط الشكلية واملوضوعية‪ ،‬اليت أوجب املشرع مراعاهتا عند إبرام أي تصرف قانوين‪ ،‬إذ تتمثل‬

‫الشروط املوضوعية يف ضرورة توافر التراضي الصحيح‪ ،‬وأن يرد التراضي على حمل ممكن‬

‫ومشروع‪ ،‬وأن يستند إىل سبب مشروع‪ ،‬والشروط الشكلية هي أن يكون إتفاق التحكيم‬

‫مكتوبا‪ 2‬وإتفاق التحكيم هو دستور واساس العملية التحكيمية وهو الذي يعطي الوالية‬

‫للتحكيم‪ ،‬ويعترب االتفاق صحيحا مىت توافرت أركانه وشروطه فإنه يرتب أثار قانونية‪ ،‬حيث‬

‫حيجب قضاء الدولة عن الفصل يف موضوع النزاع بني الطرفني‪ ،‬وخيول سلطة الفصل إىل‬

‫احملكمني‪ ،‬ويرتب أثاره املوضوعية اليت تتمثل يف إكتساب إتفاق التحكيم للقوة امللزمة اليت توجب‬

‫عرض النزاع على التحكيم‪ ،‬وال ميلك أحد أطراف اإلتفاق التخلي عنه أو أن يعطله بإرادته‬

‫املنفردة‪ ،‬وإلجازة الطرف اآلخر رفع دعوى ضده لتنفيذ اتفاق التحكيم‪ ،3‬ويرتب إتفاق التحكيم‬

‫كذلك أثار إجرائية‪ ،‬وهي االثر املانع والذي مبقتضاه متنع احملاكم الوطنية من النظر يف أي نزاع‬

‫‪ 1‬فوزي محمد سامي‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي (دراسة المقارنة األحكام التحكيم التجاري الدولي)‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،8002 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 2‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬إتفاق وعقود اإلستثمار البترولية‪ ،‬دراسة على الدول العربية‪ ،‬مقارنة‬
‫التشريعات الوضعية في العالم‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8012 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 3‬أبو زيد رضوان‪ ،‬األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي‪ ،1821 ،‬ص ‪.10‬‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫يوجد بشأنه إتفاق التحكيم أما األثر االجرائي األخر هو مبدأ اإلختصاص باإلختصاص ‪ ،‬أي‬

‫ختويل هيئة التحكيم سلطة الفصل يف الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها مبا يف ذلك الدفوع املبنية‬

‫على عدم وجود إتفاق التحكيم أو إبطاله أو سقوطه‪.1‬‬

‫ونتيجة هلذا كان الدافع واملربر إىل دراسة املوضوع إتفاق التحكيم التجاري الدويل وأثاره هو أنه‬

‫ما نالحظه يف الوقت الراهن ال يكاد خيلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط التحكيم‪،‬‬

‫فأمهية املوضوع تتضح من خالل أمهية اتفاق التحكيم يف تسوية منازعات التجارة الدولية يف‬

‫كونه نظام يقوم على إرادة األطراف‪ .‬وهذا اإلتفاق هو املهيمن عليه‪ ،‬ومن هنا يطرح املوضوع‬

‫حبثنا هذا عدة إشكاليات حتتاج إىل البحث واإلجابة عنها وتتمثل يف البحث عن مفهوم إتفاق‬

‫التحكيم (تشريعيا وفقهيا وقضائيا) وكذلك وجب التطرق إىل أثاره املوضوعية واإلجرائية‬

‫والدراسة هذا املوضوع إستخدمنا ثالث مناهج حبث حبيث إستعملنا املنهج الوصفي يف حتديد‬

‫مفهوم إتفاق التحكيم وشروطه وأنواعه‪ ،‬املنهج الثاين هو املنهج التحليلي من خالل حتليل خمتلف‬

‫أحكام وقواعد التحكيم التجاري الدويل اليت نظمها املشرع اجلزائري وخمتلف القوانني الوضعية‬

‫األخرى واملنهج الثالث هو املنهج املقارن كون ان هذه الدراسة ال ميكن أن تقتصر على النظام‬

‫قانوين معني وعن القانون اجلزائري فقط بل وجب اإلستعانة خبربة القوانني الوضعية واإلسترشاد‬

‫بأهم القوانني االجنبية اليت تناولت هذا املوضوع وسنجيب على هذه التساؤوالت يف موضوعنا‬

‫الذي إرتأينا تقسيمه إىل ثالث فصول هي‪:‬‬

‫‪ 1‬مصطفى أحمد فؤاد‪ ،‬دراسة في النظام القانوني الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1881 ،‬ص‬
‫‪.08‬‬

‫ت‬
‫مقدمة‬

‫الفصل التهميدي حول مفهوم إتفاق التحكيم يتضمن املبحث األول ماهية إتفاق التحكيم و فيه‬

‫املطلب األول تعريف إتفاق التحكيم مث املطلب الثاين أنواع إتفاق التحكيم اما املبحث الثاين‬

‫حول شروط إبرام اإلتفاق حيتوي على املطلب االول الشروط املوضوعيىة و املطلب الثاين‬

‫الشروط الشكلية اما الفصل األول كان حول األثار املوضوعية فيه املبحث األول القوة امللزمة‬

‫إلتفاق التحكيم له مطلبان األول تعريف القوة امللزمة مث املطلب الثاين نطاق القوة امللزمة‬

‫و املبحث الثاين إستقاللية إتفاق التحكيم له املطلب األول تقرير مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم و‬

‫يليه املطلب الثاين األثار املترتبة على مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم حبيث كان الفصل الثاين خاص‬

‫باألثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم فيه املبحث األول حول األثر املانع إلتفاق التحكيم حيوي‬

‫املطلب األول له األثر اإلجيايب إلتفاق التحكيم و املطلب الثاين األثر السليب إلتفاق التحكيم اما‬

‫املبحث الثاين مبدأ اإلختصاص باإلختصاص و له مطلبان املطلب األول تعريف مبدأ اإلختصاص‬

‫باإلختصاص مث املطلب الثاين موقف التشريعات من مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫ث‬
‫الفصل التمهيدي ‪:‬‬

‫مفهوم إتفاق التحكيم‬


‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬مفهوم إتفاق التحكيم‬

‫ال يعدو إتفاق التحكيم أن يكون شأنه شأن أي إتفاق تعبريا عن إرادتني تراضيا على إختيار‬

‫التحكيم بوسيلة منازعات ثارت أو قد يثور‪ ،‬ولذا يلزم أن تتوافر الشروط املوضوعية االزمة‬

‫لصحة أي إتفاق‪ ،‬كما يلزم توافر الشروط الشكلية اليت يتطلبها القانون‪ ،‬فإذا ما إستكمل اإلتفاق‬

‫شرائط صحته رتب أثار قانونية‪ ،‬هذا فضال عن مزايا أخرى مثل ميزة التكتم والسرية اليت تكتنف‬

‫التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬واليت هبا يتم احلفاظ على أسرارهم اخلصوم واملتعلقة بالنزاع‪ ،‬وهي‬

‫معلومات خطرية ميثل إفشائها خسارة كبرية لألطراف باإلضافة إىل ميزة احليادية اليت تتصل‬

‫بالتحكيم حيث يتم الفصل يف اخلصومة على أيدي احملكمني حمايدين‪ ،‬وهي امليزة اليت قد ال تتوافر‬

‫يف القضاء الوطين الذي قد ينحاز للدولة اليت يتبعها‪ ،‬كما أن القضاة الوطنيني ال تتوافر لديهم‬

‫خربة الفنية واملعرفة القانونية اليت تتصل هبذا النوع احلساس من املنازعات‪ ،‬وهي كما نعلم‬

‫منازعات قليلة وتتسم بالضخامة املبالغ املالية‪.1‬‬

‫وهلذا فقد أبرمت معظم الدول العربية العديد من باإلتفاقات التحكيم يف عقودها البترولية‪ ،‬واليت‬

‫يتم اإلتفاق على تسوية النزاع من خالل أحد غرف التجارة الدولية أو أحد حماكم التحكيم‬

‫الدولية ذات العراقة وامليزة يف جمال التحكيم‪ ،‬وعلى رأسها حمكمة لندن للتحكيم التجاري‬

‫الدويل‪ ،‬أو غرفة التجارة بباريس تقديرا من الدول العربية والشركات األجنبية ففي عقود‬

‫‪ 1‬محمود مختار أحمد بربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط‪ ،3‬دار النهضة العربية القاهرة‪،8000 ،‬‬
‫ص ‪.23‬‬

‫‪6‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫اإلمتيازات البترولية أبرمت دول اخلليج العربية إتفاق التحكيم ورد يف البند (‪ )22/2‬من عقدها‬

‫مع شركة البترول وأبرمت احلكومة املصرية إتفاق مت النص فيه على اللجوء إىل التحكيم يف‬

‫عقدها لشركة فليبس األمريكية عام ‪ 3691‬حيث يتم تسوية النزاع من خالل ثالثة حمكمني من‬

‫غرفة التجارة الدولية بباريس‪.1‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف إتفاق التحكيم‬

‫إتفاق التحكيم هو حجر األساس يف التحكيم فيه تبدأ اإلجراءات اليت تستوجب إصدار احلكام يف‬

‫املنازعات وهو الذي يظهر فيه االطراف يف تسوية النزاع من خالل التحكيم‪ ،‬وبوجود إتفاق‬

‫التحكيم الصحيح والسليم بعقد اإلختصاص للمحكمة التحكيمية وتلتزم احملكمة القضائية بإحالة‬

‫اخلصوم إىل احملكمة التحكيمية عند دفع اخلصوم بوجود إتفاق التحكيم ما مل يكن إتفاق مفعال أو‬

‫ظاهر البطالن‪ ،‬ويتطرق إتفاق التحكيم إىل حتديد اللغة اليت يستخدمها األطراف يف املرافعة‬

‫التحكيمية والقواعد الواجبة تطبيقها واملكان الذي يتم من خالله تسوية النزاع التحكيمي‪ ،‬هذا‬

‫باالضافة إىل تعيني احملكمني أو حتديد الطريقة اليت سيتم من خالهلا التعيني هلذا ميكن القول بأنه‬

‫حىت يصدر احلكم يف املنازعة اليت تنشب بني األطراف البد من إتفاق حتكيمي سليم‪ ،‬هلذا إهتمت‬

‫العديد من غرف التحكيم الدولية‪ ،‬بوضع العديد من الشروط النموذجية‪.2‬‬

‫‪ 1‬هاني محمد كامل المنايلي‪ ،‬إتفاق وعقود اإلستثمار البترولية (دراسة مقارنة) ط‪ ،1‬دار الجامع‬
‫الفكري اإلسكندرية‪ ،8012 ،‬ص ‪.120-121‬‬
‫‪ 2‬محمود مختار أحمد بربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪7‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫املطلب األول‪ :‬التعريف التشريعي‪:‬‬

‫إن معظم التشريعات العربية التحكيمية تناولت تعريف إتفاق التحكيم ومن بني هذه التعريفات ما‬

‫نص عليه التحكيم التجرييب الفصل الثاين‪ ،‬إتفاق التحكيم املادة السابقة بأنه‪" :‬هو إتفاق بني‬

‫الطرفني على أن حييال إىل التحكيم مجيع أو بعض املنازعات احملددة اليت نشأة أو قد تنشأ بينهما‬

‫بشأن عالقة قانونية حمددة تعاقدية كانت أو غري تعاقدية وجيوز أن يكون إتفاق التحكيم يف صورة‬

‫شرط التحكيم وارد يف عقد أو يف صورة إتفاق منفصل‪ "1‬كما نصت املادة ‪ 201‬يف فقرهتا‬

‫األوىل من القانون اإلمارايت على أنه‪ :‬جيوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا يف العقد األساسي‬

‫أو بإتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع يف تنفيذ عقد معني على حمكم أو أكثر كما‬

‫جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني شروط خاصة‪".‬‬

‫فاملشرع اجلزائري فقد عرف إتفاق التحكيم يف نص املادة (‪ )3033‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ واليت تقضي‬

‫بأنه‪" :‬هو االتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض نزاع سبق نشوئه على التحكيم‪ "2‬وقد‬

‫شاب النص السابق خطأ قانوين فإتفاق التحكيم ميكن أن يتم إبرامه قبل نشوب النزاع أو بعد‬

‫نشوب النزاع‪.3‬‬

‫‪ 1‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 1011‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ الجزائري رقم ‪ 08‬سنة ‪.8002‬‬
‫‪ 3‬محمد هاني كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128،122‬‬

‫‪8‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫وتنص املادة األوىل من نظام التحكيم السعودي على أنه‪" :‬جيوز إلتفاق التحكيم يف نزاع معني‬

‫قائم‪ ،‬كما جيوز االتفاق مسبقا على التحكيم يف أي نزاع يقوم نتيجة تنفيذ عقد معني‪.1‬‬

‫كما نصت املادة العاشرة من قانون التحكيم املصري على أنه‪" :‬اإلتفاق الذي يقر فيه الطرفان‬

‫اإللتجاء إىل التحكيم لتسوية كل أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة‬

‫عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غري عقدية‪.2‬‬

‫وتنص املادة (‪ )609‬من القانون السوري أنه‪" :‬جيوز للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض‬

‫ما قد ينشأ من نزاع يف تنفيذ عقد معني على حتكيم واحد أو أكثر‪ ،‬جيوز اإلتفاق على التحكيم‬

‫يف نزاع معني وبشروط خاصة‪."3‬‬

‫وتنص املادة (‪ )263‬من القانون العراقي‪" :‬جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني كما جيوز‬

‫اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ من تنفيذ عقد معني‪."4‬‬

‫وتنص املادة ‪ 3/306‬من القانون القطري بأنه ‪ ":‬جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني‬

‫بوثيقة حكم خاصة كما جيوز اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ عن التنفيذ‬

‫معني‪."5‬‬

‫‪ 1‬حمزة أحمد حداد‪ ،‬التحكيم في القوانين العربية‪ ،‬ط‪ ،3‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،8012 ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 10‬من القانون التحكيم المصري‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 100‬من قانون السوري‪.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 811‬من القانون العراقي‪.‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 01/180‬من القانون القطري‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫وتقضي املادة (‪ )716‬من القانون اللييب بأنه‪" :‬جيوز للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض ما‬

‫قد ينشأ بينهم من النزاع يف تنفيذ عقد معني على حمكمني وجيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع‬

‫معني مبشارطة حتكيم خاصة‪.1‬‬

‫وتقضي املادة (‪ )292‬من القانون اللبناين بأنه‪ :‬جيوز للمتعاقدين بأن يدرج يف العقد التجاري أو‬

‫املدين املربم بينهم بند ينص على أن حتل بطريقة التحكيم مجيع املنازعات القابلة للصلح واليت تنشأ‬

‫عن صحة هذا العقد أو تفسريه أو تنفيذه‪."2‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التعريف الفقهي إلتفاق التحكيم‬

‫وضع الفقه عدة تعاريف للنظام القانوين إلتفاق التحكيم خيتلف بعضها عن البعض األخر والسبب‬

‫يف هذا اإلختالف هو حسب إختالف الزوايا واملنظار الذي ينظر هبا هذا الفقه وعليه سوف‬

‫نتطرق إىل بعض ما قيل يف تعريف التحكيم‪ ،‬فقد عرف جانب من الفقه الفرنسي بأنه‪ " :‬هيئة‬

‫متتلك سلطة خاصة هتدف من خالهلا حل نزاع مستبعد من سلطة القضاء"‪.‬‬

‫ي بدوا واضحا ان هذا التعريف يهمل جانب اإلتفاق يف التحكيم وهو إمهال غري مسوغ يف حني‬

‫يعرفه اجلانب اآلخر من الفقه الفرنسي بأنه‪" :‬هيئة يعهد هلا األطراف املهمة حل نزاعاهتم حملكمني‬

‫ليعطوا قرارهم حبرية تامة"‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 038‬من القانون الليبي‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 808‬من القانون اللبناني‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫أما األستاذ جني روبرت فقد عرفه يف مؤلفه الشهري عن التحكيم بأنه‪" :‬إنشاء إختصاص قضائي‬

‫خاص‪ ،‬يتم بواسطة سحب املنازعات من اإلختصاص القضائي العام لتعطي ألفراد يزودون‬

‫سلطات الفصل يف هذه املنازعات"‬

‫أما بالنسبة للفقه املصري فقد إنقسم إىل عدة إجتاهات يف هذا التعريف فمنهم من يعرفه بأنه‪:‬‬

‫"إتفاق على طرح النزاع على الشخص معني أو أشخاص معينني ليفصلوا فيه دون احملكمة‬

‫املختصة به"‪.‬‬

‫يف حني عرفه القسم اآلخر بأنه‪" :‬عقد يتفق األطراف مبقتضاه على طرح النزاع على حمكم‬

‫للفصل فيه دون احملكمة املختصة"‪.‬‬

‫وذهب إجتاه فقهي آخر بالقول بأن إتفاق التحكيم‪" :‬هو عقد من عقود القانون املدين يتفق‬

‫األطراف مبقتضاه على عدم طرح النزاع اخلاص هبم على قضاء الدولة وطرحه على هيئة التحكيم‬

‫يتم إختيارها بإمجاع رأيهم‪."1‬‬

‫أما خبصوص ما يتعلق بالفقه القانوين العراقي فهو تأثر كسابقه الفقه املصري إنقسم إىل عدة‬

‫أقسام من يعرفه‪" :‬نظام تعاقدي يلجأ إليه املتنازعان على اإلختالف الناتج بينهما بواسطة شخص‬

‫أو أكثر من غري احلكام والقضاة"‪.‬‬

‫‪ 1‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬أحكام عقد التحكيم وإجراءاته‪ ،‬ط‪ ،1‬دار بينيوز‪ ،‬العراق‪ ،8011 ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪11‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫أما اإلجتاه اآلخر فيعرف التحكم بأنه‪" :‬إحتكام اخلصم إىل شخص أو أكثر ليقوم بفصل النزاع‬

‫القائم بينهم لالستغناء به عن طريق اللجوء إىل حماكم إقتصاد يف الوقت والنفقات والرغبة يف إهناء‬

‫اخلصومة‪."1‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬التعريف القضائي إلتفاق التحكيم‬

‫جاءت العديد من األحكام القضائية اليت فحواها ميكن إستخالص تعريف قضائي فيمكن القول‬

‫أنه حق له خيول للمتعاقدين اإللتجاء إىل التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت ختتص به‬

‫احملاكم أصال‪ ،‬فإختصاص جهة التحكم بالنظر وأن كان يركز أساسا إىل حكم القانون الذي‬

‫أجاز إستثناء سلب اإلختصاص جهات القضاء إال أنه ينبغي مباشرة ويف كل حالة على حدى‬

‫على إتفاق الطرفني وهذه الطبيعة االتفاقية اليت سيتم هبا شرط التحكيم وتتخذ قوامها لوجوده‬

‫جبعله غري متعلق بالنظام العام‪ ،‬فال جيوز للمحكمة أن تقضي بأعماله نت تلقاء نفسها وإمنا بتعيني‬

‫التمسك به أمامها وجيوز النزول عنه صراحة أو ضمنا‪ ،‬ويسقط احلق فيه فيما لو أثري متأخرا بعد‬

‫الكالم يف املوضوع إذ يعترب السكوت عن إبدائه قبل النظر يف املوضوع نزوال ضمنيا عن التمسك‬

‫به‪.2‬‬

‫وقد قضت حمكمة النقض املصرية يف الطعن رقم (‪ )3198‬س ‪28‬ق جلسة ‪3682/33/28‬‬

‫ومفاد طعن املادة (‪ )603‬من قانون املرافعات على ما جرى به قضاء النقض ختويل املتعاقدين‬

‫‪ 1‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬محمد فتح هللا حسن‪ ،‬شرح القانون التحكيم‪ -‬التحكيم اإلداري‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‬
‫‪ ،8001‬ص ‪.183‬‬

‫‪12‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫احلق يف اإللتجاء إىل التحكيم لنظر ما قد نشأ بينهم من نزاع كانت ختتص به احملاكم أصال‪،‬‬

‫بإختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكز أساسا إىل احلكم القانون الذي أجاز‬

‫إستثناء سلب إختصاص جهات القضاء إال أنه يبين مباشرة ويف كل حالة على حدى إتفاق‬

‫الطرفني‪.‬‬

‫كما أن املشرع املصري مل يأت يف املواد (‪ )603‬إىل (‪ )631‬من قانون املرافعات املتضمنة‬

‫ألحكام التحكيم مما مينع من أن يكون التحكيم يف اخلارج على يد أشخاص غري مصريني ألن‬

‫حكمة تشريع التحكيم هلم والية القضاء أن يقضوا بينهما وحيسموا النزاع حبكم أو بصلح يقبالن‬

‫شروط ويسوي أن يكون احملكمون جدين مبصر وأن جيري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين‬

‫يف اخلارج فاملشرع ال يرى يف اإلتفاق على حمكمني يقيمون باخلارج ويصدرون أحكامهم هناك‬

‫أمر ميس النظام العام‪.1‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أنواع إتفاق التحكيم‬

‫تتفق قوانني الدول العربية عموما‪ ،‬على النص على أن حكم التحكيم جيب أن يشتمل على صورة‬

‫عن وثيقة أو صك التحكيم‪ ،‬ويقصد بذلك إتفاق سواء ورد يف صيغة شرط التحكيم‪ ،‬أو إتفاق‬

‫مستقل سابق النزاع‪ ،‬أو مشارطة حيكم بعد وقوع النزاع‪.2‬فشرط التحكيم هو إتفاق التحكيم‬

‫املتفق عليه قبل نشوب النزاع ويتم إدراجه كبند داخل العقد ويرد يف وثيقة العقد األصلي‪ ،‬وعلى‬

‫‪ 1‬محمد فتح هللا حسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.183‬‬


‫‪ 2‬حمزة أحمد حداد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫‪13‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫العكس فقد يرد يف إتفاق مستقل وقد فرقت بعض التشريعات التحكيمية بني شرط التحكيم‬

‫واملشارطة التحكيمية ومل يفرق البعض االخر من التشريعات فيما بينهم‪ ،‬حيث قرر املشرع‬

‫البولندي يف املادة (‪ )229‬أنه يوجد فرق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ويف قانون‬

‫اإلجراءات املدنية األملانية يف املادة (‪ )3029‬عرف التميز بني الشرط التحكيمي واملشارطة‬

‫التحكيمية‪ ،‬بالنسبة للمشرع الفرنسي نظم إتفاقيات التحكيم متناوال شرط ومشارطة التحكيم يف‬

‫املواد (‪ )3229‬إىل (‪.)3263‬‬

‫أما على الصعيد الدول العربية فإن الغالب من التشريعات املنظمة للتحكيم فرقت بني الشرط‬

‫واملشارطة بإستثناء تشريع التحكم السوداين الذي مل يفرق بني الشرط التحكيمي واملشارطة‬

‫التحكيمية‪.1‬‬

‫املطلب األول‪ :‬شرط التحكيم‬

‫نكون أمام شرط التحكيم عندما يأيت إتفاق التحكيم على شكل إتفاق مدرج يف العقد األصلي‬

‫وهو ما أدرج على تسميته بشرط التحكيم املنصوص عليه داخل العقد والذي يتفق أطراف عليه‬

‫قبل نشوب النزاع بني األطراف املتعاقدة‪ ،‬إال أن ال يوجد ما مينع من أن يرد إتفاق داخل وثيقة‬

‫مستقلة عن العقد الذي مت إبرامه بني األشخاص ال يؤكد إتفاق التحكيم املبدئي أو شرط‬

‫التحكيم داخل العقد‪ ،‬رغبة ألطراف األكيدة على السري قدما إجتاه تسوية أي نزاع ينشأ عن‬

‫العقد بطريقة التحكيم منذ نشأة العقد‪ ،‬وتفضيل حسم هذا األمر منذ بداية مما يقلل من حدوت‬

‫‪ 1‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪14‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫تضارب بني االختصاص ال سيما إذا مت رفع األمر إىل احملكمة القضائية املختصة بنظر يف النزاع‬

‫وفقا لقواعد اإلختصاص الواردة يف ق‪.‬إ‪.‬م‪ ،‬واليت تنظم االختصاص الدويل للمحاكم الوطنية‪،‬‬

‫وبعد إتصال احملكمة القضائية بالنزاع يتفق االطراف على تسوية النزاع بطريق التحكيم‪ ،‬مما‬

‫يتسبب يف إضاعة الوقت بني سلب اإلختصاص من القضاء العادي وتويل احملكمة التحكيمية والية‬

‫تسوية النزاع‪.1‬‬

‫وبشان التفرقة بني اتفاق التحكيم (شرط) واملشارطة التحكيمية‪ ،‬فنجد أن املشرع اجلزائري‬

‫عرف شرط التحكيم يف املادة ‪ 3007‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ اجلزائري بأنه‪" :‬اإلتفاق التحكيم الذي مبوجبه‬

‫يلتزم األطراف يف عقد متصل حبقوق متاحة" مبفهوم ‪" 3009‬لعرض املنازعات اليت قد تثار بشأن‬

‫هذا العقد على التحكيم‪."2‬‬

‫اما التشريع األردين رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 2003‬مادة ‪ 03‬فعرفه ‪" :‬أنه جيوز االتفاق على التحكيم يف‬

‫نزاع معني قائم"‪.‬‬

‫كما سبق الفقرة الثانية من املادة العاشرة من قانون التحكيم املصري احلايل رقم ‪ 27‬لسنة‬

‫‪ 3662‬على أنه‪" :‬جيوز أن يكون إتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقال بذاته‬

‫أو ورد يف عقد معني‪."3‬‬

‫‪ 1‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111-112‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي وفقا لقوانين اإلجراءات المدنية واإلدارية والقوانين المقارنة‪،‬‬
‫دار هومة للطباعة والنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ 3‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.110-110‬‬

‫‪15‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫ووفقا للتعريف الوارد من املشرع اجلزائري‪ ،‬فشرط التحكيم عهو إتفاق بني األطراف يتم إدراجه‬

‫يف عقد مربم بني األطراف على تسوية املنازعات اليت تنشأ عن العقد‪.‬‬

‫ويف املادة (‪ )39‬من القانون اليمين تنص على أنه‪" :‬جيوز أن يكون إتفاق التحكيم على شكل‬

‫عقد مستقل (وثيقة التحكيم) أو على شكل بند يف العقد (شرط التحكيم) ويف احلالة األخرية‬

‫يعامل شرط التحكيم بإعتباره إتفاق مستقال عن الشروط العقد األخرى وإذا حكم ببطالن العقد‬

‫ذاته أو بفسخه فإنه ال يترتب على ذلك بطالن شرط التحكيم‪.1‬‬

‫ويف املادة السابعة من القانون التحكيم السوري تنص الفقرة األوىل منه على أنه‪" :‬جيوز اإلتفاق‬

‫على التحكيم عند التعاقد وقبل قيام النزاعات سواء كان اإلتفاق مستقال بذاته أو ورد يف عقد‬

‫معني بشأن كل أو بعض املنازعات اليت قد تنشأ بني الطرفني‪."2‬‬

‫‪ -‬كما تنص املادة السابعة من قانون التحكيم البحريين على أنه‪" :‬جيوز أن يكون إتفاق التحكيم‬

‫يف صورة شرط حتكيم وارد يف عقد أو يف صورة إتفاق منفصل‪."3‬‬

‫‪ -‬ويف الباب الثاين من قانون اإلجراءات العراقي تنص املادة (‪ )263‬على أنه‪" :‬جيوز اإلتفاق على‬

‫التحكيم يف نزاع معني كما جيوز اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ من تنفيذ‬

‫عقد معني‪."4‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 10‬من القانون اليمني‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 00‬من القانون السوري‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 00‬من القانون التحكيم البحريني‪.‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 811‬الباب الثاني من قانون اإلجراءات العراقي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬ويرى البعض من الفقه السعودي أن املشرع حينما إستخدم لفظ (أو) يف نص املادة األوىل منه‬

‫واليت تنص على أنه‪ :‬جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني قائم‪ ،‬كما جيوز اإلتفاق مسبقا‬

‫على التحكيم يف أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معني‪."1‬‬

‫‪ -‬ويف املادة التالية من اإلتفاقيات العربية للتحكيم تنص على أنه‪ -3" :‬يتم اخلضوع للتحكيم‬

‫إحدى الطرفني‪ ،‬األوىل بإدراج شرط التحكيم يف العقود املربمة بني ذوي العالقة والثانية بإتفاق‬

‫األحق على نشوء النزاعات‪."2‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬مشارطة التحكيم‬

‫‪ -‬عرف املشرع اجلزائري مشارطة التحكيم من خالل تعريف إتفاق التحكيم حيث نص يف املادة‬

‫(‪ )3033‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ على أن‪" :‬إتفاق التحكيم هو الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض نزاع‬

‫سبق نشوئه على التحكيم‪."3‬‬

‫حيث تناول املشرع املصري مشارطة التحكيم يف الفقرة الثانية من املادة العاشرة من القانون‬

‫التحكيم حيث نص على ما يلي‪" :‬كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد القيام النزاع ولو كانت‬

‫أقيمت يف شأنه دعوى أمام جهات قضائية" ‪ -‬إذن فمشارطة التحكيم هي إتفاق أطراف عالقة‬

‫قانونية ما على تسوية ما ثار بينهم من منازعات التحكيم شأن هذه العالقة بواسطة التحكيم‪ ،‬فال‬

‫‪ 1‬هاني كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 03‬من اإلتفاقيات العربية للتحكيم‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 1011‬ق‪ .‬إ‪.‬م‪.‬إ الجزائري‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫يتم اإلتفاق على املشارطة التحكيم إال بعد نشوب النزاع‪ ،‬واخلالف‪ ،‬الواقع بني أطراف العالقة‬

‫القانونية‪ ،‬وال يتم اللجوء إىل مشارطة التحكيم إال إذا خال العقد من شرط أو بند التحكيم‪.1‬‬

‫‪ -‬وتقترب املشارطة من عريضة الدعوى حيث جيب أن يتضمن نقاط اخلالف بني األطراف‪،‬‬

‫حيث نص املشرع املصري على ضرورة حتديد املسائل اليت يشملها التحكيم وإال كان اإلتفاق‬

‫باطال وهو كذلك ما ذهب إليه م‪ .‬ج يف الفقرة ‪ 02‬من م (‪.)3032‬‬

‫‪ -‬حيث أوجب حتديد موضوع النزاع وأمساء احملاكمني‪ ،‬وكيفية تعيينهم يف مشارطة التحكيم و‬

‫إال كانت باطلة‪ ،‬وهذا عكس شرط التحكيم الذي ال حيدد موضوع النزاع كونه مل ينشأ بعد‪.‬‬

‫‪ -‬وحترر مشارطة التحكيم يف سند مستقل عن العقد األصلي حيث أهنا تربم بني األطراف بعد‬

‫نشوب النزاع‪ ،‬وليس عند إبرام العقد األصلي الذي يقوم بشأنه النزاع‪.2‬‬

‫‪ -‬ومن التشريعات اليت تناولت مشارطة التحكيم من قانون التحكيم األردين يف مادته (‪:)33‬‬

‫"‪ ....‬كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت يف شأنه دعوى أمام‬

‫أية جهة قضائية وجيب يف هذه احلالة أن حيدد موضوع النزاع الذي حيال إىل التحكيم متديدا دقيقا‬

‫وإال كان اإلتفاق باطال‪."3‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 11‬من قانون التحكيم األردني‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬كما تنص املادة (‪ )201‬من ق‪.‬إ اجلريدة اإلمارايت اليت تنص على أنه‪" :‬جيوز للمتعاقدين بصفة‬

‫عامة أن يشترطوا‪ ...‬أو بإتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بني نزاع على حمكم أو أكثر‪."1‬‬

‫‪ -‬كما تنص املادة (‪ )33‬من قانون التحكيم اليمين‪" :‬جيوز أن يكون إتفاق التحكيم سابقا على‬

‫نشوء النزاع سواء كان مستقال بذاته أو ورد يف عقد معني بشأن كل املنازعات أو بعضها اليت قد‬

‫تنشأ بني الطرفني‪ ،‬كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت يف نشأة‬

‫دعوى أمام أية جهة قضائية وجيب يف هذه احلالة أن حيدد موضوع النزاع الذي حال إىل التحكيم‬

‫حتديدا دقيقا‪."2‬‬

‫‪ -‬وعليه فإن مشارطة التحكيم هي إتفاق التحكيم بني األطراف مبناسبة نزاع معني قائم بالفعل‬

‫بينهم يلتزمون مبقتضاه بعرض هذا النزاع على احملكم أو احملكمني املختارين من قبلهم‪ ،‬بدال من‬

‫عرض تلك املنازعة على حمكمة املختصة أصال بنظره وهي الصورة األسبق ظهورا وإعترافا هبا‪.3‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬شرط التحكيم باإلحالة‬

‫يعترب شرط التحكيم باإلحالة من الصورة املعاصرة إلتفاق التحكيم والفرض يف هذه الصورة أن‬

‫العقد األصلي بني األطراف مل يتضمن شرط صحيحا للتحكيم بل إكتفى األطراف بإشارة أو‬

‫اإلحالة إىل عقد سابق بينهم أو إىل عقد منوذجي وذلك لتكملة النقص أو سد الثغرات اليت تعتري‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 803‬من ق‪.‬إ الجديدة اإلماراتي‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 11‬من قانون التحكيم اليمني‪.‬‬
‫‪ 3‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬النظام القانوني إلتفاق التحكيمـ دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬دار الجمعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬القاهرة‪.03 ،8013 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫عقدهم وكان ذلك العقد النموذجي من بني بنوده بند أو شرط يقضي بتسوية املنازعات اليت‬

‫تنشأ فيه بواسطة التحكيم‪ ،‬ويف هذه احلالة يسحب أثر هذا البند أو الشرط إىل العقد األصلي‪،‬‬

‫ويلتزم األطراف به حبيث يتم تسوية املنازعات الناشئة عن العقد اليت تضمن اإلحالة عن طريق‬

‫التحكيم‪.1‬‬

‫فتناولت كذلك التشريعات العربية نظام اإلحالة إىل التحكيم‪ ،‬وهو نظام معروف قانونا يعين‬

‫اإلحالة إىل وثيقة يتم اإلتفاق بني األطراف على التحكيم بشأهنا مبا يعين ان االتفاق مت يف غري‬

‫العقد إمنا باإلحالة إىل إتفاق أخر مكتوب‪ ،‬ففي املادة ‪ 1/30‬من قانون التحكيم اليمين تنص على‬

‫انه‪" :‬يعترب إتفاقا على التحكيم إحالة ترد يف العقد إىل وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا كانت‬

‫اإلحالة واضحة باعتبار هذا الشرط جزءا من العقد‪.2‬‬

‫ويف املادة (‪ )30‬من قانون التحكيم األردين تنص على انه‪" :‬يعد يف حكم اإلتفاق املكتوب كل‬

‫إحالة يف العقد إىل أحكام عقد منوذجي أو إتفاقية دولية أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط‬

‫التحكيم إذا كانت اإلحالة واضحة يف إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد‪."3‬‬

‫‪ -‬وتنص املادة (‪ )30‬من قانون التحكيم املصري ف ‪ 2‬على أنه‪" :‬يعترب إتفاق التحكيم كل‬

‫إحالة ترد يف العقد إىل وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا كانت اإلحالة واضحة يف إعتبار هذا‬

‫الشرط جزء من العقد‪.1‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ 2‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 10‬من القانون األردني‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬ومعىن اإلحالة اليت حتدثت عنها القوانني هي تلك اإلحالة اليت تتم من األطراف إىل نص أو‬

‫وثيقة مت اإلتفاق على التحكيم عليها من األطراف وهذا اإلتفاق ال يأخذ نفس طريقة إبرام‬

‫الشرط املدرج داخل العقد والوثيقة املذكورة هي تلك الوثيقة املكتوبة من األطراف‪.‬‬

‫‪ -‬أما خبصوص اإلحالة يف التشريعات العربية فقد حكم القضاء الفرنسي بصحة شرط اإلحالة‬

‫والوارد يف عقد مقاولة من الباطن إىل القعد األصلي بني املقاول الرئيسي واملقاول الباطن‪ .2‬فقد‬

‫وردت اإلحالة يف عدد من التشريعات العربية بإعتباره شكل من أشكال إتفاق التحكيم حبيث‬

‫ورد يف قانون التحكيم الفنلندي رقم ‪ 697‬لسنة ‪ 3662‬نصت املادة (‪ )01‬على التحكيم ميكن‬

‫إبرامه من خالل اإلحالة‪ .3‬ويف الفقرة الثالثة من املادة ‪ 3013‬من التشريع األملاين اإلجراءات‬

‫وتنص على أن‪" :‬التحكيم ميكن أن يتم من خالل اإلحالة إىل وثيقة تشري إىل وجود إتفاق‬

‫التحكيم وحتديدا من خالل سندات الشخص حىت تضمن إحالة إىل التحكيم‪."4‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 10‬من القانون المصري‪.‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 3‬هاني محمد كامل المنابلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 4‬المادة ‪ 3/1031‬من التشريع األلماني لإلجراءات‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫املبحث الثالث‪ :‬شروط إبرام إتفاق التحكيم‬

‫يعترب إتفاق التحكيم تصرف قانوين كأي تصرف قانوين آخر فإنه ال يسري باحلق الغري وال‬

‫يترتب أي أثر من األثار القانونية إال يف توافر الشروط اخلاصة هبذا التصرف‪ ،‬حيث بدون شروط‬

‫إبرام إتفاق التحكيم هذه الشروط يكون التصرف باطال معدوما‪ ،‬وعلى هذا األساس سوف‬

‫نقسم هذا املبحث إىل مطلبني األول الشروط املوضوعية والثاين الشروط الشكلية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬الشروط املوضوعية‬

‫إن نظام التحكيم يبدأ بإتفاق أي عقد يعرب من خالله الطرفان على آرائهما يف عرض النزاع على‬

‫احملكمني بدال من القضاء العادي‪ ،‬وعليه ومبا أن هذا النظام يبدأ بعقد فالبد أن ختضع للشروط‬

‫املوضوعية اليت خيضع هلا العقود واليت هي الرضا احملل والسبب‪.1‬واليت سوف تكون موضوع هذا‬

‫املطلب وعلى شكل فروع وبالتتابع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرضا يف إتفاق التحكيم‬

‫يعين تطابق إرادتني وإجتاههما إىل ترتيب أثار قانونية تبعا ملضمون ما أتفقا عليه فالبد من إجياب‬

‫وقبول يتالقيان على إختيار التحكم إختيارا أمر كوسيلة حلسم املنازعات اليت تثور بشأن العالقة‬

‫األصلية وإذا تعلق األمر بشرط التحكيم سيكون مدراء األمر على التحقق من تطابق إدارة‬

‫األطراف بشأن شرط التحكيم كأحد شروط العقد‪ ،‬أما إذا تعلق االمر مبشارطة التحكيم‪،‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪22‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫فسيكون التحكم هو املسألة املهمة يف ركن الرضا هي حتديد األهلية الالزمة إلبرام العقد وهلذا‬

‫سوف نبحث يف هذا الشرط على األهلية املطلوب توافرها بالنسبة للمحكمني وكذلك بالنسبة‬

‫للحكم‪.1‬‬

‫اوال‪ :‬أهلية احملتكمني‪:‬‬

‫إن القصد باألهلية من صالحية الشخص لصدور القانوين منه على وجه يفيد به شرعا‪ ،‬وميكن‬

‫القول بأن األهلية اليت عرب هبا اإلنسان تنقسم إىل أهلية وجوب وأهلية أداء بدورها تنقسم إىل‬

‫أهلية الوجوب إىل كاملة وناقصة‪ ،‬وكذلك أهلية األداء هذا وباإلضافة إىل أن الفقهاء يقسمون‬

‫أهلية األداء إىل أهلية إغتناء أو أهلية اإلرادة وأهلية التصرف وأهلية التربع‪ ،‬وهذا ما مير به‬

‫اإلنسان منذ والدته‪ ،‬حىت بلوغ سن الرشد إذا مل يعترضه عارض من عوارض األهلية‪ ،‬أما األهلية‬
‫‪2‬‬
‫املطلوبة هنا فهي صالحية الشخص على إحالة النزاع القائم أو حمتمل الوقوع إىل هيئة التحكيم‬

‫ففي هذه احلالة األهلية الواجب توافرها للقيام مبثل هذا التصرف‪.‬‬

‫بعض القوانني أغفلت اإلشارة ملثل هذا املوضوع ويف هذه احلالة جيب توافر األهلية الكاملة وهي‬

‫بلوغ سن الرشد أما النمط اآلخر من القوانني فإهنا مل تشترط أهلية التربع وإمنا توافر أهلية‬

‫التصرف وهي االهلية اليت جتيز للشخص إبرام عقد يرد على التصرف‪،‬‬

‫‪ 1‬محمود مختار أحمد بربري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪23‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬فقد إستلزم املشرع اجلزائري أن يكون التراضي يف إتفاق التحكيم صادر عن أطراف أهل‬

‫التصرف وهذا ما نصت عليه املادة (‪ )3009‬فهذه املادة إقتصرت حق اللجوء إىل التحكيم‬

‫بالنسبة لألشخاص الطبيعية يف من تتوافر هلم األهلية القانونية ملباشرة التصرفات القانونية‪.1‬‬

‫وهذا هو موقف املشرع الفرنسي يف نص املادة (‪ )2066‬من القانون املدين الفرنسي ‪ ،‬وهذا هو‬

‫نفس النهج الذي هنجه املشرع املصري يف السياق‪ ،‬أما القانون العراقي فقد أخذ مبا أمجعت عليه‬

‫غالبية القاوانني وهو توافر األهلية التصرف بالنسبة للشخص الذي يريد إبرام عقد التحكيم‪ ،‬إذن‬

‫فالنتيجة املستخلصة أن كل شخص بلغ (‪ )38‬يتمكن من إبرام مثل هذا العقد ويف املقابل فإنه ال‬

‫جيوز للقاصر أو احملجور عليه وعدميي األهلية من اللجوء إىل التحكيم‪ .2‬وقد نصت عليه ف‪03‬‬

‫من املادة السادسة من التحكيم اليمين واليت نصت على أنه‪" :‬شرط لصحة التحكيم ما يلي‪ :‬أوال‪:‬‬

‫أن يكون احملتكم أهال للتصرف يف احلق موضوع التحكيم‪ ،‬على أن ال يقبل التحكيم من الويل أو‬

‫الوصي إال ملصلحة أو من املنصوب عليه إال بإذن احملكمة‪."3‬‬

‫يتضح من هذا النص أنه إشترط يف التحكيم أن يكون أهال للتصرف يف حق موضوع التحكيم‪،‬‬

‫وهذا الشرط شقان‪:‬‬

‫‪ -‬األول‪ :‬أن يكون الشخص حائز على أهلية التصرف‪ ،‬ومناط ذلك الشخص نفسه ألن مناط‬

‫األهلية التمييز والرشد وترجع إىل إعتبار الشخصي وتتطلب أغلب التشريعات األهلية التصرف‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاض المنديل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 1/00‬من التحكيم اليمني‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫وال تكتفي بأهلية التقاضي واليت تتضمن صالحية اخلصم للقيام بالعمل االجرامي سواء كان بإمسه‬

‫أو يف مصلحة اآلخرين وأهلية التصرف يف احلق املطلوب محايته تكون لكا من له أهلية أداء‬

‫كاملة‪.‬‬

‫‪ -‬أما الشق الثاين‪ :‬أن يكون حق املوضوع التحكيم مما جيوز التصرف فيه حيث أن عدم القابلية‬

‫التصرف قد ترجع إىل حمل التحكيم وموضوعه ومناله املال املوقوف‪ ،‬ففي هذه احلالة ال يستطيع‬

‫الشخص أن يتصرف يف احلال ال النقص يف األهلية وإمنا لصفة تلحق باملال نفه وهي عدم قابليته‬

‫للتصرف‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهلية احملكم‬

‫‪ -‬إن معظم التشريعات مل تشترط بلوغ احملكم أهلية معينة حىت يتمكن من الفصل بالنزاع‬

‫املعروض عليه بل إشترطت هذه األخرية أن يكون احملكم كامل األهلية أي يكون بالغ سن الرشد‬

‫فال جيوز أن يكون احملكم قاصر أو حمروما من حقوقه املدنية أو حمجوز عليه أو مفلسا مل يرد له‬

‫إعتباره‪ ،‬أما يف التشريع العراقي فإن قانونه رد اإلعتبار قد ألغي بقرار من جملس قيادة الثورة رقم‬

‫‪ 677‬سنة ‪3678‬م وبالتايل فإن جمرد احلكم على شخص جبناية أو جنحة خملة بالشرف حيرم من‬

‫حقوقه املدنية ومينع أن يكون حمكما‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88-80‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪25‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬وقد نصت ف ‪ 03‬من املادة ‪ 09‬حتكيم اليمين على أنه شرط لصحة التحكيم ما يلي‪" :‬أن‬

‫يكون احملاكم كامل األهلية عدال صاحلا للحكم فيما حكم فيه‪."1‬‬

‫‪ -‬فالشخص القاصر ال ميلك أن تتصرف مبلكه إال أن يتعاقد بنفسه وال جيوز له أن يتوىل مهمة‬

‫القضاء بني الناس‪ ،‬وكذلك احلال بالنسبة إىل احملجوز عليه أو التاجر املفلس‪.2‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬احملل يف إتفاق التحكيم‬

‫احملل يف إتفاق التحكيم هو أن خيضع األطراف للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو اليت قد‬

‫تنشأ بينهم بشأن موضوع تتعلق برابطة من روابط القانون التعاقدية أو غري تعاقدية جيوز تسويتها‬

‫عن طريق التحكيم‪ ،‬إذا فمحل التحكيم هو نزاع أو اخلالف الذي نشأ أو ميكن أن ينشأ بني‬

‫األطراف ونقصد يالنزاع تعارض بني مصلحتني قانونيتني أو أكثر‪ ،‬سبب تعارض وجهات النظر‬

‫القانونية حول وقائع النزاع أو القواعد القانونية الواجب التطبيق بني شخصني أو أكثر‪ 3‬وللمحل‬

‫بصورة عامة يف كل العقود شروط فنحاول تطبيقها على عقد التحكيم تبعا خلصوصية‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬وجود منازعة وحتديدها‬

‫هذا الشرط ميكن تطبيقه على ركن احملل يف عقد التحكيم فقد يتفق الطرفان على إبرام عقد‬

‫التحكيم بعد حصول النزاع‪ ،‬مثال لو إختلف الطرف حول ملكية سيارة معينة مث بعد ذلك حصل‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1/0‬من قانون التحكيم اليمني‪.‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاضل المنديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.118-11‬‬

‫‪26‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫النزاع إتفق على حالة النزاع املذكور إىل هيئة التحكيم حمتارة من قبلهم بدال من اللجوء إىل‬

‫القضاء‪ ،‬فهنا يكون احملل موجودا وقد مت حتديده وحتديد كل أبعاده‪ ،‬إما يف حالة كون إتفاق‬

‫التحكيم يرد يف صيغة شرط ضمن بنود عقد معني فإن شرط الوجود يكون متحققا أيضا يف‬

‫ركن احملل ألن شرط التحكيم سوف يرد على نزاع من املمكن وجوده مستقال عند تنفيذ ذلك‬

‫العقد‪.1‬‬

‫‪ -‬ولكي ينعقد إتفاق التحكيم جيب أن تكون املنازعة املراد عرضها على التحكيم موجودة‬

‫بالفعل وفقا لنص املادة (‪ )386‬مدين من القانون اليمين واليت نصت على أنه‪" :‬ال يصلح ان‬

‫يكون الشيء املعدوم هو الذي ال يتحقق وجوده من األعيان ووجود سبب من املنافع حال‬

‫العقد‪ ."2‬وكل إتفاق التحكيم تكون موجودة يف حالة مشارطة التحكيم ألهنا تتم مبناسبة نزاع‬

‫قائم بالفعل كما يوجد مستقبال شرط التحكيم عند حدوث النزاع وهنا نطرح السؤال مفاده أين‬

‫حمل إتفاق التحكيم يف احلالة الثانية أي يف صورة شرط التحكيم والذي يعد فيه حمل العقد‬

‫معدوما‪ ،‬وفقا للنص السابق والذي يقرر أنه ال يصلح أن يكون الشيء املعدوم حمال للعقد وبالتايل‬

‫فشرط التحكيم غري مشروع‪ 3‬ولكن بإستكمال قراءة النص تتضح اإلجابة على هذا السؤال "إال‬

‫ما إستثىن عليه"‪ ،‬فيعترب شرط التحكيم مستثىن وفقا ملا تنص عليه املادة (‪ )36‬حتكيم ميين‪ ،‬واليت‬

‫‪ 1‬أسعد فاضل المنديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ 2‬المادة (‪ )128‬قانون المدني اليمني‪.‬‬
‫‪ 3‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112-113‬‬

‫‪27‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫نصت على أنه‪" :‬ال جيوز إلتفاق على التحكيم إال بالكتابة سواء قبل قيام اخلالف أو النزاع بعد‬

‫ذلك‪."1‬‬

‫فأجازت املادة اإلتفاق على التحكيم قبل اخلالف أو النزاع هو املعيار املميز لشرط التحكيم‬

‫فأجازت املادة إبرام شرط التحكيم بعد إستثناء من عدم جواز التعاقد على حمل معدوم إال أن نص‬

‫املادة (‪ )386‬مدين ميين حدد املستثىن منه بعبارة يف هذا القانون ويقصد أيضا حتديدها مبعىن أن‬

‫يكون النزاع املتفق التحكيم فيه ناشئا عن عالقة قانونية حمدودة‪ ،‬فيشترط يف املنازعة حمل اإلتفاق‬
‫‪2‬‬
‫على التحكيم أن يكون ناشئة عن العالقة قانونية حمددة سواء كانت عقدية أو غري عقدية ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون حمل معني أو قابال للتعيني‬

‫يؤكد هذا الشرط ما نصت عليه أغلب التشريعات بصدد حتديد موضوع النزاع يف العقد‬

‫التحكيم وعلى هذا فمن الواجب على الطرفني أن حيدد وبشكل دقيق كل جوانب وأبعاد النزاع‬

‫وهنا جيب أن منيز بني إتفاق التحكيم الذي يعقد بصورة مستقلة بعد قيام النزاع وبني اإلتفاق‬

‫الذي يكون بصورة شرط يضمن شروط عقد‪.‬‬

‫‪ -‬وقبل قيام النزاع ففي احلالة األوىل تكون مسألة تعيني النزاع وحتديده مسألة إعتيادية ألن كل‬

‫طرف يعرف ما يريد من الطرف االخر فاملسألة ليست مستحيلة وال صعبة أما بالنسبة إىل احلالة‬

‫‪ 1‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫‪ 2‬حفيظة السيد حداد ‪ ،‬االتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم ‪ ،‬دار الفكر الجامعي ‪ ،‬االسكندرية‬
‫‪ ، 8001‬ص ‪. 118‬‬

‫‪28‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫الثانية فإن املشرع أراد أن يكون النزاع قابال للتعيني وهذا ما ميكن حتقيقه بالنسبة إىل شرط‬

‫التحكيم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون احملل مما جيوز التعامل معه‬

‫‪ -‬حيدد هذا الشرط نطاق إتفاق التحكيم من حيث املوضوع أي أنه حيدد املنازعات اليت ميكن أن‬

‫يكون حمال إلتفاق التحكيم ال جيوز أن يتعلق النزاع التحكيمي مبسائل تتعلق بالنظام العام أو ألراء‬

‫العامة لكن جيوز أن يتعلق باملصاحل املالية اليت تترتب على احلالة الشخصية أو اليت تنشأ عن‬

‫إرتكاب اجلرائم‪.1‬‬

‫وهو ما ذهب إليه م‪ .‬ج يف ف ‪ 02‬من املادة (‪ )3009‬اليت تنص على أنه‪" :‬ال جيوز التحكيم يف‬

‫املسائل املتعلقة بالنظام العام أو حالة األشخاص وأهليتهم‪.2‬‬

‫‪ -‬وبذلك يكون م‪ .‬ج قد أخرج بعض املسائل من جمال التحكيم الداخلي‪ ،‬وكذلك املسائل‬

‫املتعلقة بالنظام العام‪.3‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬السبب يف إتفاق التحكيم‬

‫إن إتفاق األطراف على التحكيم جيد سببه يف إتفاق األطراف إلستبعاد طرح النزاع على القضاء‬

‫وتفويض األمر للمحكمني وهذا السبب مشروع دائما‪ ،‬وال نتصور عدم مشروعيته إال إذا ثبت‬

‫‪ 1‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 8/1000‬ق‪ .‬إ‪ .‬ج‪ .‬م‪ .‬إ الجزائري‪.‬‬
‫‪ 3‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬

‫‪29‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫أن األطراف من إتفاق التحكيم هو التهرب من أحكام القانون الذي كان يتعني تطبيقه لو طرح‬

‫النزاع على القضاء‪ ،‬نظرا ملا يتضمنه هذا القانون من قيود وإلتزامات يراد التحلل منها‪ ،‬وهو ما‬

‫ميثل حالة من حاالت الغش حنو القانون‪ 1‬ومبوجب القانون بأن تكون لكل إلتزام سبب مشروع‪،‬‬

‫ولكنه يشترط أن يذكر يف العقد وإمنا يفترض القانون وجوده ومشروعيته وما مل يتم الدليل على‬

‫خالف ذلك‪ .‬أما بالنسبة إىل املقصود بالسبب هنا يف عقد التحكيم فالبد من توضيح ما هو‬

‫السبب وفق النظرية التقليدية والنظرية احلديثة مث نالحظ مدى إنطباقها على السبب يف عقد‬

‫التحكيم‪.2‬‬

‫أوال‪ :‬النظرية التقليدية لسبب‬

‫يعترب أصحاب هذه النظرية بأن السبب هو الغاية أو القصد املباشر وعلى هذا ففي العقود امللزمة‬

‫للجانبني ومنها عقد التحكيم نرى أن السبب يف إلتزام كل من الطرفني هو إلتزام الطرف اآلخر‬

‫وعليه وفقا للنظرية فإن السبب يف عقد التحكيم هو إمتناع كل طرف من األطراف عن اللجوء‬

‫إىل القضاء واإللتزام بغرض النزاع على هيئة التحكيم وهذا مما يؤدي بأن يكون السبب وفق هذه‬

‫النظرية هو نفسه يف مجيع عقود التحكيم ال يتغري بتغري الزمان واملكان‪.‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاضل بن منديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬

‫‪30‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫ثانيا‪ :‬النظرية احلديثة للسبب‬

‫تنظر هذه النظرية إىل السبب على أنه الباعث الدافع إىل التعاقد وهلذا فالسبب هنا يعترب أمرا نفسيا‬

‫خيتلف من شخص إىل آخر‪ ،‬فالسبب يف عقد التحكيم على أساس هذه النظرية يسمح للطرفني‬

‫من حتقيق مزايا التحكم مثل السرعة يف حسم النزاع أو التقليل من نفقات الدعوى مقارنة‬

‫بالقضاء أو أن يكون السبب هو ما يريده الطرفان يف احملافظة على السمعة التجارية والعالقات‬

‫اإلقتصادية اليت تؤثر عليها أمام القضاء بسبب عالنية اجللسات وتعدي أحكامه إىل الغري وقد‬

‫يكون السبب غري مشروع أيضا وفق هلذه النظرية كأن يريد أحد الطرفني اللجوء إىل شخص ال‬

‫يتمتع باحلياد والنزاهة كل مثل هذا النزاع ولذلك يكون قد خالف القانون و األعراف و‬

‫العدالة‪ .1‬وبالرجوع إىل التشريع العراقي نالحظ أنه قد ذكر السبب القانون املدين دون أن يرجع‬

‫أحد النظريتني مما جعل بعض الفقه العراقي يذهب بالقول إىل أن ما أراده املشرع من خالل‬

‫صياغته املرنة لنص املادة (‪ )312‬هو أن يشمل النظريتني معا بغية أن يكون القضاء يف حرية‬

‫لتكوين موقفه على أن من النظريتني إال أنه على ما يبدو قد ظهر ما يدل على ميل القضاء إىل‬

‫النظرية احلديثة من خالل مما أصدرته حمكمة التمييز بقوهلا أن السبب يف القانون هو الباعث على‬

‫التعاقد‪.2‬‬

‫‪ 1‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬


‫‪ 2‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪31‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫املطلب الثاين‪ :‬الشروط الشكلية‬

‫لقد أكد املشرع اجلزائري يف مادته ‪ 3032‬من ق ا ج م ا اليت نصت على مايلي‪" :‬حيصل‬

‫االتفاق على التحكيم كتابيا"‪ .‬نصت خمتلف التشريعات على لك فاملشرع يعترب الكتابة شرط‬

‫لوجود مشارطة التحكيم وليس شرطا الثباهتا‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الكتابة‬

‫أمجعت خمتلف التشريعات الوطنية واإلتفاقيات الدولية املتعلقة بالتحكيم على أن يكون إتفاق‬

‫التحكيم مكتوبا‪ ،‬حيث نصت م ‪ 32‬من قانون التحكيم املصري على وجوب أن يكون إتفاق‬

‫التحكيم مكتوبا‪ ،‬وإال كان باطال‪ ،‬وورد اإلتفاق كشرط يف العقد األصلي أو اإلتفاق عليه بوثيقة‬

‫مستقلة‪ ،‬فإذا كانت هذه الوثيقة تنص على التحكيم فيما قد يثور من املنازعات مبناسبة العقد‬

‫األصلي لزم أن يتضمن هذا العقد اإلشارة إىل الوثيقة‪ ،‬ويكون األمر متعلقا بشرط التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬أما املشارطة فهي حمرر يتم اإلتفاق عليه بعد قيام النزاع وجيب يف مجيع األحوال فالتوقيع على‬

‫إتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة وال يلزم أن يوقع األطراف توقعا خاصا جبوار شرط‬

‫التحكيم‪ ،‬فإذا ورد بند من بنود العقد االصلي ويكفي التوقيع على العقد إذ ينصرف هذا التوقيع‬

‫إىل كافة بنود العقد‪.1‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.01‬‬

‫‪32‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫‪ -‬حيث يعترب إتفاق التحكيم إتفاق شكلي وفقا للقانون‪ ،‬مبعىن أن الكتابة ركن من أركانه حيث‬

‫أن نقطة البداية يف نظام التحكيم هي ضرورة التأكد من وجود إتفاق حتكيم مكتوب نظرا لألثار‬

‫اليت تترتب على هذا اإلتفاق واليت من أمهها منع القضاء الدولة من نظر املنازعة حمل التحكيم‪.1‬‬

‫‪ -‬ويعترب شرط الكتابة متحققا إذا مت النص يف العقد األصلي كاإلحالة على عقد منوذجي يف جمال‬

‫النقل البحري أو بيع البضائع‪ ،‬ولكن يلزم أن تتضمن اإلحالة ما يفيد إعتبار شرط التحكيم الذي‬

‫تتضمنه هذه الوثيقة جزءا من العقد األصلي فاإلحالة العامة اليت قد يتضح منه عدم دراية أو علم‬

‫أحد األطراف بوجود شرط التحكيم يكفي فيها إمكانية بوجود إتفاق وتراضي على شرط‬

‫التحكيم‪ ،‬وجدير باملالحظة إن قانون التحكيم جعل الكتابة شرط لوجود إتفاق التحكيم ورتب‬

‫البطالن على عدم الكتابة‪.2‬‬

‫‪ -‬املشرع اجلزائري قد إستلزم الكتابة لوجود شرط التحكيم يف العقد األصلي أو يف الوثيقة اليت‬

‫يستند إليها أي إتفاق الالحق املربم يف وثيقة مستقلة عن العقد األصلي وفقا لنص املادة (‪)3008‬‬

‫من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ اجلزائري واليت تنص على أنه‪" :‬يثبت شرط التحكيم حتت طائلة البطالن بالكتابة‬

‫يف اإلتفاقية األصلية أو الوثيقة اليت يستند إليها‪ ."3‬كما إشترط م‪ .‬ج أن يتضمن شرط التحكيم‬

‫يعني احملكم أو احملكمني أو حتديد كيفية تعيينهم و إال كان باطال‪ ،‬إما بالنسبة ملشارطة التحكيم‬

‫‪ 1‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 1002‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ الجزائري‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫فالكتابة شرط لوجوده وليس شرط إلثباهتا‪.1‬حيث نصت م (‪ )3032‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ‪ .‬على أنه‪:‬‬

‫"حيصل اإلتفاق على التحكيم كتابة وجيب أن يتضمن إتفاق التحكيم حتت طائلة البطالن‬

‫موضوع النزاع وأمساء احملكمني أو كيفية تعيينهم‪."2‬‬

‫‪ -‬وقد نصت املادة (‪ )02‬حتكيم ميين على أنه‪" :‬ينعقد التحكيم بأي لفظ يدل عليه وقبول من‬

‫احملكم وال جيوز إثبات التحكم إال بالكتابة‪."3‬‬

‫‪ -‬والتناقض واضح من النص املادة ‪ 30‬حتكيم ميين واليت تقضي بأن الكتابة مطلوبة لإلنعقاد‬

‫ويترتب على ختلفها البطالن‪ ،‬كذلك هي وسيلة الوحيدة إلثبات إتفاق التحكيم‪ ،‬إذ جيوز إثبات‬

‫إتفاق التحكيم بغري الكتابة‪.4‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬اجلزء املترتب على عدم كتابة إتفاق التحكيم‬

‫إتفاق التحكيم اتفاق شكلي مبعىن أن الكتابة ركن من أركانه‪ ،‬حيث أن نقطة البداية يف نظام‬

‫التحكيم هي ضرورة التأكد من وجود إتفاق حتكيم مكتوب نظرا لألثار اليت تترتب على هذا‬

‫اإلتفاق‪ ،‬واليت من أمهها منع قضاء الدولة من نظر ملنازعة حمل التحكيم‪ ،‬وقد تباينت التشريعات‬

‫واجتهت أغلبها إىل إحاطة إتفاق التحكيم بضمانات معينة أكثرها شيوعا هو إخراجه من دائرة‬

‫التصرفات الرضائية‪ ،‬وضمه إىل دائرة التصرفات الشكلية ( كاهلبة‪ ،‬الوصية‪ ،‬الصلح) هبدف‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 1018‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ‪ .‬ج‪.08/02 ،‬‬
‫‪ 3‬المادة (‪ )02‬من القانون اليمني التحكيم‪.‬‬
‫‪ 4‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪34‬‬
‫مفهوم إتفاق التحكيم‬ ‫الفصل التمهيدي‬

‫التحقيق من إرادة األطراف قد إجتهت بالفعل إىل التحكيم‪ ،‬كما أن إذا كان إتفاق التحكيم‬

‫مبوجب مراسالت فيلزم وجود دليل على أهنا صادرة من أطراف اإلتفاق على التحكيم‪ ،‬إال أنه ال‬

‫يشترط يف حالة التحكيم والذي غالبا ما يكون كبند من بنود العقد‪ ،‬التوقيع أمام الشرط وإمنا‬

‫يكتفي بتوقيع العقد املتضمن للشرط كذلك توقيع احملكمني الذين إختارهم األطراف وذلك ألن‬

‫احملكمني ليسوا أطراف يف هذا اإلتفاق‪.1‬‬

‫‪ -‬فعدم مراعاة هذا الشكل عند إتفاق سواء بعدم اإلثبات كلية أو اإلثبات به بصورة ناقصة جيعل‬

‫هذا اإلتفاق معيبا وغري قادر على إنتاج أثاره القانونية‪ ،‬أي يكون باطال‪ ،‬فإن اجلزء املترتب‬

‫للنصوص عليه قانونا هو بطالن حكم التحكيم‪ ،‬وهذا البطالن هو بطالنا مطلق حيث أن‬

‫اإلختالف قد حلق بركن من أركان التصرف القانوين‪ ،‬وهناك رأي يذهب إىل أنه ليس من الالزم‬

‫أن ينص القانون على البطالن جزاء لتخلق الشكل يف حالة من حاالت التصرف الشكلية ويكفي‬

‫إعمال القواعد العامة للحكم ببطالن التصرف عند ختلف ركن الشكل فيه‪ ،‬ففي كل تصرف‬

‫يشترط القانون إلنشائه شكال حمدد فإن البطالن هو اجلزاء دائما على ختلف الشكل دون احلاجة‬

‫إىل النص على البطالن يف كل حالة منه‪.2‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬مصطفى الجمال‪ ،‬د‪ .‬عكاشة عبد العالي‪ ،‬التحكيم في العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬دار الفتح للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1882 ،01‬ص ‪.308‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عبد الرشيد عبد الحافظ‪ ،‬التصرف الشكلي في الفقه اإلسالمي والقانون‪( ،‬دراسة مقارنة)‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬القاهرة‪ ،8000‬ص ‪.211‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول ‪:‬‬

‫األثار املوضوعية إلتفاق التحكيم‬


‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول ‪ :‬األثار املوضوعية إلتفاق التحكيم‬

‫يعترب إتفاق التحكيم صحيحا مىت توافرت أركانه والشروط اليت تطلبها القانون إلبرام التصرفات‬

‫القانونية‪ ،‬وتتحقق هذه األركان والشروط يف إتفاق التحكيم فإنه يرتب أثاره القانونية‪،‬‬

‫(املوضوعية) اليت تتمثل يف إكتساب إتفاق التحكيم القوة امللزمة اليت توجب عرض النزاع على‬

‫التحكيم‪ ،‬وال ميلك أحد أطراف اإلتفاق التخلي عنه أو أن يعطله بإرادته املنفردة‪ ،‬و اإلجاز‬

‫للطرف اآلخر رفع دعوى ضده لتنفيذ إتفاق التحكيم‪ ،‬كما إعترفت معظم التشريعات التحكيم‬

‫مببدأ إستقالل إتفاق التحكيم‪ ،‬كما يتضح أن الشرط التحكيم عقد ا هنائيا وال حيتاج إىل عقد‬

‫آخر يكمله وكذلك رغم وجوده كبند يف العقد أو يتضمنه العقد األصلي إال أن الفقه والقضاء‬

‫قد إستقر على مبدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد الرئيسي األصلي‪.1‬‬

‫املبحث األول‪ :‬القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‬

‫إن إتفاق التحكيم من العقود امللزمة للجانبني‪ ،‬فيكون من الطبيعي ملوما ألطرافه مرتبا يف ذمة كل‬

‫منهما إلتزامات متقابلة‪ ،‬مبعىن أنه ينشئ حقوقا لكل من املتعاقدين يف الوقت نفسه‪ ،‬ومبا أن عقد‬

‫شريعة املتعاقدين فهو مبثابة القانون بالنسبة ألطرافه فال يكون ألي من طرفيه نقضه وال تعديله‪،‬‬

‫ألن العقد وليد إرادتني وما تعقده إرادتان ال حتله إرادة واحدة‪ ،‬والقاعدة العامة أن أثر العقد ال‬

‫‪ 1‬عبد الباسط محمد عبد الواسع‪ ،‬النظام القانوني إلتفاق التحكيم‪ ،‬دار الجديدة للنشر‪،8013 ،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.113-118‬‬

‫‪37‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫ينصرف إال إىل األطراف املتعاقدة وينصرف كذلك إىل من يقوم مقام الطريف العقد من خلق عام‬

‫وخلق خاص‪.‬‬

‫سوف نقسم هذا املبحث إىل مطلبني ‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم القوة امللزمة إلافاق التحكيم‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نطاق القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬الفرع األول‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث األشخاص‪.‬‬

‫‪ -‬الفرع الثاين‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث املوضوع‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‬

‫التعريف‪:‬‬

‫ال ختتلف القوة امللزمة إلتفاق التحكيم بإعتباره عقدا‪ ،‬عن القوة امللزمة للعقود األخرى عموما‪،‬‬

‫وملا كان األثر اجلوهري لذلك اإلتفاق هو إلتزام طرفيه بطرح النزاع على التحكيم واإلمتناع عن‬

‫اللجوء إىل القضاء الدولة‪ ،‬فإن مقتضى القوة امللزمة إلتفاق التحكيم أن هناك إلتزام يقع على عاتق‬

‫طريف اإلتفاق‪ ،‬هو ضرورة قيام كل منهما باملسامهة يف إختاذ إجراءات التحكيم واإلمتناع عن‬

‫عرض النزاع على القضاء املختص أصال بالنظر يف النزاع‪ ،‬فإذا خالف أحد األطراف ذلك فإنه‬

‫يكون قد أخل مببدأ حسن النية يف تنفيذ اإللتزامات التعاقدية فال يستطيع أحد طريف اإلتفاق‬

‫‪38‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫التنصل منه بإرادته املنفردة وينقصه أو يعدله وإن سعى إىل ذلك‪ ،‬أمكن للطرف االخر إجباره‬

‫على تنفيذ إلتزاماته وتعيني حمكمة وبدء إجراءات التحكيم فإن إمتنع الطرف جلأ الطرف األخر‬

‫إىل احملكمة‪ ،‬وإىل سلطة التعيني املختصة للقيام بتلك اإلجراءات ويقوم عمل تلك احملكمة أو‬

‫السلطة عمل اخلصم املتقاعس وهذا هو مقتضى التنفيذ العيين لإللزام الناشئ عن القوة امللزمة‬

‫إلتفاق التحكيم يف املادة ‪ 26‬إلتفاقية واشنطن لعام ‪ 3696‬اخلاصة بتسوية املنازعات‬

‫اإلستثمارية بني الدول ورعايا الدول األخرى بنصها على أنه‪ " :‬إذا إتفق طريف النزاع كتابة على‬

‫إحالة أي خالفات قانونية تنشأ مباشرة على إستثمار بني دولة متعاقدة وبني مواطن من دولة‬

‫أخرى متعاقدة‪ ،‬إىل املركز الدويل لتسوية منازعات اإلستثمار بطريق التحكيم أو بأي طريق آخر‪،‬‬

‫وعلى ذلك فإن إتفاق التحكيم الذي أبرم صحيحا يلزم طرفيه وال جيوز هلما اإلنسحاب منه‬

‫إنفراديا إال بإتفاقهما معا وإهناء إجراءات التحكيم قبل صدور احلكم‪.1‬‬

‫‪ -‬فالقانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم هو الذي خيتص بتحديد مفهوم القوة امللزمة‬

‫إلتفاق التحكيم وجزاء اإلخالل هبا حيث أنه حيدد اجلزاء أو األثر املترتب على تقاعس ألحد‬

‫طريف اإلتفاق عن التنفيذ إلتزامه ببدء إجراءات التحكيم‪ ،‬وحماولة اإلفالت من ذلك اإللتزام‪،‬‬

‫وحتديد كيفية تنفيذه‪ ،‬وقد إستمر الفقه على أن التنفيذ العيين هو وسيلة الوحيدة املقبولة يف هذا‬

‫الشأن‪ ،‬وهنا جيب أن ينفذ الطرف املتقاعس‪ ،2‬وإلتزامه إختياريا و إال يتم اللجوء إىل القضاء‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.01‬‬

‫‪39‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫إلجباره على ذلك‪ ،‬كما قد حيكم بتعويض للطرف اآلخر يف إتفاق التحكيم عما حلقه من ضرر‬

‫نتيجة الطرف األول بإلتزامه الناشئ عن إتفاق التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬فقد تعرض املشرع اجلزائري للقوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف التحكيم الداخلي حيث نص يف‬

‫املادة ‪ 3006‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ على أنه‪" :‬إذا إعترضت صعوبة التشكيل حمكمة التحكيم بفعل أحد‬

‫األطراف أو مناسبة تنفيذ إجراءات تعيني احملكم أو احملكمني من قبل رئيس احملكمة الواقع يف دائرة‬

‫إختصاصها حمل إبرام العقد أو حمل تنفيذه‪.1‬‬

‫‪ -‬وبالنسبة للتحكيم التجاري الدويل فقد عاجل املشرع اجلزائري كذلك هذه املسألة من خالل ما‬

‫تضمنه املادة ‪ 3023‬يف فقرهتا الثانية حيث نصت على أنه‪ " :‬يف غياب التعيني ويف حالة صعوبة‬

‫تعيني احملكمني أو عزهلم‪ 2‬أو إستبداهلم‪ ،‬جيوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام مبا يلي‪:‬‬

‫‪ )3‬رفع األمر إىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة إختصاصها‪ ،‬إذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪ )2‬رفع األمر إىل رئيس حمكمة اجلزائر‪ ،‬إذا كان التحكيم جيري يف اخلارج وإختار األطراف‬

‫تطبيق قواعد اإلجراءات املعمول هبا يف اجلزائر‪.‬‬

‫‪ -‬وقد عاجل املشرع املصري جزاء اإلخالل بالقوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف املادة ‪ 37‬منه حيث‬

‫أوصد الباب يف وجه من حياول إهدار قيمة إتفاق التحكيم بتهربه من بدء اإلجراءات أو املسامهة‬

‫يف تشكيل هيئة التحكيم فنصت على أنه‪" :‬إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حمكم واحد‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1008‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ الجزائري‪.‬‬


‫‪ 2‬م ‪ 1021‬من ق‪ .‬إ‪ .‬ج‪ .‬م‪ .‬إ الجزائري‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫تولت احملكمة املشار إليها يف املادة ‪ 06‬من هذا القانون إختياره بناءا على طلب أحد الطرفني‪،‬‬

‫وتنص املادة ‪ 3/6‬يكون اإلختصاص بنظر مسائل التحكيم اليت حييلها هذا القانون إىل القضاء‬

‫املصري للمحكمة إستئناف القاهرة ما مل يتفق الطرفان على إختصاص احملكمة إستئناف أخرى يف‬

‫مصر‪.1‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬نطاق القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‬

‫هناك من حيث األشخاص ومن حيث املوضوع‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث األشخاص‬

‫‪ -‬تفيد املبادئ العامة يف نظرية العقد أن العقد ال يفيد غري أطرافه‪ ،‬وال ينتج إلتزامات وحقوق إال‬

‫يف مواجهتهم‪ ،‬دون أن ينتقل إىل غريهم‪ ،‬حيث أن مبدأ نسبية اإلتفاقات يؤدي إىل القول بأن أثار‬

‫إتفاق التحكيم ال ميتد إىل أشخاص مل يوقعوا على اإلتفاق سواء بأنفسهم أو عن طريق ممثل هلم‪،‬‬

‫بيد أنه إذا كان إتفاق التحكيم إلبطال أثره بوجه عام إال أطرافه‪ ،‬إال أنه من املقبول إنتقال هذا‬

‫األثر إىل غري هؤالء‪ ،‬فهو ينتقل إىل اخللف العام أو اخللف اخلاص‪.2‬‬

‫‪ -‬أما عن الغري فنقصد هبم الشخص الذي مل يكن طرفا يف إتفاق التحكيم وال خلفا األحد‬

‫أطراف اإلتفاق والقاعدة يف هذه احلالة عدم إنصراف أثر اإلتفاق إىل هذا الغري‪ .3‬إال أنه يف‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.08‬‬


‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬فوزي محمد سامي‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،8002 ،‬ص ‪.8012‬‬

‫‪41‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫التعامل التجاري الدويل جند يف بعض األحيان أن أشخاصا ممن هم خارج اإلتفاق اخلاص بالصفقة‬

‫التجارية يلتزمون مبوجب اإلتفاق املذكور‪.‬‬

‫‪ -‬لكن ال يعترب غري الشريك أو املدين املتضامن‪ ،‬فلو تعدد الشركاء أو املدنيون املتضامنون وأبرم‬

‫أحدهم عقدا أو تضمن عقد القرض يف حالة املدينني املتضامنني شرط التحكيم‪ ،‬فإن الشرط ميتد‬

‫أثره للجميع‪ ،‬أي يستطيع كل منهم التمسك بإتفاق التحكيم‪ ،‬كما يستطيع الطرف اآلخر‬

‫اإلحتجاج هبذا اإلتفاق يف مواجهة أي منهم ويسوي هذا يف حالة شركات األشخاص‪ ،‬حيث ال‬

‫حتجب الشخصية املعنوية األشخاص الشركاء حجبا كامال‪ ،‬ويسري من باب أوىل يف احملاصة‪،‬‬

‫حيث ال توجد أصال شخصية املعنوية‪ ،‬فإذا أبرم أحد احملاصني عقد تضمن شرط التحكيم‪ ،‬فإن‬

‫لشركائه التمسك بالشرط‪ ،‬وللطرف اآلخر يف هذا العقد اإلحتجاج بالشرط على اجلميع‪ ،‬وذلك‬

‫إذا كانت إدارة احملاصة مجاعية تستلزم حضور اجلميع‪ ،‬ويتضح يف الكثري من احلاالت أن حتديد‬

‫األطراف الذين ميلكون التمسك بإتفاق التحكيم وإمكانية اإلحتجاج عليهم به تتوقف على‬

‫الفحص الدقيق للعقد أو املالبسات احمليطة به‪ ،‬وأن األمر يف العقود الدولية‪.1‬‬

‫‪ -‬يؤدي إىل العديد من احلاالت إىل إستعانة األطراف األهليني مبقاولني من الباطن أو شركات‬

‫يتم تأسيسها أو إنشاء فروع مشتركة ملباشرة تنفيذ العقد أو العقود املتتابعة الذي قد يتم إبرامها‬

‫أو يف حالة جتديد العقود بتغري الدائن أو املدين أو حمل اإللتزام ففي كافة هذه الصور ميتد شرط‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمود مختار أحمد البربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط‪ ،02‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،8012‬ص ‪.21‬‬

‫‪42‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫التحكيم ويشع نطاقه ليصبح كاملظلة اليت حتيط بالعالقات اليت تنشأ حتت اإلتفاق األصلي ويشع‬

‫بذلك مفهوم األطراف‪.1‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث املوضوع‬

‫األصل أن إتفاق التحكيم يف القانون الداخلي يفصل تفصيال ضيقا ويف احلدود اليت حتقق الغرض‬

‫منه‪ ،‬ألنه طريق إستثنائي لبعض املنازعات يؤدي إىل حرمان أطرافه من قاضيهم الطبيعي‪ ،‬وعلى‬

‫ذلك إذا ورد إتفاق التحكيم على املنازعات اخلاصة لتفسري عقد معني فال متتد سلطات هيئة‬

‫التحكيم إىل منازعات املتصلة لتنفيذه إذ ال يفترض إمتداد إتفاق التحكيم إىل مسائل مل يقصدها‬

‫احملتكمون ‪ ،‬غري أنه يف جمال التحكيم التجاري الدويل يبدوا األمر على خالف ذلك فاحلرص على‬

‫زيادة فاعلية إتفاق التحكيم قد دعى إىل اخلروج على تلك املبادئ فقد أضحى مقبوال إعتماد‬

‫لتفسري موسع منطقي وفعال إلتفاق التحكيم‪.2‬‬

‫‪ -‬كما قضى أحد أحكام التحكيم الصادرعن املركز الدويل لتسوية منازعات اإلستثمار بني‬

‫الدول ورعايا الدول األخرى يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 3681‬إن إتفاق التحكيم كأي إتفاق آخر ال‬

‫ينبغي أن يفسر بنحو ضيق وال بنحو موسع أو بطريقة متحررة إمنا جيب أن يفسر بطريقة تؤدي‬

‫إىل الوصول إىل إحترام النية املشتركة بني األطراف وتلك املنهجية يف التفسري ليست إال بتطبيق‬

‫‪ 1‬د‪ .‬محمود مختار البربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.18‬‬

‫‪43‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫املبدأ العقد كشريعة املتعاقدين وهو املبدأ األساسي املشترك بني كل نظم القانون الداخلي‬

‫والقانون الدويل‪.‬‬

‫‪ -‬وبناءا على هذا املنهج يف تفسري فإنه من املتصور أن ميتد إتفاق التحكيم إىل غري أطرافه ممن‬

‫تدخلوا يف تنفيذ العقد املدرج به شرط التحكيم حيث يفترض علمهم بوجود ذلك الشرط‪.1‬‬

‫‪ 1‬لزهر بن سعيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪44‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫املبحث الثاين‪ :‬إستقاللية إتفاق التحكيم‬

‫يعد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي الوضعية أو املعاهدات الدولية ولوائح‬

‫التحكيم‪ .‬إذ تستمد هذه اإلستقاللية من املوضوع املختلف لكل من العقدين‪ :‬العقد األصلي‬

‫واإلتفاق على التحكيم‪ ،‬فاإلتفاق على التحكيم هو جمرد فقد يرد على اإلجراءات وال يهدف إىل‬

‫حتقيق احلقوق وإلتزامات األطراف املوضوعية ولكن بنصب حمله على الفصل يف املنازعات الناشئة‬

‫عن الشروط املوضوعية اليت يتضمنها العقد األصلي‪.‬‬

‫‪ -‬ويترتب على ذلك أن إتفاق على التحكيم ليس جمرد شرط وارد يف العقد األصلي بل هو عبارة‬

‫عن عقد آخر من طبيعة خمتلفة‪ ،‬فهو عقد ثاين وإن كان مندجما من الناحية املادية يف العقد‬

‫األصلي‪ .‬وعلى الرغم من وضوح احلقيقة فإهنا كانت حمال للجدول والنقاش بني أنصار إستقاللية‬

‫إتفاق التحكيم عن العقد األصلي واملنادين بعدم اإلستقاللية‪ ،‬إذ ظهرت احلاجة يف العديد من‬

‫األنظمة القانونية إىل ضرورة حبث العالقة اليت تربط بني العقد األصلي الذي يثار النزاع مبناسبة‬

‫وبني اإلتفاق على التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬وتعدد الصور اليت تثور فيها مسألة العالقة بني األتفاق على التحكيم والعقد األصلي فقد تثور‬

‫هذه املسألة عند التمسك ببطالن العقد األصلي أو إنقاضه ألحد األسباب إلنقضاء ومدى تأثري‬

‫ذلك على إتفاق التحكيم وإمكانية اللجوء إىل هيئة التحكيم رغم ذلك‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬

‫أخرى فإن مسألة العالقة بني إتفاق التحكيم والعقد األصلي قد تثور يف فرض معاكس للفرض‬

‫‪45‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫األول فقد يكون العقد األصلي صحيحا ويكون األتفاق الذي حلق به العارض القانوين هو إتفاق‬

‫التحكيم ذاته‪ ،‬فما هو مدى تأثري بطالن إتفاق التحكيم عن العقد األصلي‪.1‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تقرير مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم‬

‫يعترب مبدأ إستقاللية التحكيم يف عالقته بالعقد األصلي من املبادئ املستقرة يف بعض القوانني‬

‫الوضعية بشأن التحكيم‪ ،‬وال سيما يف القانون الفرنسي فلقد ذهبت حمكمة النقض الفرنسية يف‬

‫حكمها الصادر يف ‪ 08‬ماي ‪ 3691‬يف قضية ‪ GOSSET‬إىل أنه يف إطار التحكيم التجاري‬

‫الدويل‪ ،‬فإن إتفاق التحكيم سواء مت هذا اإلتفاق على حنو منفصل ومستقل عن التصرف القانوين‬

‫األصلي أو مت إدراجه به فإنه يتمتع دائما إال إذا ظهرت ظروف إستثنائية‪ ،‬بإستقالل قانوين كامل‪،‬‬

‫يستبعد معه أن يتأثر إتفاق التحكيم بأي بطالن حمتمل يلحق هبذا التصرف‪ .‬وهذا املبدأ الذي‬

‫وصفته احملكمة النقض الفرنسية سارت عليه أيضا حماكم اإلستئناف الفرنسية يف العديد من‬

‫أحكامها كما أن حمكمة النقض ذاهتا أتيحت هلا الفرصة يف التأكيد على هذا املبدأ مع تغاضيها‬

‫عن القيد السابق الذي أوردته واملتعلق بالظروف اإلستثنائية‪.‬‬

‫‪ -‬ويف قضية ‪ HECHT‬أنتهت حمكمة النقض الفرنسية يف إطار التحكيم الدويل بتمتع شرط‬

‫التحكيم بإستقاللية كاملة‪.2‬‬

‫‪ 1‬سامية راشد‪ ،‬التحكيم في العالقات الدولية الخاصة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬إتفاق التحكيم‪ ،1822 ،‬دار‬
‫النهضة العربية ص ‪.02‬‬
‫‪ 2‬إيهاب عمرو‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي المقارن ( في ضوء تحول السياسات التنمية)‪ ،‬الوارق للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عمان ‪ ،8012‬ص ‪.03-08‬‬

‫‪46‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫ويف قضية ‪ menicucci‬أبرم العقداألصلي بني شركة هولندية والشخص فرنسي ال يعد‬

‫تاجرا‪ ،‬وملا كان القانون الفرنسي حيظران يتضمن العقد يف هذه احلالة الشرط التحكيم‪ ،‬فإن‬

‫الطرف الفرنسي متجاهال شرط التحكيم الوارد يف العقد قام باللجوء إىل القضاء الفرنسي‪ ،‬ولقد‬

‫دفعت الشركة اهلولندية بعدم جواز نظر لدعوى القضائية إعماال لشرط التحكيم وهو الدفع الذي‬

‫تقبله القضاء الفرنسي إحتراما لشرط التحكيم وإستقاللية وذلك بغض النظر عن أحكام القانون‬

‫الفرنسي‪.‬‬

‫‪ -‬ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأن مبدأ اإلستقاللية شرط التحكيم عن العقد‬

‫األصلي بشكل ألن قاعدة مادية مت قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدويل ‪.‬‬

‫‪ -‬يؤكد جانب آخر من الفقه على أن إستقاللية إتفاق التحكيم يعد مبدأ من املبادئ العامة‬

‫للتحكيم الذي يشري إليه احملكمون يف إطار العالقات الدولية أياما كان مقر إنعقاد جلسات‬

‫التحكيم وأياما كان القانون الذي حيكم املنازعة املعروضة عليهم‪.‬‬

‫‪ -‬هل مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي بعد مبدأ تقره األنظمة القانونية الوضعية‬

‫للعديد من الدول وتعترف به املعاهدات الدولية املنظمة للتحكيم ولوائح التحكيم املختلفة‬
‫‪1‬‬
‫وتقضي هبا حماكم التحكيم الدولية؟‬

‫‪ 1‬إيمان فتحي حسن الجميل‪ ،‬إتفاق التحكيم البحري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8013 ،‬ص‬
‫‪.88‬‬

‫‪47‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف املعاهدات الدولية من تكريس مبدأ إستقاللية شرط التحكيم عن العقد‬

‫‪ -‬من الثابت أن اإلعتراف مببدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي الذي يتضمنه ال‬

‫يستخلص بشكل صريح من املعاهدات الدولية الرئيسية املنظمة للتحكيم ومن هنا فإن التصديق‬

‫على هذه املعاهدات من قبل الدول ألطراف فيه ليس هو السبب يف بين هذه األنظمة القانونية هلذا‬

‫املبدأ‪ ،‬فمعاهد نيويورك املوقعة ‪ 3668‬ال تشري إىل مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد‬

‫األصلي بطريقة مباشرة‪ ،‬إذا إقتصرت املعاهدة يف املادة ‪/3/6‬أ إىل اإلشارة إىل ‪" :‬إمكانية رفض‬

‫اإلعتراف حبكم احملكم تنفيذه إذا أثبت الطرف املطلوب اإلعتراف وتنفيذ احلكم التحكيم ضده‬

‫إن إتفاق التحكيم غري صحيح وفق للقانون الذي خيضع له إتفاق التحكيم‪ ،‬ويف حالة عدم وجود‬

‫إشارة صرحية هلذا القانون وفقا لقانون الدولة اليت صدر فيها حكم التحكيم‪.1‬‬

‫‪ -‬ومع ذلك فلقد أستخلص من هذا النص إن إتفاق التحكيم ميكنه أن خيضع إىل قانون آخر غري‬

‫ذلك الذي خيضع له‪ ،‬العقد األصلي وبالتايل فإن معاهدة نيويورك تكون قد قبلت ضمنا أن تكون‬

‫إلتفاق التحكيم نظام قانوين مستقل عن العقد األصلي أي ميكن إدراجها يف إطار اإلجتاهات‬

‫املؤيدة لفكرة إستقاللية إتفاق التحكيم‪.2‬‬

‫‪ -‬و بإشارة إىل نص م ‪ 07‬من معاهدة نيويورك واليت تنص على أنه‪ :‬ال خيل أحكام هذه اإلتفاقية‬

‫بصحة اإلتفاقات اجلماعية أو الثنائية اليت أبرمتها الدولة املتعاقدة بشأن اإلعتراف بأحكام احملكمني‬

‫‪ 1‬سميحة القليوبي‪ ،‬التحكيم التجاري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،8008 ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 2‬عبد الحميد أحدب‪ ،‬ق التحكيم مجلة المحكمة العليا‪ ،‬ج‪ ،8008 ،1‬ص ‪.82‬‬

‫‪48‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫وتنفيذها وال حترم أي طرف من حقه يف اإلستفادة حبكم من أحكام احملكمني بالكيفية أو بالقدر‬

‫املقر ريف تشريع أو معاهدات البلد املطلوب إليها اإلعتراف والتنفيذ ‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك فإن معاهدة جنيف املوقعة يف ‪ 23‬أفريل ‪ 3693‬مل تتخذ موقعا صرحيا إال بشأن مسألة‬

‫إختصاص احملكمني بالفصل يف إختصاصهم وذلك يف املادة ‪ 1‬و ‪ 2‬صحيح أن هذه املسألة تتصل‬

‫بشكل وثيق مبوضوع إستقاللية شرط التحكيم لكن اإلعتراف هبذا املبدأ األخري ال يستخلص إال‬

‫بشكل ضمين‪.1‬‬

‫‪ -‬أما بالنسبة ملعاهدة واشنطن املوقعة يف ‪ 38‬مارس ‪ 3696‬واليت أنشأت املركز الدويل لفض‬

‫املنازعات الناشئة عن اإلستثمار فلقد إقتصرت يف م ‪ 3/23‬منها على تأكيد أن " حمكمة التحكيم‬

‫هي القاضي بالنسبة ملسألة إختصاصها"‪.‬‬

‫‪ -‬كما نص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل لعام ‪ 3686‬على مبدأ إستقالل شرط‬

‫التحكيم يف م ‪ 39‬منه ف ‪" :3‬جيوز هليئة التحكيم اليت يف إختصاصها مبا يف ذلك البث يف أي‬

‫إعتراضات تتعلق بوجود إتفاق التحكيم أو بصحته وهبذا الفرض بنظر إىل الشروط التحكيم اليت‬

‫يشكل جزءا من العقد كما لو كان إتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى‪ .‬وأي قرارا يصدر‬

‫من هيئة التحكيم ببطالن العقد وال يترتب عليه حبكم القانون بطالن شرط التحكيم"‪ .‬بذلك‬

‫يكون القانون النموذجي قد أقر بوضوح إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ويف الواليات‬

‫املتحدة األمريكية قضت احملكمة العليا "إن شروط التحكيم اخلاضعة لقانون التحكيم الفدرايل‬
‫‪1‬‬
‫المادة ‪ 3‬و ‪ 2‬من معاهدة جنيف الموقعة ‪ 81‬افريل ‪. 1801‬‬

‫‪49‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫مستقلة عن العقد األصلي الذي حيتويها واليت جزء منه طاملا أن شرط التحكيم نفسه مل ينازع‬

‫فيه"‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬موقف القوانني الوضعية (الوطنية) من مبدأ اإلستقاللية‬

‫تنص الغالبية العظمى من التشريعات احلديثة املتعلقة بالتحكيم صراحة على مبدأ إستقاللية إتفاق‬

‫التحكيم ويعترب قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬من القوانني اليت أكدت على مبدأ‬

‫إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي إذ نصت م ‪ 21‬من هذا القانون على أن ‪" :‬يعترب‬

‫شرط التحكيم إتفاقا مستقال عن الشروط العقد األخرى وبترتب على بطالن العقد أو فسخه أو‬

‫إهنائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا يف ذاته" ويكون‬

‫بذلك قد وضع القانون املصري حدا للخالف الفقهي الذي كان سائدا يف القانون املصري حول‬

‫إستقاللية إتفاق التحكيم من عدمه وما يترتب على هذه التفرقة من أثار ال سيما مدى سلطة‬

‫احملكم يف الفصل يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬أما املشرع الفرنسي مل يتناول هذه املسألة (‪ )3683‬وتركها للقضاء فقد توصلت حمكمة‬

‫النفض الفرنسية يف حكملها وقررت قاعدة موضوعية ومن قواعد القانون الدويل اخلاص الفرنسي‬

‫مؤكد غياب التضامن بني إتفاق التحكيم والعقد األصلي مبا يترتب على ذلك من نتائج حول‬

‫صحة شرط التحكيم رغم بطالن العقد األصلي وإمكانية تطبيق قانونني خمتلفني أحدمها على‬

‫‪50‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫شرط التحكيم اآلخر على العقد األصلي معطية احملكم سلطة الفصل يف الدعوى رغم بطالن‬

‫العقد األصلي‪.1‬‬

‫‪ -‬ولكن يف حكم هلا رفضت الدفع الذي قدم هلا وقررت صحة شرط التحكيم مؤسسة قضاءها‪.‬‬

‫ليس على منهج التنازع واإلستبعاد تطبيق القانون الفرنسي ولكن مقررة قاعدة موضوعية يف‬

‫القانون الفرنسي مقتضاها صحة شرط التحكيم يف العقود الدولية‪ .‬وهكذا فإن القضاء الفرنسي‬

‫نستطيع بأن نقول بأنه أخذ مببدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ولقد فصل بني مصري‬

‫الشرط وبني مصري العقد وأعطى حمكم سلطة الفصل يف صحة أو بطالن العقد األصلي مع‬

‫إمكانية إختالف القانون املطبق على شرط التحكيم من القانون املطبق على العقد األصلي‪.2‬‬

‫‪ -‬أما عن إستقالل إتفاق التحكيم يف مصر جند أن نص م ‪ 21‬من ق ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬قانون‬

‫التحكيم املصري جاء واضح وصريح يف إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ولقد حسم‬

‫اخلالف حول إستقاللية شرط التحكيم عن العقد األصلي بأن بطالن العقد أو فسخه ال يؤثر على‬

‫صحة الشرط ذاته وعلى ذلك حيال النزاع إىل التحكيم بالرغم من أن العقد قد يكون باطال أو‬

‫مفسوخا‪ .‬ولقد حكمة احملكمة العليا بأن جمرد حترير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها ال يقطع‬

‫أيهما يف ذاته التقادم ألن املشلرطة ليست إال إتفاقا على عرض نزاع معني علة حمكمني والنزول‬

‫على حكمهم وال تتضمن مطالبة باحلق وإذا تضمنت املشارطة إقرار من املدين باحلق الدائن كما‬

‫‪ 1‬إيمان فتحي حسن الجميل‪ ،‬إتفاق التحكيم البحري (وفقا لقانون التحكيم المصري)‪ ،‬قانون ‪ 80‬لسنة‬
‫‪ ،1882‬واإلتفاقيات الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬األسكندرية‪ ،‬ص ‪.80 -81‬‬
‫‪ 2‬إيمان فتحي حسن الجميل‪ ،‬إتفاق التحكيم البحري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬

‫‪51‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫لو إعترف بوجود الدين فإن التقادم ينقطع يف هذه احلالة بسبب هذا اإلقرار صرحيا كان أو ضمنيا‬

‫وليس سبب املشارطة يف ذاهتا جند أن هذا احلكم القاطع يف حتديد إجتاه القضاء املصري حنو‬

‫إعمال مبدأ إستقالل شرط التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬ولقد متاشى قانون التحكيم اإلجنليزي لعام ‪ 3660‬مع التطورات احلديثة للممارسات‬

‫التحكيمية الدولية وإذا كان قانون التحكيم اإلجنليزي لعام ‪ 3676‬قد حترك حنو التحكيم‬

‫اإلجنليزي املتعاقبة مل تنص على مبدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد االصلي ولكن مت‬

‫اإلعتراف هبذه اإلستقاللية من جانب القضاء‪.1‬‬

‫‪ -‬ولقد نصت املادة ‪ 3/3767‬و‪ 2‬من التقنيني البلجيكي للمرافعات يف صياغته الواردة بالقانون‬

‫الصادر يف ‪ 02‬جويلية ‪ 3672‬وأيضا ‪ 3061‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م اهلولندي واليت بصياغتها الواردة يف‬

‫القانون الصادر ‪ 3689‬أن ‪ ":‬إتفاق التحكيم يعترب مكونا إلتفاق مستقل"‪ .2‬وذلك قبل أن تقر‬

‫احملكمة التحكيم بالسلطة يف الفصل يف مسألة صحة العقد األصلي الذي يكون إتفاق التحكيم‬

‫أو يشري إليه‪ .‬كذلك فإن املادة ‪ 378‬فقرة ‪ 01‬من الق الدويل اخلاص السويسري‬ ‫مدرجا به‬

‫الصادر ‪ 3687‬تنص أيضا على انه‪" :‬ال جتوز املنازعة يف صحة إتفاق التحكيم مبقولة عدم صحة‬

‫العقد األصلي"‪ 3‬وأيضا فإن املادة ‪ 8‬من القانون اإلسباين الصادر يف ‪ 6‬ديسمرب ‪ 3688‬بشأن‬

‫‪ 1‬عاطف الفظي‪ ،‬التحكيم في المنازعات البحرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬عام ‪ ،8000‬ص‪.130‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 1013‬ق‪.‬إ‪ .‬م الهولندي‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 102‬ق الدولي الخاص السويسري‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫التحكيم تنص على أن‪" :‬بطالن العقد ال يؤدي بالضرورة إىل بطالن إتفاق التحكيم املتعلق به"‪.1‬‬

‫كذلك فإن كل من القانون اجلزائري الصادر يف ‪ 06/08‬والقانون التونسي يقر مببدأ إستقاللية‬

‫إتفاق التحكيم عن العقد األصلي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تكريس مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي بواسطة قضاء التحكيم الدويل ‪:‬‬

‫أبرزت العديد من أحكام التحكيم إستقاللية التحكيم عن العقد األصلي على إعتبار أن هذا األمر‬

‫يتعلق مببدأ عام من مبادئ القانون التجاري الدويل‪ .‬وذلك دون احلاجة من تربير هذه اإلستقاللية‬

‫إىل اإلشارة إىل القانون وطين حمدد‪.‬‬

‫‪ -‬ففي القضية رقم ‪ 3629‬لسنة ‪ 3698‬قرر احلكم التحكيمي الصادر فيها أن هناك قاعدة جتوز‬

‫القبول العام يف إطار التحكيم التجاري الدويل أو يف طريقها إليه‪ ،‬من مقتضاها أن شرط التحكيم‬

‫سواء متت املوافقة عليه بشكل منفصل عن العقد األصلي أو كان متضمنا فيه‪ ،‬يتمتع دائما‬

‫بإستقاللية قانونية كاملة‪ ،‬إال يف حاالت إستثنائية على حنو يستبعد معه إمكانية تأثره بأي بطالن‬

‫العقد ‪ ،2‬ولقد ذهبت بعض أحكام التحكيم إىل وصف املبدأ بأنه يشكل قاعدة من‬ ‫يلحق هذا‬

‫القواعد املادية لقانون التجارة الدولية‪ ،‬ولقد ذهبت بعض أحكام التحكيم إىل ذات اإلجتاه الذي‬

‫ذهبت إليه أحكام القضاء الفرنسي مقررة أنه وفقا ملبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم‪ ،‬فإنه خيضع يف‬

‫التحكيم الدويل إىل قانون آخر غري ذلك الذي يسري على العقد األصلي كذلك فإن جانبا من‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 02‬من القانون اإلسباني‪.‬‬


‫‪ 2‬هاني صالح سري الدين‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،8001‬ص ‪.02‬‬

‫‪53‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫التحكيمات الصادرة يف املنازعات الناشئة عن العقود املربمة بني الدول واألشخاص األجنبية‬

‫التابعة لدول األخرى‪ .1‬ذهبت بدورها إىل تأكيد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي‬

‫الوارد به هذا اإلتفاق‪ .‬ففي التحكيمات الثالثة الصادرة يف املنازعات الناشئة بني ليبيا والشركات‬

‫األجنبية قامت حماكم التحكيم املعنية‪ ،‬بإعمال مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم مؤكدة على أن‬

‫إتفاق التحكيم يظل قائما على الرغم من إهناء عقد اإلمتياز الذي قامت به احملكمة الليبية ‪،‬وأن‬

‫هذا اإلتفاق يعد أساسا إلختصاص فإن إستقاللية شرط التحكيم يشكل جزءا من القانون الوطين‬

‫للتحكيم يف العديد من الدول‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تكريس لوائح التحكيم مببدأ إستقاللية التحكيم عن العقد األصلي‪:‬‬

‫‪ -‬تستمد لوائح التحكيم سلطتها من إرادة األطراف اليت تشري إليها‪ ،‬ويرى جانب من الفقه أن‬

‫تأكيد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم الذي تشري هذه اللوائح إليه‪ ،‬يتعني تفسريه على أنه يعرب عن‬

‫إرادة األطراف‪ .‬يف أن يعامل إتفاق التحكيم على حنو مستقل عن املعاملة اليت يلقاها العقد‬

‫األصلي‪ .‬وهذه القاعدة تعد مبثابة قرينة‪ ،‬إذ أن لألطراف دائما خمالفة النصوص اليت تتضمنها‬

‫الئحة التحكيم اليت يتبنوها أال أن هذه القرينة ليست عدمية الفائدة بالنسبة للمحكمني الذين‬

‫يرون ضرورة تطبيق قانون خمتلف على إتفاق التحكيم جيهل هذه التفرقة وذلك على الرغم من‬

‫إشارة األطراف لالئحة التحكيم‪ ،‬ففي هذه احلالة فإنه يكفي هؤالء األطراف مالحظة أن هذا‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 02‬من الئحة الغرفة التجارية بباريس ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫القانون ال ينكر هذه التفرقة حىت وإن كان هذا القانون‪ 1‬ال يكرسها بشكل صريح ويستند على‬

‫مبدأ سلطات اإلرادة من أجل الفصل بني مصري إتفاق التحكيم وبني العقد األصلي ‪.‬‬

‫‪ -‬تعد الئحة التحكيم اليت أعدهتا غرفة التجارة الدلية بباريس منن أهم اللوائح التحكيم التجاري‬

‫الدويل اليت كرست مبدأ اإلستقاللية إتفاق التحكيم‪ ،‬إذ ننص يف املادة ‪ 08‬على أنه‪" :‬طاملا مل‬

‫يوجد شرط خمالف‪ ،‬فإنه ال يترتب على التمسك ببطالن أو إنعدام العقد املدعي به عدم‬

‫إختصاص احملكم إذا متسك هذا األخري بصحة إتفاق التحكيم"‪ .2‬كما نصت املادة ‪ 30‬على أن‪:‬‬

‫"احملكم أو احملكمون ما هم اال قضاة ميلكون البث يف إختصاص‪ ،‬كما انه على وجه اخلصوص‬

‫أهل للفصل حول وجود و صحة إتفاق التحكيم أو العقد األصلي الذي يشمله عند اإلقتضاء و‬

‫أيضا حول نطاق إختصاصهم"‪.‬‬

‫‪ -‬كما نصت املادة ‪ 2/6‬من الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم على أن‪" :‬ما مل يشترط‬

‫العكس فإن اإلدعاء ببطالن أو عدم وجود العقد األصلي ال يؤثر على إختصاص احملكم والذي‬

‫يستمد من صحة إتفاق التحكيم‪ ،‬ويبقى احملكم والذي يستمد من صحة إتفاق التحكيم‪ ،‬ويبقى‬

‫احملكم خمتصا أيضا يف حالة عدم وجود أو بطالن العقد األصلي حتديد حقوق األطراف والفصل‬

‫يف طلباهتم"‪.3‬‬

‫‪ 1‬حفيظة السيد حداد‪ ،‬اإلتجاهات المعاصرة بشأن إتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر االمعي اإلسكندرية‪،8001 ،‬‬
‫ص‪.38 -32‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 1‬فقرة ‪ 8‬من الئحة تحكيم المنظمة الدولية بباريس‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 8/1‬الئحة التحكيم المنظمة الدولية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬وتنص املادة ‪ 2/23‬من الئحة نيوسترال لعام ‪ 3679‬على أن‪" :‬يكون حملكمة التحكيم سلطة‬

‫الفصل يف وجود أو صحة العقد الذي يشكل شروط التحكيم جزء منه‪."1‬‬

‫‪ -‬كذلك فإن الئحة التحكيم اليت أقرهتا اجلمعية العامة يف ‪ 28‬أفريل ‪ 3679‬واليت أعدهتا خنبة‬

‫األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل‪ ،‬واليت أوصت اجلمعية العامة لألمم املتحدة بإعمال‬

‫أحكامها على حل املنازعات الناشئة عن العالقات التجارية الدولية تضمنت نصوص تكريس مبدأ‬

‫إستقاللية إتفاق التحكيم وإختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬إذ تنص املادة ‪ 3/23‬من الالئحة على أنه‪" :‬تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع املثارة بشأن عدم‬

‫إختصاصها‪ ،‬مبا يف ذلك كل دفع يتعلق بوجود وصحة شرط التحكيم وإتفاق التحكيم‬

‫املستقل‪ ."2‬وهليئة التحكيم اإلختصاص يف الفصل يف وجود وصحة العقد الذي يعد شرط‬

‫التحكيم جزءا منه‪ .‬وفيما يتعلق بأهداف املادة ‪ ،23‬فإن شرط التحكيم يعد شرطا يف العقد‬

‫والذي ينص على التحكيم وفقا لالئحة‪ .‬يعد شرطا مستقال عن الشروط األخرى اليت يتضمنه‬

‫العقد‪ ،‬وال يترتب على التقرير هيئة حتكيم البطالن العقد األصلي‪ ،‬بطالن شرط التحكيم بقوة‬

‫القانون‪ .‬ويكرس هذا املبدأ صراحة إختصاص هيئة التحكيم بالفصل يف مسأليت صحة ووجود‬

‫كل من العقد األصلي وشرط التحكيم‪ .‬وعالوة على لوائح التحكيم السابق ذكرها‪ ،‬فإن لوائح‬

‫التحكيم اليت مقدر هلا أن تلعب دورا هاما يف الدول‪.‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 8/81‬الئحة نيوسترال ‪.1800‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 1/81‬من الئحة التحكيم للجمعية العامة للنخبة األمم المتحدة للق التج الدولي‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ COMMON LAW -‬كرست أيضا مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم فالئحة التحكيم‬

‫الصادرة ‪ 3686‬عن غرفة لندن للتحكيم الدويل تبنت يف املادة ‪ 13/32‬نصوص املادة ‪2/23‬‬

‫من الالئحة اليت أمتتها خنبة األمم املتحدة للقانون‪ .‬وبذهب جانب من الفقه أنه ال يتعني تفسري هذا‬

‫اإلغفال من جعل املادة املذكورة سابق على أنه رفض للفكرة‪ .‬إذ أن هذه الفكرة ليست نتيجة‬

‫حتمية ملبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم‪ .‬وهبذه املكانة فإنه من غري الالزم اإلشارة إليها صراحة‬

‫ويشري هذا الفقه إىل أن هذه املبادرات اليت بدأت يف التنامي يف دول ‪COMMON‬‬

‫‪ LAW‬حتتاج إىل التأكيد عليها وإبرازها وخاصة وإن مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم على النحو‬

‫ما هو معروف من املبادئ غري املستقرة على حنو كامل يف الدولة املنتمية إىل هذا النظام‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬األثار املترتبة على مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم‬

‫مبدأ إستقاللية التحكيم من العقد األصلي هو املعىن القانوين وليس املادي فهو ال يعين مطلقا أن‬

‫إتفاق التحكيم جبب أن يكون حمل إرضاء وقبول مستقل عن الرضى املقبول بشأن العقد األصلي‪،‬‬

‫كما ميكن أن أي شرط التحكيم أن يلقي ذات املصري الذي يلقاه العقد الرئيسي يف حالة إنتقال‬

‫احقوق النجمة عن هذا العقد وبالتايل فإن هذا املبدأ ينجم عنه أثرين مهمني مها‪:‬‬

‫‪ -‬األثر األول عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي‪ ،‬األثر الثاين هو إمكانية‬

‫خضوع إتفاق التحكيم لقانون آخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي‪:‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1/12‬الئحة التحكيم الصادرة عن غرفة لندن للتحكيم الدولي‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫الفرع األول‪ :‬عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي‬

‫هو أهم األثار املترتبة على م بدأ إستقاللية شرط التحكيم ومعىن هذا املبدأ أن وجود وصحة‬

‫وسريان إتفاق التحكيم ال يتوقف وال يتأثر مبصري العقد األصلي الذي يشري إليه اإلتفاق فمثال‬

‫إدعاء أن العقد األصلي مل يتم إبرامه يف العرض الذي يكون فيه العقد الذي يتضمن شرط‬

‫التحكيم مث توقيعه ولكن مل يدخل يف مرحلة النفاذ أو أنه باطل أو مت فسخه أو اإللتزامات‬

‫الناشئة عن العقد األصلي مت حتديدها‪ ،‬ال يؤدي إىل عدم فعالية إتفاق التحكيم أو املساس به فهذه‬

‫املسألة بشأن عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي قد أثار الكثري من اجلدل‪،‬‬

‫حيث غن فكرة بطالن العقد أو إنعدامه من األمور الشائكة فبمجرد اإلدعاء بإنعدام العقد‬

‫األصلي ال يكفي يف حد ذاته إىل إستبعاد إختصاص احملكمة‪ ،‬إذ أن للمحكم أن يقدر مدى صحة‬

‫هذا اإلدعاء وإذا الحظ فعال أن العقداألصلي غري قائم وال وجود له قانونا‪ ،‬وذلك يف حال‬

‫اإلنعدام الكامل لرضا املتبادل بني أطراف العقد‪.1‬‬

‫‪ -‬فإن يتعني أن يستخلص من هذا اإلنعدام األثار املتعلقة ملوضوع النزاع فإذا إتضح له أن إنعدام‬

‫املدعي به يسري أبطأ على إتفاق التحكيم ليس جملرد إستخالص هذه النتيجة وإمنا ألن سبب‬

‫اإلنعدام الذي حيقق العقد األصلي حلق أيضا بإتفاق التحكيم‪.2‬‬

‫‪ 1‬سامية راشد‪ ،‬التحكيم في العالقات الدولية الخاصة‪ ،‬الكتاب األول"إتفاق التحكيم"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬ط ‪ ،1822‬ص ‪.02‬‬
‫‪ 2‬سامية راشد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.02‬‬

‫‪58‬‬
‫اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -‬فمبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي سيسمح بالبقاء على إتفاق التحكيم طاملا مل‬

‫يكن هذا اإلتفاق يف حد ذاته قد حلق به أي عيب من عيوب اإلرادة اليت حلقت بالعقد األصلي‬

‫وطاملا مل يكن حمله أو سببه خمالف لنظام العام‪ ،‬أما إنعدام التعبري عن رضا األطراف بالعقد األصلي‬

‫فإنه يؤدي إىل عدم وجود إتفاق مستقل يف عالقته بإتفاق آخر إذ ال يوجد أي إتفاق‪.1‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬خضوع إتفاق التحكيم لقانون آلخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي‬

‫يؤدي إتفاق مبدأ إلستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي إىل قبول عدم خضوع إتفاق‬

‫التحكيم بالضرورة إىل ذات القواعد اليت حتكم العقد األصلي سواء مت إخضاع إتفاق التحكيم إىل‬

‫قانون حمدد باألعمال لقواعد اإلسناد التقليدية أو مت إخضاع إتفاق التحكيم على حنو ما ذهب‬

‫إليه القضاء احلديث يف فرنسا سواء من حيث الفصل يف مسألة وجود ذاته أو صحته‪ ،‬إىل قواعد‬

‫مادية تتماشى مع الطابع الدويل لتحكيم فشرط التحكيم يعد جزءا مستقال عن العقد األصلي‬

‫واألطراف وأيضا للقضاء الذي يفوض إليه األمر للفصل يف مسألة وجوده وصحته‪ ،‬إخضاعه‬

‫لقانون خمتلف عن ذلك الذي خيضع له باقي العقد‪.2‬‬

‫‪ 1‬محمد هللا محمد هللا‪ ،‬النظام لشرط التحكيم في المنازعات في التجارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،8008 ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ 2‬عصام عبد الفتاح‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28/21‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاين ‪:‬‬

‫األثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬


‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاين‪ :‬األثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬

‫املبحث األول‪ :‬األثر املانع‬

‫تنص املادة ‪ 31‬من القانون التحكيم املصري على أنه‪ :‬جيب على احملكمة اليت يرفع إليه النزاع‬

‫يوجد بشأنه إتفاق التحكيم أن حيكم بعد قبول الدعوى إذ رفع املدعي عليه‪ ،‬بذلك قبل إبدائه أي‬

‫طلب أو دفاع يف الدعوة‪ ،‬وال حيول رفع الدعوى املشار إليها يف الفترة السابقة دون البدء يف‬

‫إجراءات التحكيم إلستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ويستخلص من هذه املادة أن احلكم‬

‫بعد قبول الدعوى ال تصدره احملكمة من تلقاء نفسها‪ ،‬حىت ولو تبني هلا وجود إتفاق التحكيم‬

‫وعليها مباشرة إختصاصها وتفسري ذلك ألن إلتجاء أحد أطراف إتفاق التحكيم إىل القضاء يعين‬

‫ختليه عن هذا اإلتفاق ورغبته يف العودة للقضاء املختص أصال‪.‬فإذا حضر الطرف االخر وساير‬

‫خصمه وبدأ يف تقدمي طلباته ومناقشة موضوع النزاع‪ ،‬فإن مفاد ذلك ختليه هو أيضا عن إتفاق‬

‫التحكيم مما يؤدي إىل وجوب تصدي القاضي ملوضوع النزاع‪ ،‬إما إذا متسك الطرف اآلخر‬

‫بإتفاق التحكيم فهنا فقط يتعني على القاضي احلكم بعد قبول الدعوى‪ .‬وإال فتحنا الباب على‬

‫مصرعيه للتنصل من إتفاقات التحكيم وإهدار قيمتها ويستلزم املشرع ضرورة إعالن التمسك‬

‫بإتفاق التحكيم قبل اخلوض يف موضوع النزاع وإال أعترب متنازال عن الدفع بعدم القبول وال‬

‫يستطيع بعد مناقشة املوضوع العودة لطلب احلكم بعد قبول الدعوى‪.1‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 13‬من قانون التحكيم المصري‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬إن إلتجاء أحد األطراف إتفاق التحكيم للقضاء ‪،‬ال مينع الطرف اآلخر من بدأ إجراءات‬

‫التحكيم‪ ،‬وإذا كانت اإلجراءات قد بدأت فرفع للدعوى القضائية ال يعوق إستمرار احملكمني يف‬

‫نظر موضوع النزاع وإصدار حكم فيه‪ ،‬وذلك بعد متكني الطرف املتغيب املدعي عليه من إبداء‬

‫دفاعه و إخطاره بتقدميه خالل املدة املتفق عليها فإذا مل يفعل كان للهيئة الفصل يف النزاع يف‬

‫ضوء ما توفر حتت يدها من مستندات أما إذا كان املدعى لن يتقدم للهيئة بيان بدعواه خالل‬

‫امليعاد املتفق عليه‪.‬‬

‫‪ -‬ويقدم القانون الفرنسي أحكاما متشاهبة خبصوص حتديد أثار إتفاق التحكيم‪ ،‬فتنص املادة‬

‫(‪ )3968‬على أنه‪" :‬إذا رفع أمام قضاء الدولة نزاع إتصلت به حمكمة حتكيم مبقتضى إتفاق‬

‫التحكيم‪ ،‬فيجب على هذا القضاء إعالن عدم إختصاصه طاملا أن إتفاق التحكيم ليس واضحا‬

‫بطالنه‪.1‬‬

‫فامشرع الفرنسي يلزم القضاء باحلكم بعدم إختصاصه بنظر النزاع املعقود بشأنه إتفاق التحكيم‬

‫وال شك أن موقف املشرع املصري يعد أكثر دقة إلن إتفاق التحكيم ال ينزع إختصاص القاضي‬

‫وإمنا حيجبه عن نظر النزاع‪.‬‬

‫ويالحظ أن مت فارقا هاما بني القانون املصري والفرنسي‪ ،‬وإذ ال يفرق القانون املصري بني حالة‬

‫رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل إتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع إتفاق التحكيم ففي‬

‫احلالتني يتحتم احلكم بعد قبول الدعوى أما القانون الفرنسي وإن كان حيتم احلكم بعد‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1012‬من القانون المرافعات الفرنسي‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلختصاص يف حالة رفع الدعوى بعد إتصال هيئة التحكيم بالنزاع فإنه خيول القاضي إمكانية‬

‫عدم احلكم بعدم اإلختصاص والتصدي للموضوع إذا تبني له البطالن الظاهر إلتفاق التحكيم‬

‫كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية احملكمني أو بيان أسلوب إختيارهم‪ ،‬أو خلو املشارطة من‬
‫‪1‬‬
‫حتديد موضوع النزاع‬

‫املطلب األول‪ :‬األثر اإلجيايب إلتفاق التحكيم‬

‫يترتب على إتفاق التحكيم الدويل بوصفه العقد الذي تتعهد األطراف فيه بأن يتم الفصل يف‬

‫املنازعات الناشئة بينهم أو اليت قد تنشأ بينهم بواسطة احملكمني وليس بواسطة قضاء الدولة‪ ،‬أثران‬

‫خمتلفان‪ :‬األثر األول وهو ما يعرف باألثر اإلجيايب ووفقا له يتعني على األطراف أن حتترم التعهد‬

‫الصادر عنها وتعهد باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم إىل احملكم‪ .‬أما األثر الثاين الذي يرتبه‬

‫إتفاق التحكيم وهو ما يعرف باألثر السليب ووفقا له ميتنع على األطراف اإللتجاء إىل حمكم‬

‫الوطنية من أجل الفصل يف املنازعات املتفق على حلها بواسطة التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬يلزم إتفاق التحكيم األطراف بأن تعهد املنازعة الناشئة بينهم واملتفق على حلها بواسطة‬

‫التحكيم إىل احملكم هذا من جهة‪ .‬كما أن إتفاق التحكيم يعد األساس أو املصدر الذي تستمد‬

‫منه حمكمة التحكيم إختصاصها بالفصل يف املنازعة‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود مختار أحمد البربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪،80012 ،‬‬
‫ص ‪.82/83‬‬

‫‪63‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرع األول‪ :‬إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملنازعة املتفق على حلها بواسطة التحكيم‪:‬‬

‫يعترب إلتزام األطراف بالعهدة باملنازعة موضوع إتفاق التحكيم إىل احملكم‪ ،‬وأن هذا اإللتزام جيب‬

‫تنفيذه عينا من املسائل املستقرة واليت تثري اجلدل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تقرير مبدأ إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملسائل موضوع اإلتفاق على التحكيم‬

‫ينجم إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملنازعة موضوع اإلتفاق على التحكيم عن تطبيق مبدأ‬

‫القوة امللزمة هلذا اإلتفاق إذا أنه من املعروف أن مبدأ القوة امللزمة أو أن العقد شريعة املتعاقدين‬

‫من املبادئ املستقرة يف القانون الدويل للعقود‪.‬‬

‫‪ -‬ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأنه ال يوجد يف اللحظة الراهنة أية صعوبة يف‬

‫اإلعتراف مببدأ القوة امللزمة إلتفاق التحكيم على إعتبار أهنا قاعدة مادية من قواعد القانون‬

‫الفرنسي بشأن التحكيم الدويل وحىت على إعتبار من قواعد القانون العابر للدول بشأن التحكيم‬

‫التجاري الدويل ولعل ذلك هو ما يفسره‪ ،‬من وجهة نظر الفقه إن القضاء الفرنسي والذي توجه‬

‫حكم حمكمة النقض يف قضية ‪ DALICO‬ال يلجأ إىل البحث عن القانون الواجب التطبيق من‬

‫أجل تأكيد القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‪.1‬‬

‫‪ -‬ويذهب هذا اجلانب من الفقه إىل القول بأن القانون األجنيب الذي ال يعترف بالقوة امللزمة‬

‫إلتفاق التحكيم لن تكون له من وجهة نظر النظام القانوين الفرنسي‪ ،‬أي فرصة للتطبيق حىت‬

‫‪ 1‬حفيظة السيد حداد‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.111/110‬‬

‫‪64‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بالنسبة للنزاع الذي يرتبط بالدولة اليت صدر عنها هذا القانون سواء إرتبطت املنازعة هبذه الدولة‬

‫من خالل جنسية األطراف فيها أو من خالل موضوع املنازعة أو من خالل القانون الواجب‬

‫التطبيق على املوضوع‪ .‬كما أن القانون الكولوميب بشأن التحكيم الصادر يف ‪ 07‬أكتوبر ‪3686‬‬

‫ال يعترف بالقوة امللزمة إلتفاق التحكيم املربم بني الطرفني إذا كانت املنازعة اليت يتصل هبا من‬

‫شأهنا أن تتعلق بالغري‪ ،‬وهذا احلل الذي عليه القانون املذكور من وجهة نظر الفقه حل غري مشجع‬

‫للتحكيم‪ ،‬فمنذ عام ‪ 3621‬أقر برتوكول جنيف بشأن شروط التحكيم هذا احلل ضمنا بتأكيده‬

‫يف املادة ‪ 03‬منه على صحة شرط التحكيم ومشارطة التحكيم الواردة بني األطراف اخلاضعة‬

‫حملاكم الدول األطراف يف املعاهدة‪.1‬‬

‫‪ -‬ولقد قررت معاهدة نيويورك املوقعة يف ‪ 30‬يوليو ‪ 3668‬واملتعلقة باإلعتراف وتنفيذ أحكام‬

‫التحكيم األجنبية يف املادة ‪ 02‬فيها فقرة ‪ 03‬على أن‪" :‬تعترف كل دولة متعاقدة باإلتفاق‬

‫املكتوب الذي يلزم مبقتضاه األطراف بأن خيضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو‬

‫اليت تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غري التعاقدية املتعلقة مبسألة جيوز‬

‫تسويتها عن طريق التحكيم‪."2‬‬

‫‪ -‬وعلى الرغم من أن معاهدة جنيف املوقعة يف ‪ 23‬أفريل ‪ ،3693‬مل تعاجل بشكل مباشر‬

‫اإللتزام الواقع على عاتق األطراف بالعهدة إىل حمكمتني بالفصل يف املنازعة املتفق بشأهنا على‬

‫‪ 1‬محمود محمد هاشم‪ ،‬القضاء ونظام اآلليات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬عمادة شؤون المكتبات‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعود‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،1828 ،1‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 1/8‬من معاهدة نيويورك (المتعلقة باإلعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية)‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التحكيم‪ ،‬فإهنا مع ذلك كرست هذا اإللتزام من خالل التنظيم الدقيق الذي وضعته لكيفية تعيني‬

‫احلكم أو احملكمني يف حالة عدم حتديد األطراف هلذا التعيني وذلك يف املادة ‪ 2‬منه فهذه النصوص‬

‫تتضمن بوضوح أن األطراف ملزمة بالعهدة باملنازعة الوارد بشأهنا على التحكيم إىل احملكمني‪.1‬‬

‫‪ -‬والواقع من أمر أن هذا اإللتزام على عاتق األطراف بالعهدة إىل احملكم أو احملكمني باملنازعة‬

‫املتفق على حلها من خالل التحكيم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التنفيذ العيين لإللتزام الواقع على عاتق األطراف يف إتفاق التحكيم بالعهدة باملنازعة حمل‬

‫التحكيم إىل احملكم ‪:‬‬

‫يذهب جانب من الفقه إىل القول بأن إتفاق التحكيم الذي ال تترتب على خمالفته سوى إمكانية‬

‫إلزام الطرف الذي ختلف عن وضعه حمل التنفيذ بالتعويض‪ ،‬يعد إتفاق حمدود الفعالية‪ ،‬وذلك‬

‫لصعوبة حتديد الضرر الواقع على الطرف‪ ،‬والناتج عن عدم قدرته على عرض املنازعة املتفق‬

‫بشأهنا على التحكيم أمام احملكم نظرا ألن جهة قضائية وطنية قد أقرت وإعترفت بإختصاصها‬

‫بنظر هذه املنازعة ودون أدىن شك فإن هذا الضرر ميكن أن يكون ضرر حقيقي مادي لفقدان‬

‫الشخص التمتع باملزايا اليت متنحها معاهد نيويورك بشأن تنفيذ واإلعتراف بأحكام التحكيم‬

‫األجنبية‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد حداد حفيظة‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪66‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬فالطرف الذي يتحصل على احلكم بإلزام الطرف املتعاقد معه من قبل اجلهات القضائية يف دولة‬

‫ما سوف يكون يف مركز أقل مالئمة له فيما يتعلق بتنفيذ هذا احلكم عما إذا قرر الذي يريده‬

‫تنفيذه هو حكم حتكيمي صادر من هيئة التحكيم إختذت من إحدى الدول املتعاقدة تعد أطرافا‬

‫مقر هلا‪ .‬وهو فرض يتحقق بشكل مستمر نظرا ألن الغالبية العظمى من الدول أطرافا يف هذه‬

‫املعاهدة وهو ما يسري تنفيذ هذا احلكم احمللي واإلعتراف به‪.1‬‬

‫‪ -‬فمنذ احلظة اليت تقرر فيها القضاء يف الدولة إختصاصه بالفصل يف موضوع املنازعة املعروضة‬

‫عليه‪ .‬فإن كل تقدير للضرر من أجل تعويضه سوف يتم من خالل مقارنة ضعيفة بني املزايا لكل‬

‫من العدالة اليت يقدمها التحكيم وعدالة احملاكم الوطنية‪ .‬ويف هذا الغرض فإنه من غري املمكن‬

‫وضع تقييم مايل طاملا أن أي إنكار للعدالة مل يكن متحققا يف واقعة احلال‪.‬‬

‫‪ -‬فإنه مع ذلك فإنه يبقى هناك حمال للتقييم املايل بالنسبة للنفقات النامجة عن قيام الطرف بالدفاع‬

‫عن حقه أمام احملكم الوطنية غري املختصة وذلك على الرغم من وجود إتفاق على التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬فهذه النفقات ميكن التمسك بالتعويض عنها أمام احملكمني املختصني بالفصل يف املنازعة تنفيذ‬

‫اإلتفاق التحكيم‪ ،‬ويقع على الطرف الذي إجته إىل القضاء عبء حيمل هذه النفقات اخلاصة‬

‫بالطرف اآلخر الذي إضطر إىل الدفاع عن حقه أمام قضاء الدولة‪.‬‬

‫‪ 1‬عاصف سهاب‪ ،‬إتفاق التحكيم التجاري واإلختصاص التحكيمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1880‬ص ‪.21‬‬

‫‪67‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬أن هذا اجلزء يف الصورة يعد جزءا على املخافة اإللتزام السليب الناجم عن إتفاق التحكيم و‬

‫الذي يلزم الطرف يف إتفاق التحكيم على عدم التوجه إىل احملكم الوطنية وعرض املنازعة املتفق‬

‫بشأهنا على التحكيم على احملاكم الوطنية ومن مثا فإن التنفيذ العيين إلتفاق األطراف ورغباهتم‬

‫واحلل املتقدم مل يكن حمال لإلمجاع عليه بصفة دائمة يف القانون الروماين ختلف عن التحكيم‪،‬‬

‫وذلك بعد صدور حكم التحكيم‪ ،‬وذلك عن طريق دفع ‪ POENA‬املنصوص عليها يف‬

‫املشارطة‪.‬‬

‫‪ -‬فالتنفيذ العيين اجلربي إلتفاق التحكيم يتم من خالل إستخدام آليات هتدف إىل قهر مقاومة‬

‫الطرف الذي بعد أن قبل اإلتفاق على التحكيم ال يود يف املشاركة يف إجرائه بل وحياول كل‬

‫الطرف أن يؤخر اللجوء إىل استخدام هذه اإلجراءات ففي هذا الغرض فإن التحكيم سيشرع يف‬

‫إختاذ إجرائه على الرغم من إمتناع هذا الطرف عن املشاركة يف إجراءات التحكيم كان ميتنع عن‬

‫تعيني حمكم‪ ،‬أو ميتنع عن املسامهة يف تعيني رئيس هيئة التحكيم بشكل أو آخر إىل وضع احللول‬

‫تتفادى مثل هذه األعمال اليت تتسم يف بعض األحيان بأهنا أعمال تسويقية هتدف إىل تعطيل سري‬
‫‪1‬‬
‫إجراءات التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬وتذهب بعض الدول من أجل مواجهة عدم القيام أحد أطراف يف إتفاق التحكيم بتعيني حمكم‬

‫إىل النص على هيئة خمتصة تتوىل مهمة تعيني هذا احملكم بدال من الطرف الذي تقاعس عن تنفيذ‬

‫‪ 1‬عبد الباسط محمد الواسع ص ‪201‬‬

‫‪68‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هذا اإللتزام ويعترب قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬من القوانني اليت تبث هذا‬

‫احلل‪.‬‬

‫‪ -‬ولقد تبىن القانون اهلولندي اجلديد بشأن التحكيم هذا احلل بل أنه جعل من القاعدة املتقدمة‬

‫قاعدة آمرة تعلو على إتفاقات األطراف عند تط بيق القانون اهلولندي‪ ،‬إذ ينص هذا القانون يف‬

‫املادة ‪ 3028‬على أنه‪" :‬إذا خول إتفاق التحكيم إىل أحد األطراف مركز متميزا فيما يتعلق‬

‫مبسألة تعيني احملكم أو احملكمني‪ ،‬فإن للطرف اآلخر باملخالفة لكيفية التعيني املنصوص عليها يف‬

‫هذا اإلتفاق ويف خالل مدة شهر حتسبا من الشروع يف التحكيم‪ ،‬أن يطلب من رئيس احملكمة‬
‫‪1‬‬
‫اجلزئية أن يعني احملكم أو احملكمني"‪.‬‬

‫‪ -‬وإمتناع أحد األطراف عن تعيني حمكم‪ ،‬ال يؤدي إىل إعاقة الشروع يف إجراءات التحكيم يف‬

‫القانون الفرنسي‪ ،‬إذ يقرر القانون وفقا لنص املادة ‪ 3261‬احلق لرئيس احملكمة اجلزائية يف باريس‬

‫بأن يقوم بتعيني هذا احملكم بدال من الطرف املمتنع عن تعيينه كذلك أي عقبة حتول دون إمتامه‪.‬‬

‫‪ -‬ومل يتخلف القانون املصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬بشأن التحكيم عن مسايرة اإلجتاه املتقدم‪،‬‬

‫إذ ينص يف املادة ‪ 37‬فقرة ‪ 2‬على أنه‪" :‬إذا خالف أحد الطرفني إجراءات إختيار احملكمني اليت‬

‫إتفقا عليها أو مل يتفق احملكمات املعينان على أمر مما يلزم إتفاقهما عليه‪ ،‬وإذا ختلق الغري عن أداء‬

‫ما عهد به إليه يف هذا الشأن تولت احملكمة املشارة إليها يف املادة ‪ 6‬من هذا القانون بناء على‬

‫‪ 1‬قادري عبد العزيز االستثمارات الدولية الجزائر ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1002‬ص ‪.122‬‬

‫‪69‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫طلب أحد الطرفني القيام باإلجراء أو العمل املطلوب ما مل ينص يف اإلتفاق على كيفية أخرى‬
‫‪1‬‬
‫إلمتام هذا اإلجراء أو العمل"‪.‬‬

‫‪ -‬وهتدف النصوص املتقدمة إىل تفادي إنكار العدالة يف الفروض اليت يصعب فيها تشكيل حمكمة‬

‫التحكيم بسبب تعنت أحد األطراف مبنحها الفرصة للطرف املدعى بأن يتقدم بدعواه أمام‬

‫اجلهات القضائية الوطنية‪ ،‬ويرى هذا اجلانب من الفقه أن هذا احلل ليس حال متاليا أحد يعني‬

‫اإلعتبار اإلرادة األولية لألطراف اليت كانت موجهة حنو إختاذ التحكيم سبيال للفصل يف املنازعات‬

‫الناشئة بينها ومع دلك فإن هذا احلل بيد وحال ال مفرمنه يف احلاالت اليت يبدو فيها مستحيال‬

‫بشكل جذري تشكيل هيئة التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه من الواضح أن هذا احلل ال يلجأ إليه إال على النحو اإلستثنائي وعند فشل‬

‫اآلليات األخرى اإلحتياطية املشار إليها سابق‪ .‬فالطرف املناهض للتحكيم ال ميكنه إال يف فروض‬
‫‪2‬‬
‫نادرة جدا أن يقوم بتجميد إجراءات التحكيم لعدم رعيته يف املشاركة فيه‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬إختصاص حمكمة التحكيم بالفصل يف إختصاصها‪:‬‬

‫يعترب مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه من أهم املبادئ يف اإلطار التحكيم‬

‫الدويل ومن أدقها العديد من اجلدل وذلك على الرغم من اإلعتراف شبه الكامل هبذا املبدأ يف‬

‫األنظمة القانونية املعاصرة‪ .‬فما هو املقصود هبذا املبدأ وما هي مصادره؟‬

‫‪ 1‬أحمد هندي ‪ ،‬التحكيم ‪ ،‬دراسة إجرائية ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر ‪ ، 1022‬ص ‪. 00‬‬
‫‪ 2‬محمود سيد عمر التحيوي ‪ ،‬التحكيم بالفضاء و التحكيم مع التفويض بالصلح ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪00‬‬

‫‪70‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أوال‪ :‬حتديد املعىن اإلصطالحي لفكرة احملكم بإختصاصه ‪:‬‬

‫يستخدم الفقه عادة التعبري عن إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه األلفاظ األملانية‬

‫املستمدة من قبل األملاين واملعروفة ب ‪ KOMPETENZ،‬والواقع أن املعىن احلقيقي هلذا‬

‫املصطلح مل يتم إلقاء الضوء عليه مطلقا‪ ،‬على الرغم من أمهية تلك املسألة لتحديد املقصود بفكرة‬

‫إختصاص احملكم يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬إذ أنه من الثابت أن املصطلح القانوين األملاين املذكور أعاله يضف على هذا التعبري معىن‬

‫خمتلف عن املعىن الذي يظفي عليه أدبيات التحكيم الدويل فاملصطلح األملاين يعين سلطة احملكم يف‬

‫أن يفصل على النحو هنائي يف مسألة إختصاصه ودون اخلضوع إىل أية رقابة قضائية‪ ،‬صحيح أن‬

‫هذه السلطة املقررة للحكم مت رفضها سواء‪ 1‬يف أملانيا أو يف غريها من الدول ومع ذلك فإن‬

‫التناقض يبقى مع ذلك قائما من ناحية املوضوع‪ .‬فمن جهة أخرى‪ ،‬فإن مسألة حتديد ما إذا كان‬

‫قضاء الدولة يتعني عليه أن ميتنع عن النظر يف املنازعة حىت ينتهي احملكمون من الفصل يف مسألة‬

‫إختصاصهم‪ ،‬واليت تشكل اجلانب السليب ملبدأ إختصاص احملكم بالفصل بالفصل يف مسألة‬

‫إختصاصه‪ ،‬من املسائل املتنازع عليها يف أملانيا‪ .‬ونظرا للصعوبات املتقدمة‪ ،‬وملا يشريه املصطلح‬

‫األملاين ‪ KOMPETENZ‬وإستعمال مصطلح ‪ COMPéTENCE‬الذي يشري إىل‬

‫إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه‪ .‬والواقع أن تلك الرغبة تتمشى مع ما ذهب إليه‬

‫الفقه السويسري‪ ،‬املدرك للفروق الدقيقة القائمة بني القوانني الوطنية‪ ،‬والذي أشار مبكرا إىل‬

‫‪ 1‬منير عبد الحميد ‪ ،‬االسس العامة للتحكيم الدولي الخارجي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 220‬‬

‫‪71‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مالئمة استخدام مصطلح ‪ KOMPETENZ‬نظرا للمعىن اخلاص الذي يستوعبه هذا‬


‫‪1‬‬
‫املصطلح يف القانون األملاين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادر مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه ‪:‬‬

‫يستمد مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أساسه من العديد من املصادر‬

‫الشكلية سواء كانت هذه املصادر هي املعاهدات الدولية املتصلة بالتحكيم أو القوانني الوطنية‬

‫املعاصرة للعديد من الدول‪ ،‬وكذلك الغالبية العظمى من لوائح التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬إذ تنص العديد من القوانني الوطنية املعاصرة املنظمة للتحكيم على إختصاص مبدأ إختصاص‬

‫احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه ومن بني هذه القوانني قانون التحكيم املصري رقم‬
‫‪2‬‬
‫‪.3662/27‬‬

‫‪ -‬إذ تنص املادة ‪ 3/22‬منه على أن‪" :‬تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع املتعلقة بعدم إختصاصها‬

‫مما يف ذلك الدفوع املبنية على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم مشوله‬

‫ملوضوع النزاع"‪ .‬وقد حرصت هذه املادة على ضرورة التمسك هبذه الدفوع يف ميعاد ال جياوز‬

‫ميعاد التقدمي دفاع املدعى عليه‪ .‬وأكدت على أن قيام أحد طريف التحكيم بتعيني حمكم أو‬

‫اإلشتراك يف تعيينه ال يترتب عليه سقوط حقه يف تقدمي أي من هذه الدفوع‪ .‬ولقد أشارت املادة‬

‫املذكورة إىل أن الدفع بعد مشول إتفاق التحكيم ملا يشريه الطرف اآلخر من مسائل أثناء نظر‬

‫‪ 1‬عبد المجيد الشواربي ‪ ،‬التحكيم و التصالح في ضوء الفقه و القضاء ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 05‬‬
‫‪ 2‬محمود محمد هاشم ‪ ،‬النظرية العامة للتحكيم ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪100‬‬

‫‪72‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫النزاع جيب التمسك به فورا وإال سقط احلق فيه‪ .‬ومع ذلك فإنه جيوز أن تقبل هيئة التحكيم‬

‫الدفع ملتأخر يف مجيع األحوال إذا رأت أن التأخري يف إبدائه كان السبب مقبول وهبذه املثابة‪،‬‬

‫يقترب نظام الدفع بعدم اإلختصاص احملكم من النظام القانوين للدفوع الشكلية يف إطار القانون‬

‫القضائي اخلاص‪ .‬ولقد أضافت الفقرة ‪ 01‬من املادة ‪ 22‬بأن‪" :‬هليئة التحكيم أن تفصل يف‬

‫الدفوع املشار إليها يف الفقرة ‪ 02‬من هذه املادة قبل الفصل يف املوضوع أو أن تضمها إىل‬

‫املوضوع لتفصيل فيهما معا"‪.‬‬

‫‪ -‬فإذا قضت هيئة التحكيم برفض الدفع فال جيوز التمسك به إال بطريق رفع دعوى بطالن حكم‬

‫التحكيم املنهي للخصومة كلها وفقا للمادة ‪ 61‬من قانون التحكيم وهذا يعين أنه ال جيوز الطعن‬

‫بالبطالن على حكم التحكيم اجلزئي الصادر برفض الدفع إستقالل بل البد من الطعن بالبطالن‬

‫عليه مع حكم التحكيم املنهي للخصومة‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك فإن النصوص احلديثة املنظمة للتحكيم يف العديد من الدول تقرر ذات املبدأ كالقانون‬

‫السويسري يف املادة ‪ 337‬من القانون الدويل اخلاص اجلديد‪.1‬‬

‫‪ -‬القانون البلجيكي يف املادة ‪ ،3967‬القانون اهلولندي يف املادة ‪ ،3069‬القانون اإلسباين يف‬

‫املادة ‪ ،1/21‬القانون الربتغايل يف املادة ‪ ،3/23‬القانون التونسي يف املادة ‪ 63‬والقانون اجلزائري‬

‫الصادر يف ‪.2008 06/08‬‬

‫‪ 1‬السيد حداد حفيظة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬

‫‪73‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬كذلك فإن القانون الفرنسي كرس مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة اإلختصاص‬

‫بالنسبة للتحكيم الداخلي يف املادة ‪ 3299‬من القانون املرافعات املدنية الفرنسي اجلديد واليت‬

‫تنص على أنه‪" :‬إذا أنكر أحد األطراف على احملكم سلطة يف الفصل يف املنازعة أو نازع يف نطاق‬

‫هذه السلطة فإن احملكم خيتص بالفصل يف صحة وحدود واليته ويرى جانب من الفقه أن هذا‬

‫احلل خيالف الذي جيري عليه العمل يف القضاء والذي وفق هلا بتعيني يف إطار التحكيم الداخلي‬

‫وإذا تعلق األمر مبنازعة تنصب على صحة شرط التحكيم‪ ،‬خضوع هذه املسألة إىل قضاء الدولة‬

‫إذ أنه وحده املختص بالفصل فيه‪.1‬‬

‫‪ -‬وخيضع التحكيم الدويل لنص املادة ‪ 3299‬من قانون املرافعات الفرنسي اجلديد إذا كان هذا‬

‫التحكيم خيضع للقانون الفرنسي‪ ،‬إعماال للحالة الواردة يف املادة ‪ 3166‬إىل املادة ‪ 3229‬ويرى‬

‫جانب من الفقه الفرنسي بشأن التحكيم‪.2‬‬

‫‪ -‬وعلى عكس معاهدة نيويورك فإن معاهدة جنيف املوقعة يف ‪ ،3623‬تعرضت ملبدأ إختصاص‬

‫احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه بشكل واضح فقد نصت يف مادهتا اخلامسة فقرة ‪ 01‬على‬

‫أن‪" :‬ال يلتزم احملكم الذي ينكر األطراف عليه اإلختصاص‪ ،‬أن يتخلى عن نظر املنازعة‪ ،‬وله أن‬

‫يفصل يف مسألة إختصاصه ويف وجود صحة إتفاق التحكيم أو يف وجود وصحة العقد الذي يعد‬

‫‪ 1200 1‬من قانون المرافعات الفرنسي‪.‬‬


‫‪ 2‬معاهدة نيويورك المادة ‪.3/1‬‬

‫‪74‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هذا اإلتفاق جزءا منه‪ ،‬وذلك دون إحالل بالرقابة القضائية الالحقة املنصوص عليها يف قانون‬

‫القاضي"‪.‬‬

‫‪ -‬وتؤكد لوائح التحكيم األساسية على مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه‬

‫فالئحة التحكيم اليت وضعتها جلنة األمم املتحدة القانون التجاري الدويل تنص املادة ‪ 23‬ف أ‬

‫على هذا املبدأ وكذلك الئحة التحكيم اخلاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس املادة ‪.1/3‬‬

‫‪ -‬ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأن ترديد لوائح التحكيم ملبدأ إختصاص احملكم‬

‫بالفصل يف مسألة إختصاصه وإن كان يعرب عن القبول العام الذي حيظى به هذا املبدأ‪ .‬فإنه مع‬

‫ذلك وعلى صعيد الفن القانوين اخلاص ال يضيف اية قيمة هلذا املبدأ‪ ،‬فالئحة التحكيم واليت‬

‫تستمد كل قيمة هلا من إرادة األطراف على إعمال أحكامها ال ميكنها أن متنح للمحكمني حقوقا‬

‫أكثر من تلك اليت تقر هلا هبم األنظمة القانونية املختصة‪ .‬أو بعبارة أخرى‪ ،‬فإن لوائح التحكيم‬

‫سبب طبيعتها اإلتفاقية ‪ ،‬وعلى عكس القوانني الوضعية‪ ،‬تظل عاجزة على حل التناقض الواضح‬

‫الذي يسمح للمحكمني أن يصبحوا قضاة خمتصني بالفصل يف اإلتفاق الذي يعد مصدر سلطاهتم‪،‬‬

‫وذلك على خالف القوانني الوضعية اليت تقدر على حلها هذا التناقض‪.1‬‬

‫‪ 1‬أحمد هندي‪ ،‬التحكيم (دراسة إجرائية)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬ط‪ ،8‬اإلسكندرية‪ ،8013 ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪75‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا ‪ :‬أساس مبدأ إختصاص احملكم يف مسألة إختصاصه ‪:‬‬

‫ذهبت بعض األحكام القضائية الصادرة يف فرنسا إىل رد مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة‬

‫إختصاصه إىل مبدأ آخر مساهم هذا القضاء يف إرساء قواعده وهو مبدأ إستقاللية اإلتفاق‬

‫التحكيم عن العقد األصلي‪.‬‬

‫‪ -‬إن هذين املبدأين‪ ،‬وهو ما حرص جانب من الفقه الفرنسي على إيضاحه ال يلتقيا إال بشكل‬

‫جزئي وهو ما يدعو إىل ضرورة الفصل بينهما بعناية شديدة‪.‬‬

‫‪ -‬والواقع من األمر فإن فإن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه وإن كان يف‬

‫حقيقته أحد أثار اإلتفاق على التحكيم‪ ،‬إال أن ذلك ال يعين أن أساس هذا املبدأ هو إتفاق‬

‫التحكيم ذاته‪ ،‬أو مبدأ أن العقد شريعة املتعاقدين والذي يظفى على إتفاق التحكيم القوة امللزمة‪،‬‬

‫إذ يستمد هذا املبدأ من قانون التحكيم يف دولة مقر التحكيم وبصفة عامة من جمموع الدول‬

‫احملتمل أن تعترف حبكم احملكم الصادر بالفصل يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬والقول بعكس ذلك وارد أساس هذا املبدأ إىل إتفاق التحكيم نفسه يؤدي إىل نتائج غري‬

‫منطقية‪.‬‬

‫‪ -‬فمن املعروف أن مبدأ إختصاص التحكيم بالفصل يف مسألة إختصاصه خيول حملكمة التحكيم‬

‫اإلستمرار تتعلق يف أداء مهمتها حىت إذا مت إنكار وجود صحة إتفاق التحكيم ذاته من قبل‬

‫‪76‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األطراف و األسباب تتعلق بشكل مباشر بشرط التحكيم أو مبشارطة التحكيم وليس فقط يف‬

‫األحوال اليت يكون األمر متعلقا بإحتمال بطالن العقد األصلي‪.‬‬

‫‪ -‬ومن املعروف أن مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم يف العقد األصلي يفسر حاالت عدم صحة‬

‫لكن يعجز عن تفسري كيفية إستمرار احملكم يف أداء مهمته يف حالة أسباب االبطالن املتعلقة بإتفاق‬

‫التحكيم ذاته‪ ،‬إذ أن هذه النتيجة االخرية هي أثر خاص يترتب على مبدأ إختصاص احملكم‬

‫بالفصل يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك فإن هذا املبدأ األخري يسمح للمحكم بأن يفصل عند اإلقتضاء يف بطالن إتفاق‬

‫التحكيم ويصدر قرار بعدم إختصاصه‪.‬‬

‫‪ -‬والواقع إن كل من األثرين السابقني ال ميكن ردمها إىل إتفاق التحكيم وميكن ردمها إىل إتفاق‬

‫التحكيم يصطدم باحلجة اليت يثريها‪ ،‬الفقه املعادي ملبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة‬

‫إختصاصه‪ ،‬ملا يثريه من حلقة مفزعة‪.‬‬

‫أو حىت‬ ‫‪ -‬إذ ميكن للمحكم باإلستناد فقط على إتفاق التحكيم أن يقرر أن هذا اإلتفاق باطل‬

‫يعترف بالسبب الذي ميكن أن يؤدي إىل مالحظة هذا البطالن‪.‬‬

‫‪ -‬واخلروج من هذه احللقة املفرغة ال يتأتى إال بالبحث عن أساس آخر ملبدأ إختصاص احملكم‬

‫بالفصل يف مسألة إختصاصه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬وهذا املبدأ ال يستمد مصدره من إتفاق التحكيم وإمنا من قانون التحكيم يف دولة املقر ويف‬

‫قوانني الدول األخرى احملتمل عرض حكم التحكيم الصادر من احملكم بالفصل يف مسألة‬
‫‪1‬‬
‫إختصاصه لإلعتراف به أمام حماكمها‬

‫‪ -‬فإذا قررت هيئة التحكيم املنعقدة يف دولة من الدول كمصر أو فرنسا إصدار حكم بعد‬

‫إختصاصها نظر لعدم وجود إتفاق صحيح على التحكيم‪ ،‬فإن هذا القرار يستند يف أساسه إىل‬

‫القانون املصري أو الفرنسي على حسب األول‪ ،‬وال يستند على إتفاق التحكيم الذي قضى بأنه‬

‫معدوم أو باطل‪.‬‬

‫‪ -‬وكذلك فإن هذا احلكم فيمكن التمسك به من قبل الطرف صاحب املصلحة يف الدول‬

‫األخرى‪ ،‬دون أن يكون هناك أي طعن على هذا احلكم بالتناقض وعدم املنفعة‪ ،‬إذا كانت الدول‬

‫األخرى نفسها تقر مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه‪.2‬‬

‫‪ -‬إن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل فس مسألة إختصاصه ال يعين مطلقا أن يترك للمحكم‬

‫موضوع الرقابة على إختصاصه‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬فإن هذا اإلختصاص تتم مراقبته بواسطة‬

‫اجلهات القضائية يف الدولة مبناسبة الطعن بالبطالن على حكم التحكيم أو إصدار األمر بتنفيذه‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الوهاب العشماوي ومحمد العشماوي‪ ،‬قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن‪ ،‬الناشر‬
‫مكتبة األدب ومطبعتها‪ ،‬القاهرة ‪ ،1810‬ص ‪.882‬‬
‫‪ 2‬عبد المجيد أحدب‪ ،‬الوجيز في شرح القانون المدني العراقي‪ ،‬ج‪ ،01‬مصادر اإللتزام بغداد‪،1808 ،‬‬
‫ص ‪.38‬‬

‫‪78‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬فمبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه ينطلق من فكرة أساسية وهي أنه ال حمل‬

‫للتشكيك مقدما يف قدرة احملكمني يف أن يصلوا بأنفسهم إىل قرارعادل وقادر يف نفس الووقت‬

‫على حتقيق مصاحل اجملتمع‪ ،‬ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف‬

‫مسألة إختصاصه له وظيفة مزدوجة ويرتب أثران مثل إتفاق التحكيم ذاته‪ ،‬فلمبدأ إختصاص‬

‫احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أثر إجيايب هو السماح للمحكمني بأن يفصلوا بأنفسهم يف‬

‫مسألة إختصاصهم وهذا األثر حل إمجاع عام من قبل املعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية‬

‫احلديثة املنظمة للتحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬وملبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أثر سليب ال يقل أمهية عن األثراإلجيايب‬

‫املذكور املترتب على هذا املبدأ إذ يسمح هذا األخري للمحكمني ليس فقط بالفصل يف مسألة‬

‫إختصاصهم‪ ،‬وإمنا بالفصل فيها أوال وقبل أي جهة أخرى‪ .‬فمبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف‬

‫مسألة إختصاصه يفرض على اجلهات القضائية يف الدولة اليت يعرض عليها الفصل يف إتفاق‬

‫التحكيم ألي سبب من األسباب سواء أثناء املنازعة بشأن تشكيل هيئة التحكيم أو بسبب‬

‫التمسك بأن إتفاق التحكيم باطل أو ال وجود له أن متتنع عن الفصل يف موضوع املنازعات اليت‬
‫‪1‬‬
‫تدخل يف إختصاص احملكم قبل أن تتاح الفرصة له يف أن يفصل فيها‪.‬‬

‫‪ -‬ومن هنا فإن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه يتضمن فكرة األولوية مأخوذة‬

‫على املفهوم الزمين هلذه الفكرة وليس مفهوم التدرجيي‪.‬‬

‫‪ 1‬السيد حداد حفيظة‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪79‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬فمأن إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه مفهوما على املعىن السابق يقصد به أن‬

‫يعطي للمحكم الفرصة يف أن يفصل‪ ،‬ويفصل أوال يف مجيع املسائل املتصلة بإختصاصها وذلك مع‬

‫خضوعه للرقابة الالحقة للقضاء الوطين املختص املعىن بالقيام هبذه الرقابة‪.1‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬األثر السليب‬

‫يقصد به إستبعاد إختصاص احملاكم الوطنية بنظر النزاع أو املنازعات اليت تتم اإلتفاق على حلها‬

‫حتكيما وبالتايل ال ينبغي للمحاكم الوطنية النظر يف النزاع احملل إتفاق التحكيم إحتراما هلذا‬

‫األتفاق وإحتراما إلرادة أطرافه يف جلوئهم إىل التحكيم‪ .‬فما هو مصري هذا األثر وما طبيعته‬

‫القانونية وما مضمونه‪ ،‬وهل هناك إستثناءات واردة عليه؟ هذا ما سيتم التطرق إليه يف هذا‬

‫املطلب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نقل اإلختصاص من القضاء إىل التحكيم‬

‫ذهب جانب من الفقه إىل إعتبار الدفع بوجود إتفاق التحكيم أمام احملاكم القضائية هو مبثابة دفع‬

‫بعدم اإلختصاص‪ ،‬ويؤسس هذا اجلانب من الفقه رأيهم على أساس أن ق‪ .‬إ‪ .‬ج‪ .‬م يف‬

‫التشريعات العربية‪ ،2‬ال سيما تشريع اإلجراءات املدنية الفرنسي يف ‪ 3268‬حيث تنص على أن‪:‬‬

‫"احملكمة القضائية ال تنظر إىل النزاع إال إذا كان إتفاق التحكيم ظاهر بالبطالن مع ضرورة متسك‬

‫‪ 1‬محمد علي محمد بني مقداد‪ ،‬قانون التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ ،‬ص ‪.880‬‬
‫‪ 2‬هاني محمد كامل منديل‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.380‬‬

‫‪80‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أحد األطراف بوجود إتفاق التحكيم‪ "1‬ذلك أن القضاء ال يستطيع من تلقاء نفسه بوجود إتفاق‬

‫التحكيم مما ينطبق عليه الدفع الشكلي يف قانون اإلجراءات املدنية وإستند هذا الفقه كذلك إىل‬

‫موقف املشرع السويسري يف قانون اإلجراءات املدنية يف املادة ‪ 07‬اليت تنص على أنه‪" :‬إذا أبرم‬

‫األطراف إتفاق التحكيم بشأن نزاع جيوز فيه التحكيم فيجب على احملاكم السويسرية أن حتكم‬

‫بعدم إختصاصه‪ ."2‬وهو الذي يقابل نص املادة ‪ 332‬قانون اإلجراءت املدنية اإلسباين الذي ينص‬

‫على أنه‪" :‬يلزم إتفاق التحكيم األطراف باخلضوع ملا إتفق عليه وميتنع على القضاء احملكم نظرا‬

‫املنازعة اخلاضعة للتحكيم‪ ."3‬مما يعين أنه دفع متعلق باإلجراءات املتعلقة باإلختصاص القضائي‬

‫املتعلق بني جهتني مها اإلختصاص القضائي التقليدي والوسيلة البديلة لتسوية اإلختيارية يف‬

‫املنازعات‪.‬‬

‫‪ -‬وقد وجد هذا الفقه سند وحجة من التشريعات العربية اإلجرائية فاملشرع الكوييت نص يف‬

‫املادة رقم ‪ 18‬لسنة ‪ 3680‬اليت تنص على أنه‪" :‬ال ختتص احملاكم بنظر املنازعات"‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مضمون وطبيعة األثر السليب إلتفاق التحكيم‪:‬‬

‫األثر السليب هو إلتزام كل طرفيه بعدم اإللتجاء إىل قضاء الدولة املنازعة حمل احلكم و إعماال هلذا‬

‫األثر يلتزم كل من الطرفني بعدم عرقلة إستعمال الطرف اآلخر حلقه يف اإللتجاء إىل التحكيم كما‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1212‬من التشريع اإلجراءات المدنية الفرنسي‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 00‬من قانون اإلجراءات المدنية السويسري‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 118‬من قانون اإلجراءات المدنية اإلسباني‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تلتزم حماكم الدولة باإلمتناع عن النظر النزاع املتفق على التحكيم‪ ،1‬إحتراما إلتفاقية التحكيم‬

‫وتأمينا لتنفيذها من الواجب على األطراف إحترام تعهداهتم وذلك بإحالة املنازعة اليت يتضمنها‬

‫عقد التحكيم على هيئة التحكيم وهو ما يؤدي إىل أثر سليب لإلتفاقية التحكيمية مبوجبه ميتنع على‬

‫القضاء احلكومي الفصل يف النزاع‪.2‬‬

‫‪ -‬وتضمن هذا العقد شرط التحكيم صحيح وقابل لتطبيق أن حتيل اخلصوم املعنيني إىل التحكيم‬

‫ويبقى من حق قضاء "قضاء التحكيم" كما نصت إتفاقية نيويورك على حكم مماثل يف املادة ‪:02‬‬

‫"على الدولة مراقبة سالمة إتفاقية التحكيم وصحتها حىت يقضي تبعا لذلك بإحالة األطراف إىل‬

‫التحكيم تنفيذ اإلتفاقية التحكيمية من جهتها‪."3‬‬

‫فقد كرست معظم التشريعات العاملية للتحكيم مبدأ عدم اإلختصاص يف وجود إتفاقية حتكيمية‪.‬‬

‫‪ -‬ومن بني هذه القوانني جند املادة ‪ 3026‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري اليت‬

‫جعلت القضاء الوطين غري خمتص بنظر منازعة مىت كانت اخلصومة التحكيمية قائمة‪ ،‬بل يكفي‬

‫أن يعلم القاضي بوجود إتفاقية حتكيمية شريطة أن يتمسك أحد اخلصوم بوجودها‪ .‬ويدفه بعدم‬

‫إختصاص القضاء احلكومي ويف فرنسا نص املادة ‪ 3268‬وأن كان خيص التحكيم الداخلي‪ ،‬فقد‬

‫منع القاضي من نظر النزاع عندما حتظر حمكمة التحكيم به‪ ،‬وهو ما أكدته حمكمة النقض‬

‫‪ 1‬األنصاري حسن النيداني‪ ،‬األثر السلبي إلتفاق التحكيم‪ ،‬دار الجامعة الجديدة لنشر‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪ ،8008‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 2‬إتفاقية نيويورك المادة ‪.08‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 1021‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفرنسية بقوهلا‪" :‬أن حكم التحكيم يسري كذلك على التحكيم الدويل"‪ .‬أما يف بريطانيا فإن‬

‫وجود إتفاقية حتكيمية ليس له من أثر سوى أنه مينع القضاء الوطين مؤقتا من نظر النزاع إىل غاية‬
‫‪1‬‬
‫صدور حكم حتكيمي وال يفيد أن القضاء خمتص‬

‫‪ -‬إىل أن مسألة عدم اإلختصاص ال تتعلق بالنظام العام‪ ،‬وعلى اخلصوم التمسك هبا وال جيوز‬

‫للمحكمة أن تشريها تلقائيا ألنه جيوز للخصوم التنازل عن اللجوء إىل قضاء التحكيم‪ ،‬والعودة‬

‫إىل القضاء األصلي‪ ،‬وهو قضاء الدولة‪ ،‬وهذا التنازل قد يكون صرحيا كما قد يكون ضمنيا‬

‫كذلك‪ ،‬عندما يتقدم املدعي عليه بطلباته ودفوعه يف املوضوع دون إثارة مسألة اإلختصاص‬

‫فيكون قد رضي بقبول حكم القضاء بدال من التوجه إىل التحكيم‪ .‬فتفقد إتفاقية التحكيم قيمته‬

‫القانونية وهذا األثر إىل جانب الطلبات املقابلة ذات الصلة بالعقد حمل احلكم ذلك هو األصل‬

‫فاإلستثناء هو جواز نظر اإلجراءات الوقتية والتحفظية باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم من‬

‫طرف احملكمة املادة ‪ 3092‬من قانون املدنية اإلدارية اجلزائري‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬النطاق املوضوعي لألثر السليب إلتفاق التحكيم‪:‬‬

‫يقتصر األثر السليب إلتفاق التحكيم على املسائل اليت تعترب داخل النطاق املوضوعي إلتفاق‬

‫التحكيم‪ ،‬أما املسائل اليت خترج عن هذا النطاق فإن األطراف يشريون حريتهم بشأهنا يف عرض‬

‫النزاع املتعلق هبا أمام القضاء الدولة‪ ،‬فإذا كان األطراف قد إتفقوا على التحكيم يف خصوص عقد‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 1212‬من التشريع الفرنسي‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 1002‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بيع معني فاملنازعات املتعلقة هبذا العقد هي فقط اليت ال جيوز طرحها أمام القضاء الدولة إلتزاما‬

‫بإتفاق التحكيم إما عما ينشأ بينهم من منازعات متعلقة بعقد آخر كما لو كان عقد بيع آخر أو‬

‫عقد إجيار‪ .‬فإن هذا النزاع ميكن طرحه أمام قضاء الدولة وال ميكن الفع يف مواجهة التحكيم‬

‫حيث هذا النزاع يعترب خارج نطاق اإلتفاق ونفس األمر إذا إتفق األطراف على التحكيم بشأن‬

‫عالقة قانونية معينة بشأن بعض املنازعات اليت تنشأ عن هذه العالقة‪ ،‬فإن األثر السليب إلتفاق‬

‫التحكيم تقتصر على هذه املسائل احملددة فيه وال يتجاوز إىل غريها من املسائل‪ ،‬ولو كانت ناشئة‬

‫عن ذات العالقة القانونية حبيث جيوز طرح هذه املسائل على قضاء الدولة وال جيوز الدفع يف‬

‫مواجهتها بالتحكيم ألهنا خترج من نطاق إتفاق التحكيم‪.1‬‬

‫‪ -‬وتطبيق ذلك إذا كان األطراف قد إتفقوا على التحكيم بشأن تفسري عقد أو تنفيذه فإن ما‬

‫يثور بينهم من نزاع بشأن صحة هذا العقد أو بطالنه خيرج من نطاق إتفاق التحكيم وبالتايل‬

‫جيوز ألي من الطرفني إتفاق التحكيم عرضه على قضاء الدولة دون اخلشية من الدفع بالتحكيم‪.‬‬

‫وينطبق هذا احلل ولو كان هناك إرتبط وثيق بني املوضوع املتفق بشأنه على التحكيم واملوضوع‬

‫الذي خيرج من نطاق اإلتفاق‪ ،‬فإذا وصلت هذه العالقة إىل حد عدم القابلية للتجزئة فإن الراجح‬

‫فقها هو وجوب عرض النزاع يف جمموعة أمام قضاء الدولة مبا فيه النزاع املتفق بشأنه على‬

‫التحكيم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مصطفى الجمال‪ ،‬عكاشة عبد العالي‪ ،‬التحكيم في العالقات الخاصة الدولية والداخلية‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪84‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬وينطبق هذا احلل رغم إستقاللية شرط عن العقد الذي يتضمنه فال تعارض يف احلقيقة بني‬

‫األمريني وذلك ألن إستقالل شرط التحكيم ال يعين إسناد إختصاص هليئة التحكيم مبسائل ال‬

‫يشملها شرط التحكيم‪ ،‬ولذلك فإذا كان األطراف إذا إقتصروا يف شرط التحكيم املدرج بالعقد‬

‫على إسناد مهمة تفسري العقد فقط هليئة التحكيم فال شك يف خروج النزاع حول وجود العقد أو‬

‫بطالنه من والية هذه اهليئة وذلك إذ أثار نزاع أمامها حول صحة‪ ،‬العقد أو بطالنه فال جيوز‬

‫للهيئة التعرض له والفصل فيه رغم إستقالل شرط التحكيم عن العقد بتعيني أن توقف خصومة‬

‫التحكيم حلني احلسم والنزاع حول بطالن العقد أمام قضاء الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬فإن احلكم بصحة العقد‪ ،‬جاز هليئة التحكيم الفصل يف النزاع الدائر بني اخلصوم حول تفسري‬

‫العقد‪ ،‬أما إذا حكم قضاء الدولة ببطالن العقد األصلي فإن مهمة التحكيم تنتهي نظرا ألنه مل يعد‬
‫‪1‬‬
‫هلا حمل وليس نظرا لبطالن شرط التحكيم نتيجة البطالن العقد األصلي‬

‫الفرع الثاين‪ :‬اإلستثناءات الواردة على مبدأ عدم إختصاص احملاكم الوطنية بنظر النزاعات املتفق‬

‫بشأهنا على التحكيم‬

‫‪ -‬على الرغم من أن القاعدة العامة اليت حتكم مسلك القضاء الوطين فيما يتعلق باملنازعات‬

‫اخلاصة الدولية‪ ،‬املتفق بشأهنا على التحكيم‪ ،‬تتلخص يف عدم هذا اإلختصاص هذا القضاء بالفصل‬

‫يف هذه املنازعات‪ ،‬إال أن هذه القاعدة العامة ترد عليها بعض القيود واإلستثناءات أبرزها إنعقاد‬

‫‪ 1‬محمود محمد هاشم‪ ،‬النظرية العامة للتحكيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.822‬‬

‫‪85‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلختصاص للمحاكم الوطنية بشأن إختاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية املتصلة باملنازعات املتفق‬

‫على التحكيم التدخل القضاء الوطين من أجل تكوين حمكمة التحكيم يف حالة تعذر تشكيلها‪،‬‬

‫وأخريا الرقابة اليت تباشر من قبل القضاء الوطين على حكم التحكيم سواء كانت هذه الرقابة من‬

‫خالل الطعن بالبطالن على حكم التحكيم ويف إطار دعوى األمر بالتنفيذ‪.1‬‬

‫‪ -‬ولقد حرص املشرع املصري يف القانون رقم ‪ 3662/27‬على تأكيد إختصاص القضاء‬

‫املصري على الرغم من وجود إتفاق على التحكيم بشأن العديد من املسائل‪.‬‬

‫‪ -‬فعلى سبيل املثال نص يف املادة ‪ 37‬على تدخل القضاء املصري بناء على طلب أحد طريف‬

‫التحكيم من أجل حل املشاكل املتعلقة بشكل هيئة التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك تنص املادة ‪ 20‬من قانون التحكيم املصري على أنه‪" :‬إذا تقدر على احملكم أداء املهمة‬

‫أو مل يباشرها أو إنقطع عن أدائها مبا يؤدي إىل تأخري ال مربر له يف اإلجراءات التحكيم ومل ينتج‬

‫ومل يتفق الطرفان على عزله‪ ،‬جاز للمحكمة املشار إليها يف املادة ‪ 6‬من هذا القانون األمر بإهناء‬

‫مهمته بناء على طلب أي من الطرفني‪."2‬‬

‫‪ -‬إىل جانب هذه الصور اليت تشكل نوعان من املساعدة من قبل القضاء املصري لنظام التحكيم‬

‫يف الفقرة السابقة على قيام هيئة التحكيم بأداء وظيفتها فإن القضاء املصري يتدخل أيضا قيام هيئة‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 10‬من التحكيم المصري‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 80‬من التحكيم المصري‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫التحكيم بأداء وظيفتها يف صورة األمر بإختاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية على حنو ما نصت‬

‫عليه املادة ‪ 32‬قانون التحكيم املصري ‪.‬‬

‫"اليت إتفق على التحكيم بشأهنا"‪" .‬و جيوز النزول عن الدفع بعدم اإلختصاص صراحة وضمنا‪."1‬‬

‫ويتضح من النظر السابق أن املئرع حتدث بصراحة عن الدفع بعدم اإلختصاص يف سياق نص‬

‫املادة معتربا إياه من قبيل الدفوع اإلجرائية‪.‬‬

‫‪ -‬وأيد الفقه وجهة نظرهم مبوجب قانون التحكيم وليس مبوجب قانون اإلجراءات املدنية والذي‬

‫إتضح مبوقف املشرع التونسي يف املادة ‪ 36‬من قانون التحكيم التونسي اليت تنص على أنه‪" :‬إذا‬

‫رفع أمام احملكمة نزاع منشور أمام هيئة حتكيم مبوجب إتفاقية حتكيم فعليها التصريح بعدم‬

‫اإلختصاص كطلب من أحد األطراف‪"2‬‬

‫‪ -‬وكلمة اإلختصاص تربهن على أن الدفع بوجود إتفاق التحكيم إمنا يعرب عن دفع بعدم‬

‫اإلختصاص القضائي‪ ،‬خاصة مع إبراز املشرع التونسي لكلمة بناء على طلب من أحد األطراف‬

‫وجند القانون املصري للتحكيم رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬بنص يف املادة (‪ )3/31‬بأنه‪" :‬جيب على‬

‫احملكمة اليت يرفع إليها النزاع بوجود شأنه إتفاق التحكيم أن حتكم بعدم قبول الدعوى إذا رفع‬

‫املدعي عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع يف الدعوى وهو يعطي ذات املعىن"‪.3‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 32‬من ‪ 1820‬من التشريع الكويتي‪.‬‬


‫‪ 2‬المادة ‪ 18‬من قانون التحكيم التونسي‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ /13‬القانون المصري للتحكيم‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كذلك فإن القضاء املصري يقوم بنوع من الرقابة الالحقة على صدور حكم التحكيم يف صورتني‬

‫هامتني عاجلها املشرع املصري األوىل هي صورة الطعن بالبطالن على حكم التحكيم والصورة‬

‫الثانية تتعلق حبالة إصدار أمر التنفيذ حكم التحكيم‪. 1‬‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 12‬من التحكيم المصري‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫املبحث الثاين‪ :‬مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫تقوم هيئة التحكيم بالفصل يف إختصاصها بنظر املنازعة‪ ،‬من عدمه ويرتبط مبدأ اإلختصاص مببدأ‬

‫اإلستقاللية بشكل وثيق‪ ،‬حيث أن اهلدف الرئيسي ملبدأ اإلختصاص بالفصل يف اإلختصاص‪ ،‬هو‬

‫إعطاء هيئة التحكيم األساس كي يقرر إختصاصه بنظر النزاع‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫يعتمد مبدأ اإلختصاص باإلختصاص من أهم األثار إتفاق التحكيم من الناحية اإلجرائية‪ ،‬حيث‬

‫أنه ينقل اإلختصاص من قضاء الدولة إىل قضاء خاص أنشأت أطراف إتفاق التحكيم حيث‬

‫يصبح هذا األخري هو صاحب الوالية يف تسوية النزاع املربم بشأنه إتفاق التحكيم‪ ،‬وهبذا يتخلى‬

‫قضاء الدولة املختص أصال بنظر النزاع مبوجب هذا األثر إىل القضاء اإلتفاقي الذي أراده‬

‫األطراف الذي يثبت له سلطة الفصل يف النزاع‪.1‬‬

‫‪ -‬فأول مسألة إجرائية جيب هليئة التحكيم أن تبث فيها‪ ،‬هي التأكد هل هلا سلطة الفصل يف‬

‫النزاع املربم خبصوصية إتفاق التحكيم‪ ،‬حيث أنه ميكن ألحد طريف التحكيم الذي يرغب يف‬

‫التنصل من اإللتزامات الناشئة عن إتفاق التحكيم‪ ،‬إثارة مسألة بطالن إتفاق التحكيم‪ ،‬أو غموضه‬

‫وتعذر أعماه أو تنازهلم عنه‪ ،‬صراحة بإتفاقهم على ذلك‪ ،‬أو اللجوء إىل القضاء املختص يف نظر‬

‫النزاع أصال على نفي أساس إختصاصهم هيئة التحكيم‪ .‬فمن الواضح أن مبدأ اإلختصاص‬

‫‪ 1‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي في الجزائر‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪،8‬‬
‫الجزائر ‪ ،8002‬ص ‪.22/23‬‬

‫‪89‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫باإلختصاص يعطي هليئة التحكيم سلطة الفصل يف هذا الدفوع ولكن يسلب وال يستطيع أن‬

‫يسلب إختصاص القاضي بالفصل يف هذا النزاع إذا طرحت عليه مبناسبة متسك طرف إتفاق‬

‫التحكيم‪ ،‬ودفع الطرف اآلخر ببطالن هذا اإلتفاق فقاضي الدعوى هو قاضي الدفوع‪ ،‬وال‬

‫يتصور إلتزام القاضي باحلكم بعد قبول الدعوى إستنادا إىل متسك أحد أطراف إتفاق التحكيم‬

‫إكتشف القاضي بطالنه‪.1‬‬

‫‪ -‬فمحكمة التحكيم تفصل يف اإلختصاص اخلاص هلا وجيب إثارة الدفع بعدم اإلختصاص قبل‬

‫أي دفاع يتعلق باملوضوع‪ .‬فهي تفصل يف إختصاصها بقرار أويل إال إذا كان الدفع بعدم‬

‫اإلختصاص مرتبط مبوضوع النزاع‪ ،‬ترمي هذه القاعدة إىل منح أقصى فعالية إىل هذا النوع من‬

‫فض املنازعات بإعطائها حرية كاملة للمحكم من أجل النظر يف صالحية حمتوى أو مدى إتفاقية‬

‫التحكيم اليت على أساسها يفصل يف النزاع‪.‬‬

‫‪ -‬تأكيد هلذه النظري الليربالية اليت إنتهجها املشرع اجلزائري إجتاه التحكيم وقد يكون بذلك‪ ،‬قد‬

‫إتبع بتبنيه هذا احلل عدد من التشريعات الوطنية والدولية مثال ذلك املادة ‪ 08‬الفقرة ‪ 1‬و‪ 2‬من‬

‫نظام التحكيم الغرفة التجارية الدولية‪.2‬‬

‫‪ 1‬عزمي عبد الفتاح عطية‪ ،‬قانون التحكيم الكويتي‪ ،‬منشورات جامعية‪ ،‬ط ‪ ،01‬الكويت ‪ ،1880‬ص‬
‫‪.111‬‬
‫‪ 2‬محمود مختار البربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط‪ ،03‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،8000‬ص‬
‫‪.20‬‬

‫‪90‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -‬فمن الواضح أن تبين املشرع اجلزائري ملبدأ اإلختصاص باإلختصاص ليس مطلقا حيث أنه‬

‫إشترط يف تفصيل هيئة التحكيم يف إختصاصها بنظر النزاع عدم قيام أي طرف من أطراف‬

‫التحكيم إبداء أي وجه من أوجه الدفاع أمامها بشأن إختصاصها يف نظر النزاع وبالتايل فإنه عند‬

‫مباشرة هيئة التحكيم مهمة الفصل يف النزاع‪ ،‬فإنه يتحتم على القاضي الذي ترفع أمامه دعوى‬

‫بطالن أو عدم وجود إتفاق التحكيم‪ ،‬احلكم بعدم إختصاص‪ ،‬أما إذا مل تتصل هيئة التحكيم‬

‫بالنزاع‪ ،‬فيمكن للقاضي النظر يف البطالن الظاهر يف إتفاق التحكيم‪ ،‬ورفض احلكم بعدم‬

‫اإلختصاص فثبوت البطالن‪.1‬‬

‫‪ -‬فتقرير مبدأ اإلختصاص باإلختصاص يهدف إىل عدم تعويض سري اخلصومة فاهليئة توقف سري‬

‫اإلجراءات حلني فصل القضاء يف األمر‪ ،‬بل هلا أن تواصل النظر يف النزاع‪ ،‬كما ال ميكن‬

‫اإلحتجاج هبذه املربرات ملنع القاضي من التحقيق من صحة أو بطالن إتفاق التحكيم‪ ،‬بل على‬

‫العكس يتربير تأكيد سلطته ألن رفع األمر إليه لن يكون سببا لوقف أو منع سري إجراءات‬

‫التحكيم إال إذا تبني القاضي بطالن إتفاق التحكيم فتصدى للموضوع أو أصدر فيه حكما‪.‬‬

‫‪ -‬ولقد ذهبت بعض أحكام النقض الفرنسية القدمية إىل أنه إذا كانت املسألة تتعلق حبدود‬

‫إختصاص احملكمني وإمنا بإنعدام واليتهم أصال فإن األمر يتعدى مسألة اإلختصاص إىل مسألة‬

‫الوالية‪ ،‬إذ يتطرق إىل البحث حول وجود إتفاق التحكيم وليس حول نطاقه وعندئذ ينعقد‬

‫اإلختصاص للمحاكم‪ ،‬وليس هليئة التحكيم‪ ،‬والراجح أن احملكم لكي ينظر ما يعرض عليه من‬

‫‪ 1‬محمود مختار البربري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪91‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نزاع البد له أن يقرر أوال إختصاصه ولو إقتضى األمر البحث يف وجود وصحة و إستمرار إتفاق‬

‫التحكيم الذي يستند إليه طالب التحكيم إذ هو يستمد واليته من إدارة الطرفني‪ ،‬أي من هذا‬

‫اإلتفاق‪ ،‬وهلذا فهو خيتص بالنظر يف مسألة إختصاصه ومبدأ اإلختصاص باإلختصاص ال يشمل‬

‫فقط ما يتعلق ببطالن إتفاق التحكيم وإمنا أيضا ما يتعلق بوجوده‪ ،‬وكذا ما يتعلق بتحديد نطاق‬

‫والية هيئة التحكيم‪.1‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬موقف التشريعات من مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫ثبتت غالبية التشريعات الوطنية ولوائح مراكز ومؤسسات التحكيم الدائمة األثار اإلجرائية اليت‬

‫تترتب على إبرام إتفاق التحكيم الصحيح املستويف جلميع الشروط املوضوعية والشكلية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف املشرع املصري من مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫لقد إعتنق املشرع املصري مبدأ اإلختصاص باإلختصاص على غرار بضع التشريعات الوطنية‬

‫حيث نصت املادة ‪ 22‬من قانون التحكيم املصري على أنه‪" :‬تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع‬

‫املتعلقة بعدم إختصاصها مبا يف ذلك الدفوع هليئة على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو‬

‫بطالنه" هلذا فإنه إذا دفع الطرف الذي قدم ضده طلب التحكيم بعدم إختصاص هيئة التحكيم‬

‫بنظر النزاع إستنادا إىل بطالن إتفاق التحكيم أو قابلية لإلبطال فإن هيئة التحكيم ختتص بالنظر يف‬

‫مسألة إختصاصها ويرمي مبدأ اإلختصاص باإلختصاص إىل متكني هيئة التحكيم من الفصل يف‬

‫‪ 1‬فتحي والي‪ ،‬قانون التحكيم في نظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪،8000‬‬
‫ص ‪.120‬‬

‫‪92‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫النزاع دون تعطيل بسبب رفع الدعوى أمام حماكم الدولة يتعلق بإتفاق التحكيم مما يفسح اجملال‬

‫ملن يريد إعاقة إعمال هذا اإلتفاق وتطبيقا هلذا املبدأ ال جيوز أن يطلب من الطرفني من هيئة‬

‫التحكيم وقف إجراءات التحكيم حىت يتم الفصل يف دعوى البطالن املرفوعة بشأن إتفاق‬

‫التحكيم أمام القضاء فنصت املادة ‪ 3/22‬من قانون‪ 1‬التحكيم على إختصاص هيئة التحكيم‬

‫بالنظر يف مسألة إختصاصها ولو كان الدفع مبنيا على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو‬

‫بطالنه يعرب عن إرادة املشرع الصرحية يف عدم جواز قيام هيئة التحكيم بوقف خصومه إىل حني‬

‫الفصل يف مسألة وجود أو صحة إتفاق التحكيم من احملكمة املختصة‪.2‬‬

‫‪ -‬وقد أثري أمام حمكمة إستئناف القاهرة دفع بعدم دستورية املادة ‪ 22‬من قانون التحكيم‪ ،‬إستنادا‬

‫إىل خمالفتها للمواد (‪ )396/399‬اخلاصة بإستقالل السلطة القضائية وكذا املادة ‪ 98‬اخلاصة حبق‬

‫املواطن يف اإللتجاء إىل قاضيه الطبيعي وذلك على أساس أن ما جاءت به يفقد هيئة التحكيم‬

‫إستقالهلا إذ جيعل للمحكمني مصلحة شخصية يف رفض الدفع بعدم اإلختصاص حرصا منهم يف‬

‫احلصول على أتباعهم كاملة‪.‬‬

‫‪ -‬وقد رأت احملكمة أن هذا الدفع غري جدي لكون إختصاص هيئة التحكيم بالفصل يف‬

‫إختصاصها ال خيل حليادها و إستقالهلا‪ ،‬وال جيعل األمر موكال كليا هلا‪ ،‬إذ أهنا إن فصلت يف‬

‫مسألة ال تدخل يف إختصاصها فإن حكمها يتعرض للبطالن فصدور حكم التحكيم يناءا على‬

‫‪ 1‬المادة ‪ 88‬من قانون التحكيم المصري‪.‬‬


‫‪ 2‬إبراهيم أحمد إبراهيم‪ ،‬التحكيم الدولي الخاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،08‬ص ‪.82‬‬

‫‪93‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إتفاق باطل سيجعل هذا احلكم حمال لطلب بطالنه وفقا لنص املادة (‪/3/61‬أ) اليت تورد بني‬

‫أسباب طلب بطالن حكم التحكيم إستناده إىل إتفاق باطل‪.1‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‬

‫‪ -‬بإستقراء نص املادة ‪ 3022‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ اجلزائري يظهر جليا إعتراف املشرع مببدأ‬

‫اإلختصاص حيث نصت على أنه‪" :‬تفصل حمكمة التحكيم يف اإلختصاص اخلاص هبا وجيب إثارة‬

‫الدفع بعد اإلختصاص قبل أي دفاع يف املوضوع‪."2‬‬

‫‪ -‬فمن الواضح أن تبىن املشرع اجلزائري ملبدأ اإلختصاص باإلختصاص ليس مطلقا‪ ،‬حيث أنه‬

‫إشترط لكي تفصل هيئة التحكيم يف إختصاصها بنظر النزاع عدم قيام أي طرف من األطراف‬

‫التحكيم إبداء أي وجه من أوجه الدفاع أمامها بشأن إختصاصهما يف نظر النزاع‪ .‬وبالتايل فإنه‬

‫عند مباشرة هيئة التحكيم مهمة الفصل يف النزاع‪ ،‬فإنه يتحتم على القاضي الذي ترفع أمامه‬

‫دعوى البطالن أو عدم وجود إتفاق التحكيم‪ ،‬حبكم بعدم اإلختصاص‪ ،‬أما إذا مل تتصل هيئة‬

‫بالنزاع‪ ،‬فيمكن للقاضي النظر يف البطالن الظاهر إلتفاق التحكيم‪ ،‬ورفض احلكم بعدم‬

‫اإلختصاص فثبوت البطالن أمام القاضي جيب أن يفتح الباب أمامه لطرح إتفاق التحكيم‬

‫وإستعادة إختصاصه الذي ال يصح أن يفقده إال بوجود إتفاق التحكيم صحيح‪ ،‬وهذا ما أخذ به‬

‫املشرع الفرنسي آنذالك‪ .‬كما وضع املشرع اجلزائري قيدا ثانيا على سلطة هيئة التحكيم يف البث‬

‫‪ 1‬بربارة عبد الرحمان‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬رقم ‪ 08/02‬مؤرخ في ‪،8002/08/83‬‬
‫منشورات بغدادي‪ ،‬ط‪ ،8008 ،01‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 1022‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬إ الجزائري‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يف إختصاصها‪ ،‬حيث إشترط أن يكون احلكم الذي تصدره هيئة التحكيم فيما خيص حتديد‬

‫إختصاصها حكما أوليا‪ ،‬إال أنه إستثىن من ذلك األحكام اليت تصدر بشأن الفصل يف الدفع بعدم‬

‫اإلختصاص إذا كان مرتبطا مبوضوع النزاع فوجب أن يكون الفصل يف هذه الدفوع حبكم هنائي‪.‬‬

‫‪ -‬وأخريا فإن تقرير مبدأ اإلختصاص باإلختصاص يهدف إىل عدم تعويض سري خصومة‬

‫التحكيم‪ ،‬فاهليئة ال تتوقف سري اإلجراءات ملنة يفصل القضاء يف األمر بل هلا أن تواصل نظر‬

‫النزاع إذا ما قدرت أن هذه الدفوع يرجى من ورائها املماطلة وإطالة أمر النزاع‪ .‬كما ال ميكن‬

‫اإلحتجاج هبذه املربرات ملنع القاضي من التحقيق من صحة أو بطالن إتفاق التحكيم‪ ،‬بل على‬

‫العكس تربر تأكيد سلطته‪ 1‬ألن رفع األمر إليه لن يكون سببا لوقف أو منع سري اإلجراءات‬

‫التحكيم إال إذا تبني للقاضي بطالن إتفاق التحكيم‪ ،‬فتصدى للموضوع أو صدر فيه حكما‬

‫أصبح هنائيا‪ ،‬ففي هذه احلالة يتحتم على هيئة التحكيم إهناء اإلجراءات ألن إستمرارها سيصبح ال‬

‫جدوى منه‪ .‬ألهنا لو إستمرت وأصدرت حكمها يف موضوع النزاع فلن يثىن تنفيذه لتعارضه مع‬
‫‪2‬‬
‫حكم سبق صدوره من القضاء‬

‫‪ 1‬محمد مختار أحمد بربري‪ ،‬التحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط‪ ،03‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪8000 ،‬‬
‫‪،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ 2‬لزهر بن سعيد‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪95‬‬
‫اخلامتة‬
‫الخاتمة‬

‫اخلامتة ‪:‬‬

‫شهد العامل حتوال واسعا يف طبيعة األنشطة التجارية واإلقتصادية وملواكبة هذا التحول كان الزما‬

‫أن يتطور البناء القضائي الذي أصبح حباجة ملحة إىل أعوان متخصصني يف خمتلف النشاطات‬

‫للبث فيها يعرض عليه من منازعات تنشأ من ذلك األنشطة وسعيا للحد من حجم املنازعات اليت‬

‫تنقل على القضاء‪ ،‬ولذلك مت إستحداث طريق بديل لفض النزاعات‪ ،‬وذلك قبل اللجوء إىل‬

‫القضاء عن طريق التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬على هذا األساس ميكن القول أن إتفاق التحكيم هو نقطة نظام التحكيم صرحيا وحجر الزاوية‬

‫فال يعرض أي نزاع على احملكمني إال بإتفاق ذوي الشأن إتفاقا صرحيا على الفصل بطريق‬

‫التحكيم‪ ،‬ويعترب كذلك تصرف قانوين باملعىن الفين‪.‬‬

‫‪ -‬ولقد جاء املشرع اجلزائري يف تعديله اجلديد لقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية رقم‬

‫(‪ )06/08‬املؤرخ يف ‪ 26‬فرباير ‪ 2006‬مبواده خاصة بإتفاق التحكيم ودوره يف تسوية‬

‫املنازعات التجارية وأثاره‪.‬‬

‫‪ -‬ومن خالل دراستنا فإن أهم النتائج اليت خلصت هلا هي‪:‬‬

‫‪ -‬التحكيم هو إتفاق الطرفني أو أكثر للفصل يف نزاع خاص هبم عن طريق حمكمني بدال من‬

‫الطريق القضائي العادي‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬إتفاق التحكيم هو العقد الذي يتم اإلتفاق عليه من طرف اخلصوم على حل النزاع القائم‬

‫بينهم واحملتمل للوقوع بواسطة التحكيم وخيضع إتفاق التحكيم للقواعد العامة اليت حيكم العقود‪.‬‬

‫‪ -‬إن إتفاق التحكيم لكي يأخذ صفته القانونية البد أن يتوافر فيه شروط شكلية وموضوعية وإال‬

‫هذا اإلتفاق باطال ومن مث يترتب عليه بطالن حكم التحكيم‪.‬‬

‫‪ -‬من أهم األثار اليت يرتبها إتفاق التحكيم على أطرافه هو منع هذه األطراف عرض نزاعهم‬

‫موضوع اإلتفاق على أي جهة قضائية يف الدولة‪ ،‬ألن هذه األطراف قد إختارت هذا الطريق‬

‫اإلستثنائي حلسم منازعهم‪.‬‬

‫‪ -‬أمهية الصياغة القانونية إلتفاق التحكيم‪ ،‬فهو حجر زاوية يف التحكيم كله‪.‬‬

‫‪ -‬إن إتفاق التحكيم متتد أثاره إىل الغري ممن مل يوقع على اإلتفاق يف حاالت حددها التوجه‬

‫القانوين والقضاء‪.‬‬

‫‪ -‬يتمتع أطراف إتفاق التحكيم والغري مبراكز قانوين واحد على حد سواء وبالتايل يسري على‬

‫الغري ما يسري على األطراف اإلتفاق فيكون من حقهم اللجوء هليئة التحكيم كما ميتنع عليهم ما‬

‫ميتنع على أطراف اإلتفاق من اللجوء للقضاء للفصل يف النزاع املنصوص على فضه عن طريق‬

‫التحكيم‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪ -‬يف األخري ميكن أن نتوجه مبجموعة من التوصيات ‪:‬‬

‫‪ -‬إنشاء مراكز إقليمية‪.‬‬

‫‪ -‬إرسال بعثات تكوينية إىل مراكز التحكيم الدولية من اجل إكتساب اخلربات يف هذا اجملال‪.‬‬

‫‪ -‬تكوين خرباء وحمكمني‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على مجع املعلومات واملعطيات اخلاصة بعملية التحكيم إلثراء املنظومة التشريعية وجعلها‬

‫تتماشى مع املتطلبات احلالية اليت يفرضها الواقع الدويل اجلديد‪.‬‬

‫‪ -‬تقدمي حماضرات خاصة بالتحكيم والتنظيم ملتقيات‪.‬‬

‫‪ -‬تناشد بإنشاء مراكز التحكيم يف اجلزائر للتسهيل على األطراف املتنازعة اللجوء إليها ملا تكلفه‬

‫تلك املراكز من قواعد وأسس وإجراءات وضمانات سريعة وحامسة لتلك املنازعات‪.‬‬

‫‪ -‬نأمل بعملنا هذا أن تكون قد سامهنا ولو بقدر ضئيل يف موضوع البحث‪ ،‬فهذا العمل ما هو‬

‫إال إحدى العالقات املتتالية واملتتابعة‪.‬‬

‫‪ -‬عاجلت املوضوع فإن حتقق اهلدف بتمامه فهذا من فضل اهلل وتوفيقه‪.‬‬

‫‪ -‬وإن مل يتحقق كلية‪ ،‬فيكفينا صدق احملاولة فعلينا السعي وليس علينا إدراك املقاصد واهلل ويل‬

‫التوفيق‪ .‬وسبحانه وتعاىل يهدي إىل سواء السبيل‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫قائمة املصادر واملراجع‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪-3‬الكتب العامة ‪:‬‬

‫‪ -3‬إبراهيم أمحد إبراهيم‪ ،‬التحكيم الدويل اخلاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪2006. ،‬‬

‫‪ -2‬أسعد فاضل منديل‪ ،‬أحكام عقد التحكيم وإجراءاته‪ ،‬ط‪ ،3‬دار نيبوز‪ ،‬العراق‪2006. ،‬‬

‫‪ -1‬األنصاري حسن النيداين‪ ،‬األثر السليب ألثر التحكيم‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪2006. ،‬‬

‫‪ -2‬إميان فتحي حسن اجلميل‪ ،‬إتفاق التحكيم البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬

‫‪2031.‬‬

‫‪ -6‬إيهاب عمرو‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل املقارن (يف ضوء حتول سياسات التنمية)‪ ،‬الوارق‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،03‬عمان‪2032. ،‬‬

‫‪ -9‬أبو زيد رضوان‪ ،‬األسس العامة يف التحكيم التجاري الدويل‪3680. ،‬‬

‫‪ -7‬محد اهلل حممد اهلل‪ ،‬نظام شرط التحكيم يف املنازعات التجارية (دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة‬

‫العربية اإلسكندرية‪2002.‬‬

‫‪ -8‬محزة أمحد حداد‪ ،‬التحكيم يف القوانني العربية‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الثقافة األردن‪2032. ،‬‬

‫‪ -6‬سامية راشد‪ ،‬التحكيم يف العالقات الدولية اخلاصة‪ ،‬ج‪ ،03‬إتفاق التحكيم‪ ،‬دار النهضة‬

‫العربية‪3682. ،‬‬

‫‪101‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -30‬مسيحة القليوين‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬اإلسكندرية‪. 2006 ،‬‬

‫‪ -33‬عاطف الفقهي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬دار النهضة العربية اإلسكندرية‪2007. ،‬‬

‫‪ -32‬عبد الباسط حممد عبد الواسع‪ ،‬النظام القانوين إلتفاق التحكيم‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪2031. ،‬‬

‫‪ -31‬عبد احلميد أحدب‪ ،‬الوجيز يف شرح القانون املدين العراقي‪ ،‬ج‪ ،03‬مصادر اإللتزام بغداد‪،‬‬

‫‪. 3696‬‬

‫‪ -32‬عزمي عبد الفتاح عطية‪ ،‬قانون التحكيم الكوييت‪ ،‬منشورات جامعية‪ ،‬ط‪ ،03‬الكويت‪،‬‬

‫‪3660.‬‬

‫‪ -36‬عليوتس قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،‬‬

‫ط‪ ،02‬اجلزائر ‪2002.‬‬

‫‪ -39‬عبد الوهاب العشماوي وحممد العشماوي‪ ،‬قواعد املرافعات يف التشريع املصري واملقارن‪،‬‬

‫الناشر مكتبة األدب ومطبعتها‪ ،‬القاهرة ‪3667.‬‬

‫‪ -37‬فتحي وايل‪ ،‬قانون التحكيم يف النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،03‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‬

‫‪2007.‬‬

‫‪102‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -38‬لزهر بن سعيد‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬وفقا لقوانني اإلجراءات املدنية واإلدراية‬

‫والقوانني املقارنة‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع اجلزائر‪2002. ،‬‬

‫‪ -36‬حممود خمتار الرببري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‬

‫‪2007.‬‬

‫‪ -20‬حممود خمتار الرببري‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬ط‪ ،02‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‬

‫‪2032.‬‬

‫‪ -23‬حممود حممد هاشم‪ ،‬القضاء ونظام اإلثبات يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬عمادة شؤون املكتبات‪،‬‬

‫ط‪ ،03‬جامعة امللك سعود الرياض‪3686. ،‬‬

‫‪ -22‬حممد فتح اهلل حسني‪ ،‬شرح قانون التحكيم‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬القاهرة‪2006. ،‬‬

‫‪ -21‬مصطفى أمحد فؤاد‪ ،‬دراسة يف النظام القانوين الدويل‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية ‪3666.‬‬

‫‪ -22‬مصطفى اجلمال عكاشة عبد العايل‪ ،‬التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية‪ ،‬دار الفتح‬

‫للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،03‬اإلسكندرية‪3668. ،‬‬

‫‪ -26‬هاين صالح سري الدين‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل دراسة مقارنة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪2006. ،‬‬

‫‪103‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -29‬هاين حممد كامل املنابلي‪ ،‬إتفاق عقود اإلستثمار البترولية (دراسة مقارنة)‪ ،‬ط‪ ،03‬دار‬

‫اجلامع الفكري‪ ،‬اإلسكندرية‪.2032 ،‬‬

‫‪ -2‬القوانني واإلتفاقيات‪:‬‬

‫‪ -3‬قانون اإلجراءات املدنية واإلدراية اجلزائري (‪ )06/08‬املؤرخ يف ‪ 26‬فيفري ‪ 2008‬املوافق‬

‫لـ ‪ 38‬صفر ‪ 3226‬هـ‬

‫‪ -2‬قانون التحكيم املصري رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 3662‬بشأن التحكيم يف املواد املدنية و التجارية‬

‫‪ -1‬القانون السوري رقم ‪ 02 – 08‬املؤرخ يف ‪ 39‬مارس ‪. 2008‬‬

‫‪ -2‬القانون القطري رقم ‪ 02 – 37‬املؤرخ يف ‪ 3218 / 06 / 36‬هـ املوافق ل ‪ 39‬فيفري‬

‫‪2037‬‬

‫‪ -6‬القانون اليمين رقم ‪ 12‬سنة ‪. 3667‬‬

‫‪ -9‬القانون البحريين رقم ‪ 06‬سنة ‪ 2036‬املؤرخ يف ‪2036/07/06‬‬

‫‪ -7‬قانون املرافعات الفرنسي ‪ 06/32‬سنة ‪. 2032‬‬

‫‪ -8‬القانون اإلسباين رقم ‪ 21‬املؤرخ يف ‪. 3662/32/10‬‬

‫‪ -6‬القانون الكوييت رقم ‪ 33‬سنة ‪ 3666‬املؤرخ يف ‪. 3666/02/36‬‬

‫‪104‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫‪ -30‬الئحة الغرفة التجارية بباريس ‪3668‬‬

‫‪ -33‬الئحة حتكيم املنظمة الدولية‪.‬‬

‫‪ -32‬الئحة نيوسترال ‪. 3679‬‬

‫‪ -31‬الئحة التحكيم للجمعية العامة للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل‪.‬‬

‫‪ -1‬اجملالت واملذكرات‪:‬‬

‫‪ -3‬عبد احلميد أحدب‪ ،‬قانون التحكيم‪ ،‬جملة احملكمة العليا‪ ،‬ج األول‪.2006 ،‬‬

‫‪ -2‬عبد الرشيد عبد احلافظ‪ ،‬التصرف الشكلي يف الفقه اإلسالمي و القانون (دراسة مقارنة)‪،‬‬

‫رسالة دكتوراه‪ ،‬القاهرة ‪2000.‬‬

‫‪ -1‬حفيظة السيد حداد ‪ ،‬اإلجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪.2003 ،‬‬

‫‪105‬‬
‫فهرس احملتويات‬
‫فهرس المحتويات‬

‫فهرس احملتويات ‪:‬‬

‫الشكر‬

‫اإلهداء‬

‫مقدمة‪..............................................................................‬أ ‪ -‬ث‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬مفهوم إتفاق التحكيم‪09.................................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف إتفاق التحكيم‪07...................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التعريف التشريعي إلتفاق التحكيم‪08.........................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التعريف الفقهي إلتفاق التحكيم‪30...........................................‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬التعريف القضائي إلتفاق التحكيم‪32.........................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أنواع إتفاق التحكيم‪31......................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬شرط التحكيم‪32...........................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مشارطة التحكيم‪37.........................................................‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬شرط التحكيم باالحالة‪36..................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬شروط إبرام إتفاق التحكيم‪22..............................................‬‬

‫‪107‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫املطلب األول‪ :‬الشروط املوضوعية‪22.......................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الرضا يف إتفاق التحكيم‪22...................................................‬‬

‫أوال‪ :‬أهلية احملتكمني‪21...................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أهلية احملكم‪26......................................................................‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬احملل يف إتفاق التحكيم‪29.....................................................‬‬

‫أوال‪ :‬وجود املنازعة وحتديدها‪29...........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون احملل معينا أو قابال للتعيني‪28.................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون احملل مما جيوز التعامل معه‪28.................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬السبب يف إتفاق التحكيم‪26..................................................‬‬

‫أوال‪ :‬النظرية التقليدية للسبب‪10............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬النظرية احلديثة للسبب‪13.............................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬الشروط الشكلية ‪12.........................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬كتابة إتفاق التحكيم‪12.......................................................‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬اجلزاء املترتب على عدم كتابة إتفاق التحكيم‪12.................................‬‬

‫‪108‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الفصل األول‪ :‬األثار املوضوعية إلتفاق التحكم‪17..........................................‬‬

‫املبحث االول‪ :‬القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‪17.............................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مفهوم القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‪18.......................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نطاق القوة امللزمة إلتفاق التحكيم‪23........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث األشخاص‪23....................................‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬نطاق القوة امللزمة من حيث املوضوع‪21......................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬إستقاللية إلتفاق التحكيم‪26................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تقرير مبدأ إستقاللية إلتفاق التحكيم‪29......................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬موقف املعاهدات الدولية من تكريس مبدأ إستقاللية شرط التحكيم عن العقد‪28..‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬موقف القوانني الوضعية من مبدأ إستقاللية اإلتفاق‪60...........................‬‬

‫أوال‪ :‬تكريس مبدأ إستقاللية بواسطة قضاء التحكم الدويل‪61................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تكريس لوائح التحكم ملبدأ إستقاللية اإلتفاق عن العقد األصلي‪62......................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬االثار املترتبة على مبدأ إستقاللية اإلتفاق التحكيم‪67..........................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي‪68.......................‬‬

‫‪109‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الفرع الثاين‪ :‬خضوع إتفاق التحكيم لقانون أخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي‪66......‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬األثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم‪93.............................................‬‬

‫املبحث األول‪ :‬األثر املانع إلتفاق التحكيم‪93................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬األثر األجيايب إلتفاق التحكيم‪91..............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إلتزام األطراف بالعهدة للمحكم باملنازعة املتفق على حلها بواسطة التحكيم‪92....‬‬

‫أوال‪ :‬تقرير مبدأ اإللتزام بالعهدة إىل احملكم باملسائل موضوع اإلتفاق على التحيكم‪92...........‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنفيذ العيين لإللتزام الواقع على عاتق االطراف‪99......................................‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬إختصاص حمكمة التحكيم بالفصل يف إختصاصها‪70.............................‬‬

‫أوال‪ :‬حتديد املعىن اإلصطالحي لفكرة إختصاص احملكم بإختصاصه‪73..........................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مصادر مبدأ إختصاص يالفصل يف مسألة إختصاصه‪72..................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬أساس مبدأ إختصاص احملكم يف مسألة إختصاصه‪79....................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬األثر السليب إلتفاق التحكيم‪80..............................................‬‬

‫الفرع االول‪ :‬نقل اإلختصاص من الفضاء الوطين‪80........................................‬‬

‫أوال‪ :‬مضمون وطبيعة األثر السليب‪83.....................................................‬‬

‫‪110‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫ثانيا‪ :‬النطاق املوضوعي إلتفاق التحكيم‪81..................................................‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬اإلستثناءات الواردة على مبدأ إختصاص بنظر املنازعة بشأهنا على التحكيم‪86.....‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬مبدأ اإلختصاص باالختصاص‪86..............................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف مبدأ اإلختصاص‪86..................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬موقف التشريعات من مبدأ اإلختصاص باإلختصاص‪62.........................‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬موقف املشرع املصري من مبدأ االختصاص باالختصاص‪62....................‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من مبدأ االختصاص باالختصاص‪62....................‬‬

‫اخلامتة‪67.................................................................................‬‬

‫قائمة املراجع واملصادر‪303................................................................‬‬

‫فهرس احملتويات ‪307......................................................................‬‬

‫‪111‬‬

You might also like