You are on page 1of 392

‫ﻋﺼ‬

‫مطرقة‬ ‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫الساحرات‬
‫‪T.me/Bookjuice‬‬
‫ﺐ ﻟﻠ‬

‫‪e‬‬
‫ﻨﺸ‬
‫ﺮﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫هينريتش كريمر‬

‫مطرقة‬
‫الساحرات‬
‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬ ‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ترجمة‬
‫ﺸﺮ‬

‫د‪ .‬أحمد خالد مصطفى‬


‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مراجعة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫محمد الجيزاوي‬

‫‪T.me/Bookjuice‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺮﻭ‬
‫ﻨﺸ‬
‫ﺐ ﻟﻠ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﻋﺼ‬
‫تنويه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنا مل �أكتب هذا الكتاب‪� ..‬أنا فقط ترجمته‪ ..‬وال �أريد �أن ي�شاع خط�أ �أنني‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫م�ؤلفه‪..‬‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪T.me/Bookjuice‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺮﻭ‬
‫ﻨﺸ‬
‫ﺐ ﻟﻠ‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪T.me/Bookjuice‬‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫اإلهداء‬

‫�إىل الراحل‪ ..‬العراب‪ ..‬د‪�.‬أحمد خالد توفيق‪..‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫كيف تبكي على رجل مل تقابله يو ًما‪ ..‬وكل عالقتك به ق�ص�ص هو كتبها‬
‫و�أنت قر�أتها‪ ..‬كيف تبكي روحك هكذا كالطفل‪� ..‬أ�سطورته �أنه �ش ّكل روحك فقط‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بحروف‪� ..‬أ�سطورته �أن كل الأطياف الغري متفقة يف العامل العربي حتبه‪ ..‬لكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫الأ�ساطري هكذا‪� ..‬إذا ماتوا بكت قلوب كل النا�س ملوتهم القا�صي والداين‪ ..‬و�أنا�س‬
‫�إذا ماتوا لعنهم الالعنون وجتادل النا�س يف م�صريهم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أحمد خالد توفيق مثله مثل �إدجار �آالن بو‪ ..‬لن تعرف هذه الدنيا قيمته �إال‬
‫بعد �أن ترتجم �أعماله‪� ..‬سيقولون انظروا‪ ..‬ه�ؤالء امل�صريون‪ ..‬كان لديهم �شيء‬
‫ﺸﺮ‬

‫عبقري مثل �ستيفن كينج‪ ..‬عزيزي العراب‪ ..‬دعك من العامل‪ ..‬نحن كلنا ك ُكتاب‬
‫ﻭ‬

‫جدد‪ ..‬كلنا بال ا�ستثناء‪ ..‬بكل الأ�شياء التي نكتبها‪ ..‬وكل تلك الأغلفة الرباقة‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫التي ن�صنعها‪..‬مل يكن لكياننا وجود �إال لأنك كنت هنالك عند ذلك الباب تفتحه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لنا على م�صراعيه‪� ..‬شك ًرا لأنك‪ ..‬ال �أدري‪ ..‬فقط �شك ًرا لأنك �أنت‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫المقدمة‬

‫معظم مقدمات املرتجمني �سمجة‪ ..‬نعم ال ُتنكر هذا‪ ..‬وافتح يل عينك هكذا‬
‫وا�صرب واقرتب‪� ..‬أنت دائ ًما تتجاوز مقدمات املرتجمني‪� ..‬إال مقدمة هذا الكتاب‪..‬‬
‫هنا قف وانتبه‪ ..‬لأن هذا الكتاب �شر‪ ..‬و�أنت ال ترمي ال�شر وترتكه هكذا �أمام عيون‬

‫ﻋﺼ‬
‫النا�س دون �أن تقول �أنه �شر‪ ..‬فلما كان هاروت وماروت يعلمان النا�س ال�سحر كانا‬
‫يقوالن‪ ..‬انتبه هذه فتنة فال تكفر‪ ..‬و�أنا �أقول لك �أيها الإن�سان الذي يقر�أ هذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الكتاب‪ ..‬هذا الكتاب عن ال�سحر‪ ..‬وهذا الكتاب فتنة‪ُ ..‬فتنت بها البالد والعباد‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف الع�صور الو�سطى‪� ..‬سفكوا الدم با�سم هذا الكتاب‪ ..‬وحرقوا الب�شر با�سم هذا‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هناك غ�صة تالزمني منذ �أن بد�أت يف ترجمة هذا الكتاب و�إنها واحلق يقال ال‬
‫زالت تالزمني‪� ..‬إن �أ�ضعف �أنواع ال�شر هو الذي يقول لك �أنا �شر‪ ..‬ف�إذا اقرتبت مني‬
‫ﺸﺮ‬

‫ودخلت عاملي ف�أنت �شر مثلي‪ ..‬ولكن ال�شر الذي ُيغلف نف�سه بغالف اخلري‪ ..‬ويبت�سم‬
‫لك ويقول هلم �إىل عامل النور �إين �أنا اخلري و�أنا ال�صالح‪ ..‬ف�إذا اقرتبت منه فقد‬
‫ﻭ‬

‫دخلت �إىل عامل منحط‪ ..‬هذا هو نف�س العامل الذي خرج منه هذا الكتاب‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خطوة بخطوة يغ�سل هذا الكتاب دماغ ال�شخ�ص غري املتعلم‪ ..‬ال�شخ�ص الأوروبي‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عا�ش يف ُلج اجلهالة يف ع�صر الظالم يف القرن الثالث ع�شر‪..‬‬ ‫العامي الذي َ‬
‫كامل يف قارة كاملة بعقول خربة‪ ..‬لأنه كان يغ�سل العقل من‬ ‫حتى �صنع جمتم ًعا ً‬
‫�أي منطق يحمله وي�ضع ً‬
‫بدل عنه عف ًنا ورو ًثا ويح�شوه بالق�سوة والتع�صب‪ ..‬ف�أنتج‬
‫رجال ي�سيحون يف الأر�ض يحرقون الن�ساء با�سم الرب‪ ..‬ثم ينظرون �إىل ال�سماء‬ ‫ً‬
‫ويبت�سمون‪ ..‬وباملنا�سبة لو نزل هذا الكتاب يف �أي قرية من قرى العامل احلديث من‬
‫التي مل ي�صل لها نور العلم‪ ..‬ف�إن النتيجة �ستكون واحدة‪ ..‬دماء‪ ..‬و�صرخات ن�ساء‬
‫و�أطفال‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫بع�ضا مما جا َء يف هذا الكتاب‪ ..‬ي�ؤمن به النا�س يف جمتمعنا‬ ‫و�إن املحزن �أن ً‬
‫اليوم‪ ..‬ويتناقلونه بينهم‪ ..‬ال�ساحر يقدر �أن يفعل كذا وكذا‪ ..‬وهو ير�سل عليك‬
‫و�سن �سيفك‪..‬‬‫ال�شيطان الذي ميكنه �أن يقتلك ومير�ضك وينكحك‪ ..‬فقط اقر�أ ِّ‬
‫فلرمبا تريد �أن تقطع ر�أ�س �ساحر ما وت�صري �إىل ع�صر الظالم‪ ..‬مع �إن�سان �أوروبا‪..‬‬
‫يف القرن الثالث ع�شر‪.‬‬
‫هناك كثري من الكتب يف هذا العامل حتدثت عن ال�سحر‪ ..‬لكن مطرقة ال�ساحرات‬
‫هو يف كفة وحده‪ ..‬فهو مبثابة داهي ٍة �أ�صابت العامل فهو الأهم والأخطر‪� ..‬أهميته‬
‫يف �أنه كان ال�شعلة التي �أثارت حمالت �شعواء يف �أوروبا لثالثة قرون من الزمان‬

‫ﻋﺼ‬
‫حترق كل من تنطبق عليه ال�سفاهات التي ُذكرت يف الكتاب‪ ..‬و�أهميته يف �أنه �أف�ضل‬
‫ملخ�ص لعلم ال�شيطانيات يف تاريخ الكتب‪� ..‬أنت هنا تفهم كيف كان النا�س �أ ّيامها‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يرون ال�شيطان‪ ..‬و�إين قد انتبهت لنف�سي كث ًريا بينما �أترجم هذا الكتاب �أنني �أ�صفق‬
‫ﻜﺘ‬
‫أمما و�إمرباطوريات تنظر �إليه بهذه النظرة املهيبة‪.‬‬
‫لل�شيطان الذي جعل � ً‬
‫مبوافقة من البابا وت�أييد من الكني�سة الكاثوليكية‪ ..‬انطلق املفت�شون يف حمالتهم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كامل�سعورين يقب�ضون على خ�صوم الكني�سة ال�سيا�سيني ويلفقون لهم تهمة ال�سحر‪..‬‬
‫ويحرقونهم‪ ..‬و�أ�صبح كتاب مطرقة ال�ساحرات مبثابة مذكرة عملية مو�ضوعة يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫كل املحاكم يف �أوروبا لي�س فقط يف ع�صر الظالم بل يف الثالثة قرون التي تليه من‬
‫ع�صر النه�ضة‪ ..‬من القرن الثالث ع�شر وحتى ال�ساد�س ع�شر‪ ..‬فحرقوا �أكرث من ربع‬
‫ﻭ‬

‫ورجال و� ً‬
‫ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أطفال‪ ..‬والتهمة جاهزة‪� ..‬ساحر‪.‬‬ ‫مليون �إن�سان‪ ..‬ن�سا ًء‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫حظي هذا الكتاب بفر�صة ذهبية جعلته ينت�شر كالنار يف اله�شيم وي�صل �إىل‬
‫رجل ال�شارع‪ ..‬لأنه �صدر يف �أيام ثورة التقنية يف عامل الطباعة واملطابع‪ ..‬ف�أ�صبحت‬
‫الكتب ت�صدر ب�آالف الن�سخ‪ ..‬وكان هذا الكتاب هو �أكرث الكتب انت�شا ًرا يف �أوروبا يف‬
‫مثل �أن كل الن�ساء‬‫وقته‪ ..‬وتطبع معظم ال�شعب بطباع الكتاب ال�سوداء‪ ..‬الذي يعترب ً‬
‫�شريرات بالفطرة‪.‬‬
‫يل على �أين �أنا م�ؤلفه‪..‬‬ ‫لقد كنت �أترجم هذا الكتاب و�أنا قلق من �أن ُين�سب �إ ّ‬
‫مثل هو مرتجمها ولي�س م�ؤلفها‪ ..‬لكن النا�س ين�سبونها‬ ‫فمعظم م�ؤلفات املنفلوطي ً‬
‫يل هذا ال�شر فهذا مما ال �أحبه‪ ..‬ال �أريد �أن ي�أتيني �شخ�ص‬ ‫�إليه‪ ..‬لكن �أن ُين�سب �إ ّ‬
‫‪10‬‬
‫ويقول �أنت كتبت يف مطرقة ال�ساحرات كذا‪ ..‬بينما روايتك «مالئك ن�صيبني»‬
‫متاما‪� ..‬إن كاتب هذا الكتاب هو (هيرنيت�ش كرمير)‪ ..‬وهو‬ ‫فيها كالم هو النقي�ض ً‬
‫�شخ�ص يف غاية الب�شاعة الروحية‪ ..‬ولقد مات منذ �أكرث من خم�سمئة عام‪.‬‬
‫لقد ترجمتُ هذا الكتاب لأنني �أريد �أن �أبني كيف ُتغ�سل عقول الب�شر‪ ..‬وكيف‬
‫ت�ش ِّنع خ�صومك ال�سيا�سيني وجتعل ال�شعب كله يكرههم وي�صفق لك عندما تقتلهم‬
‫وت�سجنهم‪ ..‬ولكل ع�صر �أدواته التي ُتغ�سل بها عقول �أ�صحابه‪.‬‬
‫لكن واحلق يقال بعد انتهاء ع�صر النه�ضة وبداية ع�صر النور يف �أوروبا من‬
‫بداية القرن الثامن ع�شر تراجعت الهيئات الر�سمية امل�سيحية عن كثري مما جاء‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف الكتاب وكثري مما ح�صل يف حماكم التفتي�ش بل وانتهت حمالت التفتي�ش �إىل‬
‫الأبد‪ ..‬وكثري من علماء الالهوت امل�سيحي اتهموا الكتاب ب�أنه ي�شرعن الطرق غري‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شرعية و�أنه غري موافق لعقيدة الكاثوليك عن علم ال�شيطانيات‪..‬و ُقلبت �صفحة‬
‫ذلك الع�صر‪ ..‬وبد�أت �صفحة جديدة‪ ..‬مع طرق جديدة لل�سيطرة على الب�شر‪..‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�شياطني جدد‪.‬‬
‫كاتب الكتاب هو هيرنيت�ش كرمير ق�سي�س �أملاين خبيث‪ ..‬وكان معه يف الت�أليف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫جاكوب �سربجنر ق�سي�س �أملاين خبيث �آخر‪ ..‬لكن �أغلب الكتاب كتبه هيرنيت�ش‬
‫ل�سبب ما‪..‬‬
‫مهوو�سا مبالحقة ال�ساحرات ٍ‬ ‫ً‬ ‫كرمير‪ ..‬الق�صة �أن هيرنيت�ش هذا كان‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�أقام الدنيا و�أو�صل الأمر �إىل البابا �إنو�سينت الثامن و�أعطاه البابا �أم ًرا �شرع ًيا‬
‫ر�سم ًيا بالبدء يف مالحقة ال�ساحرات وحماكمتهن و�إبادتهن من على وجه الأر�ض‪..‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�أُعطيت هذه املهمة ملفت�شي حمالت التفتي�ش الذين كانوا هم الكائنات الأكرث �ش ًّرا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫على ظهر الكرة الأر�ضية وقتها‪.‬‬


‫وحدث �أن هيرنيت�ش كرمير بد�أ ُي�شرف على حمالت �إبادة ال�ساحرات هذه نف�سه‬
‫حتى نزل مدينة ذات مرة و ت�شاجر مع امر�أة لأنه كانت لديه ُعقدة �ضد املر�أة عامة‪..‬‬
‫وعلى حظه كانت هذه املر�أة هي هيلينا �شيوبريين‪ ،‬امر�أة من�ساوية قوية م�ستقلة‬
‫ل وجعلته بني رجاله‬ ‫ال تخاف من �شيء‪ ..‬فلما ت�شاجر معها كرمير لعنته على امل أ‬
‫كاجلرذ �إذ قالت له «اللعنة عليك �أيها الراهب القبيح اخلبيث‪ ،‬فلي�أخذك ال�شر‬
‫مع ال�ساقطني»‪ ،‬وجن جنون كرمير‪ ،‬خا�صة �أن هذه املر�أة كانت متنع النا�س من‬
‫ح�ضور ُخطبه اململة حتى �أنها دخلت ذات مرة يف �أحد حما�ضراته و�صاحت عالنية‬
‫‪11‬‬
‫�أن املفت�شني هم �أقذر النا�س و�أنهم ع�صبة �شيطانية‪ ،‬وكما هو متوقع‪ ..‬اتهمهما‬
‫كرمير �ضمن حملته ال�شعواء ب�أنها �ساحرة وحوكمت‪.‬‬
‫�أثناء حماكمة هيلينا كان كرمير ال ي�ستطيع �أن ُيثبت �شي ًئا فبد�أ يتكلم عن �سلوكها‬
‫اجلن�سي ب�شكل �سخيف جدًّا‪ ،‬مما جعل الأ�سقف نف�سه يتهم كرمير بال�سخافة و�أنه‬
‫يفرت�ض �أمو ًرا مل تثبت‪ ،‬ومتت تربئة هيلينا‪ ،‬وهنا وقف هيرنيت�ش مع نف�سه وقفة‬
‫وقرر �أن ُيخرج علينا هذا الكتاب‪ ،‬مطرقة ال�ساحرات‪ ..‬الذي ي�شرح كيف ت�شتبه يف‬
‫ال�ساحرة وكيف حتاكمها حماكمة �صحيحة‪ ..‬و�أ�صبح هذا الكتاب بعد وفاة كرمير‬
‫كما قلت موجودًا يف كل حمكمة يف �أوروبا واملحرك الأ�سا�سي لكل حمالت التفتي�ش‬

‫ﻋﺼ‬
‫على ال�ساحرات لـثالثمئة �سنة‪.‬‬
‫هذا الكتاب ُكتب باللغة الالتينية عام ‪ً � 1487‬أول‪ ..‬ثم ُترجم �إىل الأملانية بعد‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حوايل ‪� 400‬سنة عام ‪ ..1906‬ثم ُترجم �إىل االجنليزية بعد �سبعة ع�شرة �سنة عام‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪ ..1923‬ثم ترجم الآن �إىل العربية بعد حوايل مئة �سنة‪.‬‬
‫قبل �أن تقر�أ هذا الكتاب ال بد �أن تعرف كيف �ستقر�ؤه لأنني �س�أتركك بعد هذه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املقدمة‪ ..‬حيث �أنني مل �أتدخل بحرف واحد على كالم هيرنيت�ش ال ب�شرح وال‬
‫متاما كما كتبه هيرنيت�ش و�صاحبه جاكوب‪.‬‬
‫بهوام�ش‪ ..‬ترجمته هكذا ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫هذا الكتاب على ثالثة ف�صول‪ ..‬تختلف عن بع�ضها يف الأ�سلوب‪ ..‬وهو �شيء‬
‫ﻭ‬

‫نوعا ما ويك�سر امللل‪ ..‬الف�صل الأول هو �أ�سئلة و�أجوبة عن ال�سحر وال�ساحرات‬


‫ج ّيد ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وال�شيطان وقدرات ال�شيطان‪ ..‬الف�صل الثاين عن عالج امل�سحورين وق�ص�ص‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ساحرات ال�شهريات التي واجههن هيرنيت�ش يف حملته �أو �سمع عنهن من مفت�شني‬
‫�آخرين‪ ..‬الف�صل الثالث هو عن الإجراءات القانونية التي تتخذ �ضد ال�ساحرات منذ‬
‫نقطة اال�شتباه فيهن �إىل حرقهن‪.‬‬
‫هناك نقطة مهمة يف الف�صل الأول‪ ..‬جنده � ًأول يكتُب ال�س�ؤال كعنوان رئي�سي‪..‬‬
‫مثل هل ح ًقا ال�ساحرات �شيء‬ ‫وهو دائ ًما �س�ؤال عن �شيء خمالف لإميان هيرنيت�ش‪ً ..‬‬
‫وهمي وال قدرات حقيقية لهن؟ ثم يبد�أ يف عر�ض احلجج امل�ؤيدة لهذا ال�س�ؤال وكيف‬
‫احتج بها �أ�صحابها الذين ي�ؤمنون �أن ال�ساحرات وهم‪ ..‬ثم يكتب كلمة (الإجابة)‬

‫‪12‬‬
‫ويبد�أ يف الرد على احلجج واحدة واحدة حتى ينتهي منها ويقنعك بوجهة نظره‪..‬‬
‫لكن الحظت �أنه يبد�أ الرد على احلجج قبل كلمة (الإجابة) بفقرة �أو اثنني‪ ..‬ولعل‬
‫هذه الفقرة �أو االثنتني هي رد �صاحبه جاكوب �سربجنر وهو جعلها مت�ضمنة يف‬
‫�سياق الكالم‪ ..‬لكني تركت نظامه الذي ارت�ضاه لكتابه كما هو ومل �أُغري فيه �شي ًئا‪.‬‬
‫�إذا كنت متل �سري ًعا من احلجج وغ�سيل الأدمغة فاقر�أ الف�صل الثاين � ًأول ففيه‬
‫كثري من ق�ص�ص ال�ساحرات العجيبة‪ ..‬وكيف ي�أكلن الأطفال ويطحنّ عظامهم‬
‫ويعملن منها مراهم لو�صفاتهن ال�سحرية‪ ..‬وكيف ي�ضاجعن ال�شيطان ويعملن‬
‫معه العهد يف اجتماع ال�ساحرات حيث يظهر لهم يف �صورة �إن�سان‪ ..‬وكيف يطرن‬

‫ﻋﺼ‬
‫باملكان�س يف الهواء‪ ..‬لقد ات�ضح يل �أن �ساحرات ديزين لي�سوا وه ًما خيال ًّيا و�أنَّ هذا‬
‫كان �شي ًئا دين ًّيا ي�ؤمن به �شعب كامل‪ ..‬والرجل يقنع القارئ بهذا باحلجة وبالدين‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبا�سم الرب وبا�سم امل�سيح‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�ستجده يقتب�س كث ًريا من كالم قدي�سني مهمني‪ ..‬مثل (القدي�س «توما�س»)‬
‫وهذا هو توما الأكويني‪ ،‬وهو ق�سي�س وقدي�س وفيل�سوف �إيطايل �أثر على الفل�سفة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الغربية كلها و�سموه فيل�سوف الكني�سة الأعظم‪ ..‬ويقتب�س � ً‬


‫أي�ضا كث ًريا من (القدي�س‬
‫«�أوج�ستني») وهذا هو �أغ�سطينو�س‪ ،‬قدي�س وكاتب وفيل�سوف وهو �أهم �شخ�صية‬
‫ﺸﺮ‬

‫م�ؤثرة يف امل�سيحية ب�شكل عام‪ ..‬ويقتب�س من (جون نيدار) وهو عامل الهوت �أملاين‬
‫ا�شتهر بكتابه ‪ Formicarius‬الفي�سل�سويف الديني ال�شامل الذي كان من خم�س‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫جملدات‪� ،‬آخر جملد منهم يتحدث عن ال�سحر وي�سرد حكاية املفت�ش بيرت جرايز‬
‫حيث قب�ض على �ساحر وعمل معه مقابلة كاملة حتدث فيها ال�ساحر بالتف�صيل عن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫طرق ال�سحرة يف قتل الأطفال وغريها‪.‬‬


‫ويقتب�س كث ًريا من الكتاب املقد�س وي�ضع الكالم بني عالمتي تن�صي�ص « » ويكتب‬
‫أي�ضا من كتاب مهم ي�سميه (ال�شريعة) وهذا يعني‬ ‫ال�سفر ورقم الآية‪ ..‬ويقتب�س � ً‬
‫به القانون الكن�سي وهي القوانني التي حتكم بها ال�سلطة الكن�سية وي�سري على كل‬
‫الكنائ�س‪ ،‬وكان �سار ًيا �أيام كانت الكني�سة حتكم يف الق�ضايا املدنية‪ .‬ثم انتهى هذا‬
‫بعد الإ�صالح الربوت�ستانتي‪ ..‬والقوانني احلديثة الآن للدول الأوروبية ا�ستقت كث ًريا‬
‫من ت�شريعاتها من هذا القانون الكن�سي‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫يف النهاية �أقول‪ ،‬لقد عرفت هذا الكتاب �أول مرة من الع ّراب الراحل العظيم‬
‫دكتور �أحمد خالد توفيق حيث �أتى على ذكره يف �أكرث من عدد من �سل�سلة ما وراء‬
‫لدي ف�ضول‬
‫الطبيعة وحتدث عنه باخت�صار يف كتابه مو�سوعة الظالم‪ ..‬وكان ّ‬
‫لأعرف ما هو هذا الكتاب‪ ..‬وملا قر�أته عرفت �أهميته ج ّيدً ا‪ ..‬و�إن كل كتاب مهم‬
‫يرتجم �إىل لغة‪ ..‬يكون مثل جنمة كانت منطفئة حتى ت�ضيء يف �سماء تلك اللغة‪..‬‬
‫فيقر�ؤه املتحدثون بها ويعرفوه‪ ..‬ولهذا قررت �أن �أُهدي هذا الكتاب للمكتبة العربية‪.‬‬

‫الدكتور‪� /‬أحمد خالد م�صطفى‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪14‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫الجزء األول‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫السؤال ‪01‬هل اإليمان بوجود‬
‫كيانات شريرة كالساحرات‬
‫هو شيء مهم؟‬

‫�إذا كان الإميان بوجود كيانات �شريرة كال�ساحرات هو �شيء مهم يف الإميان‬

‫ﻋﺼ‬
‫الكاثوليكي الذي يحارب �أي ر�أي �آخر له نكهة هرطوقية وا�ضحة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يقول املهرطقون �أن الإميان القوي بوجود ال�ساحرات ال يدخل يف العقيدة‬
‫الكاثوليكية‪ :‬انظر الف�صل ‪ ،26‬ال�س�ؤال ‪ 5‬من كتاب ‪ .Episcopus‬ويقولون �أن كل‬
‫ﻜﺘ‬
‫من ي�ؤمن بوجود خملوق ميكنه �أن يتحول بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ‪� ،‬أو‬
‫يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه‪ ،‬بدون تدخل اخلالق الذي خلق كل �شيء فهذا‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف احلقيقة �أ�سو�أ من الوثني واملهرطق‪ .‬لذا عندما يذكرون �أن �أمورا خوارق كهذه‬
‫عملتها ال�ساحرات‪ ،‬فهذا لي�س كالما كاثوليكيا‪ ،‬بل �إن ملن الهرطقة الوا�ضحة �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫ت�صر على هذا الر�أي‪.‬‬


‫يقول املهرطقون � ً‬
‫أي�ضا �أنه ال يوجد فعل من �أفعال ال�ساحرات له ت�أثري دائم علينا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ودليلهم‪� :‬أنه �إن كان كذلك‪� ،‬س ُيمكن �أن نت�أثر كب�شر ب�أفعال ال�شياطني‪ .‬لكن الإميان‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ب�أن ال�شيطان له قوة على �أن يغري ج�سم �إن�سان �أو ُيحدث عليه �ضر ًرا دائ ًما هو �شيء‬
‫ال يبدو متواف ًقا مع تعاليم الكني�سة‪ .‬لأنه بهذه الطريقة �سن�ؤمن �أنه ب�إمكانهم تدمري‬
‫العامل كله‪ ،‬وحتويله �إىل عبث‪.‬‬
‫مثل يف احلالة ال�صحية‪،‬‬ ‫أي�ضا �أن كل حتول يحدث يف ج�سد الإن�سان ‪ً -‬‬ ‫يقولون � ً‬
‫و�ض َح �أر�سطو‬ ‫احلالة املر�ضية ميكن �أن ُيف�سر بالأ�سباب الطبيعية العادية‪ ،‬مثلما ّ‬
‫يف كتابه ال�سابع كتاب الفيزياء‪ .‬نعم هناك ت�أثري عظيم للنجوم على الإن�سان‪ .‬لكن‬
‫ال�شياطني ال ميكنهم �أن يتحكموا يف النجوم‪ ،‬هذا ر�أي «ديوني�سيو�س» يف ر�سالته‬
‫الإجنيلية �إىل «بوليكارب»‪ ،‬لأن الرب فقط هو الذي يفعل هذا‪ ،‬وبالتايل هذا دليل‬
‫‪19‬‬
‫على �أن ال�شياطني ال ميكنهم ح ًّقا �أن ُيحدثوا �أي تغيري دائم يف ج�سد الإن�سان‪� .‬أو‬
‫كما نقول حتول حقيقي‪ ،‬لذا ال يجب علينا �إحالة حدوث �أي تغيريات كهذا �إىل �سبب‬
‫مظلم و�سحري‪.‬‬
‫الرب �أعلى من قدرة ال�شيطان‪ ،‬لذا فالأعمال الإلهية‬
‫ويقول املهرطقون �أنَّ قدرة ِّ‬
‫حقيقية �أكرث من الأعمال ال�شيطانية‪ .‬وحيثما ُوجد ال�شر يف العامل‪� ،‬سيكون عمل‬
‫ال�شيطان دائ ًما يعار�ض عمل الرب‪ .‬ولذلك من الهرطقة �أن تعتقد �أن َ‬
‫عمل ال�شيطان‬
‫ميكنه �أن يتغلب على ِ�صنع ِة الرب‪ .‬ومن الهرطقة �أن تعتقد �أن �أعمال اخللق العظيمة‬
‫كالإن�سان واحليوان ميكن �أن يقع عليها �ضرر ويتم تخريبها بقدرة ال�شيطان‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يقولون � ً‬
‫أي�ضا �أن الذي يكون هو نف�سه حتت ت�أثري املادة ال ميكن �أن تكون له �سلطة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫على املادة‪ ،‬وال�شياطني يخ�ضعون لت�أثري النجوم‪ ،‬فال�سحرة يالحظون م�سار جنوم‬
‫ﻜﺘ‬
‫معينة لي�ستدعوا ال�شياطني‪ ،‬لذلك فال�شياطني لي�ست لديهم القدرة على الت�أثري يف‬
‫�أي ج�سم مادي‪ ،‬وتب ًعا لهذا فال�ساحرات كذلك لأنهن لديهن قدرة �أقل من قدرة‬
‫ال�شياطني‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ويقولون �أن ال�شياطني لي�ست لديهم قدرة على الإطالق �إال على بع�ض الفنون‬
‫ﺸﺮ‬

‫اخلفية‪ .‬والفن اخلفي ال ميكن �أن ُينتج ً‬


‫�شكل حقيق ًّيا‪ .‬وبع�ض امل�ؤلفني يقولون �أن‬
‫علماء اخليمياء ت�أكدوا �أنه ال يوجد �أمل يف �أن يحدث تغيري حقيقي يف املادة‪ .‬لذا‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫فال�شياطني من جانبهم ي�ستخدمون �أق�صى ما لديهم من �صنعة وال ُيكنهم �أن‬


‫عالجا دائ ًما �أو ً‬
‫مر�ضا دائ ًما يف ج�سد الإن�سان‪ .‬و�إذا حدث �شيء كهذا ف�إنه‬ ‫ُيحدثوا ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ي ُعزى �إىل �أ�سباب �أخرى رمبا تكون غري معروفة ولي�س لها عالقة ب�أعمال ال�شياطني‬
‫�أو ال�ساحرات‪.‬‬
‫ولكن وف ًقا للر�سائل البابوية ‪ ،)33( Decretals‬العك�س هو احلا�صل‪ .‬فمكتوب‬
‫فيها «�إذا �سمح الرب بعدالته و�إرادته لأي من فنون ال�سحر باال�ستعانة بقوة‬
‫ال�شيطان‪� ...‬إلخ» هنا �إ�شارة �إىل �أن فعل ال�سحر ميكن �أن مينع �إنهاء زواج ً‬
‫مثل‪،‬‬
‫ولأجل �أن يحدث هذا ال�شيء غري ال�شرعي ال بد �أن توجد ثالثة �أ�شياء‪ ،‬ال�سحر‪،‬‬
‫ال�شيطان‪ ،‬و�إرادة الرب‪ .‬الأقوى ي�ؤثر على الأقل قوة‪ .‬وقدرة ال�شيطان �أقوى من �أي‬
‫‪20‬‬
‫قدرة ب�شرية (�سفر �أيوب) ملا قال عن �إبلي�س «لي�س له يف الأر�ض نظري‪ ،‬خلق لئال‬
‫يخاف»‬
‫الإجابة‪ .‬هنا توجد ثالث �أخطاء هرطوقية ال بد �أن ن�ستوفيها بح ًثا‪ ،‬وعندما‬
‫ُنثبت بطالنها‪� ،‬ستت�ضح احلقيقة‪ .‬بالن�سبة لبع�ض ال ُكتّاب‪ ،‬يقولون �أنه حتى بالن�سبة‬
‫للم�ستحيالت التي حدثت بوا�سطة التعاويذ ال�سحرية‪ ،‬فال وجود ل�شيء كال�سحر‪،‬‬
‫و�أنه موجود فقط يف خيال الرجال الذين ين�سبون �أي �شيء يف الطبيعة لي�س له‬
‫�سبب �إىل ال�سحر والتعاويذ‪ .‬هناك ُكتاب �آخرون يعرتفون ح ًّقا �أن ال�سحر موجود‪،‬‬
‫لكنهم ي�صرحون �أن ت�أثري ال�سحر وت�أثري التعاويذ �إمنا هو تخيالت وتهي�ؤات من‬

‫ﻋﺼ‬
‫النا�س‪ .‬وفئة ثالثة من ال ُكتاب يعتقدون �أن الت�أثريات التي قيل �أنها معمولة بالتعاويذ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�سحرية هي كلها وهم وخداع للعني‪ ،‬رغم �أنه رمبا ميد ال�شيطان يده �أحيا ًنا ملعاونة‬
‫بع�ض ال�سحرة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫واخلط�أ الذي عمله كل واحد من ه�ؤالء الأ�شخا�ص الثالثة ال بد �أن يتم ا�ستعرا�ضه‬
‫ثم دح�ضه‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫� ًأول جميعهم مت �إثبات �أنهم مهرطقون بوا�سطة العديد من الكتاب الأرثذوذك�س‪،‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫وخا�صة بوا�سطة القدي�س توما�س‪ ،‬الذي قال �أن �آراء كهذه هي كلها تعار�ض �سلطان‬
‫القدي�سني و�أنها مبنية على كفر مطلق‪ .‬لأن الكتب املقد�سة تقول �أن ال�شياطني لهم‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قدرة على �أج�ساد وعقول الرجال‪ ،‬ذلك عندما �سمح الرب لهم �أن ُيحدثوا هذه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫القدرة كما يت�ضح من كثري من املقاطع يف الكتب املقد�سة‪.‬‬


‫وبالتايل فه�ؤالء الذين يقولون �أنه ال وجود ل�شيء مثل ال�سحر و�أنه �شيء خيايل‬
‫متاما �إمنا هم خمطئون‪ ،‬حتى �أنهم ي�ؤمنون �أن ال�شياطني لي�ست موجودة �إال يف‬ ‫ً‬
‫خيال اجلهال وال�سوقة‪ ،‬وبالن�سبة احلوادث الطبيعية التي حتدث للإن�سان وين�سبها‬
‫كاف ليعرفوا �أنهم يرون �أ�شكال حقيقية‬
‫خط�أ �إىل ال�شياطني‪ ،‬ف�إن وعي بع�ض النا�س ٍ‬
‫وظهورات ولي�ست انعكا�سات خليالهم‪ ،‬وبالتايل ي�ؤمنون �أنها ظهورات لأرواح �شريرة‬
‫�أو �أعمال �ساحرات‪ .‬الإميان احلقيقي ُيعلمنا �أن بع�ض املالئكة �سقطوا من ال�سماوات‬
‫‪21‬‬
‫و�أ�صبحوا الآن �شياطني‪ ،‬ونحن ُملزمون �أن نعرتف �أنه وبطبيعتهم املالئكية ميكنهم‬
‫�أن يفعلوا �أمو ًرا مبهرة ال ميكننا نحن �أن نفعلها‪ .‬و�أولئك الذين يحثون غريهم‬
‫ليعملوا مثل هذه املُبهرات ال�شريرة ُي�سمون �ساحرات‪ .‬ولأن الكفر يف الإن�سان الذي‬
‫مت تعميده ي�سمى هرطقة‪ ،‬ف�إن ه�ؤالء الأ�شخا�ص هم ب�شكل �صريح مهرطقون‪.‬‬
‫بالن�سبة لأولئك الذين �أخط�أوا اخلط�أين الآخرين‪� ،‬سنقول �أن الذين ينكرون �أن‬
‫هناك �شياطني �أو ينكرون �أن ال�شياطني متتلك قدرة طبيعية‪ ،‬لكنهم يختلفون فيما‬
‫بينهم �إن كان هناك ت�أثري لل�سحر و�أعمال لل�ساحرات‪ :‬فهم مدر�ستان‪ ،‬واحدة تقول‬
‫�أن ال�ساحرة ميكنها �أن حتدث ت�أثريات معينة لكن هذه الت�أثريات لي�ست حقيقية‬

‫ﻋﺼ‬
‫بل تهي�ؤات‪ ،‬واملدر�سة الأخرى تقول �أن هناك �ضر ًرا حقيق ًيا مي�س ال�شخ�ص �أو‬
‫الأ�شخا�ص امل�صابون‪ ،‬لكن ملا تتخيل ال�ساحرة �أن هذا ال�ضرر هو ب�سبب فنونها فهي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لي�ست �إال خمدوعة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫هذا اخلط�أ يبدو م�ستندً ا �إىل مقطعني من ال�شرائع حيث هناك ن�ساء معينات‬
‫خارجا مع «ديانا» �أو‬‫ً‬ ‫مدانات تخيلن خط�أ �أنه خالل الليلة التي جتولن فيها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«هريوديا�س» �أحدثن �ضر ًرا‪ ،‬هذا ميكن �أن نقر�أه يف ال�شريعة‪ .‬لكن حالة كهذه ميكن‬
‫�أن حتدث ب�شكل عادي ب�شري ب�سبب الوهم وتكون جمرد خيال‪� ،‬أما �أولئك الذين‬
‫ﺸﺮ‬

‫يعتربون �أنه وب�سبب هذه الق�ص�ص يف ال�شريعة فكل ت�أثريات ال�سحر هي جمرد‬
‫�أوهام وخياالت‪ ،‬فهم خمدوعون‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ثان ًيا‪ ،‬بالن�سبة لل�شخ�ص الذي ي�ؤمن �أو يعتقد �أن خملو ًقا ميكن �أن يتغري بال�سحر‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ �أو يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه بغري تدخل اخلالق‬
‫الذي خلق كل �شيء‪� ،‬أن يقال عليه �أنه �شخ�ص كافر �أو �أ�سو�أ‪� ،‬أو يقال �أن ت�أث ًريا‬
‫كهذا �إذا ُعمل بوا�سطة ال�سحر فهو ال ميكن �أن يكون حقيق ًّيا بل يجب �أن يكون وه ًما‬
‫خال�صا‪ .‬ف�إن �ضالالت كهذه لها نكهة الهرطقة وتعار�ض املعنى الوا�ضح لل�شريعة‪،‬‬ ‫ً‬
‫�سنثبت � ًأول وجهة نظرنا بالقانون الإلهي‪ ،‬ثم بالقانون الكن�سي والقانون املدين‪.‬‬
‫كبداية‪ ،‬تعبريات ال�شريعة ال بد �أن ت�ؤخذ بتف�صيالتها (رغم �أن فهم ال�شريعة‬
‫و�ضوحا يف ال�س�ؤال التايل)‪ .‬لأن الإله يف موا�ضع عديدة ي�أمر‬
‫ً‬ ‫�سيت�ضح ب�شكل �أكرث‬
‫�أنه لي�س علينا فقط �أن نتجنب ال�ساحرات بل ال بد �أن نقتلهن‪ ،‬ولن ُتفر�ض مثل هذه‬
‫‪22‬‬
‫العقوبة ال�شديدة عليهم هكذا �إذا مل يكن يعملن عهدً ا حقيق ًّيا مع ال�شياطني لأجل‬
‫�إحداث �أذى حقيقي و�ضرر بالنا�س‪.‬‬
‫لأن عقوبة املوت ال ُتفر�ض �إال لأجل اجلرائم اخلطرية املعروف �أنها �سيئة‪ ،‬وكيف‬
‫لإماتة الروح �أن ُتدثها ال�ساحرة بقدرة التوهم واخليال‪ .‬هذا ر�أي القدي�س توما�س‬
‫عندما ناق�ش هل من ال�شرير �أن ن�ستعني بال�شياطني؟ لأنه يف الف�صل الثامن ع�شر‬
‫من �سفر التثنية � َأم َر �أن «جميع ال�سحرة وامل�شتغلني بال�سحر يتم تدمريهم»‪.‬‬
‫أي�ضا يف الف�صل التا�سع ع�شر من �سفر الالويني يقول‪« :‬الروح التي مت�شي �إىل‬ ‫و� ً‬
‫ال�سحرة والكهان لتعمل الف�سق معهم‪� ،‬س�أ�ضع وجهي �ضد هذه الروح و�أدمرها من‬

‫ﻋﺼ‬
‫بني �شعبي»‪ .‬ومرة �أخرى يقول «�إذا كان يف رجل �أو امر�أة جان �أو تابعه ف�إنه يقتل‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫باحلجارة يرجمونه» فالأ�شخا�ص الذين ُيقال �أن فيهم جن يفعلون �أمو ًرا �شاذة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫� ً‬
‫أي�ضا ال بد �أن ن�أخذ يف احل�سبان �أنه ب�سبب هذه اخلطية َم ِر َ�ض «�أو�شوزيا�س»‬
‫أي�ضا يف كتاب ال�سجالت ‪ Paralipomenon‬جند �آراء‬ ‫وماتَ ‪ ،‬يف �سفر امللوك‪ .‬و� ً‬
‫مهمة للآباء كتبوها يف هذه الكتب املقد�سة وهم الذين لهم خربة طويلة يف التعامل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مع قدرات ال�شياطني وفنون ال�سحر‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫وكتابات عديدة من العلماء توجد يف الكتاب الثاين من كتاب الأحكام ‪Book‬‬


‫‪ of Sentences‬ميكن �أن ن�ستعني بها‪ ،‬و�سنجد �أن الكل قد اتفق �أن هناك �سحرة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وم�شعوذون ميكنهم �أن يحدثوا بقدرة ال�شيطان ت�أثريات حقيقية و�شا ّذة‪ ،‬وهذه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الت�أثريات لي�ست تخيلية والرب �سمح لهذا �أن يحدث‪� .‬أنا لن �أذكر كث ًريا من املوا�ضع‬
‫الأخرى التي يناق�ش فيها القدي�س توما�س بالتف�صيل العمليات التي من هذا النوع‪.‬‬
‫لكن كمثال‪ ،‬يف كتابه الثالث من ‪ Summa contra Gentiles‬يف اجلزء الأول‬
‫والثاين‪ ،‬يتحدث عن هذا يف اجلزء الأول ال�س�ؤال ‪ ،114‬املجادلة الرابعة‪ ،‬يف «الثاين‬
‫أي�ضا بال�شارحني واملف�سرين الذين‬ ‫من الثانية»‪ ،‬الأ�سئلة ‪ 92‬و‪ .94‬ميكننا �أن ن�ستعني � ً‬
‫كتبوا عن حكماء و�سحرة فرعون‪ ،‬يف �سفر اخلروج ال�سابع‪ .‬وميكننا �أن ن�ستعني � ً‬
‫أي�ضا‬
‫مبا قاله القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الثامن ع�شر من ‪ City of Good‬اجلزء‬
‫‪.17‬‬
‫‪23‬‬
‫أي�ضا كتابه الثاين ‪ .On Christian Doctrine‬علماء كثريون قدموا‬ ‫انظر � ً‬
‫نف�س الر�أي‪ ،‬و�سيكون من �أكرب احلماقة لأي �شخ�ص �أن يعار�ض كل ه�ؤالء العلماء‪،‬‬
‫ولن يكون متحر ًرا من اخلطية والهرطقة‪ .‬لأن �أي �شخ�ص يخطئ يف تف�سري الكتب‬
‫املقد�سة يعترب مهرط ًقا‪ .‬وكل من يعتقد خالف هذه الأمور التي مت�س عقيدة الكني�سة‬
‫الرومانية املقد�سة هو مهرطق‪ .‬هذا هو الإميان‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪24‬‬
‫ُ‬
‫يتفق مع اإليمان الكاثوليكي أن‬ ‫السؤال ‪ .2‬هل‬
‫نعتقد بهذا من أجل ممارسة بعض تأثيرات السحر؟‬

‫�إذا كان متف ًقا مع الإميان الكاثوليكي �أن نعتقد بهذا من �أجل تطبيق بع�ض‬
‫ت�أثريات ال�سحر‪ ،‬وهل ال�شيطان ال بد �أن يت�صل ويتعاون مع ال�ساحرة‪� ،‬أو �أنه ميكن‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أن يحدث الت�أثري بغري تعاونهما‪ ،‬هل ُيعني ال�شيطان بدون ال�ساحرة �أو العك�س‪ ،‬هل‬
‫ميكن �أن يحدث ت�أث ًريا كهذا‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اجلدلية الهرطوقية الأوىل هي كالتايل‪� :‬أن ال�شيطان ميكنه �أن ُيحدث ت�أثري‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�سحر بدون تعاون مع �أي �ساحرة‪ .‬كل الأ�شياء التي حتدث ب�شكل مرئي فرناها ميكن‬
‫�أن تكون �صنيعة للقدرات الطبيعية العادية‪ .‬لكن الأمرا�ض اجل�سدية واالعتالالت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هي بالت�أكيد لي�ست مرئية‪ ،‬لكنها حم�سو�سة وبالتايل ميكن �أن ي�صنعها ال�شيطان‪.‬‬
‫فمثل‪ ،‬نحن علمنا من الكتب املقد�سة امل�صائب التي حلت ب�أيوب‪ ،‬وكيف نزلت نار‬ ‫ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫من ال�سماوات و�ضربت الغنم وحرقت العبيد‪ ،‬وكيف دمرت ريح �شديدة �أركان بيته‬
‫الأربعة الذي �سقط على �أطفاله و�سحقهم كلهم‪ .‬هذا ِفعل ال�شيطان نف�سه بدون‬
‫ﻭ‬

‫تعاون مع �أية �ساحرة‪ ،‬لكن فقط ب�إذن الرب وحده كان ال�شيطان قاد ًرا على �إحداث‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه امل�صائب‪ .‬وبالتايل ميكن لل�شيطان �أن يكون هو الفاعل احلقيقي لأ�شياء كثرية‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من التي ُيقال عاد ًة �أنها من فعل ال�ساحرات‪.‬‬


‫وهذا وا�ضح من كالم ال�سبعة �أزواج للعذراء �سارة‪ ،‬الذين قتلهم ال�شيطان‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‬
‫مهما كانت القوة العليا قادرة �أن تفعل‪ ،‬فيمكنها �أن تفعله دون اال�ستعانة بقوة تفوقها‪،‬‬
‫والقوة الأعلى ميكنها �أن تفعل كل �شيء دون اال�ستعانة بالقوة الأقل منها‪ .‬لكن القوة‬
‫الأقل ميكنها �أن ت�سبب عوا�صف ُوتدث م�صائب بدون اال�ستعانة بقوة �أعظم منها‪.‬‬
‫«�ألبريتو�س ماجنو�س» املبارك يف كتابه ‪ De passionibus aeris‬قال‪�« :‬إن احلكيم‬
‫الفا�سد �إذا ا�ستخدمتَ حكمته كما يقولها ثم رميتها يف النهر‪ ،‬ف�إنها رغم هذا‬
‫�ستوقظ عوا�صف خميفة وزوابع»‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫� ً‬
‫أي�ضا يقول املهرطقون �أن ال�شيطان ي�ستغل ال�ساحرة‪ ،‬لي�س لأنه يحتاج �إىل وا�سطة‬
‫مثلها‪ ،‬لكن لأنه يبحث عن �إ�ضالل ال�ساحرات‪ .‬وميكن �أن ن�شري �إىل ما قاله �أر�سطو‬
‫يف الكتاب الثالث من جمموعته ‪ .Ethics‬ال�شر هو فعل اختياري يتم �إثباته بحقيقة‬
‫عمل ظاملًا‪ ،‬الرجل الذي يرتكب االغت�صاب ً‬
‫مثل �إمنا‬ ‫�أنه ال �أحد يف احلقيقة يعمل ً‬
‫يفعله لأنه يبحث عن املتعة‪ ،‬ال يفعل ال�شر لأجل ال�شر نف�سه‪ .‬ورغم ذلك فالقانون‬
‫يعاقب �أولئك الذين يفعلون ال�شر كما لو كانوا يفعلونه لأجل فعل ال�شر‪ .‬وبالتايل �إذا‬
‫كانت �أفعال ال�شياطني حتدث با�ستخدام �ساحرة‪ ،‬فال�شيطان �إمنا كان يوظف �أداة‪،‬‬
‫ومبا �أن الأدوات تعتمد على نية ال�شخ�ص الذي ي�ستخدمها و�أنها ال تفعل ما تفعله‬
‫بنيتها اخلا�صة‪� ،‬إذن فخطيئة الفعل ال يجب �أن ُتلقى على ال�ساحرة‪ ،‬وكنتيجة لهذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال يجب �أن تعاقب ال�ساحرة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وهناك ر�أي �آخر ي�ؤمن �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يلحق ال�ضرر ب�سهولة بالإن�سان‪،‬‬
‫ولذلك فهو يلحق به ال�ضرر با�ستخدام ال�ساحرات‪ ،‬مبا �أنهن خادماته‪ ..‬ولكن حتى‬
‫ﻜﺘ‬
‫كل الأفعال التي لها ت�أثري على بع�ضها ال بد فيها من حدوث نوع من االت�صال‪ ،‬ولذلك‬
‫فال�شيطان ي�ستخدم �أداة ب�شرية‪ ،‬وبها ميكنه �أن يعمل الت�أثري امل�ؤذي الذي يلم�س‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫اجل�سد‪ .‬وكثريون ي�ؤمنون �أن هذا مثبت يف الن�ص‪ ،‬ويف التعليق على الن�ص‪ ،‬يف‬
‫الف�صل الثالث من ر�سالة القدي�س باول �إىل الغالطيني‪�« :‬أيها الغالطيون الأغبياء‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫من الذي �سحركم حتى ال تذعنوا للحق؟» والتعليق على هذا املقطع ي�شري �إىل �أن‬
‫ه�ؤالء املتفردون الناريون الذين لهم عيون نارية ح�سودة ميكنهم مبجرد نظرة �أن‬
‫ﻭ‬

‫ي�ؤذوا الآخرين‪ ،‬خا�صة الأطفال ال�صغار‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا يذكر هذا يف كتابه الثالث من عمله ‪ Naturalism‬عندما قال «‬ ‫ابن �سينا � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫غالبا ميكن �أن يكون للروح نف�س الت�أثري على ج�سد �آخر بنف�س القدر الذي ت�ؤثر‬
‫به على اجل�سد الذي ت�سكنه‪ ،‬لأن ت�أثري عني �أي �شخ�ص ميكنها بنظرة واحدة �أن‬
‫�شخ�صا �آخر»‪ .‬ونف�س الر�أي ي�ؤمن به الغزايل يف كتابه اخلام�س يف‬
‫ً‬ ‫جتذب وتفنت‬
‫أي�ضا ‪ -‬رغم �أنه مل يجعل‬‫اجلزء العا�شر من جملده ‪ .Physics‬يفرت�ض ابن �سينا � ً‬
‫ر�أيه قاط ًعا ال يقبل اجلدل ‪�« -‬أن قدرة التخيل ميكنها �أن ُتغري �أو يظهر �أنها تغري‬
‫الأج�سام اخلارجية يف حاالت تكون فيها القدرة على التخيل مطلوقة وغري‬
‫مقيدة‪ ،‬وبذلك فنحن نتبنى فكرة �أن قدرة التخيل ال ميكن �أن تعترب م�ستقلة عن‬
‫حوا�س الإن�سان الأخرى‪ ،‬مبا �أنها عامة لهم كلهم‪ ،‬ولكنها وملدى معني تت�ضمن‬
‫‪26‬‬
‫كل القوى الأخرى»‪ .‬وهذا �صحيح‪ ،‬لأن مثل هذه القدرة على التخيل ميكن �أن‬
‫تغري الأج�سام املتجاورة‪ً ،‬‬
‫مثل‪ ،‬ي�ستطيع الإن�سان امل�شي على عار�ضة ممدودة �أ�سفل‬
‫منت�صف ال�شارع‪.‬‬
‫ولكن �إذا و�ضعت هذه العار�ضة على مياه عميقة لن يجر ؤ� على امل�شي فوقها‪ ،‬لأن‬
‫تخيله �سيفر�ض بقوة على عقله فكرة ال�سقوط‪ ،‬وبالتايل ف�إن ج�سده وقوة �أطرافه لن‬
‫تطيع تخيالته‪ ،‬ولن تطيعه � ً‬
‫أي�ضا �إن �أراد �أن مي�شي مبا�شرة بدون تردد‪ .‬هذا التغيري‬
‫ميكن �أن يقارن بالت�أثري الذي حتدثه عني �شخ�ص ح�سود‪ ،‬فيكون هناك تغيري عقلي‬
‫يح�صل لكن بدون �أي تغيري يف اجل�سد‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقول املهرطقون �أن التغيري يف ج�سم حي �إمنا يكون ب�سبب ت�أثري عقل‬ ‫� ً‬
‫ال�ساحر على هذا اجل�سم احلي‪ ،‬وللإجابة عن هذا نقول‪ .‬يف وجود قاتل ذباح فالدم‬
‫مذبوحا‪ .‬وبالتايل بدون �أي قدرة‬
‫ً‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ي�سيل من اجلروح يف جثة الإن�سان الذي مات‬
‫ﻜﺘ‬
‫عقلية‪ ،‬ميكن للأج�سام �أن ُتدث ت�أث ًريا ً‬
‫مروعا يف بع�ضها‪ ،‬لذا فال�شخ�ص احلي �إذا‬
‫مر بجوار جثة الرجل املقتول‪ ،‬ورغم �أنه رمبا ال ي�شعر باجل�سم امليت �إال �أن اخلوف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�سي�ستويل عليه‪.‬‬
‫هناك بع�ض الأ�شياء يف الطبيعة تكون لها قوى خفية‪ ،‬ولكن الإن�سان ال يعرفها‬
‫ﺸﺮ‬

‫مثل كحجر املغناطي�س‪ ،‬الذي يجذب املعدن و�أ�شياء �أخرى ت�شبهه‪ ،‬والذي ذكره‬ ‫ً‬
‫القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الع�شرين من جملد ‪.the City of God‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وبالتايل فحتى ُتدث بع�ض الن�ساء تغي ًريا يف �أج�سام الآخرين بالعالج ف�إنهن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ي�ستخدمن �أ�شياء معينة تتعدى معرفتنا ويكون ذلك بدون ا�ستعانة بال�شيطان‪ .‬فال‬
‫ي�صح �أن نقول �أنه ب�سبب غمو�ض هذه العالجات فهي من�سوبة لل�شيطان كما نن�سب‬
‫له التعاويذ ال�شريرة املطلقة بوا�سطة ال�ساحرات‪.‬‬
‫أي�ضا يقول املهرطقون �أن ال�ساحرات ي�ستعملن بع�ض ال�صور والتمائم‪ ،‬التي من‬ ‫� ً‬
‫املعتاد �أن تو�ضع حتت �أعتاب �أبواب البيوت‪� ،‬أو يف املروج حيث ترعى الأغنام‪� ،‬أو‬
‫حتى يف �أماكن جتمع النا�س‪ ،‬ثم تطلق التعويذات على �ضحاياهم ثم ميوت �أولئك‬
‫ال�ضحايا ح ًّقا يف كثري من الأحيان‪ .‬ولأن مثل هذه الت�أثريات ال�شاذة ميكن �أن تخرج‬
‫من تلك ال�صور �سنعترب �أن ت�أثري هذه ال�صور يعتمد على ت�أثري النجوم على ج�سم‬
‫‪27‬‬
‫الإن�سان‪ ،‬فلأن الأج�سام الطبيعية تت�أثر بالأج�سام ال�سماوية‪ ،‬فبالتبعية الأج�سام‬
‫ال�صناعية � ً‬
‫أي�ضا �ستت�أثر‪ .‬ومبا �أن الأج�سام الطبيعية ميكن �أن حت�صل على ت�أثريات‬
‫نافعة من بع�ض الأ�سرار النجمية‪ ،‬لذا فالأج�سام ال�صناعية ميكنها � ً‬
‫أي�ضا �أن حت�صل‬
‫على نف�س الت�أثريات النافعة‪.‬‬
‫�إذن من الوا�ضح �أن ه�ؤالء الذين ي�صنعونَ العالج ميكن �أن ميكنهم �إعداده‬
‫با�ستخدام ت�أثريات نافعة مثل هذه‪ ،‬وهذا ال ات�صال فيه على الإطالق ب�أي قوى‬
‫�شريرة‪.‬‬
‫إدها�شا هي تلك التي حتدث بقوة الطبيعة‪ .‬لأن الأ�شياء‬ ‫�إن �أكرث املعجزات � ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫الرائعة والرهيبة واملده�شة حت�صل بقوى الطبيعة‪ .‬وهذا ما ي�شري �إليه القدي�س‬
‫«جريجوري» يف كتابه ‪ .Second Dialogue‬القدي�سون يعملون املعجزات يف بع�ض‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأحيان بال�صلوات ويف بع�ض الأحيان بقدرتهم وحدها‪ .‬وهناك مثال على كل منهما‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫قام بتوبيخ‬
‫القدي�س بيرت ملا �صلى‪� ،‬أحيا «تابيثا» التي كانت ميتة‪ .‬وهو نف�سه عندما َ‬
‫«�أنانيا�س» و«�سافريا» الذين كانا يكذبان‪� ،‬أماتهما بدون �أي �صلوات‪ .‬وبالتايل ميكن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫للرجل با�ستخدام ت�أثريه العقلي �أن يغري يف ج�سم �إىل ج�سم �آخر‪� ،‬أو ميكنه �أن يغري‬
‫يف ج�سم من ال�صحة �إىل املر�ض والعك�س‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫� ً‬
‫أي�ضا يقولون‪� ،‬أن ج�سم الإن�سان هو �أنبل من �أي ج�سم �آخر ـ ولكن ب�سبب عواطف‬
‫العقل‪ ،‬يتغري ج�سم الإن�سان وي�صبح حا ًرا �أو باردًا‪ ،‬كما يف حالة الغ�ضب �أو اخلوف‪:‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫عندها ميكن �أن يحدث تغيري �أكرب خا�صة يف حاالت املر�ض واملوت‪ ،‬والذي بقوتهما‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ميكن �أن يتغري اجل�سم املادي ب�شكل كبري‪.‬‬


‫ولكن بع�ض هذه االعرتا�ضات ال بد �أن نرد عليها‪� ،‬إن ت�أثري العقل ال ميكنه �أن‬
‫يحدث تغي ًريا على �أي �شكل �إال بتدخل عامل ما‪ ،‬كما قلنا �أعاله‪ .‬وهذه هي كلمات‬
‫القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الذي اقتب�سنا منه ً‬
‫قبل‪�« :‬إنه من املده�ش �أن املالئكة‬
‫الذين �سقطوا من ال�سماوات وجب �أن يخ�ضعوا للأ�شياء املادية‪ ،‬لأنهم �إمنا كانوا‬
‫يخ�ضعون للرب وحده‪ .‬الإن�سان الذي هو �أقل بكثري منهم ميكنه بقوته الطبيعية‬
‫�أن يعمل ت�أثريات �شاذة و�شريرة‪».‬‬
‫الإجابة‪ ،‬هناك �أنا�س كثريون حتى هذا اليوم يخطئون يف هذه النقطة‪ ،‬يعطون‬
‫‪28‬‬
‫الأعذار لل�ساحرات ويلقون باللوم كله على ال�شيطان‪� ،‬أو ين�سبون التغيريات التي‬
‫تعملها ال�ساحرات �إىل التغريات الطبيعية العادية‪ .‬هذه الأخطاء ميكن �أن نرد‬
‫عليها ب�سهولة‪ً � .‬أول‪ ،‬بو�صف ال�ساحرات الذي ذكره القدي�س «�إيزيدور» يف كتابه‬
‫‪ Etymologiae‬يف اجلزء التا�سع‪« :‬ال�ساحرات يتم ا�ستدعا�ؤهن ب�سبب �سوادهن‬
‫وخطيئتهن‪ ،‬ف�إن �أعمالهن �أكرث �ش ًّرا من �أي خمرب من املخربني»‪ .‬ويكمل‪« :‬هن‬
‫ُيخربن يف الأ�شياء مبعاونة ال�شيطان‪ ،‬و ُيرثن عوا�صف رهيبة وزوابع»‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقول‬
‫�أنهن «ي�صرفن عقول الرجال ويوجهنها �إىل اجلنون والكراهية املختلة وال�شهوات‬
‫اجلاحمة»‪ .‬ويكمل «وهم بوا�سطة تعاويذهن وحدها ميكنهن �أن يدمرن احلياة‬
‫كما لو كانت تعاويذهن ُ�س ًما قاتال»‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا تتعلق بنف�س‬‫وكلمات القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ‪ً � the City of God‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫النقطة‪ ،‬حيث يخربنا من هن ال�ساحرات وامل�شعوذات ح ًّقا‪ .‬امل�شعوذات‪ ،‬الالتي‬
‫يطلق عليهن �ساحرات‪ ،‬يكون و�صهن على قدر فداحة �أعمالهن ال�شريرة‪� .‬إنهن‬
‫ﻜﺘ‬
‫الالتي يخربن يف الأ�شياء ب�إذن من الرب‪ ،‬الالتي ي�سبنب الإلهاء لعقول الرجال‪،‬‬
‫و�أمثالهن قد فقدن الثقة يف الرب‪ ،‬وبالقوة الرهيبة لتعاويذهن ال�شريرة ‪ -‬بدون‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ا�ستخدام �أي �سموم ‪ ،-‬يقتلن الإن�سان‪ .‬كما قال «لوكان»‪« :‬هناك عقل مل يتلوث ب�أي‬
‫�شراب �ضار لكننا جنده ينهار بفعل تعويذة �شريرة»‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫لأنهن يجمعن ال�شياطني خلدمتهن ولديهن تلك اجلر�أة على الإ�ضرار بالب�شرية‬
‫وتدمري �أعدائهن بتعاويذهن ال�شريرة‪ .‬ومن امل�ؤكد �أنه يف �أفعالهن التي من هذا‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫النوع ف�إن ال�ساحرة تعمل اقرتا ًنا وثي ًقا مع ال�شيطان‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬العقوبات �أربعة �أنواع‪:‬‬
‫نافعة‪ ،‬م�ؤذية‪ ،‬ومعمولة بفعل ال�سحر‪ ،‬وطبيعية‪ .‬العقوبة النافعة تنفذها وزارة من‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مالئكة اخلري‪ ،‬والعقوبات ال�ضارة تنفذها الأرواح ال�شريرة‪ .‬مو�سى �ضرب م�صر‬
‫بع�شرة �أوبئة بوا�سطة وزارة من مالئكة اخلري‪ ،‬وال�سحرة ا�ستطاعوا �أن ي�ؤدوا ثالثة‬
‫فقط من هذه املعجزات باال�ستعانة بال�شيطان‪ .‬والوباء الذي نزل على النا�س لثالثة‬
‫�أيام ب�سبب خطيئة داوود والـ ‪� 72‬ألف رجل الذين ُذبحوا يف ليلة واحدة يف جي�ش‬
‫�سنحاريب‪ ،‬كانت معجزات بوا�سطة مالئكة الرب‪ .‬بوا�سطة مالئكة اخلري الذين‬
‫يخافون الرب ويعلمون �أنهم ينفذون �أمره‪.‬‬
‫ال�ضرر املدمر �إمنا يحدث بوا�سطة مالئكة ال�شر‪ ،‬الذين كانت على �أيديهم نكبة‬

‫‪29‬‬
‫بني �إ�سرائيل يف ال�صحراء‪ .‬فهذه الأ�ضرار ال�شريرة �إمنا حدثت بفعل ال�شيطان‪،‬‬
‫الذي يعمل يف بيئة من ال�ساحرات وامل�شعوذات‪ .‬هناك � ً‬
‫أي�ضا �أ�ضرار طبيعية تعتمد‬
‫على االت�صال بالأج�سام ال�سماوية‪ ،‬مثل املجاعة‪ ،‬اجلفاف‪ ،‬العوا�صف‪ ،‬والت�أثريات‬
‫امل�شابهة من الطبيعة‪.‬‬
‫�إنه من الوا�ضح �أن هناك اختال ًفا �ضخ ًما بني كل هذه الأ�سباب والظروف‬
‫والأحداث‪ .‬لأن �أيوب نكبه ال�شيطان مبر�ض �ضار‪ ،‬لكن مل يكن �إمرا�ضه هو الهدف‪.‬‬
‫ولو كان هناك �شخ�ص ذكي وف�ضويل �سي�س�أل كيف لأيوب �أن ينكبه املر�ض من‬
‫ال�شيطان بدون اال�ستعانة ب�سحر �أو �ساحرة �أو م�شعوذة وبدون �أي من هذه الفواح�ش‪.‬‬
‫�سنقول �أن العناية الإلهية للرب �أرادت يف مثال �أيوب �أن جتعل قوة ال�شيطان �أكرب‬

‫ﻋﺼ‬
‫من قوة الرجال ال�صاحلني حتى ميكننا �أن نتعلم �أنه يجب �أن نحرت�س من ال�شيطان‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫«�ساتان»‪ ،‬ويف هذا املثال لهذا الرجل ال�صالح �سرنى كيف جتلت عليه عظمة الرب‬
‫بعد ذلك‪ .‬لأنه ال يوجد �شيء يحدث �إال ب�إذن الرب‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪30‬‬
‫السؤال ‪ .3‬هل يمكن للجاثوم أو السعالة أن ينجبا‬
‫ذرية من اإلنسان؟‬

‫يقول املهرطقون‪ ،‬يف البداية رمبا يبدو �أنه لي�س متواف ًقا مع الإميان الكاثوليكي‬
‫�أن ن�ؤمن �أن �أي ذرية ميكن �أن تولد بوا�سطة ال�شيطان‪� ،‬أو مثلما ي�شاع مع اجلاثوم‬

‫ﻋﺼ‬
‫وال�سعالة‪ :‬بالن�سبة للرب نف�سه‪ ،‬فقبل �أن ت�أتي اخلطية �إىل العامل‪� ،‬أ�س�س التنا�سل‬
‫الب�شري‪ ،‬ومنذ �أن خلق املر�أة من �ضلع الرجل لتكون �شريكة معاونة له‪ .‬كان يقول‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للنا�س‪� :‬أكرثوا وتكاثروا‪� ،‬سفر التكوين الثاين ‪ .24‬وملا �أتت اخلطية �إىل العامل‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا �أكرث وتكاثر‪� ،‬سفر التكوين التا�سع‪ .1 ،‬ويف زمن القانون اجلديد‬ ‫قيل لنوح � ً‬
‫� ً‬
‫أي�ضا‪� ،‬أكد امل�سيح هذا االحتاد ملا قال «�أمل تقر�أوا بعد‪� ،‬أنه هو الذي عمل الإن�سان‬
‫منذ البداية‪ ،‬عمل منهم ذك ًرا و�أنثى؟»‪ ،‬ماثيو التا�سع ع�شر‪ .4 ،‬وبالتايل‪ ،‬ال ميكن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫للإن�سان �أن يولد ب�أي طريقة �أخرى غري هذه‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫ولكن ميكن �أن ُيقال �أن ال�شياطني ي�أخذون ن�صيبهم يف هذه الذرية لكن لي�س‬
‫كم�سبب رئي�سي‪ ،‬ولكن كم�سبب ثانوي �أو �صناعي‪ ،‬عندما يتدخلون يف عملية اجلماع‬
‫ﻭ‬

‫واحلمل‪ ،‬باحل�صول على املني الب�شري ثم ينقلونه‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اعرتا�ض‪ .‬لكن ال�شيطان ميكن �أن يعمل هذا الفعل يف كل مرحلة من مراحل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫احلياة‪� ،‬أو كما نقول يف املرحلة الزوجية وغري املرحلة الزوجية‪ .‬وال ميكنه �أن يفعلها‬
‫يف املرحلة الأوىل لأنه عندها �سيكون فعل ال�شيطان �أ�شد قوة من فعل الرب الذي‬
‫�أ�س�س و�أكد على هذه املنحة املقد�سة‪ ،‬لأنه قد ُفر�ض الزواج لأجل العفة‪ .‬وال ميكن‬
‫لل�شيطان �أبدً ا �أن ي�ؤثر بهذا ال�شكل يف �أي منحة ربانية �أخرى‪ :‬لأننا مل نقر�أ قط يف‬
‫الكتب املقد�سة �أن الذرية ميكن �أن يولدوا من ال�شيطان يف �أي حالة‪..‬‬
‫طفل فهذه عملية من عمليات اجل�سم احلي‪،‬‬ ‫أي�ضا يقول املهرطقون‪ ،‬حتى تلد ً‬ ‫� ً‬
‫وال�شياطني ال ميكنهم و�ضع احلياة يف الأج�سام التي ي�سيطرون عليها‪ ،‬لأن احلياة‬
‫ر�سم ًيا ت�أتي من الروح‪ ،‬و�إخراج الذرية هو فعل الأع�ضاء احلية املوجودة يف اجل�سم‬
‫‪31‬‬
‫احلي‪ .‬وبالتايل فالأج�سام التي لي�س لها هذه اخلوا�ص ال ميكن �أن تلد �أو حت َبل‪.‬‬
‫ولكن ال زال ب�إمكاننا �أن نقول �أن ه�ؤالء ال�شياطني ي�ستولون على الأج�ساد لي�س‬
‫لأجل �أن ي�ضعوا احلياة فيها‪ ،‬ولكن حتى ي�ستخدموا اجل�سد يف حفظ املني الب�شري‬
‫ومترير هذا املني �إىل ج�سد �آخر‪.‬‬
‫اعرتا�ض‪ .‬بالن�سبة للمالئكة‪� ،‬إن كانوا مالئكة خري �أو �شر‪ ،‬ن�ؤمن ب�أنه لي�س هناك‬
‫�أي �شيء فيهم زائد �أو بال فائدة‪ ،‬ولي�س هناك �أي �شيء يف الطبيعة زائد �أو بال‬
‫فائدة‪ .‬ولكن ال�شيطان بوا�سطة قدرته الطبيعية التي هي �أكرب بكثري من قوة اجل�سد‬
‫أفعال روحية‪ ،‬ويُعمِ لها مرة بعد مرة حتى لو مل مييزها‬ ‫الب�شري‪ ،‬ميكنه �أن يعمل � ً‬
‫الإن�سان‪ .‬وبالتايل هو يقدر على �أن يفعل الفعل وال يح�س الإن�سان �أن �شي ًئا قد حدث‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأن الأج�سام والأ�شياء املادية كلها يف م�ستوى �أقل من الذكاء الروحي ال�صايف‪ .‬ولكن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املالئكة‪� ،‬إن كانوا مالئكة خري �أو �شر‪ ،‬هم من نوع الذكاء الروحي ال�صايف‪ .‬وبالتايل‬
‫ميكنهم �أن يتحكموا فيما هو �أ�سفل منهم‪ .‬وبالتايل فال�شيطان ميكنه �أن يجمع‬
‫ﻜﺘ‬
‫وي�ستخدم املني الب�شري التابع للج�سد ما كما يريد‪.‬‬
‫لتجميع املني الب�شري من �شخ�ص ونقله �إىل �آخر �سيحتاج هذا �إىل عمل بع�ض‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأفعال على امل�ستوى املو�ضعي‪ .‬لكن ال�شياطني ال ميكنهم �أن يحركوا الأج�سام من‬
‫مكان �إىل مكان‪ .‬وهذه هي احلجة‪ .‬الروح هي جوهر روحي �صاف‪ ،‬وكذلك ال�شيطان‪:‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن الروح ال ميكنها �أن ُترك ج�سدً ا من مكان �إىل مكان �إال اجل�سد الذي ت�سكنه‬
‫وتعطيه احلياة‪ :‬و�أي ع�ضو من هذا اجل�سد يهلك ف�إن اجل�سد ميوت وال يقدر على‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫احلركة‪ .‬وبالتايل فال�شياطني ال ميكنهم �أن يحركوا ج�سدً ا من مكان �إىل مكان �إال‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اجل�سد الذي يعطونه احلياة‪ .‬لقد مت االعرتاف ب�أن ال�شياطني ال مينحون احلياة �إىل‬
‫�أحد‪ ،‬وبالتايل ال ميكنهم �أن يحركوا املني الب�شري ب�شكل مو�ضعي حملي يعني من‬
‫مكان �إىل مكان �أو من ج�سد �إىل ج�سد‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬كل فعل �إمنا يح�صل باالت�صال‪ ،‬وخا�صة فعل الذرية‪ .‬ولكن ال يبدو ممك ًنا‬ ‫� ً‬
‫�أن يحدث �أي ات�صال بني ال�شيطان وج�سم الإن�سان‪ ،‬لأن ال�شيطان ال ميتلك نقطة‬
‫ات�صال معه‪ .‬وبالتايل ال ميكنه �أن يحقن املني يف اجل�سد الب�شري‪ ،‬خا�صة �أنه‬
‫�سيحتاج حركة معينة من اجل�سد‪ ،‬فيبدو �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يحقق ذلك‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ال�شياطني لي�ست لديهم قدرة على حتريك الأج�سام الأقرب لهم يف‬ ‫� ً‬
‫‪32‬‬
‫مثل الأج�سام ال�سماوية‪ ،‬وبالتايل لي�ست لديهم القدرة على‬ ‫النظام الطبيعي‪ً ،‬‬
‫حتريك الأج�سام الأبعد عنهم‪ .‬لقد مت �إثبات هذا مبا �أن القوة املحركة واحلركة‬
‫هما �شيء واحد كما يقول �أر�سطو يف كتابه ‪ .Physics‬فتب ًعا لهذا‪ ،‬ال�شياطني الذين‬
‫يحركون الأج�سام ال�سماوية ال بد �أن يكونوا يف ال�سماوات‪ ،‬وهو �شيء غري �صحيح‬
‫�أبدً ا ‪ ،‬يف ر�أينا �أو يف ر�أي الأفالطونيون‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ On the Trinity‬اجلزء الثالث‪،‬‬ ‫� ً‬
‫�أن ال�شياطني يجمعون ح ًّقا املني الب�شري‪ ،‬حتى ميكنهم �أن ُيحدثوا ت�أثريات على‬
‫الأج�سام‪ ،‬ولكن هذا ال ميكن حتقيقه بدون حركة مو�ضعية‪ ،‬وبالتايل فال�شياطني‬

‫ﻋﺼ‬
‫ميكنهم �أن ينقلوا املني الذي جمعوه ويحقنوه يف �أج�سام �أخرى‪ .‬ولكن‪ ،‬كما قال‬
‫«واالفريد �سرتابو» يف تعليقه على �سفر اخلروج ال�سابع‪ :‬ونادى الفرعون على احلكماء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وال�سحرة‪ :‬اجعلوا ال�شياطني جتوب الأر�ض وجتمع كل بذرة من ذرية‪ ،‬لي�ستطيعوا‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالعمل عليها �أن يبثوا كث ًريا من الأجنا�س‪ .‬ومرة �أخرى يف �سفر اخلروج ال�ساد�س‬
‫يعلق بتعليقني على الكلمات‪ :‬و�أبناء الرب ر�أوا بنات النا�س‪ً � .‬أول‪� ،‬أبناء الرب تعني‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أبناء «�شيث» وبنات النا�س تعني بنات «قابيل»‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬العماليق مل يتم �إجنابهم‬
‫بوا�سطة الإن�سان‪ ،‬ولكن بفعل بع�ض ال�شياطني‪ ،‬الذين كانوا وقحني مع الن�ساء‪ .‬لأن‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا‪ ،‬وحتى بعد الطوفان‪ ،‬كانت‬ ‫الكتاب املقد�س يقول‪ ،‬العماليق كانوا فوق الأر�ض‪ً � .‬‬
‫�أج�سام الرجال العماليق و�أج�سام ن�سائهم كلها بارزة وجميلة جدًّا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الإجابة‪ .‬لأجل االخت�صار‪ .‬بالن�سبة للكالم عن قدرة ال�شيطان و�أعماله وت�أثري‬


‫ال�سحر �سنرتك �إجابتها‪ ،‬لأن القارئ الورع �إما �سيتقبلها كما مت �إثباتها‪� ،‬أو رمبا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�سيحب �أن يت�ساءل‪ ،‬عندها فليبحث عن كل نقطة مو�ضحة يف الكتاب الثاين من جملد‬
‫‪ .Sentences‬حيث �ستجد الأب يرى �أن ال�شياطني يقومون بكل �أفعالهم ب�إدراك‬
‫وباختيار‪ ،‬ب�سبب الطبيعة التي وهبها الرب لهم والتي مل تتغري‪ .‬انظر «ديوني�سيو�س»‬
‫يف ف�صله الرابع عن املو�ضوع‪ ،‬فطبيعتهم املالئكية بقيت كما هي �سليمة ومل ُت�س‬
‫بعد �سقوطهم من ال�سماوات‪ ،‬رغم �أنهم ال ي�ستطيعون ا�ستخدامها يف �أي عمل خري‪.‬‬
‫وكذلك الأمر بالن�سبة لذكاء ال�شياطني‪� ،‬ستجد �أنهم يتفوقون يف ثالث نقاط‬
‫تتعلق بالقدرات العقلية‪ ،‬يف عمرهم‪ ،‬ويف خربتهم الطويلة‪ ،‬ويف تلقي الوحي من‬
‫‪33‬‬
‫الأرواح العليا‪� .‬ستجد � ً‬
‫أي�ضا �أنهم من خالل درا�سة ت�أثري النجوم‪ ،‬تعلموا ال�صفات‬
‫ال�سائدة على الإن�سان‪ ،‬واكت�شفوا �أن بع�ض النا�س ميكن ا�ستعبادهم باال�شتغال‬
‫يف ال�سحر �أكرث من البع�ض الآخر‪ ،‬و�أ�صبح ال�شياطني ينتهكون هذه العلوم لأجل‬
‫�أغرا�ضهم‪.‬‬
‫�سيجد القارئ �أنه قد تغريت طبيعة ال�شياطني �إىل ال�شر‪ ،‬و�أنهم �صاروا يفخرون‬
‫بعمل الذنب‪ ،‬ولديهم ذلك اجل�شع ال�سافر‪ ،‬و�سيتعلم �أن الرب‪ ،‬بعظمته‪ ،‬ي�سمح لهم‬
‫واخللقة التي خلقهم‬‫�أن يعملوا �ضد رغبته‪ .‬وهو يعلم �أنهم بهاتني ال�صفتني‪ ،‬الذكاء ِ‬
‫عليها‪ ،‬ا�ستطاعوا �أن يفعلوا املعجزات‪ ،‬و�أ�صبحت ال توجد قوة يف الأر�ض تقارن بهم‪.‬‬
‫يف �سفر �أيوب احلادي والأربعون قال «لي�س له يف الأر�ض نظري‪ُ ،‬خ ِل َق لئال يخاف»‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعند هذه الآية قال ال�شارح‪ ،‬رغم �أنه ال يخاف من �أحد‪� ،‬إال �أنه يخ�ضع لكرامات‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫القدي�سني‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا كيف �أن ال�شياطني يعلمون حديث قلوبنا‪ ،‬و�أنهم يحورون‬‫�سيجد القارئ � ً‬
‫يف �أج�سادنا ب�شكل جوهري وكارثي مبعاونة وكيل‪ ،‬و�أنه ميكنهم �أن يحركوا الأج�ساد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مو�ضع ًيا‪ ،‬ويحولوا امل�شاعر اخلارجية والداخلية �إىل �أبعد حد ميكن ت�صوره‪ ،‬و�أنه‬
‫ميكنهم �أن يغريوا الفكر ويغريوا رغبات الرجال ب�شكل غري مبا�شر‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولأن هذا متعلق بت�سا�ؤلنا احلايل‪ ،‬نود فقط �أن نذكر بع�ض اال�ستنتاجات مما‬
‫�سبق عن طبيعة ال�شياطني‪ ،‬ثم نعود �إىل مناق�شة ال�س�ؤال‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الالهوتيون ين�سبون �إىل ال�شياطني بع�ض الأ�شياء‪� ،‬أنهم �أرواح جن�سة‪،‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫و�أن النجا�سة لي�ست طبيعتهم الأ�صلية‪ .‬ووف ًقا ملا قاله «ديوني�سو�س» توجد يف‬
‫ال�شياطني طبيعة اجلنون وال�شهوة امل�سعورة والنزوات الوح�شية‪ ،‬وهذا يظهر يف‬
‫خطاياهم الروحية املتعلقة بالكربياء واحل�سد واحلقد‪ .‬لهذا ال�سبب هم �أعداء‬
‫للجن�س الب�شري‪ ،‬وال�شياطني لديهم عقل له منطق‪ ،‬لكنه منطق حاذق يف ال�شر‪،‬‬
‫متحم�س للأذية‪ ،‬خ�صب جدًّا يف اخلداع‪� ،‬إنهم يغريون ت�صورات الإن�سان ويلوثون‬
‫م�شاعره‪� ،‬إنهم يحريون اليقظ ويف الأحالم ُيقلقون النائم‪ ،‬وهم ي�سببون الأمرا�ض‬
‫ويثريون العوا�صف ويتنكرون بهيئة مالئكة النور‪ ،‬وهم يحملون لنا اجلحيم دائ ًما‪،‬‬
‫ويغت�صبون من ال�ساحرات عبادة الرب لتكون لهم‪ ،‬وبهذا املعنى حتديدً ا ت�ؤدى‬
‫‪34‬‬
‫التعاويذ ال�سحرية‪ ،‬هم يبحثون عن ال�سيطرة على ال�صاحلني ويعتدون عليهم بكل‬
‫قوتهم‪ ،‬مبا ير�شحونه لهم من فنت‪ ،‬ودائ ًما ما ينتظرون هالك الب�شر‪.‬‬
‫ورغم �أنهم لديهم �آالف من الطرق لي�ؤذوا بها الب�شر‪ ،‬و�أنهم حاولوا منذ فجر‬
‫تاريخهم �أن ُيحدثوا ال�شقاق يف الكني�سة‪ ،‬ليمنعوا ال�صدقات ولي�صيبوا حالوة �أعمال‬
‫القدي�سني مبرارة احل�سد‪ ،‬وبكل طريقة هم يخربون ويقلقون اجلن�س الب�شري‪ ،‬ولكن‬
‫وال�سرة‪ .‬انظر �سفر �أيوب احلادي‬ ‫تبقى قدرتهم من�صبة على الأماكن احل�سا�سة ُ‬
‫والأربعني‪ .‬فباخلالعة تكون لهم قدرة على الرجال‪ ،‬لأن م�صدر الفجور عند الرجل‬
‫متاما كما يخرج يف املر�أة‬‫يكون يف الأماكن احل�سا�سة‪ ،‬لأنه من هناك يخرج املني‪ً ،‬‬
‫من ناحية ال�سرة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذه الأ�شياء ذكرتها لفهم �أف�ضل لل�س�ؤال اخلا�ص باجلاثوم وال�سلعاة‪ ،‬يجب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن نقول �أنه ح�سب الكاثوليكية نحن ن�ؤمن �أن الإن�سان ميكن �أن يولد من اجلاثوم‬
‫�أو ال�سلعاة‪ ،‬والإميان �أن هذا غري ممكن يتعار�ض مع كلمات القدي�سني ومع تقاليد‬
‫ﻜﺘ‬
‫الكتب املقد�سة‪ .‬وهذا ميكن �إثباته كالتايل‪� ،‬س�أل القدي�س «�أوج�ستني» مرة �س� ًؤال‪ ،‬ال‬
‫يتعلق بال�ساحرات ولكن بكل �أعمال ال�شر‪ ،‬وبخرافات ال�شعراء‪ ،‬وترك الأمر يف حالة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من ال�شك‪ ،‬ففي جملده ‪ ،De Ciuitate Dei‬الكتاب الثالث‪ ،‬الف�صل الثاين يقول‪:‬‬
‫مفتوحا‪ ،‬هل كان ميكن لفينو�س �أن تنجب «�إيني�س» عن طريق‬ ‫ً‬ ‫نحن نرتك �س� ًؤال‬
‫ﺸﺮ‬

‫اجلماع مع «�أن�شي�سي�س»؟ و�س�ؤال �آخر برز يف الكتب املقد�سة‪ ،‬هل ميكن ملالئكة ال�شر‬
‫�أن يناموا مع بنات النا�س‪ ،‬ومن ثم �أ�صبحت الأر�ض مليئة بالعماليق الذين هم رجال‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أقوياء و�ضخام اجل�سد؟‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكنه �أجاب عن ال�س�ؤال يف الكتاب اخلام�س‪ ،‬الف�صل ‪ ،23‬يف كلماته‪ :‬لقد �أ�صبح‬
‫الكل ي�ؤمن باحلقيقة التي �أكدها كثريين بتجربتهم ال�شخ�صية‪ ،‬جتربة رجال ال‬
‫�شك يف موثوقيتهم‪� ،‬أن ال�شيطانني «�ساتريز» و«فاونز» (الذين يطلق عليهما ا�سم‬
‫اجلاثوم) قد ظهرا وكانا داعرين مع الن�ساء وجامعاهن‪ .‬و�أن بع�ض ال�شياطني‬
‫(الذين ي�سميهم «جاولز» با�سم «دو�سي») يحاولون بد�أب �أن يحققوا هذه القذارة‬
‫كما �شهد بهذا �شهود موثوقون ُك ُث مما يجعل من �إنكار ذلك �شي ًئا ً‬
‫وقحا‪.‬‬
‫الح ًقا يف نف�س الكتاب‪ ،‬يجيب الكاتب عن اخلالف الثاين‪ ،‬حتديدً ا يف املقطع‬
‫يف �سفر التكوين عن �أبناء الرب (�أبناء �شيث) وبنات النا�س (بنات قابيل)‪ ،‬وهو‬
‫‪35‬‬
‫هنا ال يتحدث فقط عن اجلاثوم‪ .‬يقول �أنه لي�س �إميا ًنا خاط ًئا وغري ًبا �أن ت�ؤمن �أن‬
‫العماليق التي حتدث عنهم الكتاب املقد�س مل يولدوا من الب�شر ولكن من املالئكة‬
‫�أو حتديدً ا من ال�شياطني الذين ناكحوا الن�ساء‪ .‬عن نف�س هذا كان تعليقه يف �سفر‬
‫�إ�شعياء الثالث ع�شر‪ ،‬ملا تنب�أ النبي بخراب بابل‪ ،‬وبالوحو�ش الذين �سيغزونها‪ .‬قال‪:‬‬
‫«وت�سكن هناك بنات النعام‪ ،‬وترق�ص هناك معز الوح�ش»‪.‬‬
‫معز الوح�ش �أو ال�ساتريز يعني بهم ال�شياطني كما يقول التعليق‪ ،‬ال�ساتريز هم‬
‫خملوقات �شعثاء متوح�شة يف الغابات‪ ،‬وهم نوع من ال�شياطني ي�سمى اجلاثوم‪.‬‬
‫ومرة �أخرى يف �إ�شعياء الرابع والثالون‪ ،‬عندما تنب�أ بخراب �أر�ض الأدوميني لأنهم‬
‫ا�ضطهدوا اليهود‪ ،‬قال‪« :‬الكركي والغراب ي�سكنان فيها‪ ،‬وميد عليها خيط اخلراب‬

‫ﻋﺼ‬
‫ومطمار اخلالء»‪ .‬تعليقه بني ال�سطور يف�سر هذا ب�أنها وحو�ش و�شياطني‪ .‬ويف نف�س‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املو�ضع ي�شرح «جريجوري» املبارك هذا �أنها �آلهة الغابات وهي تلك املخلوقات التي‬
‫�سماها الإغريق «بان�س» والالتينيون «جاثوم»‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا «�إيزيدور» املبارك يف الف�صل الأخري من كتابه الثامن قال‪« :‬ال�ساتريز‬ ‫� ً‬
‫هم الذين ي�سميهم الإغريق «بان�س» والالتينيون «جاثوم»‪ ،‬ي�سمونهم اجلاثوم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ب�سبب فعلهم الفا�سق الذي يجثم‪ .‬لأن لديهم �شهوة جتاه البحث عن الن�ساء‬
‫ومناكحتهن‪ :‬و«جاولز» ي�سميهم «دو�سي» لأنهم جمتهدون يف بهيميتهم‪ .‬ولكن‬
‫ﺸﺮ‬

‫هذه ال�شياطني عامة ي�سميها ال�شعب «اجلاثوم» وي�سميها الرومان «فون»‪ ،‬مثلما‬
‫قال «هورا�س» «�أوه يا فون‪ ،‬يا عا�شق احلوريات الهاربات‪ ،‬تعال �إىل �أر�ضي وحقويل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫املبت�سمة»‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪e‬‬

‫‪36‬‬
‫السؤال ‪ .4‬إذا كان الشياطين كلهم يمارسون‬
‫الجنس مع البشر كالجاثوم والسعالة‬

‫هل هو كاثوليكي �أن نقول �أن ممار�سات اجلاثوم وال�سعالة اجلن�سية مع الب�شر‬
‫فعل‪ ،‬لأنه حتى نقول بالعك�س‬‫تنطبق كذلك على كل الأرواح النج�سة؟ ويبدو �أنه كذلك ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫يجب �أن ن�ؤمن �أن هناك جز ًءا من اخلري يف بع�ض ال�شياطني‪ .‬قيل �أنه بالن�سبة للخري‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فهناك درجات و�أنظمة (انظر كالم القدي�س �أوج�ستني يف كتابه عن طبيعة اخلري)‪،‬‬
‫وبالن�سبة لل�شر فالأمر فيه �شيء من اللب�س‪ .‬ولكن كما �أنه عند مالئكة اخلري ال ميكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا بني مالئكة ال�شر كل �شيء بال نظام‪ ،‬وبالتايل‬ ‫�أن يكون �شيء بدون نظام‪ً � ،‬‬
‫كلهم بدون متييز يفعلون هذه املمار�سات اجلن�سية‪ .‬انظر �سفر �أيوب العا�شر‪�« :‬أر�ض‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ظالم مثل دُجى ظل املوت وبال ترتيب و�إ�شراقها كالدجى»‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا‪� ،‬إذا مل يكونوا كلهم يفعلون هذه املمار�سات‪ ،‬ف�إن هذه اخل�صلة التي يف‬ ‫� ً‬
‫بع�ضهم �أتت �إما من طبيعة فيهم �أو من خطية اجنرفوا لها‪� ،‬أو من عقاب ُفر�ض‬
‫ﻭ‬

‫عليهم‪ .‬لكنها مل ت�أت من طبيعة يف بع�ضهم لأنهم جمي ًعا بدون حتديد ميالني �إىل‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اخلطية‪ ،‬كما مت ذكره يف ال�س�ؤال ال�سابق‪ .‬لأنهم بطبيعتهم �أرواح جن�سة غري �صافية‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهم كلهم �أجن�س من �أن ُيظهروا �أي �شيء طيب‪ ،‬فهم حاذقون يف ال�شر‪ ،‬متحم�سون‬
‫للأذية‪ ،‬مليئون بالكربياء‪� ،‬إلخ‪ .‬وبالتايل هذه املمار�سات التي فيهم �سببها �إما خطية‬
‫اجنرفوا لها �أو عقاب ُفر�ض عليهم‪ .‬ونحن نعلم �أنه كلما كانت اخلطية �أكرب‪ ،‬يكون‬
‫العقاب �أكرب‪ ،‬وال�شياطني العالون منهم طبيعي �أنهم قد �أذنبوا �أكرث و�أكرث‪ ،‬وبالتايل‬
‫ن�ستنتج �أنه ب�سبب عقاب ُفر�ض عليهم فهم يقومون بهذه املمار�سات الأكرث �ش ًّرا‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬قيل �أنه حيثما ال يوجد ان�ضباط وطاعة‪ ،‬الكل �سيعمل اخلط�أ بال فرق‬ ‫� ً‬
‫بينهم‪ :‬ومن امل�سلم �أنه ال يوجد ان�ضباط وطاعة بني ال�شياطني وال يوجد اتفاق‪� .‬سفر‬
‫‪37‬‬
‫الأمثال الثالث ع�شر‪« :‬اخل�صام �إمنا ي�صري بالكربياء‪ ،‬ومع املت�شاورين حكمة»‪.‬‬
‫�إذن هم كلهم ب�سبب اخلطية �سيت�ساوون يف ورودهم �إىل اجلحيم يوم القيامة‬
‫ال فرق بينهم يف �أي �شيء‪ ،‬وقبل هذا الوقت �سيظلون يف غ�شاوة �سفلى كلهم ي�ؤدون‬
‫املهام التي �أوكلت لهم‪ .‬نحن ال نقر�أ �أن هناك م�ساواة يف العتق من العذاب‪ ،‬وبالتايل‬
‫لن توجد م�ساواة يف املهام وال يف الإغواء‪.‬‬
‫ولكن ي�أتي �ضد هذا التعليق الأول على ر�سالة بول�س �إىل كورنثو�س الأوىل‪ :‬مادام‬
‫العامل يتحمل‪� ،‬ستو�ضع املالئكة فوق املالئكة والرجال فوق الرجال وال�شياطني‬
‫أي�ضا يف �سفر �أيوب احلادي ع�شر يتحدث عن ميزان ال�شيطان‬ ‫فوق ال�شياطني‪ .‬و� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫«لوياثان» للأمور‪ ،‬ومن كالمه نفهم تفكري �أفراد ال�شياطني وكيف ين�شق بع�ضهم على‬
‫بع�ض‪ .‬وبالتايل يوجد بينهم تنوع يف النظام ويف الأن�شطة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�س�ؤال �آخر يربز‪ ،‬هل ه�ؤالء ال�شياطني ميكن �أن تقوم مالئكة اخلري بكبح‬
‫ﻜﺘ‬
‫جماحهم �أم ال �إن هم �سعوا يف ممار�ساتهم الفا�سدة هذه؟‬
‫يجب �أن نقول �أن املالئكة الذين ي�سيطرون على �إخ�ضاع �أ�صحاب الأعمال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�سيئة ي�سمون «القوى»‪ .‬كما قال القدي�س «جريجوري» والقدي�س «�أوج�ستني» يف‬
‫كتاب ‪ de Trinitate‬الثالث‪ .‬الأرواح املتمردة واخلاطئة خا�ضعون لأرواح احلياة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الربانية الطائعة‪ .‬وهاته املخلوقات التي تكون �أكرث كماال و�أقرب للرب تكون لهم‬
‫�سلطة على غريهم‪ ،‬لأن نظام الأف�ضلية موجود يف الرب وت�شاركه فيه خملوقاته‬
‫ﻭ‬

‫كلما �صاروا �أقرب له‪ .‬وبالتايل مالئكة اخلري الذين هم �أقرب للرب باعتبار متتعهم‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بهذا القرب من الرب الذي يفتقده ال�شياطني‪ ،‬تكون لهم �أف�ضلية على ال�شياطني‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ويحكمون عليهم‪.‬‬
‫وعندما يقال �أن ال�شياطني تعمل كل �أذى عظيم بدون �أي ح�ساب لأحد‪� ،‬أو �أنهم‬
‫لي�سوا مكبوحني وال يخ�ضعون ملالئكة اخلري الذين ميكن �أن مينعوهم‪� ،‬أو يقال �أنهم‬
‫حتى �إذا كانوا خا�ضعني‪ ،‬فال�شر الذي يعمله �أي خا�ضع �إمنا يكون ب�سبب �إهمال‬
‫�سيده‪ ،‬فيبدو �أن هناك � ً‬
‫إهمال بني �أ�سيادهم مالئكة اخلري‪ :‬الإجابة هي �أن املالئكة‬
‫هم وزراء حلكمة الإله‪ .‬وحكمة الإله ت�سمح لبع�ض ال�شر �أن يحدث بوا�سطة مالئكة‬
‫ال�شر �أو بوا�سطة الإن�سان‪ ،‬لأجل اخلري الذي ير�سمه الرب بعد ذلك‪ ،‬لذا فمالئكة‬
‫اخلري ال مينعون الب�شر اخلبيثني �أو ال�شياطني ب�شكل كامل من عمل ال�شر‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫نظاما معي ًنا للأفعال‬
‫نعتقد ب�أن هناك ً‬ ‫الإجابة‪� .‬إن من الإميان الكاثوليكي �أن َ‬
‫الداخلية واخلارجية‪ ،‬ودرجة من التف�ضيل بني ال�شياطني‪ .‬هذا يعني �أن بع�ض‬
‫الفواح�ش ُترتكب بوا�سطة النظم ال�سفلى ال�شيطانية‪ ،‬وتتفاداها النظم العليا‬
‫ال�شيطانية باعتبار نبلهم القدمي وباعتبار طبيعتهم‪ .‬يقال �أن هذا ينتج عنه نوع من‬
‫االن�سجام الكامل حيث �أن املخلوقات تن�سجم مع طبيعتها ومع احلكمة الإلهية ومع‬
‫�شرورها اخلا�صة‪.‬‬
‫وب�شكل �أكرث حتديدً ا فيما يتعلق بطبيعتهم نقول �إنه من املوا َفق عليه �أنه منذ بداية‬
‫مقاما من بع�ض‪ ،‬لأنهم يختلفون فيما‬ ‫اخلليقة‪ ،‬كان البع�ض منهم بخلقتهم �أرفع ً‬
‫بينهم يف ال�شكل وال يوجد اثنان من املالئكة ي�شبهان بع�ضهما يف ال�شكل‪ .‬هذا ي�ؤدي‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا مع كلمات الفال�سفة‪ .‬ر�أي ي�ضعه «ديوني�سو�س»‬ ‫�إىل ر�أي �أكرث ً‬
‫�شمول‪ ،‬يتوافق � ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف ف�صله العا�شر من كتاب ‪ On the Celestial Hierarchy‬حيث يقول �أن يف‬
‫النظام املالئكي ال�شيطاين هناك ثالث درجات خمتلفة‪ ،‬ويجب �أن نوافق على هذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫حيث �أن كال من ال�شياطني واملالئكة خلقتهم روحية وغري مادية‪ .‬انظر � ً‬
‫أي�ضا كالم‬
‫القدي�س «توما�س»‪� .‬أن اخلطية مل تغري طبيعة ال�شياطني‪ ،‬فال�شياطني بعد ال�سقوط‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من ال�سماوات مل يخ�سروا هباتهم الطبيعية‪ ،‬وتعاملهم من الأ�شياء يتبع حالتهم‬


‫الطبيعية‪ .‬وبالتايل هم متنوعون ومتعددون يف الطبيعة ويف الأفعال‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا مع احلكمة الإلهية‪ ،‬لأن هذا مق�ضي بوا�سطة الرب (ر�سالة‬ ‫هذا ين�سجم � ً‬
‫�أهل رومية ‪ .)13‬وال�شياطني مت انتدابهم من قبل الرب لإغواء الرجال وفر�ض‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫عليهم عقاب اللعن‪ ،‬وهم يعملون على الإن�سان بطرق كثرية ومتعددة‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا مع �شرورهم الداخلية‪ .‬فحيث �أنهم يف حرب مع اجلن�س‬ ‫هذا ين�سجم � ً‬


‫الب�شري‪ ،‬جندهم يحاربون ب�شكل منظم‪ ،‬لأنهم يهدفون �إىل �إحداث �ضرر �أعظم‬
‫للإن�سان‪ .‬ي�ؤدي هذا �إىل �أنهم ال ي�شرتكون يف �أ�سلوب واحد يف عمل فواح�شهم‬
‫البغي�ضة‪.‬‬
‫هذا ميكن �إثباته ب�شكل �أكرث حتديدً ا كالتايل‪ ،‬لأن �أفعال ال�شيء تتبع طبيعة‬
‫ال�شيء‪ ،‬فهذا يعني �أن الذين تكون طبيعتهم يف مرتبة �أدنى ال بد �أن تكون �أفعالهم يف‬
‫مرتبة �أدنى‪ ،‬كما هو احلال يف الأج�سام املادية‪ .‬حيث الأج�سام الأدنى ب�شكل طبيعي‬
‫تكون �أدنى من الأج�سام ال�سماوية‪ ،‬و�أفعالهم وم�شاعرهم تكون خا�ضعة لأفعال‬
‫‪39‬‬
‫وم�شاعر الأج�سام ال�سماوية‪ ،‬وحيث �أن ال�شياطني يختلفون فيما بينهم يف التنظيم‬
‫أي�ضا يختلفون يف �أفعالهم الطبيعية‪ ،‬خارج ًيا وداخل ًّيا وخا�صة يف‬‫الطبيعي‪ ،‬فهم � ً‬
‫�أداء الفواح�ش التي يف ال�س�ؤال‪.‬‬
‫من هذا ن�ستنتج �أنه‪ ،‬ممار�سة هذه الفواح�ش غريبة على طبقة ال�شياطني النبالء‬
‫الذين طبيعتهم مالئكية‪ ،‬كذلك الأفعال الب�شرية‪ ،‬فالأفعال الفا�سدة منها �أو الأكرث‬
‫ً‬
‫توح�شا تعرب فقط عن نف�سها وال تعرب عن طبيعة الب�شر وتنا�سلهم‪.‬‬
‫و�أخ ًريا‪ ،‬حيث �أن البع�ض ميكن �أن ي�سقطوا من كل نظام‪ ،‬لي�س من الغريب �أن‬
‫ن�ؤمن �أن ه�ؤالء ال�شياطني الذين �سقطوا من الكورال الأدنى والذين يحملون الرتبة‬

‫ﻋﺼ‬
‫الأدنى هم املنتدبون لأداء هذه الفواح�ش وغريها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ورغم �أن الكتب املقد�سة تتحدث عن �أن اجلاثوم وال�سعالة يتبعون �شهوتهم جتاه‬
‫الن�ساء‪ ،‬لكننا ال نقر�أ يف �أي مكان �أن اجلاثوم وال�سعالة يفعلون هذه الرذيلة ب�شكل‬
‫ﻜﺘ‬
‫يعار�ض الفطرة كاللواط‪ .‬نحن ال نتحدث فقط عن اللواط ولكن عن �أي خطية �أخرى‬
‫تكون ممار�ستها خارجة عن امل�سار الطبيعي‪ .‬و�شناعة خطية كهذه ميكن تو�ضيحها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بحقيقة �أنه حتى ال�شياطني‪ ،‬كلهم �أ ًيا كان نظامهم ميقتون ويعتقدون �أنه من العار‬
‫ممار�سة هذه الأفعال‪ .‬ويبدو �أن التعليق على �سفر حزقيال التا�سع ع�شر يعني هذا‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫حيث يقول‪� :‬سوف �أجعلكم بني �أيدي �سكان فل�سطني‪ ،‬حيث ال�شياطني �أنف�سهم‬
‫�سيخجلون من �آثامكم‪ ،‬وهو يعني هنا الرذائل التي �ضد الفطرة كاللواط‪ .‬و�سريى‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الطالب عندئذ ماذا يجب له �أن يفهم بخ�صو�ص ال�شياطني‪ .‬لأنه ال خطية كانت‬
‫�أعظم من ذلك عاقب عليها الرب و�أمات هذا العدد الكبري بطريقة خمزية‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالت�أكيد يقول الكثريون وهو مما ن�ؤمن به ح ًقا‪� ،‬أنه ال �أحد ميكنه �أن يبقى حمم ًيا‬
‫من �أن متار�س عليه مثل هذه الرذائل فيما عدا �أثناء �أيام احلياة الب�شرية للم�سيح‪.‬‬
‫عاما‪ ،‬لكن ميكن �أن ُيحمى ال�شخ�ص �إذا مت �إنقاذه‬ ‫والتي ا�ستمرت ثالثة وثالثني ً‬
‫بنعمة خا�صة من املخل�ص‪ .‬وهذا ُمثبت بحقيقة �أن هناك �ضحايا لهذه الرذائل‬
‫�أعمارهم يف الثمانني ومنهم معمرون �أكرث من ذلك‪ ،‬وهم حتى ذلك ال�سن عا�شوا‬
‫حياتهم وف ًقا لتعاليم امل�سيح‪ ،‬ولكن بانتهاء حياته الب�شرية‪ ،‬وجدوا �صعوبة كبرية يف‬
‫احل�صول على اخلال�ص‪ ،‬ويف التخلي ب�أنف�سهم عن هذه الرذائل‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬أ�سماء ال�شياطني تعرب عن النظام املوجود بينهم‪ ،‬وتدل على املقر الذي‬ ‫� ً‬
‫ينتمي �إليه كل منهم‪ .‬لأنه رغم �أن اال�سم واحد وهو ال�شيطان‪ ،‬جنده ُي�ستخدم ب�شكل‬
‫متعدد يف الكتب املقد�سة ب�سبب �صفاتهم املتعددة‪ ،‬مع ذلك ُتعلمنا الكتب املقد�سة‬
‫�أن واحدً ا من ال�شياطني يتم تعيينه على رذيلة ما‪ ،‬والرذائل الأخرى يتعني لها واحد‬
‫مثل من عادة الكتب املقد�سة يف الكالم �أن ُت�سمي كل روح جن�سة «ديابلولو�س»‬ ‫�آخر‪ً .‬‬
‫من «ديا» وتعني اثنني‪ ،‬و«بولو�س» وتعني التافه‪ ،‬لأنه قتل اثنني‪ ،‬ج�سده وروحه‪ .‬برغم‬
‫�أن الكلمة الالتينية «ديابولو�س» تعني املحبو�س يف ال�سجن والتي هي مالئمة � ً‬
‫أي�ضا‬
‫م�سموحا لل�شيطان �أن يعمل كث ًريا من الأذى كما يتمنى‪.‬‬
‫ً‬ ‫حيث �أنه لي�س‬
‫�أو «ديابولو�س» تعني التدفق لأ�سفل‪ ،‬حيث �أنه �سقط �إىل الأ�سفل‪ ،‬مكان ًيا ومعنو ًيا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا «دميون»‪ ،‬وتعني املاكر يف �سفك الدم‪ ،‬حيث �أنه ظم�آن ويرتكب‬ ‫ولقد ُ�سمي � ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اخلطية رغم �أنه يعرف ثالثة �أ�ضعاف معرفة الإن�سان‪ ،‬كونه قوي يف خلقته‪ ،‬ويف‬
‫أي�ضا «بليعال» والتي تعني‬‫خربته لعمره الطويل‪ ،‬ويف تلقي الوحي من املالئكة‪ .‬ي�سمى � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫بدون قرون �أو تعني ال�سيد‪ ،‬حيث ميكن �أن يقاتل �ضحيته من الإن�س‪ .‬ي�سمى � ً‬
‫أي�ضا‬
‫«بعلزبوب» والتي تعني �سيد الذباب‪ ،‬والذباب هنا يرمز �إىل �أرواح اخلاطئني الذين‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫تركوا الإميان احلقيقي بامل�سيح‪ .‬وي�سمى «�ساتان» وتعني العدو‪ ،‬انظر قول القدي�س‬
‫أي�ضا ي�سمى «بيهيموث» وتعني الوح�ش لأنه‬ ‫بيرت‪ :‬لأن عدوكم ال�شيطان يدور‪� ،‬إلخ‪ً � .‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ً‬
‫متوح�شا‪.‬‬ ‫يجعل الإن�سان‬
‫ولكن �أ�شد �شيطان يف الف�سوق و�سيد هذا الرج�س اللواطي‪ ،‬ي�سمى «�أ�سموديو�س»‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حلكم‪�ُ :‬سمي بهذا لأن هذا النوع من اخلطية عوقب بتنفيذ‬ ‫والتي تعني خملوق ا ُ‬
‫حلكم على «�سدوم» قوم لوط و�أربعة مدن �أخرى‪ .‬كذلك �شيطان الكربياء ي�سمي‬ ‫ا ُ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫«لوياثان» والتي تعني «�إ�ضافتهم»‪ ،‬لأن «لو�سيفر» عندما �أغوى �آباءنا وعدهم‬
‫بكربياء‪ ،‬ب�إ�ضافة �صفة �إلهية عليهم‪ .‬يقال عنه يف �سفر �إ�شعياء‪« :‬يف ذلك اليوم‬
‫يعاقب الرب ب�سيفه القا�سي العظيم ال�شديد لوياثان احلية امللتوية»‪� .‬أما �شيطان‬
‫اجل�شع والرثوة في�سمى «مامون» والذي ذكره امل�سيح يف الإجنيل «ال يقدر �أحد �أن‬
‫يخدم �سيدين‪ ..‬الخ»‪.‬‬
‫بالن�سبة للحجج‪ً � ،‬أول اخلري ميكن �أن يوجد بدون ال�شر‪ ،‬لكن ال�شر ال ميكن �أن‬
‫يوجد بدون اخلري‪ ،‬لأن ال�شر يتم �صبه على املخلوق الذي كان طي ًبا بطبعه‪ .‬وبالتايل‬
‫ال�شياطني‪ ،‬برغم �أن لديهم يف الأ�صل طبيعة خري‪ ،‬لكنه قد مت تغري �سياق الطبيعة‬
‫‪41‬‬
‫فيهم ب�سبب �أفعالهم‪ ،‬انظر �سفر �أيوب العا�شر‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ميكن �أن يقال �أن ال�شياطني الذين يتم انتدابهم للعمل لي�سوا يف اجلحيم‬
‫نظاما بينهم لن يكون لهم مثله‬ ‫و�إمنا هم مو�ضوعون يف �سحب �سفلية‪ .‬و�أن لديهم ً‬
‫�إن كانوا يف اجلحيم‪ ،‬ومت منعهم يف ال�سحب ال�سفلية من �أن يذوقوا النعيم منذ ذلك‬
‫الوقت ملا �سقطوا بال رجعة من تلك املرتبة‪ .‬وميكن �أن نقول �أنه حتى يف اجلحيم‪،‬‬
‫�سيكون هناك بينهم تدرج يف القوة‪ ،‬ويف درجات العذاب‪ ،‬نظ ًرا لأن بع�ضهم ولي�س‬
‫كلهم يتم انتدابهم لتعذيب الأرواح‪ .‬ولكن هذا التدرج ي�أتي من الرب ولي�س من‬
‫�أنف�سهم‪ ،‬وكذلك تدرج عذابهم‪.‬‬
‫عذبون‬ ‫ثال ًثا‪ ،‬عندما يقال عن ال�شياطني الأعلى �أنهم مبا �أنهم �أذنبوا �أكرث‪ ،‬فهم ُي َ‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أكرث‪ ،‬وبالتايل يجب �أن يكونوا هم مرتبطني بعمل هذه الرذائل اجلن�سية‪� ،‬ستكون‬
‫الإجابة �أن اخلطية دائ ًما تكون لها عالقة بالعذاب الرباين املفرو�ض عليها‪ ،‬ولي�س‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بالفعل نف�سه �أو بخلقة الفاعل‪ ،‬وب�سبب طبيعتهم النبيلة القدمية ال يتم انتداب‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�شياطني العالية لأجل هذه الفواح�ش‪ ،‬فهذا ال عالقة له بخطيئتهم �أو بعذابهم‪.‬‬
‫وبالرغم من �أنهم جميعا �أرواح جن�سة‪ ،‬ومتحم�سون للأذية‪� ،‬إال �أن الواحد منهم‬
‫يكون �أكرث من الآخر‪ ،‬يف ن�سبة ظم�أ طبيعتهم �إىل الظالم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫راب ًعا‪ ،‬يقال �أن هناك اتفا ًقا بني ال�شياطني جمي ًعا ‪ -‬بطبيعتهم اخلبيثة اخلالية‬
‫من املودة ‪� -‬أن يكرهوا الب�شرية‪ ،‬و�أنهم يبذلوا ق�صارى جهدهم �ضد العدالة‪ .‬واتفا ًقا‬
‫ﺸﺮ‬

‫كهذا ميكن �أن يحدث بني الكيانات ال�شريرة‪ ،‬حيث يجعلون �أنف�سهم فر ًقا‪ ،‬وينتدبون‬
‫منهم �أولئك الذين تكون مواهبهم منا�سبة لي�سعوا وراء �آثام ب�شرية معينة‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خام�سا‪ ،‬برغم �أن احلب�س مفرو�ض عليهم جمي ًعا يف الطبقة ال�سفلى وما بعدها‬ ‫ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من اجلحيم‪ ،‬لكنهم ال يكونون مت�ساويني يف العذاب ويف املهام التي ُتق�ضى �إليهم‪:‬‬
‫نبل يف الطبيعة والذي يتبع مق ًرا �أ�شد قوة‪ ،‬يكون �أكرث عذا ًبا‪ .‬انظر كتاب‬ ‫فالأكرث ً‬
‫‪ Wisdom‬ال�ساد�س «القوي �سيعاين عذابات قوية»‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫‪42‬‬
‫السؤال ‪ .5‬ما هو مصدر ازدياد أعمال السحر ؟‬

‫ماهو م�صدر ازدياد �أعمال ال�سحر؟ وملاذا زادت ممار�سة ال�سحر ب�شكل ملحوظ؟‬
‫هل هو ر�أي كاثوليكي ب�أي طريقة من الطرق �أن ن�ؤمن �أن �أ�صل ال�سحر جاء من‬
‫ت�أثري النجوم ومن خبث الإن�سان الذي الحظ هذا الت�أثري؟ ونرتك الإميان ب�أن هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�سحر بد�أ يف الب�شرية بعد الفواح�ش التي عملها فيهم اجلاثوم وال�سعالة‪ .‬والإجابة‬
‫هي �أن ال�سحر قد ظهر ح ًّقا من خبث الإن�سان‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال‪ ،‬يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كتابه الثالث والثالثني �أن �سبب ف�ساد الإن�سان يكمن يف رغبته الداخلية‪ ،‬ف�إذا �أذنب‬
‫ﻜﺘ‬
‫الإن�سان العادي �سيذنب من نف�سه �أو ب�إيعاز من �أحد‪.‬‬
‫متاما‪ ،‬ف�أ�صل ف�سادها لي�س ال�شيطان ولكن‬
‫�أما ال�ساحرة فقد �أف�سدتها اخلطية ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫رغبتها ال�شخ�صية اخلبيثة يف الف�ساد‪ .‬يف نف�س الكتاب حتدث الكاتب عن الإرادة‬
‫احلرة‪ ،‬قال �أن اجلميع يتحملون نتيجة خطاياهم وال�سبب هو �أن اخلطية كانت‬
‫ﺸﺮ‬

‫ب�إرادتهم احلرة‪ ،‬وال�شيطان ال ميكنه �أن يدمر الإرادة احلرة لأي �شخ�ص‪ ،‬لأن هذا‬
‫�سيعار�ض فكرة حرية الب�شر التي ن�ؤمن بها‪ ،‬وبالتايل ال ميكن �أن يكون ال�شيطان‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا يف كتاب ‪ Ecclesisatic Dogma‬قيل‪:‬‬ ‫هو �سبب كل خطية يعملها الإن�سان‪ .‬و� ً‬
‫لي�ست كل �شرورنا مت طبخها بوا�سطة ال�شيطان‪ ،‬ولكن هي يف كثري من الأحيان تربز‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من �أهوائنا ال�شخ�صية‪.‬‬


‫أي�ضا‪� ،‬إذا كانت النجوم لي�ست هي ال�سبب يف �أفعال الإن�سان اجليدة وال�سيئة‪،‬‬ ‫� ً‬
‫فاملنجمون ما كانوا لي�ستخدموها يف التنب�ؤ بهذه الطريقة ال�صحيحة عندما يتنبئون‬
‫مثل بنتيجة احلرب �أو �أي من �أفعال الإن�سان الأخرى‪ ،‬لذلك فالنجوم هي �سبب‬ ‫ً‬
‫بطريقة ما‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬النجوم ت�ؤثر على ال�شياطني �أنف�سهم حيث ُت�ستخدم يف بع�ض التعاويذ‪،‬‬ ‫� ً‬
‫وبالتايل فالنجوم ميكنها �أن ت�ؤثر يف الإن�سان‪ .‬هناك ثالثة براهني ُي�ست�شهد بها على‬
‫‪43‬‬
‫هذا االفرتا�ض‪ .‬بالن�سبة لبع�ض الرجال الذين ُيدعون باملجانني ف�إمنا هم �أنا�س‬
‫تتحر�ش بهم ال�شياطني يف �أوقات معينة �أكرث من �أوقات �أخرى‪ .‬ولي�س من عادة‬
‫ال�شياطني �أن يت�صرفوا بهذا ال�شكل اجليد‪ ،‬بل �إنهم �سيتحر�شون باملجنون يف كل‬
‫الأوقات‪ ،‬وبذلك ن�ستنتج �أن ه�ؤالء املجانني مت�أثرين ب�شيء �آخر يظهر ويختفي يف‬
‫�أوقات مثل �أن يكونوا مت�أثرين ب�شدة ببع�ض �أطوار القمر‪ .‬لقد مت �إثبات حقيقة �أن‬
‫م�ستح�ضري الأرواح ُيراقبون بع�ض الأبراج لأجل ا�ستح�ضار ال�شياطني‪ ،‬ومل يكونوا‬
‫ليفعلوا هذا �إال �إذا علموا �أن ال�شياطني مت�أثرة بالنجوم‪.‬‬
‫أي�ضا يو�ضع كربهان �أن النجوم �سبب غري مبا�شر يف �أفعال الب�شر‪ ،‬كما‬ ‫وهذا � ً‬
‫قال القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ‪ ،de Ciuitate Dei‬ال�شياطني يوظفون بع�ض‬

‫ﻋﺼ‬
‫الأج�سام ال�سفلية مثل الأع�شاب والأحجار واحليوانات وبع�ض الأ�صوات والأرقام‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن حيث �أن الأج�سام الأثقل لها قوة �أكرث من الأج�سام الأ�سفل‪ ،‬بالتايل فالنجوم‬
‫لها ت�أثري �أعظم من كل هذه الأ�شياء‪ .‬وال�ساحرات تكون �أعمالهن خا�ضعة لت�أثري‬
‫ﻜﺘ‬
‫هذه الأج�سام القوية �أكرث من اعتمادهن على م�ساعدة ال�شياطني �أنف�سهم‪ .‬واحلجة‬
‫مدعومة من �سفر امللوك ال�ساد�س ع�شر‪ ،‬حيث اغتاظ �شاول من ال�شيطان ولكنه هد�أ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫عندما عزف له داوود بقيثارته وعندها رحل ال�شيطان‪.‬‬


‫ولكن هناك كالم �ضد هذا‪� .‬أنه من امل�ستحيل �أن ُتنتج ت�أث ًريا ما بدون وجود‬
‫ﺸﺮ‬

‫م�سبب الت�أثري‪ ،‬و�أفعال ال�ساحرات ال ميكن �أن حتدث بدون م�ساعدة ال�شياطني‪،‬‬
‫كما هو وا�ضح يف و�صف ال�ساحرات من كالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتابه ‪Ethics‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الثامن‪ .‬ال�ساحرات ُ�سمني كذلك ب�سبب ِعظم تعاويذهن ال�سحرية التي يخربن‬
‫بها الأ�شياء ويحرين عقول الرجال‪ ،‬وذلك بدون ا�ستخدام �أي �سم‪ ،‬ولكن فقط‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫با�ستخدام التمائم‪.‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬أر�سطو قال يف كتابه ‪�« :Ethics‬إن من ال�صعب �أن تعرف بداية عملية‬ ‫� ً‬
‫التفكري يف الإن�سان‪ ،‬ويو�ضح كيف يجب �أن تكون هذه العملية التفكريية قد �أتت‬
‫من م�صدر خارجي‪ .‬لأن كل �شيء يبد�أ من �سبب معني‪ .‬فالرجل يفعل ال�شيء‬
‫الذي يرغب فيه‪ ،‬ولقد بد�أ يف رغبته يف هذا ال�شيء ب�سبب اقرتاح م�سبق يف فكره‪،‬‬
‫و�إن كان هذا اقرتاح م�سبق يف فكره‪ ،‬فهو �إما يكون قد �أتى من الالنهائية‪� ،‬أو �أنه‬
‫�أتى من مكان خارجي‪ ،‬وهذا املكان اخلارجي هو الذي بد�أ �أول اقرتاح للإن�سان‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫�إال �إذا قلنا �أن هذا الفكر قد جاء يف العقل بفعل ال�صدفة مما يجعل بالتايل كل‬
‫�أفعال الب�شر جاءت باحلظ‪ ،‬وهو �شيء �سخيف»‪� .‬إن مبتدئ اخلري هو الرب‪ ،‬ولكنه‬
‫لي�س هو �سبب اخلطية‪ .‬عندما بد�أ الإن�سان يف الرغبة باخلطية‪ ،‬ال بد �أنه كان هناك‬
‫�سبب خارجي لهذه الرغبة الأوىل‪ .‬وهذا ال ميكن �أن يكون غري ال�شيطان‪ ،‬خا�صة يف‬
‫حالة ال�ساحرات‪ ،‬كما بينا �أعاله‪ ،‬لأن النجوم ال ميكن �أن ت�ؤثر مبا�شرة يف �أفعال‬
‫ال�ساحرات‪ .‬وبالتايل �أ�صبحت احلقيقة وا�ضحة‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬هذه ال�ساحرة لديها قدرة على التحكم بالدوافع مما يجعل لها قدرة على‬ ‫� ً‬
‫عمل النتائج املت�سببة من هذه الدوافع‪ .‬الدافع للرغبة هو �شيء حم�سو�س بحا�سة‬
‫العقل‪ ،‬وكليهما خا�ضع لقدرة ال�شيطان‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال يف الكتاب ‪:83‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذا ال�شر الذي هو ال�شيطان‪ ،‬يتل�ص�ص بكل حوا�سه‪ ،‬هو يجعل نف�سه يف الأرقام‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يكيف نف�سه يف الألوان‪ ،‬يجذب نف�سه �إىل الأ�صوات‪ ،‬يرتب�ص بالأحاديث الغا�ضبة‬
‫واملحادثات الغالطة‪ ،‬وهو يلبث يف الروائح‪ ،‬وينقع نف�سه يف النكهات وميلأ بزفراته‬
‫ﻜﺘ‬
‫كل القنوات‪ .‬وبالتايل نرى قدرة ال�شيطان �أن ي�ؤثر على الإرادة‪ ،‬التي هي ال�سبب‬
‫املبا�شر للخطية‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا‪ ،‬كل �شيء فيه اختيار بني طريقني‪ ،‬يحتاج �إىل نوع من العامل املحدد قبل‬ ‫� ً‬
‫�أن ي�أخذ قراره‪ .‬والإرادة احلرة للإن�سان لها االختيار بني اخلري وال�شر‪ ،‬وبالتايل‬
‫ﺸﺮ‬

‫عازما �إىل جهة ال�شر حتديدً ا‪.‬‬


‫عندما يبا�شر الإن�سان اخلطية‪ ،‬يحتاج ل�شيء يجعله ً‬
‫وهذا الذي يحدث بفعل ال�شيطان‪ ،‬خا�صة يف �أفعال ال�ساحرات‪ ،‬والالئي رغباتهن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫م�صنوعة لأجل ال�شر‪ .‬بالتايل يبدو �أن رغبة ال�شر عند ال�شيطان هي �سبب لرغبة‬
‫حلجة ميكن �إثباتها ب�أنه كما تتجه‬ ‫ال�شر عند الإن�سان‪ ،‬خا�صة يف ال�ساحرات‪ .‬وا ُ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مالئكة اخلري �إىل اخلري‪ ،‬فمالئكة ال�شر يتجهون �إىل ال�شر‪ ،‬ولكن الأول يوجه‬
‫الإن�سان �إىل اخلري‪ ،‬والأخري يوجه الإن�سان �إىل ال�شر‪ .‬لأجل هذا يقول «ديوني�سو�س»‪،‬‬
‫يوجد �سببه يف الأعلى‪.‬‬
‫القانون الإلهي الرا�سخ والغري قابل للتغيري‪� ،‬أن الأدنى َ‬
‫الإجابة‪ .‬من يقول �أن ال�سحر له عالقة بت�أثري النجوم فهذا قد ارتكب ثالثة‬
‫�أخطاء‪ .‬يف املقام الأول‪ ،‬ال ميكن �أن يكون �أ�صله �آت ًيا من املنجمني وموجهي خريطة‬
‫الأبراج وقارئي الطالع‪ .‬وكان ال�س�ؤال هل رذيلة ال�سحر يف الإن�سان �سببها ت�أثري‬
‫أي�ضا‪ ،‬ولأجل احلفاظ‬ ‫النجوم عليه‪ ،‬وبالتايل يف حتديد �صفات الإن�سان املختلفة � ً‬
‫‪45‬‬
‫على الإميان ال�صحيح‪ ،‬هناك �شيء ال بد �أن ن�ؤمن به‪� ،‬أن هناك مذهبني ميكننا �أن‬
‫نفهم بهما كيف �أن �شخ�صية الإن�سان تت�أثر بالنجوم‪� ،‬إما املذهب الكامل ويعني كل‬
‫�شيء يت�أثر بالنجوم‪� ،‬أو املذهب الطارئ يعني �أن الت�أثري يف �أوقات طارئة‪ .‬وبالن�سبة‬
‫للمذهب الأول‪ ،‬فهو لي�س فقط خاط ًئا‪ ،‬ولكنه مهرطق جدًّا ويعار�ض الدين امل�سيحي‪،‬‬
‫�إن الإميان احلق ال ميكن �أن تكون فيه �ضاللة كهذه‪.‬‬
‫لهذا ال�سبب‪ ،‬كل من يقول �أن كل �شيء بال�ضرورة ي�أتي من النجوم فهو ي�أخذ‬
‫بعيدً ا كل النعم الربانية وكل املميزات املمنوحة للب�شر من الرب وبالتايل ي�أخذ‬
‫عظمة الرب‪ .‬لأن ا�ستقامة ال�شخ�صية تت�أذى ب�سبب هذا ال�ضالل‪ ،‬لأنه عندها �سنلقي‬

‫ﻋﺼ‬
‫باللوم على النجوم يف �أفعال املذنبني واملجرمني‪ ،‬وهذه رخ�صة للخطية بال مالمة‬
‫وبال اعرتاف باخلط�أ‪ ،‬والإن�سان عندها �سيتجه لعبادة تلك النجوم واالفتتان بها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لكن بالن�سبة للخالف يف �أن �صفات الإن�سان �إمنا هي متنوعة تب ًعا لتنظيمات‬
‫ﻜﺘ‬
‫النجوم‪ ،‬فهذا حقيقي جدًّا وال يعار�ض املنطق �أو الإميان‪ .‬لأنه من الوا�ضح �أن‬
‫تنظيمات الأج�سام ت�سبب تنوعات يف مزاج ويف �صفات الروح‪ ،‬لأن الروح عامة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حتاكي هيئات الأج�ساد‪ ،‬ولكن هذا لي�س مطل ًقا‪ ،‬لأن الروح هي �سيدة على اجل�سد‬
‫خا�صة عندما تكون مدعومة بالنعم‪ .‬لذلك عندما يظهر ب�شكل ما ت�أثري قوة النجوم‬
‫ﺸﺮ‬

‫على ت�شكيل �صفات ومزاجات الإن�سان‪ ،‬ف�إنا نوافق �أن لهم ت�أث ًريا على ال�شخ�صية‪،‬‬
‫ولكن من بعيد‪ ،‬لأن الطبيعة ال�سفلى الأر�ضية لها ت�أثري �أكرب على ال�صفات واملزاجات‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أكرث من قدرة النجوم‪.‬‬


‫القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ‪ de Ciuitate Dei‬عندما حلل �س� ًؤال معي ًنا عن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اثنني �إخوة مر�ضا وعوجلا م ًعا‪� ،‬أثبت منطق �أبقراط �أكرث من منطق املنجمني‪ .‬لأن‬
‫�أبقراط �أجاب ب�أن هذا ح�صل ب�سبب ت�شابه مزاجاتهما بينما �أجاب املنجمون �أن‬
‫هذا ب�سبب هوية كل منهما يف خريطة الأبراج‪ .‬بالن�سبة لإجابة �أبقراط فقد كانت‬
‫�أف�ضل لأنه ا�ست�شهد بال�سبب الأ�سرع والأكرث ت�أث ًريا‪ .‬لذا‪ ،‬يجب �أن نقول �أن ت�أثري‬
‫النجوم هو بدرجة ما يف�ضي �إىل الرج�س �أكرث مما يف�ضي �إىل �أي �شيء �آخر من‬
‫الأفعال �سواء كانت خبيثة �أو فا�ضلة‪ .‬ولكن ت�أثري هذا التنظيم النجمي ال يجب �أن‬
‫يقال �أنه �ضروري و�سريع وكاف ولكن نقول �أنه بعيد وم�شروط‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫�صحيحا‪ ،‬ذلك الذي ُبني على كتب الفال�سفة واملتعلق‬ ‫ً‬ ‫لي�س ذلك االعرتا�ض‬
‫ب�سمات العنا�صر‪ ،‬حيث يقولون �أن املمالك قد يتم �إخال�ؤها والأرا�ضي يتم هجرها‬
‫ب�سبب اقرتان كوكب امل�شرتي وزحل‪ ،‬ويقال �أنه من هذا ميكن �أن نفهم كيف �أن الأمر‬
‫خارج عن �إرادة الإن�سان‪ ،‬وبالتايل ت�أثري النجوم له قدرة �أعلى من الإرادة احلرة‪.‬‬
‫ولقد �أُجيب عن هذا ب�أن هذه املقولة ال يعني بها الفيل�سوف �أن يلمح �أن الإن�سان ال‬
‫ميكنه �أن يقاوم ت�أثري الأبراج عليه‪ ،‬بل ميكنه ذلك‪ .‬لأن بطليمو�س قال يف كتابه‬
‫‪ Almagest‬قال‪ :‬الرجل احلكيم يكون �سيدً ا على النجوم‪ .‬لأنه رغم �أن زحل له‬
‫ت�أثري �سوداوي وامل�شرتي لديه ت�أثري جيد‪ ،‬فاقرتان امل�شرتي وزحل ميكن �أن ُيخل�ص‬
‫أي�ضا بالإرادة احلرة‪ ،‬ميكن �أن يقاوم الإن�سان‬ ‫الإن�سان من النزاعات واخلالفات‪ .‬و� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذا امليل‪ ،‬وب�سهولة مبعاونة نعمة الرب عليه‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�صحيحا �أن نقتب�س كالم القدي�س «جون داما�سني» عندما‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اعرتا�ضا‬ ‫و� ً‬
‫أي�ضا لي�س‬
‫قال يف كتابه الثاين يف الف�صل ال�ساد�س �أن املذنبات هي �إ�شارة ملوت امللوك‪ .‬وهذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫وا�ضحا يف‬
‫ً‬ ‫جنيب عنه ب�أننا حتى لو اتبعنا ر�أي القدي�س «جون داما�سني» الذي كان‬
‫الكتاب امل�شار �إليه‪ ،‬وعك�س ر�أي الفال�سفة‪ ،‬فهذا لي�س ً‬
‫دليل على تبعية �أفعال الب�شر‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫للنجوم‪ .‬لأن القدي�س «جون» يعترب �أن املذنب لي�س خل ًقا من الطبيعة‪ ،‬ولي�س واحدً ا‬
‫من النجوم املنتظمة يف ال�سماء‪ ،‬وبالتايل ال ت�أثري له وال داللة طبيعية‪ .‬لأنه يقول �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫املذنبات لي�ست من النجوم التي ُخلقت يف البداية‪ ،‬ولكنها ُ�صنعت لأجل �سبب معني‬
‫ثم ذابت‪ ،‬ب�أمر الإله‪ .‬هذا �إذن هو ر�أي القدي�س «جون دام�سني»‪ .‬ولكن الرب ب�إ�شارة‬
‫ﻭ‬

‫كهذه �إمنا ُينذر مبوت امللوك دو ًنا عن بقية الرجال‪ ،‬ومن هذا يحدث االرتباك يف‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حر�صا على حفظ امللوك لأجل امل�صلحة العامة‪ ،‬وامللوك‬ ‫اململكة‪ .‬واملالئكة �أكرث ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يولدون وميوتون حتت وزارة من املالئكة‪.‬‬


‫ولي�ست هناك �صعوبة يف فهم ر�أي الفال�سفة‪ ،‬الذين يقولون �أن املذنب هو‬
‫خليط حار وجاف‪ ،‬ي�سري يف اجلزء الأعلى من الف�ضاء ُقرب النار‪ ،‬و�أن �أر�ضية هذا‬
‫ال�شيء احلار واجلاف تت�شابه مع طبيعة النجوم‪ .‬ولكن الأجزاء اخللفية التي ميدها‬
‫البخار كالذيل عند �أطرافه تن�ضم �إىل ج�سمه وتلتحق به‪ .‬وبناء على هذه الر�ؤية‪،‬‬
‫فالفيل�سوف يتنب�أ باملوت الآتي من احلرارة واجلفاف‪ .‬حيث يقول �أنه يف �أكرث الوقت‬
‫يتغذى الأغنياء على الأ�شياء احلارة واجلافة يف طبيعتها‪ ،‬بالتايل يف بع�ض الأحيان‬
‫وا�ضحا‪ .‬وهذه الر�ؤية‬
‫ً‬ ‫ميوت كثري من الأغنياء‪ ،‬ويكون موت امللوك والأمراء بينهم‬
‫‪47‬‬
‫لي�ست بعيدة من ر�ؤية القدي�س « جون داما�سني»‪� ،‬إذا مت التدقيق فيها‪� ،‬إال بالن�سبة‬
‫لأفعال ومعاونات املالئكة‪ ،‬والتي ال ميكن �أن يتجاهلها ه�ؤالء الفال�سفة‪ .‬فاملذنب‬
‫ميكن �أن يتكون ب�أيدي املالئكة‪.‬‬
‫بهذه الطريقة فالنجم الذي �أنذر مبوت القدي�س «توما�س» مل يكن من النجوم‬
‫املنتظمة يف ال�سماء ولكن مت �صنعه بوا�سطة مالك من بع�ض املواد املنا�سبة وقد‬
‫�صنعه املالك يف مقر مالئكي معني ثم �أذابه‪.‬‬
‫من هنا نرى �أنه �أ ًيا كان الر�أي الذي نتبعه‪ ،‬فالنجوم لي�س لها ت�أثري فطري على‬
‫الإرادة احلرة‪ ،‬وبناء على ذلك لي�س لها ت�أثري على ُخبث الإن�سان �أو �صفاته‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يجب �أن نالحظ �أن املنجمني عادة ما يتنب�ؤون باحلقيقة‪ ،‬و�أحكامهم يف جزء‬
‫كبري منها م�ؤثرة على الإقليم الواحد �أو الأمة الواحدة‪ .‬و�سبب �أنهم ي�أخذون‬
‫حمتوما‬
‫ً‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أحكامهم من النجوم‪ ،‬هو بناء على �أن النجوم لها ت�أثري عظيم لكن لي�س‬
‫ﻜﺘ‬
‫على �أفعال الب�شر‪ ،‬وت�أثريها على الأمة الواحدة �أو الإقليم الواحد �أكرب من ت�أثريها‬
‫على الفرد الواحد‪ .‬وهذا ب�سبب �أن اجلزء الأكرب من الأمة الواحدة يكونون طائعني‬
‫لتنظيم اجل�سم �أكرث من مما ُيطيع الرجل الواحد‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وثاين الطرق الثالثة التي �سنربر بها وجهة النظر الكاثوليكية هو دح�ض‬
‫ﺸﺮ‬

‫�ضالالت ه�ؤالء الذين يوجهون خرائط الأبراج و�أولئك امل�شتغلني بالريا�ضيات الذين‬
‫يعبدون �إلهة احلظ‪ .‬عن �أولئك يقول القدي�س «�إيزيدور» �أن ه�ؤالء الذين يوجهون‬
‫ﻭ‬

‫خريطة الأبراج ُ�سموا بهذا من متابعتهم للنجوم عند ميالد امل�سيح‪ ،‬ويطلق عليهم‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ب�شكل العام «الريا�ضياتيني»‪ ،‬ويف نف�س الكتاب يف الف�صل الثاين‪ ،‬يقول �أن الآلهة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫«فورت�شون» �إلهة احلظ قد جاء ا�سمها من كلمة االتفاق‪ .‬وهي نوع من الإلهات الالئي‬
‫ي�ؤثرن يف الب�شر بطريقة ع�شوائية‪ ,‬وبالتايل فهي ت�سمى العمياء‪ ،‬حيث �أنها جتري هنا‬
‫وهناك بال اعتبار �إىل ال�صحراء‪ ،‬وت�أتي بدون حتيز للخري وال�شر‪ .‬ولكن �أن ن�ؤمن �أن‬
‫هناك �إلهة كهذه‪� ،‬أو �أن ن�ؤمن �أن الأذى احلا�صل للأج�سام واملخلوقات والذي نن�سبه‬
‫�إىل ال�ساحرة هو يف احلقيقة لي�س متعل ًقا بال�سحر بل متعلق ب�إلهة احلظ تلك‪ ،‬فهذه‬
‫وثنية مطلقة‪� .‬أي �شخ�ص ميكنه �أن يرجع �إىل كالم القدي�س « توما�س» يف الكتاب‬
‫الثالث من جملده ‪ Summa‬عن الإميان �ضد الوثنيني‪ .‬يف ال�س�ؤال ‪� ،87‬إلخ‪ .‬و�سيجد‬
‫كالما كث ًريا عن هذا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪48‬‬
‫ب�أي حال‪ ،‬ال يجب �أن ن�ستبعد �أية نقطة �أو نخت�صر‪ ،‬لأجل ه�ؤالء الذين لي�ست‬
‫لديهم كتب كثرية‪� .‬سنالحظ �أن هناك ثالثة �أ�شياء ميكن عدها يف الإن�سان يتم‬
‫توجيها بثالثة �أ�سباب �سماوية‪ ،‬الإرادة‪ ،‬والعقل‪ ،‬واجل�سم‪ .‬الأول َ‬
‫ي�سيطر عليه ب�شكل‬
‫ي�سيطر عليه من املالك‪ ،‬والثالث َ‬
‫ي�سيطر‬ ‫مبا�شر ومتفرد بوا�سطة الرب‪ ،‬والثاين َ‬
‫م�سيطر عليهم من الرب لأجل‬‫َ‬ ‫عليه من الأج�سام ال�سماوية‪ .‬لأن االختيار والإرادة‬
‫الأعمال اخلرية‪ ،‬كما تقول الكتب املقد�سة يف �سفر الأمثال احلادي والع�شرين‪« :‬قلب‬
‫امللك يف يد الرب كجدول مياه‪ ،‬حيثما �شاء مييله» ويقول «قلب امللك» ليدل على �أن‬
‫العظيم ال ميكنه �أن يخالف �إرادة الرب وبالتايل الآخرين ال ميكنهم‪ً � .‬‬
‫أي�ضا القدي�س‬
‫«باول» يقول «الرب الذي يجعلنا نتمنى ون�ؤدي هذا التمني»‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫‪e‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪49‬‬
‫السؤال ‪ .6‬ماذا عن الساحرات الالتي يضاجعن‬
‫الشياطين؟‬

‫ﻋﺼ‬
‫بالن�سبة لل�ساحرات الالتي ي�ضاجعن ال�شياطني‪ ..‬ملاذا تكون الن�ساء مدمنات‬
‫على اخلرافات ال�شريرة؟‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بالن�سبة لل�ساحرات الالتي ي�ضاجعن ال�شياطني‪ ،‬هناك �صعوبة يف فهم الطرق‬
‫ﻜﺘ‬
‫التي تتم بها هذه الفواح�ش‪ .‬بالن�سبة للجزء اخلا�ص بال�شيطان‪ً � :‬أول‪ ،‬من �أي عن�صر‬
‫يتكون ج�سد ال�شيطان؟ ثان ًيا‪ ،‬هل الفعل دائ ًما يتعلق بحقن املني الذي ح�صل عليه‬
‫ال�شيطان من �شخ�ص �آخر؟ ثال ًثا‪ ،‬بالن�سبة للوقت واملكان هل يرتكب هذا الفعل يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وقت معني �أكرث من وقت �آخر؟ راب ًعا‪ ،‬هل هذا الفعل غري مرئي لأي �شخ�ص واقف‬
‫بجوار ال�ساحرة؟‬
‫ﺸﺮ‬

‫وبالن�سبة للجزء اخلا�ص باملر�أة‪ ،‬يجب �أن نت�ساءل �إن كانت الن�ساء الالتي يتخيلن‬
‫ﻭ‬

‫�أنف�سهن يف هذا الو�ضع القذر هن الالتي يزورهن ال�شيطان عادة‪� ،‬أو ثان ًيا‪ ،‬هل هن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الالتي يتم وهبهن �إىل ال�شيطان بوا�سطة العامالت يف التوليد �أو املولدات �أثناء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫والدتهن؟ ثال ًثا هل هناك متعة جن�سية يف هذا الفعل؟‬


‫ولكننا ال ميكننا �أن نرد على كل تلك الأ�سئلة‪ ،‬لأننا مرتبطون الآن بدرا�سة عامة‪،‬‬
‫ولأنه يف اجلزء الثاين من هذا الكتاب �سيتم عر�ضهم كلهم ب�شكل منفرد يف الف�صل‬
‫الرابع‪ ،‬حيث �سيتم ذكر كل طريقة على حدة‪ .‬بالتايل‪ ،‬دعنا نتحدث الآن عن اجلزء‬
‫اخلا�ص باملر�أة‪ ،‬و� ًأول‪ ،‬ملاذا هذا النوع من اخليانة موجود �أكرث يف اجلن�س الأ�ضعف‬
‫�أكرث مما هو موجود يف الرجال؟ ثان ًيا‪ ،‬ما هو نوع املر�أة التي ت�صدق باخلرافات‬
‫وال�سحر؟ وثال ًثا‪ ،‬ما يتعلق باملولدات �أو العامالت بالتوليد‪ ،‬الالتي قد جتاوزن احلد‬
‫يف اخلباثة‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫ملاذا توجد اخلرافة ب�شكل �أ�سا�سي بني الن�ساء؟‬
‫بالن�سبة لل�س�ؤال الأول‪ ،‬ملاذا هناك عدد �أكرب من ال�ساحرات يف جن�س الن�ساء‬
‫ال�ضعيف �أكرث من الرجال‪ ،‬وهي حقيقة طب ًعا ال حتتاج �إىل معار�ضتها‪ ،‬حيث �أنها‬
‫مثبتة بالتجربة الفعلية‪ ،‬بعيدً ا عن �شهادة ال�شهود املوثوقني‪ .‬وبدون �أي انتقا�ص من‬
‫أ�شخا�صا‬
‫ً‬ ‫ذلك اجلن�س الأنثوي الذي ن�شره الرب املجيد يف الأر�ض‪ ،‬دعنا نقل �أن �‬
‫كثريين و�ضعوا عدة �أ�سباب لهذه احلقيقة‪ ،‬كلها تتفق على املبد�أ‪ .‬من �أجل ذلك من‬
‫الالزم �أن ُنحذر الن�ساء من هذا الأمر‪ ،‬ولقد مت الإثبات بالتجربة �أنهن يتحم�سن‬
‫ل�سماع هذا‪ ،‬طاملا قيل هذا لهن بنوع من التعقل‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫بع�ض الرجال املتعلمني اقرتحوا ال�سبب التايل‪� ،‬أن هناك ثالثة �أ�شياء يف‬
‫الطبيعة‪ ،‬الل�سان والكاهن واملر�أة‪ ،‬وهذه الأ�شياء الثالثة ال تعرف االعتدال يف اخلري‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أو يف الرذيلة‪ .‬فعندما ت�سيطر عليهم روح خرية‪ ،‬يكونون ممتازين يف الف�ضيلة‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وعندما ت�سيطر عليهم روح �شريرة‪ ،‬ينغم�سون يف �أ�سو�أ رذيلة ممكنة‪.‬‬
‫ب�سلطته دخلت معظم املمالك يف الإميان‬ ‫هذا وا�ضح يف حالة الل�سان‪ ،‬حيث �أنه ُ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بامل�سيح‪ ،‬والروح ال ُقد�س ظهر فوق حواريو امل�سيح يف �أل�سنة من نار‪ .‬وهناك مب�شرون‬
‫كان لديهم ما يبدو �أنه �أل�سنة كالب‪ ،‬يلعقون بها جراح وقروح «الزارو�س» امليت الذي‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أحياه امل�سيح مبعجزة‪ .‬كما قيل‪ :‬ب�أل�سنة الكالب حتفظون �أرواحكم من العدو‪.‬‬
‫لأجل هذا ال�سبب‪ ،‬مت متثيل القدي�س «دومينيك» �أبو تنظيم املب�شرين بتمثال كلب‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ينبح ب�شعلة يف فمه‪ ،‬وحتى الآن هو رمبا يردع بنباحه الذئاب املهرطقة من الو�صول‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إىل خراف امل�سيح‪.‬‬


‫أي�ضا �ش�أن يتعلق بالتجربة العامة �أن ل�سان رجل ح�صيف ميكن �أن يقهر‬ ‫�إنه � ً‬
‫حل�صفاء‪ ،‬يف �سفر الأمثال‬‫جدل جماعة‪ ،‬كما كان �سليمان ُيغني كث ًريا يف مدح ا ُ‬
‫ال�صدّيق ف�ضة خمتارة‪،‬‬ ‫العا�شر‪« :‬يف �شفتي العاقل توجد حكمة» و� ً‬
‫أي�ضا «ل�سان ِ‬
‫قلب الأ�شرار ك�شيء زهيد» و� ً‬
‫أي�ضا « �شفتا ال�صديق تهديان كثريين‪� ،‬أما الأغبياء‬
‫فيموتون من نق�ص الفهم»‪ .‬لأجل هذا ال�سبب ي�ضيف يف الف�صل ال�ساد�س ع�شر‪،‬‬
‫حت�ضري القلب يخت�ص به الإن�سان‪ ،‬ولكن �إجابة الل�سان هي من الرب‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫ولكن بالن�سبة لل�سان ال�شرير �ستجد يف كتاب �سرياخ الثامن والع�شرين‪ :‬الل�سان‬
‫الذي يغتاب ُيقلق الكثريين‪ ،‬ويحولهم من �أُمة �إىل �أُمة‪ُ :‬ي�سقط املدن القوية و ُيخرب‬
‫بيوت الرجال العظماء‪ .‬وملا يقول الكاتب الل�سان املغتاب فهو يعني الطرف الثالث‬
‫الذي يتدخل ب�سوء بني طرفني‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬بالن�سبة لل ُك ّهان‪� ،‬أو كما نقول رجال الدين واملتدينني من اجلن�سني‪،‬‬
‫يتحدث القدي�س «جون كري�سو�ستوم» عن الن�ص املقد�س‪ ،‬فامل�سيح قد طرد �أولئك‬
‫الذين يبيعون وي�شرتون من املعبد‪ .‬فمن الكهانة يخرج كل �شيء فيه خري‪ ،‬وكل �شيء‬
‫فيه �شر‪ .‬القدي�س «جريوم» يف ر�سالته الإجنيلية �إىل «نيبوتيان» يقول‪ :‬جتنب الكاهن‬

‫ﻋﺼ‬
‫املُتاجر كما تتجنب الطاعون‪ ،‬ذلك الذي ي�صعد من الفقر �إىل الغنى‪ ،‬من الأ�سفل‬
‫�إىل الأعلى‪ .‬و«برينارد» املبارك يف كتابه الثالث والع�شرين ‪Homily on Psalms‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يقول عن الكهان‪� :‬إذا كان ال�شخ�ص يريد �أن يبتدئ هرطقة‪ ،‬اطرده و�أخر�سه‪ ،‬و�إذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫كان عد ًوا عني ًفا‪ ،‬اجعل كل الرجال الطيبون يهربون منه‪ .‬ولكن كيف لنا �أن نعرف‬
‫من الذي نطرده ومن الذي نهرب منه؟ لأنهم يكونون ودودين وعدائيني ب�شكل يرث‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫االرتباك‪ ،‬م�ساملني وم�شاك�سني‪َ ،‬ح َ�سني اجلوار و�أنانيني‪.‬‬


‫ويف بع�ض الأماكن‪� :‬أ�صبح �أ�ساقفتنا حاملي رماح‪ ،‬و�أ�صبح الق�ساو�سة جزازين‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أعمال ُمهدة‬ ‫وبالأ�ساقفة هنا نعني �أولئك الفخورين ر�ؤ�ساء الدير الذين َيفر�ضون � ً‬
‫على من �أ�سفل منهم‪ ،‬ال يلم�سون منها �شي ًئا حتى ب�إ�صبعهم ال�صغري‪ .‬والقدي�س‬
‫ﻭ‬

‫«جريجوري» يقول عن الق�ساو�سة‪ :‬ال �أحد يفعل �أذى يف الكني�سة �أكرث من ذلك الذي‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ميتلك ا�سم القدا�سة‪ ،‬ويعي�ش يف اخلطية‪ ،‬لأنه ال �أحد يجر�ؤ على اتهامه باخلطية‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبالتايل تنت�شر اخلطية ب�شكل وا�سع‪ ،‬لأن �صاحب اخلطية مكرم لأجل القدا�سة‪.‬‬
‫أي�ضا حتدث عن الرهبان لـ «فن�سنت» امللقب بـ «دوناتي�ست»‪ .‬قال‬ ‫«�أوج�ستني» املبارك � ً‬
‫�أنا �أعرتف لك �أمام ال�سيد ربنا‪ ،‬الذي هو �شاهد على روحي منذ �أن بد�أت يف خدمة‬
‫الرب‪ ،‬ب�صعوبات �أواجهها يف حقيقة �أنه من امل�ستحيل �أن �أجد ً‬
‫رجال �أف�ضل �أو �أ�سو�أ‬
‫من �أولئك الذين يجلبون ال�شرف �أو يجلبون العار للأديرة‪.‬‬
‫خبث الن�ساء مت ذكره يف كتاب ال�سرياخ‪ .‬ال يوجد ر�أ�س �أعلى من ر�أ�س الأفعى‪،‬‬
‫وال غيظ �أعلى من غيظ املر�أة‪� .‬أنا �أُف�ضل �أن �أ�سكن مع تنني و�أ�سد عن �أن �أبقى يف‬
‫بيت واحد مع امر�أة خبيثة‪ .‬وهناك كالم كثري �سابق والحق يف الكتاب عن املر�أة‬
‫‪52‬‬
‫اخلبيثة‪ ،‬ثم ي�ستنتج ويقول‪ ،‬كل اخلبث �أ�صغر من خبث املر�أة‪ .‬لذلك يقول القدي�س‬
‫«جون» كري�سو�ستوم»‪ ،‬عن �آية «�إن كان هكذا �أمر الرجل مع املر�أة فال يوافق �أن‬
‫تتزوج» (�إجنيل متى ‪ :)19‬ماذا هي املر�أة غري �أنها عدو لل�صداقة‪ ،‬وعقاب ال مهرب‬
‫م ّلى‪ ،‬و�ضرر لذيذ‪،‬‬ ‫منه‪ ،‬و�شر �ضروري‪ ،‬و�إغواء طبيعي‪ ،‬وم�صيبة مرغوبة‪ ،‬وخطر ُ َ‬
‫�شريرة يف طبيعتها‪ ،‬ملونة ب�ألوان زاهية‪ ،‬لذلك �إذا كان من اخلطية �أن تطلقها‬
‫ووجب �أن ُتبقيها‪ ،‬فهذا تعذيب �ضروري‪ ،‬لأننا �إما �أن نرتكب الغ�ش ب�أن نطلقها �أو �أن‬
‫نتحمل الكفاح يوم ًّيا‪.‬‬
‫«�سريي�سو» يف كتابه الثاين ‪ The Rhetorics‬يقول‪ :‬ال�شهوات العديدة للرجال‬
‫ت�ؤدي بهم �إىل خطية واحدة‪ ،‬ولكن �شهوة الن�ساء ت�ؤدي بهن �إىل عمل كل اخلطايا‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأن �أ�صل كل رذائل الن�ساء هو اجل�شع‪ .‬ويقول «�سينكا» يف كتابه ‪ ،Tragedies‬املر�أة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�إما �أن حتب �أو �أن تكره‪ ،‬ال توجد حالة ثالثة‪ .‬ودموع املر�أة خدعة‪ ،‬لأنه ميكن �أن‬
‫تخرج من حزن حقيقي‪ ،‬وميكن �أن تكون كمي ًنا‪ .‬وعندما تفكر املر�أة وحدها‪ ،‬فهي‬
‫ﻜﺘ‬
‫تفكر بال�شر‪.‬‬
‫اخليات هناك مديح كثري‪ ،‬نقر�أ ً‬
‫مثل �أنهم ي�أتون بال�سعادة على‬ ‫وكذلك للن�ساء ِّ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مما‪ ،‬و�أرا�ضي و ُمد ًنا‪ ،‬كما هو وا�ضح يف حالة «جوديث»‬ ‫الرجال‪ ،‬و�أنهن قد �أنقذن �أُ ً‬
‫و«ديبورا» و«ا�ستري»‪ .‬انظر ر�سالة بول�س لأهل كورنثو�س ال�سابعة «واملر�أة التي لها‬
‫ﺸﺮ‬

‫رجل غري م�ؤمن‪ ،‬وهو يرت�ضي �أن ي�سكن معها‪ ،‬فال ترتكه‪ ،‬لأن الرجل غري‬
‫امل�ؤمن مقد�س يف املر�أة‪ ،‬واملر�أة غري امل�ؤمنة مقد�سة يف الرجل»‪ .‬ويف كتاب ال�سرياخ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال�ساد�س والع�شرين يقول‪ :‬مبارك هو الرجل الذي له زوجة فا�ضلة‪ ،‬لأن �أيامه يف‬
‫الدنيا �سي�شعر �أنها تت�ضاعف‪ .‬وخالل الف�صل هناك مدح كثري يتحدث به عن امتياز‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املر�أة اخلرية‪ ،‬كما يف الف�صل الأخري من �سفر الأمثال ملا حتدث عن املر�أة الفا�ضلة‪.‬‬
‫أي�ضا يف العهد اجلديد باعتبار الن�ساء والعذراوات‬ ‫وا�ضحا � ً‬
‫ً‬ ‫وكل هذا قد �أ�صبح‬
‫أمما وممالك �إىل االبتعاد عن‬ ‫والن�ساء املقد�سات الآتي عندهن �إميان �أو�صل � ً‬
‫عبادة الأوثان وحتولوا �إىل الدين امل�سيحي‪� .‬أي �شخ�ص ينظر �إىل «فين�سينت �أوف‬
‫بياوفاي�س» �سيجد �أ�شياء مده�شة عن حتول اليونان �إىل امل�سيحية بوا�سطة «جيليا»‬
‫امل�سيحية‪ ،‬وحتول الفرانك بوا�سطة «كلوتيلدا» زوجة «كلوفي�س»‪ .‬هذا موجود بني‬
‫العديد من الذم الذي نقر�ؤه يف حق الن�ساء‪ ،‬فكلمة ن�ساء هذه كانت تعني �شهوة‬

‫‪53‬‬
‫اللحم‪ .‬كما يقال‪ :‬لقد وجدت امر�أة �أكرث مرارة من املوت‪ ،‬وحتى املر�أة اخلرية‬
‫وجدتها خا�ضعة ل�شهوة اجل�سد‪.‬‬
‫�آخرين طرحوا � ً‬
‫أي�ضا �أ�سبا ًبا �أخرى عن �س�ؤال ملاذا هناك عدد �أكرث من الن�ساء‬
‫امل�ؤمنات باخلرافات عن الرجال‪ ،‬وال�سبب الأول منهم هو‪� ،‬أنهن �أكرث �سذاجة‪ ،‬ومبا‬
‫�أن الهدف الأ�سا�سي لل�شيطان هو �أن ُيلوث الإميان‪ ،‬بالتايل هو ُيف�ضل الهجوم عليهن‪.‬‬
‫انظر كتاب ال�سرياخ التا�سع ع�شر‪« :‬الذي ي�ؤمن بال�شيء ب�سرعة هو ذا عقل خفيف‪،‬‬
‫وال بد �أن يتم تقلي�ص حجمه»‪ .‬ال�سبب الثاين هو‪� ،‬أن الن�ساء هن ب�شكل طبيعي‬
‫�أكرث ح�سا�سية‪ ،‬و�أكرث ا�ستعدادًا لتقبل ت�أثري الأرواح‪ ،‬و�أنهن عندما ي�ستخدمن هذه‬
‫املزية ج ّيدً ا ي�صبحن خريات جدًّا‪ ،‬ولكن عندما ي�ستخدمنها بطريقة �سيئة ي�صبحن‬

‫ﻋﺼ‬
‫�شريرات‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�سبب الثالث �أنهن لديهن ل�سان زلق‪ ،‬وغري قادرات على �إخفاء �شيء عن الن�ساء‬
‫الأخريات‪ .‬انظر كتاب ال�سرياخ االقتبا�س يف الأعلى‪� .‬أنا �أف�ضل �أن �أ�سكن مع تنني‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�أ�سد عن �أن �أبقى يف بيت واحد مع امر�أة خبيثة‪ .‬كل اخلبث �أ�صغر من خبث املر�أة‪.‬‬
‫ون�ضيف على هذا �أنه لأنهن ح�سا�سات جدًّا‪ ،‬فهن يت�صرفن وف ًقا لذلك‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا �آخرون �أتوا ب�أ�سباب �أخرى‪ ،‬لكن يجب على املب�شرين �أن يكونوا‬ ‫هناك � ً‬
‫حذرين وهم ي�ستخدمونها‪ .‬لأنه يف العهد اجلديد‪ ،‬الكتب املقد�سة كان لديها الكثري‬
‫ﺸﺮ‬

‫من ال�شر لتقوله عن الن�ساء‪ ،‬وهذا منذ املُغوية الأوىل‪ ،‬حواء‪ ،‬و�ضعفها‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫يف العهد اجلديد جند �أن ا�سمها تغري من «�إيف» �إىل «�آيف» (كما قال القدي�س‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫«جريوم») وكل خطية حواء مت غفرانها بربكة «ماري»‪ .‬ولذلك فاملب�شرون ال بد �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يقولوا مديحا كث ًريا عن الن�ساء بقدر ما ميكنهم‪.‬‬


‫كثت بني الن�ساء �أكرث من‬ ‫ولكن لأنه يف تلك الأوقات‪ ،‬هذه اخليانة ال�شريرة ُ‬
‫الرجال‪ ،‬كما تعلمنا بالتجربة الفعلية‪ ،‬ف�إذا كان �أي �شخ�ص ف�ضويل ي�س�أل عن‬
‫ال�سبب‪ ،‬ميكننا �أن ن�ضيف عما مت قوله الآتي‪� :‬أنه حيث �أنهن �أ�ضعف يف العقل ويف‬
‫اجل�سد‪ ،‬فلي�س من املتعجب �أنهن ي�أتني حتت ت�أثري تعاويذ ال�سحر ب�سهولة‪.‬‬
‫لأنه بالن�سبة للعقل‪ ،‬وفهم الأ�شياء الروحية‪ ،‬فهن خمتلفات عن الرجال‪ ،‬هذه‬
‫حقيقة م�ضمونة باملنطق‪ ،‬مدعومة ب�أمثلة عديدة من الكتب املقد�سة‪ .‬يقول «تريان�س»‪:‬‬
‫الن�ساء لديهن عقلية الأطفال‪ .‬و«الكتانتيو�س» يقول يف كتاب ‪ Institutions‬الثالث‪،‬‬
‫‪54‬‬
‫ال توجد امر�أة تفهم الفل�سفة �إال «تيمي�ست»‪ .‬ويف �سفر الأمثال احلادي ع�شر ي�صف‬
‫املر�أة ويقول‪« ،‬املر�أة اجلميلة عدمية العقل خزامة ذهب يف �أنف خنزيرة»‬
‫ولكن ال�سبب الطبيعي هو �أنها �أكرث �شهوانية من الرجل‪ ،‬كما هو وا�ضح من‬
‫فواح�شها ال�شهوانية العديدة‪ .‬ويجب �أن نالحظ �أن هناك ً‬
‫خلل يف تكوين املر�أة‬
‫الأوىل‪ ،‬حيث �أنه مت خلقها من �ضلع �أعوج‪ ،‬الذي هو �ضلع من ال�صدر‪ ،‬وهو ُمعوج‬
‫وك�أنه يف اجتاه معاك�س للرجل‪ .‬وحيث �أن هذا اخللل موجود فيها فهي حيوان‬
‫غري مكتمل‪ ،‬وبالتايل فهي دائ ًما تعمل اخلداع‪ .‬يقول «كاتو»‪ :‬عندما تبكي امر�أة‬
‫أي�ضا‪ ،‬عندما تبكي امر�أة‪ ،‬فهي جتاهد لتخدع الرجل‪ .‬وهذا‬ ‫فهي تر�سم كمي ًنا‪ .‬و� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫وا�ضح يف زوجة «�شم�شون»‪ ،‬التي �أقنعته �أن يخربها بحل اللغز الذي طرحه على‬
‫الفل�سطينيني‪ ،‬وذهبت و�أخربت قومها باحلل‪ ،‬وبالتايل خدعته‪ .‬ووا�ضح �أنه يف حالة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املر�أة الأوىل حواء �أنه كان لديها �إميان �ضعيف‪ ،‬لأنه عندما �س�ألتها احلية ملاذا مل‬
‫ﻜﺘ‬
‫ت�أكال من كل �شجرة يف اجلنة‪� ،‬أجابت قائلة‪ :‬خ�شية �أن منوت بامل�صادفة‪ .‬وبالتايل‬
‫هي قد �أبانت �أن لديها �ش ًّكا يف كالم الرب‪ .‬وكل ذلك النق�ص يف الن�ساء ُي�ستدل‬
‫من �أ�صل ا�سم جن�سهن‪ ،‬فكلمة ‪� Femina‬أو الن�سائي �آتية من ‪ Fa‬و‪ Minus‬وتعني‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الناق�ص‪ ،‬وذلك لأنهن دائ ًما �أ�ضعف يف حفاظهن على الإميان‪ ،‬برغم �أنه بف�ضل‬
‫نعمة الرب وبالتقدي�س‪ ،‬ما نق�ص الإميان قط يف «ماري» العذراء املقد�سة‪ ،‬حتى يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫وقت �آالم امل�سيح ملا َق َّل الإميان يف قلوب الرجال‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫بالتايل ن�ستنتج �أن املر�أة اخلبيثة هي بالفطرة �أ�سرع يف اهتزاز �إميانها‪ ،‬وبناء‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫على ذلك فهي �أ�سرع يف �إنكار �إميانها‪ ،‬ومن هنا خرجت ِجذرة ال�سحر‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبالن�سبة لقدراتها العقلية‪� ،‬أو لنقل مزاجها الفطري‪ ،‬فعندما تكره املر�أة‬
‫ل كل روحها‪ ،‬مثل مياه املد‬ ‫�شخ�صا �أحبته من قبل‪ ،‬فهي تغلي بغ�ضب ونفاد �صرب مي أ‬
‫ً‬
‫واجلزر على ال�شاطئ والتي تبدو ك�أنها تغلي‪ .‬وقال «�سينكا» يف كتابه ‪Tragedies‬‬
‫الثامن‪ :‬ال قوة لهيب وال كثافة رياح‪ ،‬وال �سالح قاتل‪ ،‬ميكن �أن تخاف منه �أكرث من‬
‫خوفك من �شهوة وكراهية امر�أة مت تطليقها من على �سرير الزوجية‪.‬‬
‫هذا يت�ضح � ً‬
‫أي�ضا يف الن�ساء الالتي اتهمن يو�سف ظل ًما‪ ،‬وت�سبنب يف �سجنه لأنه‬
‫مل يوافق على ارتكاب جرمية الزنا معهن (�سفر التكوين الثالثون)‪ .‬وح ًّقا‪� ،‬أقوى‬
‫‪55‬‬
‫�سبب ي�ساهم يف �إكثار عدد ال�ساحرات هو الغرية املُحزنة يف الن�ساء غري املتزوجات‬
‫واملتزوجات‪.‬‬
‫وهذا موجود حتى عند الن�ساء املقد�سات‪ ،‬فما بالك بالأخريات؟ كما نرى يف‬
‫�سفر التكوين احلادي والع�شرين كيف �أن �سارة مل تكن �صبو ًرا وكانت ح�سودًا لهاجر‪.‬‬
‫وكيف كانت را�شيل غيو ًرا من ليا لأنها مل ُترزق ب�أطفال (�سفر التكوين الثالثون)‪.‬‬
‫قاحل (�سفر امللوك الأول)‪ .‬وكيف �أن مرمي يف �سفر العدد‬ ‫وهانا التي �صار زرعها ً‬
‫جلذام‪ ،‬وكيف‬ ‫الثاين ع�شر غ�ضبت وحتدثت بال�سوء على مو�سى‪ ،‬وبالتايل عوقبت با ُ‬
‫كانت «مارثا» غيورة من «ماري ماجدالني» لأنها كانت م�شغولة بينما كانت ماري‬
‫جال�سة (القدي�س لوقا العا�شر)‪ .‬عن هذه النقطة ذكر كتاب ال�سرياخ ال�سابع‬

‫ﻋﺼ‬
‫والثالثني‪ :‬ال ت�ست�شر امر�أة �أثناء غريتها‪ .‬وهذا يعني �أنه ال فائدة من �أن ت�ست�شريها‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف �أي وقت لأنها دائ ًما يف حالة غرية‪ ،‬وهذه هي الغرية يف املر�أة اخلبيثة‪ .‬و�إذا كانت‬
‫الن�ساء يعاملن بع�ضهن هكذا‪ ،‬فماذا ميكنهن �أن يفعلن مع الرجال؟‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪56‬‬
‫السؤال ‪ .7‬هل يمكن للساحرات أن ي ُميلن عقول‬
‫الرجال للحب أو للكره؟‬

‫ُ�سئلنا هل ميكن لل�شياطني مب�ساعدة ال�ساحرات �أن ُي َغرين �أو يحر�ضن عقول‬
‫الرجال �إىل احلب املفرط �أو ال ُكره‪ ،‬ولقد قيل �أنه ال ميكنهن فعل هذا‪ .‬لأن هناك‬

‫ﻋﺼ‬
‫ثالثة �أمور يف الرجال‪ ،‬الرغبة والفهم واجل�سد‪ .‬الأوىل حمكومة بالرب والثاين‬
‫حمكوم باملالك والثالث حمكوم بحركة النجوم‪ .‬ومبا �أن ال�شياطني ال ميكنهم �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ي�ؤثروا على اجل�سد‪ ،‬فال ميكنهم �أن ي�ؤثروا على حتري�ض الروح التي فيه بحب �أو‬
‫ﻜﺘ‬
‫بكره‪ .‬النتيجة وا�ضحة‪� ،‬أنه رغم �أن ال�شياطني لديهم القدرة اجل�سدية �أكرب من‬
‫القدرة الروحية‪� ،‬إال �أنه ال ميكنهم التغيري يف الأج�سام‪ .‬لأنه ال ميكنهم �إحداث‬
‫�أي �شكل ع�شوائي �أو حقيقي‪ .‬وقد قيل‪� ،‬أن من ي�ؤمن �أن �أي خملوق ميكن �أن يتغري‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ �أو ميكن �أن يتحول بال�سحر �إىل خملوق �آخر من‬
‫نوع �آخر �أو نوع م�شابه‪ ،‬بدون تدخل من الرب خالق كل �شيء‪ ،‬هو �أ�سو�أ من املهرطق‬
‫ﺸﺮ‬

‫ومن الوثني‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫احلب �أو الكره‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫ف�إذا كان ال�شيطان ي�ستطيع �أن ُي َغري عقول الرجال �إىل‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا �أن يرى الأفكار الداخلية للقلب‪ ،‬ولكن هذا يعار�ض ما قيل يف كتاب‬ ‫�سيمكنه � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪ :Ecclesiastic Dogma‬ال�شيطان ال ميكن �أن يرى �أفكارنا الداخلية‪ .‬وقيل يف‬


‫الكتاب نف�سه � ً‬
‫أي�ضا‪ :‬لي�ست كل �أفكارنا ال�شريرة �آتية من ال�شيطان‪ ،‬ولكنها ت�أتي يف‬
‫بع�ض الأحيان من اختيارنا‪.‬‬
‫أي�ضا قيل‪� ،‬أن احلب والكره �شيء يتعلق بالرغبة‪ ،‬والرغبة جذورها يف الروح‪،‬‬‫� ً‬
‫وال�شياطني ال ميكنهم ب�أي براعة ميلكونها �أن ي�ؤثروا على الرغبة‪ .‬ون�ستنتج �أن‬
‫الوحيد الذي له قدرة على الدخول يف الروح والت�أثري فيها هو خالقها (كما يقول‬
‫القدي�س �أوج�ستني)‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬لي�س من ال�صحيح �أن نقول �أن ال�شيطان كما ي�ستطيع �أن ي�ؤثر على‬ ‫� ً‬
‫امل�شاعر‪ ،‬فيمكنه بالتايل �أن يتحكم بالرغبة‪ .‬لأن امل�شاعر �أقوى من القوة اجل�سدية‬
‫نف�سها‪ ،‬وال�شيطان ال ميكنه �أن ي�ؤثر يف اللحم والدم بطريقة مادية‪ ،‬وبالتايل ال‬
‫ميكنه �أن ي�ؤثر يف امل�شاعر‪.‬‬
‫و�ضد هذا‪ .‬يقال �أن ال�شيطان ميكن �أن يغوي الرجال لي�س فقط بطريقة مرئية‬
‫�صحيحا �إال �إذا كان قاد ًرا على عمل �شيء‬
‫ً‬ ‫بل بطريقة غري مرئية‪ ،‬ولكن هذا لن يكون‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقول القدي�س «جون داما�سني»‪ :‬كل ال�شر‬ ‫من الت�أثري على العقل الداخلي‪ً � .‬‬
‫والقذارة من ابتداع ال�شيطان‪ .‬ويقول «ديوني�سيو�س» يف كتابه ‪de Divine Nom‬‬
‫الرابع‪ :‬كرثة ال�شياطني هي ال�سبب يف كل ال�شر‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫الإجابة‪ً � .‬أول‪� ،‬س ُنفرق بني الأ�سباب وبني بع�ضها‪ ،‬ثان ًيا �سنو�ضح كيف �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شيطان ميكنه �أن ي�ؤثر على القدرة الداخلية للعقل‪ ،‬التي هي امل�شاعر‪ ،‬وثال ًثا‪،‬‬
‫ا�ستنتاجا الئ ًقا بعد هذا كله‪ .‬وبالن�سبة ل ًأول‪ ،‬يجب �أن ن�ضع يف االعتبار‬
‫ﻜﺘ‬
‫ً‬ ‫�سرن�سم‬
‫�أن �سبب حدوث �أي �شيء ميكن �أن يكون بطريقتني‪� ،‬سبب مبا�شر �أو غري مبا�شر‪.‬‬
‫فعندما يرتك �شيء ما �أث ًرا ي�ؤدي �إىل ت�أثري ما‪ ،‬يقال �أن هذا �سبب غري مبا�شر‪ .‬بهذه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الطريقة ميكن �أن نقول �أن ذلك الرجل الذي يقطع الأ�شجار هو املت�سبب يف وجود‬
‫النار‪ .‬وبنف�س الطريقة ميكن �أن نقول �أن ال�شيطان هو ال�سبب يف كل خطايانا لأنه‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أغوى �أول �إن�سان عمل اخلطية‪ ،‬والذي و َّر َث خطيته من بعده �إىل اجلن�س الب�شري كله‬
‫الذي كان عنده ميل ناحية اخلطية‪ .‬وبهذه الطريقة ميكن �أن نفهم كلمات القدي�س‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫«جون داما�سني» و«ديوني�سيوي» �أعاله‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن ال�سبب املبا�شر يعني �أن ال�شيء ي�سبب الت�أثري مبا�شرة‪ ،‬بهذا املعنى‬
‫فال�شيطان لي�س هو �سبب كل خطية‪ .‬لأن لي�ست كل اخلطايا يتم عملها بتحري�ض‬
‫من ال�شيطان بل �إن بع�ضها يكون باختيارنا اخلا�ص‪ .‬لأن «�أوريجن» يقول‪ :‬حتى لو‬
‫غاب ال�شيطان‪ ،‬فالإن�سان �سيظل ي�شتهي الطعام واجلماع والأمور امل�شابهة‪ .‬وهذه‬
‫ال�شهوات جاحمة �إال �إذا مت كبحها‪ .‬وكبح �شهوة جاحمة هو �شيء يتعلق بالإرادة‬
‫احلرة‪ ،‬وتلك لي�س لل�شيطان حتكم بها‪.‬‬
‫ولأن هذا التفريق لي�س كاف ًيا لن�شرح كيف �أن ال�شيطان ميكنه يف �أوقات �أن يثري‬
‫حمموما باحلب‪ ،‬يجب �أن نالحظ �أنه رغم �أن ال�شيطان ال ميكنه‬‫ً‬ ‫يف الإن�سان افتتا ًنا‬
‫‪58‬‬
‫�أن ُي�سبب احلب اجلامح بالفر�ض املبا�شر على �إرادة الرجل احلرة‪ ،‬لكنه ي�ستطيع �أن‬
‫يفعل ذلك بطريقة الإقناع‪ .‬وهذا الإقناع يكون بطريقتني‪� ،‬إما طريقة مرئية �أو غري‬
‫مرئية‪ .‬الطريقة املرئية مثلما يظهر ال�شيطان لل�ساحرات يف هيئة رجل‪ ،‬ويتحدث‬
‫�إليهن ب�شكل مادي‪ ،‬ويقنعهن باخلطية‪ .‬وهكذا �أغوى �آباءنا يف اجلنة يف هيئة �أفعى‪،‬‬
‫وكذلك �أغوى امل�سيح يف الربية ملا ظهر له يف هيئة مرئية‪.‬‬
‫ولكن ال يجب �أن ُيعتقد �أن هذه هي الطريق الوحيدة للت�أثري على الإن�سان‪ ،‬لأنه‬
‫يف هذه احلالة ال خطية �ستنتج من �إيعاز ال�شيطان �إال تلك املوعزة منه يف هيئة‬
‫مرئية‪ .‬وبالتايل ال بد �أن نقول �أن الطريقة غري املرئية � ً‬
‫أي�ضا ت�ؤدي بالإن�سان �إىل‬
‫اخلطية‪ .‬وهي حت�صل بطريقتني‪� ،‬إما بالإقناع �أو بتغيري املزاج‪ .‬بالإقناع‪ ،‬يعني هو‬

‫ﻋﺼ‬
‫يقدم �شي ًئا �سي ًئا ليفهمه الإن�سان على �أنه �شيء جيد‪ .‬وميكنه �أن يفعل ذلك بثالث‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫طرق‪� ،‬أن يقدم هذا ال�شيء للعقل‪� ،‬أو للح�س الداخلي �أو للح�س اخلارجي‪ .‬بالن�سبة‬
‫للعقل‪ ،‬فعقل الإن�سان ميكن �أن تتم م�ساعدته بوا�سطة املالك ليفهم ال�شيء بطريقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫تدعى التنوير �أما ال�شيطان فيمكنه �أن ي�ؤثر بطريقة ما على العقل بعملية �أخرى‬
‫ُتدعى �إلهام‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ميكن �أن يقال �أن ال�شيطان يقدر �أن ي�صنع ذلك الإلهام بقدرته الطبيعية‪،‬‬
‫التي هي لي�ست قليلة‪ .‬وميكن �أن يقال �أنه ال ي�ستطيع �أن يعمل بطريقة التنوير‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن بطريقة بالإقناع‪ .‬لأن عقل الإن�سان له حالة جتعله كلما مت تنويره �أكرث‪ ،‬عرف‬
‫احلقيقة‪ ،‬وا�ستطاع �أن يدافع عن نف�سه �أكرث �ضد اخلداع‪ .‬ولأن ال�شيطان يريد �أن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يجعل خداعه باق ًيا يف الإن�سان‪ ،‬فال يوجد �إقناع ي�ستخدمه ميكن �أن ن�سميه تنوي ًرا‪،‬‬
‫إلهاما‪ ،‬وهذا هو الذي ي�ستخدمه ال�شيطان بطريقة غري مرئية‬ ‫لكن ميكن �أن ن�سميه � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫للإقناع‪ ،‬وذلك يح�صل ب�أن �أن يزرع ال�شيطان �شي ًئا يف ِّ‬
‫احل�س الداخلي �أو اخلارجي‪.‬‬
‫وبهذا املنطق يقتنع العقل ب�أن يعمل ً‬
‫فعل معي ًنا‪.‬‬
‫بالن�سبة لكيفية َ َت ُكن ال�شيطان من الت�أثري يف احل�س الداخلي‪ ،‬ال بد �أن نذكر‬
‫�أن طبيعة اجل�سم مولودة فطر ًيا لتتغري �إما مو�ضع ًيا �أو روح ًيا‪ ،‬وهذا وا�ضح يف حالة‬
‫�أج�سامنا التي حتركها الأرواح وكذلك يف حالة النجوم‪ .‬ولكن اجل�سم لي�س متكي ًفا‬
‫بالفطرة ليت�أثر مبا�شرة بالت�أثريات اخلارجية التي لي�س هو على علم بها‪ .‬بالتايل‬
‫وجود ج�سم مادي هو �شيء �ضروري‪ ،‬كما مت �إثباته يف الكتاب ال�سابع من جملد‬

‫‪59‬‬
‫‪ .Metaphysics‬املادة اجل�سدية تخ�ضع طبيع ًيا ملالك اخلري �أو ال�شر باحلركة‬
‫املو�ضعية‪ .‬وتب ًعا لهذا ي�ستطيع ال�شيطان �أن يجمع املني بوا�سطة التحكم بامل�شاعر‪،‬‬
‫ويوظف ذلك يف احل�صول على نتائج مبهرة‪ .‬هكذا ح�صل عندما �أخرج �سحرة‬
‫الفرعون حيات وحيوانات حقيقية‪ ،‬ملا ُجمعت العوامل الفعالة وغري الفعالة م ًعا‪.‬‬
‫وبالتايل ال يوجد �شيء مينع ال�شياطني من �أن ت�ؤثر يف �أي �شيء يخت�ص باحلركة‬
‫املو�ضعية للج�سد املادي �إال �إذا منع الرب ذلك‪.‬‬
‫والآن لنخترب كيف �أن ال�شيطان ميكنه باحلركة املو�ضعية �أن ي�ستفز النزوة‬
‫والإدراك احل�سي الداخلي للإن�سان بال ظهورات وبالإلهام فقط‪ .‬نالحظ �أن �أر�سطو‬
‫يف كتابه ‪ De Somno et Uigilia‬يحدد �أن �سبب الظهورات يف الأحالم هو �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫احليوان عندما ينام يتدفق الدم �إىل �أعمق مكان للح�س فيه‪ ،‬وهذا املكان تنحدر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫منه امل�شاعر واالنطباعات التي تبقى يف الذهن مثل االنطباعات املا�ضية الباقية‪،‬‬
‫وهذه ما ندعوها خياالت �أو نزوات‪ ،‬وهما نف�س ال�شيء وف ًقا لر�أي القدي�س «توما�س»‬
‫ﻜﺘ‬
‫كما �سيتم �إي�ضاحه‪.‬‬
‫اخلياالت والنزاوت يخرجان من خزينة الأفكار املتلقاة عرب احلوا�س‪ .‬وبهذا‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يحدث �أن ال�شيطان يثري الإدراك الداخلي‪ ،‬فتظهر ال�صور املحفوظة التي تبدو ك�أنها‬
‫انطباع جديد داخلي بينما هي قد مت تلقيها من �شيء خارجي هو ال�شيطان‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫احلقيقة �أن هذا ال يوافق عليه اجلميع‪ ،‬ولكن �إذا ف ّكر �أي �أحد �أن َي�شغل نف�سه‬
‫ﻭ‬

‫بهذا ال�س�ؤال‪ ،‬ال بد �أن ي�ضع يف اعتباره عدد احلوا�س الداخلية‪ ،‬فوف ًقا ملا قاله ابن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�سينا يف كتابه ‪ ،On the Mind‬فهي خم�س‪ ،‬حتديدً ا احل�س العام‪ ،‬النزوة‪ ،‬اخليال‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الفكر‪ ،‬والذاكرة‪ .‬ولكن القدي�س توما�س يف اجلزء الأول من ال�س�ؤال ‪ 79‬يقول �أنهن‬
‫�أربع فقط‪ ،‬لأن النزوة واخليال هما �شيء واحد‪ .‬وب�سبب خويف من الإطالة حذفت‬
‫كث ًريا مما قيل عن هذا املو�ضوع‪.‬‬
‫فقط يجب �أن نقول‪� ،‬أن النزوة تخرج من خزينة الأفكار‪ ،‬ولكن الذاكرة يبدو‬
‫�أنها �شيء خمتلف‪ .‬لأن النزوة تخرج من خزينة �أو م�ستودع الأفكار املتلقاة عرب‬
‫احلوا�س‪ ،‬ولكن الذاكرة تخرج من خزينة الغرائز التي ال يتم تلقيها عرب احلوا�س‪.‬‬
‫لأنه عندما يرى الإن�سان ذئ ًبا‪ ،‬فهو يهرب لأن الذئب عدو طبيعي‪ .‬وهو يعلم هذا‬
‫بالغريزة التي هي خمتلفة عن الفكر الذي يعرف �أن الذئب كائن عدائي‪ ،‬والكلب‬
‫‪60‬‬
‫كائن �أليف‪ .‬وم�ستودع هذه الغرائز هي الذاكرة‪ .‬والتلقي واال�ستبقاء هما �شيئان‬
‫خمتلفان يف طبيعة احليوان‪ ،‬لأن �أ�صحاب املزاج الرطب يتلقون ب�سهولة‪ ،‬ولكن‬
‫ُيبقون على الأ�شياء يف داخلهم ب�صعوبة‪ ،‬والعك�س بالن�سبة له�ؤالء الذين لديهم مزاج‬
‫جاف‪.‬‬
‫للعودة �إىل ال�س�ؤال‪ .‬الظهورات التي ت�أتي يف الأحالم للنائمني تكون من �أفكار‬
‫باقية يف م�ستودع عقولهم‪ ،‬عرب احلركة الطبيعية جلريان الدم �إىل �أول و�أعمق مقر‬
‫للح�س‪ ،‬ونحن نتحدث هنا عن احلركة املو�ضعية الغرائزية يف الر�أ�س ويف خاليا‬
‫الدماغ‪.‬‬
‫وهذه ميكن �أن تت�أثر عرب حركة مو�ضعية م�صنوعة بوا�سطة ال�شيطان‪ً � .‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا‬
‫أي�ضا للم�ستيقظني‪ .‬وهنا � ً‬
‫أي�ضا‬ ‫هذه الأ�شياء ال حتدث فقط للنائمني‪ ،‬ولكن حتدث � ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شيطان ُيثري وي�ستفز احلوا�س الداخلية واملزاج‪ ،‬فالأفكار الباقية يف م�ستودعات‬
‫عقولهم يتم ر�سمها وتظهر للخيال‪ ،‬لهذا يتخيل ه�ؤالء النا�س �أن هذه الأ�شياء‬
‫ﻜﺘ‬
‫حقيقية‪ .‬وهذا ما يدعى الإغواء الداخلي‪.‬‬
‫وال عجب �أن ال�شيطان ميكنه �أن يفعل هذا بقدرته الطبيعية‪ ،‬لأن �أي �إن�سان كونه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫واع ًيا وقاد ًرا على ا�ستخدام املنطق‪ ،‬ميكن �أن ير�سم يف ذهنه من م�ستودعاته ال�صور‬
‫الباقية بداخله‪ ،‬يعني ي�ستطيع �أن يتطوع وي�ستدعي �أي �صور �أو �أ�شياء يريدها‪ .‬وهذا‬
‫ﺸﺮ‬

‫ميكن �أن ُيفهمنا ب�سهولة كيف يحدث االفتتان املفرط يف احلب‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫الآن هناك طريقتان ميكن لل�شياطني �أن ُتربز هذا النوع من ال�صور الداخلية‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف بع�ض الأحيان هم يعملون بدون تقييد املنطق الب�شري‪ ،‬كما قلنا يف �أمر الإغواء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ويف مثال اخليال التطوعي‪ .‬ولكن يف بع�ض الأ�شخا�ص يكون ا�ستخدام املنطق‬
‫متاما‪ ،‬وهذا ميكن �أن ُنثل له ببع�ض الأ�شخا�ص املختلني عقليا‪ ،‬وباملجانني‬‫مقيدً ا ً‬
‫وال�سكارى‪.‬‬
‫بالتايل ال عجب �أن ال�شيطان ميكنه ب�إذن من الرب �أن يقيد املنطق‪ ،‬وه�ؤالء‬
‫الرجال ي�سمون الهذيانيون‪ ،‬لأن حوا�سهم مت اختطافها بوا�سطة ال�شيطان‪.‬‬
‫وال�شياطني يفعلون هذا بطريقتني‪� ،‬إما مب�ساعدة ال�ساحرات �أو بدون م�ساعدتهن‪.‬‬
‫لأن �أر�سطو يف الكتاب الذي اقتب�سنا منه قال �أن �أي �شخ�ص يعي�ش بعاطفته ميكن‬
‫مثل ب�إبعاده عن حبيبه‪ ،‬ونف�س ال�شيء ينطبق‬ ‫التحكم فيه ب�شيء ب�سيط‪ ،‬العا�شق ً‬
‫‪61‬‬
‫على الكاره‪ .‬بالتايل ال�شياطني قد تعلموا من �أفعال الإن�سان ما هي امل�شاعر التي‬
‫ي�ستهدفونها‪ ،‬ويحر�ضونها للو�صول �إىل هذا الع�شق املتطرف �أو الكره‪ ،‬في�ؤثرون‬
‫ب�أغرا�ضهم على خياالت الرجال بطريقة قوية وم�ؤثرة‪ .‬ومن ال�سهل على العا�شق �أن‬
‫ي�ستح�ضر �صورة الع�شيق يف ذاكرته‪ ،‬و ُيبقيها با�ستمتاع يف �أفكاره‪.‬‬
‫عندما تفعل ال�ساحرات هذه الأ�شياء‪ ،‬يفعلنها بالعهد الذي �أدخلوا �أنف�سهن فيه‬
‫مع ال�شيطان‪ .‬ولكن من امل�ستحيل معاجلة هذه امل�سائل بالتف�صيل‪ ،‬ب�سبب العدد‬
‫الكثري من الأمثلة املتداولة بني رجال الدين والرجال العاديني‪ .‬وكم من زان ترك‬
‫زوجته اجلميلة لأجل �شهوة المر�أة حقرية �ساحرة‪.‬‬
‫نحن نعرف امر�أة عجو ًزا‪ ،‬والتي هي طبقا لكالم الإخوة يف الدير وحتى هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫اليوم‪ ،‬لي�ست فقط �سحرت ثالثة رجال دين متتابعني‪ ،‬لكنها قتلتهم‪ ،‬وبنف�س‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الطريقة �أودت بالرابع �إىل اجلنون‪ .‬ولقد اعرتفت بنف�سها عالنية‪ ،‬ومل تكن خائفة‬
‫من �أن تقول‪� :‬أنا فعلت كذا وكذا‪ ،‬وهم مل يقدروا �أن يتوقفوا عن حبي لأنهم قد �أكلوا‬
‫ﻜﺘ‬
‫كمية كبرية من الروث الذي ح�ضرته لهم‪ ،‬وكانت ت�شري بيدها مقدار ذراعها‪ .‬وحيث‬
‫�أنه لي�ست لدينا ق�ضية لرفعها عليها وال لإح�ضارها �إىل املحكمة‪ ،‬فقد جنت حتى هذا‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫اليوم‪.‬‬
‫قلنا �أن ال�شيطان ي�سحر ال�شخ�ص ب�شكل غري مرئي ويلهمه لعمل اخلطيئة‪ ،‬لي�س‬
‫ﺸﺮ‬

‫فقط بطريقة الإقناع‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬ولكن � ً‬


‫أي�ضا بطريقة الت�أثري يف املزاج‪ ،‬ويقال �أنه‬
‫بتحذير الرجال من التغري يف املزاج‪ ،‬فهذا يحفظهم ويجعلهم هذا �أكرث �سيطرة على‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الغ�ضب‪ ،‬وال�شهوة اجلن�سية وامل�شاعر الأخرى‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫لأنه من الوا�ضح �أن الإن�سان الذي له ج�سد ميال لالنحراف يكون ُم ً‬


‫عر�ضا لل�شهوة‬
‫والغ�ضب ومثل هذه امل�شاعر‪ ،‬وعندما ُتثار م�شاعر هذا ال�شخ�ص بوا�سطة ال�شياطني‪،‬‬
‫يكون �أكرث عر�ضة للت�أثر من غريه‪ .‬فال بد �أن ُنحذر النا�س ب�شكل علني من هذا‪ .‬ويف‬
‫اجلزء الثاين من هذا الكتاب �سنتحدث عن العالجات التي ميكن للرجل امل�سحور‬
‫�أن ي�ستخدمها ليتحرر من �سحره‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫‪62‬‬
‫السؤال ‪ .8‬هل يمكن للساحرات أن ي ُعطلوا القدرة‬
‫على اإلنجاب ؟‬

‫املوم�سات الزواين والعاهرات ي�ست�سلمن لل�سحر ب�سبب التعاويذ التي ُتطلقها‬


‫ال�ساحرة ملنع الإجناب‪ .‬ولأجل �أن تت�ضح احلقيقة اكرث‪� ،‬سن�ضع يف االعتبار �أقوال‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أولئك الذين يعار�ضون ر�أينا يف هذه امل�س�ألة‪ً � .‬أول يقولون �أن هذا النوع من ال�سحر‬
‫لي�س ممكنا‪ ،‬لأنه �إن كان حقيق ًّيا ف�إنه �سي�ؤثر بالت�ساوي على كل املتزوجني‪ ،‬و�إذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�صدقنا هذا‪ ،‬بالتايل فالنكاح هو عمل من عند الرب وال�سحر من عند ال�شيطان‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫عندها �سي�صبح عمل ال�شيطان �أقوى من عمل الرب‪.‬‬
‫ولكن �إذا كان هذا ي�ؤثر فقط يف الزناة وغري املتزوجني‪ ،‬فهذا ي�ستدعي العودة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أ�صل �إال يف خميلة النا�س ‪-‬وهذا‬‫�إىل الر�أي الذي يقول �أن ال�سحر لي�س موجودًا � ً‬
‫متت الإجابة عنه يف ال�س�ؤال الأول‪ -‬و�إال فهناك بع�ض املنطق يف �أن ن�س�أل ملاذا يجب‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن ي�ؤثر هذا ال�سحر يف غري املتزوجني ولي�س يف املتزوجني‪ ،‬واملنطق الوحيد الذي‬
‫نعرفه هو �أن النكاح من عند الرب‪ .‬وحيث �أنه طب ًقا لكالم الالهوتيون‪ ،‬هذا املنطق‬
‫ﻭ‬

‫�صحيحا‪� ،‬ستبقى احلجة التي تقول �أن هذا يجعل قدرة ال�شيطان �أعلى من قوة‬ ‫ً‬ ‫لي�س‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الرب‪ ،‬وحيث �أنه ال ي�صح �أن نقول هذا‪ ،‬ف� ً‬


‫أي�ضا مما ال ي�صح هو �أن ن�ؤمن �أن العمل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫التنا�سلي ميكن تعطيله ب�أعمال ال�سحر‪.‬‬


‫أي�ضا‪ ،‬ال�شيطان ال ميكنه �أن يعرقل الأفعال الطبيعية الأخرى‪ ،‬مثل الأكل وامل�شي‬‫� ً‬
‫والوقوف‪ ،‬ووا�ضح �أنه �إن كان يقدر ف�سيمكنه �أن يدمر العامل كله‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬مبا �أن العمل التنا�سلي هو �شيء عام عند كل الن�ساء‪ ،‬ف�إن كان ال�شيطان‬ ‫� ً‬
‫قاد ًرا على عرقلته �سينطبق هذا على كل الن�ساء‪ ،‬و�إذا مل يكن ذلك كذلك‪ ،‬فبالتايل‬
‫ال ميكن لل�شيطان �أن يعرقل �شي ًئا من هذا‪ .‬واحلقائق تثبت �أنه ال يقدر‪ ،‬لأنه عندما‬
‫يقول الرجل �أنه قد مت �سحره فال يقدر على جماع فالنة‪ ،‬فهو يظل رغم ذلك قاد ًرا‬
‫على جماع الن�ساء الأخريات‪ ،‬وال�سبب املنطقي لهذا هو �أن هذا ال�شخ�ص فقط ال‬
‫‪63‬‬
‫يرغب يف جماع فالنة‪ .‬وبالتايل ن�ستنتج من كل هذا �أنه ال ميكن لل�شيطان �أن ي�ؤثر يف‬
‫�أي �شيء مادي مثل الإجناب‪.‬‬
‫على العك�س‪ ،‬جاءت احلقيقة يف ذلك الف�صل من كتاب ‪ Decretals‬حيث جاء‬
‫فيه‪ :‬كل الالهوتيون والقانونيون تعاملوا مع حاالت ح�صلت فيها عرقلة للزواج‬
‫بوا�سطة ال�سحر‪.‬‬
‫هناك حجة �أخرى ترد على هذا‪ ،‬هي‪ ،‬مبا �أن ال�شيطان �أقوى من الإن�سان‪،‬‬
‫والإن�سان ال ميكنه �أن يعرقل الإجناب ب�أي طريقة با�ستخدام �أع�شاب ً‬
‫مثل �أو �أي‬
‫�شيء �آخر‪ ،‬بالتايل فال�شيطان ميكنه �أن يفعل هذا‪ ،‬لأن لديه عل ًما �أعلى من علم‬

‫ﻋﺼ‬
‫الإن�سان ودهاء �أعظم من الإن�سان‪.‬‬
‫الإجابة‪ .‬احلقيقة متتلك ما يكفي من الدالئل عليها‪ ،‬وذلك رغم �أن طريقة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عرقلة الإجناب مل تتبني ب�شكل حمدد‪ .‬ولقد مت �إثبات �أن ال�سحر موجود ح ًّقا ولي�س‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف خيال النا�س كما يقال وذلك مبالحظة عدد كبري من حاالت ال�سحر التي حدثت‬
‫فعال ب�أمر الرب‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هنا ال بد �أن نو�ضح �أن الرب ي�سمح بهذا ال�شر يف حاالت الإجناب هذه‪� ،‬أكرث‬
‫من �أي حالة �أخرى‪ .‬لأن هذا ي�صنع �ضر ًرا �أكرب من �أي فعل �آخر من �أفعال الب�شر‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وبالن�سبة للطريقة التي يتحقق بها هذا التعطيل للإجناب‪ ،‬نقول �أن ال�شيطان ال ي�ؤثر‬
‫على الإجناب نف�سه ولكن على خيال ونزوات الرجال‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف هذا ال�ش�أن ذكر «بيرت �أوف بالود» خم�سة طرق‪ .‬يقول �أن ال�شيطان كونه‬
‫روحا‪ ،‬ف�إن لديه قدرة على ج�سد املخلوق ليعمل فيه �أو ليمنع منه حركة مو�ضعية‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ما‪ .‬وبالتايل ميكن لل�شيطان �أن مينع الأج�سام من االقرتاب من بع�ضها البع�ض‪،‬‬
‫�إما ب�شكل مبا�شر �أو غري مبا�شر‪ ،‬بو�ضع نف�سه يف الو�سط يف �شكل مادي معني‪ .‬هذه‬
‫الطريقة حدثت مع �شباب كانوا خمطوبني ومع ذلك مل يتزوجوا فتياتهم‪ ،‬وكانوا‬
‫غري قادرين على معا�شرتهن‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬ميكن لل�شيطان �أن ُيثري الإن�سان ليعمل ذلك‬
‫الفعل‪� ،‬أو يجمد رغبته فيه‪ ،‬بقوة الأ�شياء ال�سرية التي تعلمتها ال�شياطني‪ .‬ثال ًثا‪،‬‬
‫أي�ضا �أن ُيقلق حوا�س وخيال الرجل ل ُيظهر له تلك الفتاة مبظهر‬ ‫ميكن لل�شيطان � ً‬
‫كريه‪ ،‬لأنه ميكنه �أن ي�ؤثر على اخليال‪ .‬راب ًعا‪ ،‬ميكن لل�شيطان �أن مينع االنت�صاب‬
‫خام�سا‪ ،‬ميكن‬
‫ً‬ ‫لرجل معني من ًعا مبا�ش ًرا‪ ،‬لأنه يقدر على منع احلركة املو�ضعية‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫لل�شيطان �أن مينع تدفق اجلوهر احليوي �إىل الأع�ضاء املهمة وذلك ب�أن ُيغلق قناة‬
‫املني نف�سها مما مينع املني من الو�صول �إىل قنوات الإجناب‪� ،‬أو يرجع املني من تلك‬
‫القنوات‪� ،‬أو مينع خروج املني منها‪� ،‬أو يف عدد من الطرق ال�سحرية ميكن لل�شيطان‬
‫�أن ُيبطل مفعول املني نف�سه‪.‬‬
‫وقد وافق علماء �آخرون كثريون على هذا‪ .‬فالرب ي�سمح لل�شيطان مبجال �أكرب‬
‫من احلرية للتدخل يف هذا الفعل التنا�سلي بالذات‪ ،‬والذي به انت�شرت اخلطية‬
‫�أكرث من �أي فعل �آخر‪ .‬كذلك‪ ،‬الأفاعي هي �أكرث ً‬
‫تعر�ضا لتعويذات ال�سحر عن بقية‬
‫احليوانات‪ .‬والأمر نف�سه بالن�سبة للمر�أة‪ ،‬فيمكن لل�شيطان �أن ُيعتم على فهمها حتى‬
‫تعترب زوجها كري ًها مقر ًفا ولن ت�سمح له بكل طرق العامل �أن ي�ضاجعها‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫نحاول �أن جند ال�سبب الذي يجعل عددًا �أكرب من الرجال ُي�سحرون بهذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�سحر �أكرث من الن�ساء‪ ،‬وميكن �أن نقول �أن تعطيل الإجناب غال ًبا يحدث يف م�س�ألة‬
‫االنت�صاب‪ ،‬وهي ال حتدث �إال يف الرجال‪ ،‬وبالتايل الرجال ُي�سحرون �أكرث‪ .‬ميكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا �أن نقول‪� ،‬أن العدد الأكرب من ال�ساحرات ن�ساء‪ ،‬وهن ي�شتهني الرجال �أكرث‬ ‫� ً‬
‫من الن�ساء‪ ،‬فالرجال ُي�سحرون �أكرث‪ .‬وبالن�سبة للن�ساء املتزوجات‪ ،‬فهن يجدن كل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫فر�صة لفعل الزنا عندما يكون الزوج لعوبا يناكح ن�ساء �أخريات فكذلك الزوجة‬
‫�أي�ضًا �ستبحث لها عن ع�شاق‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �أن الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أن ُيحزن اخلاطئني ب�شكل �شديد‬ ‫ون�ضيف � ً‬
‫املرارة‪ .‬من �أجل ذلك قال املالك لـ «توبيا�س»‪ :‬هو �أعطى ال�شيطان القدرة على‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أولئك الذين ا�ست�سلموا لل�شهوة‪ .‬ولكن ال�شيطان لديه قدرة � ً‬


‫أي�ضا على تغيري العدالة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يف بع�ض الأحيان‪ ،‬كما هو احلال يف ق�صة �أيوب‪ ،‬ولكن لي�س مبا يتعلق بالأمور‬
‫التنا�سلية‪ .‬ولكن طرق �إزالة مثل هذه الت�أثريات �سنعر�ضها يف اجلزء الثاين من‬
‫هذا الكتاب‪.‬‬
‫بع�ض ال�شكوك الطارئة يف مو�ضوع التناكح‬
‫�إذا ُ�سئلنا ملاذا هذه اخلا�صية الإجنابية يف بع�ض الأحيان تتعطل جتاه امر�أة‬
‫واحدة وال تتعطل جتاه �أخرى‪ ،‬فالإجابة ح�سب كالم القدي�س «بونافينتورا» هي‬
‫كالتايل‪� .‬إما �أن ال�ساحرة تعمل هذا ال�سحر ُموج ًها لأولئك الذين يحددهم ال�شيطان‪،‬‬
‫أ�شخا�صا معينني بال�سحر‪ ،‬لأجل غر�ض‬
‫ً‬ ‫الرب ال ي�سمح ب�أن ي�صيب �‬
‫�أو هو ب�سبب �أنَّ َّ‬
‫‪65‬‬
‫يعلمه الرب‪ ،‬كما ات�ضح يف حالة زوجة «توبيا�س»‪.‬‬
‫و�إذا ُ�سئلنا كيف يفعل ال�شيطان هذا‪� ،‬سنقول �أنه يعطل القدرة التنا�سلية لي�س‬
‫يف اجلوهر ب�إ�ضرار الع�ضو نف�سه‪ ،‬ولكن خارج ًّيا بجعله عدمي النفع‪ .‬بالتايل‪ ،‬ولأن‬
‫هذا التعطيل م�صطنع ولي�س طبيع ًّيا‪ ،‬فال�شيطان ميكنه �أن يجعل الرجل عقي ًما جتاه‬
‫امر�أة واحدة ولي�س ناحية الأخريات‪ ،‬ب�أن ُيبطل ا�شتعال �شهوته جتاهها ولي�س للن�ساء‬
‫الأخريات‪ ،‬وهو يفعل هذا �إما بفعل قدرته ال�شخ�صية‪� ،‬أو بفعل بع�ض الأع�شاب‬
‫والأحجار‪� ،‬أو ببع�ض �أ�سرار ال�سحر‪ .‬وهذا يتوافق مع كلمات «بيرت �أوف بالود»‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬حيث �أن العقم هو يف بع�ض الأحيان نتاج برود طبيعي يف الرجل‪� ،‬أو‬ ‫� ً‬
‫عيب خلقي فيه‪�ُ ،‬سئلنا كيف من املمكن �أن ُنيز �إن كان هذا بفعل ال�سحر �أم ال‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫«هو�ستين�سي�س» �أعطى الإجابة يف كتابه ‪( Summa‬ولكن ال يجب التب�شري بهذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عالنية) حيث قال‪ :‬عندما ال ي�ستطيع الع�ضو الذكري �أن ُي�ستثار وبالتايل ال ميكنه‬
‫�أن ي�ؤدي اجلماع‪ ،‬فهذه عالمة على برودة طبيعية يف الرجل نف�سه‪ ،‬ولكن �إذا متت‬
‫ﻜﺘ‬
‫ا�ستثارته وانت�صب الع�ضو‪ ،‬ولكن ال ميكنه الأداء‪ ،‬فهذه عالمة على وجود ال�سحر يف‬
‫الرجل‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا �أن عقم الع�ضو لي�ست هي طريقة ال�سحر الوحيدة‪ ،‬ففي‬ ‫يجب �أن نذكر � ً‬
‫بع�ض الأحيان تكون املر�أة هي العقيمة �أو يحدث لها �إجها�ض فتكون هي امل�سحورة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �أنه طب ًقا ملا ُكتب يف ال�شريعة‪� ،‬أي �شخ�ص لديه �شهوة انتقام �أو‬
‫نذكر � ً‬
‫ﻭ‬

‫كراهية‪ ،‬وهذا ال�شخ�ص عمل �أي �شيء لرجل �أو المر�أة ليمنعهم من الإجناب �أو‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا �أن ال�شريعة تتحدث عن الع�شاق اخلاطئني‪،‬‬ ‫احلمل فهو يعترب ً‬


‫قاتل‪ .‬ونذكر � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الذين هم حتى يحافظوا على ع�شيقاتهم من العار‪ ،‬ا�ستخدموا موانع احلمل مثل‬
‫الأ�شربة والأع�شاب التي تخالف الطبيعة‪ ،‬ومل ي�ستخدموا م�ساعدة ال�شياطني تقول‬
‫ال�شريعة �أن ه�ؤالء املر�ضى ينبغي عقابهم على �أنهم قتلة‪� .‬أما ال�ساحرات الالتي‬
‫يعملن هذا العمل بوا�سطة ال�سحر ُتطبق عليهن بالقانون عليهن العقوبة الق�صوى‪.‬‬
‫وكحل للجدليات ال�سابقة‪ ،‬فعندما يقال �أن هذه الأ�شياء ال ميكن �أن حتدث للذين‬
‫جمعهم رباط النكاح‪ ،‬يجب �أن نعرتف �أنه حتى الآن‪ ،‬احلقيقة يف هذه امل�س�ألة مل يتم‬
‫فعل للمتزوجني ولغري‬ ‫تو�ضيحها ب�شكل كاف‪ ،‬لكن بالتجربة‪ ،‬فهذه الأ�شياء حتدث ً‬
‫املتزوجني‪ .‬والقارئ احل�صيف الذي ميلك كث ًريا من الكتب �سريجع �إىل الالهوتيني‬
‫‪66‬‬
‫وعلماء ال�شريعة‪ ،‬خا�صة ملراجعة حديثهم عن العقم وعن امل�سحورين‪ .‬و�سيجد �أنهم‬
‫متفقون على �إنكار �ضاللتني تتعلقان باملتزوجني الذين يعتقدون �أن هذا النوع من‬
‫ال�سحر ال ميكن �أن يحدث ملن يجمعهم رباط النكاح‪ ،‬خا�صة �أولئك الذين يذكرون‬
‫حجة �أن ال�شيطان ال ميكنه �أن يدمر عمل الرب‪.‬‬
‫ال�ضاللة الأوىل التي ينكرها العلماء هي �أن الذين يقولون �أنه ال يوجد �سحر‬
‫يف العامل �إال يف خميلة الرجال والذين من خالل جهلهم بالأ�سباب اخلفية التي ال‬
‫يفهمها كثري من النا�س بعد‪ ،‬جندهم ين�سبون هذه الأ�سباب اخلفية �إىل احلقائق‬
‫أ�صل بهذه الأ�سباب اخلفية‪،‬‬ ‫الطبيعية ولي�س �إىل ال�سحر‪ ،‬وك�أنهم غري مت�أثرين � ً‬
‫ولكن ال�شياطني يعملون هذا �سواء ب�أنف�سهم �أو مبعاونة ال�ساحرات‪ .‬ورغم �أن كل‬

‫ﻋﺼ‬
‫العلماء الآخرين قالوا عن هذه ال�ضاللة �أنها بهتان عظيم‪� ،‬إال �أن القدي�س «توما�س»‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫طعن فيها بن�شاط �أكرب و�سماها بالهرطقة احلقيقية‪ ،‬بقوله �أن هذه ال�ضاللة ت�أتي‬
‫من جذر الكفر‪ .‬وحيث �أن الكفر بالن�سبة للم�سيحية يعترب هرطقة‪ ،‬فبالتايل ه�ؤالء‬
‫ﻜﺘ‬
‫ي�ستحقون ال�شك يف �أنهم هراطقة‪ .‬و�أي �أحد يراجع املقوالت الأخرى للقدي�س‬
‫«توما�س» التي قيلت يف موا�ضع �أخرى‪� ،‬سيجد الأ�سباب التي جعلته ي�ؤكد على �أن هذه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�ضاللة ت�أتي من جذر الكفر‪.‬‬


‫ففي �س�ؤال متعلق باخلطية‪ ،‬ذكر القدي�س «توما�س» التعامل مع ال�شياطني‪ ،‬ويف‬
‫ﺸﺮ‬

‫�س� ٍؤال �آخر ُ�سئل‪ ،‬هل ال�شياطني لهم �أج�سام خا�صة بهم‪ ،‬فذكر كث ًريا من الأمور ومن‬
‫�ضمنها �أولئك الذين ُيرجعون كل ت�أثري ج�سدي �إىل قدرة النجوم‪ ،‬وقال �أن ه�ؤالء‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا للنجوم‪ .‬ويقول‪ :‬من‬‫يعتقدون �أن الأ�سباب اخلفية للت�أثريات الأر�ضية خا�ضعة � ً‬
‫الالزم �أن ن�ضع يف اعتبارنا �أن طالب الفل�سفة‪ ،‬تابعي �أر�سطو‪ ،‬ي�ؤمنون �أن ال�شياطني‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لي�ست موجودة يف احلقيقة‪ ،‬و�أن هذه الأمور التي ُترجعها ال�ساحرات �إىل ال�شياطني‬
‫�إمنا ت�أتي من قوة النجوم والظواهر الطبيعية الأخرى‪ .‬لأجل ذلك قال القدي�س‬
‫«�أوج�ستني» يف كتابه ‪� ،de Ciutate Dei‬أنه كان ر�أي «بورفري» �أن كل الأع�شاب‬
‫واحليوانات‪ ،‬والأ�صوات والأ�شكال وتنظيمات النجوم وكل القوى املماثلة للنجوم هي‬
‫قوى طبيعية على الأر�ض‪� ،‬أما ال�شياطني فهم ُمتلقون من خيال الإن�سان‪.‬‬
‫ولكن هذا الر�أي مت �إثبات �أنه ر�أي خاطئ بوا�سطة القدي�س «توما�س» يف نف�س‬
‫العمل‪ ،‬لأن بع�ض �أعمال ال�شياطني ميكن م�شاهدتها وي�ستحيل �أن حتدث بطرق‬

‫‪67‬‬
‫طبيعية‪ ،‬كمثال‪ ،‬عندما يتحدث ال�شخ�ص املتلب�س به �شيطان بلغة غري معروفة‪،‬‬
‫و�أعمال كثرية �أخرى تفعلها ال�شياطني‪ ،‬مثل فنون ا�ستح�ضار الأرواح‪ ،‬هذه ال ميكن‬
‫�أن تكون �آتية من عقل طبيعي به خري ولكنها حت ًما �آتية من �شيء ذي نية �شريرة‪.‬‬
‫وبالتايل ب�سبب هذه التعار�ضات‪� ،‬أُجرب فال�سفة �آخرون �أن يعرتفوا �أن هناك �شياطني‪.‬‬
‫أي�ضا وقعوا يف عدة �ضالالت‪ ،‬فبع�ضهم يعتقد �أن �أرواح النا�س‪ ،‬عندما تغادر‬ ‫لكنهم � ً‬
‫�أج�سادهم‪ ،‬ت�صبح �شياطني‪ .‬لهذا ال�سبب قتل عديد من العرافني � ً‬
‫أطفال �صغا ًرا‪،‬‬
‫حتى يجعلوا من �أرواحهم �أعوا ًنا لهم‪ ،‬و�ضالالت �أخرى حكوها‪.‬‬
‫من هذا يت�ضح �أنه عندما قال العامل املقد�س �أن هذا الر�أي ي�أتي من جذر الكفر‬
‫مل يكن قوله بال �سبب‪ .‬و�أي �شخ�ص �سيقر�أ كتاب القدي�س «�أوج�ستني» ‪de Ciutate‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪ Dei‬الثامن عن ال�ضالالت الكفرية املتعلقة بطبيعة ال�شياطني‪� .‬سيجد اقتبا�سه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للر�أي العام جلميع العلماء �ضد كل الذين ُيخط�ؤون وينكرون وجود �أي �ساحرات‪،‬‬
‫وهو اقتبا�س ذو ثقل كبري يف معناه‪ ،‬حتى و�إن كانت كلماته قليلة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سيجده بو�ضوح مكتو ًبا �أن �أولئك امل�ؤمنني بعدم وجود ال�سحر يف العامل �إمنا هم‬
‫يعار�ضون كل �آراء العلماء والكتب املقد�سة الذين �أجمعوا و�أعلنوا �أن هناك �شياطني‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�أن ال�شياطني لها قدرة على �أج�ساد وخياالت الإن�سان‪ ،‬ب�أمر الرب‪ .‬و�أن ه�ؤالء‬
‫الذين �أ�صبحوا �أدوات لل�شيطان‪ ،‬وي�ستخدمهم ال�شيطان لأذية املخلوقات‪ ،‬ي�سمون‬
‫ﺸﺮ‬

‫�ساحرات‪.‬‬
‫يف �إنكار العلماء لل�ضاللة الأوىل‪ ،‬ال �شيء قيل يتعلق ب�أولئك الذين جمعهم‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫النكاح‪ ،‬ولكن مت ذكر ذلك يف �إنكارهم لل�ضاللة الثانية التي ت�ؤمن �أنه‪ ،‬رغم وجود‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�سحر بكثافة يف العامل‪ ،‬و�أنه ُي�ضاد النكاح اجل�سدي‪� ،‬إال �أنه ال يوجد �سحر دائم‪،‬‬
‫فبالتايل فال�سحر ال يلغي �أي زواج مت عقده‪ .‬الآن يف دح�ض هذه ال�ضاللة (لأننا‬
‫�سنفعل ذلك‪ ،‬حتى �إن كان تعلقها باملو�ضوع ً‬
‫ب�سيطا‪ ،‬لأجل �أولئك الذين لي�ست لديهم‬
‫كتب كثرية)‪� ،‬سنذكر �أنهم دح�ضوها بذكر �أن هذا يعار�ض كل العلماء ال�سابقني وكل‬
‫القوانني القدمية واحلديثة‪.‬‬
‫من �أجل ذلك عمل علماء الكاثوليكية هذا التحديد‪ ،‬قالوا �أن العقم الآتي ب�سبب‬
‫ال�سحر �إما يكون م�ؤقتًا �أو دائ ًما‪ .‬و�إذا كان م�ؤقتا‪ ،‬فهو ال ُيلغي الزواج‪ .‬ويعترب العقم‬
‫م�ؤقتًا �إذا قدر امل�صابون على معاجلة �أنف�سهن خالل ثالث �سنوات من تعاي�شهما‬
‫‪68‬‬
‫الزوجي‪ ،‬حيث يكونا قد اتخذا جميع الطرق املمكنة لأجل العالج �إما بطريقة‬
‫القربان يف الكني�سة‪� ،‬أو عرب عالجات �أخرى‪ .‬ولكن �إن مل يتم ال�شفاء ب�أي عالج‪،‬‬
‫عندها ُيعترب ال�سحر دائ ًما‪ .‬ويف هذه احلالة �إما �أن ن�ستمر يف عقد الزواج‪� ،‬أو نلغي‬
‫العقد �إذا كان مل ُيكتب بعد �أو �إذا كان قد ُكتب لكنه توقف قبل �أن يكتمل‪( .‬كذلك‬
‫قيل يف الكتاب الثاين والثالثني‪ ،‬البحث الأول‪ ،‬املقطع الأول �أن ت�أكيد الزواج يحدث‬
‫يف املكتب امل�س�ؤول) ف�إذا �أمتمنا الزواج‪ ،‬ف�إن رابطة النكاح لن ُتلغى‪ .‬وهناك كثري‬
‫مما ذكر عن مو�ضوع العقم هذا بوا�سطة «هو�ستين�سي�س» و«جودفري» والعلماء‬
‫والالهوتيون‪.‬‬
‫بالن�سبة للحجج‪ ،‬فاحلجة الأوىل �أ�صبحت وا�ضحة كفاية مما قلناه‪ ،‬مقولة �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫عمل الرب ال ميكن �أن يدمره عمل ال�شيطان‪ ،‬نرد ب�أنه �إذا كان ال�سحر له قدرة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫على املتزوجني‪ ،‬لن تكون له قوة �إال ب�إذن الرب‪ .‬لأنه ال يوجد �سحر يعمل ت�أثريه‬
‫التدمريي بالقوة اجلارفة مثل قوة الطاغية‪ ،‬ولكن يكون ت�أثريه بنوع من الفنون‬
‫ﻜﺘ‬
‫اخلفية‪ .‬واحلجة الثانية � ً‬
‫أي�ضا مت تو�ضيحها ج ّيدً ا‪ ،‬ملاذا ي�سمح الرب بهذا التعطيل‬
‫للإجناب �أكرث من �سماحه ببقية الأفعال‪ ،‬خا�صة �أن قدرة ال�شيطان طاغية على بقية‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا عندما ي�أذن له الرب‪ .‬ولي�س منطق ًيا � ً‬


‫أي�ضا �أن نقول �أن ال�شيطان ميكنه‬ ‫الأفعال � ً‬
‫�أن ُيدمر العامل كله‪ .‬واالعرتا�ض الثالث متت الإجابة عنه � ً‬
‫أي�ضا مبا قلناه‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪69‬‬
‫السؤال ‪ .9‬هل الساحرات قادرات على عمل وَهم‬
‫االحتيال للرجال؟‬

‫�إن كانت ال�ساحرات قادرات على عمل بع�ض وهم االحتيال للرجال ب�أن ُتظهر له‬
‫ع�ضوه الذكري وك�أنه مف�صول عن ج�سده‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هنا �سنو�ضح حقيقة الأفعال ال�شيطانية التي تتعلق ب�أع�ضاء الإن�سان‪ .‬وحتى‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وا�ضحا يف هذه امل�س�ألة‪ ،‬طرحنا ال�س�ؤال‪ ،‬هل ت�ستطيع ال�ساحرات مبعاونة‬
‫جنعل الأمر ً‬
‫ال�شيطان ف�صل الع�ضو الذكري ح ًقا‪� ،‬أم �أنهم يعملون ذلك بحيلة من احليل والوهم؟‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�سنقول �أنهم ي�ستطيعون عمل ذلك ح ًقا‪ ،‬لأن ال�شياطني ميكنهم عمل �أ�شياء �أكرب‬
‫من هذا‪ ،‬مثل قتل الإن�سان �أو حمله من مكان �إىل مكان‪ ،‬كما مت تو�ضيحه �أعاله يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مثال �أيوب و«توبيا�س»‪ .‬بالتايل ميكنهم ب�شكل حقيقي ف�صل الع�ضو الذكري‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬هذه احلجة مت �أخذها من تفا�سري زيارات مالئكة ال�شر يف املزامري‪ :‬الرب‬ ‫� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫يعذب بوا�سطة مالئكة ال�شر‪ ،‬كما عذب بني �إ�سرائيل ب�أمرا�ض عديدة‪ ،‬كانت حقيقة‬
‫ﻭ‬

‫وواق ًعا �أ�صاب �أج�سادهم‪ .‬وبالتايل فالع�ضو الذكري هو حالة م�ساوية لهذه الزيارات‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ميكن �أن يقال �أن هذا يح�صل ب�إذن من الرب‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬قلنا من قبل �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الرب ي�سمح لل�سحر بقوة �أكرب يف الأمور التنا�سلية‪ ،‬لأن �أول ف�ساد باخلطية جاء �إلينا‬
‫عرب فعل التنا�سل‪ ،‬وبالتايل الرب ي�سمح لل�سحر بقوة �أكرب على الع�ضو الذكري نف�سه‬
‫وبالتايل ي�سمح بالقوة على ف�صله‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬كان �شي ًئا �أعظم من هذا حتويل امر�أة لوط �إىل عمود من امللح‪ ،‬وهذا‬ ‫و� ً‬
‫�أكرب من ف�صل ع�ضو ذكري‪ ،‬كان هذا يف (�سفر التكوين التا�سع ع�شر) وكان حقيق ًّيا‬
‫وواقع ًيا‪ ،‬مل يكن يبدو كتحور �أو كم�سخ (لأن عمود امللح كان ميكن ر�ؤيته) وهذا مت‬
‫متاما كما �ضرب مالئكة اخلري قوم �سدوم بالعمى‪،‬‬ ‫عمله بوا�سطة مالئكة ال�شر‪ً ،‬‬
‫‪70‬‬
‫أي�ضا يف العذابات الأخرى لقوم عمورة‪.‬‬ ‫ف�أ�صبحوا ال ميكنهم �أن يروا باب البيت‪ .‬و� ً‬
‫التف�سري طب ًعا ي�ؤكد �أن امر�أة لوط قد تلوثت هي نف�سها بالرذيلة وبالتايل ُعذبت‪.‬‬
‫أي�ضا �أن يتهي�أ يف هذا ال�شكل‪.‬‬ ‫أي�ضا‪ ،‬كل من ميكنه �أن يخلق ً‬
‫�شكل طبيع ًّيا ميكنه � ً‬ ‫و� ً‬
‫ولكن ال�شياطني خلقت عديدً ا من الأ�شكال الطبيعية‪ ،‬كما هو وا�ضح من ق�صة �سحرة‬
‫الفرعون‪ ،‬والذين مبعاونة ال�شياطني �أمكنهم خلق �ضفادع وثعابني‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا قال‬
‫القدي�س «�أوج�ستني» يف الكتاب الثالث والثالثني‪� ،‬أن هذه الأ�شياء التي ميكن �أن ُتفعل‬
‫أوهاما‪ ،‬ومبا �أنه حتى الإن�سان يقدر ببع�ض‬ ‫ب�شكل مرئي يف الهواء ال ميكن �أن ُتعترب � ً‬
‫القطع املاهر �أن يف�صل الع�ضو الذكري‪ ،‬فبالتايل ميكن لل�شياطني بخفاء �أن يفعلوا‬
‫ما يقدر �أن يفعله الإن�سان ب�شكل مرئي‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن على اجلانب امل�ضاد‪ ،‬يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪de Ciuitate‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫‪ :Dei‬ال يجب �أن ن�ؤمن �أنه بفنون �أو بقدرة ال�شياطني‪ ،‬ميكن جل�سم الإن�سان �أن يتغري‬
‫�إىل وح�ش‪ ،‬وبكالمه هذا ن�ستنتج �أنه من امل�ستحيل �أن يتم ف�صل الع�ضو الذكري‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا قال القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب‬ ‫أي�ضا لأنه �ضروري لطبيعة ج�سم الإن�سان‪ً � ،‬‬ ‫� ً‬
‫‪ de Trinitate‬الثالث‪ :‬ال يجب �أن نعتقد �أن هذا اجلوهر للمادة املرئية هو هدف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ُمعر�ض لرغبات ه�ؤالء املالئكة ال�ساقطة‪ ،‬لأنه معر�ض فقط للرب‪.‬‬


‫الإجابة‪ .‬ال يوجد �شك �أن بع�ض ال�ساحرات ميكنهن فعل �أمور مده�شة مبا يخ�ص‬
‫ﺸﺮ‬

‫الأع�ضاء الذكرية‪ ،‬لأن هذا يتوافق مع ما ر�أيناه و�سمعناه بوا�سطة كثريين‪ ،‬وعن‬
‫كيفية حدوث هذا‪ ،‬ميكننا �أن نقول �أنه يحدث بطريقتني‪� ،‬إما حقيقة يف الواقع‪ ،‬كما‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تقول احلجة الأوىل‪� ،‬أو عرب بع�ض احليل‪ .‬ولكن عندما تفعل هذا ال�ساحرات‪ ،‬فهو‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يكون فقط ببع�ض احليل‪ ،‬رغم �أن املُ�صاب يقتنع ب�أنه ال يوجد وهم‪ .‬لأن خياله ميكن‬
‫فعل �أن هذا ال�شيء قد انف�صل‪ ،‬لأنه بوا�سطة حوا�سه اخلارجية مثل‬ ‫�أن ي�صدق ً‬
‫النظر �أو اللم�س‪ ،‬ميكن �أن ي�شعر �أنه غري موجود‪.‬‬
‫ف�صل للع�ضو حدث يف خميلته فقط‪ ،‬ولدينا‬ ‫من هذا ميكن �أن نقول �أن هناك ً‬
‫طريقتان ينبغي ذكرهما عن كيفية حدوث هذا‪ .‬الطريقة الأوىل‪ ،‬ال عجب �أن‬
‫ال�شيطان ميكنه �أن يخدع حوا�س الإن�سان‪ ،‬حيث �أنه كما قلنا �أعاله‪ ،‬ميكنه �أن يوهم‬
‫احلوا�س الداخلية‪ ،‬ب�أن ي�أتي ب�أفكار حقيقية ويخزنها يف اخليال‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬هو يف�سد‬
‫للإن�سان وظائفه الطبيعية‪ ،‬م�سب ًبا �أن املرئي ي�صري غري مرئي‪ ،‬وامللمو�س ي�صري غري‬
‫‪71‬‬
‫ملمو�س‪ ،‬وامل�سموع ي�صري غري م�سموع‪ ،‬وكذلك يف احلوا�س الأخرى‪ .‬ولكن مثل هذه‬
‫الأ�شياء لي�ست حقيقية يف الواقع‪ ،‬لأنها ح�صلت ب�سبب اخللل الذي و�ضعه ال�شيطان‬
‫يف احلا�سة نف�سها‪ ،‬مثل العني �أو الأذن‪� ،‬أو اللم�س‪ ،‬وبهذا ينخدع ُحكم الإن�سان‪.‬‬
‫وميكننا �أن ن�ستنتج هذا من بع�ض الظواهر الطبيعية‪ .‬فاخلمر احللو يبدو �أكرث‬
‫مرارة على الل�سان من اخلمر الذي فيه نكهة‪ ،‬فطعمه مت خداعه لي�س باحلقيقة‪،‬‬
‫ولكن عرب حيلة‪ .‬كذلك يف احلالة التي نحن ب�صددها‪ ،‬اخلداع ال يكون يف احلقيقة‬
‫ذاتها حيث �أن الع�ضو ال زال يف مكانه ولكنه �إيهام للحا�سة املتعلقة به‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬كما قيل �أعاله بخ�صو�ص القوى التنا�سلية‪ ،‬ال�شيطان ميكنه �أن يعطل ذلك‬ ‫� ً‬
‫الفعل بفر�ض ج�سم �آخر له نف�س اللون واملظهر‪ ،‬بطريقة �أن اجل�سم املُبتدع يكون‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف لون اللحم ويتفاعل مع حا�ستي النظر واللم�س‪ ،‬ويتمو�ضع يف اجل�سم احلقيقي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لل ُم�صاب‪ ،‬فيبدو له �أنه ال ي�ستطيع �أن يرى �أو ي�شعر ب�شيء من ع�ضوه الذكري‪� ،‬إال‬
‫بج�سم ناعم يبدو من مظهره �أنه ال يوجد �أي ع�ضو تنا�سلي موجود‪ .‬انظر مقوالت‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا يف �س�ؤاله عن اخلطية‪ ،‬حيث اقتب�س‬ ‫القدي�س «توما�س» عن الوهم وال�سحر‪ ،‬و� ً‬
‫مرات عديدة من كتاب القدي�س «�أوج�ستني» الثالث والثالثني‪ :‬هذا ال�شر الذي يعمله‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يهب نف�سه للهيئات‪ُ ،‬يكيف نف�سه للألوان‪،‬‬ ‫ال�شيطان يزحف خالل كل املح�سو�سات‪ُ ،‬‬
‫يلبث يف الأ�صوات‪ ،‬يختفي يف الروائح‪ ،‬ي�سكب نف�سه يف النكهات‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫إيهاما كهذا حلا�ستي النظر واللم�س ميكن‬ ‫أي�ضا‪ ،‬يجب �أن ن�ضع يف احل�سبان �أن � ً‬ ‫� ً‬
‫أي�ضا با�ستدعاء اخليال‬ ‫�أن يح�صل لي�س فقط بتو�سط ج�سم �سل�س غري حقيقي‪ ،‬ولكن � ً‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأ�شكال و�أفكار كامنة يف العقل‪ ،‬بطريقة �أن ال�شيء يتم تخيله كما لو �أنه ُيدرك للمرة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأوىل‪ .‬لأنه كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال ال�سابق‪ ،‬ال�شياطني ميكنهم بقدرتهم اخلا�صة‬
‫�أن ُيغريوا الأج�سام مو�ضع ًيا‪ ،‬وبهذا ي�ؤثرون يف تغيري املزاج‪ ،‬وكذلك يف الوظائف‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫�أنا �أحتدث عن �أ�شياء تبدو وك�أنها حقيقية للخيال �أو للحوا�س‪ .‬لأن �أر�سطو يف‬
‫كتاب ‪ de Sommo et Uigila‬قال‪� ،‬سبب الظهورات يف الأحالم �أنه عندما ينام‬
‫احليوان فكثري من الدم يتدفق �إىل �أعمق مكان يف الوعي‪ ،‬وبالتايل ت�أتي �أفكار �أو‬
‫انطباعات قادمة من خربات حقيقية �سابقة خمزنة يف العقل‪ .‬ولقد و�ضعنا تعري ًفا‬
‫يف ال�سابق لكيفية �أن ظهو ًرا معي ًنا ي�صل بالإن�سان �إىل انطباع بتجربة جديدة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫ومبا �أنَّ هذا يحدث طبيع ًّيا‪ ،‬فال�شيطان ميكن �أن ي�ستدعي ظهورات للخيال‬
‫بج�سم �سل�س لي�س موجودًا يف اجلزء التنا�سلي‪ ،‬بطريقة جتعل احلا�سة ت�صدق �أن‬
‫فعل‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬بع�ض الطرق الأخرى �سنذكرها تكون �أ�سهل يف الفهم‬ ‫هذا حقيقة ً‬
‫وال�شرح‪ .‬وطب ًقا لكالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتاب ‪ Etym‬الثامن يقول‪� ،‬أن الوهم‬
‫ما هو �إال بع�ض اخلداع للحوا�س‪ ،‬وخا�صة للعني‪ .‬ولهذا ال�سبب ن�سمي الهيبة هيبة من‬
‫كلمة ‪.prestringo‬‬
‫حيث �أن ر�ؤية العني حمدودة جدًّا وهناك �أ�شياء تبدو لها على غري حقيقتها‪.‬‬
‫و«�ألك�سندر �أوف هيلز» يف اجلزء الثاين من الكتاب يقول �أن الهيبة‪ ،‬كما نفهمهما‬
‫رمبا تكون وه ًما من ال�شيطان‪ ،‬فهي ال حتدث ب�سبب تغري حقيقي يف ال�شخ�ص‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكنها فقط موجودة يف عقل ذلك املوهوم‪� ،‬إما يف �إدراكه الداخلي �أو اخلارجي‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لأجل ذلك‪ ،‬ميكن �أن نقول �أن هذه الفنون‪ ،‬حت�صل بطرق ثالث‪ .‬الأول‪� ،‬أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫حت�صل بدون تدخل ال�شياطني‪ ،‬حيث ميكن �أن حت�صل بخفة يد ال�شخ�ص الذي‬
‫ُيظهر الأ�شياء ويخفيها‪ ،‬وذلك كما يف خدع امل�شعوذين والذين يتكلمون من بطنهم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا بدون تدخل ال�شيطان‪ ،‬عندما ميكن للإن�سان �أن ي�ستخدم‬ ‫الطريقة الثانية هي � ً‬
‫ميزة موجودة يف اجل�سد �أو املعادن لينقل لنا الت�صور ب�أن �شي ًئا معي ًنا له مظهر‬
‫ﺸﺮ‬

‫خمتلف عن مظهره احلقيقي‪ .‬لأجل ذلك طب ًقا لكالم القدي�س «توما�س» وكثري‬
‫غريه‪ ،‬الإن�سان رمبا بحرق بع�ض العنا�صر �أو الأع�شاب‪ ،‬يقدر �أن ي�صنع �أعوادًا تبدو‬
‫ﻭ‬

‫ك�أنها ثعابني‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الطريقة الثالثة من الوهم هي التي فيها تتدخل ال�شياطني‪ ،‬ب�إذن من الرب‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ووا�ضح �أن ال�شياطني ميلكون بطبيعتهم قدرة على عنا�صر �أر�ضية حمددة‪،‬‬
‫ي�ستخدمونها ملا ي�أذن الرب‪ ،‬لإظهار الأ�شياء خمتلفة عن حقيقتها‪.‬‬
‫� ً‬
‫أي�ضا يف الطريقة الثالثة‪ ،‬نذكر �أن ال�شيطان لديه خم�س طرق يوهم بها �أي �أحد‬
‫بجعله يظن �أن ال�شيء خمتلف عن حقيقته‪ .‬الأوىل‪ ،‬بحيل �صناعية‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬يفعلها‬
‫الإن�سان بالفن‪ ،‬وال�شيطان يفعلها �أف�ضل‪ .‬الثانية‪ ،‬بطريقة طبيعية‪ ،‬بالتمو�ضع‪ ،‬كما‬
‫قلنا‪ ،‬و�ضع مادة ما لتخفي اجل�سم احلقيقي‪� ،‬أو بت�ضليل خيال الإن�سان‪ .‬الثالثة‪،‬‬
‫عندما ُيظهر اجل�سم نف�سه على �أنه �شيء �آخر غري حقيقته‪ ،‬وت�شهد يف هذا ق�صة‬
‫‪73‬‬
‫القدي�س «جريجوري» املذكورة يف كتاب ‪� .First Dialogue of a Nun‬أو مثل‬
‫الق�صة عندما وجد القدي�س «�أنتوين» كتلة من الذهب يف ال�صحراء‪.‬‬
‫�أو عندما مي�س ال�شيطان الإن�سان احلقيقي‪ ،‬ويجعله يظهر وك�أنه حيوان‪ ،‬كما‬
‫�سن�شرح بعد قليل‪ .‬الرابعة‪ ،‬عندما يحدث ت�ضليل لع�ضو الب�صر‪ ،‬فتبدو الأ�شياء‬
‫الوا�ضحة م�شو�شة‪� ،‬أو مغايرة‪ ،‬فتظهر العجوز كفتاة �شابة‪ ،‬وباللعب يف املزاجات‪،‬‬
‫يعمل ال�شيطان على حتويل الأ�شكال املتلقاة من احلوا�س‪ ،‬كما قلنا �ساب ًقا‪ ،‬فتتلقى‬
‫احلوا�س �صورة جديدة‪ .‬ووف ًقا لذلك‪� ،‬آخر �أربعة طرق‪ ،‬ميكن لل�شيطان فيهم �أن‬
‫يوهم حوا�س الإن�سان‪ .‬بالتايل لي�ست هناك �صعوبة عنده يف �إخفاء الع�ضو الفحويل‬
‫ببع�ض الوهم‪ .‬وكدليل جلي على هذا‪ ،‬هناك حاالت انك�شفت لنا يف حملة التفتي�ش‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�سيتم ذكرها الح ًقا‪ ،‬حيث حكى كثريون عن هذا وعن �أ�شياء �أخرى �سنقولها يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اجلزء الثاين من هذا البحث‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫كيف لل�شيء امل�سحور �أن يتم متييزه عن ال�شيء احلقيقي؟‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�س�ؤال عر�ضي‪ ،‬نفرت�ض �أن ع�ضو بيرت قد مت ف�صله‪ ،‬وهو ال يعلم هل هذا بال�سحر‬
‫�أو ح�صل بطريقة �أخرى بقدرة ال�شيطان وب�إذن الرب‪ .‬هل هناك �أي طريقة للتحديد‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أو التمييز بني �إن كان هذا الف�صل لع�ضوه حقيقي �أم �سحر؟ �ستكون الإجابة كالتايل‪.‬‬
‫� ًأول‪ ،‬ه�ؤالء الذين اعتادوا على حدوث هذه الأ�شياء معهم هم �إما زناة �أو ف�ساق‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫فهم عندما يف�شلون يف اال�ستجابة لرغبات ع�شيقاتهم‪ ،‬فبدل �أن ينف�صلوا عاطف ًّيا‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ويرتبطوا بامر�أة �أخرى غري ع�شيقتهم‪ ،‬جندهم لأجل االنتقام‪ ،‬ي�ستخدمون طر ًقا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أخرى جتعل �أع�ضاءهم الذكرية تنف�صل‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬ميكن �أن ُنيز بني احلقيقي‬
‫وامل�سحور بحقيقة �أن امل�سحور ال يبقى دائ ًما للأبد‪ .‬ف�إذا ح�صل بال�سحر‪ ،‬فهو لي�س‬
‫دائما‪ ،‬و�سيتم �إرجاع الع�ضو ملكانه يف وقت ما‪.‬‬
‫ولكن هنا يظهر �شك �آخر‪ ،‬هل عدم دوام ف�صل الع�ضو الذكري هو ب�سبب‬
‫طبيعة ال�سحر‪� ،‬أنه ال يكون دائ ًما‪� .‬س ُيجاب عن هذا ب�أنه ميكن لل�سحر �أن يكون‬
‫دائ ًما وي�ستمر مدى احلياة �إىل موت الإن�سان‪ ،‬مثلما قال علماء ال�شريعة والالهوتيون‬
‫بخ�صو�ص تعطيل ال�سحر لرباط النكاح‪� ،‬أن التعطيل امل�ؤقت قد يتحول �إىل دائم‪ .‬لأن‬
‫«جودفري» قال يف كتابه ‪ ،Summa‬ال�سحر ال ميكن دائ ًما �إبطاله بوا�سطة ال�ساحر‬
‫‪74‬‬
‫الذي عمله‪� ،‬إما لأنه مات‪� ،‬أو لأنه ال يعلم كيف يبطله‪� ،‬أو لأن العمل ال�سحري نف�سه‬
‫قد �ضاع‪ .‬لأجل هذا ميكن �أن نقول بنف�س الطريقة �أن العمل ال�سحري الذي مت عمله‬
‫عمل دائ ًما �إذا مل تعرف ال�ساحرة التي عملته كيف تعاجله‪.‬‬‫على بيرت �سيكون ً‬
‫هناك درجات من ال�ساحرات‪ .‬بع�ضهن ت�ؤذي وتعالج‪ ،‬وبع�ضهن ت�ؤذي وال تقدر‬
‫�أن تعالج‪ ،‬وبع�ضهن تقدر فقط على العالج كما �سيتبني الح ًقا‪ .‬لأن هذا حدث معنا‪:‬‬
‫ر�أينا �ساحرتني كانتا تت�شاجران‪ ،‬وبينما ت�سخر �إحداهما من الأخرى قالت واحدة‪:‬‬
‫�أنا ل�ست خبيثة جدًّا مثلك‪ ،‬لأنني �أعرف كيف �أعالج ه�ؤالء الذين �أ�ؤذيهم‪ .‬العمل‬
‫ال�سحري ي�صبح ً‬
‫عمل دائ ًما �إذا مل يعالج‪ ،‬وهذا مثل �أن ترحل ال�ساحرة التي عملته‪،‬‬
‫�إما بتغيري مكان �سكنها �أو موتها‪ .‬لأن القدي�س «توما�س» � ً‬
‫أي�ضا يقول‪� :‬أي عمل �سحري‬

‫ﻋﺼ‬
‫رمبا يكون دائ ًما عندما ال تكون له طريقة لعالجه‪� ،‬أو يكون له عالج لكنه غري معلوم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للنا�س‪� ،‬أو حمرم‪ ،‬والرب ميكنه �أن يجلب العالج بوا�سطة مالك مقد�س يخ�ضع له‬
‫ال�شيطان وال�ساحرة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫على �أي حال‪ ،‬العالج الرئي�سي �ضد ال�سحر هو ال�سر املقد�س للتوبة‪ .‬لأن اجل�سم‬
‫ال�ضعيف غال ًبا ما يفعل اخلطية‪� .‬أما كيف نزيل العمل ال�سحري فهذا �أمر �سنعر�ضه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف اجلزء الثاين من هذا البحث‪ ،‬ويف ال�س�ؤال الثاين من الف�صل ال�ساد�س‪ ،‬عندما‬
‫نبحث ون�شرح موا�ضيع �أخرى‪.‬‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬

‫حلول املجادالت‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بالن�سبة للأوىل‪ ،‬من الوا�ضح �أنه ال �شك‪� ،‬أنه ب�أمر الرب‪ ،‬ميكن لل�شياطني �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يقتلوا الإن�سان‪ ،‬فيمكن لل�شياطني بالتايل �أن يزيلوا الع�ضو الذكري‪ ،‬مثل غريه من‬
‫الأع�ضاء‪ .‬ولكن يف هذه احلالة ال تعمل ال�شياطني من خالل معاونة ال�ساحرات‪.‬‬
‫أي�ضا احلجة الثانية بو�ضوح‪ .‬ولكن �سنقول �أن الرب ي�سمح بقوة‬ ‫ومن هذه تت�ضح � ً‬
‫ال�سحر على الأع�ضاء التنا�سلية‪ ،‬وبالتايل هو ي�سمح ب�أن يحدث انف�صال لهذا الع�ضو‬
‫التنا�سلي حقيقة وواق ًعا‪ ،‬ولكن لي�س من ال�صحيح �أن نقول �أن هذا هو ما يح�صل‬
‫دائ ًما‪ .‬لأنه لن يكون تب ًعا لأ�سلوب ال�سحر الذي يح�صل عادة‪ ،‬وحتى ال�ساحرات‪،‬‬
‫عندما يفعلن هذه الأعمال‪ ،‬ال يدعني �أنه لديهم القدرة لإرجاعه كما كان �إن �أردن‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫من هذا يت�ضح �أنه مل ينف�صل ب�شكل حقيقي‪ ،‬ولكن فقط بالوهم‪ .‬وبالن�سبة للثالثة‪،‬‬
‫املتعلقة بتحول امر�أة لوط‪ .‬نقول �أن هذا كان حقيقة ولي�س وه ًما‪.‬‬
‫وبالن�سبة للرابعة �أن ال�شياطني ميكن �أن تخلق الأ�شكال احلقيقية‪ ،‬وبالتايل‬
‫يقدرون على �إزالتها‪� :‬سنقول �أنه بالن�سبة ل�سحرة الفرعون فلقد عملوا ثعابني‬
‫حقيقية وال�شياطني بالتايل يقدرون على �أن يعملوا ت�أثريات معينة على املخلوقات‬
‫الناق�صة ال ي�ستطيعون �أن يعملوها على الإن�سان‪ ،‬لأن الرب يعتني بالإن�سان‪ .‬لأجل‬
‫هذا نقول‪ :‬نعم ميكن لل�شياطني ب�إذن الرب �أن يعملوا �ضر ًرا حقيق ًّيا وواقع ًيا للإن�سان‬
‫كما ميكنهم �أن ي�صنعوا �ضر ًرا وهم ًيا‪ ،‬وبهذه الإجابة تت�ضح احلجة الأخرية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪76‬‬
‫السؤال ‪ .10‬هل يمكن للساحرات ببعض الوهم أن‬
‫تحوّلن اإلنسان إلى وحـــش؟‬

‫هنا �سنعلن احلقيقة يف �إمكانية �أن ُتول ال�ساحرات الإن�سان �إىل وح�ش‪ .‬قيل‬
‫�أن هذا غري ممكن‪ ،‬يف املقطع التايل من كتاب ‪ Episcopus‬ال�ساد�س والع�شرون‪:‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫كل الذين ي�ؤمنون �أنه من املمكن لأي خملوق �أن يتغري بال�سحر �إىل خملوق �أف�ضل �أو‬
‫�أ�سو�أ‪� ،‬أو �أن يتغري بال�سحر �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه‪ ،‬بدون تدخل اخلالق الذي خلق‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كل �شيء‪ ،‬هو بدون �شك كافر‪ ،‬و�أ�سو�أ من الوثني‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�سنقتب�س هنا حجج القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من ‪Book of‬‬
‫‪ Sentences‬اجلزء الثامن‪ :‬هل ال�شياطني ميكن �أن ت�ؤثر يف حوا�س اجل�سم بالإيهام‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هنا يقول يف البداية �أنه ال ميكنهم‪ .‬ف�شكل الوح�ش ال بد �أن ي�أتي من مكان ما حتى‬
‫ي�ستخدموه‪ ،‬وهو ال ميكن �أن يتواجد يف احلوا�س‪ ،‬لأن احلوا�س ال تتلقى م�ؤث ًرا غري‬
‫ﺸﺮ‬

‫موجود يف العامل احلقيقي‪ ،‬حيث ال يوجد �أية وحو�ش‪ ،‬و�أورد القدي�س «توما�س» ُحكم‬
‫ال�شرع‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬الذي يظهر �أنه يكون‪ ،‬ال ميكن �أن ال يكون‪ ،‬كما يف حالة املر�أة التي‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بدت للنا�س �أنها وح�ش‪ ،‬لأن �شكلني جوهريني ال ميكن �أن يتواجدا يف وقت واحد يف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫نف�س املادة‪.‬‬
‫ولأن �شكل الوح�ش ال ميكن �أن يوجد يف �أي مكان يف الطبيعة‪ ،‬فال يوجد وهم‬
‫ميكن �أن يحدث يف عني الناظر‪ ،‬لأن الب�صر ال بد له من �شيء ينق�ضي �إليه‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬لأن الطبيعة لي�ست‬‫و�إذا قيل �أن ال�شكل موجود يف العامل‪ ،‬فهذا لي�س ممك ًنا � ً‬
‫أي�ضا لأن الهواء حول ذلك ال�شكل �إن وجد‬ ‫قادرة على �أخذ �أي �شكل �أو كيان كهذا‪ ،‬و� ً‬
‫لي�س ثابتًا دائ ًما‪ ،‬وال ميكن �أن يكون ثابتًا ب�سبب طبيعة الهواء املتحركة‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا لأنه‬
‫حتى يحدث حتول كهذا ال بد �أن ي�صري التحول مرئ ًيا لكل �أحد‪ ،‬والأمر لي�س كذلك‪،‬‬
‫فال�شياطني غري قادرة على خداع �أنظار الرجال املقد�سني على الأقل‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬إذا �أثر ال�شيطان على الوعي الداخلي‪ ،‬فهو يفعل ذلك �إما ب�أن ُيظهر‬ ‫� ً‬
‫نف�سه لل�شخ�ص‪� ،‬أو ب�أن يغري الوعي الداخلي لل�شخ�ص بالإيهام‪ .‬وهو ال يعمل بطريقة‬
‫�إظهار نف�سه لل�شخ�ص‪ ،‬لأنه �سيتوجب عليه �أن يت�شكل يف ج�سم‪ ،‬وحتى لو ح�صل‬
‫فعندها ال ميكنه �أن يخرتق الع�ضو الداخلي خليال �أحد‪ ،‬لأن ج�سمني ال ميكن �أن‬
‫يوجدا يف نف�س الوقت يف نف�س املكان‪ ،‬رمبا �إذن هو ي�ستويل على ج�سد وهمي‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬
‫م�ستحيل‪ ،‬لأنه ال يوجد �شكل وهمي بدون مادة‪.‬‬ ‫� ً‬
‫أي�ضا �سيكون‬
‫كذلك هو ال ي�ستطيع �أن يغري املعرفة‪ ،‬لأنه �إما �أن يغريها بالتعديل‪ ،‬وهذا يبدو‬
‫�أنه غري قادر على فعله‪ ،‬لأن التعديل �إمنا يحدث ب�صفات ن�شطة‪ ،‬وهذه ال متلكها‬
‫ال�شياطني‪� ،‬أو هو ميكن �أن يغريها بالتحول الكامل �أو احلركة املو�ضعية‪ ،‬وهذه ال‬

‫ﻋﺼ‬
‫تبدو مالئمة ل�سببني‪ .‬الأول �أن التحويل ال ميكن �أن يح�صل بدون �أن يت�أمل الإن�سان‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�أع�ضا�ؤه تتحول‪ .‬ثان ًيا لأنه يف هذه احلالة �سيظهر ال�شيطان فقط يف �أ�شياء ذات‬
‫�شكل معروف‪ ،‬ولكن القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه يخلق �أ�شكاال من هذا النوع‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫معروفة وغري معروفة‪ ،‬وبالتايل يبدو �أن ال�شياطني ميكنها قط ًعا �أن تخدع خيال �أو‬
‫حوا�س الإن�سان‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و لكن �ضد هذا‪ ،‬يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ‪ de Ciuitate Dei‬الثامن‬


‫ع�شر‪� ،‬أن حتويل الب�شر �إىل حيوانات بهيمية ميكن �أن يحدث بفنون ال�شياطني‪ ،‬ولكنه‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال يكون حقيق ًّيا و�إمنا ظاهري‪ .‬ولكن هذا ال ميكن �أن يحدث �إال �إذا كانت ال�شياطني‬
‫غري قادرة على الت�أثري على حوا�س الإن�سان‪ .‬القدي�س «�أوج�ستني» قال يف الكتاب‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الثالث والثالثني‪� :‬شر ال�شيطان يزحف خالل كل احلوا�س‪� ،‬إلخ‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫الإجابة‪� .‬إذا �أراد القارئ �أن َيرجع �إىل طرق التحول الكامل‪� ،‬سيجدها يف اجلزء‬
‫الثاين من هذا الكتاب‪ ،‬الف�صل ال�ساد�س‪ ،‬فيه طرق كثرية‪ .‬ولكن دعنا نتحدث عما‬
‫لدينا بطريقة علمية‪ ،‬دعنا نتفق مع �آراء الثالث علماء‪ ،‬على �أن ال�شيطان ميكنه‬
‫�أن يخدع خيال الإن�سان فيجعل الإن�سان يبدو كحيوان‪� .‬آخر هذه الآراء هو للقدي�س‬
‫«توما�س» وهو �أكرث ف�صاحة من البقية‪ .‬والأول هو للقدي�س «�أنتونيو�س» يف �أول جزء‬
‫من كتابه ‪ Summa‬اخلام�س‪ ،‬عندما �أعلن �أن ال�شيطان يف �أوقات معينة يجتهد‬
‫خلداع خيال الإن�سان‪ ،‬ب�إيهام احلوا�س‪ ،‬و ُيثبت القدي�س «توما�س» هذا باملنطق‬
‫الطبيعي‪ ،‬بال�شريعة‪ ،‬وبعدد كبري من الأمثلة‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫قائل‪� :‬أج�سادنا معر�ضة طبيع ًيا لطاعة املالئكة �إذا عملت املالئكة فيهم‬ ‫ويتابع ً‬
‫حركة مو�ضعية‪ .‬ومالئكة ال�شر‪ ،‬رغم �أنهم خ�سروا النعم‪� ،‬إال �أنهم مل يخ�سروا القدرة‬
‫الطبيعية‪ ،‬كما قلنا من قبل‪ .‬وحيث �أن ملكة اخليال هي ملكة مادية‪ ،‬لأنها مرتبطة‬
‫بع�ضو مادي هو العقل‪ ،‬فهي بالطبيعة معر�ضة لل�شيطان‪ ،‬وي�ستطيع ال�شيطان �أن ي�ؤثر‬
‫فيها‪ ،‬وي�سبب ال�شيطان فيها خياالت عديدة‪ ،‬وذلك بتدفق الأفكار واخلياالت لو�صف‬
‫ال�صورة املتلقاة من ال�شيطان‪.‬‬
‫يقول القدي�س «�أنتونيو�س»‪� ،‬أنه قد ثبت بالقانون ال�شرعي التايل ‪Episcopus‬‬
‫ال�ساد�س والع�شرون‪ :‬يجب �أال ُنهمل بع�ض الن�ساء اخلبيثات‪ ،‬الالتي �أغواهن‬
‫ال�شيطان و�أغراهن بالأوهام واخلياالت ال�شيطانية‪ ،‬فيتخيلن �أمورا غريبة‪ .‬وال بد‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أن ن�صدق ونن�شر لكل �أحد �أن حكاية �أنه ميكنهن �أن يتجولن يف �ساعات الليل على‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ظهور الوحو�ش مع «ديانا» الإلهة الوثنية‪� ،‬أو مع «هريوديا�س» �أو مع عدد ال نهائي‬
‫من الن�ساء‪ ،‬و�أنهن يف �صمت الليل ي�سافرن م�سافات بعيدة من الأر�ض هي حكايات‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�شر للنا�س بالرب ال بد �أن يقال لهم �أن هذا كله خاطئ‪ ،‬و�أنه عندما‬ ‫خاطئة‪ ،‬و�أينما ُي ّ‬
‫يبتلى عقل امل�ؤمن باخلياالت‪ ،‬ال يكون بوا�سطة الرب ولكن بوا�سطة روح �شريرة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و«�ساتان» ذاته ح ّو َل نف�سه �إىل �أ�شكال �أ�شخا�ص خمتلفني عرب الزمن‪ ،‬ويف الأحالم‬
‫كان ُي�ضلل العقل وي�أ�سره‪ ،‬ويوجهه �إىل طرق منحرفة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫مت التعامل مع هذا القانون يف ال�س�ؤال الأول‪ ،‬عن الأربعة �أ�شياء التي يجب �أن‬
‫ُيب�شر بها‪ .‬و�سيكون من �سوء الفهم �أن ن�ؤمن �أن ال�ساحرات ال ميكنهن �أن ينتقلن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أ�شخا�صا لي�سوا‬
‫ً‬ ‫هكذا عندما يردن و�أن الرب ال مينع هذا‪ ،‬وقد حدث كث ًريا جدً ا �أن �‬
‫�سحرة انتقلوا عرب م�سافات بعيدة من الأر�ض‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن هذه التحوالت ميكن �أن حتدث بالطريقتني املذكورتني يف الكتاب املذكور‬
‫�آن ًفا ‪ ،Summa‬وهناك ف�صل يقول فيه القدي�س «�أوج�ستني» �أنه يوجد يف كتب‬
‫الوثنيني حكاية �أن �ساحرة ا�سمها «�سري�س» حولت �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل وحو�ش‪،‬‬
‫ولكن هذا كان عن طريق بع�ض الوهم واخليال‪ ،‬ولي�س �إجنا ًزا حقيق ًيا‪ ،‬بل عملته‬
‫بتعديل خياالت النا�س‪ ،‬وهذا ثبت بو�ضوح ب�أمثلة كثرية‪.‬‬
‫أي�ضا يف كتاب ‪� ،Lives of the Fathers‬أنه كان هناك فتاة ال توافق على‬ ‫نقر�أ � ً‬
‫�شاب يتو�سل لها حتى تعمل �شي ًئا حق ًريا معه‪ .‬وال�شاب ب�سبب غ�ضبه منها‪ ،‬جعل‬
‫‪79‬‬
‫عمل �سحر ًيا‪ ،‬فتحولت �إىل ُمهرة‪ .‬ولكن هذا التحويل مل يكن‬ ‫واحدً ا يهود ًيا يعمل لها ً‬
‫حقيق ًيا‪ ،‬بل هو وهم من ال�شيطان‪ ،‬الذي غري خيال وحا�سة الفتاة نف�سها‪ ،‬وخيال‬
‫وحوا�س �أولئك الذين ينظرون �إليها‪ ،‬وبهذا بدت للجميع �أنها ُمهرة‪ ،‬ولكنها كانت يف‬
‫احلقيقة ال زالت فتاة‪.‬‬
‫لأنه عندما مت اقتيادها �إىل «ماكاريو�س» املبارك‪ ،‬مل ي�ستطع ال�شيطان �أن يخدع‬
‫حوا�س املبارك كما فعل مع الآخرين‪ ،‬فب�سبب قدا�سته‪ ،‬ا�ستطاع املبارك �أن يراها‬
‫فتاة عادية ولي�ست ُمهرة‪ .‬وب�سبب �صلواته لها حتررت الفتاة من الوهم‪ ،‬وقيل �أن‬
‫هذا حدث لها لأنها مل ُت�شغل عقلها بالأ�شياء املقد�سة‪� ،‬أو لأنها مل حت�ضر ال ُقدا�س‬
‫كما يجب‪ ،‬وبالتايل كان لل�شيطان قوة عليها‪ ،‬رغم �أنها كانت يف �أمور �أخرى �صادقة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫بالتايل ي�ستطيع ال�شيطان بتحريك الإدراكات الداخلية واملزاجات‪� ،‬أن ي�ؤثر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف الأفعال وامللكات‪ ،‬اجل�سدية والعقلية والعاطفية‪ ،‬فيعمل على �أي ع�ضو ج�سدي‬
‫كان‪ ،‬وهذا يتفق مع كالم القدي�س «توما�س»‪ .‬وبهذا ميكن �أن ن�صدق ب�أفعال «�سيمون‬
‫ﻜﺘ‬
‫ماكو�س» يف ال ُرقى التي ُحكيت عنه‪ .‬ولكن ال�شيطان ال ي�ستطيع �أن يعمل �أ ًيا من هذه‬
‫الأ�شياء بدون �إذن الرب‪ ،‬والرب بوا�سطة مالئكة اخلري غال ًبا ما ُيقيد اخلبث الذي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف ال�شيطان ومينعه عندما يريد خداعنا و�أذيتنا‪ .‬لذلك يقول القدي�س «�أوج�ستني»‪:‬‬
‫ه�ؤالء ب�إذن الرب‪ ،‬يثريون العنا�صر وي�ضللون عقول الذين ال يثقون يف الرب‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا ميكن لل�شياطني �أن تت�سبب يف �أن الإن�سان ال يقدر �أن يرى زوجته على‬ ‫� ً‬
‫نحو �صحيح‪ ،‬بل يراها على العك�س‪ .‬وهذا ي�أتي من �صناعة اخليال‪ ،‬فيتم تقدمي‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الزوجة خلياله بوا�سطة ال�شيطان على �أنها �شيء بغي�ض وفظيع‪ .‬ال�شيطان � ً‬
‫أي�ضا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُيلقي �أ�شياء كريهة يف خيال النائمني وامل�ستيقظني‪ ،‬ليخدعهم ويو�صلهم للخطية‪.‬‬


‫ولكن لأن اخلطية ال تتوقف على اخليال ولكن على الرغبة‪ ،‬بالتايل الإن�سان ال يفعل‬
‫اخلطية بهذه اخلياالت املقرتحة من ال�شيطان �إال �إذا كانت لديه رغبة �شخ�صية يف‬
‫�أن يقبل اخلطية‪.‬‬
‫الر�أي الثاين للعلماء احلديثني له نف�س املعنى‪ ،‬عندما �صرحوا مبعنى الإيهام‪،‬‬
‫وعن الطرق التي ميكن لل�شيطان �أن ي�صنع بها هذا الإيهام‪ .‬هنا فلرنجع �إىل ما قيل‬
‫بخ�صو�ص جدليات القدي�س «�أنتونيو�س» وال داعي �أن نكرر‪.‬‬
‫الر�أي الثالث هو للقدي�س «توما�س» وهو �إجابة للحجة التي ُطرحت وهي‪ ،‬هل‬
‫‪80‬‬
‫توجد �أ�شكال الوحو�ش يف احلوا�س �أو يف الواقع �أو يف البيئة املحيطة؟ ور�أيه هو �أن‬
‫ال�شكل الظاهر للوح�ش موجود فقط يف الإدراك الداخلي للإن�سان‪ ،‬وهذا ال�شكل بقوة‬
‫اخليال‪ ،‬يراه الإن�سان بطريقة ما كهيئة ج�سد خارجي‪ .‬وال�شياطني لها طريقتان يف‬
‫حتقيق هذه النتيجة‪.‬‬
‫الأوىل‪� :‬أن �أ�شكال احليوانات املحفوظة يف خيال الإن�سان متر بفعل ال�شيطان‬
‫�إىل احلوا�س الداخلية‪ ،‬هذه الطريقة حتدث يف الأحالم � ً‬
‫أي�ضا‪ .‬وبالتايل‪ ،‬عندما‬
‫تتهي�أ هذه الأ�شكال لت�شعر بها �أع�ضاء احلوا�س اخلارجية‪ ،‬مثل الب�صر‪ ،‬يظهرون‬
‫وك�أنهم موجودون ك�أج�سام خارجية‪ ،‬وميكن مل�سهم يف احلقيقة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬تنتج من التغيري يف الأع�ضاء الداخلية للإن�سان‪ ،‬وبالتايل‬
‫يح�صل اخلداع‪ ،‬ومت تو�ضيحها يف حالة ال�شخ�ص الذي مت خداع تذوقه‪ ،‬فكل �شيء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كان حل ًوا �صار يبدو م ًرا‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬حتى الإن�سان ميكنه �أن يحقق هذا يف �أ�شياء طبيعية‪،‬‬
‫مثلما يظهر يف بخار الدخان �أن ما يخرج من البيت هي ثعابني‪ ،‬وهناك �أمثلة كثرية‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أخرى موجودة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حلول اجلدليات‬
‫ﺸﺮ‬

‫بالن�سبة للجدلية الأوىل‪ ،‬ذلك الن�ص الذي يتم اقتبا�سه‪ ،‬عاد ًة ُيفهم بطريقة‬
‫�سيئة‪ .‬الذي كان يتحدث عن التحول بفعل ال�سحر �إىل �شكل �آخر �أو �إىل �شكل �شبيه‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫فلقد �أو�ضحنا كيف �أن هذا ميكن �أن يحدث بطريقة الإيهام‪ .‬وحيث �أن الن�ص‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يقول �أنه ال خملوق ميكن �أن يخلق بقدرة ال�شيطان‪ ،‬فوا�ضح �أن لديه منطق �إذا مت‬
‫فهم الكالم مبعنى اخللق‪ .‬ولكن فلن�أخذ كلمة «حت ّول» لتعرب عن الإنتاج ال�شيطاين‬
‫للمخلوقات‪ ،‬فهو �شيء م�ؤكد �أن ال�شياطني ميكنهم �أن يعملوا بع�ض املخلوقات غري‬
‫الكاملة‪.‬‬
‫والقدي�س «توما�س» يو�ضح كيف ميكن لهذا �أن يح�صل‪ .‬لأنه يقول �أن كل التحوالت‬
‫ني الذي يوجد يف جميع عنا�صر‬ ‫يف الأج�سام املادية‪ ،‬حتتاج ل�شيء �أ�سا�سي وهو ا َمل ّ‬
‫هذا العامل‪ ،‬يف الربية �أو يف املاء (مثل الثعابني وال�ضفادع وهذه الأ�شياء التي ت�ضع‬
‫‪81‬‬
‫منيها على الأر�ض �أو يف املاء )‪ ،‬فيمكن �أن حت�صل ال�شياطني على هذا املني‪ .‬ولذا‬
‫ميكنها �أن ُتول �أي �شيء �إىل �ضفدع �أو ثعبان‪.‬‬
‫فهذه التحوالت للأج�سام املادية ميكن قط ًعا �أن حتدث بفعل ال�شياطني‪ .‬لكن‬
‫عندما يتغري ج�سم الإن�سان �إىل ج�سم وح�ش‪� ،‬أو عندما يعود اجل�سم امليت �إىل‬
‫احلياة‪ ،‬فمثل هذه الأ�شياء حتدث فقط بالإيهام وال�سحر‪� ،‬أو حتدث ب�أن ال�شياطني‬
‫يظهرون �أمام الإن�سان يف هذه الأ�شكال‪.‬‬
‫هذه اجلدليات مت دح�ضها‪ .‬لأن «�ألبريتو�س» املبارك يف كتابه ‪On Animals‬‬
‫اخترب هل ال�شياطني �أو دعنا نقل ال�ساحرات‪ ،‬ميكنهن �أن ي�صنعن حيوانات‪ ،‬يقول‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أنه ميكنهن‪ ،‬ب�إذن الرب‪� ،‬أن يعملن حيوانات ناق�صة‪ .‬ولكن ال ميكنهن �أن يفعلن هذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف حلظة كما يفعل الرب‪ ،‬بل يحتجن �إىل بع�ض الوقت‪ .‬وبالرجوع �إىل املقطع يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سفر اخلروج ال�سابع عندما ا�ستدعى الفرعون رجاله احلكماء‪ ،‬قال‪ :‬هذه ال�شياطني‬
‫مت�شي يف الأر�ض وجتمع بع�ض البذور‪ ،‬وبا�ستخدامهم ميكنهم �أن يخرجوا بع�ض‬
‫الف�صائل‪ .‬والتف�سري هنا يقول‪ :‬عندما حتاول ال�ساحرات �أن ت�ؤثر يف �أي �شيء‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وي�سرت�ضون ال�شياطني‪ ،‬فال�ساحرات يتجولن يف �أنحاء العامل ويح�ضرن املني اخلا�ص‬


‫ﺸﺮ‬

‫بهذه الأ�شياء وبهذا املعنى‪ ،‬فهم ب�إذن من الرب‪ ،‬ينتجن ف�صائل جديدة‪.‬‬
‫جدلية �أخرى ميكن �أن ُتطرح‪ ،‬هل هذه الأفعال ال�شيطانية ميكن تعترب معجزات‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫والإجابة ات�ضحت يف اجلدليات ال�سابقة‪� ،‬أنه حتى ال�شياطني ميكنها �أن ت�صنع بع�ض‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املعجزات مبا يتفق مع قدراتهم‪ .‬ولكن بالن�سبة لأفعال «عدو امل�سيح» الأنتيخري�ستو�س‪،‬‬
‫فيمكن �أن يقال �أنها من اخلداع‪ ،‬و�أنه يتم عملها بهدف �إغواء النا�س‪.‬‬
‫هناك جدلية �أن ال�شيء ال�ساكن ال يتحرك �إال عرب عامل ن�شط‪ .‬وبالتايل فال�شكل‬
‫الذي ُيرى ال ميكن �أن يكون حقيق ًّيا وال ميكن �أن نقول �أنه حترك بالعامل الن�شط‬
‫الذي هو فعل النظر‪� ،‬سيجاب ب�أن هذا ال�شكل ال يربز من �أي حا�سة‪� ،‬إمنا هو ي�صدر‬
‫من �صورة حم�سو�سة حمفوظة يف اخليال‪ ،‬ر�سمها ال�شيطان و�أخرجها وقدمها‬
‫للخيال بقوة الإدراك‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫بالن�سبة للجدلية الأخرية‪� ،‬سنقول �أن ال�شيطان ال يغري القوى التخيلية والإدراكية‬
‫ب�إظهار نف�سه لها‪ ،‬ولكن بالتحوير فيها‪ ،‬خا�صة احلركة املو�ضعية‪ .‬لأنه ال ميكنه‬
‫بنف�سه �أن يحث ظهورات جديدة كما قلنا‪ .‬ولكن هو يغريهم بالتحوير‪ ،‬الذي يعمله‬
‫باحلركة املو�ضعية‪ ،‬عرب حتريك الإدراك واملزاجات ولي�س بتق�سيم مادة الع�ضو‬
‫احلي‪ ،‬لأن هذا �سينتج عنه �إح�سا�س من الأمل‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪83‬‬
‫السؤال ‪ .11‬هل الساحرات الالتي يعملن قَاب ِ َلت‬
‫يقتلن األطفال في األرحام أثناء التوليد؟‬

‫�أن ال�ساحرات الالتي يعملن مولدات يقتلن الأطفال يف الأرحام �أثناء التوليد‬
‫ويعملن الإجها�ض �أو �إذا مل يقدروا على هذا‪ ،‬ف�إنهن يهنب الطفل املولود لل�شياطني‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هنا �سنعر�ض احلقيقية بخ�صو�ص �أربعة جرائم مروعة تفعلها ال�شياطني يف‬
‫الأطفال‪ ،‬يف الرحم وبعد الوالدة‪ .‬وحيث �أن ال�شياطني يفعلون هذه الأ�شياء عرب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫معاونة ال�ساحرات‪ ،‬ولي�س الرجال‪ ،‬فهذا النوع من القتل يرتبط بالن�ساء �أكرث‪ ،‬وما‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سي�أتي هي الطرق التي يفعلن ذلك بها‪.‬‬
‫علماء ال�شريعة يتعاملون ب�شكل �أ�شمل من الالهوتيني يف مو�ضوع ال�سحر‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وهم يقولون �أنه يف ال�سحر‪ ،‬عندما ال ي�ستطيع �أحد �أن يعمل الفعل اجل�سدي‪ ،‬مثل‬
‫الإجها�ض‪ .‬فهناك طرق �أخرى وهي �أنهن �إما ي�أكلن الطفل �أو يهبنه لل�شيطان‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫بدون م�ساعدة ال�شياطني‪ ،‬ميكن للإن�سان بالطريقة الطبيعية بوا�سطة الأع�شاب‪،‬‬


‫�أو احلفظ‪� ،‬أو طمث معني‪� ،‬أن ي�صل باملر�أة �أال تلد‪ .‬ولكن الطريقة ال�سحرية خمتلفة‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأنها حت�صل بوا�سطة ال�ساحرات‪ .‬ولي�ست هناك حاجة للإتيان باحلجج‪ ،‬لأنه هناك‬
‫�أمثلة عديدة ومواقف تثبت حقيقة هذا الفعل‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأول من هذه الفواح�ش التي تفعلها ال�ساحرات‪ ،‬هو �أكل الأطفال‪ ،‬وهذا �ضد‬
‫الغريزة الإن�سانية‪ ،‬وطب ًعا �ضد طبيعة كل الوحو�ش‪ ،‬غري الذئاب‪ ،‬التي هي معتادة‬
‫على قتل �أو �أكل �صغارها‪ .‬وبالن�سبة لهذا‪ ،‬هناك مفت�ش من «كومو»‪ ،‬قال لنا الآتي‪:‬‬
‫تفتي�شا‪ ،‬لأن هناك ً‬
‫رجل‬ ‫�أنه مت ا�ستدعا�ؤه بوا�سطة �سكان مقاطعة «باربي» ليعمل ً‬
‫اجتماعا من بع�ض الن�ساء يف الليل‪،‬‬
‫ً‬ ‫معي ًنا فقد �أطفاله �أثناء والدتهم‪ ،‬وقال �أن هناك‬
‫و�أق�سم �أنه ر�أى هاته الن�سوة يقتلن طفله وي�شربن دمه ثم ي�أكلنه‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬يف �سنة واحدة‪ ،‬وهي ال�سنة التي م�ضت‪ ،‬قال �أن �إحدى و�أربعني �ساحرة‬ ‫� ً‬
‫‪84‬‬
‫�أُحرقت ب�سبب هذا‪ .‬للت�أكيد على هذا هناك كتابات لـ «جون نيدر» يف كتابه‬
‫‪ ،Fomicarus‬وفيها ذكر لأحداث يحكيها‪ ،‬وكانت ذاكرته ال زالت حا�ضرة‪ ،‬حيث‬
‫تبني �أن هذه الأ�شياء لي�ست غريبة عليه‪ ،‬وهناك �ساحرات تائبات دائ ًما يقلن لنا‬
‫وللآخرين‪ :‬ال �أحد ي�ضر الإميان الكاثوليكي �أكرث من املُو ِّلدات‪ ،‬لأنهن عندما تقتلن‬
‫الأطفال‪ ،‬فهن بعد ذلك ولغر�ض �آخر‪ ،‬ي�أخذنهم خارج الغرفة ويرفعنهم �إىل الهواء‪،‬‬
‫ويهبنهم لل�شيطان‪ .‬والطريقة التي ي�ؤدين بها جرائمهن �سنعر�ضها قري ًبا‪ ،‬ولكن � ًأول‬
‫هناك �س�ؤال ينبغي �أن ُي�سئل بخ�صو�ص الإذن الإلهي‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪85‬‬
‫ل إذا ما كان إذن الرب األعلى ال بد‬
‫السؤال ‪ .12‬حو َ‬
‫أن يحدث في أي عمل من أعمال سحر؟‬

‫الآن ال بد �أن نتحدث عن الإذن الإلهي‪ ،‬ون�س�أل �أربعة �أ�سئلة‪.‬‬


‫الأول‪ :‬هل من ال�ضروري �أن يحدث هذا الإذن يف �أي عمل من �أعمال ال�سحر؟‬

‫ﻋﺼ‬
‫ثان ًيا‪ :‬هل الرب يف عظمته �سي�سمح ملخلوق �أثيم �أن يفعل ال�سحر واجلرائم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املرعبة الأخرى؟‬
‫ﻜﺘ‬
‫ثال ًثا‪ :‬هل جرمية ال�سحر تتجاوز كل ال�شرور الأخرى التي �سمح بها الرب؟‬
‫راب ًعا‪ :‬ب�أي طريقة ميكن التب�شري بهذه الأمور للنا�س؟‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�سن�س�أل � ًأول هل من الإميان الكاثوليكي �أن نقول �أن هناك �إذ ًنا �إله ًيا ملا تعمله‬
‫ال�ساحرات من هرطقات عظيمة؟ تقول احلجة ب�أنه لي�س من املنطقي �أن ن�ؤمن �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫الرب ي�سمح بهذه القوة الكبرية لل�شيطان يف هذا النوع من ال�سحر‪� .‬سنقول � ًأول �أنه‬
‫انتقا�صا من‬
‫ً‬ ‫من الكاثوليكي‪� ،‬أن نكافح مقولة �أن ال�سحر يحدث ب�إذن الرب لأن فيها‬
‫ﻭ‬

‫اخلالق‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫م�سموحا له ب�شيء كبري‬ ‫ً‬ ‫لقد قلنا �أنه من الكاثوليكي �أن ن�ؤمن �أن ال�شيطان لي�س‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من الأذية للإن�سان‪ ،‬لأنه �إذا �آمنا �أن الرب ي�سمح‪� ،‬سيبدو وك�أنه انتقا�ص من اخلالق‪.‬‬
‫و�سينتج عن هذا �أنه لي�س كل �شيء خا�ضع لعناية الرب‪ .‬لأن العاطي احلكيم يفرت�ض‬
‫�أن ُيبعد كل النق�ص وال�شر عن املتقني‪ .‬ونقول �أنه �إذا كانت �أعمال ال�سحر ي�ؤذن بها‬
‫من عند الرب‪ ،‬فهي لي�ست بعيدة عن علمه‪ ،‬لكن �إذا كان يعلمها وال يبعدها‪ ،‬فهو‬
‫لن يكون عاط ًيا حكي ًما‪ ،‬وكل �شيء لن يكون خا�ض ًعا لعنايته‪ .‬ولكن مبا �أن هذا كله‬
‫خاطئ‪ ،‬بالتايل فالرب ال ي�أذن بال�سحر‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬حتى ُي�سمح ب�شيء �أن يحدث ُيفرت�ض �أن من �سمح به‪� ،‬إما ب�إمكانه �أن‬ ‫و� ً‬
‫‪86‬‬
‫مينعه من احلدوث �إذا �أراد‪� ،‬أو هو ال يقدر �أن مينعه �إذا �أراد‪ ،‬وال �شيء من هذه‬
‫االفرتا�ضات ميكن �أن ينطبق على الرب‪ .‬لأنه يف احلالة الأوىل �سيكون �شري ًرا‪ ،‬ويف‬
‫احلالة الثانية �سيكون �ضعي ًفا‪ .‬ولذلك �سن�س�أل ب�شكل عر�ضي‪ :‬بالن�سبة لل�سحر الذي‬
‫حدث لبيرت‪� ،‬إذا كان ميكن للرب �أن مينعه‪ ،‬ومل مينعه‪ ،‬ف�إما �أن يكون الرب �شري ًرا‬
‫�أو يكون الرب غري مبال على الإطالق‪ .‬ولكن �إذا مل يكن قاد ًرا على منعه �إذا �أراد‪،‬‬
‫لن يكون قاد ًرا على كل �شيء‪ .‬ولكن مبا �أنه من امل�ستحيل �أن ن�ؤمن بالر�أي الذي يقول‬
‫�أن الرب له مثل هذه ال�صفات‪ ،‬بالتايل ال ميكن �أن نقول �أن ال�سحر يح�صل ب�إذن‬
‫من الرب‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ذلك الذي يعمل ال�سوء هو م�س�ؤول عن نف�سه وم�س�ؤول عن �أفعاله‪ ،‬وال‬ ‫� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫نقول �أنه خا�ضع لإذن احلاكم حتى يعمل ال�سوء‪ .‬والإن�سان �أ�صبح م�س� ًؤول عن نف�سه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أمام الرب‪ ،‬طبقا لكتاب ال�سرياخ اخلام�س ع�شر‪ :‬الرب عمل الإن�سان من البداية‪،‬‬
‫وتركه ي�ضع خطته اخلا�صة‪ .‬فاخلطايا التي يعملها الإن�سان قد ُعملت طب ًقا لتخطيط‬
‫ﻜﺘ‬
‫الإن�سان وطب ًقا لرغبة قلبه‪ .‬وبالتايل لي�ست كل ال�شرور خا�ضعة لإذن الرب‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ ،Enchridion‬كما قال �أر�سطو يف‬ ‫و� ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كتابه التا�سع من ‪ :Metaphysics‬من اجليد �أال نعرف بع�ض الرذائل �أكرث من �أن‬
‫نعرفها‪ ،‬لكن كل خري ال بد �أن ين�سب �إىل الرب‪ .‬بالتايل �سنقول مبد�أ ًيا �أن الرب ال‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �إىل كالم القدي�س «باول»‬‫مينع رذيلة ال�سحر‪� ،‬سواء هو ي�سمح بها �أو ال‪ .‬انظر � ً‬
‫يف ر�سالة كورنثيو�س الأوىل‪�« :‬ألعل الرب تهمه الثريان؟» لذلك ال يعتني الرب �إذا‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كان ه�ؤالء ال�سحرة ي�سحرون �أم ال‪ ،‬لأنهم لي�سوا خا�ضعني لإذنه‪ ،‬و�إذنه ي�أتي من‬
‫عنايته‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا‪ ،‬ذلك الذي يحدث ب�شكل طبيعي ال يحتاج �إىل �إذن حكيم �أو ل�صاحب عقل‬ ‫� ً‬
‫راجح‪ .‬هذا يت�ضح يف كتاب �أر�سطو ‪ Ethics‬الكتاب الثاين‪ :‬رجاحة العقل يف املنطق‬
‫ال�صحيح تكون على الأ�شياء اخلا�ضعة لر�أي الإن�سان واختياره‪ .‬ولكن هناك ت�أثريات‬
‫مثل ب�سبب ت�أثري‬ ‫عديدة لل�سحر حتدث ب�شكل طبيعي بدون تدخل ال�سحر‪ ،‬تكون ً‬
‫بالنجوم‪ ،‬التي ت�سبب املر�ض‪� ،‬أو �أي �شيء �آخر من الأ�شياء التي قد نحكم عليها �أنها‬
‫�سحر‪ .‬بالتايل هذه الأ�شياء الطبيعية ال حتتاج دائ ًما للإذن الإلهي‪.‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬إذا ُ�سحر الإن�سان بالإذن الإلهي‪� ،‬سيكون هناك �س�ؤال‪ :‬ملاذا يحدث هذا‬ ‫و� ً‬
‫‪87‬‬
‫ل�شخ�ص �أكرث من �شخ�ص �آخر؟ �إذا قيل �أن هذا ب�سبب اخلطية‪ ،‬والتي تكون كثرية‬
‫�صحيحا‪ ،‬لأنه هكذا �سيكون الأكرث‬ ‫ً‬ ‫عند ذلك الرجل عن الرجل الآخر‪ ،‬فهذا ال يبدو‬
‫خطيئة هو الأكرث ت�أث ًرا بال�سحر ولكن احلقيقة �أن املذنبني هم الأقل عقا ًبا يف هذا‬
‫العامل‪ .‬لأنه عادة يقال‪ :‬هني ًئا للكاذبني‪.‬‬
‫ولكن �ضد هذه اجلدليات‪� :‬أنه من املُ َ�سلم ب ِه �أن الرب ي�سمح بال�شر �أن‬
‫يح�صل‪ ،‬رغم �أنه ال يتمناه �أن يح�صل‪ ،‬لكنه يح�صل لأجل كمال الكون‪ .‬انظر كالم‬
‫«ديوني�سيو�س» يف كتاب ‪ de Diuin Nom‬الثالث‪ ،‬ال�شر �سيكون �أبد الدهر‪ ،‬لأجل‬
‫كمال هذا الكون‪ .‬والقدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ Enchiridion‬يقول‪ :‬كل الأ�شياء‬
‫اجليدة وال�سيئة ت�صنع اجلمال الباهر لهذا الكون‪ .‬فما يقال �أنه �شر �إمنا هو مرتب‬

‫ﻋﺼ‬
‫بعناية‪ ،‬ومو�ضوع يف مكانه ال�صحيح في�ؤدي املهمة ب�شكل �أف�ضل وهذا �شيء جيد‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫والأ�شياء اجليدة �أكرث �إر�ضاء وجدارة بالثناء �إذا قارناها بالأ�شياء ال�سيئة‪ .‬القدي�س‬
‫أي�ضا يدح�ض ر�أي �أولئك الذين يقولون �أنه رغم �أن الرب لي�ست له رغبة‬ ‫«توما�س» � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف ال�شر ‪ -‬حيث �أنه ال توجد خملوقات تبحث عن ال�شر‪� ،‬سواء يف الطبيعة �أو يف‬
‫احليوانات‪� ،‬أو يف رغباتهم و�شهواتهم‪� ،‬إمنا يكون هدفهم هو املتعة اجليدة ‪ -‬ولكنه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يريد �أن يكون ال�شر موجودًا‪ .‬قال �أن هذا خاطئ‪ ،‬لأن الرب ال يتمنى لل�شر �أن يحدث‪،‬‬
‫وال يتمنى لل�شر �أال يحدث‪ ،‬هو فقط ي�سمح بال�شر �أن يحدث‪ ،‬وهذا جيد لكمال الكون‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وملاذا من اخلط�أ �أن نقول �أن الرب يتمنى ال�شر �أن يحدث لأجل كمال هذا الكون‪،‬‬
‫يقول �أن هذا لل�سبب التايل‪ ،‬لي�س من �شيء ُيحكم عليه �أنه جيد �إال �إذا كان ج ّيدً ا‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف نف�سه ولي�س بال�صدفة‪ .‬مثل الرجل الفا�ضل‪� ،‬سيحكم ب�شيء جيد لأن طبيعته‬
‫جيدة‪ ،‬لن يحكم بطبيعته احليوانية‪ ،‬وال�شر لي�س مرتبا بذاته لأجل اخلري‪ ،‬ولكن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ذلك يحدث بال�صدفة‪ .‬لأن الرب �ضد رغبات ه�ؤالء الذين يفعلون ال�شر‪ ،‬فهم حني‬
‫يعملون �شرهم‪ ،‬حتدث نتائج جيدة يف النهاية‪ .‬بهذه الطريقة يكون الرب �ضد‬
‫رغبات ال�ساحرات‪ ،‬و�ضد رغبات الطغاة‪ ،‬وظهر هذا خالل �إعداماتهن حيث نور‬
‫الر�ضا �أ�شرق بو�ضوح‪.‬‬
‫الإجابة‪ .‬هذا ال�س�ؤال �صعب يف فهمه كما هو مفيد يف �شرحه‪ ،‬وهو لي�س �س�ؤاال‬
‫لل�شخ�ص العادي �إمنا هو �س�ؤال لل�شخ�ص احلكيم‪ ،‬واالثنان ي�شرتكان يف �أنهما‬
‫ي�صدقان �أن هذا ال�سحر الفظيع ي�أذن به الرب‪ ،‬وهم يجهلون مراد الرب من هذا‬

‫‪88‬‬
‫الإذن‪ .‬وب�سبب هذا اجلهل من مراده‪� ،‬سيتم قمع ال�ساحرات بكل هذا ال�شر الذي‬
‫فيهم‪ ،‬فيبدو �أنهن يردن تدمري امل�سيحية كلها‪ .‬وعندها‪ ،‬كل من املتعلم وغري املتعلم‬
‫مرتاحا بكل الطرق‪ ،‬طب ًقا لر�أي الالهوتيني‪ ،‬نحن �سنبد�أ �إجابتنا مبناق�شة‬
‫ً‬ ‫�سيكون‬
‫اثنني من ال�صعوبات‪ً � .‬أول‪� ،‬أن هذا العامل يخ�ضع لعناية الرب التي يعطيها بنف�سه‬
‫للجميع‪ .‬ثان ًيا‪� ،‬أنه يف عدالته‪ ،‬ي�سمح بغلبة اخلطية‪ ،‬بكل ما يكون فيها من ذنب‬
‫وعقاب و�ضياع‪ ،‬وجاءت اخلطية � ً‬
‫أ�صل ب�سبب �أول �إذنني له‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬الإذن ب�سقوط‬
‫املالئكة وحتولهم �إىل �شياطني والإذن بخطية �آدم وحواء‪ .‬ومن هذا يت�ضح �أنه يجب‬
‫�أن ن�صر على الكفر بهذه الهرطقة حتى ال يورط �إن�سا ٌن نف�سه يف �ضالالت الكفار‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبالن�سبة لل�صعوبة الأوىل‪ ،‬ما يتعلق بعناية الرب (انظر كتاب ‪Wisdom‬‬
‫الرابع ع�شر‪� :‬أنت تعتني‪ ،‬يا �أبانا‪ ،‬احلاكم على كل �شيء)‪ ،‬نحن يجب �أن ن�ؤمن �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وا�ضحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أي�ضا يعطي كل �شيء‪ ،‬وحتى جنعل هذا‬ ‫كل الأ�شياء خا�ضعة لإرادته‪ ،‬و�أنه � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫دعنا � ًأول ندح�ض �أحد ال�ضالالت‪� .‬إذا �أخذنا الن�ص يف �سفر �أيوب‪« :‬ال�سحاب �سرت‬
‫له فال ُيرى‪ ،‬وعلى دائرة ال�سماوات يتم�شى»‪ .‬البع�ض �آمن �أن عقيدة القدي�س‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«توما�س» تعني �أن الأ�شياء الطاهرة فقط هي اخلا�ضعة لعناية الرب‪ ،‬مثل الأرواح‬
‫أي�ضا ف�صائل احليوانات الأقل درجة من الإن�سان‪ ،‬والتي تكون‬ ‫املختلفة والنجوم‪ ،‬و� ً‬
‫� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا طاهرة‪ ،‬ولكنهم قالوا �أن هناك �أفرادًا من �أي ف�صيلة‪ ،‬يكونون قابلني للف�ساد‪،‬‬
‫فه�ؤالء ال يخ�ضعون‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫بالتايل قالوا �أن كل احليوانات ذات الدرجة الأقل يف هذا العامل هي خا�ضعة‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لعناية الرب يف الكون‪ ،‬ولكن لي�س ب�شكل فردي‪ .‬ولكن بالن�سبة للآخرين فهذا الر�أي‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال ميكن تقبله‪ ،‬لأن الرب يعتني باحليوانات مثلما يعتني بالإن�سان‪ .‬وبالتايل يقول‬
‫احلرب مو�سى مت� ً‬
‫أمل �أن يقف يف مكان حمايد‪� ،‬أنه يوافق على كالمهم �أن كل الأ�شياء‬
‫القابلة للف�ساد لي�سوا ب�شكل فردي خا�ضعني للعناية الإلهية‪ ،‬لكن الرب حمى الب�شر‬
‫من كثري من الأ�شياء ال�سيئة‪ ،‬ب�سبب النعمة الباهرة لذكائهم‪ ،‬و�أرواحهم املختلفة‪.‬‬
‫وبالتايل تب ًعا لهذا الر�أي‪ ،‬مهما حدث ال�سحر للإن�سان بالإذن الإلهي‪ ،‬فهو لي�س‬
‫كث ًريا مثل الذي يحدث للحيوان �أو �أي من ثمار الأر�ض الأخرى‪.‬‬
‫هذا الر�أي �أقرب للحقيقة من ذلك الذي يرف�ض بالكلية عناية الرب يف‬
‫‪89‬‬
‫�أمور العامل‪� ،‬إميا ًنا ب�أن هذا العامل قد �أتى بال�صدفة‪ ،‬مثلما فعل «دميوكريتو�س»‬
‫والأبقراطيون‪ ،‬ور�أيهم هذا لي�س خال ًيا من مغالطات عظيمة‪ .‬لأنه يجب �أن يقال �أن‬
‫أي�ضا ب�شكل حمدد‪،‬‬‫كل �شيء خا�ضع للعناية الإلهية‪ ،‬لي�س فقط ب�شكل عام‪ ،‬ولكن � ً‬
‫و�أن ال�سحر لي�س يحدث فقط للإن�سان ولكن يحدث � ً‬
‫أي�ضا للحيوانات وثمار الأر�ض‪،‬‬
‫و�أنه ي�أتي من عناية الرب و�إذنه‪ .‬وهذا �صحيح بو�ضوح‪ ،‬العناية وتنظيم الأ�شياء �إىل‬
‫نهايات معينة ميتد بقدر ما متتد ال�سببية اخلا�صة بهم‪.‬‬
‫الأ�شياء التي تخ�ضع حلكم يحكمها‪ ،‬هي تخ�ضع حلكم هذا احلاكم فقط يف مدى‬
‫حتكمه‪ .‬ولكن عناية الرب هي عناية �أ�صلية‪ ،‬متد نف�سها �إىل الوجود كله‪ ،‬لي�س فقط‬
‫ب�شكل عمومي ولكن ب�شكل فردي‪ ،‬ولي�س فقط للأ�شياء الطاهرة‪ ،‬لأن كل �شيء هو‬

‫ﻋﺼ‬
‫من عند الرب‪ ،‬فهو يعتني بكل الأ�شياء‪ ،‬مما يعني �أن كل �شيء منظم بوا�سطته �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حد معني‪.‬‬
‫هذه النقطة حتدث عنها القدي�س «باول» يف ر�سالة رومية الثالثة ع�شر‪« :‬لي�س‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سلطان �إال من الرب‪ ،‬وال�سالطني الكائنة هي ُمرتبة من الرب» وعناية الرب ال‬
‫بد �أن ُتفهم باملنطق التايل‪� ،‬أنه هو ي�سبب تنظيم الأ�شياء لغر�ض معني‪ ،‬فعلى املدى‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫البعيد‪ ،‬كل الأ�شياء تكون جز ًءا من غر�ض نهائي واحد‪ ،‬والكل خا�ضع لعناية الرب‪.‬‬
‫والرب يعلم كل �شيء‪ ،‬لي�س فقط عن اجلماعة ولكن عن كل فرد على حدة‪ .‬ومعرفة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الرب ملخلوقاته هي معرفة ال�صانع ل�صنعته‪ :‬فال�صانع تكون �صنعاته خا�ضعة لنظامه‬
‫أي�ضا‪ ،‬كل �شيء خلقه الرب هو خا�ضع لنظام وتدبري الرب‪.‬‬ ‫وتدبريه اخلا�ص‪ ،‬و� ً‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن هذا ال يعطي �سب ًبا كاف ًيا حلقيقة �أن الرب ي�سمح يف عدالته بال�شر وال�سحر‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ليكونوا يف هذا العامل‪ ،‬فهو العاطي واحلاكم على كل �شيء‪ ،‬ومن املفرت�ض �أن ُيبعد‬
‫كل ال�شر عن املتقني‪ .‬ونحن نرى ً‬
‫رجال من املتقني ه�ؤالء يفعلون كل �شيء حتى ُيبعدوا‬
‫كل �شر ممكن عن الذين يحبونهم‪ ،‬بالتايل‪ ،‬ملاذا ال يبعد الرب بنف�س املنطق كل‬
‫متاما‪.‬‬
‫ال�شر عنهم؟ ال بد �أن نذكر �أن املتحكم الكوين والعاطي هما �شيئان خمتلفان ً‬
‫املتحكم العادي ال بد بال�ضرورة �أن ُيبعد كل ال�شر‪ ،‬لأنه ال ي�ستطيع �أن ي�ستخرج اخلري‬
‫من ال�شر‪ .‬ولكن الرب هو املتحكم الكوين بهذا الكون كله‪ ،‬وميكنه �أن ي�ستخرج اخلري‬
‫مثل وجود الطغاة هو الذي ُيظهر ال�صابرين‬ ‫من �أي نوع من �أنواع ال�شرور‪ .‬يعني ً‬
‫ال�شهداء‪ ،‬وب�أعمال ال�ساحرات ي�أتي التطهري و�إثبات الإميان‪ ،‬كما �سي�أتي‪ .‬بالتايل‬

‫‪90‬‬
‫الرب لي�س هدفه �أن مينع كل ال�شر‪ ،‬لكن قراءته للكون جتعله يعرف كل اخلري‪ .‬لأجل‬
‫ذلك قال القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ ،Enchiridion‬كم هو رحيم هذا الرب‬
‫العظيم‪ ،‬لأنه ال ي�سمح ب�أي �شر يكون يف �أعماله �إال �إذا َع ِلم بعلمه و�سلطته �أنه ميكنه‬
‫�أن ُيخرج اخلري من ذلك ال�شر‪.‬‬
‫ومن ال�ضروري للحفاظ على الف�صائل �أن يكون موت �شخ�ص ي�ؤدي للحفاظ على‬
‫حياة �شخ�ص �آخر‪ .‬مثل الأ�سود التي حتيا بافرتا�س احليوانات الأخرى‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪91‬‬
‫السؤال ‪ .13‬هنا سنجيب السؤال‪ ،‬عن أول إذنين‬
‫إلهيين‪ ،‬اإلذن بسقوط الشيطان وبخطيئة أبوينا‪.‬‬

‫هنا �سنجيب ال�س�ؤال‪ ،‬عن الإذنني الإلهيني الذين �سمح بهما الرب بعدالته‪،‬‬
‫حتديدً ا‪ ،‬الإذن لل�شيطان �صاحب ال�شر الأول �أن يفعل اخلطيئة‪ ،‬والثاين الإذن لآدم‬

‫ﻋﺼ‬
‫وحواء بالذنب ومن ثم ال�سقوط‪.‬‬
‫ال�س�ؤال هنا هو �أن الرب بعدالته قد �سمح لبع�ض املالئكة �أن ُيذنبوا وينق�ضوا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫العهد‪ ،‬ال�شيء الذي مل يكن �سي�سمح به �إال �إذا كانوا هم �أنف�سهم قابلني للخطية‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�أنه يف املقابل حفظ بع�ض املخلوقات بنعمته‪ ،‬بدون �أن يجعلهم يعانون من الإغواء‪،‬‬
‫بينما �سمح للإن�سان �أن تتم غوايته �إىل اخلطية‪ .‬كل ها �سيتم �إي�ضاحه فيما ي�أتي‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من العناية الإلهية �أن كل �شيء ال بد �أن يرتكه الرب ليت�صرف ح�سب طبيعته‬
‫الأ�صلية‪ ،‬وال يكون عائ ًقا له لعمل �أفعاله الطبيعية‪ .‬لأن «ديوني�سيو�س» يقول يف كتابه‬
‫ﺸﺮ‬

‫‪ ،De Diuin Nom‬العناية الإلهية لي�ست مدمرة ولكنها حتافظ على الطبيعة‪.‬‬
‫كفرد طيب ومن اجلن�س‬ ‫وهذا الكيان ال�شيطاين الأول‪ ،‬يظهر �أن بدايته كانت ٍ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأعلى يف خلقته وكان فردًا متمي ًزا‪ .‬يقول (�أر�سطو‪ ،‬كتاب ‪ ،)Ethics‬اخلري يف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫متاما‪،‬‬
‫الكون تكون له ال�صدارة يف حياة �أي خملوق‪ .‬ف�إذا منعت اخلاطئني من الذنب ً‬
‫�ستفقد بع�ض الدرجات من الكمال‪ .‬لأن فكرة الطبيعة نف�سها لن تكون موجودة وهي‬
‫بفطرتها جتعل الإن�سان يختار اخلطية‪ ،‬فهي َملكة طبيعية للإن�سان الطبيعي‪.‬‬
‫كان ينبغي لـ «�ساتان» �أن يذنب‪ ،‬لي�س بت�أثري خارجي عليه‪ ،‬ولكن يبدو �أن نف�سه‬
‫كانت مالئمة للخطية‪ .‬ولقد فعل هذا عندما ابتغى �أن ي�صري م�ساو ًيا للرب‪ .‬ولقد‬
‫�أعلن هذا يف �سفر �إ�شعياء الرابع ع�شر‪�« :‬س�أ�صعد فوق مرتفعات ال�سحاب‪� ،‬أ�صري‬
‫مثل العلي»‪ .‬هو يعلم �أنه خملوق بوا�سطة الرب‪ ،‬وبالتايل يعرف �أنه من امل�ستحيل له‬
‫�أن يت�ساوى مع خالقه‪ .‬ولكنه �سعى �إىل امل�ساواة مع الرب‪ ،‬لي�س مطل ًقا ولكن بتحفظ‪،‬‬
‫‪92‬‬
‫فطبيعة الرب لها خا�صيتني‪ ،‬النعيم واخلري‪ ،‬فكل النعيم واخلري الذي يف خملوقاته‬
‫�إمنا هو �صادر منه‪ .‬وبالتايل املالك ال�شرير الأول‪ ،‬ر�أى �أن عزة نف�سه قد جتاوزت‬
‫املخلوقات الأخرى‪ ،‬فتمنى �أن يكون النعيم واخلري يف املخلوقات الأ�سفل منه م�ستمدً ا‬
‫منه هو‪ .‬ولقد وثق �أن هذا من حقه‪ ،‬حيث �أنه كان �أول من يوهَ ب يف طبيعته هاتني‬
‫اخلا�صيتني‪ ،‬النعيم واخلري‪ ،‬وبالتايل املخلوقات الأخرى يجب �أن تتلقى من هذا‬
‫ال�شرف الذي يف طبيعته‪ .‬ولقد َط َلب هذا من الرب‪ ،‬وكان م�ستعدً ا �أن يكون خا�ض ًعا‬
‫للرب لو �أعطاه هذه املنحة‪ .‬وبالتايل هو مل يتمنَ �أن يكون م�ساو ًيا مع الرب ب�شكل‬
‫مطلق‪ ،‬ولكن فقط بتحفظ‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�سنذكر � ً‬
‫أي�ضا �أنه عندما رغب يف حتويل طلبه �إىل حالة التنفيذ‪ ،‬فج�أة جعل طلبه‬
‫معلوما للآخرين‪ ،‬وفهم نفر من املالئكة طلبه ووافقوه عليه بنفو�سهم املنحرفة‪.‬‬ ‫ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبالتايل فخطيئة �أول مالك جتاوزت وفاقت خطايا الآخرين يف حجم الذنب و�سببه‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫انظر كتاب ‪ Apocalypse‬الثاين ع�شر‪ .‬التنني ي�سقط من اجلنة وير�سم معه‬
‫اجلزء الأخري من النجوم‪ .‬ويعي�ش يف هيئة «لوياثان»‪ ،‬ويكون مل ًكا على كل الأطفال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالكربياء‪ .‬وطب ًقا لأر�سطو يف كتاب ‪ Metaph‬اخلام�س‪� ،‬سمي مبلك الأمراء‪ ،‬نظ ًرا‬
‫لأنه حرك �أولئك اخلا�ضعني له وف ًقا لرغبته و�أمره‪ .‬بالتايل خطيئته كانت �أنه ت�سبب‬
‫ﺸﺮ‬

‫للآخرين باخلطية‪ ،‬لأنه هو الأول الذي مل يغويه �شيء خارجي‪ ،‬بل كان هو الإغواء‬
‫اخلارجي للآخرين‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لقد كتبت هذا الأمر ببع�ض التطويل‪ ،‬لأنه لو فهمنا هذا الإذن الإلهي الهائل يف‬
‫حالة املخلوقات الأكرث نبال فيما يتعلق بخطيئة الطموح‪� ،‬سيكون �أ�سهل �أن نعرتف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالإذن الإلهي الآخر اخلا�ص ب�أعمال ال�ساحرات‪ ،‬والالتي يف بع�ض الأحيان تكون‬
‫خطاياهن �أعظم من خطايا املالك و�أعظم حتى من خطية �آدم وحواء‪ ،‬كما �سنو�ضح‬
‫يف اجلزء الثاين‪.‬‬
‫العناية الإلهية �سمحت لأول �إن�سان �أن تتم غوايته ويذنب‪ ،‬و�سنقول نف�س ما‬
‫قيل بخ�صو�ص خمالفة املالئكة‪ .‬لأنه كل من الإن�سان واملالك ُخلقوا لنف�س الغاية‪،‬‬
‫وتركهم الرب لإرادتهم احلرة‪ ،‬حتى ميكنهم يف النهاية �أن يتلقوا اجلزاء بالنعيم‬
‫ً‬
‫حمفوظا من �سقوطه‪ ،‬كذلك الإن�سان‪.‬‬ ‫عن جدارة‪ .‬بالتايل‪ ،‬كما �أن املالك مل يكن‬
‫‪93‬‬
‫من �أجل ذلك قال القدي�س «توما�س» الرب معظم ومبجل حتى يف اخلطية‪ ،‬وذلك‬
‫لأنه يعفو برحمة حني يعاقب بعدله‪ ،‬بالتايل يتعني عليه �أال مينع اخلطية‪ .‬دعونا نعود‬
‫�إىل خال�صة خمت�صرة مل�س�ألتنا‪ ،‬الرب �سمح للإن�سان باخلطية لعدة �أ�سباب‪ .‬الأول‪،‬‬
‫�أن قدرة الرب ميكنها �أن تظهر‪ ،‬وهو وحده ال يتغري لكن املخلوقات تتغري‪.‬‬
‫ثان ًيا‪� ،‬أن حكمة الرب ميكنها �أن ُتعلن‪ ،‬وهو الذي ي�أتي باخلري من ال�شر‪ ،‬وهذا لن‬
‫يح�صل �إال �إذا �سمح الرب للمخلوق �أن يفعل اخلطية‪.‬‬
‫ثال ًثا‪� ،‬أن رحمة الرب ميكنها �أن تظهر‪ ،‬حيث �أن امل�سيح مبوته حرر الإن�سان الذي‬
‫كان �ضائ ًعا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫راب ًعا‪� ،‬أن عدالة الرب ميكنها �أن تظهر‪ ،‬وهي لي�ست فقط مبكاف�أة اخلري ولكن‬
‫أي�ضا بعقاب ال�شر‪.‬‬ ‫� ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫خام�سا‪� ،‬أن حالة الإن�سان لن تكون �أ�سو�أ من بقية املخلوقات‪ ،‬كلهم يحكمهم‬ ‫ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫الرب ويجعلهم يت�صرفون وف ًقا لطبيعتهم‪ ،‬لذا تعني عليه �أن يرتك الإن�سان لقراره‬
‫اخلا�ص‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�ساد�سا‪ ،‬لأجل جمد الإن�سان‪ ،‬جمد ذلك الإن�سان الذي كان ب�إمكانه �أن يرتكب‬ ‫ً‬
‫اخلطية لكنه مل يفعل‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�ساب ًعا‪ ،‬ليزين الكون‪ ،‬لأنه كما �أن هناك ثالثة �أ�صناف من ال�شر يف اخلطية‪،‬‬
‫الذنب والأمل وال�ضياع‪ ،‬فالكون يتزين مبا يوجد فيه من ثالثة �أ�صناف من اخلري‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الرب وال�سرور واملنفعة‪ .‬الرب مزين بالذنب‪ ،‬وال�سرور مزين بالأمل‪ ،‬واملنفعة مزينة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بال�ضياع‪ .‬وبهذا تكون الإجابة على هذه احلجج‪.‬‬

‫حلول احلجج‬
‫بالن�سبة للحجة الأوىل‪ ،‬من الهرطقة �أن جتزم �أن الرب ال ي�سمح للإن�سان ب�إرادته‬
‫احلرة �أن يفعل اخلطية �إذا �أراد‪ .‬الرب ي�سمح بكثري من اخلطية‪ ،‬مبنطق قدرته على‬
‫معاقبة الإن�سان لأجل تزيني الكون‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» قال» يف كتابه ‪Book‬‬
‫‪� :of Soliloques‬أنت يا �سيدي قد �أمرت وهو كذلك‪� ،‬أن عار الإثم ال يجب �أن مير‬
‫منك بدون ِعظم العذاب‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫ولي�ست �صحيحة تلك احلجة التي تقال �أن احلاكم احلكيم ال بد �أن يبعد كل‬
‫العيب وال�شر �إىل �أبعد ما ميكن‪ .‬لأن الأمر خمتلف مع الرب‪ ،‬فله عناية الكون كله‪،‬‬
‫وهو لي�س كالذي له عناية حمددة‪ .‬فالرب ميكنه �أن ي�أتي باخلري من ال�شر‪.‬‬
‫وبالن�سبة للحجة الثانية‪ ،‬من الوا�ضح �أن قدرة الرب وخرييته وعدالته وا�ضحة‬
‫يف �إذنه باخلطية‪ .‬لذا عندما ُيحتج ب�أن الرب �إما �أن ميكنه �أو ال ميكنه �أن مينع‬
‫ال�شر‪ ،‬الإجابة هي �أنه نعم ميكنه �أن مينعه‪ ،‬ولكن للأ�سباب التي قدمناها ال يتعني‬
‫عليه �أن يفعل هذا‪.‬‬
‫�صحيحا �أن نحتج ب�أن الرب بالتايل يريد لل�شر �أن يحدث‪ ،‬حيث كان‬ ‫ً‬ ‫ولي�س‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�إمكانه منعه لكنه مل يفعل‪ ،‬لأنه كما و�ضحنا‪ ،‬الرب ال ميكن �أن يتمنى لل�شر �أن‬
‫يحدث‪ .‬ال هو يتمنى وال هو ال يتمنى‪ ،‬هو فقط ي�سمح بال�شر لأجل كمال الكون‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف احلجة الثالثة‪ ،‬القدي�س «�أوج�ستني» و�أر�سطو ميكن �أن نقتب�س منهم يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫مو�ضوع املعرفة الإن�سانية‪ ،‬بالقول �أنه من الأف�ضل للإن�سان �أال تكون له معرفة مبا‬
‫هو �شر ورذيلة ل�سببني‪ ،‬الأول �أنه �سيفقد فر�صة التفكري يف ال�شر‪ .‬وثان ًيا‪ ،‬لأن معرفة‬
‫ال�شر يف بع�ض الأحيان تنحرف باملزاج ناحية ال�شر‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالن�سبة للحجة الرابعة‪ :‬القدي�س «باول» يقول �أن الرب ال يهتم بالثريان‪ ،‬ليو�ضح‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن املخلوق العاقل لديه حتكم ب�أفعاله مبا وهبه الرب من �إرادة حرة‪ .‬بالتايل الرب‬
‫لديه عناية خا�صة به‪ ،‬وبالتايل ميكن �أن يتلقى �إما العقاب �أو املكاف�أة‪ ،‬وطب ًعا الرب‬
‫ﻭ‬

‫ال يعتني بالوحو�ش غري العاقلة بهذه الطريقة‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن �أن نقول �أن �أفراد الوحو�ش غري العاقلة لي�ست جز ًءا من العناية الإلهية‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫فهذا �سيكون هرطقة‪ ،‬لأنه �سن�ؤمن عندها �أنه لي�س كل �شيء خا�ضع للعناية الإلهية‪،‬‬
‫معار�ضا للمدح الذي ذكر يف الكتب املقد�سة للحكمة الإلهية‪ ،‬والتي‬ ‫ً‬ ‫و�سيكون هذا‬
‫متتد من �أق�صى الكون �إىل �أق�صاه وتدبر كل �شيء ب�إح�سان‪ ،‬وهذا خط�أ احلرب مو�سى‬
‫كما بيناه �ساب ًقا‪.‬‬
‫بالن�سبة للحجة اخلام�سة‪ ،‬الإن�سان مل ي�صنع الطبيعة‪ ،‬ولكنه ي�ستعمل الطبيعة‬
‫ب�أعظم قدر من اال�ستعمال املوافق ملهارته وقوته‪ .‬وبالتايل فالعناية الب�شرية ال‬
‫متتد �إىل الظواهر الطبيعية املحتومة‪ ،‬مثل �أن ال�شم�س �ست�شرق غدً ا‪ .‬ولكن العناية‬
‫الإلهية متتد �إىل كل هذه الأ�شياء‪ ،‬حيث �أن الرب نف�سه هو م�صمم الطبيعة‪ .‬من �أجل‬
‫‪95‬‬
‫ذلك فالعيوب يف الطبيعة‪ ،‬حتى �إن برزت من �أ�سباب طبيعية‪ ،‬فهي خا�ضعة للعناية‬
‫الإلهية‪ .‬وبالتايل «دميوكريتو�س» وفال�سفة طبيعيني �آخرين كانوا خمطئني عندما‬
‫ن�سبوا �أي �شيء يحدث للمخلوقات �إىل ال�صدفة‪.‬‬
‫بالن�سبة للحجة الأخرية‪ ،‬رغم �أن كل عقاب هو من عند الرب ب�سبب اخلطية‪،‬‬
‫ف�أعظم املذنبني لي�سوا دائ ًما م�صابني ببلوى ال�سحر‪ .‬وهذا رمبا يكون ب�سبب �أن‬
‫ال�شياطني ال تتمنى �أن ي�صيبوا ويغووا تابعيهم‪� ،‬أو ب�سبب �أن ال�شيطان ال يتمنى لهم‬
‫�أن يعودوا �إىل الرب‪ .‬كما قيل‪ :‬بال�ؤهم قد ت�ضاعف‪ ،‬وهذا �أرجعهم �إىل الرب‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫وكل العقوبات التي هي من عند الرب للخطيئة ُتفهم وفقا لقول القدي�س «جريوم»‪،‬‬
‫مهما كان ما نعانيه‪ ،‬ف�إنا ن�ستحقه على خطايانا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لقد مت �إعالن �أن خطايا ال�ساحرات هي �أخطر من خطايا مالئكة ال�شر وخطايا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�آدم وحواء‪ .‬من �أجل ذلك‪ ،‬فكما يعا َقب الربيء على خطايا �أبويه �آدم وحواء‪ ،‬كذلك‬
‫كثري من النا�س غري امللومني يتم لعنهم و�سحرهم ب�سبب خطايا ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪96‬‬
‫السؤال ‪ .14‬هل ينبغي بسبب شناعة الساحرات‪ ،‬أن‬
‫ي ُعلن أمرهن بوضوح؟‬

‫بالن�سبة �إىل �شناعة اجلرائم‪ ،‬ي�أتي ال�س�ؤال‪ ،‬هل جرائم ال�ساحرات تتجاوز يف‬
‫الذنب والأمل وال�ضياع‪ ،‬كل ال�شرور التي �سمح بها الرب منذ بداية العامل وحتى الآن‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫خ�صو�صا يف الذنب‪ .‬لأن اخلطية التي يفعلها الإن�سان وكان‬‫ً‬ ‫ويبدو �أنها ح ًّقا تتجاوز‪،‬‬
‫ب�إمكانه �أن يتفاداها ب�سهولة هي �أكرب من خطية �إن�سان �آخر فعلها ومل يكن ب�إمكانه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن يتفاداها ب�سهولة‪ .‬هذا يت�ضح من كالم القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪de Ciuit‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪ :Dei‬هناك كثري من ال�شر يف اخلطية عندما يكون من ال�سهل �أال تخطئها‪ .‬ولكن‬
‫�آدم‪ ،‬و�آخرين �أخطئوا وهم يف حالة من الكمال والنعمة‪ ،‬وكان ب�إمكانهم ب�سبب‬
‫النعمة �أن يتفادوا خطياتهم تلك‪ ،‬خا�ص ًة �آدم الذي مت خلقه يف النعمة‪ .‬فهو �أخطر‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من ال�ساحرات الالتي مل تكن لديهم هذه النعمة‪ .‬وبالتايل فخطية �آدم �أعظم من‬
‫كل اجلرائم التي فعلتها ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا فيما يتعلق بالعقاب‪� :‬أعظم عقاب هو الذي يكون لأعظم لوم‪ .‬وخطية �آدم‬ ‫و� ً‬
‫ﻭ‬

‫كانت �أكرث �شيء عقا ًبا‪ ،‬واحلقيقة �أن خطيته عانى منها كل ن�سله بوراثة اخلطية‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأ�صلية‪ .‬وبالتايل خطيئته �أعظم من كل اخلطايا الأخرى‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا‪ ،‬نف�س ال�شيء يحتج به فيما يتعلق بال�ضياع‪ .‬لأنه طب ًقا للقدي�س «�أوج�ستني»‪:‬‬‫و� ً‬
‫ال�شيء ال�شرير يكمن �ش ّره يف �أنه ُيبعد الإن�سان عن اخلري‪ :‬بالتايل عندما ي�ضيع خري‬
‫�أكرث‪ ،‬يكون ال�شر �أعظم‪ .‬ولكن خطية �أبوينا قد جلبت �أعظم �ضياع للنعمة وللطبيعة‪،‬‬
‫لأنها �سلبتنا من براءتنا وخلودنا‪ ،‬وال توجد خطية قد جلبت لنا ال�ضياع �أكرث منها‪.‬‬
‫ولكن على اجلانب الآخر‪ ،‬يقال �أن ال�شيء الذي فيه �أكرث �أ�سباب ال�شر هو ال�شر‬
‫الأعظم‪ ،‬مثل خطايا ال�ساحرات‪ .‬لأنهن ي�ستطعن ب�إذن الرب‪� ،‬أن يجلنب كل �شر على‬
‫�أي �شيء فيه خري‪ ،‬كما مت �إعالنه يف الأمر ال�سيادي البابوي‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬آدم �أذنب فقط‬
‫يف �أنه فعل ال�شيء الذي كان خاط ًئا لأنه كان ممنوعا‪ ،‬ولكن فعله مل يكن خاط ًئا‬
‫‪97‬‬
‫بذاته‪� .‬أما ال�ساحرات وبقية املذنبني‪ ،‬يذنبون بعمل ال�شيء الذي هو خط�أ لأنه خاطئ‬
‫بذاته‪ ،‬وممنوع‪ .‬مثل القتل وكل الأ�شياء املمنوعة الأخرى‪ .‬وبالتايل خطاياهم �أثقل‬
‫من خطية �آدم‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬اخلطية التي ت�أتي ب�سبب احلقد �أثقل من اخلطية التي ت�أتي ب�سبب‬ ‫� ً‬
‫اجلهل‪ .‬وال�ساحرات‪ ،‬بكثري من احلقد‪ ،‬يحتقرن الإميان والأ�سرار املقد�سة للإميان‪،‬‬
‫كما اعرتفت كثري منهن‪.‬‬
‫الإجابة‪ .‬ال�شرور التي ُترتكب من �ساحرات هذه الأيام تتجاوز كل اخلطايا‬
‫يوما‪ ،‬كما قيل يف عنوان ال�س�ؤال‪ .‬وهذا‬ ‫الأخرى التي �أذن بها الرب �أن حت�صل ً‬
‫ميكن تو�ضيحه بثالث طرق‪ً � ،‬أول ب�شكل عام‪ ،‬مبقارنة �أعمالهن بدون حتيز مع �أي‬

‫ﻋﺼ‬
‫جرائم عاملية �أخرى‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬ب�شكل حمدد‪ ،‬بالنظر �إىل �أي ميثاق وعهد قد دخلوه مع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شيطان‪ .‬وثال ًثا‪ ،‬مبقارنة خطاياهم مع خطايا مالئكة ال�شر ومع خطية �أبوينا �آدم‬
‫وحواء‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫جملة �أن �أعمال ال�ساحرات تتجاوز كل اخلطايا الأخرى تت�ضح بهذه الطريقة‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أنه وف ًقا لتعاليم القدي�س «توما�س»‪� ،‬أ�شياء كثرية تدخل يف وزن اخلطية من حيث‬
‫ثقلها وخفتها‪ ،‬فنف�س اخلطية ميكن �أن تعترب ثقيلة بالن�سبة ل�شخ�ص وخفيفة‬
‫ﺸﺮ‬

‫بالن�سبة لآخر‪ .‬كمثال‪ ،‬ميكننا �أن نقول عن ال�شاب الذي ارتكب الزنا �أنه مذنب‪ ،‬لكن‬
‫العجوز �إذا فعله �سن�سميه م�سعو ًرا‪ .‬اخلطايا الأثقل هي التي حتدث يف �أكرث الظروف‬
‫ﻭ‬

‫نوعا ما‪.‬‬
‫�سعة‪ ،‬هذه تكون يف طبيعتها ومقدارها �أكرث خطورة ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وميكننا �أن نقول �أنه رغم �أن خطية �آدم �إىل حد ما �أثقل من كل اخلطايا الأخرى‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫نظ ًرا لأنه �سقط ب�سبب حتري�ض ب�سيط و�إغواء‪ ،‬حيث �أنه كان ب�إمكانه �أن يقاوم على‬
‫الأقل بفعل العدالة الأ�صلية التي خلق بها‪ ،‬ومع ذلك تفاقمت خطيته لأنها ت�سببت يف‬
‫خطايا �أثقل‪ ،‬لكن خطايا ال�ساحرات تتجاوز رغم ذلك كل اخلطايا الأخرى‪ .‬وهذا‬
‫�سيت�ضح بطريقتني‪.‬‬
‫لأن اخلطيئة الواحدة ميكن يقال �أنها �أكرب من الأخرى عن طريق واحدة من‬
‫هذه االعتبارات‪ ،‬يف �سببها‪ :‬كما يف خطيئة «لو�سيفر» و�آدم‪ .‬يف قبحها‪ :‬كما كانت‬
‫خطية يهوذا‪ .‬يف �صعوبة غفرانها‪ :‬كما هي اخلطيئة �ضد الروح القد�س‪ .‬يف خطرها‪:‬‬
‫‪98‬‬
‫كما هي خطيئة الطمع‪ .‬يف امليل‪ :‬كما هي خطيئة التحري�ض‪.‬‬
‫يف الإ�ساءة جلاللة الرب‪ :‬كما هي خطيئة الوثنية والكفر‪ .‬يف �صعوبة مكافحتها‪:‬‬
‫كما هي خطيئة الكرب‪ .‬يف عمى العقل‪ :‬كما هي خطيئة الغ�ضب‪ .‬ومن ثم‪ ،‬ف�إنه بعد‬
‫خطيئة لو�سيفر‪� ،‬أعمال ال�ساحرات جتاوزت كل اخلطايا الأخرى‪ ،‬يف الب�شاعة‪ ،‬لأنهن‬
‫ُينكرن �صلب امل�سيح‪ .‬ويف امليل‪ ،‬حيث يفعلن ال�سوء ب�أج�سادهن مع ال�شياطني‪ .‬ويف‬
‫العمى‪ ،‬حيث �أرواحهن حقودة وغ�ضبى ويجلنب كل �أذى على �أرواح و�أج�ساد الب�شر‬
‫والوحو�ش‪.‬‬
‫دعون �ساحرات «بالالتينية‬ ‫وهذا �أكد عليه القدي�س «�إيزيدور» بقوله‪ :‬لأنهن ُي َ‬
‫‪ maleficae‬وتعني امل�ؤذية» ب�سبب ب�شاعة جرائمهن‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هناك تدرجان يف اخلطيئة‪ ،‬ال�صد‪ ،‬وتغري القلب‪ .‬يقول القدي�س «�أوج�ستني»‪:‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اخلطية هي �أن ترف�ض اخلري الرا�سخ‪ ،‬وتتعلق بالأ�شياء املتقلبة‪ .‬بالتايل‪ ،‬كلما ازداد‬
‫ﻜﺘ‬
‫الإن�سان بها بعدً ا عن الرب‪ ،‬كلما كانت اخلطية �أثقل‪ .‬ومبا �أن الكفر هو ال�سبب‬
‫الرئي�سي البتعاد الإن�سان عن الرب‪ ،‬ف�إن كفر ال�ساحرات يعترب هو اخلطية الأعظم‪.‬‬
‫ولقد �أُعطي لكفرهن ا�سم الهرطقة‪ ،‬التي تعني الردة عن الإميان‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫خطية الكفر تتكون من معار�ضة الإميان‪ ،‬وهذه املعار�ضة ميكن �أن ت�أتي من‬
‫ﺸﺮ‬

‫طريقني‪ ،‬مبعار�ضة الإميان الذي مل يتم تلقيه بعد‪� ،‬أو معار�ضة الإميان الذي مت‬
‫تلقيه‪ .‬الأوىل هي طريقة كفر الوثنيني وامل�شركني‪ .‬والثانية‪ ،‬يتم فيها �إنكار الإميان‬
‫ﻭ‬

‫امل�سيحي بطريقتني‪� ،‬إما ب�إنكار النب�ؤات التي فيه‪� ،‬أو ب�إنكار التجلي الفعلي حلقيقته‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأوىل هي كفر اليهود‪ ،‬والثانية هي كفر الهراطقة‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫من الوا�ضح من هذا �أن هرطقة ال�ساحرات هي الأكرث �شناعة من الدرجات‬


‫الثالثة من الكفر‪ ،‬وهذه احلقيقة مثبتة باملنطق وال�شريعة‪ .‬لأنه قيل يف ر�سالة‬
‫ريا لهم لو مل يعرفوا طريق الرب من �أنهم بعدما‬ ‫بطر�س الثانية «لأنه كان خ ً‬
‫عرفوا يرتدّون عن الو�صية املقد�سة امل�سلمة لهم» ومن املنطقي �أن نقول �أن خطيئة‬
‫الذي وعد ومل يوف بوعده �أكرب من خطيئة الذي مل يوف مبا مل يعد به � ً‬
‫أ�صل‪.‬‬
‫واملهرطق هو الذي يعلن �إميانه بالأناجيل ثم جتده يكافح �ضدها بت�شويهها‪ ،‬وخطيته‬
‫�أكرب من خطية اليهود والوثنيني‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬اليهود يذنبون ب�شكل �أكرب من الوثنيني‪ ،‬لأنهم قد تلقوا نبوءة الإميان‬ ‫و� ً‬
‫‪99‬‬
‫امل�سيحي يف العهد القدمي‪ ،‬ثم �أف�سدوها ب�سوء ترجمتها‪ ،‬وهو لي�س احلال بالن�سبة‬
‫للوثنيني‪ .‬بالتايل كفر اليهود خطيئة �أكرب من خطيئة الوثنيني‪ ،‬الذين مل يتلقوا‬
‫الإميان بالأناجيل‪ .‬وبخ�صو�ص الردة‪ ،‬يقول القدي�س توما�س يف كتاب ‪Second of‬‬
‫‪ ،the Second‬الردة تعني االن�صراف بعيدا عن الرب والدين‪.‬‬
‫القدي�س «راميوند» و«هو�ستين�سي�س» يقوالن �أن الردة هي رحيل متهور من حالة‬
‫الإميان �أو الطاعة �أو الدين‪ .‬والردة بعد الإميان �أكرب خطيئة من �أي من النوعني‬
‫الآخرين للكفر‪ ،‬لأنه يف نوعها يتم حذف الدين ال�سابق كله‪.‬‬
‫ولكن وف ًقا للقدي�س «راميوند» الإن�سان ال ُيحكم عليه بالردة مهما كان ابتعاده‬

‫ﻋﺼ‬
‫وطول �ضالله‪� ،‬إال �إذا �أبان فيما ي�أتي من حياته �أنه مل يفكر يف الرجوع �إىل الإميان‬
‫مثل‪� ،‬أو �أن يرتكب‬ ‫مطل ًقا‪ .‬وهذا يت�ضح يف حالة رجل الدين �إذا �أراد �أن يتزوج ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫جرمية مماثلة‪ .‬فهي ردة من الطاعة يرف�ض فيها ال�شخ�ص متعمدً ا تعاليم الكني�سة‬
‫والأ�ساقفة‪ .‬ورجل كهذا ال بد �أن يحكم عليه باخلزي ويتم نفيه‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫عندما نتحدث عن ردة ال�ساحرات‪ ،‬فنحن نعني الردة اخلائنة‪ ،‬وهذه �أ�شد‬
‫ب�شاعة‪ ،‬يف �أنها تنبت من عهد مت عمله مع ال�شيطان عدو الإميان وعدو اخلال�ص‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لأن ال�ساحرات ترتبطن ب�أداء هذا العهد‪ ،‬الذي فر�ضه هذا العدو �إما جزئ ًّيا �أو كل ًّيا‪.‬‬
‫لأننا نحن املفت�شني قد وجدنا بع�ض ال�ساحرات الالتي �أنكرن كل مقاالت الإميان‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫بع�ضا منها‪ ،‬ولكن كلهن مرتبطات ب�إنكار �سر االعرتاف يف‬ ‫و�أخريات �أنكرن فقط ً‬
‫الكني�سة‪ .‬وبالتايل‪ ،‬حتى ردة «جوليان» ال تبدو كبرية جدًّا بالن�سبة لهم‪ ،‬رغم �أنه يف‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اعتبارات �أخرى‪ ،‬هو قد ت�سبب ب�ضرر �أكرب للكني�سة‪ ،‬ولكن ال ميكننا احلديث عن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫هذا هنا‪.‬‬
‫ولكن ميكن �أن يتم االعرتا�ض على �أنه من املمكن �أنهن حمتفظات بالإميان‬
‫يف �أفكار قلوبهن‪ ،‬التي يراها الرب فقط‪ ،‬بينما ي�ؤدين تبجيل وطاعة ال�شيطان يف‬
‫الظاهر فقط‪ .‬لإجابة هذا نقول‪ ،‬يبدو �أن هناك درجتني من درجات الردة اخلائنة‪.‬‬
‫�إحداهما تتكون من فعل ظاهري بالكفر‪ ،‬بدون عمل �أي عهد مع ال�شيطان‪ ،‬مثل‬
‫�شخ�ص يعي�ش على �أرا�ضي الكفار ويجعل حياته مطابقة حلياة املحمديني امل�سلمني‪.‬‬
‫الدرجة الأخرى فيها عهد مع ال�شيطان عمله �شخ�ص يعي�ش على الأرا�ضي امل�سيحية‪.‬‬
‫احلالة الأوىل‪ ،‬هم الذين يبقون الإميان يف قلوبهم ويرف�ضونه ب�أفعالهم الظاهرية‪،‬‬
‫‪100‬‬
‫وهم لي�سوا مرتدين ولي�سوا هراطقة‪� ،‬إال �أنهم مذنبون بذنب مميت‪ .‬لأنه بهذه‬
‫الطريقة‪� ،‬أظهر �سليمان التبجيل لآلهة زوجاته‪ .‬وال �أحد ميكن �أن يلتم�س له العذر‬
‫ب�أنه عمل هذا بدافع اخلوف‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول‪ :‬من الأف�ضل �أن متوت من‬
‫اجلوع عن �أن يطعمك الوثنيون‪ .‬ولكن مع ذلك �ساحرات كثريات رمبا ُيبقني الإميان‬
‫يف قلوبهن بينما يرف�ضنه ب�شفاههن‪ ،‬ولكن �سيظل احلكم عليهن �أنهن مرتدات‪،‬‬
‫لأنهن قد عملن معاهدة مع املوت وميثا ًقا مع اجلحيم‪ .‬لأجل هذا يقول القدي�س‬
‫«توما�س»‪ ،‬باحلديث عن الأعمال ال�سحرية‪ ،‬وعن ه�ؤالء الذين يطلبون العون من‬
‫ال�شياطني‪ ،‬فكلهم مرتدون عن الإميان‪ ،‬ب�سبب العهد الذي عملوه مع ال�شيطان‪� ،‬إما‬
‫بالكلمة‪ ،‬حيث ا�ستخدموا ت�ضرعات وابتهاالت معينة‪� ،‬أو عملوا بع�ض الأفعال‪ ،‬حتى‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�إن مل يكن فيها ت�ضحية حقيقية‪ ،‬لأنه ال �أحد يخدم �سيدين‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عن نف�س الت�أثري يكتب «�ألبريتو�س ماجنو�س» املبارك‪ ،‬وي�س�أل �إن كان ال�سحرة‬
‫واملنجمون مرتدين عن الإميان‪ .‬ويجيب‪ ،‬هناك دائ ًما ردة بالكلمة �أو بالفعل‪� .‬إذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫كانت هناك ت�ضرعات وابتهاالت تقال‪ ،‬فهناك عهد مفتوح قد مت عمله مع ال�شيطان‬
‫وهذه ردة وا�ضحة بالكلمة‪ .‬ولكن �إذا كان �سحرهم هو عبارة عن فعل معني‪ ،‬ف�ستكون‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هذه ردة بالأفعال‪ .‬ومبا �أنه يف كل هذه الطرق هناك �إف�ساد للإميان‪ ،‬لأنهم ينتظرون‬
‫من ال�شيطان ما كان يجب �أن ُينتظر من الرب‪ .‬بالتايل‪ ،‬ال بد �أن يحكم عليهم بالردة‬
‫ﺸﺮ‬

‫دائ ًما‪ .‬انظر كيف بتبيان درجتي الردة‪ ،‬نفهم الدرجة الثالثة‪ ،‬وهي ردة الفكر‪ .‬فحتى‬
‫لو كانت هذه الأخرية مفقودة‪ ،‬مع ذلك يحكم على ال�ساحرات �أنهن مرتدات بالكلمة‬
‫ﻭ‬

‫وبالأفعال‪ .‬وبالتايل كما �سنو�ضح‪ ،‬ال بد �أن تتم معاقبتهن بالهرطقة والردة‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولقد ارتكنب جرمية �شنيعة ثالثة‪ ،‬تتجاوز كل الهرطقات الأخرى‪ ،‬وهي الكفر‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫فالقدي�س «�أوج�ستني» يخربنا �أن كل حياة الكفار خطية‪ ،‬وتف�سري ر�سالة رومية يقول‬
‫�أن �أي �شيء ال ي�أتي من �إميان فهو خطية‪ .‬ماذا �إذن عن حياة ال�ساحرات وجميع‬
‫�أفعالهن التي تبدو جيدة وال تعجب ال�شيطان مثل ال�صيام �أو زيارة الكني�سة والأ�شياء‬
‫اخلرية �أخرى؟ هن يف كل هذه الأ�شياء يرتكنب خطيئة مميتة‪ ،‬ن�شرحها كالتايل‪.‬‬
‫هن �سقطن يف اخلطية ولكن مل يخ�سرن فر�صة التعديل من �أنف�سهن (لأن‬
‫اخلطية مل تخرب كل الطبيعة اخلريية فيهم‪ ،‬وهناك نور طبيعي يظل موجودًا) لكن‬
‫ب�سبب بيعتهن لل�شيطان ‪� -‬إىل �أن يتحررن منها ‪ -‬فكل �أعمالهن‪ ،‬التي تظهر �أنها‬

‫‪101‬‬
‫جيدة‪ ،‬هي �أعمال ذات طبيعة �شريرة ولي�س هذا هو احلال بالن�سبة للكفار الآخرين‪.‬‬
‫وفقا لقول القدي�س «توما�س» يف كتاب ‪ Second of the Second‬ال�س�ؤال‬
‫العا�شر‪� ،‬أن �أفعال غري امل�ؤمنني التي تكون جيدة يف طبيعتها‪ ،‬مثل ال�صيام‪ ،‬ال�صدقة‬
‫وكل الأفعال من هذا النوع لي�ست نافعة لهم‪ .‬وهذا ب�سبب كفرهم الذي هو خطيئة‬
‫�أكرب من كل ما عملوا‪ .‬فاخلطية ال تف�سد كل الطبيعة اخلريية يف الإن�سان العادي‪،‬‬
‫و�سيظل هناك نور طبيعي باق فيه‪� ،‬إال الكفر‪ .‬كمثال‪ ،‬املُ�س ِلم ي�صوم‪ً ،‬‬
‫عمل ب�شريعة‬
‫أي�ضا لديه �أيام �صيام‪ ،‬ولكن حتى يف عمله هذه الأعمال اجليدة‬ ‫حممد‪ ،‬واليهودي � ً‬
‫فهو مذنب بخطيئة مهلكة‪ .‬وبهذا ميكن فهم االقتبا�س ال�سابق للقدي�س «�أوج�ستني»‪،‬‬
‫�أن كل حياة الكفار هي خطية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�ساحرات ي�ستحققن �أ�شد عقاب ممكن‪� ،‬أ�شد من عقاب جميع املجرمني يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫العامل‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫جرائم ال�ساحرات بالتايل تتخطى كل خطايا الآخرين‪ ،‬ونحن الآن �سنعلن عن‬
‫العقاب الذي ي�ستحققنه‪� ،‬سواء كمهرطقات �أو كافرات‪ .‬املهرطق وفقا للقدي�س‬
‫«راميوند» ُيعاقب بطرق عديدة‪ ،‬مثل العزل‪ ،‬النفي‪ ،‬م�صادرة ممتلكاته‪ ،‬واملوت‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والقارئ ميكنه �أن يعرف �أكرث با�ست�شارة القانون املتعلق بحكم العزل‪ .‬وحتى �أتباع‬
‫املهرطقني‪ ،‬ومن يحمونهم‪ ،‬و�أن�صارهم واملدافعني عنهم �سيتحملون �أ�شد عقوبة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ف�ضل عن عقوبة العزل‪ ،‬فاملهرطقون و�أتباعهم ومن يحمونهم و�أن�صارهم‬ ‫لأنه‪ً ،‬‬
‫ﻭ‬

‫واملدافعني عنهم وحتى �أطفالهم �إىل اجليل الثاين من ناحية الأب‪ ،‬و�إىل الدرجة‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأوىل من ناحية الأم‪� ،‬س ُيحرمون جمي ًعا االنتفاع من الكني�سة‪ .‬و�إذا كان املهرطق‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لديه �أطفال كاثوليكيون‪ ،‬فلأجل ب�شاعة جرميته‪� ،‬سيتم حرمانهم من وراثة الأب‪.‬‬
‫و�إذا متت �إدانة املهرطق ورف�ض �أن يتوب ويتخلى عن هرطقته‪ ،‬فالبد �أن يتم‬
‫حرقه بالكامل‪ ،‬لأن الذين يزيفون النقود تكون عقوبتهم املوت الفوري‪ ،‬فما بالك‬
‫مبن يزيف الإميان؟ ولكن �إذا كان املهرطق رجل دين‪ ،‬فبعد الإهانة الر�سمية له‬
‫يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ل ُيحكم عليه باملوت‪ .‬ولكن �إذا عادوا �إىل الإميان‪،‬‬
‫يتم �سجنهم مدى احلياة‪ .‬ولكن يف التطبيق الفعلي يتم التعامل مع رجال الدين‬
‫بت�ساهل �أكرث بعد التوبة‪ ،‬لي�س التعامل املفرت�ض طب ًقا حلكم الأ�ساقفة واملفت�شني‪،‬‬
‫كما �سيت�ضح يف اجلزء الثالث‪ ،‬عندما نتحدث عن �أ�ساليب احلكم املختلفة على‬
‫‪102‬‬
‫الذين ُيقب�ض عليهم ويحكم عليهم ويتوبون عن خطياتهم‪.‬‬
‫ولكن معاقبة ال�ساحرات بهذه الطريقة ال تبدو كافية‪ ،‬لأن فعلهن لي�س هرطقة‬
‫عادية ولكن كفر‪ .‬والأ�شد من هذا �أنهن ال يخفني كفرهن خو ًفا من النا�س ً‬
‫مثل‪،‬‬
‫لكنهن يقدمن البيعة لل�شياطني ويهنب �أج�سادهن و�أرواحهن لهم‪ .‬يت�ضح من هذا‬
‫ب�شكل كاف‪� ،‬أنه حتى لو تابت الواحدة منهن وعادت �إىل الإميان‪ ،‬فالبد �أن تتم‬
‫معاقبتها كبقية املهرطقني بال�سجن مدى احلياة‪ ،‬ولكن � ً‬
‫أي�ضا ال بد �أن نطبق عليها‬
‫�أق�صى عقوبة ب�سبب ال�ضرر الذي يفعلنه يف الب�شر واحليوانات بطرق عديدة‪ .‬و�إن‬
‫َت َع ُلم هذا الإثم و َت َع ُلم طرقه له نف�س درجة الذنب‪ ،‬هكذا تقول ال�شريعة بخ�صو�ص‬

‫ﻋﺼ‬
‫العرافني‪.‬‬
‫وما الذي ميكن �أن يقال �أ�شد من هذا بالن�سبة لل�ساحرات‪ ،‬عندما تقول ال�شريعة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن العقوبة الواقعة عليهن هي م�صادرة �أمالكهن وقطع ر�ؤو�سهن‪ .‬ال�شريعة � ً‬
‫أي�ضا‬
‫ﻜﺘ‬
‫تقول الكثري بخ�صو�ص الذين ي�ستفزون الن�ساء بوا�سطة ال�سحر للوقوع يف ال�شهوة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪103‬‬
‫السؤال ‪ .15‬لماذا ي ُعتبر ُ أن ما هو أشد من خطايا‬
‫الساحرات‪ ،‬أن البريء غالب ًا يعاقب بسبب سحرهن؟‬

‫احلقيقة �أنه ب�إذن الرب‪ ،‬كثري من الربيئني َي�ضيعون وتتم معاقبتهم بالبالءات‪،‬‬
‫لي�س ب�سبب خطاياهم اخلا�صة‪ ،‬ولكن ب�سبب خطايا ال�ساحرات‪ .‬وهذا قد ُيعترب‬

‫ﻋﺼ‬
‫مناق�ضا للمنطق بالن�سبة للبع�ض‪ ،‬يو�ضح القدي�س «توما�س» يف كتاب ‪Second of‬‬ ‫ً‬
‫‪ the Second‬ال�س�ؤال الثامن‪� ،‬أن هذا يحدث فقط عند الرب‪ .‬فهو يق�سم العقوبات‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف هذه احلياة �إىل ثالث درجات‪ .‬الدرجة الأوىل‪� ،‬إن�سان يتبع �إن�سا ًنا‪ ،‬بالتايل �إذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫عوقب الإن�سان املتبوع على عمله‪ ،‬فقد يعاين الإن�سان التابع جراء هذه العقوبة‪.‬‬
‫وكمثال واقع‪ ،‬الأبناء ملكية لأبوهم‪ ،‬واحليوانات والعبيد ملكية لأ�سيادهم‪ ،‬فالأبناء‬
‫مثل مات‬‫يف بع�ض الأحيان ُيعاقبون ب�سبب خطايا �آبائهم‪ .‬فابن داوود من الزنا ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ب�سرعة‪ ،‬وحيوانات العماليق مت قتلهم‪ .‬وحتى الآن �سبب هذا ال يزال ً‬


‫غام�ضا‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫الدرجة الثانية من العقوبة‪� ،‬أن خطيئة �شخ�ص ميكن �أن يتحملها �شخ�ص �آخر‪،‬‬
‫وهذا بطريقتني‪ ،‬بالتقليد‪ ،‬فالأطفال يقلدون خطايا والديهم والعبيد والتوابع‬
‫ﻭ‬

‫يقلدون خطايا �أ�سيادهم‪ .‬بهذه الطريقة يرث الأبناء خطايا لي�ست لهم‪ ،‬والعبيد‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا املتحملون خلطايا‬ ‫ي�شاركون يف �سرقات وعداوات رمبا ميوتون ب�سببها‪ .‬هناك � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫احلكام‪ ،‬فعندما ُيخطئ حكامهم بوقاحة‪ ،‬ورغم �أنهم ال يخطئون مثلهم‪� ،‬إال �أنهم‬
‫ُيعاقبون باملثل‪.‬‬
‫ميكن �أن يتحمل �شخ�ص خطية �شخ�ص �آخر ب�سبب �أنه ي�ستحق هذا‪ ،‬مثل �أن‬
‫االبتالء بالأمور اخلبيثة يعاين منه احلاكم اخلبيث‪� ،‬أو �أن ذلك ال�شعب اخلبيث‬
‫ي�ستحق حاك ًما خبي ًثا‪ .‬انظر �سفر �أيوب‪� ،‬إنه يجعل املنافقني ي�سودون ب�سبب خطايا‬
‫النا�س‪.‬‬
‫اخلطية‪ ،‬والعقاب التابع لها‪ ،‬ميكن �أن يتحملهما �أحد ب�سبب ال�سكوت‪ .‬مثال‬
‫عندما يتجاهل احلكام ا�ستنكار خطية‪ ،‬عندها غال ًبا �سيعا َقب بها ال�صاحلني مع‬
‫‪104‬‬
‫الفا�سدين كما يقول القدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه الأول ‪ .de Ciutate Dei‬هناك‬
‫مثال عاي�شناه كمفت�شني‪ .‬قرية كانت خالية تقري ًبا ب�سبب املوت امل�ستمر ملواطنيها‬
‫ب�سبب الطاعون‪ .‬وظهرت فيها �إ�شاعة �أن هناك امر�أة مدفونة ت�أكل كفنها تدريج ًّيا‪،‬‬
‫و�أن الطاعون لن ُيرفع �إال عندما ت�أكل الكفن كله وتبتلعه يف معدتها‪ .‬مت عقد جمل�س‪،‬‬
‫و�أمر احلاكم �أن يتم نب�ش القرب‪ ،‬ووجدوا ن�صف الكفن قد مت ابتالعه بفمها وحلقها‬
‫�إىل معدتها‪ .‬وباالرتعاب من امل�شهد‪� ،‬س َّل البودي�ستا �سيفه وقطع ر�أ�سها ورماه خارج‬
‫القرب‪ ،‬وعلى الفور توقف الطاعون‪ .‬خطايا هذه املر�أة العجوز كانت ب�إذن الرب‬
‫حمملة على قومها الربيئني ب�سبب �سكوتهم عما فعلته من قبل‪ .‬فعندما مت التفتي�ش‬
‫وجدوا �أنه وملدة طويلة من حياتها كانت �ساحرة وم�شعوذة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫الدرجة الثالثة من العقوبة‪� ،‬أن يتحمل اخلطية ب�إذن الرب جمتمع كامل‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فاملواطن هنا ينبغي �أن يعتني باملواطن الآخر مبنعه عن اخلطية‪ ،‬لأن اخلطية �شيء‬
‫كريه‪ ،‬ولأن خطية الواحد ميكن �أن ت�صيب اجلميع‪ ،‬كما لو كان الكل ج�سدً ا واحدً ا‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫كمثال‪ ،‬خطية عخان يف �سفر ي�شوع ال�سابع‪.‬‬
‫ميكن �أن ن�ضيف طريقتني‪� ،‬أن اخلبيث يعا َقب يف بع�ض الأحيان ب�سبب الطيب‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ويف بع�ض الأحيان يعا َقب باخلبثاء الآخرين‪ .‬لأنه كما قال «جراتيانو�س»‪ ،‬يف بع�ض‬
‫الأحيان يعاقب الرب بوا�سطة الذين ميار�سون �سلطتهم ال�شرعية ب�أمره‪ ،‬وهذا يكون‬
‫ﺸﺮ‬

‫بطريقتني‪ ،‬ب�إعطاء ميزة للمعا ِقبني‪ ،‬كما عاقب الرب خطية الكنعانيني بوا�سطة‬
‫�شعبه‪ ،‬ويف بع�ض الأحيان ال تكون هناك ميزة للمعاقبني‪ ،‬مثلما عاقب قافلة بنيامني‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ودمرها ب�سبب رجال قليلني‪ .‬ويف بع�ض الأحيان يعاقب الرب �أمته‪ ،‬بوا�سطة �أ�شخا�ص‬
‫ال ي�ؤمنون بالرب‪ ،‬ملعونني يطمعون يف مكا�سب خا�صة‪ ،‬كما عاقب الرب �شعبه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بوا�سطة الأتراك‪ ،‬وعمل هذا كث ًريا يف العهد القدمي‪.‬‬


‫لكن ينبغي �أن نذكر �أنه مهما كان ال�سبب الذي يعا َقب ب�سببه الإن�سان‪ ،‬ف�إذا مل‬
‫ت�صحيحا‪ ،‬انظر‬
‫ً‬ ‫ي�صرب على �آالمه‪ ،‬ف�ست�صبح العقوبة بالن�سبة له م�صيبة ولي�ست‬
‫�سفر التثنية الثاين والثالثني‪�« :‬إنه قد ا�شتعلت نار بغ�ضبي فتتقد �إىل الهاوية‬
‫ت�صحيحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال�سفلى»‪ .‬ولكن �إذا حتمل الإن�سان م�صائبه ب�صرب‪ ،‬عندها يكون العقاب‬
‫كما قال القدي�س «توما�س» يف كتابه الرابع‪ .‬وهذا حقيقي حتى بالن�سبة للمعا َقب‬
‫ب�سبب ارتكاب ال�سحر‪ ،‬لدرجة �أكرب �أو �أقل وف ًقا لإخال�ص الذي يعاين و�شدة جرميته‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ولكن عقوبة املوت‪ ،‬كونها هي التخوف الأكرب لأي �شخ�ص‪ ،‬فهي لي�ست ت�صحيحا‪،‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬وف ًقا لـ «�سكوتو�س»‪ ،‬عندما ينتظر الإن�سان املعاقب باملوت با�ست�سالم‬
‫ت�صحيحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫و�إخال�ص‪ ،‬ومينح �أوجاعه لأجل الرب‪ ،‬ميكن �أن ي�صبح عقابه بطريقة ما‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لغر�ض التب�شري للعامة يجب �أن نذكر �أنه‪ ،‬على الرغم من العقوبات‬
‫املذكورة �آن ًفا والتي ي�صيب الرب بها النا�س ب�سبب خطاياهم وخطايا الآخرين‪ ،‬ال‬
‫بد للمب�شر �أن يحفظ هذا احلكم ال�شرعي كمبد�أ �أ�سا�سي له وللنا�س‪ ،‬ال �أحد يجب �أن‬
‫حلكم معمول به ج ّيدً ا‬‫يعا َقب بدون ذنب‪� ،‬إال �إذا كان هناك �سبب لفعل هذا‪ .‬وهذا ا ُ‬
‫يف حمكمة ال�سماوات‪ ،‬وهناك يفعل الرب كما يفعل يف حمكمة النا�س بعدالته‪� ،‬سواء‬
‫كانت حمكمة النا�س علمانية �أو كن�سية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫املب�شر ال بد �أن يتوقع هذا من حمكمة ال�سماوات‪ .‬لأن عقوبة الرب نوعان‪ ،‬روحية‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وم�ؤقتة‪ .‬يف العقوبة الروحية‪ ،‬ال تكون العقوبة بدون ذنب‪ .‬ويف العقوبة امل�ؤقتة رمبا‬
‫يحدث هذا بدون ذنب ولكن لي�س بال �سبب‪ .‬العقوبة الروحية ثالثة �أنواع‪ ،‬النوع‬
‫ﻜﺘ‬
‫الأول خ�سران النعمة ويحدث ت�صلب �أكرث للخطية يف القلب‪ ،‬وهذه ال ي�صاب بها �إال‬
‫املعا َقب بذنبه اخلا�ص‪ .‬النوع الثاين ال�ضياع‪ ،‬الذي هو احلرمان من املجد‪ ،‬وهذه ال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ي�صاب بها �إال البالغ الذي له ذنب خا�ص‪� ،‬أو الطفل املتحمل خلطية والديه‪ .‬النوع‬
‫الثالث الإيالم‪ ،‬وهذا مثل التعذيب بنار اجلحيم‪ ،‬ووا�ضح �أنه يح�صل ب�سبب اخلطية‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�شخ�صية‪ .‬لأجل ذلك قيل يف �سفر اخلروج الع�شرين‪« :‬لأين �أنا الرب �إلهك �إله‬
‫مبغ�ضي» وهذا‬
‫َّ‬ ‫غيور‪� ،‬أفتقد ذنوب الآباء يف الأبناء يف اجليل الثالث والرابع من‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مفهوم ملا حتدثنا عن املقلدين جلرائم �آبائهم‪ ،‬كما و�ضح «جراتيان» يف الكتاب‬
‫�شرحا �أكرث‪.‬‬
‫الأول ال�س�ؤال الرابع‪ ،‬حيث قدم ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالن�سبة للعقوبة امل�ؤقتة‪ ،‬فهي ميكن �أن تكون عقوبة ب�سبب خطية الآخرين‪،‬‬
‫وميكن �أن تكون ب�سبب خطية �شخ�صية‪ .‬ولكن �إذا �أردت �أن تعرف الأ�سباب التي‬
‫يعا ِقب الرب بها بدون ذنب �شخ�صي �أو ذنب �شخ�ص �آخر‪ ،‬ميكن �أن ترجع �إىل‬
‫اخلم�س طرق التي �شرحهم املا�سرت يف الكتاب الرابع‪ ،‬وال بد �أن ت�أخذ الأ�سباب‬
‫الثالثة الأوىل لأن ال�سببني الأخريين يتعلقان بالذنب ال�شخ�صي‪.‬‬
‫هو يقول عن الأ�سباب اخلم�سة‪ ،‬ال�سبب الأول‪� ،‬أن ُيعظم الرب‪ ،‬وهذا عندما ُترفع‬
‫عقوبة �أو م�صيبة بطريقة �إعجازية‪ ،‬كما يف حالة الرجل الذي ُولد �أعمى (ر�ؤيا يوحنا‬
‫‪106‬‬
‫التا�سع)‪� ،‬أو يف تربية «الزارو�س» (ر�ؤيا يوحنا احلادي ع�شر)‪.‬‬
‫ير�سل الرب عقوبة لتح�صل للم�صاب‬ ‫ال�سبب الثاين‪� ،‬إذا كان ال�سبب الأول غائبا‪ِ ،‬‬
‫أي�ضا حتى ُتظهر للنا�س الف�ضائل الداخلية التي فيهم‪.‬‬ ‫بها ف�ضيلة ممار�سة ال�صرب‪ ،‬و� ً‬
‫الأمثلة يف �سفر �أيوب الأول و�سفر طوبيا الثاين‪.‬‬
‫ال�سبب الثالث‪� ،‬أن الف�ضيلة ميكن �أن تظهر من ذل الإهانة‪ .‬القدي�س «باول» هو‬
‫مثال‪ ،‬حيث يقول على نف�سه يف ر�سالة كورنثو�س الثانية ‪« :12‬ولئال �أرتفع بفرط‬
‫الإعالنات‪� ،‬أُعطيت �شوكة يف اجل�سد‪ ،‬مالك ال�شيطان ليلطمني لئال �أرتفع»‪.‬‬
‫ووف ًقا لـ «رمييجيو�س» هذه ال�شوكة كانت هي عجز الرغبة اجل�سدية‪ .‬هذه احلالة‬
‫يكون املعا َقب فيها بال ذنب‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�سبب الرابع‪� ،‬أن العذاب الأبدي بعد املوت ال بد �أن تبد�أ بذرته يف هذه احلياة‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فهو بطريقة ما يبني للإن�سان ما الذي ميكن �أن يعانيه يف اجلحيم‪ .‬الأمثلة هي‬
‫ﻜﺘ‬
‫«هريود» (�سفر �أعمال الر�سل الثاين ع�شر) و«�أنتيوكو�س» (�سفر املكابيني الثاين ‪)9‬‬
‫ال�سبب اخلام�س‪� ،‬أن الإن�سان يتطهر بامل�صيبة‪ ،‬ب�إخراج الذنب من قلبه وحمو‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الذنب‪ .‬الأمثلة ت�ؤخذ من «مرمي» �أخت هارون‪ ،‬التي �أ�صيبت باجلذام‪ ،‬وبني �إ�سرائيل‬
‫ملا تاهوا يف الربية‪ ،‬هذا وف ًقا للقدي�س «جريوم»‪� .‬أو ميكن �أن تكون امل�صيبة لأجل‬
‫ﺸﺮ‬

‫ت�صحيح اخلطية‪ .‬كما هو مثال داوود‪ ،‬الذي بعد �أن مت ال�صفح عنه بعد الزنا الذي‬
‫ارتكبه‪ ،‬مت �إخراجه من مملكته كما يف �سفر امللوك الثاين‪ ،‬ومت التعليق على هذا‬
‫ﻭ‬

‫بو�ساطة القدي�س «جريجوري» يف حديثه عن اخلطية‪ .‬ميكن يف احلقيقة �أن يقال‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أن كل عقاب نعاين منه ي�أتي من خطية �شخ�صية فعلناها‪� ،‬أو على الأقل ي�أتي من‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اخلطية الأ�صلية التي ُولدنا بها‪ ،‬والتي هي نف�سها �سبب كل الأ�سباب‪.‬‬


‫ولكن بالن�سبة لعقاب ال�ضياع‪� ،‬أي اللعن الأبدي الذي �سيعانون منه يف امل�ستقبل‪،‬‬
‫فال �أحد ي�شك �أن كل امللعونني �سيتم تعذيبهم عذا ًبا �ألي ًما‪ .‬لأنه مثل �أن النعمة تتبعها‬
‫ر�ؤية مباركة ململكة ال�سماوات‪ ،‬كذلك اخلطية مهلكة يتبعها عذاب يف اجلحيم‪ .‬وكما‬
‫�أن درجات النعيم يف اجلنة ُتقا�س وف ًقا لدرجات ال�صدقة والنعمة يف احلياة‪ً � ،‬‬
‫أي�ضا‬
‫درجات العذاب يف اجلحيم �ستكون تبعا لدرجات اخلطية‪ .‬وهذا � ً‬
‫أي�ضا يف كل اخلطايا‬
‫الأخرى‪ ،‬ولكنه ينطبق خا�صة على ال�ساحرات‪ .‬انظر ر�سالة بول�س للعربانيني ‪:10‬‬
‫«فكم عقابا �أ�شر تظنون �أنه يح�سب م�ستح ًقا من دا�س ابن اهلل‪ ،‬وح�سب دم العهد‬
‫‪107‬‬
‫دن�سا‪ ،‬وازدرى بروح النعمة»‬
‫الذي قد�س به ً‬
‫وهذه هي خطايا ال�ساحرات الراف�ضات للإميان‪ ،‬الالتي يعملن �أ�سحارهن‬
‫ال�شريرة يف �أقد�س ق ّدا�س‪ ،‬كما �سنو�ضح يف اجلزء الثاين‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪108‬‬
‫السؤال ‪ .16‬هل يمكن مقارنة خطورة أعمال‬
‫الساحرات بالخرافات البالية األخرى؟‬

‫جرائم ال�ساحرات هي �أ�شنع من املمار�سات الأخرى للعرافني وامل�شعوذين‪.‬‬


‫هناك �أربع ع�شرة ف�صيلة من ف�صائل ال�سحر‪ ،‬ينبثقون من ثالثة �أنواع من ال ِعرافة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أول الأنواع الثالثة هو الت�ضرع املفتوح لل�شياطني‪ ،‬والنوع الثاين هو النظر ب�صمت‬
‫�إىل حركة بع�ض الأ�شياء مثل النجوم �أو الأيام �أو ال�ساعات وهذه الأ�شياء‪ ،‬النوع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الثالث هو النظر يف بع�ض الأفعال الب�شرية لغر�ض البحث عن �شيء �ضائع‪ ،‬وهذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫يدعى �سحر ال�سورتيلي�س‪.‬‬
‫والف�صائل التي حتت النوع الأول من �أنواع ال ِعرافة (الت�ضرع املفتوح لل�شياطني)‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هي ما ي�أتي‪ ،‬ال�سحر‪ ،‬تف�سري الأحالم‪ ،‬حت�ضري الأرواح‪ ،‬التنب�ؤات‪� ،‬سحر الرمال‪،‬‬
‫�سحر املاء‪� ،‬سحر النار‪ ،‬قراءة الطالع‪ ،‬انظر كتاب ‪Second of the Second‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫للقدي�س «توما�س»‪ .‬الف�صائل التي حتت النوع الثاين من �أنواع ال ِعرافة هي علم‬
‫الأبراج‪ ،‬قراءة �أح�شاء احليوان‪ ،‬التب�شري �أو الإنذار‪ ،‬مراقبة الأ�شياء التي جتلب‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫النح�س �أو احلظ‪ ،‬قراءة الكف‪ ،‬قراءة العظام‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫الف�صائل التي حتت النوع الثالث من �أنواع ال ِعرافة (�سحر ال�سورتيلي�س �أو �إيجاد‬
‫ال�شيء ال�ضائع) هي مثل مالحظة الدبابي�س والق�شات‪ ،‬والتماثيل من الر�صا�ص‬
‫أي�ضا عن هذا يف املرجع ال�سابق االقتبا�س منه‪.‬‬ ‫املن�صهر‪ .‬وحتدث القدي�س «توما�س» � ً‬
‫دعونا ننظر �إىل الف�صائل التي حتت النوع الأول‪ ،‬ه�ؤالء املاهرين يف ال�سحر‬
‫والإغراء يخدعون حوا�س الإن�سان ببع�ض اخلياالت‪ ،‬حيث تبدو املادة اجل�سدية‬
‫خمتلفة للنظر واللم�س‪ ،‬كما حتدثنا من قبل يف طرق خلق الأوهام‪ .‬ال�ساحرات ال‬
‫ير�ضني مبجرد عمل وهم �أن الع�ضو الذكري اختفى‪ ،‬ولكنهن عادة ما ُيخربن القدرة‬
‫اجلن�سية نف�سها‪ ،‬حتى ال يقدر الرجل �أن يعمل الفعل و�إن كان ال زال حمتفظا بع�ضوه‬
‫‪109‬‬
‫الذكري‪ .‬وبدون �أي وهم‪ُ ،‬ت�سبب ال�شياطني الإجها�ض الذي يكون م�صحو ًبا بعدة‬
‫�أمرا�ض‪ .‬وميكن لل�شياطني �أن تظهر يف عدة �أ�شكال وحو�ش كما قلنا �ساب ًقا‪.‬‬
‫ا�ستح�ضار الأرواح هو ا�ستدعاء الأموات والتكلم معهم‪ ،‬كما هو وا�ضح من‬
‫اال�سم‪ ،‬لأنه م�أخوذ من الكلمة اليونانية ‪ Nekros‬وتعني اجلثة‪ ،‬و‪ Manteia‬وتعني‬
‫الكهانة‪ .‬وهم يفعلون هذا بعمل بع�ض التعاويذ على دماء الإن�سان �أو احليوان‪ ،‬عاملني‬
‫�أن ال�شيطان يبتهج مبثل هذه اخلطية‪ ،‬فهو يحب الدم و�سكب الدم‪.‬‬
‫ورغم ظنهم �أنهم يت�صلون بالأموات من اجلحيم لإجابة �أ�سئلتهم‪ ،‬لكن يف‬
‫احلقيقة ما يظهر لهم هي ال�شياطني متمثلني بهيئة الأموات ويجيبون الأ�سئلة‪ .‬وعلى‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذا النحو كان فن الكاهنة التي حتدث عنها �سفر امللوك الأول ‪ ،28‬حيث ظهر‬
‫«�سامويل» على هيئة «�شاول»‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لكن ال يجب على �أحد �أن يظن �أن هذه املمار�سات �شرعية لأنه قر�أ يف الكتب‬
‫ﻜﺘ‬
‫املقد�سة ما يقول �أن روح النبي احلكيم مت ا�ستدعا�ؤها من «هيد�س» للتنب�ؤ بحرب‬
‫�شاول القادمة‪ ،‬والتي ظهرت من خالل �ساحرة‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول‬
‫للأ�سقف «�سيمليكانو�س» �إنه من ال�سخف �أن ن�صدق �أن هذا م�سموح بوا�سطة �أي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫علم‪ ،‬لي�س هذا مبقدور �أي فن �سحري‪ ،‬ولكن بوا�سطة علم غري معلوم للكاهنة‬
‫وغري معلوم ل�شاول‪ ،‬فروح هذا الرجل احلكيم ظهرت �أمام عني امللك‪ ،‬لت َو ِ�صل له‬
‫ﺸﺮ‬

‫حك ًما �إله ًيا �ضده‪ .‬ومل تكن هذه روح �سامويل ح ًّقا التي ثارت من رقدتها‪ ،‬لكن �صورة‬
‫الأ�شياء �أحيا ًنا ت�سمى ب�أ�سماء الأ�شياء التي تتمثل بها‪ .‬يقول القدي�س «�أوج�ستني» �أن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ت�ضرعا لل�شياطني �شرعية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذه هي �إجابة �س�ؤال هل ال ِعرافة العادية التي تت�ضمن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يف نف�س الكتاب ‪� Summa‬سيجد القارئ الإجابة على �س�ؤال هل هناك درجات من‬
‫النبوءات بني املباركني‪ ،‬وميكن �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «�أوج�ستني» ولكن هذا‬
‫لي�س له عالقة بح�سنات ال�ساحرات‪،‬والتي ال ُتبقي �أث ًرا من التقوى فيهن‪ ،‬كما هو‬
‫وا�ضح من مالحظة �أعمالهن‪ ،‬لأنهن ال يتورعن عن �سفك الدماء الربيئة‪ ،‬و�إح�ضار‬
‫الأ�شياء املخفية للنور بتوجيه من ال�شياطني‪ ،‬وهن ُيدمرن الروح مع اجل�سد وال‬
‫يدخرن يف هذا ح ًّيا �أو ميتًا‪.‬‬
‫تف�سري الأحالم ميكن �أن ُيعمل بطريقتني‪ .‬الأوىل هي عندما ي�ستخدم ال�شخ�ص‬
‫الأحالم لينغم�س يف م�سائل ال�سحر والتنجيم مب�ساعدة ك�شف ال�شياطني التي يتو�سل‬
‫‪110‬‬
‫بهم‪ ،‬والذين يكون قد دخل معهم يف عهد مفتوح‪ .‬الثانية هي عندما ي�ستخدم‬
‫الإن�سان الأحالم ليعرف امل�ستقبل‪ ،‬يوجد نوع من الف�ضيلة يف الأحالم التي ت�أتي‬
‫من الك�شف الإلهي‪ ،‬ولكن �إذا كان هذا الك�شف لي�س خمال ًفا لل�شريعة‪ .‬هكذا يقول‬
‫القدي�س «توما�س»‪.‬‬
‫ال بد �أن نتحدث عن املالئكة � ًأول‪ ،‬املالك ميتلك قدرة حمدودة‪ ،‬وميكنه �أن‬
‫يك�شف امل�ستقبل عندما يكون العقل مهي ًئا ملثل هذه الك�شوفات �أكرث منه �إذا مل يكن‬
‫العقل كذلك‪ .‬العقل ب�شكل رئي�سي يتهي�أ با�سرتخاء احلركات الداخلية واخلارجية‪،‬‬
‫مثل عندما تكون الليايل �ساكنة و�أبخرة احلركة �ساكتة‪ ،‬وهذه الظروف تتحقق‬

‫ﻋﺼ‬
‫تقري ًبا قرب الفجر‪ ،‬عندما يكتمل اله�ضم‪.‬‬
‫َك�شف لهم املالئكة املتقني الربانيني بع�ض‬
‫و�أنا �أقول عنا نحن اخلاطئني‪ ،‬الذين ت ِ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الك�شوفات ب�أوامر من مراكزها‪ ،‬لذا عندما ندر�س يف وقت الفجر‪ُ ،‬ن َ‬
‫عطى ِفهما‬
‫ﻜﺘ‬
‫لبع�ض الأ�سرار يف الكتب املقد�سة‪ .‬لأن مالك اخلري يتحكم يف الفهم‪ ،‬كما يتحكم‬
‫الرب يف رغباتنا‪ ،‬وتتحكم النجوم ب�أج�سامنا‪ .‬ولكن بالن�سبة لبع�ض الب�شر الكاملني‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ك�شف لهم يف �أي وقت‪� ،‬سواء كانوا م�ستيقظني �أم نائمني‪ .‬ومع‬ ‫ميكن للمالك �أن َي ِ‬
‫ذلك‪ ،‬وف ًقا لأر�سطو يف كتاب ‪ ،de Somno et Uigilia‬ه�ؤالء الب�شر الكاملني‬
‫ﺸﺮ‬

‫عر�ضة �أكرث ال�ستقبال الك�شوفات يف وقت معني دون �آخر‪ ،‬وهذه احلالة تنطبق � ً‬
‫أي�ضا‬
‫على كل �أمور ال�سحر‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الطريقة الثانية التي يعمل بها تف�سري الأحالم‪ ،‬ال بد �أن نذكر �أنه �أثناء عناية‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الطبيعة وتنظيمها للج�سد‪ ،‬بع�ض الأحداث امل�ستقبلية يف �أحالم الإن�سان يكون لها‬
‫�سبب طبيعي‪ ،‬لكنها تكون عالمة على ما �سي�أتي لل�شخ�ص يف امل�ستقبل‪ ،‬مثل ال�صحة‬
‫�أو املر�ض �أو اخلطر‪ .‬وهذا هو ر�أي �أر�سطو‪ .‬لأن الأحالم التي لها طبيعة روحية‬
‫تعك�س ا�ستعدادات القلب لإتيان مر�ض �أو �أي �شيء �آخر �سي�أتي للإن�سان يف امل�ستقبل‪.‬‬
‫فعندما يحلم الإن�سان بنريان‪ ،‬فهي عالمة على مر�ض ما‪ ،‬و�إذا حلم بالطريان �أو‬
‫�شيء كهذا‪ ،‬فهي عالمة على التفا�ؤل‪ ،‬و�إذا حلم باملاء �أو �شيء �سائل‪ ،‬فهي عالمة‬
‫على الربد‪ ،‬و�إذا حلم مبادة �أر�ضية‪ ،‬فهي عالمة على احلزن‪ .‬وبالتايل تكون الأحالم‬
‫م�ساعدة للأطباء يف ت�شخي�صهم كما يقول �أر�سطو يف نف�س الكتاب‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫ولكن هذه �أمور قليلة مقارنة بالأحالم ال�شريرة لل�ساحرات‪ .‬لأنه عندما ال يرغنب‬
‫يف �أن ينتقلن ب�أنف�سهن �إىل مكان‪ ،‬ولكن يرغنب يف �أن يرين ماذا تفعل زميالتهن من‬
‫ال�ساحرات‪ ،‬فمن ممار�ساتهن �أنهن ي�ستلقني على جانبهم الأي�سر ويت�ضرعن با�سم‬
‫�شيطانهم اخلا�ص‪ ،‬ثم تنك�شف هذه الأ�شياء لب�صرهم على هيئة �صور‪ .‬و�إذا �أردن‬
‫�أن يعرفن �س ًّرا معي ًنا‪� ،‬إما لأنف�سهن �أو للآخرين‪ ،‬فهن يعرفنه من ال�شيطان الذي‬
‫يزورهن يف �أحالمهن‪ ،‬ب�سبب العهد املفتوح غري املخفي الذي دخلنه معه‪ .‬وهذا‬
‫أي�ضا لي�س رمز ًيا من النوع الذي يتحقق بذبح حيوان ما �أو فعل تدني�س معني‬ ‫العهد‪ً � ،‬‬
‫وهب حقيقي لأنف�سهن ج�سدً ا‬ ‫للمقد�سات �أو الدخول يف عبادة �شيء مريب‪ ،‬لكنه ٌ‬
‫وروحا لل�شيطان‪ ،‬بتدني�س املقد�سات ب�أل�سنتهن والإنكار القلبي لكل ُن ُ�سك الإميان‪.‬‬
‫ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫وال ير�ضني بهذا فقط‪ ،‬لكنهن يقتلن‪� ،‬أو يهنب لل�شيطان‪� ،‬أطفالهن و�أطفال الآخرين‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ف�صائل �أخرى من العرافة تتم ممار�ستها من الفايتونيني‪ ،‬الذين ُ�سموا كذلك‬
‫ن�سبة �إىل «فايتون �أبولو»‪،‬الذي يقال �أنه م�صدر هذا النوع من ال ِعرافة وف ًقا لكالم‬
‫ﻜﺘ‬
‫القدي�س «�إيزيدور»‪ .‬هذا النوع ال يخت�ص بالأحالم �أو باحلديث مع الأموات‪ ،‬ولكن له‬
‫عالقة بالأحياء‪ ،‬مثل حالة �أولئك الذين و�صلوا �إىل اجلنون بوا�سطة ال�شيطان‪� ،‬إما‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بق�صد �أو بدون ق�صد‪ ،‬فعلوا ذلك فقط لغر�ض التنب�ؤ بامل�ستقبل‪ ،‬ولي�س لأجل ارتكاب‬
‫�أي �سوء �آخر‪ .‬من هذا النوع كانت فتاة ُذكرت يف �سفر �أعمال الر�سل ال�ساد�س ع�شر‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫تلك التي كانت ت�صرخ دائ ًما ب�أن احلواريني هم خدام الرب احلقيقي‪ ،‬والقدي�س‬
‫«باول» �ضجر منها ب�سبب هذا و�أمر روح العرافة �أن تخرج منها‪ .‬ولكن من الوا�ضح‬
‫ﻭ‬

‫�أنه ال توجد مقارنة بني هذه الأ�شياء وبني �أعمال ال�ساحرات‪ ،‬الالتي وف ًقا لكالم‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أ�صل ل ِع َظم مقدار خطاياهن و�شناعة جرائمهن‪.‬‬ ‫القدي�س «�إيزيدور»‪�ُ ،‬سمني كذلك � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لأجل الإيجاز‪ ،‬ال حاجة لإكمال هذه اجلدلية بخ�صو�ص الأ�شكال ال�صغرى من‬
‫ال ِعرافة‪ ،‬لأنه قد مت �إثباتها بالنظر �إىل الأ�شكال الكربى‪ .‬لأن املب�شر ميكنه �أن يطبق‬
‫هذه اجلدليات �إذا �أراد على �أ�شكال �أخرى من العرافة‪ :‬مثال على �سحر الرمال‪،‬‬
‫الذي يت�ضمن املواد الأر�ضية‪ ،‬مثل احلديد �أو احلجر امل�صقول‪ .‬و�سحر املاء‪ ،‬الذي‬
‫يت�ضمن املاء والكري�ستاالت‪ ،‬و�سحر الهواء‪ ،‬الذي يت�ضمن الهواء‪ ،‬و�سحر النار الذي‬
‫يت�ضمن النار‪ .‬وقراءة الطالع‪ ،‬الذي ي�ضمن �أمعاء احليوانات امل�ضحى بها على‬
‫�ضريح ال�شيطان‪ .‬لأنه رغم �أن كل هذه ُتعمل بت�ضرعات مفتوحة لل�شياطني‪ ،‬ال ميكن‬
‫�أن تقارن بجرائم ال�ساحرات‪ ،‬لأنها لي�ست موجهة لغر�ض الأذية لأي �إن�سان �أو حيوان‬
‫‪112‬‬
‫�أو نبات على الأر�ض‪ ،‬ولكنها ُتعمل لأجل معرفة امل�ستقبل‪ .‬الف�صائل الأخرى من‬
‫العرافة‪ ،‬التي ت�ؤدى فيها الت�ضرعات لل�شيطان ب�شكل خفي ولي�س ب�شكل مفتوح‪ ،‬هي‬
‫مثل علم الأبراج‪� ،‬أو التنجيم‪ ،‬والذي ُ�سمي بهذا اال�سم ب�سبب مراقبة النجوم عند‬
‫والدة �أحدهم‪� ،‬أو قراءة �أمعاء احليوان الذي يت�ضمن النظر يف الأيام وال�ساعات‪،‬‬
‫والإنذار الذي يت�ضمن مراقبة ت�صرفات و�صرخات الطيور‪ ،‬والتب�شري الذي يت�ضمن‬
‫مراقبة كلمات الإن�سان‪ ،‬وقراءة الكف الذي يت�ضمن مراقبة اخلطوط يف الكف �أو‬
‫كفوف احليوانات‪ .‬ومن يرغب ب�أن ي�ستزيد‪ ،‬ميكنه �أن يرجع �إىل تعاليم «نيدار»‬
‫و�سيجد الكثري عما �إذا كانت هذه الأ�شياء �شرعية �أم غري �شرعية‪ .‬ولكن �أعمال‬
‫ال�ساحرات طب ًعا لي�ست �شرعية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫‪e‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪113‬‬
‫السؤال ‪ .17‬كيف نقارن بين جرائم األربع عشرة‬
‫فصيلة وبين جميع خطايا الشياطين؟‬

‫ب�شعة جدًّا هي جرائم ال�ساحرات حتى �أنها تتجاوز خطايا مالئكة ال�شر ال�ساقطة‪،‬‬
‫�صحيحا على معاقبتهن يف‬
‫ً‬ ‫�صحيحا على جرائمهن‪ ،‬كيف ال يكون‬ ‫ً‬ ‫و�إذا كان هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫اجلحيم؟ ولي�س من ال�صعب �أن نثبت هذا بحجج عديدة تتعلق بجرائمهن‪ً � .‬أول‪ ،‬رغم‬
‫�أن خطية «�ساتان» ال ميكن ال�صفح عنها‪ ،‬فبالنظر بعني االعتبار لطبيعة املالئكة‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبانتباه لر�أي من يقول �أن املالئكة ُخلقت على الفطرة‪ ،‬ومل تخلق يف النعمة‪ .‬ومبا �أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫اخلري يف النعمة يتجاوز اخلري يف الفطرة‪ ،‬بالتايل فخطايا �أولئك الذين ي�سقطون‬
‫من حالة النعمة مثل ال�ساحرات ملا رف�ضن الإميان الذي تلقوه يف التعميد‪ ،‬تتجاوز‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا ال�ساحرات رغم‬‫خطايا املالئكة‪ .‬وحتى لو قلنا �أن املالئكة ُخلقت يف النعمة‪ ،‬ف� ً‬
‫�أنهن مل يخلقن يف النعمة‪� ،‬إال �أنهن قد �سقطن برغبتهن من النعمة‪ ،‬مثلما �أذنب‬
‫ﺸﺮ‬

‫«�ساتان» برغبته‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬من امل�ضمون �أن خطية «�ساتان» ال ميكن ال�صفح عنها لأ�سباب عديدة‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه قد �أذنب بال حتري�ض من �أحد‪ ،‬وبالتايل فخطيته‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال ميكن �إ�صالحها ب�شيء‪ .‬والقدي�س «جون داما�سني» يقول �أن ذنبه هو �أن لديه‬
‫م�شكلة �ضد ذات الرب‪ .‬ومبا �أن «�ساتان» غري قابل للتوبة‪ ،‬بالتايل غري قابل لأن‬
‫ُيغفر له‪ ،‬وهذا يرجع �إىل طبيعته‪ ،‬التي كونها روحية‪ ،‬ميكنها فقط �أن تتغري مرة‬
‫واحدة‪ ،‬فعندما تغريت �صار هذا �أبديا‪ ،‬ولكن هذا لي�س يف الإن�سان‪ ،‬حيث اللحم‬
‫دائ ًما يكافح الروح‪� .‬أو رمبا هو غري قابل لأن ُيغفر له ب�سبب �أنه �أذنب يف �أماكن عالية‬
‫من ال�سماوات‪ ،‬بينما الإن�سان �أذنب على الأر�ض‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فخطيئته من جوانب كثرية �صغرية باملقارنة مع خطايا‬
‫ال�ساحرات‪ً � .‬أول‪ ،‬كما و�ضح القدي�س «�أن�سليم» يف �أحد كتب الـ ‪� ،Sermons‬أنه‬
‫‪114‬‬
‫�أذنب يف كربيائه عندما مل تكن هناك عقوبة للذنب‪ .‬ولكن ال�ساحرات ا�ستمررن يف‬
‫عمل الذنوب رغم �أن هناك كث ًريا من العقوبات نزلت على ال�ساحرات الأخريات‪،‬‬
‫فا�ستخففن بكل هذا‪ ،‬وعجلن بارتكاب اجلرمية‪ ،‬ومل يعملن اجلرمية الأقل خط ًرا‬
‫مثل كباقي اخلاطئني‪ ،‬ولكن عملن اجلرمية الأكرث تروي ًعا من �أعماق قلوبهن‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثان ًيا‪ ،‬رغم �أن مالك ال�شر قد �سقط من الرباءة �إىل الذنب‪ ،‬وبالتايل �إىل‬
‫التعا�سة والعقاب‪� ،‬إال �أنه �سقط من الرباءة مرة واحدة فقط‪ ،‬بطريقة ال ميكن له‬
‫ً‬
‫�سقوطا‬ ‫فيها الرجوع‪ .‬لكن املذ ِنب يعود �إىل الرباءة بالتعميد‪ ،‬ويرجع وي�سقط منها‬
‫عمي ًقا‪ .‬وهذا هو احلال خا�صة يف ال�ساحرات احلقيقيات‪ ،‬كما �أثبتت جرائمهن‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬هو �أذنب �ضد اخلالق‪ ،‬ولكن ال�ساحرات �أذننب �ضد اخلالق واملخل�ص‬

‫ﻋﺼ‬
‫ي�سوع‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫راب ًعا‪ ،‬هو هجر الرب الذي �سمح له باخلطية ومل يعطه �أي �شفقة‪ ،‬ولكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�ساحرات �أبعدن �أنف�سهن من الرب بخطاياهن‪ ،‬فرغم �سماحه لأي �إن�سان باخلطية‬
‫�إال �أنه ال زال ي�شفق عليه ومينعه من ذلك بنعمته‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫خام�سا‪ ،‬هو عندما �أذنب‪ ،‬رف�ضه الرب بدون �أن يريه �أي نعمة �أو �أمل‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬
‫ال�ساحرات يذننب رغم �أن الرب ينادي بالرجوع �إليه دائ ًما‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫�ساد�سا‪ ،‬كال اخلطيتني �ضد الرب‪ ،‬ولكن «�ساتان» كان �ضد الرب الآمر‪ ،‬بينما‬ ‫ً‬
‫كان الإن�سان �ضد املخل�ص الذي مات من �أجلنا‪ ،‬فكما قلنا‪ ،‬ال�ساحرات اخلبيثات‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خطيئاتهن فوق الكل‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫احللول للجدليات لتو�ضيح احلقيقة باملقارنة‬


‫بالن�سبة للجدليات‪� .‬إجابة اجلدلية الأوىل وا�ضحة مما قلناه يف بداية هذا‬
‫ال�س�ؤال‪ .‬ملا قلنا �أن خطية واحدة وجب �أن تكون �أثقل من الأخرى‪ ،‬و�أن خطايا‬
‫ال�ساحرات �أثقل من الكل بالن�سبة للذنب‪ ،‬ولكن لي�س بالن�سبة للعقوبة امل�ستحقة‪.‬‬
‫هنا ال بد �أن نقول �أن معاقبة �آدم‪ ،‬بعد �أن �أذنب‪ ،‬ميكن �أن نفكر فيها بطريقتني‪� ،‬إما‬
‫بالتفكري به �شخ�ص ًّيا‪� ،‬أو بالتفكري يف الن�سل كله‪ ،‬يعني الذرية التي �أتت من بعده‪.‬‬
‫بالن�سبة للطريقة الأوىل‪ ،‬اخلطايا الأكرب مت ارتكابها بعد �آدم‪ ،‬لأنه �أذنب فقط بعمل‬
‫‪115‬‬
‫ممنوعا‪ .‬وبالتايل خطايا ال�ساحرات‬ ‫ً‬ ‫ال�شر الذي لي�س �ش ًّرا يف طبيعته‪ ،‬ولكن كان‬
‫ت�ستحق العقاب الأكرب‪.‬‬
‫بالن�سبة للطريقة الثانية‪� ،‬صحيح �أن العقوبة الأكرب تنتج من اخلطية الأ�صلية‬
‫الأوىل‪ ،‬ولكن هذا �صحيح ب�شكل غري مبا�شر‪ ،‬لأنه بوا�سطة �آدم‪ ،‬كل الذرية �أ�صيبت‬
‫باخلطية الأ�صلية‪ ،‬وهو كان الأب الأول لكل ه�ؤالء الذين متكن ابن الرب الوحيد‬
‫أي�ضا‪� ،‬آدم يف �شخ�صه‪ ،‬بو�ساطة النعمة الإلهية‪ ،‬تاب‪،‬‬ ‫من التكفري عن خطاياهم‪ً � .‬‬
‫وجنا بت�ضحية امل�سيح‪ .‬ولكن خطايا ال�ساحرات �أعظم من هذا بال مقارنة‪ ،‬لأنهن مل‬
‫ير�ضني فقط بخطاياهن وهالكهن‪ ،‬بل �أ�سقطن وراءهن كث ًريا من توابعهن‪.‬‬
‫وثال ًثا‪ ،‬يتبع ملا قيل‪ ،‬بال�صدفة فقط خطية �آدم نتج عنها �أكرب �أذى‪ .‬لأن �آدم‬

‫ﻋﺼ‬
‫حمتوما بالن�سبة له �أن يجعلها دن�سة‪ ،‬رغ ًما‬
‫ً‬ ‫وجد الطبيعة غري الفا�سدة وكان الأمر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عنه‪ ،‬فال يتبع هذا �أن خطيته كانت يف جوهرها �أعظم من اخلطايا الأخرى‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا‪،‬‬
‫الذرية كانت �ستعمل نف�س اخلطية �إذا وجدوا طبيعة فيها نف�س احلالة‪ .‬كذلك‪ ،‬الذي‬
‫ﻜﺘ‬
‫مل يجد النعمة ال يرتكب خطية مميتة كهذه‪ ،‬لكن الذي وجد النعمة و�أ�ضاعها هو‬
‫الذي يرتكب‪ .‬هذا حل القدي�س «توما�س» للجدلية الثانية‪ .‬و�إذا �أراد �أي �أحد �أن يفهم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫احلل ب�شكل كامل‪ ،‬ال بد �أن ي�ضع يف اعتباره �أنه حتى �آدم احتفظ برباءته الأ�صلية‪،‬‬
‫ومل ميررها �إىل ذريته كلها‪ ،‬لأن القدي�س «�أن�سليم» يقول»‪� ،‬أي �أحد �سي�أتي بعده‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا كالم القدي�س «توما�س» حيث حتدث عن �إذا كان الطفل‬ ‫�سيظل يذنب‪ .‬انظر � ً‬
‫املولود حدي ًثا �سيولد ً‬
‫قدي�سا‪ ،‬و�إذا كان الب�شر الذين قد ُحفظوا الآن كانوا �س ُيحفظون‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لو �أن �آدم مل ُيخطئ؟‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪e‬‬

‫‪116‬‬
‫السؤال ‪ .18‬كيف تكون طريقة التبشير ضد حجج‬
‫«اليمان» و«ليود فولك»؟‬

‫هذه طريقة التب�شري �ضد حجج «الميان» و«ليود فولك» التي تبدو مثبته بوا�سطة‬
‫الكثريين‪ ،‬عن �أنَّ الرب ال ي�سمح بقدرة كبرية لل�شيطان وال�ساحرات‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫م�سلحا �ضد حجج «الميان»‪ ،‬وحتى �ضد بع�ض‬ ‫�أخ ًريا‪ ،‬ف�إن على املب�شر �أن يكون ً‬
‫أ�صل‪ .‬فرغم �أنهم‬‫الرجال املتعلمني الذين يرف�ضون لدرجة ما �أن هناك �ساحرات � ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اعرتفوا بخبث وقوة ال�شيطان الذي يعمل هذه ال�شرور برغبته‪ ،‬لكنهم يرف�ضون �أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫هناك �إذ ًنا �إله ًّيا معطى له‪ ،‬ومل يعرتفوا ب�أن الرب ي�سمح مبثل هذه الأ�شياء �أن تكون‪.‬‬
‫ورغم �أنه لي�ست لديهم طريقة يف حجتهم‪ ،‬و�أنهم يتلم�سون طريقهم عميا ًنا‪ ،‬فمن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�ضروري �أن نقلل من يقينهم باحلجج اخلم�سة التي تنبع منها كافة اعرتا�ضاتهم‬
‫املزعجة‪ .‬احلجة الأوىل هي �أن الرب ال ي�سمح لل�شيطان �أن يهاجم الإن�سان بهذه‬
‫ﺸﺮ‬

‫القوة الكبرية‪.‬‬
‫ال�س�ؤال املطروح هو‪ ،‬هل الإذن الإلهي ال بد �أن يكون موجودًا دائ ًما يف الإ�صابة‬
‫ﻭ‬

‫حججا لإثبات �أن الرب ال ي�سمح‬ ‫بال�شيطان من خالل �ساحرة‪ .‬ويعطي املعرت�ض ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بهذا‪ ،‬و�أنه بالتايل ال يوجد �سحر يف هذا العامل‪ .‬احلجة الأوىل هي عن الرب‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫والثانية عن ال�شيطان‪ ،‬والثالثة عن ال�ساحرة‪ ،‬والرابعة عن ال�ضرر احلا�صل ب�سبب‬


‫ال�سحر‪ ،‬واخلام�سة عن املب�شرين والق�ضاة‪ ،‬بافرتا�ض �أنهم ب�شروا �ضد ال�ساحرات‬
‫وعاقبوهن‪.‬‬
‫احلجة الأوىل كالتايل‪ :‬الرب ميكن �أن يعاقب الب�شر على خطاياهم‪ ،‬وهو يعاقب‬
‫�إما بال�سيف‪� ،‬أو املجاعة �أو الطاعون‪� ،‬أو بباليا كثرية �أخرى يتعر�ض لها الب�شر‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬ال حاجة عنده يف �أن ي�ضيف عقوبات جديدة‪ ،‬فبالتايل هو ال ي�سمح بال�سحر‪.‬‬
‫�صحيحا‪ ،‬حتديدً ا �أنه ميكنه تعطيل‬
‫ً‬ ‫احلجة الثانية‪� ،‬إذا كان ما قيل عن ال�شيطان‬
‫‪117‬‬
‫الإجناب فال ت�ستطيع املر�أة �أن حتمل �أو �إذا حملت‪ ،‬ميكنه �أن يجعلها جته�ض‪�،‬أو �إذا‬
‫مل يكن هناك �إجها�ض‪ ،‬ميكنه �أن يقتل الطفل بعد الوالدة‪ ،‬ويف هذه احلالة �سيكون‬
‫أي�ضا �أن �أعمال ال�شيطان �أقوى من‬‫قاد ًرا على تدمري العامل كله‪ ،‬وميكن �أن يقال � ً‬
‫عمل الرب‪ ،‬لأن النكاح املقد�س هو من عمل الرب‪.‬‬
‫احلجة الثالثة‪ ،‬يحتجون عن الإن�سان نف�سه‪� ،‬أنه �إن كان هناك �أي �سحر يف‬
‫تعر�ضا له من غريهم‪ ،‬و�أنها حجة‬‫أ�شخا�صا معينني �سيكونون �أكرث ً‬‫ً‬ ‫هذا العامل‪ ،‬ف�إن �‬
‫خاطئة �أن يقال �أن الإن�سان ُي�سحر كعقاب على خطيته‪ ،‬وبالتايل من اخلط�أ �أن ن�ؤمن‬
‫�أن هناك �سح ًرا يف هذا العامل‪ .‬وهم يثبتون �أنه من اخلط�أ �أن نحتج ب�أنه �إن كان هذا‬
‫�صحيحا‪ ،‬فاملذنبني الأعظم �سيتلقون العقاب الأكرب‪ ،‬ولكن هذه لي�ست احلقيقة‪ ،‬لأن‬ ‫ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫املذنبني هم �أخف النا�س عقا ًبا �أحيا ًنا‪ ،‬كما ر�أينا يف ق�ضية الأطفال الربيئني الذين‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مت ادعاء �أنهم �سحرة‪.‬‬
‫احلجة الرابعة‪� ،‬أن ال�شيء الذي ميكن للإن�سان �أن مينعه وميكنه �أال مينعه لكنه‬
‫ﻜﺘ‬
‫ي�سمح له �أن يح�صل‪ ،‬ميكن �أن نقول �أنه حا�صل ب�إرادته‪ .‬ولكن مبا �أن الرب الذي كله‬
‫خري‪ ،‬ال ميكنه �أن يتمنى حدوث ال�شر‪ ،‬بالتايل ال ميكن �أن ي�سمح بال�شر �أن يح�صل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وهو قادر على منعه‪.‬‬


‫وحجتهم هذه فيها كالم على البالء الذي يقال �أنه ب�سبب ال�سحر‪ ،‬يقولون‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنه بالء مماثل للأمرا�ض الطبيعية والعلل العادية‪ ،‬وبالتايل ميكن �أن يكون �سببه‬
‫طبيع ًّيا‪ .‬لأنه من املمكن �أنه بفعل اخللل الطبيعي‪ ،‬ي�صبح الإن�سان �أعمى �أو يفقد‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫العقل �أو ميوت‪ ،‬بالتايل �أ�شياء كهذه ال ميكن �أن نن�سبها بهذه الثقة �إىل ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أفعال �ضد ال�ساحرات‬‫�أخ ًريا‪ ،‬يحتجون �أن املب�شرين والق�ضاة قد ب�شروا ومار�سوا � ً‬
‫جتعل �أنه �إذا كان هناك �ساحرات ً‬
‫فعل‪ ،‬ف�إن حياة املب�شرين لن تكون �أبدً ا �آمنة‬
‫ب�سبب كره ال�ساحرات العظيم لهم‪.‬‬
‫ولكن الرد على هذه احلجج ميكن �أن ي�ؤخذ من ال�س�ؤال الأول‪ ،‬الذي يتعامل مع‬
‫امل�سلمة الثالثة للجزء الأول‪ ،‬وهذه النقاط ميكن �أن ُتع َر�ض فقط للنا�س املنا�سبني‪.‬‬
‫كيف ي�سمح الرب لل�شر �أن يكون‪ ،‬رغم �أنه ال يتمناه �أن يحدث‪ ،‬ولكنه ي�سمح به لأجل‬
‫كمال العامل‪ ،‬وحقيقية �أن الأ�شياء اجليدة حت�صل على ثناء عال‪ ،‬وتكون حمبوبة‬
‫�أكرث �إذا قارناها بالأ�شياء ال�سيئة‪ ،‬وال�شريعة ميكن �أن نقتب�س منها ما يدعم هذا‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫و� ً‬
‫أي�ضا يف �أعماق احلكمة الإلهية‪ ،‬ال بد �أن يظهر اخلري‪ ،‬و�إال �سيبقى خمف ًيا للأبد‪.‬‬
‫لأجل ت�سوية موجزة لهذا ال�س�ؤال هناك عدة مقاالت متوفرة عن املو�ضوع لأجل‬
‫مزيد من املعلومات للنا�س‪ ،‬بالن�سبة للت�أثري‪ ،‬الرب �سمح ب�سقوطني‪� ،‬سقوط املالئكة‬
‫و�سقوط �أبوينا �آدم وحواء‪ ،‬ومبا �أن هذين كانا �أعظم ال�سقوطات‪ ،‬فال حاجة لنت�ساءل‬
‫هل بقية ال�سقوطات م�سموح بها �أم ال‪ .‬ولكن هما كانا الأعظم بني ال�سقوطات يف‬
‫نتيجتهما ولي�س يف ظروفهما‪ ،‬كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال الأخري‪ .‬يف نف�س املكان مت‬
‫عادل‪ ،‬ولأي �شخ�ص احلرية �أن‬ ‫تو�ضيح كيف �أن الرب �سمح بهذين ال�سقوطني وكان ً‬
‫يقول ما يحلو له‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن ال بد �أن جنيب على هذه احلجج‪ .‬بالن�سبة للحجة الأوىل‪� ،‬أن الرب يعاقب‬
‫ب�شكل كاف بالأمرا�ض الطبيعية وبال�سيف واملجاعة‪� .‬سن�ضع لها �إجابة ثالثية � ًأول‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الرب مل يحدد قدرته ب�أن تكون مقت�صرة على عمليات الطبيعة‪� ،‬أو حتى على ت�أثري‬
‫النجوم‪ ،‬بطريقة ال ي�ستطيع بها �أن يتجاوز هذه احلدود‪ ،‬لأنه غال ًبا ما يتجاوزها‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف معاقبته للخطايا‪ ،‬وب�إر�ساله للوباءات وم�صائب �أخرى بعيدة عن ت�أثري جميع‬
‫النجوم‪ ،‬مثلما عاقب كربياء داوود عندما عد النا�س ب�إر�سال طاعون على النا�س‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ثان ًيا‪ ،‬مما يتوافق مع احلكمة الإلهية �أن الرب ال بد �أن يكون حاك ًما على كل‬
‫�شيء ي�سمح بوجوده‪ ،‬و�أن الأ�شياء تفعل الفعل بتحري�ض داخلي من ذاتها‪ .‬بناء على‬
‫ﺸﺮ‬

‫هذا‪ ،‬لي�س غر�ض الرب �أن مينع جميع �أحقاد ال�شيطان‪ ،‬ولكن بالأحرى �أن ي�سمح‬
‫حلا للكون‪ ،‬وبالرغم من �أن ال�شيطان ُمقيد من قبل‬ ‫بها �إىل احلد الذي يراه �صا ً‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مالئكة اخلري‪ ،‬فال ي�ستطيع �أن يعمل كل الأذى الذي يتمناه‪ .‬كذلك‪ ،‬الرب ال يهدف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إىل كتم خطايا الإن�سان التي يعملها ب�إرادته احلرة مثل رف�ض الإميان �أو �أن ُيخل�ص‬
‫نف�سه لل�شيطان‪ ،‬وهي �أ�شياء يف م�ستوى رغبة الإن�سان‪ .‬من هذين املدخلني ن�ستنتج‬
‫�أن الرب �سمح بعدله له�ؤالء ال�شياطني الذين يرف�ضون الإميان بقدرات معينة‪ ،‬وهي‬
‫قدرتهم على �إيذاء الإن�سان واحليوان والأ�شجار على الأر�ض‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬الرب ي�سمح بعدالته لهذه ال�شرور‪ ،‬وهي بعك�س املتوقع‪ ،‬ت�سبب ا�ضطرا ًبا‬
‫عظي ًما غري مبا�شر لل�شياطني وتعذي ًبا لهم‪ .‬لأن ال�شيطان يتعذب جدًّا ب�شكل غري‬
‫مبا�شر عندما يرى �أن ما يحدث يف النهاية هو �ضد رغبته‪ ،‬فالرب ي�ستخدم كل ال�شر‬
‫لتمجيد ا�سمه ولتف�ضيل الإميان‪ ،‬وتطهري املختارين‪ ،‬ولتعليم ف�ضيلة ال�صرب‪ .‬ومن‬
‫‪119‬‬
‫إزعاجا لكربياء ال�شيطان من هذه الأ�شياء‬‫امل�ؤكد �أنه ال �شيء ميكن �أن يكون �أكرث � ً‬
‫(كما قيل‪ :‬كربيا�ؤهم التي تكرهك تزيد با�ستمرار)‪ ،‬لأن الرب ُيحول مكر ال�شر �إىل‬
‫�أن يكون جمدً ا له‪ .‬وبالتايل فالرب ي�سمح بكل هذه الأ�شياء بعدالته‪.‬‬
‫حجتهم الثانية متت الإجابة عليها من قبل‪ ،‬ولكن هناك نقطتان ال بد من‬
‫الإجابة عنهما بالتف�صيل‪ .‬يف املقام الأول‪ ،‬بعيدً ا عن مقولة �أن ال�شيطان �أو �أعمال‬
‫ال�شيطان �أقوى من الرب‪ ،‬فمن الوا�ضح �أن قدرته �ضعيفة‪ ،‬و�أنه ال ي�ستطيع �أن يعمل‬
‫�شي ًئا دون �إذن الرب‪ .‬بالتايل ميكن �أن يقال �أن قدرة ال�شيطان �صغرية مقارنة ب�إذن‬
‫الرب‪ ،‬رغم �أنها عظيمة جدًّا مقارنة بقوى الأر�ض الأخرى‪ ،‬كما ات�ضح يف الن�ص‬
‫املقتب�س بكرثة من �سفر �أيوب احلادي ع�شر‪« :‬لي�س له يف الأر�ض نظري‪�ُ ،‬صنع لعدم‬

‫ﻋﺼ‬
‫اخلوف»‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف املقام الثاين‪ ،‬ال بد �أن جنيب عن �س�ؤال هل الرب ي�سمح لل�سحر ب�أن ي�ؤثر على‬
‫القدرة اجلن�سية �أكرث من ت�أثريه على �أي قدرة �أخرى‪ .‬ولقد �أجبنا عن هذا �ساب ًقا‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ويجب �أن ن�ضع يف اعتبارنا العار امللحق بالت�أثري على القدرة اجلن�سية للرجل‪ ،‬و�أن‬
‫اخلطيئة الأ�صلية جاءتنا ب�سبب ذنب �أبوينا ومت توريثها بطريقة التنا�سل‪ .‬ويف ق�صة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�آدم جند احلية وك�أنها ترمز �إىل �أول �أداة لل�شر‪.‬‬


‫بالن�سبة لنقطتهم الثالثة‪ ،‬نحن جنيب ب�أن ال�شيطان لديه نية ورغبة �أكرب لإغواء‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�صاحلني �أكرث من رغبته يف �إغواء اخلبثاء‪ ،‬رغم �أنه يف الواقع يغوي اخلبثاء �أكرث‬
‫من ال�صاحلني‪ ،‬لأن اخلبثاء لديهم قابلية �أكرب لال�ستجابة لإغوائه‪ .‬بنف�س الطريقة‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حري�صا �أكرث على �أذية ال�صالح �أكرث من ال�شرير‪ ،‬ولكنه يجد �أنه من‬‫ً‬ ‫ال�شيطان يكون‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأ�سهل �أن ي�ؤذي اخلبيث‪.‬‬


‫و�سبب هذا وف ًقا لكالم القدي�س «جريجوري» �أنه كلما �أعطى الإن�سان ً‬
‫جمال‬
‫لل�شيطان‪ ،‬كلما كانت مقاومته لل�شيطان �أ�صعب‪ .‬ولكن مبا �أن ال�شخ�ص اخلبيث هو‬
‫الذي غال ًبا ما يعطي املجال لل�شيطان‪ ،‬ف�إغوا�ؤه يكون هو الأ�سهل والأكرث تكرا ًرا‪،‬‬
‫لأنه لي�س لديه درع من الإميان يحمي به نف�سه‪ .‬بالن�سبة لهذا الدرع فالقدي�س‬
‫«بول�س» يتحدث يف ر�سالته لأهل اف�س�س‪« ،‬حاملني فوق الكل تر�س الإميان‪ ،‬الذي‬
‫به تقدرون �أن تطفئوا جميع �سهام ال�شرير امللتهبة»‪ .‬ولكن على اجلانب الآخر‪،‬‬
‫فال�شيطان ُيهاجم ال�صاحلني بعنف �أكرث من اخلبثاء‪ .‬و�سبب هذا الهجوم هو �أنه قد‬
‫‪120‬‬
‫�سيطر بالفعل على اخلبثاء‪ ،‬وبقي ال�صاحلون‪ ،‬وبالتايل فهو يحاول ب�شدة �أن ي�شحذ‬
‫كامل قوته لفتنة ال�صالح‪ ،‬الذي مل ميلكه بعد‪ ،‬الذي هو �أهم عنده من اخلبيث‬
‫الذي ميلكه بالفعل‪ .‬بنف�س الطريقة‪ ،‬الأمري على الأر�ض ي�ؤدب ب�شدة ه�ؤالء الذين‬
‫ال يتبعون �أوامره‪� ،‬أو ي�شكلون خط ًرا على مملكته‪ ،‬عن �أولئك الذين ال يعار�ضونه يف‬
‫�شيء‪.‬‬
‫ك�إجابة للحجة الرابعة‪� ،‬إ�ضافة �إىل ما كتبناه عن هذه امل�س�ألة‪ ،‬املب�شر ال بد �أن‬
‫ي�شرح حقيقة �أن الرب ي�سمح بال�شر �أن يحدث‪ ،‬ولكنه ال يتمناه �أن يحدث‪ ،‬وهناك‬
‫عالمات خم�سة للرغبة الإلهية‪ ،‬وهي الأمر‪ ،‬املنع‪ ،‬الن�صيحة‪ ،‬الفعل‪ ،‬والإذن‪ .‬انظر‬
‫خ�صو�صا يف اجلزء الأول‪ ،‬ال�س�ؤال ‪ ،19‬املقال ‪ ،12‬حيث‬ ‫ً‬ ‫كالم القدي�س «توما�س»‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�ضحه ب�شكل تام‪ .‬فرغم �أن هناك رغبة واحدة للرب‪ ،‬والتي هي الرب نف�سه‪ ،‬لأن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫جوهره واحد‪� ،‬إال �أنه بالنظر �إىل حتقيق هذه الرغبة‪ ،‬فرغبته تتو�ضح ون�ستدل عليها‬
‫بطرق عديدة‪ ،‬كما يف �سفر املزامري‪ .‬الأعمال القديرة للرب متحققة يف رغباته‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لذلك هناك فرق بني الرغبة الأ�سا�سية الفعلية للرب والتعبري املرئي عن هذه‬
‫الرغبة‪ ،‬فلو �أن الرغبة هي رغبة �إمتاع رجل‪ ،‬فبتحوير املعنى‪� ،‬سيتم التعبري عنها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بعالمات خارجية منا�سبة‪ .‬لأنه بالعالمات والتحورات يتم �إعالمنا �أن الرب يريد‬
‫لكذا وكذا �أن يح�صل‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫مثال على �أب‪ ،‬بينما لديه رغبة واحدة يف نف�سه‪ ،‬فهو يعرب عن‬ ‫ميكننا �أن ن�أخذ ً‬
‫هذه الرغبة بخم�سة طرق‪� ،‬إما بنف�سه‪� ،‬أو عن طريق �شخ�ص �آخر‪ .‬التعبري بنف�سه‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يكون بطريقتني‪� ،‬إما بطريقة مبا�شرة �أو غري مبا�شرة‪ .‬مبا�شرة عندما يفعل ال�شيء‬
‫بنف�سه‪ ،‬وهذا ي�سمى «الفعل»‪ .‬وغري مبا�شرة عندما ال مينع �أحدا �آخر �أن يعمل الفعل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫(انظر كتاب �أر�سطو ‪ Physics‬الرابع‪ :‬املنع هو طريقة غري مبا�شرة)‪ ،‬وهذا ما‬
‫يدعى عالمة «الإذن»‪ .‬والأب يعرب عن رغبته عرب �شخ�ص �آخر بثالث طرق‪� .‬إما �أن‬
‫ي�أمر ال�شخ�ص ليعمل �شيئا �أو مينع �شي ًئا ـ وهذه هي عالمة «الأمر» �أو عالمة «املنع»‪.‬‬
‫�أو هو يحث وين�صح �أحدً ا ليعمل �شي ًئا وهذه هي عالمة «الن�صيحة»‪ .‬وكما �أن رغبة‬
‫الإن�سان تت�ضح باخلم�سة طرق‪ ،‬كذلك رغبة الرب تت�ضح بهذه الطرق‪ ،‬وهذا يت�ضح‬
‫يف حديث القدي�س «ماثيو»‪� :‬سيفعل يف الأر�ض مثلما يفعل يف ال�سماوات‪� ،‬أو كما نقول‪،‬‬
‫حتى نحقق يف الأر�ض ما �أمر‪ ،‬ومنتنع عن ما منع‪ ،‬ونتبع ما ن�صح‪ .‬وبنف�س الطريقة‪،‬‬
‫القدي�س «�أوج�ستني» يو�ضح �أن الإذن والفعل هما عالمتني من عالمات رغبة الرب‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫حيث يقول يف كتاب ‪ :Enchiridion‬ال �شيء يح�صل �إال �إذا رغب الرب العظيم له‬
‫�أن يح�صل‪� ،‬إما ب�أن ي�سمح له باحل�صول �أو �أن يفعله بنف�سه‪.‬‬
‫نعود للحجة‪ ،‬من ال�صحيح �أن نقول �أنه عندما ميكن للإن�سان �أن مينع �شي ًئا وال‬
‫مينعه‪ ،‬فقد يقال �أن هذا ال�شيء جاء برغبة الإن�سان‪ .‬ومقولة �أن الرب هو اخلري كله‬
‫أي�ضا بالنظر �إىل رغبة الرب‪،‬‬ ‫وال ميكن �أن يتمنى حدوث ال�شر‪ ،‬هي مقولة �صحيحة � ً‬
‫�أو �إىل الأربعة عالمات لرغبته‪ ،‬لأنه ال نحتاج �أن نقول �أنه ال ميكن �أن يريد الرب‬
‫�أن يفعل ال�شر‪� ،‬أو ي�أمر بال�شر‪� ،‬أو يعجز عن مواجهة ال�شر‪� ،‬أو ين�صح بال�شر‪ ،‬ولكنه‬
‫ي�ستطيع �أن ي�سمح لل�شر �أن يح�صل‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�إذا جاء �س�ؤال كيف من املمكن �أن منيز بني �إذا كان هذا املر�ض قد حدث‬
‫بوا�سطة ال�سحر �أو بوا�سطة �سبب طبيعي وخلل عادي‪� ،‬سنجيب ب�أنه هناك طرق‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عديدة‪ .‬الأول هو عرب ر�أي الأطباء‪ .‬انظر كلمات القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪On‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪ :Christian Doctrine‬هناك خرافات تندرج حتتها بع�ض التعاويذ والتمائم‬
‫امل�شاعة حول �شخ�ص‪ ،‬وهذه اخلرافات حتتقرها علوم الطب‪ .‬ولكن‪ ،‬الأطباء ميكن‬
‫�أن يفهموا من الظروف‪ ،‬مثل عمر املري�ض‪� ،‬صحة ب�شرته‪ ،‬وتعابري عينيه‪� ،‬أن مر�ضه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫جتا من �أي خلل يف الدم �أو املعدة‪� ،‬أو من �أي ع�ضو �آخر‪ ،‬وبالتايل يحكمون‬ ‫هذا لي�س نا ً‬
‫�أن هذا لي�س ب�سبب �أي �شيء طبيعي‪ ،‬و�إمنا ب�سبب خارجي‪ .‬ولأن ال�سبب اخلارجي‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال ميكن �أن يكون ت�سم ًما‪ ،‬لأن الت�سمم �سيكون فيه �أخالط مري�ضة يف الدم واملعدة‪،‬‬
‫ف�سيكون لديهم �سبب كاف حتى يحكموا ب�أن هذا حا�صل ب�سبب ال�سحر‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وثانيًا‪ ،‬عندما يكون املر�ض غري قابل للعالج‪ ،‬ولي�ست هناك عقاقري ت�ؤثر على‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املري�ض بل �إن العقاقري تزيد احلالة‪.‬‬


‫رجل بحيث ال ميكن �أن‬ ‫ثال ًثا‪ ،‬ال�شر ميكن �أن ي�أتي بطريقة مفاجئة جدًّا على ُ‬
‫لرجل نعرفه‪ .‬كان من‬ ‫يكون قد حدث له هذا �إال بفعل ال�سحر‪ .‬مثل الذي حدث ُ‬
‫مواطني «�سبايرز» ولديه زوجة عنيدة جدًّا‪ ،‬ورغم �أنه حاول �أن ير�ضيها بكل طريقة‪،‬‬
‫�إال �أنها تقري ًبا كانت ترف�ض كل طريقة لال�ستجابة لرغبته‪ ،‬وترميه كث ًريا ب�سخريتها‬
‫البذيئة‪ .‬ولقد ح�صل �أنه بينما هو ذاهب �إىل بيته ذات يوم‪ ،‬وجد زوجته تلومه‬
‫كالعادة بكلمات احتقار‪ ،‬كان يريد اخلروج من املنزل ليهرب من ال�شجار‪ .‬لكنها‬
‫رك�ضت ب�سرعة �أمامه و�أغلقت الباب الذي �أراد �أن يخرج منه‪ ،‬وحلفت ب�صوت عال‬
‫‪122‬‬
‫�أنه �إذا مل ي�ضربها‪ ،‬فلي�ست عنده �أمانة وال رجولة‪ .‬وبهذه الكلمات الثقيلة‪ ،‬مد يده‬
‫غري عازم على �إيذائها‪ ،‬و�ضربها �ضربة خفيفة بكفه املفتوح على م�ؤخرتها‪ ،‬عندها‬
‫�سقط على الأر�ض فج�أة وفقد ال�شعور بحوا�سه‪ ،‬وبعدها رقد على ال�سرير لأ�سابيع‬
‫عديدة و�أ�صيب ب�أ�سو�أ الأمرا�ض‪ .‬ومن الوا�ضح �أنه مل يكن ً‬
‫مر�ضا طبيع ًّيا‪ ،‬ولكنه‬
‫حادث ب�سبب نوع من �سحر فعلته هذه املر�أة‪ .‬وحاالت عديدة مثل هذه قد ح�صلت‪،‬‬
‫وعرفها الكثريين‪.‬‬
‫هناك البع�ض ممن مييزون هذه الأمرا�ض بوا�سطة بع�ض الطرق‪ .‬مثال مي�سكون‬
‫بر�صا�ص م�صهور فوق الرجل املري�ض‪ ،‬وي�صبونه يف �إناء من املاء‪ .‬ف�إذا تكثف‬
‫الر�صا�ص و�صنع �صورة ما‪ ،‬يحكمون ب�أن هذا املر�ض ب�سبب ال�سحر‪ .‬وعندما َي�س�أَل‬

‫ﻋﺼ‬
‫الرجل هل كانت ال�صورة املتكونة هي بفعل ال�شياطني �أم �أنها طبيعية‪ ،‬الإجابة تكون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫نوعا من ال�شر‪،‬‬‫�أنها بفعل ت�أثري كوكب زحل على الر�صا�ص‪ ،‬ت�أثري ذلك الكوكب يعترب ً‬
‫وال�شم�س لها ت�أثري مماثل على الذهب‪ .‬ولكن ما يجب �أن نفكر به حيال هذه الطرق‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنه هل هي �شرعية �أم ال‪ ،‬وهذا �ستتم مناق�شته يف اجلزء الثاين من هذا البحث‪ .‬لأن‬
‫علماء ال�شريعة يقولون �أنه �شرعي �أن تواجه ال�شر بال�شر‪ ،‬ولكن الالهوتيون ي�ؤمنون‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بر�ؤية معار�ضة لهذا‪ ،‬فيقولون �أنه لي�س من ال�صحيح �أن نعمل ال�شر لأجل غر�ض‬
‫خري‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف حجتهم الأخرية‪ ،‬يقدمون عددًا من االعرتا�ضات‪ .‬الأول‪ ،‬ملاذا ال ت�صبح‬


‫ال�ساحرات غنيات؟ ثان ًيا‪ ،‬ملاذا ال تتعاون ال�ساحرات مع الأمراء ويدمرن جميع‬
‫ﻭ‬

‫�أعداء الدولة؟ ثال ًثا‪ ،‬ملاذا هن غري قادرات على �أذية املب�شرين والآخرين الذين‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يالحقونهن؟‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالن�سبة لالعرتا�ض الأول‪� ،‬سنقول �أن ال�ساحرات لي�سوا �أغنياء ب�سبب �أن‬
‫ال�شياطني يحبون �أن ُيظهروا احتقارهم للخالق ب�شرائهم ال�ساحرات ب�أبخ�س الأثمان‬
‫أي�ضا‪ ،‬ال�ساحرات ال يردن �أن ي�صبحن ظاهرات ب�سبب ثرائهن‪.‬‬‫املمكنة‪ .‬و� ً‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ملاذا ال ت�ؤذي ال�ساحرات الأمراء‪ ،‬لأنهن يردن االحتفاظ ب�صداقتهم بقدر‬
‫اال�ستطاعة‪ .‬و�إذا �س�أل �أحد ملاذا ال ت�ؤذي ال�ساحرات �أعداء الدولة؟ �سنجيب ب�أن‬
‫مالك اخلري الذي يعمل يف الناحية الأخرى‪ ،‬مينع هذا ال�سحر‪ .‬انظر املقطع يف‬
‫�سفر دانيال‪« :‬ورئي�س مملكة فار�س وقف مقابلي واحدًا وع�شرين يو ًما‪ ،‬وهو ذا‬
‫‪123‬‬
‫ميخائيل واحد من الر�ؤ�ساء الأولني جاء لإعانتي»‪ .‬انظر كالم القدي�س «توما�س»‬
‫يف الكتاب الثاين من ‪ ،Sentences‬حيث ناق�ش �إذا كان هناك �أي مناف�سة بني‬
‫مالئكة اخلري يف هذه الأمور‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬يقال �أنه ال ميكنهن �أن ي�ؤذوا املفت�شني ومن يالحقهن‪ ،‬لأنهم ينفذون‬
‫العدالة‪� ،‬أمثلة كثرية ميكن �أن ت�ضاف لإثبات هذا‪ ،‬ولكن الوقت ال ي�سعف لذكرها‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪124‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫الجزء الثاني‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫السؤال ‪ .1‬ألجل المعارضين لفكرة أن قوة‬
‫الساحرات مؤذية دائم ًا وغير نافعة أب ً‬
‫دا‬

‫اجلزء الثاين من هذا العمل يتعامل مع الطريقة التي تتخذها ال�ساحرات لأداء‬
‫ال�سحر‪ ،‬وهذه �ستو�ضع حتت ثمانية ع�شر عنوا ًنا‪ ،‬بداية من مو�ضوعني رئي�سيني‪� .‬أول‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذين املو�ضوعني هو عن العالجات الوقائية‪ ،‬والتي بها يكون الإن�سان حم�ص ًنا �ضد‬
‫املعالة‪ ،‬والتي يعا َلج بها من يتم �سحره‪ .‬لأن‬
‫ال�سحر‪ ،‬املو�ضوع الثاين عن العالجات ِ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أر�سطو يقول يف كتابه ‪ Physics‬الرابع‪ ،‬الوقاية والعالج متعلقان ببع�ضهما‪ .‬بهده‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطريقة ميكن لكل الأ�ساليب املروعة لهذه الهرطقة �أن تت�ضح‪.‬‬
‫�سيتم الرتكيز على النقاط التالية‪ً � ،‬أول‪ ،‬طقو�س ال�ساحرات وممار�ستهن لتدني�س‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املقد�سات‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬تطور طرق عملهن وطرق �شعائرهن‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬الوقايات املانعة �ضد‬
‫�أ�سحارهن‪ .‬ولأننا الآن نتعامل مع الأمور املتعلقة بالأخالق والت�صرفات‪ ،‬وال توجد‬
‫ﺸﺮ‬

‫حاجة ل�سرد احلجج واملجادالت والبحوث‪ ،‬حيث �أن هذه الأمور متت معاجلتها يف‬
‫املقاالت ال�سابقة‪ ،‬بالتايل نحن ُن�صلي للرب �أال ُي�صر القارئ على برهان كل ق�ضية‪،‬‬
‫ﻭ‬

‫لأنه من الكايف �أن ن�ضيف �أمثلة ر�أيناها ب�أعيننا �أو �سمعناها من �شاهد موثوق‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بالن�سبة لأول نقطة‪ ،‬طقو�س ال�ساحرات‪� ،‬شيئان ال بد من اختبارهما‪ً � ،‬أول‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫الطرق العديدة للإغواء التي ي�ستخدمها ال�شيطان نف�سه‪ ،‬وثان ًيا الطرق العديدة‬
‫التي متار�س بها ال�ساحرات هرطقتهن‪ .‬وبالن�سبة لثاين نقطة‪ ،‬تطور طرق عملهن‬
‫وطرق �شعائرهن‪� ،‬ستة �أ�شياء ال بد �أن نختربها بالرتتيب تتعلق كلها بطريقة ال�سحر‬
‫وعالجه‪ً � .‬أول‪ ،‬ممار�سات ال�ساحرات التي تتعلق بهن �شخ�ص ًيا و�أج�سادهن‪ .‬ثان ًيا‪،‬‬
‫ممار�ساتهن التي تتعلق بالرجال‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬املمار�سات املتعلقة باحليوانات املتوح�شة‪.‬‬
‫خام�سا‪ ،‬الأنواع من ال�سحر التي‬
‫راب ًعا‪ ،‬الأذى املتعمد الذي يفعلنه يف ثمار الأر�ض‪ً .‬‬
‫�ساد�سا‪ ،‬ال�س�ؤال عن �إزالة ال�سحر‪،‬‬
‫متا َر�س بوا�سطة رجال فقط ولي�س بوا�سطة ن�ساء‪ً .‬‬
‫وكيف تتم معاجلة امل�سحور‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫هناك �س�ؤال يتعلق ب�إذا كان الإن�سان ميكن �أن تتم مباركته بوا�سطة مالئكة‬
‫اخلري فال ميكن �سحره بوا�سطة ال�ساحرات ب�أي طريقة‪ .‬ويبدو �أنه ال ميكن ذلك‪،‬‬
‫لأنه قد مت �إثبات �أنه حتى الربيئني والطاهرين يت�أثرون مثل الآخرين بال�شياطني‪،‬‬
‫مثل �أيوب‪ ،‬وعديد من الأطفال الأبرياء‪ ،‬وكثري من النا�س الذين مت �سحرهم‪ ،‬لكن‬
‫ه�ؤالء ال يكون �سحرهم بقوة �سحر اخلبيثني‪ ،‬لأنهم ال ي�صابوا بالهالك يف �أرواحهم‪،‬‬
‫ولكن فقط يف �أ�شيائهم الدنيوية و�أج�سادهم‪ .‬ولكن هذا الكالم �سمعنا عك�سه يف‬
‫اعرتاف ال�ساحرات‪� ،‬أنه ب�إمكانهن �أذية كل �أحد‪ ،‬ولكن الذين علمتهم ال�ساحرة‬
‫املعلومات التي ا�ستقتها من ال�شياطني‪� ،‬س ُيح َرم ُون من امل�ساعدة الإلهية‪.‬‬
‫الإجابة‪ .‬هناك ثالثة فئات مباركني من قبل الرب‪ ،‬وال ي�ستطيع هذا اجلن�س‬

‫ﻋﺼ‬
‫املكروه �إيذاءهم بال�سحر‪ .‬الفئة الأوىل هم الذين ينفذون العدالة �ضد ال�ساحرات‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أو يحاكموهن يف العلن ب�شكل ر�سمي‪ .‬الفئة الثانية �أولئك الذين وف ًقا لتقاليد وطقو�س‬
‫الكني�سة‪ ،‬لديهم ا�ستفادة م�شروعة من ال�سلطة في�ستخدمون الأ�شياء املقد�سة‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطاردة للأرواح ال�شريرة والتي ت�ضعها الكني�سة يف املاء املقد�س ً‬
‫مثل‪� ،‬أو يتناولون‬
‫ملح التكري�س‪� ،‬أو يحملون ال�شموع املقد�سة يف يوم تطهري �سيدتنا على �أوراق النخيل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف يوم �أحد ال�شعانني املقد�س‪ ،‬والرجال الذين يح�صنون �أنف�سهم بهذه الأ�شياء فهي‬
‫تزيل عنهم جميع قوى ال�شيطان‪ ،‬و�سنتحدث عن مثل هذا الح ًقا‪ .‬الفئة الثالثة هم‬
‫ﺸﺮ‬

‫الذين بطرق عديدة وال نهائية‪ ،‬يبا َركون بوا�سطة املالئكة املقد�سة‪.‬‬
‫�سبب عدم ت�أثر الفئة الأوىل بال�سحر �س ُي�شرح ونثبته ب�أمثلة‪ .‬لأن القدي�س «بول�س»‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يقول‪ ،‬كل القوة �إذا جاءت من الرب‪� ،‬ستكون �سي ًفا للث�أر من اخلبيثني ومكاف�أة‬
‫للخريين‪ ،‬وال عجب �أن ال�شياطني تختبئ يف جحورها عندما يتم تنفيذ العدالة للث�أر‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من اجلرائم املريعة‪.‬‬


‫نف�س ال�شيء تكلم عنه العلماء وذكروا خم�س طرق ميكن لقوة ال�شيطان �أن تتعطل‬
‫بها‪� ،‬إما ب�شكل كامل �أو جزئي‪ً � .‬أول‪ ،‬تقييد يتنزل من عند الرب لقدرة ال�شيطان‪،‬‬
‫كما نرى يف �سفر �أيوب الأول والثاين‪ .‬مثال �آخر هي حالة الرجل الذي قر�أنا عنه يف‬
‫كتاب ‪ Formicarius‬لـ «نايدر»‪ ،‬الذي اعرتف للقا�ضي �أنه تو�سل بال�شيطان حتى‬
‫ميكنه �أن يقتل �أحد �أعدائه‪� ،‬أو ي�ضره ج�سد ًّيا‪� ،‬أو ي�ضرب ر�أ�سه ب�صاعقة‪ .‬ولقد قال‬
‫عمل جيدًا مب�ساعدته‪� ،‬أجابني ب�أنه ال‬ ‫«عندما تو�سلت بال�شيطان حتى �أعمل ً‬

‫‪130‬‬
‫يقدر �أن يفعل �أ ًيا من هذه الأ�شياء‪ ،‬لأن الرجل لديه �إميان قوي ويحمي نف�سه‬
‫بعالمة ال�صليب‪ ،‬وبالتايل ال ميكن لل�شيطان �أن ي�ؤذي ج�سده‪ ،‬ولكن �أق�صى ما‬
‫ميكنه �أن يفعله هو �أن يدمر جز ًءا من �أحد ع�شر جز ًءا من ثمار �أر�ضه»‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ميكن تعطيل قوة ال�شيطان با�ستعمال قوة خارجية‪ ،‬كما يف حالة حمار‬
‫بلعام‪ ،‬يف �سفر العدد الثاين والع�شرين‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬ميكن تعطيل قوة ال�شيطان بوا�سطة‬
‫معجزة خارجية يتم �أدا�ؤها‪ .‬وهناك البع�ض ممن بوركوا بهذه الف�ضيلة‪ ،‬كما �سنذكر‬
‫الح ًقا يف الفئة الثالثة عن الرجال الذين ال ميكن �أن يت�أثروا بال�سحر‪ .‬راب ًعا‪ ،‬ميكن‬
‫�أن تتعطل قوة ال�شيطان بعناية الرب الذي يرتب كل �شيء ويجعل مال ًكا من مالئكة‬
‫اخلري يقف يف طريق ال�شيطان‪ ،‬مثلما قتل «�أ�سموديو�س» الأزواج ال�سبعة ل�سارة‬

‫ﻋﺼ‬
‫العذراء‪ ،‬ولكنه مل يقتل توبيا�س‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫خام�سا‪ ،‬ميكن �أن تتعطل قوة ال�شيطان يف بع�ض الأحيان ب�سبب حذر ال�شيطان‬ ‫ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫نف�سه‪ ،‬لأنه ت�أتي �أوقات هو ال يريد �أن يعمل هذا الأذى املعني‪ ،‬ب�سبب ال�سوء الذي‬
‫ميكن �أن ينتج عنه من وجهة نظره‪ .‬كمثال‪ ،‬عندما ميكنه �أن يعتدي على املعزولني‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لكنه ال يفعل‪ ،‬كما يف حالة املعزولني يف كورونثو�س (ر�سالة كورونثو�س الأوىل ‪)5‬‬
‫فهو يريد �أن ُي�ضعف قوة الكني�سة بفعل هذا العزل‪ .‬بالتايل‪ ،‬ميكن �أن نقول �أنه حتى‬
‫ﺸﺮ‬

‫منفذي العدالة الر�سمية مل يكونوا حمفوظني بالقدرة الإلهية‪� ،‬إال �أن ال�شياطني‬
‫غال ًبا باتفاقهم ي�سحبون الدعم واحلرا�سة من ال�ساحرات عندما يقب�ض عليهن‪� ،‬إما‬
‫ﻭ‬

‫ب�سبب اخلوف من املواجهة‪� ،‬أو ب�سبب �أنهم يريدون �أن يعجلوا بهالك ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه احلقيقة مت �إثباتها باخلربة الفعلية‪ ،‬لأن العامل املذكور �آن ًفا‪� ،‬أكد �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ساحرات �شهدن �أن هذه حقيقة من واقع جتربتهن‪� ،‬أنه مبجرد �أن يتم �أخذهن‬
‫بوا�سطة منفذي العدالة ر�سميا‪ ،‬فهن يفقدن ب�سرعة جميع قوى ال�سحر التي كانت‬
‫لديهم‪ .‬كمثال‪ ،‬قا�ض ا�سمه بيرت‪ ،‬وقد ذكرناه من قبل‪� ،‬أراد من �ضباطه �أن يقب�ضوا‬
‫على �ساحرة ا�سمها «�ستادلني»‪ ،‬ولكن �أياديهم �أ�صابها ارتعا�ش عظيم‪ ،‬وغلبت على‬
‫�أنوفهم رائحة منتنة‪ ،‬ففقدوا الأمل ب�أن يلم�سوا ال�ساحرة‪ .‬و�أمرهم القا�ضي ً‬
‫قائل‬
‫«ميكنكم �أن تقب�ضوا على ال�ساحرة ب�أمان‪ ،‬لأنه عندما تلم�سوها ب�أيدي العدالة‪،‬‬
‫�ستخ�سر كل القوى ال�شريرة التي تخدمها» وبالتايل مت �إثبات الواقعة‪ ،‬لأنه مت �أخذ‬
‫‪131‬‬
‫ال�ساحرة وحرقها ب�سبب كثري من ال�سحر الذي عملته‪ ،‬والذي �سنذكره يف الآن وفيما‬
‫بعد يف هذا البحث يف املوا�ضع املنا�سبة‪.‬‬
‫وكثري من مثل هذه التجارب قد حدثت لنا نحن املفت�شني �أثناء عملنا يف مكتب‬
‫التفتي�ش‪ ،‬مما يجعل عقل القارئ يت�ساءل �إذا كان من املنا�سب ذكرها � ً‬
‫أي�ضا‪ .‬ولكن‬
‫مبا �أن مدح الذات �شيء دينء ولئيم‪ ،‬فمن الأف�ضل �أن نتجاوزها ب�صمت‪ ،‬هذا �أف�ضل‬
‫من �أن نتحمل ذنب التفاخر والغرور‪ .‬ولكن ال بد �أن ن�ستثني ه�ؤالء الذين �أ�صبحوا‬
‫معروفني جدًّا فال ميكن �أن ُيخفوا �شي ًئا‪.‬‬
‫لي�س من فرتة طويلة يف قرية «راتي�سبون»‪ ،‬ح َكم القا�ضي على �ساحرة باحلرق‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�س�أل القا�ضي املفت�شني نف�س ال�س�ؤال‪ ،‬ملاذا املفت�شني ال يت�أثرون مثل بقية الرجال‬
‫بال�سحر‪ .‬و�أجابوا عليه ب�أن ال�ساحرات حاولن كثريًا �أذيتهم‪ ،‬ولكنهن مل ي�ستطعن‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�س�أل عن ال�سبب‪ ،‬ف�أجابوا �أنهم ال يعرفون‪� ،‬إال �إذا كان ب�سبب �أن ال�شياطني حذرتهن‬
‫ﻜﺘ‬
‫من �أن يعملن هذا‪ .‬لأنه كما قالوا‪ ،‬يبدو من امل�ستحيل �أن ُنخرب كم مرة �أزعجتنا‬
‫ليل ونها ًرا‪ ،‬ير�سلن علينا �شياطني يف هيئات قرود‪ ،‬لي�س بهيئات كالب �أو‬ ‫ال�ساحرات ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ماعز‪ ،‬يقلقوننا ب�صياحهم و�شتائمهم‪ ،‬وي�أخذوننا عن �أرائكنا ب�صلواتهم الكفرية‪،‬‬


‫حتى نقف خارج نافذة �سجنهن‪ ،‬الذي كان عال ًيا جدًّا حتى ال ي�صل لهن �أحد بدون‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن ُيح�ضر �أطول �سلم‪ ،‬وبعدها بدا لنا �أنهن يغرزن دبابي�س غطاء ال�شعر بقوة يف‬
‫ر�ؤو�سهم‪ .‬ولكن احلمد للرب العظيم‪ ،‬الذي برحمته‪ ،‬وبال ف�ضل منا‪ ،‬حفظنا كما‬
‫ﻭ‬

‫يحفظ خدام عدالته و�إميانه‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�سبب يف حالة الفئة الثانية من الرجال هو بديهي‪ .‬لأن طرد الكني�سة لل�شياطني‬
‫معمول لأجل هذا الغر�ض‪ ،‬وهو عالج فعال حلفظ ال�شخ�ص من �أذية ال�ساحرات‪.‬‬
‫ولكن �إذا جاء �س�ؤال يف �أي حالة يجب �أن ي�ستخدم ال�شخ�ص هذه احلماية‪ ،‬فالبد‬
‫�أن نتحدث � ًأول عن ه�ؤالء الذين عملوا هذا بدون التلفظ ب�أي كلمات مقد�سة‪ ،‬ثم‬
‫عن �أولئك الذين تلفظوا باالبتهاالت املقد�سة‪ .‬لأنه يف املقام الأول‪ ،‬من امل�شروع يف‬
‫�أي منزل الئق لإن�سان �أو حيوان‪� ،‬أن يتم نرث املاء املقد�س لأجل ت�أمني هذا الإن�سان‬
‫واحليوان‪ ،‬بالت�ضرع �إىل الثالوث املقد�س وبا�ستخدام امل�سبحة‪ .‬لأنه قيل يف مكتب‬
‫طرد الأرواح ال�شريرة‪� ،‬أنه �أينما مت نرث هذا املاء املقد�س‪ ،‬كل النجا�سة �ستتطهر‪،‬‬
‫‪132‬‬
‫وكل الأذى �س ُيطرد‪ ،‬ولن تقدر �أي �أرواح مهلكة �أن تقيم هناك‪� ،‬إلخ‪ .‬لأن الرب يحفظ‬
‫الإن�سان واحليوان‪ ،‬وف ًقا للنبي‪ ،‬كل على ح�سب درجته‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ال�شموع املقد�سة‪ ،‬رغم �أنه من املنا�سب �أكرث �أن ُن�شعلها‪ ،‬لأن ال�شمع الذي‬
‫فيها ميكن �أن ُينرث يف البيوت‪ .‬وثال ًثا‪ ،‬من امل�سجل �أن هناك �أع�شابا مقد�سة ُترق �أو‬
‫تو�ضع يف هذه الغرف حيث ميكن �أن تكون فائدتها �أكرب حلماية املكان‪.‬‬
‫وقد حدث ملدينة «�سبايرز» يف نف�س �سنة كتابة هذا الكتاب‪� ،‬أن امر�أة متدينة‬
‫كانت تتحدث مع امر�أة ُي�شتبه فيها �أنها �ساحرة‪ ،‬ثم رمت املر�أتني على بع�ضهن‬
‫كلمات بذيئة‪ .‬ثم يف نف�س الليلة �أرادت املر�أة املتدينة �أن ت�ضع طفلها الر�ضيع يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫مهده‪ ،‬وتذكرت مواجهتها هذا اليوم مع تلك املر�أة امل�شتبه �أنها �ساحرة‪ .‬فخافت على‬
‫طفلها‪ ،‬وو�ضعت �أع�شا ًبا مكر�سة مقد�سة �أ�سفل منه‪ ،‬ور�شته باملاء املقد�س‪ ،‬وو�ضعت‬
‫متاما‪ .‬ويف‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫امللح املقد�س على �شفتيه‪ ،‬وعلمته بعالمة ال�صليب‪ ،‬وبهذا �أمنت املهد ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫منت�صف الليل �سمعت الطفل يبكي‪ ،‬وهرعت تريد �أن حتت�ضن الطفل‪ ،‬وحتمل مهده‬
‫�إىل �سريرها‪ .‬فرفعت ال�شمعة‪ ،‬ولكنها مل ت�ستطع �أن حتت�ضن الطفل‪ ،‬لأن الطفل مل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يكن هناك‪ .‬املر�أة امل�سكينة برعب ومرارة بكت على فقدان طفلها‪ ،‬و�أ�ضاءت ال�ضوء‪،‬‬
‫متاما‪.‬‬
‫ف�إذا بالطفل يف �أحد زوايا الغرفة حتت الكر�سي‪ ،‬يبكي ولكنه �سليم ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف هذا ميكن �أن َنرى ف�ضل الكني�سة يف طرد الأرواح ال�شريرة‪ .‬هذا يو�ضح‬
‫أي�ضا �أن الرب العظيم برحمته وحكمته التي متتد من الطرف �إىل الطرف‪ ،‬يراقب‬ ‫� ً‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أعمال اخلبثاء‪ ،‬ويوجه �سحر ال�شياطني‪ ،‬حتى �أنهم ملا يحاولوا �أن ُي�ضعفوا الإميان‪،‬‬
‫يجدوا �أن العك�س قد حدث وا�شتد الإميان وت�صلب بجذوره يف قلوب الكثريين‪ .‬لأن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�شخ�ص املخ ِل�ص ميكن �أن يتح�صل على الكثري من النفع من هذه ال�شرور‪ ،‬فب�سبب‬
‫�أعمال ال�شياطني‪ ،‬ي�صبح الإميان قو ًيا‪ ،‬ورحمة الرب ميكن �أن ُترى‪ ،‬وقدرته تت�ضح‪،‬‬
‫ويقود الب�شر �إىل حفظه و�إىل توقري �آالم امل�سيح‪ ،‬ويتنورون باحتفاالت الكني�سة‪.‬‬
‫كان هناك م�أمور يعي�ش يف قرية «واي�سينثال»‪ ،‬مت �سحره ف�أ�صيب ب�أكرث الآالم‬
‫�شدة فكان ج�سده يتلوى‪ ،‬واكت�شف ‪ -‬لي�س من �ساحرات �أخريات ولكن من جتربته‬
‫اخلا�صة ‪ -‬كيف متت ممار�سة ال�سحر عليه‪ .‬قال �أنه كانت لديه عادة �أن ُيح�صن‬
‫نف�سه كل يوم من �أيام الأحد بامللح املقد�س واملاء املقد�س‪ ،‬ولكنه جتاهل فعل هذا‬
‫‪133‬‬
‫يف �أحد املرات لأنه كان ذاه ًبا لالحتفال بزواج �شخ�ص ما‪ ،‬ويف نف�س هذا اليوم مت‬
‫�سحره‪.‬‬
‫يف «راتي�سبون» مت �إغواء رجل بوا�سطة ال�شيطان‪ ،‬ظهر له يف هيئة امر�أة حتى‬
‫ي�ضاجعها‪ ،‬و�أ�صبح منزعجا جدًّا عندما مل يكف ال�شيطان عنه‪ .‬ولكن �أتى �إىل عقل‬
‫هذا الرجل الفقري �أنه يجب �أن يدافع عن نف�سه بتناول امللح املقد�س‪ ،‬كما �سمع يف‬
‫اخلطبة‪ .‬وبذلك‪� ،‬أخذ بع�ض امللح املقد�س عند دخوله �إىل احلمام‪ ،‬ونظرت املر�أة له‬
‫ب�شكل عنيف جدًّا‪ ،‬ولعنت ال�شيطان الذي علمه �أن يفعل هذا‪ ،‬ثم اختفت فج�أة‪ .‬لأن‬
‫ال�شيطان ي�ستطيع‪ ،‬ب�إذن الرب‪� ،‬أن يقدم نف�سه �إما بهيئة �ساحرة �أو يتلب�س يف ج�سد‬
‫�ساحرة حقيقية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا ثالث رفاق مي�شون يف الطريق‪ ،‬اثنان منهم ُ�ضربوا بالرعد‪.‬‬ ‫كان هناك � ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫والثالث خاف عندما �سمع �أ�صواتًا تتحدث يف الهواء «دعنا ن�ضربه هو الآخر»‪ .‬ولكن‬
‫�صوتًا �آخر �أجاب «ال ن�ستطيع‪ ،‬لأنه حتى هذا اليوم ي�سمع الكلمة‪ ،‬والكلمة �صارت‬
‫ﻜﺘ‬
‫ج�سدًا»‪ .‬عندها فهم الرجل �أنه مت حفظه لأنه يف ذلك اليوم ح�ضر القدا�س �إىل‬
‫نهاية القدا�س‪� ،‬إجنيل يوحنا‪ :‬يف البدء كانت الكلمة‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حفظا له‪� ،‬إذا ُطبقت �سبعة �شروط‬


‫أي�ضا الكلمات املقد�سة تربط اجل�سد وتكون ً‬ ‫� ً‬
‫ال�ستخدامها‪ .‬ولكن هذه �سيتم ذكرها يف ال�س�ؤال الأخري يف هذا اجلزء الثاين‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫عندما نتحدث عن العالجات‪ ،‬لأننا هنا نتحدث عن الوقاية‪ .‬وهذه الكلمات املقد�سة‬
‫ال تنفع فقط يف احلفظ‪ ،‬ولكن � ً‬
‫أي�ضا يف عالج امل�سحور‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن احلماية الأكرث ت�أكيدً ا للأماكن والأ�شخا�ص واحليوانات هي كلمات الن�صر‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ملخل�صنا‪� ،‬إذا متت كتابتها يف �أربعة �أماكن على �شكل �صليب‪( :‬ي�سوع‪ ،‬النا�صري‪،‬‬
‫ملك‪ ،‬اليهود)‪ .‬وميكن �أن ي�ضاف � ً‬
‫أي�ضا ا�سم «ماري» والإجنيليني‪� ،‬أو كلمات القدي�س‬
‫يوحنا «الكلمة �صار ج�سدًا»‬
‫ولكن الفئة الثالثة من النا�س الذين ال يقدر ال�سحر على �أذيتهم هم اجلديرين‬
‫باملالحظة‪ ،‬لأنهم حمفوظني مبالئكة خا�صني للحرا�سة‪� ،‬سواء داخليني �أو خارجيني‪،‬‬
‫داخليني ي�صبون النعمة عليهم وخارجيني بقوة النجوم �أو بالقوة احلافظة التي‬
‫حترك النجوم‪ .‬وهذه الفئة مق�سمة �إىل ق�سمني‪ ،‬بع�ضهم حمفوظني من كل نوع‬
‫من �أنواع ال�سحر‪ ،‬وبالتايل ال ميكن �إيذا�ؤهم به �أبدً ا‪ ،‬والبع�ض الآخر يتم حفظهم‬
‫‪134‬‬
‫من قبل مالئكة اخلري ً‬
‫حفظا يتعلق بالوظائف التنا�سلية‪ ،‬كما �أن الأرواح ال�شريرة‬
‫ب�سحرها ُت�شعل �شهوة بع�ض الرجال الفا�سدين ناحية امر�أة واحدة‪ ،‬بينما جتعلهم‬
‫باردين ناحية امر�أة �أخرى‪.‬‬
‫واحلماية الداخلية واخلارجية بالنعمة وبت�أثري النجوم‪ ،‬يتم تف�سريها كالتايل‪،‬‬
‫�أنه رغم �أن الرب نف�سه هو الذي ي�صب النعمة يف الأرواح‪ ،‬وال يوجد خملوق �آخر له‬
‫القدرة على فعل هذا (ولقد قيل‪ :‬الرب �سيعطي النعمة واملجد)‪� ،‬إال �أنه عندما يريد‬
‫الرب �أن مينح نعمة خا�صة‪ ،‬فهو يفعل هذا عن طريق مالك من مالئكة اخلري‪،‬‬
‫مثلما ُيعلمنا القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثالث من ‪.Sentences‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪135‬‬
‫الفصل ‪ .1‬عن الطرق المتعددة التي يغوِي الشيطان‬
‫بها اإلنسان عن طريق الساحرات‬

‫هناك ثالث طرق يغ ِوي ال�شيطان بها الإن�سان عن طريق ال�ساحرات‪ ،‬طرق‬
‫ُتدمر الرباءة‪ ،‬وتزيد روح الغدر يف الإن�سان با�ستمرار‪ .‬الطريقة الأوىل هي طريقة‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�ضجر‪ ،‬عرب الإ�صابة بفقد املمتلكات امل�ؤقتة‪ .‬فكما يقول القدي�س «جريجوري»‪،‬‬
‫ال�شيطان غال ًبا ما يغوينا ب�إف�ساح املجال لل�ضجر ال�شديد‪ .‬وال بد �أن الرب ي�سمح‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ف�سح املجال للك�سل‪ .‬وبهذا املعنى ميكن �أن نفهم �سفر الق�ضاة‬ ‫بهذا ليحذرنا ب�أال ُن ِ‬
‫ﻜﺘ‬
‫الثاين‪ ،‬حيث قال �أن الرب مل يدمر تلك الأمم‪ ،‬فمن خاللها ميكن �أن ُي َثبت �شعب‬
‫�إ�سرائيل‪ ،‬وهو هنا يتحدث عن الأمم املجاورة كالكنعانيني واليبو�سيني وغريهم‪ .‬ويف‬
‫زمننا‪ ،‬م�سموح للمر�أة الفاجرة والهرطقات الأخرى �أن تتواجد‪ ،‬فال ميكن تدمريهم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�شياطني بالتايل‪ ،‬بوا�سطة ال�ساحرات ي�صيبون جريانهن الربيئني ببع�ض الفقد‬


‫امل�ؤقت لأغرا�ضهم‪ ،‬حتى يتو�سلوا لل�ساحرات‪ ،‬ومع الوقت ي�أتون ب�أنف�سهم ال�ست�شارة‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�ساحرات‪ ،‬كما علمتنا التجارب العديدة‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫نحن نعلم غري ًبا يف �أبر�شية «�أوج�سبورج»‪ ،‬قبل �أن ي�صل �إىل الأربعني خ�سر كل‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أح�صنته بالتتابع ب�سبب ال�سحر‪ .‬زوجته �أ�صيبت بال�ضجر ب�سبب هذا‪ ،‬فا�ست�شارت‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ساحرات‪ ،‬وبعد �أن اتبعت ا�ست�شارتهن‪ ،‬بكل الأذية التي فيهن‪ ،‬كل الأح�صنة التي‬
‫ناقل) ُحفظت من ال�سحر‪.‬‬ ‫ا�شرتاها الرجل بعد ذلك (لأنه كان ً‬
‫ون�ساء كثريات ا�شتكني لنا خالل عملنا كمفت�شني‪� ،‬أنه عندما ت�ؤذى �أبقارهن‬
‫بتجريدهم من �ألبانهم‪� ،‬أو ب�أي طريقة �أخرى‪ ،‬ي�ست�شريون من ُي�شتبه ب�أنهن‬
‫�ساحرات‪ ،‬ويعطونهن عالجات‪ ،‬ب�شرط �أن يعطوا وعدً ا معي ًنا لروح معينة‪ ،‬وعندما‬
‫ي�س�ألن ما الذي يجب �أن يعدوا به‪ ،‬جتيب ال�ساحرة �أنه فقط �شيء �صغري‪ ،‬يجب‬
‫عليهن فقط �أن يوافقن على تنفيذ تعليمات ذلك ال�سيد مبا يتعلق ببع�ض الأيام‬
‫املقد�سة يف املكاتب املقد�سة للكني�سة‪� ،‬أو �أن يراقبوا بع�ض الذين ُيدلون باعرتافهم‬
‫‪136‬‬
‫�إىل الكهان يف الكني�سة‪.‬‬
‫هنا ال بد �أن نذكر‪ ،‬كما �أملحنا من قبل‪ ،‬الإثم الكبري تكون له بدايات �صغرية‬
‫ُي�ستهان بها‪ ،‬كما �أنه يف ذلك الوقت عند رفع ج�سد امل�سيح ب�صق البع�ض على الأر�ض‪.‬‬
‫نحن نعرف امر�أة ال زالت حية‪ ،‬حمفوظة بالقانون العلماين‪ ،‬هذه املر�أة عندما كان‬
‫الكاهن يف احتفال القدا�س يبارك النا�س‪ ،‬كانت تقول الرب معك‪ ،‬ثم ت�ضيف هذه‬
‫الكلمات بل�سان مبتذل «�س�أد�س ل�ساين يف م�ؤخرتي»‪ .‬ولقد �أخربن ب�أ�شياء مماثلة‬
‫بعد �أن ح�صلوا على الرباءة‪ ،‬وقد ال يعرتفن بكل �شيء‪ ،‬خا�صة اخلطايا الأخالقية‪،‬‬
‫وبذلك وبدرجات بطيئة يتم اقتيادهن �إىل ُنكران الإميان و�إىل العمل البغي�ض‬

‫ﻋﺼ‬
‫بتدني�س املقد�سات‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هذا �أو �شيء مثل هذا‪ ،‬هي الطريقة التي ت�ستخدمها ال�ساحرة جتاه الن�ساء‬
‫ﻜﺘ‬
‫العامالت الالتي ال ُيفكرن يف الرذائل اجل�سدية ولكن يعتنني فقط بك�سب قوتهن‪.‬‬
‫َ�ستخدم‬
‫ولكن الفتيات ال�صغريات‪ ،‬الذين ي�ستجنب �أكرث ل�شهوات اجل�سد واملتعة‪ ،‬ت ِ‬
‫لأجلهن ال�ساحرات طريقة خمتلفة‪ ،‬تعمل من خالل رغبات و ُمتع اجل�سد‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حر�صا وحما�سة لإغواء ال�صالح �أكرث من‬


‫هنا يجب �أن نذكر �أن ال�شيطان �أكرث ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫اخلبيث‪ ،‬رغم �أنه يف التطبيق الفعلي هو يغوي اخلبيثني �أكرث من ال�صاحلني‪ ،‬ب�سبب‬
‫ا�ستعدادهم �أكرث �أن يتم �إغوا�ؤهم‪ .‬بالتايل ال�شيطان يحاول ب�شدة �أن ُيغري كل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫العذراوات الطاهرات‪ ،‬وهناك �أمثلة كثرية‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهنا مثال‪� ،‬ساحرتان قد �أُحرقتا يف «رات�سبون»‪ ،‬كما �سنخرب الح ًقا عندما‬
‫نتحدث عن طريقتهن يف �إثارة الزوابع‪ .‬واحدة منهن كانت امر�أة تعمل يف ح ّمام‪،‬‬
‫اعرتفت ب�أ�شياء‪� ،‬أنها عانت من الأذى الكبري من ال�شيطان‪ .‬هناك عذراء متدينة‪،‬‬
‫ابنة رجل غني جدًّا ال حاجة لذكر ا�سمه‪ ،‬قررت �إحدى ال�ساحرات ب�أن تغوي هذه‬
‫الفتاة عن طريق دعوتها لزيارتها يف �أحد �أيام الأعياد‪ ،‬من �أجل �أن ال�شيطان نف�سه‬
‫يف هيئة �شاب‪� ،‬أحب �أن يتحدث معها‪ .‬ورغم �أن ال�ساحرة حاولت كث ًريا �أن حتقق‬
‫هذا‪� ،‬إال �أنه كلما تكلمت مع الفتاة ال�شابة‪َ ،‬ح َمت الفتاة نف�سها بعالمة ال�صليب‪ .‬وال‬
‫�أحد ي�شك �أنها فعلت هذا ب�إيحاء من املالك املقد�س‪ ،‬ليطرد عنها �أعمال ال�شيطان‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫فتاة عذراء �أخرى كانت تعي�ش يف �أبر�شية «�ستا�سبورج» اعرتفت لواحد منا‬
‫�أنها كانت وحدها يف �أحد �أيام الأحد يف بيت والدها‪ ،‬عندما جاءت لزيارتها امر�أة‬
‫عجوز من القرية‪ ،‬وقالت الكثري من الكلمات البذيئة‪ ،‬ثم قدمت لها االقرتاح التايل‪،‬‬
‫�أنها �إذا �أرادت‪ ،‬ميكن �أن ت�أخذها العجوز �إىل مكان فيه �شباب غري معروفني لأي‬
‫من �سكان القرية‪ .‬تقول العذراء �أنه عندما قبلت‪ ،‬وتبعتها �إىل بيتها‪ ،‬قالت العجوز‬
‫«انظري‪� ،‬سن�صعد للطابق العلوي �إىل غرفة بالأعلى حيث ال�شباب‪ ،‬لكن احذري‬
‫�أن تعملي عالمة ال�صليب» و�أعطيتها وعدي �أال �أفعل‪ ،‬عندها هي �ص ِع َدت قبلي‬
‫و�صعدتُ وراءها‪ ،‬ولكنني عملت عالمة ال�صليب ب�شكل �سري‪ .‬ويف نهاية ال�سلم‪،‬‬
‫عندما كنا نقف خارج الغرفة‪ ،‬ا�ستدارت العجوز �إىل بغ�ضب ومبالمح مريعة وقالت‬

‫ﻋﺼ‬
‫يل «اللعنة عليك! ملاذا عملت عالمة ال�صليب على نف�سك؟ اخرجي من هنا‪.‬‬
‫ارحلي با�سم ال�شيطان»‪ ،‬فعدت �سليمة �إىل بيتي‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫متاما �أن ال�شيطان العدو القدمي ين�شط يف �إغواء الأرواح‪.‬‬
‫ميكن �أن نرى من هذا ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا اعرتفت املر�أة التي كانت تعمل يف حمام ب�أنه مت �إغوا�ؤها‬‫لأنه بهذه الطريقة � ً‬
‫بوا�سطة امر�أة عجوز‪ .‬لكن ال�ساحرة التي �أغوتها ا�ستخدمت طريقة �أخرى‪ ،‬حيث‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫قابلت هذه املر�أة ال�شيطان يف هيئة ب�شرية على الطريق عندما كانت ذاهبة لزيارة‬
‫ع�شيقها لغر�ض الزنا‪ .‬وعندما ر�آها ال�شيطان اجلاثوم‪� ،‬س�ألها �إذا كانت تعرفه‪ ،‬قالت‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنها ال تعرفه‪� ،‬أجابها «�أنا ال�شيطان‪ ،‬و�إذا �أردت �س�أكون م�ستعدًا دو ًما لإمتاعك‪،‬‬
‫ولن �أخذلك يف �أي احتياج» وعندما قبلت‪ ،‬بقيت معه ثماين ع�شرة �سنة‪ ،‬حتى نهاية‬
‫ﻭ‬

‫حياتها‪ ،‬متار�س البذاءة ال�شيطانية معه‪ ،‬مع كامل نكرانها للإميان ك�شرط �أ�سا�سي‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا طريقة ثالثة من الإغواء هي طريقة احلزن والفقر‪ .‬لأنه عندما تف�سد‬ ‫هناك � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الفتيات‪ ،‬ويتم ازدرا�ؤهن بوا�سطة ع�شاقهن بعد �أن ي�ضاجعوهن بوعد �أن يتزوجوهن‪،‬‬
‫ويجدن �أنف�سهن حمبطات يف �آمالهن ومزدريات يف كل مكان‪ ،‬يتحولن �إىل م�ساعدة‬
‫وحماية ال�شيطان‪� ،‬إما لأجل االنتقام ب�أن َي�سحروا ع�شاقهن �أو ي�سحروا الزوجات‬
‫الالتي تزوجوهن‪� ،‬أو لأجل ت�سليم �أنف�سهن لكل نوع ممكن من �أنواع الف�سق‪ .‬و�آ�سفاه!‬
‫التجارب تقول لنا �أن الفتيات من هذا النوع كثريات جدًّا‪ ،‬وبالتايل فال�ساحرات التي‬
‫يخرجن من هذه الطبقة ال ُيعدون وال ُيح�صون‪ .‬ودعونا نعطي �أمثلة‪.‬‬
‫يف �أبر�شية «بريك�سني»‪� ،‬شهد رجل على هذه احلقائق عن �سحر زوجته‪،‬‬

‫‪138‬‬
‫«يف زمن �شبابي �أحببت فتاة �أغرتني ب�أن �أتزوجها‪ ،‬ولكنني رف�ضتها وتزوجت‬
‫فتاة �أخرى من مدينة �أخرى‪ .‬ولكن رغبة يف �إر�ضائها لأجل ال�صداقة دعوتها �إىل‬
‫حفل الزواج‪ .‬وقد �أتت‪ ،‬وبينما كانت الن�ساء ال�صاحلات الأخريات تتمنى لنا احلظ‬
‫ال�سعيد وتعطيننا الهدايا‪ ،‬رفعت هي يدها‪ ،‬يف م�سمع من كل الن�ساء الواقفات‬
‫وقالت لعرو�سي‪� ،‬ستح�صلني على �أيام قليلة من ال�صحة بعد هذا اليوم‪ ،‬وخافت‬
‫عرو�سي لأنها مل تكن تعرفها (لأنني كما قلت تزوجت من مدينة �أخرى)‪ ،‬و� أَس�لت‬
‫عرو�سي الواقفني‪ ،‬من هي هذه التي �أخافتني بهذه الطريقة؟ فقالوا لها �أنها‬
‫امر�أة �سائبة زانية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬حدث بال�ضبط كما قالت‪ ،‬بعد �أيام قليلة‪�ُ ،‬سحرت‬
‫زوجتي وخ�سرت قدرتها على حتريك �أطرافها‪ ،‬وحتى الآن بعد ع�شر �سنوات‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ت�أثري ال�سحر ُيكن �أن يرى على ج�سدها»‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�إذا �أردنا الآن �أن جنمع احلكايات امل�شابهة التي ح�صلت يف قرية واحدة يف هذه‬
‫ﻜﺘ‬
‫الأبر�شية‪� ،‬سيحتاج هذا �إىل كتاب كامل‪ ،‬ولكنها مكتوبة وحمفوظة يف بيت �أ�سقف‬
‫حيا لي�شهد باحلقيقة املذهلة وغري امل�سموعة من قبل‪.‬‬
‫«بريك�سني» الذي ال يزال ًّ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن ال يجب �أن نتجاوز ب�صمت هذه احلكاية الغري م�سموعة‪ ،‬عن كونت نبيل يف‬
‫حي «وي�سرتي�ش»‪ ،‬يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج»‪ ،‬تزوج فتاة نبيلة من نف�س �سنه‪ ،‬وبعد �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫احتفال بالزواج‪ .‬بقي ملدة ثالث �سنوات غري قادر على اجلماع معها‪ ،‬ب�سبب تعويذة‬
‫معينة كانت متنعه‪ .‬و�شعر بقلق عظيم‪ ،‬ومل يكن يعلم ماذا يفعل‪ ،‬فنادى ب�صوت عال‬
‫ﻭ‬

‫على �أولياء الرب‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وقد حدث �أنه ذهب �إىل والية «ميتز» ليتفق على بع�ض الأعمال‪ ،‬وبينما كان يتكلم‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عن ال�شوارع وامليادين التي يف املدينة‪ ،‬قابل امر�أة كانت من قبل ع�شيقته‪ .‬وبر�ؤيتها‪،‬‬
‫أ�صل بالتعويذة التي كانت عليه‪ ،‬خاطبها بود لأجل �صداقتهما‬ ‫وبدون �أن يفكر � ً‬
‫القدمية‪� ،‬س�ألها كيف حالها‪ ،‬وهل هي بخري‪ .‬وملا ر�أت ُنبل الكونت‪ ،‬انده�شت و�صمتت‬
‫ً‬
‫قليل‪ .‬والكونت ملا ر�آها منده�شة‪ ،‬حتدث �إليها بود مرة �أخرى‪ ،‬داع ًيا �إياها للتحدث‬
‫معه‪ ،‬ف�س�ألته عن زوجته‪ ،‬فقال لها‪� ،‬أنها بخري‪ .‬وعندما �س�ألته �إن كان لديهم �أطفال‪،‬‬
‫كذب الكونت عليها وقال �أن لديه ثالثة �أطفال‪ ،‬واحد يولد يف كل �سنة‪ .‬وعند ذلك‬
‫انده�شت �أكرث‪ ،‬و�صمتت لفرتة‪.‬‬
‫و�س�ألها الكونت‪ ،‬ملاذا يا عزيزتي ت�س�ألني بهذا احلر�ص؟ �أنا مت�أكد �أنك تريدين‬
‫‪139‬‬
‫الربكة وال�سعادة يل‪ .‬ف�أجابت‪ ،‬بالطبع �أنا �أبارك لك‪ ،‬ولكن اللعنة على تلك املر�أة‬
‫العجوز التي قالت �أنها �ست�سحر ج�سدك حتى ال تقدر �أن تعمل �أي �شيء مع زوجتك!‬
‫وك�إثبات لهذا‪ ،‬هناك �صندوق يف البئر يف منت�صف ِفنائك فيه بع�ض الأ�شياء‬
‫امل�سحورة‪ ،‬ولقد و�ضعته ال�ساحرة هناك لأجل هذا‪ ،‬واملفرت�ض �أن طوال مدة‬
‫بقاء حمتوياته �سليمة‪ ،‬لن تكون قاد ًرا على اجلماع‪ .‬ولكن انظر! كل هذا تبني �أنه‬
‫هراء‪ ،‬و�أنا �سعيدة‪� ،‬إلخ‪ .‬وملا عاد �إىل منزله‪ ،‬مل يلبث الكونت �أن عاين البئر ووجد‬
‫ال�صندوق‪ ،‬و�أحرق حمتوياته كلها‪ ،‬وبعدها وعلى الفور ا�ستعاد فحولته التي خ�سرها‪.‬‬
‫فدعت الكونتي�سة زوجته جميع النبالء �إىل حفل زواج جديد‪ ،‬قائلة ب�أنها الآن �سيدة‬
‫القلعة والوالية بعد �أن ظلت لوقت طويل عذراء‪ .‬ولأجل �سمعة الكونت مل نذكر ا�سم‬

‫ﻋﺼ‬
‫القلعة وال الوالية‪ ،‬ولكننا ذكرنا هذه الق�صة حتى ُتعرف احلقيقة يف هذا الأمر وحتى‬
‫نك�شف جرمية مقيتة ح�صلت‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫من هذا يت�ضح �أن ال�ساحرات ي�ستخدمن طر ًقا عديدة لزيادة �أعدادهن‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫فاملر�أة املذكورة �أعاله‪ ،‬لأن الكونت ا�ستبدلها بامر�أة �أخرى تزوجها‪ ،‬رمت تعويذة‬
‫عليه مب�ساعدة ال�ساحرات‪ ،‬وهكذا ي�سحب ال�سحر الواحد عددًا ال يعد وال يح�صى‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من الأ�سحار يف قطاره‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪140‬‬
‫الفصل ‪ .2‬عن الطريقة التي يتم بها العهد الرسمي‬
‫مع الشيطان‬

‫الطريقة التي يعملن بها تدني�س املقد�سات تبد�أ بعهد مفتوح بالإخال�ص‬
‫لل�شيطان‪ ،‬تتبعه عدة ممار�سات ت�ؤديها ال�ساحرات‪ .‬وحتى نفهم هذا ال بد �أن ن�شري‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف البداية �أن هناك‪ ،‬كما و�ضحنا يف اجلزء الأول‪ ،‬ثالثة �أنواع من ال�ساحرات‪،‬‬
‫ه�ؤالء الالتي ي�ؤذين وال يعاجلن‪ ،‬وه�ؤالء الالتي يعاجلن ولكن بعهد غريب عملنه مع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شيطان ال يقدرن على الإيذاء‪ ،‬وه�ؤالء الالتي ي�ؤذين ويعاجلن‪ .‬ومن �ضمن ه�ؤالء‬
‫ﻜﺘ‬
‫اللواتي ي�ؤذين‪ ،‬هناك طبقة واحدة حتديدً ا هي الأقوى‪ ،‬ميكنهن �أن يعملن كل نوع‬
‫من ال�سحر والتعاويذ‪ ،‬ويعرفن كل الذي تعملنه الأخريات‪ .‬لذلك‪� ،‬إذا و�صفنا طريقة‬
‫العمل يف حالتهن‪� ،‬سيت�ضمن هذا كل الأنواع الأخرى‪ .‬وهذه الطبقة ت�ضم كل اللواتي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ميتلكن قلو ًبا تخالف كل غريزة للإن�سان �أو للحيوان‪ ،‬فهن املعتادات على �أكل والتهام‬
‫الأطفال‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وهذه �أقوى طبقة من ال�ساحرات‪ ،‬والالتي يعملن �أ�ضرا ًرا ال حد لها‪ .‬لأنهن‬
‫ﻭ‬

‫ُيرثن العوا�صف الباردة والزوابع امل�ؤذية وال�صواعق‪ ،‬ولأنهن ي�سبنب العقم للإن�سان‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫واحليوان‪ ،‬ويقدمن الأطفال لل�شيطان ويقتلنهم حينما ال ميكنهن التهامهم‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫والأطفال املعر�ضون لهذا هم الأطفال الذين مل يتم تعميدهم‪ ،‬لأنهن ال ي�ستطعن‬


‫التهام الأطفال الذين يتم تعميدهم‪ ،‬لي�س بدون �إذن الرب‪ .‬ميكنهن � ً‬
‫أي�ضا �أن يفعلن‬
‫هذا �أمام �أعني والديهم �أو يف اخلفاء حينما ال يراهن �أحد‪ ،‬و�أن يرمني الأطفال‬
‫املا�شني بجوار النهر يف النهر‪ ،‬ويجعلن الأح�صنة مهتاجة �أ�سفل راكبيها‪ ،‬وينقلن‬
‫�أنف�سهن من مكان �إىل مكان عرب الهواء‪� ،‬إما باجل�سد �أو باخليال‪ ،‬وي�سحرن الق�ضاة‬
‫واحلكام حتى ال ي�ؤذوهن‪ ،‬و ُيجربن �أنف�سهن وغريهن بال�سحر على ال�سكوت حتت‬
‫ً‬
‫ارتعا�شا يف الأيدي وارتعا ًبا يف عقول ه�ؤالء الذين يقب�ضون عليهن‪،‬‬ ‫التعذيب‪ ،‬و ُيحدثن‬
‫‪141‬‬
‫و ُيرين الآخرين �أ�شياء غام�ضة وبع�ض احلوادث امل�ستقبلية‪ ،‬مبعلومات ي�ستقونها من‬
‫ال�شيطان‪ ،‬رغم �أن هذا �أحيا ًنا يكون له �سبب طبيعي (انظر ال�س�ؤال‪ ،‬هل ميكن‬
‫لل�شياطني �أن يروا امل�ستقبل‪ ،‬يف الكتاب الثاين من ‪ ،)Sentences‬ويب�صرن الأ�شياء‬
‫املفقودة كما لو كانت موجودة‪ ،‬ويجعلن عقول الرجال حتب وتكره‪ ،‬وميكنهن يف بع�ض‬
‫الأوقات �أن َي�ضربن من يردن ب�صاعقة‪ ،‬و�أن يقتلن املواليد يف �أرحام الأمهات فقط‬
‫بلم�سة خارجية‪ ،‬وميكنهن يف بع�ض الأوقات �أن ي�سحرن الب�شر واحليوانات فقط‬
‫بنظرة‪ ،‬بدون مل�سهم‪ ،‬وي�سبنب لهم املوت‪ ،‬ويهنب �أطفالهن �إىل ال�شيطان‪ ،‬واخت�صا ًرا‪،‬‬
‫كما قيل من قبل‪ ،‬ميكنهن �أن يعملن كل �أنواع الأوبئة التي تقدر ال�ساحرات الأخريات‬

‫ﻋﺼ‬
‫على عملها جزئ ًّيا‪ ،‬عندما ت�سمح �إرادة الرب بعدالته لهذه الأمور �أن حتدث‪ .‬كل هذه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأ�شياء ميكن �أن تعملها ال�ساحرة التي يف الطبقة العليا ولكن ال ميكنها �أن تعاجلها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�أ�صبح عاد ًّيا بالن�سبة لهن �أن ميار�سن اجلماع مع ال�شياطني‪ ،‬و�إذا و�ضحنا‬
‫الطريقة امل�ستخدمة يف هذه الطبقة يف �أداء تدني�س املقد�سات‪� ،‬أي �أحد ميكن �أن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يفهم الطريقة التي تعمل بها الطبقات الأخرى‪.‬‬


‫كانت هناك �ساحرات من هذه الطبقة م�ؤخ ًرا‪ ،‬منذ ثالثني �سنة‪ ،‬يف مقاطعة‬
‫ﺸﺮ‬

‫«�سافوي» ناحية والية «برين»‪ ،‬كما يقول «نايدر» يف كتابه ‪ .Formicarius‬وهناك‬


‫ﻭ‬

‫البع�ض منهن الآن يف دولة «لومباردي»‪ ،‬يف نطاق دوق املجر‪ ،‬حيث �أحد املفت�شني من‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫«كومو»‪ ،‬كما قلنا يف اجلزء ال�سابق‪ ،‬حرق �إحدى و�أربعني �ساحرة يف �سنة واحدة‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عاما‪ ،‬وظل يعمل بعدها يف حملة التفتي�ش‪.‬‬ ‫وكان عمره خم�سة وخم�سني ً‬
‫�أداء هذا العهد يتم بطريقتني‪ .‬واحدة هي يف احتفال مهيب مثل النذر الر�سمي‪.‬‬
‫والثانية خا�صة ميكن �أن ُتعمل مع ال�شيطان يف �أي �ساعة عندما تكون ال�ساحرة‬
‫وحدها‪ .‬الطريقة الأوىل هي عندما جتتمع ال�ساحرات معا يف اجتماع �سري يف يوم‬
‫حمدد‪ ،‬ويظهر لهن ال�شيطان يف هيئة رجل‪ ،‬ويحثهن على �أن يبقني على الإميان به‪،‬‬
‫ويعدهن بزهو احلياة وطول العمر‪ ،‬ثم يو�صون ال�ساحرة املبتدئة �أن تقبل هذا العهد‪.‬‬
‫وي�س�ألها ال�شيطان �إذا كانت �ستُنكر الإميان‪ ،‬وتهجر الدين امل�سيحي املقد�س واملر�أة‬
‫ال�شاذة (كما يقولون عن العذراء املباركة ماري )‪ ،‬وال تبجل الأ�سرار املقد�سة‪ ،‬ف�إذا‬
‫‪142‬‬
‫َو َجد ال�ساحرة املبتدئة �أو املريدة راغبة يف �إمتام العهد‪ ،‬ف�سيمد ال�شيطان يده ومتد‬
‫يدها‪ ،‬و ُتق�سم بيدها مرفوعة �أن حتفظ العهد‪.‬‬
‫وعندما يح�صل هذا‪ ،‬يقول ال�شيطان ب�أن هذا ال يكفي‪ ،‬وعندما ت�س�أل املريدة‬
‫عما يجب �أن تعمله �أكرث‪ ،‬يطلب ال�شيطان البيعة له‪ ،‬ب�أن تهب نف�سها له بالكامل‪،‬‬
‫ُح�ضر الآخرين من اجلن�سني‬ ‫وروحا‪� ،‬إىل الأبد‪ ،‬و�أن تبذل ُق�صارى جهدها لت ِ‬
‫ج�سدً ا ً‬
‫�إليه‪ .‬وي�ضيف �أخ ًريا‪� ،‬أنه يجب �أن تعمل بع�ض امل�ستح�ضرات من عظام و�أطراف‬
‫الأطفال‪ ،‬خا�صة �أولئك الأطفال الذين مت تعميدهم‪ ،‬وعندها �ستتمكن من تنفيذ كل‬
‫رغباتها مب�ساعدته‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫نحن املفت�شني كانت لنا جتربة موثقة ب�ش�أن هذه الطريقة من ال�سحر يف قرية‬
‫«بري�ساخ» يف �أبر�شية «بازل»‪ ،‬حيث تلقينا معلومات كاملة من فتاة �شابة حتولت �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫امل�سيحية‪ ،‬وكانت عمتها قد �أُحرقت يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج»‪ .‬وقالت �أنها �أ�صبحت‬
‫�ساحرة ب�سبب �أن عمتها �أغرتها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لأنه يف �أحد الأيام �أمرتها عمتها �أن ت�صعد للدور العلوي معها‪ ،‬و�أن تذهب �إىل‬
‫غرفة حيث وجدت خم�سة ع�شر �شا ًبا يرتدون مالب�س خ�ضراء ت�شبه زي الفر�سان‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأملان‪ .‬وقالت لها عمتها‪ :‬اختاري من ت�شائني منهم‪ ،‬و�سيتزوجك‪ .‬قالت �أنها ال تريد‬
‫�أحدً ا منهم‪ ،‬ف�ضربتها بعنف حتى وافقت‪ ،‬ومت اعتمادها ك�ساحرة يف احتفال مثل‬
‫ﺸﺮ‬

‫الذي ذكرناه‪ .‬وقالت � ً‬


‫أي�ضا �أنها كانت غال ًبا ما تنتقل يف الليل مع عمتها �إىل م�سافات‬
‫بعيدة‪ ،‬حتى من «�سرتا�سبورج» �إىل «كولون»‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه هي التي كانت يف �س�ؤالنا يف اجلزء الأول عندما �س�ألنا �إذا كانت ال�ساحرات‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫قادرات على االنتقال بوا�سطة ال�شياطني من مكان �إىل مكان‪ ،‬وال�شك يف هذا الأمر‬
‫كان ب�سبب كلمات يف ال�شريعة يف كتاب ‪ُ Episcopi‬تلمح ب�أن هذا يحدث فقط يف‬
‫اخليال‪ ،‬لكن احلقيقة �أن هناك �أوقاتًا تنتقل ال�ساحرات فيها فعال ب�أج�سادهن‪.‬‬
‫لأنه عندما ُ�سئلت هذه الفتاة �إذا كان هذا الركوب واالنتقال يف اخليال فقط‬
‫ب�أوهام من ال�شياطني �أم هو يف الواقع‪� ،‬أجابت ب�أنهن يفعلن هذا االنتقال بكال‬
‫أي�ضا عن الأذية ال ُعظمى التي تعملها املولدات العامالت‬‫الطريقتني‪� .‬أخربت الفتاة � ً‬
‫بالتوليد‪ ،‬لأنهن ُملتزمات بالقتل ليهنب لل�شيطان �أكرث عدد ممكن من الأطفال‪ ،‬و�أنه‬
‫مت �ضربها بعنف بوا�سطة عمتها لأنها فتحت ذات مرة �صندو ًقا �سر ًّيا ووجدت فيه‬
‫‪143‬‬
‫ر�ؤو�س �أطفال كثريين‪ .‬و�أ�شياء كثرية قالتها لنا‪ ،‬وهي يف البداية �أق�سمت على �أن‬
‫تقول احلقيقة‪.‬‬
‫وكالمها عن طريقة اعتناق الإميان ال�شيطاين يتوافق بال �شك مع الكالم الذي‬
‫كتبه العامل الأكرث بروزا‪« ،‬جون نيدار» والذي حتى يف وقتنا هذا يكتب بتنوير �شديد‪،‬‬
‫وخا�صة �أنه يتكلم من واقع عمله ال�سابق يف حملة التفتي�ش يف �أبر�شية «�إيدوا»‪ ،‬التي‬
‫عقدت عدة حمالت على ال�ساحرات‪ ،‬و�أحرقت الكثريات منهن‪.‬‬
‫قال «نيدار» �أن ً‬
‫مفت�شا قال له ذات مرة‪� ،‬أنه يف دوقية «الوزان»‪ ،‬بع�ض ال�ساحرات‬
‫َط َبخن و�أكلن �أطفالهن‪ ،‬و�أنهن �أ�صبحن ُمعتَمدات ر�سم ًيا ك�ساحرات بعد هذه‬

‫ﻋﺼ‬
‫املمار�سة‪ .‬حيث اجتمعت ال�ساحرات م ًعا‪ ،‬وبفنونهن‪ ،‬ا�ستدعني ال�شيطان يف‬
‫هيئة رجل‪ ،‬و�إليه �أُجربت املبتدئة �أن تق�سم ب�إنكار الدين امل�سيحي‪ ،‬و�أال تُب �سر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأفخار�ستيا املقد�س‪ ،‬و�أن تدو�س ال�صليب حتت قدمها خفية كلما ا�ستطاعت �أن‬
‫تفعل‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لدينا مثال �آخر من هذا امل�صدر‪ .‬كان هناك م�ؤخ ًرا تقرير مت �إح�ضاره �إىل‬
‫«بيرت» القا�ضي يف «بولتينجن»‪� ،‬أن ثالثة ع�شر مولودًا قد مت التهامهم يف والية‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«برين»‪ ،‬و�أن العدالة هناك قد نفذت االنتقام الكامل من القاتلني‪ .‬وعندما �س�أل‬
‫القا�ضي «بيرت» واحدة من ال�ساحرات عن الطريقة التي �أكلت بها الأطفال‪� ،‬أجابت‬
‫ﺸﺮ‬

‫«هذه هي الطريقة‪ ،‬نحن نن�صب الكمائن ب�شكل رئي�سي للأطفال الذين مل يتم‬
‫ﻭ‬

‫تعميدهم‪ ،‬وحتى لأولئك الذين مت تعميدهم‪ ،‬خا�صة �إذا مل يكونوا حمميني‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بعالمة ال�صليب وال�صلوات» (البد �أن يالحظ القارئ �أنهن ب�أمر ال�شيطان‪ ،‬ي�أخذن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫غري املُعمدين ب�شكل رئي�سي حتى ال يتم تعميدهم)‪.‬‬


‫«وبتعويذاتنا نحن نقتلهم يف مهدهم �أو حتى �أثناء نومهم بجوار والديهم‪،‬‬
‫بطريقة يظن بها الوالدين �أن املوت ح�صل بطريقة طبيعية‪ .‬ثم ن�أخذهم خِ فية‬
‫من قبورهم‪ ،‬ونطبخهم يف مرجل‪ ،‬حتى يخرج كل اللحم من العظم وي�صنع ح�ساء‬
‫ميكننا �شربه ب�سهولة‪ .‬ومن املادة الأكرث �صالبة من جثثهم ن�صنع امل�ستح�ضرات‬
‫التي ت�ساعدنا يف قدراتنا ويف فنوننا وانتقالنا من مكان �إىل مكان‪ ،‬وب�سوائل‬
‫اجلثة منلأ قارورة من اجللد‪ ،‬ومن ي�شرب منها خالل بع�ض االحتفاالت‪ ،‬يح�صل‬
‫عاجل على معرفة عظيمة وي�صبح قائدًا يف طائفتنا»‬ ‫ً‬
‫‪144‬‬
‫وهناك مثال وا�ضح جدًّا وحمدد‪� ،‬شاب وزوجته‪ ،‬كالهما �ساحر‪ ،‬مت �سجنهما‬
‫يف «برين»‪ ،‬والرجل �سجن بعيدا عنها يف برج منف�صل‪ ،‬قال «�إذا كان ب�إمكاين �أن‬
‫�أح�صل على ُغفران خلطاياي‪� ،‬س�أعلن عن كل ما �أعرفه عن ال�سحر‪ ،‬لأنني �أرى‬
‫�أنه يجب �أن �أموت» وعندما �أُخرب بوا�سطة رجال الدين املتعلمني هناك �أنه ب�إمكانه‬
‫�أن يح�صل على ُغفران كامل �إذا تاب بحق‪ ،‬ا�ست�سلم ب�سعادة للموت‪ ،‬وك�شف عن‬
‫الطريقة التي �أُ�صيب بها بهذه الهرطقة لأول مرة حيث قال «هذه هي الطريقة التي‬
‫أول كان من ال�ضروري يوم الأحد قبل تكري�س املاء املقد�س‪� ،‬أن‬ ‫مت بها �إغرائي‪ً � ،‬‬
‫يدخل املبتدئ الكني�سة مع ال�سيد‪ ،‬وهناك يف وجودهم ُينكر امل�سيح‪ ،‬وينكر �إميانه‬
‫وينكر التعميد‪ ،‬وينكر الكني�سة كلها‪ .‬وبعدها ال بد �أن يبايع ال�سيد ال�صغري‪ ،‬هكذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫يلقبونه ال�سيد ولي�س ال�شيطان»‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هنا ال بد �أن نذكر �أن هذه الطريقة تتوافق مع ما مت �سرده �ساب ًقا‪ ،‬لأنه ال يهم �إن‬
‫كان ال�شيطان نف�سه حا�ض ًرا �أم ال عندما ُتعطى البيعة له‪ .‬لأنه مبكر يالحظ مزاج‬
‫ﻜﺘ‬
‫املبتدئ‪ ،‬الذي ميكن �أن يخاف من الوجود الفعلي لل�شيطان عندما يقدم له نذره‪،‬‬
‫ولأنه ميكن �أن يتم �إقناعه ب�شكل �أ�سهل بوا�سطة �أولئك الأقرب له‪ .‬وبالتايل يقولون‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫عليه ال�سيد ال�صغري عندما يكون غائ ًبا‪ ،‬فعندما يتم �إنقا�ص درجة ال�سيد �أمامه‪ ،‬ال‬
‫ي�شعر املبتدئ بخوف كبري‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫«ومن ثم ي�شرب من اجللدة‪ ،‬وعاجال ي�شعر يف نف�سه ب�أنه يعرف كل فنون‬


‫ال�سحر ويفهم كل طقو�سنا واحتفاالتنا‪ .‬وبهذه الطريقة مت �إغوائي‪ .‬ولكنني‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أ�ؤمن �أن زوجتي عنيدة جدًّا حتى �أنها ُتف�ضل �أن تذهب مبا�شرة �إىل النار على �أن‬
‫تعرتف بجزء �صغري من احلقيقة‪ ،‬ولكن و�آ�سفاه! نحن كالنا مذنب» وكما قال‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫نادما‪ ،‬بينما زوجته رغم‬ ‫ال�شاب‪ ،‬حدث ما قال‪ .‬فال�شاب اعرتف و�شوهد وهو ميوت ً‬
‫�أنها مدانة بوا�سطة �شهود‪ ،‬مل تعرتف ب�أي حقيقة‪� ،‬سواء حتت التعذيب �أو باملوت‬
‫نف�سه‪ ،‬ولكن عندما مت حت�ضري النار لها بوا�سطة ال�سجان‪ ،‬لعنته ب�أب�شع الألفاظ‪ ،‬ثم‬
‫�أُحرقت‪ .‬ومن هذه الأمثلة تظهر طريقة اعتمادهن ك�ساحرات يف االجتماع ال�سري‬
‫اخلا�ص‪.‬‬
‫الطريقة اخلا�صة الأخرى تكون بطرق عديدة‪ ،‬لأنه يف بع�ض الأحيان عندما‬
‫يجتمع الرجال والن�ساء يف م�صيبة ج�سدية �أو م�ؤقتة‪ ،‬ي�أتيهم ال�شيطان ويتحدث‬

‫‪145‬‬
‫�إليهم �شخ�ص ًّيا‪ ،‬ويف �أوقات يتحدث �إليهم عرب فم �شخ�ص �آخر‪ ،‬وهو يعدهم ب�أنه‬
‫�إذا وافقوا على م�شورته‪� ،‬سيفعل لهم كل ما يريدون‪ .‬ولكنه يبد�أ من �أ�شياء �صغرية‪،‬‬
‫كما قلنا يف الف�صل الأول‪ ،‬ثم ت�ؤدي تدريج ًّيا �إىل �أ�شياء �أكرب‪ .‬وميكننا �أن نذكر عدة‬
‫�أمثلة عرفناها يف حملة التفتي�ش‪ ،‬ولكن لأنه لي�س يف هذا الأمر �صعوبة يف الفهم‪،‬‬
‫ميكن �أن نكتفي مبا مت ذكره‪.‬‬

‫بع�ض النقاط التي ينبغي معرفتها يف تف�سري َق َ�سم ال�ساحرات بالبيعة‬


‫لل�شيطان‪:‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هناك بع�ض النقاط ال بد �أن ُتذكر بخ�صو�ص البيعة التي ُتعطى لل�شيطان‪،‬‬
‫حتديدً ا ما هو ال�سبب وما هي الطرق التي ُيفعل بها هذا‪ .‬من الوا�ضح �أن دافع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شيطان الأ�سا�سي هو املزيد من الإ�ساءة للذات الإلهية ب�أن ي�أخذ لنف�سه �أحد‬
‫ﻜﺘ‬
‫املخلوقات املكر�سني �إىل الرب‪ ،‬وبالتايل يت�أكد من �أن مريده �سيتم لعنه للأبد وهذا‬
‫هو الهدف الأ�سا�سي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يحدث �أن جند ال�شيطان قد ح�صل على البيعة من‬
‫الإن�سان ملدة معينة من الزمن و ُيدخله يف العهد‪ ،‬وبع�ض الأحيان ُيدخله يف العهد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وي�ؤجل البيعة الحقا‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫ودعونا نقول �أن العهد يكون جهرا �إ َّما بالإنكار الكامل �أو اجلزئي للإميان‪،‬‬
‫ينكر ال�شخ�ص الإميان بالكلية‪،‬‬ ‫الإنكار الكامل هو كما قلنا من قبل‪ ،‬عندما ِ‬
‫ﻭ‬

‫واجلزئي هو عندما يتعني على ال�ساحرة �أن ُتراقب بع�ض االحتفاالت وتعمل � ً‬
‫أعمال‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خمالفة للكن�سية‪ ،‬مثل ال�صيام يوم الأحد‪� ،‬أو �أكل اللحم يف يوم اجلمعة‪� ،‬أو كتم‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بع�ض اجلرائم �أثناء االعرتاف‪� ،‬أو عمل بع�ض الدناءات الأخرى‪ .‬ولكن دعونا نقل �أن‬
‫البيعة يلزم فيها ا�ست�سالم اجل�سد والروح‪.‬‬
‫وميكننا �أن نذكر �أربعة �أمور تخت�ص مبمار�سة هذه الأ�شياء‪ً � .‬أول‪ ،‬قلنا يف اجلزء‬
‫الأول من هذا البحث عندما اختربنا هل ال�شياطني ميكن هل ميكن لل�شياطني‬
‫دخول الأفكار الداخلية للقلوب‪ ،‬وقلنا �أن هذا يخت�ص بالرب وحده‪ .‬ولكن ال�شياطني‬
‫ميكنهم �أن ي�صلوا �إىل معرفة �أفكار ال�شخ�ص باحلد�س‪ ،‬كما �سنبني الح ًقا‪ .‬بالتايل‪،‬‬
‫�إذا ر�أى هذا ال�شيطان املاكر �أن املبتدئة �صعبة الإقناع‪ ،‬فهو يتقرب منها بلطف‪،‬‬
‫ويطلب منها عمل �أمور �صغرية‪ ،‬ت�ؤدي يف تدرجها �إىل �أمور �أكرب‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ال بد �أن ن�ؤمن �أن هناك نوعا من التنوع بني ه�ؤالء الذين ُينكرون الإميان‪،‬‬
‫لأن بع�ضهم يفعلون ذلك ب�أفواههم ولكن لي�س بقلوبهم‪ ،‬والبع�ض يفعلون ذلك‬
‫ب�أفواههم وقلوبهم‪ .‬وبالتايل ال�شيطان‪ ،‬لأنه يريد �أن يعرف هل ما يفعلونه هو من‬
‫القلب مثلما هو بالقول‪ُ ،‬يعطي وقتًا زمن ًّيا معي ًنا يف البيعة‪ ،‬حتى ميكنه �أن يفهم‬
‫عقولهم من �أعمالهم وت�صرفاتهم‪.‬‬
‫ثال ًثا‪� ،‬إذا َو َجد بعد مرور الوقت املحدد �أن املبتدئة �أقل رغبة يف عمل بع�ض‬
‫املمار�سات‪ ،‬و�أنها كانت مرتبطة معه فقط بالكلمة ولي�س بالقلب‪ ،‬ف�إنه يفرت�ض �أن‬
‫الرحمة الإلهية قد منحتها حرا�سة من مالئكة اخلري‪ ،‬والذين يعلم مدى قوتهم‪.‬‬
‫عندها‪ ،‬يحاول ال�شيطان �أن يوقعها يف م�صائب م�ؤقتة‪ ،‬حتى يح�صل على بع�ض‬

‫ﻋﺼ‬
‫الفائدة من ي�أ�سها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪147‬‬
‫الفصل ‪ .3‬كيف ينتقلون من مكان إلى مكان‬

‫من �ضمن �أعمالهن الرئي�سية هو االنتقال من مكان �إىل مكان‪ ،‬حتى يعملن‬
‫العالقة اجل�سدية مع �شياطني اجلاثوم‪ ،‬والتي �سنتحدث عنها ب�شكل منف�صل‪،‬‬
‫بداية من �أ�شكال �أج�سادهم‪ .‬ولكن هنا ال بد �أن نذكر �أن هذا االنتقال البعيد مت‬
‫االعرتا�ض عليه من بع�ض العلماء‪ ،‬قالوا‪� :‬إنه ال ميكن االعرتاف �أن هناك بع�ض‬

‫ﻋﺼ‬
‫الن�سوة اخلبيثات الالتي �أغواهن ال�شيطان و�أوهمهن بخياالته‪ ،‬ب�إمكانهن �أن يذهنب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف رحلة يف الليل على ظهر وح�ش مع «ديانا» �إلهة الوثنيني‪� ،‬أو «هريوديا�س» وعدد‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال ُيعد من الن�ساء‪ ،‬و�أنهن يف �صمت الليل يقطعن م�سافات بعيدة من الأر�ض‪ ،‬و�أنهن‬
‫ُيطعن �أ�سيادهن يف كل �شيء‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لذلك �أق�سمنا على �أن نب�شر للنا�س �أن هذا خط�أ‪ ،‬و�أن هذه اخلياالت غري مر�سلة‬
‫له�ؤالء الرجال من قبل الرب‪ ،‬ولكن بوا�سطة روح �شريرة ت�ضلل عقول امل�ؤمنني‪ .‬لأن‬
‫ﺸﺮ‬

‫«�ساتان» نف�سه يحول نف�سه �إىل �أ�شكال عديدة وهيئات‪ ،‬ويوهم العقل يف الأحالم‬
‫وي�أ�سره‪ ،‬ويقوده بطرق عديدة‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وهناك �آخرون مثلهم ي�أخذون كالم القدي�س «جريماين» ويقولون �أن هذا‬
‫من الطي�ش املن�سوب �إىل ال�ساحرات و�أعمالهن مثل الطفو يف الهواء والأذية التي‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يعملنها للإن�سان واحليوان والأ�شجار على الأر�ض‪ ،‬ويقولون �أن من ي�ؤمنون بهذا هم‬
‫أي�ضا يف مو�ضوع الأذية التي تعملها ال�ساحرات‬ ‫�ضحايا للخيال الطائر وخمدوعون � ً‬
‫للمخلوقات احلية‪.‬‬
‫متاما فكرة‬
‫ولكن هذا الر�أي مت اعتباره هرطقة يف ال�س�ؤال الأول‪ ،‬لأنه ُيبعد ً‬
‫الإذن الإلهي لقدرة ال�شياطني‪ ،‬والتي تتجاوز حتى �إىل �أ�شياء �أكرب من هذا‪ ،‬و ُيعار�ض‬
‫معنى الكتب املقد�سة‪ ،‬وي�سبب �ضررا ال يطاق للكني�سة املقد�سة‪ .‬لأنه ول�سنني طويلة‪،‬‬
‫ب�سبب هذه العقيدة اخلبيثة اخلطرية‪ ،‬بقيت ال�ساحرات بال عقاب‪ ،‬وفقدت املحاكم‬
‫‪148‬‬
‫العلمانية قدرتها على عقابهن‪.‬‬
‫لقد مت التو�ضيح بطرق عديدة �أنه ميكنهن االنتقال ج�سد ًيا‪ً � ،‬أول‪ ،‬لأنه �إن كانوا ال‬
‫الرب ال ي�سمح بهذا‪� ،‬أو ب�سبب �أن ال�شيطان‬ ‫ي�ستطيعون االنتقال‪� ،‬سيكون هذا �إ َّما لأنَّ َّ‬
‫�صحيحا‪ ،‬لأن هناك‬
‫ً‬ ‫ال ميكنه �أن يفعل هذا لأنه معار�ض الطبيعة‪ .‬ولي�س ال�سبب الأول‬
‫�أ�شياء �أكرب من هذا ي�سمح بها الرب‪ ،‬وهذه الأ�شياء الأكرب غال ًبا ما يتم عملها على‬
‫الأطفال والرجال‪� ،‬أو الرجال املقد�سني‪.‬‬
‫وي�أتي �س�ؤال �آخر هل تبديل الأطفال ميكن �أن يتم بوا�سطة ال�شياطني‪ ،‬وهل ميكن‬
‫لل�شيطان �أن يحمل �إن�سا ًنا من مكان �إىل مكان حتى بدون رغبته‪ ،‬بالن�سبة لل�س�ؤال‬

‫ﻋﺼ‬
‫الأول فالإجابة هي نعم‪ .‬لأن «ويليام �أوف باري�س» قال يف اجلزء الأخري من كتابه‬
‫‪� De Uniuerso: Substitutions‬أن تبديل الأطفال ب�إذن الرب ممكن‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فيمكن لل�شيطان �أن يقوم بتغيري الطفل �أو حتى نقله‪ .‬لأن ه�ؤالء الأطفال دائ ًما ما‬
‫ﻜﺘ‬
‫يبكون ويبدون يف معاناة‪ ،‬ورغم �أن �أربعة �أو خم�سة �أمهات يوفرن احلليب لهم‪ ،‬فهم‬
‫ال ي�سمنون �أبدً ا ‪� ،‬إال �أنهم ثقيلون فوق املعتاد‪ .‬ولكن هذا ال يجب �أن يتم ت�أكيده وال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫نفيه للن�ساء‪ ،‬حتى ال ي�سبب هذا ارتعا ًبا لديهن‪ ،‬ولكن يجب �أن يقال لهن �أن يطلنب‬
‫ر�أي الرجال املتعلمني يف هذه امل�س�ألة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫لأن الرب ي�سمح بهذا ب�سبب خطايا الوالدين‪ ،‬ففي بع�ض الأحيان يلعن الرجل‬
‫ﻭ‬

‫زوجته احلامل بقوله‪ ،‬رمبا �أنت حتملني بال�شيطان! �أو قول مثل كهذا‪ .‬بنف�س‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الطريقة‪ ،‬املر�أة غري ال�صبور عادة تقول �أ�شياء من هذا النوع‪ .‬وعديد من الأمثلة قد‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حدثت لرجال كثريين‪ ،‬بع�ضهم رجال �صاحلني‪.‬‬


‫لأن «فين�سينت �أوف بياوفاي�س» ذكر ق�صة متعلقة بهذا �أخربه بها القدي�س «بيرت‬
‫داميان» عن طفل يف اخلام�سة من عمره ابن �أحد النبالء‪ ،‬والذي كان يف ذلك الوقت‬
‫يعي�ش يف دير‪ ،‬ويف �أحد الأيام مت نقل الطفل من الدير �إىل طاحونة مغلقة‪ ،‬ومت‬
‫�إيجاده فيها يف ال�صباح‪ .‬وعندما �س�ألوه‪ ،‬قال �أنه مت حمله بوا�سطة بع�ض الرجال‬
‫لأجل عيد ما و�صالة ما‪ ،‬وبعد هذا و�ضعوه يف الطاحونة من �سطحها‪.‬‬
‫وماذا عن �أولئك ال�سحرة الذين ن�سميهم النكرومان�سرز �أو م�ستح�ضري الأرواح‪،‬‬
‫‪149‬‬
‫والذين غال ًبا ما يتم حملهم يف الهواء بوا�سطة ال�شياطني مل�سافات بعيدة؟ ويف بع�ض‬
‫الأحيان ُيقنعون الآخرين �أن يذهبوا معهم على ح�صان‪ ،‬وهو لي�س ح�صا ًنا يف الواقع‬
‫ولكنه �شيطان يف هيئة ح�صان وهم دائ ًما ُيحذرون رفاقهم من �أن يعملوا عالمة‬
‫ال�صليب‪.‬‬
‫ورغم �أننا اثنان الذين كتبنا هذا الكتاب‪ ،‬فواحد منا قد ر�أى وعرف ً‬
‫رجال مثل‬
‫ه�ؤالء‪ .‬لأن هناك ً‬
‫رجل كان عاملًا والآن ُيعتقد �أنه كاهن يف �أبر�شية «فري�سينج»‪ ،‬كان‬
‫يقول �أنه يف �أحد الأوقات مت نقله عرب الهواء بوا�سطة ال�شيطان‪ ،‬و�أُخذ �إىل مكان‬
‫بعيد جدًّا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف ذلك املكان البعيد جدًّا كان يعي�ش كاهن �آخر‪ ،‬حتديدً ا يف «�أوبريدوف»‪ ،‬قرية‬
‫بجوار «الند�شوت»‪ ،‬وهذا الكاهن الآخر كان وقتها �صدي ًقا لواحد منا‪ ،‬وقد ر�أى‬
‫ً‬
‫حممول عال ًيا ويداه مب�سوطتان‪،‬‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بعينيه هذا االنتقال‪ ،‬و�أخرب كيف �أن الرجل كان‬
‫ﻜﺘ‬
‫وكان ي�صرخ بدون تذمر‪ .‬ويحكي ق�صة �أخرى فيقول‪� ،‬أن عددًا من العلماء اجتمعوا‬
‫م ًعا لي�شربوا اجلعة‪ ،‬وقد توافقوا كلهم �أن الذي �سي�أتي باجلعة لن يدفع �شي ًئا‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�أحدهم كان ذاه ًبا لإح�ضار اجلعة وعندما َفتح الباب ر�أى �سحابة �سميكة فرجع‬
‫خائ ًفا و�أخرب �أ�صحابه ملاذا مل يذهب ليح�ضر اجلعة‪ .‬فثار واحد منهم وقال بغ�ضب‬
‫ﺸﺮ‬

‫«حتى لو كان ال�شيطان هناك‪� ،‬أنا �س�أح�ضر ال�شراب» وخرج‪ ،‬فتم حمله يف الهواء‬
‫�أمام �أعينهم جمي ًعا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وال بد �أن نقول �أن هذه الأ�شياء ال حتدث فقط للم�ستيقظني‪ ،‬ولكن للنائمني‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫� ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬نعم ميكن �أن يتم نقلهم يف الهواء بينما هم نائمني‪.‬‬
‫هذا وا�ضح يف حالة بع�ض الرجال الذين مي�شون �أثناء نومهم على �أ�سطح‬
‫البيوت وفوق �أعاىل املباين‪ ،‬وال �أحد ميكنه �أن يعرت�ض تقدمهم �سواء كان عال ًيا‬
‫ً‬
‫منخف�ضا‪ .‬و�إذا ناديت ب�أ�سمائهم و�أنت بجوارهم �سي�سقطون �سري ًعا على الأر�ض‬ ‫�أو‬
‫وتنك�سر �أ�ضالعهم‪.‬‬
‫العديد يظنون‪ ،‬ولي�س بدون �سبب‪� ،‬أن هذا من عمل ال�شيطان‪ .‬لأن ال�شياطني‬

‫‪150‬‬
‫�أنواع خمتلفة جدًّا‪ ،‬بع�ضهم يكونون قد �سقطوا من اجلوقة ال�سفلى من املالئكة‪،‬‬
‫وه�ؤالء ال ميكنهم �أن ي�ؤذوا �أي �أحد‪ ،‬على الأقل لي�س ب�شكل خطري‪ ،‬ويف معظم الوقت‬
‫يعملون �أ�شياء هينة‪ .‬وبع�ضهم نوع �آخر من ال�شياطني يدعى اجلاثوم �أو ال�سعالة‪،‬‬
‫وه�ؤالء يعا ِقبون الرجال يف الليل‪ ،‬ويلوثونهم بخطيئة الف�سق‪ ،‬ولي�س يبدو منا�س ًبا �أنه‬
‫يتم ا�ستعمالهم يف لعبة احل�صان املتنقل هذه‪.‬‬
‫احلقيقة ميكن �أن ُت�ستخل�ص من كلمات «كا�سيان» عندما قال �أنه ال �شك يف‬
‫أنواعا يف رغبات الإن�سان‪.‬‬
‫أنواعا من الأرواح النج�سة مبثل ما �أن هناك � ً‬
‫�أن هناك � ً‬
‫لأنه وا�ضح �أن بع�ضهم‪ ،‬الذين ي�سميهم النا�س «فون»‪ ،‬ونحن ن�سميهم «ترولز» �أو‬

‫ﻋﺼ‬
‫املت�صيدون‪ ،‬والذين تزخر بهم الرنويج‪ ،‬هم جمرد مهرجني وتافهني‪ ،‬ي�سكنون بع�ض‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأماكن والطرق وال يكونون قادرين على عمل �أي �أذى للمارين يف املكان‪ ،‬لكنهم‬
‫ﻜﺘ‬
‫يرتاحون ملا ُيقلدون املارين با�ستهزاء وي�ضللوهم‪ ،‬ويحاولون �أن يتعبوهم لي�س �أن‬
‫ي�ؤذوهم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وبع�ضهم فقط يزور الرجال يف كوابي�س لي�ست م�ؤذية‪ .‬ولكن هناك �آخرين‬
‫عدوانيني ال ير�ضون فقط بالتمدد الفظيع الذي ُيحدثونه يف �أج�ساد من ينفخوا‬
‫ﺸﺮ‬

‫فيهم‪ ،‬ولكنهم ينزلون من �أق�صى علو وب�سرعة لي�ضربوهم ب�أكرب عا�صفة وح�شية‬
‫ممكنة‪ .‬وامل�ؤلف ال يعني �أنهم يتلب�سون بالنا�س ولكنهم فقط يعذبونهم‪ ،‬كما كان‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يفعل �أولئك املذكورين يف �إجنيل متى الثامن‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫من هذا ميكن �أن ن�ستنتج‪ً � ،‬أول �أنه ال يجب �أن نقول �أن ال�ساحرات غري قادرات‬
‫على االنتقال لأن الرب ال ي�سمح بهذا‪ .‬لأنه �إذا كان ي�سمح به يف حالة الربيئني‪ ،‬كيف‬
‫ميكن �أال ي�سمح يف حالة �أولئك الذين قد وهبوا �أنف�سهم لل�شيطان؟ ونحن نقول بكل‬
‫وح َمله �إىل مكان عال‪ ،‬كما يقول الإجنيل؟‬‫احرتام‪� :‬أمل ي�أخذ ال�شيطان ُم ِل�صنا َ‬
‫واحلجة الثانية من حجج خ�صومنا ال ميكن �أن ُتقبل � ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬لأنه قد �أو�ضحنا من‬
‫قبل �أن ال�شيطان لديه قدرة طبيعية عظيمة‪ ،‬تتجاوز كل الإمكانات اجل�سدية‪ ،‬وال‬
‫توجد قوة على الأر�ض ميكن �أن تقارن بقوته‪ ،‬كما ُذكر يف الكتاب املقد�س «لي�س له‬

‫‪151‬‬
‫يف الأر�ض نظري» وطب ًعا القدرة الطبيعية لـ «لو�سيفر» عظيمة جدًّا حتى �أنه ال مياثلها‬
‫�شيء يف عظمتها يف مالئكة اخلري يف ال�سماوات‪ .‬لأنه تفوق على كل املالئكة الذين‬
‫من نف�س طبيعته‪ ،‬ولكنه �ض ُعف بعد �سقوطه‪ ،‬فالطبيعة املالئكية ال زالت موجودة فيه‬
‫لكنها �أظلمت وتقيدت‪ .‬لذلك‪ ،‬التف�سري جلملة «لي�س له يف الأر�ض نظري»‪ ،‬هو �أنه‬
‫رغم �أنه يتفوق على كل الأ�شياء‪� ،‬إال �أنه خا�ضع لقدرات القدي�سني‪.‬‬
‫ميكن �أن يذكر �أحدهم اعرتا�ضني‪ ،‬الأول �أن روح الإن�سان ال بد �أنها تقاوم‬
‫ال�شيطان‪ ،‬و�أن هذا الن�ص املذكور يبدو �أنه يتحدث عن �شيطان واحد بعينه‪ ،‬حتديدً ا‬
‫«لو�سيفر»‪ .‬فهو الذي �أغوى امل�سيح يف الربية‪ ،‬و�أغوى �أول رجل‪ ،‬والآن هو مقيد‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�سال�سل‪ .‬واملالئكة الآخرين لي�سوا �أقوياء جدًّا‪ ،‬مبا �أنه تفوق عليهم جمي ًعا‪ .‬بالتايل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فالأرواح الأخرى غري لو�سيفر لي�ست مثله وال ميكنها �أن تنقل الفا�سدين من مكان‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إىل مكان‪.‬‬
‫هذه االعرتا�ضات لي�ست لديها �أي قوة‪ .‬لأنه �إذا تكلمنا عن املالئكة � ًأول‪ ،‬ف�أ�ضعف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مالك قوته �أعلى بكثري وال ُتقارن مع �أي قوة ب�شرية‪ ،‬وهذا ُمثبت بطرق كثرية‪.‬‬
‫� ًأول‪ ،‬لأن القوة الروحية �أعلى من القوة اجل�سدية‪ ،‬ولذلك فقوة املالك‪� ،‬أو حتى‬
‫ﺸﺮ‬

‫قوة الروح العادية‪� ،‬أعظم من قوة �أي ج�سد‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬بالن�سبة للروح‪ ،‬يف حالة الإن�سان‪،‬‬
‫الروح هي التي تقوده‪ ،‬فهذه الأ�شكال الروحية غري املادية هي كيانات يف غاية‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الذكاء‪ ،‬وبالتايل لديها قوة مطلقة وكونية �أكرب من الأج�سام‪ .‬لهذا ال�سبب‪ ،‬عندما‬
‫ُتمع الروح �إىل ج�سد معني‪ ،‬ال ميكنها يف هذا الو�ضع �أن تنقل هذا اجل�سد حمليا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫فج�أة �أو ترفعه يف الهواء‪ ،‬رغم �أنه ميكنها هي �أن تفعل هذا ب�سهولة يف نف�سها‪ .‬ولكن‬
‫من املمكن ل�شكل غري مادي غري الروح‪ ،‬مثل مالك اخلري �أو مالك ال�شر �أن ينقل‬
‫اجل�سد‪ ،‬لأن مالك اخلري نقل «هاباكوك» يف حلظة من «هوديا» �إىل «�شالدايا»‪.‬‬
‫ولهذا ال�سبب ن�ستنتج �أن ه�ؤالء الذين مي�شون يف الليل �أثناء نومهم فوق املباين‬
‫العالية ال ُيحملون بوا�سطة �أرواحهم اخلا�صة‪ ،‬وال بت�أثري النجوم‪ ،‬ولكن ب�شيء �آخر‬
‫ذي قوة ا�ستثنائية‪ ،‬مالك‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬اجل�سد هو الذي �سيتحرك �إىل ذلك املكان‪ ،‬عن طريق القوة الروحية‬
‫‪152‬‬
‫للمالك‪ ،‬وكما يقول �أر�سطو يف كتابه ‪ Physics‬الثامن‪ ،‬احلركة املو�ضعية هي �أول‬
‫احلركات اجل�سدية‪ ،‬واحلركة املو�ضعية مل تكن يف جوهرها موجودة يف �أي ج�سد‬
‫مثل ج�سد الإن�سان‪ ،‬ولكنها �أتت �إليه ب�سبب قوة خارجية‪.‬‬
‫بالتايل ن�ستنتج �أن الأج�سام الأعلى‪ ،‬التي هي النجوم‪ ،‬يتم حتريكها بقوى‬
‫جوهرية روحية‪ ،‬وبذكاءات منف�صلة خرية يف طبيعتها ونيتها‪ .‬لأننا نرى �أن الروح‬
‫هي ال�سبب الأوىل والرئي�سي حلركة الأج�سام‪.‬‬
‫ال بد �أن يقال �أنه ال ميكن للج�سم الب�شري �أن يقاوم نقله فج�أة من مكان �إىل‬
‫مكان‪ ،‬ال بقوته املادية وال الروحية‪ ،‬واجلوهر الروحي الذي ينقله هو لي�س خ ًريا يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫نيته‪ .‬ومن يريد ميكن �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «توما�س» يف �س�ؤاله بخ�صو�ص‬
‫اخلطية‪ ،‬ويف الكتاب الثاين من ‪ Sentences‬الف�صل ال�سابع‪ ،‬عن قدرة ال�شياطني‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫على الأج�ساد‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ما �سي�أتي هو عن طريقة ال�ساحرات يف االنتقال‪ً � ،‬أول هُ ن يعملن م�ستح�ض ًرا‪،‬‬
‫كما قلنا بتعليمات من ال�شيطان‪ ،‬يعملنه من �أطراف الأطفال‪ ،‬حتديدً ا من �أولئك‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأطفال الذين قتلنهم قبل التعميد‪ ،‬يدهن به ع�صا مكن�سة �أو كر�سي‪ ،‬وعندها‬
‫يرتفعن مبا�شرة يف الهواء وينتقلن‪� ،‬إما يف النهار �أو يف الليل‪� ،‬إما ب�شكل مرئي �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف اخلفاء �إذا �أردن‪ ،‬لأن ال�شيطان ال ميكنه �أن ُيخفي اجل�سد بو�ضع �شيء ما يف‬
‫مادته‪ ،‬كما و�ضحنا يف اجلزء الأول من البحث عندما حتدثنا عن الأوهام التي‬
‫ﻭ‬

‫يعملها ال�شيطان‪ .‬ورغم �أن ال�شيطان يف اجلزء الأكرب يعمل هذا ب�سبب امل�ستح�ضر‪،‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بهدف �أن يحرم ه�ؤالء الأطفال من النعمة ومن اخلال�ص‪� ،‬إال �أنه غال ًبا ما يعمل هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫االنتقال بدون حاجته �إىل امل�ستح�ضر‪ .‬لأنه يف مرات ينقل ال�ساحرات على حيوانات‪،‬‬
‫والتي هي لي�ست حيوانات حقيقية ولكنها �شياطني على هيئة حيوانات‪ ،‬ويف بع�ض‬
‫الأحيان حتى بدون �أي م�ساعدة خارجية ميكن �أن ينقلهن فقط بالقوة ال�شيطانية‪.‬‬
‫وهذه حادثة من النقل املرئي يف النهار‪ ،‬يف قرية «والد�شوت» يف «راين»‪ ،‬يف‬
‫�أبر�شية «كون�ستان�س»‪ ،‬كانت هناك �ساحرة مكروهة جدًّا من �سكان القرية حتى �أنه‬
‫مل يكن يدعوها �أحد �إىل �أي حفل زواج رغم وجود كل �سكان القرية‪ .‬وب�سبب �سخطها‬
‫على هذا‪ ،‬ورغبتها يف الث�أر‪ ،‬ا�ستدعت �شيطانا و�أخربته عن �سبب غيظها‪ ،‬وطلبت‬
‫منه �أن ُيثري عا�صفة باردة ُتخرب الرق�ص على كل احلا�ضرين يف حفل الزواج‪،‬‬
‫‪153‬‬
‫ووافق ال�شيطان‪ ،‬ورفعها �إىل �أعلى‪ ،‬وحملها يف الهواء �إىل تلة قريبة من القرية‪� ،‬أمام‬
‫�أعني بع�ض الرعاة‪.‬‬
‫وحيث �أنه مل يكن لديها ماء ت�صبه يف احلفرة ‪ -‬و�سنتحدث عن مو�ضوع �صب‬
‫املاء هذا الح ًقا لأنها الطريقة التي ُيرثن بها العوا�صف الباردة ‪ -‬عملت حفرة‬
‫بدل من املاء‪ ،‬و�أثارتها ب�إ�صبعها‪ ،‬موجهة نيتها �إىل �سحر‬ ‫�صغرية وملأتها ببولها ً‬
‫حفل الزواج‪ ،‬وال�شيطان واقف بجوارها‪ .‬وفج�أة رفع ال�شيطان هذا البول �إىل �أعلى‬
‫و�أر�سل عا�صفة باردة قوية وقعت فقط على الراق�صني يف احلفل‪ .‬وعندما تفرقوا‬
‫باتوا يتناق�شون عن �سبب هذه العا�صفة‪ ،‬ودخلت ال�ساحرة القرية بعد هذا بقليل‪،‬‬
‫وهذا �أثار �شكوكهم‪ .‬ولكن عندما حكى الرعاة ما ر�أوه‪� ،‬أ�صبحت �شكوكهم يقي ًنا‪ .‬فتم‬

‫ﻋﺼ‬
‫القب�ض عليها‪ ،‬واعرتفت ب�أنها عملت هذا ال�شيء لأنه مل يكن �أحد يدعوها �إىل �أي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حفل زواج‪ ،‬ولأجل هذا وب�سبب كثري من ال�سحر الذي عملته‪ ،‬مت حرقها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪154‬‬
‫الفصل ‪ .4‬هنا نتتبع الطريقة التي تتضاجع بها‬
‫الساحرات مع الشياطين المعروفين بالجاثوم‪.‬‬

‫يف كالمنا عن الطريقة التي تت�ضاجع بها ال�ساحرات مع �شياطني اجلاثوم‪� ،‬ست‬
‫نقاط ال بد �أن نذكرها‪ً � .‬أول‪ ،‬عن ال�شيطان واجل�سم الذي يتخذه للم�ضاجعة‪ ،‬ما هي‬

‫ﻋﺼ‬
‫املادة التي هو م�صنوع منها؟ ثان ًيا‪ ،‬عن الفعل نف�سه‪ ،‬هل �سيكون هناك حقن للمني‬
‫الذي ح�صل عليه ال�شيطان من رجل �آخر؟ ثال ًثا‪ ،‬عن الزمان واملكان‪ ،‬هل هناك‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وقت معني مف�ضل على وقت �آخر لهذه املمار�سة؟ راب ًعا‪ ،‬هل يكون هذا الفعل مرئيا‬
‫ﻜﺘ‬
‫للمر�أة؟ وهل �أولئك الذين ُولدوا بهذه الطريقة هم الذين يزورهم ال�شيطان غال ًبا؟‬
‫خام�سا‪ ،‬هل هذا يحدث فقط لأولئك الذين مت وهبهن لل�شيطان عند الوالدة بوا�سطة‬ ‫ً‬
‫�ساد�سا‪ ،‬هل املتعة اجلن�سية �أكرب �أو �أقل يف هذا الفعل؟ و�سنتحدث � ًأول‬
‫ً‬ ‫املولدات؟‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫على املادة ونوعية اجل�سد الذي يتخذه ال�شيطان‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫نوعا ما ج�س ٌم دنيوي‪ ،‬و�إىل حد ما له‬


‫ال بد �أن نقول �أنه يتخذ ج�س ًما هوائ ًّيا‪ ،‬و�أنه ً‬
‫�صفة �أر�ضية بوا�سطة التكثف‪ ،‬وهذا ُيف�سر كالتايل‪ .‬الهواء ال ميكنه بنف�سه �أن يتخذ‬
‫ﻭ‬

‫�شكل‪ ،‬لكنه يتخذ �شكل ج�سم �آخر يتمو�ضع فيه‪ .‬ويف هذه احلالة ال يكون ح ًّرا يف‬ ‫ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مربوطا بقدرات ذلك اجل�سم الآخر‪ .‬بالتايل ال ميكن لل�شيطان‬ ‫ً‬ ‫قدراته‪ ،‬ولكن يكون‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أن يتخذ ج�س ًما هوائ ًّيا مثل هذا‪.‬‬


‫ومبعرفة �أن الهواء متغري بكل طريقة و�أنه مائع‪ ،‬و�أن عالمة هذا هي �أنه عندما‬
‫يحاول �أحد �أن يقطع ج�س ًما اتخذه ال�شيطان بال�سيف‪ ،‬ال يقدر على فعل هذا‪ ،‬لأن‬
‫�أجزاء الهواء تتجمع مع بع�ضها مرة �أخرى‪ .‬من هذا يت�ضح �أن الهواء يف ذاته هو‬
‫مادة منا�سبة جدًّا لهذا‪ ،‬ولكن ب�سبب �أنه ال ميكن �أن يتخذ ً‬
‫�شكل �إال �إذا كان هناك‬
‫ج�سم �أر�ضي يجتمع معه‪ ،‬بالتايل من ال�ضروري للهواء الذي يت�شكل فيه ال�شيطان �أن‬
‫يتكثف‪ ،‬ويقرتب من ال�صفة الأر�ضية‪ ،‬ويف نف�س الوقت ُيبقي على خوا�صه الهوائية‪.‬‬
‫وال�شياطني والأرواح التي بال ج�سد ميكن �أن تعمل هذا التكثيف بتجفيف الأبخرة‬
‫‪155‬‬
‫ال�صاعدة من الأر�ض‪ ،‬وجتمعها معا يف الأ�شكال التي يتخذونها‪ ،‬فتعطي ذلك‬
‫اجل�سم الهيئة املعروفة للحياة‪ ،‬وبنف�س الطريقة التي تتحكم بها الروح يف اجل�سم‬
‫البحار يف‬
‫التي ت�سكن فيه‪ ،‬كذلك هم يف الأ�شكال التي يتخذونها‪ ،‬يكونون مثل ّ‬
‫ال�سفينة التي حتركها الرياح‪.‬‬
‫لذا عندما ي�س�أل �أحد ما هو نوع اجل�سم الذي يتخذه ال�شيطان‪ ،‬يجب �أن نقول‬
‫له �أنه بالن�سبة ملادته‪ ،‬فهي هواء متكثف‪ ،‬ي�شرتك يف بع�ض �صفاته مع ال�صفات‬
‫الأر�ضية‪ .‬ويف كل هذا فال�شيطان‪ ،‬ب�إذن الرب‪ ،‬ميكن �أن يعمل هذا يف طبيعته‪ ،‬لأن‬
‫الطبيعة الروحية �أعلى من الطبيعة اجل�سدية‪ .‬بالتايل الطبيعة اجل�سدية ال بد �أن‬
‫تطيع ال�شيطان فيما يتعلق باحلركة املو�ضعية‪ .‬وال يوجد �شكل هو �أكرب من قدرتهم‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لذلك يحركونه كما يريدون‪ ،‬بالطريقة التي يرغبون فيها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫من هذا ميكن �أن يخرج �س�ؤال‪ ،‬ماذا عن احلاالت التي ي�ؤ ِدي فيها مالك اخلري‬
‫�أو مالك ال�شر بع�ض وظائف احلياة با�ستخدام �أج�سام حية‪ ،‬ولي�س ب�أج�سام هوائية‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫كما يف حالة حمار بلعام‪ ،‬حني حت ّدث املالك‪� ،‬أو عندما يتلب�س ال�شيطان يف الأج�سام‪.‬‬
‫�سنجيب ب�أن هذه الأج�سام ال يقال عنها �أنها ُمتخذة من ال�شيطان ولكن يتلب�س بها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�شيطان‪ .‬انظر كالم القدي�س «توما�س» عن �إذا كانت املالئكة ميكن تتخذ �أج�سادًا‪.‬‬
‫ولكن دعونا نعد �إىل مو�ضوعنا‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ب�أي طريقة ميكن �أن نفهم طريقة حت ُّدث ال�شياطني مع ال�ساحرات‪ ،‬ور�ؤيتهم‪،‬‬
‫و�سماعهم لهم‪ ،‬والأكل معهم‪ ،‬وامل�ضاجعة بهم؟ وهذا هو اجلزء الثاين من هذه‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الفقرة‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالن�سبة للتح ُّدث‪ ،‬ال بد �أن نقول �أن هناك ثالثة �أ�شياء مطلوبة حتى يحدث حوار‬
‫حقيقي‪ً � ،‬أول‪ ،‬رئتان‪ ،‬وهذا لي�س فقط لغر�ض �إخراج ال�صوت ولكن � ً‬
‫أي�ضا لتربيد‬
‫القلب‪ ،‬فحتى الأبكم لديه رئتان‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬من ال�ضروري �أن يكون هناك دق معني يتم عمله جل�سم ما يف الهواء‪،‬‬
‫فيتكون �صوت �أكرب �أو �أقل‪ ،‬هذا مثل ال�صوت التي يتكون عند دق جر�س‪ .‬لأنه عندما‬
‫ُت�ضرب املادة املنا�سبة لعمل ال�صوت ب�أداة عاملة لل�صوت‪ ،‬فهي ُت ِ‬
‫خرج �صوتًا يتوافق‬
‫مع حجمها‪ ،‬حيث يتم ا�ستقبال هذا ال�صوت يف الهواء ويت�ضاعف يف �أذن امل�ستمع‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬ال�صوت اللفظي مطلوب‪ ،‬وميكن �أن نقول �أن ما ي�سمى �صوتًا يف اجلمادات‬
‫فهو ي�سمى �صوتًا لفظ ًيا ملا ت�صدره الأج�سام احلية‪ .‬وهنا َي�ضرب الل�سان جماري‬
‫التنف�س ك�أداة طبيعية خملوقة بوا�سطة الرب‪ .‬وهذا لي�س جر�سا‪ ،‬فال ي�سمى �صوتًا‪،‬‬
‫ولكنه �صوت لفظي‪ .‬ولقد ذكرت هذا حتى ميكن للمب�شرين �أن ُيعلموه للنا�س‪.‬‬
‫مفهوما‬
‫ً‬ ‫خرج �شي ًئا‬
‫ومن ال�ضروري �أن الذي يعمل ال�صوت اللفظي يق�صد �أن ُي ِ‬
‫لعقل املتلقي‪ ،‬ويجب �أن يفهم هو نف�سه ما الذي يقوله‪ ،‬وبالتايل يتحكم ب�صوته‬
‫ب�ضرب �أ�سنانه بل�سانه على التوايل يف فمه‪ ،‬بفتح و�إغالق �شفتيه‪ ،‬وب�إر�سال الهواء‬
‫امل�ضروب يف فمه �إىل الهواء اخلارجي‪ ،‬هكذا بهذه الطريقة يخرج ال�صوت حتى‬
‫ت�سمعه الأذن‪ ،‬وتفهم معناه‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ونعود �إىل املو�ضوع‪ ،‬ال�شياطني لي�ست لديها رئة وال ل�سان‪ ،‬رغم �أنه ميكنهم �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ُيظهروا ل�سانهم و�أ�سنانهم و�شفاههم بطريقة ا�صطناعية طب ًقا حلالة الأج�سام التي‬
‫اتخذوها‪ ،‬وبالتايل هم ال ميكنهم �أن يتكلموا ب�شكل حقيقي‪ .‬ولكن لأن لديهم ِفهما‬
‫ﻜﺘ‬
‫حدثون بع�ض اال�ضطراب‬ ‫عقل ًّيا‪ ،‬فعندما يريدون �أن ُيعربوا عن �شيء يق�صدونه‪ُ ،‬ي ِ‬
‫يف الهواء الداخلي للج�سد الذي يتخذونه‪ ،‬ف ُينتجون �صوتًا‪ ،‬لي�س �صوتًا لفظ ًّيا‪ ،‬ولكنه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�صوت يحاكي ال�صوت اللفظي‪ ،‬و ُير�سلونه ببالغة خالل الهواء اخلارجي �إىل �أذن‬
‫امل�ستمع‪ .‬وهذا مثل ال�صوت الذي ميكن �أن ُيعمل بدون تنف�س الهواء وهذا وا�ضح‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف حالة احليوانات التي ال تتنف�س وتعمل �صوتًا‪ ،‬كما �أن هناك جمادات معينة تعمل‬
‫هذا‪ ،‬كما يقول �أر�سطو‪ ،‬يف كتاب ‪ .de Anima‬لأن بع�ض الأ�سماك عندما يتم‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�صيدها‪ ،‬فج�أة ُت�صدر �صوتًا كالبكاء خارج املاء ومتوت‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫كل هذا �سن�ستخدمه يف فهم مع ما يلي من النقاط‪ ،‬حتى ن�صل للنقطة التي‬
‫نتكلم فيها عن االت�صال اجلن�سي‪ ،‬و�إذا �أراد �أي �أحد �أن ي�س�أل �أكرث يف مو�ضوع حديث‬
‫ال�شياطني يف الأج�ساد التي يتلب�سون بها‪ ،‬ميكنه �أن يرجع �إىل كالم القدي�س «توما�س»‬
‫يف الكتاب الثاين من ‪ ،Sentences‬الف�صل الثامن‪ ،‬املقال اخلام�س‪ .‬لأنهم يف هذه‬
‫احلالة ي�ستخدمون �أع�ضاء اجل�سم الذي يتلب�سون فيه‪ ،‬لأنهم يتلب�سون بهذا اجل�سم‬
‫ويتحددون بقدراته‪ ،‬ولي�س بقدراتهم هم‪� ،‬سواء اجل�سدية �أو الروحية‪.‬‬
‫وال بد �أن نقول الآن كيف ميكن �أن يروا وي�سمعوا‪ .‬الب�صر نوعان‪ ،‬روحي وج�سدي‪،‬‬
‫والروحي يتفوق على اجل�سدي‪ ،‬لأنه ميكنه �أن يخرتق احلواجز وال يكون حمدودًا‬
‫‪157‬‬
‫بامل�سافات‪ ،‬ب�سبب خوا�ص ال�ضوء التي ي�ستخدمها‪ .‬بالتايل ال بد �أن نقول �أنه ال ميكن‬
‫للمالك �سواء كان مالك خري �أو مالك �شر‪� ،‬أن يرى بعني اجل�سد الذي اتخذه‪ ،‬وال‬
‫�أن ي�ستخدم �أي من �صفات هذا اجل�سد كما يف �صفة الكالم عندما ا�ستخدم الهواء‬
‫واهتزاز الهواء ل ُينتج �صوتًا لفظ ًّيا �أمكن �أن يتم �سماعه بوا�سطة امل�ستمع‪ .‬لذلك‬
‫عيونهم هي فقط عيون مر�سومة‪ .‬وهم ُيظهرونها للإن�سان بهذا ال�شكل حتى يُظهِ روا‬
‫له �أن �صفاتهم طبيعية ويتحدثون معه‪.‬‬
‫بهذه الطريقة ظهرت املالئكة املقد�سة للآباء ب�أمر الرب و�إذنه‪ ،‬ومالئكة ال�شر‬
‫�أظهروا �أنف�سهم للفا�سدين حتى يعرف الفا�سدون �صفاتهم وحتى يتعاملوا معهم يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫اخلطية‪.‬‬
‫ولأن الب�صر اجل�سدي هي عملية حيوية حتدث يف اجل�سم احلي‪ ،‬وتفتقدها‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شياطني‪ ،‬بالتايل فهم ير�سمونها يف الأج�ساد التي يتخذونها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وميكن �أن نتحدث بنف�س الطريقة عن �سماعهم‪ ،‬والذي هو �أكرث دقة من �سماع‬
‫اجل�سد‪ ،‬لأنه ميكنهم �أن يعرفوا �أفكار العقل وحديث الروح مبهارة �أكرث مما ميكن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫للإن�سان بالعقل �أن يفعله يف بيئة الكلمات امل�سموعة‪ .‬انظر كالم القدي�س «توما�س»‬
‫يف الكتاب الثاين من ‪ ،Sentences‬الف�صل الثامن‪ .‬لأنه �إذا كانت الرغبات ال�سرية‬
‫ﺸﺮ‬

‫للإن�سان ظاهرة يف وجهه‪ ،‬والأطباء ميكن �أن يعرفوا منها �أفكاره من خالل �ضربات‬
‫قلبه وحالة نب�ضه‪ ،‬فكل هذه الأ�شياء ميكن �أن يعرفها ال�شيطان ب�شكل �أف�ضل‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وميكن �أن نقول هذا عن الأكل‪ ،‬يف املمار�سة الكاملة للأكل هناك �أربع عمليات‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫امل�ضغ بالفم‪ ،‬البلع �إىل املعدة‪ ،‬اله�ضم‪ ،‬وراب ًعا الأي�ض للمواد ال�ضرورية و�إخراج‬
‫الزائد‪ .‬كل املالئكة ميكن �أن تعمل �أول عمليتني للأكل يف اجل�سد الذي يتخذونه‪،‬‬
‫فبدل من اله�ضم والإخراج لديهم قدرة �أخرى يذوب‬ ‫ولكن لي�س الثالثة والرابعة‪ً .‬‬
‫فيها الطعام فج�أة يف املادة املحيطة به‪ .‬ففي ج�سد امل�سيح كانت عملية الأكل كاملة‬
‫بكل خطواتها‪ ،‬حيث كانت لديه القدرة على الأي�ض والتغذي‪ ،‬لكن لي�س بالطريقة‬
‫الطبيعية‪ ،‬لأنه هذه القدرات كانت يف حالة ج�سم امل�سيح مفخمة‪ ،‬فالطعام كان‬
‫يذوب يف ج�سده فج�أة‪ ،‬كما يرمي �أحد باملاء على النار‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫كيف ميكن لل�ساحرات يف هذا الع�صر �أن ي�ؤدين االت�صال اجل�سدي مع �شياطني‬
‫اجلاثوم وكيف يتكاثرن بهذه الطريقة؟‬
‫ال توجد �صعوبة يف هذا �إذا فهمنا ما �سبق‪ ،‬فبالنظر �إىل املبد�أ الذي بد�أنا به‪،‬‬
‫فالفعل اجل�سدي الذي يعمله ال�شيطان اجلاثوم مع ال�ساحرات‪� ،‬إمنا يعمله بج�سده‬
‫الذي اتخذه‪.‬‬
‫وقد ي�شك �أحد ويقول هل ال�ساحرات يف هذا الع�صر ميكن �أن يعملن هذا‬
‫االقرتان البغي�ض؟ وهل ال�ساحرات ُولدن ب�سبب هذه العملية املقيتة؟‬
‫يف �إجابة هذه ال�شكوك ميكن �أن نقول‪ ،‬بالن�سبة لل�شك الأول‪ ،‬بالن�سبة ملمار�سات‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�ساحرات الالتي ُكنَّ َيع�شن يف الأزمان القدمية‪ ،‬قبل حوايل ‪� 1400‬سنة قبل جت�سد‬
‫ربنا‪ .‬فغري معلوم �إذا ُكنَّ قد �أدمن على هذه املمار�سات مثل �ساحرات هذا الع�صر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أم ال‪ ،‬لأنه بقدر معلوماتنا فالتاريخ ال يخربنا ب�شيء عن هذا املو�ضوع‪ .‬ولكن ال‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أحد ممن يقر�أ التاريخ ي�شك �أنه كانت هناك دائ ًما �ساحرات‪ ،‬و�أنهن ب�أعمالهن‬
‫ال�شيطانية ت�سبنب بالأذى للب�شر واحليوانات والأ�شجار على الأر�ض‪ ،‬و�أن �شياطني‬
‫اجلاثوم وال�سلعاة (�أحيا ًنا ُتكتب ال�سعالة كما ُتكتب ال�سلعاة) كانوا دائ ًما موجودين‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لأن تقاليد ال�شريعة والعلماء تركوا للأجيال القادمة معلومات عديدة بخ�صو�ص هذا‬
‫قبل عدة مئات من ال�سنني‪� .‬إال �أن هناك اختال ًفا واحدً ا‪� ،‬أنه يف الأزمان البعيدة يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫املا�ضي كانت �شياطني اجلاثوم تعمل هذا مع الن�ساء بالإجبار �ضد رغبتهن‪ ،‬كما هو‬
‫وا�ضح من كالم «نيدار» يف كتابه ‪ Formicarius‬وكالم «توما�س �أوف باربانت» يف‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كتابه ‪� Universal Good‬أو ‪.Bees‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن نظرية �أن �ساحرات هذا الع�صر قد ف�سدوا بهذا النوع من البذاءة‬
‫ال�شيطانية هي لي�ست ُمثبتة فقط يف ر�أينا‪ ،‬ولكن ب�شهادة اخلرباء من ال�ساحرات‬
‫�أنف�سهن مما جعل كل �شيء موثو ًقا‪ ،‬واعرتفن �أنهن الآن لي�س كما ُكن يف املا�ضي‪،‬‬
‫حيث كان هذا بدون رغبة منهن‪ ،‬لكنهن الآن يفعلن هذا برغبتهن اخلا�صة وي�ؤدين‬
‫لل�شياطني �أكرث ا�ستعباد كريه وفا�سد‪.‬‬
‫ن�ساء كثريات ال بد من معاقبتهن بالقانون العلماين يف خمتلف الأبر�شيات‪،‬‬
‫خا�صة يف «كون�ستان�س» وقرية «راتي�سبون»‪ ،‬حيث ُكنّ ل�سنني عديدة مدمنات على‬
‫هذا العمل البغي�ض‪ ،‬بع�ضهن منذ �أن كانت �أعمارهن يف الع�شرين وبع�ضهن من‬
‫‪159‬‬
‫عمر الثانية ع�شرة والثالثة ع�شرة‪ ،‬ودائ ًما ما يفعلن هذا مع �إنكار كامل �أو جزئي‬
‫للإميان‪ ،‬وكل �سكان الأماكن الأخرى �شهود على هذا‪ .‬لأنه بدون ح�ساب من تابت‬
‫منهن ورجعت �إىل الإميان‪ ،‬فلي�س �أقل من ثمانية و�أربعني امر�أة مت حرقها يف خم�سة‬
‫�سنوات‪ .‬ولن نذكر ال�ساحرات الالتي �أتني حتت مالحظة زميلنا املفت�ش يف «كومو»‬
‫يف مقاطعة «بوربيا»‪ ،‬والذي يف �سنة واحدة ‪-‬وكانت �سنة النعمة ‪ -1485‬ت�سبب يف‬
‫حرق �إحدى و�أربعني �ساحرة‪ ،‬وكلهن مت �إثبات حرقهن ب�شكل علني‪ ،‬لأنهن قد مار�سن‬
‫هذه الأعمال البغي�ضة مع ال�شياطني‪ .‬بالتايل هذا الأمر مت �إثباته بوا�سطة �شهود‬
‫عيان‪ ،‬وبالهرطقة‪ ،‬وب�شهادة �شهود موثوقني‪.‬‬
‫بالن�سبة لل�شك الآخر‪ ،‬هل ال�ساحرات كانت والدتهن ب�سبب هذه املمار�سة‬

‫ﻋﺼ‬
‫البغي�ضة‪ ،‬ميكن �أن نقول مع القدي�س «�أوج�ستني» �أن هذا حقيقي‪ ،‬و�أن كل الفنون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املاورائية لها �أ�صل م�سموم �أتى من عالقة الإن�سان مع ال�شياطني‪ .‬لأنه يقول يف كتابه‬
‫‪ :On Christian Doctrine‬كل هذا النوع من الأعمال املاورائية‪� ،‬سواء كان تاف ًها‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أو م�ؤذ ًيا‪ ،‬نبت من عالقة م�سمومة بني الإن�سان وال�شيطان‪ ،‬مثلما ُعملت بع�ض العهود‬
‫للكفار مع املاكرين من اخلارج‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الحظ هنا �أنه رغم �أن هناك عدة �أنواع من املاورائيات وفنون ال�سحر‪ ،‬وعدة‬
‫نوعا من هذا‬ ‫جمتمعات من �أولئك الذين ميار�سونها‪ ،‬لكن من �ضمن الأربعة ع�شر ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫الفن‪ ،‬ف�إن ف�صيلة ال�ساحرات هي الأ�سو�أ‪ ،‬لأنهن ال ُيخفني هذا بل ُيعلنون العهد مع‬
‫نوعا من عبادة ال�شيطان عرب �إنكارهن للإميان‪،‬‬ ‫ال�شيطان‪ ،‬و�أكرث من هذا‪ ،‬يعملن ً‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وبالتايل فال�ساحرات يعملن �أ�سو�أ نوع من العالقة مع ال�شياطني‪ ،‬وهذا متوقع من‬
‫�سلوك الن�ساء‪ ،‬الذين يبتهجن دائ ًما بالأ�شياء الفا�سدة‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪e‬‬

‫‪160‬‬
‫الفصل ‪ .5‬الساحرات عادة يعملن تعاويذهن‬
‫باستخدام األسرار المقدسة للكنيسة‬

‫ال�ساحرات عادة يعملن تعاويذهن با�ستخدام الأ�سرار املقد�سة للكني�سة‪ ،‬وبها‬


‫ُيف�سدون القدرة اجلن�سية‪ ،‬وبها ُي�سببون الأمرا�ض لكل املخلوقات التي خلقها الرب‬

‫ﻋﺼ‬
‫بكل �أنواعهم‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن هناك �أ�شياء عديدة ال بد �أن نذكرها بخ�صو�ص طرقهن يف عمل‬
‫الأذية للمخلوقات وعلى الأ�شجار يف الأر�ض‪ً � :‬أول ما يتعلق بالإن�سان‪ ،‬ثم ما يتعلق‬
‫ﻜﺘ‬
‫باحليوانات‪ ،‬وثال ًثا ما يتعلق بالأ�شجار على الأر�ض‪ .‬بالن�سبة للإن�سان‪ً � ،‬أول ميكنهن‬
‫�أن يعملن تعويذة حاجبة على قدرات الإجناب‪ ،‬وتعويذة على القدرة اجلن�سية‪ ،‬فال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ميكن للمر�أة �أن حتمل‪ ،‬وال يقدر الرجل على �أداء الفعل‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ثان ًيا‪ ،‬كيف لهذا الفعل �أن يتعطل يف بع�ض الأحيان ناحية امر�أة معينة دون‬
‫الأخرى؟‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ثال ًثا‪ ،‬كيف ي�أخذن الأع�ضاء الرجولية بعيدا فيظهر �أنها قد ذهبت من اجل�سد؟‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫راب ًعا‪ ،‬هل من املمكن �أن ُنيز �إذا كان �أي من هذه الأ�شياء املذكورة ح�صلت بفعل‬
‫ال�شيطان بنف�سه‪� ،‬أم �أنها ح�صلت خالل توكيل �أحد ال�ساحرات؟‬
‫خام�سا‪ ،‬كيف لل�ساحرات �أن ُيح ِّولن الرجال والن�ساء �إىل حيوانات ببع�ض‬
‫ً‬
‫الإيهام؟‬
‫�ساد�سا‪،‬كيف ميكن لل�ساحرات العامالت يف التوليد بطرق عديدة �أن يقتلن ما‬ ‫ً‬
‫يتم حمله يف �أرحام الن�ساء؟ وعندما ال يقدرن على فعل هذا‪ ،‬فكيف يهنب الأطفال‬
‫لل�شيطان؟ بقراءة هذه الأ�شياء �ستبدو وك�أنها ال ت�صدق‪ ،‬ولكن كلها مت �إثباتها يف‬
‫‪161‬‬
‫اجلزء الأول من هذا العمل ب�أ�سئلة و�إجابات على احلجج‪ ،‬فيمكن للقارئ الذي لديه‬
‫�شكوك �أن يعود �إليها لغر�ض معرفة احلقيقة‪.‬‬
‫يف الوقت احلايل مو�ضوعنا فقط �أن ن�ضيف وقائع حقيقية و�أمثلة وجدناها‬
‫ب�أنف�سنا‪� ،‬أو كتبها �آخرون يف التحذير من هذه اجلرائم‪ ،‬فيتم تثبيت تلك احلجج‬
‫ال�سابقة �إذا كانت �صعبة الفهم على �أي �شخ�ص‪ ،‬وبالتايل ميكن �أن يعود الإميان‬
‫له�ؤالء الذين يظنون �أنه ال توجد �ساحرات‪ ،‬و�أنه ال يوجد �سحر يف هذا العامل‪.‬‬
‫وبالن�سبة للدرجة الأوىل من الأذية التي يعملنها للجن�س الب�شري‪ ،‬ال بد �أن نذكر‬
‫�أنه بعيدً ا عن الطرق التي ي�ؤذون بها املخلوقات الأخرى‪ ،‬ف�إن لديهم �ستة طرق لإيذاء‬

‫ﻋﺼ‬
‫الب�شر‪ .‬الأوىل هي ت�شجيع حب �شرير يف الرجل �أو املر�أة‪� ،‬أو يف املر�أة جتاه الرجل‪.‬‬
‫الثانية هي زرع كره �أو غرية يف �أي �شخ�ص‪ .‬الثالثة هي �سحر الرجل فال ي�ستطيع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن يعمل العالقة اجلن�سية مع املر�أة‪� ،‬أو �سحر املر�أة فال ت�ستطيع �أن تعمل عالقة مع‬
‫الرجل‪� ،‬أو بعدة معان �أخرى مثل عمل �إجها�ض كما قلنا من قبل‪ .‬الرابعة هي عمل‬
‫ﻜﺘ‬
‫مر�ض يف �أي من �أع�ضاء اجل�سم الب�شري‪ .‬اخلام�سة هي �أخذ احلياة من ال�شخ�ص‪.‬‬
‫ال�ساد�سة هي �أخذ املنطق من ال�شخ�ص‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال بد �أن نقول �أن ال�شياطني ميكنهم بقدراتهم الطبيعية بكل الطرق �أن يعملوا‬
‫العلل والأمرا�ض‪ ،‬وهذا يعملونه بقدرتهم الروحية الطبيعية‪ ،‬والتي هي �أعلى من �أي‬
‫ﺸﺮ‬

‫قوة ج�سدية‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫ولكن � ًأول‪ ،‬قد يت�ساءل القارئ عن ال�سبب الذي يجعلهم غري قادرين على الت�أثري‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف النجوم‪� ،‬سنقول �أن هناك ثالثة �أ�سباب‪ ،‬الأول �أن النجوم فوقهم‪ ،‬بينما هم يف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫منطقة ال�ضباب ال�سفلي‪ ،‬وهذا ب�سبب املهام املوكلة �إليهم‪ ،‬انظر اجلزء الأول‪،‬‬
‫ال�س�ؤال ‪ ،2‬عندما حتدثا عن اجلاثوم وال�سلعاة‪.‬‬
‫ال�سبب الثاين هو �أن النجوم حمكومة بوا�سطة مالئكة اخلري‪ .‬انظر �إىل‬
‫وخ�صو�صا كالم القدي�س‬
‫ً‬ ‫الكتب العديدة التي تخت�ص بالقوى التي ُترك النجوم‪،‬‬
‫«توما�س»‪ .‬ويف هذا املو�ضوع يتفق الفال�سفة مع الالهوتيون‪.‬‬
‫ثال ًثا‪� ،‬أنه ب�سبب النظام العام وال�صالح العام للكون‪ .‬والذي �سيعاين من �ضرر‬
‫بالغ �إذا ُ�سمح للأرواح ال�شريرة �أن تعمل �أي تغيري يف ت�أثري النجوم‪ .‬لذلك هذه‬
‫‪162‬‬
‫التغريات التي ح�صلت ب�إعجاز يف العهد القدمي واجلديد قد حدثت بفعل الرب من‬
‫خالل مالئكة اخلري‪ .‬كمثال‪ ،‬ملا توقفت ال�شم�س من �أجل «جو�شوا»‪� ،‬أو عندما رج َعت‬
‫�إىل اخللف من �أجل «حزقيا»‪� ،‬أو عندما �أظلمت ب�شكل معجز �أثناء �آالم امل�سيح‪ .‬ولكن‬
‫يف كل الأمور الأخرى غري النجوم‪ ،‬ميكنهم �أن يعملوا تعاويذهم‪� ،‬سواء ال�شياطني‬
‫�أنف�سهم �أو ال�شياطني من خالل توكيل �ساحرة‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ال بد �أن نذكر �أنه يف كل طرقهم لعمل الأذية‪ ،‬يوجهون �ساحراتهم لعمل‬
‫�أدواتهن لل�سحر من الأ�سرار املقد�سة للكني�سة‪� ،‬أو من بع�ض الأ�شياء املقد�سة املكر�سة‬
‫للرب‪ ،‬مثل �أنهن يف بع�ض الأحيان ي�ضعن �صورة �شمعية حتت قما�شة من مذبح‬

‫ﻋﺼ‬
‫ممزوجا بزيت املريون املقد�س‪� ،‬أو ي�ستخدمن الأ�شياء‬‫ً‬ ‫الكني�سة‪� ،‬أو ي�سحبون ً‬
‫خيطا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املكر�سة ب�أي طريقة‪ .‬وهن معتادات �أن ُيار�سن �سحرهن يف الأوقات املقد�سة من‬
‫ال�سنة‪ ،‬خا�صة يف عيد جميء امل�سيح‪ ،‬ويف الكري�سما�س‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وهناك ثالثة �أ�سباب لهذا‪ ،‬ال�سبب الأول‪� ،‬أنهن بهذا املعنى ال يجعلن الإن�سان‬
‫فقط مذن ًبا باخليانة‪ ،‬ولكن بتدني�س املقد�سات‪ ،‬بتلويث كل ما هو رباين‪ ،‬حتى‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ميكنهن الإ�ساءة للرب خالقهم ب�شكل �أكرث عم ًقا‪ ،‬فتُلعن �أرواحهم و ُي�س ِقطون كث ًريا‬
‫ﺸﺮ‬

‫غريهم يف اخلطية‪.‬‬
‫ثان ًيا‪� ،‬أن الرب‪ ،‬كونه م�ستاء جدًّا من الإن�سان‪ ،‬ميكن �أن يعطي لل�شيطان قوة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أكرب على تعذيبهم‪ .‬لأجل هذا يقول القدي�س «جريجوري»‪� ،‬أن الرب يف غ�ضبه يف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بع�ض الأحيان ي�ستجيب لدعوات الفا�سدين التي يرف�ضها من الآخرين لأجل تعذيب‬
‫بع�ض الب�شر‪ .‬وال�سبب الثالث هو �أنه ب�سبب و�ضوح اخلري‪ ،‬ميكن للرب �أن ي�ضلل‬
‫بع�ض الرجال الذين يظنون �أنهم قد عملوا عمال تقيا وح�صلوا على النعمة من‬
‫الرب‪ ،‬بينما هم يف الواقع قد عملوا اخلطية ب�شكل �أثقل‪.‬‬
‫�سبب رابع ميكن �أن ي�ضاف بخ�صو�ص املوا�سم املقد�سة وال�سنة اجلديدة‪ .‬لأنه‬
‫وف ًقا للقدي�س «�أوج�ستني»‪ ،‬هناك خطايا �أخالقية �أخرى غري الزنا ميكن �أن تعملها‬
‫وتدن�س بها الأعياد‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫املاورائيات وال�سحر ينبثقان من العمليات الأكرث حقارة لل�شياطني وهي �أمور‬
‫خمالفة لالحرتام الذي هو من عند الرب‪ .‬بالتايل‪ ،‬كما قيل‪ ،‬ال�شيطان يجعل‬
‫الإن�سان ي�سقط �أكرث‪ ،‬واخلالق ي�ستاء منه �أكرث‪.‬‬
‫وبالن�سبة لعيد ال�سنة اجلديدة ميكن �أن نقول وفقا للقدي�س «�إيزيدور»‪� ،‬أن‬
‫«جانو�س» الذي جاء منه ا�سم يناير‪ ،‬والذي يبد�أ يف يوم اخلتان املقد�س‪ ،‬كان �صن ًما‬
‫ذا وجهني‪ ،‬واحد يعرب عن ال�سنة القدمية والآخر يعرب عن بداية ال�سنة اجلديدة‪،‬‬
‫وك�أنه هو احلافظ واملب�شر بال�سنة اجلديدة‪ .‬وكتكرمي له �أو بالأحرى لل�شيطان‬
‫الذي هو على �شكل هذا ال�صنم‪ ،‬يعمل الوثنيون االحتفاالت ال�صاخبة‪ ،‬ويفرحون‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�أنف�سهم‪ ،‬ويعملون كث ًريا من الرق�صات والأعياد‪ .‬واملبارك «�أوج�ستني» يذكرهم يف‬
‫موا�ضع كثرية‪ ،‬ويعطي و�ص ًفا دقي ًقا لهم يف كتابه ال�ساد�س والع�شرين‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫والآن امل�سيحيون الفا�سدون يقلدون هذا الف�ساد الأخالقي‪ ،‬ويحولونها �إىل‬
‫ﻜﺘ‬
‫جمون عندما ي�أتي وقت املهرجان فيهرعون �إليه بالأقنعة والأ�ضحوكات واخلرافات‬
‫الأخرى‪ .‬كذلك ال�ساحرات ي�ستخدمن احتفاالتهن بال�شيطان لأجل م�صلحتهن‪،‬‬
‫ويعملن تعاويذهن يف وقت ال�سنة اجلديدة لتتوافق مع �أيام املقرات الربانية‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والعبادات‪ ،‬مثل يوم القدي�س «�أندرو» والكري�سما�س‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫والآن بالن�سبة لكيفية عمل �سحرهن‪ ،‬هُ نّ ي�ستخدمن �شيئني‪ً � ،‬أول �أ�سرار الكن�سية‬
‫املقد�سة‪ ،‬وثان ًيا لأ�شياء املكر�سة املقد�سة‪� ،‬سن�شري �إىل حقائق مكت�شفة بوا�سطتنا يف‬
‫ﻭ‬

‫حملة التفتي�ش‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف قرية من الأف�ضل �أال نذكر ا�سمها‪� ،‬أثناء عمل �سر الأفخار�ستيا املقد�س حيث‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ي�ؤكل اخلبز تعب ًريا عن ج�سد امل�سيح‪ ،‬عندما ا�ستلمت �ساحرة ج�سد ربنا ذات مرة‪،‬‬
‫فج�أة خف�ضت ر�أ�سها‪ ،‬وعملت تلك العادة الكريهة للن�ساء‪ ،‬ب�أن و�ضعت قما�ش ثوبها‬
‫قرب فمها‪ ،‬و�أخرجت ج�سد الرب خارج فمها خفية‪ ،‬وغلفته يف منديل‪ ،‬وبعد ذلك‪،‬‬
‫باقرتاح من ال�شيطان‪ ،‬و�ضعته يف �صندوق �صغري بداخله �ضفدع‪ ،‬ودفنته حتت‬
‫الأر�ض بجوار منزلها بجوار املخزن‪� ،‬إىل جوار �أ�شياء كثرية �أخرى‪ ،‬لأجل �أن تعمل‬
‫به �سحرها‪ .‬ولكن بتدخل من رحمة الرب‪ ،‬مت اكت�شاف هذه اجلرمية وو�ضعها حتت‬
‫ال�ضوء‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫لأنه يف اليوم التايل‪ ،‬كان هناك رجل موظف ذاهب �إىل عمله قرب ذلك املنزل‪،‬‬
‫ف�سمع �صوتًا ك�أنه طفل يبكي‪ ،‬وعندما �أتى �إىل احلجرة التي حتتها ال�صندوق‬
‫طفل مدفو ًنا هاهنا‪ ،‬فذهب‬‫املدفون‪� ،‬سمع ال�صوت ب�شكل �أو�ضح‪ ،‬وظن ب�أن هناك ً‬
‫�إىل العمدة �أو احلاكم‪ ،‬و�أخربه مبا ح�صل معه‪� ،‬أو كما ظن‪� ،‬أخربه ب�أن هناك من‬
‫قتل ً‬
‫طفل وليدً ا‪ .‬وب�سرعة �أر�سل العمدة ُخ ّدامه فوجدوه كما قال‪ .‬ولكنهم كرهوا �أن‬
‫ُيخرجوا جثة الطفل‪ ،‬واجدين �أنه من الأكرث حكمة �أن يراقبوا وينتظروا �إذا �أتت‬
‫امر�أة �إىل هذا املكان‪ .‬لأنهم مل يكونوا يعرفون �أن هذا هو ج�سد الرب املخب�أ هنا‪.‬‬
‫وحدث �أن ال�ساحرة قد �أتت �إىل املكان‪ ،‬واجتهت ناحية ال�صندوق الذي خب�أته‪ ،‬وكان‬
‫هذا �أمام �أعينهم‪ .‬وعندما مت �أخذها وم�ساءلتها‪ ،‬ك�شفت عن جرميتها‪ ،‬وقالت �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫ج�سد الرب مت �إخفا�ؤه يف ال�صندوق مع �ضفدعة‪ ،‬حتى تقدر بهذا �أن تعمل �أذى‬
‫لبع�ض الأ�شخا�ص واملخلوقات الأخرى‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫أي�ضا �أن ال�ساحرات يعملن هذه العادة كلما ا�ستطعن بدون �أن‬ ‫ال بد �أن نذكر � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫بدل من �أعاله‪ .‬وبطريقة‬‫ُيكت�شف �أمرهن‪ ،‬فهن ي�ستلمن ج�سد الرب حتت ل�سانهن ً‬
‫ال ميكن �أن ُيرى بها‪ ،‬وال�سبب هو �أنهن ال ُيردن احل�صول على �أي عالج ميكن �أن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يتعار�ض مع �إنكارهن للإميان‪� ،‬إما باالعرتاف �أو بتقبل ال�سر املقد�س للأفخار�ستيا‪،‬‬
‫وثان ًيا‪ ،‬لأنه بهذه الطريقة من الأ�سهل عليهن �أن ي�أخذن ج�سد الرب خارج �أفواههن‬
‫ﺸﺮ‬

‫ليمكنهن و�ضعه بعيدً ا لأجل ا�ستخداماتهن‪ ،‬لأجل الإ�ساءة للخالق‪ .‬لهذا ال�سبب كل‬
‫توجيهات الكني�سة له�ؤالء الذين ُيحدِّ ثون النا�س فيها �أن يتخذوا كل االحتياط عندما‬
‫ﻭ‬

‫يتعاملون مع الن�ساء �أن تكون �أفواههن مفتوحة و�أل�سنتهن خارجة وظاهرة‪ ،‬و�أن تكون‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مالب�سهن �سليمة وال �شيء خمب�أ فيها‪ .‬وكلما اتُّخذت احتياطات �أكرث كلما انك�شفت‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ساحرات �أكرث‪.‬‬
‫خرافات �أخرى كثرية يعملنها يف الأ�شياء املقد�سة‪ .‬يف بع�ض الأحيان ي�ضعن‬
‫�صورة �شمعية �أو مادة عطرية حتت قما�شة من مذبح الكني�سة‪ ،‬كما قلنا من قبل‪ ،‬ثم‬
‫ُيخفونها حتت عتبة منزل‪ ،‬حيث ُي�سحر بها �صاحب املنزل عندما مير فوقها‪� .‬أمثلة‬
‫�أخرى كثرية جدًّا ميكن �أن ن�ضعها‪ ،‬ولكن هذه الأنواع ال�صغرية من التعاويذ �سيتم‬
‫فهمها بذكر الأكرب منها‪.‬‬
‫‪e‬‬

‫‪165‬‬
‫الفصل ‪ .6‬كيف تمنع وتعوق الساحرات القدرة على‬
‫اإلنجاب‬

‫بخ�صو�ص الطريقة التي ُتعطل بها ال�ساحرة القدرة الإجنابية يف الإن�سان‬


‫واحليوان يف كال اجلن�سني‪ ،‬ميكن للقارئ �أن يرجع �إىل ما ُكتب من قبل يف ال�س�ؤال‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هل ميكن لل�ساحرات �أن ُيحولن عقول الرجال للحب �أو الكره‪ .‬هناك‪ ،‬بعد حلول‬
‫املجادالت‪ ،‬كان هناك تو�ضيح عن الطريقة التي ميكن لل�ساحرة ب�إذن الرب �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬ ‫ُتعطل القدرة الإجنابية‪.‬‬


‫ﻜﺘ‬
‫ولكن ال بد �أن نذكر �أن هذا التعطيل ميكن �أن يح�صل داخل ًيا �أو خارج ًّيا‪ .‬داخل ًّيا‬
‫يفعلنه بطريقتني‪ً � .‬أول‪ ،‬عندما مينعن مبا�شرة انت�صاب الع�ضو الذكري‪ .‬وهذا ال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫م�ستحيل عندما ن�ضع يف احل�سبان �أنهن ميكنهن �أن ُيبطلن ا�ستخدام �أي ع�ضو‬ ‫ً‬ ‫يبدو‬
‫حي‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬عندما مينعن تدفق اجلواهر احليوية �إىل الأع�ضاء التي ت�سبب القوة‬
‫ﺸﺮ‬

‫املحركة‪ ،‬مغلقني القناة املنوية حتى ال ي�صل املني �إىل قنوات الإجناب‪� ،‬أو حتى ال‬
‫فياق بال جدوى‪.‬‬ ‫ميكنه �أن يقذف‪� ،‬أو يقذف لكنه يكون غري ُمثمر ُ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وخارج ًّيا ب�أنه ميكنهن تعطيل الإجناب يف �أوقات با�ستخدام ال�صور‪� ،‬أو ب�أكل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأع�شاب‪� ،‬أو بطرق �أخرى‪.‬‬


‫ولكن يجب �أال نظن �أنه بقدرة هذه الأ�شياء يحدث العقم للإن�سان‪ ،‬ولكن بقدرة‬
‫�أوهام ال�شيطان ال�سرية ميكن لل�ساحرات �أن ُيحدثوا الوهم بالعقم‪ ،‬حتديدا هُ نّ‬
‫يجعلن الرجل غري قادر على امل�ضاجعة‪ ،‬واملر�أة غري قادرة على احلمل‪.‬‬
‫و�سبب هذا �أن الرب ي�سمح لهن بقدرة �أكرب يف هذا الفعل بالذات والذي جاءت‬
‫به اخلطية الأوىل‪� ،‬أكرث من كل �أفعال الإن�سان الأخرى‪ .‬باملثل‪ ،‬لديهن قدرة �أكرب على‬
‫ا�ستخداما يف ال�سحر‪� ،‬أكرث من كل احليوانات‬
‫ً‬ ‫احل ّيات‪ ،‬التي هي احليوانات الأكرث‬
‫‪166‬‬
‫الأخرى‪ .‬لذلك جند احل ّيات دائ ًما يف حمالت التفتي�ش‪ ،‬وهن ي�سبنب العقم بوا�سطة‬
‫�سحر احل ّيات‪.‬‬
‫لأن هناك �ساح ًرا مت القب�ض عليه واعرتف �أنه ول�سنوات طويلة جعل كث ًريا من‬
‫أي�ضا‪ .‬و«نيدار» يخربنا عن �ساحر ا�سمه «�ستادلني» مت‬ ‫النا�س عقيمني واحليوانات � ً‬
‫�أخذه يف �أبر�شية «الوزان»‪ ،‬واعرتف �أنه عمل �سح ًرا من �أ�سحاره �أحد البيوت حيث‬
‫يعي�ش رجل وزوجته‪ ،‬فقتل بهذا ال�سحر �سبعة �أطفال حملت بهم املر�أة‪ ،‬ولذلك كانت‬
‫املر�أة ل�سنني طويلة جته�ض‪ .‬وقال �أنه بنف�س الطريقة جعل كل املا�شية التي يف البيت‬
‫عقيمة طوال هذه ال�سنني وال ت�ستطيع �أن تلد �أي �شيء حي‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعندما �س�ألوه كيف فعل هذا‪ ،‬وما هو العقاب الذي يتخريه لنف�سه‪ ،‬ك�شف جرميته‬
‫قائل‪ ،‬لقد و�ضعت ح ّية حتت عتبة الباب اخلارجي للبيت‪ ،‬و�إذا متت �إزالتها‪� ،‬ستعود‬ ‫ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اخل�صوبة ل�سكان البيت كلهم‪ .‬وح�صل كما قال‪ ،‬لكن احلية مل ُيعرث عليها لأنها‬
‫حتللت �إىل تراب‪ ،‬فتمت �إزالة هذه القطعة من الأر�ض التي ُعمل فيها ال�سحر‪ ،‬ويف‬
‫ﻜﺘ‬
‫نف�س ال�سنة عادت اخل�صوبة للزوجة ولكل احليوانات‪.‬‬
‫حالة �أخرى حدثت منذ �أربع �سنوات يف «ري�شوفني»‪ .‬كانت هناك �ساحرة �شهرية‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫إجها�ضا‪ .‬وكانت هناك زوجة‬‫ميكنها بلم�سة واحدة �أن ت�سحر الن�ساء وت�سبب لهن � ً‬
‫رجل نبيل يف ذلك املكان وحملت وع ّينت �أحد املولدات لتهتم بها‪ ،‬وحذرتها املولدة‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أال تخرج من القلعة �أبدً ا و�أن َتذر �أن تتحدث مع تلك ال�ساحرة �أي حديث كان‪.‬‬
‫وبعد �أ�سابيع قليلة‪ ،‬مل تهتم املر�أة بهذا التحذير‪ ،‬فخرجت من القلعة لتزور �إحدى‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قليل‪ ،‬جاءت‬ ‫الن�ساء التي قابلتها ذات مرة يف �أحد الأعياد‪ ،‬وعندما جل�ست معها ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ساحرة‪ ،‬وك�أنها �أتت لتحيتها‪ ،‬فو�ضعت ال�ساحرة يديها االثنتني على معدة املر�أة‪،‬‬
‫وفج�أة �أح�ست املر�أة ب�أمل من حركة الطفل‪ .‬وخافت من هذا وعادت �إىل املنزل‬
‫و�أخربت املُولدة مبا ح�صل‪ .‬ف�صرخت املُولدة فيها «و�آ�سفاه! لقد خ�سرت طفلك‬
‫فعل عندما �أتى وقت والدتها‪ ،‬حيث ولدت �أجزاء متناثرة‬ ‫بالفعل» وهذا ما ح�صل ً‬
‫من طفل‪� ،‬أجزاء من ر�أ�سه و�أجزاء من يديه‪ .‬وهذا ال�سحر مت عمله لها لالنتقام من‬
‫زوجها‪ ،‬الذي كانت مهنته �أن ي�أتي بال�ساحرات �إىل العدالة ويث�أر لأذيتهن للرب‪.‬‬
‫وكان هناك �شاب يف قرية «مري�سبورج» يف �أبر�شية «كون�ستان�س»‪ ،‬مت �سحره‬
‫بطريقة ال ميكنه معها �أن ي�ضاجع �أي امر�أة �إال واحدة‪ .‬والكثريون �سمعوه وهو يقول‬
‫‪167‬‬
‫�أنه كان يرغب يف �أن يرف�ض هذه املر�أة‪ ،‬ويرحل �إىل �أر�ض �أخرى‪ ،‬ولكنه حتى هذا‬
‫اليوم جمبور ب�أن ي�ستيقظ كل يوم يف الليل وي�ضاجعها ويعود �سري ًعا جدًّا‪ ،‬ويف بع�ض‬
‫الأحيان يقطع الأرا�ضي البعيدة يف عودته‪ ،‬وبع�ض الأحيان الأخرى يعود عرب الهواء‬
‫كما لو كان يطري‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪168‬‬
‫الفصل ‪ .7‬كيف ي ُجرِّدن الرجل من عضوه الذكري‬

‫لقد و�ضحنا �أنه ميكنهن �أن ي�أخذن الع�ضو الذكري ل�شخ�ص‪ ،‬لي�س ب�شكل حقيقي‬
‫ولكن بالطريقة الإيهامية التي �أو�ضحناها‪ .‬وهنا نحن �سن�ضع بع�ض الأمثلة‪.‬‬
‫يف قرية «راتي�سبون» كان هناك �شاب خدع فتاة‪ ،‬وكان راغ ًبا يف تركها‪ ،‬هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�شاب فج�أة فقد ع�ضوه الذكري‪� ،‬أو كما قلنا �أ�صيب بوهم �سحري مت رميه على‬
‫الع�ضو فاختفى ف�أ�صبح ال ميكنه �أن يراه �أو يلم�سه‪ ،‬فقط يلم�س جلد حو�ضه الناعم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ك�أنه ال �شيء هناك‪ .‬ويف غمرة قلقه على هذا الأمر ذهب �إىل احلانة لي�شرب اخلمر‬
‫ﻜﺘ‬
‫وبعد �أن جل�س لبع�ض الوقت حت ّدث مع امر�أة كانت هناك‪ ،‬و�أخربها ب�سبب حزنه‪،‬‬
‫و�شرح لها كل �شيء‪ ،‬و�أراها ج�سده‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وكانت املر�أة ذكية‪ ،‬ف�س�ألته �إذا كان ي�شك يف �أي �شخ�ص‪ ،‬وعندما ذكر ا�س ًما‬
‫واحدً ا‪ ،‬ا�سم امر�أة �ساحرة‪ ،‬تبني لها كل �شيء فقالت له «�إذا كان الإقناع لي�س كاف ًيا‬
‫ﺸﺮ‬

‫فيجب �أن ت�ستخدم العنف حتى جتعلها ُتعيد لك �صحتك»‪ .‬وبذلك يف امل�ساء راقب‬
‫ال�شاب الطريق الذي اعتادت ال�ساحرة �أن مت�شي منه‪ ،‬ووجدها‪ ،‬وا�ستحلفها ب�أن تعيد‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫له �صحته‪ .‬وعندما �أ�صرت �أنها بريئة وال تعرف عما يتكلم‪ ،‬هجم عليها ولف من�شفة‬
‫حول رقبتها‪ ،‬وخنقها وهو يقول «�إن مل تعيدي يل �صحتي‪� ،‬ستموتني بني يدي»‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ومل ت�ستطع حتى �أن ُتخرج كلمة‪ ،‬وبد�أ لونها يزداد �سوادًا وقالت «دعني و�س�أ�شفيك»‪.‬‬
‫خفف ال�شاب ال�ضغط على املن�شفة ومل�سته ال�ساحرة بيدها بني الفخذين وقالت «الآن‬
‫عاد لك ما تريده» وال�شاب كما يقول بعد ذلك‪� ،‬شعر بو�ضوح بعودة الع�ضو‪ ،‬قبل حتى‬
‫�أن ينظر �أو يلم�سه‪ ،‬كان ع�ضوه قد عاد �إليه فقط بلم�سة من ال�ساحرة‪.‬‬
‫جتربة مماثلة حكاها �أب موقر من البيت الدومينيكي يف «�سبايرز»‪ ،‬معروف‬
‫يف التنظيم ب�صدقه يف حياته وبتعلمه‪ ،‬قال «يف �أحد الأيام‪ ،‬بينما كنت �أ�ستمع �إىل‬
‫يل �شاب ويف و�سط اعرتافه‪ ،‬قال بطريقة ُيرثى لها �أنه فقد ع�ضوه‪.‬‬‫االعرتافات‪� ،‬أتى �إ ّ‬
‫‪169‬‬
‫انده�شت جدًّا وما كنت لأ�صدق ب�سهولة‪ ،‬لأن ذا القلب اخلفيف هو الذي ي�صدق‬
‫ب�سهولة‪ ،‬ولكنني ر�أيت الدليل ملا رفع الفتى رداءه‪ ،‬ر�أيت �أنه لي�س لديه ع�ضو هنالك‬
‫يف املكان‪ .‬ثم وب�أكرث م�شورة حكيمة ا�ستطعت �أن �أقولها‪� ،‬س�ألته �إذا كان ي�شك يف‬
‫�أن �أحدً ا قد �سحره‪ .‬قال ال�شاب �أنه �شك يف �إحداهن‪ ،‬لكنها كانت بعيدة تعي�ش يف‬
‫«وورمز»‪ .‬قلت له «�أنا �أن�صحك �أن تذهب �إليها يف �أ�سرع وقت و�أن حتاول ق�صارى‬
‫جهدك �أن ُتلني قلبها بالكلمات امل�ؤدبة والوعود» ولقد فعل هذا‪ .‬ثم �إنه قد جاء �إيل‬
‫بعد �أيام و�شكرين‪ ،‬وقال �أنه الآن بخري و�أنه قد ا�ستعاد كل �شيء‪ .‬ورغم �أنني �صدقت‬
‫كالمه‪� ،‬إال �أنني ت�أكدت بعيني من الدليل»‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن هناك بع�ض النقاط يجب �أن نذكرها من �أجل فهم �أو�ضح ملا قيل يف هذا‬
‫الأمر‪ً � .‬أول‪ ،‬ال يجب �أن ن�صدق �أبدً ا �أن الع�ضو الذكري ي�ؤخذ بحق من اجل�سد‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن يف احلقيقة هو يتم �إخفا�ؤه بوا�سطة بع�ض الفن ال�سحري فال ُيرى �أو ُيح�س‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وهذا مثبت بال�شرائع واحلجج‪ ،‬و�سنذكر مرة �أخرى مقولة «�ألك�سندر �أوف هيلز» �أن‬
‫الهيبة‪ ،‬بفهمها ال�صحيح‪ ،‬هي وهم من ال�شيطان‪ ،‬لأنه ال يحدث فيها �أي تغيري يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املادة‪ ،‬ولكنه تغيري فقط يف عقل املوهوم‪� ،‬إما يف حوا�سه اخلارجية �أو الداخلية‪.‬‬
‫بالرجوع �إىل هذه الكلمات ال بد �أن نذكر‪� ،‬أنه �إذا تكلمنا عن حا�ستني من‬
‫ﺸﺮ‬

‫احلوا�س‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬الب�صر واللم�س‪ ،‬وقلنا �أنه قد مت خداعهما‪ .‬فهذه احلوا�س ال‬
‫تنفعل يف حالة �إخفاء �شيء‪ ،‬بل تنفعل يف حالة ظهور �شيء ما لل�شخ�ص‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�شخ�صا‬
‫ً‬ ‫لأن ال�شخ�ص الواعي يرى �أ�شياء تختلف عن حقيقتها‪ ،‬مثل �أن يرى‬
‫رجل يتحول �إىل وح�ش‪� ،‬أو يرى �أنه هو نف�سه وح�ش‪.‬‬ ‫يلتهم ح�صا ًنا‪� ،‬أو يظن �أنه يرى ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫فهذا عنده احلوا�س اخلارجية تكون خمدوعة وموظفة بوا�سطة احلوا�س الداخلية‪.‬‬
‫لأنه بقدرة ال�شياطني‪ ،‬وب�إذن الرب‪ ،‬تبقى ال�صور العقلية يف الكنز اخلا�ص بها‪،‬‬
‫الذي هو الذاكرة‪ ،‬ثم يتم �سحبها‪ ،‬لي�س من الفهم الفكري الذي ُتخزن فيه ال�صور‪،‬‬
‫ولكن من الذاكرة التي هي م�ستودع لل�صور العقلية‪ ،‬ومكانها يف م�ؤخرة الر�أ�س‪،‬‬
‫ثم يتم تقدمي ال�صور َمل َل َكة اخليال‪ .‬وهذه ا َمل َل َكة تدفع الرجل لأن يتخيل ح�صا ًنا‬
‫جب‬ ‫وح�شا‪ ،‬يعني ي�سحب ال�شيطان من الذاكرة �صورة حل�صان �أو وح�ش‪ ،‬ثم ُي َ‬ ‫�أو ً‬
‫ال�شخ�ص على التوهم �أنه يرى هذه ال�صورة بعينه اخلارجية وك�أنها وح�ش‪ ،‬ولكن يف‬
‫‪170‬‬
‫احلقيقة ال يوحد وح�ش حقيقي‪ ،‬ولكن الوح�ش يبدو لل�شخ�ص �أنه موجود ب�سبب القوة‬
‫اخلادعة ال�شيطانية التي تعمل با�ستخدام هذه ال�صور العقلية‪.‬‬
‫مذهل �أن ال�شياطني ميكن �أن تفعل هذا‪ ،‬لأنه حتى اخللل الطبيعي‬ ‫ولي�س �أم ًرا ً‬
‫ميكن �أن ُيحدث نف�س الت�أثري‪ ،‬كما نرى يف حالة الرجال املحزونني �أو امل�سعورين‪ ،‬ويف‬
‫املجانني وبع�ض املخمورين‪ ،‬الذين ال يقدرون على التمييز‪ .‬لأنَّ املحزونني من الرجال‬
‫يظنون �أنهم يرون �أ�شياء عجيبة‪ ،‬مثل الوحو�ش وبع�ض الأمور املرعبة‪ ،‬رغم �أنه يف‬
‫احلقيقة الواقعة هذا غري موجود‪ .‬انظر �أعاله‪ ،‬يف ال�س�ؤال‪ ،‬هل ميكن لل�ساحرات �أن‬
‫ُيغرين عقول الرجال �إىل احلب �أو الكره‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�أخ ًريا‪ ،‬ال�شيطان له قدرة على الأ�شياء ال�سفلى كلها‪� ،‬إال الروح‪ ،‬بالتايل‬
‫هو ي�ستطيع �أن يعمل بع�ض التغيريات يف هذه الأ�شياء كلها‪ ،‬فتظهر ب�صورة غري‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حقيقتها‪ .‬وهو يفعل هذا �إما بت�ضليل وخداع الب�صر حيث �أن ال�شيء الوا�ضح يظهر‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�شكل م�شو�ش‪ ،‬ك�أمنا ترى ال�شيء بعد البكاء‪ ،‬في�أتي ال�شيطان بالأخالط التي‬
‫جمعها‪ ،‬والتي جتعل ال�ضوء يبدو خمتل ًفا عما كان من قبل‪� .‬أو يفعل هذا بالعمل على‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫َم َل َكة اخليال بتحويل ال�صور العقلية‪ ،‬فتظهر املادة الأر�ضية اجلافة على �أنها نارية‬
‫�أو مائية‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ميكن �أن ي�س�أل �أحد‪ ،‬بالرجوع �إىل طريقة ال�شيطان الإيهامية �أعاله‪ ،‬هل هذا‬
‫النوع من الوهم ميكن �أن يحدث لل�صالح والفا�سد بال فرق؟ مثلما ميكن لأي مر�ض‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أن يحدث لأي �أحد بال فرق؟ ودعونا نقر�أ كلمات «كا�سيان» يف كتاب ‪Second‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪ ،Collation of the Abbot Sirenus‬ومنه نفهم �أن كل املخدوعني بهذه الطريقة‬


‫ال بد �أنهم واقعون يف خطية مميتة‪ .‬لأنه يقول‪ ،‬كما هو وا�ضح من كلمات القدي�س‬
‫«�أنتوين»‪ :‬ال�شيطان ال ميكن �أن يدخل عقل �أو ج�سد �أي �شخ�ص‪ ،‬ولي�س لديه القدرة‬
‫على اخرتاق �أفكار �أي �شخ�ص‪� ،‬إال �إذا كان ال�شخ�ص فق ًريا يف الأفكار املقد�سة‪.‬‬
‫أي�ضا «كا�سيان» يقول يف نف�س الكتاب عن �ساحرتني وثنيتني‪ ،‬كل واحدة خبيثة‬ ‫� ً‬
‫بطريقتها‪ ،‬واللتان ب�سحرهن �أر�سلن عددًا متتاب ًعا من ال�شياطني �إىل �صومعة‬
‫القدي�س «�أنتوين» لغر�ض نقله من مكان �إىل مكان‪ ،‬كونهن م�صابات بالكره ناحية‬
‫رجال الدين لأن الكثري من النا�س كانوا يزورونه كل يوم‪ .‬ورغم �أن هذه ال�شياطني‬
‫‪171‬‬
‫هاجمته بعنف بوخزات يف �أفكاره‪� ،‬إال �أنه طردهم بعمل ال�صليب على نف�سه على‬
‫الر�أ�س وال�صدر‪ ،‬وبال�سجود ب�صالة خا�شعة‪.‬‬
‫بالتايل ميكن �أن نقول �أن ه�ؤالء الذين يخدعهم ال�شيطان‪ ،‬بدون ح�ساب �أي‬
‫�أمرا�ض ج�سدية‪ ،‬يفتقدون هبة النعمة الإلهية املقد�سة‪ .‬كما قيل يف �سفر طوبيا‬
‫ال�ساد�س‪ :‬ال�شيطان لديه قدرة على �أولئك الذين يخ�ضعون ل�شهواتهم‪.‬‬
‫أي�ضا مثبت مبا قلناه يف اجلزء الأول من ال�س�ؤال‪ ،‬هل ميكن لل�ساحرات‬ ‫هذا � ً‬
‫�أن ُيحولن الرجال بال�سحر �إىل وحو�ش‪ .‬لأنه مت �إخبارنا �أن فتاة قد حتولت �إىل‬
‫ُمهرة‪ ،‬هي نف�سها اقتنعت �أنها ُمهرة‪ ،‬وجميع من حولها نظروا لها واقتنعوا �أنها‬

‫ﻋﺼ‬
‫ُمهرة با�ستثناء القدي�س «مكاريو�س»‪ .‬فال�شيطان ال ميكنه �أن يخدع حوا�س الرجال‬
‫املقد�سني‪ ،‬وعندما مت �إح�ضارها له ليعاجلها‪ ،‬كان يراها امر�أة حقيقية ولي�ست‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ح�صا ًنا‪ ،‬بينما يف اجلانب الآخر كل �شخ�ص �آخر كان ي�صرخ �أنه ي�شاهدها ح�صا ًنا‪.‬‬
‫قائل �أن هذا قد حدث لها‬ ‫والقدي�س‪ ،‬ب�صلواته‪ ،‬حررها و�آخرين من هذا الوهم‪ً ،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لأنها مل تكن حت�ضر املنا�سبات املقد�سة ب�شكل كاف‪ ،‬و�أنها مل ت�ستخدم االعرتاف‬
‫املقد�س كما يجب وال الأفخار�ستيا‪ .‬ولهذا ال�سبب �أثر عليها ال�شيطان‪ ،‬رغم �أنها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كانت خمل�صة ذات مرة ومل توافق على طلب خمز من �أحد ال�شباب‪ ،‬وهذا ال�شاب‬
‫هو الذي جعل يهود ًيا �ساح ًرا ي�سحرها‪ ،‬ثم بقدرة ال�شيطان حتولت �إىل ُمهرة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ميكن �أن ُنلخ�ص ا�ستنتاجاتنا كالتايل‪ :‬ال�شياطني ميكن لأجل انتفاعهم ولأجل‬
‫الفتنة‪� ،‬أن ي�ؤذوا ال�صاحلني يف ن�صيبهم من الدنيا‪ ،‬الذي هو الرثوة وال�شهرة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وال�صحة‪ .‬هذا وا�ضح من حالة �أيوب املبارك‪ ،‬الذي �أ�صابه ال�شيطان يف هذه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأ�شياء‪ .‬وهذه الأذية لي�ست ب�سبب ال�صاحلني �أنف�سهم‪ ،‬لأنه ال ميكن �أن ينقادوا‬
‫�إىل اخلطية‪ ،‬مهما متت غوايتهم داخل ًيا وخارج ًيا‪ .‬ورغم �أن ال�شياطني ميكن �أن‬
‫يبتلوا ال�صاحلني يف ن�صيبهم الدنيوي‪ ،‬لكن ال ميكنهم �أن يبتلوا ال�صاحلني ب�سحر‬
‫الأوهام‪� ،‬سواء ب�شكل �إيجابي �أو �سلبي‪.‬‬
‫لي�س ب�شكل �إيجابي‪ ،‬مثل �أن يخدعوا حوا�سهم بالوهم كما يفعلون للآخرين‬
‫الذين لي�سوا يف حالة النعمة‪ .‬ولي�س ب�شكل �سلبي‪ ،‬مثل �أن ي�أخذوا �أع�ضاءهم الذكرية‬
‫بعيدا ببع�ض الإيهام‪ .‬لأنه يف هذين الأمرين مل ميكنهم �أبدً ا �أن ي�ؤذوا �أيوب‪ ،‬خا�صة‬
‫كابحا ل�شهوته �إىل درجة �أنه قال‪ ،‬لقد نذرت‬ ‫مبا يتعلق بالفعل التنا�سلي‪ ،‬لأنه كان ً‬
‫‪172‬‬
‫نذ ًرا �أنني ال �أفكر �أبدً ا بعذراء �أو بزوجة رجل �آخر‪ .‬وال�شياطني يعلمون �أن لديه قوة‬
‫كبرية على عدم االجنراف للخاطئني (انظر �إجنيل لوقا ‪« :11‬حينما يحفظ القوي‬
‫مت�سلحا‪ ،‬تكون �أمواله يف �أمان»)‪.‬‬
‫ً‬ ‫داره‬
‫ولكن رمبا ي�س�أل �أحدهم‪ ،‬بالن�سبة للأوهام بخ�صو�ص الع�ضو الذكري‪ ،‬احلجة‬
‫خمدوعا‪ ،‬لأنه يرى ع�ضوه الذكري‬ ‫ً‬ ‫هي‪� :‬أن الإن�سان ال�صالح يف حالة النعمة ال يكون‬
‫يف مكانه ال�صحيح‪ ،‬لكنه ميكن لهذا ال�صالح �أن يرى �أن ع�ضو الفا�سد قد فقد منه‬
‫ً‬
‫متعار�ضا مع ما‬ ‫لو كان واق ًفا بجوار الفا�سد‪ ،‬ولكن �إذا اعرتفنا بهذا‪� ،‬سيكون هذا‬
‫قيل عن الأوهام التي ال يت�أثر بها ال�صالح‪ .‬ميكن �أن نقول �أنه لي�س هناك قوة كبرية‬
‫ل�سحر فقدان الع�ضو للذي يح�صل له الفقد ولكن القوة الكبرية هي للذي يرى الفقد‬

‫ﻋﺼ‬
‫من اخلارج‪ ،‬بالتايل‪ ،‬رغم �أن الإن�سان يف حالة النعمة ميكن �أن يرى فقد الآخرين‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لكن لهذا احلد فقط ميكن لل�شيطان �أن يخدع حوا�سه‪ ،‬فال ميكنه �أن يعاين من هذا‬
‫الفقد يف ج�سده هو‪ ،‬لأنه لي�س خا�ض ًعا لهذا االنحراف‪ .‬بنف�س الطريقة � ً‬
‫أي�ضا العك�س‬
‫ﻜﺘ‬
‫�صحيح‪ ،‬حيث �أن املالك قال لطوبيا‪ :‬ه�ؤالء الذين خ�ضعوا لل�شهوة‪ ،‬فال�شيطان له‬
‫قدرة عليهم‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�ساحرات يف بع�ض الأحيان يجمعن الأع�ضاء الذكرية بعدد كبري‪ ،‬ع�شرون �أو‬
‫ثالثون ع� ًضوا م ًعا‪ ،‬وي�ضعونهم يف ع�ش طائر‪� ،‬أو يغلقون عليهم يف �صندوق‪ ،‬حيث‬
‫ﺸﺮ‬

‫يتحركون بذاتهم مثل الأع�ضاء احلية‪ ،‬ويطعمونهم ال�شوفان والذرة‪ ،‬كما ُر�ؤي‬
‫بوا�سطة الكثريين وهو �أمر عليه تقارير كثرية متفقة‪ ،‬ال بد �أن يقال �أن هذا كله‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يح�صل بعمل ال�شيطان والوهم‪ ،‬لأن حوا�س ه�ؤالء الذين يرون هذا قد ُخدعت‬
‫بالطريقة التي ذكرناها‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫رجل معي ًنا �أخربنا‪� ،‬أنه عندما فقد ع�ضوه الذكري‪ ،‬اقرتب من‬ ‫لأن هناك ً‬
‫�ساحرة معروفة و�س�ألها �أن تعيده‪ .‬فقالت للرجل امل�صاب �أن يت�سلق �شجرة معينة‪،‬‬
‫وميكنه �أن ي�أخذ ما يريد من ع�ش فيه عدد من الأع�ضاء الذكرية‪ ،‬وعندما حاول‬
‫�أن ي�أخذ ع� ًضوا ذكر ًّيا كب ًريا‪ ،‬قالت ال�ساحرة‪ ،‬ال ميكنك �أن ت�أخذ هذا‪ ،‬لأنه يخ�ص‬
‫كاهن الأبر�شية‪.‬‬
‫كل هذه الأ�شياء حتدث ب�سبب ال�شياطني من خالل الوهم وال�سحر‪ ،‬بالطريقة‬
‫التي ذكرناها‪ ،‬ب�أن ُي�ضللوا الب�صر بتحويل �صور عقلية يف َم َل َكة اخليال‪ .‬وال يجب �أن‬
‫‪173‬‬
‫يقال �أن هذه الأع�ضاء الذكرية التي ُعر�ضت يف الع�ش هي �شياطني يف هيئة �أع�ضاء‪،‬‬
‫مثلما تظهر ال�شياطني لبع�ض ال�ساحرات والرجال يف هيئة �أج�ساد مرئية ويتحدثون‬
‫معهم‪ .‬وال�سبب هو �أن ال�شياطني يعملون هذا الت�ضليل بالطريقة ال�سهلة‪ ،‬حتديدً ا‬
‫ب�أن ي�سحبوا ال�صورة العقلية الداخلية من م�ستودع الذاكرة‪ ،‬ويطبعوها يف اخليال‪.‬‬
‫و�إذا �أراد �أي �أحد �أن يقول �أنه ميكن �أن يكون ال�شياطني ي�ستخدمون هذا العمل‬
‫الإيهامي عندما يتحدثون مع ال�ساحرات والرجال يف �أج�ساد مرئية‪ ،‬يعني ميكنهم‬
‫�أن ي�سببوا هذه اخلياالت لل�ساحرات بتغيري ال�صورة العقلية يف ملكة اخليال‪ ،‬فيظن‬
‫ال�شخ�ص �أن ال�شيطان موجود يف ج�سم متخذ �أمامه‪ ،‬لكنه لي�س �إال �أوهام م�صنوعة‬

‫ﻋﺼ‬
‫بالتغيري يف ال�صورة العقلية التي يف الإدراك الداخلي‪.‬‬
‫ال بد �أن يقال‪� ،‬إذا كان ال�شيطان لي�س له �أي غر�ض غري �أن ُيظهر نف�سه يف هيئة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ب�شرية‪ ،‬فلن تكون هناك حاجة له ليظهر يف ج�سد متخذ‪ ،‬لأنه ميكن �أن يعمل غر�ضه‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�شكل كاف جدًّا بالطريقة الإيهامية املذكورة‪ .‬ولكن الأمر لي�س كذلك‪ ،‬لأن لديه‬
‫غر�ض �آخر‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬هو يريد �أن يتحدث وي�أكل مع الفا�سدين‪ ،‬ويريد �أن يرتكب‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أعمال بغي�ضة معهم‪ .‬بالتايل من ال�ضروري �أن يكون موجودًا بنف�سه‪ ،‬وي�ضع نف�سه‬ ‫� ً‬
‫يف ج�سد متخذ‪..‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�إذا �س�أل �أحدهم‪ ،‬هل ميكن لل�شيطان نف�سه بدون �أي �ساحرة �أن ي�أخذ ع�ضو‬
‫ال�شخ�ص‪� ،‬أيا ما كانت طريقة الأخذ؟ نعم ال�شيطان يقدر بالفعل �أن ي�أخذه بعيدً ا‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ثم يعيده عندما يجب �أن يعيده‪ .‬ي�أخذه بدون جروح وبدون �أمل‪ ،‬وال يفعل هذا �أبدً ا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إال كان جم ًربا من �أحد مالئكة اخلري‪ ،‬لأنه بفعل هذا هو يقطع م�صد ًرا كب ًريا للنفع‬
‫له‪ ،‬لأن ال�شيطان يعرف �أنه يقدر �أن يعمل لهذا الإن�سان �سح ًرا �أكرث يف هذا الفعل‬
‫التنا�سلي �أكرث من �أي فعل �آخر‪ .‬فالرب ي�سمح له �أن يعمل �أذى �أكرث يف هذا الفعل‬
‫�أكرث من �أي فعل �آخر‪ ،‬كما قلنا من قبل‪.‬‬
‫و�إذا �س�أل �أحدهم‪ ،‬هل ال�شيطان عر�ضة �أكرث �أن ي�ؤذي الإن�سان بنف�سه �أكرث من‬
‫�أن يفعل هذا الأذى من خالل �ساحرة‪ ،‬ميكن �أن يقال �أنه ال مقارنة بني احلالتني‪ .‬لأن‬
‫ال�شيطان عر�ضة �أكرث ب�شكل كبري جدًّا وال نهائي �أن يعمل ال�ضرر من خالل توكيل‬
‫�ساحرة‪ً � .‬أول ب�سبب �أنه بهذا هو يعمل �إ�ساءة �أكرب للرب‪ ،‬حيث يغت�صب ما هو للرب‪،‬‬
‫‪174‬‬
‫فال�ساحرة كب�شرية هي خملوق مكر�س يف الأ�صل لأجل الرب‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬لأنه عندما يكون‬
‫الرب م�ستاء �أكرث‪ ،‬فالرب ي�سمح لل�شيطان بقدرة �أكرب على �إيذاء الإن�سان‪ .‬وثال ًثا‬
‫لأجل نفع ال�شيطان ال�شخ�صي‪ ،‬حيث ي�سبب هالك الأرواح يف اجلحيم‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪175‬‬
‫الفصل ‪ .8‬عن الطريقة التي تحول بها الساحرات‬
‫اإلنسان إلى حيوان‬

‫ال�ساحرات‪ ،‬بقدرة ال�شياطني‪ ،‬ميكنهن حتويل الإن�سان �إىل حيوان‪ ،‬ورغم �أنه‬
‫قد �أثبتنا ب�شكل كاف يف اجلزء الأول يف ال�س�ؤال ‪ ،10‬لكن لأن ال�س�ؤال مع حججه‬

‫ﻋﺼ‬
‫وحلوله رمبا يكون ً‬
‫غام�ضا للبع�ض‪ ،‬خا�صة �أنه ال توجد �أمثلة واقعية ذكرناها لت�أكيد‬
‫هذا‪ ،‬وحتى الطريقة التي يحولن بها �أنف�سهن حليوانات مل تف�سر‪ ،‬وبالتايل ال بد �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ن�ضيف التف�سري التايل لإزالة عديد من ال�شكوك‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫� ًأول‪ ،‬ال�شريعة يف كتاب ‪ Episcopi‬ميكن �أن ُيفهم منها �أنهن ال ي�ستطعن حتويل‬
‫الب�شر حليوانات‪ ،‬وحتى الرجال املتعلمني ميكن �أن يفهموا هذا من الن�ص (ولكن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هل هم متعلمني ب�شكل جيد!) �إمنا هم خمدوعني‪ ،‬وال يخافون �أن ي�ؤكدوا عالنية‬
‫مبواعظهم �أن هذه التحوالت ال ميكن �أن حت�صل حتى بقدرات ال�شياطني‪ .‬ونحن‬
‫ﺸﺮ‬

‫غال ًبا ما نقول �أن هذه العقيدة هي يف غاية ال�ضرر على الإميان‪ ،‬و�أنها ُتق ِّوي موقف‬
‫ﻭ‬

‫ال�ساحرات‪ ،‬الالتي يبتهجن كث ًريا من هذه املواعظ‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن ه�ؤالء املب�شرون‪ ،‬كما ذكرنا‪ ،‬يلم�سون فقط ال�سطح اخلارجي للن�ص‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ويف�شلون يف �إي�صال املعاين الداخلية لكلمات ال�شريعة‪ .‬لأنه عندما تقول ال�شريعة‪:‬‬
‫كل من ي�ؤمن �أن �أي خملوق ميكن �أن ُي�صنع‪� ،‬أو يتحول �إىل خملوق �أف�ضل �أو �أ�سو�أ‪� ،‬أو‬
‫يتحول �إىل نوع �آخر �أو نوع م�شابه‪ ،‬بدون تدخل من اخلالق الذي خلق كل �شيء‪ ،‬هو‬
‫بدون �شك كافر‪....‬‬
‫فالقارئ ال بد �أن يالحظ هنا �أمرين �أ�سا�سيني‪ ،‬الأول‪ ،‬بخ�صو�ص كلمة «�أن‬
‫ُي�صنع»‪ ،‬وثان ًيا بخ�صو�ص الكلمات «يتحول �إىل نوع م�شابه»‪ .‬وعن الأمر الأول‪،‬‬
‫�سنجيب ب�أن كلمة «�أن ُي�صنع» ميكن �أن ُتفهم بطريقتني‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬مبعنى «�أن ُيخلق»‬
‫‪176‬‬
‫�أو مبعنى الإنتاج الطبيعي لأي �شيء‪ .‬يف املعنى الأول فهذا يعود قط للخالق كما هو‬
‫معروف‪ ،‬والذي بقدرته ميكن �أن يخلق من العدم‪.‬‬
‫ولكن يف املعنى الثاين هناك متييز يجب �أن ُير�سم بني املخلوقات‪ ،‬لأن بع�ض‬
‫املخلوقات كاملة‪ ،‬مثل الإن�سان واحلمار �إلخ‪ .‬والبع�ض الآخر غري كامل‪ ،‬مثل الثعابني‬
‫وال�ضفادع‪� ،‬إلخ‪ .‬لأنه ميكنهم �أن يولدوا من العفن يف البيئة العفنة‪ .‬ال�شريعة تتحدث‬
‫بو�ضوح فقط عن النوع الأول ولي�س عن النوع الثاين‪ ،‬لأنه يف حالة النوع الثاين ميكن‬
‫�أن ُنثبت ما قاله «�ألبريت» املبارك يف كتابه ‪ On Animals‬حيث �س�أل �إذا كانت‬
‫ال�شياطني قادرة على �أن تعمل حيوانات حقيقية‪ ،‬وذكر �أنه ال ميكنهم �أن يعملوا‬
‫هذا يف حلظة مثلما يعمل الرب‪ ،‬ولكن بحركة معينة‪ ،‬رمبا تكون مفاجئة‪ ،‬مثلما‬

‫ﻋﺼ‬
‫عمل ال�سحرة يف �سفر اخلروج ال�سابع‪ .‬القارئ رمبا �إذا �أراد ميكنه �أن يرجع �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املالحظات يف ال�س�ؤال الذي ذكرناه يف اجلزء الأول من هذا العمل‪ ،‬والرد على‬
‫احلجة الأوىل‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ثان ًيا‪ ،‬يقال �أنه ال ميكن لل�شياطني �أن حت ِّول �أي خملوق‪ .‬التحويل نوعان‪ ،‬جوهري‬
‫أي�ضا نوعان‪ ،‬حتويل �إىل �شكل طبيعي ُر�ؤي من قبل‪،‬‬ ‫وعر�ضي‪ ،‬والتحويل العر�ضي � ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أو حتويل �إىل �شكل مل ُير من قبل ولكنه موجود فقط يف ع�ضو الإدراك ملن يرى‬
‫التحويل‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�شريعة تتحدث عن النوع الأول‪ ،‬يعني التحول اجلوهري‪ ،‬حيث تتحول مادة �إىل‬
‫مادة �أخرى‪ ،‬وهذا النوع هو الذي يخت�ص به الرب وحده‪ ،‬الذي هو خالق كل مادة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حقيقية‪ .‬وال تتحدث عن النوع الثاين‪ ،‬التحول العر�ضي‪ ،‬وهذا هو الذي ي�ستطيع �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يعمله ال�شيطان‪ ،‬ب�إذن الرب‪ ،‬حيث يعمل �أمرا�ضا معينة و ُيحدث ظهورات معينة على‬
‫اجل�سم عر�ض ًيا‪ .‬مثلما ُيظهر الوجه �أنه جمذوم �أو �شيء كهذا بينما هو ال يعاين من‬
‫�شيء‪.‬‬
‫ولكن للتحدث ب�شكل �صحيح‪ ،‬الأمر عبارة عن خياالت و�أوهام‪ ،‬تبدو فيها الأ�شياء‬
‫قد حتولت �إىل �أ�شياء �أخرى‪ ،‬وكلمات ال�شريعة ال ميكن �أن تتجاهل هذه التحوالت‪،‬‬
‫لأن وجودها مثبت بال�سلطة الكن�سية‪ ،‬وباملنطق‪ ،‬وباخلربة‪ ،‬حتديدً ا بخربات معينة‬
‫متعلقة بالقدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ De Ciuitate Die‬لأنه �ضمن التحوالت‪،‬‬
‫ذكر �أن ال�ساحرة ال�شهرية جدًّا «�سري�س» ح ّولت �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل حيوانات‪،‬‬
‫‪177‬‬
‫و�أن بع�ض زوجات �أ�صحاب احلانات ح ّولن زبائنهم �إىل حيوانات حتمل � ً‬
‫أثقال‪ .‬وذكر‬
‫أي�ضا �أن �أ�صحاب «ديوميد�س» حت ّولوا �إىل طيور‪ ،‬و�أنهم منذ وقت طويل جدًّا يطريون‬ ‫� ً‬
‫فوق معبد «ديوميد�س» و�أن «براي�ستانتيو�س» �أخرب بحقيقة �أن والده قال له �أنه كان‬
‫ح�صا ًنا و�أنه حمل ُ‬
‫الذرة مع حيوانات �أخرى‪.‬‬
‫عندما حتول �أ�صحاب «�أولي�سي�س» �إىل حيوانات‪ ،‬كان هذا فقط باملظهر‪ ،‬وبخداع‬
‫وطبعت‬ ‫العني‪ ،‬لأن �أ�شكال احليوانات قد ُ�سحبت من م�ستودع ال�صور �أو الذاكرة‪ُ ،‬‬
‫أي�ضا على احلوا�س‬ ‫على ملكة اخليال‪ ،‬فح�صل اخليال الب�صري‪ ،‬وكان االنطباع قو ًيا � ً‬
‫الأخرى والأع�ضاء‪ ،‬فظن ال�شخ�ص �أنه يرى حيوانات‪ ،‬بالطريقة التي ذكرناها‪،‬‬
‫ولكن كيف ميكن �أن حتدث هذه الأ�شياء بقدرة ال�شيطان بدون �أذى؟ هذا �سنو�ضحه‬

‫ﻋﺼ‬
‫الح ًقا‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫أثقال بوا�سطة زوجات �أ�صحاب‬ ‫ولكن عندما حت ّول الزبائن �إىل حيوانات حتمل � ً‬
‫احلانات‪ ،‬وعندما ظن والد «براي�ستانتيو�س» �أنه كان ح�صا ًنا و�أنه حمل الذرة‪ ،‬ففي‬
‫ﻜﺘ‬
‫هذه احلاالت كانت هناك ثالثة خدع‪.‬‬
‫الأوىل‪� ،‬أن ه�ؤالء الرجال بالإيهام بدا لهم �أنهم حتولوا �إىل حيوانات حتمل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أثقال‪ ،‬وهذا التحول ح�صل بالطريقة التي ذكرناها‪ ،‬ثان ًيا‪� ،‬أن ال�شياطني بطريقة‬ ‫� ً‬
‫غري مرئية َح َملوا هذه الأثقال حيث �أنها كانت ثقيلة جدًّا لأن ُتمل‪ .‬ثال ًثا‪� ،‬أن ه�ؤالء‬
‫ﺸﺮ‬

‫الذين بدا للآخرين �أنهم حتولوا �إىل �شكل �آخر‪ ،‬فهم بالن�سبة لأنف�سهم � ً‬
‫أي�ضا ظنوا‬
‫�أنهم حتولوا‪ ،‬كما ح�صل مع «نبوخذ ن�صر» الذي عا�ش ل�سبعة �سنوات ي�أكل الق�ش‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مثل الثور‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبالن�سبة لأ�صحاب «ديوميد�س» الذين حتولوا �إىل طيور طارت فوق معبده‪ ،‬ال‬
‫بد �أن نقول �أن «ديوميد�س» كان واحدً ا من الإغريق الذين ذهبوا حل�صار طروادة‪،‬‬
‫وعندما �أراد �أن يعود �إىل �أر�ضه‪ ،‬غرق مع �أ�صحابه يف البحر‪ ،‬وبعدها مت بناء معبد‬
‫له حيث �أ�صبح ُيعد واحدً ا من الآلهة‪ ،‬ولوقت طويل‪ ،‬حتى ُيبقوا هذه ال�ضاللة على‬
‫قيد احلياة‪ ،‬فال�شياطني كانت تطري فوق املعبد يف هيئات طيور ك�أنها هي �أ�صحابه‪.‬‬
‫وبالتايل‪ ،‬هذه اخلرافة كانت واحدة من الإيهامات التي حتدثنا عنها‪ ،‬لأنها مل‬
‫َتدُث بطبع ال�صور العقلية على ملكة اخليال‪ ،‬ولكن ب�أن ال�شياطني نف�سها كانت‬
‫تطري �أمام �أعني النا�س ب�أ�شكال اتخذتها‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫ولكن �إذا �س�أل �أحد هل ال�شياطني ميكن �أن تكون قد خدعت امل�شاهدين لهذه‬
‫الطيور بالعمل على ال�صور العقلية‪ ،‬ولي�س باتخاذ �شكل ج�سد هوائي ي�شبه الطيور‪،‬‬
‫فالإجابة هي �أنه ميكنهم �أن يعملوا هذا � ً‬
‫أي�ضا‪.‬‬
‫لأنه كان ر�أي البع�ض (كما قال القدي�س توما�س يف الكتاب الثاين من ‪Sentences‬‬
‫) �أنه ال يوجد مالك‪ ،‬خري �أو �شر‪ ،‬اتخذ ج�سدً ا هوائ ًّيا‪ ،‬و�أن كل ما نقر�ؤه يف الكتب‬
‫املقد�سة عن ظهوراتهم �إمنا هو م�صنوع بالوهم‪� ،‬أو بالر�ؤية اخليالية‪.‬‬
‫وهنا القدي�س املتعلم يذكر الفرق بني الوهم وبني الر�ؤية اخليالية‪ .‬لأنه يف الوهم‬
‫يكون هناك ج�سم خارجي مرئي‪ ،‬ولكنه يظهر للم�شاهد ك�شيء خمتلف‪ .‬ولكن يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫الر�ؤية اخليالية ال حتتاج �إىل ج�سم خارجي وميكنها �أن حت�صل بدونه‪ ،‬فقط بال�صور‬
‫العقلية الداخلية املطبوعة على اخليال‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لذا‪ ،‬باتباع ر�أيهم‪ ،‬ف�أ�صحاب «ديوميد�س» مل يكونوا ممثلني بال�شياطني يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أج�ساد اتخذوها ك�أمثال الطيور‪ ،‬ولكن فقط باخليال الب�صري الذي ُعمل بوا�سطة‬
‫ال�صور العقلية‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن القدي�س املتعلم ُينكر على هذا ال�ضالل ويقول �أنه خاطئ (رغم �أن من‬
‫ي�صدقون به لي�سوا مهرطقني) لأن ظهورات مالئكة اخلري وال�شر رمبا يف �أوقات‬
‫ﺸﺮ‬

‫تكون خيالية‪ ،‬بدون ج�سد متخذ‪ .‬ولكن‪ ،‬كما يقول‪ ،‬اتفق القدي�سني �أن املالئكة � ً‬
‫أي�ضا‬
‫تظهر للب�صر احلقيقي‪ ،‬و�أن هذه الظهورات كانت يف ج�سم متخذ‪ .‬والكتب املقد�سة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف كلماتها تتحدث عن الظهورات اجل�سدية لي�س عن التخيلية‪ .‬بالتايل ميكن �أن‬
‫نقول يف الوقت احلايل بخ�صو�ص ر�ؤية �أ�صحاب «ديوميد�س»‪� :‬أنه رغم �أن ه�ؤالء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأ�صحاب كان ب�إمكانهم بعمل ال�شيطان �أن يظهروا يف اخليال الب�صري للرائي‬
‫بالطريقة التي ذكرناها‪� ،‬إال �أنه معترب عندنا �أنه قد متت ر�ؤيتهم يف �أج�ساد متخذة‬
‫بوا�سطة ال�شياطني املتمثلني على هيئة طيور‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫‪179‬‬
‫الفصل ‪ .9‬كيف يمكن للشياطين أن يدخلوا جسد‬
‫اإلنسان ورأسه بدون عمل أي أذى؟‬

‫كيف ميكن لل�شياطني �أن يدخلوا ج�سد الإن�سان ور�أ�سه بدون عمل �أي �أذى عندما‬
‫يعملوا هذا التحول الوهمي اخلادع للعني‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫بخ�صو�ص طريقة عملهم لهذه التحوالت الوهمية ميكن ن�س�أل‪ ،‬هل ال�شياطني‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أثناء عملهم لهذه التحوالت يكونون داخل ج�سد �أو ر�أ�س املخدوع‪ .‬هل يكونون �ساعتها‬
‫ﻜﺘ‬
‫متلب�سني به؟ وكيف ميكن �أن يعملوا هذا بدون �إحداث �أي �أذى يف الإدراك الداخلي‬
‫وا َمل َل َكات التي تنتقل فيها ال�صور من َم َل َكة داخلية �إىل َم َل َكة �أخرى‪ ،‬وهل هذا العمل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يعترب ً‬
‫عمل �إعجاز ًيا؟‬
‫� ًأول ال بد �أن ُن�شري مرة �أخرى �إىل التمييز بني هذه الأوهام‪ ،‬لأنه يف بع�ض الأحيان‬
‫ﺸﺮ‬

‫الإدراك اخلارجي هو الذي يت�أثر فقط‪ ،‬ويف بع�ض الأحيان ينخدع الإدراك الداخلي‬
‫ﻭ‬

‫وبالتايل يت�أثر الإدراك اخلارجي‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف احلالة الأوىل الوهم ميكن �أن ُيعمل بدون �أن يدخل ال�شيطان يف الإدراك‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اخلارجي‪ ،‬يعمل ذلك من اخلارج بوهم خارجي‪ ،‬مثل �أن ي�ضع ال�شيطان ج�س ًما‬
‫خمتل ًفا مكان ج�سم بالوهم‪� ،‬أو ب�أي طريقة �أخرى‪� ،‬أو عندما يتخذ ال�شيطان ج�سدً ا‬
‫و ُيظهر نف�سه للر�ؤية‪.‬‬
‫ولكن يف احلالة الثانية من ال�ضروري �أن ُي�سيطر ال�شيطان � ًأول على الر�أ�س‬
‫وا َمل َل َكات‪ .‬وهذا ُمث َبت بال�شريعة وباملنطق‪.‬‬
‫�صحيحا �أن نقول �أن الروحني املخلوقتني ال ميكن �أن يكونا يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اعرتا�ضا‬ ‫ولي�س‬
‫‪180‬‬
‫نف�س املكان م ًعا‪ ،‬و�أن الروح تنت�شر يف اجل�سم كله‪ .‬لأنه لدينا قانون القدي�س «جون‬
‫داما�سني» الذي يقول‪ :‬يف املكان الذي يوجد فيه املالك‪ ،‬فهو يعمل فقط يف هذا‬
‫املكان‪ .‬والقدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من ‪ Sentences‬يقول �أن كل املالئكة‪،‬‬
‫�سواء كانوا مالئكة خري �أو �شر‪ ،‬بقدرتهم الطبيعية التي هي �أعلى من �أي قدرة‬
‫ج�سدية‪ ،‬ميكنهم �أن ُيحولوا �أج�سادنا‪.‬‬
‫وهذا حقيقي‪ ،‬لي�س فقط ب�سبب ال ُنبل الأعلى لطبيعتهم‪ ،‬ولكن لأن �آلية العامل‬
‫وكل املخلوقات اجل�سدية مدارة بوا�سطة املالئكة‪ .‬كما يقول القدي�س «جريجوري»‬
‫يف احلوار الرابع‪ :‬يف هذا العامل املرئي‪ ،‬ال يوجد �شيء ميكن �أن ينتظم �إال بوا�سطة‬
‫املخلوقات غري املرئية‪ .‬وبالتايل كل املخلوقات اجل�سدية حمكومة باملالئكة‪ ،‬الذين‬

‫ﻋﺼ‬
‫هم كما ي�ؤمن العلماء والفال�سفة‪ ،‬القوى املحركة للنجوم‪� .‬إنه من الوا�ضح �أن كل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫متاما كما �أن كل املواد الأخرى تتحرك‬ ‫الأج�ساد الب�شرية تتحرك بوا�سطة �أرواحها‪ً ،‬‬
‫بوا�سطة النجوم وبالقوى التي حترك النجوم‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫من هذا ميكن �أن ن�ستنتج �أن‪ ،‬ال�شياطني تعمل يف املكان التي هي فيه‪ ،‬بالتايل‬
‫عندما ُي�ضللون اخليال والإدراك الداخلي فهم موجودون بداخل هذا اخليال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والإدراك الداخلي‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬رغم �أن الدخول بداخل الروح ممكن فقط للرب الذي خلقها‪� ،‬إال �أن‬ ‫� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�شياطني ميكنهم ب�إذن الرب �أن يدخلوا �أج�سادنا‪ ،‬وميكنهم �أن يعملوا االنطباعات‬
‫يف ا َمل َل َكات الداخلية املتعلقة ب�أع�ضائنا الداخلية‪ .‬وهذه االنطباعات تت�أثر بها‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأع�ضاء بالطريقة التي ذكرناها‪� ،‬أن ال�شيطان ي�سحب ال�صور املحفوظة يف ا َمل َل َكة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املتعلقة بتلك احلا�سة‪ ،‬ي�سحب من الذاكرة التي هي اجلزء اخللفي من الدماغ‪،‬‬


‫�صورة ح�صان‪ ،‬و ُيحرك هذه ال�صورة اخلالية �إىل اجلزء الأو�سط من الدماغ‪ ،‬حيث‬
‫خاليا القوة التخيلية‪ ،‬و�أخ ًريا �إىل حا�سة املنطق والتي هي يف مقدمة الر�أ�س‪ .‬ويت�سبب‬
‫بتغيري مفاجئ وت�ضليل‪ ،‬فيظن ال�شخ�ص �أن هذه �أ�شياء حقيقية مرئية بالعني‪ .‬وهذا‬
‫ميكن �أن نعطي له ً‬
‫مثال باخللل الطبيعي يف الرجال املجانني �أو املخبولني‪.‬‬
‫ولكن �إذا �س�أل �أحد كيف ميكن لل�شيطان �أن يفعل هذا بدون �أن ُيحدث �أملًا يف‬
‫الدماغ‪ ،‬فالإجابة �سهلة‪ .‬لأنه يف املقام الأول ال ُيحدث �أي تغيري مادي يف الأع�ضاء‪،‬‬
‫ولكنه فقط ُيحرك �صورة عقلية‪ .‬وثان ًيا‪ ،‬هو ال يعمل هذه التغريات بحقن �أي �صفة‬
‫‪181‬‬
‫مادية ميكن �أن تعمل �أملا‪ ،‬لأن ال�شيطان نف�سه لي�ست له �صفة مادية‪ ،‬وميكنه بالتايل‬
‫�أن يعمل بدون �أن ي�ستخدم �أي �شيء مادي‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬هو يعمل هذه التحوالت‬
‫فقط باحلركة املو�ضعية من ع�ضو �إىل ع�ضو �آخر‪ ،‬ولي�س ب�أي حركات �أخرى فيها �أي‬
‫حتوالت م�ؤملة‪.‬‬
‫بالن�سبة حلجة �أنه ال ميكن �أن تتواجد روحان يف مكان واحد‪ ،‬يقولون �أن الأرواح‬
‫موجودة يف الر�أ�س‪ ،‬فكيف ميكن لل�شيطان �أن يكون هنالك � ً‬
‫أي�ضا يف نف�س الر�أ�س؟‬
‫�سنقول �أن الروح تكمن يف مركز القلب‪ ،‬حيث تتوا�صل مع كل الأع�ضاء وتتدفق منها‬
‫احلياة‪ .‬وميكن �أن ن�أخذ ً‬
‫مثال بالعنكبوت‪ ،‬الذي ي�شعر الإح�سا�س يف منت�صف �شبكته‬

‫ﻋﺼ‬
‫�إذا مت مل�سها يف �أي مو�ضع منها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬يقول القيدي�س «�أوج�ستني» يف كتابه ‪� On Spirit and Soul‬أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الكل يف الكل‪ ،‬والكل يف كل جزء من اجل�سم‪ .‬فرغم �أن الروح هي يف الر�أ�س‪ ،‬لكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�شيطان ميكنه �أن يعمل فيها عمله رغم ذلك‪ ،‬لأن عمله يختلف عن عمل الروح‪.‬‬
‫فعمل الروح يكون يف اجل�سم‪ ،‬تبلغه باملعلومات ومتل�ؤه باحلياة‪ ،‬فال تتواجد الروح‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف مكان معني‪ ،‬ولكن تتواجد يف كل املادة‪ .‬لكن ال�شيطان يعمل يف جزء معني ومكان‬
‫معني من اجل�سم‪ ،‬ويقوم بتغيري ال�صور العقلية‪ .‬بالتايل‪ ،‬ال يوجد لب�س بني عملهما‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫فيمكن �أن يتواجدا معا يف نف�س اجلزء من اجل�سم‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫هناك � ً‬
‫أي�ضا �س�ؤال‪ ،‬هل من املمكن �أن نعترب الب�شر املهوو�سني �أو امل�سعورين‪،‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ملبو�سني بال�شيطان‪ .‬هذا �سيتم احلديث عنه ب�شكل منف�صل الح ًقا‪ ،‬وبالتحديد عن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�س�ؤال‪ ،‬هل من املمكن خالل �أعمال ال�ساحرات �أن ي�صبح الب�شر ملبو�سني بال�شيطان‪،‬‬
‫هل ميكن لل�شيطان �أن يتلب�س ب�أج�سامهم ح ًّقا؟ هذا ال�س�ؤال �ستتم مناق�شته ب�شكل‬
‫منف�صل يف الف�صل التايل‪ ،‬لأن له �صعوبته اخلا�صة‪.‬‬
‫ولكن بالن�سبة ل�س�ؤال‪ ،‬هل ميكن �أن نعترب �أن �أعمال ال�ساحرات وال�شياطني هي‬
‫�أعمال �إعجازية‪� ،‬سنقول �أنه ميكن اعتبارها كذلك‪ ،‬لأن هذه الأعمال جتاوزت النظام‬
‫الذي ُخلقت عليه هذه الطبيعة املعلومة لنا‪ ،‬ولأنه يتم عملها بوا�سطة خملوقات غري‬
‫معلومة لنا‪ .‬ولكن ال�سائلني ال يتحدثون عن املعجزات التي تكون خارج نطاق الطبيعة‬

‫‪182‬‬
‫املخلوقة كلها‪ ،‬لأن هناك معجزات للرب وللقدي�سني‪( .‬انظر ما ُكتب يف اجلزء الأول‬
‫من هذا الكتاب‪ ،‬يف ال�س�ؤال اخلام�س‪ ،‬يف الرد على اخلط�أ الثالث)‬
‫ولكن هناك من يعرت�ض ب�أن هذا النوع من الأعمال ال ميكن �أن نقول عليه‬
‫�إعجاز ًيا‪ ،‬بل نقول عنه بب�ساطة �أنه من عمل ال�شيطان‪ ،‬لأن الغر�ض من املعجزة هو‬
‫تقوية الإميان‪ ،‬وال ميكن �أن ُيطلق هذا اال�سم على �شيء يعادي الإميان‪ .‬وكذلك لأن‬
‫عالمات عدو امل�سيح الأنتيخري�ستو�س ي�سميها احلواريون العالمات الكاذبة‪.‬‬
‫� ًأول ال بد �أن نقول �أن املعجزات هي هبة ونعمة معطاة لتُ�ستخدم بحرية‪ .‬و�أنه‬
‫ميكنها �أن ُتعمل من رجال �سيئني ومن �أرواح �سيئة‪� ،‬إىل حد القدرة املوجودة يف كل‬

‫ﻋﺼ‬
‫منهم‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لكن املعجزات املعمولة بوا�سطة اخلريين ميكن متييزها من تلك املعمولة‬
‫بوا�سطة الفا�سدين بثالثة طرق‪ً � ،‬أول‪ ،‬العالمات التي ُتعطى لل�صاحلني يتم عملها‬
‫ﻜﺘ‬
‫بوا�سطة القدرة الإلهية يف الأمور التي تتجاوز �سعة قدراتهم الطبيعية‪ ،‬مثل �إحياء‬
‫املوتى‪ ،‬والأمور التي على هذا النحو‪ ،‬حيث �أن ال�شياطني ال تقدر �أن تعملها يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫احلقيقة‪� ،‬إال فقط بالإيهام‪ :‬لذا ح ّرك «�سيمون ماجو�س» ر�أ�س رجل ميت‪ ،‬ولكن هذه‬
‫الظهورات ال ميكن �أن ت�ستمر ملدة طويلة‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬ميكن �أن منيزها مبنفعتها‪ ،‬لأن‬
‫ﺸﺮ‬

‫معجزات ال�صاحلني ُمفيدة يف طبيعتها‪ ،‬مثل �شفاء املر�ض‪� ،‬أو �أ�شياء كهذه‪ ،‬ولكن‬
‫املعجزات التي تعملها ال�ساحرات مت�صلة بالأذى والأ�شياء الباطلة‪ ،‬ك�أن يطرن يف‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الهواء‪� ،‬أو يقمن ب�شلل �أطراف الإن�سان‪ ،‬وهذه الأمور‪ .‬والقدي�س «بيرت» ُيحدد هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫االختالف يف كتاب ‪.Itinerarium of Clement‬‬


‫االختالف الثالث يتعلق بالإميان‪ .‬لأن معجزات ال�صاحلني تكون لأجل التنوير‬
‫الإمياين ول�صالح احلياة‪ ،‬ولكن معجزات الفا�سدين هي بو�ضوح �ضارة للإميان‬
‫وال�صالح‪.‬‬
‫وميكن �أن منيزهم � ً‬
‫أي�ضا بطريقة العمل‪ ،‬لأن ال�صاحلني يعملون املعجزات ب�شكل‬
‫مبجل وتقي وبالت�ضرع با�سم الرب‪ .‬لكن ال�ساحرات والفا�سدين يعملونها بالهذيان‬
‫والت�ضرع لل�شياطني‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫ولي�ست هناك غرابة يف �أن احلواريني �سموا �أعمال ال�شيطان وعدو امل�سيح‬
‫العجائب الكاذبة‪ ،‬لأن الأعاجيب التي حتدث ب�إذن من الرب هي حقيقية يف �أمور‬
‫ومزيفة يف �أمور �أخرى‪ .‬حقيقية ملا حتدث يف نطاق قدرة ال�شيطان‪ .‬ومزيفة عندما‬
‫يظهر �أنه يعمل �أ�شياء تتجاوز قدرته‪ ،‬مثل �إحياء املوتى‪� ،‬أو �أن يجعل الأعمى قاد ًرا على‬
‫الر�ؤية‪ .‬لأنه عندما يظهر �أنه يعمل �إحياء املوتى‪ ،‬فهو �إما يدخل جل�سد امليت �أو �أنه‬
‫يزيله وي�ضع نف�سه يف ج�سد هوائي بديل‪ ،‬ويف احلالة الثانية هو ي�أخذ الب�صر بطريق‬
‫الوهم‪ ،‬ثم يعيده فج�أة‪ ،‬ب�أن ي�أخذ ال�شلل امل�ؤقت الذي عمله‪ ،‬لي�س بجلب ال�ضوء �إىل‬
‫الإدراك الداخلي‪ ،‬كما قيل يف �أ�سطورة «بارثولوميو»‪ .‬وبالطبع كل الأعمال العجيبة‬
‫لعدو امل�سيح الأنتيخري�ستو�س وال�ساحرات ميكن �أن يقال �أنها عالمات كاذبة‪ ،‬لأن‬

‫ﻋﺼ‬
‫غر�ضها الأ�سا�سي هو اخلداع‪ .‬انظر كالم القدي�س «توما�س» يف كتاب ‪de Uirtute‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫‪.Daemonum‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا �أن نكتب هنا الفرق الذي مت ت�صويره يف «خال�صة احلقيقة‬ ‫ميكن � ً‬
‫الالهوتية» بني العجيبة واملعجزة‪� .‬أنه يف املعجزة ال بد �أن تتوفر �أربعة �شروط‪� :‬أنها‬
‫يجب �أن ُتعمل بوا�سطة الرب‪ ،‬وال بد �أن تتجاوز النظام املوجود للطبيعة‪ ،‬ثال ًثا‪ ،‬يجب‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أن تكون ظاهرة‪ ،‬وراب ًعا‪ ،‬ال بد �أن ت�ؤيد الأميان‪ .‬ولكن مبا �أن �أعمال ال�ساحرات تف�شل‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف �أن حتقق حتى ال�شرط الأول والأخري‪ ،‬بالتايل ميكن �أن ن�سميها عجائب‪ ،‬ولكن‬
‫لي�س معجزات‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫� ً‬
‫أي�ضا مت االحتجاج بهذه الطريقة‪� ،‬أنه رغم �أن ال�ساحرات ميكن بطريقة ما‬
‫�أن ن�سميهن �إعجازيات‪� ،‬إال �أن بع�ض معجزاتهن تكون خارجة عن الطبيعة متاما‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبع�ضها تكون غري طبيعية‪ ،‬وبع�ضها تكون �شاذة‪.‬‬


‫متاما عندما ال ميكن مقارنتها ب�شيء يف الطبيعة �أو‬
‫تكون خارجة عن الطبيعة ً‬
‫بالقدرة الطبيعية‪ ،‬مثل عندما تلد العذراء‪ .‬وقد تكون غري طبيعية عندما تعار�ض‬
‫امل�سار الطبيعي ولكن ال تتجاوز حدود الطبيعة‪ ،‬مثل جعل الأعمى قاد ًرا على الر�ؤية‪.‬‬
‫وتكون �شاذة عندما ُتعمل بطريقة توازي تلك التي يف الطبيعة‪ ،‬مثل عندما تتغري‬
‫أي�ضا‪ ،‬خالل التخمري‬ ‫الأعواد �إىل ثعابني‪ ،‬لأنه ميكن لهذا �أن يح�صل بالطبيعة � ً‬
‫الطويل والتعفن للأ�شياء املنوية‪ ،‬وبالتايل ف�أعمال ال�سحرة ميكن �أن ت�سمى عجائب‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫وال بد �أن ن�ضع مثاال حقيق ًّيا ثم ن�شرح الأمر خطوة بخطوة‪ .‬كانت هناك قرية‬
‫عند �أبر�شية «�سرتا�سبورج»‪ ،‬من املف�ضل �أال نذكر ا�سمها‪ ،‬وكان فيها �أحد العمال‬
‫يقطع الأ�شجار يف �أحد الأيام ليحرقها يف بيته‪ .‬فج�أة ظهرت قطة كبرية وبد�أت‬
‫يف مهاجمته‪ ،‬وعندما حاول �أن يبعدها‪ ،‬ظهرت واحدة �أكرب منها و�أتت ملهاجمته‬
‫أي�ضا‪ ،‬ظهرت الثالثة وبد�أ‬‫مع الأوىل ب�شكل �أكرث عن ًفا‪ .‬وعندما حاول �أن يبعدهما � ً‬
‫الثالثة يف مهاجمته والقفز على وجهه وع�ض وخد�ش قدميه‪ .‬ويف خوف عظيم‪ ،‬كما‬
‫يقول‪� ،‬أ�صيب بهلع مل ي�صب مبثله‪ ،‬فعمل عالمة ال�صليب على نف�سه وترك قطع‬
‫الأخ�شاب‪ ،‬وهجم على القطط‪ ،‬التي كانت ترجع �إىل الأخ�شاب وتقفز على وجهه‬
‫وعنقه‪ ،‬وب�صعوبة �أبعدهم ب�ضرب واحدة على ر�أ�سها‪ ،‬وواحدة على �أقدامها‪ ،‬وواحدة‬

‫ﻋﺼ‬
‫على ظهرها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبعد �ساعة‪ ،‬عندما رجع �إىل ممار�سة عمله‪� ،‬أتى اثنان من خدام حاكم القرية‬
‫جمرما وجعلوه يقف �أمام القا�ضي �أو امل�أمور‪ .‬ونظر له القا�ضي من‬‫ً‬ ‫لأخذه ب�صفته‬
‫ﻜﺘ‬
‫بعيد‪ ،‬ورف�ض �أن ي�سمعه‪ ،‬و�أمر ب�أن ُيلقى يف �أعمق زنزانة يف الربج �أو ال�سجن‪ .‬تلك‬
‫التي يكون فيها املحكوم عليهم باملوت فبكى الرجل‪ ،‬وملدة ثالثة �أيام ظل ي�شتكي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫جرما � ً‬
‫أ�صل‪ ،‬ولكن كلما‬ ‫حلرا�س ال�سجن مبرارة �أنه يعاين هذه املعاناة وهو مل يعمل ً‬
‫عب بكلمات �أكرث ً‬
‫�سخطا‬ ‫ا�ستمع �إليه احلرا�س‪ ،‬كلما كان القا�ضي �أكرث غ�ض ًبا‪ ،‬وكلما ّ‬
‫ﺸﺮ‬

‫كيف �أن املجرم مل يعرتف بجرمه بل يتجر�أ وينادي بحريته بينما ُتثبت الدالئل‬
‫جرميته ال�شنعاء‪ .‬ولكن على الرغم ب�أن القا�ضي مل يقتنع‪� ،‬إال �أنه �أخذ بن�صيحة‬
‫ﻭ‬

‫قا�ض �آخر ب�أن ي�ستمع �إىل الرجل‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وعندما مت �إخراج الرجل من ال�سجن ووقف �أمام القا�ضي‪ ،‬رف�ض القا�ضي �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ينظر �إليه‪ ،‬فرمى الرجل نف�سه حتت �أقدام القا�ضي الآخر‪ ،‬مداف ًعا عن نف�سه ب�أنه‬
‫رمبا يعرف �سبب هذا النح�س‪ ،‬وقال له القا�ضي‪� ،‬أيها الرجل الفا�سد‪ ،‬كيف ال ميكنك‬
‫�أن تعرتف بجرميتك؟ يف ذلك اليوم ويف ذلك املكان �أنت �ضربت ثالث ممر�ضات‬
‫حمرتمات يف هذه القرية‪ ،‬حتى �أ�صبحن راقدات غري قادرات على احلركة‪ .‬وا�ستعاد‬
‫الرجل امل�سكني م�شاهد ذلك اليوم وتلك ال�ساعة‪ ،‬وقال‪� :‬أبدً ا يف كل حياتي مل �أ�ضرب‬
‫ً‬
‫م�شغول‬ ‫امر�أة‪ ،‬وميكن �أن �أُثبت ب�شهود موثوقني �أنني يف ذلك الوقت من اليوم كنت‬
‫بقطع الأخ�شاب‪ ،‬وبعد �ساعة من هذا وجدين خدامكم ال زلت �أعمل بقطع الأخ�شاب‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫قال القا�ضي ب�ضراوة‪ :‬انظر كيف يحاول �أن ُيخفي جرميته! وتلك الن�سوة يندبن‬
‫م�صيبتهن وقد �أظهرهن عالمات ال�ضرب‪ ،‬و�شهدن عالنية �أنك �ضربتهن‪ .‬وا�ستذكر‬
‫الرجل امل�سكني امل�شهد‪ ،‬وقال‪� ،‬أنا �أذكر �أنني �ضربت بع�ض املخلوقات يف ذلك الوقت‪،‬‬
‫ولكنهم مل يكونوا ن�ساء‪ .‬وبده�شة �س�أله القا�ضي‪� ،‬أي نوع من املخلوقات قد �ضربت‪،‬‬
‫فحكى الرجل و�سط ده�شة اجلميع الذي حدث معه‪ .‬بالتايل‪ ،‬ملا فهموا �أن هذا كان‬
‫من عمل ال�شيطان‪ ،‬تركوا الرجل امل�سكني يخرج بدون �أن ي�ؤذوه‪ ،‬و�أخربوه �أال يذكر‬
‫ما حدث لأي �أحد‪ .‬ولكن هذا ال ميكن �أن يخفى على الرجال املتدينني املتحم�سني‬
‫للإميان‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪186‬‬
‫الفصل ‪ .10‬عن الطريقة التي يتلبس بها الشياطين‬
‫باإلنسان عبر أعمال الساحرات‬

‫لقد و�ضحنا يف الف�صل ال�سابق كيف �أن ال�شياطني ميكن �أن تدخل يف الر�ؤو�س‬
‫ويف الأجزاء الأخرى من اجل�سم‪ ،‬وميكنهم �أن يحركوا ال�صور الداخلية من مكان‬

‫ﻋﺼ‬
‫�إىل مكان‪ .‬ولكن رمبا ي�شك البع�ض يف �أنهم بوا�سطة عمل ال�ساحرات ميكن �أن‬
‫يتلب�سوا بالإن�سان‪� ،‬أو رمبا ي�شك البع�ض يف الطرق التي يعملوا بها هذا التلب�س بدون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫تدخل ال�ساحرات‪ .‬وحتى ُنزيل هذه ال�شكوك ال بد �أن نذكر ثالثة �أمور‪ .‬الأول‪ ،‬عن‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطرق املختلفة للتلب�س‪ ،‬الثاين‪ ،‬كيف من خالل ال�ساحرة وب�إذن الرب يتم ال�سماح‬
‫لل�شياطني �أن تتلب�س بالإن�سان بهذه الطرق‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬ال بد �أن ن�ؤكد حججنا باحلقائق‬
‫والأمثلة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالن�سبة �إىل الأول‪ ،‬ال بد �أن نعمل ا�ستثناء‪� ،‬سن�ستثني الطريقة العامة التي ي�سكن‬
‫ﺸﺮ‬

‫بها ال�شيطان يف الإن�سان الذي يعمل �أي خطية مميتة‪ .‬يتحدث القدي�س «توما�س»‬
‫يف الكتاب الثالث عن هذه الطريقة ويجيب عن ال�شك املطروح يف ال�س�ؤال‪ ،‬هل‬
‫ﻭ‬

‫ال�شيطان يتلب�س بالإن�سان فعل ًيا عندما يقوم بخطيئة مميتة؟‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و ُيثبت القدي�س �أن التلب�س ميكن �أن ُيفهم بطريقتني‪ ،‬طريقة تتعلق بالروح‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وطريقة تتعلق باجل�سد‪ .‬يف الأوىل لي�س ممكنا لل�شيطان �أن يتلب�س بالروح‪ ،‬لأن الرب‬
‫وحده ميكنه �أن يدخلها‪ ،‬وبالتايل ال�شيطان لي�س هو �سبب اخلطية بهذه الطريقة‪،‬‬
‫�إمنا ي�سمح الروح القد�س للروح �أن تعمل هذه اخلطية‪.‬‬
‫ولكن بالن�سبة للج�سد‪ ،‬ميكن �أن نقول �أن ال�شيطان يقدر �أن يتلب�س بالإن�سان‬
‫بطريقتني‪ ،‬لأن هناك نوعني من الب�شر‪ ،‬ه�ؤالء الذين يف اخلطية وه�ؤالء الذين يف‬
‫النعمة‪ .‬يف النوع الأول‪ ،‬ال بد �أن نقول �أن الإن�سان بوا�سطة اخلطية املميتة يكون‬
‫خادما لل�شيطان‪ ،‬لأن ال�شيطان يزوده باالقرتاح اخلارجي باخلطية �إما حلوا�سه �أو‬
‫‪187‬‬
‫خلياله‪� ،‬إىل حد �أن نقول �أن ال�شيطان ي�سكن �شخ�صية الإن�سان الذي يتحرك لهذا‬
‫املغريات املثرية‪ ،‬والذي يكون مثل ال�سفينة يف البحر بال دفة للقيادة‪.‬‬
‫ال�شيطان ميكنه � ً‬
‫أي�ضا �أن يتلب�س بالإن�سان كما يت�ضح يف حالة الإن�سان امل�سعور‪.‬‬
‫ولكن هذا يقود لل�س�ؤال عن العقاب الذي ت�ستوجبه خطية مثل هذه‪ ،‬وكما يت�ضح‪،‬‬
‫العقوبات اجل�سدية ال تكون دائ ًما ب�سبب اخلطية‪ ،‬فهي ُتوجع اخلاطئني و ُتوجع‬
‫الربيئني‪ .‬وبالتايل ه�ؤالء الذين يف النعمة وه�ؤالء الذين لي�سوا فيها‪ ،‬ميكنهم بحكمة‬
‫من الرب غري معلومة للنا�س �أن يتلب�س بهم ال�شيطان‪.‬‬
‫وكما �أن هناك خم�س طرق لل�شياطني لأذية الإن�سان ب�أنف�سهم والتلب�س به بدون‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا ميكنهم �أن يفعلوا هذا بتدخل من ال�ساحرات‪ ،‬لأنه عندها‬ ‫تدخل ال�ساحرات‪ً � ،‬‬
‫م�سموحا بعمل قدر �أكرب من �أذية الإن�سان‬
‫ً‬ ‫�ستتم الإ�ساءة للرب �أكرث‪ ،‬و�سيكون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عرب تدخل ال�ساحرات‪ .‬والطرق هي باخت�صار ما يلي‪ ،‬و�سن�ستثني حقيقة �أنهم يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫بع�ض الأوقات ي�صيبون الإن�سان يف ممتلكاته اخلارجية‪ :‬يف بع�ض الأوقات ميكنهم‬
‫�أن ي�ؤذوا الإن�سان يف ج�سمه‪ ،‬وبع�ض الأوقات يف قدراته‪ ،‬وبع�ض الأوقات يغوونهم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫خارج ًّيا وداخل ًّيا‪ ،‬و�آخرون يف بع�ض الأوقات ي�سلبون منهم املنطق‪ ،‬وبع�ضهم يحولون‬
‫�أ�شكالهم �إىل �أ�شكال وحو�ش همجية‪ ،‬و�سنتحدث عن هذه الطرق كل على حدة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫لكن � ًأول ال بد �أن نذكر الأ�سباب اخلم�سة التي َي�سمح لأجلها الرب للإن�سان �أن‬
‫يحدث له تلب�س‪ ،‬لأجل احلفاظ على النظام يف طرحنا‪ .‬يف بع�ض الأوقات يحدث‬
‫ﻭ‬

‫تلب�س للإن�سان لأجل م�صلحته ال�شخ�صية‪ ،‬وبع�ض الأوقات يحدث التلب�س ب�سبب‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خطية ب�سيطة ل�شخ�ص �آخر ويف بع�ض الأوقات يحدث ب�سبب خطية الإن�سان‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اخلا�صة‪ ،‬ويف بع�ض الأوقات يحدث خلطية ثقيلة ل�شخ�ص �آخر‪ .‬يف كل هذه الأ�سباب‬
‫ال �شك �أن الرب ي�سمح لهذه الأ�شياء �أن ُتعمل بوا�سطة ال�شياطني بتدخل ال�ساحرات‪،‬‬
‫ومن الأف�ضل �أن ُنثبت كل واحد منها بالكتب املقد�سة‪ ،‬هذا �أف�ضل من ذكر �أمثلة عن‬
‫�أ�شياء حديثة‪ ،‬لأن الأ�شياء احلديثة دائ ًما تتقوى بالأمثلة القدمية‪.‬‬
‫كمثال على النوع الأول التلب�س لأجل م�صلحة الإن�سان ال�شخ�صية‪ ،‬ما يت�ضح‬
‫يف حوار «�سيفريو�س»‪� ،‬أحد التابعني املخل�صني للقدي�س «مارتن»‪ ،‬حيث �أخرب �أن‬
‫هناك �أ ًّبا �صاحب حياة مقد�سة كان موهو ًبا جدًّا بقدرته على طرد ال�شياطني‪ ،‬حيث‬
‫يطردهم لي�س فقط بالكلمات‪ ،‬ولكن حتى بر�سائله �أو بقطعة من قمي�صه‪ ،‬ومبا �أن‬
‫‪188‬‬
‫الأب قد �أ�صبح �شه ًريا يف العامل‪� ،‬شعر �أنه متت غوايته بالغرور رغم �أنه قاوم هذه‬
‫النقي�صة‪ ،‬ولأجل �أن ُيذل نف�سه‪� ،‬صلى للرب بكل قلبه �أن يتلب�س به ال�شيطان‪ ،‬وهذا‬
‫ملبو�سا وا�ضطروا �أن يقيدوه بال�سال�سل‪ ،‬ويعملون له كل‬
‫ً‬ ‫ح�صل‪ .‬لأنه �أ�صبح بعدها‬
‫�شيء يعملونه للمتلب�س مب�س ال�شيطان‪ .‬ولكن يف نهاية ال�شهر اخلام�س مت تخلي�صه‬
‫من الغرور ومن تلب�س ال�شيطان‪ .‬لكننا ال ُنقر‪ ،‬وال ن�ؤمن‪� ،‬أنه بهذا ال�سبب ميكن‬
‫للإن�سان �أن يتلب�س به ال�شيطان‪ ،‬ولكن التلب�س يكون من خالل �سحر �إن�سان �آخر‪،‬‬
‫رغم �أنه كما قلنا‪� ،‬أحكام الرب تكون �أحيا ًنا غام�ضة ال�سبب‪.‬‬
‫بالن�سبة لل�سبب الثاين‪ ،‬التلب�س ب�سبب خطية ب�سيطة ل�شخ�ص �آخر‪ ،‬القدي�س‬
‫«جريجوري» يعطي ً‬
‫مثال‪ .‬رئي�س الدير «�إليوثرييو�س» املبارك هو �شخ�ص ورع جدًّا‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫كان يق�ضي الليل بالقرب من دير للراهبات العذراوات‪ ،‬والالتي �أمرن ب�أن يو�ضع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫طفل بجوار �صومعته‪ ،‬طفل كان يعذبه ال�شيطان طول الليل‪ .‬ويف نف�س الليلة خرج‬
‫ال�شيطان من الطفل بوجود الأب‪ ،‬فابتهج ب�أن الطفل حترر‪ ،‬وقال بغرور لإخوته‬
‫ﻜﺘ‬
‫من الرهبان‪ :‬ال�شيطان كان ي�ؤدي مقالبه مع ه�ؤالء الأخوات‪ ،‬ولكن مل يقرتب من‬
‫هذا الطفل لأنه قد �أتى خلدام الرب �أمثالنا‪ .‬وفج�أة بد�أ ال�شيطان يعذب الطفل مرة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أخرى‪ .‬وبدموع و�صيام الرجل املقد�س و�إخوانه مت �إخراج ال�شيطان‪.‬‬


‫«كا�سيا»‪ ،‬يف ذكره الأول لرئي�س الدير «�سريينو�س» �أعطى ً‬
‫مثال عن كيفية �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫ملبو�سا ب�سبب خطيته العر�ضية‪ ،‬لأن مو�سى‪ ،‬كما يقول كان نا�سكا ذا‬ ‫ً‬ ‫مو�سى كان‬
‫حياة متدينة وم�ستقيمة‪ ،‬لكنه يف �أحد املرات تورط يف خالف مع «رئي�س الدير‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫«ماكاريو�س»‪ ،‬وبالغ يف �إظهاره لر�أي معني‪ ،‬وعلى الفور �سكن فيه �شيطان مريع‪،‬‬
‫ت�سبب له يف �أن �إخراج ف�ضالته �صار عن طريق فمه‪ .‬وهذه امل�صيبة حدثت له من عند‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الرب لأجل التطهر‪ ،‬خ�شية �أن تظل عليه و�صمة عار من خطئه العر�ضي‪ ،‬وبال�صلوات‬
‫امل�ستمرة والت�سليم لرئي�س الدير «ماكاريو�س»‪ ،‬خرجت منه الروح ال�سيئة‪.‬‬
‫حالة �أخرى تتعلق بالقدي�س «جريجوري» يف كتابه ‪ ،First Dialogue‬عن راهبة‬
‫�أكلت اخل�س بدون �أن تعمل عالمة ال�صليب‪ ،‬ومت حتريرها بوا�سطة الأب املبارك‬
‫«�إيكويتيو�س»‪.‬‬
‫يف نف�س الكتاب �أخرب القدي�س «جريجوري» مبثال على احلالة الرابعة‪ ،‬عندما‬
‫يكون هناك �شخ�ص ملبو�س ب�سبب خطية ثقيلة ل�شخ�ص �آخر‪ .‬الأ�سقف املبارك‬
‫‪189‬‬
‫«فورتوناتو�س» �أخرج ال�شيطان من رجل ملبو�س‪ ،‬وهذا ال�شيطان �أ�صبح مي�شي يف‬
‫�شوارع املدينة متنك ًرا يف زي حاج‪ ،‬ويبكي ويقول‪� :‬أوه‪� ،‬أيها الرجل املقد�س الأ�سقف‬
‫«فورتوناتو�س»! انظر‪ ،‬لقد �أ�سكنتني هيئ َة حاج‪ ،‬و�أخرجتني من �سكني‪ ،‬وال ميكنني‬
‫�أن �أجد الراحة يف �أي مكان‪ .‬ثم كان هناك رجل يجل�س مع زوجته فقاموا بدعوة‬
‫هذا احلاج‪ .‬ثم دخل ال�شيطان يف ابن الرجل‪ ،‬وجعل الطفل يرمي بنف�سه �إىل النار‬
‫وميوت‪ .‬وبعدها ولأول مرة فهم الأب احلزين هوية ذلك الذي خدعه وا�ستقبله‬
‫ك�ضيف‪.‬‬
‫وخام�سا‪ ،‬نحن نقر�أ العديد من الأمثلة عن رجال تلب�س بهم ال�شيطان لأجل‬ ‫ً‬
‫خطياتهم الثقيلة اخلا�صة‪ .‬جند ذلك يف الكتب املقد�سة ويف �آالم القدي�سني‪ .‬لأنه‬

‫ﻋﺼ‬
‫ملبو�سا حتى ال يطيع الرب‪ ،‬وكما‬
‫يف �سفر امللوك الأول اخلام�س ع�شر‪�« ،‬شاول» كان ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫قلنا‪ ،‬لقد ذكرنا كث ًريا من اجلرائم حتى �أ�صبح من غري امل�ستحيل �أن نفهم كيف �أن‬
‫ملبو�سا ب�سبب جرائم ال�ساحرات‪ .‬لكن ال بد �أن نقدر على فهم‬ ‫رجل ميكن �أن ي�صبح ً‬ ‫ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطرق العديدة التي يحدث بها هذا التلب�س وذلك يكون بذكر بع�ض الأمثلة‪.‬‬
‫ما يلي هو خربة واحد منا نحن املفت�شني االثنني قبل �أن ندخل يف مكتب التفتي�ش‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف �أيام البابا «بيو�س» الثاين‪ ،‬كان هناك رجل بوهيمي من قرية «داكوف» �أح�ضر‬
‫ملبو�سا‪ .‬ولقد حدث‬
‫ً‬ ‫ابنه‪ ،‬الكاهن العلماين‪� ،‬إىل روما حتى يتم ت�سليمه لأنه كان‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنني كنت هناك وذهبت �إىل قاعة الطعام‪ ،‬والكاهن و�أبوه �أتيا وجل�سا على نف�س‬
‫الطاولة معي‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حيينا بع�ضنا ثم حتدثنا م ًعا‪ ،‬وظل الأب يتنهد وي�صلي للرب العظيم حتى تكون‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫رحلته لروما ناجحة‪� .‬شعرت بال�شفقة لأجله‪ ،‬وبد�أت يف �س�ؤاله عن ال�سبب من هذه‬
‫جال�سا بجواري على الطاولة‪،‬‬
‫الرحلة وعن حزنه‪ .‬ثم هو يف وجود ابنه الذي كان ً‬
‫ملبو�سا من ال�شيطان‪ ،‬ولقد �أح�ضرته هاهنا بكل‬‫ً‬ ‫�أجاب «واح�سرتاه! �إن لدي اب ًنا‬
‫امل�شاكل والتكاليف الكبرية حتى يتخل�ص من ال�شيطان» وعندما �س�ألته �أين هو‬
‫جال�سا بجواري‪.‬‬
‫ابنه‪� ،‬أراين �إياه ً‬
‫قليل‪ ،‬ونظرت له عن قرب‪ ،‬وكان ي�أخذ طعامه يف حياء‪ ،‬ويجيب بتقوى‬ ‫خفت ً‬
‫مر�ضا ما قد حدث له‪،‬‬‫ملبو�سا‪ ،‬ولكن ً‬‫ً‬ ‫على كل الأ�سئلة‪ ،‬بد�أت يف ال�شك �أنه لي�س‬
‫ثم ذكر االبن ما حدث له‪ ،‬مما �أو�ضح كيف حدث التلب�س وما مدة تلب�سه حيث قال‬
‫‪190‬‬
‫علي‪ .‬لأنني كنت �أوبخها على �شيء ما يتعلق‬ ‫«�ساحرة معينة جلبت هذا ال�شر ّ‬
‫بقواعد الكني�سة‪� ،‬أوبخها بعنف نو ًعا ما لأنها عنيدة‪ ،‬عندها قالت �أنه بعد ب�ضعة‬
‫�أيام �سيحدث لك الذي حدث‪ .‬وال�شيطان الذي تلب�س بي �أخربين �أن التعويذة‬
‫مت و�ضعها بوا�سطة ال�ساحرة �أ�سفل ال�شجرة‪ ،‬و�أنه ال بد �أن ُتزال ال�شجرة‪ ،‬حتى‬
‫�أحترر‪ .‬لكنه مل يخربين �أي �شجرة هي»‪.‬‬
‫ولكنني مل �أ�صدق �أ ًّيا من كالم الرجل وعندما �س�ألته هل ف ّكر باملنطق يف حالته‬
‫هذه وكيف عرف �أنه �شخ�ص ملبو�س‪� ،‬أجابني «لقد تلفظ ال�شيطان من خالل فمي‪،‬‬
‫خلطب التي قالها ال�شيطان للنا�س على ل�ساين‪،‬‬ ‫و�أنا م�ستاء حتى الآن ب�سبب ا ُ‬

‫ﻋﺼ‬
‫ف�أنا غري م�سموح يل باخلطابة يف النا�س بعد اليوم» لأنه وف ًقا لأبيه‪ ،‬كان مب�ش ًرا‬
‫ملي ًئا بالنعمة واحلب من اجلميع‪ .‬ولكن املفت�ش‪� ،‬أثناء بحثه عن الأدلة‪� ،‬أخذه للحب�س‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لأ�سبوعني‪ ،‬و�أخذه �إىل �أكرث من مكان مقد�س وخا�صة لكني�سة القدي�سة العذراء‬
‫ﻜﺘ‬
‫«براك�سيدي�س»‪ ،‬حيث كان فيها جزء من العمود الرخام الذي ُربط فيه خمل�صنا‬
‫عندما كانوا يجلدونه‪ ،‬و�أخذه �إىل املكان حيث مت �صلب القدي�س «بيرت» احلواري‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ويف كل تلك الأماكن بكى كث ًريا �أثناء عملية طرد الأرواح منه‪ ،‬ويف كل ت�صرفاته بقي‬
‫كاه ًنا رزي ًنا بدون �أي غرابة يف الت�صرفات‪� ،‬إال يف جل�سات طرد الروح ال�شريرة‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وعندما انتهى ذلك‪ ،‬و�سقط عنه همه‪ ،‬مل ُيظهر �أي عالمة من عالمات اجلنون �أو‬
‫�أي ت�صرف غري م�س�ؤول‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫ولكن عندما كان َي ُعب بجوار �أية كني�سة‪ ،‬ويثني الركبة � ً‬


‫إجالل للعذراء املجيدة‪،‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كان ال�شيطان يجعله ُيخرج ل�سانه من فمه‪ ،‬وعندما مت �س�ؤاله �إذا كان غري قادر على‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫منع نف�سه من فعل هذا �أجاب «ال ميكنني �أن �أ�ساعد نف�سي �أبدًا ‪ ،‬لأنه ي�ستخدم‬
‫كل �أطرايف و�أع�ضائي‪ ،‬ورقبتي ول�ساين ورئتي كما يريد‪ ،‬مما يجعلني �أحتدث‬
‫و�أ�صيح‪ ،‬و�أ�سمع الكلمات التي يقولها والتي تبدو وك�أين �أنا قائلها‪ ،‬ولكن لي�س‬
‫علي ب�ضراوة �أكرب‪ ،‬ويدفع بل�ساين‬ ‫بو�سعي منعها‪ ،‬وعندما �أحاول �أن �أُ�صلي يهجم ّ‬
‫للخارج»‪.‬‬
‫وكان هناك عمود يف كني�سة القدي�س «بيرت» مت �إح�ضاره من معبد �سيمان‪ ،‬له‬
‫قدرة عظيمة حيث �أن كث ًريا من الذين تلب�س بهم ال�شيطان حترروا عنده‪ ،‬لأن امل�سيح‬
‫‪191‬‬
‫قد وقف بجواره عندما كان يب�شر يف املعبد‪ ،‬ولكن حتى هذا مل ي�ستطع �أن يحرره‪،‬‬
‫لأن هناك غر�ضا خفيا يعلمه الرب‪ ،‬كان يريد �أن يجعل حتريره يف �سبب �آخر‪.‬‬
‫حمبو�سا عند العمود طيلة الليل والنهار‪� ،‬إال �أنه يف اليوم التايل‪،‬‬
‫ً‬ ‫ورغم �أنه كان‬
‫بعد عدة عمليات طرد �أرواح‪ ،‬يف ح�ضور كثري من النا�س الذين احت�شدوا حوله‪ ،‬مت‬
‫�س�ؤاله‪ ،‬عند �أي جزء من هذا العمود وقف امل�سيح‪ ،‬عندها ع�ض العمود ب�أ�سنانه‬
‫وع�ض املكان‪ ،‬وقال «هنا وقف‪ ،‬هنا وقف « ثم قال يف النهاية «�أنا لن �أخرج»‪.‬‬ ‫و�صاح َّ‬
‫وعندما ُ�سئل عن ال�سبب‪� ،‬أجاب بل�سان �إيطايل (رغم �أن الرجل امل�سكني مل يكن‬
‫يفهم الإيطالية)‪ ،‬جميعهم يعملون �أ�شياء و�أ�شياء‪ ،‬و�سمى رذائل �شهوانية‪ .‬وبعد ذلك‬
‫�س�ألني الكاهن ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫قائل «�أيها الأب‪ ،‬ما معنى هذه الكلمات الإيطالية التي خرجت من‬
‫فمي؟» وعندما �أخربته مبعناها‪� ،‬أجاب «�أنا �سمعت الكلمات‪ ،‬ولكنني مل �أفهمها»‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�أخ ًريا هذا التلب�س ال�شيطاين كان من النوع الذي حتدث عنه املخل�ص يف الإجنيل‬
‫قائل‪« :‬و�أما هذا اجلن�س فال يخرج �إال بال�صالة وال�صوم»‪ .‬وبالفعل بال�صيام على‬ ‫ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫يوما‪ ،‬وبال�صلوات وطرد الأرواح ال�شريرة‪� ،‬أخ ًريا بنعمة الرب‪،‬‬ ‫اخلبز واملاء لأربعني ً‬
‫مت حتريره و�إعادته �إىل بيته �سعيدً ا‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪192‬‬
‫الفصل ‪ .11‬الطريقة التي تعمل بها الساحرات أنواع‬
‫األمراض الخطيرة‬

‫ال يوجد مر�ض ج�سدي‪ ،‬حتى اجلذام وال�صرع‪ ،‬ال تقدر ال�ساحرات على �إحداثه‪،‬‬
‫ب�إذن الرب‪ .‬وهذا ُمثبت باحلقيقة‪ ،‬فال يوجد نوع من الأمرا�ض ا�ستثناه العلماء‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأنه لو الحظنا بعناية ما متت كتابته عن قدرات ال�شياطني وعن ف�ساد ال�ساحرات‬
‫�سنعرف �أن هذا الأمر لي�ست فيه �أي �صعوبة عليهم‪« .‬تعامل «نيدار» � ً‬
‫أي�ضا مع هذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املو�ضوع يف كتابه ‪ Book of Precepts‬ويف كتابه ‪ ،Formicarius‬حيث �س�أل‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫هل ال�ساحرات يقدرن على �أذية الإن�سان ب�سحرهن‪ .‬وال�س�ؤال مل ي�ستثن �أي نوع‬
‫مر�ضا خط ًريا‪ .‬و�أجاب ب�أنهن ميكنهن ذلك‪ ،‬ثم �س�أل عن‬ ‫من املر�ض‪ ،‬مهما كان ً‬
‫الطريقة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هو �أجاب بالطريقة التي مت عر�ضها يف ال�س�ؤال الأول يف اجلزء الأول من هذا‬
‫ﺸﺮ‬

‫الكتاب‪ .‬ملا مت �إثبات احلجة بوا�سطة القدي�س «�إيزيدور» عندما كان ي�صف �أعمال‬
‫ال�ساحرات‪ ،‬ويقول �أنه مت ت�سميتهم �ساحرات ب�سبب فداحة جرائمهن‪ ،‬لأنهن ُيرثن‬
‫ﻭ‬

‫العنا�صر و ُيقمن الزوابع مب�ساعدة ال�شياطني‪ ،‬و ُي�ضللن عقول الرجال بالطرق التي‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫متاما‪ .‬وي�ضيف �أنهن بدون‬‫قبل‪� ،‬إما بتعطيل املنطق لديهم �أو �إعاقته ً‬ ‫ذكرناها ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ا�ستخدام �أي ُ�سم‪ ،‬وفقط بخطورة تعويذاتهن‪ُ ،‬يكنهن �أن ي�سلبوا الرجل حياته‪.‬‬
‫أي�ضا بوا�سطة القدي�س «توما�س» يف ‪Second Book‬‬ ‫ولقد مت �إثبات احلجة � ً‬
‫‪ ،of Sentences‬وعامة جميع الالهوتيني كتبوا �أن ال�ساحرات ميكنهن مب�ساعدة‬
‫ال�شياطني �أن يعملن الأذى يف الإن�سان ويف �ش�ؤونه بكل الطرق التي ميكن لل�شيطان‬
‫وحده �أن يعملها‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬ي�ؤذون النا�س يف �ش�ؤونهم‪� ،‬سمعتهم‪ ،‬ج�سدهم‪ ،‬منطقهم‪،‬‬
‫وحياتهم‪ .‬مما يعني �أن هذه الأذية ميكن �أن يعملها ال�شيطان بدون �أية �ساحرة‪،‬‬
‫ولكن ميكن �أن تتم بوا�سطة ال�ساحرة ب�سهولة �أكرب‪ ،‬ب�سبب �أن هذا يكون �إ�ساءة �أكرب‬
‫للإله‪ ،‬كما مت عر�ضه �أعاله‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫يف �سفر �أيوب‪ ،‬الأول والثاين‪ ،‬وجدنا ب�شكل وا�ضح حالة من الأذية امل�ؤقتة‪� .‬أما‬
‫الأذية يف ال�سمعة فيمكن �أن تت�ضح من تاريخ «جريوم» املبارك‪ ،‬حيث �أن ال�شيطان‬
‫ح ّول نف�سه �إىل �شكل القدي�س «�سيلفانو�س»‪� ،‬أ�سقف النا�صرة‪� ،‬صديق للقدي�س‬
‫«جريوم»‪ .‬وهذا ال�شيطان اقرتب من امر�أة نبيلة يف الليل عند �سريرها وحاول‬
‫�أن يتحر�ش بها ويغويها بالكلمات‪ ،‬ثم دعاها لأن يعمل معها الفاح�شة‪ .‬ولقد نادت‬
‫ب�صوت عال‪ ،‬وال�شيطان يف هيئة الأ�سقف اختب�أ حتت �سريرها‪ ،‬وبالبحث عنه‬
‫و�إيجاده هنالك‪� ،‬أعلن ب ُلغة فيها �شهوة �أنه الأ�سقف «�سيلفانو�س»‪ .‬ويف الغد‪ ،‬عندما‬
‫اختفى ال�شيطان‪ ،‬تدمرت �سمعة الرجل بف�ضيحة‪ ،‬ولكن ا�سمه ال�صالح متت تربئته‬
‫عندما اعرتف ال�شيطان عند قرب القدي�س «جريوم» �أنه عمل هذا با�ستخدام ج�سد‬

‫ﻋﺼ‬
‫ُمتخذ‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأذية يف اجل�سد ميكن �أن تت�ضح يف حالة �أيوب املبارك‪ ،‬الذي �ضربه ال�شيطان‬
‫ببالءات فظيعة‪ ،‬نوع من اجلذام‪ .‬و«�سيجي�سبريت» و«فين�سينت �أوف بياوفاي�س»‬
‫ﻜﺘ‬
‫كالهما �أخرب �أنه يف عهد االمرباطور «لوي�س» الثاين‪ ،‬يف �أبر�شية «ماينز»‪ ،‬كان هناك‬
‫�شيطان معني يرمي الأحجار وي�ضرب البيوت ك�أمنا ي�ضربها مبطرقة‪ .‬ثم بالت�صريح‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫العلني‪ ،‬وبالتلميح ال�سري‪ ،‬ن�شر ال�شيطان ال�شقاق و�أف�سد عقول الكثريين‪ .‬ثم �أثار‬
‫مرتاحا‪ ،‬ف�أ�شعل النار يف بيته وقال‬
‫ً‬ ‫غ�ضب الكل على رجل واحد‪ ،‬حيث كان �ساك ًنا‬
‫ﺸﺮ‬

‫للنا�س �أنهم جميعا يعانون ب�سبب خطاياه‪ .‬ويف النهاية كان على ذلك الرجل �أن‬
‫يجد �سكنه يف احلقول‪ .‬وعندما كان الكهان يتلون ال�صلوات على هذا الأمر‪ ،‬رمى‬
‫ﻭ‬

‫ال�شيطان �أحجا ًرا على كثري من النا�س حتى �أدماهم‪ ،‬وكان يتوقف يف بع�ض الأحيان‪،‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وبع�ض الأحيان يهاجم بعنف‪ ،‬وا�ستمر هذا لثالث �سنوات‪ ،‬حتى �أُحرقت كل البيوت‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫هناك‪.‬‬
‫وكمثال على الأذية يف ا�ستخدام املنطق‪ ،‬وعلى �إيالم الإدراكات الداخلية‪ ،‬هو‬
‫ما ن�شاهده يف حالة ه�ؤالء امل�أخوذين وامل�سعورين الذين حتدث عنهم الإجنيل‪.‬‬
‫وبالن�سبة للموت فهم ميكن �أن ي�سلبوا احلياة‪ ،‬كما مت �إثباته يف �سفر طوبيا ال�ساد�س‪،‬‬
‫يف حالة الأزواج ال�سبعة ل�سارة العذراء‪ ،‬الذين ُقتلوا ب�سبب �شهوتهم الفا�سقة ال�سائبة‬
‫جتاه العذراء �سارة‪ ،‬والتي مل يكونوا جديرين ب�أن يتزوجوها‪ .‬وبالتايل ن�ستنتج �أن‬
‫ال�شياطني ب�أنف�سهم ومب�ساعدة ال�ساحرات‪ ،‬ميكنهم �أن ي�ؤذوا الإن�سان بكل طريقة‬
‫بال ا�ستثناء‪.‬‬
‫‪194‬‬
‫ولكن �إذا جاء �س�ؤال‪ ،‬هل الأذية التي من هذا النوع ميكن �أن نن�سبها �إىل‬
‫ال�شياطني ولي�س �إىل ال�ساحرات؟ فلقد �أجبنا عن هذا ال�س�ؤال ب�أنه عندما ُت�سبب‬
‫ال�شياطني الأذى بطريقة مبا�شرة‪ ،‬يتم ن�سب الأذى �إليهم‪ .‬لكن عندما يفعلون هذا‬
‫خالل توكيل �ساحرة لأجل الإ�ساءة �إىل الرب ولإهالك الأرواح‪ ،‬فبالتايل تن�سب‬
‫الأذية �إىل ال�ساحرات رغم �أن الفاعل الأ�سا�سي هو ال�شيطان‪ .‬فهن يفعلن هذا‬
‫عاملني ب�أن الرب يغ�ضب بهذا �أكرث و�أن هذا ي�سمح لهن مبزيد من القدرة على عمل‬
‫ال�شر‪ ،‬ولأنهن بالطبع ي�ستخدمن �أ�سحا ًرا ال تعد وال حت�صى ال ميكن لل�شيطان �أن‬
‫يعملها على الإن�سان �إذا �أراد �أن ي�ؤذي الإن�سان بنف�سه‪ ،‬و�إمنا ُ�سمح له ب�إذن من الرب‬
‫ولغر�ض يعلمه الرب �أن يفعل هذا الأذى عرب توكيل �ساحرة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبالتايل عندما ت�ضع امر�أة ُغ�ص ًنا يف املاء وتن�ضح باملاء �إىل الأعلى لتعمل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أمطا ًرا‪ ،‬فرغم �أنها ال تفعل املطر بنف�سها‪ ،‬وال ميكن لومها على عمل املطر‪� ،‬إال �أنه‬
‫ب�سبب �أنها دخلت يف عهد مع ال�شيطان �أمكنها �أن تعمل هذا ك�ساحرة‪ ،‬ورغم �أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�شيطان هو الذي يعمل املطر‪ ،‬فهي نف�سها يجب �أن ت�أخذ اللوم لأنها كافرة وتعمل‬
‫عمل ال�شيطان‪ ،‬و�سلمت نف�سها لأجل خدمته‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا عندما تعمل �ساحرة �صورة �شمعية �أو �شيء كهذا حتى ت�سحر �شخ�صا ما‪� ،‬أو‬ ‫� ً‬
‫عندما تَظهر �صورة �أحدهم عندما ُي�صب الر�صا�ص على املاء‪� ،‬أو عندما ُيعمل بع�ض‬
‫ﺸﺮ‬

‫الأذى على ال�صورة‪ ،‬مثل الوخز �أو الإ�ضرار بها ب�أي �شكل فيحدث �ضر ًرا ل�صاحب‬
‫ال�صورة‪ ،‬فرغم �أن ال�ضرر ح�صل فعل ًّيا لل�صورة بوا�سطة �ساحرة ما �أو �شخ�ص ما‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�أن ال�شيطان بنف�س الطريقة كان ي�ؤذي �صاحب ال�صورة‪� ،‬إال �أن هذا ال�ضرر ي�ستحق‬
‫�أن ُين�سب لل�ساحرة‪ .‬لأنه بدونها‪ ،‬لن ي�سمح الرب لل�شيطان �أن يعمل مثل هذا الأذى‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وال كان ال�شيطان بنف�سه �سيحاول �أن ي�ؤذيه‪.‬‬


‫ولكن ب�سبب ما قيل يف مو�ضوع �أن ال�شياطني ميكنها �أن ت�ؤذي الإن�سان بدون‬
‫م�ساعدة ال�ساحرات‪ ،‬فهذا �أثار ال�شك يف �إمكانية �أن يف�ضح ال�شيطان �سمعة امر�أة‬
‫�صاحلة وي�شوه �سمعتها �أنها �ساحرة‪ ،‬حيث يظهر ال�شيطان على �صورتها لي�سحر‬
‫�شخ�صا ما‪ ،‬مما يجعل �سمعة هذه املر�أة تتدمر بدون ذنب‪.‬‬ ‫ً‬
‫يف �إجابة ها ال بد �أن ُنقدم بع�ض املالحظات‪ً � ،‬أول‪ ،‬لقد قلنا �أن ال�شيطان ال‬
‫ميكنه �أن يعمل �شي ًئا بدون �إذن الرب‪ ،‬كما و�ضحنا يف اجلزء الأول من هذا العمل يف‬
‫‪195‬‬
‫أي�ضا �أن الرب ال ي�سمح بهذه القدرة العالية لل�شيطان‬ ‫ال�س�ؤال الأخري‪ .‬ولقد و�ضحنا � ً‬
‫�ضد ال�صاحلني الذين هم يف النعمة مثلما ي�سمح بذلك �ضد املذنبني‪ ،‬و�أخ ًريا‪،‬‬
‫رغم �أنه ميكنهم‪ ،‬ب�إذن الرب �أن ي�ؤذوا ال�صاحلني يف �ش�ؤونهم و�سمعتهم و�صحة‬
‫أ�سا�سا لأجل‬
‫�أج�سامهم‪� ،‬إال �أنه ب�سبب �أنهم يعلمون �أن هذه القدرة قد �أعطيت لهم � ً‬
‫حر�صا على �أذيتهم‪.‬‬
‫زيادة ف�ضل ال�صاحلني‪ ،‬فهم يكونون �أقل ً‬
‫لذلك ميكن �أن نقول �أنه يف هذه ال�س�ؤال هناك عدة نقاط يجب �أن ن�أخذها يف‬
‫احل�سبان‪ً � .‬أول‪ ،‬الإذن الإلهي‪ ،‬ثان ًيا‪ ،‬الإن�سان الذي ُيظن فيه �أنه �صالح‪ ،‬لأن ه�ؤالء‬
‫امل�شهورين بال�صالح ال يكونون دائ ًما يف حالة النعمة‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬اجلرمية التي ُيتهم‬
‫بها ال�شخ�ص الربيء‪ ،‬لأن جرمية ال�سحر يف �أ�صلها تتجاوز كل اجلرائم الأخرى يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫العامل‪ .‬وبالن�سبة ملقولة �أن �سمعة الربيء ميكن �أن تتدمر بوا�سطة ال�شيطان بهذه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الطريقة التي قيلت‪ ،‬فهذا ال يبدو ممكنا‪ ،‬لأ�سباب عديدة‪.‬‬
‫يف املقام الأول‪ ،‬ميكن �أن يت�شوه املرء بالرذائل التي حتدث بدون �أي عهد خفي‬
‫ﻜﺘ‬
‫مع ال�شيطان‪ ،‬مثل ال�سرقة‪ ،‬والنهب والزنا ولكن ميكن �أن يت�شوه املرء برذائل �أخرى‬
‫�شخ�صا �أنه ارتكبها �إال �إذا كان قد دخل يف عهد مع ال�شيطان‪،‬‬‫من امل�ستحيل �أن تتهم ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وهذا مثل �أعمال ال�ساحرات‪ ،‬التي ال ميكن �أن ت�أتي �إىل قدرتهن �إال مب�ساعدة‬
‫ال�شياطني حيث ي�سحرن النا�س واحليوانات والأ�شجار على الأر�ض‪ .‬بالتايل‪ ،‬رغم‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن ال�شيطان ميكن �أن ي�شوه �سمعة �إن�سان فيما يتعلق بالرذائل العادية‪� ،‬إال �أنه ال يبدو‬
‫ممك ًنا بالن�سبة له �أن يفعل هذا فيما يتعلق بالرذائل التي ال ميكن �أن ُتعمل �إال بعمل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫عهد مع ال�شيطان‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا‪� ،‬إنه ال ُيعلم حتى هذا اليوم �أن هذا قد ح�صل لأي �شخ�ص بريء ت�شوهت‬ ‫� ً‬
‫�سمعته بوا�سطة ال�شياطني �إىل حد �أنه �أ�صبح مدا ًنا بالإعدام على هذا الفعل‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬عندما يكون ال�شخ�ص حتت ال�شك فح�سب‪ ،‬ال ُتنفذ عليه العقوبة التي ت�أمر‬ ‫� ً‬
‫بها ال�شريعة لتطهريه‪ ،‬كما �سن�شاهد يف اجلزء الثالث من هذا الكتاب يف الطريقة‬
‫الثانية من طرق معاقبة ال�ساحرات‪.‬‬
‫�شخ�صا بري ًئا قد‬
‫ً‬ ‫وهنا نحن نتعامل مع �أحداث حقيقية‪ ،‬وال ُيعلم من قبل �أن‬
‫عوقب باال�شتباه يف كونه �ساح ًرا‪ ،‬لأنه ال �شك �أن الرب لن ي�سمح ب�شيء كهذا �أن‬
‫يحدث‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬الرب ال يعاقب الربيء الذي يكون حتت احلماية املالئكية ب�أن يجعله‬ ‫� ً‬
‫م�شتب ًها به يف اجلرائم ال�صغرية‪ ،‬مثل ال�سرقة وغريها‪ ،‬وبالتايل من الأوىل �أن‬
‫يحمي الرب ه�ؤالء الذين هم حتت احلماية املالئكية من اال�شتباه بهم يف جرمية‬
‫ال�سحر‪.‬‬
‫�صحيحا �أن نقتب�س �أ�سطورة القدي�س «جريمانيو�س»‪ ،‬عندما اتخذت‬ ‫ً‬ ‫ولي�س‬
‫ال�شياطني �أج�ساد ن�ساء معلومات وجل�ست على الطاولة ونامت مع �أزواجهن‪،‬‬
‫و�ضللتهن �إىل ت�صديق �أن ه�ؤالء الن�ساء هم يف �أج�سادهن احلقيقية ي�أكلون وي�شربون‬
‫مع �أزواجهن‪ ،‬فاملر�أة يف هذه احلالة ال ُتالم ب�أنها مذنبة‪ .‬لأنه يف ال�شريعة يف كتاب‬
‫‪ ،Episcopi‬يع�ض الن�ساء كن مدانات ب�أنهن اعتقدن �أنهن ح ًّقا انتقلن من مكان �إىل‬

‫ﻋﺼ‬
‫مكان‪ ،‬بينما ما حدث معهن كان يف اخليال فقط‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬كما و�ضحنا �أعاله‪ ،‬هن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف بع�ض احلاالت ينتقلن ب�أج�سادهن بوا�سطة ال�شياطني‪.‬‬
‫ولكن افرتا�ضنا احلايل هو �أنه ميكنهن‪ ،‬ب�إذن الرب‪� ،‬أن يعملن كل الأمرا�ض‬
‫ﻜﺘ‬
‫بدون ا�ستثناء‪ ،‬ون�ستنتج مما قلناه �أن هذا ممكن‪ .‬لأنه ال توجد ا�ستثناءات ذكرها‬
‫العلماء‪ ،‬وال يوجد �سبب يجعل هناك ا�ستثناءات‪ ،‬لأنه كما قلنا‪ ،‬قدرة ال�شياطني‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫تتجاوز كل القوى اجل�سدية‪ .‬ولقد وجدنا يف جتربتنا �أن هذا حقيقي‪ .‬وهناك �صعوبة‬
‫�أكرب ميكن �أن ي�شعر بها املرء يف ت�صديق �أن ال�ساحرات يقدرن �أن يعملن اجلذام �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�صرع‪ ،‬لأن هذه الأمرا�ض حتدث ب�سبب اال�ستعداد اجل�سدي‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬وجدنا يف‬
‫بع�ض الأوقات �أنه حتى هذه الأمرا�ض ميكن �أن ُتعمل بوا�سطة ال�سحر‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأنه يف �أبر�شية «بازل»‪ ،‬يف مقاطعة «�أل�سا�س» و«لوراين»‪ ،‬كان هناك فالح حتدث‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بخ�شونة مع امر�أة م�شاك�سة‪ .‬ولقد هددته بغ�ضب �أنها �ستنتقم لنف�سها منه‪ .‬ف�أ�صبح‬
‫ي�أخذ بع�ض احلذر منها‪ ،‬ولكن يف نف�س الليلة �أح�س ببرثة منت على عنقه‪ ،‬فحكها‬
‫قليل‪ ،‬فوجد �أن وجهه كله وعنقه قد انتفخ وتورم‪ ،‬وبد�أ يظهر نوع مريع من اجلذام‬ ‫ً‬
‫على ج�سده كله‪ .‬وب�سرعة ذهب �إىل �أ�صدقائه لأجل الن�صيحة‪ ،‬و�أخربهم عن تهديد‬
‫املر�أة له‪ ،‬وقال �أنه يراهن بحياته على �أن هذا قد ح�صل له بفعل �سحر هذه املر�أة‪.‬‬
‫واخت�صا ًرا‪ ،‬مت �أخذ املر�أة وم�ساءلتها‪ ،‬واعرتفت بجرميتها‪ .‬ولكن ملا �س�ألها القا�ضي‬
‫حتديدً ا عن ال�سبب الذي عملت هذا لأجله‪ ،‬وكيف عملته‪� ،‬أجابت «عندما ا�ستخدم‬
‫الرجل كلمات بذيئة نحوي‪ ،‬كنت غا�ضبة ورجعت �إىل منزيل‪ ،‬وال�شيطان رفيقي‬
‫‪197‬‬
‫بد�أ ي�س�ألني عن �سبب مزاجي املتعكر‪ .‬ف�أخربته ورجوته ب�أن يث�أر من الرجل‪.‬‬
‫و�س�ألني ما الذي �أود �أن �أعمله يف الرجل‪ ،‬ف�أجبته ب�أنني �أمتنى �أن يكون دائ ًما‬
‫بوجه منتفخ‪ .‬وذهب ال�شيطان بعيدًا و�أ�صاب الرجل مبا يتجاوز ما �أردته منه‪،‬‬
‫لأنني مل �أرد �أن ي�صاب مبثل هذا اجلذام امل�ؤمل» وبالتايل مت �إحراق املر�أة‪.‬‬
‫ويف �أبر�شية «كون�ستان�س» بني «بري�ساخ» و«فريبورج»‪ ،‬كانت هناك امر�أة جمذومة‬
‫وقد اعتادت �أن تخرب كث ًريا من النا�س �أن هذا ال�شيء قد حدث لها ب�سبب �شجار‬
‫مماثل بينها وبني امر�أة �أخرى‪ .‬لأنه يف �أحد الليايل خرجت خارج البيت لتعمل �شي ًئا‬
‫�أمام باب املنزل‪ ،‬ف�أتت ريح دافئة من منزل املر�أة الأخرى الذي كان يف املقابل‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�ضربت وجهها فج�أة‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت �أ�صيبت باجلذام الذي تعاين منه الآن‪.‬‬
‫و�أخ ًريا‪ ،‬يف نف�س الأبر�شية‪ ،‬يف مقاطعة «بالك فوري�ست»‪ ،‬مت رفع �ساحرة بوا�سطة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�سجان على كومة من اخل�شب للتجهيز حلرقها‪ ،‬وقالت له « �س�أدفع لك» ثم نفخت‬
‫ﻜﺘ‬
‫أياما معدودة‪.‬‬
‫يف وجهه‪ .‬و�أ�صيب يف احلال بجذام على ج�سده كله‪ ،‬ومل يع�ش �إال � ً‬
‫لأجل االخت�صار‪ ،‬اجلرائم املخيفة لل�ساحرات التي ميكن �أن ُتكى �سنتجاوزها‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولقد وجدنا غال ًبا �أن بع�ض النا�س يزورهم اجلذام �أو املر�ض ب�سبب البي�ض الذي‬
‫يتم دفنه مع اجلثث‪ ،‬خا�صة مع جثث ال�ساحرات‪ ،‬مع بع�ض الأ�شياء الأخرى التي ال‬
‫ﺸﺮ‬

‫ميكن �أن نتحدث عنها‪ ،‬وقد ُتعطى هذه البي�ضات �إىل �شخ�ص يف طعامه �أو �شرابه‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪198‬‬
‫الفصل ‪ .12‬عن الطريقة التي يصبن بها اإلنسان‬
‫باألمراض األخرى‬

‫من ذا الذي ميكن �أن يح�سب عدد الأمرا�ض التي ي�صنب بها النا�س‪ ،‬مثل العمى‪،‬‬
‫والآالم املربحة‪ ،‬والتواء اجل�سم؟ لكن يجب �أن نذكر �أمثلة ر�أيناها ب�أعيننا �أو تتعلق‬

‫ﻋﺼ‬
‫بحملتنا التفتي�شية‪.‬‬
‫عندما مت عمل حملة التفتي�ش على بع�ض ال�ساحرات يف قرية «�إن�سربوك»‪ ،‬ظهرت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫احلالة التالية للنور‪ .‬امر�أة �صاحلة كانت متزوجة بواحد من �أهل بيت الأر�شيدوق‬
‫ﻜﺘ‬
‫�شهدت ر�سم ًيا بالتايل‪ .‬قالت �أنها يف الوقت الذي كانت فيه عذراء‪ ،‬عملت يف خدمة‬
‫واحد من املواطنني‪ ،‬وكانت زوجته م�صابة ب�آالم كبرية يف الر�أ�س‪ ،‬و�أتت امر�أة قالت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أن ب�إمكانها معاجلتها‪ ،‬وبد�أت املر�أة يف عمل بع�ض ال ُرقى والطقو�س التي قالت �أنها‬
‫�ستُ�سكن الأمل‪ .‬ولقد �شاهدت باهتمام (تقول املر�أة) ما الذي كانت تفعله‪ ،‬ور�أيت �أن‬
‫هناك �أمو ًرا حتدث ب�شكل م�ضاد للطبيعة‪ً ،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫فبدل من �أن ُي�صب املاء يف الإناء‪ ،‬كان‬


‫املاء يرتفع يف الإناء‪ ،‬مع بع�ض الغرائب الأخرى التي ال حاجة لذكرها‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫وعلمتُ �أن �آالم ر�أ�س �سيدتي ال ميكن �أن ُت�شفى بهذه الأ�شياء الغريبة‪ ،‬وخاطبتُ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال�ساحرة بغ�ضب وقلت «�أنا ال �أعلم ما الذي تفعلينه‪ ،‬ولكن �أ ًيا ما كان هذا‪ ،‬فهو‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�سحر‪ ،‬و�أنت تعملينه لأجل م�صلحتك ال�شخ�صية» فر ّدت ال�ساحرة بقوة «�ستعرفني‬
‫يف ثالثة �أيام �إذا كنت �ساحرة �أم ال»‪ .‬ومت الإثبات‪ ،‬لأنه يف اليوم الثالث جل�ست‬
‫و�أم�سكت باملغزل ف�شعرت فج�أة ب�أمل مريع يف ج�سدي‪.‬‬
‫يف البداية كان بداخلي‪ ،‬حيث بدا �أنه ال يوجد جزء من ج�سدي لي�س فيه �أمل‬
‫مكد�سا فوق ر�أ�سي ُيحرق با�ستمرار‪ ،‬ومن تاج‬‫ً‬ ‫مربح‪ ،‬ثم بدا يل ك�أنَّ هناك فح ًما‬
‫ر�أ�سي حتى �أخم�ص قدمي مل يكن هناك مو�ضع �إبرة مل يغطيه طفح من برثات ذات‬
‫لون �أبي�ض‪ ،‬وبقيت يف هذا الأمل‪� ،‬أ�صرخ وال �أمتنى �إال املوت‪ ،‬ويف النهاية �أخربين‬
‫‪199‬‬
‫زوج �سيدتي �أن �أذهب �إىل حانة معينة‪ ،‬وب�صعوبة بالغة ذهبت‪ ،‬وظهر هو‪ ،‬ووقفنا‬
‫�أمام احلانة‪ ،‬فقال يل «انظري‪ ،‬هناك رغيف من اخلبز فوق باب احلانة» فقلت له‬
‫�أنني �أراه‪ ،‬فقال « �أنزليه �إىل الأ�سفل �إن كان ب�إمكانك‪ ،‬لأن هذا �سيكون ج ّيدًا لك»‬
‫و�أم�سكت الباب بيد واحدة ومددت اليد الأخرى ب�أق�صى ما ا�ستطعت حتى �أخذت‬
‫الرغيف‪ ،‬فقال يل «افتحيه‪ ،‬وانظري ج ّيدًا ما بداخله» وملا فتحت الرغيف‪ ،‬وجدت‬
‫عدة �أ�شياء بالداخل‪ ،‬وبينها بع�ض احلبوب البي�ضاء التي متاثل تلك التي ظهرت على‬
‫أي�ضا بع�ض البذور التي ال ت�ؤكل‪ ،‬مع عظام ثعابني وحيوانات �أخرى‪.‬‬‫ج�سمي‪ ،‬ور�أيت � ً‬
‫وو�سط ده�شتي �س�ألت �سيدي ما الذي ميكن �أن �أعمله‪ ،‬ف�أخربين ب�أن �أرميها كلها يف‬
‫النار‪ .‬ففعلت‪ ،‬وفج�أة يف خالل �ساعة �أو رمبا يف خالل دقائق‪ ،‬بعد �أن رميت الأ�شياء‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف النار‪ ،‬ا�ستعدت كامل �صحتي‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�شهدت بها زوجة املواطن التي كانت هذه املر�أة يف خدمتها‪ ،‬ب�سبب‬
‫و�أمور �أخرى َ‬
‫�أنه كان م�شتب ًها بها ب�شكل قوي‪ ،‬خا�صة لأن لها عالقة �أُلفة مع �ساحرات معروفات‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ومن املفرت�ض‪� ،‬أنه مبعرفتها �أن التعويذة خمفية يف الرغيف‪� ،‬أنها �أخربت زوجها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بهذا‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬بالطريقة التي و�صفت‪ ،‬ا�ستطاعت اخلادمة �أن ت�ستعيد �صحتها‪.‬‬
‫ومن اجل ّيد �أن نحكي كيف �أن امر�أة �أخرى‪ ،‬مت �سحرها يف نف�س القرية‪ .‬وهي‬
‫ﺸﺮ‬

‫امر�أة �صاحلة متزوجة �شهدت حتت الق�سم مبا يلي‪:‬‬


‫خلف منزيل (هي تقول) كان لدي م�شتل للخ�ضار‪ ،‬وكان �سور حديقة جارتي‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بجواره‪ .‬ويف يوم الحظت �أنَّ هناك مم ًرا مت عمله من حديقة جارتي �إىل م�شتلي‪،‬‬
‫ومل يكن الأمر بال �أ�ضرار‪ ،‬وكنت واقفة �أمام باب امل�شتل حزينة على املمر وعلى‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الأ�ضرار‪ ،‬وفج�أة جاءت جارتي و�س�ألتني �إن كنت �أ�شك فيها‪ .‬ولكني كنت خائفة منها‬
‫ب�سبب �سمعتها ال�سيئة‪ ،‬ف�أجبت «�آثار الأقدام على الع�شب هي دليل على ال�ضرر»‪،‬‬
‫علي‬
‫فغ�ض َبت لأنني مل �أفعل كما تريد �أن �أهاجمها و�أتهمها بكلمات توجب �أن تقيم ّ‬
‫دعوى‪ ،‬وذهبت بعيدً ا وهي تتذمر‪ :‬ورغم �أنه �أمكنني �أن �أ�سمع كلماتها‪� ،‬إال �أنني مل‬
‫�أفهمها‪.‬‬
‫بعد عدة �أيام �أ�صبحت مري�ضة جدًّا ب�آالم يف املعدة‪ ،‬وبوخزات تطعنني من‬
‫جانبي الأي�سر �إىل جانبي الأمين والعك�س‪ ،‬وك�أنَّ ن�صلي �سيفني �أو �سكينتني يطعناين‬
‫‪200‬‬
‫يف �صدري‪ ،‬وكنت �أُزعج اجلريان ليل نهار ب�صراخي‪ ،‬وعندما �أتوا من كل جهة‬
‫ملوا�ساتي‪ ،‬حدث �أن ً‬
‫عامل من العاملني يف الطني كان جاري‪ ،‬وكان �آت ًيا لزيارتي‪،‬‬
‫و�أ�شفق علي وبعد ب�ضع الكلمات التي قالها لتوا�سيني ذهب بعيدً ا‪ .‬ولكن يف اليوم‬
‫التايل عاد يف عجلة‪ ،‬وبعد موا�ساتي قال «�أنا �س�أخترب �إن كان مر�ضك هو ب�سبب‬
‫ال�سحر‪ ،‬و�إن وجدت �أنه كذلك‪� ،‬س�أعيد لك �صحتك»‪.‬‬
‫ر�صا�صا من�صه ًرا وبينما كنت راقدة على ال�سرير‪� ،‬ص ّبه يف ط�شت من املاء‬
‫ً‬ ‫ف�أخذ‬
‫مو�ضوع على ج�سدي‪ .‬وبعد �أن ت�صلب الر�صا�ص على �صورة معينة وبع�ض الأ�شكال‪،‬‬
‫قال‪�« :‬أر�أيت! �إن مر�ضك هو ب�سبب ال�سحر‪ ،‬و�أحد �أدوات ال�سحر خمب�أ حتت عتبة‬

‫ﻋﺼ‬
‫بابك‪� ،‬س�أذهب و�أزيلها و�ست�شعرين بتح�سن»‪ .‬ثم ذهب هو وزوجي لإزالة التعويذة‪،‬‬
‫ورفع عتبة الباب‪ ،‬و�أخرب زوجي �أن ي�ضع يده �أ�سفلها وي�سحب �أي �شيء يجده‪ ،‬وفعل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫زوجي هذا‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ومرتقة من‬ ‫و�أخرج �صورة �شمعية حجمها كحجم الكف‪ ،‬مثقوبة من كل مكان‪ُ ،‬‬
‫متاما بنف�س الطريقة التي كنت �أ�شعر بها بالوخز من اجلانب‬ ‫اجلانبني ب�إبرتني‪ً ،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كي�سا يحتوي على كل �أنواع الأ�شياء‪ ،‬حبوب وبذور وعظام‪.‬‬ ‫�إىل اجلانب‪ ،‬ثم �أخرج ً‬
‫وعندما �أحرقنا كل هذا‪� ،‬أ�صبحت �أف�ضل‪ ،‬ولكن لي�س ب�شكل كامل‪ .‬فرغم �أن الوخز‬
‫ﺸﺮ‬

‫والطعن قد توقف‪ ،‬و�أنني ا�ستعدت �شهيتي للطعام‪� ،‬إال �أين مل �أ�ستعد �صحتي كاملة‪،‬‬
‫وعندما �س�ألته ملاذا مل �أ�ستعد كامل �صحتي‪� ،‬أجاب‪ :‬هناك �أدوات �أخرى لل�سحر‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خمفية ال ميكنني �إيجادها وعندما �س�ألت الرجل كيف عرف مكان الأدوات الأوىل‪،‬‬
‫يحث ال�صديق �أن ُيخرب بالأمور �إىل‬ ‫�أجاب «�أنا �أعلم هذا من خالل احلب الذي ُ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�صديقه‪ ،‬لأن جارتك ك�شفت يل هذا عندما كانت تتملقني لعمل الفاح�شة معها»‬
‫وهذه هي ق�صة املر�أة املري�ضة‪.‬‬
‫ولكن �إذا كنت �س�أحكي كل احلكايات التي وجدناها يف تلك القرية‪� ،‬س�أحتاج‬
‫كامل عنها‪ .‬لأن هناك عددًا ال ح�صر له من الرجال والن�ساء‬ ‫�إىل �أن �أعمل كتا ًبا ً‬
‫الذين كانوا عميا ًنا‪� ،‬أو مقعدين �أو م�صابني ب�أنواع الأمرا�ض‪ ،‬حلفوا اليمني �أن لديهم‬
‫�شكو ًكا قوية �أن �أمرا�ضهم �سببها ال�ساحرات‪ ،‬و�أنهم كانوا ُملزمني �أن يتحملوا هذه‬
‫الآالم لفرتة ما �أو حتى املوت‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫وكل ما قالوه و�شهدوا به كان حقيقة‪� ،‬سواء ما يتعلق مبر�ض حمدد‪� ،‬أو ما يتعلق‬
‫مبوت �آخرين‪ .‬لأن الدولة تزخر باملريدين املخل�صني الفر�سان الذين لديهم فراغ‬
‫لعمل الرذيلة‪ ،‬ولإغواء الن�ساء‪ ،‬ثم ملا يريدون �أن يطردوهن عند رغبتهم يف الزواج‬
‫بامر�أة �صاحلة‪ .‬ال ميكنهم عمل هذا غال ًبا بدون �أن تقابلهم الن�ساء باالنتقام بعمل‬
‫ال�سحر عليهم �أو على زوجاتهم‪ .‬لأنه عندما جتد ه�ؤالء الن�سوة �أنف�سهن مزدريات‪،‬‬
‫ُت�صر الواحدة منهن على �أن ُتوجع الزوجة �أكرث من الزوج‪ ،‬على �أمل �أن متوت‬
‫الزوجة‪ ،‬ويعود الزوج �إىل ع�شيقته‪.‬‬
‫لأنه عندما تزوج طباخ الأر�شيدوق فتاة �صاحلة من دولة �أجنبية‪ ،‬قابلتهم يف‬
‫الطريق امر�أة �ساحرة كانت ع�شيقته‪ ،‬ولقد تنب�أت مبوت زوجته‪ ،‬حيث مدت يدها‬

‫ﻋﺼ‬
‫وقالت لها «لي�س ملدة طويلة �ستتمتعني بزوجك» وفج�أة‪ ،‬يف اليوم التايل‪ ،‬لزمت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫زوجته �سريرها وبعد عدة �أيام دفعت الثمن‪ ،‬و�صرخت وهي تلفظ �أنفا�سها الأخرية‪،‬‬
‫هكذا �س�أموت‪ ،‬ب�سبب تلك املر�أة‪ ،‬وب�إذن الرب‪ ،‬قد قتلتني ب�سحرها‪� ،‬إال �أنني بال ريب‬
‫ﻜﺘ‬
‫ذاهبة �إىل زواج �أف�ضل عند الرب‪.‬‬
‫بنف�س الطريقة‪ ،‬ووفقا لدليل م�أخوذ من تقرير عام‪ُ ،‬قتل جندي معني بوا�سطة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�سحر‪ ،‬وكثري غريه من الذين مل �أذكر ق�ص�صهم‪.‬‬


‫ولكن من بينهم كان هناك رجل نبيل معروف‪ ،‬ع�شيقته كانت تريده �أن ي�أتيها‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف �أحد الليايل‪ ،‬ف�أر�سل خادمه �إليها ليخربها �أنه ال ي�ستطيع �أن يزورها الليلة لأنه‬
‫م�شغول‪ .‬وعلى الفور ا�ست�شاطت غ�ض ًبا‪ ،‬وقالت للخادم‪ :‬اذهب و�أخرب �سيدك �أنه لن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫طويل‪ .‬ويف اليوم التايل مر�ض الرجل‪ ،‬ويف خالل �أ�سبوع كان مدفو ًنا‪.‬‬‫ُيزعجني ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهناك �ساحرات ميكن �أن ي�سحرن الق�ضاة الذين يحكمون عليهن بنظرة فقط‬
‫�أو ملحة من �أعينهن ويتفاخرن عل ًنا �أنه بهذا ال ميكن معاقبتهن‪ ،‬وعندما ي�سجن‬
‫املجرمون على جرائمهم‪ ،‬ويتعر�ضون للعذاب ال�شديد ليقولوا احلقيقة‪ ،‬ه�ؤالء‬
‫ال�ساحرات ميكن �أن مينحوهم الت�صلب للحفاظ على �سكوتهم حتى ال ُتك�شف‬
‫جرائمهن‪.‬‬
‫وهناك �آخرون‪ ،‬حتى يحققن تعويذاتهن و�شعوذاتهن‪ ،‬ي�ضربن ويطعنّ متثال‬
‫امل�سيح امل�صلوب‪ ،‬ويتفوهن ب�أقذر الكلمات �ضد الطاهرة املعظمة العذراء ماري‪،‬‬
‫ويرمني بالقذف الكريه على ميالد خمل�صنا من رحمها الطاهر‪ .‬ولي�س من اجليد‬
‫‪202‬‬
‫�أن نكرر هذه الكلمات ال�سيئة‪� ،‬أو �أن ن�صف جرائمهن ال�سيئة‪ ،‬لأن �سرد هذا ي�سبب‬
‫�إ�ساءة عظيمة للأذن املتدينة‪.‬‬
‫وهناك يهودية �أدت التعميد و�أر�شدت على فتيات �شابات فا�سدات واحدة منهن‬
‫ا�سمها «والبورجي�س»‪ ،‬بعد �أن مت ال�ضغط عليها بوا�سطة ه�ؤالء الذين يقفون حولها‬
‫وروحا لل�شيطان‪ ،‬وال يوجد‬
‫لتعرتف بخطيئاتها‪� ،‬أعلنت‪ :‬لقد �أعطيت نف�سي ج�سدً ا ً‬
‫�أمل يف �أن ُيغفر يل‪ ،‬وبالتايل ماتت‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪203‬‬
‫الفصل ‪ .13‬كيف للمُولِّدات الساحرات أن يعملن‬
‫الجريمة الشنعاء بقتل األطفال أو وهبهم للشيطان‬
‫بهذا الشكل بغيض‬

‫ال بد �أال نتجاهل ذكر الأذى الذي ُيرتكب يف الأطفال بوا�سطة املولدات ال�ساحرات‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫� ًأول بقتلهم‪ ،‬وثان ًيا بوهبهم �إىل ال�شيطان بكفر‪ .‬ففي �أبر�شية «�سرتا�سبورج» ويف قرية‬
‫«زابرين» كانت هناك امر�أة �صاحلة ُم ِل�صة للعذراء املباركة ماري‪ ،‬وكانت تخرب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الق�صة التالية التي حدثت لها لكل الزبائن الذين ي�أتون �إىل احلانة التي تعمل فيها‬
‫ﻜﺘ‬
‫واملعروفة بعالمة الن�سر الأ�سود‪.‬‬
‫حامل من زوجي ال�شرعي‪ ،‬الذي مات الآن‪ ،‬وكلما اقرتب‬ ‫لقد كنت‪ ،‬هي تقول‪ً ،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وقت والدتي‪ُ ،‬تغريني �إحدى املولدات حتى �أرتبط معها لت�ساعدين يف والدة طفلي‪.‬‬
‫ولكنني كنت �أعلم �أن لها �سمعة �سيئة‪ ،‬ورغم �أنني قررت �أن �أرتبط مع مولدة �أخرى‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫لكنني تظاهرت بكلمات ا�سرت�ضائية باملوافقة على طلبها‪ .‬ولكن عندما جاءتني‬
‫الآالم‪ ،‬وطلبت امر�أة �أخرى كمولدة‪ ،‬غ�ضبت الأوىل جدًّا‪ ،‬وبعد �أ�سبوع جاءت �إىل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫غرفتي يف �أحد الليايل مع امر�أتني‪ ،‬واقرتبن من ال�سرير الذي �أرقد عليه‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫وتعبت من مناداة زوجي الذي كان نائ ًما يف غرفة �أخرى‪ ،‬وفج�أة ُ�ش ّلت كل احلركة‬
‫من �أطرايف ول�ساين‪ ،‬وبقي يل فقط ال�سمع والب�صر ومل �أ�ستطع �أن �أحرك ع�ضلة‬
‫واحدة‪ .‬وال�ساحرة التي كانت تقف بني املر�أتني قالت‪« :‬انظرا‪ ،‬هذه املر�أة البذيئة‪،‬‬
‫مل ت�أخذين كمولدة لها‪ ،‬وهي لن تعي�ش هكذا بدون عقاب» واملر�أتان الأخريان‬
‫التم�سن يل العذر فقالت �إحداهما «هي مل ت�ؤذ �أ ًيا منا» ولكن ال�ساحرة قالت «لأنها‬
‫�أ�ساءت يل �س�أ�ضع �شي ًئا يف �أح�شائها‪ ،‬و لكن لأجلكن‪ ،‬فهي لن ت�شعر ب�أي �أمل لن�صف‬
‫�سنة‪ ،‬ولكن بعد هذا الوقت �ستتعذب كفاية» فجاءت �إيل ومل�ست بطني بيديها‪ ،‬وبدا‬
‫خارجا‪ ،‬وو�ضعت فيها �شي ًئا مل �أره‪ .‬وعندما ذهنب جمي ًعا‪،‬‬‫يل �أنها �أخذت �أح�شائي ً‬
‫‪204‬‬
‫وا�ستعدت قدرتي على النطق‪ ،‬ناديت على زوجي ب�أ�سرع ما ا�ستطعت‪ ،‬و�أخربته مبا‬
‫ح�صل‪ .‬ولكنه عزا الأمر �إىل حملي فقال «�أننت احلوامل دائ ًما ما تعانني من الوهم‬
‫واخلياالت»‪ ،‬وعندما مل ي�صدقني ب�أي طريقة‪ ،‬قلت له «لقد �أُعطيت �ستة �أ�شهر من‬
‫النعمة‪ ،‬وبعد ذلك الوقت‪� ،‬إن مل يحدث يل �أي عذاب‪� ،‬س�أ�صدقك»‬
‫و�أخربت املر�أة ولدها بالأمر‪ ،‬وكان رجل دين وهو رئي�س �شمام�سة املقاطعة‪ ،‬وقد‬
‫�أتى لزيارتها يف نف�س اليوم‪ .‬وما الذي ح�صل؟ عندما مرت �ستة �أ�شهر بال�ضبط‪،‬‬
‫جاءها �أمل عظيم يف بطنها ومل ميكنها �إال �أن ُتقلق اجلميع ب�صياحها ً‬
‫ليل ونها ًرا‪.‬‬
‫وب�سبب �أنها كانت خمل�صة للعذراء �أمرية الرحمة ماري‪� ،‬صامت بخبز وماء يف كل‬

‫ﻋﺼ‬
‫�سبت‪ ،‬ع�سى �أن يكون هذا �شفي ًعا خلال�صها‪ .‬ويف �أحد الأيام‪ ،‬عندما �أرادت �أن ُتلبي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫نداء الطبيعة‪ ،‬كل هذه الأ�شياء النج�سة �سقطت من ج�سدها‪ ،‬فنادت على زوجها‬
‫وابنها وقالت هل هذه خياالت؟ �أمل �أقل �أنه بعد ن�صف �سنة �ستظهر احلقيقة؟ �أال‬
‫ﻜﺘ‬
‫ترون العظام و�شوكات الآذان و ُفتات اخل�شب؟ وكانت هناك �أ�شواك بحجم الكف‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وعدد من الأ�شياء الأخرى‪.‬‬


‫أي�ضا (كما قلنا يف اجلزء الأول من الكتاب)‪ ،‬ات�ضح من اعرتاف اخلادم‪ ،‬الذي‬ ‫� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫مت �إح�ضاره للمحاكمة يف «بري�ساخ»‪� ،‬أن �أكرب �أذى للإميان بوا�سطة ال�سحر ي�أتي من‬
‫و�ضوحا من نور ال�صباح نف�سه باعرتافات البع�ض الالتي‬
‫ً‬ ‫املولدات‪ .‬وهذا �أ�صبح �أكرث‬
‫ﻭ‬

‫�أُحرقن بعدها‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأنه يف �أبر�شية «بازل» يف قرية «دان»‪� ،‬أُحرقت �ساحرة اعرتفت �أنها قتلت �أكرث‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من �أربعني طفلً‪ ،‬بغر�س �إبرة يف تاج ر�ؤو�سهم �إىل دماغهم‪ ،‬بعد �أن يَخرجوا من‬
‫الرحم‪.‬‬
‫و�أخ ًريا‪ ،‬امر�أة �أخرى من �أبر�شية «�سرتا�سبورج» اعرتفت �أنها قتلت عددًا من‬
‫الأطفال �أكرب من قدرتها على العد‪ .‬ومت الإم�ساك بها بهذه الطريقة‪ ،‬كان يتم طلبها‬
‫من قرية �إىل �أخرى للعمل كمولدة‪ ،‬وبعد �أن ت�ؤدي مهمتها‪ ،‬كانت تعود �إىل املنزل‪.‬‬
‫يوما من بوابة القرية‪� ،‬سقط من عباءتها ذراع طفل مولود‬ ‫ولكن عندما خرجت ً‬
‫كانت تخفيها بني ثنيات العباءة‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫هذا �شوهد من اجلال�سني عند البوابة‪ ،‬وعندما حتركت لأخذ الذراع من الأر�ض‪،‬‬
‫توجه بع�ض اجلال�سني �إىل الذراع و�أخذوها على �أنها قطعة حلم ليعطوها للمر�أة‪،‬‬
‫ولكن عندما نظروا لها عن قرب وعرفوا �أنها لي�ست قطعة حلم‪ ،‬بل هي ذراع طفل‬
‫وا�ضحة‪ ،‬فيها يد وكف ومرفق‪ ،‬ب ّلغوا هذا �إىل القا�ضي‪ ،‬و ُوجد بالفعل �أن هناك ً‬
‫طفل‬
‫مات قبل التعميد فاقدً ا ذراعه‪ .‬فتم �أخذ ال�ساحرة وم�ساءلتها واعرتفت بجرميتها‪،‬‬
‫و�أنها كما قالت قتلت عددًا من الأطفال �أكرث من قدرتها على العد‪.‬‬
‫�سبب هذه املمار�سات هو علم ال�شيطان �أنه ب�سبب اخلطيئة الأ�صلية‪ ،‬ف�إن ه�ؤالء‬
‫الأطفال ُيحرمون من دخول مملكة ال�سماوات‪ .‬وبهذا املعنى يت�أخر عليهم احل�ساب‬
‫أي�ضا‪ ،‬كما قلنا �ساب ًقا‪ ،‬ال�ساحرات‬
‫الأخروي‪ ،‬بينما ُيدان ال�شيطان بالعذاب الأبدي‪ ،‬و� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫ع ّلمهن ال�شيطان �أن يطحنّ �أطراف الأطفال ويعملن م�ستح�ضرات تفيدهم يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫تعاويذهن‪.‬‬
‫وال يجب �أن نتجاوز اجلرمية ال�شنعاء التالية‪ ،‬فهن عندما ال يقدرن على قتل‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطفل‪ ،‬يهبنه لل�شيطان بكل كفر‪ ،‬فعندما يولد الطفل‪ ،‬حتمله املولدة ‪�-‬إذا مل تكن‬
‫الأم نف�سها �ساحرة‪ -‬وتخرجه من الغرفة بحجة �أن تدفئه‪ ،‬ثم ترفعه وتهبه �إىل �أمري‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�شياطني الذي هو لو�سيفر‪ ،‬ولكل ال�شياطني‪ ،‬وت�ستخدم يف هذا نار املطبخ‪.‬‬


‫يقول رجل �أنه قد الحظ �أن زوجته ملا حان وقت والدتها‪ ،‬وعك�س العادة املتعارف‬
‫ﺸﺮ‬

‫عليها من الن�ساء يف الوالدة‪ ،‬مل ت�سمح لأي امر�أة �أن تقرتب من �سريرها �إال ابنتها‪،‬‬
‫التي كانت تولدها‪ .‬ولأجل حماولة معرفة ال�سبب‪ ،‬اختب�أ الرجل يف املنزل ور�أى‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫العملية الكاملة لتدني�س املقد�سات ووهب الطفل لل�شيطان‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا ما بدا له غري ًبا جدًّا‪� ،‬أنه وبدون �أي م�ساعدة‪ ،‬وفقط مبعونة‬ ‫ور�أى � ً‬
‫ال�شيطان‪ ،‬كان الطفل يت�سلق ال�سل�سلة التي تتعلق فيها �آنية الطبخ‪ .‬وبذعر �شديد‬
‫من الكلمات الفظيعة للت�ضرع لل�شياطني ومن امل�شاهد املرعبة الأخرى‪� ،‬أ�صر الرجل‬
‫على �أن يتم تعميد الطفل على الفور‪ .‬وبينما كان يحمله �إىل القرية املجاورة‪ ،‬حيث‬
‫الكني�سة‪ ،‬وبينما كان مير فوق اجل�سر الذي فوق النهر‪� ،‬أخرج الرجل �سيفه ورك�ض‬
‫ناحية ابنته‪ ،‬التي كانت حتمل الطفل‪ ،‬وقال لها حتت م�سمع من امر�أتني كانتا معهما‬
‫«�أنت لن حتملي الطفل فوق اجل�سر‪� ،‬إما �أن جتعليه مير فوق اجل�سر بنف�سه �أو‬
‫�س�أغرقك يف النهر»‪.‬‬
‫‪206‬‬
‫ارتعبت االبنة‪ ،‬و�س�ألته �إن كان يف وعيه (لأنه �أخفى ما حدث معه عن كل الآخرين‬
‫�إال عن املر�أتني الالتي كانتا معهما)‪ .‬ف�أجاب «�أيتها اخل�سي�سة املوم�س‪� ،‬أنت بفنون‬
‫�سحرك جعلت الطفل يت�سلق ال�سل�سلة يف املطبخ‪ ،‬الآن هيا اجعليه مي�شي على‬
‫اجل�سر بدون �أن يحمله �أحد �أو �س�أغرقك بنف�سي يف النهر»‪ ،‬وبالتايل كونها جمربة‪،‬‬
‫و�ضعت االبنة الطفل على طرف اجل�سر‪ ،‬وت�ضرعت لل�شيطان بفنونها‪ ،‬وفج�أة ُر�ؤي‬
‫الطفل على اجلانب الآخر من اجل�سر‪.‬‬
‫وعندما مت تعميد هذا الطفل‪ ،‬و�أعيد �إىل املنزل‪� ،‬أ�صبح الرجل لديه �شهود ليتهم‬
‫االبنة بال�سحر (لأنه مل يكن ليتمكن من �إثبات جرمية وهب الطفل لل�شيطان لأنه‬
‫كان ال�شاهد الوحيد على طقو�س تدني�س املقد�سات)‪ ،‬فاتهم الرجل الأم وابنتها‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أمام القا�ضي وبعد فرتة تطهريهن‪ ،‬مت حرقهن‪ ،‬ومن �ساعتها مت اكت�شاف جرمية‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املولدات الالتي يهنب الأطفال لل�شيطان‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ولكن هنا ي�أتي �شك‪ ،‬لأي غر�ض �أو غاية يكون تدني�س املقد�سات بوهب الأطفال؟‬
‫وكيف يفيد هذا ال�شيطان؟ بالن�سبة لهذا ميكن �أن نقول �أن ال�شياطني يفعلون هذا‬
‫لثالثة �أ�سباب‪ ،‬وكلها �أغرا�ض فا�سدة‪ ،‬ال�سبب الأول ي�أتي من كربيائهم‪ ،‬التي تتزايد‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ثان ًيا‪ ،‬يحبون �أن يخدعوا الإن�سان حتت قناع العمل الذي ظاهره الورع‪ ،‬وهم بهذه‬
‫الطريقة يغوون العذراوات ال�شابات وال�شباب �إىل �سلطانهم‪ ،‬ورغم �أنهم يحققون‬
‫ﺸﺮ‬

‫هذا بال�شر وبف�ساد الب�شر‪ ،‬ويخدعون الن�ساء باملرايا ال�سحرية واالنعكا�س الذي ُيرى‬
‫يف �أظافر ال�ساحرات‪ ،‬ويغوونهم للت�صديق ب�أنهم يحبون العفة‪ ،‬بينما هم يكرهونها‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأن ال�شيطان يكره العذراء املباركة ماري �أكرث من �أي �شيء‪ ،‬لأنها قمعت ر�أ�سه ‪,‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫متاما كما يف هذه القرابني بالأطفال حيث يخدعون عقول ال�ساحرات وي�ستدرجونهن‬ ‫ً‬
‫�إىل رذيلة الكفر حتت مظهر الفعل الفا�ضل‪ .‬وال�سبب الثالث هو‪� ،‬أن خيانة املولدات‬
‫ُتربح ال�شيطان‪ ،‬حيث تكون له �ساحرات مكر�سات �إليه منذ مهدهن‪.‬‬
‫وهذا التدني�س للمقد�سات ي�ؤثر يف الأطفال بطريقتني‪ .‬الأوىل‪ ،‬نعلم �أن القربان‬
‫الذي لأجل الرب ُيعمل من �أ�شياء مرئية‪ ،‬مثل اخلمر واملاء �أو ثمار الأر�ض‪ ،‬وهو‬
‫عالمة على االحرتام واخل�ضوع للرب‪ ،‬كما قيل يف كتاب ‪ Ecclesiasticus‬اخلام�س‬
‫والع�شرين‪� .‬أنت لن تظهر خاو ًيا �أمام الرب‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫وهذه القرابني ال ميكن وال يجب �أن تكون لأغرا�ض جن�سة‪ .‬لأجل ذلك الأب‬
‫املقد�س القدي�س «جون داما�سني» يقول‪ :‬القرابني التي توهب يف الكني�سة تخ�ص‬
‫الرهبان فقط‪ ،‬ولي�س لهم �أن ُيحرفوها لأجل ا�ستخداماتهم ال�شخ�صية‪ ،‬بل ال بد �أن‬
‫يوزعوها ب�أمانة‪ ،‬مبراعاة �أنها عبادة ربانية‪ ،‬ولأجل الفقراء � ً‬
‫أي�ضا‪ .‬من هذا يتبع �أن‬
‫الطفل الذي يوهب لل�شيطان بهذا الإجالل واخل�ضوع‪ ،‬ال ميكن طوال حياته �أن يوهب‬
‫للحياة املقد�سة من ِقبل الكاثوليكيني‪ ،‬للخدمة املثمرة للرب لأجل منفعته ومنفعة‬
‫الآخرين‪.‬‬
‫لكن هل خطايا الأمهات جتلب العقوبة على الأطفال؟ رمبا �أحدهم �سيقتب�س‬

‫ﻋﺼ‬
‫تلك املقولة للنبي «االبن ال يحمل من �إثم الأب» لكن هناك مقطع يف �سفر اخلروج‬
‫الع�شرون «لأين �أنا الرب �إلهك غيور‪� ،‬أفتقد ذنوب الآباء يف الأبناء يف اجليل الثالث‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫والرابع من ُمبغ�ضي» ومعنى هاتني املقولتني هو كما يلي‪ .‬الأوىل تتحدث عن العقوبة‬
‫ﻜﺘ‬
‫الروحية يف حمكمة ال�سماوات‪ ،‬ولي�س يف حكم الإن�سان‪ .‬وهذه هي عقوبة الروح‪،‬‬
‫مثل ال�ضياع �أو خ�سران املجد‪� ،‬أو عقوبة الأمل التي هي العذاب بالنار الأبدية‪ .‬ومثل‬
‫هذه العقوبات ال يعا َقب بها �أحد �إال خلطيئته ال�شخ�صية‪� ،‬سواء كانت تلك اخلطيئة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫موروثة من اخلطيئة الأ�صلية �أو ارتكبها ال�شخ�ص كخطيئة فعلية‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫�أما املقطع الثاين فيتحدث عن �أولئك الذين يقلدون خطايا �آبائهم‪ ،‬كما و�ضح‬
‫«جرياتيان»‪ :‬وهنا هو يعطي تف�سريات �أخرى عن كيفية �أن الرب يعاقب الإن�سان‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لي�س فقط على خطاياه ال�شخ�صية التي ارتكبها‪� ،‬أو التي ميكن �أن يرتكبها (ولكن‬
‫أي�ضا على خطايا الآخرين‪.‬‬‫منعه العقاب من ارتكابها)‪ ،‬ولكن � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وال ميكن �أن يعا َقب الإن�سان بدون �سبب‪ ،‬وبدون خطية‪ ،‬لأن اخلطية من املفرت�ض‬
‫�أن تكون هي �سبب العقوبة‪ .‬فح�سب قانون ال�شريعة‪ ،‬ال �أحد يجب �أن يعاقب بدون‬
‫خطية‪� ،‬إال �إن كان هناك �سبب للعقوبة‪ .‬وميكن �أن نقول �أن هناك �سب ًبا ً‬
‫عادل دائ ًما‪،‬‬
‫معلوما لنا‪ ،‬انظر كالم القدي�س «�أوج�ستني»‪� ،‬إذا مل ميكننا �أن‬
‫رغم �أنه قد ال يكون ً‬
‫نعرف حكمة الرب العميقة‪ ،‬فنحن نعلم �أن ما قاله حقيقي‪ ،‬و�أن ما يعمله َعدل‪.‬‬
‫يالحظ يف الأطفال الأبرياء الذين يوهبون لل�شيطان‪،‬‬ ‫ولكن هناك فرق ينبغي �أن َ‬
‫لي�س بوا�سطة �أمهاتهم ال�ساحرات‪ ،‬ولكن بوا�سطة املولدات‪ ،‬ه�ؤالء الأطفال ال‬
‫‪208‬‬
‫ينقطعون من النعمة وال يكونون بالفطرة مائلني لهذه اجلرائم‪ ،‬لكن من امل�صدق به‬
‫�أنهم يح�صدون خطايا �أمهاتهم‪.‬‬
‫النتيجة الثانية التي حتدث للأطفال الذين ح�صل فيهم هذا االنتهاك هي كما‬
‫يلي‪ ،‬عندما يهب الإن�سان نف�سه قربانا �إىل الرب‪ ،‬فهو يعرف �أن الرب هو بدايته‬
‫ونهايته‪ ،‬وهذه الت�ضحية �أكرث قيمة من �أي ت�ضحية خارجية ميكن �أن يقوم بها‪ ،‬حيث‬
‫�أن البداية هي خلقه والنهاية هي متجيده‪ ،‬بنف�س الطريقة‪ ،‬عندما تهب ال�ساحرة‬
‫الطفل لل�شيطان‪ ،‬ف�إنها ت�ستودع روحه وج�سده لل�شيطان يف بدايته وتكون نهايته‬
‫اللعن الأبدي‪ ،‬لكن ذلك الطفل ميكن �أن يتحرر من �أن يدفع ثم ًنا عظي ًما مثل هذا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ونحن نقر�أ عادة يف تاريخ الأطفال الذين وهبتهم �أمهاتهم امل�ضطربات عقل ًيا �إىل‬
‫ال�شيطان منذ �أن كانوا يف �أرحامهن‪ ،‬وكيف �أنهم ب�صعوبة �شديدة بعد �أن يكربوا �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مرحلة البلوغ‪ ،‬يتحرروا من هذه العبودية لل�شيطان ب�إذن الرب‪ ،‬حيث �أن ال�شيطان‬
‫ي�ستويل عليهم دوما‪ .‬ويف كتاب ‪ ،Book of Examples‬العذراء املباركة ماري‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أعطت مثاالت عديدة‪ ،‬مثل الرجل الذي مل يتمكن احلرب الأعظم من حتريره من‬
‫عذابات ال�شيطان‪ ،‬ولكن يف النهاية مت �إر�ساله �إىل رجل مقد�س يعي�ش يف امل�شرق‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وب�صعوبة بالغة حترر من عبوديته ب�شفاعة العذراء املباركة نف�سها‪.‬‬


‫تلك الأم التي بعد �أن جامعها زوجها‪ ،‬تقول‪� ،‬أمتنى �أن ي�أتي منه طفل‪ ،‬ثم �إذا‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أتى الطفل تقول‪ ،‬فليذهب الطفل �إىل ال�شيطان! ماذا ميكن للعقوبة عليها �أن تكون‪،‬‬
‫عندما ي�ساء �إىل عظمة الإله بهذه الطريقة؟‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪209‬‬
‫الفصل ‪ .14‬كيف تؤذي الساحرات الماشية بطرق‬
‫عديدة؟‬

‫عندما قال القدي�س «بول�س»‪�« ،‬ألعل الرب تهمه الثريان» كان يعني �أنه رغم‬
‫�أن كل الأ�شياء خا�ضعة للعناية الإلهية‪ ،‬الإن�سان واحليوان كل على ح�سب درجته‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫كما يقول ناظم الرتانيم‪� ،‬إال �أن �أبناء الإن�سان هم خا�صة حتت حكم الرب وحتت‬
‫جناحه‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�إذا متت �أذية الإن�سان بوا�سطة ال�ساحرات‪ ،‬فهذا يقع على كل من الربيئني‬
‫ﻜﺘ‬
‫واخلاطئني وال�صاحلني‪ ،‬و�إذا �سحرت ال�ساحرات �أبناءهن على �أنهم جزء من‬
‫ممتلكاتهن‪ ،‬فمن الذي ي�شك �أنه‪ ،‬بنف�س الطريقة‪ ،‬كثري من الأذى ميكن �أن يحدث‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بوا�سطة نف�س ال�ساحرات للما�شية ولثمار الأر�ض‪ ،‬والتي هي � ً‬


‫أي�ضا من ممتلكات‬
‫الإن�سان؟ لأنه هكذا مت �ضرب �أيوب وخ�سر كل ما�شيته‪ .‬ولي�س هناك مزرعة �صغرية‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال ت�ؤذي فيها الن�ساء ما�شية بع�ضهن‪ ،‬بتجفيف حليبهم �أو حتى بقتلهم‪.‬‬
‫ولكن � ًأول‪ ،‬دعونا ن�ضع يف االعتبار �أقل �أنواع هذه الأذية‪ ،‬جتفيف احلليب‪ ،‬ولو‬
‫ﻭ‬

‫�س�أل �أحد كيف ميكنهن �أن يعملن هذا‪� ،‬سيجاب ب�أنه وف ًقا لكالم «�ألربت» املبارك يف‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كتابه ‪ ،Book on Animals‬فاحلليب هو �شيء طبيعي يخرج من �أي حيوان‪ ،‬مثل‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫الدفق الذي يخرج من املر�أة‪ ،‬ف�إذا مل يوقفه مر�ض معني‪ ،‬ف�إن توقفه �سيكون ب�سبب‬
‫حامل‪ ،‬ويتوقف كذلك‬‫ال�سحر‪ .‬وتدفق احلليب يتوقف عندما ت�صبح �أنثى احليوان ً‬
‫مبر�ض عار�ض عندما ي�أكل احليوان بع�ض الأع�شاب من الطبيعة فتجفف له احلليب‬
‫وجتعل احليوان ً‬
‫مري�ضا‪.‬‬
‫ولكن ال�ساحرات ميكن �أن يعملن هذا بوا�سطة �أنواع من ال�سحر‪ ،‬لأنه يف الليايل‬
‫الأكرث قدا�سة طبقا لتعليمات ال�شيطان ولأجل الإ�ساءة الأكرب لعظمة الإله‪ ،‬جتل�س‬
‫ال�ساحرة يف ركن املنزل مع دلو بني قدميها‪ ،‬وتغر�س �سكي ًنا �أو �أي �أداة يف جدار �أو‬
‫‪210‬‬
‫عمود‪ ،‬وتعمل ك�أنها حتلبه بيدها‪ .‬ثم تدعو �شيطانها الذي يعمل معها كل �شيء‪،‬‬
‫وتخربه �أنها تريد حلب بقرة معينة من بيت معني‪ ،‬بقرة تكون �صحتها قوية ومليئة‬
‫باحلليب‪ .‬وفج�أة ي�أخذ ال�شيطان احلليب من �ضرع تلك البقرة‪ ،‬و ُيح�ضره �إىل حيث‬
‫جتل�س ال�ساحرة‪ ،‬ويتدفق كما لو كان يتدفق من ال�سكني‪.‬‬
‫ولكن عندما يتم التب�شري بهذا للنا�س فهم ي�أخذون معلومات �سيئة‪ ،‬ف�أي �أحد‬
‫ميكن �أن يتو�سل بال�شيطان ويعتقد �أنه بهذا ميكن �أن يح�صل على احلليب‪ ،‬فيخدع‬
‫نف�سه‪ ،‬لأنه مل يقدم خدمة ل�شيطان ومل ينكر الإميان‪ .‬ولقد ذكرت هذا لأن البع�ض‬
‫يب�شر بها للنا�س‪ ،‬ب�سبب خطر �أن‬ ‫بع�ضا من املادة التي كتبتها يجب �أال ّ‬‫يظن �أن ً‬
‫نعطيهم معلومات خطرية‪ ،‬بينما من امل�ستحيل لأي �أحد �أن يتعلم من مب�شر كيف‬

‫ﻋﺼ‬
‫ي�ؤدي �أ ًيا من هذه الأ�شياء التي يتم ذكرها‪ ،‬ولكن متت كتابتها هنا للتعريف بهذه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اجلرائم اخلطرية‪ ،‬ويجب �أن يتم التب�شري بهذا من املكتب‪ ،‬حتى ميكن للق�ضاة �أن‬
‫يحر�صوا على معاقبة اجلرائم املريعة لإنكار الإميان‪� .‬إال �أنه ال يجب �أن يتم التب�شري‬
‫ﻜﺘ‬
‫دائ ًما بهذه الطريقة‪ ،‬لأن العقل العلماين يركز �أكرث على اخل�سارة امل�ؤقتة ويهتم �أكرث‬
‫بالأمور الأر�ضية �أكرث من الأمور الروحية‪ ،‬بالتايل عندما ُتتهم ال�ساحرات بعمل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫اخل�سارة امل�ؤقتة‪ ،‬يكون الق�ضاة متحم�سني �أكرث ملعاقبتهن‪ .‬ولكن من الذي ميكنه �أن‬
‫يفهم مكر ال�شيطان؟‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنا �أعرف بع�ض الرجال يف مدينة معينة �أرادوا �أن ي�أكلوا ُزبد مايو يف غري �شهر‬
‫مايو‪ .‬وبينما هم مي�شون �أتوا �إىل رو�ضة خ�ضراء وجل�سوا على النهر‪ ،‬واحد منهم كان‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قد عمل عهدً ا مع ال�شيطان‪ ،‬قال لهم‪� ،‬أنا �س�أح�ضر لكم �أف�ضل زبدة مايو‪ .‬وفج�أة نزع‬
‫مالب�سه ونزل �إىل النهر‪ ،‬ومل يقف و�إمنا جل�س وظهره �إىل التيار‪ ،‬وبينما كان اجلميع‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ينظر له‪ ،‬تلفظ ببع�ض الكلمات‪ ،‬وحرك املياه بيديه خلف ظهره‪ ،‬ويف وقت ق�صري‪،‬‬
‫�أح�ضر كميات كبرية من الزُبد من النوع الذي تبيعه الن�ساء يف ال�سوق يف مايو‪.‬‬
‫وذاقها الآخرون وقالوا �أنها �أف�ضل نوع ممكن من الزبدة‪.‬‬
‫من هذا ميكن �أن ن�ستنتج � ًأول احلقيقة التالية املتعلقة مبمار�سات ال�سحرة‪ .‬فهم‬
‫�إما �أن يكونوا �سحرة حقيقيني‪ ،‬ب�سبب العهد العلني الذي عملوه مع ال�شيطان‪� ،‬أو هم‬
‫يعلمون ببع�ض الفهم اخلفي �أن ال�شيطان �سيعمل لهم ما ي�س�ألونه‪ .‬احلالة الأوىل ال‬
‫حاجة للنقا�ش فيها بالن�سبة لل�سحرة احلقيقيني‪ .‬ولكن يف احلالة الثانية‪ ،‬ال�شيطان‬

‫‪211‬‬
‫يكون مدي ًنا لهم بامل�ساعدة‪ ،‬لأنه مت وهبهم لل�شيطان ب ُكفر بوا�سطة املولدات �أو‬
‫بوا�سطة �أمهاتهم‪.‬‬
‫ولكن ميكن �أن يعرت�ض �أحدهم ويقول �أن ال�شيطان هنا رمبا قد �أح�ضر الزبدة‬
‫بدون �أي عهد معلن �أو خمفي وبدون �أن يخل�ص الإن�سان نف�سه لل�شيطان‪ .‬و�سنجيب‬
‫ب�أنه ال �أحد ميكنه �أبدً ا �أن ي�ستخدم م�ساعدة ال�شيطان يف هذه الأمور بدون �أن‬
‫يتو�سل له‪ ،‬و�إن جمرد التلفظ بطلب امل�ساعدة من ال�شيطان‪ ،‬فال�شخ�ص املتلفظ بها‬
‫يرتد عن الإميان‪ .‬هذا هو قرار القدي�س «توما�س» يف الكتاب الثاين من ‪Sentences‬‬
‫الف�صل الثامن يف �إجابته عن �س�ؤال‪ ،‬هل يعترب ارتدادًا عن الإميان �أن ت�ستخدم‬
‫م�ساعدة ال�شيطان؟ ورغم �أن «�ألربت» املبارك العظيم وافق العلماء الآخرين‪� ،‬إال �أنه‬

‫ﻋﺼ‬
‫ذكر الأمر بطريقة معربة �أكرث‪ ،‬حيث قال �أنه يف هذه الأمور هناك دوما ر ّدة‪� ،‬إما‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بالكلمة �أو بالعمل‪.‬‬
‫ف�إذا ا�ستُخدمت التو�سالت والأبخرة والعبادات ال�شيطانية‪ ،‬عندها يكون هناك‬
‫ﻜﺘ‬
‫عهد معمول مع ال�شيطان‪ .‬حتى �إن مل يكن هناك ت�سليم للج�سد والروح معا يف �إنكار‬
‫�صريح للإميان‪ .‬لأنه مبجرد التو�سل لل�شيطان فالإن�سان يرتكب الر ّدة القولية‪ .‬لكن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�إن مل يكن هناك تو�سل لفظي‪ ،‬لكن فقط عمل ال ميكن �أدا�ؤه بدون م�ساعدة ال�شيطان‪،‬‬
‫عندها يكون الإن�سان قد ُوهب يف بدايته ال�سم ال�شيطان‪ ،‬ثم يقول «�ألربت» املبارك»‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنها ر ّدة بالعمل‪ ،‬لأن هذا العمل ب�إ�شراف ال�شيطان‪ .‬ولكن مبا �أن ا�ستالم �أي �شيء‬
‫من ال�شيطان هو دائ ًما انتقا�ص من قدر الإميان‪ ،‬فهو � ً‬
‫أي�ضا ر ّدة‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وبالتايل ُي�ستنتج �أنه‪ ،‬ب�أي طريقة ح�صل بها ال�ساحر على الزبدة‪ ،‬ف�إن هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫قد ح�صل �إما بعهد معلن مع ال�شيطان‪ ،‬وعندها �سنتعامل معه بالطريقة املعتادة‬
‫مع ال�ساحرات‪� ،‬أو يكون عهدً ا خمف ًيا‪� ،‬صادر من ذات ال�شخ�ص �أو من �أمه �أو من‬
‫املولدة‪ .‬و�أنا �أقول �أنه قد �صدر من ذات ال�شخ�ص‪ ،‬لأنه هنا عمل بع�ض احلركات‬
‫وتو ّقع من ال�شيطان �أن ي�ستجيب‪.‬‬
‫اال�ستنتاج الثاين الذي ميكن �أن ن�أخذه من املمار�سات املماثلة‪ ،‬هو �أن ال�شيطان‬
‫ال ي�ستطيع �أن يخلق ف�صائل جديدة من الأ�شياء‪ ،‬بالتايل عندما جاءت الزبدة فج�أة‬
‫من املاء‪ ،‬فال�شيطان مل يعمل هذا بتحويل املاء �إىل زبدة‪ ،‬ولكن عمله ب�أخذ الزبدة من‬
‫مكان كانت حمفوظة فيه و�أح�ضرها �إىل يد الرجل‪� .‬أو هو �أخذ احلليب ال�صايف من‬
‫‪212‬‬
‫وخم�ضها ب�سرعة �إىل ُزبدة طبيعية‪ ،‬لأنه بينما فنون الن�ساء ت�أخذ‬
‫البقرة الطبيعية ّ‬
‫وقتًا لعمل الزبدة‪ ،‬فال�شيطان ميكن �أن يعملها يف �أق�صر وقت ويح�ضرها للرجل‪.‬‬
‫بنف�س الطريقة بع�ض املتعاملني بال�سحر‪ ،‬عندما يجدون �أنف�سهم يف حاجة �إىل‬
‫خمر �أو �أي �ضرورة �أخرى‪ ،‬هم فقط يخرجون يف الليل بقارورة �أو �إناء‪ ،‬ويعودون‬
‫بها ملء باخلمر فج�أة‪ .‬لأن ال�شيطان ي�أخذ اخلمر الطبيعي من قارورة ما وميلأ‬
‫قارورتهم لأجلهم‪.‬‬
‫وبالن�سبة للطريقة التي تقتل بها ال�ساحرات احليوانات واملا�شية‪ ،‬يجب �أن نقول‬
‫�أنهن يعملن مثل عملهن يف حالة الإن�سان‪ .‬فيمكنهن �أن ي�سحرن احليوانات بلم�سة‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبنظرة‪� ،‬أو بنظرة فقط‪� ،‬أو بو�ضع �شيء حتت عتبة الباب‪� ،‬أو قرب املكان الذي‬
‫تذهب فيه احليوانات ل�شرب املاء‪� ،‬شيء مثل تعويذة �سحرية‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبهذا ال�سبب مت حرق �ساحرات «راتي�سبورن»‪ ،‬الالتي �سنتحدث عنهن الحقا‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫فلقد ُكن حم ّر�ضات من ال�شيطان لي�سحرن �أ�سرع الأح�صنة و�أ�سمن املا�شية‪ .‬وعندما‬
‫مت �س�ؤالهن كيف عملن هذا‪ ،‬واحدة منهن ا�سمها «�آجن�س» قالت �أنها خب�أت بع�ض‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأ�شياء حتت عتبة الباب‪ .‬وملا �س�ألوها ما نوع هذه الأ�شياء‪ ،‬قالت‪ ،‬عظام من �أنواع‬
‫و�سئلت بعدها با�سم من فعلت هذا‪ .‬فقالت با�سم ال�شيطان‬ ‫خمتلفة من احليوانات‪ُ .‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وكل ال�شياطني الآخرين‪ .‬وكانت هناك واحدة �أخرى ا�سمها «�آنا» قتلت ثالثة‬
‫وع�شرين ح�صا ًنا بالتتابع كان ميلكهم �أحد املواطنني الذي كان ً‬
‫ناقل‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذا الرجل يف النهاية‪ ،‬عندما ا�شرتى ح�صانه الرابع والع�شرين وافتقر جدًّا‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وقف يف �إ�سطبله وقال لل�ساحرة التي كانت تقف عند باب بيتها «انظري‪ ،‬لقد‬
‫ا�شرتيت ح�صا ًنا‪ ،‬و�أنا �أق�سم بالرب وبالعذراء املقد�سة �أنه لو مات هذا احل�صان‬
‫ف�إين �س�أقتلك بيدي هاتني» وهنا خافت ال�ساحرة‪ ،‬وتركت احل�صان حلاله‪ .‬ولكن‬
‫عندما مت �أخذها و�س�ؤالها كيف عملت هذه الأ�شياء‪� ،‬أجابت ب�أنها مل تعمل �شي ًئا �إال‬
‫�أنها حفرت حفرة �صغرية‪ ،‬حيث و�ضع فيها ال�شطيان �أ�شياء غري معلومة لها‪ .‬من‬
‫هذا ن�ستنتج �أن ال�ساحرة تتعاون‪ ،‬لأن ال�شيطان غري م�سموح له ب�أن ي�ؤذي املخلوقات‬
‫بدون بع�ض العون من ال�ساحرة‪ ،‬كما و�ضحنا يف ال�سابق‪ .‬وهذا لأجل الإ�ساءة الأكرب‬
‫للذات الإلهية‪.‬‬
‫‪213‬‬
‫لأن الرعاة عادة ما يرون احليوانات يف احلقول تقفز ثالث �أو �أربع قفزات يف‬
‫الهواء‪ ،‬ثم ت�سقط �إىل الأر�ض ومتوت‪ ،‬هذا يح�صل بقدرة ال�ساحرة بناء على طلب‬
‫ال�شيطان‪.‬‬
‫يف �أبر�شية «�سرتا�سبورج»‪ ،‬بني قرية «في�سني» وجبل «فري»‪ ،‬كان هناك رجل غني‬
‫�أكد �أن �أكرث من �أربعني ثو ًرا وبقرة كان ميتلكها مت �سحرهم يف جبال الألب خالل‬
‫�سنة واحدة‪ ،‬و�أنه مل يكن فيهم �أي مر�ض طبيعي �أو علة حلدوث هذا‪ .‬ولإثبات هذا‪،‬‬
‫قال �أنه ملا متوت املا�شية ب�سبب مر�ض‪ ،‬ف�إنها ال متوت هكذا فج�أة‪ ،‬ولكن ت�ض ُعف على‬
‫درجات‪ ،‬بينما هذا ال�سحر قد �أخذ كل احلياة منهم مرة واحدة‪ ،‬وبالتايل كل �أحد‬
‫يف القرية َحكم �أنهم ماتوا ب�سبب ال�سحر‪ .‬لقد قلتُ �أربعني ر� ًأ�سا من املا�شية‪ ،‬ولكنني‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أ�ؤمن �أنه قال رق ًما �أعلى من هذا‪ .‬على �أي حال‪ ،‬احلقيقة �أن كث ًريا من املا�شية‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫قيل �أنها ُ�سحرت يف بع�ض املقاطعات‪ ،‬خا�صة يف جبال الألب‪ ،‬التي من املعلوم فيها‬
‫انت�شار هذا النوع من ال�سحر للأ�سف‪ .‬و�سنتحدث عن حاالت م�شابهة الح ًقا‪ ،‬يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫الف�صل الذي نناق�ش فيه عالجات املا�شية التي مت �سحرها‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪214‬‬
‫الفصل ‪ .15‬كيف ي ُثِر َ‬
‫ن العواصف الباردة والزوابع‬
‫ويعملن الرعد ليضربن به اإلنسان والحيوان؟‬

‫ال�شياطني وتابعوهم ميكنهم بال�سحر �أن َيعملوا ال�صواعق والعوا�صف الباردة‬


‫والزوابع‪ ،‬وال�شياطني لديهم قدرة من عند الرب لفعل هذا‪ ،‬وتابعوهم يعملون‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذا ب�إذن الرب‪ ،‬كما هو مثبت يف الكتب املقد�سة يف �سفر �أيوب الأول والثاين‪ .‬لأن‬
‫ال�شيطان ح�صل على قدرة من عند الرب‪ ،‬وفو ًرا ت�سبب يف �أن ال�سبئيون �أخذوا من‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أيوب خم�سني ثو ًرا وخم�سمئة حمار‪ ،‬ثم جاءت النار من ال�سماوات و�أهلكت �سبعة‬
‫ﻜﺘ‬
‫�آالف جمل‪ ،‬وجاءت عا�صفة �شديدة وهدمت البيت وقتلت �أبناء �أيوب ال�سبعة وبناته‬
‫الثالثة‪ ،‬وكل اخلدم يف املنزل‪� ،‬إال ذلك الذي �أتاه باخلرب وقد مات بعدها � ً‬
‫أي�ضا‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�أخريا َ�سحر ال�شيطان ج�سد �أيوب ال�صالح بكل �أنواع الأمرا�ض املريعة‪ ،‬وجعل‬
‫زوجته و�أ�صدقاءه الثالثة ينكدون عليه ب�شدة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫القدي�س «توما�س» يف تعليقه على �أيوب قال‪ :‬ال بد �أن نعرتف �أنه ب�إذن الرب‪،‬‬
‫ميكن لل�شيطان �أن يثري الهواء ويعمل العوا�صف‪ ،‬ويجعل النار ت�سقط من ال�سماء‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لأنه رغم اتخاذ ال�شيطان لأ�شكال متعددة‪ ،‬فالطبيعة املادية لي�ست حتت �أمره‪ ،‬وال‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حتت �أمر �أي مالك �سواء كان مالك خري �أو �شر‪ ،‬فهذا فقط للرب اخلالق‪� ،‬إال يف‬
‫مو�ضوع احلركة املو�ضعية‪ ،‬عندها ت�ستجيب الطبيعة املادية للطبيعة الروحية‪ .‬وهذه‬
‫احلقيقة ميكن التمثيل لها يف الإن�سان نف�سه‪ ،‬لأنه مبجرد �أمر الإرادة التي توجد‬
‫بداخل الروح‪ ،‬تتحرك الأطراف املادية لت�أدية ما يرغب الإن�سان يف ت�أديته‪ ،.‬فلي�س‬
‫أي�ضا ميكن �أن يعملوا هذا بقدرتهم الطبيعية‪،‬‬ ‫فقط مالئكة اخلري بل مالئكة ال�شر � ً‬
‫�إال �إذا منع الرب هذا‪ .‬والرياح واملطر واال�ضطرابات الأخرى يف الهواء ميكن �أن‬
‫ُت�صنع مبجرد حتريك البخار من الأر�ض �أو من املاء‪ ،‬بالتايل فقدرة ال�شياطني كافية‬
‫لتعمل �شي ًئا مثل هذا‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫لأن الرب بعدالته ي�ستخدم ال�شياطني كعمالء له للعقاب فيعملوا ال�شر الذي‬
‫يعي�ش بيننا‪ .‬بالتايل‪ ،‬بالرجوع �إىل ما جاء يف �سفر املزامري «دعا باجلوع على‬
‫الأر�ض‪ ،‬ك�سر قوام اخلبز كله» �سنجد التف�سري يقول‪� :‬أن الرب ي�سمح بهذا ال�شر �أن‬
‫يحدث ب�سبب مالئكة ال�شر الذين هم م�س�ؤولون عن هذه الأمور‪ ،‬وباجلوع هو يق�صد‬
‫املالك امل�س�ؤول عن اجلوع‪.‬‬
‫نحن ُنحيل القارئ �إىل ما ُكتب يف ال�س�ؤال �أعاله عن �إذا كانت ال�ساحرات دائ ًما‬
‫يح�صلن على م�ساعدة من ال�شيطان يف �أعمالهن‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا بخ�صو�ص الثالثة �أنواع‬
‫من الأذى التي يقدر ال�شيطان على عملها بدون توكيل �ساحرات‪ .‬ولكن ال�شياطني‬

‫ﻋﺼ‬
‫حري�صة �أكرث على �أذية الإن�سان مب�ساعدة ال�ساحرات‪ ،‬لأن يف هذا �إ�ساءة �أكرب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للرب‪ ،‬ولأنه �سيعطي لهم قدرة �أكرب على �إيذاء الإن�سان ومعاقبته‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�شيء الوثيق ال�صلة باملو�ضوع هو ما قاله العلماء يف الكتاب الثاين من‬
‫‪ ،Sentences‬الف�صل ال�ساد�س يف ال�س�ؤال الذي يناق�ش �إن كان هناك �أي مكان‬
‫ال�س ُحب‪ .‬لأنه بالن�سبة لل�شياطني هناك ثالثة‬
‫خا�ص خم�ص�ص ملالئكة ال�شر يف ُ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أ�شياء ينبغي تذكرها‪ ،‬طبيعتهم‪ ،‬مهمتهم‪ ،‬وخطيئتهم‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫وبالن�سبة للطبيعة فهم يرجعون �إىل ال�سماوات‪ ،‬وقد نزلوا ب�سبب اخلطية‬
‫�إىل اجلحيم الأ�سفل‪ ،‬ولكن ب�سبب املهمة املكلفون بها‪ ،‬كوزراء لعقاب الفا�سدين‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫واختبار ال�صاحلني‪ ،‬ف�إن مكانهم يكون يف ُ�س ُحب ال�سماء‪ .‬لأنهم ال ي�سكنون هنا معنا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫على الأر�ض و�إال كانوا �س ُيمر�ضوننا كث ًريا‪ ،‬لكنهم ي�سكنون يف الهواء وحول الكرة‬
‫يح�ضروا العنا�صر الن�شطة واخلاملة عندما ي�أذن‬ ‫ال�سماوية النارية حتى ميكنهم �أن ِّ‬
‫الرب ف ُينزلوا النار وال�صواعق من ال�سماوات‪.‬‬
‫هناك ق�صة مذكورة يف كتاب ‪ Formicarius‬عن رجل مت �أخذه‪ُ ،‬‬
‫و�سئل بوا�سطة‬
‫القا�ضي كيف كان ب�إمكانه �أن يثري عا�صفة وزوبعة‪ ،‬وهل �سهل عليهم �أن يعملوا هذا؟‬
‫ف�أجاب‪ :‬نحن ميكننا ب�سهولة �أن نثري العوا�صف الباردة‪ ،‬ولكن ال ميكننا �أن نعمل كل‬
‫الأذى الذي نريده‪ ،‬ب�سبب حرا�سة مالئكة اخلري‪ ،‬نحن ميكننا فقط �أن ن�ؤذي �أولئك‬
‫الذين ُحرموا من معونة الرب‪ ،‬ولكن ال ميكننا �أذية �أولئك الذين يعملون عالمة‬
‫‪216‬‬
‫ال�صليب‪ .‬وهذه هي كيفية العمل‪ً � :‬أول نحن ن�ستخدم بع�ض الكلمات يف احلقول‬
‫لنتو�سل برئي�س ال�شياطني �أن ير�سل لنا واحدً ا من ُخدامه لن�ضرب به ال�شخ�ص الذي‬
‫ن�سميه له‪ .‬ثم عندما ي�أتي ال�شيطان‪ ،‬ن�ضحي له بديك �أ�سود عند مفرتقني للطرق‪،‬‬
‫ثم نرمي به يف الهواء‪ ،‬وعندما ي�ستلم ال�شيطان هذا‪ ،‬فهو يعمل لنا ما نريد ويثري لنا‬
‫دوما يف الأماكن التي ن�سميها له‪ ،‬وتب ًعا لإذن‬
‫العوا�صف يف ال�سماء‪ ،‬ولكنه ال يثريها ً‬
‫الرب احلي‪ ،‬فهو ير�سل لنا ال�صواعق والعوا�صف الباردة‪.‬‬
‫يف نف�س الكتاب ن�سمع عن قائد �أو فيل�سوف لل�سحرة ا�سمه «�ستاوفري»‪ ،‬كان يعي�ش‬
‫بني «برين» والدولة التي بجوارها‪ ،‬وكان يتباهى ب�أنه‪ ،‬وقتما يريد‪ ،‬ميكن �أن يحول‬

‫ﻋﺼ‬
‫نف�سه �إىل ف�أر حتت عيون مناف�سيه ويهرب من بني يدي �أعدائه اخلطرين‪ ،‬و�أنه قد‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هرب كث ًريا من �أيدي خ�صومه بهذه الطريقة‪ .‬ولكن عندما �أرادت العدالة الإلهية‬
‫�أن ت�ضع حدًّا لف�ساده‪ ،‬مكث بع�ض �أعدائه ينتظرونه بحذر حتى ر�أوه يجل�س على‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سلة قرب النافذة‪ ،‬وفج�أة طعنوه بال�سيوف والرماح‪ ،‬فمات بتعا�سة على جرائمه‪� .‬إال‬
‫�أنه خ ّلف وراءه تاب ًعا‪ ،‬ا�سمه «هوبو» والذي كان تاب ًعا � ً‬
‫أي�ضا لل�ساحر «�ستادلني» الذي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ذكرناه �ساب ًقا يف الف�صل ال�ساد�س‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫ه�ؤالء االثنان‪ ،‬كان ميكنهما وقتما �أرادا �أن ي�سببا جلزء من ال�سماد �أو الق�ش‬
‫يعب ب�شكل غري مرئي من حقل جارهم �إىل حقلهم‪ ،‬وميكنهما �أن يثريا �أكرب‬ ‫�أن ُ‬
‫ﻭ‬

‫عا�صفة عنيفة ومدمرة �أو �صاعقة يف املاء ترمي الأطفال املا�شني بجوار املاء عندما‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال يكون �أحد باجلوار‪ ،‬وميكن �أن ي�سببا العقم يف الإن�سان واحليوان‪ ،‬وميكن �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُيظهرا الأ�شياء املخفية للآخرين‪ ،‬وميكن بطرق عديدة �أن ي�ؤذيا الإن�سان يف �ش�ؤونه‬
‫وج�سده‪ ،‬وميكنهما يف �أوقات �أن يقتال من يريدان بال�صاعقة‪ ،‬وميكنهما �أن ي�سببا‬
‫�أي مر�ض �آخر‪ ،‬عندما ت�سمح �إرادة الرب لهذه الأ�شياء �أن حتدث‪.‬‬
‫ومن الأف�ضل �أن ن�ضيف حادثة قد ر�أيناها يف نطاق جتربتنا‪ .‬يف �أبر�شية‬
‫«كون�ستان�س»‪ ،‬على بعد ثمانية وع�شرين ً‬
‫ميل �أملانيا من قرية «راتي�سبورن» يف اجتاه‬
‫«�سالزبورج»‪ ،‬جاءت عا�صفة عاتية دمرت كل الثمار واملح�صول يف حزام عر�ضه‬
‫ميل‪ ،‬حتى �أن نبات الكرمة مل يحمل ثما ًرا بعدها ملدة ثالث �سنوات‪ .‬وهذا مت �إبالغه‬
‫‪217‬‬
‫حلملة التفتي�ش‪ ،‬فنادى النا�س بالتفتي�ش �أن يتم‪ ،‬وكثري جدًّا من �أهل القرية كانوا‬
‫على ر�أي ب�أن هذا مت عمله بوا�سطة ال�سحر‪.‬‬
‫يوما على �أن هذا مت‬‫ومن ثم متت املوافقة ر�سم ًيا بعد م�شاورة خم�سة ع�شر ً‬
‫بوا�سطة ال�سحر‪ ،‬ومن بني عدد كبري من امل�شتبه فيهم‪ ،‬حققنا مع امر�أتني حتديدً ا‪،‬‬
‫واحدة ا�سمها «�آجن�س» عاملة يف حمام‪ ،‬والأخرى ا�سمها «�آنا فون مينديلهامي»‪.‬‬
‫هاتان االثنتان مت القب�ض عليها وو�ضعهما يف زنزانتني منف�صلتني‪ ،‬فال تعلم‬
‫�إحداهما ماذا حدث للأخرى‪ .‬يف اليوم التايل‪ ،‬مت �س�ؤال العاملة يف احلمام بلطف‬

‫ﻋﺼ‬
‫متحم�سا للدين‪ ،‬وبوجود‬
‫ً‬ ‫يف ح�ضور كاتب عدل معني من القا�ضي‪ ،‬ا�سمه «جلري» وكان‬
‫ق�ضاة �آخرين معه‪ ،‬وكانت ال�ساحرة بال �شك لديها هذه الهبة ال�شيطانية بال�سكوت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫والتي هي �أكرث ما يزعج الق�ضاة‪ ،‬ويف املحاكمة الأوىل �أكدت على �أنها بريئة من‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أي جرمية �ضد �أي رجل �أو امر�أة‪� ،‬إال �أنه بالرحمة الإلهية التي مل تَ�سمح ملثل هذه‬
‫اجلرمية �أن متر بدون عقاب‪ ،‬فج�أة‪ ،‬بعد �أن مت حتريرها من قيودها‪ ،‬ورغم �أنها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كانت ال تزال يف غرفة التعذيب‪� ،‬إال �أنها اعرتفت فج�أة بكل �شيء ارتكبته‪ .‬و�أقرت‬
‫باالتهامات التي ُرميت بها ب�إيذاء الب�شر واحليوانات‪ ،‬ولقد كان م�شكو ًكا فيها جدًّا‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنها �ساحرة‪ ،‬رغم عدم وجود �أي �شهود لإثبات �أنها قد �أنكرت الإميان �أو �أنها عملت‬
‫ﻭ‬

‫الزنا مع �شيطان اجلاثوم (لأنها كانت كتومة جدًّا)‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬بعد �أن اعرتفت‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا بكل االتهامات التي تخ�ص‬ ‫بالأذية التي عملتها للحيوانات والب�شر‪ ،‬اعرتفت � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إنكارها للإميان‪ ،‬وبالزنا الذي فعلته مع �شيطان اجلاثوم‪ ،‬وقالت �أنها ولأكرث من‬
‫ثمانية ع�شر �سنة‪ ،‬كانت تهب ج�سدها ل�شيطان اجلاثوم‪ ،‬ب�إنكار ُكلي للإميان‪.‬‬
‫وبعد �أن مت �س�ؤالها �إن كانت تعلم �أي �شيء عن العا�صفة الباردة التي ذكرناها‪،‬‬
‫�أجابت ب�أنها هي التي �سببتها‪ .‬وملا ُ�سئلت كيف وب�أي طريقة �أجابت «كنت يف بيتي‬
‫عند الظهرية‪ ،‬ف�أتى يل �شيطاين و�أخربين �أن �أذهب ومعي بع�ض املاء �إىل احلقل �أو‬
‫معي قبة (هكذا ي�سمونها)‪ .‬وعندما �س�ألته ما الذي �س�أعمله باملاء‪ ،‬قال يل �أنه يريد‬
‫�أن يعمل املطر‪.‬‬
‫‪218‬‬
‫فذهبت �إىل بوابة القرية‪ ،‬ووجدت ال�شيطان واق ًفا حتت �شجرة» �س�ألها القا�ضي‪،‬‬
‫حتت �أي �شجرة‪ ،‬قالت «حتت ال�شجرة املقابلة للربج» و�أ�شارت �إىل الربج‪ ،‬ف�س�ألها‬
‫ما الذي فعل ِته حتت ال�شجرة فقالت « ال�شيطان �أخربين �أن �أحفر حفرة و�أ�صب فيها‬
‫ماء» ف�س�ألها القا�ضي �إن كانت قد جل�ست معه فيها فقالت «�أنا جل�ست فيها ولكن‬
‫أثرت املاء فقال «�أنا �أثرتُ‬
‫ال�شيطان وقف» ف�س�ألها القا�ضي ب�أي طريقة وب�أي كلمات � ِ‬
‫املاء ب�إ�صبعي وناديت با�سم ال�شيطان نف�سه وب�أ�سماء ال�شياطني الآخرين» و�س�ألها‬
‫القا�ضي ما الذي عملته باملاء ف�أجابت «لقد اختفى املاء‪� ،‬أخذه ال�شيطان عال ًيا �إىل‬
‫الهواء» ف�س�ألها �إن كان لها �أي م�ساعدين فقالت «حتت �شجرة �أخرى مقابلة كانت‬

‫ﻋﺼ‬
‫لدي مرافقة (و�سمت �ساحرة �أخرى ا�سمها �آنا فون مينديلهامي) ولكنني ال �أعرف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ماذا َف َع َلت) و�أخ ًريا ُ�سئلت املر�أة العاملة يف احلمام كم من الوقت كان بني و�ضعها‬
‫للماء وبني نزول العا�صفة الباردة فقالت «كانت هناك فرتة من الوقت فقط ت�سمح‬
‫ﻜﺘ‬
‫يل ب�أن �أعود �إىل بيتي»‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وعندما جاء اليوم التايل متت مواجهة ال�ساحرة الأخرى بلطف بامل�ساءلة‪ ،‬وكانت‬
‫فاقدة للوعي وملا �أفاقت‪ ،‬ك�شفت الأمر برمته دون �أدنى تباين مع �أقوال ال�ساحرة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الأخرى‪ ،‬فتوافقا يف املكان‪� ،‬أنه حتت �شجرة و�أن ال�ساحرة الأخرى كانت حتت �شجرة‬
‫�أخرى‪ ،‬ويف الطريقة‪ ،‬حتديدً ا �إثارة املاء امل�صبوب يف حفرة با�سم ال�شيطان ومناداة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�صب املاء ونزول العا�صفة‪ ،‬ويف‬


‫أي�ضا يف الوقت الذي كان بني ِّ‬ ‫�أ�سماء كل ال�شياطني‪ ،‬و� ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أن العا�صفة جاءت بعد �أن �أخذ ال�شيطان املاء عال ًيا يف الهواء و�أن العا�صفة ح�صلت‬
‫بعد �أن عادت �إىل منزلها‪ .‬ومن ثم يف اليوم الثالث مت �إحراقهما‪ .‬كانت العاملة‬
‫باحلمام نادمة وا�ستودعت نف�سها للرب وقالت �أنها �ستموت بقلب راغب يف الهروب‬
‫من عذاب ال�شياطني‪ ،‬و�أم�سكت يف يدها ب�صليب وقبلته‪ .‬ولكن ال�ساحرة الأخرى‬
‫احتقرتها لعملها هذا‪ .‬وهذه ال�ساحرة الأخرى كانت من�سجمة مع �شيطان اجلاثوم‬
‫لأكرث من ع�شرين �سنة ب�إنكار كامل للإميان‪ ،‬وقد عملت �أذى للب�شر واحليوانات‬
‫والأ�شجار �أكرث من الأوىل‪ ،‬كما ات�ضح يف ال�سجل املحفوظ يف حماكمتهن‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫هذه احلكايات يجب �أن تكون نافعة‪ ،‬وهناك عدد ال نهائي من هذا النوع ميكن �أن‬
‫ُيحكى‪ .‬وغال ًبا الإن�سان واحليوان وامل�ستودعات ُت�ضرب بال�صواعق بقدرة ال�شياطني‪،‬‬
‫ً‬
‫وغام�ضا‪ ،‬حيث ميكن �أن يظهر �أنه يح�صل ب�إذن الرب بدون‬ ‫و�سبب هذا يبدو خمف ًيا‬
‫بحرية �أنهن قد‬‫ا�ستعانة ب�ساحرات‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬وجدنا �أن ال�ساحرات قد اعرتفن ُ‬
‫عملن �أ�شياء مثل هذه‪ ،‬وهناك كثري من املرات امل�شابهة‪ ،‬التي كان ميكن �أن نذكرها‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إىل ما ذكرناه‪ .‬بالتايل من املنطقي �أن ن�ستنتج �أنه‪ ،‬بنف�س �سهولة �إثارتهم‬
‫أي�ضا يعملن ال�صواعق والعوا�صف البحرية‪ ،‬وال يوجد �أي‬ ‫للعوا�صف الباردة‪ ،‬فهن � ً‬
‫�شك لدينا يف هذا‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪220‬‬
‫الفصل ‪ .16‬عن الثالث طرق التي نكشف بهم الرجال‬
‫والنساء العاملين بالسحر‬

‫�سنق�سم هذا �إىل ثالث فقرات‪ً � ،‬أول ما يتعلق ب�سحر الرماة‬


‫� ًأول ال ُبد �أن نذكر اجلرائم ال�سبعة املميتة واملريعة التي ُترتكب بوا�سطة َ‬
‫ال�س َح َرة‬

‫ﻋﺼ‬
‫الرماة‪ً � .‬أول‪ ،‬يف اليوم املقد�س لآالم خمل�صنا‪� ،‬أو كما نقول اجلمعة اجليدة‪ ،‬خالل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املرا�سم التي ُيرمى فيها بال�سهام‪ ،‬يكون هدف ه�ؤالء هو الت�صويب على �صورة‬
‫امل�سيح امل�صلوب‪� ،.‬أوه‪ ،‬يا لق�سوتهم و�أذيتهم للمخل�ص! ثان ًيا‪ ،‬هناك بع�ض ال�شك يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إذا كانوا يجب �أن يتلفظوا بكفر لفظي لل�شيطان �إ�ضافة �إىل الكفر العملي‪ ،‬و�سواء‬
‫كان هذا �أم ال‪ ،‬فلي�س هناك �أذية للإميان �أكرب من هذه ميكن �أن ُتعمل من �شخ�ص‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫م�سيحي‪ .‬لأنه من امل�ؤكد �أنه‪� ،‬إذا �صدر هذا من الكافر‪ ،‬فلن يكون له ت�أثري‪ ،‬لأنه ال‬
‫توجد طريقة �سهلة معطاة للكافرين لإظهار عدائهم للإميان‪� .‬أما ه�ؤالء ال�صعاليك‬
‫ﺸﺮ‬

‫فيجب �أن يعلموا احلقيقة وقوة الإميان الكاثوليكي‪.‬‬


‫ثال ًثا‪ ،‬هذا الرامي يجب �أن َيرمي ثالثة �أو �أربعة �أ�سهم بهذه الطريقة‪ ،‬وكنتيجة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لهذا �سيكون قاد ًرا على قتل نف�س العدد من الرجال يف كل يوم‪ .‬راب ًعا‪ ،‬لديهم هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�ضمان من ال�شيطان‪� ،‬أنه يجب �أن ينظروا � ًأول وي�ضعوا عيونهم على الرجل الذي‬
‫يرغبون يف قتله‪ ،‬و�أن يجعلوا كل رغبتهم يف قتله‪ ،‬عندها مهما اختب�أ ذلك الرجل‬
‫وح َمى نف�سه‪ ،‬فال�سهم الذي يتم رميه حتى �إذا �أخط�أ �سيحمله ال�شيطان وي�ضرب به‬
‫ذلك الرجل‪.‬‬
‫خام�سا‪ ،‬ميكنهم �أن يرموا �سه ًما بدقة ت�صويب متاثل دقة الت�صويب على قطعة‬ ‫ً‬
‫نقدية فوق ر�أ�س �أحدهم دون �أن مي�سوه ب�سوء‪ ،‬وميكنهم �أن ي�ستمروا بعمل هذا �إىل‬
‫�ساد�سا‪ ،‬لأجل �أن يح�صلوا على هذه القدرة ينبغي �أن ُيعطوا البيعة‬
‫�أجل غري م�سمى‪ً .‬‬
‫باجل�سم والروح لل�شيطان‪ .‬و�سنذكر حوادث من هذا النوع‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫كان هناك �أمري لـ «رينيالند» ا�سمه «�إبريهارد لوجنبريد» ُ�سمي هكذا لأنه‬
‫طويل‪ ،‬قبل �ست �سنوات‪� ،‬أراد �أن يو�سع ممتلكاته الإمرباطورية‪،‬‬ ‫ترك حليته تنمو ً‬
‫فحا�صر قلعة ا�سمها «ليندينربونني»‪ ،‬وكان برفقته �ساحر من هذا النوع الرامي‪،‬‬
‫ا�سمه «بونكري»‪� ،‬أ�صاب رجال القلعة وقتلهم كلهم بالتتابع ب�أ�سهمه‪� ،‬إال واحدً ا‪ ،‬كانت‬
‫طريقة عمل هذا ال�ساحر هي كالتايل‪ ،‬كان كلما ينظر �إىل رجل‪ ،‬ف�أينما ُيخفي هذا‬
‫جمروحا وميتًا‪ ،‬وكان‬
‫ً‬ ‫الرجل نف�سه‪ ،‬فعندما يرمي بونكري �سه ًما‪ ،‬ي�سقط هذا الرجل‬
‫ميكنه �أن يرمي ثالثة �أ�سهم يف اليوم لأنه يف بداية ال�سحر رمى ثالثة �أ�سهم على‬
‫�صورة املخل�ص‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ومن املحتمل �أن ال�شيطان ُيف�ضل الرقم ثالثة عن �أي رقم �آخر‪ ،‬لأنه ميثل ً‬
‫رف�ضا‬
‫للثالوث املقد�س‪ .‬ولكن بعد �أن َرمى بهذه الأ�سهم الثالثة‪ ،‬فبقية الأ�سهم كان يرميها‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ب�شكل عادي مثل بقية الرماة‪ .‬ويف النهاية ناداه �أحد رجال القلعة �ساخ ًرا «بونكري‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫هل يف النهاية �سترتك اخلامت املعلق على البوابة؟» و�أجابه بونكري من اخلارج يف‬
‫ظلمة الليل «ال‪� ،‬س�آخذه يف اليوم الذي نقتحم فيه القلعة» ولقد �أوفى بوعده‪ ،‬لأنه‬
‫كما قلنا قتل اجلميع �إال واحدً ا‪ ،‬ومت اقتحام القلعة‪ ،‬و�أخذ اخلامت وع ّلقه يف بيته يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«رورباخ» يف �أبر�شية «وورمز»‪ ،‬حيث من املمكن �أن ُيرى معل ًقا هناك حتى هذا اليوم‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن بعد هذا يف �أحد الليايل مت قتله بوا�سطة �أحد الفالحني الذين �أ�صابهم‪ ،‬وهلك‬
‫بخطاياه‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫�شخ�صا مرمو ًقا جدًّا �أراد �أن يرى �إثباتًا‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ً‬ ‫أي�ضا عن هذا الرجل‪� ،‬أن‬‫ولقد قيل � ً‬


‫على مهارته‪ ،‬وكاختبار و�ضع الرجل ابن بونكري ال�صغري �أمام هدف مع قطعة نقدية‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫فوق قبعته‪ ،‬و�أمر بونكري �أن ي�صيب ب�سهمه القطعة النقدية فوق ر�أ�س ابنه بدون �أن‬
‫ي�صيب القبعة‪ .‬قال بونكري �أنه ميكنه �أن يفعلها ولكنه مانع يف البداية‪ ،‬حيث مل يكن‬
‫مت�أكدً ا �إن كان ال�شيطان يغويه لأجل موته‪ .‬ولكنه‪ ،‬خ�ضع لرغبة الأمري‪ ،‬وو�ضع �سهما‬
‫با�ستعداد على الوتر املعلق على كتفه‪ ،‬ثم ثبت �سه ًما �آخر يف الوتر بجوار الأول‪ ،‬ورمى‬
‫القطعة النقدية ب�سهم بدون �أن ي�ؤذي الطفل‪ .‬وبر�ؤية هذا‪� ،‬س�أله الأمري ملاذا و�ضع‬
‫ال�سهم الثاين يف الوتر‪ ،‬ف�أجاب «حتى �إذا ُخدعت بوا�سطة ال�شيطان وقتلت ابني‪،‬‬
‫و�أ�صبح علي �أن �أموت‪ ،‬كنت �س�أرمي ال�سهم الثاين عليك لأنتقم ملوتي»‬
‫‪222‬‬
‫ورغم �أن هذا الف�ساد م�سموح به من قبل الرب الختبار ومعاقبة املخل�صني‪ ،‬فمع‬
‫هذا حتدث معجزات �أكرث قوة برحمة املخل�ص لأجل تقوية ومتجيد الإميان‪.‬‬
‫ويف �أبر�شية «كون�ستان�س»‪ ،‬قرب قلعة «هوهينزورن»‪ ،‬وقرب دير للراهبات‪ ،‬كانت‬
‫هناك كني�سة مبنية حدي ًثا ميكن �أن ُترى فيها �صورة ملخل�صنا خمرتَقة ب�سهم وت�سيل‬
‫منها الدماء احلقيقية‪ .‬هذه املعجزة تت�ضح كالتايل‪ .‬كان هناك �صعلوك بائ�س �ساحر‬
‫رام ميتلك بوا�سطة ال�شيطان ثالثة �أو �أربعة �أ�سهم ميكنه �أن يرميهم بالطريقة التي‬
‫ذكرناها ويقتل من يريد‪ ،‬وقد َرمى ب�سهم واخرتق �صورة امل�سيح امل�صلوب (والتي‬
‫و�شلت حركة‬ ‫هي موجودة حتى اليوم)‪ ،‬عندها بد�أت الدماء تنزل منها مبعجزة‪ُ ،‬‬
‫ال�صعلوك بقدرة الإله‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعندما ُ�سئل بوا�سطة �أحد املارة ملاذا هو واقف هكذا بال حراك‪ ،‬هز ر�أ�سه‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وارجتفت ذراعاه ويداه‪ ،‬التي كان مي�سك بها القو�س‪ ،‬و�سرى االرتعا�ش يف ج�سده‬
‫كله ومل ي�ستطع �أن يجيب ب�شيء‪ .‬فنظر �إليه الرجل ور�أى �صورة امل�سيح امل�صلوب‬
‫ﻜﺘ‬
‫وفيها �سهم ودماء فقال �أنت �أيها ال�شرير‪ ،‬لقد ثقبت �صورة ربنا» ونادى الآخرين‪،‬‬
‫ور�أى الرجل �أن ال�صعلوك ال ميكنه الهرب (رغم �أن ال�صعلوك قال له �أنه ال ميكنه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫التحرك)‪ ،‬ورك�ض الرجل �إىل القلعة و�أخرب مبا حدث‪ .‬وعندما �أتوا وجدوا ال�صعلوك‬
‫يف نف�س مكانه‪ ،‬وعندما �سائلوه‪ ،‬اعرتف بجرميته‪ ،‬ثم �أُزيل من تلك املقاطعة بوا�سطة‬
‫ﺸﺮ‬

‫العدالة‪ ،‬وعانى من موت م�ؤمل تكف ًريا عن جرميته‪.‬‬


‫ولكن و�آ�سفاه! كم هو مروع �أن تعرف �أن الف�ساد الب�شري لي�س خائ ًفا من ت�أييد‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه اجلرائم‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫من �أجل ذلك فه�ؤالء احلامني واملدافعني والنا�صرين لهذا ال�شر ال بد �أن يحا َكموا‬
‫أي�ضا على االرتداد عن الإميان‪ ،‬ويجب �أن يعا َقبوا‬ ‫لي�س فقط على الهرطقة‪ ،‬ولكن � ً‬
‫بالطريقة التي �سنقولها‪ .‬وهذه هي اخلطية ال�سابعة له�ؤالء ال�سحرة‪.‬‬
‫يف البداية هم ُيعزلون بالقانون‪ ،‬و�إذا كان املنا�صرون رجال دين‪ ،‬يتم �إنزال‬
‫درجتهم وحرمانهم من كل املكاتب واملنافع‪ ،‬وال ميكن �أن يعودوا �إال مبنحة من الر�ؤية‬
‫أي�ضا‪� ،‬إذا ظلوا بعد حظرهم يعاندون ملدة �سنة‪ ،‬تتم �إدانتهم بالهرطقة‪.‬‬ ‫الر�سولية‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ال�ساحرات ومن يحمونهن‪،‬‬ ‫هذا وفق قانون ال�شريعة يف الكتاب ال�ساد�س‪ ،‬و� ً‬
‫هم بقوة القانون حمظورون كما جاء يف قانون قمع هرطقة ال�سحر‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫قانون ال�شريعة ي�صف عدة عقوبات يتم تطبيقها خالل �سنة لهذه الهرطقات‪،‬‬
‫�سواء على العلمانيني �أو على رجال الدين‪ ،‬حيث يقول‪ :‬نحن ن�ضع حتت احلظر‬
‫كل من يحميهم ومن ينا�صرهم ومن يدافع عنهم‪ ،‬فعندما َي�صدر احلكم‪ُ ،‬يعطى‬
‫خارجا على القانون‪ ،‬وال‬
‫للمهرطق فرتة �سنة لالرتداد عن هرطقته‪ ،‬يكون خاللها ً‬
‫يدخل يف �أي مكتب �أو جمل�س‪ ،‬وال يكون له حق الت�صويت على انتخاب املوظفني يف‬
‫هذه الهيئات‪ ،‬وال ينجح يف �أي معامالت تتعلق باملرياث‪ ،‬وال �أحد �سيكون م�س� ًؤول‬
‫عن �أي تعامالت مالية معه‪ .‬و�إن كان قا�ض ًيا‪ ،‬ف�إن حكمه لن يتم‪ ،‬ولن ُتق ّدم له �أي‬
‫ق�ضية‪ ،‬و�إذا كان حماميا‪ ،‬فلن ُي�سمح له باملرافعة‪ ،‬و�إذا كان كاتب عدل‪ ،‬لن يكون‬
‫لأي معاملة يقوم بها �أي وزن‪ ،‬بل �ستتم �إدانته مع املدان يف املعاملة‪ ،‬وعقوبات مماثلة‬

‫ﻋﺼ‬
‫�سيتم تنفيذها على امل�س�ؤولني يف املكاتب الأخرى‪ .‬ولكن �إذا كان رجل دين‪� ،‬سيتم‬
‫�إنزال درجته من كل املكاتب و ُيحرم من كل املنافع‪ ،‬لأن ذنبه �أعظم‪ ،‬ف�سيتم الث�أر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬ ‫منه ب�شكل �أثقل‪.‬‬


‫ﻜﺘ‬
‫و�إذا حدث �أن �أي �أحد بعد �أن مت ت�سجيله بوا�سطة الكني�سة كمدان يف هذه‬
‫الأمور‪ ،‬قد جتاهل العقوبة بازدراء‪ ،‬ف�إن ُحكم احلظر �سيتم تنفيذه ب�أق�صى درجة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من الق�سوة‪ .‬ورجال الدين لن ُي�سمح لهم ب�إدارة الأ�سرار املقد�سة للكني�سة �إن كانوا‬
‫مهرطقني‪ ،‬وال ُينحون دف ًنا م�سيح ًيا‪ ،‬وال ُتقبل منهم �صدقات وقرابني‪ ،‬وبالأمل الذي‬
‫ﺸﺮ‬

‫يعانونه بعد حرمانهم من مكاتبهم‪ ،‬ال ميكن �أن يعادوا �إليها �إال بوا�سطة منحة من‬
‫الر�ؤية الر�سولية‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هناك عقوبات كثرية �أخرى له�ؤالء املهرطقني وعقوبات لأوالدهم و�أحفادهم‪،‬‬


‫بالن�سبة لهم يتم �إنزالهم من مراتبهم بوا�سطة �أ�سقف �أو مفت�ش‪ ،‬و ُيحرمون من كل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الألقاب واملمتلكات والتكرميات ومنافع الكني�سة‪ ،‬وهذا ي�سري على جميع املكاتب‬
‫العامة‪ .‬ولكن هذا فقط عندما ُي�صرون على العناد‪ .‬وبالن�سبة لأبنائهم ‪�-‬إىل اجليل‬
‫الثاين‪ -‬فهم ُيجردون من �أهليتهم للرتقية يف الكني�سة �أو املكاتب العامة‪ ،‬ولكن هذا‬
‫أي�ضا ت�سري العقوبات‬‫فقط للأبناء الذين من ناحية الأب ولي�س من ناحية الأم‪ .‬و� ً‬
‫وحماتهم ومنا�صريهم‪ ،‬وال ميكن �أن يعملوا �أي نق�ض على‬ ‫على كل �أتباع املهرطقني ُ‬
‫احلكم ال�صادر فيهم‪ ،‬وغال ًبا ما تتم �إ�ساءة معاملتهم بق�سوة‪ ،‬وميكن �أن ن�ضيف‬
‫الكثري يف هذه النقطة لكن ما قيل يكفي‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫وظف‬‫لأجل فهم �أف�ضل ملا قيل‪ ،‬ف�إن بع�ض النقاط يجب �أن تناق�ش‪ً � ،‬أول‪� ،‬إذا ّ‬
‫�أمري �أو ملك علماين �ساح ًرا كما ذكرنا �ساب ًقا لأجل تدمري قلعة معينة يف حرب‪،‬‬
‫ومت ّكن مبعاونة هذا ال�ساحر من هزمية الفا�سدين‪ ،‬هل نقول �أن جميع جي�شه هم‬
‫من املنا�صرين واحلامني لهذا ال�ساحر‪ ،‬وبالتايل يتم تطبيق العقوبات التي ذكرناها‬
‫عليهم كلهم؟ الإجابة هي �أن �صرامة القانون تكون تبعا ملزاج ممثليه‪ .‬بالن�سبة‬
‫للقائد‪ ،‬مب�ست�شاريه ونا�صحيه‪ ،‬فهم دعموا و�شجعوا هذا ال�سحر‪ ،‬وبذلك فهم‬
‫بالقانون متورطون يف العقوبات املذكورة �آن ًفا‪.‬‬
‫ولكن بقية اجلي�ش‪ ،‬فلأنهم لي�س لديهم دخل بامل�شورة على قوادهم‪� ،‬إمنا هم‬
‫جمهزون فقط للت�ضحية بحياتهم للدفاع عن دولتهم‪ ،‬ورغم �أنهم ميكن �أن يكونوا‬

‫ﻋﺼ‬
‫ر�أوا �أفعال ال�ساحر‪� ،‬إال �أنهم خارجون من حكم احلظر‪ ،‬لكن البد �أن يعرتفوا يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�شهادتهم �أن ال�ساحر مذنب‪ ،‬ويف تربئتهم من كاتب االعرتاف ال بد �أن ي�ستلموا‬
‫حتذي ًرا ر�سم ًيا ُيحذر من هذه الأعمال ال�سحرية املقيتة‪ ،‬ويو�صون �أنه بقدر‬
‫ﻜﺘ‬
‫ا�ستطاعتهم ال بد �أن ُيخرجوا كل �ساحر من �أرا�ضيهم‪.‬‬
‫ميكن �أن َي�س�أل �أحدهم �س�ؤاال‪َ ،‬من الذي ميكنه �أن ي�ساعد يف �إعفاء ه�ؤالء الأمراء‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من العقوبة عندما يعودون �إىل ر�شدهم‪ ،‬م�ست�شاروهم الروحيون �أم املفت�شون؟‬
‫�سنجيب ب�أنه‪� ،‬إذا تابوا‪ ،‬ميكن �أن يتم �إعفا�ؤهم �إما بوا�سطة امل�ست�شارين الروحيني‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أو املفت�شني‪ .‬وهذا ما جاء يف قانون ال�شريعة بخ�صو�ص الإجراءات التي �ستتخذ‪،‬‬
‫بخوف من الرب هذا حتذير للنا�س �ضد الهرطقة و�أتباعها وحماتها و�أن�صارها‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا �ضد ه�ؤالء املتهمني �أو امل�شتبه فيهم بالهرطقة‪ .‬ولكن �إذا تخلى �أي واحد‬ ‫و� ً‬
‫من املذكورين عن �سقوطه ال�سابق يف الهرطقة‪ ،‬و�أراد �أن يعود �إىل وحدة الكني�سة‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ميكنه �أن ي�أخذ الغفران من الكني�سة املقد�سة‪.‬‬


‫فالأمري‪� -‬أو �أي �أحد ‪-‬عاد �إىل ر�شده ال بد �أن ُ ي�س ِّلم ال�ساحر لتتم معاقبته على‬
‫خطاياه �ضد اخلالق‪ ،‬و ُيب ِعد كل من وجد �أنهم يعملون بال�سحر عن جميع ممتلكاته‪،‬‬
‫نادما ح ًّقا على املا�ضي‪ ،‬عندها ي�صبح �أم ًريا كاثوليك ًّيا‪ ،‬وال بد �أن يعزم على‬
‫ويكون ً‬
‫�أال يعمل �أي م�ساعدة لأي �ساحر على الإطالق بعد هذا‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪225‬‬
‫السؤال ‪ .2‬هل من الشرعي أن نُزيل السحر بالسحر‬
‫أو بأي شيء من الطقوس الممنوعة األخرى؟‬

‫ُيحتج ب�أن هذا لي�س ممنوعا‪ ،‬هذا مت ذكره يف الكتاب الثاين من ‪Sentences‬‬
‫يف اجلزء الثامن‪ ،‬كل العلماء اتفقوا على �أنه من غري ال�شرعي �أن ُت�ستخدم م�ساعدة‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�شياطني‪ ،‬لأن فعل هذا يت�ضمن ر ّدة عن الإميان‪ .‬و ُيحتج ب�أنه ال �سحر ميكن �أن ُيزال‬
‫بدون اال�ستعانة بال�شياطني‪ .‬لأنه من امل�س ّلم �أن العالج يكون �إما بالقدرة الب�شرية‪� ،‬أو‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬ ‫ال�شيطانية‪� ،‬أو بالقدرة الإلهية‪.‬‬


‫ﻜﺘ‬
‫بطل‬‫وال�سحر ال ميكن عالجه بالقدرة الب�شرية‪ ،‬لأن القدرة الأقل ال ميكن �أن ُت ِ‬
‫الأعلى منها‪ ،‬فال يكون لها حتكم فيما هو خارج عن �سعتها الطبيعية‪ .‬وال ميكن � ً‬
‫أي�ضا‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أن يعا َلج بالقدرة الإلهية‪ ،‬لأن هذا �سيكون معجزة‪ ،‬والرب يعملها فقط برغبته ولي�س‬
‫ﺸﺮ‬

‫بطلب الإن�سان‪ .‬لأنه عندما طلبت العذراء من امل�سيح �أن يعمل معجزة لي�سد االحتياج‬
‫من اخلمر‪� ،‬أجاب‪ ،‬مايل ولك يا امر�أة؟ مل ت� ِأت �ساعتي بعد‪ ،‬والعلماء يف�سرون هذا‬
‫ﻭ‬

‫أي�ضا يظهر �أنه من‬‫ب�أنه ما العالقة التي هنالك بينك وبيني وبني عمل املعجزة؟ و� ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫النادر �أن يتحرر النا�س من ال�سحر بطلب العون الرب �أو ب�صلوات القدي�سني‪ .‬بالتايل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يتبع �أنه ال ميكن حتريرهم �إال باال�ستعانة بال�شيطان‪ ،‬ومن املحرم �أن ُتطلب مثل هذه‬
‫اال�ستعانة‪.‬‬
‫و� ً‬
‫أي�ضا ن�شري �إىل �أن الطريقة ال�شعبية لإبطال ال�سحر‪ ،‬رغم �أنها غري �شرعية‪� ،‬إال‬
‫�أنها �شائعة‪ ،‬وهي �أن يلج�أ امل�سحور �إىل امر�أة حكيمة‪ ،‬من الالتي ُيعاجلن وال يعمل‬
‫العالج بوا�سطة الكهان �أو بطرد الأرواح ال�شريرة‪ .‬فالتجربة �أثبتت �أن هذه اللعنات‬
‫تبطل باال�ستعانة بال�شياطني‪ ،‬وهي حمرمة‪ ،‬وبالتايل ال ميكن �أن يكون �شرعيا‬ ‫�إمنا ُ‬
‫�أن تعالج ال�سحر‪ ،‬ولكن ينبغي فقط �أن تتحمله‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫ُيحتج � ً‬
‫أي�ضا �أن القدي�س توما�س والقدي�س بونافريتورا يف الكتاب الرابع قاال �أن‬
‫ال�سحر ال بد �أن يكون بالء دائما‪ ،‬حيث لي�س له �أي عالج ب�شري‪ ،‬لأنه �إن كان هناك‬
‫عالج‪ ،‬ف�إما �أن يكون غري معلوم �أو يكون حمرما‪ .‬وهذه الكلمات تعني �أن هذا البالء‬
‫ال عالج له والبد من اعتباره بال ًء دائ ًما‪ .‬وي�ضيفون �أنه حتى لو �أن الرب �سيهب‬
‫عالجا ب�إخ�ضاع ال�شيطان‪ ،‬ف�إن ال�شيطان ال بد �أن يزيل بالءه بنف�سه من الإن�سان‪،‬‬
‫عندها �سيتم عالج الإن�سان لي�س بوا�سطة �إن�سان �آخر‪ ،‬و�إمنا بوا�سطة ال�شيطان‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬لو مل ي�شفه الرب‪ ،‬لي�س م�شروعا للإن�سان �أن يحاول بنف�سه ب�أي طريقة �أن‬
‫يبحث عن العالج‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف نف�س الكتاب �أ�ضاف هذان العاملان �أنه غري م�شروع �أن تبحث عن العالج ب�أن‬
‫ت�ضيف �سحرا �آخر‪ .‬لأنه لي�ست هناك طريقة �شرعية للتو�سل مل�ساعدة ال�شيطان عن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬ ‫طريق ال�سحر‪.‬‬


‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا‪ ،‬من امل�س ّلم به �أن طرد الأرواح ال�شريرة بوا�سطة الكني�سة ال يكون فعاال‬
‫� ً‬
‫دائ ًما يف كبح ال�شياطني �إذا �أ�صابوا الإن�سان بالأمرا�ض اجل�سدية‪ ،‬لأن هذه الأمرا�ض‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫تعا َلج فقط برغبة الرب‪ ،‬ولكن طرد الأرواح ال�شريرة فعال فقط �ضد حتر�شات‬
‫ال�شيطان بامل�صابني‪ ،‬مثال �ضد امللبو�سني‪� ،‬أو يف طرد الأرواح ال�شريرة من الأطفال‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫عطي ال�شيطان قوة على �شخ�ص ما ب�سبب خطاياه‪� ،‬أن‬ ‫ال يعني هذا �أنه عندما ُي َ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه القوة �ستنتهي عند توقف هذه اخلطايا‪ .‬لأنه لو توقف الإن�سان عن اخلطية‪،‬‬
‫ف�إن خطيته تبقى‪ .‬فيبدو من هذه املقوالت �أن العاملني ‪-‬الذين اقتب�سنا منهما ‪ -‬هما‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫على الر�أي الذي يقول �أنه من غري ال�شرعي �أن تزيل ال�سحر‪ ،‬ولكن ال بد �أن تعاين‬
‫منه للأبد‪ ،‬لأنه كما َ�سمح الرب بهذا ال�سحر فهو الذي ميكن �أن يزيله �إذا ر�أى هذا‬
‫�صاحلا‪.‬‬
‫عطى لل�شخ�ص الذي �أخل�ص للرب ما‬ ‫�ضد هذا الر�أي ُيحتج �أنه من ال�ضروري �أن ُي َ‬
‫يعار�ض به عمل ال�شيطان‪ ،‬لي�س فقط حماية (التي حتدثنا عنها يف بداية هذا اجلزء‬
‫الثاين)‪ ،‬ولكن عالجات‪ .‬لأنه �إن مل يكن ذلك‪ ،‬لن يكون ال�شخ�ص الذي �أخل�ص للرب‬
‫مدعوما من قبل الرب‪ ،‬و�ستكون �أعمال ال�شيطان �أقوى من �أعمال الرب‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫وهناك تف�سري يف �سفر �أيوب‪ ،‬لي�س له على الأر�ض نظري‪� ،‬إلخ ‪ ،‬التف�سري يقول‬
‫�أنه رغم �أن ال�شيطان لديه قدرة على كل القوى الإن�سانية‪ ،‬فهو رغم ذلك خا�ضع‬
‫لكرامات القدي�سني‪ ،‬وحتى لكرامات الرجال ال�صاحلني يف احلياة‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬القدي�س «�أوج�ستني» يف كتاب ‪ De moribus Ecclesiae‬يقول‪ :‬ال يوجد‬ ‫و� ً‬
‫مالك �أقوى من عقولنا عندما نتم�سك بالرب‪ .‬لأنه لو كانت القوة ف�ضيلة يف هذا‬
‫العامل‪ ،‬فالعقل الذي يبقى قريبا من الرب هو �أ�سمى من جميع العامل‪ .‬بالتايل هذه‬
‫العقول ال�سامية ميكن �أن تل ِغي �أعمال ال�شيطان‪.‬‬
‫متاما لبع�ضهما‪.‬‬
‫الإجابة‪ ،‬هنا يوجد ر�أيان ثقيالن‪ ،‬يبدو �أنهما معاك�سان ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأن هناك بع�ض الالهوتيني وعلماء ال�شريعة يوافقون على �أنه من امل�شروع �أن‬
‫نزيل ال�سحر بالطقو�س غري ال�شرعية‪ .‬وعلى هذا الر�أي «دونز �سكوتو�س» و «هرني‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أوف �سيجو�سيو» و«جودفري»‪ ،‬وكل علماء ال�شريعة‪ .‬ولكن ر�أي الالهوتيني الآخ َرين‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫خا�صة القدماء‪ ،‬وبع�ض احلديثني‪ ،‬مثل القدي�س «توما�س» والقدي�س «بونافينتورا»‬
‫و«�ألبريت» املبارك و«بيرت �أبالود» و�آخرين كرث‪� ،‬أنه ال يجب �أن ُيعمل ال�شر لأجل‬
‫ف�ضل املوت على �أن يعا َلج مبثل هذه الأمور الرذائل‪.‬‬
‫اخلري‪ ،‬و�أن الإن�سان يجب �أن ُي ِّ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫دعونا الآن نخترب الآراء الأخرى‪ ،‬بهدف �أن جنعلهم �أقرب للتوافق‪�« ،‬سكوتو�س»‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف كتابه الرابع‪ ،‬يف الف�صل ‪ ،34‬عن الإعاقات والعقم الذي ب�سبب ال�سحر‪ ،‬يقول �أنه‬
‫من الغباء �أن ن�ؤمن �أنه من غري ال�شرعي �أن نزيل ال�سحر بالطقو�س غري ال�شرعية‪،‬‬
‫ﻭ‬

‫و�أن عمل هذا ال يتعار�ض مع الإميان يف �شيء‪ ،‬لأن الذي يدمر عمل ال�شيطان هو ال‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ي�ساعد يف عمل ال�شيطان‪ ،‬وال�شيطان لديه القدرة والرغبة يف الإ�صابة بال�ضرر فقط‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫طاملا �أن عالمة هذا ال�ضرر تبقى م�ستمرة‪ .‬بالتايل عندما تدمر هذه العالمة فهو‬
‫ُينهي هذا ال�ضرر‪ .‬وي�ضيف �أنه جدير بالتقدير �أن تدمر �أعمال ال�شيطان‪ .‬و�سن�ضع‬
‫�أمثلة‪.‬‬
‫كان هناك ن�سوة اكت�شفن �ساحرة بالعالمة التالية‪ .‬عندما جف احلليب من بقرة‬
‫بوا�سطة ال�سحر‪ ،‬ع ّلقن دلوا من احلليب على نار‪ ،‬وتلفظن ببع�ض الكلمات الغريبة‪،‬‬
‫و�ضربن الدلو بع�صا‪ .‬ورغم �أن الدلو هو الذي �ضر َبته الن�سوة‪� ،‬إال �أن ال�شيطان كان‬
‫هو الذي ي�أخذ هذه ال�ضربات �إىل ظهر ال�ساحرة‪ ،‬وبهذه الطريقة كل من ال�ساحرة‬
‫وال�شيطان كانا ُينهكان‪ .‬ولكن ال�شيطان كان يعمل هذا لأجل �أن يقود املر�أة التي‬
‫‪228‬‬
‫ت�ضرب الدلو �إىل ممار�سات �أ�سو�أ‪ .‬وبهذا‪� ،‬إذا مل يكن ِفعل هذا يتبعه خماطرة‪ ،‬ال‬
‫توجد �صعوبة يف تقبل ر�أي هذا العامل املتعلم‪ .‬و�أمثلة �أخرى كثرية ميكن ذكرها‪.‬‬
‫«هرني �أوف �سيجو�سيو»‪ ،‬يف كتابه البليغ ‪ ،Summa‬عن العقم الذي ي�سببه‬
‫ال�سحر‪ ،‬قال �أنه يف هذه احلاالت ال بد �أن نلج�أ لعالجات الأطباء‪ ،‬ورغم �أن بع�ض‬
‫وطقو�سا غري م�شروعة وتعويذات‪� ،‬إال �أن كل‬
‫ً‬ ‫هذه العالجات ميكن �أن تكون رذائل‬
‫�أحد ال بد �أن يوثق به يف حرفته‪ ،‬والكني�سة ميكن �أن تت�سامح يف �إبطال الباطل بباطل‬
‫�آخر‪.‬‬
‫أي�ضا يف كتابه الرابع‪ ،‬ي�ستخدم هذه الكلمات‪ :‬ال�سحر ميكن �أن‬ ‫«�أوبريتينو�س» � ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫ُيزال بال�صلوات �أو بنف�س الفن الذي ُعمل به‪.‬‬
‫«جودفري» يقول يف كتابه ‪ :Summa‬ال�سحر ال ميكن �أن ُيزال دوما بوا�سطة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شخ�ص الذي عمله‪� ،‬إما ب�سبب �أنه مات‪� ،‬أو ب�سبب �أنه ال يعلم كيف يعاجله‪� ،‬أو‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�سبب �أن التعويذة قد �ضاعت‪ .‬ولكن �إذا كان يعلم كيف يعاجله‪ ،‬فمن امل�شروع له‬
‫�أن يعاجله‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ه�ؤالء الذين ي�ؤمنون �أنه ال توجد تعويذة دائمة بال عالج يظنون �أن كل �سحر‬
‫ميكن �أن ُيزال �إما بتعويذة �سحرية �أخرى‪� ،‬أو بوا�سطة طرد الأرواح ال�شريرة بوا�سطة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الكني�سة التي تعمل هذا لأجل كبح قوة ال�شيطان‪� ،‬أو بالتوبة احلقيقية‪ ،‬لأن ال�شيطان‬
‫لديه قوة فقط على اخلاطئني‪ .‬لذلك يف املقام الأول هم يوافقون ر�أي الآخرين‪،‬‬
‫ﻭ‬

‫حتديدا يف �أن التعويذة ميكن �أن ُتزال بالطقو�س غري امل�شروعة‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن القدي�س «توما�س» يعار�ض هذا الر�أي حيث يقول‪� :‬إذا كانت التعويذة ال‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ميكن �أن ُتزال �إال بالطقو�س غري امل�شروعة‪ ،‬مثل معونة ال�شيطان �أو �أي �شيء من هذا‬
‫النوع‪ ،‬فحتى و�إن علمنا �أنها ال ميكن �أن تزال �إال بهذه الطريقة‪ ،‬فرغم ذلك ال بد �أن‬
‫َيعترب الإن�سان هذا البالء دائما‪ ،‬لأن العالج لي�س �شرعيا‪.‬‬
‫وعلى نف�س الر�أي القدي�س «بونافينتورا» و«بيرت �أبالود» و«البريت» املبارك‪ ،‬وكل‬
‫الالهوتيون‪ ،‬لأنه بالنظر باخت�صار �إىل �إجاباتهم على �س�ؤال التو�سل مب�ساعدة‬
‫ال�شيطان �سواء يف اخلفاء �أو يف العلن‪� ،‬سنجد �أنهم ي�ؤمنون �أن هذه التعويذات ميكن‬
‫فقط �أن ُتزال بالطريقة ال�شرعية بطرد الأرواح ال�شريرة �أو بالتوبة احلقيقية (كما‬
‫‪229‬‬
‫و�ضحوا يف قانون ال�شريعة املخت�ص بال�سحر) ويبدو �أنهم مت�أثرون‪ ،‬باالعتبارات‬
‫التي ذكرناها يف بداية هذا ال�س�ؤال‪.‬‬
‫لكن من املهم �أن نذكر هذه الآراء املختلفة للعلماء املع ّلمني ونوافق بينها‪ ،‬لهذا‬
‫الغر�ض ال بد �أن نذكر �أن الطرق التي ميكن �أن ُتزال بها التعويذة ال�سحرية هي‬
‫كما يلي‪� ،‬إما بتوكيل �ساحرة �أخرى لعمل تعويذة �أخرى‪� ،‬أو بدون توكيل �ساحرة‪،‬‬
‫بل بال�سحر والطقو�س غري ال�شرعية‪ .‬وهذه الطريقة الأخرية تنق�سم �إىل نوعني‪،‬‬
‫ا�ستخدام الطقو�س ال�سيئة والغري �شرعية‪� ،‬أو با�ستخدام الطقو�س ال�سيئة لكنها‬
‫�شرعية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أول عالج هو غري �شرعي متاما‪ ،‬وهو توكيل �ساحرة لعمل تعويذة �أخرى‪ .‬ولكن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ميكن �أن ي�ؤ ّدى هذا ب�شرعية بعمل �أذى معني لل�ساحرة التي عملت التعويذة‪ ،‬العالج‬
‫ﻜﺘ‬
‫الثاين بدون توكيل �ساحرة‪ ،‬بل بال�سحر والطقو�س غري ال�شرعية‪ ،‬وهذا العالج يظل‬
‫ا ُ‬
‫حلكم عليه �أنه غري �شرعي‪ ،‬رغم �أنه لي�س بدرجة �سوء العالج الأول‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ميكن �أن نلخ�ص الو�ضع كالتايل‪ ،‬هناك ثالثة �شروط ميكن للعالج بها �أن يكون‬
‫غري �شرعي‪ً � ،‬أول‪ :‬عندما ُتزال التعويذة بتوكيل �ساحرة �أخرى وب�سحر �آخر‪ ،‬يعني‬
‫ﺸﺮ‬

‫بقدرة �شيطان ما‪.‬‬


‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ثان ًيا‪ :‬عندما تزال بوا�سطة �ساحرة ولكن عرب �شخ�ص �صالح‪ ،‬يف هذه الطريقة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫تنتقل التعويذة بنوع من العالج ال�سحري من �شخ�ص �إىل �آخر‪ ،‬وهذا � ً‬


‫أي�ضا غري‬
‫�شرعي‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬عندما تزال التعويذة بدون �أن تنتقل �إىل �شخ�ص �آخر‪ ،‬ولكن يكون هناك‬
‫عهد �أو تو�سل بال�شيطان يتم عمله‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا هذا غري �شرعي‪.‬‬
‫وبالرجوع �إىل هذه الطرق ف�إن الالهوتيني يقولون �أنه من الأف�ضل �أن متوت على‬
‫�أن توافق على هذا‪ .‬ولكن هناك طريقة �أخرى تعترب �شرعية من علماء ال�شريعة‪� ،‬أو‬
‫غري باطلة‪ ،‬وهذه الطريقة ميكن �أن ُت�ستخدم عندما تكون كل العالجات الكن�سية‬
‫‪230‬‬
‫مثل طرد الأرواح ال�شريرة و�صلوات القدي�سني والتوبة احلقيقية متت جتربتها‬
‫وف�شلت‪ .‬ولكن لفهم �أو�ضح لهذه الطريقة ال بد �أن نذكر ً‬
‫مثال من خالل جتربتنا‪.‬‬
‫يف عهد البابا «نيكوال�س» �أتى �إىل روما �أ�سقف من �أملانيا لأجل بع�ض الأعمال‪،‬‬
‫ومن الأف�ضل عدم ذكر ا�سمه‪ ،‬هناك وقع يف احلب مع فتاة‪ ،‬و�أر�سلها �إىل �أبر�شيته‬
‫حتت م�س�ؤولية اثنني من اخلدم معهما بع�ض من ممتلكاته‪ ،‬وهي بع�ض املجوهرات‬
‫الغالية التي كانت ثمينة حقا‪ .‬وبد�أت املر�أة تفكر يف قلبها‪� ،‬إذا فقط مات هذا‬
‫الأ�سقف بوا�سطة ال�سحر‪� ،‬ستكون قادرة على امتالك اخلوامت والقالدات‪.‬‬
‫و�شك الأطباء وخدمه يف �أنه مت ت�سميمه‪،‬‬‫يف الليلة التالية مر�ض الأ�سقف فج�أة‪ّ ،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأنه كانت هناك نار يف �صدره ال بد �أن ي�ضع عليها كمادات من املاء البارد حتى‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫تهد�أ‪ ،‬يف اليوم الثالث‪ ،‬عندما فقد الأمل يف حياته‪ ،‬جاءت امر�أة عجوز وتو�سلت حتى‬
‫ﻜﺘ‬
‫تراه‪ .‬ف�أدخلوها‪ ،‬ووعدت الأ�سقف �أنها �ست�شفيه �إذا وافق على طلباتها‪ ،‬وملا �س�ألها‬
‫الأ�سقف ما هي الأ�شياء التي يجب �أن يوافق عليها حتى ي�ستعيد �صحته‪� ،‬أجابت املر�أة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫العجوز‪� ،‬إن مر�ضك �سببه تعويذة �سحرية‪ ،‬وميكنك فقط �أن تعاجلها با�ستخدام‬
‫تعويذة �أخرى‪� ،‬س�أنقل هذا املر�ض منك �إىل ال�ساحرة التي �سببت لك هذا املر�ض‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫فتموت هي‪ .‬دُه�ش الأ�سقف‪ ،‬ورغم ر�ؤيته �أنه ال توجد طريقة �أخرى ل�شفائه‪� ،‬إال �أنه‬
‫مل يكن راغبا يف �أي قرار متهور‪ ،‬فقرر �أن ي�أخذ م�شورة البابا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫والبابا املقد�س كان يحبه جدًّا‪ ،‬وعندما علم �أنه ميكنه فقط �أن ُي�شفى عن طريق‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫موت ال�ساحرة‪ ،‬وافق بال�سماح ب�أقل ال�ضررين‪ ،‬وو ّقع بال�سماح على ذلك وختم‪ .‬وملا‬
‫جاءت املر�أة العجوز �إليه �أخربها �أنه هو والبابا وافقا على موت ال�ساحرة‪ ،‬ب�شرط �أن‬
‫يعود هو �إىل �صحته‪ ،‬وذهبت املر�أة العجوز واعدة �إياه ب�أنه �س ُي�شفى يف الليلة التالية‪.‬‬
‫وفج�أة يف منت�صف الليل �شعر بنف�سه معافى من املر�ض‪ ،‬ف�أر�سل ً‬
‫ر�سول ليعلم‬
‫ماذا حدث للفتاة‪ ،‬ف�أتى �إليه الر�سول وبلغه ب�أنها فج�أة مر�ضت يف منت�صف الليل‬
‫بينما كانت تنام بجوار والدتها‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫ال بد �أن ُيفهم �أنه يف نف�س ال�ساعة واللحظة‪ ،‬غادر املر�ض الأ�سقف و�أ�صاب الفتاة‬
‫ال�ساحرة‪ ،‬بتوكيل من �ساحرة عجوز‪ ،‬وبالتايل فالروح ال�شريرة‪ ،‬قامت ب�إبطال وباء‬
‫الأ�سقف و�أعادت له �صحته‪ ،‬والرب هو الذي �سمح له ب�أن ُي�صاب‪ ،‬وهو الذي �سمح له‬
‫ب�أن ي�ستعيد �صحته‪ ،‬وال�شيطان‪ ،‬ب�سبب اتفاقه مع ال�ساحرة العجوز التي حت�سد ثروة‬
‫الفتاة‪ ،‬كان عليه �أن ي�صيب الفتاة‪ .‬والبد �أن نعتقد �أن هاتني التعويذتني ال�شريرتني‬
‫مل ُتعمال بوا�سطة �شيطان واحد يخدم �شخ�صني‪ ،‬و�إمنا بوا�سطة �شيطانني يخدمان‬
‫�ساحرتني خمتلفتني‪ .‬لأن ال�شياطني ال تعمل �ضد بع�ضها‪ ،‬لكنهم يعملون �أق�صى ما‬
‫ميكن باالتفاق معا لإهالك الأرواح يف اجلحيم‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪232‬‬
‫الفصل ‪ .1‬العالجات الموصوفة بواسطة الكنيسة ضد‬
‫شيطان الجاثوم والسعالة‬

‫يف الف�صول ال�سابقة املتعلقة بال�س�ؤال الأول‪ ،‬تعاملنا مع طرق �سحر الإن�سان‬
‫واحليوان والأ�شجار على الأر�ض‪ ،‬وخا�صة ت�صرفات ال�ساحرات �أنف�سهن‪ ،‬وكيف‬

‫ﻋﺼ‬
‫يغوين الفتيات ال�شابات حتى يزدن من �أعدادهن‪ ،‬وكيف هي طريقتهن يف بيعة‬
‫ال�شيطان‪ ،‬وكيف يهنب له �أطفالهن و�أطفال الآخرين‪ ،‬وكيف ينتقلن من مكان �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مكان‪ .‬والآن �أنا �أقول �أنه ال يوجد عالج لهذه املمار�سات‪� ،‬إال �إذا مت ا�ستئ�صال‬
‫ﻜﺘ‬
‫متاما من الدنيا بوا�سطة الق�ضاة‪� ،‬أو على الأقل معاقبتهن ليكن عربة‬ ‫ال�ساحرات ً‬
‫لكل من حتاول تقليدهن‪ ،‬ولكننا لن نتحدث عن هذا الآن‪ ،‬بل يف �آخر جزء من هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬عندما نبني الع�شرين طريقة لعقاب ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف الوقت احلايل �سنهتم فقط بالعالجات للأ�ضرار التي ي�سببنها‪ً � ،‬أول كيف‬
‫لل�شخ�ص الذي مت �سحره �أن يعا َلج‪ ،‬ثان ًيا‪ ،‬احليوانات‪ ،‬وثال ًثا كيف نحمي الأ�شجار‬
‫ﺸﺮ‬

‫على الأر�ض من الآفات الزراعية وقمل النبات‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫بالن�سبة امل�سحورين من الب�شر بوا�سطة �شيطان اجلاثوم وال�سعالة‪ ،‬ال بد �أن‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫نذكر �أن هذا ميكن �أن يح�صل بثالث طرق‪ ،‬الأول‪ ،‬عندما تتطوع امر�أة بالزنا مع‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�شيطان اجلاثوم‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬عندما حتدث عالقة بني رجل وبني �شيطانة ال�سعالة‪� ،‬إال �أنه‬
‫يظهر �أن الرجال ال يزنون بذلك القدر الكثري‪ ،‬حيث �أن الرجال ب�شكل طبيعي �أقوى‬
‫فكر ًيا من الن�ساء‪ ،‬فيكونون عر�ضة لكراهية هذه املمار�سات �أكرث‪.‬‬
‫كان هناك يف قرية «كوبلينز» رجل فقري ُ�سحر بهذه الطريقة‪ .‬حيث �أنه يف وجود‬
‫زوجته كان عادة ما يعمل حركات اجلماع على الهواء ك�أنه ميار�س الزنا مع �شخ�ص‬
‫خفي‪ ،‬وكان يفعل هذا بتكرار رغم ال�صياح واال�ستعطاف من زوجته حتى يكف عن‬
‫هذا‪ .‬وبعد �أن زنا بهذه الطريقة مرتني �أو ثالثة‪� ،‬صاح «نحن �سنبد�أ من جديد»‬
‫‪233‬‬
‫ويف احلقيقة مل يكن �أحد مرئي م�ستلقيا معه‪ .‬وبعد �أن مار�س هذا كث ًريا جدًّا‪ ،‬وقع‬
‫على الأر�ض وقد �أُنهك متاما‪ .‬وعندما ا�ستعاد قوته قليال ُ�سئل كيف حدث هذا له‪،‬‬
‫و�إن كانت هناك امر�أة كانت معه‪ ،‬ف�أجاب ب�أنه مل ير �شيئا‪ ،‬ولكن عقله بطريقة ما‬
‫كان متل ّب�سا حتى مل يكن ي�ستطع �أن ميتنع عن هذا العمل‪ .‬وبالطبع كان لديه �شك‬
‫كبري يف �أن امر�أة معينة �سحرته بهذه الطريقة‪ ،‬لأنه �أ�ساء �إليها‪ ،‬ولقد لعنته وهددته‬
‫بالكلمات‪ ،‬و�أخربته ما الذي حتب �أن يحدث له‪.‬‬
‫ولكن ال يوجد قانون يف وزارات العدل يتعامل ويث�أر من جرمية بال دليل مبجرد‬
‫اتهام �أو �شك‪ ،‬لأنه من املعروف �أنه ال �أحد يجب �أن ُيدان �إال �إذا اعرتف بنف�سه‪،‬‬
‫�أو كان هناك دليل وثالث �شهود عدل‪ ،‬لأن اجلرمية �إذا �أُرفق بها �أكرب �شك �ضد‬

‫ﻋﺼ‬
‫�شخ�ص ما‪ ،‬فهذا لي�س كاف ًيا ملعاقبة ذلك ال�شخ�ص‪ .‬ولكن هذا �سيتم التعامل معه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الح ًقا‪.‬‬
‫لأن هناك مرات يتحر�ش فيها �شيطان اجلاثوم بال�شابات العذراوات بهذه‬
‫ﻜﺘ‬
‫الطريقة‪ ،‬و�سي�أخذ وقتًا ً‬
‫طويل �أن نذكر ما عرفناه يف حملتنا‪ ،‬لأن هناك كث ًريا جدًّا‬
‫من الق�ص�ص املوثقة عن �أ�سحار مثل هذه‪ .‬ولكن ال�صعوبة الكبرية هي يف �إيجاد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫العالج لهذه امل�صيبة‪ ،‬ميكن �أن تت�ضح هذه ال�صعوبة بذكر الق�صة التي رواها‬
‫«توما�س �أوف برابانت» يف كتاب ‪.Book on Bees‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫لقد ر�أيتُ (هو كتب) و�سمعتُ اعرتاف عذراء متدينة‪ ،‬قالت يف البداية �أنها‬
‫لي�ست من النوع القابل لعمل الزنا‪ ،‬ولكن يف نف�س الوقت كانت معروفة بالزنا‪ .‬وهذا‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مما مل �أ�صدقه‪ ،‬ف�أخذت �أن�صحها و�أنا�شدها �أن تقول احلقيقة لأن هذا خطر على‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫روحها جدًّا‪ .‬ويف النهاية‪ ،‬وبعد بكاء مرير‪ ،‬اعرتفت ب�أنها قد ف�سدت يف العقل ولي�س‬
‫يف اجل�سد‪ ،‬ولقد حز َنت على هذا تقريبا حتى كادت متوت‪ ،‬وهي تعرتف يوميا يف‬
‫الكني�سة بالدموع‪� ،‬إال �أنه ال توجد و�سيلة �أو حماولة �أو فن �أمكن �أن يحررها من‬
‫�شيطان اجلاثوم‪ ،‬وال حتى بعمل عالمة ال�صليب‪ ،‬وال باملاء املقد�س‪ ،‬الذي هو‬
‫مو�صوف خ�صي�صا لطرد ال�شياطني‪ ،‬وال حتى بال�سر املقد�س جل�سد ربنا‪ ،‬والذي‬
‫حتى املالئكة تخاف منه‪ .‬ولكنها بعد عدة �سنوات من ال�صالة وال�صوم مت حتريرها‪.‬‬
‫وهناك راهبة خمل�صة ا�سمها «كري�ستينا»‪ ،‬يف الدولة ال�سفلى لدوقية «برابانت»‪،‬‬
‫�أخربتني بالتايل بخ�صو�ص نف�س املر�أة‪ .‬يف ع�شية عيد العن�صرة جاءت �إليها املر�أة‬
‫‪234‬‬
‫ت�شكو لكنها مل جتر�ؤ على �أخذ ال�سر املقد�س ب�سبب التحر�ش املزعج لل�شيطان بها‪.‬‬
‫�أ�شفقت عليها «كري�ستينا» وقالت لها «اذهبي‪ ،‬وارتاحي وا�ضمني �أنك �ستح�صلني‬
‫على ج�سد ربنا غدًّا‪ ،‬لأنني �س�آخذ عذابك على نف�سي»‪ ،‬فذه َبت املر�أة بفرح‪ ،‬وبعد‬
‫�أن �ص ّلت يف الليل نامت يف �سالم‪ ،‬وقامت يف ال�صباح وتناولت الع�شاء الرباين يف‬
‫طم�أنينة روح‪ .‬ولكن «كري�ستينا»‪ ،‬غري مفكرة يف العقوبة التي �أخذتها على نف�سها‪،‬‬
‫ذهبت لرتتاح يف امل�ساء‪ ،‬وبينما كانت م�ستلقية على فرا�شها‪ ،‬بدا وك�أن هناك هجوما‬
‫عنيفا عليها‪ ،‬ف�أم�سكت بال�شيء الذي بدا وك�أنه فوق عنقها وحاولت �أن تبعده يف كل‬
‫اجتاه‪ ،‬وبعد مدة �أدركت ب�أنها تواجه ال�شيطان‪ .‬ثم غادرت �سريرها‪ ،‬وق�ضت ليلتها‬
‫بال نوم‪ ،‬وعندما �أرادت �أن ت�صلي‪ ،‬عذبها ال�شيطان حتى قالت �أنها مل تعان هكذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫من قبل‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف ال�صباح التايل‪ ،‬قالت للمر�أة الأخرى « �أنا �أتنازل عن �أخذ عذابك‪� ،‬أنا بالكاد‬
‫ع�شت حتى �آتي و�أتنازل عنه «‪ ،‬فهر َبت من عنف ذلك املتحر�ش الفا�سد‪ .‬من هذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫ميكن �أن نرى كيف هي �صعوبة عالج هذا النوع من ال�شر‪� ،‬سواء كان ب�سبب ال�سحر‬
‫�أم مل يكن‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫على �أي حال‪ ،‬ال تزال هناك طرق ميكن �أن ُتبعد هذه ال�شياطني‪ ،‬كتبها «نيدار»‬
‫يف كتابه ‪ .Formicarius‬قال �أن هناك خم�سة طرق ميكن �أن يتحرر بها الن�ساء �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫الرجال‪ً � ،‬أول‪ ،‬بال�سر املقد�س لالعرتاف‪ ،‬ثان ًيا‪ ،‬بالعالمة املقد�سة لل�صليب �أو بتالوة‬
‫التحية املالئكية ‪ ،Angelic Salutation‬ثال ًثا‪ ،‬بعمل طرد الأرواح ال�شريرة‪ ،‬راب ًعا‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خام�سا‪ ،‬عن طريق طرد الأرواح ال�شريرة املعمول بحكمة‬ ‫باالنتقال �إىل مكان �آخر‪ً ،‬‬
‫بوا�سطة الرجال املقد�سني‪ .‬يت�ضح مما قيل �أن �أول طريقتني مل يفيدا الراهبة‪ ،‬ولكن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال ميكن جتاهلهما‪ ،‬لأن ما يعالج �شخ�صا ما لي�س بال�ضرورة يعالج الآخر‪ ،‬والعك�س‪.‬‬
‫وهي حقيقة م�سجلة �أن �شياطني اجلاثوم غالبا يتم �إبعادهم بال�صلوات للرب‪� ،‬أو‬
‫بر�ش املاء املقد�س‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا ب�شكل خا�ص بتالوة التحية املالئكية‪.‬‬
‫لأن القدي�س «كايزاريو�س» يقول يف كتابه ‪� Dialogue‬أنه بعد �أن َ�شنق �أحد‬
‫الرهبان نف�سه‪ ،‬دخلت خليلته �إىل الدير‪ ،‬وغواها اجلاثوم ج�سديا‪ .‬ف�أبعدته بعمل‬
‫عالمة ال�صليب وبا�ستخدام املاء املقد�س‪ ،‬ولكنه �سرعان ما عاد‪ .‬ولكن عندما تلت‬
‫التحية املالئكية‪ ،‬اختفى ك�أنه �سهم زال عن قو�سه‪ ،‬ثم عاد مرة �أخرى‪� ،‬إال �أنه مل ي�أت‬

‫‪235‬‬
‫قريبا منها‪ ،‬ب�سبب ن�شيد ‪.Ave MARIA‬‬
‫أي�ضا ي�شري �إىل العالج با�ستخدام �سر االعرتاف املقد�س‪.‬‬ ‫القدي�س «كايزاريو�س» � ً‬
‫متاما بعد �أن اعرتفت‪ .‬و�أخرب‬ ‫لأنه يقول �أن تلك اخلليلة املذكورة تخلى عنها اجلاثوم ً‬
‫متاما بعد �سر االعرتاف‪.‬‬ ‫أي�ضا �أن رجال يف «ليدين» �أ�صيب ب�شيطانة ال�سلعاة‪ ،‬وحترر ً‬ ‫� ً‬
‫و�أ�ضاف مثاال �آخر‪ ،‬عن راهبة مت�صوفة منعزلة‪ ،‬مل يرتكها اجلاثوم على الرغم‬
‫من �صالتها واعرتافها و�أعمالها الدينية الأخرى‪ .‬ودائما ُي�صر �أن يجد طريقه �إىل‬
‫أخذت بن�صيحة �أحد الرجال املتدينني‪ ،‬حيث تلفظت بالكلمة‬ ‫�سريرها‪ .‬ولكن عندما � َ‬
‫املباركة‪ ،‬تركها ال�شيطان يف احلال‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫عن الطريقة الرابعة‪ ،‬االنتقال �إىل مكان �آخر‪ ،‬قال �أن هناك ابنة لأحد الرهبان‬
‫تنج�ست ب�شيطان اجلاثوم وقادها للهياج والهم‪ ،‬ولكن عندما ذهبت بعيدا عرب نهر‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الراين‪ ،‬تركها ال�شيطان اجلاثوم‪ .‬و�أبوها لأنه �أر�سلها بعيدً ا‪� ،‬أ�صابه ال�شيطان ومات‬
‫ﻜﺘ‬
‫خالل ثالثة �أيام‪.‬‬
‫أي�ضا املر�أة التي كان اجلاثوم يتحر�ش بها يف �سريرها‪ ،‬ف�س�ألتها �صديقة‬ ‫وذكر � ً‬ ‫َ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫متدينة �أن ت�أتي وتنام معها‪ .‬وفعلت ذلك‪ ،‬لكن املتدينة ا�ضطربت طوال الليل ب�أق�صى‬
‫�أنواع االنزعاج والقلق‪ ،‬وغادرت املر�أة الأوىل يف �سالم‪« .‬ويليام �أوف باري�س» يذكر‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �أن اجلاثوم يبدو �أنه يتحر�ش بالن�ساء والفتيات الالتي ميلكن �شع ًرا ً‬
‫جميل‪،‬‬ ‫� ً‬
‫�إما لأنهن يكر�سن �أنف�سهن كث ًريا لالهتمام والعناية والإعجاب ب�شعرهن‪� ،‬أو ب�سبب‬
‫ﻭ‬

‫�أنهن يتفاخرن به ب�شكل �سيء‪� ،‬أو ب�سبب �أن الرب يف خرييته ي�سمح بهذا لأجل �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه الفتاة ميكن �أن تخاف من �أن تغوي الرجال بنف�س الطريقة التي يتمنى ال�شيطان‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫منهن �أن يغوين بها الرجال‪.‬‬


‫الطريقة اخلام�سة‪ ،‬عن طرد الأرواح ال�شريرة‪ ،‬وقد و�ضع القدي�س «برينارد»‬
‫مثال‪ .‬يف «�أكويتاين» كانت هناك امر�أة تتعر�ض للتحر�ش من اجلاثوم منذ �ستة‬ ‫له ً‬
‫�سنوات‪ ،‬وبالغ يف �إيذائها اجل�سدي وعمل الف�سق معها‪ ،‬و�سمعت اجلاثوم يهددها‬
‫ب�أنه يجب �أال تذهب بالقرب من هذا الرجل املقد�س الذي كان �آت ًيا �إىل ناحيتها‪ ،‬قال‬
‫«لن ينفعك �شيء‪ ،‬لأنه عندما يغادر‪� ،‬أنا‪ ،‬الذي ما زلت حتى الآن ع�شيقك‪� ،‬س�أ�صبح‬
‫�أكرث الطغاة توح�شا معك» ورغم ذلك ذهبت �إىل القدي�س «برينارد» وقال لها «خذي‬
‫�صوجلاين واجل�سي على �سريرك‪ ،‬وليعمل ال�شيطان ما ي�ستطيع» وعندما عم َلت‬
‫‪236‬‬
‫هذا‪ ،‬مل يجر�ؤ ال�شيطان على �أن َيدخل غرفة املر�أة‪ ،‬ولكنه هددها ب�شكل مرعب من‬
‫اخلارج قائال �أنه �سيعذبها عندما يغادر القدي�س «برينارد»‪ .‬وعندما �سمع القدي�س‬
‫«برينارد» هذا من املر�أة‪ ،‬ا�ستدعى بع�ضا من الرجال معا‪ ،‬ودعاهم حلمل ال�شموع‬
‫امل�ضيئة يف �أيديهم‪ ،‬وعندما اجتمع الكل‪ ،‬عملوا طردا للروح ال�شريرة ال�شيطانية‪،‬‬
‫ومنعوه من �أن يقرتب من املر�أة مرة �أخرى �أو �أي امر�أة �أخرى‪ .‬وحتررت من هذه‬
‫العقوبة‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ال بد �أن نذكر �أنه �إذا مل تنجح �أي من العالجات املذكورة‪ ،‬ف�إن هذه‬ ‫� ً‬
‫الإ�صابة ال بد من اعتبارها عقوبة تكفري عن خطية‪ ،‬ويجب �أن يتم احتمالها بكل‬
‫نوع‪ ،‬مثل الأوجاع الأخرى التي ُتتعبنا ولكنها ت�ساهم يف جعلنا نبحث عن الرب‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن ال بد من مالحظة �أنه يف بع�ض الأحيان يظن النا�س �أنه يتم التحر�ش بهم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫باجلاثوم بينما ال يح�صل معهم هذا يف احلقيقة‪ ،‬وهذا �أكرث حدوثا يف حالة الن�ساء‬
‫�أكرث من الرجال‪ ،‬لأنهن خملوعات الف�ؤاد �أكرث وعر�ضة لتخيل الأمور ال�شاذة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫فيما يتعلق بهذا‪« ،‬ويليام �أوف باري�س» يقول‪ :‬كثري من الظهورات اخليالية‬
‫حتدث لل�شخ�ص الذي يعاين من الك�آبة‪ ،‬خا�صة الن�ساء‪ ،‬كما يظهر يف �أحالمهن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ور�ؤياهن‪ .‬و�سبب هذا‪ ،‬كما يعرف الأطباء‪� ،‬أن �أرواح الن�ساء هي بالطبيعة �سريعة‬
‫الت�أثر وح�سا�سة �أكرث من �أرواح الرجال‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف بع�ض الأوقات تظن الن�ساء �أنهن �أ�صبحن حوامل ب�سبب اجلاثوم‪ ،‬و�أن بطونهن‬
‫ﻭ‬

‫�أ�صبحت �أكرب حجما‪ ،‬ولكن عندما ي�أتي وقت خما�ض الوالدة‪ ،‬يذهب هذا االنتفاخ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بطرد كمية كبرية من الهواء‪ .‬لأنه بتناول بي�ضات النمل يف ال�شراب‪� ،‬أو بذور القربيون‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أو ال�صنوبر الأ�سود‪ ،‬ف�إن انتفاخا �شديدا يحدث يف املعدة‪ .‬ومن ال�سهل جدًّا على‬
‫ال�شيطان �أن يعمل هذا و�أكرث يف معدة الإن�سان‪ .‬مت ذكر هذا حتى ال ت�ص ّدق الن�ساء‬
‫ب�سهولة يف هذا الأمر‪� ،‬إال الالتي �أظهرت التجربة �صدقهن وموثوقيتهن‪ ،‬والذين‬
‫يعلمون �أن هذه الأ�شياء التي نتحدث عنها حقيقية هم الذين ينامون بجوارهن‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪237‬‬
‫الفصل ‪ .2‬العالجات الموصوفة لهؤالء الذين تسبب‬
‫لهم السحر بضعف القدرة الجنسية‬

‫رغم �أن ال�ساحرات الن�ساء �أكرث من الرجال بكثري‪ ،‬كما و�ضحنا يف اجلزء الأول‬

‫ﻋﺼ‬
‫من هذا العمل‪� ،‬إال �أن الرجال هم الذين ُي�سحرون �أكرث من الن�ساء‪ .‬و�سبب هذا هو‬
‫يف حقيقة �أن الرب ي�سمح لل�شيطان بقدرة �أكرب فيما يتعلق بالقدرة اجلن�سية التي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫جاءت بها اخلطية الأ�صلية‪� ،‬أكرث من �أي عمل ب�شري �آخر‪ .‬بنف�س الطريقة‪ ،‬هو ي�سمح‬
‫ﻜﺘ‬
‫مبزيد من ال�سحر �أن ي�ؤ ّدى با�ستخدام الثعابني‪ ،‬التي هي �أكرث عر�ضة لل�سحر من‬
‫احليوانات الأخرى‪ ،‬لأن هذه كانت �أول �أداة لل�شيطان‪ .‬والعملية اجلن�سية ميكن �أن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ُت�سحر ب�سهولة يف الرجل �أكرث من املر�أة‪ ،‬كما و�ضحنا �سابقا‪ .‬لأن هناك خم�سة طرق‬
‫ميكن لل�شيطان �أن يعوق بها عملية التكاثر‪ ،‬وهي ُتطبق ب�سهولة �أكرث على الرجال‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ب�أق�صى ما ميكننا �سنذكر العالجات التي ميكن تطبيقها يف كل نوع من �أنواع‬


‫الإعاقة‪ ،‬و�سندع امل�سحور يعرف بنف�سه �إىل �أي نوع من الأنواع ترجع حالته‪ .‬لأن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هناك خم�سة �أنواع‪ ،‬وف ًقا لـ «بريت �أبالود» يف كتابه الرابع‪ ،‬الف�صل ‪ ،34‬عن حماكمة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫هذا النوع من ال�سحر‪.‬‬


‫روحا‪ ،‬ف�إن لديه بالطبيعة وب�إذن الرب‪ ،‬قدرة على‬
‫بالن�سبة لل�شيطان‪ ،‬كونه ً‬
‫اجل�سم املخلوق‪ ،‬خا�صة يف �إحداث �أو منع حركة مو�ضعية‪ .‬لذلك هذه القدرة‬
‫ميكنهم بها �أن مينعوا �أج�ساد الرجال والن�ساء من �أن تقرتب من بع�ضها‪ ،‬وهذا‬
‫بطريقة مبا�شرة �أو غري مبا�شرة‪ .‬مبا�شرة عندما ُيبعدون �أحدهم بعيدا عن الآخر‬
‫وال ي�سمحون له باالقرتاب من الآخر‪ .‬وغري مبا�شرة‪ ،‬عندما يعملون تعطيال معينا‬
‫للإجناب‪� ،‬أو عندما يد�سون �أنف�سهم يف ج�سد متخذ‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ال�شيطان ميكنه �أن يثري الرجل جتاه امر�أة واحدة ويجعله عقيما ناحية‬
‫امر�أة �أخرى‪ ،‬وهذا ميكن �أن ي�سببه بو�ضع بع�ض الأع�شاب �أو املواد الأخرى التي‬
‫يعرفها ج ّيدً ا لأجل هذا الغر�ض‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬ميكنه �أن ي�شو�ش على اقرتاب الرجل من املر�أة‪ ،‬حيث يجعل �أحدهم خمفيا‬
‫و�ضحنا‪ ،‬ميكنه �أن ي�ؤثر على اخليال‪.‬‬‫عن الآخر‪ ،‬لأنه‪ ،‬كما ّ‬
‫متاما‬
‫راب ًعا‪ ،‬ميكنه �أن يكبح اهتياج ذلك الع�ضو والذي هو �ضروري للإجناب‪ً ،‬‬
‫كما ميكنه �أن ي�سلب من �أي ع�ضو قدرته على احلركة املو�ضعية‪.‬‬
‫خام�سا‪ ،‬ميكنه �أن مينع دفق املني �إىل الع�ضو املحرك‪ ،‬ب�إغالق القناة املنوية‬ ‫ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫حتى ال ي�صل املني �إىل الأوعية التنا�سلية‪� ،‬أو ال يخرج منها مرة �أخرى‪� ،‬أو ال يتحرك‬
‫فيها‪� ،‬أو يخرج ويهدره عبثا‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن �إذا قال �شخ�ص‪� :‬أنا ال �أعلم ب�أي من هذه الطرق املختلفة مت �سحري‪ ،‬كل‬
‫ﻜﺘ‬
‫ما �أعرفه هو �أنني ال �أ�ستطيع �أن �أعمل �أي �شيء مع زوجتي‪ ،‬ميكن الإجابة عليه بهذه‬
‫وقابل لعمل هذا مع امر�أة �أخرى �إال زوجته‪� ،‬إذن فقد مت‬ ‫ن�شطا ً‬‫الطريقة‪� .‬إذا كان ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�سحره بالطريقة الثانية‪ ،‬و�إذا مل يجد �أن زوجته منفرة ولكنه ما زال ال يقدر على‬
‫أي�ضا �سحر من النوع الثاين‪،‬‬‫عمل �شيء معها‪ ،‬لكنه يقدر مع الأخريات‪ ،‬ف�إن هذا � ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن �إذا وجدها منفرة ومل يقدر على جماعها‪� ،‬إذن فهذا �سحر بالطريقة الثانية‬
‫والثالثة‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�إذا وجدها غري منفرة ورغب يف �أن يجامعها ولكن مل تكن له قوة يف ع�ضوه‪،‬‬
‫�إذن هي الطريقة الرابعة‪ .‬ولكن �إذا كانت هناك قوة يف ع�ضوه‪ ،‬ولكنه ال ي�ستطيع �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يقذف منيه‪� ،‬إذن هي الطريقة اخلام�سة‪.‬‬


‫هل ه�ؤالء الذين يف النعمة مثل الذين لي�سوا يف النعمة يف قابليتهم لل�سحر بهذه‬
‫الطرق‪� ،‬سنجيب ب�أنهم لي�سوا متماثلني‪� ،‬إال فيما يتعلق بالطريقة الرابعة‪ ،‬لأن �إ�صابة‬
‫كهذه ميكن �أن حت ُدث للذين يف النعمة واال�ستقامة‪ ،‬ولكن القارئ ينبغي �أن يفهم �أنه‬
‫يف هذه احلالة نحن نتكلم عن عمل زوجي بني املتزوجني‪ ،‬لأنه يف �أي حالة �أخرى‬
‫فالكل متماثل يف التعر�ض لل�سحر‪ ،‬لأن كل عمل جن�سي خارج الزواج هو خطيئة‬
‫مميتة‪ ،‬يعمله فقط الذين لي�سوا يف حالة النعمة‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫ونحن نعلم بالطبع �أن الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أن ي�صيب اخلاطئني �أكرث من‬
‫ال�صاحلني‪ .‬بالرغم من �أن الرجل الأكرث �صالحا‪� ،‬أيوب‪ ،‬مت �ضربه‪� ،‬إال �أن ذلك‬
‫مل يكن يف الناحية اجلن�سية‪ .‬وميكن �أن يقال �أنه‪ ،‬عندما ي�صاب املتزوجون بهذه‬
‫الطريقة‪ ،‬ال بد �أن الطرفني �أو واحدا منهما لي�س يف حالة النعمة‪ ،‬وهذا الر�أي مثبت‬
‫يف الكتب املقد�سة بال�سلطة وباملنطق‪ .‬لأن املالك قال لـ «توبيا�س»‪ :‬ال�شيطان له قدرة‬
‫على �أولئك الذين �س ًلموا �أنف�سهم لل�شهوة‪ ،‬و�أثبت هذا بذبح الأزواج ال�سبعة ل�سارة‪.‬‬
‫«كا�سيان» يف كتاب ‪ ،Collation of the Fathers‬يقتب�س من القدي�س «�أنتوين»‬
‫يف قوله �أن ال�شيطان ال ميكن �أن يدخل عقولنا �أو �أج�سامنا �إال �إذا �سلبها � ًأول من‬
‫كل الأفكار املقد�سة وجعلها خاوية من التفكر الروحي‪ .‬هذه الكلمات ال ينبغي �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫تنطبق على الإ�صابة اجل�سدية‪ ،‬لأنه عندما �أ�صيب �أيوب مل يكن خاليا من النعمة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الإلهية‪ .‬واملر�ض اجلن�سي الذي نتحدث عنه ال يح�صل �إال بخطيئة االنقياد لل�شهوة‬
‫اجلن�سية‪ .‬لأنه‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬الرب ي�سمح لل�شيطان ب�أذى �أكرب على العملية اجلن�سية‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أكرث من �أي فعل ب�شري �آخر‪ ،‬ب�سبب البذاءة الطبيعية لهذا الفعل‪ ،‬وب�سبب �أنه ح�صل‬
‫به توريث اخلطيئة الأ�صلية �إىل الن�سل كله‪ ،‬بالتايل عندما يجتمع اثنني يف زواج ويتم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�سلب عون الرب منهما‪ ،‬فالرب ي�سمح ب�أن يتم �سحرهما ب�شكل �أ�سا�سي يف وظائفهما‬
‫الإجنابية‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن �إذا �س�أل �أحدهم ما نوع هذه اخلطايا‪ ،‬ميكن �أن نقول‪� ،‬أنه وفقا للقدي�س‬
‫«جريوم»‪� ،‬أنه حتى يف حالة الزواج من املمكن �أن حتدث خطيئة االنقياد لل�شهوة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اجلن�سية بطرق عديدة‪ .‬انظر الن�ص‪ :‬الذي يحب زوجته ب�شكل مفرط فهو زان‪.‬‬
‫وه�ؤالء الذين يحبون بهذه الطريقة عر�ضة �أكرث لأن ُي�سحروا بالطريقة التي‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ذكرناها‪.‬‬
‫عالجات الكني�سة‪ ،‬هي نوعني‪ ،‬واحد قابل للتطبيق يف حمكمة عامة‪ ،‬والثاين يف‬
‫االعرتاف �أمام الكاهن‪ .‬بالن�سبة للأول‪ ،‬عندما ُيك�شف ب�شكل علني �أن العقم هو‬
‫ب�سبب ال�سحر‪ ،‬فالبد �أن نحدد هل هو م�ؤقت �أم دائم‪� .‬إذا كان م�ؤقتا‪ ،‬فال ُيلغى عقد‬
‫الزواج‪ .‬ويعترب العقم م�ؤقتا �إذا حدث عالج يف مدة قدرها ثالثة �سنوات با�ستخدام‬
‫�أي طريق ممكنة من الأ�سرار الكن�سية والعالجات‪ .‬ولكن بعد هذه املدة‪� ،‬إذا مل‬
‫ميكن عالجه ب�أي عالجات فيعترب العقم دائ ًما‪.‬‬
‫‪240‬‬
‫العجز اجلن�سي �إذا ح�صل قبل عقد الزواج وقبل الدخول‪ ،‬ففي هذه احلالة هو‬
‫يعرت�ض �سبيل العقد‪ ،‬و�إذا ح�صل العجز اجلن�سي بعد عقد الزواج ولكن قبل الدخول‪،‬‬
‫ففي هذه احلالة ُيلغي العقد‪ .‬لأن الرجال عادة ما ُي�سحرون بهذه الطريقة لأنهم‬
‫�أبعدوا ع�شيقاتهم ال�سابقات‪ ،‬والالتي‪� -‬أمال يف �إتعا�س زواجهم‪َ -‬ي�سحرن الرجال‬
‫فال يقدرون على جماع �أي امر�أة �أخرى‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬وفقا لر�أي الكثريين‪،‬‬
‫فالزواج الذي مت عقده يجب �إلغا�ؤه‪� ،‬إال‪ ،‬مثل �سيدتنا املباركة والقدي�س «يو�سف»‬
‫حيث �أرادا العي�ش معا يف كبح نف�س مقد�س‪ .‬هذا الر�أي مدعوم بال�شريعة حيث‬
‫تقول‪� ،‬أن الزواج يت�أكد بالفعل اجل�سدي بالدخول‪ .‬والعقم قبل هذا الفعل اجل�سدي‬
‫يفك ارتباط الزواج‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫و�إذا ح�صل العجز اجلن�سي بعد الدخول‪ ،‬عندها ال ُيفك ارتباط النكاح‪ .‬املزيد‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عن هذا يذكره العلماء‪ ،‬الذين يف كتاباتهم العديدة تعاملوا مع التعطيل اجلن�سي‬
‫ﻜﺘ‬
‫الذي يحدث ب�سبب ال�سحر‪ ،‬ولكن لأن �أقوالهم ال تتعلق بدقة مبو�ضوعنا‪ ،‬ف�سيتم‬
‫التغا�ضي عن ذكرها‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لكن البع�ض ميكن �أن يجد �صعوبة يف فهم كيفية �أن هذه الوظيفة ميكن �أن تتعطل‬
‫جتاه امر�أة معينة ولي�س امر�أة �أخرى‪ .‬القدي�س «بونافينتورا» يجيب �أن هذا ميكن‬
‫�أن يكون ب�سبب �أن �ساحرة ما �أقنعت ال�شيطان �أن يعمل هذا جتاه امر�أة واحدة‪� ،‬أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫ب�سبب �أن الرب ال ي�سمح بالتعطيل �أن يحدث جتاه امر�أة معينة‪ُ .‬حكم الرب يف هذا‬
‫ﻭ‬

‫الأمر غام�ض‪ ،‬مثل حالة زوجة «توبيا�س»‪ .‬والقدي�س «بونافينتورا» يقول �أن ال�شيطان‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يعطل الوظيفة الإجنابية‪ ،‬وال ي�ؤذي الع�ضو داخليا‪ ،‬ولكن خارجيا ب�إعاقة ا�ستخدامه‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهذا عقم �صناعي‪ ،‬لي�س عقما طبيعيا‪ ،‬وبالتايل ميكن �أن يعمله ال�شيطان جتاه‬
‫امر�أة معينة دون �أخرى‪� .‬أو هو ي�أخذ كل الرغبة من الرجل جتاه امر�أة معينة‪ ،‬وهو‬
‫يفعل ذلك بقدرته ال�شخ�صية‪� ،‬أو با�ستخدام بع�ض الأع�شاب �أو الأحجار �أو بع�ض‬
‫املخلوقات ال�سحرية‪ .‬وبهذا فهو يف اتفاق جوهري مع «بيرت �أبالود»‪.‬‬
‫العالج الكن�سي يف حمكمة الرب ُمبني يف ال�شريعة حيث تقول‪�« :‬إذا ُ�سحر الرجل‬
‫يف قدرته اجلن�سية‪ ،‬ال بد �أن يهرع لعمل االعرتاف للرب ولكاهن الرب بكل‬
‫اخلطايا بف�ؤاد من�سحق وروح متوا�ضعة‪ ،‬و�أن ُير�ضي الرب بدموع كثرية وعطايا‬
‫كبرية و�صلوات و�صيام»‬
‫‪241‬‬
‫من هذه الكلمات وا�ضح �أن هذه الإ�صابات هي فقط ب�سب خطية ما‪ ،‬وحتدُث‬
‫فقط لأولئك الذين ال يعي�شون يف حالة النعمة‪ .‬ويتبع �أن نقول �أن ق�ساو�سة الكني�سة‬
‫يعملون عالجا با�ستخدام طرد الأرواح ال�شريرة وبعالجات �أخرى تزودها الكني�سة‪.‬‬
‫وبهذه الطريقة وبعون الرب‪�َ ،‬شفا �إبراهيم ب�صلواته �أبيمالك وبيته‪.‬‬
‫وكا�ستنتاج ميكن �أن نقول �أن هناك خم�سة عالجات ميكن �أن ُتطبق ب�شكل‬
‫�شرعي على ه�ؤالء امل�سحورين بهذه الطريقة‪ ،‬احلج ملزار ُموقر ومقد�س‪ ،‬االعرتاف‬
‫باخلطايا مع التوبة‪ ،‬اال�ستعمال الكثري لعالمة ال�صليب وال�صلوات اخلا�شعة‪ ،‬عملية‬
‫طرد الأرواح ال�شريرة ال�شرعية با�ستخدام كلمات �شعائرية‪ ،‬و�أخريا ميكن �أن يحدث‬
‫العالج باالقرتاب من ال�ساحرة بحكمة كما يف حالة الكونت الذي ظل ثالث �سنوات‬

‫ﻋﺼ‬
‫غري قادر على جماع زوجته‪.‬‬

‫‪e‬‬ ‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪242‬‬
‫الفصل ‪ .3‬العالجات الموصوفة للمسحورين بالحب‬
‫الجامح أو الكره المفرط‬

‫مثل �أن القدرة اجلن�سية ميكن �أن ُت�سحر‪ ،‬كذلك احلب اجلامح �أو الكره ميكن �أن‬
‫ُيزرع يف العقل الب�شري بال�سحر‪ً � .‬أول �سنتحدث عن �سبب حدوث هذا ثم ب�أق�صى ما‬

‫ﻋﺼ‬
‫ميكننا �سنتحدث عن العالجات‪.‬‬
‫احلب اجلامح من �شخ�ص جتاه �شخ�ص �آخر ميكن �أن يحدث بثالثة طرق‪ .‬يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بع�ض الأحيان يكون فقط ب�سبب فقد ال�سيطرة على العيون‪ ،‬وبع�ض الأحيان يكون‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�سبب �إغواء ال�شيطان‪ ،‬وبع�ض الأحيان يكون ب�سبب تعويذات م�ستح�ضري الأرواح‬
‫وال�ساحرات مب�ساعدة ال�شياطني‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأول حتدث عنه القدي�س «جيم�س»‪ ،‬كل �إن�سان يغ َوى ب�شهوته اخلا�صة‪ُ ،‬ي�سحب‬
‫�إليها و ُيغرر به‪ .‬وعندما تنخدع ال�شهوة‪ ،‬فهي جت ِلب اخلطية‪ ،‬وعندما تكتمل اخلطية‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫فهي جت ِلب املوت‪ ،‬وبذلك‪ ،‬عندما �شاهد «�سيخام» «ديانا» خارجة لرتى بنات الأر�ض‪،‬‬
‫�أحبها‪ ،‬وفتنها‪ ،‬وا�ستلقى معها‪ ،‬ووجدت روحه طريقها �إىل روحها (�سفر التكوين‬
‫ﻭ‬

‫الرابع والثالثني)‪ .‬وهنا يقول املف�سرون �أن هذا حدث لروحها ال�ضعيفة لأنها تركت‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�ش�ؤونها لت�س�أل عن �ش�ؤون الآخرين‪ ،‬وروح كهذه يغويها ال�شيطان ب�سهولة‪ ،‬ويقودها‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫للقبول باملمار�سات غري ال�شرعية‪.‬‬


‫ال�سبب الثاين ي�أتي من �إغواء ال�شياطني‪ ،‬بهذه الطريقة �أحب «�أمنون» �أخته‬
‫اجلميلة «تامار» وكان متكدرا لأنه ي�شعر بهذا احلب املري�ض لها‪�( .‬سفر �صموئيل‬
‫متاما وي�سقط يف زنا املحارم �إال �إذا كان قد �أُغوي‬
‫الثاين ‪ .)13‬فهو مل َيخ َرب عقله ً‬
‫خطر من قبل ال�شيطان‪ .‬وكتاب الآباء املقد�سني ي�شري �إىل هذا النوع من‬ ‫ب�شكل ِ‬
‫احلب‪ ،‬عندما يقول �أنهم حتى بداخل �صوامعهم يكونون معر�ضني للإغواءات من‬
‫كل نوع‪ ،‬ومن �ضمنها الإغواءات اجل�سدية‪ ،‬لأن بع�ضهم يف بع�ض الأحيان يغ َوى بحب‬
‫‪243‬‬
‫الن�ساء �أكرث مما ميكن �أن ي�صدً ق‪ .‬القدي�س «بول�س» يف ر�سالة كورونثو�س الثانية ‪12‬‬
‫يقول‪« :‬ولئال �أرتفع بفرط الإعالنات‪� ،‬أُعطيت �شوكة يف اجل�سد‪ ،‬مالك ال�شيطان‬
‫ليلطمني‪ ،‬لئال �أرتفع» والتف�سري يذكر �أنه يعني �إغواء ال�شهوة‪.‬‬
‫وقيل �أنه عندما ال ي�سقط الإن�سان يف الإغواء فهو ال يعمل اخلطية‪ ،‬وهذا تدريب‬
‫على اال�ستقامة‪.‬‬
‫بالن�سبة لل�سبب الثالث الذي يح�صل به احلب اجلامح هو عن طريق ال�شيطان‬
‫و�أعمال ال�ساحرات‪� ،‬إمكانية هذا النوع من ال�سحر قد حتدثنا عنها ب�شكل �شامل يف‬
‫�أ�سئلة اجلزء الأول‪ ،‬عن �إذا كانت ال�شياطني خالل توكيل ال�ساحرات ميكنهم �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫يحولوا عقل الإن�سان �إىل احلب اجلامح �أو الكره‪ ،‬ومت �إثبات هذا ب�أمثلة من واقع‬
‫جتربتنا‪ .‬وطبعا هذا هو النوع الأ�شهر والأكرث �شعبية بني �أنواع ال�سحر‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن ينبغي �أن ُي�س�أل ال�س�ؤال التايل‪« ،‬بيرت» مثال متت حما�صرته بحب جامح‬
‫ﻜﺘ‬
‫مثل هذا‪ ،‬لكنه ال يعلم �إن كان هذا بال�سبب الأول �أم الثاين �أم الثالث‪� .‬سنجيب �أنه‪،‬‬
‫من ع َمل ال�شيطان �أن يثري الكراهية بني املتزوجني حتى ُي�سبب خطيئة الزنا‪ .‬ولكن‬
‫عندما يكون الإن�سان مقيدا ب�شدة �إىل رغباته اجل�سدية و�شهوته حتى ال ميكن �أن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫جنعله يكف عنها ب�أي تذكري بعار �أو كلمات �أو م�صائب �أو ت�أثريات‪ ،‬وعندما يزيح‬
‫الرجل زوجته اجلميلة جانبا ويتعلق بامر�أة �شائنة‪ ،‬وعندما ال يقدر �أن يرتاح يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫الليل‪ ،‬وجتتاحه رغبة جمنونة يف �أنه يجب �أن يذهب بطرق مراوغة �إىل ع�شيقته‪،‬‬
‫وعندما جند �أن �أولئك الذين من الأرحام الأنبل‪ ،‬كاحلكام والأغنياء‪ ،‬هم الأكرث‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وقوعا بتعا�سة يف هذه اخلطية (لأن هذا الع�صر ت�سيطر عليه الن�ساء‪ ،‬وقد تنب�أ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بهذا القدي�س «هيلديجارد» كما �سجل «فين�سينت �أوف بياوفاي�س» يف كتاب ‪Mirror‬‬
‫‪ )of History‬وعندما ال يكون العامل مليء بالزنا‪ ،‬خا�صة بني �أولئك الذين من‬
‫الطبقات العالية‪ ،‬عندما ن�ضع كل هذا يف االعتبار‪� ،‬أنا �أقول‪ ،‬ما احلاجة يف �أن‬
‫نتحدث عن العالجات لأولئك الذين ال يرغبون يف العالج؟ ومع ذلك‪ ،‬لأجل �إر�ضاء‬
‫القارئ املتدين‪� ،‬سنذكر باخت�صار بع�ض العالجات للحب اجلامح عندما ال يكون‬
‫�سببه ال�سحر‪.‬‬
‫ابن �سينا يذكر �سبعة عالجات ميكن �أن ُت�ستخدم عندما يكون ال�شخ�ص مري�ضا‬
‫بهذا النوع من احلب‪ ،‬ولكنها غري متعلقة ب�س�ؤالنا �إال يف �أنها تعالج مر�ض الروح‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫يقول يف الكتاب الثالث‪ ،‬جذر املر�ض ميكن �أن ُيكت�شف بال�شعور بالنب�ض �أثناء‬
‫التلفظ با�سم املحبوب‪ ،‬عندها‪� ،‬إذا �سمح ال�شرع‪ ،‬ميكن �أن ُي�شفى املُحب باخل�ضوع‬
‫للمحبوب‪� .‬أو ميكن �أن يتحول عن حبه هذا بالعالجات امل�شروعة التي �ستوجه حبه‬
‫هذا �إىل �شيء �آخر ي�ستحقه �أكرث‪� .‬أو ميكن �أن يتجنب ح�ضور الع�شيقة‪ ،‬وبالتايل‬
‫ي�صرف انتباه عقله عنها‪� .‬أو يكون منفتحا للت�صحيح‪ ،‬فيمكن �أن ُين�صح و ُيع ّنف‬
‫ب�أن هذا احلب هو املعاناة الأعظم‪� .‬أو ميكن �أن نحوله �إىل �شخ�ص ي�ستطيع �أن ُيذم‬
‫�أ�سا�سات حبيبته هذه‪ ،‬وبالتايل ُي� ِّسود �شخ�صيتها فتظهر له عادية وم�شوهة‪ ،‬وميكن‬
‫عطى مهام �شاقة وجمهدة ت�صرف �أفكاره عنها‪.‬‬ ‫�أن ُي َ‬
‫هذا ميكن �أن يكون مفيدا يف �إ�صالح روحه الداخلية‪ .‬دع الإن�سان يطيع قانون‬

‫ﻋﺼ‬
‫فكره بدال من قانون طبيعته‪ ،‬دعه يحول حبه �إىل املُتع الآمنة‪ ،‬دعه يتذكر كيف �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بزوغ ال�شهوة خاطف و�أن العقاب �أبدي‪ ،‬دعه يبحث عن املتعة يف احلياة حيث تكون‬
‫ال�سعادة بال نهاية‪ ،‬دعه ي�ضع يف اعتباره �أنه �إذا تعلق بهذا احلب الأر�ضي‪� ،‬سيكون‬
‫ﻜﺘ‬
‫جزاءه �أن يخ�سر بركة اجلنة‪ ،‬و ُيحكم عليه بالنار الأبدية‪ ،‬انظر اخل�سائر التي يتعذر‬
‫�إ�صالحها التي تنتج من ال�شهوة اجلاحمة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالن�سبة للحب اجلامح الذي يحدث ب�سبب ال�سحر‪ ،‬فالعالجات املذكورة يف‬
‫الف�صل ال�سابق ميكن �أال تكون منا�سبة هنا‪ ،‬خا�صة طرد الأرواح ال�شريرة با�ستخدام‬
‫ﺸﺮ‬

‫الكلمات ال�شعائرية‪ .‬لكن لندعه يبتهل يوميا للمالك احلار�س املنتدب �إليه من عند‬
‫الرب‪ ،‬ولندعه ي�ستخدم �سر االعرتاف ويزور مقامات القدي�سني و�أ�ضرحتهم‪ ،‬خا�صة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫العذراء املباركة‪ ،‬وبال �شك �سيتم حتريره‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن كم هو خ�سي�س هذا الرجل القوي الذي ينبذ الهبات الطبيعية ودرع الف�ضيلة‬
‫الفطري ويكف عن الدفاع به عن نف�سه‪ ،‬رغم �أن الفتيات �أنف�سهن به�شا�شتهن‬
‫البالغة قد ي�ستخدمن هذا ال�سالح ل�صد هذا النوع من ال�سحر‪� .‬سنعطي واحدا من‬
‫عدة �أمثلة يف مدحهن‪.‬‬
‫كانت هناك قرية قرب «لينداو» يف �أبر�شية «كون�ستان�س»‪ ،‬وهناك خادمة فيها‬
‫عملت ال�سلوك الأكرث رقيا‪ ،‬ر�أت رجال ذو مبادئ �ضائعة‪ ،‬رجل دين يف احلقيقة‪،‬‬
‫لكنه لي�س ق�سي�سا‪�ُ ،‬سحر بوخزات عنيفة من حبها‪ .‬و�أ�صبح غري قادر �أن يكتم جراح‬
‫قلبه لوقت �أطول‪ ،‬فذهب �إىل املكان الذي تعمل فيه‪ ،‬وبكلمات مع�سولة تبني �أنه واقع‬
‫‪245‬‬
‫يف �شبكة ال�شيطان‪ ،‬بد�أ بالكلمات اجلريئة فقط حتى يقنع الفتاة ب�أن تعطيه حبها‪.‬‬
‫وهي عرفت بغريزتها غر�ضه‪ ،‬ولأنها عفيفة العقل واجل�سد‪� ،‬أجابت باخت�صار‪:‬‬
‫�سيدي‪ ،‬ال ت�أت �إىل بيتي بكلمات مثل هذه لأن احلياء نف�سه مينع ذكرها‪ .‬فرد عليها‪:‬‬
‫رغم �أنك لن تقتنعي بالكلمات اللطيفة �أن حتبيني‪� ،‬إال �أنني �أعدك �أنك �ست�صبحني‬
‫ُمربة �أن حتبيني مبا �س�أعمله لك‪.‬‬
‫كان الرجل م�شتبه فيه �أنه �ساحر �أو م�شعوذ‪ .‬واخلادمة اعتربت �أن كلماته هذه‬
‫كالهواء الفارغ‪ ،‬ومل تكن ت�شعر نحوه ب�أي غريزة ج�سدية‪ ،‬ولكن بعد وقت ق�صري‬
‫بد�أت ت�أتيها �أفكار غرامية ناحيته‪ .‬ولقد فهمت على الفور و�ألهمها الرب �أن هذا‬
‫�سحر‪ ،‬فبحثت عن حماية �أم الرحمة العذراء‪ ،‬ونا�شدتها بخ�شوع �أن تتو�سط لها عند‬

‫ﻋﺼ‬
‫ابنها حتى ي�ساعدها‪ .‬ويف و�سط قلقها‪ ،‬ذهبت يف حج �إىل �أحد الأديرة‪ ،‬حيث كانت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هناك كني�سة مكر�سة لأم الرب‪ .‬وهناك اعرتفت بخطاياها حتى ال تدخل فيها �أي‬
‫روح �شريرة‪ ،‬وبعد �صلواتها لأم الرحمة‪ ،‬كل مكائد ال�شيطان التي تهددها قد توقفت‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ومنذ ذلك احلني مل ت�أت هذه ال�شرور �إىل ناحيتها‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫رغم هذا ال زال هناك رجال �أقوياء يتم �إغوا�ؤهم ب�شدة بوا�سطة ال�ساحرات �إىل‬
‫هذا النوع من احلب‪ ،‬حتى يبدو �أنهم ال ي�ستطيعون منع �أنف�سهم من ال�شهوة اجلاحمة‬
‫ﺸﺮ‬

‫ناحيتهن‪� ،‬إال �أنهم بب�سالة يقاومون الإغواء بهذه الغوايات القذرة‪ ،‬وبالدفاعات التي‬
‫ذكرناها يتمكنون من جتاوز كل حيل ال�شيطان‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كان هناك رجل غني يف قرية «�إن�سربوك» �ضجر من ال�ساحرات ب�شكل ال‬
‫ي�ستطيع القلم و�صفه‪ ،‬لكنه حافظ على قلب �شجاع‪ ،‬وهرب با�ستخدام العالجات‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫التي ذكرناها‪ .‬وبالتايل ميكن �أن ن�ستنتج �أن هذه العالجات ناجحة �ضد هذا املر�ض‪،‬‬
‫و�أن الذين ي�ستخدمون هذه الأ�سلحة �سيتحررون ب�شكل م�ؤكد‪.‬‬
‫والبد �أن نفهم �أن ما ذكرناه بخ�صو�ص احلب اجلامح ينطبق � ً‬
‫أي�ضا على الكره‬
‫املفرط‪ ،‬لأن نف�س الأ�سلوب نافع يف كال االجتاهني‪ ،‬ورغم �أن درجة ال�سحر واحدة‬
‫يف االجتاهني‪� ،‬إال �أن هناك اختالفا يف حالة الكره‪ ،‬يف �أن ال�شخ�ص الكاره ال بد �أن‬
‫يبحث عن عالج �أكرب‪ .‬لأن الرجل الذي يكره زوجته ويخرجها من قلبه‪ ،‬لن يعود‬
‫ب�سهولة �إليها خا�صة لو كان زانيا‪ ،‬حتى لو ذهب �إىل احلج كثريا‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫لقد تعلمنا من ال�ساحرات �أنهن يعملن تعاويذ الكراهية عن طريق الثعابني‪ ،‬لأن‬
‫الثعبان كان �أول �أداة لل�شر‪ ،‬وب�سبب لعنته و ّرث ُكره الن�ساء‪ ،‬وبالتايل هن يعملن‬
‫هذه التعويذات بو�ضع جلد ر�أ�س الثعبان حتت عتبة باب الغرفة �أو باب البيت‪ .‬لهذا‬
‫ال�سبب كل زوايا و�أركان البيت التي تعي�ش فيه �أمثال ه�ؤالء الن�سوة ال بد �أن تفت�ش‬
‫جيدً ا ويعاد بناء �أو ترميم البيت ب�أق�صى ما ي�ستطيع املرء‪� ،‬أو يغري البيت كله �إىل‬
‫مكان �سكن �آخر‪.‬‬
‫وعندما يقال �أن الرجال امل�سحورون ميكن �أن َيطردوا الأرواح ال�شريرة من‬
‫�أنف�سهم ب�أنف�سهم‪ ،‬فالبد �أن نفهم �أنهم يرتدون حول �أعناقهم قالدات عليها‬
‫الكلمات املقد�سة �أو عليها تربيكات الكهنة �ضد التعاويذ‪ ،‬هذا �إذا مل يكونوا قادرين‬

‫ﻋﺼ‬
‫على النطق بالتربيكات‪ ،‬ولكن �سنو�ضح الحقا كيف ميكن لهذا �أن يعمل‪.‬‬

‫‪e‬‬ ‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪247‬‬
‫الفصل ‪ .4‬العالجات الموصوفة ألولئك الذين فقدوا‬
‫أعضاءهم الذكرية باستخدام الشعوذة أو تحولوا إلى‬
‫أشكال حيوانات‬

‫مما �سبق �أن كتبناه‪ ،‬تت�ضح العالجات املتوفرة لتخلي�ص �أولئك املخدوعني‬

‫ﻋﺼ‬
‫بالوهم‪ ،‬الذين ظنوا �أنهم قد فقدوا ع�ضوهم الذكري‪� ،‬أو �أنهم قد حتولوا �إىل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حيوانات‪ .‬لأنه مبا �أن ه�ؤالء الرجال انعدمت منهم النعمة الإلهية وفقا للحالة‬
‫الأ�سا�سية للم�سحورين‪ ،‬فال ميكن �أن نعمل عالجا بينما ال�سالح الإمياين نف�سه فيهم‬
‫ﻜﺘ‬
‫جمروحا‪ .‬بالتايل قبل كل الأ�شياء ال بد �أن يت�صاحلوا مع الرب باالعرتاف‬‫ً‬ ‫ال يزال‬
‫أي�ضا‪ ،‬كما و�ضحنا يف الف�صل ال�سابع من ال�س�ؤال الأول يف اجلزء الثاين‪،‬‬ ‫اجليد‪ .‬و� ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هذه الأع�ضاء الذكرية مل ت�ؤخذ ب�شكل حقيقي من اجل�سد‪ ،‬ولكنها �أخفيت بالوهم‬
‫من حا�سة الب�صر وحا�سة اللم�س‪ .‬ووا�ضح � ً‬
‫أي�ضا‪� ،‬أن ه�ؤالء الذين يعي�شون يف النعمة‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال ينخدعون ب�سهولة بهذا ال�سحر الذي ُيفقد فيه الع�ضو الذكري‪ .‬بالن�سبة للعالج‬
‫واملر�ض فقد مت �شرحهم يف ذلك الف�صل‪ ،‬وقلنا �أنه يجب بقدر ما ميكن �أن يحدث‬
‫ﻭ‬

‫ت�صالح ودي مع ال�ساحرة نف�سها‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بالن�سبة له�ؤالء الذين يظنون �أنهم قد حتولوا �إىل حيوانات‪ ،‬ال بد �أن نعلم �أن هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫النوع من ال�سحر ميا َر�س �أكرث يف البلدان ال�شرقية عن الغربية‪ ،‬ف�ساحرات ال�شرق‬
‫غالبا ما ي�سحرن النا�س بهذه الطريقة‪ ،‬ولكن يظهر �أن ال�ساحرات �أ�صبحن الآن‬
‫يحولن �أنف�سهن بالكامل �إىل �أ�شكال حيوانات‪ ،‬كما قلنا يف الف�صل الثامن‪ .‬بالتايل‬
‫يف حالتهن هذه فالعالج امل�ستخدم �سيتم ذكره يف اجلزء الثالث من هذا العمل‪،‬‬
‫عندما نتحدث عن �إبادة ال�ساحرات بقوة القانون املدين‪.‬‬
‫لقد تعلمنا كث ًريا عن هذا الأمر من فر�سان تنظيم القدي�س «جون» من ال ُقد�س‬
‫يف «رود�س»‪ ،‬وخا�صة من هذه احلالة التي حدثت يف مدينة «�ساالمي�س» يف مملكة‬
‫‪248‬‬
‫قرب�ص يف امليناء‪ ،‬حيث كانت هناك حمولة حمملة بال�ضائع وجمهزة لأجل �سفينة‪،‬‬
‫وكان كل ركابها ُيزودون �أنف�سهم بامل�ؤن‪ ،‬واحد منهم‪� ،‬شاب قوي‪ ،‬ذهب �إىل بيت‬
‫امر�أة خارج املدينة على ال�شاطئ‪ ،‬و�س�ألها �إن كان عندها �أي بي�ض لتبيعه‪ .‬واملر�أة‬
‫تاجر بعيد عن دولته‪ ،‬فكرت يف �أن النا�س يف املدينة لن‬‫ملا ر�أت �أنه �شاب قوي‪ ،‬و�أنه ِ‬
‫ي�شعروا بال�شك �إذا اختفى‪ ،‬فقالت له «انتظر ً‬
‫قليل‪� ،‬س�آتيك مبا تطلبه»‪.‬‬
‫وعندما ذهبت و�أغلقت الباب وتركته ينتظر‪ ،‬ناداها ال�شاب لت�ستعجل و�إال‬
‫�سيفوت ال�سفينة‪ .‬ثم �أح�ضرت املر�أة بع�ض البي�ض و�أعطته لل�شاب‪ ،‬و�أخربته �أن يهرع‬
‫�إىل ال�سفينة حتى ال تفوته‪ .‬فتعجل عائدً ا �إىل ال�سفينة التي كانت ال تزال تر�سو على‬
‫ال�شاطئ‪ ،‬وقبل �أن تتحرك‪ ،‬وب�سبب �أن رفقائه مل يعودوا كلهم‪ ،‬قرر �أن ي�أكل من‬

‫ﻋﺼ‬
‫البي�ض لي�سلي نف�سه‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وفج�أة‪ ،‬بعد �ساعة‪� ،‬أ�صبح �أبكما ك�أنه مل تكن عنده القدرة على الكالم من قبل‪،‬‬
‫وت�ساءل ما الذي من املمكن �أنه ح�صل له‪ ،‬ومل ي�ستطع �أن يعرف‪ .‬وعندما �أراد �أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫ي�صعد �إىل ال�سفينة‪� ،‬أبعده النا�س الذين كانوا على ال�شاطئ بالع�صا وت�صايحوا‬
‫«انظروا ما الذي يفعله هذا احلمار! اللعنة على احليوان‪� ،‬أنت لن تدخل لل�سفينة»‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫فتم �إبعاد ال�شاب بعيدً ا‪ ،‬وفهم من كلماتهم �أنهم يظنون �أنه حمار‪ ،‬وهنا بد�أ يدرك‬
‫�أنه رمبا قد مت �سحره بوا�سطة تلك املر�أة‪ ،‬خا�صة �أنه ال ي�ستطع التلفظ ب�أي كلمة‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫رغم �أنه ي�سمع ويفهم ما يقال‪ .‬وعندما حاول مرة �أخرى �أن ي�صعد �إىل ال�سفينة‪ ،‬مت‬
‫طرده ب�ضربات �أقوى‪ ،‬ف�شعر مبرارة يف قلبه و�أُجرب على �أن يقف وينظر �إىل ال�سفينة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وهي تبحر بعيدا‪ .‬وبهذا‪ ،‬كلما ذهب هنا �أو هناك‪ ،‬ظن النا�س �أنه حمار‪ ،‬وكانوا‬
‫يعاملونه على �أنه حمار‪ .‬ويف النهاية‪ ،‬رجع جمربا �إىل بيت املر�أة‪ ،‬وحتى ُيبقي نف�سه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حيا‪ ،‬خدمها ملدة ثالث �سنوات‪ ،‬حيث كان يجلب للبيت ال�ضروريات من اخل�شب‬
‫والذرة‪ ،‬وكان يحمل ما يجب عليه �أن يحمله كاحلمار التعي�س‪ ،‬عزا�ؤه الوحيد �أنه‬
‫رغم �أن كل �أحد كان يظنه حمارا‪ ،‬فال�ساحرات املرتددات على املنزل كن يرينه‬
‫رجال‪ ،‬وكان يقدر �أن يتكلم ويتعامل معهن على �أنه رجل‪.‬‬
‫احلمل الثقيل �أن يو�ضع عليه كما لو كان حيوانا‬ ‫و�إذا �س�أل �أحدهم كيف لهذا ِ‬
‫حقا‪� ،‬سنقول �أن هذه احلالة متاثل تلك التي حتدث عنها القدي�س «�أوج�ستني» يف‬
‫كتابه ‪ ،De Ciuitate Dei‬الكتاب الثامن ع�شر‪ ،‬الف�صل ‪ ،17‬عندما حكى عن‬

‫‪249‬‬
‫امر�أة احلانة التي حولت زبائنها حليوانات يحملون �أثقاال‪ ،‬وتلك احلكاية عن الأب‬
‫الذرة مع احليوانات الأخرى‪ ،‬لأن‬ ‫«براي�ستانتيو�س» الذي ظن �أنه ح�صان يحمل ُ‬
‫الوهم التي مت عمله يف هذه احلاالت هو ثالثي‪.‬‬
‫� ًأول بالت�أثري على الأ�شخا�ص الذين ر�أوا ال�شاب على �أنه حمار‪ ،‬وقد �شرحنا يف‬
‫الف�صل الثامن كيف لل�شياطني �أن تعمل هذا ب�سهولة‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬تلك الأحمال مل تكن‬
‫وهما‪ ،‬ولكن عندما تكون �أثقل من احتمال ال�شاب‪ ،‬ف�إن �شيطانا خفيا ي�أتي ويحملها‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬ال�شاب نف�سه داخل خياله اعترب �أن حوا�سه التي كان يعرفها على �أنها حوا�س‬
‫و�أع�ضاء �إن�سان‪� ،‬أ�صبح يراها وي�شعر بها على �أنها حوا�س و�أع�ضاء حمار‪ ،‬ونبوخذ‬
‫مثال على نف�س هذا الوهم‪.‬‬ ‫ن�صر �أعطي ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫ثالثة �سنوات مرت على هذا احلال‪ ،‬ويف ال�سنة الرابعة حدث �أن ال�شاب ذهب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ذات �صباح �إىل املدينة‪ ،‬مع املر�أة يتبعها يف طريق طويلة‪ ،‬ومر على كني�سة حيث‬
‫كانوا يحتفلون بالقدا�س الإلهي‪ ،‬و�سمع الأجرا�س املقد�سة تدق ل�صعود اجل�سد‬
‫ﻜﺘ‬
‫املقد�س (لأنه يف تلك اململكة‪ ،‬كان القدا�س الإلهي ُيحتفل به وفقا لالتينيني‪ ،‬ولي�س‬
‫وفقا للطقو�س اليونانية )‪ .‬فتوجه �إىل الكني�سة‪ ،‬وكان خائفا من �أن يدخل حتى ال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ُي�ضرب بالع�صا‪ ،‬فنظر �إىل الأعلى �إىل ارتفاع اجل�سد املقد�س‪.‬‬


‫«جنوا» هذه املعجزة‪ ،‬تبعوا احلمار بده�شة‪ ،‬وكانوا‬‫وعندما ر�أى بع�ض التجار من َ‬
‫ﺸﺮ‬

‫يتناق�شون يف هذه املعجزة‪ ،‬وفج�أة‪� ،‬أتت ال�ساحرة وهاجمت احلمار بع�صاها‪ .‬وب�سبب‬
‫�أن هذا النوع من ال�سحر كان معلوما يف تلك الأنحاء‪ ،‬منعها التجار وبلغوا عنها‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ويف اللحظة التي ُجمع فيها التجار وال�ساحرة واحلمار �أمام القا�ضي‪ ،‬وبعد �أن مت‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫تعذيبها و�س�ؤالها‪ ،‬اعرتفت بجرميتها ووعدت ب�أن ُتعيد ال�شاب �إىل �شكله احلقيقي‬
‫�إذا ُ�سمح لها ب�أن تعود �إىل بيتها‪ .‬وبالتايل مت ال�سماح لها �أن تذهب �إىل بيتها‪ ،‬وبذلك‬
‫ا�ستعاد ال�شاب �شكله الأول‪ ،‬وبعد القب�ض عليها‪ ،‬دفعت الثمن الذي ت�ستحقه‪ .‬وعاد‬
‫ال�شاب فرحا �إىل دولته‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪250‬‬
‫الفصل ‪ .5‬العالجات الموصوفة لهؤالء الملبوسين‬
‫بالشيطان بسبب تعويذة ما‬

‫لقد و�ضحنا يف الف�صل العا�شر من ال�س�ؤال ال�سابق �أنه يف بع�ض الأحيان‪ ،‬تتلب�س‬
‫ال�شياطني من خالل ال�سحر ب�شخ�ص معني‪ ،‬ملاذا يفعلون هذا؟ ب�سبب جرمية‬

‫ﻋﺼ‬
‫خطرية عملها هذا ال�شخ�ص‪� ،‬أو لأجل خطيئة �صغرية ل�شخ�ص �آخر‪� ،‬أو خلطيئة‬
‫عر�ضية لل�شخ�ص نف�سه‪�،‬أو خلطيئة ثقيلة ل�شخ�ص �آخر‪ .‬لأي من هذه الأ�سباب تكون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫درجات تلب�س ال�شيطان‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا من التفا�صيل املذكورة يف ذلك الف�صل ما هي العالجات التي‬ ‫وا�ضح � ً‬
‫ميكن �أن يتحرر بها ال�شخ�ص‪ ،‬حتديدا‪ ،‬بعملية طرد الأرواح ال�شريرة من الكني�سة‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وبالتوبة احلقيقية وباالعرتاف‪ ،‬ولكن هناك ثالثة عالجات �أخرى‪ ،‬الع�شاء الإلهي‬
‫بالأفخار�ستيا‪ ،‬وزيارة الأ�ضرحة و�صلوات املقد�سني‪ ،‬ورفع ُحكم احلظر الكن�سي‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وعن هذا �سنتحدث‪ ،‬بالرغم من �أنه مت تو�ضيحهم يف حما�ضرات العلماء‪ ،‬لكن لي�س‬
‫كل �أحد ميكنه الو�صول �إىل كل الكتب ال�ضرورية‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫«كا�سيان» يف كتاب ‪ ،Collation o the Aboots‬حتدث بهذه الكلمات عن‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأفخار�ستيا‪ :‬نحن ال نتذكر �أن «�أجدادنا منعوا الع�شاء الإلهي لأولئك امللبو�سني‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بال�شيطان‪ ،‬بل يجب �أن يتم �إعطا�ؤهم �إياه يف كل يوم ممكن‪ .‬لأنه يجب �أن ُن�صدق‬
‫بالف�ضل العظيم الذي يف التطهري واحلماية التي يح�صلون عليها ب�سبب هذا‬
‫ال�سر للج�سم والروح‪ .‬و�أنه عندما ي�ستلمه الإن�سان‪ ،‬فالروح ال�شريرة التي ت�صيب‬
‫�أع�ضا�ؤه �أو تختبئ فيها‪ُ ،‬تطرد بعيدا وك�أنها �أ�صابتها نار‪ .‬وم�ؤخ ًرا ر�أينا رئي�س‬
‫الدير «�أندرونيكو�س» ُي�شفى بهذه الطريقة‪ ،‬وال�شيطان �سيغتاظ بجنون و�ضراوة‬
‫عندما ي�شعر �أنه حمبو�س بدواء من اجلنة‪ ،‬و�سيحاول ب�شكل �أ�صعب �أن يعذب هذا‬
‫الإن�سان‪ ،‬لأنه �سي�شعر �أنه ُمبعد ب�سبب هذا العالج الروحي‪ ،‬هكذا يقول القدي�س‬
‫«جون كا�سيان»‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫أي�ضا‪� :‬شيئان ينبغي �أن يتم ت�صديقهما بيقني‪ً � .‬أول‪� ،‬أنه بدون �إذن‬
‫وي�ضيف � ً‬
‫الرب ال �أحد ميكن �أن ُيلب�س بهذه الأرواح ال�شريرة‪ .‬ثان ًيا‪� ،‬أن كل �شيء ي�سمح به‬
‫الرب ليحدث لنا‪ ،‬مهما ظهر �أنه �ضراء �أو �سراء‪ ،‬فهو مر�سل لأجل م�صلحتنا من‬
‫�أب م�شفق وطبيب رحيم‪ ،‬ووف ًقا للقدي�س بول�س ه�ؤالء يتم ت�سليمهم �إىل «�ساتان»‬
‫«لهالك اجل�سد‪ ،‬لكي تخل�ص الروح يف يوم الرب ي�سوع»‪( .‬كورونثو�س الأوىل ‪)5‬‬
‫لكن هنا يظهر �شك‪ ،‬القدي�س «بول�س» يقول «ولكن ليمتحن الإن�سان نف�سه‪،‬‬
‫وهكذا ي�أكل من اخلبز وي�شرب من الك�أ�س» فكيف ميكن لل�شخ�ص امللبو�س �أن‬
‫يتناول الع�شاء الإلهي‪ ،‬وهو لي�س مالكا لعقله؟ القدي�س «توما�س» يجيب على هذا يف‬
‫اجلزء الثالث ال�س�ؤال ‪ ،80‬يقول �أن هناك درجات خمتلفة للجنون‪ .‬لأنه عندما نقول‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أن الإن�سان لي�س مال ًكا لعقله ف�إن هذا ميكن �أن يعني معنيني‪ .‬الأول �أن لديه بع�ض‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫القوة ال�ضعيفة على عقله‪ ،‬كما يقال على الإن�سان �أنه �أعمى بينما هو يف احلقيقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫َيرى لكن ب�شكل غري كامل‪ .‬وه�ؤالء الأ�شخا�ص ميكن �إىل حد ما �أن يدخلوا يف هذا‬
‫ال�سر املقد�س‪ ،‬وال يجب �أن ُينعوا منه‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن الآخرين الذين يقال �أنهم جمانني لأنهم ولدوا هكذا‪ ،‬فال ميكن �أن ي�شاركوا‬
‫يف ال�سر املقد�س‪ ،‬لأنهم غري قادرين على امل�شاركة يف التح�ضري له ب�إخال�ص‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أو رمبا ه�ؤالء ال يكونون دائ ًما بال عقل‪ ،‬بالتايل‪ ،‬يف الوقت الذي يكونون فيه‬
‫عقالء وقادرين على تقدير ال�سر املقد�س‪ ،‬فيجب �أن يقدم لهم ال�سر لكن فقط‬
‫ﻭ‬

‫عندما يكونون يف حلظة املوت‪� ،‬إال �إذا كان هناك خوف من �أن يتقي�ؤه‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مت ت�سجيل القرار التايل بوا�سطة جمل�س قرطاج‪ ،‬عندما يرغب �شخ�ص مري�ض‬
‫يف االعرتاف‪ ،‬لكنه عند الو�صول �إىل الكاهن ي�صبح �أبكما ب�سبب عجزه‪� ،‬أو يدخل‬
‫يف نوبة جنون‪ ،‬فعلى الذين �سمعوه يتحدث �أن ُيدلوا ب�شهادتهم‪ .‬ثم �إذا �أتى وقت‬
‫موته‪ ،‬فالبد �أن يت�صالح مع الرب باال�ستلقاء على يديه وي�ضع ال�سر املقد�س يف‬
‫أي�ضا �أن نف�س الطريقة ميكن �أن ُت�ستخدم للأ�شخا�ص‬ ‫فمه‪ .‬القدي�س «توما�س» يقول � ً‬
‫املُع ّمدين الذين مت تعذيبهم بالأرواح النج�سة‪ ،‬ومع الأ�شخا�ص امل�صابني بالذهول‬
‫العقلي‪ .‬و�أ�ضاف �أن التناول ال يجب �أن ُيرف�ض للملبو�سني �إال �إذا كان من امل�ؤكد �أنه‬
‫يتم تعذيبهم بوا�سطة ال�شيطان ب�سبب جرمية‪ .‬لهذا يقول «بيرت �أبالود»‪ :‬يف هذه‬
‫احلالة ُيعترب ه�ؤالء �أ�شخا�صا ال بد �أن ُيحظروا ويتم ت�سليمهم �إىل «�ساتان»‪.‬‬
‫‪252‬‬
‫من هذا يت�ضح �أنه‪ ،‬حتى لو كان الإن�سان ملبو�سا بال�شيطان ب�سبب جرائمه‪� ،‬إال‬
‫�أنه �إذا كانت له حلظات ي�صفو فيها‪ ،‬ويكون قادرا على ا�ستخدام عقله‪ ،‬فيجب �أن‬
‫يندم ويعرتف بخطاياه‪ ،‬لأنه معفو عنه يف نظر الرب‪ ،‬والبد �أال يح َرم من الع�شاء‬
‫الإلهي وال�سر املقد�س للأفخار�ستيا‪.‬‬
‫كيف له�ؤالء امللبو�سني �أن يتحرروا ب�شفاعة و�صلوات القدي�سني؟ هذا ميكن �أن‬
‫جنده يف كتاب ‪ .Legends of the Saints‬لأنه بكرامات القدي�سني «مارتريز»‪،‬‬
‫«كونفي�سورز» و«فريجينز» تَخ ُفت الأرواح ال�شريرة ب�صلواتهم يف الأر�ض التي يعي�شون‬
‫فيها‪ ،‬كما �أن ه�ؤالء القدي�سني يف جوالتهم الأر�ضية يكبحون ال�شياطني �أينما ذهبوا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وباملثل نقر�أ �أن ال�صلوات املخل�صة لأبناء ال�سبيل قد حررت امللبو�سني‪ .‬و«كا�سيان»‬
‫يح�ضهم على �أن ُي�صلوا لهم بقوله‪� :‬إذا �آمنا �أن كل �شيء مر�سل من الرب لأجل‬ ‫ُّ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫م�صلحة �أرواحنا ولأجل �صالح الكون‪ ،‬فلن نحتقر �أولئك امللبو�سني �أبدً ا ‪ ،‬ولكن ً‬
‫بدل‬
‫ﻜﺘ‬
‫من ذلك �سن�صلي لهم با�ستمرار كما ن�صلي لأنف�سنا‪ ،‬و�سن�شفق عليهم من كل قلبنا‪.‬‬
‫بالن�سبة للطريقة الأخرية‪� ،‬أن يتحرر امل�صاب من احلظر الكن�سي‪ ،‬ال بد �أن نعلم‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أن هذا نادر‪ ،‬وميار�س ب�شكل �شرعي ممن لديهم ال�سلطة وموحى لهم بالك�شف �أن‬
‫الرجل مت التلب�س به ب�سبب حظر الكني�سة‪ ،‬مثل حالة الفا�سق الكورونثي (ر�سالة‬
‫ﺸﺮ‬

‫كورونثو�س الأوىل ‪ ) 5‬الذي مت حظره بوا�سطة القدي�س «»بول�س» والكني�سة‪ ،‬ومت‬


‫ت�سليمه لـ «�ساتان» «لهالك اجل�سد‪ ،‬لكي تخل�ص الروح يف يوم الرب ي�سوع»‪ ،‬وكما‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يقول التف�سري‪ ،‬يحدث هذا �إما لأجل نور النعمة بالتوبة �أو لأجل احلكم‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫«الذين منهم هيمينايو�س والإ�سكندر الذين �أ�سلمتهما لل�شيطان لكي ي�ؤدبا‬


‫حتى ال يجدفا» (ر�سالة تيموثاو�س الأوىل ‪� .)1‬إن قوة ونعمة القدي�س «بول�س» كانت‬
‫عظيمة جدًّا‪ ،‬يقول املف�سرون‪ ،‬فبمجرد الكلمات التي يتلفظها من فمه كان ميكنه �أن‬
‫ُي�سلم لل�شيطان ه�ؤالء الذين �سقطوا من الإميان‪.‬‬
‫القدي�س «توما�س» يعلمنا ت�أثريات احلظر الكن�سي كالتايل‪� ،‬إذا ُح ِرم رجل من‬
‫�صلوات الكني�سة‪ ،‬فهو يعاين من خ�سارة املنافع التي ي�أخذها ال�شخ�ص العادي من‬
‫الكني�سة‪.‬‬
‫‪253‬‬
‫وه�ؤالء الذين ُحرموا منها فقدوا م�صدرا يتدفق منه في�ض النعمة له�ؤالء الذين‬
‫ميلكون النعمة‪ ،‬كما �أنه و�سيلة للح�صول على النعمة له�ؤالء الذين ال ميلكون النعمة‪،‬‬
‫وكونهم حمرومون من النعمة‪ ،‬فهم فقدوا القدرة على احلفاظ على ا�ستقامتهم‪،‬‬
‫ولكن يجب �أال نظن �أنهم ُمبعدون عن عناية ربهم بالكامل‪ ،‬لكنهم فقط ُمبعدون عن‬
‫العناية اخلا�صة التي يعتني بها الرب ب�أبناء الكني�سة‪ ،‬وفقدوا م�صد ًرا قويا � ً‬
‫أي�ضا‬
‫للحماية �ضد العدو‪ ،‬حيث تكون لل�شيطان قوة �أكرب لإيذاء �أمثال ه�ؤالء‪ ،‬ج�سد ًيا‬
‫وروح ًّيا‪.‬‬
‫لأنه يف الكني�سة القدمية‪ ،‬عندما كان الرجال ي�ؤمنون ب�سبب العالمات‪ ،‬مثل عند‬
‫ظهور الروح القد�س ب�شكل مرئي‪ ،‬فكذلك الت�أثري اجل�سدي لل�شيطان هو العالمة‬

‫ﻋﺼ‬
‫املرئية ب�أن هذا الإن�سان مت حظره‪ .‬ولي�س مالئما �أن ال�شخ�ص الذي ال تكون حالته‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ميئو�س منها بعد‪� ،‬أن يتم ت�سليمه �إىل «�ساتان»‪ ،‬لأنه ال ُي�سلم �أحد �إىل ال�شيطان‬
‫لأجل �أن ُيلعن‪ ،‬ولكن لأجل �أن ُي�صحح‪ ،‬لأنه يف قدرة الكني�سة �إذا �أرادت‪� ،‬أن حترره‬
‫ﻜﺘ‬
‫مرة �أخرى من يد ال�شيطان‪ .‬هكذا يقول القدي�س «توما�س»‪ .‬بالتايل رفع احلظر‬
‫عندما ي�ؤ ّدي بوا�سطة طارد �أرواح �شريرة حكيم‪ ،‬فهو عالج مالئم له�ؤالء امللبو�سني‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن «نيدار» ي�ضيف �أن طارد الأرواح ال�شريرة ال بد �أن يكون حذرا يف ا�ستخدام‬
‫�سلطاته‪ ،‬وحذرا �أن ميزج �أي ُفح�ش �أو تهريج مع هذا العمل اجلاد الرباين‪� ،‬أو �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫ي�ضيف �إليه �أي �شيء من �صفات ال�سحر واملاورائيات‪ ،‬و�إال لن يهرب من العقاب‪،‬‬
‫و�سنو�ضح هذا مبثال‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫«جريجوري املبارك»‪ ،‬يف كتابه ‪ ،First Dialogue‬يخرب �أن هناك امر�أة معينة‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�ضد رغبتها‪ ،‬خ�ضعت لطلبات زوجها ب�أن ت�شارك يف االحتفال بع�شية العيد يف كني�سة‬
‫القدي�س «�سيبا�ستيان»‪ .‬ولأنها ان�ضمت �إىل موكب الكني�سة �ضد رغبتها‪� ،‬أ�صبحت‬
‫ملبو�سة فج�أة وثارت ب�شكل علني‪ .‬وعندما ر�أى كهنة الكني�سة هذا‪� ،‬أخذوا قما�شة‬
‫من املذبح وغطوها بها‪ ،‬وفج�أة دخل ال�شيطان يف الكاهن‪ .‬لأنه افرت�ض �أنه يتجاوز‬
‫قدرات ال�شيطان‪ ،‬فعذبه ال�شيطان لرييه من هو‪ ،‬هكذا يقول القدي�س «جريجوري»‪.‬‬
‫وال يجب �أن ُي�سمح بدخول �أي نوع من ال�سفاهة يف العملية املقد�سة لطرد الأرواح‬
‫ال�شريرة‪ ،‬يخرب «نيدار» �أنه ر�أى يف دير يف «كولون» �أحد الإخوة بد�أ يتحدث بتهريج‪،‬‬
‫وكان الأخ هو طارد �أرواح �شريرة �شهري‪ .‬وكان ُيخرج �شيطانا من �شخ�ص ملبو�س يف‬
‫‪254‬‬
‫الدير‪ ،‬وترجاه ال�شيطان �أن يعطيه مكانا ليذهب �إليه‪ .‬فقال الأخ مبزح «اذهب �إىل‬
‫مرحا�ضي»‪ .‬فخرج ال�شيطان‪ ،‬ويف الليل �أراد الأخ �أن يذهب لإفراغ مثانته‪ ،‬فهاجمه‬
‫ال�شيطان بوح�شية يف املرحا�ض حتى �أنه هرب ب�صعوبة من املوت‪.‬‬
‫وال بد من �أخذ احلذر من �أن يذهب ه�ؤالء امللبو�سني بال�سحر �إىل ال�ساحرات‬
‫لعالجهم‪ ،‬لأن القدي�س «جريجوري» يذكر �شي ًئا عن املر�أة التي حكينا ق�صتها �أعاله‪:‬‬
‫قال �أن �أقربا�ؤها وحمبيها �أخذوها �إىل �أحد ال�ساحرات لعالجها‪ ،‬حيث �أُخذت �إىل‬
‫نهر وغط�سوها فيه بتعويذات عديدة‪ ،‬وب�سبب هذا �أخذت ترجتف بعنف‪ ،‬وبدال‬
‫من �أن يخرج منها �شيطان واحد‪ ،‬ف�إن جماعة من ال�شياطني دخلوا فيها‪ ،‬وبد�أت‬
‫بال�صياح بكل �أ�صوات ه�ؤالء ال�شياطني‪ .‬و�أقرباءها اعرتفوا مبا فعلوا‪ ،‬وبندم �شديد‬

‫ﻋﺼ‬
‫ذهبوا بها �إىل الأ�سقف املقد�س «فورتوناتو�س» والذي بال�صلوات اليومية وال�صيام‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ا�ستعاد لها �صحتها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫فطارِدوا الأرواح ال�شريرة ال بد �أن يحذروا �أال ي�ستخدموا �أي �شيء فيه نكهة‬
‫املاورائية �أو ال�سحر‪ ،‬ورمبا يكون لديهم �شك �إن كان من ال�شرعي �أن ي�ستخدموا‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بع�ض الأع�شاب غري املكر�سة والأحجار‪ .‬وجنيبهم ونقول �أن من الأف�ضل جدًّا �أن‬
‫تكون الأع�شاب مكر�سة‪ ،‬ولكن �إن مل تكن‪ ،‬فلي�س من املاورائية �أو ال�سحر �أن ت�ستخدم‬
‫ﺸﺮ‬

‫ع�شبة معينة ا�سمها ‪ .Demonifuge‬ولكن ال بد �أال تظن �أن ال�شياطني تخرج بقوة‬
‫هذه الأ�شياء‪ ،‬لأنك عندها �ستقع يف �ضاللة الظن ب�أنه ميكن �أن ت�ستخدم �أع�شابا‬
‫ﻭ‬

‫�أخرى وتعويذات بنف�س الطريقة‪ ،‬وهذا هو خط�أ م�ستح�ضري الأرواح‪ ،‬الذين يظنون‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أنه ميكنهم عمل هذا النوع من الأعمال با�ستخدام القوى الغام�ضة لهذه الأ�شياء‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫بالتايل يقول القدي�س «توما�س» يف الكتاب الرابع الف�صل ال�سابع‪ ،‬يف �آخر‬
‫مقال‪ ،‬يجب �أال تت�أثروا باالبتهاالت من �أي نوع �سحري‪ ،‬فالبع�ض يعملون عهدا مع‬
‫ال�ساحرات‪ .‬عن هذا يتحدث «�إيزيا�س»‪ :‬لقد عملنا عهدا مع املوت‪ ،‬وباجلحيم‬
‫اتفقنا‪ ،‬ومن ثم يف�سر املقطع يف �سفر �أيوب احلادي والأربعون‪�« :‬أت�صطاد لوياثان‬
‫ب�ش�ص‪� ،‬أو ت�ضغط ل�سانه بحبل؟» فيقول‪� ،‬إذا �أخذ املرء يف اعتباره جميع ما قلناه من‬
‫قبل‪ ،‬فعندما يحاول �أي حد �أمامه �أن يعمل عهدا مع ال�شيطان‪� ،‬أو �أن ُيخ�ضعه ب�أي‬
‫طريقة �إىل رغباته‪ .‬ف�سيعلم �أنها هرطوقيات م�ستح�ضري �أرواح‪.‬‬
‫‪255‬‬
‫ومبعرفة �أنه ال يوجد �شخ�ص يقدر �أن يتجاوز قدرة ال�شيطان‪ ،‬جنده يقول رغم‬
‫ذلك‪� :‬ضع يدك فوقه‪ ،‬ولكن افهم �أنه �إن كانت له �أي قوة‪ ،‬ف�إن القوة الإلهية هي‬
‫التي تغلب عليها‪ .‬وتذكر املعركة التي �أثرتها �ضده‪ ،‬قل �س�أقاتله على ال�صليب‪ ،‬حيث‬
‫�س ُيهزم لوياثان بحبل‪ ،‬حيث تكون القدرة الإلهية خمفية وراء القوة الب�شرية‪ ،‬تذكر‬
‫�أنه يظن �أن خمل�صنا هو جمرد رجل‪ .‬وبالن�سبة لآية «لي�س له على الأر�ض مثيل»‪،‬‬
‫فهي تعني �أنه ال توجد قوة ج�سدية ميكن �أن تقارن بقوة ال�شيطان‪ ،‬لأنه قوة روحية‬
‫�صافية‪ ،‬هكذا قول القدي�س «توما�س»‪.‬‬
‫ولكن ال�شخ�ص امللبو�س بال�شيطان ميكن �أن يتحرر ب�شكل غري مبا�شر بقوة‬

‫ﻋﺼ‬
‫املو�سيقى‪ ،‬كما حدث ل�شاول بقيثارة داوود‪� ،‬أو �أن يتحرر بوا�سطة ع�شب‪� ،‬أو ب�أي‬
‫ج�سم مادي توجد فيه ف�ضيلة طبيعية ما‪ ،‬بالتايل هذه العالجات ميكن �أن ت�ستخدم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ب�شكل فعال‪ .‬لأن القدي�س توما�س يقول �أن الأحجار والأع�شاب ميكن �أن ُت�ستخدم‬
‫ﻜﺘ‬
‫لتحرير ال�شخ�ص امللبو�س بال�شيطان‪ .‬وهناك � ً‬
‫أي�ضا كلمات القدي�س «جريوم»‪.‬‬
‫وبالن�سبة للمقطع يف �سفر طوبيا‪ ،‬حيث يقول املالك‪ :‬خذ القلب والكبد من‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�سمكة‪ ،‬ف�إذا تلب�س ال�شيطان ب�أحد‪ ،‬احرق الكبد �أمام الرجل �أو املر�أة امللبو�سني‪،‬‬
‫و�سيتكدر ال�شيطان املتلب�س بهما �أكرث‪ .‬القدي�س «توما�س» يقول‪ ،‬يجب �أال نتعجب من‬
‫ﺸﺮ‬

‫هذا‪ ،‬لأن تدخني بع�ض النباتات عندما ُترق تكون له نف�س القوة‪ ،‬كما لو �أنها يف‬
‫داخلها متتلك حا�سة روحية‪� ،‬أو �أن فيها قوة ال�صلوات الروحية‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫على نف�س الر�أي «�ألبريت» املبارك‪ ،‬يف تعليقه على لوقا التا�سع‪ ،‬و«نيكوال�س �أوف‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫اليرا» و«بول �أوف بورجو�س» على �صمويل ال�ساد�س ع�شر‪ .‬حيث يقول الأخري‪� :‬أنه ال‬
‫بد �أن ُي�سمح له�ؤالء امللبو�سني بال�شيطان لي�س فقط ب�أن تتم تهدئتهم‪ ،‬بل �أن يتحرروا‬
‫كليا بوا�سطة الأ�شياء املادية‪ ،‬وهي مفيدة يف حالة �أنه مل يتحر�ش بهم ال�شيطان‬
‫ب�شكل عنيف جدًّا‪.‬‬
‫ويثبت هذا باملنطق كالتايل‪ :‬ال�شياطني ال ميكن �أن تغري يف املادة اجل�سدية‬
‫مبجرد رغبتهم يف ذلك‪ ،‬ولكنهم يجمعون ويكملون العوامل اخلاملة مع الن�شطة‪،‬‬
‫كما يقول «نيكوال�س» بنف�س الطريقة ميكن جل�سم مادي �أن يت�سبب للج�سم الب�شري‬
‫بت�أثري ما يجعله قابال لعمليات ال�شيطان‪ .‬كمثال‪ ،‬وفقا للأطباء‪ ،‬اجلنون يجعل‬
‫‪256‬‬
‫ال�شخ�ص عر�ضة للتلب�س ال�شيطاين‪ ،‬بالتايل �إذا �أزيل العامل اخلامل‪� ،‬سينتج عن‬
‫هذا �أن الت�أثري الن�شط لل�شيطان يكون قابال للعالج‪.‬‬
‫يف �ضوء هذا ميكن �أن نعترب كبد ال�سمكة‪ ،‬ومو�سيقى داوود التي ارتاح بها �شاول‬
‫متاما من الروح ال�شيطانية‪ ،‬هي �أ�شياء مادية نافعة‪ ،‬لأنه يقول‪ :‬ورحلت‬
‫ثم حترر بها ً‬
‫عنه الروح ال�شيطانية‪ .‬وال ين�سجم مع معنى الكتب املقد�سة �أن نقول �أن هذا حدث‬
‫بكرامات و�صلوات داوود‪ .‬لأن الكتب املقد�سة ال تقول �شيئا من هذا‪ ،‬وكانت �ستذكر‬
‫ومتدح هذا �إن كان حقا‪ .‬هذا املنطق �أخذناه من «بول �أوف بورجو�س»‪ .‬وهناك‬
‫أي�ضا منطق ذكرناه يف ال�س�ؤال اخلام�س يف اجلزء الأول‪� :‬أن �شاول حترر ب�سبب‬ ‫� ً‬
‫�أن القيثارة �سبقت يف الزمن ال�صليب الذي ُربطت عليه الأطراف املقد�سة جل�سد‬

‫ﻋﺼ‬
‫امل�سيح‪ .‬و�سنختم بقول �أن ا�ستخدام الأ�شياء املادية يف العمليات ال�شرعية لطرد‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأرواح ال�شريرة هو لي�س �سح ًرا وماورائية‪ .‬والآن �أ�صبح من املنا�سب �أن نتحدث عن‬
‫طرد الأرواح ال�شريرة نف�سه‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪257‬‬
‫الفصل ‪ .6‬العالج بعملية طرد األرواح الشريرة‬
‫الشرعية بواسطة الكنيسة‬

‫العالج بعملية طرد الأرواح ال�شريرة ال�شرعية بوا�سطة الكني�سة ولكل �أنواع‬
‫الأمرا�ض احلادثة ب�سبب ال�سحر‪ ،‬وطرق طرد الأرواح ال�شريرة من امل�سحورين‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لقد قلنا من قبل �أن ال�ساحرات ميكن �أن ُي�صنب الإن�سان بكل نوع من �أنواع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأمرا�ض اجل�سدية‪ ،‬بالتايل ميكن �أن ن�أخذها كقاعدة عامة �أن العالجات ال�شفهية‬
‫�أو العملية التي ُت�ستخدم يف حالة الإ�صابة بهذه الأمرا�ض التي حتدثنا عنها ميكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا مع كل الأمرا�ض الأخرى‪ ،‬مثل ال�صرع واجلذام كمثال‪ .‬وطرد‬ ‫�أن ُت�ستخدم � ً‬
‫الأرواح ال�شريرة يعترب من العالجات ال�شفهية وهو الأكرث فائدة عندنا‪ ،‬وميكن �أن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ي�ؤخذ على �أنه النوع الرائد من هذه العالجات‪ ،‬وهناك ثالثة �أ�شياء يجب ذكرها‬
‫بالن�سبة له‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫� ًأول‪ ،‬ال بد �أن نحكم‪ ،‬هل ال�شخ�ص الذي مل ُيعني ر�سميا �أنه طارد �أرواح �شريرة‪،‬‬
‫ﻭ‬

‫يعني ال�شخ�ص العادي الذي من عامة ال�شعب �أو رجل الدين العادي‪ ،‬هل ميكن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أن يطرد الأرواح ال�شريرة ب�شكل �شرعي �أم ال؟ ويرتبط بهذا ال�س�ؤال‪ ،‬ثالثة �أ�سئلة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أخرى‪ً � ،‬أول‪ ،‬ب�أي �شروط يكون طرد الأرواح ال�شريرة �شرعيا؟ ثان ًيا‪ ،‬ماهي ال�شروط‬
‫ال�سبعة التي يجب �أن تتحقق عندما يريد ال�شخ�ص �أن ي�ستخدم التربيكات يف طرد‬
‫الأرواح ال�شريرة؟ وثال ًثا‪ ،‬ب�أي طريقة ُيطرد هذا املر�ض ويخرج ال�شيطان؟‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ال بد �أن نتحدث عما ميكن �أن ُيعمل �إذا مل ينعم الرب بالعالج بعد عمل‬
‫طرد الأرواح ال�شريرة‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬ال بد �أن نتحدث عن العالجات العملية ولي�ست ال�شفهية‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا نكتب‬
‫احللول لبع�ض احلجج‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫بالن�سبة ل ًأول‪ ،‬لدينا ر�أي القدي�س «توما�س» يف الكتاب الرابع الف�صل ‪ 23‬حيث‬
‫يقول‪ :‬عندما يكون الإن�سان ر�سم ًيا طارد �أرواح �شريرة‪ ،‬فلقد مت منحه قدرة طرد‬
‫الأرواح ال�شريرة يف منطقته الر�سمية‪ ،‬وهذه القدرة ميكن �أن ت�ستخدم حتى بوا�سطة‬
‫ه�ؤالء الذين ال يتبعون �أي تنظيم‪ .‬باملثل القدا�س الإلهي ميكن �أن ُيعمل يف بيت غري‬
‫مكر�س‪ ،‬رغم �أن غر�ض تكري�س الكني�سة هو �أن ُيعمل فيها القدا�س الإلهي‪.‬‬
‫من هذه الكلمات ميكن �أن ن�ستنتج �أنه‪ ،‬رغم �أنه من ال�صالح �أن يتم حترير‬
‫امل�سحور بوا�سطة طارد �أرواح �شريرة له �سلطة طرد الأرواح ال�شريرة من‬
‫امل�سحورين‪�،‬إال �أنه يف �أوقات‪ ،‬بع�ض الأ�شخا�ص املخل�صني ميكنهم �سواء بعمل طرد‬
‫�أرواح �شريرة �أو بدون‪� ،‬أن يطردوا ال�شيطان‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأننا �سمعنا عن فقري وعذراء‪ ،‬مت �سحر الفقري و�أ�صبح وا�ضحا للأطباء �أنه ال‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يوجد له �أي عالج‪ .‬ولكن حدث �أن العذراء ذهبت لزيارة املري�ض الفقري‪ ،‬وتو�سل‬
‫�إليها �أن تعمل بع�ض التربيكات لقدميه‪ .‬فوافقت‪ ،‬ومل تفعل �أكرث من �أنها قالت‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�صالة الربانية وعقيدة الر�سل‪ ،‬ويف نف�س الوقت عملت عالمة ال�صليب‪ .‬وفج�أة‬
‫�شعر الرجل �أنه قد تعافى‪ ،‬ف�س�أل العذراء ما هي التعويذة التي ا�ستخدمتها‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ف�أجابت‪� ،‬أنت لديك �إميان قليل وال ت�ؤمن باملمار�سات املقد�سة ال�شرعية للكني�سة‪،‬‬
‫و�أنت دوما ت�ستخدم تعويذات ممنوعة وعالجات ماورائية لهذا املر�ض‪ ،‬بالتايل ف�أنت‬
‫ﺸﺮ‬

‫ناد ًرا ما تكون ب�صحة جيدة يف ج�سمك‪ ،‬لأنك دائ ًما مري�ض يف روحك‪ .‬ولكن �إذا‬
‫و�ضعت ثقتك يف �صالة‪ ،‬ويف ت�أثري الرموز ال�شرعية‪ ،‬ميكنك �أن تعا َلج ب�سهولة‪ .‬لأنني‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مل �أفعل �شيئا �إال �أنني كررت ال�صالة الربانية وعقيدة الر�سل‪ ،‬والآن مت �شفا�ؤك‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫هذا املثال يثري �س�ؤاال‪� ،‬أال يوجد �أي ت�أثري للتربيكات �أو الرقى يف طرد الأرواح‬
‫ال�شريرة‪ ،‬لأنه يبدو �أنها مدانة يف هذه الق�صة‪� .‬سنجيب ب�أن العذراء �أدانت فقط‬
‫التعويذات غري ال�شرعية لطرد الأرواح ال�شريرة‪.‬‬
‫ولفهم مو�ضوع التعويذات غري ال�شرعية‪ ،‬ال بد �أن نتحدث كيف ن�ش�أت‪ ،‬وكيف‬
‫مت �إ�ساءة ا�ستخدامها‪ .‬لأنها كانت يف الأ�صل رقى مقد�سة بالكامل‪ ،‬ولكن ب�سبب‬
‫ال�شياطني والأ�شخا�ص الفا�سدين فكل �شيء ميكن �أن يدن�س‪ ،‬كذلك الكلمات املقد�سة‪.‬‬
‫لأنه قيل يف الف�صل الأخري يف �إجنيل مرق�س عن الر�سل والرجال املقد�سني‪« :‬وهذه‬
‫الآيات تتبع امل�ؤمنني‪ُ ،‬يخرجون ال�شياطني با�سمي‪ ،‬وي�ضعون �أيديهم على املر�ضى‬
‫‪259‬‬
‫طقو�سا مماثلة‪ ،‬وبالتايل جند‬
‫ً‬ ‫فيرب�أون» ويف الأزمان الالحقة ا�ستخدم الكهنة‬
‫حتى اليوم يف الكنائ�س القدمية �صلوات خمل�صة وطرد مقد�س للأرواح ال�شريرة‬
‫ا�ستخدمه الإن�سان القدمي �أو خ�ضع له‪ ،‬وهذا ينجح عندما يطبقه الرجال املتقون‬
‫بدون �أي ا�ستخدام للماورائيات‪ ،‬وهناك الآن رجال متعلمون وعلماء للثالوث املقد�س‬
‫يزورون املر�ضى وي�ستخدمون كلمات كهذه ل�شفاء لي�س فقط امللبو�سني ولكن � ً‬
‫أي�ضا‬
‫جميع الأمرا�ض الأخرى‪.‬‬
‫ولكن و�آ�سفاه! الرجال الذين لديهم املاورائيات‪ ،‬عملوا تعويذات على منط‬
‫الرقى‪ ،‬فوجدوا لأنف�سهم العديد من العالجات غري امل�شروعة التي ي�ستعملونها هذه‬
‫الأيام على املر�ضى واحليوانات‪ ،‬ورجل الدين امل�سيحي �أ�صبح مرتاخيا عن ا�ستخدام‬

‫ﻋﺼ‬
‫الكلمات ال�شرعية عندما يزور املري�ض‪ .‬لهذا ال�سبب «جوليلمو�س ديوراندو�س» املعلق‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫على القدي�س «راميوند»‪ ،‬يقول �أن هذه العمليات ال�شرعية لطرد الأرواح ال�شريرة‬
‫ﻜﺘ‬
‫واخلالية من املاورائيات ميكن �أن ت�ستخدم من املتدينني والكهنة العقالء‪� ،‬أو من‬
‫الأ�شخا�ص من عامة ال�شعب‪� ،‬أو حتى من املر�أة ال�صاحلة التي ثبت ر�شدها‪ ،‬بت�أدية‬
‫ال�صلوات ال�شرعية على املر�ضى لأن الإجنيل يقول‪« :‬وهذه الآيات تتبع امل�ؤمنني‪:‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«وي�ضعون �أيديهم على املر�ضى فيرب�أون‪� ،‬إلخ»‪ .‬وه�ؤالء الأ�شخا�ص العاديون ال ُينعون‬
‫من املمار�سة بهذه الطريقة‪� ،‬إال �إذا كان هناك خوف �أنه‪ ،‬باتباع طريقتهم‪ ،‬ميكن �أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫ي�ساء ا�ستعمال كالمهم من قبل بع�ض امل�ؤمنني باملاورائيات واحلمقى‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫ولأجل تو�ضيح هذه امل�س�ألة يجب �أن ن�س�أل كيف من املمكن �أن نعرف �إذا كانت‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كلمات هذه الرقى والتربيكات �شرعية �أم ماورائية‪ ،‬وكيف يجب �أن يتم ا�ستخدامها‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهل ال�شيطان ميكن �أن يخرج بها و ُتطرد بها الروح ال�شريرة‪.‬‬
‫يف املقام الأول‪ ،‬ما يقال �أنه ماورائي هو كل ما زاد عن ال�شكل الذي مت و�صفه يف‬
‫الدين‪ .‬انظر ر�سالة كولو�سي الثانية «التي لها حكاية حكمة‪ ،‬بعبادة نافلة» حيث يقول‬
‫التف�سري‪ :‬املاورائية هي دين همجي‪ ،‬دين ذو طرق خمت ًلة ظهر يف ظروف �شريرة‪.‬‬
‫�أي �شيء � ً‬
‫أي�ضا يكون ما ورائ ًّيا حني تتدخل فيه التقاليد الإن�سانية دون �سلطة‬
‫دينية ثم يغت�صب ا�سم الدين يف النهاية‪ ،‬مثل �إقحام الرتانيم يف القدا�س الإلهي‬
‫املقد�س‪� ،‬أو حتوير مقدمة ترتيلة املوتى‪� ،‬أو اخت�صارات العقيدة التي ُتغنى يف‬
‫‪260‬‬
‫القدا�س الإلهي‪� ،‬أو االعتماد على الع�ضو بدال من االعتماد على الفرقة يف املو�سيقى‪،‬‬
‫�أو جتاهل �أن يكون هناك خادم على املذبح‪ ،‬وممار�سات مثل هذه‪.‬‬
‫ولكن حتى نعود �إىل نقطتنا‪ ،‬عندما نريد �أن نعمل هذا العمل �صحيحا على الدين‬
‫امل�سيحي‪ ،‬يعني عندما نريد �أن ن�شفي املر�ضى بال�صلوات والتربيكات والكلمات‬
‫املقد�سة‪ ،‬فالبد من حتقق �سبعة �شروط تكون بها هذه التربيكات �شرعية‪ .‬وحتى �إذا‬
‫�أردنا ا�ستخدم املنا�شدات‪ ،‬بقوة اال�سم الإلهي‪ ،‬وبقوة �أعمال امل�سيح‪ ،‬مولده و�آالمه‬
‫وطرد‪ ،‬فبهذه ال�شروط ال�سبعة ت�سمى هذه‬ ‫وموته الكرمي‪ ،‬لأنه بها ُقهر ال�شيطان ُ‬
‫التربيكات والرقى وطرد الأرواح ال�شريرة �شرعية‪ ،‬وي�سمى ه�ؤالء الذين ميار�سونها‬
‫طاردوا �أرواح �شريرة �أو عرافون �شرعيون‪ .‬انظر كالم القدي�س «�إيزيدور» يف كتاب‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪ Etym‬الثامن‪ ،‬الع ّرافون هم الذين تكون فنونهم ومهاراتهم يف ا�ستخدام الكلمات‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�أول هذه ال�شروط‪ ،‬كما تعلمنا من القدي�س «توما�س»‪ ،‬هو �أنه يجب �أال يكون‬
‫هناك �شيء يف الكلمات يدل على �أي ت�ضرع خفي �أو علني لل�شيطان‪ .‬ف�إذا كان فيها‬
‫ﻜﺘ‬
‫مثل هذا‪ ،‬فوا�ضح �أنها تكون غري �شرعية‪ .‬و�إذا كان فيها ت�ضرع خفي‪ ،‬ميكن �أن يظهر‬
‫يف النية‪ ،‬فمثال عندما ال يهتم طارد الأرواح ال�شريرة �إن كان الرب �أو ال�شيطان‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫هو الذي ي�ساعده طاملا هو يبحث عن النتيجة املطلوبة‪ ،‬فهذا ت�ضرع خفي‪ .‬وهذا‬
‫يحدث عندما ال يكون لل�شخ�ص �أهلية ملثل هذا العمل‪ ،‬فنجده يخلق بع�ض املعاين‬
‫ﺸﺮ‬

‫املزيفة‪ .‬لأجل هذا لي�س فقط يجب �أن يكون الأطباء والفلكيون ُحكاما على كالمه بل‬
‫أي�ضا‪ .‬لأنه بهذه الطريقة يعمل م�ستح�ضري الأرواح‪ ،‬حيث ي�ستخدمون‬ ‫الالهوتيون � ً‬
‫ﻭ‬

‫ال�صور واخلوامت والأحجار ذات املعاين املاورائية‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ثان ًيا‪ ،‬التربيكات �أو الرقى يجب �أال تكون فيها �أ�سماء غري معروفة‪ ،‬لأنه وفقا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫للقدي�س «جون كري�سو�ستوم» ُيخ�شى �أنها ُتخفي �شيئا من املاورائية‪.‬‬


‫ثال ًثا‪ ،‬يجب �أال يكون هناك �ضالل وا�ضح يف الكلمات‪ ،‬لأنه �إن كان‪ ،‬فت�أثري هذه‬
‫الكلمات ال ميكن �أن يكون من عند الرب‪ ،‬لأن الرب ال يكون �شاهدا على الكذب‪.‬‬
‫فمثال بع�ض الن�ساء العجائز يف ُرقاهم ي�ستعملون اجللجلة وال�شعر الهزيل كما يلي‪:‬‬
‫املباركة ماري‪ ،‬ذهبت تتم�شى‬
‫على نهر الأردن‬
‫قابلها �ستيفان‪ ،‬ووقع يف احلديث معها‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫‪261‬‬
‫راب ًعا‪ ،‬يجب �أال يكون هناك �أي باطل‪� ،‬أو رموز مكتوبة غري عالمة ال�صليب‪.‬‬
‫بالتايل فالرقى التي اعتاد اجلنود �أن يحملوها هي غري �شرعية‪.‬‬
‫خام�سا‪ ،‬ال يجب �أن يكون يف طريقة كتابة �أو قراءة �أو طريقة ربط ُرقية ال�شخ�ص‪،‬‬
‫ً‬
‫�أي عدم توقري للرب‪ ،‬و�إن وجد هذا تكون الرقية بكاملها ماورائية‪.‬‬
‫�ساد�سا‪ ،‬يف تالوة والتلفظ بالكلمات الإلهية وكلمات الكتب املقد�سة‪ ،‬ال بد‬ ‫ً‬
‫من االنتباه للكلمات املقد�سة نف�سها ومعناها‪ ،‬و�إذا كان الت�أثري �س ُيطلب من القوة‬
‫أ�صل من الرب‪.‬‬‫الإلهية‪� ،‬أو من �آثار القدي�سني التي هي قوة ثانوية‪ ،‬فقوتهم تن ُبع � ً‬
‫�سابعا‪ ،‬الت�أثري يجب �أن ُيرتك لإرادة الرب‪ ،‬لأنه هو الذي يعلم الأ�صلح للإن�سان‬

‫ﻋﺼ‬
‫�سواء �أن ي�شفيه �أو �أن يبتليه �أو �أن ُييته‪ .‬هذا ال�شرط و�ضعه القدي�س «توما�س»‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وبهذا ميكن �أن ن�ستنتج �أنه �إذا مل يكن �شيء من هذه ال�شروط معطل‪ ،‬فالرقية‬
‫تكون �شرعية‪ .‬والقدي�س «توما�س» يكتب فيما يتعلق بهذا يف الف�صل الأخري من‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إجنيل مرق�س «هذه الآيات تتبع امل�ؤمنني‪ُ ،‬يخرجون ال�شياطني با�سمي‪ ،‬يحملون‬
‫حيات»‪ ،‬من هذا يت�ضح �أنه‪ ،‬لو متت مالحظة ال�شروط �أعاله‪ ،‬ف�سيكون �شرعيا مبعنى‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الكلمات املقد�سة عملية طرد احليات من املنزل‪.‬‬


‫القدي�س توما�س يقول � ً‬
‫أي�ضا‪ :‬كلمات الرب لي�ست �أقل قدا�سة من �آثار القدي�سني‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫كما يقول القدي�س «�أوج�ستني»‪ :‬كلمات الرب لي�ست �أقل من ج�سد امل�سيح‪ :‬بالتايل‬
‫دعونا بكل املعاين نتو�سل با�سم الرب ون�ستخدم ال�صالة الربانية كما ينبغي ون�شيد‬
‫ﻭ‬

‫‪ ،Angelic Salutation‬مبولده وب�آالمه‪ ،‬وبجروحه اخلم�سة‪ ،‬وبكلماته ال�سبعة التي‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تكلمها على ال�صليب‪ ،‬وبعباراته الغالبة‪ ،‬وبامل�سامري الثالثة التي اخرتقت ج�سده‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبالأ�سلحة الأخرى جلي�ش امل�سيح �ضد ال�شيطان و�أعماله‪ .‬كل هذه املعاين من‬
‫ال�شرعي �أن ُتعمل‪ ،‬ون�ضع ثقتنا فيها‪ ،‬تاركني الأمر لإرادة الرب‪.‬‬
‫أي�ضا على احليوانات الأخرى‪ ،‬لكن ال بد من‬ ‫وما قيل ب�ش�أن طرد احليات ينطبق � ً‬
‫الرتكيز على الكلمات املقد�سة والقوة الإلهية‪ .‬فهذه الرقى ال بد �أن ُتعامل بعناية‬
‫كبرية‪ .‬لأن القدي�س «توما�س» يقول‪ :‬ه�ؤالء العرافون ي�ستخدمون الكلمات غري‬
‫ال�شرعية عادة‪ ،‬ولكنهم يح�صلون على ت�أثريات �سحرية بوا�سطة ال�شياطني‪ ،‬خا�صة‬
‫يف حالة احليات‪ ،‬لأن احلية كانت هي �أول �أداة ا�ستخدمها ال�شيطان خلداع الب�شرية‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫لأنه يف قرية «�سالزبورج» كان هناك رجل‪ ،‬يف �أحد الأيام �أراد على مر�أى من‬
‫اجلميع‪� ،‬أن يجذب كل الثعابني �إىل حفرة معينة‪ ،‬ويقتلها جميعا يف م�ساحة قدرها‬
‫ميل‪ .‬فجمع كل الثعابني معا‪ ،‬وكان واقفا بنف�سه على احلفرة‪ ،‬ولكن �آخرهم كان ثعبانا‬
‫�ضخما ومريعا مل يقدر �أن يدخل يف احلفرة‪ .‬ظل الثعبان يعمل عالمات للرجل حتى‬
‫يرتكه يزحف بعيدً ا‪ ،‬لكن الرجل مل يوقف تعويذته‪ ،‬وكما �أن جميع الثعابني الأخرى‬
‫قد دخلت احلفرة وماتت‪� ،‬أ�صر �أنه يجب � ً‬
‫أي�ضا على الثعبان ال�ضخم �أن يدخل‪ .‬ولكن‬
‫الثعبان وقف على اجلهة املقابلة من ال�ساحر‪ ،‬وفج�أة قفز من فوق احلفرة على‬
‫ال�ساحر‪ ،‬ولف نف�سه حول بطنه‪ ،‬و�سحبه معه �إىل احلفرة‪ ،‬حيث ماتا معا‪ .‬من هذا‬
‫ميكن �أن نرى �أنه ميكن �أن متار�س هذه الرقى فقط لغر�ض مفيد‪ ،‬مثل �إخراجهم من‬

‫ﻋﺼ‬
‫بيت �أحدهم‪ ،‬والبد �أن ُتعمل بقوة الرب‪ ،‬وبخوف من الرب‪ ،‬وبتوقري للرب‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف املقام الثاين ال بد �أن ن�س�أل عن الرقى ال�شرعية هل ميكن �أن يتم تعليقها‬
‫على الرقبة �أو �أن تخاط يف املالب�س‪ .‬رمبا يبدو �أن املمار�سات التي مثل هذه هي‬
‫ﻜﺘ‬
‫غري �شرعية‪ ،‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول‪ ،‬يف كتاب ‪The Second Book on‬‬
‫‪ :the Christian Doctrine‬هناك �آالف املعدات ال�سحرية والتمائم التي هي كلها‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ماورائية‪ ،‬ومدر�سة الطب تدينها جميعا علنيا‪� ،‬سواء كانت تعاويذ‪� ،‬أو عالمات معينة‬
‫ت�سمى رموزا‪� ،‬أو تعاويذ منقو�شة لتعلق على الرقبة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا القدي�س «جون كري�سو�ستوم» يعلق على �إجنيل متى فيقول‪ :‬بع�ض الأ�شخا�ص‬ ‫� ً‬
‫يرتدون على �أعناقهم بع�ض الأجزاء املكتوبة من الإجنيل‪ ،‬ولكن �ألي�س هذا هو‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الإجنيل الذي ُيقر�أ كل يوم يف الكني�سة وي�سمعه اجلميع؟ كيف ميكن لرجل �أن تتم‬
‫�إعانته بارتداء الإجنيل حول رقبته‪ ،‬بينما هو مل يجن �شيئا من �سماعه ب�أذنه؟ فيم‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫تكون قوة الإجنيل؟ يف حروف كلماته‪� ،‬أم يف معاين كلماته؟‬


‫�إذا كانت يف احلروف‪ ،‬ف�أنت عملت ال�شيء ال�صحيح بارتدائها حول عنقك‪،‬‬
‫ولكن �إذا كانت يف املعاين‪ ،‬فمن امل�ؤكد �أنه من الأنفع �أن تزرعه يف قلبك بدال من �أن‬
‫تعلقه على رقبتك‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪263‬‬
‫الفصل ‪ .7‬العالجات الموصوفة ضد العواصف‬
‫الباردة والحيوانات المسحورة‬

‫بالن�سبة لعالجات احليوانات امل�سحورة‪ ،‬والرقى �ضد العوا�صف‪ ،‬ال بد �أن نذكر‬
‫� ًأول بع�ض العالجات غري ال�شرعية التي متار�س من بع�ض النا�س‪ .‬فهي ُتعمل بوا�سطة‬

‫ﻋﺼ‬
‫كلمات و�أفعال ماورائية‪ ،‬مثل �أن يعا ِلج ال�شخ�ص ديدان الأ�صابع والأطراف ببع�ض‬
‫الكلمات والرقى‪ ،‬وطريقة معرفة �شرعية هذا مت ذكرها يف الف�صل ال�سابق‪ .‬هناك‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مثال من ال ير�شون املاء املقد�س على املا�شية امل�سحورة بل ي�صبونه يف �أفواهها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إىل جانب ما ذكرناه ب�ش�أن العالج بالكلمات غري ال�شرعية‪« ،‬ويليام �أوف باري�س»‬
‫يقول‪� ،‬إذا كان هناك �أية قوة يف الكلمات ككلمات‪� ،‬سيكون هذا ب�سبب واحد من‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ثالثة �أ�شياء‪� :‬إما �أن تكون قوتها يف مادتها والتي هي الهواء‪� ،‬أو يف �شكلها والذي‬
‫هو ال�صوت‪� ،‬أو يف معناها‪� ،‬أو فيهم جميعا‪ .‬وال ميكن �أن تكون قوتها يف الهواء الذي‬
‫ﺸﺮ‬

‫لي�ست له قوة على �أن يقتل �إال �إذا كان �ساما‪ ،‬وال ميكن �أن تكون يف ال�صوت‪ ،‬وال ميكن‬
‫�أن تكون يف املعنى‪ ،‬لأنه يف هذه احلالة‪ ،‬كلمات «�شيطان» و«موت» �أو «جحيم» �ستكون‬
‫ﻭ‬

‫دائ ًما م�ضرة بذاتها‪ ،‬وكلمات «�صحة» و«خري» �ستكون نافعة دائما‪ .‬وال ميكن �أن تكون‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قوتها يف كل ه�ؤالء معا‪ ،‬لأنه عندما يكون كل جزء من ال�شيء خاطئا‪ ،‬فكل ال�شيء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يكون خاطئا‪.‬‬
‫�صحيحا �أن نقول �أن الرب يعطي القوة للكلمات كما �أعطاها للأع�شاب‬ ‫ً‬ ‫ولي�س‬
‫والأحجار‪ .‬لأنه �أ ًّيا كانت القوة التي يف التربيكات وكلمات الأ�سرار املقد�سة والرقى‬
‫ال�شرعية فهي تعود لهم‪ ،‬لي�س ككلمات‪ ،‬ولكن كنظام �إلهي و�أمر حمقق وفقا للوعد‬
‫الإلهي‪ .‬فهو وعد من الرب �أن من فعل كذا وكذا �سيح�صل على كذا وكذا من النعمة‪.‬‬
‫لذا فكلمات الأ�سرار املقد�سة م�ؤثرة ب�سبب معناها‪ ،‬رغم �أن البع�ض ي�ؤمن �أن لها قوة‬
‫يف جوهرها‪ ،‬لكن هذين الر�أيني لي�سا مت�ضاربني‪ .‬لكن يف حالة الكلمات الأخرى‬
‫والرقى‪ ،‬فوا�ضح مما مت قوله �أنه مبجرد التلفظ �أو كتابة �أو تلحني هذه الكلمات فال‬
‫‪264‬‬
‫يكون لها ت�أثري‪ ،‬ولكن التو�سل بها با�سم الرب ويف ال�صلوات العلنية التي هي �شكوى‬
‫مقد�سة للإرادة الإلهية‪ ،‬فهذا هو ما يجعلها نافعة‪.‬‬
‫حتدثنا �أعاله عن العالجات بالأفعال التي تبدو �أنها غري �شرعية‪ .‬و�سنذكر مثاال‬
‫من املمار�سات ال�شعبية يف �أنحاء «�سوابيا»‪ .‬يف الأول من مايو قبل الفجر تخرج ن�ساء‬
‫القرية ويجمعن �أوراق الأ�شجار والفروع من �أ�شجار ال�صف�صاف‪ ،‬وي�صنعون منها‬
‫�إكليال يعلقونه على باب الإ�سطبل‪ ،‬للت�أكد ب�أن كل املا�شية �ستبقى ب�أمان من �ضرر‬
‫ال�سحر خالل ال�سنة كلها‪ .‬ويف ر�أي ه�ؤالء امل�ؤمنني ب�أن الباطل ال ميكن �أن يبطل‬
‫أي�ضا عالج الأمرا�ض بالتعاويذ غري‬ ‫بالباطل‪ ،‬فهذا العالج لي�س �شرعيا‪ ،‬ولن يكون � ً‬
‫املعلومة �شرع ًيا‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن نقول �أن الن�ساء �أو �أي �أحد �آخر ميكن �أن يخرج يف اليوم الأول �أو يف �أي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يوم من ال�شهر‪ ،‬بغ�ض النظر عن بزوغ �أو غروب ال�شم�س‪ ،‬ويجمع �أع�شا ًبا و�أورا ًقا‬
‫قائل ال�صلوات الربانية �أو العقيدة‪ ،‬ثم يعلقهم على باب الإ�سطبل بنية‬ ‫و�أغ�صا ًنا‪ً ،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫جيدة‪ ،‬م�صدقا ب�إرادة الرب �أنها �ستحميه‪ ،‬فهو بعد كل هذا لي�س بريئا من العتاب‪.‬‬
‫الأمر نف�سه بالن�سبة ملن يعملون عالمة ال�صليب ب�أوراق لأ�شجار والأزهار‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املكر�سة يف يوم �أحد ال�شعانني‪ ،‬وي�ضعونه بني حم�صول الكرمة اخلا�ص بهم‪ ،‬فرغم‬
‫�أن املحا�صيل يفرت�ض �أن تتدمر ب�سبب الربد‪� ،‬إال �أنها تبقى ب�أمان يف حقولهم‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫باملثل هناك ن�ساء‪ ،‬لأجل احلفاظ على احلليب وعلى الأبقار حتى ال ُي�سلب منها‬
‫ﻭ‬

‫حليبها بال�سحر‪ ،‬يعطون من احلليب جمانا للفقراء با�سم الرب‪ ،‬يعطونهم كل �إنتاج‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫احلليب يف يوم الأحد‪ ،‬ويقولون �أنه بهذا النوع من الزكاة‪ ،‬الأبقار �ستنتج حليبا �أكرث‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُوتفظ من ال�سحر‪ .‬هذا ال حاجة �إىل اعتباره من املاورائيات‪ ،‬لأننا نعلم ب�أنه قد‬
‫مت عمله بدافع ال�شفقة على الفقراء‪ ،‬و�أنهم ين�شدون رحمة الرب حلماية ما�شيتهم‪.‬‬
‫مرة �أخرى‪« ،‬نيدار» يف الف�صل الأول من كتابه ‪ Praeceptorium‬يقول �أنه من‬
‫ال�شرعي �أن نبارك املا�شية‪ ،‬بنف�س طريقة مباركة ال�شخ�ص املري�ض‪ ،‬عن طريق رقى‬
‫مكتوبة وكلمات مقد�سة‪ ،‬حتى لو كان لها مظهر التمائم‪ ،‬طاملا �أن ال�سبعة �شروط‬
‫التي ذكرناها �أعاله حمققة‪ .‬لأنه يقول �أن بع�ض الأ�شخا�ص املخل�صني ُيعلمون‬
‫الأبقار بعالمة ال�صليب‪ ،‬وبال�صلوات الربانية وبن�شيد ‪ Angelic Saltation‬لأجل‬
‫�أن ُيطرد عمل ال�شيطان الذي ب�سبب ال�سحر‪.‬‬
‫‪265‬‬
‫عطل‬‫ويف كتابه ‪ Formicarius‬يخرب ب�أن ال�ساحرات قد اعرتفن �أن �سحرهن ُي ّ‬
‫بالطقو�س الكن�سية املوقرة‪ ،‬مثل ن�ضح املاء املقد�س‪� ،‬أو تناول امللح املكر�س‪� ،‬أو‬
‫اال�ستخدام ال�شرعي لل�شموع يف يوم التطهري والنخيل املباركة وهذه الأ�شياء‪ .‬لهذا‬
‫ال�سبب ت�ستخدم الكني�سة هذه الأ�شياء يف طرد الأرواح ال�شريرة‪ ،‬لأنه ميكنها �أن تقلل‬
‫من قدرة ال�شيطان‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ب�سبب �أن ال�ساحرات ُيردن �أن ي�سلنب البقرة حليبها ف�إن لديهن عادة‪،‬‬ ‫� ً‬
‫�أنهن يطلنب بطريقة الت�سول قليال من احلليب �أو الزبدة التي تخرج من البقرة‪ ،‬حتى‬
‫ميكنهم بعد ذلك بفنونهن �أن ي�سحرن البقرة‪ ،‬لذلك على الن�ساء �أن يحذرن‪ ،‬عندما‬

‫ﻋﺼ‬
‫ي�س�ألهن �أي �شخ�ص م�شتبه فيه بهذه اجلرمية‪� ،‬أال يعطوه �أي �شيء �أبدً ا ‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬هناك ن�ساء �إذا غابت عن الكني�سة لفرتة طويلة‪ُ ،‬ي�شك فيها �أنها �ساحرة‪،‬‬ ‫� ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وعندما ن�شك يف امر�أة �أنها �ساحرة ميكن �أن نبحث عن �أي زبدة من منزل هذه املر�أة‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إن كان ممكنا‪ .‬ثم نقطع الزبدة �إىل ثالث قطع ونرميها بعنف متو�سلني بالثالوث‬
‫املقد�س‪ ،‬الآب واالبن والروح القد�س‪ ،‬وبذلك يطري كل ال�سحر �إن كان موجودا‪ .‬هذه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حالة �إبطال الباطل بالباطل‪ ،‬ولي�ست ممار�سة جديرة بالثناء �أن ترمي ثالث قطع‬
‫من الزبدة‪ ،‬لأنه �سيكون من الأف�ضل �أن تبعد ال�سحر ب�أن تر�ش املاء املقد�س �أو ت�ضع‬
‫بع�ض امللح املكر�س‪ ،‬مع ال�صلوات التي ذكرناها‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا‪ ،‬لأنه يف العادة تدمر كل ما�شية ال�شخ�ص بوا�سطة ال�سحر‪ ،‬فه�ؤالء الذين‬ ‫� ً‬
‫ﻭ‬

‫عانوا من هذا ال بد �أن يزيلوا الرتاب الذي حتت عتبة الإ�سطبل �أو املربط‪ ،‬فعندما‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تذهب املا�شية ل�شرب املاء‪ ،‬يجب �أن يتم ا�ستبدال الرتبة برتبة جديدة مر�شو�شة باملاء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املقد�س‪ .‬لأن ال�ساحرات كث ًريا ما اعرتفن ب�أنهن ي�ضعن فيها بع�ض �أدوات ال�سحر‬
‫بناء على طلب ال�شيطان‪ ،‬و�أن هذا يكون �شيئا مرئيا‪ ،‬مثل حجر �أو قطعة خ�شب �أو ف�أر‬
‫�أو ثعبان‪ .‬لأنه مت َفق �أن ال�شيطان ميكن �أن يعمل هذه الأ�شياء بنف�سه بدون احلاجة‬
‫�إىل �أي �شريك‪ ،‬ولكنه ي�ستخدم ال�ساحرات عادة لأجل هالك �أرواحهن‪.‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل و�ضع عالمة ال�صليب التي ذكرناها‪ ،‬الطريقة التالية يجب �أن‬
‫متار�س �ضد العوا�صف الباردة والزوابع‪ .‬ثالثة من قطع الثلج ُترمى �إىل النار مع‬
‫التو�سل بالثالوث الأكرث قدا�سة‪ ،‬وبال�صلوات الربانية ون�شيد ‪Angelic Salutation‬‬
‫«جعلت الكلمة ج�سدًا»‬ ‫وهذا يكرر مرتني �أو ثالثة‪ ،‬مع العبارة من �إجنيل يوحنا‪ُ ،‬‬
‫‪266‬‬
‫تكرر ثالث مرات‪ ،‬ويقول «بكلمات هذا الإجنيل فلتتبعرث هذه العا�صفة» و�إذا كانت‬
‫العا�صفة هي ب�سبب ال�سحر‪� ،‬ستتوقف‪ .‬هذا حقيقي جدًّا وال حاجة لل�شك يه‪ ،‬لأنه‬
‫لو مت رمي قطع الثلج �إىل النار بدون التو�سل باال�سم الإلهي‪ ،‬ف�إن هذا �سيعترب من‬
‫املاورائية‪.‬‬
‫ولكن رمبا ي�س�أل �أحد‪ ،‬هل العا�صفة ال ميكن �أن ت�سكن �إال با�ستعمال قطع الثلج‪.‬‬
‫�سنجيب ب�أن الكلمات املقد�سة هي التي تكون م�ؤثرة‪ ،‬ولكن رمي قطع الثلج يعني �أن‬
‫الإن�سان يعذب ال�شيطان‪ ،‬ويحاول �أن يدمر �أعماله بالتو�سل �إىل الثالوث املقد�س‪.‬‬
‫وهو يرميهم يف النار بدال من املاء‪ ،‬لأنه كلما كان ذوبانهم �أ�سرع كلما كان تدمري‬
‫عمل ال�شيطان �أ�سرع‪ .‬ولكنه يجب �أن يعزو ما �سيحدث من ت�أثري �إىل الإرادة الربانية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هناك رد من �ساحرة لأحد الق�ضاة الذي �س�ألها �إن كان هناك �أي طريقة لت�سكني‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫العوا�صف املثارة بال�سحر‪ .‬ف�أجابت‪ :‬نعم‪ ،‬بهذه الطريقة‪� ،‬أن تقول‪� ،‬أنا �أنا�شدك‬
‫�أيتها العا�صفة الباردة والرياح‪ ،‬باجلراح اخلم�سة للم�سيح‪ ،‬وبامل�سامري الثالثة التي‬
‫ﻜﺘ‬
‫اخرتقت يداه وقدماه‪ ،‬وباملب�شرين الأربعة‪ ،‬متى‪ ،‬مرق�ص‪ ،‬لوقا‪ ،‬يوحنا‪� ،‬أن تذوبي‬
‫وت�سقطي مثل املطر‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كثري من ال�ساحرات اعرتفن‪ ،‬بع�ضهن اعرتف بحرية وبع�ضهن حتت التعذيب‬


‫وال�ضغط‪� ،‬أن هناك خم�سة �أ�شياء ميكن �أن تعطلهن‪ ،‬يف بع�ض الأحيان يكون تعطيال‬
‫ﺸﺮ‬

‫تاما‪ ،‬ويف بع�ض الأحيان تعطيل جزئي‪ ،‬وهذه الأ�شياء هي‪� ،‬أن الإن�سان ال بد �أن يكون‬
‫لديه �إميان �صاف ويحافظ على و�صايا الرب‪ ،‬و�أنه يجب عليه �أن يحمي نف�سه بعالمة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال�صليب وبال�صلوات‪ ،‬و�أنه ال بد يحرتم طقو�س ومنا�سبات الكني�سة‪ ،‬و�أنه يجب �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يكون جمتهدا يف �أداء العدالة العامة‪ ،‬و�أنه يجب �أن يت�أمل جه ًرا �أو �س ًّرا يف قلبه يف‬
‫أي�ضا‪ .‬ولهذا ال�سبب فهي ممار�سة‬ ‫�آالم امل�سيح‪ .‬وعن هذه الأ�شياء حتدث «نيدار» � ً‬
‫عامة يف الكني�سة �أن ُتدق الأجرا�س كحماية �ضد العوا�صف‪ ،‬حتى تهرب ال�شياطني‬
‫أي�ضا حتى ميكن للنا�س �أن يت�شجعوا‬ ‫منها لأنها مكر�سة للرب ويكفوا عن ف�سادهم‪ ،‬و� ً‬
‫على التو�سل بالرب �ضد العوا�صف بال�سر املقد�س للمذبح والكلمات املقد�سة‪ ،‬تبعا‬
‫للتقاليد القدمية للكني�سة يف فرن�سا و�أملانيا‪.‬‬
‫ولكن حيث �أن هذه الطريقة لعمل ال�سر املقد�س لت�سكني العا�صفة تبدوا للبع�ض‬
‫�أنها ماورائية‪ ،‬لأنهم ال يفهمون القواعد التي ميكن بها �أن ُنفرق بني ما هو ماورائي‬
‫‪267‬‬
‫وما هو لي�س كذلك‪ ،‬بالتايل ال بد �أن نذكر القواعد اخلم�سة التي ميكن لأي �أحد �أن‬
‫يعرف �إن كان هذا العمل ماورائي �أم ال‪ ،‬يعني �إذا كان خارجا عن الدين امل�سيحي �أم‬
‫و�ضحت يف تف�سري ر�سالة كولو�سي‬
‫هو متفق معه ومع العبادة و�إجالل الرب‪ .‬لأن هذه ِ‬
‫الثانية‪ ،‬حيث يقول القدي�س «بول�س»‪« :‬التي لها حكاية حكمة» والتف�سري يقول �أن‬
‫املاورائية هي دين بدون ان�ضباط‪ ،‬كما قلنا من قبل‪.‬‬
‫القاعدة الأوىل �أنه يف كل �أعمالنا ال بد �أن تكون عظمة الرب هي هدفنا الأ�سا�سي‪،‬‬
‫كما يقال‪� ،‬سواء كنت �ست�أكل �أو �ست�شرب‪� ،‬أو �أيا ما كان الذي �ستفعله‪ ،‬افعله يف عظمة‬
‫الرب‪ .‬ووفقا لهذه القاعدة‪ ،‬فاملنا�سبات والطرق ال�شرعية التي يف العهد القدمي ال‬
‫متار�س الآن‪ ،‬لأنها يجب �أن ُتفهم ب�شكل جمازي‪ ،‬بينما تظهر احلقيقة يف العهد‬

‫ﻋﺼ‬
‫اجلديد‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫القاعدة الثانية هي �أنه ال بد من �أن تكون وفقا لطقو�س الكني�سة والعقيدة‬
‫ﻜﺘ‬
‫الأخالقية‪ .‬وب�سبب عدم االهتمام بهذه القاعدة‪ ،‬هناك حمقى يتعهدون ب�أال‬
‫مي�شطون �شعرهم يوم ال�سبت مثال‪� ،‬أو هناك من ي�صومون يف يوم الأحد ويقولون‪،‬‬
‫يف اليوم الأف�ضل تكون الف�ضيلة �أف�ضل‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫القاعدة الثالثة هي �أن تكون مت�أكدا �أن ما حدث يتفق مع نظام الكني�سة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الكاثوليكية‪� ،‬أو مع الكتب املقد�سة‪� ،‬أو مع طقو�س كني�سة معينة على الأقل‪� ،‬أو يتفق‬
‫مع اال�ستعمال العام‪ .‬فالأ�ساقفة الإجنليز كانوا يف �شك لأن القدا�س الإلهي كان‬
‫ﻭ‬

‫ُيحتفل به بطريقة خمتلفة يف الكنائ�س املختلفة‪ ،‬فكتب لهم القدي�س «جريجوري» �أنه‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ميكنهم �أن ي�ستخدموا �أميا طريقة يجدونها تر�ضي الرب �أكرث‪� ،‬سواء تبعوا الطقو�س‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الرومانية �أو اجلاليكانية �أو �أي كني�سة �أخرى‪ .‬ب�سبب حقيقة �أن الكنائ�س املختلفة‬
‫لديها طرق خمتلفة يف عبادة الرب وكلها ال تخالف احلقيقة‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬هذه العادات‬
‫يبغي �أن ُتفظ‪ ،‬ومن غري ال�شرعي جتاهلها‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة هي �أن تعتني ب�أن ما يحدث �أمامك تكون لديه عالقة طبيعية‬
‫مع الت�أثري املتوقع‪ ،‬لأنه �إن مل يكن‪ُ ،‬يحكم �أنه ماورائي‪ :.‬لهذا ال�سبب الرموز غري‬
‫املعلومة �أو الأ�سماء امل�شبوهة‪ ،‬وال�صور واجلداول اخلا�صة مب�ستح�ضري الأرواح‪ ،‬هي‬
‫كلها مدانة كم�شتبه فيها‪ .‬ولكن ال ميكننا �أن نقول �أن لهذا ال�سبب من املاورائي �أن‬

‫‪268‬‬
‫نعمل بالآثار املقد�سة �أو الأفخار�ستيا كحماية �ضد وباء ال�شيطان‪ ،‬لأنها ممار�سة‬
‫دينية ومفيدة‪ ،‬ولأنه يف �سرها املقد�س كل العون �ضد �أعدائنا‪.‬‬
‫القاعدة اخلام�سة هي �أن نحذر �أن ما يحدث �أمامنا ال بد �أال تكون فيه فر�صة‬
‫خط�أ �أو ف�ضيحة‪ ،‬لأنه يف هذه احلالة‪ ،‬فرغم �أنه لي�س ماورائيا‪� ،‬إال �أنه ب�سبب‬
‫الف�ضيحة ينبغي �أن يتم ت�أجيله �أو االمتناع عنه‪� .‬أو ُيعمل ب�شكل �سري بدون ف�ضيحة‪.‬‬
‫بالتايل �إذا كان ال�سر املقد�س ميكن �أن ُيعمل بدون ف�ضيحة �أو ب�شكل �سري‪ ،‬فال يجب‬
‫�أن يتم جتاهله‪ .‬لأن بهذه القاعدة يتجاهل العديد من الكهنة ا�ستعمال التربيكات‬
‫لأن الكلمات املقد�سة قيلت على املري�ض �أو لأنها معلقة على رقبته‪� .‬أنا �أقول �أنه ال‬
‫�شيء يجب �أن ُيعمل‪ ،‬على الأقل ب�شكل علني‪� ،‬إن كان من املمكن �أن يت�سبب هذا يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫حرج لأي فرد‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وهذا يكفي فيما يتعلق بهذا املو�ضوع عن العالجات �ضد العوا�صف البادرة‪� ،‬إما‬
‫بالكلمات �أو بالأفعال ال�شرعية‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪269‬‬
‫الفصل ‪ .8‬العالجات الموصوفة لألضرار الخبيثة‬
‫والبشعة التي تسببها الساحرات‬

‫�سنتحدث عن العالجات �ضد بع�ض الأ�ضرار التي حتدث بال�سحر للأ�شجار‬


‫وثمار الأر�ض‪ ،‬التي تكون غالبا بالديدان التي ت�صيب النباتات‪� ،‬أو ب�أ�سراب اجلراد‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�ضخمة �أو احل�شرات الأخرى التي تنت�شر يف بقعة كبرية وتخفي �سطح الأر�ض‪،‬‬
‫فت�أكل كل �شيء حتى اجلذور يف كل احلقول وتلتهم املحا�صيل اليانعة‪ .‬و�سنتحدث‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫أي�ضا عن العالجات �ضد �سرقة الأطفال با�ستخدام ال�سحر‪.‬‬ ‫� ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالن�سبة للنوع الأول من الأ�ضرار �سنقتب�س من كالم القدي�س «توما�س»‪ ،‬يف كتاب‬
‫‪ Second of the Second‬ال�س�ؤال ‪ ،90‬عندما �س�أل هل من امل�شروع �أن تنا�شد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫خملو ًقا بال عقل‪ ،‬و�أجاب ب�أنه م�شروع‪ ،‬ولكن فقط بطريقة الإجبار‪ ،‬وتعني �أن تر�سل‬
‫هذه املخلوقات التي بال عقل عائدة �إىل ال�شيطان الذي ا�ستخدمها لأذيتنا‪ .‬وهذه‬
‫ﺸﺮ‬

‫طريقة ا�سمها املنا�شدة وهي نوع من عمليات طرد الأرواح ال�شريرة التي تقوم بها‬
‫الكني�سة حيث ُتبقى قوة ال�شيطان بعيدة عن املخلوقات التي بال عقل‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫ولكن �إذا كانت املنا�شدة موجهة �إىل املخلوقات الغري عاقلة نف�سها‪ ،‬والتي ال‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تفهم �شيئا‪� ،‬سيكون الأمر باطال‪ .‬من هذا ميكن �أن نفهم �أنه ميكن �أن ُيطرد ه�ؤالء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫باملنا�شدة التي هي طرد �شرعي للأرواح ال�شريرة‪ ،‬وهي ت�ساهم يف تنزُّل الرحمة‬
‫الإلهية‪ ،‬ولكن � ًأول ال بد �أن يذهب النا�س يف موكب لل�صالة و�أن يعملوا العبادات‬
‫ر�سل ب�سبب الزنا وت�ضاعف اجلرائم‪،‬‬ ‫الأخرى كال�صيام‪ .‬لأن هذا النوع من ال�شر ُي َ‬
‫فيجب على النا�س �أن يعرتفوا بخطاياهم‪.‬‬
‫�شيء مريع �آخر ي�سمح الرب بحدوثه للإن�سان هو عندما ي�ؤخذ الأطفال من‬
‫�أمهاتهم‪ ،‬ويو�ضع مكانهم �أطفال غرباء بوا�سطة ال�شيطان‪ ،‬وهذا ما ي�سميه النا�س‬
‫‪� Changelings‬أو املتحولني‪� ،‬أو بالل�سان الأملاين ‪ Wechselkinder‬وه�ؤالء الأطفال‬
‫ثالثة �أنواع‪ .‬بع�ضهم يكونون مر�ضى دائ ًما ويبكون طيلة الوقت حيث �أن حليب الأم‬
‫‪270‬‬
‫ال يكون كافيا لإ�شباعهم‪ .‬والبع�ض الآخر يكون مولودا بفعل عمليات اجلاثوم‪ ،‬وال‬
‫يكونوا �أبناء الزوج‪ ،‬بل هم �أبناء الرجل الذي �أخذ ال�شيطان منه املني‪� ،‬أو الرجل‬
‫الذي جمع ال�شيطان منيه عرب طريقة ا�سمها التلوث الليلي‪ .‬وه�ؤالء الأطفال يف‬
‫بع�ض الأحيان‪ ،‬ب�إذن الرب‪ُ ،‬يب ّدلون مكان الأطفال احلقيقيني‪.‬‬
‫وهناك نوع ثالث من الأطفال‪ ،‬هم �شياطني يظهرون يف هيئة �أطفال �صغار‬
‫ويعلقون �أنف�سهم باملمر�ضات‪ .‬ولكن جميع الأنواع الثالثة لديهم �شيء م�شرتك‪� ،‬أنهم‬
‫ثقيلون جدًّا‪ ،‬و�أنهم دائ ًما يبكون وال يكربون‪ ،‬وال يح�صلون على حليب يكفيهم �أبدً ا ‪،‬‬
‫وغالبا ما يتم الإبالغ ب�أنهم اختفوا‪.‬‬
‫وميكن �أن يقال �أن ال�شفقة الإلهية ت�سمح بحدوث مثل هذه الأ�شياء ل�سببني‪ً � .‬أول‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫عندما يتعلق الآباء ب�أطفالهم كث ًريا فهذه العقوبة مل�صلحتهم‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬بع�ض الن�ساء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الالتي يحدث لهن هذا هن ماورائيات جدًّا‪ ،‬وهن يف �أمور كثرية �أخرى �أغواهن‬
‫ال�شيطان‪ .‬ولكن الرب غيور ح ًّقا بكل معنى الكلمة‪ُ ،‬حبه ي�شبه احلب الكبري من‬
‫ﻜﺘ‬
‫الرجل العا�شق لزوجته‪ ،‬فهو ال ي�سمح لأي رجل �آخر باالقرتاب منها‪ ،‬وهو ال يتحمل‬
‫جمرد التلميح بالزنا على امر�أته‪ .‬بنف�س الطريقة فالرب غيور على الروح التي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ا�شرتاها بدمه الغايل وتبناها بالإميان‪ ،‬وال يتحمل �أن يتم مل�سها من ال�شيطان‪� ،‬أو‬
‫�أن تتحدث مع ال�شيطان‪� ،‬أو �أن يقرتب منها ال�شيطان ب�أي حال‪ ،‬فال�شيطان هو عدو‬
‫ﺸﺮ‬

‫وغرمي اخلال�ص‪ .‬و�إذا كان الزوج الغيور ال يتحمل التلميح بالزنا على امر�أته‪ ،‬كيف‬
‫�سي�شعر �إن ح�صل الزنا فيها بالفعل! بالتايل ال عجب �إذا �سمح الرب ب�أخذ �أطفال‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ه�ؤالء بعيدا ل ُي�ستبدلوا ب�أطفال زنا‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫وبالطبع الرب هو �أكرث غرية على الروح‪ ،‬وهذا وا�ضح يف العهد القدمي‪� ،‬أنه لأجل‬
‫�أن يبعد �أبناءه عن الزنا‪ ،‬ح ّرم الزنا‪ ،‬وح ّرم الأ�شياء التي ميكن �أن ت�ؤدي �إىل الزنا‪،‬‬
‫وهي �أ�شياء قد تبدو غري م�ؤثرة يف بع�ض الأحيان‪ ،‬لكنها بطريقة �إعجازية ما يكون‬
‫لها ت�أثري يفهمه احل�س ال�صويف‪ .‬لأنه يقول يف �سفر اخلروج الثاين والع�شرين‪« ،‬ال‬
‫يل» باملثل‬‫تدع �ساحرة تعي�ش»‪ ،‬وي�ضيف « ال ي�سكنون يف �أر�ضك لئال يجعلوك تخطيء �إ ّ‬
‫ف�إن القوادين يقادون �إىل املوت‪ ،‬وال ُي�سمح لهم مب�صاحبة النا�س‪.‬‬
‫الحظ غرية الرب‪ ،‬الذي يقول يف �سفر التثنية الثاين والع�شرين‪� « :‬إذا اتفق‬
‫قدامك ع�ش طائر يف الطريق يف �شجرة ما �أو على الأر�ض‪ ،‬فيه فراخ �أو بي�ض‪،‬‬
‫‪271‬‬
‫والأم حا�ضنة الفراخ �أو البي�ض‪ ،‬فال ت�أخذ الأم مع الأوالد‪� ،‬أطلق الأم وخذ لنف�سك‬
‫الأوالد»‪ .‬كذلك الرب الغيور ال يحب �أن ي�ؤخذ �أبنائه منه‪ .‬مبثل هذا يف �أيامنا عندما‬
‫جتد امر�أة عجوز قطعة نقدية‪ ،‬تظن �أن هذا فيه حظ عظيم‪ ،‬وبالعك�س‪ ،‬عندما حتلم‬
‫بالنقود تقول �أن هذا عالمة احلظ التعي�س‪.‬‬
‫أي�ضا علمنا الرب �أن كل الآنية يجب �أن ُتغطى‪ ،‬وعندما تكون هناك �آنية غري‬ ‫� ً‬
‫مغطاة فهي تعترب جن�سة‪.‬‬
‫هناك اعتقاد غري �صحيح �أنه عندما ت�أتي ال�شياطني يف الليل (�أو الن�ساء‬
‫ال�صاحلات كما ت�سميهم الن�ساء العجائز‪ ،‬رغم �أنهن �ساحرات‪� ،‬أو �شياطني يف هيئة‬

‫ﻋﺼ‬
‫�ساحرات ) ال بد �أن تعطيهم كل �شيء لي�أكلوه‪ ،‬حتى يجلبوا بعد ذلك خ ًريا كث ًريا‬
‫للمتاجر واملخازن يف البلدة‪ .‬بع�ض النا�س يعطون لونا لهذه الق�صة‪ ،‬وي�سمونهم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�صياح البوم‪ ،‬ولكن هذا �ضد ر�أي العلماء الذين يقولون �أن زوار الليل ه�ؤالء ال ميكن‬
‫�أن يكونوا �إال �شياطني‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫أي�ضا‪ ،‬جاء يف �سفر الالويني «وال تق�صروا ر�ؤو�سكم‬ ‫وك�أمثلة على الغرية � ً‬
‫م�ستدي ًرا‪ ،‬وال تف�سد عار�ضيك» لأنهم عملوا هذه الوثنية يف توقريهم للأ�صنام‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا يف �سفر التثنية الثاين والع�شرين‪« :‬ال يكن متاع رجل على امر�أة‪ ،‬وال‬ ‫و� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫يلب�س رجل ثوب امر�أة» لأنهم كانوا يعملون هذا تكرميا للإلهة فينو�س‪ ،‬و�آخرين‬
‫كانوا يعملون مثل هذا لتكرمي «مار�س» و«بريابو�س»‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولأجل الغرية‪� ،‬أمر الرب �أن تد ّمر مذابح الأ�صنام‪ ،‬و«هيزيكيا�س دمر الثعبان‬
‫النحا�سي عندما �أراد النا�س �أن ُي�ضحوا له‪ ،‬وقال لهم �أنه جمرد نحا�س‪ .‬لنف�س‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�سبب حرم الرب العرافة وقراءة البخت‪ ،‬و�أمر �أن الرجال والن�ساء الذين يفعلون‬
‫هذا �أن يقادوا للموت‪ .‬ه�ؤالء الذين ي�سمون اليوم املتكهنون‪ .‬كل هذه الأ�شياء فيها‬
‫نوع من ال�شرك الروحي‪ ،‬وهذا يثري الغرية التي عند الرب جتاه الأرواح التي قد‬
‫تبناها مثلما يتبنى الرجل زوجته‪ ،‬فح ّرم كل هذه الأ�شياء‪.‬‬
‫بالتايل يف اجلزء الثالث من هذا العمل �سنتحدث عن �إبادة ال�ساحرات‪ ،‬والذي‬
‫هو الدواء النهائي‪ .‬لأن هذا هو املالذ الأخري للكني�سة‪ ،‬والتي تن ِّفذ فيه الأمر الإلهي‪.‬‬
‫لأن الرب قال‪« ،‬ال تدع �ساحرة تعي�ش»‪ .‬ويف هذا �سنذكر العالج �ضد ال�سحرة‬
‫الرماة‪ ،‬لأن هذا النوع ميكن فقط �أن يباد بالقانون املدين‪.‬‬
‫‪272‬‬
‫عندما يبحث بع�ض الأ�شخا�ص عن الفائدة امل�ؤقتة فيكر�سوا �أنف�سهم بالكامل‬
‫لل�شيطان‪ ،‬ف�إنه ميكنهم �أن يتحرروا من �سطوة ال�شيطان باالعرتاف احلقيقي‪،‬‬
‫لكنهم يكونون قد تعذبوا منه طويال‪ ،‬خا�صة يف الليل‪ .‬والرب ي�سمح بهذا كعقوبة‬
‫لهم‪ .‬وعالمة حتررهم �أنه بعد اعرتافهم‪ ،‬يختفي كل املال الذي يف �صناديقهم‬
‫وحمافظهم‪ .‬وهناك �أمثلة كثرية ميكن �أن نوردها‪ ،‬ولكن لأجل الإيجاز �سنتجاوزها‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪273‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫الجزء الثالث‬
‫ﻜﺘ‬
‫‪e‬‬ ‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬
‫مقدمة عامة‬

‫من هم القضاة المناسبين لمحاكمة الساحرات؟‬

‫ال�س�ؤال هو هل ال�ساحرات‪ ،‬مع منا�صريهن واملدافعني عنهن وحماتهن‪ ،‬يخ�ضعون‬


‫كلهم لل�سلطة الق�ضائية للمحكمة الأبر�شية الكن�سية واملحكمة املدنية مما ي�سمح‬

‫ﻋﺼ‬
‫للمفت�شني على جرمية الهرطقة �أن يرتاحوا من مهمة �أن يح�ضروا حماكماتهن‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يحتج البع�ض ب�أن الأمر كذلك‪ .‬لأن ال�شريعة تقول‪ :‬ال �شك ب�أن ه�ؤالء الذين لديهم‬
‫امتياز حماكمة �إميان الب�شر يجب �أال ُي�صرفوا عن عملهم ب�أمور �أخرى‪ ،‬واملفت�شون‬
‫ﻜﺘ‬
‫املوفدون من الر�ؤية الر�سولية للتفتي�ش يف بالء الهرطقة ال بد �أال يتعاملوا ب�شكل‬
‫علني مع العرافني واملتكهنني‪� ،‬إال �إن كان ه�ؤالء هراطقة‪ ،‬وال يجب �أن يكون لهم دخل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف معاقبة ه�ؤالء‪ ،‬لكن ال بد �أن يرتكوهم ليحا َكموا من قبل ق�ضاتهم اخلا�صني‪.‬‬
‫ولي�س هناك �أي �صعوبة يف تقبل حقيقة �أن هرطقة ال�ساحرات غري مذكورة يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�شريعة‪ .‬لأن هرطقة ال�سحر تخ�ضع لنف�س العقاب مثل الهرطقات الأخرى املتعلقة‬
‫مبحاكمة ال�ضمائر‪ ،‬لأن ال�شريعة تقول‪� :‬إذا كانت خطيئة العرافني وال�ساحرات‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫خفية‪ ،‬فذنب كليهما واحد‪ ،‬لأن العرافني يح�صلون على نتائجهم بطرق �شريرة‪،‬‬
‫كما �أن ال�ساحرات يبحثن ويح�صلن من ال�شياطني على الأ�ضرار التي يعملنها‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫للمخلوقات‪ ،‬فهم يبحثن ب�شكل غري �شرعي على خملوقات مكر�سة للرب وكان يجب‬
‫�أن تكون للرب وحده‪ ،‬وبالتايل فكليهما مذنب بخطيئة الوثنية‪.‬‬
‫هذا هو معنى حزقيال احلادي والع�شرين ‪« ،23‬لأن ملك بابل قد وقف على �أم‬
‫الطريق‪ ،‬على ر�أ�س الطريقني ليعرف ع ّرافة‪� ،‬صق َل ال�سهام»‬
‫أي�ضا هراطقة‪ ،‬ف�إنها تعني �أن العرافني‬‫وعندما تقول ال�شريعة‪� :‬إال �إذا كان ه�ؤالء � ً‬
‫أي�ضا هراطقة‪ ،‬والبد �أن يخ�ضعوا للمحاكمة‪ ،‬ويف هذه احلالة فالعرافني‬ ‫واملتكهنني � ً‬
‫أي�ضا يخ�ضعون‪ ،‬لكن مل جند ت�شريعا مكتوب ب�ش�أنهم‪.‬‬ ‫املزيفني � ً‬
‫‪277‬‬
‫� ً‬
‫أي�ضا‪� ،‬إذا كان على املفت�شني �أن يتعاملوا مع ال�ساحرات‪ ،‬ال بد �أن يكون هذا ب�سبب‬
‫جرمية‪ ،‬ولكن �أعمال ال�ساحرات ميكن �أن ت�ؤ ّدى بدون �أي هرطقة‪ .‬فعندما ي�ضعن‬
‫ج�سد امل�سيح يف الوحل‪ ،‬فهي جرمية �شنعاء‪� ،‬إال �أنه ميكن �أن ُتعمل بدون �ضاللة‬
‫منهن يف الفهم‪ ،‬وبالتايل بدون هرطقة‪ .‬لأنه من املمكن جدًّا �أن ي�ؤمن �شخ�ص �أن‬
‫هذا هو ج�سد امل�سيح‪ ،‬لكنه يرميه يف الطني ُلي�ضي ال�شيطان ب�سبب عهد عمله معه‬
‫حتى يحقق له بع�ض مطالبه مثل �أن يجد كنزا �أو �أي �شيء من هذا النوع‪ .‬بالتايل‬
‫�أعمال ال�ساحرات ال حتتاج �إىل �ضاللة يف املعتقد‪ ،‬مهما كانت فداحة اخلطيئة‪،‬‬
‫فبالتايل هن ل�سن خا�ضعات ملحكمة التفتي�ش ولكن ُيرتكن لق�ضاتهن اخلا�صني‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫� ً‬
‫أي�ضا‪� ،‬سليمان �أظهر توق ًريا لآلهة زوجاته كنوع من اللطف منه‪ ،‬ومل يكن بهذا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مذن ًبا بالر ّدة عن الإميان‪ ،‬لأنه يف قلبه كان م�ؤمنا وحمافظا على الإميان احلقيقي‪.‬‬
‫أي�ضا عندما تبايع ال�ساحرة ال�شيطان ب�سبب عهد دخلته معه‪ ،‬بينما حتتفظ‬ ‫ف� ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالإميان يف قلبها‪ ،‬فهي ال تعترب بهذه الطريقة مهرطقة‪.‬‬
‫ولكن ميكن �أن ُيحتج ب�أن كل ال�ساحرات ال بد �أن ينكرن الإميان‪ ،‬وبالتايل ال بد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أن يحا َكمن بالهرطقة‪ .‬لكن حتى �إن �أنكرن الإميان يف قلوبهن وعقولهن‪ ،‬فال ميكن‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �أن ُيعتربن هراطقة‪ .‬لأن املهرطق خمتلف عن املرتد‪ ،‬واملهرطق فقط هو الذي‬ ‫� ً‬
‫يخ�ضع ملحكمة التفتي�ش‪ ،‬وبالتايل فال�ساحرات ال يخ�ضعن لهذا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا قيل يف ال�شريعة‪ ،‬فليجاهد الأ�ساقفة وممثلوهم بكل الطرق حتى يحرروا‬ ‫� ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أبر�شياتهم بالكامل من الفنون اخلبيثة للعرافة وال�سحر امل�أخوذة من «زورو�سرت»‪،‬‬


‫و�إذا وجدوا �أي رجل �أو امر�أة يعمل هذه اجلرمية‪ ،‬فليطرد من الأبر�شية باخلزي‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬دعوهم �إىل ق�ضاتهم اخلا�صني‪ ،‬ومبا �أنه يتحدث ب�صيغة‬ ‫وقيل يف ال�شريعة � ً‬
‫اجلمع‪ ،‬فهو ي�شمل كل من املحكمة الكن�سية واملدنية‪ ،‬بالتايل‪ ،‬وفقا لهذه ال�شريعة‬
‫فهم لي�سوا خا�ضعني لأكرث من املحكمة الأبر�شية‪.‬‬
‫هذه احلجج تو�ضح �أن من املنطقي يف حالة املفت�شني‪ ،‬والأبر�شيني �أن يرتاحوا‬
‫من هذه امل�س�ؤولية ويرتكوا عقاب ال�ساحرات للمحكمة املدنية‪ ،‬وهذا االدعاء ميكن‬

‫‪278‬‬
‫�أن ي�صبح ج ّيدً ا باحلجج التالية‪ .‬لأن ال�شريعة تقول‪ ،‬نحن ُنح ِّرم ب�شدة على احلكام‬
‫امل�ؤقتني وجنودهم �أن يحاولوا ب�أي طريقة �أن يحكموا يف هذه اجلرمية‪ ،‬لأنه �أمر‬
‫كن�سي �صاف‪ ،‬وهو هنا يتكلم عن جرمية الهرطقة‪ .‬يتبع هذا �أنه‪ ،‬عندما ال تكون‬
‫اجلرائم كن�سية ب�شكل �صاف‪ ،‬كما يف حالة ال�ساحرات ب�سبب الأ�ضرار امل�ؤقتة التي‬
‫يرتكبنها‪ ،‬فالبد �أن يعا َقنب بوا�سطة املحكمة املدنية ولي�س باملحكمة الكن�سية‪.‬‬
‫�إىل جانب هذا‪ ،‬يف الت�شريع الأخري بخ�صو�ص اليهود تقول ال�شريعة‪ :‬ممتلكاتهم‬
‫يتم م�صادرتها‪ ،‬و ُيحكم عليهم باملوت‪ ،‬لأنهم �أ�صحاب عقيدة فا�سدة يعار�ضون‬
‫�إميان امل�سيح‪ .‬ولكن �إذا قيل �أن هذا القانون يخ�ص اليهود الذين حتولوا للم�سيحية‬
‫ثم بعد ذلك رجعوا �إىل عبادات اليهود‪ ،‬فهذا لي�س اعرتا�ضا �صحيحا‪ .‬وال تتقوى‬

‫ﻋﺼ‬
‫احلجة به‪ ،‬لأن القا�ضي املدين يعاقب ه�ؤالء اليهود على �أنهم مرتدون عن الإميان‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يعاملن بنف�س الطريقة‪ ،‬ف�إنكار‬ ‫وبالتايل فال�ساحرات الالتي �أنكرن الإميان ال بد �أن َ‬
‫الإميان‪� ،‬إما ب�شكل كامل �أو جزئي‪ ،‬هو املبد�أ الأ�سا�سي لل�ساحرات‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ورغم �أنه يقول �أن كال من الردة والهرطقة ُيحكم عليهما بنف�س الطريقة‪� ،‬إال �أنه‬
‫لي�س دور القا�ضي الكن�سي �أن يخ�ص نف�سه ب�أمور ال�ساحرات بل القا�ضي املدين‪ .‬لأنه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال �أحد يجب �أن ي�سبب فو�ضى بني النا�س ب�سبب حماكمة الهرطقة‪ ،‬واحلاكم نف�سه ال‬
‫بد �أن يتدخل يف هذه احلاالت‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫د�ستور «ج�ستنيان»‪ ،‬بالتحدث عن الأمراء احلاكمني يقول‪ :‬يجب �أال ت�سمح‬


‫لأحد �أن يثري مملكتك ب�سبب حتقيق ق�ضائي يف �أمور تخ�ص الأديان �أو الهرطقات‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وال ت�سمح ب�أي طريقة ب�أي عمل ق�ضائي �أن ُيعمل يف اململكة التي حتكمها بدون �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫تتدخل بنف�سك وت�ستخدم النقود وال�سلطات الأخرى املخت�صة‪ ،‬وال ت�سمح لأي �شيء‬
‫�أن يحدث يف �أمور الدين �إال �إذا كان متفقا مع مبادئ الدين‪ .‬ووا�ضح من هذا �أنه ال‬
‫�أحد يجب �أن يتدخل يف ق�ضايا التمرد على الدين �إال احلاكم نف�سه‪.‬‬
‫�إىل جانب هذا‪� ،‬إذا كانت املحاكمة والعقاب له�ؤالء ال�ساحرات لي�ست بالكامل‬
‫من اخت�صا�ص املحكمة املدنية‪ ،‬ماذا �ستكون فائدة القوانني التي تن�ص على ما يلي‪،‬‬
‫كل ه�ؤالء الالتي ي�سمني �ساحرات ال بد �أن ُيحكم عليهن باملوت‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا‪ :‬ه�ؤالء الذين‬
‫أي�ضا‪ ،‬من‬ ‫ي�ؤذون حياة الأبرياء بوا�سطة فنون ال�سحر ال بد �أن ُيرموا �إىل الوحو�ش‪ .‬و� ً‬
‫الالزم �أن يخ�ضعوا للم�ساءلة والتعذيب‪ ،‬وال يتعامل معهم �أحد من امل�ؤمنني‪� ،‬إىل‬
‫‪279‬‬
‫جانب عذاب النفي وم�صادرة جميع ممتلكاتهم‪ .‬وعقوبات �أخرى كثرية �أ�ضيفت‪،‬‬
‫وميكن لأي �أحد �أن يقر�أها‪.‬‬
‫ما يعار�ض هذه احلجج هي �أنه يف حقيقة الأمر ه�ؤالء ال�ساحرات ميكن �أن‬
‫يحا َكمن ويعا َقنب بالتعاون بني املحكمة املدنية واملحكمة الكن�سية‪ .‬لأن اجلرمية‬
‫ال�شرائعية ال بد �أن حتا َكم بوا�سطة احلاكم ومطران املقاطعة‪ ،‬لي�س بوا�سطة‬
‫املطران وحده‪ ،‬ولكن ال بد �أن يكون احلاكم معه‪ .‬هذا وا�ضح يف د�ستور ج�ستنيان‪،‬‬
‫حيث مت �إحلاق الأمراء احلاكمني على النحو التايل‪� :‬إنه �أمر �شرائعي الذي �س ُيق�ضى‬
‫فيه‪ ،‬ال بد �أن ُتقق فيه مع مطران املقاطعة‪ .‬ولإزالة كل ال�شكوك يف امل�س�ألة‪ ،‬يقول‬

‫ﻋﺼ‬
‫املف�سرون‪� ،‬إذا كان الأمر بب�ساطة هو مراقبة الإميان فقط‪ ،‬ف�إن احلاكم وحده ميكن‬
‫�أن يحكم فيه‪ ،‬ولكن �إن كان الأمر معقدا‪ ،‬فالبد �أن يتم احلكم فيه بوا�سطة الأ�سقف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫واحلاكم‪ ،‬والبد �أن ُيحفظ الأمر �ضمن احلدود عن طريق �شخ�ص م�ؤيد من الرب‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫يحفظ الإميان الأرثوذك�سي‪ ،‬ويفر�ض تعوي�ضات منا�سبة عن الأموال‪ ،‬ويحافظ على‬
‫حرمة الرعايا‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و� ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬رغم �أن الأمري املدين ميكن �أن يفر�ض عقوبة الإعدام‪� ،‬إال �أن هذا ال‬
‫ُيق�صي حكم الكني�سة‪ ،‬التي من دورها �أن حتكم على احلالة‪ .‬بالطبع هذا وا�ضح جدًّا‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف قانون ال�شريعة يف املواد املتعلقة بالهرطقة‪ .‬لأنه بع�ض العقوبات َيحكم بها كل‬
‫من القانون املدين والت�شريعي‪ ،‬كما و�ضحنا يف قوانني ال�شريعة التي تخ�ص املانوية‬
‫ﻭ‬

‫والهرطقة الآرية‪ .‬بالتايل فعقوبة ال�ساحرات تخ�ص كال املحكمتني م ًعا ولي�س ب�شكل‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫منف�صل‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا‪ ،‬ت�أمر القوانني �أن رجال الدين املهرطقني ينبغي �أن يحاكموا من ُق�ضاتهم‪،‬‬
‫� ً‬
‫ولي�س من املحكمة املدنية �أو امل�ؤقتة‪ ،‬لأن جرائمهم تعترب كن�سية ب�شكل �صاف‪ .‬ولكن‬
‫جرائم ال�ساحرات هي جزئيا مدنية وجزئيا كن�سية‪ ،‬لأنهن عملن الأذى امل�ؤقت‬
‫وكذلك اعتدين على الإميان‪ ،‬بالتايل فالأمر يعود �إىل ق�ضاة كال املحكمتني �أن‬
‫يحاكموهن ويعاقبنهن‪.‬‬
‫هذا الر�أي م�ؤكد يف د�ستور ج�ستنيان‪ ،‬حيث يقول‪� ،‬إذا كانت اجلرمية كن�سية‬
‫�ستحتاج �إىل عقوبة كن�سية وغرامة‪ ،‬فيجب �أن َيحكم فيها الأ�سقف الذي يكون م�ؤيدا‬
‫‪280‬‬
‫من عند الرب‪ ،‬ولي�س حتى �أ�شهر قا�ض يف املقاطعة ُي�سمح له �أن ي�أخذ الق�ضية‪ .‬ونحن‬
‫ال نريد �أن يكون للق�ضاة املدنيون �أي علم بهذه الإجراءات‪ ،‬لأن هذه الأمور ينبغي �أن‬
‫ُيحقق فيها كن�س ًيا و�أرواح املذنبني فيها ال بد �أن ت�صحح بالعقوبات الكن�سية‪ ،‬وفقا‬
‫للقوانني الإلهية املقد�سة والتي تتبعها قوانيننا‪ .‬وعلى اجلانب املقابل جرمية ال�سحر‬
‫لغري رجال الدين لها طبيعة مزدوجة فينبغي �أن حتا َكم وتعا َقب من كلتا املحكمتني‪.‬‬
‫وبالإجابة على كل ما �سبق‪ ،‬نقول �أن هدفنا الأ�سا�سي هو �أن نبني‪ ،‬بر�ضا من‬
‫الرب‪ ،‬نحن مفت�شي �أملانيا العلوية �أننا معفيون من مهمة حماكمة ال�ساحرات‪ ،‬و�أننا‬
‫نرتكهن ليعاقنب بوا�سطة ق�ضاة مقاطعاتهن‪ ،‬وهذا ب�سبب م�شقة هذا العمل‪� :‬شريطة‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أال ُي ِلحق هذا امل�سار اخلطر بالإميان وخال�ص الأرواح‪ .‬وبالتايل نحن �سنرتك‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للق�ضاة �أنف�سهم طرق املحاكمة والعقاب واحلكم يف هذه احلاالت‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالتايل حتى نبني �أن الأ�ساقفة ميكنهم يف حاالت عديدة �أن يتعاملوا مع‬
‫ال�ساحرات بدون احلاجة �إىل املفت�شني برغم �أنه ال ميكنهم �أن يتعاملوا بدون‬
‫الق�ضاة املدنيني وامل�ؤقتني يف احلاالت التي فيها عقوبة الإعدام‪ ،‬فيجب �أن ندون �آراء‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املفت�شني الآخرين يف �أنحاء �إ�سبانيا‪ ،‬لأننا يف النهاية كلنا ننتمي �إىل نف�س تنظيم‬
‫ﺸﺮ‬

‫املب�شرين‪ ،‬حتى تكون كل تف�صيلة مفهومة ب�شكل وا�ضح‪.‬‬


‫ر�أيهم هو‪� ،‬أنه كل ال�ساحرات والعرافني وم�ستح�ضري الأرواح و�إيجازا كل من‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يعمل هذا النوع من الكهانة‪� ،‬إذا كانوا قد مار�سوا الإميان املقد�س يف مرة‪ ،‬فهم‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫خا�ضعون ملحكمة التفتي�ش‪ ،‬كما يف الثالث حاالت الأوىل املذكورة يف بداية الف�صل‬
‫يف كتاب ‪ Multorum querela‬للبابا «كليمنت» بخ�صو�ص الهرطقة‪ ،‬حيث يقول‬
‫�أنه ال املفت�ش يجب �أن يتعامل بدون �أ�سقف‪ ،‬وال الأ�سقف بدون مفت�ش‪ ،‬رغم �أن هناك‬
‫خم�سة حاالت �أخرى ميكن �أن يتعاملوا فيها وحدهم‪ ،‬و�أي �شخ�ص �سيقر�أ الف�صل‬
‫�سريى‪ .‬ولكن يف حالة واحدة َذكر ب�شكل حمدد �أنه ال �أحد منهما يجب �أن يتعامل‬
‫بدون الآخر‪ ،‬وهي عندما يعترب العراف مهرط ًقا‪.‬‬
‫يف نف�س الفئة اخلا�ضعة للمفت�شني‪ ،‬و�ضعوا الكفار‪ ،‬وه�ؤالء الذين تو�سلوا‬

‫‪281‬‬
‫بال�شيطان‪ ،‬وه�ؤالء احلا�صلني على احلظر الكن�سي وظلوا يف احلظر �سنة كاملة‪� ،‬إما‬
‫ب�سبب �شيء يتعلق بالإميان �أو يف بع�ض الظروف التي لي�س لها عالقة الإميان‪ ،‬وهم‬
‫أي�ضا عددًا من الإ�ساءات الأخرى‪ .‬وب�سبب هذا ف�سلطة موظف الكني�سة‬ ‫ُيدخلون � ً‬
‫�ضعفت‪ ،‬ب�سبب �أن كث ًريا من الأعباء ُو�ضعت على املفت�شني حيث مل ميكنهم �أن‬
‫التزاما دقي ًقا بكل املهام‬
‫ً‬ ‫يحملوها ب�شكل �آمن حيث �أن القا�ضي دائ ًما ما يطلب منا‬
‫املفرو�ضة علينا‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪282‬‬
‫السؤال ‪ .1‬طريقة ابتداء عملية النيابة‬

‫ما هي الطريقة املنا�سبة البتداء عملية النيابة يف الإميان �ضد ال�ساحرات؟ يف‬
‫الإجابة نقول �أن هناك ثالثة طرق َي�سمح بها قانون ال�شريعة‪:‬‬
‫�شخ�صا �أمام القا�ضي بجرمية الهرطقة‪� ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫الأوىل هي عندما َيتهم �أح ٌد ما‬

‫ﻋﺼ‬
‫بحماية الهرطقة‪ ،‬و َيعر�ض �أن ُيثبتها ُمع ِّر�ضا نف�سه للعقوبة يف حالة �إذا ما ف�شل يف‬
‫�إثباتها‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الطريقة الثانية هي عندما ي�ستنكر �أحد ما على �شخ�ص ما‪ ،‬ولكن ال َيعر�ض‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن ُيثبت �أقواله وال نية له يف �إدخال نف�سه يف الأمر‪ ،‬ولكنه يقول �أنه ذكر املعلومات‬
‫كنوع من احلما�س للإميان‪� ،‬أو ب�سبب العقوبة املفرو�ضة بوا�سطة القا�ضي املدين‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫على ه�ؤالء الذين يف�شلون يف �إثبات املعلومات‪.‬‬


‫عاما‪� ،‬أي �أنه عندما ال يكون هناك ِّ‬
‫موجه اتهام �أو‬ ‫الطريقة الثالثة تت�ضمن ً‬
‫تفتي�شا ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫ُمب ِّلغ‪ ،‬ولكن يوجد تقرير عام ب�أن هناك �ساحرات يف قرية ما �أو مكان ما‪ ،‬فالقا�ضي‬
‫عندها يجب �أن يتخذ الإجراءات بدون وجود �أي طرف‪ ،‬ولكن بب�ساطة بقوة �سلطته‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هنا ال بد �أن نالحظ �أن القا�ضي يجب �أال يقبل بالطريقة الأوىل ب�سهولة ل�سبب‬
‫واحد‪� ،‬أنها لي�ست اتهاما �آتيا من دوافع �إميانية‪ ،‬وال هي قابلة للتطبيق كث ًريا يف حالة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫موجه‬
‫أي�ضا هي فيها خطر على ِّ‬ ‫ال�ساحرات‪ ،‬لأنهن يعملن �أعمالهن يف اخلفاء‪ ،‬ثم � ً‬
‫أي�ضا هي تنازعية‬‫االتهام‪ ،‬لأن هناك عقوبة عليه �إذا ف�شل يف �إثبات ق�ضيته‪ ،‬ثم � ً‬
‫جدًّا‪.‬‬
‫فالعملية ينبغي �أن تبد�أ باقتبا�س عام ُيو�ضع على جدار �أبر�شية الكني�سة �أو مبنى‬
‫البلدية‪ ،‬بهذا ال�شكل‪:‬‬
‫نحن نائبو كذا وكذا (�أو ق�ضاة مقاطعة كذا وكذا)‪ ،‬ن�سعى بكل جهد وقوة بكل‬
‫قلوبنا �أن نحافظ على ال�شعب امل�سيحي الذي وثق بنا يف وحدته ويف �إبقائه بعيدً ا عن‬
‫‪283‬‬
‫كل بالء بغي�ض من الهرطقة‪ :‬بالتايل نحن الق�ضاة املذكورون لذلك املكتب‪ ،‬لأجل‬
‫جمد و�شرف اال�سم املعبود ي�سوع امل�سيح ومتجيد �إميان الأرثوذك�س املقد�س‪ ،‬ولقمع‬
‫الهرطقة اخلبيثة التي تعملها ال�ساحرات ب�شكل عام وتعملها كل واحدة منهن على‬
‫حدة �أيا ما كانت حالتها (هنا �إذا كان قا�ض ًيا كن�س ًيا‪ ،‬يجب �أن يدعو �إىل اجتماع‬
‫كل الكهنة وكبار ال�شخ�صيات يف الكني�سة يف هذه القرية بقوله‪ :‬نحن نوجه‪ ،‬ون�أمر‪،‬‬
‫يوما وهنا الق�ضاة املدنيون يجب �أن ي�أمروا‬
‫ونطلب‪ ،‬ونحث‪ ،‬ب�أنه يف مدة اثني ع�شر ً‬
‫بطريقتهم)‪.‬‬
‫�أول �أربعة �أيام منها موقوفة للتحذير الأول‪ ،‬والثانية للتحذير ثاين‪ ،‬والثالثة‬
‫للتحذير الثالث‪ ،‬ونحن ن�أمر يف هذا التحذير ال�شرعي الثالثي �أنه �إذا َعلم �أي �أحد‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أو ر�أى‪� ،‬أو َ�سمع �أن هناك �أي �شخ�ص ُمب َّلغ عنه �أنه مهرطق �أو �ساحر �أو �ساحرة‪� ،‬أو‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫م�شتبه فيه بعمل �أي من هذه املمار�سات امل�ضرة للإن�سان واملا�شية والأ�شجار على‬
‫الأر�ض‪ ،‬واملهدِّ دة ب�ضياع الدولة‪ ،‬فعليه �أن ُيبلغ عنه فو ًرا‪ ،‬ولكن �إذا مل يطع �أحد ما‬
‫ﻜﺘ‬
‫هذه الأوامر والتحذيرات بالك�شف عن هذه الأمور يف املدة املحددة‪ ،‬فليعلم (هنا‬
‫يجب على القا�ضي الكن�سي �أن ي�ضيف) �أنه �سيتم حرمانه ب�سيف احلظر الكن�سي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫(القا�ضي املدين هنا يجب �أن ي�ضيف العقوبة امل�ؤقتة)‪ ،‬حيث �أن عقوبة احلظر نحن‬
‫�سنفر�ضها من هذا الوقت على كل من يتجاهل بعناد هذه التحذيرات ال�شرعية‬
‫ﺸﺮ‬

‫املذكورة‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫يف الطريقة الثانية ال بد �أن ُي�ضاف �شيء �إىل هذا التحذير‪ ،‬لأنه قيل فيها �أنها‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تكون بوا�سطة املعلومات‪ ،‬حيث �أن املُب ِّلغ ال يعر�ض �أن يثبت �أقواله ولي�س م�ستعدً ا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫متورطا يف الق�ضية‪ ،‬ولكنه فقط يتكلم ب�سبب حما�سته للإميان ول�صالح‬ ‫ً‬ ‫�أن يكون‬
‫الدولة‪ ،‬بالتايل فالقا�ضي املدين ال بد �أن يذكر �أو ينوه يف التحذير املذكور‪� ،‬أنه ال‬
‫�أحد يجب �أن يظن �أنه �سي�صبح ُمعر�ضا للعقوبة لو ف�شل يف �إثبات �أقواله‪ ،‬حيث �أنه‬
‫�أتى لي�س ب�صفته مته ًما ولكن ب�صفته مبلغ‪.‬‬
‫وبعدها‪ ،‬مبا �أن العديدين �سيذهبون و ُيدلون باملعلومات �أمام القا�ضي‪ ،‬ال بد �أن‬
‫يعتني القا�ضي ب�أن يعمل الإجراءات بالطريقة التالية‪ :‬ال بد �أن يكون لديه كا ِتبا‬
‫عدل‪ ،‬اثنان �صادقان‪� ،‬إما من رجال الدين �أو الأ�شخا�ص العاديني‪ ،‬و�إن كان كاتب‬ ‫ٍ‬
‫العدل متع ّذر احل�صول عليه‪ ،‬فليكن �أي رجلني منا�سبني يف مكان كاتب العدل‪،‬‬
‫‪284‬‬
‫وهذا مت ذكره يف ال�شريعة حيث تقول‪ :‬من الواجب �أن تتقدم بحذر يف حماكمة‬
‫اجلرائم اخلطرية حيث �أنه ال خط�أ يجب �أن ُيرتكب يف تنزيل العقوبة ال�شديدة على‬
‫م�ستحقها‪ ،‬نحن نرغب ون�أمر ب�أنه �أثناء ا�ستجواب ال�شهود �أو املب ِّلغني يف تهمة كهذه‬
‫ال بد �أن يكون لديك اثنني عاقلني متدينني‪� ،‬إما رجلي دين �أو رجلني عاديني‪.‬‬
‫ثم تقول‪ :‬يف وجود ه�ؤالء الأ�شخا�ص ف�إن �شهادة ال�شهود �ستُكتب ب�صدق بوا�سطة‬
‫موظف ديني عام �إذا ا�ستطعت �أن حت�صل على واحد‪� ،‬أو �إذا مل حت�صل‪ ،‬فب�أي اثنني‬
‫منا�سبني‪ ،‬والحظ بالتايل �أنه بوجود ه�ؤالء الأ�شخا�ص‪ ،‬فالقا�ضي �سي�أمر ال�شاهد �أو‬
‫املُب ِّلغ �أن يذكر معلوماته كتابة‪� ،‬أو على الأقل يذكرها بو�ضوح �شفه ًيا‪ ،‬وبعدها يبد�أ‬
‫كاتب العدل يف الكتابة بالطريقة التالية‪:‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف �سنة ربنا ‪ ،-‬يف يوم ‪ ،-‬من �شهر ‪ ،-‬يف وجودي �أنا كاتب العدل وال�شهود‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫امل�ساهمني‪ ،‬يف قرية ‪ -‬يف �أبر�شية ‪� ،-‬أتى �شخ�ص ًّيا ال�شاهد ‪� -‬أمام القا�ضي املكرم‬
‫ﻜﺘ‬
‫وعر�ض ورقة فيها املعلومات التالية‪.‬‬
‫(هنا يجب �أن يذكر املعلومات كلها‪ ،‬و�إذا مل يقدم ال�شاهد �شهادته مكتوبة‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫فيجب �أن ي�أخذها �شفهية ويكتب ما يلي)‬


‫(ال�شاهد �أتى‪� ..‬إلخ‪ ،‬وقدم معلومات للقا�ضي يف قرية ‪ -‬يف �أبر�شية ‪ -‬وقال‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�أكد �أن املتهم ‪ -‬يعلم كيف ي�ضر النا�س �أو �أنه عمل بالفعل �ضر ًرا معي ًنا لل�شاهد �أو‬
‫ل�شخ�ص �آخر)‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫بعد هذا ال بد �أن يجعل ال�شاهد يحلف بالطريقة املعتادة‪� ،‬إما على �أناجيل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ً‬
‫وخاف�ضا اثنني يف متثيل للثالوث‬ ‫الرب الأربعة‪� ،‬أو على ال�صليب‪ ،‬راف ًعا ثالثة �أ�صابع‬
‫املقد�س ولإدانة روحه وج�سده ب�أنه �سيقول احلقيقة يف �شهادته‪ ،‬وعندما يق�سم يجب‬
‫�أن يبد�أ القا�ضي يف �س�ؤاله كيف عرف �أن �شهادته هذه حقيقة‪ ،‬و�إن كان قد ر�أى �أو‬
‫�سمع بالذي يق�سم عليه‪ ،‬و�إذا قال �أنه قد ر�أى �شي ًئا‪ ،‬كمثال‪ :‬ر�أى املتهم موجودًا يف‬
‫وقت حدوث العا�صفة ال�سحرية‪� ،‬أو �أنه قد م�س حيوا ًنا‪� ،‬أو دخل � ً‬
‫إ�سطبل‪� ،‬سيبد�أ‬
‫القا�ضي ب�س�ؤاله متى ر�آه‪ ،‬و�أين‪ ،‬وكم مرة‪ ،‬وب�أي طريقة‪ ،‬ومن كان موجودًا‪ ،‬و�إذا‬
‫قال �أنه مل يره لكن �سمع عنه‪ ،‬يجب �أن ي�س�أله القا�ضي من ال�شخ�ص الذي �سمع‬
‫منه‪ ،‬و�أين‪ ،‬ومتى‪ ،‬وكم مرة‪ ،‬ويف وجود من‪ ،‬وليعمل مقاالت منف�صلة لكل نقطة من‬
‫‪285‬‬
‫النقاط املذكورة‪ ،‬وكاتب العدل �أو الكاتب العادي يجب �أن يدون تقري ًرا بهذا كله‬
‫ب�سرعة ويكتب كالتايل‪:‬‬
‫�أتى ال�شاهد بنف�سه و�أق�سم على الأناجيل الأربعة‪� ..‬إلخ‪ ،‬ب�أنه �سيقول احلقيقة يف‬
‫�شهادته‪ ،‬و�س�أله القا�ضي كيف وملاذا عرف �أو �شك �أن ما يقوله حقيقي‪ ،‬و�أجاب ب�أنه‬
‫ر�أى �أو �أنه �سمع‪ ،‬ثم �س�أله املفت�ش �أين ر�أى �أو �سمع هذا‪ ،‬و�أجاب ب�أنه ر�آه يف يوم ‪ -‬من‬
‫�شهر ‪ -‬يف �سنة ‪ -‬يف قرية و�أبر�شية ‪ ،-‬و�س�أله كم مرة ر�أى �أو �سمع‪� ..‬إلخ‪.‬‬
‫ويجب عمل مقاالت منف�صلة‪ ،‬والكل يدونه بالطريقة التي ذكرناها‪ ،‬وحتديدً ا ال‬
‫بد �أن ي�س�أله من الذي ي�شاركه املعرفة بهذه الق�ضية‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعندما يعمل كل هذا‪ ،‬ميكنه يف النهاية �أن ي�س�أله �إذا كان قد ق ّدم هذه املعلومات‬
‫ب�سبب رغبة مري�ضة منه �أو ُكره �أو حقد على املتهم‪� ،‬أو �إن كان قد حذف �شي ًئا من‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�شهادته حماباة لفالن‪� ،‬أو �إن كان قد ُطلب منه �أن يقول هذه املعلومات‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف النهاية‪ ،‬ال بد �أن َيفر�ض عليه �أن ُيبقي الأمر �س ًرا مهما كان الذي قاله يف‬
‫املحكمة‪� ،‬أو مهما قال له القا�ضي‪ ،‬وكل العملية يجب �أن ُتد ّون مكتوبة‪ ،‬وعندما يكتمل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كل هذا‪ ،‬ال بد �أن يد ِّون بالأ�سفل التايل‪:‬‬


‫هذا قد مت عمله يف املكان الفالين يف يوم ‪ -‬و�شهر ‪ -‬و�سنة ‪ ،-‬يف وجودي �أنا كاتب‬
‫ﺸﺮ‬

‫العدل �أو الكاتب العادي وه�ؤالء املكلفني معي بالكتابة‪ ،‬وال�شاهد فالن وفالن مت‬
‫ﻭ‬

‫ا�ستدعا�ؤهم والتحقيق معهم‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�شيوعا والعادية‪ ،‬حينما ال يظهر �أي‬


‫الطريقة الثالثة البتداء العملية هي الأكرث ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُمب ِّلغ �أو �شاهد �أو متهم‪ ،‬ولكن يكون هناك تقرير عام بوجود �سحر يف قرية ما‪،‬‬
‫وب�سبب هذا التقرير ميكن �أن يتقدم القا�ضي بدون عمل حتذير عام مثل الذي‬
‫�أعاله‪ ،‬لأن التقرير قد �أتى له عن طريق ال�سمع‪ ،‬فيكتب‪:‬‬
‫يف �سنة ربنا ‪ -‬يف يوم ‪ -‬من �شهر ‪ ،-‬و�صل �إىل �سمع القا�ضي فالن تقري ًرا ً‬
‫عاما‬
‫و�إ�شاعة ب�أن قرية ‪ -‬فيها نوع من ال�سحر‪ ،‬الذي هو �ضد الإميان و�ضد ال�صالح العام‬
‫للدولة‪.‬‬
‫وكل �شيء يجب �أن ُيكتب ِوف ًقا للتقرير العام‪ ،‬ويف �أ�سفله يكتب‪:‬‬
‫‪286‬‬
‫الق�ضية التي �سمعناها يف يوم ‪ -‬من �شهر ‪ -‬يف �سنة ‪ -‬يف وجود كاتب العدل فالن‬
‫وفالن و�أ�صحاب ال�سلطة فالن وفالن‪ ،‬وال�شهود فالن وفالن الذين مت ا�ستدعا�ؤهم‬
‫والتحقيق معهم‪.‬‬
‫ولكن قبل �أن ُنكمل �إىل املو�ضوع الثاين الذي يتعامل مع طرق مبا�شرة هذه‬
‫العمليات‪ ،‬ال بد �أن نقول �شي ًئا عن ال�شهود الذين يتم ا�ستجوابهم‪ ،‬مثل كم العدد‬
‫الالزم منهم‪ ،‬وما هي �شروطهم‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪287‬‬
‫السؤال ‪ .2‬عن عدد الشهود‬

‫من ال�ضروري �أن نعلم كم �شاهدً ا يجب �أن يكون موجودًا وما هي �شروطهم‪،‬‬
‫ال�س�ؤال هو‪ :‬هل للقا�ضي بطريقة �شرعية �أن يحكم على �أي �شخ�ص بهرطقة ال�سحر‬
‫ب�شهادة اثنني من ال�شهود املوثوقني والذين تكون دالئلهما متفقة؟ �أم �أنه يجب توافر‬
‫�أكرث من اثنني؟‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�شاهدين لي�ست متفقة ب�شكل كامل ولكن فقط‬ ‫َ‬ ‫ونقول ب�أنه رمبا تكون �أدلة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يكون فيها اتفاق جزئي‪ ،‬بذلك �سيختلف ال�شاهدان يف كالمهما يف �شيء معني‪ ،‬كمثل‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن يقول �أحدهما «هذه املر�أة �سحرت بقرتي»‪ ،‬والآخر يقول‪« :‬هذه املر�أة �سحرت‬
‫طفلي»‪ ،‬ولكنهما يتفقان يف م�س�ألة ال�سحر‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫متاما‪ ،‬والإجابة‬
‫ولكننا هنا �سنتحدث عن حالة ال�شاهدين الذين يكونان متفقني ً‬
‫هي‪ :‬رغم �أن �شاهدين فقط يبدوان كافيني لتحقيق دقة القانون (ب�سبب قاعدة �أنه‬
‫�إن �أق�سم اثنني �أو ثالثة على �شيء فهو حقيقي)‪� ،‬إال �أنه يف تهمة من هذا النوع‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫حلكم العادل‪ ،‬وذلك ب�سبب فظاعة اجلرمية‬ ‫ف�شاهدين ال يبدو �أنهما يكفيان لعمل ا ُ‬
‫التي يتعلق بها ال�س�ؤال‪ ،‬لأن الربهان على هذا االتهام الكبري ال بد �أن يكون �أو�ضح‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫من �ضوء النهار‪ ،‬خا�صة يف تهمة الهرطقة‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن ميكن �أن يقال �أنه رمبا يحتاج الأمر برها ًنا ً‬
‫ب�سيطا يف التهم التي من هذا‬
‫النوع‪ ،‬و�أنه قيل يف ال�شريعة عن الهرطقة‪� :‬أن الإن�سان يك�شف نف�سه �أنه مهرطق فقط‬
‫ونيب ب�أن هذا‬ ‫�إذا وجد نف�سه يحيد عن التعاليم وعن طريق الدين الكاثوليكي‪ُ ،‬‬
‫مفيد يف افرتا�ض �أن ال�شخ�ص مهرطق‪ ،‬ولكن لي�س مفيدً ا يف �إدانته‪.‬‬
‫النظام العادي للإجراء الق�ضائي هو نظام ق�صري‪ ،‬فالدفاع ال يرى ال�شاهد‬
‫يحلف اليمني‪ ،‬والدفاع ال يعرفون ال�شاهد‪ ،‬لأن هذا �سيعر�ضه خلطر كبري‪ ،‬بالتايل‪،‬‬
‫وف ًقا للقانون فال�سجني ال ُي�سمح له �أن َيعلم من الذين يتهمونه‪ ،‬ولكن القا�ضي نف�سه‬
‫م�سموح له‪ ،‬كما �سنو�ضح الح ًقا‪ .‬وعندما يقدم ال�شاهد ً‬
‫دليل مرت ِب ًكا ب�سبب �شيء‬
‫‪288‬‬
‫ثان‪ ،‬وكلما ق ًلت‬
‫يرقد على �ضمريه‪ ،‬فالقا�ضي لديه ال�سلطة �أن ي�ضعه حتت حتقيق ٍ‬
‫فر�صة ال�سجني يف �أن يدافع عن نف�سه‪ ،‬كلما ا�ستطاع القا�ضي �أن يحقق ب�شكل �أكرث‬
‫دقة‪.‬‬
‫لأنه رغم �أن هناك �شاهدين متفقني وموثوقني �ضد �شخ�ص واحد‪ ،‬فحتى هذا �أنا‬
‫�شخ�صا بتهمة كبرية كهذه‪ ،‬لكن �إذا‬
‫دليل كاف ًيا للقا�ضي ل ُيدين ً‬ ‫ال �أ�سمح به �أن يكون ً‬
‫كان ال�سجني هو �شخ�ص ذو �سمعة �شريرة‪ ،‬فال بد �أن ُتعطى له فرتة ليتطهر‪ ،‬و�إذا‬
‫كان ُي�شك ب�شكل قوي يف �شهادة �أو يف دليل �أحد ال�شهود‪ ،‬فال بد للقا�ضي �أن يجعله‬
‫ينكر الهرطقة‪� ،‬أو ي�س�أله مرة �أخرى‪� ،‬أو يغري من حكمه‪ .‬لأنه ال يبدو ً‬
‫عادل �أن تدين‬
‫�إن�سا ًنا له �سمعة جيدة بتهمة كبرية كهذه ب�شهادة �شاهدين فقط‪ ،‬رغم �أن احلالة‬

‫ﻋﺼ‬
‫خمتلفة بالن�سبة لل�شخ�ص �سيئ ال�سمعة‪ .‬هذا الأمر مت التعامل معه ب�شكل كامل يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫قانون ال�شريعة‪ ،‬حيث ُك ِتب �أن الأ�سقف ال بد �أن ي�أتي بثالثة �شهود �أو �أكرث من الرجال‬
‫ليعطوا الأدلة حتت الق�سم ب�أنهم يقولون احلقيقة �إن كانوا يعلمون �أي معلومة عن‬
‫ﻜﺘ‬
‫وجود هرطقة يف هذه الأنحاء‪.‬‬
‫�شخ�صا بهرطقة كهذه ب�شهود‬
‫أي�ضا ميكن �أن ن�س�أل‪ :‬هل القا�ضي ميكن �أن يدين ً‬ ‫و� ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫غري متفقني يف �أدلتهم؟ وجنيب ب�أنه ال ميكنه عمل هذا‪ ،‬خا�صة لأن الرباهني على‬
‫التهمة ال بد كما قلنا �أن تكون �أو�ضح من �ضوء النهار‪ ،‬ويف هذه التهمة بالتحديد ال‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أحد ُيدان بدليل افرتا�ضي‪ ،‬بالتايل يف حالة ال�سجني الذي يكون مته ًما باتهام عام‪،‬‬
‫ُتعطى له مدة لتطهري نف�سه‪ ،‬ويف حالة الذي يكون حتت ال�شك القوي من براهني‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال�شهود‪ ،‬ال بد �أن جنعله ينكر الهرطقة‪ ،‬ولكن على الرغم من بع�ض التعار�ضات‪،‬‬
‫فال�شهود يتفقون على حقائق معينة‪ ،‬وبالتايل تكون للقا�ضي حرية الت�صرف‪ ،‬وب�شكل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫غري مبا�شر ي�أتي �س�ؤال �آخر هو كم مرة يجب �أن يتم التحقيق مع ال�شهود؟‬

‫‪e‬‬

‫‪289‬‬
‫السؤال ‪ .3‬االستحالف الرسمي وإعادة التحقيق مع‬
‫الشهود‬

‫ميكن �أن ن�س�أل‪ :‬هل القا�ضي يقدر �أن ُيجرب ال�شاهد �أن يق�سم اليمني على قول‬
‫احلقيقة بخ�صو�ص �إميان ال�ساحرات؟ وهل ب�إمكانه ا�ستجوابه عدة مرات؟ وجنيب‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�أنه ميكنه عمل ذلك‪ ،‬خا�صة يف املحكمة الكن�سية‪ ،‬ويف احلاالت الكن�سية ميكن‬
‫يفر�ض القا�ضي على ال�شاهد �أن يقول احلقيقة بالق�سم‪ ،‬و�إال لن يكون دليله ذا‬ ‫�أن ِ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫قيمة‪ ،‬لأن قانون ال�شريعة يقول‪ :‬املطران �أو الأ�سقف ميكن �أن يعمل جولة يف الأنحاء‬
‫ﻜﺘ‬
‫التي فيها �إ�شاعة وجود هرطقة‪ ،‬ويجرب �أكرث من �شخ�ص لهم �سمعة جيدة �أو يبدون‬
‫�أ�شخا�ص طيبني بالن�سبة له ولكل احلي �أن ُيق�سموا‪ ،‬و�إذا رف�ضوا بعناد �أن يق�سموا‬
‫ف�سيتم اعتبارهم مهرطقني‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وال�شاهد ميكن �أن يح ًقق معه عدة مرات وهذا موجود يف ال�شريعة‪ ،‬حيث تقول‪:‬‬
‫يعطي ال�شاهد دليله ب�شكل مرتبك‪� ،‬أو يبدو �أنه يكتم �شي ًئا يعلمه ل�سبب ما‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫عندما ِ‬
‫ف�إن على القا�ضي ر�سميا �أن يعيد التحقيق معه من جديد‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪290‬‬
‫السؤال ‪ .4‬عن طبيعة وحالة الشاهد‬

‫بالن�سبة للذين حتت حكم احلظر الكن�سي و�أن�صارهم وم�ساعديهم يف اجلرمية‪،‬‬


‫خل ّدام الذين ُيعطون �أدلة �ضد �أ�سيادهم‪ ،‬فهم‬‫والأ�شقياء و�س ّيئي ال�سمعة‪� ،‬أو ا ُ‬
‫ُمعتَمدين كلهم ك�شهود يف احلاالت التي تخ�ص الإميان‪ ،‬وكما �أن الهرطقة ميكن �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫تعطي دليال �ضد ال�ساحرة‪،‬‬ ‫تعطي دليال �ضد الهرطقة‪ ،‬ف� ً‬
‫أي�ضا ال�ساحرة ميكن �أن ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن هذا فقط يف حالة نق�ص الرباهني الأخرى‪ ،‬وهذا الدليل ميكن فقط �أن ُيعترب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫به يف املقا�ضاة ولي�س يف الدفاع‪ ،‬وهذا حقيقي � ً‬
‫أي�ضا يف الأدلة التي تقدمها زوجة‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال�سجني �أو �أوالده �أو قرابته �ضد ال�سجني‪ ،‬لأن الدليل الذي مثل هذا له وزن �أكرب يف‬
‫�إثبات التهمة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وا�ضحا يف ال�شريعة حيث تقول‪ :‬كحماية للإميان نحن ن�سمح‬ ‫ً‬ ‫ولقد كان هذا‬
‫يف حالة التحقيق يف خطية الهرطقة �أن الأ�شخا�ص الذين حتت احلظر الكن�سي‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�شركائهم وم�ساعديهم يف اجلرمية‪� ،‬أن ُيعترب بهم ك�شهود يف حالة نق�ص الرباهني‬
‫ﻭ‬

‫�ضد الهرطقة ومنا�صريها واملدافعني عنها‪� ،‬شريطة �أن يظهر من عدد ال�شهود ومن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأدلة ومن الظروف كلها �أنهم ال يعطون �شهادة مزيفة‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫املعطى بوا�سطة �شاهد زور‪ ،‬بافرتا�ض �أنهم يتكلمون الآن بدافع‬ ‫يف حالة الدليل َ‬
‫حما�ستهم على الدين‪ ،‬فقد حتدثت ال�شريعة عن هذا حيث قالت‪� :‬أن �أدلة �شهود‬
‫الزور‪ ،‬بعد �أن يتوبوا‪ ،‬هي مقبولة‪� ،‬إذا ظهر بو�ضوح �أنهم ال يتكملون بروح من‬
‫الطي�ش‪� ،‬أو بدافع العداوة‪� ،‬أو ب�سبب الر�شوة‪ ،‬ولكن فقط بدافع احلما�سة ال�صافية‬
‫للإميان الأرثوذك�سي‪ ،‬راغبني يف ت�صحيح ما قالوه‪� ،‬أو �أن يك�شفوا �شي ًئا كانوا قد‬
‫�أخفوه‪ ،‬يف دفاع عن الإميان‪ ،‬ف�شهادتهم تكون �صحيحة مثل �أي �أحد �آخر‪� ،‬شريطة‬
‫�أال يكون هناك �أي �شيء �آخر يعار�ضها‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫ووا�ضح من نف�س الف�صل يف ال�شريعة �أن �شهادة الأ�شخا�ص ذوي ال�سمعة ال�سيئة‬
‫�أو املجرمني �أو اخلدم �ضد �أ�سيادهم هي مقبولة‪ ،‬لأن ال�شريعة تقول‪ :‬عظيم هو بالء‬
‫الهرطقة‪ ،‬ب�أنه حتى اخلدم ُيقبل بهم ك�شهود �ضد �أ�سيادهم‪ ،‬و�أي جمرم �أو �شخ�ص‬
‫�سيئ ال�سمعة ميكن �أن يقدم ً‬
‫دليل �ضد �أي �شخ�ص �أ ًيا كان‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪292‬‬
‫السؤال ‪ .5‬إن كان األعداء يمكن أن يعتبروا كشهود‬

‫ولكن �إذا �س�ألنا‪ :‬هل ميكن للقا�ضي �أن َيعترب عدو ال�سجني الذي يريد �أن يقدم‬
‫دليل �ضده يف مثل هذه الق�ضية هو �شاهد معترب؟ وجنيب ب�أنه ال ميكنه ذلك‪ ،‬لأنه‬ ‫ً‬
‫يف نف�س الف�صل من ال�شريعة تقول‪ :‬يجب �أن تفهم �أنه يف هذا النوع من التُهم‪ ،‬العدو‬
‫ال�شخ�صي ال ميكن االعتبار به يف تقدمي دليل‪ .‬هرني �أوف �سيجو�سيو � ً‬
‫أي�ضا يو�ضح‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذا‪ .‬ولكن ما يتحدثون عنه هنا هم الأعداء‪ ،‬ويجب �أن نذكر �أن ال�شاهد ال يكون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بال�ضرورة غري م�ؤهل ب�سبب هذا النوع من العداوة‪ ،‬فالعدو يت�شكل من الظروف‬
‫ﻜﺘ‬
‫التالية‪ :‬عندما يكون هناك موت وانتقام بني الطرفني‪� ،‬أو عندما يكون هناك حماولة‬
‫للقتل‪� ،‬أو جرح �شديد �أو �ضرر يو�ضح �أن هناك عداوة من ال�شاهد �ضد ال�سجني‪،‬‬
‫ويف هذه احلالة ُيفرت�ض �أن ال�شاهد كما يحاول �أن ي�صيب ال�سجني باملوت‪ ،‬فهو‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫أي�ضا �سيحاول �أن ي�صيبه بالهرطقة‪ ،‬وكما �أنه يتمنى �أن ي�أخذ حياة ال�سجني‪ ،‬كذلك‬ ‫� ً‬
‫�سيتمنى �أن ي�أخذ �سمعته‪ ،‬بالتايل فالدليل املق ّدم من عدو ال�سجني ال ُيعتد به‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن هناك درجات �أخرى من العداوة (لأن الن�ساء تكره ب�سهولة)‪ ،‬فال يحتاج‬
‫ﻭ‬

‫متاما‪ ،‬رغم �أنه ُي َ‬


‫نظر �إىل الدليل‬ ‫يف تلك الدرجات �أن نعترب ال�شاهد غري م�ؤهل ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الذي يقدمه ب�شك �شديد‪ ،‬وال ُيعطى الت�صديق الكامل لكلماته �إال �إذا �أثبتها برباهني‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫م�ستقلة‪ ،‬و�أن يكون �شهود �آخرين قد قدموا �أدلة �أخرى غري م�شكوك فيها‪ .‬والقا�ضي‬
‫يجب �أن ي�س�أل ال�سجني �إن كان يظن �أن لديه �أعداء ميكن �أن يتقدموا ويتهموه بدافع‬
‫الكره حتى يو�صلوه �إىل املوت‪ ،‬و�إذا قال نعم‪ ،‬يجب �أن ي�س�أله القا�ضي من هو هذا‬
‫ال�شخ�ص‪ ،‬ومن ثم يجب �أن يالحظ القا�ضي �إن كان ال�شخ�ص الذي ذكره ال�سجني‬
‫معروف ب�أنه ُيقدم �أدلة بدوافع اخلبث‪ ،‬و�إذا كان الدليل الذي يقدمه العدو لي�س‬
‫مثبتًا برباهني �أخرى �أو ب�شهادة �شهود �آخرين‪ ،‬فيمكن للقا�ضي �أن يرف�ض الدليل‪،‬‬
‫ولكن �إن قال ال�سجني �أنه لي�س لديه �أعداء كه�ؤالء‪ ،‬لكنه اعرتف �أنه كانت لديه‬
‫�شخ�صا مل يتقدم بدليل‬
‫ً‬ ‫خما�صمات مع ن�ساء‪� ،‬أو �إذا قال �أن لديه عدو‪ ،‬لكنه �س ّمى‬
‫‪293‬‬
‫�ضده‪ ،‬يف هذه احلالة‪ ،‬حتى لو قال ال�شهود الآخرون �أن هذا ال�شاهد قد �أعطى �أدلة‬
‫بدوافع من العداوة‪ ،‬ف�إن القا�ضي ال يرف�ض الدليل‪ ،‬ولكن يعتد به مع بقية الأدلة‪.‬‬
‫هناك الكثريين ممن لي�سوا حري�صني كفاية ولي�س لديهم وعي‪ ،‬يعتربون �أن‬
‫ال�شهادة من املر�أة العدوانية يجب �أن ُترف�ض كلها‪ ،‬ويقولون �أنه ال ثقة ميكن �أن‬
‫تو�ضع فيها‪ ،‬لأنها دائ ًما تتحرك بدوافع من الكره‪ ،‬مثل ه�ؤالء الرجال هم جهلة‬
‫باالحتياطات الق�ضائية‪ ،‬ويتحدثون ويحكمون كمثل الذين لديهم عمى �ألوان‪ ،‬ولكن‬
‫هذه االحتياطات �سنتعامل معها يف ال�س�ؤال احلادي ع�شر والثاين ع�شر‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪294‬‬
‫السؤال ‪ .6‬كيف للمحاكمة أن تتقدم وتستمر‬

‫كيف للمحاكمة �أن تتقدم وت�ستمر؟ وكيف ميكن لل�شهود �أن ُي�ستَجوبوا يف ح�ضور‬
‫ملوجه التهمة �أن ُي�س�أل بطريقتني؟‬
‫�أربعة �أ�شخا�ص �آخرين؟ وكيف ِّ‬
‫بالن�سبة للطريقة التي تتقدم بها حماكمة ال�ساحرات‪ ،‬يجب �أن نذكر � ًأول �أن مثل‬

‫ﻋﺼ‬
‫هذه الق�ضايا يجب �أن ت�ؤ َّدى ب�أب�سط و�أكرث طريقة موجزة‪ ،‬بدون حجج وخالفات من‬
‫املحامني‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هذا م�شروح يف ال�شريعة كما يلي‪� :‬أحيا ًنا ُنن�شئ عملية جنائية‪ ،‬ون�ؤديها بطريقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�سيطة وم�ستقيمة بدون املراوغات الق�ضائية واخلالفات التي تقدم يف الق�ضايا‬
‫الأخرى‪ .‬الكثري من ال�شك موجود يف فهم معنى هذه الكلمات‪ ،‬فب�أي طريقة بال�ضبط‬
‫يجب �أن ُت�ؤدى هذه الق�ضايا! ولكننا راغبون يف �أن نزيل كل ال�شكوك عن امل�س�ألة‪ُ ،‬نقر‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ب�أن الطريقة التالية هي ال�صحيحة ب�شكل نهائي وحا�سم‪:‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫القا�ضي الذي تكون الق�ضية عنده ال حاجة به �أن يطلب �أي وثيقة مكتوبة‪� ،‬أو‬
‫ي�سمح بالأمر �أن يحدث فيه ن�ضال ونزاع‪ ،‬وميكنه �أن يعمل الق�ضية يف الإجازات لأجل‬
‫ﻭ‬

‫�أن تكون مالئمة مع العامة‪ ،‬ويجب �أن يخت�صر �إجراءات الق�ضية بقدر ا�ستطاعته‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ب�أن يرف�ض كل االعرتا�ضات التي تعطلها‪ ،‬واال�ستئنافات والعوائق‪ ،‬واخلالف ال�سفيه‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫من امل�ست�أنفني واملحامني‪ ،‬والنزاع بني ال�شهود‪ ،‬و�أن مينع ازدياد عدد ال�شهود‪ ،‬ولكن‬
‫لي�س �إىل حد �أن يتجاهل �أدلة �ضرورية‪ ،‬ونحن ال نعني بهذا �أنه يجب �أن يحذف ً‬
‫مثل‬
‫ا�ستحالف ال�شهود �أن يقولوا احلقيقة‪.‬‬
‫ومبا �أنه‪ ،‬كما و�ضحنا‪ ،‬هذه العملية يجب �أن ُت�ؤ ّدى ب�أب�سط طريقة ممكنة‪،‬‬
‫موجه التهمة‪� ،‬أو عن طريق �شخ�ص يبلغ بدافع‬ ‫وهي ميكن �أن ُتبتدئ عن طريق ِّ‬
‫احلما�س‪� ،‬أو عن طريق غ�ضب عام �أو �إ�شاعة عامة‪ ،‬بالتايل فالقا�ضي يجب �أن‬
‫موجه التهمة‪ ،‬لأن �أعمال‬ ‫يحاول �أن يتجاوز �أول طريقة من االبتداء‪ ،‬تلك التي يبد�أها ِّ‬
‫وموجه االتهام ال ميكن يف‬ ‫ال�ساحرات باالرتباط مع ال�شيطان ُتعمل غال ًبا يف اخلفاء‪ِّ ،‬‬
‫‪295‬‬
‫هذه احلالة �أن يكون لديه دليل يجعل من �شهادته جيدة‪ ،‬بالتايل يجب على القا�ضي‬
‫نحي جان ًبا اتهامه الر�سمي و�أن يتقدم للق�ضية على �أنه‬
‫�أن ين�صح موجه االتهام �أن ُي ّ‬
‫مبلغ معلومات‪ ،‬ب�سبب اخلطر الكبري الذي �سيكون عليه كموجه اتهام‪.‬‬
‫قلنا من قبل �أن القا�ضي يجب �أن ي�س�أل املُب ِّلغ عن �أي �شخ�ص غريه لديه معرفة‬
‫بالق�ضية‪ ،‬ومن ثم فالقا�ضي يجب �أن ي�ستدعي الأ�شخا�ص الذين ي�سميهم املُب ِّلغ‪،‬‬
‫والذين يرجو القا�ضي �أن يكون لديهم علم �أكرث عن الأمر‪ ،‬والبد �أن ُتكتب �أ�سما�ؤهم‬
‫بوا�سطة الكاتب‪ ،‬بعد هذا فالقا�ضي يراعي حقيقة �أن الق�ضية التي يحقق فيها هي‬
‫هرطقة وهي اتهام خطري ال يجب الت�ساهل فيه‪ ،‬لأن الت�ساهل فيه هو �إ�ساءة للعظمة‬
‫الإلهية و�إ�ضرار بالإميان الكاثوليكي وبالدولة‪ ،‬فيجب �أن يح ِّقق مع ال�شهود بالطريقة‬

‫ﻋﺼ‬
‫التالية‪:‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شاهد فالن من مكان كذا‪ ،‬ا�ستدعيناه و�أق�سم‪ ،‬ومت �س�ؤاله �إن كان يعرف‬
‫ﻜﺘ‬
‫و�سئل كيف يعرفها‪ ،‬ف�أجاب ب�أنه‬ ‫فالنة (وي�سمي املتهمة)‪ ،‬و�أجاب ب�أنه يعرفها‪ُ ،‬‬
‫ر�آها وحتدث معها يف مرات عديدة‪� ،‬أو �أنهما كانا زمالء (فيحدد �سبب معرفته‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�سئل عن �سمعتها‪،‬‬ ‫و�سئل كم مدة معرفته بها‪ ،‬و�أجاب ب�أنها ع�شرة �سنوات‪ُ ،‬‬ ‫بها)‪ُ ،‬‬
‫خا�صة فيما يتعلق بالإميان‪ ،‬و�أجاب �أنه يف �أخالقها فهي امر�أة �صاحلة (�أو �سيئة)‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن بالن�سبة للإميان‪ ،‬فهناك تقرير �أن املكان الذي ت�سكنه فيه ممار�سات تعار�ض‬
‫و�سئل �إن كان قد ر�آها �أو �سمعها‬
‫ف�سئل ما هو هذا التقرير‪ ،‬و�أجاب‪ُ ،‬‬
‫الإميان كال�سحر‪ُ ،‬‬
‫ﻭ‬

‫و�سئل �أين �سمعها ت�ستخدم عبارات كهذه و�أجاب �أنه يف‬ ‫تفعل �أ�شياء كهذه و�أجاب‪ُ ،‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�سئل يف وجود من ف�أجاب يف وجود فالن وفالن‪.‬‬ ‫املكان الفالين‪ُ ،‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫و� ً‬
‫أي�ضا‪�ُ ،‬سئل �إن كان �أي من �أقرباء املتهمات مت �إحراقها من قبل بتهمة ال�سحر‪� ،‬أو‬
‫مرتبطا ب�أي �ساحرات م�شتبه فيهن و�أجاب‪،‬‬‫ً‬ ‫و�سئل �إن كان‬
‫مت اال�شتباه فيها و�أجاب‪ُ ،‬‬
‫و�سئل بخ�صو�ص ال�سبب والطريقة التي تقول بها املتهمة كلماتها و�أجاب ب�سبب كذا‬ ‫ُ‬
‫و�سئل �إن كان يظن �أن ال�سجينة ا�ستخدمت هذه الكلمات بال مباالة‬ ‫وبطريقة كذا‪ُ ،‬‬
‫وبغري ق�صد �أو تفكري‪� ،‬أو �أنها قالتها قا�صدة متعمدة و�أجاب �أنها ا�ستخدمت هذه‬
‫الكلمات على �سبيل املزح �أو �أثناء الغ�ضب‪� ،‬أو بدون �أن تعنيها �أو �أن ت�صدق مبا قالته‪،‬‬
‫�أو قالتها قا�صدة متعمدة‪.‬‬
‫‪296‬‬
‫و�سئل كيف ميكن �أن يعرف دوافع املتهمة ب�أنها مزح‪ ،‬و�أجاب �أنه يعرف هذا‬ ‫ُ‬
‫ب�سبب �أنها قالتها مع �ضحكة‪.‬‬
‫هذا �أمر يجب �أن ُيح ّقق فيه ب�شكل جاد‪ ،‬لأنه يف كثري من الأحيان ي�ستخدم‬
‫البع�ض كلمات �سيئة �أثناء الغ�ضب‪� ،‬أو كاختبار لرد فعل الآخرين‪ ،‬ويف بع�ض الأحيان‬
‫ت�ستخدم بق�صد‪.‬‬
‫ثم ُي�س�أل �إن كان قد ق ّدم �شهادته هذه بدافع الكره �أو احلقد‪� ،‬أو �إن كان قد كتم‬
‫�شي ًئا حماباة لأحد‪ ،‬و�أجاب‪� ..‬إلخ‪ ،‬و�أُ ِمر باحلفاظ على ال�سرية‪ ،‬وقد حدث هذا يف‬
‫املكان الفالين يف اليوم الفالين يف ح�ضور ال�شهود الفالنيني الذين مت ا�ستدعا�ؤهم‬

‫ﻋﺼ‬
‫وم�ساءلتهم‪ ،‬ويف وجودي �أنا كاتب العدل �أو الكاتب العادي‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هنا يجب �أن نذكر �أنه يف حتقيق كهذا ال بد من وجود خم�سة �أ�شخا�ص على‬
‫الأقل‪ ،‬حتديدً ا القا�ضي‪ ،‬ال�شاهد املبلغ‪ ،‬املتهم الذي يظهر الح ًقا‪ ،‬كاتب العدل �أو‬
‫ﻜﺘ‬
‫الكاتب العادي �إن مل يكن هناك كاتب عدل فيتعاون رجالن �صادقان ليعمال مهمة‬
‫كاتب العدل‪ ،‬وت�أتي بهما ال�سلطة الر�سولية‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫� ً‬
‫أي�ضا ال بد �أن نذكر �أنه عندما ُي�ستدعى ال�شاهد ف�إنه يجب �أن يحلف‪� ،‬أي �أنه‬
‫يجب �أن ُيق�سم بالطريقة التي و�ضحناها‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫بنف�س الطريقة ُيح ّقق مع ال�شهود الآخرين‪ ،‬وبعدها يقرر القا�ضي �إن كانت‬
‫ﻭ‬

‫اجلرمية قد مت �إثباتها ب�شكل كامل �أم ال‪ ،‬و�إن مل تكن‪ ،‬ف�إن كانت هناك داللة قوية‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�شك قوي يف حدوث اجلرمية‪ ،‬والحظ �أننا ال نتحدث عن ال�شك الب�سيط الذي قد‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يح�صل من احلد�س الطفيف‪ ،‬ولكن من تقرير متني ب�أن املتهمة قد عملت ال�سحر‬
‫على الأطفال �أو احليوانات‪� ..‬إلخ‬
‫وخاف القا�ضي من هروب املتهمة‪ ،‬فيمكن �أن يجعلها تدخل احلب�س‪ ،‬ولكن‬
‫�إذا مل يخف من ذلك‪ ،‬ميكن �أن ي�ستدعيها فقط للتحقيق‪ ،‬ولكن �إن و�ضعها يف‬
‫احلب�س �أو مل ي�ضعها‪ ،‬ال بد � ًأول �أن ي�أمر بتفتي�ش منزلها ب�شكل مفاجئ‪ ،‬و�أن ُتفتح كل‬
‫اخلزانات وال�صناديق التي يف زواياه‪ ،‬و�أن ت�ؤخذ �أي �أدوات لل�سحر‪ ،‬وبعد عمل هذا‪،‬‬
‫ال بد �أن يقارن القا�ضي بني كل �شيء مدان �أو م�شتبه به مع �أدلة ال�شهود‪ ،‬ويعمل‬
‫لهم ا�ستجوا ًبا ويكون معه كاتب العدل‪� ..‬إلخ‪ ،‬كما قلنا �أعاله‪ ،‬ويجعل املتهمة ُتق�سم‬
‫‪297‬‬
‫على الأناجيل الأربعة �أن تقول احلقيقة عن نف�سها وعن الآخرين‪ ،‬ويجب �أن ُيكتب‬
‫بالطريقة التالية‪:‬‬
‫املتهمة فالنة يف مكان كذا قد �أق�سمت وهي مت�س الأربعة �أناجيل �أن تقول‬
‫و�سئلت من �أين هي وما �أ�صلها‪ ،‬و�أجابت �أنها‬ ‫احلقيقة عن نف�سها وعن الآخرين‪ُ ،‬‬
‫و�سئلت من �أبواها‪ ،‬و�إن كانا �أحياء �أم �أموات‪ ،‬و�أجابت‬
‫من مكان كذا يف �أبر�شية كذا‪ُ ،‬‬
‫ب�أنهما �أحياء يف مكان كذا‪� ،‬أو �أموات يف مكان كذا‪.‬‬
‫و�سئلت �إن كانا قد ماتا موتة طبيعية �أم مت �إحراقهما‪ ،‬و�أجابت‪( .‬هنا الحظ �أن‬ ‫ُ‬
‫هذا ال�س�ؤال قد ُو�ضع ب�سبب �أنه كما قلنا يف اجلزء الثاين من هذا العمل‪ ،‬ال�ساحرات‬

‫ﻋﺼ‬
‫دوما يهنب �أطفالهن لل�شيطان‪ ،‬وبالتايل ف�إن ذريتهن ت�صاب بالكامل‪ ،‬وعندما يذكر‬ ‫ً‬
‫مثل‪ ،‬و ُتنكر ال�ساحرة‪ ،‬ف�إن هذا ي�ضعها حتت اال�شتباه)‬ ‫املُب ِّلغ �أن �أمها كانت �ساحرة ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�سئلت �أين ترعرعت و�أين ت�ستقر‪ ،‬و�أجابت يف مكان كذا وكذا‪ .‬و�إن ظهر �أنها‬ ‫ُ‬
‫ﻜﺘ‬
‫غريت م�سكنها فقد يكون هذا ب�سبب �أن �أمها �أو �أي من �أقربائها هم مو�ضع �شك‬
‫ويعي�شون يف مقاطعات �أجنبية‪ ،‬خا�صة يف الأماكن التي تكون فيها ال�ساحرات عادة‪،‬‬
‫و�ستتم م�ساءلتها وف ًقا لذلك‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�سئلت ملاذا انتقلت من مكان مولدها وذهبت لتعي�ش يف مكان �آخر‪ ،‬ف�أجابت‬ ‫ُ‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�سئلت �إن كانت يف هذه الأماكن املذكورة �أو يف �أي مكان �آخر �سمعت �أي‬ ‫ب�سبب كذا‪ُ .‬‬
‫كالم عن �ساحرات مثال ُيرثن العوا�صف‪� ،‬أو ي�سحرن املا�شية‪� ،‬أو ي�سلنب احلليب من‬
‫ﻭ‬

‫الأبقار‪� ،‬أو �أي من هذه الأمور التي هي متهمة بها‪ ،‬و�إن �أجابت �أنها �سمعت‪ ،‬يجب �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ُت�س�أل ما الذي �سمعته‪ ،‬وكل ما تقوله يجب تدوينه‪ ،‬ولكن �إن �أنكرت وقالت �أنها مل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ت�سمع �شي ًئا‪ ،‬عندها ُت�س�أل �إن كانت ت�ؤمن �أن هناك �شيء كال�ساحرات‪ ،‬وعن وجود‬
‫مثل �أن هذه العوا�صف ميكن �أن يثريها‬ ‫�أو �إمكانية حدوث هذه الأ�شياء املذكورة‪ً ،‬‬
‫الإن�سان و�أن احليوانات ميكن �أن ُت�سحر‪.‬‬
‫الحظ �أن ال�ساحرات يف الغالب ُينكرن هذا يف البداية‪ ،‬وبالتايل هذا يولد �ش ًكا‬
‫حلكم الق�ضاء ليقول �إن كان هناك �شيء‬ ‫�أكرب من لو �أجنب ب�أنهن يرتكن هذا الأمر ُ‬
‫مثل هذا �أم ال‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫ويجب على القا�ضي �أال ي�ؤخر الأ�سئلة‪ ،‬بل �أن يح ِّقق فيها كلها مرة واحدة مع‬
‫ال�ساحرة‪ ،‬ويجب �أن ي�س�ألها ملاذا يخاف النا�س عامة منها‪ ،‬و�إن كانت تعلم �أنها ذات‬
‫�سمعة �سيئة ومكروهة‪ ،‬وملاذا هددت ال�شخ�ص الفالين بقولها �أنت لن ُتفلت من‬
‫عقابي‪ ،‬ويجب �أن ُتكتب �إجابتها‪.‬‬
‫ويجب �أن ُت�س�أل فيما �أذاها هذا ال�شخ�ص حتى ت�ستخدم معه مثل هذه العبارات‬
‫التي تهدده بالأذية‪ ،‬والحظ �أن هذا ال�س�ؤال �ضروري للو�صول �إىل �سبب العداوة‪ ،‬لأنه‬
‫يف النهاية املتهمة �ستحتج ب�أن املُب ِّلغ قد �شهد �ضدها بدافع من العداوة ال�شخ�صية‪،‬‬
‫وهي عادة عند ال�ساحرات �أن ُيرثن العداوة �ضدهن ببع�ض الكلمات والأفعال‪ ،‬كمثال‪:‬‬
‫�شخ�صا ما �أن يقر�ضها �شي ًئا و�إال �ستُتلف له حديقته‪� ،‬أو �شيء من هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫ً‬ ‫�أن ت�س�أل‬
‫القبيل‪ ،‬حتى تخلق منا�سبة تعمل بها ال�سحر‪ ،‬وهن ُيظهرن �أنف�سهن �إما بالكلمات �أو‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الأفعال‪ ،‬لأنهن جمربات على فعل هذا ب�أمر من ال�شيطان‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لكن نالحظ �أنهن ال يعملن هذه الأ�شياء يف وجود �أنا�س �آخرين‪ ،‬لذا �إن �أراد‬
‫أي�ضا �أنهن مدفوعات من ال�شيطان‪ ،‬كما‬ ‫املُب ِّلغ �أن ُي ّعي �شاهدً ا فلن ي�ستطيع‪ .‬الحظ � ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫علمنا من كثري من ال�ساحرات الالتي مت حرقهن‪ ،‬لذلك غال ًبا ما يكن جمربات على‬
‫أي�ضا يتم �س�ؤالها كيف ميكن للتنفيذ �أن يتم بعد هذه‬ ‫عمل ال�سحر �ضد رغبتهن‪ً � .‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫التهديدات‪ ،‬مثل كيف ُي�سحر الطفل �أو احليوان بهذه ال�سرعة‪ ،‬وجتيب‪ ،‬و ُت�س�أل ملاذا‬
‫يوما من �أيام ال�صحة‪ ،‬وح�صل هذا فعال؟ وجتيب‪ .‬و�إذا‬ ‫قالت ب�أنه لن يرى �أبدً ا ً‬
‫ﻭ‬

‫�أنكرت كل �شيء يجب �أن ُت�س�أل بخ�صو�ص الأ�سحار الأخرى التي اتهمها بها ال�شهود‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الآخرين على املا�شية �أو الأطفال‪ ،‬و ُت�س�أل ملاذا متت ر�ؤيتها يف احلقول �أو يف الإ�سطبل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مع املا�شية �أو �شوهدت تلم�سهم كما هي عادتهن‪ ،‬وجتيب‪.‬‬


‫أي�ضا ُت�س�أل ما الذي‬
‫مري�ضا بعدها‪ ،‬وجتيب‪ ،‬و� ً‬
‫طفل ثم �أ�صبح ً‬ ‫و ُت�س�أل ملاذا مل�ست ً‬
‫كانت تعمله يف احلقول يف وقت العا�صفة‪ ،‬كذلك يف كل الأمور الأخرى‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا ملاذا‬
‫بينما لديها بقرة �أو اثنتني ف�إن حليبها �أكرث من جريانها الذين لديهم �أربع �أو �ست‬
‫أي�ضا يجب �أن ُت�س�أل ملاذا ُت�صر على الزنا والعالقات اجلن�سية دون زواج‪،‬‬ ‫بقرات‪ ،‬و� ً‬
‫رغم �أن هذا خارج عن املو�ضوع �إال �أن �أ�سئلة كهذه ُتدث املزيد من ال�شك عما �إذا‬
‫كانت احلالة هي حالة امر�أة �صاحلة‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫والبد �أن تتكرر م�ساءلتها عن �شهادات ال�شهود التي قالوها �ضدها‪ ،‬ل ُيعلم‬
‫�إن كانت �ستقول نف�س الإجابات �أم ال‪ ،‬وعندما يكتمل هذا التحقيق‪� ،‬سواء كانت‬
‫�إجاباتها بالنفي �أو الإيجاب‪� ،‬أو كانت �إجابات غام�ضة‪ ،‬فالبد �أن تدون‪� :‬أنه يف مكان‬
‫كذا ح�صل كذا وكذا‪� ..‬إلخ‪ ،‬كما قلنا �أعاله‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪300‬‬
‫السؤال ‪ .7‬عن توضيح الشكوك التي تتعلق‬
‫باألسئلة السابقة وهل سيتم سجن الساحرة‬

‫عن تو�ضيح ال�شكوك التي تتعلق بالأ�سئلة ال�سابقة‪ ،‬و�إن كانت املتهمة �سيتم‬
‫�سجنها‪ ،‬و�إن كانت �ستُعترب ب�شكل وا�ضح �أنها مرتكبة هرطقة ال�سحر ال�شنيعة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�س�ؤال يف البداية‪ :‬ما الذي ميكن عمله �إذا �أنكرت املتهمة كل �شيء كما يحدث‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫غال ًبا؟ وجنيب ب�أن القا�ضي لديه ثالث نقاط لي�ضعها يف اعتباره‪ ،‬حتديدً ا‪� :‬سمعتها‬
‫ال�سيئة‪ ،‬والدليل على اجلرمية‪ ،‬و�شهادة ال�شهود‪ .‬وال بد �أن يرى �إن كان هذا كله‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سيتفق مع بع�ضه �أم ال‪ ،‬ويحدث غال ًبا �أنه ال يتفق مع بع�ضه‪ ،‬لأن ال�ساحرات عادة‬
‫ُيتهمن ب�أفعال خمتلفة عملنها يف قرية واحدة‪ ،‬ولكن رمبا الأدلة على هذا كانت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�سلب منه حليبه‪،‬‬ ‫مرئية للعني‪ ،‬مثل �أن ً‬


‫طفل قد �أوذي بال�سحر‪� ،‬أو �أن حيوا ًنا ُ�سحر ُ‬
‫وجاء عدد من ال�شهود ب�أدلة‪ ،‬حتى �إن بدا فيها بع�ض التناق�ض (مثل �أن يقول واحد‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أنها �سحرت طفله‪ ،‬والآخر يقول �أنها �سحرت حيوانه‪ ،‬والثالث يقول �أنها ذات �سمعة‬
‫�سيئة‪ ،‬وهكذا)‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن مع ذلك فالكل يتفق على حقيقة واحدة وهي ال�سحر‪ ،‬و�أنه ُي�شتبه فيها �أنها‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫دليل كاف ًيا لإدانتها مبا مت ذكره عنها يف‬ ‫�ساحرة‪ ،‬ورغم �أن ه�ؤالء ال�شهود لي�سوا ً‬
‫التقرير العام كما قلنا �أعاله يف ال�س�ؤال الثالث‪� ،‬إال �أنه ب�أخذ الأدلة املرئية وامللمو�سة‬
‫على اجلرمية‪ ،‬ميكن للقا�ضي بالنظر يف النقاط الثالثة‪� ،‬أن ُيقرر ب�أن املتهمة لي�ست‬
‫فقط م�شكوك فيها (لأن مو�ضوع ال�شك �سي�شرح الح ًقا) بل هي مدانة بعمل هرطقة‬
‫ال�سحر‪� ،‬شريطة �أن يكون ال�شهود حالتهم منا�سبة ومل يعطوا دالئلهم بدافع العداوة‪،‬‬
‫و�أن عددًا كاف ًيا منهم‪ ،‬رمبا �ستة �أو ثمانية �أو ع�شرة‪ ،‬قد توافقوا حتت الق�سم‪،‬‬
‫وبالتايل وف ًقا لقانون ال�شريعة ال بد من �إخ�ضاعها للعقوبة‪� ،‬سواء اعرتفت بجرميتها‬
‫�أم ال‪.‬‬
‫‪301‬‬
‫فعندما تتفق النقاط الثالثة املذكورة �أعاله‪ ،‬ال بد �أن ت�ؤخذ املتهمة على �أنها‬
‫مدانة بالهرطقة‪ ،‬وال بد �أن نفهم �أنه من ال�ضروري �أن تتفق النقاط الثالثة‪ ،‬ولكن‬
‫هناك حاالت يكون فيها الدليل على اجلرمية قو ًيا جدً ا‪ ،‬فهذا يغطي على النقطتني‬
‫الأخريني‪.‬‬
‫وا�ضحا‪،‬‬
‫ً‬ ‫عندما ي�س�ألنا القا�ضي بكم طريقة ميكن لل�شخ�ص �أن ُيعترب مهرط ًقا‬
‫�سنجيبه ب�أن هناك ثالثة طرق‪ ،‬كما ي�شرح القدي�س برينارد (هذا الأمر مت التحدث‬
‫عنه �أعاله يف ال�س�ؤال الأول يف بداية هذا العمل)‪:‬‬
‫يب�شر ال�شخ�ص ب�شكل علني‬ ‫الطريقة الأوىل‪ :‬الدليل على اجلرمية‪ ،‬عندما ِّ‬

‫ﻋﺼ‬
‫بالهرطقة‪ ،‬ولكن هنا نحن نتحدث عن الدليل على اجلرمية التي ت�سبقها تهديدات‬
‫علنية بوا�سطة املتهمة‪ ،‬مثل عندما تقول‪� :‬أنت لن تكون لك �أيام �أخرى من ال�صحة �أو‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�شيء مثل هذا‪ ،‬ويتبع هذا �أن التهديد يح�صل‪ .‬الطريقة الثانية‪ :‬هي �أن يكون هناك‬
‫برهان �شرعي على الهرطقة بال�شهود‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫والطريقة الثالثة‪� :‬أن تعرتف على نف�سها‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ومن ثم فال�ساحرة ت�ؤخذ وتعاقب وف ًقا للقانون حتى لو �أنكرت االتهامات كلها‪.‬‬
‫وال�ساحرة امل�أخوذة بدليل على اجلرمية‪� ،‬أو ب�شهادة ال�شهود‪� ،‬إذا اعرتفت ومل تتب‬
‫ﺸﺮ‬

‫يتم ت�سليمها �إىل املحاكم العلمانية لتعاين من �أ�شد عقوبة وف ًقا لل�شريعة‪ ،‬و�إذا تابت‬
‫أي�ضا‪ ،‬كما يو�ضح هرني �أوف �سيجو�سيو يف كتاب‬ ‫ُت�سجن مدى احلياة وفقا لل�شريعة � ً‬
‫ﻭ‬

‫‪ Summa‬عندما يتحدث عن مو�ضوع الإجراءات �ضد الهرطقة‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫من الالزم �أن يتقدم القا�ضي يف �أ�سئلته ب�سرعة ويف �أخذه �شهادة ال�شهود‪ ،‬حيث‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أنه كما قيل‪ :‬ال بد �أن ي�ؤدي الأمور ب�شكل وا�ضح ويف وقت ق�صري‪ ،‬ويجب �أن ي�ضع‬
‫املتهمة يف ال�سجن � ًأول لفرتة من الوقت‪ ،‬لعدة �سنوات‪ ،‬يف حال رمبا �أنها بعد عدة‬
‫�سنوات يف ك�آبة ال�سجن ُتبط وتعرتف بجرائمها‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪302‬‬
‫السؤال ‪ .8‬هل يجب أن تُحبس الساحرة‪ ،‬وماهي‬
‫طرق أخذها‬

‫ال�س�ؤال هو‪� :‬إذا �أنكرت ال�ساحرة االتهامات‪ ،‬هل يجب �أن ُتب�س يف ال�سجن؟ �أم‬
‫�أنه يجب �أن ُترتك مت�ضي ب�ضمان حتى ميكن �أن ُت�ستدعى فيما بعد و ُت�ستجوب؟ ِعل ًما‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أنه اتفقت الثالثة نقاط املذكورة‪� :‬سمعتها ال�سيئة‪ ،‬الدليل على اجلرمية‪ ،‬و�شهادة‬
‫ال�شهود‪ ،‬ولهذا ال�س�ؤال ثالثة �آراء‪:‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫� ًأول‪ :‬ر�أى البع�ض ب�أنها يجب �أن حتب�س‪ ،‬و�أنها ال يجب �أن تخرج ب�أي �ضمان‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وهم ي�ؤمنون بهذا الر�أي بدافع من املنطق الذي جاء من ال�س�ؤال ال�سابق‪� ،‬أنها تعترب‬
‫مذنبة بو�ضوح عندما تتفق الثالثة نقاط‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�آخرين ر�أوا �أنها قبل �أن حتب�س ميكن �أن تخرج ومعها حرا�سة و�ضمانات‪ ،‬حتى‬
‫�إذا هربت ميكن �ساعتها اعتبارها مدانة‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫الر�أي الثالث‪ :‬هو عدم وجود �أي قاعدة معينة‪ ،‬ولكن ُيرتك للقا�ضي �أن يت�صرف‬
‫وفقا خلطورة الأمر كما ات�ضح له من �شهادة ال�شهود‪ ،‬و�سمعة املتهمة‪ ،‬والدليل على‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اجلرمية‪ ،‬و�إىل �أي حد اتفق ه�ؤالء مع بع�ضهم‪ ،‬ويجب �أن يتقيد بالعادة ال�سائدة يف‬
‫البلد‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وهذا الر�أي الثالث يبدو هو الأكرث منطقية‪ ،‬طاملا كانت الإجراءات متخذة‬
‫بطريقة �صحيحة‪ ،‬وهذا يكون بثالثة �أ�شياء‪:‬‬
‫أول‪� :‬أن بيتها ال بد �أن يتم تفتي�شه بدقة قدر اال�ستطاعة‪ ،‬يف كل الفجوات‬ ‫� ً‬
‫واخلزانات‪� ،‬أ�سفله و�أعاله‪ ،‬و�إذا كانت �ساحرة معروفة‪ ،‬فبدون �شك �ستوجد �أدوات‬
‫كثرية لل�سحر‪� ،‬إال �إذا كانت قد خب�أتهم من قبل‪.‬‬
‫ثان ًيا‪� :‬إن كان لديها خادمة �أو رفقاء ممن يجب �أن ي�صمتوا حتى ال تتم �إدانتهم‪،‬‬
‫فيتم ا�ستدعا�ؤهم بفر�ض �أنه ال �شيء من �أ�سرار املتهمة خمفية عنهم‪.‬‬
‫‪303‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬يف القب�ض عليها‪� ،‬إذا مت القب�ض عليها يف منزلها ال يجب �إعطا�ؤها �أي‬
‫وقت لتذهب حتى �إىل غرفتها‪ ،‬لأنهن اعتدن �أن ي�أتني ب�شيء ما ذو قوة �سحرية‬
‫َميكنهن من البقاء �صامتات خالل التحقيق‪.‬‬
‫هذا ي�ؤدي �إىل �س�ؤال‪ :‬هل الطريقة التي يعملها البع�ض يف الإم�ساك بال�ساحرات‬
‫�شرعية؟ حتديدً ا ب�أن ُترفع ال�ساحرة من الأر�ض بوا�سطة اجلنود‪ ،‬وحتمل يف �سلة �أو‬
‫فوق لوح خ�شبي‪ ،‬فال ميكنها �أن تلم�س الأر�ض‪ .‬هذا ميكن �أن جنيب عليه بر�أي علماء‬
‫ال�شريعة وبع�ض الالهوتيون‪ ،‬وهي طريقة �شرعية من ثالث نواح‪:‬‬
‫أول‪ :‬ب�سبب ما قيل يف ال�س�ؤال التقدميي لهذا اجلزء الثالث‪ ،‬وب�سبب ر�أي‬ ‫� ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫العديدين وخا�صة العلماء الذين ال يجر ؤ� �أحد �أن يناق�شهم‪ ،‬مثل‪ :‬دون �سكوتو�س‬
‫وهرني �سيجو�سيو وجودفري �أوف فوتاينز‪� ،‬أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫أي�ضا علمنا من التجربة واالعرتافات �أن ال�ساحرات عندما ي�ؤخذن بهذه‬ ‫بالباطل‪ً � .‬‬
‫الطريقة فهن يفقدن القدرة على البقاء �صامتات خالل التحقيق‪ ،‬بالطبع كثريات‬
‫ﻜﺘ‬
‫ممن مت حرقهن طلنب ب�أن يلم�سن الأر�ض حتى مرة واحدة بقدم واحدة‪ ،‬وعندما‬
‫�س�ألوهن ملاذا طلنب هذا الطلب‪� ،‬أجنب ب�أنهن �إذا مل�سن الأر�ض ميكن �أن ُيحررن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أنف�سهن‪ ،‬ب�ضرب عديد من النا�س بالرعد وقتلهم‪.‬‬


‫ثان ًيا‪ :‬ات�ضح يف اجلزء الثاين من هذا العمل �أن ال�ساحرة تخ�سر كل قوتها‬
‫ﺸﺮ‬

‫عندما تقع يف يد العدالة‪� ،‬إال �إذا ح�صلت على بع�ض القوة اجلديدة من ال�شيطان‬
‫لتبقى �صامتة‪ ،‬بالتايل دعونا نقول مع القدي�س بول�س وكل ما عملتم بقول �أو فعل‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫فاعملوا الكل با�سم الرب ي�سوع‪ ،‬و�إذا كانت ال�ساحرة بريئة‪ ،‬فهذا النوع من القب�ض‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عليها لن ي�ضرها‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬وف ًقا للعلماء من ال�شرعي �أن نواجه ال�سحر بال�سوء‪ ،‬وكلهم يتفقون على‬
‫هذا‪ ،‬رغم �أنهم يختلفون يف حالة �إن كان هذا ال�سوء غري �شرعي‪ ،‬بالتايل عندما‬
‫يقول هرني �أوف �سيجو�سيو �أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل بالباطل‪ ،‬فهو هنا‬
‫يتحدث عن الأ�شياء ال�سيئة‪ ،‬ولي�س عن الأ�شياء غري ال�شرعية‪.‬‬
‫يجب على القا�ضي �أن يالحظ �أن هناك نوعني من احلب�س‪ ،‬واحد يكون عقا ًبا‬
‫للمجرمني‪ ،‬والآخر هو فقط حب�س لأجل احلجز والإبقاء يف مكان معني‪ ،‬وهذين‬
‫النوعني مذكورين يف ال�شريعة‪ ،‬بالتايل يجب �أن ُتب�س ال�ساحرة على الأقل لأجل‬
‫‪304‬‬
‫احلجز‪ ،‬ولكن �إن كان ما اتُّهمت به هو فقط �شيء ب�سيط‪ ،‬ومل تكن لها �سمعة �سيئة‪،‬‬
‫وال يوجد دليل على عملها �ضد الأطفال �أو احليوانات‪ ،‬فبهذا ميكن �أن تعود �إىل‬
‫تعطي‬‫بيتها‪ ،‬ولكن لأنه رمبا كانت لها عالقة ب�ساحرات وتعلم �أ�سرارهن‪ ،‬فالبد �أن ِ‬
‫�ضمانات‪ ،‬و�إذا مل ميكنها �أن تفعل ذلك‪ ،‬ال بد �أن ترتبط بال َق َ�سم وبالعقوبات ب�أال‬
‫تخرج من بيتها �إال �إذا مت ا�ستدعا�ؤها‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪305‬‬
‫السؤال ‪ .9‬ما الذي يتم عمله بعد القبض عليها‪،‬‬
‫وهل يجب أن تُعلن أسماء الشهود للمتهمة‪.‬‬

‫هناك �أمران يجب عملهما بعد القب�ض عليها‪ ،‬و ُيرتك للقا�ضي ب�أيهما يبد�أ‪،‬‬
‫حتديدً ا �إمكانية ال�سماح للمتهمة ب�أن يتم الدفاع عنها‪ ،‬و�إن كان يجب �أن يتم‬

‫ﻋﺼ‬
‫التحقيق معها يف مكان التعذيب ‪-‬لي�س بال�ضرورة لأجل �أن تعذب‪ .-‬الأمر الأول‬
‫م�سموح به فقط عندما تعمل به طل ًبا مبا�ش ًرا‪ ،‬والثاين ُي�سمح به فقط عندما يكون‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫قد مت التحقيق مع خدمها ومرافقيها يف بيتها � ًأول‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إذا قالت املتهمة �أنها بريئة و�أنها اتُّهمت زو ًرا‪ ،‬و�أنها تريد �أن ترى وت�سمع من‬
‫يتهمها‪ ،‬فهذه عالمة على �أنها تريد الدفاع عن نف�سها‪ .‬وهناك �س�ؤال‪ :‬هل القا�ضي‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ملزم ب�أن يجعل ال�شهود معلومني لها ويجعلهم يواجهونها وج ًها لوجه؟ نقول �أنه ب�سبب‬
‫اخلطر الذي يقع على ال�شهود فالقا�ضي ال يلزم بهذا‪� ،‬إال �إذا عر�ضوا هم ب�أنف�سهم‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن ي�أتوا �أمامها ويعر�ضوا �شهادتهم يف وجودها‪ ،‬لأنه رغم �أن بابوات خمتلفني لديهم‬
‫�آراء خمتلفة يف هذا الأمر‪ ،‬فال �أحد منهم قال �أنه يف هذه احلالة �أن القا�ضي ملزم‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ب�أن َيعر�ض للمتهمة �أ�سماء املُب ِّلغني �أو موجهي االتهام (ولكن هنا نحن ال نتعامل مع‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حالة موجه االتهام) على العك�س‪ ،‬البع�ض يظن �أنه ال يجب �أن يفعل هذا �أبدً ا‪ ،‬بينما‬
‫�آخرين يظنون �أنه يجب �أن يعمل هذا يف ظروف معينة‪.‬‬
‫ولكن �أخ ًريا بونيفي�س الثامن فر�ض القانون التايل‪� :‬إذا ظهر للمفت�شني والأ�ساقفة‬
‫�أن هناك خطر كبري �سيقع على ال�شهود واملب ِّلغني ب�سبب قدرات الأ�شخا�ص الذين‬
‫يواجهونهم ب�شهادتهم‪ ،‬فال يجب �أن ُتعلن �أ�سما�ؤهم �أبدً ا‪ ،‬ولكن �إن مل يكن هناك‬
‫خطر‪ ،‬ف�إن �أ�سماءهم ال بد �أن ُتعلن كما يف بقية احلاالت‪.‬‬
‫هنا يجب مالحظة �أن هذا ال ي�شري فقط �إىل الأ�سقف واملفت�ش‪ ،‬ولكن لأي قا�ض‬
‫يعمل ق�ضية �ضد ال�ساحرات مبوافقة املفت�ش �أو الأ�سقف‪ ،‬لأنه كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال‬
‫‪306‬‬
‫التقدميي‪ ،‬ميكن له�ؤالء �أن يحولوا مهامهم �إىل القا�ضي‪ .‬ولذلك �أي قا�ض كهذا‪،‬‬
‫حتى لو كان مدن ًيا‪ ،‬فهو داخل يف هذا الأمر‪.‬‬
‫أي�ضا القا�ضي احلذر �سينتبه �إىل قدرات الأ�شخا�ص املتهمني‪ ،‬لأن ه�ؤالء على‬ ‫� ً‬
‫ثالثة �أنواع‪ ،‬قوة ب�سبب العائلة‪ ،‬وقوة الرثاء‪ ،‬وقوة ال�شر‪ ،‬والأخرية هي التي يجب‬
‫اخلوف منها �أكرث من الأولني‪ ،‬لأنها تهدد ال�شهود بخطر �أكرب �إذا �أُعلنت �أ�سما�ؤهم‬
‫للمتهمة‪ ،‬ومن اخلطر �أن تعلن �أ�سماء ال�شهود ملتهمة فقرية‪ ،‬لأن هذه املتهمة يكون‬
‫لديها �شركاء �أ�شرار عديدون‪ ،‬مثل اخلارجني عن القانون والقتلة‪ ،‬يكونون مرتبطني‬
‫بها‪ ،‬وه�ؤالء يخاطرون ب�أنف�سهم لإيذاء ال�شهود‪ ،‬وهذه لي�ست احلال ملا تكون املتهمة‬
‫من ن�سب نبيل �أو عائلة غنية ولديها �أمالك عديدة‪ ،‬ونوع اخلطر الذي ميكن �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫ُيخ�شى منه �شرحه البابا جون الثاين والع�شرين �أنه املوت لهم �أو لأطفالهم �أو‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أقاربهم‪� ،‬أو �ضياع ممتلكاتهم �أو مثل هذا‪.‬‬
‫أي�ضا يجب على القا�ضي �أن يالحظ �أنه عندما يت�صرف يف هذا الأمر ب�سلطة‬ ‫� ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫احلرب الأعظم وب�إذن رجال الكني�سة فهو وكل العاملني يف الق�ضية ال بد �أن ُيبقوا‬
‫�أ�سماء ال�شهود �س ًرا‪ ،‬و�إال �سيواجهون عقوبة احلظر الكن�سي‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والأوامر املذكورة �أعاله للبابا بونيفي�س الثامن تقول‪ :‬ب�سبب اخلطر الذي‬
‫يتعر�ض له موجهي االتهام وال�شهود‪ ،‬نحن ن�سمح ب�سلطة هذا القانون‪� ،‬أن الأ�سقف �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫املفت�ش (�أو كما قلنا القا�ضي) يجب �أن مينعوا كل املتعلقني بالتحقيق يف الق�ضية من‬
‫�أن ُيعلنوا �أي �أ�سرار علموها من الأ�سقف �أو املفت�شني‪� ،‬أو �سيواجهون عقوبة احلظر‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الكن�سي‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫أي�ضا يجب �أن نذكر �أنه كما �أنها �إ�ساءة ُيعاقب عليها �أن ُتك�شف �أ�سماء ال�شهود‪،‬‬
‫و� ً‬
‫أي�ضا هي �إ�ساءة �أن تخفيهم بدون �سبب جيد يف الوقت الذي من الواجب �أن يعرفهم‬ ‫ف� ً‬
‫الق�ضاة وم�ساعدوهم‪ ،‬يف هذا املو�ضوع يتحدث الأمر ال�سيادي املذكور �أعاله كما‬
‫يلي‪ :‬نحن ن�أمر ب�أنه يف جميع احلاالت‪ ،‬ف�إن الأ�ساقفة �أو املفت�شني يجب �أن يعتنوا‬
‫جدً ا ب�أال يكتموا �أ�سماء ال�شهود ك�أن هناك خط ًرا عليهم بينما هناك �أمان تام‪ ،‬وال‬
‫يجب �أن يك�شفوهم عندما يكون هناك خطر يهددهم‪ ،‬القرار يف هذا الأمر ُيرتك‬
‫ل�ضمريهم‪ ،‬ولقد ُكتب يف التعليق على هذه الكلمات‪� :‬أميا كنت يا من حتكم يف هذه‬
‫الق�ضية‪ ،‬انتبه لهذه الكلمات جيدً ا‪ ،‬لأنها ال ت�شري �إىل خماطرة ب�سيطة ولكن �إىل‬
‫‪307‬‬
‫خطر كبري‪ ،‬ال ت�سلب ال�سجني حقوقه ال�شرعية بدون �سبب جيد‪ ،‬لأن هذا ال ميكن �أن‬
‫يكون �إال �إ�ساءة للرب العظيم‪.‬‬
‫القارئ ال بد �أن يالحظ �أن كل العمليات التي و�صفناها‪ ،‬وكل التي �سن�صفها‪،‬‬
‫حتى طرق تنفيذ احلكم (ماعدا حكم املوت)‪ ،‬والتي يف نفوذ القا�ضي الكن�سي �أن‬
‫أي�ضا بالتوافق مع الأبر�شيني �أن ُت�ؤدى بوا�سطة ٍ‬
‫قا�ض مدين‪ ،‬بالتايل‬ ‫ي�ؤديها‪ ،‬ميكن � ً‬
‫فالقارئ ال يجب �أن يواجه �صعوبة يف حقيقة �أن الأمر ال�سيادي �أعاله يتحدث عن‬
‫قا�ض مدين‪ ،‬لأن الأخري ميكن �أن ي�أخذ طريقته يف تنفيذ حكم‬‫قا�ض كن�سي ولي�س ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املوت من رجال الكني�سة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪308‬‬
‫السؤال ‪ .10‬ما نوع الدفاع المسموح به‪ ،‬وهل يتم‬
‫توظيف محامين‬

‫�إذا طلب املتهم �أن يتم الدفاع عنه‪ .‬كيف ميكن �أن يحدث هذا بينما �أ�سماء‬
‫ال�شهود �س ّرية؟ هناك ثالثة اعتبارات ال بد �أن ُتالحظ يف عمل �أي دفاع‪:‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫يخ�ص�ص للمتهمة‪.‬‬ ‫� ًأول‪� :‬أن املحامي يجب �أن ّ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ثان ًيا‪� :‬أن �أ�سماء ال�شهود يجب �أال ُتك�شف للمحامي‪ ،‬حتى حتت َق َ�سمه ب�أنه‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سيكتمها‪ ،‬ولكن يجب �أن يتم �إبالغه بكل �شيء موجود يف �شهادات ال�شهود‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬املتهمة يجب �أن حت�صل بقدر الإمكان على �أي فر�صة للطعن �شريطة �أال‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حتتوي على �إ�ساءة للإميان وال �أن يكون فيها �إ�ساءة للعدالة‪ ،‬كما �سنو�ضح‪ .‬وبهذا‬
‫فمحامي ال�سجينة يجب �أن يح�صل على حرية الو�صول لكل معلومات الق�ضية‪ ،‬فقط‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أ�سماء ال�شهود تبقى خمفاة عنه‪ ،‬واملحامي ميكن �أن يت�صرف نيابة عن ال�سجينة‪.‬‬
‫ﻭ‬

‫يجب �أن نالحظ �أن املحامي يجب �أال يتم تعيينه بنا ًء على رغبة املتهمة‪ ،‬مثل �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تختار من هو املحامي الذي �سيدافع عنها‪ ،‬ولكن القا�ضي يجب �أن يعتني جدً ا ب�أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫رجل لي�س مب�شاك�س ولي�س ذا عقل �شرير‪ ،‬وال �شخ�ص ميكن ر�شوته ب�سهولة‬ ‫يعني ً‬
‫(كما هم الكثريين)‪ ،‬ولكن رجل حمرتم ال حتيط به ال�شكوك‪.‬‬
‫والقا�ضي يجب �أن يالحظ �أربعة نقاط‪ :‬يجب �أن ي�سمح للمحامي �أن يدافع ولي�س‬
‫له غري ذلك‪ ،‬فاملحامي � ًأول يجب �أن ينظر يف طبيعة الق�ضية‪ ،‬ومن ثم �إذا وجدها من‬
‫النوع العادل‪ ،‬ميكنه �أن يعمل فيها‪ ،‬لكن �إذا وجدها غري عادلة فال ُبد �أن يرف�ضها‪،‬‬
‫وال بد �أن يكون حذ ًرا من �أن ي�أخذ ق�ضية غري عادلة �أو يائ�سة‪ ،‬ولكن �إذا وافق على‬
‫موجزها ب�شكل عفوي‪ ،‬وعلى الأتعاب‪ ،‬ثم اكت�شف خالل الق�ضية �أنها ق�ضية ميئو�س‬
‫‪309‬‬
‫منها‪ ،‬فال بد عندها �أن ُيع ِّرف موكله (الذي هو املتهم) �أنه �سيرتك الق�ضية‪ ،‬وال‬
‫بد �أن يرد الأتعاب التي ا�ستلمها‪ .‬هذا هو ر�أي جودفري �أوف فونتاينز والذي هو‬
‫متفق مع ال�شريعة‪ .‬ولكن هرني �سيجو�سيو ي�ؤمن بر�ؤية خمالفة بخ�صو�ص ا�سرتجاع‬
‫الأتعاب �إذا كان املحامي قد عمل بجد‪ ،‬لكن بناء على ذلك‪ ،‬ميكن �أن ي�أخذ حمامي‬
‫بذكاء ق�ضية ليدافع فيها عن �سجني يعلم �أنه مذنب‪ ،‬لذلك يجب على املحامي �إذا‬
‫�أخذ �أي ق�ضية كهذه �أن يتحمل م�صاريفها وتكلفتها‪.‬‬
‫النقطة الثانية التي يجب �أن نالحظها هي �أنه يف دفاعه ال بد �أن يتحكم‬
‫ب�سلوكه ب�شكل جيد يف ثالث �أمور‪ً � :‬أول‪ :‬ت�صرفاته ال بد �أن تكون موجزة وخالية‬

‫ﻋﺼ‬
‫ح�ضر �أي حجج‬‫من الإطالة واخلطب الرنانة‪ .‬ثان ًيا‪ :‬ال بد �أن يلتزم باحلقيقة‪ ،‬وال ُي ِّ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بارعا‪،‬‬
‫خادعة �أو ي�ستدعي �شهود زور �أو ي�ستخدم ثغرات القانون �إذا كان حمام ًيا ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أو يعمل اتهامات م�ضادة‪ ،‬خا�صة يف الق�ضايا التي من هذا النوع‪ ،‬والتي يجب �أن‬
‫ت�ؤدى بب�ساطة وب�إيجاز قدر امل�ستطاع‪ .‬ثال ًثا‪� :‬أتعابه ال بد �أن ُتدد بنا ًء على ال�سعر‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املتعارف عليه يف املقاطعة‪.‬‬


‫ولكن لنعد �إىل نقطتنا‪ ،‬ال بد �أن يبني القا�ضي بو�ضوح هذه ال�شروط للمحامي‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ويف النهاية ين�صحه ب�أال ي�أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن هرطقة‪ ،‬مما يجله‬
‫ﻭ‬

‫ً‬
‫معر�ضا لعقوبة احلظر الكن�سي‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�صحيحا �أن يقول املحامي للقا�ضي �أنه ال يدافع عن اخلط�أ ولكن‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫اعرتا�ضا‬ ‫ولي�س‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يدافع عن ال�شخ�ص‪ ،‬لأنه ال يجب ب�أي طريقة �أن ي�ؤدي دفاعه هذا ويعطل الق�ضية من‬
‫�أن ُت�ؤ ّدى بطريقة ب�سيطة وخمت�صرة‪ ،‬ب�أن ُيقدم الكثري من التعقيدات حتى يح�صل‬
‫على ا�ستئناف‪ ،‬كل هذه الأ�شياء غري م�سموح بها‪ .‬هذا ي�ضمن �أن يجعل املحامي ال‬
‫يدافع عن خط�أ‪ ،‬لأنه يف هذه احلالة �سيكون مذن ًبا �أكرث من ال�ساحرات �أنف�سهن‪ ،‬لأنه‬
‫يجعل نف�سه وك�أنه ن�صري للهرطقة‪ ،‬وي�ضع نف�سه لي�س فقط حتت �شك عادي بل حتت‬
‫�شك قوي‪ ،‬ويجب عندها �أن ينكر الهرطقة ب�شكل علني �أمام القا�ضي‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫لقد و�ضحنا هذه النقطة ب�شيء من التطويل‪ ،‬وال يجب �أن يتم جتاهلها من‬
‫القا�ضي‪ ،‬لأن الكثري من اخلطر ميكن �أن يحدث ب�سبب الأداء غري ال�صحيح من‬
‫حمامي الدفاع �أو من النائب العام‪ .‬بالتايل‪ ،‬عندما يكون هناك �أي اعرتا�ض على‬
‫املحامي‪ ،‬فالقا�ضي يجب �أن يعفيه وي�ستمر يف الق�ضية بنا ًء على احلقائق والرباهني‪،‬‬
‫ولكن عندما يكون حمامي املتهمة لي�س معرتَ�ضا عليه‪ ،‬بل هو �شخ�ص متحم�س‬
‫للعدالة‪ ،‬فالقا�ضي ميكن �أن يخربه عندها ب�أ�سماء ال�شهود‪ ،‬حتت َق َ�سمه ب�أن يبقيها‬
‫�س ًرا‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪311‬‬
‫السؤال ‪ .11‬ما هو المسار الذي يجب أن يتخذه‬
‫محامي الساحرة عندما ال ي ُعطى أسماء الشهود‬

‫ولكن ميكن �أن ي�أتي �س�ؤال‪ :‬ما الذي يجب على حمامي املتهمة �أن يعمله عندما‬
‫ُتخ َفى عنه �أ�سماء ال�شهود وعن موكله؟ وجنيب ب�أنه يجب �أن يح�صل على املعلومات‬

‫ﻋﺼ‬
‫من القا�ضي يف كل نقطة من نقاط االتهام‪ ،‬ويجب �أن تعطى له املعلومات بناء على‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫طلبه‪ ،‬فقط �أ�سماء ال�شهود يجب �أن ُتخفى عنه‪ ،‬وبهذه املعلومات يجب �أن يذهب �إىل‬
‫املتهمة‪ ،‬و�إذا كان الأمر ينطوي على تهمة كبرية‪ ،‬يجب �أن ين�صحها ب�أن يكون لديها‬
‫ﻜﺘ‬
‫كل ال�صرب الذي ت�ستطيعه‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�إذا كانت املتهمة مرة �أخرى ت�صر على �أن تعلم �أ�سماء ال�شهود الذين �شهدوا‬
‫�ضدها ميكن �أن يجيبها املحامي كالتايل‪ :‬ميكن �أن تخمني من االتهامات التي‬
‫ﺸﺮ‬

‫وجهت �ضدك من هم ال�شهود‪ ،‬لأنه �إذا ُ�سحر طفل �أو حيوان‪� ،‬أو امر�أة �أو رجل‪ ،‬لأنهم‬
‫فقلت لهم يجب �أن تعلموا �أنه كان من الأف�ضل‬ ‫رف�ضوا �أن يعريوك �شي ًئا طلبته منهم‪ِ ،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫لكم �أن توافقوا على طلبي و�شهدوا على �أنه بناء على كلماتك مر�ض ال�شخ�ص فج�أة‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫واحلقائق �أدلة �أقوى من الكلمات‪ ،‬و�أنت تعلمني �أن لديك �سمعة �سيئة‪ ،‬وملدة طويلة‬
‫ا�شتُبه فيك ب�إلقاء التعاويذ و�إيذاء عديد من النا�س‪ ،‬وبالتحدث بهذه الطريقة ميكن‬
‫�أن يحثها لتعرف من الذي ميكن �أن يكون قد �شهد �ضدها‪ ،‬ورمبا تقول له �أنا �أعرتف‬
‫ب�أنني قلت ذلك‪ ،‬ولكن لي�س بنية �أن �أ�ضر �أحدً ا‪.‬‬
‫بالتايل فاملحامي ال بد � ًأول �أن ي�ضع �أمام القا�ضي وم�ساعديه االدعاء بالعداوة‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬والقا�ضي يجب �أن يحقق فيه‪ ،‬ف�إذا وجد �أنه لي�س هناك دليل على �أن‬
‫الأطفال �أو احليوانات قد �سحروا‪ ،‬ولي�س هناك �شهود �آخرون‪ ،‬واملتهمة لي�ست ممن‬
‫‪312‬‬
‫ُي�شتبه به من العامة �أنها تعمل بال�سحر‪ ،‬يف هذه احلالة من املفرت�ض �أن ه�ؤالء ال�شهود‬
‫قد �شهدوا �ضدها بدافع من الث�أر والعداوة ال�شخ�صية‪ ،‬و�سيتم تربئتها وحتريرها‪،‬‬
‫بعد �أن يتم حتذيرها من �أن حتاول �أن تث�أر لنف�سها‪ ،‬كما هي عادة الق�ضاة‪.‬‬
‫الق�ضية التالية ميكن �أن نذكرها كمثال‪ :‬طفل كاثرينا‪� ،‬أو كاثرينا نف�سها‪ ،‬قد‬
‫ُ�سحرت‪� ،‬أو خ�سرت كث ًريا من ما�شيتها‪ ،‬وهي ت�شتبه يف املتهمة لأن زوج املتهمة قد‬
‫اتهم زوج كاترينا من قبل‪ ،‬فهنا �سبب العداوة مزدوج‪ ،‬لأنها ُ�سحرت ولأن هناك‬
‫اتهامات ظاملة �ضد زوجها‪ .‬فهل هذه ُترف�ض �شهادتها �أم ال؟ هناك وجهة نظر تقول‬
‫�أنها يجب �أن ُترف�ض‪ ،‬لأنها اتًهمت بدافع العداوة‪ ،‬ووجهة نظر �أخرى تقول �أنها ال‬
‫ترف�ض‪ ،‬لأنه رمبا هناك دليل على �أنها ُ�سحرت‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وجنيب ب�أنه يف هذه احلالة لي�س هناك �شهود �آخرون‪ ،‬واملتهمة لي�ست حتى من‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عموما‪ ،‬وبالتايل ف�شهادة كاثرينا ال ميكن �أن تقبل‪ ،‬ويجب �أن ُترف�ض‪،‬‬
‫امل�شتبه فيهن ً‬
‫ولكن �إذا �أ�صبحت املتهمة م�شتب ًها فيها‪ ،‬و�إذا كان املر�ض لي�س ب�سبب طبيعي بل‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�سبب ال�سحر (و�سنو�ضح الح ًقا كيف ميكن �أن منيز هذا)‪ ،‬فيجب �إخ�ضاعها �إىل‬
‫التطهري الكن�سي‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫و�إن �أعطى ال�شهود معلومات فقط على �شخ�صية املتهمة ال�سيئة بدون دليل على‬
‫اجلرمية‪ ،‬فالقا�ضي يجب �أن يرف�ض ه�ؤالء ال�شهود ب�سبب العداوة ال�شخ�صية‪� ،‬إال‬
‫ﺸﺮ‬

‫دليل من كالمهم على �سوء �شخ�صيتها على �أن املتهمة ميكن �أن‬ ‫�أنه يجب �أن ي�أخذ ً‬
‫يكون م�شتب ًها فيه ب�شدة‪ ،‬وعلى هذه الأر�ضية ميكن �أن يحكم عليها بعقاب ثالثي‪:‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حتديدً ا التطهري الكن�سي ب�سبب �سمعتها‪� ،‬أو بالترب�ؤ ب�سبب ال�شك الكبري الذي �أثري‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�ضدها‪ ،‬وهناك �أنواع عديدة من الترب�ؤ على درجات عديدة من ال�شك‪ ،‬كما �سنو�ضح‬
‫يف الطريقة الرابعة من طرق تنفيذ احلكم‪.‬‬
‫و�إذا اعرتفت بجرميتها وندمت‪ ،‬ال يتم ت�سليمها �إىل الفرع املدين لتنفيذ عقوبة‬
‫الإعدام‪ ،‬ولكن ُيح َكم عليها بوا�سطة القا�ضي الكن�سي بال�سجن مدى احلياة‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم من حقيقة �أنه مت احلكم عليها بال�سجن مدى احلياة بوا�سطة القا�ضي‬
‫الكن�سي‪ ،‬فالقا�ضي املدين ميكنه ب�سبب الأ�ضرار التي عملتها �أن ي�سلمها �إىل احلرق‪،‬‬
‫ولكن كل هذه الأمور �ستو�ضح ب�شكل كامل عندما نتحدث عن الطريقة ال�ساد�سة من‬
‫طرق تنفيذ احلكم‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫ولنجمع ما قيل‪ :‬يجب على القا�ضي � ًأول‪� :‬أن يحذر �أال ُي�صدق املحامي ب�سهولة‬
‫عندما ي ّدعي وجود عداوة �شخ�صية �ضد املتهمة‪ ،‬لأنه يف هذه احلاالت ناد ًرا ما‬
‫دوما‬
‫ي�شهد �أحد �ضد �ساحرة بدون �أن تكون عنده عداوة �شخ�صية‪ ،‬لأن ال�ساحرة ً‬
‫مكروهة من كل �أحد‪ .‬ثان ًيا‪ :‬يجب �أن يالحظ �أن هناك �أربعة طرق ميكن �أن تدان بها‬
‫ال�ساحرة‪ ،‬بال�شهود‪� ،‬أو با�شتباه ذو �سند قوي‪� ،‬أو بدليل مبا�شر �أو غري مبا�شر على‬
‫احلقائق‪ ،‬ولهذه الأ�سباب ميكن لل�شك �أن يكون قو ًيا �أو ً‬
‫ب�سيطا �أو خط ًريا‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬يجب على القا�ضي �أن ي�ستخدم كل الظروف املذكورة �أعاله ليواجه التما�س‬
‫املحامي ويجيب على ادعاءات املحامي عن العداوة ال�شخ�صية‪ ،‬والذي هو �أول خط‬

‫ﻋﺼ‬
‫دفاع ميكن للمحامي �أن مي�ضي فيه‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن عندما يتخذ املحامي اخلط الثاين من الدفاع‪ ،‬ويعرتف ب�أن املتهمة قد‬
‫ﻜﺘ‬
‫ا�ستخدمت بالفعل كلمات �ضد ال�شهود مثل‪� :‬أنت �ستعلم قري ًبا ما الذي �سيحل بك‪،‬‬
‫�أو �أنت �ستتمنى قري ًبا جدً ا لو �أنك �أقر�ضتني �أو بعتني ما طلبته منك‪� ،‬أو كلمات مثل‬
‫هذه‪ ،‬ويقول �أنه على الرغم من �أن ال�شهود بعد هذه الكلمة قد ح�صل لهم �أذى �أو‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ملمتلكاتهم‪� ،‬إال �أن هذا لي�س ب�سبب �أن املتهمة عملته ك�ساحرة‪ ،‬لكن لأن الأمرا�ض‬
‫ﺸﺮ‬

‫تكون لها عدة �أ�سباب‪ ،‬ويقول � ً‬


‫أي�ضا �أنها عادة عند الن�ساء �أن يت�شاجروا م ًعا بكلمات‬
‫مثل هذه‪� ..‬إلخ‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫والقا�ضي يجب �أن يجيب على هذه االدعاء بالطريقة التالية‪� :‬إذا كان املر�ض‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ب�سبب طبيعي‪ ،‬فاحلجة جيدة‪ ،‬ولكن الدليل ي�شري �إىل العك�س‪ ،‬لأنه مر�ض ال ميكن‬
‫عالجه بالأدوية العادية‪� ،‬أو يف ر�أي الأطباء املر�ض ح�صل ب�سبب ال�سحر‪� ،‬أو كما‬
‫هو متعارف عليه يف الكالم ال�شعبي �أنه ح�صل ب�سبب نظرة ليلية �ساخطة‪� ،‬أو �أنَّ‬
‫هناك ر�أ ًيا ل�ساحرة �أخرى �أن هذا ح�صل ب�سبب ال�سحر‪� ،‬أو ب�سبب �أن املر�ض قد جاء‬
‫فج�أة بدون �أي ابتداء‪ ،‬بينما الأمرا�ض الطبيعية حتدث بالتدريج‪� ،‬أو رمبا ب�سبب‬
‫�أن املدعي وجد بع�ض �أدوات ال�سحر حتت �سريره �أو يف مالب�سه �أو يف مكان �آخر‪،‬‬
‫وعندما �أزالها ذهب عنه املر�ض وعاد �إىل �صحته‪ ،‬كما يحدث دائ ًما‪ ،‬كما قلنا يف‬
‫اجلزء الثاين من هذا الكتاب عندما حتدثنا عن العالجات‪ .‬وبهذه الإجابة ميكن‬
‫‪314‬‬
‫للقا�ضي ب�سهولة �أن يواجه االدعاءات‪ ،‬ويقول ب�أن املر�ض هو ب�سبب ال�سحر ولي�س‬
‫ب�سبب طبيعي‪ ،‬و�أن املتهمة ال بد �أن ي�شتبه فيها �أنها عملت هذا ال�سحر ب�سبب كلماتها‬
‫املهدِّ دة‪ .‬بنف�س الطريقة �إذا قال �أحد‪� :‬أنا �أمتنى �أن ُيحرق �أطفالك ويحدث هذا ً‬
‫فعل‬
‫بعد ذلك‪ ،‬فهذا �سيثري �ش ًكا كب ًريا جدً ا �أن ذلك ال�شخ�ص الذي هدد هو الذي ت�سبب‬
‫�شخ�صا �آخر هو الذي �أ�شعل النار‪.‬‬
‫ً‬ ‫يف حرقهم‪ ،‬حتى لو �أن‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪315‬‬
‫السؤال ‪ .12‬الكشف عن مزيد من التفاصيل عن‬
‫كيفية التحقيق في سؤال العداوة الشخصية‬

‫الحظ �أنه فقط الأعداء ال�شخ�صيني هم املمنوعون من �إعطاء الأدلة‪ ،‬كما‬


‫و�ضحنا يف ال�س�ؤال اخلام�س‪ ،‬ولكن القا�ضي ميكن �أن يعترب بكالمهم لي�صل �إىل قرار‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�ش�أن هذه العداوة‪ ،‬ولكن القا�ضي يجب �أن ي�ستخدم طر ًقا �أخرى ليقرر احلقيقة‬
‫بخ�صو�ص ادعاء العداوة‪ ،‬حتى ال يعاقب الربيء‪ ،‬بل ينفذ العدل على املذنب‪ .‬ورغم‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن هذه الطرق رمبا تكون لها نكهة املكر �أو حتى اخلديعة‪� ،‬إال �أن القا�ضي ميكن �أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫ي�ستخدمها لأجل �صالح الإميان و�صالح الدولة‪ ،‬لأنه حتى القدي�س بول�س يقول‪� :‬أنا مل‬
‫ً‬
‫حمتال �أخذتكم مبكر‪.‬‬ ‫�أثقل عليكم‪ ،‬لكن �إذ كنت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أول طريقة هي‪ :‬يتم �إعطاء املتهمة �أو حماميها ن�سخة من الق�ضية ب�أ�سماء‬
‫ال�شهود واملُب ِّلغني‪ ،‬ولكن لي�س بالرتتيب الذي �شهدوا به عند القا�ضي‪ ،‬ولكن برتتيب‬
‫�أن ا�سم ال�شاهد املكتوب � ًأول يف الن�سخة هو يف احلقيقة ال�شاهد ال�ساد�س �أو ال�سابع‬
‫ﺸﺮ‬

‫الذي �شهد يف اجلدول‪ ،‬بينما ترتيب �شهاداتهم يبقى كما هو‪ ،‬بهذه الطريقة �ستنخدع‬
‫ﻭ‬

‫املتهمة وال تعرف من الذي �شهد مباذا‪ ،‬وبعدها �إما �أنها �ستقول �أنهم كلهم �أعدا�ؤها‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أو ال‪ ،‬و�إن قالت �أن كلهم �أعدا�ؤها‪� ،‬سيتم ك�شفها �أنها تكذب عندما يح ّقق يف �سبب‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫العداوة بوا�سطة القا�ضي‪ ،‬و�إذا �سمت واحدً ا فقط‪� ،‬سيكون �سبب العداوة �أ�سهل يف‬
‫التحقيق على القا�ضي‪.‬‬
‫عطى املحامي ن�سخة من الق�ضية‪ ،‬ون�سخة �أخرى‬ ‫الطريقة الثانية م�شابهة‪ُ :‬ي َ‬
‫منف�صلة فيها �أ�سماء ال�شهود‪ ،‬ولكن ي�ضيف القا�ضي �أمو ًرا �أخرى ار ُتكبت بوا�سطة‬
‫ال�ساحرة يف مكان �آخر‪ ،‬ومل ُتذكر بوا�سطة ال�شهود‪ ،‬وبالتايل فاملتهمة لن تكون قادرة‬
‫على �أن تقول بالتحديد �أن هذا �أو ذاك هو عدوها ال�شخ�صي‪ ،‬لأنها ال تعلم مباذا‬
‫�شهدوا �ضدها‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫الطريقة الثالثة مت�س ال�س�ؤال اخلام�س �أعاله‪� :‬أن املتهمة يف نهاية اال�ستجواب‬
‫الثاين لها‪ ،‬وقبل �أن تطلب �أن يتم الدفاع عنها من حمامي‪ُ ،‬ت�س�أل �إن كانت تظن‬
‫�أن لها �أي �أعداء �شخ�صيني ال يخافون من الرب‪ ،‬ويتهمونها كذ ًبا بجرمية الهرطقة‬
‫وال�سحر‪ ،‬عندها رمبا بدون �أن تفكر وبدون �أن ترى �شهادات ال�شهود �ستجيب ب�أنها‬
‫ال تظن �أن لديها �أعداء من �أي نوع‪ ،‬عندها ال ميكن �أن ت�ستخدم طريقة العداوة‬
‫ال�شخ�صية‪.‬‬
‫الطريقة الرابعة‪ :‬هي �أنه يف نهاية اال�ستجواب الثاين (كما عر�ضنا يف ال�س�ؤال‬
‫ال�ساد�س)‪ ،‬قبل �أن تعطى �أي فر�صة للدفاع‪ ،‬يجب �أن ُت�س�أل عن ال�شهود الذين رموها‬

‫ﻋﺼ‬
‫باالتهامات الأخطر‪ ،‬ويكون ال�س�ؤال بهذه الطريقة‪ :‬هل تعلمني فالن وفالن؟ ون�سمي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لها �أ�سماء ال�شهود‪ ،‬وعندها �ستجيب �إما بنعم �أو ال‪ ،‬ف�إن قالت ال‪ ،‬لن ت�ستطيع بعدها‬
‫يف �أثناء الدفاع �أن تدعي �أن هناك عداوة �شخ�صية معهم‪ ،‬لأنها قالت حتت الق�سم‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنها ال تعرفهم‪ ،‬ولكن �إن قالت نعم‪ ،‬يجب �أن ُت�س�أل �إن كانت تعرف �إن كان يت�صرفوا‬
‫بطريقة خمالفة للدين امل�سيحي على طريقة ال�ساحرات‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ف�إذا قالت نعم‪ ،‬لأنهم فعلوا كذا وكذا‪ ،‬يجب �أن ُت�س�أل �إن كان فالن منهم هو‬
‫ﺸﺮ‬

‫مثل‪ ،‬وبالتايل لن ميكنها بعد ذلك �أن‬ ‫�صديقها �أم عدوها‪ ،‬و�ستجيب ب�أنه �صديقها ً‬
‫تدعي وتقول حتت الق�سم من خالل حماميها ب�أن هناك عداوة �شخ�صية معه‪ ،‬لأنها‬
‫ﻭ‬

‫قالت حتت الق�سم �أنه �صديقها‪ ،‬ولكن �إذا �أجابت ب�أنها ال تعرف �شي ًئا عنه‪� ،‬سيبدو‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫عقي ًما بعد ذلك �أن تدعي العداوة من �شخ�ص ال تعرف عنه �شي ًئا‪ .‬ورمبا تقول �أنا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�صديقته‪ ،‬ولكن �إن كنت �أعلم �أي �شيء عنه ف�أنا لن �أبوح به‪ ،‬بالتايل لن تكون قادرة‬
‫بعد ذلك �أن تدعي �أنه عدوها ال�شخ�صي‪� ،‬أو رمبا هي من البداية �ستدعي وجود‬
‫عداوة �شخ�صية‪ ،‬ويف هذه احلالة يجب �أن ُيعطى التما�س املحامي بع�ض الت�صديق‪.‬‬
‫الطريقة اخلام�سة‪ :‬هي �أن ُيعطى املحامي �أو املتهمة ن�سخة من الق�ضية‪ ،‬ب�أ�سماء‬
‫�صحيحا‪ ،‬وتعرف‬
‫ً‬ ‫املُب ِّلغني حمذوفة‪ ،‬وبالتايل �ستخمنها املتهمة‪ ،‬وعادة تخمينها يكون‬
‫من الذي قال ماذا �ضدها‪ .‬وعندها �إذا قالت فالن وفالن هما �أعداء �شخ�صيني‪،‬‬
‫و�أنا �أرغب �أن �أثبت ذلك ب�شاهد‪ ،‬عندها يجب �أن يعترب القا�ضي �إن كان ال�شخ�ص‬
‫‪317‬‬
‫املذكور ا�سمه هو نف�س ال�شخ�ص املذكور يف اجلدول‪ ،‬ومبا �أنها قالت �أنها راغبة يف‬
‫�إثبات هذا ب�شاهد‪� ،‬سيحقق مع هذا ال�شاهد ليعرف �سبب العداوة‪ ،‬و�إذا وجد �أ�سبا ًبا‬
‫كافية للعداوة ال�شخ�صية‪� ،‬سريف�ض الدليل ويحرر ال�سجينة‪� ،‬إال �إذا كانت هناك‬
‫اتهامات خطرية �أخرى �ضدها‪� ،‬أق�سم عليها �شهود �آخرون‪.‬‬
‫والطريقة اخلام�سة عادة ما ت�ستخدم‪ ،‬و ُوجد يف املمار�سة �أن ال�ساحرة تخمن‬
‫ب�سرعة من الن�سخة التي �أمامها من هو الذي قال املعلومات املعينة عنها‪ ،‬وب�سبب‬
‫�أنه يف هذه الق�ضايا العداوة ال�شخ�صية ناد ًرا ما توجد �إال �إذا كانت ب�سبب �أعمال‬
‫ال�ساحرة الفا�سدة‪ ،‬بالتايل فالقا�ضي ميكن �أن ي�صل ب�سهولة �إىل قرار‪ً � .‬‬
‫أي�ضا ال بد‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أن نالحظ �أنه عادة املُب ِّلغني يرغبون يف مواجهة ال�ساحرة �شخ�ص ًيا‪ ،‬ويتهمونها يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وجهها بال�سحر الذي عملته عليهم‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال تزال هناك طريقة واحدة باقية‪ ،‬هي املالذ الأخري للقا�ضي‪ ،‬ف�إذا َوجد بالطرق‬
‫ال�سابقة �أنه ال توجد عداوة �شخ�صية بني املتهم وال�شهود‪ ،‬ولكنه يريد �أن يزيل‬
‫متاما وبا�ست�شارة م�ساعديه‪ ،‬فعليه �أن يت�صرف‬ ‫كل �أر�ضية لل�شكوك بحل ال�س�ؤال ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يعطي املتهمة �أو ملحاميها ن�سخة من الق�ضية‪ ،‬و�أ�سماء ال�شهود فيها‬


‫كالتايل‪ :‬يجب �أن ِ‬
‫ﺸﺮ‬

‫حمذوفة‪ ،‬و�سيكون دفاعها عادة ب�أن لديها �أعداء �شخ�صيني‪ ،‬ورمبا �ست ّدعي �أ�سبا ًبا‬
‫عديدة للعداوة‪ ،‬و�سواء اتفقت احلقائق مع كالمها �أم مل تتفق‪ ،‬فيجب على القا�ضي‬
‫ﻭ‬

‫رجال متعلمني �أ�صحاب �سمعة جيدة‪ ،‬وجنعلهم يقر�ؤون الق�ضية كاملة‬ ‫�أن ي�ستدعي ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫من �أولها �إىل �آخرها من �سجل كاتب العدل �أو الكاتب العادي‪ ،‬ونك�شف لهم �أ�سماء‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�شهود حتت ق�سمهم بالتزام ال�سرية‪ ،‬وعلى القا�ضي �أن ي�س�ألهم �إن كانوا �سيلتزمون‬
‫بهذا الق�سم‪ ،‬لأنه �إن مل يكونوا �سيلتزمون‪ ،‬فعليه �أال يك�شف لهم الأ�سماء‪.‬‬
‫ثم على القا�ضي �أن يخربهم كيف ح ّقق مع فالن وفالن يف مو�ضوع العداوة‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬وكيف �أنه مل ي�ستطع �أن يجد احلقيقة‪ .‬وهناك �أ�سلوبني ميكن �أن ُيتبعا‪،‬‬
‫�إما �أن يقرروا بينهم بالت�شاور �إذا كان الدليل الذي قدمه �أي �شاهد من ال�شهود‬
‫�س ُيقبل �أو ُيرف�ض كدليل على العداوة ال�شخ�صية‪� ،‬أو يختاروا �أربعة �أو خم�سة‬
‫�أ�شخا�ص لديهم معرفة كبرية يف القرية ب�أي �صداقة �أو عداوة بني املُب ِّلغ واملتهمة‪،‬‬
‫‪318‬‬
‫و ُتك�شف له�ؤالء الأ�شخا�ص �أ�سماء املتهمة واملُب ِّلغ فقط‪ ،‬وال ُتك�شف لهم املعلومات التي‬
‫متاما‬
‫�شهد بها ال�شهود‪ ،‬و ُيرتك احلكم لهم يف النهاية‪ .‬هكذا َيحمي القا�ضي نف�سه ً‬
‫ويحرر نف�سه من �أي �شكوك �سيئة‪ ،‬ويلتزم ب�أن يعمل هذه الطريقة الأخرية عندما‬
‫ُيقب�ض على املتهمة يف بلد �أو قرية �أجنبية‪ .‬هذه الطرق �ستكفي للتحقيق يف �س�ؤال‬
‫العداوة ال�شخ�صية‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪319‬‬
‫السؤال ‪ .13‬عن النقاط التي يجب أن يراقبها‬
‫القاضي قبل التحقيق األولي في مكان التعذيب‬

‫العدالة العامة تقت�ضي �أال ُيحكم باملوت على �أي �ساحرة �إال �إذا �أُدينت بجرميتها‬
‫باعرتافها اخلا�ص‪ ،‬ونحن نتحدث عن حالة �ساحرة حمكوم عليها بالهرطقة‬

‫ﻋﺼ‬
‫الوا�ضحة لواحد من الأ�سباب املذكورة يف ال�س�ؤال الأول‪ ،‬حتديدً ا الدليل املبا�شر �أو‬
‫غري املبا�شر على اجلرمية‪� ،‬أو ال�شهادة ال�شرعية لل�شهود‪ ،‬ويف هذه احلالة ال بد �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫تتعر�ض لال�ستجواب والتعذيب حتى ي�ؤخذ منها االعرتاف بجرائمها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وا�ضحا �سن�ست�شهد بق�ضية حدثت يف �سبايرز وعرفها الكثريون‪:‬‬ ‫وحتى يكون الأمر ً‬
‫كان هناك رجل �صالح يت�ساوم مع امر�أة‪ ،‬وال يخ�ضع لل�سعر الذي تطلبه يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�سلعة معينة‪ ،‬فقالت له بغ�ضب‪� :‬أنت �ستتمنى قري ًبا �أنك قد وافقت‪ .‬لأن ال�ساحرات‬
‫عادة ي�ستخدمن هذه الطريقة يف الكالم‪� ،‬أو �شيء مثل هذا عندما ُيردن �أن ي�سحرن‬
‫ﺸﺮ‬

‫�شخ�صا بالنظر �إليه‪ .‬ثم وبغ�ضب نظر �إليها الرجل من وراء كتفه لريى ب�أية نية‬ ‫ً‬
‫تلفظت بهذه الكلمات‪ ،‬وفج�أة مت �سحره حتى �أ�صبح فمه م�شدودًا من الناحيتني �إىل‬
‫ﻭ‬

‫�أذنيه يف ت�شوه مريع‪ ،‬ومل يتمكن من �إعادته‪ ،‬وبقي م�شوها ملدة طويلة‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫نحن نذكر هذه الق�ضية لأن هذا الرجل قد مت تقدميه للقا�ضي على �أنه دليل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مبا�شر على اجلرمية‪ ،‬وهناك �س�ؤال‪ :‬هل هذه املر�أة يجب �أن يقب�ض عليها بهذا‬
‫ال�سحر الوا�ضح؟ �سنجيب من كلمات القدي�س برينارد‪� ،‬أن هناك ثالثة طرق ميكن‬
‫�أن يقب�ض على ال�شخ�ص ب�سببها للحكم عليه‪ ،‬ويجب �أن تتفق الثالثة طرق يف‬
‫الإ�شارة ل�شيء واحد‪ ،‬وهم حتديدً ا‪ :‬الدليل على اجلرمية‪� ،‬شهادة ال�شهود‪ ،‬اعرتافه‬
‫على نف�سه‪.‬‬
‫والدليل غري املبا�شر على اجلرمية يختلف عن الدليل املبا�شر‪ ،‬لأنه لي�س قاط ًعا‪،‬‬
‫ويكون م� ً‬
‫أخوذا من كلمات �أو �أفعال ال�ساحرات‪ ،‬كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال ال�سابع‪ ،‬وهو‬
‫‪320‬‬
‫يخت�ص بال�سحر الذي لي�س �سريعا جدً ا يف ت�أثريه‪ ،‬بل يكون هناك وقت معني من‬
‫�ساعة التلفظ بكلمة التهديد حتى حدوث الت�أثري‪.‬‬
‫ولكن ما نتحدث عنه الآن هو‪ :‬ما الفعل الذي يجب �أن يعمله القا�ضي؟ وكيف‬
‫يتقدم �إىل ا�ستجواب املتهمة با�ستخدام التعذيب ال�ستخراج املعلومات منها حتى‬
‫ميكنه �أن ُينفذ عليها حكم املوت‪.‬‬
‫وب�سبب امل�شاكل الكبرية التي �سب ّبها �صمت ال�ساحرات وعنادهن‪ ،‬هناك نقاط‬
‫عديدة على القا�ضي �أن يالحظها‪ ،‬و�سنتحدث عنها يف عدة فقرات‪.‬‬
‫�أولها �أنه يجب �أال يكون �سري ًعا جدً ا يف �إخ�ضاع ال�ساحرة لال�ستجواب‪� ،‬إال �إذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أخ�ضع الرب قوة ال�شيطان عن طريق مالك مقد�س ليوقف دعمه لل�ساحرة‪ ،‬و�إال‬
‫لن ت�شعر ب�آالم التعذيب حتى لو ُق ِّطعت �أطرافها طر ًفا طر ًفا فلن تقول �أي حقيقة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولي�ست كل ال�ساحرات ميلكن نف�س القدرة على ال�صمت‪ ،‬فال�شيطان يف بع�ض‬
‫ﻜﺘ‬
‫الأحيان برغبته ي�سمح لهن ب�أن يعرتفن بجرميتهن بدون �أن يتم �إخ�ضاعه بوا�سطة‬
‫مالك مقد�س‪ ،‬ولأجل فهم هذا فالقارئ ال بد �أن يرجع �إىل ما متت كتابته يف اجلزء‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الثاين من هذا العمل فيما يتعلق بالبيعة التي يعملنها لل�شيطان‪.‬‬


‫لأن هناك البع�ض منهن يح�صلن من ال�شيطان على فرتة �ست �أو ثماين �أو ع�شر‬
‫ﺸﺮ‬

‫وروحا‪،‬‬
‫�سنوات قبل �أن يعطني له البيعة‪� ،‬أي قبل �أن ُيخل�صن �أنف�سهن له ج�سدً ا ً‬
‫بينما هناك �أخريات عندما يترب�أن من الإميان لأول مرة‪ُ ،‬يعطني البيعة له يف نف�س‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الوقت‪ .‬وال�سبب الذي يجعل ال�شيطان ي�سمح بهذه الفرتة من الوقت لبع�ضهن هو �أنه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫خالل هذا الوقت ميكنه �أن يعرف �إذا كانت ال�ساحرة التي �أنكرت الإميان قد �أنكرته‬
‫ب�شفتيها فقط �أم بقلبها � ً‬
‫أي�ضا‪.‬‬
‫لأن ال�شيطان ال ي�ستطيع �أن يعرف الأفكار الداخلية للقلب �إال التي تظهر على‬
‫االنطباعات اخلارجية‪ ،‬كما قلنا يف اجلزء الأول من هذا العمل عندما حتدثنا عن‬
‫�س�ؤال؛ هل ال�شيطان ميكن �أن ُيحول عقول الرجال �إىل الكره �أو احلب؟ والعديدات‬
‫مت �إغوا�ؤهن بوا�سطة �ساحرات �أخريات ب�سبب الفقر‪ ،‬ممن اعرتفن لأجل احل�صول‬
‫على الغفران‪ ،‬و ُكنّ قد �أنكرن الإميان كل ًيا �أو جزئ ًيا‪ .‬وه�ؤالء هن الالتي يهجرهن‬
‫مالك مقد�س‪ ،‬وبالتايل يعرتفن بجرميتهن ب�سهولة‪،‬‬ ‫ال�شيطان بدون �أي �إخ�ضاع من ٍ‬
‫‪321‬‬
‫بينما الأخريات من الالتي ارتبطن يف قلوبهن بال�شيطان‪ ،‬فهن حمميات بقدرته‬
‫ويحافظن بعناد على ال�صمت‪.‬‬
‫وهذا يعطي �إجابة وا�ضحة عن �س�ؤال كيف �أن هناك �ساحرات يعرتفن ب�سهولة‬
‫و�أخريات ال يفعلن هذا ب�أي طريقة‪ .‬ويف احلالة الأوىل‪ ،‬عندما ال يخ�ضع ال�شيطان‬
‫متاما‪ ،‬لكنه يحب �أن ُيو�صلهن �إىل الي�أ�س‬‫مالك مقد�س‪ ،‬فهو ال يهجرهن ً‬ ‫بوا�سطة ٍ‬
‫عن طريق التعا�سة امل�ؤقتة واخلوف من املوت املر ّوع‪ ،‬ه�ؤالء يكون ال�شيطان غال ًبا‬
‫مل يح�صل على قلوبهن وميتلكها بعد‪ .‬لأنه وا�ضح من اعرتافاتهن التائبة �أنهن مل‬
‫طوعا مبح�ض �إرادتهن‪ ،‬ولكنه �أُجربهن على عمل ال�سحر‪.‬‬ ‫يخ�ضعن لل�شيطان ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبع�ضهن بعد �أن يعرتفن بجرائمهن‪ ،‬يحاولن �أن ينتحرن بخنق �أو �شنق �أنف�سهن‪.‬‬
‫وهن ي�صلن �إىل فعل هذا بوا�سطة العدو ال�شيطان‪ ،‬خ�شية منه �أن يح�صلن على‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املغفرة خالل االعرتاف التائب‪ .‬هذا يحدث ب�شكل �أ�سا�سي يف حالة ه�ؤالء الالتي‬
‫طوعا � ً‬
‫أي�ضا بعد‬ ‫طوعا لل�شيطان‪ ،‬رغم �أنه ميكن �أن يحدث للتابعات ً‬ ‫ل�سن تابعات ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن يعرتفن بجرائمهن‪ ،‬لكن عندها �سيكون اعرتافهن ب�سبب �أن ال�شيطان مت �إجباره‬
‫على هجر ال�ساحرة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫خ�ضع �ساحرة‬ ‫يف اخلتام ميكن �أن نقول �أنه من ال�صعب‪� ،‬أو من ال�صعب جدً ا‪� ،‬أن ُت ِ‬
‫�شخ�ص ملبو�س‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لتقول احلقيقة‪ ،‬هذا مثل �صعوبة �أن تطرد الروح ال�شريرة من‬
‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪322‬‬
‫السؤال ‪ .14‬عن طريقة الحكم على الساحرة‬
‫باالستجواب والتعذيب‪.‬‬

‫عن طريقة احلكم على ال�ساحرة باال�ستجواب والتعذيب‪ :‬وكيف يجب �أن يتم‬
‫ا�ستجوابها يف اليوم الأول‪ ،‬وهل يجب �أن يتم وعدها ب�أنها �ستعي�ش‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫القا�ضي يجب �أن ينطق حكمه بالطريقة التالية‪:‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ح�ضرنا وح ّققنا يف تفا�صيل الق�ضية �ضدك‬ ‫نحن‪ ،‬الق�ضاة وم�ساعدوهم‪ ،‬قد َ‬
‫ﻜﺘ‬
‫يا فالنة‪ .‬يف املكان الفالين يف �أبر�شية كذا‪ ،‬وبعد التحقيق باجتهاد يف الأمر كله‪،‬‬
‫ا�ستخدمت هذا التهديد بدون‬
‫ِ‬ ‫أنك‬
‫قلت � ِ‬
‫مثل‪ ،‬عندما ِ‬ ‫أنك ُمبهمة يف �أقوالك‪ً ،‬‬
‫وجدنا � ِ‬
‫نية لعمل الأذى‪ ،‬ولكن رغم هذا ظهرت �أدلة عديدة كافية لأن ُتع ِّر�ضك لال�ستجواب‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫عليك‬
‫والتعذيب‪ ،‬حتى ميكن ا�ستخراج احلقيقة من فمك‪ ،‬ومن الآن ف�صاعدً ا ِ‬
‫�أال ُتزعجي �آذان الق�ضاة‪ ،‬ونحن ُنعلن باحلكم التايل‪� ،‬أنه يف هذا اليوم ويف هذه‬
‫ﺸﺮ‬

‫عليك ب�أن ُتو�ضعي حتت اال�ستجواب والتعذيب‪ .‬وهذا احلكم هو لأجل‬ ‫ال�ساعة‪ُ ،‬ح ِكم ِ‬
‫ﻭ‬

‫كذا وكذا‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ً‬
‫بدل من ذلك‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬ميكن �أال يرغب القا�ضي ب�أن ُي�س ّلم املتهمة لال�ستجواب‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن يعاقبها بال�سجن وهناك داف ٌع خفي يف نيته‪� ،‬أن ي�ستدعي �أ�صدقاءها ويجعل‬
‫الأمر ك�أنها ميكن �أن تتخل�ص من عقوبة املوت وتخ�ضع للعقاب بطريقة �أخرى‪،‬‬
‫وعليه �أن يحثّ �أ�صدقاءها ب�أن يحاولوا �إقناعها ب�أن تعرتف‪ .‬ففي الغالب‪ ،‬الت�أمل‪،‬‬
‫ومعاناة ال�سجن‪ ،‬والن�صائح املتتالية من ال�صاحلني‪ ،‬تقرر بعدهم املتهمة �أن تك�شف‬
‫احلقيقة‪.‬‬
‫ونحن وجدنا �أن بع�ض ال�ساحرات ي�ؤ ّثر فيهن هذا النوع من الن�صيحة‪ ،‬وكعالمة‬
‫على متردهن على ال�شيطان‪ ،‬يب�صقن على الأر�ض ك�أنهن يب�صقن على ال�شيطان‬
‫‪323‬‬
‫ويقلن «ان�صرف‪� ،‬أيها ال�شيطان اللعني‪� ،‬س�أفعل ما هو عادل» وبعدها يعرتفن‬
‫بجرائمهن‪.‬‬
‫ولكن لو �أنه‪ ،‬بعد �إبقاء املتهمة يف حالة من القلق‪ ،‬وت�أجيل يوم التحقيق با�ستمرار‪،‬‬
‫وبا�ستخدام الإقناع ال�شفهي با�ستمرار‪ ،‬ومع بدء حتول تفكري القا�ضي لي�صدق بحق‬
‫�أن املتهمة �سرتف�ض قول احلقيقة‪ ،‬فيجب �أن ي�ستجوبها برفق دون �أن ي�سفك الدم‪،‬‬
‫عاملًا يف نف�سه �أن هذا اال�ستجواب وهمي وغري م�ؤثر‪.‬‬
‫يجب �أن يبد�أ بهذه الطريقة‪ .‬بينما يكون اجلنود ُيجهزون لال�ستجواب‪ ،‬يجب‬
‫�أن ُتخلع جميع مالب�س املتهم‪� ،‬أو �إذا كانت امر�أة‪ ،‬يجب �أن ُتقاد � ًأول �إىل الغرف‬

‫ﻋﺼ‬
‫اجلزائية وهناك تخلع مالب�سها �أمام ن�ساء �صاحلات لهن �سمعة طيبة‪ .‬و�سبب هذا‬
‫�أنه يجب �أن يبحثن عن �أي �أداة لل�سحر خميطة يف مالب�سها‪ ،‬لأنهن عادة ما يعملن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مثل هذه الأدوات ب�أوامر من ال�شيطان من �أطراف الأطفال غري املعمدين‪ ،‬والغر�ض‬
‫ﻜﺘ‬
‫حرمن ه�ؤالء الأطفال من البهجة‪ .‬وعندما يتم التخل�ص من هذه الأدوات‪ ،‬فعلى‬ ‫�أن َي ِ‬
‫القا�ضي �أن ي�ستخدم �إقناعاته اخلا�صة مب�ساعدة ال�صاحلني الذين لديهم حما�س‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫طوعا‪ ،‬و�إذا مل تفعل‪ ،‬فيجب �أن ي�أمر اجلنود‬


‫للإميان لإقناعها باالعرتاف باحلقيقة ً‬
‫ب�أن يربطوها بحبال‪ ،‬وي�ضعونها على �أداة التعذيب‪ ،‬ويجب �أن يطيعوا على الفور‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن لي�س بفرح‪ ،‬بل ُيظهروا لها �أنهم لي�سوا �سعداء مبهمتهم‪.‬‬
‫�شخ�ص جاد‪ ،‬وت�ؤخذ �إىل جانب‪ ،‬ويتم‬
‫ٍ‬ ‫ثم يجب �أن يحرروها مرة �أخرى بطلب من‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�إقناعها مرة �أخرى‪ ،‬ويقال لها �أنه ميكنها �أن تتخل�ص من عقوبة املوت‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫هنا ي�أتي �س�ؤال‪ ،‬هل يف حالة ال�سجينة املدانة �شرع ًيا ب�سمعتها ال�سيئة‪ ،‬ب�شهادة‬
‫ال�شهود‪ ،‬وبالدليل على اجلرمية‪ ،‬وال�شيء الوحيد الباقي هو اعرتافها باجلرمية على‬
‫نف�سها‪ ،‬هل يعدها القا�ضي �أنها �ستعي�ش‪ ،‬لأنها �إذا اعرتفت باجلرمية فهي �ستموت‬
‫بالت�أكيد‪.‬‬
‫أ�شخا�صا خمتلفني لديهم �آراء خمتلفة على هذا ال�س�ؤال‪ .‬البع�ض‬‫ً‬ ‫ونيب ب�أن �‬ ‫ُ‬
‫ي�ؤمن ب�أنه �إذا كانت املتهمة لديها �شهرة و�سمعة �سيئة‪ ،‬وم�شتبه فيها ب�أدلة ال لب�س‬
‫خطر كبري‪ ،‬ك�أن تكون �سيدة ل�ساحرات �أخريات‪،‬‬ ‫فيها‪ ،‬وكانت هي نف�سها م�صدر ٍ‬
‫فيمكن �أن يتم وعدها ب�أنها �ستعي�ش بال�شروط التالية‪� ،‬أن يتم احلكم عليها بال�سجن‬
‫‪324‬‬
‫دليل يو�صل لإدانة ال�ساحرات‬ ‫مدى احلياة على اخلبز واملاء‪� ،‬شريطة �أن ُتقدِّ م ً‬
‫الأخريات‪.‬‬
‫ويجب �أال يقال لها‪ ،‬عندما ُت�سجن مدى احلياة‪� ،‬أنه �سيتم �سجنها بهذه الطريقة‪،‬‬
‫ولكن يجب �أن ُتقاد �إىل افرتا�ض �أن هناك ك ّفارات �أخرى‪ ،‬مثل النفي‪� ،‬سيتم تطبيقها‬
‫عليها كعقاب‪ .‬وبال �شك ه�ؤالء ال�ساحرات ال�شهريات ذوات ال�سمعة ال�سيئة‪ ،‬خا�صة‬
‫اللواتي ي�ستعملن �أدوية ال�ساحرات ويعاجلن امل�سحور‪ ،‬ال بد �أن َيبقني يف ال�سجن‪،‬‬
‫لأنهن ميكن �أن يعاجلن امل�سحورين‪ ،‬وميكنهن خيانة ال�ساحرات الأخريات‪ .‬ولكن‬
‫هذه اخليانة بذاتها يجب �أال ُتعترب كافية للإدانة‪ ،‬لأن ال�شيطان كاذب‪� ،‬إال �إذا كان‬
‫تدعيمها بدليل على اجلرمية‪ ،‬وب�شهود‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫البع�ض الآخر يرى �أنه بعد �أن تو�ضع املتهمة يف ال�سجن بهذه الطريقة لأجل �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫تعي�ش‪ ،‬يجب �أن تبقى لفرتة معينة‪ ،‬ثم بعدها يجب �أن ُترق‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ر� ٌأي ثالث هو �أن القا�ضي ميكن �أن يعدها ب�أن تعي�ش‪ ،‬ولكن يعفي نف�سه بعدها من‬
‫بقا�ض �آخر مكانه يحكم عليها باملوت‪.‬‬
‫مهمة تنفيذ احلكم عليها‪ ،‬وي�أتي ٍ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يبدو �أن هناك بع�ض الفائدة يف عمل الر�أي الأول ب�سبب �أنها �ستعالج امل�سحورين‪،‬‬
‫لكن من غري ال�شرعي �أن ت�ستخدم ال�سحر لتعالج ال�سحر‪ ،‬ورغم ذلك (كما قيل يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال�س�ؤال التقدميي لهذا اجلزء الثالث) الر�أي العام هو �أنه من ال�شرعي �أن ت�ستخدم‬
‫الباطل واملاورائيات لتُزيل تعويذة‪ .‬ولكن اخلربة يف ق�ضايا كثرية مثل هذه هي �أكرث‬
‫ﻭ‬

‫قيمة للق�ضاة من �أي فن �أو كتاب‪ ،‬لذا فهذا �أمر يجب �أن ُيرتك للق�ضاة‪ .‬ولكن ُوجد‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫غال ًبا من خالل اخلربة �أن العديدات يعرتفن باحلقيقة �إذا مل يتم تهديدهن باملوت‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن �إذا مل تكن هذه التهديدات وال الوعود �ستقنعها ب�أن تعرتف باحلقيقة‪،‬‬
‫فاجلنود ال بد �أن ينفذوا احلكم‪ ،‬ويجب �أن يتم ا�ستجوابها‪ ،‬لي�س ب�أي طريقة جديدة‬
‫ولكن بالطريقة املعتادة‪ ،‬بلطف �أو بق�سوة ح�سب طبيعة جرائمها‪ .‬وبينما يتم‬
‫ا�ستجوابها على نقاط معينة‪ ،‬يجب �أن ُتعر�ض للتعذيب بتكرار‪ ،‬بداية ب�أخف تعذيب‪،‬‬
‫وال يجب �أن يتعجل القا�ضي بعمل التعذيب الأق�سى‪ .‬وبينما يتم عمل هذا‪ ،‬ال بد �أن‬
‫يكتب الكاتب كيف مت تعذيبها وما هي الأ�سئلة التي ُ�سئلت لها وماذا كانت �إجابتها‪.‬‬
‫والحظ �أنه �إذا اعرتفت حتت التعذيب‪ ،‬يجب �أن ت�ؤخذ �إىل مكان �آخر و ُت�س�أل من‬
‫جديد‪ ،‬حتى ال تكون قد اعرتفت فقط حتت التعذيب‪.‬‬
‫‪325‬‬
‫اخلطوة التالية للقا�ضي هي �أنه لو بعد �أن ُعذبت رف�ضت قول احلقيقة‪ ،‬يجب �أن‬
‫تو�ضع �أداة �أخرى للتعذيب �أمام عينها‪ ،‬ويقال لها ب�أنه يجب عليها �أن تتحمل تلك‬
‫تخف من هذا‪ ،‬فيجب �أن ي�ستمر التعذيب يف اليوم‬ ‫أي�ضا �إذا مل تعرتف‪ .‬و�إذا مل َ‬‫� ً‬
‫الثاين والثالث‪ ،‬ولكن ال يتم تكراره بعد ذلك �إال �إذا كان هناك دليل �أنه �سينجح‪.‬‬
‫نطق احلكم يف وجودها بالطريقة التالية‪ :‬نحن الق�ضاة املذكورون‬ ‫يجب �أن ُي َ‬
‫لك يا فالنة‪ ،‬اليوم الفالين‪ ،‬ال�ستمرار ا�ستجوابك‪ ،‬حتى ت�ؤخذ احلقيقة‬ ‫نعي ِ‬‫�أعاله‪ّ ،‬‬
‫من فمك‪ .‬والكاتب يجب �أن يكتب كل ما يتم‪.‬‬
‫وخالل الفرتة التي قبل اليوم الذي مت تعيينه‪ ،‬فالقا�ضي بنف�سه �أو رجال �صاحلون‬

‫ﻋﺼ‬
‫�آخرون يجب �أن يعملوا كل ما بو�سعهم لإقناعها ب�أن تعرتف باحلقيقة بالطريقة التي‬
‫قلناها؛ ب�إعطائها وعدً ا ب�أنها �ستعي�ش �إن اعرتفت‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫القا�ضي يجب �أن يعتني ب�أنه خالل الفرتة ال بد �أن يكون هناك ُحرا�س معها‬
‫ﻜﺘ‬
‫دائ ًما‪ ،‬حتى ال ُترتك وحدها �أبدً ا‪ ,‬خ�شية �أن يجعلها ال�شيطان تقتل نف�سها‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪326‬‬
‫السؤال ‪ .15‬عن استمرار التعذيب وعن األدوات‬
‫والطرق التي يستخدمها القاضي لجعل الساحرة‬
‫تعترف‪.‬‬

‫عن ا�ستمرار التعذيب وعن الأدوات والطرق التي ي�ستخدمها القا�ضي جلعل‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا كيف يجب �أن‬ ‫ال�ساحرة تعرتف‪ :‬وكيف يجب �أن يحمي نف�سه من تعويذاتهن‪ .‬و� ً‬
‫ي ُكن مزيالت لل�شعر يف �أماكن من �أج�سادهن ميكن �أن ُيخفني فيها �أقنعة ال�شيطان‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ورموزه‪ ،‬وكيف يتم حل م�شكلة العناد وال�صمت ورف�ض االعرتاف بطرق عديدة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫على القا�ضي �أن يت�صرف كالتايل يف ا�ستمرار التعذيب‪ً � .‬أول ال بد �أن ي�ضع يف‬
‫ح�سبانه‪� ،‬أنه كما �أن نف�س الدواء ال يكون منا�س ًبا لعالج كل الأع�ضاء‪ ،‬بل هناك‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫العديد من امل�ستح�ضرات لعالج كل ع�ضو‪ ،‬كذلك لي�س كل املهرطقني �أو املتهمني‬


‫بالهرطقة يجب �أن يخ�ضعوا لنف�س طريقة اال�ستجواب والتحقيق والتعذيب‪ ،‬ولكن‬
‫ﺸﺮ‬

‫هناك طرق عديدة ميكن ا�ستخدامها وف ًقا الختالف طبائع املتهمني‪.‬‬


‫فاجل ّراح يقطع الأطراف الفا�سدة‪ ،‬واملا�شية اجلرباء يتم عزلها بعيدً ا عن‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫املا�شية العادية‪ ،‬ولكن القا�ضي احلكيم يجب �أال يربط نف�سه بطريقة واحدة ال تتغري‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يف التعامل مع ال�سجناء الذين ميلكون قوة ال�صمت بال�سحر‪ ،‬والذين ال ميكن التغلب‬
‫على �صمتهم؛ لأنه �إذا اعتاد �أبناء الظالم على طريقة واحدة فقط من التعامل‬
‫معهم ف�سيطورون طر ًقا معروفة للتخل�ص منها‪.‬‬
‫بالتايل فالقا�ضي احلكيم واملتحم�س ال بد �أن ي�أخذ فر�صته ويختار طريقته التي‬
‫�سي�ؤدي بها التحقيق وفقا لإجابات �أو �شهادة ال�شهود‪� ،‬أو من واقع خربته ال�سابقة �أو‬
‫ذكاءه الفطري‪ ،‬با�ستخدام االحتياطات التالية‪:‬‬
‫�إذا �أراد �أن يعرف �إن كانت ال�ساحرة مدعومة بقوة ال�سحر لت�صمت‪ ،‬يجب �أن‬
‫يالحظ �إن كانت قادرة على �إخفاء الدموع عند تعذيبها‪ .‬لأننا تعلمنا بوا�سطة كلمات‬
‫‪327‬‬
‫من رجال م�ؤهلني قدماء وبخربتنا �أنه هذه هي �أهم عالمة‪ُ ،‬ووجد �أنه حتى لو �أ�ص ّرت‬
‫ب�شعوذات قوية �أن تخفي الدموع‪ ،‬ف�إن كانت �ساح ًر ح ًقا؛ لن تقدر على البكاء‪ .‬رغم‬
‫انطباعا باك ًيا و ُتلطخ خ ّدها وعيناها باللعاب ليبدو �أنها تبكي عندما‬
‫ً‬ ‫�أنها �ستُظهر‬
‫تالحظ مراقبة من احلا�ضرين‪.‬‬
‫يف مترير احلكم ميكن للقا�ضي �أو الكاهن �أن ي�ستخدم الطريقة التالية ال�ستخراج‬
‫دموعها احلقيقية �إن كانت بريئة‪� ،‬أو ملنع الدموع املزيفة‪ .‬ي�ضع يده على ر�أ�س املتهمة‬
‫ويقول‪� ،‬أنا �أنا�شدك بالدموع املريرة التي �سقطت على ال�صليب بوا�سطة ُمل�صنا‬
‫الرب ي�سوع لأجل خال�ص العامل‪ ،‬وبالدموع احلارقة التي ُ�ص ّبت يف �ساعة امل�ساء على‬
‫ِجراحه بوا�سطة املباركة العذراء ماري �أمه‪ ،‬وبكل الدموع التي �سقطت هنا يف هذا‬

‫ﻋﺼ‬
‫العامل بوا�سطة القدي�سني واملختارين من الرب‪ ،‬ومن عينه الآن قد م�سح كل الدموع‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كنت مذنبة لن تتمكني ب�أي طريقة �أن‬ ‫كنت بريئة ف�أنزيل الدموع الآن‪ ،‬و�إن ِ‬ ‫�أنه �إن ِ‬
‫ﻜﺘ‬
‫تعملي هذا‪ .‬با�سم الأب واالبن والروح القد�س‪� ،‬آمني‪.‬‬
‫ُووجد بالتجربة �أنه كلما نو�شدوا كلما قلت قدرتهن على البكاء املزيف‪ ،‬مهما‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حاولن ب�شدة �أن يفعلن هذا‪� ،‬أو �أن يلطخن خدودهن باللعاب‪ .‬ومع هذا من املمكن‬
‫�أنه بعد ذلك‪ ،‬يف غياب القا�ضي ولي�س يف مكان وزمان التعذيب‪� ،‬أن ي�صبحن قادرات‬
‫ﺸﺮ‬

‫على البكاء يف وجود حرا�س �سجنهن‪.‬‬


‫وعن �سبب عدم قدرة ال�ساحرة على البكاء‪ ،‬ميكن �أن نقول �أن نعمة البكاء‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫واحدة من النعم الأ�سا�سية املمنوحة للتائبني‪ ،‬لأن القدي�س «برينارد» يخربنا �أن‬
‫دموع املتوا�ضعني ميكن �أن تخرتق ال�سماوات وتقهر ما ال يقهر‪ .‬بالتايل ال ميكن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أن يكون هناك �شك يف �أن هذه الدموع تغ�ضب ال�شيطان‪ ،‬و�أنه ي�ستخدم كل م�ساعيه‬
‫حتى مينعها‪ ،‬ليمنع ال�ساحرة من الو�صول �إىل التوبة‪.‬‬
‫�إن مل يكن هناك �أي طريقة لإدانة املتهمة‪ ،‬ب�شهود �شرعيني �أو بدليل على‬
‫اجلرمية‪ ،‬و�إن مل تكن حتت ا�شتباه قوي‪ ،‬فيمكن �أن يتم �إخالء �سبيلها‪ ،‬ولكن لأنها‬
‫�شك ب�سيط ب�سبب ال�سمعة التي �شهد بها ال�شهود‪ ،‬ال بد �أن يطلب منها‬
‫ال زالت حتت ٍ‬
‫�أن تنكر هرطقة ال�سحر‪ ،‬كما �سنو�ضح عندما نتحدث عن الطريقة الثانية من نطق‬
‫احلكم‪.‬‬
‫‪328‬‬
‫احتياط ثان ال بد �أن ُيالحظ‪ ،‬لي�س فقط يف هذه النقطة ولكن يف الق�ضية كلها‪،‬‬‫ٌ‬
‫بوا�سطة القا�ضي وم�ساعديه‪ ،‬يجب �أال ي�سمحوا لأنف�سهم �أن يتم مل�سهم بوا�سطة‬
‫ال�ساحرة‪ ،‬خا�ص ًة بكف يدها �أو بذراعها‪ ،‬ولكن ال بد �أن يحملوا حولهم بع�ض امللح‬
‫املك ّر�س يف يوم �أحد ال�شعانني وبع�ض الأع�شاب املباركة‪ .‬وهذه كلها ميكن �أن ُتمع‬
‫مع بع�ضها مع �شمع مقد�س و ُتلب�س حول العنق‪ ،‬كما و�ضحنا يف اجلزء الثاين عندما‬
‫حتدثنا عن العالجات �ضد الأمرا�ض التي ي�سببها ال�سحر‪ ،‬وهذه لها قوة حماية‬
‫فعالة لي�س فقط �أثناء التحقيق مع ال�ساحرات ولكن يف ممار�سات وا�ستخدامات‬
‫الكني�سة‪ ،‬مثل طرد الأرواح ال�شريرة والتربيكات‪ ،‬كما يت�ضح يف عملية طرد الأرواح‬
‫ال�شريرة عندما يقال‪ ،‬لأجل طرد كل قوى ال�شيطان‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن يجب �أال ُيظن �أن اللم�س بوا�سطة املفا�صل �أو الأطراف هو الذي يجب‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫االحرتا�س منه فقط‪ ،‬لأنه يف بع�ض الأحيان ب�إذن الرب‪ ،‬ميكنهن مب�ساعدة ال�شيطان‬
‫�أن ي�سحرن القا�ضي مبجرد �صوت الكلمة التي يتلفظون بها‪ ،‬خا�صة يف الوقت الذي‬
‫ﻜﺘ‬
‫يتعر�ضن فيه للتعذيب‪.‬‬
‫ونحن ع ِلمنا بالتجربة �أن بع�ض ال�ساحرات‪ ،‬عندما يتم حب�سهن يف ال�سجن‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ُي ّلحون على ال�سجانني لإعطائهن �شي ًئا واحدً ا‪� ،‬أن َمي ِّكنهن من �أن ينظرن �إىل‬
‫القا�ضي قبل �أن ينظر القا�ضي �إليهن‪ ،‬وبالتايل يح�صلن على النظرة الأوىل �إىل‬
‫ﺸﺮ‬

‫القا�ضي فيمكنهن �أن ُيغرين عقله هو وم�ساعديه ب�أن يفقدوا كل غ�ضبهم عليهن وال‬
‫ي�ؤذوهن ب�أي طريقة‪ ،‬بل ي�سمحون لهن بالتحرر و�إخالء �سبيلهن‪ .‬والذي ج ّرب هو‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الذي يعطي هذه ال�شهادة احلقيقية‪� ،‬أل�سن قادرات على فعل هذا حقا!‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يجب على الق�ضاة �أال يتجاهلوا هذه االحتياطات واحلمايات‪ ،‬لأنه بعدم احلفاظ‬
‫عليها بعد هذا التحذير �سيتعر�ضون خلطر اللعن الأبدي‪ .‬لأن خمل�صنا قال « لو مل‬
‫�أكن قد جئت وكلمتهم‪ ،‬مل تكن لهم خطية‪ ،‬و�أما الآن فلي�س لهم عذر يف خطيئتهم‪،‬‬
‫بالتايل يجب على الق�ضاة �أن يحموا �أنف�سهم بكال الطريقتني‪ ،‬وف ًقا لأحكام الكني�سة‪.‬‬
‫و�إذا كان من املنا�سب يجب �أن ُتقاد ال�ساحرة �إىل اخللف �أثناء وجود القا�ضي‬
‫وم�ساعديه‪ .‬لي�س فقط يف النقطة احلالية ولكن يف كل الق�ضية‪ ،‬ثم ال بد �أن َيعمل‬
‫عالمة ال�صليب ويقرتب منها ب�شجاعة‪ ،‬وبعون الرب �ستنك�سر قوة احلية القدمية‪.‬‬
‫وال �أحد يجب �أن يظن �أن من املاورائية �أن ترجع ال�ساحرة �إىل اخللف‪ ،‬لأنه كما قلنا‪،‬‬
‫‪329‬‬
‫علماء ال�شريعة ي�سمحون حتى ب�أكرث من هذا �أن يتم عمله لأجل احلماية من ال�سحر‪،‬‬
‫ويقولون دائ ًما �أنه من ال�شرعي �أن تبطل الباطل بالباطل‪.‬‬
‫ال�شعر يجب �أن ُيحلق من كل جزء‬ ‫االحتياط الثالث الذي جتب مالحظته هو �أن َ‬
‫من �أجزاء ج�سمها‪� .‬سبب هذا هو مثل �سبب تعريتها من مالب�سها الذي ذكرناه من‬
‫قبل‪ ،‬لأنه حتى يحفظن قوتهن على ال�صمت ف�إن ال�ساحرات لديهن عادة �أن ُيخبئن‬
‫بع�ض الأ�شياء املاورائية يف مالب�سهن ويف �شعرهن‪ ،‬وحتى يف الأماكن احل�سا�سة من‬
‫�أج�سادهن والتي ال حاجة لذكرها‪.‬‬
‫ولكن ميكن �أن ي�أتي اعرتا�ض‪� ،‬أن ال�شيطان ميكنه بدون ا�ستخدام هذه التعاويذ‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫�أن ُيق ّوي قلب ال�ساحرة حتى ال تعرتف بجرميتها‪ ،‬مثلما ُوجد غال ًبا يف حالة املجرمني‬
‫الآخرين‪ ،‬مهما كانت درجة التعذيب الذي يتعر�ضون له‪ ،‬ومهما كان عدد الأدلة على‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اجلرمية وال�شهود‪ .‬وجنيب ب�أن هذا حقيقي‪ ،‬ال�شيطان ميكنه �أن يعمل هذا ال�صمت‬
‫بدون ا�ستخدام �أي تعاويذ‪ ،‬ولكنه ُيف�ضل �أن ي�ستخدم التعاويذ لأجل �إهالك الأرواح‬
‫ﻜﺘ‬
‫ولإ�ساءة �أكرب للذات الإلهية العظيمة‪.‬‬
‫و�ضح مبثال على �ساحرة يف قرية «هاجيناو»‪ ،‬والتي ذكرناها‬ ‫هذا ميكن �أن ُي ّ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف اجلزء الثاين من هذا العمل‪ ،‬اعتادت �أن حت�صل على هذه القوة من ال�صمت‬
‫بالطريقة التالية‪ ،‬قتلت ً‬
‫طفل ذك ًرا ال يزال مولودًا ومل ُيعمد‪ ،‬وو�ضعته يف الفرن مع‬
‫ﺸﺮ‬

‫بع�ض املواد التي لي�س من املنا�سب ذكرها‪ ،‬وطحنته �إىل م�سحوق ورماد‪ ،‬و�إذا حملت‬
‫�أي �ساحرة معها �أو �أي جمرم هذا امل�سحوق لن يكون قاد ًرا على االعرتاف بجرميته‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هنا وا�ضح �أن مئات الآالف من الأطفال لي�س لديهم القوة يف �أن يعملوا هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لأي �شخ�ص‪ ،‬ولكن �أي �شخ�ص ذكي ميكن �أن يفهم �أن هذه الطرق التي ي�ستخدمها‬
‫ال�شيطان هي لإهالك الأرواح وللإ�ساءة للذات الإلهية‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬ميكن �أن ي�أتي اعرتا�ض‪ ،‬غال ًبا املجرمون الذين لي�سوا �سحرة تكون لديهم‬‫� ً‬
‫هذه القدرة على ال�صمت‪ .‬يف الإجابة على هذا نقول �أن هذه القوة من ال�صمت ميكن‬
‫�أن حتدث من ثالثة �أ�شياء‪ً � .‬أول من قوة طبيعية يف القلب‪ ،‬لأن بع�ض ال�ساحرات ذوات‬
‫قلب رقيق وعقل �ضعيف فعند �أي تعذيب ب�سيط يعرتفن بكل �شيء‪ ،‬حتى ب�أ�شياء غري‬
‫حقيقية‪ ،‬بينما هناك �أخريات قلوبهن قوية فمهما عذبتها ال ت�ستخرج احلقيقة منها‬
‫�أبدً ا‪ ،‬حتى لو مددنا ذراعها وثنيناها‪.‬‬
‫‪330‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬ميكن �أن حتدث هذه القوة ب�سبب �أداة من �أدوات ال�سحر يحملها ال�شخ�ص‪،‬‬
‫كما قيل‪� ،‬إما يف مالب�سه �أو يف �شعره‪ .‬وثال ًثا‪ ،‬حتى لو مل يكن مع ال�سجينة �أداة كهذه‪،‬‬
‫رمبا حت�صل على هذه القوة من �ساحرة �أخرى‪ ،‬مهما كان بعدها عنها‪ .‬لأن �إحدى‬
‫ال�ساحرات يف «�إي�سبورج» كانت تتباهى بهذا‪� ،‬أنه لو كان معها حتى خيط واحد من‬
‫ك�سوة �أي �سجينة‪ ،‬ميكن �أن تر�سل لها هذه القوة‪ ،‬فمهما كانت هذه ال�سجينة تعذب‪،‬‬
‫حتى بقتلها‪ ،‬لن تعرتف ب�أي �شيء‪ .‬فالإجابة �أ�صبحت وا�ضحة على االعرتا�ض‪.‬‬
‫ولكن ماذا عما حدث يف �أبر�شية «راتي�سبورن»؟ حيث بع�ض املهرطقني �أُدينوا‬
‫باالعرتاف ال�شخ�صي وعندما ُحكم عليهم باملوت حر ًقا مل ت�ؤثر فيهم النار‪ .‬ثم مت‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا مل ي�ؤثر فيهم‪ .‬وانده�ش الكل‪،‬‬‫تغيري احلكم فيهم �إىل املوت بالغرق‪ ،‬وهذا � ً‬
‫والبع�ض بد�أ يقول �أن هرطقتهم هذه حق‪ ،‬والأ�سقف‪ ،‬يف قلق عظيم على �شعبه‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أمر بثالثة �أيام من ال�صوم‪ .‬وعندما حتقق هذا ب�إخال�ص‪� ،‬أتى �إىل علم �أحدهم‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن ه�ؤالء الهراطقة كانت لديهم تعويذة خميطة حتت اجللد �أ�سفل �أحد الذراعني‪،‬‬
‫وعندما مت �إيجادها و�إزالتها‪ ،‬مت و�ضعهم على النار‪ ،‬و�أُحرقوا على الفور‪ .‬بع�ض‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ُم�ستح�ضري الأرواح تعلموا هذا ال�سر خالل ا�ست�شارة مع ال�شيطان‪ ،‬وخانوه‪ ،‬ولكن‬
‫على �أي حال قد �أ�صبح ال�سر معرو ًفا الآن‪ ،‬ومن املحتمل �أن ال�شيطان‪ ،‬الذي دائ ًما ما‬
‫ﺸﺮ‬

‫ميكر لتخريب الإميان‪ ،‬كان بطريقة ما جم ًربا بوا�سطة القوة الإلهية ليك�شف الأمر‪.‬‬
‫من هذا ميكن �أن نرى ما الذي يجب على القا�ضي �أن يفعل عندما حتدث حالة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫كهذه له‪ ،‬حتديدً ا‪ ،‬يجب �أن يتوكل على حماية الرب‪ ،‬وبال�صلوات وال�صوم من الرجال‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�صاحلني‪ُ ،‬يبعد هذا النوع من �أعمال ال�شيطان عن ال�ساحرات‪.‬‬


‫يف �أنحاء �أملانيا‪ ،‬احللق بهذه الطريقة‪ ،‬خا�صة للأماكن احل�سا�سة‪ ،‬ال ُيعترب �شي ًئا‬
‫ج ّيدً ا‪ ،‬وبالتايل نحن املفت�شني ال ن�ستخدمه‪ ،‬ولكن نحن نحلق �شعر الر�أ�س‪ ،‬ون�ضع‬
‫قطعة من ال�شمع املقد�س يف كوب من املاء املقد�س ونتو�سل بالثالوث املقد�س ونعطيه‬
‫لهن لي�شربنه ثالث مرات على معدة �صائمة‪ ،‬وبنعمة الرب بهذه الطريقة ميكن �أن‬
‫نك�سر �صمتهن‪ .‬ولكن يف الدول الأخرى املفت�ش ي�أمر ب�أن ُيحلق كل ال�شعر من ج�سد‬
‫ال�ساحرة‪ .‬وذلك املفت�ش من «كومو» �أخربنا �أنه يف ال�سنة الأخرية‪ ،‬يف عام ‪،1485‬‬

‫‪331‬‬
‫�أمر ب�إحراق �إحدى و�أربعني �ساحرة‪ ،‬بعد �أن حلقن كل �شيء‪ .‬هذا كان يف مقاطعة‬
‫«بوربيا» التي ت�سمى «وورم�سرباد»‪ ،‬يف منطقة �أر�شيدوق النم�سا‪ ،‬ناحية «ميالن»‪.‬‬
‫ولكن ميكن �أن ي�أتي �س�ؤال‪ ،‬هل ميكن يف وقت احلاجة عندما تف�شل كل طرق‬
‫ك�سر �صمت ال�ساحرات‪� ،‬أن يكون �شرع ًيا �أن ن�س�أل الن�صيحة من �ساحرة من الالتي‬
‫ميكنهن �أن تعاجلن امل�سحور‪ .‬وجنيب ب�أنه‪ ،‬مهما كان الذي حدث يف «راتي�سبورن»‬
‫فنحن ُنحذر اجلميع‪� ،‬أنه ال �أحد ُي�سمح له‪ ،‬مهما كانت احلاجة ملحة‪� ،‬أن ي�ست�شري‬
‫�ساحرة ملنفعة الدولة‪ .‬وهذا ب�سبب الإ�ساءة الكبرية التي حتدث بهذا للعظمة‬
‫ب�شكل الئق حتى يتم احل�صول‬
‫الإلهية‪ ،‬وهناك طرق �أخرى مفتوحة لنا ال�ستخدامها ٍ‬

‫ﻋﺼ‬
‫على احلقيقة من �أفواههن وميكن بعدها �أن ُيح َرقن‪� ،‬أو نف�شل يف هذا‪ ،‬وم�شيئة الرب‬
‫يف ذلك الوقت �ستوجد طريقة ملوت ال�ساحرة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يبقى لنا ِذكر بع�ض طرق عالجات ال�صمت‪ً � .‬أول‪ ،‬يجب على ال�شخ�ص �أن يعمل‬
‫ﻜﺘ‬
‫كل ما بو�سعه با�ستخدام مواهبه‪ ،‬لعمل الطرق التي ذكرناها‪ ،‬وخا�صة يف الأيام‬
‫املحددة‪ ،‬كما �سيتم عر�ضه يف ال�س�ؤال التايل‪ .‬انظر ر�سالة كورونثو�س الثانية ‪9‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫«تزدادون يف كل عمل �صالح»‪.‬‬


‫ثان ًيا‪� ،‬إذا ف�شل هذا‪ ،‬يجب �أن يت�شاور مع الآخرين‪ ،‬لأنهم ميكن �أن يفكروا بطرق‬
‫ﺸﺮ‬

‫مل يفكر فيها‪ ،‬لأن هناك العديد من الطرق لإبطال ال�سحر‪.‬‬


‫ثال ًثا‪� ،‬إذا ف�شل هذان‪ ،‬يجب عليه �أن ي�ستعني بال�صاحلني‪ ،‬كما قيل يف كتاب‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫دوما مع الرجال الربانيني‪ ،‬الذين تعلم �أنهم‬ ‫ال�سرياخ ال�سابع والثالثني‪ :‬كن ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يحافظون على و�صايا الرب‪ .‬يجب عليه �أن ي�ستعني براعي القدي�سني يف الدولة‪.‬‬
‫ولكن �إن ف�شل كل هذا‪ ،‬يجب على القا�ضي وكل النا�س مرة واحدة �أن ي�ضعوا ثقتهم‬
‫يف الرب بال�صلوات وال�صوم‪ ،‬حتى ُيزال هذا ال�سحر ب�سبب ال�شفقة عليهم‪ .‬لأنه‬
‫هكذا متت ال�صالة يف ِ�سفر �أخبار الأيام الثاين‪ :‬عندما ال نعلم ما الذي يجب �أن‬
‫نفعله‪ ،‬ال بد �أن نلج�أ �إىل مالذ واحد‪� ،‬أن نحول عيوننا �إليك‪ .‬وبال �شك الرب لن‬
‫يخذلنا يف حاجتنا‪.‬‬
‫عن هذا يتحدث القدي�س «�أوج�ستني»‪ :‬كل من يالحظ �أي ِعرافة �أو ِكهانة‪� ،‬أو‬
‫يح�ضر �أو يوافق على م�شاهدتها‪� ،‬أو يدعمها باتباع ما يعمل العرافون وال�سحرة‪� ،‬أو‬
‫‪332‬‬
‫يذهب �إىل بيوتهم‪� ،‬أو يدعوهم �إىل بيته‪� ،‬أو ي�س�ألهم �أي �س�ؤال‪ ،‬فيجب �أن يعلم �أنه قد‬
‫ارتد عن الدين امل�سيحي وعن معموديته و�أ�صبح كاف ًرا وعد ًوا للرب‪� ،‬إال �إذا �صحح‬
‫هذا بالتوبة الكن�سية وعاد �إىل ربه‪ .‬بالتايل يجب على القا�ضي �أال يهمل ا�ستخدام‬
‫العالجات ال�شرعية‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬ولكن مع بع�ض االحتياطات التالية الأخرية‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪333‬‬
‫السؤال ‪ .16‬الطريقة المالئمة والصحيحة‬
‫لالستجواب الثاني‪.‬‬

‫الطريقة املالئمة وال�صحيحة لال�ستجواب الثاين‪ ،‬واالحتياطات النهائية التي‬


‫يجب �أن يتخذها القا�ضي‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هناك نقطة �أو اثنتان يجب ذكرهما ب�ش�أن ما كتبناه‪ً � .‬أول‪� ،‬أن ال�ساحرات ال بد‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن ُي�ستجوبن يف الأيام املقد�سة وخالل مرا�سم القدا�س الإلهي‪ ،‬ويجب �أن ُين�صح‬
‫ال�شعب بال�صالة لأجل العون الإلهي‪ ،‬لي�س بطريقة معينة‪ ،‬ولكن ال بد �أن يبتهلوا‬
‫ﻜﺘ‬
‫ب�صلوات القدي�سني �ضد كل �أوبئة ال�شيطان‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ ،‬كما قلنا من قبل‪ ،‬القا�ضي ال بد �أن يرتدي حول رقبته امللح املكر�س واملواد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الأخرى‪ ،‬مع ال�سبع كلمات التي تَلفظ امل�سيح بها على ال�صليب مكتوبة يف الئحة‬
‫وجمموعة مع امللح‪ .‬ويجب �إن ا�ستطاع‪� ،‬أن يرتديها على جلد رقبته‪ ،‬ويربط حول‬
‫ﺸﺮ‬

‫ج�سده �أ�شياء مقد�سة �أخرى‪ .‬لأنه ثبت بالتجربة �أن ال�ساحرات ي�ضطربن كث ًريا‬
‫ب�سبب هذه الأ�شياء‪ ،‬وال ي�ستطعن يف وجودها �أن ميتنعن عن قول احلقيقة‪� .‬آثار‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا هي ذات فائدة عظيمة‪.‬‬‫القدي�سني � ً‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫وب�أخذ هذه االحتياطات‪ ،‬وبعد �أن ُتعطى ال�ساحرة املاء املقد�س لت�شربه‪ ،‬يجب �أن‬
‫يبد�أ القا�ضي يف ا�ستجوابها ثانية‪ ،‬وين�صحها طوال الوقت مثل ال�سابق بينما تكون‬
‫مرفوعة عن الأر�ض‪ ،‬ويجب على القا�ضي �أن يقر�أ �أو ي�أمر بقراءة �شهادة ال�شهود‬
‫إدانتك ب�سبب ه�ؤالء ال�شهود»‪ً � .‬‬
‫أي�ضا‪،‬‬ ‫�أمامها ب�أ�سمائهم ويقول «انظري! �أنتِ متت � ِ‬
‫�إذا كان ال�شهود راغبني يف مواجهتها وج ًها لوجه‪ ،‬فيجب على القا�ضي �أن ي�س�ألها �إن‬
‫ح�ضر ال�شهود‬ ‫كانت �ستعرتف �إن مت �إح�ضار ال�شهود �أمامها‪ .‬و�إذا وافقت‪ ،‬يجب �أن ُي ِ‬
‫تواجه و ُتف�ضح وتقول احلقيقة عن جرائمها‪.‬‬ ‫ويوقفهم �أمامها‪ ،‬حتى ميكن �أن َ‬

‫‪334‬‬
‫و�أخ ًريا‪� ،‬إذا ر�أى ب�أنها لن تعرتف بجرائمها‪ ،‬يجب �أن ي�س�ألها �إن كانت م�ستعدة‬
‫حتى ُتثبت براءتها ب�أن جتتاز التعذيب باحلديد الأحمر ال�ساخن‪ .‬وكلهن ُيردن هذا‪،‬‬
‫عاملات ب�أن ال�شيطان �سيمنع احلديد من �أن ي�ؤذيهن‪ ،‬وبالتايل تنك�شف ال�ساحرة‬
‫احلقيقية بهذه الطريقة‪ .‬والقا�ضي يجب �أن ي�س�ألها كيف ميكن �أن تكون متعجلة‬
‫هكذا على خو�ض هذه املخاطرة‪ ،‬وكل هذا يجب �أن ُيد ّون‪.‬‬
‫أي�ضا �أن ي�ستجوب ال�ساحرات يف يوم اجلمعة‪ ،‬يف وقت اجتماع‬‫يجب على القا�ضي � ً‬
‫النا�س يف القدا�س الإلهي بانتظار املخل�ص‪ ،‬فهن غال ًبا يعرتفن يف هذا الوقت‪.‬‬
‫ولكن عندما يتم جتربة كل �شيء وال�ساحرة ال تزال على �صمتها‪ .‬فيجب على‬

‫ﻋﺼ‬
‫القا�ضي �أن يفك قيدها‪ ،‬وي�أخذها من مكان التعذيب �إىل مكان �آخر حتت حرا�سة‬
‫م�شددة‪ ،‬ولكن يجب �أن يعتني ب�أال ُيحررها حتت �أي نوع من ال�ضمانات‪ ،‬لأنه عندما‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يعمل هذا‪ ،‬ف ُهن لن يعرتفن باحلقيقة �أبدً ا‪ ،‬و�سيكون الو�ضع �أ�سو�أ‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫لكن يف املقام الأول يجب �أن ي�أمر بح�سن معاملتها فيما يتعلق بالأكل وال�شرب‪،‬‬
‫حلا ال �شك فيه ويتحدث معها يف �أمور متنوعة‪،‬‬ ‫و�أثناء ذلك‪ُ ،‬يدخل �إليها ً‬
‫رجل �صا ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ويف النهاية ين�صحها بثقة �أن تقول احلقيقة‪ ،‬ويعدها �أن القا�ضي �سيكون رحي ًما معها‬
‫و�أنه �سيتو�سط لها عند القا�ضي‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ويف النهاية يجب على القا�ضي �أن ي�أتي و ُيعدها ب�أنه �سيكون رحي ًما معها وهو يف‬
‫عقله يقول �أنه �سيكون رحي ًما مع نف�سه �أو مع الدولة‪ ،‬لأنه كل ما ُيعمل مل�صلحة و�أمان‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الدولة هو من الرحمة‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن �إذا وعدها ب�أنها �ستعي�ش‪ ،‬كما و�ضحنا يف ال�س�ؤال الرابع ع�شر‪ ،‬فيجب‬
‫�أن ُيكتب كل ما يدور بوا�سطة كاتب العدل‪ ،‬الكلمات التي قيلت وب�أي نية مت الوعد‬
‫بالرحمة‪ .‬و�إذا تو�سلت املتهمة ب�أن يرحموها وك�شفت جرائمها‪ ،‬فيجب �أن ي ِعدوها‬
‫بطريقة غري وا�ضحة وعامة ب�أنها �ستح�صل حتى على �أكرث مما تو�سلت �أن يحدث‪،‬‬
‫حتى ميكن �أن تتحدث بثقة �أكرب‪.‬‬
‫متاما �أن تقول احلقيقة‪ ،‬يجب على‬
‫وكاحتياط ثان يف هذه احلالة‪ ،‬عندما ترف�ض ً‬ ‫ٍ‬
‫القا�ضي كما قلنا من قبل‪� ،‬أن يحقق مع �أ�صدقائها وم�ساعديها بدون علمها‪ ،‬و�إذا‬
‫ك�شف هذا عن �أي �شيء يدينها‪ ،‬فيجب �أن يحقق القا�ضي يف هذا ال�شيء باجتهاد‪.‬‬
‫‪335‬‬
‫أي�ضا‪� ،‬إذا ُوجدت �أية �أدوات �أو م�ستح�ضرات يف �صناديق منزلها‪ ،‬ال بد �أن ُتعر�ض‬ ‫و� ً‬
‫�أمامها‪ ،‬ويجب �أن ُت�س�أل لأي غر�ض كانت ت�ستخدمهم‪.‬‬
‫احتياط ثالث ميكن �أن ُيتخذ عندما ُت�صر على العناد بعد �أن ُيحقق مع معارفها‬ ‫ٌ‬
‫وي�شهدوا �ضدها‪ ،‬و�إن مل يكن لها �أ�صدقاء‪ ،‬يجب �أن يوجد �شخ�ص معروف ب�أنه‬
‫نوعا ما منا�ص ًرا لها‪ ،‬ويدخل على ال�ساحرة ويبقى‬ ‫قريب منها ب�أي طريقة ويكون ً‬
‫يف ال�سجن معها‪ ،‬ويتحدث معها طوال الليل‪ .‬و�إذا كان متعاو ًنا‪ ،‬يجب �أن ي�أكال‬
‫وي�شربا م ًعا‪ ،‬ويتحدثا مع بع�ضهما يف الأ�شياء التي عملها كل منهما‪ .‬ويجب �أن يقف‬
‫جوا�سي�س باخلارج يف مكان منا�سب وي�ستمعون �إليهما ويكتبون ما يقال‪ ،‬و�إن كان‬
‫�ضرور ًيا‪ ،‬يجب �أن يكون معهما كاتب‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫احتياط رابع‪� ،‬إذا بد�أت بقول احلقيقة‪ ،‬يجب على القا�ضي �أال ي�ؤجل اال�ستماع‬ ‫ٌ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫العرتافها‪ ،‬حتى يف منت�صف الليل‪ ،‬فعليه �أن يجتهد يف ذلك قدر ا�ستطاعته‪ .‬و�إذا‬
‫كان الوقت نها ًرا‪ ،‬يجب �أال يهتم �إن كان �سيت�أخر على وجبة الغداء �أو الع�شاء‪ ،‬ولكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫عليه �أن يكون جمتهدً ا حتى تقول احلقيقة‪ ،‬على الأقل اجلزء املهم من احلقيقة‪.‬‬
‫لأنه قد ُوجد عام ًة‪� ،‬أنه لو حدثت ت�أجيالت وانقطاعات‪ ،‬ف ُهن يعدن �إىل ال�صمت ولن‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يخربن باحلقيقة التي بد�أن يف االعرتاف بها‪ ،‬مما يجعل الأمر �أ�سو�أ‪.‬‬
‫وعلى القا�ضي بعد �أن تعرتف �أنها عملت الأذى للب�شر واحليوانات‪� ،‬أن ي�س�ألها كم‬
‫ﺸﺮ‬

‫عدد ال�سنني التي ق�ضتها مع ال�شيطان اجلاثوم‪ ،‬وكم املدة منذ �أن �أنكرت الإميان‪.‬‬
‫لأنهن ال يعرتفن بهذه الأمور �إال �إذا اعرتفن � ًأول ب�أفعالهن الأخرى‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫احتياط خام�س‪ ،‬عندما يف�شل كل ما �سبق‪ ،‬يجب‪�-‬إن �أمكن‪� -‬أن ُتقاد ال�ساحرة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إىل قلع ٍة ما‪ ،‬وبعد �أن ُتب�س هناك لبع�ض الوقت‪ ،‬يجب على �صاحب القلعة �أن‬
‫بع�ضا من �أهل بيته‪� ،‬أو حتى امر�أة‬ ‫ذاهب يف رحل ٍة طويلة‪ .‬ويجعل ً‬ ‫ٌ‬ ‫يتظاهر ب�أنه‬
‫�صاحلة‪� ،‬أن تزورها وتعدها ب�أنهم �سيحررونها ويرتبون هربها �إذا ع ّلمتهم كيف‬
‫ميكن �أن يعملوا هذه املمار�سات‪ .‬ويجب على القا�ضي �أن يعرف �أنهن بهذه الطريقة‬
‫يعرتفن عادة وتتم �إدانتهن‪.‬‬
‫م�ؤخ ًرا ُحب�ست �ساحرة يف قلعة «كونيج�شيم» قرب قرية «�شيليت�ستادت» يف‬
‫�أبر�شية «�سرتا�ستبورج»‪ ،‬بعد �أن مل تعرتف حتت �أي تعذيب �أو ا�ستجواب‪ .‬ويف النهاية‬
‫ا�ستخدم �صاحب القلعة هذه الطريقة التي و�صفناها‪ .‬بالرغم من �أنه كان موجودًا‬
‫‪336‬‬
‫يف القلعة‪ ،‬لكن ظنت ال�ساحرة �أنه قد رحل‪ ،‬و�أتى �إليها ثالثة من �أهل بيته ووعدوها‬
‫ب�أنهم �سيحررونها �إذا ع ّلمتهم كيف يعملون بع�ض الأ�شياء‪ .‬يف البداية رف�ضت‪،‬‬
‫وقالت �أنهم يحاولون الإيقاع بها‪ ،‬ولكن يف النهاية قالت لهم ماذا تريدون �أن تعرفوا‪.‬‬
‫ف�س�ألها �أحدهم كيف تثريين عا�صفة باردة‪ ،‬والآخر �س�ألها عن الأمور اجل�سدية‪.‬‬
‫وبعد وقت وافقت على �أن ُتريه كيف تثري عا�صفة‪ ،‬ومت �إح�ضار ط�شت من املاء‪،‬‬
‫و�أخربته ال�ساحرة �أن يحرك املاء ب�إ�صبعه‪ ،‬وتلفظت ببع�ض الكلمات‪ ،‬وفج�أة‪ ،‬نزلت‬
‫زوبعة على ذلك املكان الذي �س ّماه‪ ،‬وهو غابة بجوار القلعة‪ ،‬نزلت عليها عا�صفة من‬
‫الربد مل ُير مثلها منذ وقت طويل‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫بقي �أن نو�ضح كيف ميكن للقا�ضي �أن يتقدم يف النطق باحلكم يف حالة �أن ف�شل‬
‫كل هذا‪� ،‬أو ما الذي ميكن عمله لو اعرتفت بجرميتها‪ ،‬وكيف تنتهي هذه العملية‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�سنختم �آخر جزء من هذا العمل بالتحدث عن هذه الأمور‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫املو�ضوع الثالث‪ .‬هو �آخر جزء من هذا العمل‪ ،‬كيف ميكن ختم العملية بنطق‬
‫احلكم العادل‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫من نعمة الرب �أن عرفنا الو�سائل ال�صحيحة ملعرفة هرطقة ال�سحر‪ ،‬وبعد �أن‬
‫و�ضحنا كيف تبتدئ العملية وكيف تتم‪ ،‬بقى �أن نناق�ش كيف ميكن للعملية �أن تنتهي‬
‫ﺸﺮ‬

‫نهاية منا�سبة بحكم منا�سب‪.‬‬


‫هنا يجب �أن نالحظ �أن هذه الهرطقة كما و�ضحنا يف بداية هذا اجلزء الأخري‪ ،‬ال‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يجب �أن ُتخلط مع الهرطقات الأخرى الب�سيطة‪ ،‬لأنه من الوا�ضح �أنها لي�ست جرمية‬
‫عادية وب�سيطة‪ ،‬ولكن جزء منها كن�سي وجزء منها مدين‪ .‬ويف حديثنا عن طرق‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مترير احلكم‪ ،‬ال بد � ًأول �أن نتحدث عن نوع معني من احلكم يعجب ال�ساحرات حيث‬
‫ميكن للقا�ضي العلماين �أن يت�صرف فيه بنف�سه با�ستقالل عن رجل الكني�سة‪ .‬ثان ًيا‪،‬‬
‫يجب �أن نتحدث عن �أولئك الذين ال يقدرون على الت�صرف بدون رجل الكني�سة‪.‬‬
‫وثال ًثا �سنو�ضح كيف لرجال الكني�سة �أن ُيعفوا �أنف�سهم من مهامهم‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫‪337‬‬
‫السؤال ‪ .17‬عن التطهير العام وامتحان الحديد‬
‫األحمر الساخن‪ ،‬الذي يعجب الساحرات‪.‬‬

‫هل القا�ضي العلماين ميكن �أن ي�سمح ب�أن تخ�ضع ال�ساحرة للتطهري العام‪،‬‬
‫بالطريقة التي ُي�سمح فيها للمتهمة املدنية �أن ُيحقق معها بالتعذيب‪ ،‬ويبدو �أنه ي�سمح‬

‫ﻋﺼ‬
‫بهذا‪.‬‬
‫لأن ا�ستخدام القتال حتى املوت يف اال�ستجواب م�سموح به يف احلاالت اجلنائية‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫لأجل احلفاظ على احلياة‪ ،‬ويف احلاالت املدنية لأجل احلفاظ على املمتلكات‪ ،‬فلماذا‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال جنري التحقيق باحلديد الأحمر ال�ساخن �أو باملاء املغلي؟ القدي�س «توما�س» ي�سمح‬
‫بالأول يف بع�ض احلاالت‪ ،‬عندما يقول يف مقاله الأخري من كتاب ‪Second of the‬‬
‫‪� ،Second‬أن القتال حتى املوت م�شرو ٌع عندما يتوافق مع الفطرة ال�سليمة‪ .‬بالتايل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫م�شروعا يف بع�ض احلاالت‪.‬‬


‫ً‬ ‫فاالختبار باحلديد ال�ساخن يجب � ً‬
‫أي�ضا �أن يكون‬
‫أي�ضا لقد مت ا�ستخدامه بوا�سطة العديد من الأمراء ذوي احلياة ال�صاحلة‬ ‫� ً‬
‫ﺸﺮ‬

‫مثل الإمرباطور القدي�س «هرني»‬ ‫الذين ا�ستفادوا من ن�صائح الرجال ال�صاحلني‪ً ،‬‬
‫يف حالة العذراء «كونيجود» التي تزوجها‪ ،‬وكان م�شتَب ًها بها بعمل الزنا‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫والقا�ضي‪ ،‬الذي هو م�س�ؤول عن �أمان املجتمع‪ ،‬ميكن �أن ي�سمح ب�سوءٍ ب�سيط �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يحدث حتى يتفادى خط ًرا عظي ًما‪ ،‬حيث ي�سمح بوجود العاهرات يف القرى حتى‬
‫يتفادى احلالة العامة لل�شهوة‪ .‬لأن القدي�س «�أوج�ستني» يقول يف كتاب ‪On Free‬‬
‫‪� ،Will‬أبعد العاهرات‪ ،‬و�ستخلق فو�ضى عارمة وحالة من ال�شهوة‪ .‬لذلك‪ ،‬عندما‬
‫ُيعب�أ �شخ�ص ما ب�إهانات و�أذى من �أي جمتمع‪ ،‬ميكنه �أن ُيربئ نف�سه من �أي تهمة‬
‫جنائية �أو مدنية ب�أن َيعر�ض على نف�سه االختبار بالعذاب‪.‬‬
‫أي�ضا‪ ،‬الأمل الذي يحدث للأيدي من احلديد ال�ساخن هو �أقل وط�أة من خ�سران‬ ‫� ً‬
‫احلياة الذي ميكن �أن يحدث يف القتال حتى املوت‪ .‬ف�إذا كان القتال حتى املوت‬
‫م�سموحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أي�ضا احلديد ال�ساخن يجب �أن يكون‬‫م�سموحا ومعتادًا‪ ،‬ف� ً‬
‫ً‬
‫‪338‬‬
‫احتجوا فيها مبا ُذكر يف ال�شريعة‪� ،‬أن الذين ميار�سون‬
‫ولكن هناك ر�ؤية م�ضادة ّ‬
‫�أ�شيا ًء كهذه يبدو �أنهم ُيغ�ضبون الرب‪ ،‬وهنا �أ ّكد العلماء �أنه جتب مالحظة كالم‬
‫القدي�س «بول�س» يف ر�سالة ت�سالونيكي الأوىل ‪« 5‬امتنعوا عن كل �شِ به �شر» وتقول‬
‫ال�شريعة يف هذا الف�صل‪� ،‬إن الذين يعملون هذه املمار�سات ُيغ�ضبون الرب‪ ،‬فحتى لو‬
‫�أراد القا�ضي �إجراء اختبار كهذا ولي�س يف قلبه �إال النية الطيبة‪ ،‬لكن ب�سبب �أن هذا‬
‫له مظهر ال�شر‪ ،‬فينبغي �أن يتم جتنبه‪.‬‬
‫�أنا �أجيب ب�أن هذه االختبارات �أو االمتحانات هي غري �شرعية ل�سببني‪ .‬الأول‪،‬‬
‫حلكم على �أمور خمفية‪ ،‬والرب فقط هو الذي يجب �أن يحكم‬ ‫لأن غر�ضها هو ا ُ‬
‫عليها‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬لأنه لي�س هناك ت�شريع �إلهي لهذه االمتحانات‪ ،‬لي�س يف �أي مكان‬

‫ﻋﺼ‬
‫يف الكتب املقد�سة وال يف كتابات القدي�سني‪ .‬وقالت ال�شريعة �أن الذي مل ُيذ َكر يف‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كتابات القدي�سني ُيعترب من البدعة‪ .‬والبابا «�ستيفان» يف نف�س الف�صل قال‪� :‬إنه‬
‫ﻜﺘ‬
‫ٌ‬
‫مرتوك للقا�ضي �أن ُيدين اجلناة املدانني باعرتافهم ال�شخ�صي �أو بالدليل‬ ‫�شي ٌء‬
‫على اجلرمية‪ ،‬ولكن ال�شيء املخفي الغري معلوم هو مرتوك للرب لأنه وحده فقط‬
‫يعلم ما يف القلوب‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ومع هذا فهناك فرق بني القتال حتى املوت وبني االمتحان باحلديد ال�ساخن �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫املاء املغلي‪ .‬لأن القتال حتى املوت يبدو �أكرث �إن�سانية ومنطقية‪ ،‬لأن املتبارز ْين يكونان‬
‫من نف�س القوة واملهارة‪ ،‬لكن االمتحان باحلديد ال�ساخن لي�س كذلك‪ .‬لأنه رغم‬
‫ﻭ‬

‫�أن غر�ض الطريقتني هو ا�ستخراج �شيء خفي‪� ،‬إال �أنه يف حالة االمتحان باحلديد‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ال�ساخن فما ُيبحث عنه هو �أن يتحمل املتهم ب�شكل �إعجازي فوق طاقة الب�شر‪ ،‬وهذه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫لي�ست احلال يف القتال حتى املوت‪ .‬بالتايل فاالمتحان باحلديد ال�ساخن هو غ ُري‬
‫متاما‪ ،‬رغم �أن القتال حتى املوت لي�س �شرع ًيا � ً‬
‫أي�ضا �إىل حد ما‪.‬‬ ‫�شرعي ً‬
‫ب�سبب تلك الكلمات للقدي�س «توما�س» والتي تو�ضح هذا االختالف‪« ،‬نيكوال�س‬
‫�أوف اليرا» يف تعليقه على القتال بني داوود وجالوت يف �سفر امللوك الأول ال�سابع‬
‫ع�شر‪ ،‬حاول �أن يثبت �أنه يف بع�ض احلاالت يكون القتال حتى املوت �شرع ًيا‪ .‬ولكن‬
‫«باول �أوف بورجو�س» �أثبت �أن الأمر لي�س كذلك بل �إن العك�س هو ما عناه القدي�س‬
‫«توما�س»‪ ،‬وكل الأمراء والق�ضاة العلمانيني ال بد �أن ينتبهوا �إىل براهينه‪.‬‬
‫‪339‬‬
‫برهانه الأول هو �أن القتال حتى املوت‪ ،‬مثل �أي امتحان باالبتالء‪ ،‬له غر�ض هو‬
‫احلكم على �شيء خمفي‪ ،‬من النوع الذي يجب �أن ُيرتك حلكم الرب‪ ،‬كما قلنا‪ .‬وال‬
‫ميكن �أن ُيقال �أن قتال داوود هو ت�شريع للقتال حتى املوت‪ ،‬لأنه قد �أوحي �إليه من‬
‫قبل الرب من خالل غريزته الداخلية �أنه يجب �أن يدخل يف هذا القتال وينتقم من‬
‫آتي �إليك‬
‫الفل�سطينيني ب�سبب ما عملوه �ضد الرب‪ ،‬كما ثبت من كلمات داوود‪� :‬أنا � ٌ‬
‫با�سم الرب احلي‪ .‬فهو هنا مل يتكلم كمقاتل‪ ،‬ولكن كمنفذ للعدالة الإلهية‪.‬‬
‫برهانه الثاين هو �أن القتال حتى املوت �أو على الأقل الرتخي�ص به‪ُ ،‬يعطى‬
‫للطرفني فر�صة ليقتال بع�ضهما‪ .‬ولكن مبا �أن واحدً ا منهما بريء‪ ،‬فالرتخي�ص هنا‬
‫ُمعطى لقتل �شخ�ص بريء‪ ،‬وهذا غري �شرعي‪ ،‬لأنه يعار�ض القانون الطبيعي وتعاليم‬

‫ﻋﺼ‬
‫الرب‪ .‬بالتايل‪ ،‬فالقتال حتى املوت هو غري �شرعي باملرة‪ ،‬لي�س فقط �أن ُيطلب من‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫أي�ضا وم�ست�شاريه‪ ،‬الذين �س ُيعتربون قتل ًة �أو‬
‫طرف املتهم ولكن من طرف القا�ضي � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫�شركاء يف القتل‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ ،‬هو ي�شري �إىل �أن القتال حتى املوت هو مبارزة بني رجلني‪ ،‬غر�ض كل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫واحد منهما هو �أن يُظهِ ر العدل يف الق�ضية بانت�صار �أحد الأطراف كما لو كان هذا‬
‫ٍ‬
‫االنت�صار ح�صل بحكم الإله‪ ،‬ورغم هذا فواحد من الأطراف يقاتل لق�ضية غري‬
‫ﺸﺮ‬

‫عادلة‪ ،‬وبهذه الطريقة فالرب يغ�ضب‪ .‬بالتايل من غري ال�شرعي لكال الطرفني �أن‬
‫يعملوا هذا‪ .‬ولكن باعتبار �أن الق�ضاة لديهم طرق �أخرى للو�صول �إىل العدل و�إنهاء‬
‫ﻭ‬

‫النزاع‪ ،‬فعندما ال ي�ستخدمون هذه الطرق الأخرى‪ ،‬وين�صحون �أو ي�سمحون بالقتال‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حتى املوت يف الوقت الذي ميكنهم منعه‪ ،‬فهم يوافقون على موت �شخ�ص بريء‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن لأنه من غري املرجح �أن «نيكوال�س» مل يكن يعرف �أو كان يجهل هذا املنطق‬
‫�أعاله‪ ،‬فن�ستنتج �أنه‪ ،‬عندما يقول �أنه يف بع�ض احلاالت ميكن �أن يحدث ال�ضرب‬
‫بدون خطيئة مميتة‪ ،‬فهو ال يتحدث عن طرف الق�ضاة �أو النا�صحني‪ ،‬بل عن القتال‬
‫الذي ُيطلب برغبة املتهم �أو خ�صمه �أنف�سهما‪.‬‬
‫ولكن مبا �أنه لي�س غر�ضنا �أن ُنطيل يف جدال مثل هذا‪ ،‬ف�سنعود �إىل �س�ؤالنا عن‬
‫ممنوعا يف احلاالت‬
‫ً‬ ‫ال�ساحرات‪ ،‬من الوا�ضح �أنه‪� ،‬إذا كان هذا النوع من االمتحان‬
‫أي�ضا يف حالة ال�ساحرات‬‫ممنوعا � ً‬
‫ً‬ ‫اجلنائية الأخرى‪ ،‬مثل ال�سرقة‪ ،‬فيجب �أن يكون‬
‫‪340‬‬
‫والالتي‪ ،‬من املتوافق عليه‪� ،‬أنهن يح�صلن على كل قوتهن من ال�شيطان‪� ،‬سواء كان‬
‫هذا لأجل �إحداث ال�ضرر �أو عالجه‪.‬‬
‫جميل �أن تخو�ض ال�ساحرات هذا االمتحان باالبتالء مب�ساعدة ال�شياطني‪،‬‬ ‫ولي�س ً‬
‫�سحت اليد بع�صري من ع�شبة معينة ميكن‬ ‫لأننا نتعلم من علماء الطبيعة �أنه �إذا ُم َ‬
‫لهذه اليد �أن ُتفظ من النار‪ .‬وال�شيطان لديه العلم نف�سه بقدرات هذه الأع�شاب‪،‬‬
‫بالتايل‪ ،‬رغم �أنه ميكن �أن يجعل يد املتهمة حممية من احلديد ال�ساخن بو�ضع مادة‬
‫يف�ضل �أن يعمل هذا الت�أثري با�ستخدام �أع�شاب طبيعية‪.‬‬ ‫ب�شكل خفي‪� ،‬إال �أنه ّ‬
‫ما ٍ‬
‫ب�شكل �أقل �أن يخ�ضن هذا االمتحان باالبتالء‪،‬‬
‫بالتايل يجب �أن ُي�سمح لل�ساحرات ٍ‬
‫ب�سبب ارتباطهن الوثيق بال�شيطان‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫هناك حادثة تو�ضح هذا اجلدل حدثت قبل ثالث �سنوات يف �أبر�شية «كون�ستان�س‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫يف مقاطعة «كونت�س �أوف فوير�ستينبري» و«بالك فوري�ست» كانت هناك �ساحرة‬
‫�شهرية حمل �شكوى من اجلميع‪ .‬ويف النهاية‪ ،‬نتيجة لطلب اجلميع‪ ،‬مت القب�ض عليها‬
‫ﻜﺘ‬
‫بوا�سطة الكونت واتُّهمت بعدد من �أعمال ال�شر وال�سحر‪ .‬وعندما مت ا�ستجوابها‬
‫وتعذيبها‪ ،‬رغبت يف الهرب من بني �أيديهم‪ ،‬فطلبت االمتحان باحلديد ال�ساخن‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والكونت‪ ،‬كونه بال خربة‪� ،‬سمح بهذا‪ .‬ثم حملت املر�أة احلديد ال�ساخن لي�س فقط‬
‫وعر�ضت �أن حتمله �إىل �أبعد من‬ ‫على املراحل الثالثة املحددة‪ ،‬ولكن ل�ست مرات‪َ ،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ذلك‪ .‬ورغم �أنهم عملوا هذا � ً‬


‫أ�صل لإثبات �أنها �ساحرة‪� ،‬إال �أنه مت حتريرها من‬
‫قيودها وخرجت ُحرة‪ ،‬وهي ال تزال حية حتى هذه اللحظة‪ ،‬وهي معروفة يف تلك‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأنحاء‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪e‬‬

‫‪341‬‬
‫السؤال ‪ .18‬طريقة النطق بالحكم النهائي والحاسم‪.‬‬

‫يف التحدث عن هذه احلاالت التي ميكن �أن ي�صل فيها القا�ضي العلماين بنف�سه‬
‫للنطق باحلكم بدون التعاون مع رجال الكني�سة �أو الأبر�شيات‪ ،‬فمن ال�ضروري �أن‬
‫نفرت�ض م�سب ًقا �أنه مما يتفق مع حماية الإميان والعدالة �أننا نحن املفت�شني يجب �أن‬
‫ُنعفى من مهمة احلكم يف هذه الق�ضايا‪ ،‬ولكن بنف�س الروح املخل�صة نحن ن�سعى �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫ُنع ِفي الأبر�شيني من هذه املهمة‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�صاف‪،‬‬
‫ب�شكل ٍ‬‫أي�ضا �أن هذه اجلرمية لل�ساحرات لي�ست كن�سية ٍ‬ ‫ال بد �أن نتذكر � ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالتايل فاحلكام امل�ؤقتني وجمل�س اللوردات لي�سوا حمرومني من احلكم فيها‪ .‬يف‬
‫نف�س الوقت ال بد �أن نو�ضح �أنه يف بع�ض احلاالت يجب �أال ي�صلوا �إىل حكم نهائي‬
‫بدون تفوي�ض �شرعي من الأبر�شيني‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن � ًأول ال بد �أن نتحدث عن احلكم نف�سه‪ ،‬ثان ًيا عن طبيعة النطق به‪ ،‬وثال ًثا‬
‫عن عدد الطرق التي ميكن �أن ُينطق بها‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫بالن�سبة لأول نقطة‪ ،‬احلكم نف�سه‪ ،‬القدي�س «�أوج�ستني» يقول �أنه يجب �أال ُينطق‬
‫ﻭ‬

‫باحلكم على �شخ�ص �إال �إذا ثبت �أنه مذنب‪� ،‬أو اعرتف‪ .‬وهناك ثالثة �أنواع من‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وحكم ابتدائي‪ .‬وهذا ُي�شرح كالتايل بوا�سطة‬ ‫وحكم نهائي‪ُ ،‬‬ ‫الأحكام‪ُ ،‬حكم عار�ض‪ُ ،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حلكم العار�ض هو الذي ال يتعلق بامل�شكلة الأ�سا�سية يف الق�ضية‪،‬‬‫القدي�س «رميوند»‪ .‬ا ُ‬


‫ولكن ببع�ض امل�شاكل اجلانبية التي تظهر خالل اال�ستماع للق�ضية‪ ،‬مثل قرار �إذا كان‬
‫ال�شاهد �سيتم رف�ضه �أم ال‪� ،‬أو �أن ُي�سمح بنوع من اخلروج عن املو�ضوع‪ .‬وهو ي�سمى‬
‫عار�ضا ب�سبب �أنه يتم بب�ساطة بوا�سطة الكلمة ال�شفهية بدون �أن َ‬
‫يو�ضع ر�سم ًيا يف‬ ‫ً‬
‫م�ستند‪.‬‬
‫نطق فيه بالقرار النهائي على امل�شكلة الأ�سا�سية يف‬ ‫حلكم النهائي هو الذي ُي َ‬ ‫ا ُ‬
‫الق�ضية‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫حلكم االبتدائي هو الذي ُينطق به بوا�سطة �سلطة �أقل بنا ًء على تعليمات �سلطة‬ ‫وا ُ‬
‫حلكم النهائي‪.‬‬ ‫�أعلى‪ .‬ولكن نحن �سنتحدث عن �أول ُحكمني‪ ،‬وخا�صة عن ا ُ‬
‫حلكم النهائي الذي مت الو�صول �إليه بدون حتقيق جيد �أو‬ ‫ثبت يف القانون �أن ا ُ‬
‫�إجراءات قانونية يف الق�ضية هو باطل وال ٍغ‪ ،‬والأداء القانوين للق�ضية يتكون من‬
‫حلكم‪� ،‬أنه يجب �أن يكون هناك ا�ستماع جيد �إىل‬ ‫�شيئني‪ .‬الأول يتعلق بقواعد ا ُ‬
‫يو�صل �إليه بدون ا�ستماعات‬ ‫حلكم الذي َ‬ ‫كل من املدعني واملدافعني‪ ،‬وا ُ‬ ‫احلجج من ٍ‬
‫حلكم ال يجب �أن يكون‬ ‫كهذه ال ميكن �أن ُيعت ّد به‪ .‬والثاين يتعلق بقواعد الق�ضاء‪� ،‬أنّ ا ُ‬
‫م�شروطا‪ ،‬كمثال‪ ،‬املطالبة بحيازة ممتلكات ال يجب �أن ُتقرر ب�شكل م�شروط على‬ ‫ً‬
‫ُمطالبة الحقة من املمتلكات‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن يف الق�ضية التي نحن ب�صددها‪ ،‬والتي هي نيابة عن الإميان �ضد االتهام‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بالهرطقة‪ ،‬فالإجراءات ب�سيطة وخمت�صرة‪� .‬أي �أن القا�ضي ال حاجة به لطلب �أي‬
‫م�ستندات‪� ،‬أو �أن ُيطالب ب�أن يحدث يف الق�ضية نزاع ون�ضال‪ .‬ولكن يجب �أن ي�سمح‬
‫ﻜﺘ‬
‫بالفر�صة للرباهني ال�ضرورية فقط‪ ،‬ويدقق يف االحتجاجات على ت�شويه ال�سمعة‪،‬‬
‫�إلخ‪ .‬وهناك م�ؤخ ًرا قانون جديد ُو�ضع للتوافق مع هذه الق�ضايا‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫حلكم يجب �أن ُينطق بوا�سطة‬ ‫حلكم‪ ،‬ا ُ‬


‫ولنتقدم الآن لثاين نقطة‪ ،‬طبيعة النطق با ُ‬
‫أي�ضا القا�ضي يجب‬ ‫�صحيحا‪ً � .‬‬
‫ً‬ ‫�شخ�ص �آخر‪ ،‬و�إال لن يكون‬
‫ٍ‬ ‫القا�ضي ولي�س بوا�سطة �أي‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أن يجل�س يف مكان م�شرف ووا�ضح للعامة‪ ،‬وال بد �أن َينطق به يف النهار ولي�س يف‬
‫حلكم يجب �أن ُيعلن يف �أيام‬ ‫امل�ساء‪ ،‬وهناك �شروط �أخرى يجب �أن ُتالحظ‪ً ،‬‬
‫مثل‪ ،‬ا ُ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الإجازات والأيام املقد�سة‪ ،‬و�أال ُي�س ّلم فقط ب�شكل مكتوب‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫مبا �أن الق�ضية يجب �أن ت�ؤ َّدى بطريقة ب�سيطة وخمت�صرة‪ ،‬فمن املفرو�ض �أن‬
‫ت�ؤ ّدى يف �أيام الإجازات والأيام املقد�سة لأجل راحة العامة‪ .‬والقا�ضي‪� ،‬إن ا�ستطاع‪،‬‬
‫ميكن �أن ميرر احلكم بدون �أن يجعله مكتو ًبا‪ .‬لأن ما و�صل �إلينا من معلومات يقول‬
‫�صحيحا بدون �أن يو�ضع يف هيئة مكتوبة‪ ،‬مثل �أن‬ ‫ً‬ ‫حلكم‬ ‫ب�أن هناك ق�ضايا يكون فيها ا ُ‬
‫أي�ضا هناك امتياز للأ�سقف عندما يكون هو‬ ‫يكون هذا عادة يف حمكمة حملية ما‪ً � .‬‬
‫للحكم ب�أن ينطق بوا�سطة �شخ�ص �آخر‪.‬‬ ‫القا�ضي‪� ،‬أنه َي�سمح ُ‬
‫يف الأفعال اجلنائية يجب �أال ي� ّؤجل تنفيذ احلكم‪ ،‬ولكن هذه القاعدة ال تكون‬
‫منا�سبة يف �أربع حاالت‪ ،‬اثنني منهم يخ�صان مو�ضوعنا‪ً � .‬أول‪ ،‬عندما تكون ال�سجينة‬
‫‪343‬‬
‫حامل‪ ،‬عندها ي�ؤجل احلكم حتى تلد‪ .‬وثان ًيا‪ ،‬عندما تعرتف ال�سجينة‬ ‫ً‬ ‫امر�أة‬
‫بجرميتها‪ ،‬ثم بعد ذلك ُتنكرها‪ ،‬يعني بالطريقة التي و�ضحناها يف ال�س�ؤال الرابع‬
‫ع�شر‪.‬‬
‫وقبل �أن نتقدم �إىل املو�ضوع الثالث‪ ،‬حتديدً ا الطرق املختلفة لتمرير احلكم‬
‫والتي �سنتحدث عنها حتى نهاية هذا العمل‪ ،‬يجب � ًأول �أن ن�ضع بع�ض املالحظات‬
‫عن الطرق املختلفة التي ي�صري فيها ال�شخ�ص م�شتب ًها فيه‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪344‬‬
‫السؤال ‪ .19‬عن الدرجات المختلفة لالشتباه التي‬
‫ً‬
‫قابل للحكم عليه‪.‬‬ ‫تجعل المتهم‬

‫كل من الت�شريع القدمي واجلديد ُيعطي �إجابة ل�س�ؤال كم عدد وما هي الطرق‬
‫التي ميكن �أن يكون ال�شخ�ص بها م�شتب ًها فيه بالهرطقة �أو �أي جرمية �أخرى‪ ،‬وهل‬

‫ﻋﺼ‬
‫ميكن �أن يحكموا عليه ب�سبب اال�شتباه فقط‪ .‬لأن التف�سري يف ال�شريعة يقول �أن هناك‬
‫�أربع طرق لإدانة �سجني‪� ،‬إما ب�شهادة ال�شهود يف املحكمة‪� ،‬أو بالدليل على اجلرمية‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أو ب�سبب �إدانات �سابقة �ضد ال�سجني‪� ،‬أو ب�سبب ا�شتبا ٍه خطري‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫وعلماء ال�شريعة يذكرون �أن اال�شتباه ثالثة �أنواع‪ .‬الأول هو عندما تقول ال�شريعة‬
‫«يجب �أال حتكم على �أي �أحد ب�سبب �أنه م�شتب ٌه به يف ر�أيك»‪ ،‬الثاين هو اال�شتباه‬
‫املحتمل وهو الذي ي�ؤدي �إىل �إجراء التطهري على املتهم‪ ،‬الثالث هو اال�شتباه اخلطري‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وهذا ي�ؤدي �إىل �إدانة املتهم‪ .‬والقدي�س «جريوم» يفهم هذا النوع من اال�شتباه عندما‬
‫يقول �أن الزوجة ميكن �أن ُتط ّلق ب�سبب الزنا �أو ب�سبب اال�شتباه يف الزنا‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا �أن اال�شتباه املحتمل �إمنا ُيق ّدم يف الق�ضية على �أنه ن�صف‬ ‫يجب �أن نذكر � ً‬
‫برهان‪� ،‬أي �أنه ي�ساعد يف تثبيت الرباهني الأخرى‪ .‬بالتايل ميكنه � ً‬
‫أي�ضا �أن ُيو�صل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫حلكم‪ ،‬ولي�س فقط �إىل التطهري‪.‬‬ ‫�إىل ا ُ‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫بتطبيق هذا على مناق�شتنا عن هرطقة ال�ساحرات والقوانني احلديثة‪ ،‬نقول �أنه‬
‫يف القانون هناك ثالث درجات لل�شك يف الهرطقة‪ ،‬الأوىل خفيفة‪ ،‬والثانية كبرية‪،‬‬
‫والثالثة كبرية جدً ا‪.‬‬
‫الأوىل يف القانون ت�سمى اال�شتباه الطفيف‪ .‬عن هذا قيل يف ال�شريعة‪� :‬إذا مت‬
‫ال�شك يف املتهمة فقط �ش ًكا طفي ًفا‪ ،‬فرغم �أنها يجب �أن تعاقب ب�شدة على هذا‪ ،‬لكن‬
‫ال يجب �أن تعاين من عقوبة �أولئك الذين عادوا �إىل الهرطقة‪ .‬وهذا ال�شك ي�سمى‬
‫طفي ًفا‪ ،‬ب�سبب �أنه ميكن �إزالته بدفاع ب�سيط و�سهل‪ ،‬وب�سبب �أنه ح�صل نتيجة ٍ‬
‫حد�س‬
‫ب�سيط‪.‬‬
‫‪345‬‬
‫كمثال على الهرطقة الب�سيطة‪� ،‬إذا ُوجد �أنا�س يجتمعون مع بع�ضهم لغر�ض‬
‫العبادة‪ ،‬ويختلفون يف طرق حياتهم وت�صرفاتهم عن العادات املعتادة للم�ؤمنني‪،‬‬
‫ك�أن يجتمعوا م ًعا يف الأكواخ واملخابئ‪� ،‬أو يف املوا�سم املقد�سة يف حقول بعيدة �أو‬
‫غابات‪ ،‬بالنهار �أو بالليل‪� ،‬أو بطريقة �أن يعزلوا �أنف�سهم عن ح�ضور القدا�س الإلهي‬
‫يف الوقت املعتاد وبالطريقة املعتادة‪� ،‬أو يعملوا �صداقات �سرية مع من ي�شتبه فيهن‬
‫�أنهن �ساحرات‪ ،‬ه�ؤالء النا�س يجلبون على �أنف�سهم اال�شتباه الطفيف بالهرطقة‪،‬‬
‫ب�سبب �أنه ثبت �أن املهرطقني عاد ًة ما يت�صرفون بهذه الطريقة‪ .‬وعن ال�شك الطفيف‬
‫ب�شك ب�سيط �أنهم انحرفوا عن تعاليم وطريق‬ ‫يقول القانون‪ :‬ه�ؤالء الذين ا�شتُبه ٍ‬
‫بحكم �ضدهم‪.‬‬
‫الدين امل�سيحي فهم ال ُي�صنفون على �أنهم هراطقة‪ ،‬وال ُينطق ٍ‬

‫ﻋﺼ‬
‫«هرني �أوف �سيجو�سيو» يوافق هذا يف كتابه ‪ ،Summa‬عندما يقول‪ :‬امل�شتبه فيه‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫هرط ًقا‪.‬‬
‫بحجة ب�سيطة ال يعترب ُم ِ‬ ‫بالهرطقة ُ‬
‫ﻜﺘ‬
‫اال�شتباه اخلطري ي�سمى يف القانون ا�شتباهً ا �شديدً ا‪ ،‬وال�شريعة تقول‪ :‬ال�شخ�ص‬
‫املتهم �أو امل�شتبه فيه بالهرطقة‪ ،‬با�شتبا ٍه خطري �أو �شديد على جرميته‪� ،‬إلخ‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وتكمل‪ :‬وهذان لي�سا نوعني و�إمنا نف�س النوع من ال�شك‪ .‬و«بريناردو�س بابين�سي�س»‬
‫و«هوجو�شيو» يقوالن �أن اال�شتباه ال�شديد هو نف�سه اال�شتباه القوي واال�شتباه العظيم‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫و�سمي كذلك لأنه‬ ‫بالتايل فاال�شتباه العظيم ي�سمى � ً‬


‫أي�ضا ا�شتباهً ا �شديدً ا �أو قو ًيا‪ُ ،‬‬
‫دح�ض �إال بدفاع �شديد �أو قوي‪ ،‬ولأنه يح�صل ب�سبب حد�س قوي و�شديد وحجج‬ ‫ال ُي َ‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مثال على ا�شتباه هرطقة من هذا النوع‪ ،‬عندما جند �أن‬ ‫عظيمة و�أدلة قوية‪ .‬لن�أخذ ً‬
‫أنا�سا خب�أوا مهرطقني معروفني‪ ،‬وقدموا لهم معرو ًفا‪� ،‬أو زاروهم �أو تعاملوا معهم‬ ‫� ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫و�أعطوهم هدايا‪� ،‬أو ا�ستقبلوهم يف بيوتهم �أو حموهم‪ ،‬ه�ؤالء الأ�شخا�ص ُيعتربون‬
‫م�شتب ًها فيهم بقوة وب�شدة يف الهرطقة‪.‬‬
‫بحب جارف �أو كر ٍه‬ ‫وهنا يجب �أن نذكر خا�ص ًة الرجال والن�ساء الذين يتعلقون ٍ‬
‫مفرط‪ ،‬فحتى �إذا مل يعملوا �أي �ضرر للإن�سان �أو احليوان ب�أي طريقة‪� .‬إال �أنه ه�ؤالء‬
‫الذين يت�صرفون بهذه الطريقة يتم اال�شتباه فيهم ا�شتباهً ا قو ًيا‪ .‬وهذا ّ‬
‫مو�ضح‬
‫بال�شريعة عندما تقول �أنه ال �شك �أن ه�ؤالء الأ�شخا�ص يت�صرفون بهذه الطريقة‬
‫تعاطف ما مع هرطق ٍة ما‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ب�سبب‬
‫‪346‬‬
‫الثالث هو اال�شتباه الأعظم‪ ،‬وهو يف القانون ي�سمى اال�شتباه العنيف �أو احلرج‪،‬‬
‫لأن ال�شريعة والتف�سري من رئي�س ال�شمام�سة و«جيوفاين دي �أندريا» يقولون �أن‬
‫كلمة �شديد لي�س لها نف�س معنى كلمة عنيف‪ .‬وعن هذا اال�شتباه تقول ال�شريعة‪:‬‬
‫هذا اال�شتباه ي�سمى عني ًفا لأنه ُيجرب القا�ضي بعنف على �أن ي�صدقه‪ ،‬وال ميكن �أن‬
‫حد�س عنيف ومقنع‪.‬‬ ‫أي�ضا ب�سبب �أنه يح�صل من ٍ‬ ‫ُيدح�ض ب�أي مراوغة‪ :‬و� ً‬
‫أنا�سا ُيظهرون توق ًريا للمهرطقني‪� ،‬أو‬ ‫مثال على ا�شتباه كهذا‪� ،‬إذا ُوجد �أن � ً‬
‫أمر �آخر بالتوافق مع طقو�سهم‬ ‫ي�أخذون العزاء منهم وي�شاركونهم‪� ،‬أو يرتكبون �أي � ٍ‬
‫ومنا�سباتهم‪ ،‬فه�ؤالء الأ�شخا�ص يقعون حتت اال�شتباه العنيف واملق ِنع بالهرطقة‬
‫(انظر الف�صول العديدة عن هذا الأمر يف الكتاب ال�ساد�س من ال�شريعة) لأنه‬

‫ﻋﺼ‬
‫�شك �أن ه�ؤالء الأ�شخا�ص يت�صرفون بهذه الطريقة ب�سبب �أنهم ي�ؤمنون‬ ‫لي�س هناك ٌ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بهرطقة ما‪.‬‬
‫الأمر نف�سه بالن�سبة لهرطقة ال�ساحرات وه�ؤالء الذي ميار�سون وي�صرون‬
‫ﻜﺘ‬
‫على ممار�سة الأفعال التي تتبع طقو�س ال�ساحرات‪ .‬هناك �أنواع عديدة لال�شتباه‬
‫يف حالة ال�ساحرات‪ ،‬يف بع�ض الأحيان يح�صل جمرد خطاب تهديدي مثل « �أنت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫قري ًبا �ست�شعر ما الذي �سيح�صل لك « �أو �شيء من هذا النوع‪ .‬وبع�ض الأحيان من‬
‫�شخ�ص �أو على حيوان‪ .‬ويف بع�ض الأحيان فقط‬ ‫ٍ‬ ‫مل�سة‪� ،‬أن ي�ضعن �أيديهن بف�ضول على‬
‫ﺸﺮ‬

‫ُيظهرن �أنف�سهم للعني‪ ،‬مثل �أن ُيظهرن �أنف�سهن يف النهار �أو يف الليل للآخرين الذين‬
‫هم نائمون يف �سرائرهم‪ ،‬وهذا ميكن �أن يعملنه �إذا �أردن �أن ي�سحرن الأ�شخا�ص‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫واحليوانات‪ .‬ولكن يف �إثارة العوا�صف الباردة فهن يعملن عدة طرق وطقو�س‪،‬‬
‫أفعال عديدة قرب النهر‪ ،‬لقد و�ضحنا هذا من قبل عندما حتدثنا عن‬ ‫ويعملن � ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مو�ضوع ُطرق عمل ال�سحر‪.‬‬


‫وعندما تكون هناك �ساحرات �شهريات ف�إنه تتم �إدانتهن باال�شتباه العنيف‬
‫ري �سحري يتبع �أحد �أفعالهن‪� ،‬إما �أن‬ ‫بالهرطقة وال�سحر‪ ،‬خا�ص ًة عندما يحدث ت�أث ٌ‬
‫يتبعه ب�سرعة �أو بعد فرتة‪ .‬وميكن �أن يكون هناك دليل مبا�شر عندما توجد �أي �أداة‬
‫أي�ضا رغم �أنه عندما يكون هناك فرتة من‬ ‫مكان ما‪ .‬و� ً‬
‫من �أدوات ال�سحر خمفية يف ٍ‬
‫الوقت قبل حدوث الت�أثري والدليل على اجلرمية لي�س قو ًيا جدًّا‪� ،‬إال �أن ال�ساحرة تظل‬
‫حتت اال�شتباه القوي بال�سحر‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫و�إذا جاء �س�ؤال هل ال�شيطان ال ميكنه �أن يحدث ال�ضرر على الأ�شخا�ص‬
‫الطرق التي ُتظهر ال�ساحرة فيها نف�سها �أو تلم�س الأ�شياء‪ ،‬وجنيب‬ ‫واحليوانات بدون ُ‬
‫ب�شكل �أكرب يف حالة املخلوق‬
‫عطى ٍ‬ ‫ب�أنه ميكنه‪ ،‬عندما ي�سمح الرب‪ .‬ولكن �سماح الرب ُي َ‬
‫املك ّر�س للرب‪ ،‬الذي ب�إنكار الإميان وافق على عمل جرائم �شنعاء‪ ،‬وبالتايل ال�شيطان‬
‫عاد ًة ما ي�ستخدم هذه الطرق لأذية املخلوقات املكر�سة‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا‪ ،‬رغم �أن ال�شيطان‬
‫ميكن �أن يعمل بدون �ساحرة‪� ،‬إال �أنه ُيف�ضل ب�شكل كبري �أن يعمل مع �ساحرة‪ ،‬لأ�سباب‬
‫كثرية و�ضحناها �ساب ًقا يف هذا العمل‪.‬‬
‫جلمع اال�ستنتاجات على هذا الأمر‪ ،‬نقول‪ ،‬باتباع الفروقات املذكورة �أعاله‪،‬‬
‫فه�ؤالء امل�شتبه فيهم بهرطقة ال�سحر ينق�سمون �إىل ثالثة �أنواع‪ ،‬ا�شتباه طفيف‬

‫ﻋﺼ‬
‫وقوي وعنيف‪ .‬وهم ي�شتبه فيهم ا�شتباهً ا طفي ًفا عندما يت�صرفون بطريقة تثري �ش ًكا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫طفي ًفا �ضدهم بالهرطقة‪ .‬ورغم هذا‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬ال�شخ�ص امل�شتبه فيه بهذه الطريقة‬
‫ال ي�سمى مهرط ًقا‪ ،‬ولكن يجب �أن ُيجرى عليه التطهري القانوين‪ ،‬و ُيفر�ض عليه نطق‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إنكار الهرطقة ر�سم ًيا‪ ،‬هذا يف حالة اال�شتباه الب�سيط بالهرطقة‪.‬‬
‫لأن ال�شريعة تقول‪ :‬ه�ؤالء الذين ُوجد �أنهم يقعون حتت ال�شك املحتمل (وهو‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كما يقول «هرني �سيجو�سيو» ال�شك الطفيف)‪ ،‬مع مراعاة طبيعة ال�شك وطبيعة‬
‫الأ�شخا�ص‪ ،‬يجب �أن ُيثبتوا �أنهم �أبرياء بعمل التطهري‪ .‬و�إذا ا�ستمروا يف العناد يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫حظرهم الكن�سي لفرتة �سنة‪ ،‬ف�إنهم ي�صبحون هراطقة‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫وهذا ال�شخ�ص الذي حتت ال�شك الطفيف يجب �أن َينطق ب�إنكار ر�سمي كما هو‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مو�ضح يف ال�شريعة حيث تقول‪ :‬ال�شخ�ص املتهم �أو امل�شتبه فيه بالهرطقة وهناك‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ا�شتباه قوي يف �أنه عمل هذه اجلرمية‪� ،‬إذا �أنكر الهرطقة �أمام القا�ضي ثم بعد ذلك‬
‫ارتكبها‪ ،‬عندها‪ ،‬يجب �أن ُيحكم عليه على �أنه عاد �إىل الهرطقة‪ ،‬رغم �أن الهرطقة‬
‫مل تثبت �ضده قبل �إنكاره‪ .‬ولكن �إذا كان اال�شتباه يف البداية ً‬
‫ب�سيطا �أو طفي ًفا‪ ،‬فرغم‬
‫قابل للعقاب القا�سي‪� ،‬إال �أنه ال يعاين من عقاب ه�ؤالء‬‫�أن عودة كهذه جتعل املتهم ً‬
‫الذين عادوا �إىل الهرطقة‪.‬‬
‫ولكن ه�ؤالء الذين عليهم ا�شتباه قوي‪ ،‬يعني ه�ؤالء الذين ت�صرفوا بطريقة‬
‫ُتدث �ش ًكا قو ًيا فيهم‪ ،‬فه�ؤالء لي�سوا بال�ضرورة هراطقة �أو ميكن �أن يدانوا على‬
‫�أنهم كذلك‪ .‬لأنه قيل بو�ضوح يف ال�شريعة �أنه ال �أحد يكون ُمدا ًنا بجرمية كبرية كهذه‬
‫‪348‬‬
‫أي�ضا‪ :‬نحن نقرر ب�أنه‪ ،‬عندما يكون املتهم فقط حتت‬ ‫مبجرد اال�شتباه القوي وتقول � ً‬
‫اال�شتباه‪ ،‬حتى لو كان ا�شتباهً ا قو ًيا‪ ،‬فنحن ال ندينه بجرمية عظيمة كهذه‪ ،‬ولكن‬
‫ال�شخ�ص امل�شتبه فيه بقوة يجب �أن ي�ؤمر ب�أن ينكر كل الهرطقة عامة‪ ،‬وحتديدً ا‬
‫ال�شيء الذي هو م�شتبه فيه بقوة‪.‬‬
‫ولكن �إذا عاد بعد ذلك �إما �إىل الهرطقة الأوىل �أو �إىل هرطق ٍة ثانية‪� ،‬أو �إذا‬
‫ارتبط بواحدة من ه�ؤالء املعلوم �أنهن �ساحرات �أو هراطقة‪� ،‬أو زارهن �أو ا�ستقبلهن‬
‫�أو ا�ست�شارهن �أو عفا عنهن‪� ،‬أو قدم لهن معرو ًفا‪ ،‬فيجب �أال يهرب من عقاب‬
‫خم�ص�ص يف ال�شريعة لل�شخ�ص العا�صي املنحرف‪ ،‬وف ًقا لل�شريعة التي تقول‪ :‬هذا‬
‫متورطا يف نوع �أو طريقة من الهرطقة‪� ،‬أو �أخط�أ يف بند من بنود الإميان‬ ‫ً‬ ‫الذي يكون‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�شكل حمدد و�أنكر الهرطقة‬ ‫�أو الأ�سرار املقد�سة للكني�سة‪ ،‬وبعدها �أنكر هرطقته ٍ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�سر �آخر من‬ ‫بند �آخر �أو ٍ‬‫ب�شكل عام‪ ،‬ثم اتّبع بعد ذلك هرطقة �أخرى‪� ،‬أو �أخط�أ يف ٍ‬
‫�أ�سرار الكني�سة‪ ،‬ف�إننا نرغب يف �أن ُيحكم عليه كال�شخ�ص العا�صي املنحرف‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ثالث حاالت ميكن لل�شخ�ص امل�شتبه فيه‬ ‫من هذه الكلمات يت�ضح �أن هناك ُ‬
‫بقوة �أن يعا َقب كعا�صي منحرف بعد �إنكاره الهرطقة‪ ،‬الأوىل عندما يرجع �إىل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫نف�س الهرطقة التي ا�شتُبه فيه بها‪ .‬والثانية عندما ينكر كل الهرطقات ثم يعود �إىل‬
‫هرطق ٍة �أخرى مل ي�شتبه فيه بها �أو ا ُتهم بها من قبل‪ .‬والثالثة هي عندما ي�أخذ �أو‬
‫ﺸﺮ‬

‫يعطي �أي معروف لهراطقة‪ .‬وهذه الأخرية ت�شمل وتت�ضمن عدة حاالت‪.‬‬
‫ولكن جاء �س�ؤال‪ ،‬ما الذي يجب عمله عندما يرف�ض ال�شخ�ص الواقع حتت‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫اال�شتباه القوي �أن ي�ستجيب لأمر القا�ضي ب�أن ينكر الهرطقة‪ ،‬كيف عندها تكون‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الإجراءات �ضد ال�شخ�ص؟ وجنيب ب�أن القا�ضي يجب �أن يعمل �إجراءاته �ضده وف ًقا‬
‫لل�شريعة‪ ،‬فيجب �أن ي�ضعه حتت احلظر الكن�سي‪ .‬و�إذا ا�ستمر يف العناد بعد �سنة من‬
‫احلظر الكن�سي‪ ،‬ف�إنه ُيدان ب�أنه مهرطق‪.‬‬
‫هناك �آخرون ي�شتبه فيهم ا�شتباهً ا عني ًفا‪� ،‬أي �أن �أفعالهم �أثارت حولهم ا�شتباهً ا‬
‫ٌ‬
‫مقبو�ض عليهم‬ ‫عني ًفا‪ ،‬وه�ؤالء يجب �أن يعتربوا هراطقة‪ ،‬ويجب �أن ُيعاملوا على �أنه‬
‫بالهرطقة‪ ،‬وف ًقا لقانون ال�شريعة‪ .‬فه�ؤالء �إن �أرادوا �أن يعودوا �إىل الإميان وينكروا‬
‫الهرطقة‪ ،‬فيجب �أن يتوبوا‪ ،‬ولكن �إذا رف�ضوا �أن ينكروا الهرقطة‪ ،‬يجب �أن يتم‬
‫ت�سليمهم للمحكمة العلمانية لينالوا عقابهم‪.‬‬
‫‪349‬‬
‫ولكن �إذا مل يعرتف الواحد منهم بجرميته بعد �أن متت �إدانته‪ ،‬ومل يقبل �أن ُينكر‬
‫الهرطقة‪ ،‬يجب �أن ُيدان على �أنه �شخ�ص مهرطق غري تائب‪ .‬لأن اال�شتباه القوي‬
‫كاف للإدانة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وهناك نوع ا�سمه الهرطقة الوا�ضحة‪ ،‬حيث لي�س هناك دليل مبا�شر �أو غري‬
‫مبا�شر على اجلرمية‪ ،‬كما �سيتم عر�ضه يف الطريقة ال�ساد�سة من طرق مترير‬
‫احلكم‪ ،‬وفيها ُيدان ال�شخ�ص بالهرطقة حتى لو مل يكن مهرط ًقا‪ :‬فماذا عن هرطقة‬
‫ال�ساحرات وهي �أكرب‪ ،‬حيث يكون هناك دائ ًما ً‬
‫دليل مبا�ش ًرا ب�سحر الأطفال �أو‬
‫مبا�شر ب�أدوات ال�سحر التي مت �إيجادها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الأ�شخا�ص �أو احليوانات‪� ،‬أو دليل غري‬

‫ﻋﺼ‬
‫ورغم �أنه يف حالة الهرطقة الوا�ضحة ه�ؤالء التائبني واملنكرين لها بعد‬
‫اعرتافهم وتوبتهم يتم �سجنهم مدى احلياة‪ ،‬لكن رغم �أن القا�ضي الكن�سي ميكن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن يقبل ال�سجني على �أنه تائب �إال �أن القا�ضي املدين ميكنه ب�سبب الأ�ضرار التي‬
‫عملها ال�سجني �أن يقول �أن هناك �أ�ضرا ًرا مت عملها للأ�شخا�ص واملا�شية واملمتلكات‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ويحكم عليه باملوت‪ ،‬والقا�ضي الكن�سي لن ي�ستطيع �أن مينع هذا‪ ،‬لأنه حتى لو مل يتم‬
‫ت�سليمه للعقوبة‪� ،‬إال �أنه جمرب ب�أن ي�سلمه بطلب من القا�ضي املدين‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪350‬‬
‫السؤال ‪ .20‬عن الطريقة األولى للنطق بالحكم‪.‬‬

‫املتهمة �إما �أن ُيحكم �أنها بريئة ومغفو ًرا لها بالكامل‪� ،‬أو ُيحكم �أنها مذنبة‬
‫وم�ش َّوه ٌة �سمعتها بالهرطقة‪� ،‬أو ُيحكم �أنه يجب �أن تخ�ضع لال�ستجواب والتعذيب‬
‫ب�سبب �سمعتها‪� ،‬أو ُيحكم �أنها م�شتبه فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا بالهرطقة‪� ،‬أو ُيحكم �أنها‬
‫م�شتبه بها ا�شتباه ًا قو ًيا �أو �شديدً ا بالهرطقة‪� ،‬أو ُيحكم �أنها م�ش ّوهة ال�سمعة وكذلك‬

‫ﻋﺼ‬
‫م�شتبه فيها بالهرطقة يف نف�س الوقت‪� ،‬أو ُيحكم �أنها مع ِرتفة بهرطقتها ونادمة ولكن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫انتك�ست مرة �أخرى‪� ،‬أو ُيحكم �أنها اعرتفت بهرطقتها وغري نادمة‪� ،‬أو ُيحكم �أنها‬
‫اعرتفت ولكن ب�شهادة ال�شهود �أو بطريقة �أخرى ّمتت �إدانتها بالهرطقة‪� ،‬أو ُيحكم‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنها مدانة بالهرطقة ولكنها هربت �أو غابت‪� ،‬أو ُيحكم �أنها عملت ال�ضرر بوا�سطة‬
‫ال�سحر ولكنها �أزالت الأ�سحار بطرق غري �شرعية‪� ،‬أو ُيحكم �أنه �ساحر من ال�سحرة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الرماة‪� ،‬أو م�شعوذ ذو �أ�سلحة �سحرية مميتة‪� ،‬أو ُيحكم �أنها من املولدات ال�ساحرات‬
‫التي تهب الأطفال لل�شيطان‪� ،‬أو ُيحكم �أنها تعمل التما�سات خمادعة يف الق�ضية حتى‬
‫ﺸﺮ‬

‫حتتفظ بحياتها‪.‬‬
‫و�إذا ُوجد ب�أنها بريئة بالكامل‪ ،‬فاحلكم النهائي يجب �أن ُينطق بالطريقة التالية‪:‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هنا يجب �أن ُيذكر �أنه قد ُوجد �أن املتهمة بريئة كل ًيا بعد �أن ّمتت مناق�شة حقائق‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الق�ضية باجتهاد با�ست�شارة املحامني املاهرين‪ ،‬فلم تثبت عليها التهمة‪ ،‬ال باعرتافها‬
‫ال�شخ�صي وال بدليل على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود ال�شرعيني (حيث �أنه ت�ضاربت‬
‫�آرا�ؤهم يف امل�س�ألة)‪ ،‬واملتهمة مل ي�شتبه فيها �أبدً ا من قبل �أو مت ت�شويه �سمعتها فيما‬
‫يتعلق بهذه اجلرمية (ولكن احلالة �ستكون خمتلفة �إذا كانت قد ت�شوهت �سمعتها‬
‫بجرمية �أخرى) و�سيتم العفو عنها بوا�سطة الأ�سقف �أو القا�ضي باحلكم كالتايل‪:‬‬
‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب‪� ،‬أ�ساقفة القرية الفالنية (�أو القا�ضي)‪ ،‬نعترب‬
‫أنك يا فالنة من قرية كذا و�أبر�شية كذا قد مت اتهامك من ق َبلنا بجرمية الهرطقة‬ ‫� ِ‬
‫وحتديدا ال�سحر‪ ،‬وهذا االتهام مل يكن من املمكن �أن منرره بعيون مرتاحة‪� ،‬إال‬
‫‪351‬‬
‫�أننا قد تنازلنا الآن عن املطالبة باالتهام املذكور والذي كان ميكن �أن يث ُبت �أنه‬
‫�صحيح‪ .‬وبا�ستدعاء ال�شهود‪ ،‬وبالتحقيق معك‪ ،‬وبا�ستخدام طرق �أخرى تتوافق‬
‫مع الت�شريعات‪ ،‬ر�أينا وفح�صنا كل ما قيل يف هذه الق�ضية‪ ،‬وح�صلنا على م�شورة‬
‫حمامني متعلمني والهوتيني‪ ،‬و�أعدنا الفح�ص والتدقيق يف كل �شيء‪.‬‬
‫ونحن اجلال�سني كق�ضاة يف هذه املحكمة ولي�س �أمام �أعيننا �إال الرب واحلق يف‬
‫الق�ضية‪ ،‬وهذه الأناجيل الأربعة مو�ضوعة �أمامنا‪ ،‬نقول �أن حكمنا �سيجري بت�أييد من‬
‫الرب و�أعيننا لن ترى �إال الإن�صاف‪ ،‬فنحن نتقدم بحكمنا النهائي بهذه الطريقة‪،‬‬
‫بذكر ا�سم امل�سيح‪� .‬أنه بهذا الذي ر�أينا و�سمعنا‪ ،‬وما ُعر�ض �أمامنا‪ ،‬وما مت تنفيذه‬
‫يف هذه الق�ضية‪ ،‬مل جند �أن �أي �شيء قد مت �إثباته �ضدك من هذه الأ�شياء التي مت‬

‫ﻋﺼ‬
‫اتهامك بها من ق َبلنا‪ ،‬ونحن ننطق ونعلن‪ ،‬ونعطي ا ُ‬
‫حلكم النهائي ب�أنه ال �شيء قد مت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�إثباته �ضدك من الذي كان ميكن �أن ُيحكم عليك فيه كمهرطقة �أو �ساحرة‪ .‬وبهذا‬
‫الإعالن‪ ،‬واحلكم‪ ،‬نحن نحررك‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ويجب �أال يو�ضع يف �أي مكان من احلكم �أن املتهمة بريئة �أو معفاة‪ ،‬ولكن يقال‬
‫فقط �أنه مل يتم الإثبات قانون ًيا �ضدها‪ ،‬لأنها رمبا تعود بعد وقت قليل �إىل املحكمة‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ب�أدلة مثبتة �ضدها‪ .‬الحظ � ً‬


‫أي�ضا �أن نف�س الطريقة من التربئة ميكن �أن ت�ستخدم يف‬
‫حالة ال�شخ�ص املتهم با�ستقبال �أو بحماية �أو بعمل املعروف للمهرطقني‪ ،‬عندما ال‬
‫ﺸﺮ‬

‫يتم �إثبات �أي �شيء �ضده‪.‬‬


‫والقا�ضي العلماين املفو�ض من الأ�سقف ميكن �أن ي�ستخدم طريقته اخلا�صة يف‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫النطق باحلكم‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪e‬‬

‫‪352‬‬
‫السؤال ‪ .21‬عن الطريقة الثانية للنطق بالحكم‬
‫عندما تكون المتهمة فقط سيئة السمعة‪.‬‬

‫الطريقة الثانية لأداء احلكم ميكن �أن ت�ستخدم عندما يجدوا بعد املناق�شة‬
‫املجتهدة يف وقائع الق�ضية وا�ست�شارة املحامني املتعلمني‪� ،‬أن املتهمة هي فقط �سيئة‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�سمعة كمهرطقة يف قرية ما �أو مدينة �أو مقاطعة‪ .‬ومل يثبت �ضدها �أي �شيء ال‬
‫باعرتافها ال�شخ�صي وال ب�أدلة على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود‪ ،‬وال يوجد �شيء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مثبت �ضدها �إال �أنها �ضحية لقذف من عامة النا�س‪ :‬وال يوجد �أي فعل �سحر ميكن‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن يتم �إثباته �أو مبوجبه ي�شتبه فيها ا�شتباهً ا قو ًيا‪ ،‬كمثل �أن تقول كلمات مهددة مثل‬
‫«�أنت �ست�شعر قري ًبا مبا �سيح�صل لك»‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف هذه الق�ضية ال ميكن احلكم على املتهمة‪ ،‬وال ت�ستطيع �أن حت�صل على التربئة‬
‫بالطريقة الأوىل‪ ،‬ولكن التطهري الكن�سي القانوين يجب �أن يتم �إجرا�ؤه عليها‪ .‬ويجب‬
‫ﺸﺮ‬

‫على الأ�سقف �أو نائبه‪� ،‬أو القا�ضي‪� ،‬أن يالحظ �أنه‪ ،‬يف حالة الهرطقة‪ ،‬لي�س واج ًبا‬
‫�أن يكون ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة عند الأ�شخا�ص ال�صاحلني واملحرتمني فقط‪ ،‬لأن‬
‫ﻭ‬

‫االنتقاد الذي ي�صدر من ال�شخ�ص العامي الب�سيط له نف�س الوزن‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫و�أي مهرطق ميكن �أن يتم اتهامه بوا�سطة �أي �أحد‪� ،‬إال بوا�سطة �أعدائه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ال�شخ�صيني‪ ،‬وميكن � ً‬
‫أي�ضا لأي �أحد �أن ي� ِّسوء �سمعته‪.‬‬
‫بالتايل يجب على الأ�سقف �أو القا�ضي �أن َينطقوا باحلكم بالتطهري الكن�سي‬
‫بهذه الطريقة �أو �شبهها‪:‬‬
‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب �أ�سقف قرية كذا‪� ،‬أو القا�ضي على مدينة كذا‪،‬‬
‫بفح�ص الوقائع باجتهاد يف الق�ضية التي عملناها نحن �ضدك يا فالنة من �أبر�شية‬
‫كذا املتهمة �أمامنا بجرمية الهرطقة‪� ،‬إلخ‪ .‬فنحن مل جند �أنك اعرتفت �أو متت‬
‫�إدانتك باخلطيئة املذكورة �أو �أنك حتى م�شتبه فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا‪� ،‬إال �أننا وجدنا‬
‫‪353‬‬
‫�أنك ح ًقا ذات �سمعة �سيئة عند ال�صاحلني يف القرية الفالنية وعند ال�سيئني‪ ،‬و�أنه‬
‫حتى تكونني ذات � ٍأثر جيد فنحن نفر�ض عليك بالقانون تطه ًريا كن�س ًيا‪ ،‬وقد عيناه‬
‫لك يف يوم كذا من �شهر كذا يف ال�ساعة كذا‪ ،‬عندها يجب �أن َت�ضري ب�شخ�صك‬
‫�إلينا مع عدد كبري من النا�س ذوي املنزلة االجتماعية املت�ساوية معك لتطهريك من‬
‫رجال ذوي �إميان كاثوليكي وحياة �صاحلة من الذين‬ ‫ال�سمعة ال�سيئة‪ .‬و�أن يكونوا ً‬
‫يعلمون عاداتك وطريقتك يف احلياة لي�س فقط يف الوقت احلايل ولكن يف املا�ضي‪.‬‬
‫ونحن نفيدك ب�أنه لو ف�شلت يف التطهري‪ ،‬ف�إنك �ستكونني مدانة‪ ،‬وف ًقا لعقوبات‬
‫ال�شريعة‪.‬‬
‫ب�شكل‬
‫هنا يجب �أن نقول ب�أنه عندما يوجد �أن ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة بالهرطقة ٍ‬

‫ﻋﺼ‬
‫واف من العامة‪ ،‬وال �شيء ثبت �ضده �إال هذه ال�سمعة ال�سيئة‪ ،‬فالتطهري يجب �أن يتم‬ ‫ٍ‬
‫عليه‪ .‬وهو �أن ُيح�ضر مثل �سبعة �أو ع�شرة �أو ع�شرين �أو ثالثني ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫رجل‪ ،‬ح�سب حجم‬
‫ال�سمعة التي خرجت عليه وح�سب حجم املكان الذي �ساءت فيه �سمعته‪ ،‬وه�ؤالء‬
‫ﻜﺘ‬
‫الرجال الذين �سيح�ضرهم ال بد �أن يكونوا يف مثل منزلته االجتماعية وحالته‪.‬‬
‫مثل‪� ،‬إذا كان ال�شخ�ص �سيئ ال�سمعة متدي ًنا‪ ،‬ال بد �أن يكونوا متدينني‪ ،‬و�إذا كان‬‫ً‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫علمان ًّيا‪ ،‬ال بد �أن يكونوا علمانيني‪ ،‬و�إذا كان ُجند ًّيا‪ ،‬يجب �أن يكونوا جنودًا‪ ،‬ليطهروه‬
‫من ال�سمعة ال�سيئة‪ .‬وه�ؤالء الراعني له يجب �أن يكونوا من الذين ي�ؤدون الإميان‬
‫ﺸﺮ‬

‫�صحيحا وذوو حياة �صاحلة ويعرفون عاداته يف الوقت احلايل ولوقت‬ ‫ً‬ ‫الكاثوليكي‬
‫طويل يف املا�ضي‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ولكن �إذا رف�ض هذا التطهري‪ ،‬ال بد �أن يعاقب باحلظر الكن�سي‪ ،‬و�إذا بقي معاندا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ملدة �سنة من احلظر‪ ،‬بعدها تتم �إدانته كمهرطق‪.‬‬


‫و�إذا ق ِبل بالتطهري وف�شل فيه‪ ،‬يعني �أنه مل ي�ستطع �أن يجد راعني له بالعدد‬
‫الكايف‪ ،‬ف�إنه �سيعترب مدان ًا بالهرطقة‪.‬‬
‫وهنا يجب مالحظة �أنه‪ ،‬عندما يقال �أنه يجب �أن يطهر نف�سه عن طريق رجال‬
‫من نف�س منزلته االجتماعية‪ ،‬فهذا َيعني ب�شكل عام ولي�س ب�شكل حمدد‪ .‬يعني‪ ،‬لو �أن‬
‫�أ�سق ًفا هو الذي �سيتم عليه التطهري‪ ،‬لي�س �ضرور ًيا �أن يكون كل الراعني له �أ�ساقفة‪،‬‬
‫مثل‪ ،‬وباملثل يف احلاالت الأخرى‪.‬‬ ‫ولكن ميكن �أن يكونوا ر�ؤ�ساء دير وكهنة ً‬

‫‪354‬‬
‫وال�شخ�ص ال�سيئ ال�سمعة يجب �أن ُيطهر نف�سه بالطريقة التالية‪ ،‬يف الوقت‬
‫املعني له للتطهري الكن�سي القانوين‪ ،‬عليه �أن يظهر ب�شخ�صه مع الراعني له �أمام‬
‫الأ�سقف الذي هو قا�ضيه‪ ،‬يف املكان الذي ّمتت الإ�ساءة ل�سمعته فيه‪ ،‬وي�ضع يده على‬
‫الأناجيل املو�ضوعة �أمامه ويقول كالتايل‪:‬‬
‫�أنا �أق�سم على هذه الأناجيل الأربعة �أنني مل �أ�ؤمن �أو �أعلم �أبدً ا بهذه الهرطقة‬
‫(وي�سميها) التي متت الإ�ساءة ل�سمعتي بها‪.‬‬
‫وبعد هذا‪ ،‬كل الراعني له يجب �أن ي�ضعوا �أيديهم على الأناجيل‪ ،‬وكل منهم‬
‫منفردًا يقول‪ :‬و�أنا �أق�سم على الأناجيل الأربعة �أنني �أ�صدقه ب�أنه �أق�سم باحلقيقة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعندها يتم تطهريه قانون ًّيا‪.‬‬
‫وال�شخ�ص الذي ت�سو�أت �سمعته بالهرطقة يجب �أن يتطهر يف املكان الذي �ساءت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فيه �سمعته‪ .‬و�إذا كان قد �ساءت �سمعته يف عدد من الأماكن‪ ،‬يجب �أن ُينكر الهرطقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف كل تلك الأماكن‪.‬‬
‫ويجب على هذا ال�شخ�ص �أن يحرتم هذا التطهري الكن�سي‪ ،‬لأنه ُذكر يف ال�شريعة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أنه‪� ،‬إذا وقع هذا املتطهر بعد ذلك يف الهرطقة التي تطهر منها‪ ،‬ف�سيتم ت�سليمه‬
‫قليل �إذا وقع يف هرطقة‬‫كعا�ص منحرف للمحكمة العلمانية‪ .‬ولكن احلالة خمتلفة ً‬ ‫ٍ‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أخرى مل يكن تطهر منها‪.‬‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪355‬‬
‫السؤال ‪ .22‬عن النوع الثالث من الحكم‪،‬‬
‫على الشخص سيئ السمعة الذي ي ُفرض عليه‬
‫االستجواب‪.‬‬

‫الطريقة الثالثة يف �أداء عملية نيابية تتعلق بالإميان هي عندما يكون ال�شخ�ص‬

‫ﻋﺼ‬
‫مته ًما بالهرطقة‪ ،‬وبعد النظر بعناية يف وقائع الق�ضية وبا�ست�شارة املحامني‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫املاهرين‪ ،‬جند �أنه مت�ضارب يف �أقواله‪� ،‬أو جند �أن هناك �أر�ضية كافية لتحويله‬
‫لال�ستجواب والتعذيب‪ :‬ف�إذا ُو�ضع حتت اال�ستجواب والتعذيب‪ ،‬ومل يعرتف ب�شيء‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ميكن �أن نعتربه بري ًئا‪ .‬هذا املتهم عندما ُيقب�ض عليه بتهمة الهرطقة‪ ،‬ال تكون‬
‫قد ثبتت عليه التهمة‪ ،‬ال باعرتافه ال�شخ�صي وال ب�شهادة ال�شهود وال بالدليل على‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫اجلرمية‪ ،‬وال يوجد �أي دليل على �أنه م�شتبه فيه حتى جنعله ينكر الهرطقة‪ ،‬ورغم‬
‫ذلك يكون هناك ت�ضارب يف �أقواله عند التحقيق معه‪ .‬وهناك �أ�سباب تكفي لتحويله‬
‫ﺸﺮ‬

‫�إىل التعذيب‪ ،‬يف هذه احلاالت ُتتخذ الإجراءات التالية‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫�إذا بقي املتهم على �إنكاره ومل ميكن �إقناعه بوا�سطة الرجال ال�صاحلني �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يعرتف‪ ،‬فيجب �أن ينطق احلكم بالطريقة التالية‪ ،‬والتي تعترب نهائية‪:‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب‪� ،‬أ�سقف قرية كذا‪� ،‬أو القا�ضي فالن يف املقاطعة‬
‫اخلا�ضعة ُ‬
‫حلكم الأمري فالن‪ ،‬بالنظر �إىل وقائع الق�ضية املرفوعة بوا�سطتنا عليك يا‬
‫فالنة من بلدة كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬عند عمل التحقيق الدقيق‪ ،‬وجدنا �أنك مت�ضاربة‬
‫يف �أقوالك‪ ،‬وهناك دالئل كافية لتحويلك �إىل اال�ستجواب والتعذيب‪ .‬حتى ميكن‬
‫للحقيقة �أن تخرج من فمك‪ ،‬ومنذ هذا الوقت لي�س م�سموحا لك ب�إزعاج �آذان‬
‫الق�ضاة مبراوغاتك‪ ،‬ونحن ُنعلن وننطق باحلكم عليك يف هذا اليوم وهذه ال�ساعة‬
‫ب�أن يتم حتويلك �إىل اال�ستجواب حتت التعذيب‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫ب�شكل عاجل‪ ،‬ومع ذلك يجب على القا�ضي‬ ‫ويجب �أن يو�ضع احلكم قيد التنفيذ ٍ‬
‫متحم�سا جدًّا لو�ضع ال�شخ�ص حتت التعذيب‪ ،‬لأن هذا ُيلج�أ �إليه فقط يف‬ ‫ً‬ ‫�أال يكون‬
‫حالة نق�ص بقية الرباهني‪ .‬فيجب �أن يبحث عن براهني �أخرى‪ ،‬و�إن مل ي�ستطع‬
‫�إيجادها‪ ،‬وظن �أن املتهم مذنب لكنه يرف�ض قول احلقيقة ب�سبب اخلوف‪ ،‬فيجب �أن‬
‫ي�ستخدم الإقناعات من �أ�صدقاء املتهم الذين يبذلون ق�صارى جهدهم ال�ستخراج‬
‫احلقيقة من فمه‪ .‬ويجب �أال ُيعجل بالأمر جدًّا‪ ،‬لأنه غال ًبا الت�أمل وك�آبة ال�سجن‪،‬‬
‫والإقناعات املتكررة من الرجال ال�صاحلني �ستجعل املتهم يك�شف احلقيقة‪.‬‬
‫ولكن لو �أنه بعد و�ضع املتهم يف قلق‪ ،‬وبعد ت�أجيالت الق�ضية‪ ،‬وبعد الكثري من‬
‫الن�صائح للمتهم‪ ،‬اقتنع القا�ضي والأ�سقف بالنظر يف كل الظروف �أن املتهم يرف�ض‬

‫ﻋﺼ‬
‫ب�شكل خفيف‪ ،‬بدون دماء‪ ،‬وا�ضعني يف ح�سبانهم‬ ‫قول احلقيقة‪ ،‬فيجب �أن يتم تعذيبه ٍ‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�أن هذا تعذيب وهمي وغري م�ؤثر‪ .‬لأن البع�ض قلوبهم رقيقة وعقولهم �ضعيفة وعند‬
‫�أقل تعذيب يعرتفون بكل �شيء �سواء كان حقيق ًّيا �أم ال‪ .‬والبع�ض الآخر يكون معاندً ا‬
‫ﻜﺘ‬
‫مهما عذبته فلن ت�سمع منه احلقيقة‪ .‬وهناك �آخرين‪ ،‬كونهم قد مت تعذيبهم من‬
‫قبل‪ ،‬فيمكنهم حتمل الأمر �أكرث يف املرة الثانية‪ ،‬لأن �أذرعهم قد �أ�صبحت معتادة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫على الثني واملد امل�ستخدم يف التعذيب‪ ،‬والبع�ض الآخر م�سحورون‪ ،‬ولن يعرتفوا �أبدً ا‬
‫مهما ُعذبوا حتى لو ماتوا‪ ،‬لأن الأمل ال ي�ؤثر فيهم‪ .‬لذلك ال بد من بع�ض الت� ّأن عند‬
‫ﺸﺮ‬

‫التعذيب‪ ،‬و ُينظر بعناية يف حالة ال�شخ�ص املعذب‪.‬‬


‫وعندما ُينطق باحلكم‪ ،‬يجب �أال ي� ّؤخر اجلنود التجهيز للتعذيب‪ .‬وبينما يعملون‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫جتهيزاتهم‪ ،‬يجب �أن ي�ستخدم الأ�سقف والقا�ضي �إقناعاتهم مع رجال �صاحلني‬


‫�آخرين ليقنعوا املتهم �أن يعرتف باحلقيقة‪ ،‬ويعدوه ب�أنه �سيعي�ش‪� ،‬إن كان هذا‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�ضرور ًيا‪ ،‬كما و�ضحنا �أعاله‪.‬‬


‫ولكن �إن كان املتهم مل يت�أثر برعب التعذيب و�أ�صر على الإنكار‪ ،‬ف�إن يوما ثان ًيا �أو‬
‫ثال ًثا يجب �أن ُيعني له ال�ستمرار التعذيب‪ ،‬ولكن يجب �أال يك ّرر هذا مرة �أخرى‪ .‬لأن‬
‫م�سموحا �إال �إن كان هناك �أدلة على �أن املتهم �سيعرتف‪ .‬ولكن ال �شيء‬
‫ً‬ ‫التكرار لي�س‬
‫مينع التعذيب ليوم �آخر �إ�ضايف‪.‬‬
‫يجب �أن يقال هكذا‪ :‬نحن الأ�سقف فالن والقا�ضي فالن (�إن كان موجودًا)‬
‫املذكورون‪ ،‬عي ّنا لك يا فالن اليوم الفالين لأجل ا�ستمرار تعذيبك‪ ،‬حتى ُتعرف‬
‫‪357‬‬
‫احلقيقة من فمك‪ .‬وخالل الوقت املعطى له‪ ،‬يجب �أن ي�ستخدموا �إقناعاتهم‬
‫مب�ساعدة الرجال ال�صاحلني ليقنعوه �أن يقول احلقيقة‪.‬‬
‫ولكن �إن رف�ض �أن يعرتف‪ ،‬فليخ�ضع للتعذيب يف اليوم املعني‪ ،‬خفي ًفا كان �أو‬
‫قا�س ًيا ح�سب �شدة جرميته‪ .‬ويجب �أن ي�أخذ الق�ضاة كل االحتياطات �أثناء التعامل‬
‫مع املتهم‪ ،‬حتى ي�صلوا يف النهاية �إىل احلقيقة‪ ،‬ولكن هذا يتم تع ّلمه باخلربة وبر�ؤية‬
‫العديد من الق�ضايا‪ ،‬هذا ُيع ِّلم �أكرث من �أي مع ِّلم‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬لو �أنه بعد �أن يتم ا�ستجوابه وتعذيبه‪ ،‬مل يتم اكت�شاف احلقيقة‪ ،‬فيجب‬
‫�أال ي�ؤذى مرة �أخرى‪ ،‬و ُي�سمح له ب�أن يرحل‪ .‬و�إذا اعرتف وك�شف احلقيقة‪ ،‬و�أنه‬
‫مذنب و�س�أل الكني�سة �أن ت�ساحمه‪ ،‬فوف ًقا لل�شريعة يجب �أن ُيعامل مثل املقبو�ض عليه‬

‫ﻋﺼ‬
‫باالعرتاف على نف�سه بالهرطقة ثم تاب‪ ،‬ويجب �أن ُينكر الهرطقة‪ ،‬واحلكم يجب �أن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ُينطق عليه كما يف حالة ه�ؤالء املدانني باعرتافهم بالهرطقة‪ .‬هذا �سيتم �شرحه يف‬
‫الطريقة الثامنة من النطق باحلكم‪ ،‬وميكن �أن يرجع القارئ �إليها‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫يف املقابل‪� ،‬إذا اعرتف باحلقيقة‪ ،‬ولكن مل يتب بل �أ�صر على هرطقته‪ ،‬ومل‬
‫يكن من العائدين �إىل الهرطقة‪ ،‬فتب ًعا لل�شريعة‪ ،‬بعد وقت معني وتنبيه‪ ،‬يتم �إدانته‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالهرطقة ويتم ت�سليمه للقا�ضي العلماين ليعا َقب عقا ًبا �شديدً ا‪ ،‬كما �سنو�ضح الح ًقا‬
‫يف الطريقة العا�شرة‪ .‬ولكن �إذا كان من العائدين �إىل الهرطقة‪ ،‬يجب �أن يدان‬
‫ﺸﺮ‬

‫أي�ضا يف الطريقة العا�شرة من احلكم‪ ،‬وميكن للقارئ �أن‬ ‫بطريقة �سيتم تو�ضيحها � ً‬
‫يرجع �إليها‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪358‬‬
‫السؤال ‪ .23‬الطريقة الرابعة للحكم‪ ،‬في حالة‬
‫االشتباه الطفيف‬

‫الطريقة الرابعة لأداء عملية نيابية تتعلق بالإميان ُت�ستخدم يف احلالة التالية‪،‬‬
‫بعد �أن ُتفح�ص وقائع الق�ضية باجتهاد وبعد ا�ست�شارة املحامني اخلرباء‪ُ ،‬وجد �أن‬

‫ﻋﺼ‬
‫املتهمة م�شتبه فيها ب�شكل طفيف بالهرطقة‪ .‬هنا املتهمة مل ُيقب�ض عليها بالهرطقة‬
‫ومل تتم �إدانتها باعرتافها �أو ب�أدلة على اجلرمية �أو ب�شهادة ال�شهود‪ ،‬وال توجد �أي‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫�إ�شارة �شديدة على الهرطقة �ضدها‪ ،‬ولكن فقط �إ�شارة طفيفة من النوع الذي ‪-‬يف‬
‫ﻜﺘ‬
‫نظر املحكمة‪ -‬يو ِّلد ا�شتباهً ا طفي ًفا فيها‪ .‬فهذه املتهمة يجب �أن ُتنكر الهرطقة التي‬
‫عاما‪ ،‬يجب �أن ُتنكر الهرطقة يف مكان‬ ‫اتُّهمت بها‪ ،‬ونالحظ �أنه �إذا كان الأمر �أم ًرا ً‬
‫عام بال�شكل التايل‪:‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫�أنا فالنة من �أبر�شية كذا‪ ،‬مواطنة من مدينة كذا‪ ،‬خالل حماكمتي‪� ،‬أق�سمت‬
‫ﺸﺮ‬

‫�أمام ال�سيد الأ�سقف الذي من مدينة كذا‪ ،‬على الأناجيل الأربعة التي ُو�ضعت �أمامي‬
‫وو�ضعتُ يدي عليها‪� ،‬أين �أ�ؤمن من قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي املقد�س‬
‫ﻭ‬

‫والر�سويل التي ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية‪ ،‬وتعرتف به وتعلمه وتراقبه‪ .‬و�أق�سم‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫أي�ضا على �أنني �أ�ؤمن من قلبي ول�ساين �أن ال�سيد امل�سيح ي�سوع وكل القدي�سني‬ ‫� ً‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ميقتون هرطقة ال�سحر الفا�سدة‪ ،‬و�أن كل من يتب ُعها �أو يتقيد بها ف�إنه ُيعذب بالنار‬
‫الأبدية مع ال�شيطان ومالئكته‪� ،‬إال �إذا تابوا وندموا وعادوا �إىل الكن�سية املقد�سة‪.‬‬
‫و�أنا �أنكر و�أتنكر و�أ�سحب نف�سي عن تلك الهرطقة التي ا�شتبهتم بي فيها يا �سيدي‬
‫الأ�سقف و�ضباطك‪ ،‬التي هي حتديدً ا‪� ،‬أنني �صادقت ال�ساحرات‪� ،‬أو دافعت عن‬
‫�ضالالتهن بجهل‪� ،‬أو كرهت املفت�شني عليهن‪� ،‬أو �أنني مل �أمتكن من امل�ساعدة يف‬
‫أي�ضا �أق�سم �أنني مل �أ�ؤمن مطلقا بالهرطقة املذكورة‪ ،‬ومل �أ�ؤمن‬ ‫ك�شف جرائمهن‪ .‬و� ً‬
‫ومل �أتقيد ولن �أ�ؤمن �أو �أتقيد بها ومل �أُع ِّلمها وال �س�أُع ِّلمها‪ .‬و�إذا ُوجد يف امل�ستقبل �أين‬
‫مذنبة باملمار�سات املذكورة (التي مينعها الرب)‪ ،‬ف�إين �س�أ�س ِّلم نف�سي ً‬
‫طوعا للعقاب‬
‫‪359‬‬
‫املحدد بالقانون للحالفني كذ ًبا‪ ،‬و�أنا م�ستعدة أُلك ِّفر مبا ترونه منا�س ًبا عن �أقوايل‬
‫و�أفعايل التي ا�شتبهتم فيها‪ ،‬و�أنا �أق�سم �أن �أحفظ هذه التوبة ب�أق�صى قدرتي‪ ،‬وال‬
‫�أن�سى �أي جزءٍ منها‪ ،‬ف�ساعدين يا �إلهي و�أيتها الأناجيل املقد�سة‪.‬‬
‫والإنكار �أعاله يجب �أن ُيعمل يف خطاب عام‪ ،‬حتى يفهمه اجلميع وعندما ُيعمل‪،‬‬
‫فالقا�ضي �إن كان موجودًا‪� ،‬أو نائبه يجب �أن يتكلموا معها يف العلن بهذه الطريقة‪:‬‬
‫ابنتي‪� ،‬أنت �أنكرت اال�شتباه الذي حلق بك ب�شكل مهني‪ ،‬ولقد طهرت نف�سك‬
‫بهذا الإنكار‪ .‬انتبهي من الآن ف�صاعدً ا �أن تقعي يف الهرطقة التي �أنكر ِتها‪ .‬لأنه‬
‫عندها �سيتم ت�سليمك للمحكمة العلمانية‪ ،‬لأنك قمت ب�إنكارك الآن‪ ،‬فلو عدت �سيتم‬

‫ﻋﺼ‬
‫عقابك ب�شدة �أكرب من �أال تكوين قد �أنكرت‪ ،‬و�ستكونني حتت ا�شتباه قوي ً‬
‫بدل من‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫اال�شتباه الطفيف‪ .‬وعندما تنكرين هذا الإنكار ثم تعودي بعد ذلك‪ ،‬ف�إنك �ستعانني‬
‫من عقوبة العا�صي املنحرف‪ ،‬و�ست�س ّلمني بال رحمة �إىل املحكمة العلمانية ليقع عليك‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أ�شد العقاب‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن �إن عم َلت هذا الإنكار بال�سر يف غرفة الأ�سقف �أو القا�ضي‪ ،‬وهذا يح�صل‬
‫عندما ال تكون الق�ضية عامة‪ ،‬فيجب �أن ُتنكر بنف�س الطريقة وبعدها يجب �أن ينطق‬
‫ﺸﺮ‬

‫احلكم كالتايل‪:‬‬
‫نحن‪ ،‬برحمة من الرب‪ ،‬الأ�سقف الرباين‪ ،‬من مدينة كذا‪� ،‬أو القا�ضي (�إن كان‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫موجود) على مقاطعة كذا ‪ ،‬اخلا�ضع ملنطقة الأمري كذا‪ ،‬ر�أينا وفح�صنا بعناية وقائع‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الق�ضية املرفوعة �ضدك يا فالنة‪ ،‬واملتهمة فيها ب�أنك ارتكبت كذا وكذا (وي�سميهم)‬
‫مما و�ضعك يف اال�شتباه الطفيف بالهرطقة‪ ،‬ولقد حكمنا �أنه من املنا�سب لك �أن‬
‫ُتنكري الهرطقة التي ا�شتُبه فيك بها ا�شتباهً ا طفي ًفا‪ .‬ولكن لن تتحرري بال عقاب‪،‬‬
‫حتى تكوين �أكرث حذ ًرا يف امل�ستقبل‪ .‬وبا�ست�شارة عديد من الأ�شخا�ص البارزين‬
‫يف القانون‪ ،‬وكوننا قيمنا وفهمنا الأمر كله ‪ ،‬وا�ضعني الرب �أمام �أعيننا‪ ،‬وحقيقة‬
‫الإميان الكاثوليكي الغري قابل للدح�ض‪ ،‬والأناجيل الأربعة �أمامنا‪ ،‬ليكون ُحكمنا‬
‫بت�أييد من الرب وعيوننا ال ترى �إال الإن�صاف‪ ،‬فنحن اجلال�سني يف املحكمة كق�ضاة‪،‬‬
‫نحكم بهذا احلكم عليك يا فالنة‪ ،‬الواقفة هنا ب�شخ�صك‪ ،‬بالطريقة التالية‪� .‬أنه من‬
‫‪360‬‬
‫الآن ف�صاعدً ا ال يجب �أن ُيعلم �أنك قد �آمنت �أو �شاركت �أو دافعت عن هرطقة يف‬
‫كالمك‪ ،‬وقراءاتك (�إن كنت متعلمة)‪ .‬ثم يذكر الأ�شياء التي ارتكبتها‪ ،‬والتي جعلتها‬
‫م�شتب ًها فيها بالهرطقة‪.‬‬
‫ويجب على كاتب العدل �أن يعتني ب�أن يكتب العملية كاملة و�أن يذكر �أن هذا‬
‫�شخ�ص م�شت َب ٍه به ا�شتباهً ا طفي ًفا‪ ،‬ولي�س قو ًيا بالهرطقة‪ ،‬لأنه‬
‫ٍ‬ ‫الإنكار قد حدث من‬
‫�إن مل يكتب ذلك ف�إن خط ًرا �أكرب ميكن �أن يحدث‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪361‬‬
‫السؤال ‪ .24‬الطريقة الخامسة من طرق الحكم‪ ،‬إن‬
‫كان المتهم تحت االشتباه القوي‬

‫الطريقة اخلام�سة لأداء هذه العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان‪ ،‬ت�ستخدم‬
‫يف احلالة التالية‪� ،‬أنه بعد الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية وبا�ست�شارة املحامني‬

‫ﻋﺼ‬
‫املتعلمني‪ُ ،‬وجد �أنها م�شتب ٌه فيها بقوة بالهرطقة‪ .‬هذه املتهمة تكون غري مقبو�ض‬
‫عليها ر�سم ًيا بتهمة الهرطقة‪ ،‬وال �أُدينت باعرتافها ال�شخ�صي وال ب�أدل ٍة على اجلرمية‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫وال ب�شهادة ال�شهود‪ ،‬ولكن هناك �إ�شارة قوية وذات وزن �ضدها جتعلها م�شتب ًها فيها‬
‫ﻜﺘ‬
‫ا�شتباهً ا قو ًيا بالهرطقة‪.‬‬
‫الإجراءات يف الق�ضية هي كالتايل‪ ،‬يجب �أن تنكر الهرطقة‪ ،‬ف�إن عادت بعد‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ذلك‪ ،‬يجب �أن يتم ت�سليمها للمحكمة العلمانية لتعاين من �أ�شد العقوبة‪ .‬ويجب �أن‬
‫تنكر الهرطقة على العامة �أو ب�شكل �سري ح�سب �إن كانت م�شتب ًها بها من العامة �أم‬
‫ﺸﺮ‬

‫ال‪ ،‬كما قلنا يف حالة اال�شتباه الطفيف‪.‬‬


‫ﻭ‬

‫والتح�ضريات لهذا الإنكار تكون كالتايل‪ - :‬عندما ي�أتي يوم الأحد والذي يكون‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مث َّبتًا لأداء الإنكارات و�سماع الأحكام �أو فر�ض التوبة‪ ،‬يجب �أن يخطب املب�شر خطبة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫� ًأول‪ .‬وبعد هذا يجب �أن يقر�أ كاتب العدل اجلرائم التي �أُدينت بها املتهمة‪ ،‬وتلك‬
‫التي ا�شتُبه فيها بقو ٍة ب�سببها بالهرطقة‪.‬‬
‫ثم على القا�ضي �أو نائبه �أن يقول لها‪ ،‬انتبهي! وف ًقا ملا متت قراءته ف�أنت م�شتب ٌه‬
‫حري بك �أن تطهري نف�سك وتنكري‬ ‫فيك بقو ٍة بهذه الهرطقة‪ ،‬من �أجل ذلك ٌّ‬
‫الهرطقة املذكورة‪ .‬وتو�ضع الأناجيل الأربعة �أمامها‪ ،‬ويجب �أن ت�ضع يدها عليها‪،‬‬
‫عطى لها الإنكار مكتو ًبا لتقر�أه‪ ،‬ويجب �أن تقر�أه يف‬‫و�إن كانت ت�ستطيع القراءة‪� ،‬س ُي َ‬
‫جت ُّمع من النا�س‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫ولكن �إذا كانت ال تقر�أ‪ ،‬فيجب �أن يقر�أ كاتب العدل الإنكار جمل ًة جملة‪ ،‬وهي‬
‫عال وم�سموع بالطريقة التالية‪ .‬يقول الكاتب‪� ،‬أنا فالنة من مكان‬
‫ب�صوت ٍ‬
‫ٍ‬ ‫تعيد وراءه‬
‫كذا‪ ،‬واملتهمة تكرر وراءه نف�س الكلمات‪ ،‬وهكذا حتى نهاية الإنكار‪ .‬ويجب �أن يكون‬
‫الإنكار بالطريقة التالية‪.‬‬
‫�أنا فالنة من مكان كذا من �أبر�شية كذا‪ ،‬واقفة ب�شخ�صي يف ح�ضوركم �أيها‬
‫اللوردات القدي�سني والأ�ساقفة من مدينة كذا‪ ،‬وقا�ضي املقاطعة التابع ملنطقة اللورد‬
‫كذا ‪� ،‬أق�سم على الأناجيل الأربعة املو�ضوعة �أمامي والتي تلم�سها يدي‪� ،‬أنني �أ�ؤمن‬
‫يف قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي والر�سويل الذي ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية‬

‫ﻋﺼ‬
‫أي�ضا �أق�سم �أنني �أ�ؤمن يف قلبي ول�ساين �أنه‪� ،‬إلخ‪ .‬يجب‬‫وتعمله ومتار�سه وتب�شر به‪ .‬و� ً‬
‫عليها �أن تقر�أ املكتوب بخ�صو�ص الهرطقة التي ا�شتُبه فيها بها ا�شتباهً ا قو ًّيا‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مثل‪� ،‬إذا كانت الهرطقة هي هرطقة ال�سحر‪ ،‬فيجب �أن تقول كالتايل‪:‬‬ ‫ً‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنا �أق�سم �أنني �أ�ؤمن ب�أنه لي�س فقط الهراطقة الب�سيطني واملن�شقني �سيعذبون‬
‫يف النار الأبدية‪ ،‬ولكن �أن ال�ساحرات �سي ُكنَّ �أ�شد عذا ًبا‪ ،‬لأنهن ُينكرن الإميان �أمام‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�شيطان‪ ،‬الإميان الذي ا�ستلموه يف التعميد املقد�س‪ ،‬وميار�سن الفاح�شة ال�شيطانية‬


‫ﺸﺮ‬

‫لإ�شباع رغباتهن ال�شريرة‪ ،‬ويعملن كل �أنواع ال�ضرر على الب�شر واحليوانات‬


‫والأ�شجار على الأر�ض‪ .‬وبناء على ذلك ف�أنا �أنكر‪ ،‬و�أتنكر و�أن�سحب عن هذا ال ُكفر‬
‫ﻭ‬

‫الذي يقول كذ ًبا �أنه ال توجد �ساحرات يف هذا العامل‪ ،‬و�أنه ال �أحد يجب �أن ي�ؤمن �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫هذه الأ�ضرار ميكن �أن ُتعمل مب�ساعدة ال�شياطني‪ ،‬و�أعرتف و�أعلن �أن هذا الكفر‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫يعار�ض بو�ضوح قرار � ِّأمنا املقد�سة الكني�سة وكل العلماء الكاثوليكيني‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا �ضد‬
‫القوانني الإمرباطورية التي �أمرت ب�أن ال�ساحرات يجب �أن ُيحرقن‪.‬‬
‫أي�ضا �أق�سم �أنني مل �أ�صر على الإميان بالهرطقة املذكورة‪ ،‬وال �أ�ؤمن �أو �أتقيد‬ ‫و�أنا � ً‬
‫بها يف الوقت احلايل‪ ،‬ومل �أُع ِّلمها وال �أنوي �أن �أُع ِّلمها وال يجب �أن �أُع ِّلمها‪ .‬و� ً‬
‫أي�ضا‬
‫�أق�سم �أنني لن �أفعل هذه الأ�شياء التي جعلتكم ت�شتبهون بي بقوة (وت�سمي الأ�شياء)‪.‬‬
‫و�إن فعلتُ هذه الأ�شياء املذكورة‪ ،‬ف�أنا م�ستعدة للعقاب املقرر بالقانون للعا�صني‬
‫علي ب�سبب‬‫املنحرفني‪ ،‬و�أنا م�ستعدة �أن �أُ�سلم نف�سي ل ّأي توب ٍة تقررون �أن تفر�ضوها َّ‬
‫‪363‬‬
‫هذه الأفعال والكلمات التي جعلتكم ت�شتبهون بي بقو ٍة بالهرطقة‪ .‬و�أنا �أق�سم و�أعد‬
‫�أن �أفعل هذه التوبة �إىل �أق�صى ما ميكنني‪ ،‬وال �أن�سى �أي �شيءٍ منها‪ ،‬ولي�ساعدين‬
‫الرب والأناجيل‪.‬‬
‫العامي حتى يفهمه اجلميع‪� ،‬إال �إذا‬
‫ّ‬ ‫والإنكار الذي تنطق به يجب �أن يكون بالل�سان‬
‫عملته يف ح�ضور رجال الدين الذين يفهمون اللغة الالتينية‪ .‬ولكن �إذا ُعمل الإنكار‬
‫عاما‪ ،‬ف�إنه ي�ؤدى بنف�س‬‫يف ال�سر يف مكان الأ�سقف �أو غرفته‪ ،‬عندما ال يكون الأمر ً‬
‫الطريقة‪ .‬وبعدها يجب �أن ين�صحها الأ�سقف ب�أن حتذر �أال تعود وتت�سبب لنف�سها يف‬
‫عقاب العا�صي املنحرف‪ .‬ويجب على الكاتب �أن يعتني ب�أن يكتب �أنها م�شتبه فيها‬
‫بقو ٍة بالهرطقة‪ ،‬حتى �إذا عادت بعد ذلك‪ ،‬ميكن �أن تعاقب عقاب العا�صي املنحرف‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وعندما يتم عمل هذا‪ ،‬يجب على ا ُ‬
‫حلكم �أن ُينطق بالطريقة التالية‪:‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫نحن فالن‪� ،‬أ�سقف مدينة كذا‪ ،‬والأخ فالن (�إن كان موجودًا)‪ ،‬املفت�ش على‬
‫ﻜﺘ‬
‫واملعي من ِقبل الر�ؤية‬‫حلكم الأمري فالن‪ّ ،‬‬ ‫خطيئة الهرطقة يف الأنحاء التابعة ُ‬
‫عملت‬
‫الر�سولية‪ :‬بو�ضع يف احل�سبان �أنك يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬قد ِ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كذا وكذا (وي�سميهم)‪ ،‬وكما يبدو من الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية‪ ،‬ف�إننا نعتربك‬
‫ا�ست�شارات‬
‫ٍ‬ ‫م�شتب ًها بها بقو ٍة بالهرطقة‪ ،‬ولقد جعلناك ُتنكرين ما ا�شتُبه فيك به‪ ،‬بعد‬
‫ﺸﺮ‬

‫ون�صائح الرجال املاهرين يف القانون‪ .‬ولكن ال بد �أن تكوين حذر ًة يف امل�ستقبل �أال‬
‫متيلي �إىل �شبه هذه املمار�سات‪ ،‬ولأن جرائمك لن تكون بال عقاب‪ ،‬وحتى ال تكوين‬
‫ﻭ‬

‫ً‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مثال خلاطئني �آخرين‪ ،‬فبا�ست�شارة املحامني والعلماء يف الالهوت‪ ،‬وبفهم الأمر كله‪،‬‬
‫وا�ضعني الرب �أمام �أعيننا وحقيقة الإميان الكاثوليكي الر�سويل‪ ،‬ووا�ضعني الأناجيل‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫املقد�سة �أمامنا‪ ،‬ليكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند الرب‪ ،‬و�أال ترى عيوننا �إال الإن�صاف‬
‫فنحن اجلال�سني يف هذه املحكمة‪ ،‬ندين ونفر�ض عليك �أداء التوبة بالطريقة التالية‪،‬‬
‫�أن تقفي هنا ب�شخ�صك �أمامنا‪ ،‬وتق�سمي �أال تفعلي �أو تقويل �أو تعملي هذه الأ�شياء‬
‫من الآن ف�صاعدً ا‪ .‬وهنا يقول الأ�شياء التي فعلتها‪ ،‬والتي ب�سببها ا�شتُبه فيها بقوة‬
‫بالهرطقة املذكورة‪ ،‬وبع�ض الأ�شياء الأخرى التي لو ارتكبتها كانت �ستكون مذنب ًة‬
‫ممار�سات م�شبوهة‪ ،‬وال ت�ستقبل‬
‫ٍ‬ ‫بالعودة �إىل الهرطقة‪ ،‬مثال �أن عليها �أال تتبع �أي‬
‫ه�ؤالء الذين تعلم �أنهم �أنكروا الإميان‪� ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫ً‬
‫مقبو�ضا عليهم بالهرطقة‪،‬‬ ‫وال بد �أن نذكر �أن ه�ؤالء امل�شتبه فيهم‪ ،‬الذين لي�سوا‬
‫�سواء كانوا م�شتب ًها فيهم بقو ٍة �أو ا�شتباهً ا طفي ًفا يجب �أال ُي�سجنوا مدى احلياة‪ .‬لأن‬
‫هذه العقوبة هي له�ؤالء الذين كانوا هراطق ًة ثم تابوا‪ .‬ولكن ه�ؤالء الذين ا�شتبه‬
‫في�سلون �إىل ال�سجن لفرتة‪ ،‬ثم يتم حتريرهم‪.‬‬ ‫فيهم بقوة ب�سبب �أفعالهم ُ‬
‫يو�سموا بعالمة ال�صليب‪ ،‬لأن هذه العالمة هي عالمة املهرطق التائب‪،‬‬ ‫ويجب �أال َ‬
‫وال ُيدانوا كهراطقة‪ ،‬ولكن فقط كم�شتبهني‪ ،‬وبالتايل ال يو�سمون بهذه العالمة‪ .‬ولكن‬
‫ميكن �أن ي�ؤمروا ب�أن يقفوا يف بع�ض الأيام الدينية على �أبواب الكني�سة‪� ،‬أو قرب‬
‫�شموعا م�ضيئ ًة‪� ،‬أو‬
‫املذبح‪ ،‬بينما يتم االحتفال بالقدا�س الإلهي‪ ،‬حاملني يف �أيديهم ً‬
‫مكان ما‪� ،‬أو �شيءٍ كهذا‪ ،‬وف ًقا لطبيعة ومتطلبات ق�ضيتهم‪.‬‬
‫يذهبون �إىل حج ٍ‬

‫ﻋﺼ‬
‫‪e‬‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪365‬‬
‫السؤال ‪ .25‬الطريقة السادسة من النطق بالحكم‪،‬‬
‫في حالة المشتبه فيهم اشتباهًا عنيفًا‬

‫الطريقة ال�ساد�سة لأداء العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان هي عندما يكون‬
‫ال�شخ�ص املتهم بالهرطقة‪ ،‬قد ُو ِج َد بعد الفح�ص الدقيق لوقائع الق�ضية وبا�ست�شارة‬

‫ﻋﺼ‬
‫املحامني املتعلمني‪� ،‬أنه م�شتب ٌه فيه ا�شتباهً ا عني ًفا بالهرطقة‪ .‬هذا ال�شخ�ص ال يكون‬
‫ُمدا ًنا بالهرطقة باعرتافه ال�شخ�صي وال ب�أدل ٍة على اجلرمية وال ب�شهادة ال�شهود‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ولكن هناك �إ�شاراتٌ ‪ ،‬لي�ست طفيفة وال حتى قوية‪ ،‬بل خطرية‪ ،‬جتعله م�شتب ًها به‬
‫ﻜﺘ‬
‫بعنف بالهرطقة‪.‬‬ ‫بالهرطقة املذكورة‪ ،‬وب�سبب هذا فيجب احلكم عليه �أنه م�شتب ٌه فيه ٍ‬
‫فهم �أو�ضح لهذا‪� ،‬سن�ضع �أمثل ًة على هرطق ٍة وا�ضح ٍة وعلى هرطقة ال�سحر‪.‬‬ ‫لأجل ٍ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الق�ضية �ستكون حتت بند الهرطقة الوا�ضحة عندما ال يكون املتهم قد مت ا�ستدعا�ؤه‬
‫قد ًميا يف ق�ضية ال تتعلق بالإميان‪ ،‬ومت احلكم عليه فيها باحلظر الكن�سي‪ ،‬ثم ا�ستمر‬
‫ﺸﺮ‬

‫يف العناد خالل احلظر ملدة �سنة‪ ،‬ف�أ�صبح م�شتب ًها به ا�شتباهً ا طفي ًفا بالهرطقة‪ ،‬ثم‬
‫مت ا�ستدعا�ؤه بعدها ب�سبب ق�ضية تتعلق بالإميان‪ ،‬لكنه رف�ض الظهور‪ ،‬ومت حظره‬
‫ﻭ‬

‫كن�س ًّيا مر ًة �أخرى‪ ،‬ف�صار م�شتب ًها به بقو ٍة بالهرطقة‪ ،‬فاال�شتباه الطفيف �سي�صبح‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قو ًيا‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫و�إذا بقي معاندً ا خالل احلظر ملدة �سنة‪� ،‬سيتم اال�شتباه به ا�شتباهً ا عني ًفا‬
‫بالهرطقة‪ ،‬لأنه عندها �سيتحول اال�شتباه القوي �إىل ا�شتبا ٍه عنيف لو �أنه ال يوجد‬
‫دفاع يعار�ض هذا‪ .‬ومن ذلك الوقت ف�إن ذلك ال�شخ�ص �ستتم �إدانته بالهرطقة‪ ،‬كما‬
‫هو مو�ضح يف ال�شريعة‪.‬‬
‫كمثال على اال�شتباه العنيف يف هرطقة ال�ساحرات عندما يقول املتهم �أي �شيء‬
‫�شخ�صا‪ .‬ويح�صل غالبا‬ ‫ً‬ ‫من الذي متار�سه ال�ساحرات عندما ُيردن �أن ي�سحرن‬
‫يجبن من ال�شيطان على ك�شف �أنف�سهن بهذه الكلمات التهديدية‪ ،‬وبالأفعال‪،‬‬ ‫�أنهن َ‬
‫وبالنظرات �أو اللم�سات‪ ،‬وهذا لثالثة �أ�سباب‪ً � .‬أول‪ ،‬حتى تتفاقم خطاياهن وي�صبحن‬
‫‪366‬‬
‫�أكرث انك�شا ًفا �أمام الق�ضاة‪ ،‬ثان ًيا حتى ميكن تخويف ال�شخ�ص الب�سيط ب�شكل �أكرب‪،‬‬
‫وثال ًثا‪� ،‬أن الرب ميكن �أن ي�ساء �إليه �أكرث‪ .‬بالتايل ال�ساحرة ُي�شتبه بها ا�شتباهً ا‬
‫خط ًريا عندما ت�ستخدم الكلمات التهديدية مثل »«�أنا قري ًبا �س�أجعلك ت�شعر»‪،‬‬
‫�أو �شيء م�شابه‪ ،‬ثم يحدث �ضرر لل�شخ�ص الذي مت تهديده �أو ملا�شيته‪ .‬ويف ذلك‬
‫الوقت لن يكون اال�شتباه بها طفي ًفا‪ ،‬كما كانت احلالة مع ه�ؤالء الذين ي�صادقون‬
‫�شخ�صا ي�صاب باحلب املفرط‪ .‬انظر‬ ‫ال�ساحرات‪� ،‬أو ه�ؤالء الذين يريدون �أن يجعلوا ً‬
‫�أعاله ملا حتدثنا عن الثالث درجات من اال�شتباه‪ ،‬الطفيف والقوي والعنيف‪.‬‬
‫يف حالة اال�شتباه العنيف بهرطقة عادية‪ ،‬فرغم �أنه رمبا قد ال يكون ال�شخ�ص‬
‫يف احلقيقة مهرط ًقا‪ ،‬حيث رمبا يكون هناك خط�أ يف الفهم‪ ،‬فمع ذلك يدان على �أنه‬

‫ﻋﺼ‬
‫مهرطق ب�سبب اال�شتباه العنيف عندما ال يقدم دليل �ضد هذا‪.‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عامل بهذه الطريقة‪� ،‬إذا رف�ض املتهم �إنكار الهرطقة و�إعطاء‬ ‫هذه الهرطقة ُت َ‬
‫ر�ض‪ ،‬ف�سيتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ليعاقب‪ .‬ولكن �إذا وافق‪ ،‬فيجب‬ ‫تف�سري ُم ٍ‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أن ينكر هرطقته‪ ،‬ثم ي�سجن مدى احلياة‪ .‬ونف�س ال�شيء بالن�سبة حلالة ال�شخ�ص‬
‫بعنف بهرطقة ال�سحر‪.‬‬ ‫امل�شتبه فيه ٍ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بعنف‬
‫ولكن رغم �أن نف�س الطريقة يف العموم �ست�ؤ ّدى يف حالة امل�شتبه فيه ٍ‬
‫بهرطقة ال�سحر‪� ،‬إال �أن هناك بع�ض االختالفات‪ .‬يالحظ �أنه‪� ،‬إذا �أ�صرت ال�ساحرة‬
‫ﺸﺮ‬

‫على �إنكارها‪� ،‬أو ادعت �أنها قالت هذه الكلمات لي�س بتلك النية ولكن بطريقة الن�ساء‬
‫يف ال�شجار‪ ،‬ف�إن القا�ضي ال يكون لديه دليل كاف حتى يحولها �إىل احلرق بالنار‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫رغم اال�شتباه العنيف‪ .‬بالتايل يجب �أن ي�ضعها يف ال�سجن‪ ،‬ويبد�أ يف عمل حتقيق ب�أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُيع ِلن يف امللأ �س�ؤاال‪ ،‬هل هذ املر�أة قد ُعرف عنها �أنها فعلت �شيئا مثل هذا �أم ال‪ .‬و�إذا‬
‫ُوجد �أنها فعلت‪ ،‬يجب �أن يح ّقق يف �إذا كانت م�سوءة ال�سمعة بهذه الهرطقة‪ ،‬ومن‬
‫ثم ميكن �أن ُيحولها �إىل اال�ستجواب والتعذيب‪ .‬وبعدها‪� ،‬إذا �أظهرت عالمات على‬
‫هذه الهرطقة‪� ،‬أو �أ ّدت �صمت ال�ساحرات‪ ،‬مثل �أال ُتنزل الدموع‪� ،‬أو تكون غري مت�أثرة‬
‫�أثناء التعذيب وتتعافى ب�سرعة‪ ،‬فيجب �أن ُتعمل االحتياطات التي �شرحناها من قبل‬
‫عندما حتدثنا عن مثل هذه احلاالت‪.‬‬
‫ويف حالة ف�شل كل هذا‪ ،‬ف�إنها ال يجب حتريرها �أبدً ا ‪ ،‬بل يجب �إر�سالها �إىل ك�آبة‬
‫ال�سجن ملدة �سنة‪ ،‬وتعذب‪ ،‬ويتم التحقيق معها دائ ًما خا�ص ًة يف الأيام املقد�سة‪ .‬ولكن‬
‫‪367‬‬
‫�إذا وجد �أنها ذات �سمع ٍة �سيئة ‪ ،‬فيجب على القا�ضي �أن ي�أمر ب�إحراقها‪ ،‬خا�ص ًة �إن‬
‫أفعال �أخرى تتعلق بال�سحر‪ .‬ولكن‬‫كان هناك عد ٌد من ال�شهود و�إن كانت ُك�شفت يف � ٍ‬
‫�إذا �أراد القا�ضي �أن يكون رحي ًما‪ ،‬فيمكن �أن ير�سلها �إىل التطهري الكن�سي‪ ،‬ب�أنه‬
‫�شخ�صا ي�شهدون لها عند القا�ضي‪ ،‬و ُيحكم عليها‬ ‫ً‬ ‫يجب �أن جتد ع�شرين �أو ثالثني‬
‫ب�أنها �إذا ف�شلت يف التطهري‪� ،‬سيتم �إر�سالها �إىل احلرق بالنار‪.‬‬
‫و�إذا حكم القا�ضي عليها ب�أن تطهر نف�سها‪ ،‬فيجب �أن يحكم عليها � ً‬
‫أي�ضا ب�إنكار‬
‫جميع الهرطقة‪ ،‬وب�أمل عقاب العا�صي املنحرف‪ ،‬مع التوبة الدائمة‪ ،‬بطريقة للنطق‬
‫بالإنكار مثل الطريقة الرابعة واخلام�سة من �أداء العملية النيابية مبا يتعلق بالإميان‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫والحظ �أنه يف كل الطرق التالية من النطق باحلكم‪ ،‬عندما يريد القا�ضي �أن‬
‫يعملها بطريقة رحيمة‪ ،‬فيمكن �أن يت�صرف بالطريقة التي �شرحناها من قبل‪ .‬ولكن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫مبا �أن الق�ضاة العلمانيني دائ ًما ي�ستخدمون طرقهم اخلا�صة‪ ،‬فهي تكون �صارمة‬
‫ﻜﺘ‬
‫ولي�ست دائ ًما من�صفة‪ ،‬بالتايل ال توجد طريقة ثابتة ميكن �أن ُتعطى لهم كما هو‬
‫احلال مع القا�ضي الكن�سي‪ ،‬الذي ميكن �أن يقبل الإنكار ويفر�ض التوبة الدائمة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫بالطريقة التالية‪:‬‬
‫�أنا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪� ،‬أقف ب�شخ�صي �أمامكم �أيها اللوردات‬
‫ﺸﺮ‬

‫املوقرين والأ�سقف من مدينة كذا والق�ضاة‪ ،‬وا�ضعة يدي على الأناجيل املقد�سة‬
‫التي �أمامي‪� ،‬أق�سم �أنني �أ�ؤمن يف قلبي ول�ساين بالإميان الكاثوليكي والر�سويل الذي‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية ومتار�سه وتعلمه وتب�شر به‪ .‬وبناء على ذلك �أنكر كل‬
‫الهرطقة‪ ،‬و�أتنكر و�أن�سحب عن كل الذين يقفون �ضد الكني�سة الرومانية املقد�سة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫والر�سولية‪ ،‬مهما كان ال�ضالل الذي يفعلونه‪ .‬و�أنا �أق�سم � ً‬


‫أي�ضا و�أعد �أنني لن �أقول‬
‫�أو �أفعل �أو �أت�سبب يف فعل كذا وكذا (وت�سميهم) وهي الأفعال التي فعلتُها من قبل‬
‫وقلتُها‪ ،‬فجعلتني م�شتبها بها بعنف بالهرطقة‪ .‬و�أنا �أق�سم � ً‬
‫أي�ضا و�أعد �أنني �س�أقوم‬
‫علي ب�سبب اجلرائم التي عملتها‪ ،‬ولن �أن�سى �أي جزء منها‪،‬‬ ‫ب�أي توبة تريدون فر�ضها ّ‬
‫ف�ساعدين يا �إلهي و�أيتها الأناجيل‪ .‬و�إذا عملتُ الح ًقا �أي �شيء يعار�ض هذا الإنكار‪،‬‬
‫ف�إين �س�أُجرب نف�سي على اخل�ضوع للعقاب اخلا�ص بالعا�صي املنحرف‪ ،‬مهما كان‬
‫قا�سيا‪.‬‬
‫‪368‬‬
‫ويجب �أن يعتني كاتب العدل ب�أن يكتب �أن هذا الإنكار هو ب�سبب �أن املتهمة م�شتبه‬
‫بها ا�شتباهً ا عني ًفا بالهرطقة‪ ،‬حتى �إذا عادت بعد ذلك‪ ،‬ميكن �أن تتم حماكمتها‬
‫وت�سليمها �إىل املحكمة العلمانية‪.‬‬
‫بعد هذا يجب على الأ�سقف �أن يعفو عنها من ُحكم احلظر الكن�سي الذي جلبته‬
‫على نف�سها ب�سبب اال�شتباه العنيف بالهرطقة‪ .‬لأنه عندما يعود املهرطق �إىل الإميان‬
‫وينكر الهرطقة‪ ،‬ف�إنه يتم �إعفا�ؤه من حكم احلظر الكن�سي الذي ُيعمل على كل‬
‫املهرطقني‪ .‬ويجب �أن يحكم عليها بالطريقة التالية‪:‬‬
‫نحن فالن‪� ،‬أ�سقف مدينة كذا‪ ،‬والقا�ضي على مقاطعة كذا (�إن كان موجودًا)‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫التابعة ملنطقة حكم اللورد فالن‪ ،‬ف�أنت يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا قد مت‬
‫اتهامك من ِقبلنا بكذا وكذا مما مي�س الإميان (ي�سميهم)‪ ،‬وبالفح�ص الدقيق لوقائع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الق�ضية وكل ما مت قوله وفعله فيها‪ ،‬وجدنا �أنك ارتكبت كذا وكذا (وي�سميهم)‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬ا�شتبهنا فيك ا�شتباهً ا عني ًفا بهذه الهرطقة (وي�سميها)‪ ،‬ونحن ن�أمرك ب�أن‬
‫ﻜﺘ‬
‫تنكري على العامة كل الهرطقة ب�شكل عام‪ ،‬كما تقت�ضي الإجراءات الكن�سية‪ .‬ومبا‬
‫�أنه وف ًقا لبع�ض معاهد ال�شريعة كل الذين يفعلون هذا يجب �أن يدانوا كمهرطقني‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫لكنك مت�سكت بالقرار الأكرث حكمة وهو الرجوع �إىل الأم املقد�سة الكني�سة‪ ،‬بالتايل‬
‫نحن نعفو عنك من حكم احلظر الكن�سي الذي يقع على كل الكارهني لكني�سة‬
‫ﺸﺮ‬

‫الرب‪ .‬و�إذا عدت بقلب �صادق و�إميان �صادق �إىل وحدة الكني�سة‪� ،‬ستُح�سبني من‬
‫الآن و�صاعدً ا �أنك من التائبني‪ ،‬ومنذ الآن �ستعودين �إىل احل�ضن الرحيم للكني�سة‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫املقد�سة‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن مبا �أنه من الفا�ضح �أن منرر الأمر بعيون مرتاحة ونرتكك بال عقاب على‬
‫�إ�ساءتك للرب و�إ�ضرارك بالب�شر‪ ،‬لأنه �أمر خطري �أن ت�سيئ �إىل الذات الإلهية �أكرث‬
‫من الإ�ساءة مللك من ملوك الب�شر‪ ،‬وحتى ال تكون جرائمك حاف ًزا خلاطئني �آخرين‪،‬‬
‫وحتى تكوين حذر ًة يف امل�ستقبل وال متيلي �إىل ارتكاب هذه اجلرائم املذكورة‪ ،‬وحتى‬
‫عذاب �أخف يف احلياة التالية‪:‬‬
‫تعاين من ٍ‬
‫فنحن الأ�ساقفة املذكورون والقا�ضي‪ ،‬قد �أفدنا �أنف�سنا بن�صائح الرجال املتعلمني‬
‫يف هذا الأمر‪ ،‬جال�سني يف املحكمة كق�ضاة‪ ،‬وا�ضعني الرب ن�صب �أعيننا واحلقيقة‬
‫التي ال ُتدح�ض للإميان املقد�س‪ ،‬والأناجيل الأربعة مو�ضوعة �أمامنا‪ ،‬ليكون حك ُمنا‬
‫‪369‬‬
‫م�ؤيدً ا من عند الرب و�أال ترى عيوننا �إال الإن�صاف‪ ،‬فنحن نحكم وندين ونفر�ض‬
‫عليك التوبة يا فالنة بالطريقة التالية‪ ،‬بظهورك ب�شخ�صك �أمامنا يف يوم كذا يف‬
‫�ساعة كذا‪ ،‬وترتدين مالب�س زرقاء رمادية مثل مالب�س الرهبان‪ ،‬م�صنوع ًة بدون‬
‫قلن�سوة �سواء �أمامها �أو خلفها‪ ،‬ومر�سوم عليها ُ�صلبان من القما�ش الأ�صفر بطول‬
‫ثالثة كفوف وعر�ض كفني‪ ،‬ويجب �أن ترتدي هذا الرداء على كل رداء �آخر ملدة‬
‫قدرها كذا (يحدد مدة �سنة �أو �سنتني‪� ،‬أقل �أو �أكرث ح�سب ذنب ال�شخ�ص)‪ ،‬ويف هذا‬
‫وال�صلبان ال بد �أن تقفي �أمام باب كني�سة كذا يف وقت كذا ملدة كذا‬ ‫الرداء املذكور ُ‬
‫من الوقت‪� ،‬أو يف الأعياد الأربعة الكبرية للعذراء املجيدة‪� ،‬أو يف مدينة كذا ومدينة‬
‫كذا على �أبواب كذا وكذا من الكنائ�س‪ ،‬ونحن ندينك ونحكم عليك مدى احلياة‪� ،‬أو‬

‫ﻋﺼ‬
‫مبدة كذا من ال�سنوات‪ ،‬يف �سجن كذا‪( .‬وهذا يح ّدد بنا ًء على نظرة القا�ضي‪ ،‬ووف ًقا‬
‫حلجم الذنب وعناد املتهمة)‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ونحن نحتفظ لأنف�سنا بحق التخفيف من تلك التوبة‪� ،‬أو زيادتها‪� ،‬أو تغيريها‪� ،‬أو‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إزالتها‪� ،‬سواء كل ًّيا �أو جزئ ًّيا‪ ،‬كما يبدو �صا ً‬
‫حلا لنا‪.‬‬
‫حلكم‪ ،‬يجب �أن ين ّفذ على الفور‪ ،‬ويجب �إلبا�سها الرداء‬ ‫وعندما ُيقر�أ هذا ا ُ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املذكور وال�صلبان عليه كما قيل‪.‬‬


‫ﺸﺮ‬

‫‪e‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪370‬‬
‫السؤال ‪ .26‬طريقة الحكم على المشتبه فيهم‬
‫الذين هم في نفس الوقت قد ساءت سمعتهم‬

‫الطريقة ال�سابعة من �أداء العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان هي عندما‬


‫يكون ال�شخ�ص مته ًما بخطيئة الهرطقة‪ ،‬وبعد الفح�ص الدقيق يف وقائع الق�ضية‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبا�ست�شارة الرجال املتعلمني‪ُ ،‬وجد �أنه م�شتبه فيه وم�سوء ال�سمعة بالهرطقة‪ .‬هذا‬
‫ال�شخ�ص ال يكون ُمدا ًنا باعرتافه ال�شخ�صي وال بدليل على اجلرمية وال ب�شهادة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شهود‪ ،‬ولكن يوجد �أنه ُم�سوء ال�سمعة‪ ،‬وهناك �إ�شارات جتعله م�شتب ًها به ب�شكل‬
‫ﻜﺘ‬
‫طفيف �أو قوي بالهرطقة‪ ،‬مثل �أنه عقد �صداقات مع هراطقة‪ .‬و�شخ�ص كهذا‬ ‫ٍ‬
‫ب�سبب ُ�سمعته يجب �أن يخ�ضع للتطهري الكن�سي‪ ،‬وب�سبب اال�شتباه فيه‪ ،‬ال بد �أن ينكر‬
‫الهرطقة‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫الإجراءات يف ق�ضية كهذه تكون كالتايل‪ .‬ال�شخ�ص الذي ت�سو�أت �سمعته وم�شتبه‬
‫فيه بالهرطقة‪ ،‬يجب � ًأول �أن يطهر نف�سه على العامة بالطريقة التي �شرحناها يف‬
‫ﺸﺮ‬

‫الطريقة الثانية‪ .‬وبعد عمل هذا التطهري‪ ،‬فلأن هناك �إ�شارات �أخرى جتعله م�شتبها‬
‫ﻭ‬

‫به بالهرطقة‪ ،‬فالبد �أن ُينكر الهرطقة بالطريقة التالية و�أمامه الأناجيل الأربعة‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أنا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬واقف ب�شخ�صي �أمامكم �أيها اللوردات فالن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫مت�سان الأناجيل‬
‫والأ�سقف من مدينة كذا يف املقاطعة التابعة للأمري فالن‪ ،‬ويداي ّ‬
‫الأربعة �أمامي‪� ،‬أق�سم �أنني يف قلبي وبل�ساين �أ�ؤمن بالإميان الر�سويل املقد�س التي‬
‫ت�ؤمن به الكني�سة الرومانية‪ ،‬وتعلمه وتب�شر به وتراقبه ومتار�سه‪ .‬وبنا ًء على ذلك ف�أنا‬
‫�أنكر و�أتنكر و�أبغ�ض و�أن�سحب عن كل هرطقة ترفع ر�أ�سها �أمام الكني�سة الر�سولية‬
‫املقد�سة‪ ،‬مهما كان ال�ضالل الذي فيها‪� ،‬إلخ‪ ،‬كما يف الأعلى‪.‬‬
‫و�أنا �أعد ب�أنني من الآن ف�صاعدً ا لن �أقول �أو �أت�سبب يف كذا وكذا (وي�سميهم)‪،‬‬
‫وهي الأفعال الذي �أ�ساءت �إىل �سمعتي‪ ،‬وا�شتبهتم بي ب�سببها‪ ،‬و� ً‬
‫أي�ضا �أق�سم و�أعد‬
‫‪371‬‬
‫�أنني �س�أفعل كل ما بو�سعي �إىل �أق�صى قدرتي لأنفذ �أي توب ٍة تفر�ضونها علي‪ ،‬ولن‬
‫�أن�سى �أي جزءٍ منها‪ ،‬ف�ساعدين يا �إلهي على هذا و�أيتها الأناجيل الأربعة‪ .‬و�إذا‬
‫فعلت �أي �شيء ُيخالف هذا الق�سم والإنكار من الآن ف�صاعدً ا‪ ،‬ف�إين �س�أُخ�ضع نف�سي‬
‫للعقاب القانوين لهذا الفعل‪ ،‬مهما كان قا�سيا‪ ،‬و�س�أكون م�ستحقا له �إن فعلت هذه‬
‫الأ�شياء مر ًة �أخرى‪.‬‬
‫عندما تكون الإ�شارات قوية جدًّا جلعل املتهم امل� ّسوء ال�سمعة �أو غري امل� ّسوء‬
‫م�شتب ًها به يف الهرطقة‪ ،‬فيجب �أن ينكر كل الهرطقة ب�شكل عام كما قلنا �أعاله‪ .‬و�إذا‬
‫عاد �إىل �أي هرطقة‪ ،‬يجب �أن يعاين من عقوبة العا�صي املنحرف‪ .‬ولكن �إن كانت‬

‫ﻋﺼ‬
‫الإ�شارات ب�سيطة حتى مع �سوء ال�سمعة‪ ،‬فلن جتعل منه م�شتبها به بقوة ولكن فقط‬
‫عاما‪ ،‬حيث‬ ‫م�شتبها به ب�شكل طفيف‪ ،‬عندها يجب �أن يعمل �إنكارا حمددًا ولي�س ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ينكر الهرطقة التي هو م�شتبه به فيها‪ .‬حتى �إذا عاد �إىل نوع �آخر من الهرطقة‪،‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ال يكون خا�ض ًعا لعقاب العا�صي املنحرف‪ .‬وحتى �إذا عاد �إىل نف�س الهرطقة التي‬
‫أي�ضا‪ ،‬رغم �أنه �سيعاقب ب�شكل �أق�سى من لو‬ ‫�أنكرها ال يكون خا�ض ًعا لذلك العقاب � ً‬
‫كان مل ينكر‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن هناك �شك لو �أنه بعد التطهري عاد �إىل نف�س الهرطقة التي تطهر منها‬
‫ﺸﺮ‬

‫�شرع ًّيا هل �سيخ�ضع لعقاب العا�صي املنحرف �أم ال‪ .‬والأظهر �أنه �سيخ�ضع‪ ،‬من‬
‫قانون ال�شريعة‪ .‬بالتايل يجب �أن يعتني كاتب العدل اعتنا ًء بال ًغا ب�أن يكتب �أن هذا‬
‫ﻭ‬

‫ال�شخ�ص قد عمل �إنكاره هذا كم�شتبه به ا�شتباهً ا طفي ًفا ولي�س قو ًّيا بالهرطقة‪ ،‬كما‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫قلنا �أعاله‪ ،‬لأن هناك اختال ًفا كب ًريا بني الق�ضيتني‪ .‬وعندما يتم هذا‪ ،‬يجب �أن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ُينطق احلكم بال�شكل التايل‪:‬‬


‫نحن فالن‪ ،‬الأ�سقف على مدينة كذا �أو القا�ضي على املقاطعات اخلا�ضعة حلكم‬
‫الأمري فالن‪ ،‬قد اجتهدنا ووجدنا �أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬قد مت‬
‫اتهامك من ِقبلنا بهذه الهرطقة (وي�سميها)‪ ،‬ولرغبتنا يف �أن نتحقق ق�ضائ ًّيا �إن كنت‬
‫قد ارتكبت هذه الهرطقة �أم ال‪ ،‬فبالتحقيق مع ال�شهود‪ ،‬وبا�ستدعائك والتحقيق معك‬
‫حتت الق�سم‪ ،‬وبكل الطرق املنا�سبة التي يف �سلطتنا‪ ،‬اتبعنا الإجراءات القانونية يف‬
‫الق�ضية كما ينبغي‪.‬‬
‫‪372‬‬
‫وبفهم الأمر كله‪ ،‬والنظر يف كل احلقائق باجتهاد‪ ،‬ومبناق�شة كل وقائع الق�ضية‪،‬‬
‫والتحقيق يف كل ما مت عمله وقوله‪ ،‬وبا�ست�شارة الر�أي ال�سديد للكثري من املتعلمني‬
‫الالهوتيني واملحامني‪ ،‬وجدنا �أنك يف مكان كذا وكذا قد �ساءت �سمعتك عند الرجال‬
‫ال�صاحلني املتزنني بالهرطقة املذكورة‪ ،‬لذلك ً‬
‫عمل بقوانني امل�ؤ�س�سات ال�شرعية‪،‬‬
‫فر�ضنا عليك التطهري الكن�سي حيث �أتيت �أنت ومن ي�شهدون لك وتطهرت �أمامنا‪.‬‬
‫ثم وجدنا �أنك بعد هذا فعلت كذا وكذا (وي�سميهم)‪ ،‬وبالتايل �أ�صبحت م�شتب ًها فيه‬
‫كم�شتبه‬
‫ٍ‬ ‫بقوة �أو ب�شكل طفيف يف الهرطقة املذكورة‪ ،‬ونحن �سنجعلك تنكر الهرطقة‬
‫فيه (�إن كان م�شتب ًها فيه بقوة عليه �أن يقول «كل الهرطقة» و�إن كان م�شتب ًها فيه‬
‫ب�شكل طفيف عليه �أن يقول «الهرطقة املذكورة»)‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكننا ال ن�ستطيع وال يجب �أن نتحمل ما فعلته ونحن جمربون على معاقبته‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بالعدالة‪ ،‬حتى تكون حذ ًرا يف امل�ستقبل‪ ،‬وحتى ال متر جرائمك بال عقاب‪ ،‬وحتى ال‬
‫يت�شجع الآخرين على الوقوع يف خطايا كهذه ويكون من ال�سهل مترير هذه الإ�ساءات‬
‫ﻜﺘ‬
‫للخالق‪ ،‬بالتايل ف�أنت يا فالن كونك قد طهرت نف�سك بالوقوف �شخ�ص ًّيا يف املكان‬
‫والزمان الذي مت تعيينه لك‪ ،‬فنحن الأ�ساقفة املذكورون‪ ،‬جال�سني يف املحكمة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫كق�ضاة‪ ،‬وا�ضعني الأناجيل الأربعة �أمام �أعيننا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند‬
‫الرب‪ ،‬وحتى ال ترى عيوننا �إال الإن�صاف‪ ،‬نحن ننطق باحلكم �أنه يجب عليك �أن‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫�إلخ‪.‬‬
‫وعليهم �أن ينطقوا باحلكم كما ينا�سب تكرمي الإميان و�إبادة اخلطية‪ ،‬و�أنه يف‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�أيام الأحد والأعياد‪ ،‬يجب �أن يقف هذا ال�شخ�ص عند باب كني�سة كذا‪ ،‬ومي�سك‬
‫ب�شمعة لها وزن كذا‪ ،‬خالل مرا�سم القدا�س الإلهي‪ ،‬ويك�شف ر�أ�سه وتكون قدمه‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫حافية‪ ،‬ويهب ال�شمعة عند املذبح‪ ،‬ويجب �أن ي�صوم يف �أيام اجلمعة‪ ،‬وملدة معينة‬
‫يجب �أال يجر�ؤ على الرحيل من هذا البلد‪ ،‬ولكن يقدم نف�سه �أمام الأ�سقف �أو‬
‫القا�ضي يف �أيام معينة من الأ�سبوع‪ ،‬ويخ�ضع لأي توبة �أخرى تكون مطلوبة منه تبعا‬
‫لطبيعة ذنبه‪ ،‬لأنه من امل�ستحيل �أن نعطي قاعدة ثابتة‪ .‬ويجب �أن يتم تنفيذ احلكم‬
‫بعد �أن ُينطق مبا�شرة‪ ،‬وميكن �أن ُيلغى احلكم �أو ُيخفف �أو يتغري ح�سب ما تقت�ضيه‬
‫ال�سلطة بقوة القانون‪.‬‬
‫حالة التائب ولأجل ت�صحيحه و�إذالله‪ ،‬لأن الأ�سقف لديه هذه ُ‬
‫‪e‬‬
‫‪373‬‬
‫السؤال ‪ .27‬طريقة النطق بالحكم على من يعترف‬
‫بالهرطقة ولكنه تائب‬

‫الطريقة الثامنة لإنهاء العملية النيابية فيما يتعلق بالإميان ُت�ستخدم عندما‬
‫يكون ال�شخ�ص مته ًما بالهرطقة‪ ،‬وببع�ض التحقيق الدقيق يف وقائع الق�ضية‬

‫ﻋﺼ‬
‫وبا�ست�شارة املحامني املتعلمني‪ُ ،‬وجد �أنه اعرتف بالهرطقة‪ ،‬لكنه نادم وتائب‪ ،‬ولي�س‬
‫من العائدين �إىل الهرطقة‪ .‬وهذا عندما يعرتف املتهم بنف�سه يف املحكمة حتت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الق�سم �أمام الأ�سقف واملفت�ش ب�أنه قد عا�ش لفرتة طويلة ُم�ص ًرا على هذه الهرطقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫التي هو متهم بها‪� ،‬أو �أي هرطقة �أخرى‪ ،‬و�أنه قد �آمن بها وتقيد بها‪ ،‬ولكن ب�إقناع‬
‫الأ�ساقفة والآخرين‪� ،‬أراد �أن يعود �إىل ُح�ضن الكني�سة‪ ،‬وينكر تلك الهرطقة وكل‬
‫هرطقة �أخرى‪ ،‬وهو مل ينكر �أي هرطقة من قبل‪ ،‬لكنه الآن م�ستعد للإنكار‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ل�سنوات‬
‫ٍ‬ ‫يف هذه الق�ضية تكون الإجراءات كالتايل‪ ،‬فرغم �أن هذا ال�شخ�ص �أ�صر‬
‫ﺸﺮ‬

‫وهرطقات �أخرى‪ ،‬و�أنه �آمن بها ومار�سها وقاد �آخرين لهذا‬


‫ٍ‬ ‫طويل ٍة على هذه الهرطقة‬
‫ال�ضالل‪� ،‬إال �أنه وافق على �إنكار هذه الهرطقات‪ ،‬فحتى ُير�ضي الأ�سقف والقا�ضي‬
‫ﻭ‬

‫الكن�سي‪ ،‬لن يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية ليعاين من �أ�شد العقوبة‪ ،‬لكن بعد �أن‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ُينكر هرطقته يجب �أن ُيحب�س يف ال�سجن مدى احلياة (انظر ال�شريعة حيث ت�شرح‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫كيفية التربئة ملثل هذا ال�شخ�ص)‪ .‬ولكن ال بد �أن ي�ؤخذ احلذر �أنه ال يكون يت�صنع‬
‫ويتوب توب ًة مزيف ًة حتى يعو َد �إىل الكني�سة‪.‬‬
‫يجب �أن ُيعمل �إنكاره بالطريقة التي �شرحناها‪ ،‬لكن ببع�ض االختالف ‪ .‬فيجب‬
‫�أن يعرتف بنف�سه بجرائمه �أمام جتمع من النا�س يف الكني�سة يف يوم عيد بالطريقة‬
‫التالية‪ .‬يجب �أن ي�س�أله رجل الدين‪� ،‬أل�ست �أنت قد �أ�صررت على هرطقة ال�ساحرات‬
‫كل هذه ال�سنني؟ ويجيب ب�أن نعم‪ .‬وبعدها‪ ،‬هل فعلت كذا وكذا من الذي اعرتفت‬
‫به؟ ويجب ب�أن نعم‪ ،‬وهكذا‪ .‬ويف النهاية يجب �أن يعمل �إنكاره جاث ًيا على ركبتيه‪.‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬كونه ُمدا ًنا بالهرطقة ومت حظره كن�س ًيا‪ ،‬فبعد �إنكاره وعودته �إىل ح�ضن‬
‫‪374‬‬
‫الكني�سة‪ ،‬يجب �أن ُينح الغفران‪ ،‬بال�سلطة الر�سولية للأ�سقف بالإعفاء من احلظر‬
‫الكن�سي‪ .‬ويتم نطق احلكم بالطريقة التالية‪،‬‬
‫نحن فالن �أ�سقف مدينة كذا‪� ،‬أو القا�ضي على املقاطعة التابعة للأمري فالن‪،‬‬
‫نراك �أنت يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬قد مت اتهامك بناء على تقرير عام‬
‫م�صاب بهذه اخلطية‬ ‫ٌ‬ ‫من رجال موثوقني ب�أنك عملت خطية الهرطقة‪ ،‬ومبا �أنك‬
‫لعدة �سنوات وقد عملت �ضر ًرا كب ًريا يف روحك‪ ،‬وب�سبب �أن االتهامات �ضدك قد‬
‫جرحت قلوبنا‪ ،‬نحن الذين مهمتهم �أن يزرعوا الإميان الكاثوليكي املقد�س يف قلوب‬
‫الرجال و�أن ُنبعد كل الهرطقات من عقولهم‪ ،‬ففي رغبتنا ب�أن نكون �أكرث ت�أكدً ا من‬
‫�إذا كانت هناك �أي حقيقة يف ذلك التقرير الذي �أتى �إىل �أ�سماعنا‪ ،‬حتى ميكننا �إن‬

‫ﻋﺼ‬
‫عالجا منا�س ًبا‪ ،‬فعملنا التحقيق ب�أف�ضل طريقة كانت �أمامنا‬‫كان حقيق ًّيا �أن مننحك ً‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�س�ألنا ال�شهود وحققنا معك حتت الق�سم بخ�صو�ص ما مت اتهامك به‪ ،‬وعملنا كل ما‬
‫كان مطلو ًبا منا بالعدالة وال�شريعة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ومبا �أننا نريد �أن ُننهي ق�ضيتك بنهاية منا�سبة‪ ،‬وحتى يكون لدينا فه ٌم وا�ض ٌح‬
‫حلالة عقليتك ال�سابقة‪� ،‬إن كنت مت�شي يف الظالم �أو يف النور‪ ،‬و�إن كنت قد وقعت‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف خطية الهرطقة �أم ال‪ ،‬فرب�ؤية الق�ضية كاملة‪ ،‬اجتمعنا مع رجال متعلمني �أ�صحاب‬
‫علم الهوتي وماهرين يف ال�شريعة والقانون املدين‪ ،‬عاملني بقاعدة �أن احلكم يكون‬
‫ﺸﺮ‬

‫�سلي ًما عندما ي�ؤكد عليه كثريين‪ ،‬وبعد اال�ست�شارة يف كل التفا�صيل مع الرجال‬
‫املتعلمني املذكورين‪ ،‬وبالتحقيق باجتهاد ودقة يف كل ظروف الق�ضية‪ ،‬وجدنا �أنك‪،‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫باعرتافك حتت الق�سم الذي �أق�سمته �أمامنا يف املحكمة‪ُ ،‬مدا ًنا بكث ٍري من خطايا‬
‫ال�سحر (ويجب �أن ي�شرحهم بالتف�صيل)‪.‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن مبا �أن الرب ذو رحمة النهائية‪ ،‬ف�إنه لي�س فقط الكاثوليكيني املتعلمني‬
‫أي�ضا الذين �سقطوا من الإميان ميكنهم �أن يكونوا �أكرث انك�سا ًرا ويعملوا �أعمال‬ ‫بل � ً‬
‫التوبة‪ ،‬وباملناق�شة الدقيقة يف ظروف الق�ضية‪ ،‬وجدنا �أنك‪ ،‬باتباع ن�صيحتنا ون�صيحة‬
‫ال�صاحلني الآخرين‪ ،‬قد عدت بعقل واع �إىل وحدة وح�ضن الأم املقد�سة الكني�سة‪،‬‬
‫راف�ضا تلك ال�ضالالت املذكورة والهرطقات‪ ،‬ومعرتفا باحلقيقة الغري قابلة للدح�ض‬ ‫ً‬
‫للإميان الكاثوليكي‪ ،‬وا�ض ًعا �إياها يف دواخل قلبك‪ ،‬لذلك‪ ،‬تابعني خلطوات الرب‬
‫الذي ال يريد لأحد �أن يهلك‪ ،‬منحنا لك هذا الإنكار العلني عن الهرطقة املذكورة‬

‫‪375‬‬
‫وكل الهرطقات الأخرى‪ .‬وبعمل هذا‪ ،‬نحن نعفيك من حكم احلظر الكن�سي الذي‬
‫وقع عليك ب�سبب الهرطقة‪ ،‬ونعيدك �إىل الأم املقد�سة الكني�سة و�أ�سرار الكني�سة‬
‫املقد�سة‪� ،‬شريطة �أنك بقلب �صادق‪ ،‬ال تزيف توبتك‪.‬‬
‫خمز �أن نحتمل الإ�ساءة �ضد الرب خالق كل ال�سماوات‪،‬‬ ‫ولكن ب�سبب �أنه �شي ٌء ٍ‬
‫مبا �أنها خطيئة كربى �أن ت�سيء �إىل العظمة الأبدية �أكرث من العظمة الب�شرية‪،‬‬
‫مثال للآخرين‪،‬‬‫ولأجل �أن يرحمك الرب الذي ي�شفق على اخلاطئني‪ ،‬حتى تكون ً‬
‫وحتى ال متر خطيتك بدون عقاب‪ ،‬وحتى تكون �أكرث حذ ًرا يف امل�ستقبل‪ ،‬و�أال متيل‬
‫�إىل مثل هذه اجلرائم‪ ،‬فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة‪ ،‬نياب ًة عن الإميان‪ ،‬اجلال�سون يف‬
‫هذه املحكمة كق�ضاة‪� ،‬إلخ كما يف الأعلى‪ ..‬حكمنا عليك ب�أن تلب�س الك�سوة الزرقاء‬

‫ﻋﺼ‬
‫الرمادية‪� ،‬إلخ‪ .‬وحكمنا عليك بال�سجن الأبدي‪ ،‬حتى تعاقب هناك بخبز املِحنة وماء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الكرب‪ ،‬حمتفظني لأنف�سنا بحق التخفيف �أو الت�شديد �أو تغيري �أو �إلغاء احلكم ب�شكل‬
‫كامل �أو جزئي‪ ،‬كما نراه منا�س ًبا‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫بعد هذا يجب �أن يتقدم القا�ضي خطوة بخطوة‪ ،‬يف النطق باحلكم بالطريقة‬
‫التالية �أو �شبهها‪:‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ابني‪ ،‬احلكم عليك بالتوبة يت�ضمن هذا‪� ،‬أنه يجب �أن حتمل هذا ال�صليب طول‬
‫فرتة حياتك‪ ،‬ب�أن تقف مم�سكا به على درجات املذبح �أو على باب كني�سة كذا‪ ،‬و�إنك‬
‫ﺸﺮ‬

‫�ستُ�سجن مدى احلياة‪ ،‬على اخلبز واملاء‪ .‬ولكن‪ ،‬ابني‪� ،‬سماع هذا قد يكون �صع ًبا‬
‫عليك‪ ،‬ولكني �أ�ؤكد لك �أنه �إذا �صربت واحتملت عقوبتك ف�ستنالك الرحمة منا‪ ،‬فال‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫تي�أ�س‪ ،‬بل متنّ ‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫بعد هذا يجب �أن يتم تنفيذ احلكم يف حينه‪ ،‬ويجب �أن ُيلب�س الك�سوة املذكورة‬
‫ويقف على درجة عالية من املذبح يف مر�أى من النا�س وهم ميرون‪ ،‬ويحيط به‬
‫�ضباط من املحكمة العلمانية‪ .‬ويف وقت الع�شاء يجب �أن ُيقاد بوا�سطة ال�ضباط �إىل‬
‫حلكم يجب �أن ينفذ كما ينبغي‪ .‬وبعد �أن ُيقاد خارج باب الكني�سة‪،‬‬ ‫ال�سجن‪ ،‬وبقية ا ُ‬
‫ال يفعل القا�ضي الكن�سي �شيئا يف هذا الأمر بعدها‪ ،‬و�إذا كانت املحكمة العلمانية‬
‫را�ضية‪ ،‬فلت�سمح له‪ ،‬لكن �إذا مل َ‬
‫تر�ض‪ ،‬فلتفعل باملتهم ما ت�شاء‪.‬‬
‫‪e‬‬
‫‪376‬‬
‫السؤال ‪ .28‬طريقة النطق بالحكم على المعترفين‬
‫على أنفسهم التائبين لكنهم من العائدين إلى‬
‫الهرطقة‬

‫الطريقة التا�سعة من الو�صول �إىل احلكم بالنيابة عن الإميان ُت�ستخدم يف‬

‫ﻋﺼ‬
‫حالة املتهمة بالهرطقة‪ ،‬التي بعد التحقيق الدقيق يف ظروف الق�ضية وباالتفاق مع‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫الرجال احلكماء‪ُ ،‬وجد �أنها قد اعرتفت بهرطقتها و�أنها تائبة‪ ،‬لكنها من العائدات‬
‫للهرطقة‪ .‬وهذا عندما تعرتف املتهمة بنف�سها يف املحكمة �أمام الأ�سقف �أو الق�ضاة‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنها قد �أنكرت يف وقت �آخر كل الهرطقة‪ ،‬ومت �إثبات هذا ق�ضائ ًيا‪ ،‬ولكنها بعد ذلك‬
‫وقعت يف هذه الهرطقة �أو ال�ضاللة‪� ،‬أو �أنها قد �أنكرت هرطق ًة معين ًة‪ ،‬مثل هرطقة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�ساحرات‪ ،‬وبعدها عادت �إليها‪ ،‬ولكن باتباع الن�صائح �أ�صبحت تائبة وم�ؤمن ًة‬
‫بالإميان الكاثوليكي‪ ،‬وعادت �إىل وحدة الكني�سة‪ .‬هذه املتهمة‪ ،‬ال يجب �أن ُتنع‬
‫ﺸﺮ‬

‫من �أ�سرار التوبة والأفخار�ستيا �إذا طلبتها بتوا�ضع‪ ،‬ولكن �سيتم ت�سليمها كعا�صية‬
‫منحرفة �إىل املحكمة العلمانية لتعاين �أ�شد العقوبة‪ .‬ويجب �أن ُيفهم �أن هذا ي�شري‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫مقبو�ض عليها بالهرطقة‪� ،‬أو‬ ‫ٌ‬ ‫�إىل التي �أنكرت الهرطقة من قبل على �أنها متهم ٌة‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫م�شتب ٌه فيها بقو ٍة بالهرطقة‪ ،‬ولي�ست متهمة كان م�شتب ًها فيها ا�شتباهً ا طفي ًفا‪.‬‬
‫الإجراءات التالية يجب �أن ُتعمل يف هذه احلالة‪ .‬بعد التحقيق اجليد والدقيق‬
‫و�إعادة التحقيق �إن كان �ضرور ًيا بوا�سطة الرجال املتعلمني‪ ،‬وبعد التو�صل �إىل �أن‬
‫ال�سجينة قد عادت بالفعل �إىل الهرطقة‪ ،‬فالأ�سقف �أو القا�ضي يجب �أن ير�سل �إليها‬
‫يف احلب�س ثالثة رجال �صاحلني‪ ،‬متدينني �أو رجال دين‪ ،‬متحم�سني للإميان‪ ،‬من‬
‫وقت منا�سب‬‫الذين ال ت�شك فيهم املتهمة ولكن تثق بهم‪ ،‬وعليهم �أن يدخلوا �إليها يف ٍ‬
‫بلطف عن ال�سوء يف هذا العامل والب�ؤ�س الذي يف احلياة‪ ،‬وعن عظمة‬‫ويتحدثوا معها ٍ‬
‫اجلنة و ُمتعها‪ .‬وبعد هذا يجب �أن يو�صلوا لها نيابة عن الأ�سقف �أو القا�ضي �أنها ال‬
‫‪377‬‬
‫ميكن �أن تهرب من عقوبة املوت‪ ،‬وبالتايل يجب �أن تنتبه �إىل ت�أمني روحها‪ُ ،‬وت�ضر‬
‫نف�سها لالعرتاف وللح�صول على �سر الأفخار�ستيا‪.‬‬
‫ويجب �أن يزوروها با�ستمرار‪ ،‬ويقنعوها بالتوبة وال�صرب‪ ،‬ويقووها ب�أق�صى ما‬
‫ميكنهم باحلقيقة الكاثوليكية‪ ،‬ويجب �أن يجتهدوا يف �أن يجعلوها تتوب‪ ،‬حتى ميكن‬
‫�أن حت�صل على �أ�سرار الأفخار�ستيا لتوبتها ال�صادقة‪ .‬لأن هذه الأ�سرار يجب �أال‬
‫ُتنع عن ه�ؤالء الع�صاة‪.‬‬
‫وعندما ت�ستلم هذه الأ�سرار‪ ،‬وتتح�ضر بوا�سطة ه�ؤالء الرجال للخال�ص‪ ،‬فبعد‬
‫يومني �أو ثالثة بينما يقوونها بالإميان الكاثوليكي وبينما يحثونها على التوبة‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫فالأ�سقف �أو القا�ضي يف ذلك املكان يجب �أن ُيبلغ حاجب املحكمة العلمانية‪� ،‬أنه يف‬
‫يوم كذا و�ساعة كذا (يف يوم عيد) يجب �أن يكون موجودًا يف ميدان كذا �أو مكان‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫كذا (لكن يجب �أن يكون خارج الكني�سة) حتى ي�ستلم من املحكمة عا�صي ًة منحرفة‪.‬‬
‫ﻜﺘ‬
‫ويف ال�صباح من اليوم املحدد‪� ،‬أو يف يوم قبله‪ ،‬يجب �أن ُيعلن يف املدينة يف املكان‬
‫الذي من املعتاد �أن تتم الإعالنات فيه‪� ،‬أنه يف يوم كذا و�ساعة كذا يف مكان كذا‬
‫�سيكون هناك خطب ٌة للدفاع عن الإميان‪ ،‬و�أن الأ�سقف �أو القا�ضي �س ُيدين امر�أ ًة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫معين ًة من العائدات �إىل خطية الهرطقة‪ ،‬و�أنه �سي�سلمها �إىل العدالة العلمانية‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ولكن �إذا كان العائد �إىل الهرطقة من املنتمني �إىل �أي تنظيم مقد�س‪� ،‬أو كان‬
‫كاه ًنا �أو متدي ًنا من �أي تنظيم‪ ،‬فقبل �أن ي�س ّلم يجب �أن تتم �إزالة كل االمتيازات التي‬
‫ﻭ‬

‫له من ذلك التنظيم الكن�سي‪ .‬وعندما ُيزال من كل امل�ؤ�س�سات الكن�سية‪ ،‬يجب �أن يتم‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ت�سليمه للعدالة العلمانية لي�ستلم عقابه كما ينبغي‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫وعندما يتم �إنزال �شخ�ص من مرتبته �أو تنظيمه وي�س ّلم �إىل املحكمة العلمانية‪،‬‬
‫يجب على الأ�سقف �أن يجمع كل املتدينني يف �أبر�شيته‪ .‬لأنه فقط الأ�سقف والرجال‬
‫�شخ�صا من امتيازاته يف تنظيم مقد�س عندما‬ ‫املتدينني يف �أبر�شيته ميكن �أن ُينزلوا ً‬
‫يتم ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية‪� ،‬أو عندما ي�سجن مدى احلياة خلطيئة الهرطقة‪.‬‬
‫ويف اليوم الذي يح ّدد لإزالة درجة العا�صي املنحرف وت�سليمه �إىل املحكمة‬
‫العلمانية‪ ،‬يجب على النا�س �أن يجتمعوا يف مكان مفتوح خارج الكني�سة‪ ،‬ويبد�أ‬
‫عال يف ح�ضور ال�سلطات‬
‫املفت�ش ب�إلقاء خطبة‪ ،‬ويجب �أن يقف ال�سجني يف مكان ٍ‬
‫‪378‬‬
‫ح�ضر‬
‫العلمانية‪ .‬و�إن كان ال�سجني رجل دين ومتت �إزالة درجته‪ ،‬فالأ�سقف يجب �أن ُي ِ‬
‫املالب�س الدينية‪ ،‬ويكون معه املتدينني من �أبر�شيته يف مالب�سهم الدينية‪ ،‬ويجب‬
‫�أن يتم �إلبا�س ال�سجني املالب�س الدينية وك�أنه �سيمار�س مهمته يف من�صبه الديني‪،‬‬
‫ثم يجب على الأ�سقف �أن ُيزيل منه الدرجات واالمتيازات من �أعالها �إىل �أ�سفلها‪.‬‬
‫ويجب على الأ�سقف �أن ي�ستخدم الكلمات املنظمة من الكني�سة‪ ،‬ويف �إزالة درجته‬
‫يجب �أن يخلع عنه مالب�سه الدينية وكل ما يت�صل بها من �أدوات دينية‪.‬‬
‫وعندما تتم �إزالة الدرجة يجب �أن تتم العملية بالطريقة القانونية املعتادة‪،‬‬
‫وكاتب العدل ينبغي �أن يقر�أ احلكم‪ ،‬ويجب �أن يكون نطقه بالطريقة التالية �سواء‬
‫كان ال�سجني رجل دين �أو ً‬
‫رجل من عامة ال�شعب‪:‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب يف مدينة كذا‪ ،‬والقا�ضي على املقاطعة التابعة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫للأمري فالن‪ ،‬بالنظر �إىل �أنه مت �إبالغنا ب�أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪،‬‬
‫قد �أتيت �أمامنا (�أو �أمام القا�ضي فالن �أو الأ�سقف فالن) ومت اتهامك بالهرطقة‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أو الهرطقات (ويذكرها)‪ ،‬التي ثبتت عليك باعرتافك ال�شخ�صي وب�شهادة ال�شهود‬
‫ب�أنك قد �أ�صررت عليها ملدة طويلة‪ ،‬ولكنك بعدها ب�سماع الن�صائح‪� ،‬أنكرت يف‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫مكان عام‪ ،‬وتنكرت وان�سحبت عن هذه الهرطقات بالطريقة التي �أُعطيت لك من‬ ‫ٍ‬
‫الكني�سة‪ ،‬ولأن املفت�شني والأ�ساقفة �صدقوا ب�أنك عدت �إىل الكني�سة املقد�سة للرب‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫فقد �أعفوك من حكم احلظر الكن�سي الذي كان واقعا عليك‪ ،‬هذا باعتبار �أن توبتك‬
‫هذه كانت من قلب �صادق و�إميان جعلك تعود �إىل الكني�سة املقد�سة‪ ،‬ولكن بعد كل‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ما ُذكر وبعد �سنوات طويلة ها �أنت متهم �أمامنا ووقعت مرة �أخرى يف الهرطقات‬
‫نف�سها التي �أنكرتها (وي�سميها)‪ ،‬ورغم �أنه من املحزن �أن ن�سمع هذه الأ�شياء عنك‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�إال �أننا ُمربون بالقانون �أن نحقق يف الأمر وب�أن ن�سمع ال�شهود ون�ستدعيك ونحقق‬
‫معك حتت الق�سم‪ ،‬متخذين الإجراءات القانونية الالزمة‪.‬‬
‫ومبا �أننا �أردنا �أن ننهي هذه الق�ضية بدون �أي �شكوك‪ ،‬فقد اجتمعنا مع الرجال‬
‫املتعلمني يف الالهوت واملاهرين يف ال�شريعة والقانون املدين‪ ،‬وبا�ست�شارتهم‬
‫وبالتحقيق بدقة يف كل �شيءٍ مت قوله وفعله‪ ،‬وبعد االجتهاد ومناق�شة كل الظروف‪،‬‬
‫وجدنا بالدليل من ال�شهود وباعرتافك ال�شخ�صي �أنك قد وقعت يف الهرطقات التي‬
‫�أنكرتها‪ .‬لأنك قد فعلت كذا وكذا (وي�سميهم)‪ ،‬وتب ًعا ال�ست�شارة الرجال املتعلمني‪،‬‬

‫‪379‬‬
‫حكمنا ب�أنك عا�ص منحرف‪ ،‬وف ًقا لت�شريعات الهيئات ال�شرعية‪ ،‬وهذا مع بالغ‬
‫حزننا‪.‬‬
‫ولكن مبا �أنه �أتى �إىل علمنا وعلم كثري من الرجال الكاثوليك‪ ،‬وب�إلهام من الإله‪،‬‬
‫�أنك قد عدت مر ًة �أخرى �إىل ح�ضن الكني�سة وحلقيقة الإميان ُمنك ًرا ال�ضالالت‬
‫املذكورة والهرطقات ب�إميان حقيقي‪ ،‬فقد �سمحنا لك با�ستالم الأ�سرار الكن�سية‬
‫للتوبة والأفخار�ستيا املقد�سة بنا ًء على طلبك‪ .‬ولكن مبا �أن كني�سة الرب لي�س‬
‫لديها ما تفعله لك �أكرث من هذا‪ ،‬وقد تعاملت معك برحمة �شديدة بالطريقة التي‬
‫ذكرناها‪ ،‬و�أنت قد خذلت هذه الرحمة و�أ�س�أت ا�ستخدامها بال�سقوط يف الهرطقة‬
‫التي �أنكرتها‪ ،‬بالتايل فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة‪ ،‬اجلال�سني يف هذه املحكمة كق�ضاة‪،‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫وا�ضعني الأناجيل الأربعة �أمامنا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند الرب وحتى ترى‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫عيوننا ب�إن�صاف‪ ،‬ولي�س �أمام عيوننا �إال الرب واحلقيقة التي ال ُتدح�ض للإميان‬
‫املقد�س و�إبادة وباء الهرطقة‪ ،‬قررنا �أنه يف مكان كذا ويوم كذا و�ساعة كذا �سيتم‬
‫ﻜﺘ‬
‫�إ�سماعك حكمنا النهائي‪ ،‬و�سنقول فيه ب�أنك قد عدت �إىل الهرطقة وبالتايل �ستتخلى‬
‫عنك املحكمة الكن�سية و ُت�سلمك �إىل املحكمة العلمانية‪ .‬ولكننا ُن�صلي �أن حتكم عليك‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املحكمة العلمانية برحمة‪ ،‬و�أال يكون هناك دماء وال موت‪.‬‬


‫وهنا يجب على الأ�سقف وم�ساعديه �أن ين�سحبوا‪ ،‬واملحكمة العلمانية ت�ؤدي‬
‫ﺸﺮ‬

‫عملها‪.‬‬
‫ورغم �أن الأ�ساقفة واملفت�شني يجب �أن يبذلوا كل ما بو�سعهم بالتعاون مع الآخرين‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف �أن يقنعوا ال�سجني ب�أن يتوب ويعود �إىل الإميان الكاثوليكي‪� ،‬إال �أنه حتى لو تاب‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫وعاد �إىل الإميان الكاثوليكي‪ ،‬ف�إنه مع ذلك �سيعترب عا�ص ًيا منحر ًفا و�سيتم ت�سليمه‬
‫�إىل املحكمة العلمانية للحكم عليه باحلرق‪ ،‬ويجب �أال ُيخربوه عن احلكم الذي‬
‫�سينطق ب�ش�أنه والعقوبة‪ ،‬ويجب �أال يراهم مرة �أخرى قبل النطق باحلكم وال بعده‪،‬‬
‫حتى ال يجد �شي ًئا يف نف�سه �ضدهم‪ ،‬وهو �شيء يجب �أن يتم االنتباه له يف الإعدام من‬
‫هذا النوع‪ .‬ولكن كما قلنا‪ ،‬يجب �أن ير�سلوه �إىل بع�ض الرجال ال�صاحلني‪ ،‬خا�ص ًة‬
‫الذين هم يف تنظيمات دينية‪� ،‬أو رجال دين‪ ،‬من الذين يثق فيهم‪ ،‬ويجب �أن يخربوه‪،‬‬
‫باحلكم وب�أنه �سيموت‪ ،‬ويقوونه بالإميان‪ ،‬ويحثونه ب�أن يتوب ويزورونه بعد احلكم‪،‬‬
‫و ُي�صلون معه‪ ،‬وال يرتكونه حتى تطمئن روحه �إىل خالقها‪.‬‬

‫‪380‬‬
‫أي�ضا �أن هذا احلكم الذي ي�سلم فيه ال�شخ�ص �إىل املحكمة‬ ‫يجب �أن نالحظ � ً‬
‫العلمانية يجب �أال ُينطق يف مهرجان �أو يوم عيد‪ ،‬وال يف الكني�سة‪ ،‬ولكن يف اخلارج‬
‫يف مكان مفتوح‪ .‬لأنه حكم ي�ؤدي �إىل املوت‪ ،‬ومن الأن�سب �أن يتم تبليغه يف يوم عادي‬
‫وخارج الكني�سة‪ ،‬لأن الكني�سة و�أيام العيد مكر�سة للرب‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪381‬‬
‫السؤال ‪ .29‬طريقة النطق بالحكم على من اعترف‬
‫بالهرطقة وهو غير ننادم‪.‬‬

‫الطريقة العا�شرة لإنهاء الق�ضية نيابة عن الإميان باحلكم النهائي ُت�ستخدم‬


‫عندما يكون ال�شخ�ص مته ًما بالهرطقة‪ ،‬وبعد الفح�ص الدقيق لظروف الق�ضية‬

‫ﻋﺼ‬
‫نادما‪ ،‬وهو‬
‫وا�ست�شارة املحامني املاهرين‪ُ ،‬وجد �أنه قد اعرتف بالهرطقة ولي�س ً‬
‫لي�س من العائدين �إىل الهرطقة‪ .‬هذه احلالة ناد ًرا ما توجد‪ ،‬ولكنها حدثت �أثناء‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫حلكم‬‫عملنا كمفت�شني‪ .‬يف هذه احلالة‪ ،‬الأ�سقف والقا�ضي يجب �أال يت�سرعوا يف ا ُ‬
‫ﻜﺘ‬
‫على ال�سجني‪ ،‬ولكن يجب �أن ُيبقوه حتت احلرا�سة مقيدً ا‪ ،‬ويحاولوا �أن يقنعوه ب�أن‬
‫يتوب‪ ،‬حتى لو ا�ستمر هذا عدة �شهور‪ ،‬ويتم �إقناعه �أنه �إن ا�ستمر يف كونه غري نادم‪،‬‬
‫�سيتم لعن روحه وج�سده‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ولكن �إذا مل يقتنع مهما كانت املحاوالت‪ ،‬وال حتى بالتهديد‪ ،‬ب�أن يتوب عن‬
‫ﺸﺮ‬

‫�ضالالته‪ ،‬وانتهت الفرتة املحددة له من النعمة‪ ،‬فيجب على الأ�سقف والقا�ضي �أن‬
‫ي�سلماه �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬ويجب �أن ُينبهوا ر�سول �أو حاجب املحكمة العلمانية‬
‫ﻭ‬

‫ب�أنهم �سي�سلمون لهم مهرط ًقا غري تائب‪ .‬ويجب �أن يعملوا �إعال ًنا بنف�سهم يف‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫الأماكن املعتادة �أنه يف يوم كذا ووقت كذا يف املكان املذكور‪� ،‬ستُل َقى خطب ٌة للدفاع‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عن الإميان‪ ،‬و�أنهم �سي�سلمون مهرط ًقا �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬و�أن الكل يجب �أن‬
‫يكون حا�ض ًرا‪.‬‬
‫بعد هذا يجب ت�سليم ال�سجني �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬لكن � ًأول يجب �أن ُين�صح‬
‫متاما‪ ،‬فيجب �أن يتم النطق باحلكم‪،‬‬ ‫ب�أن يتوب عن هرطقته ويعود للحق‪ ،‬و�إذا رف�ض ً‬
‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب يف مدينة كذا‪� ،‬أو القا�ضي على املقاطعة التابعة‬
‫للأمري فالن‪ ،‬بالنظر �إىل �أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬قد مت اتهامك‬
‫�أمامنا ب�سبب تقرير عام ومبعلومات من �أ�شخا�ص موثوقني (وي�سميهم) ب�أنك‬
‫مهرطق‪ ،‬و�أنك �أ�صررت لعدة �سنوات على هذه الهرطقات التي �أف�سدت روحك‪ ،‬ومبا‬
‫‪382‬‬
‫�أن مهمتنا هي �إبادة وباء الهرطقة‪ ،‬ففي رغبتنا ب�أن نعرف �أكرث عن هذا الأمر لرنى‬
‫�إن كنت قد م�شيت يف الظالم �أم يف النور‪ ،‬اجتهدنا يف التحقيق يف االتهام املذكور‪،‬‬
‫وا�ستدعيناك وحققنا معك‪ ،‬ووجدنا �أنك م�صاب بالهرطقة املذكورة‪.‬‬
‫ولكن مبا �أن رغبة قلوبنا الأ�سا�سية هي �أن نزرع الإميان الكاثوليكي يف قلوب‬
‫النا�س‪ ،‬و�أن ُنبيد طاعون الهرطقة‪ ،‬فقد ا�ستخدمنا عدة طرق منا�سبة‪ ،‬من جانبنا‬
‫ومب�ساعدة �آخرين‪ ،‬لإقناعك بالعودة عن �ضالالتك وهرطقاتك والتي ال زلت ُت�صر‬
‫عليها بقلب عنيد‪ .‬ولكن مبا �أن ال�شيطان عدو اجلن�س الب�شري موجود بداخل قلبك‪،‬‬
‫يلتف حولك ويوقعك يف هذه ال�ضالالت‪ ،‬ولأنك رف�ضت �إنكار الهرطقات املذكورة‪،‬‬
‫بدل من �أن تتوب عن الهرطقات وتعود‬ ‫خمتا ًرا املوت لروحك وج�سدك يف هذا العامل ً‬

‫ﻋﺼ‬
‫�إىل ح�ضن الكني�سة وتطهر روحك‪ ،‬ومبا �أنك قررت �أن تبقى على خطيئتك‪،‬‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫فنظ ًرا لأنك مقيد بقيد احلظر الكن�سي من الكني�سة املقد�سة‪ ،‬وحمروم من‬
‫االنتفاع بالكني�سة‪ ،‬فالكني�سة ال ميكنها �أن تفعل لك �شي ًئا �آخر وقد عملت كل ما‬
‫ﻜﺘ‬
‫بو�سعها‪ .‬فنحن الأ�ساقفة والق�ضاة نيابة عن الإميان‪ ،‬اجلال�سني يف املحكمة كق�ضاة‪،‬‬
‫و�أمامنا الأناجيل الأربعة وحقيقة الإميان املقد�س و�إبادة وباء الهرطقة‪ ،‬نحكم �أنه‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫يف يوم كذا و�ساعة كذا ويف املكان املعني لك لت�سمع احلكم الأخري‪� ،‬سنعطيك حكمنا‬
‫ب�أنك مهرطق غري تائب‪ ،‬و�أنه يجب �أن يتم ت�سليمك �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬لذلك‬
‫ﺸﺮ‬

‫بهذا احلكم نحن نطردك كمهرطق غري تائب من حمكمتنا الكن�سية‪ ،‬ون�سلمك �إىل‬
‫املحكمة العلمانية‪ ،‬ون�صلي ب�أن ُتخفف عليك حكم املوت‪.‬‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫‪e‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪383‬‬
‫السؤال ‪ .30‬الشخص المعترف بالهرطقة وهو من‬
‫العائدين إليها وهو غير تائب‬

‫الطريقة احلادية ع�شرة لإنهاء العملية نياب ًة عن الإميان باحلكم النهائي‬


‫ُت�ستخدم يف حالة املتهمة بالهرطقة‪ ،‬والتي بعد التحقيق الدقيق يف ظروف الق�ضية‬

‫ﻋﺼ‬
‫وا�ست�شارة املحامني املاهرين‪ُ ،‬وجد �أنها اعرتفت بالهرطقة وغري تائبة‪ ،‬رغم �أنها‬
‫من العائدات �إىل الهرطقة‪ ،‬وهذا عندما تعرتف بفمها يف املحكمة �أنها �آمنت‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ومار�ست كذا وكذا‪ .‬والإجراءات يف هذه احلالة هي نف�سها كما هي �أعاله‪ ،‬وب�سبب‬
‫ﻜﺘ‬
‫�أنها مهرطقة وا�ضحة‪ ،‬فاحلكم يجب �أن يكون بالطريقة التالية يف ح�ضور الأ�سقف‬
‫والقا�ضي‪،‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب �أ�سقف مدينة كذا‪� ،‬أو القا�ضي على املقاطعة‬
‫التابعة للأمري فالن‪ ،‬بالنظر �إىل �أنك يا فالنة من مكان كذا و�أبر�شية كذا‪ ،‬قد‬
‫ﺸﺮ‬

‫مت اتهامك من قبل �أمامنا (�أو �أمام فالن وفالن من �أ�سالفنا) بجرمية الهرطقة‬
‫(وي�سميها)‪ ،‬ومتت �إدانتك ر�سم ًيا بهذه اجلرمية باعرتافك ال�شخ�صي وب�شهادة من‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫عاندت ل�سنوات كثرية‪ ،‬لكن بعدها �سمعت الن�صيحة الأف�ضل‬ ‫ِ‬ ‫رجال موثوقني‪ ،‬ولقد‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫و�أنكرت الهرطقة ب�شكل عام يف مكان كذا وبال�صيغة التي �أعطتها لك الكني�سة‪،‬‬
‫وعدت‬
‫بت عن ال�ضالالت املذكورة ِ‬ ‫وقد �ص ّدق الأ�سقف املذكور والقا�ضي ب�أنك قد ُت ِ‬
‫�إىل الإميان الكاثوليكي وح�ضن الكني�سة‪ ،‬ومنحوك الإعفاء من احلظر الكن�سي‬
‫الذي كان مفرو�ضا عليك‪ ،‬وقد �أعلنت توبة بقلب �صادق ب�أنك �ستعودين �إىل وحدة‬
‫الكني�سة املقد�سة التي احت�ضنتك برحمة‪ .‬لأن الكني�سة املقد�سة ال تغلق �أبوابها ملن‬
‫يريد العودة �إىل ح�ضنها‪.‬‬
‫ولكن بعد كل ما ُذكر �أحزننا �أنه مت اتهامك مرة �أخرى بالوقوع يف تلك الهرطقات‬
‫امللعونة والتي �أنكر ِتها من قبل على العامة‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد قمت بكذا وكذا (وي�سميهم )‬
‫‪384‬‬
‫يف خمالفة لإنكارك ال�سابق‪ ،‬ورغم �أننا حمزونون وقلوبنا مقطوعة ب�أن ن�سمع هذا‬
‫عنك‪� ،‬إال �أن العدالة جتربنا على التحقيق يف الأمر‪ ،‬وفح�ص �شهادات ال�شهود‪ ،‬و�أن‬
‫ن�ستدعيك ونحقق معك حتت الق�سم كما ينبغي‪ ،‬و�أن نلتزم بالإجراءات القانونية‪،‬‬
‫ونحن نريد �أن ُننهي هذه الق�ضية بدون �أي �شكوك‪ ،‬ولقد ا�ستدعينا جمموعة من‬
‫الرجال املتعلمني يف الالهوت وماهرين يف القانون املدين وال�شريعة‪.‬‬
‫حلكماء على كل جزءٍ مت قوله وفعله يف‬ ‫وبعد النظر يف �أقوال ه�ؤالء الرجال ا ُ‬
‫هذه الق�ضية‪ ،‬وبعد الفح�ص املتكرر للق�ضية كلها واالجتهاد يف املناق�شة لكل ظرف‬
‫من الظروف‪ ،‬فكما يطلب القانون والعدالة‪ ،‬نحن جندك مدان ًة بالدليل وب�شهادة‬

‫ﻋﺼ‬
‫ال�شهود وباعرتافك املتكرر‪� ،‬أنك وقعت يف الهرطقة مر ًة‪ ،‬ثم وقعت فيها مر ًة �أخرى‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫بعد �أن �أنكر ِتها‪ .‬ولأننا وجدنا �أنك قد عملت وقلت كذا وكذا (وت�سميهم)‪ ،‬بالتايل‬
‫لدينا �سبب‪ ،‬يف ر�أي الرجال املتعلمني‪ ،‬ب�أن نحكم عليك �أنك عا�صية منحرفة وف ًقا‬
‫ﻜﺘ‬
‫للأوامر ال�شرعية‪ .‬ونحن نقول هذا بحزن‪ ،‬والرب يعلم وهو الذي ال تخفى عليه‬
‫خافية ويعلم �أ�سرار القلوب‪.‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫وبكل قلوبنا رغبنا وال زلنا نرغب يف �إعادتك مرة �أخرى �إىل وحدة الكني�سة و�أن‬
‫ﺸﺮ‬

‫نقودك بعيدً ا عن قلبك املليء بالهرطقة الفا�سدة‪ ،‬حتى ميكنك �أن حتفظي روحك‬
‫وج�سدك من العذاب يف اجلحيم‪ ،‬ونحن قد بذلنا جهدنا �إىل �أق�صاه بكل الطرق‬
‫ﻭ‬

‫املنا�سبة لنقنعك باخلال�ص‪ ،‬ولكنك ا�ست�سلمت خلطيتك و�أ�ضلتك و�أغوتك الروح‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫واخرتت جل�سدك امل�ؤقت هذا‬


‫ِ‬ ‫ال�شريرة‪ ،‬واخرتت ب�أن تتعذبي بالنار الأبدية املرعبة‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫�أن ُيحرق هنا �أمام النا�س وت�أكله النريان‪ّ ،‬‬


‫وف�ض ِلت هذا على �أن ت�سمعي امل�شورة‬
‫وترتكي �ضالالتك امللعونة‪ ،‬وتعودي �إىل ح�ضن الأم الرحيمة الكني�سة‪.‬‬
‫لذلك كني�سة الرب ال ميكنها �أن تفعل لك �أي �شيءٍ بعد الآن‪ ،‬وقد فع َلت كل ما‬
‫بو�سعها لهدايتك‪ :‬نحن الأ�سقف والق�ضاة نيابة عن الإميان‪ ،‬اجلال�سون يف هذه‬
‫املحكمة كق�ضاة‪ ،‬وا�ضعني الأناجيل الأربعة �أمامنا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من‬
‫عند الرب وحتى ترى عيوننا ب�إن�صاف‪ ،‬وا�ضعني الرب �أمام عيوننا وتكرمي الإميان‬
‫الكاثوليكي املقد�س‪ ،‬ففي هذا اليوم وهذه ال�ساعة واملكان املعني �سيتم �إعالن احلكم‬
‫‪385‬‬
‫عليك يا فالنة‪ ،‬ب�أنك مهرطقة غري تائبة وعائدة �إىل الهرطقة‪ ،‬ويجب ت�سليمك �إىل‬
‫املحكمة العلمانية‪ ،‬وبهذا فحكمنا النهائي هو �أن نطردك خارج حمكمتنا الكن�سية‬
‫كمهرطقة غري تائبة وعائدة �إىل الهرطقة‪ ،‬ون�سلمك �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬والتي‬
‫�ستنفذ عليك حكم املوت حر ًقا‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪386‬‬
‫السؤال ‪ .31‬الحكم على من قُبض عليها وأُدينت‬
‫لكنها تنكر كل شيء‬

‫الطريقة الثانية ع�شر لإنهاء الق�ضية نيابة عن الإميان ُت�ستخدم عندما يكون‬
‫ال�شخ�ص مته ًما بالهرطقة‪ ،‬وبعد التحقيق الدقيق يف وقائع الق�ضية وبا�ست�شارة‬

‫ﻋﺼ‬
‫املحامني املاهرين‪ُ ،‬وجد �أنه ُمدا ٌن بالهرطقة بالدليل على اجلرمية �أو ب�شهادة‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ال�شهود ولكن لي�س باعرتافه ال�شخ�صي‪ .‬يعني‪ ،‬هو ميكن �أن يكون ُمدا ًنا بالدليل على‬
‫اجلرمية ب�أنه مار�س الهرطقة ب�شكل علني‪� ،‬أو ب�شهادة ال�شهود‪� ،‬إال �أنه رغم القب�ض‬
‫ﻜﺘ‬
‫عليه و�إدانته‪ ،‬فهو ُي�صر على �إنكار كل التهم‪ .‬انظر كالم «هرني �أوف �سيجو�سيو» يف‬
‫كتاب ‪ On Hersey‬ال�س�ؤال ‪.34‬‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫والإجراءات يف هذه احلالة هي كالتايل‪ ،‬املتهم يجب �أن يتم تقييده بال�سال�سل‪،‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫ويجب �أن يزوره ال�ضباط‪ ،‬ب�شكل منفرد �أو جماعة‪ ،‬ويعملوا ما بو�سعهم لإقناعه �أن‬
‫يك�شف احلقيقة‪ ،‬ويخربونه �أنه �إذا رف�ض و�أ�صر على الإنكار‪ ،‬ف�إنه �سينتهي به الأمر‬
‫ﻭ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫�إىل القانون العلماين‪ ،‬ولن ميكنه �أن يهرب من املوت‪.‬‬


‫ﺯﻳﻊ‬

‫ولكن �إن �أ�صر على �إنكاره ملدة طويلة‪ ،‬فالأ�سقف و�ضباطه‪ ،‬ب�شكل منفرد �أو‬
‫جماعة‪ ،‬ومب�ساعدة �آخرين �صاحلني وم�ستقيمني‪ ،‬يقابلون ال�شهود ويعرفون منهم‬
‫باحليلة �إن كانت �شهادتهم حقيقية �أم ال‪ ،‬و ُيع ِّرفوهم �أن الت�سبب يف لعن �شخ�ص‬
‫يجعلك ملعو ًنا �إىل الأبد‪ ،‬و�إن كان �أحد منهم خائ ًفا‪ُ ،‬يكنه �أن يقول احلقيقة يف‬
‫ال�سر‪� ،‬أن هذا املتهم يجب �أال ميوت ظل ًما‪ .‬ويجب �أن َيحذر ال�صاحلون �أن يتحدثوا‬
‫مع ال�شهود بطريقة تبني لهم �أنهم يحاولون �أن يعرفوا �إن كانت ال�شهادة حقيقي ًة �أم‬
‫ال‪.‬‬
‫‪387‬‬
‫ولكن لو �أن ال�شهود بعد هذا التحذير �أ�صروا على �أقوالهم‪ ،‬واملتهم �أ�صر على‬
‫�إنكاره‪ ،‬فيجب على الأ�سقف و�ضباطه �أال يتعجلوا يف النطق باحلكم وي�سلموا‬
‫ال�سجناء للقانون العلماين‪ ،‬بل يجب عليهم �أن ُيبقوا عليهم لبع�ض الوقت ملحاولة‬
‫�إقناعهم باالعرتاف‪ ،‬وملحاولة حث ال�شهود (كل واحد منهم على حدة) ب�أن يراجعوا‬
‫�أنف�سهم‪ .‬ويجب على الأ�سقف و�ضباطه �أن ينتبهوا ج ّيدً ا لل�شاهد الذي يبدو �أكرث‬
‫ميل للخري‪ .‬ويجب �أن يتحدثوا �إىل �ضمريه ب�إ�صرار حتى ينطق باحلقيقة‬ ‫وع ًيا و�أكرث ً‬
‫�إن كان الأمر كما يف �شهادة ال�شهود‪ .‬و�إن وجدوا �أن هناك �شاهد م�ضطرب‪� ،‬أو كانت‬
‫هناك �أي �إ�شارة �أن هناك من ُيعطي �شهادة زور‪ ،‬فيجب �أن يحققوا معه يف الأمر مع‬
‫جمموعة من الرجال املتعلمني‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫لأنه وجد غالبا �أنه بعد �أن يدان املتهم بوا�سطة �شهود موثوقني وقد كان ُم�ص ًرا‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫على الإنكار‪ ،‬ف�إنه يرتاجع �إن مت �إبالغه ب�أنه لن ُي�سلم �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬بل‬
‫ﻜﺘ‬
‫�سيتم التعامل معه برحمة �إذا اعرتف بخطاياه‪ ،‬عندها �سيعرتف باحلقيقة التي‬
‫كان ينكرها ملدة طويلة‪ .‬ووجد غال ًبا �أن ال�شهود‪ ،‬ميكن �أن يت�آمروا معا بدافع العداوة‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫ال�شخ�صية لإدانة �شخ�ص بريء بخطية الهرطقة‪ ،‬ولكن بعدها‪ ،‬بعد حتقيق متكرر‬
‫من الأ�سقف و�ضباطه‪ ،‬يبد�أ �ضمريهم يف اال�ستيقاظ‪ ،‬بالإلهام الإلهي‪ ،‬وينكرون‬
‫ﺸﺮ‬

‫الدليل الذي قدموه ويعرتفون ب�أنهم قالوا هذا ل ُيلفقوا التهمة على املتهم‪ .‬بالتايل‬
‫فال�سجني دائ ًما يف هذه احلالة ال يجب اال�ستعجال باحلكم عليه‪ ،‬ولكن يجب �أن‬
‫ﻭ‬

‫يبقى ملدة �سنة �أو �أكرث قبل �أن ُي�سلم �إىل املحكمة العلمانية‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫وعندما مير وقت كاف‪ ،‬وبعد كل االحتياطات الالزمة‪� ،‬إذا ُوجد �أن املتهم مدا ٌن‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫ر�سم ًيا و�أنه اعرتف بذنبه بالطريقة الر�سمية ب�أنه وقع يف جرمية الهرطقة لفرتة‪،‬‬
‫ووافق على �إنكارها و�إنكار كل هرطقة �أخرى‪ ،‬و�أن يعمل هذا بالطريقة املر�ضية‬
‫للأ�سقف واملفت�ش‪ ،‬فيجب �أن يتوب يف العلن عن كل الهرطقة‪ ،‬بالطريقة التي‬
‫ذكرناها يف الطريقة الثامنة‪.‬‬
‫ولكن �إذا اعرتف �أنه وقع يف الهرطقة‪ ،‬لكنه مع ذلك الزال متم�س ًكا بها‪ ،‬يجب‬
‫ك�شخ�ص غري تائب‪ ،‬بنف�س الطريقة العا�شرة التي‬ ‫ٍ‬ ‫ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية‬
‫�شرحناها‪.‬‬
‫‪388‬‬
‫ولكن �إن بقي املتهم على �إنكاره التام لكل التهم املوجهة �ضده‪ ،‬لكن ال�شهود �سحبوا‬
‫�شهاداتهم‪ ،‬و�أنكروا ما قالوه‪ ،‬واعرتفوا بذنبهم‪ ،‬وقالوا �أنهم لفقوا له اجلرمية و�أنه‬
‫رجل بريء وقد عملوا هذا بدافع العداوة والكره‪� ،‬أو �أنه قد متت ر�شوتهم‪ ،‬فيجب‬
‫�أن يتم حترير املتهم‪ ،‬ويجب �أن ُيعاقبوا هم ك�شهداء زور‪ .‬وهذا مت تو�ضيحه من‬
‫«باول �أوف بورجو�س» يف تعليقه على ال�شريعة‪ .‬والتوبة يجب �أن تقال بوا�سطتهم كما‬
‫يبدو منا�س ًبا للأ�سقف والق�ضاة‪ ،‬ولكن يف حالة �شهود الزور ال بد �أن ُيدانوا ويتم‬
‫�سجنهم مدى احلياة على اخلبز واملاء ويعملوا التوبة طوال حياتهم‪ .‬ب�أن يقفوا على‬
‫درجات �سلم الكني�سة‪� ،‬إلخ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن الأ�ساقفة لديهم احلق يف تخفيف احلكم‬
‫�أو ت�شديده بعد �سنة �أو بعد مرور فرتة معينة بالطريقة املعتادة‪.‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ولكن �إذا مرت �سنة �أو �أكرث واملتهم م�صر على �إنكاره‪ ،‬وال�شهود ُم�صرون على‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ير�سل له رجال �صاحلون‬ ‫�أقوالهم‪ ،‬فيجب ت�سليمه �إىل املحكمة العلمانية‪ ،‬ويجب �أن َ‬
‫ﻜﺘ‬
‫متحم�سون للإميان ومتدينون‪ ،‬ليخربوه ب�أنه ال ميكنه الهرب من عقوبة املوت وهو‬
‫ي�صر على �إنكاره بهذه الطريقة‪ ،‬بل �سيتم ت�سليمه كمهرطق غري تائب قري ًبا �إىل‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫املحكمة العلمانية‪ .‬والأ�سقف و�ضباطه يجب �أن ُيبلغوا حاجب املحكمة العلمانية‬
‫�أنه يف يوم كذا ومكان كذا (لي�س بداخل الكني�سة ) �سيتم ت�سلميهم رجل مهرطق‬
‫غري تائب‪ .‬ويجب عليهم �أن يعملوا �إعال ًنا يف الأماكن املعتادة والكل يجب �أن يكون‬
‫ﺸﺮ‬

‫موجودًا يف يوم كذا و�ساعة كذا ومكان كذا لي�سمعوا خطبة تقال نيابة عن الإميان‪،‬‬
‫ﻭ‬

‫ويتم ت�سليم املتهم بعدها �إىل املحكمة العلمانية‪.‬‬


‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫ويف اليوم املحدد لل ُنطق باحلكم يجب على الأ�سقف و�ضباطه �أن يكونوا هنالك‪،‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫عال �أمام جتمع من النا�س حيث ميكن �أن يروه‪،‬‬ ‫وامل�سجون يجب �أن يو�ضع يف مكان ٍ‬
‫وامل�س�ؤولون من املحكمة العلمانية يجب �أن يكونوا موجودين �أمام ال�سجني‪ .‬ثم ُينطق‬
‫احلكم بالطريقة التالية‪:‬‬
‫نحن فالن‪ ،‬برحمة من الرب �أ�سقف مدينة كذا‪� ،‬أو القا�ضي على املقاطعة التابعة‬
‫للأمري فالن‪ ،‬بالنظر �إىل �أنك يا فالن من مكان كذا و�أبر�شية كذا قد مت اتهامك‬
‫بالهرطقة (وي�سميها)‪ ،‬ويف رغبتنا ب�أن نعرف �إن كانت التهم املوجهة لك حقيقية‬
‫�أم ال‪ ،‬و�إن كنت م�شيت يف طريق الظالم �أم يف النور‪ ،‬فلقد حققنا مع ال�شهود‪،‬‬
‫‪389‬‬
‫وا�ستدعيناك وحققنا معك حتت الق�سم‪ ،‬وجعلنا حمام ًيا يكون يف جهة الدفاع‬
‫عنك‪ ،‬وعملنا كل الالزم منا تبعا للت�شريعات الق�ضائية‪ .‬ورغبة منا يف �إنهاء هذه‬
‫الق�ضية بطريقة بعيدة عن كل ال�شكوك‪ ،‬فقد اقتنعنا بوا�سطة جمموعة من الرجال‬
‫املتعلمني يف الالهوت واملاهرين يف ال�شريعة والقانون املدين‪ ،‬بعد �أن حققنا وناق�شنا‬
‫كل الظروف التي يف الق�ضية وكل ما قيل وح�صل فيها‪ ،‬ب�أنك يا فالن مدان بخطية‬
‫الهرطقة وب�أنك مار�ستها ملدة طويلة‪ ،‬وب�أنك قد قلت وفعلت كذا وكذا (وي�سميهم)‬
‫ولكن مبا �أننا رغبنا وال زلنا نرغب يف �أن تعرتف باحلقيقة وتتوب عن تلك‬
‫الهرطقة‪ ،‬وتعود �إىل ح�ضن الكني�سة املقد�سة ووحدة الإميان املقد�س‪ ،‬حتى حتفظ‬

‫ﻋﺼ‬
‫روحك وتنجو من تدمري ج�سدك وروحك يف اجلحيم‪ ،‬فقد بذلنا كل اجلهد نحن‬

‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫و�آخرين‪ ،‬حتى ن�ؤجل احلكم عليك ملدة طويلة‪ ،‬ملحاولة �إقناعك بالتوبة‪ ،‬ولكن كونك‬
‫ﻜﺘ‬
‫معاند وم�ست�سلم للف�ساد وراف�ض لن�صيحتنا‪ ،‬وال زلت م�ص ًرا على العقل املتحجر‬
‫والإنكار‪ ،‬ونحن نقول هذا بكل حزن و�أمل‪ .‬ولكن مبا �أن كني�سة الرب قد انتظرتك‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬

‫طويال حتى تتوب وتعرتف بذنبك‪ ،‬و�أنت قد رف�ضت وال زلت ترف�ض‪ ،‬ف�إن نعمتها‬
‫ورحمتها ال ميكن �أن تعمل �أكرث من هذا‪.‬‬
‫ﺸﺮ‬

‫وبالتايل حتى تكون عربة للآخرين حتى يبتعدوا عن كل �أنواع الهرطقة‪ ،‬وحتى ال‬
‫ﻭ‬

‫متر خطيئتك بدون عقاب‪ ،‬ف�إننا نحن الأ�سقف والق�ضاة نيابة عن الإميان‪ ،‬جال�سني‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬

‫يف املحكمة كق�ضاة‪ ،‬والأناجيل الأربعة �أمامنا حتى يكون حكمنا م�ؤيدً ا من عند‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫الرب‪ ،‬وحتى ال ترى عيوننا �إال الإن�صاف‪ ،‬جاعلني الرب �أمام عيوننا وعظمة الإميان‬
‫املقد�س‪ ،‬ف�إنا ُنعلن وننطق باحلكم عليك ب�أنك يف يوم كذا و�ساعة كذا ومكان كذا‬
‫�ست�سمع احلكم عليك ب�أنك مهرطق غري تائب و�سيتم ت�سليمك �إىل املحكمة العلمانية‪.‬‬
‫ونحن ن�صلي حتى تخفف املحكمة العلمانية عقوبة املوت باحلرق عليك‪.‬‬
‫أي�ضا �أن يجعلوا الرجال املتحم�سني للإميان‪،‬‬ ‫الأ�سقف والقا�ضي ميكنهم � ً‬
‫املوثوقني عند املحكمة العلمانية‪� ،‬أن يدخلوا �إىل ال�سجني يف مكتب املحكمة العلمانية‪،‬‬
‫ويحاولوا �إقناعه ب�أن يقول احلقيقة‪ ،‬واالعرتاف بذنبه‪.‬‬
‫‪390‬‬
‫ولكن بعد �أن يتم نطق احلكم‪ ،‬وعندما يكون املتهم يف املكان بالفعل الذي �سيتم‬
‫حرقه فيه‪ ،‬ف�إذا قال �أنه يريد �أن يعرتف باحلقيقة ويعرتف بذنبه‪ ،‬وعمِ ل هذا بالفعل‪،‬‬
‫ف�إذا �أراد �أن ُينكر الهرطقة‪ ،‬ورغم �أنه يفعلها بدافع اخلوف على حياته ولي�س ب�سبب‬
‫حر�صه على احلق ‪� ،‬إال �أنني �س�أكون مع الر�أي الذي يرى �أنه ُيرحم ويعامل كاملهرطق‬
‫التائب و ُي�سجن مدى احلياة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وفقا لت�شريعات القانون‪ ،‬فالق�ضاة بغ�ض‬
‫النظر عن هذا ميكنهم دائ ًما �أن يعاقبوه باملوت باحلرق على الأ�ضرار التي ت�سبب‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪e‬‬

‫ﻋﺼ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﺯﻳﻊ‬

‫‪391‬‬
‫ﺯﻳﻊ‬
‫ﺍﻟﺘﻮ‬
‫ﻭ‬ ‫ﺸﺮ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻨ‬
‫ﻜﺘ‬
‫ﲑ ﺍﻟ‬
‫ﻋﺼ‬

You might also like