Professional Documents
Culture Documents
السلطوية والتنمية
السلطوية والتنمية
السلطوية والتنمية
حالة عربية
أوراق تحليلية
مايو ٢٠٢٤
النص
السلطوية والتنمية
شهدت العديد من البلدان العربية خططا للتنمية خاصة االقتصادية ،ولكنها لم
وه
تحقق النجاح المخطط له ولم تحقق النتيجة النهائية المرجوة من التنمية ي
تحقيق االزدهار.
العرب تؤدي
ي من التجارب السابقة تتكشف مشكالت مزمنة يف النظام السلطوي
يعن أن
غي فاعلة يف تحقيق التنمية خاصة االقتصادية مما ي
إىل اختياره لمسارات ر
يتغي.
الخطط الراهنة قد تؤدي لفشل جديد ألن شيئا لم ر
تعتمد السلطوية العربية عىل سياسات تقوم عىل ما يمكن تسميته التنمية من
اإلجماىل من خالل مشاري ع كيى المحىل يفيض أن تعظيم الناتج أعىل حيث ر
ي ي
إيجاب يمتد لمختلف القطاعات والمستويات.
ي سوف يؤدي إىل أثر
رغم التكرار الواضح يف الخطط سواء يف دولة ال تملك موارد طاقة طبيعية مثل
مرص أو دولة غنية بالنفط مثل السعودية إال أن الوقائع تظهر استمرار المحاولة
بنفس الطريقة مع تعديالت ظاهرية ،رغم فشلها.
مشوعات كيى يقوم بها القطاع الخاص أو الدولة مع تركز الحكومات عىل ر
لتوطي صناعة ما غالبا ما كانت صناعة السيارات ثم ر أجنن وتهدف مثال
ي مستثمر
أصبحت صناعة السيارات الكهربائية عىل سبيل المثال.
المشوع سوفافياض أن هذا ر المشوع الكبي الذي يرعاه الحكم تبن عىل ر فكرة ر
ر
وتوفي الن تقوم بتصنيع المكونات محليا ر ر
ر يؤدي إىل تأسيس العديد من الشكات ي
الكبية.
ر الصناعات المغذية للمشاري ع
الكبية إىل توسع النمو االقتصادي يف قطاعات متنوعة ر
يفيض أن تؤدي المشاري ع
ر
المشوعات والصناعات وإن لم يتحقق هذا ر وعىل مستويات مختلفة من حجم
الكبي سوف يفيد قطاع محدود من المجتمع. ر فإن أثر ر
المشوع
1
السلطوية والتنمية
2
السلطوية والتنمية
ً
األخي نموا واسعا لمشاري ع الدولة بما يف ذلك الذراع
ر عرفت مرص يف العقد
المدب والذراع االقتصادي العسكري للنظام مما جعل جزءا مهما من
ي االقتصادي
الناتج المحىل مصدره ر
مشوعات الدولة وكذلك جزءا مهما من االستثمارات. ي
الحكوم يف خطط تنوي ع مصادر ي وف السعودية نجد دورا محوريا لالستثمار
ي
ر
أسماىل ميكز يف ملكية الدولة ر
االقتصاد ومحصلة استثمارات الدولة تؤدي لياكم ر
ي
مشوعات الدولة. مما يربط المستثمر المحىل والخارج مع ر
ي ي
ر
يأب عىل حساب دور ومن الواضح يف التجربة العربية أن دور الدولة يف االقتصاد ي
الفعىل لالقتصاد والقادر عىل بناء قاعدة اقتصادية ي القطاع الخاص وهو المحرك
قوية تحقق طفرات يف النمو االقتصادي.
رييكز االقتصاد يف حالة السلطوية العربية يف اقتصاد األقلية حيث رييكز رأس المال
والن تتملك المشاري ع ر يف يد نخبة من رجال األعمال المتحالفة مع النظام
ي
الخاصة الكيى وتحظ بالدعم والحوافز من قبل النظام.
األجنن يقوم بدور يف التنمية االقتصادية مرتبط
ي يف الحالة العربية نجد االستثمار
بشبكة مصالح تربط اقتصاد الدولة مع اقتصاد األقلية المتحالفة مع النظام مع
الشكات األجنبية.ر
كي
الخارج دورا مهما يف تر ر
ي يلعب اقتصاد الدولة مع اقتصاد األقلية واالستثمار
اليوة يف دائرة ضيقة تمنع بناء قاعدة اقتصادية واسعة وعريضة وتركز عوائد ر
االقتصاد لصالح فئة تمثل أقلية يف المجتمع.
تركز رأس المال يبدو وكأنه انعكاس رليكز السلطة المفرط يف النظم السلطوية
العربية مما يجعل عوائد النمو تفيد فئة محدودة من المجتمع وال تصل لقاعدة
المجتمع بمختلف مكوناته.
3
السلطوية والتنمية
يف نماذج سياسية خارج المنطقة العربية يمكن لتدخل الدولة يف االقتصاد أن
يكون رافعة لنمو اقتصادي واسع النطاق تنعكس أثاره عىل أغلبية داخل المجتمع
ً
الصي مثال فالمشكلة ليست يف تدخل الدولة ،بل يف سياساتها.ر كما حدث يف
ر
والن تنتج ر
الن تنفذ بها ي
المشكلة تتمثل يف سياسات السلطوية العربية بالطريقة ي
اإلجماىل ال ينعكس إيجابا عىل مستويات المعيشة ألغلبية
ي المحىل
ي نموا يف الناتج
المجتمع مما يجعل اقتصاد السلطوية هو يف الواقع تنمية القتصاد األقلية.
الن تتبعها األنظمة العربية يتمثلر
سبب فشل كل محاوالت التنمية من أعىل ي
أساسا يف وجود حواجز فعلية تمنع وصول نتائج التنمية وعوائدها إىل مختلف
ررسائح المجتمع نظرا الستحواذ طبقة الحكم وحلفائها عىل معظم عائدات النمو.
تبن سياسات
السلطوية العربية تختلف عن أنظمة سلطوية أخرى تمكنت من ي
تنموية كانت كفيلة بتحقيق نمو اقتصادي مستدام تستفيد منه أغلبية المجتمع
ويكون نواة لتحقيق االزدهار كما حدث يف كوريا الجنوبية.
نعتقد أن عقودا من السلطوية العربية شكلت شبكات مصالح مغلقة قادرة عىل
االستحواذ عىل عوائد النمو وتتمثل تلك الشبكات يف تحالف السلطة ونخبة
المال ،واألعمال ،ر
والشكات اإلقليمية ،والدولية.
غيها من النماذج السلطوية أنها تقوم عىل تفكيك كل
تتمي الحالة العربية عن ر
ر
التجمعات والمؤسسات االجتماعية والمدنية مما يسبب حالة من فقدان توازن
القوة لصالح مركز قوة واحد تمثله طبقة الحكم.
تبن سياسات ال تحققعدم وجود قوى اقتصادية واجتماعية متعددة يؤدي إىل ي
مصالح واسعة يف المجتمع ألن المصلحة العامة تتشكل من توازن القوة ربي
تجمعات ومؤسسات متعددة.
4
السلطوية والتنمية
ه شكل مفرط من أحادية القوة والسلطة مما يجعلها يف السلطوية العربية ي
النهاية تعمل من خالل نظرة أحادية دون وجود تعدد يف الرؤى تشكله قوى
متعددة وفاعلة ومؤثرة مما ينتج عنه أحادية الرؤية وفردية الحكم.
وف ظل الحكميمكن القول إن التنمية من أعىل ال تصلح يف حالة الدول العربية ي
ً
العرب قائم ليس فقط عىل حكم األقلية ،بل أيضا عىل
ي السلطوي ألن النظام
اقتصاد األقلية مما يجعل ناتج النمو يذهب ألقلية محدودة من المجتمع.
بالنظر إىل منهجية المؤسسات الدولية يف اإلصالح االقتصادي سنجد أنها تعتمد
األجنن ورفع
ي عىل التنمية من أعىل أيضا حيث إنها تقوم عىل تشجيع االستثمار
قيمة الصادرات.
الن تتبن التنمية من أعىل فقط ألن هذه المنهجية ر
ه ي ليست النظم السلطوية ي
يف التنمية تتوافق مع فكرة االندماج يف اقتصاد العولمة وتتوافق مع أفكار اللييالية
الجديدة أيضا.
العرب رغم قرصها نجد أن التحول
ي بالنظر إىل تجربة الشعوب العربية مع الربيع
اط ال ينتج نموا اقتصاديا يفيد أغلبية الشعب تلقائيا ألن تحقيق ذلك
الديموقر ي
ر
لتغيي اسياتيجية التنمية. يحتاج
ر
كما تدل تجربة الربيع العرب أن تحالف السلطة ر
واليوة الذي نتج عن السلطوية ي
اط نظرا ألنه ر
قادر عىل تكريس التنمية من أعىل حن مع التحرر والتحول الديمقر ي
يسيطر عىل الموارد ر
واليوات.
يكمن حل مشكلة النمو االقتصادي ف البالد العربية ف تبن ر
اسياتيجية التنمية ي ي ي
والصغية وصوال إىل
ر ر
والن تركز عىل تنمية المشوعات المتوسطة من أسفل ر
ي
تشكل الكيانات االقتصادية الكيى وليس العكس.
5
السلطوية والتنمية
اط فرصة جيدة لبناء التنمية من أسفل إال إذا قامال ينتج عن التحول الديمقر ي
هذا التحول عىل قاعدة شعبية عريضة ولم يستند إىل النخب ألنها جزء من البناء
ر
الفوف الذي كرس التنمية من أعىل.
ي
بناء االقتصاد من أسفل أي ببناء قاعدة اقتصادية عريضة وواسعة يحتاج لبناء
الديمقراطية من أسفل أيضا لتكون قاعدية وشعبية أي تستند عىل قاعدة واسعة
من المجتمع وال تحتكرها النخب.
ينتم للشعب الن تسمح بوصول من ر
ي تعن تلك اآللية يالديمقراطية الشعبية ي
ويعي عنه للسلطة وبكش احتكار النخبة للسلطة وكش احتكار نخبة الدولة
للنفوذ يمكن كش احتكار األقلية لالقتصاد.
ه حكم األقلية من أجل األقلية لذا تعتمد التنمية
الخالصة أن السلطوية العربية ي
من أعىل ألنها ال ترى المصلحة العامة قدر ما ترى مصلحة طبقة الحكم والفئات
المتحالفة معها.
6