You are on page 1of 7

‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫الملك األلفى‬
‫علَى يَ ِد ِه‪.‬‬ ‫سلَةٌ ع َِظي َمةٌ َ‬ ‫س ْل ِ‬
‫ح ا ْل َها ِويَ ِة‪َ ،‬و ِ‬ ‫اء َمعَهُ ِم ْفتَا ُ‬ ‫س َم ِ‬‫" َو َرأَيْتُ َمالَكًا نَ ِاز ًًل ِم َن ال َّ‬
‫ف‬‫طانُ ‪َ ،‬وقَيَّ َدهُ أ َ ْل َ‬
‫ش ْي َ‬
‫يس َوال َّ‬ ‫ين‪ ،‬ا ْل َحيَّ ِة ا ْلقَدِي َم ِة‪ ،‬الَّذِي ُه َو ِإ ْب ِل ُ‬ ‫علَى التِنِ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫فَقَبَ َ‬
‫علَ ْي ِه ِل َك ْي ًلَ يُ ِض َّل األ ُ َم َم ِفي َما َب ْعدُ‪،‬‬ ‫علَ ْي ِه‪َ ،‬و َخت َ َم َ‬ ‫ق َ‬ ‫ط َر َحهُ ِفي ا ْل َها ِو َي ِة َوأ َ ْغلَ َ‬ ‫‪،‬و َ‬
‫سنَ ٍة َ‬
‫َ‬
‫يرا‪( ".‬رؤ ‪)3-1 : 20‬‬ ‫س ً‬ ‫سنَ ِة‪َ .‬وبَ ْع َد ذ ِلكَ ًلَبُ َّد أ َ ْن يُ َح َّل َز َمانًا يَ ِ‬ ‫ف ال َّ‬ ‫َحتَّى تَتِ َّم األ َ ْل ُ‬

‫يؤمن األخوة البروتستانت بملك المسيح األلفى استنادا على ما ورد في سفر الرؤيا‬
‫اإلصحاح العشرين‪ ،‬ويفسرونه تفسيرا حرفيا بأن المسيح سوف يأتي قبل مجيئه‬
‫الثاني ليملك على األرض مدة ألف سنة تكون كلها سالم ثم بعد ذلك الدينونة‪.‬‬

‫وفى عظة له عن *‪ Pre-millennial Protestantism‬أكد ‪ Gordon Dane‬أن‬


‫ألفيين (أفكارهم ألفية نسبة للملك‬
‫ِ‬ ‫اإلصالحيين العظماء أمثال لوثر وكالفن كانا‬
‫األلفي) وهكذا ففي عقول الكثيرين أصبحت هذه العقيدة هي خالصة العقيدة‬
‫البروتستانتية اإلصالحية‪ .‬فضال عن كونها كانت تعبر بشكل كبير عن رؤية‬
‫الكاثوليكية الرومية التي غادرها اإلصالحيون‪1 .‬‬

‫ويرى ‪ Pieter De Villers‬أن المسيحية هي حركة إسخاطولوجية تُبشر بتتميم‬


‫الوعود اإللهية في الكتب العبرية‪ ،‬ولكنها أيضا تتوقع مجيئا ثانيا للمسيح يُزيل فيه‬
‫العالم الشرير ويستبدله بعالم جديد من هللا‪ .‬كما يضيف ‪ De Villers‬أن الحكم األلفى‬
‫كنظام عقيدى حول حكم المسيح أللف سنة في نهاية األيام أصبح يلعب دورا‬
‫إستثنائيا في الخطاب الدينى مع نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين‪2 .‬‬

‫ونعود إلى ‪ Gordon Dane‬الذى يدافع عن أصالة هذه العقيدة البروتستانتية‪ ،‬و‬
‫يستنكر بشدة مزاعم اليسوعيين أن هذه العقيدة لم ترد في تعاليم الرسل‪ ،‬بل تم‬
‫إدخالها من قِبل البابا في وقت الحق بعد أن قام بتكليف إثنين من الكهنة اليسوعيين‬
‫بتأليف كتاب يرد على تعليم البروتستانت أن البابا هو الـ ‪ ،Anti-Christ‬وعند وقوع‬
‫هذا الكتاب خطئا في يد قادة البروتستانت قاموا عن غير قصد بنشر هذه التعاليم‬
‫في كنائسهم‪ .‬ويصفها ‪ Gordon‬إنها حبكة يسوعية بغرض التشكيك فى هذه العقيدة‪3.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪1-‬‬ ‫‪Gordon Dane, Pre-millennial Protestantism, This sermon was preached at a Prophetic Conference in‬‬
‫‪Rhiwderin, South Wales on 16th November, 2007, p. 1‬‬
‫‪2- Pieter GR De Villers, Millennialism, rapture and “Left Behind” literature. Analysing a major cultural‬‬
‫‪phenomenon in recent times, Stellenbosch Theological Journal 2019, Vol 5, No 1, P. 163, 164‬‬
‫‪ -3‬مرجع سابق ص ‪1‬‬
‫* ‪ :Pre-millennial Protestantism‬كما شرحها ‪ De Villers‬هى نظرية تعلم بأن الحكم األلفى يحدث ما بين اإلختطاف ومجىء المسيح‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫ويرى القمص بيشوى كامل‪ ،‬أن المسيحيين عموما ينقسمون قسمين فى تفسير هذا‬
‫النص‪ ،‬الرأى األول يمثل الكنائس الرسولية مثل الكنيسة القبطية األرثوذكسية التى‬
‫تؤمن أن الرب يسوع المسيح ملك على المؤمنين بموته على الصليب وشرائه‬
‫للكنيسة بدمه‪ 4 .‬وأن السيد المسيح حرر الكنيسة من سلطان إبليس حينما قال‪ :‬اَآلنَ‬
‫َار ًجا‪(.‬يو ‪ .)31 :12‬وعلى أساس‬ ‫يس هذَا ْالعَالَ ِم خ ِ‬ ‫َد ْينُونَةُ هذَا ْالعَالَ ِم‪ .‬اَآلنَ ي ْ‬
‫ُط َر ُح َرئِ ُ‬
‫هذا التفسير يكون السيد المسيح يملك فعليا على الكنيسة‪ ،‬ويملك المؤمنون مع‬
‫المسيح فى فترة الملك األلفى سواء كان منهم من إنتقل إلى السماء أو من اليزال‬
‫يعيش على األرض‪ .‬أما الرأى الثانى فهو يعبر عن جميع الطوائف البروتستانتية‬
‫مبتدئة من القرن السادس عشر فى المانيا وصوال الى القرن التاسع عشر حيث‬
‫إحتلت هذه العقيدة المكانة العظمى فى فكر شهود يهوة واألدفنتيست‪.‬‬
‫ويرى مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث أن البروتستانت إعتمدوا على ما‬
‫ُض النَّ ِم ُر َم َع ْال َج ْديِ‪َ ،‬و ْالعِجْ ُل‬‫وف‪َ ،‬ويَ ْرب ُ‬ ‫ب َم َع ْالخ َُر ِ‬ ‫الذئْ ُ‬
‫جاء فى سفر أشعياء‪ :‬فَيَ ْس ُك ُن ِ‬
‫الص ِل‪،‬‬
‫ب ِ‬ ‫علَى َ‬
‫س َر ِ‬ ‫ضي ُع َ‬ ‫الر ِ‬‫ب َّ‬ ‫سوقُ َها ‪َ ...‬ويَ ْلعَ ُ‬‫ير يَ ُ‬
‫ص ِغ ٌ‬ ‫ي َ‬ ‫س َّم ُن َمعًا‪َ ،‬و َ‬
‫صبِ ٌّ‬ ‫الش ْب ُل َو ْال ُم َ‬
‫َو ِ‬
‫سوؤُونَ َوالَ يُ ْف ِسدُونَ ِفي ُك ِل َج َب ِل قُ ْد ِسي‪،‬‬ ‫ان‪ .‬الَ َي ُ‬‫علَى ُجحْ ِر األ ُ ْفعُ َو ِ‬ ‫َو َي ُم ُّد ْالفَ ِطي ُم َي َدهُ َ‬
‫ب ‪( ...‬أش ‪ .)9- 6 :11‬ويضيف قداسة البابا أن‬ ‫ئ ِم ْن َم ْع ِرفَ ِة َّ‬
‫الر ِ‬ ‫ض ت َْمت َ ِل ُ‬ ‫أل َ َّن األ َ ْر َ‬
‫ب ثالثة مجيئات!! واحد لتجسده والثانى للملك‬ ‫اإلعتقاد بالملك األلفى سيجعل للر ِ‬
‫األلفى واألخير للدينونة‪ ،‬وهو أمر ال يقبله أحد‪5 .‬‬
‫وقد أكد قداسته أن ملك المسيح هو ملك أبدى وليس ألفى (لو ‪ )33: 1‬وأن هذا‬
‫الملك قد بدأ على الصليب حينما إشترانا المسيح بدمه‪ ،‬بعد أن طرح رئيس هذا‬
‫العالم خارجا (يو ‪ )31 :12‬نتيجة للموت الذى كان يملك على العالم بسبب الخطية‬
‫(رو ‪ .)31 – 12 :5‬فبينما كنا مبيعين من قبل خطايانا جاء المسيح ليفدينا‪ ،‬فدفع‬
‫ثمن خطايانا وإشترانا بدمه‪ ،‬وهكذا قيل‪" :‬الرب ملك على خشبة" (مز ‪ .)95‬وهكذا‬
‫بدأ المسيح ملكه األلفى من على الصليب‪6 .‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫األخير للدينونة‪ ،‬وهى تختلف عن ‪ postmillennial view‬التى تعتبر الحكم األلفى بعد المجىء الثانى‪.‬‬
‫‪ -4‬القمص بيشوى كامل‪ُ ،‬ملك األلف سنة‪ ،‬سلسلة إيمان كنيستنا القبطية األرثوذكسية ‪ ،3‬كنيسة مارجرجس بإسبورتنج ص‪4‬‬
‫‪ -5‬البابا شنودة الثالث – الالهوت المقارن جـ ‪ ،1‬مطبعة األنبا رويس‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ، 1996‬ص ‪113 ،112‬‬
‫‪ -6‬مرجع سابق ص ‪117‬‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫ت ِم ْن هذَا‬ ‫س ْ‬ ‫وليس عجبا أن نجد السيد المسيح يصرح لبيالطس أن‪َ « :‬م ْملَ َكتِي لَ ْي َ‬
‫ت َم ْملَ َك ِتي ِم ْن ُهنَا»‪( ".‬يو ‪ ،)36 :18‬وعندما تكلم المسيح عن العالم‬ ‫ْال َعالَ ِم ‪ ...‬لَ ْي َ‬
‫س ْ‬
‫ضنِي قَ ْبلَ ُك ْم‪ .‬لَ ْو ُك ْنت ُ ْم ِمنَ ْال َعالَ ِم لَ َكانَ‬ ‫قال‪ِ « :‬إ ْن َكانَ ْال َعالَ ُم يُ ْب ِغ ُ‬
‫ض ُك ْم فَا ْعلَ ُموا أَنَّهُ قَ ْد أ َ ْبغَ َ‬
‫اخت َْرت ُ ُك ْم ِمنَ ْال َعالَ ِم‪ِ ،‬لذ ِل َك‬ ‫ست ُ ْم ِم َن ا ْل َعالَ ِم‪َ ،‬ب ْل أَنَا ْ‬ ‫صتَهُ‪َ .‬ول ِك ْن ألَنَّ ُك ْم لَ ْ‬ ‫ْال َعالَ ُم ي ُِحبُّ خَا َّ‬
‫ض ُك ُم ْال َعالَ ُم‪( .‬يو ‪.)19- 18 :15‬‬ ‫يُ ْب ِغ ُ‬
‫ويؤكد الرسول على حقيقة أننا لسنا من هذا العالم وأيضا على حقيقة غربتنا فيقول‪:‬‬
‫ف‪ 1( "،‬بط ‪ ،)17 :1‬فكيف نملك إذن مع المسيح ملكوتا‬ ‫ان ُ‬
‫غ ْربَتِ ُك ْم ِب َخ ْو ٍ‬ ‫يروا َز َم َ‬
‫فَ ِس ُ‬
‫ماديا على األرض بينما ملكوته ليس أرضيا فضال عن أن األرض هى مكان غربتنا‬
‫أيضا؟!‬
‫ويذكر لنا البابا أثناسيوس الرسولى تعليما لألنبا أنطونيوس أب الرهبان عن حياة‬
‫الجهاد‪ ،‬حيث كان إجتمع حوله تالميذه ليسمعوا منه كلمة منفعة‪ ،‬فقال مشجعا إياهم‪:‬‬
‫‪“Whenever, therefore, we live full fourscore years, or even a hundred‬‬
‫‪in the discipline, not for a hundred years only shall we reign, but‬‬
‫‪instead of a hundred we shall reign for ever and ever. And though‬‬
‫‪we fought on earth, we shall not receive our inheritance on earth,‬‬
‫‪but we have the promises in heaven; and having put off the body which‬‬
‫‪is corrupt, we shall receive it incorrupt.” 7‬‬

‫"ذلكل إن عش نا مثانون س نة أو حىت مائة س نة ىف إللزتإم‪ ،‬لن منكل فقط مائة س نة‪ ،‬ولكن بدل‬
‫من مائة سوف منكل إىل أبد إلبد‪ .‬وابلرمغ من إننا حاربنا عىل إلرض‪ ،‬سوف ل نأخذ مريإثنا عىل‬
‫إلرض‪ ،‬ولكن لنا إملوإعيد ىف إلسامء‪ ،‬وكام س نخلع هذإ إجلسد إلفاسد‪ ،‬سوف نس تلمه غري فاسد"*‬

‫فيتضح جليا من تعليم أب الرهبان أن تملكنا لن يكون محدد بفترة زمنية محددة‬
‫بل إلى أبد األبد‪ ،‬فضال عن أن ميراثنا لن نأخذه على األرض بل باألحرى لنا‬
‫المواعيد فى السماء‪ ،‬ولو كان هذا التعليم (الملك األلفى) حقيقة مسلمة منذ القرن‬
‫الرابع فلماذا لم يصرح بها القديس أو حتى يشير إليها ولو من بعيد كوسيلة لتحفيز‬
‫تالميذه؟!‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪7- Athanasius, Select works and letters by Athanasius, P.Schaff, Grand Rapids, Christian classics Ethereal‬‬
‫‪library, 1892, NPNF (V2-04) P. 423.‬‬
‫*ترجمة شخصية‪.‬‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫كما أوضح ‪ De Villers‬أن من الالهوتيين الكبار أمثال أوريجينوس وأغسطينوس‬


‫قد رفضوا التفسير الحرفى للحكم األلفى‪8 .‬‬
‫وفى كتابه "مدينة هللا" شرح القديس أغسطينوس األلف سنة المذكورة فى (رؤ‬
‫‪ )20‬بشكل رمزى على النحو األتى‪:‬‬
‫‪"Now the thousand years may be understood in two ways, so far as‬‬
‫‪occurs to me: either because these things happen in the sixth thousand‬‬
‫‪of years or sixth millennium (the latter part of which is now passing),‬‬
‫‪as if during the sixth day, which is to be followed by a Sabbath which‬‬
‫‪has no evening, the endless rest of the saints, so that, speaking of a part‬‬
‫—‪under the name of the whole, he calls the last part of the millennium‬‬
‫—‪the part, that is, which had yet to expire before the end of the world‬‬
‫‪a thousand years; or he used the thousand years as an equivalent for the‬‬
‫‪whole duration of this world, employing the number of perfection to‬‬
‫‪mark the fullness of time." 9‬‬
‫وقد وردت ترجمة هذا النص فى كتاب مدينة هللا للخور أسقف يُوحنا ال ُحلو كالتالى‪:‬‬
‫"أ ّما إللف س نة تكل فميكن فهمها بطريقتني‪ :‬إ ّما أن تمت تكل إلش ياء ىف إللف س نة إلخرية‪ ،‬أو ىف‬
‫إللف إلسادس‪ ،‬كام ىف إليوم إلسادس‪ ،‬إذلى تنقىض إحلقبة إلخرية ليتبعها إلسبت إذلى ل مساء‬
‫هل‪ ،‬أو ما يسمى برإحة إلقديسني إلبدية‪ ،‬وتكل ىه هناية إليوم إللفى إذلى يدوم حىت هناية إلجيال‬
‫إذلى ّيسميه إلكتاب إملقدس ألف س نة‪ ،‬متخذإ إجلزء ىف سبيل إللك‪ ،‬أو أنه ِ ّ‬
‫يعب‪ ،‬هبذإ إلعدد عن‬
‫مدى إدلهر‪ .‬وهو عدد اكمل يعب عن ملء إلزمنة‪10 ".‬‬

‫فنفهم مما سبق أن األلف سنة تُفهم بشكل رمزى وليس حرفيا كما يدعى بعض‬
‫األخوة البروتستانت‪ ،‬فقد فسرها القديس أغسطينوس رمزيا بأنها ربما تُعبرعن‬
‫كمال هذا الدهر الذى نعيشه‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن القديس أغسطينوس ربما يكون‬
‫القديس الوحيد المعُتبَر لدى األخوة البروتستانت‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ -8‬مرجع سابق ص‪166‬‬


‫‪9- St. Augustine,The City of God - translated by Marcus Dods, 2015 - Book 20, P.665, 666‬‬
‫‪ -10‬أغسطينوس أسقف هيبو‪ ،‬مدينة هللا – المجلد الثالث‪ ،‬دار المشرق بيروت‪ ،‬ط‪ ،2007 2‬ترجمة الخور أسقف يُوحنا ال ُحلو‪ ،‬ص‪186‬‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫لذلك يشرح لنا القمص بيشوى كامل‪ ،‬أن ملكوت المسيح ملكوت روحى يتناسب‬
‫اخلَ ُك ْم‪( ".‬لو ‪ ،)21 :17‬أما النفوس‬ ‫مع النفوس الروحانية‪ ،‬لذلك قال " َملَ ُكوتُ هللاِ َد ِ‬
‫المادية يناسبها هذا الملك األرضى لتغطى فشلها الروحى وعدم إيمانها بأسرار‬
‫الكنيسة‪ .‬وقد بدأت هذه الملكية بالنسبة لنا عن طريق المعمودية فصرنا أبناء هللا‪.‬‬
‫الظ ْل َم ِة‪َ ،‬ونَقَلَنَا‬
‫ان ُّ‬ ‫س ْل َ‬
‫ط ِ‬ ‫وهذا ما يوضحه الرسول‪" :‬الَّذِي أ َ ْنقَذَنَا *(فعل ماض) ِم ْن ُ‬
‫ت اب ِْن َم َحبَّتِ ِه‪( "،‬كو ‪ .)13 :1‬أى أن الملكوت بدأ من الفداء على الصليب‬ ‫ِإلَى َملَ ُكو ِ‬
‫وإنتقل إلينا بالمعمودية‪11 .‬‬
‫وفى القداس اإللهى وحيث المسيح موجود على المذبح‪ ،‬وها هى النفس تستعد‬
‫لمالقاة عريسها‪ ،‬يصرخ الكاهن‪ " :‬وإهدان إيل ملكوتك"‪ ،‬وفى اللغة القبطية يأتى‬
‫ⲛⲩⲟ‪Ϭⲓⲙⲱⲓⲧ ϧⲁϫⲱⲛ ⲉ̀ϧ‬‬ ‫المعنى بشكل رائع‪ ،‬فجاءت الجملة هكذا‬
‫ⲟⲣⲩⲟⲧⲉⲙⲕⲉⲧ̀ⲉ ومعناها حرفيا‪ :‬إتخذ لنا طريقا إلى داخل ملكوتك‪ ،‬فربما فى‬
‫تلك اللحظة عينها يشعر المصلى أن المسيح يفتح لنا طاقة لنعاين الملكوت بشكل‬
‫نسبى ولو بشكل مؤقت وقت القداس بحضوره المهيب‪ ،‬فهو يزيد أشواقنا إليه إلى‬
‫أن نتمتع به ومعه دائما فى الدهر األتى "ألَنَّنَا َ‬
‫سن ََراهُ َك َما ُه َو "‪1( .‬يو ‪)2 :3‬‬
‫وهذا اإلشتياق الروحى غير الزمنى وغير المادى فى السماويات يؤكده لنا بولس‬
‫اك أ َ ْف َ‬
‫ض ُل ِجدًّا‪".‬‬ ‫ط ِلقَ َوأ َ ُكونَ َم َع ْال َم ِس ِ‬
‫يح‪ ،‬ذَ َ‬ ‫ي ا ْش ِت َها ٌء أ َ ْن أ َ ْن َ‬
‫الرسول عندما يقول‪ِ :‬ل َ‬
‫(في ‪ .)23 :1‬وعندما يسأل الكاهن‪ :‬أين هى قلوبكم؟ تكون اإلجابة بتلقائية "هى‬
‫عند الرب!" فاإلشتياقات والتطلعات كلها سماوية غير زمنية وغير مادية‪ .‬وليس‬
‫كما يدعى البعض ب ُملكا أرضيا زمنيا ماديا للمسيح مثلما توقع اليهود قديما‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* غير أننى أميل إلى إتخاذ الحذر عند إستخدام بعض األيات التى تحوى أفعاال بصيغة الماضى وهى تفيد أحداثا فى المستقبل عن تملكنا فى‬
‫ع‪( "،‬أف ‪ ،)6 :2‬فهى تعبر عن حقيقة أن الرب صار لنا باكورة بقيامة‬ ‫سو َ‬ ‫ت فِي ْال َمس ِ‬
‫ِيح َي ُ‬ ‫س َما ِويَّا ِ‬ ‫"وأَقَا َمنَا َمعَهُ‪َ ،‬وأَجْ لَ َ‬
‫سنَا َمعَهُ فِي ال َّ‬ ‫الملكوت مثل‪َ :‬‬
‫طبيعتنا البشرية فيه بناسوته الخاص وصعوده بجسده الخاص وجلوسه عن يمين أبيه‪ .‬وهذا يختلف عن قيامتنا نحن من األموات فى الدهر األتى‬
‫ورةٌ‪ ،‬ث ُ َّم الَّذِينَ ل ِْل َمس ِ‬
‫ِيح فِي َم ِجي ِئهِ‪ 1( ".‬كو ‪.)23 :15‬‬ ‫وتملكنا مع المسيح بالحقيقة‪ .‬مثلما قال الرسول‪ْ :‬ال َمسِي ُح َبا ُك َ‬
‫‪ -11‬مرجع سابق ص ‪13 – 11‬‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫➢ الملك األلفى ما بين الكتاب المقدس والمنطق‪:‬‬


‫نقطة أخيرة أود أن أضيفها لهذا البحث‪ ،‬بعض األسئلة المنطقية التي يمكن أن‬
‫ت ُعارض عقيدة الملك األلفى كتابيا‪:‬‬

‫ي‪( ".‬مز ‪ ،)27 :102‬ومره أخرى‬ ‫سنُوكَ لَ ْن ت َ ْنت َ ِه َ‬


‫ت ُه َو َو ِ‬‫"وأ َ ْن َ‬
‫• يقول المرنم‪َ :‬‬
‫علَى ُرتْبَ ِة َم ْل ِكي َ‬
‫صا َدقَ »‪( ".‬مز‬ ‫الربُّ َولَ ْن يَ ْن َد َم‪« :‬أ َ ْنتَ كَا ِه ٌن إِلَى األَبَ ِد َ‬ ‫"أ َ ْق َ‬
‫س َم َّ‬
‫‪ .)4 :110‬فإن كان ُملك المسيح هو أللف سنة زمنيا‪ ،‬فكيف يتحقق قول الوحى‬
‫أن سنوه لن تنتهى؟ وإن كان كهنوته أو رئاسته هي لسنين أي كان عددها‪ ،‬فكيف‬
‫تتحقق أبدية كهنوته إذن؟‪ ،‬وإن كان كهنوته أبديا فما الغرض من تحديد ملكوته‬
‫أللف سنة من الزمان؟‬

‫• ماذا سيعود على المؤمنين إن كانوا سيملكون هنا على األرض أللف سنة؟ كيف‬
‫لذلك أن يفيدهم روحيا؟ ‪ ..‬يقول الرسول‪ِ :‬إ ْن ُكنَّا نَتَأَلَّ ُم َم َعهُ ِل َك ْي نَت َ َم َّج َد أ َ ْيضًا‬
‫َم َعهُ‪( ".‬رو ‪ .)17 :8‬فكيف يتألم المؤمنون مع المسيح خالل األلف سنة التي‬
‫يعمها الفرح والسالم؟ وكيف يتمجدون معه إن لم يسبق ذلك التألم معه؟‪ .‬كيف‬
‫ب لَ ُك ْم ألَجْ ِل‬ ‫ينال المؤمنون الهبة اإللهية في التألم من أجل المسيح "ألَنَّهُ قَ ْد ُو ِه َ‬
‫يح الَ أ َ ْن تُؤْ ِمنُوا بِ ِه فَقَ ْ‬
‫ضا أ َ ْن تَتَأَلَّ ُموا ألَجْ ِل ِه‪( ".‬في ‪)29 :1‬؟ وكيف‬ ‫ط‪ ،‬بَ ْل أ َ ْي ً‬ ‫ْال َم ِس ِ‬
‫يتزكى المؤمنون روحيا خالل هذه األلفية والرسول يقول‪" :‬أل َ َّن ِخفَّةَ ِضيقَتِنَا‬
‫ئ لَنَا أ َ ْكث َ َر فَأ َ ْكث َ َر ثِقَ َل َمجْ ٍد أَبَ ِديًّا‪ 2( ".‬كو ‪ ،)17 :4‬وكيف يكون المجد‬ ‫ا ْل َو ْقتِيَّةَ ت ُ ْن ِش ُ‬
‫ح َيا ِإ ْخ َوتِي ِحينَ َما‬ ‫مجدا إن لم يكن أبديا؟‪ .‬لذلك يقول الرسول‪" :‬اِحْ ِسبُوهُ ُك َّل فَ َر ٍ‬
‫ع ٍة‪( "،‬يع ‪ .)2 :1‬الحظ عدم الفصل ما بين الفرح‬ ‫ب ُمتَنَ ِو َ‬‫ون فِي ت َ َج ِار َ‬ ‫تَقَعُ َ‬
‫والتجارب‪ .‬فكيف يفرح المؤمن إن لم تختبره التجارب أوال؟‪.‬‬

‫وب ِإ َلى األَبَ ِد‪َ ،‬وًلَ يَكُو ُن ِل ُم ْل ِك ِه‬


‫ت يَ ْعقُ َ‬‫ع َلى بَ ْي ِ‬ ‫• قال المالك للعذراء‪َ :‬‬
‫"ويَ ْم ِلكُ َ‬
‫نِ َهايَةٌ»‪( ".‬لو ‪ ،)33 :1‬فكيف يملك المسيح إلى األبد (من جهة الزمن) ومع ذلك‬
‫يملك أللف سنة زمنيا؟‪ ،‬وكيف يملك المسيح (مكانيا) على األرض وهو الذي‬
‫ت َم ْملَ َك ِتي ِم ْن ُهنَا»‪( ".‬يو ‪)36 :18‬؟‬ ‫س ْ‬‫ت ِم ْن هذَا ْال َعالَ ِم‪ ..‬لَ ْي َ‬ ‫قال‪َ « :‬م ْملَ َك ِتي لَ ْي َ‬
‫س ْ‬

‫دارس ‪Online‬‬
‫أنجلو القمص بالمون يواقيم بشير (الفرقة الثانية)‬

‫ست ُ ْم ِم َن ا ْلعَا َل ِم‪( "،‬يو ‪:15‬‬ ‫• صرح السيد الرب بمنتهى الوضوح‪َ " :‬ول ِك ْن ألَنَّ ُك ْم َل ْ‬
‫‪ ،)19‬فكيف يملك المؤمنون في العالم وهم ال ينتمون إليه؟ أي مجد لهم أن يملكوا‬
‫ق‪َ ،‬ول ِك ْن‬ ‫ون لَ ُك ْم ِضي ٌ‬ ‫على ما ليس لهم؟‪ .‬بل قال أيضا مخلصنا‪ " :‬فِي ا ْلعَالَ ِم َ‬
‫سيَ ُك ُ‬
‫الرب لم يقل لهم ثقوا أنا‬ ‫َ‬ ‫غلَبْتُ ْالعَالَ َم»‪( ".‬يو ‪ ،)33 :16‬نالحظ أن‬ ‫ثِقُوا‪ :‬أَنَا قَ ْد َ‬
‫قد ملكت على العالم وسوف أتى الحقا لتملكوا معي في العالم‪ ،‬بل على العكس‬
‫ضيْتُ َوأ َ ْع َددْتُ لَ ُك ْم َمكَانًا آتِي أ َ ْيضًا‬ ‫ضي أل ُ ِع َّد لَ ُك ْم َمكَانًا‪َ ،‬و ِإ ْن َم َ‬ ‫الرب‪ :‬أَنَا أ َ ْم ِ‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫ضا‪( "،‬يو ‪ .)3 ،2 :14‬فأين هو‬ ‫ون أَنَا ت َ ُكونُونَ أ َ ْنت ُ ْم أ َ ْي ً‬
‫ْث أ َ ُك ُ‬
‫ي‪َ ،‬حتَّى َحي ُ‬ ‫َوآ ُخذُ ُك ْم إِلَ َّ‬
‫الرب؟ هل هو على األرض؟ هذا غير معقول ألنه قال‬ ‫ُ‬ ‫هذا المكان الذي سيعده‬
‫أنا أمضى ألعد‪ ،‬ويبقى السؤال‪ :‬إلى أين مضى ليعد؟ هل على األرض أم في‬
‫ع ْن أ َ ْعيُنِ ِه ْم‪".‬‬
‫س َحابَةٌ َ‬‫ون‪َ .‬وأ َ َخذَتْهُ َ‬‫ظ ُر َ‬ ‫ارتَفَ َع َو ُه ْم يَ ْن ُ‬ ‫الرب " ْ‬
‫َ‬ ‫السماء؟ فمعروف أن‬
‫إذن الرب ذهب ليعد في السماء وليس على األرض‪ .‬ومن جهة أخرى إذا كان‬
‫ير‪ 1( ".‬يو ‪ )19 :5‬فكيف يتوقع المؤمن ملكوتا مع‬ ‫الش ِر ِ‬
‫ض َع فِي ِ‬ ‫" ْال َعالَ َم ُكلَّهُ قَ ْد ُو ِ‬
‫رئيس هذا العالم (يو ‪)30: 14‬؟ أي امتياز في ذلك؟‬

‫ار ِبي‪،‬‬ ‫كالم رب المج ِد حسنا حينما قال‪" :‬أ َ ْنت ُ ُم الَّذِينَ ث َ َبتُوا َم ِعي فِي ت َ َج ِ‬ ‫َ‬ ‫• َف ِهم الرسل‬
‫علَى َمائِ َدتِي فِي َملَكُوتِي‪،‬‬ ‫َوأَنَا أَجْ عَ ُل لَ ُك ْم َك َما َجعَ َل ِلي أ َ ِبي َملَكُوتًا‪ِ ،‬لت َأ ْ ُكلُوا َوت َ ْش َربُوا َ‬
‫عش ََر»‪( ".‬لو ‪- 28 :22‬‬ ‫ط ِإس َْرائِي َل االثْنَ ْي َ‬ ‫ي تَدِينُونَ أ َ ْس َبا َ‬
‫علَى َك َرا ِس َّ‬ ‫سوا َ‬ ‫َوتَجْ ِل ُ‬
‫ْس َملَ ُكوتُ هللاِ‬ ‫‪ .)30‬فأين هو هذا الملكوت؟ هل ملكوتا أرضيا؟ فمعروف أن "لَي َ‬
‫ور ِم ْن االثْنَي ِْن‪:‬‬‫ص ٌ‬ ‫ش ْربًا‪( ".‬رو ‪ )17 :14‬يجيب بولس الرسول‪" :‬فَإِنِي َمحْ ُ‬ ‫أ َ ْك ًال َو ُ‬
‫يح‪ ،‬ذَاكَ أ َ ْف َ‬
‫ض ُل ِجدًّا‪َ .‬ول ِك ْن أ َ ْن أ َ ْبقَى فِي‬ ‫س ِ‬ ‫ُون َم َع ا ْل َم ِ‬‫ق َوأَك َ‬ ‫شتِ َها ٌء أ َ ْن أ َ ْن َ‬
‫ط ِل َ‬ ‫يا ْ‬ ‫ِل َ‬
‫س ِد أ َ ْلزَ ُم ِم ْن أَجْ ِل ُك ْم‪( ".‬في ‪ .)22 :1‬فلو كانت الشهوة أن يملك الرسول مع‬ ‫ْال َج َ‬
‫المسيح أرضيا‪ ،‬فلماذا يريد أن ينطلق؟‬

‫إذن يتضح من خالل الكتاب واألباء القديسين أن األلف سنة التي وردت في رؤ‬
‫‪ 20‬لها معنى رمزى وًل يصح أن تُفهم بشكل حرفى‪ ،‬وهى كما يقول الكتاب‪ :‬أ َ َّن‬
‫سنَ ٍة َكيَ ْو ٍم َو ِ‬
‫احدٍ‪ 2( ".‬بط ‪.)8 :3‬‬ ‫سنَ ٍة‪َ ،‬وأ َ ْل َ‬
‫ف َ‬ ‫ب َكأ َ ْل ِ‬
‫ف َ‬ ‫احدًا ِع ْن َد َّ‬
‫الر ِ‬ ‫يَ ْو ًما َو ِ‬

‫دارس ‪Online‬‬

You might also like