Professional Documents
Culture Documents
قسم :حقوق
مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر تخصص قانون اقتصادي حول :
عضوا مناقشا أستاذ محاضر( ب ) جامعة سعيدة – 3د .هني عبد اللطيف
أتقدم بالشكر األول واألخري إىل اهلل عز وجل وإىل الوالدين إرتوينا من مناهلهم الصافية ،وتشبعنا
إىل كل من علمنا حرفا منذ نعومة أظافرنا إىل يومنا هذا كما ال أنسى عمال معهد العلوم الثانوية
إىل تلك اليت أنارت دريب صباحا وعشية ،ببسمتها ورضاها هدية إىل اليت سهرت وتعبت من أجل
راحيت ،إىل الشمعة اليت ذابت من أجل أن تضيء درب حيايت ،إىل منبع احلنان والعطف ،إىل
بلسم روحي وعنوان أملي إىل من وضعت اجلنة حتت أقدامها إىل أعز ما أملك يف الوجود أمي
الغالية احلبيبة.
إىل الذي من أجله تركت رضا نفسي ،وإبتغيت رضاه ،إىل الذي من يف شكره ظل قليب وتاه ،إىل
من سيظل موضع إعجايب وفخري أيب الغايل خالد أطال اهلل يف عمرمها.
إهداء خاص إىل عائلة هامشي وعلي شريف كبريا وصغريا ،إىل اإلخوة :هشام وعامر ،إىل إبتسامة
البيت املشرقة مجال الدين إىل أعز الصديقات ،األخت اليت مل تلدها يل أمي :شيماء سعادي.
أهدي أمسى حتيايت وأرقى عبارايت إىل كل من ساعدين طوال مشواري الدراسي.
فاطمة هامشي
املقدمة
مقدمة
مقدمة:
التحكيم مؤسسة عريقة ترجع جذورها إىل بداية تواجد اإلنسان على وجه األرض فعرفته خمتلف
احلضارات القدمية كاحلضارة اإلسالمية واليونانية والرمانية ،حيث كان حمال لإلقرار أو االعتراف
به من كافة هذه األنظمة القانونية األساسية املعروفة منذ البداية البشرية ،فقد مر مبراحل وأتى
عليه حقب من الزمن فقد قيمته ،وكانت تنطفئ مشعته خصوصا بعدما أصبح قضاء الدولة هو
القضاء الرمسي والطريق األكثر شيوعا حلل أي نزاع ،لكن تسارع النمو اإلقتصادي وتطور
العالقات الدولية واإلقليمية اليت سارعت لتنفيذه وتنظيمه وأصبح اإلقبال عليه من قبل األطراف
املتعاقدة يف اجملال الدويل خاصة حلل نزاعاهتم ويف الوقت اليت ظهرت فيه النظم القضائية الوطنية
العاجزة وقاصرة عن بلوغ حد الكفاية ملواجهة عقود التجارة الدولية وتصدي ملا ينشأ عنها من
منازعات إنتشرت وكثرت مؤسسات التحكيم الدولية وإزداد اإلقبال على التحكيم التجاري
الدويل واحدا من أهم وسائل تسوية املنازعات التجارية على الصعيد الدويل ،وهو وسيلة لتسوية
املنازعات بشكل إختياري رضائي بعيدا عن السلطة الدولة القضائية هبدف تفادي العيوب اليت
يتصف هبا النظام القضائي .فالتحكيم قوامه اخلروج عن طرق التقاضي العادية فهو يعتمد أساسا
على قيام أطراف النزاع بأنفسهم بإختيار قضائهم بدال من اإلعتماد على التنظيم القضائي للبلد
الذين يقيمون فيه ،وال يعرض النزاع على احملكمني إال بإتفاق قوي الشأن إتفاقا صحيحا ،واضحا
أ
مقدمة
على الفصل فيه عن طريق التحكيم وإتفاق التحكيم كما عرفه م.ج بأنه" :إتفاق التحكيم هو
1
اإلتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض النزاع سبق نشوؤه على التحكيم"
يعترب االتفاق على التحكيم عقد من عقود القانون اخلاص يسوده مبدأ سلطات اإلدارة وتسري
عليه القواعد العامة يف العقود وبناء على ذلك فالبد لقيام إتفاق التحكيم جيب أن يتوفر فيه مجيع
الشروط الشكلية واملوضوعية ،اليت أوجب املشرع مراعاهتا عند إبرام أي تصرف قانوين ،إذ تتمثل
الشروط املوضوعية يف ضرورة توافر التراضي الصحيح ،وأن يرد التراضي على حمل ممكن
ومشروع ،وأن يستند إىل سبب مشروع ،والشروط الشكلية هي أن يكون إتفاق التحكيم
مكتوبا 2وإتفاق التحكيم هو دستور واساس العملية التحكيمية وهو الذي يعطي الوالية
للتحكيم ،ويعترب االتفاق صحيحا مىت توافرت أركانه وشروطه فإنه يرتب أثار قانونية ،حيث
حيجب قضاء الدولة عن الفصل يف موضوع النزاع بني الطرفني ،وخيول سلطة الفصل إىل
احملكمني ،ويرتب أثاره املوضوعية اليت تتمثل يف إكتساب إتفاق التحكيم للقوة امللزمة اليت توجب
عرض النزاع على التحكيم ،وال ميلك أحد أطراف اإلتفاق التخلي عنه أو أن يعطله بإرادته
املنفردة ،وإلجازة الطرف اآلخر رفع دعوى ضده لتنفيذ اتفاق التحكيم ،3ويرتب إتفاق التحكيم
كذلك أثار إجرائية ،وهي االثر املانع والذي مبقتضاه متنع احملاكم الوطنية من النظر يف أي نزاع
1فوزي محمد سامي ،التحكيم التجاري الدولي (دراسة المقارنة األحكام التحكيم التجاري الدولي)،
ط ،1دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،8002 ،ص .00
2هاني محمد كامل المنابلي ،إتفاق وعقود اإلستثمار البترولية ،دراسة على الدول العربية ،مقارنة
التشريعات الوضعية في العالم ،ط ،01دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،8012 ،ص .00
3أبو زيد رضوان ،األسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ،1821 ،ص .10
ب
مقدمة
يوجد بشأنه إتفاق التحكيم أما األثر االجرائي األخر هو مبدأ اإلختصاص باإلختصاص ،أي
ختويل هيئة التحكيم سلطة الفصل يف الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها مبا يف ذلك الدفوع املبنية
ونتيجة هلذا كان الدافع واملربر إىل دراسة املوضوع إتفاق التحكيم التجاري الدويل وأثاره هو أنه
ما نالحظه يف الوقت الراهن ال يكاد خيلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط التحكيم،
فأمهية املوضوع تتضح من خالل أمهية اتفاق التحكيم يف تسوية منازعات التجارة الدولية يف
كونه نظام يقوم على إرادة األطراف .وهذا اإلتفاق هو املهيمن عليه ،ومن هنا يطرح املوضوع
حبثنا هذا عدة إشكاليات حتتاج إىل البحث واإلجابة عنها وتتمثل يف البحث عن مفهوم إتفاق
التحكيم (تشريعيا وفقهيا وقضائيا) وكذلك وجب التطرق إىل أثاره املوضوعية واإلجرائية
والدراسة هذا املوضوع إستخدمنا ثالث مناهج حبث حبيث إستعملنا املنهج الوصفي يف حتديد
مفهوم إتفاق التحكيم وشروطه وأنواعه ،املنهج الثاين هو املنهج التحليلي من خالل حتليل خمتلف
أحكام وقواعد التحكيم التجاري الدويل اليت نظمها املشرع اجلزائري وخمتلف القوانني الوضعية
األخرى واملنهج الثالث هو املنهج املقارن كون ان هذه الدراسة ال ميكن أن تقتصر على النظام
قانوين معني وعن القانون اجلزائري فقط بل وجب اإلستعانة خبربة القوانني الوضعية واإلسترشاد
بأهم القوانني االجنبية اليت تناولت هذا املوضوع وسنجيب على هذه التساؤوالت يف موضوعنا
1مصطفى أحمد فؤاد ،دراسة في النظام القانوني الدولي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،1881 ،ص
.08
ت
مقدمة
الفصل التهميدي حول مفهوم إتفاق التحكيم يتضمن املبحث األول ماهية إتفاق التحكيم و فيه
املطلب األول تعريف إتفاق التحكيم مث املطلب الثاين أنواع إتفاق التحكيم اما املبحث الثاين
حول شروط إبرام اإلتفاق حيتوي على املطلب االول الشروط املوضوعيىة و املطلب الثاين
الشروط الشكلية اما الفصل األول كان حول األثار املوضوعية فيه املبحث األول القوة امللزمة
إلتفاق التحكيم له مطلبان األول تعريف القوة امللزمة مث املطلب الثاين نطاق القوة امللزمة
و املبحث الثاين إستقاللية إتفاق التحكيم له املطلب األول تقرير مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم و
يليه املطلب الثاين األثار املترتبة على مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم حبيث كان الفصل الثاين خاص
باألثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم فيه املبحث األول حول األثر املانع إلتفاق التحكيم حيوي
املطلب األول له األثر اإلجيايب إلتفاق التحكيم و املطلب الثاين األثر السليب إلتفاق التحكيم اما
املبحث الثاين مبدأ اإلختصاص باإلختصاص و له مطلبان املطلب األول تعريف مبدأ اإلختصاص
ث
الفصل التمهيدي :
ال يعدو إتفاق التحكيم أن يكون شأنه شأن أي إتفاق تعبريا عن إرادتني تراضيا على إختيار
التحكيم بوسيلة منازعات ثارت أو قد يثور ،ولذا يلزم أن تتوافر الشروط املوضوعية االزمة
لصحة أي إتفاق ،كما يلزم توافر الشروط الشكلية اليت يتطلبها القانون ،فإذا ما إستكمل اإلتفاق
شرائط صحته رتب أثار قانونية ،هذا فضال عن مزايا أخرى مثل ميزة التكتم والسرية اليت تكتنف
التحكيم التجاري الدويل ،واليت هبا يتم احلفاظ على أسرارهم اخلصوم واملتعلقة بالنزاع ،وهي
معلومات خطرية ميثل إفشائها خسارة كبرية لألطراف باإلضافة إىل ميزة احليادية اليت تتصل
بالتحكيم حيث يتم الفصل يف اخلصومة على أيدي احملكمني حمايدين ،وهي امليزة اليت قد ال تتوافر
يف القضاء الوطين الذي قد ينحاز للدولة اليت يتبعها ،كما أن القضاة الوطنيني ال تتوافر لديهم
خربة الفنية واملعرفة القانونية اليت تتصل هبذا النوع احلساس من املنازعات ،وهي كما نعلم
وهلذا فقد أبرمت معظم الدول العربية العديد من باإلتفاقات التحكيم يف عقودها البترولية ،واليت
يتم اإلتفاق على تسوية النزاع من خالل أحد غرف التجارة الدولية أو أحد حماكم التحكيم
الدولية ذات العراقة وامليزة يف جمال التحكيم ،وعلى رأسها حمكمة لندن للتحكيم التجاري
الدويل ،أو غرفة التجارة بباريس تقديرا من الدول العربية والشركات األجنبية ففي عقود
1محمود مختار أحمد بربري ،التحكيم التجاري الدولي ،ط ،3دار النهضة العربية القاهرة،8000 ،
ص .23
6
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
اإلمتيازات البترولية أبرمت دول اخلليج العربية إتفاق التحكيم ورد يف البند ( )22/2من عقدها
مع شركة البترول وأبرمت احلكومة املصرية إتفاق مت النص فيه على اللجوء إىل التحكيم يف
عقدها لشركة فليبس األمريكية عام 3691حيث يتم تسوية النزاع من خالل ثالثة حمكمني من
إتفاق التحكيم هو حجر األساس يف التحكيم فيه تبدأ اإلجراءات اليت تستوجب إصدار احلكام يف
املنازعات وهو الذي يظهر فيه االطراف يف تسوية النزاع من خالل التحكيم ،وبوجود إتفاق
التحكيم الصحيح والسليم بعقد اإلختصاص للمحكمة التحكيمية وتلتزم احملكمة القضائية بإحالة
اخلصوم إىل احملكمة التحكيمية عند دفع اخلصوم بوجود إتفاق التحكيم ما مل يكن إتفاق مفعال أو
ظاهر البطالن ،ويتطرق إتفاق التحكيم إىل حتديد اللغة اليت يستخدمها األطراف يف املرافعة
التحكيمية والقواعد الواجبة تطبيقها واملكان الذي يتم من خالله تسوية النزاع التحكيمي ،هذا
باالضافة إىل تعيني احملكمني أو حتديد الطريقة اليت سيتم من خالهلا التعيني هلذا ميكن القول بأنه
حىت يصدر احلكم يف املنازعة اليت تنشب بني األطراف البد من إتفاق حتكيمي سليم ،هلذا إهتمت
1هاني محمد كامل المنايلي ،إتفاق وعقود اإلستثمار البترولية (دراسة مقارنة) ط ،1دار الجامع
الفكري اإلسكندرية ،8012 ،ص .120-121
2محمود مختار أحمد بربري ،المرجع السابق ،ص .23
7
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
إن معظم التشريعات العربية التحكيمية تناولت تعريف إتفاق التحكيم ومن بني هذه التعريفات ما
نص عليه التحكيم التجرييب الفصل الثاين ،إتفاق التحكيم املادة السابقة بأنه" :هو إتفاق بني
الطرفني على أن حييال إىل التحكيم مجيع أو بعض املنازعات احملددة اليت نشأة أو قد تنشأ بينهما
بشأن عالقة قانونية حمددة تعاقدية كانت أو غري تعاقدية وجيوز أن يكون إتفاق التحكيم يف صورة
شرط التحكيم وارد يف عقد أو يف صورة إتفاق منفصل "1كما نصت املادة 201يف فقرهتا
األوىل من القانون اإلمارايت على أنه :جيوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا يف العقد األساسي
أو بإتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع يف تنفيذ عقد معني على حمكم أو أكثر كما
فاملشرع اجلزائري فقد عرف إتفاق التحكيم يف نص املادة ( )3033من ق.إ.م.إ واليت تقضي
بأنه" :هو االتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض نزاع سبق نشوئه على التحكيم "2وقد
شاب النص السابق خطأ قانوين فإتفاق التحكيم ميكن أن يتم إبرامه قبل نشوب النزاع أو بعد
نشوب النزاع.3
8
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
وتنص املادة األوىل من نظام التحكيم السعودي على أنه" :جيوز إلتفاق التحكيم يف نزاع معني
قائم ،كما جيوز االتفاق مسبقا على التحكيم يف أي نزاع يقوم نتيجة تنفيذ عقد معني.1
كما نصت املادة العاشرة من قانون التحكيم املصري على أنه" :اإلتفاق الذي يقر فيه الطرفان
اإللتجاء إىل التحكيم لتسوية كل أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة
وتنص املادة ( )609من القانون السوري أنه" :جيوز للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض
ما قد ينشأ من نزاع يف تنفيذ عقد معني على حتكيم واحد أو أكثر ،جيوز اإلتفاق على التحكيم
وتنص املادة ( )263من القانون العراقي" :جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني كما جيوز
اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ من تنفيذ عقد معني."4
وتنص املادة 3/306من القانون القطري بأنه ":جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني
بوثيقة حكم خاصة كما جيوز اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ عن التنفيذ
معني."5
1حمزة أحمد حداد ،التحكيم في القوانين العربية ،ط ،3دار الثقافة ،عمان ،األردن ،8012 ،ص .23
2المادة 10من القانون التحكيم المصري.
3المادة 100من قانون السوري.
4المادة 811من القانون العراقي.
5المادة 01/180من القانون القطري.
9
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
وتقضي املادة ( )716من القانون اللييب بأنه" :جيوز للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض ما
قد ينشأ بينهم من النزاع يف تنفيذ عقد معني على حمكمني وجيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع
وتقضي املادة ( )292من القانون اللبناين بأنه :جيوز للمتعاقدين بأن يدرج يف العقد التجاري أو
املدين املربم بينهم بند ينص على أن حتل بطريقة التحكيم مجيع املنازعات القابلة للصلح واليت تنشأ
وضع الفقه عدة تعاريف للنظام القانوين إلتفاق التحكيم خيتلف بعضها عن البعض األخر والسبب
يف هذا اإلختالف هو حسب إختالف الزوايا واملنظار الذي ينظر هبا هذا الفقه وعليه سوف
نتطرق إىل بعض ما قيل يف تعريف التحكيم ،فقد عرف جانب من الفقه الفرنسي بأنه " :هيئة
ي بدوا واضحا ان هذا التعريف يهمل جانب اإلتفاق يف التحكيم وهو إمهال غري مسوغ يف حني
يعرفه اجلانب اآلخر من الفقه الفرنسي بأنه" :هيئة يعهد هلا األطراف املهمة حل نزاعاهتم حملكمني
10
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
أما األستاذ جني روبرت فقد عرفه يف مؤلفه الشهري عن التحكيم بأنه" :إنشاء إختصاص قضائي
خاص ،يتم بواسطة سحب املنازعات من اإلختصاص القضائي العام لتعطي ألفراد يزودون
أما بالنسبة للفقه املصري فقد إنقسم إىل عدة إجتاهات يف هذا التعريف فمنهم من يعرفه بأنه:
"إتفاق على طرح النزاع على الشخص معني أو أشخاص معينني ليفصلوا فيه دون احملكمة
املختصة به".
يف حني عرفه القسم اآلخر بأنه" :عقد يتفق األطراف مبقتضاه على طرح النزاع على حمكم
وذهب إجتاه فقهي آخر بالقول بأن إتفاق التحكيم" :هو عقد من عقود القانون املدين يتفق
األطراف مبقتضاه على عدم طرح النزاع اخلاص هبم على قضاء الدولة وطرحه على هيئة التحكيم
أما خبصوص ما يتعلق بالفقه القانوين العراقي فهو تأثر كسابقه الفقه املصري إنقسم إىل عدة
أقسام من يعرفه" :نظام تعاقدي يلجأ إليه املتنازعان على اإلختالف الناتج بينهما بواسطة شخص
1أسعد فاضل منديل ،أحكام عقد التحكيم وإجراءاته ،ط ،1دار بينيوز ،العراق ،8011 ،ص .10
11
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
أما اإلجتاه اآلخر فيعرف التحكم بأنه" :إحتكام اخلصم إىل شخص أو أكثر ليقوم بفصل النزاع
القائم بينهم لالستغناء به عن طريق اللجوء إىل حماكم إقتصاد يف الوقت والنفقات والرغبة يف إهناء
اخلصومة."1
جاءت العديد من األحكام القضائية اليت فحواها ميكن إستخالص تعريف قضائي فيمكن القول
أنه حق له خيول للمتعاقدين اإللتجاء إىل التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت ختتص به
احملاكم أصال ،فإختصاص جهة التحكم بالنظر وأن كان يركز أساسا إىل حكم القانون الذي
أجاز إستثناء سلب اإلختصاص جهات القضاء إال أنه ينبغي مباشرة ويف كل حالة على حدى
على إتفاق الطرفني وهذه الطبيعة االتفاقية اليت سيتم هبا شرط التحكيم وتتخذ قوامها لوجوده
جبعله غري متعلق بالنظام العام ،فال جيوز للمحكمة أن تقضي بأعماله نت تلقاء نفسها وإمنا بتعيني
التمسك به أمامها وجيوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ،ويسقط احلق فيه فيما لو أثري متأخرا بعد
الكالم يف املوضوع إذ يعترب السكوت عن إبدائه قبل النظر يف املوضوع نزوال ضمنيا عن التمسك
به.2
وقد قضت حمكمة النقض املصرية يف الطعن رقم ( )3198س 28ق جلسة 3682/33/28
ومفاد طعن املادة ( )603من قانون املرافعات على ما جرى به قضاء النقض ختويل املتعاقدين
12
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
احلق يف اإللتجاء إىل التحكيم لنظر ما قد نشأ بينهم من نزاع كانت ختتص به احملاكم أصال،
بإختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكز أساسا إىل احلكم القانون الذي أجاز
إستثناء سلب إختصاص جهات القضاء إال أنه يبين مباشرة ويف كل حالة على حدى إتفاق
الطرفني.
كما أن املشرع املصري مل يأت يف املواد ( )603إىل ( )631من قانون املرافعات املتضمنة
ألحكام التحكيم مما مينع من أن يكون التحكيم يف اخلارج على يد أشخاص غري مصريني ألن
حكمة تشريع التحكيم هلم والية القضاء أن يقضوا بينهما وحيسموا النزاع حبكم أو بصلح يقبالن
شروط ويسوي أن يكون احملكمون جدين مبصر وأن جيري التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين
يف اخلارج فاملشرع ال يرى يف اإلتفاق على حمكمني يقيمون باخلارج ويصدرون أحكامهم هناك
تتفق قوانني الدول العربية عموما ،على النص على أن حكم التحكيم جيب أن يشتمل على صورة
عن وثيقة أو صك التحكيم ،ويقصد بذلك إتفاق سواء ورد يف صيغة شرط التحكيم ،أو إتفاق
مستقل سابق النزاع ،أو مشارطة حيكم بعد وقوع النزاع.2فشرط التحكيم هو إتفاق التحكيم
املتفق عليه قبل نشوب النزاع ويتم إدراجه كبند داخل العقد ويرد يف وثيقة العقد األصلي ،وعلى
13
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
العكس فقد يرد يف إتفاق مستقل وقد فرقت بعض التشريعات التحكيمية بني شرط التحكيم
واملشارطة التحكيمية ومل يفرق البعض االخر من التشريعات فيما بينهم ،حيث قرر املشرع
البولندي يف املادة ( )229أنه يوجد فرق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ويف قانون
اإلجراءات املدنية األملانية يف املادة ( )3029عرف التميز بني الشرط التحكيمي واملشارطة
التحكيمية ،بالنسبة للمشرع الفرنسي نظم إتفاقيات التحكيم متناوال شرط ومشارطة التحكيم يف
أما على الصعيد الدول العربية فإن الغالب من التشريعات املنظمة للتحكيم فرقت بني الشرط
واملشارطة بإستثناء تشريع التحكم السوداين الذي مل يفرق بني الشرط التحكيمي واملشارطة
التحكيمية.1
نكون أمام شرط التحكيم عندما يأيت إتفاق التحكيم على شكل إتفاق مدرج يف العقد األصلي
وهو ما أدرج على تسميته بشرط التحكيم املنصوص عليه داخل العقد والذي يتفق أطراف عليه
قبل نشوب النزاع بني األطراف املتعاقدة ،إال أن ال يوجد ما مينع من أن يرد إتفاق داخل وثيقة
مستقلة عن العقد الذي مت إبرامه بني األشخاص ال يؤكد إتفاق التحكيم املبدئي أو شرط
التحكيم داخل العقد ،رغبة ألطراف األكيدة على السري قدما إجتاه تسوية أي نزاع ينشأ عن
العقد بطريقة التحكيم منذ نشأة العقد ،وتفضيل حسم هذا األمر منذ بداية مما يقلل من حدوت
14
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
تضارب بني االختصاص ال سيما إذا مت رفع األمر إىل احملكمة القضائية املختصة بنظر يف النزاع
وفقا لقواعد اإلختصاص الواردة يف ق.إ.م ،واليت تنظم االختصاص الدويل للمحاكم الوطنية،
وبعد إتصال احملكمة القضائية بالنزاع يتفق االطراف على تسوية النزاع بطريق التحكيم ،مما
يتسبب يف إضاعة الوقت بني سلب اإلختصاص من القضاء العادي وتويل احملكمة التحكيمية والية
تسوية النزاع.1
وبشان التفرقة بني اتفاق التحكيم (شرط) واملشارطة التحكيمية ،فنجد أن املشرع اجلزائري
عرف شرط التحكيم يف املادة 3007من ق.إ.م.إ اجلزائري بأنه" :اإلتفاق التحكيم الذي مبوجبه
يلتزم األطراف يف عقد متصل حبقوق متاحة" مبفهوم " 3009لعرض املنازعات اليت قد تثار بشأن
اما التشريع األردين رقم 13لسنة 2003مادة 03فعرفه " :أنه جيوز االتفاق على التحكيم يف
كما سبق الفقرة الثانية من املادة العاشرة من قانون التحكيم املصري احلايل رقم 27لسنة
3662على أنه" :جيوز أن يكون إتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستقال بذاته
15
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
ووفقا للتعريف الوارد من املشرع اجلزائري ،فشرط التحكيم عهو إتفاق بني األطراف يتم إدراجه
يف عقد مربم بني األطراف على تسوية املنازعات اليت تنشأ عن العقد.
ويف املادة ( )39من القانون اليمين تنص على أنه" :جيوز أن يكون إتفاق التحكيم على شكل
عقد مستقل (وثيقة التحكيم) أو على شكل بند يف العقد (شرط التحكيم) ويف احلالة األخرية
يعامل شرط التحكيم بإعتباره إتفاق مستقال عن الشروط العقد األخرى وإذا حكم ببطالن العقد
ويف املادة السابعة من القانون التحكيم السوري تنص الفقرة األوىل منه على أنه" :جيوز اإلتفاق
على التحكيم عند التعاقد وقبل قيام النزاعات سواء كان اإلتفاق مستقال بذاته أو ورد يف عقد
-كما تنص املادة السابعة من قانون التحكيم البحريين على أنه" :جيوز أن يكون إتفاق التحكيم
-ويف الباب الثاين من قانون اإلجراءات العراقي تنص املادة ( )263على أنه" :جيوز اإلتفاق على
التحكيم يف نزاع معني كما جيوز اإلتفاق على التحكيم يف مجيع املنازعات اليت تنشأ من تنفيذ
عقد معني."4
16
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-ويرى البعض من الفقه السعودي أن املشرع حينما إستخدم لفظ (أو) يف نص املادة األوىل منه
واليت تنص على أنه :جيوز اإلتفاق على التحكيم يف نزاع معني قائم ،كما جيوز اإلتفاق مسبقا
-ويف املادة التالية من اإلتفاقيات العربية للتحكيم تنص على أنه -3" :يتم اخلضوع للتحكيم
إحدى الطرفني ،األوىل بإدراج شرط التحكيم يف العقود املربمة بني ذوي العالقة والثانية بإتفاق
-عرف املشرع اجلزائري مشارطة التحكيم من خالل تعريف إتفاق التحكيم حيث نص يف املادة
( )3033من ق.إ.م.إ على أن" :إتفاق التحكيم هو الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض نزاع
حيث تناول املشرع املصري مشارطة التحكيم يف الفقرة الثانية من املادة العاشرة من القانون
التحكيم حيث نص على ما يلي" :كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد القيام النزاع ولو كانت
أقيمت يف شأنه دعوى أمام جهات قضائية" -إذن فمشارطة التحكيم هي إتفاق أطراف عالقة
قانونية ما على تسوية ما ثار بينهم من منازعات التحكيم شأن هذه العالقة بواسطة التحكيم ،فال
17
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
يتم اإلتفاق على املشارطة التحكيم إال بعد نشوب النزاع ،واخلالف ،الواقع بني أطراف العالقة
القانونية ،وال يتم اللجوء إىل مشارطة التحكيم إال إذا خال العقد من شرط أو بند التحكيم.1
-وتقترب املشارطة من عريضة الدعوى حيث جيب أن يتضمن نقاط اخلالف بني األطراف،
حيث نص املشرع املصري على ضرورة حتديد املسائل اليت يشملها التحكيم وإال كان اإلتفاق
-حيث أوجب حتديد موضوع النزاع وأمساء احملاكمني ،وكيفية تعيينهم يف مشارطة التحكيم و
إال كانت باطلة ،وهذا عكس شرط التحكيم الذي ال حيدد موضوع النزاع كونه مل ينشأ بعد.
-وحترر مشارطة التحكيم يف سند مستقل عن العقد األصلي حيث أهنا تربم بني األطراف بعد
نشوب النزاع ،وليس عند إبرام العقد األصلي الذي يقوم بشأنه النزاع.2
-ومن التشريعات اليت تناولت مشارطة التحكيم من قانون التحكيم األردين يف مادته (:)33
" ....كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت يف شأنه دعوى أمام
أية جهة قضائية وجيب يف هذه احلالة أن حيدد موضوع النزاع الذي حيال إىل التحكيم متديدا دقيقا
18
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-كما تنص املادة ( )201من ق.إ اجلريدة اإلمارايت اليت تنص على أنه" :جيوز للمتعاقدين بصفة
عامة أن يشترطوا ...أو بإتفاق الحق عرض ما قد ينشأ بني نزاع على حمكم أو أكثر."1
-كما تنص املادة ( )33من قانون التحكيم اليمين" :جيوز أن يكون إتفاق التحكيم سابقا على
نشوء النزاع سواء كان مستقال بذاته أو ورد يف عقد معني بشأن كل املنازعات أو بعضها اليت قد
تنشأ بني الطرفني ،كما جيوز أن يتم إتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت يف نشأة
دعوى أمام أية جهة قضائية وجيب يف هذه احلالة أن حيدد موضوع النزاع الذي حال إىل التحكيم
حتديدا دقيقا."2
-وعليه فإن مشارطة التحكيم هي إتفاق التحكيم بني األطراف مبناسبة نزاع معني قائم بالفعل
بينهم يلتزمون مبقتضاه بعرض هذا النزاع على احملكم أو احملكمني املختارين من قبلهم ،بدال من
عرض تلك املنازعة على حمكمة املختصة أصال بنظره وهي الصورة األسبق ظهورا وإعترافا هبا.3
يعترب شرط التحكيم باإلحالة من الصورة املعاصرة إلتفاق التحكيم والفرض يف هذه الصورة أن
العقد األصلي بني األطراف مل يتضمن شرط صحيحا للتحكيم بل إكتفى األطراف بإشارة أو
اإلحالة إىل عقد سابق بينهم أو إىل عقد منوذجي وذلك لتكملة النقص أو سد الثغرات اليت تعتري
19
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
عقدهم وكان ذلك العقد النموذجي من بني بنوده بند أو شرط يقضي بتسوية املنازعات اليت
تنشأ فيه بواسطة التحكيم ،ويف هذه احلالة يسحب أثر هذا البند أو الشرط إىل العقد األصلي،
ويلتزم األطراف به حبيث يتم تسوية املنازعات الناشئة عن العقد اليت تضمن اإلحالة عن طريق
التحكيم.1
فتناولت كذلك التشريعات العربية نظام اإلحالة إىل التحكيم ،وهو نظام معروف قانونا يعين
اإلحالة إىل وثيقة يتم اإلتفاق بني األطراف على التحكيم بشأهنا مبا يعين ان االتفاق مت يف غري
العقد إمنا باإلحالة إىل إتفاق أخر مكتوب ،ففي املادة 1/30من قانون التحكيم اليمين تنص على
انه" :يعترب إتفاقا على التحكيم إحالة ترد يف العقد إىل وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا كانت
ويف املادة ( )30من قانون التحكيم األردين تنص على انه" :يعد يف حكم اإلتفاق املكتوب كل
إحالة يف العقد إىل أحكام عقد منوذجي أو إتفاقية دولية أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط
التحكيم إذا كانت اإلحالة واضحة يف إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد."3
-وتنص املادة ( )30من قانون التحكيم املصري ف 2على أنه" :يعترب إتفاق التحكيم كل
إحالة ترد يف العقد إىل وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا كانت اإلحالة واضحة يف إعتبار هذا
20
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-ومعىن اإلحالة اليت حتدثت عنها القوانني هي تلك اإلحالة اليت تتم من األطراف إىل نص أو
وثيقة مت اإلتفاق على التحكيم عليها من األطراف وهذا اإلتفاق ال يأخذ نفس طريقة إبرام
الشرط املدرج داخل العقد والوثيقة املذكورة هي تلك الوثيقة املكتوبة من األطراف.
-أما خبصوص اإلحالة يف التشريعات العربية فقد حكم القضاء الفرنسي بصحة شرط اإلحالة
والوارد يف عقد مقاولة من الباطن إىل القعد األصلي بني املقاول الرئيسي واملقاول الباطن .2فقد
وردت اإلحالة يف عدد من التشريعات العربية بإعتباره شكل من أشكال إتفاق التحكيم حبيث
ورد يف قانون التحكيم الفنلندي رقم 697لسنة 3662نصت املادة ( )01على التحكيم ميكن
إبرامه من خالل اإلحالة .3ويف الفقرة الثالثة من املادة 3013من التشريع األملاين اإلجراءات
وتنص على أن" :التحكيم ميكن أن يتم من خالل اإلحالة إىل وثيقة تشري إىل وجود إتفاق
التحكيم وحتديدا من خالل سندات الشخص حىت تضمن إحالة إىل التحكيم."4
21
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
يعترب إتفاق التحكيم تصرف قانوين كأي تصرف قانوين آخر فإنه ال يسري باحلق الغري وال
يترتب أي أثر من األثار القانونية إال يف توافر الشروط اخلاصة هبذا التصرف ،حيث بدون شروط
إبرام إتفاق التحكيم هذه الشروط يكون التصرف باطال معدوما ،وعلى هذا األساس سوف
نقسم هذا املبحث إىل مطلبني األول الشروط املوضوعية والثاين الشروط الشكلية.
إن نظام التحكيم يبدأ بإتفاق أي عقد يعرب من خالله الطرفان على آرائهما يف عرض النزاع على
احملكمني بدال من القضاء العادي ،وعليه ومبا أن هذا النظام يبدأ بعقد فالبد أن ختضع للشروط
املوضوعية اليت خيضع هلا العقود واليت هي الرضا احملل والسبب.1واليت سوف تكون موضوع هذا
يعين تطابق إرادتني وإجتاههما إىل ترتيب أثار قانونية تبعا ملضمون ما أتفقا عليه فالبد من إجياب
وقبول يتالقيان على إختيار التحكم إختيارا أمر كوسيلة حلسم املنازعات اليت تثور بشأن العالقة
األصلية وإذا تعلق األمر بشرط التحكيم سيكون مدراء األمر على التحقق من تطابق إدارة
األطراف بشأن شرط التحكيم كأحد شروط العقد ،أما إذا تعلق االمر مبشارطة التحكيم،
22
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
فسيكون التحكم هو املسألة املهمة يف ركن الرضا هي حتديد األهلية الالزمة إلبرام العقد وهلذا
سوف نبحث يف هذا الشرط على األهلية املطلوب توافرها بالنسبة للمحكمني وكذلك بالنسبة
للحكم.1
إن القصد باألهلية من صالحية الشخص لصدور القانوين منه على وجه يفيد به شرعا ،وميكن
القول بأن األهلية اليت عرب هبا اإلنسان تنقسم إىل أهلية وجوب وأهلية أداء بدورها تنقسم إىل
أهلية الوجوب إىل كاملة وناقصة ،وكذلك أهلية األداء هذا وباإلضافة إىل أن الفقهاء يقسمون
أهلية األداء إىل أهلية إغتناء أو أهلية اإلرادة وأهلية التصرف وأهلية التربع ،وهذا ما مير به
اإلنسان منذ والدته ،حىت بلوغ سن الرشد إذا مل يعترضه عارض من عوارض األهلية ،أما األهلية
2
املطلوبة هنا فهي صالحية الشخص على إحالة النزاع القائم أو حمتمل الوقوع إىل هيئة التحكيم
ففي هذه احلالة األهلية الواجب توافرها للقيام مبثل هذا التصرف.
بعض القوانني أغفلت اإلشارة ملثل هذا املوضوع ويف هذه احلالة جيب توافر األهلية الكاملة وهي
بلوغ سن الرشد أما النمط اآلخر من القوانني فإهنا مل تشترط أهلية التربع وإمنا توافر أهلية
التصرف وهي االهلية اليت جتيز للشخص إبرام عقد يرد على التصرف،
23
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-فقد إستلزم املشرع اجلزائري أن يكون التراضي يف إتفاق التحكيم صادر عن أطراف أهل
التصرف وهذا ما نصت عليه املادة ( )3009فهذه املادة إقتصرت حق اللجوء إىل التحكيم
بالنسبة لألشخاص الطبيعية يف من تتوافر هلم األهلية القانونية ملباشرة التصرفات القانونية.1
وهذا هو موقف املشرع الفرنسي يف نص املادة ( )2066من القانون املدين الفرنسي ،وهذا هو
نفس النهج الذي هنجه املشرع املصري يف السياق ،أما القانون العراقي فقد أخذ مبا أمجعت عليه
غالبية القاوانني وهو توافر األهلية التصرف بالنسبة للشخص الذي يريد إبرام عقد التحكيم ،إذن
فالنتيجة املستخلصة أن كل شخص بلغ ( )38يتمكن من إبرام مثل هذا العقد ويف املقابل فإنه ال
جيوز للقاصر أو احملجور عليه وعدميي األهلية من اللجوء إىل التحكيم .2وقد نصت عليه ف03
من املادة السادسة من التحكيم اليمين واليت نصت على أنه" :شرط لصحة التحكيم ما يلي :أوال:
أن يكون احملتكم أهال للتصرف يف احلق موضوع التحكيم ،على أن ال يقبل التحكيم من الويل أو
يتضح من هذا النص أنه إشترط يف التحكيم أن يكون أهال للتصرف يف حق موضوع التحكيم،
-األول :أن يكون الشخص حائز على أهلية التصرف ،ومناط ذلك الشخص نفسه ألن مناط
األهلية التمييز والرشد وترجع إىل إعتبار الشخصي وتتطلب أغلب التشريعات األهلية التصرف
24
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
وال تكتفي بأهلية التقاضي واليت تتضمن صالحية اخلصم للقيام بالعمل االجرامي سواء كان بإمسه
أو يف مصلحة اآلخرين وأهلية التصرف يف احلق املطلوب محايته تكون لكا من له أهلية أداء
كاملة.
-أما الشق الثاين :أن يكون حق املوضوع التحكيم مما جيوز التصرف فيه حيث أن عدم القابلية
التصرف قد ترجع إىل حمل التحكيم وموضوعه ومناله املال املوقوف ،ففي هذه احلالة ال يستطيع
الشخص أن يتصرف يف احلال ال النقص يف األهلية وإمنا لصفة تلحق باملال نفه وهي عدم قابليته
للتصرف.1
-إن معظم التشريعات مل تشترط بلوغ احملكم أهلية معينة حىت يتمكن من الفصل بالنزاع
املعروض عليه بل إشترطت هذه األخرية أن يكون احملكم كامل األهلية أي يكون بالغ سن الرشد
فال جيوز أن يكون احملكم قاصر أو حمروما من حقوقه املدنية أو حمجوز عليه أو مفلسا مل يرد له
إعتباره ،أما يف التشريع العراقي فإن قانونه رد اإلعتبار قد ألغي بقرار من جملس قيادة الثورة رقم
677سنة 3678م وبالتايل فإن جمرد احلكم على شخص جبناية أو جنحة خملة بالشرف حيرم من
25
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-وقد نصت ف 03من املادة 09حتكيم اليمين على أنه شرط لصحة التحكيم ما يلي" :أن
يكون احملاكم كامل األهلية عدال صاحلا للحكم فيما حكم فيه."1
-فالشخص القاصر ال ميلك أن تتصرف مبلكه إال أن يتعاقد بنفسه وال جيوز له أن يتوىل مهمة
القضاء بني الناس ،وكذلك احلال بالنسبة إىل احملجوز عليه أو التاجر املفلس.2
احملل يف إتفاق التحكيم هو أن خيضع األطراف للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو اليت قد
تنشأ بينهم بشأن موضوع تتعلق برابطة من روابط القانون التعاقدية أو غري تعاقدية جيوز تسويتها
عن طريق التحكيم ،إذا فمحل التحكيم هو نزاع أو اخلالف الذي نشأ أو ميكن أن ينشأ بني
األطراف ونقصد يالنزاع تعارض بني مصلحتني قانونيتني أو أكثر ،سبب تعارض وجهات النظر
القانونية حول وقائع النزاع أو القواعد القانونية الواجب التطبيق بني شخصني أو أكثر 3وللمحل
بصورة عامة يف كل العقود شروط فنحاول تطبيقها على عقد التحكيم تبعا خلصوصية.
هذا الشرط ميكن تطبيقه على ركن احملل يف عقد التحكيم فقد يتفق الطرفان على إبرام عقد
التحكيم بعد حصول النزاع ،مثال لو إختلف الطرف حول ملكية سيارة معينة مث بعد ذلك حصل
26
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
النزاع إتفق على حالة النزاع املذكور إىل هيئة التحكيم حمتارة من قبلهم بدال من اللجوء إىل
القضاء ،فهنا يكون احملل موجودا وقد مت حتديده وحتديد كل أبعاده ،إما يف حالة كون إتفاق
التحكيم يرد يف صيغة شرط ضمن بنود عقد معني فإن شرط الوجود يكون متحققا أيضا يف
ركن احملل ألن شرط التحكيم سوف يرد على نزاع من املمكن وجوده مستقال عند تنفيذ ذلك
العقد.1
-ولكي ينعقد إتفاق التحكيم جيب أن تكون املنازعة املراد عرضها على التحكيم موجودة
بالفعل وفقا لنص املادة ( )386مدين من القانون اليمين واليت نصت على أنه" :ال يصلح ان
يكون الشيء املعدوم هو الذي ال يتحقق وجوده من األعيان ووجود سبب من املنافع حال
العقد ."2وكل إتفاق التحكيم تكون موجودة يف حالة مشارطة التحكيم ألهنا تتم مبناسبة نزاع
قائم بالفعل كما يوجد مستقبال شرط التحكيم عند حدوث النزاع وهنا نطرح السؤال مفاده أين
حمل إتفاق التحكيم يف احلالة الثانية أي يف صورة شرط التحكيم والذي يعد فيه حمل العقد
معدوما ،وفقا للنص السابق والذي يقرر أنه ال يصلح أن يكون الشيء املعدوم حمال للعقد وبالتايل
فشرط التحكيم غري مشروع 3ولكن بإستكمال قراءة النص تتضح اإلجابة على هذا السؤال "إال
ما إستثىن عليه" ،فيعترب شرط التحكيم مستثىن وفقا ملا تنص عليه املادة ( )36حتكيم ميين ،واليت
27
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
نصت على أنه" :ال جيوز إلتفاق على التحكيم إال بالكتابة سواء قبل قيام اخلالف أو النزاع بعد
ذلك."1
فأجازت املادة اإلتفاق على التحكيم قبل اخلالف أو النزاع هو املعيار املميز لشرط التحكيم
فأجازت املادة إبرام شرط التحكيم بعد إستثناء من عدم جواز التعاقد على حمل معدوم إال أن نص
املادة ( )386مدين ميين حدد املستثىن منه بعبارة يف هذا القانون ويقصد أيضا حتديدها مبعىن أن
يكون النزاع املتفق التحكيم فيه ناشئا عن عالقة قانونية حمدودة ،فيشترط يف املنازعة حمل اإلتفاق
2
على التحكيم أن يكون ناشئة عن العالقة قانونية حمددة سواء كانت عقدية أو غري عقدية .
يؤكد هذا الشرط ما نصت عليه أغلب التشريعات بصدد حتديد موضوع النزاع يف العقد
التحكيم وعلى هذا فمن الواجب على الطرفني أن حيدد وبشكل دقيق كل جوانب وأبعاد النزاع
وهنا جيب أن منيز بني إتفاق التحكيم الذي يعقد بصورة مستقلة بعد قيام النزاع وبني اإلتفاق
-وقبل قيام النزاع ففي احلالة األوىل تكون مسألة تعيني النزاع وحتديده مسألة إعتيادية ألن كل
طرف يعرف ما يريد من الطرف االخر فاملسألة ليست مستحيلة وال صعبة أما بالنسبة إىل احلالة
28
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
الثانية فإن املشرع أراد أن يكون النزاع قابال للتعيني وهذا ما ميكن حتقيقه بالنسبة إىل شرط
التحكيم.
-حيدد هذا الشرط نطاق إتفاق التحكيم من حيث املوضوع أي أنه حيدد املنازعات اليت ميكن أن
يكون حمال إلتفاق التحكيم ال جيوز أن يتعلق النزاع التحكيمي مبسائل تتعلق بالنظام العام أو ألراء
العامة لكن جيوز أن يتعلق باملصاحل املالية اليت تترتب على احلالة الشخصية أو اليت تنشأ عن
إرتكاب اجلرائم.1
وهو ما ذهب إليه م .ج يف ف 02من املادة ( )3009اليت تنص على أنه" :ال جيوز التحكيم يف
-وبذلك يكون م .ج قد أخرج بعض املسائل من جمال التحكيم الداخلي ،وكذلك املسائل
إن إتفاق األطراف على التحكيم جيد سببه يف إتفاق األطراف إلستبعاد طرح النزاع على القضاء
وتفويض األمر للمحكمني وهذا السبب مشروع دائما ،وال نتصور عدم مشروعيته إال إذا ثبت
29
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
أن األطراف من إتفاق التحكيم هو التهرب من أحكام القانون الذي كان يتعني تطبيقه لو طرح
النزاع على القضاء ،نظرا ملا يتضمنه هذا القانون من قيود وإلتزامات يراد التحلل منها ،وهو ما
ميثل حالة من حاالت الغش حنو القانون 1ومبوجب القانون بأن تكون لكل إلتزام سبب مشروع،
ولكنه يشترط أن يذكر يف العقد وإمنا يفترض القانون وجوده ومشروعيته وما مل يتم الدليل على
خالف ذلك .أما بالنسبة إىل املقصود بالسبب هنا يف عقد التحكيم فالبد من توضيح ما هو
السبب وفق النظرية التقليدية والنظرية احلديثة مث نالحظ مدى إنطباقها على السبب يف عقد
التحكيم.2
يعترب أصحاب هذه النظرية بأن السبب هو الغاية أو القصد املباشر وعلى هذا ففي العقود امللزمة
للجانبني ومنها عقد التحكيم نرى أن السبب يف إلتزام كل من الطرفني هو إلتزام الطرف اآلخر
وعليه وفقا للنظرية فإن السبب يف عقد التحكيم هو إمتناع كل طرف من األطراف عن اللجوء
إىل القضاء واإللتزام بغرض النزاع على هيئة التحكيم وهذا مما يؤدي بأن يكون السبب وفق هذه
30
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
تنظر هذه النظرية إىل السبب على أنه الباعث الدافع إىل التعاقد وهلذا فالسبب هنا يعترب أمرا نفسيا
خيتلف من شخص إىل آخر ،فالسبب يف عقد التحكيم على أساس هذه النظرية يسمح للطرفني
من حتقيق مزايا التحكم مثل السرعة يف حسم النزاع أو التقليل من نفقات الدعوى مقارنة
بالقضاء أو أن يكون السبب هو ما يريده الطرفان يف احملافظة على السمعة التجارية والعالقات
اإلقتصادية اليت تؤثر عليها أمام القضاء بسبب عالنية اجللسات وتعدي أحكامه إىل الغري وقد
يكون السبب غري مشروع أيضا وفق هلذه النظرية كأن يريد أحد الطرفني اللجوء إىل شخص ال
يتمتع باحلياد والنزاهة كل مثل هذا النزاع ولذلك يكون قد خالف القانون و األعراف و
العدالة .1وبالرجوع إىل التشريع العراقي نالحظ أنه قد ذكر السبب القانون املدين دون أن يرجع
أحد النظريتني مما جعل بعض الفقه العراقي يذهب بالقول إىل أن ما أراده املشرع من خالل
صياغته املرنة لنص املادة ( )312هو أن يشمل النظريتني معا بغية أن يكون القضاء يف حرية
لتكوين موقفه على أن من النظريتني إال أنه على ما يبدو قد ظهر ما يدل على ميل القضاء إىل
النظرية احلديثة من خالل مما أصدرته حمكمة التمييز بقوهلا أن السبب يف القانون هو الباعث على
التعاقد.2
31
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
لقد أكد املشرع اجلزائري يف مادته 3032من ق ا ج م ا اليت نصت على مايلي" :حيصل
االتفاق على التحكيم كتابيا" .نصت خمتلف التشريعات على لك فاملشرع يعترب الكتابة شرط
أمجعت خمتلف التشريعات الوطنية واإلتفاقيات الدولية املتعلقة بالتحكيم على أن يكون إتفاق
التحكيم مكتوبا ،حيث نصت م 32من قانون التحكيم املصري على وجوب أن يكون إتفاق
التحكيم مكتوبا ،وإال كان باطال ،وورد اإلتفاق كشرط يف العقد األصلي أو اإلتفاق عليه بوثيقة
مستقلة ،فإذا كانت هذه الوثيقة تنص على التحكيم فيما قد يثور من املنازعات مبناسبة العقد
األصلي لزم أن يتضمن هذا العقد اإلشارة إىل الوثيقة ،ويكون األمر متعلقا بشرط التحكيم.
-أما املشارطة فهي حمرر يتم اإلتفاق عليه بعد قيام النزاع وجيب يف مجيع األحوال فالتوقيع على
إتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة وال يلزم أن يوقع األطراف توقعا خاصا جبوار شرط
التحكيم ،فإذا ورد بند من بنود العقد االصلي ويكفي التوقيع على العقد إذ ينصرف هذا التوقيع
32
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
-حيث يعترب إتفاق التحكيم إتفاق شكلي وفقا للقانون ،مبعىن أن الكتابة ركن من أركانه حيث
أن نقطة البداية يف نظام التحكيم هي ضرورة التأكد من وجود إتفاق حتكيم مكتوب نظرا لألثار
اليت تترتب على هذا اإلتفاق واليت من أمهها منع القضاء الدولة من نظر املنازعة حمل التحكيم.1
-ويعترب شرط الكتابة متحققا إذا مت النص يف العقد األصلي كاإلحالة على عقد منوذجي يف جمال
النقل البحري أو بيع البضائع ،ولكن يلزم أن تتضمن اإلحالة ما يفيد إعتبار شرط التحكيم الذي
تتضمنه هذه الوثيقة جزءا من العقد األصلي فاإلحالة العامة اليت قد يتضح منه عدم دراية أو علم
أحد األطراف بوجود شرط التحكيم يكفي فيها إمكانية بوجود إتفاق وتراضي على شرط
التحكيم ،وجدير باملالحظة إن قانون التحكيم جعل الكتابة شرط لوجود إتفاق التحكيم ورتب
-املشرع اجلزائري قد إستلزم الكتابة لوجود شرط التحكيم يف العقد األصلي أو يف الوثيقة اليت
يستند إليها أي إتفاق الالحق املربم يف وثيقة مستقلة عن العقد األصلي وفقا لنص املادة ()3008
من ق .إ .م .إ اجلزائري واليت تنص على أنه" :يثبت شرط التحكيم حتت طائلة البطالن بالكتابة
يف اإلتفاقية األصلية أو الوثيقة اليت يستند إليها ."3كما إشترط م .ج أن يتضمن شرط التحكيم
يعني احملكم أو احملكمني أو حتديد كيفية تعيينهم و إال كان باطال ،إما بالنسبة ملشارطة التحكيم
33
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
فالكتابة شرط لوجوده وليس شرط إلثباهتا.1حيث نصت م ( )3032من ق .إ .م .إ .على أنه:
"حيصل اإلتفاق على التحكيم كتابة وجيب أن يتضمن إتفاق التحكيم حتت طائلة البطالن
-وقد نصت املادة ( )02حتكيم ميين على أنه" :ينعقد التحكيم بأي لفظ يدل عليه وقبول من
-والتناقض واضح من النص املادة 30حتكيم ميين واليت تقضي بأن الكتابة مطلوبة لإلنعقاد
ويترتب على ختلفها البطالن ،كذلك هي وسيلة الوحيدة إلثبات إتفاق التحكيم ،إذ جيوز إثبات
إتفاق التحكيم اتفاق شكلي مبعىن أن الكتابة ركن من أركانه ،حيث أن نقطة البداية يف نظام
التحكيم هي ضرورة التأكد من وجود إتفاق حتكيم مكتوب نظرا لألثار اليت تترتب على هذا
اإلتفاق ،واليت من أمهها منع قضاء الدولة من نظر ملنازعة حمل التحكيم ،وقد تباينت التشريعات
واجتهت أغلبها إىل إحاطة إتفاق التحكيم بضمانات معينة أكثرها شيوعا هو إخراجه من دائرة
التصرفات الرضائية ،وضمه إىل دائرة التصرفات الشكلية ( كاهلبة ،الوصية ،الصلح) هبدف
34
مفهوم إتفاق التحكيم الفصل التمهيدي
التحقيق من إرادة األطراف قد إجتهت بالفعل إىل التحكيم ،كما أن إذا كان إتفاق التحكيم
مبوجب مراسالت فيلزم وجود دليل على أهنا صادرة من أطراف اإلتفاق على التحكيم ،إال أنه ال
يشترط يف حالة التحكيم والذي غالبا ما يكون كبند من بنود العقد ،التوقيع أمام الشرط وإمنا
يكتفي بتوقيع العقد املتضمن للشرط كذلك توقيع احملكمني الذين إختارهم األطراف وذلك ألن
-فعدم مراعاة هذا الشكل عند إتفاق سواء بعدم اإلثبات كلية أو اإلثبات به بصورة ناقصة جيعل
هذا اإلتفاق معيبا وغري قادر على إنتاج أثاره القانونية ،أي يكون باطال ،فإن اجلزء املترتب
للنصوص عليه قانونا هو بطالن حكم التحكيم ،وهذا البطالن هو بطالنا مطلق حيث أن
اإلختالف قد حلق بركن من أركان التصرف القانوين ،وهناك رأي يذهب إىل أنه ليس من الالزم
أن ينص القانون على البطالن جزاء لتخلق الشكل يف حالة من حاالت التصرف الشكلية ويكفي
إعمال القواعد العامة للحكم ببطالن التصرف عند ختلف ركن الشكل فيه ،ففي كل تصرف
يشترط القانون إلنشائه شكال حمدد فإن البطالن هو اجلزاء دائما على ختلف الشكل دون احلاجة
1د .مصطفى الجمال ،د .عكاشة عبد العالي ،التحكيم في العالقات الخاصة الدولية ،دار الفتح للطباعة
والنشر ،اإلسكندرية ،ط ،1882 ،01ص .308
2د .عبد الرشيد عبد الحافظ ،التصرف الشكلي في الفقه اإلسالمي والقانون( ،دراسة مقارنة) ،رسالة
دكتوراه ،القاهرة ،8000ص .211
35
الفصل األول :
يعترب إتفاق التحكيم صحيحا مىت توافرت أركانه والشروط اليت تطلبها القانون إلبرام التصرفات
القانونية ،وتتحقق هذه األركان والشروط يف إتفاق التحكيم فإنه يرتب أثاره القانونية،
(املوضوعية) اليت تتمثل يف إكتساب إتفاق التحكيم القوة امللزمة اليت توجب عرض النزاع على
التحكيم ،وال ميلك أحد أطراف اإلتفاق التخلي عنه أو أن يعطله بإرادته املنفردة ،و اإلجاز
للطرف اآلخر رفع دعوى ضده لتنفيذ إتفاق التحكيم ،كما إعترفت معظم التشريعات التحكيم
مببدأ إستقالل إتفاق التحكيم ،كما يتضح أن الشرط التحكيم عقد ا هنائيا وال حيتاج إىل عقد
آخر يكمله وكذلك رغم وجوده كبند يف العقد أو يتضمنه العقد األصلي إال أن الفقه والقضاء
قد إستقر على مبدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد الرئيسي األصلي.1
إن إتفاق التحكيم من العقود امللزمة للجانبني ،فيكون من الطبيعي ملوما ألطرافه مرتبا يف ذمة كل
منهما إلتزامات متقابلة ،مبعىن أنه ينشئ حقوقا لكل من املتعاقدين يف الوقت نفسه ،ومبا أن عقد
شريعة املتعاقدين فهو مبثابة القانون بالنسبة ألطرافه فال يكون ألي من طرفيه نقضه وال تعديله،
ألن العقد وليد إرادتني وما تعقده إرادتان ال حتله إرادة واحدة ،والقاعدة العامة أن أثر العقد ال
1عبد الباسط محمد عبد الواسع ،النظام القانوني إلتفاق التحكيم ،دار الجديدة للنشر،8013 ،
اإلسكندرية ،ص .113-118
37
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
ينصرف إال إىل األطراف املتعاقدة وينصرف كذلك إىل من يقوم مقام الطريف العقد من خلق عام
وخلق خاص.
التعريف:
ال ختتلف القوة امللزمة إلتفاق التحكيم بإعتباره عقدا ،عن القوة امللزمة للعقود األخرى عموما،
وملا كان األثر اجلوهري لذلك اإلتفاق هو إلتزام طرفيه بطرح النزاع على التحكيم واإلمتناع عن
اللجوء إىل القضاء الدولة ،فإن مقتضى القوة امللزمة إلتفاق التحكيم أن هناك إلتزام يقع على عاتق
طريف اإلتفاق ،هو ضرورة قيام كل منهما باملسامهة يف إختاذ إجراءات التحكيم واإلمتناع عن
عرض النزاع على القضاء املختص أصال بالنظر يف النزاع ،فإذا خالف أحد األطراف ذلك فإنه
يكون قد أخل مببدأ حسن النية يف تنفيذ اإللتزامات التعاقدية فال يستطيع أحد طريف اإلتفاق
38
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
التنصل منه بإرادته املنفردة وينقصه أو يعدله وإن سعى إىل ذلك ،أمكن للطرف االخر إجباره
على تنفيذ إلتزاماته وتعيني حمكمة وبدء إجراءات التحكيم فإن إمتنع الطرف جلأ الطرف األخر
إىل احملكمة ،وإىل سلطة التعيني املختصة للقيام بتلك اإلجراءات ويقوم عمل تلك احملكمة أو
السلطة عمل اخلصم املتقاعس وهذا هو مقتضى التنفيذ العيين لإللزام الناشئ عن القوة امللزمة
اإلستثمارية بني الدول ورعايا الدول األخرى بنصها على أنه " :إذا إتفق طريف النزاع كتابة على
إحالة أي خالفات قانونية تنشأ مباشرة على إستثمار بني دولة متعاقدة وبني مواطن من دولة
أخرى متعاقدة ،إىل املركز الدويل لتسوية منازعات اإلستثمار بطريق التحكيم أو بأي طريق آخر،
وعلى ذلك فإن إتفاق التحكيم الذي أبرم صحيحا يلزم طرفيه وال جيوز هلما اإلنسحاب منه
إنفراديا إال بإتفاقهما معا وإهناء إجراءات التحكيم قبل صدور احلكم.1
-فالقانون الواجب التطبيق على إتفاق التحكيم هو الذي خيتص بتحديد مفهوم القوة امللزمة
إلتفاق التحكيم وجزاء اإلخالل هبا حيث أنه حيدد اجلزاء أو األثر املترتب على تقاعس ألحد
طريف اإلتفاق عن التنفيذ إلتزامه ببدء إجراءات التحكيم ،وحماولة اإلفالت من ذلك اإللتزام،
وحتديد كيفية تنفيذه ،وقد إستمر الفقه على أن التنفيذ العيين هو وسيلة الوحيدة املقبولة يف هذا
الشأن ،وهنا جيب أن ينفذ الطرف املتقاعس ،2وإلتزامه إختياريا و إال يتم اللجوء إىل القضاء
39
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
إلجباره على ذلك ،كما قد حيكم بتعويض للطرف اآلخر يف إتفاق التحكيم عما حلقه من ضرر
-فقد تعرض املشرع اجلزائري للقوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف التحكيم الداخلي حيث نص يف
املادة 3006من ق .إ .م .إ على أنه" :إذا إعترضت صعوبة التشكيل حمكمة التحكيم بفعل أحد
األطراف أو مناسبة تنفيذ إجراءات تعيني احملكم أو احملكمني من قبل رئيس احملكمة الواقع يف دائرة
-وبالنسبة للتحكيم التجاري الدويل فقد عاجل املشرع اجلزائري كذلك هذه املسألة من خالل ما
تضمنه املادة 3023يف فقرهتا الثانية حيث نصت على أنه " :يف غياب التعيني ويف حالة صعوبة
تعيني احملكمني أو عزهلم 2أو إستبداهلم ،جيوز للطرف الذي يهمه التعجيل القيام مبا يلي:
)3رفع األمر إىل رئيس احملكمة اليت يقع يف دائرة إختصاصها ،إذا كان التحكيم جيري يف اجلزائر.
)2رفع األمر إىل رئيس حمكمة اجلزائر ،إذا كان التحكيم جيري يف اخلارج وإختار األطراف
-وقد عاجل املشرع املصري جزاء اإلخالل بالقوة امللزمة إلتفاق التحكيم يف املادة 37منه حيث
أوصد الباب يف وجه من حياول إهدار قيمة إتفاق التحكيم بتهربه من بدء اإلجراءات أو املسامهة
يف تشكيل هيئة التحكيم فنصت على أنه" :إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من حمكم واحد
40
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
تولت احملكمة املشار إليها يف املادة 06من هذا القانون إختياره بناءا على طلب أحد الطرفني،
وتنص املادة 3/6يكون اإلختصاص بنظر مسائل التحكيم اليت حييلها هذا القانون إىل القضاء
املصري للمحكمة إستئناف القاهرة ما مل يتفق الطرفان على إختصاص احملكمة إستئناف أخرى يف
مصر.1
-تفيد املبادئ العامة يف نظرية العقد أن العقد ال يفيد غري أطرافه ،وال ينتج إلتزامات وحقوق إال
يف مواجهتهم ،دون أن ينتقل إىل غريهم ،حيث أن مبدأ نسبية اإلتفاقات يؤدي إىل القول بأن أثار
إتفاق التحكيم ال ميتد إىل أشخاص مل يوقعوا على اإلتفاق سواء بأنفسهم أو عن طريق ممثل هلم،
بيد أنه إذا كان إتفاق التحكيم إلبطال أثره بوجه عام إال أطرافه ،إال أنه من املقبول إنتقال هذا
األثر إىل غري هؤالء ،فهو ينتقل إىل اخللف العام أو اخللف اخلاص.2
-أما عن الغري فنقصد هبم الشخص الذي مل يكن طرفا يف إتفاق التحكيم وال خلفا األحد
أطراف اإلتفاق والقاعدة يف هذه احلالة عدم إنصراف أثر اإلتفاق إىل هذا الغري .3إال أنه يف
41
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
التعامل التجاري الدويل جند يف بعض األحيان أن أشخاصا ممن هم خارج اإلتفاق اخلاص بالصفقة
-لكن ال يعترب غري الشريك أو املدين املتضامن ،فلو تعدد الشركاء أو املدنيون املتضامنون وأبرم
أحدهم عقدا أو تضمن عقد القرض يف حالة املدينني املتضامنني شرط التحكيم ،فإن الشرط ميتد
أثره للجميع ،أي يستطيع كل منهم التمسك بإتفاق التحكيم ،كما يستطيع الطرف اآلخر
اإلحتجاج هبذا اإلتفاق يف مواجهة أي منهم ويسوي هذا يف حالة شركات األشخاص ،حيث ال
حتجب الشخصية املعنوية األشخاص الشركاء حجبا كامال ،ويسري من باب أوىل يف احملاصة،
حيث ال توجد أصال شخصية املعنوية ،فإذا أبرم أحد احملاصني عقد تضمن شرط التحكيم ،فإن
لشركائه التمسك بالشرط ،وللطرف اآلخر يف هذا العقد اإلحتجاج بالشرط على اجلميع ،وذلك
إذا كانت إدارة احملاصة مجاعية تستلزم حضور اجلميع ،ويتضح يف الكثري من احلاالت أن حتديد
األطراف الذين ميلكون التمسك بإتفاق التحكيم وإمكانية اإلحتجاج عليهم به تتوقف على
الفحص الدقيق للعقد أو املالبسات احمليطة به ،وأن األمر يف العقود الدولية.1
-يؤدي إىل العديد من احلاالت إىل إستعانة األطراف األهليني مبقاولني من الباطن أو شركات
يتم تأسيسها أو إنشاء فروع مشتركة ملباشرة تنفيذ العقد أو العقود املتتابعة الذي قد يتم إبرامها
أو يف حالة جتديد العقود بتغري الدائن أو املدين أو حمل اإللتزام ففي كافة هذه الصور ميتد شرط
1د .محمود مختار أحمد البربري ،التحكيم التجاري الدولي ،ط ،02دار النهضة العربية ،القاهرة،
،8012ص .21
42
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
التحكيم ويشع نطاقه ليصبح كاملظلة اليت حتيط بالعالقات اليت تنشأ حتت اإلتفاق األصلي ويشع
األصل أن إتفاق التحكيم يف القانون الداخلي يفصل تفصيال ضيقا ويف احلدود اليت حتقق الغرض
منه ،ألنه طريق إستثنائي لبعض املنازعات يؤدي إىل حرمان أطرافه من قاضيهم الطبيعي ،وعلى
ذلك إذا ورد إتفاق التحكيم على املنازعات اخلاصة لتفسري عقد معني فال متتد سلطات هيئة
التحكيم إىل منازعات املتصلة لتنفيذه إذ ال يفترض إمتداد إتفاق التحكيم إىل مسائل مل يقصدها
احملتكمون ،غري أنه يف جمال التحكيم التجاري الدويل يبدوا األمر على خالف ذلك فاحلرص على
زيادة فاعلية إتفاق التحكيم قد دعى إىل اخلروج على تلك املبادئ فقد أضحى مقبوال إعتماد
-كما قضى أحد أحكام التحكيم الصادرعن املركز الدويل لتسوية منازعات اإلستثمار بني
الدول ورعايا الدول األخرى يف 26سبتمرب 3681إن إتفاق التحكيم كأي إتفاق آخر ال
ينبغي أن يفسر بنحو ضيق وال بنحو موسع أو بطريقة متحررة إمنا جيب أن يفسر بطريقة تؤدي
إىل الوصول إىل إحترام النية املشتركة بني األطراف وتلك املنهجية يف التفسري ليست إال بتطبيق
1د .محمود مختار البربري ،التحكيم التجاري الدولي ،مرجع السابق ،ص .28
2لزهر بن سعيد ،المرجع السابق ،ص .18
43
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
املبدأ العقد كشريعة املتعاقدين وهو املبدأ األساسي املشترك بني كل نظم القانون الداخلي
والقانون الدويل.
-وبناءا على هذا املنهج يف تفسري فإنه من املتصور أن ميتد إتفاق التحكيم إىل غري أطرافه ممن
تدخلوا يف تنفيذ العقد املدرج به شرط التحكيم حيث يفترض علمهم بوجود ذلك الشرط.1
44
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
يعد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي الوضعية أو املعاهدات الدولية ولوائح
التحكيم .إذ تستمد هذه اإلستقاللية من املوضوع املختلف لكل من العقدين :العقد األصلي
واإلتفاق على التحكيم ،فاإلتفاق على التحكيم هو جمرد فقد يرد على اإلجراءات وال يهدف إىل
حتقيق احلقوق وإلتزامات األطراف املوضوعية ولكن بنصب حمله على الفصل يف املنازعات الناشئة
-ويترتب على ذلك أن إتفاق على التحكيم ليس جمرد شرط وارد يف العقد األصلي بل هو عبارة
عن عقد آخر من طبيعة خمتلفة ،فهو عقد ثاين وإن كان مندجما من الناحية املادية يف العقد
األصلي .وعلى الرغم من وضوح احلقيقة فإهنا كانت حمال للجدول والنقاش بني أنصار إستقاللية
إتفاق التحكيم عن العقد األصلي واملنادين بعدم اإلستقاللية ،إذ ظهرت احلاجة يف العديد من
األنظمة القانونية إىل ضرورة حبث العالقة اليت تربط بني العقد األصلي الذي يثار النزاع مبناسبة
-وتعدد الصور اليت تثور فيها مسألة العالقة بني األتفاق على التحكيم والعقد األصلي فقد تثور
هذه املسألة عند التمسك ببطالن العقد األصلي أو إنقاضه ألحد األسباب إلنقضاء ومدى تأثري
ذلك على إتفاق التحكيم وإمكانية اللجوء إىل هيئة التحكيم رغم ذلك .هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى فإن مسألة العالقة بني إتفاق التحكيم والعقد األصلي قد تثور يف فرض معاكس للفرض
45
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
األول فقد يكون العقد األصلي صحيحا ويكون األتفاق الذي حلق به العارض القانوين هو إتفاق
التحكيم ذاته ،فما هو مدى تأثري بطالن إتفاق التحكيم عن العقد األصلي.1
يعترب مبدأ إستقاللية التحكيم يف عالقته بالعقد األصلي من املبادئ املستقرة يف بعض القوانني
الوضعية بشأن التحكيم ،وال سيما يف القانون الفرنسي فلقد ذهبت حمكمة النقض الفرنسية يف
حكمها الصادر يف 08ماي 3691يف قضية GOSSETإىل أنه يف إطار التحكيم التجاري
الدويل ،فإن إتفاق التحكيم سواء مت هذا اإلتفاق على حنو منفصل ومستقل عن التصرف القانوين
األصلي أو مت إدراجه به فإنه يتمتع دائما إال إذا ظهرت ظروف إستثنائية ،بإستقالل قانوين كامل،
يستبعد معه أن يتأثر إتفاق التحكيم بأي بطالن حمتمل يلحق هبذا التصرف .وهذا املبدأ الذي
وصفته احملكمة النقض الفرنسية سارت عليه أيضا حماكم اإلستئناف الفرنسية يف العديد من
أحكامها كما أن حمكمة النقض ذاهتا أتيحت هلا الفرصة يف التأكيد على هذا املبدأ مع تغاضيها
-ويف قضية HECHTأنتهت حمكمة النقض الفرنسية يف إطار التحكيم الدويل بتمتع شرط
1سامية راشد ،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة ،الكتاب األول ،إتفاق التحكيم ،1822 ،دار
النهضة العربية ص .02
2إيهاب عمرو ،التحكيم التجاري الدولي المقارن ( في ضوء تحول السياسات التنمية) ،الوارق للنشر
والتوزيع ،الطبعة األولى ،عمان ،8012ص .03-08
46
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
ويف قضية menicucciأبرم العقداألصلي بني شركة هولندية والشخص فرنسي ال يعد
تاجرا ،وملا كان القانون الفرنسي حيظران يتضمن العقد يف هذه احلالة الشرط التحكيم ،فإن
الطرف الفرنسي متجاهال شرط التحكيم الوارد يف العقد قام باللجوء إىل القضاء الفرنسي ،ولقد
دفعت الشركة اهلولندية بعدم جواز نظر لدعوى القضائية إعماال لشرط التحكيم وهو الدفع الذي
تقبله القضاء الفرنسي إحتراما لشرط التحكيم وإستقاللية وذلك بغض النظر عن أحكام القانون
الفرنسي.
-ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأن مبدأ اإلستقاللية شرط التحكيم عن العقد
األصلي بشكل ألن قاعدة مادية مت قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدويل .
-يؤكد جانب آخر من الفقه على أن إستقاللية إتفاق التحكيم يعد مبدأ من املبادئ العامة
للتحكيم الذي يشري إليه احملكمون يف إطار العالقات الدولية أياما كان مقر إنعقاد جلسات
-هل مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي بعد مبدأ تقره األنظمة القانونية الوضعية
للعديد من الدول وتعترف به املعاهدات الدولية املنظمة للتحكيم ولوائح التحكيم املختلفة
1
وتقضي هبا حماكم التحكيم الدولية؟
1إيمان فتحي حسن الجميل ،إتفاق التحكيم البحري ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،8013 ،ص
.88
47
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
الفرع األول :موقف املعاهدات الدولية من تكريس مبدأ إستقاللية شرط التحكيم عن العقد
-من الثابت أن اإلعتراف مببدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي الذي يتضمنه ال
يستخلص بشكل صريح من املعاهدات الدولية الرئيسية املنظمة للتحكيم ومن هنا فإن التصديق
على هذه املعاهدات من قبل الدول ألطراف فيه ليس هو السبب يف بين هذه األنظمة القانونية هلذا
املبدأ ،فمعاهد نيويورك املوقعة 3668ال تشري إىل مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد
األصلي بطريقة مباشرة ،إذا إقتصرت املعاهدة يف املادة /3/6أ إىل اإلشارة إىل " :إمكانية رفض
اإلعتراف حبكم احملكم تنفيذه إذا أثبت الطرف املطلوب اإلعتراف وتنفيذ احلكم التحكيم ضده
إن إتفاق التحكيم غري صحيح وفق للقانون الذي خيضع له إتفاق التحكيم ،ويف حالة عدم وجود
إشارة صرحية هلذا القانون وفقا لقانون الدولة اليت صدر فيها حكم التحكيم.1
-ومع ذلك فلقد أستخلص من هذا النص إن إتفاق التحكيم ميكنه أن خيضع إىل قانون آخر غري
ذلك الذي خيضع له ،العقد األصلي وبالتايل فإن معاهدة نيويورك تكون قد قبلت ضمنا أن تكون
إلتفاق التحكيم نظام قانوين مستقل عن العقد األصلي أي ميكن إدراجها يف إطار اإلجتاهات
-و بإشارة إىل نص م 07من معاهدة نيويورك واليت تنص على أنه :ال خيل أحكام هذه اإلتفاقية
بصحة اإلتفاقات اجلماعية أو الثنائية اليت أبرمتها الدولة املتعاقدة بشأن اإلعتراف بأحكام احملكمني
1سميحة القليوبي ،التحكيم التجاري ،دار النهضة العربية ،8008 ،ص .10
2عبد الحميد أحدب ،ق التحكيم مجلة المحكمة العليا ،ج ،8008 ،1ص .82
48
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
وتنفيذها وال حترم أي طرف من حقه يف اإلستفادة حبكم من أحكام احملكمني بالكيفية أو بالقدر
املقر ريف تشريع أو معاهدات البلد املطلوب إليها اإلعتراف والتنفيذ .
-كذلك فإن معاهدة جنيف املوقعة يف 23أفريل 3693مل تتخذ موقعا صرحيا إال بشأن مسألة
إختصاص احملكمني بالفصل يف إختصاصهم وذلك يف املادة 1و 2صحيح أن هذه املسألة تتصل
بشكل وثيق مبوضوع إستقاللية شرط التحكيم لكن اإلعتراف هبذا املبدأ األخري ال يستخلص إال
بشكل ضمين.1
-أما بالنسبة ملعاهدة واشنطن املوقعة يف 38مارس 3696واليت أنشأت املركز الدويل لفض
املنازعات الناشئة عن اإلستثمار فلقد إقتصرت يف م 3/23منها على تأكيد أن " حمكمة التحكيم
-كما نص القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل لعام 3686على مبدأ إستقالل شرط
التحكيم يف م 39منه ف " :3جيوز هليئة التحكيم اليت يف إختصاصها مبا يف ذلك البث يف أي
إعتراضات تتعلق بوجود إتفاق التحكيم أو بصحته وهبذا الفرض بنظر إىل الشروط التحكيم اليت
يشكل جزءا من العقد كما لو كان إتفاقا مستقال عن شروط العقد األخرى .وأي قرارا يصدر
من هيئة التحكيم ببطالن العقد وال يترتب عليه حبكم القانون بطالن شرط التحكيم" .بذلك
يكون القانون النموذجي قد أقر بوضوح إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ويف الواليات
املتحدة األمريكية قضت احملكمة العليا "إن شروط التحكيم اخلاضعة لقانون التحكيم الفدرايل
1
المادة 3و 2من معاهدة جنيف الموقعة 81افريل . 1801
49
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
مستقلة عن العقد األصلي الذي حيتويها واليت جزء منه طاملا أن شرط التحكيم نفسه مل ينازع
فيه".
تنص الغالبية العظمى من التشريعات احلديثة املتعلقة بالتحكيم صراحة على مبدأ إستقاللية إتفاق
التحكيم ويعترب قانون التحكيم املصري رقم 27لسنة 3662من القوانني اليت أكدت على مبدأ
إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي إذ نصت م 21من هذا القانون على أن " :يعترب
شرط التحكيم إتفاقا مستقال عن الشروط العقد األخرى وبترتب على بطالن العقد أو فسخه أو
إهنائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا يف ذاته" ويكون
بذلك قد وضع القانون املصري حدا للخالف الفقهي الذي كان سائدا يف القانون املصري حول
إستقاللية إتفاق التحكيم من عدمه وما يترتب على هذه التفرقة من أثار ال سيما مدى سلطة
-أما املشرع الفرنسي مل يتناول هذه املسألة ( )3683وتركها للقضاء فقد توصلت حمكمة
النفض الفرنسية يف حكملها وقررت قاعدة موضوعية ومن قواعد القانون الدويل اخلاص الفرنسي
مؤكد غياب التضامن بني إتفاق التحكيم والعقد األصلي مبا يترتب على ذلك من نتائج حول
صحة شرط التحكيم رغم بطالن العقد األصلي وإمكانية تطبيق قانونني خمتلفني أحدمها على
50
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
شرط التحكيم اآلخر على العقد األصلي معطية احملكم سلطة الفصل يف الدعوى رغم بطالن
العقد األصلي.1
-ولكن يف حكم هلا رفضت الدفع الذي قدم هلا وقررت صحة شرط التحكيم مؤسسة قضاءها.
ليس على منهج التنازع واإلستبعاد تطبيق القانون الفرنسي ولكن مقررة قاعدة موضوعية يف
القانون الفرنسي مقتضاها صحة شرط التحكيم يف العقود الدولية .وهكذا فإن القضاء الفرنسي
نستطيع بأن نقول بأنه أخذ مببدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ولقد فصل بني مصري
الشرط وبني مصري العقد وأعطى حمكم سلطة الفصل يف صحة أو بطالن العقد األصلي مع
إمكانية إختالف القانون املطبق على شرط التحكيم من القانون املطبق على العقد األصلي.2
التحكيم املصري جاء واضح وصريح يف إستقالل شرط التحكيم عن العقد األصلي ولقد حسم
اخلالف حول إستقاللية شرط التحكيم عن العقد األصلي بأن بطالن العقد أو فسخه ال يؤثر على
صحة الشرط ذاته وعلى ذلك حيال النزاع إىل التحكيم بالرغم من أن العقد قد يكون باطال أو
مفسوخا .ولقد حكمة احملكمة العليا بأن جمرد حترير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها ال يقطع
أيهما يف ذاته التقادم ألن املشلرطة ليست إال إتفاقا على عرض نزاع معني علة حمكمني والنزول
على حكمهم وال تتضمن مطالبة باحلق وإذا تضمنت املشارطة إقرار من املدين باحلق الدائن كما
1إيمان فتحي حسن الجميل ،إتفاق التحكيم البحري (وفقا لقانون التحكيم المصري) ،قانون 80لسنة
،1882واإلتفاقيات الدولية ،دار الجامعة الجديدة ،األسكندرية ،ص .80 -81
2إيمان فتحي حسن الجميل ،إتفاق التحكيم البحري ،المرجع السابق ،ص .00
51
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
لو إعترف بوجود الدين فإن التقادم ينقطع يف هذه احلالة بسبب هذا اإلقرار صرحيا كان أو ضمنيا
وليس سبب املشارطة يف ذاهتا جند أن هذا احلكم القاطع يف حتديد إجتاه القضاء املصري حنو
-ولقد متاشى قانون التحكيم اإلجنليزي لعام 3660مع التطورات احلديثة للممارسات
التحكيمية الدولية وإذا كان قانون التحكيم اإلجنليزي لعام 3676قد حترك حنو التحكيم
اإلجنليزي املتعاقبة مل تنص على مبدأ إستقالل شرط التحكيم عن العقد االصلي ولكن مت
-ولقد نصت املادة 3/3767و 2من التقنيني البلجيكي للمرافعات يف صياغته الواردة بالقانون
الصادر يف 02جويلية 3672وأيضا 3061من ق .إ .م اهلولندي واليت بصياغتها الواردة يف
القانون الصادر 3689أن ":إتفاق التحكيم يعترب مكونا إلتفاق مستقل" .2وذلك قبل أن تقر
احملكمة التحكيم بالسلطة يف الفصل يف مسألة صحة العقد األصلي الذي يكون إتفاق التحكيم
أو يشري إليه .كذلك فإن املادة 378فقرة 01من الق الدويل اخلاص السويسري مدرجا به
الصادر 3687تنص أيضا على انه" :ال جتوز املنازعة يف صحة إتفاق التحكيم مبقولة عدم صحة
العقد األصلي" 3وأيضا فإن املادة 8من القانون اإلسباين الصادر يف 6ديسمرب 3688بشأن
1عاطف الفظي ،التحكيم في المنازعات البحرية ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،عام ،8000ص.130
2المادة 1013ق.إ .م الهولندي.
3المادة 102ق الدولي الخاص السويسري.
52
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
التحكيم تنص على أن" :بطالن العقد ال يؤدي بالضرورة إىل بطالن إتفاق التحكيم املتعلق به".1
كذلك فإن كل من القانون اجلزائري الصادر يف 06/08والقانون التونسي يقر مببدأ إستقاللية
أوال :تكريس مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي بواسطة قضاء التحكيم الدويل :
أبرزت العديد من أحكام التحكيم إستقاللية التحكيم عن العقد األصلي على إعتبار أن هذا األمر
يتعلق مببدأ عام من مبادئ القانون التجاري الدويل .وذلك دون احلاجة من تربير هذه اإلستقاللية
-ففي القضية رقم 3629لسنة 3698قرر احلكم التحكيمي الصادر فيها أن هناك قاعدة جتوز
القبول العام يف إطار التحكيم التجاري الدويل أو يف طريقها إليه ،من مقتضاها أن شرط التحكيم
سواء متت املوافقة عليه بشكل منفصل عن العقد األصلي أو كان متضمنا فيه ،يتمتع دائما
بإستقاللية قانونية كاملة ،إال يف حاالت إستثنائية على حنو يستبعد معه إمكانية تأثره بأي بطالن
العقد ،2ولقد ذهبت بعض أحكام التحكيم إىل وصف املبدأ بأنه يشكل قاعدة من يلحق هذا
القواعد املادية لقانون التجارة الدولية ،ولقد ذهبت بعض أحكام التحكيم إىل ذات اإلجتاه الذي
ذهبت إليه أحكام القضاء الفرنسي مقررة أنه وفقا ملبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم ،فإنه خيضع يف
التحكيم الدويل إىل قانون آخر غري ذلك الذي يسري على العقد األصلي كذلك فإن جانبا من
53
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
التحكيمات الصادرة يف املنازعات الناشئة عن العقود املربمة بني الدول واألشخاص األجنبية
التابعة لدول األخرى .1ذهبت بدورها إىل تأكيد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي
الوارد به هذا اإلتفاق .ففي التحكيمات الثالثة الصادرة يف املنازعات الناشئة بني ليبيا والشركات
األجنبية قامت حماكم التحكيم املعنية ،بإعمال مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم مؤكدة على أن
إتفاق التحكيم يظل قائما على الرغم من إهناء عقد اإلمتياز الذي قامت به احملكمة الليبية ،وأن
هذا اإلتفاق يعد أساسا إلختصاص فإن إستقاللية شرط التحكيم يشكل جزءا من القانون الوطين
-تستمد لوائح التحكيم سلطتها من إرادة األطراف اليت تشري إليها ،ويرى جانب من الفقه أن
تأكيد مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم الذي تشري هذه اللوائح إليه ،يتعني تفسريه على أنه يعرب عن
إرادة األطراف .يف أن يعامل إتفاق التحكيم على حنو مستقل عن املعاملة اليت يلقاها العقد
األصلي .وهذه القاعدة تعد مبثابة قرينة ،إذ أن لألطراف دائما خمالفة النصوص اليت تتضمنها
الئحة التحكيم اليت يتبنوها أال أن هذه القرينة ليست عدمية الفائدة بالنسبة للمحكمني الذين
يرون ضرورة تطبيق قانون خمتلف على إتفاق التحكيم جيهل هذه التفرقة وذلك على الرغم من
إشارة األطراف لالئحة التحكيم ،ففي هذه احلالة فإنه يكفي هؤالء األطراف مالحظة أن هذا
54
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
القانون ال ينكر هذه التفرقة حىت وإن كان هذا القانون 1ال يكرسها بشكل صريح ويستند على
مبدأ سلطات اإلرادة من أجل الفصل بني مصري إتفاق التحكيم وبني العقد األصلي .
-تعد الئحة التحكيم اليت أعدهتا غرفة التجارة الدلية بباريس منن أهم اللوائح التحكيم التجاري
الدويل اليت كرست مبدأ اإلستقاللية إتفاق التحكيم ،إذ ننص يف املادة 08على أنه" :طاملا مل
يوجد شرط خمالف ،فإنه ال يترتب على التمسك ببطالن أو إنعدام العقد املدعي به عدم
إختصاص احملكم إذا متسك هذا األخري بصحة إتفاق التحكيم" .2كما نصت املادة 30على أن:
"احملكم أو احملكمون ما هم اال قضاة ميلكون البث يف إختصاص ،كما انه على وجه اخلصوص
أهل للفصل حول وجود و صحة إتفاق التحكيم أو العقد األصلي الذي يشمله عند اإلقتضاء و
-كما نصت املادة 2/6من الئحة حتكيم املنظمة الدولية للتحكيم على أن" :ما مل يشترط
العكس فإن اإلدعاء ببطالن أو عدم وجود العقد األصلي ال يؤثر على إختصاص احملكم والذي
يستمد من صحة إتفاق التحكيم ،ويبقى احملكم والذي يستمد من صحة إتفاق التحكيم ،ويبقى
احملكم خمتصا أيضا يف حالة عدم وجود أو بطالن العقد األصلي حتديد حقوق األطراف والفصل
يف طلباهتم".3
1حفيظة السيد حداد ،اإلتجاهات المعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ،دار الفكر االمعي اإلسكندرية،8001 ،
ص.38 -32
2المادة 1فقرة 8من الئحة تحكيم المنظمة الدولية بباريس.
3المادة 8/1الئحة التحكيم المنظمة الدولية.
55
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
-وتنص املادة 2/23من الئحة نيوسترال لعام 3679على أن" :يكون حملكمة التحكيم سلطة
الفصل يف وجود أو صحة العقد الذي يشكل شروط التحكيم جزء منه."1
-كذلك فإن الئحة التحكيم اليت أقرهتا اجلمعية العامة يف 28أفريل 3679واليت أعدهتا خنبة
األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل ،واليت أوصت اجلمعية العامة لألمم املتحدة بإعمال
أحكامها على حل املنازعات الناشئة عن العالقات التجارية الدولية تضمنت نصوص تكريس مبدأ
-إذ تنص املادة 3/23من الالئحة على أنه" :تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع املثارة بشأن عدم
إختصاصها ،مبا يف ذلك كل دفع يتعلق بوجود وصحة شرط التحكيم وإتفاق التحكيم
املستقل ."2وهليئة التحكيم اإلختصاص يف الفصل يف وجود وصحة العقد الذي يعد شرط
التحكيم جزءا منه .وفيما يتعلق بأهداف املادة ،23فإن شرط التحكيم يعد شرطا يف العقد
والذي ينص على التحكيم وفقا لالئحة .يعد شرطا مستقال عن الشروط األخرى اليت يتضمنه
العقد ،وال يترتب على التقرير هيئة حتكيم البطالن العقد األصلي ،بطالن شرط التحكيم بقوة
القانون .ويكرس هذا املبدأ صراحة إختصاص هيئة التحكيم بالفصل يف مسأليت صحة ووجود
كل من العقد األصلي وشرط التحكيم .وعالوة على لوائح التحكيم السابق ذكرها ،فإن لوائح
56
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
COMMON LAW -كرست أيضا مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم فالئحة التحكيم
الصادرة 3686عن غرفة لندن للتحكيم الدويل تبنت يف املادة 13/32نصوص املادة 2/23
من الالئحة اليت أمتتها خنبة األمم املتحدة للقانون .وبذهب جانب من الفقه أنه ال يتعني تفسري هذا
اإلغفال من جعل املادة املذكورة سابق على أنه رفض للفكرة .إذ أن هذه الفكرة ليست نتيجة
حتمية ملبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم .وهبذه املكانة فإنه من غري الالزم اإلشارة إليها صراحة
ويشري هذا الفقه إىل أن هذه املبادرات اليت بدأت يف التنامي يف دول COMMON
LAWحتتاج إىل التأكيد عليها وإبرازها وخاصة وإن مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم على النحو
ما هو معروف من املبادئ غري املستقرة على حنو كامل يف الدولة املنتمية إىل هذا النظام.
مبدأ إستقاللية التحكيم من العقد األصلي هو املعىن القانوين وليس املادي فهو ال يعين مطلقا أن
إتفاق التحكيم جبب أن يكون حمل إرضاء وقبول مستقل عن الرضى املقبول بشأن العقد األصلي،
كما ميكن أن أي شرط التحكيم أن يلقي ذات املصري الذي يلقاه العقد الرئيسي يف حالة إنتقال
احقوق النجمة عن هذا العقد وبالتايل فإن هذا املبدأ ينجم عنه أثرين مهمني مها:
-األثر األول عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي ،األثر الثاين هو إمكانية
خضوع إتفاق التحكيم لقانون آخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي:
57
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
الفرع األول :عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي
هو أهم األثار املترتبة على م بدأ إستقاللية شرط التحكيم ومعىن هذا املبدأ أن وجود وصحة
وسريان إتفاق التحكيم ال يتوقف وال يتأثر مبصري العقد األصلي الذي يشري إليه اإلتفاق فمثال
إدعاء أن العقد األصلي مل يتم إبرامه يف العرض الذي يكون فيه العقد الذي يتضمن شرط
التحكيم مث توقيعه ولكن مل يدخل يف مرحلة النفاذ أو أنه باطل أو مت فسخه أو اإللتزامات
الناشئة عن العقد األصلي مت حتديدها ،ال يؤدي إىل عدم فعالية إتفاق التحكيم أو املساس به فهذه
املسألة بشأن عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي قد أثار الكثري من اجلدل،
حيث غن فكرة بطالن العقد أو إنعدامه من األمور الشائكة فبمجرد اإلدعاء بإنعدام العقد
األصلي ال يكفي يف حد ذاته إىل إستبعاد إختصاص احملكمة ،إذ أن للمحكم أن يقدر مدى صحة
هذا اإلدعاء وإذا الحظ فعال أن العقداألصلي غري قائم وال وجود له قانونا ،وذلك يف حال
-فإن يتعني أن يستخلص من هذا اإلنعدام األثار املتعلقة ملوضوع النزاع فإذا إتضح له أن إنعدام
املدعي به يسري أبطأ على إتفاق التحكيم ليس جملرد إستخالص هذه النتيجة وإمنا ألن سبب
1سامية راشد ،التحكيم في العالقات الدولية الخاصة ،الكتاب األول"إتفاق التحكيم" ،دار النهضة
العربية ،ط ،1822ص .02
2سامية راشد ،نفس المرجع ،ص .02
58
اآلثار الموضوعية إلتفاق التحكيم الفصل األول
-فمبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي سيسمح بالبقاء على إتفاق التحكيم طاملا مل
يكن هذا اإلتفاق يف حد ذاته قد حلق به أي عيب من عيوب اإلرادة اليت حلقت بالعقد األصلي
وطاملا مل يكن حمله أو سببه خمالف لنظام العام ،أما إنعدام التعبري عن رضا األطراف بالعقد األصلي
فإنه يؤدي إىل عدم وجود إتفاق مستقل يف عالقته بإتفاق آخر إذ ال يوجد أي إتفاق.1
الفرع الثاين :خضوع إتفاق التحكيم لقانون آلخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي
يؤدي إتفاق مبدأ إلستقاللية إتفاق التحكيم عن العقد األصلي إىل قبول عدم خضوع إتفاق
التحكيم بالضرورة إىل ذات القواعد اليت حتكم العقد األصلي سواء مت إخضاع إتفاق التحكيم إىل
قانون حمدد باألعمال لقواعد اإلسناد التقليدية أو مت إخضاع إتفاق التحكيم على حنو ما ذهب
إليه القضاء احلديث يف فرنسا سواء من حيث الفصل يف مسألة وجود ذاته أو صحته ،إىل قواعد
مادية تتماشى مع الطابع الدويل لتحكيم فشرط التحكيم يعد جزءا مستقال عن العقد األصلي
واألطراف وأيضا للقضاء الذي يفوض إليه األمر للفصل يف مسألة وجوده وصحته ،إخضاعه
1محمد هللا محمد هللا ،النظام لشرط التحكيم في المنازعات في التجارية ،دراسة مقارنة ،دار النهضة
العربية ،8008 ،ص .120
2عصام عبد الفتاح ،مرجع السابق ،ص .28/21
59
الفصل الثاين :
تنص املادة 31من القانون التحكيم املصري على أنه :جيب على احملكمة اليت يرفع إليه النزاع
يوجد بشأنه إتفاق التحكيم أن حيكم بعد قبول الدعوى إذ رفع املدعي عليه ،بذلك قبل إبدائه أي
طلب أو دفاع يف الدعوة ،وال حيول رفع الدعوى املشار إليها يف الفترة السابقة دون البدء يف
إجراءات التحكيم إلستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم ويستخلص من هذه املادة أن احلكم
بعد قبول الدعوى ال تصدره احملكمة من تلقاء نفسها ،حىت ولو تبني هلا وجود إتفاق التحكيم
وعليها مباشرة إختصاصها وتفسري ذلك ألن إلتجاء أحد أطراف إتفاق التحكيم إىل القضاء يعين
ختليه عن هذا اإلتفاق ورغبته يف العودة للقضاء املختص أصال.فإذا حضر الطرف االخر وساير
خصمه وبدأ يف تقدمي طلباته ومناقشة موضوع النزاع ،فإن مفاد ذلك ختليه هو أيضا عن إتفاق
التحكيم مما يؤدي إىل وجوب تصدي القاضي ملوضوع النزاع ،إما إذا متسك الطرف اآلخر
بإتفاق التحكيم فهنا فقط يتعني على القاضي احلكم بعد قبول الدعوى .وإال فتحنا الباب على
مصرعيه للتنصل من إتفاقات التحكيم وإهدار قيمتها ويستلزم املشرع ضرورة إعالن التمسك
بإتفاق التحكيم قبل اخلوض يف موضوع النزاع وإال أعترب متنازال عن الدفع بعدم القبول وال
يستطيع بعد مناقشة املوضوع العودة لطلب احلكم بعد قبول الدعوى.1
61
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-إن إلتجاء أحد األطراف إتفاق التحكيم للقضاء ،ال مينع الطرف اآلخر من بدأ إجراءات
التحكيم ،وإذا كانت اإلجراءات قد بدأت فرفع للدعوى القضائية ال يعوق إستمرار احملكمني يف
نظر موضوع النزاع وإصدار حكم فيه ،وذلك بعد متكني الطرف املتغيب املدعي عليه من إبداء
دفاعه و إخطاره بتقدميه خالل املدة املتفق عليها فإذا مل يفعل كان للهيئة الفصل يف النزاع يف
ضوء ما توفر حتت يدها من مستندات أما إذا كان املدعى لن يتقدم للهيئة بيان بدعواه خالل
-ويقدم القانون الفرنسي أحكاما متشاهبة خبصوص حتديد أثار إتفاق التحكيم ،فتنص املادة
( )3968على أنه" :إذا رفع أمام قضاء الدولة نزاع إتصلت به حمكمة حتكيم مبقتضى إتفاق
التحكيم ،فيجب على هذا القضاء إعالن عدم إختصاصه طاملا أن إتفاق التحكيم ليس واضحا
بطالنه.1
فامشرع الفرنسي يلزم القضاء باحلكم بعدم إختصاصه بنظر النزاع املعقود بشأنه إتفاق التحكيم
وال شك أن موقف املشرع املصري يعد أكثر دقة إلن إتفاق التحكيم ال ينزع إختصاص القاضي
ويالحظ أن مت فارقا هاما بني القانون املصري والفرنسي ،وإذ ال يفرق القانون املصري بني حالة
رفع الدعوى أمام القضاء بعد أو قبل إتصال هيئة التحكيم بالنزاع موضوع إتفاق التحكيم ففي
احلالتني يتحتم احلكم بعد قبول الدعوى أما القانون الفرنسي وإن كان حيتم احلكم بعد
62
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
اإلختصاص يف حالة رفع الدعوى بعد إتصال هيئة التحكيم بالنزاع فإنه خيول القاضي إمكانية
عدم احلكم بعدم اإلختصاص والتصدي للموضوع إذا تبني له البطالن الظاهر إلتفاق التحكيم
كحالة خلو شرط التحكيم من تسمية احملكمني أو بيان أسلوب إختيارهم ،أو خلو املشارطة من
1
حتديد موضوع النزاع
يترتب على إتفاق التحكيم الدويل بوصفه العقد الذي تتعهد األطراف فيه بأن يتم الفصل يف
املنازعات الناشئة بينهم أو اليت قد تنشأ بينهم بواسطة احملكمني وليس بواسطة قضاء الدولة ،أثران
خمتلفان :األثر األول وهو ما يعرف باألثر اإلجيايب ووفقا له يتعني على األطراف أن حتترم التعهد
الصادر عنها وتعهد باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم إىل احملكم .أما األثر الثاين الذي يرتبه
إتفاق التحكيم وهو ما يعرف باألثر السليب ووفقا له ميتنع على األطراف اإللتجاء إىل حمكم
-يلزم إتفاق التحكيم األطراف بأن تعهد املنازعة الناشئة بينهم واملتفق على حلها بواسطة
التحكيم إىل احملكم هذا من جهة .كما أن إتفاق التحكيم يعد األساس أو املصدر الذي تستمد
1محمود مختار أحمد البربري ،التحكيم التجاري الدولي ،دار النهضة العربية ،ط ،2القاهرة،80012 ،
ص .82/83
63
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
الفرع األول :إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملنازعة املتفق على حلها بواسطة التحكيم:
يعترب إلتزام األطراف بالعهدة باملنازعة موضوع إتفاق التحكيم إىل احملكم ،وأن هذا اإللتزام جيب
أوال :تقرير مبدأ إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملسائل موضوع اإلتفاق على التحكيم
ينجم إلتزام األطراف بالعهدة إىل احملكم باملنازعة موضوع اإلتفاق على التحكيم عن تطبيق مبدأ
القوة امللزمة هلذا اإلتفاق إذا أنه من املعروف أن مبدأ القوة امللزمة أو أن العقد شريعة املتعاقدين
-ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأنه ال يوجد يف اللحظة الراهنة أية صعوبة يف
اإلعتراف مببدأ القوة امللزمة إلتفاق التحكيم على إعتبار أهنا قاعدة مادية من قواعد القانون
الفرنسي بشأن التحكيم الدويل وحىت على إعتبار من قواعد القانون العابر للدول بشأن التحكيم
التجاري الدويل ولعل ذلك هو ما يفسره ،من وجهة نظر الفقه إن القضاء الفرنسي والذي توجه
حكم حمكمة النقض يف قضية DALICOال يلجأ إىل البحث عن القانون الواجب التطبيق من
-ويذهب هذا اجلانب من الفقه إىل القول بأن القانون األجنيب الذي ال يعترف بالقوة امللزمة
إلتفاق التحكيم لن تكون له من وجهة نظر النظام القانوين الفرنسي ،أي فرصة للتطبيق حىت
64
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
بالنسبة للنزاع الذي يرتبط بالدولة اليت صدر عنها هذا القانون سواء إرتبطت املنازعة هبذه الدولة
من خالل جنسية األطراف فيها أو من خالل موضوع املنازعة أو من خالل القانون الواجب
التطبيق على املوضوع .كما أن القانون الكولوميب بشأن التحكيم الصادر يف 07أكتوبر 3686
ال يعترف بالقوة امللزمة إلتفاق التحكيم املربم بني الطرفني إذا كانت املنازعة اليت يتصل هبا من
شأهنا أن تتعلق بالغري ،وهذا احلل الذي عليه القانون املذكور من وجهة نظر الفقه حل غري مشجع
للتحكيم ،فمنذ عام 3621أقر برتوكول جنيف بشأن شروط التحكيم هذا احلل ضمنا بتأكيده
يف املادة 03منه على صحة شرط التحكيم ومشارطة التحكيم الواردة بني األطراف اخلاضعة
-ولقد قررت معاهدة نيويورك املوقعة يف 30يوليو 3668واملتعلقة باإلعتراف وتنفيذ أحكام
التحكيم األجنبية يف املادة 02فيها فقرة 03على أن" :تعترف كل دولة متعاقدة باإلتفاق
املكتوب الذي يلزم مبقتضاه األطراف بأن خيضعوا للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة أو
اليت تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غري التعاقدية املتعلقة مبسألة جيوز
-وعلى الرغم من أن معاهدة جنيف املوقعة يف 23أفريل ،3693مل تعاجل بشكل مباشر
اإللتزام الواقع على عاتق األطراف بالعهدة إىل حمكمتني بالفصل يف املنازعة املتفق بشأهنا على
1محمود محمد هاشم ،القضاء ونظام اآلليات في الفقه اإلسالمي ،عمادة شؤون المكتبات ،جامعة الملك
سعود ،الرياض ،ط ،1828 ،1ص .80
2المادة 1/8من معاهدة نيويورك (المتعلقة باإلعتراف و تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية).
65
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
التحكيم ،فإهنا مع ذلك كرست هذا اإللتزام من خالل التنظيم الدقيق الذي وضعته لكيفية تعيني
احلكم أو احملكمني يف حالة عدم حتديد األطراف هلذا التعيني وذلك يف املادة 2منه فهذه النصوص
تتضمن بوضوح أن األطراف ملزمة بالعهدة باملنازعة الوارد بشأهنا على التحكيم إىل احملكمني.1
-والواقع من أمر أن هذا اإللتزام على عاتق األطراف بالعهدة إىل احملكم أو احملكمني باملنازعة
ثانيا :التنفيذ العيين لإللتزام الواقع على عاتق األطراف يف إتفاق التحكيم بالعهدة باملنازعة حمل
يذهب جانب من الفقه إىل القول بأن إتفاق التحكيم الذي ال تترتب على خمالفته سوى إمكانية
إلزام الطرف الذي ختلف عن وضعه حمل التنفيذ بالتعويض ،يعد إتفاق حمدود الفعالية ،وذلك
لصعوبة حتديد الضرر الواقع على الطرف ،والناتج عن عدم قدرته على عرض املنازعة املتفق
بشأهنا على التحكيم أمام احملكم نظرا ألن جهة قضائية وطنية قد أقرت وإعترفت بإختصاصها
بنظر هذه املنازعة ودون أدىن شك فإن هذا الضرر ميكن أن يكون ضرر حقيقي مادي لفقدان
الشخص التمتع باملزايا اليت متنحها معاهد نيويورك بشأن تنفيذ واإلعتراف بأحكام التحكيم
األجنبية.
66
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-فالطرف الذي يتحصل على احلكم بإلزام الطرف املتعاقد معه من قبل اجلهات القضائية يف دولة
ما سوف يكون يف مركز أقل مالئمة له فيما يتعلق بتنفيذ هذا احلكم عما إذا قرر الذي يريده
تنفيذه هو حكم حتكيمي صادر من هيئة التحكيم إختذت من إحدى الدول املتعاقدة تعد أطرافا
مقر هلا .وهو فرض يتحقق بشكل مستمر نظرا ألن الغالبية العظمى من الدول أطرافا يف هذه
-فمنذ احلظة اليت تقرر فيها القضاء يف الدولة إختصاصه بالفصل يف موضوع املنازعة املعروضة
عليه .فإن كل تقدير للضرر من أجل تعويضه سوف يتم من خالل مقارنة ضعيفة بني املزايا لكل
من العدالة اليت يقدمها التحكيم وعدالة احملاكم الوطنية .ويف هذا الغرض فإنه من غري املمكن
وضع تقييم مايل طاملا أن أي إنكار للعدالة مل يكن متحققا يف واقعة احلال.
-فإنه مع ذلك فإنه يبقى هناك حمال للتقييم املايل بالنسبة للنفقات النامجة عن قيام الطرف بالدفاع
عن حقه أمام احملكم الوطنية غري املختصة وذلك على الرغم من وجود إتفاق على التحكيم.
-فهذه النفقات ميكن التمسك بالتعويض عنها أمام احملكمني املختصني بالفصل يف املنازعة تنفيذ
اإلتفاق التحكيم ،ويقع على الطرف الذي إجته إىل القضاء عبء حيمل هذه النفقات اخلاصة
بالطرف اآلخر الذي إضطر إىل الدفاع عن حقه أمام قضاء الدولة.
1عاصف سهاب ،إتفاق التحكيم التجاري واإلختصاص التحكيمي ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
،1880ص .21
67
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-أن هذا اجلزء يف الصورة يعد جزءا على املخافة اإللتزام السليب الناجم عن إتفاق التحكيم و
الذي يلزم الطرف يف إتفاق التحكيم على عدم التوجه إىل احملكم الوطنية وعرض املنازعة املتفق
بشأهنا على التحكيم على احملاكم الوطنية ومن مثا فإن التنفيذ العيين إلتفاق األطراف ورغباهتم
واحلل املتقدم مل يكن حمال لإلمجاع عليه بصفة دائمة يف القانون الروماين ختلف عن التحكيم،
وذلك بعد صدور حكم التحكيم ،وذلك عن طريق دفع POENAاملنصوص عليها يف
املشارطة.
-فالتنفيذ العيين اجلربي إلتفاق التحكيم يتم من خالل إستخدام آليات هتدف إىل قهر مقاومة
الطرف الذي بعد أن قبل اإلتفاق على التحكيم ال يود يف املشاركة يف إجرائه بل وحياول كل
الطرف أن يؤخر اللجوء إىل استخدام هذه اإلجراءات ففي هذا الغرض فإن التحكيم سيشرع يف
إختاذ إجرائه على الرغم من إمتناع هذا الطرف عن املشاركة يف إجراءات التحكيم كان ميتنع عن
تعيني حمكم ،أو ميتنع عن املسامهة يف تعيني رئيس هيئة التحكيم بشكل أو آخر إىل وضع احللول
تتفادى مثل هذه األعمال اليت تتسم يف بعض األحيان بأهنا أعمال تسويقية هتدف إىل تعطيل سري
1
إجراءات التحكيم.
-وتذهب بعض الدول من أجل مواجهة عدم القيام أحد أطراف يف إتفاق التحكيم بتعيني حمكم
إىل النص على هيئة خمتصة تتوىل مهمة تعيني هذا احملكم بدال من الطرف الذي تقاعس عن تنفيذ
68
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
هذا اإللتزام ويعترب قانون التحكيم املصري رقم 27لسنة 3662من القوانني اليت تبث هذا
احلل.
-ولقد تبىن القانون اهلولندي اجلديد بشأن التحكيم هذا احلل بل أنه جعل من القاعدة املتقدمة
قاعدة آمرة تعلو على إتفاقات األطراف عند تط بيق القانون اهلولندي ،إذ ينص هذا القانون يف
املادة 3028على أنه" :إذا خول إتفاق التحكيم إىل أحد األطراف مركز متميزا فيما يتعلق
مبسألة تعيني احملكم أو احملكمني ،فإن للطرف اآلخر باملخالفة لكيفية التعيني املنصوص عليها يف
هذا اإلتفاق ويف خالل مدة شهر حتسبا من الشروع يف التحكيم ،أن يطلب من رئيس احملكمة
1
اجلزئية أن يعني احملكم أو احملكمني".
-وإمتناع أحد األطراف عن تعيني حمكم ،ال يؤدي إىل إعاقة الشروع يف إجراءات التحكيم يف
القانون الفرنسي ،إذ يقرر القانون وفقا لنص املادة 3261احلق لرئيس احملكمة اجلزائية يف باريس
بأن يقوم بتعيني هذا احملكم بدال من الطرف املمتنع عن تعيينه كذلك أي عقبة حتول دون إمتامه.
-ومل يتخلف القانون املصري رقم 27لسنة 3662بشأن التحكيم عن مسايرة اإلجتاه املتقدم،
إذ ينص يف املادة 37فقرة 2على أنه" :إذا خالف أحد الطرفني إجراءات إختيار احملكمني اليت
إتفقا عليها أو مل يتفق احملكمات املعينان على أمر مما يلزم إتفاقهما عليه ،وإذا ختلق الغري عن أداء
ما عهد به إليه يف هذا الشأن تولت احملكمة املشارة إليها يف املادة 6من هذا القانون بناء على
69
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
طلب أحد الطرفني القيام باإلجراء أو العمل املطلوب ما مل ينص يف اإلتفاق على كيفية أخرى
1
إلمتام هذا اإلجراء أو العمل".
-وهتدف النصوص املتقدمة إىل تفادي إنكار العدالة يف الفروض اليت يصعب فيها تشكيل حمكمة
التحكيم بسبب تعنت أحد األطراف مبنحها الفرصة للطرف املدعى بأن يتقدم بدعواه أمام
اجلهات القضائية الوطنية ،ويرى هذا اجلانب من الفقه أن هذا احلل ليس حال متاليا أحد يعني
اإلعتبار اإلرادة األولية لألطراف اليت كانت موجهة حنو إختاذ التحكيم سبيال للفصل يف املنازعات
الناشئة بينها ومع دلك فإن هذا احلل بيد وحال ال مفرمنه يف احلاالت اليت يبدو فيها مستحيال
-ومع ذلك ،فإنه من الواضح أن هذا احلل ال يلجأ إليه إال على النحو اإلستثنائي وعند فشل
اآلليات األخرى اإلحتياطية املشار إليها سابق .فالطرف املناهض للتحكيم ال ميكنه إال يف فروض
2
نادرة جدا أن يقوم بتجميد إجراءات التحكيم لعدم رعيته يف املشاركة فيه.
يعترب مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه من أهم املبادئ يف اإلطار التحكيم
الدويل ومن أدقها العديد من اجلدل وذلك على الرغم من اإلعتراف شبه الكامل هبذا املبدأ يف
1أحمد هندي ،التحكيم ،دراسة إجرائية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ، 1022ص . 00
2محمود سيد عمر التحيوي ،التحكيم بالفضاء و التحكيم مع التفويض بالصلح ،مرجع سابق ص 00
70
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
يستخدم الفقه عادة التعبري عن إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه األلفاظ األملانية
املصطلح مل يتم إلقاء الضوء عليه مطلقا ،على الرغم من أمهية تلك املسألة لتحديد املقصود بفكرة
-إذ أنه من الثابت أن املصطلح القانوين األملاين املذكور أعاله يضف على هذا التعبري معىن
خمتلف عن املعىن الذي يظفي عليه أدبيات التحكيم الدويل فاملصطلح األملاين يعين سلطة احملكم يف
أن يفصل على النحو هنائي يف مسألة إختصاصه ودون اخلضوع إىل أية رقابة قضائية ،صحيح أن
هذه السلطة املقررة للحكم مت رفضها سواء 1يف أملانيا أو يف غريها من الدول ومع ذلك فإن
التناقض يبقى مع ذلك قائما من ناحية املوضوع .فمن جهة أخرى ،فإن مسألة حتديد ما إذا كان
قضاء الدولة يتعني عليه أن ميتنع عن النظر يف املنازعة حىت ينتهي احملكمون من الفصل يف مسألة
إختصاصهم ،واليت تشكل اجلانب السليب ملبدأ إختصاص احملكم بالفصل بالفصل يف مسألة
إختصاصه ،من املسائل املتنازع عليها يف أملانيا .ونظرا للصعوبات املتقدمة ،وملا يشريه املصطلح
إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه .والواقع أن تلك الرغبة تتمشى مع ما ذهب إليه
الفقه السويسري ،املدرك للفروق الدقيقة القائمة بني القوانني الوطنية ،والذي أشار مبكرا إىل
1منير عبد الحميد ،االسس العامة للتحكيم الدولي الخارجي ،مرجع سابق ،ص . 220
71
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
يستمد مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أساسه من العديد من املصادر
الشكلية سواء كانت هذه املصادر هي املعاهدات الدولية املتصلة بالتحكيم أو القوانني الوطنية
-إذ تنص العديد من القوانني الوطنية املعاصرة املنظمة للتحكيم على إختصاص مبدأ إختصاص
احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه ومن بني هذه القوانني قانون التحكيم املصري رقم
2
.3662/27
-إذ تنص املادة 3/22منه على أن" :تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع املتعلقة بعدم إختصاصها
مما يف ذلك الدفوع املبنية على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم مشوله
ملوضوع النزاع" .وقد حرصت هذه املادة على ضرورة التمسك هبذه الدفوع يف ميعاد ال جياوز
ميعاد التقدمي دفاع املدعى عليه .وأكدت على أن قيام أحد طريف التحكيم بتعيني حمكم أو
اإلشتراك يف تعيينه ال يترتب عليه سقوط حقه يف تقدمي أي من هذه الدفوع .ولقد أشارت املادة
املذكورة إىل أن الدفع بعد مشول إتفاق التحكيم ملا يشريه الطرف اآلخر من مسائل أثناء نظر
1عبد المجيد الشواربي ،التحكيم و التصالح في ضوء الفقه و القضاء ،مرجع سابق ،ص . 05
2محمود محمد هاشم ،النظرية العامة للتحكيم ،المرجع السابق ،ص 100
72
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
النزاع جيب التمسك به فورا وإال سقط احلق فيه .ومع ذلك فإنه جيوز أن تقبل هيئة التحكيم
الدفع ملتأخر يف مجيع األحوال إذا رأت أن التأخري يف إبدائه كان السبب مقبول وهبذه املثابة،
يقترب نظام الدفع بعدم اإلختصاص احملكم من النظام القانوين للدفوع الشكلية يف إطار القانون
القضائي اخلاص .ولقد أضافت الفقرة 01من املادة 22بأن" :هليئة التحكيم أن تفصل يف
الدفوع املشار إليها يف الفقرة 02من هذه املادة قبل الفصل يف املوضوع أو أن تضمها إىل
-فإذا قضت هيئة التحكيم برفض الدفع فال جيوز التمسك به إال بطريق رفع دعوى بطالن حكم
التحكيم املنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 61من قانون التحكيم وهذا يعين أنه ال جيوز الطعن
بالبطالن على حكم التحكيم اجلزئي الصادر برفض الدفع إستقالل بل البد من الطعن بالبطالن
-كذلك فإن النصوص احلديثة املنظمة للتحكيم يف العديد من الدول تقرر ذات املبدأ كالقانون
73
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-كذلك فإن القانون الفرنسي كرس مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة اإلختصاص
بالنسبة للتحكيم الداخلي يف املادة 3299من القانون املرافعات املدنية الفرنسي اجلديد واليت
تنص على أنه" :إذا أنكر أحد األطراف على احملكم سلطة يف الفصل يف املنازعة أو نازع يف نطاق
هذه السلطة فإن احملكم خيتص بالفصل يف صحة وحدود واليته ويرى جانب من الفقه أن هذا
احلل خيالف الذي جيري عليه العمل يف القضاء والذي وفق هلا بتعيني يف إطار التحكيم الداخلي
وإذا تعلق األمر مبنازعة تنصب على صحة شرط التحكيم ،خضوع هذه املسألة إىل قضاء الدولة
-وخيضع التحكيم الدويل لنص املادة 3299من قانون املرافعات الفرنسي اجلديد إذا كان هذا
التحكيم خيضع للقانون الفرنسي ،إعماال للحالة الواردة يف املادة 3166إىل املادة 3229ويرى
-وعلى عكس معاهدة نيويورك فإن معاهدة جنيف املوقعة يف ،3623تعرضت ملبدأ إختصاص
احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه بشكل واضح فقد نصت يف مادهتا اخلامسة فقرة 01على
أن" :ال يلتزم احملكم الذي ينكر األطراف عليه اإلختصاص ،أن يتخلى عن نظر املنازعة ،وله أن
يفصل يف مسألة إختصاصه ويف وجود صحة إتفاق التحكيم أو يف وجود وصحة العقد الذي يعد
74
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
هذا اإلتفاق جزءا منه ،وذلك دون إحالل بالرقابة القضائية الالحقة املنصوص عليها يف قانون
القاضي".
-وتؤكد لوائح التحكيم األساسية على مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه
فالئحة التحكيم اليت وضعتها جلنة األمم املتحدة القانون التجاري الدويل تنص املادة 23ف أ
على هذا املبدأ وكذلك الئحة التحكيم اخلاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس املادة .1/3
-ويذهب جانب من الفقه الفرنسي إىل القول بأن ترديد لوائح التحكيم ملبدأ إختصاص احملكم
بالفصل يف مسألة إختصاصه وإن كان يعرب عن القبول العام الذي حيظى به هذا املبدأ .فإنه مع
ذلك وعلى صعيد الفن القانوين اخلاص ال يضيف اية قيمة هلذا املبدأ ،فالئحة التحكيم واليت
تستمد كل قيمة هلا من إرادة األطراف على إعمال أحكامها ال ميكنها أن متنح للمحكمني حقوقا
أكثر من تلك اليت تقر هلا هبم األنظمة القانونية املختصة .أو بعبارة أخرى ،فإن لوائح التحكيم
سبب طبيعتها اإلتفاقية ،وعلى عكس القوانني الوضعية ،تظل عاجزة على حل التناقض الواضح
الذي يسمح للمحكمني أن يصبحوا قضاة خمتصني بالفصل يف اإلتفاق الذي يعد مصدر سلطاهتم،
وذلك على خالف القوانني الوضعية اليت تقدر على حلها هذا التناقض.1
1أحمد هندي ،التحكيم (دراسة إجرائية) ،دار الجامعة الجديدة ،ط ،8اإلسكندرية ،8013 ،ص .23
75
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
ذهبت بعض األحكام القضائية الصادرة يف فرنسا إىل رد مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة
إختصاصه إىل مبدأ آخر مساهم هذا القضاء يف إرساء قواعده وهو مبدأ إستقاللية اإلتفاق
-إن هذين املبدأين ،وهو ما حرص جانب من الفقه الفرنسي على إيضاحه ال يلتقيا إال بشكل
-والواقع من األمر فإن فإن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه وإن كان يف
حقيقته أحد أثار اإلتفاق على التحكيم ،إال أن ذلك ال يعين أن أساس هذا املبدأ هو إتفاق
التحكيم ذاته ،أو مبدأ أن العقد شريعة املتعاقدين والذي يظفى على إتفاق التحكيم القوة امللزمة،
إذ يستمد هذا املبدأ من قانون التحكيم يف دولة مقر التحكيم وبصفة عامة من جمموع الدول
-والقول بعكس ذلك وارد أساس هذا املبدأ إىل إتفاق التحكيم نفسه يؤدي إىل نتائج غري
منطقية.
-فمن املعروف أن مبدأ إختصاص التحكيم بالفصل يف مسألة إختصاصه خيول حملكمة التحكيم
اإلستمرار تتعلق يف أداء مهمتها حىت إذا مت إنكار وجود صحة إتفاق التحكيم ذاته من قبل
76
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
األطراف و األسباب تتعلق بشكل مباشر بشرط التحكيم أو مبشارطة التحكيم وليس فقط يف
-ومن املعروف أن مبدأ إستقاللية إتفاق التحكيم يف العقد األصلي يفسر حاالت عدم صحة
لكن يعجز عن تفسري كيفية إستمرار احملكم يف أداء مهمته يف حالة أسباب االبطالن املتعلقة بإتفاق
التحكيم ذاته ،إذ أن هذه النتيجة االخرية هي أثر خاص يترتب على مبدأ إختصاص احملكم
-كذلك فإن هذا املبدأ األخري يسمح للمحكم بأن يفصل عند اإلقتضاء يف بطالن إتفاق
-والواقع إن كل من األثرين السابقني ال ميكن ردمها إىل إتفاق التحكيم وميكن ردمها إىل إتفاق
التحكيم يصطدم باحلجة اليت يثريها ،الفقه املعادي ملبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة
أو حىت -إذ ميكن للمحكم باإلستناد فقط على إتفاق التحكيم أن يقرر أن هذا اإلتفاق باطل
-واخلروج من هذه احللقة املفرغة ال يتأتى إال بالبحث عن أساس آخر ملبدأ إختصاص احملكم
77
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-وهذا املبدأ ال يستمد مصدره من إتفاق التحكيم وإمنا من قانون التحكيم يف دولة املقر ويف
قوانني الدول األخرى احملتمل عرض حكم التحكيم الصادر من احملكم بالفصل يف مسألة
1
إختصاصه لإلعتراف به أمام حماكمها
-فإذا قررت هيئة التحكيم املنعقدة يف دولة من الدول كمصر أو فرنسا إصدار حكم بعد
إختصاصها نظر لعدم وجود إتفاق صحيح على التحكيم ،فإن هذا القرار يستند يف أساسه إىل
القانون املصري أو الفرنسي على حسب األول ،وال يستند على إتفاق التحكيم الذي قضى بأنه
معدوم أو باطل.
-وكذلك فإن هذا احلكم فيمكن التمسك به من قبل الطرف صاحب املصلحة يف الدول
األخرى ،دون أن يكون هناك أي طعن على هذا احلكم بالتناقض وعدم املنفعة ،إذا كانت الدول
-إن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل فس مسألة إختصاصه ال يعين مطلقا أن يترك للمحكم
موضوع الرقابة على إختصاصه ،بل على العكس ،فإن هذا اإلختصاص تتم مراقبته بواسطة
اجلهات القضائية يف الدولة مبناسبة الطعن بالبطالن على حكم التحكيم أو إصدار األمر بتنفيذه.
1عبد الوهاب العشماوي ومحمد العشماوي ،قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن ،الناشر
مكتبة األدب ومطبعتها ،القاهرة ،1810ص .882
2عبد المجيد أحدب ،الوجيز في شرح القانون المدني العراقي ،ج ،01مصادر اإللتزام بغداد،1808 ،
ص .38
78
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-فمبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه ينطلق من فكرة أساسية وهي أنه ال حمل
للتشكيك مقدما يف قدرة احملكمني يف أن يصلوا بأنفسهم إىل قرارعادل وقادر يف نفس الووقت
على حتقيق مصاحل اجملتمع ،ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف
مسألة إختصاصه له وظيفة مزدوجة ويرتب أثران مثل إتفاق التحكيم ذاته ،فلمبدأ إختصاص
احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أثر إجيايب هو السماح للمحكمني بأن يفصلوا بأنفسهم يف
مسألة إختصاصهم وهذا األثر حل إمجاع عام من قبل املعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية
-وملبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه أثر سليب ال يقل أمهية عن األثراإلجيايب
املذكور املترتب على هذا املبدأ إذ يسمح هذا األخري للمحكمني ليس فقط بالفصل يف مسألة
إختصاصهم ،وإمنا بالفصل فيها أوال وقبل أي جهة أخرى .فمبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف
مسألة إختصاصه يفرض على اجلهات القضائية يف الدولة اليت يعرض عليها الفصل يف إتفاق
التحكيم ألي سبب من األسباب سواء أثناء املنازعة بشأن تشكيل هيئة التحكيم أو بسبب
التمسك بأن إتفاق التحكيم باطل أو ال وجود له أن متتنع عن الفصل يف موضوع املنازعات اليت
1
تدخل يف إختصاص احملكم قبل أن تتاح الفرصة له يف أن يفصل فيها.
-ومن هنا فإن مبدأ إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه يتضمن فكرة األولوية مأخوذة
79
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-فمأن إختصاص احملكم بالفصل يف مسألة إختصاصه مفهوما على املعىن السابق يقصد به أن
يعطي للمحكم الفرصة يف أن يفصل ،ويفصل أوال يف مجيع املسائل املتصلة بإختصاصها وذلك مع
خضوعه للرقابة الالحقة للقضاء الوطين املختص املعىن بالقيام هبذه الرقابة.1
يقصد به إستبعاد إختصاص احملاكم الوطنية بنظر النزاع أو املنازعات اليت تتم اإلتفاق على حلها
حتكيما وبالتايل ال ينبغي للمحاكم الوطنية النظر يف النزاع احملل إتفاق التحكيم إحتراما هلذا
األتفاق وإحتراما إلرادة أطرافه يف جلوئهم إىل التحكيم .فما هو مصري هذا األثر وما طبيعته
القانونية وما مضمونه ،وهل هناك إستثناءات واردة عليه؟ هذا ما سيتم التطرق إليه يف هذا
املطلب.
ذهب جانب من الفقه إىل إعتبار الدفع بوجود إتفاق التحكيم أمام احملاكم القضائية هو مبثابة دفع
بعدم اإلختصاص ،ويؤسس هذا اجلانب من الفقه رأيهم على أساس أن ق .إ .ج .م يف
التشريعات العربية ،2ال سيما تشريع اإلجراءات املدنية الفرنسي يف 3268حيث تنص على أن:
"احملكمة القضائية ال تنظر إىل النزاع إال إذا كان إتفاق التحكيم ظاهر بالبطالن مع ضرورة متسك
1محمد علي محمد بني مقداد ،قانون التحكيم التجاري الدولي ،مؤسسة حمادة للدراسات الجامعية
والنشر والتوزيع ،األردن ،ص .880
2هاني محمد كامل منديل ،مرجع السابق ،ص .380
80
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
أحد األطراف بوجود إتفاق التحكيم "1ذلك أن القضاء ال يستطيع من تلقاء نفسه بوجود إتفاق
التحكيم مما ينطبق عليه الدفع الشكلي يف قانون اإلجراءات املدنية وإستند هذا الفقه كذلك إىل
موقف املشرع السويسري يف قانون اإلجراءات املدنية يف املادة 07اليت تنص على أنه" :إذا أبرم
األطراف إتفاق التحكيم بشأن نزاع جيوز فيه التحكيم فيجب على احملاكم السويسرية أن حتكم
بعدم إختصاصه ."2وهو الذي يقابل نص املادة 332قانون اإلجراءت املدنية اإلسباين الذي ينص
على أنه" :يلزم إتفاق التحكيم األطراف باخلضوع ملا إتفق عليه وميتنع على القضاء احملكم نظرا
املنازعة اخلاضعة للتحكيم ."3مما يعين أنه دفع متعلق باإلجراءات املتعلقة باإلختصاص القضائي
املتعلق بني جهتني مها اإلختصاص القضائي التقليدي والوسيلة البديلة لتسوية اإلختيارية يف
املنازعات.
-وقد وجد هذا الفقه سند وحجة من التشريعات العربية اإلجرائية فاملشرع الكوييت نص يف
املادة رقم 18لسنة 3680اليت تنص على أنه" :ال ختتص احملاكم بنظر املنازعات".
األثر السليب هو إلتزام كل طرفيه بعدم اإللتجاء إىل قضاء الدولة املنازعة حمل احلكم و إعماال هلذا
األثر يلتزم كل من الطرفني بعدم عرقلة إستعمال الطرف اآلخر حلقه يف اإللتجاء إىل التحكيم كما
81
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
تلتزم حماكم الدولة باإلمتناع عن النظر النزاع املتفق على التحكيم ،1إحتراما إلتفاقية التحكيم
وتأمينا لتنفيذها من الواجب على األطراف إحترام تعهداهتم وذلك بإحالة املنازعة اليت يتضمنها
عقد التحكيم على هيئة التحكيم وهو ما يؤدي إىل أثر سليب لإلتفاقية التحكيمية مبوجبه ميتنع على
-وتضمن هذا العقد شرط التحكيم صحيح وقابل لتطبيق أن حتيل اخلصوم املعنيني إىل التحكيم
ويبقى من حق قضاء "قضاء التحكيم" كما نصت إتفاقية نيويورك على حكم مماثل يف املادة :02
"على الدولة مراقبة سالمة إتفاقية التحكيم وصحتها حىت يقضي تبعا لذلك بإحالة األطراف إىل
فقد كرست معظم التشريعات العاملية للتحكيم مبدأ عدم اإلختصاص يف وجود إتفاقية حتكيمية.
-ومن بني هذه القوانني جند املادة 3026من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري اليت
جعلت القضاء الوطين غري خمتص بنظر منازعة مىت كانت اخلصومة التحكيمية قائمة ،بل يكفي
أن يعلم القاضي بوجود إتفاقية حتكيمية شريطة أن يتمسك أحد اخلصوم بوجودها .ويدفه بعدم
إختصاص القضاء احلكومي ويف فرنسا نص املادة 3268وأن كان خيص التحكيم الداخلي ،فقد
منع القاضي من نظر النزاع عندما حتظر حمكمة التحكيم به ،وهو ما أكدته حمكمة النقض
1األنصاري حسن النيداني ،األثر السلبي إلتفاق التحكيم ،دار الجامعة الجديدة لنشر ،اإلسكندرية
،8008ص .80
2إتفاقية نيويورك المادة .08
3المادة 1021قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجزائري.
82
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
الفرنسية بقوهلا" :أن حكم التحكيم يسري كذلك على التحكيم الدويل" .أما يف بريطانيا فإن
وجود إتفاقية حتكيمية ليس له من أثر سوى أنه مينع القضاء الوطين مؤقتا من نظر النزاع إىل غاية
1
صدور حكم حتكيمي وال يفيد أن القضاء خمتص
-إىل أن مسألة عدم اإلختصاص ال تتعلق بالنظام العام ،وعلى اخلصوم التمسك هبا وال جيوز
للمحكمة أن تشريها تلقائيا ألنه جيوز للخصوم التنازل عن اللجوء إىل قضاء التحكيم ،والعودة
إىل القضاء األصلي ،وهو قضاء الدولة ،وهذا التنازل قد يكون صرحيا كما قد يكون ضمنيا
كذلك ،عندما يتقدم املدعي عليه بطلباته ودفوعه يف املوضوع دون إثارة مسألة اإلختصاص
فيكون قد رضي بقبول حكم القضاء بدال من التوجه إىل التحكيم .فتفقد إتفاقية التحكيم قيمته
القانونية وهذا األثر إىل جانب الطلبات املقابلة ذات الصلة بالعقد حمل احلكم ذلك هو األصل
فاإلستثناء هو جواز نظر اإلجراءات الوقتية والتحفظية باملنازعات املتفق بشأهنا على التحكيم من
يقتصر األثر السليب إلتفاق التحكيم على املسائل اليت تعترب داخل النطاق املوضوعي إلتفاق
التحكيم ،أما املسائل اليت خترج عن هذا النطاق فإن األطراف يشريون حريتهم بشأهنا يف عرض
النزاع املتعلق هبا أمام القضاء الدولة ،فإذا كان األطراف قد إتفقوا على التحكيم يف خصوص عقد
83
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
بيع معني فاملنازعات املتعلقة هبذا العقد هي فقط اليت ال جيوز طرحها أمام القضاء الدولة إلتزاما
بإتفاق التحكيم إما عما ينشأ بينهم من منازعات متعلقة بعقد آخر كما لو كان عقد بيع آخر أو
عقد إجيار .فإن هذا النزاع ميكن طرحه أمام قضاء الدولة وال ميكن الفع يف مواجهة التحكيم
حيث هذا النزاع يعترب خارج نطاق اإلتفاق ونفس األمر إذا إتفق األطراف على التحكيم بشأن
عالقة قانونية معينة بشأن بعض املنازعات اليت تنشأ عن هذه العالقة ،فإن األثر السليب إلتفاق
التحكيم تقتصر على هذه املسائل احملددة فيه وال يتجاوز إىل غريها من املسائل ،ولو كانت ناشئة
عن ذات العالقة القانونية حبيث جيوز طرح هذه املسائل على قضاء الدولة وال جيوز الدفع يف
-وتطبيق ذلك إذا كان األطراف قد إتفقوا على التحكيم بشأن تفسري عقد أو تنفيذه فإن ما
يثور بينهم من نزاع بشأن صحة هذا العقد أو بطالنه خيرج من نطاق إتفاق التحكيم وبالتايل
جيوز ألي من الطرفني إتفاق التحكيم عرضه على قضاء الدولة دون اخلشية من الدفع بالتحكيم.
وينطبق هذا احلل ولو كان هناك إرتبط وثيق بني املوضوع املتفق بشأنه على التحكيم واملوضوع
الذي خيرج من نطاق اإلتفاق ،فإذا وصلت هذه العالقة إىل حد عدم القابلية للتجزئة فإن الراجح
فقها هو وجوب عرض النزاع يف جمموعة أمام قضاء الدولة مبا فيه النزاع املتفق بشأنه على
التحكيم.
1
مصطفى الجمال ،عكاشة عبد العالي ،التحكيم في العالقات الخاصة الدولية والداخلية ،ص .108
84
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-وينطبق هذا احلل رغم إستقاللية شرط عن العقد الذي يتضمنه فال تعارض يف احلقيقة بني
األمريني وذلك ألن إستقالل شرط التحكيم ال يعين إسناد إختصاص هليئة التحكيم مبسائل ال
يشملها شرط التحكيم ،ولذلك فإذا كان األطراف إذا إقتصروا يف شرط التحكيم املدرج بالعقد
على إسناد مهمة تفسري العقد فقط هليئة التحكيم فال شك يف خروج النزاع حول وجود العقد أو
بطالنه من والية هذه اهليئة وذلك إذ أثار نزاع أمامها حول صحة ،العقد أو بطالنه فال جيوز
للهيئة التعرض له والفصل فيه رغم إستقالل شرط التحكيم عن العقد بتعيني أن توقف خصومة
التحكيم حلني احلسم والنزاع حول بطالن العقد أمام قضاء الدولة.
-فإن احلكم بصحة العقد ،جاز هليئة التحكيم الفصل يف النزاع الدائر بني اخلصوم حول تفسري
العقد ،أما إذا حكم قضاء الدولة ببطالن العقد األصلي فإن مهمة التحكيم تنتهي نظرا ألنه مل يعد
1
هلا حمل وليس نظرا لبطالن شرط التحكيم نتيجة البطالن العقد األصلي
الفرع الثاين :اإلستثناءات الواردة على مبدأ عدم إختصاص احملاكم الوطنية بنظر النزاعات املتفق
-على الرغم من أن القاعدة العامة اليت حتكم مسلك القضاء الوطين فيما يتعلق باملنازعات
اخلاصة الدولية ،املتفق بشأهنا على التحكيم ،تتلخص يف عدم هذا اإلختصاص هذا القضاء بالفصل
يف هذه املنازعات ،إال أن هذه القاعدة العامة ترد عليها بعض القيود واإلستثناءات أبرزها إنعقاد
1محمود محمد هاشم ،النظرية العامة للتحكيم ،مرجع سابق ،ص .822
85
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
اإلختصاص للمحاكم الوطنية بشأن إختاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية املتصلة باملنازعات املتفق
على التحكيم التدخل القضاء الوطين من أجل تكوين حمكمة التحكيم يف حالة تعذر تشكيلها،
وأخريا الرقابة اليت تباشر من قبل القضاء الوطين على حكم التحكيم سواء كانت هذه الرقابة من
خالل الطعن بالبطالن على حكم التحكيم ويف إطار دعوى األمر بالتنفيذ.1
-ولقد حرص املشرع املصري يف القانون رقم 3662/27على تأكيد إختصاص القضاء
املصري على الرغم من وجود إتفاق على التحكيم بشأن العديد من املسائل.
-فعلى سبيل املثال نص يف املادة 37على تدخل القضاء املصري بناء على طلب أحد طريف
-كذلك تنص املادة 20من قانون التحكيم املصري على أنه" :إذا تقدر على احملكم أداء املهمة
أو مل يباشرها أو إنقطع عن أدائها مبا يؤدي إىل تأخري ال مربر له يف اإلجراءات التحكيم ومل ينتج
ومل يتفق الطرفان على عزله ،جاز للمحكمة املشار إليها يف املادة 6من هذا القانون األمر بإهناء
-إىل جانب هذه الصور اليت تشكل نوعان من املساعدة من قبل القضاء املصري لنظام التحكيم
يف الفقرة السابقة على قيام هيئة التحكيم بأداء وظيفتها فإن القضاء املصري يتدخل أيضا قيام هيئة
86
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
التحكيم بأداء وظيفتها يف صورة األمر بإختاذ اإلجراءات الوقتية والتحفظية على حنو ما نصت
"اليت إتفق على التحكيم بشأهنا"" .و جيوز النزول عن الدفع بعدم اإلختصاص صراحة وضمنا."1
ويتضح من النظر السابق أن املئرع حتدث بصراحة عن الدفع بعدم اإلختصاص يف سياق نص
-وأيد الفقه وجهة نظرهم مبوجب قانون التحكيم وليس مبوجب قانون اإلجراءات املدنية والذي
إتضح مبوقف املشرع التونسي يف املادة 36من قانون التحكيم التونسي اليت تنص على أنه" :إذا
رفع أمام احملكمة نزاع منشور أمام هيئة حتكيم مبوجب إتفاقية حتكيم فعليها التصريح بعدم
-وكلمة اإلختصاص تربهن على أن الدفع بوجود إتفاق التحكيم إمنا يعرب عن دفع بعدم
اإلختصاص القضائي ،خاصة مع إبراز املشرع التونسي لكلمة بناء على طلب من أحد األطراف
وجند القانون املصري للتحكيم رقم 27لسنة 3662بنص يف املادة ( )3/31بأنه" :جيب على
احملكمة اليت يرفع إليها النزاع بوجود شأنه إتفاق التحكيم أن حتكم بعدم قبول الدعوى إذا رفع
املدعي عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع يف الدعوى وهو يعطي ذات املعىن".3
87
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
كذلك فإن القضاء املصري يقوم بنوع من الرقابة الالحقة على صدور حكم التحكيم يف صورتني
هامتني عاجلها املشرع املصري األوىل هي صورة الطعن بالبطالن على حكم التحكيم والصورة
88
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
تقوم هيئة التحكيم بالفصل يف إختصاصها بنظر املنازعة ،من عدمه ويرتبط مبدأ اإلختصاص مببدأ
اإلستقاللية بشكل وثيق ،حيث أن اهلدف الرئيسي ملبدأ اإلختصاص بالفصل يف اإلختصاص ،هو
يعتمد مبدأ اإلختصاص باإلختصاص من أهم األثار إتفاق التحكيم من الناحية اإلجرائية ،حيث
أنه ينقل اإلختصاص من قضاء الدولة إىل قضاء خاص أنشأت أطراف إتفاق التحكيم حيث
يصبح هذا األخري هو صاحب الوالية يف تسوية النزاع املربم بشأنه إتفاق التحكيم ،وهبذا يتخلى
قضاء الدولة املختص أصال بنظر النزاع مبوجب هذا األثر إىل القضاء اإلتفاقي الذي أراده
-فأول مسألة إجرائية جيب هليئة التحكيم أن تبث فيها ،هي التأكد هل هلا سلطة الفصل يف
النزاع املربم خبصوصية إتفاق التحكيم ،حيث أنه ميكن ألحد طريف التحكيم الذي يرغب يف
التنصل من اإللتزامات الناشئة عن إتفاق التحكيم ،إثارة مسألة بطالن إتفاق التحكيم ،أو غموضه
وتعذر أعماه أو تنازهلم عنه ،صراحة بإتفاقهم على ذلك ،أو اللجوء إىل القضاء املختص يف نظر
النزاع أصال على نفي أساس إختصاصهم هيئة التحكيم .فمن الواضح أن مبدأ اإلختصاص
1عليوش قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدولي في الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية ،ط،8
الجزائر ،8002ص .22/23
89
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
باإلختصاص يعطي هليئة التحكيم سلطة الفصل يف هذا الدفوع ولكن يسلب وال يستطيع أن
يسلب إختصاص القاضي بالفصل يف هذا النزاع إذا طرحت عليه مبناسبة متسك طرف إتفاق
التحكيم ،ودفع الطرف اآلخر ببطالن هذا اإلتفاق فقاضي الدعوى هو قاضي الدفوع ،وال
يتصور إلتزام القاضي باحلكم بعد قبول الدعوى إستنادا إىل متسك أحد أطراف إتفاق التحكيم
-فمحكمة التحكيم تفصل يف اإلختصاص اخلاص هلا وجيب إثارة الدفع بعدم اإلختصاص قبل
أي دفاع يتعلق باملوضوع .فهي تفصل يف إختصاصها بقرار أويل إال إذا كان الدفع بعدم
اإلختصاص مرتبط مبوضوع النزاع ،ترمي هذه القاعدة إىل منح أقصى فعالية إىل هذا النوع من
فض املنازعات بإعطائها حرية كاملة للمحكم من أجل النظر يف صالحية حمتوى أو مدى إتفاقية
-تأكيد هلذه النظري الليربالية اليت إنتهجها املشرع اجلزائري إجتاه التحكيم وقد يكون بذلك ،قد
إتبع بتبنيه هذا احلل عدد من التشريعات الوطنية والدولية مثال ذلك املادة 08الفقرة 1و 2من
1عزمي عبد الفتاح عطية ،قانون التحكيم الكويتي ،منشورات جامعية ،ط ،01الكويت ،1880ص
.111
2محمود مختار البربري ،التحكيم التجاري الدولي ،ط ،03دار النهضة العربية ،القاهرة ،8000ص
.20
90
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
-فمن الواضح أن تبين املشرع اجلزائري ملبدأ اإلختصاص باإلختصاص ليس مطلقا حيث أنه
إشترط يف تفصيل هيئة التحكيم يف إختصاصها بنظر النزاع عدم قيام أي طرف من أطراف
التحكيم إبداء أي وجه من أوجه الدفاع أمامها بشأن إختصاصها يف نظر النزاع وبالتايل فإنه عند
مباشرة هيئة التحكيم مهمة الفصل يف النزاع ،فإنه يتحتم على القاضي الذي ترفع أمامه دعوى
بطالن أو عدم وجود إتفاق التحكيم ،احلكم بعدم إختصاص ،أما إذا مل تتصل هيئة التحكيم
بالنزاع ،فيمكن للقاضي النظر يف البطالن الظاهر يف إتفاق التحكيم ،ورفض احلكم بعدم
-فتقرير مبدأ اإلختصاص باإلختصاص يهدف إىل عدم تعويض سري اخلصومة فاهليئة توقف سري
اإلجراءات حلني فصل القضاء يف األمر ،بل هلا أن تواصل النظر يف النزاع ،كما ال ميكن
اإلحتجاج هبذه املربرات ملنع القاضي من التحقيق من صحة أو بطالن إتفاق التحكيم ،بل على
العكس يتربير تأكيد سلطته ألن رفع األمر إليه لن يكون سببا لوقف أو منع سري إجراءات
التحكيم إال إذا تبني القاضي بطالن إتفاق التحكيم فتصدى للموضوع أو أصدر فيه حكما.
-ولقد ذهبت بعض أحكام النقض الفرنسية القدمية إىل أنه إذا كانت املسألة تتعلق حبدود
إختصاص احملكمني وإمنا بإنعدام واليتهم أصال فإن األمر يتعدى مسألة اإلختصاص إىل مسألة
الوالية ،إذ يتطرق إىل البحث حول وجود إتفاق التحكيم وليس حول نطاقه وعندئذ ينعقد
اإلختصاص للمحاكم ،وليس هليئة التحكيم ،والراجح أن احملكم لكي ينظر ما يعرض عليه من
91
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
نزاع البد له أن يقرر أوال إختصاصه ولو إقتضى األمر البحث يف وجود وصحة و إستمرار إتفاق
التحكيم الذي يستند إليه طالب التحكيم إذ هو يستمد واليته من إدارة الطرفني ،أي من هذا
اإلتفاق ،وهلذا فهو خيتص بالنظر يف مسألة إختصاصه ومبدأ اإلختصاص باإلختصاص ال يشمل
فقط ما يتعلق ببطالن إتفاق التحكيم وإمنا أيضا ما يتعلق بوجوده ،وكذا ما يتعلق بتحديد نطاق
ثبتت غالبية التشريعات الوطنية ولوائح مراكز ومؤسسات التحكيم الدائمة األثار اإلجرائية اليت
تترتب على إبرام إتفاق التحكيم الصحيح املستويف جلميع الشروط املوضوعية والشكلية.
لقد إعتنق املشرع املصري مبدأ اإلختصاص باإلختصاص على غرار بضع التشريعات الوطنية
حيث نصت املادة 22من قانون التحكيم املصري على أنه" :تفصل هيئة التحكيم يف الدفوع
املتعلقة بعدم إختصاصها مبا يف ذلك الدفوع هليئة على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو
بطالنه" هلذا فإنه إذا دفع الطرف الذي قدم ضده طلب التحكيم بعدم إختصاص هيئة التحكيم
بنظر النزاع إستنادا إىل بطالن إتفاق التحكيم أو قابلية لإلبطال فإن هيئة التحكيم ختتص بالنظر يف
مسألة إختصاصها ويرمي مبدأ اإلختصاص باإلختصاص إىل متكني هيئة التحكيم من الفصل يف
1فتحي والي ،قانون التحكيم في نظرية والتطبيق ،الطبعة األولى ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،8000
ص .120
92
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
النزاع دون تعطيل بسبب رفع الدعوى أمام حماكم الدولة يتعلق بإتفاق التحكيم مما يفسح اجملال
ملن يريد إعاقة إعمال هذا اإلتفاق وتطبيقا هلذا املبدأ ال جيوز أن يطلب من الطرفني من هيئة
التحكيم وقف إجراءات التحكيم حىت يتم الفصل يف دعوى البطالن املرفوعة بشأن إتفاق
التحكيم أمام القضاء فنصت املادة 3/22من قانون 1التحكيم على إختصاص هيئة التحكيم
بالنظر يف مسألة إختصاصها ولو كان الدفع مبنيا على عدم وجود إتفاق التحكيم أو سقوطه أو
بطالنه يعرب عن إرادة املشرع الصرحية يف عدم جواز قيام هيئة التحكيم بوقف خصومه إىل حني
-وقد أثري أمام حمكمة إستئناف القاهرة دفع بعدم دستورية املادة 22من قانون التحكيم ،إستنادا
إىل خمالفتها للمواد ( )396/399اخلاصة بإستقالل السلطة القضائية وكذا املادة 98اخلاصة حبق
املواطن يف اإللتجاء إىل قاضيه الطبيعي وذلك على أساس أن ما جاءت به يفقد هيئة التحكيم
إستقالهلا إذ جيعل للمحكمني مصلحة شخصية يف رفض الدفع بعدم اإلختصاص حرصا منهم يف
-وقد رأت احملكمة أن هذا الدفع غري جدي لكون إختصاص هيئة التحكيم بالفصل يف
إختصاصها ال خيل حليادها و إستقالهلا ،وال جيعل األمر موكال كليا هلا ،إذ أهنا إن فصلت يف
مسألة ال تدخل يف إختصاصها فإن حكمها يتعرض للبطالن فصدور حكم التحكيم يناءا على
93
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
إتفاق باطل سيجعل هذا احلكم حمال لطلب بطالنه وفقا لنص املادة (/3/61أ) اليت تورد بني
-بإستقراء نص املادة 3022من ق .إ .م .إ اجلزائري يظهر جليا إعتراف املشرع مببدأ
اإلختصاص حيث نصت على أنه" :تفصل حمكمة التحكيم يف اإلختصاص اخلاص هبا وجيب إثارة
-فمن الواضح أن تبىن املشرع اجلزائري ملبدأ اإلختصاص باإلختصاص ليس مطلقا ،حيث أنه
إشترط لكي تفصل هيئة التحكيم يف إختصاصها بنظر النزاع عدم قيام أي طرف من األطراف
التحكيم إبداء أي وجه من أوجه الدفاع أمامها بشأن إختصاصهما يف نظر النزاع .وبالتايل فإنه
عند مباشرة هيئة التحكيم مهمة الفصل يف النزاع ،فإنه يتحتم على القاضي الذي ترفع أمامه
دعوى البطالن أو عدم وجود إتفاق التحكيم ،حبكم بعدم اإلختصاص ،أما إذا مل تتصل هيئة
بالنزاع ،فيمكن للقاضي النظر يف البطالن الظاهر إلتفاق التحكيم ،ورفض احلكم بعدم
اإلختصاص فثبوت البطالن أمام القاضي جيب أن يفتح الباب أمامه لطرح إتفاق التحكيم
وإستعادة إختصاصه الذي ال يصح أن يفقده إال بوجود إتفاق التحكيم صحيح ،وهذا ما أخذ به
املشرع الفرنسي آنذالك .كما وضع املشرع اجلزائري قيدا ثانيا على سلطة هيئة التحكيم يف البث
1بربارة عبد الرحمان ،قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،رقم 08/02مؤرخ في ،8002/08/83
منشورات بغدادي ،ط ،8008 ،01ص .118
2المادة 1022من ق .إ .م .إ الجزائري.
94
اآلثار اإلجرائية إلتفاق التحكيم الفصل الثاني
يف إختصاصها ،حيث إشترط أن يكون احلكم الذي تصدره هيئة التحكيم فيما خيص حتديد
إختصاصها حكما أوليا ،إال أنه إستثىن من ذلك األحكام اليت تصدر بشأن الفصل يف الدفع بعدم
اإلختصاص إذا كان مرتبطا مبوضوع النزاع فوجب أن يكون الفصل يف هذه الدفوع حبكم هنائي.
-وأخريا فإن تقرير مبدأ اإلختصاص باإلختصاص يهدف إىل عدم تعويض سري خصومة
التحكيم ،فاهليئة ال تتوقف سري اإلجراءات ملنة يفصل القضاء يف األمر بل هلا أن تواصل نظر
النزاع إذا ما قدرت أن هذه الدفوع يرجى من ورائها املماطلة وإطالة أمر النزاع .كما ال ميكن
اإلحتجاج هبذه املربرات ملنع القاضي من التحقيق من صحة أو بطالن إتفاق التحكيم ،بل على
العكس تربر تأكيد سلطته 1ألن رفع األمر إليه لن يكون سببا لوقف أو منع سري اإلجراءات
التحكيم إال إذا تبني للقاضي بطالن إتفاق التحكيم ،فتصدى للموضوع أو صدر فيه حكما
أصبح هنائيا ،ففي هذه احلالة يتحتم على هيئة التحكيم إهناء اإلجراءات ألن إستمرارها سيصبح ال
جدوى منه .ألهنا لو إستمرت وأصدرت حكمها يف موضوع النزاع فلن يثىن تنفيذه لتعارضه مع
2
حكم سبق صدوره من القضاء
1محمد مختار أحمد بربري ،التحكيم التجاري الدولي ،ط ،03دار النهضة العربية ،القاهرة8000 ،
،ص .02
2لزهر بن سعيد ،مرجع السابق ،ص .22
95
اخلامتة
الخاتمة
اخلامتة :
شهد العامل حتوال واسعا يف طبيعة األنشطة التجارية واإلقتصادية وملواكبة هذا التحول كان الزما
أن يتطور البناء القضائي الذي أصبح حباجة ملحة إىل أعوان متخصصني يف خمتلف النشاطات
للبث فيها يعرض عليه من منازعات تنشأ من ذلك األنشطة وسعيا للحد من حجم املنازعات اليت
تنقل على القضاء ،ولذلك مت إستحداث طريق بديل لفض النزاعات ،وذلك قبل اللجوء إىل
-على هذا األساس ميكن القول أن إتفاق التحكيم هو نقطة نظام التحكيم صرحيا وحجر الزاوية
فال يعرض أي نزاع على احملكمني إال بإتفاق ذوي الشأن إتفاقا صرحيا على الفصل بطريق
-ولقد جاء املشرع اجلزائري يف تعديله اجلديد لقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية رقم
-ومن خالل دراستنا فإن أهم النتائج اليت خلصت هلا هي:
-التحكيم هو إتفاق الطرفني أو أكثر للفصل يف نزاع خاص هبم عن طريق حمكمني بدال من
97
الخاتمة
-إتفاق التحكيم هو العقد الذي يتم اإلتفاق عليه من طرف اخلصوم على حل النزاع القائم
بينهم واحملتمل للوقوع بواسطة التحكيم وخيضع إتفاق التحكيم للقواعد العامة اليت حيكم العقود.
-إن إتفاق التحكيم لكي يأخذ صفته القانونية البد أن يتوافر فيه شروط شكلية وموضوعية وإال
-من أهم األثار اليت يرتبها إتفاق التحكيم على أطرافه هو منع هذه األطراف عرض نزاعهم
موضوع اإلتفاق على أي جهة قضائية يف الدولة ،ألن هذه األطراف قد إختارت هذا الطريق
-أمهية الصياغة القانونية إلتفاق التحكيم ،فهو حجر زاوية يف التحكيم كله.
-إن إتفاق التحكيم متتد أثاره إىل الغري ممن مل يوقع على اإلتفاق يف حاالت حددها التوجه
القانوين والقضاء.
-يتمتع أطراف إتفاق التحكيم والغري مبراكز قانوين واحد على حد سواء وبالتايل يسري على
الغري ما يسري على األطراف اإلتفاق فيكون من حقهم اللجوء هليئة التحكيم كما ميتنع عليهم ما
ميتنع على أطراف اإلتفاق من اللجوء للقضاء للفصل يف النزاع املنصوص على فضه عن طريق
التحكيم.
98
الخاتمة
-إرسال بعثات تكوينية إىل مراكز التحكيم الدولية من اجل إكتساب اخلربات يف هذا اجملال.
-العمل على مجع املعلومات واملعطيات اخلاصة بعملية التحكيم إلثراء املنظومة التشريعية وجعلها
-تناشد بإنشاء مراكز التحكيم يف اجلزائر للتسهيل على األطراف املتنازعة اللجوء إليها ملا تكلفه
تلك املراكز من قواعد وأسس وإجراءات وضمانات سريعة وحامسة لتلك املنازعات.
-نأمل بعملنا هذا أن تكون قد سامهنا ولو بقدر ضئيل يف موضوع البحث ،فهذا العمل ما هو
-عاجلت املوضوع فإن حتقق اهلدف بتمامه فهذا من فضل اهلل وتوفيقه.
-وإن مل يتحقق كلية ،فيكفينا صدق احملاولة فعلينا السعي وليس علينا إدراك املقاصد واهلل ويل
99
قائمة املصادر واملراجع
قائمة المصادر و المراجع
-3إبراهيم أمحد إبراهيم ،التحكيم الدويل اخلاص ،دار النهضة العربية ،ط ،2القاهرة2006. ،
-2أسعد فاضل منديل ،أحكام عقد التحكيم وإجراءاته ،ط ،3دار نيبوز ،العراق2006. ،
-1األنصاري حسن النيداين ،األثر السليب ألثر التحكيم ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر،
اإلسكندرية2006. ،
-2إميان فتحي حسن اجلميل ،إتفاق التحكيم البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية،
2031.
-6إيهاب عمرو ،التحكيم التجاري الدويل املقارن (يف ضوء حتول سياسات التنمية) ،الوارق
-7محد اهلل حممد اهلل ،نظام شرط التحكيم يف املنازعات التجارية (دراسة مقارنة) ،دار النهضة
العربية اإلسكندرية2002.
-8محزة أمحد حداد ،التحكيم يف القوانني العربية ،ط ،01دار الثقافة األردن2032. ،
-6سامية راشد ،التحكيم يف العالقات الدولية اخلاصة ،ج ،03إتفاق التحكيم ،دار النهضة
العربية3682. ،
101
قائمة المصادر و المراجع
-30مسيحة القليوين ،التحكيم التجاري الدويل ،دار النهضة العربية ،اإلسكندرية. 2006 ،
-33عاطف الفقهي ،التحكيم يف املنازعات البحرية ،دار النهضة العربية اإلسكندرية2007. ،
-32عبد الباسط حممد عبد الواسع ،النظام القانوين إلتفاق التحكيم ،دار اجلامعة اجلديدة،
اإلسكندرية2031. ،
-31عبد احلميد أحدب ،الوجيز يف شرح القانون املدين العراقي ،ج ،03مصادر اإللتزام بغداد،
. 3696
-32عزمي عبد الفتاح عطية ،قانون التحكيم الكوييت ،منشورات جامعية ،ط ،03الكويت،
3660.
-36عليوتس قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر ،ديوان املطبوعات اجلامعية،
-39عبد الوهاب العشماوي وحممد العشماوي ،قواعد املرافعات يف التشريع املصري واملقارن،
-37فتحي وايل ،قانون التحكيم يف النظرية والتطبيق ،ط ،03منشأة املعارف ،اإلسكندرية
2007.
102
قائمة المصادر و المراجع
-38لزهر بن سعيد ،التحكيم التجاري الدويل ،وفقا لقوانني اإلجراءات املدنية واإلدراية
-36حممود خمتار الرببري ،التحكيم التجاري الدويل ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهرة
2007.
-20حممود خمتار الرببري ،التحكيم التجاري الدويل ،ط ،02دار النهضة العربية ،القاهرة
2032.
-23حممود حممد هاشم ،القضاء ونظام اإلثبات يف الفقه اإلسالمي ،عمادة شؤون املكتبات،
-22حممد فتح اهلل حسني ،شرح قانون التحكيم ،دار الكتب القانونية ،القاهرة2006. ،
-21مصطفى أمحد فؤاد ،دراسة يف النظام القانوين الدويل ،منشأة املعارف اإلسكندرية 3666.
-22مصطفى اجلمال عكاشة عبد العايل ،التحكيم يف العالقات اخلاصة الدولية ،دار الفتح
-26هاين صالح سري الدين ،التحكيم التجاري الدويل دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
اإلسكندرية2006. ،
103
قائمة المصادر و المراجع
-29هاين حممد كامل املنابلي ،إتفاق عقود اإلستثمار البترولية (دراسة مقارنة) ،ط ،03دار
-2القوانني واإلتفاقيات:
-2قانون التحكيم املصري رقم 27لسنة 3662بشأن التحكيم يف املواد املدنية و التجارية
2037
104
قائمة المصادر و المراجع
-31الئحة التحكيم للجمعية العامة للجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل.
-1اجملالت واملذكرات:
-3عبد احلميد أحدب ،قانون التحكيم ،جملة احملكمة العليا ،ج األول.2006 ،
-2عبد الرشيد عبد احلافظ ،التصرف الشكلي يف الفقه اإلسالمي و القانون (دراسة مقارنة)،
-1حفيظة السيد حداد ،اإلجتاهات املعاصرة بشأن إتفاق التحكيم ،دار الفكر اجلامعي،
اإلسكندرية.2003 ،
105
فهرس احملتويات
فهرس المحتويات
الشكر
اإلهداء
مقدمة..............................................................................أ -ث
107
فهرس المحتويات
108
فهرس المحتويات
الفرع األول :موقف املعاهدات الدولية من تكريس مبدأ إستقاللية شرط التحكيم عن العقد28..
الفرع االول :عدم إرتباط مصري إتفاق التحكيم مبصري العقد األصلي68.......................
109
فهرس المحتويات
الفرع الثاين :خضوع إتفاق التحكيم لقانون أخر غري ذلك الذي خيضع له العقد األصلي66......
الفرع األول :إلتزام األطراف بالعهدة للمحكم باملنازعة املتفق على حلها بواسطة التحكيم92....
أوال :تقرير مبدأ اإللتزام بالعهدة إىل احملكم باملسائل موضوع اإلتفاق على التحيكم92...........
110
فهرس المحتويات
الفرع الثاين :اإلستثناءات الواردة على مبدأ إختصاص بنظر املنازعة بشأهنا على التحكيم86.....
اخلامتة67.................................................................................
111