Professional Documents
Culture Documents
قائمة الحاديث
1 2 3 4 5 6 7
عن عمر أيضًا ،قال :بينما نحن جلوس عـند رسـول ال ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض •
الثياب ،شديد سواد الشعر ،ل يرى عليه أثـر السفر ،ول يعـرفه منا أحـد ،حتى جـلـس إلى النبي
فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه ،وقـال ) :يا محمد أخبرني عن السلم (.
فقـال رسـول ال } :السـلم أن تـشـهـد أن ل إلـه إل ال وأن محـمـدًا رسـول ال ،وتـقـيـم الصلة، •
ل {.
وتـؤتي الـزكاة ،وتـصوم رمضان ،وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت إليه سبي ً
قال ) :صدقت ( ،فعجبنا له ،يسأله ويصدقه؟ قال ) :فأخبرني عن اليمان (. •
قال } :أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيره وشره {. •
قال ) :صدقت ( .قال ) :فأخبرني عن الحسان (. •
قال } :أن تعبد ال كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك {. •
قال ) :فأخبرني عن الساعة (. •
قال } :ما المسؤول عنها بأعلم من السائل {. •
قال ) :فأخبرني عن أماراتها (. •
قال } :أن تلد المة ربتها ،وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان {. •
ثم انطلق ،فلبثت مليًا ،ثم قال } :يا عمر أتدري من السائل ؟ {. •
قلت :ال ورسوله أعلم. •
قال } :فإنه جبريل ،أتاكم يعلمكم دينكم {. •
]رواه مسلم.[8: •
• الحديث الثالث :أركان السلم
إنهاء القائمة الشرح
• عـن أـم المؤمنيـن أـم عبـد الـ عــائـشة رضـي الـ عنها،
قالت :قال رسول ال } :من أحدث في أمرنا هـذا مـا
لـيـس مـنه فهـو رد {.
• ]رواه الـبـخـاري ،2697:ومسلم.[ 1718:
• وفـي روايـة لمسـلم } :مــن عــمـل عــمـ ً
ل لــيـس عـلـيه
أمـرنا فهـو رد {.
• الحديث السادس :البعد عن مواطن الشبهات
إنهاء القائمة الشرح
• عــن أـبي يعــلى شــداد بــن أوس رضـي الـ عــنه ،عـن
الــرسـول صـلى الـ عــليه وسـلم قــال } :إـن الـ كتب
الحــسـان عــلى كـــل شيـء ،فــإذا قــتـلـتم فـأحسـنوا
القــتـلة ،وإذا ذبــحـتم فــأحسنوا الذبحـة ،وليحـد أحـدكم
شـفـرتـه ،ولـيـرح ذبـيـحـته {.
• ]رواه مسلم.[1955:
• الحديث الثامن عشر :الخلق الحسن
إنهاء القائمة الشرح
• عــن أـبي العــباس عــبدال بـن عــباس رضـي الـ عــنهما ،قــال:
كـنت خـلـف النبي صلي ال عـليه وسلم يـومًا ،فـقـال } :يـا غـلم
! إنـي أعــلمك كـــلمات :احــفـظ الـ يــحـفـظـك ،احــفـظ ال تجده
تجاهــك ،إذا ســألت فــاسأل الـ ،وإذا اســتعـنت فــاسـتـعـن بال،
واعــلم أـن المــة لــو اجــتمـعـت عــلى أـن يــنـفـعـوك بشيـء لم
يــنـفـعـوك إل بشيء قـد كـتـبـه ال لك ،وإن اجتمعـوا عـلى أن
يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إل بشيء قـد كـتـبـه ال عـلـيـك؛
رفـعـت القــلم ،وجـفـت الـصـحـف {.
• ]رواه الترمذي 2516:وقال :حديث حسن صحيح[.
• وفي رواية غير الترمذي } :احفظ ال تجده أمامك ،تعرف إلى ال
في الرخاء يعرفك في الشدة ،واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك،
وما أصابك لم يكن ليخطئك ،واعلم أن النصر مع الصبر ،وأن
الفرج مع الكرب ،وأن مع العسر يسرًا {.
• الحديث العشرون :الحياء من اليمان
إنهاء القائمة الشرح
• عـن أـبي عمرو ،وقيـل :أـبي عمرة ؛ سـفيان بـن عبـد ال
الثقفي رضي ال عنه ،قال :قلت :يا رسول ال ! قـل لي
ل ل أسـأل عـنه أحــدًا غـيـرك ،قـال: في السـلم قـو ً
} ُقــل آمـنـت بال ،ثـم اسـتـقم {.
• ]رواه مسلم.[38:
• الحديث الثاني والعشرون :الطريق إلى الجنة
إنهاء القائمة الشرح
عـن أـبي ذر الغفاري رضـي الـ عنـه ،عـن النـبي صـلي ال عليـة وسـلم ،فيمـا يرويـه عـن ربه تبارك •
وتعالى ،أنه قال:
} يا عبادي :إني حرمت الظلم على نفسي ،وجعـلته بيـنكم محرمًا؛ فل تـظـالـمـوا { •
} يا عبادي ! كلكم ضال إل من هديته ،فاستهدوني أهدكم { •
} يا عبادي ! كلكم جائع إل من أطعمته ،فاستطعموني أطعمكم { •
} يا عبادي ! كلكم عار إل من كسوته ،فاستكسوني أكسكم { •
} يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ،وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم { •
} يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ،ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني { •
} يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ،ما زاد ذلك •
في ملكي شيئًا {
} يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم ،ما نقص ذلك •
من ملكي شيئًا {
} يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ،فسألوني ،فأعطيت كل واحد •
مسألته ،ما نقص ذلك مما عندي إل كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر {
} يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ،ثم أوفيكم إياها؛ فمن وجد خيرًا فليحمد ال ،ومن وجد غير •
ذلك فل يلومن إل نفسه {.
]رواه مسلم.[2577: •
• الحديث الخامس والعشرون :فضل الذكر
إنهاء القائمة الشرح
عن أبي ذر أيضًا ،أن ناسًا من أصحاب رسول ال قالوا للنبي •
:يـا رسول ال ذهب أهل الدثور بالجور؛ ُيص ّلون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم ،ويـتـصـدقــون بفـضـول أمـوالهم .قـال :
} أولــيـس قــد جعــل الـ لكـم مـا تصـدقون؟ إـن لكـم بكـل تسبيحة
صدقة ،وكـل تكـبيرة صـدقة ،وكـل تحميدة صـدقة ،وكـل تهليلة
صدقة ،وأمـر بالمعروف صدقة ،ونهي عـن المنكر صدقة ،وفي
بضع أحـد كم صـدقـة {.
قالوا :يا رسول ال ،أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ •
قال } :أرأيتـم لـو وضعهـا في حرام ،أكان عليـه وزر؟ فكذلك إذا •
وضعها في الحلل ،كان له أجر {.
]رواه مسلم.[1006: •
• الحديث السادس والعشرون :كثرة طرق الخير
إنهاء القائمة الشرح
عـن النواس بـن ســمعـان رضـي الـ عــنه ،عــن النـبي صـلى ال •
عــليه وسـلم قــال } :الــبـر حــسـن الــخلق والثــم مـا حــاك في
نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس {.
]رواه مسلم.[2553: •
وعن وابصه بن معبد رضي ال عنه ،قال :أتيت رسول ال صلي •
ال عليه وسلم ،فقال } :جئت تسأل عن البر؟ { قلت :نعم؛ فقال} :
استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ،والثم
ما حاك في النفس وتردد في الصدر ،وإن أفتاك الناس وأفتوك {.
]حديـث حسـن ،رويناه فـي مسـندي الماميـن أحمـد بـن حنبل/4: •
،227والدارمي 246 /2:بإسناد حسن[.
• الحديث الثامن والعشرون :السمع والطاعة
إنهاء القائمة الشرح
عن معاذ بن جبل رضي ال عنه ،قال :قلت :يا رسول ال ! أخبرني بعملٍ •
يدخلني الجنه ويباعدني عن النار ،قال } :لقد سألت عن عظيم ،وإنه ليسير
على من يسره ال عليه :تعبد ال ل تشرك به شيئًا ،وتقيم الصلة ،وتؤتي
الزكاة ،وتصوم رمضان ،وتحج البيت { ثم قال } :أل أدلك على أبواب الخير
؟ :الصـوم جنـة ،والصـدقة تطفىـء الخطيئـة كمـا يطفىـء الماء النار ،وصلة
جِع حتى بلغضا ِ
ن اْلَم َ
عِجُنوُبُهْم َ
جاَفى ُ
الرجل في جوف الليل { ثم تلَ :تَت َ
نـ ]السـجدة [17،16:ثـم قال } :أل أخـبرك برأـس المر وعموده َيْعَمُلو َ
وذروة سـنامه؟ { قلـت :بلـى يـا رسـول الـ ،قال } :رأـس المـر السلم،
وعموده الصلة ،وذروة سـنامه الجهاد { .ثم قال } :أل أخبرك بملك ذلك
كله ؟ { فقلت :بلى يا رسول ال ! فأخذ بلسانه وقال } :كف عليك هذا {،
قلت :يا نبي ال وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال } :ثكلتك أمك وهل يكب
الناس فـي النار علـى وجوههـم – أـو قال ) :علـى مناخرهـم ( -إل حصائد
ألسنتهم ؟! {.
]رواه الترمذي ،2616:وقال :حديث حسن صحيح[. •
• الحديث الثلثون :الوقوف عند حدود الشرع
إنهاء القائمة الشرح
• عن أبي هريرة رضي ال عنه ،عن النبي قال } :من نّفس عن
مؤمـن كربـة مـن كرب الدنيـا نّفـس الـ عنـه كربـة من كرب يوم
سر ال عليه في الدنيا والخرة، سر على معسر ي ّ القيامة ،ومن ي ّ
ومن ستر مسلمًا ستره ال في الدنيا والخرة ،وال في عون العبد
ما كان العبـد فـي عون أخيـه ،ومـن سـلك طريقًا يلتمـس فيه علمًا
سهل ال له به طريقًا إلي الجنه ،وما اجتمع قوم في بيت من بيوت
ال يتلون كتاب ال ،ويتدارسونه بينهم؛ إل نزلت عليهم السكينه،
وغشيتهم الرحمه ،وحفتهم الملئكة ،وذكرهم ال فيمن عنده ،ومن
أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه {.
• ]رواه مسلم [2699:بهذا اللفظ.
• الحديث السابع والثلثون :الترغيب في فعل الحسنات
إنهاء القائمة الشرح
هذا الحديث أصل عظيم في أعمال القلوب؛ لن النيات من أعمال القلوب ،قال العلماء ) :وهذا الحديث •
نصف العبادات (؛ لنه ميزان العمال الباطنة وحديث عائشة رضي ال عنها } :من أحدث في أمرنا هذا
ل ليس عليه أمرنا فهو رد { نصف الدين؛ لنه ما ليس منه فهو رد { وفي لفظ آخر } :من عمل عم ً
ميزان العمال الظاهرة فيستفاد من قول النبي } :إنما العمال بالنيات { أنه ما من عمل إل وله نية؛
ل بل نية ،حتى قال بعض العلماء ) :لو كلفنا ال عم ً
ل لن كل إنسان عاقل مختار ل يمكن أن يعمل عم ً
بل نية لكان من تكليف ما ل يطاق ( ويتفرع على هذه الفائدة:
الرد على الموسوسين الذين يعملون العمال عدة مرات ،ثم يقول لهم الشيطان :إنكم لم تنووا .فإننا نقول •
ل إل بنية فخففوا على أنفسكم ودعوا هذه الوساوس.
لهم :ل ،ل يمكن أبدًا أن تعملوا عم ً
ومـن فوائـد هذا الحديـث أـن النسـان يؤجـر أـو يؤزر أـو يحرم بحسـب نيتـه لقول النـبي } :فمـن كانت •
هجرته إلى ال ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله {.
ويستفاد من هذا الحديث أيضًا أن العمال بحسب ما تكون وسيلة له ،فقد يكون الشيء المباح في الصل •
يكون طاعة إذا نوى به النسان خيرًا ،مثل أن ينوي بالكل والشرب التقوي على طاعة ال؛ ولهذا قال
النبي } :تسحروا فإن في السحور بركة {.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه ينبغي للمعلم أن يضرب المثال التي يتبين بها الحكم ،وقد ضرب النبي •
ل بالهجرة ،وهي النتقال من بلد الشرك إلى بلد السلم وبّين أن الهجرة وهي عمل واحد تكون لهذا مث ً
لنسان أجرًا وتكون لنسان حرمانًا ،فالمهاجر الذي يهاجر إلى ال ورسوله هذا يؤجر ويصل إلى مراده،
والمهاجر لـدنيا يصـيبها أو امرأة يتزوجها ُيحرم من هذا الجر .وهذا الحديث يدخل في باب العبادات
وفي باب المعاملت وفي باب النكحة وفي كل أبواب الفقه.
شرح الحديث الثاني عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
ومن فوائد هذا الحديث :أن المتسبب له حكم المباشر إذا كانت المباشرة مبنية على السبب؛ لقول النبي } : •
هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم { مع أن المعلم هو الرسول لكن لما كن جبريل هو السبب لسؤاله جعله
الرسول عليه الصلة والسلم هو المعلم.
ومن فوائد هذا الحديث العظيم :إثبات الملئكة والملئكة عالم غيبي وصفهم ال تعالى بأوصاف كثيرة في •
القرآن ووصفهم النبي في السنة وكيفية اليمان بهم :أن نؤمن بأسماء من عّينت أسماؤهم منهم ومن لم
ل ونؤمن كذلك بما ورد من أعمالهم التي يقوموه بها ما علمنا منها، يعين لسمائهم فإننا نؤمن بهم إجما ً
ونؤمن كذلك بأوصافهم التي وصفوا بها ما علمنا بها ،ومن ذلك أن النبي رأى جبريل عليه الصلة
والسلم وله ستمائة جناح قد سد بها الفق على خلقته التي خلق عليها.
عْندَُه
ن ِوواجبنا نحو الملئكة أن نصدق بهم وأن نحبهم لنهم عباد ال قائمون بأمره كمال قال تعالىَ :وَم ْ •
ن ]النبياء.[20،19: ل َيْفُتُرو َ
ل َوالّنَهاَر َ
ن الّلْي َ
حو َ
سّب ُ
ن )ُ (19ي َ
سُرو َحِ
سَت ْ
ل َي ْ
عَباَدِتِه َو َ
ن ِ
عْن َ
سَتْكِبُرو َ
ل َي ْ
َ
شرح الحديث الثالث عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
• هذا الحديث بين فيه النبي أن السلم بمنزلة البناء الذي يظلل صاحبه
ويحميه من الداخل والخارج ،وبّين فيه النبي أنه بني على خمس أركان} :
شهادة أـن لإلـه إل الـ وأـن محمدًا رسـول الـ وإقام الصلة وإيتاء الزكاة
وحـج الـبيت وصـوم رمضان { وقـد تقدم الكلم علـى كـل هذه الركان في
حديث عمر بن الخطاب الذي قبل هذا فليرجع إليه.
• سؤال :ما فائدة إيراد هذا الحديث مرة أخرى مع أنه ذكر في سياق حديث
عمر بن خطاب ) الحديث الثاني (؟
• الجواب :الفائدة أنه لهمية هذا الموضوع أراد أن يؤكده مرة ثانية هذا من
جهة ومن جهة أخرى أن في حديث عبدال بن عمر التصريح بأن السلم
بنـي علـى هذه الركان الخمسـة أمـا حديـث عمـر بـن الخطاب فليس بهذه
الصيغة وإن كان ظاهره يفيد ذلك ،لنه قال } :السلم أن تشهد أن ل إله
إل ال وأن محمدًا رسول ال { ..إلخ.
شرح الحديث الرابع عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
هذا الحديث الرابع من الحاديث النووية وفيه بيان تطور خلق النسان في بطن أمه وكتابه وأجله ورزقه وغير ذلك. •
فيقول عبدال بن مسعود رضي ال عنه ) :حدثنا رسول ال وهو الصادق المصدوق ( الصادق في قوله المصدوق •
فيما أوحي إليه وإنما قال عبدال بن مسعود هذه المقدمة ،لن هذا من أمور الغيب التي ل تعلم إل بوحي فقال } :إن
أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ...الخ {.
ففي هذا الحديث من الفوائد :بيان تطور خلقة النسان في بطن أمه ،وأنه أربعة أطوار. •
الول :طور النطفة أربعون يومًا ...والثاني :طور العلقة أربعون يومًا ...والثالث :طور المضغة أربعون يومًا ... •
والرابع :الطور الخير بعد نفخ الروح فيه ..فالجنين يتطور في بطن أمه إلى هذه الطوار.
ومن فوائد هذا الحديث :أن الجنين قبل أربعة أشهر ل يحكم بأنه إنسان حي ،وبناء على ذلك لو سقط قبل تمام أربعة •
أشهر فإنه ل يغسل ول يكفن ول يصلى عليه ،لنه لم يكن إنسانًا بعد.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح ويثبت له حكم النسان الحي ،فلو سقط بعد ذلك فإنه •
يغسل ويكفن ويصلى عليه كما لو كان ذلك بعد تمام تسعة أشهر.
ل بها لقوله } :فيبعث إليه الملك { أي الملك الموكل بالرحام. ومن فوائد هذا الحديث :أن للرحام ملكًا موك ً •
ومن فوائد هذا الحديث :أن أحوال النسان تكتب عليه وهو في بطن أمه ..رزقه ..عمله ..أجله ..شقي أم سعيد، •
ومنها بيان حكمة ال عز وجل وأن كل شيء عنده بأجل مقدر وبكتاب ل يتقدم ول يتأخر.
ومن فوائد هذا الحديث :أن النسان يجب أن يكون على خوف ورهبة ،لن رسول ال أخبر } إن الرجل يعمل •
بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها {.
ل ثم يمن الومن فوائد هذا الحديث :أنه ل ينبغي لنسان أن يقطع الرجاء فإن النسان قد يعمل بالمعاصي دهرًا طوي ً •
عليه بالهداية فيهتدي في آخر عمره.
فإن قال قائل :ما الحكمة في أن ال يخذل هذا العمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه •
الكتاب فيعمل بعمل أهل النار؟
فالجواب :إن الحكمة في ذلك هو أن هذا الذي يعمل بعمل أهل الجنة إنما يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإل •
فهو في الحقيقة ذو طوية خبيثة ونية فاسدة ،فتغلب هذه النية الفاسدة حتى يختم له بسوء الخاتمة نعو بال من ذلك.
وعلى هذا فيكون المراد بقوله } :حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع { قرب أجله ل قربه من الجنة بعمله.
شرح الحديث الخامس عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
هذا الحديث قال العلماء :إنه ميزان ظاهر العمال وحديث عمر الذي هو •
في أول الكتاب } إنما العمال بالنيات { ميزان باطن العمال ،لن العمل
له نية وله صورة فالصورة هي ظاهر العمل والنية باطن العمل.
وفي هذا الحديث فوائد :أن من أحدث في هذا المر -أي السلم -ما ليس •
منه فهو مردود عليه ولو كان حسن النية ،وينبني على هذه الفائدة أن جميع
البدع مردودة على صاحبها ولو حسنت نيته.
ل ولو كان أصله مشروعًا ولكن ومن فوائد هذا الحديث :أن من عمل عم ً •
عمله على غير ذلك الوجه الذي أمر به فإنه يكون مردودًا بناًء على الرواية
الثانية في مسلم.
وعلى هذا فمن باع بيعًا محرمًا فبيعه باطل ,ومن صلى صلة تطوع لغير •
سبب في وقت النهي فصلته باطلة ومن صام يوم العيد فصومه باطل وهلم
جرا ،لن هذه كلها ليس عليها أمر ال ورسوله فتكون باطلة مردودة.
شرح الحديث السادس عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
فالنصيحة ل عزوجل :هي النصيحة لدينه كذلك بالقيام بأوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والنابة •
إليه والتوكل عليه وغير ذلك من شعائر السلم وشرائعه.
والنصيحة لكتابه :اليمان بأنه كلم ال وأنه مشتمل على الخبار الصادقة والحكام العادلة والقصص •
النافعة وأنه يجب أن يكون التحاكم إليه في جميع شئوننا.
والنصيحة للرسول :اليمان به وأنه رسول ال إلى جميع العالمين ومحبته والتأسي به وتصديق خبره •
وامتثال أوامره واجتناب نهيه والدفاع ونحو عن دينه.
والنصيحة لئمة المسلمين :مناصحتهم ببيان الحق وعدم التشويش عليه والصبر على ما يحصل منهم •
من الذى وغير ذلك من حقوقهم المعروفة ومساعدتهم ومعاونتهم فيما يجب فيه المعونة كدفع العداء
ونحو ذلك.
ل للنصـيحة لهـم بالدعوة إلـى الـ والمر
والنصـيحة لعامـة المسـلمين :أـي سـائر المسـلمين هـي أيضًا بذ ً •
بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليمهم الخير وما أشبه هذا ،ومن أجل ذلك صار الدين النصيحة وأول ما
يدخل في عامة المسلمين نفس النسان أن ينصح النسان نفسه.
ومن فوائد هذا الحديث: •
أوًل :انحصار الدين في النصيحة لقول النبي } الدين النصيحة {. •
ثانيًا :أن مواطن النصيحة خمسة :ل ،ولكتابه ،ولرسوله ،لئمة المسلمين ،وعامتهم. •
ومن فوائد الحديث :الحث على النصيحة في هذه المواطن الخمسة ،لنها إذا كانت هذه هي الدين فإن •
النسان بل شك يحافظ على دينه ويتمسك به ،ولهذا جعل النبي النصيحة في هذه المواطن الخمسة.
ومن فوائد هذا الحديث :تحريم الغش لنه إذا كانت النصيحة الدين فالغش ضد النصيحة فيكون على •
خلف الدين وقد ثبت عن النـبي أنه قال } :من غشنا فليس منا {.
شرح الحديث الثامن عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
} ُأمرت { :أي أمره ال عزوجل وأبهم الفاعل لنه معلوم فإن المر والناهي هو ال •
تعالى.
} أقاتل الناس حتى يشهدوا { هذا الحديث عام لكنه خصص بقوله تعالىَ :قاِتُلوا اّلِذينَ •
حّ
ق ن اْل َ ن ِدي َل َيِديُنو َ
سوُلُه َو َل َوَر ُ
حّرَم ا ُّ
ن َما َ حّرُمو َل ُي َخِر َو َلِ ل ِباْلَيْوِم ا ْ
ل َو َ
ن ِبا ِّ
ل ُيْؤِمُنو ََ
ن ]التوبة.[29: غُرو َصا ِ
ن َيٍد َوُهْم َ عْ جْزَيَة َطوا اْل ِحّتى ُيْع ُب َ ن ُأوُتوا اْلِكَتا َن اّلِذي َ
ِم َ
وكذلك السنة جاءت بأن الناس يقاتلون حتى يسلموا ويعطوا الجزية. •
ومن فوائد هذا الحديث :وجوب مقاتلة الناس حتى يدخلوا في دين ال أو يعطوا الجزية •
لهذا الحديث وللدلة الخرى التي ذكرناها.
ومن فوائد هذا الحديث :أن من امتنع عن دفع الزكاة فإنه يجوز قتاله ولهذا قاتل أبوبكر •
الذين امتنعوا عن الزكاة.
ومن فوائد الحديث :أن النسان إذا دان السلم ظاهرًا فإن باطنه يوكل إلى ال ،ولهذا •
قال } :فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على ال {.
ومن فوائد الحديث :إثبات الحساب أي أن النسان يحاسب على عمله إن خيرًا فخير •
ل ِمْثَقا َ
ل ن َيْعَم ْ
خْيًرا َيَرُه )َ (7وَم ْ ل َذّرةٍ َل ِمْثَقا َن َيْعَم ْوإن شرًا فشر قال ال تعالىَ :فَم ْ
شّرا َيَره ]الزلزلة.[8،7: َذّرٍة َ
شرح الحديث التاسع عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
} ما { في قوله } :ما نهيتكم { وفي قوله } :ما أمرتكم { شرطية يعني الشيء الذي أنهاكم عنه اجتنبوه •
كله ول تفعلوا منه شيئًا ،لن الجتناب أسهل من الفعل كل يدركه ،وأما المأمور فقال } :وما أمرتكم به
فأتوا منه ما استطعتم { لن المأمور فعل وقد يشق على النسان ،ولذلك قيده النبي بقوله } :فأتوا منه ما
استطعتم {.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد :وجوب اجتناب ما نهى عنه الرسول وكذلك ما نهى ال عنه من باب •
أولى .وهذا ما لم يدل دليل على أن النهي للكراهة.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه ل يجوز فعل بعض المنهي عنه بل يجب اجتنابه كله ومحل ذلك ما لم يكن •
هناك ضرورة تبيح فعله.
ومن فوائد الحديث :وجوب فعل ما أمر به ومحل ذلك ما لم يقم دليل على أن المر للستحباب. •
ومن فوائده :أنه ل يجب على النسان أكثر مما يستطيع. •
ومن فوائده :سهولة هذا الدين السلمي حيث لم يجب على المرء إل ما يستطيعه. •
ومن فوائده :أن من عجز عن بعض المأمور كفاه بما قدر عليه منه فمن لم يستطع الصلة قائمًا صلى •
قاعدًا ومن لم يستطع قاعدًا صلى على جنب ومن أمكنه أن يركع فليركع ومن ل يمكنه فليومئ بالركوع،
وهكذا بقية العبادات يأتي النسان منها بما يستطيع.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه ل ينبغي للنسان كثرة المسائل لن كثرة المسائل ول سيما في زمن الوحي •
ربما يوجب تحريم شيء لم يحرم أو إيجاب شيء لم يجب ،وإنما يقتصر النسان في السؤال على ما
يحتاج إليه فقط.
ومن فوائد الحديث :أن كثرة المسائل والختلف على النبياء من أسباب الهلك كما هلك بذلك من كان •
قبلنا.
ومن فوائد الحديث :التحذير من كثرة المسائل والختلف ،لن ذلك أهلك من كان قبلنا ،فإذا فعلناه ،فإنه •
يوشك أن نهلك كما هلكوا ..
شرح الحديث العاشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
} إن ال طيب ل يقبل إل طيبًا { الطيب في ذاته طيب في صفاته وطيب في أفعاله ول يقبل إل طيبًا في ذاته وطيبًا في كسبة .وأما الخبيث •
في ذاته كالخمر ،أو في كسبة كالمكتسب بالربا فإن ال تعالى ل يقبله } وإن ال أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين { فقال تعالىُ :كُلوا ِم ْ
ن
ت َما َرَزْقَناُكم ]البقرة .[172:فأمر ال تعالى للرسل وأمره للمؤمنين واحد أن يأكلوا من الطيبات وأما الخبائث فإنها حرام عليهم لقوله طّيَبا ِ
َ
ث ]العراف [157:ثم إن رسول ال ذكر الرجل الذي يأكل خَباِئ َ
عَلْيِهُم اْل َ
حّرُم َ ت َوُي َطّيَبا ِ
ل َلُهُم ال ّ
حّتعالى في وصف الرسول ال َ :وُي ِ
الحرام أنه تبعد إجابة دعائه وإن وجدت منه أسباب الجابة يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء } يا رب يا رب ،ومطعمه حرام
ومشربه حرام وملبسة حرام وغذي بالحرام فأّنى يستجاب لذلك { هذا الرجل اتصف بأربع صفات:
الولى :بأنه يطيل السفر والسفرالجابة أي إجابة الداعي. •
الثانية :أنه أشعث أغبر وال تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله وهو ينظر إلى عباده يوم عرفه ويقول } :أتوني شعثًا غبرًا { وهذا من •
أسباب الجابة أيضًا.
الثالثة :أنه يمد يديه إلى السماء ومد اليدين إلى السماء من أسباب الجابة ،فإن ال سبحانه وتعالى يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن •
يردهما صفرًا.
الرابعة :دعاءه إياه } يا رب يا رب { وهذا يتوسل إلى ال بربوبيته وهو من أسباب الجابة ولكنه ل تجاب دعوته ..لن مطعمه حرام، •
وملبسه حرام وغذي بالحرام فاستبعد النبي أن تجاب دعوته وقال } :فأّنى يستجاب لذلك {.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: •
ل.
منها وصف ال تعالى بالطيب ذاتًا وصفاتًا وأفعا ً •
ومنها تنزيه ال تعالى عن كل نقص. •
ومنها أن من العمال ما يقبله ال ومنها ما ل يقبله. •
ومنها أن ال تعالى أمر عباده الرسل والمرسل إليهم أن يأكلوا من الطيبات وأن يشكروا ال سبحانه وتعالى. •
صاِلحًا ]المؤمنون [51:وقال للمؤمنينُ :كُلوا عَمُلوا َ
ت َوا ْ
طّيَبا ِ
ن ال ّ ل ُكُلوا ِم َ سُ
ومنها أن الشكر هو العمل الصالح لقوله تعالىَ :يا َأّيَها الّر ُ •
شُكُروا لِّ ]البقرة [172:فدل هذا على أن الشكر هو العمل الصالح. ت َما َرَزْقَناُكْم َوا ْ
طّيَبا ِ
ن َ ِم ْ
غذي بالحرام } :أّنى يستجاب ومنها أن من شرط إجابـة الدعاء اجتناب أكل الحرام لقول النبي في الذي مطعمه حرام وملبسه حرام و ُ •
لذلك {.
ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء كون النسان في سفر. •
ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء رفع اليدين إلى ال. •
ومنها أي من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى ال بالربوبية لنها هي التي بها الخلق والتدبير. •
ومنها أن الرسل مكلفون بالعبادات كما أن المؤمنين مكلفون بذلك. •
ل ]البقرة.[172: شُكُروا ِّ ومنها وجوب الشكر ل على نعمه لقوله تعالىَ :وا ْ •
ومنها أنه ينبغي بل يجب على النسان أن يفعل السباب التي يحصل بها مطلوبه ويتجنب السباب التي يمتنع بها مطلوبه. •
شرح الحديث الحادي عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
عن أبي محمد الحسن بن علي سبط رسول ال وعن أبيه وأمه وهو ابن •
بنت رسول ال وهو أفضل الحسنين فإن النبي أثنى عليه وقال } :إن
ابني هذا سيد وسيصلح ال به بين فئتين من المسلمين { ،فأصلح ال بين
الفئتين المتنازعتين حين تنازل عن الخلفة لمعاوية بن أبي سفيان فنال بذلك
السيادة.
أن النبي قال} :دع ما يريبك إلى ما ل يريبك { يعني اترك الذي ترتاب •
فيه وتشك فيه إلى الشيء الذي ل تشك فيه ،وهذا يشبه الحديث السابق أن
النبي قال } :بينهما أمور مشتبهات ل يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى
الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه { فالذي يريبك وتشك فيه سواء كان في
أمور الدنيا أو أمور الخرة فالحسن أن ترتاح منه وتدعه حتى ل يكون في
نفسك قلق واضطراب فيما فعلت وأتيت.
فمن فوائد هذا الحديث: •
ما دل على لفظه من ترك النسان للشياء التي يرتاب فيها إلى الشياء التي •
ل يرتاب فيها ،ومنها أن النسان مأمور باجتناب ما يدعو إلى القلق.
شرح الحديث الثاني عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
هذا الحديث أصل في الدب والتوجيه السليم وهو أن النسان يترك ما ل •
حسن إسلمه ويكون يعنيه أي ما ل يهمه وما ل علقة له به فإن هذا من ُ
أيضًا راحة له ،لنه إذا لم يكلف به فيكون راحًة له بل شك وأريح لنفسه.
فيسـتفاد مـن هذا الحديث :أن السلم يتفاوت منه حسن ومنه غير حسن •
لقوله } :من حسن إسلم المرء {.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه ينبغي للنسان أن يدع ما ل يعنيه ل في أمور •
دينه ول دنياه ،لن ذلك أحفظ لوقته وأسلم لدينه وأيسر لتقصيره لو تدخل
في أمور الناس التي ل تعنيه لتعب ،ولكنه إذا أعرض عنها ولم يشتغل إل
بما يعنيه صار ذلك طمأنينة وراحة له.
ومن فوائد الحديث :أن ل يضيع النسان ما يعنيه أي ما يهمه من أمور •
دينه ودنياه بل يعتني به ويشتغل به ويقصد إلى ما هو أقرب إلى تحصيل
المقصود.
شرح الحديث الثالث عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
} ل يؤمن { يعني اليمان الكامل .قوله } :حتى ُيحب لخيه { أي أخيه المسلم } .ما ُيحب لنفسه { •
من أمور الدين والدنيا ،لن هذا مقتضى الخوة اليمانية أن تحب لخيك ما تحب لنفسك.
فيسـتفاد مـن هذا الحديـث :أـن اليمان يتفاضـل منـه كامـل ،ومنـه ناقـص وهذا مذهـب أهـل السنة •
والجماعة أن اليمان يزيد وينقص.
ومـن فوائـد هذا الحديـث :الحـث علـى محبـة الخيـر للمؤمنيـن لقولـه } :حتـى ُيحـب لخيـه مـا ُيحب •
لنفسه {.
ومن فوائد هذا الحديث :التحذير من أن يحب للمؤمنين ما ل يحب لنفسه لنه ينقص بذلك إيمانه •
حتى أن الرسول نفى عنه اليمان ،مما يدل على أهمية محبة النسان لخوانه ما يحب لنفسه.
ومن فوائد الحديث :تقوية الروابط بين المؤمنين. •
ومن فوائد هذا الحديث :أن من اتصف به فإنه ل يمكن أن يعتدي على أحد من المؤمنين في ماله أو •
في عرضه أو أهله ،لنه ل يحب أن يعتدي أحد عليه بذلك فل يمكن أن يحب اعتداءه هو على أحد
في ذلك.
ومن فوائد الحديث :أن المة السلمية يجب أن تكون يدًا واحدة وقلبًا واحدًا وهذا مأخوذ من كون •
كمال اليمان أن يحب لخيه ما يحب لنفسه.
ومن فوائد الحديث :استعمال ما يكون به العطف في أساليب الكلم في قوله } :لخيه { ولو شاء •
لقال :ل يؤمن أحدكم حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه ( لكنه قال } :لخيه { استعطافًا أن يحب
للمؤمن ما يحب لنفسه.
شرح الحديث الرابع عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
هذا الحديث بيـن فيـه الرسول عليه الصلة والسلم أن دماء المسلمين محترمة وأنها محرمة ل يحـل انتهاكها إل •
بإحدى ثلث:
ن ال عليه بالزواج ،فهذا يحل دمه ،لن حده أن يرجم الول } :الثّيب الزاني { وهو الذي تزوج ثم زنى بعد أن م ّ •
بالحجارة حتى يموت.
ص ِفي اْلَقْتَلى
صا ُ
عَلْيُكُم اْلِق َ
ب َ
ن آَمُنوا ُكِت َ الثاني } :النفس بالنفس { وهذا في القصاص لقوله تعالىَ :يا َأّيَها اّلِذي َ •
]البقرة.[178:
الثالث } :التارك لدينه المفارق للجماعة { والمراد به من خرج على المام ،فإنه يباح قتله حتى يرجع ويتوب إلى •
ال عزوجل ،وهناك أشياء لم تذكر في هذا الحديث مما يحل فيها دم المسلم لكن الرسول عليه الصلة والسلم كلمه
يجمع بعضه من بعض ويكمل بعضه من بعض.
في هذا الحديث فوائد :منها احترام المسلم وأنه معصوم الدم لقوله } :ل يحل دُم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث { •
ن ال عليه بالنكاح الصحيح وجامع ومنها أنه يحل دُم المرء بهذه الثلث } الثيب الزاني { وهو الذي زنى بعد أن م ّ
زوجتـه فيـه ثـم يزنـي بعـد ذلـك فإنـه يرجـم حتـى يموت } .والنفـس بالنفـس { يعنـي إذا قتـل شخصـًا وتمت شروط
ص ِفي اْلَقْتَلى ]البقرة.[178: صا ُعَلْيُكُم اْلِق َ
ب َ ن آَمُنوا ُكِت َالقصاص فإنه ُيقتل به ،لقوله تبارك وتعالىَ :يا َأّيَها اّلِذي َ
س ]المائدة } .[45:والتارك لدينه المفارق للجماعة { وهذا المرتد س ِبالّنْف ِ
ن الّنْف َ
عَلْيِهْم ِفيَها َأ ّ
وقال تعالىَ :وَكَتْبَنا َ
وإنه إذا ارتد بعد إسلمه حل دمه ،لنه صار غير معصوم الدم.
ومن فوائد هذا الحديث :وجوب رجم الزاني لقوله } :الثيب الزاني {. •
ومن فوائده أيضًا :جواز القصاص لكن النسان مخّير -أعني من له القصاص -بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو •
يعفو مجانًا.
ومن فوائده أيضًا :وجوب قتل المرتد إذا لم يتب23. •
شرح الحديث الخامس عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
} الحسان { ضد الساءة وهو معروف } .كتب { بمعنى شرع ،وقوله } :على كل شيء { الذي يظهر •
أنها بمعنى في كل شيء ،يعني أن الحسان ليس خاصًا في بني آدم بل هو عام في كل شيء } فإذا قتلتم
فأحسنوا القتلة ،وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته { وهذا من الحسان.
ن مـن الحيوانات من وحوش وقولـه } :إذا قتلتـم { هذا حيـن القتـل مـن بنـي آدم أـو ممـا يباح قتلـه أـو يسـ ُ •
وغيرها.
وقوله } :فأحسنوا القتلة { أن يسلك أقرب الطرق إلى حصول المقصود بغيرأذية لكن يرد على هذا ما •
ثبـت مـن رجـم الزانـي المحصـن والجواب عنـه أـن قال :إنـه مسـتثنى مـن الحديـث وإمـا أن يقال :المراد
} فأحسنوا القتلة { موافقة الشرع وقتل المحصن بالرجم موافق للشرع.
وأمـا قولـه } :فأحسـنوا الذبحـة { والمراد بـه المذبوح مـن الحيوان الذي يكون ذبحـه ذكاة لـه مثل النعام •
والصيد وغير ذلـك ..فإن النسـان يسـلك أقرب الطرق التي يحصل بهـا المقصود الشرعي من الذكاة،
ولهذا قال } :وليحد أحدكم شفرته { أي سّكينه } ،وليرح ذبيحته { أي يفعل ما به راحتها.
ومن فوائد هذا الحديث :أن ال سبحانه وتعالى جعل الحسان في كل شيء حتى إزهاق القتلة ،وذلك بأن •
يسلك أسهل الطرق لرهاق الروح ووجوب إحسان الُذبحة كذلك بأن يسلك أقرب الطرق لزهاق الروح
ولكن على الوجه المشروع.
><ومن فوائد هذا الحديث :طلب تفقد آلت الذبح لقوله عليه الصلة والسلم } :وليحد أحدكم شفرته {. •
ومن فوائد هذا الحديث :طلب راحة الذبيحة عند الذبح ومن ذلك أن يضجعها برفق دون أن تتعسف في •
عنقها ويدع قوائمها الربعة اليدين والرجلين بدون إمساك، إضجاعها ومن ذلك أيضًا أن يضع رجله على ُ
لن ذلك أبلغ في إراحتها وحريتها في الحركة ،ولن ذلك أبلغ في خروج الدم عنها فكان أولى.
شرح الحديث الثامن عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :اتق ال { فعل أمر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من عذاب ال بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهذا هو •
التقوى وهذا هو أحسن حد قيل فيها.
وقوله } :اتق ال حيثما كنت { في أي مكان كنت ،فل تتقي ال في مكان يراك الناس فيه ،ول تتقيه في مكان ل •
يراك فيه أحد ،فإن ال تعالى يراك حيثما كنت فاتقه حيثما كنت.
وقوله } :وأتبع السيئة الحسنة { يعني اعل الحسنة تتبع السيئة ،فإذا فعلت سيئة فأتبعها بالحسنة ومن ذلك -أي •
إتباع السيئة بالحسنة -أن تتوب إلى ال من السيئة فإن التوبة حسنة.
ت
سَنا ِحَ
ن اْل َ
وقوله } :تمحها { يعني الحسنة إذا جاءت بعد السيئة فإنها تمح السيئة ويشهد لهذا قوله تعالىِ :إ ّ •
ت ]هود.[114: سّيَئا ِن ال ّ ُيْذِهْب َ
وفـي هذا الحديـث مـن الفوائـد :حرص النـبي علـى أمتـه بتوجيههـم لمـا فيـه الخيـر والصـلح ،ومنها وجوب •
حرص تقوى ال عزوجل في أي مكان كان ومنها وجوب التقوى في السر والعلن ،لقوله } :اتق ال حيثما
كنت {.
ومن فوائد هذا الحديث :الشارة إلى السيئة إذ اتبعها الحسنة إذا اتبعتها الحسنة فإنها تمحوها وتزيلها بالكلية، •
وهذا عام في كل حسنة وسيئة إذا كانت الحسنة هي التوبة ،لن التوبة تهدم ما قبلها ،أما إذا كانت الحسنة غير
ل صالحًا فإن هذا يكون بالموازنة فإذا رجح العمل السيئ ل سيئًا ثم يعمل عم ً التوبة وهو أن يعمل النسان عم ً
خْرَد ٍ
ل ن َحّبٍة ِم ْ
ل َ
ن ِمْثَقا َ
ن َكا َ
شْيًئا َوِإ ْ
س َ
ظَلُم َنْف ٌ
ل ُت ْ
ط ِلَيْوِم اْلِقَياَمِة َف َ
سَن اْلِق ْ
ضُع اْلَمَواِزي َ
لره كما قال تعالىَ :ونَ َ زا ُ
سـِبينَ ]النـبياء [47:ثـم قال } :وخالـق الناس بخلـق حسـن { عاملهـم بالخلق الحسنة حا ِ
َأَتْيَنـا ِبَهـا َوَكَفـى ِبَنـا َ
بالقول والعمل ،فإن ذلك خير وهذا المر ،إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الستحباب.
فيستفاد منه :مشروعية مخالفة الناسب الخلق الحسن وأطلق النبي كيفية المخالفة ،وهي تختلف بحسب أحوال •
الناس فقد تكون حسنة لشخص ،ول تكون حسنة لغيره ،والنسان العاقل يعرف ويزن.
شرح الحديث التاسع عشر عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله ) :كنت خلف النبي ( يحتمل أنه راكب معه ،ويحتمل أنه يمشي خلفه ،وأيًا كان فالمهم أنه وصاه بهذه •
الوصايا العظيمة.
قال } :إني أعلمك كلمات { قال ذلك من أجل أن ينتبه لها. •
الكلمة الولى :قوله } :احفظ ال يحفظك { هذه كلمة } احفظ ال { يعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره •
واجتناب نواهيه يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك ،لن ال سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانهم.
الكلمة الثانية :قال } :احفظ ال تجده اتجاهك { ونقول في قوله } :احفظ ال { كما قلنا في الولى ،ومعنى •
} تجده اتجاهك { أي تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه.
الكلمة الثالثة :قوله } :إذا سألت فاسأل ال { إذا سألت حاجة فل تسأل إل ال عز وجل ول تسأل المخلوق •
شيئًا ،وإذا قدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه ،فاعلم أنه سبب من السباب وأن المسبب هو ال عز وجل
فاعتمد على ال تعالى.
الكلمة الرابعة :قوله } :وإذا استعنت فاستعن بال { فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فل تطلب إل من •
ال ،لنه هو الذي بيده ملكوت السماوات والرض وهو يعينك إذا شاء،
الكلمة الخامسة :قوله } :واعلم أن المة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل بشيء قد كتبه ال لك •
{ المة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إل بشيء قد كتبه ال لك
الكلمة السادسة } :وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إل بشيء قد كتبه ال عليك { وعلى هذا
فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن ال قد كتبه عليك فارض بقضاء ال وبقدره ول حرج أن تحاول أن تدفع
سّيَئٌة ِمْثُلَها ]الشورى.[40:
سّيَئٍة َ
جَزاُء َ
الضر عنك لن ال تعالى قالَ :و َ
الكلمـة السـابعة } :رفعـت القلم وجفـت الصـحف { يعنـي أـن مـا كتبـه الـ تعالـى قـد انتهـى فالقلم رفعت •
والصحف جفت ول تبديل لكلمات ال.
شرح الحديث العشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
الحديث الحادي والعشرون من الربعين النووية عن أبي عمرو وقيل :أبي عمرة سفيان بن عبدال الثقفي •
ل ل أسـأل عنـه أحدًا غيرك ،قال } :قـل آمنـت بالـ ثمقال :قلـت يـا رسـول الـ ،قـل لـي فـي السـلم قو ً
ل يكون جامعًا واضحًا بّينا ل أسأل أحدًا غيرك فيه ،فقال له النبي } :قل آمنت بال ثم استقم { يعني قو ً
استقم { آمنت بال هذا بالقلب ،والستقامة تكون بالعمل ،فأعطاه النبي كلمتين تتضمنان الدين كله فآمنت
بال يشمل إيمانًا بكل ما أخبر ال به عزوجل عن نفسه وعن اليوم الخر وعن رسله وعن كل ما أرسل
به ،وتتضمن أيضًا النقياد ولهذا قال } :ثم استقم { وهو مبني على اليمان ومن ثم أتي بـ } ثم { الدالة
علـى الترتيب والستقامة ولزوم الصراط المسـتقيم صراط الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين ،ومتى بنى النسان حياته على هاتين الكلمتين فهو سعيد في الدنيا وفي الخرة.
في هذا الحديث من فوائد :حرص الصحابة رضي ال عنهم على السؤال عما ينفعهم في دينهم ودنياهم. •
ومنها عقل أبي عمرو أو أبي عمرة ،حيث سأل هذا السؤال العظيم الذي في النهاية ويستغني عن سؤال •
ل ل أسأل عنه أحدًا غيرك {. أي أحد ،حيث قال } :قل لي في السلم قو ً
ومنها أنه أجمع وصية وأنفع وصية ما تضمنه هذا الحديث ،اليمان بال ثم الستقامةعلى ذلك بقوله: •
} آمنت بال ثم استقم {.
ومن فوائد هذا الحديث :أن اليمان بال ل يكفي عن الستقامة ،بل ل بد من إيمان بال واستقامة على •
دينه.
ومن فوائد هذا الحديث :أن الدين السلمي مبني على هذين المرين ،اليمان ومحله القلب ،والستقامة •
ومحلها الجوارح ،وإن كان للقلب منها نصيب لكن الصل أنها في الجوارح .وال أعلم.
شرح الحديث الثاني والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قال النووي ) :ومعنى حرمت الحرام :اجتنبته ...ومعنى الحلل :فعلته معتقدًا حله (. •
قال الشيخ رحمه ال: •
الحديث الثاني والعشرون :عن أبي عبدال جابر بن عبدال النصاري رضي ال عنهما أن رجلً سأل •
رسول ال فقال ) :أرأيت ( بمعني :أخبرني.
) أرأيت إذا صليت المكتوبات ( بمعنى الفرائض ،وهي الفرائض الخمس والجمعة. •
) وصمت رمضان ( وهو الشهر الذي بين شعبان وشوال. •
) وأحللت الحلل ( أي فعلته معتقدًا حله. •
) وحرمت الحرام ( أي اجتنبته معتقدًا تحريمه. •
) ولم أزد على ذلك ،أأدخل الجنة؟ قال } :نعم { ]رواه مسلم[ (. •
في هذا الحديث يسأل الرجل رسول ال إذا صلى المكتوبات وصام رمضان وأحل الحلل وحرم الحرام •
ولم يزد على ذلك شيئًا هل يدخل الجنة ؟ قال } :نعم {.
ل في قوله ) :حرمت وهذا الحديث لم يذكر فيه الزكاة ولم يذكر فيه الحج ،فإما أن يقال :إن ذلك داخ ً •
الحرام ( لن ترك الحج حرام وترك الزكاة حرام.
ويمكن أن يقال :أما بالنسبة للحج فربما يكون هذا الحديث قبل فرضه ،وأما بالنسبة للزكاة فلعل النبي •
علم من حال هذا الرجل أنه فقير وليس من أهل الزكاة فخاطبه على قدر حاله.
شرح الحديث الثالث والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
عن أبي مالك -الحارث بن عاصم -الشعري قال :قال رسول ال } :الطهور شطر اليمان { بضم الطاء يعني الطهارة. •
شطر اليمان أي نصفه وذلك أن اليمان تخلي وتحلي ،أما التخلي فهو التخلي عن الشراك ،لن الشرك بال نجاسة كما قال ال •
عاِمِهْم َهَذا ]التوبة.[28: حَراَم َبْعَد َ
جَد اْل َ
سِ ل َيْقَرُبوا اْلَم ْ
س َف َج ٌ
ن َن َشِرُكو َ تعالىِ :إّنَما اْلُم ْ
فلهذا كان الطهور شطر اليمان ،وقيل :إن معناه أن الطهور للصلة شطر اليمان ،لن الصلة إيمان ول تتم إل بطهور ...لكن •
المعنى الول أحسن وأعم.
وقال } :والحمد ل تمل الميزان { الحمد ل تعني :وصف ال تعالى بالمحامد والكمالت الذاتية والفعلية } ،تمل الميزان { أي ميزان •
العمال لنها عظيمة عند ال عزوجل ولهذا قال النبي } :كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ،خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان،
سبحان ال وبحمده سبحان ال العظيم {.
وقال } :سبحان ال والحمد ل { يعني الجمع بينهما } تمل { أو قال } :تملن ما بين السماء والرض { وذلك لعظمهما ولشتمالهما •
على تنزيه ال تعالى عن كل نقص ،وعلى إثبات الكمال ل عزوجل ،ففي التسبيح تنزيه ال عن كل نقص ،وفي الحمد وصف ال
تعالى بكل كمال ،فلهذا كانتا تملن ما بين السماء والرض.
ثم قال } :والصلة نور { يعني :أن الصلة نور في القلب وإذا استنار القلب استنار الوجه ،وهي كذلك نور يوم القيامة قال تعالى: •
ن َأْيِديِهْم َوِبَأْيَماِنِهْم ] ...الحديد .[12:وهي أيضًا نور بالنسبة للهتداء والعلم وغير ت َيسْ َعى ُنوُرُهْم َبْي َ ن َواْلُمْؤِمَنا ِ
َيْوَم َتَرى اْلُمْؤِمِني َ
ذلك من كلما فيه النور.
وقال } :والصـدقة برهان { أـي دليـل علـى صـدق صـاحبها ،وأنـه يحب التقرب إلـى الـ وذلـك لـن المال محبوب إلى النفوس ول •
يصرف المحبوب إل في محبوب أشد منه حبًا وكل إنسان يبذل المحبوب من أجل الثواب المرتجى وهو برهان على صحة إيمانه
وقوة يقينه.
قال } :والصبر ضياء { الصبر أقسامه ثلثة :صبر على طاعة ال ،وصبر على معصية ال ،وصبر على أقدار ال. •
ضَياًء َواْلَقَمَر ُنورًا ]يونس.[5:
س ِ
شْم َ
ل ال ّ
جَع َوقال } :ضياء { نورًا مع حرارة كما قال تعالىُ :هَو اّلِذي َ •
والشمس فيها النور والحرارة ،والصبر كذلك لنه شاق على النفس فهو يعاني كما يعاني النسان من الحرارة ومن الحار. •
وقال أيضًا } :والقرآن حجة لك أو عليك { والقرآن حجة لك ،أي عند ال عزوجل أو حجة عليك ... •
فإن عملت به كان حجة لك ،وإن أعرضت عنه كان حجة عليك ،ثم بين النبي أن كل الناس يغدون ،أي يذهبون الصباح إلي •
أعمالهم.
وقال } :فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها { كل الناس يغدون ويكدحون ويتعبون أنفسهم ،فمنهم من يعتق نفسه ومنم من يوبقها أي يهلكها •
بحسب عمله ،فإن عمل بطاعة ال واستقام على شريعته فقد اعتق نفسه ،أي :حررها من رق الشيطان.
شرح الحديث الرابع والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
عن أبي ذر الغفاري عن النبي واله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل وهذا الحديث وأشباهه يسمى الحديث القدسي ،لنه يرويه النبي •
عن ال عز وجل قال } :يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما { فبين ال عز وجل في هذا الحديث أنه حرم الظلم
ضًما
ل َه ْ
ظْلًما َو َ
ف ُ
خا ُ
ل َي َ
ن َف َ
ت َوُهَو ُمْؤِم ٌ
حا ِ صاِل َن ال ّ ل ِم َ
ن َيْعَم ْعلى نفسه فل يظلم أحدًا ل بزيادة سيئة ول بنقص حسنة كما قال تعالىَ :وَم ْ
]طه.[112:
} وجعلته بينكم محرمًا { أي جعلت الظلم بينكم محرمًا ،فيحرم عليكم أن يظلم بعضكم بعضًا ،ولهذا قال } :فل تظالموا { والفاء للتفريع على •
ما سبق } يا عبادي ،كلكم ضال إل من هديته فاستهدوني أهدكم { العباد كلهم ضال في العلم وفي العمل إل من هداه ال عزوجل وإذا كان
المر كذلك فالواجب طلب الهداية من ال ،ولهذا قال } :فاستهدوني أهدكم { أي اطلبوا مني أهدكم ،والهداية هنا تشمل هداية العلم وهداية
التوفيق } ،يا عبادي كلكم جائع إل من أطعمته فاستطعموني أطعمكم { ،وهذه كالتي قبلها بين سبحانه وتعالى أن العباد كلهم جياع إل من
أطعمه ال ثم يطلب من عباده أن يستطعموه ليطعمهم ،وذلك لن الذي يخرج الزرع ويدر الضرع هو سبحانه وتعالى كما قال سبحانه
ن ]الواقعة [65-63:ثم المال الذي ظْلُتْم َتَفّكُهو َ
طاًما َف َ
حَ جَعْلَناُه ُشاُء َل َ
ن *َلْو َن َ
عو َ
ن الّزاِر ُ
حُعوَنُه َأْم َن ْ
ن* َأَأْنُتْم َتْزَر ُ
حُرُثو َ
وتعالىَ :أَفَرَأْيُتْم َما َت ْ
يحصل بهالحرث هو ل عزوجل.
} يا عبادي كلكم عار { أي قد بدت عورته إل من كساه ال ويسر له الكسوة ،ولهذا قال } :إل من كسوته فاستكسوني أكسكم {اطلبوا مني •
الكسوة أكسكم ،لن كسوة بني ادم مما أخرجه ال تعالى من الرض ،ولو شاء ال تعالى لم يتيسر ذلك.
} يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم { وهذا كقوله في الحديث الصحيح } :كل ابن ادم •
ل ونهارًا أـي يرتكبون الخطـأ وهو مخالفـة أمـر الـ ورسوله بفعـل المحذور أو ترك خطاء وخيـر الخطائيـن التوابون { فالناس يخطئون لي ً
المأمور ،ولكن هذا الخطأ له دواء – ول الحمد – وهو قوله } :فاستغفروني أغفر لكم { أي اطلبوا مغفرتي أغفر لكم ،والمغفرة :ستر الذنب
مع التجاوز عنه.
} يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني { لن ال سبحانه وتعالى غني عن العالمين ولو كفر كل أهل الرض •
فلن يضروا ال شيئًا ،ولو آمن كل أهل الرضلن ينفعوا ال شيئًا ،لنه غني بذاته عن جميع مخلوقاته.
} يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا { لن طاعة الطائع إنما تنفع •
الطائع نفسه أما ال عزوجل فل ينتفع بها لنه غني عنها ،فلو كان الناس كلهم على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك ملك ال شيئًا.
} يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئًا { وذلك لن ال غني عنا، •
فلو كان الناس والجن على أفجر قلب رجل مانقص ذلك من ملك ال شيئًا.
} يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إل كما •
ينقص المخيط إذا أدخل البحر { وذلك لكمال جوده وكرمه وسعة ما عنده ،فإنه لو أعطى كل إنسان مسألته لم ينقصه شيئًا ،وقوله } :إل كما
ينقص المخيط إذا دخل البحر { وهذا من باب تأكيد عدم النقص ،لنه من المعلوم أن المخيط إذا دخل في البحر ثم نزع منه فإنه ل ينقص
البحر شيئًا لن البلل الذي لحق هذا المخيط ليس بشيء.
} يا عبادي إنما أعمالكم أحصيها لكم { أي أعدها لكم وتكتب على النسان ] ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد ال ومن وجد غير ذلك •
فل يلومن إل نفسه { ومع هذا فإنه سبحانه يجزي الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ،ويجزي السيئة بمثلها أو
يعفو ويصفح فيما دون الشرك وال أعلم.
شرح الحديث الخامس والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
يعني بالضافة إلى الحديث السابق القدسي أن أناس ًا من أصحاب رسول ال قالوا للنبي } يا رسول ال { وهؤلء فقراء ،قالوا: •
} يا رسول ال ذهب أهل الدثور بالجور { يعني أهل الموال ذهبوا بالجور ،يعني اختصموا بها.
} ُيصّلون كما نصلي ،ويصومون كما نصوم ،ويتصدقون بفضول أموالهم { فهم شاركوا الفقراء في الصلة والصوم وفضولهم في •
الصدقة.
قال النبي } :أوليس قد جعل ال لكم ما تصدقون { ...إلخ. •
لما اشتكى الفقراء إلى رسول ال أنه ذهب أهل الدثور بالجور يصلون كما يصلون ويصومون كما يصومون ويتصدقون بفضول •
أموالهم يعني والفقراء ل يتصدقون .بّين لهم النبي الصدقة التي يطيقونها فقال } :أوليس قد جعل ال لكم ما تصدقون به ،إن لكم
بكل تسبيحة صدقة { يعني أن يقول النسان سبحان ال صدقة } وبكل تكبيره صدقة { يعني إذا قال ) :ال أكبر ( فهذه صدقة } وكل
تحميده صدقة { يعني إذا قال ) :الحمد ل ( فهذه صدقة } وكل تهليلة صدقة { يعني إذا قال ) :ل إله إل ال ( فهذه صدقة } وأمر
بالمعروف { يعني إذا أمر شخصًا أن يفعل طاعة فهذه صدقة } ونهي عن منكر { يعني إذا نهى شخص ًا عن منكر فإن ذلك صدقة
} وفي بضع أحدكم صدقة { يعني إذا أتى الرجل زوجته فإن ذلك صدقة وكل له فيها أجر ذكروا ذلك لتقرير قوله } وفي بضع
أحدكم صدقة { وليس للشك في هذا ،لنهم يعلمون أن ما قاله النبي فهو حق لكن أرادوا أن يقرروا ذلك فقالوا :يا رسول ال أيأتي
ي اْلِكَبُر َواْمَرَأِتي
لٌم َوَقْد َبَلَغِن َ
غَن ِلي ُ
ب َأّنى َيُكو ُ
ل َر ّ
أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ ونظير ذلك قول زكريا عليه السلمَ :قا َ
عاِقٌر ]آل عمران ... [40:أراد أن يقرر ذلك ويثبته مع أنه مصدق به. َ
قال } :أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ { والجواب :نعم يكون عليه وزر قال } :فكذلك إذا وضعها في حلل كان له •
أجر { وهذا القياس سمونه قياس العكس يعني كما أن عليه وزرًا في الحرام يكون له أجرًا في الحلل فقال } فكذلك إذا وضعها في
الحلل كان له أجر {.
في هذا الحديث من الفوائد: •
حرص الصحابة رضي ال عنهم على السبق إلى الخيرات. •
ينبغي للنسان إذا ذكر شيئًا أن يذكر وجهه لن الصحابة رضي ال عنهم لما قالوا ) :ذهب أهل الدثور بالجور ( بّينوا وجه ذلك •
فقالوا ) :يصلون كما نصلي ( ...إلخ.
أن كل قول يقرب إلى ال تعالى فهو صدقة كالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكله صدقة. •
الترغيب في الكثار من هذه الذكار ،لن كل كلمة منه تعتبر صدقة تقرب المرء إلى ال عزوجل. •
أن الكتفاء بالحلل والحرام يجعل الحلل قربة وصدقة لقوله } :وفي بضع أحدكم صدقة {. •
جواز الستثبات في الخبر ولو كان صادرًا من صادق لقولهم ) :أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ (. •
حسن تعليم الرسول بإيراد كلمه على سبيل الستفهام حتى يقنع المخاطب بذلك ويطمئن قلبه ،وهذا قوله عليه الصلة والسلم حين •
سئل عن بيع الرطب بالتمر } :أينقص إذا جف؟ { قالوا :نعم ،فنهى عن ذلك.
شرح الحديث السادس والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
سلمى أي سلمى من الناس صدقة ،كل يوم تطلع فيه الشمس { كل ُ عن أبي هريرة قال :قال رسول ال } :كل ُ •
كل عضو ومفصل من الناس عليه صدقة } كل يوم تطلع فيه الشمس { أي صدقة في كل يوم تطلع فيه الشمس فقوله
سلمى { مبتدأ و } عليه صدقة { جملة خبر المبتدأ } وكل يوم { ظرف ،والمعنى أنه كلما جاء يوم صار على } كل ُ
كل مفصل من مفاصل النسان صدقة يؤديها شكرًا ل تعالى على نعمة العافية وعلى البقاء ولكن هذه الصدقة ليست
صدقة المال فقط بل هي أنواع.
} تعدل بين اثنين صدقة { أي تجد اثنين متخاصمين فتحكم بينهما بالعدل فهذه صدقة وهي أفضل الصدقات لقوله •
س] ...النساء[114: ن الّنا ِ
ح َبْي َ
لٍ
ص َ
ف َأْو ِإ ْ
صَدَقٍة َأْو َمْعُرو ٍ
ن َأَمَر ِب َ
ل َم ْجَواُهْم ِإ ّ
ن َن ْ
خْيَر ِفي َكِثيٍر ِم ْ
ل َتبارك وتعالىَ :
} وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة { وهذا أيضاً من الصدقات أن ُتعين أخاك •
المسلم في دابته إما أن تحمله عليها إن كان ل يستطيع أن يحمل نفسه أو ترفع له على دابته متاعه يعني -عفشه -
هذا أيضًا لنها إحسان وال يحب المحسنين.
} والكلمـة الطيبـة صـدقة { الكلمـة الطيبـة ،كـل كلمـة تقرب إلـى الـ كالتسـبيح والتهليـل والتكـبير والتحميـد والمر •
بالمعروف والنهي عن المنكر وقراءة القران وتعليم العلم ،وغير ذلك كل كلمة طيبة فهي صدقة.
} وبكل خطوة تخطوها إلى الصلة فإنها صدقة { وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النسان إذا •
توضأ في بيته وأسبغ الوضوء ثم خرج من بيته إلى المسجد ل يخرجه إل الصلة ل يخطو خطوة إل رفع ال له بها
درجة وحط بها خطيئة.
} وتميط الذى عن الطريق صدقة { إماطة الذى يعني إزالة الذى عن الطريق ،والذى ما يؤذي المارة من ماء أو •
حجر أو زجاج أو شوك أوغير ذلك وسواء أكان يؤذيهم من الرض أو يؤذيهم من فوق كما لو كان هناك أغصان
شجرة متدلية تؤذي الناس فأماطها فإن هذه صدقة.
وفي هذا الحديث فوائد منها: •
- 1أن كل إنسان عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس على عدد مفاصله وقد قيل إن المفاصل ثلثمائة وستون •
ل –وال أعلم.
مفص ً
- 2أن كلما يقرب إلى ال من عبادة وإحسان إلى خلقه فإنه صدقة ،وما ذكره النبي فهو أمثلة على ذلك وقد جاء في •
حديث آخر } :أن يجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى {.
شرح الحديث السابع والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
عن النواس بن سمعان عن النبي قال } :البر حسن الخلق { البر كلمة تدل على الخير وكثرة الخير ،وحسن الخلق يعني •
أن يكون النسان واسع البال منشرح الصدر والسلم مطمئن القلب حسن المعاملة ،فيقول عليه الصلة والسلم } :إن البر
خلق مع ال ومع عباد ال حصل له الخير الكثير وانشرح صدره للسلم واطمأن حسن الخلق { فإذا كان النسان حسن ال ُ
قلبه باليمان وخالق الناس بخلق حسن ،وأما الثم فبّينه النبي عليه الصلة والسلم بأنه } :ما حاك في نفسك { وهو يخاطب
النواس بن سمعان ،والنواس ابن سمعان صحابي جليل فل يحيك في نفسه ويتردد في نفسه ول تأمنه النفس إل ما كان إثمًا
ولهذا قال } :ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس { وأما أهل الفسق والفجور فإن الثام ل تحيك بنفوسهم ول
يكرهون أن يطلع عليها الناس بل بعضهم يتبجح ويخبر بما يصنع من الفجور والفسق ،ولكن الكلم مع الرجل المستقيم فإنه
إذا هم بسيئة حاك ذلك في نفسه وكره أن يطلع الناس على ذلك ،وهذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلة والسلم إنما
يكون مع أهل الخير والصلح.
ومثل الحديث عن وابصة بن معد قال :أتيت النبي فقال } :جئت تسأل عن البر؟ { قلت :نعم ،قال } :استفت قلبك { يعني •
ل تسأل أحدًا واسأل قلبك واطلب منه الفتوى } البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب { ،فمتى وجدت نفسك مطمئنة
وقلبك مطمئن إلى شيء فهذا هو البر فافعله } والثم ما حاك نفسك { في النفس وتردد في الصدر ،فإذا رأيت هذا الشيء
حاك في نفسك وتردد في صدرك فهو إثم ،قال } :وإن أفتاك الناس وأفتوك { يعني إن أفتاك الناس بأنه ليس فيه إثم وأفتوك
مرة بعد مرة ،وهذا يقع كثيرًا تجد النسان يتردد في الشيء ول يطمئن إليه ويتردد فيه ويقول له الناس :هذا حلل وهذا
لبأس به ،لكن لم ينشرح صدره بهذا ولم تطمئن إليه نفسه فيقال :مثل هذا إنه إثم فاجتنبه.
ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله :فضيلة حسن الخلق حيث فعل النبي حسن الخلق هو البر. •
ومن فوائده أيضًا :أن ميزان الثم أن يحيك بالنفس ول يطمئن إليه القلب. •
ومن فوائده :أن المؤمن يكره أن يطلع الناس على عيوبه بخلف المستهتر الذي ل يبالي ،فإنه ل يهتم إذا اطلع الناس على •
عيوبه.
ومن فوائدها :فراسة النبي حيث أتى إليه وابصة فقال } :جئت تسأل عن البر ؟ {. •
ومن فوائدها :إحالة حكم الشيء إلى النفس المطمئنة التي تكره الشر وتحب الخير ،لقوله } :البر ما اطمأنت إليه النفس •
واطمأن إليه القلب {.
ومن فوائد الحديثين أيضًا :أن النسان ينبغي له أن ينظر إلى مايكون في نفسه دون ما يفتيه الناس به فقد يفتيه الناس الذين •
ل علم لهم بشيء لكنه يتردد فيه ويكرهه فمثل هذا ل يرجع إلى فتوى الناس وإنما يرجع إلى ما عنده.
ومن فوائدهما :أنه متى أمكن الجتهاد فإنه ليعدل إلى التقليد لقوله } :وإن أفتاك الناس وأفتوك {. •
شرح الحديث الثامن والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :وعظنا { الوعظ :هو التذكير المقرون بالترغيب أو الترهيب ،وكان النبي يتخول أصحابه بالموعظة ول يكثر عليهم مخافة السآمة، •
قوله } :وجلت منها القلوب { أي خافت } ،وذرفت منها العيون { أي بكت حتى ذرفت دموعها ) ،فقلنا :يا رسول ال كأنها موعظة مود ٍ
ع
فأوصنا ( لن موعظة المودع تكون موعظة بالغة قوية فأوصنا قال } :أوصيكم بتقوى ال عزوجل { وهذا من فقه الصحابة رضي ال عنهم
أنهم استغلوا هذه الفرصة ليوصيهم النبي بما فيه خير ،قال } :أوصيكم بتقوى ال عزوجل { وتقوى ال اتخاذ وقاية من عقابه بفعل أوامره
واجتناب نواهيه وهذا حق ال عزوجل } والسمع والطاعة { يعني لولة المور أي اسمعوا ما يقولون وما به يأمرون واجتنبوا ما عنه
طيُعوا ن آَمُنوا َأ ِينهون ] ،وإن تأمر عليكم عبد { يعني وإن كان الميرعبدًا فأسمعوا له وأطيعوه ،وهذا هو مقتضى عموم اليةَ :يا َأّيَها اّلِذي َ
لْمِر ِمْنُكْم ]النساء.[59:
ل َوُأوِلي ا َْ
سو َطيُعوا الّر ُ ل َوَأ ِا َّ
قوله } :فإنه من يعش منكم { أي من تطول حياته فسيرى اختلفًا كثيرًا ،ووقع ذلك كما أخبرالنبي فقد حصل الختلف الكثير في زمن •
الصحابة رضي ال عنهم ثم أمر بأن نلتزم بسنته أي بطريقته وطريقة الخلفاء الراشدين المهدين ،والخلفاء الذين خلفوا النبي في أمته
علمًا وعبادة ودعوة وعلى رأسهم الخلفاء الربعة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي ال عنهم.
} المهديين { وصف كاشف ،لن كل رشاد فهو مهدي ومعنى المهدين الذين هدوا أي هداهم ال عزوجل لطريق الحق. •
} عضو عليها بالنواجذ { وهي أقصى الضراس وهو كناية عن شدة التمسك بها ،ثم حذر النبي من محدثات المور فقال } :إياكم { أي •
أحذركم من محدثات المور ،وهي ما أحدث في الدين بل دليل شرعي وذلك لنه لما لمر بلزوم السنة والحذر من البدعة وقال } :فإن كل
بدعة ضللة { ]رواه أبوداود والترمذي وقال حديث حسن صحيح[.
وفي الحديث فوائد منها :حرص النبي على موعظة أصحابه ،حيث يأتي بالمواعظ المؤثرة التي توجل لها القلوب وتذرف منها العين. •
ومنها :أن النسان المودع الذي يريد أن يغادر إخوانه ينبغي له أن يعظهم موعظة تكون ذكرى لهم ،موعظة مؤثرة بليغة ،لن المواعظ عند •
الوداع ل تنسى.
ب ِم ْ
ن ن ُأوُتوا الِْكَتا َ ص ْيَنا اّلِذي َ
ومنها :الوصية بتقوى ال عزوجل ،فهذه الوصية هي وصية ال في الولين والخرين لقوله تعالىَ :وَلَقْد َو ّ •
ل ]النساء.[131: ن اّتُقوا ا ّ
َقْبِلُكْم َوِإّياُكْم َأ ِ
لْمِر ِمْنكُْمل َوُأوِلي ا َْ سو َ طيُعوا الّر ُ ل َوَأ ِ طيُعوا ا َّن آَمُنوا َأ ِ
ومنها :الوصية بالسمع والطاعة لولة المور وقد أمر ال بذلك في قولهَ :يا َأّيَها اّلِذي َ •
]النساء ...[ 59:وهذا المر مشروط بأن ل يؤمر بمعصية ال ،فإن أمر بمعصية فل سمع ول طاعة في معصية ال لقول النبي } :إنما
لْمِر ِمْنُكْمسـولَ َوُأوِلـي ا َْ طيُعوا الّر ُ لـ َوَأ ِ
طيُعوا ا َّنـ آَمُنوا َأ ِالطاعـة فـي المعروف { ومـن هنـا نتـبين الفائدة فـي قولـه تعالـىَ :يـا َأّيَهـا اّلِذي َ
]النساء ... [59:حيث لم يعد الفعل عند ذكر طاعة أولياء المور بل جعلها تابعة لطاعة ال ورسوله.
ومن فوائد هذا الحديث :حرص النبي على موعظة أصحابه كما أنه حريص على أن يعظهم أحيانًا بتبليغهم الشرع ،فهو أيضًا يعظهم •
مواعظ ترقق القلوب وتؤثر فيها.
ومنها :أن ينبغي للواعظ أن يأتي بموعظة مؤثرة في السلوب وكيفية اللقاء ولكن بشرط أل يأتي بأحاديث ضعيفة أو موضوعة ،لن بعض •
الوعاظ يأتي بالحاديث الضعيفة والموضوعة يزعم بأنها تفيد تحيرك القلوب ،ولكنها وإن أفادت في هذا تضر ،فقد ثبت عن النبي أنه قال:
} من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين {.
ومن فوائد هذا الحديث :أن العادة إذا أراد شخص أن يفارق أصحابه وإخوانه فإنه يعظهم موعظة بليغة ،لقوله } :كأنها موعظة مودع {. •
شرح الحديث التاسع والعشرون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
ل لمره واجتنابًا لنهيه مخلصًا له } ل تشرك المرالول } :تعبد ال ول تشرك به شيئًا { وعبادة ال سبحانه وتعالى هي القيام بطاعته امتثا ً •
ل ،لنه من شرط العبادة والخلص له عز وجل. به شيئًا { أي ل ملكًا مقربًا ول نبيًا مرس ً
والمر الثاني :من العمل الذي يدخل الجنة ويباعد عن النار إقامة الصلة حيث قال } :وتقيم الصلة { ومعنى إقامتها أن تأتي بها مستقيمة. •
المر الثالث } :وتؤتي الزكاة { وهي المال الذي أوجبه ال عز وجل يخرجه النسان من أموال معينة بشروط معروفة إلى أهلها المستحقين. •
المر الرابع :أي شهر رمضان وهو أيضًا معلوم والصوم هو التعبد ل تعالى بالمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. •
المر الخامس } :وتحج البيت { أي تقصد البيت الحرام وهو الكعبة لداء المناسك. •
جنة { يعني أنه ثم قال أي النبي } :أل أدلك على أبواب الخير؟ { يعني على ما تتوصل به إلى الخير ،كأنه قال نعم ،فقال النبي } :الصوم ُ •
وقاية يقي من المعاصي في حال الصوم ويقيه من النار يوم القيامة ثم قال } :والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار { الصدقة :هي
بذل المال للفقير المحتاج تقربًا ل سبحانه وتعالى وتقربًا وإحسانًا إلى الفقير وهذه الصدقة تطفئ الخطيئة ،أي ما أخطأ به النسان من ترك
واجب أو فعل محرم } كما يطفئ الماء النار { وكلنا يعرف أن إطفاء الماء للنار ل يبقي من النار شيئًا ،كذلك الصدقة ل تبقي من الذنوب
شيئًا.
} وصلة الرجل في جوف الليل { أي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ،وجوف الليل وسطه وأفضل صلة الليل النصف الثاني أو ثلث •
عو َ
ن جِع َيْد ُ
ضا ِ
ن اْلَم َ
عِجُنوُبُهمْ َ
جاَفى ُ الليل بعد النصف الول وقد كان داود عليه السلم ينام نصف اللي ويقوم ثلثه وينام سدسه ثم قرأَ :تَت َ
ن ]السجدة ..[17،16:قرأها جَزاًء ِبَما َكاُنوا َيْعَمُلو َ
ن َ
عُي ٍ
ن ُقّرِة َأ ْ
ي َلُهْم ِم ْ
خِف َ
س َما ُأ ْ
ل َتْعَلُم َنْف ٌ
طَمًعا َوِمّما َرَزْقَناُهْم ُيْنِفُقون*َف َ
خْوًفا َو َ
َرّبُهْم َ
استشهادًا بها ،و الية كما هو ظاهر فيها أنها تتجافى جنوبهم عن المضاجع يعني للصلة في الليل وينفقون مما رزقهم ال وهاتان هما
الصدقة وصلة الليل اللتان ذكرها رسول ال في هذا الحديث.
ثم قال } :أل أخبرك برأس المر وعموده وذروة سنامه؟ { قلت بلى يا رسول ال ،قال } :رأس المر السلم { يعني الشأن الذي هو •
أعظم الشئون ورأسه السلم يعلو ول يعلى عليه وبالسلم يعلو النسان على شرار عباد ال من الكفار والمشركينوالمنافقين } ،وعموده {
أي عمود السلم } الصلة { لن عمود الشيء ما يبنى عليه الشيء ويستقيم به الشيء ول يستقيم إل به وإنما كانت الصلة عمود السلم،
لن تركها يخرج النسان من السلم إلى الكفر والعياذ بال } وذروة سنامه الجهاد { في سبيل ال والسنام ما عل ظهر البعير وذروة أعله
وإنما ذروة سنام السلم الجهاد في سبيل ال ،لن به يعلو المسلمون على أعدائهم.
ثم قال } :أل أخبرك بملك ذلك كله؟ { أي بما به ملك هذا المر كله ،فقلت بلى يا رسول ال فأخذ بلسانه وقال } :كف عليك هذا { يعني •
ل تطلقه بالكلم لنه خطر ) ،قلت يا رسول ال وإنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ ( هذه جملة استفهامية والمعنى هل نحن مؤاخذون بما نتكلم به ؟
فقال النبي } :ثكلتك أمك { أي فقدتك حتى كانت ثكلى من فقدك ،وهذه الجملة ل يراد بها معناها ،وإنما يراد بها الحث والغراء ،على فهم •
ما يقال ،فقال } :ثكلتك أمك ،وهل يكب الناس في النار على وجوههم { أو قال } :على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم ؟ { ،أوهنا للشك من
الراوي هل قال النبي } :على وجوههم { أو قال } :على مناخرهم إلحصائد ألسنتهم { أي إل ما تحصد ألسنتهم من الكلم والمعنى أن
اللسان إذا أطلقه النسان كان سببًا أن ُيكب على وجهه في النار والعياذ بال.
شرح الحديث الثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :إن ال فرض فرائض فل تضيعوها { أي :أوجب إيجابًا حتميًا على عباده فرائض معلومة ول الحمد كالصلوات الخمس والزكاة والصيام •
والحج وبر الوالدين وصلة الرحام وغيرذلك.
} فل تضيعوها { أي :ل تهملوها إما بالترك أو بالتهاون أو ببخسها أو نقصها. •
} وحد حدودًا { أي :أوجب واجبات وحددها بشروط وقيود. •
} فل تعتدوها { أي :ل تتجاوزوها. •
} وحرم أشياء فل تنتهكوها { حرم أشياء مثل الشرك وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرمها ال إل بالحق والخمر والسرقة وأشياء كثيرة. •
} فل تنتهكوها { أي :فل تقعوا فيها ،فإن وقوعكم فيها انتهاك لها. •
} وسكت عن أشياء { أي :أي لم يفرضها ولم يوجبها ولم يحرمها. •
} رحمًة بكم { من أجل الرحمة والتخفيف عليكم. •
سى ]طه [52:فهو تركها جل وعل رحمًة ل َيْن َ
ل َرّبي َو َ
ضّل َي ِ
} غير نسيان { فإن ال تعالى ل ينسى كما قال موسى عليه الصلة والسلمَ : •
بالخلق ،وليس نسيان لها.
} فلتسألوا عنها { أي :ل تبحثوا عنها. •
فوائد هذا الحديث: •
حسن بيان الرسول ،حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البين. •
ومن فوائد هذا الحديث :أن ال تعالى فرض على عباده فرائض أوجبها عليهم على الحتم واليقين ،والفرائض قال أهل العلم :أنها تنقسم إلى قسمين: •
فرض كفاية ،وفرض عين .فأما فرض الكفاية :فإنه ما قصد فعله بقطع النظر عن فاعله ،وحكمه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ،وفرض العين
هو :ما قصد به الفعل والفاعل ووجب على كل أحد بعينه.
فأما الول :فمثله الذان والقامة وصلة الجنازة وغيرها. •
وأما الثاني :فمثل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج. •
وقوله } :وحد حدودًا { أي :أوجب واجبات محددة ومعينة بشروطها. •
فيستفاد من هذا الحديث :أنه ل يجوز للنسان أن يتعدى حدود ال ،ويتفرع من هذه الفائدة أنه ل يجوز المغالة في دين ال ،ولهذا أنكر النبي على •
الذين قال أحدهم ) :أنا أصوم ول أفطر ( ،وقال الثاني ) :أنا أقوم ول أنام ( ،وقال الثالث ) :أنا ل أتزوج النساء ( أنكر عليهم وقال } :وأما أنا فأصلي
وأنام ،وأصوم وأفطر ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني {.
ومن فوائد الحديث :تحريم انتهاك المحرمات لقوله } :فل تنتهكوها { ثم إن المحرمات نوعان كبائر وصغائر: •
فالكبائر :ل تغفر إل بالتوبة ،والصغائر :تكفرها الصلة والحج والذكر وما أشبه ذلك •
ل في الوجوب؛ فهو مما ومن فوائد الحديث :أن ما سكت ال عنه فهو عفو ،فإذا أشكل علينا حكم الشي هل هو واجب أم ليس بواجب ولم نجد له أص ً •
عفا ال عنه ،وإذا شككنا هل هذا حرام أم ليس حرامًا وهو ليس أصله التحريم؛ كان هذا أيضًا مما عفا ال عنه.
ومن فوائد الحديث :إنتفاء النسيان عن ال عز وجل ،وهذا يدل على كمال علمه وأن ال عز وجل بكل شئ عليم فل ينسى ما علم ولم يسبق علمه •
ل وأبدًا.
ل ،بل هو بكل شئ عليم أز ً جه ً
شرح الحديث الحادي والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي قال :جاء رجل إلى النبي ولم يبين اسم الرجل؛ لنه •
ليس هناك ضرورة إلى معرفته إذ أن المقصود معرفة الحكم ومعرفة القضية فقال ) :يا رسول
ال ،دلني على عمل إذا عملته أحبني ال وأحبني الناس ( وهذا الطلب ل شك أنه مطلب عالي
يطلب فيه السائل ما يجلب محبة ال له وما يجلب محبة الناس له ،فقال له النبي } :ازهد في
الدنيا { يعني :اترك في الدنيا ما ل ينفعك في الخرة وهذا يتضمن أنه يرغب في الخرة؛ لن
الدنيا والخرة ضرتان إذا زهد في إحداهما فهو راغب في الخرى بل هذا يتضمن أن النسان
يحرص على القيام بأعمال الخرة من فعل الوامر وترك النواهي ويدع ما ل ينفعه في الخرة
من المور التي تضيع وقته ول ينتفع بها .أما ما يكون سببًا لمحبة الناس فقال } :ازهد فيما عند
الناس يحبك الناس { فل يطلب من الناس شيئًا ول يتشوق إليه ول يستشرف له ويكون أبعد الناس
عن ذلك حتى يحبه الناس؛ لن الناس إذا سئل النسان ما في أيديهم استثقلوه وكرهوه ،وإذا كان
بعيدًا عن ذلك فإنهم يحبونه.
من فوائد هذا الحديث :حرص الصحابة رضي ال عنهم على سؤال النبي فيما ينفعهم. •
ومن فوائده :أن النسان بطبيعة الحال يحب أن يحبه ال وأن يحبه الناس ويكره أن يمقته ال •
ويمقته الناس فبين النبي ما يكون به ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث :أن من زهد في الدنيا أحبه ال؛ لن الزهد في الدنيا يستلزم الرغبة في •
الخرة ،وقد سبق معنى الزهد :وأنه ترك ما لينفع في الخرة.
ومن فوائد هذا الحديث :أن الزهد فيما عند الناس سبب في محبة الناس لك. •
ومن فوائد هذا الحديث :إن الطمع في الدنيا والتعلق بها سبب لبغض ال للعبد وإن الطمع فيما عند •
الناس والترقـب لـه يوجـب بغـض الناس للنسـان ،والزهـد فيمـا فـي أيديهـم هـو أكـبر أسباب
محبتهم25.
شرح الحديث الثاني والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
• عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري أن رسول ال قال } :ل ضرر ول
ضرار { ثم تكلم المؤلف رحمه ال على طرق هذاالحديث.
• قولـه } :ل ضرر { أـي :أـن الضرر منفـي شرعًا } ،ول ضرار { أي:
مضاره والفرق بينهمـا أـن الضرر يحصـل بل قصـد ،والضرار يحصل
بقصـد فنفـى النـبي المريـن ،والضرار أشـد مـن الضرر؛ لن الضرار
يحصل قصدًا كما قلنا.
• مثال ذلك :لو إنسانًا له جار وهذا الجار يسقي شجرته فيتسرب الماء من
الشجرة إلى بيت الجار لكن بل قصد ،وربما لم يعلم به فالواجب أن يزال
هذا الضرر إذا علم به حتى لو قال صاحب الشجرة :أنا ما أقصد المضارة،
نقول له :وإـن لـم تقصد؛ لـن الضرر منفـي شرعًا أمـا الضرار فإن الجار
يتعمد الضرار بجاره فيتسرب الماء إلى بيته وما أشبه ذلك ،وكل هذا منفي
شرعًا وقـد أخـذ العلماء مـن هذا الحديـث مسـائل كثيرة في باب الجوار
وغيره ،وما أحسن أن يراجع النسان عليها ما ذكره العلماء في باب الصلح
وحكم الجوار.
شرح الحديث الثالث والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :لو يعطى الناس بدعواهم { أي :بما يّدعونه على غيرهم ،وليعلم أن إضافة الشيء على أوجه: •
ي كذا ( فهذا إقرار.
الول :أن يضيف لنفسه شيئًا لغيره ،مثل أن يقول ) :لفلن عل ّ •
والثاني :أن يضيف شيئًا لنفسه على غيره ،مثل أن يقول ) :لي على فلن كذا وكذا ( فهذه دعوى. •
فهذا الثالث :أن يضيف شيئًا لغيره على غيره ،مثل أن يقول ) :لفلن على فلن كذا وكذا ( فهذه شهادة. •
ل فإنه لو قبلتوالحديث الن في الدعوى فلو اّدعى شخص على آخر قال ) :أنا أطلب مائة درهم ( مث ً •
دعواه لدعى رجال أموال قوم ودماءهم ،وكذلك لو قال لخر ) :أنت قتلت أبي ( لكان ادعى دمه وهذا
يعني أنها ل تقبل دعوى إل ببينة.
ولهذا قال } :لكن البينة على المدعي { فإذا ادعى إنسان على آخر شيئًا قلنا :أحضر لنا البينة ،والبينة كل •
ما بان به الحق سواء كانت شهودًا أو قرائن حسية أو غير ذلك.
} واليمين على من أنكر { أي :من أنكر دعوى خصمه إذا لم يكن لخصمه بينة فإذا قال زيد لعمرو ) :أنا •
أطلب مائة درهم ( قال عمرو ) :ل ( ،قلنا لزيد ائت ببينة ،فإن لم يأتي بالبينة قلنا لعمرو ) :احلف على
نفي ما ادعاه ( ،فإذا حلف برئ.
وهذا الحديث فيه فوائد :منها أن الشريعة السلمية حريصة على حفظ أموال الناس ودماءهم لقوله } :لو •
يعطى الناس بدعواهم ل ادعى رجال أموال قوم و دماءهم {.
ومـن فوائـد هذا الحديـث :أـن المدعـي إذا قام ببينـة علـى دعواه حكـم لـه بمـا ادعاه ،لقولـه عليـه الصلة •
والسلم } :لكن البّينة على المدعي { والبينة كل ما بين به الحق ويتضح كما اسلفنا في الشرح ،وليست
خاصة بالشاهدين أو الشاهد بل كل ما أبان الحق فهو بينة.
ومن فوائد الحديث :أن اليمين على من أنكر ،أي :من أنكر دعوى المدعي. •
ومن فوائده :أن لو أنكر المنكر وقال ) :ل أحلف ( فإنه يقضي عليه بالنكول ووجه ذلك أنه إذا أبى، •
يحلف فقد امتنع مما يجب عليه فيحكم عليه به.
شرح الحديث الرابع والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :من رأى { من هذه شرطية وهي للعموم ،قوله } :رأى { يحتمل أن يكون المراد رؤية البصر ،أو أن •
المراد رؤية القلب ،وهي العلم ،والثاني أشمل وأعم ،وقوله } :منكرًا { المنكر هو :ما أنكره الشرع وما حرمه
ال عز وجل ورسوله.
قولـه } :فليغيره بيده { اللم هذه للمـر أـي :يغيـر هذا المنكـر بأن يحولـه إلـى معروف ،إما بمنعـه مطلقًا أي: •
بتحويله إلى شئ مباح } بيده { إن كان له قدرة اليد.
قوله } :فإن لم يستطع { أي :أن يغيره بيده. •
} فبلسانه { بأن يقول لفاعله :اتقي ال ،اتركه ،وما أشبه ذلك. •
} فإن لم يستطع { باللسان بأن خاف على نفسه أو كان أخرس ل يستطيع الكلم. •
} فبقلبه { أي :يغيره بقلبه وذلك بكراهته إياه. •
وقال } :وذلك أضعف اليمان { أي :أن كونه ل يستطيع أن يغيره إل بقلبه هو أضعف اليمان. •
ل وهذا ل يكون إل للسلطان، ففي هذا الحديث فوائد :وجوب تغيير المنكر على هذه الدرجات والمراتب باليد أو ً •
وإن لم يستطع فبلسانه ،وهذا يكون لدعاة الخير الذين يبينون للناس المنكرات.
ومن فوائده :أن من ل يستطيع ل بيده ول بلسانه فليغيره بقلبه. •
ومـن فوائـد هذا الحديـث :تيسـير الشرع وتسـهيله حيـث رتـب هذه الواجبات علـى السـتطاعة لقولـه } :فإـن لم •
يستطع {.
ومن فوائد هذا الحديث :أن اليمان يتفاوت ،بعضه ضعيف وبعضه قوي وهذا مذهب أهل السنة والجماعة وله •
أدلة من القرآن والسنة على أنه يتفاوت.
وليعلم أن المراتب ثلث :دعوه -أمر -تغيير. •
فالدعوة أن يقوم الداعي في المساجد أـو أماكن تجمع الناس ويـبين لهم الشر ويحذرهم منـه ويـبين لهم الخير •
ويرغبهم فيه ،والمربالمعروف والناهي عن المنكر :هو الذي يأمر الناس ويقول افعلوا ،أو ينهاهم ويقول :ل
تفعلوا.
والمغير :هو الذي يغير بنفسه إذا رأى الناس لم يستجيبوا لدعوته ول لمره و نهيه. •
شرح الحديث الخامس والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :ل تحاسدوا { هذا نهي عن الحسد ،والحسد هو كراهية ما انعم ال على أخيك من نعمة دينية أو دنيوية سواء تمنيت زوالها أم •
لم تتمن ،فمتى كرهت ما أعطى ال أخاك من النعم فهذا هو الحسد.
} ول تناجشوا { قال العلماء :المناجشه أن يزيد في السلعة ،أي :في ثمنها في المناداة وهو ل يريد شراءها وإنما يريد نفع البائع أو •
الضرار بالمشتري.
} ول تباغضوا { البغضاء هي الكراهه ،أي :ليكره بعضكم بعضًا. •
} ول تدابروا { أن يولي كل واحد الخر دبره بحيث ل يتفق التجاه. •
} ول يبع بعضكم على بيع بعض { يعني ل يبيع أحد على بيع أخيه ،مثل أن يشتري إنسان سلعه بعشرة فيذهب آخر على المشتري •
ويقول :أنا أبيع عليك بأقل؛ لن هذا يفضي إلى العداوة والبغضاء.
لخوة } وكونوا عباد ال إخوانًا { كونوا يا عباد ال إخوانًا أي :مثل الخوان في المودة والمحبة واللفة وعد العتداء ثم أكد هذه ا ً •
بقوله } :المسلم أخو المسلم { للجامع بينهما وهوالسلم وهو أقوى صله تكون بين المسلمين.
} ل يظلمه [ أي :ل يعتدي عليه. •
} ول يخذله { في مقام أن ينتصر فيه. •
} ول يكذبه { أي :يخبرهبحديث كذب. •
} ول يحقره { أي :يستهين به. •
} التقوى ها هنا { يعني :تقوى ال تعالى محلها القلب فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح -و يشير إلى صدره ثلث مرات -يعني: •
يقول :التقوى ها هنا ،التقوى ها هنا ،التقوى ها هنا.
ثم قال } :بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم { بحسب يعني :حسب فالباء زائدة والحسب الكفاية والمعنى لو لم يكن من •
الشر إل أن يحقر أخاه لكان هذا كافيًا.
} المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه { دمه فل يجوز أن يعتدي عليه بقتل أو فيما دون ذلك. •
} وماله { ل يجوز أن يعتدي على ماله بنهب أو سرقه أو جحد أو غير ذلك. •
} وعرضه { أي :سمعته فل يجوز أن يغتابه فيهتك بذلك عرضه. •
شرح الحديث السادس والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قال النووي رحمه ال تعالى في الربعين النووية الحديث السادس والثلثون ،عن أبى هريرة عن النبي قال } :من نّفس عن مؤمن كربة من كرب •
الدنيا نّفس ال عنه كربة من كرب يوم { والكرب يعني :الشدة والضيق والضنك ،والتنفيس معناه :إزالة الكربة ورفعها ،وقوله } :من كرب الدنيا {
يعم المالية والبدنية والهلية والفردية والجماعية.
} نفس ال عنه { أي :كشف ال عنه وأزال. •
} كربة من كرب يوم القيامة { ول شك أن كرب يوم القيامة أعظم وأشد من كرب الدنيا ،فإذا نفس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه •
كربة من كرب يوم القيامة.
} ومن يسر على معسر { أي :سهل عليه وأزال عسرته. •
} يسر ال عليه في الدنيا والخرة { وهنا صار الجزاء في الدنيا والخرة وفي الكربكربة من كرب يوم القيامة ؛ لن كرب يوم القيامة عظيمة جدا. •
} ومن ستر مسلمًا { أي :ستر عيبه سواء أكان خلقيا أو خلقيا أودينيا أو دنيويا إذا ستره وغطاه حتى ل يتبن للناس. •
} ستره ال في الدنيا والخرة { أي :حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والخرة. •
ثم قال كلمة جامعه مانعة قال } :وال في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه { أي :أن ال تعالى يعين النسان على قد معونته أخيه كما وكيفا •
وزمنا ،فما دام النسان في عون أخيه فال في عونه ،وفي حديث آخر } :من كان في حاجة أخيه كان ال في حاجته {.
و قوله } :من سلك طريقا يلتمس فيع علما سهل ال له به طريقا إلى الجنة { يعني :من دخل طريقا وصار فيه يلتمس العلم والمراد به العلم الشرعي، •
سهل ال له به طريقا إلى الجنة ،لن النسان علم شريعة ال تيسر عليه سلوكها ،ومعلوم أن الطريق الموصل إلى ال هو شريعته ،فإذا تعلم النسان
شريعة ال سهل ال له به طريقا إلى الجنة.
سُمُهن ُتْرَفَع َوُيْذَكَر ِفيَها ا ْ
ل َأ ْن ا ُّت َأِذ َ} وما اجتمع قوم قي بيت من بيوت ال { المراد به المسجد فإن بيوت ال هي المساجد ،قال ال تعالىِ :في ُبُيو ٍ •
سُمهُن ُيْذَكَر ِفيَها ا ْل َأ ْجَد ا ِّ
سا ِ ن َمَنَع َم َ ن َأظَْلُم ِمّم ْ
حًدا ]الجن ،[ 18:وقال :وََم ْ ل َأ َ عوا َمَع ا ِّ
ل َتْد ُ
ل َف َجَد ِّ سا ِ
ن اْلَم َ
]النور ،[ 36:وقال تعالىَ :وَأ ّ
]البقرة ... [114:فأضاف المساجد إليه؛ لنها موضع ذكره.
قوله } :يتلون كتاب ال ويتدارسونه بينهم { يتلونه :يقرءونه ويتدارسونه أي :يدرس بعضهم على بعض. •
} إل نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملئكة { نزلت عليهم السكينة يعني :في قلوبهم وهي الطمأنينة والستقرار ،وغشيتهم الرحمة: •
غطتهم وشملتهم.
} وحفتهم الملئكة { صارت من حولهم } .وذكرهم ال فيمن عنده { أي :من الملئكة. •
} ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه { أي :من تأخر من أجل عمله السيئ فإن نسبه ل يغنيه ول يرفعه ول يقدمه والنسب هوالنتساب إلى قبيلة •
ونحو ذلك.
في هذا الحديث فوائد :الترغيب في تنفيس الكرب عن المؤمنين لقوله } :من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب يوم •
القيامة {.
يٌء عظيم * يَوَْم ش ْعِة َ سا َن َزْلَزَلَة ال ّ س اّتُقوا َرّبُكْم ِإ ّومن فوائده :الشارة الى يوم القيامة وأنها ذات كرب وقد بين ذلك ال تعالى في قولهَ :يا َأّيَها الّنا ُ •
شِديٌد ]الحج.[2،1: ل َ ب ا ِّ عَذا َ ن َ سَكاَرى َوَلِك ّ سَكاَرى َوَما ُهْم ِب ُ
س ُ
حْمَلَها َوَتَرى الّنا َ ل َ
حْم ٍت َ
ل َذا ِضُع ُك ّ ت َوَت َ
ضَع ْعّما َأْر َضَعٍة َ
ل ُمْر ِل ُك ّ
َتَرْوَنَها َتْذَه ُ
شرح الحديث السابع والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
الحديث السابع والثلثون عن ابن عباس رضي ال عنهما ،عن رسول ال فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال } :إن ال كتب •
الحسنات والسيئات { إذا عبر الصحابي بمثل هذا التعبير أي عن النبي فيما يرويه أو فيما رواه عن ربه فإنه يسمى عند أهل العلم
حديثًا قدسيًا.
وقوله } :إن ال كتب الحسنات والسيئات { أي :كتب ثوابهما وكتب فعلهما فهو الذي كتب الحسنات؛ لن ال تعالى حين خلق القلم •
قال له ) :اكتب ( قال :رب ،وماذا أكتب ؟ قال ) :اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ( فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم
القيامة ،وظاهر سياق الحديث أن المراد بهذه الكتابة الثانية ،وهي كتابة الثواب لقوله } :ثم بين ذلك { أي :وضحه بالتفصيل.
فقال } :فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها ال عنده حسنة كالمة { الهم يعني :الرادة ،أراد النسان أن يعمل حسنة ولكنه لم يعملها. •
ففي هذا الحديث فوائد :أن ال كتبها حسنة كاملة يعني :ل نقص فيها .وقد دلت الدلة على أنه إذا هم بالحسنة فلم يعملها فإن كان •
جًرا ِإَلى ن َبْيِتِه ُمَها ِ
خُرجْ ِم ْ ن َي ْل لقوله تبارك وتعالىَ :وَم ْ عاجزًا عنها أي :تركها عجزًا بعد أن شرع فيها فإنه يكتب له الجر كام ً
جُرُه ]النساء .[100:وأما إذا هم بها ثم عدل عنها لكسل أو نحوه فإنه كذلك كما في هذا ت َفَقْد َوَقَع َأ ْسوِلِه ُثّم ُيْدِرْكُه اْلَمْو ُ ل َوَر ُ ا ِّ
الحديث يكتب له حسنة كاملة وذلك بنيته الطيبة ،قال } :وإن هم بها فعملها كتبها ال عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى
أضعاف كثيرة { إذا هم بها وعملها وأحسن في عمله بأن كان مخلصًا متبعًا لرسول ال فإن ال يكتبها عشر حسنات إلى سبعمائة
ل مـن الـ سـبحانه وتعالى ضعـف إلـى أضعاف كثيرة وهذه المضاعفـة تأتـي بحسـب حسـن العمـل والخلص فيـه وقـد تكون فض ً
وإحسانًا.
شاُء َوا ُّ
ل ن َي َ
ف ِلَم ْع ُ ضا ِل ُي َحّبٍة َوا ُّ سْنُبَلٍة ِماَئُة َ
ل ُ ل ِفي كُ ّ سَناِب َسْبَع َ ت َ حّبٍة َأْنَبَت ْ
ل َ
ل َكَمَث ِ
ل ا ِّ
سِبي ِ
ن َأْمَواَلُهْم ِفي َن ُيْنِفُقو َ
ل اّلِذي َ
قال تعالىَ :مَث ُ •
عِليٌم ]البقرة [261:وقال } :وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها ال عنده حسنة كاملة ،وإن هم بها فعملها كتبها ال سيئة واحدة { سٌع َ َوا ِ
وإن هم بسيئة فلم يعملها فإنه يكتب له حسنة كاملة وذلك فيما تركه ال كما في بعض ألفاظ الحديث } لنه تركها من جرائي { أي:
من أجلي وقد دلت الدلة على أن من هم بالسيئة فلم يعملها فإنه ينقسم إلى ثلث أقسام:
القسم الول :أن يحاول فعلها ويسعى فيه ولكن لم يدركه لن يكتب عليه وزر السيئة كاملة. •
القسم الثاني :إن بها ثم يعزف عنها ل خوفا من ال ولكن لن نفسه عزفت فهذا يكتب له ول عليه. •
القسم الثالث :أن يتركها ل عز وجل خوفًا منه وخشية فهذا كما جاء في هذا الحديث يكتبها ال حسنة كاملة. •
سّيَئِة َفلَ
جاَء ِبال ّن َ شُر َأْمَثاِلَها َوَم ْعْ سَنِة َفَلُه َ
حَ جاَء ِباْل َ
ن َ قال } :وإن هم بها فعملها كتبها ال سيئة كاملة { ويشهد لهذا قوله تعالىَ :م ْ •
ل ِمْثَلَها ]النعام [160:وهذا الحكم بالنسبة للسيئة أي :أنها تكون سيئة واحدة في مكة وغيرها وفي كل زمن إل في الشهر جَزى ِإ ّ ُي ْ
ب َأِليٍم ]الحج.[25: عَذا ٍن َ ظلٍْم ُنِذْقُه ِم ْ
حاٍد ِب ُن ُيِرْد ِفيِه ِبِإْل َ
الحرم ولكنها في مكة تكون أشد وأعظم لهذا قال ال تعالىَ :وَم ْ
جاَءن َ وقال العلماء :إن الحسنات والسيئات تضاعف في كل زمن فاضل وفي كل مكان فاضل ول تضاعف بالعدد لقوله تعالىَ :م ْ •
شُر َأْمَثاِلَها ]النعام [160:ولهذا الحديث الذي ساقه المؤلف -رحمه ال -إن ال يكتبها سيئة واحدة .قال المؤلف: عْ س َنِة َفَلُه َ
حَ
ِباْل َ
) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف ( .أي :أن المؤلف -رحمه ال -ساقه بلفظه وأكد ذلك -رحمه ال -لما في
الحديث من البشارة العظيمة والحسان العظيم.
شرح الحديث الثامن والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :إن ال تعالى قال :من عادى لي ولّيا فقد آذنته بالحرب { هذا الحديث حديث قدسي لن النبي رواه عن ربه •
وكل حديث رواه النبي عم ربه يسمى عند العلماء حديثًا قدسيًا .المعاداة ضد الموالة ،والولي ضد العدو وأولياؤه
ن )(62 حَزُنو َ
ل ُهْم َي ْ
عَلْيِهْم َو َ
ف َ
خْو ٌ
ل َ
ل َن َأْوِلَياَء ا ِّ
ل ِإ ّ
سبحانه وتعالى هم المؤمنون المتقون ودليله قوله تعالىَ :أ َ
ن ]يونس.[63-62 ن آَمُنوا َوَكاُنوا َيّتُقو َ
اّلِذي َ
وقوله } :آذنته { يعني :أعلمته أي :إني أعلنت الحرب ،فيكون من عادى ولياً من أولياء ال فقد آذن ال تعالى بالحرب •
ي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته وصار حربًا ل ،ثم ذكر تبارك وتعالى أسباب الولية فقال } :وما تقرب إل ّ
عليه { يعني :ما عبدني أحد بشيء أحب إلى مما افترضته عليه لن العبادة تقرب إلى ال سبحانه وتعالى فمث ً
ل
ل ،ودرهم من زكاة ،أحب إلى ال من درهم صدقة ،حج فريضة ركعتان من الفريضة أحب إلى ال من ركعتين نف ً
أحـب إلـى الـ مـن حـج تطوع ،صـوم رمضان أحـب إلـى الـ مـن صـوم تطوع ،وهلـم جرى ولهذا جعـل الـ تعالى
الفرائض لزمة في العبادة مما يدل على آكاديتها ومحبته لها.
} ول يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل { يعني :الفرائض والفعل } ل يزال { يدل على الستمرار يعني :ويستمر •
ي بالنوافل { يعني :بعد الفرائض حتى أحبه ال } ،حتى { تحتمل هنا الغاية وتحتمل التعليل فعلى } عبدي يتقرب إل ّ
ي بالنوافل
الول يكون المعنى :أن تقربه إلى ال يوصله إلى محبة ال ،وعلى الثاني يكون المعنى :ل يزال يتقرب إل ّ
ويكون هذا التقرب سببًا لمحبته والغاية واحدة.
} فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به { أي :سددته في كل ما يسمع فل يسمع إل ما فيه الخير له وليس المعنى أن •
ال يكون سمع النسان لن سمع النسان صفه من صفاته أي :صفات النسان محدث بعد أن لم يكن ،وهو صفة فيه
أي :في النسان وكذلك يقال في } بصره الذي يبصر به { أي :أن ال فيما يرى إل ما كان فيه خير ول ينظر إل إلى
ما كان فيه خير.
} ويده التي يبطش بها { يقال فيها ما سبق في السمع أي :أن ال تعالى يسدده في بطشه وعمله بيده فل يعمل إلى ما •
فيه الخير.
} ولئن سألني { أي :دعاني بشيء وطلب مني شيئا } لعطينه {. •
} ولئن استعاذني لعيذنه { فذكر السؤال الذي به حصول المطلوب ،والستعاذة التي بها النجاة من المهروب وأخبر •
أنه سبحانه وتعالى يعطي هذا المتقرب إليه بالنوافل يعطيه ما سأل ويعيذه مما استعاذ.
شرح الحديث التاسع والثلثون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :تجاوز { بمعنى :عفا } ،الخطأ { فعل الشيء عن غير قصد } ،النسيان { ذهول القلب •
عن شيء معلوم ،والستكراه إلجاء النسان ،وهذه ثلثة أشياء بين فيها النبي أن ال تجاوز
سيَنا
ن َن ِخْذَنا ِإ ْ
ل ُتَؤا ِعن أمته هذه الشياء الثلثة وقد دل على ذلك القرآن قال ال تعالىَ :رّبَنا َ
ح ِفيَماجَنا ٌعَلْيُكْم ُس َ طْأَنا ]البقرة [ 286:فقال ال ) :قد فعللت ( ،وقال ال تعالىَ :وَلْي َ خَ َأْو َأ ْ
ن َبْعِد ِإيَماِنِه ِإ ّ
ل ل مِ ْ ن َكَفَر ِبا ِّ
ت ُقُلوُبُكْم ]الحزاب [5:وقال تعالىَ :م ْ ن َما َتَعّمَد ْ طْأُتْم ِبِه َوَلِك ْ
خََأ ْ
عَذا ٌ
ب ل َوَلُهْم َ ن ا ِّب ِم َ ض ٌ غ َ صْدًرا َفَعَلْيِهْم َ
ح ِباْلُكْفِر َ
شَر َ
ن َ
ن َم ْ
ن َوَلِك ْ
ليَما ِ
ن ِبا ِْ
طَمِئ ّ
ن ُأْكِرَه َوَقْلُبُه ُم ْ
َم ْ
ظيٌم ]النحل.[106: عَِ
فيستفاد من هذا الحديث فوائد: •
منها سعة رحمة ال عز وجل وأن رحمته سبقت غضبه ،ومنها أن النسان إذا فعل الشيء خطًأ •
فإنه ل يؤاخذ عليه ولكن إن كان محرمًا فإنه ل يترتب عليه إثم ول كفارة ول فساد عبادة وقع
فيها ،وأما إن كان ترك واجب فإنه يرتفع عنه الثم ولكن ل بد من تدارك الواجب.
ومن فوائد الحديث: •
أن من أكره على شيء قولي أو فعلي فإنه ل يؤاخذ به لقوله } :وما استكرهوا عليه { وهذا •
عام سواء كان الكراه على فعل أو على قول ول دليل لمن فرق بين الكراه على الفعل والكراه
على القول ،ولكن إذا كان الكراه في حق آدمي فإنه يعامل بما تقتضيه الدلة الشرعية مثل :أن
يكره شخصًا على قتل شخص آخر فإنه يقتل المكره لن الكراه ل يبيح قتل الغير ول يمكن ول
يجوز للنسان أن يستبقي حياته بإتلف غيره.
شرح الحديث الربعون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
الحديث الربعون عن ابن عمر رضي ال عنهما قال ) :أخذ رسول ال بمنكبي ( يعني :أمسك بهما •
لجل أن يسترعي انتباهه ليحفظ ما يقول فقال له } :كن في الدنيا كأنك غريب ،أو عابر سبيل { الغريب:
المقيم في البلد وليس من أهلها ،أو عابر سبيل :هو الذي مر بالبلد ،وهو ماشي مسافر ،ومثل هؤلء -
أعني الغريب أو عابر سبيل -ل يتخذ هذا البلد موطنًا ومستقرًا ،لنه مسافر فأخذت هذه الموعظة من
عبدال بن عمر رضي ال عنهما ما أخذت من قلبه ولهذا كان يقول ) :إذا أمسيت فل تنتظر الصباح وإذا
أصبحت فل تنتظر المساء ( يعني إذا أمسيت فل تقول :سوف أبقى إلى الصباح ،كم من إنسان أمسى ولم
يصبح ،وكذلك قوله ) :وإذا أصبحت فل تنتظر المساء ( فكم من إنسان أصبح ولم يمسي ومراد بن عمر
في ذلك :أن ينتهز النسان الفرصة للعمل الصالح حتى ل تضيع عليه الدنيا وهو ل يشعر.
قال ) :وخذ من صحتك لمرضك ( يعني :بادر في الصحة قبل المرض فإن النسان ما دام صحيحًا يسهل •
عليه العمل ،لنه صحيح منشرح الصدر منبسط النفس ،والمريض يضيق صدره ول تنبسط نفسه فل
يسهل عليه العمل.
قال ) :ومن حياتك لموتك ( أي انتهز الحياة ما دمت حيًا قبل أن تموت لن النسان إذا مات انقطع عمله •
صح ذك عن النبي حيث قال } :إذا مات النسان انقطع عمله إل من ثلث :صدقة جارية ،أو علٍم ينتفع
به ،أو ولد صالح يدعو له {.
ومن فوائد هذا الحديث :أنه ينبغي للنسان أن يجعل الدنيا مقر إقامه لقوله } :كن في الدنيا كأنك غريب •
أو عابر سبيل {.
ومن وفوائده :أنه ينبغي للعاقل مادام باقيًا والصحة متوفرة أن يحرص على العمل قبل أن يموت فينقطع •
عمله ،ومنها أنه ينبغي للمعلم أن يفعل السباب التي يكون فيها انتباه المخاطب لن النبي أخذ بمنكبي
عبدال بن عمر رضي ال عنهما.
ومن وفوائد الحديث :فضيلة عبدال بن عمر رضي ال عنهما حيث تأثر بهذه الموعظة من رسول ال . •
شرح الحديث الحادي والربعون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
قوله } :ل يؤمـن { أـي ليؤمـن اليمان الكامـل ،وليـس المراد نفي اليمان •
بالكلية.
وقوله } :حتى يكون هواه { أي :ميله وإرادته. •
وقوله } :تبعًا لما جئت به { أي :لما جاء به من الشرع فل يلتفت إلى غيره. •
قال المؤلف ) :حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح (. •
><فـي الحديـث فوائـد منهـا :أـن اليمان قد ينفى عـن مـن قصر في بعض •
واجبه فقوله } :ل يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به { وهذا
موقوف علـى مـا ورد بـه الشرع ،فليـس للنسـان أـن ينفـي اليمان عن
الشخص بمجرد أنه رآه على معصية حتى يثبت بذلك دليل شرعي.
ومن فوائد هذا الحديث :وجوب النقياد لما جاء به النبي . •
ومن فوائده :أنه يجب تخلي النسان عن هواه المخالف لشريعة ال. •
ومن فوائده :أنه اليمان يزيد وينقص كما هو مذهب أهل السنة والجماعة. •
شرح الحديث الثاني والربعون عودة للحديث الربــعــون الــنـوويــة
هذا الحديث من الحاديث القدسية التي يرويها النبي عن ربه أنه قال جل وعل } :يا بن آدم { الخطاب •
لجميع بني آدم } ،إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك { } ،ما { شرطية يعني :متى دعوتني ورجوتني.
} دعوتني { أي :سألتني أن أغفر لك } .رجوتني { رجوت مغفرتي ولم تيأس } ،غفرت لك { هذا جواب
الشرط والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه أي :أن ال يستر ذنبك عن الناس ويتجاوز عنك فل يعاقبك.
وقوله } :على ما كان منك ول أبالي { يعني على ما كان منك من المعاصي وهذا يشهد له قوله تعالى:
جِميعًا ِإّنُه ُهَو اْلَغُفوُر
ب َ
ل َيْغِفُر الّذُنو َ
ن ا َّ
ل ِإ ّ
حَمِة ا ِّ
طوا ِمن ّر ْ
ل َتْقَن ُ
سِهْم َ
عَلى َأنُف ِسَرُفوا َ ن َأ ْ
ي اّلِذي َ
عَباِد َ
ل َيا ُِق ْ
حيُم ]الزمر.[53: الّر ِ
} يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء { يعني :لو بلغت أعلى السماء } ،ثم استغفرتني غفرت لك { •
يعني :مهما عظمت الذنوب حتى لو وصلت السماء بكثرتها ثم استغفرت ال بصدق وإخلص وافتقار
غفر ال لك.
} يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الرض خطايا ثم لقيتني ل تشرك بي شيئًا لتيتك بقرابها مغفرة { قرابها •
يعني قرب ملئها إذا لقي النسان ربه عزوجل بقراب الرض أي :ملئها أو قربها خطايا لكنها دون الشرك
ولهذا قال } :ثم لقيتني ل تشرك بي شيئًا لتيتك بقرابها مفغرة { وهذا يدل على فضيلة الخلص وأنه
سبب لمغفرة الذنوب.
في هذا الحديث من الفوائد :أن النسان مهما دعا ال بأي شيء ورجا ال في أي شيء إل غفر له. •
ومن فوائده :بيان سعة فضل ال عزوجل . •
ومن وفوائده; أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفرالنسان ربه منها غفرها ال له . •
ل يَْغِفُر أَ ْ
ن ل َن ا َّ ومن فوائد هذا الحديث :فضيلة الخلص وأنه سبب لمغفرة الذنوب وقد قال تعالىِ :إ ّ •
شاُء ]النساء.[48: ن َي َك ِلَم ْ
ن َذِل َ
ك ِبِه َوَيْغِفُر َما ُدو َ
شَر َُي ْ
فنسأل ال تعالى أن يعمنا جميعًا بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمته إنه هو الوهاب. •