Professional Documents
Culture Documents
www.harunyahya.net
info@harunyahya.net
www.upgiga.com
رحلة في الكون
هارون يحيى
إلى القارئ
السبب وراء تخصيص فصل خاص لنهيار النظرية الداروينية هو أن هذه النظرية تشكل القاعدة التي يعتمد
عليها كل الفلسفة الملحدين· فمنذ أن أنكرت الداروينية حقيقة الخلق ،وبالتالي حقيقة وجود ال ،تخلى
الكثيرون عن أديانهم أو وقعوا في التشكيك بوجود الخالق خلل المئة والربعين سنة الخيرة· لذلك يعتبر
دحض هذه النظرية واجبا يحتمه علينا الدين ،وتقع مسؤوليته على كل منا· قد ل تسنح الفرصة للقارئ أن
يقرأ أكثر من كتاب من كتبنا ،لذلك ارتأينا أن نخصص فصلً نلخص فيه هذا الموضوع·تم شرح جميع
الموضوعات اليمانية التي تناولتها كل هذه الكتب على ضوء اليات القرآنية وهي تدعو الناس إلى كلم ال
والعيش مع معانيه· شرحت كل الموضوعات التي تتعلق باليات القرآنية بطريقة ل تدع مكانا للشك أو
التساؤل في ذهن القارئ من خلل السلوب السلس والبسيط الذي اعتمده الكاتب في كتبه يمكن للقرّاء في
جميع الطبقات الجتماعية والمستويات التعليمية أن تستفيد منها وتفهمها· هذا السلوب الروائي البسيط يمكّن
القارئ من قراءة الكتاب في جلسة واحدة ،حتى أولئك الذين يرفضون المور الروحانية ول يعتقدون بها،
تأثروا بالحقائق التي احتوتها هذه الكتب ولم يتمكنوا من إخفاء اقتناعهم بها·يمكن للقارئ أن يقرأ هذا الكتاب
وغيره من كتب المؤلف بشكل منفرد أو يتناوله من خلل مناقشات جماعية· أما أولئك الذين يرغبون في
الستفادة منه فسيجدون المناقشة مفيدة جدا إذ إنهم سيتمكنون من الدلء بانطباعاتهم والتحدث عن تجاربهم
إلى الخرين·إضافة إلى أن المساهمة في قراءة وعرض هذه الكتب التي كتبت لوجه ال يعتبر خدمة للدين ·
عرضت الحقائق في هذه الكتب بأسلوب غاية في القناع ،لذلك نقول للذين يريدون نقل الدين إلى الخرين:
إن هذه الكتب تقدم لهم عونا كبيرا·من المفيد للقارئ أن يطلع على نماذج من هذه الكتب الموجودة في نهاية
الكتاب ،ليرى التنوع الذي تعرضه هذه المصادر الغنية بالمواد الدينية الممتعة والمفيدة·لن تجد في هذا الكتاب
كما في غيره من الكتب ،وجهات نظر شخصية للكاتب أو تعليقات تعتمد على كتب التشكيك ،أو أسلوب
غامض في عرض موضوعات مغرضة أو عروض يائسة تثير الشكوك وتؤدي إلى انحراف في
التفكير·حول المؤلفولد الكاتب الذي يكتب تحت السم المستعار هارون يحيى في أنقرة عام 1956،بعد أن
أنهى تعليمه البتدائي والثانوي في أنقرة ،درس الداب في جامعة ميمار سنان في جامعة استنبول ،وفي
الثمانينيات بدأ بإصدار كتبه السياسية والدينية · هارون يحيى كاتب مشهور بكتاباته التي تدحض الداروينية
وتعرض لعلقاتها المباشرة مع اليديولوجيات الدموية المدمرة·يتكون السم القلمي أو المستعار ،من اسمي
''هارون'' و''يحيى'' في ذكرى موقرة للنبيّين الّلذَين حاربا الكفر واللحاد ،بينما يظهر الخاتم النبوي على
الغلف كرمز لرتباط المعاني التي تحتويها هذه الكتب بمضمون هذا الخاتم· يشير الخاتم النبوي إلى أن
القرآن الكريم هو آخر الكتب السماوية ،وأن نبينا محمدا صلى ال عليه وسلم هو خاتم النبيين· وفي ضوء
القرآن والسنة وضع الكاتب هدفه في نسف السس اللحادية والشركية وإبطال كل المزاعم التي تقوم عليها
الحركات المعادية للدين ،لتكون له كلمة الحق الخيرة ،ويعتبرهذا الخاتم الذي مهر به كتبه بمثابة إعلن عن
أهدافه هذه·تدور جميع كتب المؤلف حول هدف واحد وهو نقل الرسالة القرآنية إلى الناس ،وتشجيعهم على
اليمان بال والتفكر بالموضوعات اليمانية والوجود اللهي واليوم الخر·تتمتع كتب هارون يحيى بشعبية
كبيرة لشريحة واسعة من القراء تمتد من الهند إلى أمريكا ،ومن إنكلترا إلى أندونيسيا وبولندا والبوسنة
والبرازيل وإسبانيا؛ وقد ترجمت بعض كتبه إلى الفرنسية والنكليزية واللمانية والبرتغالية والردية والعربية
واللبانية والروسية والندونيسية· لقد أثبتت هذه الكتب فائدتها في دعوة غير المؤمنين إلى اليمان بال،
وتقوية إيمان المؤمنين ،فالسلوب السهل والمقنع الذي تتمتع به هذه الكتب يحقق نتائجا مضمونة في التأثير
السريع والعميق على القارئ· من المستحيل على أي قارئ يقرأ هذه الكتب ويفكر بمحتواها بشكل جدي أن
يبقى معتنقا لي نوع من أنواع الفلسفة المادية· ولو بقي أحد يحمل لواء الدفاع عنها ،فسيكون ذلك من منطلق
عاطفي بحت ،لن هذه الكتب تنسف تلك الفلسفات من أساسها· إن جميع اليديولوجيات التي تقول بنكران
وجود ال قد دُحضت اليوم والفضل يعود إلى كتب هارون يحيى·ل شك أن هذه الخصائص مستمدة من
حكمة القرآن ووضوحه؛ وهدف الكاتب من وراء نشر هذه الكتب هو خدمة أولئك الذين يبحثون عن الطريق
الصحيح للوصول إلى ال ،وليس تحقيق السمعة أو الشهرة ،علوة على أنه ل يوجد هدف مادي من وراء
نشر كتبه هذه·وعلى ضوء هذه الحقائق ،فإن الذين يشجعون الخرين على قراءة هذه الكتب ،التي تفتح
أعينهم وقلوبهم وترشدهم إلى طريق العبودية ل ،يقدمون خدمة ل تقدر بثمن·من جهة أخرى ،يعتبر تناقل
الكتب التي تخلق نوعا من التشويش في ذهن القارئ وتقود النسان إلى فوضى إيديولوجية ،ول تؤثر في
إزاحة الشكوك من قلوب الناس ،مضيعة للوقت والجهد ،أما هذه الكتب فمن الواضح أنها لم تكن لتترك هذا
الثر الكبير على القارئ لو كانت تركز على القوة الدبية للكاتب أكثر من الهدف السامي الذي يسعى إليه،
ومن يشك بذلك يمكنه أن يرى أن الهدف الوحيد لكتب هارون يحيى هو هزيمة الكفر وتكريس القيم
النسانية·ل بد من الشارة إلى أن الحالة السيئة والصراعات التي يعيشها العالم السلمي في يومنا هذا
ليست إل نتيجة البتعاد عن دين ال الحنيف والتوجه نحو اليديولوجيات الكافرة ،وهذا لن ينتهي إل بالعودة
إلى منهج اليمان والتخلي عن تلك المناهج المضللة ،والتوجه إلى القيم والشرائع القرآنية التي عرضها لنا
خالق الكون لتكون لنا دستورا· وبالنظر إلى حالة العالم المتردية والتي تسير به نحو هاوية الفساد والدمار،
هناك واجب ل بد من أدائه وإل··· قد ل نصل في الوقت المناسب·ل نبالغ إذا قلنا :إن مجموعة هارون يحيى
قد أخذت على عاتقها هذا الدور القائد ،وبعون ال ستكون هذه الكتب الوسيلة التي ستحقق شعوب القرن
العشرين من خللها السلم والعدل والسعادة التي وعد بها القرآن الكريم·تتضمن أعمال الكاتب :النظام
الماسوني الجديد ،اليهودية والماسونية ،الكوارث التي جرتها الداروينية على العالم ،الشيوعية عند المبوش،
اليديولوجية الدموية للداروينية :الفاشية ،السلم يرفض الرهاب ،اليد الخفية في البوسنة ،وراء حوادث
الرهاب ،وراء حوادث الهولوكوست ،قيَم القرآن ،الموضوعات ,3-2-1سلح الشيطان :الرومانسية
حقائق ,2-1الغرب يتجه إلى ال ،خدعة التطور ،أكاذيب التطور ، ،المم البائدة ،لولي اللباب ،انهيار
نظرية التطور في عشرين سؤالً ،إجابات دقيقة على التطوريين ،النبي موسى ،النبي يوسف ،العصر الذهبي،
إعجاز ال في اللوان ،العظمة في كل مكان ،حقيقة حياة هذا العالم ،القرآن طريق العلم ،التصميم في
الطبيعة ،بذل النفس ونماذج رائعة من السلوك في عالم الحيوان ،السرمدية قد بدأت فعلً ،خلق الكون ،ل
تتجاهل ،الخلود وحقيقة القدر ،معجزة الذرة ،المعجزة في الخلية ،معجزة الجهاز المناعي ،المعجزة في
العين ،معجزة الخلق في النباتات ،المعجزة في العنكبوت ،المعجزة في البعوضة ،المعجزة في نحل العسل،
المعجزة في النملة ،الصل الحقيقي للحياة ،الشعور في الخلية ،سلسلة من المعجزات ،بالعقل يُعرف ال،
المعجزة الخضراء في التركيب الضوئي ،المعجزة في البروتين ،أسرار · DNAو كتب الكاتب للطفال:
معجزات خلق ال ،رحلة في الكون ،رحلة في عالم الحيوان ،المخلوقات العجيبة ،منهاج الطفل المسلم 2،-1
المعجزات في جسم النسان 24 ،ساع ًة في حياة الطفل المسلم ،عالم أصدقائك الصغار ،النمل ،النحل يبنى
خليته بإتقان ،بناة الجسر المهرة :القنادس·وتتضمن أعمال الكاتب الخرى التي تتناول موضوعات قرآنية:
المفاهيم الساسية في القرآن ،ال ِقيَم الخلقية في القرآن ،فهم سريع لليمان ,3-2-1هجر مجتمع الجاهلية،
المأوى الحقيقي للمؤمنين :الجنة ،القيم الروحانية في القرآن ،علوم القرآن ،الهجرة في سبيل ال ،شخصية
المنافقين في القرآن ،أسرار المنافق ،أسماء ال ،تبليغ الرسالة والمجادلة في القرآن ،المفاهيم الساسية في
القرآن ،إجابات من القرآن ،بعث النار ،معركة الرسل ،عدو النسان المُعلن :الشيطان ،الوثنية ،دين الجاهل،
تكبر الشيطان ،الصلة في القرآن ،أهمية الوعي في القرآن ،يوم البعث ،ل تنس أبدا ،أحكام القرآن المنسية،
شخصية النسان في مجتمع الجاهلية ،أهمية الصبر في القرآن ،معارف عامة من القرآن ،حجج الكفر
الواهية ،اليمان المتكامل ،قبل أن تتوب ،تقول رسلنا ،رحمة المؤمنين ،خشية ال ،كابوس الكفر ،النبي
عيسى آتٍ ،الجمال في الحياة في القرآن ،مجموعة من جماليات ال ,3-2-1مدرسة يوسف ،الفتراءات
التي تعرض لها السلم عبر التاريخ ،أهمية اتباع كلم ال ،لماذا تخدع نفسك ،كيف يفسر الكون القرآن،
بعض أسرار القرآن ،ال يتجلى في كل مكان ،الصبر والعدل في القرآن ،أولئك الذين يستمعون إلى
14البيج 14في لحظة ما لم يكن العالم شيئا! القرآن·المحتوياتمدخل 10القسم الول :خلق الكون
24المعلومات الواردة في 22النظام الذي نتج عن النفجار بانج (النفجار العظيم) واتساع الكون
31مجرة درب التبانة 28القسم الثاني :الكون 30المجـــرّات القرآن الكريم بشأن الكون
51الجسام 43قوة جاذبية الشمس 47الكواكب 40الشمس 39النظام الشمسي 36النجوم
58موقع 55القسم الثالث:الرض 58الموازين التي أعدت بعناية في أرضنا السماوية الخرى
69حجم الرض وحمايتها من الجسام السماوية الخرى 64حرارة الرض الرض في الكون
81ملءمة الغلف الجوي 77الغلف الجوي 73المحيطات والبحار 76الجبال البركانية
98القمر 96قوس قزح ذي اللوان الساحرة 92مقدار المطار لحياتنا 89السحب السائرة
110مــدخــل لم تفكروا في 105خاتمة 103الليل والنهار والمواسم الذي يضيء ليالينا
هذا الموضوع بشكل مفصل ،وحتى إذا فكرتم في ذلك فليس باستطاعتكم أن تفهموا على نحو صحيح عظم
هذا الكون· وسوف نحاول توضيح ذلك لكم من خلل بعض المثلة· ماهو أوسع شيء يمكن أن يرد إلى
بالكم ،فكروا في ذلك· ربما فكرتم في المدينة التي تسكنون فيها من أقصاها إلى أقصاها ،وربما اعتبرتم أنها
على غاية من التساع· ومنكم من قطع البلد التي يسكنها وجاب أطرافها وهي بالنسبة إليه غاية في التّساع·
ومنكم أيضا من يكون قد سافر إلى بلد أخرى بعيدة جدا· ولكن يجب أن لننسى المر التالي! فحتى لو
تجولتم في الدنيا بكاملها فلن يكون ذلك كافيا لفهم مقدار اتساع الكون· ذلك أن الحيز الذي تشغله الرض من
الكون هو بمثابة ذرة من الغبار!! إن ما سمعتموه ليس خطأ! فكوكب الرض ل يتجاوز مجرد حبة غبار
من هذا الكون· ونعتقد أن هذا المثال يوضح لكم جيدا عظمة الكون· أيها الطفال الحباء ،الن فكروا في
أرضنا التي ل تشغلسوى حيز صغير جدا من هذا الكون العظيم· فكل يوم تستيقظون في بيوتكم التي تستقر
على ظهر هذه الرض المُكوّرة ،وتسيرون إلى مدارسكم عبر الطرق التي رسمت على وجه هذه الكرة·
والن فكروا جيدا! إذا تناولتم في يدكم كرة ووضعم على ظهرها مجموعة من السيارات الصغيرة ،فهل يمكن
لتلك السيارات أن تستقر على ظهرها؟ بالطبع ل يمكن لها ذلك· أما أنتم ودون أن تشعروا فإنكم تلهون
وتلعبون كامل اليوم مع أصدقائكم على ظهر هذه الرض المكورة· وفكروا جيدا في الشمس أيضا· فلو لم
تكن هذه الكرة الملتهبة ،كيف تحسون بالدفء ،كيف تحسون بالنور؟ هل كان بإمكانكم أن تذهبوا إلى البحر
وتتمتعوا بالسباحة؟ هل كان بإمكانكم أن تخرجوا مع عائلتكم أو مع زملئكم في الفصل ومعلميكم في
جولت ممتعة؟ كل! لم يكن بإمكانكم أن تفعلوا شيئا من ذلك· لنه بانعدام الشمس يستحيل لي كائن أن يحيا
على وجه الرض· ولن يكون كذلك بإمكان النباتات والشجار والعصافير والحشرات ول حتى القطط
والكلب التي تحبونها ول لبائكم وأمهاتكم وأصدقائكم وإخوانكم ول لحد منكم أيضا أن يعيش على
ظهرها·وهذان المثالن المتعلقان بالرض والشمس يبينان أن الجرام السماوية وما تتمتع به من خصائص
هي ضرورية جدا لحياتكم· ول شك أنه بإمكاننا أيضا أن نعرض أمثلة أخرى شبيهة بهذه· وفي هذا الكتاب
سوف نقدم لكم بعضا من هذه المثلة· ومن خلل هذه المثلة سوف تفهمون الكون وسوف تتمتعون بسسبب
ما فيها من غرابة· ويجب عليكم أن تبلّغوا ما فهمتموه لمهاتكم وآبائكم وأصدقائكم· وكونوا على ثقة أن هذه
المواضيع العجيبة سوف تثير إعجابهم عندما يفهمونها· وسوف تكتشفون من خلل المعلومات التي يحتوي
عليها هذا الكتاب أن ال تعالى هو الذي خلق هذا الكون وكل شيء فيه على أحسن وجه· وسوف ترون أنه
تعالى خلق الشمس والقمر والرض ،وباختصار كل شيء في الكون على نحو يوفر لنا أجمل أسباب الراحة
والحياة· والن نقلع معا في رحلة ممتعة داخل هذا الكون···
القسم الولخلق الكونهل تساءلتم يوما كيف وجد هذا الكون المترامي الطراف؟ وكيف وجدت هذه الرض
العظيمة؟ وكيف وجدت الشمس؟ وكيف وجد القمر؟ وكيف ظهرت النجوم؟ هل بحثتم في هذا المر؟ هل
تعلمون أن الكون تسبح فيه أجرام غريبة إلى جانب الرض والقمر والشمس؟ هل تعلمون أن وجود هذه
ن واحد يستند إلى نظام حساس من التوازن في الكون؟وسوف ننطلق الن في رحلة بديعة تمكننا
الجرام في آ ٍ
من الجابة على هذه السئلة ونتعلم من خللها كيف خلق ال تعالى هذا العالم أول مرة· في لحظة ما لم يكن
العالم شيئا!في الماضي كان النسان يعرف الشيء القليل عن الفضاء ،لنه لم يكن يمتلك الوسائل المتطورة
التي وجدت في وقتنا الحاضر من أجل إجراء البحوث اللزمة· ولهذا السبب كان الناس يحملون أفكارا
غريبة واعتقادات مضحكة بشأن ظهور الكون لول مرة· ومن بين هذه الفكار الكثر غرابة أن الكون
أزلي· بمعنى أن بعض الناس الجهلة يقولون -دون أن يكون لهم علم كاف -أن الكون ل بداية له· إن هذا
التفكير غير منطقي بالمرة! فكروا جيدا فبيتكم أو مدرستكم لها تاريخ محدد في إنشائها ،بل إن هذه السطور
التي تقرأونها قد كتبت في تاريخ معين· والمر نفسه ينطبق على أمهاتكم وآبائكم وبالتأكيد عليكم أنتم أيضا،
فكل واحد منكم قد ولد في تاريخ معين· وهذا يعني أن جميع الكائنات الحية وغير الحية قد ظهرت في تاريخ
معين· ولهذا السبب فالتفكير بأنه ''ليس للكون بداية ،وهو موجود منذ الزل'' هو تفكير ل يستند إلى العقل
على الطلق·ولكي تفهموا هذا الموضوع أفضل نقدم هذا المثال :تخيلوا أنكم في طريقكم إلى المدرسة
صباحا وصادفكم تمثال ،فماذا تتصورون؟ ل شك أنكم ستقولون ''إن نحّاتا قد صنع هذا التمثال وأقامه في هذا
المكان''· حسنا ،إذا قال أحد أصدقائكم ''كل هذا التمثال موجود هنا منذ الزل ،ولم يصنعه أحد ،فهو موجود
هنا ول بداية له'' ،فماذا ستقولون أنتم؟ سوف تقولون بل شك إن صديقكم يفكر تفكيرا ساذجا للغاية ،وسوف
تقولون إنه ل بد لكل أثر فني من صانع قد صنعه ،أليس كذلك؟ وفي هذه الحالة فإن الذين يقولون بأن الكون
موجود منذ الزل يفكرون تفكيرا أكثر سذاجة من صديقكم الذي يعتبر أن التمثال موجود منذ القدم· لن
التمثال صنع من قطعة من الصخر· أما الكون فل يقارن بحال من الحوال بقطعة الصخر لنه متكون من
أجرام كثيرة ومن أنظمة وموازين خارقة·والحقيقة أن تطور البحاث الفلكية أثبت بما ل يدع مجال للشك أن
القول بأن الكون أزلي مدعاة للسخرية· فهذه البحاث أثبتت أن لكل شيء -بمافي ذلك الكون -بداية محددة·
ويعتبر العالم الفلكي أدوين هابل أول من أثبت أن للكون تاريخ ميلد محدد· (أنتم تعرفون ولكن ل بأس أن
نذكركم بذلك :العالم الفلكي هو الباحث في علوم الفضاء)· وكان لهابل تلسكوب ضخم ،وفي يوم من أيام عام
1929كان كعادته يراقب الفضاء بجهازه الكبير ،وتوصل إلى أن النجوم متحركة·وهذه النجوم لم تكن
تتحرك بانتظام ،لن النجوم تبتعد عنا باستمرار· وكذلك النجوم تبتعد عن بعضها البعض· وهذا يعني أن كل
شيء يبتعد عن بعضه البعض ،فالكون إذن في حالة اتساع· لم يكن النسان يعرف هذه الحقيقة قبل مائة عام،
أما اليوم فجميع العلماء يقولون بأن النجوم تبتعد عن بعضها البعض وعن الرض كذلك·وحركة النجوم هذه
تمثل دليل مهما جدا بشأن خلق الكون· لن ابتعاد النجوم عن بعضها البعض باستمرار يبين أنها كانت جميعا
في نقطة واحدة في البداية· ويرى العلماء أن جميع مواد الكون كانت قبل 15مليار سنة عبارة عن نقطة
مضغوطة في حجم رأس البرة· وانفجار هذه النقطة وانتشارها في الفضاء نتج عنه هذا الكون الذي نراه
اليوم·ولنكتب ماشرحناه حتى الن بشكل متتالٍ ومرتب:أول ،النجوم متحركة باستمرار·ثانيا ،جميع النجوم
تبتعد عنا باستمرار·ثالثا ،لو رجع الزمن إلى الوراء فإن النجوم تقترب من جديد من بعضها البعض· وهذا
الرجوع يستمر حتى يصبح الكون كله متجمعا في نقطة واحدة· وإذا رجعنا أكثر للخلف تصبح هذه النقطة
عدما· بمعنى أن الكون ظهر بعد أن لم يكن شيئا ،بمعنى أن ال تعالى هو الذي خلقه·ومن خلل السئلة
البسيطة الثلثة التالية نفهم بسهولة كيف أصبح العدم شيئا ما·كم كان عمركم قبل سنة واحدة؟سوف تقولون
بل شك أن عمركم أقل من الن بعام واحد·إذا حسبتم حسابا تنازليا انطلقا من العمر الذي أنتم عليه الن،
ل بد أن تقولوا إن آخر ذلك هو واحد· وهذا هو العمر الذي فماهو العمر الذي ستصلون إليه في النهاية؟
وصلتم إليه بعد عام واحد من لحظة ولدتكم· أما اللحظة الولى التي ولدتم فيها فلم تصلوا فيها بعد إلى سن
العام ،وهذه اللحظة يمكن أن تعبروا عنها بالعام الصفر· فكروا الن في العام الذي يسبق ولدتكم! كم كان
عمركم في ذلك الوقت؟ وأين كنتم؟ ل شك أن الجواب عن هذا السؤال سيكون ''إنني لم أكن موجودا في ذلك
الوقت''· فالجواب الصحيح أن أمهاتكم لم يحملن بكم بعد ،ففي ذلك الوقت كنتم عدما·ولو أجرينا حسابا تنازليا
لعماركم فإنكم سوف تلحظون في النهاية أن أجسامكم كانت عدما· فمع كل عام ينقص من أعماركم في هذا
الحساب التنازلي تصغر أجسامكم أكثر فأكثر·ثم يتواصل هذا التقلص في أجسامكم لن يعود كل واحد منكم
جنينا في بطن أمه· ثم يتواصل هذا التقلص في بطن الم حتى تختفوا تماما من بطون أمهاتكم·وهكذا فالمر
نفسه ينطبق على الكون ،فقد كان عدما قبل أن يخلقه ال تعالى ،فعمر الكون يصغر كلما رجعنا به إلى
الوراء· إنه مثلكم تماما ،يصغر حتى يصل إلى نقطة معينة ثم في النهاية عدما· وفي هذه الحالة فظهور
الكون يعني '' أنه مخلوق''·وهنا ينبغي أن نذكر بالمر التالي :فنحن عندما نتحدث عن شيء لم يكن موجودا
ثم وجد نطلق عليه كلمة ''خلق''· والذي يستطيع إيجاد كل شيء من العدم يسمى ''الخالق'' وهو ال تعالي
وحده· والنسان أيضا يستطيع أن يوجد شيئا لم يكن موجودا من قبل· ومثال ذلك أن يرسم أحدهم لوحة لم
تكن موجودة من قبل· ويمكن للنسان أيضا أن يصنع باخرة وهي لم تكن موجودة من قبل· ولكن النسان ل
يستطيع أن يفعل ذلك إل بواسطة الشياء الموجودة على الرض ،ول يفعل ذلك إل من خلل مشاهدته لمثلة
سابقة لها· وهذا ل يعتبر خلقا· فالخلق هو إيجاد شيء من العدم بل سابق مثال· فال تعالى خلق كل شيء
في الكون وخلق أرضنا هذه بل مثال سابق·أما النسان -وكما أوردنا ذلك من قبل -فهو حتى عندما يرسم
صورة ما يتخذ مخلوقات ال تعالى مثال له· ومثال ذلك :فعندما نطلب منكم أن ترسموا مشهدا ما ،فماذا
سترسمون على ورقكم؟ أغلب الظن أنكم سترسمون شمسا و جبل ومجموعة من الشجار وربما قوس قزح
أو بحرا·حسنا ،والن فكروا جيدا! لو أنكم لم تروا شجرة على الطلق ،هل كان بإمكانكم أن تقوموا
برسمها؟ كل ،لم يكن بإمكانكم فعل ذلك· وتخيلوا كذلك أن شخصا ولد كفيفا فلبد أن شخصا ما قد أعلمه بأن
الشمس مدورة ،فالنسان ل يمكنه أن يعرف شيئا لم يره· أيها الطفال! ومثلما رأيتم من خلل هذه المثلة
فإن ال تعالى وحده هو القادر على الخلق· وقد ذكر تعالى في الكتاب الكريم الذي أنزله هداية لجميع الناس
لرْضِ··· سورة النعام ،اليـة·101 :أيها الطفال ،تعالوا لنعرف
سمَاوَاتِ وَا َ
هذه الحقيقة بقوله َبدِيعُ ال ّ
كيف خلق ال الكون؟؟ نحن متأكدون أنكم أصبجتم تتشوقون لمعرفة كيفية وقوع هذا الحدث العظيم·
البيج بانج (النفجار العظيم) واتساع الكونأنتم تعرفون الن أن الكون كان نقطة واحدة قبل مليارات السنين·
ونحن سنتعلم الن كيف بدأت هذه النقطة الصغيرة في الكبر·أنتم تعرفون في الفلم الكرتونية أن لكل بطل
أعداء· وهذا العدو يتبع طرقا عديدة من أجل اليقاع بالبطل· ومن بين هذه الطرق المستعملة باستمرار هي
طريقة استخدام المتفجرات· ومثال ذلك ،أن العداء يضعون المتفجرات باستمرار في عش الرنب المحبوب
''بوجز بني'' ( )Bugs Bunnyأو في الطرق التي يسلكها النعام ''رود رنر'' )Road Runner(.
وهؤلء البطال الحباء ينجون من هذه المتفجرات ببراعة فائقة· والن تخيلوا انفجارا من هذه النفجارات·
ومثال ذلك الصياد الذي يريد أن يقبض على ''بوجز بني'' ،فيضع المتفجرات داخل عشه الموجود تحت
الرض! فماذا يحدث عندما يقع النفجار؟ سوف يتناثر التراب من الرض نحو العلى في جميع الجهات،
أليس كذلك؟ لقد كانت حبات التراب قبل النفجار مع بعضها البعض· ولكن بعد النفجار توزعت حبات
التراب في جهات عديدة وتباعدت عن بعضها البعض· وهكذا أيها الطفال ،فإن الكون قد ظهر إلى الوجود
قبل مليارات السنين عن طريق انفجار كهذا·لقد تكونت الجزاء بواسطة هذا النفجار· وتوزعت هذه الجزاء
في أطراف عديدة وابتعدت عن بعضها البعض· وبدأ الكون والجسام الموجودة فيه في التشكل·لقد بدأ ال
تعالى خلق الكون عن طريق هذا النفجار الذي سمي ''بيج بانج'' (النفجار العظيم)· وعن طريق هذا
النفجار العظيم وانطلقا من تلك اللحظة بدأ الكون يتسع ويكبر ،وهو يواصل اتساعه إلى حد الن· وقبل أن
نمر إلى القسام الخرى لنسجل بعض ما شرحناه:قبل سنين طويلة لم يكن هناك شيء اسمه كون·وجد الكون
بعد انفجار حدث في نقطة واحدة· إن الجسام التي تشكل الكون ظهرت نتيجة النفجار ،ثم بدأت بعد ذلك
تبتعد عن بعضها البعض·ابتعاد هذه الجسام الموجودة في الكون عن بعضها البعض يؤدي إلى اتساع
الكون·كل هذه الشياء هي أدلة على القدرة اللمتناهية ل عز وجلّ· وحتى لو اجتمع جميع من في الرض
فلن يستطيعوا أن يصنعوا ولو مثال صغيرا عن هذا الكون العظيم· وحتى لو حدث انفجار شبيه بالـ''بيج
بانج'' واستخدم كل ما على الرض من وسائل فلن يكون بالمكان تحقيق ذلك· وهذا يعني أن العظمة كلها ل
تبارك و تعالى ،وأن الذي أبدع كل هذا هو ال عز وجلّ· والن عندما تقرأون الموضوع التالي سوف
تدركون أكثر أن قدرة ال وعظمته ل حد لهما·النظام الذي نتج عن النفجار أيها الطفال ،تماما مثلما
تفكرون أنتم أيضا فليس ثمة انفجار يصنع نظاما· بل العكس هو الصحيح ،فالنفجار يفسد النظام الموجود·
وكل شيء يمكن أن يلحقه الضرر في المكان الذي يقع فيه النفجار· والقنبلة الذرية هي أقوى قنبلة على وجه
الرض· وهذه القنبلة عندما تلقى على مكان ما تدمّر ك ّل شيء فيه· بل يمكن أن تفنى قرية بكاملها من على
وجه الرض في لحظة واحدة·أما النفجار الذي نطلق عليه اسم ''بيج بانج'' والذي تشكل على إثره الكون
ن المر كان على العكس ،فإثر هذا النفجار تكون نظام
فهو أقوى من انفجار مليارات القنابل الذرية· غير أ ّ
غاية في الكمال· فأرضنا التي صنعت بعناية فائقة تكونت على إثر هذا النفجار·حسنا ،حسب رأيكم كيف
تكون هذا النظام البديع عقب هذا ال ''بيج بانج''؟ نعم أيها الطفال ،إن ال تعالى هو الذي خلق الكون من
ن ربنا تعالى هو الذي يحمي نظام هذا الكون·إن كل جواب غير هذا
العدم بواسطة هذا النفجار· ول شك أ ّ
الجواب ل يمكن أن يكون صحيحا· ومثال ذلك؛ كل شخص يزعم أن الكون تكوّن بالمصادفة بعد ذلك
النفجار يكون قد وقع في هُرا ٍء كبير· وهنا نقدم مثال نوضّح به لماذا يكون جوابُه بهذا الشّكل عبارة عن
هُراء :لو ألقيت قنبلة على مكان رملي ،فما يحدث للرمال؟ تتناثر الرمال في كل مكان ،أليس كذلك؟ حسنا،
إذا ظهر شخص ما ويقول إن قلعة عظيمة تشكلت نتيجة انفجار ما ،فماذا تقولون؟ لبد أن يكون هذا الشخص
مجنونا ،أو أن ما يقوله هو عبارة عن هذيان· وهذا هو بالضبط ما يمكن أن يقال عن شخص يزعم أن الكون
تشكّل من تلقاء نفسه· وبالضافة إلى ذلك ،فالكون يحتوي على توازن وإبداع ل يمكن بحال من الحوال
مقارنتهما بقلعة من الرّمال.و كنتيجة ،فإٍن النظام العظيم الذي يتميز به الكون دليل على
أنه لم يتكون من تلقاء نفسه· وك ّل نظام ،وكل ميزان يميزه هو إحدى الشواهد على عظمة خلق ال
تعالى·المعلومات الواردةفي القرآن الكريم حول الكونالقرآن الكريم هو الكتاب المقدس الذي أرسله ال تعالى
إلى البشرية· وتؤخذ المعلومات الصحيحة في كل موضوع من القرآن الكريم· فكل سطر منه هو كلم ال
تعالى ،غير أن الفترة التي نزل فيها القرآن لم تعرف التطور العلمي والتكنولوجي الذي يوجد اليوم· ولهذا
السبب لم يكن من الممكن البحث في الشارات العلمية التي وردت فيه إلى حدود العوام الخيرة· أما اليوم
فالعلوم والتكنولوجيا تعرف تطورا هائل· وكل اكتشاف جديد يظهر أن هناك توافقا تاما مع ما جاء في القرآن
الكريم· من ذلك ،ما جاء فيه من أن الكون كان متجمعا في نقطة واحدة ثم تفرق وتناثر· ومثلما شرحنا لكم
في الصفحات السابقة ،فما ورد في القرآن منسجم تماما مع تلك المعلومات· ويشرح القرآن الكريم هذه
لرْضَ كَا َنتَا َرتْقًا فَ َفتَ ْقنَا ُهمَا .سورة النبياء،
سمَاوَاتِ وَا َ
ن ال ّ
الحقيقة العلمية على النحو التي :أََلمْ َيعَْلمُوا أَ ّ
اليـة 30ويمكن أن نفسر هذه الية كما يلي :كلمة ''السماوات'' ،تعني الكون كله·تعبير ''رتق السّماوات
والرض'' ،يفيد بأن جميع الكائنات الموجودة في الكون كانت في الماضي متّحدة مع بعضها البعض·وأخيرا،
تعبير ''ففتقناهما'' ،يعني بأن عملية الف ْتقِ (أي الفصل والتوزيع) تمت عن طريق النفجار· وهناك معلومات
أخرى كثيرة في القرآن الكريم متعلقة بالكون توصل العلم الحديث إلى اكتشافها· وسوف نقدم الن مثال آخر
من هذه المعلومات :عندما أثبت العالم الفلكي هابل-والذي تحدثنا عنه من قبل -كان ذلك في عام ·1929
بمعنى أن ذلك كان قبل 72عاما فقط ،والحال أن القرآن الكريم ذكر هذه الحقيقة قبل 1400عام كاملة·
سعُونَ .سورة الذاريات ،اليـة47 :
وتتحدث اليات الكريمة عن هذا الموضوع كما يلي … :وَِإنّا َلمُو ِ
القسم الثاني:الكونفي هذا القسم سوف نشرح لكم الجرام السماوية التي تشكل الكون· ول شك أن الشمس
والقمر والرض هي الجرام السماوية القرب إلينا والتي نعرفها أكثر من غيرها··· غير أن هناك أجراما
سماوية توجد في أماكن ل ترونها بأعينكم· فكروا مثل في الفلم الكرتونية أو في الفلم السينمائية التي
تتحدث عن الفضاء! ففي هذه الفلم يكون الفضاء الموجود فوق السحاب مليئا بالنجوم والكواكب والصخور·
جرْما سماويّا· والمليارات من هذه الجسام تجتمع في مكان معين لتكون ما يطلق عليه
ويقال لكل واحد منها َ
اسم المجرّة· والجسام أو الجرام السماوية كلها كبيرة جدّا· وكمثال على ذلك ،فإن الرض بالقياس إلى تلك
الكواكب تعد صغيرة الحجم· وبالرغم من ذلك فهي تحمل على ظهرها البشر والحيوانات والجبال والمحيطات
وجميع ما يخطر على بالكم·والن إذا أردتم ،لنواصل رحلتنا داخل المجرة التي تجمع داخلها المليارات من
الكواكب العظيمة···المجـــرّاتتتكون المجرات من مليارات النجوم· ( وعلينا أل ننسى المور التالية :إن
النجوم أجرام سماوية كبيرة مثلها مثل الشمس· ومثال ذلك فالرض أو القمر ليسا نجمين وإنما هما مجرّد
كوكبين·) وعدد النجوم الموجودة في أكبر مجرة يصل إلى حوالي 3تريليونات نجم· وتحتوي المجرة
المتوسطة على ما بين 200و 300مليار نجم ،أما المجرة الصغيرة فتحتوي على حوالي 100مليار
نجم·وهنا ،لنتوقف ونفكر قليل :ماذا يعني الرقم مليار بالنسبة إليكم؟ مثال ذلك :إذا وضعنا الرقم واحد وأمامه
صفران ،فهذا يعني . 100وإذا أضفنا له صفرا آخر ،فإنه يصبح ألفا· أضيفوا له صفرا آخر ،يصبح أمامكم
الن ( 10000عشرة آلف)· هل بإمكانكم أن تعدّوا حتى الرقم عشرة آلف؟ قد يكون ذلك ممكنا ،ولكنه بل
شك سوف يستهلك من وقتكم زمنا طويل· وإذا انتبهتم فإننا إلى الن لم نصل إلى الرقم مليار· حسنا ،أضيفوا
صفرين آخرين إلى الرقم · 10000والن فإن الرقم الذي أمامكم هو ( 1000000مليون)· وإلى الن لم
نستطع الوصول إلى عدد النجوم الموجودة في المجرة· أما إذا وضعتم ثلثة أصفار أخرى خلف المليون،
فعندئذ تكونون قد وصلتم إلى الرقم ( 1000000000مليار)· وهل يمكنكم أن تعدّوا حتى الرقم مليار؟
والن لنقدم لكم الجواب :كم يلزمكم من عشرات السنين حتى تصلوا إلى الرقم مليار···؟والن لنعتبر أننا
اقتربنا من الرقم الذي تكونه النجوم الموجودة في المجرة· ولنضف الن صفرين آخرين إلى الرقم مليار
( 100000000000مائة مليار)· فهذا الرقم هو للنجوم التي تحتل أصغر مجرة ضمن مليارات المجرات
الموجودة في الكون· والن هل أدركتم عظمة الفضاء ومقدار كبره؟ ولو أخذتم تحصون النجوم الموجودة في
الفضاء طيلة حياتكم ودون توقف ،فإنكم لن تستطيعوا أن تُحصوها· أما ال تعالى خالقنا فهو الذي أبدع هذا
الفضاء -الذي ل يمكنكم تخيله -من العدم.وال تعالى هو المتحكم-في كل لحظة -في هذا الكون الذي ل حدّ
له· فهو تعالى عالم بكل ما يحدث في كوننا العظيم ،و ُمطّلع على كلّ شيء فيه· ويبين سبحانه قدرته في
شيْءٍ َقدِير .سورة
ل َ
لرْضِ وَالُ عَلَى كُ ّ
سمَاوَاتِ َومَا فِي ا َ
إحدى آيات القرآن الكريم كما يليَ :يعَْلمُ مَا فِي ال ّ
آل عمران ،اليـة · 29ولنعد مرة أخرى إلى موضوعنا ،ولنحاول معرفة المجرات التي خلقها ال تعالي
عن قرب·إن المجرات الكبيرة والمتوسطة تمثل مركزا للمجرات ،وهذا المركز يمثل تجمعا متكونا من حوالي
مائة مليار نجم· وحول مركز هذه المجرة توجد شعب تدور حوله بسرعة مذهلة· وتتكون هذه الشعب من
ن مراكز المجرات مع شعبها تمثل أكبر الجرام السماوية في الفضاء· وهذه
النجوم والغازات وسحب الغبار·إ ّ
الجرام السماوية الضخمة تشكل فيما بينها كتل متعددة· وتوجد في بعض كتل المجرات آلف المجرات·
وهذه الكتل للمجرات تشكل فيما بينها أيضا كتل أخرى وهذا التكتل المنتظم يتواصل على هذا النحو·ولنذكر
بما شرحناه إلى الن :تتكون المجرات من مليارات ،بل من تريليونات النجوم·توجد مراكز للمجرات الكبيرة
والمتوسطة· وهذه المراكز تجمع في داخلها حوالي مائة مليار مجرة ،وتتكون في شكل كتل·يوجد لمراكز
المجرات شعب تتكون من النجوم وغبار الغازات والتراب· وهذه الشعب تدور بسرعة كبيرة حول مركز
المجرة·تتجمع المجرات في مكان واحد لتكون كتل من المجرات· ويمكن أن يوجد في كتلة المجرة الواحدة
اللف من المجرات· وكتل المجرات تتكتل من جديد فيما بينها·وإلى جانب كل هذا ،ل تنسوا أن المجرة
المتكونة من مائة مليار نجم تعتبر مجرة صغيرة· كما ل تنسوا أن كل نجم هو على أقل تقدير في حجم
شمسنا ،وبالضافة إلى ذلك هناك بعض النجوم التي تدور حولها كواكب أخرى منها ما هو ضخم ومنها
ماهو صغير···حسنا ،والن فكروا كثيرا ثم أجيبوا· هل يمكن لمليارات النجوم أن تنتظم من تلقاء نفسها؟
وهل يمكن للنجوم أو لبقية الجسام السماوية الخرى (مثال ذلك أرضنا أو بقية الكواكب الخرى) أن تتحرك
من تلقاء نفسها مشكلة توازنا عجيبا دون أن تصطدم ببعضها البعض؟ كل ،ل يمكن أبدا للنجوم أن تكون
نظاما أو توازنا من تلقاء نفسها· وهذا يبين أن هناك خالقا ومصمما ومنظما هو الذي نظم حركة هذه النجوم
منذ لحظة وجودها ،أي منذ مليارات السنين دون أن تصطدم ببعضها البعض· ول شك أن هذا الخالق هو ال
تعالى المتحكم في الكون كله· إن ال تعالى رسم طرقا ل تحصى للكواكب والنجوم والمذنبات التي تحوم في
الفضاء· وهذه الجرام السماوية تتقدم في الفضاء دون أن تصطدم ببعضها البعض· والن نواصل رحلتنا في
مجرتنا التي توجد في هذا الفضاء!
مجرة درب التبانةإن درب التبانة هي المجرة التي توجد ضمنها أرضنا· ودرب التبانة مجرة كبيرة جدا· ومن
الطبيعي أن يكون لدرب التبانة مركز للمجرة ،شأنها في ذلك شأن جميع المجرات الكبيرة· وإذا تذكرون ،فقد
تحدثنا في قسم المجرات عن معنى مركز المجرة· والنجوم التي توجد في هذا المركز تكون أقدمهاو
ألوانهاحمراء وصفراء· أما النجوم الموجودة في شعب المجرات فهي تكون أكثر التهابا وأكثر شبابا ،وهي
النجوم الزرقاء· كما أنه يوجد في هذه الشعب سحب من الغازات ومن التراب·وهذه المجرة تكون في شكل
لولبي ،وفي الصل فإن شكل المجرة يكون مثل شكل ''وردة الرياح''· بمعنى أن لها فروعا منفتحة خارجة
من المركز· وهي فروع أربعة ،ويسمى أحد هذه الفروع فرع ''الصياد''· ويوجد ''النظام الشمسي'' في هذا
ن النظام الشمسي الذي يوجد
الفرع ،ومن بين الكواكب المكونة لهذا التجمع نجد الرض التي نعيش عليها· إ ّ
في درب التبانة هو في القسم القريب من مركز المجرة· ولكن ،بالرغم من قربه هذا فإنه ل ينهي دورته
حول المركز سوى بعد 220مليون سنة·ودرب التبانة العظيم هذا يواصل حركته هذه منذ مليارات السنين·
وبالرغم من أن النجوم الموجودة داخله تدور بسرعة مذهلة فقد حافظ على نظامه وتوازنه دون أدنى خلل·
غير أنه ل يمكن للنجوم أن تكوّن لنفسها ومن تلقاء نفسها هذا النظام· وهي ل تستطيع بأي حال من الحوال
أن تتخذ قرارا وتنفذّه بهذه الدقة· تخيلوا حجارة متناثرة في مكان ما! وتتجمع هذه الحجار ،وتتخذ قرارا بأن
تقول '':ليكون قسم منّا المركز ،ويكوّن القسم الخر الفروع· ثم نتبع خطة نسير وفقها بشكل دائريّ ،دون
توقف ودون أن نُخلّ على الطلق بالنظام الذي نتبعه''· هل يمكنها أن تفعل ذلك؟ حسنا ،وإذا قدم إليكم
شخص ،وقال إنه رأى شيئا مثل هذا بالفعل ،هل تصدّقون ما يقوله لكم؟ ل شك أنكم ل يمكن أن تصدّقوه···
والحقيقة أن كلم الذين يقولون بأن درب التبانة قد تكوّن بالمصادفة ،وأن النجوم تتحرك وفق القرار الذي
اتخذته بنفسها ،هو كلم مضحك شأنه شأن المثال الذي ضربناه حول اجتماع الحجار مع بعضها البعض ،ثم
اتخذت القرار بالتحرك·ل تنسوا ،فمثلما أن الحجار كائنات غير حية فكذلك المر بالنسبة إلى الجرام
السماوية ،فهي أيضا كائنات بل روح ول شعور·إنه يستحيل على أحد غير ال تبارك و تعالى أن يُوجد هذه
النجوم العظيمة التي تعد بالمليارات ثم يشكّل منها نظاما خارقا· ولهذا السبب ،فكل ما تعلمناه حول الكون
يذكرنا بوجود ال تعالى وقدرته اللمحدودة على الخلق· ويكشف لنا أيضا عن علمه ومعرفته
اللّمتناهيين·والن ،نواصل رحلتنا نحو النجوم التي ظللنا نتحدث عنها منذ البداية··· النجوم تتكون النجوم
والكواكب من السحب المتشكلة من الغازات والغبار الموجودين في الفضاء· وهذه السحب التي تتكون منها
الجرام السماوية تحتل موقعا مهما من الفضاء· وليس لهذه السحب ضوء خاص بها مثل النجوم ،ولهذا
السبب ،فمن الصعوبة رؤيتها· ولكن يمكن رؤيتها عندما تلمع الغازات الموجودة بداخلها أو عندما ينعكس
عليها ضوء النجوم الخرى ،أو عندما يمر مصدر الضّوء من أمامها·ترسل النجوم إلى المحيط الذي حولها
الحرارة والضوء والطاقة ،وتوجد نجوم صغيرة جدا ،كما توجد نجوم أخرى غاية في الكبر· وثمة نجوم
بحجم الشمس التي نعتبرها نجما عظيما ،بل توجد نجوم أخرى أكبر من الشمس بكثير· حسنا ،هل كنتم
تعرفون أن النجوم تعيش أعمارا محددة؟ نعم أيها الطفال ،إن النجوم ليست كائنات حيّةً ،ولكن شأنها شأن
الكائنات الحية تولد وتعيش ثم تموت·ومثلما ذكرنا من قبل ،فالنجوم تتكون في السحب ،ثم تبدأ في الحياة·
وعندما تحين ساعة نجم من النجوم العظيمة وتأتي نهايته فإنه ينفجر انفجارا هائل ،ويتناثر في الفضاء
السّحيق· ومن أجزاء هذا النجم المتناثر تتكون نجوم وكواكب أخرى· فالشمس والكواكب الموجودة ضمن
النظام الشمسي ،وبالتأكيد أرضنا كذلك تكونت في الزمنة الغابرة إثر انفجار لحد النجوم·والن ،لننظر في
النظام الشمسي ،ولنرَ ما الذي يمكن أن نتعلمه حول النظام الشمسي؟ النظام الشمسييتشكل النظام الشمسي،
من الشمس وتسعة كواكب ،وهذه الكواكب يتصل بها 61قمرا· ويوجد في الفراغات التي تفصل بين هذه
الكواكب مذنبات وشهب كثيرة· والشمس هي أكبر هذه الجسام السماوية ،فهي تمثل قلب النظام الشمسي·
وهذه الكواكب التسعة التي تمثل جزءا من النظام الشمسي تدور حول نفسها وفي الوقت ذاته حول الشمس
بشكل منتظم· ونذكر هنا أسماء الكواكب انطلقا من أقرب نجم من الشمس إلى أبعد واحد عنها؛ عطارد
وفينوس والرض والمريخ والمشترى وزحل والزهرة ونبتون وبلوتون· وكما ترون ،فإن الرض تأتي في
المرتبة الثالثة من حيث القرب إلى الشمس·لكل كوكب من هذه الكواكب المكونة للنظام الشمسي خصائصه
المميزة· فمنها ماهو على درجة كبيرة من الحرارة حيث تذيب حرارته الرصاص ،ومنها ماهو متجمد تماما،
وبعض الكواكب يتكون فقط من الغازات ،وبعضها الخر في حجم القمر من حيث الصغر·هناك انسجام كبير
بين القمار والكواكب ،فالكواكب تجذب إليها القمار ،ومن ناحيتها فإن هذه القمار تعدل تلك الجاذبية· ولو
لم يقم ذلك التوازن فإن تلك القمار إما أن تصطدم بالكواكب أو تنفصل عنها وتضيع في الفضاء· ومثال
ذلك ،أنه لو كان القمر يدور بسرعة أقل لصطدم بالرض بسرعة فائقة ،وهذا بلشك يمثل نهاية الرض·
ولو كان يدور بسرعة أكبر لبتعد عن الرض ولفقدنا هذا القمر· ولنواصل رحلتنا مع الشمس التي تمثل قلب
النظام الشمسي ولنتأمل فيها أكثر·الشمسإنّ الشمس هي أكبر الجرام السماوية ضمن النظام الشمسي·
والشمس شديدة الحرارة ،وتتكون من بعض الغازات الملتهبة· ولهذا السبب تحدث على سطحها في كل ثانية
انفجارات هائلة تعادل انفجار مليين القنابل الذرية· وفي هذه النفجارات يمتد لهيب يصل إلى ما بين أربعين
وخمسين ضعفا من حجم الرض التي نعيش عليها· والشمس التي تشبه الكرة الملتهبة ترسل حرارة وضوءا
شديدين· ولو لم تكن الشمس موجودة لكان الزمن كله ليل ،ولكان كل شيء عبارة عن كتل ثلجية· والهم من
كل ذلك ،وهو ماذكرناه من قبل أن الحياة تنعدم على الرض ،وبالتالي ل يكون لنا وجود·من المعروف أن
الفضاء عبارة عن ظلم (أنتم تذكرون ذلك من خلل أفلم الفضاء) ،وأرضنا هي مجرد جسم وسط هذا
الظلم الحالك· وليس هناك جسم آخر في الفضاء غير الشمس يمكن أن يبعث الحرارة والضوء إلى أرضنا·
إنّ الضوء الذي ينبعث من الشمس ساطع جدا ،وأنتم جربتم النظر إلى الشمس في يوم صحو· تذكروا ذلك،
فلمجرد النظر لبضع ثوان إلى الشمس ل تتحمل عيونكم ذلك ،أليس كذلك؟ وفي الحقيقة فإن النظر إلى
الشمس خطير جدا بسبب هذا الضوء الساطع· فهذا الضوء يمكن أن يلحق الضرر بعيوننا ،كما أن البقاء في
الصيف لشعة الشمس يمكن أن يسبب أضرارا كبيرة· بل إن هذه الشعة يمكن أن تترك آثارا حقيقية
والتهابات في الجلد تتطلب علجا طويل· فالضوء المنبعث من الشمس ،وبصفة خاصة في فصل الصيف
يكون شديدا جدا· هذا ،والحال أن الشمس تبعد عن أرضنا مليين الكيلومترات ،ول يصل إلينا من ضوئها
سوى 2باللف·حسنا ،فإذا كانت الشمس على هذا القدر من البعد ،وإذا كانت حرارتها على الرض بهذا
القدر ،فماهي حرارة سطح الشمس؟ يعطي العلماء أرقاما تقريبية في هذا الموضوع· غير أنه ل يمكن مقارنة
حرارة الشمس بأي حرارة أخرى مما نعرفه في الرض· تأملوا جيدا! فحرارة الشمس على سطحها تبلغ 6
آلف درجة ،بينما ترتفع هذه الحرارة في داخلها إلى 12مليون درجة··· فهل يستقيم أن نقارن هذه الحرارة
بأية حرارة أخرى نعرفها؟ فنحن إذا لمسنا الماء بحرارة خمسين درجة ل نستطيع أن نتحمل ذلك· وحتى أحر
أيام الصيف تكون في حدود أربعين إلى خمسين درجة· ومن هنا نفهم أن ال تعالى جعل المسافة بين الرض
والشمس في غاية التساق· فلو كانت الشمس أقرب إلينا بقليل لحترق وتفحم كل ما على الرض ،أما لو
كانت أبعد بقليل لتجمد كل شيء عليها· وفي الحالتين تستحيل الحياة· وفي الحقيقة فإن هناك شبها بهذا في
المناطق القطبية التي تستقبل حرارة قليلة ،فهي مناطق دائمة التجمد· وبالنسبة إلى المناطق الستوائية التي
تستقبل حرارة عالية ،فهي ذات حرارة دائمة اللتهاب· وقد جعل ال تعالى هذه المناطق أمثلة بالنسبة إلينا·
أما المناطق الخرى فقد خلقها على هيئة تناسب تماما حياة الكائنات الحية ،وهذا من تمام رحمة ال تعالى
بمخلوقاته· فلو أنه سبحانه لم يجعل المسافة الفاصلة بين الشمس والرض على النحو الذي هي عليه لتعثرت
الحياة على الرض وكانت أكثر صعوبة ،بل ربما استحالت·ولكن ،كما بينا ذلك في الصفحات الماضية فإن
ال تعالى خلق الشمس والقمر على نحو يوفر حياة مريحة على وجه الرض· وقد ورد في إحدى آيات
ستَوَى
ع َمدٍ َترَ ْو َنهَا ُثمّ ا ْ
ت ِب َغ ْيرِ َ
سمَوَا ِ
ل الذِي رَفَعَ ال ّ
القرآن الكريم أن الشمس والقمر يتحركان بأمر من ال :ا ُ
ت َلعَّل ُكمْ بِلِقَاءِ َر ّب ُكمْ
ل ْمرَ يُ َفصّلُ اليَا ِ
سمّى ُي َدبّرُ ا َ
لجَلٍ ُم َ
جرِي َ
شمْسَ وَال َق َمرَ كُلّ َي ْ
خرَ ال ّ
سّعَلَى ال َعرْشِ َو َ
تُوقِنُونَ .سورة الرعد ،اليـة ·2قوة جاذبية الشمسيرجع الفضل في حركة الجرام السماوية في الفضاء
دون أن يصطدم بعضها ببعض إلى الحساب الدقيق الذي وضعه ال تعالى ''لمداراتها'' التي تتحرك فيها·
فالمسار الذي تتبعه الجرام السماوية في دورانها حول الشمس يسمى ''مدار''· وليس هناك أي كوكب يمكنه
أن يخرج عن مداره ليتحرك في اتجاه آخر ،فالكواكب مشدودة إلى الشمس بقوة الجاذبية· تأملوا جيدا ،ففي
اللحظة التي تقرأون أنتم فيها هذه السطور تدور الرض في مدارها حول الشمس بسرعة 108آلف كيلو
متر في الساعة· ويمكنكم أن تعرفوا ضخامة هذه السرعة على النحو التالي :إن أقصى سرعة يمكنكم أن
تصلوا إليها عند قيادة سيارة عادية هي 200كيلو متر ،يعني أن الرض تدور حول الشمس بسرعة تبلغ
540مرة بحجم سرعة السيارة· ويمكن أن نفهم المر بشكل أوضح من خلل هذا المثال أيضا :فسرعة
الرصاصة تبلغ 1800كيلو متر في الساعة ،وسرعة الرض في دورانها حول الشمس تبلغ 60مرة حجم
سرعة الرصاصة·فبسرعة الرض الهائلة هذه ،تكون قوة جاذبية الشمس غاية في الهمية· فلو أنه حصل
نقص في قوة جاذبية الشمس فإن الرض تضيع في الفضاء بسرعة غير عادية ،وذلك يمثل نهايتها···والعكس
أيضا صحيح ،بمعنى أنه لو حدثت زيادة في قوة جاذبية الشمس فإن الرض تتجه نحو الشمس بسرعة هائلة
وتذوب وتتبخر· وبالتأكيد فنحن أيضا سوف نتبخر معها· وبالضافة إلى ذلك ،فإن قوة جاذبية الشمس تحول
دون اصطدام الكواكب عند اقترابها ببعضها البعض· حسنا ،ولكن هل فكرتم يوما كيف يمكن للشمس أن
تجذب إليها هذه الكواكب؟في الحقيقة ،إن كل شيء واضح للغاية· فال تعالى خالقنا هو الذي خلق هذه
الكواكب ،وهو الذي يحميها باستمرار بذلك النظام البديع·وإلى جانب ذلك ،فليست الشمس فقط هي التي تملك
هذه الجاذبية· فجميع الكواكب الموجودة في داخل النظام الشمسي تملك أيضا قوى للجاذبية· ومثل ،فقوة
جاذبية الرض تجذب إليها القمر· وبسبب هذه الجاذبية يبقى القمر معلقا على مسافة محددة من الرض·
وبفضل ذلك ،فإن الرض بمأمن من خطر اصطدام القمر بها· ول شك في أن الذي منع القمر من السقوط
على الرض هو ال سبحانه و تعالى القدير على كل شيء·وهناك قو ُة جاذبي ٍة أخرى شبيهة بجاذبية الشمس
وهي مهمة جدا بالنسبة إلى حياة النسان ،وهي قوة جاذبية سطح الرض· فجاذبية سطح الرض هي التي
تمكننا من الحركة والجري على سطح الرض· تصوروا أن في يد أحدكم كرة ،فماذا يحدث عندما يسحب
الواحد يده؟ إن الكرة تسقط أليس كذلك؟ لن جاذبية سطح الرض جذبتها إلى السفل· أما لو كانت هذه الكرة
في الفضاء فإنها لن تسقط إلى السفل· فعندما يتجه الواحد منا نحو الفضاء فإن جاذبية سطح الرض تنتهي·
ولهذا السبب فجاذبية سطح الرض مهمة جدا بالنسبة إلى وجودنا· ولكن هناك أمر آخر مهم جدا أيضا:
فجاذبية سطح الرض ينبغي أن تكون على النحو الذي هي عليه الن· فلو كانت هذه الجاذبية أقل مما هي
عليه لصبح الواحد يمشي في الفضاء ول يستطيع أن يضع قدمه على الرض ،ول يمكنه أن يتحرك بحرية،
ويقذف به من مكان إلى آخر باستمرار· وعندما يريد أن يخطو خطوة يقفز فيصطدم بالسقف· والمر نفسه
فلو زادت هذه الجاذبية ،فإن الواحد منكم يتسمر على سطح الرض ول يستطيع أن يتحرك· ول يمكنه أن
يتحرك إل زاحفا· ولكن ،لم يحدث لنا أي شيء من هذا ،لن ال تعالى خلق هذه الجاذبية بأفضل شكل لكي
يحفظ حياتنا· ونقدم مثال في هذا الموضوع لكي يتضح المر أمامكم أكثر :فمثلما هو المر على الرض
توجد أيضا قوة جاذبية على سطح القمر ،غير أن هذه الجاذبية أضعف بكثير إذا قارناها بجاذبية الرض·
ولهذا السبب ل يمكن لحد أن يعيش على سطح القمر· ول شك أنكم شاهدتم في التلفزيون أو في أحد الفلم
المتعلقة بالفضاء حركة رائد الفضاء على سطح القمر· فهل يمكننا أن نقضي كل حياتنا على ذلك النحو؟ ل
شك أن ذلك مستحيل· والن ،لنقم بزيارة إلى الكواكب التي تقع تحت جاذبية الشمس ،ولنواصل
رحلتنا·الكواكبتحدثنا في السابق عن الجسام السماوية التي تدور حول الكواكب والنجوم· وفي هذا القسم
نتناول موضوع الرض و الكواكب الموجودة في داخل النظام الشمسي· ولنتصور أن النظام الشمسي عبارة
عن دائرة ،والشمس هي مركز تلك الدائرة· وأبعد كوكب عن مركز تلك الدائرة هو بلوتون· وفي الوقت
نفسه ،فهذا الكوكب هو أبعد كوكب عن الشمس وكذلك أصغر الكواكب· ول يمكن مشاهدة هذا الكوكب إل
بصعوبة كبيرة· فحتى تلسكوب هابل لم يتمكن من التقاط سوى صورة باهتة لهذا الكوكب· وهذا الجَرم
السماوي الصغير هو في غاية ''البرودة''· فدرجة الحرارة فيه هي 238درجة تحت الصفر! وفي فصل
الشتاء تكون درجة الحرارة في الرض ما بين درجتين وثلث درجات تحت الصفر· وهذه البرودة التي تبلغ
238درجة تحت الصفر تمثل 100ضعف البرودة التي ل نستطيع أن نتحملها نحن في أيام الشتاء· وهذا
أيضا يعني أنها برودة يمكن أن تقضي على حياتنا· وبسبب هذه البرودة الكبيرة يبدو هذا الكوكب من الخارج
وكأنه كتلة من الجليد· وإذا اتجهتم باتجاه داخل مركز النظام الشمسي ،بمعنى باتجاه القسم الداخلي من الدائرة
فإنكم تصادفون كوكب نبتون· وهذا الكوكب هو أيضا في غاية ''البرودة'' :فمعدل الحرارة في هذا الكوكب
هو 218درجة تحت الصفر· ويتكون فضاء هذا الكوكب من الغازات ،وهي غازات سامة بالنسبة إلى
النسان· وإلى جانب ذلك ،توجد على سطح هذا الكوكب عواصف عنيفة بسرعة 2000كيلومتر في
الساعة· وإذا تقدمتم قليل نحو مركز الدائرة ،فإنكم تقابلون كوكب الزهرة· والزهرة هو ثالث أكبر كوكب في
المجموعة الشمسية· وتبلغ درجة حرارة فضاء هذا الكوكب 214درجة تحت الصفر ،بمعنى أنها برودة
كافية لتجميدنا في ثانية واحدة· وفضاء هذا الكوكب متكون من غازات سامة ،وهو ل يصلح بأي حال
للحياة·ثم إذا تقدمنا في رحلتنا نحو الشمس نصادف أمامنا كوكب زحل· وهذا الكوكب الذي يأتي في المرتبة
الثانية من حيث الكبر و هو مشهور بالحلقات الدائرية التي تحيط به· وهذه الحلقات تتكون من الغازات
والجليد والصخور· ودرجة الحرارة في هذا الكوكب هي أيضا من البرودة بحيث ل تسمح بالحياة على
سطحه :إنها برودة تبلغ 178درجة· وإذا تقدمنا باتجاه الشمس قليل نصادف أكبر كوكب في المجموعة
الشمسية وهو كوكب المشترى· وكوكب المشترى يبلغ 11مرة حجم كوكب الرض (ولكي تفهموا هذا الكبر
تخيلوا 11أرضا متحدة مع بعضها البعض!)· كما أن ظروف هذا الكوكب ل تسمح بالحياة على سطحه،
لن هذا الكوكب ل توجد عليه أية يابسة على الطلق· وبعد كوكب المشترى نصادف كوكب المريخ· وهذا
الكوكب إذا قورن بالرض يعتبر كوكبا ميتا ل حياة فيه ،فل يمكن لي كائن حي أن يعيش عليه· وتوجد
أسباب كثيرة لذلك :أولها أن فضاء هذا الكوكب يتكون من غازات كربونية سامة· وثانيها أنه ل يوجد ماء
على الطلق على سطحه· وثالثها أن درجة الحرارة تبلغ 53درجة تحت الصفر· ورابعها أنه توجد على
سطحه رياح شديدة وعواصف رملية تستمر لمدة شهور· وبعد كوكب المريخ يقابلنا الكوكب الزرق ،وهي
أرضنا· وسوف نشرح بالتفصيل خصائص كوكبنا في آخر قسم من هذا الكتاب· ولكن ل بأس أن نذكر من
الن بما يلي :فالرض هي الكوكب الوحيد الذي يسمح بالحياة على سطحه· وباتجاهنا نحو الشمس أكثر نقابل
كوكب المريخ· وهذا الكوكب هو الكثر لمعانا في الفضاء بعد الشمس والقمر· ولهذا السبب ،فإن هذا الكوكب
معروف منذ القديم بين جميع الناس· وعلى العكس من الكواكب المتجمدة الخرى فهذا الكوكب ذو حرارة
ملتهبة تبلغ 450درجة· وهذه الحرارة كافية لذابة الرصاص· ومن الخصائص الخرى لكوكب المريخ هو
أن فضاءه يتكون من طبقة كربونية كثيفة· وبالضافة إلى ذلك فإن هذا الفضاء يتكون من طبقة كثيفة من
الحوامض تمتد لمسافة كيلومترات· ولهذا السبب تتساقط على سطح هذا الكوكب باستمرار أمطار حمضية
قاتلة· وفي مثل هذا الجو ل يمكن لي كائن أن يعيش· وإذا تقدمنا أكثر نحو الشمس نصادف كوكب عطارد·
وهو يعتبر أقرب الكواكب إلى الشمس· وأغرب خصائص هذا الكوكب هي دورانه حول نفسه· ويصل بطء
سرعة دورانه حول نفسه بطء سرعة دورانه حول الشمس· وعندما يكمل كوكب عطارد دورتين حول
الشمس يكون قد أكمل ثلث دورات فقط حول نفسه· واستمرار هذا طول الليل والنهار على هذا النحو أدى
إلى أن يكون أحد قسمي الكوكب ملتهبا بينما القسم الخر متجمدا· ولهذا السبب فإن الفرق في درجة الحرارة
بين الليل والنهار يصل إلى حوالي 1000درجة· وبالطبع فإنه ل يمكن لي كائن حي أن يعيش في مثل
هذا الجو· والحقيقة التي خرجنا بها مما تعلمناه حتى الن ،هي أن جميع الكواكب التي توجد في المجموعة
الشمسية باستثناء الرض غير صالحة للحياة· وجميع الكواكب التي توجد في المجموعة الشمسية هي عبارة
عن أجسام ميتة وهامدة· أما أرضنا فهي تحتوي على جميع متطلبات الحياة وهي كوكب متعدد اللوان· وهي
تبدو من الفضاء في صورة بهية لما تحتويه من غابات خضراء وبحار زرقاء· وقد أصيب أول رواد الفضاء
الذين ذهبوا إلى القمر بالدهشة والذهول بمنظر الرض الملون الخلب· الجسام السماوية الخرىتوجد
أجسام سماوية أخرى ضمن المجموعة الشمسية ،ومن بينها المذنبات والصخور والشهب· وهي الجسام
المتبقية من الغبار والغازات إثر تكون النظام الشمسي قبل حوالي 4إلى 6مليار عام· المذنبات :تكونت من
الغازات والغبار ،وأحيانا يتجمع بعضها حول الشمس· ويتبخر ما على سطح المذنبات عندما تقترب من
الشمس بفعل حرارتها الشديدة· ويظهر لهذه المذنبات ضوء ساطع عندما ينتهي تبخرها· ويتكون غاز وغبار
كثيف حول نواتها· ويطلق اسم ''شعر'' على كتلة الغاز والغبار هذه· وبالضافة إلى ذلك يتكون من جديد
مذنب آخر من الغازات والغبار حول هذا ''الشعر''·الصخور :وهي الجسام الصخرية الموجودة في الفضاء·
وبشكل عام تلحظ هذه الجسام بين كوكبي الماريخ والمشترى· ول يتجاوز قطر الصخور 1000كيلومتر
على أقصى تقدير·النّيازك :هي بشكل عام القطع التي تنفصل من الصخور أو المذنبات ،وهي أقسام من
صخور صغيرة ،أو خليط من صخور و حديد ،وعندما تدخل إلى فضاء الرض ترتفع حرارتها وتترك
مجموعة من الخطوط الدقيقة· وهذا هو الذي يقال له ''نيزك'' ،ولكن بعض هذه النيازك تحترق كاملة وتسقط
غير أننا نريد أن ننبهكم إلى أمر مهم في هذا الموضوع :فالنيازك على الرض عندما ل تندثر تماما·
التي تدخل في المجال الجوي للرض نادرا ما تسقط على سطح الرض· وعندما تسقط فإن الضرار التي
تسببها تختلف وفقا لحجم كبرها· وأرضنا هي في كل لحظة عرضة لهذه المخاطر· غير أن ال تعالى خلق
هذه الجسام وجعل أكثرها يحترق ويندثر في الفضاء ،وبالتالي ل تمسنا أضرارها· وهذه بل شك إحدى
العلمات على عطف ال علينا ورحمته بنا· نعم أيها الطفال لقد وصلنا إلى نهاية القسم الثاني· وبعد ما تم
شرحه في هذا القسم لبد أن تكونوا قد أدركتم أن ال تعالى هو الذي يسير هذه الجرام السماوية كبيرها
وصغيرها ،وهو الذي ينظمها في كل لحظة على نحو غاية في التقان·
القسم الثالثالرضمن خلل هذا القسم سوف تتعرفون على كوكب الرض عن قرب ،وسوف تعرفون كذلك
شكل الرض وأهمية الغلف الجوي بالنسبة إلى حياتنا· وإلى جانب ذلك سوف تفهمون أن ال تعالى هو
الذي خلق هذا النظام المتكامل الذي ترونه باستمرار لفائدة حياتنا·الموازين التي أعدت بعناية في أرضناأيها
الطفال ،حتى القرن السادس عشر ،أي قبل 500سنة من الن لم يكن معروفا أن الرض عبارة عن
كوكب· غير أنه وبفضل الملحظات التي أجريت في هذه الفترة توصل النسان إلى هذه الحقيقة· وفي القرن
العشرين الذي تركناه خلفنا تم التأكد من أن الرض تحتل مكانا ضمن المجموعة الشمسية· ووفقا لهذه
الكتشافات فإن الرض تعد ثالث كوكب من حيث بعدها من الشمس وخامس كوكب من حيث الحجم من بين
الكواكب الخرى· ويعتقد أن الرض تكونت من نواة حديدية ،وبالنسبة إلى الحرارة الموجودة في مركزها
فهي تبلغ 7500درجة تقريبا· وهذه الحرارة هي أشد حتى من حرارة سطح الشمس· وبالرغم من ذلك،
فأنتم ل تشعرون بهذه الحرارة على الطلق وتتابعون دروسكم في الفصول ،أو تستريحون ليل على فرشكم·
فالقشرة الرضية تمنع هذه الحرارة من الظهور على السطح· فال تعالى رحيم بنا ،ولكي يحفظ لنا هذه
الرض التي نعيش عليها خلق لها قشرة سميكة بحيث تحمينا من تلك الحرارة الملتهبة· وإلى جانب ذلك ،فقد
خلق ال تعالى الفضاء على هيئة تساعد النسان على الحياة في أحسن الظروف· كما منح سبحانه وتعالى
خصائص محددة تجعل النباتات محافظة على التوازن الدقيق والثابت في نسبة الوكسجين والكربون· فهذه
التوازنات الحساسة وغيرها تبين أن الرض قد صممت على شكل مناسب تماما لحياة النسان·إن الرض
سواء من حيث شكلها أو بعدها عن الشمس وجميع ما فيها من توازنات قد خلقت لتساعد النسان على الحياة
في أحسن الظروف· ومثال ذلك يمكن أن نشبه أرضنا بمسبح صناعي للسماك· فهذا المسبح توجد فيه جميع
الشروط المناسبة التي تساعد السمك على الحياة· فهناك جهاز يحافظ على درجة حرارة معينة ،وهناك محرك
يزوده بالهواء· فالرمل الذي يوضع في السفل ،والعلج الذي يلقى في الماء والغلف الوقائي للمسبح ونظام
تصفية الماء الذي يعمل باستمرار والغذاء الذي يزود به السمك كلما نقص ··· كل هذه الشياء تؤمن للسمك
الحياة في هذا المسبح الصناعي· غير أن السمك الموجود في هذا المسبح ل علم له بتركيب هذا النظام· فهو
يعتقد أن كل ذلك أمر ''طبيعي'' ،بمعنى أن يظن أن هذا النظام قد تكون من تلقاء نفسه· فالسمك ل يمكنه
تعديل الحرارة ول تعديل مستوى الماء ،ول يعرف كذلك تعديل محرك الهواء والحال أن من أعد هذه المور
معروف؛ فصاحب هذا المسبح هو الذي وفر جميع هذه الحاجيات· ول ريب أن الحياة الموجودة على الرض
هي أعقد بكثير وذات توازن أكثر دقة من الحياة الموجودة في المسبح الصناعي· والنسان العاقل ل يمكنه أن
يكون مثل السمك الذي يعيش في المسبح الصناعي بحيث ل يعرف شيئا عن طبيعة ما يحيط به· فهو يفهم أن
ثمة خالقا ومنظما لهذه الرض التي سويت وهيئت لجله· ول يوجد أدنى شك في أن هذه النظمة وهذه
الموازين الحساسة التي تحافظ على الحياة في الرض هي من صنع ال سبحانه وتعالى· وهكذا ،فإن النسان
العاقل يريد أن يعرف ربنا الذي وهبنا جميع هذه النعم ،ويريد أن يعرف كذلك ما الذي أراده منا· وال
سبحانه وتعالى عرفنا بنفسه وأعلمنا بماهو مطلوب منا في القرآن الكريم الذي أنزله ال لجميع البشر· ول
يراودنا أدنى شك في أن واضع هذه النظمة وهذه الموازين من أجل حفظ الحياة على وجه الرض هو ال
سيَ أَنْ
ض رَوَا ِ
لرْ ِ
جعَ ْلنَا فِي ا َ
رب العالمين· وقد بين ال سبحانه وتعالى هذه الحقيقة في كتابه الكريم فقالَ :و َ
ن.
ن آيَا ِتهَا ُمعْ ِرضُو َ
سمَا َء سَقْفًا َمحْفُوظًا وَ ُهمْ عَ ْ
جعَ ْلنَا ال ّ
ن َو َ
سبُلً َلعَّل ُهمْ َي ْه َتدُو َ
جعَ ْلنَا فِيهَا ِفجَاجًا ُ
َتمِيدَ ِب ِهمْ َو َ
سورة النبياء ،اليـة 32-31فالرض خلقت وفق موازين حساسة من أجل أن تساعدنا على الحياة فيها·
والنسان الذي يعرف هذا المر ينبغي أن يؤمن بال تعالى ويتبين قدرته اللمحدودة ويشكره على كل ما
أعطاه من نعم·والن لنتأمل بشكل أكثر تفصيل في بعض الموازين الموجودة في الرض والتي أوجدها ال
تعالى خالقنا وخالق جميع الكائنات الحية وغير الحية ،ولنكن شهداء عن قرب على قدرة ال وعظمته·موقع
الرض في الكونماذا كان سيحدث لو أن المسافة التي تفصل الن أرضنا عن الشمس كانت أكثر بقليل مما
هي عليه؟ في الحقيقة ،ينبغي أن يكون الجواب على هذا السؤال واضحا لكم جميعا ،ذلك أن الجميع يعرفون
أن حرارة الشمس حارقة ملتهبة· وهكذا أيها الطفال ،فبسبب هذه الحرارة لن يكون هذا الفضاء الموجود
الن ولن تكون هناك محيطات ول بحار ··· فالحرارة كانت سوف تكون شديدة إلى درجة أن كل ما على
الرض من ماء يتبخر ويزول· وبالتأكيد ،ففي تلك اللحظة لن يبقى على وجه الرض ماء ،وتجف الرض
كلها وتصبح عبارة عن صحراء·وكمثال على ذلك ،فقد اطلعنا في القسم السابق على كوكب فينوس ،فكما
تعرفون يعتبر أقرب إلى الشمس من الرض· ولهذا السبب ،فإن الحرارة في هذا الكوكب أشد بأضعاف
كثيرة من حرارة كوكب الرض· ويمكن لهذه الحرارة أن تصل إلى 475درجة· ولكي تفهموا شدة هذه
الحرارة حاولوا أن تحضروا هذا المثال في أذهانكم! فإذا وضعتم الماء على الموقد فإنه يبدأ في التبخر عندما
يصل إلى 100درجة مئوية· ولنفكر الن بشكل معكوس تماما ،فماذا لو أن أرضنا كانت أقرب إلى الشمس
بقليل مما هي عليه الن؟ فبالتأكيد أيها الطفال في هذه الحالة سوف لن يصل إلى الرض سوى مقدار ضئيل
من الحرارة· وسوف تقولون ماذا لو لم تتلق الرض سوى قدر ضئيل من الحرارة؟ إن كل ما على الرض
من ماء سوف يتجمد ويتحول إلى جليد· في هذه الحالة يتحول سطح أرضنا إلى غطاء من الجليد مثلما هو
المر في كوكب المريخ الذي يبعد عن الشمس مسافة أطول من بعد الرض عنها·ومن خلل هاتين الحالتين
نتوصّل إلى النتيجة التالية :إن الرض توجد تماما في الموضع الذي ينبغي أن توجد فيه· حسنا ،فحسب
رأيكم كيف يمكن أن يحدث هذا؟ هل يمكن أن توجد الرض تماما في مكانها المناسب مصادفة؟ ل شك أن
ذلك غير ممكن ،فالرض كوكب بل روح ول تفكير· وليس من الممكن على الطلق أن تأخذ مكانها في
الفضاء وتحدد هذا المكان على سبيل المصادفة· فالمكان المناسب الذي توجد فيه الرض الن هو من إبداع
صاحب الخلق الكامل ،أي من صنع ال تعالى·وحسب ماتوصل إليه العلم أخيرا ،فإنّ وجود الكواكب الخرى
في المجموعة الشمسية تحمل أهمية بالغة بالنسبة إلى الحفاظ على الرض وحمايتها· فكوكب المشترى يعتبر
مثال على ذلك· فوجود كوكب المشترى وهو أكبر كوكب ضمن المجموعة الشمسية يعمل في الحقيقة على
ضمان توازن الرض·فلو لم يكن كوكب المشترى موجودا في المكان الذي هو فيه وبهذا الحجم نفسه لكانت
الرض هدفا للشهب والمذنبات التي توجد في الفضاء· وباختصار فالمشترى ،كأنما وجد خصيصا لحماية
الرض· فلو لم يكن المشترى في المدار الذي يوجد فيه الن وكان في مدار آخر غيره لما وجد هذا الكوكب
الذي نعيش عليه ،ولما وجدنا نحن أيضا·إن النسان العاقل الذي يدرك جميع هذه الحقائق يفهم أنه ل شيء
في الكون خلق بل غاية وبل هدف· وهذا المر يعبرال عنه في إحدى آيات القرآن الكريم على النحو التالي:
ت ِلأُولِي الَل ْباَبِ .سورة آل عمران ،اليـة ·
لفِ الّليْلِ وَال ّنهَارِ لَآيَا ٍ
ختِ َ
لرْضِ وَا ْ
سمَوَاتِ وَا َ
ِإنّ فِي خَ ْلقِ ال ّ
190ينبغي عليكم هنا أن تفكروا في موضوع خلق السموات والرض ،وهذا ما دعت إليه هذه الية· ومن
خلل ما تعلمتموه من هذا الكتاب تدركون عظمة ال سبحانه وتعالى في خلقه للكون· وعند تأملكم في هذه
المعلومات تدركون أكثر معنى عظمة القوة اللهية· شكل الرض في القرآن الكريمأيها الطفال ،تعرفون أن
الرض مكورة الشكل· وقد اتضح ذلك من خلل تطور التكنولوجيا ،فالصور الملتقة من الفضاء تبين هذه
الحقيقة· إل أن هذه الحقيقة التي تم اكتشافها فقط في القرن العشرين أشار إليها القرآن الكريم المنزل من عند
حقّ ُيكَ ّورُ الّليْلَ عَلَى ال ّنهَارِ َو ُيكَ ّورُ
لرْضَ بِا ْل َ
سمَوَاتِ وَا َ
ال تعالى قبل 1400عام على النحو التالي :خََلقَ ال ّ
سمّى َألَ ُهوَ ا ْل َعزِيزُ الغَفّارُ .سورة الزمر ،اليـة
لجَلٍ ُم َ
ل َيجْرِي ِ
شمْسَ وَال َق َمرَ كُ ّ
سخّرَ ال ّ
ال ّنهَارَ عَلَى الّليْلِ َو َ
·5إن معنى كلمة ''التكوير'' الواردة في الية السابقة يعني اللتفاف ،بمعنى التفاف جسم على شيء مكور·
فالمعلومات الواردة في الية بشأن التفاف الليل على النهار يعني في الوقت نفسه أن الرض مكور الشكل·
وهكذا يكون القرآن الكريم الذي أُنزل قبل 1400عاما قد ذكر مسألة تكوير الرض·وكان الناس في تلك
الفترة يعتقدون أن الرض مسطحة الشكل وليست مكورة· وكانت جميع الحسابات العلمية تجرى على هذا
الساس· وكان بعض الناس في الماضي يعتقدون -بسبب الجهل الكبير بالفضاء -أن الرض تقف فوق قرني
ثور· وكما رأيتم أيها الطفال ،فالمعلومات التي توصل إليها العلماء بعد مئات السنين من نزول القرآن الكريم
قد ذكرها ال تعالى في القرآن· وهذا أيضا ،يمثل دليل بينا على أن القرآن الكريم هو كلم ال تعالى خالق
الكون كله والعالم بكل شيء·حرارة الرضأيها الطفال ،هل تعرفون معدل درجة الحرارة في الفضاء؟ إنها
270درجة تحت الصفر! ل يمكن لنا ول لي كائن حي أن يعيش في هذه البرودة· وأما معدل درجة
الحرارة في أرضنا فهو مابين 15و 20درجة مئوية· وهذه الحرارة تختلف اختلفا كبيرا كلما صعدنا في
طبقات الجو·وكمثال على ذلك ،فالقارة الفريقية حارة للغاية· وإذا سألناكم ''هل بإمكانكم أن تلعبوا بالكرات
الثلجية في أفريقيا؟'' ،فماهو الجواب الذي ستجيبون به؟ نحن في الحقيقة نعرف جوابكم· فأغلبكم ربما يجيب
على النحو التالي'' :لكي نلعب بالكرات الثلجية ل بد أول من وجود الثلج ،ولهذا السبب فمكان بهذه الحرارة
ل يمكن أن يوجد فيه الثلج وبالتالي فاللعب به غير ممكن''· غير أن هذا الجواب ليس صحيحا ،ففي أفريقيا
المعروفة بحرارتها الشديدة يمكنكم أيضا أن تلعبوا بكرت الثلج· ولكن لكي تفعلوا ذلك عليكم أن تصعدوا إلى
أعلى جبل وهو جبل كلمنجارو· فقمة هذا الجبل المرتفعة جدا عن سطح الرض تكون مغطاة بالثلج ،ذلك أن
الهواء يبرد أكثر كلما ابتعدنا عن سطح الرض· ويطلق اسم ''ستراتوسفير'' على الطبقة الهوائية الباردة،
وتنخفض درجة الحرارة في هذه الطبقة إلى 50درجة تحت الصفر· غير أن الهواء يبرد أكثر كلما ارتفعنا
أكثر· وبفضل حماية ال لنا فإن سطح الرض ل يصل إلى هذه البرودة الكبيرة·وهذه الحرارة المناسبة
الموجودة على سطح الرض هي بل شك نتاج المسافة الدقيقة الموجودة بين الرض والشمس ونتاج ما
ترسله الشمس من أشعة مناسبة· وقد تحدثنا في القسام الماضية بإيجاز عن هذا الموضوع ،وهنا نقدم بعض
المعلومات الكثر تفصيل· ووفقا للحسابات التي تم إجراؤها فإنه لو نقصت أشعة الشمس التي تصل إلى
الرض بنسبة 10بالمائة لتكونت طبقة كثيفة من الجليد على سطح الرض· ولو زادت هذه الحرارة ولو
قليل لهلكت جميع الكائنات احتراقا·يساعد دوران الرض حول نفسها بسرعة رهيبة على تعديل درجة
الحرارة· فالرض تدور حول نفسها مرة واحدة في كل 24ساعة ،ولهذا السبب فإن الليل والنهار ل
يستمران سوى وقت قصير ،وبسبب هذا القصر في الزمن بينهما فإن الفرق بين الليل والنهار في درجة
الحرارة يكون قليل جدا· ولنتذكر الن كوكب عطارد مرة أخرى ،فاليوم في هذا الكوكب يستمر لمدة سنة
كاملة تقريبا ،ولهذا السبب فالفرق في درجة الحرارة بين الليل والنهار يصل إلى 1000درجة· كما أن
وجود التضاريس على سطح الرض يحافظ على التوازن في درجة الحرارة· فالفرق بين درجة الحرارة في
خط الستواء والقطبين يصل إلى 100درجة مئوية· فلو لم توجد الجبال التي نراها الن لهزت الرض
عواصف هوجاء· فهذه الجبال تمثل حواجز أمام الرياح العاتية· فسلسلة الجبال هذه تبدأ من الهماليا في
الصين وتمتد في الناضول في جبال طوروس وتصل إلى سلسلة جبال اللب في أوروبا· لقد تعلمنا الن
كيف أن درجة حرارة الرض جعلت بشكل يناسب تماما حياتنا بالرغم من أن درجة الحرارة هذه تصل إلى
270درجة تحت الصفر في الفضاء· فلو أن درجة الحرارة في الرض كانت شديدة جدا أو باردة جدا
بحيث ل تتحملها أجسامنا لكانت حياتنا إما شاقة أو مستحيلة· وهذا يعني أن وجود الحرارة بالشكل المناسب
هو إحدى نعم ال علينا ،فالواجب علينا بعد ما رأينا عناية ال بنا هو أن نشكره حق الشكر ،فاحذروا أن
تنسوا هذا أيها الطفال· كيف وفر ال عز وجل الحماية للرض من بقية الجسام السماوية الخرى بعد أن
خلقها على الكمال الذي ذكرناه؟ والن لنواصل رحلتنا لكي نجيبكم على هذه السئلة···حجم الرض وحمايتها
من الجسام السماوية الخرىإذا كنتم تذكرون فنحن تحدثنا سابقا عن أن هناك فروقا كبيرة في الحجام بين
الكواكب· والن نجري مقارنة بين الرض وبين الكواكب الخرى من ناحية أحجامها· ويمكننا أن نقوم بهذا
التشبيه :لنتصور أن أرضنا هي في حجم حبة البازيليا (جلبان) ،ففي هذه الحالة سوف يكون حجم الكواكب
الخرى على النحو التالي؛ يكون عطارد في حجم حبة السمسم وفينوس مثل الرض أيضا في حجم حبة
البازيليا ،وكوكب مارس في حجم البطيخ ،ويكون كوكب المشترى في حجم البرتقالة ،ويكون كوكب زحل
في حجم اليوسف أفندي (المندلينا) ،ويكون حجم كوكب الزهرة ونبتون في حجم حبتي كرز ضخمتين ،وأما
كوكب بلوتون فيكون بدوره في حجم حبة السمسم· وأما حجم الشمس فيكون أكبر بكثير من حجم كرة السلة·
حسنا ،هل كان حجم الرض -ضمن الحجام المختلفة لهذه الكواكب -مصادفة؟ كل! فنحن عندما ندرس
خصائص الكرة الرضية ،سوف نكتشف أن حجمها كان بالخصائص التي ينبغي أن يكون عليه·فلو كانت
الرض أصغر بقليل مما هي عليه لضعفت جاذبيتها كثيرا ولما استطاعت أن تحافظ على الغلف الجوي·
وكما تعرفون ،ففي حالة انعدام الغلف الجوي فإن الرض تكون عرضة للنيازك والشهب الموجودة في
الفضاء ،وينعدم الوكسجين ،وباختصار فذلك يعني انعدام الحياة على وجهها· ولو كانت الرض أكبر بقليل
مما هي عليه ،ففي هذه الحالة ترتفع درجة جاذبيتها كثيرا وتمتص أيضا بعض الغازات السامة القاتلة· وإلى
جانب شكل الرض فإن بناءها الداخلي أيضا صمم بطريقة دقيقة· فالطبقات التي توجد في داخلها تتحرك
فوق بعضها البعض· وهذه الحركة ،تكون حول الرض مجال مغناطيسيا قويا· وهذا المجال المغناطيسي في
غاية الهمية لحماية الحياة على وجه الرض· فالمجال المغناطيسي يمكن تشبيهه بالدرع· فالشعاعات التي
تتجه نحو الرض تصطدم بهذا الدرع ثم تتناثر·فبفضل هذا الدرع ،تكون الرض بمأمن من الخطار التي
يمكن أن تأتي من الفضاء· فالشعاعات القادمة من الشمس ومن النجوم الخرى ل يمكن أن تخترق هذا
الحاجز الذي يحيط بالرض· وتبين الحقائق الخرى التي توصل إليها العلم أن الكون لم يخلق عبثا· ول شك
أن ال رب العالمين هو المتحكم في الكون كله ،وهو الذي شكله على النحو الذي يريد وهو الذي يمسك
المجرات والنجوم والكواكب بقدرته العظيمة·إن الكوكب الزرق الذي نعيش عليه قد نظمه ال تعالى على
نحو خاص· وفي الية الثلثين من سورة النازعات يذكر ال تعالى في القرآن الكريم هذا الخلق المتقن بقوله:
لرْضَ َب ْعدَ ذَِلكَ َدحَاهَا.سورة الزمر ،اليـة· فهذه الية تفيد بأن ال تعالى خلق الرض على نحو منظم
وَا َ
ووفقا لما يحتاجه النسان·وسوف نواصل أصدقائي الطفال رحلتنا على سطح الرض في القسم
التالي·المحيطات والبحارإن نسبة 71بالمائة من سطح الرض مغطاة بالماء· والرض هي الكوكب الوحيد
الذي يكون فيه الماء على سطحها في شكل سائل· وهذا الماء يتجمع في منخفضات كبيرة ليكون المحيطات·
وهذه المحيطات ،تقوم بوظائف غاية في الهمية من أجل الحفاظ على حياة الكائنات الحية على وجه
الرض·وكمثال على ذلك فهي تحول دون وقوع التغيرات الفجائية في الحرارة الموجودة في الغلف الجوي·
وعلى هذا النحو تساعد على بقاء الكائنات الحية ضمن درجة حرارة معينة مناسبة للحياة· وبالضافة إلى
ذلك فإن المحيطات تقوم باستمرار بتغيير شكل الرض من خلل عمليات جرف التربة· وهذا النوع من
العمليات ل يمكن مشاهدته في أي كوكب آخر ضمن المجموعة الشمسية·وإلى جانب ذلك ،فإن الكثير من
السماك التي نحبها ومنتجات بحرية كثيرة أخرى توجد في هذه البحار· فالمأكولت اللذيذة التي نتمتع بها
ويكون مصدرها الكائنات البحرية وكذلك رحلتنا الجميلة على سطح البحار هي من النعم التي وهبها ال
لنا·نعم أيها الطفال ،لقد خلق ال تعالى كل شيء خال من أي نقص لفائدتنا ولمصلحتنا نحن· وإلى جانب كل
هذا الجمال فهناك في بعض الماكن جبال بركانية ولكنها بشكل عام تبقى ذات أصوات خفيفة· وإذا أردتم أنْ
نواصل رحلتنا ،ونقوم بزيارة إلى هذه الجبال·الجبال البركانية أيها الطفال ،مثلما ذكرنا قبل قليل ،فتحت
القشرة الرضية توجد حمم بركانية شديدة ،وإذا وجدت لها متن ّفسًا تشق القشرة الرضية من حين إلى آخر
وتظهر إلى السطح من خلل انفجار كبير· ويقال لهذا الحادث بركان· ويتحدث القرآن الكريم عن هذه
ص ْدعِ .سورة الطارق ،الية -11
لرْضِ ذَاتِ ال ّ
سمَا ِء ذَاتِ ال ّرجْعِ وَا َ
الظواهر المخيفة على النحو التالي :وَال ّ
.12وهكذا فإن النفجار الذي يحدث بعد تشقق الرض وخروج الحمم إلى سطح الرض يرافقه إطلق
أطنان كبيرة من الغبار والوحل في السماء· وإثر ذلك تبدأ الحمم في الخروج إلى السطح وتدمر كل شيء في
طريقها من جبال ومدن وتذرها قاعا صفصفا· وبعد فترة من الزمن تبرد هذه الحمم وتتحول إلى
صخور·وهناك مدن كثيرة دمرتها مثل هذه الكوارث عبر التاريخ· ومن المثلة على ذلك البركان الذي حصل
في القرن الول للميلد في مدينة بومباي اليطالية والتي كانت من أغنى المدن في تلك الفترة ،فقد أدى
النفجار المفاجئ لبركان ''فيزوف'' إلى إزالة هذه المدينة من على وجه الرض· ومن هول سرعة ما حدث
لم يتمكن سكان المدينة حتى من الفرار· فالحمم البركانية لهذا البركان زحفت على مدينة بومباي بسرعة
وغمرت سكان المدينة فأهلكتهم·وسكان مدينة بومباي كانوا مشهورين بكثرة فسقهم وفجورهم وعصيانهم
لوامر ال تعالى ،وحلت بهم هذه الكارثة فلم تبق منهم أحدا· وهذه العاقبة التي حلت بهم -ول مفر للظالمين
صبًا َو ِم ْن ُهمْ مَنْ
خ ْذنَا ِب َذ ْنبِهِ َف ِم ْنهُمْ َمنْ َأ ْرسَ ْلنَا عََل ْيهِ حَا ِ
منها -يصفها القرآن الكريم على النحو التاليَ :فكُلّ َأ َ
س ُهمْ
ل ِل َيظِْلمَ ُهمْ وََلكِنْ كَانُوا َأنْ ُف َ
غرَ ْقنَا َومَا كَانَ ا ُ
لرْضُ َو ِم ْنهُمْ َمنْ َأ ْ
خسَ ْفنَا بِ ِه ا َ
ن َ
صيْحَةُ َو ِم ْن ُهمْ مَ ْ
خ ْذتُ ُه ال ّ
َأ َ
َيظِْلمُونَ .سورة العنكبوت ،اليـة · 40أيها الطفال ،فحسب ما نفهمه من هذه الية فإن ال عز وجل قادر
على كل شيء ،وهو إذا شاء أفنى كل ما على الرض· ول أحد في أمان من عذاب ال تعالى· ولكن ،وفي
الوقت نفسه فإن ال عز وجل رؤوف ورحيم بعباده· ومن خلل هذا الكتاب
طبَاقًا سورة نوح،اليه 15رأينا أدلة كثيرة على رحمة ال التي ل
ت ِ
سمَاوَا ٍ
سبْعَ َ
أََلمْ َترَوْا َك ْيفَ خََلقَ اللّهُ َ
حدود لها· ومثلما بينا في هذا القسم ،فقلة حدوث النفجارات البركانية هي إحدى النعم الربانية على عباده·
الغلف الجويأيها الطفال ،هل تعجبون لما ترونه عندما تنظرون إلى السماء؟ نعتقد أنكم جميعا تعجبون
لذلك· ومادام المر كذلك فلنبدأ رحلتنا في الفضاء الزرق·يقال للطبقة الهوائية التي تحيط بالكرة الرضية
''الغلف الجوي''· ويتكون الغلف الجوي من سبع طبقات ،وتحتوي كل طبقة على مجموعة من الغازات
المختلفة ،وهناك انسجام كامل بينها· وجاء في القرآن الكريم ذكر لهذه الطبقات التي تشكل الغلف الجوي:
سمَا َء ال ّدنْيَا ِب َمصَابِيحَ َوحِ ْفظًا ذَِلكَ تَ ْقدِيرُ
سمَاءٍ َأ ْمرَهَا َو َزيّنّا ال ّ
سمَوَاتٍ فِي يَ ْو َميْنِ وََأ ْوحَى فِي كُلّ َ
سبْعَ َ
فَ َقضَاهُنّ َ
ال َعزِيزِ العَلِي ِم .سورة فصلت ،الية .12واستعملت عبارة ''السماء'' في القرآن الكريم للدللة على الفضاء
بشكل عام ،واستعملت أيضا بمعنى السماء الدنيا· وإذا أخذنا هذه الكلمة بمعنى السماء الدنيا يتبين أن الغلف
الجوي يتكون من سبع طبقات·واليوم أصبح من المعروف علميا أن الغلف الجوي يتكون من طبقات مختلفة
بعضها فوق بعض ،ومثلما ورد في الية الكريمة فهو يتكون من سبع طبقات رئيسية·والن نستعرض هذه
الطبقات التي ذكرتها الية :تروبوسفير :هي الطبقة الكثر قربا إلى سطح الرض والقسم الدنى من هذه
الطبقات· وسمك هذه الطبقة يختلف حسب المناخ· وعندما يتم الصعود في هذه الطبقة تنخفض درجة
الحرارة ،وفي أعلى مستوى منها تكون درجة الحرارة ما بين 51درجة تحت الصفر و 79درجة تحت
الصفر·ستراتوسفير :هي الطبقة التي توجد فوق طبقة تروبوسفير ،وكلما صعدنا في هذه الطبقة ترتفع درجة
الحرارة·ميزوسفير :هي الطبقة التي تلي طبقة ستراتوسفير ،وفي هذه الطبقة تنزل درجة الحرارة إلى 73
درجة تحت الصفر·تيرموسفير :هي الطبقة التي تلي طبقة ميزوسفير ،ويلحظ أن الحرارة ترتفع مجددا في
هذه الطبقة· والفرق بين حرارة الليل والنهار يمكن أن يفوق 100درجة·إيونوسفير :هي طبقة تبعد عن
الرض مسافة تتراوح بين 40إلى 80كيلومترا ،وأطلق عليها اسم ''إيون'' لنها تحتوي على شحنات
كهربائية· وأطلق على الطبقة التي تحتوي على الشحنات الكهربائية طبقة إيونوسفير·إكسوسفير :هي الطبقة
التي تبدأ بعد مسافة 500كيلومتر من الرض·مانيتوسفير :سميت هذه الطبقة بهذا السم لما تحمله من قوة
مغناطيسية· وهذه الطبقة التي تقوم بوظيفة الدرع يبلغ سمكها مابين 3000و 30000كيلومتر· وكما بينا
من قبل فإن هذه الطبقة هي التي تحمي أرضنا من الشعاعات الخطيرة القادمة من الفضاء· وهذه الطبقة يقال
لها أيضا ''حزام فان ألين''· ل شك أن الغلف الجوي يمثل أهمية كبرى ،وأنتم قد فهمتم ذلك جيدا ،ولنلق
الن نظرة على الكواكب الخرى· وكمثال على ذلك ،نتصور أنفسنا في كوكب عطارد· ففي هذا الكوكب ل
يوجد غلف جوي ،فالغلف الجوي كما تعرفون مهم للغاية من عدة جوانب· وإلى هذا الحد تحدثنا جزئيا عن
طبقة الغلف الجوي التي تقوم بوظيفة الحماية والتي تحتوي أيضا على مجموعة من الغازات ومنها
الوكسجين· فهذه الطبقة في غاية الهمية بالنسبة إلى حياة النسان·يتكون الغلف الجوي من هواء خفيف
جدا· ولكن هذا ل يعني أن الغلف الجوي ليس ثقيل ،وفي الحقيقة فإن طبقات الهواء التي تمتد فوقنا لعدة
كيلومترات ثقيلة للغاية·وحسب البحاث فإن الغلف الجوي يمارس ثقل يبلغ عدة أطنان على كل واحد منا،
وهذا ما يقال له ''الضغط الجوي''· والن يمكن أن يرد إلى أذهانكم السؤال التالي'' :كيف ل نسحق تحت هذا
الضغط؟'' أيها الطفال ،إن السبب في ذلك هو أن أجسامنا خلقت على هيئة يمكنها أن تحمل ثقل هذا الهواء·
ولو كنا تحت ضغط مختلف عن هذا لما أمكن لنا أن نستمر في الحياة· فلو لم يكن هذا الضغط لتحرك الدم
الذي يتنقل بسرعة في عروقنا إلى الخارج ،وإذا لم يحدث توازن بين ضغط الدم وضغط الغلف الجوي فإن
عروق أجسامنا تتفجر بفعل الضغط المرتفع·ولهذا السبب فالمكان الذي ل يوجد فيه غلف جوي مثل كوكب
عطارد مثل ل يمكن بحال من الحوال أن تستمر فيه حياة النسان· أما كوكب فينوس فيوجد فيه غلف
جوي ،غير أن الضغط الموجود هناك يبلغ 90ضعفا حجم الضغط الموجود في الغلف الجوي للرض،
ولذلك فهو غير صالح لحياة النسان· ونفهم من هذا أن الحياة مستحيلة في كوكب فينوس لن النسان يسحق
ويموت تحت كثافة الضغط وشدته·ونعيد الن باختصار ما شرحناه إلى حد الن :فالغلف الجوي يمثل إحدى
الشروط المهمة من أجل استمرار الحياة على وجه الرض ،ويقوم الغلف الجوي بوظائف كثيرة وقد تحدثنا
عن قسم منها باختصار· وإذا تذكرون ،فمن بين هذه الوظائف ما يوجد في هذا الغلف من غازات ضرورية
لحياة النسان· ولو لم يوجد الغلف الجوي فإن الكائنات الحية ما كان يمكن لها أن تتنفس وبالتالي تستحيل
حياتها· ومن بين وظائف الغلف الجوي الخرى حماية أرضنا من المخاطر الكثيرة التي تتهددها من
الفضاء· ومن بين هذه المخاطر التي تتربص بأرضنا -وكما ذكرنا ذلك قبل قليل -النيازك التي تتجول في
الفضاء· وهكذا ،فمن وظائف الغلف الجوي الحيلولة دون سقوط هذه النيازك على الرض وإلحاق الضرر
بها·وهناك وظيفة أخرى للغلف الجوي وهي حماية الرض من الشعاعات الضارة التي تأتي من الفضاء·
فبفضل هذا الغلف ل يصل إلى الرض من هذه الشعاعات سوى 7بالمائة·وهكذا أيها الطفال ،فهذا
موضوع جديد يستحق منكم التفكير فيه··· فل يصل من هذه الشعاعات إلى الرض سوى ماهو كاف تماما
لحياتنا· وإذا تذكرون ،فإن بعد الشمس عن الرض مناسب تماما ،فهي ليست بالبعيدة جدا ول بالقريبة جدا···
حسنا أيها الطفال ،هذا الغلف الجوي الذي كما ترون غاية في الهمية بالنسبة إلينا ،هل يمكن أن يكون قد
تكوّن من تلقاء نفسه على سبيل المصادفة؟ ولكي نبين لكم أن مثل هذا المر ل يمكن أن يحدث بأي شكل من
الشكال نقدم لكم المثال التالي :فكّروا جيدا في حلوى القرابية التي تصنعها أمهاتكم· ما هو الشيء الذي
يضفي على هذه الحلوى لذتها؟ ل بد أن يكون الشيء الذي أضافته الم بالمقدار اللزم إلى الدقيق ،والكيفية
التي أعدتها بها هو السبب في تلك اللذة· فإذا طلع عليكم شخص وقال لكم'' :ل حاجة لنا بالم حتى نصنع هذه
الحلوى اللذيذة ،فهي يمكن أن تتشكل بالمصادفة وتأتي أمامنا وتكون باللذة نفسها'' ،فهل يمكن أن تصدقوه؟ ل
شك أن ذلك غير ممكن· حسنا أيها الطفال ،إذا كانت حتى حلوى القرابية صغيرة الحجم ل يمكن أن تتشكل
من تلقاء نفسها ،فهل يمكن لرضنا الضخمة وللغلف الجوي الذي يحيط بها أن يتكونا من تلقاء نفسيهما،
وهل يمكن لنا نحن الذين نعيش على ظهرها أن نتكون بالمصادفة؟ فالذي ل ريب فيه أن استحالة حدوث مثل
هذا المر أصبح معلوما لديكم جميعا· ونقدم مثال لما يمكن أن يفكر فيه من ينظر إلى السماء وهو يعرف
هذه الحقائق· ومن أمثلة ذلك أن يقول وهو ينظر إلى الفضاء ''لو لم يخلق ال سبحانه وتعالى الغلف الجوي
لستحالت الحياة على وجه الرض''· أو يمكن أن يكون تفكيره على النحو التالي'' :حقيقة إن ال تعالى عظيم
القدرة ،ولو أن ربنا تعالى لم يحم أرضنا لصطدمت بها النيازك ولحولتها إلى قطع متناثرة''· فأنتم ،اعتمادا
على المعلومات التي تعلمتموها يمكنكم أن تفكروا تفكيرا شبيها بالمثلة السابقة التي ذكرناها· وفي الوقت
ن الغلف
نفسه فإن ذلك يدفعنا إلى حمد ال وشكره على أن حمانا بتلك الطرق·ملءمة الغلف الجوي لحياتناإ ّ
الجوي لرضنا يكتسب جميع الخصائص التي تساعد على الحياة· والن نقدم توضيحا لطبيعة تكوين غلفنا
الجوي هذا·إن الغلف الجوي للرض يتكون من نسبة 77بالمائة من النتر وجين ونسبة 21بالمائة من
الوكسجين ونسبة 1بالمائة من ثاني أكسيد الكربون ومجوعة من الغازات الخرى· ونبدأ أول في دراسة
غاز الوكسجين·يعتبر الوكسجين مهما جدا بالنسبة إلى الكائنات الحية؛ ذلك أن الكائنات الحية تحصل على
الطاقة الضرورية لها من خلل بعض العمليات الكيميائية· وأغلب هذه العمليات الكيميائية تتحقق بفضل
الوكسجين· ولهذا السبب فنحن أيضا نشعر بحاجة مستمرة إلى الوكسجين· وبالطبع ،فلكي نحصل على
حاجاتنا منه فنحن نقوم بعملية التنفس باستمرار·إنّ الوكسجين الموجود في الغلف الجوي هو تماما بالنسبة
التي تساعد على الحياة· ولو أن هذه النسبة بدل أن تكون 21بالمائة كانت 22بالمائة لنشبت الحرائق في
الغابات بسبب صاعقة واحدة· فما بالكم لو ارتفعت هذه النسبة إلى 25بالمائة ،ففي هذه الحالة تلتهم الحرائق
الهائلة أرضنا وتدمرها تدميرا ،ذلك لن الوكسجين غاز شديد الحتراق·وعند اطلعكم على هذه الحقائق،
ربما تبادر إلى أذهانكم السؤال التالي :ما العمل لو أن كمية الوكسجين نفدت في يوم من اليام؟ إنه بالرغم
من شدة التلوث خلل السنة الماضية فليس هناك خوف من مثل هذه الكارثة ،ذلك لن أكثر من 80بالمائة
من نسبة الوكسجين يتم إنتاجه من قبل الكائنات المجهرية التي تعيش في المحيطات· أي بمعنى لو أن جميع
الغابات الموجودة على سطح الرض أزيلت لمكننا أن نواصل حياتنا· إن بقاء توازن نسبة الوكسجين في
الغلف الجوي يتم بفضل نظام غاية في الكمال ،ويقال له ''نظام التحول العكسي''· فالحيوانات والبشر
يستهلكون الوكسجين وينتجون ثاني أكسيد الكربون· وأما النباتات فهي تقوم بعكس هذه العملية ،فهي تحول
ثاني أكسيد الكربون إلى أوكسجين وبذلك تحافظ على حياة الكائنات الحية· وفي كل يوم تنتج النباتات
مليارات الطنان من الوكسجين وتطرحها في الفضاء·وننبه هنا إلى حقيقة غاية في الهمية وهي :لماذا فقط
النباتات وحدها هي التي تنتج الوكسجين؟ فلو أن جميع الكائنات الحية كانت تنتج الوكسجين أفلم تكن الحياة
أكثر سهولة؟ كل ،إن الحياة لن تكون على الطلق أكثر سهولة ،فلو أن البشر والحيوانات والنباتات كانوا
جميعهم ينتجون الوكسجين لرتفعت نسبة الوكسجين في الغلف الجوي بكمية كبيرة ،ولصبح الغلف
الجوي ذا خاصية ''ملتهبة''· ولصبحت أصغر شرارة كافية لشعال حرائق هائلة·ومن جانب آخر ،بإمكانكم
أن تفكروا في عكس هذا تماما :ماذا كان سيحدث لو كانت النباتات شأنها شأن الكائنات الحية الخرى ل تنتج
الوكسجين بل تنتج ثاني أكسيد الكربون؟ فلو أن جميع الكائنات الحية كانت تنتج ثاني أكسيد الكربون ،ففي
هذه الحالة ينفد الوكسجين بسرعة ،وبعد مدة قصيرة وبالرغم من استمرار عملية التنفس فإن هذه الكائنات
الحية تكون تتنفس هواء ل أوكسجين فيه فتموت جميعها اختناقا·أيها الطفال أنتم كما ترون ،فالغلف الجوي
إلى جانب أنه يحمينا فإنه في الوقت نفسه يساعدنا على تنفس هواء فيه ما يكفينا من الوكسجين· وقد خلق
ال سبحانه وتعالى لنا أنظمة كثيرة حتى يحافظ الوكسجين على نسبة ثابتة· وهكذا فإن ال عز وجل خلق
كل ما على الرض وفق حسابات وموازين على غاية من الدقة· إن كل ذلك ليس على ال بعزيز· فحذار و
ل تنسوا ،إنّ كل نفس تتنفسونه هو مناسبة لكم لكي تشكروا ال أكثر فأكثر ،فلو لم يرد لما كان هناك غلف
جوي ولما كان هناك أوكسجين···السحب السّائرةعندما نرفع رؤوسنا إلى السماء نرى كتل من السحب تشبه
القطن ومنها ما يكون أبيض ومنها ما يكون بني اللون· بل هناك حتى من يشبه أشكالها المختلفة بأشياء
نعرفها في حياتنا ،أليس كذلك؟ حسنا ،ولكن كيف تتكون هذه السحب ،هل فكرتم في ذلك يوما؟ إذا أردتم لنرَ
معا كيف تكونت هذه الكتل القطنية·كل يوم يتبخر قسم من المياه الموجودة على سطح الرض بفعل حرارة
الشمس· بمعنى أن الماء يصعد في الهواء في شكل قطرات دقيقة جدا· وعلى هذا النحو يقال للماء الذي
يصعد إلى الهواء ''بخار الماء''· والهواء الذي يقترب من الرض تزيد حرارته ،وهذا الهواء الذي يسخن
ن وما يحمله من بخار الماء الهواءَ الباردَ يتحول
يرتفع حامل معه بخار الماء· وعندما يلمس الهواءُ الساخ ُ
إلى حبيبات من الثلج· وهذه الحبيبات هي التي تكون السحاب·إن الماء المتبخر من البحار المالحة ومن
البحيرات المعدنية يحمل معه الملح إلى أعلى· وحبيبات الملح هذه صغيرة بحيث ل يمكن رؤيتها بالعين
المجردة· وبفضل الرياح التي تحمل هذه القطرات الصغيرة فإن الغلف الجوي يزود يوميا بـ 27مليون
طن من الملح· وهذه الملح تكون نواة قطرات المطر التي تنزل بعد ذلك· تبدو السحب عند النظر إليها مثل
قطع القطن ،ولهذا السبب فأنتم ربما تصورتم أن هذه السحب خفيفة جدا· والحال أن حبيبات الماء عندما تكبر
بما فيه الكفاية وتتحول إلى أمطار تلحظون أنها ترسل أطنانا كبيرة من الماء· ونسبة الماء الموجودة في
سحابة ممطرة هي حوالي 300ألف طن من الماء· ( 1طن يساوي 1000كيلو جرام ،و 300ألف طن
يساوي 300مليون كيلوجرام· وعندما تعرفون أن معدل وزن النسان البالغ هو ما بين 60و 70
كيلوجراما تدركون كم يكون هذا الرقم كبيرا)· نعم إنكم لم تسمعوا خطأ فهناك 300ألف طن معلقة في
الهواء··· وهكذا فإن ال عز وجل يحول هذه السحب الكثيفة إلى أمطار ويسقي بها الرض· وعلى هذا
النحو ينال كل مكان من الرض نصيبه من الماء· وقد بين ال سبحانه وتعالى في إحدى آيات القرآن الكريم
جعَلُ ُه ُركَامًا َف َترَى ا ْل َو ْدقَ
سحَابًا ُثمّ يُؤَّلفُ َب ْينَ ُه ُثمّ َي ْ
كيف يكون السحاب سببا للمطر بقوله :أََلمْ َترَ َأنّ ال ُي ْزجِي َ
ن َيشَاءُ َيكَادُ
عنْ مّ ْ
صرِفُهُ َ
ن َيشَاءُ َو َي ْ
ن َبرَدٍ َف ُيصِيبُ بِ ِه مَ ْ
جبَالٍ فِيهَا مِ ْ
سمَاءِ ِمنْ ِ
ن خِلَلِهِ َو ُي َنزّلُ ِمنَ ال ّ
خرُجُ مِ ْ
َي ْ
ل ْبصَارِ .سورة النور ،الية ·43ومن جانب آخر ،ينبه ال عز وجل في القرآن الكريم إلى
سنَا َب ْرقِهِ َيذْهَبُ بِا َ
َ
طهُورًا .سورة الفرقان ،الية ·48فكما تبين
سمَاءِ مَا ًء َ
طهارة الماء الذي ينزله من السماء··· :وََأ ْنزَلْنَا ِمنَ ال ّ
الية المذكورة فإن الماء ينزل من السماء على هيئة نظيفة ،ويوجد في هذا الماء بعض الملح والمعادن·
وفي الحقيقة فإن هذا أيضا مظهرا من مظاهر نعمة ال لن التربة تتغذى بهذا المقدار القليل من الملح
والمعادن· ولو أن الماء الذي يتبخر من المحيطات ثم يعود بعد ذلك في شكل أمطار كان يحتوي على نسب
عالية من الملح لتسبب ذلك في أضرار كبيرة للرض· فلو أن المطار التي تنزل كانت مالحة جدا لهلكت
التربة وأحرقت النباتات ،ونتيجة لذلك فإن الكائنات الحية ل تجد ما تأكله فتهلك هي أيضا ،وباختصار فإن
جميع مظاهر الحياة على الرض تنتهي في فترة وجيزة· بيد أن شيئا من ذلك ل يحدث لن ال عز وجل
ن َأمْ
ن ءََأ ْن ُتمْ َأ ْنزَ ْلتُمُوهُ ِمنَ ا ْل ُمزْ ِ
ش َربُو َ
رحيم بعباده· وفي القرآن الكريم يقول ال عز وجلَ :أفَرََأ ْي ُتمُ المَاءَ الذِي َت ْ
ل َتشْ ُكرُونَ .سورة الواقعة ،الية .70 -68وتبين الية بشكل
جعَ ْلنَاهُ ُأجَاجًا فَلَ ْو َ
ن لَ ْو َنشَاءُ َ
ن ا ْل ُم ْنزِلُو َ
َنحْ ُ
واضح أن كل شيء خلق حتى يكون مناسبا لحياة النسان·أيها الطفال ،مثلما ترون فليس لدينا القوة الكافية
حتى نفعل أي شيء لحماية حياتنا· فلو لم يشأ ال تعالى لما كانت هناك حياة على وجه الرض ،ولهذا السبب
يجب أن نتذكر في كل لحظة أن ال هو خالق كل شيء وعلينا أن نشكره في كل حين·لقد تعلمنا كيف يتبخر
الماء الموجود على سطح الرض ،وكيف تتكون السحب وكيف تتحول إلى أمطار· حسنا ،ماذا تقولون لو
اطلعنا على أن المطار التي تنزل إنما تكون بكميات محسوبة؟ ولكي نعرف ذلك علينا أن نواصل رحلتنا
لنكتشف هذه الحقيقة·مقدار المطارينزل المطر على الرض بكميات معلومة ،وقد بينت البحاث التي أجريت
في عصرنا الحالي دقة كمية المطار النازلة· وحسب هذه القياسات فإن الماء الذي تبخر في الثانية الواحدة
تبلغ كميته 16مليون طن· وتصل هذه الكمية إلى 505تريليون طن في العام ،والمر نفسه نجده في كمية
نزول المطار فهناك 505تريليون طن من المطار النازلة في السنة· والغريب أن هذه الكمية هي نفسها
في كل عام ول تتغير أبدا· وهذه الحقيقة العلمية التي كشفها العلم الحديث ذكرها ال تعالى في القرآن الكريم
خ َرجُونَ .سورة الزخرف،
سمَا ِء مَاءً بِ َق َدرٍ َفَأ ْنشَ ْرنَا بِ ِه بَ ْلدَ ًة َم ْيتًا َكذَِلكَ ُت ْ
ن ال ّ
قبل 1400عام :وَالذِي َنزّلَ مِ َ
الية · 11ل تنسوا أيها الطفال! فهذه المعلومة التي ذكرها القرآن الكريم قبل أكثر من ألف عام في وقت ل
يملك فيه النسان أي علم إنما تدل على أن هذا القرآن هو معجزة من ال تعالى ،وهو دليل على أن هذا
الكتاب المقدس قد أنزله رب العالمين ،وفي القرآن الكريم توجد معجزات كثيرة غير هذه·فالحياة على وجه
الرض ،محفوظة بفضل التوازن الكبير بين تبخر الماء ونزوله من جديد في شكل أمطار ،وهذه العملية
تسمى ''الدورة المائية''· ولو بذل النسان جميع ما يملك من إمكانيات علمية لما استطاع أن يحقق مثل هذا
التوازن·ولو حدث أي تغيير في نظام هذه الدورة المائية فإن الطبيعة يلحق بها اضطراب شديد بعد فترة
قصيرة من الزمن ،وهذا يعني نهاية الحياة· ولكن شيئا من ذلك ل يحدث أبدا ،فكمية المطار التي تنزل تكون
بمقادير محددة كل عام تماما مثلما ذكر القرآن الكريم·ل بد أن تكونوا قد فهمتم الن أن نزول المطار إنما
يكون بمشيئة ال عز وجل ،وإل كيف يمكن أن تنزل الكمية نفسها من المطار كل عام؟ فجميعنا يعرف أن
ذلك غير ممكن لول إرادة ال عز وجل· فال هو مالك الكون كله ،وكل شيء يتحرك بإرادته·عند تجولنا بين
قطرات المطار النازلة نشاهد منظرا غاية في الجمال متكونا من ألوان مختلفة ،فلنكتشف معا في رحلتنا هذا
الشيء الجميل·قوس قزح ذو اللوان الساحرةسوف تكون رحلتنا الن داخل قوس قزح متعدد اللوان· ل بد
أن تكونوا قد رأيتم في يوم من اليام قوس قزح· تكونون قد رأيتم ذلك في إحدى الكتب أو في التلفزيون على
القل ،ونحن على قناعة بأن ألوان قوس قزح الجميلة قد سحرت أبصاركم· حسنا ،هل فكرتم يوما كيف
تكون هذا التاج الجميل الذي يُتوّج السماء؟ وحتى إذا لم تفكروا في ذلك إلى الن فقرأ ِتكُم لهذا العنوان تجعلكم
تتنبهون لهذا المر· وحتى ل نجعلكم تتحيرون أكثر نشرع للتو في شرح هذا المر·يظهر قوس قزح عندما
تنزل المطار وتظهر الشمس في الوقت نفسه ،فقوس قزح يكون في شكل نصف دائرة على هيئة تاج
ومتكونا من سبعة ألوان ،وعلى هيئته هذه يكون ساحرا للغاية·في الحقيقة ،يعتبر قوس قزح بمثابة لعبة
ألوان ،وهو يحمل اللوان السبعة الرئيسية للشمس· نعم إن الشمس التي تبدو لنا بيضاء هي في الحقيقة
متعددة اللوان· ويقال لهذه اللوان التي تأتي من الشمس اللوان الرئيسية ،وهي كالتالي :الحمر والبرتقالي
والصفر والخضر والزرق الفاتح والزرق الغامق والبنفسجي· ولون أشعة الشمس البيضاء تظهر باتحاد
هذه اللوان جميعا ،غير أنه عندما تمر قطرات المطر من خلل أشعة الشمس تظهر ألوانها الحقيقية ،فالماء
يعكس أشعة الضوء وعندما تنعكس الشعة على الماء تتبين اللوان· وهذه اللوان تنعكس خلف قطرات
المطر ثم تظهر للعيان· ألم َي ْبدُ ذلك واضحا؟ إذا كان المر غير واضح فيمكنكم أن تأخذوا كأسا من الكرستال
واعكسوا عليه ضوءا قويا ،فالبلور هنا يمكن أن يقوم بوظيفة قطرات الماء· وسوف ترون أنه عندما يُسلّط
على الكأس ضوء قوي ينعكس على الحائط قوس قزح صغير·في هذه الثناء ،وعندما نتحدث عن قوس قزح
يتبادر إلى الذهان أيها الطفال أنه ل يكون إل في شكل نصف دائرة ،وهذا غير صحيح ،فقوس قزح في
الحقيقة هو عبارة عن طوق كامل ولكن هذا الطوق ل يمكن أن يرى بأكمله من الرض· ولهذا السبب يظهر
قوس قزح في العادة في شكل نصف دائرة ،ول يمكن رؤيته كامل إل عندما نكون في الطائرة·إنّ مركز
دائرة قوس قزح تكون دائما هي النقطة التي تنعكس عليها أشعة الشمس ،وعندما ترتفع الشمس إلى العلى
يرتفع قوس قزح معها أيضا· إنّ منظر قوس قزح المثير للعجاب بألوانه الساحرة هو من بين ما خلقه ال
تعالى لنا من مظاهر الجمال في الرض لكي نتمتع بها ،وهو قادر على أن يخلق ما ل يحصى من الشياء
الجميلة ،ولهذا السبب فهذا ل يثير استغرابنا بل يدعونا لكي نعرف ال أكثر فأكثر ولكي نشكره على آلئه
ونعمه·ونواصل رحلتنا الملونة لنكتشف مظهرا آخر من مظاهر الجمال التي تبهر العيون· وفي هذه المرة
نتأمل في كوكب من الكواكب الجميلة التي تظهر لنا في الفضاء ليل ،وهو كوكب القمر·القمر الذي يضيء
لياليناإن القمر هو عبارة عن كرة من الصخر تدور حول أرضنا ،والقمر يظهر لنا مضيئا ليل عندما تكون
السماء صافية· غير أن هذا النور ليس نور القمر لنه ليس للقمر نور خاص به ،فهذا النور هو انعكاس
لضوء الشمس على سطحه· وهكذا يظهر لنا القمر في شكل كتلة كبيرة من النور· وقد جاء في القرآن الكريم
سرَاجًا َو َقمَرًا
جعَلَ فِيهَا ِ
سمَاءِ ُبرُوجًا َو َ
ل فِي ال ّ
جعَ َ
حديث عن خاصية القمر هذه في قوله تعالىَ :تبَا َركَ الذِي َ
ُمنِيرًا .سورة الفرقان ،الية · 61يظهر لنا القمر دائما بالشكل نفسه ،وهو يدور حول نفسه وحول الرض
مرة في كل 29يوما· وبسبب أن دورانه حول نفسه وحول الرض يتم في المدة نفسها فهو يظهر لنا بالشكل
نفسه· ومن جانب آخر فنحن عندما ننظر ليل إلى السماء نرى القمر أحيانا مدورا وأحيانا أخرى في شكل
نصف دائرة ،والسبب في ذلك أنه عندما يدور حول الرض يأخذ القمر أشكال مختلفة وفقا للجانب المضيء
منه· هناك تجاذب متبادل بين الرض والقمر ،ولكن قوة جاذبية الرض تفوق جاذبية القمر بستة أضعاف·
وبالرغم من ذلك فإن جاذبية القمر تؤثر في الرض ،وهذه الجاذبية تكون سببا في عملية ''المد والجزر'' التي
تحدث في المحيطات· فمستوى المياه تمتد في السواحل لمدة من الوقت ثم تعود إلى طبيعتها الولى ،ولو
كانت قوة جاذبية القمر أشد مما هي عليه لكانت عملية المد والجزر أقوى ،وبالتالي تتسبب مياه السواحل في
كوارث كبيرة في المناطق المجاورة لها·غير أن عمليات المد والجزر هذه ل تتسبب بصفة عامة في ارتفاع
المياه ارتفاعا كبيرا جدا ،وال عز وجل خلق جاذبية الرض والقمر على هيئة تكون مناسبة تماما لحياتنا·
الليل والنهار والمواسم عند دوران الرض حول نفسها تأخذ وضعا مائل قليل في مدارها· وهذا هو السبب
الوحيد في تكون المواسم الربعة التي نطلق عليها الربيع والصيف والخريف والشتاء·ولو أراد ال تعالى
لجعل الرض في وضع قائم ،ولكن لو ظلت الرض قائمة في مدارها لما وجد أي موسم من هذه المواسم،
ولكانت الرض في كل ناحية منها في المستوى نفسه من الحرارة ،ولعشنا في جوي مختلف تماما انطلقا
من الشياء التي نأكلها إلى الهواء الذي نتنفسه·حسنا أيها الطفال هل فكرتم يوما كيف يتكون الليل والنهار؟
فالفضاء السحيق كله ظلم ،بينما يتعاقب على الرض الليل والنهار· ففي الصباح يكون الجو مضيئا وعند
ن السبب في
حلول المساء تظلم الرض· حسنا ،كيف يضيء الصباح بينما تسبح الرض في ظلم دامس؟ إ ّ
ذلك هو أن الرض وهي تتقدم في مدارها تدور حول نفسها مثل الدوامة ،وعند دورانها حول نفسها يضاء
المكان الذي يكون مقابل للشمس·أمّا كوكب الزهرة فهو يتحرك في مداره تماما مثل الكرة ،وهذا ما يتسبب
في حالة غير عادية :فقسم منه يكون مضيئا دائما والقسم الخر يكون مظلما دائما·حسنا ،ماذا لو كان جانب
من الرض نهارا دائما بينما الجانب الخر ليل دائما؟ ل شك أنه في هذه الحالة لن يكون للنسان ساعة
معلومة للنوم ،فالجميع ينامون في أوقات مختلفة ويستيقظون في أوقات مختلفة ،وبذلك يحدث خلل كبير في
علقات الناس ببعضهم البعض·لنتصور أول أننا نعيش باستمرار في نهار دائم :هل كنا سنشعر بالراحة
ياترى؟ وبالضافة إلى ذلك ،فإننا لن نشاهد على الطلق القمر والنجوم التي ل نراها إل باليل·وماذا لو كان
الوقت كله ظلما؟ فقبل كل شيء لن يكون بالمكان مشاهدة جمال الشمس ول جمال السحاب الذي ل نراه إل
بعيون النهار· ومن سيعرف في ذلك الجو ماهي ساعة النوم وماهي ساعة الذهاب إلى المدرسة؟ ففي ظلم
الليل الدامس كنا سنذهب إلى المدارس وفي ساعات الستراحة من الدروس كنا سنحاول أن نلعب في الحدائق
في ظلم دامس· غير أن الهم من كل ذلك هو أن النباتات التي هي في حاجة إلى النور والظلم لكي تعيش
سوف تنتهي بسرعة ،وبالتالي هذا يعني نهاية الحياة·إل أن ال تعالى خلق لنا الليل والنهار لكي يسهل لنا
حياتنا ،وهو الذي خلق الليل والنهار من أجلنا حتى نواصل حياتنا في أحسن الظروف· وقد بين القرآن الكريم
ل ال ّنهَارَ
جعَ َ
سبَاتًا َو َ
جعَلَ َل ُكمْ الّليْلَ ِلبَاسًا وَالنّ ْومَ ُ
السبب من خلق الليل والنهار في الية التالية :وَهوَ الذِي َ
ُنشُورًا .سورة الفرقان ،الية · 47أيها الطفال ،فكروا جيدا في كل يوم تخترع أشياء جديدة أو تكتشف أشياء
جديدة ،غير أن ما يتم صنعه ليس مختلفا كثيرا عن فهم ما هو موجود أو تقليد هذا الموجود· فتأملوا جيدا···
من الذي يمكن أن يحرك هذه الرض الضخمة حول نفسها فيتكون بذلك الليل والنهار؟ إنه ل أحد يقدر على
ذلك ،أليس كذلك؟ إن القادر على ذلك هو ال وحده خالق السموات والرض ومافيهما·ولكن حذارِ أيها
الطفال أن تنسوا المر التالي ،فال الذي خلق الليل والنهار قادر أيضا على أن يسلبهما· وفي تلك الحالة
سوف تعترضنا صعوبات ل تحصى ،بل وكما ذكرنا ذلك من قبل فل نستطيع أن نستمر حتى في الحياة·
وفي إحدى اليات القرآنية يذكر ال عز وجل أنه لو شاء لجعل الليل طويل ل نهاية له أو لجعل النهار بل
س َمعُونَ.
ضيَاءٍ َأفَلً َت ْ
ل َي ْأتِي ُكمْ ِب ِ
غ ْيرُ ا ِ
ن إِلهٌ َ
سرْ َمدًا إِلَى يَ ْومِ ال ِقيَامَ ِة مَ ْ
ل َ
ل الُ عََل ْي ُكمْ الّليْ َ
جعَ َ
نهاية :قُلْ َأرََأ ْيتُمْ ِإنْ َ
غ ْيرُ الِ َي ْأتِي ُكمْ
جعَلَ الُ عََل ْي ُكمْ ال ّنهَا َر سَ ْر َمدًا إِلَى َي ْومِ ال ِقيَامَ ِة مَنْ إَِلهٌ َ
ن َ
سورة القصص ،الية . 71قُلْ َأرََأ ْي ُتمْ إِ ْ
صرُونَ .سورة القصص ،الية . 72نعم أيها الطفال ،يفهم من هذه الية أنه لول
ل َتسْكُنونَ فِي ِه َأفَلَ ُتبْ ِ
بَِليْ ٍ
إرادة ال عز وجل لما كان هناك ليل ولما كان هناك نهار· أن ال عز وجل هو خالق الكون وكل شيء فيه·
انتبهوا أيها الطفال ول تنسوا! إن ال عز وجل هو الذي خلق كل شيء بل نقص وبل عيب وهو الذي
خلقكم أنتم أيضا·الخاتــمةأحبّاءنا الطفال ،إلى هذا الحد تنتهي رحلتنا في الكون ،وقد رأيتم طوال هذه
الرحلة أن أرضنا ل شبيه لها ،وقد خلقت من أجلنا ،وقد جعل ال تعالى موازين حساسة غاية في الدقة·
ويمكن أن نعيد بشكل مختصر ما رأيناه في هذا الكتاب· توجد أرضنا في مكان من الفضاء ل هواء فيه ،وفي
فراغ بارد ول حياة فيه· إن هذا الفضاء المترامي الطراف والذي ل ماء فيه ول حرارة يشبه الصحراء،
وأرضنا تشبه القلعة الجميلة التي توجد وسط هذه الصحراء القاحلة· وهذه القلعة الموجودة في الصحراء
تحمينا من العواصف الرملية وتحمينا كذلك من الحرارة القاتلة ،بل وتمدنا كذلك بجميع ما نحتاجه من وسائل
الرفاهية· وأرضنا هي تماما مثل هذه القلعة وسط الفضاء· فالرض تتقدم دائما في هذا الفراغ ،والغلف
الجوي هو الذي يحمينا من المخاطر· فالرض شبيهة بسفينة الفضاء وهي تحمينا من جميع المخاطر التي
يمكن أن تهددنا· وكما أن هذه القلعة الموجودة في الصحراء ل يمكن أن تتكون من تلقاء نفسها فكذلك المر
تماما بالنسبة إلى الرض فهي ل يمكن أن تكون قد تكونت عن طريق المصادفة· فالواضح أن أرضنا قد
وجدت بعد عملية خلق معجزة·إن هناك المليارات الخرى من الموازين الحساسة الموجودة في الكون شبيهة
بما تعلمتموه في هذا الكتاب· وهذا يمثل دليل على أن الكون والرض ل يمكن بحال من الحوال قد يكونا قد
ظهرا نتيجة للمصادفة العمياء·إن كل هذا يمثل مرة أخرى حقائق دامغة ل سبيل إلى إنكارها ،وهي حقائق
ماثلة أمام العيون· وال عز وجل هو خالق الكون والنجوم والكواكب والجبال والبحار ،وهو سبحانه مانح
الحياة للنسان ولجميع الكائنات الحية ،فهو ذو القوة الخارقة والقدرة المطلقة· وهذا الكمال في الخلق بينه
خرَجَ
ش َليَْلهَا وََأ ْ
غطَ َ
س ْم َكهَا َفسَوّاهَا وَأَ ْ
سمَاءُ َبنَاهَا َرفَعَ َ
شدّ خَلْقًا َأمِ ال ّ
القرآن الكريم في الية التالية :ءََأ ْن ُتمْ َأ َ
ل ْنعَا ِم ُكمْ .سورة
جبَالَ َأ ْرسَاهَا َمتَاعًا َل ُكمْ َو ِ
ج ِم ْنهَا مَاءَهَا َو َمرْعَاهَا وَال ِ
ض َبعْ َد ذَِلكَ َدحَاهَا َأخْرَ َ
لرْ َ
ضحَاهَا وَا َ
ُ
النازعات ،الية 33· -27أيها الطفال! انتبهوا ول تنسوا ،فال عز وجل هو الذي خلقكم وخلق كل
ماعندكم ،وكل شيء هو نعمة من ال عليكم ،وعليكم أن تنتبهوا في كل لحظة إلى هذه الحقيقة ،وينبغي عليكم
ك لَ عِ ْل َم َلنَا ِإلّ
س ْبحَانَ َ
أن تفكروا في ما عندكم من النعم وأن تشكروا ال سبحانه وتعالى الذي مدكم بها·قَالُوا ُ
حكِيمُ سورة البقـرة ،اليـة ·11 32عند محاولتنا تثبيت لعب من السيارات على
ت العَلِي ُم ال َ
مَا عَّل ْم َتنَا ِإ ّنكَ َأنْ َ
سطح كرة فإنها تتدحرج وتسقط علىالرض· حسنا ،فهل فكرتم يوما كيف أمكننا أن نستقر على ظهر
الرض؟16إن هذا التمثال قد صممه فنان بارع ،وهكذا يذكرنا بأن هناك أيضا من صممنا نحن أيضا وجميع
الموجودات الخرى ،وهذا يعني أنه ل شيء يمكن أن يتكون من تلقاء نفسه·19إذا رجعنا إلى الخلف انطلقا
من اللحظة التي نحن فيها ،نلحظ أننا في يوم من اليام لم نكن شيئا·21هل يمكنكم أن ترسموا صورة لشيء
لم تروه من قبل على الطلق؟ إن ذلك غير ممكن لن ال تعالى وحده هو القادر على الخلق من دون سابق
مثال·25عندما تنفجر القنبلة تدمر كل شيء ،ول يمكن أن يتشكل نظام ما عن طريق المصادفة إثر أي
انفجار·26مثلما هو من المستحيل أن تتكون القلعة التي تظهر على الصورة بطريق المصادفة ،فكذلك
يستحيل أن يكون الكون قد تشكل بالمصادفة إثر النفجار العظيم (بيج بانج) ،فمن المستحيل أن يكون تكون
بمعزل عن القدرة اللهية·37يظهر من خلل السهم موقع الرض في مجرة درب التبانة·39عند النظر إلى
النجوم من بعيد تظهر لنا خماسية أو سداسية الضلع ،ولكن في الحقيقة فإن النجوم مثل الشمس في الكبر·
44تبلغ درجة الحرارة على سطح الشمس 6آلف درجة أما في عمقها فهي تبلغ 12مليون درجة·45لو
كانت الشمس أقرب إلى الرض أكثر مما هو لزم لها فإنها تصبح تتصبب عرقا ،بل وتذوب بعد ذلك· وهذه
الموازين الدقيقة هي من صنع ال تعالى·47تبلغ سرعة الرض في دورانها حول الشمس 540مرة سرعة
سيارة السباقات·48لو كانت جاذبية الرض أقل مما هي عليه الن لطاشَ كلّ شيء ولطشنا نحن أيضا في
الفضاء·49إن ال تعالى جعل في الرض توازنات دقيقة حتى ُيمْكننا أن نثبت عليها ونتحرك ونجري فيها،
وكل ذلك هو بفضل تحكمه في كل شئ·52المريخ الزّهرةبلوتوننبتون 53عطارد الرضزحل
فينوسالمشترى 56مذنب 57النيازك هي أجزاء منفصلة عن النجوم·60لكي تستطيع السماك الموجودة في
المسبح الصناعي أن تحيا ل بد لها من عناية كاملة· والغلف الجوي هو الذي يقوم بهذه الوظيفة لرضنا·
61تصل درجة الحرارة في قلب الرض إلى 7500درجة ،ولكننا ل نشعر بهذه الحرارة المدهشة ونحن
على سطحها·67يمتلك كوكب المشترى جاذبية أقوى بكثير من جاذبية الرض ،ولذلك فهو يجذب إليه
النيازك والمذنبات التي تتجول في الفضاء تماما مثل ما يفعل المغناطيس· فجاذبية هذا الكوكب تحمي أرضنا
وتحمينا نحن أيضا من هذه المخاطر· 70بسبب الفروق الموجودة في الرتفاعات على سطح الرض ،توجد
مناطق يكون فيها أناس يسبحون في البحر في مناطق منخفضة وآخرون يلعبون بكرات الثلج ويتزحلقون
على الجليد في المناطق المرتفعة·72إن السلسل الجبلية التي تحيط بأرضنا تحميها من العواصف الشديدة
التي تتكون في القطبين الشمالي والجنوبي ،وتساعد على الحفاظ على توازن الحرارة في الرض· وهذه
النظمة التي خلقها ال تعالى توفر لنا الظروف المناسبة لحياة جميلة·75أن ما ينتجه السكافي أو النجار أو
النحاسي هو في النهاية نتيجة عمل وتصميم دقيقتين· فأصحاب هذه المهنة في عملهم يقومون بعملية التخطيط
والقياس في كل مرحلة من مراحل عملهم· والقول بأن ما ينتجونه من صناعة قد جاء عن طريق المصادفة
ول أثر فيه لتفكير أو تخطيط يكون مثارا للسخرية ،والمر نفسه عندما يقال إن مليارات المجرات والكواكب
والنجوم الموجودة في الكون العظيم قد تكونت بالمصادفة من تلقاء نفسها·77إن ما ينتجه البحر من إنتاج لذيذ
هو من بين النعم التي أنعم ال بها علينا·78تبين النفجارات البركانية حجم النيران المستعرة في قلب
الرض· ولو لم تكن أرضنا في حماية ال تعالى لصبحنا في كل يوم عرضة للنفجارات البركانية المدمرة·
82إن الطبقات السبعة التي يتكون منها الغلف الجوي للرض تختلف فيما بينها من ناحية السُمك ومن
ناحية الوظائف التي تقوم بها· وال تعالى ،كما خلق الرض على هيئة تصلح فيها الحياة خلق لها هذا الغلف
الجوي لكي يحميها من الجسام المدمرة·87هل كنتم تصدقون إذا قيل لكم إن حلوى القرابية اللذيذة التي
تأكلونها يمكن أن تتكون بالمصادفة من تلقاء نفسها؟ بالطبع ،إنكم لن تصدقوا مثل هذا الهُراء لنكم تعرفون
أن أمهاتكم هن اللئي صنعن هذه الحلوى· وهكذا فالمر نفسه يقال للكون فهو لم يتكون صدفة بل هناك من
خلقه·90الصورة على اليسار :لو كانت نسبة الوكسجين في الفضاء 22بالمائة وليست 21بالمائة لكان
ذلك كافيا لن يصبح الكون قابل للحتراق في أية لحظة ،وهذا من شأنه أن يجعل أرضنا عرضة
للمخاطر·الصورة على اليمين 80 :بالمائة من نسبة الوكسجين الموجودة في الغلف الجوي تنتج من قبل
الكائنات الحية المجهرية التي توجد في المحيطات كما هو مشاهد في الصورة أعلها·93إن متوسط حجم
السحابة الممطرة يحتوي على 300ألف طن من الماء ( 300مليون كيلوجرام97(.ينزل على أرضنا كل
عام معدل 505تريليون طن من المطر ،وهذا المعدل ل يتغير في كل عام· وهذا دليل على أن ال تعالى
خلق كل شيء بميزان وتوازن كبيرين·99عندما تنفذ المطار من شعاع الشمس يتكون قوس قزح ،وهو
يتشكل من سبعة ألوان مختلفة· وعند النظر إلى قوس قزح من الفضاء يظهر في شكل دائرة كاملة· ولكننا
من الرض ل نرى سوى نصف دائرة منه·102توجد على سطح القمر حفر عميقة ،ولنه ل يوجد غلف
جوي فإن النيازك والشهب تصل إلى القمر وتصطدم به بسهولة· 105الشمسخط الستواءتتكون المواسم
المختلفة في أرضنا بفضل النحناء الذي يبلغ 23,5درجة·