Professional Documents
Culture Documents
مطرقة الساحرات @Bookjuice عصير الكتب
مطرقة الساحرات @Bookjuice عصير الكتب
مطرقة ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
الساحرات
T.me/Bookjuice
ﺐ ﻟﻠ
e
ﻨﺸ
ﺮﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
هينريتش كريمر
مطرقة
الساحرات
ﻋﺼ
e ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ترجمة
ﺸﺮ
مراجعة
ﺯﻳﻊ
محمد الجيزاوي
T.me/Bookjuice
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺮﻭ
ﻨﺸ
ﺐ ﻟﻠ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﻋﺼ
تنويه
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
�أنا مل �أكتب هذا الكتاب� ..أنا فقط ترجمته ..وال �أريد �أن ي�شاع خط�أ �أنني
ﺐ ﻟﻠﻨ
م�ؤلفه..
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
T.me/Bookjuice
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺮﻭ
ﻨﺸ
ﺐ ﻟﻠ
ﻜﺘ
T.me/Bookjuice
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
اإلهداء
ﻋﺼ
كيف تبكي على رجل مل تقابله يو ًما ..وكل عالقتك به ق�ص�ص هو كتبها
و�أنت قر�أتها ..كيف تبكي روحك هكذا كالطفل� ..أ�سطورته �أنه �ش ّكل روحك فقط
ﲑ ﺍﻟ
بحروف� ..أ�سطورته �أن كل الأطياف الغري متفقة يف العامل العربي حتبه ..لكن
ﻜﺘ
الأ�ساطري هكذا� ..إذا ماتوا بكت قلوب كل النا�س ملوتهم القا�صي والداين ..و�أنا�س
�إذا ماتوا لعنهم الالعنون وجتادل النا�س يف م�صريهم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أحمد خالد توفيق مثله مثل �إدجار �آالن بو ..لن تعرف هذه الدنيا قيمته �إال
بعد �أن ترتجم �أعماله� ..سيقولون انظروا ..ه�ؤالء امل�صريون ..كان لديهم �شيء
ﺸﺮ
عبقري مثل �ستيفن كينج ..عزيزي العراب ..دعك من العامل ..نحن كلنا ك ُكتاب
ﻭ
جدد ..كلنا بال ا�ستثناء ..بكل الأ�شياء التي نكتبها ..وكل تلك الأغلفة الرباقة
ﺍﻟﺘﻮ
التي ن�صنعها..مل يكن لكياننا وجود �إال لأنك كنت هنالك عند ذلك الباب تفتحه
ﺯﻳﻊ
لنا على م�صراعيه� ..شك ًرا لأنك ..ال �أدري ..فقط �شك ًرا لأنك �أنت.
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
المقدمة
معظم مقدمات املرتجمني �سمجة ..نعم ال ُتنكر هذا ..وافتح يل عينك هكذا
وا�صرب واقرتب� ..أنت دائ ًما تتجاوز مقدمات املرتجمني� ..إال مقدمة هذا الكتاب..
هنا قف وانتبه ..لأن هذا الكتاب �شر ..و�أنت ال ترمي ال�شر وترتكه هكذا �أمام عيون
ﻋﺼ
النا�س دون �أن تقول �أنه �شر ..فلما كان هاروت وماروت يعلمان النا�س ال�سحر كانا
يقوالن ..انتبه هذه فتنة فال تكفر ..و�أنا �أقول لك �أيها الإن�سان الذي يقر�أ هذا
ﲑ ﺍﻟ
الكتاب ..هذا الكتاب عن ال�سحر ..وهذا الكتاب فتنةُ ..فتنت بها البالد والعباد
ﻜﺘ
يف الع�صور الو�سطى� ..سفكوا الدم با�سم هذا الكتاب ..وحرقوا الب�شر با�سم هذا
الكتاب.
ﺐ ﻟﻠﻨ
هناك غ�صة تالزمني منذ �أن بد�أت يف ترجمة هذا الكتاب و�إنها واحلق يقال ال
زالت تالزمني� ..إن �أ�ضعف �أنواع ال�شر هو الذي يقول لك �أنا �شر ..ف�إذا اقرتبت مني
ﺸﺮ
ودخلت عاملي ف�أنت �شر مثلي ..ولكن ال�شر الذي ُيغلف نف�سه بغالف اخلري ..ويبت�سم
لك ويقول هلم �إىل عامل النور �إين �أنا اخلري و�أنا ال�صالح ..ف�إذا اقرتبت منه فقد
ﻭ
دخلت �إىل عامل منحط ..هذا هو نف�س العامل الذي خرج منه هذا الكتاب.
ﺍﻟﺘﻮ
خطوة بخطوة يغ�سل هذا الكتاب دماغ ال�شخ�ص غري املتعلم ..ال�شخ�ص الأوروبي
ﺯﻳﻊ
عا�ش يف ُلج اجلهالة يف ع�صر الظالم يف القرن الثالث ع�شر.. العامي الذي َ
كامل يف قارة كاملة بعقول خربة ..لأنه كان يغ�سل العقل من حتى �صنع جمتم ًعا ً
�أي منطق يحمله وي�ضع ً
بدل عنه عف ًنا ورو ًثا ويح�شوه بالق�سوة والتع�صب ..ف�أنتج
رجال ي�سيحون يف الأر�ض يحرقون الن�ساء با�سم الرب ..ثم ينظرون �إىل ال�سماء ً
ويبت�سمون ..وباملنا�سبة لو نزل هذا الكتاب يف �أي قرية من قرى العامل احلديث من
التي مل ي�صل لها نور العلم ..ف�إن النتيجة �ستكون واحدة ..دماء ..و�صرخات ن�ساء
و�أطفال.
9
بع�ضا مما جا َء يف هذا الكتاب ..ي�ؤمن به النا�س يف جمتمعنا و�إن املحزن �أن ً
اليوم ..ويتناقلونه بينهم ..ال�ساحر يقدر �أن يفعل كذا وكذا ..وهو ير�سل عليك
و�سن �سيفك..ال�شيطان الذي ميكنه �أن يقتلك ومير�ضك وينكحك ..فقط اقر�أ ِّ
فلرمبا تريد �أن تقطع ر�أ�س �ساحر ما وت�صري �إىل ع�صر الظالم ..مع �إن�سان �أوروبا..
يف القرن الثالث ع�شر.
هناك كثري من الكتب يف هذا العامل حتدثت عن ال�سحر ..لكن مطرقة ال�ساحرات
هو يف كفة وحده ..فهو مبثابة داهي ٍة �أ�صابت العامل فهو الأهم والأخطر� ..أهميته
يف �أنه كان ال�شعلة التي �أثارت حمالت �شعواء يف �أوروبا لثالثة قرون من الزمان
ﻋﺼ
حترق كل من تنطبق عليه ال�سفاهات التي ُذكرت يف الكتاب ..و�أهميته يف �أنه �أف�ضل
ملخ�ص لعلم ال�شيطانيات يف تاريخ الكتب� ..أنت هنا تفهم كيف كان النا�س �أ ّيامها
ﲑ ﺍﻟ
يرون ال�شيطان ..و�إين قد انتبهت لنف�سي كث ًريا بينما �أترجم هذا الكتاب �أنني �أ�صفق
ﻜﺘ
أمما و�إمرباطوريات تنظر �إليه بهذه النظرة املهيبة.
لل�شيطان الذي جعل � ً
مبوافقة من البابا وت�أييد من الكني�سة الكاثوليكية ..انطلق املفت�شون يف حمالتهم
ﺐ ﻟﻠﻨ
كامل�سعورين يقب�ضون على خ�صوم الكني�سة ال�سيا�سيني ويلفقون لهم تهمة ال�سحر..
ويحرقونهم ..و�أ�صبح كتاب مطرقة ال�ساحرات مبثابة مذكرة عملية مو�ضوعة يف
ﺸﺮ
كل املحاكم يف �أوروبا لي�س فقط يف ع�صر الظالم بل يف الثالثة قرون التي تليه من
ع�صر النه�ضة ..من القرن الثالث ع�شر وحتى ال�ساد�س ع�شر ..فحرقوا �أكرث من ربع
ﻭ
ورجال و� ً
ً
ﺍﻟﺘﻮ
حظي هذا الكتاب بفر�صة ذهبية جعلته ينت�شر كالنار يف اله�شيم وي�صل �إىل
رجل ال�شارع ..لأنه �صدر يف �أيام ثورة التقنية يف عامل الطباعة واملطابع ..ف�أ�صبحت
الكتب ت�صدر ب�آالف الن�سخ ..وكان هذا الكتاب هو �أكرث الكتب انت�شا ًرا يف �أوروبا يف
مثل �أن كل الن�ساءوقته ..وتطبع معظم ال�شعب بطباع الكتاب ال�سوداء ..الذي يعترب ً
�شريرات بالفطرة.
يل على �أين �أنا م�ؤلفه.. لقد كنت �أترجم هذا الكتاب و�أنا قلق من �أن ُين�سب �إ ّ
مثل هو مرتجمها ولي�س م�ؤلفها ..لكن النا�س ين�سبونها فمعظم م�ؤلفات املنفلوطي ً
يل هذا ال�شر فهذا مما ال �أحبه ..ال �أريد �أن ي�أتيني �شخ�ص �إليه ..لكن �أن ُين�سب �إ ّ
10
ويقول �أنت كتبت يف مطرقة ال�ساحرات كذا ..بينما روايتك «مالئك ن�صيبني»
متاما� ..إن كاتب هذا الكتاب هو (هيرنيت�ش كرمير) ..وهو فيها كالم هو النقي�ض ً
�شخ�ص يف غاية الب�شاعة الروحية ..ولقد مات منذ �أكرث من خم�سمئة عام.
لقد ترجمتُ هذا الكتاب لأنني �أريد �أن �أبني كيف ُتغ�سل عقول الب�شر ..وكيف
ت�ش ِّنع خ�صومك ال�سيا�سيني وجتعل ال�شعب كله يكرههم وي�صفق لك عندما تقتلهم
وت�سجنهم ..ولكل ع�صر �أدواته التي ُتغ�سل بها عقول �أ�صحابه.
لكن واحلق يقال بعد انتهاء ع�صر النه�ضة وبداية ع�صر النور يف �أوروبا من
بداية القرن الثامن ع�شر تراجعت الهيئات الر�سمية امل�سيحية عن كثري مما جاء
ﻋﺼ
يف الكتاب وكثري مما ح�صل يف حماكم التفتي�ش بل وانتهت حمالت التفتي�ش �إىل
الأبد ..وكثري من علماء الالهوت امل�سيحي اتهموا الكتاب ب�أنه ي�شرعن الطرق غري
ﲑ ﺍﻟ
ال�شرعية و�أنه غري موافق لعقيدة الكاثوليك عن علم ال�شيطانيات..و ُقلبت �صفحة
ذلك الع�صر ..وبد�أت �صفحة جديدة ..مع طرق جديدة لل�سيطرة على الب�شر..
ﻜﺘ
و�شياطني جدد.
كاتب الكتاب هو هيرنيت�ش كرمير ق�سي�س �أملاين خبيث ..وكان معه يف الت�أليف
ﺐ ﻟﻠﻨ
جاكوب �سربجنر ق�سي�س �أملاين خبيث �آخر ..لكن �أغلب الكتاب كتبه هيرنيت�ش
ل�سبب ما..
مهوو�سا مبالحقة ال�ساحرات ٍ ً كرمير ..الق�صة �أن هيرنيت�ش هذا كان
ﺸﺮ
و�أقام الدنيا و�أو�صل الأمر �إىل البابا �إنو�سينت الثامن و�أعطاه البابا �أم ًرا �شرع ًيا
ر�سم ًيا بالبدء يف مالحقة ال�ساحرات وحماكمتهن و�إبادتهن من على وجه الأر�ض..
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
و�أُعطيت هذه املهمة ملفت�شي حمالت التفتي�ش الذين كانوا هم الكائنات الأكرث �ش ًّرا
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
على ال�ساحرات لـثالثمئة �سنة.
هذا الكتاب ُكتب باللغة الالتينية عام ً � 1487أول ..ثم ُترجم �إىل الأملانية بعد
ﲑ ﺍﻟ
حوايل � 400سنة عام ..1906ثم ُترجم �إىل االجنليزية بعد �سبعة ع�شرة �سنة عام
ﻜﺘ
..1923ثم ترجم الآن �إىل العربية بعد حوايل مئة �سنة.
قبل �أن تقر�أ هذا الكتاب ال بد �أن تعرف كيف �ستقر�ؤه لأنني �س�أتركك بعد هذه
ﺐ ﻟﻠﻨ
املقدمة ..حيث �أنني مل �أتدخل بحرف واحد على كالم هيرنيت�ش ال ب�شرح وال
متاما كما كتبه هيرنيت�ش و�صاحبه جاكوب.
بهوام�ش ..ترجمته هكذا ً
ﺸﺮ
هذا الكتاب على ثالثة ف�صول ..تختلف عن بع�ضها يف الأ�سلوب ..وهو �شيء
ﻭ
ال�ساحرات ال�شهريات التي واجههن هيرنيت�ش يف حملته �أو �سمع عنهن من مفت�شني
�آخرين ..الف�صل الثالث هو عن الإجراءات القانونية التي تتخذ �ضد ال�ساحرات منذ
نقطة اال�شتباه فيهن �إىل حرقهن.
هناك نقطة مهمة يف الف�صل الأول ..جنده � ًأول يكتُب ال�س�ؤال كعنوان رئي�سي..
مثل هل ح ًقا ال�ساحرات �شيء وهو دائ ًما �س�ؤال عن �شيء خمالف لإميان هيرنيت�شً ..
وهمي وال قدرات حقيقية لهن؟ ثم يبد�أ يف عر�ض احلجج امل�ؤيدة لهذا ال�س�ؤال وكيف
احتج بها �أ�صحابها الذين ي�ؤمنون �أن ال�ساحرات وهم ..ثم يكتب كلمة (الإجابة)
12
ويبد�أ يف الرد على احلجج واحدة واحدة حتى ينتهي منها ويقنعك بوجهة نظره..
لكن الحظت �أنه يبد�أ الرد على احلجج قبل كلمة (الإجابة) بفقرة �أو اثنني ..ولعل
هذه الفقرة �أو االثنتني هي رد �صاحبه جاكوب �سربجنر وهو جعلها مت�ضمنة يف
�سياق الكالم ..لكني تركت نظامه الذي ارت�ضاه لكتابه كما هو ومل �أُغري فيه �شي ًئا.
�إذا كنت متل �سري ًعا من احلجج وغ�سيل الأدمغة فاقر�أ الف�صل الثاين � ًأول ففيه
كثري من ق�ص�ص ال�ساحرات العجيبة ..وكيف ي�أكلن الأطفال ويطحنّ عظامهم
ويعملن منها مراهم لو�صفاتهن ال�سحرية ..وكيف ي�ضاجعن ال�شيطان ويعملن
معه العهد يف اجتماع ال�ساحرات حيث يظهر لهم يف �صورة �إن�سان ..وكيف يطرن
ﻋﺼ
باملكان�س يف الهواء ..لقد ات�ضح يل �أن �ساحرات ديزين لي�سوا وه ًما خيال ًّيا و�أنَّ هذا
كان �شي ًئا دين ًّيا ي�ؤمن به �شعب كامل ..والرجل يقنع القارئ بهذا باحلجة وبالدين
ﲑ ﺍﻟ
وبا�سم الرب وبا�سم امل�سيح.
ﻜﺘ
�ستجده يقتب�س كث ًريا من كالم قدي�سني مهمني ..مثل (القدي�س «توما�س»)
وهذا هو توما الأكويني ،وهو ق�سي�س وقدي�س وفيل�سوف �إيطايل �أثر على الفل�سفة
ﺐ ﻟﻠﻨ
م�ؤثرة يف امل�سيحية ب�شكل عام ..ويقتب�س من (جون نيدار) وهو عامل الهوت �أملاين
ا�شتهر بكتابه Formicariusالفي�سل�سويف الديني ال�شامل الذي كان من خم�س
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
جملدات� ،آخر جملد منهم يتحدث عن ال�سحر وي�سرد حكاية املفت�ش بيرت جرايز
حيث قب�ض على �ساحر وعمل معه مقابلة كاملة حتدث فيها ال�ساحر بالتف�صيل عن
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
14
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
الجزء األول
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
السؤال 01هل اإليمان بوجود
كيانات شريرة كالساحرات
هو شيء مهم؟
�إذا كان الإميان بوجود كيانات �شريرة كال�ساحرات هو �شيء مهم يف الإميان
ﻋﺼ
الكاثوليكي الذي يحارب �أي ر�أي �آخر له نكهة هرطوقية وا�ضحة.
ﲑ ﺍﻟ
يقول املهرطقون �أن الإميان القوي بوجود ال�ساحرات ال يدخل يف العقيدة
الكاثوليكية :انظر الف�صل ،26ال�س�ؤال 5من كتاب .Episcopusويقولون �أن كل
ﻜﺘ
من ي�ؤمن بوجود خملوق ميكنه �أن يتحول بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ� ،أو
يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه ،بدون تدخل اخلالق الذي خلق كل �شيء فهذا
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف احلقيقة �أ�سو�أ من الوثني واملهرطق .لذا عندما يذكرون �أن �أمورا خوارق كهذه
عملتها ال�ساحرات ،فهذا لي�س كالما كاثوليكيا ،بل �إن ملن الهرطقة الوا�ضحة �أن
ﺸﺮ
ودليلهم� :أنه �إن كان كذلك� ،س ُيمكن �أن نت�أثر كب�شر ب�أفعال ال�شياطني .لكن الإميان
ﺯﻳﻊ
ب�أن ال�شيطان له قوة على �أن يغري ج�سم �إن�سان �أو ُيحدث عليه �ضر ًرا دائ ًما هو �شيء
ال يبدو متواف ًقا مع تعاليم الكني�سة .لأنه بهذه الطريقة �سن�ؤمن �أنه ب�إمكانهم تدمري
العامل كله ،وحتويله �إىل عبث.
مثل يف احلالة ال�صحية، أي�ضا �أن كل حتول يحدث يف ج�سد الإن�سان ً - يقولون � ً
و�ض َح �أر�سطو احلالة املر�ضية ميكن �أن ُيف�سر بالأ�سباب الطبيعية العادية ،مثلما ّ
يف كتابه ال�سابع كتاب الفيزياء .نعم هناك ت�أثري عظيم للنجوم على الإن�سان .لكن
ال�شياطني ال ميكنهم �أن يتحكموا يف النجوم ،هذا ر�أي «ديوني�سيو�س» يف ر�سالته
الإجنيلية �إىل «بوليكارب» ،لأن الرب فقط هو الذي يفعل هذا ،وبالتايل هذا دليل
19
على �أن ال�شياطني ال ميكنهم ح ًّقا �أن ُيحدثوا �أي تغيري دائم يف ج�سد الإن�سان� .أو
كما نقول حتول حقيقي ،لذا ال يجب علينا �إحالة حدوث �أي تغيريات كهذا �إىل �سبب
مظلم و�سحري.
الرب �أعلى من قدرة ال�شيطان ،لذا فالأعمال الإلهية
ويقول املهرطقون �أنَّ قدرة ِّ
حقيقية �أكرث من الأعمال ال�شيطانية .وحيثما ُوجد ال�شر يف العامل� ،سيكون عمل
ال�شيطان دائ ًما يعار�ض عمل الرب .ولذلك من الهرطقة �أن تعتقد �أن َ
عمل ال�شيطان
ميكنه �أن يتغلب على ِ�صنع ِة الرب .ومن الهرطقة �أن تعتقد �أن �أعمال اخللق العظيمة
كالإن�سان واحليوان ميكن �أن يقع عليها �ضرر ويتم تخريبها بقدرة ال�شيطان.
ﻋﺼ
يقولون � ً
أي�ضا �أن الذي يكون هو نف�سه حتت ت�أثري املادة ال ميكن �أن تكون له �سلطة
ﲑ ﺍﻟ
على املادة ،وال�شياطني يخ�ضعون لت�أثري النجوم ،فال�سحرة يالحظون م�سار جنوم
ﻜﺘ
معينة لي�ستدعوا ال�شياطني ،لذلك فال�شياطني لي�ست لديهم القدرة على الت�أثري يف
�أي ج�سم مادي ،وتب ًعا لهذا فال�ساحرات كذلك لأنهن لديهن قدرة �أقل من قدرة
ال�شياطني.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ويقولون �أن ال�شياطني لي�ست لديهم قدرة على الإطالق �إال على بع�ض الفنون
ﺸﺮ
ي ُعزى �إىل �أ�سباب �أخرى رمبا تكون غري معروفة ولي�س لها عالقة ب�أعمال ال�شياطني
�أو ال�ساحرات.
ولكن وف ًقا للر�سائل البابوية ،)33( Decretalsالعك�س هو احلا�صل .فمكتوب
فيها «�إذا �سمح الرب بعدالته و�إرادته لأي من فنون ال�سحر باال�ستعانة بقوة
ال�شيطان� ...إلخ» هنا �إ�شارة �إىل �أن فعل ال�سحر ميكن �أن مينع �إنهاء زواج ً
مثل،
ولأجل �أن يحدث هذا ال�شيء غري ال�شرعي ال بد �أن توجد ثالثة �أ�شياء ،ال�سحر،
ال�شيطان ،و�إرادة الرب .الأقوى ي�ؤثر على الأقل قوة .وقدرة ال�شيطان �أقوى من �أي
20
قدرة ب�شرية (�سفر �أيوب) ملا قال عن �إبلي�س «لي�س له يف الأر�ض نظري ،خلق لئال
يخاف»
الإجابة .هنا توجد ثالث �أخطاء هرطوقية ال بد �أن ن�ستوفيها بح ًثا ،وعندما
ُنثبت بطالنها� ،ستت�ضح احلقيقة .بالن�سبة لبع�ض ال ُكتّاب ،يقولون �أنه حتى بالن�سبة
للم�ستحيالت التي حدثت بوا�سطة التعاويذ ال�سحرية ،فال وجود ل�شيء كال�سحر،
و�أنه موجود فقط يف خيال الرجال الذين ين�سبون �أي �شيء يف الطبيعة لي�س له
�سبب �إىل ال�سحر والتعاويذ .هناك ُكتاب �آخرون يعرتفون ح ًّقا �أن ال�سحر موجود،
لكنهم ي�صرحون �أن ت�أثري ال�سحر وت�أثري التعاويذ �إمنا هو تخيالت وتهي�ؤات من
ﻋﺼ
النا�س .وفئة ثالثة من ال ُكتاب يعتقدون �أن الت�أثريات التي قيل �أنها معمولة بالتعاويذ
ﲑ ﺍﻟ
ال�سحرية هي كلها وهم وخداع للعني ،رغم �أنه رمبا ميد ال�شيطان يده �أحيا ًنا ملعاونة
بع�ض ال�سحرة.
ﻜﺘ
واخلط�أ الذي عمله كل واحد من ه�ؤالء الأ�شخا�ص الثالثة ال بد �أن يتم ا�ستعرا�ضه
ثم دح�ضه.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وخا�صة بوا�سطة القدي�س توما�س ،الذي قال �أن �آراء كهذه هي كلها تعار�ض �سلطان
القدي�سني و�أنها مبنية على كفر مطلق .لأن الكتب املقد�سة تقول �أن ال�شياطني لهم
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
قدرة على �أج�ساد وعقول الرجال ،ذلك عندما �سمح الرب لهم �أن ُيحدثوا هذه
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
بل تهي�ؤات ،واملدر�سة الأخرى تقول �أن هناك �ضر ًرا حقيق ًيا مي�س ال�شخ�ص �أو
الأ�شخا�ص امل�صابون ،لكن ملا تتخيل ال�ساحرة �أن هذا ال�ضرر هو ب�سبب فنونها فهي
ﲑ ﺍﻟ
لي�ست �إال خمدوعة.
ﻜﺘ
هذا اخلط�أ يبدو م�ستندً ا �إىل مقطعني من ال�شرائع حيث هناك ن�ساء معينات
خارجا مع «ديانا» �أوً مدانات تخيلن خط�أ �أنه خالل الليلة التي جتولن فيها
ﺐ ﻟﻠﻨ
«هريوديا�س» �أحدثن �ضر ًرا ،هذا ميكن �أن نقر�أه يف ال�شريعة .لكن حالة كهذه ميكن
�أن حتدث ب�شكل عادي ب�شري ب�سبب الوهم وتكون جمرد خيال� ،أما �أولئك الذين
ﺸﺮ
يعتربون �أنه وب�سبب هذه الق�ص�ص يف ال�شريعة فكل ت�أثريات ال�سحر هي جمرد
�أوهام وخياالت ،فهم خمدوعون.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ثان ًيا ،بالن�سبة لل�شخ�ص الذي ي�ؤمن �أو يعتقد �أن خملو ًقا ميكن �أن يتغري بال�سحر
ﺯﻳﻊ
�إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ �أو يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه بغري تدخل اخلالق
الذي خلق كل �شيء� ،أن يقال عليه �أنه �شخ�ص كافر �أو �أ�سو�أ� ،أو يقال �أن ت�أث ًريا
كهذا �إذا ُعمل بوا�سطة ال�سحر فهو ال ميكن �أن يكون حقيق ًّيا بل يجب �أن يكون وه ًما
خال�صا .ف�إن �ضالالت كهذه لها نكهة الهرطقة وتعار�ض املعنى الوا�ضح لل�شريعة، ً
�سنثبت � ًأول وجهة نظرنا بالقانون الإلهي ،ثم بالقانون الكن�سي والقانون املدين.
كبداية ،تعبريات ال�شريعة ال بد �أن ت�ؤخذ بتف�صيالتها (رغم �أن فهم ال�شريعة
و�ضوحا يف ال�س�ؤال التايل) .لأن الإله يف موا�ضع عديدة ي�أمر
ً �سيت�ضح ب�شكل �أكرث
�أنه لي�س علينا فقط �أن نتجنب ال�ساحرات بل ال بد �أن نقتلهن ،ولن ُتفر�ض مثل هذه
22
العقوبة ال�شديدة عليهم هكذا �إذا مل يكن يعملن عهدً ا حقيق ًّيا مع ال�شياطني لأجل
�إحداث �أذى حقيقي و�ضرر بالنا�س.
لأن عقوبة املوت ال ُتفر�ض �إال لأجل اجلرائم اخلطرية املعروف �أنها �سيئة ،وكيف
لإماتة الروح �أن ُتدثها ال�ساحرة بقدرة التوهم واخليال .هذا ر�أي القدي�س توما�س
عندما ناق�ش هل من ال�شرير �أن ن�ستعني بال�شياطني؟ لأنه يف الف�صل الثامن ع�شر
من �سفر التثنية � َأم َر �أن «جميع ال�سحرة وامل�شتغلني بال�سحر يتم تدمريهم».
أي�ضا يف الف�صل التا�سع ع�شر من �سفر الالويني يقول« :الروح التي مت�شي �إىل و� ً
ال�سحرة والكهان لتعمل الف�سق معهم� ،س�أ�ضع وجهي �ضد هذه الروح و�أدمرها من
ﻋﺼ
بني �شعبي» .ومرة �أخرى يقول «�إذا كان يف رجل �أو امر�أة جان �أو تابعه ف�إنه يقتل.
ﲑ ﺍﻟ
باحلجارة يرجمونه» فالأ�شخا�ص الذين ُيقال �أن فيهم جن يفعلون �أمو ًرا �شاذة.
ﻜﺘ
� ً
أي�ضا ال بد �أن ن�أخذ يف احل�سبان �أنه ب�سبب هذه اخلطية َم ِر َ�ض «�أو�شوزيا�س»
أي�ضا يف كتاب ال�سجالت Paralipomenonجند �آراء وماتَ ،يف �سفر امللوك .و� ً
مهمة للآباء كتبوها يف هذه الكتب املقد�سة وهم الذين لهم خربة طويلة يف التعامل
ﺐ ﻟﻠﻨ
وم�شعوذون ميكنهم �أن يحدثوا بقدرة ال�شيطان ت�أثريات حقيقية و�شا ّذة ،وهذه
ﺯﻳﻊ
الت�أثريات لي�ست تخيلية والرب �سمح لهذا �أن يحدث� .أنا لن �أذكر كث ًريا من املوا�ضع
الأخرى التي يناق�ش فيها القدي�س توما�س بالتف�صيل العمليات التي من هذا النوع.
لكن كمثال ،يف كتابه الثالث من Summa contra Gentilesيف اجلزء الأول
والثاين ،يتحدث عن هذا يف اجلزء الأول ال�س�ؤال ،114املجادلة الرابعة ،يف «الثاين
أي�ضا بال�شارحني واملف�سرين الذين من الثانية» ،الأ�سئلة 92و .94ميكننا �أن ن�ستعني � ً
كتبوا عن حكماء و�سحرة فرعون ،يف �سفر اخلروج ال�سابع .وميكننا �أن ن�ستعني � ً
أي�ضا
مبا قاله القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الثامن ع�شر من City of Goodاجلزء
.17
23
أي�ضا كتابه الثاين .On Christian Doctrineعلماء كثريون قدموا انظر � ً
نف�س الر�أي ،و�سيكون من �أكرب احلماقة لأي �شخ�ص �أن يعار�ض كل ه�ؤالء العلماء،
ولن يكون متحر ًرا من اخلطية والهرطقة .لأن �أي �شخ�ص يخطئ يف تف�سري الكتب
املقد�سة يعترب مهرط ًقا .وكل من يعتقد خالف هذه الأمور التي مت�س عقيدة الكني�سة
الرومانية املقد�سة هو مهرطق .هذا هو الإميان.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
24
ُ
يتفق مع اإليمان الكاثوليكي أن السؤال .2هل
نعتقد بهذا من أجل ممارسة بعض تأثيرات السحر؟
�إذا كان متف ًقا مع الإميان الكاثوليكي �أن نعتقد بهذا من �أجل تطبيق بع�ض
ت�أثريات ال�سحر ،وهل ال�شيطان ال بد �أن يت�صل ويتعاون مع ال�ساحرة� ،أو �أنه ميكن
ﻋﺼ
�أن يحدث الت�أثري بغري تعاونهما ،هل ُيعني ال�شيطان بدون ال�ساحرة �أو العك�س ،هل
ميكن �أن يحدث ت�أث ًريا كهذا.
ﲑ ﺍﻟ
اجلدلية الهرطوقية الأوىل هي كالتايل� :أن ال�شيطان ميكنه �أن ُيحدث ت�أثري
ﻜﺘ
ال�سحر بدون تعاون مع �أي �ساحرة .كل الأ�شياء التي حتدث ب�شكل مرئي فرناها ميكن
�أن تكون �صنيعة للقدرات الطبيعية العادية .لكن الأمرا�ض اجل�سدية واالعتالالت
ﺐ ﻟﻠﻨ
هي بالت�أكيد لي�ست مرئية ،لكنها حم�سو�سة وبالتايل ميكن �أن ي�صنعها ال�شيطان.
فمثل ،نحن علمنا من الكتب املقد�سة امل�صائب التي حلت ب�أيوب ،وكيف نزلت نار ً
ﺸﺮ
من ال�سماوات و�ضربت الغنم وحرقت العبيد ،وكيف دمرت ريح �شديدة �أركان بيته
الأربعة الذي �سقط على �أطفاله و�سحقهم كلهم .هذا ِفعل ال�شيطان نف�سه بدون
ﻭ
تعاون مع �أية �ساحرة ،لكن فقط ب�إذن الرب وحده كان ال�شيطان قاد ًرا على �إحداث
ﺍﻟﺘﻮ
هذه امل�صائب .وبالتايل ميكن لل�شيطان �أن يكون هو الفاعل احلقيقي لأ�شياء كثرية
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
ال يجب �أن تعاقب ال�ساحرة.
ﲑ ﺍﻟ
وهناك ر�أي �آخر ي�ؤمن �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يلحق ال�ضرر ب�سهولة بالإن�سان،
ولذلك فهو يلحق به ال�ضرر با�ستخدام ال�ساحرات ،مبا �أنهن خادماته ..ولكن حتى
ﻜﺘ
كل الأفعال التي لها ت�أثري على بع�ضها ال بد فيها من حدوث نوع من االت�صال ،ولذلك
فال�شيطان ي�ستخدم �أداة ب�شرية ،وبها ميكنه �أن يعمل الت�أثري امل�ؤذي الذي يلم�س
ﺐ ﻟﻠﻨ
اجل�سد .وكثريون ي�ؤمنون �أن هذا مثبت يف الن�ص ،ويف التعليق على الن�ص ،يف
الف�صل الثالث من ر�سالة القدي�س باول �إىل الغالطيني�« :أيها الغالطيون الأغبياء،
ﺸﺮ
من الذي �سحركم حتى ال تذعنوا للحق؟» والتعليق على هذا املقطع ي�شري �إىل �أن
ه�ؤالء املتفردون الناريون الذين لهم عيون نارية ح�سودة ميكنهم مبجرد نظرة �أن
ﻭ
أي�ضا يذكر هذا يف كتابه الثالث من عمله Naturalismعندما قال « ابن �سينا � ً
ﺯﻳﻊ
غالبا ميكن �أن يكون للروح نف�س الت�أثري على ج�سد �آخر بنف�س القدر الذي ت�ؤثر
به على اجل�سد الذي ت�سكنه ،لأن ت�أثري عني �أي �شخ�ص ميكنها بنظرة واحدة �أن
�شخ�صا �آخر» .ونف�س الر�أي ي�ؤمن به الغزايل يف كتابه اخلام�س يف
ً جتذب وتفنت
أي�ضا -رغم �أنه مل يجعلاجلزء العا�شر من جملده .Physicsيفرت�ض ابن �سينا � ً
ر�أيه قاط ًعا ال يقبل اجلدل �« -أن قدرة التخيل ميكنها �أن ُتغري �أو يظهر �أنها تغري
الأج�سام اخلارجية يف حاالت تكون فيها القدرة على التخيل مطلوقة وغري
مقيدة ،وبذلك فنحن نتبنى فكرة �أن قدرة التخيل ال ميكن �أن تعترب م�ستقلة عن
حوا�س الإن�سان الأخرى ،مبا �أنها عامة لهم كلهم ،ولكنها وملدى معني تت�ضمن
26
كل القوى الأخرى» .وهذا �صحيح ،لأن مثل هذه القدرة على التخيل ميكن �أن
تغري الأج�سام املتجاورةً ،
مثل ،ي�ستطيع الإن�سان امل�شي على عار�ضة ممدودة �أ�سفل
منت�صف ال�شارع.
ولكن �إذا و�ضعت هذه العار�ضة على مياه عميقة لن يجر ؤ� على امل�شي فوقها ،لأن
تخيله �سيفر�ض بقوة على عقله فكرة ال�سقوط ،وبالتايل ف�إن ج�سده وقوة �أطرافه لن
تطيع تخيالته ،ولن تطيعه � ً
أي�ضا �إن �أراد �أن مي�شي مبا�شرة بدون تردد .هذا التغيري
ميكن �أن يقارن بالت�أثري الذي حتدثه عني �شخ�ص ح�سود ،فيكون هناك تغيري عقلي
يح�صل لكن بدون �أي تغيري يف اجل�سد.
ﻋﺼ
أي�ضا ،يقول املهرطقون �أن التغيري يف ج�سم حي �إمنا يكون ب�سبب ت�أثري عقل � ً
ال�ساحر على هذا اجل�سم احلي ،وللإجابة عن هذا نقول .يف وجود قاتل ذباح فالدم
مذبوحا .وبالتايل بدون �أي قدرة
ً
ﲑ ﺍﻟ
ي�سيل من اجلروح يف جثة الإن�سان الذي مات
ﻜﺘ
عقلية ،ميكن للأج�سام �أن ُتدث ت�أث ًريا ً
مروعا يف بع�ضها ،لذا فال�شخ�ص احلي �إذا
مر بجوار جثة الرجل املقتول ،ورغم �أنه رمبا ال ي�شعر باجل�سم امليت �إال �أن اخلوف
ﺐ ﻟﻠﻨ
�سي�ستويل عليه.
هناك بع�ض الأ�شياء يف الطبيعة تكون لها قوى خفية ،ولكن الإن�سان ال يعرفها
ﺸﺮ
مثل كحجر املغناطي�س ،الذي يجذب املعدن و�أ�شياء �أخرى ت�شبهه ،والذي ذكره ً
القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الع�شرين من جملد .the City of God
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وبالتايل فحتى ُتدث بع�ض الن�ساء تغي ًريا يف �أج�سام الآخرين بالعالج ف�إنهن
ﺯﻳﻊ
ي�ستخدمن �أ�شياء معينة تتعدى معرفتنا ويكون ذلك بدون ا�ستعانة بال�شيطان .فال
ي�صح �أن نقول �أنه ب�سبب غمو�ض هذه العالجات فهي من�سوبة لل�شيطان كما نن�سب
له التعاويذ ال�شريرة املطلقة بوا�سطة ال�ساحرات.
أي�ضا يقول املهرطقون �أن ال�ساحرات ي�ستعملن بع�ض ال�صور والتمائم ،التي من � ً
املعتاد �أن تو�ضع حتت �أعتاب �أبواب البيوت� ،أو يف املروج حيث ترعى الأغنام� ،أو
حتى يف �أماكن جتمع النا�س ،ثم تطلق التعويذات على �ضحاياهم ثم ميوت �أولئك
ال�ضحايا ح ًّقا يف كثري من الأحيان .ولأن مثل هذه الت�أثريات ال�شاذة ميكن �أن تخرج
من تلك ال�صور �سنعترب �أن ت�أثري هذه ال�صور يعتمد على ت�أثري النجوم على ج�سم
27
الإن�سان ،فلأن الأج�سام الطبيعية تت�أثر بالأج�سام ال�سماوية ،فبالتبعية الأج�سام
ال�صناعية � ً
أي�ضا �ستت�أثر .ومبا �أن الأج�سام الطبيعية ميكن �أن حت�صل على ت�أثريات
نافعة من بع�ض الأ�سرار النجمية ،لذا فالأج�سام ال�صناعية ميكنها � ً
أي�ضا �أن حت�صل
على نف�س الت�أثريات النافعة.
�إذن من الوا�ضح �أن ه�ؤالء الذين ي�صنعونَ العالج ميكن �أن ميكنهم �إعداده
با�ستخدام ت�أثريات نافعة مثل هذه ،وهذا ال ات�صال فيه على الإطالق ب�أي قوى
�شريرة.
إدها�شا هي تلك التي حتدث بقوة الطبيعة .لأن الأ�شياء �إن �أكرث املعجزات � ً
ﻋﺼ
الرائعة والرهيبة واملده�شة حت�صل بقوى الطبيعة .وهذا ما ي�شري �إليه القدي�س
«جريجوري» يف كتابه .Second Dialogueالقدي�سون يعملون املعجزات يف بع�ض
ﲑ ﺍﻟ
الأحيان بال�صلوات ويف بع�ض الأحيان بقدرتهم وحدها .وهناك مثال على كل منهما،
ﻜﺘ
قام بتوبيخ
القدي�س بيرت ملا �صلى� ،أحيا «تابيثا» التي كانت ميتة .وهو نف�سه عندما َ
«�أنانيا�س» و«�سافريا» الذين كانا يكذبان� ،أماتهما بدون �أي �صلوات .وبالتايل ميكن
ﺐ ﻟﻠﻨ
للرجل با�ستخدام ت�أثريه العقلي �أن يغري يف ج�سم �إىل ج�سم �آخر� ،أو ميكنه �أن يغري
يف ج�سم من ال�صحة �إىل املر�ض والعك�س.
ﺸﺮ
� ً
أي�ضا يقولون� ،أن ج�سم الإن�سان هو �أنبل من �أي ج�سم �آخر ـ ولكن ب�سبب عواطف
العقل ،يتغري ج�سم الإن�سان وي�صبح حا ًرا �أو باردًا ،كما يف حالة الغ�ضب �أو اخلوف:
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
عندها ميكن �أن يحدث تغيري �أكرب خا�صة يف حاالت املر�ض واملوت ،والذي بقوتهما
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
أي�ضا تتعلق بنف�سوكلمات القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ً � the City of God
ﲑ ﺍﻟ
النقطة ،حيث يخربنا من هن ال�ساحرات وامل�شعوذات ح ًّقا .امل�شعوذات ،الالتي
يطلق عليهن �ساحرات ،يكون و�صهن على قدر فداحة �أعمالهن ال�شريرة� .إنهن
ﻜﺘ
الالتي يخربن يف الأ�شياء ب�إذن من الرب ،الالتي ي�سبنب الإلهاء لعقول الرجال،
و�أمثالهن قد فقدن الثقة يف الرب ،وبالقوة الرهيبة لتعاويذهن ال�شريرة -بدون
ﺐ ﻟﻠﻨ
ا�ستخدام �أي �سموم ،-يقتلن الإن�سان .كما قال «لوكان»« :هناك عقل مل يتلوث ب�أي
�شراب �ضار لكننا جنده ينهار بفعل تعويذة �شريرة».
ﺸﺮ
لأنهن يجمعن ال�شياطني خلدمتهن ولديهن تلك اجلر�أة على الإ�ضرار بالب�شرية
وتدمري �أعدائهن بتعاويذهن ال�شريرة .ومن امل�ؤكد �أنه يف �أفعالهن التي من هذا
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
النوع ف�إن ال�ساحرة تعمل اقرتا ًنا وثي ًقا مع ال�شيطان .ثان ًيا ،العقوبات �أربعة �أنواع:
نافعة ،م�ؤذية ،ومعمولة بفعل ال�سحر ،وطبيعية .العقوبة النافعة تنفذها وزارة من
ﺯﻳﻊ
مالئكة اخلري ،والعقوبات ال�ضارة تنفذها الأرواح ال�شريرة .مو�سى �ضرب م�صر
بع�شرة �أوبئة بوا�سطة وزارة من مالئكة اخلري ،وال�سحرة ا�ستطاعوا �أن ي�ؤدوا ثالثة
فقط من هذه املعجزات باال�ستعانة بال�شيطان .والوباء الذي نزل على النا�س لثالثة
�أيام ب�سبب خطيئة داوود والـ � 72ألف رجل الذين ُذبحوا يف ليلة واحدة يف جي�ش
�سنحاريب ،كانت معجزات بوا�سطة مالئكة الرب .بوا�سطة مالئكة اخلري الذين
يخافون الرب ويعلمون �أنهم ينفذون �أمره.
ال�ضرر املدمر �إمنا يحدث بوا�سطة مالئكة ال�شر ،الذين كانت على �أيديهم نكبة
29
بني �إ�سرائيل يف ال�صحراء .فهذه الأ�ضرار ال�شريرة �إمنا حدثت بفعل ال�شيطان،
الذي يعمل يف بيئة من ال�ساحرات وامل�شعوذات .هناك � ً
أي�ضا �أ�ضرار طبيعية تعتمد
على االت�صال بالأج�سام ال�سماوية ،مثل املجاعة ،اجلفاف ،العوا�صف ،والت�أثريات
امل�شابهة من الطبيعة.
�إنه من الوا�ضح �أن هناك اختال ًفا �ضخ ًما بني كل هذه الأ�سباب والظروف
والأحداث .لأن �أيوب نكبه ال�شيطان مبر�ض �ضار ،لكن مل يكن �إمرا�ضه هو الهدف.
ولو كان هناك �شخ�ص ذكي وف�ضويل �سي�س�أل كيف لأيوب �أن ينكبه املر�ض من
ال�شيطان بدون اال�ستعانة ب�سحر �أو �ساحرة �أو م�شعوذة وبدون �أي من هذه الفواح�ش.
�سنقول �أن العناية الإلهية للرب �أرادت يف مثال �أيوب �أن جتعل قوة ال�شيطان �أكرب
ﻋﺼ
من قوة الرجال ال�صاحلني حتى ميكننا �أن نتعلم �أنه يجب �أن نحرت�س من ال�شيطان
ﲑ ﺍﻟ
«�ساتان» ،ويف هذا املثال لهذا الرجل ال�صالح �سرنى كيف جتلت عليه عظمة الرب
بعد ذلك .لأنه ال يوجد �شيء يحدث �إال ب�إذن الرب.
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
30
السؤال .3هل يمكن للجاثوم أو السعالة أن ينجبا
ذرية من اإلنسان؟
يقول املهرطقون ،يف البداية رمبا يبدو �أنه لي�س متواف ًقا مع الإميان الكاثوليكي
�أن ن�ؤمن �أن �أي ذرية ميكن �أن تولد بوا�سطة ال�شيطان� ،أو مثلما ي�شاع مع اجلاثوم
ﻋﺼ
وال�سعالة :بالن�سبة للرب نف�سه ،فقبل �أن ت�أتي اخلطية �إىل العامل� ،أ�س�س التنا�سل
الب�شري ،ومنذ �أن خلق املر�أة من �ضلع الرجل لتكون �شريكة معاونة له .كان يقول
ﲑ ﺍﻟ
للنا�س� :أكرثوا وتكاثروا� ،سفر التكوين الثاين .24وملا �أتت اخلطية �إىل العامل،
ﻜﺘ
أي�ضا �أكرث وتكاثر� ،سفر التكوين التا�سع .1 ،ويف زمن القانون اجلديد قيل لنوح � ً
� ً
أي�ضا� ،أكد امل�سيح هذا االحتاد ملا قال «�أمل تقر�أوا بعد� ،أنه هو الذي عمل الإن�سان
منذ البداية ،عمل منهم ذك ًرا و�أنثى؟» ،ماثيو التا�سع ع�شر .4 ،وبالتايل ،ال ميكن
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن ميكن �أن ُيقال �أن ال�شياطني ي�أخذون ن�صيبهم يف هذه الذرية لكن لي�س
كم�سبب رئي�سي ،ولكن كم�سبب ثانوي �أو �صناعي ،عندما يتدخلون يف عملية اجلماع
ﻭ
اعرتا�ض .لكن ال�شيطان ميكن �أن يعمل هذا الفعل يف كل مرحلة من مراحل
ﺯﻳﻊ
احلياة� ،أو كما نقول يف املرحلة الزوجية وغري املرحلة الزوجية .وال ميكنه �أن يفعلها
يف املرحلة الأوىل لأنه عندها �سيكون فعل ال�شيطان �أ�شد قوة من فعل الرب الذي
�أ�س�س و�أكد على هذه املنحة املقد�سة ،لأنه قد ُفر�ض الزواج لأجل العفة .وال ميكن
لل�شيطان �أبدً ا �أن ي�ؤثر بهذا ال�شكل يف �أي منحة ربانية �أخرى :لأننا مل نقر�أ قط يف
الكتب املقد�سة �أن الذرية ميكن �أن يولدوا من ال�شيطان يف �أي حالة..
طفل فهذه عملية من عمليات اجل�سم احلي، أي�ضا يقول املهرطقون ،حتى تلد ً � ً
وال�شياطني ال ميكنهم و�ضع احلياة يف الأج�سام التي ي�سيطرون عليها ،لأن احلياة
ر�سم ًيا ت�أتي من الروح ،و�إخراج الذرية هو فعل الأع�ضاء احلية املوجودة يف اجل�سم
31
احلي .وبالتايل فالأج�سام التي لي�س لها هذه اخلوا�ص ال ميكن �أن تلد �أو حت َبل.
ولكن ال زال ب�إمكاننا �أن نقول �أن ه�ؤالء ال�شياطني ي�ستولون على الأج�ساد لي�س
لأجل �أن ي�ضعوا احلياة فيها ،ولكن حتى ي�ستخدموا اجل�سد يف حفظ املني الب�شري
ومترير هذا املني �إىل ج�سد �آخر.
اعرتا�ض .بالن�سبة للمالئكة� ،إن كانوا مالئكة خري �أو �شر ،ن�ؤمن ب�أنه لي�س هناك
�أي �شيء فيهم زائد �أو بال فائدة ،ولي�س هناك �أي �شيء يف الطبيعة زائد �أو بال
فائدة .ولكن ال�شيطان بوا�سطة قدرته الطبيعية التي هي �أكرب بكثري من قوة اجل�سد
أفعال روحية ،ويُعمِ لها مرة بعد مرة حتى لو مل مييزها الب�شري ،ميكنه �أن يعمل � ً
الإن�سان .وبالتايل هو يقدر على �أن يفعل الفعل وال يح�س الإن�سان �أن �شي ًئا قد حدث.
ﻋﺼ
لأن الأج�سام والأ�شياء املادية كلها يف م�ستوى �أقل من الذكاء الروحي ال�صايف .ولكن
ﲑ ﺍﻟ
املالئكة� ،إن كانوا مالئكة خري �أو �شر ،هم من نوع الذكاء الروحي ال�صايف .وبالتايل
ميكنهم �أن يتحكموا فيما هو �أ�سفل منهم .وبالتايل فال�شيطان ميكنه �أن يجمع
ﻜﺘ
وي�ستخدم املني الب�شري التابع للج�سد ما كما يريد.
لتجميع املني الب�شري من �شخ�ص ونقله �إىل �آخر �سيحتاج هذا �إىل عمل بع�ض
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأفعال على امل�ستوى املو�ضعي .لكن ال�شياطني ال ميكنهم �أن يحركوا الأج�سام من
مكان �إىل مكان .وهذه هي احلجة .الروح هي جوهر روحي �صاف ،وكذلك ال�شيطان:
ﺸﺮ
ولكن الروح ال ميكنها �أن ُترك ج�سدً ا من مكان �إىل مكان �إال اجل�سد الذي ت�سكنه
وتعطيه احلياة :و�أي ع�ضو من هذا اجل�سد يهلك ف�إن اجل�سد ميوت وال يقدر على
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
احلركة .وبالتايل فال�شياطني ال ميكنهم �أن يحركوا ج�سدً ا من مكان �إىل مكان �إال
ﺯﻳﻊ
اجل�سد الذي يعطونه احلياة .لقد مت االعرتاف ب�أن ال�شياطني ال مينحون احلياة �إىل
�أحد ،وبالتايل ال ميكنهم �أن يحركوا املني الب�شري ب�شكل مو�ضعي حملي يعني من
مكان �إىل مكان �أو من ج�سد �إىل ج�سد.
أي�ضا ،كل فعل �إمنا يح�صل باالت�صال ،وخا�صة فعل الذرية .ولكن ال يبدو ممك ًنا � ً
�أن يحدث �أي ات�صال بني ال�شيطان وج�سم الإن�سان ،لأن ال�شيطان ال ميتلك نقطة
ات�صال معه .وبالتايل ال ميكنه �أن يحقن املني يف اجل�سد الب�شري ،خا�صة �أنه
�سيحتاج حركة معينة من اجل�سد ،فيبدو �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يحقق ذلك.
أي�ضا ،ال�شياطني لي�ست لديهم قدرة على حتريك الأج�سام الأقرب لهم يف � ً
32
مثل الأج�سام ال�سماوية ،وبالتايل لي�ست لديهم القدرة على النظام الطبيعيً ،
حتريك الأج�سام الأبعد عنهم .لقد مت �إثبات هذا مبا �أن القوة املحركة واحلركة
هما �شيء واحد كما يقول �أر�سطو يف كتابه .Physicsفتب ًعا لهذا ،ال�شياطني الذين
يحركون الأج�سام ال�سماوية ال بد �أن يكونوا يف ال�سماوات ،وهو �شيء غري �صحيح
�أبدً ا ،يف ر�أينا �أو يف ر�أي الأفالطونيون.
أي�ضا ،يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب On the Trinityاجلزء الثالث، � ً
�أن ال�شياطني يجمعون ح ًّقا املني الب�شري ،حتى ميكنهم �أن ُيحدثوا ت�أثريات على
الأج�سام ،ولكن هذا ال ميكن حتقيقه بدون حركة مو�ضعية ،وبالتايل فال�شياطني
ﻋﺼ
ميكنهم �أن ينقلوا املني الذي جمعوه ويحقنوه يف �أج�سام �أخرى .ولكن ،كما قال
«واالفريد �سرتابو» يف تعليقه على �سفر اخلروج ال�سابع :ونادى الفرعون على احلكماء
ﲑ ﺍﻟ
وال�سحرة :اجعلوا ال�شياطني جتوب الأر�ض وجتمع كل بذرة من ذرية ،لي�ستطيعوا
ﻜﺘ
بالعمل عليها �أن يبثوا كث ًريا من الأجنا�س .ومرة �أخرى يف �سفر اخلروج ال�ساد�س
يعلق بتعليقني على الكلمات :و�أبناء الرب ر�أوا بنات النا�سً � .أول� ،أبناء الرب تعني
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أبناء «�شيث» وبنات النا�س تعني بنات «قابيل» .ثان ًيا ،العماليق مل يتم �إجنابهم
بوا�سطة الإن�سان ،ولكن بفعل بع�ض ال�شياطني ،الذين كانوا وقحني مع الن�ساء .لأن
ﺸﺮ
أي�ضا ،وحتى بعد الطوفان ،كانت الكتاب املقد�س يقول ،العماليق كانوا فوق الأر�ضً � .
�أج�سام الرجال العماليق و�أج�سام ن�سائهم كلها بارزة وجميلة جدًّا.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�سيحب �أن يت�ساءل ،عندها فليبحث عن كل نقطة مو�ضحة يف الكتاب الثاين من جملد
.Sentencesحيث �ستجد الأب يرى �أن ال�شياطني يقومون بكل �أفعالهم ب�إدراك
وباختيار ،ب�سبب الطبيعة التي وهبها الرب لهم والتي مل تتغري .انظر «ديوني�سيو�س»
يف ف�صله الرابع عن املو�ضوع ،فطبيعتهم املالئكية بقيت كما هي �سليمة ومل ُت�س
بعد �سقوطهم من ال�سماوات ،رغم �أنهم ال ي�ستطيعون ا�ستخدامها يف �أي عمل خري.
وكذلك الأمر بالن�سبة لذكاء ال�شياطني� ،ستجد �أنهم يتفوقون يف ثالث نقاط
تتعلق بالقدرات العقلية ،يف عمرهم ،ويف خربتهم الطويلة ،ويف تلقي الوحي من
33
الأرواح العليا� .ستجد � ً
أي�ضا �أنهم من خالل درا�سة ت�أثري النجوم ،تعلموا ال�صفات
ال�سائدة على الإن�سان ،واكت�شفوا �أن بع�ض النا�س ميكن ا�ستعبادهم باال�شتغال
يف ال�سحر �أكرث من البع�ض الآخر ،و�أ�صبح ال�شياطني ينتهكون هذه العلوم لأجل
�أغرا�ضهم.
�سيجد القارئ �أنه قد تغريت طبيعة ال�شياطني �إىل ال�شر ،و�أنهم �صاروا يفخرون
بعمل الذنب ،ولديهم ذلك اجل�شع ال�سافر ،و�سيتعلم �أن الرب ،بعظمته ،ي�سمح لهم
واخللقة التي خلقهم�أن يعملوا �ضد رغبته .وهو يعلم �أنهم بهاتني ال�صفتني ،الذكاء ِ
عليها ،ا�ستطاعوا �أن يفعلوا املعجزات ،و�أ�صبحت ال توجد قوة يف الأر�ض تقارن بهم.
يف �سفر �أيوب احلادي والأربعون قال «لي�س له يف الأر�ض نظريُ ،خ ِل َق لئال يخاف»
ﻋﺼ
وعند هذه الآية قال ال�شارح ،رغم �أنه ال يخاف من �أحد� ،إال �أنه يخ�ضع لكرامات
ﲑ ﺍﻟ
القدي�سني.
ﻜﺘ
أي�ضا كيف �أن ال�شياطني يعلمون حديث قلوبنا ،و�أنهم يحورون�سيجد القارئ � ً
يف �أج�سادنا ب�شكل جوهري وكارثي مبعاونة وكيل ،و�أنه ميكنهم �أن يحركوا الأج�ساد
ﺐ ﻟﻠﻨ
مو�ضع ًيا ،ويحولوا امل�شاعر اخلارجية والداخلية �إىل �أبعد حد ميكن ت�صوره ،و�أنه
ميكنهم �أن يغريوا الفكر ويغريوا رغبات الرجال ب�شكل غري مبا�شر.
ﺸﺮ
ولأن هذا متعلق بت�سا�ؤلنا احلايل ،نود فقط �أن نذكر بع�ض اال�ستنتاجات مما
�سبق عن طبيعة ال�شياطني ،ثم نعود �إىل مناق�شة ال�س�ؤال.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
و�أن النجا�سة لي�ست طبيعتهم الأ�صلية .ووف ًقا ملا قاله «ديوني�سو�س» توجد يف
ال�شياطني طبيعة اجلنون وال�شهوة امل�سعورة والنزوات الوح�شية ،وهذا يظهر يف
خطاياهم الروحية املتعلقة بالكربياء واحل�سد واحلقد .لهذا ال�سبب هم �أعداء
للجن�س الب�شري ،وال�شياطني لديهم عقل له منطق ،لكنه منطق حاذق يف ال�شر،
متحم�س للأذية ،خ�صب جدًّا يف اخلداع� ،إنهم يغريون ت�صورات الإن�سان ويلوثون
م�شاعره� ،إنهم يحريون اليقظ ويف الأحالم ُيقلقون النائم ،وهم ي�سببون الأمرا�ض
ويثريون العوا�صف ويتنكرون بهيئة مالئكة النور ،وهم يحملون لنا اجلحيم دائ ًما،
ويغت�صبون من ال�ساحرات عبادة الرب لتكون لهم ،وبهذا املعنى حتديدً ا ت�ؤدى
34
التعاويذ ال�سحرية ،هم يبحثون عن ال�سيطرة على ال�صاحلني ويعتدون عليهم بكل
قوتهم ،مبا ير�شحونه لهم من فنت ،ودائ ًما ما ينتظرون هالك الب�شر.
ورغم �أنهم لديهم �آالف من الطرق لي�ؤذوا بها الب�شر ،و�أنهم حاولوا منذ فجر
تاريخهم �أن ُيحدثوا ال�شقاق يف الكني�سة ،ليمنعوا ال�صدقات ولي�صيبوا حالوة �أعمال
القدي�سني مبرارة احل�سد ،وبكل طريقة هم يخربون ويقلقون اجلن�س الب�شري ،ولكن
وال�سرة .انظر �سفر �أيوب احلادي تبقى قدرتهم من�صبة على الأماكن احل�سا�سة ُ
والأربعني .فباخلالعة تكون لهم قدرة على الرجال ،لأن م�صدر الفجور عند الرجل
متاما كما يخرج يف املر�أةيكون يف الأماكن احل�سا�سة ،لأنه من هناك يخرج املنيً ،
من ناحية ال�سرة.
ﻋﺼ
هذه الأ�شياء ذكرتها لفهم �أف�ضل لل�س�ؤال اخلا�ص باجلاثوم وال�سلعاة ،يجب
ﲑ ﺍﻟ
�أن نقول �أنه ح�سب الكاثوليكية نحن ن�ؤمن �أن الإن�سان ميكن �أن يولد من اجلاثوم
�أو ال�سلعاة ،والإميان �أن هذا غري ممكن يتعار�ض مع كلمات القدي�سني ومع تقاليد
ﻜﺘ
الكتب املقد�سة .وهذا ميكن �إثباته كالتايل� ،س�أل القدي�س «�أوج�ستني» مرة �س� ًؤال ،ال
يتعلق بال�ساحرات ولكن بكل �أعمال ال�شر ،وبخرافات ال�شعراء ،وترك الأمر يف حالة
ﺐ ﻟﻠﻨ
من ال�شك ،ففي جملده ،De Ciuitate Deiالكتاب الثالث ،الف�صل الثاين يقول:
مفتوحا ،هل كان ميكن لفينو�س �أن تنجب «�إيني�س» عن طريق ً نحن نرتك �س� ًؤال
ﺸﺮ
اجلماع مع «�أن�شي�سي�س»؟ و�س�ؤال �آخر برز يف الكتب املقد�سة ،هل ميكن ملالئكة ال�شر
�أن يناموا مع بنات النا�س ،ومن ثم �أ�صبحت الأر�ض مليئة بالعماليق الذين هم رجال
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكنه �أجاب عن ال�س�ؤال يف الكتاب اخلام�س ،الف�صل ،23يف كلماته :لقد �أ�صبح
الكل ي�ؤمن باحلقيقة التي �أكدها كثريين بتجربتهم ال�شخ�صية ،جتربة رجال ال
�شك يف موثوقيتهم� ،أن ال�شيطانني «�ساتريز» و«فاونز» (الذين يطلق عليهما ا�سم
اجلاثوم) قد ظهرا وكانا داعرين مع الن�ساء وجامعاهن .و�أن بع�ض ال�شياطني
(الذين ي�سميهم «جاولز» با�سم «دو�سي») يحاولون بد�أب �أن يحققوا هذه القذارة
كما �شهد بهذا �شهود موثوقون ُك ُث مما يجعل من �إنكار ذلك �شي ًئا ً
وقحا.
الح ًقا يف نف�س الكتاب ،يجيب الكاتب عن اخلالف الثاين ،حتديدً ا يف املقطع
يف �سفر التكوين عن �أبناء الرب (�أبناء �شيث) وبنات النا�س (بنات قابيل) ،وهو
35
هنا ال يتحدث فقط عن اجلاثوم .يقول �أنه لي�س �إميا ًنا خاط ًئا وغري ًبا �أن ت�ؤمن �أن
العماليق التي حتدث عنهم الكتاب املقد�س مل يولدوا من الب�شر ولكن من املالئكة
�أو حتديدً ا من ال�شياطني الذين ناكحوا الن�ساء .عن نف�س هذا كان تعليقه يف �سفر
�إ�شعياء الثالث ع�شر ،ملا تنب�أ النبي بخراب بابل ،وبالوحو�ش الذين �سيغزونها .قال:
«وت�سكن هناك بنات النعام ،وترق�ص هناك معز الوح�ش».
معز الوح�ش �أو ال�ساتريز يعني بهم ال�شياطني كما يقول التعليق ،ال�ساتريز هم
خملوقات �شعثاء متوح�شة يف الغابات ،وهم نوع من ال�شياطني ي�سمى اجلاثوم.
ومرة �أخرى يف �إ�شعياء الرابع والثالون ،عندما تنب�أ بخراب �أر�ض الأدوميني لأنهم
ا�ضطهدوا اليهود ،قال« :الكركي والغراب ي�سكنان فيها ،وميد عليها خيط اخلراب
ﻋﺼ
ومطمار اخلالء» .تعليقه بني ال�سطور يف�سر هذا ب�أنها وحو�ش و�شياطني .ويف نف�س
ﲑ ﺍﻟ
املو�ضع ي�شرح «جريجوري» املبارك هذا �أنها �آلهة الغابات وهي تلك املخلوقات التي
�سماها الإغريق «بان�س» والالتينيون «جاثوم».
ﻜﺘ
أي�ضا «�إيزيدور» املبارك يف الف�صل الأخري من كتابه الثامن قال« :ال�ساتريز � ً
هم الذين ي�سميهم الإغريق «بان�س» والالتينيون «جاثوم» ،ي�سمونهم اجلاثوم
ﺐ ﻟﻠﻨ
ب�سبب فعلهم الفا�سق الذي يجثم .لأن لديهم �شهوة جتاه البحث عن الن�ساء
ومناكحتهن :و«جاولز» ي�سميهم «دو�سي» لأنهم جمتهدون يف بهيميتهم .ولكن
ﺸﺮ
هذه ال�شياطني عامة ي�سميها ال�شعب «اجلاثوم» وي�سميها الرومان «فون» ،مثلما
قال «هورا�س» «�أوه يا فون ،يا عا�شق احلوريات الهاربات ،تعال �إىل �أر�ضي وحقويل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
املبت�سمة»
ﺯﻳﻊ
e
36
السؤال .4إذا كان الشياطين كلهم يمارسون
الجنس مع البشر كالجاثوم والسعالة
هل هو كاثوليكي �أن نقول �أن ممار�سات اجلاثوم وال�سعالة اجلن�سية مع الب�شر
فعل ،لأنه حتى نقول بالعك�ستنطبق كذلك على كل الأرواح النج�سة؟ ويبدو �أنه كذلك ً
ﻋﺼ
يجب �أن ن�ؤمن �أن هناك جز ًءا من اخلري يف بع�ض ال�شياطني .قيل �أنه بالن�سبة للخري
ﲑ ﺍﻟ
فهناك درجات و�أنظمة (انظر كالم القدي�س �أوج�ستني يف كتابه عن طبيعة اخلري)،
وبالن�سبة لل�شر فالأمر فيه �شيء من اللب�س .ولكن كما �أنه عند مالئكة اخلري ال ميكن
ﻜﺘ
أي�ضا بني مالئكة ال�شر كل �شيء بال نظام ،وبالتايل �أن يكون �شيء بدون نظامً � ،
كلهم بدون متييز يفعلون هذه املمار�سات اجلن�سية .انظر �سفر �أيوب العا�شر�« :أر�ض
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا� ،إذا مل يكونوا كلهم يفعلون هذه املمار�سات ،ف�إن هذه اخل�صلة التي يف � ً
بع�ضهم �أتت �إما من طبيعة فيهم �أو من خطية اجنرفوا لها� ،أو من عقاب ُفر�ض
ﻭ
عليهم .لكنها مل ت�أت من طبيعة يف بع�ضهم لأنهم جمي ًعا بدون حتديد ميالني �إىل
ﺍﻟﺘﻮ
اخلطية ،كما مت ذكره يف ال�س�ؤال ال�سابق .لأنهم بطبيعتهم �أرواح جن�سة غري �صافية،
ﺯﻳﻊ
وهم كلهم �أجن�س من �أن ُيظهروا �أي �شيء طيب ،فهم حاذقون يف ال�شر ،متحم�سون
للأذية ،مليئون بالكربياء� ،إلخ .وبالتايل هذه املمار�سات التي فيهم �سببها �إما خطية
اجنرفوا لها �أو عقاب ُفر�ض عليهم .ونحن نعلم �أنه كلما كانت اخلطية �أكرب ،يكون
العقاب �أكرب ،وال�شياطني العالون منهم طبيعي �أنهم قد �أذنبوا �أكرث و�أكرث ،وبالتايل
ن�ستنتج �أنه ب�سبب عقاب ُفر�ض عليهم فهم يقومون بهذه املمار�سات الأكرث �ش ًّرا.
أي�ضا ،قيل �أنه حيثما ال يوجد ان�ضباط وطاعة ،الكل �سيعمل اخلط�أ بال فرق � ً
بينهم :ومن امل�سلم �أنه ال يوجد ان�ضباط وطاعة بني ال�شياطني وال يوجد اتفاق� .سفر
37
الأمثال الثالث ع�شر« :اخل�صام �إمنا ي�صري بالكربياء ،ومع املت�شاورين حكمة».
�إذن هم كلهم ب�سبب اخلطية �سيت�ساوون يف ورودهم �إىل اجلحيم يوم القيامة
ال فرق بينهم يف �أي �شيء ،وقبل هذا الوقت �سيظلون يف غ�شاوة �سفلى كلهم ي�ؤدون
املهام التي �أوكلت لهم .نحن ال نقر�أ �أن هناك م�ساواة يف العتق من العذاب ،وبالتايل
لن توجد م�ساواة يف املهام وال يف الإغواء.
ولكن ي�أتي �ضد هذا التعليق الأول على ر�سالة بول�س �إىل كورنثو�س الأوىل :مادام
العامل يتحمل� ،ستو�ضع املالئكة فوق املالئكة والرجال فوق الرجال وال�شياطني
أي�ضا يف �سفر �أيوب احلادي ع�شر يتحدث عن ميزان ال�شيطان فوق ال�شياطني .و� ً
ﻋﺼ
«لوياثان» للأمور ،ومن كالمه نفهم تفكري �أفراد ال�شياطني وكيف ين�شق بع�ضهم على
بع�ض .وبالتايل يوجد بينهم تنوع يف النظام ويف الأن�شطة.
ﲑ ﺍﻟ
�س�ؤال �آخر يربز ،هل ه�ؤالء ال�شياطني ميكن �أن تقوم مالئكة اخلري بكبح
ﻜﺘ
جماحهم �أم ال �إن هم �سعوا يف ممار�ساتهم الفا�سدة هذه؟
يجب �أن نقول �أن املالئكة الذين ي�سيطرون على �إخ�ضاع �أ�صحاب الأعمال
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�سيئة ي�سمون «القوى» .كما قال القدي�س «جريجوري» والقدي�س «�أوج�ستني» يف
كتاب de Trinitateالثالث .الأرواح املتمردة واخلاطئة خا�ضعون لأرواح احلياة
ﺸﺮ
الربانية الطائعة .وهاته املخلوقات التي تكون �أكرث كماال و�أقرب للرب تكون لهم
�سلطة على غريهم ،لأن نظام الأف�ضلية موجود يف الرب وت�شاركه فيه خملوقاته
ﻭ
كلما �صاروا �أقرب له .وبالتايل مالئكة اخلري الذين هم �أقرب للرب باعتبار متتعهم
ﺍﻟﺘﻮ
بهذا القرب من الرب الذي يفتقده ال�شياطني ،تكون لهم �أف�ضلية على ال�شياطني
ﺯﻳﻊ
ويحكمون عليهم.
وعندما يقال �أن ال�شياطني تعمل كل �أذى عظيم بدون �أي ح�ساب لأحد� ،أو �أنهم
لي�سوا مكبوحني وال يخ�ضعون ملالئكة اخلري الذين ميكن �أن مينعوهم� ،أو يقال �أنهم
حتى �إذا كانوا خا�ضعني ،فال�شر الذي يعمله �أي خا�ضع �إمنا يكون ب�سبب �إهمال
�سيده ،فيبدو �أن هناك � ً
إهمال بني �أ�سيادهم مالئكة اخلري :الإجابة هي �أن املالئكة
هم وزراء حلكمة الإله .وحكمة الإله ت�سمح لبع�ض ال�شر �أن يحدث بوا�سطة مالئكة
ال�شر �أو بوا�سطة الإن�سان ،لأجل اخلري الذي ير�سمه الرب بعد ذلك ،لذا فمالئكة
اخلري ال مينعون الب�شر اخلبيثني �أو ال�شياطني ب�شكل كامل من عمل ال�شر.
38
نظاما معي ًنا للأفعال
نعتقد ب�أن هناك ً الإجابة� .إن من الإميان الكاثوليكي �أن َ
الداخلية واخلارجية ،ودرجة من التف�ضيل بني ال�شياطني .هذا يعني �أن بع�ض
الفواح�ش ُترتكب بوا�سطة النظم ال�سفلى ال�شيطانية ،وتتفاداها النظم العليا
ال�شيطانية باعتبار نبلهم القدمي وباعتبار طبيعتهم .يقال �أن هذا ينتج عنه نوع من
االن�سجام الكامل حيث �أن املخلوقات تن�سجم مع طبيعتها ومع احلكمة الإلهية ومع
�شرورها اخلا�صة.
وب�شكل �أكرث حتديدً ا فيما يتعلق بطبيعتهم نقول �إنه من املوا َفق عليه �أنه منذ بداية
مقاما من بع�ض ،لأنهم يختلفون فيما اخلليقة ،كان البع�ض منهم بخلقتهم �أرفع ً
بينهم يف ال�شكل وال يوجد اثنان من املالئكة ي�شبهان بع�ضهما يف ال�شكل .هذا ي�ؤدي
ﻋﺼ
أي�ضا مع كلمات الفال�سفة .ر�أي ي�ضعه «ديوني�سو�س» �إىل ر�أي �أكرث ً
�شمول ،يتوافق � ً
ﲑ ﺍﻟ
يف ف�صله العا�شر من كتاب On the Celestial Hierarchyحيث يقول �أن يف
النظام املالئكي ال�شيطاين هناك ثالث درجات خمتلفة ،ويجب �أن نوافق على هذا
ﻜﺘ
حيث �أن كال من ال�شياطني واملالئكة خلقتهم روحية وغري مادية .انظر � ً
أي�ضا كالم
القدي�س «توما�س»� .أن اخلطية مل تغري طبيعة ال�شياطني ،فال�شياطني بعد ال�سقوط
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا مع احلكمة الإلهية ،لأن هذا مق�ضي بوا�سطة الرب (ر�سالة هذا ين�سجم � ً
�أهل رومية .)13وال�شياطني مت انتدابهم من قبل الرب لإغواء الرجال وفر�ض
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
عليهم عقاب اللعن ،وهم يعملون على الإن�سان بطرق كثرية ومتعددة.
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
الأدنى هم املنتدبون لأداء هذه الفواح�ش وغريها.
ﲑ ﺍﻟ
ورغم �أن الكتب املقد�سة تتحدث عن �أن اجلاثوم وال�سعالة يتبعون �شهوتهم جتاه
الن�ساء ،لكننا ال نقر�أ يف �أي مكان �أن اجلاثوم وال�سعالة يفعلون هذه الرذيلة ب�شكل
ﻜﺘ
يعار�ض الفطرة كاللواط .نحن ال نتحدث فقط عن اللواط ولكن عن �أي خطية �أخرى
تكون ممار�ستها خارجة عن امل�سار الطبيعي .و�شناعة خطية كهذه ميكن تو�ضيحها
ﺐ ﻟﻠﻨ
بحقيقة �أنه حتى ال�شياطني ،كلهم �أ ًيا كان نظامهم ميقتون ويعتقدون �أنه من العار
ممار�سة هذه الأفعال .ويبدو �أن التعليق على �سفر حزقيال التا�سع ع�شر يعني هذا،
ﺸﺮ
حيث يقول� :سوف �أجعلكم بني �أيدي �سكان فل�سطني ،حيث ال�شياطني �أنف�سهم
�سيخجلون من �آثامكم ،وهو يعني هنا الرذائل التي �ضد الفطرة كاللواط .و�سريى
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الطالب عندئذ ماذا يجب له �أن يفهم بخ�صو�ص ال�شياطني .لأنه ال خطية كانت
�أعظم من ذلك عاقب عليها الرب و�أمات هذا العدد الكبري بطريقة خمزية.
ﺯﻳﻊ
بالت�أكيد يقول الكثريون وهو مما ن�ؤمن به ح ًقا� ،أنه ال �أحد ميكنه �أن يبقى حمم ًيا
من �أن متار�س عليه مثل هذه الرذائل فيما عدا �أثناء �أيام احلياة الب�شرية للم�سيح.
عاما ،لكن ميكن �أن ُيحمى ال�شخ�ص �إذا مت �إنقاذه والتي ا�ستمرت ثالثة وثالثني ً
بنعمة خا�صة من املخل�ص .وهذا ُمثبت بحقيقة �أن هناك �ضحايا لهذه الرذائل
�أعمارهم يف الثمانني ومنهم معمرون �أكرث من ذلك ،وهم حتى ذلك ال�سن عا�شوا
حياتهم وف ًقا لتعاليم امل�سيح ،ولكن بانتهاء حياته الب�شرية ،وجدوا �صعوبة كبرية يف
احل�صول على اخلال�ص ،ويف التخلي ب�أنف�سهم عن هذه الرذائل.
40
أي�ضا� ،أ�سماء ال�شياطني تعرب عن النظام املوجود بينهم ،وتدل على املقر الذي � ً
ينتمي �إليه كل منهم .لأنه رغم �أن اال�سم واحد وهو ال�شيطان ،جنده ُي�ستخدم ب�شكل
متعدد يف الكتب املقد�سة ب�سبب �صفاتهم املتعددة ،مع ذلك ُتعلمنا الكتب املقد�سة
�أن واحدً ا من ال�شياطني يتم تعيينه على رذيلة ما ،والرذائل الأخرى يتعني لها واحد
مثل من عادة الكتب املقد�سة يف الكالم �أن ُت�سمي كل روح جن�سة «ديابلولو�س» �آخرً .
من «ديا» وتعني اثنني ،و«بولو�س» وتعني التافه ،لأنه قتل اثنني ،ج�سده وروحه .برغم
�أن الكلمة الالتينية «ديابولو�س» تعني املحبو�س يف ال�سجن والتي هي مالئمة � ً
أي�ضا
م�سموحا لل�شيطان �أن يعمل كث ًريا من الأذى كما يتمنى.
ً حيث �أنه لي�س
�أو «ديابولو�س» تعني التدفق لأ�سفل ،حيث �أنه �سقط �إىل الأ�سفل ،مكان ًيا ومعنو ًيا.
ﻋﺼ
أي�ضا «دميون» ،وتعني املاكر يف �سفك الدم ،حيث �أنه ظم�آن ويرتكب ولقد ُ�سمي � ً
ﲑ ﺍﻟ
اخلطية رغم �أنه يعرف ثالثة �أ�ضعاف معرفة الإن�سان ،كونه قوي يف خلقته ،ويف
أي�ضا «بليعال» والتي تعنيخربته لعمره الطويل ،ويف تلقي الوحي من املالئكة .ي�سمى � ً
ﻜﺘ
بدون قرون �أو تعني ال�سيد ،حيث ميكن �أن يقاتل �ضحيته من الإن�س .ي�سمى � ً
أي�ضا
«بعلزبوب» والتي تعني �سيد الذباب ،والذباب هنا يرمز �إىل �أرواح اخلاطئني الذين
ﺐ ﻟﻠﻨ
تركوا الإميان احلقيقي بامل�سيح .وي�سمى «�ساتان» وتعني العدو ،انظر قول القدي�س
أي�ضا ي�سمى «بيهيموث» وتعني الوح�ش لأنه بيرت :لأن عدوكم ال�شيطان يدور� ،إلخً � .
ﺸﺮ
ً
متوح�شا. يجعل الإن�سان
ولكن �أ�شد �شيطان يف الف�سوق و�سيد هذا الرج�س اللواطي ،ي�سمى «�أ�سموديو�س»،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
حلكم�ُ :سمي بهذا لأن هذا النوع من اخلطية عوقب بتنفيذ والتي تعني خملوق ا ُ
حلكم على «�سدوم» قوم لوط و�أربعة مدن �أخرى .كذلك �شيطان الكربياء ي�سمي ا ُ
ﺯﻳﻊ
«لوياثان» والتي تعني «�إ�ضافتهم» ،لأن «لو�سيفر» عندما �أغوى �آباءنا وعدهم
بكربياء ،ب�إ�ضافة �صفة �إلهية عليهم .يقال عنه يف �سفر �إ�شعياء« :يف ذلك اليوم
يعاقب الرب ب�سيفه القا�سي العظيم ال�شديد لوياثان احلية امللتوية»� .أما �شيطان
اجل�شع والرثوة في�سمى «مامون» والذي ذكره امل�سيح يف الإجنيل «ال يقدر �أحد �أن
يخدم �سيدين ..الخ».
بالن�سبة للحججً � ،أول اخلري ميكن �أن يوجد بدون ال�شر ،لكن ال�شر ال ميكن �أن
يوجد بدون اخلري ،لأن ال�شر يتم �صبه على املخلوق الذي كان طي ًبا بطبعه .وبالتايل
ال�شياطني ،برغم �أن لديهم يف الأ�صل طبيعة خري ،لكنه قد مت تغري �سياق الطبيعة
41
فيهم ب�سبب �أفعالهم ،انظر �سفر �أيوب العا�شر.
ثان ًيا ،ميكن �أن يقال �أن ال�شياطني الذين يتم انتدابهم للعمل لي�سوا يف اجلحيم
نظاما بينهم لن يكون لهم مثله و�إمنا هم مو�ضوعون يف �سحب �سفلية .و�أن لديهم ً
�إن كانوا يف اجلحيم ،ومت منعهم يف ال�سحب ال�سفلية من �أن يذوقوا النعيم منذ ذلك
الوقت ملا �سقطوا بال رجعة من تلك املرتبة .وميكن �أن نقول �أنه حتى يف اجلحيم،
�سيكون هناك بينهم تدرج يف القوة ،ويف درجات العذاب ،نظ ًرا لأن بع�ضهم ولي�س
كلهم يتم انتدابهم لتعذيب الأرواح .ولكن هذا التدرج ي�أتي من الرب ولي�س من
�أنف�سهم ،وكذلك تدرج عذابهم.
عذبون ثال ًثا ،عندما يقال عن ال�شياطني الأعلى �أنهم مبا �أنهم �أذنبوا �أكرث ،فهم ُي َ
ﻋﺼ
�أكرث ،وبالتايل يجب �أن يكونوا هم مرتبطني بعمل هذه الرذائل اجلن�سية� ،ستكون
الإجابة �أن اخلطية دائ ًما تكون لها عالقة بالعذاب الرباين املفرو�ض عليها ،ولي�س
ﲑ ﺍﻟ
بالفعل نف�سه �أو بخلقة الفاعل ،وب�سبب طبيعتهم النبيلة القدمية ال يتم انتداب
ﻜﺘ
ال�شياطني العالية لأجل هذه الفواح�ش ،فهذا ال عالقة له بخطيئتهم �أو بعذابهم.
وبالرغم من �أنهم جميعا �أرواح جن�سة ،ومتحم�سون للأذية� ،إال �أن الواحد منهم
يكون �أكرث من الآخر ،يف ن�سبة ظم�أ طبيعتهم �إىل الظالم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
راب ًعا ،يقال �أن هناك اتفا ًقا بني ال�شياطني جمي ًعا -بطبيعتهم اخلبيثة اخلالية
من املودة � -أن يكرهوا الب�شرية ،و�أنهم يبذلوا ق�صارى جهدهم �ضد العدالة .واتفا ًقا
ﺸﺮ
كهذا ميكن �أن يحدث بني الكيانات ال�شريرة ،حيث يجعلون �أنف�سهم فر ًقا ،وينتدبون
منهم �أولئك الذين تكون مواهبهم منا�سبة لي�سعوا وراء �آثام ب�شرية معينة.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
خام�سا ،برغم �أن احلب�س مفرو�ض عليهم جمي ًعا يف الطبقة ال�سفلى وما بعدها ً
ﺯﻳﻊ
من اجلحيم ،لكنهم ال يكونون مت�ساويني يف العذاب ويف املهام التي ُتق�ضى �إليهم:
نبل يف الطبيعة والذي يتبع مق ًرا �أ�شد قوة ،يكون �أكرث عذا ًبا .انظر كتاب فالأكرث ً
Wisdomال�ساد�س «القوي �سيعاين عذابات قوية».
e
42
السؤال .5ما هو مصدر ازدياد أعمال السحر ؟
ماهو م�صدر ازدياد �أعمال ال�سحر؟ وملاذا زادت ممار�سة ال�سحر ب�شكل ملحوظ؟
هل هو ر�أي كاثوليكي ب�أي طريقة من الطرق �أن ن�ؤمن �أن �أ�صل ال�سحر جاء من
ت�أثري النجوم ومن خبث الإن�سان الذي الحظ هذا الت�أثري؟ ونرتك الإميان ب�أن هذا
ﻋﺼ
ال�سحر بد�أ يف الب�شرية بعد الفواح�ش التي عملها فيهم اجلاثوم وال�سعالة .والإجابة
هي �أن ال�سحر قد ظهر ح ًّقا من خبث الإن�سان .لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال ،يف
ﲑ ﺍﻟ
كتابه الثالث والثالثني �أن �سبب ف�ساد الإن�سان يكمن يف رغبته الداخلية ،ف�إذا �أذنب
ﻜﺘ
الإن�سان العادي �سيذنب من نف�سه �أو ب�إيعاز من �أحد.
متاما ،ف�أ�صل ف�سادها لي�س ال�شيطان ولكن
�أما ال�ساحرة فقد �أف�سدتها اخلطية ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
رغبتها ال�شخ�صية اخلبيثة يف الف�ساد .يف نف�س الكتاب حتدث الكاتب عن الإرادة
احلرة ،قال �أن اجلميع يتحملون نتيجة خطاياهم وال�سبب هو �أن اخلطية كانت
ﺸﺮ
ب�إرادتهم احلرة ،وال�شيطان ال ميكنه �أن يدمر الإرادة احلرة لأي �شخ�ص ،لأن هذا
�سيعار�ض فكرة حرية الب�شر التي ن�ؤمن بها ،وبالتايل ال ميكن �أن يكون ال�شيطان
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا يف كتاب Ecclesisatic Dogmaقيل: هو �سبب كل خطية يعملها الإن�سان .و� ً
لي�ست كل �شرورنا مت طبخها بوا�سطة ال�شيطان ،ولكن هي يف كثري من الأحيان تربز
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
الأج�سام ال�سفلية مثل الأع�شاب والأحجار واحليوانات وبع�ض الأ�صوات والأرقام.
ﲑ ﺍﻟ
ولكن حيث �أن الأج�سام الأثقل لها قوة �أكرث من الأج�سام الأ�سفل ،بالتايل فالنجوم
لها ت�أثري �أعظم من كل هذه الأ�شياء .وال�ساحرات تكون �أعمالهن خا�ضعة لت�أثري
ﻜﺘ
هذه الأج�سام القوية �أكرث من اعتمادهن على م�ساعدة ال�شياطني �أنف�سهم .واحلجة
مدعومة من �سفر امللوك ال�ساد�س ع�شر ،حيث اغتاظ �شاول من ال�شيطان ولكنه هد�أ
ﺐ ﻟﻠﻨ
م�سبب الت�أثري ،و�أفعال ال�ساحرات ال ميكن �أن حتدث بدون م�ساعدة ال�شياطني،
كما هو وا�ضح يف و�صف ال�ساحرات من كالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتابه Ethics
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الثامن .ال�ساحرات ُ�سمني كذلك ب�سبب ِعظم تعاويذهن ال�سحرية التي يخربن
بها الأ�شياء ويحرين عقول الرجال ،وذلك بدون ا�ستخدام �أي �سم ،ولكن فقط
ﺯﻳﻊ
با�ستخدام التمائم.
أي�ضا� ،أر�سطو قال يف كتابه �« :Ethicsإن من ال�صعب �أن تعرف بداية عملية � ً
التفكري يف الإن�سان ،ويو�ضح كيف يجب �أن تكون هذه العملية التفكريية قد �أتت
من م�صدر خارجي .لأن كل �شيء يبد�أ من �سبب معني .فالرجل يفعل ال�شيء
الذي يرغب فيه ،ولقد بد�أ يف رغبته يف هذا ال�شيء ب�سبب اقرتاح م�سبق يف فكره،
و�إن كان هذا اقرتاح م�سبق يف فكره ،فهو �إما يكون قد �أتى من الالنهائية� ،أو �أنه
�أتى من مكان خارجي ،وهذا املكان اخلارجي هو الذي بد�أ �أول اقرتاح للإن�سان.
44
�إال �إذا قلنا �أن هذا الفكر قد جاء يف العقل بفعل ال�صدفة مما يجعل بالتايل كل
�أفعال الب�شر جاءت باحلظ ،وهو �شيء �سخيف»� .إن مبتدئ اخلري هو الرب ،ولكنه
لي�س هو �سبب اخلطية .عندما بد�أ الإن�سان يف الرغبة باخلطية ،ال بد �أنه كان هناك
�سبب خارجي لهذه الرغبة الأوىل .وهذا ال ميكن �أن يكون غري ال�شيطان ،خا�صة يف
حالة ال�ساحرات ،كما بينا �أعاله ،لأن النجوم ال ميكن �أن ت�ؤثر مبا�شرة يف �أفعال
ال�ساحرات .وبالتايل �أ�صبحت احلقيقة وا�ضحة.
أي�ضا ،هذه ال�ساحرة لديها قدرة على التحكم بالدوافع مما يجعل لها قدرة على � ً
عمل النتائج املت�سببة من هذه الدوافع .الدافع للرغبة هو �شيء حم�سو�س بحا�سة
العقل ،وكليهما خا�ضع لقدرة ال�شيطان .لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال يف الكتاب :83
ﻋﺼ
هذا ال�شر الذي هو ال�شيطان ،يتل�ص�ص بكل حوا�سه ،هو يجعل نف�سه يف الأرقام،
ﲑ ﺍﻟ
يكيف نف�سه يف الألوان ،يجذب نف�سه �إىل الأ�صوات ،يرتب�ص بالأحاديث الغا�ضبة
واملحادثات الغالطة ،وهو يلبث يف الروائح ،وينقع نف�سه يف النكهات وميلأ بزفراته
ﻜﺘ
كل القنوات .وبالتايل نرى قدرة ال�شيطان �أن ي�ؤثر على الإرادة ،التي هي ال�سبب
املبا�شر للخطية.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا ،كل �شيء فيه اختيار بني طريقني ،يحتاج �إىل نوع من العامل املحدد قبل � ً
�أن ي�أخذ قراره .والإرادة احلرة للإن�سان لها االختيار بني اخلري وال�شر ،وبالتايل
ﺸﺮ
م�صنوعة لأجل ال�شر .بالتايل يبدو �أن رغبة ال�شر عند ال�شيطان هي �سبب لرغبة
حلجة ميكن �إثباتها ب�أنه كما تتجه ال�شر عند الإن�سان ،خا�صة يف ال�ساحرات .وا ُ
ﺯﻳﻊ
مالئكة اخلري �إىل اخلري ،فمالئكة ال�شر يتجهون �إىل ال�شر ،ولكن الأول يوجه
الإن�سان �إىل اخلري ،والأخري يوجه الإن�سان �إىل ال�شر .لأجل هذا يقول «ديوني�سو�س»،
يوجد �سببه يف الأعلى.
القانون الإلهي الرا�سخ والغري قابل للتغيري� ،أن الأدنى َ
الإجابة .من يقول �أن ال�سحر له عالقة بت�أثري النجوم فهذا قد ارتكب ثالثة
�أخطاء .يف املقام الأول ،ال ميكن �أن يكون �أ�صله �آت ًيا من املنجمني وموجهي خريطة
الأبراج وقارئي الطالع .وكان ال�س�ؤال هل رذيلة ال�سحر يف الإن�سان �سببها ت�أثري
أي�ضا ،ولأجل احلفاظ النجوم عليه ،وبالتايل يف حتديد �صفات الإن�سان املختلفة � ً
45
على الإميان ال�صحيح ،هناك �شيء ال بد �أن ن�ؤمن به� ،أن هناك مذهبني ميكننا �أن
نفهم بهما كيف �أن �شخ�صية الإن�سان تت�أثر بالنجوم� ،إما املذهب الكامل ويعني كل
�شيء يت�أثر بالنجوم� ،أو املذهب الطارئ يعني �أن الت�أثري يف �أوقات طارئة .وبالن�سبة
للمذهب الأول ،فهو لي�س فقط خاط ًئا ،ولكنه مهرطق جدًّا ويعار�ض الدين امل�سيحي،
�إن الإميان احلق ال ميكن �أن تكون فيه �ضاللة كهذه.
لهذا ال�سبب ،كل من يقول �أن كل �شيء بال�ضرورة ي�أتي من النجوم فهو ي�أخذ
بعيدً ا كل النعم الربانية وكل املميزات املمنوحة للب�شر من الرب وبالتايل ي�أخذ
عظمة الرب .لأن ا�ستقامة ال�شخ�صية تت�أذى ب�سبب هذا ال�ضالل ،لأنه عندها �سنلقي
ﻋﺼ
باللوم على النجوم يف �أفعال املذنبني واملجرمني ،وهذه رخ�صة للخطية بال مالمة
وبال اعرتاف باخلط�أ ،والإن�سان عندها �سيتجه لعبادة تلك النجوم واالفتتان بها.
ﲑ ﺍﻟ
لكن بالن�سبة للخالف يف �أن �صفات الإن�سان �إمنا هي متنوعة تب ًعا لتنظيمات
ﻜﺘ
النجوم ،فهذا حقيقي جدًّا وال يعار�ض املنطق �أو الإميان .لأنه من الوا�ضح �أن
تنظيمات الأج�سام ت�سبب تنوعات يف مزاج ويف �صفات الروح ،لأن الروح عامة
ﺐ ﻟﻠﻨ
حتاكي هيئات الأج�ساد ،ولكن هذا لي�س مطل ًقا ،لأن الروح هي �سيدة على اجل�سد
خا�صة عندما تكون مدعومة بالنعم .لذلك عندما يظهر ب�شكل ما ت�أثري قوة النجوم
ﺸﺮ
على ت�شكيل �صفات ومزاجات الإن�سان ،ف�إنا نوافق �أن لهم ت�أث ًريا على ال�شخ�صية،
ولكن من بعيد ،لأن الطبيعة ال�سفلى الأر�ضية لها ت�أثري �أكرب على ال�صفات واملزاجات
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
اثنني �إخوة مر�ضا وعوجلا م ًعا� ،أثبت منطق �أبقراط �أكرث من منطق املنجمني .لأن
�أبقراط �أجاب ب�أن هذا ح�صل ب�سبب ت�شابه مزاجاتهما بينما �أجاب املنجمون �أن
هذا ب�سبب هوية كل منهما يف خريطة الأبراج .بالن�سبة لإجابة �أبقراط فقد كانت
�أف�ضل لأنه ا�ست�شهد بال�سبب الأ�سرع والأكرث ت�أث ًريا .لذا ،يجب �أن نقول �أن ت�أثري
النجوم هو بدرجة ما يف�ضي �إىل الرج�س �أكرث مما يف�ضي �إىل �أي �شيء �آخر من
الأفعال �سواء كانت خبيثة �أو فا�ضلة .ولكن ت�أثري هذا التنظيم النجمي ال يجب �أن
يقال �أنه �ضروري و�سريع وكاف ولكن نقول �أنه بعيد وم�شروط.
46
�صحيحا ،ذلك الذي ُبني على كتب الفال�سفة واملتعلق ً لي�س ذلك االعرتا�ض
ب�سمات العنا�صر ،حيث يقولون �أن املمالك قد يتم �إخال�ؤها والأرا�ضي يتم هجرها
ب�سبب اقرتان كوكب امل�شرتي وزحل ،ويقال �أنه من هذا ميكن �أن نفهم كيف �أن الأمر
خارج عن �إرادة الإن�سان ،وبالتايل ت�أثري النجوم له قدرة �أعلى من الإرادة احلرة.
ولقد �أُجيب عن هذا ب�أن هذه املقولة ال يعني بها الفيل�سوف �أن يلمح �أن الإن�سان ال
ميكنه �أن يقاوم ت�أثري الأبراج عليه ،بل ميكنه ذلك .لأن بطليمو�س قال يف كتابه
Almagestقال :الرجل احلكيم يكون �سيدً ا على النجوم .لأنه رغم �أن زحل له
ت�أثري �سوداوي وامل�شرتي لديه ت�أثري جيد ،فاقرتان امل�شرتي وزحل ميكن �أن ُيخل�ص
أي�ضا بالإرادة احلرة ،ميكن �أن يقاوم الإن�سان الإن�سان من النزاعات واخلالفات .و� ً
ﻋﺼ
هذا امليل ،وب�سهولة مبعاونة نعمة الرب عليه.
ﲑ ﺍﻟ
�صحيحا �أن نقتب�س كالم القدي�س «جون داما�سني» عندما ً ً
اعرتا�ضا و� ً
أي�ضا لي�س
قال يف كتابه الثاين يف الف�صل ال�ساد�س �أن املذنبات هي �إ�شارة ملوت امللوك .وهذا
ﻜﺘ
وا�ضحا يف
ً جنيب عنه ب�أننا حتى لو اتبعنا ر�أي القدي�س «جون داما�سني» الذي كان
الكتاب امل�شار �إليه ،وعك�س ر�أي الفال�سفة ،فهذا لي�س ً
دليل على تبعية �أفعال الب�شر
ﺐ ﻟﻠﻨ
للنجوم .لأن القدي�س «جون» يعترب �أن املذنب لي�س خل ًقا من الطبيعة ،ولي�س واحدً ا
من النجوم املنتظمة يف ال�سماء ،وبالتايل ال ت�أثري له وال داللة طبيعية .لأنه يقول �أن
ﺸﺮ
املذنبات لي�ست من النجوم التي ُخلقت يف البداية ،ولكنها ُ�صنعت لأجل �سبب معني
ثم ذابت ،ب�أمر الإله .هذا �إذن هو ر�أي القدي�س «جون دام�سني» .ولكن الرب ب�إ�شارة
ﻭ
كهذه �إمنا ُينذر مبوت امللوك دو ًنا عن بقية الرجال ،ومن هذا يحدث االرتباك يف
ﺍﻟﺘﻮ
حر�صا على حفظ امللوك لأجل امل�صلحة العامة ،وامللوك اململكة .واملالئكة �أكرث ً
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
يجب �أن نالحظ �أن املنجمني عادة ما يتنب�ؤون باحلقيقة ،و�أحكامهم يف جزء
كبري منها م�ؤثرة على الإقليم الواحد �أو الأمة الواحدة .و�سبب �أنهم ي�أخذون
حمتوما
ً
ﲑ ﺍﻟ
�أحكامهم من النجوم ،هو بناء على �أن النجوم لها ت�أثري عظيم لكن لي�س
ﻜﺘ
على �أفعال الب�شر ،وت�أثريها على الأمة الواحدة �أو الإقليم الواحد �أكرب من ت�أثريها
على الفرد الواحد .وهذا ب�سبب �أن اجلزء الأكرب من الأمة الواحدة يكونون طائعني
لتنظيم اجل�سم �أكرث من مما ُيطيع الرجل الواحد.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وثاين الطرق الثالثة التي �سنربر بها وجهة النظر الكاثوليكية هو دح�ض
ﺸﺮ
�ضالالت ه�ؤالء الذين يوجهون خرائط الأبراج و�أولئك امل�شتغلني بالريا�ضيات الذين
يعبدون �إلهة احلظ .عن �أولئك يقول القدي�س «�إيزيدور» �أن ه�ؤالء الذين يوجهون
ﻭ
خريطة الأبراج ُ�سموا بهذا من متابعتهم للنجوم عند ميالد امل�سيح ،ويطلق عليهم
ﺍﻟﺘﻮ
ب�شكل العام «الريا�ضياتيني» ،ويف نف�س الكتاب يف الف�صل الثاين ،يقول �أن الآلهة
ﺯﻳﻊ
«فورت�شون» �إلهة احلظ قد جاء ا�سمها من كلمة االتفاق .وهي نوع من الإلهات الالئي
ي�ؤثرن يف الب�شر بطريقة ع�شوائية ,وبالتايل فهي ت�سمى العمياء ،حيث �أنها جتري هنا
وهناك بال اعتبار �إىل ال�صحراء ،وت�أتي بدون حتيز للخري وال�شر .ولكن �أن ن�ؤمن �أن
هناك �إلهة كهذه� ،أو �أن ن�ؤمن �أن الأذى احلا�صل للأج�سام واملخلوقات والذي نن�سبه
�إىل ال�ساحرة هو يف احلقيقة لي�س متعل ًقا بال�سحر بل متعلق ب�إلهة احلظ تلك ،فهذه
وثنية مطلقة� .أي �شخ�ص ميكنه �أن يرجع �إىل كالم القدي�س « توما�س» يف الكتاب
الثالث من جملده Summaعن الإميان �ضد الوثنيني .يف ال�س�ؤال � ،87إلخ .و�سيجد
كالما كث ًريا عن هذا.
ً
48
ب�أي حال ،ال يجب �أن ن�ستبعد �أية نقطة �أو نخت�صر ،لأجل ه�ؤالء الذين لي�ست
لديهم كتب كثرية� .سنالحظ �أن هناك ثالثة �أ�شياء ميكن عدها يف الإن�سان يتم
توجيها بثالثة �أ�سباب �سماوية ،الإرادة ،والعقل ،واجل�سم .الأول َ
ي�سيطر عليه ب�شكل
ي�سيطر عليه من املالك ،والثالث َ
ي�سيطر مبا�شر ومتفرد بوا�سطة الرب ،والثاين َ
م�سيطر عليهم من الرب لأجلَ عليه من الأج�سام ال�سماوية .لأن االختيار والإرادة
الأعمال اخلرية ،كما تقول الكتب املقد�سة يف �سفر الأمثال احلادي والع�شرين« :قلب
امللك يف يد الرب كجدول مياه ،حيثما �شاء مييله» ويقول «قلب امللك» ليدل على �أن
العظيم ال ميكنه �أن يخالف �إرادة الرب وبالتايل الآخرين ال ميكنهمً � .
أي�ضا القدي�س
«باول» يقول «الرب الذي يجعلنا نتمنى ون�ؤدي هذا التمني».
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
e
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
49
السؤال .6ماذا عن الساحرات الالتي يضاجعن
الشياطين؟
ﻋﺼ
بالن�سبة لل�ساحرات الالتي ي�ضاجعن ال�شياطني ..ملاذا تكون الن�ساء مدمنات
على اخلرافات ال�شريرة؟
ﲑ ﺍﻟ
بالن�سبة لل�ساحرات الالتي ي�ضاجعن ال�شياطني ،هناك �صعوبة يف فهم الطرق
ﻜﺘ
التي تتم بها هذه الفواح�ش .بالن�سبة للجزء اخلا�ص بال�شيطانً � :أول ،من �أي عن�صر
يتكون ج�سد ال�شيطان؟ ثان ًيا ،هل الفعل دائ ًما يتعلق بحقن املني الذي ح�صل عليه
ال�شيطان من �شخ�ص �آخر؟ ثال ًثا ،بالن�سبة للوقت واملكان هل يرتكب هذا الفعل يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
وقت معني �أكرث من وقت �آخر؟ راب ًعا ،هل هذا الفعل غري مرئي لأي �شخ�ص واقف
بجوار ال�ساحرة؟
ﺸﺮ
وبالن�سبة للجزء اخلا�ص باملر�أة ،يجب �أن نت�ساءل �إن كانت الن�ساء الالتي يتخيلن
ﻭ
�أنف�سهن يف هذا الو�ضع القذر هن الالتي يزورهن ال�شيطان عادة� ،أو ثان ًيا ،هل هن
ﺍﻟﺘﻮ
الالتي يتم وهبهن �إىل ال�شيطان بوا�سطة العامالت يف التوليد �أو املولدات �أثناء
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
بع�ض الرجال املتعلمني اقرتحوا ال�سبب التايل� ،أن هناك ثالثة �أ�شياء يف
الطبيعة ،الل�سان والكاهن واملر�أة ،وهذه الأ�شياء الثالثة ال تعرف االعتدال يف اخلري
ﲑ ﺍﻟ
�أو يف الرذيلة .فعندما ت�سيطر عليهم روح خرية ،يكونون ممتازين يف الف�ضيلة،
ﻜﺘ
وعندما ت�سيطر عليهم روح �شريرة ،ينغم�سون يف �أ�سو�أ رذيلة ممكنة.
ب�سلطته دخلت معظم املمالك يف الإميان هذا وا�ضح يف حالة الل�سان ،حيث �أنه ُ
ﺐ ﻟﻠﻨ
بامل�سيح ،والروح ال ُقد�س ظهر فوق حواريو امل�سيح يف �أل�سنة من نار .وهناك مب�شرون
كان لديهم ما يبدو �أنه �أل�سنة كالب ،يلعقون بها جراح وقروح «الزارو�س» امليت الذي
ﺸﺮ
�أحياه امل�سيح مبعجزة .كما قيل :ب�أل�سنة الكالب حتفظون �أرواحكم من العدو.
لأجل هذا ال�سبب ،مت متثيل القدي�س «دومينيك» �أبو تنظيم املب�شرين بتمثال كلب
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ينبح ب�شعلة يف فمه ،وحتى الآن هو رمبا يردع بنباحه الذئاب املهرطقة من الو�صول
ﺯﻳﻊ
51
ولكن بالن�سبة لل�سان ال�شرير �ستجد يف كتاب �سرياخ الثامن والع�شرين :الل�سان
الذي يغتاب ُيقلق الكثريين ،ويحولهم من �أُمة �إىل �أُمةُ :ي�سقط املدن القوية و ُيخرب
بيوت الرجال العظماء .وملا يقول الكاتب الل�سان املغتاب فهو يعني الطرف الثالث
الذي يتدخل ب�سوء بني طرفني.
ثان ًيا ،بالن�سبة لل ُك ّهان� ،أو كما نقول رجال الدين واملتدينني من اجلن�سني،
يتحدث القدي�س «جون كري�سو�ستوم» عن الن�ص املقد�س ،فامل�سيح قد طرد �أولئك
الذين يبيعون وي�شرتون من املعبد .فمن الكهانة يخرج كل �شيء فيه خري ،وكل �شيء
فيه �شر .القدي�س «جريوم» يف ر�سالته الإجنيلية �إىل «نيبوتيان» يقول :جتنب الكاهن
ﻋﺼ
املُتاجر كما تتجنب الطاعون ،ذلك الذي ي�صعد من الفقر �إىل الغنى ،من الأ�سفل
�إىل الأعلى .و«برينارد» املبارك يف كتابه الثالث والع�شرين Homily on Psalms
ﲑ ﺍﻟ
يقول عن الكهان� :إذا كان ال�شخ�ص يريد �أن يبتدئ هرطقة ،اطرده و�أخر�سه ،و�إذا
ﻜﺘ
كان عد ًوا عني ًفا ،اجعل كل الرجال الطيبون يهربون منه .ولكن كيف لنا �أن نعرف
من الذي نطرده ومن الذي نهرب منه؟ لأنهم يكونون ودودين وعدائيني ب�شكل يرث
ﺐ ﻟﻠﻨ
أعمال ُمهدة وبالأ�ساقفة هنا نعني �أولئك الفخورين ر�ؤ�ساء الدير الذين َيفر�ضون � ً
على من �أ�سفل منهم ،ال يلم�سون منها �شي ًئا حتى ب�إ�صبعهم ال�صغري .والقدي�س
ﻭ
«جريجوري» يقول عن الق�ساو�سة :ال �أحد يفعل �أذى يف الكني�سة �أكرث من ذلك الذي
ﺍﻟﺘﻮ
ميتلك ا�سم القدا�سة ،ويعي�ش يف اخلطية ،لأنه ال �أحد يجر�ؤ على اتهامه باخلطية،
ﺯﻳﻊ
وبالتايل تنت�شر اخلطية ب�شكل وا�سع ،لأن �صاحب اخلطية مكرم لأجل القدا�سة.
أي�ضا حتدث عن الرهبان لـ «فن�سنت» امللقب بـ «دوناتي�ست» .قال «�أوج�ستني» املبارك � ً
�أنا �أعرتف لك �أمام ال�سيد ربنا ،الذي هو �شاهد على روحي منذ �أن بد�أت يف خدمة
الرب ،ب�صعوبات �أواجهها يف حقيقة �أنه من امل�ستحيل �أن �أجد ً
رجال �أف�ضل �أو �أ�سو�أ
من �أولئك الذين يجلبون ال�شرف �أو يجلبون العار للأديرة.
خبث الن�ساء مت ذكره يف كتاب ال�سرياخ .ال يوجد ر�أ�س �أعلى من ر�أ�س الأفعى،
وال غيظ �أعلى من غيظ املر�أة� .أنا �أُف�ضل �أن �أ�سكن مع تنني و�أ�سد عن �أن �أبقى يف
بيت واحد مع امر�أة خبيثة .وهناك كالم كثري �سابق والحق يف الكتاب عن املر�أة
52
اخلبيثة ،ثم ي�ستنتج ويقول ،كل اخلبث �أ�صغر من خبث املر�أة .لذلك يقول القدي�س
«جون» كري�سو�ستوم» ،عن �آية «�إن كان هكذا �أمر الرجل مع املر�أة فال يوافق �أن
تتزوج» (�إجنيل متى :)19ماذا هي املر�أة غري �أنها عدو لل�صداقة ،وعقاب ال مهرب
م ّلى ،و�ضرر لذيذ، منه ،و�شر �ضروري ،و�إغواء طبيعي ،وم�صيبة مرغوبة ،وخطر ُ َ
�شريرة يف طبيعتها ،ملونة ب�ألوان زاهية ،لذلك �إذا كان من اخلطية �أن تطلقها
ووجب �أن ُتبقيها ،فهذا تعذيب �ضروري ،لأننا �إما �أن نرتكب الغ�ش ب�أن نطلقها �أو �أن
نتحمل الكفاح يوم ًّيا.
«�سريي�سو» يف كتابه الثاين The Rhetoricsيقول :ال�شهوات العديدة للرجال
ت�ؤدي بهم �إىل خطية واحدة ،ولكن �شهوة الن�ساء ت�ؤدي بهن �إىل عمل كل اخلطايا،
ﻋﺼ
لأن �أ�صل كل رذائل الن�ساء هو اجل�شع .ويقول «�سينكا» يف كتابه ،Tragediesاملر�أة
ﲑ ﺍﻟ
�إما �أن حتب �أو �أن تكره ،ال توجد حالة ثالثة .ودموع املر�أة خدعة ،لأنه ميكن �أن
تخرج من حزن حقيقي ،وميكن �أن تكون كمي ًنا .وعندما تفكر املر�أة وحدها ،فهي
ﻜﺘ
تفكر بال�شر.
اخليات هناك مديح كثري ،نقر�أ ً
مثل �أنهم ي�أتون بال�سعادة على وكذلك للن�ساء ِّ
ﺐ ﻟﻠﻨ
مما ،و�أرا�ضي و ُمد ًنا ،كما هو وا�ضح يف حالة «جوديث» الرجال ،و�أنهن قد �أنقذن �أُ ً
و«ديبورا» و«ا�ستري» .انظر ر�سالة بول�س لأهل كورنثو�س ال�سابعة «واملر�أة التي لها
ﺸﺮ
رجل غري م�ؤمن ،وهو يرت�ضي �أن ي�سكن معها ،فال ترتكه ،لأن الرجل غري
امل�ؤمن مقد�س يف املر�أة ،واملر�أة غري امل�ؤمنة مقد�سة يف الرجل» .ويف كتاب ال�سرياخ
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ال�ساد�س والع�شرين يقول :مبارك هو الرجل الذي له زوجة فا�ضلة ،لأن �أيامه يف
الدنيا �سي�شعر �أنها تت�ضاعف .وخالل الف�صل هناك مدح كثري يتحدث به عن امتياز
ﺯﻳﻊ
املر�أة اخلرية ،كما يف الف�صل الأخري من �سفر الأمثال ملا حتدث عن املر�أة الفا�ضلة.
أي�ضا يف العهد اجلديد باعتبار الن�ساء والعذراوات وا�ضحا � ً
ً وكل هذا قد �أ�صبح
أمما وممالك �إىل االبتعاد عن والن�ساء املقد�سات الآتي عندهن �إميان �أو�صل � ً
عبادة الأوثان وحتولوا �إىل الدين امل�سيحي� .أي �شخ�ص ينظر �إىل «فين�سينت �أوف
بياوفاي�س» �سيجد �أ�شياء مده�شة عن حتول اليونان �إىل امل�سيحية بوا�سطة «جيليا»
امل�سيحية ،وحتول الفرانك بوا�سطة «كلوتيلدا» زوجة «كلوفي�س» .هذا موجود بني
العديد من الذم الذي نقر�ؤه يف حق الن�ساء ،فكلمة ن�ساء هذه كانت تعني �شهوة
53
اللحم .كما يقال :لقد وجدت امر�أة �أكرث مرارة من املوت ،وحتى املر�أة اخلرية
وجدتها خا�ضعة ل�شهوة اجل�سد.
�آخرين طرحوا � ً
أي�ضا �أ�سبا ًبا �أخرى عن �س�ؤال ملاذا هناك عدد �أكرث من الن�ساء
امل�ؤمنات باخلرافات عن الرجال ،وال�سبب الأول منهم هو� ،أنهن �أكرث �سذاجة ،ومبا
�أن الهدف الأ�سا�سي لل�شيطان هو �أن ُيلوث الإميان ،بالتايل هو ُيف�ضل الهجوم عليهن.
انظر كتاب ال�سرياخ التا�سع ع�شر« :الذي ي�ؤمن بال�شيء ب�سرعة هو ذا عقل خفيف،
وال بد �أن يتم تقلي�ص حجمه» .ال�سبب الثاين هو� ،أن الن�ساء هن ب�شكل طبيعي
�أكرث ح�سا�سية ،و�أكرث ا�ستعدادًا لتقبل ت�أثري الأرواح ،و�أنهن عندما ي�ستخدمن هذه
املزية ج ّيدً ا ي�صبحن خريات جدًّا ،ولكن عندما ي�ستخدمنها بطريقة �سيئة ي�صبحن
ﻋﺼ
�شريرات.
ﲑ ﺍﻟ
ال�سبب الثالث �أنهن لديهن ل�سان زلق ،وغري قادرات على �إخفاء �شيء عن الن�ساء
الأخريات .انظر كتاب ال�سرياخ االقتبا�س يف الأعلى� .أنا �أف�ضل �أن �أ�سكن مع تنني
ﻜﺘ
و�أ�سد عن �أن �أبقى يف بيت واحد مع امر�أة خبيثة .كل اخلبث �أ�صغر من خبث املر�أة.
ون�ضيف على هذا �أنه لأنهن ح�سا�سات جدًّا ،فهن يت�صرفن وف ًقا لذلك.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا �آخرون �أتوا ب�أ�سباب �أخرى ،لكن يجب على املب�شرين �أن يكونوا هناك � ً
حذرين وهم ي�ستخدمونها .لأنه يف العهد اجلديد ،الكتب املقد�سة كان لديها الكثري
ﺸﺮ
من ال�شر لتقوله عن الن�ساء ،وهذا منذ املُغوية الأوىل ،حواء ،و�ضعفها ،وبعد ذلك
يف العهد اجلديد جند �أن ا�سمها تغري من «�إيف» �إىل «�آيف» (كما قال القدي�س
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
«جريوم») وكل خطية حواء مت غفرانها بربكة «ماري» .ولذلك فاملب�شرون ال بد �أن
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
وا�ضح يف زوجة «�شم�شون» ،التي �أقنعته �أن يخربها بحل اللغز الذي طرحه على
الفل�سطينيني ،وذهبت و�أخربت قومها باحلل ،وبالتايل خدعته .ووا�ضح �أنه يف حالة
ﲑ ﺍﻟ
املر�أة الأوىل حواء �أنه كان لديها �إميان �ضعيف ،لأنه عندما �س�ألتها احلية ملاذا مل
ﻜﺘ
ت�أكال من كل �شجرة يف اجلنة� ،أجابت قائلة :خ�شية �أن منوت بامل�صادفة .وبالتايل
هي قد �أبانت �أن لديها �ش ًّكا يف كالم الرب .وكل ذلك النق�ص يف الن�ساء ُي�ستدل
من �أ�صل ا�سم جن�سهن ،فكلمة � Feminaأو الن�سائي �آتية من Faو Minusوتعني
ﺐ ﻟﻠﻨ
الناق�ص ،وذلك لأنهن دائ ًما �أ�ضعف يف حفاظهن على الإميان ،برغم �أنه بف�ضل
نعمة الرب وبالتقدي�س ،ما نق�ص الإميان قط يف «ماري» العذراء املقد�سة ،حتى يف
ﺸﺮ
بالتايل ن�ستنتج �أن املر�أة اخلبيثة هي بالفطرة �أ�سرع يف اهتزاز �إميانها ،وبناء
ﺍﻟﺘﻮ
على ذلك فهي �أ�سرع يف �إنكار �إميانها ،ومن هنا خرجت ِجذرة ال�سحر.
ﺯﻳﻊ
وبالن�سبة لقدراتها العقلية� ،أو لنقل مزاجها الفطري ،فعندما تكره املر�أة
ل كل روحها ،مثل مياه املد �شخ�صا �أحبته من قبل ،فهي تغلي بغ�ضب ونفاد �صرب مي أ
ً
واجلزر على ال�شاطئ والتي تبدو ك�أنها تغلي .وقال «�سينكا» يف كتابه Tragedies
الثامن :ال قوة لهيب وال كثافة رياح ،وال �سالح قاتل ،ميكن �أن تخاف منه �أكرث من
خوفك من �شهوة وكراهية امر�أة مت تطليقها من على �سرير الزوجية.
هذا يت�ضح � ً
أي�ضا يف الن�ساء الالتي اتهمن يو�سف ظل ًما ،وت�سبنب يف �سجنه لأنه
مل يوافق على ارتكاب جرمية الزنا معهن (�سفر التكوين الثالثون) .وح ًّقا� ،أقوى
55
�سبب ي�ساهم يف �إكثار عدد ال�ساحرات هو الغرية املُحزنة يف الن�ساء غري املتزوجات
واملتزوجات.
وهذا موجود حتى عند الن�ساء املقد�سات ،فما بالك بالأخريات؟ كما نرى يف
�سفر التكوين احلادي والع�شرين كيف �أن �سارة مل تكن �صبو ًرا وكانت ح�سودًا لهاجر.
وكيف كانت را�شيل غيو ًرا من ليا لأنها مل ُترزق ب�أطفال (�سفر التكوين الثالثون).
قاحل (�سفر امللوك الأول) .وكيف �أن مرمي يف �سفر العدد وهانا التي �صار زرعها ً
جلذام ،وكيف الثاين ع�شر غ�ضبت وحتدثت بال�سوء على مو�سى ،وبالتايل عوقبت با ُ
كانت «مارثا» غيورة من «ماري ماجدالني» لأنها كانت م�شغولة بينما كانت ماري
جال�سة (القدي�س لوقا العا�شر) .عن هذه النقطة ذكر كتاب ال�سرياخ ال�سابع
ﻋﺼ
والثالثني :ال ت�ست�شر امر�أة �أثناء غريتها .وهذا يعني �أنه ال فائدة من �أن ت�ست�شريها
ﲑ ﺍﻟ
يف �أي وقت لأنها دائ ًما يف حالة غرية ،وهذه هي الغرية يف املر�أة اخلبيثة .و�إذا كانت
الن�ساء يعاملن بع�ضهن هكذا ،فماذا ميكنهن �أن يفعلن مع الرجال؟
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
56
السؤال .7هل يمكن للساحرات أن ي ُميلن عقول
الرجال للحب أو للكره؟
ُ�سئلنا هل ميكن لل�شياطني مب�ساعدة ال�ساحرات �أن ُي َغرين �أو يحر�ضن عقول
الرجال �إىل احلب املفرط �أو ال ُكره ،ولقد قيل �أنه ال ميكنهن فعل هذا .لأن هناك
ﻋﺼ
ثالثة �أمور يف الرجال ،الرغبة والفهم واجل�سد .الأوىل حمكومة بالرب والثاين
حمكوم باملالك والثالث حمكوم بحركة النجوم .ومبا �أن ال�شياطني ال ميكنهم �أن
ﲑ ﺍﻟ
ي�ؤثروا على اجل�سد ،فال ميكنهم �أن ي�ؤثروا على حتري�ض الروح التي فيه بحب �أو
ﻜﺘ
بكره .النتيجة وا�ضحة� ،أنه رغم �أن ال�شياطني لديهم القدرة اجل�سدية �أكرب من
القدرة الروحية� ،إال �أنه ال ميكنهم التغيري يف الأج�سام .لأنه ال ميكنهم �إحداث
�أي �شكل ع�شوائي �أو حقيقي .وقد قيل� ،أن من ي�ؤمن �أن �أي خملوق ميكن �أن يتغري
ﺐ ﻟﻠﻨ
بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ �أو ميكن �أن يتحول بال�سحر �إىل خملوق �آخر من
نوع �آخر �أو نوع م�شابه ،بدون تدخل من الرب خالق كل �شيء ،هو �أ�سو�أ من املهرطق
ﺸﺮ
ومن الوثني.
ﻭ
أي�ضا �أن يرى الأفكار الداخلية للقلب ،ولكن هذا يعار�ض ما قيل يف كتاب �سيمكنه � ً
ﺯﻳﻊ
57
أي�ضا ،لي�س من ال�صحيح �أن نقول �أن ال�شيطان كما ي�ستطيع �أن ي�ؤثر على � ً
امل�شاعر ،فيمكنه بالتايل �أن يتحكم بالرغبة .لأن امل�شاعر �أقوى من القوة اجل�سدية
نف�سها ،وال�شيطان ال ميكنه �أن ي�ؤثر يف اللحم والدم بطريقة مادية ،وبالتايل ال
ميكنه �أن ي�ؤثر يف امل�شاعر.
و�ضد هذا .يقال �أن ال�شيطان ميكن �أن يغوي الرجال لي�س فقط بطريقة مرئية
�صحيحا �إال �إذا كان قاد ًرا على عمل �شيء
ً بل بطريقة غري مرئية ،ولكن هذا لن يكون
أي�ضا ،يقول القدي�س «جون داما�سني» :كل ال�شر من الت�أثري على العقل الداخليً � .
والقذارة من ابتداع ال�شيطان .ويقول «ديوني�سيو�س» يف كتابه de Divine Nom
الرابع :كرثة ال�شياطني هي ال�سبب يف كل ال�شر� ،إلخ.
ﻋﺼ
الإجابةً � .أول� ،س ُنفرق بني الأ�سباب وبني بع�ضها ،ثان ًيا �سنو�ضح كيف �أن
ﲑ ﺍﻟ
ال�شيطان ميكنه �أن ي�ؤثر على القدرة الداخلية للعقل ،التي هي امل�شاعر ،وثال ًثا،
ا�ستنتاجا الئ ًقا بعد هذا كله .وبالن�سبة ل ًأول ،يجب �أن ن�ضع يف االعتبار
ﻜﺘ
ً �سرن�سم
�أن �سبب حدوث �أي �شيء ميكن �أن يكون بطريقتني� ،سبب مبا�شر �أو غري مبا�شر.
فعندما يرتك �شيء ما �أث ًرا ي�ؤدي �إىل ت�أثري ما ،يقال �أن هذا �سبب غري مبا�شر .بهذه
ﺐ ﻟﻠﻨ
الطريقة ميكن �أن نقول �أن ذلك الرجل الذي يقطع الأ�شجار هو املت�سبب يف وجود
النار .وبنف�س الطريقة ميكن �أن نقول �أن ال�شيطان هو ال�سبب يف كل خطايانا لأنه
ﺸﺮ
�أغوى �أول �إن�سان عمل اخلطية ،والذي و َّر َث خطيته من بعده �إىل اجلن�س الب�شري كله
الذي كان عنده ميل ناحية اخلطية .وبهذه الطريقة ميكن �أن نفهم كلمات القدي�س
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن ال�سبب املبا�شر يعني �أن ال�شيء ي�سبب الت�أثري مبا�شرة ،بهذا املعنى
فال�شيطان لي�س هو �سبب كل خطية .لأن لي�ست كل اخلطايا يتم عملها بتحري�ض
من ال�شيطان بل �إن بع�ضها يكون باختيارنا اخلا�ص .لأن «�أوريجن» يقول :حتى لو
غاب ال�شيطان ،فالإن�سان �سيظل ي�شتهي الطعام واجلماع والأمور امل�شابهة .وهذه
ال�شهوات جاحمة �إال �إذا مت كبحها .وكبح �شهوة جاحمة هو �شيء يتعلق بالإرادة
احلرة ،وتلك لي�س لل�شيطان حتكم بها.
ولأن هذا التفريق لي�س كاف ًيا لن�شرح كيف �أن ال�شيطان ميكنه يف �أوقات �أن يثري
حمموما باحلب ،يجب �أن نالحظ �أنه رغم �أن ال�شيطان ال ميكنهً يف الإن�سان افتتا ًنا
58
�أن ُي�سبب احلب اجلامح بالفر�ض املبا�شر على �إرادة الرجل احلرة ،لكنه ي�ستطيع �أن
يفعل ذلك بطريقة الإقناع .وهذا الإقناع يكون بطريقتني� ،إما طريقة مرئية �أو غري
مرئية .الطريقة املرئية مثلما يظهر ال�شيطان لل�ساحرات يف هيئة رجل ،ويتحدث
�إليهن ب�شكل مادي ،ويقنعهن باخلطية .وهكذا �أغوى �آباءنا يف اجلنة يف هيئة �أفعى،
وكذلك �أغوى امل�سيح يف الربية ملا ظهر له يف هيئة مرئية.
ولكن ال يجب �أن ُيعتقد �أن هذه هي الطريق الوحيدة للت�أثري على الإن�سان ،لأنه
يف هذه احلالة ال خطية �ستنتج من �إيعاز ال�شيطان �إال تلك املوعزة منه يف هيئة
مرئية .وبالتايل ال بد �أن نقول �أن الطريقة غري املرئية � ً
أي�ضا ت�ؤدي بالإن�سان �إىل
اخلطية .وهي حت�صل بطريقتني� ،إما بالإقناع �أو بتغيري املزاج .بالإقناع ،يعني هو
ﻋﺼ
يقدم �شي ًئا �سي ًئا ليفهمه الإن�سان على �أنه �شيء جيد .وميكنه �أن يفعل ذلك بثالث
ﲑ ﺍﻟ
طرق� ،أن يقدم هذا ال�شيء للعقل� ،أو للح�س الداخلي �أو للح�س اخلارجي .بالن�سبة
للعقل ،فعقل الإن�سان ميكن �أن تتم م�ساعدته بوا�سطة املالك ليفهم ال�شيء بطريقة
ﻜﺘ
تدعى التنوير �أما ال�شيطان فيمكنه �أن ي�ؤثر بطريقة ما على العقل بعملية �أخرى
ُتدعى �إلهام.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ميكن �أن يقال �أن ال�شيطان يقدر �أن ي�صنع ذلك الإلهام بقدرته الطبيعية،
التي هي لي�ست قليلة .وميكن �أن يقال �أنه ال ي�ستطيع �أن يعمل بطريقة التنوير
ﺸﺮ
ولكن بطريقة بالإقناع .لأن عقل الإن�سان له حالة جتعله كلما مت تنويره �أكرث ،عرف
احلقيقة ،وا�ستطاع �أن يدافع عن نف�سه �أكرث �ضد اخلداع .ولأن ال�شيطان يريد �أن
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يجعل خداعه باق ًيا يف الإن�سان ،فال يوجد �إقناع ي�ستخدمه ميكن �أن ن�سميه تنوي ًرا،
إلهاما ،وهذا هو الذي ي�ستخدمه ال�شيطان بطريقة غري مرئية لكن ميكن �أن ن�سميه � ً
ﺯﻳﻊ
للإقناع ،وذلك يح�صل ب�أن �أن يزرع ال�شيطان �شي ًئا يف ِّ
احل�س الداخلي �أو اخلارجي.
وبهذا املنطق يقتنع العقل ب�أن يعمل ً
فعل معي ًنا.
بالن�سبة لكيفية َ َت ُكن ال�شيطان من الت�أثري يف احل�س الداخلي ،ال بد �أن نذكر
�أن طبيعة اجل�سم مولودة فطر ًيا لتتغري �إما مو�ضع ًيا �أو روح ًيا ،وهذا وا�ضح يف حالة
�أج�سامنا التي حتركها الأرواح وكذلك يف حالة النجوم .ولكن اجل�سم لي�س متكي ًفا
بالفطرة ليت�أثر مبا�شرة بالت�أثريات اخلارجية التي لي�س هو على علم بها .بالتايل
وجود ج�سم مادي هو �شيء �ضروري ،كما مت �إثباته يف الكتاب ال�سابع من جملد
59
.Metaphysicsاملادة اجل�سدية تخ�ضع طبيع ًيا ملالك اخلري �أو ال�شر باحلركة
املو�ضعية .وتب ًعا لهذا ي�ستطيع ال�شيطان �أن يجمع املني بوا�سطة التحكم بامل�شاعر،
ويوظف ذلك يف احل�صول على نتائج مبهرة .هكذا ح�صل عندما �أخرج �سحرة
الفرعون حيات وحيوانات حقيقية ،ملا ُجمعت العوامل الفعالة وغري الفعالة م ًعا.
وبالتايل ال يوجد �شيء مينع ال�شياطني من �أن ت�ؤثر يف �أي �شيء يخت�ص باحلركة
املو�ضعية للج�سد املادي �إال �إذا منع الرب ذلك.
والآن لنخترب كيف �أن ال�شيطان ميكنه باحلركة املو�ضعية �أن ي�ستفز النزوة
والإدراك احل�سي الداخلي للإن�سان بال ظهورات وبالإلهام فقط .نالحظ �أن �أر�سطو
يف كتابه De Somno et Uigiliaيحدد �أن �سبب الظهورات يف الأحالم هو �أن
ﻋﺼ
احليوان عندما ينام يتدفق الدم �إىل �أعمق مكان للح�س فيه ،وهذا املكان تنحدر
ﲑ ﺍﻟ
منه امل�شاعر واالنطباعات التي تبقى يف الذهن مثل االنطباعات املا�ضية الباقية،
وهذه ما ندعوها خياالت �أو نزوات ،وهما نف�س ال�شيء وف ًقا لر�أي القدي�س «توما�س»
ﻜﺘ
كما �سيتم �إي�ضاحه.
اخلياالت والنزاوت يخرجان من خزينة الأفكار املتلقاة عرب احلوا�س .وبهذا
ﺐ ﻟﻠﻨ
يحدث �أن ال�شيطان يثري الإدراك الداخلي ،فتظهر ال�صور املحفوظة التي تبدو ك�أنها
انطباع جديد داخلي بينما هي قد مت تلقيها من �شيء خارجي هو ال�شيطان.
ﺸﺮ
احلقيقة �أن هذا ال يوافق عليه اجلميع ،ولكن �إذا ف ّكر �أي �أحد �أن َي�شغل نف�سه
ﻭ
بهذا ال�س�ؤال ،ال بد �أن ي�ضع يف اعتباره عدد احلوا�س الداخلية ،فوف ًقا ملا قاله ابن
ﺍﻟﺘﻮ
�سينا يف كتابه ،On the Mindفهي خم�س ،حتديدً ا احل�س العام ،النزوة ،اخليال،
ﺯﻳﻊ
الفكر ،والذاكرة .ولكن القدي�س توما�س يف اجلزء الأول من ال�س�ؤال 79يقول �أنهن
�أربع فقط ،لأن النزوة واخليال هما �شيء واحد .وب�سبب خويف من الإطالة حذفت
كث ًريا مما قيل عن هذا املو�ضوع.
فقط يجب �أن نقول� ،أن النزوة تخرج من خزينة الأفكار ،ولكن الذاكرة يبدو
�أنها �شيء خمتلف .لأن النزوة تخرج من خزينة �أو م�ستودع الأفكار املتلقاة عرب
احلوا�س ،ولكن الذاكرة تخرج من خزينة الغرائز التي ال يتم تلقيها عرب احلوا�س.
لأنه عندما يرى الإن�سان ذئ ًبا ،فهو يهرب لأن الذئب عدو طبيعي .وهو يعلم هذا
بالغريزة التي هي خمتلفة عن الفكر الذي يعرف �أن الذئب كائن عدائي ،والكلب
60
كائن �أليف .وم�ستودع هذه الغرائز هي الذاكرة .والتلقي واال�ستبقاء هما �شيئان
خمتلفان يف طبيعة احليوان ،لأن �أ�صحاب املزاج الرطب يتلقون ب�سهولة ،ولكن
ُيبقون على الأ�شياء يف داخلهم ب�صعوبة ،والعك�س بالن�سبة له�ؤالء الذين لديهم مزاج
جاف.
للعودة �إىل ال�س�ؤال .الظهورات التي ت�أتي يف الأحالم للنائمني تكون من �أفكار
باقية يف م�ستودع عقولهم ،عرب احلركة الطبيعية جلريان الدم �إىل �أول و�أعمق مقر
للح�س ،ونحن نتحدث هنا عن احلركة املو�ضعية الغرائزية يف الر�أ�س ويف خاليا
الدماغ.
وهذه ميكن �أن تت�أثر عرب حركة مو�ضعية م�صنوعة بوا�سطة ال�شيطانً � .
ﻋﺼ
أي�ضا
أي�ضا للم�ستيقظني .وهنا � ً
أي�ضا هذه الأ�شياء ال حتدث فقط للنائمني ،ولكن حتدث � ً
ﲑ ﺍﻟ
ال�شيطان ُيثري وي�ستفز احلوا�س الداخلية واملزاج ،فالأفكار الباقية يف م�ستودعات
عقولهم يتم ر�سمها وتظهر للخيال ،لهذا يتخيل ه�ؤالء النا�س �أن هذه الأ�شياء
ﻜﺘ
حقيقية .وهذا ما يدعى الإغواء الداخلي.
وال عجب �أن ال�شيطان ميكنه �أن يفعل هذا بقدرته الطبيعية ،لأن �أي �إن�سان كونه
ﺐ ﻟﻠﻨ
واع ًيا وقاد ًرا على ا�ستخدام املنطق ،ميكن �أن ير�سم يف ذهنه من م�ستودعاته ال�صور
الباقية بداخله ،يعني ي�ستطيع �أن يتطوع وي�ستدعي �أي �صور �أو �أ�شياء يريدها .وهذا
ﺸﺮ
الآن هناك طريقتان ميكن لل�شياطني �أن ُتربز هذا النوع من ال�صور الداخلية.
ﺍﻟﺘﻮ
يف بع�ض الأحيان هم يعملون بدون تقييد املنطق الب�شري ،كما قلنا يف �أمر الإغواء
ﺯﻳﻊ
ويف مثال اخليال التطوعي .ولكن يف بع�ض الأ�شخا�ص يكون ا�ستخدام املنطق
متاما ،وهذا ميكن �أن ُنثل له ببع�ض الأ�شخا�ص املختلني عقليا ،وباملجاننيمقيدً ا ً
وال�سكارى.
بالتايل ال عجب �أن ال�شيطان ميكنه ب�إذن من الرب �أن يقيد املنطق ،وه�ؤالء
الرجال ي�سمون الهذيانيون ،لأن حوا�سهم مت اختطافها بوا�سطة ال�شيطان.
وال�شياطني يفعلون هذا بطريقتني� ،إما مب�ساعدة ال�ساحرات �أو بدون م�ساعدتهن.
لأن �أر�سطو يف الكتاب الذي اقتب�سنا منه قال �أن �أي �شخ�ص يعي�ش بعاطفته ميكن
مثل ب�إبعاده عن حبيبه ،ونف�س ال�شيء ينطبق التحكم فيه ب�شيء ب�سيط ،العا�شق ً
61
على الكاره .بالتايل ال�شياطني قد تعلموا من �أفعال الإن�سان ما هي امل�شاعر التي
ي�ستهدفونها ،ويحر�ضونها للو�صول �إىل هذا الع�شق املتطرف �أو الكره ،في�ؤثرون
ب�أغرا�ضهم على خياالت الرجال بطريقة قوية وم�ؤثرة .ومن ال�سهل على العا�شق �أن
ي�ستح�ضر �صورة الع�شيق يف ذاكرته ،و ُيبقيها با�ستمتاع يف �أفكاره.
عندما تفعل ال�ساحرات هذه الأ�شياء ،يفعلنها بالعهد الذي �أدخلوا �أنف�سهن فيه
مع ال�شيطان .ولكن من امل�ستحيل معاجلة هذه امل�سائل بالتف�صيل ،ب�سبب العدد
الكثري من الأمثلة املتداولة بني رجال الدين والرجال العاديني .وكم من زان ترك
زوجته اجلميلة لأجل �شهوة المر�أة حقرية �ساحرة.
نحن نعرف امر�أة عجو ًزا ،والتي هي طبقا لكالم الإخوة يف الدير وحتى هذا
ﻋﺼ
اليوم ،لي�ست فقط �سحرت ثالثة رجال دين متتابعني ،لكنها قتلتهم ،وبنف�س
ﲑ ﺍﻟ
الطريقة �أودت بالرابع �إىل اجلنون .ولقد اعرتفت بنف�سها عالنية ،ومل تكن خائفة
من �أن تقول� :أنا فعلت كذا وكذا ،وهم مل يقدروا �أن يتوقفوا عن حبي لأنهم قد �أكلوا
ﻜﺘ
كمية كبرية من الروث الذي ح�ضرته لهم ،وكانت ت�شري بيدها مقدار ذراعها .وحيث
�أنه لي�ست لدينا ق�ضية لرفعها عليها وال لإح�ضارها �إىل املحكمة ،فقد جنت حتى هذا
ﺐ ﻟﻠﻨ
اليوم.
قلنا �أن ال�شيطان ي�سحر ال�شخ�ص ب�شكل غري مرئي ويلهمه لعمل اخلطيئة ،لي�س
ﺸﺮ
e
62
السؤال .8هل يمكن للساحرات أن ي ُعطلوا القدرة
على اإلنجاب ؟
ﻋﺼ
�أولئك الذين يعار�ضون ر�أينا يف هذه امل�س�ألةً � .أول يقولون �أن هذا النوع من ال�سحر
لي�س ممكنا ،لأنه �إن كان حقيق ًّيا ف�إنه �سي�ؤثر بالت�ساوي على كل املتزوجني ،و�إذا
ﲑ ﺍﻟ
�صدقنا هذا ،بالتايل فالنكاح هو عمل من عند الرب وال�سحر من عند ال�شيطان،
ﻜﺘ
عندها �سي�صبح عمل ال�شيطان �أقوى من عمل الرب.
ولكن �إذا كان هذا ي�ؤثر فقط يف الزناة وغري املتزوجني ،فهذا ي�ستدعي العودة
ﺐ ﻟﻠﻨ
أ�صل �إال يف خميلة النا�س -وهذا�إىل الر�أي الذي يقول �أن ال�سحر لي�س موجودًا � ً
متت الإجابة عنه يف ال�س�ؤال الأول -و�إال فهناك بع�ض املنطق يف �أن ن�س�أل ملاذا يجب
ﺸﺮ
�أن ي�ؤثر هذا ال�سحر يف غري املتزوجني ولي�س يف املتزوجني ،واملنطق الوحيد الذي
نعرفه هو �أن النكاح من عند الرب .وحيث �أنه طب ًقا لكالم الالهوتيون ،هذا املنطق
ﻭ
�صحيحا� ،ستبقى احلجة التي تقول �أن هذا يجعل قدرة ال�شيطان �أعلى من قوة ً لي�س
ﺍﻟﺘﻮ
ﻋﺼ
الإن�سان ودهاء �أعظم من الإن�سان.
الإجابة .احلقيقة متتلك ما يكفي من الدالئل عليها ،وذلك رغم �أن طريقة
ﲑ ﺍﻟ
عرقلة الإجناب مل تتبني ب�شكل حمدد .ولقد مت �إثبات �أن ال�سحر موجود ح ًّقا ولي�س
ﻜﺘ
يف خيال النا�س كما يقال وذلك مبالحظة عدد كبري من حاالت ال�سحر التي حدثت
فعال ب�أمر الرب.
ﺐ ﻟﻠﻨ
هنا ال بد �أن نو�ضح �أن الرب ي�سمح بهذا ال�شر يف حاالت الإجناب هذه� ،أكرث
من �أي حالة �أخرى .لأن هذا ي�صنع �ضر ًرا �أكرب من �أي فعل �آخر من �أفعال الب�شر.
ﺸﺮ
وبالن�سبة للطريقة التي يتحقق بها هذا التعطيل للإجناب ،نقول �أن ال�شيطان ال ي�ؤثر
على الإجناب نف�سه ولكن على خيال ونزوات الرجال.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يف هذا ال�ش�أن ذكر «بيرت �أوف بالود» خم�سة طرق .يقول �أن ال�شيطان كونه
روحا ،ف�إن لديه قدرة على ج�سد املخلوق ليعمل فيه �أو ليمنع منه حركة مو�ضعية
ﺯﻳﻊ
ما .وبالتايل ميكن لل�شيطان �أن مينع الأج�سام من االقرتاب من بع�ضها البع�ض،
�إما ب�شكل مبا�شر �أو غري مبا�شر ،بو�ضع نف�سه يف الو�سط يف �شكل مادي معني .هذه
الطريقة حدثت مع �شباب كانوا خمطوبني ومع ذلك مل يتزوجوا فتياتهم ،وكانوا
غري قادرين على معا�شرتهن .ثان ًيا ،ميكن لل�شيطان �أن ُيثري الإن�سان ليعمل ذلك
الفعل� ،أو يجمد رغبته فيه ،بقوة الأ�شياء ال�سرية التي تعلمتها ال�شياطني .ثال ًثا،
أي�ضا �أن ُيقلق حوا�س وخيال الرجل ل ُيظهر له تلك الفتاة مبظهر ميكن لل�شيطان � ً
كريه ،لأنه ميكنه �أن ي�ؤثر على اخليال .راب ًعا ،ميكن لل�شيطان �أن مينع االنت�صاب
خام�سا ،ميكن
ً لرجل معني من ًعا مبا�ش ًرا ،لأنه يقدر على منع احلركة املو�ضعية.
64
لل�شيطان �أن مينع تدفق اجلوهر احليوي �إىل الأع�ضاء املهمة وذلك ب�أن ُيغلق قناة
املني نف�سها مما مينع املني من الو�صول �إىل قنوات الإجناب� ،أو يرجع املني من تلك
القنوات� ،أو مينع خروج املني منها� ،أو يف عدد من الطرق ال�سحرية ميكن لل�شيطان
�أن ُيبطل مفعول املني نف�سه.
وقد وافق علماء �آخرون كثريون على هذا .فالرب ي�سمح لل�شيطان مبجال �أكرب
من احلرية للتدخل يف هذا الفعل التنا�سلي بالذات ،والذي به انت�شرت اخلطية
�أكرث من �أي فعل �آخر .كذلك ،الأفاعي هي �أكرث ً
تعر�ضا لتعويذات ال�سحر عن بقية
احليوانات .والأمر نف�سه بالن�سبة للمر�أة ،فيمكن لل�شيطان �أن ُيعتم على فهمها حتى
تعترب زوجها كري ًها مقر ًفا ولن ت�سمح له بكل طرق العامل �أن ي�ضاجعها.
ﻋﺼ
نحاول �أن جند ال�سبب الذي يجعل عددًا �أكرب من الرجال ُي�سحرون بهذا
ﲑ ﺍﻟ
ال�سحر �أكرث من الن�ساء ،وميكن �أن نقول �أن تعطيل الإجناب غال ًبا يحدث يف م�س�ألة
االنت�صاب ،وهي ال حتدث �إال يف الرجال ،وبالتايل الرجال ُي�سحرون �أكرث .ميكن
ﻜﺘ
أي�ضا �أن نقول� ،أن العدد الأكرب من ال�ساحرات ن�ساء ،وهن ي�شتهني الرجال �أكرث � ً
من الن�ساء ،فالرجال ُي�سحرون �أكرث .وبالن�سبة للن�ساء املتزوجات ،فهن يجدن كل
ﺐ ﻟﻠﻨ
فر�صة لفعل الزنا عندما يكون الزوج لعوبا يناكح ن�ساء �أخريات فكذلك الزوجة
�أي�ضًا �ستبحث لها عن ع�شاق.
ﺸﺮ
أي�ضا �أن الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أن ُيحزن اخلاطئني ب�شكل �شديد ون�ضيف � ً
املرارة .من �أجل ذلك قال املالك لـ «توبيا�س» :هو �أعطى ال�شيطان القدرة على
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يف بع�ض الأحيان ،كما هو احلال يف ق�صة �أيوب ،ولكن لي�س مبا يتعلق بالأمور
التنا�سلية .ولكن طرق �إزالة مثل هذه الت�أثريات �سنعر�ضها يف اجلزء الثاين من
هذا الكتاب.
بع�ض ال�شكوك الطارئة يف مو�ضوع التناكح
�إذا ُ�سئلنا ملاذا هذه اخلا�صية الإجنابية يف بع�ض الأحيان تتعطل جتاه امر�أة
واحدة وال تتعطل جتاه �أخرى ،فالإجابة ح�سب كالم القدي�س «بونافينتورا» هي
كالتايل� .إما �أن ال�ساحرة تعمل هذا ال�سحر ُموج ًها لأولئك الذين يحددهم ال�شيطان،
أ�شخا�صا معينني بال�سحر ،لأجل غر�ض
ً الرب ال ي�سمح ب�أن ي�صيب �
�أو هو ب�سبب �أنَّ َّ
65
يعلمه الرب ،كما ات�ضح يف حالة زوجة «توبيا�س».
و�إذا ُ�سئلنا كيف يفعل ال�شيطان هذا� ،سنقول �أنه يعطل القدرة التنا�سلية لي�س
يف اجلوهر ب�إ�ضرار الع�ضو نف�سه ،ولكن خارج ًّيا بجعله عدمي النفع .بالتايل ،ولأن
هذا التعطيل م�صطنع ولي�س طبيع ًّيا ،فال�شيطان ميكنه �أن يجعل الرجل عقي ًما جتاه
امر�أة واحدة ولي�س ناحية الأخريات ،ب�أن ُيبطل ا�شتعال �شهوته جتاهها ولي�س للن�ساء
الأخريات ،وهو يفعل هذا �إما بفعل قدرته ال�شخ�صية� ،أو بفعل بع�ض الأع�شاب
والأحجار� ،أو ببع�ض �أ�سرار ال�سحر .وهذا يتوافق مع كلمات «بيرت �أوف بالود».
أي�ضا ،حيث �أن العقم هو يف بع�ض الأحيان نتاج برود طبيعي يف الرجل� ،أو � ً
عيب خلقي فيه�ُ ،سئلنا كيف من املمكن �أن ُنيز �إن كان هذا بفعل ال�سحر �أم ال.
ﻋﺼ
«هو�ستين�سي�س» �أعطى الإجابة يف كتابه ( Summaولكن ال يجب التب�شري بهذا
ﲑ ﺍﻟ
عالنية) حيث قال :عندما ال ي�ستطيع الع�ضو الذكري �أن ُي�ستثار وبالتايل ال ميكنه
�أن ي�ؤدي اجلماع ،فهذه عالمة على برودة طبيعية يف الرجل نف�سه ،ولكن �إذا متت
ﻜﺘ
ا�ستثارته وانت�صب الع�ضو ،ولكن ال ميكنه الأداء ،فهذه عالمة على وجود ال�سحر يف
الرجل.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا �أن عقم الع�ضو لي�ست هي طريقة ال�سحر الوحيدة ،ففي يجب �أن نذكر � ً
بع�ض الأحيان تكون املر�أة هي العقيمة �أو يحدث لها �إجها�ض فتكون هي امل�سحورة.
ﺸﺮ
أي�ضا �أنه طب ًقا ملا ُكتب يف ال�شريعة� ،أي �شخ�ص لديه �شهوة انتقام �أو
نذكر � ً
ﻭ
كراهية ،وهذا ال�شخ�ص عمل �أي �شيء لرجل �أو المر�أة ليمنعهم من الإجناب �أو
ﺍﻟﺘﻮ
الذين هم حتى يحافظوا على ع�شيقاتهم من العار ،ا�ستخدموا موانع احلمل مثل
الأ�شربة والأع�شاب التي تخالف الطبيعة ،ومل ي�ستخدموا م�ساعدة ال�شياطني تقول
ال�شريعة �أن ه�ؤالء املر�ضى ينبغي عقابهم على �أنهم قتلة� .أما ال�ساحرات الالتي
يعملن هذا العمل بوا�سطة ال�سحر ُتطبق عليهن بالقانون عليهن العقوبة الق�صوى.
وكحل للجدليات ال�سابقة ،فعندما يقال �أن هذه الأ�شياء ال ميكن �أن حتدث للذين
جمعهم رباط النكاح ،يجب �أن نعرتف �أنه حتى الآن ،احلقيقة يف هذه امل�س�ألة مل يتم
فعل للمتزوجني ولغري تو�ضيحها ب�شكل كاف ،لكن بالتجربة ،فهذه الأ�شياء حتدث ً
املتزوجني .والقارئ احل�صيف الذي ميلك كث ًريا من الكتب �سريجع �إىل الالهوتيني
66
وعلماء ال�شريعة ،خا�صة ملراجعة حديثهم عن العقم وعن امل�سحورين .و�سيجد �أنهم
متفقون على �إنكار �ضاللتني تتعلقان باملتزوجني الذين يعتقدون �أن هذا النوع من
ال�سحر ال ميكن �أن يحدث ملن يجمعهم رباط النكاح ،خا�صة �أولئك الذين يذكرون
حجة �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يدمر عمل الرب.
ال�ضاللة الأوىل التي ينكرها العلماء هي �أن الذين يقولون �أنه ال يوجد �سحر
يف العامل �إال يف خميلة الرجال والذين من خالل جهلهم بالأ�سباب اخلفية التي ال
يفهمها كثري من النا�س بعد ،جندهم ين�سبون هذه الأ�سباب اخلفية �إىل احلقائق
أ�صل بهذه الأ�سباب اخلفية، الطبيعية ولي�س �إىل ال�سحر ،وك�أنهم غري مت�أثرين � ً
ولكن ال�شياطني يعملون هذا �سواء ب�أنف�سهم �أو مبعاونة ال�ساحرات .ورغم �أن كل
ﻋﺼ
العلماء الآخرين قالوا عن هذه ال�ضاللة �أنها بهتان عظيم� ،إال �أن القدي�س «توما�س»
ﲑ ﺍﻟ
طعن فيها بن�شاط �أكرب و�سماها بالهرطقة احلقيقية ،بقوله �أن هذه ال�ضاللة ت�أتي
من جذر الكفر .وحيث �أن الكفر بالن�سبة للم�سيحية يعترب هرطقة ،فبالتايل ه�ؤالء
ﻜﺘ
ي�ستحقون ال�شك يف �أنهم هراطقة .و�أي �أحد يراجع املقوالت الأخرى للقدي�س
«توما�س» التي قيلت يف موا�ضع �أخرى� ،سيجد الأ�سباب التي جعلته ي�ؤكد على �أن هذه
ﺐ ﻟﻠﻨ
�س� ٍؤال �آخر ُ�سئل ،هل ال�شياطني لهم �أج�سام خا�صة بهم ،فذكر كث ًريا من الأمور ومن
�ضمنها �أولئك الذين ُيرجعون كل ت�أثري ج�سدي �إىل قدرة النجوم ،وقال �أن ه�ؤالء
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا للنجوم .ويقول :منيعتقدون �أن الأ�سباب اخلفية للت�أثريات الأر�ضية خا�ضعة � ً
الالزم �أن ن�ضع يف اعتبارنا �أن طالب الفل�سفة ،تابعي �أر�سطو ،ي�ؤمنون �أن ال�شياطني
ﺯﻳﻊ
لي�ست موجودة يف احلقيقة ،و�أن هذه الأمور التي ُترجعها ال�ساحرات �إىل ال�شياطني
�إمنا ت�أتي من قوة النجوم والظواهر الطبيعية الأخرى .لأجل ذلك قال القدي�س
«�أوج�ستني» يف كتابه � ،de Ciutate Deiأنه كان ر�أي «بورفري» �أن كل الأع�شاب
واحليوانات ،والأ�صوات والأ�شكال وتنظيمات النجوم وكل القوى املماثلة للنجوم هي
قوى طبيعية على الأر�ض� ،أما ال�شياطني فهم ُمتلقون من خيال الإن�سان.
ولكن هذا الر�أي مت �إثبات �أنه ر�أي خاطئ بوا�سطة القدي�س «توما�س» يف نف�س
العمل ،لأن بع�ض �أعمال ال�شياطني ميكن م�شاهدتها وي�ستحيل �أن حتدث بطرق
67
طبيعية ،كمثال ،عندما يتحدث ال�شخ�ص املتلب�س به �شيطان بلغة غري معروفة،
و�أعمال كثرية �أخرى تفعلها ال�شياطني ،مثل فنون ا�ستح�ضار الأرواح ،هذه ال ميكن
�أن تكون �آتية من عقل طبيعي به خري ولكنها حت ًما �آتية من �شيء ذي نية �شريرة.
وبالتايل ب�سبب هذه التعار�ضات� ،أُجرب فال�سفة �آخرون �أن يعرتفوا �أن هناك �شياطني.
أي�ضا وقعوا يف عدة �ضالالت ،فبع�ضهم يعتقد �أن �أرواح النا�س ،عندما تغادر لكنهم � ً
�أج�سادهم ،ت�صبح �شياطني .لهذا ال�سبب قتل عديد من العرافني � ً
أطفال �صغا ًرا،
حتى يجعلوا من �أرواحهم �أعوا ًنا لهم ،و�ضالالت �أخرى حكوها.
من هذا يت�ضح �أنه عندما قال العامل املقد�س �أن هذا الر�أي ي�أتي من جذر الكفر
مل يكن قوله بال �سبب .و�أي �شخ�ص �سيقر�أ كتاب القدي�س «�أوج�ستني» de Ciutate
ﻋﺼ
Deiالثامن عن ال�ضالالت الكفرية املتعلقة بطبيعة ال�شياطني� .سيجد اقتبا�سه
ﲑ ﺍﻟ
للر�أي العام جلميع العلماء �ضد كل الذين ُيخط�ؤون وينكرون وجود �أي �ساحرات،
وهو اقتبا�س ذو ثقل كبري يف معناه ،حتى و�إن كانت كلماته قليلة.
ﻜﺘ
�سيجده بو�ضوح مكتو ًبا �أن �أولئك امل�ؤمنني بعدم وجود ال�سحر يف العامل �إمنا هم
يعار�ضون كل �آراء العلماء والكتب املقد�سة الذين �أجمعوا و�أعلنوا �أن هناك �شياطني،
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�أن ال�شياطني لها قدرة على �أج�ساد وخياالت الإن�سان ،ب�أمر الرب .و�أن ه�ؤالء
الذين �أ�صبحوا �أدوات لل�شيطان ،وي�ستخدمهم ال�شيطان لأذية املخلوقات ،ي�سمون
ﺸﺮ
�ساحرات.
يف �إنكار العلماء لل�ضاللة الأوىل ،ال �شيء قيل يتعلق ب�أولئك الذين جمعهم
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
النكاح ،ولكن مت ذكر ذلك يف �إنكارهم لل�ضاللة الثانية التي ت�ؤمن �أنه ،رغم وجود
ﺯﻳﻊ
ال�سحر بكثافة يف العامل ،و�أنه ُي�ضاد النكاح اجل�سدي� ،إال �أنه ال يوجد �سحر دائم،
فبالتايل فال�سحر ال يلغي �أي زواج مت عقده .الآن يف دح�ض هذه ال�ضاللة (لأننا
�سنفعل ذلك ،حتى �إن كان تعلقها باملو�ضوع ً
ب�سيطا ،لأجل �أولئك الذين لي�ست لديهم
كتب كثرية)� ،سنذكر �أنهم دح�ضوها بذكر �أن هذا يعار�ض كل العلماء ال�سابقني وكل
القوانني القدمية واحلديثة.
من �أجل ذلك عمل علماء الكاثوليكية هذا التحديد ،قالوا �أن العقم الآتي ب�سبب
ال�سحر �إما يكون م�ؤقتًا �أو دائ ًما .و�إذا كان م�ؤقتا ،فهو ال ُيلغي الزواج .ويعترب العقم
م�ؤقتًا �إذا قدر امل�صابون على معاجلة �أنف�سهن خالل ثالث �سنوات من تعاي�شهما
68
الزوجي ،حيث يكونا قد اتخذا جميع الطرق املمكنة لأجل العالج �إما بطريقة
القربان يف الكني�سة� ،أو عرب عالجات �أخرى .ولكن �إن مل يتم ال�شفاء ب�أي عالج،
عندها ُيعترب ال�سحر دائ ًما .ويف هذه احلالة �إما �أن ن�ستمر يف عقد الزواج� ،أو نلغي
العقد �إذا كان مل ُيكتب بعد �أو �إذا كان قد ُكتب لكنه توقف قبل �أن يكتمل( .كذلك
قيل يف الكتاب الثاين والثالثني ،البحث الأول ،املقطع الأول �أن ت�أكيد الزواج يحدث
يف املكتب امل�س�ؤول) ف�إذا �أمتمنا الزواج ،ف�إن رابطة النكاح لن ُتلغى .وهناك كثري
مما ذكر عن مو�ضوع العقم هذا بوا�سطة «هو�ستين�سي�س» و«جودفري» والعلماء
والالهوتيون.
بالن�سبة للحجج ،فاحلجة الأوىل �أ�صبحت وا�ضحة كفاية مما قلناه ،مقولة �أن
ﻋﺼ
عمل الرب ال ميكن �أن يدمره عمل ال�شيطان ،نرد ب�أنه �إذا كان ال�سحر له قدرة
ﲑ ﺍﻟ
على املتزوجني ،لن تكون له قوة �إال ب�إذن الرب .لأنه ال يوجد �سحر يعمل ت�أثريه
التدمريي بالقوة اجلارفة مثل قوة الطاغية ،ولكن يكون ت�أثريه بنوع من الفنون
ﻜﺘ
اخلفية .واحلجة الثانية � ً
أي�ضا مت تو�ضيحها ج ّيدً ا ،ملاذا ي�سمح الرب بهذا التعطيل
للإجناب �أكرث من �سماحه ببقية الأفعال ،خا�صة �أن قدرة ال�شيطان طاغية على بقية
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
69
السؤال .9هل الساحرات قادرات على عمل وَهم
االحتيال للرجال؟
�إن كانت ال�ساحرات قادرات على عمل بع�ض وهم االحتيال للرجال ب�أن ُتظهر له
ع�ضوه الذكري وك�أنه مف�صول عن ج�سده.
ﻋﺼ
هنا �سنو�ضح حقيقة الأفعال ال�شيطانية التي تتعلق ب�أع�ضاء الإن�سان .وحتى
ﲑ ﺍﻟ
وا�ضحا يف هذه امل�س�ألة ،طرحنا ال�س�ؤال ،هل ت�ستطيع ال�ساحرات مبعاونة
جنعل الأمر ً
ال�شيطان ف�صل الع�ضو الذكري ح ًقا� ،أم �أنهم يعملون ذلك بحيلة من احليل والوهم؟
ﻜﺘ
و�سنقول �أنهم ي�ستطيعون عمل ذلك ح ًقا ،لأن ال�شياطني ميكنهم عمل �أ�شياء �أكرب
من هذا ،مثل قتل الإن�سان �أو حمله من مكان �إىل مكان ،كما مت تو�ضيحه �أعاله يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
مثال �أيوب و«توبيا�س» .بالتايل ميكنهم ب�شكل حقيقي ف�صل الع�ضو الذكري.
أي�ضا ،هذه احلجة مت �أخذها من تفا�سري زيارات مالئكة ال�شر يف املزامري :الرب � ً
ﺸﺮ
يعذب بوا�سطة مالئكة ال�شر ،كما عذب بني �إ�سرائيل ب�أمرا�ض عديدة ،كانت حقيقة
ﻭ
وواق ًعا �أ�صاب �أج�سادهم .وبالتايل فالع�ضو الذكري هو حالة م�ساوية لهذه الزيارات.
ﺍﻟﺘﻮ
ميكن �أن يقال �أن هذا يح�صل ب�إذن من الرب .ويف هذه احلالة ،قلنا من قبل �أن
ﺯﻳﻊ
الرب ي�سمح لل�سحر بقوة �أكرب يف الأمور التنا�سلية ،لأن �أول ف�ساد باخلطية جاء �إلينا
عرب فعل التنا�سل ،وبالتايل الرب ي�سمح لل�سحر بقوة �أكرب على الع�ضو الذكري نف�سه
وبالتايل ي�سمح بالقوة على ف�صله.
أي�ضا ،كان �شي ًئا �أعظم من هذا حتويل امر�أة لوط �إىل عمود من امللح ،وهذا و� ً
�أكرب من ف�صل ع�ضو ذكري ،كان هذا يف (�سفر التكوين التا�سع ع�شر) وكان حقيق ًّيا
وواقع ًيا ،مل يكن يبدو كتحور �أو كم�سخ (لأن عمود امللح كان ميكن ر�ؤيته) وهذا مت
متاما كما �ضرب مالئكة اخلري قوم �سدوم بالعمى، عمله بوا�سطة مالئكة ال�شرً ،
70
أي�ضا يف العذابات الأخرى لقوم عمورة. ف�أ�صبحوا ال ميكنهم �أن يروا باب البيت .و� ً
التف�سري طب ًعا ي�ؤكد �أن امر�أة لوط قد تلوثت هي نف�سها بالرذيلة وبالتايل ُعذبت.
أي�ضا �أن يتهي�أ يف هذا ال�شكل. أي�ضا ،كل من ميكنه �أن يخلق ً
�شكل طبيع ًّيا ميكنه � ً و� ً
ولكن ال�شياطني خلقت عديدً ا من الأ�شكال الطبيعية ،كما هو وا�ضح من ق�صة �سحرة
الفرعون ،والذين مبعاونة ال�شياطني �أمكنهم خلق �ضفادع وثعابني .و� ً
أي�ضا قال
القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الثالث والثالثني� ،أن هذه الأ�شياء التي ميكن �أن ُتفعل
أوهاما ،ومبا �أنه حتى الإن�سان يقدر ببع�ض ب�شكل مرئي يف الهواء ال ميكن �أن ُتعترب � ً
القطع املاهر �أن يف�صل الع�ضو الذكري ،فبالتايل ميكن لل�شياطني بخفاء �أن يفعلوا
ما يقدر �أن يفعله الإن�سان ب�شكل مرئي.
ﻋﺼ
ولكن على اجلانب امل�ضاد ،يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب de Ciuitate
ﲑ ﺍﻟ
:Deiال يجب �أن ن�ؤمن �أنه بفنون �أو بقدرة ال�شياطني ،ميكن جل�سم الإن�سان �أن يتغري
�إىل وح�ش ،وبكالمه هذا ن�ستنتج �أنه من امل�ستحيل �أن يتم ف�صل الع�ضو الذكري
ﻜﺘ
أي�ضا قال القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب أي�ضا لأنه �ضروري لطبيعة ج�سم الإن�سانً � ، � ً
de Trinitateالثالث :ال يجب �أن نعتقد �أن هذا اجلوهر للمادة املرئية هو هدف
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأع�ضاء الذكرية ،لأن هذا يتوافق مع ما ر�أيناه و�سمعناه بوا�سطة كثريين ،وعن
كيفية حدوث هذا ،ميكننا �أن نقول �أنه يحدث بطريقتني� ،إما حقيقة يف الواقع ،كما
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
تقول احلجة الأوىل� ،أو عرب بع�ض احليل .ولكن عندما تفعل هذا ال�ساحرات ،فهو
ﺯﻳﻊ
يكون فقط ببع�ض احليل ،رغم �أن املُ�صاب يقتنع ب�أنه ال يوجد وهم .لأن خياله ميكن
فعل �أن هذا ال�شيء قد انف�صل ،لأنه بوا�سطة حوا�سه اخلارجية مثل �أن ي�صدق ً
النظر �أو اللم�س ،ميكن �أن ي�شعر �أنه غري موجود.
ف�صل للع�ضو حدث يف خميلته فقط ،ولدينا من هذا ميكن �أن نقول �أن هناك ً
طريقتان ينبغي ذكرهما عن كيفية حدوث هذا .الطريقة الأوىل ،ال عجب �أن
ال�شيطان ميكنه �أن يخدع حوا�س الإن�سان ،حيث �أنه كما قلنا �أعاله ،ميكنه �أن يوهم
احلوا�س الداخلية ،ب�أن ي�أتي ب�أفكار حقيقية ويخزنها يف اخليالً � .
أي�ضا ،هو يف�سد
للإن�سان وظائفه الطبيعية ،م�سب ًبا �أن املرئي ي�صري غري مرئي ،وامللمو�س ي�صري غري
71
ملمو�س ،وامل�سموع ي�صري غري م�سموع ،وكذلك يف احلوا�س الأخرى .ولكن مثل هذه
الأ�شياء لي�ست حقيقية يف الواقع ،لأنها ح�صلت ب�سبب اخللل الذي و�ضعه ال�شيطان
يف احلا�سة نف�سها ،مثل العني �أو الأذن� ،أو اللم�س ،وبهذا ينخدع ُحكم الإن�سان.
وميكننا �أن ن�ستنتج هذا من بع�ض الظواهر الطبيعية .فاخلمر احللو يبدو �أكرث
مرارة على الل�سان من اخلمر الذي فيه نكهة ،فطعمه مت خداعه لي�س باحلقيقة،
ولكن عرب حيلة .كذلك يف احلالة التي نحن ب�صددها ،اخلداع ال يكون يف احلقيقة
ذاتها حيث �أن الع�ضو ال زال يف مكانه ولكنه �إيهام للحا�سة املتعلقة به.
أي�ضا ،كما قيل �أعاله بخ�صو�ص القوى التنا�سلية ،ال�شيطان ميكنه �أن يعطل ذلك � ً
الفعل بفر�ض ج�سم �آخر له نف�س اللون واملظهر ،بطريقة �أن اجل�سم املُبتدع يكون
ﻋﺼ
يف لون اللحم ويتفاعل مع حا�ستي النظر واللم�س ،ويتمو�ضع يف اجل�سم احلقيقي
ﲑ ﺍﻟ
لل ُم�صاب ،فيبدو له �أنه ال ي�ستطيع �أن يرى �أو ي�شعر ب�شيء من ع�ضوه الذكري� ،إال
بج�سم ناعم يبدو من مظهره �أنه ال يوجد �أي ع�ضو تنا�سلي موجود .انظر مقوالت
ﻜﺘ
أي�ضا يف �س�ؤاله عن اخلطية ،حيث اقتب�س القدي�س «توما�س» عن الوهم وال�سحر ،و� ً
مرات عديدة من كتاب القدي�س «�أوج�ستني» الثالث والثالثني :هذا ال�شر الذي يعمله
ﺐ ﻟﻠﻨ
يهب نف�سه للهيئاتُ ،يكيف نف�سه للألوان، ال�شيطان يزحف خالل كل املح�سو�ساتُ ،
يلبث يف الأ�صوات ،يختفي يف الروائح ،ي�سكب نف�سه يف النكهات.
ﺸﺮ
إيهاما كهذا حلا�ستي النظر واللم�س ميكن أي�ضا ،يجب �أن ن�ضع يف احل�سبان �أن � ً � ً
أي�ضا با�ستدعاء اخليال �أن يح�صل لي�س فقط بتو�سط ج�سم �سل�س غري حقيقي ،ولكن � ً
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لأ�شكال و�أفكار كامنة يف العقل ،بطريقة �أن ال�شيء يتم تخيله كما لو �أنه ُيدرك للمرة
ﺯﻳﻊ
الأوىل .لأنه كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال ال�سابق ،ال�شياطني ميكنهم بقدرتهم اخلا�صة
�أن ُيغريوا الأج�سام مو�ضع ًيا ،وبهذا ي�ؤثرون يف تغيري املزاج ،وكذلك يف الوظائف
الطبيعية.
�أنا �أحتدث عن �أ�شياء تبدو وك�أنها حقيقية للخيال �أو للحوا�س .لأن �أر�سطو يف
كتاب de Sommo et Uigilaقال� ،سبب الظهورات يف الأحالم �أنه عندما ينام
احليوان فكثري من الدم يتدفق �إىل �أعمق مكان يف الوعي ،وبالتايل ت�أتي �أفكار �أو
انطباعات قادمة من خربات حقيقية �سابقة خمزنة يف العقل .ولقد و�ضعنا تعري ًفا
يف ال�سابق لكيفية �أن ظهو ًرا معي ًنا ي�صل بالإن�سان �إىل انطباع بتجربة جديدة.
72
ومبا �أنَّ هذا يحدث طبيع ًّيا ،فال�شيطان ميكن �أن ي�ستدعي ظهورات للخيال
بج�سم �سل�س لي�س موجودًا يف اجلزء التنا�سلي ،بطريقة جتعل احلا�سة ت�صدق �أن
فعل .ثان ًيا ،بع�ض الطرق الأخرى �سنذكرها تكون �أ�سهل يف الفهم هذا حقيقة ً
وال�شرح .وطب ًقا لكالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتاب Etymالثامن يقول� ،أن الوهم
ما هو �إال بع�ض اخلداع للحوا�س ،وخا�صة للعني .ولهذا ال�سبب ن�سمي الهيبة هيبة من
كلمة .prestringo
حيث �أن ر�ؤية العني حمدودة جدًّا وهناك �أ�شياء تبدو لها على غري حقيقتها.
و«�ألك�سندر �أوف هيلز» يف اجلزء الثاين من الكتاب يقول �أن الهيبة ،كما نفهمهما
رمبا تكون وه ًما من ال�شيطان ،فهي ال حتدث ب�سبب تغري حقيقي يف ال�شخ�ص،
ﻋﺼ
ولكنها فقط موجودة يف عقل ذلك املوهوم� ،إما يف �إدراكه الداخلي �أو اخلارجي.
ﲑ ﺍﻟ
لأجل ذلك ،ميكن �أن نقول �أن هذه الفنون ،حت�صل بطرق ثالث .الأول� ،أن
ﻜﺘ
حت�صل بدون تدخل ال�شياطني ،حيث ميكن �أن حت�صل بخفة يد ال�شخ�ص الذي
ُيظهر الأ�شياء ويخفيها ،وذلك كما يف خدع امل�شعوذين والذين يتكلمون من بطنهم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا بدون تدخل ال�شيطان ،عندما ميكن للإن�سان �أن ي�ستخدم الطريقة الثانية هي � ً
ميزة موجودة يف اجل�سد �أو املعادن لينقل لنا الت�صور ب�أن �شي ًئا معي ًنا له مظهر
ﺸﺮ
خمتلف عن مظهره احلقيقي .لأجل ذلك طب ًقا لكالم القدي�س «توما�س» وكثري
غريه ،الإن�سان رمبا بحرق بع�ض العنا�صر �أو الأع�شاب ،يقدر �أن ي�صنع �أعوادًا تبدو
ﻭ
ك�أنها ثعابني.
ﺍﻟﺘﻮ
ووا�ضح �أن ال�شياطني ميلكون بطبيعتهم قدرة على عنا�صر �أر�ضية حمددة،
ي�ستخدمونها ملا ي�أذن الرب ،لإظهار الأ�شياء خمتلفة عن حقيقتها.
� ً
أي�ضا يف الطريقة الثالثة ،نذكر �أن ال�شيطان لديه خم�س طرق يوهم بها �أي �أحد
بجعله يظن �أن ال�شيء خمتلف عن حقيقته .الأوىل ،بحيل �صناعية ،كما قلنا ،يفعلها
الإن�سان بالفن ،وال�شيطان يفعلها �أف�ضل .الثانية ،بطريقة طبيعية ،بالتمو�ضع ،كما
قلنا ،و�ضع مادة ما لتخفي اجل�سم احلقيقي� ،أو بت�ضليل خيال الإن�سان .الثالثة،
عندما ُيظهر اجل�سم نف�سه على �أنه �شيء �آخر غري حقيقته ،وت�شهد يف هذا ق�صة
73
القدي�س «جريجوري» املذكورة يف كتاب � .First Dialogue of a Nunأو مثل
الق�صة عندما وجد القدي�س «�أنتوين» كتلة من الذهب يف ال�صحراء.
�أو عندما مي�س ال�شيطان الإن�سان احلقيقي ،ويجعله يظهر وك�أنه حيوان ،كما
�سن�شرح بعد قليل .الرابعة ،عندما يحدث ت�ضليل لع�ضو الب�صر ،فتبدو الأ�شياء
الوا�ضحة م�شو�شة� ،أو مغايرة ،فتظهر العجوز كفتاة �شابة ،وباللعب يف املزاجات،
يعمل ال�شيطان على حتويل الأ�شكال املتلقاة من احلوا�س ،كما قلنا �ساب ًقا ،فتتلقى
احلوا�س �صورة جديدة .ووف ًقا لذلك� ،آخر �أربعة طرق ،ميكن لل�شيطان فيهم �أن
يوهم حوا�س الإن�سان .بالتايل لي�ست هناك �صعوبة عنده يف �إخفاء الع�ضو الفحويل
ببع�ض الوهم .وكدليل جلي على هذا ،هناك حاالت انك�شفت لنا يف حملة التفتي�ش،
ﻋﺼ
�سيتم ذكرها الح ًقا ،حيث حكى كثريون عن هذا وعن �أ�شياء �أخرى �سنقولها يف
ﲑ ﺍﻟ
اجلزء الثاين من هذا البحث.
ﻜﺘ
كيف لل�شيء امل�سحور �أن يتم متييزه عن ال�شيء احلقيقي؟
ﺐ ﻟﻠﻨ
�س�ؤال عر�ضي ،نفرت�ض �أن ع�ضو بيرت قد مت ف�صله ،وهو ال يعلم هل هذا بال�سحر
�أو ح�صل بطريقة �أخرى بقدرة ال�شيطان وب�إذن الرب .هل هناك �أي طريقة للتحديد
ﺸﺮ
�أو التمييز بني �إن كان هذا الف�صل لع�ضوه حقيقي �أم �سحر؟ �ستكون الإجابة كالتايل.
� ًأول ،ه�ؤالء الذين اعتادوا على حدوث هذه الأ�شياء معهم هم �إما زناة �أو ف�ساق.
ﻭ
فهم عندما يف�شلون يف اال�ستجابة لرغبات ع�شيقاتهم ،فبدل �أن ينف�صلوا عاطف ًّيا
ﺍﻟﺘﻮ
ويرتبطوا بامر�أة �أخرى غري ع�شيقتهم ،جندهم لأجل االنتقام ،ي�ستخدمون طر ًقا
ﺯﻳﻊ
�أخرى جتعل �أع�ضاءهم الذكرية تنف�صل .ثان ًيا ،ميكن �أن ُنيز بني احلقيقي
وامل�سحور بحقيقة �أن امل�سحور ال يبقى دائ ًما للأبد .ف�إذا ح�صل بال�سحر ،فهو لي�س
دائما ،و�سيتم �إرجاع الع�ضو ملكانه يف وقت ما.
ولكن هنا يظهر �شك �آخر ،هل عدم دوام ف�صل الع�ضو الذكري هو ب�سبب
طبيعة ال�سحر� ،أنه ال يكون دائ ًما� .س ُيجاب عن هذا ب�أنه ميكن لل�سحر �أن يكون
دائ ًما وي�ستمر مدى احلياة �إىل موت الإن�سان ،مثلما قال علماء ال�شريعة والالهوتيون
بخ�صو�ص تعطيل ال�سحر لرباط النكاح� ،أن التعطيل امل�ؤقت قد يتحول �إىل دائم .لأن
«جودفري» قال يف كتابه ،Summaال�سحر ال ميكن دائ ًما �إبطاله بوا�سطة ال�ساحر
74
الذي عمله� ،إما لأنه مات� ،أو لأنه ال يعلم كيف يبطله� ،أو لأن العمل ال�سحري نف�سه
قد �ضاع .لأجل هذا ميكن �أن نقول بنف�س الطريقة �أن العمل ال�سحري الذي مت عمله
عمل دائ ًما �إذا مل تعرف ال�ساحرة التي عملته كيف تعاجله.على بيرت �سيكون ً
هناك درجات من ال�ساحرات .بع�ضهن ت�ؤذي وتعالج ،وبع�ضهن ت�ؤذي وال تقدر
�أن تعالج ،وبع�ضهن تقدر فقط على العالج كما �سيتبني الح ًقا .لأن هذا حدث معنا:
ر�أينا �ساحرتني كانتا تت�شاجران ،وبينما ت�سخر �إحداهما من الأخرى قالت واحدة:
�أنا ل�ست خبيثة جدًّا مثلك ،لأنني �أعرف كيف �أعالج ه�ؤالء الذين �أ�ؤذيهم .العمل
ال�سحري ي�صبح ً
عمل دائ ًما �إذا مل يعالج ،وهذا مثل �أن ترحل ال�ساحرة التي عملته،
�إما بتغيري مكان �سكنها �أو موتها .لأن القدي�س «توما�س» � ً
أي�ضا يقول� :أي عمل �سحري
ﻋﺼ
رمبا يكون دائ ًما عندما ال تكون له طريقة لعالجه� ،أو يكون له عالج لكنه غري معلوم
ﲑ ﺍﻟ
للنا�س� ،أو حمرم ،والرب ميكنه �أن يجلب العالج بوا�سطة مالك مقد�س يخ�ضع له
ال�شيطان وال�ساحرة.
ﻜﺘ
على �أي حال ،العالج الرئي�سي �ضد ال�سحر هو ال�سر املقد�س للتوبة .لأن اجل�سم
ال�ضعيف غال ًبا ما يفعل اخلطية� .أما كيف نزيل العمل ال�سحري فهذا �أمر �سنعر�ضه
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف اجلزء الثاين من هذا البحث ،ويف ال�س�ؤال الثاين من الف�صل ال�ساد�س ،عندما
نبحث ون�شرح موا�ضيع �أخرى.
ﻭ ﺸﺮ
حلول املجادالت
ﺍﻟﺘﻮ
بالن�سبة للأوىل ،من الوا�ضح �أنه ال �شك� ،أنه ب�أمر الرب ،ميكن لل�شياطني �أن
ﺯﻳﻊ
يقتلوا الإن�سان ،فيمكن لل�شياطني بالتايل �أن يزيلوا الع�ضو الذكري ،مثل غريه من
الأع�ضاء .ولكن يف هذه احلالة ال تعمل ال�شياطني من خالل معاونة ال�ساحرات.
أي�ضا احلجة الثانية بو�ضوح .ولكن �سنقول �أن الرب ي�سمح بقوة ومن هذه تت�ضح � ً
ال�سحر على الأع�ضاء التنا�سلية ،وبالتايل هو ي�سمح ب�أن يحدث انف�صال لهذا الع�ضو
التنا�سلي حقيقة وواق ًعا ،ولكن لي�س من ال�صحيح �أن نقول �أن هذا هو ما يح�صل
دائ ًما .لأنه لن يكون تب ًعا لأ�سلوب ال�سحر الذي يح�صل عادة ،وحتى ال�ساحرات،
عندما يفعلن هذه الأعمال ،ال يدعني �أنه لديهم القدرة لإرجاعه كما كان �إن �أردن.
75
من هذا يت�ضح �أنه مل ينف�صل ب�شكل حقيقي ،ولكن فقط بالوهم .وبالن�سبة للثالثة،
املتعلقة بتحول امر�أة لوط .نقول �أن هذا كان حقيقة ولي�س وه ًما.
وبالن�سبة للرابعة �أن ال�شياطني ميكن �أن تخلق الأ�شكال احلقيقية ،وبالتايل
يقدرون على �إزالتها� :سنقول �أنه بالن�سبة ل�سحرة الفرعون فلقد عملوا ثعابني
حقيقية وال�شياطني بالتايل يقدرون على �أن يعملوا ت�أثريات معينة على املخلوقات
الناق�صة ال ي�ستطيعون �أن يعملوها على الإن�سان ،لأن الرب يعتني بالإن�سان .لأجل
هذا نقول :نعم ميكن لل�شياطني ب�إذن الرب �أن يعملوا �ضر ًرا حقيق ًّيا وواقع ًيا للإن�سان
كما ميكنهم �أن ي�صنعوا �ضر ًرا وهم ًيا ،وبهذه الإجابة تت�ضح احلجة الأخرية.
ﻋﺼ
e
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
76
السؤال .10هل يمكن للساحرات ببعض الوهم أن
تحوّلن اإلنسان إلى وحـــش؟
هنا �سنعلن احلقيقة يف �إمكانية �أن ُتول ال�ساحرات الإن�سان �إىل وح�ش .قيل
�أن هذا غري ممكن ،يف املقطع التايل من كتاب Episcopusال�ساد�س والع�شرون:
ﻋﺼ
كل الذين ي�ؤمنون �أنه من املمكن لأي خملوق �أن يتغري بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو
�أ�سو�أ� ،أو �أن يتغري بال�سحر �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه ،بدون تدخل اخلالق الذي خلق
ﲑ ﺍﻟ
كل �شيء ،هو بدون �شك كافر ،و�أ�سو�أ من الوثني.
ﻜﺘ
و�سنقتب�س هنا حجج القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من Book of
Sentencesاجلزء الثامن :هل ال�شياطني ميكن �أن ت�ؤثر يف حوا�س اجل�سم بالإيهام.
ﺐ ﻟﻠﻨ
هنا يقول يف البداية �أنه ال ميكنهم .ف�شكل الوح�ش ال بد �أن ي�أتي من مكان ما حتى
ي�ستخدموه ،وهو ال ميكن �أن يتواجد يف احلوا�س ،لأن احلوا�س ال تتلقى م�ؤث ًرا غري
ﺸﺮ
موجود يف العامل احلقيقي ،حيث ال يوجد �أية وحو�ش ،و�أورد القدي�س «توما�س» ُحكم
ال�شرع .و� ً
أي�ضا ،الذي يظهر �أنه يكون ،ال ميكن �أن ال يكون ،كما يف حالة املر�أة التي
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
بدت للنا�س �أنها وح�ش ،لأن �شكلني جوهريني ال ميكن �أن يتواجدا يف وقت واحد يف
ﺯﻳﻊ
نف�س املادة.
ولأن �شكل الوح�ش ال ميكن �أن يوجد يف �أي مكان يف الطبيعة ،فال يوجد وهم
ميكن �أن يحدث يف عني الناظر ،لأن الب�صر ال بد له من �شيء ينق�ضي �إليه.
أي�ضا ،لأن الطبيعة لي�ستو�إذا قيل �أن ال�شكل موجود يف العامل ،فهذا لي�س ممك ًنا � ً
أي�ضا لأن الهواء حول ذلك ال�شكل �إن وجد قادرة على �أخذ �أي �شكل �أو كيان كهذا ،و� ً
لي�س ثابتًا دائ ًما ،وال ميكن �أن يكون ثابتًا ب�سبب طبيعة الهواء املتحركة .و� ً
أي�ضا لأنه
حتى يحدث حتول كهذا ال بد �أن ي�صري التحول مرئ ًيا لكل �أحد ،والأمر لي�س كذلك،
فال�شياطني غري قادرة على خداع �أنظار الرجال املقد�سني على الأقل.
77
أي�ضا� ،إذا �أثر ال�شيطان على الوعي الداخلي ،فهو يفعل ذلك �إما ب�أن ُيظهر � ً
نف�سه لل�شخ�ص� ،أو ب�أن يغري الوعي الداخلي لل�شخ�ص بالإيهام .وهو ال يعمل بطريقة
�إظهار نف�سه لل�شخ�ص ،لأنه �سيتوجب عليه �أن يت�شكل يف ج�سم ،وحتى لو ح�صل
فعندها ال ميكنه �أن يخرتق الع�ضو الداخلي خليال �أحد ،لأن ج�سمني ال ميكن �أن
يوجدا يف نف�س الوقت يف نف�س املكان ،رمبا �إذن هو ي�ستويل على ج�سد وهمي ،وهذا
ً
م�ستحيل ،لأنه ال يوجد �شكل وهمي بدون مادة. � ً
أي�ضا �سيكون
كذلك هو ال ي�ستطيع �أن يغري املعرفة ،لأنه �إما �أن يغريها بالتعديل ،وهذا يبدو
�أنه غري قادر على فعله ،لأن التعديل �إمنا يحدث ب�صفات ن�شطة ،وهذه ال متلكها
ال�شياطني� ،أو هو ميكن �أن يغريها بالتحول الكامل �أو احلركة املو�ضعية ،وهذه ال
ﻋﺼ
تبدو مالئمة ل�سببني .الأول �أن التحويل ال ميكن �أن يح�صل بدون �أن يت�أمل الإن�سان
ﲑ ﺍﻟ
و�أع�ضا�ؤه تتحول .ثان ًيا لأنه يف هذه احلالة �سيظهر ال�شيطان فقط يف �أ�شياء ذات
�شكل معروف ،ولكن القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه يخلق �أ�شكاال من هذا النوع،
ﻜﺘ
معروفة وغري معروفة ،وبالتايل يبدو �أن ال�شياطني ميكنها قط ًعا �أن تخدع خيال �أو
حوا�س الإن�سان.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال يكون حقيق ًّيا و�إمنا ظاهري .ولكن هذا ال ميكن �أن يحدث �إال �إذا كانت ال�شياطني
غري قادرة على الت�أثري على حوا�س الإن�سان .القدي�س «�أوج�ستني» قال يف الكتاب
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الإجابة� .إذا �أراد القارئ �أن َيرجع �إىل طرق التحول الكامل� ،سيجدها يف اجلزء
الثاين من هذا الكتاب ،الف�صل ال�ساد�س ،فيه طرق كثرية .ولكن دعنا نتحدث عما
لدينا بطريقة علمية ،دعنا نتفق مع �آراء الثالث علماء ،على �أن ال�شيطان ميكنه
�أن يخدع خيال الإن�سان فيجعل الإن�سان يبدو كحيوان� .آخر هذه الآراء هو للقدي�س
«توما�س» وهو �أكرث ف�صاحة من البقية .والأول هو للقدي�س «�أنتونيو�س» يف �أول جزء
من كتابه Summaاخلام�س ،عندما �أعلن �أن ال�شيطان يف �أوقات معينة يجتهد
خلداع خيال الإن�سان ،ب�إيهام احلوا�س ،و ُيثبت القدي�س «توما�س» هذا باملنطق
الطبيعي ،بال�شريعة ،وبعدد كبري من الأمثلة.
78
قائل� :أج�سادنا معر�ضة طبيع ًيا لطاعة املالئكة �إذا عملت املالئكة فيهم ويتابع ً
حركة مو�ضعية .ومالئكة ال�شر ،رغم �أنهم خ�سروا النعم� ،إال �أنهم مل يخ�سروا القدرة
الطبيعية ،كما قلنا من قبل .وحيث �أن ملكة اخليال هي ملكة مادية ،لأنها مرتبطة
بع�ضو مادي هو العقل ،فهي بالطبيعة معر�ضة لل�شيطان ،وي�ستطيع ال�شيطان �أن ي�ؤثر
فيها ،وي�سبب ال�شيطان فيها خياالت عديدة ،وذلك بتدفق الأفكار واخلياالت لو�صف
ال�صورة املتلقاة من ال�شيطان.
يقول القدي�س «�أنتونيو�س»� ،أنه قد ثبت بالقانون ال�شرعي التايل Episcopus
ال�ساد�س والع�شرون :يجب �أال ُنهمل بع�ض الن�ساء اخلبيثات ،الالتي �أغواهن
ال�شيطان و�أغراهن بالأوهام واخلياالت ال�شيطانية ،فيتخيلن �أمورا غريبة .وال بد
ﻋﺼ
�أن ن�صدق ونن�شر لكل �أحد �أن حكاية �أنه ميكنهن �أن يتجولن يف �ساعات الليل على
ﲑ ﺍﻟ
ظهور الوحو�ش مع «ديانا» الإلهة الوثنية� ،أو مع «هريوديا�س» �أو مع عدد ال نهائي
من الن�ساء ،و�أنهن يف �صمت الليل ي�سافرن م�سافات بعيدة من الأر�ض هي حكايات
ﻜﺘ
ب�شر للنا�س بالرب ال بد �أن يقال لهم �أن هذا كله خاطئ ،و�أنه عندما خاطئة ،و�أينما ُي ّ
يبتلى عقل امل�ؤمن باخلياالت ،ال يكون بوا�سطة الرب ولكن بوا�سطة روح �شريرة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و«�ساتان» ذاته ح ّو َل نف�سه �إىل �أ�شكال �أ�شخا�ص خمتلفني عرب الزمن ،ويف الأحالم
كان ُي�ضلل العقل وي�أ�سره ،ويوجهه �إىل طرق منحرفة.
ﺸﺮ
مت التعامل مع هذا القانون يف ال�س�ؤال الأول ،عن الأربعة �أ�شياء التي يجب �أن
ُيب�شر بها .و�سيكون من �سوء الفهم �أن ن�ؤمن �أن ال�ساحرات ال ميكنهن �أن ينتقلن
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أ�شخا�صا لي�سوا
ً هكذا عندما يردن و�أن الرب ال مينع هذا ،وقد حدث كث ًريا جدً ا �أن �
�سحرة انتقلوا عرب م�سافات بعيدة من الأر�ض.
ﺯﻳﻊ
ولكن هذه التحوالت ميكن �أن حتدث بالطريقتني املذكورتني يف الكتاب املذكور
�آن ًفا ،Summaوهناك ف�صل يقول فيه القدي�س «�أوج�ستني» �أنه يوجد يف كتب
الوثنيني حكاية �أن �ساحرة ا�سمها «�سري�س» حولت �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل وحو�ش،
ولكن هذا كان عن طريق بع�ض الوهم واخليال ،ولي�س �إجنا ًزا حقيق ًيا ،بل عملته
بتعديل خياالت النا�س ،وهذا ثبت بو�ضوح ب�أمثلة كثرية.
أي�ضا يف كتاب � ،Lives of the Fathersأنه كان هناك فتاة ال توافق على نقر�أ � ً
�شاب يتو�سل لها حتى تعمل �شي ًئا حق ًريا معه .وال�شاب ب�سبب غ�ضبه منها ،جعل
79
عمل �سحر ًيا ،فتحولت �إىل ُمهرة .ولكن هذا التحويل مل يكن واحدً ا يهود ًيا يعمل لها ً
حقيق ًيا ،بل هو وهم من ال�شيطان ،الذي غري خيال وحا�سة الفتاة نف�سها ،وخيال
وحوا�س �أولئك الذين ينظرون �إليها ،وبهذا بدت للجميع �أنها ُمهرة ،ولكنها كانت يف
احلقيقة ال زالت فتاة.
لأنه عندما مت اقتيادها �إىل «ماكاريو�س» املبارك ،مل ي�ستطع ال�شيطان �أن يخدع
حوا�س املبارك كما فعل مع الآخرين ،فب�سبب قدا�سته ،ا�ستطاع املبارك �أن يراها
فتاة عادية ولي�ست ُمهرة .وب�سبب �صلواته لها حتررت الفتاة من الوهم ،وقيل �أن
هذا حدث لها لأنها مل ُت�شغل عقلها بالأ�شياء املقد�سة� ،أو لأنها مل حت�ضر ال ُقدا�س
كما يجب ،وبالتايل كان لل�شيطان قوة عليها ،رغم �أنها كانت يف �أمور �أخرى �صادقة.
ﻋﺼ
بالتايل ي�ستطيع ال�شيطان بتحريك الإدراكات الداخلية واملزاجات� ،أن ي�ؤثر
ﲑ ﺍﻟ
يف الأفعال وامللكات ،اجل�سدية والعقلية والعاطفية ،فيعمل على �أي ع�ضو ج�سدي
كان ،وهذا يتفق مع كالم القدي�س «توما�س» .وبهذا ميكن �أن ن�صدق ب�أفعال «�سيمون
ﻜﺘ
ماكو�س» يف ال ُرقى التي ُحكيت عنه .ولكن ال�شيطان ال ي�ستطيع �أن يعمل �أ ًيا من هذه
الأ�شياء بدون �إذن الرب ،والرب بوا�سطة مالئكة اخلري غال ًبا ما ُيقيد اخلبث الذي
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف ال�شيطان ومينعه عندما يريد خداعنا و�أذيتنا .لذلك يقول القدي�س «�أوج�ستني»:
ه�ؤالء ب�إذن الرب ،يثريون العنا�صر وي�ضللون عقول الذين ال يثقون يف الرب.
ﺸﺮ
أي�ضا ميكن لل�شياطني �أن تت�سبب يف �أن الإن�سان ال يقدر �أن يرى زوجته على � ً
نحو �صحيح ،بل يراها على العك�س .وهذا ي�أتي من �صناعة اخليال ،فيتم تقدمي
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الزوجة خلياله بوا�سطة ال�شيطان على �أنها �شيء بغي�ض وفظيع .ال�شيطان � ً
أي�ضا
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
الطريقة الثانية :تنتج من التغيري يف الأع�ضاء الداخلية للإن�سان ،وبالتايل
يح�صل اخلداع ،ومت تو�ضيحها يف حالة ال�شخ�ص الذي مت خداع تذوقه ،فكل �شيء
ﲑ ﺍﻟ
كان حل ًوا �صار يبدو م ًراً � .
أي�ضا ،حتى الإن�سان ميكنه �أن يحقق هذا يف �أ�شياء طبيعية،
مثلما يظهر يف بخار الدخان �أن ما يخرج من البيت هي ثعابني ،وهناك �أمثلة كثرية
ﻜﺘ
�أخرى موجودة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
حلول اجلدليات
ﺸﺮ
بالن�سبة للجدلية الأوىل ،ذلك الن�ص الذي يتم اقتبا�سه ،عاد ًة ُيفهم بطريقة
�سيئة .الذي كان يتحدث عن التحول بفعل ال�سحر �إىل �شكل �آخر �أو �إىل �شكل �شبيه،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
فلقد �أو�ضحنا كيف �أن هذا ميكن �أن يحدث بطريقة الإيهام .وحيث �أن الن�ص
ﺯﻳﻊ
يقول �أنه ال خملوق ميكن �أن يخلق بقدرة ال�شيطان ،فوا�ضح �أن لديه منطق �إذا مت
فهم الكالم مبعنى اخللق .ولكن فلن�أخذ كلمة «حت ّول» لتعرب عن الإنتاج ال�شيطاين
للمخلوقات ،فهو �شيء م�ؤكد �أن ال�شياطني ميكنهم �أن يعملوا بع�ض املخلوقات غري
الكاملة.
والقدي�س «توما�س» يو�ضح كيف ميكن لهذا �أن يح�صل .لأنه يقول �أن كل التحوالت
ني الذي يوجد يف جميع عنا�صر يف الأج�سام املادية ،حتتاج ل�شيء �أ�سا�سي وهو ا َمل ّ
هذا العامل ،يف الربية �أو يف املاء (مثل الثعابني وال�ضفادع وهذه الأ�شياء التي ت�ضع
81
منيها على الأر�ض �أو يف املاء ) ،فيمكن �أن حت�صل ال�شياطني على هذا املني .ولذا
ميكنها �أن ُتول �أي �شيء �إىل �ضفدع �أو ثعبان.
فهذه التحوالت للأج�سام املادية ميكن قط ًعا �أن حتدث بفعل ال�شياطني .لكن
عندما يتغري ج�سم الإن�سان �إىل ج�سم وح�ش� ،أو عندما يعود اجل�سم امليت �إىل
احلياة ،فمثل هذه الأ�شياء حتدث فقط بالإيهام وال�سحر� ،أو حتدث ب�أن ال�شياطني
يظهرون �أمام الإن�سان يف هذه الأ�شكال.
هذه اجلدليات مت دح�ضها .لأن «�ألبريتو�س» املبارك يف كتابه On Animals
اخترب هل ال�شياطني �أو دعنا نقل ال�ساحرات ،ميكنهن �أن ي�صنعن حيوانات ،يقول
ﻋﺼ
�أنه ميكنهن ،ب�إذن الرب� ،أن يعملن حيوانات ناق�صة .ولكن ال ميكنهن �أن يفعلن هذا
ﲑ ﺍﻟ
يف حلظة كما يفعل الرب ،بل يحتجن �إىل بع�ض الوقت .وبالرجوع �إىل املقطع يف
ﻜﺘ
�سفر اخلروج ال�سابع عندما ا�ستدعى الفرعون رجاله احلكماء ،قال :هذه ال�شياطني
مت�شي يف الأر�ض وجتمع بع�ض البذور ،وبا�ستخدامهم ميكنهم �أن يخرجوا بع�ض
الف�صائل .والتف�سري هنا يقول :عندما حتاول ال�ساحرات �أن ت�ؤثر يف �أي �شيء
ﺐ ﻟﻠﻨ
بهذه الأ�شياء وبهذا املعنى ،فهم ب�إذن من الرب ،ينتجن ف�صائل جديدة.
جدلية �أخرى ميكن �أن ُتطرح ،هل هذه الأفعال ال�شيطانية ميكن تعترب معجزات.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
والإجابة ات�ضحت يف اجلدليات ال�سابقة� ،أنه حتى ال�شياطني ميكنها �أن ت�صنع بع�ض
ﺯﻳﻊ
املعجزات مبا يتفق مع قدراتهم .ولكن بالن�سبة لأفعال «عدو امل�سيح» الأنتيخري�ستو�س،
فيمكن �أن يقال �أنها من اخلداع ،و�أنه يتم عملها بهدف �إغواء النا�س.
هناك جدلية �أن ال�شيء ال�ساكن ال يتحرك �إال عرب عامل ن�شط .وبالتايل فال�شكل
الذي ُيرى ال ميكن �أن يكون حقيق ًّيا وال ميكن �أن نقول �أنه حترك بالعامل الن�شط
الذي هو فعل النظر� ،سيجاب ب�أن هذا ال�شكل ال يربز من �أي حا�سة� ،إمنا هو ي�صدر
من �صورة حم�سو�سة حمفوظة يف اخليال ،ر�سمها ال�شيطان و�أخرجها وقدمها
للخيال بقوة الإدراك.
82
بالن�سبة للجدلية الأخرية� ،سنقول �أن ال�شيطان ال يغري القوى التخيلية والإدراكية
ب�إظهار نف�سه لها ،ولكن بالتحوير فيها ،خا�صة احلركة املو�ضعية .لأنه ال ميكنه
بنف�سه �أن يحث ظهورات جديدة كما قلنا .ولكن هو يغريهم بالتحوير ،الذي يعمله
باحلركة املو�ضعية ،عرب حتريك الإدراك واملزاجات ولي�س بتق�سيم مادة الع�ضو
احلي ،لأن هذا �سينتج عنه �إح�سا�س من الأمل.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
83
السؤال .11هل الساحرات الالتي يعملن قَاب ِ َلت
يقتلن األطفال في األرحام أثناء التوليد؟
�أن ال�ساحرات الالتي يعملن مولدات يقتلن الأطفال يف الأرحام �أثناء التوليد
ويعملن الإجها�ض �أو �إذا مل يقدروا على هذا ،ف�إنهن يهنب الطفل املولود لل�شياطني.
ﻋﺼ
هنا �سنعر�ض احلقيقية بخ�صو�ص �أربعة جرائم مروعة تفعلها ال�شياطني يف
الأطفال ،يف الرحم وبعد الوالدة .وحيث �أن ال�شياطني يفعلون هذه الأ�شياء عرب
ﲑ ﺍﻟ
معاونة ال�ساحرات ،ولي�س الرجال ،فهذا النوع من القتل يرتبط بالن�ساء �أكرث ،وما
ﻜﺘ
�سي�أتي هي الطرق التي يفعلن ذلك بها.
علماء ال�شريعة يتعاملون ب�شكل �أ�شمل من الالهوتيني يف مو�ضوع ال�سحر.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وهم يقولون �أنه يف ال�سحر ،عندما ال ي�ستطيع �أحد �أن يعمل الفعل اجل�سدي ،مثل
الإجها�ض .فهناك طرق �أخرى وهي �أنهن �إما ي�أكلن الطفل �أو يهبنه لل�شيطان.
ﺸﺮ
لأنها حت�صل بوا�سطة ال�ساحرات .ولي�ست هناك حاجة للإتيان باحلجج ،لأنه هناك
�أمثلة عديدة ومواقف تثبت حقيقة هذا الفعل.
ﺯﻳﻊ
الأول من هذه الفواح�ش التي تفعلها ال�ساحرات ،هو �أكل الأطفال ،وهذا �ضد
الغريزة الإن�سانية ،وطب ًعا �ضد طبيعة كل الوحو�ش ،غري الذئاب ،التي هي معتادة
على قتل �أو �أكل �صغارها .وبالن�سبة لهذا ،هناك مفت�ش من «كومو» ،قال لنا الآتي:
تفتي�شا ،لأن هناك ً
رجل �أنه مت ا�ستدعا�ؤه بوا�سطة �سكان مقاطعة «باربي» ليعمل ً
اجتماعا من بع�ض الن�ساء يف الليل،
ً معي ًنا فقد �أطفاله �أثناء والدتهم ،وقال �أن هناك
و�أق�سم �أنه ر�أى هاته الن�سوة يقتلن طفله وي�شربن دمه ثم ي�أكلنه.
أي�ضا ،يف �سنة واحدة ،وهي ال�سنة التي م�ضت ،قال �أن �إحدى و�أربعني �ساحرة � ً
84
�أُحرقت ب�سبب هذا .للت�أكيد على هذا هناك كتابات لـ «جون نيدر» يف كتابه
،Fomicarusوفيها ذكر لأحداث يحكيها ،وكانت ذاكرته ال زالت حا�ضرة ،حيث
تبني �أن هذه الأ�شياء لي�ست غريبة عليه ،وهناك �ساحرات تائبات دائ ًما يقلن لنا
وللآخرين :ال �أحد ي�ضر الإميان الكاثوليكي �أكرث من املُو ِّلدات ،لأنهن عندما تقتلن
الأطفال ،فهن بعد ذلك ولغر�ض �آخر ،ي�أخذنهم خارج الغرفة ويرفعنهم �إىل الهواء،
ويهبنهم لل�شيطان .والطريقة التي ي�ؤدين بها جرائمهن �سنعر�ضها قري ًبا ،ولكن � ًأول
هناك �س�ؤال ينبغي �أن ُي�سئل بخ�صو�ص الإذن الإلهي.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
85
ل إذا ما كان إذن الرب األعلى ال بد
السؤال .12حو َ
أن يحدث في أي عمل من أعمال سحر؟
ﻋﺼ
ثان ًيا :هل الرب يف عظمته �سي�سمح ملخلوق �أثيم �أن يفعل ال�سحر واجلرائم
ﲑ ﺍﻟ
املرعبة الأخرى؟
ﻜﺘ
ثال ًثا :هل جرمية ال�سحر تتجاوز كل ال�شرور الأخرى التي �سمح بها الرب؟
راب ًعا :ب�أي طريقة ميكن التب�شري بهذه الأمور للنا�س؟
ﺐ ﻟﻠﻨ
�سن�س�أل � ًأول هل من الإميان الكاثوليكي �أن نقول �أن هناك �إذ ًنا �إله ًيا ملا تعمله
ال�ساحرات من هرطقات عظيمة؟ تقول احلجة ب�أنه لي�س من املنطقي �أن ن�ؤمن �أن
ﺸﺮ
الرب ي�سمح بهذه القوة الكبرية لل�شيطان يف هذا النوع من ال�سحر� .سنقول � ًأول �أنه
انتقا�صا من
ً من الكاثوليكي� ،أن نكافح مقولة �أن ال�سحر يحدث ب�إذن الرب لأن فيها
ﻭ
اخلالق.
ﺍﻟﺘﻮ
م�سموحا له ب�شيء كبري ً لقد قلنا �أنه من الكاثوليكي �أن ن�ؤمن �أن ال�شيطان لي�س
ﺯﻳﻊ
من الأذية للإن�سان ،لأنه �إذا �آمنا �أن الرب ي�سمح� ،سيبدو وك�أنه انتقا�ص من اخلالق.
و�سينتج عن هذا �أنه لي�س كل �شيء خا�ضع لعناية الرب .لأن العاطي احلكيم يفرت�ض
�أن ُيبعد كل النق�ص وال�شر عن املتقني .ونقول �أنه �إذا كانت �أعمال ال�سحر ي�ؤذن بها
من عند الرب ،فهي لي�ست بعيدة عن علمه ،لكن �إذا كان يعلمها وال يبعدها ،فهو
لن يكون عاط ًيا حكي ًما ،وكل �شيء لن يكون خا�ض ًعا لعنايته .ولكن مبا �أن هذا كله
خاطئ ،بالتايل فالرب ال ي�أذن بال�سحر.
أي�ضا ،حتى ُي�سمح ب�شيء �أن يحدث ُيفرت�ض �أن من �سمح به� ،إما ب�إمكانه �أن و� ً
86
مينعه من احلدوث �إذا �أراد� ،أو هو ال يقدر �أن مينعه �إذا �أراد ،وال �شيء من هذه
االفرتا�ضات ميكن �أن ينطبق على الرب .لأنه يف احلالة الأوىل �سيكون �شري ًرا ،ويف
احلالة الثانية �سيكون �ضعي ًفا .ولذلك �سن�س�أل ب�شكل عر�ضي :بالن�سبة لل�سحر الذي
حدث لبيرت� ،إذا كان ميكن للرب �أن مينعه ،ومل مينعه ،ف�إما �أن يكون الرب �شري ًرا
�أو يكون الرب غري مبال على الإطالق .ولكن �إذا مل يكن قاد ًرا على منعه �إذا �أراد،
لن يكون قاد ًرا على كل �شيء .ولكن مبا �أنه من امل�ستحيل �أن ن�ؤمن بالر�أي الذي يقول
�أن الرب له مثل هذه ال�صفات ،بالتايل ال ميكن �أن نقول �أن ال�سحر يح�صل ب�إذن
من الرب.
أي�ضا ،ذلك الذي يعمل ال�سوء هو م�س�ؤول عن نف�سه وم�س�ؤول عن �أفعاله ،وال � ً
ﻋﺼ
نقول �أنه خا�ضع لإذن احلاكم حتى يعمل ال�سوء .والإن�سان �أ�صبح م�س� ًؤول عن نف�سه
ﲑ ﺍﻟ
�أمام الرب ،طبقا لكتاب ال�سرياخ اخلام�س ع�شر :الرب عمل الإن�سان من البداية،
وتركه ي�ضع خطته اخلا�صة .فاخلطايا التي يعملها الإن�سان قد ُعملت طب ًقا لتخطيط
ﻜﺘ
الإن�سان وطب ًقا لرغبة قلبه .وبالتايل لي�ست كل ال�شرور خا�ضعة لإذن الرب.
أي�ضا ،يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ،Enchridionكما قال �أر�سطو يف و� ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
كتابه التا�سع من :Metaphysicsمن اجليد �أال نعرف بع�ض الرذائل �أكرث من �أن
نعرفها ،لكن كل خري ال بد �أن ين�سب �إىل الرب .بالتايل �سنقول مبد�أ ًيا �أن الرب ال
ﺸﺮ
أي�ضا �إىل كالم القدي�س «باول»مينع رذيلة ال�سحر� ،سواء هو ي�سمح بها �أو ال .انظر � ً
يف ر�سالة كورنثيو�س الأوىل�« :ألعل الرب تهمه الثريان؟» لذلك ال يعتني الرب �إذا
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
كان ه�ؤالء ال�سحرة ي�سحرون �أم ال ،لأنهم لي�سوا خا�ضعني لإذنه ،و�إذنه ي�أتي من
عنايته.
ﺯﻳﻊ
أي�ضا ،ذلك الذي يحدث ب�شكل طبيعي ال يحتاج �إىل �إذن حكيم �أو ل�صاحب عقل � ً
راجح .هذا يت�ضح يف كتاب �أر�سطو Ethicsالكتاب الثاين :رجاحة العقل يف املنطق
ال�صحيح تكون على الأ�شياء اخلا�ضعة لر�أي الإن�سان واختياره .ولكن هناك ت�أثريات
مثل ب�سبب ت�أثري عديدة لل�سحر حتدث ب�شكل طبيعي بدون تدخل ال�سحر ،تكون ً
بالنجوم ،التي ت�سبب املر�ض� ،أو �أي �شيء �آخر من الأ�شياء التي قد نحكم عليها �أنها
�سحر .بالتايل هذه الأ�شياء الطبيعية ال حتتاج دائ ًما للإذن الإلهي.
أي�ضا� ،إذا ُ�سحر الإن�سان بالإذن الإلهي� ،سيكون هناك �س�ؤال :ملاذا يحدث هذا و� ً
87
ل�شخ�ص �أكرث من �شخ�ص �آخر؟ �إذا قيل �أن هذا ب�سبب اخلطية ،والتي تكون كثرية
�صحيحا ،لأنه هكذا �سيكون الأكرث ً عند ذلك الرجل عن الرجل الآخر ،فهذا ال يبدو
خطيئة هو الأكرث ت�أث ًرا بال�سحر ولكن احلقيقة �أن املذنبني هم الأقل عقا ًبا يف هذا
العامل .لأنه عادة يقال :هني ًئا للكاذبني.
ولكن �ضد هذه اجلدليات� :أنه من املُ َ�سلم ب ِه �أن الرب ي�سمح بال�شر �أن
يح�صل ،رغم �أنه ال يتمناه �أن يح�صل ،لكنه يح�صل لأجل كمال الكون .انظر كالم
«ديوني�سيو�س» يف كتاب de Diuin Nomالثالث ،ال�شر �سيكون �أبد الدهر ،لأجل
كمال هذا الكون .والقدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب Enchiridionيقول :كل الأ�شياء
اجليدة وال�سيئة ت�صنع اجلمال الباهر لهذا الكون .فما يقال �أنه �شر �إمنا هو مرتب
ﻋﺼ
بعناية ،ومو�ضوع يف مكانه ال�صحيح في�ؤدي املهمة ب�شكل �أف�ضل وهذا �شيء جيد،
ﲑ ﺍﻟ
والأ�شياء اجليدة �أكرث �إر�ضاء وجدارة بالثناء �إذا قارناها بالأ�شياء ال�سيئة .القدي�س
أي�ضا يدح�ض ر�أي �أولئك الذين يقولون �أنه رغم �أن الرب لي�ست له رغبة «توما�س» � ً
ﻜﺘ
يف ال�شر -حيث �أنه ال توجد خملوقات تبحث عن ال�شر� ،سواء يف الطبيعة �أو يف
احليوانات� ،أو يف رغباتهم و�شهواتهم� ،إمنا يكون هدفهم هو املتعة اجليدة -ولكنه
ﺐ ﻟﻠﻨ
يريد �أن يكون ال�شر موجودًا .قال �أن هذا خاطئ ،لأن الرب ال يتمنى لل�شر �أن يحدث،
وال يتمنى لل�شر �أال يحدث ،هو فقط ي�سمح بال�شر �أن يحدث ،وهذا جيد لكمال الكون.
ﺸﺮ
وملاذا من اخلط�أ �أن نقول �أن الرب يتمنى ال�شر �أن يحدث لأجل كمال هذا الكون،
يقول �أن هذا لل�سبب التايل ،لي�س من �شيء ُيحكم عليه �أنه جيد �إال �إذا كان ج ّيدً ا
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يف نف�سه ولي�س بال�صدفة .مثل الرجل الفا�ضل� ،سيحكم ب�شيء جيد لأن طبيعته
جيدة ،لن يحكم بطبيعته احليوانية ،وال�شر لي�س مرتبا بذاته لأجل اخلري ،ولكن
ﺯﻳﻊ
ذلك يحدث بال�صدفة .لأن الرب �ضد رغبات ه�ؤالء الذين يفعلون ال�شر ،فهم حني
يعملون �شرهم ،حتدث نتائج جيدة يف النهاية .بهذه الطريقة يكون الرب �ضد
رغبات ال�ساحرات ،و�ضد رغبات الطغاة ،وظهر هذا خالل �إعداماتهن حيث نور
الر�ضا �أ�شرق بو�ضوح.
الإجابة .هذا ال�س�ؤال �صعب يف فهمه كما هو مفيد يف �شرحه ،وهو لي�س �س�ؤاال
لل�شخ�ص العادي �إمنا هو �س�ؤال لل�شخ�ص احلكيم ،واالثنان ي�شرتكان يف �أنهما
ي�صدقان �أن هذا ال�سحر الفظيع ي�أذن به الرب ،وهم يجهلون مراد الرب من هذا
88
الإذن .وب�سبب هذا اجلهل من مراده� ،سيتم قمع ال�ساحرات بكل هذا ال�شر الذي
فيهم ،فيبدو �أنهن يردن تدمري امل�سيحية كلها .وعندها ،كل من املتعلم وغري املتعلم
مرتاحا بكل الطرق ،طب ًقا لر�أي الالهوتيني ،نحن �سنبد�أ �إجابتنا مبناق�شة
ً �سيكون
اثنني من ال�صعوباتً � .أول� ،أن هذا العامل يخ�ضع لعناية الرب التي يعطيها بنف�سه
للجميع .ثان ًيا� ،أنه يف عدالته ،ي�سمح بغلبة اخلطية ،بكل ما يكون فيها من ذنب
وعقاب و�ضياع ،وجاءت اخلطية � ً
أ�صل ب�سبب �أول �إذنني له ،حتديدً ا ،الإذن ب�سقوط
املالئكة وحتولهم �إىل �شياطني والإذن بخطية �آدم وحواء .ومن هذا يت�ضح �أنه يجب
�أن ن�صر على الكفر بهذه الهرطقة حتى ال يورط �إن�سا ٌن نف�سه يف �ضالالت الكفار.
ﻋﺼ
وبالن�سبة لل�صعوبة الأوىل ،ما يتعلق بعناية الرب (انظر كتاب Wisdom
الرابع ع�شر� :أنت تعتني ،يا �أبانا ،احلاكم على كل �شيء) ،نحن يجب �أن ن�ؤمن �أن
ﲑ ﺍﻟ
وا�ضحا،
ً أي�ضا يعطي كل �شيء ،وحتى جنعل هذا كل الأ�شياء خا�ضعة لإرادته ،و�أنه � ً
ﻜﺘ
دعنا � ًأول ندح�ض �أحد ال�ضالالت� .إذا �أخذنا الن�ص يف �سفر �أيوب« :ال�سحاب �سرت
له فال ُيرى ،وعلى دائرة ال�سماوات يتم�شى» .البع�ض �آمن �أن عقيدة القدي�س
ﺐ ﻟﻠﻨ
«توما�س» تعني �أن الأ�شياء الطاهرة فقط هي اخلا�ضعة لعناية الرب ،مثل الأرواح
أي�ضا ف�صائل احليوانات الأقل درجة من الإن�سان ،والتي تكون املختلفة والنجوم ،و� ً
� ً
ﺸﺮ
أي�ضا طاهرة ،ولكنهم قالوا �أن هناك �أفرادًا من �أي ف�صيلة ،يكونون قابلني للف�ساد،
فه�ؤالء ال يخ�ضعون.
ﻭ
بالتايل قالوا �أن كل احليوانات ذات الدرجة الأقل يف هذا العامل هي خا�ضعة
ﺍﻟﺘﻮ
لعناية الرب يف الكون ،ولكن لي�س ب�شكل فردي .ولكن بالن�سبة للآخرين فهذا الر�أي
ﺯﻳﻊ
ال ميكن تقبله ،لأن الرب يعتني باحليوانات مثلما يعتني بالإن�سان .وبالتايل يقول
احلرب مو�سى مت� ً
أمل �أن يقف يف مكان حمايد� ،أنه يوافق على كالمهم �أن كل الأ�شياء
القابلة للف�ساد لي�سوا ب�شكل فردي خا�ضعني للعناية الإلهية ،لكن الرب حمى الب�شر
من كثري من الأ�شياء ال�سيئة ،ب�سبب النعمة الباهرة لذكائهم ،و�أرواحهم املختلفة.
وبالتايل تب ًعا لهذا الر�أي ،مهما حدث ال�سحر للإن�سان بالإذن الإلهي ،فهو لي�س
كث ًريا مثل الذي يحدث للحيوان �أو �أي من ثمار الأر�ض الأخرى.
هذا الر�أي �أقرب للحقيقة من ذلك الذي يرف�ض بالكلية عناية الرب يف
89
�أمور العامل� ،إميا ًنا ب�أن هذا العامل قد �أتى بال�صدفة ،مثلما فعل «دميوكريتو�س»
والأبقراطيون ،ور�أيهم هذا لي�س خال ًيا من مغالطات عظيمة .لأنه يجب �أن يقال �أن
أي�ضا ب�شكل حمدد،كل �شيء خا�ضع للعناية الإلهية ،لي�س فقط ب�شكل عام ،ولكن � ً
و�أن ال�سحر لي�س يحدث فقط للإن�سان ولكن يحدث � ً
أي�ضا للحيوانات وثمار الأر�ض،
و�أنه ي�أتي من عناية الرب و�إذنه .وهذا �صحيح بو�ضوح ،العناية وتنظيم الأ�شياء �إىل
نهايات معينة ميتد بقدر ما متتد ال�سببية اخلا�صة بهم.
الأ�شياء التي تخ�ضع حلكم يحكمها ،هي تخ�ضع حلكم هذا احلاكم فقط يف مدى
حتكمه .ولكن عناية الرب هي عناية �أ�صلية ،متد نف�سها �إىل الوجود كله ،لي�س فقط
ب�شكل عمومي ولكن ب�شكل فردي ،ولي�س فقط للأ�شياء الطاهرة ،لأن كل �شيء هو
ﻋﺼ
من عند الرب ،فهو يعتني بكل الأ�شياء ،مما يعني �أن كل �شيء منظم بوا�سطته �إىل
ﲑ ﺍﻟ
حد معني.
هذه النقطة حتدث عنها القدي�س «باول» يف ر�سالة رومية الثالثة ع�شر« :لي�س
ﻜﺘ
�سلطان �إال من الرب ،وال�سالطني الكائنة هي ُمرتبة من الرب» وعناية الرب ال
بد �أن ُتفهم باملنطق التايل� ،أنه هو ي�سبب تنظيم الأ�شياء لغر�ض معني ،فعلى املدى
ﺐ ﻟﻠﻨ
البعيد ،كل الأ�شياء تكون جز ًءا من غر�ض نهائي واحد ،والكل خا�ضع لعناية الرب.
والرب يعلم كل �شيء ،لي�س فقط عن اجلماعة ولكن عن كل فرد على حدة .ومعرفة
ﺸﺮ
الرب ملخلوقاته هي معرفة ال�صانع ل�صنعته :فال�صانع تكون �صنعاته خا�ضعة لنظامه
أي�ضا ،كل �شيء خلقه الرب هو خا�ضع لنظام وتدبري الرب. وتدبريه اخلا�ص ،و� ً
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن هذا ال يعطي �سب ًبا كاف ًيا حلقيقة �أن الرب ي�سمح يف عدالته بال�شر وال�سحر
ﺯﻳﻊ
ليكونوا يف هذا العامل ،فهو العاطي واحلاكم على كل �شيء ،ومن املفرت�ض �أن ُيبعد
كل ال�شر عن املتقني .ونحن نرى ً
رجال من املتقني ه�ؤالء يفعلون كل �شيء حتى ُيبعدوا
كل �شر ممكن عن الذين يحبونهم ،بالتايل ،ملاذا ال يبعد الرب بنف�س املنطق كل
متاما.
ال�شر عنهم؟ ال بد �أن نذكر �أن املتحكم الكوين والعاطي هما �شيئان خمتلفان ً
املتحكم العادي ال بد بال�ضرورة �أن ُيبعد كل ال�شر ،لأنه ال ي�ستطيع �أن ي�ستخرج اخلري
من ال�شر .ولكن الرب هو املتحكم الكوين بهذا الكون كله ،وميكنه �أن ي�ستخرج اخلري
مثل وجود الطغاة هو الذي ُيظهر ال�صابرين من �أي نوع من �أنواع ال�شرور .يعني ً
ال�شهداء ،وب�أعمال ال�ساحرات ي�أتي التطهري و�إثبات الإميان ،كما �سي�أتي .بالتايل
90
الرب لي�س هدفه �أن مينع كل ال�شر ،لكن قراءته للكون جتعله يعرف كل اخلري .لأجل
ذلك قال القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ،Enchiridionكم هو رحيم هذا الرب
العظيم ،لأنه ال ي�سمح ب�أي �شر يكون يف �أعماله �إال �إذا َع ِلم بعلمه و�سلطته �أنه ميكنه
�أن ُيخرج اخلري من ذلك ال�شر.
ومن ال�ضروري للحفاظ على الف�صائل �أن يكون موت �شخ�ص ي�ؤدي للحفاظ على
حياة �شخ�ص �آخر .مثل الأ�سود التي حتيا بافرتا�س احليوانات الأخرى.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
91
السؤال .13هنا سنجيب السؤال ،عن أول إذنين
إلهيين ،اإلذن بسقوط الشيطان وبخطيئة أبوينا.
هنا �سنجيب ال�س�ؤال ،عن الإذنني الإلهيني الذين �سمح بهما الرب بعدالته،
حتديدً ا ،الإذن لل�شيطان �صاحب ال�شر الأول �أن يفعل اخلطيئة ،والثاين الإذن لآدم
ﻋﺼ
وحواء بالذنب ومن ثم ال�سقوط.
ال�س�ؤال هنا هو �أن الرب بعدالته قد �سمح لبع�ض املالئكة �أن ُيذنبوا وينق�ضوا
ﲑ ﺍﻟ
العهد ،ال�شيء الذي مل يكن �سي�سمح به �إال �إذا كانوا هم �أنف�سهم قابلني للخطية،
ﻜﺘ
و�أنه يف املقابل حفظ بع�ض املخلوقات بنعمته ،بدون �أن يجعلهم يعانون من الإغواء،
بينما �سمح للإن�سان �أن تتم غوايته �إىل اخلطية .كل ها �سيتم �إي�ضاحه فيما ي�أتي.
ﺐ ﻟﻠﻨ
من العناية الإلهية �أن كل �شيء ال بد �أن يرتكه الرب ليت�صرف ح�سب طبيعته
الأ�صلية ،وال يكون عائ ًقا له لعمل �أفعاله الطبيعية .لأن «ديوني�سيو�س» يقول يف كتابه
ﺸﺮ
،De Diuin Nomالعناية الإلهية لي�ست مدمرة ولكنها حتافظ على الطبيعة.
كفرد طيب ومن اجلن�س وهذا الكيان ال�شيطاين الأول ،يظهر �أن بدايته كانت ٍ
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الأعلى يف خلقته وكان فردًا متمي ًزا .يقول (�أر�سطو ،كتاب ،)Ethicsاخلري يف
ﺯﻳﻊ
متاما،
الكون تكون له ال�صدارة يف حياة �أي خملوق .ف�إذا منعت اخلاطئني من الذنب ً
�ستفقد بع�ض الدرجات من الكمال .لأن فكرة الطبيعة نف�سها لن تكون موجودة وهي
بفطرتها جتعل الإن�سان يختار اخلطية ،فهي َملكة طبيعية للإن�سان الطبيعي.
كان ينبغي لـ «�ساتان» �أن يذنب ،لي�س بت�أثري خارجي عليه ،ولكن يبدو �أن نف�سه
كانت مالئمة للخطية .ولقد فعل هذا عندما ابتغى �أن ي�صري م�ساو ًيا للرب .ولقد
�أعلن هذا يف �سفر �إ�شعياء الرابع ع�شر�« :س�أ�صعد فوق مرتفعات ال�سحاب� ،أ�صري
مثل العلي» .هو يعلم �أنه خملوق بوا�سطة الرب ،وبالتايل يعرف �أنه من امل�ستحيل له
�أن يت�ساوى مع خالقه .ولكنه �سعى �إىل امل�ساواة مع الرب ،لي�س مطل ًقا ولكن بتحفظ،
92
فطبيعة الرب لها خا�صيتني ،النعيم واخلري ،فكل النعيم واخلري الذي يف خملوقاته
�إمنا هو �صادر منه .وبالتايل املالك ال�شرير الأول ،ر�أى �أن عزة نف�سه قد جتاوزت
املخلوقات الأخرى ،فتمنى �أن يكون النعيم واخلري يف املخلوقات الأ�سفل منه م�ستمدً ا
منه هو .ولقد وثق �أن هذا من حقه ،حيث �أنه كان �أول من يوهَ ب يف طبيعته هاتني
اخلا�صيتني ،النعيم واخلري ،وبالتايل املخلوقات الأخرى يجب �أن تتلقى من هذا
ال�شرف الذي يف طبيعته .ولقد َط َلب هذا من الرب ،وكان م�ستعدً ا �أن يكون خا�ض ًعا
للرب لو �أعطاه هذه املنحة .وبالتايل هو مل يتمنَ �أن يكون م�ساو ًيا مع الرب ب�شكل
مطلق ،ولكن فقط بتحفظ.
ﻋﺼ
�سنذكر � ً
أي�ضا �أنه عندما رغب يف حتويل طلبه �إىل حالة التنفيذ ،فج�أة جعل طلبه
معلوما للآخرين ،وفهم نفر من املالئكة طلبه ووافقوه عليه بنفو�سهم املنحرفة. ً
ﲑ ﺍﻟ
وبالتايل فخطيئة �أول مالك جتاوزت وفاقت خطايا الآخرين يف حجم الذنب و�سببه.
ﻜﺘ
انظر كتاب Apocalypseالثاين ع�شر .التنني ي�سقط من اجلنة وير�سم معه
اجلزء الأخري من النجوم .ويعي�ش يف هيئة «لوياثان» ،ويكون مل ًكا على كل الأطفال
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالكربياء .وطب ًقا لأر�سطو يف كتاب Metaphاخلام�س� ،سمي مبلك الأمراء ،نظ ًرا
لأنه حرك �أولئك اخلا�ضعني له وف ًقا لرغبته و�أمره .بالتايل خطيئته كانت �أنه ت�سبب
ﺸﺮ
للآخرين باخلطية ،لأنه هو الأول الذي مل يغويه �شيء خارجي ،بل كان هو الإغواء
اخلارجي للآخرين.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لقد كتبت هذا الأمر ببع�ض التطويل ،لأنه لو فهمنا هذا الإذن الإلهي الهائل يف
حالة املخلوقات الأكرث نبال فيما يتعلق بخطيئة الطموح� ،سيكون �أ�سهل �أن نعرتف
ﺯﻳﻊ
بالإذن الإلهي الآخر اخلا�ص ب�أعمال ال�ساحرات ،والالتي يف بع�ض الأحيان تكون
خطاياهن �أعظم من خطايا املالك و�أعظم حتى من خطية �آدم وحواء ،كما �سنو�ضح
يف اجلزء الثاين.
العناية الإلهية �سمحت لأول �إن�سان �أن تتم غوايته ويذنب ،و�سنقول نف�س ما
قيل بخ�صو�ص خمالفة املالئكة .لأنه كل من الإن�سان واملالك ُخلقوا لنف�س الغاية،
وتركهم الرب لإرادتهم احلرة ،حتى ميكنهم يف النهاية �أن يتلقوا اجلزاء بالنعيم
ً
حمفوظا من �سقوطه ،كذلك الإن�سان. عن جدارة .بالتايل ،كما �أن املالك مل يكن
93
من �أجل ذلك قال القدي�س «توما�س» الرب معظم ومبجل حتى يف اخلطية ،وذلك
لأنه يعفو برحمة حني يعاقب بعدله ،بالتايل يتعني عليه �أال مينع اخلطية .دعونا نعود
�إىل خال�صة خمت�صرة مل�س�ألتنا ،الرب �سمح للإن�سان باخلطية لعدة �أ�سباب .الأول،
�أن قدرة الرب ميكنها �أن تظهر ،وهو وحده ال يتغري لكن املخلوقات تتغري.
ثان ًيا� ،أن حكمة الرب ميكنها �أن ُتعلن ،وهو الذي ي�أتي باخلري من ال�شر ،وهذا لن
يح�صل �إال �إذا �سمح الرب للمخلوق �أن يفعل اخلطية.
ثال ًثا� ،أن رحمة الرب ميكنها �أن تظهر ،حيث �أن امل�سيح مبوته حرر الإن�سان الذي
كان �ضائ ًعا.
ﻋﺼ
راب ًعا� ،أن عدالة الرب ميكنها �أن تظهر ،وهي لي�ست فقط مبكاف�أة اخلري ولكن
أي�ضا بعقاب ال�شر. � ً
ﲑ ﺍﻟ
خام�سا� ،أن حالة الإن�سان لن تكون �أ�سو�أ من بقية املخلوقات ،كلهم يحكمهم ً
ﻜﺘ
الرب ويجعلهم يت�صرفون وف ًقا لطبيعتهم ،لذا تعني عليه �أن يرتك الإن�سان لقراره
اخلا�ص.
ﺐ ﻟﻠﻨ
�ساد�سا ،لأجل جمد الإن�سان ،جمد ذلك الإن�سان الذي كان ب�إمكانه �أن يرتكب ً
اخلطية لكنه مل يفعل.
ﺸﺮ
و�ساب ًعا ،ليزين الكون ،لأنه كما �أن هناك ثالثة �أ�صناف من ال�شر يف اخلطية،
الذنب والأمل وال�ضياع ،فالكون يتزين مبا يوجد فيه من ثالثة �أ�صناف من اخلري،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الرب وال�سرور واملنفعة .الرب مزين بالذنب ،وال�سرور مزين بالأمل ،واملنفعة مزينة
ﺯﻳﻊ
حلول احلجج
بالن�سبة للحجة الأوىل ،من الهرطقة �أن جتزم �أن الرب ال ي�سمح للإن�سان ب�إرادته
احلرة �أن يفعل اخلطية �إذا �أراد .الرب ي�سمح بكثري من اخلطية ،مبنطق قدرته على
معاقبة الإن�سان لأجل تزيني الكون .لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال» يف كتابه Book
� :of Soliloquesأنت يا �سيدي قد �أمرت وهو كذلك� ،أن عار الإثم ال يجب �أن مير
منك بدون ِعظم العذاب.
94
ولي�ست �صحيحة تلك احلجة التي تقال �أن احلاكم احلكيم ال بد �أن يبعد كل
العيب وال�شر �إىل �أبعد ما ميكن .لأن الأمر خمتلف مع الرب ،فله عناية الكون كله،
وهو لي�س كالذي له عناية حمددة .فالرب ميكنه �أن ي�أتي باخلري من ال�شر.
وبالن�سبة للحجة الثانية ،من الوا�ضح �أن قدرة الرب وخرييته وعدالته وا�ضحة
يف �إذنه باخلطية .لذا عندما ُيحتج ب�أن الرب �إما �أن ميكنه �أو ال ميكنه �أن مينع
ال�شر ،الإجابة هي �أنه نعم ميكنه �أن مينعه ،ولكن للأ�سباب التي قدمناها ال يتعني
عليه �أن يفعل هذا.
�صحيحا �أن نحتج ب�أن الرب بالتايل يريد لل�شر �أن يحدث ،حيث كان ً ولي�س
ﻋﺼ
ب�إمكانه منعه لكنه مل يفعل ،لأنه كما و�ضحنا ،الرب ال ميكن �أن يتمنى لل�شر �أن
يحدث .ال هو يتمنى وال هو ال يتمنى ،هو فقط ي�سمح بال�شر لأجل كمال الكون.
ﲑ ﺍﻟ
يف احلجة الثالثة ،القدي�س «�أوج�ستني» و�أر�سطو ميكن �أن نقتب�س منهم يف
ﻜﺘ
مو�ضوع املعرفة الإن�سانية ،بالقول �أنه من الأف�ضل للإن�سان �أال تكون له معرفة مبا
هو �شر ورذيلة ل�سببني ،الأول �أنه �سيفقد فر�صة التفكري يف ال�شر .وثان ًيا ،لأن معرفة
ال�شر يف بع�ض الأحيان تنحرف باملزاج ناحية ال�شر.
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالن�سبة للحجة الرابعة :القدي�س «باول» يقول �أن الرب ال يهتم بالثريان ،ليو�ضح
ﺸﺮ
�أن املخلوق العاقل لديه حتكم ب�أفعاله مبا وهبه الرب من �إرادة حرة .بالتايل الرب
لديه عناية خا�صة به ،وبالتايل ميكن �أن يتلقى �إما العقاب �أو املكاف�أة ،وطب ًعا الرب
ﻭ
ولكن �أن نقول �أن �أفراد الوحو�ش غري العاقلة لي�ست جز ًءا من العناية الإلهية
ﺯﻳﻊ
فهذا �سيكون هرطقة ،لأنه �سن�ؤمن عندها �أنه لي�س كل �شيء خا�ضع للعناية الإلهية،
معار�ضا للمدح الذي ذكر يف الكتب املقد�سة للحكمة الإلهية ،والتي ً و�سيكون هذا
متتد من �أق�صى الكون �إىل �أق�صاه وتدبر كل �شيء ب�إح�سان ،وهذا خط�أ احلرب مو�سى
كما بيناه �ساب ًقا.
بالن�سبة للحجة اخلام�سة ،الإن�سان مل ي�صنع الطبيعة ،ولكنه ي�ستعمل الطبيعة
ب�أعظم قدر من اال�ستعمال املوافق ملهارته وقوته .وبالتايل فالعناية الب�شرية ال
متتد �إىل الظواهر الطبيعية املحتومة ،مثل �أن ال�شم�س �ست�شرق غدً ا .ولكن العناية
الإلهية متتد �إىل كل هذه الأ�شياء ،حيث �أن الرب نف�سه هو م�صمم الطبيعة .من �أجل
95
ذلك فالعيوب يف الطبيعة ،حتى �إن برزت من �أ�سباب طبيعية ،فهي خا�ضعة للعناية
الإلهية .وبالتايل «دميوكريتو�س» وفال�سفة طبيعيني �آخرين كانوا خمطئني عندما
ن�سبوا �أي �شيء يحدث للمخلوقات �إىل ال�صدفة.
بالن�سبة للحجة الأخرية ،رغم �أن كل عقاب هو من عند الرب ب�سبب اخلطية،
ف�أعظم املذنبني لي�سوا دائ ًما م�صابني ببلوى ال�سحر .وهذا رمبا يكون ب�سبب �أن
ال�شياطني ال تتمنى �أن ي�صيبوا ويغووا تابعيهم� ،أو ب�سبب �أن ال�شيطان ال يتمنى لهم
�أن يعودوا �إىل الرب .كما قيل :بال�ؤهم قد ت�ضاعف ،وهذا �أرجعهم �إىل الرب� ،إلخ.
وكل العقوبات التي هي من عند الرب للخطيئة ُتفهم وفقا لقول القدي�س «جريوم»،
مهما كان ما نعانيه ،ف�إنا ن�ستحقه على خطايانا.
ﻋﺼ
لقد مت �إعالن �أن خطايا ال�ساحرات هي �أخطر من خطايا مالئكة ال�شر وخطايا
ﲑ ﺍﻟ
�آدم وحواء .من �أجل ذلك ،فكما يعا َقب الربيء على خطايا �أبويه �آدم وحواء ،كذلك
كثري من النا�س غري امللومني يتم لعنهم و�سحرهم ب�سبب خطايا ال�ساحرات.
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
96
السؤال .14هل ينبغي بسبب شناعة الساحرات ،أن
ي ُعلن أمرهن بوضوح؟
بالن�سبة �إىل �شناعة اجلرائم ،ي�أتي ال�س�ؤال ،هل جرائم ال�ساحرات تتجاوز يف
الذنب والأمل وال�ضياع ،كل ال�شرور التي �سمح بها الرب منذ بداية العامل وحتى الآن.
ﻋﺼ
خ�صو�صا يف الذنب .لأن اخلطية التي يفعلها الإن�سان وكانً ويبدو �أنها ح ًّقا تتجاوز،
ب�إمكانه �أن يتفاداها ب�سهولة هي �أكرب من خطية �إن�سان �آخر فعلها ومل يكن ب�إمكانه
ﲑ ﺍﻟ
�أن يتفاداها ب�سهولة .هذا يت�ضح من كالم القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب de Ciuit
ﻜﺘ
:Deiهناك كثري من ال�شر يف اخلطية عندما يكون من ال�سهل �أال تخطئها .ولكن
�آدم ،و�آخرين �أخطئوا وهم يف حالة من الكمال والنعمة ،وكان ب�إمكانهم ب�سبب
النعمة �أن يتفادوا خطياتهم تلك ،خا�ص ًة �آدم الذي مت خلقه يف النعمة .فهو �أخطر
ﺐ ﻟﻠﻨ
من ال�ساحرات الالتي مل تكن لديهم هذه النعمة .وبالتايل فخطية �آدم �أعظم من
كل اجلرائم التي فعلتها ال�ساحرات.
ﺸﺮ
أي�ضا فيما يتعلق بالعقاب� :أعظم عقاب هو الذي يكون لأعظم لوم .وخطية �آدم و� ً
ﻭ
كانت �أكرث �شيء عقا ًبا ،واحلقيقة �أن خطيته عانى منها كل ن�سله بوراثة اخلطية
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا ،نف�س ال�شيء يحتج به فيما يتعلق بال�ضياع .لأنه طب ًقا للقدي�س «�أوج�ستني»:و� ً
ال�شيء ال�شرير يكمن �ش ّره يف �أنه ُيبعد الإن�سان عن اخلري :بالتايل عندما ي�ضيع خري
�أكرث ،يكون ال�شر �أعظم .ولكن خطية �أبوينا قد جلبت �أعظم �ضياع للنعمة وللطبيعة،
لأنها �سلبتنا من براءتنا وخلودنا ،وال توجد خطية قد جلبت لنا ال�ضياع �أكرث منها.
ولكن على اجلانب الآخر ،يقال �أن ال�شيء الذي فيه �أكرث �أ�سباب ال�شر هو ال�شر
الأعظم ،مثل خطايا ال�ساحرات .لأنهن ي�ستطعن ب�إذن الرب� ،أن يجلنب كل �شر على
�أي �شيء فيه خري ،كما مت �إعالنه يف الأمر ال�سيادي البابويً � .
أي�ضا� ،آدم �أذنب فقط
يف �أنه فعل ال�شيء الذي كان خاط ًئا لأنه كان ممنوعا ،ولكن فعله مل يكن خاط ًئا
97
بذاته� .أما ال�ساحرات وبقية املذنبني ،يذنبون بعمل ال�شيء الذي هو خط�أ لأنه خاطئ
بذاته ،وممنوع .مثل القتل وكل الأ�شياء املمنوعة الأخرى .وبالتايل خطاياهم �أثقل
من خطية �آدم.
أي�ضا ،اخلطية التي ت�أتي ب�سبب احلقد �أثقل من اخلطية التي ت�أتي ب�سبب � ً
اجلهل .وال�ساحرات ،بكثري من احلقد ،يحتقرن الإميان والأ�سرار املقد�سة للإميان،
كما اعرتفت كثري منهن.
الإجابة .ال�شرور التي ُترتكب من �ساحرات هذه الأيام تتجاوز كل اخلطايا
يوما ،كما قيل يف عنوان ال�س�ؤال .وهذا الأخرى التي �أذن بها الرب �أن حت�صل ً
ميكن تو�ضيحه بثالث طرقً � ،أول ب�شكل عام ،مبقارنة �أعمالهن بدون حتيز مع �أي
ﻋﺼ
جرائم عاملية �أخرى .ثان ًيا ،ب�شكل حمدد ،بالنظر �إىل �أي ميثاق وعهد قد دخلوه مع
ﲑ ﺍﻟ
ال�شيطان .وثال ًثا ،مبقارنة خطاياهم مع خطايا مالئكة ال�شر ومع خطية �أبوينا �آدم
وحواء.
ﻜﺘ
جملة �أن �أعمال ال�ساحرات تتجاوز كل اخلطايا الأخرى تت�ضح بهذه الطريقة،
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أنه وف ًقا لتعاليم القدي�س «توما�س»� ،أ�شياء كثرية تدخل يف وزن اخلطية من حيث
ثقلها وخفتها ،فنف�س اخلطية ميكن �أن تعترب ثقيلة بالن�سبة ل�شخ�ص وخفيفة
ﺸﺮ
بالن�سبة لآخر .كمثال ،ميكننا �أن نقول عن ال�شاب الذي ارتكب الزنا �أنه مذنب ،لكن
العجوز �إذا فعله �سن�سميه م�سعو ًرا .اخلطايا الأثقل هي التي حتدث يف �أكرث الظروف
ﻭ
نوعا ما.
�سعة ،هذه تكون يف طبيعتها ومقدارها �أكرث خطورة ً
ﺍﻟﺘﻮ
وميكننا �أن نقول �أنه رغم �أن خطية �آدم �إىل حد ما �أثقل من كل اخلطايا الأخرى،
ﺯﻳﻊ
نظ ًرا لأنه �سقط ب�سبب حتري�ض ب�سيط و�إغواء ،حيث �أنه كان ب�إمكانه �أن يقاوم على
الأقل بفعل العدالة الأ�صلية التي خلق بها ،ومع ذلك تفاقمت خطيته لأنها ت�سببت يف
خطايا �أثقل ،لكن خطايا ال�ساحرات تتجاوز رغم ذلك كل اخلطايا الأخرى .وهذا
�سيت�ضح بطريقتني.
لأن اخلطيئة الواحدة ميكن يقال �أنها �أكرب من الأخرى عن طريق واحدة من
هذه االعتبارات ،يف �سببها :كما يف خطيئة «لو�سيفر» و�آدم .يف قبحها :كما كانت
خطية يهوذا .يف �صعوبة غفرانها :كما هي اخلطيئة �ضد الروح القد�س .يف خطرها:
98
كما هي خطيئة الطمع .يف امليل :كما هي خطيئة التحري�ض.
يف الإ�ساءة جلاللة الرب :كما هي خطيئة الوثنية والكفر .يف �صعوبة مكافحتها:
كما هي خطيئة الكرب .يف عمى العقل :كما هي خطيئة الغ�ضب .ومن ثم ،ف�إنه بعد
خطيئة لو�سيفر� ،أعمال ال�ساحرات جتاوزت كل اخلطايا الأخرى ،يف الب�شاعة ،لأنهن
ُينكرن �صلب امل�سيح .ويف امليل ،حيث يفعلن ال�سوء ب�أج�سادهن مع ال�شياطني .ويف
العمى ،حيث �أرواحهن حقودة وغ�ضبى ويجلنب كل �أذى على �أرواح و�أج�ساد الب�شر
والوحو�ش.
دعون �ساحرات «بالالتينية وهذا �أكد عليه القدي�س «�إيزيدور» بقوله :لأنهن ُي َ
maleficaeوتعني امل�ؤذية» ب�سبب ب�شاعة جرائمهن.
ﻋﺼ
هناك تدرجان يف اخلطيئة ،ال�صد ،وتغري القلب .يقول القدي�س «�أوج�ستني»:
ﲑ ﺍﻟ
اخلطية هي �أن ترف�ض اخلري الرا�سخ ،وتتعلق بالأ�شياء املتقلبة .بالتايل ،كلما ازداد
ﻜﺘ
الإن�سان بها بعدً ا عن الرب ،كلما كانت اخلطية �أثقل .ومبا �أن الكفر هو ال�سبب
الرئي�سي البتعاد الإن�سان عن الرب ،ف�إن كفر ال�ساحرات يعترب هو اخلطية الأعظم.
ولقد �أُعطي لكفرهن ا�سم الهرطقة ،التي تعني الردة عن الإميان.
ﺐ ﻟﻠﻨ
خطية الكفر تتكون من معار�ضة الإميان ،وهذه املعار�ضة ميكن �أن ت�أتي من
ﺸﺮ
طريقني ،مبعار�ضة الإميان الذي مل يتم تلقيه بعد� ،أو معار�ضة الإميان الذي مت
تلقيه .الأوىل هي طريقة كفر الوثنيني وامل�شركني .والثانية ،يتم فيها �إنكار الإميان
ﻭ
امل�سيحي بطريقتني� ،إما ب�إنكار النب�ؤات التي فيه� ،أو ب�إنكار التجلي الفعلي حلقيقته.
ﺍﻟﺘﻮ
ﻋﺼ
وطول �ضالله� ،إال �إذا �أبان فيما ي�أتي من حياته �أنه مل يفكر يف الرجوع �إىل الإميان
مثل� ،أو �أن يرتكب مطل ًقا .وهذا يت�ضح يف حالة رجل الدين �إذا �أراد �أن يتزوج ً
ﲑ ﺍﻟ
جرمية مماثلة .فهي ردة من الطاعة يرف�ض فيها ال�شخ�ص متعمدً ا تعاليم الكني�سة
والأ�ساقفة .ورجل كهذا ال بد �أن يحكم عليه باخلزي ويتم نفيه.
ﻜﺘ
عندما نتحدث عن ردة ال�ساحرات ،فنحن نعني الردة اخلائنة ،وهذه �أ�شد
ب�شاعة ،يف �أنها تنبت من عهد مت عمله مع ال�شيطان عدو الإميان وعدو اخلال�ص.
ﺐ ﻟﻠﻨ
لأن ال�ساحرات ترتبطن ب�أداء هذا العهد ،الذي فر�ضه هذا العدو �إما جزئ ًّيا �أو كل ًّيا.
لأننا نحن املفت�شني قد وجدنا بع�ض ال�ساحرات الالتي �أنكرن كل مقاالت الإميان،
ﺸﺮ
بع�ضا منها ،ولكن كلهن مرتبطات ب�إنكار �سر االعرتاف يف و�أخريات �أنكرن فقط ً
الكني�سة .وبالتايل ،حتى ردة «جوليان» ال تبدو كبرية جدًّا بالن�سبة لهم ،رغم �أنه يف
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
اعتبارات �أخرى ،هو قد ت�سبب ب�ضرر �أكرب للكني�سة ،ولكن ال ميكننا احلديث عن
ﺯﻳﻊ
هذا هنا.
ولكن ميكن �أن يتم االعرتا�ض على �أنه من املمكن �أنهن حمتفظات بالإميان
يف �أفكار قلوبهن ،التي يراها الرب فقط ،بينما ي�ؤدين تبجيل وطاعة ال�شيطان يف
الظاهر فقط .لإجابة هذا نقول ،يبدو �أن هناك درجتني من درجات الردة اخلائنة.
�إحداهما تتكون من فعل ظاهري بالكفر ،بدون عمل �أي عهد مع ال�شيطان ،مثل
�شخ�ص يعي�ش على �أرا�ضي الكفار ويجعل حياته مطابقة حلياة املحمديني امل�سلمني.
الدرجة الأخرى فيها عهد مع ال�شيطان عمله �شخ�ص يعي�ش على الأرا�ضي امل�سيحية.
احلالة الأوىل ،هم الذين يبقون الإميان يف قلوبهم ويرف�ضونه ب�أفعالهم الظاهرية،
100
وهم لي�سوا مرتدين ولي�سوا هراطقة� ،إال �أنهم مذنبون بذنب مميت .لأنه بهذه
الطريقة� ،أظهر �سليمان التبجيل لآلهة زوجاته .وال �أحد ميكن �أن يلتم�س له العذر
ب�أنه عمل هذا بدافع اخلوف .لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول :من الأف�ضل �أن متوت من
اجلوع عن �أن يطعمك الوثنيون .ولكن مع ذلك �ساحرات كثريات رمبا ُيبقني الإميان
يف قلوبهن بينما يرف�ضنه ب�شفاههن ،ولكن �سيظل احلكم عليهن �أنهن مرتدات،
لأنهن قد عملن معاهدة مع املوت وميثا ًقا مع اجلحيم .لأجل هذا يقول القدي�س
«توما�س» ،باحلديث عن الأعمال ال�سحرية ،وعن ه�ؤالء الذين يطلبون العون من
ال�شياطني ،فكلهم مرتدون عن الإميان ،ب�سبب العهد الذي عملوه مع ال�شيطان� ،إما
بالكلمة ،حيث ا�ستخدموا ت�ضرعات وابتهاالت معينة� ،أو عملوا بع�ض الأفعال ،حتى
ﻋﺼ
و�إن مل يكن فيها ت�ضحية حقيقية ،لأنه ال �أحد يخدم �سيدين.
ﲑ ﺍﻟ
عن نف�س الت�أثري يكتب «�ألبريتو�س ماجنو�س» املبارك ،وي�س�أل �إن كان ال�سحرة
واملنجمون مرتدين عن الإميان .ويجيب ،هناك دائ ًما ردة بالكلمة �أو بالفعل� .إذا
ﻜﺘ
كانت هناك ت�ضرعات وابتهاالت تقال ،فهناك عهد مفتوح قد مت عمله مع ال�شيطان
وهذه ردة وا�ضحة بالكلمة .ولكن �إذا كان �سحرهم هو عبارة عن فعل معني ،ف�ستكون
ﺐ ﻟﻠﻨ
هذه ردة بالأفعال .ومبا �أنه يف كل هذه الطرق هناك �إف�ساد للإميان ،لأنهم ينتظرون
من ال�شيطان ما كان يجب �أن ُينتظر من الرب .بالتايل ،ال بد �أن يحكم عليهم بالردة
ﺸﺮ
دائ ًما .انظر كيف بتبيان درجتي الردة ،نفهم الدرجة الثالثة ،وهي ردة الفكر .فحتى
لو كانت هذه الأخرية مفقودة ،مع ذلك يحكم على ال�ساحرات �أنهن مرتدات بالكلمة
ﻭ
وبالأفعال .وبالتايل كما �سنو�ضح ،ال بد �أن تتم معاقبتهن بالهرطقة والردة.
ﺍﻟﺘﻮ
ولقد ارتكنب جرمية �شنيعة ثالثة ،تتجاوز كل الهرطقات الأخرى ،وهي الكفر،
ﺯﻳﻊ
فالقدي�س «�أوج�ستني» يخربنا �أن كل حياة الكفار خطية ،وتف�سري ر�سالة رومية يقول
�أن �أي �شيء ال ي�أتي من �إميان فهو خطية .ماذا �إذن عن حياة ال�ساحرات وجميع
�أفعالهن التي تبدو جيدة وال تعجب ال�شيطان مثل ال�صيام �أو زيارة الكني�سة والأ�شياء
اخلرية �أخرى؟ هن يف كل هذه الأ�شياء يرتكنب خطيئة مميتة ،ن�شرحها كالتايل.
هن �سقطن يف اخلطية ولكن مل يخ�سرن فر�صة التعديل من �أنف�سهن (لأن
اخلطية مل تخرب كل الطبيعة اخلريية فيهم ،وهناك نور طبيعي يظل موجودًا) لكن
ب�سبب بيعتهن لل�شيطان � -إىل �أن يتحررن منها -فكل �أعمالهن ،التي تظهر �أنها
101
جيدة ،هي �أعمال ذات طبيعة �شريرة ولي�س هذا هو احلال بالن�سبة للكفار الآخرين.
وفقا لقول القدي�س «توما�س» يف كتاب Second of the Secondال�س�ؤال
العا�شر� ،أن �أفعال غري امل�ؤمنني التي تكون جيدة يف طبيعتها ،مثل ال�صيام ،ال�صدقة
وكل الأفعال من هذا النوع لي�ست نافعة لهم .وهذا ب�سبب كفرهم الذي هو خطيئة
�أكرب من كل ما عملوا .فاخلطية ال تف�سد كل الطبيعة اخلريية يف الإن�سان العادي،
و�سيظل هناك نور طبيعي باق فيه� ،إال الكفر .كمثال ،املُ�س ِلم ي�صومً ،
عمل ب�شريعة
أي�ضا لديه �أيام �صيام ،ولكن حتى يف عمله هذه الأعمال اجليدة حممد ،واليهودي � ً
فهو مذنب بخطيئة مهلكة .وبهذا ميكن فهم االقتبا�س ال�سابق للقدي�س «�أوج�ستني»،
�أن كل حياة الكفار هي خطية.
ﻋﺼ
ال�ساحرات ي�ستحققن �أ�شد عقاب ممكن� ،أ�شد من عقاب جميع املجرمني يف
ﲑ ﺍﻟ
العامل.
ﻜﺘ
جرائم ال�ساحرات بالتايل تتخطى كل خطايا الآخرين ،ونحن الآن �سنعلن عن
العقاب الذي ي�ستحققنه� ،سواء كمهرطقات �أو كافرات .املهرطق وفقا للقدي�س
«راميوند» ُيعاقب بطرق عديدة ،مثل العزل ،النفي ،م�صادرة ممتلكاته ،واملوت.
ﺐ ﻟﻠﻨ
والقارئ ميكنه �أن يعرف �أكرث با�ست�شارة القانون املتعلق بحكم العزل .وحتى �أتباع
املهرطقني ،ومن يحمونهم ،و�أن�صارهم واملدافعني عنهم �سيتحملون �أ�شد عقوبة.
ﺸﺮ
ف�ضل عن عقوبة العزل ،فاملهرطقون و�أتباعهم ومن يحمونهم و�أن�صارهم لأنهً ،
ﻭ
واملدافعني عنهم وحتى �أطفالهم �إىل اجليل الثاين من ناحية الأب ،و�إىل الدرجة
ﺍﻟﺘﻮ
الأوىل من ناحية الأم� ،س ُيحرمون جمي ًعا االنتفاع من الكني�سة .و�إذا كان املهرطق
ﺯﻳﻊ
لديه �أطفال كاثوليكيون ،فلأجل ب�شاعة جرميته� ،سيتم حرمانهم من وراثة الأب.
و�إذا متت �إدانة املهرطق ورف�ض �أن يتوب ويتخلى عن هرطقته ،فالبد �أن يتم
حرقه بالكامل ،لأن الذين يزيفون النقود تكون عقوبتهم املوت الفوري ،فما بالك
مبن يزيف الإميان؟ ولكن �إذا كان املهرطق رجل دين ،فبعد الإهانة الر�سمية له
يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ل ُيحكم عليه باملوت .ولكن �إذا عادوا �إىل الإميان،
يتم �سجنهم مدى احلياة .ولكن يف التطبيق الفعلي يتم التعامل مع رجال الدين
بت�ساهل �أكرث بعد التوبة ،لي�س التعامل املفرت�ض طب ًقا حلكم الأ�ساقفة واملفت�شني،
كما �سيت�ضح يف اجلزء الثالث ،عندما نتحدث عن �أ�ساليب احلكم املختلفة على
102
الذين ُيقب�ض عليهم ويحكم عليهم ويتوبون عن خطياتهم.
ولكن معاقبة ال�ساحرات بهذه الطريقة ال تبدو كافية ،لأن فعلهن لي�س هرطقة
عادية ولكن كفر .والأ�شد من هذا �أنهن ال يخفني كفرهن خو ًفا من النا�س ً
مثل،
لكنهن يقدمن البيعة لل�شياطني ويهنب �أج�سادهن و�أرواحهن لهم .يت�ضح من هذا
ب�شكل كاف� ،أنه حتى لو تابت الواحدة منهن وعادت �إىل الإميان ،فالبد �أن تتم
معاقبتها كبقية املهرطقني بال�سجن مدى احلياة ،ولكن � ً
أي�ضا ال بد �أن نطبق عليها
�أق�صى عقوبة ب�سبب ال�ضرر الذي يفعلنه يف الب�شر واحليوانات بطرق عديدة .و�إن
َت َع ُلم هذا الإثم و َت َع ُلم طرقه له نف�س درجة الذنب ،هكذا تقول ال�شريعة بخ�صو�ص
ﻋﺼ
العرافني.
وما الذي ميكن �أن يقال �أ�شد من هذا بالن�سبة لل�ساحرات ،عندما تقول ال�شريعة
ﲑ ﺍﻟ
�أن العقوبة الواقعة عليهن هي م�صادرة �أمالكهن وقطع ر�ؤو�سهن .ال�شريعة � ً
أي�ضا
ﻜﺘ
تقول الكثري بخ�صو�ص الذين ي�ستفزون الن�ساء بوا�سطة ال�سحر للوقوع يف ال�شهوة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
103
السؤال .15لماذا ي ُعتبر ُ أن ما هو أشد من خطايا
الساحرات ،أن البريء غالب ًا يعاقب بسبب سحرهن؟
احلقيقة �أنه ب�إذن الرب ،كثري من الربيئني َي�ضيعون وتتم معاقبتهم بالبالءات،
لي�س ب�سبب خطاياهم اخلا�صة ،ولكن ب�سبب خطايا ال�ساحرات .وهذا قد ُيعترب
ﻋﺼ
مناق�ضا للمنطق بالن�سبة للبع�ض ،يو�ضح القدي�س «توما�س» يف كتاب Second of ً
the Secondال�س�ؤال الثامن� ،أن هذا يحدث فقط عند الرب .فهو يق�سم العقوبات
ﲑ ﺍﻟ
يف هذه احلياة �إىل ثالث درجات .الدرجة الأوىل� ،إن�سان يتبع �إن�سا ًنا ،بالتايل �إذا
ﻜﺘ
عوقب الإن�سان املتبوع على عمله ،فقد يعاين الإن�سان التابع جراء هذه العقوبة.
وكمثال واقع ،الأبناء ملكية لأبوهم ،واحليوانات والعبيد ملكية لأ�سيادهم ،فالأبناء
مثل ماتيف بع�ض الأحيان ُيعاقبون ب�سبب خطايا �آبائهم .فابن داوود من الزنا ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
الدرجة الثانية من العقوبة� ،أن خطيئة �شخ�ص ميكن �أن يتحملها �شخ�ص �آخر،
وهذا بطريقتني ،بالتقليد ،فالأطفال يقلدون خطايا والديهم والعبيد والتوابع
ﻭ
يقلدون خطايا �أ�سيادهم .بهذه الطريقة يرث الأبناء خطايا لي�ست لهم ،والعبيد
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا املتحملون خلطايا ي�شاركون يف �سرقات وعداوات رمبا ميوتون ب�سببها .هناك � ً
ﺯﻳﻊ
احلكام ،فعندما ُيخطئ حكامهم بوقاحة ،ورغم �أنهم ال يخطئون مثلهم� ،إال �أنهم
ُيعاقبون باملثل.
ميكن �أن يتحمل �شخ�ص خطية �شخ�ص �آخر ب�سبب �أنه ي�ستحق هذا ،مثل �أن
االبتالء بالأمور اخلبيثة يعاين منه احلاكم اخلبيث� ،أو �أن ذلك ال�شعب اخلبيث
ي�ستحق حاك ًما خبي ًثا .انظر �سفر �أيوب� ،إنه يجعل املنافقني ي�سودون ب�سبب خطايا
النا�س.
اخلطية ،والعقاب التابع لها ،ميكن �أن يتحملهما �أحد ب�سبب ال�سكوت .مثال
عندما يتجاهل احلكام ا�ستنكار خطية ،عندها غال ًبا �سيعا َقب بها ال�صاحلني مع
104
الفا�سدين كما يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه الأول .de Ciutate Deiهناك
مثال عاي�شناه كمفت�شني .قرية كانت خالية تقري ًبا ب�سبب املوت امل�ستمر ملواطنيها
ب�سبب الطاعون .وظهرت فيها �إ�شاعة �أن هناك امر�أة مدفونة ت�أكل كفنها تدريج ًّيا،
و�أن الطاعون لن ُيرفع �إال عندما ت�أكل الكفن كله وتبتلعه يف معدتها .مت عقد جمل�س،
و�أمر احلاكم �أن يتم نب�ش القرب ،ووجدوا ن�صف الكفن قد مت ابتالعه بفمها وحلقها
�إىل معدتها .وباالرتعاب من امل�شهد� ،س َّل البودي�ستا �سيفه وقطع ر�أ�سها ورماه خارج
القرب ،وعلى الفور توقف الطاعون .خطايا هذه املر�أة العجوز كانت ب�إذن الرب
حمملة على قومها الربيئني ب�سبب �سكوتهم عما فعلته من قبل .فعندما مت التفتي�ش
وجدوا �أنه وملدة طويلة من حياتها كانت �ساحرة وم�شعوذة.
ﻋﺼ
الدرجة الثالثة من العقوبة� ،أن يتحمل اخلطية ب�إذن الرب جمتمع كامل،
ﲑ ﺍﻟ
فاملواطن هنا ينبغي �أن يعتني باملواطن الآخر مبنعه عن اخلطية ،لأن اخلطية �شيء
كريه ،ولأن خطية الواحد ميكن �أن ت�صيب اجلميع ،كما لو كان الكل ج�سدً ا واحدً ا.
ﻜﺘ
كمثال ،خطية عخان يف �سفر ي�شوع ال�سابع.
ميكن �أن ن�ضيف طريقتني� ،أن اخلبيث يعا َقب يف بع�ض الأحيان ب�سبب الطيب،
ﺐ ﻟﻠﻨ
ويف بع�ض الأحيان يعا َقب باخلبثاء الآخرين .لأنه كما قال «جراتيانو�س» ،يف بع�ض
الأحيان يعاقب الرب بوا�سطة الذين ميار�سون �سلطتهم ال�شرعية ب�أمره ،وهذا يكون
ﺸﺮ
بطريقتني ،ب�إعطاء ميزة للمعا ِقبني ،كما عاقب الرب خطية الكنعانيني بوا�سطة
�شعبه ،ويف بع�ض الأحيان ال تكون هناك ميزة للمعاقبني ،مثلما عاقب قافلة بنيامني
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ودمرها ب�سبب رجال قليلني .ويف بع�ض الأحيان يعاقب الرب �أمته ،بوا�سطة �أ�شخا�ص
ال ي�ؤمنون بالرب ،ملعونني يطمعون يف مكا�سب خا�صة ،كما عاقب الرب �شعبه
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
املب�شر ال بد �أن يتوقع هذا من حمكمة ال�سماوات .لأن عقوبة الرب نوعان ،روحية
ﲑ ﺍﻟ
وم�ؤقتة .يف العقوبة الروحية ،ال تكون العقوبة بدون ذنب .ويف العقوبة امل�ؤقتة رمبا
يحدث هذا بدون ذنب ولكن لي�س بال �سبب .العقوبة الروحية ثالثة �أنواع ،النوع
ﻜﺘ
الأول خ�سران النعمة ويحدث ت�صلب �أكرث للخطية يف القلب ،وهذه ال ي�صاب بها �إال
املعا َقب بذنبه اخلا�ص .النوع الثاين ال�ضياع ،الذي هو احلرمان من املجد ،وهذه ال
ﺐ ﻟﻠﻨ
ي�صاب بها �إال البالغ الذي له ذنب خا�ص� ،أو الطفل املتحمل خلطية والديه .النوع
الثالث الإيالم ،وهذا مثل التعذيب بنار اجلحيم ،ووا�ضح �أنه يح�صل ب�سبب اخلطية
ﺸﺮ
ال�شخ�صية .لأجل ذلك قيل يف �سفر اخلروج الع�شرين« :لأين �أنا الرب �إلهك �إله
مبغ�ضي» وهذا
َّ غيور� ،أفتقد ذنوب الآباء يف الأبناء يف اجليل الثالث والرابع من
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مفهوم ملا حتدثنا عن املقلدين جلرائم �آبائهم ،كما و�ضح «جراتيان» يف الكتاب
�شرحا �أكرث.
الأول ال�س�ؤال الرابع ،حيث قدم ً
ﺯﻳﻊ
بالن�سبة للعقوبة امل�ؤقتة ،فهي ميكن �أن تكون عقوبة ب�سبب خطية الآخرين،
وميكن �أن تكون ب�سبب خطية �شخ�صية .ولكن �إذا �أردت �أن تعرف الأ�سباب التي
يعا ِقب الرب بها بدون ذنب �شخ�صي �أو ذنب �شخ�ص �آخر ،ميكن �أن ترجع �إىل
اخلم�س طرق التي �شرحهم املا�سرت يف الكتاب الرابع ،وال بد �أن ت�أخذ الأ�سباب
الثالثة الأوىل لأن ال�سببني الأخريين يتعلقان بالذنب ال�شخ�صي.
هو يقول عن الأ�سباب اخلم�سة ،ال�سبب الأول� ،أن ُيعظم الرب ،وهذا عندما ُترفع
عقوبة �أو م�صيبة بطريقة �إعجازية ،كما يف حالة الرجل الذي ُولد �أعمى (ر�ؤيا يوحنا
106
التا�سع)� ،أو يف تربية «الزارو�س» (ر�ؤيا يوحنا احلادي ع�شر).
ير�سل الرب عقوبة لتح�صل للم�صاب ال�سبب الثاين� ،إذا كان ال�سبب الأول غائباِ ،
أي�ضا حتى ُتظهر للنا�س الف�ضائل الداخلية التي فيهم. بها ف�ضيلة ممار�سة ال�صرب ،و� ً
الأمثلة يف �سفر �أيوب الأول و�سفر طوبيا الثاين.
ال�سبب الثالث� ،أن الف�ضيلة ميكن �أن تظهر من ذل الإهانة .القدي�س «باول» هو
مثال ،حيث يقول على نف�سه يف ر�سالة كورنثو�س الثانية « :12ولئال �أرتفع بفرط
الإعالنات� ،أُعطيت �شوكة يف اجل�سد ،مالك ال�شيطان ليلطمني لئال �أرتفع».
ووف ًقا لـ «رمييجيو�س» هذه ال�شوكة كانت هي عجز الرغبة اجل�سدية .هذه احلالة
يكون املعا َقب فيها بال ذنب.
ﻋﺼ
ال�سبب الرابع� ،أن العذاب الأبدي بعد املوت ال بد �أن تبد�أ بذرته يف هذه احلياة،
ﲑ ﺍﻟ
فهو بطريقة ما يبني للإن�سان ما الذي ميكن �أن يعانيه يف اجلحيم .الأمثلة هي
ﻜﺘ
«هريود» (�سفر �أعمال الر�سل الثاين ع�شر) و«�أنتيوكو�س» (�سفر املكابيني الثاين )9
ال�سبب اخلام�س� ،أن الإن�سان يتطهر بامل�صيبة ،ب�إخراج الذنب من قلبه وحمو
ﺐ ﻟﻠﻨ
الذنب .الأمثلة ت�ؤخذ من «مرمي» �أخت هارون ،التي �أ�صيبت باجلذام ،وبني �إ�سرائيل
ملا تاهوا يف الربية ،هذا وف ًقا للقدي�س «جريوم»� .أو ميكن �أن تكون امل�صيبة لأجل
ﺸﺮ
ت�صحيح اخلطية .كما هو مثال داوود ،الذي بعد �أن مت ال�صفح عنه بعد الزنا الذي
ارتكبه ،مت �إخراجه من مملكته كما يف �سفر امللوك الثاين ،ومت التعليق على هذا
ﻭ
�أن كل عقاب نعاين منه ي�أتي من خطية �شخ�صية فعلناها� ،أو على الأقل ي�أتي من
ﺯﻳﻊ
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
108
السؤال .16هل يمكن مقارنة خطورة أعمال
الساحرات بالخرافات البالية األخرى؟
ﻋﺼ
�أول الأنواع الثالثة هو الت�ضرع املفتوح لل�شياطني ،والنوع الثاين هو النظر ب�صمت
�إىل حركة بع�ض الأ�شياء مثل النجوم �أو الأيام �أو ال�ساعات وهذه الأ�شياء ،النوع
ﲑ ﺍﻟ
الثالث هو النظر يف بع�ض الأفعال الب�شرية لغر�ض البحث عن �شيء �ضائع ،وهذا
ﻜﺘ
يدعى �سحر ال�سورتيلي�س.
والف�صائل التي حتت النوع الأول من �أنواع ال ِعرافة (الت�ضرع املفتوح لل�شياطني)
ﺐ ﻟﻠﻨ
هي ما ي�أتي ،ال�سحر ،تف�سري الأحالم ،حت�ضري الأرواح ،التنب�ؤات� ،سحر الرمال،
�سحر املاء� ،سحر النار ،قراءة الطالع ،انظر كتاب Second of the Second
ﺸﺮ
للقدي�س «توما�س» .الف�صائل التي حتت النوع الثاين من �أنواع ال ِعرافة هي علم
الأبراج ،قراءة �أح�شاء احليوان ،التب�شري �أو الإنذار ،مراقبة الأ�شياء التي جتلب
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الف�صائل التي حتت النوع الثالث من �أنواع ال ِعرافة (�سحر ال�سورتيلي�س �أو �إيجاد
ال�شيء ال�ضائع) هي مثل مالحظة الدبابي�س والق�شات ،والتماثيل من الر�صا�ص
أي�ضا عن هذا يف املرجع ال�سابق االقتبا�س منه. املن�صهر .وحتدث القدي�س «توما�س» � ً
دعونا ننظر �إىل الف�صائل التي حتت النوع الأول ،ه�ؤالء املاهرين يف ال�سحر
والإغراء يخدعون حوا�س الإن�سان ببع�ض اخلياالت ،حيث تبدو املادة اجل�سدية
خمتلفة للنظر واللم�س ،كما حتدثنا من قبل يف طرق خلق الأوهام .ال�ساحرات ال
ير�ضني مبجرد عمل وهم �أن الع�ضو الذكري اختفى ،ولكنهن عادة ما ُيخربن القدرة
اجلن�سية نف�سها ،حتى ال يقدر الرجل �أن يعمل الفعل و�إن كان ال زال حمتفظا بع�ضوه
109
الذكري .وبدون �أي وهمُ ،ت�سبب ال�شياطني الإجها�ض الذي يكون م�صحو ًبا بعدة
�أمرا�ض .وميكن لل�شياطني �أن تظهر يف عدة �أ�شكال وحو�ش كما قلنا �ساب ًقا.
ا�ستح�ضار الأرواح هو ا�ستدعاء الأموات والتكلم معهم ،كما هو وا�ضح من
اال�سم ،لأنه م�أخوذ من الكلمة اليونانية Nekrosوتعني اجلثة ،و Manteiaوتعني
الكهانة .وهم يفعلون هذا بعمل بع�ض التعاويذ على دماء الإن�سان �أو احليوان ،عاملني
�أن ال�شيطان يبتهج مبثل هذه اخلطية ،فهو يحب الدم و�سكب الدم.
ورغم ظنهم �أنهم يت�صلون بالأموات من اجلحيم لإجابة �أ�سئلتهم ،لكن يف
احلقيقة ما يظهر لهم هي ال�شياطني متمثلني بهيئة الأموات ويجيبون الأ�سئلة .وعلى
ﻋﺼ
هذا النحو كان فن الكاهنة التي حتدث عنها �سفر امللوك الأول ،28حيث ظهر
«�سامويل» على هيئة «�شاول».
ﲑ ﺍﻟ
لكن ال يجب على �أحد �أن يظن �أن هذه املمار�سات �شرعية لأنه قر�أ يف الكتب
ﻜﺘ
املقد�سة ما يقول �أن روح النبي احلكيم مت ا�ستدعا�ؤها من «هيد�س» للتنب�ؤ بحرب
�شاول القادمة ،والتي ظهرت من خالل �ساحرة .لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول
للأ�سقف «�سيمليكانو�س» �إنه من ال�سخف �أن ن�صدق �أن هذا م�سموح بوا�سطة �أي
ﺐ ﻟﻠﻨ
علم ،لي�س هذا مبقدور �أي فن �سحري ،ولكن بوا�سطة علم غري معلوم للكاهنة
وغري معلوم ل�شاول ،فروح هذا الرجل احلكيم ظهرت �أمام عني امللك ،لت َو ِ�صل له
ﺸﺮ
حك ًما �إله ًيا �ضده .ومل تكن هذه روح �سامويل ح ًّقا التي ثارت من رقدتها ،لكن �صورة
الأ�شياء �أحيا ًنا ت�سمى ب�أ�سماء الأ�شياء التي تتمثل بها .يقول القدي�س «�أوج�ستني» �أن
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ت�ضرعا لل�شياطني �شرعية. ً هذه هي �إجابة �س�ؤال هل ال ِعرافة العادية التي تت�ضمن
ﺯﻳﻊ
يف نف�س الكتاب � Summaسيجد القارئ الإجابة على �س�ؤال هل هناك درجات من
النبوءات بني املباركني ،وميكن �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «�أوج�ستني» ولكن هذا
لي�س له عالقة بح�سنات ال�ساحرات،والتي ال ُتبقي �أث ًرا من التقوى فيهن ،كما هو
وا�ضح من مالحظة �أعمالهن ،لأنهن ال يتورعن عن �سفك الدماء الربيئة ،و�إح�ضار
الأ�شياء املخفية للنور بتوجيه من ال�شياطني ،وهن ُيدمرن الروح مع اجل�سد وال
يدخرن يف هذا ح ًّيا �أو ميتًا.
تف�سري الأحالم ميكن �أن ُيعمل بطريقتني .الأوىل هي عندما ي�ستخدم ال�شخ�ص
الأحالم لينغم�س يف م�سائل ال�سحر والتنجيم مب�ساعدة ك�شف ال�شياطني التي يتو�سل
110
بهم ،والذين يكون قد دخل معهم يف عهد مفتوح .الثانية هي عندما ي�ستخدم
الإن�سان الأحالم ليعرف امل�ستقبل ،يوجد نوع من الف�ضيلة يف الأحالم التي ت�أتي
من الك�شف الإلهي ،ولكن �إذا كان هذا الك�شف لي�س خمال ًفا لل�شريعة .هكذا يقول
القدي�س «توما�س».
ال بد �أن نتحدث عن املالئكة � ًأول ،املالك ميتلك قدرة حمدودة ،وميكنه �أن
يك�شف امل�ستقبل عندما يكون العقل مهي ًئا ملثل هذه الك�شوفات �أكرث منه �إذا مل يكن
العقل كذلك .العقل ب�شكل رئي�سي يتهي�أ با�سرتخاء احلركات الداخلية واخلارجية،
مثل عندما تكون الليايل �ساكنة و�أبخرة احلركة �ساكتة ،وهذه الظروف تتحقق
ﻋﺼ
تقري ًبا قرب الفجر ،عندما يكتمل اله�ضم.
َك�شف لهم املالئكة املتقني الربانيني بع�ض
و�أنا �أقول عنا نحن اخلاطئني ،الذين ت ِ
ﲑ ﺍﻟ
الك�شوفات ب�أوامر من مراكزها ،لذا عندما ندر�س يف وقت الفجرُ ،ن َ
عطى ِفهما
ﻜﺘ
لبع�ض الأ�سرار يف الكتب املقد�سة .لأن مالك اخلري يتحكم يف الفهم ،كما يتحكم
الرب يف رغباتنا ،وتتحكم النجوم ب�أج�سامنا .ولكن بالن�سبة لبع�ض الب�شر الكاملني،
ﺐ ﻟﻠﻨ
ك�شف لهم يف �أي وقت� ،سواء كانوا م�ستيقظني �أم نائمني .ومع ميكن للمالك �أن َي ِ
ذلك ،وف ًقا لأر�سطو يف كتاب ،de Somno et Uigiliaه�ؤالء الب�شر الكاملني
ﺸﺮ
عر�ضة �أكرث ال�ستقبال الك�شوفات يف وقت معني دون �آخر ،وهذه احلالة تنطبق � ً
أي�ضا
على كل �أمور ال�سحر.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الطريقة الثانية التي يعمل بها تف�سري الأحالم ،ال بد �أن نذكر �أنه �أثناء عناية
ﺯﻳﻊ
الطبيعة وتنظيمها للج�سد ،بع�ض الأحداث امل�ستقبلية يف �أحالم الإن�سان يكون لها
�سبب طبيعي ،لكنها تكون عالمة على ما �سي�أتي لل�شخ�ص يف امل�ستقبل ،مثل ال�صحة
�أو املر�ض �أو اخلطر .وهذا هو ر�أي �أر�سطو .لأن الأحالم التي لها طبيعة روحية
تعك�س ا�ستعدادات القلب لإتيان مر�ض �أو �أي �شيء �آخر �سي�أتي للإن�سان يف امل�ستقبل.
فعندما يحلم الإن�سان بنريان ،فهي عالمة على مر�ض ما ،و�إذا حلم بالطريان �أو
�شيء كهذا ،فهي عالمة على التفا�ؤل ،و�إذا حلم باملاء �أو �شيء �سائل ،فهي عالمة
على الربد ،و�إذا حلم مبادة �أر�ضية ،فهي عالمة على احلزن .وبالتايل تكون الأحالم
م�ساعدة للأطباء يف ت�شخي�صهم كما يقول �أر�سطو يف نف�س الكتاب.
111
ولكن هذه �أمور قليلة مقارنة بالأحالم ال�شريرة لل�ساحرات .لأنه عندما ال يرغنب
يف �أن ينتقلن ب�أنف�سهن �إىل مكان ،ولكن يرغنب يف �أن يرين ماذا تفعل زميالتهن من
ال�ساحرات ،فمن ممار�ساتهن �أنهن ي�ستلقني على جانبهم الأي�سر ويت�ضرعن با�سم
�شيطانهم اخلا�ص ،ثم تنك�شف هذه الأ�شياء لب�صرهم على هيئة �صور .و�إذا �أردن
�أن يعرفن �س ًّرا معي ًنا� ،إما لأنف�سهن �أو للآخرين ،فهن يعرفنه من ال�شيطان الذي
يزورهن يف �أحالمهن ،ب�سبب العهد املفتوح غري املخفي الذي دخلنه معه .وهذا
أي�ضا لي�س رمز ًيا من النوع الذي يتحقق بذبح حيوان ما �أو فعل تدني�س معني العهدً � ،
وهب حقيقي لأنف�سهن ج�سدً ا للمقد�سات �أو الدخول يف عبادة �شيء مريب ،لكنه ٌ
وروحا لل�شيطان ،بتدني�س املقد�سات ب�أل�سنتهن والإنكار القلبي لكل ُن ُ�سك الإميان.
ً
ﻋﺼ
وال ير�ضني بهذا فقط ،لكنهن يقتلن� ،أو يهنب لل�شيطان� ،أطفالهن و�أطفال الآخرين.
ﲑ ﺍﻟ
ف�صائل �أخرى من العرافة تتم ممار�ستها من الفايتونيني ،الذين ُ�سموا كذلك
ن�سبة �إىل «فايتون �أبولو»،الذي يقال �أنه م�صدر هذا النوع من ال ِعرافة وف ًقا لكالم
ﻜﺘ
القدي�س «�إيزيدور» .هذا النوع ال يخت�ص بالأحالم �أو باحلديث مع الأموات ،ولكن له
عالقة بالأحياء ،مثل حالة �أولئك الذين و�صلوا �إىل اجلنون بوا�سطة ال�شيطان� ،إما
ﺐ ﻟﻠﻨ
بق�صد �أو بدون ق�صد ،فعلوا ذلك فقط لغر�ض التنب�ؤ بامل�ستقبل ،ولي�س لأجل ارتكاب
�أي �سوء �آخر .من هذا النوع كانت فتاة ُذكرت يف �سفر �أعمال الر�سل ال�ساد�س ع�شر،
ﺸﺮ
تلك التي كانت ت�صرخ دائ ًما ب�أن احلواريني هم خدام الرب احلقيقي ،والقدي�س
«باول» �ضجر منها ب�سبب هذا و�أمر روح العرافة �أن تخرج منها .ولكن من الوا�ضح
ﻭ
�أنه ال توجد مقارنة بني هذه الأ�شياء وبني �أعمال ال�ساحرات ،الالتي وف ًقا لكالم
ﺍﻟﺘﻮ
أ�صل ل ِع َظم مقدار خطاياهن و�شناعة جرائمهن. القدي�س «�إيزيدور»�ُ ،سمني كذلك � ً
ﺯﻳﻊ
لأجل الإيجاز ،ال حاجة لإكمال هذه اجلدلية بخ�صو�ص الأ�شكال ال�صغرى من
ال ِعرافة ،لأنه قد مت �إثباتها بالنظر �إىل الأ�شكال الكربى .لأن املب�شر ميكنه �أن يطبق
هذه اجلدليات �إذا �أراد على �أ�شكال �أخرى من العرافة :مثال على �سحر الرمال،
الذي يت�ضمن املواد الأر�ضية ،مثل احلديد �أو احلجر امل�صقول .و�سحر املاء ،الذي
يت�ضمن املاء والكري�ستاالت ،و�سحر الهواء ،الذي يت�ضمن الهواء ،و�سحر النار الذي
يت�ضمن النار .وقراءة الطالع ،الذي ي�ضمن �أمعاء احليوانات امل�ضحى بها على
�ضريح ال�شيطان .لأنه رغم �أن كل هذه ُتعمل بت�ضرعات مفتوحة لل�شياطني ،ال ميكن
�أن تقارن بجرائم ال�ساحرات ،لأنها لي�ست موجهة لغر�ض الأذية لأي �إن�سان �أو حيوان
112
�أو نبات على الأر�ض ،ولكنها ُتعمل لأجل معرفة امل�ستقبل .الف�صائل الأخرى من
العرافة ،التي ت�ؤدى فيها الت�ضرعات لل�شيطان ب�شكل خفي ولي�س ب�شكل مفتوح ،هي
مثل علم الأبراج� ،أو التنجيم ،والذي ُ�سمي بهذا اال�سم ب�سبب مراقبة النجوم عند
والدة �أحدهم� ،أو قراءة �أمعاء احليوان الذي يت�ضمن النظر يف الأيام وال�ساعات،
والإنذار الذي يت�ضمن مراقبة ت�صرفات و�صرخات الطيور ،والتب�شري الذي يت�ضمن
مراقبة كلمات الإن�سان ،وقراءة الكف الذي يت�ضمن مراقبة اخلطوط يف الكف �أو
كفوف احليوانات .ومن يرغب ب�أن ي�ستزيد ،ميكنه �أن يرجع �إىل تعاليم «نيدار»
و�سيجد الكثري عما �إذا كانت هذه الأ�شياء �شرعية �أم غري �شرعية .ولكن �أعمال
ال�ساحرات طب ًعا لي�ست �شرعية.
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
e
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
113
السؤال .17كيف نقارن بين جرائم األربع عشرة
فصيلة وبين جميع خطايا الشياطين؟
ب�شعة جدًّا هي جرائم ال�ساحرات حتى �أنها تتجاوز خطايا مالئكة ال�شر ال�ساقطة،
�صحيحا على معاقبتهن يف
ً �صحيحا على جرائمهن ،كيف ال يكون ً و�إذا كان هذا
ﻋﺼ
اجلحيم؟ ولي�س من ال�صعب �أن نثبت هذا بحجج عديدة تتعلق بجرائمهنً � .أول ،رغم
�أن خطية «�ساتان» ال ميكن ال�صفح عنها ،فبالنظر بعني االعتبار لطبيعة املالئكة،
ﲑ ﺍﻟ
وبانتباه لر�أي من يقول �أن املالئكة ُخلقت على الفطرة ،ومل تخلق يف النعمة .ومبا �أن
ﻜﺘ
اخلري يف النعمة يتجاوز اخلري يف الفطرة ،بالتايل فخطايا �أولئك الذين ي�سقطون
من حالة النعمة مثل ال�ساحرات ملا رف�ضن الإميان الذي تلقوه يف التعميد ،تتجاوز
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا ال�ساحرات رغمخطايا املالئكة .وحتى لو قلنا �أن املالئكة ُخلقت يف النعمة ،ف� ً
�أنهن مل يخلقن يف النعمة� ،إال �أنهن قد �سقطن برغبتهن من النعمة ،مثلما �أذنب
ﺸﺮ
«�ساتان» برغبته.
ثان ًيا ،من امل�ضمون �أن خطية «�ساتان» ال ميكن ال�صفح عنها لأ�سباب عديدة.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه قد �أذنب بال حتري�ض من �أحد ،وبالتايل فخطيته
ﺯﻳﻊ
ال ميكن �إ�صالحها ب�شيء .والقدي�س «جون داما�سني» يقول �أن ذنبه هو �أن لديه
م�شكلة �ضد ذات الرب .ومبا �أن «�ساتان» غري قابل للتوبة ،بالتايل غري قابل لأن
ُيغفر له ،وهذا يرجع �إىل طبيعته ،التي كونها روحية ،ميكنها فقط �أن تتغري مرة
واحدة ،فعندما تغريت �صار هذا �أبديا ،ولكن هذا لي�س يف الإن�سان ،حيث اللحم
دائ ًما يكافح الروح� .أو رمبا هو غري قابل لأن ُيغفر له ب�سبب �أنه �أذنب يف �أماكن عالية
من ال�سماوات ،بينما الإن�سان �أذنب على الأر�ض.
وعلى الرغم من ذلك ،فخطيئته من جوانب كثرية �صغرية باملقارنة مع خطايا
ال�ساحراتً � .أول ،كما و�ضح القدي�س «�أن�سليم» يف �أحد كتب الـ � ،Sermonsأنه
114
�أذنب يف كربيائه عندما مل تكن هناك عقوبة للذنب .ولكن ال�ساحرات ا�ستمررن يف
عمل الذنوب رغم �أن هناك كث ًريا من العقوبات نزلت على ال�ساحرات الأخريات،
فا�ستخففن بكل هذا ،وعجلن بارتكاب اجلرمية ،ومل يعملن اجلرمية الأقل خط ًرا
مثل كباقي اخلاطئني ،ولكن عملن اجلرمية الأكرث تروي ًعا من �أعماق قلوبهن. ً
ثان ًيا ،رغم �أن مالك ال�شر قد �سقط من الرباءة �إىل الذنب ،وبالتايل �إىل
التعا�سة والعقاب� ،إال �أنه �سقط من الرباءة مرة واحدة فقط ،بطريقة ال ميكن له
ً
�سقوطا فيها الرجوع .لكن املذ ِنب يعود �إىل الرباءة بالتعميد ،ويرجع وي�سقط منها
عمي ًقا .وهذا هو احلال خا�صة يف ال�ساحرات احلقيقيات ،كما �أثبتت جرائمهن.
ثال ًثا ،هو �أذنب �ضد اخلالق ،ولكن ال�ساحرات �أذننب �ضد اخلالق واملخل�ص
ﻋﺼ
ي�سوع.
ﲑ ﺍﻟ
راب ًعا ،هو هجر الرب الذي �سمح له باخلطية ومل يعطه �أي �شفقة ،ولكن
ﻜﺘ
ال�ساحرات �أبعدن �أنف�سهن من الرب بخطاياهن ،فرغم �سماحه لأي �إن�سان باخلطية
�إال �أنه ال زال ي�شفق عليه ومينعه من ذلك بنعمته.
ﺐ ﻟﻠﻨ
خام�سا ،هو عندما �أذنب ،رف�ضه الرب بدون �أن يريه �أي نعمة �أو �أمل ،ولكن ً
ال�ساحرات يذننب رغم �أن الرب ينادي بالرجوع �إليه دائ ًما.
ﺸﺮ
�ساد�سا ،كال اخلطيتني �ضد الرب ،ولكن «�ساتان» كان �ضد الرب الآمر ،بينما ً
كان الإن�سان �ضد املخل�ص الذي مات من �أجلنا ،فكما قلنا ،ال�ساحرات اخلبيثات
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻋﺼ
حمتوما بالن�سبة له �أن يجعلها دن�سة ،رغ ًما
ً وجد الطبيعة غري الفا�سدة وكان الأمر
ﲑ ﺍﻟ
عنه ،فال يتبع هذا �أن خطيته كانت يف جوهرها �أعظم من اخلطايا الأخرى .و� ً
أي�ضا،
الذرية كانت �ستعمل نف�س اخلطية �إذا وجدوا طبيعة فيها نف�س احلالة .كذلك ،الذي
ﻜﺘ
مل يجد النعمة ال يرتكب خطية مميتة كهذه ،لكن الذي وجد النعمة و�أ�ضاعها هو
الذي يرتكب .هذا حل القدي�س «توما�س» للجدلية الثانية .و�إذا �أراد �أي �أحد �أن يفهم
ﺐ ﻟﻠﻨ
احلل ب�شكل كامل ،ال بد �أن ي�ضع يف اعتباره �أنه حتى �آدم احتفظ برباءته الأ�صلية،
ومل ميررها �إىل ذريته كلها ،لأن القدي�س «�أن�سليم» يقول»� ،أي �أحد �سي�أتي بعده
ﺸﺮ
أي�ضا كالم القدي�س «توما�س» حيث حتدث عن �إذا كان الطفل �سيظل يذنب .انظر � ً
املولود حدي ًثا �سيولد ً
قدي�سا ،و�إذا كان الب�شر الذين قد ُحفظوا الآن كانوا �س ُيحفظون
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
116
السؤال .18كيف تكون طريقة التبشير ضد حجج
«اليمان» و«ليود فولك»؟
هذه طريقة التب�شري �ضد حجج «الميان» و«ليود فولك» التي تبدو مثبته بوا�سطة
الكثريين ،عن �أنَّ الرب ال ي�سمح بقدرة كبرية لل�شيطان وال�ساحرات.
ﻋﺼ
م�سلحا �ضد حجج «الميان» ،وحتى �ضد بع�ض �أخ ًريا ،ف�إن على املب�شر �أن يكون ً
أ�صل .فرغم �أنهمالرجال املتعلمني الذين يرف�ضون لدرجة ما �أن هناك �ساحرات � ً
ﲑ ﺍﻟ
اعرتفوا بخبث وقوة ال�شيطان الذي يعمل هذه ال�شرور برغبته ،لكنهم يرف�ضون �أن
ﻜﺘ
هناك �إذ ًنا �إله ًّيا معطى له ،ومل يعرتفوا ب�أن الرب ي�سمح مبثل هذه الأ�شياء �أن تكون.
ورغم �أنه لي�ست لديهم طريقة يف حجتهم ،و�أنهم يتلم�سون طريقهم عميا ًنا ،فمن
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�ضروري �أن نقلل من يقينهم باحلجج اخلم�سة التي تنبع منها كافة اعرتا�ضاتهم
املزعجة .احلجة الأوىل هي �أن الرب ال ي�سمح لل�شيطان �أن يهاجم الإن�سان بهذه
ﺸﺮ
القوة الكبرية.
ال�س�ؤال املطروح هو ،هل الإذن الإلهي ال بد �أن يكون موجودًا دائ ًما يف الإ�صابة
ﻭ
حججا لإثبات �أن الرب ال ي�سمح بال�شيطان من خالل �ساحرة .ويعطي املعرت�ض ً
ﺍﻟﺘﻮ
بهذا ،و�أنه بالتايل ال يوجد �سحر يف هذا العامل .احلجة الأوىل هي عن الرب،
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
املذنبني هم �أخف النا�س عقا ًبا �أحيا ًنا ،كما ر�أينا يف ق�ضية الأطفال الربيئني الذين
ﲑ ﺍﻟ
مت ادعاء �أنهم �سحرة.
احلجة الرابعة� ،أن ال�شيء الذي ميكن للإن�سان �أن مينعه وميكنه �أال مينعه لكنه
ﻜﺘ
ي�سمح له �أن يح�صل ،ميكن �أن نقول �أنه حا�صل ب�إرادته .ولكن مبا �أن الرب الذي كله
خري ،ال ميكنه �أن يتمنى حدوث ال�شر ،بالتايل ال ميكن �أن ي�سمح بال�شر �أن يح�صل
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أنه بالء مماثل للأمرا�ض الطبيعية والعلل العادية ،وبالتايل ميكن �أن يكون �سببه
طبيع ًّيا .لأنه من املمكن �أنه بفعل اخللل الطبيعي ،ي�صبح الإن�سان �أعمى �أو يفقد
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
العقل �أو ميوت ،بالتايل �أ�شياء كهذه ال ميكن �أن نن�سبها بهذه الثقة �إىل ال�ساحرات.
ﺯﻳﻊ
أفعال �ضد ال�ساحرات�أخ ًريا ،يحتجون �أن املب�شرين والق�ضاة قد ب�شروا ومار�سوا � ً
جتعل �أنه �إذا كان هناك �ساحرات ً
فعل ،ف�إن حياة املب�شرين لن تكون �أبدً ا �آمنة
ب�سبب كره ال�ساحرات العظيم لهم.
ولكن الرد على هذه احلجج ميكن �أن ي�ؤخذ من ال�س�ؤال الأول ،الذي يتعامل مع
امل�سلمة الثالثة للجزء الأول ،وهذه النقاط ميكن �أن ُتع َر�ض فقط للنا�س املنا�سبني.
كيف ي�سمح الرب لل�شر �أن يكون ،رغم �أنه ال يتمناه �أن يحدث ،ولكنه ي�سمح به لأجل
كمال العامل ،وحقيقية �أن الأ�شياء اجليدة حت�صل على ثناء عال ،وتكون حمبوبة
�أكرث �إذا قارناها بالأ�شياء ال�سيئة ،وال�شريعة ميكن �أن نقتب�س منها ما يدعم هذا.
118
و� ً
أي�ضا يف �أعماق احلكمة الإلهية ،ال بد �أن يظهر اخلري ،و�إال �سيبقى خمف ًيا للأبد.
لأجل ت�سوية موجزة لهذا ال�س�ؤال هناك عدة مقاالت متوفرة عن املو�ضوع لأجل
مزيد من املعلومات للنا�س ،بالن�سبة للت�أثري ،الرب �سمح ب�سقوطني� ،سقوط املالئكة
و�سقوط �أبوينا �آدم وحواء ،ومبا �أن هذين كانا �أعظم ال�سقوطات ،فال حاجة لنت�ساءل
هل بقية ال�سقوطات م�سموح بها �أم ال .ولكن هما كانا الأعظم بني ال�سقوطات يف
نتيجتهما ولي�س يف ظروفهما ،كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال الأخري .يف نف�س املكان مت
عادل ،ولأي �شخ�ص احلرية �أن تو�ضيح كيف �أن الرب �سمح بهذين ال�سقوطني وكان ً
يقول ما يحلو له.
ﻋﺼ
ولكن ال بد �أن جنيب على هذه احلجج .بالن�سبة للحجة الأوىل� ،أن الرب يعاقب
ب�شكل كاف بالأمرا�ض الطبيعية وبال�سيف واملجاعة� .سن�ضع لها �إجابة ثالثية � ًأول
ﲑ ﺍﻟ
الرب مل يحدد قدرته ب�أن تكون مقت�صرة على عمليات الطبيعة� ،أو حتى على ت�أثري
النجوم ،بطريقة ال ي�ستطيع بها �أن يتجاوز هذه احلدود ،لأنه غال ًبا ما يتجاوزها
ﻜﺘ
يف معاقبته للخطايا ،وب�إر�ساله للوباءات وم�صائب �أخرى بعيدة عن ت�أثري جميع
النجوم ،مثلما عاقب كربياء داوود عندما عد النا�س ب�إر�سال طاعون على النا�س.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ثان ًيا ،مما يتوافق مع احلكمة الإلهية �أن الرب ال بد �أن يكون حاك ًما على كل
�شيء ي�سمح بوجوده ،و�أن الأ�شياء تفعل الفعل بتحري�ض داخلي من ذاتها .بناء على
ﺸﺮ
هذا ،لي�س غر�ض الرب �أن مينع جميع �أحقاد ال�شيطان ،ولكن بالأحرى �أن ي�سمح
حلا للكون ،وبالرغم من �أن ال�شيطان ُمقيد من قبل بها �إىل احلد الذي يراه �صا ً
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مالئكة اخلري ،فال ي�ستطيع �أن يعمل كل الأذى الذي يتمناه .كذلك ،الرب ال يهدف
ﺯﻳﻊ
�إىل كتم خطايا الإن�سان التي يعملها ب�إرادته احلرة مثل رف�ض الإميان �أو �أن ُيخل�ص
نف�سه لل�شيطان ،وهي �أ�شياء يف م�ستوى رغبة الإن�سان .من هذين املدخلني ن�ستنتج
�أن الرب �سمح بعدله له�ؤالء ال�شياطني الذين يرف�ضون الإميان بقدرات معينة ،وهي
قدرتهم على �إيذاء الإن�سان واحليوان والأ�شجار على الأر�ض.
ثال ًثا ،الرب ي�سمح بعدالته لهذه ال�شرور ،وهي بعك�س املتوقع ،ت�سبب ا�ضطرا ًبا
عظي ًما غري مبا�شر لل�شياطني وتعذي ًبا لهم .لأن ال�شيطان يتعذب جدًّا ب�شكل غري
مبا�شر عندما يرى �أن ما يحدث يف النهاية هو �ضد رغبته ،فالرب ي�ستخدم كل ال�شر
لتمجيد ا�سمه ولتف�ضيل الإميان ،وتطهري املختارين ،ولتعليم ف�ضيلة ال�صرب .ومن
119
إزعاجا لكربياء ال�شيطان من هذه الأ�شياءامل�ؤكد �أنه ال �شيء ميكن �أن يكون �أكرث � ً
(كما قيل :كربيا�ؤهم التي تكرهك تزيد با�ستمرار) ،لأن الرب ُيحول مكر ال�شر �إىل
�أن يكون جمدً ا له .وبالتايل فالرب ي�سمح بكل هذه الأ�شياء بعدالته.
حجتهم الثانية متت الإجابة عليها من قبل ،ولكن هناك نقطتان ال بد من
الإجابة عنهما بالتف�صيل .يف املقام الأول ،بعيدً ا عن مقولة �أن ال�شيطان �أو �أعمال
ال�شيطان �أقوى من الرب ،فمن الوا�ضح �أن قدرته �ضعيفة ،و�أنه ال ي�ستطيع �أن يعمل
�شي ًئا دون �إذن الرب .بالتايل ميكن �أن يقال �أن قدرة ال�شيطان �صغرية مقارنة ب�إذن
الرب ،رغم �أنها عظيمة جدًّا مقارنة بقوى الأر�ض الأخرى ،كما ات�ضح يف الن�ص
املقتب�س بكرثة من �سفر �أيوب احلادي ع�شر« :لي�س له يف الأر�ض نظري�ُ ،صنع لعدم
ﻋﺼ
اخلوف».
ﲑ ﺍﻟ
يف املقام الثاين ،ال بد �أن جنيب عن �س�ؤال هل الرب ي�سمح لل�سحر ب�أن ي�ؤثر على
القدرة اجلن�سية �أكرث من ت�أثريه على �أي قدرة �أخرى .ولقد �أجبنا عن هذا �ساب ًقا،
ﻜﺘ
ويجب �أن ن�ضع يف اعتبارنا العار امللحق بالت�أثري على القدرة اجلن�سية للرجل ،و�أن
اخلطيئة الأ�صلية جاءتنا ب�سبب ذنب �أبوينا ومت توريثها بطريقة التنا�سل .ويف ق�صة
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�صاحلني �أكرث من رغبته يف �إغواء اخلبثاء ،رغم �أنه يف الواقع يغوي اخلبثاء �أكرث
من ال�صاحلني ،لأن اخلبثاء لديهم قابلية �أكرب لال�ستجابة لإغوائه .بنف�س الطريقة،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
حري�صا �أكرث على �أذية ال�صالح �أكرث من ال�شرير ،ولكنه يجد �أنه منً ال�شيطان يكون
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
و�ضحه ب�شكل تام .فرغم �أن هناك رغبة واحدة للرب ،والتي هي الرب نف�سه ،لأن
ﲑ ﺍﻟ
جوهره واحد� ،إال �أنه بالنظر �إىل حتقيق هذه الرغبة ،فرغبته تتو�ضح ون�ستدل عليها
بطرق عديدة ،كما يف �سفر املزامري .الأعمال القديرة للرب متحققة يف رغباته.
ﻜﺘ
لذلك هناك فرق بني الرغبة الأ�سا�سية الفعلية للرب والتعبري املرئي عن هذه
الرغبة ،فلو �أن الرغبة هي رغبة �إمتاع رجل ،فبتحوير املعنى� ،سيتم التعبري عنها
ﺐ ﻟﻠﻨ
بعالمات خارجية منا�سبة .لأنه بالعالمات والتحورات يتم �إعالمنا �أن الرب يريد
لكذا وكذا �أن يح�صل.
ﺸﺮ
مثال على �أب ،بينما لديه رغبة واحدة يف نف�سه ،فهو يعرب عن ميكننا �أن ن�أخذ ً
هذه الرغبة بخم�سة طرق� ،إما بنف�سه� ،أو عن طريق �شخ�ص �آخر .التعبري بنف�سه
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يكون بطريقتني� ،إما بطريقة مبا�شرة �أو غري مبا�شرة .مبا�شرة عندما يفعل ال�شيء
بنف�سه ،وهذا ي�سمى «الفعل» .وغري مبا�شرة عندما ال مينع �أحدا �آخر �أن يعمل الفعل
ﺯﻳﻊ
(انظر كتاب �أر�سطو Physicsالرابع :املنع هو طريقة غري مبا�شرة) ،وهذا ما
يدعى عالمة «الإذن» .والأب يعرب عن رغبته عرب �شخ�ص �آخر بثالث طرق� .إما �أن
ي�أمر ال�شخ�ص ليعمل �شيئا �أو مينع �شي ًئا ـ وهذه هي عالمة «الأمر» �أو عالمة «املنع».
�أو هو يحث وين�صح �أحدً ا ليعمل �شي ًئا وهذه هي عالمة «الن�صيحة» .وكما �أن رغبة
الإن�سان تت�ضح باخلم�سة طرق ،كذلك رغبة الرب تت�ضح بهذه الطرق ،وهذا يت�ضح
يف حديث القدي�س «ماثيو»� :سيفعل يف الأر�ض مثلما يفعل يف ال�سماوات� ،أو كما نقول،
حتى نحقق يف الأر�ض ما �أمر ،ومنتنع عن ما منع ،ونتبع ما ن�صح .وبنف�س الطريقة،
القدي�س «�أوج�ستني» يو�ضح �أن الإذن والفعل هما عالمتني من عالمات رغبة الرب.
121
حيث يقول يف كتاب :Enchiridionال �شيء يح�صل �إال �إذا رغب الرب العظيم له
�أن يح�صل� ،إما ب�أن ي�سمح له باحل�صول �أو �أن يفعله بنف�سه.
نعود للحجة ،من ال�صحيح �أن نقول �أنه عندما ميكن للإن�سان �أن مينع �شي ًئا وال
مينعه ،فقد يقال �أن هذا ال�شيء جاء برغبة الإن�سان .ومقولة �أن الرب هو اخلري كله
أي�ضا بالنظر �إىل رغبة الرب، وال ميكن �أن يتمنى حدوث ال�شر ،هي مقولة �صحيحة � ً
�أو �إىل الأربعة عالمات لرغبته ،لأنه ال نحتاج �أن نقول �أنه ال ميكن �أن يريد الرب
�أن يفعل ال�شر� ،أو ي�أمر بال�شر� ،أو يعجز عن مواجهة ال�شر� ،أو ين�صح بال�شر ،ولكنه
ي�ستطيع �أن ي�سمح لل�شر �أن يح�صل.
ﻋﺼ
و�إذا جاء �س�ؤال كيف من املمكن �أن منيز بني �إذا كان هذا املر�ض قد حدث
بوا�سطة ال�سحر �أو بوا�سطة �سبب طبيعي وخلل عادي� ،سنجيب ب�أنه هناك طرق
ﲑ ﺍﻟ
عديدة .الأول هو عرب ر�أي الأطباء .انظر كلمات القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب On
ﻜﺘ
:Christian Doctrineهناك خرافات تندرج حتتها بع�ض التعاويذ والتمائم
امل�شاعة حول �شخ�ص ،وهذه اخلرافات حتتقرها علوم الطب .ولكن ،الأطباء ميكن
�أن يفهموا من الظروف ،مثل عمر املري�ض� ،صحة ب�شرته ،وتعابري عينيه� ،أن مر�ضه
ﺐ ﻟﻠﻨ
جتا من �أي خلل يف الدم �أو املعدة� ،أو من �أي ع�ضو �آخر ،وبالتايل يحكمون هذا لي�س نا ً
�أن هذا لي�س ب�سبب �أي �شيء طبيعي ،و�إمنا ب�سبب خارجي .ولأن ال�سبب اخلارجي
ﺸﺮ
ال ميكن �أن يكون ت�سم ًما ،لأن الت�سمم �سيكون فيه �أخالط مري�ضة يف الدم واملعدة،
ف�سيكون لديهم �سبب كاف حتى يحكموا ب�أن هذا حا�صل ب�سبب ال�سحر.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وثانيًا ،عندما يكون املر�ض غري قابل للعالج ،ولي�ست هناك عقاقري ت�ؤثر على
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
الرجل هل كانت ال�صورة املتكونة هي بفعل ال�شياطني �أم �أنها طبيعية ،الإجابة تكون
ﲑ ﺍﻟ
نوعا من ال�شر،�أنها بفعل ت�أثري كوكب زحل على الر�صا�ص ،ت�أثري ذلك الكوكب يعترب ً
وال�شم�س لها ت�أثري مماثل على الذهب .ولكن ما يجب �أن نفكر به حيال هذه الطرق،
ﻜﺘ
�أنه هل هي �شرعية �أم ال ،وهذا �ستتم مناق�شته يف اجلزء الثاين من هذا البحث .لأن
علماء ال�شريعة يقولون �أنه �شرعي �أن تواجه ال�شر بال�شر ،ولكن الالهوتيون ي�ؤمنون
ﺐ ﻟﻠﻨ
بر�ؤية معار�ضة لهذا ،فيقولون �أنه لي�س من ال�صحيح �أن نعمل ال�شر لأجل غر�ض
خري.
ﺸﺮ
�أعداء الدولة؟ ثال ًثا ،ملاذا هن غري قادرات على �أذية املب�شرين والآخرين الذين
ﺍﻟﺘﻮ
يالحقونهن؟
ﺯﻳﻊ
بالن�سبة لالعرتا�ض الأول� ،سنقول �أن ال�ساحرات لي�سوا �أغنياء ب�سبب �أن
ال�شياطني يحبون �أن ُيظهروا احتقارهم للخالق ب�شرائهم ال�ساحرات ب�أبخ�س الأثمان
أي�ضا ،ال�ساحرات ال يردن �أن ي�صبحن ظاهرات ب�سبب ثرائهن.املمكنة .و� ً
ثان ًيا ،ملاذا ال ت�ؤذي ال�ساحرات الأمراء ،لأنهن يردن االحتفاظ ب�صداقتهم بقدر
اال�ستطاعة .و�إذا �س�أل �أحد ملاذا ال ت�ؤذي ال�ساحرات �أعداء الدولة؟ �سنجيب ب�أن
مالك اخلري الذي يعمل يف الناحية الأخرى ،مينع هذا ال�سحر .انظر املقطع يف
�سفر دانيال« :ورئي�س مملكة فار�س وقف مقابلي واحدًا وع�شرين يو ًما ،وهو ذا
123
ميخائيل واحد من الر�ؤ�ساء الأولني جاء لإعانتي» .انظر كالم القدي�س «توما�س»
يف الكتاب الثاين من ،Sentencesحيث ناق�ش �إذا كان هناك �أي مناف�سة بني
مالئكة اخلري يف هذه الأمور.
ثال ًثا ،يقال �أنه ال ميكنهن �أن ي�ؤذوا املفت�شني ومن يالحقهن ،لأنهم ينفذون
العدالة� ،أمثلة كثرية ميكن �أن ت�ضاف لإثبات هذا ،ولكن الوقت ال ي�سعف لذكرها.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
124
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
الجزء الثاني
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
السؤال .1ألجل المعارضين لفكرة أن قوة
الساحرات مؤذية دائم ًا وغير نافعة أب ً
دا
اجلزء الثاين من هذا العمل يتعامل مع الطريقة التي تتخذها ال�ساحرات لأداء
ال�سحر ،وهذه �ستو�ضع حتت ثمانية ع�شر عنوا ًنا ،بداية من مو�ضوعني رئي�سيني� .أول
ﻋﺼ
هذين املو�ضوعني هو عن العالجات الوقائية ،والتي بها يكون الإن�سان حم�ص ًنا �ضد
املعالة ،والتي يعا َلج بها من يتم �سحره .لأن
ال�سحر ،املو�ضوع الثاين عن العالجات ِ
ﲑ ﺍﻟ
�أر�سطو يقول يف كتابه Physicsالرابع ،الوقاية والعالج متعلقان ببع�ضهما .بهده
ﻜﺘ
الطريقة ميكن لكل الأ�ساليب املروعة لهذه الهرطقة �أن تت�ضح.
�سيتم الرتكيز على النقاط التاليةً � ،أول ،طقو�س ال�ساحرات وممار�ستهن لتدني�س
ﺐ ﻟﻠﻨ
املقد�سات .ثان ًيا ،تطور طرق عملهن وطرق �شعائرهن .ثال ًثا ،الوقايات املانعة �ضد
�أ�سحارهن .ولأننا الآن نتعامل مع الأمور املتعلقة بالأخالق والت�صرفات ،وال توجد
ﺸﺮ
حاجة ل�سرد احلجج واملجادالت والبحوث ،حيث �أن هذه الأمور متت معاجلتها يف
املقاالت ال�سابقة ،بالتايل نحن ُن�صلي للرب �أال ُي�صر القارئ على برهان كل ق�ضية،
ﻭ
لأنه من الكايف �أن ن�ضيف �أمثلة ر�أيناها ب�أعيننا �أو �سمعناها من �شاهد موثوق.
ﺍﻟﺘﻮ
الطرق العديدة للإغواء التي ي�ستخدمها ال�شيطان نف�سه ،وثان ًيا الطرق العديدة
التي متار�س بها ال�ساحرات هرطقتهن .وبالن�سبة لثاين نقطة ،تطور طرق عملهن
وطرق �شعائرهن� ،ستة �أ�شياء ال بد �أن نختربها بالرتتيب تتعلق كلها بطريقة ال�سحر
وعالجهً � .أول ،ممار�سات ال�ساحرات التي تتعلق بهن �شخ�ص ًيا و�أج�سادهن .ثان ًيا،
ممار�ساتهن التي تتعلق بالرجال .ثال ًثا ،املمار�سات املتعلقة باحليوانات املتوح�شة.
خام�سا ،الأنواع من ال�سحر التي
راب ًعا ،الأذى املتعمد الذي يفعلنه يف ثمار الأر�ضً .
�ساد�سا ،ال�س�ؤال عن �إزالة ال�سحر،
متا َر�س بوا�سطة رجال فقط ولي�س بوا�سطة ن�ساءً .
وكيف تتم معاجلة امل�سحور.
129
هناك �س�ؤال يتعلق ب�إذا كان الإن�سان ميكن �أن تتم مباركته بوا�سطة مالئكة
اخلري فال ميكن �سحره بوا�سطة ال�ساحرات ب�أي طريقة .ويبدو �أنه ال ميكن ذلك،
لأنه قد مت �إثبات �أنه حتى الربيئني والطاهرين يت�أثرون مثل الآخرين بال�شياطني،
مثل �أيوب ،وعديد من الأطفال الأبرياء ،وكثري من النا�س الذين مت �سحرهم ،لكن
ه�ؤالء ال يكون �سحرهم بقوة �سحر اخلبيثني ،لأنهم ال ي�صابوا بالهالك يف �أرواحهم،
ولكن فقط يف �أ�شيائهم الدنيوية و�أج�سادهم .ولكن هذا الكالم �سمعنا عك�سه يف
اعرتاف ال�ساحرات� ،أنه ب�إمكانهن �أذية كل �أحد ،ولكن الذين علمتهم ال�ساحرة
املعلومات التي ا�ستقتها من ال�شياطني� ،س ُيح َرم ُون من امل�ساعدة الإلهية.
الإجابة .هناك ثالثة فئات مباركني من قبل الرب ،وال ي�ستطيع هذا اجلن�س
ﻋﺼ
املكروه �إيذاءهم بال�سحر .الفئة الأوىل هم الذين ينفذون العدالة �ضد ال�ساحرات،
ﲑ ﺍﻟ
�أو يحاكموهن يف العلن ب�شكل ر�سمي .الفئة الثانية �أولئك الذين وف ًقا لتقاليد وطقو�س
الكني�سة ،لديهم ا�ستفادة م�شروعة من ال�سلطة في�ستخدمون الأ�شياء املقد�سة
ﻜﺘ
الطاردة للأرواح ال�شريرة والتي ت�ضعها الكني�سة يف املاء املقد�س ً
مثل� ،أو يتناولون
ملح التكري�س� ،أو يحملون ال�شموع املقد�سة يف يوم تطهري �سيدتنا على �أوراق النخيل
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف يوم �أحد ال�شعانني املقد�س ،والرجال الذين يح�صنون �أنف�سهم بهذه الأ�شياء فهي
تزيل عنهم جميع قوى ال�شيطان ،و�سنتحدث عن مثل هذا الح ًقا .الفئة الثالثة هم
ﺸﺮ
الذين بطرق عديدة وال نهائية ،يبا َركون بوا�سطة املالئكة املقد�سة.
�سبب عدم ت�أثر الفئة الأوىل بال�سحر �س ُي�شرح ونثبته ب�أمثلة .لأن القدي�س «بول�س»
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يقول ،كل القوة �إذا جاءت من الرب� ،ستكون �سي ًفا للث�أر من اخلبيثني ومكاف�أة
للخريين ،وال عجب �أن ال�شياطني تختبئ يف جحورها عندما يتم تنفيذ العدالة للث�أر
ﺯﻳﻊ
130
يقدر �أن يفعل �أ ًيا من هذه الأ�شياء ،لأن الرجل لديه �إميان قوي ويحمي نف�سه
بعالمة ال�صليب ،وبالتايل ال ميكن لل�شيطان �أن ي�ؤذي ج�سده ،ولكن �أق�صى ما
ميكنه �أن يفعله هو �أن يدمر جز ًءا من �أحد ع�شر جز ًءا من ثمار �أر�ضه».
ثان ًيا ،ميكن تعطيل قوة ال�شيطان با�ستعمال قوة خارجية ،كما يف حالة حمار
بلعام ،يف �سفر العدد الثاين والع�شرين .ثال ًثا ،ميكن تعطيل قوة ال�شيطان بوا�سطة
معجزة خارجية يتم �أدا�ؤها .وهناك البع�ض ممن بوركوا بهذه الف�ضيلة ،كما �سنذكر
الح ًقا يف الفئة الثالثة عن الرجال الذين ال ميكن �أن يت�أثروا بال�سحر .راب ًعا ،ميكن
�أن تتعطل قوة ال�شيطان بعناية الرب الذي يرتب كل �شيء ويجعل مال ًكا من مالئكة
اخلري يقف يف طريق ال�شيطان ،مثلما قتل «�أ�سموديو�س» الأزواج ال�سبعة ل�سارة
ﻋﺼ
العذراء ،ولكنه مل يقتل توبيا�س.
ﲑ ﺍﻟ
خام�سا ،ميكن �أن تتعطل قوة ال�شيطان يف بع�ض الأحيان ب�سبب حذر ال�شيطان ً
ﻜﺘ
نف�سه ،لأنه ت�أتي �أوقات هو ال يريد �أن يعمل هذا الأذى املعني ،ب�سبب ال�سوء الذي
ميكن �أن ينتج عنه من وجهة نظره .كمثال ،عندما ميكنه �أن يعتدي على املعزولني
ﺐ ﻟﻠﻨ
لكنه ال يفعل ،كما يف حالة املعزولني يف كورونثو�س (ر�سالة كورونثو�س الأوىل )5
فهو يريد �أن ُي�ضعف قوة الكني�سة بفعل هذا العزل .بالتايل ،ميكن �أن نقول �أنه حتى
ﺸﺮ
منفذي العدالة الر�سمية مل يكونوا حمفوظني بالقدرة الإلهية� ،إال �أن ال�شياطني
غال ًبا باتفاقهم ي�سحبون الدعم واحلرا�سة من ال�ساحرات عندما يقب�ض عليهن� ،إما
ﻭ
ب�سبب اخلوف من املواجهة� ،أو ب�سبب �أنهم يريدون �أن يعجلوا بهالك ال�ساحرات.
ﺍﻟﺘﻮ
هذه احلقيقة مت �إثباتها باخلربة الفعلية ،لأن العامل املذكور �آن ًفا� ،أكد �أن
ﺯﻳﻊ
ال�ساحرات �شهدن �أن هذه حقيقة من واقع جتربتهن� ،أنه مبجرد �أن يتم �أخذهن
بوا�سطة منفذي العدالة ر�سميا ،فهن يفقدن ب�سرعة جميع قوى ال�سحر التي كانت
لديهم .كمثال ،قا�ض ا�سمه بيرت ،وقد ذكرناه من قبل� ،أراد من �ضباطه �أن يقب�ضوا
على �ساحرة ا�سمها «�ستادلني» ،ولكن �أياديهم �أ�صابها ارتعا�ش عظيم ،وغلبت على
�أنوفهم رائحة منتنة ،ففقدوا الأمل ب�أن يلم�سوا ال�ساحرة .و�أمرهم القا�ضي ً
قائل
«ميكنكم �أن تقب�ضوا على ال�ساحرة ب�أمان ،لأنه عندما تلم�سوها ب�أيدي العدالة،
�ستخ�سر كل القوى ال�شريرة التي تخدمها» وبالتايل مت �إثبات الواقعة ،لأنه مت �أخذ
131
ال�ساحرة وحرقها ب�سبب كثري من ال�سحر الذي عملته ،والذي �سنذكره يف الآن وفيما
بعد يف هذا البحث يف املوا�ضع املنا�سبة.
وكثري من مثل هذه التجارب قد حدثت لنا نحن املفت�شني �أثناء عملنا يف مكتب
التفتي�ش ،مما يجعل عقل القارئ يت�ساءل �إذا كان من املنا�سب ذكرها � ً
أي�ضا .ولكن
مبا �أن مدح الذات �شيء دينء ولئيم ،فمن الأف�ضل �أن نتجاوزها ب�صمت ،هذا �أف�ضل
من �أن نتحمل ذنب التفاخر والغرور .ولكن ال بد �أن ن�ستثني ه�ؤالء الذين �أ�صبحوا
معروفني جدًّا فال ميكن �أن ُيخفوا �شي ًئا.
لي�س من فرتة طويلة يف قرية «راتي�سبون» ،ح َكم القا�ضي على �ساحرة باحلرق،
ﻋﺼ
و�س�أل القا�ضي املفت�شني نف�س ال�س�ؤال ،ملاذا املفت�شني ال يت�أثرون مثل بقية الرجال
بال�سحر .و�أجابوا عليه ب�أن ال�ساحرات حاولن كثريًا �أذيتهم ،ولكنهن مل ي�ستطعن.
ﲑ ﺍﻟ
و�س�أل عن ال�سبب ،ف�أجابوا �أنهم ال يعرفون� ،إال �إذا كان ب�سبب �أن ال�شياطني حذرتهن
ﻜﺘ
من �أن يعملن هذا .لأنه كما قالوا ،يبدو من امل�ستحيل �أن ُنخرب كم مرة �أزعجتنا
ليل ونها ًرا ،ير�سلن علينا �شياطني يف هيئات قرود ،لي�س بهيئات كالب �أو ال�ساحرات ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن ُيح�ضر �أطول �سلم ،وبعدها بدا لنا �أنهن يغرزن دبابي�س غطاء ال�شعر بقوة يف
ر�ؤو�سهم .ولكن احلمد للرب العظيم ،الذي برحمته ،وبال ف�ضل منا ،حفظنا كما
ﻭ
ال�سبب يف حالة الفئة الثانية من الرجال هو بديهي .لأن طرد الكني�سة لل�شياطني
معمول لأجل هذا الغر�ض ،وهو عالج فعال حلفظ ال�شخ�ص من �أذية ال�ساحرات.
ولكن �إذا جاء �س�ؤال يف �أي حالة يجب �أن ي�ستخدم ال�شخ�ص هذه احلماية ،فالبد
�أن نتحدث � ًأول عن ه�ؤالء الذين عملوا هذا بدون التلفظ ب�أي كلمات مقد�سة ،ثم
عن �أولئك الذين تلفظوا باالبتهاالت املقد�سة .لأنه يف املقام الأول ،من امل�شروع يف
�أي منزل الئق لإن�سان �أو حيوان� ،أن يتم نرث املاء املقد�س لأجل ت�أمني هذا الإن�سان
واحليوان ،بالت�ضرع �إىل الثالوث املقد�س وبا�ستخدام امل�سبحة .لأنه قيل يف مكتب
طرد الأرواح ال�شريرة� ،أنه �أينما مت نرث هذا املاء املقد�س ،كل النجا�سة �ستتطهر،
132
وكل الأذى �س ُيطرد ،ولن تقدر �أي �أرواح مهلكة �أن تقيم هناك� ،إلخ .لأن الرب يحفظ
الإن�سان واحليوان ،وف ًقا للنبي ،كل على ح�سب درجته.
ثان ًيا ،ال�شموع املقد�سة ،رغم �أنه من املنا�سب �أكرث �أن ُن�شعلها ،لأن ال�شمع الذي
فيها ميكن �أن ُينرث يف البيوت .وثال ًثا ،من امل�سجل �أن هناك �أع�شابا مقد�سة ُترق �أو
تو�ضع يف هذه الغرف حيث ميكن �أن تكون فائدتها �أكرب حلماية املكان.
وقد حدث ملدينة «�سبايرز» يف نف�س �سنة كتابة هذا الكتاب� ،أن امر�أة متدينة
كانت تتحدث مع امر�أة ُي�شتبه فيها �أنها �ساحرة ،ثم رمت املر�أتني على بع�ضهن
كلمات بذيئة .ثم يف نف�س الليلة �أرادت املر�أة املتدينة �أن ت�ضع طفلها الر�ضيع يف
ﻋﺼ
مهده ،وتذكرت مواجهتها هذا اليوم مع تلك املر�أة امل�شتبه �أنها �ساحرة .فخافت على
طفلها ،وو�ضعت �أع�شا ًبا مكر�سة مقد�سة �أ�سفل منه ،ور�شته باملاء املقد�س ،وو�ضعت
متاما .ويف
ﲑ ﺍﻟ
امللح املقد�س على �شفتيه ،وعلمته بعالمة ال�صليب ،وبهذا �أمنت املهد ً
ﻜﺘ
منت�صف الليل �سمعت الطفل يبكي ،وهرعت تريد �أن حتت�ضن الطفل ،وحتمل مهده
�إىل �سريرها .فرفعت ال�شمعة ،ولكنها مل ت�ستطع �أن حتت�ضن الطفل ،لأن الطفل مل
ﺐ ﻟﻠﻨ
يكن هناك .املر�أة امل�سكينة برعب ومرارة بكت على فقدان طفلها ،و�أ�ضاءت ال�ضوء،
متاما.
ف�إذا بالطفل يف �أحد زوايا الغرفة حتت الكر�سي ،يبكي ولكنه �سليم ً
ﺸﺮ
يف هذا ميكن �أن َنرى ف�ضل الكني�سة يف طرد الأرواح ال�شريرة .هذا يو�ضح
أي�ضا �أن الرب العظيم برحمته وحكمته التي متتد من الطرف �إىل الطرف ،يراقب � ً
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�أعمال اخلبثاء ،ويوجه �سحر ال�شياطني ،حتى �أنهم ملا يحاولوا �أن ُي�ضعفوا الإميان،
يجدوا �أن العك�س قد حدث وا�شتد الإميان وت�صلب بجذوره يف قلوب الكثريين .لأن
ﺯﻳﻊ
ال�شخ�ص املخ ِل�ص ميكن �أن يتح�صل على الكثري من النفع من هذه ال�شرور ،فب�سبب
�أعمال ال�شياطني ،ي�صبح الإميان قو ًيا ،ورحمة الرب ميكن �أن ُترى ،وقدرته تت�ضح،
ويقود الب�شر �إىل حفظه و�إىل توقري �آالم امل�سيح ،ويتنورون باحتفاالت الكني�سة.
كان هناك م�أمور يعي�ش يف قرية «واي�سينثال» ،مت �سحره ف�أ�صيب ب�أكرث الآالم
�شدة فكان ج�سده يتلوى ،واكت�شف -لي�س من �ساحرات �أخريات ولكن من جتربته
اخلا�صة -كيف متت ممار�سة ال�سحر عليه .قال �أنه كانت لديه عادة �أن ُيح�صن
نف�سه كل يوم من �أيام الأحد بامللح املقد�س واملاء املقد�س ،ولكنه جتاهل فعل هذا
133
يف �أحد املرات لأنه كان ذاه ًبا لالحتفال بزواج �شخ�ص ما ،ويف نف�س هذا اليوم مت
�سحره.
يف «راتي�سبون» مت �إغواء رجل بوا�سطة ال�شيطان ،ظهر له يف هيئة امر�أة حتى
ي�ضاجعها ،و�أ�صبح منزعجا جدًّا عندما مل يكف ال�شيطان عنه .ولكن �أتى �إىل عقل
هذا الرجل الفقري �أنه يجب �أن يدافع عن نف�سه بتناول امللح املقد�س ،كما �سمع يف
اخلطبة .وبذلك� ،أخذ بع�ض امللح املقد�س عند دخوله �إىل احلمام ،ونظرت املر�أة له
ب�شكل عنيف جدًّا ،ولعنت ال�شيطان الذي علمه �أن يفعل هذا ،ثم اختفت فج�أة .لأن
ال�شيطان ي�ستطيع ،ب�إذن الرب� ،أن يقدم نف�سه �إما بهيئة �ساحرة �أو يتلب�س يف ج�سد
�ساحرة حقيقية.
ﻋﺼ
أي�ضا ثالث رفاق مي�شون يف الطريق ،اثنان منهم ُ�ضربوا بالرعد. كان هناك � ً
ﲑ ﺍﻟ
والثالث خاف عندما �سمع �أ�صواتًا تتحدث يف الهواء «دعنا ن�ضربه هو الآخر» .ولكن
�صوتًا �آخر �أجاب «ال ن�ستطيع ،لأنه حتى هذا اليوم ي�سمع الكلمة ،والكلمة �صارت
ﻜﺘ
ج�سدًا» .عندها فهم الرجل �أنه مت حفظه لأنه يف ذلك اليوم ح�ضر القدا�س �إىل
نهاية القدا�س� ،إجنيل يوحنا :يف البدء كانت الكلمة� ،إلخ.
ﺐ ﻟﻠﻨ
عندما نتحدث عن العالجات ،لأننا هنا نتحدث عن الوقاية .وهذه الكلمات املقد�سة
ال تنفع فقط يف احلفظ ،ولكن � ً
أي�ضا يف عالج امل�سحور.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ملخل�صنا� ،إذا متت كتابتها يف �أربعة �أماكن على �شكل �صليب( :ي�سوع ،النا�صري،
ملك ،اليهود) .وميكن �أن ي�ضاف � ً
أي�ضا ا�سم «ماري» والإجنيليني� ،أو كلمات القدي�س
يوحنا «الكلمة �صار ج�سدًا»
ولكن الفئة الثالثة من النا�س الذين ال يقدر ال�سحر على �أذيتهم هم اجلديرين
باملالحظة ،لأنهم حمفوظني مبالئكة خا�صني للحرا�سة� ،سواء داخليني �أو خارجيني،
داخليني ي�صبون النعمة عليهم وخارجيني بقوة النجوم �أو بالقوة احلافظة التي
حترك النجوم .وهذه الفئة مق�سمة �إىل ق�سمني ،بع�ضهم حمفوظني من كل نوع
من �أنواع ال�سحر ،وبالتايل ال ميكن �إيذا�ؤهم به �أبدً ا ،والبع�ض الآخر يتم حفظهم
134
من قبل مالئكة اخلري ً
حفظا يتعلق بالوظائف التنا�سلية ،كما �أن الأرواح ال�شريرة
ب�سحرها ُت�شعل �شهوة بع�ض الرجال الفا�سدين ناحية امر�أة واحدة ،بينما جتعلهم
باردين ناحية امر�أة �أخرى.
واحلماية الداخلية واخلارجية بالنعمة وبت�أثري النجوم ،يتم تف�سريها كالتايل،
�أنه رغم �أن الرب نف�سه هو الذي ي�صب النعمة يف الأرواح ،وال يوجد خملوق �آخر له
القدرة على فعل هذا (ولقد قيل :الرب �سيعطي النعمة واملجد)� ،إال �أنه عندما يريد
الرب �أن مينح نعمة خا�صة ،فهو يفعل هذا عن طريق مالك من مالئكة اخلري،
مثلما ُيعلمنا القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثالث من .Sentences
ﻋﺼ
e
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
135
الفصل .1عن الطرق المتعددة التي يغوِي الشيطان
بها اإلنسان عن طريق الساحرات
هناك ثالث طرق يغ ِوي ال�شيطان بها الإن�سان عن طريق ال�ساحرات ،طرق
ُتدمر الرباءة ،وتزيد روح الغدر يف الإن�سان با�ستمرار .الطريقة الأوىل هي طريقة
ﻋﺼ
ال�ضجر ،عرب الإ�صابة بفقد املمتلكات امل�ؤقتة .فكما يقول القدي�س «جريجوري»،
ال�شيطان غال ًبا ما يغوينا ب�إف�ساح املجال لل�ضجر ال�شديد .وال بد �أن الرب ي�سمح
ﲑ ﺍﻟ
ف�سح املجال للك�سل .وبهذا املعنى ميكن �أن نفهم �سفر الق�ضاة بهذا ليحذرنا ب�أال ُن ِ
ﻜﺘ
الثاين ،حيث قال �أن الرب مل يدمر تلك الأمم ،فمن خاللها ميكن �أن ُي َثبت �شعب
�إ�سرائيل ،وهو هنا يتحدث عن الأمم املجاورة كالكنعانيني واليبو�سيني وغريهم .ويف
زمننا ،م�سموح للمر�أة الفاجرة والهرطقات الأخرى �أن تتواجد ،فال ميكن تدمريهم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
نحن نعلم غري ًبا يف �أبر�شية «�أوج�سبورج» ،قبل �أن ي�صل �إىل الأربعني خ�سر كل
ﺍﻟﺘﻮ
�أح�صنته بالتتابع ب�سبب ال�سحر .زوجته �أ�صيبت بال�ضجر ب�سبب هذا ،فا�ست�شارت
ﺯﻳﻊ
ال�ساحرات ،وبعد �أن اتبعت ا�ست�شارتهن ،بكل الأذية التي فيهن ،كل الأح�صنة التي
ناقل) ُحفظت من ال�سحر. ا�شرتاها الرجل بعد ذلك (لأنه كان ً
ون�ساء كثريات ا�شتكني لنا خالل عملنا كمفت�شني� ،أنه عندما ت�ؤذى �أبقارهن
بتجريدهم من �ألبانهم� ،أو ب�أي طريقة �أخرى ،ي�ست�شريون من ُي�شتبه ب�أنهن
�ساحرات ،ويعطونهن عالجات ،ب�شرط �أن يعطوا وعدً ا معي ًنا لروح معينة ،وعندما
ي�س�ألن ما الذي يجب �أن يعدوا به ،جتيب ال�ساحرة �أنه فقط �شيء �صغري ،يجب
عليهن فقط �أن يوافقن على تنفيذ تعليمات ذلك ال�سيد مبا يتعلق ببع�ض الأيام
املقد�سة يف املكاتب املقد�سة للكني�سة� ،أو �أن يراقبوا بع�ض الذين ُيدلون باعرتافهم
136
�إىل الكهان يف الكني�سة.
هنا ال بد �أن نذكر ،كما �أملحنا من قبل ،الإثم الكبري تكون له بدايات �صغرية
ُي�ستهان بها ،كما �أنه يف ذلك الوقت عند رفع ج�سد امل�سيح ب�صق البع�ض على الأر�ض.
نحن نعرف امر�أة ال زالت حية ،حمفوظة بالقانون العلماين ،هذه املر�أة عندما كان
الكاهن يف احتفال القدا�س يبارك النا�س ،كانت تقول الرب معك ،ثم ت�ضيف هذه
الكلمات بل�سان مبتذل «�س�أد�س ل�ساين يف م�ؤخرتي» .ولقد �أخربن ب�أ�شياء مماثلة
بعد �أن ح�صلوا على الرباءة ،وقد ال يعرتفن بكل �شيء ،خا�صة اخلطايا الأخالقية،
وبذلك وبدرجات بطيئة يتم اقتيادهن �إىل ُنكران الإميان و�إىل العمل البغي�ض
ﻋﺼ
بتدني�س املقد�سات.
ﲑ ﺍﻟ
هذا �أو �شيء مثل هذا ،هي الطريقة التي ت�ستخدمها ال�ساحرة جتاه الن�ساء
ﻜﺘ
العامالت الالتي ال ُيفكرن يف الرذائل اجل�سدية ولكن يعتنني فقط بك�سب قوتهن.
َ�ستخدم
ولكن الفتيات ال�صغريات ،الذين ي�ستجنب �أكرث ل�شهوات اجل�سد واملتعة ،ت ِ
لأجلهن ال�ساحرات طريقة خمتلفة ،تعمل من خالل رغبات و ُمتع اجل�سد.
ﺐ ﻟﻠﻨ
اخلبيث ،رغم �أنه يف التطبيق الفعلي هو يغوي اخلبيثني �أكرث من ال�صاحلني ،ب�سبب
ا�ستعدادهم �أكرث �أن يتم �إغوا�ؤهم .بالتايل ال�شيطان يحاول ب�شدة �أن ُيغري كل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وهنا مثال� ،ساحرتان قد �أُحرقتا يف «رات�سبون» ،كما �سنخرب الح ًقا عندما
نتحدث عن طريقتهن يف �إثارة الزوابع .واحدة منهن كانت امر�أة تعمل يف ح ّمام،
اعرتفت ب�أ�شياء� ،أنها عانت من الأذى الكبري من ال�شيطان .هناك عذراء متدينة،
ابنة رجل غني جدًّا ال حاجة لذكر ا�سمه ،قررت �إحدى ال�ساحرات ب�أن تغوي هذه
الفتاة عن طريق دعوتها لزيارتها يف �أحد �أيام الأعياد ،من �أجل �أن ال�شيطان نف�سه
يف هيئة �شاب� ،أحب �أن يتحدث معها .ورغم �أن ال�ساحرة حاولت كث ًريا �أن حتقق
هذا� ،إال �أنه كلما تكلمت مع الفتاة ال�شابةَ ،ح َمت الفتاة نف�سها بعالمة ال�صليب .وال
�أحد ي�شك �أنها فعلت هذا ب�إيحاء من املالك املقد�س ،ليطرد عنها �أعمال ال�شيطان.
137
فتاة عذراء �أخرى كانت تعي�ش يف �أبر�شية «�ستا�سبورج» اعرتفت لواحد منا
�أنها كانت وحدها يف �أحد �أيام الأحد يف بيت والدها ،عندما جاءت لزيارتها امر�أة
عجوز من القرية ،وقالت الكثري من الكلمات البذيئة ،ثم قدمت لها االقرتاح التايل،
�أنها �إذا �أرادت ،ميكن �أن ت�أخذها العجوز �إىل مكان فيه �شباب غري معروفني لأي
من �سكان القرية .تقول العذراء �أنه عندما قبلت ،وتبعتها �إىل بيتها ،قالت العجوز
«انظري� ،سن�صعد للطابق العلوي �إىل غرفة بالأعلى حيث ال�شباب ،لكن احذري
�أن تعملي عالمة ال�صليب» و�أعطيتها وعدي �أال �أفعل ،عندها هي �ص ِع َدت قبلي
و�صعدتُ وراءها ،ولكنني عملت عالمة ال�صليب ب�شكل �سري .ويف نهاية ال�سلم،
عندما كنا نقف خارج الغرفة ،ا�ستدارت العجوز �إىل بغ�ضب ومبالمح مريعة وقالت
ﻋﺼ
يل «اللعنة عليك! ملاذا عملت عالمة ال�صليب على نف�سك؟ اخرجي من هنا.
ارحلي با�سم ال�شيطان» ،فعدت �سليمة �إىل بيتي.
ﲑ ﺍﻟ
متاما �أن ال�شيطان العدو القدمي ين�شط يف �إغواء الأرواح.
ميكن �أن نرى من هذا ً
ﻜﺘ
أي�ضا اعرتفت املر�أة التي كانت تعمل يف حمام ب�أنه مت �إغوا�ؤهالأنه بهذه الطريقة � ً
بوا�سطة امر�أة عجوز .لكن ال�ساحرة التي �أغوتها ا�ستخدمت طريقة �أخرى ،حيث
ﺐ ﻟﻠﻨ
قابلت هذه املر�أة ال�شيطان يف هيئة ب�شرية على الطريق عندما كانت ذاهبة لزيارة
ع�شيقها لغر�ض الزنا .وعندما ر�آها ال�شيطان اجلاثوم� ،س�ألها �إذا كانت تعرفه ،قالت
ﺸﺮ
�أنها ال تعرفه� ،أجابها «�أنا ال�شيطان ،و�إذا �أردت �س�أكون م�ستعدًا دو ًما لإمتاعك،
ولن �أخذلك يف �أي احتياج» وعندما قبلت ،بقيت معه ثماين ع�شرة �سنة ،حتى نهاية
ﻭ
حياتها ،متار�س البذاءة ال�شيطانية معه ،مع كامل نكرانها للإميان ك�شرط �أ�سا�سي.
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا طريقة ثالثة من الإغواء هي طريقة احلزن والفقر .لأنه عندما تف�سد هناك � ً
ﺯﻳﻊ
الفتيات ،ويتم ازدرا�ؤهن بوا�سطة ع�شاقهن بعد �أن ي�ضاجعوهن بوعد �أن يتزوجوهن،
ويجدن �أنف�سهن حمبطات يف �آمالهن ومزدريات يف كل مكان ،يتحولن �إىل م�ساعدة
وحماية ال�شيطان� ،إما لأجل االنتقام ب�أن َي�سحروا ع�شاقهن �أو ي�سحروا الزوجات
الالتي تزوجوهن� ،أو لأجل ت�سليم �أنف�سهن لكل نوع ممكن من �أنواع الف�سق .و�آ�سفاه!
التجارب تقول لنا �أن الفتيات من هذا النوع كثريات جدًّا ،وبالتايل فال�ساحرات التي
يخرجن من هذه الطبقة ال ُيعدون وال ُيح�صون .ودعونا نعطي �أمثلة.
يف �أبر�شية «بريك�سني»� ،شهد رجل على هذه احلقائق عن �سحر زوجته،
138
«يف زمن �شبابي �أحببت فتاة �أغرتني ب�أن �أتزوجها ،ولكنني رف�ضتها وتزوجت
فتاة �أخرى من مدينة �أخرى .ولكن رغبة يف �إر�ضائها لأجل ال�صداقة دعوتها �إىل
حفل الزواج .وقد �أتت ،وبينما كانت الن�ساء ال�صاحلات الأخريات تتمنى لنا احلظ
ال�سعيد وتعطيننا الهدايا ،رفعت هي يدها ،يف م�سمع من كل الن�ساء الواقفات
وقالت لعرو�سي� ،ستح�صلني على �أيام قليلة من ال�صحة بعد هذا اليوم ،وخافت
عرو�سي لأنها مل تكن تعرفها (لأنني كما قلت تزوجت من مدينة �أخرى) ،و� أَس�لت
عرو�سي الواقفني ،من هي هذه التي �أخافتني بهذه الطريقة؟ فقالوا لها �أنها
امر�أة �سائبة زانية .ومع ذلك ،حدث بال�ضبط كما قالت ،بعد �أيام قليلة�ُ ،سحرت
زوجتي وخ�سرت قدرتها على حتريك �أطرافها ،وحتى الآن بعد ع�شر �سنوات،
ﻋﺼ
ت�أثري ال�سحر ُيكن �أن يرى على ج�سدها»
ﲑ ﺍﻟ
�إذا �أردنا الآن �أن جنمع احلكايات امل�شابهة التي ح�صلت يف قرية واحدة يف هذه
ﻜﺘ
الأبر�شية� ،سيحتاج هذا �إىل كتاب كامل ،ولكنها مكتوبة وحمفوظة يف بيت �أ�سقف
حيا لي�شهد باحلقيقة املذهلة وغري امل�سموعة من قبل.
«بريك�سني» الذي ال يزال ًّ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن ال يجب �أن نتجاوز ب�صمت هذه احلكاية الغري م�سموعة ،عن كونت نبيل يف
حي «وي�سرتي�ش» ،يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج» ،تزوج فتاة نبيلة من نف�س �سنه ،وبعد �أن
ﺸﺮ
احتفال بالزواج .بقي ملدة ثالث �سنوات غري قادر على اجلماع معها ،ب�سبب تعويذة
معينة كانت متنعه .و�شعر بقلق عظيم ،ومل يكن يعلم ماذا يفعل ،فنادى ب�صوت عال
ﻭ
وقد حدث �أنه ذهب �إىل والية «ميتز» ليتفق على بع�ض الأعمال ،وبينما كان يتكلم
ﺯﻳﻊ
عن ال�شوارع وامليادين التي يف املدينة ،قابل امر�أة كانت من قبل ع�شيقته .وبر�ؤيتها،
أ�صل بالتعويذة التي كانت عليه ،خاطبها بود لأجل �صداقتهما وبدون �أن يفكر � ً
القدمية� ،س�ألها كيف حالها ،وهل هي بخري .وملا ر�أت ُنبل الكونت ،انده�شت و�صمتت
ً
قليل .والكونت ملا ر�آها منده�شة ،حتدث �إليها بود مرة �أخرى ،داع ًيا �إياها للتحدث
معه ،ف�س�ألته عن زوجته ،فقال لها� ،أنها بخري .وعندما �س�ألته �إن كان لديهم �أطفال،
كذب الكونت عليها وقال �أن لديه ثالثة �أطفال ،واحد يولد يف كل �سنة .وعند ذلك
انده�شت �أكرث ،و�صمتت لفرتة.
و�س�ألها الكونت ،ملاذا يا عزيزتي ت�س�ألني بهذا احلر�ص؟ �أنا مت�أكد �أنك تريدين
139
الربكة وال�سعادة يل .ف�أجابت ،بالطبع �أنا �أبارك لك ،ولكن اللعنة على تلك املر�أة
العجوز التي قالت �أنها �ست�سحر ج�سدك حتى ال تقدر �أن تعمل �أي �شيء مع زوجتك!
وك�إثبات لهذا ،هناك �صندوق يف البئر يف منت�صف ِفنائك فيه بع�ض الأ�شياء
امل�سحورة ،ولقد و�ضعته ال�ساحرة هناك لأجل هذا ،واملفرت�ض �أن طوال مدة
بقاء حمتوياته �سليمة ،لن تكون قاد ًرا على اجلماع .ولكن انظر! كل هذا تبني �أنه
هراء ،و�أنا �سعيدة� ،إلخ .وملا عاد �إىل منزله ،مل يلبث الكونت �أن عاين البئر ووجد
ال�صندوق ،و�أحرق حمتوياته كلها ،وبعدها وعلى الفور ا�ستعاد فحولته التي خ�سرها.
فدعت الكونتي�سة زوجته جميع النبالء �إىل حفل زواج جديد ،قائلة ب�أنها الآن �سيدة
القلعة والوالية بعد �أن ظلت لوقت طويل عذراء .ولأجل �سمعة الكونت مل نذكر ا�سم
ﻋﺼ
القلعة وال الوالية ،ولكننا ذكرنا هذه الق�صة حتى ُتعرف احلقيقة يف هذا الأمر وحتى
نك�شف جرمية مقيتة ح�صلت.
ﲑ ﺍﻟ
من هذا يت�ضح �أن ال�ساحرات ي�ستخدمن طر ًقا عديدة لزيادة �أعدادهن.
ﻜﺘ
فاملر�أة املذكورة �أعاله ،لأن الكونت ا�ستبدلها بامر�أة �أخرى تزوجها ،رمت تعويذة
عليه مب�ساعدة ال�ساحرات ،وهكذا ي�سحب ال�سحر الواحد عددًا ال يعد وال يح�صى
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
140
الفصل .2عن الطريقة التي يتم بها العهد الرسمي
مع الشيطان
الطريقة التي يعملن بها تدني�س املقد�سات تبد�أ بعهد مفتوح بالإخال�ص
لل�شيطان ،تتبعه عدة ممار�سات ت�ؤديها ال�ساحرات .وحتى نفهم هذا ال بد �أن ن�شري
ﻋﺼ
يف البداية �أن هناك ،كما و�ضحنا يف اجلزء الأول ،ثالثة �أنواع من ال�ساحرات،
ه�ؤالء الالتي ي�ؤذين وال يعاجلن ،وه�ؤالء الالتي يعاجلن ولكن بعهد غريب عملنه مع
ﲑ ﺍﻟ
ال�شيطان ال يقدرن على الإيذاء ،وه�ؤالء الالتي ي�ؤذين ويعاجلن .ومن �ضمن ه�ؤالء
ﻜﺘ
اللواتي ي�ؤذين ،هناك طبقة واحدة حتديدً ا هي الأقوى ،ميكنهن �أن يعملن كل نوع
من ال�سحر والتعاويذ ،ويعرفن كل الذي تعملنه الأخريات .لذلك� ،إذا و�صفنا طريقة
العمل يف حالتهن� ،سيت�ضمن هذا كل الأنواع الأخرى .وهذه الطبقة ت�ضم كل اللواتي
ﺐ ﻟﻠﻨ
ميتلكن قلو ًبا تخالف كل غريزة للإن�سان �أو للحيوان ،فهن املعتادات على �أكل والتهام
الأطفال.
ﺸﺮ
وهذه �أقوى طبقة من ال�ساحرات ،والالتي يعملن �أ�ضرا ًرا ال حد لها .لأنهن
ﻭ
ُيرثن العوا�صف الباردة والزوابع امل�ؤذية وال�صواعق ،ولأنهن ي�سبنب العقم للإن�سان
ﺍﻟﺘﻮ
ﻋﺼ
على عملها جزئ ًّيا ،عندما ت�سمح �إرادة الرب بعدالته لهذه الأمور �أن حتدث .كل هذه
ﲑ ﺍﻟ
الأ�شياء ميكن �أن تعملها ال�ساحرة التي يف الطبقة العليا ولكن ال ميكنها �أن تعاجلها.
ﻜﺘ
و�أ�صبح عاد ًّيا بالن�سبة لهن �أن ميار�سن اجلماع مع ال�شياطني ،و�إذا و�ضحنا
الطريقة امل�ستخدمة يف هذه الطبقة يف �أداء تدني�س املقد�سات� ،أي �أحد ميكن �أن
ﺐ ﻟﻠﻨ
البع�ض منهن الآن يف دولة «لومباردي» ،يف نطاق دوق املجر ،حيث �أحد املفت�شني من
ﺍﻟﺘﻮ
«كومو» ،كما قلنا يف اجلزء ال�سابق ،حرق �إحدى و�أربعني �ساحرة يف �سنة واحدة،
ﺯﻳﻊ
عاما ،وظل يعمل بعدها يف حملة التفتي�ش. وكان عمره خم�سة وخم�سني ً
�أداء هذا العهد يتم بطريقتني .واحدة هي يف احتفال مهيب مثل النذر الر�سمي.
والثانية خا�صة ميكن �أن ُتعمل مع ال�شيطان يف �أي �ساعة عندما تكون ال�ساحرة
وحدها .الطريقة الأوىل هي عندما جتتمع ال�ساحرات معا يف اجتماع �سري يف يوم
حمدد ،ويظهر لهن ال�شيطان يف هيئة رجل ،ويحثهن على �أن يبقني على الإميان به،
ويعدهن بزهو احلياة وطول العمر ،ثم يو�صون ال�ساحرة املبتدئة �أن تقبل هذا العهد.
وي�س�ألها ال�شيطان �إذا كانت �ستُنكر الإميان ،وتهجر الدين امل�سيحي املقد�س واملر�أة
ال�شاذة (كما يقولون عن العذراء املباركة ماري ) ،وال تبجل الأ�سرار املقد�سة ،ف�إذا
142
َو َجد ال�ساحرة املبتدئة �أو املريدة راغبة يف �إمتام العهد ،ف�سيمد ال�شيطان يده ومتد
يدها ،و ُتق�سم بيدها مرفوعة �أن حتفظ العهد.
وعندما يح�صل هذا ،يقول ال�شيطان ب�أن هذا ال يكفي ،وعندما ت�س�أل املريدة
عما يجب �أن تعمله �أكرث ،يطلب ال�شيطان البيعة له ،ب�أن تهب نف�سها له بالكامل،
ُح�ضر الآخرين من اجلن�سني وروحا� ،إىل الأبد ،و�أن تبذل ُق�صارى جهدها لت ِ
ج�سدً ا ً
�إليه .وي�ضيف �أخ ًريا� ،أنه يجب �أن تعمل بع�ض امل�ستح�ضرات من عظام و�أطراف
الأطفال ،خا�صة �أولئك الأطفال الذين مت تعميدهم ،وعندها �ستتمكن من تنفيذ كل
رغباتها مب�ساعدته.
ﻋﺼ
نحن املفت�شني كانت لنا جتربة موثقة ب�ش�أن هذه الطريقة من ال�سحر يف قرية
«بري�ساخ» يف �أبر�شية «بازل» ،حيث تلقينا معلومات كاملة من فتاة �شابة حتولت �إىل
ﲑ ﺍﻟ
امل�سيحية ،وكانت عمتها قد �أُحرقت يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج» .وقالت �أنها �أ�صبحت
�ساحرة ب�سبب �أن عمتها �أغرتها.
ﻜﺘ
لأنه يف �أحد الأيام �أمرتها عمتها �أن ت�صعد للدور العلوي معها ،و�أن تذهب �إىل
غرفة حيث وجدت خم�سة ع�شر �شا ًبا يرتدون مالب�س خ�ضراء ت�شبه زي الفر�سان
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأملان .وقالت لها عمتها :اختاري من ت�شائني منهم ،و�سيتزوجك .قالت �أنها ال تريد
�أحدً ا منهم ،ف�ضربتها بعنف حتى وافقت ،ومت اعتمادها ك�ساحرة يف احتفال مثل
ﺸﺮ
هذه هي التي كانت يف �س�ؤالنا يف اجلزء الأول عندما �س�ألنا �إذا كانت ال�ساحرات
ﺯﻳﻊ
قادرات على االنتقال بوا�سطة ال�شياطني من مكان �إىل مكان ،وال�شك يف هذا الأمر
كان ب�سبب كلمات يف ال�شريعة يف كتاب ُ Episcopiتلمح ب�أن هذا يحدث فقط يف
اخليال ،لكن احلقيقة �أن هناك �أوقاتًا تنتقل ال�ساحرات فيها فعال ب�أج�سادهن.
لأنه عندما ُ�سئلت هذه الفتاة �إذا كان هذا الركوب واالنتقال يف اخليال فقط
ب�أوهام من ال�شياطني �أم هو يف الواقع� ،أجابت ب�أنهن يفعلن هذا االنتقال بكال
أي�ضا عن الأذية ال ُعظمى التي تعملها املولدات العامالتالطريقتني� .أخربت الفتاة � ً
بالتوليد ،لأنهن ُملتزمات بالقتل ليهنب لل�شيطان �أكرث عدد ممكن من الأطفال ،و�أنه
مت �ضربها بعنف بوا�سطة عمتها لأنها فتحت ذات مرة �صندو ًقا �سر ًّيا ووجدت فيه
143
ر�ؤو�س �أطفال كثريين .و�أ�شياء كثرية قالتها لنا ،وهي يف البداية �أق�سمت على �أن
تقول احلقيقة.
وكالمها عن طريقة اعتناق الإميان ال�شيطاين يتوافق بال �شك مع الكالم الذي
كتبه العامل الأكرث بروزا« ،جون نيدار» والذي حتى يف وقتنا هذا يكتب بتنوير �شديد،
وخا�صة �أنه يتكلم من واقع عمله ال�سابق يف حملة التفتي�ش يف �أبر�شية «�إيدوا» ،التي
عقدت عدة حمالت على ال�ساحرات ،و�أحرقت الكثريات منهن.
قال «نيدار» �أن ً
مفت�شا قال له ذات مرة� ،أنه يف دوقية «الوزان» ،بع�ض ال�ساحرات
َط َبخن و�أكلن �أطفالهن ،و�أنهن �أ�صبحن ُمعتَمدات ر�سم ًيا ك�ساحرات بعد هذه
ﻋﺼ
املمار�سة .حيث اجتمعت ال�ساحرات م ًعا ،وبفنونهن ،ا�ستدعني ال�شيطان يف
هيئة رجل ،و�إليه �أُجربت املبتدئة �أن تق�سم ب�إنكار الدين امل�سيحي ،و�أال تُب �سر
ﲑ ﺍﻟ
الأفخار�ستيا املقد�س ،و�أن تدو�س ال�صليب حتت قدمها خفية كلما ا�ستطاعت �أن
تفعل.
ﻜﺘ
لدينا مثال �آخر من هذا امل�صدر .كان هناك م�ؤخ ًرا تقرير مت �إح�ضاره �إىل
«بيرت» القا�ضي يف «بولتينجن»� ،أن ثالثة ع�شر مولودًا قد مت التهامهم يف والية
ﺐ ﻟﻠﻨ
«برين» ،و�أن العدالة هناك قد نفذت االنتقام الكامل من القاتلني .وعندما �س�أل
القا�ضي «بيرت» واحدة من ال�ساحرات عن الطريقة التي �أكلت بها الأطفال� ،أجابت
ﺸﺮ
«هذه هي الطريقة ،نحن نن�صب الكمائن ب�شكل رئي�سي للأطفال الذين مل يتم
ﻭ
بعالمة ال�صليب وال�صلوات» (البد �أن يالحظ القارئ �أنهن ب�أمر ال�شيطان ،ي�أخذن
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
يلقبونه ال�سيد ولي�س ال�شيطان».
ﲑ ﺍﻟ
هنا ال بد �أن نذكر �أن هذه الطريقة تتوافق مع ما مت �سرده �ساب ًقا ،لأنه ال يهم �إن
كان ال�شيطان نف�سه حا�ض ًرا �أم ال عندما ُتعطى البيعة له .لأنه مبكر يالحظ مزاج
ﻜﺘ
املبتدئ ،الذي ميكن �أن يخاف من الوجود الفعلي لل�شيطان عندما يقدم له نذره،
ولأنه ميكن �أن يتم �إقناعه ب�شكل �أ�سهل بوا�سطة �أولئك الأقرب له .وبالتايل يقولون
ﺐ ﻟﻠﻨ
عليه ال�سيد ال�صغري عندما يكون غائ ًبا ،فعندما يتم �إنقا�ص درجة ال�سيد �أمامه ،ال
ي�شعر املبتدئ بخوف كبري.
ﺸﺮ
�أ�ؤمن �أن زوجتي عنيدة جدًّا حتى �أنها ُتف�ضل �أن تذهب مبا�شرة �إىل النار على �أن
تعرتف بجزء �صغري من احلقيقة ،ولكن و�آ�سفاه! نحن كالنا مذنب» وكما قال
ﺯﻳﻊ
نادما ،بينما زوجته رغم ال�شاب ،حدث ما قال .فال�شاب اعرتف و�شوهد وهو ميوت ً
�أنها مدانة بوا�سطة �شهود ،مل تعرتف ب�أي حقيقة� ،سواء حتت التعذيب �أو باملوت
نف�سه ،ولكن عندما مت حت�ضري النار لها بوا�سطة ال�سجان ،لعنته ب�أب�شع الألفاظ ،ثم
�أُحرقت .ومن هذه الأمثلة تظهر طريقة اعتمادهن ك�ساحرات يف االجتماع ال�سري
اخلا�ص.
الطريقة اخلا�صة الأخرى تكون بطرق عديدة ،لأنه يف بع�ض الأحيان عندما
يجتمع الرجال والن�ساء يف م�صيبة ج�سدية �أو م�ؤقتة ،ي�أتيهم ال�شيطان ويتحدث
145
�إليهم �شخ�ص ًّيا ،ويف �أوقات يتحدث �إليهم عرب فم �شخ�ص �آخر ،وهو يعدهم ب�أنه
�إذا وافقوا على م�شورته� ،سيفعل لهم كل ما يريدون .ولكنه يبد�أ من �أ�شياء �صغرية،
كما قلنا يف الف�صل الأول ،ثم ت�ؤدي تدريج ًّيا �إىل �أ�شياء �أكرب .وميكننا �أن نذكر عدة
�أمثلة عرفناها يف حملة التفتي�ش ،ولكن لأنه لي�س يف هذا الأمر �صعوبة يف الفهم،
ميكن �أن نكتفي مبا مت ذكره.
ﻋﺼ
هناك بع�ض النقاط ال بد �أن ُتذكر بخ�صو�ص البيعة التي ُتعطى لل�شيطان،
حتديدً ا ما هو ال�سبب وما هي الطرق التي ُيفعل بها هذا .من الوا�ضح �أن دافع
ﲑ ﺍﻟ
ال�شيطان الأ�سا�سي هو املزيد من الإ�ساءة للذات الإلهية ب�أن ي�أخذ لنف�سه �أحد
ﻜﺘ
املخلوقات املكر�سني �إىل الرب ،وبالتايل يت�أكد من �أن مريده �سيتم لعنه للأبد وهذا
هو الهدف الأ�سا�سي .ومع ذلك ،يحدث �أن جند ال�شيطان قد ح�صل على البيعة من
الإن�سان ملدة معينة من الزمن و ُيدخله يف العهد ،وبع�ض الأحيان ُيدخله يف العهد
ﺐ ﻟﻠﻨ
ودعونا نقول �أن العهد يكون جهرا �إ َّما بالإنكار الكامل �أو اجلزئي للإميان،
ينكر ال�شخ�ص الإميان بالكلية، الإنكار الكامل هو كما قلنا من قبل ،عندما ِ
ﻭ
واجلزئي هو عندما يتعني على ال�ساحرة �أن ُتراقب بع�ض االحتفاالت وتعمل � ً
أعمال
ﺍﻟﺘﻮ
خمالفة للكن�سية ،مثل ال�صيام يوم الأحد� ،أو �أكل اللحم يف يوم اجلمعة� ،أو كتم
ﺯﻳﻊ
بع�ض اجلرائم �أثناء االعرتاف� ،أو عمل بع�ض الدناءات الأخرى .ولكن دعونا نقل �أن
البيعة يلزم فيها ا�ست�سالم اجل�سد والروح.
وميكننا �أن نذكر �أربعة �أمور تخت�ص مبمار�سة هذه الأ�شياءً � .أول ،قلنا يف اجلزء
الأول من هذا البحث عندما اختربنا هل ال�شياطني ميكن هل ميكن لل�شياطني
دخول الأفكار الداخلية للقلوب ،وقلنا �أن هذا يخت�ص بالرب وحده .ولكن ال�شياطني
ميكنهم �أن ي�صلوا �إىل معرفة �أفكار ال�شخ�ص باحلد�س ،كما �سنبني الح ًقا .بالتايل،
�إذا ر�أى هذا ال�شيطان املاكر �أن املبتدئة �صعبة الإقناع ،فهو يتقرب منها بلطف،
ويطلب منها عمل �أمور �صغرية ،ت�ؤدي يف تدرجها �إىل �أمور �أكرب.
146
ثان ًيا ،ال بد �أن ن�ؤمن �أن هناك نوعا من التنوع بني ه�ؤالء الذين ُينكرون الإميان،
لأن بع�ضهم يفعلون ذلك ب�أفواههم ولكن لي�س بقلوبهم ،والبع�ض يفعلون ذلك
ب�أفواههم وقلوبهم .وبالتايل ال�شيطان ،لأنه يريد �أن يعرف هل ما يفعلونه هو من
القلب مثلما هو بالقولُ ،يعطي وقتًا زمن ًّيا معي ًنا يف البيعة ،حتى ميكنه �أن يفهم
عقولهم من �أعمالهم وت�صرفاتهم.
ثال ًثا� ،إذا َو َجد بعد مرور الوقت املحدد �أن املبتدئة �أقل رغبة يف عمل بع�ض
املمار�سات ،و�أنها كانت مرتبطة معه فقط بالكلمة ولي�س بالقلب ،ف�إنه يفرت�ض �أن
الرحمة الإلهية قد منحتها حرا�سة من مالئكة اخلري ،والذين يعلم مدى قوتهم.
عندها ،يحاول ال�شيطان �أن يوقعها يف م�صائب م�ؤقتة ،حتى يح�صل على بع�ض
ﻋﺼ
الفائدة من ي�أ�سها.
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
147
الفصل .3كيف ينتقلون من مكان إلى مكان
من �ضمن �أعمالهن الرئي�سية هو االنتقال من مكان �إىل مكان ،حتى يعملن
العالقة اجل�سدية مع �شياطني اجلاثوم ،والتي �سنتحدث عنها ب�شكل منف�صل،
بداية من �أ�شكال �أج�سادهم .ولكن هنا ال بد �أن نذكر �أن هذا االنتقال البعيد مت
االعرتا�ض عليه من بع�ض العلماء ،قالوا� :إنه ال ميكن االعرتاف �أن هناك بع�ض
ﻋﺼ
الن�سوة اخلبيثات الالتي �أغواهن ال�شيطان و�أوهمهن بخياالته ،ب�إمكانهن �أن يذهنب
ﲑ ﺍﻟ
يف رحلة يف الليل على ظهر وح�ش مع «ديانا» �إلهة الوثنيني� ،أو «هريوديا�س» وعدد
ﻜﺘ
ال ُيعد من الن�ساء ،و�أنهن يف �صمت الليل يقطعن م�سافات بعيدة من الأر�ض ،و�أنهن
ُيطعن �أ�سيادهن يف كل �شيء� ،إلخ.
ﺐ ﻟﻠﻨ
لذلك �أق�سمنا على �أن نب�شر للنا�س �أن هذا خط�أ ،و�أن هذه اخلياالت غري مر�سلة
له�ؤالء الرجال من قبل الرب ،ولكن بوا�سطة روح �شريرة ت�ضلل عقول امل�ؤمنني .لأن
ﺸﺮ
«�ساتان» نف�سه يحول نف�سه �إىل �أ�شكال عديدة وهيئات ،ويوهم العقل يف الأحالم
وي�أ�سره ،ويقوده بطرق عديدة.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وهناك �آخرون مثلهم ي�أخذون كالم القدي�س «جريماين» ويقولون �أن هذا
من الطي�ش املن�سوب �إىل ال�ساحرات و�أعمالهن مثل الطفو يف الهواء والأذية التي
ﺯﻳﻊ
يعملنها للإن�سان واحليوان والأ�شجار على الأر�ض ،ويقولون �أن من ي�ؤمنون بهذا هم
أي�ضا يف مو�ضوع الأذية التي تعملها ال�ساحرات �ضحايا للخيال الطائر وخمدوعون � ً
للمخلوقات احلية.
متاما فكرة
ولكن هذا الر�أي مت اعتباره هرطقة يف ال�س�ؤال الأول ،لأنه ُيبعد ً
الإذن الإلهي لقدرة ال�شياطني ،والتي تتجاوز حتى �إىل �أ�شياء �أكرب من هذا ،و ُيعار�ض
معنى الكتب املقد�سة ،وي�سبب �ضررا ال يطاق للكني�سة املقد�سة .لأنه ول�سنني طويلة،
ب�سبب هذه العقيدة اخلبيثة اخلطرية ،بقيت ال�ساحرات بال عقاب ،وفقدت املحاكم
148
العلمانية قدرتها على عقابهن.
لقد مت التو�ضيح بطرق عديدة �أنه ميكنهن االنتقال ج�سد ًياً � ،أول ،لأنه �إن كانوا ال
الرب ال ي�سمح بهذا� ،أو ب�سبب �أن ال�شيطان ي�ستطيعون االنتقال� ،سيكون هذا �إ َّما لأنَّ َّ
�صحيحا ،لأن هناك
ً ال ميكنه �أن يفعل هذا لأنه معار�ض الطبيعة .ولي�س ال�سبب الأول
�أ�شياء �أكرب من هذا ي�سمح بها الرب ،وهذه الأ�شياء الأكرب غال ًبا ما يتم عملها على
الأطفال والرجال� ،أو الرجال املقد�سني.
وي�أتي �س�ؤال �آخر هل تبديل الأطفال ميكن �أن يتم بوا�سطة ال�شياطني ،وهل ميكن
لل�شيطان �أن يحمل �إن�سا ًنا من مكان �إىل مكان حتى بدون رغبته ،بالن�سبة لل�س�ؤال
ﻋﺼ
الأول فالإجابة هي نعم .لأن «ويليام �أوف باري�س» قال يف اجلزء الأخري من كتابه
� De Uniuerso: Substitutionsأن تبديل الأطفال ب�إذن الرب ممكن.
ﲑ ﺍﻟ
فيمكن لل�شيطان �أن يقوم بتغيري الطفل �أو حتى نقله .لأن ه�ؤالء الأطفال دائ ًما ما
ﻜﺘ
يبكون ويبدون يف معاناة ،ورغم �أن �أربعة �أو خم�سة �أمهات يوفرن احلليب لهم ،فهم
ال ي�سمنون �أبدً ا � ،إال �أنهم ثقيلون فوق املعتاد .ولكن هذا ال يجب �أن يتم ت�أكيده وال
ﺐ ﻟﻠﻨ
نفيه للن�ساء ،حتى ال ي�سبب هذا ارتعا ًبا لديهن ،ولكن يجب �أن يقال لهن �أن يطلنب
ر�أي الرجال املتعلمني يف هذه امل�س�ألة.
ﺸﺮ
لأن الرب ي�سمح بهذا ب�سبب خطايا الوالدين ،ففي بع�ض الأحيان يلعن الرجل
ﻭ
زوجته احلامل بقوله ،رمبا �أنت حتملني بال�شيطان! �أو قول مثل كهذا .بنف�س
ﺍﻟﺘﻮ
الطريقة ،املر�أة غري ال�صبور عادة تقول �أ�شياء من هذا النوع .وعديد من الأمثلة قد
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
يف ذلك املكان البعيد جدًّا كان يعي�ش كاهن �آخر ،حتديدً ا يف «�أوبريدوف» ،قرية
بجوار «الند�شوت» ،وهذا الكاهن الآخر كان وقتها �صدي ًقا لواحد منا ،وقد ر�أى
ً
حممول عال ًيا ويداه مب�سوطتان،
ﲑ ﺍﻟ
بعينيه هذا االنتقال ،و�أخرب كيف �أن الرجل كان
ﻜﺘ
وكان ي�صرخ بدون تذمر .ويحكي ق�صة �أخرى فيقول� ،أن عددًا من العلماء اجتمعوا
م ًعا لي�شربوا اجلعة ،وقد توافقوا كلهم �أن الذي �سي�أتي باجلعة لن يدفع �شي ًئا.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�أحدهم كان ذاه ًبا لإح�ضار اجلعة وعندما َفتح الباب ر�أى �سحابة �سميكة فرجع
خائ ًفا و�أخرب �أ�صحابه ملاذا مل يذهب ليح�ضر اجلعة .فثار واحد منهم وقال بغ�ضب
ﺸﺮ
«حتى لو كان ال�شيطان هناك� ،أنا �س�أح�ضر ال�شراب» وخرج ،فتم حمله يف الهواء
�أمام �أعينهم جمي ًعا.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وال بد �أن نقول �أن هذه الأ�شياء ال حتدث فقط للم�ستيقظني ،ولكن للنائمني
ﺯﻳﻊ
� ً
أي�ضا ،نعم ميكن �أن يتم نقلهم يف الهواء بينما هم نائمني.
هذا وا�ضح يف حالة بع�ض الرجال الذين مي�شون �أثناء نومهم على �أ�سطح
البيوت وفوق �أعاىل املباين ،وال �أحد ميكنه �أن يعرت�ض تقدمهم �سواء كان عال ًيا
ً
منخف�ضا .و�إذا ناديت ب�أ�سمائهم و�أنت بجوارهم �سي�سقطون �سري ًعا على الأر�ض �أو
وتنك�سر �أ�ضالعهم.
العديد يظنون ،ولي�س بدون �سبب� ،أن هذا من عمل ال�شيطان .لأن ال�شياطني
150
�أنواع خمتلفة جدًّا ،بع�ضهم يكونون قد �سقطوا من اجلوقة ال�سفلى من املالئكة،
وه�ؤالء ال ميكنهم �أن ي�ؤذوا �أي �أحد ،على الأقل لي�س ب�شكل خطري ،ويف معظم الوقت
يعملون �أ�شياء هينة .وبع�ضهم نوع �آخر من ال�شياطني يدعى اجلاثوم �أو ال�سعالة،
وه�ؤالء يعا ِقبون الرجال يف الليل ،ويلوثونهم بخطيئة الف�سق ،ولي�س يبدو منا�س ًبا �أنه
يتم ا�ستعمالهم يف لعبة احل�صان املتنقل هذه.
احلقيقة ميكن �أن ُت�ستخل�ص من كلمات «كا�سيان» عندما قال �أنه ال �شك يف
أنواعا يف رغبات الإن�سان.
أنواعا من الأرواح النج�سة مبثل ما �أن هناك � ً
�أن هناك � ً
لأنه وا�ضح �أن بع�ضهم ،الذين ي�سميهم النا�س «فون» ،ونحن ن�سميهم «ترولز» �أو
ﻋﺼ
املت�صيدون ،والذين تزخر بهم الرنويج ،هم جمرد مهرجني وتافهني ،ي�سكنون بع�ض
ﲑ ﺍﻟ
الأماكن والطرق وال يكونون قادرين على عمل �أي �أذى للمارين يف املكان ،لكنهم
ﻜﺘ
يرتاحون ملا ُيقلدون املارين با�ستهزاء وي�ضللوهم ،ويحاولون �أن يتعبوهم لي�س �أن
ي�ؤذوهم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وبع�ضهم فقط يزور الرجال يف كوابي�س لي�ست م�ؤذية .ولكن هناك �آخرين
عدوانيني ال ير�ضون فقط بالتمدد الفظيع الذي ُيحدثونه يف �أج�ساد من ينفخوا
ﺸﺮ
فيهم ،ولكنهم ينزلون من �أق�صى علو وب�سرعة لي�ضربوهم ب�أكرب عا�صفة وح�شية
ممكنة .وامل�ؤلف ال يعني �أنهم يتلب�سون بالنا�س ولكنهم فقط يعذبونهم ،كما كان
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
من هذا ميكن �أن ن�ستنتجً � ،أول �أنه ال يجب �أن نقول �أن ال�ساحرات غري قادرات
على االنتقال لأن الرب ال ي�سمح بهذا .لأنه �إذا كان ي�سمح به يف حالة الربيئني ،كيف
ميكن �أال ي�سمح يف حالة �أولئك الذين قد وهبوا �أنف�سهم لل�شيطان؟ ونحن نقول بكل
وح َمله �إىل مكان عال ،كما يقول الإجنيل؟احرتام� :أمل ي�أخذ ال�شيطان ُم ِل�صنا َ
واحلجة الثانية من حجج خ�صومنا ال ميكن �أن ُتقبل � ً
أي�ضا ،لأنه قد �أو�ضحنا من
قبل �أن ال�شيطان لديه قدرة طبيعية عظيمة ،تتجاوز كل الإمكانات اجل�سدية ،وال
توجد قوة على الأر�ض ميكن �أن تقارن بقوته ،كما ُذكر يف الكتاب املقد�س «لي�س له
151
يف الأر�ض نظري» وطب ًعا القدرة الطبيعية لـ «لو�سيفر» عظيمة جدًّا حتى �أنه ال مياثلها
�شيء يف عظمتها يف مالئكة اخلري يف ال�سماوات .لأنه تفوق على كل املالئكة الذين
من نف�س طبيعته ،ولكنه �ض ُعف بعد �سقوطه ،فالطبيعة املالئكية ال زالت موجودة فيه
لكنها �أظلمت وتقيدت .لذلك ،التف�سري جلملة «لي�س له يف الأر�ض نظري» ،هو �أنه
رغم �أنه يتفوق على كل الأ�شياء� ،إال �أنه خا�ضع لقدرات القدي�سني.
ميكن �أن يذكر �أحدهم اعرتا�ضني ،الأول �أن روح الإن�سان ال بد �أنها تقاوم
ال�شيطان ،و�أن هذا الن�ص املذكور يبدو �أنه يتحدث عن �شيطان واحد بعينه ،حتديدً ا
«لو�سيفر» .فهو الذي �أغوى امل�سيح يف الربية ،و�أغوى �أول رجل ،والآن هو مقيد
ﻋﺼ
ب�سال�سل .واملالئكة الآخرين لي�سوا �أقوياء جدًّا ،مبا �أنه تفوق عليهم جمي ًعا .بالتايل
ﲑ ﺍﻟ
فالأرواح الأخرى غري لو�سيفر لي�ست مثله وال ميكنها �أن تنقل الفا�سدين من مكان
ﻜﺘ
�إىل مكان.
هذه االعرتا�ضات لي�ست لديها �أي قوة .لأنه �إذا تكلمنا عن املالئكة � ًأول ،ف�أ�ضعف
ﺐ ﻟﻠﻨ
مالك قوته �أعلى بكثري وال ُتقارن مع �أي قوة ب�شرية ،وهذا ُمثبت بطرق كثرية.
� ًأول ،لأن القوة الروحية �أعلى من القوة اجل�سدية ،ولذلك فقوة املالك� ،أو حتى
ﺸﺮ
قوة الروح العادية� ،أعظم من قوة �أي ج�سد .ثان ًيا ،بالن�سبة للروح ،يف حالة الإن�سان،
الروح هي التي تقوده ،فهذه الأ�شكال الروحية غري املادية هي كيانات يف غاية
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الذكاء ،وبالتايل لديها قوة مطلقة وكونية �أكرب من الأج�سام .لهذا ال�سبب ،عندما
ُتمع الروح �إىل ج�سد معني ،ال ميكنها يف هذا الو�ضع �أن تنقل هذا اجل�سد حمليا
ﺯﻳﻊ
فج�أة �أو ترفعه يف الهواء ،رغم �أنه ميكنها هي �أن تفعل هذا ب�سهولة يف نف�سها .ولكن
من املمكن ل�شكل غري مادي غري الروح ،مثل مالك اخلري �أو مالك ال�شر �أن ينقل
اجل�سد ،لأن مالك اخلري نقل «هاباكوك» يف حلظة من «هوديا» �إىل «�شالدايا».
ولهذا ال�سبب ن�ستنتج �أن ه�ؤالء الذين مي�شون يف الليل �أثناء نومهم فوق املباين
العالية ال ُيحملون بوا�سطة �أرواحهم اخلا�صة ،وال بت�أثري النجوم ،ولكن ب�شيء �آخر
ذي قوة ا�ستثنائية ،مالك.
ثال ًثا ،اجل�سد هو الذي �سيتحرك �إىل ذلك املكان ،عن طريق القوة الروحية
152
للمالك ،وكما يقول �أر�سطو يف كتابه Physicsالثامن ،احلركة املو�ضعية هي �أول
احلركات اجل�سدية ،واحلركة املو�ضعية مل تكن يف جوهرها موجودة يف �أي ج�سد
مثل ج�سد الإن�سان ،ولكنها �أتت �إليه ب�سبب قوة خارجية.
بالتايل ن�ستنتج �أن الأج�سام الأعلى ،التي هي النجوم ،يتم حتريكها بقوى
جوهرية روحية ،وبذكاءات منف�صلة خرية يف طبيعتها ونيتها .لأننا نرى �أن الروح
هي ال�سبب الأوىل والرئي�سي حلركة الأج�سام.
ال بد �أن يقال �أنه ال ميكن للج�سم الب�شري �أن يقاوم نقله فج�أة من مكان �إىل
مكان ،ال بقوته املادية وال الروحية ،واجلوهر الروحي الذي ينقله هو لي�س خ ًريا يف
ﻋﺼ
نيته .ومن يريد ميكن �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «توما�س» يف �س�ؤاله بخ�صو�ص
اخلطية ،ويف الكتاب الثاين من Sentencesالف�صل ال�سابع ،عن قدرة ال�شياطني
ﲑ ﺍﻟ
على الأج�ساد.
ﻜﺘ
ما �سي�أتي هو عن طريقة ال�ساحرات يف االنتقالً � ،أول هُ ن يعملن م�ستح�ض ًرا،
كما قلنا بتعليمات من ال�شيطان ،يعملنه من �أطراف الأطفال ،حتديدً ا من �أولئك
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأطفال الذين قتلنهم قبل التعميد ،يدهن به ع�صا مكن�سة �أو كر�سي ،وعندها
يرتفعن مبا�شرة يف الهواء وينتقلن� ،إما يف النهار �أو يف الليل� ،إما ب�شكل مرئي �أو
ﺸﺮ
يف اخلفاء �إذا �أردن ،لأن ال�شيطان ال ميكنه �أن ُيخفي اجل�سد بو�ضع �شيء ما يف
مادته ،كما و�ضحنا يف اجلزء الأول من البحث عندما حتدثنا عن الأوهام التي
ﻭ
يعملها ال�شيطان .ورغم �أن ال�شيطان يف اجلزء الأكرب يعمل هذا ب�سبب امل�ستح�ضر،
ﺍﻟﺘﻮ
بهدف �أن يحرم ه�ؤالء الأطفال من النعمة ومن اخلال�ص� ،إال �أنه غال ًبا ما يعمل هذا
ﺯﻳﻊ
االنتقال بدون حاجته �إىل امل�ستح�ضر .لأنه يف مرات ينقل ال�ساحرات على حيوانات،
والتي هي لي�ست حيوانات حقيقية ولكنها �شياطني على هيئة حيوانات ،ويف بع�ض
الأحيان حتى بدون �أي م�ساعدة خارجية ميكن �أن ينقلهن فقط بالقوة ال�شيطانية.
وهذه حادثة من النقل املرئي يف النهار ،يف قرية «والد�شوت» يف «راين» ،يف
�أبر�شية «كون�ستان�س» ،كانت هناك �ساحرة مكروهة جدًّا من �سكان القرية حتى �أنه
مل يكن يدعوها �أحد �إىل �أي حفل زواج رغم وجود كل �سكان القرية .وب�سبب �سخطها
على هذا ،ورغبتها يف الث�أر ،ا�ستدعت �شيطانا و�أخربته عن �سبب غيظها ،وطلبت
منه �أن ُيثري عا�صفة باردة ُتخرب الرق�ص على كل احلا�ضرين يف حفل الزواج،
153
ووافق ال�شيطان ،ورفعها �إىل �أعلى ،وحملها يف الهواء �إىل تلة قريبة من القرية� ،أمام
�أعني بع�ض الرعاة.
وحيث �أنه مل يكن لديها ماء ت�صبه يف احلفرة -و�سنتحدث عن مو�ضوع �صب
املاء هذا الح ًقا لأنها الطريقة التي ُيرثن بها العوا�صف الباردة -عملت حفرة
بدل من املاء ،و�أثارتها ب�إ�صبعها ،موجهة نيتها �إىل �سحر �صغرية وملأتها ببولها ً
حفل الزواج ،وال�شيطان واقف بجوارها .وفج�أة رفع ال�شيطان هذا البول �إىل �أعلى
و�أر�سل عا�صفة باردة قوية وقعت فقط على الراق�صني يف احلفل .وعندما تفرقوا
باتوا يتناق�شون عن �سبب هذه العا�صفة ،ودخلت ال�ساحرة القرية بعد هذا بقليل،
وهذا �أثار �شكوكهم .ولكن عندما حكى الرعاة ما ر�أوه� ،أ�صبحت �شكوكهم يقي ًنا .فتم
ﻋﺼ
القب�ض عليها ،واعرتفت ب�أنها عملت هذا ال�شيء لأنه مل يكن �أحد يدعوها �إىل �أي
ﲑ ﺍﻟ
حفل زواج ،ولأجل هذا وب�سبب كثري من ال�سحر الذي عملته ،مت حرقها.
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
154
الفصل .4هنا نتتبع الطريقة التي تتضاجع بها
الساحرات مع الشياطين المعروفين بالجاثوم.
يف كالمنا عن الطريقة التي تت�ضاجع بها ال�ساحرات مع �شياطني اجلاثوم� ،ست
نقاط ال بد �أن نذكرهاً � .أول ،عن ال�شيطان واجل�سم الذي يتخذه للم�ضاجعة ،ما هي
ﻋﺼ
املادة التي هو م�صنوع منها؟ ثان ًيا ،عن الفعل نف�سه ،هل �سيكون هناك حقن للمني
الذي ح�صل عليه ال�شيطان من رجل �آخر؟ ثال ًثا ،عن الزمان واملكان ،هل هناك
ﲑ ﺍﻟ
وقت معني مف�ضل على وقت �آخر لهذه املمار�سة؟ راب ًعا ،هل يكون هذا الفعل مرئيا
ﻜﺘ
للمر�أة؟ وهل �أولئك الذين ُولدوا بهذه الطريقة هم الذين يزورهم ال�شيطان غال ًبا؟
خام�سا ،هل هذا يحدث فقط لأولئك الذين مت وهبهن لل�شيطان عند الوالدة بوا�سطة ً
�ساد�سا ،هل املتعة اجلن�سية �أكرب �أو �أقل يف هذا الفعل؟ و�سنتحدث � ًأول
ً املولدات؟
ﺐ ﻟﻠﻨ
�شكل ،لكنه يتخذ �شكل ج�سم �آخر يتمو�ضع فيه .ويف هذه احلالة ال يكون ح ًّرا يف ً
ﺍﻟﺘﻮ
مربوطا بقدرات ذلك اجل�سم الآخر .بالتايل ال ميكن لل�شيطان ً قدراته ،ولكن يكون
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
لذلك يحركونه كما يريدون ،بالطريقة التي يرغبون فيها.
ﲑ ﺍﻟ
من هذا ميكن �أن يخرج �س�ؤال ،ماذا عن احلاالت التي ي�ؤ ِدي فيها مالك اخلري
�أو مالك ال�شر بع�ض وظائف احلياة با�ستخدام �أج�سام حية ،ولي�س ب�أج�سام هوائية،
ﻜﺘ
كما يف حالة حمار بلعام ،حني حت ّدث املالك� ،أو عندما يتلب�س ال�شيطان يف الأج�سام.
�سنجيب ب�أن هذه الأج�سام ال يقال عنها �أنها ُمتخذة من ال�شيطان ولكن يتلب�س بها
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�شيطان .انظر كالم القدي�س «توما�س» عن �إذا كانت املالئكة ميكن تتخذ �أج�سادًا.
ولكن دعونا نعد �إىل مو�ضوعنا.
ﺸﺮ
ب�أي طريقة ميكن �أن نفهم طريقة حت ُّدث ال�شياطني مع ال�ساحرات ،ور�ؤيتهم،
و�سماعهم لهم ،والأكل معهم ،وامل�ضاجعة بهم؟ وهذا هو اجلزء الثاين من هذه
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الفقرة.
ﺯﻳﻊ
بالن�سبة للتح ُّدث ،ال بد �أن نقول �أن هناك ثالثة �أ�شياء مطلوبة حتى يحدث حوار
حقيقيً � ،أول ،رئتان ،وهذا لي�س فقط لغر�ض �إخراج ال�صوت ولكن � ً
أي�ضا لتربيد
القلب ،فحتى الأبكم لديه رئتان.
ثان ًيا ،من ال�ضروري �أن يكون هناك دق معني يتم عمله جل�سم ما يف الهواء،
فيتكون �صوت �أكرب �أو �أقل ،هذا مثل ال�صوت التي يتكون عند دق جر�س .لأنه عندما
ُت�ضرب املادة املنا�سبة لعمل ال�صوت ب�أداة عاملة لل�صوت ،فهي ُت ِ
خرج �صوتًا يتوافق
مع حجمها ،حيث يتم ا�ستقبال هذا ال�صوت يف الهواء ويت�ضاعف يف �أذن امل�ستمع.
156
ثال ًثا ،ال�صوت اللفظي مطلوب ،وميكن �أن نقول �أن ما ي�سمى �صوتًا يف اجلمادات
فهو ي�سمى �صوتًا لفظ ًيا ملا ت�صدره الأج�سام احلية .وهنا َي�ضرب الل�سان جماري
التنف�س ك�أداة طبيعية خملوقة بوا�سطة الرب .وهذا لي�س جر�سا ،فال ي�سمى �صوتًا،
ولكنه �صوت لفظي .ولقد ذكرت هذا حتى ميكن للمب�شرين �أن ُيعلموه للنا�س.
مفهوما
ً خرج �شي ًئا
ومن ال�ضروري �أن الذي يعمل ال�صوت اللفظي يق�صد �أن ُي ِ
لعقل املتلقي ،ويجب �أن يفهم هو نف�سه ما الذي يقوله ،وبالتايل يتحكم ب�صوته
ب�ضرب �أ�سنانه بل�سانه على التوايل يف فمه ،بفتح و�إغالق �شفتيه ،وب�إر�سال الهواء
امل�ضروب يف فمه �إىل الهواء اخلارجي ،هكذا بهذه الطريقة يخرج ال�صوت حتى
ت�سمعه الأذن ،وتفهم معناه.
ﻋﺼ
ونعود �إىل املو�ضوع ،ال�شياطني لي�ست لديها رئة وال ل�سان ،رغم �أنه ميكنهم �أن
ﲑ ﺍﻟ
ُيظهروا ل�سانهم و�أ�سنانهم و�شفاههم بطريقة ا�صطناعية طب ًقا حلالة الأج�سام التي
اتخذوها ،وبالتايل هم ال ميكنهم �أن يتكلموا ب�شكل حقيقي .ولكن لأن لديهم ِفهما
ﻜﺘ
حدثون بع�ض اال�ضطراب عقل ًّيا ،فعندما يريدون �أن ُيعربوا عن �شيء يق�صدونهُ ،ي ِ
يف الهواء الداخلي للج�سد الذي يتخذونه ،ف ُينتجون �صوتًا ،لي�س �صوتًا لفظ ًّيا ،ولكنه
ﺐ ﻟﻠﻨ
�صوت يحاكي ال�صوت اللفظي ،و ُير�سلونه ببالغة خالل الهواء اخلارجي �إىل �أذن
امل�ستمع .وهذا مثل ال�صوت الذي ميكن �أن ُيعمل بدون تنف�س الهواء وهذا وا�ضح
ﺸﺮ
يف حالة احليوانات التي ال تتنف�س وتعمل �صوتًا ،كما �أن هناك جمادات معينة تعمل
هذا ،كما يقول �أر�سطو ،يف كتاب .de Animaلأن بع�ض الأ�سماك عندما يتم
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
كل هذا �سن�ستخدمه يف فهم مع ما يلي من النقاط ،حتى ن�صل للنقطة التي
نتكلم فيها عن االت�صال اجلن�سي ،و�إذا �أراد �أي �أحد �أن ي�س�أل �أكرث يف مو�ضوع حديث
ال�شياطني يف الأج�ساد التي يتلب�سون بها ،ميكنه �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «توما�س»
يف الكتاب الثاين من ،Sentencesالف�صل الثامن ،املقال اخلام�س .لأنهم يف هذه
احلالة ي�ستخدمون �أع�ضاء اجل�سم الذي يتلب�سون فيه ،لأنهم يتلب�سون بهذا اجل�سم
ويتحددون بقدراته ،ولي�س بقدراتهم هم� ،سواء اجل�سدية �أو الروحية.
وال بد �أن نقول الآن كيف ميكن �أن يروا وي�سمعوا .الب�صر نوعان ،روحي وج�سدي،
والروحي يتفوق على اجل�سدي ،لأنه ميكنه �أن يخرتق احلواجز وال يكون حمدودًا
157
بامل�سافات ،ب�سبب خوا�ص ال�ضوء التي ي�ستخدمها .بالتايل ال بد �أن نقول �أنه ال ميكن
للمالك �سواء كان مالك خري �أو مالك �شر� ،أن يرى بعني اجل�سد الذي اتخذه ،وال
�أن ي�ستخدم �أي من �صفات هذا اجل�سد كما يف �صفة الكالم عندما ا�ستخدم الهواء
واهتزاز الهواء ل ُينتج �صوتًا لفظ ًّيا �أمكن �أن يتم �سماعه بوا�سطة امل�ستمع .لذلك
عيونهم هي فقط عيون مر�سومة .وهم ُيظهرونها للإن�سان بهذا ال�شكل حتى يُظهِ روا
له �أن �صفاتهم طبيعية ويتحدثون معه.
بهذه الطريقة ظهرت املالئكة املقد�سة للآباء ب�أمر الرب و�إذنه ،ومالئكة ال�شر
�أظهروا �أنف�سهم للفا�سدين حتى يعرف الفا�سدون �صفاتهم وحتى يتعاملوا معهم يف
ﻋﺼ
اخلطية.
ولأن الب�صر اجل�سدي هي عملية حيوية حتدث يف اجل�سم احلي ،وتفتقدها
ﲑ ﺍﻟ
ال�شياطني ،بالتايل فهم ير�سمونها يف الأج�ساد التي يتخذونها.
ﻜﺘ
وميكن �أن نتحدث بنف�س الطريقة عن �سماعهم ،والذي هو �أكرث دقة من �سماع
اجل�سد ،لأنه ميكنهم �أن يعرفوا �أفكار العقل وحديث الروح مبهارة �أكرث مما ميكن
ﺐ ﻟﻠﻨ
للإن�سان بالعقل �أن يفعله يف بيئة الكلمات امل�سموعة .انظر كالم القدي�س «توما�س»
يف الكتاب الثاين من ،Sentencesالف�صل الثامن .لأنه �إذا كانت الرغبات ال�سرية
ﺸﺮ
للإن�سان ظاهرة يف وجهه ،والأطباء ميكن �أن يعرفوا منها �أفكاره من خالل �ضربات
قلبه وحالة نب�ضه ،فكل هذه الأ�شياء ميكن �أن يعرفها ال�شيطان ب�شكل �أف�ضل.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وميكن �أن نقول هذا عن الأكل ،يف املمار�سة الكاملة للأكل هناك �أربع عمليات،
ﺯﻳﻊ
امل�ضغ بالفم ،البلع �إىل املعدة ،اله�ضم ،وراب ًعا الأي�ض للمواد ال�ضرورية و�إخراج
الزائد .كل املالئكة ميكن �أن تعمل �أول عمليتني للأكل يف اجل�سد الذي يتخذونه،
فبدل من اله�ضم والإخراج لديهم قدرة �أخرى يذوب ولكن لي�س الثالثة والرابعةً .
فيها الطعام فج�أة يف املادة املحيطة به .ففي ج�سد امل�سيح كانت عملية الأكل كاملة
بكل خطواتها ،حيث كانت لديه القدرة على الأي�ض والتغذي ،لكن لي�س بالطريقة
الطبيعية ،لأنه هذه القدرات كانت يف حالة ج�سم امل�سيح مفخمة ،فالطعام كان
يذوب يف ج�سده فج�أة ،كما يرمي �أحد باملاء على النار.
158
كيف ميكن لل�ساحرات يف هذا الع�صر �أن ي�ؤدين االت�صال اجل�سدي مع �شياطني
اجلاثوم وكيف يتكاثرن بهذه الطريقة؟
ال توجد �صعوبة يف هذا �إذا فهمنا ما �سبق ،فبالنظر �إىل املبد�أ الذي بد�أنا به،
فالفعل اجل�سدي الذي يعمله ال�شيطان اجلاثوم مع ال�ساحرات� ،إمنا يعمله بج�سده
الذي اتخذه.
وقد ي�شك �أحد ويقول هل ال�ساحرات يف هذا الع�صر ميكن �أن يعملن هذا
االقرتان البغي�ض؟ وهل ال�ساحرات ُولدن ب�سبب هذه العملية املقيتة؟
يف �إجابة هذه ال�شكوك ميكن �أن نقول ،بالن�سبة لل�شك الأول ،بالن�سبة ملمار�سات
ﻋﺼ
ال�ساحرات الالتي ُكنَّ َيع�شن يف الأزمان القدمية ،قبل حوايل � 1400سنة قبل جت�سد
ربنا .فغري معلوم �إذا ُكنَّ قد �أدمن على هذه املمار�سات مثل �ساحرات هذا الع�صر
ﲑ ﺍﻟ
�أم ال ،لأنه بقدر معلوماتنا فالتاريخ ال يخربنا ب�شيء عن هذا املو�ضوع .ولكن ال
ﻜﺘ
�أحد ممن يقر�أ التاريخ ي�شك �أنه كانت هناك دائ ًما �ساحرات ،و�أنهن ب�أعمالهن
ال�شيطانية ت�سبنب بالأذى للب�شر واحليوانات والأ�شجار على الأر�ض ،و�أن �شياطني
اجلاثوم وال�سلعاة (�أحيا ًنا ُتكتب ال�سعالة كما ُتكتب ال�سلعاة) كانوا دائ ًما موجودين،
ﺐ ﻟﻠﻨ
لأن تقاليد ال�شريعة والعلماء تركوا للأجيال القادمة معلومات عديدة بخ�صو�ص هذا
قبل عدة مئات من ال�سنني� .إال �أن هناك اختال ًفا واحدً ا� ،أنه يف الأزمان البعيدة يف
ﺸﺮ
املا�ضي كانت �شياطني اجلاثوم تعمل هذا مع الن�ساء بالإجبار �ضد رغبتهن ،كما هو
وا�ضح من كالم «نيدار» يف كتابه Formicariusوكالم «توما�س �أوف باربانت» يف
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن نظرية �أن �ساحرات هذا الع�صر قد ف�سدوا بهذا النوع من البذاءة
ال�شيطانية هي لي�ست ُمثبتة فقط يف ر�أينا ،ولكن ب�شهادة اخلرباء من ال�ساحرات
�أنف�سهن مما جعل كل �شيء موثو ًقا ،واعرتفن �أنهن الآن لي�س كما ُكن يف املا�ضي،
حيث كان هذا بدون رغبة منهن ،لكنهن الآن يفعلن هذا برغبتهن اخلا�صة وي�ؤدين
لل�شياطني �أكرث ا�ستعباد كريه وفا�سد.
ن�ساء كثريات ال بد من معاقبتهن بالقانون العلماين يف خمتلف الأبر�شيات،
خا�صة يف «كون�ستان�س» وقرية «راتي�سبون» ،حيث ُكنّ ل�سنني عديدة مدمنات على
هذا العمل البغي�ض ،بع�ضهن منذ �أن كانت �أعمارهن يف الع�شرين وبع�ضهن من
159
عمر الثانية ع�شرة والثالثة ع�شرة ،ودائ ًما ما يفعلن هذا مع �إنكار كامل �أو جزئي
للإميان ،وكل �سكان الأماكن الأخرى �شهود على هذا .لأنه بدون ح�ساب من تابت
منهن ورجعت �إىل الإميان ،فلي�س �أقل من ثمانية و�أربعني امر�أة مت حرقها يف خم�سة
�سنوات .ولن نذكر ال�ساحرات الالتي �أتني حتت مالحظة زميلنا املفت�ش يف «كومو»
يف مقاطعة «بوربيا» ،والذي يف �سنة واحدة -وكانت �سنة النعمة -1485ت�سبب يف
حرق �إحدى و�أربعني �ساحرة ،وكلهن مت �إثبات حرقهن ب�شكل علني ،لأنهن قد مار�سن
هذه الأعمال البغي�ضة مع ال�شياطني .بالتايل هذا الأمر مت �إثباته بوا�سطة �شهود
عيان ،وبالهرطقة ،وب�شهادة �شهود موثوقني.
بالن�سبة لل�شك الآخر ،هل ال�ساحرات كانت والدتهن ب�سبب هذه املمار�سة
ﻋﺼ
البغي�ضة ،ميكن �أن نقول مع القدي�س «�أوج�ستني» �أن هذا حقيقي ،و�أن كل الفنون
ﲑ ﺍﻟ
املاورائية لها �أ�صل م�سموم �أتى من عالقة الإن�سان مع ال�شياطني .لأنه يقول يف كتابه
:On Christian Doctrineكل هذا النوع من الأعمال املاورائية� ،سواء كان تاف ًها
ﻜﺘ
�أو م�ؤذ ًيا ،نبت من عالقة م�سمومة بني الإن�سان وال�شيطان ،مثلما ُعملت بع�ض العهود
للكفار مع املاكرين من اخلارج.
ﺐ ﻟﻠﻨ
الحظ هنا �أنه رغم �أن هناك عدة �أنواع من املاورائيات وفنون ال�سحر ،وعدة
نوعا من هذا جمتمعات من �أولئك الذين ميار�سونها ،لكن من �ضمن الأربعة ع�شر ً
ﺸﺮ
الفن ،ف�إن ف�صيلة ال�ساحرات هي الأ�سو�أ ،لأنهن ال ُيخفني هذا بل ُيعلنون العهد مع
نوعا من عبادة ال�شيطان عرب �إنكارهن للإميان، ال�شيطان ،و�أكرث من هذا ،يعملن ً
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وبالتايل فال�ساحرات يعملن �أ�سو�أ نوع من العالقة مع ال�شياطني ،وهذا متوقع من
�سلوك الن�ساء ،الذين يبتهجن دائ ًما بالأ�شياء الفا�سدة.
ﺯﻳﻊ
e
160
الفصل .5الساحرات عادة يعملن تعاويذهن
باستخدام األسرار المقدسة للكنيسة
ﻋﺼ
بكل �أنواعهم.
ﲑ ﺍﻟ
ولكن هناك �أ�شياء عديدة ال بد �أن نذكرها بخ�صو�ص طرقهن يف عمل
الأذية للمخلوقات وعلى الأ�شجار يف الأر�ضً � :أول ما يتعلق بالإن�سان ،ثم ما يتعلق
ﻜﺘ
باحليوانات ،وثال ًثا ما يتعلق بالأ�شجار على الأر�ض .بالن�سبة للإن�سانً � ،أول ميكنهن
�أن يعملن تعويذة حاجبة على قدرات الإجناب ،وتعويذة على القدرة اجلن�سية ،فال
ﺐ ﻟﻠﻨ
ميكن للمر�أة �أن حتمل ،وال يقدر الرجل على �أداء الفعل.
ﺸﺮ
ثان ًيا ،كيف لهذا الفعل �أن يتعطل يف بع�ض الأحيان ناحية امر�أة معينة دون
الأخرى؟
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ثال ًثا ،كيف ي�أخذن الأع�ضاء الرجولية بعيدا فيظهر �أنها قد ذهبت من اجل�سد؟
ﺯﻳﻊ
راب ًعا ،هل من املمكن �أن ُنيز �إذا كان �أي من هذه الأ�شياء املذكورة ح�صلت بفعل
ال�شيطان بنف�سه� ،أم �أنها ح�صلت خالل توكيل �أحد ال�ساحرات؟
خام�سا ،كيف لل�ساحرات �أن ُيح ِّولن الرجال والن�ساء �إىل حيوانات ببع�ض
ً
الإيهام؟
�ساد�سا،كيف ميكن لل�ساحرات العامالت يف التوليد بطرق عديدة �أن يقتلن ما ً
يتم حمله يف �أرحام الن�ساء؟ وعندما ال يقدرن على فعل هذا ،فكيف يهنب الأطفال
لل�شيطان؟ بقراءة هذه الأ�شياء �ستبدو وك�أنها ال ت�صدق ،ولكن كلها مت �إثباتها يف
161
اجلزء الأول من هذا العمل ب�أ�سئلة و�إجابات على احلجج ،فيمكن للقارئ الذي لديه
�شكوك �أن يعود �إليها لغر�ض معرفة احلقيقة.
يف الوقت احلايل مو�ضوعنا فقط �أن ن�ضيف وقائع حقيقية و�أمثلة وجدناها
ب�أنف�سنا� ،أو كتبها �آخرون يف التحذير من هذه اجلرائم ،فيتم تثبيت تلك احلجج
ال�سابقة �إذا كانت �صعبة الفهم على �أي �شخ�ص ،وبالتايل ميكن �أن يعود الإميان
له�ؤالء الذين يظنون �أنه ال توجد �ساحرات ،و�أنه ال يوجد �سحر يف هذا العامل.
وبالن�سبة للدرجة الأوىل من الأذية التي يعملنها للجن�س الب�شري ،ال بد �أن نذكر
�أنه بعيدً ا عن الطرق التي ي�ؤذون بها املخلوقات الأخرى ،ف�إن لديهم �ستة طرق لإيذاء
ﻋﺼ
الب�شر .الأوىل هي ت�شجيع حب �شرير يف الرجل �أو املر�أة� ،أو يف املر�أة جتاه الرجل.
الثانية هي زرع كره �أو غرية يف �أي �شخ�ص .الثالثة هي �سحر الرجل فال ي�ستطيع
ﲑ ﺍﻟ
�أن يعمل العالقة اجلن�سية مع املر�أة� ،أو �سحر املر�أة فال ت�ستطيع �أن تعمل عالقة مع
الرجل� ،أو بعدة معان �أخرى مثل عمل �إجها�ض كما قلنا من قبل .الرابعة هي عمل
ﻜﺘ
مر�ض يف �أي من �أع�ضاء اجل�سم الب�شري .اخلام�سة هي �أخذ احلياة من ال�شخ�ص.
ال�ساد�سة هي �أخذ املنطق من ال�شخ�ص.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال بد �أن نقول �أن ال�شياطني ميكنهم بقدراتهم الطبيعية بكل الطرق �أن يعملوا
العلل والأمرا�ض ،وهذا يعملونه بقدرتهم الروحية الطبيعية ،والتي هي �أعلى من �أي
ﺸﺮ
قوة ج�سدية.
ﻭ
ولكن � ًأول ،قد يت�ساءل القارئ عن ال�سبب الذي يجعلهم غري قادرين على الت�أثري
ﺍﻟﺘﻮ
يف النجوم� ،سنقول �أن هناك ثالثة �أ�سباب ،الأول �أن النجوم فوقهم ،بينما هم يف
ﺯﻳﻊ
منطقة ال�ضباب ال�سفلي ،وهذا ب�سبب املهام املوكلة �إليهم ،انظر اجلزء الأول،
ال�س�ؤال ،2عندما حتدثا عن اجلاثوم وال�سلعاة.
ال�سبب الثاين هو �أن النجوم حمكومة بوا�سطة مالئكة اخلري .انظر �إىل
وخ�صو�صا كالم القدي�س
ً الكتب العديدة التي تخت�ص بالقوى التي ُترك النجوم،
«توما�س» .ويف هذا املو�ضوع يتفق الفال�سفة مع الالهوتيون.
ثال ًثا� ،أنه ب�سبب النظام العام وال�صالح العام للكون .والذي �سيعاين من �ضرر
بالغ �إذا ُ�سمح للأرواح ال�شريرة �أن تعمل �أي تغيري يف ت�أثري النجوم .لذلك هذه
162
التغريات التي ح�صلت ب�إعجاز يف العهد القدمي واجلديد قد حدثت بفعل الرب من
خالل مالئكة اخلري .كمثال ،ملا توقفت ال�شم�س من �أجل «جو�شوا»� ،أو عندما رج َعت
�إىل اخللف من �أجل «حزقيا»� ،أو عندما �أظلمت ب�شكل معجز �أثناء �آالم امل�سيح .ولكن
يف كل الأمور الأخرى غري النجوم ،ميكنهم �أن يعملوا تعاويذهم� ،سواء ال�شياطني
�أنف�سهم �أو ال�شياطني من خالل توكيل �ساحرة.
ثان ًيا ،ال بد �أن نذكر �أنه يف كل طرقهم لعمل الأذية ،يوجهون �ساحراتهم لعمل
�أدواتهن لل�سحر من الأ�سرار املقد�سة للكني�سة� ،أو من بع�ض الأ�شياء املقد�سة املكر�سة
للرب ،مثل �أنهن يف بع�ض الأحيان ي�ضعن �صورة �شمعية حتت قما�شة من مذبح
ﻋﺼ
ممزوجا بزيت املريون املقد�س� ،أو ي�ستخدمن الأ�شياءً الكني�سة� ،أو ي�سحبون ً
خيطا
ﲑ ﺍﻟ
املكر�سة ب�أي طريقة .وهن معتادات �أن ُيار�سن �سحرهن يف الأوقات املقد�سة من
ال�سنة ،خا�صة يف عيد جميء امل�سيح ،ويف الكري�سما�س.
ﻜﺘ
وهناك ثالثة �أ�سباب لهذا ،ال�سبب الأول� ،أنهن بهذا املعنى ال يجعلن الإن�سان
فقط مذن ًبا باخليانة ،ولكن بتدني�س املقد�سات ،بتلويث كل ما هو رباين ،حتى
ﺐ ﻟﻠﻨ
ميكنهن الإ�ساءة للرب خالقهم ب�شكل �أكرث عم ًقا ،فتُلعن �أرواحهم و ُي�س ِقطون كث ًريا
ﺸﺮ
غريهم يف اخلطية.
ثان ًيا� ،أن الرب ،كونه م�ستاء جدًّا من الإن�سان ،ميكن �أن يعطي لل�شيطان قوة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�أكرب على تعذيبهم .لأجل هذا يقول القدي�س «جريجوري»� ،أن الرب يف غ�ضبه يف
ﺯﻳﻊ
بع�ض الأحيان ي�ستجيب لدعوات الفا�سدين التي يرف�ضها من الآخرين لأجل تعذيب
بع�ض الب�شر .وال�سبب الثالث هو �أنه ب�سبب و�ضوح اخلري ،ميكن للرب �أن ي�ضلل
بع�ض الرجال الذين يظنون �أنهم قد عملوا عمال تقيا وح�صلوا على النعمة من
الرب ،بينما هم يف الواقع قد عملوا اخلطية ب�شكل �أثقل.
�سبب رابع ميكن �أن ي�ضاف بخ�صو�ص املوا�سم املقد�سة وال�سنة اجلديدة .لأنه
وف ًقا للقدي�س «�أوج�ستني» ،هناك خطايا �أخالقية �أخرى غري الزنا ميكن �أن تعملها
وتدن�س بها الأعياد.
163
املاورائيات وال�سحر ينبثقان من العمليات الأكرث حقارة لل�شياطني وهي �أمور
خمالفة لالحرتام الذي هو من عند الرب .بالتايل ،كما قيل ،ال�شيطان يجعل
الإن�سان ي�سقط �أكرث ،واخلالق ي�ستاء منه �أكرث.
وبالن�سبة لعيد ال�سنة اجلديدة ميكن �أن نقول وفقا للقدي�س «�إيزيدور»� ،أن
«جانو�س» الذي جاء منه ا�سم يناير ،والذي يبد�أ يف يوم اخلتان املقد�س ،كان �صن ًما
ذا وجهني ،واحد يعرب عن ال�سنة القدمية والآخر يعرب عن بداية ال�سنة اجلديدة،
وك�أنه هو احلافظ واملب�شر بال�سنة اجلديدة .وكتكرمي له �أو بالأحرى لل�شيطان
الذي هو على �شكل هذا ال�صنم ،يعمل الوثنيون االحتفاالت ال�صاخبة ،ويفرحون
ﻋﺼ
ب�أنف�سهم ،ويعملون كث ًريا من الرق�صات والأعياد .واملبارك «�أوج�ستني» يذكرهم يف
موا�ضع كثرية ،ويعطي و�ص ًفا دقي ًقا لهم يف كتابه ال�ساد�س والع�شرين.
ﲑ ﺍﻟ
والآن امل�سيحيون الفا�سدون يقلدون هذا الف�ساد الأخالقي ،ويحولونها �إىل
ﻜﺘ
جمون عندما ي�أتي وقت املهرجان فيهرعون �إليه بالأقنعة والأ�ضحوكات واخلرافات
الأخرى .كذلك ال�ساحرات ي�ستخدمن احتفاالتهن بال�شيطان لأجل م�صلحتهن،
ويعملن تعاويذهن يف وقت ال�سنة اجلديدة لتتوافق مع �أيام املقرات الربانية
ﺐ ﻟﻠﻨ
والآن بالن�سبة لكيفية عمل �سحرهن ،هُ نّ ي�ستخدمن �شيئنيً � ،أول �أ�سرار الكن�سية
املقد�سة ،وثان ًيا لأ�شياء املكر�سة املقد�سة� ،سن�شري �إىل حقائق مكت�شفة بوا�سطتنا يف
ﻭ
حملة التفتي�ش.
ﺍﻟﺘﻮ
يف قرية من الأف�ضل �أال نذكر ا�سمها� ،أثناء عمل �سر الأفخار�ستيا املقد�س حيث
ﺯﻳﻊ
ي�ؤكل اخلبز تعب ًريا عن ج�سد امل�سيح ،عندما ا�ستلمت �ساحرة ج�سد ربنا ذات مرة،
فج�أة خف�ضت ر�أ�سها ،وعملت تلك العادة الكريهة للن�ساء ،ب�أن و�ضعت قما�ش ثوبها
قرب فمها ،و�أخرجت ج�سد الرب خارج فمها خفية ،وغلفته يف منديل ،وبعد ذلك،
باقرتاح من ال�شيطان ،و�ضعته يف �صندوق �صغري بداخله �ضفدع ،ودفنته حتت
الأر�ض بجوار منزلها بجوار املخزن� ،إىل جوار �أ�شياء كثرية �أخرى ،لأجل �أن تعمل
به �سحرها .ولكن بتدخل من رحمة الرب ،مت اكت�شاف هذه اجلرمية وو�ضعها حتت
ال�ضوء.
164
لأنه يف اليوم التايل ،كان هناك رجل موظف ذاهب �إىل عمله قرب ذلك املنزل،
ف�سمع �صوتًا ك�أنه طفل يبكي ،وعندما �أتى �إىل احلجرة التي حتتها ال�صندوق
طفل مدفو ًنا هاهنا ،فذهباملدفون� ،سمع ال�صوت ب�شكل �أو�ضح ،وظن ب�أن هناك ً
�إىل العمدة �أو احلاكم ،و�أخربه مبا ح�صل معه� ،أو كما ظن� ،أخربه ب�أن هناك من
قتل ً
طفل وليدً ا .وب�سرعة �أر�سل العمدة ُخ ّدامه فوجدوه كما قال .ولكنهم كرهوا �أن
ُيخرجوا جثة الطفل ،واجدين �أنه من الأكرث حكمة �أن يراقبوا وينتظروا �إذا �أتت
امر�أة �إىل هذا املكان .لأنهم مل يكونوا يعرفون �أن هذا هو ج�سد الرب املخب�أ هنا.
وحدث �أن ال�ساحرة قد �أتت �إىل املكان ،واجتهت ناحية ال�صندوق الذي خب�أته ،وكان
هذا �أمام �أعينهم .وعندما مت �أخذها وم�ساءلتها ،ك�شفت عن جرميتها ،وقالت �أن
ﻋﺼ
ج�سد الرب مت �إخفا�ؤه يف ال�صندوق مع �ضفدعة ،حتى تقدر بهذا �أن تعمل �أذى
لبع�ض الأ�شخا�ص واملخلوقات الأخرى.
ﲑ ﺍﻟ
أي�ضا �أن ال�ساحرات يعملن هذه العادة كلما ا�ستطعن بدون �أن ال بد �أن نذكر � ً
ﻜﺘ
بدل من �أعاله .وبطريقةُيكت�شف �أمرهن ،فهن ي�ستلمن ج�سد الرب حتت ل�سانهن ً
ال ميكن �أن ُيرى بها ،وال�سبب هو �أنهن ال ُيردن احل�صول على �أي عالج ميكن �أن
ﺐ ﻟﻠﻨ
يتعار�ض مع �إنكارهن للإميان� ،إما باالعرتاف �أو بتقبل ال�سر املقد�س للأفخار�ستيا،
وثان ًيا ،لأنه بهذه الطريقة من الأ�سهل عليهن �أن ي�أخذن ج�سد الرب خارج �أفواههن
ﺸﺮ
ليمكنهن و�ضعه بعيدً ا لأجل ا�ستخداماتهن ،لأجل الإ�ساءة للخالق .لهذا ال�سبب كل
توجيهات الكني�سة له�ؤالء الذين ُيحدِّ ثون النا�س فيها �أن يتخذوا كل االحتياط عندما
ﻭ
يتعاملون مع الن�ساء �أن تكون �أفواههن مفتوحة و�أل�سنتهن خارجة وظاهرة ،و�أن تكون
ﺍﻟﺘﻮ
مالب�سهن �سليمة وال �شيء خمب�أ فيها .وكلما اتُّخذت احتياطات �أكرث كلما انك�شفت
ﺯﻳﻊ
ال�ساحرات �أكرث.
خرافات �أخرى كثرية يعملنها يف الأ�شياء املقد�سة .يف بع�ض الأحيان ي�ضعن
�صورة �شمعية �أو مادة عطرية حتت قما�شة من مذبح الكني�سة ،كما قلنا من قبل ،ثم
ُيخفونها حتت عتبة منزل ،حيث ُي�سحر بها �صاحب املنزل عندما مير فوقها� .أمثلة
�أخرى كثرية جدًّا ميكن �أن ن�ضعها ،ولكن هذه الأنواع ال�صغرية من التعاويذ �سيتم
فهمها بذكر الأكرب منها.
e
165
الفصل .6كيف تمنع وتعوق الساحرات القدرة على
اإلنجاب
ﻋﺼ
هل ميكن لل�ساحرات �أن ُيحولن عقول الرجال للحب �أو الكره .هناك ،بعد حلول
املجادالت ،كان هناك تو�ضيح عن الطريقة التي ميكن لل�ساحرة ب�إذن الرب �أن
م�ستحيل عندما ن�ضع يف احل�سبان �أنهن ميكنهن �أن ُيبطلن ا�ستخدام �أي ع�ضو ً يبدو
حي .ثان ًيا ،عندما مينعن تدفق اجلواهر احليوية �إىل الأع�ضاء التي ت�سبب القوة
ﺸﺮ
املحركة ،مغلقني القناة املنوية حتى ال ي�صل املني �إىل قنوات الإجناب� ،أو حتى ال
فياق بال جدوى. ميكنه �أن يقذف� ،أو يقذف لكنه يكون غري ُمثمر ُ
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وخارج ًّيا ب�أنه ميكنهن تعطيل الإجناب يف �أوقات با�ستخدام ال�صور� ،أو ب�أكل
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
وعندما �س�ألوه كيف فعل هذا ،وما هو العقاب الذي يتخريه لنف�سه ،ك�شف جرميته
قائل ،لقد و�ضعت ح ّية حتت عتبة الباب اخلارجي للبيت ،و�إذا متت �إزالتها� ،ستعود ً
ﲑ ﺍﻟ
اخل�صوبة ل�سكان البيت كلهم .وح�صل كما قال ،لكن احلية مل ُيعرث عليها لأنها
حتللت �إىل تراب ،فتمت �إزالة هذه القطعة من الأر�ض التي ُعمل فيها ال�سحر ،ويف
ﻜﺘ
نف�س ال�سنة عادت اخل�صوبة للزوجة ولكل احليوانات.
حالة �أخرى حدثت منذ �أربع �سنوات يف «ري�شوفني» .كانت هناك �ساحرة �شهرية،
ﺐ ﻟﻠﻨ
إجها�ضا .وكانت هناك زوجةميكنها بلم�سة واحدة �أن ت�سحر الن�ساء وت�سبب لهن � ً
رجل نبيل يف ذلك املكان وحملت وع ّينت �أحد املولدات لتهتم بها ،وحذرتها املولدة
ﺸﺮ
�أال تخرج من القلعة �أبدً ا و�أن َتذر �أن تتحدث مع تلك ال�ساحرة �أي حديث كان.
وبعد �أ�سابيع قليلة ،مل تهتم املر�أة بهذا التحذير ،فخرجت من القلعة لتزور �إحدى
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
قليل ،جاءت الن�ساء التي قابلتها ذات مرة يف �أحد الأعياد ،وعندما جل�ست معها ً
ﺯﻳﻊ
ال�ساحرة ،وك�أنها �أتت لتحيتها ،فو�ضعت ال�ساحرة يديها االثنتني على معدة املر�أة،
وفج�أة �أح�ست املر�أة ب�أمل من حركة الطفل .وخافت من هذا وعادت �إىل املنزل
و�أخربت املُولدة مبا ح�صل .ف�صرخت املُولدة فيها «و�آ�سفاه! لقد خ�سرت طفلك
فعل عندما �أتى وقت والدتها ،حيث ولدت �أجزاء متناثرة بالفعل» وهذا ما ح�صل ً
من طفل� ،أجزاء من ر�أ�سه و�أجزاء من يديه .وهذا ال�سحر مت عمله لها لالنتقام من
زوجها ،الذي كانت مهنته �أن ي�أتي بال�ساحرات �إىل العدالة ويث�أر لأذيتهن للرب.
وكان هناك �شاب يف قرية «مري�سبورج» يف �أبر�شية «كون�ستان�س» ،مت �سحره
بطريقة ال ميكنه معها �أن ي�ضاجع �أي امر�أة �إال واحدة .والكثريون �سمعوه وهو يقول
167
�أنه كان يرغب يف �أن يرف�ض هذه املر�أة ،ويرحل �إىل �أر�ض �أخرى ،ولكنه حتى هذا
اليوم جمبور ب�أن ي�ستيقظ كل يوم يف الليل وي�ضاجعها ويعود �سري ًعا جدًّا ،ويف بع�ض
الأحيان يقطع الأرا�ضي البعيدة يف عودته ،وبع�ض الأحيان الأخرى يعود عرب الهواء
كما لو كان يطري.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
168
الفصل .7كيف ي ُجرِّدن الرجل من عضوه الذكري
لقد و�ضحنا �أنه ميكنهن �أن ي�أخذن الع�ضو الذكري ل�شخ�ص ،لي�س ب�شكل حقيقي
ولكن بالطريقة الإيهامية التي �أو�ضحناها .وهنا نحن �سن�ضع بع�ض الأمثلة.
يف قرية «راتي�سبون» كان هناك �شاب خدع فتاة ،وكان راغ ًبا يف تركها ،هذا
ﻋﺼ
ال�شاب فج�أة فقد ع�ضوه الذكري� ،أو كما قلنا �أ�صيب بوهم �سحري مت رميه على
الع�ضو فاختفى ف�أ�صبح ال ميكنه �أن يراه �أو يلم�سه ،فقط يلم�س جلد حو�ضه الناعم
ﲑ ﺍﻟ
ك�أنه ال �شيء هناك .ويف غمرة قلقه على هذا الأمر ذهب �إىل احلانة لي�شرب اخلمر
ﻜﺘ
وبعد �أن جل�س لبع�ض الوقت حت ّدث مع امر�أة كانت هناك ،و�أخربها ب�سبب حزنه،
و�شرح لها كل �شيء ،و�أراها ج�سده.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وكانت املر�أة ذكية ،ف�س�ألته �إذا كان ي�شك يف �أي �شخ�ص ،وعندما ذكر ا�س ًما
واحدً ا ،ا�سم امر�أة �ساحرة ،تبني لها كل �شيء فقالت له «�إذا كان الإقناع لي�س كاف ًيا
ﺸﺮ
فيجب �أن ت�ستخدم العنف حتى جتعلها ُتعيد لك �صحتك» .وبذلك يف امل�ساء راقب
ال�شاب الطريق الذي اعتادت ال�ساحرة �أن مت�شي منه ،ووجدها ،وا�ستحلفها ب�أن تعيد
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
له �صحته .وعندما �أ�صرت �أنها بريئة وال تعرف عما يتكلم ،هجم عليها ولف من�شفة
حول رقبتها ،وخنقها وهو يقول «�إن مل تعيدي يل �صحتي� ،ستموتني بني يدي»،
ﺯﻳﻊ
ومل ت�ستطع حتى �أن ُتخرج كلمة ،وبد�أ لونها يزداد �سوادًا وقالت «دعني و�س�أ�شفيك».
خفف ال�شاب ال�ضغط على املن�شفة ومل�سته ال�ساحرة بيدها بني الفخذين وقالت «الآن
عاد لك ما تريده» وال�شاب كما يقول بعد ذلك� ،شعر بو�ضوح بعودة الع�ضو ،قبل حتى
�أن ينظر �أو يلم�سه ،كان ع�ضوه قد عاد �إليه فقط بلم�سة من ال�ساحرة.
جتربة مماثلة حكاها �أب موقر من البيت الدومينيكي يف «�سبايرز» ،معروف
يف التنظيم ب�صدقه يف حياته وبتعلمه ،قال «يف �أحد الأيام ،بينما كنت �أ�ستمع �إىل
يل �شاب ويف و�سط اعرتافه ،قال بطريقة ُيرثى لها �أنه فقد ع�ضوه.االعرتافات� ،أتى �إ ّ
169
انده�شت جدًّا وما كنت لأ�صدق ب�سهولة ،لأن ذا القلب اخلفيف هو الذي ي�صدق
ب�سهولة ،ولكنني ر�أيت الدليل ملا رفع الفتى رداءه ،ر�أيت �أنه لي�س لديه ع�ضو هنالك
يف املكان .ثم وب�أكرث م�شورة حكيمة ا�ستطعت �أن �أقولها� ،س�ألته �إذا كان ي�شك يف
�أن �أحدً ا قد �سحره .قال ال�شاب �أنه �شك يف �إحداهن ،لكنها كانت بعيدة تعي�ش يف
«وورمز» .قلت له «�أنا �أن�صحك �أن تذهب �إليها يف �أ�سرع وقت و�أن حتاول ق�صارى
جهدك �أن ُتلني قلبها بالكلمات امل�ؤدبة والوعود» ولقد فعل هذا .ثم �إنه قد جاء �إيل
بعد �أيام و�شكرين ،وقال �أنه الآن بخري و�أنه قد ا�ستعاد كل �شيء .ورغم �أنني �صدقت
كالمه� ،إال �أنني ت�أكدت بعيني من الدليل»
ﻋﺼ
ولكن هناك بع�ض النقاط يجب �أن نذكرها من �أجل فهم �أو�ضح ملا قيل يف هذا
الأمرً � .أول ،ال يجب �أن ن�صدق �أبدً ا �أن الع�ضو الذكري ي�ؤخذ بحق من اجل�سد،
ﲑ ﺍﻟ
ولكن يف احلقيقة هو يتم �إخفا�ؤه بوا�سطة بع�ض الفن ال�سحري فال ُيرى �أو ُيح�س.
ﻜﺘ
وهذا مثبت بال�شرائع واحلجج ،و�سنذكر مرة �أخرى مقولة «�ألك�سندر �أوف هيلز» �أن
الهيبة ،بفهمها ال�صحيح ،هي وهم من ال�شيطان ،لأنه ال يحدث فيها �أي تغيري يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
املادة ،ولكنه تغيري فقط يف عقل املوهوم� ،إما يف حوا�سه اخلارجية �أو الداخلية.
بالرجوع �إىل هذه الكلمات ال بد �أن نذكر� ،أنه �إذا تكلمنا عن حا�ستني من
ﺸﺮ
احلوا�س ،حتديدً ا ،الب�صر واللم�س ،وقلنا �أنه قد مت خداعهما .فهذه احلوا�س ال
تنفعل يف حالة �إخفاء �شيء ،بل تنفعل يف حالة ظهور �شيء ما لل�شخ�ص.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�شخ�صا
ً لأن ال�شخ�ص الواعي يرى �أ�شياء تختلف عن حقيقتها ،مثل �أن يرى
رجل يتحول �إىل وح�ش� ،أو يرى �أنه هو نف�سه وح�ش. يلتهم ح�صا ًنا� ،أو يظن �أنه يرى ً
ﺯﻳﻊ
فهذا عنده احلوا�س اخلارجية تكون خمدوعة وموظفة بوا�سطة احلوا�س الداخلية.
لأنه بقدرة ال�شياطني ،وب�إذن الرب ،تبقى ال�صور العقلية يف الكنز اخلا�ص بها،
الذي هو الذاكرة ،ثم يتم �سحبها ،لي�س من الفهم الفكري الذي ُتخزن فيه ال�صور،
ولكن من الذاكرة التي هي م�ستودع لل�صور العقلية ،ومكانها يف م�ؤخرة الر�أ�س،
ثم يتم تقدمي ال�صور َمل َل َكة اخليال .وهذه ا َمل َل َكة تدفع الرجل لأن يتخيل ح�صا ًنا
جب وح�شا ،يعني ي�سحب ال�شيطان من الذاكرة �صورة حل�صان �أو وح�ش ،ثم ُي َ �أو ً
ال�شخ�ص على التوهم �أنه يرى هذه ال�صورة بعينه اخلارجية وك�أنها وح�ش ،ولكن يف
170
احلقيقة ال يوحد وح�ش حقيقي ،ولكن الوح�ش يبدو لل�شخ�ص �أنه موجود ب�سبب القوة
اخلادعة ال�شيطانية التي تعمل با�ستخدام هذه ال�صور العقلية.
مذهل �أن ال�شياطني ميكن �أن تفعل هذا ،لأنه حتى اخللل الطبيعي ولي�س �أم ًرا ً
ميكن �أن ُيحدث نف�س الت�أثري ،كما نرى يف حالة الرجال املحزونني �أو امل�سعورين ،ويف
املجانني وبع�ض املخمورين ،الذين ال يقدرون على التمييز .لأنَّ املحزونني من الرجال
يظنون �أنهم يرون �أ�شياء عجيبة ،مثل الوحو�ش وبع�ض الأمور املرعبة ،رغم �أنه يف
احلقيقة الواقعة هذا غري موجود .انظر �أعاله ،يف ال�س�ؤال ،هل ميكن لل�ساحرات �أن
ُيغرين عقول الرجال �إىل احلب �أو الكره.
ﻋﺼ
و�أخ ًريا ،ال�شيطان له قدرة على الأ�شياء ال�سفلى كلها� ،إال الروح ،بالتايل
هو ي�ستطيع �أن يعمل بع�ض التغيريات يف هذه الأ�شياء كلها ،فتظهر ب�صورة غري
ﲑ ﺍﻟ
حقيقتها .وهو يفعل هذا �إما بت�ضليل وخداع الب�صر حيث �أن ال�شيء الوا�ضح يظهر
ﻜﺘ
ب�شكل م�شو�ش ،ك�أمنا ترى ال�شيء بعد البكاء ،في�أتي ال�شيطان بالأخالط التي
جمعها ،والتي جتعل ال�ضوء يبدو خمتل ًفا عما كان من قبل� .أو يفعل هذا بالعمل على
ﺐ ﻟﻠﻨ
َم َل َكة اخليال بتحويل ال�صور العقلية ،فتظهر املادة الأر�ضية اجلافة على �أنها نارية
�أو مائية.
ﺸﺮ
ميكن �أن ي�س�أل �أحد ،بالرجوع �إىل طريقة ال�شيطان الإيهامية �أعاله ،هل هذا
النوع من الوهم ميكن �أن يحدث لل�صالح والفا�سد بال فرق؟ مثلما ميكن لأي مر�ض
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�أن يحدث لأي �أحد بال فرق؟ ودعونا نقر�أ كلمات «كا�سيان» يف كتاب Second
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
ُمهرة با�ستثناء القدي�س «مكاريو�س» .فال�شيطان ال ميكنه �أن يخدع حوا�س الرجال
املقد�سني ،وعندما مت �إح�ضارها له ليعاجلها ،كان يراها امر�أة حقيقية ولي�ست
ﲑ ﺍﻟ
ح�صا ًنا ،بينما يف اجلانب الآخر كل �شخ�ص �آخر كان ي�صرخ �أنه ي�شاهدها ح�صا ًنا.
قائل �أن هذا قد حدث لها والقدي�س ،ب�صلواته ،حررها و�آخرين من هذا الوهمً ،
ﻜﺘ
لأنها مل تكن حت�ضر املنا�سبات املقد�سة ب�شكل كاف ،و�أنها مل ت�ستخدم االعرتاف
املقد�س كما يجب وال الأفخار�ستيا .ولهذا ال�سبب �أثر عليها ال�شيطان ،رغم �أنها
ﺐ ﻟﻠﻨ
كانت خمل�صة ذات مرة ومل توافق على طلب خمز من �أحد ال�شباب ،وهذا ال�شاب
هو الذي جعل يهود ًيا �ساح ًرا ي�سحرها ،ثم بقدرة ال�شيطان حتولت �إىل ُمهرة.
ﺸﺮ
ميكن �أن ُنلخ�ص ا�ستنتاجاتنا كالتايل :ال�شياطني ميكن لأجل انتفاعهم ولأجل
الفتنة� ،أن ي�ؤذوا ال�صاحلني يف ن�صيبهم من الدنيا ،الذي هو الرثوة وال�شهرة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وال�صحة .هذا وا�ضح من حالة �أيوب املبارك ،الذي �أ�صابه ال�شيطان يف هذه
ﺯﻳﻊ
الأ�شياء .وهذه الأذية لي�ست ب�سبب ال�صاحلني �أنف�سهم ،لأنه ال ميكن �أن ينقادوا
�إىل اخلطية ،مهما متت غوايتهم داخل ًيا وخارج ًيا .ورغم �أن ال�شياطني ميكن �أن
يبتلوا ال�صاحلني يف ن�صيبهم الدنيوي ،لكن ال ميكنهم �أن يبتلوا ال�صاحلني ب�سحر
الأوهام� ،سواء ب�شكل �إيجابي �أو �سلبي.
لي�س ب�شكل �إيجابي ،مثل �أن يخدعوا حوا�سهم بالوهم كما يفعلون للآخرين
الذين لي�سوا يف حالة النعمة .ولي�س ب�شكل �سلبي ،مثل �أن ي�أخذوا �أع�ضاءهم الذكرية
بعيدا ببع�ض الإيهام .لأنه يف هذين الأمرين مل ميكنهم �أبدً ا �أن ي�ؤذوا �أيوب ،خا�صة
كابحا ل�شهوته �إىل درجة �أنه قال ،لقد نذرت مبا يتعلق بالفعل التنا�سلي ،لأنه كان ً
172
نذ ًرا �أنني ال �أفكر �أبدً ا بعذراء �أو بزوجة رجل �آخر .وال�شياطني يعلمون �أن لديه قوة
كبرية على عدم االجنراف للخاطئني (انظر �إجنيل لوقا « :11حينما يحفظ القوي
مت�سلحا ،تكون �أمواله يف �أمان»).
ً داره
ولكن رمبا ي�س�أل �أحدهم ،بالن�سبة للأوهام بخ�صو�ص الع�ضو الذكري ،احلجة
خمدوعا ،لأنه يرى ع�ضوه الذكري ً هي� :أن الإن�سان ال�صالح يف حالة النعمة ال يكون
يف مكانه ال�صحيح ،لكنه ميكن لهذا ال�صالح �أن يرى �أن ع�ضو الفا�سد قد فقد منه
ً
متعار�ضا مع ما لو كان واق ًفا بجوار الفا�سد ،ولكن �إذا اعرتفنا بهذا� ،سيكون هذا
قيل عن الأوهام التي ال يت�أثر بها ال�صالح .ميكن �أن نقول �أنه لي�س هناك قوة كبرية
ل�سحر فقدان الع�ضو للذي يح�صل له الفقد ولكن القوة الكبرية هي للذي يرى الفقد
ﻋﺼ
من اخلارج ،بالتايل ،رغم �أن الإن�سان يف حالة النعمة ميكن �أن يرى فقد الآخرين،
ﲑ ﺍﻟ
لكن لهذا احلد فقط ميكن لل�شيطان �أن يخدع حوا�سه ،فال ميكنه �أن يعاين من هذا
الفقد يف ج�سده هو ،لأنه لي�س خا�ض ًعا لهذا االنحراف .بنف�س الطريقة � ً
أي�ضا العك�س
ﻜﺘ
�صحيح ،حيث �أن املالك قال لطوبيا :ه�ؤالء الذين خ�ضعوا لل�شهوة ،فال�شيطان له
قدرة عليهم.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�ساحرات يف بع�ض الأحيان يجمعن الأع�ضاء الذكرية بعدد كبري ،ع�شرون �أو
ثالثون ع� ًضوا م ًعا ،وي�ضعونهم يف ع�ش طائر� ،أو يغلقون عليهم يف �صندوق ،حيث
ﺸﺮ
يتحركون بذاتهم مثل الأع�ضاء احلية ،ويطعمونهم ال�شوفان والذرة ،كما ُر�ؤي
بوا�سطة الكثريين وهو �أمر عليه تقارير كثرية متفقة ،ال بد �أن يقال �أن هذا كله
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يح�صل بعمل ال�شيطان والوهم ،لأن حوا�س ه�ؤالء الذين يرون هذا قد ُخدعت
بالطريقة التي ذكرناها.
ﺯﻳﻊ
رجل معي ًنا �أخربنا� ،أنه عندما فقد ع�ضوه الذكري ،اقرتب من لأن هناك ً
�ساحرة معروفة و�س�ألها �أن تعيده .فقالت للرجل امل�صاب �أن يت�سلق �شجرة معينة،
وميكنه �أن ي�أخذ ما يريد من ع�ش فيه عدد من الأع�ضاء الذكرية ،وعندما حاول
�أن ي�أخذ ع� ًضوا ذكر ًّيا كب ًريا ،قالت ال�ساحرة ،ال ميكنك �أن ت�أخذ هذا ،لأنه يخ�ص
كاهن الأبر�شية.
كل هذه الأ�شياء حتدث ب�سبب ال�شياطني من خالل الوهم وال�سحر ،بالطريقة
التي ذكرناها ،ب�أن ُي�ضللوا الب�صر بتحويل �صور عقلية يف َم َل َكة اخليال .وال يجب �أن
173
يقال �أن هذه الأع�ضاء الذكرية التي ُعر�ضت يف الع�ش هي �شياطني يف هيئة �أع�ضاء،
مثلما تظهر ال�شياطني لبع�ض ال�ساحرات والرجال يف هيئة �أج�ساد مرئية ويتحدثون
معهم .وال�سبب هو �أن ال�شياطني يعملون هذا الت�ضليل بالطريقة ال�سهلة ،حتديدً ا
ب�أن ي�سحبوا ال�صورة العقلية الداخلية من م�ستودع الذاكرة ،ويطبعوها يف اخليال.
و�إذا �أراد �أي �أحد �أن يقول �أنه ميكن �أن يكون ال�شياطني ي�ستخدمون هذا العمل
الإيهامي عندما يتحدثون مع ال�ساحرات والرجال يف �أج�ساد مرئية ،يعني ميكنهم
�أن ي�سببوا هذه اخلياالت لل�ساحرات بتغيري ال�صورة العقلية يف ملكة اخليال ،فيظن
ال�شخ�ص �أن ال�شيطان موجود يف ج�سم متخذ �أمامه ،لكنه لي�س �إال �أوهام م�صنوعة
ﻋﺼ
بالتغيري يف ال�صورة العقلية التي يف الإدراك الداخلي.
ال بد �أن يقال� ،إذا كان ال�شيطان لي�س له �أي غر�ض غري �أن ُيظهر نف�سه يف هيئة
ﲑ ﺍﻟ
ب�شرية ،فلن تكون هناك حاجة له ليظهر يف ج�سد متخذ ،لأنه ميكن �أن يعمل غر�ضه
ﻜﺘ
ب�شكل كاف جدًّا بالطريقة الإيهامية املذكورة .ولكن الأمر لي�س كذلك ،لأن لديه
غر�ض �آخر ،حتديدً ا ،هو يريد �أن يتحدث وي�أكل مع الفا�سدين ،ويريد �أن يرتكب
ﺐ ﻟﻠﻨ
أعمال بغي�ضة معهم .بالتايل من ال�ضروري �أن يكون موجودًا بنف�سه ،وي�ضع نف�سه � ً
يف ج�سد متخذ..
ﺸﺮ
و�إذا �س�أل �أحدهم ،هل ميكن لل�شيطان نف�سه بدون �أي �ساحرة �أن ي�أخذ ع�ضو
ال�شخ�ص� ،أيا ما كانت طريقة الأخذ؟ نعم ال�شيطان يقدر بالفعل �أن ي�أخذه بعيدً ا،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ثم يعيده عندما يجب �أن يعيده .ي�أخذه بدون جروح وبدون �أمل ،وال يفعل هذا �أبدً ا
ﺯﻳﻊ
�إال كان جم ًربا من �أحد مالئكة اخلري ،لأنه بفعل هذا هو يقطع م�صد ًرا كب ًريا للنفع
له ،لأن ال�شيطان يعرف �أنه يقدر �أن يعمل لهذا الإن�سان �سح ًرا �أكرث يف هذا الفعل
التنا�سلي �أكرث من �أي فعل �آخر .فالرب ي�سمح له �أن يعمل �أذى �أكرث يف هذا الفعل
�أكرث من �أي فعل �آخر ،كما قلنا من قبل.
و�إذا �س�أل �أحدهم ،هل ال�شيطان عر�ضة �أكرث �أن ي�ؤذي الإن�سان بنف�سه �أكرث من
�أن يفعل هذا الأذى من خالل �ساحرة ،ميكن �أن يقال �أنه ال مقارنة بني احلالتني .لأن
ال�شيطان عر�ضة �أكرث ب�شكل كبري جدًّا وال نهائي �أن يعمل ال�ضرر من خالل توكيل
�ساحرةً � .أول ب�سبب �أنه بهذا هو يعمل �إ�ساءة �أكرب للرب ،حيث يغت�صب ما هو للرب،
174
فال�ساحرة كب�شرية هي خملوق مكر�س يف الأ�صل لأجل الرب .ثان ًيا ،لأنه عندما يكون
الرب م�ستاء �أكرث ،فالرب ي�سمح لل�شيطان بقدرة �أكرب على �إيذاء الإن�سان .وثال ًثا
لأجل نفع ال�شيطان ال�شخ�صي ،حيث ي�سبب هالك الأرواح يف اجلحيم.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
175
الفصل .8عن الطريقة التي تحول بها الساحرات
اإلنسان إلى حيوان
ال�ساحرات ،بقدرة ال�شياطني ،ميكنهن حتويل الإن�سان �إىل حيوان ،ورغم �أنه
قد �أثبتنا ب�شكل كاف يف اجلزء الأول يف ال�س�ؤال ،10لكن لأن ال�س�ؤال مع حججه
ﻋﺼ
وحلوله رمبا يكون ً
غام�ضا للبع�ض ،خا�صة �أنه ال توجد �أمثلة واقعية ذكرناها لت�أكيد
هذا ،وحتى الطريقة التي يحولن بها �أنف�سهن حليوانات مل تف�سر ،وبالتايل ال بد �أن
ﲑ ﺍﻟ
ن�ضيف التف�سري التايل لإزالة عديد من ال�شكوك.
ﻜﺘ
� ًأول ،ال�شريعة يف كتاب Episcopiميكن �أن ُيفهم منها �أنهن ال ي�ستطعن حتويل
الب�شر حليوانات ،وحتى الرجال املتعلمني ميكن �أن يفهموا هذا من الن�ص (ولكن
ﺐ ﻟﻠﻨ
هل هم متعلمني ب�شكل جيد!) �إمنا هم خمدوعني ،وال يخافون �أن ي�ؤكدوا عالنية
مبواعظهم �أن هذه التحوالت ال ميكن �أن حت�صل حتى بقدرات ال�شياطني .ونحن
ﺸﺮ
غال ًبا ما نقول �أن هذه العقيدة هي يف غاية ال�ضرر على الإميان ،و�أنها ُتق ِّوي موقف
ﻭ
ولكن ه�ؤالء املب�شرون ،كما ذكرنا ،يلم�سون فقط ال�سطح اخلارجي للن�ص،
ﺯﻳﻊ
ويف�شلون يف �إي�صال املعاين الداخلية لكلمات ال�شريعة .لأنه عندما تقول ال�شريعة:
كل من ي�ؤمن �أن �أي خملوق ميكن �أن ُي�صنع� ،أو يتحول �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ� ،أو
يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه ،بدون تدخل من اخلالق الذي خلق كل �شيء ،هو
بدون �شك كافر....
فالقارئ ال بد �أن يالحظ هنا �أمرين �أ�سا�سيني ،الأول ،بخ�صو�ص كلمة «�أن
ُي�صنع» ،وثان ًيا بخ�صو�ص الكلمات «يتحول �إىل نوع م�شابه» .وعن الأمر الأول،
�سنجيب ب�أن كلمة «�أن ُي�صنع» ميكن �أن ُتفهم بطريقتني ،حتديدً ا ،مبعنى «�أن ُيخلق»
176
�أو مبعنى الإنتاج الطبيعي لأي �شيء .يف املعنى الأول فهذا يعود قط للخالق كما هو
معروف ،والذي بقدرته ميكن �أن يخلق من العدم.
ولكن يف املعنى الثاين هناك متييز يجب �أن ُير�سم بني املخلوقات ،لأن بع�ض
املخلوقات كاملة ،مثل الإن�سان واحلمار �إلخ .والبع�ض الآخر غري كامل ،مثل الثعابني
وال�ضفادع� ،إلخ .لأنه ميكنهم �أن يولدوا من العفن يف البيئة العفنة .ال�شريعة تتحدث
بو�ضوح فقط عن النوع الأول ولي�س عن النوع الثاين ،لأنه يف حالة النوع الثاين ميكن
�أن ُنثبت ما قاله «�ألبريت» املبارك يف كتابه On Animalsحيث �س�أل �إذا كانت
ال�شياطني قادرة على �أن تعمل حيوانات حقيقية ،وذكر �أنه ال ميكنهم �أن يعملوا
هذا يف حلظة مثلما يعمل الرب ،ولكن بحركة معينة ،رمبا تكون مفاجئة ،مثلما
ﻋﺼ
عمل ال�سحرة يف �سفر اخلروج ال�سابع .القارئ رمبا �إذا �أراد ميكنه �أن يرجع �إىل
ﲑ ﺍﻟ
املالحظات يف ال�س�ؤال الذي ذكرناه يف اجلزء الأول من هذا العمل ،والرد على
احلجة الأوىل.
ﻜﺘ
ثان ًيا ،يقال �أنه ال ميكن لل�شياطني �أن حت ِّول �أي خملوق .التحويل نوعان ،جوهري
أي�ضا نوعان ،حتويل �إىل �شكل طبيعي ُر�ؤي من قبل، وعر�ضي ،والتحويل العر�ضي � ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أو حتويل �إىل �شكل مل ُير من قبل ولكنه موجود فقط يف ع�ضو الإدراك ملن يرى
التحويل.
ﺸﺮ
ال�شريعة تتحدث عن النوع الأول ،يعني التحول اجلوهري ،حيث تتحول مادة �إىل
مادة �أخرى ،وهذا النوع هو الذي يخت�ص به الرب وحده ،الذي هو خالق كل مادة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
حقيقية .وال تتحدث عن النوع الثاين ،التحول العر�ضي ،وهذا هو الذي ي�ستطيع �أن
ﺯﻳﻊ
يعمله ال�شيطان ،ب�إذن الرب ،حيث يعمل �أمرا�ضا معينة و ُيحدث ظهورات معينة على
اجل�سم عر�ض ًيا .مثلما ُيظهر الوجه �أنه جمذوم �أو �شيء كهذا بينما هو ال يعاين من
�شيء.
ولكن للتحدث ب�شكل �صحيح ،الأمر عبارة عن خياالت و�أوهام ،تبدو فيها الأ�شياء
قد حتولت �إىل �أ�شياء �أخرى ،وكلمات ال�شريعة ال ميكن �أن تتجاهل هذه التحوالت،
لأن وجودها مثبت بال�سلطة الكن�سية ،وباملنطق ،وباخلربة ،حتديدً ا بخربات معينة
متعلقة بالقدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب De Ciuitate Dieلأنه �ضمن التحوالت،
ذكر �أن ال�ساحرة ال�شهرية جدًّا «�سري�س» ح ّولت �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل حيوانات،
177
و�أن بع�ض زوجات �أ�صحاب احلانات ح ّولن زبائنهم �إىل حيوانات حتمل � ً
أثقال .وذكر
أي�ضا �أن �أ�صحاب «ديوميد�س» حت ّولوا �إىل طيور ،و�أنهم منذ وقت طويل جدًّا يطريون � ً
فوق معبد «ديوميد�س» و�أن «براي�ستانتيو�س» �أخرب بحقيقة �أن والده قال له �أنه كان
ح�صا ًنا و�أنه حمل ُ
الذرة مع حيوانات �أخرى.
عندما حتول �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل حيوانات ،كان هذا فقط باملظهر ،وبخداع
وطبعت العني ،لأن �أ�شكال احليوانات قد ُ�سحبت من م�ستودع ال�صور �أو الذاكرةُ ،
أي�ضا على احلوا�س على ملكة اخليال ،فح�صل اخليال الب�صري ،وكان االنطباع قو ًيا � ً
الأخرى والأع�ضاء ،فظن ال�شخ�ص �أنه يرى حيوانات ،بالطريقة التي ذكرناها،
ولكن كيف ميكن �أن حتدث هذه الأ�شياء بقدرة ال�شيطان بدون �أذى؟ هذا �سنو�ضحه
ﻋﺼ
الح ًقا.
ﲑ ﺍﻟ
أثقال بوا�سطة زوجات �أ�صحاب ولكن عندما حت ّول الزبائن �إىل حيوانات حتمل � ً
احلانات ،وعندما ظن والد «براي�ستانتيو�س» �أنه كان ح�صا ًنا و�أنه حمل الذرة ،ففي
ﻜﺘ
هذه احلاالت كانت هناك ثالثة خدع.
الأوىل� ،أن ه�ؤالء الرجال بالإيهام بدا لهم �أنهم حتولوا �إىل حيوانات حتمل
ﺐ ﻟﻠﻨ
أثقال ،وهذا التحول ح�صل بالطريقة التي ذكرناها ،ثان ًيا� ،أن ال�شياطني بطريقة � ً
غري مرئية َح َملوا هذه الأثقال حيث �أنها كانت ثقيلة جدًّا لأن ُتمل .ثال ًثا� ،أن ه�ؤالء
ﺸﺮ
الذين بدا للآخرين �أنهم حتولوا �إىل �شكل �آخر ،فهم بالن�سبة لأنف�سهم � ً
أي�ضا ظنوا
�أنهم حتولوا ،كما ح�صل مع «نبوخذ ن�صر» الذي عا�ش ل�سبعة �سنوات ي�أكل الق�ش
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مثل الثور.
ﺯﻳﻊ
وبالن�سبة لأ�صحاب «ديوميد�س» الذين حتولوا �إىل طيور طارت فوق معبده ،ال
بد �أن نقول �أن «ديوميد�س» كان واحدً ا من الإغريق الذين ذهبوا حل�صار طروادة،
وعندما �أراد �أن يعود �إىل �أر�ضه ،غرق مع �أ�صحابه يف البحر ،وبعدها مت بناء معبد
له حيث �أ�صبح ُيعد واحدً ا من الآلهة ،ولوقت طويل ،حتى ُيبقوا هذه ال�ضاللة على
قيد احلياة ،فال�شياطني كانت تطري فوق املعبد يف هيئات طيور ك�أنها هي �أ�صحابه.
وبالتايل ،هذه اخلرافة كانت واحدة من الإيهامات التي حتدثنا عنها ،لأنها مل
َتدُث بطبع ال�صور العقلية على ملكة اخليال ،ولكن ب�أن ال�شياطني نف�سها كانت
تطري �أمام �أعني النا�س ب�أ�شكال اتخذتها.
178
ولكن �إذا �س�أل �أحد هل ال�شياطني ميكن �أن تكون قد خدعت امل�شاهدين لهذه
الطيور بالعمل على ال�صور العقلية ،ولي�س باتخاذ �شكل ج�سد هوائي ي�شبه الطيور،
فالإجابة هي �أنه ميكنهم �أن يعملوا هذا � ً
أي�ضا.
لأنه كان ر�أي البع�ض (كما قال القدي�س توما�س يف الكتاب الثاين من Sentences
) �أنه ال يوجد مالك ،خري �أو �شر ،اتخذ ج�سدً ا هوائ ًّيا ،و�أن كل ما نقر�ؤه يف الكتب
املقد�سة عن ظهوراتهم �إمنا هو م�صنوع بالوهم� ،أو بالر�ؤية اخليالية.
وهنا القدي�س املتعلم يذكر الفرق بني الوهم وبني الر�ؤية اخليالية .لأنه يف الوهم
يكون هناك ج�سم خارجي مرئي ،ولكنه يظهر للم�شاهد ك�شيء خمتلف .ولكن يف
ﻋﺼ
الر�ؤية اخليالية ال حتتاج �إىل ج�سم خارجي وميكنها �أن حت�صل بدونه ،فقط بال�صور
العقلية الداخلية املطبوعة على اخليال.
ﲑ ﺍﻟ
لذا ،باتباع ر�أيهم ،ف�أ�صحاب «ديوميد�س» مل يكونوا ممثلني بال�شياطني يف
ﻜﺘ
�أج�ساد اتخذوها ك�أمثال الطيور ،ولكن فقط باخليال الب�صري الذي ُعمل بوا�سطة
ال�صور العقلية� ،إلخ.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن القدي�س املتعلم ُينكر على هذا ال�ضالل ويقول �أنه خاطئ (رغم �أن من
ي�صدقون به لي�سوا مهرطقني) لأن ظهورات مالئكة اخلري وال�شر رمبا يف �أوقات
ﺸﺮ
تكون خيالية ،بدون ج�سد متخذ .ولكن ،كما يقول ،اتفق القدي�سني �أن املالئكة � ً
أي�ضا
تظهر للب�صر احلقيقي ،و�أن هذه الظهورات كانت يف ج�سم متخذ .والكتب املقد�سة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يف كلماتها تتحدث عن الظهورات اجل�سدية لي�س عن التخيلية .بالتايل ميكن �أن
نقول يف الوقت احلايل بخ�صو�ص ر�ؤية �أ�صحاب «ديوميد�س»� :أنه رغم �أن ه�ؤالء
ﺯﻳﻊ
الأ�صحاب كان ب�إمكانهم بعمل ال�شيطان �أن يظهروا يف اخليال الب�صري للرائي
بالطريقة التي ذكرناها� ،إال �أنه معترب عندنا �أنه قد متت ر�ؤيتهم يف �أج�ساد متخذة
بوا�سطة ال�شياطني املتمثلني على هيئة طيور.
e
179
الفصل .9كيف يمكن للشياطين أن يدخلوا جسد
اإلنسان ورأسه بدون عمل أي أذى؟
كيف ميكن لل�شياطني �أن يدخلوا ج�سد الإن�سان ور�أ�سه بدون عمل �أي �أذى عندما
يعملوا هذا التحول الوهمي اخلادع للعني.
ﻋﺼ
بخ�صو�ص طريقة عملهم لهذه التحوالت الوهمية ميكن ن�س�أل ،هل ال�شياطني
ﲑ ﺍﻟ
�أثناء عملهم لهذه التحوالت يكونون داخل ج�سد �أو ر�أ�س املخدوع .هل يكونون �ساعتها
ﻜﺘ
متلب�سني به؟ وكيف ميكن �أن يعملوا هذا بدون �إحداث �أي �أذى يف الإدراك الداخلي
وا َمل َل َكات التي تنتقل فيها ال�صور من َم َل َكة داخلية �إىل َم َل َكة �أخرى ،وهل هذا العمل
ﺐ ﻟﻠﻨ
يعترب ً
عمل �إعجاز ًيا؟
� ًأول ال بد �أن ُن�شري مرة �أخرى �إىل التمييز بني هذه الأوهام ،لأنه يف بع�ض الأحيان
ﺸﺮ
الإدراك اخلارجي هو الذي يت�أثر فقط ،ويف بع�ض الأحيان ينخدع الإدراك الداخلي
ﻭ
يف احلالة الأوىل الوهم ميكن �أن ُيعمل بدون �أن يدخل ال�شيطان يف الإدراك
ﺯﻳﻊ
اخلارجي ،يعمل ذلك من اخلارج بوهم خارجي ،مثل �أن ي�ضع ال�شيطان ج�س ًما
خمتل ًفا مكان ج�سم بالوهم� ،أو ب�أي طريقة �أخرى� ،أو عندما يتخذ ال�شيطان ج�سدً ا
و ُيظهر نف�سه للر�ؤية.
ولكن يف احلالة الثانية من ال�ضروري �أن ُي�سيطر ال�شيطان � ًأول على الر�أ�س
وا َمل َل َكات .وهذا ُمث َبت بال�شريعة وباملنطق.
�صحيحا �أن نقول �أن الروحني املخلوقتني ال ميكن �أن يكونا يف
ً ً
اعرتا�ضا ولي�س
180
نف�س املكان م ًعا ،و�أن الروح تنت�شر يف اجل�سم كله .لأنه لدينا قانون القدي�س «جون
داما�سني» الذي يقول :يف املكان الذي يوجد فيه املالك ،فهو يعمل فقط يف هذا
املكان .والقدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من Sentencesيقول �أن كل املالئكة،
�سواء كانوا مالئكة خري �أو �شر ،بقدرتهم الطبيعية التي هي �أعلى من �أي قدرة
ج�سدية ،ميكنهم �أن ُيحولوا �أج�سادنا.
وهذا حقيقي ،لي�س فقط ب�سبب ال ُنبل الأعلى لطبيعتهم ،ولكن لأن �آلية العامل
وكل املخلوقات اجل�سدية مدارة بوا�سطة املالئكة .كما يقول القدي�س «جريجوري»
يف احلوار الرابع :يف هذا العامل املرئي ،ال يوجد �شيء ميكن �أن ينتظم �إال بوا�سطة
املخلوقات غري املرئية .وبالتايل كل املخلوقات اجل�سدية حمكومة باملالئكة ،الذين
ﻋﺼ
هم كما ي�ؤمن العلماء والفال�سفة ،القوى املحركة للنجوم� .إنه من الوا�ضح �أن كل
ﲑ ﺍﻟ
متاما كما �أن كل املواد الأخرى تتحرك الأج�ساد الب�شرية تتحرك بوا�سطة �أرواحهاً ،
بوا�سطة النجوم وبالقوى التي حترك النجوم.
ﻜﺘ
من هذا ميكن �أن ن�ستنتج �أن ،ال�شياطني تعمل يف املكان التي هي فيه ،بالتايل
عندما ُي�ضللون اخليال والإدراك الداخلي فهم موجودون بداخل هذا اخليال
ﺐ ﻟﻠﻨ
والإدراك الداخلي.
أي�ضا ،رغم �أن الدخول بداخل الروح ممكن فقط للرب الذي خلقها� ،إال �أن � ً
ﺸﺮ
ال�شياطني ميكنهم ب�إذن الرب �أن يدخلوا �أج�سادنا ،وميكنهم �أن يعملوا االنطباعات
يف ا َمل َل َكات الداخلية املتعلقة ب�أع�ضائنا الداخلية .وهذه االنطباعات تت�أثر بها
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الأع�ضاء بالطريقة التي ذكرناها� ،أن ال�شيطان ي�سحب ال�صور املحفوظة يف ا َمل َل َكة
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
�إذا مت مل�سها يف �أي مو�ضع منها.
ومع ذلك ،يقول القيدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه � On Spirit and Soulأن
ﲑ ﺍﻟ
الكل يف الكل ،والكل يف كل جزء من اجل�سم .فرغم �أن الروح هي يف الر�أ�س ،لكن
ﻜﺘ
ال�شيطان ميكنه �أن يعمل فيها عمله رغم ذلك ،لأن عمله يختلف عن عمل الروح.
فعمل الروح يكون يف اجل�سم ،تبلغه باملعلومات ومتل�ؤه باحلياة ،فال تتواجد الروح
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف مكان معني ،ولكن تتواجد يف كل املادة .لكن ال�شيطان يعمل يف جزء معني ومكان
معني من اجل�سم ،ويقوم بتغيري ال�صور العقلية .بالتايل ،ال يوجد لب�س بني عملهما،
ﺸﺮ
هناك � ً
أي�ضا �س�ؤال ،هل من املمكن �أن نعترب الب�شر املهوو�سني �أو امل�سعورين،
ﺍﻟﺘﻮ
ملبو�سني بال�شيطان .هذا �سيتم احلديث عنه ب�شكل منف�صل الح ًقا ،وبالتحديد عن
ﺯﻳﻊ
�س�ؤال ،هل من املمكن خالل �أعمال ال�ساحرات �أن ي�صبح الب�شر ملبو�سني بال�شيطان،
هل ميكن لل�شيطان �أن يتلب�س ب�أج�سامهم ح ًّقا؟ هذا ال�س�ؤال �ستتم مناق�شته ب�شكل
منف�صل يف الف�صل التايل ،لأن له �صعوبته اخلا�صة.
ولكن بالن�سبة ل�س�ؤال ،هل ميكن �أن نعترب �أن �أعمال ال�ساحرات وال�شياطني هي
�أعمال �إعجازية� ،سنقول �أنه ميكن اعتبارها كذلك ،لأن هذه الأعمال جتاوزت النظام
الذي ُخلقت عليه هذه الطبيعة املعلومة لنا ،ولأنه يتم عملها بوا�سطة خملوقات غري
معلومة لنا .ولكن ال�سائلني ال يتحدثون عن املعجزات التي تكون خارج نطاق الطبيعة
182
املخلوقة كلها ،لأن هناك معجزات للرب وللقدي�سني( .انظر ما ُكتب يف اجلزء الأول
من هذا الكتاب ،يف ال�س�ؤال اخلام�س ،يف الرد على اخلط�أ الثالث)
ولكن هناك من يعرت�ض ب�أن هذا النوع من الأعمال ال ميكن �أن نقول عليه
�إعجاز ًيا ،بل نقول عنه بب�ساطة �أنه من عمل ال�شيطان ،لأن الغر�ض من املعجزة هو
تقوية الإميان ،وال ميكن �أن ُيطلق هذا اال�سم على �شيء يعادي الإميان .وكذلك لأن
عالمات عدو امل�سيح الأنتيخري�ستو�س ي�سميها احلواريون العالمات الكاذبة.
� ًأول ال بد �أن نقول �أن املعجزات هي هبة ونعمة معطاة لتُ�ستخدم بحرية .و�أنه
ميكنها �أن ُتعمل من رجال �سيئني ومن �أرواح �سيئة� ،إىل حد القدرة املوجودة يف كل
ﻋﺼ
منهم.
ﲑ ﺍﻟ
لكن املعجزات املعمولة بوا�سطة اخلريين ميكن متييزها من تلك املعمولة
بوا�سطة الفا�سدين بثالثة طرقً � ،أول ،العالمات التي ُتعطى لل�صاحلني يتم عملها
ﻜﺘ
بوا�سطة القدرة الإلهية يف الأمور التي تتجاوز �سعة قدراتهم الطبيعية ،مثل �إحياء
املوتى ،والأمور التي على هذا النحو ،حيث �أن ال�شياطني ال تقدر �أن تعملها يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
احلقيقة� ،إال فقط بالإيهام :لذا ح ّرك «�سيمون ماجو�س» ر�أ�س رجل ميت ،ولكن هذه
الظهورات ال ميكن �أن ت�ستمر ملدة طويلة .ثان ًيا ،ميكن �أن منيزها مبنفعتها ،لأن
ﺸﺮ
معجزات ال�صاحلني ُمفيدة يف طبيعتها ،مثل �شفاء املر�ض� ،أو �أ�شياء كهذه ،ولكن
املعجزات التي تعملها ال�ساحرات مت�صلة بالأذى والأ�شياء الباطلة ،ك�أن يطرن يف
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الهواء� ،أو يقمن ب�شلل �أطراف الإن�سان ،وهذه الأمور .والقدي�س «بيرت» ُيحدد هذا
ﺯﻳﻊ
183
ولي�ست هناك غرابة يف �أن احلواريني �سموا �أعمال ال�شيطان وعدو امل�سيح
العجائب الكاذبة ،لأن الأعاجيب التي حتدث ب�إذن من الرب هي حقيقية يف �أمور
ومزيفة يف �أمور �أخرى .حقيقية ملا حتدث يف نطاق قدرة ال�شيطان .ومزيفة عندما
يظهر �أنه يعمل �أ�شياء تتجاوز قدرته ،مثل �إحياء املوتى� ،أو �أن يجعل الأعمى قاد ًرا على
الر�ؤية .لأنه عندما يظهر �أنه يعمل �إحياء املوتى ،فهو �إما يدخل جل�سد امليت �أو �أنه
يزيله وي�ضع نف�سه يف ج�سد هوائي بديل ،ويف احلالة الثانية هو ي�أخذ الب�صر بطريق
الوهم ،ثم يعيده فج�أة ،ب�أن ي�أخذ ال�شلل امل�ؤقت الذي عمله ،لي�س بجلب ال�ضوء �إىل
الإدراك الداخلي ،كما قيل يف �أ�سطورة «بارثولوميو» .وبالطبع كل الأعمال العجيبة
لعدو امل�سيح الأنتيخري�ستو�س وال�ساحرات ميكن �أن يقال �أنها عالمات كاذبة ،لأن
ﻋﺼ
غر�ضها الأ�سا�سي هو اخلداع .انظر كالم القدي�س «توما�س» يف كتاب de Uirtute
ﲑ ﺍﻟ
.Daemonum
ﻜﺘ
أي�ضا �أن نكتب هنا الفرق الذي مت ت�صويره يف «خال�صة احلقيقة ميكن � ً
الالهوتية» بني العجيبة واملعجزة� .أنه يف املعجزة ال بد �أن تتوفر �أربعة �شروط� :أنها
يجب �أن ُتعمل بوا�سطة الرب ،وال بد �أن تتجاوز النظام املوجود للطبيعة ،ثال ًثا ،يجب
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن تكون ظاهرة ،وراب ًعا ،ال بد �أن ت�ؤيد الأميان .ولكن مبا �أن �أعمال ال�ساحرات تف�شل
ﺸﺮ
يف �أن حتقق حتى ال�شرط الأول والأخري ،بالتايل ميكن �أن ن�سميها عجائب ،ولكن
لي�س معجزات.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
� ً
أي�ضا مت االحتجاج بهذه الطريقة� ،أنه رغم �أن ال�ساحرات ميكن بطريقة ما
�أن ن�سميهن �إعجازيات� ،إال �أن بع�ض معجزاتهن تكون خارجة عن الطبيعة متاما،
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
على ظهرها.
ﲑ ﺍﻟ
وبعد �ساعة ،عندما رجع �إىل ممار�سة عمله� ،أتى اثنان من خدام حاكم القرية
جمرما وجعلوه يقف �أمام القا�ضي �أو امل�أمور .ونظر له القا�ضي منً لأخذه ب�صفته
ﻜﺘ
بعيد ،ورف�ض �أن ي�سمعه ،و�أمر ب�أن ُيلقى يف �أعمق زنزانة يف الربج �أو ال�سجن .تلك
التي يكون فيها املحكوم عليهم باملوت فبكى الرجل ،وملدة ثالثة �أيام ظل ي�شتكي
ﺐ ﻟﻠﻨ
جرما � ً
أ�صل ،ولكن كلما حلرا�س ال�سجن مبرارة �أنه يعاين هذه املعاناة وهو مل يعمل ً
عب بكلمات �أكرث ً
�سخطا ا�ستمع �إليه احلرا�س ،كلما كان القا�ضي �أكرث غ�ض ًبا ،وكلما ّ
ﺸﺮ
كيف �أن املجرم مل يعرتف بجرمه بل يتجر�أ وينادي بحريته بينما ُتثبت الدالئل
جرميته ال�شنعاء .ولكن على الرغم ب�أن القا�ضي مل يقتنع� ،إال �أنه �أخذ بن�صيحة
ﻭ
وعندما مت �إخراج الرجل من ال�سجن ووقف �أمام القا�ضي ،رف�ض القا�ضي �أن
ﺯﻳﻊ
ينظر �إليه ،فرمى الرجل نف�سه حتت �أقدام القا�ضي الآخر ،مداف ًعا عن نف�سه ب�أنه
رمبا يعرف �سبب هذا النح�س ،وقال له القا�ضي� ،أيها الرجل الفا�سد ،كيف ال ميكنك
�أن تعرتف بجرميتك؟ يف ذلك اليوم ويف ذلك املكان �أنت �ضربت ثالث ممر�ضات
حمرتمات يف هذه القرية ،حتى �أ�صبحن راقدات غري قادرات على احلركة .وا�ستعاد
الرجل امل�سكني م�شاهد ذلك اليوم وتلك ال�ساعة ،وقال� :أبدً ا يف كل حياتي مل �أ�ضرب
ً
م�شغول امر�أة ،وميكن �أن �أُثبت ب�شهود موثوقني �أنني يف ذلك الوقت من اليوم كنت
بقطع الأخ�شاب ،وبعد �ساعة من هذا وجدين خدامكم ال زلت �أعمل بقطع الأخ�شاب.
185
قال القا�ضي ب�ضراوة :انظر كيف يحاول �أن ُيخفي جرميته! وتلك الن�سوة يندبن
م�صيبتهن وقد �أظهرهن عالمات ال�ضرب ،و�شهدن عالنية �أنك �ضربتهن .وا�ستذكر
الرجل امل�سكني امل�شهد ،وقال� ،أنا �أذكر �أنني �ضربت بع�ض املخلوقات يف ذلك الوقت،
ولكنهم مل يكونوا ن�ساء .وبده�شة �س�أله القا�ضي� ،أي نوع من املخلوقات قد �ضربت،
فحكى الرجل و�سط ده�شة اجلميع الذي حدث معه .بالتايل ،ملا فهموا �أن هذا كان
من عمل ال�شيطان ،تركوا الرجل امل�سكني يخرج بدون �أن ي�ؤذوه ،و�أخربوه �أال يذكر
ما حدث لأي �أحد .ولكن هذا ال ميكن �أن يخفى على الرجال املتدينني املتحم�سني
للإميان.
ﻋﺼ
e
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
186
الفصل .10عن الطريقة التي يتلبس بها الشياطين
باإلنسان عبر أعمال الساحرات
لقد و�ضحنا يف الف�صل ال�سابق كيف �أن ال�شياطني ميكن �أن تدخل يف الر�ؤو�س
ويف الأجزاء الأخرى من اجل�سم ،وميكنهم �أن يحركوا ال�صور الداخلية من مكان
ﻋﺼ
�إىل مكان .ولكن رمبا ي�شك البع�ض يف �أنهم بوا�سطة عمل ال�ساحرات ميكن �أن
يتلب�سوا بالإن�سان� ،أو رمبا ي�شك البع�ض يف الطرق التي يعملوا بها هذا التلب�س بدون
ﲑ ﺍﻟ
تدخل ال�ساحرات .وحتى ُنزيل هذه ال�شكوك ال بد �أن نذكر ثالثة �أمور .الأول ،عن
ﻜﺘ
الطرق املختلفة للتلب�س ،الثاين ،كيف من خالل ال�ساحرة وب�إذن الرب يتم ال�سماح
لل�شياطني �أن تتلب�س بالإن�سان بهذه الطرق .ثال ًثا ،ال بد �أن ن�ؤكد حججنا باحلقائق
والأمثلة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالن�سبة �إىل الأول ،ال بد �أن نعمل ا�ستثناء� ،سن�ستثني الطريقة العامة التي ي�سكن
ﺸﺮ
بها ال�شيطان يف الإن�سان الذي يعمل �أي خطية مميتة .يتحدث القدي�س «توما�س»
يف الكتاب الثالث عن هذه الطريقة ويجيب عن ال�شك املطروح يف ال�س�ؤال ،هل
ﻭ
و ُيثبت القدي�س �أن التلب�س ميكن �أن ُيفهم بطريقتني ،طريقة تتعلق بالروح،
ﺯﻳﻊ
وطريقة تتعلق باجل�سد .يف الأوىل لي�س ممكنا لل�شيطان �أن يتلب�س بالروح ،لأن الرب
وحده ميكنه �أن يدخلها ،وبالتايل ال�شيطان لي�س هو �سبب اخلطية بهذه الطريقة،
�إمنا ي�سمح الروح القد�س للروح �أن تعمل هذه اخلطية.
ولكن بالن�سبة للج�سد ،ميكن �أن نقول �أن ال�شيطان يقدر �أن يتلب�س بالإن�سان
بطريقتني ،لأن هناك نوعني من الب�شر ،ه�ؤالء الذين يف اخلطية وه�ؤالء الذين يف
النعمة .يف النوع الأول ،ال بد �أن نقول �أن الإن�سان بوا�سطة اخلطية املميتة يكون
خادما لل�شيطان ،لأن ال�شيطان يزوده باالقرتاح اخلارجي باخلطية �إما حلوا�سه �أو
187
خلياله� ،إىل حد �أن نقول �أن ال�شيطان ي�سكن �شخ�صية الإن�سان الذي يتحرك لهذا
املغريات املثرية ،والذي يكون مثل ال�سفينة يف البحر بال دفة للقيادة.
ال�شيطان ميكنه � ً
أي�ضا �أن يتلب�س بالإن�سان كما يت�ضح يف حالة الإن�سان امل�سعور.
ولكن هذا يقود لل�س�ؤال عن العقاب الذي ت�ستوجبه خطية مثل هذه ،وكما يت�ضح،
العقوبات اجل�سدية ال تكون دائ ًما ب�سبب اخلطية ،فهي ُتوجع اخلاطئني و ُتوجع
الربيئني .وبالتايل ه�ؤالء الذين يف النعمة وه�ؤالء الذين لي�سوا فيها ،ميكنهم بحكمة
من الرب غري معلومة للنا�س �أن يتلب�س بهم ال�شيطان.
وكما �أن هناك خم�س طرق لل�شياطني لأذية الإن�سان ب�أنف�سهم والتلب�س به بدون
ﻋﺼ
أي�ضا ميكنهم �أن يفعلوا هذا بتدخل من ال�ساحرات ،لأنه عندها تدخل ال�ساحراتً � ،
م�سموحا بعمل قدر �أكرب من �أذية الإن�سان
ً �ستتم الإ�ساءة للرب �أكرث ،و�سيكون
ﲑ ﺍﻟ
عرب تدخل ال�ساحرات .والطرق هي باخت�صار ما يلي ،و�سن�ستثني حقيقة �أنهم يف
ﻜﺘ
بع�ض الأوقات ي�صيبون الإن�سان يف ممتلكاته اخلارجية :يف بع�ض الأوقات ميكنهم
�أن ي�ؤذوا الإن�سان يف ج�سمه ،وبع�ض الأوقات يف قدراته ،وبع�ض الأوقات يغوونهم
ﺐ ﻟﻠﻨ
خارج ًّيا وداخل ًّيا ،و�آخرون يف بع�ض الأوقات ي�سلبون منهم املنطق ،وبع�ضهم يحولون
�أ�شكالهم �إىل �أ�شكال وحو�ش همجية ،و�سنتحدث عن هذه الطرق كل على حدة.
ﺸﺮ
لكن � ًأول ال بد �أن نذكر الأ�سباب اخلم�سة التي َي�سمح لأجلها الرب للإن�سان �أن
يحدث له تلب�س ،لأجل احلفاظ على النظام يف طرحنا .يف بع�ض الأوقات يحدث
ﻭ
تلب�س للإن�سان لأجل م�صلحته ال�شخ�صية ،وبع�ض الأوقات يحدث التلب�س ب�سبب
ﺍﻟﺘﻮ
خطية ب�سيطة ل�شخ�ص �آخر ويف بع�ض الأوقات يحدث ب�سبب خطية الإن�سان
ﺯﻳﻊ
اخلا�صة ،ويف بع�ض الأوقات يحدث خلطية ثقيلة ل�شخ�ص �آخر .يف كل هذه الأ�سباب
ال �شك �أن الرب ي�سمح لهذه الأ�شياء �أن ُتعمل بوا�سطة ال�شياطني بتدخل ال�ساحرات،
ومن الأف�ضل �أن ُنثبت كل واحد منها بالكتب املقد�سة ،هذا �أف�ضل من ذكر �أمثلة عن
�أ�شياء حديثة ،لأن الأ�شياء احلديثة دائ ًما تتقوى بالأمثلة القدمية.
كمثال على النوع الأول التلب�س لأجل م�صلحة الإن�سان ال�شخ�صية ،ما يت�ضح
يف حوار «�سيفريو�س»� ،أحد التابعني املخل�صني للقدي�س «مارتن» ،حيث �أخرب �أن
هناك �أ ًّبا �صاحب حياة مقد�سة كان موهو ًبا جدًّا بقدرته على طرد ال�شياطني ،حيث
يطردهم لي�س فقط بالكلمات ،ولكن حتى بر�سائله �أو بقطعة من قمي�صه ،ومبا �أن
188
الأب قد �أ�صبح �شه ًريا يف العامل� ،شعر �أنه متت غوايته بالغرور رغم �أنه قاوم هذه
النقي�صة ،ولأجل �أن ُيذل نف�سه� ،صلى للرب بكل قلبه �أن يتلب�س به ال�شيطان ،وهذا
ملبو�سا وا�ضطروا �أن يقيدوه بال�سال�سل ،ويعملون له كل
ً ح�صل .لأنه �أ�صبح بعدها
�شيء يعملونه للمتلب�س مب�س ال�شيطان .ولكن يف نهاية ال�شهر اخلام�س مت تخلي�صه
من الغرور ومن تلب�س ال�شيطان .لكننا ال ُنقر ،وال ن�ؤمن� ،أنه بهذا ال�سبب ميكن
للإن�سان �أن يتلب�س به ال�شيطان ،ولكن التلب�س يكون من خالل �سحر �إن�سان �آخر،
رغم �أنه كما قلنا� ،أحكام الرب تكون �أحيا ًنا غام�ضة ال�سبب.
بالن�سبة لل�سبب الثاين ،التلب�س ب�سبب خطية ب�سيطة ل�شخ�ص �آخر ،القدي�س
«جريجوري» يعطي ً
مثال .رئي�س الدير «�إليوثرييو�س» املبارك هو �شخ�ص ورع جدًّا،
ﻋﺼ
كان يق�ضي الليل بالقرب من دير للراهبات العذراوات ،والالتي �أمرن ب�أن يو�ضع
ﲑ ﺍﻟ
طفل بجوار �صومعته ،طفل كان يعذبه ال�شيطان طول الليل .ويف نف�س الليلة خرج
ال�شيطان من الطفل بوجود الأب ،فابتهج ب�أن الطفل حترر ،وقال بغرور لإخوته
ﻜﺘ
من الرهبان :ال�شيطان كان ي�ؤدي مقالبه مع ه�ؤالء الأخوات ،ولكن مل يقرتب من
هذا الطفل لأنه قد �أتى خلدام الرب �أمثالنا .وفج�أة بد�أ ال�شيطان يعذب الطفل مرة
ﺐ ﻟﻠﻨ
ملبو�سا ب�سبب خطيته العر�ضية ،لأن مو�سى ،كما يقول كان نا�سكا ذا ً مو�سى كان
حياة متدينة وم�ستقيمة ،لكنه يف �أحد املرات تورط يف خالف مع «رئي�س الدير
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
«ماكاريو�س» ،وبالغ يف �إظهاره لر�أي معني ،وعلى الفور �سكن فيه �شيطان مريع،
ت�سبب له يف �أن �إخراج ف�ضالته �صار عن طريق فمه .وهذه امل�صيبة حدثت له من عند
ﺯﻳﻊ
الرب لأجل التطهر ،خ�شية �أن تظل عليه و�صمة عار من خطئه العر�ضي ،وبال�صلوات
امل�ستمرة والت�سليم لرئي�س الدير «ماكاريو�س» ،خرجت منه الروح ال�سيئة.
حالة �أخرى تتعلق بالقدي�س «جريجوري» يف كتابه ،First Dialogueعن راهبة
�أكلت اخل�س بدون �أن تعمل عالمة ال�صليب ،ومت حتريرها بوا�سطة الأب املبارك
«�إيكويتيو�س».
يف نف�س الكتاب �أخرب القدي�س «جريجوري» مبثال على احلالة الرابعة ،عندما
يكون هناك �شخ�ص ملبو�س ب�سبب خطية ثقيلة ل�شخ�ص �آخر .الأ�سقف املبارك
189
«فورتوناتو�س» �أخرج ال�شيطان من رجل ملبو�س ،وهذا ال�شيطان �أ�صبح مي�شي يف
�شوارع املدينة متنك ًرا يف زي حاج ،ويبكي ويقول� :أوه� ،أيها الرجل املقد�س الأ�سقف
«فورتوناتو�س»! انظر ،لقد �أ�سكنتني هيئ َة حاج ،و�أخرجتني من �سكني ،وال ميكنني
�أن �أجد الراحة يف �أي مكان .ثم كان هناك رجل يجل�س مع زوجته فقاموا بدعوة
هذا احلاج .ثم دخل ال�شيطان يف ابن الرجل ،وجعل الطفل يرمي بنف�سه �إىل النار
وميوت .وبعدها ولأول مرة فهم الأب احلزين هوية ذلك الذي خدعه وا�ستقبله
ك�ضيف.
وخام�سا ،نحن نقر�أ العديد من الأمثلة عن رجال تلب�س بهم ال�شيطان لأجل ً
خطياتهم الثقيلة اخلا�صة .جند ذلك يف الكتب املقد�سة ويف �آالم القدي�سني .لأنه
ﻋﺼ
ملبو�سا حتى ال يطيع الرب ،وكما
يف �سفر امللوك الأول اخلام�س ع�شر�« ،شاول» كان ً
ﲑ ﺍﻟ
قلنا ،لقد ذكرنا كث ًريا من اجلرائم حتى �أ�صبح من غري امل�ستحيل �أن نفهم كيف �أن
ملبو�سا ب�سبب جرائم ال�ساحرات .لكن ال بد �أن نقدر على فهم رجل ميكن �أن ي�صبح ً ً
ﻜﺘ
الطرق العديدة التي يحدث بها هذا التلب�س وذلك يكون بذكر بع�ض الأمثلة.
ما يلي هو خربة واحد منا نحن املفت�شني االثنني قبل �أن ندخل يف مكتب التفتي�ش،
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف �أيام البابا «بيو�س» الثاين ،كان هناك رجل بوهيمي من قرية «داكوف» �أح�ضر
ملبو�سا .ولقد حدث
ً ابنه ،الكاهن العلماين� ،إىل روما حتى يتم ت�سليمه لأنه كان
ﺸﺮ
�أنني كنت هناك وذهبت �إىل قاعة الطعام ،والكاهن و�أبوه �أتيا وجل�سا على نف�س
الطاولة معي.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
حيينا بع�ضنا ثم حتدثنا م ًعا ،وظل الأب يتنهد وي�صلي للرب العظيم حتى تكون
ﺯﻳﻊ
رحلته لروما ناجحة� .شعرت بال�شفقة لأجله ،وبد�أت يف �س�ؤاله عن ال�سبب من هذه
جال�سا بجواري على الطاولة،
الرحلة وعن حزنه .ثم هو يف وجود ابنه الذي كان ً
ملبو�سا من ال�شيطان ،ولقد �أح�ضرته هاهنا بكلً �أجاب «واح�سرتاه! �إن لدي اب ًنا
امل�شاكل والتكاليف الكبرية حتى يتخل�ص من ال�شيطان» وعندما �س�ألته �أين هو
جال�سا بجواري.
ابنه� ،أراين �إياه ً
قليل ،ونظرت له عن قرب ،وكان ي�أخذ طعامه يف حياء ،ويجيب بتقوى خفت ً
مر�ضا ما قد حدث له،ملبو�سا ،ولكن ًً على كل الأ�سئلة ،بد�أت يف ال�شك �أنه لي�س
ثم ذكر االبن ما حدث له ،مما �أو�ضح كيف حدث التلب�س وما مدة تلب�سه حيث قال
190
علي .لأنني كنت �أوبخها على �شيء ما يتعلق «�ساحرة معينة جلبت هذا ال�شر ّ
بقواعد الكني�سة� ،أوبخها بعنف نو ًعا ما لأنها عنيدة ،عندها قالت �أنه بعد ب�ضعة
�أيام �سيحدث لك الذي حدث .وال�شيطان الذي تلب�س بي �أخربين �أن التعويذة
مت و�ضعها بوا�سطة ال�ساحرة �أ�سفل ال�شجرة ،و�أنه ال بد �أن ُتزال ال�شجرة ،حتى
�أحترر .لكنه مل يخربين �أي �شجرة هي».
ولكنني مل �أ�صدق �أ ًّيا من كالم الرجل وعندما �س�ألته هل ف ّكر باملنطق يف حالته
هذه وكيف عرف �أنه �شخ�ص ملبو�س� ،أجابني «لقد تلفظ ال�شيطان من خالل فمي،
خلطب التي قالها ال�شيطان للنا�س على ل�ساين، و�أنا م�ستاء حتى الآن ب�سبب ا ُ
ﻋﺼ
ف�أنا غري م�سموح يل باخلطابة يف النا�س بعد اليوم» لأنه وف ًقا لأبيه ،كان مب�ش ًرا
ملي ًئا بالنعمة واحلب من اجلميع .ولكن املفت�ش� ،أثناء بحثه عن الأدلة� ،أخذه للحب�س
ﲑ ﺍﻟ
لأ�سبوعني ،و�أخذه �إىل �أكرث من مكان مقد�س وخا�صة لكني�سة القدي�سة العذراء
ﻜﺘ
«براك�سيدي�س» ،حيث كان فيها جزء من العمود الرخام الذي ُربط فيه خمل�صنا
عندما كانوا يجلدونه ،و�أخذه �إىل املكان حيث مت �صلب القدي�س «بيرت» احلواري،
ﺐ ﻟﻠﻨ
ويف كل تلك الأماكن بكى كث ًريا �أثناء عملية طرد الأرواح منه ،ويف كل ت�صرفاته بقي
كاه ًنا رزي ًنا بدون �أي غرابة يف الت�صرفات� ،إال يف جل�سات طرد الروح ال�شريرة،
ﺸﺮ
وعندما انتهى ذلك ،و�سقط عنه همه ،مل ُيظهر �أي عالمة من عالمات اجلنون �أو
�أي ت�صرف غري م�س�ؤول.
ﻭ
كان ال�شيطان يجعله ُيخرج ل�سانه من فمه ،وعندما مت �س�ؤاله �إذا كان غري قادر على
ﺯﻳﻊ
منع نف�سه من فعل هذا �أجاب «ال ميكنني �أن �أ�ساعد نف�سي �أبدًا ،لأنه ي�ستخدم
كل �أطرايف و�أع�ضائي ،ورقبتي ول�ساين ورئتي كما يريد ،مما يجعلني �أحتدث
و�أ�صيح ،و�أ�سمع الكلمات التي يقولها والتي تبدو وك�أين �أنا قائلها ،ولكن لي�س
علي ب�ضراوة �أكرب ،ويدفع بل�ساين بو�سعي منعها ،وعندما �أحاول �أن �أُ�صلي يهجم ّ
للخارج».
وكان هناك عمود يف كني�سة القدي�س «بيرت» مت �إح�ضاره من معبد �سيمان ،له
قدرة عظيمة حيث �أن كث ًريا من الذين تلب�س بهم ال�شيطان حترروا عنده ،لأن امل�سيح
191
قد وقف بجواره عندما كان يب�شر يف املعبد ،ولكن حتى هذا مل ي�ستطع �أن يحرره،
لأن هناك غر�ضا خفيا يعلمه الرب ،كان يريد �أن يجعل حتريره يف �سبب �آخر.
حمبو�سا عند العمود طيلة الليل والنهار� ،إال �أنه يف اليوم التايل،
ً ورغم �أنه كان
بعد عدة عمليات طرد �أرواح ،يف ح�ضور كثري من النا�س الذين احت�شدوا حوله ،مت
�س�ؤاله ،عند �أي جزء من هذا العمود وقف امل�سيح ،عندها ع�ض العمود ب�أ�سنانه
وع�ض املكان ،وقال «هنا وقف ،هنا وقف « ثم قال يف النهاية «�أنا لن �أخرج». و�صاح َّ
وعندما ُ�سئل عن ال�سبب� ،أجاب بل�سان �إيطايل (رغم �أن الرجل امل�سكني مل يكن
يفهم الإيطالية) ،جميعهم يعملون �أ�شياء و�أ�شياء ،و�سمى رذائل �شهوانية .وبعد ذلك
�س�ألني الكاهن ً
ﻋﺼ
قائل «�أيها الأب ،ما معنى هذه الكلمات الإيطالية التي خرجت من
فمي؟» وعندما �أخربته مبعناها� ،أجاب «�أنا �سمعت الكلمات ،ولكنني مل �أفهمها».
ﲑ ﺍﻟ
و�أخ ًريا هذا التلب�س ال�شيطاين كان من النوع الذي حتدث عنه املخل�ص يف الإجنيل
قائل« :و�أما هذا اجلن�س فال يخرج �إال بال�صالة وال�صوم» .وبالفعل بال�صيام على ً
ﻜﺘ
يوما ،وبال�صلوات وطرد الأرواح ال�شريرة� ،أخ ًريا بنعمة الرب، اخلبز واملاء لأربعني ً
مت حتريره و�إعادته �إىل بيته �سعيدً ا.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﺸﺮ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
192
الفصل .11الطريقة التي تعمل بها الساحرات أنواع
األمراض الخطيرة
ال يوجد مر�ض ج�سدي ،حتى اجلذام وال�صرع ،ال تقدر ال�ساحرات على �إحداثه،
ب�إذن الرب .وهذا ُمثبت باحلقيقة ،فال يوجد نوع من الأمرا�ض ا�ستثناه العلماء.
ﻋﺼ
لأنه لو الحظنا بعناية ما متت كتابته عن قدرات ال�شياطني وعن ف�ساد ال�ساحرات
�سنعرف �أن هذا الأمر لي�ست فيه �أي �صعوبة عليهم« .تعامل «نيدار» � ً
أي�ضا مع هذا
ﲑ ﺍﻟ
املو�ضوع يف كتابه Book of Preceptsويف كتابه ،Formicariusحيث �س�أل،
ﻜﺘ
هل ال�ساحرات يقدرن على �أذية الإن�سان ب�سحرهن .وال�س�ؤال مل ي�ستثن �أي نوع
مر�ضا خط ًريا .و�أجاب ب�أنهن ميكنهن ذلك ،ثم �س�أل عن من املر�ض ،مهما كان ً
الطريقة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
هو �أجاب بالطريقة التي مت عر�ضها يف ال�س�ؤال الأول يف اجلزء الأول من هذا
ﺸﺮ
الكتاب .ملا مت �إثبات احلجة بوا�سطة القدي�س «�إيزيدور» عندما كان ي�صف �أعمال
ال�ساحرات ،ويقول �أنه مت ت�سميتهم �ساحرات ب�سبب فداحة جرائمهن ،لأنهن ُيرثن
ﻭ
العنا�صر و ُيقمن الزوابع مب�ساعدة ال�شياطني ،و ُي�ضللن عقول الرجال بالطرق التي
ﺍﻟﺘﻮ
متاما .وي�ضيف �أنهن بدونقبل� ،إما بتعطيل املنطق لديهم �أو �إعاقته ً ذكرناها ً
ﺯﻳﻊ
ا�ستخدام �أي ُ�سم ،وفقط بخطورة تعويذاتهنُ ،يكنهن �أن ي�سلبوا الرجل حياته.
أي�ضا بوا�سطة القدي�س «توما�س» يف Second Book ولقد مت �إثبات احلجة � ً
،of Sentencesوعامة جميع الالهوتيني كتبوا �أن ال�ساحرات ميكنهن مب�ساعدة
ال�شياطني �أن يعملن الأذى يف الإن�سان ويف �ش�ؤونه بكل الطرق التي ميكن لل�شيطان
وحده �أن يعملها ،حتديدً ا ،ي�ؤذون النا�س يف �ش�ؤونهم� ،سمعتهم ،ج�سدهم ،منطقهم،
وحياتهم .مما يعني �أن هذه الأذية ميكن �أن يعملها ال�شيطان بدون �أية �ساحرة،
ولكن ميكن �أن تتم بوا�سطة ال�ساحرة ب�سهولة �أكرب ،ب�سبب �أن هذا يكون �إ�ساءة �أكرب
للإله ،كما مت عر�ضه �أعاله.
193
يف �سفر �أيوب ،الأول والثاين ،وجدنا ب�شكل وا�ضح حالة من الأذية امل�ؤقتة� .أما
الأذية يف ال�سمعة فيمكن �أن تت�ضح من تاريخ «جريوم» املبارك ،حيث �أن ال�شيطان
ح ّول نف�سه �إىل �شكل القدي�س «�سيلفانو�س»� ،أ�سقف النا�صرة� ،صديق للقدي�س
«جريوم» .وهذا ال�شيطان اقرتب من امر�أة نبيلة يف الليل عند �سريرها وحاول
�أن يتحر�ش بها ويغويها بالكلمات ،ثم دعاها لأن يعمل معها الفاح�شة .ولقد نادت
ب�صوت عال ،وال�شيطان يف هيئة الأ�سقف اختب�أ حتت �سريرها ،وبالبحث عنه
و�إيجاده هنالك� ،أعلن ب ُلغة فيها �شهوة �أنه الأ�سقف «�سيلفانو�س» .ويف الغد ،عندما
اختفى ال�شيطان ،تدمرت �سمعة الرجل بف�ضيحة ،ولكن ا�سمه ال�صالح متت تربئته
عندما اعرتف ال�شيطان عند قرب القدي�س «جريوم» �أنه عمل هذا با�ستخدام ج�سد
ﻋﺼ
ُمتخذ.
ﲑ ﺍﻟ
الأذية يف اجل�سد ميكن �أن تت�ضح يف حالة �أيوب املبارك ،الذي �ضربه ال�شيطان
ببالءات فظيعة ،نوع من اجلذام .و«�سيجي�سبريت» و«فين�سينت �أوف بياوفاي�س»
ﻜﺘ
كالهما �أخرب �أنه يف عهد االمرباطور «لوي�س» الثاين ،يف �أبر�شية «ماينز» ،كان هناك
�شيطان معني يرمي الأحجار وي�ضرب البيوت ك�أمنا ي�ضربها مبطرقة .ثم بالت�صريح
ﺐ ﻟﻠﻨ
العلني ،وبالتلميح ال�سري ،ن�شر ال�شيطان ال�شقاق و�أف�سد عقول الكثريين .ثم �أثار
مرتاحا ،ف�أ�شعل النار يف بيته وقال
ً غ�ضب الكل على رجل واحد ،حيث كان �ساك ًنا
ﺸﺮ
للنا�س �أنهم جميعا يعانون ب�سبب خطاياه .ويف النهاية كان على ذلك الرجل �أن
يجد �سكنه يف احلقول .وعندما كان الكهان يتلون ال�صلوات على هذا الأمر ،رمى
ﻭ
ال�شيطان �أحجا ًرا على كثري من النا�س حتى �أدماهم ،وكان يتوقف يف بع�ض الأحيان،
ﺍﻟﺘﻮ
وبع�ض الأحيان يهاجم بعنف ،وا�ستمر هذا لثالث �سنوات ،حتى �أُحرقت كل البيوت
ﺯﻳﻊ
هناك.
وكمثال على الأذية يف ا�ستخدام املنطق ،وعلى �إيالم الإدراكات الداخلية ،هو
ما ن�شاهده يف حالة ه�ؤالء امل�أخوذين وامل�سعورين الذين حتدث عنهم الإجنيل.
وبالن�سبة للموت فهم ميكن �أن ي�سلبوا احلياة ،كما مت �إثباته يف �سفر طوبيا ال�ساد�س،
يف حالة الأزواج ال�سبعة ل�سارة العذراء ،الذين ُقتلوا ب�سبب �شهوتهم الفا�سقة ال�سائبة
جتاه العذراء �سارة ،والتي مل يكونوا جديرين ب�أن يتزوجوها .وبالتايل ن�ستنتج �أن
ال�شياطني ب�أنف�سهم ومب�ساعدة ال�ساحرات ،ميكنهم �أن ي�ؤذوا الإن�سان بكل طريقة
بال ا�ستثناء.
194
ولكن �إذا جاء �س�ؤال ،هل الأذية التي من هذا النوع ميكن �أن نن�سبها �إىل
ال�شياطني ولي�س �إىل ال�ساحرات؟ فلقد �أجبنا عن هذا ال�س�ؤال ب�أنه عندما ُت�سبب
ال�شياطني الأذى بطريقة مبا�شرة ،يتم ن�سب الأذى �إليهم .لكن عندما يفعلون هذا
خالل توكيل �ساحرة لأجل الإ�ساءة �إىل الرب ولإهالك الأرواح ،فبالتايل تن�سب
الأذية �إىل ال�ساحرات رغم �أن الفاعل الأ�سا�سي هو ال�شيطان .فهن يفعلن هذا
عاملني ب�أن الرب يغ�ضب بهذا �أكرث و�أن هذا ي�سمح لهن مبزيد من القدرة على عمل
ال�شر ،ولأنهن بالطبع ي�ستخدمن �أ�سحا ًرا ال تعد وال حت�صى ال ميكن لل�شيطان �أن
يعملها على الإن�سان �إذا �أراد �أن ي�ؤذي الإن�سان بنف�سه ،و�إمنا ُ�سمح له ب�إذن من الرب
ولغر�ض يعلمه الرب �أن يفعل هذا الأذى عرب توكيل �ساحرة.
ﻋﺼ
وبالتايل عندما ت�ضع امر�أة ُغ�ص ًنا يف املاء وتن�ضح باملاء �إىل الأعلى لتعمل
ﲑ ﺍﻟ
�أمطا ًرا ،فرغم �أنها ال تفعل املطر بنف�سها ،وال ميكن لومها على عمل املطر� ،إال �أنه
ب�سبب �أنها دخلت يف عهد مع ال�شيطان �أمكنها �أن تعمل هذا ك�ساحرة ،ورغم �أن
ﻜﺘ
ال�شيطان هو الذي يعمل املطر ،فهي نف�سها يجب �أن ت�أخذ اللوم لأنها كافرة وتعمل
عمل ال�شيطان ،و�سلمت نف�سها لأجل خدمته.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا عندما تعمل �ساحرة �صورة �شمعية �أو �شيء كهذا حتى ت�سحر �شخ�صا ما� ،أو � ً
عندما تَظهر �صورة �أحدهم عندما ُي�صب الر�صا�ص على املاء� ،أو عندما ُيعمل بع�ض
ﺸﺮ
الأذى على ال�صورة ،مثل الوخز �أو الإ�ضرار بها ب�أي �شكل فيحدث �ضر ًرا ل�صاحب
ال�صورة ،فرغم �أن ال�ضرر ح�صل فعل ًّيا لل�صورة بوا�سطة �ساحرة ما �أو �شخ�ص ما،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
و�أن ال�شيطان بنف�س الطريقة كان ي�ؤذي �صاحب ال�صورة� ،إال �أن هذا ال�ضرر ي�ستحق
�أن ُين�سب لل�ساحرة .لأنه بدونها ،لن ي�سمح الرب لل�شيطان �أن يعمل مثل هذا الأذى،
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
العامل .وبالن�سبة ملقولة �أن �سمعة الربيء ميكن �أن تتدمر بوا�سطة ال�شيطان بهذه
ﲑ ﺍﻟ
الطريقة التي قيلت ،فهذا ال يبدو ممكنا ،لأ�سباب عديدة.
يف املقام الأول ،ميكن �أن يت�شوه املرء بالرذائل التي حتدث بدون �أي عهد خفي
ﻜﺘ
مع ال�شيطان ،مثل ال�سرقة ،والنهب والزنا ولكن ميكن �أن يت�شوه املرء برذائل �أخرى
�شخ�صا �أنه ارتكبها �إال �إذا كان قد دخل يف عهد مع ال�شيطان،من امل�ستحيل �أن تتهم ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
وهذا مثل �أعمال ال�ساحرات ،التي ال ميكن �أن ت�أتي �إىل قدرتهن �إال مب�ساعدة
ال�شياطني حيث ي�سحرن النا�س واحليوانات والأ�شجار على الأر�ض .بالتايل ،رغم
ﺸﺮ
�أن ال�شيطان ميكن �أن ي�شوه �سمعة �إن�سان فيما يتعلق بالرذائل العادية� ،إال �أنه ال يبدو
ممك ًنا بالن�سبة له �أن يفعل هذا فيما يتعلق بالرذائل التي ال ميكن �أن ُتعمل �إال بعمل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
عهد مع ال�شيطان.
ﺯﻳﻊ
أي�ضا� ،إنه ال ُيعلم حتى هذا اليوم �أن هذا قد ح�صل لأي �شخ�ص بريء ت�شوهت � ً
�سمعته بوا�سطة ال�شياطني �إىل حد �أنه �أ�صبح مدا ًنا بالإعدام على هذا الفعل.
أي�ضا ،عندما يكون ال�شخ�ص حتت ال�شك فح�سب ،ال ُتنفذ عليه العقوبة التي ت�أمر � ً
بها ال�شريعة لتطهريه ،كما �سن�شاهد يف اجلزء الثالث من هذا الكتاب يف الطريقة
الثانية من طرق معاقبة ال�ساحرات.
�شخ�صا بري ًئا قد
ً وهنا نحن نتعامل مع �أحداث حقيقية ،وال ُيعلم من قبل �أن
عوقب باال�شتباه يف كونه �ساح ًرا ،لأنه ال �شك �أن الرب لن ي�سمح ب�شيء كهذا �أن
يحدث.
196
أي�ضا ،الرب ال يعاقب الربيء الذي يكون حتت احلماية املالئكية ب�أن يجعله � ً
م�شتب ًها به يف اجلرائم ال�صغرية ،مثل ال�سرقة وغريها ،وبالتايل من الأوىل �أن
يحمي الرب ه�ؤالء الذين هم حتت احلماية املالئكية من اال�شتباه بهم يف جرمية
ال�سحر.
�صحيحا �أن نقتب�س �أ�سطورة القدي�س «جريمانيو�س» ،عندما اتخذت ً ولي�س
ال�شياطني �أج�ساد ن�ساء معلومات وجل�ست على الطاولة ونامت مع �أزواجهن،
و�ضللتهن �إىل ت�صديق �أن ه�ؤالء الن�ساء هم يف �أج�سادهن احلقيقية ي�أكلون وي�شربون
مع �أزواجهن ،فاملر�أة يف هذه احلالة ال ُتالم ب�أنها مذنبة .لأنه يف ال�شريعة يف كتاب
،Episcopiيع�ض الن�ساء كن مدانات ب�أنهن اعتقدن �أنهن ح ًّقا انتقلن من مكان �إىل
ﻋﺼ
مكان ،بينما ما حدث معهن كان يف اخليال فقط ،ومع ذلك ،كما و�ضحنا �أعاله ،هن
ﲑ ﺍﻟ
يف بع�ض احلاالت ينتقلن ب�أج�سادهن بوا�سطة ال�شياطني.
ولكن افرتا�ضنا احلايل هو �أنه ميكنهن ،ب�إذن الرب� ،أن يعملن كل الأمرا�ض
ﻜﺘ
بدون ا�ستثناء ،ون�ستنتج مما قلناه �أن هذا ممكن .لأنه ال توجد ا�ستثناءات ذكرها
العلماء ،وال يوجد �سبب يجعل هناك ا�ستثناءات ،لأنه كما قلنا ،قدرة ال�شياطني
ﺐ ﻟﻠﻨ
تتجاوز كل القوى اجل�سدية .ولقد وجدنا يف جتربتنا �أن هذا حقيقي .وهناك �صعوبة
�أكرب ميكن �أن ي�شعر بها املرء يف ت�صديق �أن ال�ساحرات يقدرن �أن يعملن اجلذام �أو
ﺸﺮ
ال�صرع ،لأن هذه الأمرا�ض حتدث ب�سبب اال�ستعداد اجل�سدي ،ومع ذلك ،وجدنا يف
بع�ض الأوقات �أنه حتى هذه الأمرا�ض ميكن �أن ُتعمل بوا�سطة ال�سحر.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لأنه يف �أبر�شية «بازل» ،يف مقاطعة «�أل�سا�س» و«لوراين» ،كان هناك فالح حتدث
ﺯﻳﻊ
بخ�شونة مع امر�أة م�شاك�سة .ولقد هددته بغ�ضب �أنها �ستنتقم لنف�سها منه .ف�أ�صبح
ي�أخذ بع�ض احلذر منها ،ولكن يف نف�س الليلة �أح�س ببرثة منت على عنقه ،فحكها
قليل ،فوجد �أن وجهه كله وعنقه قد انتفخ وتورم ،وبد�أ يظهر نوع مريع من اجلذام ً
على ج�سده كله .وب�سرعة ذهب �إىل �أ�صدقائه لأجل الن�صيحة ،و�أخربهم عن تهديد
املر�أة له ،وقال �أنه يراهن بحياته على �أن هذا قد ح�صل له بفعل �سحر هذه املر�أة.
واخت�صا ًرا ،مت �أخذ املر�أة وم�ساءلتها ،واعرتفت بجرميتها .ولكن ملا �س�ألها القا�ضي
حتديدً ا عن ال�سبب الذي عملت هذا لأجله ،وكيف عملته� ،أجابت «عندما ا�ستخدم
الرجل كلمات بذيئة نحوي ،كنت غا�ضبة ورجعت �إىل منزيل ،وال�شيطان رفيقي
197
بد�أ ي�س�ألني عن �سبب مزاجي املتعكر .ف�أخربته ورجوته ب�أن يث�أر من الرجل.
و�س�ألني ما الذي �أود �أن �أعمله يف الرجل ،ف�أجبته ب�أنني �أمتنى �أن يكون دائ ًما
بوجه منتفخ .وذهب ال�شيطان بعيدًا و�أ�صاب الرجل مبا يتجاوز ما �أردته منه،
لأنني مل �أرد �أن ي�صاب مبثل هذا اجلذام امل�ؤمل» وبالتايل مت �إحراق املر�أة.
ويف �أبر�شية «كون�ستان�س» بني «بري�ساخ» و«فريبورج» ،كانت هناك امر�أة جمذومة
وقد اعتادت �أن تخرب كث ًريا من النا�س �أن هذا ال�شيء قد حدث لها ب�سبب �شجار
مماثل بينها وبني امر�أة �أخرى .لأنه يف �أحد الليايل خرجت خارج البيت لتعمل �شي ًئا
�أمام باب املنزل ،ف�أتت ريح دافئة من منزل املر�أة الأخرى الذي كان يف املقابل،
ﻋﺼ
و�ضربت وجهها فج�أة ،ومنذ ذلك الوقت �أ�صيبت باجلذام الذي تعاين منه الآن.
و�أخ ًريا ،يف نف�س الأبر�شية ،يف مقاطعة «بالك فوري�ست» ،مت رفع �ساحرة بوا�سطة
ﲑ ﺍﻟ
ال�سجان على كومة من اخل�شب للتجهيز حلرقها ،وقالت له « �س�أدفع لك» ثم نفخت
ﻜﺘ
أياما معدودة.
يف وجهه .و�أ�صيب يف احلال بجذام على ج�سده كله ،ومل يع�ش �إال � ً
لأجل االخت�صار ،اجلرائم املخيفة لل�ساحرات التي ميكن �أن ُتكى �سنتجاوزها.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولقد وجدنا غال ًبا �أن بع�ض النا�س يزورهم اجلذام �أو املر�ض ب�سبب البي�ض الذي
يتم دفنه مع اجلثث ،خا�صة مع جثث ال�ساحرات ،مع بع�ض الأ�شياء الأخرى التي ال
ﺸﺮ
ميكن �أن نتحدث عنها ،وقد ُتعطى هذه البي�ضات �إىل �شخ�ص يف طعامه �أو �شرابه.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
ﺯﻳﻊ
198
الفصل .12عن الطريقة التي يصبن بها اإلنسان
باألمراض األخرى
من ذا الذي ميكن �أن يح�سب عدد الأمرا�ض التي ي�صنب بها النا�س ،مثل العمى،
والآالم املربحة ،والتواء اجل�سم؟ لكن يجب �أن نذكر �أمثلة ر�أيناها ب�أعيننا �أو تتعلق
ﻋﺼ
بحملتنا التفتي�شية.
عندما مت عمل حملة التفتي�ش على بع�ض ال�ساحرات يف قرية «�إن�سربوك» ،ظهرت
ﲑ ﺍﻟ
احلالة التالية للنور .امر�أة �صاحلة كانت متزوجة بواحد من �أهل بيت الأر�شيدوق
ﻜﺘ
�شهدت ر�سم ًيا بالتايل .قالت �أنها يف الوقت الذي كانت فيه عذراء ،عملت يف خدمة
واحد من املواطنني ،وكانت زوجته م�صابة ب�آالم كبرية يف الر�أ�س ،و�أتت امر�أة قالت
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن ب�إمكانها معاجلتها ،وبد�أت املر�أة يف عمل بع�ض ال ُرقى والطقو�س التي قالت �أنها
�ستُ�سكن الأمل .ولقد �شاهدت باهتمام (تقول املر�أة) ما الذي كانت تفعله ،ور�أيت �أن
هناك �أمو ًرا حتدث ب�شكل م�ضاد للطبيعةً ،
ﺸﺮ
وعلمتُ �أن �آالم ر�أ�س �سيدتي ال ميكن �أن ُت�شفى بهذه الأ�شياء الغريبة ،وخاطبتُ
ﺍﻟﺘﻮ
ال�ساحرة بغ�ضب وقلت «�أنا ال �أعلم ما الذي تفعلينه ،ولكن �أ ًيا ما كان هذا ،فهو
ﺯﻳﻊ
�سحر ،و�أنت تعملينه لأجل م�صلحتك ال�شخ�صية» فر ّدت ال�ساحرة بقوة «�ستعرفني
يف ثالثة �أيام �إذا كنت �ساحرة �أم ال» .ومت الإثبات ،لأنه يف اليوم الثالث جل�ست
و�أم�سكت باملغزل ف�شعرت فج�أة ب�أمل مريع يف ج�سدي.
يف البداية كان بداخلي ،حيث بدا �أنه ال يوجد جزء من ج�سدي لي�س فيه �أمل
مكد�سا فوق ر�أ�سي ُيحرق با�ستمرار ،ومن تاجً مربح ،ثم بدا يل ك�أنَّ هناك فح ًما
ر�أ�سي حتى �أخم�ص قدمي مل يكن هناك مو�ضع �إبرة مل يغطيه طفح من برثات ذات
لون �أبي�ض ،وبقيت يف هذا الأمل� ،أ�صرخ وال �أمتنى �إال املوت ،ويف النهاية �أخربين
199
زوج �سيدتي �أن �أذهب �إىل حانة معينة ،وب�صعوبة بالغة ذهبت ،وظهر هو ،ووقفنا
�أمام احلانة ،فقال يل «انظري ،هناك رغيف من اخلبز فوق باب احلانة» فقلت له
�أنني �أراه ،فقال « �أنزليه �إىل الأ�سفل �إن كان ب�إمكانك ،لأن هذا �سيكون ج ّيدًا لك»
و�أم�سكت الباب بيد واحدة ومددت اليد الأخرى ب�أق�صى ما ا�ستطعت حتى �أخذت
الرغيف ،فقال يل «افتحيه ،وانظري ج ّيدًا ما بداخله» وملا فتحت الرغيف ،وجدت
عدة �أ�شياء بالداخل ،وبينها بع�ض احلبوب البي�ضاء التي متاثل تلك التي ظهرت على
أي�ضا بع�ض البذور التي ال ت�ؤكل ،مع عظام ثعابني وحيوانات �أخرى.ج�سمي ،ور�أيت � ً
وو�سط ده�شتي �س�ألت �سيدي ما الذي ميكن �أن �أعمله ،ف�أخربين ب�أن �أرميها كلها يف
النار .ففعلت ،وفج�أة يف خالل �ساعة �أو رمبا يف خالل دقائق ،بعد �أن رميت الأ�شياء
ﻋﺼ
يف النار ،ا�ستعدت كامل �صحتي.
ﲑ ﺍﻟ
�شهدت بها زوجة املواطن التي كانت هذه املر�أة يف خدمتها ،ب�سبب
و�أمور �أخرى َ
�أنه كان م�شتب ًها بها ب�شكل قوي ،خا�صة لأن لها عالقة �أُلفة مع �ساحرات معروفات.
ﻜﺘ
ومن املفرت�ض� ،أنه مبعرفتها �أن التعويذة خمفية يف الرغيف� ،أنها �أخربت زوجها
ﺐ ﻟﻠﻨ
بهذا ،ومن ثم ،بالطريقة التي و�صفت ،ا�ستطاعت اخلادمة �أن ت�ستعيد �صحتها.
ومن اجل ّيد �أن نحكي كيف �أن امر�أة �أخرى ،مت �سحرها يف نف�س القرية .وهي
ﺸﺮ
بجواره .ويف يوم الحظت �أنَّ هناك مم ًرا مت عمله من حديقة جارتي �إىل م�شتلي،
ومل يكن الأمر بال �أ�ضرار ،وكنت واقفة �أمام باب امل�شتل حزينة على املمر وعلى
ﺯﻳﻊ
الأ�ضرار ،وفج�أة جاءت جارتي و�س�ألتني �إن كنت �أ�شك فيها .ولكني كنت خائفة منها
ب�سبب �سمعتها ال�سيئة ،ف�أجبت «�آثار الأقدام على الع�شب هي دليل على ال�ضرر»،
علي
فغ�ض َبت لأنني مل �أفعل كما تريد �أن �أهاجمها و�أتهمها بكلمات توجب �أن تقيم ّ
دعوى ،وذهبت بعيدً ا وهي تتذمر :ورغم �أنه �أمكنني �أن �أ�سمع كلماتها� ،إال �أنني مل
�أفهمها.
بعد عدة �أيام �أ�صبحت مري�ضة جدًّا ب�آالم يف املعدة ،وبوخزات تطعنني من
جانبي الأي�سر �إىل جانبي الأمين والعك�س ،وك�أنَّ ن�صلي �سيفني �أو �سكينتني يطعناين
200
يف �صدري ،وكنت �أُزعج اجلريان ليل نهار ب�صراخي ،وعندما �أتوا من كل جهة
ملوا�ساتي ،حدث �أن ً
عامل من العاملني يف الطني كان جاري ،وكان �آت ًيا لزيارتي،
و�أ�شفق علي وبعد ب�ضع الكلمات التي قالها لتوا�سيني ذهب بعيدً ا .ولكن يف اليوم
التايل عاد يف عجلة ،وبعد موا�ساتي قال «�أنا �س�أخترب �إن كان مر�ضك هو ب�سبب
ال�سحر ،و�إن وجدت �أنه كذلك� ،س�أعيد لك �صحتك».
ر�صا�صا من�صه ًرا وبينما كنت راقدة على ال�سرير� ،ص ّبه يف ط�شت من املاء
ً ف�أخذ
مو�ضوع على ج�سدي .وبعد �أن ت�صلب الر�صا�ص على �صورة معينة وبع�ض الأ�شكال،
قال�« :أر�أيت! �إن مر�ضك هو ب�سبب ال�سحر ،و�أحد �أدوات ال�سحر خمب�أ حتت عتبة
ﻋﺼ
بابك� ،س�أذهب و�أزيلها و�ست�شعرين بتح�سن» .ثم ذهب هو وزوجي لإزالة التعويذة،
ورفع عتبة الباب ،و�أخرب زوجي �أن ي�ضع يده �أ�سفلها وي�سحب �أي �شيء يجده ،وفعل
ﲑ ﺍﻟ
زوجي هذا.
ﻜﺘ
ومرتقة من و�أخرج �صورة �شمعية حجمها كحجم الكف ،مثقوبة من كل مكانُ ،
متاما بنف�س الطريقة التي كنت �أ�شعر بها بالوخز من اجلانب اجلانبني ب�إبرتنيً ،
ﺐ ﻟﻠﻨ
كي�سا يحتوي على كل �أنواع الأ�شياء ،حبوب وبذور وعظام. �إىل اجلانب ،ثم �أخرج ً
وعندما �أحرقنا كل هذا� ،أ�صبحت �أف�ضل ،ولكن لي�س ب�شكل كامل .فرغم �أن الوخز
ﺸﺮ
والطعن قد توقف ،و�أنني ا�ستعدت �شهيتي للطعام� ،إال �أين مل �أ�ستعد �صحتي كاملة،
وعندما �س�ألته ملاذا مل �أ�ستعد كامل �صحتي� ،أجاب :هناك �أدوات �أخرى لل�سحر
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
خمفية ال ميكنني �إيجادها وعندما �س�ألت الرجل كيف عرف مكان الأدوات الأوىل،
يحث ال�صديق �أن ُيخرب بالأمور �إىل �أجاب «�أنا �أعلم هذا من خالل احلب الذي ُ
ﺯﻳﻊ
�صديقه ،لأن جارتك ك�شفت يل هذا عندما كانت تتملقني لعمل الفاح�شة معها»
وهذه هي ق�صة املر�أة املري�ضة.
ولكن �إذا كنت �س�أحكي كل احلكايات التي وجدناها يف تلك القرية� ،س�أحتاج
كامل عنها .لأن هناك عددًا ال ح�صر له من الرجال والن�ساء �إىل �أن �أعمل كتا ًبا ً
الذين كانوا عميا ًنا� ،أو مقعدين �أو م�صابني ب�أنواع الأمرا�ض ،حلفوا اليمني �أن لديهم
�شكو ًكا قوية �أن �أمرا�ضهم �سببها ال�ساحرات ،و�أنهم كانوا ُملزمني �أن يتحملوا هذه
الآالم لفرتة ما �أو حتى املوت.
201
وكل ما قالوه و�شهدوا به كان حقيقة� ،سواء ما يتعلق مبر�ض حمدد� ،أو ما يتعلق
مبوت �آخرين .لأن الدولة تزخر باملريدين املخل�صني الفر�سان الذين لديهم فراغ
لعمل الرذيلة ،ولإغواء الن�ساء ،ثم ملا يريدون �أن يطردوهن عند رغبتهم يف الزواج
بامر�أة �صاحلة .ال ميكنهم عمل هذا غال ًبا بدون �أن تقابلهم الن�ساء باالنتقام بعمل
ال�سحر عليهم �أو على زوجاتهم .لأنه عندما جتد ه�ؤالء الن�سوة �أنف�سهن مزدريات،
ُت�صر الواحدة منهن على �أن ُتوجع الزوجة �أكرث من الزوج ،على �أمل �أن متوت
الزوجة ،ويعود الزوج �إىل ع�شيقته.
لأنه عندما تزوج طباخ الأر�شيدوق فتاة �صاحلة من دولة �أجنبية ،قابلتهم يف
الطريق امر�أة �ساحرة كانت ع�شيقته ،ولقد تنب�أت مبوت زوجته ،حيث مدت يدها
ﻋﺼ
وقالت لها «لي�س ملدة طويلة �ستتمتعني بزوجك» وفج�أة ،يف اليوم التايل ،لزمت
ﲑ ﺍﻟ
زوجته �سريرها وبعد عدة �أيام دفعت الثمن ،و�صرخت وهي تلفظ �أنفا�سها الأخرية،
هكذا �س�أموت ،ب�سبب تلك املر�أة ،وب�إذن الرب ،قد قتلتني ب�سحرها� ،إال �أنني بال ريب
ﻜﺘ
ذاهبة �إىل زواج �أف�ضل عند الرب.
بنف�س الطريقة ،ووفقا لدليل م�أخوذ من تقرير عامُ ،قتل جندي معني بوا�سطة
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف �أحد الليايل ،ف�أر�سل خادمه �إليها ليخربها �أنه ال ي�ستطيع �أن يزورها الليلة لأنه
م�شغول .وعلى الفور ا�ست�شاطت غ�ض ًبا ،وقالت للخادم :اذهب و�أخرب �سيدك �أنه لن
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
طويل .ويف اليوم التايل مر�ض الرجل ،ويف خالل �أ�سبوع كان مدفو ًنا.ُيزعجني ً
ﺯﻳﻊ
وهناك �ساحرات ميكن �أن ي�سحرن الق�ضاة الذين يحكمون عليهن بنظرة فقط
�أو ملحة من �أعينهن ويتفاخرن عل ًنا �أنه بهذا ال ميكن معاقبتهن ،وعندما ي�سجن
املجرمون على جرائمهم ،ويتعر�ضون للعذاب ال�شديد ليقولوا احلقيقة ،ه�ؤالء
ال�ساحرات ميكن �أن مينحوهم الت�صلب للحفاظ على �سكوتهم حتى ال ُتك�شف
جرائمهن.
وهناك �آخرون ،حتى يحققن تعويذاتهن و�شعوذاتهن ،ي�ضربن ويطعنّ متثال
امل�سيح امل�صلوب ،ويتفوهن ب�أقذر الكلمات �ضد الطاهرة املعظمة العذراء ماري،
ويرمني بالقذف الكريه على ميالد خمل�صنا من رحمها الطاهر .ولي�س من اجليد
202
�أن نكرر هذه الكلمات ال�سيئة� ،أو �أن ن�صف جرائمهن ال�سيئة ،لأن �سرد هذا ي�سبب
�إ�ساءة عظيمة للأذن املتدينة.
وهناك يهودية �أدت التعميد و�أر�شدت على فتيات �شابات فا�سدات واحدة منهن
ا�سمها «والبورجي�س» ،بعد �أن مت ال�ضغط عليها بوا�سطة ه�ؤالء الذين يقفون حولها
وروحا لل�شيطان ،وال يوجد
لتعرتف بخطيئاتها� ،أعلنت :لقد �أعطيت نف�سي ج�سدً ا ً
�أمل يف �أن ُيغفر يل ،وبالتايل ماتت.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
203
الفصل .13كيف للمُولِّدات الساحرات أن يعملن
الجريمة الشنعاء بقتل األطفال أو وهبهم للشيطان
بهذا الشكل بغيض
ال بد �أال نتجاهل ذكر الأذى الذي ُيرتكب يف الأطفال بوا�سطة املولدات ال�ساحرات،
ﻋﺼ
� ًأول بقتلهم ،وثان ًيا بوهبهم �إىل ال�شيطان بكفر .ففي �أبر�شية «�سرتا�سبورج» ويف قرية
«زابرين» كانت هناك امر�أة �صاحلة ُم ِل�صة للعذراء املباركة ماري ،وكانت تخرب
ﲑ ﺍﻟ
الق�صة التالية التي حدثت لها لكل الزبائن الذين ي�أتون �إىل احلانة التي تعمل فيها
ﻜﺘ
واملعروفة بعالمة الن�سر الأ�سود.
حامل من زوجي ال�شرعي ،الذي مات الآن ،وكلما اقرتب لقد كنت ،هي تقولً ،
ﺐ ﻟﻠﻨ
وقت والدتيُ ،تغريني �إحدى املولدات حتى �أرتبط معها لت�ساعدين يف والدة طفلي.
ولكنني كنت �أعلم �أن لها �سمعة �سيئة ،ورغم �أنني قررت �أن �أرتبط مع مولدة �أخرى،
ﺸﺮ
لكنني تظاهرت بكلمات ا�سرت�ضائية باملوافقة على طلبها .ولكن عندما جاءتني
الآالم ،وطلبت امر�أة �أخرى كمولدة ،غ�ضبت الأوىل جدًّا ،وبعد �أ�سبوع جاءت �إىل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وتعبت من مناداة زوجي الذي كان نائ ًما يف غرفة �أخرى ،وفج�أة ُ�ش ّلت كل احلركة
من �أطرايف ول�ساين ،وبقي يل فقط ال�سمع والب�صر ومل �أ�ستطع �أن �أحرك ع�ضلة
واحدة .وال�ساحرة التي كانت تقف بني املر�أتني قالت« :انظرا ،هذه املر�أة البذيئة،
مل ت�أخذين كمولدة لها ،وهي لن تعي�ش هكذا بدون عقاب» واملر�أتان الأخريان
التم�سن يل العذر فقالت �إحداهما «هي مل ت�ؤذ �أ ًيا منا» ولكن ال�ساحرة قالت «لأنها
�أ�ساءت يل �س�أ�ضع �شي ًئا يف �أح�شائها ،و لكن لأجلكن ،فهي لن ت�شعر ب�أي �أمل لن�صف
�سنة ،ولكن بعد هذا الوقت �ستتعذب كفاية» فجاءت �إيل ومل�ست بطني بيديها ،وبدا
خارجا ،وو�ضعت فيها �شي ًئا مل �أره .وعندما ذهنب جمي ًعا،يل �أنها �أخذت �أح�شائي ً
204
وا�ستعدت قدرتي على النطق ،ناديت على زوجي ب�أ�سرع ما ا�ستطعت ،و�أخربته مبا
ح�صل .ولكنه عزا الأمر �إىل حملي فقال «�أننت احلوامل دائ ًما ما تعانني من الوهم
واخلياالت» ،وعندما مل ي�صدقني ب�أي طريقة ،قلت له «لقد �أُعطيت �ستة �أ�شهر من
النعمة ،وبعد ذلك الوقت� ،إن مل يحدث يل �أي عذاب� ،س�أ�صدقك»
و�أخربت املر�أة ولدها بالأمر ،وكان رجل دين وهو رئي�س �شمام�سة املقاطعة ،وقد
�أتى لزيارتها يف نف�س اليوم .وما الذي ح�صل؟ عندما مرت �ستة �أ�شهر بال�ضبط،
جاءها �أمل عظيم يف بطنها ومل ميكنها �إال �أن ُتقلق اجلميع ب�صياحها ً
ليل ونها ًرا.
وب�سبب �أنها كانت خمل�صة للعذراء �أمرية الرحمة ماري� ،صامت بخبز وماء يف كل
ﻋﺼ
�سبت ،ع�سى �أن يكون هذا �شفي ًعا خلال�صها .ويف �أحد الأيام ،عندما �أرادت �أن ُتلبي
ﲑ ﺍﻟ
نداء الطبيعة ،كل هذه الأ�شياء النج�سة �سقطت من ج�سدها ،فنادت على زوجها
وابنها وقالت هل هذه خياالت؟ �أمل �أقل �أنه بعد ن�صف �سنة �ستظهر احلقيقة؟ �أال
ﻜﺘ
ترون العظام و�شوكات الآذان و ُفتات اخل�شب؟ وكانت هناك �أ�شواك بحجم الكف،
ﺐ ﻟﻠﻨ
مت �إح�ضاره للمحاكمة يف «بري�ساخ»� ،أن �أكرب �أذى للإميان بوا�سطة ال�سحر ي�أتي من
و�ضوحا من نور ال�صباح نف�سه باعرتافات البع�ض الالتي
ً املولدات .وهذا �أ�صبح �أكرث
ﻭ
�أُحرقن بعدها.
ﺍﻟﺘﻮ
لأنه يف �أبر�شية «بازل» يف قرية «دان»� ،أُحرقت �ساحرة اعرتفت �أنها قتلت �أكرث
ﺯﻳﻊ
من �أربعني طفلً ،بغر�س �إبرة يف تاج ر�ؤو�سهم �إىل دماغهم ،بعد �أن يَخرجوا من
الرحم.
و�أخ ًريا ،امر�أة �أخرى من �أبر�شية «�سرتا�سبورج» اعرتفت �أنها قتلت عددًا من
الأطفال �أكرب من قدرتها على العد .ومت الإم�ساك بها بهذه الطريقة ،كان يتم طلبها
من قرية �إىل �أخرى للعمل كمولدة ،وبعد �أن ت�ؤدي مهمتها ،كانت تعود �إىل املنزل.
يوما من بوابة القرية� ،سقط من عباءتها ذراع طفل مولود ولكن عندما خرجت ً
كانت تخفيها بني ثنيات العباءة.
205
هذا �شوهد من اجلال�سني عند البوابة ،وعندما حتركت لأخذ الذراع من الأر�ض،
توجه بع�ض اجلال�سني �إىل الذراع و�أخذوها على �أنها قطعة حلم ليعطوها للمر�أة،
ولكن عندما نظروا لها عن قرب وعرفوا �أنها لي�ست قطعة حلم ،بل هي ذراع طفل
وا�ضحة ،فيها يد وكف ومرفق ،ب ّلغوا هذا �إىل القا�ضي ،و ُوجد بالفعل �أن هناك ً
طفل
مات قبل التعميد فاقدً ا ذراعه .فتم �أخذ ال�ساحرة وم�ساءلتها واعرتفت بجرميتها،
و�أنها كما قالت قتلت عددًا من الأطفال �أكرث من قدرتها على العد.
�سبب هذه املمار�سات هو علم ال�شيطان �أنه ب�سبب اخلطيئة الأ�صلية ،ف�إن ه�ؤالء
الأطفال ُيحرمون من دخول مملكة ال�سماوات .وبهذا املعنى يت�أخر عليهم احل�ساب
أي�ضا ،كما قلنا �ساب ًقا ،ال�ساحرات
الأخروي ،بينما ُيدان ال�شيطان بالعذاب الأبدي ،و� ً
ﻋﺼ
ع ّلمهن ال�شيطان �أن يطحنّ �أطراف الأطفال ويعملن م�ستح�ضرات تفيدهم يف
ﲑ ﺍﻟ
تعاويذهن.
وال يجب �أن نتجاوز اجلرمية ال�شنعاء التالية ،فهن عندما ال يقدرن على قتل
ﻜﺘ
الطفل ،يهبنه لل�شيطان بكل كفر ،فعندما يولد الطفل ،حتمله املولدة �-إذا مل تكن
الأم نف�سها �ساحرة -وتخرجه من الغرفة بحجة �أن تدفئه ،ثم ترفعه وتهبه �إىل �أمري
ﺐ ﻟﻠﻨ
عليها من الن�ساء يف الوالدة ،مل ت�سمح لأي امر�أة �أن تقرتب من �سريرها �إال ابنتها،
التي كانت تولدها .ولأجل حماولة معرفة ال�سبب ،اختب�أ الرجل يف املنزل ور�أى
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا ما بدا له غري ًبا جدًّا� ،أنه وبدون �أي م�ساعدة ،وفقط مبعونة ور�أى � ً
ال�شيطان ،كان الطفل يت�سلق ال�سل�سلة التي تتعلق فيها �آنية الطبخ .وبذعر �شديد
من الكلمات الفظيعة للت�ضرع لل�شياطني ومن امل�شاهد املرعبة الأخرى� ،أ�صر الرجل
على �أن يتم تعميد الطفل على الفور .وبينما كان يحمله �إىل القرية املجاورة ،حيث
الكني�سة ،وبينما كان مير فوق اجل�سر الذي فوق النهر� ،أخرج الرجل �سيفه ورك�ض
ناحية ابنته ،التي كانت حتمل الطفل ،وقال لها حتت م�سمع من امر�أتني كانتا معهما
«�أنت لن حتملي الطفل فوق اجل�سر� ،إما �أن جتعليه مير فوق اجل�سر بنف�سه �أو
�س�أغرقك يف النهر».
206
ارتعبت االبنة ،و�س�ألته �إن كان يف وعيه (لأنه �أخفى ما حدث معه عن كل الآخرين
�إال عن املر�أتني الالتي كانتا معهما) .ف�أجاب «�أيتها اخل�سي�سة املوم�س� ،أنت بفنون
�سحرك جعلت الطفل يت�سلق ال�سل�سلة يف املطبخ ،الآن هيا اجعليه مي�شي على
اجل�سر بدون �أن يحمله �أحد �أو �س�أغرقك بنف�سي يف النهر» ،وبالتايل كونها جمربة،
و�ضعت االبنة الطفل على طرف اجل�سر ،وت�ضرعت لل�شيطان بفنونها ،وفج�أة ُر�ؤي
الطفل على اجلانب الآخر من اجل�سر.
وعندما مت تعميد هذا الطفل ،و�أعيد �إىل املنزل� ،أ�صبح الرجل لديه �شهود ليتهم
االبنة بال�سحر (لأنه مل يكن ليتمكن من �إثبات جرمية وهب الطفل لل�شيطان لأنه
كان ال�شاهد الوحيد على طقو�س تدني�س املقد�سات) ،فاتهم الرجل الأم وابنتها
ﻋﺼ
�أمام القا�ضي وبعد فرتة تطهريهن ،مت حرقهن ،ومن �ساعتها مت اكت�شاف جرمية
ﲑ ﺍﻟ
املولدات الالتي يهنب الأطفال لل�شيطان.
ﻜﺘ
ولكن هنا ي�أتي �شك ،لأي غر�ض �أو غاية يكون تدني�س املقد�سات بوهب الأطفال؟
وكيف يفيد هذا ال�شيطان؟ بالن�سبة لهذا ميكن �أن نقول �أن ال�شياطني يفعلون هذا
لثالثة �أ�سباب ،وكلها �أغرا�ض فا�سدة ،ال�سبب الأول ي�أتي من كربيائهم ،التي تتزايد،
ﺐ ﻟﻠﻨ
ثان ًيا ،يحبون �أن يخدعوا الإن�سان حتت قناع العمل الذي ظاهره الورع ،وهم بهذه
الطريقة يغوون العذراوات ال�شابات وال�شباب �إىل �سلطانهم ،ورغم �أنهم يحققون
ﺸﺮ
هذا بال�شر وبف�ساد الب�شر ،ويخدعون الن�ساء باملرايا ال�سحرية واالنعكا�س الذي ُيرى
يف �أظافر ال�ساحرات ،ويغوونهم للت�صديق ب�أنهم يحبون العفة ،بينما هم يكرهونها.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لأن ال�شيطان يكره العذراء املباركة ماري �أكرث من �أي �شيء ،لأنها قمعت ر�أ�سه ,
ﺯﻳﻊ
متاما كما يف هذه القرابني بالأطفال حيث يخدعون عقول ال�ساحرات وي�ستدرجونهن ً
�إىل رذيلة الكفر حتت مظهر الفعل الفا�ضل .وال�سبب الثالث هو� ،أن خيانة املولدات
ُتربح ال�شيطان ،حيث تكون له �ساحرات مكر�سات �إليه منذ مهدهن.
وهذا التدني�س للمقد�سات ي�ؤثر يف الأطفال بطريقتني .الأوىل ،نعلم �أن القربان
الذي لأجل الرب ُيعمل من �أ�شياء مرئية ،مثل اخلمر واملاء �أو ثمار الأر�ض ،وهو
عالمة على االحرتام واخل�ضوع للرب ،كما قيل يف كتاب Ecclesiasticusاخلام�س
والع�شرين� .أنت لن تظهر خاو ًيا �أمام الرب.
207
وهذه القرابني ال ميكن وال يجب �أن تكون لأغرا�ض جن�سة .لأجل ذلك الأب
املقد�س القدي�س «جون داما�سني» يقول :القرابني التي توهب يف الكني�سة تخ�ص
الرهبان فقط ،ولي�س لهم �أن ُيحرفوها لأجل ا�ستخداماتهم ال�شخ�صية ،بل ال بد �أن
يوزعوها ب�أمانة ،مبراعاة �أنها عبادة ربانية ،ولأجل الفقراء � ً
أي�ضا .من هذا يتبع �أن
الطفل الذي يوهب لل�شيطان بهذا الإجالل واخل�ضوع ،ال ميكن طوال حياته �أن يوهب
للحياة املقد�سة من ِقبل الكاثوليكيني ،للخدمة املثمرة للرب لأجل منفعته ومنفعة
الآخرين.
لكن هل خطايا الأمهات جتلب العقوبة على الأطفال؟ رمبا �أحدهم �سيقتب�س
ﻋﺼ
تلك املقولة للنبي «االبن ال يحمل من �إثم الأب» لكن هناك مقطع يف �سفر اخلروج
الع�شرون «لأين �أنا الرب �إلهك غيور� ،أفتقد ذنوب الآباء يف الأبناء يف اجليل الثالث
ﲑ ﺍﻟ
والرابع من ُمبغ�ضي» ومعنى هاتني املقولتني هو كما يلي .الأوىل تتحدث عن العقوبة
ﻜﺘ
الروحية يف حمكمة ال�سماوات ،ولي�س يف حكم الإن�سان .وهذه هي عقوبة الروح،
مثل ال�ضياع �أو خ�سران املجد� ،أو عقوبة الأمل التي هي العذاب بالنار الأبدية .ومثل
هذه العقوبات ال يعا َقب بها �أحد �إال خلطيئته ال�شخ�صية� ،سواء كانت تلك اخلطيئة
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أما املقطع الثاين فيتحدث عن �أولئك الذين يقلدون خطايا �آبائهم ،كما و�ضح
«جرياتيان» :وهنا هو يعطي تف�سريات �أخرى عن كيفية �أن الرب يعاقب الإن�سان،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لي�س فقط على خطاياه ال�شخ�صية التي ارتكبها� ،أو التي ميكن �أن يرتكبها (ولكن
أي�ضا على خطايا الآخرين.منعه العقاب من ارتكابها) ،ولكن � ً
ﺯﻳﻊ
وال ميكن �أن يعا َقب الإن�سان بدون �سبب ،وبدون خطية ،لأن اخلطية من املفرت�ض
�أن تكون هي �سبب العقوبة .فح�سب قانون ال�شريعة ،ال �أحد يجب �أن يعاقب بدون
خطية� ،إال �إن كان هناك �سبب للعقوبة .وميكن �أن نقول �أن هناك �سب ًبا ً
عادل دائ ًما،
معلوما لنا ،انظر كالم القدي�س «�أوج�ستني»� ،إذا مل ميكننا �أن
رغم �أنه قد ال يكون ً
نعرف حكمة الرب العميقة ،فنحن نعلم �أن ما قاله حقيقي ،و�أن ما يعمله َعدل.
يالحظ يف الأطفال الأبرياء الذين يوهبون لل�شيطان، ولكن هناك فرق ينبغي �أن َ
لي�س بوا�سطة �أمهاتهم ال�ساحرات ،ولكن بوا�سطة املولدات ،ه�ؤالء الأطفال ال
208
ينقطعون من النعمة وال يكونون بالفطرة مائلني لهذه اجلرائم ،لكن من امل�صدق به
�أنهم يح�صدون خطايا �أمهاتهم.
النتيجة الثانية التي حتدث للأطفال الذين ح�صل فيهم هذا االنتهاك هي كما
يلي ،عندما يهب الإن�سان نف�سه قربانا �إىل الرب ،فهو يعرف �أن الرب هو بدايته
ونهايته ،وهذه الت�ضحية �أكرث قيمة من �أي ت�ضحية خارجية ميكن �أن يقوم بها ،حيث
�أن البداية هي خلقه والنهاية هي متجيده ،بنف�س الطريقة ،عندما تهب ال�ساحرة
الطفل لل�شيطان ،ف�إنها ت�ستودع روحه وج�سده لل�شيطان يف بدايته وتكون نهايته
اللعن الأبدي ،لكن ذلك الطفل ميكن �أن يتحرر من �أن يدفع ثم ًنا عظي ًما مثل هذا.
ﻋﺼ
ونحن نقر�أ عادة يف تاريخ الأطفال الذين وهبتهم �أمهاتهم امل�ضطربات عقل ًيا �إىل
ال�شيطان منذ �أن كانوا يف �أرحامهن ،وكيف �أنهم ب�صعوبة �شديدة بعد �أن يكربوا �إىل
ﲑ ﺍﻟ
مرحلة البلوغ ،يتحرروا من هذه العبودية لل�شيطان ب�إذن الرب ،حيث �أن ال�شيطان
ي�ستويل عليهم دوما .ويف كتاب ،Book of Examplesالعذراء املباركة ماري،
ﻜﺘ
�أعطت مثاالت عديدة ،مثل الرجل الذي مل يتمكن احلرب الأعظم من حتريره من
عذابات ال�شيطان ،ولكن يف النهاية مت �إر�ساله �إىل رجل مقد�س يعي�ش يف امل�شرق،
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أتى الطفل تقول ،فليذهب الطفل �إىل ال�شيطان! ماذا ميكن للعقوبة عليها �أن تكون،
عندما ي�ساء �إىل عظمة الإله بهذه الطريقة؟
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
ﺯﻳﻊ
209
الفصل .14كيف تؤذي الساحرات الماشية بطرق
عديدة؟
عندما قال القدي�س «بول�س»�« ،ألعل الرب تهمه الثريان» كان يعني �أنه رغم
�أن كل الأ�شياء خا�ضعة للعناية الإلهية ،الإن�سان واحليوان كل على ح�سب درجته،
ﻋﺼ
كما يقول ناظم الرتانيم� ،إال �أن �أبناء الإن�سان هم خا�صة حتت حكم الرب وحتت
جناحه.
ﲑ ﺍﻟ
و�إذا متت �أذية الإن�سان بوا�سطة ال�ساحرات ،فهذا يقع على كل من الربيئني
ﻜﺘ
واخلاطئني وال�صاحلني ،و�إذا �سحرت ال�ساحرات �أبناءهن على �أنهم جزء من
ممتلكاتهن ،فمن الذي ي�شك �أنه ،بنف�س الطريقة ،كثري من الأذى ميكن �أن يحدث
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال ت�ؤذي فيها الن�ساء ما�شية بع�ضهن ،بتجفيف حليبهم �أو حتى بقتلهم.
ولكن � ًأول ،دعونا ن�ضع يف االعتبار �أقل �أنواع هذه الأذية ،جتفيف احلليب ،ولو
ﻭ
�س�أل �أحد كيف ميكنهن �أن يعملن هذا� ،سيجاب ب�أنه وف ًقا لكالم «�ألربت» املبارك يف
ﺍﻟﺘﻮ
الدفق الذي يخرج من املر�أة ،ف�إذا مل يوقفه مر�ض معني ،ف�إن توقفه �سيكون ب�سبب
حامل ،ويتوقف كذلكال�سحر .وتدفق احلليب يتوقف عندما ت�صبح �أنثى احليوان ً
مبر�ض عار�ض عندما ي�أكل احليوان بع�ض الأع�شاب من الطبيعة فتجفف له احلليب
وجتعل احليوان ً
مري�ضا.
ولكن ال�ساحرات ميكن �أن يعملن هذا بوا�سطة �أنواع من ال�سحر ،لأنه يف الليايل
الأكرث قدا�سة طبقا لتعليمات ال�شيطان ولأجل الإ�ساءة الأكرب لعظمة الإله ،جتل�س
ال�ساحرة يف ركن املنزل مع دلو بني قدميها ،وتغر�س �سكي ًنا �أو �أي �أداة يف جدار �أو
210
عمود ،وتعمل ك�أنها حتلبه بيدها .ثم تدعو �شيطانها الذي يعمل معها كل �شيء،
وتخربه �أنها تريد حلب بقرة معينة من بيت معني ،بقرة تكون �صحتها قوية ومليئة
باحلليب .وفج�أة ي�أخذ ال�شيطان احلليب من �ضرع تلك البقرة ،و ُيح�ضره �إىل حيث
جتل�س ال�ساحرة ،ويتدفق كما لو كان يتدفق من ال�سكني.
ولكن عندما يتم التب�شري بهذا للنا�س فهم ي�أخذون معلومات �سيئة ،ف�أي �أحد
ميكن �أن يتو�سل بال�شيطان ويعتقد �أنه بهذا ميكن �أن يح�صل على احلليب ،فيخدع
نف�سه ،لأنه مل يقدم خدمة ل�شيطان ومل ينكر الإميان .ولقد ذكرت هذا لأن البع�ض
يب�شر بها للنا�س ،ب�سبب خطر �أن بع�ضا من املادة التي كتبتها يجب �أال ّيظن �أن ً
نعطيهم معلومات خطرية ،بينما من امل�ستحيل لأي �أحد �أن يتعلم من مب�شر كيف
ﻋﺼ
ي�ؤدي �أ ًيا من هذه الأ�شياء التي يتم ذكرها ،ولكن متت كتابتها هنا للتعريف بهذه
ﲑ ﺍﻟ
اجلرائم اخلطرية ،ويجب �أن يتم التب�شري بهذا من املكتب ،حتى ميكن للق�ضاة �أن
يحر�صوا على معاقبة اجلرائم املريعة لإنكار الإميان� .إال �أنه ال يجب �أن يتم التب�شري
ﻜﺘ
دائ ًما بهذه الطريقة ،لأن العقل العلماين يركز �أكرث على اخل�سارة امل�ؤقتة ويهتم �أكرث
بالأمور الأر�ضية �أكرث من الأمور الروحية ،بالتايل عندما ُتتهم ال�ساحرات بعمل
ﺐ ﻟﻠﻨ
اخل�سارة امل�ؤقتة ،يكون الق�ضاة متحم�سني �أكرث ملعاقبتهن .ولكن من الذي ميكنه �أن
يفهم مكر ال�شيطان؟
ﺸﺮ
�أنا �أعرف بع�ض الرجال يف مدينة معينة �أرادوا �أن ي�أكلوا ُزبد مايو يف غري �شهر
مايو .وبينما هم مي�شون �أتوا �إىل رو�ضة خ�ضراء وجل�سوا على النهر ،واحد منهم كان
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
قد عمل عهدً ا مع ال�شيطان ،قال لهم� ،أنا �س�أح�ضر لكم �أف�ضل زبدة مايو .وفج�أة نزع
مالب�سه ونزل �إىل النهر ،ومل يقف و�إمنا جل�س وظهره �إىل التيار ،وبينما كان اجلميع
ﺯﻳﻊ
ينظر له ،تلفظ ببع�ض الكلمات ،وحرك املياه بيديه خلف ظهره ،ويف وقت ق�صري،
�أح�ضر كميات كبرية من الزُبد من النوع الذي تبيعه الن�ساء يف ال�سوق يف مايو.
وذاقها الآخرون وقالوا �أنها �أف�ضل نوع ممكن من الزبدة.
من هذا ميكن �أن ن�ستنتج � ًأول احلقيقة التالية املتعلقة مبمار�سات ال�سحرة .فهم
�إما �أن يكونوا �سحرة حقيقيني ،ب�سبب العهد العلني الذي عملوه مع ال�شيطان� ،أو هم
يعلمون ببع�ض الفهم اخلفي �أن ال�شيطان �سيعمل لهم ما ي�س�ألونه .احلالة الأوىل ال
حاجة للنقا�ش فيها بالن�سبة لل�سحرة احلقيقيني .ولكن يف احلالة الثانية ،ال�شيطان
211
يكون مدي ًنا لهم بامل�ساعدة ،لأنه مت وهبهم لل�شيطان ب ُكفر بوا�سطة املولدات �أو
بوا�سطة �أمهاتهم.
ولكن ميكن �أن يعرت�ض �أحدهم ويقول �أن ال�شيطان هنا رمبا قد �أح�ضر الزبدة
بدون �أي عهد معلن �أو خمفي وبدون �أن يخل�ص الإن�سان نف�سه لل�شيطان .و�سنجيب
ب�أنه ال �أحد ميكنه �أبدً ا �أن ي�ستخدم م�ساعدة ال�شيطان يف هذه الأمور بدون �أن
يتو�سل له ،و�إن جمرد التلفظ بطلب امل�ساعدة من ال�شيطان ،فال�شخ�ص املتلفظ بها
يرتد عن الإميان .هذا هو قرار القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من Sentences
الف�صل الثامن يف �إجابته عن �س�ؤال ،هل يعترب ارتدادًا عن الإميان �أن ت�ستخدم
م�ساعدة ال�شيطان؟ ورغم �أن «�ألربت» املبارك العظيم وافق العلماء الآخرين� ،إال �أنه
ﻋﺼ
ذكر الأمر بطريقة معربة �أكرث ،حيث قال �أنه يف هذه الأمور هناك دوما ر ّدة� ،إما
ﲑ ﺍﻟ
بالكلمة �أو بالعمل.
ف�إذا ا�ستُخدمت التو�سالت والأبخرة والعبادات ال�شيطانية ،عندها يكون هناك
ﻜﺘ
عهد معمول مع ال�شيطان .حتى �إن مل يكن هناك ت�سليم للج�سد والروح معا يف �إنكار
�صريح للإميان .لأنه مبجرد التو�سل لل�شيطان فالإن�سان يرتكب الر ّدة القولية .لكن
ﺐ ﻟﻠﻨ
�إن مل يكن هناك تو�سل لفظي ،لكن فقط عمل ال ميكن �أدا�ؤه بدون م�ساعدة ال�شيطان،
عندها يكون الإن�سان قد ُوهب يف بدايته ال�سم ال�شيطان ،ثم يقول «�ألربت» املبارك»،
ﺸﺮ
�أنها ر ّدة بالعمل ،لأن هذا العمل ب�إ�شراف ال�شيطان .ولكن مبا �أن ا�ستالم �أي �شيء
من ال�شيطان هو دائ ًما انتقا�ص من قدر الإميان ،فهو � ً
أي�ضا ر ّدة.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وبالتايل ُي�ستنتج �أنه ،ب�أي طريقة ح�صل بها ال�ساحر على الزبدة ،ف�إن هذا
ﺯﻳﻊ
قد ح�صل �إما بعهد معلن مع ال�شيطان ،وعندها �سنتعامل معه بالطريقة املعتادة
مع ال�ساحرات� ،أو يكون عهدً ا خمف ًيا� ،صادر من ذات ال�شخ�ص �أو من �أمه �أو من
املولدة .و�أنا �أقول �أنه قد �صدر من ذات ال�شخ�ص ،لأنه هنا عمل بع�ض احلركات
وتو ّقع من ال�شيطان �أن ي�ستجيب.
اال�ستنتاج الثاين الذي ميكن �أن ن�أخذه من املمار�سات املماثلة ،هو �أن ال�شيطان
ال ي�ستطيع �أن يخلق ف�صائل جديدة من الأ�شياء ،بالتايل عندما جاءت الزبدة فج�أة
من املاء ،فال�شيطان مل يعمل هذا بتحويل املاء �إىل زبدة ،ولكن عمله ب�أخذ الزبدة من
مكان كانت حمفوظة فيه و�أح�ضرها �إىل يد الرجل� .أو هو �أخذ احلليب ال�صايف من
212
وخم�ضها ب�سرعة �إىل ُزبدة طبيعية ،لأنه بينما فنون الن�ساء ت�أخذ
البقرة الطبيعية ّ
وقتًا لعمل الزبدة ،فال�شيطان ميكن �أن يعملها يف �أق�صر وقت ويح�ضرها للرجل.
بنف�س الطريقة بع�ض املتعاملني بال�سحر ،عندما يجدون �أنف�سهم يف حاجة �إىل
خمر �أو �أي �ضرورة �أخرى ،هم فقط يخرجون يف الليل بقارورة �أو �إناء ،ويعودون
بها ملء باخلمر فج�أة .لأن ال�شيطان ي�أخذ اخلمر الطبيعي من قارورة ما وميلأ
قارورتهم لأجلهم.
وبالن�سبة للطريقة التي تقتل بها ال�ساحرات احليوانات واملا�شية ،يجب �أن نقول
�أنهن يعملن مثل عملهن يف حالة الإن�سان .فيمكنهن �أن ي�سحرن احليوانات بلم�سة
ﻋﺼ
وبنظرة� ،أو بنظرة فقط� ،أو بو�ضع �شيء حتت عتبة الباب� ،أو قرب املكان الذي
تذهب فيه احليوانات ل�شرب املاء� ،شيء مثل تعويذة �سحرية.
ﲑ ﺍﻟ
وبهذا ال�سبب مت حرق �ساحرات «راتي�سبورن» ،الالتي �سنتحدث عنهن الحقا،
ﻜﺘ
فلقد ُكن حم ّر�ضات من ال�شيطان لي�سحرن �أ�سرع الأح�صنة و�أ�سمن املا�شية .وعندما
مت �س�ؤالهن كيف عملن هذا ،واحدة منهن ا�سمها «�آجن�س» قالت �أنها خب�أت بع�ض
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأ�شياء حتت عتبة الباب .وملا �س�ألوها ما نوع هذه الأ�شياء ،قالت ،عظام من �أنواع
و�سئلت بعدها با�سم من فعلت هذا .فقالت با�سم ال�شيطان خمتلفة من احليواناتُ .
ﺸﺮ
وكل ال�شياطني الآخرين .وكانت هناك واحدة �أخرى ا�سمها «�آنا» قتلت ثالثة
وع�شرين ح�صا ًنا بالتتابع كان ميلكهم �أحد املواطنني الذي كان ً
ناقل.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
هذا الرجل يف النهاية ،عندما ا�شرتى ح�صانه الرابع والع�شرين وافتقر جدًّا،
ﺯﻳﻊ
وقف يف �إ�سطبله وقال لل�ساحرة التي كانت تقف عند باب بيتها «انظري ،لقد
ا�شرتيت ح�صا ًنا ،و�أنا �أق�سم بالرب وبالعذراء املقد�سة �أنه لو مات هذا احل�صان
ف�إين �س�أقتلك بيدي هاتني» وهنا خافت ال�ساحرة ،وتركت احل�صان حلاله .ولكن
عندما مت �أخذها و�س�ؤالها كيف عملت هذه الأ�شياء� ،أجابت ب�أنها مل تعمل �شي ًئا �إال
�أنها حفرت حفرة �صغرية ،حيث و�ضع فيها ال�شطيان �أ�شياء غري معلومة لها .من
هذا ن�ستنتج �أن ال�ساحرة تتعاون ،لأن ال�شيطان غري م�سموح له ب�أن ي�ؤذي املخلوقات
بدون بع�ض العون من ال�ساحرة ،كما و�ضحنا يف ال�سابق .وهذا لأجل الإ�ساءة الأكرب
للذات الإلهية.
213
لأن الرعاة عادة ما يرون احليوانات يف احلقول تقفز ثالث �أو �أربع قفزات يف
الهواء ،ثم ت�سقط �إىل الأر�ض ومتوت ،هذا يح�صل بقدرة ال�ساحرة بناء على طلب
ال�شيطان.
يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج» ،بني قرية «في�سني» وجبل «فري» ،كان هناك رجل غني
�أكد �أن �أكرث من �أربعني ثو ًرا وبقرة كان ميتلكها مت �سحرهم يف جبال الألب خالل
�سنة واحدة ،و�أنه مل يكن فيهم �أي مر�ض طبيعي �أو علة حلدوث هذا .ولإثبات هذا،
قال �أنه ملا متوت املا�شية ب�سبب مر�ض ،ف�إنها ال متوت هكذا فج�أة ،ولكن ت�ض ُعف على
درجات ،بينما هذا ال�سحر قد �أخذ كل احلياة منهم مرة واحدة ،وبالتايل كل �أحد
يف القرية َحكم �أنهم ماتوا ب�سبب ال�سحر .لقد قلتُ �أربعني ر� ًأ�سا من املا�شية ،ولكنني
ﻋﺼ
�أ�ؤمن �أنه قال رق ًما �أعلى من هذا .على �أي حال ،احلقيقة �أن كث ًريا من املا�شية
ﲑ ﺍﻟ
قيل �أنها ُ�سحرت يف بع�ض املقاطعات ،خا�صة يف جبال الألب ،التي من املعلوم فيها
انت�شار هذا النوع من ال�سحر للأ�سف .و�سنتحدث عن حاالت م�شابهة الح ًقا ،يف
ﻜﺘ
الف�صل الذي نناق�ش فيه عالجات املا�شية التي مت �سحرها.
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
214
الفصل .15كيف ي ُثِر َ
ن العواصف الباردة والزوابع
ويعملن الرعد ليضربن به اإلنسان والحيوان؟
ﻋﺼ
هذا ب�إذن الرب ،كما هو مثبت يف الكتب املقد�سة يف �سفر �أيوب الأول والثاين .لأن
ال�شيطان ح�صل على قدرة من عند الرب ،وفو ًرا ت�سبب يف �أن ال�سبئيون �أخذوا من
ﲑ ﺍﻟ
�أيوب خم�سني ثو ًرا وخم�سمئة حمار ،ثم جاءت النار من ال�سماوات و�أهلكت �سبعة
ﻜﺘ
�آالف جمل ،وجاءت عا�صفة �شديدة وهدمت البيت وقتلت �أبناء �أيوب ال�سبعة وبناته
الثالثة ،وكل اخلدم يف املنزل� ،إال ذلك الذي �أتاه باخلرب وقد مات بعدها � ً
أي�ضا،
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�أخريا َ�سحر ال�شيطان ج�سد �أيوب ال�صالح بكل �أنواع الأمرا�ض املريعة ،وجعل
زوجته و�أ�صدقاءه الثالثة ينكدون عليه ب�شدة.
ﺸﺮ
القدي�س «توما�س» يف تعليقه على �أيوب قال :ال بد �أن نعرتف �أنه ب�إذن الرب،
ميكن لل�شيطان �أن يثري الهواء ويعمل العوا�صف ،ويجعل النار ت�سقط من ال�سماء.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لأنه رغم اتخاذ ال�شيطان لأ�شكال متعددة ،فالطبيعة املادية لي�ست حتت �أمره ،وال
ﺯﻳﻊ
حتت �أمر �أي مالك �سواء كان مالك خري �أو �شر ،فهذا فقط للرب اخلالق� ،إال يف
مو�ضوع احلركة املو�ضعية ،عندها ت�ستجيب الطبيعة املادية للطبيعة الروحية .وهذه
احلقيقة ميكن التمثيل لها يف الإن�سان نف�سه ،لأنه مبجرد �أمر الإرادة التي توجد
بداخل الروح ،تتحرك الأطراف املادية لت�أدية ما يرغب الإن�سان يف ت�أديته ،.فلي�س
أي�ضا ميكن �أن يعملوا هذا بقدرتهم الطبيعية، فقط مالئكة اخلري بل مالئكة ال�شر � ً
�إال �إذا منع الرب هذا .والرياح واملطر واال�ضطرابات الأخرى يف الهواء ميكن �أن
ُت�صنع مبجرد حتريك البخار من الأر�ض �أو من املاء ،بالتايل فقدرة ال�شياطني كافية
لتعمل �شي ًئا مثل هذا.
215
لأن الرب بعدالته ي�ستخدم ال�شياطني كعمالء له للعقاب فيعملوا ال�شر الذي
يعي�ش بيننا .بالتايل ،بالرجوع �إىل ما جاء يف �سفر املزامري «دعا باجلوع على
الأر�ض ،ك�سر قوام اخلبز كله» �سنجد التف�سري يقول� :أن الرب ي�سمح بهذا ال�شر �أن
يحدث ب�سبب مالئكة ال�شر الذين هم م�س�ؤولون عن هذه الأمور ،وباجلوع هو يق�صد
املالك امل�س�ؤول عن اجلوع.
نحن ُنحيل القارئ �إىل ما ُكتب يف ال�س�ؤال �أعاله عن �إذا كانت ال�ساحرات دائ ًما
يح�صلن على م�ساعدة من ال�شيطان يف �أعمالهن ،و� ً
أي�ضا بخ�صو�ص الثالثة �أنواع
من الأذى التي يقدر ال�شيطان على عملها بدون توكيل �ساحرات .ولكن ال�شياطني
ﻋﺼ
حري�صة �أكرث على �أذية الإن�سان مب�ساعدة ال�ساحرات ،لأن يف هذا �إ�ساءة �أكرب
ﲑ ﺍﻟ
للرب ،ولأنه �سيعطي لهم قدرة �أكرب على �إيذاء الإن�سان ومعاقبته.
ﻜﺘ
ال�شيء الوثيق ال�صلة باملو�ضوع هو ما قاله العلماء يف الكتاب الثاين من
،Sentencesالف�صل ال�ساد�س يف ال�س�ؤال الذي يناق�ش �إن كان هناك �أي مكان
ال�س ُحب .لأنه بالن�سبة لل�شياطني هناك ثالثة
خا�ص خم�ص�ص ملالئكة ال�شر يف ُ
ﺐ ﻟﻠﻨ
وبالن�سبة للطبيعة فهم يرجعون �إىل ال�سماوات ،وقد نزلوا ب�سبب اخلطية
�إىل اجلحيم الأ�سفل ،ولكن ب�سبب املهمة املكلفون بها ،كوزراء لعقاب الفا�سدين
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
واختبار ال�صاحلني ،ف�إن مكانهم يكون يف ُ�س ُحب ال�سماء .لأنهم ال ي�سكنون هنا معنا
ﺯﻳﻊ
على الأر�ض و�إال كانوا �س ُيمر�ضوننا كث ًريا ،لكنهم ي�سكنون يف الهواء وحول الكرة
يح�ضروا العنا�صر الن�شطة واخلاملة عندما ي�أذن ال�سماوية النارية حتى ميكنهم �أن ِّ
الرب ف ُينزلوا النار وال�صواعق من ال�سماوات.
هناك ق�صة مذكورة يف كتاب Formicariusعن رجل مت �أخذهُ ،
و�سئل بوا�سطة
القا�ضي كيف كان ب�إمكانه �أن يثري عا�صفة وزوبعة ،وهل �سهل عليهم �أن يعملوا هذا؟
ف�أجاب :نحن ميكننا ب�سهولة �أن نثري العوا�صف الباردة ،ولكن ال ميكننا �أن نعمل كل
الأذى الذي نريده ،ب�سبب حرا�سة مالئكة اخلري ،نحن ميكننا فقط �أن ن�ؤذي �أولئك
الذين ُحرموا من معونة الرب ،ولكن ال ميكننا �أذية �أولئك الذين يعملون عالمة
216
ال�صليب .وهذه هي كيفية العملً � :أول نحن ن�ستخدم بع�ض الكلمات يف احلقول
لنتو�سل برئي�س ال�شياطني �أن ير�سل لنا واحدً ا من ُخدامه لن�ضرب به ال�شخ�ص الذي
ن�سميه له .ثم عندما ي�أتي ال�شيطان ،ن�ضحي له بديك �أ�سود عند مفرتقني للطرق،
ثم نرمي به يف الهواء ،وعندما ي�ستلم ال�شيطان هذا ،فهو يعمل لنا ما نريد ويثري لنا
دوما يف الأماكن التي ن�سميها له ،وتب ًعا لإذن
العوا�صف يف ال�سماء ،ولكنه ال يثريها ً
الرب احلي ،فهو ير�سل لنا ال�صواعق والعوا�صف الباردة.
يف نف�س الكتاب ن�سمع عن قائد �أو فيل�سوف لل�سحرة ا�سمه «�ستاوفري» ،كان يعي�ش
بني «برين» والدولة التي بجوارها ،وكان يتباهى ب�أنه ،وقتما يريد ،ميكن �أن يحول
ﻋﺼ
نف�سه �إىل ف�أر حتت عيون مناف�سيه ويهرب من بني يدي �أعدائه اخلطرين ،و�أنه قد
ﲑ ﺍﻟ
هرب كث ًريا من �أيدي خ�صومه بهذه الطريقة .ولكن عندما �أرادت العدالة الإلهية
�أن ت�ضع حدًّا لف�ساده ،مكث بع�ض �أعدائه ينتظرونه بحذر حتى ر�أوه يجل�س على
ﻜﺘ
�سلة قرب النافذة ،وفج�أة طعنوه بال�سيوف والرماح ،فمات بتعا�سة على جرائمه� .إال
�أنه خ ّلف وراءه تاب ًعا ،ا�سمه «هوبو» والذي كان تاب ًعا � ً
أي�ضا لل�ساحر «�ستادلني» الذي
ﺐ ﻟﻠﻨ
ه�ؤالء االثنان ،كان ميكنهما وقتما �أرادا �أن ي�سببا جلزء من ال�سماد �أو الق�ش
يعب ب�شكل غري مرئي من حقل جارهم �إىل حقلهم ،وميكنهما �أن يثريا �أكرب �أن ُ
ﻭ
عا�صفة عنيفة ومدمرة �أو �صاعقة يف املاء ترمي الأطفال املا�شني بجوار املاء عندما
ﺍﻟﺘﻮ
ال يكون �أحد باجلوار ،وميكن �أن ي�سببا العقم يف الإن�سان واحليوان ،وميكن �أن
ﺯﻳﻊ
ُيظهرا الأ�شياء املخفية للآخرين ،وميكن بطرق عديدة �أن ي�ؤذيا الإن�سان يف �ش�ؤونه
وج�سده ،وميكنهما يف �أوقات �أن يقتال من يريدان بال�صاعقة ،وميكنهما �أن ي�سببا
�أي مر�ض �آخر ،عندما ت�سمح �إرادة الرب لهذه الأ�شياء �أن حتدث.
ومن الأف�ضل �أن ن�ضيف حادثة قد ر�أيناها يف نطاق جتربتنا .يف �أبر�شية
«كون�ستان�س» ،على بعد ثمانية وع�شرين ً
ميل �أملانيا من قرية «راتي�سبورن» يف اجتاه
«�سالزبورج» ،جاءت عا�صفة عاتية دمرت كل الثمار واملح�صول يف حزام عر�ضه
ميل ،حتى �أن نبات الكرمة مل يحمل ثما ًرا بعدها ملدة ثالث �سنوات .وهذا مت �إبالغه
217
حلملة التفتي�ش ،فنادى النا�س بالتفتي�ش �أن يتم ،وكثري جدًّا من �أهل القرية كانوا
على ر�أي ب�أن هذا مت عمله بوا�سطة ال�سحر.
يوما على �أن هذا متومن ثم متت املوافقة ر�سم ًيا بعد م�شاورة خم�سة ع�شر ً
بوا�سطة ال�سحر ،ومن بني عدد كبري من امل�شتبه فيهم ،حققنا مع امر�أتني حتديدً ا،
واحدة ا�سمها «�آجن�س» عاملة يف حمام ،والأخرى ا�سمها «�آنا فون مينديلهامي».
هاتان االثنتان مت القب�ض عليها وو�ضعهما يف زنزانتني منف�صلتني ،فال تعلم
�إحداهما ماذا حدث للأخرى .يف اليوم التايل ،مت �س�ؤال العاملة يف احلمام بلطف
ﻋﺼ
متحم�سا للدين ،وبوجود
ً يف ح�ضور كاتب عدل معني من القا�ضي ،ا�سمه «جلري» وكان
ق�ضاة �آخرين معه ،وكانت ال�ساحرة بال �شك لديها هذه الهبة ال�شيطانية بال�سكوت
ﲑ ﺍﻟ
والتي هي �أكرث ما يزعج الق�ضاة ،ويف املحاكمة الأوىل �أكدت على �أنها بريئة من
ﻜﺘ
�أي جرمية �ضد �أي رجل �أو امر�أة� ،إال �أنه بالرحمة الإلهية التي مل تَ�سمح ملثل هذه
اجلرمية �أن متر بدون عقاب ،فج�أة ،بعد �أن مت حتريرها من قيودها ،ورغم �أنها
ﺐ ﻟﻠﻨ
كانت ال تزال يف غرفة التعذيب� ،إال �أنها اعرتفت فج�أة بكل �شيء ارتكبته .و�أقرت
باالتهامات التي ُرميت بها ب�إيذاء الب�شر واحليوانات ،ولقد كان م�شكو ًكا فيها جدًّا
ﺸﺮ
�أنها �ساحرة ،رغم عدم وجود �أي �شهود لإثبات �أنها قد �أنكرت الإميان �أو �أنها عملت
ﻭ
الزنا مع �شيطان اجلاثوم (لأنها كانت كتومة جدًّا) ،ومع ذلك ،بعد �أن اعرتفت
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا بكل االتهامات التي تخ�ص بالأذية التي عملتها للحيوانات والب�شر ،اعرتفت � ً
ﺯﻳﻊ
�إنكارها للإميان ،وبالزنا الذي فعلته مع �شيطان اجلاثوم ،وقالت �أنها ولأكرث من
ثمانية ع�شر �سنة ،كانت تهب ج�سدها ل�شيطان اجلاثوم ،ب�إنكار ُكلي للإميان.
وبعد �أن مت �س�ؤالها �إن كانت تعلم �أي �شيء عن العا�صفة الباردة التي ذكرناها،
�أجابت ب�أنها هي التي �سببتها .وملا ُ�سئلت كيف وب�أي طريقة �أجابت «كنت يف بيتي
عند الظهرية ،ف�أتى يل �شيطاين و�أخربين �أن �أذهب ومعي بع�ض املاء �إىل احلقل �أو
معي قبة (هكذا ي�سمونها) .وعندما �س�ألته ما الذي �س�أعمله باملاء ،قال يل �أنه يريد
�أن يعمل املطر.
218
فذهبت �إىل بوابة القرية ،ووجدت ال�شيطان واق ًفا حتت �شجرة» �س�ألها القا�ضي،
حتت �أي �شجرة ،قالت «حتت ال�شجرة املقابلة للربج» و�أ�شارت �إىل الربج ،ف�س�ألها
ما الذي فعل ِته حتت ال�شجرة فقالت « ال�شيطان �أخربين �أن �أحفر حفرة و�أ�صب فيها
ماء» ف�س�ألها القا�ضي �إن كانت قد جل�ست معه فيها فقالت «�أنا جل�ست فيها ولكن
أثرت املاء فقال «�أنا �أثرتُ
ال�شيطان وقف» ف�س�ألها القا�ضي ب�أي طريقة وب�أي كلمات � ِ
املاء ب�إ�صبعي وناديت با�سم ال�شيطان نف�سه وب�أ�سماء ال�شياطني الآخرين» و�س�ألها
القا�ضي ما الذي عملته باملاء ف�أجابت «لقد اختفى املاء� ،أخذه ال�شيطان عال ًيا �إىل
الهواء» ف�س�ألها �إن كان لها �أي م�ساعدين فقالت «حتت �شجرة �أخرى مقابلة كانت
ﻋﺼ
لدي مرافقة (و�سمت �ساحرة �أخرى ا�سمها �آنا فون مينديلهامي) ولكنني ال �أعرف
ﲑ ﺍﻟ
ماذا َف َع َلت) و�أخ ًريا ُ�سئلت املر�أة العاملة يف احلمام كم من الوقت كان بني و�ضعها
للماء وبني نزول العا�صفة الباردة فقالت «كانت هناك فرتة من الوقت فقط ت�سمح
ﻜﺘ
يل ب�أن �أعود �إىل بيتي».
ﺐ ﻟﻠﻨ
وعندما جاء اليوم التايل متت مواجهة ال�ساحرة الأخرى بلطف بامل�ساءلة ،وكانت
فاقدة للوعي وملا �أفاقت ،ك�شفت الأمر برمته دون �أدنى تباين مع �أقوال ال�ساحرة
ﺸﺮ
الأخرى ،فتوافقا يف املكان� ،أنه حتت �شجرة و�أن ال�ساحرة الأخرى كانت حتت �شجرة
�أخرى ،ويف الطريقة ،حتديدً ا �إثارة املاء امل�صبوب يف حفرة با�سم ال�شيطان ومناداة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�أن العا�صفة جاءت بعد �أن �أخذ ال�شيطان املاء عال ًيا يف الهواء و�أن العا�صفة ح�صلت
بعد �أن عادت �إىل منزلها .ومن ثم يف اليوم الثالث مت �إحراقهما .كانت العاملة
باحلمام نادمة وا�ستودعت نف�سها للرب وقالت �أنها �ستموت بقلب راغب يف الهروب
من عذاب ال�شياطني ،و�أم�سكت يف يدها ب�صليب وقبلته .ولكن ال�ساحرة الأخرى
احتقرتها لعملها هذا .وهذه ال�ساحرة الأخرى كانت من�سجمة مع �شيطان اجلاثوم
لأكرث من ع�شرين �سنة ب�إنكار كامل للإميان ،وقد عملت �أذى للب�شر واحليوانات
والأ�شجار �أكرث من الأوىل ،كما ات�ضح يف ال�سجل املحفوظ يف حماكمتهن.
219
هذه احلكايات يجب �أن تكون نافعة ،وهناك عدد ال نهائي من هذا النوع ميكن �أن
ُيحكى .وغال ًبا الإن�سان واحليوان وامل�ستودعات ُت�ضرب بال�صواعق بقدرة ال�شياطني،
ً
وغام�ضا ،حيث ميكن �أن يظهر �أنه يح�صل ب�إذن الرب بدون و�سبب هذا يبدو خمف ًيا
بحرية �أنهن قدا�ستعانة ب�ساحرات ،ومع ذلك ،وجدنا �أن ال�ساحرات قد اعرتفن ُ
عملن �أ�شياء مثل هذه ،وهناك كثري من املرات امل�شابهة ،التي كان ميكن �أن نذكرها،
�إ�ضافة �إىل ما ذكرناه .بالتايل من املنطقي �أن ن�ستنتج �أنه ،بنف�س �سهولة �إثارتهم
أي�ضا يعملن ال�صواعق والعوا�صف البحرية ،وال يوجد �أي للعوا�صف الباردة ،فهن � ً
�شك لدينا يف هذا.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
220
الفصل .16عن الثالث طرق التي نكشف بهم الرجال
والنساء العاملين بالسحر
ﻋﺼ
الرماةً � .أول ،يف اليوم املقد�س لآالم خمل�صنا� ،أو كما نقول اجلمعة اجليدة ،خالل
ﲑ ﺍﻟ
املرا�سم التي ُيرمى فيها بال�سهام ،يكون هدف ه�ؤالء هو الت�صويب على �صورة
امل�سيح امل�صلوب� ،.أوه ،يا لق�سوتهم و�أذيتهم للمخل�ص! ثان ًيا ،هناك بع�ض ال�شك يف
ﻜﺘ
�إذا كانوا يجب �أن يتلفظوا بكفر لفظي لل�شيطان �إ�ضافة �إىل الكفر العملي ،و�سواء
كان هذا �أم ال ،فلي�س هناك �أذية للإميان �أكرب من هذه ميكن �أن ُتعمل من �شخ�ص
ﺐ ﻟﻠﻨ
م�سيحي .لأنه من امل�ؤكد �أنه� ،إذا �صدر هذا من الكافر ،فلن يكون له ت�أثري ،لأنه ال
توجد طريقة �سهلة معطاة للكافرين لإظهار عدائهم للإميان� .أما ه�ؤالء ال�صعاليك
ﺸﺮ
لهذا �سيكون قاد ًرا على قتل نف�س العدد من الرجال يف كل يوم .راب ًعا ،لديهم هذا
ﺯﻳﻊ
ال�ضمان من ال�شيطان� ،أنه يجب �أن ينظروا � ًأول وي�ضعوا عيونهم على الرجل الذي
يرغبون يف قتله ،و�أن يجعلوا كل رغبتهم يف قتله ،عندها مهما اختب�أ ذلك الرجل
وح َمى نف�سه ،فال�سهم الذي يتم رميه حتى �إذا �أخط�أ �سيحمله ال�شيطان وي�ضرب به
ذلك الرجل.
خام�سا ،ميكنهم �أن يرموا �سه ًما بدقة ت�صويب متاثل دقة الت�صويب على قطعة ً
نقدية فوق ر�أ�س �أحدهم دون �أن مي�سوه ب�سوء ،وميكنهم �أن ي�ستمروا بعمل هذا �إىل
�ساد�سا ،لأجل �أن يح�صلوا على هذه القدرة ينبغي �أن ُيعطوا البيعة
�أجل غري م�سمىً .
باجل�سم والروح لل�شيطان .و�سنذكر حوادث من هذا النوع.
221
كان هناك �أمري لـ «رينيالند» ا�سمه «�إبريهارد لوجنبريد» ُ�سمي هكذا لأنه
طويل ،قبل �ست �سنوات� ،أراد �أن يو�سع ممتلكاته الإمرباطورية، ترك حليته تنمو ً
فحا�صر قلعة ا�سمها «ليندينربونني» ،وكان برفقته �ساحر من هذا النوع الرامي،
ا�سمه «بونكري»� ،أ�صاب رجال القلعة وقتلهم كلهم بالتتابع ب�أ�سهمه� ،إال واحدً ا ،كانت
طريقة عمل هذا ال�ساحر هي كالتايل ،كان كلما ينظر �إىل رجل ،ف�أينما ُيخفي هذا
جمروحا وميتًا ،وكان
ً الرجل نف�سه ،فعندما يرمي بونكري �سه ًما ،ي�سقط هذا الرجل
ميكنه �أن يرمي ثالثة �أ�سهم يف اليوم لأنه يف بداية ال�سحر رمى ثالثة �أ�سهم على
�صورة املخل�ص.
ﻋﺼ
ومن املحتمل �أن ال�شيطان ُيف�ضل الرقم ثالثة عن �أي رقم �آخر ،لأنه ميثل ً
رف�ضا
للثالوث املقد�س .ولكن بعد �أن َرمى بهذه الأ�سهم الثالثة ،فبقية الأ�سهم كان يرميها
ﲑ ﺍﻟ
ب�شكل عادي مثل بقية الرماة .ويف النهاية ناداه �أحد رجال القلعة �ساخ ًرا «بونكري،
ﻜﺘ
هل يف النهاية �سترتك اخلامت املعلق على البوابة؟» و�أجابه بونكري من اخلارج يف
ظلمة الليل «ال� ،س�آخذه يف اليوم الذي نقتحم فيه القلعة» ولقد �أوفى بوعده ،لأنه
كما قلنا قتل اجلميع �إال واحدً ا ،ومت اقتحام القلعة ،و�أخذ اخلامت وع ّلقه يف بيته يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
«رورباخ» يف �أبر�شية «وورمز» ،حيث من املمكن �أن ُيرى معل ًقا هناك حتى هذا اليوم.
ﺸﺮ
ولكن بعد هذا يف �أحد الليايل مت قتله بوا�سطة �أحد الفالحني الذين �أ�صابهم ،وهلك
بخطاياه.
ﻭ
فوق قبعته ،و�أمر بونكري �أن ي�صيب ب�سهمه القطعة النقدية فوق ر�أ�س ابنه بدون �أن
ي�صيب القبعة .قال بونكري �أنه ميكنه �أن يفعلها ولكنه مانع يف البداية ،حيث مل يكن
مت�أكدً ا �إن كان ال�شيطان يغويه لأجل موته .ولكنه ،خ�ضع لرغبة الأمري ،وو�ضع �سهما
با�ستعداد على الوتر املعلق على كتفه ،ثم ثبت �سه ًما �آخر يف الوتر بجوار الأول ،ورمى
القطعة النقدية ب�سهم بدون �أن ي�ؤذي الطفل .وبر�ؤية هذا� ،س�أله الأمري ملاذا و�ضع
ال�سهم الثاين يف الوتر ،ف�أجاب «حتى �إذا ُخدعت بوا�سطة ال�شيطان وقتلت ابني،
و�أ�صبح علي �أن �أموت ،كنت �س�أرمي ال�سهم الثاين عليك لأنتقم ملوتي»
222
ورغم �أن هذا الف�ساد م�سموح به من قبل الرب الختبار ومعاقبة املخل�صني ،فمع
هذا حتدث معجزات �أكرث قوة برحمة املخل�ص لأجل تقوية ومتجيد الإميان.
ويف �أبر�شية «كون�ستان�س» ،قرب قلعة «هوهينزورن» ،وقرب دير للراهبات ،كانت
هناك كني�سة مبنية حدي ًثا ميكن �أن ُترى فيها �صورة ملخل�صنا خمرتَقة ب�سهم وت�سيل
منها الدماء احلقيقية .هذه املعجزة تت�ضح كالتايل .كان هناك �صعلوك بائ�س �ساحر
رام ميتلك بوا�سطة ال�شيطان ثالثة �أو �أربعة �أ�سهم ميكنه �أن يرميهم بالطريقة التي
ذكرناها ويقتل من يريد ،وقد َرمى ب�سهم واخرتق �صورة امل�سيح امل�صلوب (والتي
و�شلت حركة هي موجودة حتى اليوم) ،عندها بد�أت الدماء تنزل منها مبعجزةُ ،
ال�صعلوك بقدرة الإله.
ﻋﺼ
وعندما ُ�سئل بوا�سطة �أحد املارة ملاذا هو واقف هكذا بال حراك ،هز ر�أ�سه،
ﲑ ﺍﻟ
وارجتفت ذراعاه ويداه ،التي كان مي�سك بها القو�س ،و�سرى االرتعا�ش يف ج�سده
كله ومل ي�ستطع �أن يجيب ب�شيء .فنظر �إليه الرجل ور�أى �صورة امل�سيح امل�صلوب
ﻜﺘ
وفيها �سهم ودماء فقال �أنت �أيها ال�شرير ،لقد ثقبت �صورة ربنا» ونادى الآخرين،
ور�أى الرجل �أن ال�صعلوك ال ميكنه الهرب (رغم �أن ال�صعلوك قال له �أنه ال ميكنه
ﺐ ﻟﻠﻨ
التحرك) ،ورك�ض الرجل �إىل القلعة و�أخرب مبا حدث .وعندما �أتوا وجدوا ال�صعلوك
يف نف�س مكانه ،وعندما �سائلوه ،اعرتف بجرميته ،ثم �أُزيل من تلك املقاطعة بوا�سطة
ﺸﺮ
هذه اجلرائم.
ﺯﻳﻊ
من �أجل ذلك فه�ؤالء احلامني واملدافعني والنا�صرين لهذا ال�شر ال بد �أن يحا َكموا
أي�ضا على االرتداد عن الإميان ،ويجب �أن يعا َقبوا لي�س فقط على الهرطقة ،ولكن � ً
بالطريقة التي �سنقولها .وهذه هي اخلطية ال�سابعة له�ؤالء ال�سحرة.
يف البداية هم ُيعزلون بالقانون ،و�إذا كان املنا�صرون رجال دين ،يتم �إنزال
درجتهم وحرمانهم من كل املكاتب واملنافع ،وال ميكن �أن يعودوا �إال مبنحة من الر�ؤية
أي�ضا� ،إذا ظلوا بعد حظرهم يعاندون ملدة �سنة ،تتم �إدانتهم بالهرطقة. الر�سوليةً � .
أي�ضا ،ال�ساحرات ومن يحمونهن، هذا وفق قانون ال�شريعة يف الكتاب ال�ساد�س ،و� ً
هم بقوة القانون حمظورون كما جاء يف قانون قمع هرطقة ال�سحر.
223
قانون ال�شريعة ي�صف عدة عقوبات يتم تطبيقها خالل �سنة لهذه الهرطقات،
�سواء على العلمانيني �أو على رجال الدين ،حيث يقول :نحن ن�ضع حتت احلظر
كل من يحميهم ومن ينا�صرهم ومن يدافع عنهم ،فعندما َي�صدر احلكمُ ،يعطى
خارجا على القانون ،وال
للمهرطق فرتة �سنة لالرتداد عن هرطقته ،يكون خاللها ً
يدخل يف �أي مكتب �أو جمل�س ،وال يكون له حق الت�صويت على انتخاب املوظفني يف
هذه الهيئات ،وال ينجح يف �أي معامالت تتعلق باملرياث ،وال �أحد �سيكون م�س� ًؤول
عن �أي تعامالت مالية معه .و�إن كان قا�ض ًيا ،ف�إن حكمه لن يتم ،ولن ُتق ّدم له �أي
ق�ضية ،و�إذا كان حماميا ،فلن ُي�سمح له باملرافعة ،و�إذا كان كاتب عدل ،لن يكون
لأي معاملة يقوم بها �أي وزن ،بل �ستتم �إدانته مع املدان يف املعاملة ،وعقوبات مماثلة
ﻋﺼ
�سيتم تنفيذها على امل�س�ؤولني يف املكاتب الأخرى .ولكن �إذا كان رجل دين� ،سيتم
�إنزال درجته من كل املكاتب و ُيحرم من كل املنافع ،لأن ذنبه �أعظم ،ف�سيتم الث�أر
من الق�سوة .ورجال الدين لن ُي�سمح لهم ب�إدارة الأ�سرار املقد�سة للكني�سة �إن كانوا
مهرطقني ،وال ُينحون دف ًنا م�سيح ًيا ،وال ُتقبل منهم �صدقات وقرابني ،وبالأمل الذي
ﺸﺮ
يعانونه بعد حرمانهم من مكاتبهم ،ال ميكن �أن يعادوا �إليها �إال بوا�سطة منحة من
الر�ؤية الر�سولية.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الألقاب واملمتلكات والتكرميات ومنافع الكني�سة ،وهذا ي�سري على جميع املكاتب
العامة .ولكن هذا فقط عندما ُي�صرون على العناد .وبالن�سبة لأبنائهم �-إىل اجليل
الثاين -فهم ُيجردون من �أهليتهم للرتقية يف الكني�سة �أو املكاتب العامة ،ولكن هذا
أي�ضا ت�سري العقوباتفقط للأبناء الذين من ناحية الأب ولي�س من ناحية الأم .و� ً
وحماتهم ومنا�صريهم ،وال ميكن �أن يعملوا �أي نق�ض على على كل �أتباع املهرطقني ُ
احلكم ال�صادر فيهم ،وغال ًبا ما تتم �إ�ساءة معاملتهم بق�سوة ،وميكن �أن ن�ضيف
الكثري يف هذه النقطة لكن ما قيل يكفي.
224
وظفلأجل فهم �أف�ضل ملا قيل ،ف�إن بع�ض النقاط يجب �أن تناق�شً � ،أول� ،إذا ّ
�أمري �أو ملك علماين �ساح ًرا كما ذكرنا �ساب ًقا لأجل تدمري قلعة معينة يف حرب،
ومت ّكن مبعاونة هذا ال�ساحر من هزمية الفا�سدين ،هل نقول �أن جميع جي�شه هم
من املنا�صرين واحلامني لهذا ال�ساحر ،وبالتايل يتم تطبيق العقوبات التي ذكرناها
عليهم كلهم؟ الإجابة هي �أن �صرامة القانون تكون تبعا ملزاج ممثليه .بالن�سبة
للقائد ،مب�ست�شاريه ونا�صحيه ،فهم دعموا و�شجعوا هذا ال�سحر ،وبذلك فهم
بالقانون متورطون يف العقوبات املذكورة �آن ًفا.
ولكن بقية اجلي�ش ،فلأنهم لي�س لديهم دخل بامل�شورة على قوادهم� ،إمنا هم
جمهزون فقط للت�ضحية بحياتهم للدفاع عن دولتهم ،ورغم �أنهم ميكن �أن يكونوا
ﻋﺼ
ر�أوا �أفعال ال�ساحر� ،إال �أنهم خارجون من حكم احلظر ،لكن البد �أن يعرتفوا يف
ﲑ ﺍﻟ
�شهادتهم �أن ال�ساحر مذنب ،ويف تربئتهم من كاتب االعرتاف ال بد �أن ي�ستلموا
حتذي ًرا ر�سم ًيا ُيحذر من هذه الأعمال ال�سحرية املقيتة ،ويو�صون �أنه بقدر
ﻜﺘ
ا�ستطاعتهم ال بد �أن ُيخرجوا كل �ساحر من �أرا�ضيهم.
ميكن �أن َي�س�أل �أحدهم �س�ؤاالَ ،من الذي ميكنه �أن ي�ساعد يف �إعفاء ه�ؤالء الأمراء
ﺐ ﻟﻠﻨ
من العقوبة عندما يعودون �إىل ر�شدهم ،م�ست�شاروهم الروحيون �أم املفت�شون؟
�سنجيب ب�أنه� ،إذا تابوا ،ميكن �أن يتم �إعفا�ؤهم �إما بوا�سطة امل�ست�شارين الروحيني
ﺸﺮ
�أو املفت�شني .وهذا ما جاء يف قانون ال�شريعة بخ�صو�ص الإجراءات التي �ستتخذ،
بخوف من الرب هذا حتذير للنا�س �ضد الهرطقة و�أتباعها وحماتها و�أن�صارها
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا �ضد ه�ؤالء املتهمني �أو امل�شتبه فيهم بالهرطقة .ولكن �إذا تخلى �أي واحد و� ً
من املذكورين عن �سقوطه ال�سابق يف الهرطقة ،و�أراد �أن يعود �إىل وحدة الكني�سة،
ﺯﻳﻊ
e
225
السؤال .2هل من الشرعي أن نُزيل السحر بالسحر
أو بأي شيء من الطقوس الممنوعة األخرى؟
ُيحتج ب�أن هذا لي�س ممنوعا ،هذا مت ذكره يف الكتاب الثاين من Sentences
يف اجلزء الثامن ،كل العلماء اتفقوا على �أنه من غري ال�شرعي �أن ُت�ستخدم م�ساعدة
ﻋﺼ
ال�شياطني ،لأن فعل هذا يت�ضمن ر ّدة عن الإميان .و ُيحتج ب�أنه ال �سحر ميكن �أن ُيزال
بدون اال�ستعانة بال�شياطني .لأنه من امل�س ّلم �أن العالج يكون �إما بالقدرة الب�شرية� ،أو
�أن يعا َلج بالقدرة الإلهية ،لأن هذا �سيكون معجزة ،والرب يعملها فقط برغبته ولي�س
ﺸﺮ
بطلب الإن�سان .لأنه عندما طلبت العذراء من امل�سيح �أن يعمل معجزة لي�سد االحتياج
من اخلمر� ،أجاب ،مايل ولك يا امر�أة؟ مل ت� ِأت �ساعتي بعد ،والعلماء يف�سرون هذا
ﻭ
أي�ضا يظهر �أنه منب�أنه ما العالقة التي هنالك بينك وبيني وبني عمل املعجزة؟ و� ً
ﺍﻟﺘﻮ
النادر �أن يتحرر النا�س من ال�سحر بطلب العون الرب �أو ب�صلوات القدي�سني .بالتايل
ﺯﻳﻊ
يتبع �أنه ال ميكن حتريرهم �إال باال�ستعانة بال�شيطان ،ومن املحرم �أن ُتطلب مثل هذه
اال�ستعانة.
و� ً
أي�ضا ن�شري �إىل �أن الطريقة ال�شعبية لإبطال ال�سحر ،رغم �أنها غري �شرعية� ،إال
�أنها �شائعة ،وهي �أن يلج�أ امل�سحور �إىل امر�أة حكيمة ،من الالتي ُيعاجلن وال يعمل
العالج بوا�سطة الكهان �أو بطرد الأرواح ال�شريرة .فالتجربة �أثبتت �أن هذه اللعنات
تبطل باال�ستعانة بال�شياطني ،وهي حمرمة ،وبالتايل ال ميكن �أن يكون �شرعيا �إمنا ُ
�أن تعالج ال�سحر ،ولكن ينبغي فقط �أن تتحمله.
226
ُيحتج � ً
أي�ضا �أن القدي�س توما�س والقدي�س بونافريتورا يف الكتاب الرابع قاال �أن
ال�سحر ال بد �أن يكون بالء دائما ،حيث لي�س له �أي عالج ب�شري ،لأنه �إن كان هناك
عالج ،ف�إما �أن يكون غري معلوم �أو يكون حمرما .وهذه الكلمات تعني �أن هذا البالء
ال عالج له والبد من اعتباره بال ًء دائ ًما .وي�ضيفون �أنه حتى لو �أن الرب �سيهب
عالجا ب�إخ�ضاع ال�شيطان ،ف�إن ال�شيطان ال بد �أن يزيل بالءه بنف�سه من الإن�سان،
عندها �سيتم عالج الإن�سان لي�س بوا�سطة �إن�سان �آخر ،و�إمنا بوا�سطة ال�شيطان.
بالتايل ،لو مل ي�شفه الرب ،لي�س م�شروعا للإن�سان �أن يحاول بنف�سه ب�أي طريقة �أن
يبحث عن العالج.
ﻋﺼ
يف نف�س الكتاب �أ�ضاف هذان العاملان �أنه غري م�شروع �أن تبحث عن العالج ب�أن
ت�ضيف �سحرا �آخر .لأنه لي�ست هناك طريقة �شرعية للتو�سل مل�ساعدة ال�شيطان عن
تعا َلج فقط برغبة الرب ،ولكن طرد الأرواح ال�شريرة فعال فقط �ضد حتر�شات
ال�شيطان بامل�صابني ،مثال �ضد امللبو�سني� ،أو يف طرد الأرواح ال�شريرة من الأطفال.
ﺸﺮ
عطي ال�شيطان قوة على �شخ�ص ما ب�سبب خطاياه� ،أن ال يعني هذا �أنه عندما ُي َ
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
هذه القوة �ستنتهي عند توقف هذه اخلطايا .لأنه لو توقف الإن�سان عن اخلطية،
ف�إن خطيته تبقى .فيبدو من هذه املقوالت �أن العاملني -الذين اقتب�سنا منهما -هما
ﺯﻳﻊ
على الر�أي الذي يقول �أنه من غري ال�شرعي �أن تزيل ال�سحر ،ولكن ال بد �أن تعاين
منه للأبد ،لأنه كما َ�سمح الرب بهذا ال�سحر فهو الذي ميكن �أن يزيله �إذا ر�أى هذا
�صاحلا.
عطى لل�شخ�ص الذي �أخل�ص للرب ما �ضد هذا الر�أي ُيحتج �أنه من ال�ضروري �أن ُي َ
يعار�ض به عمل ال�شيطان ،لي�س فقط حماية (التي حتدثنا عنها يف بداية هذا اجلزء
الثاين) ،ولكن عالجات .لأنه �إن مل يكن ذلك ،لن يكون ال�شخ�ص الذي �أخل�ص للرب
مدعوما من قبل الرب ،و�ستكون �أعمال ال�شيطان �أقوى من �أعمال الرب.
227
وهناك تف�سري يف �سفر �أيوب ،لي�س له على الأر�ض نظري� ،إلخ ،التف�سري يقول
�أنه رغم �أن ال�شيطان لديه قدرة على كل القوى الإن�سانية ،فهو رغم ذلك خا�ضع
لكرامات القدي�سني ،وحتى لكرامات الرجال ال�صاحلني يف احلياة.
أي�ضا ،القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب De moribus Ecclesiaeيقول :ال يوجد و� ً
مالك �أقوى من عقولنا عندما نتم�سك بالرب .لأنه لو كانت القوة ف�ضيلة يف هذا
العامل ،فالعقل الذي يبقى قريبا من الرب هو �أ�سمى من جميع العامل .بالتايل هذه
العقول ال�سامية ميكن �أن تل ِغي �أعمال ال�شيطان.
متاما لبع�ضهما.
الإجابة ،هنا يوجد ر�أيان ثقيالن ،يبدو �أنهما معاك�سان ً
ﻋﺼ
لأن هناك بع�ض الالهوتيني وعلماء ال�شريعة يوافقون على �أنه من امل�شروع �أن
نزيل ال�سحر بالطقو�س غري ال�شرعية .وعلى هذا الر�أي «دونز �سكوتو�س» و «هرني
ﲑ ﺍﻟ
�أوف �سيجو�سيو» و«جودفري» ،وكل علماء ال�شريعة .ولكن ر�أي الالهوتيني الآخ َرين،
ﻜﺘ
خا�صة القدماء ،وبع�ض احلديثني ،مثل القدي�س «توما�س» والقدي�س «بونافينتورا»
و«�ألبريت» املبارك و«بيرت �أبالود» و�آخرين كرث� ،أنه ال يجب �أن ُيعمل ال�شر لأجل
ف�ضل املوت على �أن يعا َلج مبثل هذه الأمور الرذائل.
اخلري ،و�أن الإن�سان يجب �أن ُي ِّ
ﺐ ﻟﻠﻨ
دعونا الآن نخترب الآراء الأخرى ،بهدف �أن جنعلهم �أقرب للتوافق�« ،سكوتو�س»
ﺸﺮ
يف كتابه الرابع ،يف الف�صل ،34عن الإعاقات والعقم الذي ب�سبب ال�سحر ،يقول �أنه
من الغباء �أن ن�ؤمن �أنه من غري ال�شرعي �أن نزيل ال�سحر بالطقو�س غري ال�شرعية،
ﻭ
و�أن عمل هذا ال يتعار�ض مع الإميان يف �شيء ،لأن الذي يدمر عمل ال�شيطان هو ال
ﺍﻟﺘﻮ
ي�ساعد يف عمل ال�شيطان ،وال�شيطان لديه القدرة والرغبة يف الإ�صابة بال�ضرر فقط
ﺯﻳﻊ
طاملا �أن عالمة هذا ال�ضرر تبقى م�ستمرة .بالتايل عندما تدمر هذه العالمة فهو
ُينهي هذا ال�ضرر .وي�ضيف �أنه جدير بالتقدير �أن تدمر �أعمال ال�شيطان .و�سن�ضع
�أمثلة.
كان هناك ن�سوة اكت�شفن �ساحرة بالعالمة التالية .عندما جف احلليب من بقرة
بوا�سطة ال�سحر ،ع ّلقن دلوا من احلليب على نار ،وتلفظن ببع�ض الكلمات الغريبة،
و�ضربن الدلو بع�صا .ورغم �أن الدلو هو الذي �ضر َبته الن�سوة� ،إال �أن ال�شيطان كان
هو الذي ي�أخذ هذه ال�ضربات �إىل ظهر ال�ساحرة ،وبهذه الطريقة كل من ال�ساحرة
وال�شيطان كانا ُينهكان .ولكن ال�شيطان كان يعمل هذا لأجل �أن يقود املر�أة التي
228
ت�ضرب الدلو �إىل ممار�سات �أ�سو�أ .وبهذا� ،إذا مل يكن ِفعل هذا يتبعه خماطرة ،ال
توجد �صعوبة يف تقبل ر�أي هذا العامل املتعلم .و�أمثلة �أخرى كثرية ميكن ذكرها.
«هرني �أوف �سيجو�سيو» ،يف كتابه البليغ ،Summaعن العقم الذي ي�سببه
ال�سحر ،قال �أنه يف هذه احلاالت ال بد �أن نلج�أ لعالجات الأطباء ،ورغم �أن بع�ض
وطقو�سا غري م�شروعة وتعويذات� ،إال �أن كل
ً هذه العالجات ميكن �أن تكون رذائل
�أحد ال بد �أن يوثق به يف حرفته ،والكني�سة ميكن �أن تت�سامح يف �إبطال الباطل بباطل
�آخر.
أي�ضا يف كتابه الرابع ،ي�ستخدم هذه الكلمات :ال�سحر ميكن �أن «�أوبريتينو�س» � ً
ﻋﺼ
ُيزال بال�صلوات �أو بنف�س الفن الذي ُعمل به.
«جودفري» يقول يف كتابه :Summaال�سحر ال ميكن �أن ُيزال دوما بوا�سطة
ﲑ ﺍﻟ
ال�شخ�ص الذي عمله� ،إما ب�سبب �أنه مات� ،أو ب�سبب �أنه ال يعلم كيف يعاجله� ،أو
ﻜﺘ
ب�سبب �أن التعويذة قد �ضاعت .ولكن �إذا كان يعلم كيف يعاجله ،فمن امل�شروع له
�أن يعاجله.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ه�ؤالء الذين ي�ؤمنون �أنه ال توجد تعويذة دائمة بال عالج يظنون �أن كل �سحر
ميكن �أن ُيزال �إما بتعويذة �سحرية �أخرى� ،أو بوا�سطة طرد الأرواح ال�شريرة بوا�سطة
ﺸﺮ
الكني�سة التي تعمل هذا لأجل كبح قوة ال�شيطان� ،أو بالتوبة احلقيقية ،لأن ال�شيطان
لديه قوة فقط على اخلاطئني .لذلك يف املقام الأول هم يوافقون ر�أي الآخرين،
ﻭ
ولكن القدي�س «توما�س» يعار�ض هذا الر�أي حيث يقول� :إذا كانت التعويذة ال
ﺯﻳﻊ
ميكن �أن ُتزال �إال بالطقو�س غري امل�شروعة ،مثل معونة ال�شيطان �أو �أي �شيء من هذا
النوع ،فحتى و�إن علمنا �أنها ال ميكن �أن تزال �إال بهذه الطريقة ،فرغم ذلك ال بد �أن
َيعترب الإن�سان هذا البالء دائما ،لأن العالج لي�س �شرعيا.
وعلى نف�س الر�أي القدي�س «بونافينتورا» و«بيرت �أبالود» و«البريت» املبارك ،وكل
الالهوتيون ،لأنه بالنظر باخت�صار �إىل �إجاباتهم على �س�ؤال التو�سل مب�ساعدة
ال�شيطان �سواء يف اخلفاء �أو يف العلن� ،سنجد �أنهم ي�ؤمنون �أن هذه التعويذات ميكن
فقط �أن ُتزال بالطريقة ال�شرعية بطرد الأرواح ال�شريرة �أو بالتوبة احلقيقية (كما
229
و�ضحوا يف قانون ال�شريعة املخت�ص بال�سحر) ويبدو �أنهم مت�أثرون ،باالعتبارات
التي ذكرناها يف بداية هذا ال�س�ؤال.
لكن من املهم �أن نذكر هذه الآراء املختلفة للعلماء املع ّلمني ونوافق بينها ،لهذا
الغر�ض ال بد �أن نذكر �أن الطرق التي ميكن �أن ُتزال بها التعويذة ال�سحرية هي
كما يلي� ،إما بتوكيل �ساحرة �أخرى لعمل تعويذة �أخرى� ،أو بدون توكيل �ساحرة،
بل بال�سحر والطقو�س غري ال�شرعية .وهذه الطريقة الأخرية تنق�سم �إىل نوعني،
ا�ستخدام الطقو�س ال�سيئة والغري �شرعية� ،أو با�ستخدام الطقو�س ال�سيئة لكنها
�شرعية.
ﻋﺼ
�أول عالج هو غري �شرعي متاما ،وهو توكيل �ساحرة لعمل تعويذة �أخرى .ولكن
ﲑ ﺍﻟ
ميكن �أن ي�ؤ ّدى هذا ب�شرعية بعمل �أذى معني لل�ساحرة التي عملت التعويذة ،العالج
ﻜﺘ
الثاين بدون توكيل �ساحرة ،بل بال�سحر والطقو�س غري ال�شرعية ،وهذا العالج يظل
ا ُ
حلكم عليه �أنه غري �شرعي ،رغم �أنه لي�س بدرجة �سوء العالج الأول.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ميكن �أن نلخ�ص الو�ضع كالتايل ،هناك ثالثة �شروط ميكن للعالج بها �أن يكون
غري �شرعيً � ،أول :عندما ُتزال التعويذة بتوكيل �ساحرة �أخرى وب�سحر �آخر ،يعني
ﺸﺮ
ثان ًيا :عندما تزال بوا�سطة �ساحرة ولكن عرب �شخ�ص �صالح ،يف هذه الطريقة
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
لأنه كانت هناك نار يف �صدره ال بد �أن ي�ضع عليها كمادات من املاء البارد حتى
ﲑ ﺍﻟ
تهد�أ ،يف اليوم الثالث ،عندما فقد الأمل يف حياته ،جاءت امر�أة عجوز وتو�سلت حتى
ﻜﺘ
تراه .ف�أدخلوها ،ووعدت الأ�سقف �أنها �ست�شفيه �إذا وافق على طلباتها ،وملا �س�ألها
الأ�سقف ما هي الأ�شياء التي يجب �أن يوافق عليها حتى ي�ستعيد �صحته� ،أجابت املر�أة
ﺐ ﻟﻠﻨ
العجوز� ،إن مر�ضك �سببه تعويذة �سحرية ،وميكنك فقط �أن تعاجلها با�ستخدام
تعويذة �أخرى� ،س�أنقل هذا املر�ض منك �إىل ال�ساحرة التي �سببت لك هذا املر�ض،
ﺸﺮ
فتموت هي .دُه�ش الأ�سقف ،ورغم ر�ؤيته �أنه ال توجد طريقة �أخرى ل�شفائه� ،إال �أنه
مل يكن راغبا يف �أي قرار متهور ،فقرر �أن ي�أخذ م�شورة البابا.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
والبابا املقد�س كان يحبه جدًّا ،وعندما علم �أنه ميكنه فقط �أن ُي�شفى عن طريق
ﺯﻳﻊ
موت ال�ساحرة ،وافق بال�سماح ب�أقل ال�ضررين ،وو ّقع بال�سماح على ذلك وختم .وملا
جاءت املر�أة العجوز �إليه �أخربها �أنه هو والبابا وافقا على موت ال�ساحرة ،ب�شرط �أن
يعود هو �إىل �صحته ،وذهبت املر�أة العجوز واعدة �إياه ب�أنه �س ُي�شفى يف الليلة التالية.
وفج�أة يف منت�صف الليل �شعر بنف�سه معافى من املر�ض ،ف�أر�سل ً
ر�سول ليعلم
ماذا حدث للفتاة ،ف�أتى �إليه الر�سول وبلغه ب�أنها فج�أة مر�ضت يف منت�صف الليل
بينما كانت تنام بجوار والدتها.
231
ال بد �أن ُيفهم �أنه يف نف�س ال�ساعة واللحظة ،غادر املر�ض الأ�سقف و�أ�صاب الفتاة
ال�ساحرة ،بتوكيل من �ساحرة عجوز ،وبالتايل فالروح ال�شريرة ،قامت ب�إبطال وباء
الأ�سقف و�أعادت له �صحته ،والرب هو الذي �سمح له ب�أن ُي�صاب ،وهو الذي �سمح له
ب�أن ي�ستعيد �صحته ،وال�شيطان ،ب�سبب اتفاقه مع ال�ساحرة العجوز التي حت�سد ثروة
الفتاة ،كان عليه �أن ي�صيب الفتاة .والبد �أن نعتقد �أن هاتني التعويذتني ال�شريرتني
مل ُتعمال بوا�سطة �شيطان واحد يخدم �شخ�صني ،و�إمنا بوا�سطة �شيطانني يخدمان
�ساحرتني خمتلفتني .لأن ال�شياطني ال تعمل �ضد بع�ضها ،لكنهم يعملون �أق�صى ما
ميكن باالتفاق معا لإهالك الأرواح يف اجلحيم.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
232
الفصل .1العالجات الموصوفة بواسطة الكنيسة ضد
شيطان الجاثوم والسعالة
يف الف�صول ال�سابقة املتعلقة بال�س�ؤال الأول ،تعاملنا مع طرق �سحر الإن�سان
واحليوان والأ�شجار على الأر�ض ،وخا�صة ت�صرفات ال�ساحرات �أنف�سهن ،وكيف
ﻋﺼ
يغوين الفتيات ال�شابات حتى يزدن من �أعدادهن ،وكيف هي طريقتهن يف بيعة
ال�شيطان ،وكيف يهنب له �أطفالهن و�أطفال الآخرين ،وكيف ينتقلن من مكان �إىل
ﲑ ﺍﻟ
مكان .والآن �أنا �أقول �أنه ال يوجد عالج لهذه املمار�سات� ،إال �إذا مت ا�ستئ�صال
ﻜﺘ
متاما من الدنيا بوا�سطة الق�ضاة� ،أو على الأقل معاقبتهن ليكن عربة ال�ساحرات ً
لكل من حتاول تقليدهن ،ولكننا لن نتحدث عن هذا الآن ،بل يف �آخر جزء من هذا
الكتاب ،عندما نبني الع�شرين طريقة لعقاب ال�ساحرات.
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف الوقت احلايل �سنهتم فقط بالعالجات للأ�ضرار التي ي�سببنهاً � ،أول كيف
لل�شخ�ص الذي مت �سحره �أن يعا َلج ،ثان ًيا ،احليوانات ،وثال ًثا كيف نحمي الأ�شجار
ﺸﺮ
نذكر �أن هذا ميكن �أن يح�صل بثالث طرق ،الأول ،عندما تتطوع امر�أة بالزنا مع
ﺯﻳﻊ
�شيطان اجلاثوم .ثان ًيا ،عندما حتدث عالقة بني رجل وبني �شيطانة ال�سعالة� ،إال �أنه
يظهر �أن الرجال ال يزنون بذلك القدر الكثري ،حيث �أن الرجال ب�شكل طبيعي �أقوى
فكر ًيا من الن�ساء ،فيكونون عر�ضة لكراهية هذه املمار�سات �أكرث.
كان هناك يف قرية «كوبلينز» رجل فقري ُ�سحر بهذه الطريقة .حيث �أنه يف وجود
زوجته كان عادة ما يعمل حركات اجلماع على الهواء ك�أنه ميار�س الزنا مع �شخ�ص
خفي ،وكان يفعل هذا بتكرار رغم ال�صياح واال�ستعطاف من زوجته حتى يكف عن
هذا .وبعد �أن زنا بهذه الطريقة مرتني �أو ثالثة� ،صاح «نحن �سنبد�أ من جديد»
233
ويف احلقيقة مل يكن �أحد مرئي م�ستلقيا معه .وبعد �أن مار�س هذا كث ًريا جدًّا ،وقع
على الأر�ض وقد �أُنهك متاما .وعندما ا�ستعاد قوته قليال ُ�سئل كيف حدث هذا له،
و�إن كانت هناك امر�أة كانت معه ،ف�أجاب ب�أنه مل ير �شيئا ،ولكن عقله بطريقة ما
كان متل ّب�سا حتى مل يكن ي�ستطع �أن ميتنع عن هذا العمل .وبالطبع كان لديه �شك
كبري يف �أن امر�أة معينة �سحرته بهذه الطريقة ،لأنه �أ�ساء �إليها ،ولقد لعنته وهددته
بالكلمات ،و�أخربته ما الذي حتب �أن يحدث له.
ولكن ال يوجد قانون يف وزارات العدل يتعامل ويث�أر من جرمية بال دليل مبجرد
اتهام �أو �شك ،لأنه من املعروف �أنه ال �أحد يجب �أن ُيدان �إال �إذا اعرتف بنف�سه،
�أو كان هناك دليل وثالث �شهود عدل ،لأن اجلرمية �إذا �أُرفق بها �أكرب �شك �ضد
ﻋﺼ
�شخ�ص ما ،فهذا لي�س كاف ًيا ملعاقبة ذلك ال�شخ�ص .ولكن هذا �سيتم التعامل معه
ﲑ ﺍﻟ
الح ًقا.
لأن هناك مرات يتحر�ش فيها �شيطان اجلاثوم بال�شابات العذراوات بهذه
ﻜﺘ
الطريقة ،و�سي�أخذ وقتًا ً
طويل �أن نذكر ما عرفناه يف حملتنا ،لأن هناك كث ًريا جدًّا
من الق�ص�ص املوثقة عن �أ�سحار مثل هذه .ولكن ال�صعوبة الكبرية هي يف �إيجاد
ﺐ ﻟﻠﻨ
العالج لهذه امل�صيبة ،ميكن �أن تت�ضح هذه ال�صعوبة بذكر الق�صة التي رواها
«توما�س �أوف برابانت» يف كتاب .Book on Bees
ﺸﺮ
لقد ر�أيتُ (هو كتب) و�سمعتُ اعرتاف عذراء متدينة ،قالت يف البداية �أنها
لي�ست من النوع القابل لعمل الزنا ،ولكن يف نف�س الوقت كانت معروفة بالزنا .وهذا
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مما مل �أ�صدقه ،ف�أخذت �أن�صحها و�أنا�شدها �أن تقول احلقيقة لأن هذا خطر على
ﺯﻳﻊ
روحها جدًّا .ويف النهاية ،وبعد بكاء مرير ،اعرتفت ب�أنها قد ف�سدت يف العقل ولي�س
يف اجل�سد ،ولقد حز َنت على هذا تقريبا حتى كادت متوت ،وهي تعرتف يوميا يف
الكني�سة بالدموع� ،إال �أنه ال توجد و�سيلة �أو حماولة �أو فن �أمكن �أن يحررها من
�شيطان اجلاثوم ،وال حتى بعمل عالمة ال�صليب ،وال باملاء املقد�س ،الذي هو
مو�صوف خ�صي�صا لطرد ال�شياطني ،وال حتى بال�سر املقد�س جل�سد ربنا ،والذي
حتى املالئكة تخاف منه .ولكنها بعد عدة �سنوات من ال�صالة وال�صوم مت حتريرها.
وهناك راهبة خمل�صة ا�سمها «كري�ستينا» ،يف الدولة ال�سفلى لدوقية «برابانت»،
�أخربتني بالتايل بخ�صو�ص نف�س املر�أة .يف ع�شية عيد العن�صرة جاءت �إليها املر�أة
234
ت�شكو لكنها مل جتر�ؤ على �أخذ ال�سر املقد�س ب�سبب التحر�ش املزعج لل�شيطان بها.
�أ�شفقت عليها «كري�ستينا» وقالت لها «اذهبي ،وارتاحي وا�ضمني �أنك �ستح�صلني
على ج�سد ربنا غدًّا ،لأنني �س�آخذ عذابك على نف�سي» ،فذه َبت املر�أة بفرح ،وبعد
�أن �ص ّلت يف الليل نامت يف �سالم ،وقامت يف ال�صباح وتناولت الع�شاء الرباين يف
طم�أنينة روح .ولكن «كري�ستينا» ،غري مفكرة يف العقوبة التي �أخذتها على نف�سها،
ذهبت لرتتاح يف امل�ساء ،وبينما كانت م�ستلقية على فرا�شها ،بدا وك�أن هناك هجوما
عنيفا عليها ،ف�أم�سكت بال�شيء الذي بدا وك�أنه فوق عنقها وحاولت �أن تبعده يف كل
اجتاه ،وبعد مدة �أدركت ب�أنها تواجه ال�شيطان .ثم غادرت �سريرها ،وق�ضت ليلتها
بال نوم ،وعندما �أرادت �أن ت�صلي ،عذبها ال�شيطان حتى قالت �أنها مل تعان هكذا
ﻋﺼ
من قبل.
ﲑ ﺍﻟ
يف ال�صباح التايل ،قالت للمر�أة الأخرى « �أنا �أتنازل عن �أخذ عذابك� ،أنا بالكاد
ع�شت حتى �آتي و�أتنازل عنه « ،فهر َبت من عنف ذلك املتحر�ش الفا�سد .من هذا
ﻜﺘ
ميكن �أن نرى كيف هي �صعوبة عالج هذا النوع من ال�شر� ،سواء كان ب�سبب ال�سحر
�أم مل يكن.
ﺐ ﻟﻠﻨ
على �أي حال ،ال تزال هناك طرق ميكن �أن ُتبعد هذه ال�شياطني ،كتبها «نيدار»
يف كتابه .Formicariusقال �أن هناك خم�سة طرق ميكن �أن يتحرر بها الن�ساء �أو
ﺸﺮ
الرجالً � ،أول ،بال�سر املقد�س لالعرتاف ،ثان ًيا ،بالعالمة املقد�سة لل�صليب �أو بتالوة
التحية املالئكية ،Angelic Salutationثال ًثا ،بعمل طرد الأرواح ال�شريرة ،راب ًعا،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
خام�سا ،عن طريق طرد الأرواح ال�شريرة املعمول بحكمة باالنتقال �إىل مكان �آخرً ،
بوا�سطة الرجال املقد�سني .يت�ضح مما قيل �أن �أول طريقتني مل يفيدا الراهبة ،ولكن
ﺯﻳﻊ
ال ميكن جتاهلهما ،لأن ما يعالج �شخ�صا ما لي�س بال�ضرورة يعالج الآخر ،والعك�س.
وهي حقيقة م�سجلة �أن �شياطني اجلاثوم غالبا يتم �إبعادهم بال�صلوات للرب� ،أو
بر�ش املاء املقد�س ،و� ً
أي�ضا ب�شكل خا�ص بتالوة التحية املالئكية.
لأن القدي�س «كايزاريو�س» يقول يف كتابه � Dialogueأنه بعد �أن َ�شنق �أحد
الرهبان نف�سه ،دخلت خليلته �إىل الدير ،وغواها اجلاثوم ج�سديا .ف�أبعدته بعمل
عالمة ال�صليب وبا�ستخدام املاء املقد�س ،ولكنه �سرعان ما عاد .ولكن عندما تلت
التحية املالئكية ،اختفى ك�أنه �سهم زال عن قو�سه ،ثم عاد مرة �أخرى� ،إال �أنه مل ي�أت
235
قريبا منها ،ب�سبب ن�شيد .Ave MARIA
أي�ضا ي�شري �إىل العالج با�ستخدام �سر االعرتاف املقد�س. القدي�س «كايزاريو�س» � ً
متاما بعد �أن اعرتفت .و�أخرب لأنه يقول �أن تلك اخلليلة املذكورة تخلى عنها اجلاثوم ً
متاما بعد �سر االعرتاف. أي�ضا �أن رجال يف «ليدين» �أ�صيب ب�شيطانة ال�سلعاة ،وحترر ً � ً
و�أ�ضاف مثاال �آخر ،عن راهبة مت�صوفة منعزلة ،مل يرتكها اجلاثوم على الرغم
من �صالتها واعرتافها و�أعمالها الدينية الأخرى .ودائما ُي�صر �أن يجد طريقه �إىل
أخذت بن�صيحة �أحد الرجال املتدينني ،حيث تلفظت بالكلمة �سريرها .ولكن عندما � َ
املباركة ،تركها ال�شيطان يف احلال.
ﻋﺼ
عن الطريقة الرابعة ،االنتقال �إىل مكان �آخر ،قال �أن هناك ابنة لأحد الرهبان
تنج�ست ب�شيطان اجلاثوم وقادها للهياج والهم ،ولكن عندما ذهبت بعيدا عرب نهر
ﲑ ﺍﻟ
الراين ،تركها ال�شيطان اجلاثوم .و�أبوها لأنه �أر�سلها بعيدً ا� ،أ�صابه ال�شيطان ومات
ﻜﺘ
خالل ثالثة �أيام.
أي�ضا املر�أة التي كان اجلاثوم يتحر�ش بها يف �سريرها ،ف�س�ألتها �صديقة وذكر � ً َ
ﺐ ﻟﻠﻨ
متدينة �أن ت�أتي وتنام معها .وفعلت ذلك ،لكن املتدينة ا�ضطربت طوال الليل ب�أق�صى
�أنواع االنزعاج والقلق ،وغادرت املر�أة الأوىل يف �سالم« .ويليام �أوف باري�س» يذكر
ﺸﺮ
أي�ضا �أن اجلاثوم يبدو �أنه يتحر�ش بالن�ساء والفتيات الالتي ميلكن �شع ًرا ً
جميل، � ً
�إما لأنهن يكر�سن �أنف�سهن كث ًريا لالهتمام والعناية والإعجاب ب�شعرهن� ،أو ب�سبب
ﻭ
�أنهن يتفاخرن به ب�شكل �سيء� ،أو ب�سبب �أن الرب يف خرييته ي�سمح بهذا لأجل �أن
ﺍﻟﺘﻮ
هذه الفتاة ميكن �أن تخاف من �أن تغوي الرجال بنف�س الطريقة التي يتمنى ال�شيطان
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
ولكن ال بد من مالحظة �أنه يف بع�ض الأحيان يظن النا�س �أنه يتم التحر�ش بهم
ﲑ ﺍﻟ
باجلاثوم بينما ال يح�صل معهم هذا يف احلقيقة ،وهذا �أكرث حدوثا يف حالة الن�ساء
�أكرث من الرجال ،لأنهن خملوعات الف�ؤاد �أكرث وعر�ضة لتخيل الأمور ال�شاذة.
ﻜﺘ
فيما يتعلق بهذا« ،ويليام �أوف باري�س» يقول :كثري من الظهورات اخليالية
حتدث لل�شخ�ص الذي يعاين من الك�آبة ،خا�صة الن�ساء ،كما يظهر يف �أحالمهن
ﺐ ﻟﻠﻨ
ور�ؤياهن .و�سبب هذا ،كما يعرف الأطباء� ،أن �أرواح الن�ساء هي بالطبيعة �سريعة
الت�أثر وح�سا�سة �أكرث من �أرواح الرجال.
ﺸﺮ
يف بع�ض الأوقات تظن الن�ساء �أنهن �أ�صبحن حوامل ب�سبب اجلاثوم ،و�أن بطونهن
ﻭ
�أ�صبحت �أكرب حجما ،ولكن عندما ي�أتي وقت خما�ض الوالدة ،يذهب هذا االنتفاخ
ﺍﻟﺘﻮ
بطرد كمية كبرية من الهواء .لأنه بتناول بي�ضات النمل يف ال�شراب� ،أو بذور القربيون
ﺯﻳﻊ
�أو ال�صنوبر الأ�سود ،ف�إن انتفاخا �شديدا يحدث يف املعدة .ومن ال�سهل جدًّا على
ال�شيطان �أن يعمل هذا و�أكرث يف معدة الإن�سان .مت ذكر هذا حتى ال ت�ص ّدق الن�ساء
ب�سهولة يف هذا الأمر� ،إال الالتي �أظهرت التجربة �صدقهن وموثوقيتهن ،والذين
يعلمون �أن هذه الأ�شياء التي نتحدث عنها حقيقية هم الذين ينامون بجوارهن.
e
237
الفصل .2العالجات الموصوفة لهؤالء الذين تسبب
لهم السحر بضعف القدرة الجنسية
رغم �أن ال�ساحرات الن�ساء �أكرث من الرجال بكثري ،كما و�ضحنا يف اجلزء الأول
ﻋﺼ
من هذا العمل� ،إال �أن الرجال هم الذين ُي�سحرون �أكرث من الن�ساء .و�سبب هذا هو
يف حقيقة �أن الرب ي�سمح لل�شيطان بقدرة �أكرب فيما يتعلق بالقدرة اجلن�سية التي
ﲑ ﺍﻟ
جاءت بها اخلطية الأ�صلية� ،أكرث من �أي عمل ب�شري �آخر .بنف�س الطريقة ،هو ي�سمح
ﻜﺘ
مبزيد من ال�سحر �أن ي�ؤ ّدى با�ستخدام الثعابني ،التي هي �أكرث عر�ضة لل�سحر من
احليوانات الأخرى ،لأن هذه كانت �أول �أداة لل�شيطان .والعملية اجلن�سية ميكن �أن
ﺐ ﻟﻠﻨ
ُت�سحر ب�سهولة يف الرجل �أكرث من املر�أة ،كما و�ضحنا �سابقا .لأن هناك خم�سة طرق
ميكن لل�شيطان �أن يعوق بها عملية التكاثر ،وهي ُتطبق ب�سهولة �أكرث على الرجال.
ﺸﺮ
هناك خم�سة �أنواع ،وف ًقا لـ «بريت �أبالود» يف كتابه الرابع ،الف�صل ،34عن حماكمة
ﺯﻳﻊ
238
ثان ًيا ،ال�شيطان ميكنه �أن يثري الرجل جتاه امر�أة واحدة ويجعله عقيما ناحية
امر�أة �أخرى ،وهذا ميكن �أن ي�سببه بو�ضع بع�ض الأع�شاب �أو املواد الأخرى التي
يعرفها ج ّيدً ا لأجل هذا الغر�ض.
ثال ًثا ،ميكنه �أن ي�شو�ش على اقرتاب الرجل من املر�أة ،حيث يجعل �أحدهم خمفيا
و�ضحنا ،ميكنه �أن ي�ؤثر على اخليال.عن الآخر ،لأنه ،كما ّ
متاما
راب ًعا ،ميكنه �أن يكبح اهتياج ذلك الع�ضو والذي هو �ضروري للإجنابً ،
كما ميكنه �أن ي�سلب من �أي ع�ضو قدرته على احلركة املو�ضعية.
خام�سا ،ميكنه �أن مينع دفق املني �إىل الع�ضو املحرك ،ب�إغالق القناة املنوية ً
ﻋﺼ
حتى ال ي�صل املني �إىل الأوعية التنا�سلية� ،أو ال يخرج منها مرة �أخرى� ،أو ال يتحرك
فيها� ،أو يخرج ويهدره عبثا.
ﲑ ﺍﻟ
ولكن �إذا قال �شخ�ص� :أنا ال �أعلم ب�أي من هذه الطرق املختلفة مت �سحري ،كل
ﻜﺘ
ما �أعرفه هو �أنني ال �أ�ستطيع �أن �أعمل �أي �شيء مع زوجتي ،ميكن الإجابة عليه بهذه
وقابل لعمل هذا مع امر�أة �أخرى �إال زوجته� ،إذن فقد مت ن�شطا ًالطريقة� .إذا كان ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
�سحره بالطريقة الثانية ،و�إذا مل يجد �أن زوجته منفرة ولكنه ما زال ال يقدر على
أي�ضا �سحر من النوع الثاين،عمل �شيء معها ،لكنه يقدر مع الأخريات ،ف�إن هذا � ً
ﺸﺮ
ولكن �إذا وجدها منفرة ومل يقدر على جماعها� ،إذن فهذا �سحر بالطريقة الثانية
والثالثة.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
و�إذا وجدها غري منفرة ورغب يف �أن يجامعها ولكن مل تكن له قوة يف ع�ضوه،
�إذن هي الطريقة الرابعة .ولكن �إذا كانت هناك قوة يف ع�ضوه ،ولكنه ال ي�ستطيع �أن
ﺯﻳﻊ
239
ونحن نعلم بالطبع �أن الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أن ي�صيب اخلاطئني �أكرث من
ال�صاحلني .بالرغم من �أن الرجل الأكرث �صالحا� ،أيوب ،مت �ضربه� ،إال �أن ذلك
مل يكن يف الناحية اجلن�سية .وميكن �أن يقال �أنه ،عندما ي�صاب املتزوجون بهذه
الطريقة ،ال بد �أن الطرفني �أو واحدا منهما لي�س يف حالة النعمة ،وهذا الر�أي مثبت
يف الكتب املقد�سة بال�سلطة وباملنطق .لأن املالك قال لـ «توبيا�س» :ال�شيطان له قدرة
على �أولئك الذين �س ًلموا �أنف�سهم لل�شهوة ،و�أثبت هذا بذبح الأزواج ال�سبعة ل�سارة.
«كا�سيان» يف كتاب ،Collation of the Fathersيقتب�س من القدي�س «�أنتوين»
يف قوله �أن ال�شيطان ال ميكن �أن يدخل عقولنا �أو �أج�سامنا �إال �إذا �سلبها � ًأول من
كل الأفكار املقد�سة وجعلها خاوية من التفكر الروحي .هذه الكلمات ال ينبغي �أن
ﻋﺼ
تنطبق على الإ�صابة اجل�سدية ،لأنه عندما �أ�صيب �أيوب مل يكن خاليا من النعمة
ﲑ ﺍﻟ
الإلهية .واملر�ض اجلن�سي الذي نتحدث عنه ال يح�صل �إال بخطيئة االنقياد لل�شهوة
اجلن�سية .لأنه ،كما قلنا ،الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أذى �أكرب على العملية اجلن�سية
ﻜﺘ
�أكرث من �أي فعل ب�شري �آخر ،ب�سبب البذاءة الطبيعية لهذا الفعل ،وب�سبب �أنه ح�صل
به توريث اخلطيئة الأ�صلية �إىل الن�سل كله ،بالتايل عندما يجتمع اثنني يف زواج ويتم
ﺐ ﻟﻠﻨ
�سلب عون الرب منهما ،فالرب ي�سمح ب�أن يتم �سحرهما ب�شكل �أ�سا�سي يف وظائفهما
الإجنابية.
ﺸﺮ
ولكن �إذا �س�أل �أحدهم ما نوع هذه اخلطايا ،ميكن �أن نقول� ،أنه وفقا للقدي�س
«جريوم»� ،أنه حتى يف حالة الزواج من املمكن �أن حتدث خطيئة االنقياد لل�شهوة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
اجلن�سية بطرق عديدة .انظر الن�ص :الذي يحب زوجته ب�شكل مفرط فهو زان.
وه�ؤالء الذين يحبون بهذه الطريقة عر�ضة �أكرث لأن ُي�سحروا بالطريقة التي
ﺯﻳﻊ
ذكرناها.
عالجات الكني�سة ،هي نوعني ،واحد قابل للتطبيق يف حمكمة عامة ،والثاين يف
االعرتاف �أمام الكاهن .بالن�سبة للأول ،عندما ُيك�شف ب�شكل علني �أن العقم هو
ب�سبب ال�سحر ،فالبد �أن نحدد هل هو م�ؤقت �أم دائم� .إذا كان م�ؤقتا ،فال ُيلغى عقد
الزواج .ويعترب العقم م�ؤقتا �إذا حدث عالج يف مدة قدرها ثالثة �سنوات با�ستخدام
�أي طريق ممكنة من الأ�سرار الكن�سية والعالجات .ولكن بعد هذه املدة� ،إذا مل
ميكن عالجه ب�أي عالجات فيعترب العقم دائ ًما.
240
العجز اجلن�سي �إذا ح�صل قبل عقد الزواج وقبل الدخول ،ففي هذه احلالة هو
يعرت�ض �سبيل العقد ،و�إذا ح�صل العجز اجلن�سي بعد عقد الزواج ولكن قبل الدخول،
ففي هذه احلالة ُيلغي العقد .لأن الرجال عادة ما ُي�سحرون بهذه الطريقة لأنهم
�أبعدوا ع�شيقاتهم ال�سابقات ،والالتي� -أمال يف �إتعا�س زواجهمَ -ي�سحرن الرجال
فال يقدرون على جماع �أي امر�أة �أخرى .ويف هذه احلالة ،وفقا لر�أي الكثريين،
فالزواج الذي مت عقده يجب �إلغا�ؤه� ،إال ،مثل �سيدتنا املباركة والقدي�س «يو�سف»
حيث �أرادا العي�ش معا يف كبح نف�س مقد�س .هذا الر�أي مدعوم بال�شريعة حيث
تقول� ،أن الزواج يت�أكد بالفعل اجل�سدي بالدخول .والعقم قبل هذا الفعل اجل�سدي
يفك ارتباط الزواج.
ﻋﺼ
و�إذا ح�صل العجز اجلن�سي بعد الدخول ،عندها ال ُيفك ارتباط النكاح .املزيد
ﲑ ﺍﻟ
عن هذا يذكره العلماء ،الذين يف كتاباتهم العديدة تعاملوا مع التعطيل اجلن�سي
ﻜﺘ
الذي يحدث ب�سبب ال�سحر ،ولكن لأن �أقوالهم ال تتعلق بدقة مبو�ضوعنا ،ف�سيتم
التغا�ضي عن ذكرها.
ﺐ ﻟﻠﻨ
لكن البع�ض ميكن �أن يجد �صعوبة يف فهم كيفية �أن هذه الوظيفة ميكن �أن تتعطل
جتاه امر�أة معينة ولي�س امر�أة �أخرى .القدي�س «بونافينتورا» يجيب �أن هذا ميكن
�أن يكون ب�سبب �أن �ساحرة ما �أقنعت ال�شيطان �أن يعمل هذا جتاه امر�أة واحدة� ،أو
ﺸﺮ
ب�سبب �أن الرب ال ي�سمح بالتعطيل �أن يحدث جتاه امر�أة معينةُ .حكم الرب يف هذا
ﻭ
الأمر غام�ض ،مثل حالة زوجة «توبيا�س» .والقدي�س «بونافينتورا» يقول �أن ال�شيطان
ﺍﻟﺘﻮ
يعطل الوظيفة الإجنابية ،وال ي�ؤذي الع�ضو داخليا ،ولكن خارجيا ب�إعاقة ا�ستخدامه،
ﺯﻳﻊ
وهذا عقم �صناعي ،لي�س عقما طبيعيا ،وبالتايل ميكن �أن يعمله ال�شيطان جتاه
امر�أة معينة دون �أخرى� .أو هو ي�أخذ كل الرغبة من الرجل جتاه امر�أة معينة ،وهو
يفعل ذلك بقدرته ال�شخ�صية� ،أو با�ستخدام بع�ض الأع�شاب �أو الأحجار �أو بع�ض
املخلوقات ال�سحرية .وبهذا فهو يف اتفاق جوهري مع «بيرت �أبالود».
العالج الكن�سي يف حمكمة الرب ُمبني يف ال�شريعة حيث تقول�« :إذا ُ�سحر الرجل
يف قدرته اجلن�سية ،ال بد �أن يهرع لعمل االعرتاف للرب ولكاهن الرب بكل
اخلطايا بف�ؤاد من�سحق وروح متوا�ضعة ،و�أن ُير�ضي الرب بدموع كثرية وعطايا
كبرية و�صلوات و�صيام»
241
من هذه الكلمات وا�ضح �أن هذه الإ�صابات هي فقط ب�سب خطية ما ،وحتدُث
فقط لأولئك الذين ال يعي�شون يف حالة النعمة .ويتبع �أن نقول �أن ق�ساو�سة الكني�سة
يعملون عالجا با�ستخدام طرد الأرواح ال�شريرة وبعالجات �أخرى تزودها الكني�سة.
وبهذه الطريقة وبعون الرب�َ ،شفا �إبراهيم ب�صلواته �أبيمالك وبيته.
وكا�ستنتاج ميكن �أن نقول �أن هناك خم�سة عالجات ميكن �أن ُتطبق ب�شكل
�شرعي على ه�ؤالء امل�سحورين بهذه الطريقة ،احلج ملزار ُموقر ومقد�س ،االعرتاف
باخلطايا مع التوبة ،اال�ستعمال الكثري لعالمة ال�صليب وال�صلوات اخلا�شعة ،عملية
طرد الأرواح ال�شريرة ال�شرعية با�ستخدام كلمات �شعائرية ،و�أخريا ميكن �أن يحدث
العالج باالقرتاب من ال�ساحرة بحكمة كما يف حالة الكونت الذي ظل ثالث �سنوات
ﻋﺼ
غري قادر على جماع زوجته.
e ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
242
الفصل .3العالجات الموصوفة للمسحورين بالحب
الجامح أو الكره المفرط
مثل �أن القدرة اجلن�سية ميكن �أن ُت�سحر ،كذلك احلب اجلامح �أو الكره ميكن �أن
ُيزرع يف العقل الب�شري بال�سحرً � .أول �سنتحدث عن �سبب حدوث هذا ثم ب�أق�صى ما
ﻋﺼ
ميكننا �سنتحدث عن العالجات.
احلب اجلامح من �شخ�ص جتاه �شخ�ص �آخر ميكن �أن يحدث بثالثة طرق .يف
ﲑ ﺍﻟ
بع�ض الأحيان يكون فقط ب�سبب فقد ال�سيطرة على العيون ،وبع�ض الأحيان يكون
ﻜﺘ
ب�سبب �إغواء ال�شيطان ،وبع�ض الأحيان يكون ب�سبب تعويذات م�ستح�ضري الأرواح
وال�ساحرات مب�ساعدة ال�شياطني.
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأول حتدث عنه القدي�س «جيم�س» ،كل �إن�سان يغ َوى ب�شهوته اخلا�صةُ ،ي�سحب
�إليها و ُيغرر به .وعندما تنخدع ال�شهوة ،فهي جت ِلب اخلطية ،وعندما تكتمل اخلطية،
ﺸﺮ
فهي جت ِلب املوت ،وبذلك ،عندما �شاهد «�سيخام» «ديانا» خارجة لرتى بنات الأر�ض،
�أحبها ،وفتنها ،وا�ستلقى معها ،ووجدت روحه طريقها �إىل روحها (�سفر التكوين
ﻭ
الرابع والثالثني) .وهنا يقول املف�سرون �أن هذا حدث لروحها ال�ضعيفة لأنها تركت
ﺍﻟﺘﻮ
�ش�ؤونها لت�س�أل عن �ش�ؤون الآخرين ،وروح كهذه يغويها ال�شيطان ب�سهولة ،ويقودها
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
يحولوا عقل الإن�سان �إىل احلب اجلامح �أو الكره ،ومت �إثبات هذا ب�أمثلة من واقع
جتربتنا .وطبعا هذا هو النوع الأ�شهر والأكرث �شعبية بني �أنواع ال�سحر.
ﲑ ﺍﻟ
ولكن ينبغي �أن ُي�س�أل ال�س�ؤال التايل« ،بيرت» مثال متت حما�صرته بحب جامح
ﻜﺘ
مثل هذا ،لكنه ال يعلم �إن كان هذا بال�سبب الأول �أم الثاين �أم الثالث� .سنجيب �أنه،
من ع َمل ال�شيطان �أن يثري الكراهية بني املتزوجني حتى ُي�سبب خطيئة الزنا .ولكن
عندما يكون الإن�سان مقيدا ب�شدة �إىل رغباته اجل�سدية و�شهوته حتى ال ميكن �أن
ﺐ ﻟﻠﻨ
جنعله يكف عنها ب�أي تذكري بعار �أو كلمات �أو م�صائب �أو ت�أثريات ،وعندما يزيح
الرجل زوجته اجلميلة جانبا ويتعلق بامر�أة �شائنة ،وعندما ال يقدر �أن يرتاح يف
ﺸﺮ
الليل ،وجتتاحه رغبة جمنونة يف �أنه يجب �أن يذهب بطرق مراوغة �إىل ع�شيقته،
وعندما جند �أن �أولئك الذين من الأرحام الأنبل ،كاحلكام والأغنياء ،هم الأكرث
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وقوعا بتعا�سة يف هذه اخلطية (لأن هذا الع�صر ت�سيطر عليه الن�ساء ،وقد تنب�أ
ﺯﻳﻊ
بهذا القدي�س «هيلديجارد» كما �سجل «فين�سينت �أوف بياوفاي�س» يف كتاب Mirror
)of Historyوعندما ال يكون العامل مليء بالزنا ،خا�صة بني �أولئك الذين من
الطبقات العالية ،عندما ن�ضع كل هذا يف االعتبار� ،أنا �أقول ،ما احلاجة يف �أن
نتحدث عن العالجات لأولئك الذين ال يرغبون يف العالج؟ ومع ذلك ،لأجل �إر�ضاء
القارئ املتدين� ،سنذكر باخت�صار بع�ض العالجات للحب اجلامح عندما ال يكون
�سببه ال�سحر.
ابن �سينا يذكر �سبعة عالجات ميكن �أن ُت�ستخدم عندما يكون ال�شخ�ص مري�ضا
بهذا النوع من احلب ،ولكنها غري متعلقة ب�س�ؤالنا �إال يف �أنها تعالج مر�ض الروح.
244
يقول يف الكتاب الثالث ،جذر املر�ض ميكن �أن ُيكت�شف بال�شعور بالنب�ض �أثناء
التلفظ با�سم املحبوب ،عندها� ،إذا �سمح ال�شرع ،ميكن �أن ُي�شفى املُحب باخل�ضوع
للمحبوب� .أو ميكن �أن يتحول عن حبه هذا بالعالجات امل�شروعة التي �ستوجه حبه
هذا �إىل �شيء �آخر ي�ستحقه �أكرث� .أو ميكن �أن يتجنب ح�ضور الع�شيقة ،وبالتايل
ي�صرف انتباه عقله عنها� .أو يكون منفتحا للت�صحيح ،فيمكن �أن ُين�صح و ُيع ّنف
ب�أن هذا احلب هو املعاناة الأعظم� .أو ميكن �أن نحوله �إىل �شخ�ص ي�ستطيع �أن ُيذم
�أ�سا�سات حبيبته هذه ،وبالتايل ُي� ِّسود �شخ�صيتها فتظهر له عادية وم�شوهة ،وميكن
عطى مهام �شاقة وجمهدة ت�صرف �أفكاره عنها. �أن ُي َ
هذا ميكن �أن يكون مفيدا يف �إ�صالح روحه الداخلية .دع الإن�سان يطيع قانون
ﻋﺼ
فكره بدال من قانون طبيعته ،دعه يحول حبه �إىل املُتع الآمنة ،دعه يتذكر كيف �أن
ﲑ ﺍﻟ
بزوغ ال�شهوة خاطف و�أن العقاب �أبدي ،دعه يبحث عن املتعة يف احلياة حيث تكون
ال�سعادة بال نهاية ،دعه ي�ضع يف اعتباره �أنه �إذا تعلق بهذا احلب الأر�ضي� ،سيكون
ﻜﺘ
جزاءه �أن يخ�سر بركة اجلنة ،و ُيحكم عليه بالنار الأبدية ،انظر اخل�سائر التي يتعذر
�إ�صالحها التي تنتج من ال�شهوة اجلاحمة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالن�سبة للحب اجلامح الذي يحدث ب�سبب ال�سحر ،فالعالجات املذكورة يف
الف�صل ال�سابق ميكن �أال تكون منا�سبة هنا ،خا�صة طرد الأرواح ال�شريرة با�ستخدام
ﺸﺮ
الكلمات ال�شعائرية .لكن لندعه يبتهل يوميا للمالك احلار�س املنتدب �إليه من عند
الرب ،ولندعه ي�ستخدم �سر االعرتاف ويزور مقامات القدي�سني و�أ�ضرحتهم ،خا�صة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن كم هو خ�سي�س هذا الرجل القوي الذي ينبذ الهبات الطبيعية ودرع الف�ضيلة
الفطري ويكف عن الدفاع به عن نف�سه ،رغم �أن الفتيات �أنف�سهن به�شا�شتهن
البالغة قد ي�ستخدمن هذا ال�سالح ل�صد هذا النوع من ال�سحر� .سنعطي واحدا من
عدة �أمثلة يف مدحهن.
كانت هناك قرية قرب «لينداو» يف �أبر�شية «كون�ستان�س» ،وهناك خادمة فيها
عملت ال�سلوك الأكرث رقيا ،ر�أت رجال ذو مبادئ �ضائعة ،رجل دين يف احلقيقة،
لكنه لي�س ق�سي�سا�ُ ،سحر بوخزات عنيفة من حبها .و�أ�صبح غري قادر �أن يكتم جراح
قلبه لوقت �أطول ،فذهب �إىل املكان الذي تعمل فيه ،وبكلمات مع�سولة تبني �أنه واقع
245
يف �شبكة ال�شيطان ،بد�أ بالكلمات اجلريئة فقط حتى يقنع الفتاة ب�أن تعطيه حبها.
وهي عرفت بغريزتها غر�ضه ،ولأنها عفيفة العقل واجل�سد� ،أجابت باخت�صار:
�سيدي ،ال ت�أت �إىل بيتي بكلمات مثل هذه لأن احلياء نف�سه مينع ذكرها .فرد عليها:
رغم �أنك لن تقتنعي بالكلمات اللطيفة �أن حتبيني� ،إال �أنني �أعدك �أنك �ست�صبحني
ُمربة �أن حتبيني مبا �س�أعمله لك.
كان الرجل م�شتبه فيه �أنه �ساحر �أو م�شعوذ .واخلادمة اعتربت �أن كلماته هذه
كالهواء الفارغ ،ومل تكن ت�شعر نحوه ب�أي غريزة ج�سدية ،ولكن بعد وقت ق�صري
بد�أت ت�أتيها �أفكار غرامية ناحيته .ولقد فهمت على الفور و�ألهمها الرب �أن هذا
�سحر ،فبحثت عن حماية �أم الرحمة العذراء ،ونا�شدتها بخ�شوع �أن تتو�سط لها عند
ﻋﺼ
ابنها حتى ي�ساعدها .ويف و�سط قلقها ،ذهبت يف حج �إىل �أحد الأديرة ،حيث كانت
ﲑ ﺍﻟ
هناك كني�سة مكر�سة لأم الرب .وهناك اعرتفت بخطاياها حتى ال تدخل فيها �أي
روح �شريرة ،وبعد �صلواتها لأم الرحمة ،كل مكائد ال�شيطان التي تهددها قد توقفت،
ﻜﺘ
ومنذ ذلك احلني مل ت�أت هذه ال�شرور �إىل ناحيتها.
ﺐ ﻟﻠﻨ
رغم هذا ال زال هناك رجال �أقوياء يتم �إغوا�ؤهم ب�شدة بوا�سطة ال�ساحرات �إىل
هذا النوع من احلب ،حتى يبدو �أنهم ال ي�ستطيعون منع �أنف�سهم من ال�شهوة اجلاحمة
ﺸﺮ
ناحيتهن� ،إال �أنهم بب�سالة يقاومون الإغواء بهذه الغوايات القذرة ،وبالدفاعات التي
ذكرناها يتمكنون من جتاوز كل حيل ال�شيطان.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
كان هناك رجل غني يف قرية «�إن�سربوك» �ضجر من ال�ساحرات ب�شكل ال
ي�ستطيع القلم و�صفه ،لكنه حافظ على قلب �شجاع ،وهرب با�ستخدام العالجات
ﺯﻳﻊ
التي ذكرناها .وبالتايل ميكن �أن ن�ستنتج �أن هذه العالجات ناجحة �ضد هذا املر�ض،
و�أن الذين ي�ستخدمون هذه الأ�سلحة �سيتحررون ب�شكل م�ؤكد.
والبد �أن نفهم �أن ما ذكرناه بخ�صو�ص احلب اجلامح ينطبق � ً
أي�ضا على الكره
املفرط ،لأن نف�س الأ�سلوب نافع يف كال االجتاهني ،ورغم �أن درجة ال�سحر واحدة
يف االجتاهني� ،إال �أن هناك اختالفا يف حالة الكره ،يف �أن ال�شخ�ص الكاره ال بد �أن
يبحث عن عالج �أكرب .لأن الرجل الذي يكره زوجته ويخرجها من قلبه ،لن يعود
ب�سهولة �إليها خا�صة لو كان زانيا ،حتى لو ذهب �إىل احلج كثريا.
246
لقد تعلمنا من ال�ساحرات �أنهن يعملن تعاويذ الكراهية عن طريق الثعابني ،لأن
الثعبان كان �أول �أداة لل�شر ،وب�سبب لعنته و ّرث ُكره الن�ساء ،وبالتايل هن يعملن
هذه التعويذات بو�ضع جلد ر�أ�س الثعبان حتت عتبة باب الغرفة �أو باب البيت .لهذا
ال�سبب كل زوايا و�أركان البيت التي تعي�ش فيه �أمثال ه�ؤالء الن�سوة ال بد �أن تفت�ش
جيدً ا ويعاد بناء �أو ترميم البيت ب�أق�صى ما ي�ستطيع املرء� ،أو يغري البيت كله �إىل
مكان �سكن �آخر.
وعندما يقال �أن الرجال امل�سحورون ميكن �أن َيطردوا الأرواح ال�شريرة من
�أنف�سهم ب�أنف�سهم ،فالبد �أن نفهم �أنهم يرتدون حول �أعناقهم قالدات عليها
الكلمات املقد�سة �أو عليها تربيكات الكهنة �ضد التعاويذ ،هذا �إذا مل يكونوا قادرين
ﻋﺼ
على النطق بالتربيكات ،ولكن �سنو�ضح الحقا كيف ميكن لهذا �أن يعمل.
e ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
247
الفصل .4العالجات الموصوفة ألولئك الذين فقدوا
أعضاءهم الذكرية باستخدام الشعوذة أو تحولوا إلى
أشكال حيوانات
مما �سبق �أن كتبناه ،تت�ضح العالجات املتوفرة لتخلي�ص �أولئك املخدوعني
ﻋﺼ
بالوهم ،الذين ظنوا �أنهم قد فقدوا ع�ضوهم الذكري� ،أو �أنهم قد حتولوا �إىل
ﲑ ﺍﻟ
حيوانات .لأنه مبا �أن ه�ؤالء الرجال انعدمت منهم النعمة الإلهية وفقا للحالة
الأ�سا�سية للم�سحورين ،فال ميكن �أن نعمل عالجا بينما ال�سالح الإمياين نف�سه فيهم
ﻜﺘ
جمروحا .بالتايل قبل كل الأ�شياء ال بد �أن يت�صاحلوا مع الرب باالعرتافً ال يزال
أي�ضا ،كما و�ضحنا يف الف�صل ال�سابع من ال�س�ؤال الأول يف اجلزء الثاين، اجليد .و� ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
هذه الأع�ضاء الذكرية مل ت�ؤخذ ب�شكل حقيقي من اجل�سد ،ولكنها �أخفيت بالوهم
من حا�سة الب�صر وحا�سة اللم�س .ووا�ضح � ً
أي�ضا� ،أن ه�ؤالء الذين يعي�شون يف النعمة
ﺸﺮ
ال ينخدعون ب�سهولة بهذا ال�سحر الذي ُيفقد فيه الع�ضو الذكري .بالن�سبة للعالج
واملر�ض فقد مت �شرحهم يف ذلك الف�صل ،وقلنا �أنه يجب بقدر ما ميكن �أن يحدث
ﻭ
بالن�سبة له�ؤالء الذين يظنون �أنهم قد حتولوا �إىل حيوانات ،ال بد �أن نعلم �أن هذا
ﺯﻳﻊ
النوع من ال�سحر ميا َر�س �أكرث يف البلدان ال�شرقية عن الغربية ،ف�ساحرات ال�شرق
غالبا ما ي�سحرن النا�س بهذه الطريقة ،ولكن يظهر �أن ال�ساحرات �أ�صبحن الآن
يحولن �أنف�سهن بالكامل �إىل �أ�شكال حيوانات ،كما قلنا يف الف�صل الثامن .بالتايل
يف حالتهن هذه فالعالج امل�ستخدم �سيتم ذكره يف اجلزء الثالث من هذا العمل،
عندما نتحدث عن �إبادة ال�ساحرات بقوة القانون املدين.
لقد تعلمنا كث ًريا عن هذا الأمر من فر�سان تنظيم القدي�س «جون» من ال ُقد�س
يف «رود�س» ،وخا�صة من هذه احلالة التي حدثت يف مدينة «�ساالمي�س» يف مملكة
248
قرب�ص يف امليناء ،حيث كانت هناك حمولة حمملة بال�ضائع وجمهزة لأجل �سفينة،
وكان كل ركابها ُيزودون �أنف�سهم بامل�ؤن ،واحد منهم� ،شاب قوي ،ذهب �إىل بيت
امر�أة خارج املدينة على ال�شاطئ ،و�س�ألها �إن كان عندها �أي بي�ض لتبيعه .واملر�أة
تاجر بعيد عن دولته ،فكرت يف �أن النا�س يف املدينة لنملا ر�أت �أنه �شاب قوي ،و�أنه ِ
ي�شعروا بال�شك �إذا اختفى ،فقالت له «انتظر ً
قليل� ،س�آتيك مبا تطلبه».
وعندما ذهبت و�أغلقت الباب وتركته ينتظر ،ناداها ال�شاب لت�ستعجل و�إال
�سيفوت ال�سفينة .ثم �أح�ضرت املر�أة بع�ض البي�ض و�أعطته لل�شاب ،و�أخربته �أن يهرع
�إىل ال�سفينة حتى ال تفوته .فتعجل عائدً ا �إىل ال�سفينة التي كانت ال تزال تر�سو على
ال�شاطئ ،وقبل �أن تتحرك ،وب�سبب �أن رفقائه مل يعودوا كلهم ،قرر �أن ي�أكل من
ﻋﺼ
البي�ض لي�سلي نف�سه.
ﲑ ﺍﻟ
وفج�أة ،بعد �ساعة� ،أ�صبح �أبكما ك�أنه مل تكن عنده القدرة على الكالم من قبل،
وت�ساءل ما الذي من املمكن �أنه ح�صل له ،ومل ي�ستطع �أن يعرف .وعندما �أراد �أن
ﻜﺘ
ي�صعد �إىل ال�سفينة� ،أبعده النا�س الذين كانوا على ال�شاطئ بالع�صا وت�صايحوا
«انظروا ما الذي يفعله هذا احلمار! اللعنة على احليوان� ،أنت لن تدخل لل�سفينة»
ﺐ ﻟﻠﻨ
فتم �إبعاد ال�شاب بعيدً ا ،وفهم من كلماتهم �أنهم يظنون �أنه حمار ،وهنا بد�أ يدرك
�أنه رمبا قد مت �سحره بوا�سطة تلك املر�أة ،خا�صة �أنه ال ي�ستطع التلفظ ب�أي كلمة،
ﺸﺮ
رغم �أنه ي�سمع ويفهم ما يقال .وعندما حاول مرة �أخرى �أن ي�صعد �إىل ال�سفينة ،مت
طرده ب�ضربات �أقوى ،ف�شعر مبرارة يف قلبه و�أُجرب على �أن يقف وينظر �إىل ال�سفينة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وهي تبحر بعيدا .وبهذا ،كلما ذهب هنا �أو هناك ،ظن النا�س �أنه حمار ،وكانوا
يعاملونه على �أنه حمار .ويف النهاية ،رجع جمربا �إىل بيت املر�أة ،وحتى ُيبقي نف�سه
ﺯﻳﻊ
حيا ،خدمها ملدة ثالث �سنوات ،حيث كان يجلب للبيت ال�ضروريات من اخل�شب
والذرة ،وكان يحمل ما يجب عليه �أن يحمله كاحلمار التعي�س ،عزا�ؤه الوحيد �أنه
رغم �أن كل �أحد كان يظنه حمارا ،فال�ساحرات املرتددات على املنزل كن يرينه
رجال ،وكان يقدر �أن يتكلم ويتعامل معهن على �أنه رجل.
احلمل الثقيل �أن يو�ضع عليه كما لو كان حيوانا و�إذا �س�أل �أحدهم كيف لهذا ِ
حقا� ،سنقول �أن هذه احلالة متاثل تلك التي حتدث عنها القدي�س «�أوج�ستني» يف
كتابه ،De Ciuitate Deiالكتاب الثامن ع�شر ،الف�صل ،17عندما حكى عن
249
امر�أة احلانة التي حولت زبائنها حليوانات يحملون �أثقاال ،وتلك احلكاية عن الأب
الذرة مع احليوانات الأخرى ،لأن «براي�ستانتيو�س» الذي ظن �أنه ح�صان يحمل ُ
الوهم التي مت عمله يف هذه احلاالت هو ثالثي.
� ًأول بالت�أثري على الأ�شخا�ص الذين ر�أوا ال�شاب على �أنه حمار ،وقد �شرحنا يف
الف�صل الثامن كيف لل�شياطني �أن تعمل هذا ب�سهولة .ثان ًيا ،تلك الأحمال مل تكن
وهما ،ولكن عندما تكون �أثقل من احتمال ال�شاب ،ف�إن �شيطانا خفيا ي�أتي ويحملها.
ثال ًثا ،ال�شاب نف�سه داخل خياله اعترب �أن حوا�سه التي كان يعرفها على �أنها حوا�س
و�أع�ضاء �إن�سان� ،أ�صبح يراها وي�شعر بها على �أنها حوا�س و�أع�ضاء حمار ،ونبوخذ
مثال على نف�س هذا الوهم. ن�صر �أعطي ً
ﻋﺼ
ثالثة �سنوات مرت على هذا احلال ،ويف ال�سنة الرابعة حدث �أن ال�شاب ذهب
ﲑ ﺍﻟ
ذات �صباح �إىل املدينة ،مع املر�أة يتبعها يف طريق طويلة ،ومر على كني�سة حيث
كانوا يحتفلون بالقدا�س الإلهي ،و�سمع الأجرا�س املقد�سة تدق ل�صعود اجل�سد
ﻜﺘ
املقد�س (لأنه يف تلك اململكة ،كان القدا�س الإلهي ُيحتفل به وفقا لالتينيني ،ولي�س
وفقا للطقو�س اليونانية ) .فتوجه �إىل الكني�سة ،وكان خائفا من �أن يدخل حتى ال
ﺐ ﻟﻠﻨ
يتناق�شون يف هذه املعجزة ،وفج�أة� ،أتت ال�ساحرة وهاجمت احلمار بع�صاها .وب�سبب
�أن هذا النوع من ال�سحر كان معلوما يف تلك الأنحاء ،منعها التجار وبلغوا عنها،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ويف اللحظة التي ُجمع فيها التجار وال�ساحرة واحلمار �أمام القا�ضي ،وبعد �أن مت
ﺯﻳﻊ
تعذيبها و�س�ؤالها ،اعرتفت بجرميتها ووعدت ب�أن ُتعيد ال�شاب �إىل �شكله احلقيقي
�إذا ُ�سمح لها ب�أن تعود �إىل بيتها .وبالتايل مت ال�سماح لها �أن تذهب �إىل بيتها ،وبذلك
ا�ستعاد ال�شاب �شكله الأول ،وبعد القب�ض عليها ،دفعت الثمن الذي ت�ستحقه .وعاد
ال�شاب فرحا �إىل دولته.
e
250
الفصل .5العالجات الموصوفة لهؤالء الملبوسين
بالشيطان بسبب تعويذة ما
لقد و�ضحنا يف الف�صل العا�شر من ال�س�ؤال ال�سابق �أنه يف بع�ض الأحيان ،تتلب�س
ال�شياطني من خالل ال�سحر ب�شخ�ص معني ،ملاذا يفعلون هذا؟ ب�سبب جرمية
ﻋﺼ
خطرية عملها هذا ال�شخ�ص� ،أو لأجل خطيئة �صغرية ل�شخ�ص �آخر� ،أو خلطيئة
عر�ضية لل�شخ�ص نف�سه�،أو خلطيئة ثقيلة ل�شخ�ص �آخر .لأي من هذه الأ�سباب تكون
ﲑ ﺍﻟ
درجات تلب�س ال�شيطان.
ﻜﺘ
أي�ضا من التفا�صيل املذكورة يف ذلك الف�صل ما هي العالجات التي وا�ضح � ً
ميكن �أن يتحرر بها ال�شخ�ص ،حتديدا ،بعملية طرد الأرواح ال�شريرة من الكني�سة،
ﺐ ﻟﻠﻨ
وبالتوبة احلقيقية وباالعرتاف ،ولكن هناك ثالثة عالجات �أخرى ،الع�شاء الإلهي
بالأفخار�ستيا ،وزيارة الأ�ضرحة و�صلوات املقد�سني ،ورفع ُحكم احلظر الكن�سي.
ﺸﺮ
وعن هذا �سنتحدث ،بالرغم من �أنه مت تو�ضيحهم يف حما�ضرات العلماء ،لكن لي�س
كل �أحد ميكنه الو�صول �إىل كل الكتب ال�ضرورية.
ﻭ
الأفخار�ستيا :نحن ال نتذكر �أن «�أجدادنا منعوا الع�شاء الإلهي لأولئك امللبو�سني
ﺯﻳﻊ
بال�شيطان ،بل يجب �أن يتم �إعطا�ؤهم �إياه يف كل يوم ممكن .لأنه يجب �أن ُن�صدق
بالف�ضل العظيم الذي يف التطهري واحلماية التي يح�صلون عليها ب�سبب هذا
ال�سر للج�سم والروح .و�أنه عندما ي�ستلمه الإن�سان ،فالروح ال�شريرة التي ت�صيب
�أع�ضا�ؤه �أو تختبئ فيهاُ ،تطرد بعيدا وك�أنها �أ�صابتها نار .وم�ؤخ ًرا ر�أينا رئي�س
الدير «�أندرونيكو�س» ُي�شفى بهذه الطريقة ،وال�شيطان �سيغتاظ بجنون و�ضراوة
عندما ي�شعر �أنه حمبو�س بدواء من اجلنة ،و�سيحاول ب�شكل �أ�صعب �أن يعذب هذا
الإن�سان ،لأنه �سي�شعر �أنه ُمبعد ب�سبب هذا العالج الروحي ،هكذا يقول القدي�س
«جون كا�سيان».
251
أي�ضا� :شيئان ينبغي �أن يتم ت�صديقهما بيقنيً � .أول� ،أنه بدون �إذن
وي�ضيف � ً
الرب ال �أحد ميكن �أن ُيلب�س بهذه الأرواح ال�شريرة .ثان ًيا� ،أن كل �شيء ي�سمح به
الرب ليحدث لنا ،مهما ظهر �أنه �ضراء �أو �سراء ،فهو مر�سل لأجل م�صلحتنا من
�أب م�شفق وطبيب رحيم ،ووف ًقا للقدي�س بول�س ه�ؤالء يتم ت�سليمهم �إىل «�ساتان»
«لهالك اجل�سد ،لكي تخل�ص الروح يف يوم الرب ي�سوع»( .كورونثو�س الأوىل )5
لكن هنا يظهر �شك ،القدي�س «بول�س» يقول «ولكن ليمتحن الإن�سان نف�سه،
وهكذا ي�أكل من اخلبز وي�شرب من الك�أ�س» فكيف ميكن لل�شخ�ص امللبو�س �أن
يتناول الع�شاء الإلهي ،وهو لي�س مالكا لعقله؟ القدي�س «توما�س» يجيب على هذا يف
اجلزء الثالث ال�س�ؤال ،80يقول �أن هناك درجات خمتلفة للجنون .لأنه عندما نقول
ﻋﺼ
�أن الإن�سان لي�س مال ًكا لعقله ف�إن هذا ميكن �أن يعني معنيني .الأول �أن لديه بع�ض
ﲑ ﺍﻟ
القوة ال�ضعيفة على عقله ،كما يقال على الإن�سان �أنه �أعمى بينما هو يف احلقيقة
ﻜﺘ
َيرى لكن ب�شكل غري كامل .وه�ؤالء الأ�شخا�ص ميكن �إىل حد ما �أن يدخلوا يف هذا
ال�سر املقد�س ،وال يجب �أن ُينعوا منه.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن الآخرين الذين يقال �أنهم جمانني لأنهم ولدوا هكذا ،فال ميكن �أن ي�شاركوا
يف ال�سر املقد�س ،لأنهم غري قادرين على امل�شاركة يف التح�ضري له ب�إخال�ص.
ﺸﺮ
�أو رمبا ه�ؤالء ال يكونون دائ ًما بال عقل ،بالتايل ،يف الوقت الذي يكونون فيه
عقالء وقادرين على تقدير ال�سر املقد�س ،فيجب �أن يقدم لهم ال�سر لكن فقط
ﻭ
عندما يكونون يف حلظة املوت� ،إال �إذا كان هناك خوف من �أن يتقي�ؤه.
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
مت ت�سجيل القرار التايل بوا�سطة جمل�س قرطاج ،عندما يرغب �شخ�ص مري�ض
يف االعرتاف ،لكنه عند الو�صول �إىل الكاهن ي�صبح �أبكما ب�سبب عجزه� ،أو يدخل
يف نوبة جنون ،فعلى الذين �سمعوه يتحدث �أن ُيدلوا ب�شهادتهم .ثم �إذا �أتى وقت
موته ،فالبد �أن يت�صالح مع الرب باال�ستلقاء على يديه وي�ضع ال�سر املقد�س يف
أي�ضا �أن نف�س الطريقة ميكن �أن ُت�ستخدم للأ�شخا�ص فمه .القدي�س «توما�س» يقول � ً
املُع ّمدين الذين مت تعذيبهم بالأرواح النج�سة ،ومع الأ�شخا�ص امل�صابني بالذهول
العقلي .و�أ�ضاف �أن التناول ال يجب �أن ُيرف�ض للملبو�سني �إال �إذا كان من امل�ؤكد �أنه
يتم تعذيبهم بوا�سطة ال�شيطان ب�سبب جرمية .لهذا يقول «بيرت �أبالود» :يف هذه
احلالة ُيعترب ه�ؤالء �أ�شخا�صا ال بد �أن ُيحظروا ويتم ت�سليمهم �إىل «�ساتان».
252
من هذا يت�ضح �أنه ،حتى لو كان الإن�سان ملبو�سا بال�شيطان ب�سبب جرائمه� ،إال
�أنه �إذا كانت له حلظات ي�صفو فيها ،ويكون قادرا على ا�ستخدام عقله ،فيجب �أن
يندم ويعرتف بخطاياه ،لأنه معفو عنه يف نظر الرب ،والبد �أال يح َرم من الع�شاء
الإلهي وال�سر املقد�س للأفخار�ستيا.
كيف له�ؤالء امللبو�سني �أن يتحرروا ب�شفاعة و�صلوات القدي�سني؟ هذا ميكن �أن
جنده يف كتاب .Legends of the Saintsلأنه بكرامات القدي�سني «مارتريز»،
«كونفي�سورز» و«فريجينز» تَخ ُفت الأرواح ال�شريرة ب�صلواتهم يف الأر�ض التي يعي�شون
فيها ،كما �أن ه�ؤالء القدي�سني يف جوالتهم الأر�ضية يكبحون ال�شياطني �أينما ذهبوا.
ﻋﺼ
وباملثل نقر�أ �أن ال�صلوات املخل�صة لأبناء ال�سبيل قد حررت امللبو�سني .و«كا�سيان»
يح�ضهم على �أن ُي�صلوا لهم بقوله� :إذا �آمنا �أن كل �شيء مر�سل من الرب لأجل ُّ
ﲑ ﺍﻟ
م�صلحة �أرواحنا ولأجل �صالح الكون ،فلن نحتقر �أولئك امللبو�سني �أبدً ا ،ولكن ً
بدل
ﻜﺘ
من ذلك �سن�صلي لهم با�ستمرار كما ن�صلي لأنف�سنا ،و�سن�شفق عليهم من كل قلبنا.
بالن�سبة للطريقة الأخرية� ،أن يتحرر امل�صاب من احلظر الكن�سي ،ال بد �أن نعلم
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن هذا نادر ،وميار�س ب�شكل �شرعي ممن لديهم ال�سلطة وموحى لهم بالك�شف �أن
الرجل مت التلب�س به ب�سبب حظر الكني�سة ،مثل حالة الفا�سق الكورونثي (ر�سالة
ﺸﺮ
يقول التف�سري ،يحدث هذا �إما لأجل نور النعمة بالتوبة �أو لأجل احلكم.
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
املرئية ب�أن هذا الإن�سان مت حظره .ولي�س مالئما �أن ال�شخ�ص الذي ال تكون حالته
ﲑ ﺍﻟ
ميئو�س منها بعد� ،أن يتم ت�سليمه �إىل «�ساتان» ،لأنه ال ُي�سلم �أحد �إىل ال�شيطان
لأجل �أن ُيلعن ،ولكن لأجل �أن ُي�صحح ،لأنه يف قدرة الكني�سة �إذا �أرادت� ،أن حترره
ﻜﺘ
مرة �أخرى من يد ال�شيطان .هكذا يقول القدي�س «توما�س» .بالتايل رفع احلظر
عندما ي�ؤ ّدي بوا�سطة طارد �أرواح �شريرة حكيم ،فهو عالج مالئم له�ؤالء امللبو�سني.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن «نيدار» ي�ضيف �أن طارد الأرواح ال�شريرة ال بد �أن يكون حذرا يف ا�ستخدام
�سلطاته ،وحذرا �أن ميزج �أي ُفح�ش �أو تهريج مع هذا العمل اجلاد الرباين� ،أو �أن
ﺸﺮ
ي�ضيف �إليه �أي �شيء من �صفات ال�سحر واملاورائيات ،و�إال لن يهرب من العقاب،
و�سنو�ضح هذا مبثال.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
«جريجوري املبارك» ،يف كتابه ،First Dialogueيخرب �أن هناك امر�أة معينة،
ﺯﻳﻊ
�ضد رغبتها ،خ�ضعت لطلبات زوجها ب�أن ت�شارك يف االحتفال بع�شية العيد يف كني�سة
القدي�س «�سيبا�ستيان» .ولأنها ان�ضمت �إىل موكب الكني�سة �ضد رغبتها� ،أ�صبحت
ملبو�سة فج�أة وثارت ب�شكل علني .وعندما ر�أى كهنة الكني�سة هذا� ،أخذوا قما�شة
من املذبح وغطوها بها ،وفج�أة دخل ال�شيطان يف الكاهن .لأنه افرت�ض �أنه يتجاوز
قدرات ال�شيطان ،فعذبه ال�شيطان لرييه من هو ،هكذا يقول القدي�س «جريجوري».
وال يجب �أن ُي�سمح بدخول �أي نوع من ال�سفاهة يف العملية املقد�سة لطرد الأرواح
ال�شريرة ،يخرب «نيدار» �أنه ر�أى يف دير يف «كولون» �أحد الإخوة بد�أ يتحدث بتهريج،
وكان الأخ هو طارد �أرواح �شريرة �شهري .وكان ُيخرج �شيطانا من �شخ�ص ملبو�س يف
254
الدير ،وترجاه ال�شيطان �أن يعطيه مكانا ليذهب �إليه .فقال الأخ مبزح «اذهب �إىل
مرحا�ضي» .فخرج ال�شيطان ،ويف الليل �أراد الأخ �أن يذهب لإفراغ مثانته ،فهاجمه
ال�شيطان بوح�شية يف املرحا�ض حتى �أنه هرب ب�صعوبة من املوت.
وال بد من �أخذ احلذر من �أن يذهب ه�ؤالء امللبو�سني بال�سحر �إىل ال�ساحرات
لعالجهم ،لأن القدي�س «جريجوري» يذكر �شي ًئا عن املر�أة التي حكينا ق�صتها �أعاله:
قال �أن �أقربا�ؤها وحمبيها �أخذوها �إىل �أحد ال�ساحرات لعالجها ،حيث �أُخذت �إىل
نهر وغط�سوها فيه بتعويذات عديدة ،وب�سبب هذا �أخذت ترجتف بعنف ،وبدال
من �أن يخرج منها �شيطان واحد ،ف�إن جماعة من ال�شياطني دخلوا فيها ،وبد�أت
بال�صياح بكل �أ�صوات ه�ؤالء ال�شياطني .و�أقرباءها اعرتفوا مبا فعلوا ،وبندم �شديد
ﻋﺼ
ذهبوا بها �إىل الأ�سقف املقد�س «فورتوناتو�س» والذي بال�صلوات اليومية وال�صيام
ﲑ ﺍﻟ
ا�ستعاد لها �صحتها.
ﻜﺘ
فطارِدوا الأرواح ال�شريرة ال بد �أن يحذروا �أال ي�ستخدموا �أي �شيء فيه نكهة
املاورائية �أو ال�سحر ،ورمبا يكون لديهم �شك �إن كان من ال�شرعي �أن ي�ستخدموا
ﺐ ﻟﻠﻨ
بع�ض الأع�شاب غري املكر�سة والأحجار .وجنيبهم ونقول �أن من الأف�ضل جدًّا �أن
تكون الأع�شاب مكر�سة ،ولكن �إن مل تكن ،فلي�س من املاورائية �أو ال�سحر �أن ت�ستخدم
ﺸﺮ
ع�شبة معينة ا�سمها .Demonifugeولكن ال بد �أال تظن �أن ال�شياطني تخرج بقوة
هذه الأ�شياء ،لأنك عندها �ستقع يف �ضاللة الظن ب�أنه ميكن �أن ت�ستخدم �أع�شابا
ﻭ
�أخرى وتعويذات بنف�س الطريقة ،وهذا هو خط�أ م�ستح�ضري الأرواح ،الذين يظنون
ﺍﻟﺘﻮ
�أنه ميكنهم عمل هذا النوع من الأعمال با�ستخدام القوى الغام�ضة لهذه الأ�شياء.
ﺯﻳﻊ
بالتايل يقول القدي�س «توما�س» يف الكتاب الرابع الف�صل ال�سابع ،يف �آخر
مقال ،يجب �أال تت�أثروا باالبتهاالت من �أي نوع �سحري ،فالبع�ض يعملون عهدا مع
ال�ساحرات .عن هذا يتحدث «�إيزيا�س» :لقد عملنا عهدا مع املوت ،وباجلحيم
اتفقنا ،ومن ثم يف�سر املقطع يف �سفر �أيوب احلادي والأربعون�« :أت�صطاد لوياثان
ب�ش�ص� ،أو ت�ضغط ل�سانه بحبل؟» فيقول� ،إذا �أخذ املرء يف اعتباره جميع ما قلناه من
قبل ،فعندما يحاول �أي حد �أمامه �أن يعمل عهدا مع ال�شيطان� ،أو �أن ُيخ�ضعه ب�أي
طريقة �إىل رغباته .ف�سيعلم �أنها هرطوقيات م�ستح�ضري �أرواح.
255
ومبعرفة �أنه ال يوجد �شخ�ص يقدر �أن يتجاوز قدرة ال�شيطان ،جنده يقول رغم
ذلك� :ضع يدك فوقه ،ولكن افهم �أنه �إن كانت له �أي قوة ،ف�إن القوة الإلهية هي
التي تغلب عليها .وتذكر املعركة التي �أثرتها �ضده ،قل �س�أقاتله على ال�صليب ،حيث
�س ُيهزم لوياثان بحبل ،حيث تكون القدرة الإلهية خمفية وراء القوة الب�شرية ،تذكر
�أنه يظن �أن خمل�صنا هو جمرد رجل .وبالن�سبة لآية «لي�س له على الأر�ض مثيل»،
فهي تعني �أنه ال توجد قوة ج�سدية ميكن �أن تقارن بقوة ال�شيطان ،لأنه قوة روحية
�صافية ،هكذا قول القدي�س «توما�س».
ولكن ال�شخ�ص امللبو�س بال�شيطان ميكن �أن يتحرر ب�شكل غري مبا�شر بقوة
ﻋﺼ
املو�سيقى ،كما حدث ل�شاول بقيثارة داوود� ،أو �أن يتحرر بوا�سطة ع�شب� ،أو ب�أي
ج�سم مادي توجد فيه ف�ضيلة طبيعية ما ،بالتايل هذه العالجات ميكن �أن ت�ستخدم
ﲑ ﺍﻟ
ب�شكل فعال .لأن القدي�س توما�س يقول �أن الأحجار والأع�شاب ميكن �أن ُت�ستخدم
ﻜﺘ
لتحرير ال�شخ�ص امللبو�س بال�شيطان .وهناك � ً
أي�ضا كلمات القدي�س «جريوم».
وبالن�سبة للمقطع يف �سفر طوبيا ،حيث يقول املالك :خذ القلب والكبد من
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�سمكة ،ف�إذا تلب�س ال�شيطان ب�أحد ،احرق الكبد �أمام الرجل �أو املر�أة امللبو�سني،
و�سيتكدر ال�شيطان املتلب�س بهما �أكرث .القدي�س «توما�س» يقول ،يجب �أال نتعجب من
ﺸﺮ
هذا ،لأن تدخني بع�ض النباتات عندما ُترق تكون له نف�س القوة ،كما لو �أنها يف
داخلها متتلك حا�سة روحية� ،أو �أن فيها قوة ال�صلوات الروحية.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
على نف�س الر�أي «�ألبريت» املبارك ،يف تعليقه على لوقا التا�سع ،و«نيكوال�س �أوف
ﺯﻳﻊ
اليرا» و«بول �أوف بورجو�س» على �صمويل ال�ساد�س ع�شر .حيث يقول الأخري� :أنه ال
بد �أن ُي�سمح له�ؤالء امللبو�سني بال�شيطان لي�س فقط ب�أن تتم تهدئتهم ،بل �أن يتحرروا
كليا بوا�سطة الأ�شياء املادية ،وهي مفيدة يف حالة �أنه مل يتحر�ش بهم ال�شيطان
ب�شكل عنيف جدًّا.
ويثبت هذا باملنطق كالتايل :ال�شياطني ال ميكن �أن تغري يف املادة اجل�سدية
مبجرد رغبتهم يف ذلك ،ولكنهم يجمعون ويكملون العوامل اخلاملة مع الن�شطة،
كما يقول «نيكوال�س» بنف�س الطريقة ميكن جل�سم مادي �أن يت�سبب للج�سم الب�شري
بت�أثري ما يجعله قابال لعمليات ال�شيطان .كمثال ،وفقا للأطباء ،اجلنون يجعل
256
ال�شخ�ص عر�ضة للتلب�س ال�شيطاين ،بالتايل �إذا �أزيل العامل اخلامل� ،سينتج عن
هذا �أن الت�أثري الن�شط لل�شيطان يكون قابال للعالج.
يف �ضوء هذا ميكن �أن نعترب كبد ال�سمكة ،ومو�سيقى داوود التي ارتاح بها �شاول
متاما من الروح ال�شيطانية ،هي �أ�شياء مادية نافعة ،لأنه يقول :ورحلت
ثم حترر بها ً
عنه الروح ال�شيطانية .وال ين�سجم مع معنى الكتب املقد�سة �أن نقول �أن هذا حدث
بكرامات و�صلوات داوود .لأن الكتب املقد�سة ال تقول �شيئا من هذا ،وكانت �ستذكر
ومتدح هذا �إن كان حقا .هذا املنطق �أخذناه من «بول �أوف بورجو�س» .وهناك
أي�ضا منطق ذكرناه يف ال�س�ؤال اخلام�س يف اجلزء الأول� :أن �شاول حترر ب�سبب � ً
�أن القيثارة �سبقت يف الزمن ال�صليب الذي ُربطت عليه الأطراف املقد�سة جل�سد
ﻋﺼ
امل�سيح .و�سنختم بقول �أن ا�ستخدام الأ�شياء املادية يف العمليات ال�شرعية لطرد
ﲑ ﺍﻟ
الأرواح ال�شريرة هو لي�س �سح ًرا وماورائية .والآن �أ�صبح من املنا�سب �أن نتحدث عن
طرد الأرواح ال�شريرة نف�سه.
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
257
الفصل .6العالج بعملية طرد األرواح الشريرة
الشرعية بواسطة الكنيسة
العالج بعملية طرد الأرواح ال�شريرة ال�شرعية بوا�سطة الكني�سة ولكل �أنواع
الأمرا�ض احلادثة ب�سبب ال�سحر ،وطرق طرد الأرواح ال�شريرة من امل�سحورين.
ﻋﺼ
لقد قلنا من قبل �أن ال�ساحرات ميكن �أن ُي�صنب الإن�سان بكل نوع من �أنواع
ﲑ ﺍﻟ
الأمرا�ض اجل�سدية ،بالتايل ميكن �أن ن�أخذها كقاعدة عامة �أن العالجات ال�شفهية
�أو العملية التي ُت�ستخدم يف حالة الإ�صابة بهذه الأمرا�ض التي حتدثنا عنها ميكن
ﻜﺘ
أي�ضا مع كل الأمرا�ض الأخرى ،مثل ال�صرع واجلذام كمثال .وطرد �أن ُت�ستخدم � ً
الأرواح ال�شريرة يعترب من العالجات ال�شفهية وهو الأكرث فائدة عندنا ،وميكن �أن
ﺐ ﻟﻠﻨ
ي�ؤخذ على �أنه النوع الرائد من هذه العالجات ،وهناك ثالثة �أ�شياء يجب ذكرها
بالن�سبة له.
ﺸﺮ
� ًأول ،ال بد �أن نحكم ،هل ال�شخ�ص الذي مل ُيعني ر�سميا �أنه طارد �أرواح �شريرة،
ﻭ
يعني ال�شخ�ص العادي الذي من عامة ال�شعب �أو رجل الدين العادي ،هل ميكن
ﺍﻟﺘﻮ
�أن يطرد الأرواح ال�شريرة ب�شكل �شرعي �أم ال؟ ويرتبط بهذا ال�س�ؤال ،ثالثة �أ�سئلة
ﺯﻳﻊ
�أخرىً � ،أول ،ب�أي �شروط يكون طرد الأرواح ال�شريرة �شرعيا؟ ثان ًيا ،ماهي ال�شروط
ال�سبعة التي يجب �أن تتحقق عندما يريد ال�شخ�ص �أن ي�ستخدم التربيكات يف طرد
الأرواح ال�شريرة؟ وثال ًثا ،ب�أي طريقة ُيطرد هذا املر�ض ويخرج ال�شيطان؟
ثان ًيا ،ال بد �أن نتحدث عما ميكن �أن ُيعمل �إذا مل ينعم الرب بالعالج بعد عمل
طرد الأرواح ال�شريرة.
ثال ًثا ،ال بد �أن نتحدث عن العالجات العملية ولي�ست ال�شفهية ،و� ً
أي�ضا نكتب
احللول لبع�ض احلجج.
258
بالن�سبة ل ًأول ،لدينا ر�أي القدي�س «توما�س» يف الكتاب الرابع الف�صل 23حيث
يقول :عندما يكون الإن�سان ر�سم ًيا طارد �أرواح �شريرة ،فلقد مت منحه قدرة طرد
الأرواح ال�شريرة يف منطقته الر�سمية ،وهذه القدرة ميكن �أن ت�ستخدم حتى بوا�سطة
ه�ؤالء الذين ال يتبعون �أي تنظيم .باملثل القدا�س الإلهي ميكن �أن ُيعمل يف بيت غري
مكر�س ،رغم �أن غر�ض تكري�س الكني�سة هو �أن ُيعمل فيها القدا�س الإلهي.
من هذه الكلمات ميكن �أن ن�ستنتج �أنه ،رغم �أنه من ال�صالح �أن يتم حترير
امل�سحور بوا�سطة طارد �أرواح �شريرة له �سلطة طرد الأرواح ال�شريرة من
امل�سحورين�،إال �أنه يف �أوقات ،بع�ض الأ�شخا�ص املخل�صني ميكنهم �سواء بعمل طرد
�أرواح �شريرة �أو بدون� ،أن يطردوا ال�شيطان.
ﻋﺼ
لأننا �سمعنا عن فقري وعذراء ،مت �سحر الفقري و�أ�صبح وا�ضحا للأطباء �أنه ال
ﲑ ﺍﻟ
يوجد له �أي عالج .ولكن حدث �أن العذراء ذهبت لزيارة املري�ض الفقري ،وتو�سل
�إليها �أن تعمل بع�ض التربيكات لقدميه .فوافقت ،ومل تفعل �أكرث من �أنها قالت
ﻜﺘ
ال�صالة الربانية وعقيدة الر�سل ،ويف نف�س الوقت عملت عالمة ال�صليب .وفج�أة
�شعر الرجل �أنه قد تعافى ،ف�س�أل العذراء ما هي التعويذة التي ا�ستخدمتها.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ف�أجابت� ،أنت لديك �إميان قليل وال ت�ؤمن باملمار�سات املقد�سة ال�شرعية للكني�سة،
و�أنت دوما ت�ستخدم تعويذات ممنوعة وعالجات ماورائية لهذا املر�ض ،بالتايل ف�أنت
ﺸﺮ
ناد ًرا ما تكون ب�صحة جيدة يف ج�سمك ،لأنك دائ ًما مري�ض يف روحك .ولكن �إذا
و�ضعت ثقتك يف �صالة ،ويف ت�أثري الرموز ال�شرعية ،ميكنك �أن تعا َلج ب�سهولة .لأنني
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مل �أفعل �شيئا �إال �أنني كررت ال�صالة الربانية وعقيدة الر�سل ،والآن مت �شفا�ؤك.
ﺯﻳﻊ
هذا املثال يثري �س�ؤاال� ،أال يوجد �أي ت�أثري للتربيكات �أو الرقى يف طرد الأرواح
ال�شريرة ،لأنه يبدو �أنها مدانة يف هذه الق�صة� .سنجيب ب�أن العذراء �أدانت فقط
التعويذات غري ال�شرعية لطرد الأرواح ال�شريرة.
ولفهم مو�ضوع التعويذات غري ال�شرعية ،ال بد �أن نتحدث كيف ن�ش�أت ،وكيف
مت �إ�ساءة ا�ستخدامها .لأنها كانت يف الأ�صل رقى مقد�سة بالكامل ،ولكن ب�سبب
ال�شياطني والأ�شخا�ص الفا�سدين فكل �شيء ميكن �أن يدن�س ،كذلك الكلمات املقد�سة.
لأنه قيل يف الف�صل الأخري يف �إجنيل مرق�س عن الر�سل والرجال املقد�سني« :وهذه
الآيات تتبع امل�ؤمننيُ ،يخرجون ال�شياطني با�سمي ،وي�ضعون �أيديهم على املر�ضى
259
طقو�سا مماثلة ،وبالتايل جند
ً فيرب�أون» ويف الأزمان الالحقة ا�ستخدم الكهنة
حتى اليوم يف الكنائ�س القدمية �صلوات خمل�صة وطرد مقد�س للأرواح ال�شريرة
ا�ستخدمه الإن�سان القدمي �أو خ�ضع له ،وهذا ينجح عندما يطبقه الرجال املتقون
بدون �أي ا�ستخدام للماورائيات ،وهناك الآن رجال متعلمون وعلماء للثالوث املقد�س
يزورون املر�ضى وي�ستخدمون كلمات كهذه ل�شفاء لي�س فقط امللبو�سني ولكن � ً
أي�ضا
جميع الأمرا�ض الأخرى.
ولكن و�آ�سفاه! الرجال الذين لديهم املاورائيات ،عملوا تعويذات على منط
الرقى ،فوجدوا لأنف�سهم العديد من العالجات غري امل�شروعة التي ي�ستعملونها هذه
الأيام على املر�ضى واحليوانات ،ورجل الدين امل�سيحي �أ�صبح مرتاخيا عن ا�ستخدام
ﻋﺼ
الكلمات ال�شرعية عندما يزور املري�ض .لهذا ال�سبب «جوليلمو�س ديوراندو�س» املعلق
ﲑ ﺍﻟ
على القدي�س «راميوند» ،يقول �أن هذه العمليات ال�شرعية لطرد الأرواح ال�شريرة
ﻜﺘ
واخلالية من املاورائيات ميكن �أن ت�ستخدم من املتدينني والكهنة العقالء� ،أو من
الأ�شخا�ص من عامة ال�شعب� ،أو حتى من املر�أة ال�صاحلة التي ثبت ر�شدها ،بت�أدية
ال�صلوات ال�شرعية على املر�ضى لأن الإجنيل يقول« :وهذه الآيات تتبع امل�ؤمنني:
ﺐ ﻟﻠﻨ
«وي�ضعون �أيديهم على املر�ضى فيرب�أون� ،إلخ» .وه�ؤالء الأ�شخا�ص العاديون ال ُينعون
من املمار�سة بهذه الطريقة� ،إال �إذا كان هناك خوف �أنه ،باتباع طريقتهم ،ميكن �أن
ﺸﺮ
ولأجل تو�ضيح هذه امل�س�ألة يجب �أن ن�س�أل كيف من املمكن �أن نعرف �إذا كانت
ﺍﻟﺘﻮ
كلمات هذه الرقى والتربيكات �شرعية �أم ماورائية ،وكيف يجب �أن يتم ا�ستخدامها،
ﺯﻳﻊ
وهل ال�شيطان ميكن �أن يخرج بها و ُتطرد بها الروح ال�شريرة.
يف املقام الأول ،ما يقال �أنه ماورائي هو كل ما زاد عن ال�شكل الذي مت و�صفه يف
الدين .انظر ر�سالة كولو�سي الثانية «التي لها حكاية حكمة ،بعبادة نافلة» حيث يقول
التف�سري :املاورائية هي دين همجي ،دين ذو طرق خمت ًلة ظهر يف ظروف �شريرة.
�أي �شيء � ً
أي�ضا يكون ما ورائ ًّيا حني تتدخل فيه التقاليد الإن�سانية دون �سلطة
دينية ثم يغت�صب ا�سم الدين يف النهاية ،مثل �إقحام الرتانيم يف القدا�س الإلهي
املقد�س� ،أو حتوير مقدمة ترتيلة املوتى� ،أو اخت�صارات العقيدة التي ُتغنى يف
260
القدا�س الإلهي� ،أو االعتماد على الع�ضو بدال من االعتماد على الفرقة يف املو�سيقى،
�أو جتاهل �أن يكون هناك خادم على املذبح ،وممار�سات مثل هذه.
ولكن حتى نعود �إىل نقطتنا ،عندما نريد �أن نعمل هذا العمل �صحيحا على الدين
امل�سيحي ،يعني عندما نريد �أن ن�شفي املر�ضى بال�صلوات والتربيكات والكلمات
املقد�سة ،فالبد من حتقق �سبعة �شروط تكون بها هذه التربيكات �شرعية .وحتى �إذا
�أردنا ا�ستخدم املنا�شدات ،بقوة اال�سم الإلهي ،وبقوة �أعمال امل�سيح ،مولده و�آالمه
وطرد ،فبهذه ال�شروط ال�سبعة ت�سمى هذه وموته الكرمي ،لأنه بها ُقهر ال�شيطان ُ
التربيكات والرقى وطرد الأرواح ال�شريرة �شرعية ،وي�سمى ه�ؤالء الذين ميار�سونها
طاردوا �أرواح �شريرة �أو عرافون �شرعيون .انظر كالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتاب
ﻋﺼ
Etymالثامن ،الع ّرافون هم الذين تكون فنونهم ومهاراتهم يف ا�ستخدام الكلمات.
ﲑ ﺍﻟ
و�أول هذه ال�شروط ،كما تعلمنا من القدي�س «توما�س» ،هو �أنه يجب �أال يكون
هناك �شيء يف الكلمات يدل على �أي ت�ضرع خفي �أو علني لل�شيطان .ف�إذا كان فيها
ﻜﺘ
مثل هذا ،فوا�ضح �أنها تكون غري �شرعية .و�إذا كان فيها ت�ضرع خفي ،ميكن �أن يظهر
يف النية ،فمثال عندما ال يهتم طارد الأرواح ال�شريرة �إن كان الرب �أو ال�شيطان
ﺐ ﻟﻠﻨ
هو الذي ي�ساعده طاملا هو يبحث عن النتيجة املطلوبة ،فهذا ت�ضرع خفي .وهذا
يحدث عندما ال يكون لل�شخ�ص �أهلية ملثل هذا العمل ،فنجده يخلق بع�ض املعاين
ﺸﺮ
املزيفة .لأجل هذا لي�س فقط يجب �أن يكون الأطباء والفلكيون ُحكاما على كالمه بل
أي�ضا .لأنه بهذه الطريقة يعمل م�ستح�ضري الأرواح ،حيث ي�ستخدمون الالهوتيون � ً
ﻭ
ثان ًيا ،التربيكات �أو الرقى يجب �أال تكون فيها �أ�سماء غري معروفة ،لأنه وفقا
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
�سواء �أن ي�شفيه �أو �أن يبتليه �أو �أن ُييته .هذا ال�شرط و�ضعه القدي�س «توما�س».
ﲑ ﺍﻟ
وبهذا ميكن �أن ن�ستنتج �أنه �إذا مل يكن �شيء من هذه ال�شروط معطل ،فالرقية
تكون �شرعية .والقدي�س «توما�س» يكتب فيما يتعلق بهذا يف الف�صل الأخري من
ﻜﺘ
�إجنيل مرق�س «هذه الآيات تتبع امل�ؤمننيُ ،يخرجون ال�شياطني با�سمي ،يحملون
حيات» ،من هذا يت�ضح �أنه ،لو متت مالحظة ال�شروط �أعاله ،ف�سيكون �شرعيا مبعنى
ﺐ ﻟﻠﻨ
كما يقول القدي�س «�أوج�ستني» :كلمات الرب لي�ست �أقل من ج�سد امل�سيح :بالتايل
دعونا بكل املعاين نتو�سل با�سم الرب ون�ستخدم ال�صالة الربانية كما ينبغي ون�شيد
ﻭ
تكلمها على ال�صليب ،وبعباراته الغالبة ،وبامل�سامري الثالثة التي اخرتقت ج�سده،
ﺯﻳﻊ
وبالأ�سلحة الأخرى جلي�ش امل�سيح �ضد ال�شيطان و�أعماله .كل هذه املعاين من
ال�شرعي �أن ُتعمل ،ون�ضع ثقتنا فيها ،تاركني الأمر لإرادة الرب.
أي�ضا على احليوانات الأخرى ،لكن ال بد من وما قيل ب�ش�أن طرد احليات ينطبق � ً
الرتكيز على الكلمات املقد�سة والقوة الإلهية .فهذه الرقى ال بد �أن ُتعامل بعناية
كبرية .لأن القدي�س «توما�س» يقول :ه�ؤالء العرافون ي�ستخدمون الكلمات غري
ال�شرعية عادة ،ولكنهم يح�صلون على ت�أثريات �سحرية بوا�سطة ال�شياطني ،خا�صة
يف حالة احليات ،لأن احلية كانت هي �أول �أداة ا�ستخدمها ال�شيطان خلداع الب�شرية.
262
لأنه يف قرية «�سالزبورج» كان هناك رجل ،يف �أحد الأيام �أراد على مر�أى من
اجلميع� ،أن يجذب كل الثعابني �إىل حفرة معينة ،ويقتلها جميعا يف م�ساحة قدرها
ميل .فجمع كل الثعابني معا ،وكان واقفا بنف�سه على احلفرة ،ولكن �آخرهم كان ثعبانا
�ضخما ومريعا مل يقدر �أن يدخل يف احلفرة .ظل الثعبان يعمل عالمات للرجل حتى
يرتكه يزحف بعيدً ا ،لكن الرجل مل يوقف تعويذته ،وكما �أن جميع الثعابني الأخرى
قد دخلت احلفرة وماتت� ،أ�صر �أنه يجب � ً
أي�ضا على الثعبان ال�ضخم �أن يدخل .ولكن
الثعبان وقف على اجلهة املقابلة من ال�ساحر ،وفج�أة قفز من فوق احلفرة على
ال�ساحر ،ولف نف�سه حول بطنه ،و�سحبه معه �إىل احلفرة ،حيث ماتا معا .من هذا
ميكن �أن نرى �أنه ميكن �أن متار�س هذه الرقى فقط لغر�ض مفيد ،مثل �إخراجهم من
ﻋﺼ
بيت �أحدهم ،والبد �أن ُتعمل بقوة الرب ،وبخوف من الرب ،وبتوقري للرب.
ﲑ ﺍﻟ
يف املقام الثاين ال بد �أن ن�س�أل عن الرقى ال�شرعية هل ميكن �أن يتم تعليقها
على الرقبة �أو �أن تخاط يف املالب�س .رمبا يبدو �أن املمار�سات التي مثل هذه هي
ﻜﺘ
غري �شرعية ،لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول ،يف كتاب The Second Book on
:the Christian Doctrineهناك �آالف املعدات ال�سحرية والتمائم التي هي كلها
ﺐ ﻟﻠﻨ
ماورائية ،ومدر�سة الطب تدينها جميعا علنيا� ،سواء كانت تعاويذ� ،أو عالمات معينة
ت�سمى رموزا� ،أو تعاويذ منقو�شة لتعلق على الرقبة.
ﺸﺮ
أي�ضا القدي�س «جون كري�سو�ستوم» يعلق على �إجنيل متى فيقول :بع�ض الأ�شخا�ص � ً
يرتدون على �أعناقهم بع�ض الأجزاء املكتوبة من الإجنيل ،ولكن �ألي�س هذا هو
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الإجنيل الذي ُيقر�أ كل يوم يف الكني�سة وي�سمعه اجلميع؟ كيف ميكن لرجل �أن تتم
�إعانته بارتداء الإجنيل حول رقبته ،بينما هو مل يجن �شيئا من �سماعه ب�أذنه؟ فيم
ﺯﻳﻊ
e
263
الفصل .7العالجات الموصوفة ضد العواصف
الباردة والحيوانات المسحورة
بالن�سبة لعالجات احليوانات امل�سحورة ،والرقى �ضد العوا�صف ،ال بد �أن نذكر
� ًأول بع�ض العالجات غري ال�شرعية التي متار�س من بع�ض النا�س .فهي ُتعمل بوا�سطة
ﻋﺼ
كلمات و�أفعال ماورائية ،مثل �أن يعا ِلج ال�شخ�ص ديدان الأ�صابع والأطراف ببع�ض
الكلمات والرقى ،وطريقة معرفة �شرعية هذا مت ذكرها يف الف�صل ال�سابق .هناك
ﲑ ﺍﻟ
مثال من ال ير�شون املاء املقد�س على املا�شية امل�سحورة بل ي�صبونه يف �أفواهها.
ﻜﺘ
�إىل جانب ما ذكرناه ب�ش�أن العالج بالكلمات غري ال�شرعية« ،ويليام �أوف باري�س»
يقول� ،إذا كان هناك �أية قوة يف الكلمات ككلمات� ،سيكون هذا ب�سبب واحد من
ﺐ ﻟﻠﻨ
ثالثة �أ�شياء� :إما �أن تكون قوتها يف مادتها والتي هي الهواء� ،أو يف �شكلها والذي
هو ال�صوت� ،أو يف معناها� ،أو فيهم جميعا .وال ميكن �أن تكون قوتها يف الهواء الذي
ﺸﺮ
لي�ست له قوة على �أن يقتل �إال �إذا كان �ساما ،وال ميكن �أن تكون يف ال�صوت ،وال ميكن
�أن تكون يف املعنى ،لأنه يف هذه احلالة ،كلمات «�شيطان» و«موت» �أو «جحيم» �ستكون
ﻭ
دائ ًما م�ضرة بذاتها ،وكلمات «�صحة» و«خري» �ستكون نافعة دائما .وال ميكن �أن تكون
ﺍﻟﺘﻮ
قوتها يف كل ه�ؤالء معا ،لأنه عندما يكون كل جزء من ال�شيء خاطئا ،فكل ال�شيء
ﺯﻳﻊ
يكون خاطئا.
�صحيحا �أن نقول �أن الرب يعطي القوة للكلمات كما �أعطاها للأع�شاب ً ولي�س
والأحجار .لأنه �أ ًّيا كانت القوة التي يف التربيكات وكلمات الأ�سرار املقد�سة والرقى
ال�شرعية فهي تعود لهم ،لي�س ككلمات ،ولكن كنظام �إلهي و�أمر حمقق وفقا للوعد
الإلهي .فهو وعد من الرب �أن من فعل كذا وكذا �سيح�صل على كذا وكذا من النعمة.
لذا فكلمات الأ�سرار املقد�سة م�ؤثرة ب�سبب معناها ،رغم �أن البع�ض ي�ؤمن �أن لها قوة
يف جوهرها ،لكن هذين الر�أيني لي�سا مت�ضاربني .لكن يف حالة الكلمات الأخرى
والرقى ،فوا�ضح مما مت قوله �أنه مبجرد التلفظ �أو كتابة �أو تلحني هذه الكلمات فال
264
يكون لها ت�أثري ،ولكن التو�سل بها با�سم الرب ويف ال�صلوات العلنية التي هي �شكوى
مقد�سة للإرادة الإلهية ،فهذا هو ما يجعلها نافعة.
حتدثنا �أعاله عن العالجات بالأفعال التي تبدو �أنها غري �شرعية .و�سنذكر مثاال
من املمار�سات ال�شعبية يف �أنحاء «�سوابيا» .يف الأول من مايو قبل الفجر تخرج ن�ساء
القرية ويجمعن �أوراق الأ�شجار والفروع من �أ�شجار ال�صف�صاف ،وي�صنعون منها
�إكليال يعلقونه على باب الإ�سطبل ،للت�أكد ب�أن كل املا�شية �ستبقى ب�أمان من �ضرر
ال�سحر خالل ال�سنة كلها .ويف ر�أي ه�ؤالء امل�ؤمنني ب�أن الباطل ال ميكن �أن يبطل
أي�ضا عالج الأمرا�ض بالتعاويذ غري بالباطل ،فهذا العالج لي�س �شرعيا ،ولن يكون � ً
املعلومة �شرع ًيا.
ﻋﺼ
ولكن نقول �أن الن�ساء �أو �أي �أحد �آخر ميكن �أن يخرج يف اليوم الأول �أو يف �أي
ﲑ ﺍﻟ
يوم من ال�شهر ،بغ�ض النظر عن بزوغ �أو غروب ال�شم�س ،ويجمع �أع�شا ًبا و�أورا ًقا
قائل ال�صلوات الربانية �أو العقيدة ،ثم يعلقهم على باب الإ�سطبل بنية و�أغ�صا ًناً ،
ﻜﺘ
جيدة ،م�صدقا ب�إرادة الرب �أنها �ستحميه ،فهو بعد كل هذا لي�س بريئا من العتاب.
الأمر نف�سه بالن�سبة ملن يعملون عالمة ال�صليب ب�أوراق لأ�شجار والأزهار
ﺐ ﻟﻠﻨ
املكر�سة يف يوم �أحد ال�شعانني ،وي�ضعونه بني حم�صول الكرمة اخلا�ص بهم ،فرغم
�أن املحا�صيل يفرت�ض �أن تتدمر ب�سبب الربد� ،إال �أنها تبقى ب�أمان يف حقولهم.
ﺸﺮ
باملثل هناك ن�ساء ،لأجل احلفاظ على احلليب وعلى الأبقار حتى ال ُي�سلب منها
ﻭ
حليبها بال�سحر ،يعطون من احلليب جمانا للفقراء با�سم الرب ،يعطونهم كل �إنتاج
ﺍﻟﺘﻮ
احلليب يف يوم الأحد ،ويقولون �أنه بهذا النوع من الزكاة ،الأبقار �ستنتج حليبا �أكرث
ﺯﻳﻊ
ُوتفظ من ال�سحر .هذا ال حاجة �إىل اعتباره من املاورائيات ،لأننا نعلم ب�أنه قد
مت عمله بدافع ال�شفقة على الفقراء ،و�أنهم ين�شدون رحمة الرب حلماية ما�شيتهم.
مرة �أخرى« ،نيدار» يف الف�صل الأول من كتابه Praeceptoriumيقول �أنه من
ال�شرعي �أن نبارك املا�شية ،بنف�س طريقة مباركة ال�شخ�ص املري�ض ،عن طريق رقى
مكتوبة وكلمات مقد�سة ،حتى لو كان لها مظهر التمائم ،طاملا �أن ال�سبعة �شروط
التي ذكرناها �أعاله حمققة .لأنه يقول �أن بع�ض الأ�شخا�ص املخل�صني ُيعلمون
الأبقار بعالمة ال�صليب ،وبال�صلوات الربانية وبن�شيد Angelic Saltationلأجل
�أن ُيطرد عمل ال�شيطان الذي ب�سبب ال�سحر.
265
عطلويف كتابه Formicariusيخرب ب�أن ال�ساحرات قد اعرتفن �أن �سحرهن ُي ّ
بالطقو�س الكن�سية املوقرة ،مثل ن�ضح املاء املقد�س� ،أو تناول امللح املكر�س� ،أو
اال�ستخدام ال�شرعي لل�شموع يف يوم التطهري والنخيل املباركة وهذه الأ�شياء .لهذا
ال�سبب ت�ستخدم الكني�سة هذه الأ�شياء يف طرد الأرواح ال�شريرة ،لأنه ميكنها �أن تقلل
من قدرة ال�شيطان.
أي�ضا ،ب�سبب �أن ال�ساحرات ُيردن �أن ي�سلنب البقرة حليبها ف�إن لديهن عادة، � ً
�أنهن يطلنب بطريقة الت�سول قليال من احلليب �أو الزبدة التي تخرج من البقرة ،حتى
ميكنهم بعد ذلك بفنونهن �أن ي�سحرن البقرة ،لذلك على الن�ساء �أن يحذرن ،عندما
ﻋﺼ
ي�س�ألهن �أي �شخ�ص م�شتبه فيه بهذه اجلرمية� ،أال يعطوه �أي �شيء �أبدً ا .
أي�ضا ،هناك ن�ساء �إذا غابت عن الكني�سة لفرتة طويلةُ ،ي�شك فيها �أنها �ساحرة، � ً
ﲑ ﺍﻟ
وعندما ن�شك يف امر�أة �أنها �ساحرة ميكن �أن نبحث عن �أي زبدة من منزل هذه املر�أة
ﻜﺘ
�إن كان ممكنا .ثم نقطع الزبدة �إىل ثالث قطع ونرميها بعنف متو�سلني بالثالوث
املقد�س ،الآب واالبن والروح القد�س ،وبذلك يطري كل ال�سحر �إن كان موجودا .هذه
ﺐ ﻟﻠﻨ
حالة �إبطال الباطل بالباطل ،ولي�ست ممار�سة جديرة بالثناء �أن ترمي ثالث قطع
من الزبدة ،لأنه �سيكون من الأف�ضل �أن تبعد ال�سحر ب�أن تر�ش املاء املقد�س �أو ت�ضع
بع�ض امللح املكر�س ،مع ال�صلوات التي ذكرناها.
ﺸﺮ
أي�ضا ،لأنه يف العادة تدمر كل ما�شية ال�شخ�ص بوا�سطة ال�سحر ،فه�ؤالء الذين � ً
ﻭ
عانوا من هذا ال بد �أن يزيلوا الرتاب الذي حتت عتبة الإ�سطبل �أو املربط ،فعندما
ﺍﻟﺘﻮ
تذهب املا�شية ل�شرب املاء ،يجب �أن يتم ا�ستبدال الرتبة برتبة جديدة مر�شو�شة باملاء
ﺯﻳﻊ
املقد�س .لأن ال�ساحرات كث ًريا ما اعرتفن ب�أنهن ي�ضعن فيها بع�ض �أدوات ال�سحر
بناء على طلب ال�شيطان ،و�أن هذا يكون �شيئا مرئيا ،مثل حجر �أو قطعة خ�شب �أو ف�أر
�أو ثعبان .لأنه مت َفق �أن ال�شيطان ميكن �أن يعمل هذه الأ�شياء بنف�سه بدون احلاجة
�إىل �أي �شريك ،ولكنه ي�ستخدم ال�ساحرات عادة لأجل هالك �أرواحهن.
بالإ�ضافة �إىل و�ضع عالمة ال�صليب التي ذكرناها ،الطريقة التالية يجب �أن
متار�س �ضد العوا�صف الباردة والزوابع .ثالثة من قطع الثلج ُترمى �إىل النار مع
التو�سل بالثالوث الأكرث قدا�سة ،وبال�صلوات الربانية ون�شيد Angelic Salutation
«جعلت الكلمة ج�سدًا» وهذا يكرر مرتني �أو ثالثة ،مع العبارة من �إجنيل يوحناُ ،
266
تكرر ثالث مرات ،ويقول «بكلمات هذا الإجنيل فلتتبعرث هذه العا�صفة» و�إذا كانت
العا�صفة هي ب�سبب ال�سحر� ،ستتوقف .هذا حقيقي جدًّا وال حاجة لل�شك يه ،لأنه
لو مت رمي قطع الثلج �إىل النار بدون التو�سل باال�سم الإلهي ،ف�إن هذا �سيعترب من
املاورائية.
ولكن رمبا ي�س�أل �أحد ،هل العا�صفة ال ميكن �أن ت�سكن �إال با�ستعمال قطع الثلج.
�سنجيب ب�أن الكلمات املقد�سة هي التي تكون م�ؤثرة ،ولكن رمي قطع الثلج يعني �أن
الإن�سان يعذب ال�شيطان ،ويحاول �أن يدمر �أعماله بالتو�سل �إىل الثالوث املقد�س.
وهو يرميهم يف النار بدال من املاء ،لأنه كلما كان ذوبانهم �أ�سرع كلما كان تدمري
عمل ال�شيطان �أ�سرع .ولكنه يجب �أن يعزو ما �سيحدث من ت�أثري �إىل الإرادة الربانية.
ﻋﺼ
هناك رد من �ساحرة لأحد الق�ضاة الذي �س�ألها �إن كان هناك �أي طريقة لت�سكني
ﲑ ﺍﻟ
العوا�صف املثارة بال�سحر .ف�أجابت :نعم ،بهذه الطريقة� ،أن تقول� ،أنا �أنا�شدك
�أيتها العا�صفة الباردة والرياح ،باجلراح اخلم�سة للم�سيح ،وبامل�سامري الثالثة التي
ﻜﺘ
اخرتقت يداه وقدماه ،وباملب�شرين الأربعة ،متى ،مرق�ص ،لوقا ،يوحنا� ،أن تذوبي
وت�سقطي مثل املطر.
ﺐ ﻟﻠﻨ
تاما ،ويف بع�ض الأحيان تعطيل جزئي ،وهذه الأ�شياء هي� ،أن الإن�سان ال بد �أن يكون
لديه �إميان �صاف ويحافظ على و�صايا الرب ،و�أنه يجب عليه �أن يحمي نف�سه بعالمة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ال�صليب وبال�صلوات ،و�أنه ال بد يحرتم طقو�س ومنا�سبات الكني�سة ،و�أنه يجب �أن
ﺯﻳﻊ
يكون جمتهدا يف �أداء العدالة العامة ،و�أنه يجب �أن يت�أمل جه ًرا �أو �س ًّرا يف قلبه يف
أي�ضا .ولهذا ال�سبب فهي ممار�سة �آالم امل�سيح .وعن هذه الأ�شياء حتدث «نيدار» � ً
عامة يف الكني�سة �أن ُتدق الأجرا�س كحماية �ضد العوا�صف ،حتى تهرب ال�شياطني
أي�ضا حتى ميكن للنا�س �أن يت�شجعوا منها لأنها مكر�سة للرب ويكفوا عن ف�سادهم ،و� ً
على التو�سل بالرب �ضد العوا�صف بال�سر املقد�س للمذبح والكلمات املقد�سة ،تبعا
للتقاليد القدمية للكني�سة يف فرن�سا و�أملانيا.
ولكن حيث �أن هذه الطريقة لعمل ال�سر املقد�س لت�سكني العا�صفة تبدوا للبع�ض
�أنها ماورائية ،لأنهم ال يفهمون القواعد التي ميكن بها �أن ُنفرق بني ما هو ماورائي
267
وما هو لي�س كذلك ،بالتايل ال بد �أن نذكر القواعد اخلم�سة التي ميكن لأي �أحد �أن
يعرف �إن كان هذا العمل ماورائي �أم ال ،يعني �إذا كان خارجا عن الدين امل�سيحي �أم
و�ضحت يف تف�سري ر�سالة كولو�سي
هو متفق معه ومع العبادة و�إجالل الرب .لأن هذه ِ
الثانية ،حيث يقول القدي�س «بول�س»« :التي لها حكاية حكمة» والتف�سري يقول �أن
املاورائية هي دين بدون ان�ضباط ،كما قلنا من قبل.
القاعدة الأوىل �أنه يف كل �أعمالنا ال بد �أن تكون عظمة الرب هي هدفنا الأ�سا�سي،
كما يقال� ،سواء كنت �ست�أكل �أو �ست�شرب� ،أو �أيا ما كان الذي �ستفعله ،افعله يف عظمة
الرب .ووفقا لهذه القاعدة ،فاملنا�سبات والطرق ال�شرعية التي يف العهد القدمي ال
متار�س الآن ،لأنها يجب �أن ُتفهم ب�شكل جمازي ،بينما تظهر احلقيقة يف العهد
ﻋﺼ
اجلديد.
ﲑ ﺍﻟ
القاعدة الثانية هي �أنه ال بد من �أن تكون وفقا لطقو�س الكني�سة والعقيدة
ﻜﺘ
الأخالقية .وب�سبب عدم االهتمام بهذه القاعدة ،هناك حمقى يتعهدون ب�أال
مي�شطون �شعرهم يوم ال�سبت مثال� ،أو هناك من ي�صومون يف يوم الأحد ويقولون،
يف اليوم الأف�ضل تكون الف�ضيلة �أف�ضل.
ﺐ ﻟﻠﻨ
القاعدة الثالثة هي �أن تكون مت�أكدا �أن ما حدث يتفق مع نظام الكني�سة
ﺸﺮ
الكاثوليكية� ،أو مع الكتب املقد�سة� ،أو مع طقو�س كني�سة معينة على الأقل� ،أو يتفق
مع اال�ستعمال العام .فالأ�ساقفة الإجنليز كانوا يف �شك لأن القدا�س الإلهي كان
ﻭ
ُيحتفل به بطريقة خمتلفة يف الكنائ�س املختلفة ،فكتب لهم القدي�س «جريجوري» �أنه
ﺍﻟﺘﻮ
ميكنهم �أن ي�ستخدموا �أميا طريقة يجدونها تر�ضي الرب �أكرث� ،سواء تبعوا الطقو�س
ﺯﻳﻊ
الرومانية �أو اجلاليكانية �أو �أي كني�سة �أخرى .ب�سبب حقيقة �أن الكنائ�س املختلفة
لديها طرق خمتلفة يف عبادة الرب وكلها ال تخالف احلقيقة ،وبالتايل ،هذه العادات
يبغي �أن ُتفظ ،ومن غري ال�شرعي جتاهلها.
القاعدة الرابعة هي �أن تعتني ب�أن ما يحدث �أمامك تكون لديه عالقة طبيعية
مع الت�أثري املتوقع ،لأنه �إن مل يكنُ ،يحكم �أنه ماورائي :.لهذا ال�سبب الرموز غري
املعلومة �أو الأ�سماء امل�شبوهة ،وال�صور واجلداول اخلا�صة مب�ستح�ضري الأرواح ،هي
كلها مدانة كم�شتبه فيها .ولكن ال ميكننا �أن نقول �أن لهذا ال�سبب من املاورائي �أن
268
نعمل بالآثار املقد�سة �أو الأفخار�ستيا كحماية �ضد وباء ال�شيطان ،لأنها ممار�سة
دينية ومفيدة ،ولأنه يف �سرها املقد�س كل العون �ضد �أعدائنا.
القاعدة اخلام�سة هي �أن نحذر �أن ما يحدث �أمامنا ال بد �أال تكون فيه فر�صة
خط�أ �أو ف�ضيحة ،لأنه يف هذه احلالة ،فرغم �أنه لي�س ماورائيا� ،إال �أنه ب�سبب
الف�ضيحة ينبغي �أن يتم ت�أجيله �أو االمتناع عنه� .أو ُيعمل ب�شكل �سري بدون ف�ضيحة.
بالتايل �إذا كان ال�سر املقد�س ميكن �أن ُيعمل بدون ف�ضيحة �أو ب�شكل �سري ،فال يجب
�أن يتم جتاهله .لأن بهذه القاعدة يتجاهل العديد من الكهنة ا�ستعمال التربيكات
لأن الكلمات املقد�سة قيلت على املري�ض �أو لأنها معلقة على رقبته� .أنا �أقول �أنه ال
�شيء يجب �أن ُيعمل ،على الأقل ب�شكل علني� ،إن كان من املمكن �أن يت�سبب هذا يف
ﻋﺼ
حرج لأي فرد.
ﲑ ﺍﻟ
وهذا يكفي فيما يتعلق بهذا املو�ضوع عن العالجات �ضد العوا�صف البادرة� ،إما
بالكلمات �أو بالأفعال ال�شرعية.
ﻜﺘ
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
269
الفصل .8العالجات الموصوفة لألضرار الخبيثة
والبشعة التي تسببها الساحرات
ﻋﺼ
ال�ضخمة �أو احل�شرات الأخرى التي تنت�شر يف بقعة كبرية وتخفي �سطح الأر�ض،
فت�أكل كل �شيء حتى اجلذور يف كل احلقول وتلتهم املحا�صيل اليانعة .و�سنتحدث
ﲑ ﺍﻟ
أي�ضا عن العالجات �ضد �سرقة الأطفال با�ستخدام ال�سحر. � ً
ﻜﺘ
بالن�سبة للنوع الأول من الأ�ضرار �سنقتب�س من كالم القدي�س «توما�س» ،يف كتاب
Second of the Secondال�س�ؤال ،90عندما �س�أل هل من امل�شروع �أن تنا�شد
ﺐ ﻟﻠﻨ
خملو ًقا بال عقل ،و�أجاب ب�أنه م�شروع ،ولكن فقط بطريقة الإجبار ،وتعني �أن تر�سل
هذه املخلوقات التي بال عقل عائدة �إىل ال�شيطان الذي ا�ستخدمها لأذيتنا .وهذه
ﺸﺮ
طريقة ا�سمها املنا�شدة وهي نوع من عمليات طرد الأرواح ال�شريرة التي تقوم بها
الكني�سة حيث ُتبقى قوة ال�شيطان بعيدة عن املخلوقات التي بال عقل.
ﻭ
ولكن �إذا كانت املنا�شدة موجهة �إىل املخلوقات الغري عاقلة نف�سها ،والتي ال
ﺍﻟﺘﻮ
تفهم �شيئا� ،سيكون الأمر باطال .من هذا ميكن �أن نفهم �أنه ميكن �أن ُيطرد ه�ؤالء
ﺯﻳﻊ
باملنا�شدة التي هي طرد �شرعي للأرواح ال�شريرة ،وهي ت�ساهم يف تنزُّل الرحمة
الإلهية ،ولكن � ًأول ال بد �أن يذهب النا�س يف موكب لل�صالة و�أن يعملوا العبادات
ر�سل ب�سبب الزنا وت�ضاعف اجلرائم، الأخرى كال�صيام .لأن هذا النوع من ال�شر ُي َ
فيجب على النا�س �أن يعرتفوا بخطاياهم.
�شيء مريع �آخر ي�سمح الرب بحدوثه للإن�سان هو عندما ي�ؤخذ الأطفال من
�أمهاتهم ،ويو�ضع مكانهم �أطفال غرباء بوا�سطة ال�شيطان ،وهذا ما ي�سميه النا�س
� Changelingsأو املتحولني� ،أو بالل�سان الأملاين Wechselkinderوه�ؤالء الأطفال
ثالثة �أنواع .بع�ضهم يكونون مر�ضى دائ ًما ويبكون طيلة الوقت حيث �أن حليب الأم
270
ال يكون كافيا لإ�شباعهم .والبع�ض الآخر يكون مولودا بفعل عمليات اجلاثوم ،وال
يكونوا �أبناء الزوج ،بل هم �أبناء الرجل الذي �أخذ ال�شيطان منه املني� ،أو الرجل
الذي جمع ال�شيطان منيه عرب طريقة ا�سمها التلوث الليلي .وه�ؤالء الأطفال يف
بع�ض الأحيان ،ب�إذن الربُ ،يب ّدلون مكان الأطفال احلقيقيني.
وهناك نوع ثالث من الأطفال ،هم �شياطني يظهرون يف هيئة �أطفال �صغار
ويعلقون �أنف�سهم باملمر�ضات .ولكن جميع الأنواع الثالثة لديهم �شيء م�شرتك� ،أنهم
ثقيلون جدًّا ،و�أنهم دائ ًما يبكون وال يكربون ،وال يح�صلون على حليب يكفيهم �أبدً ا ،
وغالبا ما يتم الإبالغ ب�أنهم اختفوا.
وميكن �أن يقال �أن ال�شفقة الإلهية ت�سمح بحدوث مثل هذه الأ�شياء ل�سببنيً � .أول،
ﻋﺼ
عندما يتعلق الآباء ب�أطفالهم كث ًريا فهذه العقوبة مل�صلحتهم .ثان ًيا ،بع�ض الن�ساء
ﲑ ﺍﻟ
الالتي يحدث لهن هذا هن ماورائيات جدًّا ،وهن يف �أمور كثرية �أخرى �أغواهن
ال�شيطان .ولكن الرب غيور ح ًّقا بكل معنى الكلمةُ ،حبه ي�شبه احلب الكبري من
ﻜﺘ
الرجل العا�شق لزوجته ،فهو ال ي�سمح لأي رجل �آخر باالقرتاب منها ،وهو ال يتحمل
جمرد التلميح بالزنا على امر�أته .بنف�س الطريقة فالرب غيور على الروح التي
ﺐ ﻟﻠﻨ
ا�شرتاها بدمه الغايل وتبناها بالإميان ،وال يتحمل �أن يتم مل�سها من ال�شيطان� ،أو
�أن تتحدث مع ال�شيطان� ،أو �أن يقرتب منها ال�شيطان ب�أي حال ،فال�شيطان هو عدو
ﺸﺮ
وغرمي اخلال�ص .و�إذا كان الزوج الغيور ال يتحمل التلميح بالزنا على امر�أته ،كيف
�سي�شعر �إن ح�صل الزنا فيها بالفعل! بالتايل ال عجب �إذا �سمح الرب ب�أخذ �أطفال
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وبالطبع الرب هو �أكرث غرية على الروح ،وهذا وا�ضح يف العهد القدمي� ،أنه لأجل
�أن يبعد �أبناءه عن الزنا ،ح ّرم الزنا ،وح ّرم الأ�شياء التي ميكن �أن ت�ؤدي �إىل الزنا،
وهي �أ�شياء قد تبدو غري م�ؤثرة يف بع�ض الأحيان ،لكنها بطريقة �إعجازية ما يكون
لها ت�أثري يفهمه احل�س ال�صويف .لأنه يقول يف �سفر اخلروج الثاين والع�شرين« ،ال
يل» باملثلتدع �ساحرة تعي�ش» ،وي�ضيف « ال ي�سكنون يف �أر�ضك لئال يجعلوك تخطيء �إ ّ
ف�إن القوادين يقادون �إىل املوت ،وال ُي�سمح لهم مب�صاحبة النا�س.
الحظ غرية الرب ،الذي يقول يف �سفر التثنية الثاين والع�شرين� « :إذا اتفق
قدامك ع�ش طائر يف الطريق يف �شجرة ما �أو على الأر�ض ،فيه فراخ �أو بي�ض،
271
والأم حا�ضنة الفراخ �أو البي�ض ،فال ت�أخذ الأم مع الأوالد� ،أطلق الأم وخذ لنف�سك
الأوالد» .كذلك الرب الغيور ال يحب �أن ي�ؤخذ �أبنائه منه .مبثل هذا يف �أيامنا عندما
جتد امر�أة عجوز قطعة نقدية ،تظن �أن هذا فيه حظ عظيم ،وبالعك�س ،عندما حتلم
بالنقود تقول �أن هذا عالمة احلظ التعي�س.
أي�ضا علمنا الرب �أن كل الآنية يجب �أن ُتغطى ،وعندما تكون هناك �آنية غري � ً
مغطاة فهي تعترب جن�سة.
هناك اعتقاد غري �صحيح �أنه عندما ت�أتي ال�شياطني يف الليل (�أو الن�ساء
ال�صاحلات كما ت�سميهم الن�ساء العجائز ،رغم �أنهن �ساحرات� ،أو �شياطني يف هيئة
ﻋﺼ
�ساحرات ) ال بد �أن تعطيهم كل �شيء لي�أكلوه ،حتى يجلبوا بعد ذلك خ ًريا كث ًريا
للمتاجر واملخازن يف البلدة .بع�ض النا�س يعطون لونا لهذه الق�صة ،وي�سمونهم
ﲑ ﺍﻟ
�صياح البوم ،ولكن هذا �ضد ر�أي العلماء الذين يقولون �أن زوار الليل ه�ؤالء ال ميكن
�أن يكونوا �إال �شياطني.
ﻜﺘ
أي�ضا ،جاء يف �سفر الالويني «وال تق�صروا ر�ؤو�سكم وك�أمثلة على الغرية � ً
م�ستدي ًرا ،وال تف�سد عار�ضيك» لأنهم عملوا هذه الوثنية يف توقريهم للأ�صنام.
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا يف �سفر التثنية الثاين والع�شرين« :ال يكن متاع رجل على امر�أة ،وال و� ً
ﺸﺮ
يلب�س رجل ثوب امر�أة» لأنهم كانوا يعملون هذا تكرميا للإلهة فينو�س ،و�آخرين
كانوا يعملون مثل هذا لتكرمي «مار�س» و«بريابو�س».
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولأجل الغرية� ،أمر الرب �أن تد ّمر مذابح الأ�صنام ،و«هيزيكيا�س دمر الثعبان
النحا�سي عندما �أراد النا�س �أن ُي�ضحوا له ،وقال لهم �أنه جمرد نحا�س .لنف�س
ﺯﻳﻊ
ال�سبب حرم الرب العرافة وقراءة البخت ،و�أمر �أن الرجال والن�ساء الذين يفعلون
هذا �أن يقادوا للموت .ه�ؤالء الذين ي�سمون اليوم املتكهنون .كل هذه الأ�شياء فيها
نوع من ال�شرك الروحي ،وهذا يثري الغرية التي عند الرب جتاه الأرواح التي قد
تبناها مثلما يتبنى الرجل زوجته ،فح ّرم كل هذه الأ�شياء.
بالتايل يف اجلزء الثالث من هذا العمل �سنتحدث عن �إبادة ال�ساحرات ،والذي
هو الدواء النهائي .لأن هذا هو املالذ الأخري للكني�سة ،والتي تن ِّفذ فيه الأمر الإلهي.
لأن الرب قال« ،ال تدع �ساحرة تعي�ش» .ويف هذا �سنذكر العالج �ضد ال�سحرة
الرماة ،لأن هذا النوع ميكن فقط �أن يباد بالقانون املدين.
272
عندما يبحث بع�ض الأ�شخا�ص عن الفائدة امل�ؤقتة فيكر�سوا �أنف�سهم بالكامل
لل�شيطان ،ف�إنه ميكنهم �أن يتحرروا من �سطوة ال�شيطان باالعرتاف احلقيقي،
لكنهم يكونون قد تعذبوا منه طويال ،خا�صة يف الليل .والرب ي�سمح بهذا كعقوبة
لهم .وعالمة حتررهم �أنه بعد اعرتافهم ،يختفي كل املال الذي يف �صناديقهم
وحمافظهم .وهناك �أمثلة كثرية ميكن �أن نوردها ،ولكن لأجل الإيجاز �سنتجاوزها.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
273
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
الجزء الثالث
ﻜﺘ
e ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ
مقدمة عامة
ﻋﺼ
للمفت�شني على جرمية الهرطقة �أن يرتاحوا من مهمة �أن يح�ضروا حماكماتهن.
ﲑ ﺍﻟ
يحتج البع�ض ب�أن الأمر كذلك .لأن ال�شريعة تقول :ال �شك ب�أن ه�ؤالء الذين لديهم
امتياز حماكمة �إميان الب�شر يجب �أال ُي�صرفوا عن عملهم ب�أمور �أخرى ،واملفت�شون
ﻜﺘ
املوفدون من الر�ؤية الر�سولية للتفتي�ش يف بالء الهرطقة ال بد �أال يتعاملوا ب�شكل
علني مع العرافني واملتكهنني� ،إال �إن كان ه�ؤالء هراطقة ،وال يجب �أن يكون لهم دخل
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف معاقبة ه�ؤالء ،لكن ال بد �أن يرتكوهم ليحا َكموا من قبل ق�ضاتهم اخلا�صني.
ولي�س هناك �أي �صعوبة يف تقبل حقيقة �أن هرطقة ال�ساحرات غري مذكورة يف
ﺸﺮ
ال�شريعة .لأن هرطقة ال�سحر تخ�ضع لنف�س العقاب مثل الهرطقات الأخرى املتعلقة
مبحاكمة ال�ضمائر ،لأن ال�شريعة تقول� :إذا كانت خطيئة العرافني وال�ساحرات
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
خفية ،فذنب كليهما واحد ،لأن العرافني يح�صلون على نتائجهم بطرق �شريرة،
كما �أن ال�ساحرات يبحثن ويح�صلن من ال�شياطني على الأ�ضرار التي يعملنها
ﺯﻳﻊ
للمخلوقات ،فهم يبحثن ب�شكل غري �شرعي على خملوقات مكر�سة للرب وكان يجب
�أن تكون للرب وحده ،وبالتايل فكليهما مذنب بخطيئة الوثنية.
هذا هو معنى حزقيال احلادي والع�شرين « ،23لأن ملك بابل قد وقف على �أم
الطريق ،على ر�أ�س الطريقني ليعرف ع ّرافة� ،صق َل ال�سهام»
أي�ضا هراطقة ،ف�إنها تعني �أن العرافنيوعندما تقول ال�شريعة� :إال �إذا كان ه�ؤالء � ً
أي�ضا هراطقة ،والبد �أن يخ�ضعوا للمحاكمة ،ويف هذه احلالة فالعرافني واملتكهنني � ً
أي�ضا يخ�ضعون ،لكن مل جند ت�شريعا مكتوب ب�ش�أنهم. املزيفني � ً
277
� ً
أي�ضا� ،إذا كان على املفت�شني �أن يتعاملوا مع ال�ساحرات ،ال بد �أن يكون هذا ب�سبب
جرمية ،ولكن �أعمال ال�ساحرات ميكن �أن ت�ؤ ّدى بدون �أي هرطقة .فعندما ي�ضعن
ج�سد امل�سيح يف الوحل ،فهي جرمية �شنعاء� ،إال �أنه ميكن �أن ُتعمل بدون �ضاللة
منهن يف الفهم ،وبالتايل بدون هرطقة .لأنه من املمكن جدًّا �أن ي�ؤمن �شخ�ص �أن
هذا هو ج�سد امل�سيح ،لكنه يرميه يف الطني ُلي�ضي ال�شيطان ب�سبب عهد عمله معه
حتى يحقق له بع�ض مطالبه مثل �أن يجد كنزا �أو �أي �شيء من هذا النوع .بالتايل
�أعمال ال�ساحرات ال حتتاج �إىل �ضاللة يف املعتقد ،مهما كانت فداحة اخلطيئة،
فبالتايل هن ل�سن خا�ضعات ملحكمة التفتي�ش ولكن ُيرتكن لق�ضاتهن اخلا�صني.
ﻋﺼ
� ً
أي�ضا� ،سليمان �أظهر توق ًريا لآلهة زوجاته كنوع من اللطف منه ،ومل يكن بهذا
ﲑ ﺍﻟ
مذن ًبا بالر ّدة عن الإميان ،لأنه يف قلبه كان م�ؤمنا وحمافظا على الإميان احلقيقي.
أي�ضا عندما تبايع ال�ساحرة ال�شيطان ب�سبب عهد دخلته معه ،بينما حتتفظ ف� ً
ﻜﺘ
بالإميان يف قلبها ،فهي ال تعترب بهذه الطريقة مهرطقة.
ولكن ميكن �أن ُيحتج ب�أن كل ال�ساحرات ال بد �أن ينكرن الإميان ،وبالتايل ال بد
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن يحا َكمن بالهرطقة .لكن حتى �إن �أنكرن الإميان يف قلوبهن وعقولهن ،فال ميكن
ﺸﺮ
أي�ضا �أن ُيعتربن هراطقة .لأن املهرطق خمتلف عن املرتد ،واملهرطق فقط هو الذي � ً
يخ�ضع ملحكمة التفتي�ش ،وبالتايل فال�ساحرات ال يخ�ضعن لهذا.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
أي�ضا قيل يف ال�شريعة ،فليجاهد الأ�ساقفة وممثلوهم بكل الطرق حتى يحرروا � ً
ﺯﻳﻊ
278
�أن ي�صبح ج ّيدً ا باحلجج التالية .لأن ال�شريعة تقول ،نحن ُنح ِّرم ب�شدة على احلكام
امل�ؤقتني وجنودهم �أن يحاولوا ب�أي طريقة �أن يحكموا يف هذه اجلرمية ،لأنه �أمر
كن�سي �صاف ،وهو هنا يتكلم عن جرمية الهرطقة .يتبع هذا �أنه ،عندما ال تكون
اجلرائم كن�سية ب�شكل �صاف ،كما يف حالة ال�ساحرات ب�سبب الأ�ضرار امل�ؤقتة التي
يرتكبنها ،فالبد �أن يعا َقنب بوا�سطة املحكمة املدنية ولي�س باملحكمة الكن�سية.
�إىل جانب هذا ،يف الت�شريع الأخري بخ�صو�ص اليهود تقول ال�شريعة :ممتلكاتهم
يتم م�صادرتها ،و ُيحكم عليهم باملوت ،لأنهم �أ�صحاب عقيدة فا�سدة يعار�ضون
�إميان امل�سيح .ولكن �إذا قيل �أن هذا القانون يخ�ص اليهود الذين حتولوا للم�سيحية
ثم بعد ذلك رجعوا �إىل عبادات اليهود ،فهذا لي�س اعرتا�ضا �صحيحا .وال تتقوى
ﻋﺼ
احلجة به ،لأن القا�ضي املدين يعاقب ه�ؤالء اليهود على �أنهم مرتدون عن الإميان،
ﲑ ﺍﻟ
يعاملن بنف�س الطريقة ،ف�إنكار وبالتايل فال�ساحرات الالتي �أنكرن الإميان ال بد �أن َ
الإميان� ،إما ب�شكل كامل �أو جزئي ،هو املبد�أ الأ�سا�سي لل�ساحرات.
ﻜﺘ
ورغم �أنه يقول �أن كال من الردة والهرطقة ُيحكم عليهما بنف�س الطريقة� ،إال �أنه
لي�س دور القا�ضي الكن�سي �أن يخ�ص نف�سه ب�أمور ال�ساحرات بل القا�ضي املدين .لأنه
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال �أحد يجب �أن ي�سبب فو�ضى بني النا�س ب�سبب حماكمة الهرطقة ،واحلاكم نف�سه ال
بد �أن يتدخل يف هذه احلاالت.
ﺸﺮ
وال ت�سمح ب�أي طريقة ب�أي عمل ق�ضائي �أن ُيعمل يف اململكة التي حتكمها بدون �أن
ﺯﻳﻊ
تتدخل بنف�سك وت�ستخدم النقود وال�سلطات الأخرى املخت�صة ،وال ت�سمح لأي �شيء
�أن يحدث يف �أمور الدين �إال �إذا كان متفقا مع مبادئ الدين .ووا�ضح من هذا �أنه ال
�أحد يجب �أن يتدخل يف ق�ضايا التمرد على الدين �إال احلاكم نف�سه.
�إىل جانب هذا� ،إذا كانت املحاكمة والعقاب له�ؤالء ال�ساحرات لي�ست بالكامل
من اخت�صا�ص املحكمة املدنية ،ماذا �ستكون فائدة القوانني التي تن�ص على ما يلي،
كل ه�ؤالء الالتي ي�سمني �ساحرات ال بد �أن ُيحكم عليهن باملوت .و� ً
أي�ضا :ه�ؤالء الذين
أي�ضا ،من ي�ؤذون حياة الأبرياء بوا�سطة فنون ال�سحر ال بد �أن ُيرموا �إىل الوحو�ش .و� ً
الالزم �أن يخ�ضعوا للم�ساءلة والتعذيب ،وال يتعامل معهم �أحد من امل�ؤمنني� ،إىل
279
جانب عذاب النفي وم�صادرة جميع ممتلكاتهم .وعقوبات �أخرى كثرية �أ�ضيفت،
وميكن لأي �أحد �أن يقر�أها.
ما يعار�ض هذه احلجج هي �أنه يف حقيقة الأمر ه�ؤالء ال�ساحرات ميكن �أن
يحا َكمن ويعا َقنب بالتعاون بني املحكمة املدنية واملحكمة الكن�سية .لأن اجلرمية
ال�شرائعية ال بد �أن حتا َكم بوا�سطة احلاكم ومطران املقاطعة ،لي�س بوا�سطة
املطران وحده ،ولكن ال بد �أن يكون احلاكم معه .هذا وا�ضح يف د�ستور ج�ستنيان،
حيث مت �إحلاق الأمراء احلاكمني على النحو التايل� :إنه �أمر �شرائعي الذي �س ُيق�ضى
فيه ،ال بد �أن ُتقق فيه مع مطران املقاطعة .ولإزالة كل ال�شكوك يف امل�س�ألة ،يقول
ﻋﺼ
املف�سرون� ،إذا كان الأمر بب�ساطة هو مراقبة الإميان فقط ،ف�إن احلاكم وحده ميكن
�أن يحكم فيه ،ولكن �إن كان الأمر معقدا ،فالبد �أن يتم احلكم فيه بوا�سطة الأ�سقف
ﲑ ﺍﻟ
واحلاكم ،والبد �أن ُيحفظ الأمر �ضمن احلدود عن طريق �شخ�ص م�ؤيد من الرب،
ﻜﺘ
يحفظ الإميان الأرثوذك�سي ،ويفر�ض تعوي�ضات منا�سبة عن الأموال ،ويحافظ على
حرمة الرعايا.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و� ً
أي�ضا ،رغم �أن الأمري املدين ميكن �أن يفر�ض عقوبة الإعدام� ،إال �أن هذا ال
ُيق�صي حكم الكني�سة ،التي من دورها �أن حتكم على احلالة .بالطبع هذا وا�ضح جدًّا
ﺸﺮ
يف قانون ال�شريعة يف املواد املتعلقة بالهرطقة .لأنه بع�ض العقوبات َيحكم بها كل
من القانون املدين والت�شريعي ،كما و�ضحنا يف قوانني ال�شريعة التي تخ�ص املانوية
ﻭ
والهرطقة الآرية .بالتايل فعقوبة ال�ساحرات تخ�ص كال املحكمتني م ًعا ولي�س ب�شكل
ﺍﻟﺘﻮ
منف�صل.
ﺯﻳﻊ
أي�ضا ،ت�أمر القوانني �أن رجال الدين املهرطقني ينبغي �أن يحاكموا من ُق�ضاتهم،
� ً
ولي�س من املحكمة املدنية �أو امل�ؤقتة ،لأن جرائمهم تعترب كن�سية ب�شكل �صاف .ولكن
جرائم ال�ساحرات هي جزئيا مدنية وجزئيا كن�سية ،لأنهن عملن الأذى امل�ؤقت
وكذلك اعتدين على الإميان ،بالتايل فالأمر يعود �إىل ق�ضاة كال املحكمتني �أن
يحاكموهن ويعاقبنهن.
هذا الر�أي م�ؤكد يف د�ستور ج�ستنيان ،حيث يقول� ،إذا كانت اجلرمية كن�سية
�ستحتاج �إىل عقوبة كن�سية وغرامة ،فيجب �أن َيحكم فيها الأ�سقف الذي يكون م�ؤيدا
280
من عند الرب ،ولي�س حتى �أ�شهر قا�ض يف املقاطعة ُي�سمح له �أن ي�أخذ الق�ضية .ونحن
ال نريد �أن يكون للق�ضاة املدنيون �أي علم بهذه الإجراءات ،لأن هذه الأمور ينبغي �أن
ُيحقق فيها كن�س ًيا و�أرواح املذنبني فيها ال بد �أن ت�صحح بالعقوبات الكن�سية ،وفقا
للقوانني الإلهية املقد�سة والتي تتبعها قوانيننا .وعلى اجلانب املقابل جرمية ال�سحر
لغري رجال الدين لها طبيعة مزدوجة فينبغي �أن حتا َكم وتعا َقب من كلتا املحكمتني.
وبالإجابة على كل ما �سبق ،نقول �أن هدفنا الأ�سا�سي هو �أن نبني ،بر�ضا من
الرب ،نحن مفت�شي �أملانيا العلوية �أننا معفيون من مهمة حماكمة ال�ساحرات ،و�أننا
نرتكهن ليعاقنب بوا�سطة ق�ضاة مقاطعاتهن ،وهذا ب�سبب م�شقة هذا العمل� :شريطة
ﻋﺼ
�أال ُي ِلحق هذا امل�سار اخلطر بالإميان وخال�ص الأرواح .وبالتايل نحن �سنرتك
ﲑ ﺍﻟ
للق�ضاة �أنف�سهم طرق املحاكمة والعقاب واحلكم يف هذه احلاالت.
ﻜﺘ
بالتايل حتى نبني �أن الأ�ساقفة ميكنهم يف حاالت عديدة �أن يتعاملوا مع
ال�ساحرات بدون احلاجة �إىل املفت�شني برغم �أنه ال ميكنهم �أن يتعاملوا بدون
الق�ضاة املدنيني وامل�ؤقتني يف احلاالت التي فيها عقوبة الإعدام ،فيجب �أن ندون �آراء
ﺐ ﻟﻠﻨ
املفت�شني الآخرين يف �أنحاء �إ�سبانيا ،لأننا يف النهاية كلنا ننتمي �إىل نف�س تنظيم
ﺸﺮ
يعمل هذا النوع من الكهانة� ،إذا كانوا قد مار�سوا الإميان املقد�س يف مرة ،فهم
ﺯﻳﻊ
خا�ضعون ملحكمة التفتي�ش ،كما يف الثالث حاالت الأوىل املذكورة يف بداية الف�صل
يف كتاب Multorum querelaللبابا «كليمنت» بخ�صو�ص الهرطقة ،حيث يقول
�أنه ال املفت�ش يجب �أن يتعامل بدون �أ�سقف ،وال الأ�سقف بدون مفت�ش ،رغم �أن هناك
خم�سة حاالت �أخرى ميكن �أن يتعاملوا فيها وحدهم ،و�أي �شخ�ص �سيقر�أ الف�صل
�سريى .ولكن يف حالة واحدة َذكر ب�شكل حمدد �أنه ال �أحد منهما يجب �أن يتعامل
بدون الآخر ،وهي عندما يعترب العراف مهرط ًقا.
يف نف�س الفئة اخلا�ضعة للمفت�شني ،و�ضعوا الكفار ،وه�ؤالء الذين تو�سلوا
281
بال�شيطان ،وه�ؤالء احلا�صلني على احلظر الكن�سي وظلوا يف احلظر �سنة كاملة� ،إما
ب�سبب �شيء يتعلق بالإميان �أو يف بع�ض الظروف التي لي�س لها عالقة الإميان ،وهم
أي�ضا عددًا من الإ�ساءات الأخرى .وب�سبب هذا ف�سلطة موظف الكني�سة ُيدخلون � ً
�ضعفت ،ب�سبب �أن كث ًريا من الأعباء ُو�ضعت على املفت�شني حيث مل ميكنهم �أن
التزاما دقي ًقا بكل املهام
ً يحملوها ب�شكل �آمن حيث �أن القا�ضي دائ ًما ما يطلب منا
املفرو�ضة علينا.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
282
السؤال .1طريقة ابتداء عملية النيابة
ما هي الطريقة املنا�سبة البتداء عملية النيابة يف الإميان �ضد ال�ساحرات؟ يف
الإجابة نقول �أن هناك ثالثة طرق َي�سمح بها قانون ال�شريعة:
�شخ�صا �أمام القا�ضي بجرمية الهرطقة� ،أو ً الأوىل هي عندما َيتهم �أح ٌد ما
ﻋﺼ
بحماية الهرطقة ،و َيعر�ض �أن ُيثبتها ُمع ِّر�ضا نف�سه للعقوبة يف حالة �إذا ما ف�شل يف
�إثباتها.
ﲑ ﺍﻟ
الطريقة الثانية هي عندما ي�ستنكر �أحد ما على �شخ�ص ما ،ولكن ال َيعر�ض
ﻜﺘ
�أن ُيثبت �أقواله وال نية له يف �إدخال نف�سه يف الأمر ،ولكنه يقول �أنه ذكر املعلومات
كنوع من احلما�س للإميان� ،أو ب�سبب العقوبة املفرو�ضة بوا�سطة القا�ضي املدين
ﺐ ﻟﻠﻨ
ُمب ِّلغ ،ولكن يوجد تقرير عام ب�أن هناك �ساحرات يف قرية ما �أو مكان ما ،فالقا�ضي
عندها يجب �أن يتخذ الإجراءات بدون وجود �أي طرف ،ولكن بب�ساطة بقوة �سلطته.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
هنا ال بد �أن نالحظ �أن القا�ضي يجب �أال يقبل بالطريقة الأوىل ب�سهولة ل�سبب
واحد� ،أنها لي�ست اتهاما �آتيا من دوافع �إميانية ،وال هي قابلة للتطبيق كث ًريا يف حالة
ﺯﻳﻊ
موجه
أي�ضا هي فيها خطر على ِّ ال�ساحرات ،لأنهن يعملن �أعمالهن يف اخلفاء ،ثم � ً
أي�ضا هي تنازعيةاالتهام ،لأن هناك عقوبة عليه �إذا ف�شل يف �إثبات ق�ضيته ،ثم � ً
جدًّا.
فالعملية ينبغي �أن تبد�أ باقتبا�س عام ُيو�ضع على جدار �أبر�شية الكني�سة �أو مبنى
البلدية ،بهذا ال�شكل:
نحن نائبو كذا وكذا (�أو ق�ضاة مقاطعة كذا وكذا) ،ن�سعى بكل جهد وقوة بكل
قلوبنا �أن نحافظ على ال�شعب امل�سيحي الذي وثق بنا يف وحدته ويف �إبقائه بعيدً ا عن
283
كل بالء بغي�ض من الهرطقة :بالتايل نحن الق�ضاة املذكورون لذلك املكتب ،لأجل
جمد و�شرف اال�سم املعبود ي�سوع امل�سيح ومتجيد �إميان الأرثوذك�س املقد�س ،ولقمع
الهرطقة اخلبيثة التي تعملها ال�ساحرات ب�شكل عام وتعملها كل واحدة منهن على
حدة �أيا ما كانت حالتها (هنا �إذا كان قا�ض ًيا كن�س ًيا ،يجب �أن يدعو �إىل اجتماع
كل الكهنة وكبار ال�شخ�صيات يف الكني�سة يف هذه القرية بقوله :نحن نوجه ،ون�أمر،
يوما وهنا الق�ضاة املدنيون يجب �أن ي�أمروا
ونطلب ،ونحث ،ب�أنه يف مدة اثني ع�شر ً
بطريقتهم).
�أول �أربعة �أيام منها موقوفة للتحذير الأول ،والثانية للتحذير ثاين ،والثالثة
للتحذير الثالث ،ونحن ن�أمر يف هذا التحذير ال�شرعي الثالثي �أنه �إذا َعلم �أي �أحد،
ﻋﺼ
�أو ر�أى� ،أو َ�سمع �أن هناك �أي �شخ�ص ُمب َّلغ عنه �أنه مهرطق �أو �ساحر �أو �ساحرة� ،أو
ﲑ ﺍﻟ
م�شتبه فيه بعمل �أي من هذه املمار�سات امل�ضرة للإن�سان واملا�شية والأ�شجار على
الأر�ض ،واملهدِّ دة ب�ضياع الدولة ،فعليه �أن ُيبلغ عنه فو ًرا ،ولكن �إذا مل يطع �أحد ما
ﻜﺘ
هذه الأوامر والتحذيرات بالك�شف عن هذه الأمور يف املدة املحددة ،فليعلم (هنا
يجب على القا�ضي الكن�سي �أن ي�ضيف) �أنه �سيتم حرمانه ب�سيف احلظر الكن�سي
ﺐ ﻟﻠﻨ
(القا�ضي املدين هنا يجب �أن ي�ضيف العقوبة امل�ؤقتة) ،حيث �أن عقوبة احلظر نحن
�سنفر�ضها من هذا الوقت على كل من يتجاهل بعناد هذه التحذيرات ال�شرعية
ﺸﺮ
املذكورة.
ﻭ
يف الطريقة الثانية ال بد �أن ُي�ضاف �شيء �إىل هذا التحذير ،لأنه قيل فيها �أنها
ﺍﻟﺘﻮ
تكون بوا�سطة املعلومات ،حيث �أن املُب ِّلغ ال يعر�ض �أن يثبت �أقواله ولي�س م�ستعدً ا
ﺯﻳﻊ
متورطا يف الق�ضية ،ولكنه فقط يتكلم ب�سبب حما�سته للإميان ول�صالح ً �أن يكون
الدولة ،بالتايل فالقا�ضي املدين ال بد �أن يذكر �أو ينوه يف التحذير املذكور� ،أنه ال
�أحد يجب �أن يظن �أنه �سي�صبح ُمعر�ضا للعقوبة لو ف�شل يف �إثبات �أقواله ،حيث �أنه
�أتى لي�س ب�صفته مته ًما ولكن ب�صفته مبلغ.
وبعدها ،مبا �أن العديدين �سيذهبون و ُيدلون باملعلومات �أمام القا�ضي ،ال بد �أن
يعتني القا�ضي ب�أن يعمل الإجراءات بالطريقة التالية :ال بد �أن يكون لديه كا ِتبا
عدل ،اثنان �صادقان� ،إما من رجال الدين �أو الأ�شخا�ص العاديني ،و�إن كان كاتب ٍ
العدل متع ّذر احل�صول عليه ،فليكن �أي رجلني منا�سبني يف مكان كاتب العدل،
284
وهذا مت ذكره يف ال�شريعة حيث تقول :من الواجب �أن تتقدم بحذر يف حماكمة
اجلرائم اخلطرية حيث �أنه ال خط�أ يجب �أن ُيرتكب يف تنزيل العقوبة ال�شديدة على
م�ستحقها ،نحن نرغب ون�أمر ب�أنه �أثناء ا�ستجواب ال�شهود �أو املب ِّلغني يف تهمة كهذه
ال بد �أن يكون لديك اثنني عاقلني متدينني� ،إما رجلي دين �أو رجلني عاديني.
ثم تقول :يف وجود ه�ؤالء الأ�شخا�ص ف�إن �شهادة ال�شهود �ستُكتب ب�صدق بوا�سطة
موظف ديني عام �إذا ا�ستطعت �أن حت�صل على واحد� ،أو �إذا مل حت�صل ،فب�أي اثنني
منا�سبني ،والحظ بالتايل �أنه بوجود ه�ؤالء الأ�شخا�ص ،فالقا�ضي �سي�أمر ال�شاهد �أو
املُب ِّلغ �أن يذكر معلوماته كتابة� ،أو على الأقل يذكرها بو�ضوح �شفه ًيا ،وبعدها يبد�أ
كاتب العدل يف الكتابة بالطريقة التالية:
ﻋﺼ
يف �سنة ربنا ،-يف يوم ،-من �شهر ،-يف وجودي �أنا كاتب العدل وال�شهود
ﲑ ﺍﻟ
امل�ساهمني ،يف قرية -يف �أبر�شية � ،-أتى �شخ�ص ًّيا ال�شاهد � -أمام القا�ضي املكرم
ﻜﺘ
وعر�ض ورقة فيها املعلومات التالية.
(هنا يجب �أن يذكر املعلومات كلها ،و�إذا مل يقدم ال�شاهد �شهادته مكتوبة،
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�أكد �أن املتهم -يعلم كيف ي�ضر النا�س �أو �أنه عمل بالفعل �ضر ًرا معي ًنا لل�شاهد �أو
ل�شخ�ص �آخر)
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
بعد هذا ال بد �أن يجعل ال�شاهد يحلف بالطريقة املعتادة� ،إما على �أناجيل
ﺯﻳﻊ
ً
وخاف�ضا اثنني يف متثيل للثالوث الرب الأربعة� ،أو على ال�صليب ،راف ًعا ثالثة �أ�صابع
املقد�س ولإدانة روحه وج�سده ب�أنه �سيقول احلقيقة يف �شهادته ،وعندما يق�سم يجب
�أن يبد�أ القا�ضي يف �س�ؤاله كيف عرف �أن �شهادته هذه حقيقة ،و�إن كان قد ر�أى �أو
�سمع بالذي يق�سم عليه ،و�إذا قال �أنه قد ر�أى �شي ًئا ،كمثال :ر�أى املتهم موجودًا يف
وقت حدوث العا�صفة ال�سحرية� ،أو �أنه قد م�س حيوا ًنا� ،أو دخل � ً
إ�سطبل� ،سيبد�أ
القا�ضي ب�س�ؤاله متى ر�آه ،و�أين ،وكم مرة ،وب�أي طريقة ،ومن كان موجودًا ،و�إذا
قال �أنه مل يره لكن �سمع عنه ،يجب �أن ي�س�أله القا�ضي من ال�شخ�ص الذي �سمع
منه ،و�أين ،ومتى ،وكم مرة ،ويف وجود من ،وليعمل مقاالت منف�صلة لكل نقطة من
285
النقاط املذكورة ،وكاتب العدل �أو الكاتب العادي يجب �أن يدون تقري ًرا بهذا كله
ب�سرعة ويكتب كالتايل:
�أتى ال�شاهد بنف�سه و�أق�سم على الأناجيل الأربعة� ..إلخ ،ب�أنه �سيقول احلقيقة يف
�شهادته ،و�س�أله القا�ضي كيف وملاذا عرف �أو �شك �أن ما يقوله حقيقي ،و�أجاب ب�أنه
ر�أى �أو �أنه �سمع ،ثم �س�أله املفت�ش �أين ر�أى �أو �سمع هذا ،و�أجاب ب�أنه ر�آه يف يوم -من
�شهر -يف �سنة -يف قرية و�أبر�شية ،-و�س�أله كم مرة ر�أى �أو �سمع� ..إلخ.
ويجب عمل مقاالت منف�صلة ،والكل يدونه بالطريقة التي ذكرناها ،وحتديدً ا ال
بد �أن ي�س�أله من الذي ي�شاركه املعرفة بهذه الق�ضية.
ﻋﺼ
وعندما يعمل كل هذا ،ميكنه يف النهاية �أن ي�س�أله �إذا كان قد ق ّدم هذه املعلومات
ب�سبب رغبة مري�ضة منه �أو ُكره �أو حقد على املتهم� ،أو �إن كان قد حذف �شي ًئا من
ﲑ ﺍﻟ
�شهادته حماباة لفالن� ،أو �إن كان قد ُطلب منه �أن يقول هذه املعلومات.
ﻜﺘ
يف النهاية ،ال بد �أن َيفر�ض عليه �أن ُيبقي الأمر �س ًرا مهما كان الذي قاله يف
املحكمة� ،أو مهما قال له القا�ضي ،وكل العملية يجب �أن ُتد ّون مكتوبة ،وعندما يكتمل
ﺐ ﻟﻠﻨ
العدل �أو الكاتب العادي وه�ؤالء املكلفني معي بالكتابة ،وال�شاهد فالن وفالن مت
ﻭ
ُمب ِّلغ �أو �شاهد �أو متهم ،ولكن يكون هناك تقرير عام بوجود �سحر يف قرية ما،
وب�سبب هذا التقرير ميكن �أن يتقدم القا�ضي بدون عمل حتذير عام مثل الذي
�أعاله ،لأن التقرير قد �أتى له عن طريق ال�سمع ،فيكتب:
يف �سنة ربنا -يف يوم -من �شهر ،-و�صل �إىل �سمع القا�ضي فالن تقري ًرا ً
عاما
و�إ�شاعة ب�أن قرية -فيها نوع من ال�سحر ،الذي هو �ضد الإميان و�ضد ال�صالح العام
للدولة.
وكل �شيء يجب �أن ُيكتب ِوف ًقا للتقرير العام ،ويف �أ�سفله يكتب:
286
الق�ضية التي �سمعناها يف يوم -من �شهر -يف �سنة -يف وجود كاتب العدل فالن
وفالن و�أ�صحاب ال�سلطة فالن وفالن ،وال�شهود فالن وفالن الذين مت ا�ستدعا�ؤهم
والتحقيق معهم.
ولكن قبل �أن ُنكمل �إىل املو�ضوع الثاين الذي يتعامل مع طرق مبا�شرة هذه
العمليات ،ال بد �أن نقول �شي ًئا عن ال�شهود الذين يتم ا�ستجوابهم ،مثل كم العدد
الالزم منهم ،وما هي �شروطهم.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
287
السؤال .2عن عدد الشهود
من ال�ضروري �أن نعلم كم �شاهدً ا يجب �أن يكون موجودًا وما هي �شروطهم،
ال�س�ؤال هو :هل للقا�ضي بطريقة �شرعية �أن يحكم على �أي �شخ�ص بهرطقة ال�سحر
ب�شهادة اثنني من ال�شهود املوثوقني والذين تكون دالئلهما متفقة؟ �أم �أنه يجب توافر
�أكرث من اثنني؟
ﻋﺼ
ال�شاهدين لي�ست متفقة ب�شكل كامل ولكن فقط َ ونقول ب�أنه رمبا تكون �أدلة
ﲑ ﺍﻟ
يكون فيها اتفاق جزئي ،بذلك �سيختلف ال�شاهدان يف كالمهما يف �شيء معني ،كمثل
ﻜﺘ
�أن يقول �أحدهما «هذه املر�أة �سحرت بقرتي» ،والآخر يقول« :هذه املر�أة �سحرت
طفلي» ،ولكنهما يتفقان يف م�س�ألة ال�سحر.
ﺐ ﻟﻠﻨ
متاما ،والإجابة
ولكننا هنا �سنتحدث عن حالة ال�شاهدين الذين يكونان متفقني ً
هي :رغم �أن �شاهدين فقط يبدوان كافيني لتحقيق دقة القانون (ب�سبب قاعدة �أنه
�إن �أق�سم اثنني �أو ثالثة على �شيء فهو حقيقي)� ،إال �أنه يف تهمة من هذا النوع،
ﺸﺮ
حلكم العادل ،وذلك ب�سبب فظاعة اجلرمية ف�شاهدين ال يبدو �أنهما يكفيان لعمل ا ُ
التي يتعلق بها ال�س�ؤال ،لأن الربهان على هذا االتهام الكبري ال بد �أن يكون �أو�ضح
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن ميكن �أن يقال �أنه رمبا يحتاج الأمر برها ًنا ً
ب�سيطا يف التهم التي من هذا
النوع ،و�أنه قيل يف ال�شريعة عن الهرطقة� :أن الإن�سان يك�شف نف�سه �أنه مهرطق فقط
ونيب ب�أن هذا �إذا وجد نف�سه يحيد عن التعاليم وعن طريق الدين الكاثوليكيُ ،
مفيد يف افرتا�ض �أن ال�شخ�ص مهرطق ،ولكن لي�س مفيدً ا يف �إدانته.
النظام العادي للإجراء الق�ضائي هو نظام ق�صري ،فالدفاع ال يرى ال�شاهد
يحلف اليمني ،والدفاع ال يعرفون ال�شاهد ،لأن هذا �سيعر�ضه خلطر كبري ،بالتايل،
وف ًقا للقانون فال�سجني ال ُي�سمح له �أن َيعلم من الذين يتهمونه ،ولكن القا�ضي نف�سه
م�سموح له ،كما �سنو�ضح الح ًقا .وعندما يقدم ال�شاهد ً
دليل مرت ِب ًكا ب�سبب �شيء
288
ثان ،وكلما ق ًلت
يرقد على �ضمريه ،فالقا�ضي لديه ال�سلطة �أن ي�ضعه حتت حتقيق ٍ
فر�صة ال�سجني يف �أن يدافع عن نف�سه ،كلما ا�ستطاع القا�ضي �أن يحقق ب�شكل �أكرث
دقة.
لأنه رغم �أن هناك �شاهدين متفقني وموثوقني �ضد �شخ�ص واحد ،فحتى هذا �أنا
�شخ�صا بتهمة كبرية كهذه ،لكن �إذا
دليل كاف ًيا للقا�ضي ل ُيدين ً ال �أ�سمح به �أن يكون ً
كان ال�سجني هو �شخ�ص ذو �سمعة �شريرة ،فال بد �أن ُتعطى له فرتة ليتطهر ،و�إذا
كان ُي�شك ب�شكل قوي يف �شهادة �أو يف دليل �أحد ال�شهود ،فال بد للقا�ضي �أن يجعله
ينكر الهرطقة� ،أو ي�س�أله مرة �أخرى� ،أو يغري من حكمه .لأنه ال يبدو ً
عادل �أن تدين
�إن�سا ًنا له �سمعة جيدة بتهمة كبرية كهذه ب�شهادة �شاهدين فقط ،رغم �أن احلالة
ﻋﺼ
خمتلفة بالن�سبة لل�شخ�ص �سيئ ال�سمعة .هذا الأمر مت التعامل معه ب�شكل كامل يف
ﲑ ﺍﻟ
قانون ال�شريعة ،حيث ُك ِتب �أن الأ�سقف ال بد �أن ي�أتي بثالثة �شهود �أو �أكرث من الرجال
ليعطوا الأدلة حتت الق�سم ب�أنهم يقولون احلقيقة �إن كانوا يعلمون �أي معلومة عن
ﻜﺘ
وجود هرطقة يف هذه الأنحاء.
�شخ�صا بهرطقة كهذه ب�شهود
أي�ضا ميكن �أن ن�س�أل :هل القا�ضي ميكن �أن يدين ً و� ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
غري متفقني يف �أدلتهم؟ وجنيب ب�أنه ال ميكنه عمل هذا ،خا�صة لأن الرباهني على
التهمة ال بد كما قلنا �أن تكون �أو�ضح من �ضوء النهار ،ويف هذه التهمة بالتحديد ال
ﺸﺮ
�أحد ُيدان بدليل افرتا�ضي ،بالتايل يف حالة ال�سجني الذي يكون مته ًما باتهام عام،
ُتعطى له مدة لتطهري نف�سه ،ويف حالة الذي يكون حتت ال�شك القوي من براهني
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ال�شهود ،ال بد �أن جنعله ينكر الهرطقة ،ولكن على الرغم من بع�ض التعار�ضات،
فال�شهود يتفقون على حقائق معينة ،وبالتايل تكون للقا�ضي حرية الت�صرف ،وب�شكل
ﺯﻳﻊ
غري مبا�شر ي�أتي �س�ؤال �آخر هو كم مرة يجب �أن يتم التحقيق مع ال�شهود؟
e
289
السؤال .3االستحالف الرسمي وإعادة التحقيق مع
الشهود
ميكن �أن ن�س�أل :هل القا�ضي يقدر �أن ُيجرب ال�شاهد �أن يق�سم اليمني على قول
احلقيقة بخ�صو�ص �إميان ال�ساحرات؟ وهل ب�إمكانه ا�ستجوابه عدة مرات؟ وجنيب
ﻋﺼ
ب�أنه ميكنه عمل ذلك ،خا�صة يف املحكمة الكن�سية ،ويف احلاالت الكن�سية ميكن
يفر�ض القا�ضي على ال�شاهد �أن يقول احلقيقة بالق�سم ،و�إال لن يكون دليله ذا �أن ِ
ﲑ ﺍﻟ
قيمة ،لأن قانون ال�شريعة يقول :املطران �أو الأ�سقف ميكن �أن يعمل جولة يف الأنحاء
ﻜﺘ
التي فيها �إ�شاعة وجود هرطقة ،ويجرب �أكرث من �شخ�ص لهم �سمعة جيدة �أو يبدون
�أ�شخا�ص طيبني بالن�سبة له ولكل احلي �أن ُيق�سموا ،و�إذا رف�ضوا بعناد �أن يق�سموا
ف�سيتم اعتبارهم مهرطقني.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وال�شاهد ميكن �أن يح ًقق معه عدة مرات وهذا موجود يف ال�شريعة ،حيث تقول:
يعطي ال�شاهد دليله ب�شكل مرتبك� ،أو يبدو �أنه يكتم �شي ًئا يعلمه ل�سبب ما،
ﺸﺮ
عندما ِ
ف�إن على القا�ضي ر�سميا �أن يعيد التحقيق معه من جديد.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
ﺯﻳﻊ
290
السؤال .4عن طبيعة وحالة الشاهد
ﻋﺼ
تعطي دليال �ضد ال�ساحرة، تعطي دليال �ضد الهرطقة ،ف� ً
أي�ضا ال�ساحرة ميكن �أن ِ ِ
ولكن هذا فقط يف حالة نق�ص الرباهني الأخرى ،وهذا الدليل ميكن فقط �أن ُيعترب
ﲑ ﺍﻟ
به يف املقا�ضاة ولي�س يف الدفاع ،وهذا حقيقي � ً
أي�ضا يف الأدلة التي تقدمها زوجة
ﻜﺘ
ال�سجني �أو �أوالده �أو قرابته �ضد ال�سجني ،لأن الدليل الذي مثل هذا له وزن �أكرب يف
�إثبات التهمة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وا�ضحا يف ال�شريعة حيث تقول :كحماية للإميان نحن ن�سمح ً ولقد كان هذا
يف حالة التحقيق يف خطية الهرطقة �أن الأ�شخا�ص الذين حتت احلظر الكن�سي
ﺸﺮ
و�شركائهم وم�ساعديهم يف اجلرمية� ،أن ُيعترب بهم ك�شهود يف حالة نق�ص الرباهني
ﻭ
�ضد الهرطقة ومنا�صريها واملدافعني عنها� ،شريطة �أن يظهر من عدد ال�شهود ومن
ﺍﻟﺘﻮ
املعطى بوا�سطة �شاهد زور ،بافرتا�ض �أنهم يتكلمون الآن بدافع يف حالة الدليل َ
حما�ستهم على الدين ،فقد حتدثت ال�شريعة عن هذا حيث قالت� :أن �أدلة �شهود
الزور ،بعد �أن يتوبوا ،هي مقبولة� ،إذا ظهر بو�ضوح �أنهم ال يتكملون بروح من
الطي�ش� ،أو بدافع العداوة� ،أو ب�سبب الر�شوة ،ولكن فقط بدافع احلما�سة ال�صافية
للإميان الأرثوذك�سي ،راغبني يف ت�صحيح ما قالوه� ،أو �أن يك�شفوا �شي ًئا كانوا قد
�أخفوه ،يف دفاع عن الإميان ،ف�شهادتهم تكون �صحيحة مثل �أي �أحد �آخر� ،شريطة
�أال يكون هناك �أي �شيء �آخر يعار�ضها.
291
ووا�ضح من نف�س الف�صل يف ال�شريعة �أن �شهادة الأ�شخا�ص ذوي ال�سمعة ال�سيئة
�أو املجرمني �أو اخلدم �ضد �أ�سيادهم هي مقبولة ،لأن ال�شريعة تقول :عظيم هو بالء
الهرطقة ،ب�أنه حتى اخلدم ُيقبل بهم ك�شهود �ضد �أ�سيادهم ،و�أي جمرم �أو �شخ�ص
�سيئ ال�سمعة ميكن �أن يقدم ً
دليل �ضد �أي �شخ�ص �أ ًيا كان.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
292
السؤال .5إن كان األعداء يمكن أن يعتبروا كشهود
ولكن �إذا �س�ألنا :هل ميكن للقا�ضي �أن َيعترب عدو ال�سجني الذي يريد �أن يقدم
دليل �ضده يف مثل هذه الق�ضية هو �شاهد معترب؟ وجنيب ب�أنه ال ميكنه ذلك ،لأنه ً
يف نف�س الف�صل من ال�شريعة تقول :يجب �أن تفهم �أنه يف هذا النوع من التُهم ،العدو
ال�شخ�صي ال ميكن االعتبار به يف تقدمي دليل .هرني �أوف �سيجو�سيو � ً
أي�ضا يو�ضح
ﻋﺼ
هذا .ولكن ما يتحدثون عنه هنا هم الأعداء ،ويجب �أن نذكر �أن ال�شاهد ال يكون
ﲑ ﺍﻟ
بال�ضرورة غري م�ؤهل ب�سبب هذا النوع من العداوة ،فالعدو يت�شكل من الظروف
ﻜﺘ
التالية :عندما يكون هناك موت وانتقام بني الطرفني� ،أو عندما يكون هناك حماولة
للقتل� ،أو جرح �شديد �أو �ضرر يو�ضح �أن هناك عداوة من ال�شاهد �ضد ال�سجني،
ويف هذه احلالة ُيفرت�ض �أن ال�شاهد كما يحاول �أن ي�صيب ال�سجني باملوت ،فهو
ﺐ ﻟﻠﻨ
أي�ضا �سيحاول �أن ي�صيبه بالهرطقة ،وكما �أنه يتمنى �أن ي�أخذ حياة ال�سجني ،كذلك � ً
�سيتمنى �أن ي�أخذ �سمعته ،بالتايل فالدليل املق ّدم من عدو ال�سجني ال ُيعتد به.
ﺸﺮ
ولكن هناك درجات �أخرى من العداوة (لأن الن�ساء تكره ب�سهولة) ،فال يحتاج
ﻭ
الذي يقدمه ب�شك �شديد ،وال ُيعطى الت�صديق الكامل لكلماته �إال �إذا �أثبتها برباهني
ﺯﻳﻊ
م�ستقلة ،و�أن يكون �شهود �آخرين قد قدموا �أدلة �أخرى غري م�شكوك فيها .والقا�ضي
يجب �أن ي�س�أل ال�سجني �إن كان يظن �أن لديه �أعداء ميكن �أن يتقدموا ويتهموه بدافع
الكره حتى يو�صلوه �إىل املوت ،و�إذا قال نعم ،يجب �أن ي�س�أله القا�ضي من هو هذا
ال�شخ�ص ،ومن ثم يجب �أن يالحظ القا�ضي �إن كان ال�شخ�ص الذي ذكره ال�سجني
معروف ب�أنه ُيقدم �أدلة بدوافع اخلبث ،و�إذا كان الدليل الذي يقدمه العدو لي�س
مثبتًا برباهني �أخرى �أو ب�شهادة �شهود �آخرين ،فيمكن للقا�ضي �أن يرف�ض الدليل،
ولكن �إن قال ال�سجني �أنه لي�س لديه �أعداء كه�ؤالء ،لكنه اعرتف �أنه كانت لديه
�شخ�صا مل يتقدم بدليل
ً خما�صمات مع ن�ساء� ،أو �إذا قال �أن لديه عدو ،لكنه �س ّمى
293
�ضده ،يف هذه احلالة ،حتى لو قال ال�شهود الآخرون �أن هذا ال�شاهد قد �أعطى �أدلة
بدوافع من العداوة ،ف�إن القا�ضي ال يرف�ض الدليل ،ولكن يعتد به مع بقية الأدلة.
هناك الكثريين ممن لي�سوا حري�صني كفاية ولي�س لديهم وعي ،يعتربون �أن
ال�شهادة من املر�أة العدوانية يجب �أن ُترف�ض كلها ،ويقولون �أنه ال ثقة ميكن �أن
تو�ضع فيها ،لأنها دائ ًما تتحرك بدوافع من الكره ،مثل ه�ؤالء الرجال هم جهلة
باالحتياطات الق�ضائية ،ويتحدثون ويحكمون كمثل الذين لديهم عمى �ألوان ،ولكن
هذه االحتياطات �سنتعامل معها يف ال�س�ؤال احلادي ع�شر والثاين ع�شر.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
294
السؤال .6كيف للمحاكمة أن تتقدم وتستمر
كيف للمحاكمة �أن تتقدم وت�ستمر؟ وكيف ميكن لل�شهود �أن ُي�ستَجوبوا يف ح�ضور
ملوجه التهمة �أن ُي�س�أل بطريقتني؟
�أربعة �أ�شخا�ص �آخرين؟ وكيف ِّ
بالن�سبة للطريقة التي تتقدم بها حماكمة ال�ساحرات ،يجب �أن نذكر � ًأول �أن مثل
ﻋﺼ
هذه الق�ضايا يجب �أن ت�ؤ َّدى ب�أب�سط و�أكرث طريقة موجزة ،بدون حجج وخالفات من
املحامني.
ﲑ ﺍﻟ
هذا م�شروح يف ال�شريعة كما يلي� :أحيا ًنا ُنن�شئ عملية جنائية ،ون�ؤديها بطريقة
ﻜﺘ
ب�سيطة وم�ستقيمة بدون املراوغات الق�ضائية واخلالفات التي تقدم يف الق�ضايا
الأخرى .الكثري من ال�شك موجود يف فهم معنى هذه الكلمات ،فب�أي طريقة بال�ضبط
يجب �أن ُت�ؤدى هذه الق�ضايا! ولكننا راغبون يف �أن نزيل كل ال�شكوك عن امل�س�ألةُ ،نقر
ﺐ ﻟﻠﻨ
القا�ضي الذي تكون الق�ضية عنده ال حاجة به �أن يطلب �أي وثيقة مكتوبة� ،أو
ي�سمح بالأمر �أن يحدث فيه ن�ضال ونزاع ،وميكنه �أن يعمل الق�ضية يف الإجازات لأجل
ﻭ
�أن تكون مالئمة مع العامة ،ويجب �أن يخت�صر �إجراءات الق�ضية بقدر ا�ستطاعته
ﺍﻟﺘﻮ
من امل�ست�أنفني واملحامني ،والنزاع بني ال�شهود ،و�أن مينع ازدياد عدد ال�شهود ،ولكن
لي�س �إىل حد �أن يتجاهل �أدلة �ضرورية ،ونحن ال نعني بهذا �أنه يجب �أن يحذف ً
مثل
ا�ستحالف ال�شهود �أن يقولوا احلقيقة.
ومبا �أنه ،كما و�ضحنا ،هذه العملية يجب �أن ُت�ؤ ّدى ب�أب�سط طريقة ممكنة،
موجه التهمة� ،أو عن طريق �شخ�ص يبلغ بدافع وهي ميكن �أن ُتبتدئ عن طريق ِّ
احلما�س� ،أو عن طريق غ�ضب عام �أو �إ�شاعة عامة ،بالتايل فالقا�ضي يجب �أن
موجه التهمة ،لأن �أعمال يحاول �أن يتجاوز �أول طريقة من االبتداء ،تلك التي يبد�أها ِّ
وموجه االتهام ال ميكن يف ال�ساحرات باالرتباط مع ال�شيطان ُتعمل غال ًبا يف اخلفاءِّ ،
295
هذه احلالة �أن يكون لديه دليل يجعل من �شهادته جيدة ،بالتايل يجب على القا�ضي
نحي جان ًبا اتهامه الر�سمي و�أن يتقدم للق�ضية على �أنه
�أن ين�صح موجه االتهام �أن ُي ّ
مبلغ معلومات ،ب�سبب اخلطر الكبري الذي �سيكون عليه كموجه اتهام.
قلنا من قبل �أن القا�ضي يجب �أن ي�س�أل املُب ِّلغ عن �أي �شخ�ص غريه لديه معرفة
بالق�ضية ،ومن ثم فالقا�ضي يجب �أن ي�ستدعي الأ�شخا�ص الذين ي�سميهم املُب ِّلغ،
والذين يرجو القا�ضي �أن يكون لديهم علم �أكرث عن الأمر ،والبد �أن ُتكتب �أ�سما�ؤهم
بوا�سطة الكاتب ،بعد هذا فالقا�ضي يراعي حقيقة �أن الق�ضية التي يحقق فيها هي
هرطقة وهي اتهام خطري ال يجب الت�ساهل فيه ،لأن الت�ساهل فيه هو �إ�ساءة للعظمة
الإلهية و�إ�ضرار بالإميان الكاثوليكي وبالدولة ،فيجب �أن يح ِّقق مع ال�شهود بالطريقة
ﻋﺼ
التالية:
ﲑ ﺍﻟ
ال�شاهد فالن من مكان كذا ،ا�ستدعيناه و�أق�سم ،ومت �س�ؤاله �إن كان يعرف
ﻜﺘ
و�سئل كيف يعرفها ،ف�أجاب ب�أنه فالنة (وي�سمي املتهمة) ،و�أجاب ب�أنه يعرفهاُ ،
ر�آها وحتدث معها يف مرات عديدة� ،أو �أنهما كانا زمالء (فيحدد �سبب معرفته
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�سئل عن �سمعتها، و�سئل كم مدة معرفته بها ،و�أجاب ب�أنها ع�شرة �سنواتُ ، بها)ُ ،
خا�صة فيما يتعلق بالإميان ،و�أجاب �أنه يف �أخالقها فهي امر�أة �صاحلة (�أو �سيئة)،
ﺸﺮ
ولكن بالن�سبة للإميان ،فهناك تقرير �أن املكان الذي ت�سكنه فيه ممار�سات تعار�ض
و�سئل �إن كان قد ر�آها �أو �سمعها
ف�سئل ما هو هذا التقرير ،و�أجابُ ،
الإميان كال�سحرُ ،
ﻭ
و�سئل �أين �سمعها ت�ستخدم عبارات كهذه و�أجاب �أنه يف تفعل �أ�شياء كهذه و�أجابُ ،
ﺍﻟﺘﻮ
و� ً
أي�ضا�ُ ،سئل �إن كان �أي من �أقرباء املتهمات مت �إحراقها من قبل بتهمة ال�سحر� ،أو
مرتبطا ب�أي �ساحرات م�شتبه فيهن و�أجاب،ً و�سئل �إن كان
مت اال�شتباه فيها و�أجابُ ،
و�سئل بخ�صو�ص ال�سبب والطريقة التي تقول بها املتهمة كلماتها و�أجاب ب�سبب كذا ُ
و�سئل �إن كان يظن �أن ال�سجينة ا�ستخدمت هذه الكلمات بال مباالة وبطريقة كذاُ ،
وبغري ق�صد �أو تفكري� ،أو �أنها قالتها قا�صدة متعمدة و�أجاب �أنها ا�ستخدمت هذه
الكلمات على �سبيل املزح �أو �أثناء الغ�ضب� ،أو بدون �أن تعنيها �أو �أن ت�صدق مبا قالته،
�أو قالتها قا�صدة متعمدة.
296
و�سئل كيف ميكن �أن يعرف دوافع املتهمة ب�أنها مزح ،و�أجاب �أنه يعرف هذا ُ
ب�سبب �أنها قالتها مع �ضحكة.
هذا �أمر يجب �أن ُيح ّقق فيه ب�شكل جاد ،لأنه يف كثري من الأحيان ي�ستخدم
البع�ض كلمات �سيئة �أثناء الغ�ضب� ،أو كاختبار لرد فعل الآخرين ،ويف بع�ض الأحيان
ت�ستخدم بق�صد.
ثم ُي�س�أل �إن كان قد ق ّدم �شهادته هذه بدافع الكره �أو احلقد� ،أو �إن كان قد كتم
�شي ًئا حماباة لأحد ،و�أجاب� ..إلخ ،و�أُ ِمر باحلفاظ على ال�سرية ،وقد حدث هذا يف
املكان الفالين يف اليوم الفالين يف ح�ضور ال�شهود الفالنيني الذين مت ا�ستدعا�ؤهم
ﻋﺼ
وم�ساءلتهم ،ويف وجودي �أنا كاتب العدل �أو الكاتب العادي.
ﲑ ﺍﻟ
هنا يجب �أن نذكر �أنه يف حتقيق كهذا ال بد من وجود خم�سة �أ�شخا�ص على
الأقل ،حتديدً ا القا�ضي ،ال�شاهد املبلغ ،املتهم الذي يظهر الح ًقا ،كاتب العدل �أو
ﻜﺘ
الكاتب العادي �إن مل يكن هناك كاتب عدل فيتعاون رجالن �صادقان ليعمال مهمة
كاتب العدل ،وت�أتي بهما ال�سلطة الر�سولية.
ﺐ ﻟﻠﻨ
� ً
أي�ضا ال بد �أن نذكر �أنه عندما ُي�ستدعى ال�شاهد ف�إنه يجب �أن يحلف� ،أي �أنه
يجب �أن ُيق�سم بالطريقة التي و�ضحناها.
ﺸﺮ
بنف�س الطريقة ُيح ّقق مع ال�شهود الآخرين ،وبعدها يقرر القا�ضي �إن كانت
ﻭ
اجلرمية قد مت �إثباتها ب�شكل كامل �أم ال ،و�إن مل تكن ،ف�إن كانت هناك داللة قوية
ﺍﻟﺘﻮ
و�شك قوي يف حدوث اجلرمية ،والحظ �أننا ال نتحدث عن ال�شك الب�سيط الذي قد
ﺯﻳﻊ
يح�صل من احلد�س الطفيف ،ولكن من تقرير متني ب�أن املتهمة قد عملت ال�سحر
على الأطفال �أو احليوانات� ..إلخ
وخاف القا�ضي من هروب املتهمة ،فيمكن �أن يجعلها تدخل احلب�س ،ولكن
�إذا مل يخف من ذلك ،ميكن �أن ي�ستدعيها فقط للتحقيق ،ولكن �إن و�ضعها يف
احلب�س �أو مل ي�ضعها ،ال بد � ًأول �أن ي�أمر بتفتي�ش منزلها ب�شكل مفاجئ ،و�أن ُتفتح كل
اخلزانات وال�صناديق التي يف زواياه ،و�أن ت�ؤخذ �أي �أدوات لل�سحر ،وبعد عمل هذا،
ال بد �أن يقارن القا�ضي بني كل �شيء مدان �أو م�شتبه به مع �أدلة ال�شهود ،ويعمل
لهم ا�ستجوا ًبا ويكون معه كاتب العدل� ..إلخ ،كما قلنا �أعاله ،ويجعل املتهمة ُتق�سم
297
على الأناجيل الأربعة �أن تقول احلقيقة عن نف�سها وعن الآخرين ،ويجب �أن ُيكتب
بالطريقة التالية:
املتهمة فالنة يف مكان كذا قد �أق�سمت وهي مت�س الأربعة �أناجيل �أن تقول
و�سئلت من �أين هي وما �أ�صلها ،و�أجابت �أنها احلقيقة عن نف�سها وعن الآخرينُ ،
و�سئلت من �أبواها ،و�إن كانا �أحياء �أم �أموات ،و�أجابت
من مكان كذا يف �أبر�شية كذاُ ،
ب�أنهما �أحياء يف مكان كذا� ،أو �أموات يف مكان كذا.
و�سئلت �إن كانا قد ماتا موتة طبيعية �أم مت �إحراقهما ،و�أجابت( .هنا الحظ �أن ُ
هذا ال�س�ؤال قد ُو�ضع ب�سبب �أنه كما قلنا يف اجلزء الثاين من هذا العمل ،ال�ساحرات
ﻋﺼ
دوما يهنب �أطفالهن لل�شيطان ،وبالتايل ف�إن ذريتهن ت�صاب بالكامل ،وعندما يذكر ً
مثل ،و ُتنكر ال�ساحرة ،ف�إن هذا ي�ضعها حتت اال�شتباه) املُب ِّلغ �أن �أمها كانت �ساحرة ً
ﲑ ﺍﻟ
و�سئلت �أين ترعرعت و�أين ت�ستقر ،و�أجابت يف مكان كذا وكذا .و�إن ظهر �أنها ُ
ﻜﺘ
غريت م�سكنها فقد يكون هذا ب�سبب �أن �أمها �أو �أي من �أقربائها هم مو�ضع �شك
ويعي�شون يف مقاطعات �أجنبية ،خا�صة يف الأماكن التي تكون فيها ال�ساحرات عادة،
و�ستتم م�ساءلتها وف ًقا لذلك.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�سئلت ملاذا انتقلت من مكان مولدها وذهبت لتعي�ش يف مكان �آخر ،ف�أجابت ُ
ﺸﺮ
و�سئلت �إن كانت يف هذه الأماكن املذكورة �أو يف �أي مكان �آخر �سمعت �أي ب�سبب كذاُ .
كالم عن �ساحرات مثال ُيرثن العوا�صف� ،أو ي�سحرن املا�شية� ،أو ي�سلنب احلليب من
ﻭ
الأبقار� ،أو �أي من هذه الأمور التي هي متهمة بها ،و�إن �أجابت �أنها �سمعت ،يجب �أن
ﺍﻟﺘﻮ
ُت�س�أل ما الذي �سمعته ،وكل ما تقوله يجب تدوينه ،ولكن �إن �أنكرت وقالت �أنها مل
ﺯﻳﻊ
ت�سمع �شي ًئا ،عندها ُت�س�أل �إن كانت ت�ؤمن �أن هناك �شيء كال�ساحرات ،وعن وجود
مثل �أن هذه العوا�صف ميكن �أن يثريها �أو �إمكانية حدوث هذه الأ�شياء املذكورةً ،
الإن�سان و�أن احليوانات ميكن �أن ُت�سحر.
الحظ �أن ال�ساحرات يف الغالب ُينكرن هذا يف البداية ،وبالتايل هذا يولد �ش ًكا
حلكم الق�ضاء ليقول �إن كان هناك �شيء �أكرب من لو �أجنب ب�أنهن يرتكن هذا الأمر ُ
مثل هذا �أم ال.
298
ويجب على القا�ضي �أال ي�ؤخر الأ�سئلة ،بل �أن يح ِّقق فيها كلها مرة واحدة مع
ال�ساحرة ،ويجب �أن ي�س�ألها ملاذا يخاف النا�س عامة منها ،و�إن كانت تعلم �أنها ذات
�سمعة �سيئة ومكروهة ،وملاذا هددت ال�شخ�ص الفالين بقولها �أنت لن ُتفلت من
عقابي ،ويجب �أن ُتكتب �إجابتها.
ويجب �أن ُت�س�أل فيما �أذاها هذا ال�شخ�ص حتى ت�ستخدم معه مثل هذه العبارات
التي تهدده بالأذية ،والحظ �أن هذا ال�س�ؤال �ضروري للو�صول �إىل �سبب العداوة ،لأنه
يف النهاية املتهمة �ستحتج ب�أن املُب ِّلغ قد �شهد �ضدها بدافع من العداوة ال�شخ�صية،
وهي عادة عند ال�ساحرات �أن ُيرثن العداوة �ضدهن ببع�ض الكلمات والأفعال ،كمثال:
�شخ�صا ما �أن يقر�ضها �شي ًئا و�إال �ستُتلف له حديقته� ،أو �شيء من هذا
ﻋﺼ
ً �أن ت�س�أل
القبيل ،حتى تخلق منا�سبة تعمل بها ال�سحر ،وهن ُيظهرن �أنف�سهن �إما بالكلمات �أو
ﲑ ﺍﻟ
الأفعال ،لأنهن جمربات على فعل هذا ب�أمر من ال�شيطان.
ﻜﺘ
لكن نالحظ �أنهن ال يعملن هذه الأ�شياء يف وجود �أنا�س �آخرين ،لذا �إن �أراد
أي�ضا �أنهن مدفوعات من ال�شيطان ،كما املُب ِّلغ �أن ُي ّعي �شاهدً ا فلن ي�ستطيع .الحظ � ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
علمنا من كثري من ال�ساحرات الالتي مت حرقهن ،لذلك غال ًبا ما يكن جمربات على
أي�ضا يتم �س�ؤالها كيف ميكن للتنفيذ �أن يتم بعد هذه عمل ال�سحر �ضد رغبتهنً � .
ﺸﺮ
التهديدات ،مثل كيف ُي�سحر الطفل �أو احليوان بهذه ال�سرعة ،وجتيب ،و ُت�س�أل ملاذا
يوما من �أيام ال�صحة ،وح�صل هذا فعال؟ وجتيب .و�إذا قالت ب�أنه لن يرى �أبدً ا ً
ﻭ
�أنكرت كل �شيء يجب �أن ُت�س�أل بخ�صو�ص الأ�سحار الأخرى التي اتهمها بها ال�شهود
ﺍﻟﺘﻮ
الآخرين على املا�شية �أو الأطفال ،و ُت�س�أل ملاذا متت ر�ؤيتها يف احلقول �أو يف الإ�سطبل
ﺯﻳﻊ
299
والبد �أن تتكرر م�ساءلتها عن �شهادات ال�شهود التي قالوها �ضدها ،ل ُيعلم
�إن كانت �ستقول نف�س الإجابات �أم ال ،وعندما يكتمل هذا التحقيق� ،سواء كانت
�إجاباتها بالنفي �أو الإيجاب� ،أو كانت �إجابات غام�ضة ،فالبد �أن تدون� :أنه يف مكان
كذا ح�صل كذا وكذا� ..إلخ ،كما قلنا �أعاله.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
300
السؤال .7عن توضيح الشكوك التي تتعلق
باألسئلة السابقة وهل سيتم سجن الساحرة
عن تو�ضيح ال�شكوك التي تتعلق بالأ�سئلة ال�سابقة ،و�إن كانت املتهمة �سيتم
�سجنها ،و�إن كانت �ستُعترب ب�شكل وا�ضح �أنها مرتكبة هرطقة ال�سحر ال�شنيعة.
ﻋﺼ
ال�س�ؤال يف البداية :ما الذي ميكن عمله �إذا �أنكرت املتهمة كل �شيء كما يحدث
ﲑ ﺍﻟ
غال ًبا؟ وجنيب ب�أن القا�ضي لديه ثالث نقاط لي�ضعها يف اعتباره ،حتديدً ا� :سمعتها
ال�سيئة ،والدليل على اجلرمية ،و�شهادة ال�شهود .وال بد �أن يرى �إن كان هذا كله
ﻜﺘ
�سيتفق مع بع�ضه �أم ال ،ويحدث غال ًبا �أنه ال يتفق مع بع�ضه ،لأن ال�ساحرات عادة
ُيتهمن ب�أفعال خمتلفة عملنها يف قرية واحدة ،ولكن رمبا الأدلة على هذا كانت
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أنها �سحرت طفله ،والآخر يقول �أنها �سحرت حيوانه ،والثالث يقول �أنها ذات �سمعة
�سيئة ،وهكذا)
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن مع ذلك فالكل يتفق على حقيقة واحدة وهي ال�سحر ،و�أنه ُي�شتبه فيها �أنها
ﺯﻳﻊ
دليل كاف ًيا لإدانتها مبا مت ذكره عنها يف �ساحرة ،ورغم �أن ه�ؤالء ال�شهود لي�سوا ً
التقرير العام كما قلنا �أعاله يف ال�س�ؤال الثالث� ،إال �أنه ب�أخذ الأدلة املرئية وامللمو�سة
على اجلرمية ،ميكن للقا�ضي بالنظر يف النقاط الثالثة� ،أن ُيقرر ب�أن املتهمة لي�ست
فقط م�شكوك فيها (لأن مو�ضوع ال�شك �سي�شرح الح ًقا) بل هي مدانة بعمل هرطقة
ال�سحر� ،شريطة �أن يكون ال�شهود حالتهم منا�سبة ومل يعطوا دالئلهم بدافع العداوة،
و�أن عددًا كاف ًيا منهم ،رمبا �ستة �أو ثمانية �أو ع�شرة ،قد توافقوا حتت الق�سم،
وبالتايل وف ًقا لقانون ال�شريعة ال بد من �إخ�ضاعها للعقوبة� ،سواء اعرتفت بجرميتها
�أم ال.
301
فعندما تتفق النقاط الثالثة املذكورة �أعاله ،ال بد �أن ت�ؤخذ املتهمة على �أنها
مدانة بالهرطقة ،وال بد �أن نفهم �أنه من ال�ضروري �أن تتفق النقاط الثالثة ،ولكن
هناك حاالت يكون فيها الدليل على اجلرمية قو ًيا جدً ا ،فهذا يغطي على النقطتني
الأخريني.
وا�ضحا،
ً عندما ي�س�ألنا القا�ضي بكم طريقة ميكن لل�شخ�ص �أن ُيعترب مهرط ًقا
�سنجيبه ب�أن هناك ثالثة طرق ،كما ي�شرح القدي�س برينارد (هذا الأمر مت التحدث
عنه �أعاله يف ال�س�ؤال الأول يف بداية هذا العمل):
يب�شر ال�شخ�ص ب�شكل علني الطريقة الأوىل :الدليل على اجلرمية ،عندما ِّ
ﻋﺼ
بالهرطقة ،ولكن هنا نحن نتحدث عن الدليل على اجلرمية التي ت�سبقها تهديدات
علنية بوا�سطة املتهمة ،مثل عندما تقول� :أنت لن تكون لك �أيام �أخرى من ال�صحة �أو
ﲑ ﺍﻟ
�شيء مثل هذا ،ويتبع هذا �أن التهديد يح�صل .الطريقة الثانية :هي �أن يكون هناك
برهان �شرعي على الهرطقة بال�شهود.
ﻜﺘ
والطريقة الثالثة� :أن تعرتف على نف�سها.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ومن ثم فال�ساحرة ت�ؤخذ وتعاقب وف ًقا للقانون حتى لو �أنكرت االتهامات كلها.
وال�ساحرة امل�أخوذة بدليل على اجلرمية� ،أو ب�شهادة ال�شهود� ،إذا اعرتفت ومل تتب
ﺸﺮ
يتم ت�سليمها �إىل املحاكم العلمانية لتعاين من �أ�شد عقوبة وف ًقا لل�شريعة ،و�إذا تابت
أي�ضا ،كما يو�ضح هرني �أوف �سيجو�سيو يف كتاب ُت�سجن مدى احلياة وفقا لل�شريعة � ً
ﻭ
من الالزم �أن يتقدم القا�ضي يف �أ�سئلته ب�سرعة ويف �أخذه �شهادة ال�شهود ،حيث
ﺯﻳﻊ
�أنه كما قيل :ال بد �أن ي�ؤدي الأمور ب�شكل وا�ضح ويف وقت ق�صري ،ويجب �أن ي�ضع
املتهمة يف ال�سجن � ًأول لفرتة من الوقت ،لعدة �سنوات ،يف حال رمبا �أنها بعد عدة
�سنوات يف ك�آبة ال�سجن ُتبط وتعرتف بجرائمها.
e
302
السؤال .8هل يجب أن تُحبس الساحرة ،وماهي
طرق أخذها
ال�س�ؤال هو� :إذا �أنكرت ال�ساحرة االتهامات ،هل يجب �أن ُتب�س يف ال�سجن؟ �أم
�أنه يجب �أن ُترتك مت�ضي ب�ضمان حتى ميكن �أن ُت�ستدعى فيما بعد و ُت�ستجوب؟ ِعل ًما
ﻋﺼ
�أنه اتفقت الثالثة نقاط املذكورة� :سمعتها ال�سيئة ،الدليل على اجلرمية ،و�شهادة
ال�شهود ،ولهذا ال�س�ؤال ثالثة �آراء:
ﲑ ﺍﻟ
� ًأول :ر�أى البع�ض ب�أنها يجب �أن حتب�س ،و�أنها ال يجب �أن تخرج ب�أي �ضمان،
ﻜﺘ
وهم ي�ؤمنون بهذا الر�أي بدافع من املنطق الذي جاء من ال�س�ؤال ال�سابق� ،أنها تعترب
مذنبة بو�ضوح عندما تتفق الثالثة نقاط.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�آخرين ر�أوا �أنها قبل �أن حتب�س ميكن �أن تخرج ومعها حرا�سة و�ضمانات ،حتى
�إذا هربت ميكن �ساعتها اعتبارها مدانة.
ﺸﺮ
الر�أي الثالث :هو عدم وجود �أي قاعدة معينة ،ولكن ُيرتك للقا�ضي �أن يت�صرف
وفقا خلطورة الأمر كما ات�ضح له من �شهادة ال�شهود ،و�سمعة املتهمة ،والدليل على
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
اجلرمية ،و�إىل �أي حد اتفق ه�ؤالء مع بع�ضهم ،ويجب �أن يتقيد بالعادة ال�سائدة يف
البلد.
ﺯﻳﻊ
وهذا الر�أي الثالث يبدو هو الأكرث منطقية ،طاملا كانت الإجراءات متخذة
بطريقة �صحيحة ،وهذا يكون بثالثة �أ�شياء:
أول� :أن بيتها ال بد �أن يتم تفتي�شه بدقة قدر اال�ستطاعة ،يف كل الفجوات � ً
واخلزانات� ،أ�سفله و�أعاله ،و�إذا كانت �ساحرة معروفة ،فبدون �شك �ستوجد �أدوات
كثرية لل�سحر� ،إال �إذا كانت قد خب�أتهم من قبل.
ثان ًيا� :إن كان لديها خادمة �أو رفقاء ممن يجب �أن ي�صمتوا حتى ال تتم �إدانتهم،
فيتم ا�ستدعا�ؤهم بفر�ض �أنه ال �شيء من �أ�سرار املتهمة خمفية عنهم.
303
ثال ًثا :يف القب�ض عليها� ،إذا مت القب�ض عليها يف منزلها ال يجب �إعطا�ؤها �أي
وقت لتذهب حتى �إىل غرفتها ،لأنهن اعتدن �أن ي�أتني ب�شيء ما ذو قوة �سحرية
َميكنهن من البقاء �صامتات خالل التحقيق.
هذا ي�ؤدي �إىل �س�ؤال :هل الطريقة التي يعملها البع�ض يف الإم�ساك بال�ساحرات
�شرعية؟ حتديدً ا ب�أن ُترفع ال�ساحرة من الأر�ض بوا�سطة اجلنود ،وحتمل يف �سلة �أو
فوق لوح خ�شبي ،فال ميكنها �أن تلم�س الأر�ض .هذا ميكن �أن جنيب عليه بر�أي علماء
ال�شريعة وبع�ض الالهوتيون ،وهي طريقة �شرعية من ثالث نواح:
أول :ب�سبب ما قيل يف ال�س�ؤال التقدميي لهذا اجلزء الثالث ،وب�سبب ر�أي � ً
ﻋﺼ
العديدين وخا�صة العلماء الذين ال يجر ؤ� �أحد �أن يناق�شهم ،مثل :دون �سكوتو�س
وهرني �سيجو�سيو وجودفري �أوف فوتاينز� ،أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل
ﲑ ﺍﻟ
أي�ضا علمنا من التجربة واالعرتافات �أن ال�ساحرات عندما ي�ؤخذن بهذه بالباطلً � .
الطريقة فهن يفقدن القدرة على البقاء �صامتات خالل التحقيق ،بالطبع كثريات
ﻜﺘ
ممن مت حرقهن طلنب ب�أن يلم�سن الأر�ض حتى مرة واحدة بقدم واحدة ،وعندما
�س�ألوهن ملاذا طلنب هذا الطلب� ،أجنب ب�أنهن �إذا مل�سن الأر�ض ميكن �أن ُيحررن
ﺐ ﻟﻠﻨ
عندما تقع يف يد العدالة� ،إال �إذا ح�صلت على بع�ض القوة اجلديدة من ال�شيطان
لتبقى �صامتة ،بالتايل دعونا نقول مع القدي�س بول�س وكل ما عملتم بقول �أو فعل،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
فاعملوا الكل با�سم الرب ي�سوع ،و�إذا كانت ال�ساحرة بريئة ،فهذا النوع من القب�ض
ﺯﻳﻊ
عليها لن ي�ضرها.
ثال ًثا :وف ًقا للعلماء من ال�شرعي �أن نواجه ال�سحر بال�سوء ،وكلهم يتفقون على
هذا ،رغم �أنهم يختلفون يف حالة �إن كان هذا ال�سوء غري �شرعي ،بالتايل عندما
يقول هرني �أوف �سيجو�سيو �أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل بالباطل ،فهو هنا
يتحدث عن الأ�شياء ال�سيئة ،ولي�س عن الأ�شياء غري ال�شرعية.
يجب على القا�ضي �أن يالحظ �أن هناك نوعني من احلب�س ،واحد يكون عقا ًبا
للمجرمني ،والآخر هو فقط حب�س لأجل احلجز والإبقاء يف مكان معني ،وهذين
النوعني مذكورين يف ال�شريعة ،بالتايل يجب �أن ُتب�س ال�ساحرة على الأقل لأجل
304
احلجز ،ولكن �إن كان ما اتُّهمت به هو فقط �شيء ب�سيط ،ومل تكن لها �سمعة �سيئة،
وال يوجد دليل على عملها �ضد الأطفال �أو احليوانات ،فبهذا ميكن �أن تعود �إىل
تعطيبيتها ،ولكن لأنه رمبا كانت لها عالقة ب�ساحرات وتعلم �أ�سرارهن ،فالبد �أن ِ
�ضمانات ،و�إذا مل ميكنها �أن تفعل ذلك ،ال بد �أن ترتبط بال َق َ�سم وبالعقوبات ب�أال
تخرج من بيتها �إال �إذا مت ا�ستدعا�ؤها.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
305
السؤال .9ما الذي يتم عمله بعد القبض عليها،
وهل يجب أن تُعلن أسماء الشهود للمتهمة.
هناك �أمران يجب عملهما بعد القب�ض عليها ،و ُيرتك للقا�ضي ب�أيهما يبد�أ،
حتديدً ا �إمكانية ال�سماح للمتهمة ب�أن يتم الدفاع عنها ،و�إن كان يجب �أن يتم
ﻋﺼ
التحقيق معها يف مكان التعذيب -لي�س بال�ضرورة لأجل �أن تعذب .-الأمر الأول
م�سموح به فقط عندما تعمل به طل ًبا مبا�ش ًرا ،والثاين ُي�سمح به فقط عندما يكون
ﲑ ﺍﻟ
قد مت التحقيق مع خدمها ومرافقيها يف بيتها � ًأول.
ﻜﺘ
�إذا قالت املتهمة �أنها بريئة و�أنها اتُّهمت زو ًرا ،و�أنها تريد �أن ترى وت�سمع من
يتهمها ،فهذه عالمة على �أنها تريد الدفاع عن نف�سها .وهناك �س�ؤال :هل القا�ضي
ﺐ ﻟﻠﻨ
ملزم ب�أن يجعل ال�شهود معلومني لها ويجعلهم يواجهونها وج ًها لوجه؟ نقول �أنه ب�سبب
اخلطر الذي يقع على ال�شهود فالقا�ضي ال يلزم بهذا� ،إال �إذا عر�ضوا هم ب�أنف�سهم
ﺸﺮ
�أن ي�أتوا �أمامها ويعر�ضوا �شهادتهم يف وجودها ،لأنه رغم �أن بابوات خمتلفني لديهم
�آراء خمتلفة يف هذا الأمر ،فال �أحد منهم قال �أنه يف هذه احلالة �أن القا�ضي ملزم
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ب�أن َيعر�ض للمتهمة �أ�سماء املُب ِّلغني �أو موجهي االتهام (ولكن هنا نحن ال نتعامل مع
ﺯﻳﻊ
حالة موجه االتهام) على العك�س ،البع�ض يظن �أنه ال يجب �أن يفعل هذا �أبدً ا ،بينما
�آخرين يظنون �أنه يجب �أن يعمل هذا يف ظروف معينة.
ولكن �أخ ًريا بونيفي�س الثامن فر�ض القانون التايل� :إذا ظهر للمفت�شني والأ�ساقفة
�أن هناك خطر كبري �سيقع على ال�شهود واملب ِّلغني ب�سبب قدرات الأ�شخا�ص الذين
يواجهونهم ب�شهادتهم ،فال يجب �أن ُتعلن �أ�سما�ؤهم �أبدً ا ،ولكن �إن مل يكن هناك
خطر ،ف�إن �أ�سماءهم ال بد �أن ُتعلن كما يف بقية احلاالت.
هنا يجب مالحظة �أن هذا ال ي�شري فقط �إىل الأ�سقف واملفت�ش ،ولكن لأي قا�ض
يعمل ق�ضية �ضد ال�ساحرات مبوافقة املفت�ش �أو الأ�سقف ،لأنه كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال
306
التقدميي ،ميكن له�ؤالء �أن يحولوا مهامهم �إىل القا�ضي .ولذلك �أي قا�ض كهذا،
حتى لو كان مدن ًيا ،فهو داخل يف هذا الأمر.
أي�ضا القا�ضي احلذر �سينتبه �إىل قدرات الأ�شخا�ص املتهمني ،لأن ه�ؤالء على � ً
ثالثة �أنواع ،قوة ب�سبب العائلة ،وقوة الرثاء ،وقوة ال�شر ،والأخرية هي التي يجب
اخلوف منها �أكرث من الأولني ،لأنها تهدد ال�شهود بخطر �أكرب �إذا �أُعلنت �أ�سما�ؤهم
للمتهمة ،ومن اخلطر �أن تعلن �أ�سماء ال�شهود ملتهمة فقرية ،لأن هذه املتهمة يكون
لديها �شركاء �أ�شرار عديدون ،مثل اخلارجني عن القانون والقتلة ،يكونون مرتبطني
بها ،وه�ؤالء يخاطرون ب�أنف�سهم لإيذاء ال�شهود ،وهذه لي�ست احلال ملا تكون املتهمة
من ن�سب نبيل �أو عائلة غنية ولديها �أمالك عديدة ،ونوع اخلطر الذي ميكن �أن
ﻋﺼ
ُيخ�شى منه �شرحه البابا جون الثاين والع�شرين �أنه املوت لهم �أو لأطفالهم �أو
ﲑ ﺍﻟ
�أقاربهم� ،أو �ضياع ممتلكاتهم �أو مثل هذا.
أي�ضا يجب على القا�ضي �أن يالحظ �أنه عندما يت�صرف يف هذا الأمر ب�سلطة � ً
ﻜﺘ
احلرب الأعظم وب�إذن رجال الكني�سة فهو وكل العاملني يف الق�ضية ال بد �أن ُيبقوا
�أ�سماء ال�شهود �س ًرا ،و�إال �سيواجهون عقوبة احلظر الكن�سي.
ﺐ ﻟﻠﻨ
والأوامر املذكورة �أعاله للبابا بونيفي�س الثامن تقول :ب�سبب اخلطر الذي
يتعر�ض له موجهي االتهام وال�شهود ،نحن ن�سمح ب�سلطة هذا القانون� ،أن الأ�سقف �أو
ﺸﺮ
املفت�ش (�أو كما قلنا القا�ضي) يجب �أن مينعوا كل املتعلقني بالتحقيق يف الق�ضية من
�أن ُيعلنوا �أي �أ�سرار علموها من الأ�سقف �أو املفت�شني� ،أو �سيواجهون عقوبة احلظر
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الكن�سي.
ﺯﻳﻊ
أي�ضا يجب �أن نذكر �أنه كما �أنها �إ�ساءة ُيعاقب عليها �أن ُتك�شف �أ�سماء ال�شهود،
و� ً
أي�ضا هي �إ�ساءة �أن تخفيهم بدون �سبب جيد يف الوقت الذي من الواجب �أن يعرفهم ف� ً
الق�ضاة وم�ساعدوهم ،يف هذا املو�ضوع يتحدث الأمر ال�سيادي املذكور �أعاله كما
يلي :نحن ن�أمر ب�أنه يف جميع احلاالت ،ف�إن الأ�ساقفة �أو املفت�شني يجب �أن يعتنوا
جدً ا ب�أال يكتموا �أ�سماء ال�شهود ك�أن هناك خط ًرا عليهم بينما هناك �أمان تام ،وال
يجب �أن يك�شفوهم عندما يكون هناك خطر يهددهم ،القرار يف هذا الأمر ُيرتك
ل�ضمريهم ،ولقد ُكتب يف التعليق على هذه الكلمات� :أميا كنت يا من حتكم يف هذه
الق�ضية ،انتبه لهذه الكلمات جيدً ا ،لأنها ال ت�شري �إىل خماطرة ب�سيطة ولكن �إىل
307
خطر كبري ،ال ت�سلب ال�سجني حقوقه ال�شرعية بدون �سبب جيد ،لأن هذا ال ميكن �أن
يكون �إال �إ�ساءة للرب العظيم.
القارئ ال بد �أن يالحظ �أن كل العمليات التي و�صفناها ،وكل التي �سن�صفها،
حتى طرق تنفيذ احلكم (ماعدا حكم املوت) ،والتي يف نفوذ القا�ضي الكن�سي �أن
أي�ضا بالتوافق مع الأبر�شيني �أن ُت�ؤدى بوا�سطة ٍ
قا�ض مدين ،بالتايل ي�ؤديها ،ميكن � ً
فالقارئ ال يجب �أن يواجه �صعوبة يف حقيقة �أن الأمر ال�سيادي �أعاله يتحدث عن
قا�ض مدين ،لأن الأخري ميكن �أن ي�أخذ طريقته يف تنفيذ حكمقا�ض كن�سي ولي�س ٍ ٍ
املوت من رجال الكني�سة.
ﻋﺼ
e
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
308
السؤال .10ما نوع الدفاع المسموح به ،وهل يتم
توظيف محامين
�إذا طلب املتهم �أن يتم الدفاع عنه .كيف ميكن �أن يحدث هذا بينما �أ�سماء
ال�شهود �س ّرية؟ هناك ثالثة اعتبارات ال بد �أن ُتالحظ يف عمل �أي دفاع:
ﻋﺼ
يخ�ص�ص للمتهمة. � ًأول� :أن املحامي يجب �أن ّ
ﲑ ﺍﻟ
ثان ًيا� :أن �أ�سماء ال�شهود يجب �أال ُتك�شف للمحامي ،حتى حتت َق َ�سمه ب�أنه
ﻜﺘ
�سيكتمها ،ولكن يجب �أن يتم �إبالغه بكل �شيء موجود يف �شهادات ال�شهود.
ثال ًثا :املتهمة يجب �أن حت�صل بقدر الإمكان على �أي فر�صة للطعن �شريطة �أال
ﺐ ﻟﻠﻨ
حتتوي على �إ�ساءة للإميان وال �أن يكون فيها �إ�ساءة للعدالة ،كما �سنو�ضح .وبهذا
فمحامي ال�سجينة يجب �أن يح�صل على حرية الو�صول لكل معلومات الق�ضية ،فقط
ﺸﺮ
�أ�سماء ال�شهود تبقى خمفاة عنه ،واملحامي ميكن �أن يت�صرف نيابة عن ال�سجينة.
ﻭ
يجب �أن نالحظ �أن املحامي يجب �أال يتم تعيينه بنا ًء على رغبة املتهمة ،مثل �أن
ﺍﻟﺘﻮ
تختار من هو املحامي الذي �سيدافع عنها ،ولكن القا�ضي يجب �أن يعتني جدً ا ب�أن
ﺯﻳﻊ
رجل لي�س مب�شاك�س ولي�س ذا عقل �شرير ،وال �شخ�ص ميكن ر�شوته ب�سهولة يعني ً
(كما هم الكثريين) ،ولكن رجل حمرتم ال حتيط به ال�شكوك.
والقا�ضي يجب �أن يالحظ �أربعة نقاط :يجب �أن ي�سمح للمحامي �أن يدافع ولي�س
له غري ذلك ،فاملحامي � ًأول يجب �أن ينظر يف طبيعة الق�ضية ،ومن ثم �إذا وجدها من
النوع العادل ،ميكنه �أن يعمل فيها ،لكن �إذا وجدها غري عادلة فال ُبد �أن يرف�ضها،
وال بد �أن يكون حذ ًرا من �أن ي�أخذ ق�ضية غري عادلة �أو يائ�سة ،ولكن �إذا وافق على
موجزها ب�شكل عفوي ،وعلى الأتعاب ،ثم اكت�شف خالل الق�ضية �أنها ق�ضية ميئو�س
309
منها ،فال بد عندها �أن ُيع ِّرف موكله (الذي هو املتهم) �أنه �سيرتك الق�ضية ،وال
بد �أن يرد الأتعاب التي ا�ستلمها .هذا هو ر�أي جودفري �أوف فونتاينز والذي هو
متفق مع ال�شريعة .ولكن هرني �سيجو�سيو ي�ؤمن بر�ؤية خمالفة بخ�صو�ص ا�سرتجاع
الأتعاب �إذا كان املحامي قد عمل بجد ،لكن بناء على ذلك ،ميكن �أن ي�أخذ حمامي
بذكاء ق�ضية ليدافع فيها عن �سجني يعلم �أنه مذنب ،لذلك يجب على املحامي �إذا
�أخذ �أي ق�ضية كهذه �أن يتحمل م�صاريفها وتكلفتها.
النقطة الثانية التي يجب �أن نالحظها هي �أنه يف دفاعه ال بد �أن يتحكم
ب�سلوكه ب�شكل جيد يف ثالث �أمورً � :أول :ت�صرفاته ال بد �أن تكون موجزة وخالية
ﻋﺼ
ح�ضر �أي حججمن الإطالة واخلطب الرنانة .ثان ًيا :ال بد �أن يلتزم باحلقيقة ،وال ُي ِّ
ﲑ ﺍﻟ
بارعا،
خادعة �أو ي�ستدعي �شهود زور �أو ي�ستخدم ثغرات القانون �إذا كان حمام ًيا ً
ﻜﺘ
�أو يعمل اتهامات م�ضادة ،خا�صة يف الق�ضايا التي من هذا النوع ،والتي يجب �أن
ت�ؤدى بب�ساطة وب�إيجاز قدر امل�ستطاع .ثال ًثا� :أتعابه ال بد �أن ُتدد بنا ًء على ال�سعر
ﺐ ﻟﻠﻨ
ويف النهاية ين�صحه ب�أال ي�أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن هرطقة ،مما يجله
ﻭ
ً
معر�ضا لعقوبة احلظر الكن�سي.
ﺍﻟﺘﻮ
يدافع عن ال�شخ�ص ،لأنه ال يجب ب�أي طريقة �أن ي�ؤدي دفاعه هذا ويعطل الق�ضية من
�أن ُت�ؤ ّدى بطريقة ب�سيطة وخمت�صرة ،ب�أن ُيقدم الكثري من التعقيدات حتى يح�صل
على ا�ستئناف ،كل هذه الأ�شياء غري م�سموح بها .هذا ي�ضمن �أن يجعل املحامي ال
يدافع عن خط�أ ،لأنه يف هذه احلالة �سيكون مذن ًبا �أكرث من ال�ساحرات �أنف�سهن ،لأنه
يجعل نف�سه وك�أنه ن�صري للهرطقة ،وي�ضع نف�سه لي�س فقط حتت �شك عادي بل حتت
�شك قوي ،ويجب عندها �أن ينكر الهرطقة ب�شكل علني �أمام القا�ضي.
310
لقد و�ضحنا هذه النقطة ب�شيء من التطويل ،وال يجب �أن يتم جتاهلها من
القا�ضي ،لأن الكثري من اخلطر ميكن �أن يحدث ب�سبب الأداء غري ال�صحيح من
حمامي الدفاع �أو من النائب العام .بالتايل ،عندما يكون هناك �أي اعرتا�ض على
املحامي ،فالقا�ضي يجب �أن يعفيه وي�ستمر يف الق�ضية بنا ًء على احلقائق والرباهني،
ولكن عندما يكون حمامي املتهمة لي�س معرتَ�ضا عليه ،بل هو �شخ�ص متحم�س
للعدالة ،فالقا�ضي ميكن �أن يخربه عندها ب�أ�سماء ال�شهود ،حتت َق َ�سمه ب�أن يبقيها
�س ًرا.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
311
السؤال .11ما هو المسار الذي يجب أن يتخذه
محامي الساحرة عندما ال ي ُعطى أسماء الشهود
ولكن ميكن �أن ي�أتي �س�ؤال :ما الذي يجب على حمامي املتهمة �أن يعمله عندما
ُتخ َفى عنه �أ�سماء ال�شهود وعن موكله؟ وجنيب ب�أنه يجب �أن يح�صل على املعلومات
ﻋﺼ
من القا�ضي يف كل نقطة من نقاط االتهام ،ويجب �أن تعطى له املعلومات بناء على
ﲑ ﺍﻟ
طلبه ،فقط �أ�سماء ال�شهود يجب �أن ُتخفى عنه ،وبهذه املعلومات يجب �أن يذهب �إىل
املتهمة ،و�إذا كان الأمر ينطوي على تهمة كبرية ،يجب �أن ين�صحها ب�أن يكون لديها
ﻜﺘ
كل ال�صرب الذي ت�ستطيعه.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�إذا كانت املتهمة مرة �أخرى ت�صر على �أن تعلم �أ�سماء ال�شهود الذين �شهدوا
�ضدها ميكن �أن يجيبها املحامي كالتايل :ميكن �أن تخمني من االتهامات التي
ﺸﺮ
وجهت �ضدك من هم ال�شهود ،لأنه �إذا ُ�سحر طفل �أو حيوان� ،أو امر�أة �أو رجل ،لأنهم
فقلت لهم يجب �أن تعلموا �أنه كان من الأف�ضل رف�ضوا �أن يعريوك �شي ًئا طلبته منهمِ ،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
لكم �أن توافقوا على طلبي و�شهدوا على �أنه بناء على كلماتك مر�ض ال�شخ�ص فج�أة،
ﺯﻳﻊ
واحلقائق �أدلة �أقوى من الكلمات ،و�أنت تعلمني �أن لديك �سمعة �سيئة ،وملدة طويلة
ا�شتُبه فيك ب�إلقاء التعاويذ و�إيذاء عديد من النا�س ،وبالتحدث بهذه الطريقة ميكن
�أن يحثها لتعرف من الذي ميكن �أن يكون قد �شهد �ضدها ،ورمبا تقول له �أنا �أعرتف
ب�أنني قلت ذلك ،ولكن لي�س بنية �أن �أ�ضر �أحدً ا.
بالتايل فاملحامي ال بد � ًأول �أن ي�ضع �أمام القا�ضي وم�ساعديه االدعاء بالعداوة
ال�شخ�صية ،والقا�ضي يجب �أن يحقق فيه ،ف�إذا وجد �أنه لي�س هناك دليل على �أن
الأطفال �أو احليوانات قد �سحروا ،ولي�س هناك �شهود �آخرون ،واملتهمة لي�ست ممن
312
ُي�شتبه به من العامة �أنها تعمل بال�سحر ،يف هذه احلالة من املفرت�ض �أن ه�ؤالء ال�شهود
قد �شهدوا �ضدها بدافع من الث�أر والعداوة ال�شخ�صية ،و�سيتم تربئتها وحتريرها،
بعد �أن يتم حتذيرها من �أن حتاول �أن تث�أر لنف�سها ،كما هي عادة الق�ضاة.
الق�ضية التالية ميكن �أن نذكرها كمثال :طفل كاثرينا� ،أو كاثرينا نف�سها ،قد
ُ�سحرت� ،أو خ�سرت كث ًريا من ما�شيتها ،وهي ت�شتبه يف املتهمة لأن زوج املتهمة قد
اتهم زوج كاترينا من قبل ،فهنا �سبب العداوة مزدوج ،لأنها ُ�سحرت ولأن هناك
اتهامات ظاملة �ضد زوجها .فهل هذه ُترف�ض �شهادتها �أم ال؟ هناك وجهة نظر تقول
�أنها يجب �أن ُترف�ض ،لأنها اتًهمت بدافع العداوة ،ووجهة نظر �أخرى تقول �أنها ال
ترف�ض ،لأنه رمبا هناك دليل على �أنها ُ�سحرت.
ﻋﺼ
وجنيب ب�أنه يف هذه احلالة لي�س هناك �شهود �آخرون ،واملتهمة لي�ست حتى من
ﲑ ﺍﻟ
عموما ،وبالتايل ف�شهادة كاثرينا ال ميكن �أن تقبل ،ويجب �أن ُترف�ض،
امل�شتبه فيهن ً
ولكن �إذا �أ�صبحت املتهمة م�شتب ًها فيها ،و�إذا كان املر�ض لي�س ب�سبب طبيعي بل
ﻜﺘ
ب�سبب ال�سحر (و�سنو�ضح الح ًقا كيف ميكن �أن منيز هذا) ،فيجب �إخ�ضاعها �إىل
التطهري الكن�سي.
ﺐ ﻟﻠﻨ
و�إن �أعطى ال�شهود معلومات فقط على �شخ�صية املتهمة ال�سيئة بدون دليل على
اجلرمية ،فالقا�ضي يجب �أن يرف�ض ه�ؤالء ال�شهود ب�سبب العداوة ال�شخ�صية� ،إال
ﺸﺮ
دليل من كالمهم على �سوء �شخ�صيتها على �أن املتهمة ميكن �أن �أنه يجب �أن ي�أخذ ً
يكون م�شتب ًها فيه ب�شدة ،وعلى هذه الأر�ضية ميكن �أن يحكم عليها بعقاب ثالثي:
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
حتديدً ا التطهري الكن�سي ب�سبب �سمعتها� ،أو بالترب�ؤ ب�سبب ال�شك الكبري الذي �أثري
ﺯﻳﻊ
�ضدها ،وهناك �أنواع عديدة من الترب�ؤ على درجات عديدة من ال�شك ،كما �سنو�ضح
يف الطريقة الرابعة من طرق تنفيذ احلكم.
و�إذا اعرتفت بجرميتها وندمت ،ال يتم ت�سليمها �إىل الفرع املدين لتنفيذ عقوبة
الإعدام ،ولكن ُيح َكم عليها بوا�سطة القا�ضي الكن�سي بال�سجن مدى احلياة ،وعلى
الرغم من حقيقة �أنه مت احلكم عليها بال�سجن مدى احلياة بوا�سطة القا�ضي
الكن�سي ،فالقا�ضي املدين ميكنه ب�سبب الأ�ضرار التي عملتها �أن ي�سلمها �إىل احلرق،
ولكن كل هذه الأمور �ستو�ضح ب�شكل كامل عندما نتحدث عن الطريقة ال�ساد�سة من
طرق تنفيذ احلكم.
313
ولنجمع ما قيل :يجب على القا�ضي � ًأول� :أن يحذر �أال ُي�صدق املحامي ب�سهولة
عندما ي ّدعي وجود عداوة �شخ�صية �ضد املتهمة ،لأنه يف هذه احلاالت ناد ًرا ما
دوما
ي�شهد �أحد �ضد �ساحرة بدون �أن تكون عنده عداوة �شخ�صية ،لأن ال�ساحرة ً
مكروهة من كل �أحد .ثان ًيا :يجب �أن يالحظ �أن هناك �أربعة طرق ميكن �أن تدان بها
ال�ساحرة ،بال�شهود� ،أو با�شتباه ذو �سند قوي� ،أو بدليل مبا�شر �أو غري مبا�شر على
احلقائق ،ولهذه الأ�سباب ميكن لل�شك �أن يكون قو ًيا �أو ً
ب�سيطا �أو خط ًريا.
ثال ًثا :يجب على القا�ضي �أن ي�ستخدم كل الظروف املذكورة �أعاله ليواجه التما�س
املحامي ويجيب على ادعاءات املحامي عن العداوة ال�شخ�صية ،والذي هو �أول خط
ﻋﺼ
دفاع ميكن للمحامي �أن مي�ضي فيه.
ﲑ ﺍﻟ
ولكن عندما يتخذ املحامي اخلط الثاين من الدفاع ،ويعرتف ب�أن املتهمة قد
ﻜﺘ
ا�ستخدمت بالفعل كلمات �ضد ال�شهود مثل� :أنت �ستعلم قري ًبا ما الذي �سيحل بك،
�أو �أنت �ستتمنى قري ًبا جدً ا لو �أنك �أقر�ضتني �أو بعتني ما طلبته منك� ،أو كلمات مثل
هذه ،ويقول �أنه على الرغم من �أن ال�شهود بعد هذه الكلمة قد ح�صل لهم �أذى �أو
ﺐ ﻟﻠﻨ
ملمتلكاتهم� ،إال �أن هذا لي�س ب�سبب �أن املتهمة عملته ك�ساحرة ،لكن لأن الأمرا�ض
ﺸﺮ
والقا�ضي يجب �أن يجيب على هذه االدعاء بالطريقة التالية� :إذا كان املر�ض
ﺯﻳﻊ
ب�سبب طبيعي ،فاحلجة جيدة ،ولكن الدليل ي�شري �إىل العك�س ،لأنه مر�ض ال ميكن
عالجه بالأدوية العادية� ،أو يف ر�أي الأطباء املر�ض ح�صل ب�سبب ال�سحر� ،أو كما
هو متعارف عليه يف الكالم ال�شعبي �أنه ح�صل ب�سبب نظرة ليلية �ساخطة� ،أو �أنَّ
هناك ر�أ ًيا ل�ساحرة �أخرى �أن هذا ح�صل ب�سبب ال�سحر� ،أو ب�سبب �أن املر�ض قد جاء
فج�أة بدون �أي ابتداء ،بينما الأمرا�ض الطبيعية حتدث بالتدريج� ،أو رمبا ب�سبب
�أن املدعي وجد بع�ض �أدوات ال�سحر حتت �سريره �أو يف مالب�سه �أو يف مكان �آخر،
وعندما �أزالها ذهب عنه املر�ض وعاد �إىل �صحته ،كما يحدث دائ ًما ،كما قلنا يف
اجلزء الثاين من هذا الكتاب عندما حتدثنا عن العالجات .وبهذه الإجابة ميكن
314
للقا�ضي ب�سهولة �أن يواجه االدعاءات ،ويقول ب�أن املر�ض هو ب�سبب ال�سحر ولي�س
ب�سبب طبيعي ،و�أن املتهمة ال بد �أن ي�شتبه فيها �أنها عملت هذا ال�سحر ب�سبب كلماتها
املهدِّ دة .بنف�س الطريقة �إذا قال �أحد� :أنا �أمتنى �أن ُيحرق �أطفالك ويحدث هذا ً
فعل
بعد ذلك ،فهذا �سيثري �ش ًكا كب ًريا جدً ا �أن ذلك ال�شخ�ص الذي هدد هو الذي ت�سبب
�شخ�صا �آخر هو الذي �أ�شعل النار.
ً يف حرقهم ،حتى لو �أن
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
315
السؤال .12الكشف عن مزيد من التفاصيل عن
كيفية التحقيق في سؤال العداوة الشخصية
ﻋﺼ
ب�ش�أن هذه العداوة ،ولكن القا�ضي يجب �أن ي�ستخدم طر ًقا �أخرى ليقرر احلقيقة
بخ�صو�ص ادعاء العداوة ،حتى ال يعاقب الربيء ،بل ينفذ العدل على املذنب .ورغم
ﲑ ﺍﻟ
�أن هذه الطرق رمبا تكون لها نكهة املكر �أو حتى اخلديعة� ،إال �أن القا�ضي ميكن �أن
ﻜﺘ
ي�ستخدمها لأجل �صالح الإميان و�صالح الدولة ،لأنه حتى القدي�س بول�س يقول� :أنا مل
ً
حمتال �أخذتكم مبكر. �أثقل عليكم ،لكن �إذ كنت
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أول طريقة هي :يتم �إعطاء املتهمة �أو حماميها ن�سخة من الق�ضية ب�أ�سماء
ال�شهود واملُب ِّلغني ،ولكن لي�س بالرتتيب الذي �شهدوا به عند القا�ضي ،ولكن برتتيب
�أن ا�سم ال�شاهد املكتوب � ًأول يف الن�سخة هو يف احلقيقة ال�شاهد ال�ساد�س �أو ال�سابع
ﺸﺮ
الذي �شهد يف اجلدول ،بينما ترتيب �شهاداتهم يبقى كما هو ،بهذه الطريقة �ستنخدع
ﻭ
املتهمة وال تعرف من الذي �شهد مباذا ،وبعدها �إما �أنها �ستقول �أنهم كلهم �أعدا�ؤها
ﺍﻟﺘﻮ
�أو ال ،و�إن قالت �أن كلهم �أعدا�ؤها� ،سيتم ك�شفها �أنها تكذب عندما يح ّقق يف �سبب
ﺯﻳﻊ
العداوة بوا�سطة القا�ضي ،و�إذا �سمت واحدً ا فقط� ،سيكون �سبب العداوة �أ�سهل يف
التحقيق على القا�ضي.
عطى املحامي ن�سخة من الق�ضية ،ون�سخة �أخرى الطريقة الثانية م�شابهةُ :ي َ
منف�صلة فيها �أ�سماء ال�شهود ،ولكن ي�ضيف القا�ضي �أمو ًرا �أخرى ار ُتكبت بوا�سطة
ال�ساحرة يف مكان �آخر ،ومل ُتذكر بوا�سطة ال�شهود ،وبالتايل فاملتهمة لن تكون قادرة
على �أن تقول بالتحديد �أن هذا �أو ذاك هو عدوها ال�شخ�صي ،لأنها ال تعلم مباذا
�شهدوا �ضدها.
316
الطريقة الثالثة مت�س ال�س�ؤال اخلام�س �أعاله� :أن املتهمة يف نهاية اال�ستجواب
الثاين لها ،وقبل �أن تطلب �أن يتم الدفاع عنها من حماميُ ،ت�س�أل �إن كانت تظن
�أن لها �أي �أعداء �شخ�صيني ال يخافون من الرب ،ويتهمونها كذ ًبا بجرمية الهرطقة
وال�سحر ،عندها رمبا بدون �أن تفكر وبدون �أن ترى �شهادات ال�شهود �ستجيب ب�أنها
ال تظن �أن لديها �أعداء من �أي نوع ،عندها ال ميكن �أن ت�ستخدم طريقة العداوة
ال�شخ�صية.
الطريقة الرابعة :هي �أنه يف نهاية اال�ستجواب الثاين (كما عر�ضنا يف ال�س�ؤال
ال�ساد�س) ،قبل �أن تعطى �أي فر�صة للدفاع ،يجب �أن ُت�س�أل عن ال�شهود الذين رموها
ﻋﺼ
باالتهامات الأخطر ،ويكون ال�س�ؤال بهذه الطريقة :هل تعلمني فالن وفالن؟ ون�سمي
ﲑ ﺍﻟ
لها �أ�سماء ال�شهود ،وعندها �ستجيب �إما بنعم �أو ال ،ف�إن قالت ال ،لن ت�ستطيع بعدها
يف �أثناء الدفاع �أن تدعي �أن هناك عداوة �شخ�صية معهم ،لأنها قالت حتت الق�سم
ﻜﺘ
�أنها ال تعرفهم ،ولكن �إن قالت نعم ،يجب �أن ُت�س�أل �إن كانت تعرف �إن كان يت�صرفوا
بطريقة خمالفة للدين امل�سيحي على طريقة ال�ساحرات.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ف�إذا قالت نعم ،لأنهم فعلوا كذا وكذا ،يجب �أن ُت�س�أل �إن كان فالن منهم هو
ﺸﺮ
مثل ،وبالتايل لن ميكنها بعد ذلك �أن �صديقها �أم عدوها ،و�ستجيب ب�أنه �صديقها ً
تدعي وتقول حتت الق�سم من خالل حماميها ب�أن هناك عداوة �شخ�صية معه ،لأنها
ﻭ
قالت حتت الق�سم �أنه �صديقها ،ولكن �إذا �أجابت ب�أنها ال تعرف �شي ًئا عنه� ،سيبدو
ﺍﻟﺘﻮ
عقي ًما بعد ذلك �أن تدعي العداوة من �شخ�ص ال تعرف عنه �شي ًئا .ورمبا تقول �أنا
ﺯﻳﻊ
�صديقته ،ولكن �إن كنت �أعلم �أي �شيء عنه ف�أنا لن �أبوح به ،بالتايل لن تكون قادرة
بعد ذلك �أن تدعي �أنه عدوها ال�شخ�صي� ،أو رمبا هي من البداية �ستدعي وجود
عداوة �شخ�صية ،ويف هذه احلالة يجب �أن ُيعطى التما�س املحامي بع�ض الت�صديق.
الطريقة اخلام�سة :هي �أن ُيعطى املحامي �أو املتهمة ن�سخة من الق�ضية ،ب�أ�سماء
�صحيحا ،وتعرف
ً املُب ِّلغني حمذوفة ،وبالتايل �ستخمنها املتهمة ،وعادة تخمينها يكون
من الذي قال ماذا �ضدها .وعندها �إذا قالت فالن وفالن هما �أعداء �شخ�صيني،
و�أنا �أرغب �أن �أثبت ذلك ب�شاهد ،عندها يجب �أن يعترب القا�ضي �إن كان ال�شخ�ص
317
املذكور ا�سمه هو نف�س ال�شخ�ص املذكور يف اجلدول ،ومبا �أنها قالت �أنها راغبة يف
�إثبات هذا ب�شاهد� ،سيحقق مع هذا ال�شاهد ليعرف �سبب العداوة ،و�إذا وجد �أ�سبا ًبا
كافية للعداوة ال�شخ�صية� ،سريف�ض الدليل ويحرر ال�سجينة� ،إال �إذا كانت هناك
اتهامات خطرية �أخرى �ضدها� ،أق�سم عليها �شهود �آخرون.
والطريقة اخلام�سة عادة ما ت�ستخدم ،و ُوجد يف املمار�سة �أن ال�ساحرة تخمن
ب�سرعة من الن�سخة التي �أمامها من هو الذي قال املعلومات املعينة عنها ،وب�سبب
�أنه يف هذه الق�ضايا العداوة ال�شخ�صية ناد ًرا ما توجد �إال �إذا كانت ب�سبب �أعمال
ال�ساحرة الفا�سدة ،بالتايل فالقا�ضي ميكن �أن ي�صل ب�سهولة �إىل قرارً � .
أي�ضا ال بد
ﻋﺼ
�أن نالحظ �أنه عادة املُب ِّلغني يرغبون يف مواجهة ال�ساحرة �شخ�ص ًيا ،ويتهمونها يف
ﲑ ﺍﻟ
وجهها بال�سحر الذي عملته عليهم.
ﻜﺘ
ال تزال هناك طريقة واحدة باقية ،هي املالذ الأخري للقا�ضي ،ف�إذا َوجد بالطرق
ال�سابقة �أنه ال توجد عداوة �شخ�صية بني املتهم وال�شهود ،ولكنه يريد �أن يزيل
متاما وبا�ست�شارة م�ساعديه ،فعليه �أن يت�صرف كل �أر�ضية لل�شكوك بحل ال�س�ؤال ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
حمذوفة ،و�سيكون دفاعها عادة ب�أن لديها �أعداء �شخ�صيني ،ورمبا �ست ّدعي �أ�سبا ًبا
عديدة للعداوة ،و�سواء اتفقت احلقائق مع كالمها �أم مل تتفق ،فيجب على القا�ضي
ﻭ
رجال متعلمني �أ�صحاب �سمعة جيدة ،وجنعلهم يقر�ؤون الق�ضية كاملة �أن ي�ستدعي ً
ﺍﻟﺘﻮ
من �أولها �إىل �آخرها من �سجل كاتب العدل �أو الكاتب العادي ،ونك�شف لهم �أ�سماء
ﺯﻳﻊ
ال�شهود حتت ق�سمهم بالتزام ال�سرية ،وعلى القا�ضي �أن ي�س�ألهم �إن كانوا �سيلتزمون
بهذا الق�سم ،لأنه �إن مل يكونوا �سيلتزمون ،فعليه �أال يك�شف لهم الأ�سماء.
ثم على القا�ضي �أن يخربهم كيف ح ّقق مع فالن وفالن يف مو�ضوع العداوة
ال�شخ�صية ،وكيف �أنه مل ي�ستطع �أن يجد احلقيقة .وهناك �أ�سلوبني ميكن �أن ُيتبعا،
�إما �أن يقرروا بينهم بالت�شاور �إذا كان الدليل الذي قدمه �أي �شاهد من ال�شهود
�س ُيقبل �أو ُيرف�ض كدليل على العداوة ال�شخ�صية� ،أو يختاروا �أربعة �أو خم�سة
�أ�شخا�ص لديهم معرفة كبرية يف القرية ب�أي �صداقة �أو عداوة بني املُب ِّلغ واملتهمة،
318
و ُتك�شف له�ؤالء الأ�شخا�ص �أ�سماء املتهمة واملُب ِّلغ فقط ،وال ُتك�شف لهم املعلومات التي
متاما
�شهد بها ال�شهود ،و ُيرتك احلكم لهم يف النهاية .هكذا َيحمي القا�ضي نف�سه ً
ويحرر نف�سه من �أي �شكوك �سيئة ،ويلتزم ب�أن يعمل هذه الطريقة الأخرية عندما
ُيقب�ض على املتهمة يف بلد �أو قرية �أجنبية .هذه الطرق �ستكفي للتحقيق يف �س�ؤال
العداوة ال�شخ�صية.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
319
السؤال .13عن النقاط التي يجب أن يراقبها
القاضي قبل التحقيق األولي في مكان التعذيب
العدالة العامة تقت�ضي �أال ُيحكم باملوت على �أي �ساحرة �إال �إذا �أُدينت بجرميتها
باعرتافها اخلا�ص ،ونحن نتحدث عن حالة �ساحرة حمكوم عليها بالهرطقة
ﻋﺼ
الوا�ضحة لواحد من الأ�سباب املذكورة يف ال�س�ؤال الأول ،حتديدً ا الدليل املبا�شر �أو
غري املبا�شر على اجلرمية� ،أو ال�شهادة ال�شرعية لل�شهود ،ويف هذه احلالة ال بد �أن
ﲑ ﺍﻟ
تتعر�ض لال�ستجواب والتعذيب حتى ي�ؤخذ منها االعرتاف بجرائمها.
ﻜﺘ
وا�ضحا �سن�ست�شهد بق�ضية حدثت يف �سبايرز وعرفها الكثريون: وحتى يكون الأمر ً
كان هناك رجل �صالح يت�ساوم مع امر�أة ،وال يخ�ضع لل�سعر الذي تطلبه يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
�سلعة معينة ،فقالت له بغ�ضب� :أنت �ستتمنى قري ًبا �أنك قد وافقت .لأن ال�ساحرات
عادة ي�ستخدمن هذه الطريقة يف الكالم� ،أو �شيء مثل هذا عندما ُيردن �أن ي�سحرن
ﺸﺮ
�شخ�صا بالنظر �إليه .ثم وبغ�ضب نظر �إليها الرجل من وراء كتفه لريى ب�أية نية ً
تلفظت بهذه الكلمات ،وفج�أة مت �سحره حتى �أ�صبح فمه م�شدودًا من الناحيتني �إىل
ﻭ
�أذنيه يف ت�شوه مريع ،ومل يتمكن من �إعادته ،وبقي م�شوها ملدة طويلة.
ﺍﻟﺘﻮ
نحن نذكر هذه الق�ضية لأن هذا الرجل قد مت تقدميه للقا�ضي على �أنه دليل
ﺯﻳﻊ
مبا�شر على اجلرمية ،وهناك �س�ؤال :هل هذه املر�أة يجب �أن يقب�ض عليها بهذا
ال�سحر الوا�ضح؟ �سنجيب من كلمات القدي�س برينارد� ،أن هناك ثالثة طرق ميكن
�أن يقب�ض على ال�شخ�ص ب�سببها للحكم عليه ،ويجب �أن تتفق الثالثة طرق يف
الإ�شارة ل�شيء واحد ،وهم حتديدً ا :الدليل على اجلرمية� ،شهادة ال�شهود ،اعرتافه
على نف�سه.
والدليل غري املبا�شر على اجلرمية يختلف عن الدليل املبا�شر ،لأنه لي�س قاط ًعا،
ويكون م� ً
أخوذا من كلمات �أو �أفعال ال�ساحرات ،كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال ال�سابع ،وهو
320
يخت�ص بال�سحر الذي لي�س �سريعا جدً ا يف ت�أثريه ،بل يكون هناك وقت معني من
�ساعة التلفظ بكلمة التهديد حتى حدوث الت�أثري.
ولكن ما نتحدث عنه الآن هو :ما الفعل الذي يجب �أن يعمله القا�ضي؟ وكيف
يتقدم �إىل ا�ستجواب املتهمة با�ستخدام التعذيب ال�ستخراج املعلومات منها حتى
ميكنه �أن ُينفذ عليها حكم املوت.
وب�سبب امل�شاكل الكبرية التي �سب ّبها �صمت ال�ساحرات وعنادهن ،هناك نقاط
عديدة على القا�ضي �أن يالحظها ،و�سنتحدث عنها يف عدة فقرات.
�أولها �أنه يجب �أال يكون �سري ًعا جدً ا يف �إخ�ضاع ال�ساحرة لال�ستجواب� ،إال �إذا
ﻋﺼ
�أخ�ضع الرب قوة ال�شيطان عن طريق مالك مقد�س ليوقف دعمه لل�ساحرة ،و�إال
لن ت�شعر ب�آالم التعذيب حتى لو ُق ِّطعت �أطرافها طر ًفا طر ًفا فلن تقول �أي حقيقة.
ﲑ ﺍﻟ
ولي�ست كل ال�ساحرات ميلكن نف�س القدرة على ال�صمت ،فال�شيطان يف بع�ض
ﻜﺘ
الأحيان برغبته ي�سمح لهن ب�أن يعرتفن بجرميتهن بدون �أن يتم �إخ�ضاعه بوا�سطة
مالك مقد�س ،ولأجل فهم هذا فالقارئ ال بد �أن يرجع �إىل ما متت كتابته يف اجلزء
ﺐ ﻟﻠﻨ
وروحا،
�سنوات قبل �أن يعطني له البيعة� ،أي قبل �أن ُيخل�صن �أنف�سهن له ج�سدً ا ً
بينما هناك �أخريات عندما يترب�أن من الإميان لأول مرةُ ،يعطني البيعة له يف نف�س
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الوقت .وال�سبب الذي يجعل ال�شيطان ي�سمح بهذه الفرتة من الوقت لبع�ضهن هو �أنه
ﺯﻳﻊ
خالل هذا الوقت ميكنه �أن يعرف �إذا كانت ال�ساحرة التي �أنكرت الإميان قد �أنكرته
ب�شفتيها فقط �أم بقلبها � ً
أي�ضا.
لأن ال�شيطان ال ي�ستطيع �أن يعرف الأفكار الداخلية للقلب �إال التي تظهر على
االنطباعات اخلارجية ،كما قلنا يف اجلزء الأول من هذا العمل عندما حتدثنا عن
�س�ؤال؛ هل ال�شيطان ميكن �أن ُيحول عقول الرجال �إىل الكره �أو احلب؟ والعديدات
مت �إغوا�ؤهن بوا�سطة �ساحرات �أخريات ب�سبب الفقر ،ممن اعرتفن لأجل احل�صول
على الغفران ،و ُكنّ قد �أنكرن الإميان كل ًيا �أو جزئ ًيا .وه�ؤالء هن الالتي يهجرهن
مالك مقد�س ،وبالتايل يعرتفن بجرميتهن ب�سهولة، ال�شيطان بدون �أي �إخ�ضاع من ٍ
321
بينما الأخريات من الالتي ارتبطن يف قلوبهن بال�شيطان ،فهن حمميات بقدرته
ويحافظن بعناد على ال�صمت.
وهذا يعطي �إجابة وا�ضحة عن �س�ؤال كيف �أن هناك �ساحرات يعرتفن ب�سهولة
و�أخريات ال يفعلن هذا ب�أي طريقة .ويف احلالة الأوىل ،عندما ال يخ�ضع ال�شيطان
متاما ،لكنه يحب �أن ُيو�صلهن �إىل الي�أ�سمالك مقد�س ،فهو ال يهجرهن ً بوا�سطة ٍ
عن طريق التعا�سة امل�ؤقتة واخلوف من املوت املر ّوع ،ه�ؤالء يكون ال�شيطان غال ًبا
مل يح�صل على قلوبهن وميتلكها بعد .لأنه وا�ضح من اعرتافاتهن التائبة �أنهن مل
طوعا مبح�ض �إرادتهن ،ولكنه �أُجربهن على عمل ال�سحر. يخ�ضعن لل�شيطان ً
ﻋﺼ
وبع�ضهن بعد �أن يعرتفن بجرائمهن ،يحاولن �أن ينتحرن بخنق �أو �شنق �أنف�سهن.
وهن ي�صلن �إىل فعل هذا بوا�سطة العدو ال�شيطان ،خ�شية منه �أن يح�صلن على
ﲑ ﺍﻟ
املغفرة خالل االعرتاف التائب .هذا يحدث ب�شكل �أ�سا�سي يف حالة ه�ؤالء الالتي
طوعا � ً
أي�ضا بعد طوعا لل�شيطان ،رغم �أنه ميكن �أن يحدث للتابعات ً ل�سن تابعات ً
ﻜﺘ
�أن يعرتفن بجرائمهن ،لكن عندها �سيكون اعرتافهن ب�سبب �أن ال�شيطان مت �إجباره
على هجر ال�ساحرة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
خ�ضع �ساحرة يف اخلتام ميكن �أن نقول �أنه من ال�صعب� ،أو من ال�صعب جدً ا� ،أن ُت ِ
�شخ�ص ملبو�س.
ٍ لتقول احلقيقة ،هذا مثل �صعوبة �أن تطرد الروح ال�شريرة من
ﺸﺮ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
322
السؤال .14عن طريقة الحكم على الساحرة
باالستجواب والتعذيب.
عن طريقة احلكم على ال�ساحرة باال�ستجواب والتعذيب :وكيف يجب �أن يتم
ا�ستجوابها يف اليوم الأول ،وهل يجب �أن يتم وعدها ب�أنها �ستعي�ش.
ﻋﺼ
القا�ضي يجب �أن ينطق حكمه بالطريقة التالية:
ﲑ ﺍﻟ
ح�ضرنا وح ّققنا يف تفا�صيل الق�ضية �ضدك نحن ،الق�ضاة وم�ساعدوهم ،قد َ
ﻜﺘ
يا فالنة .يف املكان الفالين يف �أبر�شية كذا ،وبعد التحقيق باجتهاد يف الأمر كله،
ا�ستخدمت هذا التهديد بدون
ِ أنك
قلت � ِ
مثل ،عندما ِ أنك ُمبهمة يف �أقوالكً ،
وجدنا � ِ
نية لعمل الأذى ،ولكن رغم هذا ظهرت �أدلة عديدة كافية لأن ُتع ِّر�ضك لال�ستجواب
ﺐ ﻟﻠﻨ
عليك
والتعذيب ،حتى ميكن ا�ستخراج احلقيقة من فمك ،ومن الآن ف�صاعدً ا ِ
�أال ُتزعجي �آذان الق�ضاة ،ونحن ُنعلن باحلكم التايل� ،أنه يف هذا اليوم ويف هذه
ﺸﺮ
عليك ب�أن ُتو�ضعي حتت اال�ستجواب والتعذيب .وهذا احلكم هو لأجل ال�ساعةُ ،ح ِكم ِ
ﻭ
كذا وكذا.
ﺍﻟﺘﻮ
ً
بدل من ذلك ،كما قلنا ،ميكن �أال يرغب القا�ضي ب�أن ُي�س ّلم املتهمة لال�ستجواب،
ﺯﻳﻊ
ولكن يعاقبها بال�سجن وهناك داف ٌع خفي يف نيته� ،أن ي�ستدعي �أ�صدقاءها ويجعل
الأمر ك�أنها ميكن �أن تتخل�ص من عقوبة املوت وتخ�ضع للعقاب بطريقة �أخرى،
وعليه �أن يحثّ �أ�صدقاءها ب�أن يحاولوا �إقناعها ب�أن تعرتف .ففي الغالب ،الت�أمل،
ومعاناة ال�سجن ،والن�صائح املتتالية من ال�صاحلني ،تقرر بعدهم املتهمة �أن تك�شف
احلقيقة.
ونحن وجدنا �أن بع�ض ال�ساحرات ي�ؤ ّثر فيهن هذا النوع من الن�صيحة ،وكعالمة
على متردهن على ال�شيطان ،يب�صقن على الأر�ض ك�أنهن يب�صقن على ال�شيطان
323
ويقلن «ان�صرف� ،أيها ال�شيطان اللعني� ،س�أفعل ما هو عادل» وبعدها يعرتفن
بجرائمهن.
ولكن لو �أنه ،بعد �إبقاء املتهمة يف حالة من القلق ،وت�أجيل يوم التحقيق با�ستمرار،
وبا�ستخدام الإقناع ال�شفهي با�ستمرار ،ومع بدء حتول تفكري القا�ضي لي�صدق بحق
�أن املتهمة �سرتف�ض قول احلقيقة ،فيجب �أن ي�ستجوبها برفق دون �أن ي�سفك الدم،
عاملًا يف نف�سه �أن هذا اال�ستجواب وهمي وغري م�ؤثر.
يجب �أن يبد�أ بهذه الطريقة .بينما يكون اجلنود ُيجهزون لال�ستجواب ،يجب
�أن ُتخلع جميع مالب�س املتهم� ،أو �إذا كانت امر�أة ،يجب �أن ُتقاد � ًأول �إىل الغرف
ﻋﺼ
اجلزائية وهناك تخلع مالب�سها �أمام ن�ساء �صاحلات لهن �سمعة طيبة .و�سبب هذا
�أنه يجب �أن يبحثن عن �أي �أداة لل�سحر خميطة يف مالب�سها ،لأنهن عادة ما يعملن
ﲑ ﺍﻟ
مثل هذه الأدوات ب�أوامر من ال�شيطان من �أطراف الأطفال غري املعمدين ،والغر�ض
ﻜﺘ
حرمن ه�ؤالء الأطفال من البهجة .وعندما يتم التخل�ص من هذه الأدوات ،فعلى �أن َي ِ
القا�ضي �أن ي�ستخدم �إقناعاته اخلا�صة مب�ساعدة ال�صاحلني الذين لديهم حما�س
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن لي�س بفرح ،بل ُيظهروا لها �أنهم لي�سوا �سعداء مبهمتهم.
�شخ�ص جاد ،وت�ؤخذ �إىل جانب ،ويتم
ٍ ثم يجب �أن يحرروها مرة �أخرى بطلب من
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�إقناعها مرة �أخرى ،ويقال لها �أنه ميكنها �أن تتخل�ص من عقوبة املوت.
ﺯﻳﻊ
هنا ي�أتي �س�ؤال ،هل يف حالة ال�سجينة املدانة �شرع ًيا ب�سمعتها ال�سيئة ،ب�شهادة
ال�شهود ،وبالدليل على اجلرمية ،وال�شيء الوحيد الباقي هو اعرتافها باجلرمية على
نف�سها ،هل يعدها القا�ضي �أنها �ستعي�ش ،لأنها �إذا اعرتفت باجلرمية فهي �ستموت
بالت�أكيد.
أ�شخا�صا خمتلفني لديهم �آراء خمتلفة على هذا ال�س�ؤال .البع�ضً ونيب ب�أن � ُ
ي�ؤمن ب�أنه �إذا كانت املتهمة لديها �شهرة و�سمعة �سيئة ،وم�شتبه فيها ب�أدلة ال لب�س
خطر كبري ،ك�أن تكون �سيدة ل�ساحرات �أخريات، فيها ،وكانت هي نف�سها م�صدر ٍ
فيمكن �أن يتم وعدها ب�أنها �ستعي�ش بال�شروط التالية� ،أن يتم احلكم عليها بال�سجن
324
دليل يو�صل لإدانة ال�ساحرات مدى احلياة على اخلبز واملاء� ،شريطة �أن ُتقدِّ م ً
الأخريات.
ويجب �أال يقال لها ،عندما ُت�سجن مدى احلياة� ،أنه �سيتم �سجنها بهذه الطريقة،
ولكن يجب �أن ُتقاد �إىل افرتا�ض �أن هناك ك ّفارات �أخرى ،مثل النفي� ،سيتم تطبيقها
عليها كعقاب .وبال �شك ه�ؤالء ال�ساحرات ال�شهريات ذوات ال�سمعة ال�سيئة ،خا�صة
اللواتي ي�ستعملن �أدوية ال�ساحرات ويعاجلن امل�سحور ،ال بد �أن َيبقني يف ال�سجن،
لأنهن ميكن �أن يعاجلن امل�سحورين ،وميكنهن خيانة ال�ساحرات الأخريات .ولكن
هذه اخليانة بذاتها يجب �أال ُتعترب كافية للإدانة ،لأن ال�شيطان كاذب� ،إال �إذا كان
تدعيمها بدليل على اجلرمية ،وب�شهود.
ﻋﺼ
البع�ض الآخر يرى �أنه بعد �أن تو�ضع املتهمة يف ال�سجن بهذه الطريقة لأجل �أن
ﲑ ﺍﻟ
تعي�ش ،يجب �أن تبقى لفرتة معينة ،ثم بعدها يجب �أن ُترق.
ﻜﺘ
ر� ٌأي ثالث هو �أن القا�ضي ميكن �أن يعدها ب�أن تعي�ش ،ولكن يعفي نف�سه بعدها من
بقا�ض �آخر مكانه يحكم عليها باملوت.
مهمة تنفيذ احلكم عليها ،وي�أتي ٍ
ﺐ ﻟﻠﻨ
يبدو �أن هناك بع�ض الفائدة يف عمل الر�أي الأول ب�سبب �أنها �ستعالج امل�سحورين،
لكن من غري ال�شرعي �أن ت�ستخدم ال�سحر لتعالج ال�سحر ،ورغم ذلك (كما قيل يف
ﺸﺮ
ال�س�ؤال التقدميي لهذا اجلزء الثالث) الر�أي العام هو �أنه من ال�شرعي �أن ت�ستخدم
الباطل واملاورائيات لتُزيل تعويذة .ولكن اخلربة يف ق�ضايا كثرية مثل هذه هي �أكرث
ﻭ
قيمة للق�ضاة من �أي فن �أو كتاب ،لذا فهذا �أمر يجب �أن ُيرتك للق�ضاة .ولكن ُوجد
ﺍﻟﺘﻮ
غال ًبا من خالل اخلربة �أن العديدات يعرتفن باحلقيقة �إذا مل يتم تهديدهن باملوت.
ﺯﻳﻊ
ولكن �إذا مل تكن هذه التهديدات وال الوعود �ستقنعها ب�أن تعرتف باحلقيقة،
فاجلنود ال بد �أن ينفذوا احلكم ،ويجب �أن يتم ا�ستجوابها ،لي�س ب�أي طريقة جديدة
ولكن بالطريقة املعتادة ،بلطف �أو بق�سوة ح�سب طبيعة جرائمها .وبينما يتم
ا�ستجوابها على نقاط معينة ،يجب �أن ُتعر�ض للتعذيب بتكرار ،بداية ب�أخف تعذيب،
وال يجب �أن يتعجل القا�ضي بعمل التعذيب الأق�سى .وبينما يتم عمل هذا ،ال بد �أن
يكتب الكاتب كيف مت تعذيبها وما هي الأ�سئلة التي ُ�سئلت لها وماذا كانت �إجابتها.
والحظ �أنه �إذا اعرتفت حتت التعذيب ،يجب �أن ت�ؤخذ �إىل مكان �آخر و ُت�س�أل من
جديد ،حتى ال تكون قد اعرتفت فقط حتت التعذيب.
325
اخلطوة التالية للقا�ضي هي �أنه لو بعد �أن ُعذبت رف�ضت قول احلقيقة ،يجب �أن
تو�ضع �أداة �أخرى للتعذيب �أمام عينها ،ويقال لها ب�أنه يجب عليها �أن تتحمل تلك
تخف من هذا ،فيجب �أن ي�ستمر التعذيب يف اليوم أي�ضا �إذا مل تعرتف .و�إذا مل َ� ً
الثاين والثالث ،ولكن ال يتم تكراره بعد ذلك �إال �إذا كان هناك دليل �أنه �سينجح.
نطق احلكم يف وجودها بالطريقة التالية :نحن الق�ضاة املذكورون يجب �أن ُي َ
لك يا فالنة ،اليوم الفالين ،ال�ستمرار ا�ستجوابك ،حتى ت�ؤخذ احلقيقة نعي ِ�أعالهّ ،
من فمك .والكاتب يجب �أن يكتب كل ما يتم.
وخالل الفرتة التي قبل اليوم الذي مت تعيينه ،فالقا�ضي بنف�سه �أو رجال �صاحلون
ﻋﺼ
�آخرون يجب �أن يعملوا كل ما بو�سعهم لإقناعها ب�أن تعرتف باحلقيقة بالطريقة التي
قلناها؛ ب�إعطائها وعدً ا ب�أنها �ستعي�ش �إن اعرتفت.
ﲑ ﺍﻟ
القا�ضي يجب �أن يعتني ب�أنه خالل الفرتة ال بد �أن يكون هناك ُحرا�س معها
ﻜﺘ
دائ ًما ،حتى ال ُترتك وحدها �أبدً ا ,خ�شية �أن يجعلها ال�شيطان تقتل نف�سها.
e
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
326
السؤال .15عن استمرار التعذيب وعن األدوات
والطرق التي يستخدمها القاضي لجعل الساحرة
تعترف.
عن ا�ستمرار التعذيب وعن الأدوات والطرق التي ي�ستخدمها القا�ضي جلعل
ﻋﺼ
أي�ضا كيف يجب �أن ال�ساحرة تعرتف :وكيف يجب �أن يحمي نف�سه من تعويذاتهن .و� ً
ي ُكن مزيالت لل�شعر يف �أماكن من �أج�سادهن ميكن �أن ُيخفني فيها �أقنعة ال�شيطان
ﲑ ﺍﻟ
ورموزه ،وكيف يتم حل م�شكلة العناد وال�صمت ورف�ض االعرتاف بطرق عديدة.
ﻜﺘ
على القا�ضي �أن يت�صرف كالتايل يف ا�ستمرار التعذيبً � .أول ال بد �أن ي�ضع يف
ح�سبانه� ،أنه كما �أن نف�س الدواء ال يكون منا�س ًبا لعالج كل الأع�ضاء ،بل هناك
ﺐ ﻟﻠﻨ
املا�شية العادية ،ولكن القا�ضي احلكيم يجب �أال يربط نف�سه بطريقة واحدة ال تتغري
ﺯﻳﻊ
يف التعامل مع ال�سجناء الذين ميلكون قوة ال�صمت بال�سحر ،والذين ال ميكن التغلب
على �صمتهم؛ لأنه �إذا اعتاد �أبناء الظالم على طريقة واحدة فقط من التعامل
معهم ف�سيطورون طر ًقا معروفة للتخل�ص منها.
بالتايل فالقا�ضي احلكيم واملتحم�س ال بد �أن ي�أخذ فر�صته ويختار طريقته التي
�سي�ؤدي بها التحقيق وفقا لإجابات �أو �شهادة ال�شهود� ،أو من واقع خربته ال�سابقة �أو
ذكاءه الفطري ،با�ستخدام االحتياطات التالية:
�إذا �أراد �أن يعرف �إن كانت ال�ساحرة مدعومة بقوة ال�سحر لت�صمت ،يجب �أن
يالحظ �إن كانت قادرة على �إخفاء الدموع عند تعذيبها .لأننا تعلمنا بوا�سطة كلمات
327
من رجال م�ؤهلني قدماء وبخربتنا �أنه هذه هي �أهم عالمةُ ،ووجد �أنه حتى لو �أ�ص ّرت
ب�شعوذات قوية �أن تخفي الدموع ،ف�إن كانت �ساح ًر ح ًقا؛ لن تقدر على البكاء .رغم
انطباعا باك ًيا و ُتلطخ خ ّدها وعيناها باللعاب ليبدو �أنها تبكي عندما
ً �أنها �ستُظهر
تالحظ مراقبة من احلا�ضرين.
يف مترير احلكم ميكن للقا�ضي �أو الكاهن �أن ي�ستخدم الطريقة التالية ال�ستخراج
دموعها احلقيقية �إن كانت بريئة� ،أو ملنع الدموع املزيفة .ي�ضع يده على ر�أ�س املتهمة
ويقول� ،أنا �أنا�شدك بالدموع املريرة التي �سقطت على ال�صليب بوا�سطة ُمل�صنا
الرب ي�سوع لأجل خال�ص العامل ،وبالدموع احلارقة التي ُ�ص ّبت يف �ساعة امل�ساء على
ِجراحه بوا�سطة املباركة العذراء ماري �أمه ،وبكل الدموع التي �سقطت هنا يف هذا
ﻋﺼ
العامل بوا�سطة القدي�سني واملختارين من الرب ،ومن عينه الآن قد م�سح كل الدموع،
ﲑ ﺍﻟ
كنت مذنبة لن تتمكني ب�أي طريقة �أن كنت بريئة ف�أنزيل الدموع الآن ،و�إن ِ �أنه �إن ِ
ﻜﺘ
تعملي هذا .با�سم الأب واالبن والروح القد�س� ،آمني.
ُووجد بالتجربة �أنه كلما نو�شدوا كلما قلت قدرتهن على البكاء املزيف ،مهما
ﺐ ﻟﻠﻨ
حاولن ب�شدة �أن يفعلن هذا� ،أو �أن يلطخن خدودهن باللعاب .ومع هذا من املمكن
�أنه بعد ذلك ،يف غياب القا�ضي ولي�س يف مكان وزمان التعذيب� ،أن ي�صبحن قادرات
ﺸﺮ
واحدة من النعم الأ�سا�سية املمنوحة للتائبني ،لأن القدي�س «برينارد» يخربنا �أن
دموع املتوا�ضعني ميكن �أن تخرتق ال�سماوات وتقهر ما ال يقهر .بالتايل ال ميكن
ﺯﻳﻊ
�أن يكون هناك �شك يف �أن هذه الدموع تغ�ضب ال�شيطان ،و�أنه ي�ستخدم كل م�ساعيه
حتى مينعها ،ليمنع ال�ساحرة من الو�صول �إىل التوبة.
�إن مل يكن هناك �أي طريقة لإدانة املتهمة ،ب�شهود �شرعيني �أو بدليل على
اجلرمية ،و�إن مل تكن حتت ا�شتباه قوي ،فيمكن �أن يتم �إخالء �سبيلها ،ولكن لأنها
�شك ب�سيط ب�سبب ال�سمعة التي �شهد بها ال�شهود ،ال بد �أن يطلب منها
ال زالت حتت ٍ
�أن تنكر هرطقة ال�سحر ،كما �سنو�ضح عندما نتحدث عن الطريقة الثانية من نطق
احلكم.
328
احتياط ثان ال بد �أن ُيالحظ ،لي�س فقط يف هذه النقطة ولكن يف الق�ضية كلها،ٌ
بوا�سطة القا�ضي وم�ساعديه ،يجب �أال ي�سمحوا لأنف�سهم �أن يتم مل�سهم بوا�سطة
ال�ساحرة ،خا�ص ًة بكف يدها �أو بذراعها ،ولكن ال بد �أن يحملوا حولهم بع�ض امللح
املك ّر�س يف يوم �أحد ال�شعانني وبع�ض الأع�شاب املباركة .وهذه كلها ميكن �أن ُتمع
مع بع�ضها مع �شمع مقد�س و ُتلب�س حول العنق ،كما و�ضحنا يف اجلزء الثاين عندما
حتدثنا عن العالجات �ضد الأمرا�ض التي ي�سببها ال�سحر ،وهذه لها قوة حماية
فعالة لي�س فقط �أثناء التحقيق مع ال�ساحرات ولكن يف ممار�سات وا�ستخدامات
الكني�سة ،مثل طرد الأرواح ال�شريرة والتربيكات ،كما يت�ضح يف عملية طرد الأرواح
ال�شريرة عندما يقال ،لأجل طرد كل قوى ال�شيطان� ،إلخ.
ﻋﺼ
ولكن يجب �أال ُيظن �أن اللم�س بوا�سطة املفا�صل �أو الأطراف هو الذي يجب
ﲑ ﺍﻟ
االحرتا�س منه فقط ،لأنه يف بع�ض الأحيان ب�إذن الرب ،ميكنهن مب�ساعدة ال�شيطان
�أن ي�سحرن القا�ضي مبجرد �صوت الكلمة التي يتلفظون بها ،خا�صة يف الوقت الذي
ﻜﺘ
يتعر�ضن فيه للتعذيب.
ونحن ع ِلمنا بالتجربة �أن بع�ض ال�ساحرات ،عندما يتم حب�سهن يف ال�سجن،
ﺐ ﻟﻠﻨ
ُي ّلحون على ال�سجانني لإعطائهن �شي ًئا واحدً ا� ،أن َمي ِّكنهن من �أن ينظرن �إىل
القا�ضي قبل �أن ينظر القا�ضي �إليهن ،وبالتايل يح�صلن على النظرة الأوىل �إىل
ﺸﺮ
القا�ضي فيمكنهن �أن ُيغرين عقله هو وم�ساعديه ب�أن يفقدوا كل غ�ضبهم عليهن وال
ي�ؤذوهن ب�أي طريقة ،بل ي�سمحون لهن بالتحرر و�إخالء �سبيلهن .والذي ج ّرب هو
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الذي يعطي هذه ال�شهادة احلقيقية� ،أل�سن قادرات على فعل هذا حقا!
ﺯﻳﻊ
يجب على الق�ضاة �أال يتجاهلوا هذه االحتياطات واحلمايات ،لأنه بعدم احلفاظ
عليها بعد هذا التحذير �سيتعر�ضون خلطر اللعن الأبدي .لأن خمل�صنا قال « لو مل
�أكن قد جئت وكلمتهم ،مل تكن لهم خطية ،و�أما الآن فلي�س لهم عذر يف خطيئتهم،
بالتايل يجب على الق�ضاة �أن يحموا �أنف�سهم بكال الطريقتني ،وف ًقا لأحكام الكني�سة.
و�إذا كان من املنا�سب يجب �أن ُتقاد ال�ساحرة �إىل اخللف �أثناء وجود القا�ضي
وم�ساعديه .لي�س فقط يف النقطة احلالية ولكن يف كل الق�ضية ،ثم ال بد �أن َيعمل
عالمة ال�صليب ويقرتب منها ب�شجاعة ،وبعون الرب �ستنك�سر قوة احلية القدمية.
وال �أحد يجب �أن يظن �أن من املاورائية �أن ترجع ال�ساحرة �إىل اخللف ،لأنه كما قلنا،
329
علماء ال�شريعة ي�سمحون حتى ب�أكرث من هذا �أن يتم عمله لأجل احلماية من ال�سحر،
ويقولون دائ ًما �أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل بالباطل.
ال�شعر يجب �أن ُيحلق من كل جزء االحتياط الثالث الذي جتب مالحظته هو �أن َ
من �أجزاء ج�سمها� .سبب هذا هو مثل �سبب تعريتها من مالب�سها الذي ذكرناه من
قبل ،لأنه حتى يحفظن قوتهن على ال�صمت ف�إن ال�ساحرات لديهن عادة �أن ُيخبئن
بع�ض الأ�شياء املاورائية يف مالب�سهن ويف �شعرهن ،وحتى يف الأماكن احل�سا�سة من
�أج�سادهن والتي ال حاجة لذكرها.
ولكن ميكن �أن ي�أتي اعرتا�ض� ،أن ال�شيطان ميكنه بدون ا�ستخدام هذه التعاويذ،
ﻋﺼ
�أن ُيق ّوي قلب ال�ساحرة حتى ال تعرتف بجرميتها ،مثلما ُوجد غال ًبا يف حالة املجرمني
الآخرين ،مهما كانت درجة التعذيب الذي يتعر�ضون له ،ومهما كان عدد الأدلة على
ﲑ ﺍﻟ
اجلرمية وال�شهود .وجنيب ب�أن هذا حقيقي ،ال�شيطان ميكنه �أن يعمل هذا ال�صمت
بدون ا�ستخدام �أي تعاويذ ،ولكنه ُيف�ضل �أن ي�ستخدم التعاويذ لأجل �إهالك الأرواح
ﻜﺘ
ولإ�ساءة �أكرب للذات الإلهية العظيمة.
و�ضح مبثال على �ساحرة يف قرية «هاجيناو» ،والتي ذكرناها هذا ميكن �أن ُي ّ
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف اجلزء الثاين من هذا العمل ،اعتادت �أن حت�صل على هذه القوة من ال�صمت
بالطريقة التالية ،قتلت ً
طفل ذك ًرا ال يزال مولودًا ومل ُيعمد ،وو�ضعته يف الفرن مع
ﺸﺮ
بع�ض املواد التي لي�س من املنا�سب ذكرها ،وطحنته �إىل م�سحوق ورماد ،و�إذا حملت
�أي �ساحرة معها �أو �أي جمرم هذا امل�سحوق لن يكون قاد ًرا على االعرتاف بجرميته.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
هنا وا�ضح �أن مئات الآالف من الأطفال لي�س لديهم القوة يف �أن يعملوا هذا
ﺯﻳﻊ
لأي �شخ�ص ،ولكن �أي �شخ�ص ذكي ميكن �أن يفهم �أن هذه الطرق التي ي�ستخدمها
ال�شيطان هي لإهالك الأرواح وللإ�ساءة للذات الإلهية.
أي�ضا ،ميكن �أن ي�أتي اعرتا�ض ،غال ًبا املجرمون الذين لي�سوا �سحرة تكون لديهم� ً
هذه القدرة على ال�صمت .يف الإجابة على هذا نقول �أن هذه القوة من ال�صمت ميكن
�أن حتدث من ثالثة �أ�شياءً � .أول من قوة طبيعية يف القلب ،لأن بع�ض ال�ساحرات ذوات
قلب رقيق وعقل �ضعيف فعند �أي تعذيب ب�سيط يعرتفن بكل �شيء ،حتى ب�أ�شياء غري
حقيقية ،بينما هناك �أخريات قلوبهن قوية فمهما عذبتها ال ت�ستخرج احلقيقة منها
�أبدً ا ،حتى لو مددنا ذراعها وثنيناها.
330
ثان ًيا ،ميكن �أن حتدث هذه القوة ب�سبب �أداة من �أدوات ال�سحر يحملها ال�شخ�ص،
كما قيل� ،إما يف مالب�سه �أو يف �شعره .وثال ًثا ،حتى لو مل يكن مع ال�سجينة �أداة كهذه،
رمبا حت�صل على هذه القوة من �ساحرة �أخرى ،مهما كان بعدها عنها .لأن �إحدى
ال�ساحرات يف «�إي�سبورج» كانت تتباهى بهذا� ،أنه لو كان معها حتى خيط واحد من
ك�سوة �أي �سجينة ،ميكن �أن تر�سل لها هذه القوة ،فمهما كانت هذه ال�سجينة تعذب،
حتى بقتلها ،لن تعرتف ب�أي �شيء .فالإجابة �أ�صبحت وا�ضحة على االعرتا�ض.
ولكن ماذا عما حدث يف �أبر�شية «راتي�سبورن»؟ حيث بع�ض املهرطقني �أُدينوا
باالعرتاف ال�شخ�صي وعندما ُحكم عليهم باملوت حر ًقا مل ت�ؤثر فيهم النار .ثم مت
ﻋﺼ
أي�ضا مل ي�ؤثر فيهم .وانده�ش الكل،تغيري احلكم فيهم �إىل املوت بالغرق ،وهذا � ً
والبع�ض بد�أ يقول �أن هرطقتهم هذه حق ،والأ�سقف ،يف قلق عظيم على �شعبه،
ﲑ ﺍﻟ
�أمر بثالثة �أيام من ال�صوم .وعندما حتقق هذا ب�إخال�ص� ،أتى �إىل علم �أحدهم
ﻜﺘ
�أن ه�ؤالء الهراطقة كانت لديهم تعويذة خميطة حتت اجللد �أ�سفل �أحد الذراعني،
وعندما مت �إيجادها و�إزالتها ،مت و�ضعهم على النار ،و�أُحرقوا على الفور .بع�ض
ﺐ ﻟﻠﻨ
ُم�ستح�ضري الأرواح تعلموا هذا ال�سر خالل ا�ست�شارة مع ال�شيطان ،وخانوه ،ولكن
على �أي حال قد �أ�صبح ال�سر معرو ًفا الآن ،ومن املحتمل �أن ال�شيطان ،الذي دائ ًما ما
ﺸﺮ
ميكر لتخريب الإميان ،كان بطريقة ما جم ًربا بوا�سطة القوة الإلهية ليك�شف الأمر.
من هذا ميكن �أن نرى ما الذي يجب على القا�ضي �أن يفعل عندما حتدث حالة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
كهذه له ،حتديدً ا ،يجب �أن يتوكل على حماية الرب ،وبال�صلوات وال�صوم من الرجال
ﺯﻳﻊ
331
�أمر ب�إحراق �إحدى و�أربعني �ساحرة ،بعد �أن حلقن كل �شيء .هذا كان يف مقاطعة
«بوربيا» التي ت�سمى «وورم�سرباد» ،يف منطقة �أر�شيدوق النم�سا ،ناحية «ميالن».
ولكن ميكن �أن ي�أتي �س�ؤال ،هل ميكن يف وقت احلاجة عندما تف�شل كل طرق
ك�سر �صمت ال�ساحرات� ،أن يكون �شرع ًيا �أن ن�س�أل الن�صيحة من �ساحرة من الالتي
ميكنهن �أن تعاجلن امل�سحور .وجنيب ب�أنه ،مهما كان الذي حدث يف «راتي�سبورن»
فنحن ُنحذر اجلميع� ،أنه ال �أحد ُي�سمح له ،مهما كانت احلاجة ملحة� ،أن ي�ست�شري
�ساحرة ملنفعة الدولة .وهذا ب�سبب الإ�ساءة الكبرية التي حتدث بهذا للعظمة
ب�شكل الئق حتى يتم احل�صول
الإلهية ،وهناك طرق �أخرى مفتوحة لنا ال�ستخدامها ٍ
ﻋﺼ
على احلقيقة من �أفواههن وميكن بعدها �أن ُيح َرقن� ،أو نف�شل يف هذا ،وم�شيئة الرب
يف ذلك الوقت �ستوجد طريقة ملوت ال�ساحرة.
ﲑ ﺍﻟ
يبقى لنا ِذكر بع�ض طرق عالجات ال�صمتً � .أول ،يجب على ال�شخ�ص �أن يعمل
ﻜﺘ
كل ما بو�سعه با�ستخدام مواهبه ،لعمل الطرق التي ذكرناها ،وخا�صة يف الأيام
املحددة ،كما �سيتم عر�ضه يف ال�س�ؤال التايل .انظر ر�سالة كورونثو�س الثانية 9
ﺐ ﻟﻠﻨ
دوما مع الرجال الربانيني ،الذين تعلم �أنهم ال�سرياخ ال�سابع والثالثني :كن ً
ﺯﻳﻊ
يحافظون على و�صايا الرب .يجب عليه �أن ي�ستعني براعي القدي�سني يف الدولة.
ولكن �إن ف�شل كل هذا ،يجب على القا�ضي وكل النا�س مرة واحدة �أن ي�ضعوا ثقتهم
يف الرب بال�صلوات وال�صوم ،حتى ُيزال هذا ال�سحر ب�سبب ال�شفقة عليهم .لأنه
هكذا متت ال�صالة يف ِ�سفر �أخبار الأيام الثاين :عندما ال نعلم ما الذي يجب �أن
نفعله ،ال بد �أن نلج�أ �إىل مالذ واحد� ،أن نحول عيوننا �إليك .وبال �شك الرب لن
يخذلنا يف حاجتنا.
عن هذا يتحدث القدي�س «�أوج�ستني» :كل من يالحظ �أي ِعرافة �أو ِكهانة� ،أو
يح�ضر �أو يوافق على م�شاهدتها� ،أو يدعمها باتباع ما يعمل العرافون وال�سحرة� ،أو
332
يذهب �إىل بيوتهم� ،أو يدعوهم �إىل بيته� ،أو ي�س�ألهم �أي �س�ؤال ،فيجب �أن يعلم �أنه قد
ارتد عن الدين امل�سيحي وعن معموديته و�أ�صبح كاف ًرا وعد ًوا للرب� ،إال �إذا �صحح
هذا بالتوبة الكن�سية وعاد �إىل ربه .بالتايل يجب على القا�ضي �أال يهمل ا�ستخدام
العالجات ال�شرعية ،كما قلنا ،ولكن مع بع�ض االحتياطات التالية الأخرية.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
333
السؤال .16الطريقة المالئمة والصحيحة
لالستجواب الثاني.
ﻋﺼ
هناك نقطة �أو اثنتان يجب ذكرهما ب�ش�أن ما كتبناهً � .أول� ،أن ال�ساحرات ال بد
ﲑ ﺍﻟ
�أن ُي�ستجوبن يف الأيام املقد�سة وخالل مرا�سم القدا�س الإلهي ،ويجب �أن ُين�صح
ال�شعب بال�صالة لأجل العون الإلهي ،لي�س بطريقة معينة ،ولكن ال بد �أن يبتهلوا
ﻜﺘ
ب�صلوات القدي�سني �ضد كل �أوبئة ال�شيطان.
ثان ًيا ،كما قلنا من قبل ،القا�ضي ال بد �أن يرتدي حول رقبته امللح املكر�س واملواد
ﺐ ﻟﻠﻨ
الأخرى ،مع ال�سبع كلمات التي تَلفظ امل�سيح بها على ال�صليب مكتوبة يف الئحة
وجمموعة مع امللح .ويجب �إن ا�ستطاع� ،أن يرتديها على جلد رقبته ،ويربط حول
ﺸﺮ
ج�سده �أ�شياء مقد�سة �أخرى .لأنه ثبت بالتجربة �أن ال�ساحرات ي�ضطربن كث ًريا
ب�سبب هذه الأ�شياء ،وال ي�ستطعن يف وجودها �أن ميتنعن عن قول احلقيقة� .آثار
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
وب�أخذ هذه االحتياطات ،وبعد �أن ُتعطى ال�ساحرة املاء املقد�س لت�شربه ،يجب �أن
يبد�أ القا�ضي يف ا�ستجوابها ثانية ،وين�صحها طوال الوقت مثل ال�سابق بينما تكون
مرفوعة عن الأر�ض ،ويجب على القا�ضي �أن يقر�أ �أو ي�أمر بقراءة �شهادة ال�شهود
إدانتك ب�سبب ه�ؤالء ال�شهود»ً � .
أي�ضا، �أمامها ب�أ�سمائهم ويقول «انظري! �أنتِ متت � ِ
�إذا كان ال�شهود راغبني يف مواجهتها وج ًها لوجه ،فيجب على القا�ضي �أن ي�س�ألها �إن
ح�ضر ال�شهود كانت �ستعرتف �إن مت �إح�ضار ال�شهود �أمامها .و�إذا وافقت ،يجب �أن ُي ِ
تواجه و ُتف�ضح وتقول احلقيقة عن جرائمها. ويوقفهم �أمامها ،حتى ميكن �أن َ
334
و�أخ ًريا� ،إذا ر�أى ب�أنها لن تعرتف بجرائمها ،يجب �أن ي�س�ألها �إن كانت م�ستعدة
حتى ُتثبت براءتها ب�أن جتتاز التعذيب باحلديد الأحمر ال�ساخن .وكلهن ُيردن هذا،
عاملات ب�أن ال�شيطان �سيمنع احلديد من �أن ي�ؤذيهن ،وبالتايل تنك�شف ال�ساحرة
احلقيقية بهذه الطريقة .والقا�ضي يجب �أن ي�س�ألها كيف ميكن �أن تكون متعجلة
هكذا على خو�ض هذه املخاطرة ،وكل هذا يجب �أن ُيد ّون.
أي�ضا �أن ي�ستجوب ال�ساحرات يف يوم اجلمعة ،يف وقت اجتماعيجب على القا�ضي � ً
النا�س يف القدا�س الإلهي بانتظار املخل�ص ،فهن غال ًبا يعرتفن يف هذا الوقت.
ولكن عندما يتم جتربة كل �شيء وال�ساحرة ال تزال على �صمتها .فيجب على
ﻋﺼ
القا�ضي �أن يفك قيدها ،وي�أخذها من مكان التعذيب �إىل مكان �آخر حتت حرا�سة
م�شددة ،ولكن يجب �أن يعتني ب�أال ُيحررها حتت �أي نوع من ال�ضمانات ،لأنه عندما
ﲑ ﺍﻟ
يعمل هذا ،ف ُهن لن يعرتفن باحلقيقة �أبدً ا ،و�سيكون الو�ضع �أ�سو�أ.
ﻜﺘ
لكن يف املقام الأول يجب �أن ي�أمر بح�سن معاملتها فيما يتعلق بالأكل وال�شرب،
حلا ال �شك فيه ويتحدث معها يف �أمور متنوعة، و�أثناء ذلكُ ،يدخل �إليها ً
رجل �صا ً
ﺐ ﻟﻠﻨ
ويف النهاية ين�صحها بثقة �أن تقول احلقيقة ،ويعدها �أن القا�ضي �سيكون رحي ًما معها
و�أنه �سيتو�سط لها عند القا�ضي.
ﺸﺮ
ويف النهاية يجب على القا�ضي �أن ي�أتي و ُيعدها ب�أنه �سيكون رحي ًما معها وهو يف
عقله يقول �أنه �سيكون رحي ًما مع نف�سه �أو مع الدولة ،لأنه كل ما ُيعمل مل�صلحة و�أمان
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
الدولة هو من الرحمة.
ﺯﻳﻊ
ولكن �إذا وعدها ب�أنها �ستعي�ش ،كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال الرابع ع�شر ،فيجب
�أن ُيكتب كل ما يدور بوا�سطة كاتب العدل ،الكلمات التي قيلت وب�أي نية مت الوعد
بالرحمة .و�إذا تو�سلت املتهمة ب�أن يرحموها وك�شفت جرائمها ،فيجب �أن ي ِعدوها
بطريقة غري وا�ضحة وعامة ب�أنها �ستح�صل حتى على �أكرث مما تو�سلت �أن يحدث،
حتى ميكن �أن تتحدث بثقة �أكرب.
متاما �أن تقول احلقيقة ،يجب على
وكاحتياط ثان يف هذه احلالة ،عندما ترف�ض ً ٍ
القا�ضي كما قلنا من قبل� ،أن يحقق مع �أ�صدقائها وم�ساعديها بدون علمها ،و�إذا
ك�شف هذا عن �أي �شيء يدينها ،فيجب �أن يحقق القا�ضي يف هذا ال�شيء باجتهاد.
335
أي�ضا� ،إذا ُوجدت �أية �أدوات �أو م�ستح�ضرات يف �صناديق منزلها ،ال بد �أن ُتعر�ض و� ً
�أمامها ،ويجب �أن ُت�س�أل لأي غر�ض كانت ت�ستخدمهم.
احتياط ثالث ميكن �أن ُيتخذ عندما ُت�صر على العناد بعد �أن ُيحقق مع معارفها ٌ
وي�شهدوا �ضدها ،و�إن مل يكن لها �أ�صدقاء ،يجب �أن يوجد �شخ�ص معروف ب�أنه
نوعا ما منا�ص ًرا لها ،ويدخل على ال�ساحرة ويبقى قريب منها ب�أي طريقة ويكون ً
يف ال�سجن معها ،ويتحدث معها طوال الليل .و�إذا كان متعاو ًنا ،يجب �أن ي�أكال
وي�شربا م ًعا ،ويتحدثا مع بع�ضهما يف الأ�شياء التي عملها كل منهما .ويجب �أن يقف
جوا�سي�س باخلارج يف مكان منا�سب وي�ستمعون �إليهما ويكتبون ما يقال ،و�إن كان
�ضرور ًيا ،يجب �أن يكون معهما كاتب.
ﻋﺼ
احتياط رابع� ،إذا بد�أت بقول احلقيقة ،يجب على القا�ضي �أال ي�ؤجل اال�ستماع ٌ
ﲑ ﺍﻟ
العرتافها ،حتى يف منت�صف الليل ،فعليه �أن يجتهد يف ذلك قدر ا�ستطاعته .و�إذا
كان الوقت نها ًرا ،يجب �أال يهتم �إن كان �سيت�أخر على وجبة الغداء �أو الع�شاء ،ولكن
ﻜﺘ
عليه �أن يكون جمتهدً ا حتى تقول احلقيقة ،على الأقل اجلزء املهم من احلقيقة.
لأنه قد ُوجد عام ًة� ،أنه لو حدثت ت�أجيالت وانقطاعات ،ف ُهن يعدن �إىل ال�صمت ولن
ﺐ ﻟﻠﻨ
يخربن باحلقيقة التي بد�أن يف االعرتاف بها ،مما يجعل الأمر �أ�سو�أ.
وعلى القا�ضي بعد �أن تعرتف �أنها عملت الأذى للب�شر واحليوانات� ،أن ي�س�ألها كم
ﺸﺮ
عدد ال�سنني التي ق�ضتها مع ال�شيطان اجلاثوم ،وكم املدة منذ �أن �أنكرت الإميان.
لأنهن ال يعرتفن بهذه الأمور �إال �إذا اعرتفن � ًأول ب�أفعالهن الأخرى.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
احتياط خام�س ،عندما يف�شل كل ما �سبق ،يجب�-إن �أمكن� -أن ُتقاد ال�ساحرة
ﺯﻳﻊ
�إىل قلع ٍة ما ،وبعد �أن ُتب�س هناك لبع�ض الوقت ،يجب على �صاحب القلعة �أن
بع�ضا من �أهل بيته� ،أو حتى امر�أة ذاهب يف رحل ٍة طويلة .ويجعل ً ٌ يتظاهر ب�أنه
�صاحلة� ،أن تزورها وتعدها ب�أنهم �سيحررونها ويرتبون هربها �إذا ع ّلمتهم كيف
ميكن �أن يعملوا هذه املمار�سات .ويجب على القا�ضي �أن يعرف �أنهن بهذه الطريقة
يعرتفن عادة وتتم �إدانتهن.
م�ؤخ ًرا ُحب�ست �ساحرة يف قلعة «كونيج�شيم» قرب قرية «�شيليت�ستادت» يف
�أبر�شية «�سرتا�ستبورج» ،بعد �أن مل تعرتف حتت �أي تعذيب �أو ا�ستجواب .ويف النهاية
ا�ستخدم �صاحب القلعة هذه الطريقة التي و�صفناها .بالرغم من �أنه كان موجودًا
336
يف القلعة ،لكن ظنت ال�ساحرة �أنه قد رحل ،و�أتى �إليها ثالثة من �أهل بيته ووعدوها
ب�أنهم �سيحررونها �إذا ع ّلمتهم كيف يعملون بع�ض الأ�شياء .يف البداية رف�ضت،
وقالت �أنهم يحاولون الإيقاع بها ،ولكن يف النهاية قالت لهم ماذا تريدون �أن تعرفوا.
ف�س�ألها �أحدهم كيف تثريين عا�صفة باردة ،والآخر �س�ألها عن الأمور اجل�سدية.
وبعد وقت وافقت على �أن ُتريه كيف تثري عا�صفة ،ومت �إح�ضار ط�شت من املاء،
و�أخربته ال�ساحرة �أن يحرك املاء ب�إ�صبعه ،وتلفظت ببع�ض الكلمات ،وفج�أة ،نزلت
زوبعة على ذلك املكان الذي �س ّماه ،وهو غابة بجوار القلعة ،نزلت عليها عا�صفة من
الربد مل ُير مثلها منذ وقت طويل.
ﻋﺼ
بقي �أن نو�ضح كيف ميكن للقا�ضي �أن يتقدم يف النطق باحلكم يف حالة �أن ف�شل
كل هذا� ،أو ما الذي ميكن عمله لو اعرتفت بجرميتها ،وكيف تنتهي هذه العملية،
ﲑ ﺍﻟ
و�سنختم �آخر جزء من هذا العمل بالتحدث عن هذه الأمور.
ﻜﺘ
املو�ضوع الثالث .هو �آخر جزء من هذا العمل ،كيف ميكن ختم العملية بنطق
احلكم العادل.
ﺐ ﻟﻠﻨ
من نعمة الرب �أن عرفنا الو�سائل ال�صحيحة ملعرفة هرطقة ال�سحر ،وبعد �أن
و�ضحنا كيف تبتدئ العملية وكيف تتم ،بقى �أن نناق�ش كيف ميكن للعملية �أن تنتهي
ﺸﺮ
يجب �أن ُتخلط مع الهرطقات الأخرى الب�سيطة ،لأنه من الوا�ضح �أنها لي�ست جرمية
عادية وب�سيطة ،ولكن جزء منها كن�سي وجزء منها مدين .ويف حديثنا عن طرق
ﺯﻳﻊ
مترير احلكم ،ال بد � ًأول �أن نتحدث عن نوع معني من احلكم يعجب ال�ساحرات حيث
ميكن للقا�ضي العلماين �أن يت�صرف فيه بنف�سه با�ستقالل عن رجل الكني�سة .ثان ًيا،
يجب �أن نتحدث عن �أولئك الذين ال يقدرون على الت�صرف بدون رجل الكني�سة.
وثال ًثا �سنو�ضح كيف لرجال الكني�سة �أن ُيعفوا �أنف�سهم من مهامهم.
e
337
السؤال .17عن التطهير العام وامتحان الحديد
األحمر الساخن ،الذي يعجب الساحرات.
هل القا�ضي العلماين ميكن �أن ي�سمح ب�أن تخ�ضع ال�ساحرة للتطهري العام،
بالطريقة التي ُي�سمح فيها للمتهمة املدنية �أن ُيحقق معها بالتعذيب ،ويبدو �أنه ي�سمح
ﻋﺼ
بهذا.
لأن ا�ستخدام القتال حتى املوت يف اال�ستجواب م�سموح به يف احلاالت اجلنائية
ﲑ ﺍﻟ
لأجل احلفاظ على احلياة ،ويف احلاالت املدنية لأجل احلفاظ على املمتلكات ،فلماذا
ﻜﺘ
ال جنري التحقيق باحلديد الأحمر ال�ساخن �أو باملاء املغلي؟ القدي�س «توما�س» ي�سمح
بالأول يف بع�ض احلاالت ،عندما يقول يف مقاله الأخري من كتاب Second of the
� ،Secondأن القتال حتى املوت م�شرو ٌع عندما يتوافق مع الفطرة ال�سليمة .بالتايل
ﺐ ﻟﻠﻨ
مثل الإمرباطور القدي�س «هرني» الذين ا�ستفادوا من ن�صائح الرجال ال�صاحلنيً ،
يف حالة العذراء «كونيجود» التي تزوجها ،وكان م�شتَب ًها بها بعمل الزنا.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
والقا�ضي ،الذي هو م�س�ؤول عن �أمان املجتمع ،ميكن �أن ي�سمح ب�سوءٍ ب�سيط �أن
ﺯﻳﻊ
يحدث حتى يتفادى خط ًرا عظي ًما ،حيث ي�سمح بوجود العاهرات يف القرى حتى
يتفادى احلالة العامة لل�شهوة .لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول يف كتاب On Free
� ،Willأبعد العاهرات ،و�ستخلق فو�ضى عارمة وحالة من ال�شهوة .لذلك ،عندما
ُيعب�أ �شخ�ص ما ب�إهانات و�أذى من �أي جمتمع ،ميكنه �أن ُيربئ نف�سه من �أي تهمة
جنائية �أو مدنية ب�أن َيعر�ض على نف�سه االختبار بالعذاب.
أي�ضا ،الأمل الذي يحدث للأيدي من احلديد ال�ساخن هو �أقل وط�أة من خ�سران � ً
احلياة الذي ميكن �أن يحدث يف القتال حتى املوت .ف�إذا كان القتال حتى املوت
م�سموحا.
ً أي�ضا احلديد ال�ساخن يجب �أن يكونم�سموحا ومعتادًا ،ف� ً
ً
338
احتجوا فيها مبا ُذكر يف ال�شريعة� ،أن الذين ميار�سون
ولكن هناك ر�ؤية م�ضادة ّ
�أ�شيا ًء كهذه يبدو �أنهم ُيغ�ضبون الرب ،وهنا �أ ّكد العلماء �أنه جتب مالحظة كالم
القدي�س «بول�س» يف ر�سالة ت�سالونيكي الأوىل « 5امتنعوا عن كل �شِ به �شر» وتقول
ال�شريعة يف هذا الف�صل� ،إن الذين يعملون هذه املمار�سات ُيغ�ضبون الرب ،فحتى لو
�أراد القا�ضي �إجراء اختبار كهذا ولي�س يف قلبه �إال النية الطيبة ،لكن ب�سبب �أن هذا
له مظهر ال�شر ،فينبغي �أن يتم جتنبه.
�أنا �أجيب ب�أن هذه االختبارات �أو االمتحانات هي غري �شرعية ل�سببني .الأول،
حلكم على �أمور خمفية ،والرب فقط هو الذي يجب �أن يحكم لأن غر�ضها هو ا ُ
عليها .ثان ًيا ،لأنه لي�س هناك ت�شريع �إلهي لهذه االمتحانات ،لي�س يف �أي مكان
ﻋﺼ
يف الكتب املقد�سة وال يف كتابات القدي�سني .وقالت ال�شريعة �أن الذي مل ُيذ َكر يف
ﲑ ﺍﻟ
كتابات القدي�سني ُيعترب من البدعة .والبابا «�ستيفان» يف نف�س الف�صل قال� :إنه
ﻜﺘ
ٌ
مرتوك للقا�ضي �أن ُيدين اجلناة املدانني باعرتافهم ال�شخ�صي �أو بالدليل �شي ٌء
على اجلرمية ،ولكن ال�شيء املخفي الغري معلوم هو مرتوك للرب لأنه وحده فقط
يعلم ما يف القلوب.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ومع هذا فهناك فرق بني القتال حتى املوت وبني االمتحان باحلديد ال�ساخن �أو
ﺸﺮ
املاء املغلي .لأن القتال حتى املوت يبدو �أكرث �إن�سانية ومنطقية ،لأن املتبارز ْين يكونان
من نف�س القوة واملهارة ،لكن االمتحان باحلديد ال�ساخن لي�س كذلك .لأنه رغم
ﻭ
�أن غر�ض الطريقتني هو ا�ستخراج �شيء خفي� ،إال �أنه يف حالة االمتحان باحلديد
ﺍﻟﺘﻮ
ال�ساخن فما ُيبحث عنه هو �أن يتحمل املتهم ب�شكل �إعجازي فوق طاقة الب�شر ،وهذه
ﺯﻳﻊ
لي�ست احلال يف القتال حتى املوت .بالتايل فاالمتحان باحلديد ال�ساخن هو غ ُري
متاما ،رغم �أن القتال حتى املوت لي�س �شرع ًيا � ً
أي�ضا �إىل حد ما. �شرعي ً
ب�سبب تلك الكلمات للقدي�س «توما�س» والتي تو�ضح هذا االختالف« ،نيكوال�س
�أوف اليرا» يف تعليقه على القتال بني داوود وجالوت يف �سفر امللوك الأول ال�سابع
ع�شر ،حاول �أن يثبت �أنه يف بع�ض احلاالت يكون القتال حتى املوت �شرع ًيا .ولكن
«باول �أوف بورجو�س» �أثبت �أن الأمر لي�س كذلك بل �إن العك�س هو ما عناه القدي�س
«توما�س» ،وكل الأمراء والق�ضاة العلمانيني ال بد �أن ينتبهوا �إىل براهينه.
339
برهانه الأول هو �أن القتال حتى املوت ،مثل �أي امتحان باالبتالء ،له غر�ض هو
احلكم على �شيء خمفي ،من النوع الذي يجب �أن ُيرتك حلكم الرب ،كما قلنا .وال
ميكن �أن ُيقال �أن قتال داوود هو ت�شريع للقتال حتى املوت ،لأنه قد �أوحي �إليه من
قبل الرب من خالل غريزته الداخلية �أنه يجب �أن يدخل يف هذا القتال وينتقم من
آتي �إليك
الفل�سطينيني ب�سبب ما عملوه �ضد الرب ،كما ثبت من كلمات داوود� :أنا � ٌ
با�سم الرب احلي .فهو هنا مل يتكلم كمقاتل ،ولكن كمنفذ للعدالة الإلهية.
برهانه الثاين هو �أن القتال حتى املوت �أو على الأقل الرتخي�ص بهُ ،يعطى
للطرفني فر�صة ليقتال بع�ضهما .ولكن مبا �أن واحدً ا منهما بريء ،فالرتخي�ص هنا
ُمعطى لقتل �شخ�ص بريء ،وهذا غري �شرعي ،لأنه يعار�ض القانون الطبيعي وتعاليم
ﻋﺼ
الرب .بالتايل ،فالقتال حتى املوت هو غري �شرعي باملرة ،لي�س فقط �أن ُيطلب من
ﲑ ﺍﻟ
أي�ضا وم�ست�شاريه ،الذين �س ُيعتربون قتل ًة �أو
طرف املتهم ولكن من طرف القا�ضي � ً
ﻜﺘ
�شركاء يف القتل.
ثال ًثا ،هو ي�شري �إىل �أن القتال حتى املوت هو مبارزة بني رجلني ،غر�ض كل
ﺐ ﻟﻠﻨ
واحد منهما هو �أن يُظهِ ر العدل يف الق�ضية بانت�صار �أحد الأطراف كما لو كان هذا
ٍ
االنت�صار ح�صل بحكم الإله ،ورغم هذا فواحد من الأطراف يقاتل لق�ضية غري
ﺸﺮ
عادلة ،وبهذه الطريقة فالرب يغ�ضب .بالتايل من غري ال�شرعي لكال الطرفني �أن
يعملوا هذا .ولكن باعتبار �أن الق�ضاة لديهم طرق �أخرى للو�صول �إىل العدل و�إنهاء
ﻭ
النزاع ،فعندما ال ي�ستخدمون هذه الطرق الأخرى ،وين�صحون �أو ي�سمحون بالقتال
ﺍﻟﺘﻮ
حتى املوت يف الوقت الذي ميكنهم منعه ،فهم يوافقون على موت �شخ�ص بريء.
ﺯﻳﻊ
ولكن لأنه من غري املرجح �أن «نيكوال�س» مل يكن يعرف �أو كان يجهل هذا املنطق
�أعاله ،فن�ستنتج �أنه ،عندما يقول �أنه يف بع�ض احلاالت ميكن �أن يحدث ال�ضرب
بدون خطيئة مميتة ،فهو ال يتحدث عن طرف الق�ضاة �أو النا�صحني ،بل عن القتال
الذي ُيطلب برغبة املتهم �أو خ�صمه �أنف�سهما.
ولكن مبا �أنه لي�س غر�ضنا �أن ُنطيل يف جدال مثل هذا ،ف�سنعود �إىل �س�ؤالنا عن
ممنوعا يف احلاالت
ً ال�ساحرات ،من الوا�ضح �أنه� ،إذا كان هذا النوع من االمتحان
أي�ضا يف حالة ال�ساحراتممنوعا � ً
ً اجلنائية الأخرى ،مثل ال�سرقة ،فيجب �أن يكون
340
والالتي ،من املتوافق عليه� ،أنهن يح�صلن على كل قوتهن من ال�شيطان� ،سواء كان
هذا لأجل �إحداث ال�ضرر �أو عالجه.
جميل �أن تخو�ض ال�ساحرات هذا االمتحان باالبتالء مب�ساعدة ال�شياطني، ولي�س ً
�سحت اليد بع�صري من ع�شبة معينة ميكن لأننا نتعلم من علماء الطبيعة �أنه �إذا ُم َ
لهذه اليد �أن ُتفظ من النار .وال�شيطان لديه العلم نف�سه بقدرات هذه الأع�شاب،
بالتايل ،رغم �أنه ميكن �أن يجعل يد املتهمة حممية من احلديد ال�ساخن بو�ضع مادة
يف�ضل �أن يعمل هذا الت�أثري با�ستخدام �أع�شاب طبيعية. ب�شكل خفي� ،إال �أنه ّ
ما ٍ
ب�شكل �أقل �أن يخ�ضن هذا االمتحان باالبتالء،
بالتايل يجب �أن ُي�سمح لل�ساحرات ٍ
ب�سبب ارتباطهن الوثيق بال�شيطان.
ﻋﺼ
هناك حادثة تو�ضح هذا اجلدل حدثت قبل ثالث �سنوات يف �أبر�شية «كون�ستان�س.
ﲑ ﺍﻟ
يف مقاطعة «كونت�س �أوف فوير�ستينبري» و«بالك فوري�ست» كانت هناك �ساحرة
�شهرية حمل �شكوى من اجلميع .ويف النهاية ،نتيجة لطلب اجلميع ،مت القب�ض عليها
ﻜﺘ
بوا�سطة الكونت واتُّهمت بعدد من �أعمال ال�شر وال�سحر .وعندما مت ا�ستجوابها
وتعذيبها ،رغبت يف الهرب من بني �أيديهم ،فطلبت االمتحان باحلديد ال�ساخن،
ﺐ ﻟﻠﻨ
والكونت ،كونه بال خربة� ،سمح بهذا .ثم حملت املر�أة احلديد ال�ساخن لي�س فقط
وعر�ضت �أن حتمله �إىل �أبعد من على املراحل الثالثة املحددة ،ولكن ل�ست مراتَ ،
ﺸﺮ
الأنحاء.
ﺯﻳﻊ
e
341
السؤال .18طريقة النطق بالحكم النهائي والحاسم.
يف التحدث عن هذه احلاالت التي ميكن �أن ي�صل فيها القا�ضي العلماين بنف�سه
للنطق باحلكم بدون التعاون مع رجال الكني�سة �أو الأبر�شيات ،فمن ال�ضروري �أن
نفرت�ض م�سب ًقا �أنه مما يتفق مع حماية الإميان والعدالة �أننا نحن املفت�شني يجب �أن
ُنعفى من مهمة احلكم يف هذه الق�ضايا ،ولكن بنف�س الروح املخل�صة نحن ن�سعى �أن
ﻋﺼ
ُنع ِفي الأبر�شيني من هذه املهمة.
ﲑ ﺍﻟ
�صاف،
ب�شكل ٍأي�ضا �أن هذه اجلرمية لل�ساحرات لي�ست كن�سية ٍ ال بد �أن نتذكر � ً
ﻜﺘ
بالتايل فاحلكام امل�ؤقتني وجمل�س اللوردات لي�سوا حمرومني من احلكم فيها .يف
نف�س الوقت ال بد �أن نو�ضح �أنه يف بع�ض احلاالت يجب �أال ي�صلوا �إىل حكم نهائي
بدون تفوي�ض �شرعي من الأبر�شيني.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن � ًأول ال بد �أن نتحدث عن احلكم نف�سه ،ثان ًيا عن طبيعة النطق به ،وثال ًثا
عن عدد الطرق التي ميكن �أن ُينطق بها.
ﺸﺮ
بالن�سبة لأول نقطة ،احلكم نف�سه ،القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه يجب �أال ُينطق
ﻭ
باحلكم على �شخ�ص �إال �إذا ثبت �أنه مذنب� ،أو اعرتف .وهناك ثالثة �أنواع من
ﺍﻟﺘﻮ
وحكم ابتدائي .وهذا ُي�شرح كالتايل بوا�سطة وحكم نهائيُ ، الأحكامُ ،حكم عار�ضُ ،
ﺯﻳﻊ
342
حلكم االبتدائي هو الذي ُينطق به بوا�سطة �سلطة �أقل بنا ًء على تعليمات �سلطة وا ُ
حلكم النهائي. �أعلى .ولكن نحن �سنتحدث عن �أول ُحكمني ،وخا�صة عن ا ُ
حلكم النهائي الذي مت الو�صول �إليه بدون حتقيق جيد �أو ثبت يف القانون �أن ا ُ
�إجراءات قانونية يف الق�ضية هو باطل وال ٍغ ،والأداء القانوين للق�ضية يتكون من
حلكم� ،أنه يجب �أن يكون هناك ا�ستماع جيد �إىل �شيئني .الأول يتعلق بقواعد ا ُ
يو�صل �إليه بدون ا�ستماعات حلكم الذي َ كل من املدعني واملدافعني ،وا ُ احلجج من ٍ
حلكم ال يجب �أن يكون كهذه ال ميكن �أن ُيعت ّد به .والثاين يتعلق بقواعد الق�ضاء� ،أنّ ا ُ
م�شروطا ،كمثال ،املطالبة بحيازة ممتلكات ال يجب �أن ُتقرر ب�شكل م�شروط على ً
ُمطالبة الحقة من املمتلكات.
ﻋﺼ
ولكن يف الق�ضية التي نحن ب�صددها ،والتي هي نيابة عن الإميان �ضد االتهام
ﲑ ﺍﻟ
بالهرطقة ،فالإجراءات ب�سيطة وخمت�صرة� .أي �أن القا�ضي ال حاجة به لطلب �أي
م�ستندات� ،أو �أن ُيطالب ب�أن يحدث يف الق�ضية نزاع ون�ضال .ولكن يجب �أن ي�سمح
ﻜﺘ
بالفر�صة للرباهني ال�ضرورية فقط ،ويدقق يف االحتجاجات على ت�شويه ال�سمعة،
�إلخ .وهناك م�ؤخ ًرا قانون جديد ُو�ضع للتوافق مع هذه الق�ضايا.
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أن يجل�س يف مكان م�شرف ووا�ضح للعامة ،وال بد �أن َينطق به يف النهار ولي�س يف
حلكم يجب �أن ُيعلن يف �أيام امل�ساء ،وهناك �شروط �أخرى يجب �أن ُتالحظً ،
مثل ،ا ُ
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مبا �أن الق�ضية يجب �أن ت�ؤ َّدى بطريقة ب�سيطة وخمت�صرة ،فمن املفرو�ض �أن
ت�ؤ ّدى يف �أيام الإجازات والأيام املقد�سة لأجل راحة العامة .والقا�ضي� ،إن ا�ستطاع،
ميكن �أن ميرر احلكم بدون �أن يجعله مكتو ًبا .لأن ما و�صل �إلينا من معلومات يقول
�صحيحا بدون �أن يو�ضع يف هيئة مكتوبة ،مثل �أن ً حلكم ب�أن هناك ق�ضايا يكون فيها ا ُ
أي�ضا هناك امتياز للأ�سقف عندما يكون هو يكون هذا عادة يف حمكمة حملية ماً � .
للحكم ب�أن ينطق بوا�سطة �شخ�ص �آخر. القا�ضي� ،أنه َي�سمح ُ
يف الأفعال اجلنائية يجب �أال ي� ّؤجل تنفيذ احلكم ،ولكن هذه القاعدة ال تكون
منا�سبة يف �أربع حاالت ،اثنني منهم يخ�صان مو�ضوعناً � .أول ،عندما تكون ال�سجينة
343
حامل ،عندها ي�ؤجل احلكم حتى تلد .وثان ًيا ،عندما تعرتف ال�سجينة ً امر�أة
بجرميتها ،ثم بعد ذلك ُتنكرها ،يعني بالطريقة التي و�ضحناها يف ال�س�ؤال الرابع
ع�شر.
وقبل �أن نتقدم �إىل املو�ضوع الثالث ،حتديدً ا الطرق املختلفة لتمرير احلكم
والتي �سنتحدث عنها حتى نهاية هذا العمل ،يجب � ًأول �أن ن�ضع بع�ض املالحظات
عن الطرق املختلفة التي ي�صري فيها ال�شخ�ص م�شتب ًها فيه.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
344
السؤال .19عن الدرجات المختلفة لالشتباه التي
ً
قابل للحكم عليه. تجعل المتهم
كل من الت�شريع القدمي واجلديد ُيعطي �إجابة ل�س�ؤال كم عدد وما هي الطرق
التي ميكن �أن يكون ال�شخ�ص بها م�شتب ًها فيه بالهرطقة �أو �أي جرمية �أخرى ،وهل
ﻋﺼ
ميكن �أن يحكموا عليه ب�سبب اال�شتباه فقط .لأن التف�سري يف ال�شريعة يقول �أن هناك
�أربع طرق لإدانة �سجني� ،إما ب�شهادة ال�شهود يف املحكمة� ،أو بالدليل على اجلرمية،
ﲑ ﺍﻟ
�أو ب�سبب �إدانات �سابقة �ضد ال�سجني� ،أو ب�سبب ا�شتبا ٍه خطري.
ﻜﺘ
وعلماء ال�شريعة يذكرون �أن اال�شتباه ثالثة �أنواع .الأول هو عندما تقول ال�شريعة
«يجب �أال حتكم على �أي �أحد ب�سبب �أنه م�شتب ٌه به يف ر�أيك» ،الثاين هو اال�شتباه
املحتمل وهو الذي ي�ؤدي �إىل �إجراء التطهري على املتهم ،الثالث هو اال�شتباه اخلطري،
ﺐ ﻟﻠﻨ
وهذا ي�ؤدي �إىل �إدانة املتهم .والقدي�س «جريوم» يفهم هذا النوع من اال�شتباه عندما
يقول �أن الزوجة ميكن �أن ُتط ّلق ب�سبب الزنا �أو ب�سبب اال�شتباه يف الزنا.
ﺸﺮ
أي�ضا �أن اال�شتباه املحتمل �إمنا ُيق ّدم يف الق�ضية على �أنه ن�صف يجب �أن نذكر � ً
برهان� ،أي �أنه ي�ساعد يف تثبيت الرباهني الأخرى .بالتايل ميكنه � ً
أي�ضا �أن ُيو�صل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
بتطبيق هذا على مناق�شتنا عن هرطقة ال�ساحرات والقوانني احلديثة ،نقول �أنه
يف القانون هناك ثالث درجات لل�شك يف الهرطقة ،الأوىل خفيفة ،والثانية كبرية،
والثالثة كبرية جدً ا.
الأوىل يف القانون ت�سمى اال�شتباه الطفيف .عن هذا قيل يف ال�شريعة� :إذا مت
ال�شك يف املتهمة فقط �ش ًكا طفي ًفا ،فرغم �أنها يجب �أن تعاقب ب�شدة على هذا ،لكن
ال يجب �أن تعاين من عقوبة �أولئك الذين عادوا �إىل الهرطقة .وهذا ال�شك ي�سمى
طفي ًفا ،ب�سبب �أنه ميكن �إزالته بدفاع ب�سيط و�سهل ،وب�سبب �أنه ح�صل نتيجة ٍ
حد�س
ب�سيط.
345
كمثال على الهرطقة الب�سيطة� ،إذا ُوجد �أنا�س يجتمعون مع بع�ضهم لغر�ض
العبادة ،ويختلفون يف طرق حياتهم وت�صرفاتهم عن العادات املعتادة للم�ؤمنني،
ك�أن يجتمعوا م ًعا يف الأكواخ واملخابئ� ،أو يف املوا�سم املقد�سة يف حقول بعيدة �أو
غابات ،بالنهار �أو بالليل� ،أو بطريقة �أن يعزلوا �أنف�سهم عن ح�ضور القدا�س الإلهي
يف الوقت املعتاد وبالطريقة املعتادة� ،أو يعملوا �صداقات �سرية مع من ي�شتبه فيهن
�أنهن �ساحرات ،ه�ؤالء النا�س يجلبون على �أنف�سهم اال�شتباه الطفيف بالهرطقة،
ب�سبب �أنه ثبت �أن املهرطقني عاد ًة ما يت�صرفون بهذه الطريقة .وعن ال�شك الطفيف
ب�شك ب�سيط �أنهم انحرفوا عن تعاليم وطريق يقول القانون :ه�ؤالء الذين ا�شتُبه ٍ
بحكم �ضدهم.
الدين امل�سيحي فهم ال ُي�صنفون على �أنهم هراطقة ،وال ُينطق ٍ
ﻋﺼ
«هرني �أوف �سيجو�سيو» يوافق هذا يف كتابه ،Summaعندما يقول :امل�شتبه فيه
ﲑ ﺍﻟ
هرط ًقا.
بحجة ب�سيطة ال يعترب ُم ِ بالهرطقة ُ
ﻜﺘ
اال�شتباه اخلطري ي�سمى يف القانون ا�شتباهً ا �شديدً ا ،وال�شريعة تقول :ال�شخ�ص
املتهم �أو امل�شتبه فيه بالهرطقة ،با�شتبا ٍه خطري �أو �شديد على جرميته� ،إلخ.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وتكمل :وهذان لي�سا نوعني و�إمنا نف�س النوع من ال�شك .و«بريناردو�س بابين�سي�س»
و«هوجو�شيو» يقوالن �أن اال�شتباه ال�شديد هو نف�سه اال�شتباه القوي واال�شتباه العظيم.
ﺸﺮ
مثال على ا�شتباه هرطقة من هذا النوع ،عندما جند �أن عظيمة و�أدلة قوية .لن�أخذ ً
أنا�سا خب�أوا مهرطقني معروفني ،وقدموا لهم معرو ًفا� ،أو زاروهم �أو تعاملوا معهم � ً
ﺯﻳﻊ
و�أعطوهم هدايا� ،أو ا�ستقبلوهم يف بيوتهم �أو حموهم ،ه�ؤالء الأ�شخا�ص ُيعتربون
م�شتب ًها فيهم بقوة وب�شدة يف الهرطقة.
بحب جارف �أو كر ٍه وهنا يجب �أن نذكر خا�ص ًة الرجال والن�ساء الذين يتعلقون ٍ
مفرط ،فحتى �إذا مل يعملوا �أي �ضرر للإن�سان �أو احليوان ب�أي طريقة� .إال �أنه ه�ؤالء
الذين يت�صرفون بهذه الطريقة يتم اال�شتباه فيهم ا�شتباهً ا قو ًيا .وهذا ّ
مو�ضح
بال�شريعة عندما تقول �أنه ال �شك �أن ه�ؤالء الأ�شخا�ص يت�صرفون بهذه الطريقة
تعاطف ما مع هرطق ٍة ما.
ٍ ب�سبب
346
الثالث هو اال�شتباه الأعظم ،وهو يف القانون ي�سمى اال�شتباه العنيف �أو احلرج،
لأن ال�شريعة والتف�سري من رئي�س ال�شمام�سة و«جيوفاين دي �أندريا» يقولون �أن
كلمة �شديد لي�س لها نف�س معنى كلمة عنيف .وعن هذا اال�شتباه تقول ال�شريعة:
هذا اال�شتباه ي�سمى عني ًفا لأنه ُيجرب القا�ضي بعنف على �أن ي�صدقه ،وال ميكن �أن
حد�س عنيف ومقنع. أي�ضا ب�سبب �أنه يح�صل من ٍ ُيدح�ض ب�أي مراوغة :و� ً
أنا�سا ُيظهرون توق ًريا للمهرطقني� ،أو مثال على ا�شتباه كهذا� ،إذا ُوجد �أن � ً
أمر �آخر بالتوافق مع طقو�سهم ي�أخذون العزاء منهم وي�شاركونهم� ،أو يرتكبون �أي � ٍ
ومنا�سباتهم ،فه�ؤالء الأ�شخا�ص يقعون حتت اال�شتباه العنيف واملق ِنع بالهرطقة
(انظر الف�صول العديدة عن هذا الأمر يف الكتاب ال�ساد�س من ال�شريعة) لأنه
ﻋﺼ
�شك �أن ه�ؤالء الأ�شخا�ص يت�صرفون بهذه الطريقة ب�سبب �أنهم ي�ؤمنون لي�س هناك ٌ
ﲑ ﺍﻟ
بهرطقة ما.
الأمر نف�سه بالن�سبة لهرطقة ال�ساحرات وه�ؤالء الذي ميار�سون وي�صرون
ﻜﺘ
على ممار�سة الأفعال التي تتبع طقو�س ال�ساحرات .هناك �أنواع عديدة لال�شتباه
يف حالة ال�ساحرات ،يف بع�ض الأحيان يح�صل جمرد خطاب تهديدي مثل « �أنت
ﺐ ﻟﻠﻨ
قري ًبا �ست�شعر ما الذي �سيح�صل لك « �أو �شيء من هذا النوع .وبع�ض الأحيان من
�شخ�ص �أو على حيوان .ويف بع�ض الأحيان فقط ٍ مل�سة� ،أن ي�ضعن �أيديهن بف�ضول على
ﺸﺮ
ُيظهرن �أنف�سهم للعني ،مثل �أن ُيظهرن �أنف�سهن يف النهار �أو يف الليل للآخرين الذين
هم نائمون يف �سرائرهم ،وهذا ميكن �أن يعملنه �إذا �أردن �أن ي�سحرن الأ�شخا�ص
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
واحليوانات .ولكن يف �إثارة العوا�صف الباردة فهن يعملن عدة طرق وطقو�س،
أفعال عديدة قرب النهر ،لقد و�ضحنا هذا من قبل عندما حتدثنا عن ويعملن � ً
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
وقوي وعنيف .وهم ي�شتبه فيهم ا�شتباهً ا طفي ًفا عندما يت�صرفون بطريقة تثري �ش ًكا
ﲑ ﺍﻟ
طفي ًفا �ضدهم بالهرطقة .ورغم هذا ،كما قلنا ،ال�شخ�ص امل�شتبه فيه بهذه الطريقة
ال ي�سمى مهرط ًقا ،ولكن يجب �أن ُيجرى عليه التطهري القانوين ،و ُيفر�ض عليه نطق
ﻜﺘ
�إنكار الهرطقة ر�سم ًيا ،هذا يف حالة اال�شتباه الب�سيط بالهرطقة.
لأن ال�شريعة تقول :ه�ؤالء الذين ُوجد �أنهم يقعون حتت ال�شك املحتمل (وهو
ﺐ ﻟﻠﻨ
كما يقول «هرني �سيجو�سيو» ال�شك الطفيف) ،مع مراعاة طبيعة ال�شك وطبيعة
الأ�شخا�ص ،يجب �أن ُيثبتوا �أنهم �أبرياء بعمل التطهري .و�إذا ا�ستمروا يف العناد يف
ﺸﺮ
وهذا ال�شخ�ص الذي حتت ال�شك الطفيف يجب �أن َينطق ب�إنكار ر�سمي كما هو
ﺍﻟﺘﻮ
مو�ضح يف ال�شريعة حيث تقول :ال�شخ�ص املتهم �أو امل�شتبه فيه بالهرطقة وهناك
ﺯﻳﻊ
ا�شتباه قوي يف �أنه عمل هذه اجلرمية� ،إذا �أنكر الهرطقة �أمام القا�ضي ثم بعد ذلك
ارتكبها ،عندها ،يجب �أن ُيحكم عليه على �أنه عاد �إىل الهرطقة ،رغم �أن الهرطقة
مل تثبت �ضده قبل �إنكاره .ولكن �إذا كان اال�شتباه يف البداية ً
ب�سيطا �أو طفي ًفا ،فرغم
قابل للعقاب القا�سي� ،إال �أنه ال يعاين من عقاب ه�ؤالء�أن عودة كهذه جتعل املتهم ً
الذين عادوا �إىل الهرطقة.
ولكن ه�ؤالء الذين عليهم ا�شتباه قوي ،يعني ه�ؤالء الذين ت�صرفوا بطريقة
ُتدث �ش ًكا قو ًيا فيهم ،فه�ؤالء لي�سوا بال�ضرورة هراطقة �أو ميكن �أن يدانوا على
�أنهم كذلك .لأنه قيل بو�ضوح يف ال�شريعة �أنه ال �أحد يكون ُمدا ًنا بجرمية كبرية كهذه
348
أي�ضا :نحن نقرر ب�أنه ،عندما يكون املتهم فقط حتت مبجرد اال�شتباه القوي وتقول � ً
اال�شتباه ،حتى لو كان ا�شتباهً ا قو ًيا ،فنحن ال ندينه بجرمية عظيمة كهذه ،ولكن
ال�شخ�ص امل�شتبه فيه بقوة يجب �أن ي�ؤمر ب�أن ينكر كل الهرطقة عامة ،وحتديدً ا
ال�شيء الذي هو م�شتبه فيه بقوة.
ولكن �إذا عاد بعد ذلك �إما �إىل الهرطقة الأوىل �أو �إىل هرطق ٍة ثانية� ،أو �إذا
ارتبط بواحدة من ه�ؤالء املعلوم �أنهن �ساحرات �أو هراطقة� ،أو زارهن �أو ا�ستقبلهن
�أو ا�ست�شارهن �أو عفا عنهن� ،أو قدم لهن معرو ًفا ،فيجب �أال يهرب من عقاب
خم�ص�ص يف ال�شريعة لل�شخ�ص العا�صي املنحرف ،وف ًقا لل�شريعة التي تقول :هذا
متورطا يف نوع �أو طريقة من الهرطقة� ،أو �أخط�أ يف بند من بنود الإميان ً الذي يكون
ﻋﺼ
ب�شكل حمدد و�أنكر الهرطقة �أو الأ�سرار املقد�سة للكني�سة ،وبعدها �أنكر هرطقته ٍ
ﲑ ﺍﻟ
�سر �آخر من بند �آخر �أو ٍب�شكل عام ،ثم اتّبع بعد ذلك هرطقة �أخرى� ،أو �أخط�أ يف ٍ
�أ�سرار الكني�سة ،ف�إننا نرغب يف �أن ُيحكم عليه كال�شخ�ص العا�صي املنحرف.
ﻜﺘ
ثالث حاالت ميكن لل�شخ�ص امل�شتبه فيه من هذه الكلمات يت�ضح �أن هناك ُ
بقوة �أن يعا َقب كعا�صي منحرف بعد �إنكاره الهرطقة ،الأوىل عندما يرجع �إىل
ﺐ ﻟﻠﻨ
نف�س الهرطقة التي ا�شتُبه فيه بها .والثانية عندما ينكر كل الهرطقات ثم يعود �إىل
هرطق ٍة �أخرى مل ي�شتبه فيه بها �أو ا ُتهم بها من قبل .والثالثة هي عندما ي�أخذ �أو
ﺸﺮ
يعطي �أي معروف لهراطقة .وهذه الأخرية ت�شمل وتت�ضمن عدة حاالت.
ولكن جاء �س�ؤال ،ما الذي يجب عمله عندما يرف�ض ال�شخ�ص الواقع حتت
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
اال�شتباه القوي �أن ي�ستجيب لأمر القا�ضي ب�أن ينكر الهرطقة ،كيف عندها تكون
ﺯﻳﻊ
الإجراءات �ضد ال�شخ�ص؟ وجنيب ب�أن القا�ضي يجب �أن يعمل �إجراءاته �ضده وف ًقا
لل�شريعة ،فيجب �أن ي�ضعه حتت احلظر الكن�سي .و�إذا ا�ستمر يف العناد بعد �سنة من
احلظر الكن�سي ،ف�إنه ُيدان ب�أنه مهرطق.
هناك �آخرون ي�شتبه فيهم ا�شتباهً ا عني ًفا� ،أي �أن �أفعالهم �أثارت حولهم ا�شتباهً ا
ٌ
مقبو�ض عليهم عني ًفا ،وه�ؤالء يجب �أن يعتربوا هراطقة ،ويجب �أن ُيعاملوا على �أنه
بالهرطقة ،وف ًقا لقانون ال�شريعة .فه�ؤالء �إن �أرادوا �أن يعودوا �إىل الإميان وينكروا
الهرطقة ،فيجب �أن يتوبوا ،ولكن �إذا رف�ضوا �أن ينكروا الهرقطة ،يجب �أن يتم
ت�سليمهم للمحكمة العلمانية لينالوا عقابهم.
349
ولكن �إذا مل يعرتف الواحد منهم بجرميته بعد �أن متت �إدانته ،ومل يقبل �أن ُينكر
الهرطقة ،يجب �أن ُيدان على �أنه �شخ�ص مهرطق غري تائب .لأن اال�شتباه القوي
كاف للإدانة.
ٍ
وهناك نوع ا�سمه الهرطقة الوا�ضحة ،حيث لي�س هناك دليل مبا�شر �أو غري
مبا�شر على اجلرمية ،كما �سيتم عر�ضه يف الطريقة ال�ساد�سة من طرق مترير
احلكم ،وفيها ُيدان ال�شخ�ص بالهرطقة حتى لو مل يكن مهرط ًقا :فماذا عن هرطقة
ال�ساحرات وهي �أكرب ،حيث يكون هناك دائ ًما ً
دليل مبا�ش ًرا ب�سحر الأطفال �أو
مبا�شر ب�أدوات ال�سحر التي مت �إيجادها.
ٍ الأ�شخا�ص �أو احليوانات� ،أو دليل غري
ﻋﺼ
ورغم �أنه يف حالة الهرطقة الوا�ضحة ه�ؤالء التائبني واملنكرين لها بعد
اعرتافهم وتوبتهم يتم �سجنهم مدى احلياة ،لكن رغم �أن القا�ضي الكن�سي ميكن
ﲑ ﺍﻟ
�أن يقبل ال�سجني على �أنه تائب �إال �أن القا�ضي املدين ميكنه ب�سبب الأ�ضرار التي
عملها ال�سجني �أن يقول �أن هناك �أ�ضرا ًرا مت عملها للأ�شخا�ص واملا�شية واملمتلكات،
ﻜﺘ
ويحكم عليه باملوت ،والقا�ضي الكن�سي لن ي�ستطيع �أن مينع هذا ،لأنه حتى لو مل يتم
ت�سليمه للعقوبة� ،إال �أنه جمرب ب�أن ي�سلمه بطلب من القا�ضي املدين.
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
350
السؤال .20عن الطريقة األولى للنطق بالحكم.
املتهمة �إما �أن ُيحكم �أنها بريئة ومغفو ًرا لها بالكامل� ،أو ُيحكم �أنها مذنبة
وم�ش َّوه ٌة �سمعتها بالهرطقة� ،أو ُيحكم �أنه يجب �أن تخ�ضع لال�ستجواب والتعذيب
ب�سبب �سمعتها� ،أو ُيحكم �أنها م�شتبه فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا بالهرطقة� ،أو ُيحكم �أنها
م�شتبه بها ا�شتباه ًا قو ًيا �أو �شديدً ا بالهرطقة� ،أو ُيحكم �أنها م�ش ّوهة ال�سمعة وكذلك
ﻋﺼ
م�شتبه فيها بالهرطقة يف نف�س الوقت� ،أو ُيحكم �أنها مع ِرتفة بهرطقتها ونادمة ولكن
ﲑ ﺍﻟ
انتك�ست مرة �أخرى� ،أو ُيحكم �أنها اعرتفت بهرطقتها وغري نادمة� ،أو ُيحكم �أنها
اعرتفت ولكن ب�شهادة ال�شهود �أو بطريقة �أخرى ّمتت �إدانتها بالهرطقة� ،أو ُيحكم
ﻜﺘ
�أنها مدانة بالهرطقة ولكنها هربت �أو غابت� ،أو ُيحكم �أنها عملت ال�ضرر بوا�سطة
ال�سحر ولكنها �أزالت الأ�سحار بطرق غري �شرعية� ،أو ُيحكم �أنه �ساحر من ال�سحرة
ﺐ ﻟﻠﻨ
الرماة� ،أو م�شعوذ ذو �أ�سلحة �سحرية مميتة� ،أو ُيحكم �أنها من املولدات ال�ساحرات
التي تهب الأطفال لل�شيطان� ،أو ُيحكم �أنها تعمل التما�سات خمادعة يف الق�ضية حتى
ﺸﺮ
حتتفظ بحياتها.
و�إذا ُوجد ب�أنها بريئة بالكامل ،فاحلكم النهائي يجب �أن ُينطق بالطريقة التالية:
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
هنا يجب �أن ُيذكر �أنه قد ُوجد �أن املتهمة بريئة كل ًيا بعد �أن ّمتت مناق�شة حقائق
ﺯﻳﻊ
الق�ضية باجتهاد با�ست�شارة املحامني املاهرين ،فلم تثبت عليها التهمة ،ال باعرتافها
ال�شخ�صي وال بدليل على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود ال�شرعيني (حيث �أنه ت�ضاربت
�آرا�ؤهم يف امل�س�ألة) ،واملتهمة مل ي�شتبه فيها �أبدً ا من قبل �أو مت ت�شويه �سمعتها فيما
يتعلق بهذه اجلرمية (ولكن احلالة �ستكون خمتلفة �إذا كانت قد ت�شوهت �سمعتها
بجرمية �أخرى) و�سيتم العفو عنها بوا�سطة الأ�سقف �أو القا�ضي باحلكم كالتايل:
نحن فالن ،برحمة من الرب� ،أ�ساقفة القرية الفالنية (�أو القا�ضي) ،نعترب
أنك يا فالنة من قرية كذا و�أبر�شية كذا قد مت اتهامك من ق َبلنا بجرمية الهرطقة � ِ
وحتديدا ال�سحر ،وهذا االتهام مل يكن من املمكن �أن منرره بعيون مرتاحة� ،إال
351
�أننا قد تنازلنا الآن عن املطالبة باالتهام املذكور والذي كان ميكن �أن يث ُبت �أنه
�صحيح .وبا�ستدعاء ال�شهود ،وبالتحقيق معك ،وبا�ستخدام طرق �أخرى تتوافق
مع الت�شريعات ،ر�أينا وفح�صنا كل ما قيل يف هذه الق�ضية ،وح�صلنا على م�شورة
حمامني متعلمني والهوتيني ،و�أعدنا الفح�ص والتدقيق يف كل �شيء.
ونحن اجلال�سني كق�ضاة يف هذه املحكمة ولي�س �أمام �أعيننا �إال الرب واحلق يف
الق�ضية ،وهذه الأناجيل الأربعة مو�ضوعة �أمامنا ،نقول �أن حكمنا �سيجري بت�أييد من
الرب و�أعيننا لن ترى �إال الإن�صاف ،فنحن نتقدم بحكمنا النهائي بهذه الطريقة،
بذكر ا�سم امل�سيح� .أنه بهذا الذي ر�أينا و�سمعنا ،وما ُعر�ض �أمامنا ،وما مت تنفيذه
يف هذه الق�ضية ،مل جند �أن �أي �شيء قد مت �إثباته �ضدك من هذه الأ�شياء التي مت
ﻋﺼ
اتهامك بها من ق َبلنا ،ونحن ننطق ونعلن ،ونعطي ا ُ
حلكم النهائي ب�أنه ال �شيء قد مت
ﲑ ﺍﻟ
�إثباته �ضدك من الذي كان ميكن �أن ُيحكم عليك فيه كمهرطقة �أو �ساحرة .وبهذا
الإعالن ،واحلكم ،نحن نحررك.
ﻜﺘ
ويجب �أال يو�ضع يف �أي مكان من احلكم �أن املتهمة بريئة �أو معفاة ،ولكن يقال
فقط �أنه مل يتم الإثبات قانون ًيا �ضدها ،لأنها رمبا تعود بعد وقت قليل �إىل املحكمة،
ﺐ ﻟﻠﻨ
النطق باحلكم.
ﺯﻳﻊ
e
352
السؤال .21عن الطريقة الثانية للنطق بالحكم
عندما تكون المتهمة فقط سيئة السمعة.
الطريقة الثانية لأداء احلكم ميكن �أن ت�ستخدم عندما يجدوا بعد املناق�شة
املجتهدة يف وقائع الق�ضية وا�ست�شارة املحامني املتعلمني� ،أن املتهمة هي فقط �سيئة
ﻋﺼ
ال�سمعة كمهرطقة يف قرية ما �أو مدينة �أو مقاطعة .ومل يثبت �ضدها �أي �شيء ال
باعرتافها ال�شخ�صي وال ب�أدلة على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود ،وال يوجد �شيء
ﲑ ﺍﻟ
مثبت �ضدها �إال �أنها �ضحية لقذف من عامة النا�س :وال يوجد �أي فعل �سحر ميكن
ﻜﺘ
�أن يتم �إثباته �أو مبوجبه ي�شتبه فيها ا�شتباهً ا قو ًيا ،كمثل �أن تقول كلمات مهددة مثل
«�أنت �ست�شعر قري ًبا مبا �سيح�صل لك».
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف هذه الق�ضية ال ميكن احلكم على املتهمة ،وال ت�ستطيع �أن حت�صل على التربئة
بالطريقة الأوىل ،ولكن التطهري الكن�سي القانوين يجب �أن يتم �إجرا�ؤه عليها .ويجب
ﺸﺮ
على الأ�سقف �أو نائبه� ،أو القا�ضي� ،أن يالحظ �أنه ،يف حالة الهرطقة ،لي�س واج ًبا
�أن يكون ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة عند الأ�شخا�ص ال�صاحلني واملحرتمني فقط ،لأن
ﻭ
و�أي مهرطق ميكن �أن يتم اتهامه بوا�سطة �أي �أحد� ،إال بوا�سطة �أعدائه
ﺯﻳﻊ
ال�شخ�صيني ،وميكن � ً
أي�ضا لأي �أحد �أن ي� ِّسوء �سمعته.
بالتايل يجب على الأ�سقف �أو القا�ضي �أن َينطقوا باحلكم بالتطهري الكن�سي
بهذه الطريقة �أو �شبهها:
نحن فالن ،برحمة من الرب �أ�سقف قرية كذا� ،أو القا�ضي على مدينة كذا،
بفح�ص الوقائع باجتهاد يف الق�ضية التي عملناها نحن �ضدك يا فالنة من �أبر�شية
كذا املتهمة �أمامنا بجرمية الهرطقة� ،إلخ .فنحن مل جند �أنك اعرتفت �أو متت
�إدانتك باخلطيئة املذكورة �أو �أنك حتى م�شتبه فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا� ،إال �أننا وجدنا
353
�أنك ح ًقا ذات �سمعة �سيئة عند ال�صاحلني يف القرية الفالنية وعند ال�سيئني ،و�أنه
حتى تكونني ذات � ٍأثر جيد فنحن نفر�ض عليك بالقانون تطه ًريا كن�س ًيا ،وقد عيناه
لك يف يوم كذا من �شهر كذا يف ال�ساعة كذا ،عندها يجب �أن َت�ضري ب�شخ�صك
�إلينا مع عدد كبري من النا�س ذوي املنزلة االجتماعية املت�ساوية معك لتطهريك من
رجال ذوي �إميان كاثوليكي وحياة �صاحلة من الذين ال�سمعة ال�سيئة .و�أن يكونوا ً
يعلمون عاداتك وطريقتك يف احلياة لي�س فقط يف الوقت احلايل ولكن يف املا�ضي.
ونحن نفيدك ب�أنه لو ف�شلت يف التطهري ،ف�إنك �ستكونني مدانة ،وف ًقا لعقوبات
ال�شريعة.
ب�شكل
هنا يجب �أن نقول ب�أنه عندما يوجد �أن ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة بالهرطقة ٍ
ﻋﺼ
واف من العامة ،وال �شيء ثبت �ضده �إال هذه ال�سمعة ال�سيئة ،فالتطهري يجب �أن يتم ٍ
عليه .وهو �أن ُيح�ضر مثل �سبعة �أو ع�شرة �أو ع�شرين �أو ثالثني ً
ﲑ ﺍﻟ
رجل ،ح�سب حجم
ال�سمعة التي خرجت عليه وح�سب حجم املكان الذي �ساءت فيه �سمعته ،وه�ؤالء
ﻜﺘ
الرجال الذين �سيح�ضرهم ال بد �أن يكونوا يف مثل منزلته االجتماعية وحالته.
مثل� ،إذا كان ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة متدي ًنا ،ال بد �أن يكونوا متدينني ،و�إذا كانً
ﺐ ﻟﻠﻨ
علمان ًّيا ،ال بد �أن يكونوا علمانيني ،و�إذا كان ُجند ًّيا ،يجب �أن يكونوا جنودًا ،ليطهروه
من ال�سمعة ال�سيئة .وه�ؤالء الراعني له يجب �أن يكونوا من الذين ي�ؤدون الإميان
ﺸﺮ
�صحيحا وذوو حياة �صاحلة ويعرفون عاداته يف الوقت احلايل ولوقت ً الكاثوليكي
طويل يف املا�ضي.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن �إذا رف�ض هذا التطهري ،ال بد �أن يعاقب باحلظر الكن�سي ،و�إذا بقي معاندا
ﺯﻳﻊ
354
وال�شخ�ص ال�سيئ ال�سمعة يجب �أن ُيطهر نف�سه بالطريقة التالية ،يف الوقت
املعني له للتطهري الكن�سي القانوين ،عليه �أن يظهر ب�شخ�صه مع الراعني له �أمام
الأ�سقف الذي هو قا�ضيه ،يف املكان الذي ّمتت الإ�ساءة ل�سمعته فيه ،وي�ضع يده على
الأناجيل املو�ضوعة �أمامه ويقول كالتايل:
�أنا �أق�سم على هذه الأناجيل الأربعة �أنني مل �أ�ؤمن �أو �أعلم �أبدً ا بهذه الهرطقة
(وي�سميها) التي متت الإ�ساءة ل�سمعتي بها.
وبعد هذا ،كل الراعني له يجب �أن ي�ضعوا �أيديهم على الأناجيل ،وكل منهم
منفردًا يقول :و�أنا �أق�سم على الأناجيل الأربعة �أنني �أ�صدقه ب�أنه �أق�سم باحلقيقة.
ﻋﺼ
وعندها يتم تطهريه قانون ًّيا.
وال�شخ�ص الذي ت�سو�أت �سمعته بالهرطقة يجب �أن يتطهر يف املكان الذي �ساءت
ﲑ ﺍﻟ
فيه �سمعته .و�إذا كان قد �ساءت �سمعته يف عدد من الأماكن ،يجب �أن ُينكر الهرطقة
ﻜﺘ
يف كل تلك الأماكن.
ويجب على هذا ال�شخ�ص �أن يحرتم هذا التطهري الكن�سي ،لأنه ُذكر يف ال�شريعة
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أنه� ،إذا وقع هذا املتطهر بعد ذلك يف الهرطقة التي تطهر منها ،ف�سيتم ت�سليمه
قليل �إذا وقع يف هرطقةكعا�ص منحرف للمحكمة العلمانية .ولكن احلالة خمتلفة ً ٍ
ﺸﺮ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
355
السؤال .22عن النوع الثالث من الحكم،
على الشخص سيئ السمعة الذي ي ُفرض عليه
االستجواب.
الطريقة الثالثة يف �أداء عملية نيابية تتعلق بالإميان هي عندما يكون ال�شخ�ص
ﻋﺼ
مته ًما بالهرطقة ،وبعد النظر بعناية يف وقائع الق�ضية وبا�ست�شارة املحامني
ﲑ ﺍﻟ
املاهرين ،جند �أنه مت�ضارب يف �أقواله� ،أو جند �أن هناك �أر�ضية كافية لتحويله
لال�ستجواب والتعذيب :ف�إذا ُو�ضع حتت اال�ستجواب والتعذيب ،ومل يعرتف ب�شيء،
ﻜﺘ
ميكن �أن نعتربه بري ًئا .هذا املتهم عندما ُيقب�ض عليه بتهمة الهرطقة ،ال تكون
قد ثبتت عليه التهمة ،ال باعرتافه ال�شخ�صي وال ب�شهادة ال�شهود وال بالدليل على
ﺐ ﻟﻠﻨ
اجلرمية ،وال يوجد �أي دليل على �أنه م�شتبه فيه حتى جنعله ينكر الهرطقة ،ورغم
ذلك يكون هناك ت�ضارب يف �أقواله عند التحقيق معه .وهناك �أ�سباب تكفي لتحويله
ﺸﺮ
�إذا بقي املتهم على �إنكاره ومل ميكن �إقناعه بوا�سطة الرجال ال�صاحلني �أن
ﺍﻟﺘﻮ
يعرتف ،فيجب �أن ينطق احلكم بالطريقة التالية ،والتي تعترب نهائية:
ﺯﻳﻊ
نحن فالن ،برحمة من الرب� ،أ�سقف قرية كذا� ،أو القا�ضي فالن يف املقاطعة
اخلا�ضعة ُ
حلكم الأمري فالن ،بالنظر �إىل وقائع الق�ضية املرفوعة بوا�سطتنا عليك يا
فالنة من بلدة كذا و�أبر�شية كذا ،عند عمل التحقيق الدقيق ،وجدنا �أنك مت�ضاربة
يف �أقوالك ،وهناك دالئل كافية لتحويلك �إىل اال�ستجواب والتعذيب .حتى ميكن
للحقيقة �أن تخرج من فمك ،ومنذ هذا الوقت لي�س م�سموحا لك ب�إزعاج �آذان
الق�ضاة مبراوغاتك ،ونحن ُنعلن وننطق باحلكم عليك يف هذا اليوم وهذه ال�ساعة
ب�أن يتم حتويلك �إىل اال�ستجواب حتت التعذيب.
356
ب�شكل عاجل ،ومع ذلك يجب على القا�ضي ويجب �أن يو�ضع احلكم قيد التنفيذ ٍ
متحم�سا جدًّا لو�ضع ال�شخ�ص حتت التعذيب ،لأن هذا ُيلج�أ �إليه فقط يف ً �أال يكون
حالة نق�ص بقية الرباهني .فيجب �أن يبحث عن براهني �أخرى ،و�إن مل ي�ستطع
�إيجادها ،وظن �أن املتهم مذنب لكنه يرف�ض قول احلقيقة ب�سبب اخلوف ،فيجب �أن
ي�ستخدم الإقناعات من �أ�صدقاء املتهم الذين يبذلون ق�صارى جهدهم ال�ستخراج
احلقيقة من فمه .ويجب �أال ُيعجل بالأمر جدًّا ،لأنه غال ًبا الت�أمل وك�آبة ال�سجن،
والإقناعات املتكررة من الرجال ال�صاحلني �ستجعل املتهم يك�شف احلقيقة.
ولكن لو �أنه بعد و�ضع املتهم يف قلق ،وبعد ت�أجيالت الق�ضية ،وبعد الكثري من
الن�صائح للمتهم ،اقتنع القا�ضي والأ�سقف بالنظر يف كل الظروف �أن املتهم يرف�ض
ﻋﺼ
ب�شكل خفيف ،بدون دماء ،وا�ضعني يف ح�سبانهم قول احلقيقة ،فيجب �أن يتم تعذيبه ٍ
ﲑ ﺍﻟ
�أن هذا تعذيب وهمي وغري م�ؤثر .لأن البع�ض قلوبهم رقيقة وعقولهم �ضعيفة وعند
�أقل تعذيب يعرتفون بكل �شيء �سواء كان حقيق ًّيا �أم ال .والبع�ض الآخر يكون معاندً ا
ﻜﺘ
مهما عذبته فلن ت�سمع منه احلقيقة .وهناك �آخرين ،كونهم قد مت تعذيبهم من
قبل ،فيمكنهم حتمل الأمر �أكرث يف املرة الثانية ،لأن �أذرعهم قد �أ�صبحت معتادة
ﺐ ﻟﻠﻨ
على الثني واملد امل�ستخدم يف التعذيب ،والبع�ض الآخر م�سحورون ،ولن يعرتفوا �أبدً ا
مهما ُعذبوا حتى لو ماتوا ،لأن الأمل ال ي�ؤثر فيهم .لذلك ال بد من بع�ض الت� ّأن عند
ﺸﺮ
ﻋﺼ
باالعرتاف على نف�سه بالهرطقة ثم تاب ،ويجب �أن ُينكر الهرطقة ،واحلكم يجب �أن
ﲑ ﺍﻟ
ُينطق عليه كما يف حالة ه�ؤالء املدانني باعرتافهم بالهرطقة .هذا �سيتم �شرحه يف
الطريقة الثامنة من النطق باحلكم ،وميكن �أن يرجع القارئ �إليها.
ﻜﺘ
يف املقابل� ،إذا اعرتف باحلقيقة ،ولكن مل يتب بل �أ�صر على هرطقته ،ومل
يكن من العائدين �إىل الهرطقة ،فتب ًعا لل�شريعة ،بعد وقت معني وتنبيه ،يتم �إدانته
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالهرطقة ويتم ت�سليمه للقا�ضي العلماين ليعا َقب عقا ًبا �شديدً ا ،كما �سنو�ضح الح ًقا
يف الطريقة العا�شرة .ولكن �إذا كان من العائدين �إىل الهرطقة ،يجب �أن يدان
ﺸﺮ
أي�ضا يف الطريقة العا�شرة من احلكم ،وميكن للقارئ �أن بطريقة �سيتم تو�ضيحها � ً
يرجع �إليها.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
ﺯﻳﻊ
358
السؤال .23الطريقة الرابعة للحكم ،في حالة
االشتباه الطفيف
الطريقة الرابعة لأداء عملية نيابية تتعلق بالإميان ُت�ستخدم يف احلالة التالية،
بعد �أن ُتفح�ص وقائع الق�ضية باجتهاد وبعد ا�ست�شارة املحامني اخلرباءُ ،وجد �أن
ﻋﺼ
املتهمة م�شتبه فيها ب�شكل طفيف بالهرطقة .هنا املتهمة مل ُيقب�ض عليها بالهرطقة
ومل تتم �إدانتها باعرتافها �أو ب�أدلة على اجلرمية �أو ب�شهادة ال�شهود ،وال توجد �أي
ﲑ ﺍﻟ
�إ�شارة �شديدة على الهرطقة �ضدها ،ولكن فقط �إ�شارة طفيفة من النوع الذي -يف
ﻜﺘ
نظر املحكمة -يو ِّلد ا�شتباهً ا طفي ًفا فيها .فهذه املتهمة يجب �أن ُتنكر الهرطقة التي
عاما ،يجب �أن ُتنكر الهرطقة يف مكان اتُّهمت بها ،ونالحظ �أنه �إذا كان الأمر �أم ًرا ً
عام بال�شكل التايل:
ﺐ ﻟﻠﻨ
�أنا فالنة من �أبر�شية كذا ،مواطنة من مدينة كذا ،خالل حماكمتي� ،أق�سمت
ﺸﺮ
�أمام ال�سيد الأ�سقف الذي من مدينة كذا ،على الأناجيل الأربعة التي ُو�ضعت �أمامي
وو�ضعتُ يدي عليها� ،أين �أ�ؤمن من قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي املقد�س
ﻭ
أي�ضا على �أنني �أ�ؤمن من قلبي ول�ساين �أن ال�سيد امل�سيح ي�سوع وكل القدي�سني � ً
ﺯﻳﻊ
ميقتون هرطقة ال�سحر الفا�سدة ،و�أن كل من يتب ُعها �أو يتقيد بها ف�إنه ُيعذب بالنار
الأبدية مع ال�شيطان ومالئكته� ،إال �إذا تابوا وندموا وعادوا �إىل الكن�سية املقد�سة.
و�أنا �أنكر و�أتنكر و�أ�سحب نف�سي عن تلك الهرطقة التي ا�شتبهتم بي فيها يا �سيدي
الأ�سقف و�ضباطك ،التي هي حتديدً ا� ،أنني �صادقت ال�ساحرات� ،أو دافعت عن
�ضالالتهن بجهل� ،أو كرهت املفت�شني عليهن� ،أو �أنني مل �أمتكن من امل�ساعدة يف
أي�ضا �أق�سم �أنني مل �أ�ؤمن مطلقا بالهرطقة املذكورة ،ومل �أ�ؤمن ك�شف جرائمهن .و� ً
ومل �أتقيد ولن �أ�ؤمن �أو �أتقيد بها ومل �أُع ِّلمها وال �س�أُع ِّلمها .و�إذا ُوجد يف امل�ستقبل �أين
مذنبة باملمار�سات املذكورة (التي مينعها الرب) ،ف�إين �س�أ�س ِّلم نف�سي ً
طوعا للعقاب
359
املحدد بالقانون للحالفني كذ ًبا ،و�أنا م�ستعدة أُلك ِّفر مبا ترونه منا�س ًبا عن �أقوايل
و�أفعايل التي ا�شتبهتم فيها ،و�أنا �أق�سم �أن �أحفظ هذه التوبة ب�أق�صى قدرتي ،وال
�أن�سى �أي جزءٍ منها ،ف�ساعدين يا �إلهي و�أيتها الأناجيل املقد�سة.
والإنكار �أعاله يجب �أن ُيعمل يف خطاب عام ،حتى يفهمه اجلميع وعندما ُيعمل،
فالقا�ضي �إن كان موجودًا� ،أو نائبه يجب �أن يتكلموا معها يف العلن بهذه الطريقة:
ابنتي� ،أنت �أنكرت اال�شتباه الذي حلق بك ب�شكل مهني ،ولقد طهرت نف�سك
بهذا الإنكار .انتبهي من الآن ف�صاعدً ا �أن تقعي يف الهرطقة التي �أنكر ِتها .لأنه
عندها �سيتم ت�سليمك للمحكمة العلمانية ،لأنك قمت ب�إنكارك الآن ،فلو عدت �سيتم
ﻋﺼ
عقابك ب�شدة �أكرب من �أال تكوين قد �أنكرت ،و�ستكونني حتت ا�شتباه قوي ً
بدل من
ﲑ ﺍﻟ
اال�شتباه الطفيف .وعندما تنكرين هذا الإنكار ثم تعودي بعد ذلك ،ف�إنك �ستعانني
من عقوبة العا�صي املنحرف ،و�ست�س ّلمني بال رحمة �إىل املحكمة العلمانية ليقع عليك
ﻜﺘ
�أ�شد العقاب.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن �إن عم َلت هذا الإنكار بال�سر يف غرفة الأ�سقف �أو القا�ضي ،وهذا يح�صل
عندما ال تكون الق�ضية عامة ،فيجب �أن ُتنكر بنف�س الطريقة وبعدها يجب �أن ينطق
ﺸﺮ
احلكم كالتايل:
نحن ،برحمة من الرب ،الأ�سقف الرباين ،من مدينة كذا� ،أو القا�ضي (�إن كان
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
موجود) على مقاطعة كذا ،اخلا�ضع ملنطقة الأمري كذا ،ر�أينا وفح�صنا بعناية وقائع
ﺯﻳﻊ
الق�ضية املرفوعة �ضدك يا فالنة ،واملتهمة فيها ب�أنك ارتكبت كذا وكذا (وي�سميهم)
مما و�ضعك يف اال�شتباه الطفيف بالهرطقة ،ولقد حكمنا �أنه من املنا�سب لك �أن
ُتنكري الهرطقة التي ا�شتُبه فيك بها ا�شتباهً ا طفي ًفا .ولكن لن تتحرري بال عقاب،
حتى تكوين �أكرث حذ ًرا يف امل�ستقبل .وبا�ست�شارة عديد من الأ�شخا�ص البارزين
يف القانون ،وكوننا قيمنا وفهمنا الأمر كله ،وا�ضعني الرب �أمام �أعيننا ،وحقيقة
الإميان الكاثوليكي الغري قابل للدح�ض ،والأناجيل الأربعة �أمامنا ،ليكون ُحكمنا
بت�أييد من الرب وعيوننا ال ترى �إال الإن�صاف ،فنحن اجلال�سني يف املحكمة كق�ضاة،
نحكم بهذا احلكم عليك يا فالنة ،الواقفة هنا ب�شخ�صك ،بالطريقة التالية� .أنه من
360
الآن ف�صاعدً ا ال يجب �أن ُيعلم �أنك قد �آمنت �أو �شاركت �أو دافعت عن هرطقة يف
كالمك ،وقراءاتك (�إن كنت متعلمة) .ثم يذكر الأ�شياء التي ارتكبتها ،والتي جعلتها
م�شتب ًها فيها بالهرطقة.
ويجب على كاتب العدل �أن يعتني ب�أن يكتب العملية كاملة و�أن يذكر �أن هذا
�شخ�ص م�شت َب ٍه به ا�شتباهً ا طفي ًفا ،ولي�س قو ًيا بالهرطقة ،لأنه
ٍ الإنكار قد حدث من
�إن مل يكتب ذلك ف�إن خط ًرا �أكرب ميكن �أن يحدث.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
361
السؤال .24الطريقة الخامسة من طرق الحكم ،إن
كان المتهم تحت االشتباه القوي
الطريقة اخلام�سة لأداء هذه العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان ،ت�ستخدم
يف احلالة التالية� ،أنه بعد الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية وبا�ست�شارة املحامني
ﻋﺼ
املتعلمنيُ ،وجد �أنها م�شتب ٌه فيها بقوة بالهرطقة .هذه املتهمة تكون غري مقبو�ض
عليها ر�سم ًيا بتهمة الهرطقة ،وال �أُدينت باعرتافها ال�شخ�صي وال ب�أدل ٍة على اجلرمية
ﲑ ﺍﻟ
وال ب�شهادة ال�شهود ،ولكن هناك �إ�شارة قوية وذات وزن �ضدها جتعلها م�شتب ًها فيها
ﻜﺘ
ا�شتباهً ا قو ًيا بالهرطقة.
الإجراءات يف الق�ضية هي كالتايل ،يجب �أن تنكر الهرطقة ،ف�إن عادت بعد
ﺐ ﻟﻠﻨ
ذلك ،يجب �أن يتم ت�سليمها للمحكمة العلمانية لتعاين من �أ�شد العقوبة .ويجب �أن
تنكر الهرطقة على العامة �أو ب�شكل �سري ح�سب �إن كانت م�شتب ًها بها من العامة �أم
ﺸﺮ
والتح�ضريات لهذا الإنكار تكون كالتايل - :عندما ي�أتي يوم الأحد والذي يكون
ﺍﻟﺘﻮ
مث َّبتًا لأداء الإنكارات و�سماع الأحكام �أو فر�ض التوبة ،يجب �أن يخطب املب�شر خطبة
ﺯﻳﻊ
� ًأول .وبعد هذا يجب �أن يقر�أ كاتب العدل اجلرائم التي �أُدينت بها املتهمة ،وتلك
التي ا�شتُبه فيها بقو ٍة ب�سببها بالهرطقة.
ثم على القا�ضي �أو نائبه �أن يقول لها ،انتبهي! وف ًقا ملا متت قراءته ف�أنت م�شتب ٌه
حري بك �أن تطهري نف�سك وتنكري فيك بقو ٍة بهذه الهرطقة ،من �أجل ذلك ٌّ
الهرطقة املذكورة .وتو�ضع الأناجيل الأربعة �أمامها ،ويجب �أن ت�ضع يدها عليها،
عطى لها الإنكار مكتو ًبا لتقر�أه ،ويجب �أن تقر�أه يفو�إن كانت ت�ستطيع القراءة� ،س ُي َ
جت ُّمع من النا�س.
362
ولكن �إذا كانت ال تقر�أ ،فيجب �أن يقر�أ كاتب العدل الإنكار جمل ًة جملة ،وهي
عال وم�سموع بالطريقة التالية .يقول الكاتب� ،أنا فالنة من مكان
ب�صوت ٍ
ٍ تعيد وراءه
كذا ،واملتهمة تكرر وراءه نف�س الكلمات ،وهكذا حتى نهاية الإنكار .ويجب �أن يكون
الإنكار بالطريقة التالية.
�أنا فالنة من مكان كذا من �أبر�شية كذا ،واقفة ب�شخ�صي يف ح�ضوركم �أيها
اللوردات القدي�سني والأ�ساقفة من مدينة كذا ،وقا�ضي املقاطعة التابع ملنطقة اللورد
كذا � ،أق�سم على الأناجيل الأربعة املو�ضوعة �أمامي والتي تلم�سها يدي� ،أنني �أ�ؤمن
يف قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي والر�سويل الذي ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية
ﻋﺼ
أي�ضا �أق�سم �أنني �أ�ؤمن يف قلبي ول�ساين �أنه� ،إلخ .يجبوتعمله ومتار�سه وتب�شر به .و� ً
عليها �أن تقر�أ املكتوب بخ�صو�ص الهرطقة التي ا�شتُبه فيها بها ا�شتباهً ا قو ًّيا.
ﲑ ﺍﻟ
مثل� ،إذا كانت الهرطقة هي هرطقة ال�سحر ،فيجب �أن تقول كالتايل: ً
ﻜﺘ
�أنا �أق�سم �أنني �أ�ؤمن ب�أنه لي�س فقط الهراطقة الب�سيطني واملن�شقني �سيعذبون
يف النار الأبدية ،ولكن �أن ال�ساحرات �سي ُكنَّ �أ�شد عذا ًبا ،لأنهن ُينكرن الإميان �أمام
ﺐ ﻟﻠﻨ
الذي يقول كذ ًبا �أنه ال توجد �ساحرات يف هذا العامل ،و�أنه ال �أحد يجب �أن ي�ؤمن �أن
ﺍﻟﺘﻮ
هذه الأ�ضرار ميكن �أن ُتعمل مب�ساعدة ال�شياطني ،و�أعرتف و�أعلن �أن هذا الكفر
ﺯﻳﻊ
يعار�ض بو�ضوح قرار � ِّأمنا املقد�سة الكني�سة وكل العلماء الكاثوليكيني ،و� ً
أي�ضا �ضد
القوانني الإمرباطورية التي �أمرت ب�أن ال�ساحرات يجب �أن ُيحرقن.
أي�ضا �أق�سم �أنني مل �أ�صر على الإميان بالهرطقة املذكورة ،وال �أ�ؤمن �أو �أتقيد و�أنا � ً
بها يف الوقت احلايل ،ومل �أُع ِّلمها وال �أنوي �أن �أُع ِّلمها وال يجب �أن �أُع ِّلمها .و� ً
أي�ضا
�أق�سم �أنني لن �أفعل هذه الأ�شياء التي جعلتكم ت�شتبهون بي بقوة (وت�سمي الأ�شياء).
و�إن فعلتُ هذه الأ�شياء املذكورة ،ف�أنا م�ستعدة للعقاب املقرر بالقانون للعا�صني
علي ب�سبباملنحرفني ،و�أنا م�ستعدة �أن �أُ�سلم نف�سي ل ّأي توب ٍة تقررون �أن تفر�ضوها َّ
363
هذه الأفعال والكلمات التي جعلتكم ت�شتبهون بي بقو ٍة بالهرطقة .و�أنا �أق�سم و�أعد
�أن �أفعل هذه التوبة �إىل �أق�صى ما ميكنني ،وال �أن�سى �أي �شيءٍ منها ،ولي�ساعدين
الرب والأناجيل.
العامي حتى يفهمه اجلميع� ،إال �إذا
ّ والإنكار الذي تنطق به يجب �أن يكون بالل�سان
عملته يف ح�ضور رجال الدين الذين يفهمون اللغة الالتينية .ولكن �إذا ُعمل الإنكار
عاما ،ف�إنه ي�ؤدى بنف�سيف ال�سر يف مكان الأ�سقف �أو غرفته ،عندما ال يكون الأمر ً
الطريقة .وبعدها يجب �أن ين�صحها الأ�سقف ب�أن حتذر �أال تعود وتت�سبب لنف�سها يف
عقاب العا�صي املنحرف .ويجب على الكاتب �أن يعتني ب�أن يكتب �أنها م�شتبه فيها
بقو ٍة بالهرطقة ،حتى �إذا عادت بعد ذلك ،ميكن �أن تعاقب عقاب العا�صي املنحرف.
ﻋﺼ
وعندما يتم عمل هذا ،يجب على ا ُ
حلكم �أن ُينطق بالطريقة التالية:
ﲑ ﺍﻟ
نحن فالن� ،أ�سقف مدينة كذا ،والأخ فالن (�إن كان موجودًا) ،املفت�ش على
ﻜﺘ
واملعي من ِقبل الر�ؤيةحلكم الأمري فالنّ ، خطيئة الهرطقة يف الأنحاء التابعة ُ
عملت
الر�سولية :بو�ضع يف احل�سبان �أنك يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا ،قد ِ
ﺐ ﻟﻠﻨ
كذا وكذا (وي�سميهم) ،وكما يبدو من الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية ،ف�إننا نعتربك
ا�ست�شارات
ٍ م�شتب ًها بها بقو ٍة بالهرطقة ،ولقد جعلناك ُتنكرين ما ا�شتُبه فيك به ،بعد
ﺸﺮ
ون�صائح الرجال املاهرين يف القانون .ولكن ال بد �أن تكوين حذر ًة يف امل�ستقبل �أال
متيلي �إىل �شبه هذه املمار�سات ،ولأن جرائمك لن تكون بال عقاب ،وحتى ال تكوين
ﻭ
ً
ﺍﻟﺘﻮ
مثال خلاطئني �آخرين ،فبا�ست�شارة املحامني والعلماء يف الالهوت ،وبفهم الأمر كله،
وا�ضعني الرب �أمام �أعيننا وحقيقة الإميان الكاثوليكي الر�سويل ،ووا�ضعني الأناجيل
ﺯﻳﻊ
املقد�سة �أمامنا ،ليكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند الرب ،و�أال ترى عيوننا �إال الإن�صاف
فنحن اجلال�سني يف هذه املحكمة ،ندين ونفر�ض عليك �أداء التوبة بالطريقة التالية،
�أن تقفي هنا ب�شخ�صك �أمامنا ،وتق�سمي �أال تفعلي �أو تقويل �أو تعملي هذه الأ�شياء
من الآن ف�صاعدً ا .وهنا يقول الأ�شياء التي فعلتها ،والتي ب�سببها ا�شتُبه فيها بقوة
بالهرطقة املذكورة ،وبع�ض الأ�شياء الأخرى التي لو ارتكبتها كانت �ستكون مذنب ًة
ممار�سات م�شبوهة ،وال ت�ستقبل
ٍ بالعودة �إىل الهرطقة ،مثال �أن عليها �أال تتبع �أي
ه�ؤالء الذين تعلم �أنهم �أنكروا الإميان� ،إلخ.
364
ً
مقبو�ضا عليهم بالهرطقة، وال بد �أن نذكر �أن ه�ؤالء امل�شتبه فيهم ،الذين لي�سوا
�سواء كانوا م�شتب ًها فيهم بقو ٍة �أو ا�شتباهً ا طفي ًفا يجب �أال ُي�سجنوا مدى احلياة .لأن
هذه العقوبة هي له�ؤالء الذين كانوا هراطق ًة ثم تابوا .ولكن ه�ؤالء الذين ا�شتبه
في�سلون �إىل ال�سجن لفرتة ،ثم يتم حتريرهم. فيهم بقوة ب�سبب �أفعالهم ُ
يو�سموا بعالمة ال�صليب ،لأن هذه العالمة هي عالمة املهرطق التائب، ويجب �أال َ
وال ُيدانوا كهراطقة ،ولكن فقط كم�شتبهني ،وبالتايل ال يو�سمون بهذه العالمة .ولكن
ميكن �أن ي�ؤمروا ب�أن يقفوا يف بع�ض الأيام الدينية على �أبواب الكني�سة� ،أو قرب
�شموعا م�ضيئ ًة� ،أو
املذبح ،بينما يتم االحتفال بالقدا�س الإلهي ،حاملني يف �أيديهم ً
مكان ما� ،أو �شيءٍ كهذا ،وف ًقا لطبيعة ومتطلبات ق�ضيتهم.
يذهبون �إىل حج ٍ
ﻋﺼ
e
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
365
السؤال .25الطريقة السادسة من النطق بالحكم،
في حالة المشتبه فيهم اشتباهًا عنيفًا
الطريقة ال�ساد�سة لأداء العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان هي عندما يكون
ال�شخ�ص املتهم بالهرطقة ،قد ُو ِج َد بعد الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية وبا�ست�شارة
ﻋﺼ
املحامني املتعلمني� ،أنه م�شتب ٌه فيه ا�شتباهً ا عني ًفا بالهرطقة .هذا ال�شخ�ص ال يكون
ُمدا ًنا بالهرطقة باعرتافه ال�شخ�صي وال ب�أدل ٍة على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود،
ﲑ ﺍﻟ
ولكن هناك �إ�شاراتٌ ،لي�ست طفيفة وال حتى قوية ،بل خطرية ،جتعله م�شتب ًها به
ﻜﺘ
بعنف بالهرطقة. بالهرطقة املذكورة ،وب�سبب هذا فيجب احلكم عليه �أنه م�شتب ٌه فيه ٍ
فهم �أو�ضح لهذا� ،سن�ضع �أمثل ًة على هرطق ٍة وا�ضح ٍة وعلى هرطقة ال�سحر. لأجل ٍ
ﺐ ﻟﻠﻨ
الق�ضية �ستكون حتت بند الهرطقة الوا�ضحة عندما ال يكون املتهم قد مت ا�ستدعا�ؤه
قد ًميا يف ق�ضية ال تتعلق بالإميان ،ومت احلكم عليه فيها باحلظر الكن�سي ،ثم ا�ستمر
ﺸﺮ
يف العناد خالل احلظر ملدة �سنة ،ف�أ�صبح م�شتب ًها به ا�شتباهً ا طفي ًفا بالهرطقة ،ثم
مت ا�ستدعا�ؤه بعدها ب�سبب ق�ضية تتعلق بالإميان ،لكنه رف�ض الظهور ،ومت حظره
ﻭ
كن�س ًّيا مر ًة �أخرى ،ف�صار م�شتب ًها به بقو ٍة بالهرطقة ،فاال�شتباه الطفيف �سي�صبح
ﺍﻟﺘﻮ
قو ًيا.
ﺯﻳﻊ
و�إذا بقي معاندً ا خالل احلظر ملدة �سنة� ،سيتم اال�شتباه به ا�شتباهً ا عني ًفا
بالهرطقة ،لأنه عندها �سيتحول اال�شتباه القوي �إىل ا�شتبا ٍه عنيف لو �أنه ال يوجد
دفاع يعار�ض هذا .ومن ذلك الوقت ف�إن ذلك ال�شخ�ص �ستتم �إدانته بالهرطقة ،كما
هو مو�ضح يف ال�شريعة.
كمثال على اال�شتباه العنيف يف هرطقة ال�ساحرات عندما يقول املتهم �أي �شيء
�شخ�صا .ويح�صل غالبا ً من الذي متار�سه ال�ساحرات عندما ُيردن �أن ي�سحرن
يجبن من ال�شيطان على ك�شف �أنف�سهن بهذه الكلمات التهديدية ،وبالأفعال، �أنهن َ
وبالنظرات �أو اللم�سات ،وهذا لثالثة �أ�سبابً � .أول ،حتى تتفاقم خطاياهن وي�صبحن
366
�أكرث انك�شا ًفا �أمام الق�ضاة ،ثان ًيا حتى ميكن تخويف ال�شخ�ص الب�سيط ب�شكل �أكرب،
وثال ًثا� ،أن الرب ميكن �أن ي�ساء �إليه �أكرث .بالتايل ال�ساحرة ُي�شتبه بها ا�شتباهً ا
خط ًريا عندما ت�ستخدم الكلمات التهديدية مثل »«�أنا قري ًبا �س�أجعلك ت�شعر»،
�أو �شيء م�شابه ،ثم يحدث �ضرر لل�شخ�ص الذي مت تهديده �أو ملا�شيته .ويف ذلك
الوقت لن يكون اال�شتباه بها طفي ًفا ،كما كانت احلالة مع ه�ؤالء الذين ي�صادقون
�شخ�صا ي�صاب باحلب املفرط .انظر ال�ساحرات� ،أو ه�ؤالء الذين يريدون �أن يجعلوا ً
�أعاله ملا حتدثنا عن الثالث درجات من اال�شتباه ،الطفيف والقوي والعنيف.
يف حالة اال�شتباه العنيف بهرطقة عادية ،فرغم �أنه رمبا قد ال يكون ال�شخ�ص
يف احلقيقة مهرط ًقا ،حيث رمبا يكون هناك خط�أ يف الفهم ،فمع ذلك يدان على �أنه
ﻋﺼ
مهرطق ب�سبب اال�شتباه العنيف عندما ال يقدم دليل �ضد هذا.
ﲑ ﺍﻟ
عامل بهذه الطريقة� ،إذا رف�ض املتهم �إنكار الهرطقة و�إعطاء هذه الهرطقة ُت َ
ر�ض ،ف�سيتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ليعاقب .ولكن �إذا وافق ،فيجب تف�سري ُم ٍ
ﻜﺘ
�أن ينكر هرطقته ،ثم ي�سجن مدى احلياة .ونف�س ال�شيء بالن�سبة حلالة ال�شخ�ص
بعنف بهرطقة ال�سحر. امل�شتبه فيه ٍ
ﺐ ﻟﻠﻨ
بعنف
ولكن رغم �أن نف�س الطريقة يف العموم �ست�ؤ ّدى يف حالة امل�شتبه فيه ٍ
بهرطقة ال�سحر� ،إال �أن هناك بع�ض االختالفات .يالحظ �أنه� ،إذا �أ�صرت ال�ساحرة
ﺸﺮ
على �إنكارها� ،أو ادعت �أنها قالت هذه الكلمات لي�س بتلك النية ولكن بطريقة الن�ساء
يف ال�شجار ،ف�إن القا�ضي ال يكون لديه دليل كاف حتى يحولها �إىل احلرق بالنار،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
رغم اال�شتباه العنيف .بالتايل يجب �أن ي�ضعها يف ال�سجن ،ويبد�أ يف عمل حتقيق ب�أن
ﺯﻳﻊ
ُيع ِلن يف امللأ �س�ؤاال ،هل هذ املر�أة قد ُعرف عنها �أنها فعلت �شيئا مثل هذا �أم ال .و�إذا
ُوجد �أنها فعلت ،يجب �أن يح ّقق يف �إذا كانت م�سوءة ال�سمعة بهذه الهرطقة ،ومن
ثم ميكن �أن ُيحولها �إىل اال�ستجواب والتعذيب .وبعدها� ،إذا �أظهرت عالمات على
هذه الهرطقة� ،أو �أ ّدت �صمت ال�ساحرات ،مثل �أال ُتنزل الدموع� ،أو تكون غري مت�أثرة
�أثناء التعذيب وتتعافى ب�سرعة ،فيجب �أن ُتعمل االحتياطات التي �شرحناها من قبل
عندما حتدثنا عن مثل هذه احلاالت.
ويف حالة ف�شل كل هذا ،ف�إنها ال يجب حتريرها �أبدً ا ،بل يجب �إر�سالها �إىل ك�آبة
ال�سجن ملدة �سنة ،وتعذب ،ويتم التحقيق معها دائ ًما خا�ص ًة يف الأيام املقد�سة .ولكن
367
�إذا وجد �أنها ذات �سمع ٍة �سيئة ،فيجب على القا�ضي �أن ي�أمر ب�إحراقها ،خا�ص ًة �إن
أفعال �أخرى تتعلق بال�سحر .ولكنكان هناك عد ٌد من ال�شهود و�إن كانت ُك�شفت يف � ٍ
�إذا �أراد القا�ضي �أن يكون رحي ًما ،فيمكن �أن ير�سلها �إىل التطهري الكن�سي ،ب�أنه
�شخ�صا ي�شهدون لها عند القا�ضي ،و ُيحكم عليها ً يجب �أن جتد ع�شرين �أو ثالثني
ب�أنها �إذا ف�شلت يف التطهري� ،سيتم �إر�سالها �إىل احلرق بالنار.
و�إذا حكم القا�ضي عليها ب�أن تطهر نف�سها ،فيجب �أن يحكم عليها � ً
أي�ضا ب�إنكار
جميع الهرطقة ،وب�أمل عقاب العا�صي املنحرف ،مع التوبة الدائمة ،بطريقة للنطق
بالإنكار مثل الطريقة الرابعة واخلام�سة من �أداء العملية النيابية مبا يتعلق بالإميان.
ﻋﺼ
والحظ �أنه يف كل الطرق التالية من النطق باحلكم ،عندما يريد القا�ضي �أن
يعملها بطريقة رحيمة ،فيمكن �أن يت�صرف بالطريقة التي �شرحناها من قبل .ولكن
ﲑ ﺍﻟ
مبا �أن الق�ضاة العلمانيني دائ ًما ي�ستخدمون طرقهم اخلا�صة ،فهي تكون �صارمة
ﻜﺘ
ولي�ست دائ ًما من�صفة ،بالتايل ال توجد طريقة ثابتة ميكن �أن ُتعطى لهم كما هو
احلال مع القا�ضي الكن�سي ،الذي ميكن �أن يقبل الإنكار ويفر�ض التوبة الدائمة
ﺐ ﻟﻠﻨ
بالطريقة التالية:
�أنا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا� ،أقف ب�شخ�صي �أمامكم �أيها اللوردات
ﺸﺮ
املوقرين والأ�سقف من مدينة كذا والق�ضاة ،وا�ضعة يدي على الأناجيل املقد�سة
التي �أمامي� ،أق�سم �أنني �أ�ؤمن يف قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي والر�سويل الذي
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية ومتار�سه وتعلمه وتب�شر به .وبناء على ذلك �أنكر كل
الهرطقة ،و�أتنكر و�أن�سحب عن كل الذين يقفون �ضد الكني�سة الرومانية املقد�سة
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
التابعة ملنطقة حكم اللورد فالن ،ف�أنت يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا قد مت
اتهامك من ِقبلنا بكذا وكذا مما مي�س الإميان (ي�سميهم) ،وبالفح�ص الدقيق لوقائع
ﲑ ﺍﻟ
الق�ضية وكل ما مت قوله وفعله فيها ،وجدنا �أنك ارتكبت كذا وكذا (وي�سميهم).
لذلك ،ا�شتبهنا فيك ا�شتباهً ا عني ًفا بهذه الهرطقة (وي�سميها) ،ونحن ن�أمرك ب�أن
ﻜﺘ
تنكري على العامة كل الهرطقة ب�شكل عام ،كما تقت�ضي الإجراءات الكن�سية .ومبا
�أنه وف ًقا لبع�ض معاهد ال�شريعة كل الذين يفعلون هذا يجب �أن يدانوا كمهرطقني،
ﺐ ﻟﻠﻨ
لكنك مت�سكت بالقرار الأكرث حكمة وهو الرجوع �إىل الأم املقد�سة الكني�سة ،بالتايل
نحن نعفو عنك من حكم احلظر الكن�سي الذي يقع على كل الكارهني لكني�سة
ﺸﺮ
الرب .و�إذا عدت بقلب �صادق و�إميان �صادق �إىل وحدة الكني�سة� ،ستُح�سبني من
الآن و�صاعدً ا �أنك من التائبني ،ومنذ الآن �ستعودين �إىل احل�ضن الرحيم للكني�سة
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
املقد�سة.
ﺯﻳﻊ
ولكن مبا �أنه من الفا�ضح �أن منرر الأمر بعيون مرتاحة ونرتكك بال عقاب على
�إ�ساءتك للرب و�إ�ضرارك بالب�شر ،لأنه �أمر خطري �أن ت�سيئ �إىل الذات الإلهية �أكرث
من الإ�ساءة مللك من ملوك الب�شر ،وحتى ال تكون جرائمك حاف ًزا خلاطئني �آخرين،
وحتى تكوين حذر ًة يف امل�ستقبل وال متيلي �إىل ارتكاب هذه اجلرائم املذكورة ،وحتى
عذاب �أخف يف احلياة التالية:
تعاين من ٍ
فنحن الأ�ساقفة املذكورون والقا�ضي ،قد �أفدنا �أنف�سنا بن�صائح الرجال املتعلمني
يف هذا الأمر ،جال�سني يف املحكمة كق�ضاة ،وا�ضعني الرب ن�صب �أعيننا واحلقيقة
التي ال ُتدح�ض للإميان املقد�س ،والأناجيل الأربعة مو�ضوعة �أمامنا ،ليكون حك ُمنا
369
م�ؤيدً ا من عند الرب و�أال ترى عيوننا �إال الإن�صاف ،فنحن نحكم وندين ونفر�ض
عليك التوبة يا فالنة بالطريقة التالية ،بظهورك ب�شخ�صك �أمامنا يف يوم كذا يف
�ساعة كذا ،وترتدين مالب�س زرقاء رمادية مثل مالب�س الرهبان ،م�صنوع ًة بدون
قلن�سوة �سواء �أمامها �أو خلفها ،ومر�سوم عليها ُ�صلبان من القما�ش الأ�صفر بطول
ثالثة كفوف وعر�ض كفني ،ويجب �أن ترتدي هذا الرداء على كل رداء �آخر ملدة
قدرها كذا (يحدد مدة �سنة �أو �سنتني� ،أقل �أو �أكرث ح�سب ذنب ال�شخ�ص) ،ويف هذا
وال�صلبان ال بد �أن تقفي �أمام باب كني�سة كذا يف وقت كذا ملدة كذا الرداء املذكور ُ
من الوقت� ،أو يف الأعياد الأربعة الكبرية للعذراء املجيدة� ،أو يف مدينة كذا ومدينة
كذا على �أبواب كذا وكذا من الكنائ�س ،ونحن ندينك ونحكم عليك مدى احلياة� ،أو
ﻋﺼ
مبدة كذا من ال�سنوات ،يف �سجن كذا( .وهذا يح ّدد بنا ًء على نظرة القا�ضي ،ووف ًقا
حلجم الذنب وعناد املتهمة)
ﲑ ﺍﻟ
ونحن نحتفظ لأنف�سنا بحق التخفيف من تلك التوبة� ،أو زيادتها� ،أو تغيريها� ،أو
ﻜﺘ
�إزالتها� ،سواء كل ًّيا �أو جزئ ًّيا ،كما يبدو �صا ً
حلا لنا.
حلكم ،يجب �أن ين ّفذ على الفور ،ويجب �إلبا�سها الرداء وعندما ُيقر�أ هذا ا ُ
ﺐ ﻟﻠﻨ
e
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
370
السؤال .26طريقة الحكم على المشتبه فيهم
الذين هم في نفس الوقت قد ساءت سمعتهم
ﻋﺼ
وبا�ست�شارة الرجال املتعلمنيُ ،وجد �أنه م�شتبه فيه وم�سوء ال�سمعة بالهرطقة .هذا
ال�شخ�ص ال يكون ُمدا ًنا باعرتافه ال�شخ�صي وال بدليل على اجلرمية وال ب�شهادة
ﲑ ﺍﻟ
ال�شهود ،ولكن يوجد �أنه ُم�سوء ال�سمعة ،وهناك �إ�شارات جتعله م�شتب ًها به ب�شكل
ﻜﺘ
طفيف �أو قوي بالهرطقة ،مثل �أنه عقد �صداقات مع هراطقة .و�شخ�ص كهذا ٍ
ب�سبب ُ�سمعته يجب �أن يخ�ضع للتطهري الكن�سي ،وب�سبب اال�شتباه فيه ،ال بد �أن ينكر
الهرطقة.
ﺐ ﻟﻠﻨ
الإجراءات يف ق�ضية كهذه تكون كالتايل .ال�شخ�ص الذي ت�سو�أت �سمعته وم�شتبه
فيه بالهرطقة ،يجب � ًأول �أن يطهر نف�سه على العامة بالطريقة التي �شرحناها يف
ﺸﺮ
الطريقة الثانية .وبعد عمل هذا التطهري ،فلأن هناك �إ�شارات �أخرى جتعله م�شتبها
ﻭ
به بالهرطقة ،فالبد �أن ُينكر الهرطقة بالطريقة التالية و�أمامه الأناجيل الأربعة:
ﺍﻟﺘﻮ
�أنا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا ،واقف ب�شخ�صي �أمامكم �أيها اللوردات فالن
ﺯﻳﻊ
مت�سان الأناجيل
والأ�سقف من مدينة كذا يف املقاطعة التابعة للأمري فالن ،ويداي ّ
الأربعة �أمامي� ،أق�سم �أنني يف قلبي وبل�ساين �أ�ؤمن بالإميان الر�سويل املقد�س التي
ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية ،وتعلمه وتب�شر به وتراقبه ومتار�سه .وبنا ًء على ذلك ف�أنا
�أنكر و�أتنكر و�أبغ�ض و�أن�سحب عن كل هرطقة ترفع ر�أ�سها �أمام الكني�سة الر�سولية
املقد�سة ،مهما كان ال�ضالل الذي فيها� ،إلخ ،كما يف الأعلى.
و�أنا �أعد ب�أنني من الآن ف�صاعدً ا لن �أقول �أو �أت�سبب يف كذا وكذا (وي�سميهم)،
وهي الأفعال الذي �أ�ساءت �إىل �سمعتي ،وا�شتبهتم بي ب�سببها ،و� ً
أي�ضا �أق�سم و�أعد
371
�أنني �س�أفعل كل ما بو�سعي �إىل �أق�صى قدرتي لأنفذ �أي توب ٍة تفر�ضونها علي ،ولن
�أن�سى �أي جزءٍ منها ،ف�ساعدين يا �إلهي على هذا و�أيتها الأناجيل الأربعة .و�إذا
فعلت �أي �شيء ُيخالف هذا الق�سم والإنكار من الآن ف�صاعدً ا ،ف�إين �س�أُخ�ضع نف�سي
للعقاب القانوين لهذا الفعل ،مهما كان قا�سيا ،و�س�أكون م�ستحقا له �إن فعلت هذه
الأ�شياء مر ًة �أخرى.
عندما تكون الإ�شارات قوية جدًّا جلعل املتهم امل� ّسوء ال�سمعة �أو غري امل� ّسوء
م�شتب ًها به يف الهرطقة ،فيجب �أن ينكر كل الهرطقة ب�شكل عام كما قلنا �أعاله .و�إذا
عاد �إىل �أي هرطقة ،يجب �أن يعاين من عقوبة العا�صي املنحرف .ولكن �إن كانت
ﻋﺼ
الإ�شارات ب�سيطة حتى مع �سوء ال�سمعة ،فلن جتعل منه م�شتبها به بقوة ولكن فقط
عاما ،حيث م�شتبها به ب�شكل طفيف ،عندها يجب �أن يعمل �إنكارا حمددًا ولي�س ً
ﲑ ﺍﻟ
ينكر الهرطقة التي هو م�شتبه به فيها .حتى �إذا عاد �إىل نوع �آخر من الهرطقة،
ﻜﺘ
ال يكون خا�ض ًعا لعقاب العا�صي املنحرف .وحتى �إذا عاد �إىل نف�س الهرطقة التي
أي�ضا ،رغم �أنه �سيعاقب ب�شكل �أق�سى من لو �أنكرها ال يكون خا�ض ًعا لذلك العقاب � ً
كان مل ينكر.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن هناك �شك لو �أنه بعد التطهري عاد �إىل نف�س الهرطقة التي تطهر منها
ﺸﺮ
�شرع ًّيا هل �سيخ�ضع لعقاب العا�صي املنحرف �أم ال .والأظهر �أنه �سيخ�ضع ،من
قانون ال�شريعة .بالتايل يجب �أن يعتني كاتب العدل اعتنا ًء بال ًغا ب�أن يكتب �أن هذا
ﻭ
ال�شخ�ص قد عمل �إنكاره هذا كم�شتبه به ا�شتباهً ا طفي ًفا ولي�س قو ًّيا بالهرطقة ،كما
ﺍﻟﺘﻮ
قلنا �أعاله ،لأن هناك اختال ًفا كب ًريا بني الق�ضيتني .وعندما يتم هذا ،يجب �أن
ﺯﻳﻊ
ﻋﺼ
ولكننا ال ن�ستطيع وال يجب �أن نتحمل ما فعلته ونحن جمربون على معاقبته
ﲑ ﺍﻟ
بالعدالة ،حتى تكون حذ ًرا يف امل�ستقبل ،وحتى ال متر جرائمك بال عقاب ،وحتى ال
يت�شجع الآخرين على الوقوع يف خطايا كهذه ويكون من ال�سهل مترير هذه الإ�ساءات
ﻜﺘ
للخالق ،بالتايل ف�أنت يا فالن كونك قد طهرت نف�سك بالوقوف �شخ�ص ًّيا يف املكان
والزمان الذي مت تعيينه لك ،فنحن الأ�ساقفة املذكورون ،جال�سني يف املحكمة
ﺐ ﻟﻠﻨ
كق�ضاة ،وا�ضعني الأناجيل الأربعة �أمام �أعيننا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند
الرب ،وحتى ال ترى عيوننا �إال الإن�صاف ،نحن ننطق باحلكم �أنه يجب عليك �أن،
ﺸﺮ
�إلخ.
وعليهم �أن ينطقوا باحلكم كما ينا�سب تكرمي الإميان و�إبادة اخلطية ،و�أنه يف
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
�أيام الأحد والأعياد ،يجب �أن يقف هذا ال�شخ�ص عند باب كني�سة كذا ،ومي�سك
ب�شمعة لها وزن كذا ،خالل مرا�سم القدا�س الإلهي ،ويك�شف ر�أ�سه وتكون قدمه
ﺯﻳﻊ
حافية ،ويهب ال�شمعة عند املذبح ،ويجب �أن ي�صوم يف �أيام اجلمعة ،وملدة معينة
يجب �أال يجر�ؤ على الرحيل من هذا البلد ،ولكن يقدم نف�سه �أمام الأ�سقف �أو
القا�ضي يف �أيام معينة من الأ�سبوع ،ويخ�ضع لأي توبة �أخرى تكون مطلوبة منه تبعا
لطبيعة ذنبه ،لأنه من امل�ستحيل �أن نعطي قاعدة ثابتة .ويجب �أن يتم تنفيذ احلكم
بعد �أن ُينطق مبا�شرة ،وميكن �أن ُيلغى احلكم �أو ُيخفف �أو يتغري ح�سب ما تقت�ضيه
ال�سلطة بقوة القانون.
حالة التائب ولأجل ت�صحيحه و�إذالله ،لأن الأ�سقف لديه هذه ُ
e
373
السؤال .27طريقة النطق بالحكم على من يعترف
بالهرطقة ولكنه تائب
الطريقة الثامنة لإنهاء العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان ُت�ستخدم عندما
يكون ال�شخ�ص مته ًما بالهرطقة ،وببع�ض التحقيق الدقيق يف وقائع الق�ضية
ﻋﺼ
وبا�ست�شارة املحامني املتعلمنيُ ،وجد �أنه اعرتف بالهرطقة ،لكنه نادم وتائب ،ولي�س
من العائدين �إىل الهرطقة .وهذا عندما يعرتف املتهم بنف�سه يف املحكمة حتت
ﲑ ﺍﻟ
الق�سم �أمام الأ�سقف واملفت�ش ب�أنه قد عا�ش لفرتة طويلة ُم�ص ًرا على هذه الهرطقة
ﻜﺘ
التي هو متهم بها� ،أو �أي هرطقة �أخرى ،و�أنه قد �آمن بها وتقيد بها ،ولكن ب�إقناع
الأ�ساقفة والآخرين� ،أراد �أن يعود �إىل ُح�ضن الكني�سة ،وينكر تلك الهرطقة وكل
هرطقة �أخرى ،وهو مل ينكر �أي هرطقة من قبل ،لكنه الآن م�ستعد للإنكار.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ل�سنوات
ٍ يف هذه الق�ضية تكون الإجراءات كالتايل ،فرغم �أن هذا ال�شخ�ص �أ�صر
ﺸﺮ
الكن�سي ،لن يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ليعاين من �أ�شد العقوبة ،لكن بعد �أن
ﺍﻟﺘﻮ
ُينكر هرطقته يجب �أن ُيحب�س يف ال�سجن مدى احلياة (انظر ال�شريعة حيث ت�شرح
ﺯﻳﻊ
كيفية التربئة ملثل هذا ال�شخ�ص) .ولكن ال بد �أن ي�ؤخذ احلذر �أنه ال يكون يت�صنع
ويتوب توب ًة مزيف ًة حتى يعو َد �إىل الكني�سة.
يجب �أن ُيعمل �إنكاره بالطريقة التي �شرحناها ،لكن ببع�ض االختالف .فيجب
�أن يعرتف بنف�سه بجرائمه �أمام جتمع من النا�س يف الكني�سة يف يوم عيد بالطريقة
التالية .يجب �أن ي�س�أله رجل الدين� ،أل�ست �أنت قد �أ�صررت على هرطقة ال�ساحرات
كل هذه ال�سنني؟ ويجيب ب�أن نعم .وبعدها ،هل فعلت كذا وكذا من الذي اعرتفت
به؟ ويجب ب�أن نعم ،وهكذا .ويف النهاية يجب �أن يعمل �إنكاره جاث ًيا على ركبتيه.
ومن ثم ،كونه ُمدا ًنا بالهرطقة ومت حظره كن�س ًيا ،فبعد �إنكاره وعودته �إىل ح�ضن
374
الكني�سة ،يجب �أن ُينح الغفران ،بال�سلطة الر�سولية للأ�سقف بالإعفاء من احلظر
الكن�سي .ويتم نطق احلكم بالطريقة التالية،
نحن فالن �أ�سقف مدينة كذا� ،أو القا�ضي على املقاطعة التابعة للأمري فالن،
نراك �أنت يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا ،قد مت اتهامك بناء على تقرير عام
م�صاب بهذه اخلطية ٌ من رجال موثوقني ب�أنك عملت خطية الهرطقة ،ومبا �أنك
لعدة �سنوات وقد عملت �ضر ًرا كب ًريا يف روحك ،وب�سبب �أن االتهامات �ضدك قد
جرحت قلوبنا ،نحن الذين مهمتهم �أن يزرعوا الإميان الكاثوليكي املقد�س يف قلوب
الرجال و�أن ُنبعد كل الهرطقات من عقولهم ،ففي رغبتنا ب�أن نكون �أكرث ت�أكدً ا من
�إذا كانت هناك �أي حقيقة يف ذلك التقرير الذي �أتى �إىل �أ�سماعنا ،حتى ميكننا �إن
ﻋﺼ
عالجا منا�س ًبا ،فعملنا التحقيق ب�أف�ضل طريقة كانت �أمامناكان حقيق ًّيا �أن مننحك ً
ﲑ ﺍﻟ
و�س�ألنا ال�شهود وحققنا معك حتت الق�سم بخ�صو�ص ما مت اتهامك به ،وعملنا كل ما
كان مطلو ًبا منا بالعدالة وال�شريعة.
ﻜﺘ
ومبا �أننا نريد �أن ُننهي ق�ضيتك بنهاية منا�سبة ،وحتى يكون لدينا فه ٌم وا�ض ٌح
حلالة عقليتك ال�سابقة� ،إن كنت مت�شي يف الظالم �أو يف النور ،و�إن كنت قد وقعت
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف خطية الهرطقة �أم ال ،فرب�ؤية الق�ضية كاملة ،اجتمعنا مع رجال متعلمني �أ�صحاب
علم الهوتي وماهرين يف ال�شريعة والقانون املدين ،عاملني بقاعدة �أن احلكم يكون
ﺸﺮ
�سلي ًما عندما ي�ؤكد عليه كثريين ،وبعد اال�ست�شارة يف كل التفا�صيل مع الرجال
املتعلمني املذكورين ،وبالتحقيق باجتهاد ودقة يف كل ظروف الق�ضية ،وجدنا �أنك،
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
باعرتافك حتت الق�سم الذي �أق�سمته �أمامنا يف املحكمةُ ،مدا ًنا بكث ٍري من خطايا
ال�سحر (ويجب �أن ي�شرحهم بالتف�صيل).
ﺯﻳﻊ
ولكن مبا �أن الرب ذو رحمة النهائية ،ف�إنه لي�س فقط الكاثوليكيني املتعلمني
أي�ضا الذين �سقطوا من الإميان ميكنهم �أن يكونوا �أكرث انك�سا ًرا ويعملوا �أعمال بل � ً
التوبة ،وباملناق�شة الدقيقة يف ظروف الق�ضية ،وجدنا �أنك ،باتباع ن�صيحتنا ون�صيحة
ال�صاحلني الآخرين ،قد عدت بعقل واع �إىل وحدة وح�ضن الأم املقد�سة الكني�سة،
راف�ضا تلك ال�ضالالت املذكورة والهرطقات ،ومعرتفا باحلقيقة الغري قابلة للدح�ض ً
للإميان الكاثوليكي ،وا�ض ًعا �إياها يف دواخل قلبك ،لذلك ،تابعني خلطوات الرب
الذي ال يريد لأحد �أن يهلك ،منحنا لك هذا الإنكار العلني عن الهرطقة املذكورة
375
وكل الهرطقات الأخرى .وبعمل هذا ،نحن نعفيك من حكم احلظر الكن�سي الذي
وقع عليك ب�سبب الهرطقة ،ونعيدك �إىل الأم املقد�سة الكني�سة و�أ�سرار الكني�سة
املقد�سة� ،شريطة �أنك بقلب �صادق ،ال تزيف توبتك.
خمز �أن نحتمل الإ�ساءة �ضد الرب خالق كل ال�سماوات، ولكن ب�سبب �أنه �شي ٌء ٍ
مبا �أنها خطيئة كربى �أن ت�سيء �إىل العظمة الأبدية �أكرث من العظمة الب�شرية،
مثال للآخرين،ولأجل �أن يرحمك الرب الذي ي�شفق على اخلاطئني ،حتى تكون ً
وحتى ال متر خطيتك بدون عقاب ،وحتى تكون �أكرث حذ ًرا يف امل�ستقبل ،و�أال متيل
�إىل مثل هذه اجلرائم ،فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة ،نياب ًة عن الإميان ،اجلال�سون يف
هذه املحكمة كق�ضاة� ،إلخ كما يف الأعلى ..حكمنا عليك ب�أن تلب�س الك�سوة الزرقاء
ﻋﺼ
الرمادية� ،إلخ .وحكمنا عليك بال�سجن الأبدي ،حتى تعاقب هناك بخبز املِحنة وماء
ﲑ ﺍﻟ
الكرب ،حمتفظني لأنف�سنا بحق التخفيف �أو الت�شديد �أو تغيري �أو �إلغاء احلكم ب�شكل
كامل �أو جزئي ،كما نراه منا�س ًبا.
ﻜﺘ
بعد هذا يجب �أن يتقدم القا�ضي خطوة بخطوة ،يف النطق باحلكم بالطريقة
التالية �أو �شبهها:
ﺐ ﻟﻠﻨ
ابني ،احلكم عليك بالتوبة يت�ضمن هذا� ،أنه يجب �أن حتمل هذا ال�صليب طول
فرتة حياتك ،ب�أن تقف مم�سكا به على درجات املذبح �أو على باب كني�سة كذا ،و�إنك
ﺸﺮ
�ستُ�سجن مدى احلياة ،على اخلبز واملاء .ولكن ،ابني� ،سماع هذا قد يكون �صع ًبا
عليك ،ولكني �أ�ؤكد لك �أنه �إذا �صربت واحتملت عقوبتك ف�ستنالك الرحمة منا ،فال
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
بعد هذا يجب �أن يتم تنفيذ احلكم يف حينه ،ويجب �أن ُيلب�س الك�سوة املذكورة
ويقف على درجة عالية من املذبح يف مر�أى من النا�س وهم ميرون ،ويحيط به
�ضباط من املحكمة العلمانية .ويف وقت الع�شاء يجب �أن ُيقاد بوا�سطة ال�ضباط �إىل
حلكم يجب �أن ينفذ كما ينبغي .وبعد �أن ُيقاد خارج باب الكني�سة، ال�سجن ،وبقية ا ُ
ال يفعل القا�ضي الكن�سي �شيئا يف هذا الأمر بعدها ،و�إذا كانت املحكمة العلمانية
را�ضية ،فلت�سمح له ،لكن �إذا مل َ
تر�ض ،فلتفعل باملتهم ما ت�شاء.
e
376
السؤال .28طريقة النطق بالحكم على المعترفين
على أنفسهم التائبين لكنهم من العائدين إلى
الهرطقة
ﻋﺼ
حالة املتهمة بالهرطقة ،التي بعد التحقيق الدقيق يف ظروف الق�ضية وباالتفاق مع
ﲑ ﺍﻟ
الرجال احلكماءُ ،وجد �أنها قد اعرتفت بهرطقتها و�أنها تائبة ،لكنها من العائدات
للهرطقة .وهذا عندما تعرتف املتهمة بنف�سها يف املحكمة �أمام الأ�سقف �أو الق�ضاة
ﻜﺘ
�أنها قد �أنكرت يف وقت �آخر كل الهرطقة ،ومت �إثبات هذا ق�ضائ ًيا ،ولكنها بعد ذلك
وقعت يف هذه الهرطقة �أو ال�ضاللة� ،أو �أنها قد �أنكرت هرطق ًة معين ًة ،مثل هرطقة
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�ساحرات ،وبعدها عادت �إليها ،ولكن باتباع الن�صائح �أ�صبحت تائبة وم�ؤمن ًة
بالإميان الكاثوليكي ،وعادت �إىل وحدة الكني�سة .هذه املتهمة ،ال يجب �أن ُتنع
ﺸﺮ
من �أ�سرار التوبة والأفخار�ستيا �إذا طلبتها بتوا�ضع ،ولكن �سيتم ت�سليمها كعا�صية
منحرفة �إىل املحكمة العلمانية لتعاين �أ�شد العقوبة .ويجب �أن ُيفهم �أن هذا ي�شري
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
مقبو�ض عليها بالهرطقة� ،أو ٌ �إىل التي �أنكرت الهرطقة من قبل على �أنها متهم ٌة
ﺯﻳﻊ
م�شتب ٌه فيها بقو ٍة بالهرطقة ،ولي�ست متهمة كان م�شتب ًها فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا.
الإجراءات التالية يجب �أن ُتعمل يف هذه احلالة .بعد التحقيق اجليد والدقيق
و�إعادة التحقيق �إن كان �ضرور ًيا بوا�سطة الرجال املتعلمني ،وبعد التو�صل �إىل �أن
ال�سجينة قد عادت بالفعل �إىل الهرطقة ،فالأ�سقف �أو القا�ضي يجب �أن ير�سل �إليها
يف احلب�س ثالثة رجال �صاحلني ،متدينني �أو رجال دين ،متحم�سني للإميان ،من
وقت منا�سبالذين ال ت�شك فيهم املتهمة ولكن تثق بهم ،وعليهم �أن يدخلوا �إليها يف ٍ
بلطف عن ال�سوء يف هذا العامل والب�ؤ�س الذي يف احلياة ،وعن عظمةويتحدثوا معها ٍ
اجلنة و ُمتعها .وبعد هذا يجب �أن يو�صلوا لها نيابة عن الأ�سقف �أو القا�ضي �أنها ال
377
ميكن �أن تهرب من عقوبة املوت ،وبالتايل يجب �أن تنتبه �إىل ت�أمني روحهاُ ،وت�ضر
نف�سها لالعرتاف وللح�صول على �سر الأفخار�ستيا.
ويجب �أن يزوروها با�ستمرار ،ويقنعوها بالتوبة وال�صرب ،ويقووها ب�أق�صى ما
ميكنهم باحلقيقة الكاثوليكية ،ويجب �أن يجتهدوا يف �أن يجعلوها تتوب ،حتى ميكن
�أن حت�صل على �أ�سرار الأفخار�ستيا لتوبتها ال�صادقة .لأن هذه الأ�سرار يجب �أال
ُتنع عن ه�ؤالء الع�صاة.
وعندما ت�ستلم هذه الأ�سرار ،وتتح�ضر بوا�سطة ه�ؤالء الرجال للخال�ص ،فبعد
يومني �أو ثالثة بينما يقوونها بالإميان الكاثوليكي وبينما يحثونها على التوبة،
ﻋﺼ
فالأ�سقف �أو القا�ضي يف ذلك املكان يجب �أن ُيبلغ حاجب املحكمة العلمانية� ،أنه يف
يوم كذا و�ساعة كذا (يف يوم عيد) يجب �أن يكون موجودًا يف ميدان كذا �أو مكان
ﲑ ﺍﻟ
كذا (لكن يجب �أن يكون خارج الكني�سة) حتى ي�ستلم من املحكمة عا�صي ًة منحرفة.
ﻜﺘ
ويف ال�صباح من اليوم املحدد� ،أو يف يوم قبله ،يجب �أن ُيعلن يف املدينة يف املكان
الذي من املعتاد �أن تتم الإعالنات فيه� ،أنه يف يوم كذا و�ساعة كذا يف مكان كذا
�سيكون هناك خطب ٌة للدفاع عن الإميان ،و�أن الأ�سقف �أو القا�ضي �س ُيدين امر�أ ًة
ﺐ ﻟﻠﻨ
معين ًة من العائدات �إىل خطية الهرطقة ،و�أنه �سي�سلمها �إىل العدالة العلمانية.
ﺸﺮ
ولكن �إذا كان العائد �إىل الهرطقة من املنتمني �إىل �أي تنظيم مقد�س� ،أو كان
كاه ًنا �أو متدي ًنا من �أي تنظيم ،فقبل �أن ي�س ّلم يجب �أن تتم �إزالة كل االمتيازات التي
ﻭ
له من ذلك التنظيم الكن�سي .وعندما ُيزال من كل امل�ؤ�س�سات الكن�سية ،يجب �أن يتم
ﺍﻟﺘﻮ
وعندما يتم �إنزال �شخ�ص من مرتبته �أو تنظيمه وي�س ّلم �إىل املحكمة العلمانية،
يجب على الأ�سقف �أن يجمع كل املتدينني يف �أبر�شيته .لأنه فقط الأ�سقف والرجال
�شخ�صا من امتيازاته يف تنظيم مقد�س عندما املتدينني يف �أبر�شيته ميكن �أن ُينزلوا ً
يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية� ،أو عندما ي�سجن مدى احلياة خلطيئة الهرطقة.
ويف اليوم الذي يح ّدد لإزالة درجة العا�صي املنحرف وت�سليمه �إىل املحكمة
العلمانية ،يجب على النا�س �أن يجتمعوا يف مكان مفتوح خارج الكني�سة ،ويبد�أ
عال يف ح�ضور ال�سلطات
املفت�ش ب�إلقاء خطبة ،ويجب �أن يقف ال�سجني يف مكان ٍ
378
ح�ضر
العلمانية .و�إن كان ال�سجني رجل دين ومتت �إزالة درجته ،فالأ�سقف يجب �أن ُي ِ
املالب�س الدينية ،ويكون معه املتدينني من �أبر�شيته يف مالب�سهم الدينية ،ويجب
�أن يتم �إلبا�س ال�سجني املالب�س الدينية وك�أنه �سيمار�س مهمته يف من�صبه الديني،
ثم يجب على الأ�سقف �أن ُيزيل منه الدرجات واالمتيازات من �أعالها �إىل �أ�سفلها.
ويجب على الأ�سقف �أن ي�ستخدم الكلمات املنظمة من الكني�سة ،ويف �إزالة درجته
يجب �أن يخلع عنه مالب�سه الدينية وكل ما يت�صل بها من �أدوات دينية.
وعندما تتم �إزالة الدرجة يجب �أن تتم العملية بالطريقة القانونية املعتادة،
وكاتب العدل ينبغي �أن يقر�أ احلكم ،ويجب �أن يكون نطقه بالطريقة التالية �سواء
كان ال�سجني رجل دين �أو ً
رجل من عامة ال�شعب:
ﻋﺼ
نحن فالن ،برحمة من الرب يف مدينة كذا ،والقا�ضي على املقاطعة التابعة
ﲑ ﺍﻟ
للأمري فالن ،بالنظر �إىل �أنه مت �إبالغنا ب�أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا،
قد �أتيت �أمامنا (�أو �أمام القا�ضي فالن �أو الأ�سقف فالن) ومت اتهامك بالهرطقة
ﻜﺘ
�أو الهرطقات (ويذكرها) ،التي ثبتت عليك باعرتافك ال�شخ�صي وب�شهادة ال�شهود
ب�أنك قد �أ�صررت عليها ملدة طويلة ،ولكنك بعدها ب�سماع الن�صائح� ،أنكرت يف
ﺐ ﻟﻠﻨ
مكان عام ،وتنكرت وان�سحبت عن هذه الهرطقات بالطريقة التي �أُعطيت لك من ٍ
الكني�سة ،ولأن املفت�شني والأ�ساقفة �صدقوا ب�أنك عدت �إىل الكني�سة املقد�سة للرب،
ﺸﺮ
فقد �أعفوك من حكم احلظر الكن�سي الذي كان واقعا عليك ،هذا باعتبار �أن توبتك
هذه كانت من قلب �صادق و�إميان جعلك تعود �إىل الكني�سة املقد�سة ،ولكن بعد كل
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ما ُذكر وبعد �سنوات طويلة ها �أنت متهم �أمامنا ووقعت مرة �أخرى يف الهرطقات
نف�سها التي �أنكرتها (وي�سميها) ،ورغم �أنه من املحزن �أن ن�سمع هذه الأ�شياء عنك،
ﺯﻳﻊ
�إال �أننا ُمربون بالقانون �أن نحقق يف الأمر وب�أن ن�سمع ال�شهود ون�ستدعيك ونحقق
معك حتت الق�سم ،متخذين الإجراءات القانونية الالزمة.
ومبا �أننا �أردنا �أن ننهي هذه الق�ضية بدون �أي �شكوك ،فقد اجتمعنا مع الرجال
املتعلمني يف الالهوت واملاهرين يف ال�شريعة والقانون املدين ،وبا�ست�شارتهم
وبالتحقيق بدقة يف كل �شيءٍ مت قوله وفعله ،وبعد االجتهاد ومناق�شة كل الظروف،
وجدنا بالدليل من ال�شهود وباعرتافك ال�شخ�صي �أنك قد وقعت يف الهرطقات التي
�أنكرتها .لأنك قد فعلت كذا وكذا (وي�سميهم) ،وتب ًعا ال�ست�شارة الرجال املتعلمني،
379
حكمنا ب�أنك عا�ص منحرف ،وف ًقا لت�شريعات الهيئات ال�شرعية ،وهذا مع بالغ
حزننا.
ولكن مبا �أنه �أتى �إىل علمنا وعلم كثري من الرجال الكاثوليك ،وب�إلهام من الإله،
�أنك قد عدت مر ًة �أخرى �إىل ح�ضن الكني�سة وحلقيقة الإميان ُمنك ًرا ال�ضالالت
املذكورة والهرطقات ب�إميان حقيقي ،فقد �سمحنا لك با�ستالم الأ�سرار الكن�سية
للتوبة والأفخار�ستيا املقد�سة بنا ًء على طلبك .ولكن مبا �أن كني�سة الرب لي�س
لديها ما تفعله لك �أكرث من هذا ،وقد تعاملت معك برحمة �شديدة بالطريقة التي
ذكرناها ،و�أنت قد خذلت هذه الرحمة و�أ�س�أت ا�ستخدامها بال�سقوط يف الهرطقة
التي �أنكرتها ،بالتايل فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة ،اجلال�سني يف هذه املحكمة كق�ضاة،
ﻋﺼ
وا�ضعني الأناجيل الأربعة �أمامنا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند الرب وحتى ترى
ﲑ ﺍﻟ
عيوننا ب�إن�صاف ،ولي�س �أمام عيوننا �إال الرب واحلقيقة التي ال ُتدح�ض للإميان
املقد�س و�إبادة وباء الهرطقة ،قررنا �أنه يف مكان كذا ويوم كذا و�ساعة كذا �سيتم
ﻜﺘ
�إ�سماعك حكمنا النهائي ،و�سنقول فيه ب�أنك قد عدت �إىل الهرطقة وبالتايل �ستتخلى
عنك املحكمة الكن�سية و ُت�سلمك �إىل املحكمة العلمانية .ولكننا ُن�صلي �أن حتكم عليك
ﺐ ﻟﻠﻨ
عملها.
ورغم �أن الأ�ساقفة واملفت�شني يجب �أن يبذلوا كل ما بو�سعهم بالتعاون مع الآخرين
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
يف �أن يقنعوا ال�سجني ب�أن يتوب ويعود �إىل الإميان الكاثوليكي� ،إال �أنه حتى لو تاب
ﺯﻳﻊ
وعاد �إىل الإميان الكاثوليكي ،ف�إنه مع ذلك �سيعترب عا�ص ًيا منحر ًفا و�سيتم ت�سليمه
�إىل املحكمة العلمانية للحكم عليه باحلرق ،ويجب �أال ُيخربوه عن احلكم الذي
�سينطق ب�ش�أنه والعقوبة ،ويجب �أال يراهم مرة �أخرى قبل النطق باحلكم وال بعده،
حتى ال يجد �شي ًئا يف نف�سه �ضدهم ،وهو �شيء يجب �أن يتم االنتباه له يف الإعدام من
هذا النوع .ولكن كما قلنا ،يجب �أن ير�سلوه �إىل بع�ض الرجال ال�صاحلني ،خا�ص ًة
الذين هم يف تنظيمات دينية� ،أو رجال دين ،من الذين يثق فيهم ،ويجب �أن يخربوه،
باحلكم وب�أنه �سيموت ،ويقوونه بالإميان ،ويحثونه ب�أن يتوب ويزورونه بعد احلكم،
و ُي�صلون معه ،وال يرتكونه حتى تطمئن روحه �إىل خالقها.
380
أي�ضا �أن هذا احلكم الذي ي�سلم فيه ال�شخ�ص �إىل املحكمة يجب �أن نالحظ � ً
العلمانية يجب �أال ُينطق يف مهرجان �أو يوم عيد ،وال يف الكني�سة ،ولكن يف اخلارج
يف مكان مفتوح .لأنه حكم ي�ؤدي �إىل املوت ،ومن الأن�سب �أن يتم تبليغه يف يوم عادي
وخارج الكني�سة ،لأن الكني�سة و�أيام العيد مكر�سة للرب.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
381
السؤال .29طريقة النطق بالحكم على من اعترف
بالهرطقة وهو غير ننادم.
ﻋﺼ
نادما ،وهو
وا�ست�شارة املحامني املاهرينُ ،وجد �أنه قد اعرتف بالهرطقة ولي�س ً
لي�س من العائدين �إىل الهرطقة .هذه احلالة ناد ًرا ما توجد ،ولكنها حدثت �أثناء
ﲑ ﺍﻟ
حلكمعملنا كمفت�شني .يف هذه احلالة ،الأ�سقف والقا�ضي يجب �أال يت�سرعوا يف ا ُ
ﻜﺘ
على ال�سجني ،ولكن يجب �أن ُيبقوه حتت احلرا�سة مقيدً ا ،ويحاولوا �أن يقنعوه ب�أن
يتوب ،حتى لو ا�ستمر هذا عدة �شهور ،ويتم �إقناعه �أنه �إن ا�ستمر يف كونه غري نادم،
�سيتم لعن روحه وج�سده.
ﺐ ﻟﻠﻨ
ولكن �إذا مل يقتنع مهما كانت املحاوالت ،وال حتى بالتهديد ،ب�أن يتوب عن
ﺸﺮ
�ضالالته ،وانتهت الفرتة املحددة له من النعمة ،فيجب على الأ�سقف والقا�ضي �أن
ي�سلماه �إىل املحكمة العلمانية ،ويجب �أن ُينبهوا ر�سول �أو حاجب املحكمة العلمانية
ﻭ
ب�أنهم �سي�سلمون لهم مهرط ًقا غري تائب .ويجب �أن يعملوا �إعال ًنا بنف�سهم يف
ﺍﻟﺘﻮ
الأماكن املعتادة �أنه يف يوم كذا ووقت كذا يف املكان املذكور� ،ستُل َقى خطب ٌة للدفاع
ﺯﻳﻊ
عن الإميان ،و�أنهم �سي�سلمون مهرط ًقا �إىل املحكمة العلمانية ،و�أن الكل يجب �أن
يكون حا�ض ًرا.
بعد هذا يجب ت�سليم ال�سجني �إىل املحكمة العلمانية ،لكن � ًأول يجب �أن ُين�صح
متاما ،فيجب �أن يتم النطق باحلكم، ب�أن يتوب عن هرطقته ويعود للحق ،و�إذا رف�ض ً
نحن فالن ،برحمة من الرب يف مدينة كذا� ،أو القا�ضي على املقاطعة التابعة
للأمري فالن ،بالنظر �إىل �أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا ،قد مت اتهامك
�أمامنا ب�سبب تقرير عام ومبعلومات من �أ�شخا�ص موثوقني (وي�سميهم) ب�أنك
مهرطق ،و�أنك �أ�صررت لعدة �سنوات على هذه الهرطقات التي �أف�سدت روحك ،ومبا
382
�أن مهمتنا هي �إبادة وباء الهرطقة ،ففي رغبتنا ب�أن نعرف �أكرث عن هذا الأمر لرنى
�إن كنت قد م�شيت يف الظالم �أم يف النور ،اجتهدنا يف التحقيق يف االتهام املذكور،
وا�ستدعيناك وحققنا معك ،ووجدنا �أنك م�صاب بالهرطقة املذكورة.
ولكن مبا �أن رغبة قلوبنا الأ�سا�سية هي �أن نزرع الإميان الكاثوليكي يف قلوب
النا�س ،و�أن ُنبيد طاعون الهرطقة ،فقد ا�ستخدمنا عدة طرق منا�سبة ،من جانبنا
ومب�ساعدة �آخرين ،لإقناعك بالعودة عن �ضالالتك وهرطقاتك والتي ال زلت ُت�صر
عليها بقلب عنيد .ولكن مبا �أن ال�شيطان عدو اجلن�س الب�شري موجود بداخل قلبك،
يلتف حولك ويوقعك يف هذه ال�ضالالت ،ولأنك رف�ضت �إنكار الهرطقات املذكورة،
بدل من �أن تتوب عن الهرطقات وتعود خمتا ًرا املوت لروحك وج�سدك يف هذا العامل ً
ﻋﺼ
�إىل ح�ضن الكني�سة وتطهر روحك ،ومبا �أنك قررت �أن تبقى على خطيئتك،
ﲑ ﺍﻟ
فنظ ًرا لأنك مقيد بقيد احلظر الكن�سي من الكني�سة املقد�سة ،وحمروم من
االنتفاع بالكني�سة ،فالكني�سة ال ميكنها �أن تفعل لك �شي ًئا �آخر وقد عملت كل ما
ﻜﺘ
بو�سعها .فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة نيابة عن الإميان ،اجلال�سني يف املحكمة كق�ضاة،
و�أمامنا الأناجيل الأربعة وحقيقة الإميان املقد�س و�إبادة وباء الهرطقة ،نحكم �أنه
ﺐ ﻟﻠﻨ
يف يوم كذا و�ساعة كذا ويف املكان املعني لك لت�سمع احلكم الأخري� ،سنعطيك حكمنا
ب�أنك مهرطق غري تائب ،و�أنه يجب �أن يتم ت�سليمك �إىل املحكمة العلمانية ،لذلك
ﺸﺮ
بهذا احلكم نحن نطردك كمهرطق غري تائب من حمكمتنا الكن�سية ،ون�سلمك �إىل
املحكمة العلمانية ،ون�صلي ب�أن ُتخفف عليك حكم املوت.
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
e
ﺯﻳﻊ
383
السؤال .30الشخص المعترف بالهرطقة وهو من
العائدين إليها وهو غير تائب
ﻋﺼ
وا�ست�شارة املحامني املاهرينُ ،وجد �أنها اعرتفت بالهرطقة وغري تائبة ،رغم �أنها
من العائدات �إىل الهرطقة ،وهذا عندما تعرتف بفمها يف املحكمة �أنها �آمنت
ﲑ ﺍﻟ
ومار�ست كذا وكذا .والإجراءات يف هذه احلالة هي نف�سها كما هي �أعاله ،وب�سبب
ﻜﺘ
�أنها مهرطقة وا�ضحة ،فاحلكم يجب �أن يكون بالطريقة التالية يف ح�ضور الأ�سقف
والقا�ضي،
ﺐ ﻟﻠﻨ
نحن فالن ،برحمة من الرب �أ�سقف مدينة كذا� ،أو القا�ضي على املقاطعة
التابعة للأمري فالن ،بالنظر �إىل �أنك يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا ،قد
ﺸﺮ
مت اتهامك من قبل �أمامنا (�أو �أمام فالن وفالن من �أ�سالفنا) بجرمية الهرطقة
(وي�سميها) ،ومتت �إدانتك ر�سم ًيا بهذه اجلرمية باعرتافك ال�شخ�صي وب�شهادة من
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
عاندت ل�سنوات كثرية ،لكن بعدها �سمعت الن�صيحة الأف�ضل ِ رجال موثوقني ،ولقد
ﺯﻳﻊ
و�أنكرت الهرطقة ب�شكل عام يف مكان كذا وبال�صيغة التي �أعطتها لك الكني�سة،
وعدت
بت عن ال�ضالالت املذكورة ِ وقد �ص ّدق الأ�سقف املذكور والقا�ضي ب�أنك قد ُت ِ
�إىل الإميان الكاثوليكي وح�ضن الكني�سة ،ومنحوك الإعفاء من احلظر الكن�سي
الذي كان مفرو�ضا عليك ،وقد �أعلنت توبة بقلب �صادق ب�أنك �ستعودين �إىل وحدة
الكني�سة املقد�سة التي احت�ضنتك برحمة .لأن الكني�سة املقد�سة ال تغلق �أبوابها ملن
يريد العودة �إىل ح�ضنها.
ولكن بعد كل ما ُذكر �أحزننا �أنه مت اتهامك مرة �أخرى بالوقوع يف تلك الهرطقات
امللعونة والتي �أنكر ِتها من قبل على العامة ،نعم ،لقد قمت بكذا وكذا (وي�سميهم )
384
يف خمالفة لإنكارك ال�سابق ،ورغم �أننا حمزونون وقلوبنا مقطوعة ب�أن ن�سمع هذا
عنك� ،إال �أن العدالة جتربنا على التحقيق يف الأمر ،وفح�ص �شهادات ال�شهود ،و�أن
ن�ستدعيك ونحقق معك حتت الق�سم كما ينبغي ،و�أن نلتزم بالإجراءات القانونية،
ونحن نريد �أن ُننهي هذه الق�ضية بدون �أي �شكوك ،ولقد ا�ستدعينا جمموعة من
الرجال املتعلمني يف الالهوت وماهرين يف القانون املدين وال�شريعة.
حلكماء على كل جزءٍ مت قوله وفعله يف وبعد النظر يف �أقوال ه�ؤالء الرجال ا ُ
هذه الق�ضية ،وبعد الفح�ص املتكرر للق�ضية كلها واالجتهاد يف املناق�شة لكل ظرف
من الظروف ،فكما يطلب القانون والعدالة ،نحن جندك مدان ًة بالدليل وب�شهادة
ﻋﺼ
ال�شهود وباعرتافك املتكرر� ،أنك وقعت يف الهرطقة مر ًة ،ثم وقعت فيها مر ًة �أخرى
ﲑ ﺍﻟ
بعد �أن �أنكر ِتها .ولأننا وجدنا �أنك قد عملت وقلت كذا وكذا (وت�سميهم) ،بالتايل
لدينا �سبب ،يف ر�أي الرجال املتعلمني ،ب�أن نحكم عليك �أنك عا�صية منحرفة وف ًقا
ﻜﺘ
للأوامر ال�شرعية .ونحن نقول هذا بحزن ،والرب يعلم وهو الذي ال تخفى عليه
خافية ويعلم �أ�سرار القلوب.
ﺐ ﻟﻠﻨ
وبكل قلوبنا رغبنا وال زلنا نرغب يف �إعادتك مرة �أخرى �إىل وحدة الكني�سة و�أن
ﺸﺮ
نقودك بعيدً ا عن قلبك املليء بالهرطقة الفا�سدة ،حتى ميكنك �أن حتفظي روحك
وج�سدك من العذاب يف اجلحيم ،ونحن قد بذلنا جهدنا �إىل �أق�صاه بكل الطرق
ﻭ
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
386
السؤال .31الحكم على من قُبض عليها وأُدينت
لكنها تنكر كل شيء
الطريقة الثانية ع�شر لإنهاء الق�ضية نيابة عن الإميان ُت�ستخدم عندما يكون
ال�شخ�ص مته ًما بالهرطقة ،وبعد التحقيق الدقيق يف وقائع الق�ضية وبا�ست�شارة
ﻋﺼ
املحامني املاهرينُ ،وجد �أنه ُمدا ٌن بالهرطقة بالدليل على اجلرمية �أو ب�شهادة
ﲑ ﺍﻟ
ال�شهود ولكن لي�س باعرتافه ال�شخ�صي .يعني ،هو ميكن �أن يكون ُمدا ًنا بالدليل على
اجلرمية ب�أنه مار�س الهرطقة ب�شكل علني� ،أو ب�شهادة ال�شهود� ،إال �أنه رغم القب�ض
ﻜﺘ
عليه و�إدانته ،فهو ُي�صر على �إنكار كل التهم .انظر كالم «هرني �أوف �سيجو�سيو» يف
كتاب On Herseyال�س�ؤال .34
ﺐ ﻟﻠﻨ
والإجراءات يف هذه احلالة هي كالتايل ،املتهم يجب �أن يتم تقييده بال�سال�سل،
ﺸﺮ
ويجب �أن يزوره ال�ضباط ،ب�شكل منفرد �أو جماعة ،ويعملوا ما بو�سعهم لإقناعه �أن
يك�شف احلقيقة ،ويخربونه �أنه �إذا رف�ض و�أ�صر على الإنكار ،ف�إنه �سينتهي به الأمر
ﻭ
ﺍﻟﺘﻮ
ولكن �إن �أ�صر على �إنكاره ملدة طويلة ،فالأ�سقف و�ضباطه ،ب�شكل منفرد �أو
جماعة ،ومب�ساعدة �آخرين �صاحلني وم�ستقيمني ،يقابلون ال�شهود ويعرفون منهم
باحليلة �إن كانت �شهادتهم حقيقية �أم ال ،و ُيع ِّرفوهم �أن الت�سبب يف لعن �شخ�ص
يجعلك ملعو ًنا �إىل الأبد ،و�إن كان �أحد منهم خائ ًفاُ ،يكنه �أن يقول احلقيقة يف
ال�سر� ،أن هذا املتهم يجب �أال ميوت ظل ًما .ويجب �أن َيحذر ال�صاحلون �أن يتحدثوا
مع ال�شهود بطريقة تبني لهم �أنهم يحاولون �أن يعرفوا �إن كانت ال�شهادة حقيقي ًة �أم
ال.
387
ولكن لو �أن ال�شهود بعد هذا التحذير �أ�صروا على �أقوالهم ،واملتهم �أ�صر على
�إنكاره ،فيجب على الأ�سقف و�ضباطه �أال يتعجلوا يف النطق باحلكم وي�سلموا
ال�سجناء للقانون العلماين ،بل يجب عليهم �أن ُيبقوا عليهم لبع�ض الوقت ملحاولة
�إقناعهم باالعرتاف ،وملحاولة حث ال�شهود (كل واحد منهم على حدة) ب�أن يراجعوا
�أنف�سهم .ويجب على الأ�سقف و�ضباطه �أن ينتبهوا ج ّيدً ا لل�شاهد الذي يبدو �أكرث
ميل للخري .ويجب �أن يتحدثوا �إىل �ضمريه ب�إ�صرار حتى ينطق باحلقيقة وع ًيا و�أكرث ً
�إن كان الأمر كما يف �شهادة ال�شهود .و�إن وجدوا �أن هناك �شاهد م�ضطرب� ،أو كانت
هناك �أي �إ�شارة �أن هناك من ُيعطي �شهادة زور ،فيجب �أن يحققوا معه يف الأمر مع
جمموعة من الرجال املتعلمني.
ﻋﺼ
لأنه وجد غالبا �أنه بعد �أن يدان املتهم بوا�سطة �شهود موثوقني وقد كان ُم�ص ًرا
ﲑ ﺍﻟ
على الإنكار ،ف�إنه يرتاجع �إن مت �إبالغه ب�أنه لن ُي�سلم �إىل املحكمة العلمانية ،بل
ﻜﺘ
�سيتم التعامل معه برحمة �إذا اعرتف بخطاياه ،عندها �سيعرتف باحلقيقة التي
كان ينكرها ملدة طويلة .ووجد غال ًبا �أن ال�شهود ،ميكن �أن يت�آمروا معا بدافع العداوة
ﺐ ﻟﻠﻨ
ال�شخ�صية لإدانة �شخ�ص بريء بخطية الهرطقة ،ولكن بعدها ،بعد حتقيق متكرر
من الأ�سقف و�ضباطه ،يبد�أ �ضمريهم يف اال�ستيقاظ ،بالإلهام الإلهي ،وينكرون
ﺸﺮ
الدليل الذي قدموه ويعرتفون ب�أنهم قالوا هذا ل ُيلفقوا التهمة على املتهم .بالتايل
فال�سجني دائ ًما يف هذه احلالة ال يجب اال�ستعجال باحلكم عليه ،ولكن يجب �أن
ﻭ
يبقى ملدة �سنة �أو �أكرث قبل �أن ُي�سلم �إىل املحكمة العلمانية.
ﺍﻟﺘﻮ
وعندما مير وقت كاف ،وبعد كل االحتياطات الالزمة� ،إذا ُوجد �أن املتهم مدا ٌن
ﺯﻳﻊ
ر�سم ًيا و�أنه اعرتف بذنبه بالطريقة الر�سمية ب�أنه وقع يف جرمية الهرطقة لفرتة،
ووافق على �إنكارها و�إنكار كل هرطقة �أخرى ،و�أن يعمل هذا بالطريقة املر�ضية
للأ�سقف واملفت�ش ،فيجب �أن يتوب يف العلن عن كل الهرطقة ،بالطريقة التي
ذكرناها يف الطريقة الثامنة.
ولكن �إذا اعرتف �أنه وقع يف الهرطقة ،لكنه مع ذلك الزال متم�س ًكا بها ،يجب
ك�شخ�ص غري تائب ،بنف�س الطريقة العا�شرة التي ٍ ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية
�شرحناها.
388
ولكن �إن بقي املتهم على �إنكاره التام لكل التهم املوجهة �ضده ،لكن ال�شهود �سحبوا
�شهاداتهم ،و�أنكروا ما قالوه ،واعرتفوا بذنبهم ،وقالوا �أنهم لفقوا له اجلرمية و�أنه
رجل بريء وقد عملوا هذا بدافع العداوة والكره� ،أو �أنه قد متت ر�شوتهم ،فيجب
�أن يتم حترير املتهم ،ويجب �أن ُيعاقبوا هم ك�شهداء زور .وهذا مت تو�ضيحه من
«باول �أوف بورجو�س» يف تعليقه على ال�شريعة .والتوبة يجب �أن تقال بوا�سطتهم كما
يبدو منا�س ًبا للأ�سقف والق�ضاة ،ولكن يف حالة �شهود الزور ال بد �أن ُيدانوا ويتم
�سجنهم مدى احلياة على اخلبز واملاء ويعملوا التوبة طوال حياتهم .ب�أن يقفوا على
درجات �سلم الكني�سة� ،إلخ .ومع ذلك ،ف�إن الأ�ساقفة لديهم احلق يف تخفيف احلكم
�أو ت�شديده بعد �سنة �أو بعد مرور فرتة معينة بالطريقة املعتادة.
ﻋﺼ
ولكن �إذا مرت �سنة �أو �أكرث واملتهم م�صر على �إنكاره ،وال�شهود ُم�صرون على
ﲑ ﺍﻟ
ير�سل له رجال �صاحلون �أقوالهم ،فيجب ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ،ويجب �أن َ
ﻜﺘ
متحم�سون للإميان ومتدينون ،ليخربوه ب�أنه ال ميكنه الهرب من عقوبة املوت وهو
ي�صر على �إنكاره بهذه الطريقة ،بل �سيتم ت�سليمه كمهرطق غري تائب قري ًبا �إىل
ﺐ ﻟﻠﻨ
املحكمة العلمانية .والأ�سقف و�ضباطه يجب �أن ُيبلغوا حاجب املحكمة العلمانية
�أنه يف يوم كذا ومكان كذا (لي�س بداخل الكني�سة ) �سيتم ت�سلميهم رجل مهرطق
غري تائب .ويجب عليهم �أن يعملوا �إعال ًنا يف الأماكن املعتادة والكل يجب �أن يكون
ﺸﺮ
موجودًا يف يوم كذا و�ساعة كذا ومكان كذا لي�سمعوا خطبة تقال نيابة عن الإميان،
ﻭ
ويف اليوم املحدد لل ُنطق باحلكم يجب على الأ�سقف و�ضباطه �أن يكونوا هنالك،
ﺯﻳﻊ
عال �أمام جتمع من النا�س حيث ميكن �أن يروه، وامل�سجون يجب �أن يو�ضع يف مكان ٍ
وامل�س�ؤولون من املحكمة العلمانية يجب �أن يكونوا موجودين �أمام ال�سجني .ثم ُينطق
احلكم بالطريقة التالية:
نحن فالن ،برحمة من الرب �أ�سقف مدينة كذا� ،أو القا�ضي على املقاطعة التابعة
للأمري فالن ،بالنظر �إىل �أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا قد مت اتهامك
بالهرطقة (وي�سميها) ،ويف رغبتنا ب�أن نعرف �إن كانت التهم املوجهة لك حقيقية
�أم ال ،و�إن كنت م�شيت يف طريق الظالم �أم يف النور ،فلقد حققنا مع ال�شهود،
389
وا�ستدعيناك وحققنا معك حتت الق�سم ،وجعلنا حمام ًيا يكون يف جهة الدفاع
عنك ،وعملنا كل الالزم منا تبعا للت�شريعات الق�ضائية .ورغبة منا يف �إنهاء هذه
الق�ضية بطريقة بعيدة عن كل ال�شكوك ،فقد اقتنعنا بوا�سطة جمموعة من الرجال
املتعلمني يف الالهوت واملاهرين يف ال�شريعة والقانون املدين ،بعد �أن حققنا وناق�شنا
كل الظروف التي يف الق�ضية وكل ما قيل وح�صل فيها ،ب�أنك يا فالن مدان بخطية
الهرطقة وب�أنك مار�ستها ملدة طويلة ،وب�أنك قد قلت وفعلت كذا وكذا (وي�سميهم)
ولكن مبا �أننا رغبنا وال زلنا نرغب يف �أن تعرتف باحلقيقة وتتوب عن تلك
الهرطقة ،وتعود �إىل ح�ضن الكني�سة املقد�سة ووحدة الإميان املقد�س ،حتى حتفظ
ﻋﺼ
روحك وتنجو من تدمري ج�سدك وروحك يف اجلحيم ،فقد بذلنا كل اجلهد نحن
ﲑ ﺍﻟ
و�آخرين ،حتى ن�ؤجل احلكم عليك ملدة طويلة ،ملحاولة �إقناعك بالتوبة ،ولكن كونك
ﻜﺘ
معاند وم�ست�سلم للف�ساد وراف�ض لن�صيحتنا ،وال زلت م�ص ًرا على العقل املتحجر
والإنكار ،ونحن نقول هذا بكل حزن و�أمل .ولكن مبا �أن كني�سة الرب قد انتظرتك
ﺐ ﻟﻠﻨ
طويال حتى تتوب وتعرتف بذنبك ،و�أنت قد رف�ضت وال زلت ترف�ض ،ف�إن نعمتها
ورحمتها ال ميكن �أن تعمل �أكرث من هذا.
ﺸﺮ
وبالتايل حتى تكون عربة للآخرين حتى يبتعدوا عن كل �أنواع الهرطقة ،وحتى ال
ﻭ
متر خطيئتك بدون عقاب ،ف�إننا نحن الأ�سقف والق�ضاة نيابة عن الإميان ،جال�سني
ﺍﻟﺘﻮ
يف املحكمة كق�ضاة ،والأناجيل الأربعة �أمامنا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند
ﺯﻳﻊ
الرب ،وحتى ال ترى عيوننا �إال الإن�صاف ،جاعلني الرب �أمام عيوننا وعظمة الإميان
املقد�س ،ف�إنا ُنعلن وننطق باحلكم عليك ب�أنك يف يوم كذا و�ساعة كذا ومكان كذا
�ست�سمع احلكم عليك ب�أنك مهرطق غري تائب و�سيتم ت�سليمك �إىل املحكمة العلمانية.
ونحن ن�صلي حتى تخفف املحكمة العلمانية عقوبة املوت باحلرق عليك.
أي�ضا �أن يجعلوا الرجال املتحم�سني للإميان، الأ�سقف والقا�ضي ميكنهم � ً
املوثوقني عند املحكمة العلمانية� ،أن يدخلوا �إىل ال�سجني يف مكتب املحكمة العلمانية،
ويحاولوا �إقناعه ب�أن يقول احلقيقة ،واالعرتاف بذنبه.
390
ولكن بعد �أن يتم نطق احلكم ،وعندما يكون املتهم يف املكان بالفعل الذي �سيتم
حرقه فيه ،ف�إذا قال �أنه يريد �أن يعرتف باحلقيقة ويعرتف بذنبه ،وعمِ ل هذا بالفعل،
ف�إذا �أراد �أن ُينكر الهرطقة ،ورغم �أنه يفعلها بدافع اخلوف على حياته ولي�س ب�سبب
حر�صه على احلق � ،إال �أنني �س�أكون مع الر�أي الذي يرى �أنه ُيرحم ويعامل كاملهرطق
التائب و ُي�سجن مدى احلياة .ومع ذلك ،وفقا لت�شريعات القانون ،فالق�ضاة بغ�ض
النظر عن هذا ميكنهم دائ ًما �أن يعاقبوه باملوت باحلرق على الأ�ضرار التي ت�سبب
فيها.
e
ﻋﺼ
ﲑ ﺍﻟ
ﻜﺘ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻭ ﺸﺮ
ﺍﻟﺘﻮ
ﺯﻳﻊ
391
ﺯﻳﻊ
ﺍﻟﺘﻮ
ﻭ ﺸﺮ
ﺐ ﻟﻠﻨ
ﻜﺘ
ﲑ ﺍﻟ
ﻋﺼ