Professional Documents
Culture Documents
بِس ِم هِ
اَّلل الهر ْْح ِن الهرِحي ِم ْ
قُ ْل اي أَيُّ َها الْكافُِرو َن ( )١ال أ َْعبُ ُد ما تَ ْعبُ ُدو َن (َ )٢وال أَنْتُ ْم عابِ ُدو َن ما أَ ْعبُ ُد ()٣
َوال أَان عابِ ٌد ما َعبَ ْد ُُّّْت ()٤
ِل ِدي ِن ()٦ َ
َوال أَنْتُ ْم عابِ ُدو َن ما أ َْعبُ ُد ( )٥لَ ُك ْم ِدينُ ُك ْم َوِ
بسم هللا الرْحن الرحيم
سورة الكافرون
مكيّة ،وهي ست آايت
تسميتها
• قُ ْل :اي أَيُّ َها الْكافُِرو َن ،ال أَ ْعبُ ُد ما تَ ْعبُ ُدو َن أي
قل أيها النيب لكفار قريش :اي أيها الكافرون،
ال أعبد على اإلطالق ما تعبدون من األصنام
واألواثن ،فلست أعبد آهلتكم أبية حال .واآلية
تشمل كل كافر على وجه األرض .وفائدة كلمة
اَّلل عليه وسلّم كان مأمورا ابلرفق قُ ْل :أنه صلّى ه
واللني يف مجيع األمور ،وخماطبة الناس ابلوجه
اَّلل
األحسن ،فلما كان اخلطاب هنا غليظا أراد ه
رفع احلرج عنه وبيان أنه مأمور هبذا الكالم ،ال
أنه ذكره من عند نفسه.
اَّلل وحده ال • َوال أَنْتُ ْم عابِ ُدو َن ما أ َْعبُ ُد أي ولستم أنتم ما دمتم على شرككم وكفركم عابدين ا هَّلل الذي أعبد ،فهو ه
شريك له.
اَّلل وحده ،وهم اَّلل عليه وسلّم يعبد ه • وهااتن اآليتان ( )٣ ،٢تدالن على االختالف يف املعبود ،فالنيب صلّى ه
يعبدون األصنام واألواثن أو األنداد والشفعاء ،أو أن املعىن دفعا للتكرار كما ذكر الزخمشري :ال أعبد يف املستقبل
ما تعبدون يف احلال ،وعالمته ال اليت هي لالستقبال ،بدليل أن (لن) لالستقبال على سبيل التوكيد أو التأبيد،
وأصله يف رأي اخلليل :ال أن .وما :للحال « ، »١وخالصة املعىن :ال أفعل يف املستقبل ما تطلبونه مين من عبادة
آهلتكم ،وال أنتم فاعلون يف املستقبل ما أطلب منكم من عبادة إهليَ .وال أَان عابِ ٌد ما َعبَ ْد ُُّّْتَ ،وال أَنْتُ ْم عابِ ُدو َن ما
أ َْعبُ ُد أي وال أعبد عبادتكم ،أي ال أسلكها وال أقتدي هبا،
اَّلل على الوجه الذي حيبه ويرضاه،
• وإمنا أعبد ه
اَّلل وشرعه يف عبادته ،بل وأنتم ال تقتدون أبوامر ه
قد اخرتعتم شيئا من تلقاء أنفسكم ،فعبادة
اَّلل عليه وسلّم وأتباعه خالصة هَّلل
الرسول صلّى ه
ال شرك فيها وال غفلة عن املعبود ،وهم يعبدون
اَّلل مبا شرعه ،وهلذا كانت كلمة اإلسالم« :ال إله ه
اَّلل،اَّلل» أي ال معبود إال ه
اَّلل ،حممد رسول ه إال ه
وال طريق إليه يف العبادة إال مبا جاء به الرسول
اَّلل عليه وسلّم.
صلّى ه
اَّلل هبا ،فكلها شرك وإشراك،
اَّلل عبادة مل أيذن ه
• واملشركون يعبدون غري ه
ووسائلها من صنع اهلوى والشيطان.
• فاآليتان ( )٥ ،٤تدالن على االختالف يف العبادة نفسها .ويرى
بعضهم كالزخمشري :وما كنت قط يف احلال أو يف املاضي عابدا ما
عبدُّت ،يعين مل تعهد مين عبادة صنم يف اْلاهلية ،فكيف ترجى مين يف
اإلسالم؟! وما عبدُّت يف وقت ما أان على عبادته.
• وقيل :يف اآلايت تكرار ،والغرض التأكيد ،لقطع أطماع الكفار عن أن
اَّلل عليه وسلّم إىل ما سألوه من عبادته آهلتهم.
اَّلل صلّى ه
جييبهم رسول ه
ِل ِدي ِن أي لكم شرككم أو كفركم ،وِل
َ
• لَ ُك ْم ِدينُ ُك ْم َوِ
ديين وهو التوحيد واإلخالص أو اإلسالم ،فدينكم الذي
إِل ،وديين الذي هو
هو اإلشراك ،لكم ال يتجاوزكم ّ
التوحيد مقصور علي ال يتجاوزين ،فيحصل لكم .وقيل:
الدين:
• اْلزاء ،واملضاف حمذوف ،أي لكم جزاء دينكم ،وِل
جزاء ديين .وقيل:
• الدين :العبادة.
• وليست السورة منسوخة آبية القتال ،واحملققون على أنه ال نسخ ،بل املراد التهديد ،كقوله تعاىلْ :اع َملُوا ما ِشْئ تُ ْم
[فصلت . ]٤٠ /٤١
وك فَ ُق ْلِِ :ل َع َملِيَ ،ولَ ُك ْم َع َملُ ُك ْم ،أَنْتُ ْم بَِريئُو َن ِِمها أ َْع َم ُلَ ،وأ ََان بَِريءٌ ِِمها
• ونظري هذه اآلية قوله تعاىلَ :وإِ ْن َك هذبُ َ
تَ ْع َملُو َن [يونس ]٤١ /١٠وقوله:
• لَنا أ َْعمالُناَ ،ولَ ُك ْم أ َْعمالُ ُك ْم [القصص . ]٥٥ /٢٨واملراد بذلك كله التهديد ،ال الرضا بدين اآلخرين.
ِل ِدي ِن على أن الكفر كله ملة َ
اَّلل الشافعي وغريه هبذه اآلية الكرمية :لَ ُك ْم ِدينُ ُك ْم َوِ • وقد استدل اإلمام أبو عبد ه
فورث اليهود من النصارى وابلعكس إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به ألن األداين ما عدا واحدةّ ،
اإلسالم كلها كالشيء الواحد يف البطالن.
فقه احلياة أو األحكام
• دلت السورة على اختالف املعبود واختالف العبادة بني
املسلمني وغريهم ،وعلى أن الكفر ملة واحدة يف مواجهة
اإلسالم ،وهذه العوامل الثالثة تدل على أنه اللقاء بني
الكفر واإلميان ،وال بني أصحاب العداوة الدينية احلاقدة
املتأصلة يف النفس مع اإلسالم وأهله.
اَّلل عليه وسلّم وأتباعه
• أما اختالف املعبود بني النيب صلّى ه
اَّلل وحده
املؤمنني وبني الكفار :فهو أن الفريق األول يعبد ه
اَّلل من األصنام
ال شريك له ،والفريق الثاين يعبد غري ه
واألواثن واألنداد والشفعاء من البشر أو املالئكة أو
الكوكب أو غري ذلك من أابطيل امللل والنحل.
اَّلل إبخالص ال• وأما اختالف العبادة فاملؤمنون يعبدون ه
اَّلل لعباده من
شرك فيه وال غفلة عن املعبود ،ومبا شرع ه
كيفية العبادة املرضية له ،وأما الكفار واملشركون فيعبدون
معبوداهتم بكيفيات فيها الشرك واإلشراك وبنحو اخرتعوه
ألنفسهم ،ال يرضى عنه رهبم.