Professional Documents
Culture Documents
ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ:
............................................................................................ رﺋﻴﺴﺎ.
اﻷﺳﺘﺎذ :ﺗﻌﻮﻳﻠﺖ ﻛﺮﻳﻢ.....................................................ﻣﺸﺮﻓـﺎ و ﻣﻘﺮرا.
......................................................................................... ﻣﻤﺘﺤﻨﺎ.
ﻟﺘﻜﻦ ھﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻋﺘﺮاف و ﺗﻘﺪﯾﺮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﺷﻜﺮ ﻟﻸﺳﺘﺎذ "ﺗﻌﻮﯾﻠﺖ ﻛﺮﯾﻢ"
اﻟﺬي ﻗﺒﻞ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ،و ﻛﺬا ﺟﻤﯿﻊ أﺳﺎﺗﺬﺗﻨﺎ و أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ
ﻟﻘﺒﻮﻟﮭﻢ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ھﺬه اﻟﻤﺬﻛﺮة
ﻛﻤﺎ ﻻ ﯾﻔﻮﺗﻨﺎ اﻟﺸﻜﺮ اﻟﺠﺰﯾﻞ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣ ّﺪ ﯾﺪ اﻟﻌﻮن ﻓﻲ اﻧﺠﺎز ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ
اﻹھﺪاء
إﻟﻰ ﻣﻠﮭﻤﻲ و ﻣﺮﺷﺪي ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﺤﯿﺎة ،ﺟﺪي اﺳﻜﻨﮫ ﷲ ﻓﺴﯿﺢ ﺟﻨﺎﻧﮫ
إﻟﻰ ﻣﻦ أﻧﺎرت درﺑﻲ و أﻋﺎﻧﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﺼﻠﻮات و اﻟﺪﻋﻮات ،ﺟﺪﺗﻲ اﻟﺤﺒﯿﺒﺔ
إﻟﻰ واﻟﺪا ّ
ي اﻟﻌﺰﯾﺰﯾﻦ أطﺎل ﷲ ﻓﻲ ﻋﻤﺮھﻤﺎ
إﻟﻰ أﻏﻠﻰ و اﻋﺰ ﺟﻮھﺮة اﻣﻠﻜﮭﺎ أﺧﺘﻲ اﻟﻌﺰﯾﺰة
إﻟﻰ أﺧﻮاي ،اﻷﺣﺒﺎب ،اﻟﺨﺎﻻت و اﻷﺧﻮال
إﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء و اﻟﺰﻣﻼء
ﺣﺪادي ﺣﻤﺰة
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻرات
ص :ﺻﻔﺣﺔ.
P: page.
اﻟﻣــــﻘـــدﻣـــــــــﺔ
ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻘوة واﻟﻠﺟوء ﻟﻠدوﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﻛرة اﻟﺳﺎﺋدة ﻟدى ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻷﺷﺧﺎص ﻣن أﺟل إﻗﺗﺿﺎء
ﺣﻘوﻗﻬم وﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ ﻷن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة أﺧذت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ واﺟب إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌداﻟﺔ ﻋن طرﯾق
اﻟﻘﺿﺎء ،وﻟﻛن ﻣﻊ اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻌﯾﺷﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ظل طﻐﯾﺎن ٕواﻧﺗﺷﺎر
اﻟﻌوﻟﻣﺔ وﺗطور اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﺗﻧﺷﯾط ﺣﻘل اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﺿروري ﺗﻔﻌﯾل
وﺳﺎﺋل أﻛﺛر ﻧﺟﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ذات اﻟﻌﻧﺻر اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌﻠق أﺳﺎﺳﺎ
ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﺟﺎرة ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻷﺟﻧﺎس اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ
دﻟﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﺻل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ اﻟذي ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﺄي ﺣدود ﺟﻐراﻓﯾﺔ
أو ﻟﻐﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻟذﻟك وﺟب اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ
اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ أواﺻل ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻟﯾس ﻓﻘط ﺑﯾن أﻓراد اﻟدول ﺑل ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
أﯾن ﺑﯾن دوﻟﺔ ودوﻟﺔ أﺧرى.
وﻣن ﻫﻧﺎ ﻟﻣﻊ ﻧﺟم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي أﺧذ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻟدى اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻧذ زﻣن ﺿﺎرب ﻓﻲ
اﻟﻘدم إذ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ وأﺳﺎﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق أﺳﻣﻰ أوﺟﻪ اﻟﻌداﻟﺔ دون اﻟﻠﺟوء ﻟﻣظﺎﻫر
اﻟﻘوة ،وﻫو ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﻓراد ﯾطرﻗون ﺑﺎﺑﻪ ،وﯾﻌﺗﺑر ﻋزوﻓﻬم ﻋن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟداﺧﻠﻲ ﻣﺑﻌﺛﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﻣزاﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻘﻘﻬﺎ ﻫذا اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺧﺎص اﻟذي ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد
ﺣﻠول رﺿﺎﺋﯾﺔ وودﯾﺔ ﻟﻠطرﻓﯾن ﺑﻌﯾدا ﻋن اﻹﺟراءات اﻟطوﯾﻠﺔ واﻟﻣﻌﻘدة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء
ﻧﺎﻫﯾك ﻋن اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺧﺳرﻩ اﻷطراف ﻓﻲ إﻧﺗظﺎر ﺣل ﻗد ﯾطول أﻣدﻩ ،واﻟذي ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺳرﯾﺔ
1
واﻟﺗﺧﺻﺻﯾﺔ واﻟﺗﺣرر ﻣن رﻗﻌﺔ اﻟﻘواﻧﯾن واﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑﺣذاﻓﯾرﻫﺎ ،وﻷن اﻟﺗﺣﻛﯾم
1ﻣوﻟوج ﻻﻣﯾﺔ ،اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع
ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ ﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،2011 ،ص.2.
أ
اﻟﻣــــﻘـــدﻣـــــــــﺔ
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺎﻹﺣﺗرام اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻫﻲ ﻹرادة اﻷطراف اﻟﺗﻲ ﺗوﻟد
2
ﻋﻧﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺧﺎص.
ﻓﻲ ﻣﻌرض دراﺳﺗﻧﺎ اﻟﯾوم ﺳﻧﺣﺎول إﯾﺿﺎح وﺷرح اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ وﻛذا اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﯾﻪ ،وﻟﻛن ﯾﺳﺗﻠزم اﻷﻣر اﻟﺗطرق
ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻟﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻟذﻟك إﺳﺗﺋﻧﺳﻧﺎ ﺑﺄراء اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻘد درج وﺗﻌﺎﻗب ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ
ﺗﻌرﯾف اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻟﻌل اﻟﺗﻌرﯾف اﻷﺑرز اﻟذي إﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻧﻪ " ﻧوع ﻣن اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺑﻔﺿﻠﻬﺎ ﻧزع اﻟﺧﻼﻓﺎت ﻣن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي اﻟوﺿﻌﻲ ﻟﺗﺣل ﻣن ﻗﺑل أﺷﺧﺎص
ﻣﻧوطﺔ ﺑﻬم ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ " ،3أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻘد إﺗﻔق أﻏﻠب اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ وﺟوب وﺿﻊ ﺣدود ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻛم ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻫذا ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻧظرة اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ظل
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﺧﺿﻊ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ إﻟﻰ ﻧظرة
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت أﻛﺛر ﻋﻣﻘﺎ وﺗﻔﺻﯾﻼ ﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻣﻛوﻧﺎت ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻘد ﺳﺎرع اﻟﻣﺷرﻋﯾن ﻓﻲ
ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟدول إﻟﻰ ﺳن ﻗواﻧﯾن ﺗﺳﻌﻰ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ ﺗﻛرﯾس أرﺿﯾﺔ ﺻﻠﺑﺔ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗّﺣﻛﯾم
وﺣدود اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ.
ﻟم ﯾﺷذ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺑل ﺳﺎﯾر ﻫذا اﻹﺗﺟﺎﻩ ،ﺑﺗﺑﻧﯾﻪ ﻟﻠﻘﺎﻧون رﻗم
09/08اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 2008/02/25اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وذﻟك ﺑﻌد
إﻟﻐﺎءﻩ ﻟﻠﻣرﺳوم رﻗم 09/93اﻟذي أﺻﺑﺢ ﻻ ﯾواﻛب اﻟﻣﺗﻐﯾرات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري
ﺑطﺎش ﻓﺎطﻣﺔ ،ﺷﻛور ﻛﺎﺗﯾﺔ ،ﻣﺑدأ "اﻹﺧﺗﺻﺎص -ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة 3
اﻟﻣﺎﺳﺗر ،ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم و اﻟﺣﻘوق اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،2011 ،ص.7.
ب
اﻟﻣــــﻘـــدﻣـــــــــﺔ
اﻟدوﻟﻲ ،و ﻧرﺟو أن ﺗﻛون اﻟﻣﺑﺎدرات اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻷﺧﯾرة اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﺑﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل
وﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟوطﻧﯾﺔ و ازدﻫﺎر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟدول
ﻣﺟدﯾﺔ ّ
اﻷﺧرى ﺧﺎﺻﺔ و أن اﻟﺟزاﺋر ﻗد دﺧﻠت ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﻔﺗوح ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﺑرﻫﺎ أن
اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ.
ّ ﺗﻛون ﻓﻲ ﻧﻔس ﻣﺳﺗوى
ﻏﯾر أن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺗﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟذي ﺳﯾﻌﺗﻣدﻩ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻧﺻوﺻﻪ أي
أن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺣدد ﻣﺳﺎر ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠدور اﻟذي ﺳﯾﻣﻧﺢ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣراد اﻟﺗوﺻل ﻟﻬﺎ ،وﺑﻣﺎ أن اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌداﻟﺔ ٕواﺻدار اﻷﺣﻛﺎم ﺑﯾن طرﻓﯾن ﻓﻲ
ﻧزاع ﻣﻌﯾن ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾدﺧل ﺑﻼ ﺷك ﻓﻲ ﻣﺣور اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺎﺷرﻫﺎ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﺳد
ﻓﻲ ﺷﻘﯾن أﺳﺎﺳﯾن إﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟﻬدف ﻣن ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻫو
اﻟﺗﯾﻘن ﻣن ﻣراﻋﺎة اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوطﻧﻲ ،ﻣن أﺟل اﻹﻋﺗراف ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم أو
اﻟﺗﺛﺑت ﻣن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛم واﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﻧوط ﺑﻪ وﻣدى إﺣﺗراﻣﻪ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺳواء اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ
4
ﺑﺈﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻪ أو ﺑﺈﺟراء اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻌن ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﺑطﻼن
ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ اﻷﺧﯾرة ﺗدﻓﻌﻧﺎ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﺗطرق ﻟﺻﻠب ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ وﻫو اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﺳﻧﺣﺎول ﻓﻲ ﻣﻌرض ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ
إﻟﻰ ﻧزع اﻟﻠﺑس و اﻟﻐﻣوض ﻋن ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟواﺟب ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم.
4ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﯾن اﻹزدواﺟﯾﺔ و اﻟوﺣدة ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ،
،2003ص.7.
ت
اﻟﻣــــﻘـــدﻣـــــــــﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ؟ وﻫل ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﻘوض )ﺗﻘﻠص( ﻣن اﻹﺧﺗﺻﺎﺻﺎت اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ
ﻟﻠﻣﺣﻛم؟ وﻣﺎ ﺗﺄﺛﯾر ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ "اﻹﺧﺗﺻﺎص-ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص"؟ وﻫل ﺗﻌﯾق ﻫذﻩ
اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷودة ﻣن اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺟﻧب اﻟﻠﺟوء ﻟﻠﻣﺟرى اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟﻠﻌداﻟﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻪ ﻣن إﺟراءات ﻣﻌﻘدة و ﺑطء اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت؟
ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﺳد اﻟﺛﻐرة اﻟﻣوﺟودة واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ
ﻧﻘص اﻟدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣوﺿوع اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ
ظل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻛذا ﻟﻧدرة اﻟدراﺳﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾدان وﻣﺎ
ﯾؤﻛد ذﻟك أﻧﻧﺎ ﻟم ﻧﺻﺎدف طﯾﻠﺔ ﺑﺣﺛﻧﺎ ﻋن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣراﺟﻊ وﻟو ﻣؤﻟف واﺣد ﯾﺗﻧﺎول اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻛﻣوﺿوع ﻣﺳﺗﻘل ،ﺑل أﻏﻠب اﻟدراﺳﺎت ﺗﻧﺎوﻟت اﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣوﺿوع.
أﻣﺎ اﻷﻫﻣﯾﺔ ااﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻘل ﺷﺄﻧﺎ ﻋن ﺳﺎﺑﻘﺗﻬﺎ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻧﺣﺎول ﻣن ﺧﻼل
دراﺳﺗﻧﺎ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣﻠول ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﺗﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل أو ﺑﺂﺧر ﻓﻲ ﺗﻔﺎدي اﻟﻧﻘص اﻟﻣﺳﺟل ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺗوى ﻣوﺿوع اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ،
وﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن وطﺄة اﻵﺛﺎر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﻠﻔﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﻣﺣﻛم
واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﻘوﯾض اﻟﻣﺣﻛم ،وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻐرض واﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷودة ﻣن إﻗﺎﻣﺔ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ.
إﻋﺗﻣدﻧﺎ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎ دراﺳﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ
ﺣﯾث وﺿﻔﻧﺎ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑﺷﻛل أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل ٕواﺳﺗﻘراء ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﺗﺧدم ﻣوﺿوع
اﻟﺑﺣث ،وﺑﻣﺎ أﻧﻧﺎ وﺿﻔﻧﺎ ﺑﻌض اﻟﻣواد ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺻري ،وﻛذا اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ اﻹﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﻘﺎرن ﻟﺗﺳﻠﯾط اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط
إﺧﺗﻼف وﺗواﻓق ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن.
ث
اﻟﻣــــﻘـــدﻣـــــــــﺔ
وأﺧﯾ ار ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻧﺎ ﻗﻣﻧﺎ ﺑﺟﻬد أردﻧﺎ ﻣن ﺧﻼﻟﻪ أن ﻧزﯾل اﻟﻐﻣوض واﻹﺑﻬﺎم ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﻧوع ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ظل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
وﻫو ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧؤﻛد أن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣراد اﻟﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ
اﻷوﻟﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟواﻗﻌﻲ ،إذ ﻧﻬدف ﻹﯾﺟﺎد ﺣﻠول ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﻟﻠﺗوﻓﯾق ﺑﯾن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ،وﻣن أﺟل اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ أﻫداﻓﻧﺎ اﻟﻣﺳطرة ﺳﻧﻘﺳم
دراﺳﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻓﺻﻠﯾن ﻧﺧﺻص اﻟﻔﺻل اﻷول ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل
ﺻدور اﻟﺣﻛم ،واﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ.
ج
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻔﺻل اﻷول
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ
ﻣن أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻧﺟد ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﻓﻘد أﺿﺣﻰ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣﺑدأ ﺛﺎﺑﺗﺎ وﻣﺳﺗﻘ ار ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل وﻗد ﻧظﻣت ذﻟك
اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧت ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ،وﻋﻠﻰ ﻏرار اﻷﻣر
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓﺈن أول ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟراﺋﯾﺔ ﯾﻠزم ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺑت ﻓﯾﻬﺎ ،ﻫﻲ اﻟﺗﺄﻛد
ﻣن ﺛﺑوت إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﺑﺧﺻوﺻﻪ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻟﻠﻣﺣﻛم اﻟﺳﻠطﺔ
إﻣﺎ أن ﯾﻌﺎﻟﺟﻪ ﻛﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺑدﺋﯾﺔ ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ وﯾﻔﺻل ﻓﯾﻪ ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ أو أن ﯾﻘرر ﺿﻣﻪ إﻟﻰ ﻣوﺿوع
اﻟﻧزاع.4
ﻓﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺳد طرﯾق اﻟﻐش واﻟﺗﺣﺎﯾل أﻣﺎم اﻟطرف
ﺳﻲء اﻟﻧﯾﺔ واﻟذي ﯾرﻏب ﻓﻲ إﻋﺎﻗﺔ ﺳﯾر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺑرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﻧزاع أﻣﺎم ﻗﺿﺎء
اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ اﻟوﻗت واﻹﺟراءات وﻫذا
ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻟﻛن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻹﻋﺗراف اﻟﺷﺑﻪ اﻟﻛﺎﻣل ﺑﻬذا
اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة إﻻ أﻧﻪ أﺛﺎر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺟدل ،5ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﺣﯾث
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟواﺟب ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻟﻛن ﻗﺑل اﻟﺗﻌرض ﻟﻬذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺻل اﻟﻣﺣﻛم
ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ )اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻧﺎ أوﻻ أن ﻧﻌرض ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص )اﻟﻣﺑﺣث اﻷول(.
4
ﺳﻼﻣﺔ أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ،اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة،
،2006ص.292.
5
أﺳﺎﻣﺔ أﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑو اﻟﻘﻣﺻﺎن ،ﻣدى إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ "دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ" ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزﻫر ،ﻏزة ،2010 ،ص.111.
1
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﻛون أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﺗرف ﻟﻠﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﻣﻣﺎ ﯾؤدي
إﻟﻰ ﺣﻠول ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣﺣل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وﺗﺣل أﺣﻛﺎﻣﻬم ﻣﺣل أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ،وﻧظ ار ﻟطﺑﯾﻌﺔ
ﻋﻣل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺧول ﻋدة ﺳﻠطﺎت ﻟﻠﻣﺣﻛم ،ﻣﻧﻬﺎ ﺳﻠطﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد
ﻣدى إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣطروح أﻣﺎﻣﻪ وﻫو اﻟﻣﻌروف ﺑﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،6واﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺻﻠب ﻣوﺿوﻋﻧﺎ اﻟﯾوم ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺗﺑﯾﺎن ﻣﻘﺻودﻩ
)اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،وﻣن ﺛﻣﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﺑﻬﺎ اﻷﺧذ ﺑﻬذا اﻟﻣﺑدأ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﯾﻌد ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻛل ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ ،ﻓﻌدم
ﺗﺑﻧﻲ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻔﻘد إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺟوﻫرﻩ وﯾﺻﺑﺢ ﻣﺟرد " إﺗﻔﺎق رﺟل ﻣﻬذب" ﺗﺗوﻗف ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ
ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار ﺗﻬذﯾب طرﻓﯾﻪ وﺻدق ﻧواﯾﺎﻫﻣﺎ ٕواﺣﺗراﻣﻬﻣﺎ ﻟﻺﺗﻔﺎق اﻟﻣﺑرم ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وان إﻫدار ﻫذا
اﻟﻣﺑدأ إﻫدار ﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻪ.7
6
ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت،2007 ،
ص.151.
7
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ وطﻧﻲ ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو ،ﯾوﻣﻲ 09 ،08ﻣﺎي
،2013ص.2.
2
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻔرع اﻷول
ﻣﻔﻬوم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص
أوﻻ :ﺗﻌرﯾﻔﻪ
ﻧﺟد أن اﻟﻔﻘﻪ ﻟم ﯾﻌر أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم ﻓﻛرة إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺳﺗﺧدم ﻋﺎدة ﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ذﻟك اﻷﻟﻔﺎظ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﻣﻌروﻓﺔ ﺑـ "
،"kompetenz kompetenzاﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ "ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ أن ﯾﻔﺻل ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻧﻬﺎﺋﻲ
ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ودون اﻟﺧﺿوع إﻟﻰ أﯾﺔ رﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ" ،وﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻣﺧﺗﻠف ﻋن
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟذي ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ أدﺑﯾﺎت اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،وﻣﻊ أن ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺗم
رﻓﺿﻬﺎ ﺳواء ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ أو ﻓﻲ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول ،إﻻ أن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﯾﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ.
ﻧظ ار ﻟﻣﺎ ﯾﺛﯾرﻩ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻣن ﺧﻠط وﻟﺑس ،ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ إﻟﻰ
ﺗﺣﺎﺷﻲ إﺳﺗﺧدام ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ٕواﺳﺗﺧدام ﻣﺻطﻠﺢ آﺧر أﻻ وﻫو "-competence
"competenceاﻟذي ﻟﻪ ﻣﻔﻬوم ﻣﻐﺎﯾر إذ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺻﻔﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺧﺿوﻋﻪ ﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ وﻫذا ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺳوﯾﺳري8؛
ﻧﻌﻧﻲ ﺑﻪ أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺣدد إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻓﻠﻠﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺛﺑوت
إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﺑﺧﺻوﺻﻪ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈذا إﻋﺗﺑر اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن أﻧﻔﺳﻬم
ﻣﺧﺗﺻﯾن ﺗﺎﺑﻌوا اﻟﻧظر ﺑﺎﻟدﻋوى ﺑدون إﻧﺗظﺎر دﻋوى إﺑطﺎل ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘﺎم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء
اﻟوطﻧﻲٕ ،واﻻ أﻋﻠﻧوا ﻋدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻬم ورﻓﻌوا أﯾدﯾﻬم ﻋن اﻟدﻋوى ،ﺑل وأﻛﺛر ﻣن ﻫذا ﻓﺈن ﻣﺑدأ
اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﯾﺧول ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺎﻷوﻟﯾﺔ.9
8
ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،..اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.152.
9
اﻷﺣدب ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد" ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم" ،اﻟﻛﺗﺎب اﻷول "اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺑﻠدان اﻟﻌرﺑﯾﺔ" ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت،
ﻟﺑﻧﺎن ،2008 ،ص.254.
3
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
إن أﻫم اﻟﻣﺻﺎدر ﻫﻲ اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻧﺟد إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف ﻟﺳﻧﺔ 1961اﻟﺗﻲ ﻧﺻت
ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة 3ﻣن اﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ " :ﻣﻊ
اﻟﺗﺣﻔظ ﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﻣﺣددة ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﺑﺻﻼﺣﯾﺗﻪ أﻻ ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ ،وﻫو ﻟﻪ اﻟﺣق ﺑﺈﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺎﺳب
ﺑﺻدد ﺗﻠك اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ﻛذﻟك ﺑﺻدد وﺟود وﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو اﻟﻌﻘد اﻟذي ﺗﺷﻛل
اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟزءا ﻣﻧﻪ".11
وﻻ ﺗﻘل ﻋﻧﻪ أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﺳﻧﺔ
،1985ﻓﻘد ﻧص ﻋﻠﯾﻪ أﯾﺿﺎ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 16اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ أﻧﻪ " :ﯾﺟوز ﻟﻬﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺑت ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑت ﻓﻲ أي إﻋﺗراﺿﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑوﺟود إﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﺻﺣﺗﻪ ،وﻟﻬذا اﻟﻐرض ﯾﻧظر إﻟﻰ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي ﯾﺷﻛل ﺟزءا ﻣن ﻋﻘد ﻛﻣﺎ ﻟو
ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن ﺷروط اﻟﻌﻘد اﻷﺧرى ،وأي ﻗرار ﯾﺻدر ﻣن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻘد ﻻ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﻧون ﺑطﻼن ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم".12
10
ﺣدادن طﺎﻫر ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو ،2012 ،ص.29.
11
اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣﻌﻘودة ﻓﻲ ﺟﻧﯾف 21ﻧﯾﺳﺎن www.drmmahran.com 1961
12
ﻗﺎﻧون اﻷوﻧﺳﯾﺗرال ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻌﺎم 1985ﻣﻊ اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ إﻋﺗﻣدت ﺳﻧﺔ www.uncitral.org 2006
4
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻣن ﺛﻣﺔ ﻧﺟد ﻣﻌﺎﻫدة واﺷﻧطن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻹﺳﺗﺛﻣﺎرات ﺑﯾن
اﻟدول وﺑﯾن رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى ،ﻗد ﺧوﻟت ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أن ﺗﻧظر ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻣن
ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾطﻠب أﺣد اﻷطراف ذﻟك ،وﺑذﻟك ﯾﻛون ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،13وﻫذا ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 41ﻣﻧﻪ ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ:
" إن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ".14
ﺑﯾﻧت اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺄن أي إﻋﺗراض ﻣن ﺟﺎﻧب أﺣد اﻷطراف ﺑﺄن اﻟﻧزاع ﻻ ﯾدﺧل ﺿﻣن
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻣرﻛز ،أو ﻷي أﺳﺑﺎب أﺧرى ﺗم إﺛﺎرﺗﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻷطراف ،ﻓﺈن
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻹﻋﺗراﺿﺎت ،وﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ
ﻣن ﻗﺑل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺈﺣدى اﻟطرﯾﻘﺗﯾن:
اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻹﻋﺗراﺿﺎت ﺑﺿﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،وﻟم ﯾرد
ﺿﻣن اﻟﻧص ﺟواز اﻟطﻌن ﻋﻠﻰ ﻗرار ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺑﻌد أن ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻹﻋﺗراﺿﺎت ﻣن
ﻋدﻣﻪ.15
أﻣﺎ ﻣﻌﺎﻫدة ﻧﯾوﯾورك اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﺑـ 5ﺟوان 1958ﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﻌرض ﻟﻣﺑدأ
اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،وﻟﻌل ﻫذا اﻹﻏﻔﺎل ﻣن ﺟﺎﻧﺑﻬﺎ ﻣﺑﻌﺛﻪ اﻟﻬدف اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻣن ﻫذﻩ
اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ وﻫو اﻹﻋﺗراف ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ،16إﻻ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن إﺳﺗﻧﺗﺎﺟﻪ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻣن ﻧص
اﻟﻣﺎدة 3/2ﻣن اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻣذﻛورة ﻟﻺﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﺣﯾث ﺟﺎء
13
أﺳﺎﻣﺔ أﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑو اﻟﻘﻣﺻﺎن ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.136.
14
إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻹﺳﺗﺛﻣﺎرات ﺑﯾن اﻟدول وﺑﯾن رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى:
www.egyiac.org
15
أﺳﺎﻣﺔ أﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑو اﻟﻘﻣﺻﺎن ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.13.
16
ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﺷﺄن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ،ﻣﺻر ،2001 ،ص.128.
5
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻓﯾﻬﺎ " :ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة اﻟﺗﻲ ﯾطرح أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻧزاع ﺣول ﻣوﺿوع ﻛﺎن ﻣﺣل إﺗﻔﺎق
ﻣن اﻷطراف ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟوارد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أن ﺗﺣﯾل اﻟﺧﺻوم ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب أﺣدﻫم إﻟﻰ
اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﻫذا اﻹﺗﻔﺎق ﺑﺎطل أو ﻻ أﺛر ﻟﻪ أو ﻏﯾر ﻗﺎﺑل
ﻟﺗطﺑﯾق".17
وﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌد اﻟﻣﻌﺎﻫدات واﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻛﺄﺣد ﻣﺻﺎدر
ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،وذﻟك ﻣن أﺟل زﯾﺎدة ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺑدﯾل ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑوﺟﻪ ﺧﺎص ،ﺑﺗﻘﻠﯾص اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ ﻋرﻗﻠﺔ ﺳﯾر
ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺳﺑب إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم.
وﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻧﺟد ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994وذﻟك ﻓﻲ
ﻧص اﻟﻣﺎدة 1/22ﺑﻧﺻﻬﺎ " :ﺗﻔﺻل ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻣﺎ
ﻓﻲ ذﻟك اﻟدﻓوع اﻟﻣﺑﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود إﺗﻔﺎق ﺗﺣﻛﯾم أو ﺳﻘوطﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ أو ﻋدم ﺷﻣوﻟﻪ
ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ".19
17
إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺈﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﯾوﯾورك ﺑﺗﺎرﯾﺦ -06-10
www.uncitral.org .1958
18
ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﺷﺄن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.129.
19
ﻗﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994ﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري اﻟﻣﻧﺷور ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ إﺗﺣﺎد اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت
واﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻋدد 4ﻟﺳﻧﺔ .1996ص 240.وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ.
6
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻛذﻟك ﻧﺟد ﺗﺷرﯾﻌﺎت أﺧرى ﺗﺑﻧت ﻧﻔس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧﺻوﺻﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳوﯾﺳري
ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 17ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص اﻟﺟدﯾد وﻧﻔس اﻹﺗﺟﺎﻩ إﺗﺧذﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺣﯾث
أﻗر ﺑﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1448ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ
ﺻﯾﻐﺗﻪ اﻟﺟدﯾدة.20
ﻓﺈن اﻟﻧص ﯾؤﻛد ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﺳواء ﻣن ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﺳﻠﺑﻲ أو اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ،
ﻛﻣﺎ ﻧﺟد ﻫذا اﻷﺧﯾر أﻛﺛر وﺿوﺣﺎ وﺻراﺣﺔ ﻣن اﻟﻧص اﻟﻘدﯾم ﻟذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻌﺎرض أﺣدﻫم
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،ﯾﻛون ﻟﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة اﻟﺑت ﻓﻲ اﻹﻋﺗراض ﺑﺎﻷوﻟوﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ
ﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ اﻹﻣﺗﻧﺎع ﻋن ذﻟك.21
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻧﺟد أﻧﻪ ﻛرس ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ
اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ) 09-93اﻟﻣﻠﻐﻰ( ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 7واﻟﺗﻲ ﯾﻘﺎﺑﻠﻬﺎ اﻟﻣﺎدة 1044
ﻣن اﻟﻘﺎﻧون 09-08اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﻧﺻﻬﺎ " :ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﯾﺟب إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل أي دﻓﺎع ﻓﻲ
اﻟﻣوﺿوع" ،22وﻗد رﻓﺿت اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻧزاﻋﺎت ﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻛﺎﻧت ﻣﺷﻣوﻟﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻛرﺳﺎ ﺑذﻟك ﺿﻣﻧﯾﺎ ﻣﺑدأ إﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص.23
وﻛﺂﺧر اﻟﻣﺻﺎدر اﻟذي ﺗﻧﺎول ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻫو ﻟواﺋﺢ اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ ﻻﺋﺣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري ﻟﺳﻧﺔ 1976
20
Decrét n 2011- 48 du 13 janvier- 2011, Portant réforme de l’arbitrage applicable en
matière d’arbitrage internationale. journal officielle n 0011 du 14 janvier 2011 page.777.
21
GAILLARD Emmanuel, DELAPPASE Pierre, le nouveau droit français de l’arbitrage
interne et international, Dalloz, 2011, p. 179.
22ﻣرﺳوم ﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 09/93ﻣؤرخ ﻓﻲ 23أﻓرﯾل 1993ﻣﻌدل و ﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر رﻗم 154/66اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ -06-08
1966اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ )ﻣﻠﻐﻰ(.
23
TRARI TANI Mostafa, Droit Algerien de l’arbitrage commercial international, BERTI
édition, Alger, 2007, p.109.
7
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :ﯾﺟوز ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك
اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑوﺟود أو ﺻﺣﺔ ﺷرط أو إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺗﺧﺗص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ
وﺟود أو ﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﻌد ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺟزءا ﻣﻧﻪ".24
ﻛﻣﺎ ﺳﺎرت ﻓﻲ ﻧﻔس اﻹﺗﺟﺎﻩ ﻻﺋﺣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﺎ ﻟدى ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ
ﺑﺑﺎرﯾس ،أﯾن ﻧﺻت ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة 3و 4ﻣن اﻟﻣﺎدة 8ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :إذا أﺛﺎر أﺣد اﻷطراف
دﻓﻊ أو ﻋدة دﻓوع ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑوﺟود أو ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟداﺋﻣﺔ ﻟدى اﻟﻐرﻓﺔ -
ﺑﻌد اﻟﺗﺄﻛد ﻷول وﻫﻠﺔ ﻣن وﺟود ﻫذا اﻹﺗﻔﺎق -أن ﺗﻘرر أن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﯾﺗم ،وذﻟك ﺑدون اﻟﻣﺳﺎس
ﺑﻘﺑول ﻫذﻩ اﻟدﻓوع أو ﺻﺣﺗﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈن ﻣن ﺣق اﻟﻣﺣﻛم وﺣدﻩ ،إﺗﺧﺎذ أي ﻗرار
ﺑﺷﺄن إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻣﺎ ﻟم ﯾوﺟد إﺗﻔﺎق ﻣﺧﺎﻟف ﻣن ﻗﺑل اﻷطراف ،ﻓﺈن اﻹدﻋﺎء ﺑﺑطﻼن أو ﻋدم
وﺟود اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺎ ارﺗﺄى ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﯾظل
اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺧﺗﺻﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم وﺟود اﻟﻌﻘد أو ﺑطﻼﻧﻪ ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ
ﻟﻸطراف واﻟﻔﺻل ﻓﻲ إدﻋﺎءاﺗﻬم وطﻠﺑﺎﺗﻬم.25
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
أﺳﺎس ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
24
Règlement d’arbitrage de la CNUDCI, www.uncitral.org
25
Règlement d’arbitrage, www. Iccwbo.org
8
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺣد ذاﺗﻪ )ﺛﺎﻧﯾﺎ( ،واﻹﺗﺟﺎﻩ اﻷﺧﯾر ﯾﺟد
ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻷﺳﺎس اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ )ﺛﺎﻟﺛﺎ( ،ﻟذا ﺳﻧﺳﺗﻌرض ﻫذﻩ اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت ﻟﻧرى ﻓﻲ
اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ أي ﻣﻧﻬﺎ ﻫو اﻷﺟدر ﺑﺎﻹﺗﺑﺎع.26
إن اﻟﺗﺟﺳﯾد اﻟﺷﺑﻪ اﻟﻛﻠﻲ ﻟﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ أدى إﻟﻰ
اﻹﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت ﻟﺗﻔﺳﯾر وﺗﺄﺳﯾس ﺣﻠول ﺗﺧرج ﻋﻧﻪ وﻋن ﻣﺿﻣوﻧﻪ اﻷوﻟﻲ،
وﯾﺗﺣﻘق ﻫذا اﻟوﺿﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺑدأ "اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص".27
إذ ﻻ ﻧﺟد اﺧﺗﻼف ﻋﻠﻰ ﻣﺗﺎﻧﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺳﺗﻘﻼل إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣﺳﺄﻟﺔ
إﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻧظر ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وأن ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣﻼزم ﻟﻶﺧر ،و ﻫذا ﻣﺎ
أذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﯾﺟد أﺳﺎﺳﻪ ﻓﻲ ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼل إﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،وأن ﻗﺎﻋدة اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻣﺗﻔرﻋﺔ ﻋن ﻣﺑدأ اﻹﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ،وأﻧﻪ ﻣﺳﺗﻣد
ﻓﻲ وﺟودﻩ ﻣن ﻫذا اﻷﺧﯾر ٕواﻧﻌﻛﺎس ﻟﻪ ،وأن ﻣﺑدأ اﻹﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻫو اﻷﺳﺎس واﻟﻣرﺟﻊ اﻟذي
إﺳﺗﻣدت ﻣﻧﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﺎت إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل
إﺑﻌﺎد إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن أﯾﺔ ﻋﯾوب ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻗد ﺗﻠﺣق ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ وﻣﻧﺣﻪ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻋن ﻫذا
اﻟﻌﻘدٕ ،واﻧطﻼﻗﺎ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻌﻣل ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻹﻋﺗراف ﻟﻬﺎ ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﺑت ﺑوﺟود
وﺻﺣﺔ وﻻﯾﺗﻬﺎ ،وأﻧﻪ ﻟوﻻ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟﻧظر
ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ.28
26
ﺣدادن طﺎﻫر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص30.
27
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ) دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 93-09واﻟﻘﺎﻧون
اﻟﻣﻘﺎرن( ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،2004 ،ص.
.144
28
ﺳﻼﻣﺔ أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.476.
9
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻓﺈن ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧظر واﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣدى ﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻣﻊ إﺣﺗﻣﺎل ﺗﻘرﯾر
ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ ،ﺗﻔﺗرض اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺈﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،إﻻ
أن ﻫذﻩ اﻹﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﻛﻔﻲ ﻟوﺣدﻫﺎ ﻟﺗﺄﺳﯾس وﺗﻔﺳﯾر ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻪ ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﺑذﻟك ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﻓﺈذا ﻛﺎن
ﻫﺎذﯾن اﻟﻣﺑدأﯾن ﯾﻠﺗﻘﯾﺎن ﺑﺈﻋﺗﺑﺎر ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻠﻐﻲ وﯾﺳﺗﺑﻌد أي ﺗﺄﺛﯾر ﻣﺑﺎﺷر
ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻹﺗﻔﺎق ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻗد أﺻﺎﺑﻪ
اﻟﺑطﻼن أو اﻹﻧﻘﺿﺎء أﯾﺎ ﻛﺎن ﺳﺑﺑﻪ وطﺑﯾﻌﺗﻪ ،ﻛذﻟك ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
إﻧﻛﺎر إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣﺳﻧد ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘد ﻣﺣل اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ.29
ﻟﻛن وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﻗوة اﻟﺻﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺑدأﯾن ،إذ ﯾﻬدﻓﺎن إﻟﻰ ﺿﻣﺎن أﻛﺑر ﻗدر ﻣﻣﻛن
ﻣن اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،إﻻ أن واﻗﻊ اﻟﺣﺎل ﯾﺑﯾن أن ﻣﺑدأ إﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﯾس
ﺷﻘﺎ أو ﻗرﯾﻧﺎ ﻟﻘﺎﻋدة إﺳﺗﻘﻼل إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻬﻣﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن وﻻ ﯾﻠﺗﻘﯾﺎن إﻻ ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ.30
أﻣﺎ اﻹﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣﺑدأﯾن ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض ،ﻓﯾﺗرﻛز ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ وﻧوع ﺗﻠك
اﻟﻌﻼﻗﺔ ،وﻋﻠﻰ اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﯾﻬﺎ ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ واﻟﺗﻲ ﻣن أﻫﻣﻬﺎ ،أن ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾذﻫب إﻟﻰ ﻣدى أﺑﻌد ﻣن ذﻟك اﻟذي ﯾذﻫب إﻟﯾﻪ ﻣﺑدأ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻓﺎﻷول ﯾﻔﺳر ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء أو ﺗﻘرﯾر ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ
اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ وﻋدم ﺗرﺗﯾﺑﻪ ﻷي أﺛر وذﻟك دون أن ﯾذﻫب إﻟﻰ أن ﻋدم اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﯾﻣﺗد إﻟﻰ إﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم وﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻪ ان ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻋدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن إﺳﺗﻧﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ
إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﻓﺻﻠﻪ ﻓﯾﻬﺎ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ " اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص" ،أي أن ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﺗﻔﺳﯾر أو ﺗﺑرﯾر إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أن ﯾﺿل اﻟﻣﺣﻛم
29
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.115.
30
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.115.
أﻧﺿر ﻛذاﻟك :ﺑردان إﯾﺎد ﻣﺣﻣود ،اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت ،2004 ،ص.456.
10
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻣﺗﻣﺗﻌﺎ ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻋدم ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻘد اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﻬذﻩ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﺗﺗرﺗب ﻓﻘط ﻋﻠﻰ
ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ.
ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾذﻫب ﻓﻲ
ﻣﺳﺎﺋل أﺧرى إﻟﻰ ﻣدى أﺑﻌد ﻣن ذﻟك اﻟذي ﯾذﻫب إﻟﯾﻪ ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺗﻘرﯾر
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻣﺳك أﺣد اﻷطراف ﺑﺄﺣد
أﺳﺑﺎب اﻹﻧﻘﺿﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺻﯾب إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ) أي اﻹﻧﺗﻘﺎدات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗوﺟﻪ ﻣن أﺣد
اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻟﯾس إﻟﻰ اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،وﻟﻛن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر( ،واﻟﺗﻲ
ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أوﺳﻊ ﻣن ﻧطﺎق ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.31
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛل ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻣﺑدأﯾن ﯾﺧﺗﻠﻔﺎن ﻣن ﺣﯾث اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،إذ أن ﻣﺑدأ اﻹﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
ﻣﺑدأ ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑوﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﯾرﻛز ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺎس ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗم اﻟطﻌن
ﺑوﺟود اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ أو ﺑﺻﺣﺗﻪ ،وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺑطﻼﻧﻪ ﻣن آﺛﺎر أﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻬو ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺳﻠطﺔ ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺑت ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ،
ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن ﺳﺑب اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ،وﻗد ﺟﺎء ﺗرﻛﯾز ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻋﻠﻰ ﺗوﺳﯾﻊ
ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟراﺋﯾﺔ ،32وﻫذا ﺑدﻟﯾل أن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻣﺑدأ
اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺗﺛﺎر ﻓﻲ وﻗت ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺳﺗﻘﻼل إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن
ﻋدﻣﻪ ،ﺣﯾث ﺗﻘوم ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑداﯾﺔ وﻗﺑل أن ﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟطﻌون
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻛﺎﻟدﻓﻊ ﺑﺑطﻼن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺳﻘوطﻪ أو إﻧﻬﺎﺋﻪ ،أي ﻗﺑل اﻟﻧظر
ﻓﻲ إﺗﺻﺎل أو إﺳﺗﻘﻼل إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺳﺎﺳﻲ.33
31
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.115.
32
ﺑردان إﯾﺎد ﻣﺣﻣود ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.463.
33
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.464.
11
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
وﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟراﺑطﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺑدأﯾن ،ﯾﻣﻛن وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ راﺑطﺔ ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ ﺣﯾث أن ﻛل
ﻣﺑدأ ﯾﻛﻣل اﻵﺧر ،وﻻ ﯾﻣﻛن ﻷي ﻣﺑدأ ﺑﻣﻔردﻩ أن ﯾﺣﻘق اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﻧظﺎم
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻲ ظل ﻫﺎذﯾن اﻟﻣﺑدأﯾن ﻣﻌﺎ ،وﻣن ﻛل ﻫذا ﯾﺗﺿﺢ ﻫدف اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﺣرص
ﻋﻠﻰ إﯾﺿﺎح أن اﻟﻣﺑدأﯾن ﻻ ﯾﻠﺗﻘﯾﺎن إﻻ ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ وﻫو ﻣﺎ ﯾدﻋو إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﻔﺻل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ
ﺑﻌﻧﺎﯾﺔ ﺷدﯾدة ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ أﺷرﻧﺎ إﻟﯾﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ.34
ﻧﺿ ار ﻟﻌدم ﻗدرة اﻟﻣﺣﻛم أن ﯾﺳﺗﻣد اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﻣﺑدأ إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻋﻣل اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد أﺳﺎس آﺧر ﯾﺄﺳس ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺑدأ "اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص" ،ﺣﯾث ﻧﺟد أن ﻫﻧﺎك ﻣﻧﻬم ﻣن ﯾرى أن ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﯾﺳﺗﻧد
إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻬذا اﻷﺧﯾر ﯾﺳﺣب اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﯾﺳﻧدﻩ إﻟﻰ اﻟﻬﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ وﻣن ﺛﻣﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺈﺣﺗرام إرادة اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﺣدود اﻟﻣﻧﺿﻣﺔ ﻓﻲ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﯾﺳﺗﻧد ﻫذا اﻷﺧﯾر إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﺗﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ" :اﻟﻌﻘد ﺷرﯾﻌﺔ
اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن" ،واﻟﺗﻲ ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻘوة اﻟﻣﻠزﻣﺔ ،إﻻ أن رد أﺳﺎس ﻣﺑدأ
اﻹﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻧﻔﺳﻪ ﺳﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻏﯾر ﻣﻧطﻘﯾﺔ ،ﻓﻣن اﻟﻣﻌروف ان ﻣﺑدأ
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﺧول ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻹﺳﺗﻣرار ﻓﻲ أداء
ﻣﻬﻣﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ إذا ﺗم إﻧﻛﺎر وﺟود وﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻪ ﻣن ﻗﺑل أﺣد اﻷطراف وﻷﺳﺑﺎب
ﺗﺗﻌﻠق ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﻣﺷﺎرطﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻟﯾس ﻓﻘط ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺗﻲ ﯾﻛون اﻷﻣر
ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﺣﺗﻣﺎل ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ.35
34
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.116.
35
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.4.
12
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻛون ﻓﻛرة اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻟم ﯾﻘدﻣﺎ أﺳﺎﺳﺎ ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟﺗﻘرﯾر ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺗﺻدي
ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،إﺳﺗﻘر اﻟرأي اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ذو
أﺳﺎس ﺗﺷرﯾﻌﻲ ،أي أﺳﺎﺳﻪ ﻫو اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﻛرﺳﻪ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻓﻲ
ﻗواﻧﯾن اﻟدول اﻷﺧرى اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻋرض ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدر ﻣن اﻟﻣﺣﻛم ،و اﻟذي ﯾﻔﺻل ﻓﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎص ﻫذا اﻷﺧﯾر ،ﻟﻺﻋﺗراف ﺑﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﺎﻛﻣﻬﺎ.36
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛم
ﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺣﻛم أﻫﻣﯾﺔ ﻗﺻوى ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻛﯾﯾف ﻣن
آﺛﺎر ،وﻣن أﻫم ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر أن اﻷﺣﻛﺎم وﺣدﻫﺎ دون ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺻدر
ﻋن اﻟﻣﺣﻛم ،ﺗﻛون ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟطرق اﻟﻣﻘررة ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،وأﻫﻣﻬﺎ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟطﻼن ،وأﯾﺿﺎ
إن ﻟم ﺗﻛن أﺣﻛﺎﻣﺎ ﻓﻼ ﺗﺳري ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗواﻋد اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻹﻋﺗراف وﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم
اﻟﺗﺣﻛﯾم.
إذ ﻧﺟد أن اﻟﻔﻘﻪ ﻗد اﻧﻘﺳم إﻟﻰ إﺗﺟﺎﻫﯾن ،ﯾذﻫب اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻷول ﻟﺗﺑﻧﻲ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻣوﺳﻌﺎ ،أي
اﻧﻪ ﯾوﺳﻊ ﻣن ﻧطﺎق ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﺷﻣل ﻟﯾس ﻓﻘط اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻛﻠﻲ ﺑل وأﯾﺿﺎ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ أﺣد ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﺑﺷﻛل ﺟزﺋﻲ،
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻧﺎدي اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺗﺿﯾﯾق ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر أن اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﺗﻰ ﺗﻠك اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ طﻠب ﻣﺣدد ﻻ ﺗﻌد
أﺣﻛﺎﻣﺎ ﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ إﻻ إذا أﻧﻬت ﺑﺷﻛل ﻛﻠﻲ أو ﺟزﺋﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.37
36
ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.31.
37
ﻓوزي ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻷردن ،2010 ،ص.304.
13
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟم ﺗﺿﻊ ﺗﻛﯾﯾﻔﺎ ﻟﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أو ﻋدﻣﻪ ،ﺑرﻏم
ﻣن أن اﻟﻣوﺿوع ذو أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟذي أﻋدﺗﻪ ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم
اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟم ﯾﺿﻊ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻣﺣددا ﺑل اﻗﺗرح اﻟﺗﻌرﯾف اﻵﺗﻲ":ﻫو ﻛل ﺣﻛم
ﻗطﻌﻲ ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وأﯾﺿﺎ ﻛل ﻗرار آﺧر
ﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻔﺻل ﺑﺷﻛل ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع أﯾﺎﻣﺎ ﻛﺎﻧت
طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ أو اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو أي ﻣﺳﺄﻟﺔ أﺧرى ﺗﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻹﺟراءات ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧﯾر ،ﯾﻌد ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎ ﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺎ ﻓﻘط إذا ﻗﺎﻣت
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻛذﻟك ".38
وﺗرﺗﯾﺑﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎن اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻏﯾر ﺧﺻوﻣﺔ ،ﻻ ﺗﻌﺗﺑر
أﺣﻛﺎﻣﺎ ﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﻧﻲ اﻟدﻗﯾق ﻟﻬذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ،ﻛﺎﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗﺣدﯾد زﻣﺎن وﻣﻛﺎن إﻧﻌﻘﺎد ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو ﺗﺄﺟﯾل ﻧظر اﻟدﻋوى
ﻟﻺطﻼع واﻹﺳﺗﻌداد ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻌد أﺣﻛﺎﻣﺎ ﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﺈن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻻ ﺗﺳﺗﻧﻔذ ﺑﻬﺎ
وﻻﯾﺗﻬﺎ ،ﻛذﻟك ﻓﺈن اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻬدف إﻋداد اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻣﺛل ﻗرار ﺑﻧدب ﺧﺑﯾر أو
ﺑﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻣﻛﺎن أو ﺳﻣﺎع ﺷﻬود ﻛﻠﻬﺎ ﻗ اررات ﺗﺳﺗﻧﻔذ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻻﯾﺗﻬﺎ ،واﺳﺗﻠﻬﺎﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻘدم
ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺣﻛم واﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﺷﻛل
ﻗطﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم ﺳواء ﻛﺎﻧت أﺣﻛﺎﻣﺎ ﻛﻠﯾﺔ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻛﻛل أم أﺣﻛﺎﻣﺎ ﺟزﺋﯾﺔ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﺷق ﻣﻧﻬﺎ ،ﺳواء ﺗﻌﻠﻘت ﻫذﻩ اﻟﻘ اررات ﺑﻣوﺿوع
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ذاﺗﻬﺎ أو ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.39
38
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟذي أﻋدﺗﻪ ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة www.uncitral.org
39
ﻓوزي ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.304.
14
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
آﺛﺎر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﻣﺎ أن ﻣﺑدأ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﺑﻣدى إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﻌﺗرف
ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟدوﻟﻲ وﻛرﺳﺗﻪ أﻏﻠب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ ،ﻓﻼ ﺑد ﻟﻧﺎ ﻣن
اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﺟﻬﺎ ،إذ ﯾﻧطوي ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﯾن :ﺟﺎﻧب اﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﻬدف
إﻟﻰ اﻹﻋﺗراف ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﺟﺎﻧب ﺳﻠﺑﻲ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟوطﻧﻲ ﻣن اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺣﺗﻰ ﯾﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻷوﻟوﯾﺔ.40
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟﺟــــﺎﻧــب اﻹﯾــــﺟــﺎﺑـــﻲ
وﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺣﻛم أن ﯾﻌﻠن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺣﻛم ﺗﻣﻬﯾدي أو ﯾؤﺟﻠﻪ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﺧﺻوص اﻟﻧزاع ،وﻗد ﻓرﺿت ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت أن ﯾﻔﺻل اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻛﻣﺳﺄﻟﺔ أوﻟﯾﺔ ﯾﺟب ﺣﺳﻣﻬﺎ ﻓﻲ وﻗت ﻣﺑﻛر ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ،وﻧﺟد أن
40
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.2.
41
ﺑﻠﻐول دﻧﯾﺎزاد ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻸﻣم
اﻟﻣﺗﺣدة( ،ﻣذﻛرة اﻟﺗﺧرج ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،ص.25.
15
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣﻛرس ﻓﻲ ﺟ ّل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوطﻧﯾﺔ واﻹﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻛس اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺧﺎص
ﺑﺎﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ.42
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﺟــــــــﺎﻧــــــب اﻟﺳــﻠــﺑــﻲ
ﻫﻧﺎك ﺷق ﺛﺎﻧﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،وﻫو اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر
اﻟذي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ذﻟك ﻣن
طرف اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺑﺎﻷوﻟوﯾﺔ ،43أي أن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﯾﺧص ﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ ،إذ ﯾﻣﺗد
اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ اﻟﺧﺎص ﺑﺄﺛر إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،و ﯾﺣظر ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻧزاع أﺑرم
ﺑﺷﺄﻧﻪ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو ﺣﺗﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ وﺟود أو ﺻﻼﺣﯾﺔ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗﺑل أن ﯾﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن ،ﻛﻣﺎ ﻧﺟد أن ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻊ أو ﻟﯾس ﺑﻌد
ﺑﺎﻟﺗﻛرﯾس اﻟذي ﺣظﻲ ﺑﻪ اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ.44
ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﻫذا اﻷﺛر ﻣؤﺷر ﻫﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ درﺟﺔ اﻹﻧﺧراط ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺷﺟﯾﻌﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل ﺣل
45
ﻓﻘد ﻛرس اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻋﺎت ﻓﻬو ﯾﺷﻛل إﻟﻰ ﺣد اﻟﺳﺎﻋﺔ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻓرﻧﺳﯾﺔ
ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ ﻋﻧد وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺣﺳب ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻛون اﻟﻘﺿﺎء
اﻟﻌﺎدي ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﺑﻧظر اﻟﻧزاع ﺳواء ﺗم رﻓﻊ اﻟﻧزاع أﻣﺎم اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،أم ﻟم ﯾﺗم ذﻟك
وﻫذا ﻫو اﻷﺻل اﻟذي ﺟﺎءت ﺑﻪ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ،ﻟﻛن طﺑﻌﺎ ﻻ ﺑد ﻣن وﺟود إﺳﺗﺛﻧﺎء وﻫو
42
ﺑﻠﻐول دﻧﯾﺎزاد ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.ص.25 ،26.
43
ﻣﺣﻣد ﻛوﻻ ،ﺗطور اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي ،اﻟﺟزاﺋر ،2008 ،ص.132.
44
Gaillard(e), "L’effet négatif de la compétence-compétence ,in études de procédure et
d’arbitrage en l’honneur de Jean-Françoispoudret,Laisanne1999,p189,consultable sur le
site :www.shearman.com.
45
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.2.
16
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑطﻼن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺣﺎﻟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟدوﻟﻲ
أو ﻋدم أﻫﻠﯾﺔ أﺣد اﻷطراف أو ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻧزاع ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم وأﯾﺿﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ اﻟﺗدﺧل ﻣن أﺟل
46
وﻗد أﻛد اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻓﻲ ﻋدة ﺿﻣﺎن اﻟﺳﯾر اﻟﺣﺳن ﻟﻠﻬﯾﺋﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم
ﻣﻧﺎﺳﺑﺎت ،ﺣﯾث أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻣﻧﺣت أوﻟوﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﻟﻠﻣﺣﻛم ،أي أﻧﻪ ﺣﺗﻰ ٕوان ﻟم ﯾﺗم ﺗﺷﻛﯾل ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻌد ،ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻣوﻗف
ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻋﻼن ﻋن ﻋدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻟﯾﺳت ﻗﺎﻋدة أﺳﺑﻘﯾﺔ ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ
اﻟﻘﺿﺎء اﻟذي ﯾﺗﺻل ﺑﻪ اﻟﻧزاع أوﻻ ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﺎﻋدة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣﻘرر ﻟﻘﺿﺎء اﻟﺗﺣﻛﯾم داﺋﻣﺎ ﻻ
ﯾﺟوز ﻟﻐﯾرﻩ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ ،و ﻗد أﻛدت اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﻐزى ﺣﯾﻧﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 3/6
ﻋﻠﻰ إﻟزام ﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﺑوﻗف اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﺗﻰ
ﺗﺻدر اﻷﺧﯾرة ﻗرارﻫﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن.47
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
ﻣـــوﻗـــف اﻟﻣـــﺷـــــرع اﻟﺟــزاﺋـــري
ﺑﺈﻧﺿﻣﺎم اﻟﺟزاﺋر إﻟﻰ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﺳﻧﺔ ،1958ﺗﻛون ﻗد إﻋﺗﻣدت اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﻣﻛرﺳﺔ واﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺣﺎ ،وﻫﻲ ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ
أﺻﻼ ،ﻓﻣﺎ ﻣﺿﻣون ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري؟ ﻟذا ﺳوف ﻧﺑﯾن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻷﺛر اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﺛم ﻣن اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ.
46
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.7
47
ﺑوﻟﺣﯾﺔ ﺳﻌﺎد ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺄﺳﻠوب ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع ﻗﺎﻧون
اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة اﻟﺟزاﺋر ،2008 ،ص.96
17
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
أوﻻ:اﻟﺟـــــــــــــــــــــﺎﻧـــــــــــب اﻹﯾﺟــــــــــــــــــــــــﺎﺑﻲ
ﻛﻣﺎ ﺳﺑق ﺗﺑﯾﺎﻧﻪ ﻓﻬو إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظر ﻣدى إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وﻫذا
ﺑﻣوﺟب إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺑرم ﺑﯾن اﻷطراف وﻗد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 1044ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ" :ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﯾﺟب إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ
ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل أي دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻘرار
أوﻟﻲ ،إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع".48
ﻓﻣﻧذ أن إﻋﺗﻣدت اﻟﺟزاﺋر ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟم ﺗﻌد ﺗﺗذرع ﺑﺎﻟﺣﺻﺎﻧﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أو اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻻ ﺑﻔﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة ﺑل أﺻﺑﺣت ﺗﻔﺿل ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ
اﻟوطﻧﻲ ،وﺑﻣﺎ أن إﻋطﺎء إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻫو ﻣﺑدأ ﻣﻌﺗﻣد وﻣﻛرس ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون اﻹﺗﻔﺎﻗﻲ اﻟدوﻟﻲ ﻣﻧذ زﻣن ،ﺟﻌل اﻟﺟزاﺋر ﺗﻛرﺳﻪ ﻓﻲ أﻧظﻣﺗﻬﺎ ﻛﻣﺎ دﻋﻣﺗﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل.49
ﺛــﺎﻧﯾﺎ:اﻟﺟـــــﺎﻧـب اﻟﺳــﻠﺑـﻲ
48
ﻗﺎﻧون رﻗم 09-08ﻣؤرخ ﻓﻲ -25ﻓﯾﻔري ،2008اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻋدد
.21
49
ﻣﺣﻣد ﻛوﻻ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.136.
50
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.9.
18
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻓﻬذا ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،إذ أﻧﻪ
ﻛرس اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ،1044وﻻ وﺟود ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻌدﯾل اﻟﺟدﯾد ،ﺑل
ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﺳﻧﺔ 1993ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 1/8ﻋﻠﻰ أﻧﻪ"ﺗﻛون
دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻓﻊ أﺣد اﻷطراف دﻋوى أﻣﺎم اﻟﺣﻛم أو اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟﻣﻌﯾﻧﯾن ﻓﻲ
إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑﺎﺷر أﺣد اﻷطراف إﺟراء ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻏﯾﺎب ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺗﻌﯾﯾن ،ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻣﻌﻠﻘﺔ" ،ﻓﻌﻛس اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟم ﯾﻛن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء
اﻟوطﻧﻲ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻔﻬم ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﺣد اﻹﺟراﺋﯾن ﻣن أﺣد
أطراف اﻟﻧزاع ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺈﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ،51رﻏم وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻫذا
ﺗﻧﺎﻗص ﻣﻊ اﻟﻣﺎدة 3/2ﻣن إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﺳﻧﺔ ،1958ﻛﻣﺎ ﯾظﻬر ﺑوﺿوح ﺗﺄﺛر اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﺑﺎﻟﻣﺷرع اﻟﺳوﯾﺳري ،ﻓﺈن أﺧذﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 1/8ﻧﻘﻊ
ﻓﻲ ﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ ﻧص اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 7وأﯾﺿﺎ اﻟﻣﺎدة 1044اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻷن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة
ﺗﻌﺗرف ﺻراﺣﺔ ﺑﺈﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ
إﻓراغ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي ﺣظﻲ ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون اﻹﺗﻔﺎﻗﻲ اﻟدوﻟﻲ ،واﻟﻘواﻧﯾن
اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣن ﻣﺣﺗواﻩ ،وﯾﻔﻘدﻩ ﻣﻛﺎﻧﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري،52ﻟذا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري
ﻣﺳﺎﯾرة ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﻧص اﻟﻣﺎدة 213ﻣن إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ،واﻟﻘول ﺑﻌدم
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ أو ﻏﯾر ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻣﺎدام إﺑرام
إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺣﺎ.53
51
ﻣﺣﻣد ﻛوﻻ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.137.
52
TERKI Nour-eddine ,L’arbitrage commerciale international en Algerie, l’office des
publications universitaires, Alger ,1999 , p.61.
53
ﻣﺣﻣد ﻛوﻻ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.138.
19
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص
ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟدوﻟﻲ ﺑﺳﻠطﺎت ﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
اﻟﻧظﺎم اﻟوطﻧﻲ ،ﺑل وﻗد ﺗﻔوﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻧظﻣﺔ ٕواﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻫذا
ﻣن أﺟل ﺳرﻋﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ وﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺗﻌطل اﻹﺟراءات ،ﻣﻧﻬﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم
ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﺑﻣدى إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﻛﻣﺎ ﺳﺑق أن أﺷرﻧﺎ ﻓﺈن ﺗﺑﻧﻲ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾوﻟد اﺛر ﺳﻠﺑﻲ وﻫو
إﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧظر ﻟﻣدى إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟذي
إﺗﻔق اﻷطراف ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻪ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم.54
إﻻ أن ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺛﯾر ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ
إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﻓﺈﺳﺗﺑﻌﺎد إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ذو أﻫﻣﯾﺔ وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺧطورة
ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺗﺟﺳﯾد رﻗﺎﺑﺔ اﻟدوﻟﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ )اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري )اﻟﻣطﻠب
اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
أوﺟﻪ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﻧﺟد أن ﻫﻧﺎك إﺧﺗﻼف ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ
ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺑﺎﯾن ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺑﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أو ﻋدﻣﻪ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ
اﻟﻧزاع.
54
ﺣﺳﻧﻲ اﻟﻣﺻري ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻘﺎﻧون ،ﻣﺻر ،2006 ،ص.247.
20
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
إذا إﻧﻘﺳﻣت ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن أﺳﺎﺳﯾن :أﺣدﻫﻣﺎ ﯾﺟﺳد اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ )اﻟﻔرع
اﻷول( ،أﻣﺎ اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻛرس اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﻛﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة
إﻟﻰ أن ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﻟم ﺗﺗطرق ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.55
اﻟﻔرع اﻷول
ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم )اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ(
إن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﺎرﺳﻬﺎ أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻹﺗﺟﺎﻩ ،ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻠﻣﺎت اﻟﺗﺻور اﻟﺷﻛﻠﻲ
اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم واﻟﺗﻲ ﻗواﻣﻬﺎ إﺣﺗﻛﺎر اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﺿﻌف
ﻋﻣوﻣﯾﺗﻪ ورﺳﻣﯾﺗﻪ ،ﺑﺎﻟﻣﻧﺎظرة ﻣﻊ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻷﺻل واﻟﻣﺛﺎل واﻟﻣﻘﯾﺎس ﻟﻛل ﻗﺿﺎء،
ﻓظﻬر اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﻣظﻬر اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻧﻘوص ،ﻓﻲ ﺣﯾن ظﻬر اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻣظﻬر
اﻟﻌﻣل اﻟﻣرﻛب اﻟذي ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ وﻻﯾﺔ ﻣﻛﻣﻠﺔ ،ﻓﻛﺎن ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻣرﺷﺣﻬﺎ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،وﻫﻛذا
إﻧﻘﻠب اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﻗﺿﺎء ذي وﻻﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺣل ﻟوﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺧﻼل رﻗﺎﺑﺔ
ﻛﺎﻣﻠﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻛﻣﺳﺄﻟﺔ أوﻟﯾﺔ ﺗوﻗﯾﻔﯾﺔ ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم إﯾﻘﺎف
اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺳﻣﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﺑﺎ أو إﯾﺟﺎﺑﺎ ﺑوﺟﻪ ﺑﺎت.56
ﻫذا ﻣﺎ أﺧذت ﺑﻪ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﻌﺎم 1958ﺣﯾث ﺳﻠﻣت ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺳﻠطﺔ
ﻓﺣص إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن وﺟودﻩ أو ﺑطﻼﻧﻪ أو ﺑﻌدم ﺷﻣوﻟﻪ ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع أو ﺑﻌدم
إﻟزاﻣﻪ ﻟﻪ ،ﺳواء رﻓﻊ إﻟﯾﻬﺎ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗﺑل اﻟﺑدء ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﻌد أن ﺗﻛون
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻗد ﺷرﻋت ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،ﻓﺗﺣﻛم ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ إن وﺟدت
إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺣﺎ وﻣﻧﺗﺟﺎ ﻷﺛﺎرﻩ وﺗﺣﯾل اﻟﻧزاع إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،أﻣﺎ إذا ﺗوﺻﻠت
55
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر )دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ،09-93
واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.264.
56
اﻟﺣﺳﯾن اﻟﺳﺎﻟﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ )دراﺳﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت
واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﺑﯾروت ،2008 ،ص.478.
21
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
إﻟﻰ أن ﻫذا اﻹﺗﻔﺎق ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ أو ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻣوﺿوع وﺗﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻧزاع.57
ﻓﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطرح اﻟﻧزاع أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺣث
ﻓﻲ ﻣدى إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟدﻓوع اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو
ﺳﻘوطﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ وﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺗﻪ ﻟﻠﺗطﺑﯾق ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺗﺻدى اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﺣﺗﻰ ٕوان ﺷرﻋت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻹﺟراءات.58
ﻧظ ار ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻘول ﺑﺄن أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻹﺗﺟﺎﻩ إﺳﺗﺑﻌدوا اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ
اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص وﻛرﺳوا ﻣﺑدأ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم ﺣﺗﻰ و إن ﻓﺻل ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ ،أي ﻗﺑل ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔﺎﺻل
ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،وﻫذا ﺳﻌﯾﺎ ﻣﻧﻬم ﻟﺗﺟﺳﯾد ﻓﻛرة إﻗﺗﺻﺎد اﻟوﺳﺎﺋل أي اﻟﺗﺄﻛد ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ
وﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل ﺑﺄن ﺳﻧد إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ذو أﺳﺎس ﺻﺣﯾﺢ ،ﻟﺗﻔﺎدي اﻟﺳﯾر ﻓﻲ ﺧﺻوﻣﺔ
ﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺑﺎطﻠﺔ وﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻣﻧﻬﺎ إﻫدا ار ﻟﻠوﻗت واﻟﻣﺎل ،وﻣن ﺛﻣﺔ اﻟﻌودة ﻣن ﺟدﯾد ﻟرﻓﻊ اﻷﻣر
أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ.59
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗﻘﯾﯾد رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔﻛرة اﻟﺑطﻼن اﻟظﺎﻫر)اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳطﺣﯾﺔ(.
57
إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺈﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﯾوﯾورك ﺑﺗﺎرﯾﺦ -06-10
،1958اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق.
58
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،
ص.ص.5 ،6.
59
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.6.
22
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻣن ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻩ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷوﻟوﯾﺔ واﻷوﻟﯾﺔ ﻣﻌﺎ،
وﻗد ﺗﺑﻧﻰ ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة 1448ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺻﯾﻐﺗﻪ اﻟﺟدﯾدة ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل اﻟذي أدﺧل ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم رﻗم -11
48ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2011-01-13ﻧﺟد أﻧﻪ إذا وﻗﻊ اﻟﺗﻣﺳك أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﺑوﺟود إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈن ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺷﺑﻪ آﻟﯾﺔ ،ﺣﯾث أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻓرق ﺑﯾن اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ ﻓﯾﻬﺎ اﻟدﻋوى أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌد ﺗﻌﻬد ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧزاع ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣدى ﺻﺣﺔ أو وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑل ﯾﺟب
ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أي ﻟم ﯾﺳﺑق رﻓﻊ اﻷﻣر إﻟﻰ ﻫﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈن ﻣﺑدأ وﺟوب اﻟﺗﺧﻠﻲ ﯾﺑﻘﻰ ﻧﺎﻓذا ﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ إﻻ أن اﻟﻣﺷرع أدﺧل ﻋﻠﯾﻪ ﺷﯾﺋﺎ ﻣن
اﻟﻣروﻧﺔ ﺣﺎول ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﺳرﻋﺔ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣن ﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﻛل أﺻﻧﺎف اﻟﻘﺿﺎءٕ ،60وان ﻛﺎﻧت ﻣﻣﯾزة ﻟﻠﻘﺿﺎء
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،وذﻟك ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر اﻟطرﯾق إﻟﻰ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﻣﻔﺗرض ﻓﯾﻬﺎ
أن ﺗﻛون رﻗﺎﺑﺔ ﺑﻌدﯾﺔ ﻓﻘط ،ﻓﻘد إﺳﺗﺛﻧﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣن واﺟب اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﻬﺎ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم واﺿﺣﺔ اﻟﺑطﻼن ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﯾز ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر أن ﯾﻘرر
وﯾﺗﺻدى ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع.61
ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟم ﯾﺧرج ﻋن ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص إذ أن ﻫذﻩ
اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺗﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر ،أي ﻗﺎﻋدة ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟذي إﺗﻔق اﻷطراف ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻪ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈذا طرح اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ اﻟوﺣﯾدة اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ ﻣدى ﺻﺣﺔ وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وﻫذا طﺑﻌﺎ ﺗﺣت اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ رﻗﺎﺑﺔ
ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺑطﻼن أو ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺣل اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﯾﺣﻘق اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ
60
اﻟﺣﺳﯾن اﻟﺳﺎﻟﻣﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.394.
61
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.394.
23
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﺗﻲ ﯾﻬدف إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺑﺳﻌﯾﻪ إﻟﻰ ﻗﻔل ﺑﺎب اﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ وﺗﻌطﯾل ﺳﯾر إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن
اﻟطرف اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ اﻟذي ﯾﺑﺎدر ﺑرﻓﻊ دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻛﻠﻣﺎ رأى أن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻬدد ﻣﺻﺎﻟﺣﻪ.62
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻓﺣص ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﺈن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺿﻊ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن طرف
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺗﺑﺎﯾن ﻣن ﺗﺷرﯾﻌﺎت إﻟﻰ أﺧرى ،ﻓﻧﺟد أن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺗﻲ إﺳﺗﻠﻬﻣت ﻧﺻوﺻﻬﺎ ﻣن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟذي أﻋدﺗﻪ ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻟم ﺗﺗﻧﺎول
ﺑﺻﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻري ،ﻓﻬذا اﻷﺧﯾر ﻧص ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 23ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري ،ﻟﻛﻧﻪ
ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻟم ﯾﺟﺳد اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،أي اﻧﻪ ﻟم ﯾﻣﻧﻊ
اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻣن اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻧزاع إذا ﻋرض ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر ﻗﺑل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ
أدى إﻟﻰ إﺧﺗﻼف اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺻري ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺳﺑب اﻹﺧﺗﻼف اﻟﺣﺎﺻل ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر
اﻟﻣﺎدة 13ﻣن اﻟﻘﺎﻧون 27ﻟﺳﻧﺔ 1994واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻹﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﯾث ﺗﻧص
ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ":ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﻓﻊ إﻟﯾﻬﺎ ﻧزاع ﯾوﺟد ﺑﺷﺄﻧﻪ إﺗﻔﺎق ﺗﺣﻛﯾم أن
ﺗﺣﻛم ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى إذا دﻓﻊ اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﺑذﻟك ﻗﺑل إﺑداﺋﻪ أي دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟدﻋوى.
وﻻ ﯾﺣول رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ -ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ -دون اﻟﺑدء ﻓﻲ إﺟراءات
63
اﻟﺗﺣﻛﯾم أو اﻹﺳﺗﻣرار ﻓﯾﻬﺎ أو إﺻدار ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم".
وﯾﺗﺿﺢ ﻣن اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺗﻲ إﻋﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع أن اﻹﻟﺗزام ﺑﻌدم اﻹﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء
ﻫو إﻟﺗزام ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ ٕواﻧﻣﺎ
62
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،
ص .ص .6 ،7
63
اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ ،1994اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص 240 .وﻣﺎﯾﻠﯾﻬﺎ.
24
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾدﻓﻊ ﺑﻪ اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺑل إﺑداء أي دﻓﺎع أو طﻠب ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،ﻓﻔﺳر ﺟﺎﻧب ﻣن
اﻟﻔﻘﻪ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن وﺟود إﺗﻔﺎق ﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ وﻣﻧﺗﺞ
ﻷﺛﺎرﻩ ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ إﻋﺗﺑﺎر أن إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻧد إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم،
ﻓﺈن ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ أو ﻏﯾر ﻓﻌﺎل ﯾرﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻟﻘﺑول
ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗﺻدى ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع وﯾﻔﺻل ﻓﯾﻪ ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻛﺳﯾﺔ أﯾن ﯾﻧﺗﺞ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﺟﻣﯾﻊ أﺛﺎرﻩ ﯾﺗﺧﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋن إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
ﻣن اﻟواﺿﺢ ﺑﺄن ﻫذا اﻟرأي أﺧذ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم أﺛﻧﺎء اﻟدﻓﻊ
ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،إذ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﻓﺣص إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺑﺣث ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم ،ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻗد إﺗﺻﻠت ﺑﺎﻟﻧزع أو ﻟم ﺗﺗﺻل ،إﻻ أن ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر
ﺗﻌرض ﻹﻧﺗﻘﺎد ﺣﺎد ﺧﺎﺻﺔ ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻷﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﺣﯾث ﯾرى اﻟدﻛﺗور "ﺳراج ﻣﺣﻣد أﺑوزﯾد" أن اﻟﻣﺎدة 13اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﺟﺎءت
ﻣطﻠﻘﺔ دون أن ﺗﻘﺗرن ﺑﺄي ﻗﯾد أو ﺷرط ،وذﻟك ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ﺷرطﺎ واﺣدا وﻫو أن ﯾﺗﻣﺳك اﻟﻣدﻋﻲ
ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺈﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻗﺑل إﺑداﺋﻪ أي طﻠب أو دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺳوغ
64
ﻓﻲ ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ إﻻ ﺑﻌد ﻟﻪ اﻟﻧظر
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ،وذﻟك ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﻌﺎم 1958اﻟﺗﻲ إﻧظﻣت إﻟﯾﻬﺎ ﻣﺻر ،وﻧظ ار
ﻟﻺﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ ،1994ﻧﻼﺣظ أن ﺻﺎﺣب
ﻫذاﻟﺗﻔﺳﯾر ﻧﻔﺳﻪ إﻋﺗرف ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻓﺣص اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻹﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أﺛﻧﺎء اﻟدﻓﻊ ﺑﻪ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ.65
64
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،
ص.ص.8،7.
65
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.ص.7،8.
25
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ
إن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﻣن ﺣﯾث اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ
وﻣدى اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،ﻓﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻗواﻧﯾﻧﻪ اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻓﺑﻌد
اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻣرت ﻣﺳﺄﻟﺔ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﺑﻣرﺣﻠﺗﯾن:ﺗﻣﺗد اﻷوﻟﻰ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 93/09إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور
اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 08/09اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ )اﻟﻔرع اﻷول( ،ﺑﯾﻧﻣﺎ
ﺗﻣﺗد اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺳرﯾﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر إﻟﻰ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ظل اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ .09-93
ﻟﻘد ﺟﺎء اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09-93ﻓﻲ ظل اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻗﺻد ﺗﺣرﯾر اﻹﻗﺗﺻﺎد ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ﺗﺿﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻧﺻوص
ﺗﻧظﯾم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻓﻘد أدﺧل ﻫذا اﻟﻣرﺳوم اﻟﺟزاﺋر ﻣﯾدان اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﺑﺎﺑﻪ
اﻟواﺳﻊ ،ﺣﯾث أﻧﻪ ﻛرس ﺻراﺣﺔ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 7ﻣﻧﻪ ،ﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻣﺷرع أﻋطﻰ ﺻﻼﺣﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ
66
ﻟﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ،وﯾﻌﺗﺑر ﻫذا إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﻓﻲ ﻫذا ﯾﺗﺟﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ
اﻟﺗوﺟﻪ ﻟﯾﺑراﻟﻲ ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ،إﻻ أﻧﻪ ﻟم ﯾذﻛر اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ وﻫو ﻣﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ
ﻣن اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﻓﻌﻧد ﺗﻔﺣص ﻧﺻوص اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09-93
66
ﻋﻠﯾوش ﻗرﺑوع ﻛﻣﺎل ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،ﺑن ﻋﻛﻧون،
اﻟﺟزاﺋر ،2004ص.ص.46-45.
26
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﻧﺳﺗوﺿﺢ إن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد ،وﻟﻪ أن ﯾﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟذي إﺗﻔق أطراﻓﻪ ﻋﻠﻰ
ﻋرﺿﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ أي أن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺗﻛون
ﺷﺑﻪ ﻣطﻠﻘﺔ ،ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻛﻠﻣﺎ طرح أﻣﺎﻣﻪ ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ
إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﺣﺗﻰ ٕوان وﺟد ﻫﻧﺎك إﺗﻔﺎق ﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ وﻣﻧﺗﺞ ﻷﺛﺎرﻩ،
ﻓﻘد ﻗﻠص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺣﺎﻻت ﺗطﺑﯾق ﻗﺎﻋدة ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻل
ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،ﻓﻘط ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ ،67وﻫذا ﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 458
ﻣﻛرر" :8ﺗﻛون دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻓﻊ أﺣد اﻷطراف دﻋوى أﻣﺎم اﻟﺣﻛم أو
اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﻲ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑﺎﺷر أﺣد اﻷطراف إﺟراء ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎب ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺗﻌﯾﯾن ،ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع
ﺣﺗﻰ ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ".
أي أن اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﯾؤدي ﺑﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﻬﺎ
دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻏﯾر ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻻ ﺗطرح ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺷﺗراط ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛم ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻋدة
اﻟﻣذﻛورة ،ﻓﯾﺳﺗوي ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻛون إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ وﻣﻧﺗﺞ ﻷﺛﺎرﻩ أو ﻋدم ﺻﺣﺗﻪ أو
ﺣﺗﻰ ﻋدم وﺟودﻩ ،ﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﺟدوى ﻣن أن ﯾراﻗب اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ إﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻫو ﻣن ﺳﯾﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻓﺎﻟﻣﺷرع
ﻣﺎرس اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﺎﻟﺑطﻼن أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ
68
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﻋﺗراف وﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻟﺣﻛم ،أﯾن ﺗﺻﺑﺢ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ.
67
ﻋﻠﯾوش ﻗرﺑوع ﻛﻣﺎل ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.46.
68
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.9.
27
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ظل اﻟﻘﺎﻧون 09-08
ﺑﻌد أن ﺗﺑﻧت اﻟﺟزاﺋر ﺗوﺟﻪ ﻟﯾﺑﯾراﻟﻲ أﻛﺑر ﻣن اﻟذي ﻗﺎﻣت ﺑﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻹﺻﻼﺣﺎت
اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت ،أﯾن إﻋﺗرﻓت ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺣل ﻟﻠﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ،
إﺳﺗﻐل اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري إﺻدار اﻟﻘﺎﻧون 09/ 08اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2008-02-25اﻟﻣﺗﺿﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻟﻛﻲ ﯾﺻﺣﺢ اﻟﻬﻔوات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣرﺳوم 09-93
،ﺑﻌد أن واﺟﻪ إﻧﺗﻘﺎدات ﻋدة ،ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 8اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر أﯾن ﺗﻔطن اﻟﻣﺷرع
وأﻋﺎد اﻟﻧظر ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﻘد ﻧص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟدﯾد ﻋﻠﻰ ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺣﺗﻰ
اﻟﺷروع ﻓﻲ إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،ﻓﻘد إﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋن ﻓﻛرة اﻟدﻋوى اﻟﻣﻌﻠﻘﺔ ﻛﺣﺎﻟﺔ
ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﺑﺷﺄﻧﻪ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻘد ﺗﺑﻧﻰ
ﻣﻧطق ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺟدﯾد ﯾﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،وﻛذا اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،69إذا ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1045ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﺣﺗﻰ ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة إﺷﺗرطت وﺟود إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻟم ﺗﺑﯾن طﺑﯾﻌﺔ ﻫذا
ﻧﺗظﺎر ﻟﻠﺗﻔﺳﯾر اﻟذي ﺳﯾﻌطﻰ ﻟﻪ ﻣن طرف
ا اﻟوﺟود ،ﻫل ﻫو وﺟود ﺷﻛﻠﻲ أو ﻗﺎﻧوﻧﻲ؟ ٕوا
اﻟﻘﺿﺎء ،ﻧرى ﺿرورة اﻷﺧذ ﺑﻔﻛرة اﻟوﺟود اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻓﻘط ﺗﻣﺎﺷﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﺎدة 1040اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗرط
اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻟﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ودون اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣدى ﺗوﻓر اﻷرﻛﺎن اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻬذا اﻹﺗﻔﺎق ﻷن
ذﻟك ﺳﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﻛرس ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة 1044ﻣن
اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪ ،أي أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻛرس اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻫﺎﻣﺷﯾﺔ وﺳطﺣﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﻓﻘط
69
ﺣدادن طﺎﻫر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.19.
28
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول:
ﺑﺎﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﻟوﺟود اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻹﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﺑﻬذا ﯾﻛون ﻗد أﺧذ ﺑﻧﻔس إﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ،
ﻟﻛن إﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟوﺟود اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻹﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻟﯾس اﻟﺑطﻼن اﻟظﺎﻫر.70
70
ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،ص.ص.10،9.
29
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻟدراﺳﺔ ﻗد ﺻدر اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﻌل ،وﻗد رﻛزﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ ،ﻟﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن أﻫﻣﯾﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ،إذ ﻧﺟد أن أﻫم اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
إﻫﺗﻣت ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﺗﺧﺗﻠف ﺻور
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﺎﺷرﻫﺎ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﺑﺈﺧﺗﻼف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت وﻏﺎﯾﺗﻬﺎ ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ.72
ﻓﺎﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ ﻗد ﯾﻛون اﻟﺗﺄﻛد ﻣن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛم وﻣدى إرﺗﺑﺎطﻪ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع اﻟذي
أﻋطﯾت اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ﻟﻪ ﻣن أﺟل اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ ،وﻛذا ﻣدى إﺣﺗراﻣﻪ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ
ﺑﺈﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺗﻧدرج ﺿﻣن ﻣﻔﻬوم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ)اﻟﻣﺑﺣث اﻷول(.
أﻣﺎ اﻟﺻورة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﯾﻛون اﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ ﻣدى ﺗواﻓق ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻊ
اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟداﺧﻠﻲ ﻣن أﺟل اﻹﻋﺗراف ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﻧﻔﯾذﻩ ،أي اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن طرﯾق إﺻدار اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ )اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ(.73
30
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن
ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم ،ﯾﻣﻛن أن ﯾرﺻدﻣن ﺻدر اﻟﺣﻛم ﺿدﻩ ﻋﯾوﺑﺎ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات،
أو ﯾﻛﺗﺷف ﻋدم ﻋداﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟواﻗﻊ أو ﺣﺗﻰ ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،أو إﻧﺣراف ﻋن
إﻋﻣﺎل ﻗواﻋد اﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎف اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻔروض أن ﯾﺗﻘﯾد ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم وﯾرﯾد أن ﯾﺗظﻠم
ﻣن ﻫذا اﻟﺣﻛم وﯾﺗم ذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ،ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺻﺎدرة ﻣن طرف اﻟﻬﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ذو طﺑﯾﻌﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم أن اﻟﻣﺣﻛم ﻟﯾس ﺑﻘﺎﺿﻲ إﻻ أن اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم
ﺑﻬﺎ ﻣﻧوطﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻟذا ﻧﺟد اﻟﻧظم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻣﺎرس ﻗد ار ﻣﻌﯾﻧﺎ ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ.74
ﻓﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ٕوان ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻘﻼ وﻣﺻدرﻩ إﺗﻔﺎق اﻷطراف إﻻ أﻧﻪ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺻﻔﺔ اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾظل ﺑﻣﻌزل ﻋن رﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ،وﻫذا ﻣن أﺟل إﺳﺗدراك اﻷﺧطﺎء
اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻘﻊ ﻋﻧد اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم.75
ﻓﻣﻌظم اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت أﯾدت إﻋطﺎء اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻋﺑر إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن أﻣﺎم ﻫذا
اﻷﺧﯾر وﻛذﻟك اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﻣﻊ وﺟوب ﺗﺄﻛﯾد أﻧﻪ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺑطﻼن إﻻ اﻷﺣﻛﺎم
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣن ﻗﺿﺎء ﻗطﻌﯾﺎ ،ﺳواء ﻓﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟراﺋﯾﺔ أو ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ
ذﻟك ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص أو اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﻘﺿﻲ
ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻹﻧﺗﻔﺎء أﺣد ﺷروط ﻗﺑول اﻟدﻋوى ،أﻣﺎ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﺗﺻدرﻩ ﻫﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑرﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺑطﻼن إﻻ ﻣﻊ اﻟﺣﻛم اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ
31
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى ،ﻓﺈذا ﻗﺿت ﺑرﻓض اﻟدﻓﻊ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻪ إﻻﻋن طرﯾق رﻓﻊ دﻋوى
ﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﻬﻲ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ.76
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﻧطﺎق اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم
إن اﻟطﻌن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻫو اﻟطرﯾق اﻟوﺣﯾد ﻟﻣﻬﺎﺟﻣﺔ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﺑﻌد
ﺻدورﻩ ،إذ أﻗرت ﻣﻌظم اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻘرب ﻣن اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻹﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ
ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري ، 77إﻻ أﻧﻬم إﺧﺗﻠﻔوا ﺣول ﺗﺣدﯾد ﻣدى اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼزﻣﺔ
ﻓرﺿﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ظﻬور إﺗﺟﺎﻫﯾن ﺗﻣﺎ ﺗﻛرﯾﺳﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت
اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻓﻬﻧﺎك ﻣن وﺳﻊ ﻣن ﻫذا اﻟﻧطﺎق)اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻫﻧﺎك ﻣن ﺿﯾق ﻓﻲ
ذﻟك)78اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،وﻫذا ﻣﺎﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣطﻠب ،دون اﻟﺗﻐﺎﺿﻲ ﻋن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﻫذا )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
اﻟﻔرع اﻷول
اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣوﺳﻊ ﻟﻧطﺎق ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
ﻓوﻓﻘﺎ ﻟﻬذا اﻹﺗﺟﺎﻩ ﯾﺧﺿﻊ أي ﺣﻛم ﺗﺣﻛﯾﻣﻲ دوﻟﻲ ﻟﻠﺑطﻼن وذﻟك ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن
ﻣﻛﺎن ﺻدورﻩ ﺳواء ﻛﺎن ﺻدر ﻓﻲ إﻗﻠﯾم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻓوع أﻣﺎم ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن أو ﻛﺎن
ﻗد ﺻدر ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﺑﺎﻟﺗطﺑﯾق ﻟﻘﺎﻧوﻧﻬﺎ ﺣﺗﻰ أن ﻫﻧﺎك أﻧظﻣﺔ ﺗذﻫب إﻟﻰ ﻣدى أوﺳﻊ ﻣن ذﻟك،
76ﻣﺣﻣود ﺳﻣﯾر ﺷرﻗﺎوي ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة،2011 ،
ص.ص.490 ،489.
77ﻧﺑﯾل إﺳﻣﺎﻋﯾل ﻋﻣر ،اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ،2004 ،
ص.259.
78
ﺑﻧدق واﺋل أﻧور ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم )اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻗواﻧﯾن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟوﻓﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ،
ﻣﺻر ،2009 ،ص.216
32
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﻧظر دﻋﺎوي اﻟﺑطﻼن إﻻ ﺗﻠك اﻟﻣﻘﺎﻣﺔ ﺿد أﺣﻛﺎم ﺗﺣﻛﯾم ﺻدرت ﻓﻲ إﻗﻠﯾم
اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ إﻟﺗﻣس ﻣن ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن.
وﻣن ﺑﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺗﻲ أﺧذت ﺑﻬذا اﻹﺗﺟﺎﻩ ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺻري ،إذ ﻣﻧﺢ ﻫذا اﻷﺧﯾر
ﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﻧظر دﻋوى ﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺻر ﺑﺻدد
ﻣﻧﺎزﻋﺔ دوﻟﯾﺔ ،أو ﻛﺎن ﻗد ﺻدر ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻣﻊ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺻري ﻋﻠﻰ إﺟراءاﺗﻪ ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎق اﻷطراف.79
ﻛذﻟك اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن أﻫم ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن أﺟل ﺗطوﯾر
اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ
ﻓرﻧﺳﺎ ﺑﺷﺄن اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،إذ ﯾﻛﻔﻲ ﻹﻧﻌﻘﺎداﻹﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ دﻋوى
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،أن ﯾﺻدر ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ،وذﻟك ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﺑﺷﺄن ﻣﻧﺎزﻋﺔ دوﻟﯾﺔ
ﻻ ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،80ﻛﻣﺎ أن إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك وأﯾﺿﺎ ﺟﻧﯾف ﻟﺳﻧﺔ 1927ﻗد
ﻛرﺳﺎ ﻫذا اﻹﺗﺟﺎﻩ ﺑﺣﯾث ﻧﺟد أن اﻷوﻟﻰ وﺿﻌت إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
وأﻋطت اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ إذا ﺻدر ﻓﻲ إﻗﻠﯾم دوﻟﺗﻬﺎ وﻛذاﻟك ﻓﻌﻠت إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف،
ﺑل وذﻫﺑت إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك إﻟﻰ ﻣﻧﺢ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺻدر اﻟﺣﻛم
ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون ﺗﻠك اﻟدوﻟﺔ.81
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﺿﯾق ﻟﻧطﺎق ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
ﯾﺳﻌﻰ ﻫذا اﻹﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ ﺗﺿﯾﯾق ﻧطﺎق إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،ﺑﺟﻌﻠﻪ ﻻ
ﯾﺧﺗص إﻻ ﺑﺣﺎﻻت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﻣس اﻟﻧظﺎم اﻟوطﻧﻲ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺧص ﻫذا اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻧظر دﻋﺎوي
79ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.ص327,326.
80
JACQUET Jean-Michel, DELEBECQUE Philippe, Droit du commerce international, 2em
édition, Dalloz, Paris, 2000, p.389.
81ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﻪ اﻟﻌﺎﻣﺔ،..اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.335.
33
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﺑطﻼن اﻷﺧرى ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻗد ﺻدرت ﻋﻠﻰ إﻗﻠﯾم ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ،ﯾﻌﺗﺑر ﻣن
اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻧﻣوذﺟﯾﺔ ﻟﻸﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺿﯾﻘﺔ ﻟﻧطﺎق اﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺑﻠﺟﯾﻛﻲ ﺑﺣﯾث أﻧﻪ
إﺳﺗﺑﻌد ﻛل إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،وﻫذا ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻺﺗﺟﺎﻩ اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ
اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺳﺗﺑﻌد اﻟﺑطﻼن ﺑﺷﻛل ﻛﻠﻲ ﺑل ﺗﺣدد ﺣﺎﻻت ﻣﺣﺻورة
ﯾﻣﻛن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔﺗﺣﻘﻘﻬﺎ ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﺳﺗﺑﻌد ﻣن
ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻹﺑطﺎل إﻻ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﻛون أﺣد أطراﻓﻬﺎ ذو ﺟﻧﺳﯾﺔ ﺑﻠﺟﯾﻛﯾﺔ ،أو ﻣوطﻧﻪ
ﻫﻧﺎك وأﺧﯾ ار إذا ﻛﺎن ﻟﻪ ﻓرع أو ﻣﻘر ﻟﻸﻋﻣﺎل.82
ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﺑﻠﺟﯾﻛﻲ ﻗد أراد أن ﯾﺣول اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن
رﻗﺎﺑﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻛذﻟك ﺳﺎر ﻓﻲ ﻧﻔس اﻹﺗﺟﺎﻩ
اﻟﻣﺷرع اﻟﺳوﯾﺳري ﺑﺣﯾث أﻧﻪ ﻧص إذا ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠطرﻓﯾن ﻣوطن وﻻ ﻣﺣل إﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﺗﺎد وﻻ
ﻣؤﺳﺳﺔ ﻓﻲ ﺳوﯾﺳرا ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛﻧﻬم ﻣن ﺧﻼل إﻋﻼن رﻏﺑﺗﻬم اﻟﺻرﯾﺣﺔ ﻓﻲ إﺳﺗﺑﻌﺎد ﻛل طرﯾق
ﻟﻠطﻌن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.83
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري
ﻟﻘد إﺧﺗﺎرت ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ طرﯾﻘﺎ واﺣدا ﻣن أﺟل ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
وﻫو دﻋوى اﻟﺑطﻼن ،ﺑﻬدف رﺑﺢ اﻟوﻗت وﻋدم إطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﻧزاﻋﺎت ،84وﻟﻛﻧﻬﺎ إﺧﺗﻠﻔت ﻓﻲ
ﻣدى إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻓﺑﻌد أن رأﯾﻧﺎ ﻛﻼ اﻹﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟﻣوﺳﻊ واﻟﻣﺿﯾق،
ﻧﺗﺳﺎءل أﯾﻬﻣﺎ أﺧذﺑﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري؟
82ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،ص.ص.338,337.
83اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.338.
84اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.339.
34
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻟﻘد ﺗطرق ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟﻠطﻌن ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ
09-93اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو ﻓﻲ ظل اﻟﻘﺎﻧون 09-08اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻣﻊ ﻣﻼﺣظﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد إﺧﺗﻼف ﺷﺎﺳﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻫذﻩ
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،إذ أﻗر ﻓﯾﻬﻣﺎ أن اﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻣﺣل
طﻌن ﻣﺑﺎﺷر ﺿدﻫﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﻛون اﻟطﻌن ﺿد أﻣر رﺋﯾس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳواء ﺑﺎﻹﻋﺗراف
واﻟﺗﻧﻔﯾذ أو ﺑرﻓض اﻹﻋﺗراف واﻟﺗﻧﻔﯾذ ،أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻘد أﺟﺎز ذﻟك.85
35
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﺑﺎﻟﻘول ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺧﺗص ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻدورﻩ ﺧﺎرج إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ إذا طﺑق ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﺟزاﺋري.
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠطﻌن ﺑﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم
واﻟﺳﺑب وراء إﺧﺗﯾﺎرﻧﺎدراﺳﺔ ﻣوﻗف ﻗﺎﻧوﻧﻧﺎ اﻟوطﻧﻲ ﻓﻘط ﻫو أﻧﻪ رﻏم ﺗواﺟد ﺑﻌض
اﻹﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﺑﺳﯾطﺔ إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﻼﺣظ ﺗﺷﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻛذاﻟك ﺣﺎﻻت اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﺑﯾن ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت واﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ.
36
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻔرع اﻷول
ﺣﺎﻻت اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﻋﺎﻟﺞ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ وأﯾﺿﺎ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻘد ﺣدد ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت
ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ﻣﺗﺧذا ﻧﻔس اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟذي أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ.88
-إذا ﻓﺻﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑدون إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺑﺎطﻠﺔ أو إﻧﻘﺿت
ﻣدﺗﻬﺎ،
-إذا ﻛﺎن ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﺣﻛم اﻟوﺣﯾد ﻣﺧﺎﻟﻔﯾن ﻟﻠﻘﺎﻧون،
-إذا ﻓﺻﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم زﯾﺎدة ﻋن اﻟﻣطﻠوب أو ﻟم ﺗﻔﺻل ﻓﻲ وﺟﻪ ﻣن وﺟوﻩ اﻟطﻠب،
88ﯾدر أﻣﺎل ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت،
،2012ص.127.
37
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻧﻼﺣظ أن ﺣﺎﻻت اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻛﺛﯾرة ،وﻫذا ﻋﺎﺋد ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺣﺎﻻت
89
وأﯾﺿﺎ ﺑﻌد اﻟﺗﻣﻌن ﻓﻲ ﻗراءة اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳوﯾﺳري
ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد ﻗﺎم ﺑﺗﻛرار اﻟﺣﺎﻻت.90
ﻓﻔﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣوﺿوﻋﻧﺎ وﻫو اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن
ﻓﻬﻲ ﺗظﻬر ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة إذ أﻧﻪ ﻋﺑر ﺑﺻرﯾﺢ اﻟﻌﺑﺎرة أﻧﻪ ﯾﻣﻛن طﻠب إﺑطﺎل ﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ﺳواء أﺧطﺄ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻠﻘد ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1058اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ،أﻣﺎ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻓﻘد أﺣﺎﻟﺗﻧﺎ ﻫﺎﺗﻪ اﻷﺧﯾرة إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ":1056ﻻ ﯾﺟوز إﺳﺗﺋﻧﺎف اﻷﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﻋﺗراف
أو ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻷﺗﯾﺔ:
-إذا ﻓﺻﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑدون إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﺣﻛﯾم أﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺑﺎطﻠﺔ أو إﻧﻘﺿﺎء ﻣدة
اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ،
-إذا ﻛﺎن ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﺣﻛم اﻟوﺣﯾد ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻘﺎﻧون،
-إذا ﻟم ﺗﺳﺑب ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﻛﻣﻬﺎ ،أو إذا وﺟد ﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب،
89ﺣﺳﺎن ﻧﺎدﯾﺔ" ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ دوﻟﻲ ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،أﯾﺎم 15/14ﺟوان ،2006ص.230.
90ﺑﺷﯾر ﺳﻠﯾم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.135.
38
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
إن ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻣذﻛورة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،إﻻ أن ﻫﻧﺎك ﻣن ذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺧﺎرج ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ،ﻷﻧﻬﺎ ﻟﯾﺳت واردة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر،
ﻣﺳﺗﻧدﯾن ﻓﻲ ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣون ﻧص اﻟﻣﺎدة 1058ق.إ.م.إ .اﻟﺗﻲ وردت ﻓﯾﻬﺎ ﻋﺑﺎرة "ﯾﻣﻛن"
ﻣﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻹﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺳﺗﺔ ﻟﻺﺑطﺎل ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻹﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﻏﯾرﻫﺎ،
ﻓﻲ ﺣﯾن وظﻔت ﻋﺑﺎرة ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة 1056ق.إ.م.إ ﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺣﺎﻻت
اﻟﺳﺗﺔ ﻹﺳﺗﺋﻧﺎف اﻷﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﻋﺗراف وﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ واردة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،91ﻛﻣﺎ ﻧﻼﺣظ
أﯾﺿﺎ أن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻗد ﺗم ﺗﻘﻠﯾص اﻟﺣﺎﻻت ،وﻗد ﺗم ﺣذف اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻧص ﻋﻠﻰ
ﺧطﺄ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أو ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻪ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻹﺳﺗﻧﺎد
إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ و اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ اﻟﻠﺗﺎن ﺗﺗﻣﺛﻼن ﻓﻲ ﻓﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑدون إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺑﺎطﻠﺔ أو إﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ،وأﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻓﺻﻠت ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف اﻟﻣﻬﻣﺔ
اﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻬﺎﻟﺗﺄﺳﯾس ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻣﺳك اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺈﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺧطﺄ،ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺟد أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠطﻌن
ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﺿد اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أن اﻟﻣﺣﻛم ﻗد ﻓﺻل ﺑﻌدم إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺗﻌﺳﻔﯾﺎ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ وﻣﯾﻌﺎد رﻓﻊ دﻋوى اﻟﺑطﻼن
إن اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذا اﻟطﻌن ﻫﻲ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﺻدر
اﻟﻘرار اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻓﻲ داﺋرة إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ وﻫذا وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 1059ق.إ.م.إ
":ﯾرﻓﻊ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1058أﻋﻼﻩ ،أﻣﺎم
اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﺻدر ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ داﺋرة إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﯾﻘﺑل اﻟطﻌن إﺑﺗداء ﻣن
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧطق ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟطﻌن ﺑﻌد أﺟل ﺷﻬر واﺣد ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳﻣﻲ
ﻟﻸﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ".
39
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻣﯾﻌﺎد اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،إذا ﺑﯾن أﻧﻪ ﯾﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧطق
ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،دون اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﻋﻼﻧﻪ أو ﺗﺑﻠﯾﻐﻪ رﺳﻣﯾﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن إﺟراء ﺗﺑﻠﯾﻎ ﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﺗطﻠب وﻗﺗﺎ طوﯾﻼ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،وﻫو اﻷﻣر اﻟذي ﻻ ﯾﺗﻼﺋم وطﺑﯾﻌﺔ
ﻋﻘود اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،واﻟﺳرﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺗﻣﺳﻬﺎ اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،92أﻣﺎ ﻧﻬﺎﯾﺔ
أﺟل رﻓﻊ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﯾﻛون ﺑﻌد ﺷﻬر واﺣد ،ﯾﺑدأ ﺣﺳﺎﺑﻪ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳﻣﻲ ﺑﺎﻷﻣر
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ،وﺑﻬذا ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺣذا ﺣذو اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﻟم ﯾﺿﻊ
أﺟﻼ ﺟﺎﻣدا ﻟرﻓﻊ دﻋوى اﻟﺑطﻼن.
وﯾﺗم رﻓﻊ ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ﻛﺄي دﻋوى أﺧرى ،أي ﺑﻣوﺟب ﻋرﯾﺿﺔ ﻣﺳﺗوﻓﯾﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺷروط
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﻌﻠﯾﻠﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺣﺎﻻت اﻟﻣﻧﺻوص
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة1056ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾﺳﺗوﺟب أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ راﻓﻊ اﻟدﻋوى أن ﯾﺑﻠﻎ اﻟطرف
اﻟذي ﺣﻛﻣت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ.93
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
اﻷﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم
رأﯾﻧﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﻋﻧد اﻟﻔﺻل ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺑطﻼن ،ﺑل
ﻻ ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﻬذا اﻷﺧﯾر ،إﻻ ﻣﺗﻰ ﺗواﻓرت ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﺣﺎﻻت اﻟﺑطﻼن اﻟﺗﻲ
ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،94إﻻ أن ﻫذا ﻻ ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن ﺗرﺗﯾب ﺑﻌض اﻷﺛﺎر،
ﻓﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟرﻓﻊ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة 1060ق.إ.م.إ ﯾوﻗف ﺗﻘدﯾم اﻟطﻌن ﺑﺑطﻼن
92ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ،
ﻣﺻر ،1997 ،ص.231.
93ﺣدادن طﺎﻫر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.143.
94ﻣﺣﻣود ﺳﻣﯾر اﻟﺷرﻗﺎوي ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.527.
40
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون وﻻ ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر ﺗﻘدﯾم طﻠب إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.95
أﻣﺎ ﺑﻌد ﺻدور ﻗرار اﻟﻣﺟﻠس ﻧﻛون أﻣﺎم ﺣﺎﻟﺗﯾن ،إﻣﺎ ﻗﺑول اﻟطﻌن أو رﻓﺿﻪ ،ﻓﯾؤدي
ﻗﺑول اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن إﻟﻰ إﻟﻐﺎء اﻟﻘرار اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ دون اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﺻﻠب
اﻟﻣوﺿوع أو اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد ،ﺑل ﺗﻘﺗﺻر ﺟﻬﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﻟﻐﺎء اﻟﻘرار ﻓﺣﺳب،
ﻣﻣﺎ ﯾﻌﯾد اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺑل إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻓﻲ ذﻟك إﺣﺗرم اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري
إرادة اﻷطراف ،إذ ﯾﺣق ﻟﻬم ﻣن ﺟدﯾد ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺣﻛﯾم ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ،أو ﺻرف
اﻟﻧظر ﻋن اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ،وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن
ﻓﻬو ﯾرﺗب أﺛﺎر ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﻟﻘﺑول اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﺑﺣﯾث ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد ﺗﺧﻠت ﻋن
طﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﻌد اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﺈن ﻗرار اﻟﻣﺟﻠس ﺑرﻓض ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾؤدي إﻟﻰ إﺿﻔﺎء
اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻗﺑل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،ﻓﺈن رﻓض ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾرﻓﻊ ﺣﺎﻟﺔ وﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ.96
41
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ
ﯾﻛون ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺗﻧﻔﯾذا طوﻋﯾﺎ ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻷطراف ﺑﺻﻔﺔ إرادﯾﺔ،
ﻓﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻹﺧﺗﯾﺎري ﯾﺑدو ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﻛﺛﯾر اﻟﺣﺻول ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﺗوﺟد أﯾﺔ
إﺷﻛﺎﻻت ﻓﺑﻣﺟرد ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﯾﻠﺟﺄ أﺣد اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺗوى ذﻟك اﻟﺣﻛم ،إﻻ
أﻧﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ،ﻗد ﯾﺗﻘﺎﻋس أطراف اﻟﻧزاع ﻓﻲ اﻹﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ،ﻓﺗواﺟﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ
اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺻﻌوﺑﺎت ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻟطرف اﻟﻣﺗﺿرر اﻹﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ واﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟدوﻟﻲ ،97وﯾﻌﺗﺑر اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻣن ﺑﯾن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ
اﻟﻣﺷرع ﻣن أﺟل ﻓرض رﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺧﯾر ،إذ أوﺟب ﻗﺑل وﺿﻊ اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ
أن ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﺧﺗص ﻣن أﺟل اﻟﺗﺣﻘق ﻣن أن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻗد ﺻدر
ﺑﺎﻟﻔﻌل ﺗﻧﻔﯾذاﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.98
اﻟﻣطﻠب اﻷول
اﻷﻣر ﺑﻘﺑول ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ
ﺗﺗﺳﺎﺑق اﻟدول ﺑﺗﺷرﯾﻌﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ وﻗﺗﻧﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻣن أﺟل ﺟﻠب اﻟﻣﺳﺗﺛﻣرﯾن ﺑﻬدف ﺗدﻓق
رؤوس اﻷﻣوال اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺣﻬﺎ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﻼ
ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻧﺻل ﻣن اﻹﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺧض ﻋن ذﻟك ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﻧﻔﯾذ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ،إﻻ
أن ذﻟك ﻻ ﯾﺳﺗﻌﺑد اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ،ﻟذا ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺟﺎل أو ﻧطﺎق
97ﺗواﺗﻲ ﺳﻬﯾﻠﺔ ،ﺗوﻧس ﺣﺳﯾﻧﺔ ،أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ،ﻗﺎﻧون
اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،2012 ،ص.3.
98ﺑﺷﯾر ﺳﻠﯾم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.115 .
42
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ)اﻟﻔرع اﻷول( ،وأﯾﺿﺎ اﻹﺟراءات اﻟﻼزم إﺗﺧﺎذﻫﺎ ﻣن أﺟل إﻣﻬﺎر اﻟﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ)99اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻋن طرﯾق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ
إن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﻌد ﺻدورﻩ ﻋن طرﯾق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ أﻣر
ﻣﺳﻠم ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،إﻻ أن ﻣدى وﺷﻛل اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﺔ ﻣﺗﺑﺎﯾن.
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺣﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣراﻓﻌﺎت أن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﯾﺣﻣل ﻋﻧوان اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺑﺧﺻوص ﻣﺎ
ﻓﺻل ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷطراف اﻟدﻋوى وﻓﻲ ﺣدود اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻪ ﻫذﻩ اﻟدﻋوى.
أي ﻣﻧذ ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺛﺎر ،ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻸطراف ﻧﻔﺳﻬم ﻣؤﺳﺳﯾن
ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑب ﻧﻔﺳﻪ إﺛﺎرة ذات اﻟﻧزاع ﻣرة أﺧرى ،وﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﺟدل ﻓﻲ إﺛﺎرة أي دﻓوع أو ﺣﺟﺞ
ﺗﻬدف إﻟﻰ ﻧﻘض ﻫذﻩ اﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳﺑﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺟرد ﺻدورﻩ ،ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻣﺎزال ﻣﻣﻛﻧﺎ
اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ،وﻫذﻩ ﺧﺎﺻﯾﺔ ﺗﻧﺑﺳط ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ وﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،وأﯾﺎ ﻛﺎن ﻧوع
اﻟﻘﺿﺎء.100
وﻟﺋن ﻟم ﯾﺛر ﺟدل ﺟدي ﺣول اﻹﻋﺗراف ﺑﺣﺟﯾﺔ اﻷﻣر اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻣﺟرد
ﺻدورﻩ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟوطﻧﻲ ﻓﺈن ﻫذا اﻟﺟدل ﻗد ﺛﺎر ﺣول اﻹﻋﺗراف ﺑﻬذﻩ اﻟﺣﺟﯾﺔ ﻷﺣﻛﺎم
43
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ أو اﻟدوﻟﯾﺔ وﻟو ﻛﺎﻧت ﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻓﻘد ذﻫب اﻟﺑﻌض
إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎ اﻹﻋﺗراف ﺑﺣﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ إﻻ إذا
ﻛﺎن اﻟﺣﻛم ﻗد ذﯾل ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ أو ﺑﺎﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣن طرف ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺻدر
ﻓﯾﻬﺎ ،إذ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺗﺣﻘق ذﻟك ﯾﺣق ﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطﻠب إﻟﯾﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم أن
ﺗﻌﯾد اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع اﻟذي ﻓﺻل ﻓﯾﻪ ﻫذا اﻟﺣﻛم ،ﺑﺣﯾث ﯾرى ﻫؤﻻء أن ﻣﻧﻊ ﻗﺿﺎء
ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ ﻣن ذﻟك ﯾﻌﺗﺑر إﻫدار ﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ اﻟوطﻧﯾﺔ ﺑﺧﺿوع ﺳﻠطﺗﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﺳﻠطﺔ
ﻓﺿﺎﺋﯾﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ وﻫو ﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز.101
ٕواذا ﻛﺎن ﻓﺣوى ﻫذا اﻟرأي أن أي دوﻟﺔ ﻻ ﺗﻌﺗرف ﺑﺣﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻲ
إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ إﻻ إذا ﺗواﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺷرط اﻟﻣﺗﻘدم ،ﻓﺈن اﻟﺑﻌض ﻗد ذﻫب إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ذﻟك ،إذ ﻻ ﯾﻌﺗرف
ﺑﺣﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ إﻻ ﺑﻌد ﺻدور اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن ﻗﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطﻠب
إﻟﯾﻬﺎ ،وﯾﻠﺗﻘﻲ ﻫذان اﻟرأﯾﺎن ﻋﻧد ﻧﻘطﺔ واﺣدة ﻫﻲ أن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣطﻠوب ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻓﻲ
دوﻟﺔ أﺧرى ﻏﯾر اﻟﺗﻲ ﺻدر ﻓﯾﻬﺎ ﻻ ﯾﻛﺗﺳب ﺣﺟﯾﺗﻪ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدورﻩ ،وﻻ ﯾﺧﻔﻰ أن
ﻫذااﻹﺗﺟﺎﻩ ﯾﻌﯾق ﻧﺟﺎح اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻟﻣﺎ ﯾرﺗﺑﻪ ﻣن ﻋدم ﺟواز ﺣﺻول
اﻟﺣﻛم اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻐﺎﯾرة إﻻ ﺑﻌد إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣﻊ
إﺣﺗﻣﺎل رﻓض ﻗﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ،إذ
ﯾظﻬر أن ﻧﺟﺎﻋﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻹﻋﺗراف ﻷﺣﻛﺎم
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺣﺟﯾﺗﻬﺎ ﻣﻧذ ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدورﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺷﺄن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟوطﻧﯾﺔ
وﻟﯾس ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺻدرت ﻓﯾﻬﺎ أو ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطﻠب إﻟﯾﻬﺎ
ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ.102
101ﺣﺳﻧﻲ اﻟﻣﺻري ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ظل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻛوﯾﺗﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻣﺻر،1996 ،
ص.530.
102اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.531.
44
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
وﻗد أﺧذ ﺑﻬذا-ﺗﻣﺗﻊ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﺣﺟﯾﺔ اﻷﻣر اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻣﻧذ ﺻدورﻩ ،-اﻟﻣﺷرع
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓرﻏم ﺗﻔرﻗﺗﻪ ﺑﯾن اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ واﻟدوﻟﻲ ،إﻻ أﻧﻪ ﺑﺻدد ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أﺣﺎل ﻓﻲ
اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة 1476واﻟواردة ﻓﻲ اﻷﺑواب اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ
ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ ،وﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﺿﻔﻲ اﻟﺣﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻧذ ﻟﺣظﺔ ﺻدورﻩ ،ﻓﺗﻧص
ﻋﻠﻰ":ﯾﻛون ﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻧذ ﺻدورﻩ ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺧﻼف اﻟذي
ﯾﺣﺳﻣﻪ" ،103ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ
ﻓﺗﻧﺑﺳط اﻟﺣﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم أﯾﺎ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣطﺑق ،وأﯾﺎ ﻛﺎن اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﺻدر ﻓﯾﻪ
اﻟﺣﻛم ،وﯾﻼﺣظ أن ﻗﺎﻋدة ﺗﻣﺗﻊ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﺣﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ ﻋدم
إﻣﻛﺎن اﻟﺣﻛم ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻣﺳك أﺣد اﻷطراف ،وﻻ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء
ﻧﻔﺳﻬﺎ وذﻟك ﺳواء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ أو اﻟدوﻟﻲ.104
وﻗد أﺧذ ﺑﻧﻔس اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺣدﯾث ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ ،1994
ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 55ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن ":ﺗﺣوز أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟﺻﺎدرة طﺑﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟﻘﺎﻧون ﺣﺟﯾﺔ
اﻷﻣر اﻟﻣﻘﺿﻲ ،"...وﻫذا اﻟﻧص ﻟم ﯾﺷﺗرط اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻹﻛﺗﺳﺎب اﻟﺣﺟﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻗد ﻋﺎﻣل
أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة طﺑﻘﺎ ﻟﻬذا اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ واﺣدة ،إذا ﻟم ﯾﻔرق ﺑﯾن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟوطﻧﯾﺔ وأﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ.105
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﺑدأ ﺣﺟﯾﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت واﻷﻧظﻣﺔ
اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻧﺑدأ ﺑﺑروﺗوﻛول ﺟﻧﯾف 1923ﺑﺷﺄن ﺷروط اﻟﺗﺣﻛﯾم ،إذ ﻧﺟد أﻧﻪ ﻟم ﯾﻌرض ﻟﺣﺟﯾﺔ
أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ٕواﻧﻣﺎ ﻋرض ﻟﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻓﻘط ،أي ﺗرك ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺟﯾﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ
اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﻟﺗﻧظﯾم ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ اﻟوطﻧﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﺗﻌﺗرف ﻟﺗﻠك اﻷﺣﻛﺎم
103
Décret n°48-2011,Portant réforme de l’arbitrage, Journal officiel de la république
française n°0011 du 14 janvier 2001.
104ﻣﺣﻣود ﻣﺧﺗﺎر أﺣﻣد ﺑرﺑري ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.ص.287،286.
105اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.ص.532،531.
45
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﺑﺣﺟﯾﺗﻬﺎ ﺑﻣﺟرد ﺻدورﻫﺎ أو ﺑﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﺛم ﺟﺎءت إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف ﻟﻌﺎم 1927ﺑﺷﺄن ﺗﻧﻔﯾذ
أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم إذ ﺗﻌرﺿت ﺑﺈﺳﺗﺣﯾﺎء ﻟﺣﺟﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ ﻣن
أن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺗﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ
اﻟوطﻧﻲ ﯾﻌﺗرف ﻟﻪ ﺑﻬذﻩ اﻟﺣﺟﯾﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدورﻩ ودون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺗﺧﺎذ أي إﺟراء أﺧر أو
ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾﻠزم ﻟﺛﺑوت ﻫذﻩ اﻟﺣﺟﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﻊ ﻗﺿﺎءﻫﺎ اﻟوطﻧﻲ ﻣن اﻟﺗﻌرض ﻣرة أﺧرى
ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع اﻟذي ﻓﺻل ﻓﯾﻪ اﻟﺣﻛم اﻷﺟﻧﺑﻲ ،إﺗﺧﺎذ إﺟراء ﻣﻌﯾن ﻛﺄن ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ﻣذﯾﻼ
ﻣﺛﻼ ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة اﻟﺗﻲ
ﺻدر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم .وﻟﻘد أﻛدت إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﻌﺎم 1958اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻘرر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﻰ
ﻣن إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف ﻟﻌﺎم 1927وﻟﻛن ﺑﻧص ﺻرﯾﺢ وواﺿﺢ ﻫو ﻧص اﻟﻣﺎدة 3اﻟﺗﻲ ﻗررت أن:
"ﺗﻌﺗرف ﻛل ﻣن اﻟدول اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة ﺑﺣﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﺄﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ طﺑﻘﺎ ﻟﻘواﻋد اﻟﻣراﻓﻌﺎت
اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﻠﯾم اﻟﻣطﻠوب إﻟﯾﻪ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ، 106"...ﻣﻣﺎ ﯾﻣﺛل ﺧطوة ﺗﻘدﯾﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺗطور
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺗﻲ ﺟﻧﯾف ﻟﻌﺎم 1923و ،1927إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﻋﺗراف اﻟدول اﻷطراف
ﺑﺣﺟﯾﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر أﺟﻧﺑﯾﺔ وﻻ وطﻧﯾﺔ.
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺟد أن ﻛﻼ ﻣن ﻧظﺎم ﺗﺣﻛﯾم ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس واﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﻌﺎم
إﻛﺗﻔﺎء ﺑﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري اﻟﻣذﻛور
ً 1961ﻟم ﯾﺗﻌرﺿوا إﻟﻰ ﺣﺟﯾﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك
ﺑﺷﺄن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرةﻋن ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺑدأ
اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣﺛل اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻪ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﺧﺗﻠف اﻟﺣﺎل ﻓﻲ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن
ﻟﻌﺎم 1966ﺑﺷﺄن ﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر ﺣﯾث إﻋﺗﺑرت أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة طﺑﻘﺎ
ﻷﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ﻣﺗﻣﺗﻌﺔ ﺑﻧﻔس اﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة
وأﻟزﻣت ﻫذﻩ اﻟدول ﺑﺎﻹﻋﺗراف ﺑﻬذﻩ اﻟﺣﺟﯾﺔ وﯾظﻬر ذﻟك ﻣن اﻟﻣﺎدة 1/54ﻣن ﻫذﻩ اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
وﻛذﻟك اﻟﻣﺎدة ،3/54إذا أوﺟﺑت ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدة اﻹﻋﺗراف ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدرة
46
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
طﺑﻘﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﻧﻔس اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻣن ﻣﺣﺎﻛﻣﻬﺎ اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻫذا وﻗد إﻋﺗﺑرت ﻗواﻋد ﺗﺣﻛﯾم
ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة وﻛذﻟك اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻌﺎم 1985ﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي ﯾﺻدر وﻓﻘﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ وﻣﻠزﻣﺎ ﻷطراﻓﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻋدم ﺟواز ﺗﻌرض
107
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطﻠب إﻟﯾﻬﺎ ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع اﻟذي ﻓﺻل ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛم.
ﺛـﺎﻧــﯾـﺎ:أوﺟــﻪ اﻟــرﻗــﺎﺑــﺔ
إن اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ أداة وﺻﺎﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ إرادة اﻷطراف اﻟﺣرة وﻋﻠﻰ
وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺗﻲ ﯾﺧوﻟﻬﺎ اﻷطراف واﻟﻘﺎﻧون ﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أي أﻧﻪ أداة ﻟﻔرض رﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻻﺣﻘﺔ إﻻ أﻧﻧﺎ ﻧﺟد ﺑﻌض اﻹﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻬﻧﺎك ﻣن ﯾطﺑق ﻣﺟرد رﻗﺎﺑﺔ
ﻣﺎدﯾﺔ ذات طﺎﺑﻊ ﺷﻛﻠﻲ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ.108
:1اﻟرﻗــﺎﺑـﺔ اﻟﻣــﺎدﯾـﺔ
ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ أﻣ ار ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻧظﺎم اﻷﺣﻛﺎم وﻻ ﯾﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع إﻧﻣﺎ ﻫو
أﻣر وﻻﺋﻲ ﯾﻣﺎرس ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ اﻷﻣر اﻟﻣزود ﺑﻬﺎ ،وذﻟك ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻘﺻور اﻟذي ﻗد
ﯾﺷوب اﻹرادة اﻟﻔردﯾﺔ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﯾرى أن ﻫﻧﺎك ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺟدﯾرة ﺑﺎﻟرﻋﺎﯾﺔ ،وﻟن ﺗﻛون إرادة
اﻷطراف اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ،ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗدﻋﻲ وﺻﺎﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ٕواﻟزاﻣﯾﺔ إﻋﻣﺎل
رﻗﺎﺑﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻬدف أو اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻌﻰ إﻟﯾﻬﺎ اﻷطراف ،ﻓﯾﻣﺎرس اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﺧﺗص
ﺑﺈﺻدار اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ رﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم إﻻ أﻧﻬﺎ ﻣﺣددة ،ﺷﻛﻠﯾﺔ وﺧﺎرﺟﯾﺔ،
ﻟﯾﺳت ﻛﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻣﺣﺎﻛم اﻟطﻌن ،ﻟذﻟك ﻓطﻠب اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻟﯾس طﻌﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم
اﻟﺻﺎدر ﻣن اﻟﻣﺣﻛم ،ﻛﻣﺎ ﻧﺟد أن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣدد وﻣﻘﯾد إﻟﻰ أﺑﻌد ﺣد،
ﻓﻠﯾس ﻟﻪ ﻓﺣص ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ أم ﻻ ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ
107ﺣﺳﻧﻲ اﻟﻣﺻري،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ظل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻛوﯾﺗﻲ واﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.ص.536،534.
108ﻧﺑﯾل إﺳﻣﺎﻋﯾل ﻋﻣر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.219 ،218.
47
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻫﻲ رﻗﺎﺑﺔ ﻟﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﻣن ﺣﯾث اﻟﺷﻛل وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺣص ﺷرﻋﯾﺗﻪ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ،أي أن
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻗب ﻋﻧد طﻠب اﻷﻣر اﻟﻌﯾوب اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدوا ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻷول وﻫﻠﺔ ﻟﻠﻣطﻠﻊ ﻋﻠﻰ
اﻟﺣﻛم ،وذﻟك ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻷﺳﺑﺎب أو ﻋدم ﺻﺣﺔ ﺗﻌﻠق اﻷﺳﺑﺎب أو ﻋدم
ﺻﺣﺔ ﺗﻌﻠق اﻷﺳﺑﺎب ﺑﺎﻟﻣوﺿوع واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﺗﻘدﯾرﻫﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻵﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻷن ﻫذا
ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻣﻧﻪ ﻓﺣص اﻟﻣوﺿوع اﻟﺻﺎدر ﻓﯾﻪ اﻟﺣﻛم وﻫذا ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟطﺎﺑﻊ ﻏﯾر
اﻟﺣﺿوري وﻏﯾﺎب اﻟﻣواﺟﻬﺔ واﻟﻣﺟﺎدﻟﺔ ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم ،ﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر ﺗﺿﯾﯾق ﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺎﺿﻲ.109
:2اﻟرﻗــﺎﺑﺔ اﻟﻣـوﺿوﻋــﯾﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن أﻏﻠب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻷﻧظﻣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻗد أﺧذت ﺑﻣﺑدأ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻋﻧد إﺻدار اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ،إﻻ أن ﻫﻧﺎك ﺑﻌض اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى ﺗﺄﺧذ ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،أﯾن ﯾﺗم ﻓﯾﻬﺎ ﺣﺿور اﻟﺧﺻوم ٕواﻋﻣﺎل ﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ،وﯾﺗطرق اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻛل
ﻣﺎ ﯾﺑدﯾﻪ اﻷطراف ﻣن دﻓوع ودﻓﺎع ﺿد ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣطﻠوب إﺻدار اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ ،ﻓﺈذا
وﺟدت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺷوب ﺑﺑﻌض اﻟﻌﯾوب اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗؤدي إﻟﻰ إﺑطﺎﻟﻪ ﻓﯾﺟب
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌﯾوب ﻗﺑل إﺻدار أﻣر اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،وﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻣﻌﻣول ﺑﻪ ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ٕواﻧﺟﻠﺗ ار
واﻟﺳوﯾد ،110وﻫذﻩ اﻟﻧظم ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ ﻻ ﺗﺄﺧذ ﺑﻣﺟرد اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺷﻛﻠﻲ ٕواﻧﻣﺎ
ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺷﺎﺑﻪ ﻣﻊ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ ﻣﺣﺎﻛم اﻟطﻌن وﻫذا ﻻ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ
ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻘﺻﯾر ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻷوﺟﻪ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ أو اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ
أن ﺗﻛون ﻣﺣددة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر،ﻟذﻟك ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﺄﻛد ﻗﺑل إﺻدار اﻷﻣر
ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن إﺣﺗرام اﻟﻣﺣﻛم ﻟﺣدود ﻣﻬﻣﺗﻪ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص إﻟﺗزاﻣﻪ ﺑﺣدود
48
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
وﻻﯾﺗﻪ ٕواﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وأن اﻟﻧظﺎم ﻻ ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ أي ﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻛﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ أﻻ ﯾﺻدر اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺣﻛﻣون ﻗد ﺗﺟﺎوزو ﺣدود
ﺳﻠطﺗﻬم ،ﺑﺄن ﻗﺎﻣوا ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺑﻣﺎ ﻟم ﯾطﻠﺑﻪ اﻟﺧﺻوم أو ﺑﺄﻛﺛرﻣﻣﺎ طﻠﺑﻪ اﻟﺧﺻوم وﻫذﻩ ﺑﻌض ﻣن
اﻟﻣظﺎﻫر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻟﺗﺿﯾﯾق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻋﻧد اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ وﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻷﻣر
ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺷرط ﻹرﺗﻘﺎء أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم إﻟﻰ ﻣﺻﺎف أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم ،ﻧظ ار ﻟﻛون ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم
ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع واﻟﻔﺻل ﻓﯾﻪ ،وﻟﯾس ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ اﻷﻣر ،إﻻ أن ﺳﻠطﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻵﻣر ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺟرد اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻠوب ﺗﻧﻔﯾذﻩ ،أي أﻧﻪ ﯾطﻠﻊ ﻋﻠﻰ
اﻟﺣﻛم وﯾﺗﺄﻛد ﻣن أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎﻧﻊ ﻣن ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻓﻘط.111
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧظﺎم اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ
ﯾﻘﺻد ﺑﻧظﺎم اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ أن اﻟﻘرار اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﺑﺗواﻓر
ﺷروط ﻣﻌﯾﻧﺔ ،وﺑﺈﺗﺑﺎع إﺟراءات ﻣﺣددة ،وﻫذا ﻣﺎ إﺗﺑﻌﺗﻪ ﻋدة دول ﻧظ ار ﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﻫذا اﻟﻧظﺎم
وﻫو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾظﻬر ﻓﻲ ﺟل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،وﺳﻧﺗﻌرض ﻟﻪ ﻣن
ﺟﺎﻧﺑﯾن ،اﻹﺟراءات اﻟواﺟب إﺗﺧﺎذﻫﺎ وﻣن ﺛﻣﺔ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.112
ﻟﻘد ﺣددت ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ،اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﯾﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﻧﻔﯾذﻩ ،إذ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﺻﺎﻟﺢ طرف ،ﯾﺣق ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺣﺟﯾﺔ
ﻫذا اﻟﺣﻛم ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣن ﻗﺑل اﻟطرف اﻟذي ﺻدر
اﻟﺣﻛم ﺿدﻩ ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟطرف اﻵﺧر رﻓﻊ دﻋوى أﻣﺎم اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ واﻟطﻠب ﻣﻧﻬﺎ
49
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﺳﺗﺻداراﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ ذﻟك اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،وﻫو إﺟراء ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻧﺗﺞ ﻣﻧﻪ رﻓﻊ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻷﺣﻛﺎم اﻟوطﻧﯾﺔ ،وﺣﺗﻰ ﯾﺷﻣل ذﻟك اﻟﺣﻛم اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﯾﺟب
أن ﯾرﻓﻊ اﻟﻣﺣﻛوم ﻟﻪ دﻋوى وﻓﻘﺎ ﻟﻠطرق اﻟﻣﻌﺗﺎدة أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ داﺋرة
إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻣﻊ ﺗﺣدﯾد ﻋدم وﺟود ﻣﯾﻌﺎد ﯾﺗوﺟب إﺣﺗراﻣﻬﻼﺳﺗﺻدار أﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﺑل ﯾﻘوم اﻟطرف اﻟﻣﻬﺗم ﺑرﻓﻊ طﻠب ﺗﻧﻔﯾذ ذﻟك اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺟرد ﺻدورﻩ113أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻘد ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1054ﻣن ق.إ.م.إ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ":ﺗطﺑق أﺣﻛﺎم
اﻟﻣواد ﻣن 1035إﻟﻰ 1038أﻋﻼﻩ ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ" وﯾﺗﺿﺢ ﻣن
ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أﻧﻪ ﻗد أﺣﺎﻟﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ ،114وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻫذﻩ
اﻟﻣواد ﻧرى أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺳوى ﺑﯾن اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ طﺎﻟب اﻟﺗﻧﻔﯾذ
إﺗﺧﺎذﻫﺎ ﻣن أﺟل ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳواء ﻛﺎن ذﻟك اﻟﺣﻛم ﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر أو ﺧﺎرج اﻟﺗراب
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة 1051ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ
اﻟوطﻧﻲ ،ﻫذا ً
ﻧﺻت ﻋﻠﻰ":ﯾﺗﻣﺎﻹﻋﺗراف ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر إذا أﺛﺑت ﻣن ﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ
وﺟودﻫﺎ ،وﻛﺎن ﻫذا اﻹﻋﺗراف ﻏﯾر ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟدوﻟﻲ .وﺗﻌﺗﺑر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ
اﻟﺟزاﺋر وﺑﻧﻔس اﻟﺷروط ،ﺑﺄﻣر ﺻﺎدر ﻋن رﺋﯾس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺻدرت أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
داﺋرة إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ أو ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣوﺟودا ﺧﺎرج اﻹﻗﻠﯾم اﻟوطﻧﻲ".
ﻓﻠﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﯾﺟب إﺛﺑﺎت ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺗﻘدﯾم اﻷﺻل
ﻣرﻓﻘﺎ ﺑﺈﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﻧﺳﺦ ﻋﻧﻬﻣﺎ ﺗﺳﺗوﻓﻲ ﺷروط ﺻﺣﺗﻬﺎ وﺗودع ﻫذﻩ اﻟوﺛﺎﺋق ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ
ﺿﺑط اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.
50
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
ﻣﯾز اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم رﻓﻊ طﻠب إﺳﺗﺻدار أﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ وذﻟك ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ اﻟﺣﻛم
اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر واﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺧﺎرج اﻟﺟزاﺋر ،ﻓﻧظ ار ﻟﻠﻣﺎدة 1051ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﺣﻛم اﻟﻣراد ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻓﯾﺗم إﺳﺗﺻدار أﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذﻩ
ﻣن ﻗﺑل رﺋﯾس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺻدر ﻓﻲ داﺋرة إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ ، 115ﻓﺗﺣدﯾد اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻣرﺗﺑط ﺑﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر
ﻓرﺋﯾس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺻدر ﻗرار اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ داﺋرة إﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻫو اﻟﻣﺧﺗص ،116أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﺧﺎرج اﻟﺟزاﺋر وطﻠب ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋري ﺗﻧﻔﯾذ ذﻟك اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻛون ذﻟك
ﻣن إﺧﺗﺻﺎص رﺋﯾس ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺣل اﻟﺗﻧﻔﯾذ.117
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻟﻘد رأﯾﻧﺎ أن ﻣدى اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوطﻧﯾﺔ،
ﻓﻣﻧﻬﺎ ﻣن ﯾﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔٕ ،واﺳﺗﯾﻔﺎء
اﻟﺣﻛم ﻟﻠﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣن ﯾوﺳﻊ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗدﻗﯾق اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،وﻗد
ﯾﺻل اﻷﻣر إﻟﻰ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،وﯾظﻬر ﻫذا اﻟﻣدى ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﺷرع
ﻟﻠﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑرﻓض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ)اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﺳﻧﺗطرق ﻟﻠﺣﺎﻻت
اﻟواردة ﻓﻲ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
115
TERKI Nour-eddine,op.cit,p.128
116ﻋﻠﯾوﺷﻘرﺑوع ﻛﻣﺎل ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص65.
117
TERKI Nour-eddine,op.cit,p.128
51
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻔرع اﻷول
ﺣﺎﻻت رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري
-إذا ﻛﺎن ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﺣﻛم اﻟوﺣﯾد ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون،
– إذا ﻟم ﺗﺳﺑب ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﻛﻣﻬﺎ ،أو إذا وﺟد ﺗﻧﺎﻗص ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب،
ﻓﻬذﻩ اﻟﺣﺎﻻت واردة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،وﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺧروج ﻋﻧﻬﺎ ﻣن أﺟل ﺗﺄﺳﯾس رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ
ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻧﻔس اﻟﺣﺎﻻﺗﺎﻟﺗﻲ ﺗﺗﯾﺢ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ.
52
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟدوﻟﻲ اﻟﺗﺟﺎري وﻓق " إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك"
ﯾﻌود اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﺑﺷﺄن اﻹﻋﺗراف ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ وﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﻔرع ﻷﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ أرﺳﺗﻬﺎ ﻣﻧذ أﻛﺛر ﻣن 50
ﺳﻧﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧون ﻋﺎﻟﻣﻲ ﯾﺳري ﻋﻠﻰ أﻏﻠب اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر ﻟﻣﺎ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ ﻣن
ﻣزاﯾﺎ ، 119إذا أﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ واﺣدة ﻣن ﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻫﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﻹﻋﺗراف ﺑﻘرار اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﻧﻔﯾذﻩ ،120ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﺑﻔﻘرﺗﯾﻬﺎ اﻷوﻟﻰ واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ رﻓض اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،وﻫﻲ ﻣذﻛورة ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ﻷن اﻷﺻل
ﻫو اﻹﻟﺗزام ﺑﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻘرار ﻣﺗﻰ ﺗواﻓرت اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق،
واﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻧص ﺗﻧﻘﺳم ﻋﻠﻰ ﻧوﻋﯾن:أﺳﺑﺎب ﻻ ﯾﺟوز ﻓﯾﻬﺎ رﻓض اﻟﺗﻧﻔﯾذ إﻻ ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺧﺻم اﻟذي ﺻدر ﻗرار اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ ﻏﯾر ﺻﺎﻟﺣﻪ ،وأﺳﺑﺎب ﯾﺟوز ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠﺟﻬﺔ
اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﻧظر طﻠب اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻷﻣر ﺑرﻓﺿﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ذاﺗﻬﺎ وﻟو ﻟم ﯾطﻠب أﺣد اﻟﺧﺻوم
ذﻟك.121
ﻓﺄﺳﺑﺎب اﻟرﻓض اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻷﻣر ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻘدﯾم طﻠب ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﺷﺄن ﻣذﻛورة
ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة 5وﻫﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ":ﻻ ﯾﺟوز رﻓض اﻹﻋﺗراف وﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺧﺻم اﻟذي ﯾﺣﺗﺞ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺣﻛم إﻻ إذا ﻗدم ﻫذا اﻟﺧﺻم ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ
اﻟﺑﻠد اﻟﻣطﻠوب إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﻹﻋﺗراف واﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ:
-أن أﺣد أطراف اﻹﺗﻔﺎق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻛﺎن طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟذي ﯾﻣطﺑق
ﻋﻠﯾﻪ ﻋدﯾم اﻷﻫﻠﯾﺔ أو أن اﻹﺗﻔﺎق اﻟﻣذﻛور ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟذي أﺧﺿﻌﻪ ﻟﻪ
اﻷطراف أو ﻋﻧد ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك طﺑﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﺑﻠد اﻟذي ﺻدر ﻓﯾﻪ اﻟﺣﻛم.
53
اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎص اﻟﻤﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ:
-أن اﻟﺧﺻم اﻟﻣطﻠوب ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﻟم ﯾﻌﻠن إﻋﻼﻧﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﺑﺗﻌﯾﯾن اﻟﻣﺣﻛم أو
ﺑﺈﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ﻋﻠﯾﻪ ﻟﺳﺑب آﺧر أن ﯾﻘدم دﻓﺎﻋﻪ.
-أن اﻟﺣﻛم ﻓﺻل ﻓﻲ ﻧزاع ﻏﯾر وارد ﻓﻲ ﻣﺷﺎرطﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺗﺟﺎوز ﺣدودﻫﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻗﺿﻲ
ﺑﻪ ،وﻣﻊ ذﻟك ﯾﺟوز اﻹﻋﺗراف وﺗﻧﻔﯾذ ﺟزء ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﺧﺎﺿﻊ أﺻﻼ ﻟﻠﺗﺳوﯾﺔ ﺑطرﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم
إذا أﻣﻛن ﻓﺻﻠﻪ ﻋن ﺑﺎﻗﻲ أﺟزاء اﻟﺣﻛم اﻟﻐﯾر ﻣﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻬﺎ ﺑﻬذا اﻟطرﯾق.
-أن ﺗﺷﻛﯾل ﺣرﻛﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻣﺎإﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻷطراف أو ﻟﻘﺎﻧون
اﻟﺑﻠد اﻟذي ﺗم ﻓﯾﻪ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻹﺗﻔﺎق.
-أن اﻟﺣﻛم ﻟم ﯾﺻﺑﺢ ﻣﻠزﻣﺎ ﻟﻠﺧﺻوم أو أﻟﻐﺗﻪ أو أوﻗﻔﺗﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔﻓﻲ اﻟﺑﻠد اﻟﺗﻲ ﻓﯾﻬﺎ
أو ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ ﺻدر اﻟﺣﻛم".122
أﻣﺎ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣطﻠوب إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺗﻧﻔﯾذ رﻓض ﻫذا
اﻷﺧﯾر ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ،وﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺳﺑﺑﯾن ﻫﻣﺎ:
-أن ﻓﻲ اﻹﻋﺗراف ﺑﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن أو ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﻠد.123
وﯾﻼﺣظ أن ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻫﻲ ﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة 36ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ
ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﻛذا اﻟﻣﺎدة 1056ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟزاﺋري
ﻛﺄﺳﺑﺎب ﻹﺳﺗﺋﻧﺎف اﻷﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﻋﺗراف أو ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﺈﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺟرد ﻓﯾﻬﺎ ﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﺻﻔﺔ اﻹﻟزام أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻟﻐﺎﺋﻪ أ ٕواﯾﻘﺎﻓﻪ ﻣن طرف اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ
اﻟﺗﻲ ﺻدر ﻓﯾﻬﺎ أو ﺻدر ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧوﻧﻬﺎ.124
54
اﻟﺧـــــــــــــــــــــــــــــــــﺎﺗــــــــــــــــــﻣــــــــــــــــــــﺔ
ﻓﻲ ﺧﺗﺎم ﺑﺣﺛﻧﺎ وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎﺳﺑق ﯾﻣﻛن أن ﻧﺟزم أن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻫو اﻟﻘﺿﺎء اﻷﻣﺛل
ﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻣﻌﻘدة اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي،
ﻣﺎ أدى ﺑﺈﺳراع اﻟﻣﺷرﻋﯾن ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟدول إﻟﻰ ﺳن ﻗواﻧﯾن ﺗﺳﻌﻰ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺗوﻓﯾق
ﺑﯾن ﺣﺗﻣﯾﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺿرورة ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻟﺧﺻوم ،ﻓﺑﻌد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺿرورة
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻣن أﺟل ﻧﺟﺎﻋﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﻲ ،ﯾﺑﻘﻰ أﻧﻪ ﻻزال ﻫﻧﺎك
ﻧﻘص وﻟﺑس ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا أﺧذﻧﺎ ﺑﻌﯾن اﻹﻋﺗﺑﺎر ﺣداﺛﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻧﺳﺑﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،وﺑﺷﻛل أﺧص ﻣوﺿوﻋﻧﺎ.
إذ ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺗوﺟﻪ ﻟﯾﺑراﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09/93وﻛذاﻟك اﻷﻣر
،09/08ﺣﯾث ﻛرس ووﺳﻊ ﻣن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري داﺧﻠﯾﺎ ودوﻟﯾﺎ ،أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص ﻣوﺿوﻋﻧﺎ ،ﻓﺈن ﻛﺎﻧت اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻻ ﺗزال ﻓﻲ
ﻏﺷﺎوة ﻏﯾر واﺿﺣﺔ ،ﻓﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﺧﺎﺻﺔ
وأن ﻣدى إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣﻌروف ﺑﻣﺑدأ "اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص" ﻻ ﯾزال ﻏﯾر واﺿﺢ
وﯾﺛﯾر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ.
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺗم ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﯾن ،ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺑل
ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،وﻫذا ﻧﺿ ار ﻷﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻓﺻل اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ
إﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ إذا ﺗم ﺿﻣﻪ إﻟﻰ
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع.
ﻓﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﻘدم ،ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻧﺎ ﺟﻠﯾﺎ ﺗﺄﺛر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻟﺗوﺟﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ﻗﺑل ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﯾث
ﻣﻧﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﺎدي ﺳﻠطﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ إﺳﺗﺛﻧﺎءا وﺑﺷﻛل ﺳطﺣﻲ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن اﻟوﺟود اﻟﻣﺎدي ﻹﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻩ أﺳﺎس إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،وﺑﻬذا ﯾﻛون ﻫدﻓﻪ ﺣﻣﺎﯾﺔ إرادة
اﻷطراف وﻟﯾس اﻟﺗﻌدي أو اﻟﺗﻘﻠﯾص ﻣن ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم ،ﺧﺎﺻﺔ و أﻧﻪ أﺟﺎز ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑق ﺑداﯾﺔ اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺗﺻﺎل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ
55
اﻟﺧـــــــــــــــــــــــــــــــــﺎﺗــــــــــــــــــﻣــــــــــــــــــــﺔ
ﺑﺎﻟﻧزاع ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻣﻠك ﺳﻠطﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺔ أي رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻣدى إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم إﻻ ﺑﻌد
ﺻدور ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ذﻟك ،ﺳواء ﻛﺎن ﺣﻛﻣﺎ أوﻟﯾﺎ ﻓﺎﺻﻼ ﻓﻲ اﻹﺧﺗﺻﺎص أو ﻣﻧﻬﯾﺎ ﻟﻠﻧزاع
إذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻹﺧﺗﺻﺎص ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،وﻓﻲ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧﯾرة ﺗﻛون
اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻻﺣﻘﺔ وﺗﺗم إﻣﺎ ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ
اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ.
ﻣن ﺧﻼل ﺗﻣﻌﻧﻧﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،وﻓﻲ إطﺎر ﺳﻌﯾﻧﺎ اﻟﺣﺛﯾث ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ
اﻟﺑﺣث ﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﺟﻠﯾﺎ ،أن رﻏم اﻟﺗطور واﻟﺗﺣﺳﯾﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺎول اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ،إﻻ
أن اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﻟﺗﻧظﯾم ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﯾﺷوﺑﻬﺎ اﻟﻘﺻور وﻋدم اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ﻓﻲ
ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل ،وﻧﺑدأ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﺣﺎﻻت اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،وﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﯾرﻓض اﻹﻋﺗراف و
اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ،ﻓرﻏم ﺣﺻرﻩ ﻟﻬﺎ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺳﻠطﺎت واﺳﻌﺔ ،ﻛذﻟك
ﻣﻧﺣﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم إذ أﻧﻪ أﻏﻔل ﺗﺣدﯾد ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻪ وﻛذﻟك
اﻟﻔﻘﻪ ،إذ ﯾﺑﻘﻰ ﻫذا ﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺷﺎﺋﻛﺔ وﻫذا ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق أﻏﻠب اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت ،إذ أﻧﻪ ﯾﺳﻣﺢ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ أو ﻋدم ﻗﺑول ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻣؤﺳﺳﺎ ذﻟك ﻋﻠﻰ أراءﻩ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ .
ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻧﻘﺗرح ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ،ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺗﻪ ﻓﻲ ﺟذب
اﻟﻣﺳﺗﺛﻣرﯾن اﻷﺟﺎﻧب ﻟﺗطوﯾر اﻹﻗﺗﺻﺎد ﺑﺗﺟﻬﯾز أرﺿﯾﺔ ﺻﻠﺑﺔ ﻟﻪ طرﯾق وﺿﻊ ﻗﺎﻧون ﺧﺎص
ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري ﻣن أﺟل ﺗﻔﺳﯾر وﺗوﺿﯾﺢ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺷوﺑﻪ ﻏﻣوض ،وﻛذاﻟك اﻹﺳﺗﻔﺗﺎء ﻋن
ﺟﻣﯾﻊ اﻷراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ وﻟﯾس اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﺣﺳب.
56
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
.Iاﻟﻛﺗب
-1اﻟﺣﺳﯾن اﻟﺳﺎﻟﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم و ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ )دراﺳﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ( ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ
اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت و اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ،ﺑﯾروت.2008 ،
-2ﺑردان إﯾﺎد ﻣﺣﻣود ،اﻟﺗﺣﻛﯾم و اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﻟﺑﻧﺎن2004. ،
-3ﺑﻧدق واﺋل أﻧور ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم)اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ و ﻗواﻧﯾن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ( ،اﻟطﺑﻌﺔ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟوﻓﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻣﺻر.2009 ،
-6ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد ﺣداد ،اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﺷﺄن إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ،
ﻣﺻر.2001 ،
، __________ -7اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﯾن اﻹزدواﺟﯾﺔ و اﻟوﺣدة ،دار
اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ،ﻣﺻر.2003 ،
57
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
-10ﺳﻼﻣﺔ أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ،اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻟدوﻟﯾﺔ ،دار
اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة2006. ،
-11ﻋﺎﻣر ﻓﺗﺣﻲ اﻟﺑطﺎﻧﯾﺔ ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ)دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،دار
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﻣﺎن.2008 ،
-12ﻓوزي ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر
واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﻋﻣﺎن.2010 ،
-13ﻣﺣﻣد ﺳﻣﯾر ﺷرﻗﺎوي ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ)دراﺳﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة.2011،
-14ﻣﺣﺳن ﺷﻔﯾق ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ)دراﺳﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ( ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة.1997 ،
-15ـﻣﺣﻣد ﻛوﻻ ،ﺗطور اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي،
اﻟﺟزاﺋر.2008 ،
-16ﻣﺣﻣود ﻣﺧﺗﺎر أﺣﻣد ﺑرﯾري ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار اﻟﻧﻬظﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة. 1999 ،
58
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
-17ﻧﺑﯾل إﺳﻣﺎﻋﯾل ﻋﻣر ،اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ و اﻟدوﻟﯾﺔ ،دار
اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ. 2004 ،
-18ﯾدر أﻣﺎل ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ)دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ(،
ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت. 2012 ،
:IIاﻟﻣذﻛرات اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
-1أﺳﺎﻣﺔ أﺣﻣد ﺣﺳﯾن أﺑو اﻟﻘﻣﺻﺎن ،ﻣدى إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ
"دراﺳﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ" ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
اﻷزﻫر ،ﻏزة. 2010 ،
-2ﺑﻠﻐول دﻧﯾﺎزاد ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري
و اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة( ،ﻣذﻛرة اﻟﺗﺧرج ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ.2013 ،
-3ﺑوﻟﺣﯾﺔ ﺳﻌﺎد ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺄﺳﻠوب ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻣذﻛرة
ﻟﻧﯾل اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة ،اﻟﺟزاﺋر،
.2008
-4ﺑﺷﯾر ﺳﻠﯾم ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﻘﯾد اﻟﺣﺎج ﻟﺧﺿر ،ﺑﺎﺗﻧﺔ2003. ،
59
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
-5ﺗواﺗﻲ ﺳﻬﯾﻠﺔ ،ﺗوﻧس ﺣﺳﯾﻧﺔ ،ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ،ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد
اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ. 2012 ،
-6ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ )دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻣرﺳوم
اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 93-09و اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن( ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓرع
ﻗﺎﻧون اﻷﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي أوزو. 2004 ،
-7ﺣدادن طﺎﻫر ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو. 2012 ،
-8ﺑطﺎش ﻓﺎطﻣﺔ ،ﺷﻛور ﻛﺎﺗﯾﺔ ،ﻣﺑدأ اﻹﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ،ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم و اﻟﺣﻘوق
.2011 اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ،
-9ﻣوﻟوج ﻻﻣﯾﺔ ،اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ،
ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ.2011 ،
:IIIأﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ و ﺿرورة
اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ وطﻧﻲ ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو ،ﯾوﻣﻲ 09-08ﻣﺎي.2013 ،
60
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
-2ﺣﺳﺎن ﻧﺎدﯾﺔ" ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ
دوﻟﻲ ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،أﯾﺎم -14
15ﺟوان. 2006 ،
-3زروق ﻧوال" ،اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ دوﻟﻲ ﺣول
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،أﯾﺎم 15-14ﺟوان،
.2006
-4ﻟﯾﻠﺔ ﺑن ﻣدﺧن" ،ﻣﺑررات اﻟطﻌن ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ و ﺣدود إﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟطﻌون ﺑﯾن ﻓرض اﻟرﻗﺎﺑﺔ و إﺣﺗرام إرادة اﻷطراف" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ دوﻟﻲ
ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻗﺎﻟﻣﺔ.
:Vاﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
-3ﻗﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري اﻟﻣﻧﺷور ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ إﺗﺣﺎد
اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت و اﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻋدد 4ﻟﺳﻧﺔ ،1996ص 240.و ﻣﺎﯾﻠﯾﻬﺎ .
61
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
:IVﻣواﺛﯾق ﻣن اﻹﻧﺗرﻧﯾت
-2ﻗﺎﻧون اﻷوﻧﺳﯾﺗرال ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻌﺎم 1985ﻣﻊ اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ إﻋﺗﻣدت ﺳﻧﺔ
www.uncitral.org . 2006
-3إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول و ﺑﯾن رﻋﺎﯾﺎ
اﻟدول اﻷﺧرى www.egyiac.org
-4إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺈﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻘ اررات اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﯾﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ و ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ،اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻓﻲ ﻧﯾوﯾورك ﺑﺗﺎرﯾﺦ www.uncitral.org 1958-06-10
62
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
II : Les Articles
63
اﻟﻔﻬــــرس
ﻣﻘدﻣﺔ .................................................................................أ
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم…………………………1
أوﻻ:اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ17.............................................................................
65
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻹﺣﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص20........................
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻓﺣص ﺻﺣﺔ إﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم24.......................
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ31.................
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن32......................
66
اﻟﻣطﻠب اﻷول :اﻷﻣر ﺑﻘﺑول ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ43..................................................
اﻟﻔرع اﻷول :ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻋن طرﯾق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ44...........................
-1رﻗﺎﺑﺔ ﻣﺎدﯾﺔ48...................................................................................
-2رﻗﺎﺑﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ49................................................................................
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﺳﺗﺻدار اﻷﻣر ﺑﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ52........................
اﻟﻔرع اﻷول :ﺣﺎﻻت رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري53.............................
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :رﻓض ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري وﻓق إﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك54.................................
ﺧﺎﺗﻣﺔ56...........................................................................................
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ58....................................................................................
اﻟﻔﻬرس65..........................................................................................
67