You are on page 1of 207

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن ربه‪ " :‬ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين‬
‫يبقي ثلث الليل الخر" متفق عليه "‪.‬‬
‫وهم يقولون ‪ :‬إن الله ل ينزل ‪.‬‬
‫والنبي ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬قال عن ربه ‪ " ،‬وإذا أبغض عبدا ً دعا جبريل‬
‫فيقول إني أبغض فلنا ً فأبغضه " رواه مسلم ‪.‬‬
‫وهم يقولون ‪ :‬إن الله ل يبغض ‪.‬‬
‫والنبي ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ " :‬ول يزال يدعو حتى يضحك الله منه‬
‫فإذا ضحك الله منه قال ‪ :‬ادخل الجنة " متفق عليه ‪.‬‬
‫وهم يقولون‪ :‬إن الله ل يضحك‪.‬‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن ربه‪ " :‬لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من‬
‫أحدكم بضالته إذا وجدها " رواه مسلم‪.‬‬
‫وهم يقولون ‪ :‬إن الله ل يفرح ‪.‬‬
‫والنبي ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال عن ربه ‪ ":‬عجب الله من قوم يدخلون‬
‫الجنة في السلسل " رواه البخارى ‪.‬‬
‫وهم يقولون‪ :‬إن الله ل يعجب‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه في كتابه‪ ،‬أو على‬
‫لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وهم ينكرون أن تكون لله تعالى على‬
‫الحقيقة‪ ،‬ويقولون ‪ :‬هي مجاز عن معان عينوها بعقولهم‪ ،‬وزعموا أنها المرادة‬
‫بكلم الله تعالى وكلم رسوله صلى الله عليه وسلم وإذا كانت هذه النصوص‬
‫مجازا ً بإقرارهم‪ ،‬فإن أبرز علمات المجاز صحة نفيه فيكون نفيها سائغا ً على‬
‫زعمهم مع أن الله أثبتها لنفسه والله المستعان‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬في ص‪ ..‬عدد ‪ ..‬دعا فضيلتكم إلى الكف عن مهاجمة أتباع‬
‫المذاهب والشاعرة‪ ،‬والخوان‪ ،‬حتى الصوفيين أصحاب الطرق المعروفة‬
‫وعللتم ذلك بأن الجميع يريدون وجه الله ويجمعهم شيء واحد وهو حب‬
‫السلم‪ ،‬وخدمة الدين‪ ،‬ومنهم من يخطىء في السلوب‪ ،‬أو في الطريق ثم‬
‫دعوتم إلى أن نوجههم بالحسنى إلى الجادة‪.‬‬
‫ول ريب أن التوجيه بالحسنى مطلوب‪ ،‬وأن للدعوة إلى سبيل الله تعالى أربع‬
‫ل َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫سِبي ِ‬
‫مراتب ذكرها الله تعالى في آيتين أولهما‪ :‬قوله تعالى‪} :‬اد ْع ُ إ ِِلى َ‬
‫َ‬
‫ن{ ‪ .‬والثانية ‪ :‬قوله‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬‫يأ ْ‬ ‫جادِل ُْهم ِبال ِّتي هِ َ‬‫سن َةِ وَ َ‬
‫ح َ‬‫عظ َةِ ال ْ َ‬
‫مو ْ ِ‬‫مةِ َوال ْ َ‬
‫حك ْ َ‬‫ِبال ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫موا‬‫ن ظ َل َ ُ‬
‫ذي َ‬‫ن إ ِّل ال ّ ِ‬‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ب إ ِّل ِبال ِّتي هِ َ‬
‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫جادُِلوا أهْ َ‬ ‫تعالى ‪} :‬وََل ت ُ َ‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ِ‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكثيرمن هؤلء المخالفين للسلف تقوم عليهم الحجة بأوضح بيان وأفصح‬
‫عبارة‪ ،‬ولكنهم يعاندون وربما يعتدون‪ ،‬ويستطيلون على أهل الحق بوصفهم‬
‫بألقاب السوء‪ ،‬لينفروا الناس عن الحق الذي هم عليه‪ .‬ومثل هؤلء ل يمكن‬
‫الدعوة إلى مداهنتهم وترك مهاجمتهم‪ ،‬لن ذلك إضعاف لجانب الحق‪ ،‬وذل‬
‫وخنوع لهل الباطل‪.‬‬
‫وأما التعليل الذي ذكرتموه من أن الجميع يريدون وجه الله ويجمعهم حب‬
‫السلم وخدمة الدين‪ ،‬فل ريب أن بعضهم يدعي ذلك‪ ،‬ولكن الخلص وحده ل‬
‫حا حتى يكون مخلصا ً لله‪،‬‬ ‫يكفي بل لبد من عمل صالح ول يكون العمل صال ً‬
‫متبعا ً فيه شريعته التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫والسابقون الولون من المهاجرين والنصار‪ ،‬والذين اتبعوهم بإحسان قال‬
‫عند َ َرب ّهِ وَل َ‬ ‫جُرهُ ِ‬ ‫الله تعالى‪ } :‬بَلى من أ َسل َم وجهه ل ِل ّه وهُو محسن فَل َ َ‬
‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ َ ُ ْ ِ ٌ‬ ‫َ ْ ْ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪ .‬فلم يكتف بمجرد إسلم الوجه لله تعالى بل‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫َ‬
‫م وَل هُ ْ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬
‫خو ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيد ذلك بقوله ‪} :‬وهو محسن{ ومن المعلوم أن المشركين الذين يعبدون‬
‫م إ ِلّ‬‫ما ن َعْب ُد ُهُ ْ‬
‫الصنام ويتخذونهم أولياء كانوا يدعون حسن القصد يقولون ‪َ } :‬‬
‫فى{ ‪ .‬وأن من هؤلء الطوائف الذين دعوتم إلى ترك‬ ‫قّرُبوَنا إ َِلى الل ّهِ ُزل ْ َ‬ ‫ل ِي ُ َ‬
‫مهاجمتهم وزعمتم أنهم يريدون وجه الله من اتخذ من دون الله أولياء‬
‫يحبونهم كحب الله أوأشد‪.‬‬
‫ثم إن كل من يدعي أنه يريد وجه الله والدار الخرة‪ ،‬فإنه غير مقبول في‬
‫دعواه حتى يأتي بالبينة التي نصبها الله تعالى برهانا ً على ذلك‪ ،‬في قوله‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫حّبو َ‬
‫م تُ ِ‬
‫كنت ُ ْ‬‫ل ِإن ُ‬ ‫تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم‪} :‬قُ ْ‬
‫هّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫طيُعوا الل َ‬ ‫لأ ِ‬ ‫م ‪ .‬قُ ْ‬ ‫حي ٌ‬‫فوٌر ّر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬‫م َوالل ّ ُ‬‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫ه وَي َغْ ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬‫َفات ّب ُِعوِني ي ُ ْ‬
‫ن{‪ .‬فمن ادعى أنه يريد وجه‬ ‫ري َ‬ ‫كافِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ب ال َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ل فِإن ت َوَلوْا فَإ ِ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َوالّر ُ‬
‫الله‪ ،‬وأنه يحب دينه وهو السلم‪ ،‬نظرنا في موقفه تجاه السلم فإن كان‬
‫على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقيدة‪ ،‬والقول‪،‬‬
‫والعمل كان صادقا ً في دعواه‪ ،‬وإن قصر في ذلك علمنا أنه قد نقص من‬
‫صدقه بقدر ما قصر فيه‪.‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫وليعلم فضيلتكم أن كثرة العدد ليست وحدها السبب في نصرة السلم وعزة‬
‫المؤمنين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ " :‬لن يغلب اثنا عشر ألفا ً من‬
‫قلة " كما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وأعله الترمذي‪ ،‬وأنما النصرة لمن‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫نصر الله عز وجل واتبع رسوله ظاهرا ً وباطنا ً قال الله تعالى‪َ } :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م{ ‪ .‬وقال تعالى‪} :‬وَعَد َ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ت أقْ َ‬ ‫م وَي ُث َب ّ ْ‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫ه َين ُ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ِإن َتن ُ‬ ‫آ َ‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫فن ُّهم ِفي الْر ِ‬ ‫خل ِ َ‬‫ست َ ْ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫من ب َعْدِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م وَلي ُب َد ّلن ُّهم ّ‬ ‫َ‬
‫ضى لهُ ْ‬ ‫ذي اْرت َ َ‬ ‫ّ‬
‫م ال ِ‬ ‫م ِدين َهُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن لهُ ْ‬ ‫مك ّن َ ّ‬ ‫َ‬
‫م وَلي ُ َ‬ ‫من قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه لَ َ‬ ‫خوفه َ‬
‫ي‬
‫قو ِ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫صُره ُ إ ِ ّ‬‫من َين ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫صَر ّ‬ ‫منًا{ ‪ .‬وقال جل ذكره ‪ } :‬وَل ََين ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ْ ِ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مُروا‬ ‫وا الّزكاة َ وَأ َ‬ ‫صلة َ َوآت َ ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫ض أَقا ُ‬ ‫م ِفي الْر ِ‬ ‫مكّناهُ ْ‬ ‫ن ِإن ّ‬ ‫ذي َ‬‫زيٌز ‪ .‬ال ِ‬ ‫عَ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫موِر{‪.‬‬ ‫ة ال ُ‬ ‫عاقِب َ ُ‬ ‫منكرِ وَل ِلهِ َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫وا عَ ِ‬ ‫ف وَن َهَ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫فنسأل الله تعالى أن يجمع المسلمين على كلمة الحق‪ ،‬وأن يعيذهم من‬
‫البدع والفتن ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم‬
‫وأن يصلح لهم ولة أمورهم‪ ،‬وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين‪ ،‬وقادة‬
‫الخير المصلحين‪ ،‬وأن ل يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا‪ ،‬وأن يهب لنا منه رحمة إنه‬
‫هو الوهاب‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والحمد لله رب العالمين صلى الله عليه وسلم على نبينا‪ ،‬محمد وعلى آله‬
‫وصحبه‪ ،‬والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫‪ 24/12/1403‬هـ‪.‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫رسالة في حكم السحر والكهانة مع بعض الفتاوى المهمة‬


‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫دار الوطن‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فنظرا لكثرة المشعوذين في الونة الخيرة ممن يدعون الطب ويعالجون عن‬
‫طريق السحر أو الكهانة‪ ،‬وانتشارهم في بعض البلد‪ ،‬واستغللهم للسذج من‬
‫الناس ممن يغلب عليهم الجهل ‪ -‬رأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن أبين‬
‫ما في ذلك من خطر عظيم على السلم والمسلمين لما فيه من التعلق بغير‬
‫الله تعالى ومخالفة أمره وأمر رسوله ‪.‬‬
‫فأقول مستعينا بالله تعالى يجوز التداوي اتفاقا‪ ،‬وللمسلم أن يذهب إلى‬
‫دكتور أمراض باطنية أو جراحية أو عصبية أو نحو ذلك ؛ ليشخص له مرضه‬
‫ويعالجه بما يناسبه من الدوية المباحة شرعا حسبما يعرفه في علم الطب ؛‬
‫لن ذلك من باب الخذ بالسباب العادية ول ينافي التوكل على الله‪ ،‬وقد أنزل‬
‫الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من‬
‫جهله‪ ،‬ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم‪.‬‬
‫فل يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف‬
‫منهم مرضه‪ ،‬كما ل يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون‬
‫رجما بالغيب‪ ،‬أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون‪ ،‬وهؤلء‬
‫حكمهم الكفر والضلل إذا ادعوا علم الغيب‪ ،‬وقد روى مسلم في صحيحه أن‬
‫النبي قال‪ } :‬من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلة أربعين يوما {‬
‫وعن أبي هريرة عن النبي قال‪ } :‬من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر‬
‫بما أنزل على محمد { ]رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الربع[‪ ،‬وصححه‬
‫الحاكم عن النبي بلفظ‪ } :‬من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر‬
‫بما أنزل على محمد { وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله ‪ } :‬ليس‬
‫منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى‬
‫كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد { ]رواه البزار بإسناد‬
‫جيد[‪.‬‬
‫ففي هذه الحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين والكهنة والسحرة‬
‫وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك‪ ،‬فالواجب على ولة المور‬
‫وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين‬
‫ونحوهم‪ ،‬ومنع من يتعاطى شيئا من ذلك في السواق وغيرها والنكار عليهم‬
‫أشد النكار‪ ،‬والنكار على من يجيء إليهم‪ ،‬ول يجوز أن يغتر بصدقهم في‬
‫بعض المور ول بكثرة من يأتي إليهم من الناس فإنهم جهال ل يجوز اغترار‬
‫الناس بهم؛ لن الرسول قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك‬
‫من المنكر العظيم والخطر الجسيم والعواقب الوخيمة ولنهم كذبة فجرة‪.‬‬
‫كما أن في هذه الحاديث دليل على كفر الكاهن والساحر لنهما يدعيان علم‬
‫الغيب وذلك كفر‪ ،‬ولنهما ل يتوصلن إلى مقصدهما إل بخدمة الجن وعبادتهم‬
‫من دون الله وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه والمصدق لهم في دعواهم‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫علم الغيب يكون مثلهم‪ ،‬وكل من تلقى هذه المور عمن يتعاطاها فقد برئ‬
‫منه رسول الله ‪ ،‬ول يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علجا كنمنمتهم‬
‫بالطلسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها‪ ،‬فإن هذا‬
‫من الكهانة والتلبيس على الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم‬
‫وكفرهم‪.‬‬
‫كما ل يجوز أيضا لحد من المسلمين أن يذهب إليهم ليسألهم عمن سيتزوج‬
‫ابنه أو قريبه أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو‬
‫العداوة والفراق ونحو ذلك؛ لن هذا من الغيب الذي ل يعلمه إل الله سبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله عز وجل في شأن الملكين في‬
‫ة َفل ت َك ْ ُ‬
‫فْر‬ ‫ن فِت ْن َ ٌ‬ ‫سورة البقرة‪ :‬وما يعل ّمان م َ‬
‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬
‫قول إ ِن ّ َ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫حد ٍ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ َ َُ َ ِ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫حد ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ب ِهِ ِ‬ ‫ضاّري َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫جهِ وَ َ‬ ‫مْرِء وََزوْ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فّرُقو َ‬
‫ن ب ِهِ ب َي ْ َ‬ ‫ما ي ُ َ‬‫ما َ‬ ‫من ْهُ َ‬
‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫فَي َت َعَل ّ ُ‬
‫ما ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫شت ََراه ُ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫موا ل َ َ‬ ‫قد ْ عَل ِ ُ‬ ‫م وَل َ َ‬‫فعُهُ ْ‬ ‫م َول ي َن ْ َ‬ ‫ضّرهُ ْ‬ ‫ما ي َ ُ‬‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫ن الل ّهِ وَي َت َعَل ّ ُ‬ ‫ِإل ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫ن ]البقرة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِفي اْل ِ‬
‫مو َ‬ ‫م لوْ كاُنوا ي َعْل ُ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬‫شَرْوا ب ِهِ أن ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ق وَلب ِئ َ‬ ‫خل ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫خَرةِ ِ‬
‫‪.[102‬‬
‫فدلت هذه اليات الكريمة على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين‬
‫المرء وزوجه‪ .‬كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا ول ضرا وإنما‬
‫يؤثر بإذن الله الكوفي القدري لن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير‬
‫والشر‪.‬‬
‫ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم‬
‫عن المشركين ولبسوا بها على ضعفاء العقول فإنا لله وإنا إليه راجعون‬
‫وحسبنا الله ونعم الوكيل‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كما دلت الية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما‬
‫يضرهم ول ينفعهم وأنه ليس لهم عند الله من خلق أي‪) :‬من حظ ونصيب(‪،‬‬
‫وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والخرة‪ ،‬وأنهم باعوا‬
‫أنفسهم بأبخس الثمان‪ ،‬ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله‪:‬‬
‫ن والشراء هنا بمعنى البيع‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫كاُنوا ي َعْل َ ُ‬‫م ل َوْ َ‬ ‫سهُ ْ‬
‫ف َ‬‫شَرْوا ب ِهِ أ َن ْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬‫وَل َب ِئ ْ َ‬
‫نسأل الله العافية والسلمة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين‪ ،‬كما‬
‫نسأله سبحانه أن يقي المسلمين شرهم‪ ،‬وأن يوفق حكام المسلمين للحذر‬
‫منهم وتنفيذ حكم الله فيهم حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثة‬
‫إنه جواد كريم‪.‬‬
‫وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه‪ ،‬وأوضح‬
‫لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه رحمة منه لهم‪ ،‬وإحسانا منه إليهم‪،‬‬
‫وإتماما لنعمته عليهم‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان للشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه والشياء التي‬
‫يعالج بها بعد وقوعه من المور المباحة شرعا‪:‬‬
‫أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو‪ :‬التحصن‬
‫بالذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة‪ ،‬ومن ذلك قراءة آية‬
‫الكرسي خلف كل صلة مكتوبة بعد الذكار المشروعة بعد السلم‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قراءتها عند النوم‪ ،‬وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم وهي قوله‬
‫ْ‬
‫ما ِفي‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ة َول ن َوْ ٌ‬ ‫خذ ُهُ ِ‬
‫سن َ ٌ‬ ‫م ل ت َأ ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫قّيو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ِإل هُوَ ال ْ َ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬
‫سبحانه‪ :‬الل ّ ُ‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َْ‬
‫ن‬‫ما ب َي ْ َ‬ ‫م َ‬‫عن ْد َه ُ ِإل ب ِإ ِذ ْن ِهِ ي َعْل َ ُ‬ ‫فع ُ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ن َذا ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سي ّ ُ‬ ‫سعَ كْر ِ‬ ‫شاَء وَ ِ‬ ‫مهِ ِإل ب ِ َ‬ ‫عل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫يٍء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫حيطو َ‬ ‫م َول ي ُ ِ‬ ‫فهُ ْ‬ ‫خل َ‬ ‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ي ال ْعَ ِ‬ ‫َ‬
‫م ]البقرة‪.[255:‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫ما وَهُوَ ال ْعَل ِ ّ‬ ‫فظ ُهُ َ‬ ‫ح ْ‬‫ض َول ي َُئود ُه ُ ِ‬ ‫ت َواْلْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ق‬ ‫فل َ‬‫َ‬ ‫ب ال ْ‬ ‫ر‬‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫عو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫[‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫]الخلص‪:‬‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫قراءة‪:‬‬ ‫ذلك‬ ‫ومن‬
‫ِ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ُ َ ٌ‬ ‫ُ َ‬
‫س ]الناس‪ ،[1:‬خلف كل صلة مكتوبة وقراءة‬ ‫ّ ِ‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫عوذ ُ ب ِ َ ّ‬
‫ر‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫]الفلق‪ ،[1:‬و قُ ْ‬
‫هذه السور الثلث ثلث مرات في أول النهار بعد صلة الفجر‪ ،‬وفي أول‬
‫الليل بعد صلة المغرب‪ ،‬وعند النوم‪ ،‬ومن ذلك قراءة اليتين من آخر سورة‬
‫ه‬
‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫البقرة في أول الليل وهما قوله تعالى‪ :‬آ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سل ِ ِ‬‫ن ُر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫سل ِهِ ل ن ُ َ‬ ‫ملئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِهِ وَُر ُ‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫لآ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫صيُر ]البقرة‪ [285:‬إلى آخر‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ك َرب َّنا وَإ ِل َي ْ َ‬ ‫فَران َ َ‬ ‫معَْنا وَأ َط َعَْنا غُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫وََقاُلوا َ‬
‫السورة‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول الله أنه قال‪ } :‬من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل‬
‫عليه من الله حافظ ول يقربه شيطان حتى يصبح {‪ ،‬وصح عنه أيضا أنه قال‪:‬‬
‫} من قرأ اليتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه { والمعنى والله أعلم‪:‬‬
‫كفتاه من كل سوء‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬الكثار من التعوذ بـ"كلمات الله التامات من شر ما خلق" في‬
‫الليل والنهار‪ ،‬وعند نزول أي منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر‬
‫لقول النبي ‪ } :‬من نزل منزل فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما‬
‫خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك {‪ .‬ومن ذلك أن يقول‬
‫المسلم في أول النهار وأول الليل ثلث مرات‪ } :‬بسم الله الذي ل يضر مع‬
‫اسمه شيء في الرض ول في السماء وهو السميع العليم { لصحة الترغيب‬
‫في ذلك عن رسول الله ‪ ،‬وأن ذلك سبب للسلمة من كل سوء‪.‬‬
‫وهذه الذكار والتعوذات من أعظم السباب في اتقاء شر السحر وغيره من‬
‫الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح‬
‫صدر لما دلت عليه‪ ،‬وهي أيضا من أعظم السلح لزالة السحر بعد وقوعه مع‬
‫الكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس‪.‬‬
‫ومن الدعية الثابتة عنه في علج المراض من السحر وغيره وكان يرقي بها‬
‫أصحابه‪ } :‬اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي ل شفاء إل‬
‫شفاؤك شفاء ل يغادر سقما { يقولها ثلثا‪ ،‬ومن ذلك الرقية التي رقى بها‬
‫جبرائيل النبي وهي قوله‪ } :‬بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر‬
‫كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك { وليكرر ذلك ثلث‬
‫مرات‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ومن علج السحر بعد وقوعه أيضا وهو علج نافع للرجل إذا حبس من جماع‬
‫أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها‬
‫في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها‪ :‬آية الكرسي و قُ ْ‬
‫ل‬
‫عوذ ُ‬ ‫ل أَ ُ‬‫حد ٌ ]الخلص‪ ،[1:‬و قُ ْ‬ ‫ل هُو الل ّ َ‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن ]الكافرون‪ ،[1:‬و قُ ْ َ‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫َيا أ َي َّها ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ق ]الفلق‪ ،[1:‬و قُ ْ‬ ‫ب ال ْ َ َ‬
‫س ]الناس‪ ،[1:‬وآيات السحر التي‬ ‫ب ال َّنا ِ‬ ‫عوذ ُ ب َِر ّ‬ ‫لأ ُ‬ ‫فل ِ‬ ‫ب َِر ّ‬
‫صاكَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق عَ َ‬ ‫ن أل ِ‬ ‫سى أ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫حي َْنا إ ِلى ُ‬ ‫في سورة العراف وهي قوله سبحانه‪ :‬وَأوْ َ‬
‫ن فَغُل ُِبوا هَُنال ِكَ‬ ‫ُ‬
‫ملو َ‬ ‫َ‬
‫ما كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫حقّ وَب َط َ َ‬ ‫ن فَوَقَعَ ال ْ َ‬ ‫ما ي َأ ْفِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ف َ‬‫ق ُ‬ ‫ي ت َل ْ َ‬ ‫فَإ َِذا هِ َ‬
‫ن ]العراف‪ ،[119-117:‬واليات في سورة يونس وهي قوله‬ ‫ري َ‬ ‫صاِغ ِ‬ ‫قل َُبوا َ‬ ‫َوان ْ َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَرةُ قال لهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫جاَء ال ّ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حرٍ عَِليم ٍ فل ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ن ائُتوِني ب ِكل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سبحانه‪ :‬وَقال فِْرعَوْ ُ‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫حُر إ ِ ّ‬ ‫س ْ‬‫م ب ِهِ ال ّ‬ ‫جئ ْت ُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫وا َقا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما أ َل ْ َ‬ ‫ن فَل َ ّ‬ ‫قو َ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م ُ‬
‫َ‬
‫ما أن ْت ُ ْ‬ ‫قوا َ‬ ‫سى أ َل ْ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مات ِهِ وَلوْ كرِهَ‬ ‫َ‬
‫حقّ ب ِكل ِ َ‬ ‫ْ‬
‫ه ال َ‬ ‫ّ‬
‫حقّ الل ُ‬ ‫ن وَي ُ ِ‬ ‫دي َ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫مل ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ح عَ َ‬ ‫صل ِ ُ‬
‫ه ل يُ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ُ‬
‫سي ُب ْط ِل ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ما أ ْ‬ ‫سى إ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ن ]يونس‪ ،[82-79:‬واليات في سورة طه‪ :‬قالوا َيا ُ‬ ‫مو َ‬ ‫جرِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خي ّ ُ‬
‫ل‬ ‫م يُ َ‬ ‫صي ّهُ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫حَبال ُهُ ْ‬ ‫قوا فَإ َِذا ِ‬ ‫ل أل ْ ُ‬ ‫ل بَ ْ‬‫قى َقا َ‬ ‫ن أل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أوّ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ن نَ ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ي وَإ ِ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ت ُل ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ف إ ِن ّ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫سى قُل َْنا ل ت َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ف ً‬‫خي َ‬ ‫سهِ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫س ِفي ن َ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫سَعى فَأوْ َ‬ ‫م أن َّها ت َ ْ‬ ‫حرِهِ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫إ ِل َي ْهِ ِ‬
‫ك ت َل ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ َن ْ َ ْ َ‬
‫َ‬
‫ح‬
‫فل ِ ُ‬‫حرٍ َول ي ُ ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫صن َُعوا ك َي ْد ُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫صن َُعوا إ ِن ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ق ْ‬ ‫مين ِ َ‬ ‫ما ِفي ي َ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ت العْلى وَألَ ِ‬
‫ث أَتى ]طه‪.[69-65:‬‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫حُر َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلث حسوات ويغتسل بالباقي‬
‫وبذلك يزول الداء إن شاء الله‪ ،‬وإن دعت الحاجة لستعماله مرتين أو أكثر‬
‫فل بأس حتى يزول الداء‪.‬‬
‫ومن علج السحر أيضا ‪ -‬وهو من أنفع علجه ‪ -‬بذل الجهود في معرفة موضع‬
‫السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك‪ ،‬فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل‬
‫السحر‪.‬‬
‫هذا ما تيسر بيانه من المور التي يتقى بها السحر ويعالج بها والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫وأما علجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من‬
‫القربات فهذا ل يجوز؛ لنه من عمل الشيطان بل من الشرك الكبر‪.‬‬
‫فالواجب الحذر من ذلك‪ ،‬كما ل يجوز علجه بسؤال الكهنة والعرافين‬
‫والمشعوذين واستعمال ما يقولون لنهم ل يؤمنون‪ ،‬ولنهم كذبة فجرة‬
‫يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس‪ ،‬وقد حذر الرسول من إتيانهم‬
‫وسؤالهم وتصديقهم كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة‪ .‬وقد صح عن‬
‫رسول الله ‪ } :‬أنه سئل عن النشرة فقال‪ :‬هي من عمل الشيطان { ]رواه‬
‫المام أحمد وأبو داود بإسناد جيد[‪.‬‬
‫والنشرة هي حل السحر عن المسحور ومراده بكلمه هذا النشرة التي‬
‫يتعاطاها أهل الجاهلية‪ ،‬وهي‪ :‬سؤال الساحر ليحل السحر‪ ،‬أو حله بسحر مثله‬
‫من ساحر آخر‪.‬‬
‫أما حله بالرقية والتعوذات الشرعية والدوية المباحة فل بأس بذلك كما‬
‫تقدم‪ .‬وقد نص على ذلك العلمة ابن القيم‪ ،‬والشيخ عبد الرحمن بن حسن‬
‫في فتح المجيد رحمة الله عليهما‪ ،‬ونص على ذلك أيضا غيرهما من أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء‪ ،‬وأن يحفظ عليهم‬
‫دينهم‪ ،‬ويرزقهم الفقه فيه‪ ،‬والعافية من كل ما خالف شرعه وصلى الله‬
‫وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫حكم سؤال السحرة والمشعوذين‬
‫سؤال‪ :‬يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون‪) :‬السادة( وهؤلء يأتون‬
‫بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها‪ ،‬ويدعون أنهم يقدرون على شفاء‬
‫الناس من المراض المستعصية‪ ،‬ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر‬
‫أو قطع ألسنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم‪ ،‬وهؤلء منهم من يصلي‬
‫ومنهم من ل يصلي‪ .‬وكذلك يحلون لنفسهم الزواج من غير فصيلتهم‪ ،‬ول‬
‫يحلون لحد الزواج من فصيلتهم‪ ،‬وعند دعائهم للمرضى يقولون‪) :‬يا الله يا‬
‫فلن( أحد أجدادهم‪.‬‬
‫وفي القديم كان الناس يكبرونهم‪ ،‬والن الناس مختلفون فيهم‪ .‬فما حكم‬
‫الدين في أمثال هؤلء؟‬
‫الجواب‪ :‬هؤلء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتصرفات باطلة‪ ،‬وهم أيضا من جملة العرافين الذين قال فيهم النبي ‪ } :‬من‬
‫أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلة أربعين يوما { وذلك بدعواهم‬
‫علم الغيب‪ ،‬وخدمتهم للجن‪ ،‬وعبادتهم إياهم‪ ،‬وتلبيسهم على الناس بما‬
‫يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون‪َ :‬قا َ‬
‫ل‬
‫َ‬ ‫ما أ َل ْ َ‬ ‫أ َل ْ ُ‬
‫ظيم ٍ‬
‫حرٍ عَ ِ‬
‫س ْ‬
‫جاُءوا ب ِ ِ‬
‫م وَ َ‬
‫ست َْرهَُبوهُ ْ‬
‫س َوا ْ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫حُروا أعْي ُ َ‬
‫س َ‬
‫وا َ‬
‫ق ْ‬ ‫قوا فَل َ ّ‬
‫]العراف‪ ،[116:‬فل يجوز إتيانهم ول سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله ‪:‬‬
‫} من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد { وفي لفظ‬
‫آخر‪ } :‬من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على‬
‫محمد {‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله‪ ،‬أو زعمهم أن آباءهم وأسلفهم‬
‫يتصرفون في الكون‪ ،‬أو يشفون المرضى‪ ،‬أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو‬
‫غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الكبر‪ ،‬فالواجب‬
‫النكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم؛ لنهم قد جمعوا‬
‫في هذه العمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير‬
‫الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن والموات وغيرهم‬
‫ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلفهم أو من أناس آخرين‬
‫يزعمون أن لهم ولية أو لهم كرامة‪ ،‬بل كل هذا من أعمال الشعوذة ومن‬
‫أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر‪.‬‬
‫وأما ما يقع من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم‬
‫ألسنتهم فكل هذا تمويه على الناس‪ ،‬وكله من أنواع السحر المحرم الذي‬
‫جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم‪ ،‬فل‬
‫ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك‪ ،‬وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن‬
‫ل إل َيه من سحره َ‬
‫سَعى ]طه‪ ،[66:‬فهؤلء قد‬ ‫م أن َّها ت َ ْ‬ ‫خي ّ ُ ِ ْ ِ ِ ْ ِ ْ ِ ِ ْ‬
‫سحرة فرعون‪ :‬ي ُ َ‬
‫جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الكبر‬
‫والستعانة بغير الله والستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف‬
‫في علم الكون‪ ،‬وهذه أنواع كثيرة من الشرك الكبر والكفر البواح ومن‬
‫أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب الذي ل‬
‫ض ال ْغَي ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ب‬ ‫ت َوالْر ِ‬
‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬
‫ن ِفي ال ّ‬‫م ْ‬‫م َ‬‫ل ل ي َعْل َ ُ‬ ‫يعلمه إل الله كما قال سبحانه‪ :‬قُ ْ‬
‫ه ]النمل‪.[65:‬‬ ‫ِإل الل ّ ُ‬
‫فالواجب على جميع المسلمين العارفين بحالهم‪ :‬النكار عليهم وبيان سوء‬
‫تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم إلى ولة المور إذا كانوا في بلد إسلمية‬
‫حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعًا؛ حسما ً لشرهم وحماية للمسلمين من‬
‫أباطيلهم وتلبيسهم‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫رسالة في ليلة التنفيذ)*(‬


‫شعر‪ :‬هاشم الرفاعي‬
‫ن‬
‫أبتاه‪ ،‬ماذا قد يخط بناني والحبل والجلد منتظرا ِ‬
‫هذا الكتاب إليك من زنزانة مقرورة)‪ (1‬صخرية الجدران‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س أن ظلمها أكفاني‬ ‫ة أحيا بها وأح ّ‬ ‫لم تبقَ إل ليل ٌ‬


‫ت أشك في هذا – وتحمل بعدها جثماني‬ ‫ستمّر يا أبتاه – لس ُ‬
‫الليل من حولي هدوء قاتل والذكريات تمور في وجداني‬
‫ويهدني ألمي‪ ،‬فأنشد راحتي في بضع آيات من القرآن‬
‫ب الخضوع بها فهّز كياني‬ ‫والنفس بين جوانحي شفافة د ّ‬
‫ت أومن بالله ولم أذق إل أخيرا ً لذةَ اليمان‬ ‫قد عش ُ‬
‫شكًرا لهم‪ ،‬أنا ل أريد طعامهم فليرفعوه‪ ،‬فلست بالجوعان‬
‫خوان)‪(2‬‬ ‫هذا الطعام المّر ما صنعته لي أمي‪ ،‬ول وضعوه فوق ِ‬
‫ن لي جاءاه يستبقان‬ ‫كل‪ ،‬ولم يشهده يا أبتي معي أخوا ِ‬
‫دا مصبوغة بدمي‪ ،‬وهذي غاية الحسان‬ ‫ي به ي ً‬ ‫مدوا إل ّ‬
‫ت بهن أصابعُ السجان‬ ‫والصمت يقطعه رنين سلسل عبث ْ‬
‫ي بمقلَتي شيطان‬ ‫ما بين آونة تمر‪ ..‬وأختها يرنو إل ّ‬
‫ن إلى الدوران‬ ‫ده ويعود في أم ٍ‬ ‫من كوة بالباب يرقب صي َ‬
‫أنا ل أحس بأي حقد نحوه ماذا جنى؟ فتمسه أضغاني‬
‫هو طيب الخلق مثُلك يا أبي لم يبد ُ في ظمأ إلى العدوان‬
‫حرمان‬ ‫ل مرارة ال ِ‬ ‫لكنه إن نام عني لحظة ذاق العيا ُ‬
‫ة)‪ (3‬لو كان مثلي شاعرا ً لرثاني‬ ‫فلربما وهو المروّعُ سحن ً‬
‫كر صورتي لبكاني‬ ‫أو عاد من يدري؟ إلى أولده يوما ً وذ ّ‬
‫وعلى الجدار الصلب نافذة بها معنى الحياة غليظة القضبان‬
‫قد طالما شارفُتها)‪ (4‬متأمل ً في الثائرين على السى اليقظان‬
‫فأرى وجوما ً كالضباب مصورا ً ما في قلوب الناس من غليان‬
‫س الشعور لدى الجميع وإن همو كتموا‪ ،‬وكان الموت في إعلني‬ ‫نف ُ‬
‫ويدور همس في الجوانح ما الذي بالثورة الحمقاء قد أغراني؟‬
‫أولم يكن خيرا ً لنفسي أن أرى مثل الجميع أسيُر في إذعان؟‬
‫ت في الكتمان‬ ‫ت‪ ،‬وكلما غلب السى بالغ ُ‬ ‫ما ضّرني لو قد سك ُ‬
‫ي من نيران‬ ‫هذا دمي سيسيل‪ ،‬يجري مطفًئا ما ثار في جنب ّ‬
‫وار في نبضاته سيكف في غده عن الخفقان)‪(5‬‬ ‫وفؤاديَ الم ّ‬
‫ق‪ ،‬لن يحطم قيده موتي‪ ،‬ولن يودي به قرباني)‪(6‬‬ ‫والظلم با ٍ‬
‫ويسير ركب البغي ليس يضيره شاة إذا اجتثت من القطعان‬
‫ف عن بشريتي ‪ ..‬وتمور بعد ثوان‬ ‫هذا حديث النفس حين تش ّ‬
‫وتقول لي‪ :‬إن الحياة لغاية أسمى من التصفيق للطغيان‬
‫مدت ستظل تغمر أفقهم بدخان‬ ‫ُ‬
‫أنفاسك الحّرى وإن هي أخ ِ‬
‫وقروح جسمك وهو تحت سياطهم قسمات صبح يّتقيه الجاني)‪(7‬‬
‫دمع السجين هناك في أغلله ودم الشهيد هنا سيلتقيان‬
‫حتى إذا ما ُأفعمت بهما الربا لم يبق غيُر تمرد الفيضان‬
‫ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الربان‬
‫إن احتدام النار في جوف الثرى أمر ُيثير حفيظة البركان‬
‫وتتابع القطرات ينزل بعده سيل يليه تدفق الطوفان‬
‫فيموج‪ ..‬يقتلع الطغاة مزمجرا ً أقوى من الجبروت والسلطان‬
‫أنا لست أدري‪ ،‬هل سُتذكر قصتي أم سوف يعروها دجى النسيان؟‬
‫أم أنني سأكون في تاريخنا متآمرا ً أم هادم الوثان؟‬
‫كل الذي أدريه أن تجرعي كأس المذلة ليس في إمكاني‬
‫لو لم أكن في ثورتي متطلبا ً غير الضياء لمتي لكفاني‬
‫أهوى الحياة كريمة‪ ..‬ل قيد‪ ..‬ل إرهاب‪ ..‬ل استخفاف بالنسان‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م الحرار في شرياني‬ ‫ت سقطت أحمل عزتي يغلي د ُ‬ ‫فإذا سقط ُ‬


‫أبتاه‪ ،‬إن طلع الصباح على الدنى وأضاء نوُر الشمس كل مكان)‪(8‬‬
‫دا مشرق اللوان‬ ‫ما جدي ً‬‫واستقبل العصفوُر بين غصونه يو ً‬
‫ت أنغام التفاؤل ثرة تجري على فم بائع اللبان)‪(9‬‬ ‫وسمع َ‬
‫ب السجن جلدان‬ ‫وأتى – يدق كما تعود – بابنا سيدق با َ‬
‫وأكون بعد هنيهة متأرجحا ً في الحبل مشدوًدا إلى العيدان‬
‫ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما صنعْته في هذي الربوع يدان‬
‫نسجوه في بلد يشع حضارة وُتضاُء منه مشاعل العرفان‬
‫أو هكذا زعموا‪ ،‬وجيء به إلى بلدي الجريح على يد العوان‬
‫أنا ل أريدك أن تعيش محطما في زحمة اللم والشجان‬
‫مدان‬‫إن ابنك المصفود في أغلله قد سيق نحو الموت غيَر ُ‬
‫فاذكر حكايات بأيام الصبا قد قلَتها لي عن هوى الوطان‬
‫ت نشيج أمي في الدجى تبكي شبابا ً ضاع في الريعان)‪(10‬‬ ‫وإذا سمع َ‬
‫ً‬
‫وتكتم الحسرات في أعماقها ألما ُتواريهِ عن الجيران‬
‫فاطلب إليها الصفح عني ‪ ،‬إنني ل أبتغي منها سوى الغفران‬
‫ن حديثها ومقالها في رحمة وحنان‬ ‫ما زال في سمعي رني ُ‬
‫ي ‪ :‬إني قد غدوت عليلة لم يبق لي جلد على الحزان‬ ‫أبن ّ‬
‫ك من عصياني‬ ‫فأذقْ فؤادي فرحة بالبحث عن بنت الحلل ودع َ‬
‫ن آمال لها وأمان!‬ ‫ة‪ ..‬ريانة يا حس َ‬
‫كانت لها أمني ٌ‬
‫غزلت خيوط السعد مخضل ولم يكن انتقاض الغزل في الحسبان)‪(11‬‬
‫ت بعدي أم بأيّ جنان )‪(12‬‬ ‫والن ل أدري بأيّ جوانح ستبي ُ‬
‫هذا الذي سطرُته لك يا أبي بعض الذي يجري بفكر عان‬
‫مّزقت بيد الجموع شريعة القرصان)‪(13‬‬ ‫لكن إذا انتصر الضياء و ُ‬
‫ف هوان‬ ‫فلسوف يذكرني وُيكبر همتي من كان في بلدي حلي َ‬
‫وإلى لقاء تحت ظل عدالة قدسيةِ الحكام والميزان‬
‫الهوامش‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫)*( كتبت هذه القصيدة في آذار –مارس‪ 1955 -‬ولها بقية طويلة في ديوان‬
‫"جراح مصر" للشاعر‪ .‬وكان ناشر المجموعة الولى من شعر الرفاعي‬
‫)محمد كامل حته( قد وضع لها مقدمة يوحي بها أن القصيدة كتبت عام‬
‫‪ 1958‬وأنها قيلت بمناسبة أحداث العراق زمن عبد الكريم قاسم‪ ..‬ولكن‬
‫أصول هذه القصيدة توضح أن كتابتها كانت سنة ‪.1955‬‬
‫)‪ (1‬مقرورة‪ :‬باردة‪ (2) .‬الخوان‪ :‬بضم الخاء وكسرها‪ :‬منضدة الطعام‪.‬‬
‫)‪ (3‬السحنة‪ :‬بسكون الحاء وفتحها‪ :‬الهيئة‪ ،‬اللون‪.‬‬
‫)‪ (4‬شارف المكان‪ :‬عله‪ .‬شارف الشيء‪ :‬اطلع عليه من فوق‪ ،‬قاربه ودنا‬
‫منه‪.‬‬
‫)‪ (5‬الموار‪ :‬السريع‪ (6) .‬يودي‪ :‬يزيل ويذهب‪ ،‬قرباني‪ :‬تضحيتي‪ (7) .‬القروح‪:‬‬
‫الجروح جمع قرح‪.‬‬
‫ة‪ :‬كثيرة‪ (10) .‬النشيج‪ :‬غصة البكاء‪.‬‬‫)‪ (8‬الدنى‪ :‬جمع الدنيا‪ (9) .‬ثر ً‬
‫)‪ (11‬المخضل‪ :‬الناعم‪ (12) .‬الجوانح‪ :‬الضلوع‪ ،‬الجنان‪ :‬القلب‪.‬‬
‫)‪ (13‬القرصان‪ :‬لصوص البحر‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رسالة لصاحب الدش‬


‫أخي الكريم ‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ...‬وبعد‬
‫ش‬
‫اسمع كلمي ياحبيبي واضحا من غير غ ْ‬
‫ش"‬‫فيما يسميه النام بعصرنا‪ :‬طبقا و"دِ ْ‬
‫ش‬
‫هو بوق تنصير لقسيس لئيم منتف ْ‬
‫ش‬‫عهرٍ يرتع ْ‬
‫ت ُ‬‫ن‪ ،‬وصو ُ‬ ‫كرى تر ّ‬‫ةس ْ‬ ‫هو ضحك ٌ‬
‫أخي الحبيب ‪ ..‬إليك هذه الكلمات التي خرجت من قلبي فلعلها تصل إلى‬
‫قلبك‪ ،‬وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحك ‪..‬‬
‫كتبتها بمداد المحبة والصفاء‪ ،‬والنصح والوفاء‪ ،‬فلعلها لتجد عن نفسك‬
‫الصافية مصرفا‪.‬‬
‫أخي ‪ ..‬إني ل أعرفك‪ ،‬وأنت لشك ل تعرفني‪،‬‬
‫ن الذي جعلني أكتب إليك هو ذلك الشيء الذي وضعته فوق منزلك ‪..‬‬ ‫لك ّ‬
‫يناطح السحاب ويعانق السماء ‪ ،‬ويفتح قلبه لكل وافد‪ ،‬ويصافح بيديه كل‬
‫قادم ‪..‬‬
‫قد مد قامته بكل فخر وسرور‪ ،‬وقد رفع رأسه بكل تكبر وغرور‪.‬‬
‫ثم جلست داخل منزلك كهيئة وقوفه هو خارجه ‪!!..‬‬
‫ق‪ ،‬واسترخيت على السندس‬ ‫فاتكأت على مالطف من الفرش ور ّ‬
‫والستبرق‪،‬‬
‫وأمرت بالمرطبات‪ ،‬وأصناف المأكولت‪،‬وأغلقت النوافذ والبواب‪،‬‬
‫وتعطرت بالعطور وأنواع الطياب ‪ ..‬ثم ‪ ..‬تناولت مفتاح الجهاز بيدك‪ ،‬فقلبته‬
‫كيفما شئت‪،‬‬
‫ونفسك المارة تقول لك ‪ ..‬من مثلك؟ نقل فؤادك حيث شئت من الهوى‬
‫هاهو العالم بين يديك فتجول فيه أنى أردت ‪.‬‬
‫فأخذت تتنقل ووجهك تعلوه البتسامة‪ ،‬ونظراتك تطارد المشاهد المكشوفة‪،‬‬
‫ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة‪ ،‬فمن فيلم إلى مسرحية‪ ،‬ومن رقصة‬
‫إلى أغنية‪،‬‬
‫ومن ذنب إلى معصية‪ ،‬ومن صغيرة إلى كبيرة ‪.‬‬
‫فتشاهد في هذه الشاشة البيضاء‪ ،‬ما ينكت في قلبك النكتة السوداء‪،‬‬
‫فتتوالى هذه النقط السوداء على قلبك البيض‪ ،‬حتى يغلب السواد على‬
‫البياض‪،‬‬
‫فيموت قلبك‪ ،‬ويبقى جسمك‪ ،‬فتكره كل خير‪ ،‬وتحب كل شر‪ ،‬وتبتعد عن كل‬
‫معروف‪،‬‬
‫وتقترب من كل منكر‪ ،‬وتبدو على وجهك آثار كآبة وضيق‪ ،‬وهم عميق ‪.‬‬
‫ورغم كل الملهيات‪ ،‬وما تملكه من مسليات‪ ،‬سوف تصبح معيشتك ضنكا‪،‬‬
‫ولياليك سودا‪،‬‬
‫وسوف تعاني من الكتئاب‪ ،‬والطفش والحيرة‪ ،‬والتخبط والفراغ ‪ ..‬لن‬
‫سيدك ومولك‬
‫يقول ‪ ) :‬ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة‬
‫أعمى (] طه ‪. [124 :‬‬
‫أخي ‪ ..‬أعرف أنك الن تغطي عينيك لكي ل ترى شيئا غير جهازك وتغلق‬
‫أذنيك حتى ل تسمع أحدا سوى تلفازك ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أعرف أنك تجري وتجري ‪ ..‬وأنت ل تفكر إل بفيلم اليوم وسهرة الليلة ‪.‬‬
‫أعرف أنك تجري وتجري ‪ ..‬وأنت ل تفكر إل في الشرق ومغرياته‪ ،‬والغرب‬
‫وملهياته ‪.‬‬
‫أعرف أنك تجري وتجري ‪ ..‬وتلهث وتلهث ‪.‬‬
‫أعرف أنك تجري وراء الشهوات‪ ،‬وتلهث وراء اللذائذ والموبقات ‪.‬‬
‫ولكنك يا أخي ‪ ..‬ل تعرف أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة‪ ،‬ذات هوة‬
‫سحيقة !!‬
‫أخي ‪ ..‬اسمح لي بأن أقف أمام وجهك في منتصف الطريق وأقول لك ‪ :‬قف‬
‫!!‬
‫قف ‪ ..‬وعد إلى ربك ‪ ..‬واتق النار ‪ ..‬اتق السعير ‪.‬‬
‫إن أمامك أهوال وصعابا‪ ،‬إن أمامك نعيما وعذابا‪ ،‬إن أمامك ثعابين وحيات ‪..‬‬
‫وأمورا هائلت ‪.‬‬
‫والله الذي ل إله إل هو ‪ ..‬لن تنفعك الفلم والسهرات‪ ،‬والرقص والغنيات ‪.‬‬
‫أخي الحبيب قف ‪ ..‬مع نفسك لحظة ‪ ..‬وأسألها ‪ :‬إلى متى أجري خلف‬
‫الشهوات ‪..‬‬
‫وألهث وراء المنكرات ‪ ..‬كم سأعيش في هذه الدنيا ؟ ستين سنة ‪ ..‬ثمانين‬
‫سنة ‪..‬‬
‫مائة سنة ‪ ..‬ألف سنة ‪ ..‬ثم ماذا ؟ ‪ ..‬ثم موت ‪ ..‬م الحساب فإما النعيم‪ ،‬أو‬
‫في نار الجحيم وماء الحميم ‪.‬‬
‫أخي ‪ ..‬تخيل نفسك وقد نزل بك الموت‪ ،‬ودخلت القبر ورأيت ظلمته‪،‬‬
‫ووحدته‪ ،‬وضيقه ووحشته ‪.‬‬
‫تذكر ‪ ..‬الملكين وهما يقعدانك ويسألنك ‪ ..‬تذكر ‪ ..‬كيف يكون جسمك بعد‬
‫الموت ‪..‬‬
‫ت قوتا للديدان ‪.‬‬‫تقطعت أوصالك‪ ،‬وتفتت عظامك‪ ،‬وبلي جسمك‪ ،‬وأصبح َ‬
‫تذكر ‪ ..‬يوم تسمع الصيحة ‪ ..‬إنها صيحة العرض على الله ‪ ..‬فيطير فؤادك‪،‬‬
‫ويشيب رأسك ‪ ..‬فتخرج من قبرك مغبرا حافيا عاريا ‪.‬‬
‫قد رجت الرض‪ ،‬وبست الجبال‪ ،‬وشخصت البصار لتلك الهوال ‪.‬‬
‫وطارت الصحائف ‪ ..‬وقلق الخائف ‪ ..‬وزفرت النار ‪ ..‬وأحاطت الوزار‪..‬‬
‫ونصب الصراط ‪ ..‬وآلمت السياط ‪ ..‬وحضر الحساب ‪ ..‬وقوي العذاب ‪..‬‬
‫وشهد الكتاب ‪ ..‬وتقطعت السباب ‪..‬‬
‫تذكر ‪ ..‬مذلتك في ذلك اليوم العظيم‪ ،‬وانفرادك بخوفك وأحزانك‪ ،‬وهمومك‬
‫وغمومك وذنوبك ‪..‬‬
‫فتتبرأ حينها من بنيك‪ ،‬وأمك وأبيك‪ ،‬وزوجك وأخيك ‪.‬‬
‫تذكر ‪ ..‬يوم توضع الموازين‪ ،‬وتتطاير الصحف ‪.‬‬
‫كم في كتابك من زلل ‪ ..‬وكم في عملك من خلل‬
‫تذكر ‪ ..‬يوم ينادى باسمك بين الخلئق ‪ ..‬يا فلن بن فلن ‪ :‬هيا إلى العرض‬
‫على الله‪،‬‬
‫فتقوم أنت‪ ،‬ول يقوم غيرك‪ ،‬لنك أنت المطلوب ‪.‬‬
‫تذكر ‪ ..‬حيئذ ضعفك ‪ ..‬وشدة خوفك‪ ،‬وانهيار أعصابك‪ ،‬وخفقان قلبك ‪..‬‬
‫وقفت بين يدي الملك الحق المبين‪ ،‬الذي كنت تهرب منه‪،‬ويدعوك فتصد عنه‬
‫‪..‬‬
‫وقفت وبيدك صحيفة ‪ ..‬ل تغادر صغيرة ول كبيرة إل أحصْتها‪ ،‬فتقرؤها بلسان‬
‫كليل ‪..‬‬
‫وقلب كسير‪ ،‬قد عمك الحياء والخوف من الله ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن ‪ ..‬مالك الذي أضعته ‪ ..‬وعمرك الذي‬
‫أسرفت فيه ‪..‬‬
‫وعينك التي خنت بها ‪ ..‬وسمعك الذي عصيت به ‪ ..‬بأي قدم تقف غدا بين‬
‫يديه‪،‬‬
‫وبأي عين تنظر إليه وبأي قلب تجيب عليه ‪!!! ..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ماذا تقول له غدا ‪ ..‬عندما يقول لك ‪ :‬يا عبدي ‪ ..‬لماذا لم ُتجّلني‪ ،‬لماذا لم‬
‫تستح مني‪،‬‬
‫لماذا لم تراقبني ‪..‬‬
‫ت بنظري إليك ‪.‬‬ ‫يا عبدي ‪ ..‬هل استخفف َ‬
‫يا عبدي ‪ ..‬ألم أحسن إليك ‪ ..‬ألم أنعم عليك !!‬
‫أخي الحبيب ‪ ..‬تذكر ‪ ..‬هذه المواقف العصيبة‪ ،‬والوقات الرهيبة يوم ينسى‬
‫النسان‬
‫كل عزيز وحبيب‪ ،‬ول ينجو إلمن كان له قلب سليم ‪.‬‬
‫أخي ‪ ..‬قف مع نفسك هذه الوقفة المصيرية‪ ،‬واعلم أنك ما وجدت في هذه‬
‫الدنيا إل‬
‫للعبادة ) وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون ( ] الذاريا ت ‪ [56 :‬ولم تخلق‬
‫للهو واللعب والعبث ‪.‬‬
‫) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ل ترجعون ( ] المؤمنون ‪. [115 :‬‬
‫أخي ‪ ..‬إني أخاطب فيك دينك ‪ ..‬الذي يحرم هذه المنكرات ‪.‬‬
‫وأخلقك التي تترفع عن هذه الشهوات ‪.‬‬
‫وعقلك الذي يأبى هذه الترهات ‪.‬‬
‫وقلبك الذي يخاف من هذه الموبقات ‪.‬‬
‫وغيرتك على نسائك العفيفات المحصنات ‪.‬‬
‫فانتصر على نفسك ‪ ..‬وتغلب على هواك ‪ ..‬وأخرج هذا ( الدش ( من بيتك‪،‬‬
‫وسيعوضك الله خيرا منه في الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫أخي ‪ ..‬والله ما كتبت هذه الحرف‪ ،‬ول نطقت بهذه الكلمات‪ ،‬إل لخوفي على‬
‫وجهك البيض ‪ ..‬أن يصبح مسودا يوم القيامة وعلى وجهك المنير ‪ ..‬أن يصبح‬
‫مظلما ‪.‬‬
‫وعلى جسدك الطري ‪ ..‬أن يلتهب بنار جهنم‪ ،‬فعسى قلبك الطاهر أن‬
‫يلتقطها ‪..‬‬
‫ولعل نفسك الصافية تستقبلها ‪..‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‬
‫ناصح‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رسالة لفتيات المسلمين خاصة ولشبابهم عامة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫والحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على سيدنا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪:‬‬
‫‪ -1‬كلمة لنساء المسلمين‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حديثا هذا سيكون عن فتنة انتشرت في أيامنا هذه انتشار النار في الهشيم‬
‫حتى أنها أصبحت من مظاهر العصر الحالية‬
‫هذه الفتنة هي عري النساء الذي انتشر بين الناس بحيث لم تعد مثل هذا‬
‫الفعل ذا قيمة عندهم وجعلوا من عري المرأة شيئا هينا وغير ذي شأن‬
‫فأصبحت بناتنا وأخواتنا يتسابقن إلى لبس الملبس المثيرة والضيقة والتي‬
‫تكشف أكثر مما تستر تحت حجة الموضة ومواكبة العصر‪ ...‬ويا ليت شعري‬
‫ومنذ متى كانت تقاس الحضارات وتقدمها بعري نسائها ومتى كانت الحضارة‬
‫الكثر تقدما هي التي تظهر مفاتن نسائها بشكل اكبر وطبعا هنا لن نتحدث‬
‫عن الغرب الفاجر والذي ل تهمه مثل هذه الشياء وأصبح جسد المرأة عندهم‬
‫أرخص لحم من بين جميع اللحوم ولكن سنتحدث هنا عن بلدنا المسلمة التي‬
‫استوردت هذا العري وأصبح ينتشر بشكل عجيب بين فتياتنا والعجيب أكثر هو‬
‫استيراد كل مظاهر الغرب وتقليدها من دون أية تفكير أو إحساس بالذنب و‬
‫المسؤولية ‪ ,‬جاء في صحيح البخاري قول رسول الله ‪: ‬‬
‫‪ ...‬عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم‬
‫لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب‬
‫لسلكتموه قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن‪.‬‬
‫والغريب هو أن رجالنا وشبابنا لم تعد تهتم إن ظهرت مفاتن بناته وأخواته‬
‫للعلن وشاهدها كل شخص ل قيمة له ول وزن فأصبح شبابنا الضائع ل هم له‬
‫سوى إشباع شهواته بالنظر إلى تلك المفاتن البارزة للعيان والتي لم يعد‬
‫لدى فتيتنا عيب أو حياء من اجل الستر عليها نسي هؤلء أن هذا الفعل هو‬
‫من الدياثة وانعدام الغيرة التي جعلت منه رجل بل غيرة ول حرص‬
‫جاء في سنن النسائي قول رسول الله ‪: ‬‬
‫ثلثة ل ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ‪ ....‬وذكر منهم الديوث‪.‬‬
‫ونحن نتوجه بالنصح إلى أخواتنا المسلمات أن يسترن من أجسادهن وأل‬
‫يبدين زينتهن أمام من هب ودب وأل تجعل من جسدها شيئا رخيصا بحيث‬
‫يراه الجميع ويشتهونه ويفكرون بسببه في الحرام وعلى فتياتنا أن يتبعن‬
‫قول الله عز وجل ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن ِزين َت َهُ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ن وَل ي ُب ْ ِ‬ ‫جهُ ّ‬ ‫ن فُرو َ‬ ‫ُ‬ ‫فظ َ‬ ‫ح َ‬‫ن وَي َ ْ‬ ‫صارِهِ ّ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ت ي َغْ ُ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫}وَُقل ل ّل ْ ُ‬
‫ن إ ِّل ل ِب ُُعول َت ِهِ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ِزين َت َهُ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫ن وََل ي ُب ْ ِ‬ ‫جُيوب ِهِ ّ‬ ‫ن عََلى ُ‬ ‫مرِهِ ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ضرِب ْ َ‬ ‫من َْها وَل ْي َ ْ‬ ‫ما ظ َهََر ِ‬ ‫إ ِّل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أوْ ب َِني‬ ‫وان ِهِ ّ‬‫خ َ‬ ‫ن أوْ إ ِ ْ‬ ‫ن أوْ أب َْناء ب ُُعول َت ِهِ ّ‬ ‫ن أوْ أب َْنائ ِهِ ّ‬ ‫ن أوْ آَباء ب ُُعول َت ِهِ ّ‬ ‫أوْ آَبائ ِهِ ّ‬
‫ن غَي ْرِ أ ُوِْلي‬ ‫ن أوِ الّتاب ِِعي َ‬
‫خوات ِهن أ َو ن ِسائ ِهن أ َو ما مل َك َت أ َيمانه َ‬
‫ْ ْ َ ُُ ّ‬ ‫ن أوْ ب َِني أ َ َ ِ ّ ْ َ ِ ّ ْ َ َ‬
‫َ‬ ‫خوان ِه َ‬
‫إِ ْ َ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ضرِب ْ َ‬ ‫ساء وََل ي َ ْ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫م ي َظ ْهَُروا عََلى عَوَْرا ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل أوِ الط ّ ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫اْل ِْرب َةِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ميًعا أي َّها ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن وَُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ َ‬ ‫من ِزين َت ِهِ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل ِي ُعْل َ َ‬ ‫جل ِهِ ّ‬ ‫ب ِأْر ُ‬
‫ن{ )‪ (31‬سورة النور‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫وأن يتذكرن قول الله عز وجل فيما يلبسن من لباس الجاهلية الولى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫صَلة َ َوآِتي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫جاهِل ِي ّةِ اْلوَلى وَأقِ ْ‬ ‫ج ال ْ َ‬‫ن ت َب َّر َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن وََل ت َب َّر ْ‬ ‫ن ِفي ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫}وَقَْر َ‬
‫ه ‪ (33) {....‬سورة الحزاب‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الّز َ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫كاةَ وَأط ِعْ َ‬
‫وكذلك قول رسول ‪ ‬عندما تنبأ بنساء آخر الزمن وحقا صدقت نبوءته حيث‬
‫جاء في صحيح البخاري‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم‬
‫معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلت‬
‫مائلت رؤسهن كأسنة البخت المائلة ل يدخلن الجنة ول يجدن ريحها وإن‬
‫ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا‪.‬‬
‫فل تخسري الخرة يا أخية بسبب مفاتن الدنيا ومباهجها ولذة وفرح زائلين‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ول تغرنك هذه الحياة الدنيا ول يهمنك قول فلن وقول علتان إنما المرء‬
‫بعمله وقلبه وإيمانه وليس المرء بلباسه وتزينه وتبختره فالعمال باقية‬
‫والجساد فانية فإن كنت تريدين استبدال باق أمام زائل فإنه بئس ما اخترت‬
‫وسوء ما فضلت فتعالي يا أخية وارجعي على عفتك وطهارتك واجعلي من‬
‫جسدك شيئا غاليا ل يصل له احد ل بعينه ول بيده وكوني كامهاتك المؤمنات‬
‫وبنات رسولك الطاهرات وتذكري نساء العالمين الربع‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مريم ابنة عمران وآسيا بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد‬
‫فهن نلن شرف الرفعة والتفضيل بطهارتهن الروحية والجسدية فحاولي أن‬
‫تكوني مثلهن وأل تغرك ممثلت هذه اليام واللتي ينشرن الفاحشة والفساد‬
‫في المجتمع بالظهور كاسيات عاريات ول تجعلي قدوتك نساءا ضلوا وأضلوا ‪,‬‬
‫هن نساء فضلن الدنيا على الخرة واخترن تفضيل الناس على تفضي الله‬
‫سبحانه فل تكوني مثلهن وهيهات بين رضا الناس ورضا الله وأذكرك بقول‬
‫الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ِفي‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫مُنوا لهُ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ِفي ال ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫شيعَ ال َ‬ ‫ن أن ت َ ِ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ن{ )‪ (19‬سورة النور‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مو َ‬ ‫م ل ت َعْل ُ‬ ‫م وَأنت ُ ْ‬ ‫ه ي َعْل ُ‬ ‫خَرةِ َوالل ُ‬ ‫الد ّن َْيا َوال ِ‬
‫هل تعلمين بان ظهورك في الشارع بتلك الملبس المثيرة هو من إشاعة‬
‫الفاحشة بين المؤمنين فهل تحبين أن يعذبك الله في الدنيا والخرة وياعجبي‬
‫من شخص يموت والله ساخط عليه فكيف يكون مصيره؟؟؟‬
‫يا نساء المسلمين إن السلم بدا غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء فقيل‬
‫ومن هم الغرباء يا رسول الله فقال الذين يصلحون إذا فسد الناس‪.‬‬
‫و أقرأي قصة ابنة شعيب كيف أتيتا نبي الله موسى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ن أ َِبي ي َد ْ ُ‬
‫ما‬
‫جَر َ‬‫كأ ْ‬ ‫جزِي َ َ‬ ‫ك ل ِي َ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫ت إِ ّ‬ ‫حَياء َقال َ ْ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫شي عََلى ا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫داهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫جاءت ْ ُ‬ ‫}ف َ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ص َقا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫جاءهُ وَقَ ّ‬ ‫َ‬
‫ت لَنا فَل ّ‬ ‫َ‬
‫قوْم ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫جو ْ َ‬ ‫ف نَ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ل ل تَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ق َ‬ ‫ص عَلي ْهِ ال َ‬ ‫ما َ‬ ‫قي ْ َ‬ ‫س َ‬
‫َ‬
‫ن{ )‪ (25‬سورة القصص‬ ‫مي َ‬ ‫الظال ِ ِ‬ ‫ّ‬
‫أرأيت يا أختي كيف كان تصرفها‪ ....‬أرأيت حيائها فما بالك تكلمين مع‬
‫الشباب من دون خجل ول حياء بل النكى من ذلك هو انك أنت من ترمي‬
‫بنفسك عليه وأنت من تبدأين الحديث معه‪ ...‬فهل يعبك أو يضرك بعض‬
‫الحياء‪.‬‬
‫لماذا تقلدين الغرب والمسلسلت الفاسدة ولماذا تعتقدين أن الزواج الناجح‬
‫يجب أن تسبقه علقة طويلة حيث خروج مع شاب ل يربطه بك شيء سوى‬
‫الكلمة التي قد يتخلى عنها في أي وقت الم تقرئي قول رسول الله ‪ ‬بان‬
‫ما اختلى رجل بفتاة إل وكان الشيطان ثالثهما‪.‬‬
‫وتذكري يا أختي الحبيبة قول الله عز وجل‪:‬‬
‫ت‬ ‫قان َِتا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال َ‬ ‫قان ِِتي َ‬ ‫ْ‬
‫ت َوال َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ت َوال ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ت‬‫شَعا ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال َ‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ت َوال َ‬ ‫صاب َِرا ِ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ت َوال ّ‬ ‫صادَِقا ِ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫َوال ّ‬
‫م‬‫جهُ ْ‬ ‫ن فُُرو َ‬ ‫ظي َ‬ ‫حافِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ت َوال َ‬ ‫ما ِ‬ ‫صائ ِ َ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫مي َ‬ ‫صائ ِ ِ‬ ‫ت َوال ّ‬ ‫صد َّقا ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال ُ‬ ‫صد ِّقي َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جًرا‬ ‫فَرةً وَأ ْ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫ه ل َُهم ّ‬ ‫ت أعَد ّ الل ّ ُ‬ ‫ذاك َِرا ِ‬ ‫ه ك َِثيًرا َوال ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ذاك ِ ِ‬ ‫ت َوال ّ‬ ‫ظا ِ‬ ‫حافِ َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ما{ )‪ (35‬سورة الحزاب‬ ‫ظي ً‬ ‫عَ ِ‬
‫فكوني من هؤلء ول تكون من أصحاب المباهج الفانية واللذات الزائلة ول‬
‫يهمنك ما ترينه حولك والنسان مسئول عن نفسه ول تزر وازرة وزر أخرى‬
‫وإذا جاء يوم الحساب لن يفيدك تذرعك بان الناس كان حولك هكذا وأنتي‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قلدتي ما رايتي وكان أحدا ضربك على يديك ‪ ,‬اقرئي هذا المشهد يوم‬
‫القيامة والذي يدور بين العاصين وبين من سمعوا كلمهم وقلدوهم ‪:‬‬
‫ك إ ِّني‬ ‫من َ‬ ‫ريٌء ّ‬ ‫ل إ ِّني ب َ ِ‬ ‫فَر َقا َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫فْر فَل َ ّ‬ ‫ن اك ْ ُ‬ ‫سا ِ‬‫لن َ‬ ‫ل لِ ْ ِ‬ ‫ن إ ِذ ْ َقا َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مث َ ِ‬‫}ك َ َ‬
‫ن{ )‪ (16‬سورة الحشر‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ف الل ّ َ‬ ‫خا ُ‬ ‫أَ َ‬
‫فالكل سيتبرأ من الكل ول احد يعترف بالخر‪:‬‬
‫ُ‬
‫ما‬‫س ِفي الّنارِ ك ُل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫لن‬
‫ِ‬ ‫ن َوا‬ ‫ج ّ‬‫من ال ْ ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫من قَب ْل ِ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫مم ٍ قَد ْ َ‬ ‫خُلوا ْ ِفي أ َ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫}َقا َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫م َرب َّنا‬ ‫م لول َهُ ْ‬ ‫خَراهُ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ميًعا َقال ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫كوا ِفيَها َ‬ ‫حّتى إ َِذا اّداَر ُ‬ ‫خت ََها َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ة لعَن َ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫تأ ّ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫دَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ل ِك ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن{ )‬ ‫مو َ‬ ‫كن ل ّ ت َعْل ُ‬ ‫ف وَل ِ‬ ‫ضعْ ٌ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن الّنارِ َقا َ‬ ‫م َ‬‫فا ّ‬‫ضعْ ً‬ ‫ذاًبا ِ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ضلوَنا َفآت ِهِ ْ‬ ‫ؤلء أ َ‬ ‫هَ ُ‬
‫‪ (38‬سورة العراف‬
‫وأخيرا أقول يا لخواتي المسلمات إنما هي العمال والعمال فقط والزينة‬
‫شيء زائل وإنما هي سعادة آنية ل تلبس أن تزول وتذهب وكما قال الله عز‬
‫وجل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها{ )‪ (46‬سورة النازعات‬ ‫حا َ‬ ‫ض َ‬‫ة أوْ ُ‬ ‫شي ّ ً‬ ‫م ي َلب َُثوا إ ِل عَ ِ‬ ‫م ي ََروْن ََها ل ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫}ك َأن ّهُ ْ‬
‫فالحياة قصيرة والفائز من عرف كيف يرضي ربه فيها والخاسر من فضل‬
‫رضا الناس على رضا الله عز وجل‪.‬‬
‫‪ -2‬كلمة لشباب المسلمين‪:‬‬
‫فتنة العري تلك ذنبها ليس مقتصرا على النساء وحدهن وإنما تصل آثاره‬
‫بشكل رئيسي إلى الشباب وهم المتأثر الكبر من هذه الفتنة فشبابنا هداهم‬
‫الله وفي زمن ضعف اليمان هذا وفي زمن كثرت فيه المغريات والمثيرات‬
‫من فضائيات ومجلت ونساء في الشوارع لم يحتمل نفسه وانجرف مع التيار‬
‫نحو الهاوية والمصير الشيء فأصبح كالتاجر يستخدم تلك الكلمة الخبيثة ‪:‬‬
‫على هوا السوق من سوق‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫فترة الشباب هذه والتي تكون فيها الشهوة عارمة وفي قمتها لن يستطيع‬
‫ضبطها سوى القوي في دينه وفي نفسه ‪ ,‬ولكن عندما تنتشر المثيرات في‬
‫كل مكان في البيت والمنزل والمحل فحينها ن الصعوبة أن يضبط الشاب‬
‫من إتباع غريزته فتراه ل يضيع وقتا في متابعة ومشاهدة الحرام وحتى‬
‫السعي من اجله ‪ ,‬ورغم أن المثيرات كثيرة ولكن ضبط النفس ليس صعبا‬
‫كما نتخيل وعندما يصم النسان على شيء فإنه قادر على تحقيقه ول يحتج‬
‫الشباب بالقول بأنهم ل يستطيعون السيطرة على نفوسهم لن هذا من‬
‫الكذب البواح والحقيقة هي أن كل شخص قادر على ضبط نفسه وغنما هي‬
‫الرادة النابعة من اليمان النابع من الخوف من لله عز وجل‬
‫وكلنا يقرأ قصة يوسف عليه السلم ذلك النبي والذي يعد مثال على الطهارة‬
‫والعفة نقرأ بعضا من قصته في القرآن لنرى كيف تصرف هذا الشاب والذي‬
‫كان في أوج شبابه‪:‬‬
‫َ‬
‫تل َ‬
‫ك َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫سهِ وَغَل َ‬ ‫ه ال ِّتي هُوَ ِفي ب َي ْت َِها َ‬
‫ل‬ ‫ب وََقال ْ‬
‫ت هَي ْ َ‬ ‫وا َ‬‫ت ال ب ْ َ‬
‫ق ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عن ن ّ ْ‬ ‫وََراوَد َت ْ ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن }‪{23‬‬ ‫مو َ‬‫ح الظال ِ ُ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫ه ل يُ ْ‬
‫وايَ إ ِن ّ ُ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ن َ‬‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫مَعاذ َ اللهِ إ ِن ّ ُ‬
‫ه َرّبي أ ْ‬ ‫َ‬
‫لنتخيل المشهد امرأة جميلة ) وهي أكيد جميلة لن وزير مالية مصر أكيد لن‬
‫يتزوج سوى امرأة جميلة ( غلقت البواب بحيث جعلت الجو آمنا ونموذجيا‬
‫لفعل الفاحشة بحيث ل احد يستطيع الدخول أبدا ولكن يوسف عليه السلم‬
‫تمنع بنفسه الشريفة الطاهرة وقال معاذ الله أن أخون سيدي وان اعصي‬
‫ربي‪ ,‬كل شيء حوله كان مهيئا ولكنه اعرض عن هذا واستعصم لنه يخاف‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ربه ‪ ,‬وأما شباب اليوم ما أن يروا فتاة في الشارع حتى تبدأ أفكارهم‬
‫الشيطانية بالنشوء فكيف هذا وهو في الشارع فما بالك إذا اختلى بها في‬
‫بيت من البيوت حيث ل احد سوى هو وهي فماذا سيحدث ‪ ,‬طبعا سيقفز‬
‫عليها مثل البهيمة ولن يتذكر حينها ل ربه ول غيره سوى فرجه فقط‬
‫َ‬ ‫ل رب السج َ‬
‫ب‬
‫ص ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ف عَّني ك َي ْد َهُ ّ‬ ‫صرِ ْ‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْهِ وَإ ِل ّ ت َ ْ‬‫ما ي َد ْ ُ‬ ‫م ّ‬‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬ ‫ح ّ‬‫نأ َ‬ ‫ّ ْ ُ‬ ‫َقا َ َ ّ‬
‫َ‬
‫ن }‪{33‬‬ ‫جاهِِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫ن وَأ ُ‬ ‫إ ِل َي ْهِ ّ‬
‫فهذا الذي اختاره يوسف وأختار السجن والعذاب على أن يقع في معصية ربه‬
‫تعالى بينما شبابنا إن لم تأتي المعصية لعندهم فهم الذين يذهبون إليها‪.‬‬
‫يا أخي في اليمان إنما مظاهر الغرب هي مظاهر خادعة وغير مناسبة لنا فل‬
‫تقلد كل ما ترى ول تفتتن بما يحدث حولك فأنت رجل وعلى الرجل أن‬
‫يعرف بان كرامة الرجال تمنعهم من التيان بالمنكرات‪.‬‬
‫فهل تجد صعوبة مثل من غض بصرك عندما ترى فتاة تقترب منك أو تمشي‬
‫مع أهلها في الشارع أم أن عينيك ل ترضى إل بالعصيان واتباع الشهوة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم كتب على بن آدم‬
‫نصيبه من الزنى مدرك ذلك ل محالة فالعينان زناهما النظر والذنان زناهما‬
‫الستماع واللسان زناه الكلم واليد زناها البطش والرجل زناها الخطأ‬
‫والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه‬
‫ول تغتر بما ترى من حولك من شباب يمشين مع فتيات ل يعرفهن بحجة‬
‫التعرف والزواج من بعد ذلك فهذا من الغث الذي ل ينفع ومن العادات‬
‫المستحدثة البشعة والي ل تتماشى مع عفة المرأة وكرامة الرجل والذي‬
‫يريد فتاة يذهب لعند أهلها ويطلبها ول يفعل مثلما يفعل اللصوص بحيث‬
‫يقابلون من يعرفن من غير علم أهلهن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫}‪ ...‬وإَذا سأ َل ْتموهن متاعا َفا َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫قلوب ِك ْ‬ ‫م أطهَُر ل ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ذ َل ِك ْ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫من وََراء ِ‬ ‫ن ِ‬‫سأُلوهُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُ ُ ّ َ َ ً‬ ‫َِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫كان ل َك ُم َ‬
‫ه‬
‫من ب َعْدِ ِ‬ ‫ه ِ‬‫َ ُ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫وا‬ ‫ز‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫حوا‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫تن‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سو‬‫ُ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ذوا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما‬‫وَقُُلوب ِهِ ّ َ َ‬
‫و‬ ‫ن‬
‫َ‬
‫ما{ )‪ (53‬سورة الحزاب‬ ‫عند َ الل ّهِ عَ ِ‬
‫ظي ً‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫دا إ ِ ّ‬
‫أب َ ً‬
‫فإذا كان صحابة رسول الله التقياء مأمورون بمكالمة أمهات المؤمنين من‬
‫وراء حجاب فما بالنا نحن ل نرضى أن نكالم فتاة إل وجها لوجه ونحن الذين‬
‫ل نصل لربع تقى وورع الصحابة‪.‬‬
‫ول تصدق من يقول لك بان ل حرج في أن تمشي مع فتاة ل تعرفها أو‬
‫تعرفك ول تقربك حتى بحجة التعارف واليك هذه القصة التي حدثت مع احد‬
‫شباب الزهر منذ ومن ليس ببعيد كثيرا‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فتاة احد الباشوات كانت عائدة للمنزل عندما هبت عاصفة قوية أدت إلى‬
‫حدوث حادثة ما للعربة التي كانت جالسة بها مما أدى بها للهروب واللتجاء‬
‫إلى اقرب مكان تجده وشاءت الصدف أن يكون هذا المكان منزل لحد‬
‫طلب الزهر الشريف وكان بيته فقيرا من كل شي حيث لم يكن له باب‬
‫حتى ‪ ,‬دخلت الفتاة ورأت الشاب يجلس بالقرب من الشمعة وطبعا الشاب‬
‫استغرب دخول فتاة عليها القيمة والذي كان واضحا عليها بسبب لباسها‬
‫والذي يدل على أنها من عائلة غنية ‪ ,‬المهم لم يتكلم منهما بأي شيء ولكن‬
‫بعد قليل رأت الفتاة أن الشاب يقوم بوضع أصابعه على لهب الشمعة واحدة‬
‫تلوى الخرى حتى تنضج هكذا حتى صاح من اللم ‪ ,‬وبعد أن عادت الفتاة إلى‬
‫المنزل أخبرت أباها بما حصل فقام الب بالدعوة لوليمة ودعا غليها كل رجال‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزهر وكان ممن دعا ذلك الشاب وعندما وصل إليه في السلم سأله الب‬
‫عن سبب لف يده بقطعة من القماش فقال الشاب أن ل مهم في المر‬
‫ولكن الب ألح عليه في السؤال فقال له ما حدث عندما دخلت عليه الفتاة‬
‫وقال‪:‬‬
‫لقد بدا الشيطان يفعل فعله في وبدأت الفكار تأخذني يمينا وشمال وحينها‬
‫قمت بوضع أصابعي على النار لرى إن كنت أتحمل نار الدنيا والتي هي جزء‬
‫من مئة جزء من نار الخرة ‪.‬‬
‫فيا شباب المسلمين غضوا من أبصاركم واضغطوا على أنفسكم وصحيح أننا‬
‫في زمن أصبح فيه كل شيئا يسير الوصول إليه ولكن يبقى اليمان ويبقى‬
‫الخوف من البارئ وتبقى كرامة الرجل في المرتبة الولى‪.‬‬
‫ويوم القيامة لن تنفعكم أجمل نساء الرض ولن يبرر أعمالكم شيء ‪.‬‬
‫وأخيرا ادعوا كل شاب أن يقف مع نفسه وقفة صادقة لوحده وان يراجع‬
‫ذاكرته للوراء ويتذكر كيف كان ينظر لعراض الناس وليتخيل ملئكة الكتاب‬
‫كيف أنها تسجل التالي‪:‬‬
‫في يوم كذا وفي ساعة كذا نظر فلن إلى فتاة نظرة محرمة وعضوه شاهد‬
‫على فعلته هذه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫د{ )‪(37‬‬ ‫هي‬
‫ِ ٌ‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫م‬‫س‬
‫ّ ْ َ َ ُ َ‬ ‫ال‬ ‫قى‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫ٌ ْ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ه‬
‫َ ُ‬‫ل‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫من‬
‫ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ك ل َذِ َ‬
‫رى‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬‫}إ ِ ّ‬
‫سورة ق‬
‫والحمد لله رب العالمين‬

‫)‪(4 /‬‬

‫رسالة للرجل‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعد‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫أخي المسلم الحبيب‪:‬‬
‫ً‬
‫هل خلوت بنفسك يوما فحسبتها عما بدر منها من القوال والفعال؟ وهل‬
‫حاولت يوما ً أن تعد سيئاتك كما تعد حسناتك؟ بل هل تأملت يوما ً طاعاتك‬
‫التي تفتخر بذكرها؟! فإن وجدت أن كثيرا ً منها مشوبا ً بالرياء والسمعة‬
‫وحظوظ النفس فكيف تصبر على هذه الحال‪ ،‬وطريقك محفوف بالمكارة‬
‫والخطار؟! وكيف القدوم على الله وأنت محمل بالثقال والوزار؟ قال الله‬
‫تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنوا أتقو الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن‬
‫الله خبير بما تعملون‪ ،‬ول تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم(‬
‫]الحشر‪ .[18،19:‬وقال تعالى‪) :‬وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن‬
‫يأتيكم العذاب ثم ل تنصرون( ]الزمر‪.[54:‬‬
‫وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪) :‬حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا‪،‬‬
‫وزنوها قبل أن توزنوا‪ ،‬فإن أهون عليكم في الحساب غدا ً أن تحاسبوا‬
‫أنفسكم اليوم‪ ،‬وتزينوا للعرض الكبر‪ ،‬يومئذ تعرضون ل تخفى منكم خافية(‪.‬‬
‫عبادة وخشية‪:‬‬
‫وقد مدح الله تعالى أهل طاعته بقوله‪) :‬إن الذين هم من خشية ربهم‬
‫مشفقون‪ ،‬والذين هم بآيات ربهم يؤمنون‪ ،‬والذين هم بربهم ل يشركون‪،‬‬
‫والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون‪ ،‬أولئك يسارعون‬
‫في الخيرات وهم لها سابقون( ]المؤمنون‪.(61-57:‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫عن هذه الية فقلت‪ :‬أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال‪) :‬ل‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يا ابنة الصديق‪ ،‬ولكنهم الذين يصومون ويصلون‪ ،‬ويتصدقون‪ ،‬ويخافون أل‬
‫يتقبل منهم‪ ،‬أولئك يسارعون في الخيرات( ]الترمذي وابن ماجه واحمد[‪.‬‬
‫أخي المسلم ‪ :‬هكذا كان سلقنا الكرام‪ ،‬يتقربون إلى الله بالطاعات‪،‬‬
‫ويسارعون غليه بأنواع القربات‪ ،‬ويحاسبون أنفسهم على الزلت‪ ،‬ثم يخافون‬
‫أل يتقبل الله أعمالهم‪.‬‬
‫فهذا الصديق رضي الله عنه‪ :‬كان يبكي كثيرًا‪ ،‬ويقول‪ :‬ابكوا‪ ،‬فإن لم تبكروا‬
‫فتباكوا‪ ،‬وقال‪ :‬والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد‪.‬‬
‫وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ :‬قرأ سورة الطور حتى بلغ قوله تعالى‪:‬‬
‫)إن عذاب ربك لواقع( ]الطور‪ .[7:‬فبكى واشتد في بكاؤه حتى مرض‬
‫ً‬
‫وعادوه‪ .‬وكان يمر بالية في ورده بالليل فتخيفه‪ ،‬فيبقى في البيت أياما يعاد‪،‬‬
‫يحسبونه مريضًا‪ ،‬وكان في وجهه خطأن أسودان من البكاء!!‪.‬‬
‫وقال له ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬مصر الله بك المصار‪ ،‬وفتح بك الفتوح‬
‫وفعل‪ ،‬فقال عمر‪ :‬وددت أني أنجو ل أجر ول وزر!!‪.‬‬
‫وهذا عثمان بن عفان ـ ذو النورين ـ رضي الله عنه‪ :‬كان إذا وقف على القبر‬
‫بكى حتى تبلل لحيته‪ ،‬وقال‪ :‬لو أنني بين الجنة والنار ل أدري إلى أيتهما يؤمر‬
‫بي‪ ،‬لخترت أن أكون رمادا ً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير!!‪.‬‬
‫وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنها‪ :‬كان كثير البكاء والخوف‪،‬‬
‫والمحاسبة لنفسه‪ .‬وكان يشتد خوفه من اثنتين‪ :‬طول المل واتباع الهوى‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأما طول المل فينسى الخرة‪ ،‬وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق‪.‬‬
‫واعظ الله في القلب‪:‬‬
‫عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫)ضرب الله مثل ً صراطا ً مستقيمًا‪ ،‬وعلى جنبتي الصراط سوران‪ ،‬فيها أبواب‬
‫مفتحة‪ ،‬وعلى البواب ستور مرخاة‪ ،‬وعلى الصراط داع يدعو يقول‪ :‬يا أيها‬
‫الناس!! اسلكوا الصراط جمييعا ً ول تعوجوا‪ ،‬وداع يدعو على الصراط‪ ،‬فإذا‬
‫أراد أحكم فتح شيء من تلك البواب قال‪ :‬ويلك! ل تفتحه‪ ،‬فإنك إن تفتحه‬
‫تلجه‪ .‬فالصراط‪ :‬السلم‪ .‬والستور‪ :‬حدود الله‪ .‬والبواب المفتحة‪ :‬محارم‬
‫الله‪ .‬والداعي من فوق‪ :‬واعظ الله يذكر في قلب كل مسلم( ]أحمد والحاكم‬
‫وصححه اللباني[‪.‬‬
‫فهل استجبت ـ أخي المسلم ـ لواعظ الله في قلبك؟ وهل حفظت حدود الله‬
‫ومحارمه؟ وهل انتصرت على عدو الله وعدوك‪ ،‬قال تعالى‪) :‬إن الشيطان‬
‫لكم عدو فاتخذوه عدوا ً إنما يدعو حزبه ليكونا من أصحاب السعير( ]فاطر‪:‬‬
‫‪.[[6‬‬
‫عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال‪ :‬ما من من عبد إل وله عينان في‬
‫وجهه يبصر بهما أمر الدنيا‪ ،‬وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الخرة‪ ،‬فإذا أراد‬
‫الله بعبد خيرًا‪ ،‬فتح عينيه اللتين في قلبه‪ ،‬فأبصر بهما ما وعد الله بالغيب‪،‬‬
‫وإذا أراد به غير ذلك‪ ،‬تركه على ما فيه ثم قرأ‪) :‬أم على قلوب أقفالها(‬
‫]محمد‪.[24:‬‬
‫أقوال في محاسبة النفس‪:‬‬
‫كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بعض عماله‪) :‬حاسب نفسك في‬
‫الرخاء قبل حساب الشدة‪ ،‬فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب‬
‫الشدة‪ ،‬عاد أمره إلى الرضا والغبطة‪ ،‬ومن ألهته حياته‪ ،‬وشغلته أهواؤه عاد‬
‫أمره إلى الندامة والخسارة‪.‬‬
‫وقال الحسن‪ :‬ل تلقي المؤمن إل بحساب نفسه‪ :‬ماذا أردت تعملين؟ وماذا‬
‫أردت تأكلين؟ وماذا أردت تشربين؟ والفاجر يمضي قدما ً ل يحاسب نفسه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال قتادة في قوله تعالى‪) :‬وكان أمره فرطًا( ]الكهف‪ [28:‬أضاع نفسه‬
‫وغبن‪ ،‬مع ذلك تراه حافظا ً لماله‪ ،‬مضيعا ً لدينه‪.‬‬
‫وقال الحسن‪ :‬إن العبد ل يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه‪ ،‬وكانت‬
‫المحاسبة همته‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وقال ميمون بن مهران‪ :‬ل يكون العبد تقيا ً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة‬
‫من الشريك لشريكه‪ ،‬ولهذا قيل‪ :‬النفس كالشريك الخوان‪ ،‬إن لم تحاسبه‬
‫ذهب بمالك‪.‬‬
‫وذكر المام أحمد عن وهب قال‪ :‬مكتوب في حكمة لداود‪ :‬حق على العاقل‬
‫أل يغفل عن أربع ساعات‪ :‬ساعة يناجي فيها ربه‪ ،‬وساعة يحاسب فيها‬
‫نفسه‪ ،‬وساعة يخلوا فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن‬
‫نفسه‪ ،‬وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل‪ ،‬فإن في‬
‫هذه الساعة عونا ً على تلك الساعات وإجماما ً للقلوب‪.‬‬
‫وكان الحنف بن قيس يجئ إلى المصباح‪ ،‬فيضع إصبعه فيه ثم يقول‪ :‬حس يا‬
‫حنيف‪ ،‬ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟ ما حملك على ما صنعت يوم كذا؟‬
‫وقال الحسن‪ :‬المؤمن قوام على نفسه‪ ،‬يحاسب نفسه لله‪ ،‬وإنما خف‬
‫الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا‪ ،‬وإنما شق‬
‫الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا المر من غير محاسبة‪.‬‬
‫إن المؤمن يفجأه الشيء ويعجبه فيقول‪ :‬والله إني لشتهيك‪ ،‬وإنك لمن‬
‫حاجتي‪ ،‬ولكن والله ما من صلة إليك‪ ،‬هيهات هيهات‪ ،‬حيل بيني وبينك‪.‬‬
‫ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول‪ :‬ما أردت إلى هذا؟ مالي ولهذا؟‬
‫والله ل أعود إلى هذا أبدًا‪.‬‬
‫إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن‪ ،‬وحال بينهم وبين هلكتهم‪.‬‬
‫ً‬
‫إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته‪ ،‬ل يأمن شيئا حتى يلقى‬
‫الله‪ ،‬يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره‪ ،‬وفي لسانه وفي جوارحه‪،‬‬
‫مأخوذ عليه في ذلك كله‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال مالك بن دينار‪ :‬رحمه الله عبدا قال لنفسه‪ :‬ألست صاحبة كذا؟ ألست‬
‫صاحبة كذا؟ ثم ألزمها‪ ،‬ثم خطمها‪ ،‬ثم ألزمها كتاب الله عز وجل‪ ،‬فكان لها‬
‫قائدًا‪.‬‬
‫وقال ابن أبي ملكية‪ :‬أدركت ثلثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كلهم يخاف النفاق على نفسه‪ ،‬ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل‬
‫وميكائيل!!‬
‫أخي المسلم الموفق ‪:‬‬
‫قال المام ابن الجوزي‪ :‬أعجب العجاب أن النقاد يخافون دخول البهرج في‬
‫أموالهم‪ ،‬والمبهرج آمن!! هذا الصديق يمسك لسانه ويقول‪ :‬هذا الذي أوردني‬
‫الموارد‪ ،‬وهذا عمر يقول‪ :‬يا حذيفة هل أنا منهم ـ يعني من المنافقين ـ‬
‫والمخلط على بساط المن!!‬
‫وقال المام ابن القيم رحمه الله‪) :‬ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله‬
‫عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف‪ ،‬ونحن جمعنا بين التقصير‪ ،‬بل‬
‫التفريط والمن(‪.‬‬
‫هكذا يقول المام ابن القيم رحمه الله عن نفسه وعصره‪ ،‬فماذا نقول نحن‬
‫عن أنفسنا وعصرنا؟!‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيا أخي الحبيب‪:‬‬


‫ً‬
‫ل تضيع أيامك‪ ،‬فإنها رأي مالك‪ ،‬فإنك ما دمت قادرا على رأس مالك قدرت‬
‫على الريح‪ ،‬وإن بضاعة الخرة كاسدة في يومك هذا‪ ،‬فاجتهد حتى تجمع‬
‫بضاعة الخرة في وقت الكساد‪ ،‬فإنه يجئ يوم تصير هذه البضاعة فيه‬
‫عزيزة‪ ،‬فاستكثر منها في يوم الكساد ليوم العز‪ ،‬فإنك ل تقدر على طلبها في‬
‫ذلك اليوم‪.‬‬
‫أقسام محاسبة النفس‬
‫محاسبة النفس نوعان‪:‬‬
‫نوع قبل العمل ونوع بعده‪.‬‬
‫النوع الول‪:‬‬
‫محاسبة النفس قبل العمل فهو أن يقف العبد عند أول همه وإرادته‪ ،‬ول يبادر‬
‫بالعمل حتى يتبين له رجحانه على تركه‪ .‬قال الحسن رحمه الله‪ :‬رحم الله‬
‫عبدا ً وقف عند همه‪ ،‬فإن كان لله مضى‪ ،‬وإن كان لغيره تأخر‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪:‬‬
‫محاسبة النفس بعد العمل‪.‬‬
‫وهو ثلثة أنواع‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬محاسبة النفس على طاعة قصرت فيها في حق الله تعالى‪ ،‬قلم‬
‫توقعها على الوجه الذي ينبغي‪.‬‬
‫وحق الله تعالى في الطاعة ستة أمور وهي‪:‬‬
‫الخلص في العمل‪.‬‬
‫النصيحة لله فيه‪.‬‬
‫متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه‪.‬‬
‫شهود مشهد الحسان فيه‪.‬‬
‫شهود منة الله عليه فيه‪.‬‬
‫شهود تقصيره فيه‪.‬‬
‫فيحاسب العبد نفسه هل وفى هذه المقامات حقها؟‬
‫وهل أتى بها جميعا ً في هذه الطاعة؟‬
‫الثاني ‪ :‬أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا ً من فعله‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد لم فعله؟ وهل أراد به الله‬
‫والدار الخرة؟ فيكون رابحًا‪ ،‬أو أراد به الدنيا وعاجلها؟ فيخسر ذلك الربح‬
‫ويفوته الظفر به‪.‬‬
‫السباب المعينة على محاسبة النفس‬
‫هناك أساب تعين النسان على محاسبة نفسه وتسهل عليه ذلك منها‪:‬‬
‫‪ -1‬معرفته أنه كلما اجتهد في محاسبة نفسه اليوم استرح من ذلك غدا‪ً،‬‬
‫وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غدًا‪.‬‬
‫‪ -2‬معرفته أن ربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس‪ ،‬والنظر‬
‫إلى وجه الرب سبحانه‪ ،‬ومجاورة النبياء والصالحين وأهل الفضل‪.‬‬
‫‪ -3‬النظر فيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلك والدمار‪ ،‬ودخول‬
‫النار والحجاب عن الرب تعالى ومجاورة أهل الكفر والضلل والخبث‪.‬‬
‫‪ -4‬صحبة الخيار الذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه‪ ،‬وترك‬
‫صحبة من عداهم‪.‬‬
‫‪5‬النظر في أخبار أهل المحاسبة والمراقبة من سلفنا الصالح‪.‬‬
‫‪ -6‬زيارة القبور والتأمل في أحوال الموتى الذين ل يستطيعون محاسبة‬
‫أنفسهم أو تدرك ما فاتهم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -7‬حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبة النفس‪.‬‬
‫‪ -8‬قيام الليل وقراءة القرآن والتقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ -9‬البعد عن أماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي النسان محاسبة نفسه‪.‬‬


‫‪ -10‬ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبة والمراقبة‪ ،‬وأن‬
‫يوفقه لكل خير‪.‬‬
‫‪ -11‬سوء الظن بالنفس‪،‬فإن حسن الظن بالنفس ينسي محاسبة النفس‪،‬‬
‫وربما رأى النسان ـ بسب حسن ظنه بنفسه ـ عيوبه ومساوئه كما ً‬
‫ل‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪:‬‬
‫حق على الحازم المؤمن بالله واليوم الخر أل يغفل عن محاسبة نفسه‬
‫والتضييف عليها في حركاتها وسكناتها وخطواتها وخطواتها‪ ،‬فكل نفس من‬
‫أنفسا العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنز من الكنوز ل يتناهى‬
‫نعيمه أبد الباد‪ .‬فإضاعة هذه النفاس‪ ،‬أو اشتراء صاحبها ما يجلب هلكه‬
‫خسران عظيم‪ ،‬ل يسمح بمثله إل أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عق ً‬
‫ل‪ ،‬وإنما‬
‫يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن )يوم تجد كل نفس ما عملت من‬
‫خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمد بعيدًا( ]أل عمران‪:‬‬
‫‪.[30‬‬
‫أخي الكريم ‪:‬‬
‫كان توبة بن الصمة من المحاسبين لنفسهم فحسب يومًا‪ ،‬فإذا هو ابن ستين‬
‫سنة‪ ،‬فحسب أيامها‪ ،‬فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم‪ ،‬فصرخ‬
‫وقال‪ :‬يا ويلني! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلف‬
‫من الذنوب؟ ثم خر مغشيا ً عليهن فإذا هو ميت‪ ،‬فسمعوا قائل ً يقول‪) :‬يا لك‬
‫ركضة إلى الفردوس العلى(‪.‬‬
‫كيفية محاسبة النفس‬
‫ذكر المام ابن القيم رحمه الله أن محاسبة النفس تكون كالتالي‪:‬‬
‫ل‪ :‬البدء بالفرائض‪ ،‬فإذا رأى فيها نقصا ً تداركه‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ثانيا ً ‪ :‬ثم المناهي‪ ،‬فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئا ً تداركه بالتوبة والستغفار‬
‫والحسنات الماحية‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬محاسبة النفس على الغفلة ويتدارك ذلك بالذكر والقبال على الله‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬محاسبة النفس على حركات الجوارح‪ ،‬كلم اللسان‪ ،‬ومشي الرجلين‪،‬‬
‫وبطش اليدين‪ ،‬ونظر العينين‪ ،‬وسماع الذنين‪ ،‬ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟‬
‫وعلى أي وجه فعلته‪.‬‬
‫فوائد محاسبة النفس‬
‫ولمحاسبة النفس فوائد جمة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الطلع على عيوب النفس‪ ،‬ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه‬
‫إزالته‪.‬‬
‫‪ -2‬التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن المكان‪.‬‬
‫‪ -3‬معرفة حق الله تعالى فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على‬
‫تفريطها في حق الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -4‬انكسار العبد وزلته بين يدي ربه تبارك وتعالى‪.‬‬
‫‪ -5‬معرفة كرم الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يعجل‬
‫عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -6‬مقت النفس والزراء عليها‪ ،‬والتخلص من العجب ورؤية العمل‪.‬‬


‫‪ -7‬الجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد‪.‬‬
‫‪ -8‬رد الحقوق إلى أهلها‪ ،‬وسل السخائم‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وهذه من أعظم‬
‫ثمرات محاسبة النفس‪.‬‬
‫قطار العمر‬
‫أخي المسلم‪:‬‬
‫قال الفضيل لرجل‪ :‬كم أتى عليك؟ قال‪ :‬ستون سنة‪ .‬قال له‪ :‬أنت منذ ستين‬
‫سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل!!‬
‫وقال أبو الدرداء ‪ :‬إنما أنت أيام‪ ،‬كلما مضى منك يوم مضى بعضك‪.‬‬
‫فيا أبناء العشرين ! كم مات من أقرانكم وتخلفتم؟!‬
‫ويا أبناء الثلثين! أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم؟‬
‫ويا أبناء الربعين! ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم!!‬
‫ويا أبناء الخمسين ! تنصفتم المائة وما أنصفتم!!‬
‫ويا أبناء الستين ! أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم‪ ،‬أتلهون وتلعبون ؟ لقد‬
‫أسرفنهم!!‬
‫وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬أعذر الله إلى من‬
‫بلغه ستين سنة(‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪:‬‬
‫كم صلة أضعتها؟ ‪ ..‬كم جمعة تعاون بها؟ ‪ ..‬كم صيام تركته؟ … كم زكاة‬
‫بخلت بها؟ … كم حج قوته؟ … كم معروف تكاسلت عنه؟ … كم منكر‬
‫سكت عليه؟ … كم نظرة محرمة أصبتها؟ … كم كلمة فاحشة تكلمت بها؟‬
‫… كم أغضبت والديك ولم ترضهما؟ … كم قسوت على ضعيف ولم ترحمه؟‬
‫‪ ..‬كم من الناس ظلمته؟ … كم من الناس أخذت ماله؟ ‪..‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫)أتدرون من المفلس؟ قالوا‪ :‬المفلس فينا من ل درهم له ول متاع؟ فقال‪:‬‬
‫)إن المفلس من آمتي يأتي يوم القيامة بصرة وصيام وزكاة‪ ،‬ويأتي قد شتم‬
‫هذا‪ ،‬وأكل مال هذا‪ ،‬وسفك دم هذا‪ ،‬وضرب هذا‪ ،‬فيعطي هذا من حسناته‪،‬‬
‫وهذا من حسناته‪ ،‬فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه‪ ،‬أخذ من‬
‫خطاياهم فطرحت عليه‪ ،‬ثم طرح في النار( ]مسلم[‪.‬‬
‫إنا لنفرح باليام نقطعها‬
‫وكل يوم مضى يدني من الجل‬
‫فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا ً‬
‫فإنما الربح والخسران في العمل‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫إعداد القسم العلمي بدار الوطن للنشر والتوزيع‬
‫مراجعة الشيخ‬
‫الشيخ فهد بن سليمان القاضي‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رسالة لمتبادلي الصور المحرمة‬


‫أخي الكريم ‪ ..‬أختي الكريمة‪...‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد‪:‬‬
‫اجعل هذه الرسالة حجة لك ل عليك ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال الله تعالى )إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم‬
‫عذاب أليم في الدنيا والخرة( سورة النور‪.‬‬
‫هل تعلم‪ :‬أن ما تقوم به من تبادل الصور الفاضحة يعتبر سيئه جاريه‪.‬‬
‫)أي أن إثمها وإثم من نشرها جار معك حتى تتوب إلى الله(‪.‬‬
‫ترضى لمك وأختك مشاهدة هذه الصور؟؟ أليس المسلمون إخوانك؟؟‬
‫بأي شيء تجيب ربك عندما يسألك عن )نشر الصور المحرمة( يوم القيامة؟؟‬
‫هل تعلم‪ :‬أنك تتحمل آثام كل من شاهد هذه الصور التي قمت بتبادلها‪.‬‬
‫هل تعلم‪ :‬أن رصيدك من السيئات يزداد بازدياد متبادلي هذه الصور حتى بعد‬
‫مماتك‪.‬‬
‫هل تعلم‪ :‬أن تبادل هذه الصور بين الناس بعد مماتك قد يسبب عذابك في‬
‫القبر حتى قيام الساعة‪.‬‬
‫هل تعلم‪ :‬بأن الله سبحانه وتعالى يغار ومن غيرته أنه حرم الفواحش ما ظهر‬
‫منها وما بطن‪.‬‬
‫أخي الكريم تذكر ‪...‬‬
‫قول الله تعالى‪) :‬قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك‬
‫أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون(‪.‬‬
‫أخي الكريم تذكر‪...‬‬
‫قول الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬اضمنوا لي ستا ً من أنفسكم أضمن‬
‫لكم الجنة ‪ ،‬اصدقوا إذا حدثتم ‪ ،‬وأوفوا إذا وعدتم ‪ ،‬وأدوا إذا ائتمنتم ‪،‬‬
‫واحفظوا فروجكم ‪ ،‬وغضوا أبصاركم ‪ ،‬وكفوا أيديكم(‪.‬‬
‫أخي إن ما تقوم به يعد نشر للفساد ‪ ،‬وإماتة للقلوب ‪ ،‬ولهو للناس عن ذكر‬
‫الله وأعلم أن النظر سبب الزنا‪ ،‬فأحذر من الوقوع فيه‪ ،‬وإن من وقع به‬
‫بسبب تلك الصور فأثمه يقع عليك‪.‬‬
‫فتوبوا إلى الله قبل فوات الوان‪.‬‬
‫ثم إذا كنت بارعا ً في استخدام النترنت لماذا ل تنصر دين السلم وتنكر‬
‫المنكر أينما كان‪ ،‬ففرصتك باقية‪ .‬فهل تفعل؟‪.‬‬
‫نسأل الله لك الهداية ‪ .‬والله من وراء القصد …‬
‫ناصح‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رسالة من الشيخ عقب استشهاده‬


‫إلى أحبتي في الله ‪ ,‬إلى كل مؤمن بأن ل إله إل الله محمد رسول الله‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪:‬‬
‫لقد استوفيت أجلي ورزقي الذي كتبه الله لي في الدنيا على التمام‬
‫والكمال ‪ ,‬ولقد أكرمني ربي بفضل منه ونعمة بالشهادة في سبيله )بإذن الله‬
‫تعالى( بعدما أمضيت عمري في ساحة الشرف والبطولة وها أنذا مع النبيين‬
‫والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬
‫أبشركم بأننا أحياء ونرزق عند ربنا ‪ ,‬ولله ما أحلى وما ألذ طعم الشهادة في‬
‫سبيل الله تعالى وددت لو أني أعود لدنياكم لجاهد وأستشهد ثم أعود فأجاهد‬
‫وأستشهد ‪ ,‬فياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين‪.‬‬
‫ما أتفه الدنيا إذا إقتصرت على الطعام والنكاح كالبهائم‪ ,‬فل عيش إل عيش‬
‫الخرة فلو عرفتم ما نحن فيه من نعيم وتكريم لما نامت لكم عين عن‬
‫الجهاد‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحبتي‪ :‬إن عصابة القردة والخنازير من الصهاينة الجبناء مكانها في الغابة أو‬
‫حديقة الحيوان وليس في الرض المقدسة فلسطين الحبيبة فل عذر لكم في‬
‫ترك الجهاد و أولئك الملعين النجاس يدنسون القدس الشريفة ‪ ,‬لقد‬
‫جاهدتهم وأنا مقعد من فوق كرسي متحرك فما بالكم وأنتم ذوي أرجل‬
‫تمشون بها وأيد تبطشون بها‪ ,‬فلتتحرك أرجلكم في ساحة الوغي على أنغام‬
‫القذائف والرصاص وليس في ساحة الرقص على الموسيقى الغربية‪.‬‬
‫وبدل أن تقبض أيديكم على الهمبرجر وعلب الكول فلتقبض على أعناق أبناء‬
‫الفاعي ‪ ,‬لقد وضعت نصب عيني على إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة‬
‫وقد نلتها )بفضل الله ومشيئته( وكم يزعجني أن بعضكم يضع نصب عينيه‬
‫على تفاهات سخيفة مثل السوبر ستار ونحوها‪.‬‬
‫أنا بعد موتي في عيش كريم فل تكونوا أمواتا وأنتم على الرض أحياء ‪,‬‬
‫فمتاع الدنيا قليل إن رأيتموه كثيرا ‪ ,‬والحياة قصيرة مهما طالت سنواتها‬
‫فكونوا على العهد واعتصموا بالواحد الحد وجاهدوا في سبيله فهذه هي‬
‫الصفقة الرابحة ول خوف على أهلها ولهم يحزنون‪.‬‬
‫تذكروا أن جهادنا نحن المسلمين في الدفاع عن مقدساتنا وارضنا وعرضنا‬
‫حق مشروع وواجب مفروض ول تنخدعوا بمن يتلعب باللفاظ فيسميه‬
‫إجراما أو إرهابا ‪ ,‬فهم يسعون لزعزعة المفاهيم الثابتة وإستبدالها بمفاهيم‬
‫الخنوع والخضوع‪.‬‬
‫علموا أبنائكم والجيال القادمة أن الجهاد فرض وماض الى قيام الساعة ‪,‬‬
‫وهو أمر لبد منه للذوذ عن السلم والمسلمين مهما كانت الظروف ومهما‬
‫تكالبت العداء‪.‬‬
‫علموهم أن الشرف والعزة في ساحة الجهاد وليس على طاولة المفاوضات‪,‬‬
‫علموهم أن أرض القدس تسقى بدماء الشهداء الشرفاء وأن القدس قضية‬
‫كل مسلم ومسلمة لنها أولى القبلتين ومسرى نبينا الكريم حيث صلى في‬
‫المسجد القصى بكل النبياء والمرسلين‪ ,‬أنا ل أريد بكاء وعويل ولكني أريد‬
‫أن تستمر مسيرة النضال والجهاد بالنية الصادقة والعمل المحكم الدءوب‬
‫لنصرة السلم والمسلمين‪.‬‬
‫اعلموا أن عصابة الصهاينة وحلفائهم من اليمين النصراني المتطرف‬
‫والمتخاذلون من بني جلدتنا ل يردعهم إل جيل يؤمن بالله ورسوله ويعتبر‬
‫الجهاد من ضمن الفرائض اليومية في حياة كل مسلم حسب إستطاعته‪.‬‬
‫أكرر بشارتي لكم بأن أحلى ما في دنياكم هو نيل الشهادة في سبيل الله ‪,‬‬
‫وأنا متفائل بأن الله سينصر المسلمين الشرفاء المخلصين فقط اعملوا‬
‫وإستمروا في العمل وأيقنوا بأن نصر الله قريب‪.‬‬
‫التوقيع‪ :‬الشيخ الشهيد أحمد ياسين‬
‫العنوان‪ :‬جنة النعيم عند رب كريم‬
‫للتصال‪ :‬عن طريق الشهادة في سبيل الله‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رسالة من القلب الى القلب‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على النبي وآله وبعد ‪:‬‬
‫فهذا حديث إلى أخ لي حبيب ‪. . .‬‬
‫قد أراه في كل صف من الصفوف ‪. . .‬‬
‫قد أراه بين كل اثنين ‪. . .‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أراه في كل مسلم رضي بالله ربا‪ ،‬وبمحمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم نبيا ‪،‬‬
‫وبالسلم دينا ‪. . .‬‬
‫أخ لي ‪. . ..‬‬
‫لم يسلم من أخطاء سلوكية‪ ،‬وكلنا خطاء إ إ‪. .‬‬
‫لم ينج من تقصير في العبادة وكلنا مقصر! ! ‪. .‬‬
‫ربما رأيته حليق اللحية‪ ،‬طويل الثوب ‪ ،‬مدمنا للتدخين ! ! ‪. .‬‬
‫بل ربما أسر ذنوبا أخرى ونحن المذنبون أبناء المذنبين ! ! ‪.‬‬
‫نعم ! أريد أن أتحدث إليك أنت أخي حديثا أخصك به ‪ ،‬فهل تفتح لي أبواب‬
‫قلبك الطيب ونوافذ ذهنك النير؟! ! ‪.‬‬
‫فوالله الذي ل إلة إل هو إني لحبك ‪ . .‬أحبك حبا يجعلني ‪ . . ..‬أشعر بالزهو‬
‫كلما رأيتك تمشي خطوة إلى المام ! ! ‪. .‬‬
‫وأشعر والله بالحسرة إذا رأيتك تراوح مكانك أو تتقهر ورائك !!‪.‬‬
‫أحدثك حديثا اسكب روحي في كلماته ‪ . . .‬وأمزق قلبي في عباراته ‪. . .‬‬
‫إنه أخي حديث القلب إلى القلب ‪.‬‬
‫حديث الروح للرواح يسري *** وتدركه القلوب بل عناء‬
‫أخي وحبيبي ‪...‬‬
‫هل تظن أن أخطاءنا أمر تفردنا به لم نسبق إليه ؟! ‪.‬‬
‫كل ‪ ...‬فما كنا في يوم ملئكة ل يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ‪.‬‬
‫ولكن نحن بشر معرضون للخطيئة‪ ،‬يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ‪.‬‬
‫وكل من ترى من عباد الله الصالحين لهم ذنوب وخطايا‪ .‬قال ابن مسعود‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬لصحابه وقد تبعوه ‪" :‬لو علمتم بذنوبي لرجمتموني‬
‫بالحجارة"‪ ،‬وقال حبيبك محمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم ‪" :‬لو لم تذنبوا لذهب‬
‫ي لقد‬‫خ ّ‬‫الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم( والله يا أ ُ َ‬
‫أحرقتنا الذنوب ‪ ،‬وآلمتنا المعاصي ولكن أيها الحبيب المحب أرعني سمعك يا‬
‫رعاك الله ! ! ‪.‬‬
‫إن هذه الخطايا ما سلمنا منها ولن نسلم ‪ ،‬ولكن الخطر أن تسمح للشيطان‬
‫أن يستثمر ذنبك ويرابي في خطيئتك ‪.‬‬
‫أتدري كيف ذلك ؟ ! ! ‪. .‬‬
‫يلقي في روعك أن هذه الذنوب خندق يحاصرك فيه ل تستطيع الخروج منه ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫يلقي في روعك أن هذه الذنوب تسلبك أهلية العمل للدين أو الهتمام به ‪.‬‬
‫ول يزال يوحي إليك ‪ :‬دع أمر الدين والدعوة لصحاب اللحى الطويلة!‬
‫والثياب القصيرة! دع أمر الدين لهم فما أنت منهم ! ! ‪.‬‬
‫وهكذا يضخم هذا الوهم في نفسك حتى يشعرك أنك فئة والمتدينون فئة‬
‫أخرى‪ .‬وهذه يا أخي حيلة إبليسية ينبغي أن يكون عقلك أكبر وأوعى من أن‬
‫تمرر عليه ‪.‬‬
‫فأنت يا أخي متدين من المتدينين ‪ . .‬أنت تتعبد لله بأعظم عبادة تعبد بها‬
‫بشر لله ‪.‬‬
‫أن تتعبد لله بالتوحيد‪.‬‬
‫أنت الذي حملك إيمانك فطهرت أطرافك بالوضؤ‪ ،‬وعظمت ربك بالركوع ‪،‬‬
‫وخضعت له بالسجود‪.‬‬
‫أنت صاحب الفم المعطر بذكر الله ودعائه ‪ ،‬والقلب المنور بتعظيم الله‬
‫وأجلله ‪ .‬فهنيئا لك توحيدك وهنيئا لك إيمانك ‪.‬‬
‫إنك يا أخي صاحب قضية ‪. .‬‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أنت أكبر من أن تكون قضيتك فريق كروي يكسب أو يخسر‪. .‬‬


‫أنت أكبر من أن تدور همومك حول شريط غنائي أو سفرة للخارج ‪. .‬‬
‫أنت أكبر من أن تدور همومك حول المتعة والكل ‪.‬‬
‫ن‬
‫َ ِ َ‬‫ذي‬‫ّ‬ ‫ل‬‫وا‬ ‫)‬ ‫‪.‬‬ ‫فيهم‬ ‫الله‬ ‫قال‬ ‫فذلك كله ليس شأنك ‪ ،‬إن ذلك شأن غيرك ممن‬
‫ن ك َما ت َأ ْك ُ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫م ( ‪ ] 0‬محمد ‪ :‬الية‬ ‫وى ل َهُ ْ‬ ‫مث ْ ً‬
‫م َوالّناُر َ‬ ‫ل اْلن َْعا ُ‬ ‫ن وَي َأك ُُلو َ َ‬ ‫مت ُّعو َ‬‫فُروا ي َت َ َ‬ ‫كَ َ‬
‫‪[ 12‬‬
‫ي أنت من يعيش لقضية أخطر وأكبر هي ‪ :‬هذا الدين الذي تتعبد الله‬ ‫خ ّ‬ ‫أي أ ُ َ‬
‫به‪ . . .‬هذا الدين الذي هو سبب وجودك في هذه الدنيا وقدومك إلى هذا‬
‫ن( ‪ ] 0‬الذاريات ‪ .‬الية ‪[ 56:‬‬ ‫دو ِ‬‫س إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬‫لن َ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬ ‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫ق ُ‬‫خل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫الكون )وَ َ‬
‫ْ‬
‫ن لي أن أذكرك مرة أخرى أن تقصيري و إياك في طاعة ربنا أو خطئي‬ ‫وأذ َ ْ‬
‫وإياك في سلوكنا ل يحللنا أبدا من هذه المسئولية الكبرى ول يعفينا من هذه‬
‫القضية الخطيرة انظر يا رعاك الله إلى هذين الموقفين ‪:‬‬
‫وأرجو أن تنظر إليهما نظرة فاحصة ‪ .‬وأن تجعلهما تحت مجهر بصيرتك ‪:‬‬
‫الموقف الول ‪:‬‬
‫خبر كعب بن مالك ‪-‬رضي الله عنه ‪-‬حيث وقع هذا الصحابي في خطأ كبير‪،‬‬
‫وهو التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬حين نفر إلى الجهاد في‬
‫فُروا‬‫غزوة تبوك ولمعرفة خطر هذا الذنب تامل قول الله ‪ -‬عز وجل ‪) :-‬إ ِّل َتن ِ‬
‫َ‬
‫شي ًْئا( ‪ ] .‬التوبة ‪ .‬الية ‪:‬‬ ‫ضّروه ُ َ‬ ‫م وََل ت َ ُ‬‫ما غَي َْرك ُ ْ‬ ‫ل قَوْ ً‬ ‫ست َب ْدِ ْ‬
‫ما وَي َ ْ‬ ‫ذاًبا أِلي ً‬‫م عَ َ‬ ‫ي ُعَذ ّب ْك ُ ْ‬
‫‪[ 39‬‬
‫ويعود النبي ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم ‪ ، ،‬من غزوته تلك ‪ ،‬ويساءل كعبا قال"ما‬
‫خلفك يا كعب ؟" فيجيب بالصدق ‪" :‬والله مكان لي من عذر" ‪.‬‬
‫ويأتي حكم الله في كعب أن يجتنبه الناس فل يكلموه ‪ ،‬فإذا به يطوف في‬
‫السواق ل يشرق له وجه ببسمة‪ ،‬ول تنبس له شفة بكلمة‪ ،‬وطالت عليه‬
‫َ‬
‫م اْلْر ُ‬
‫ض‬ ‫ت عَل َي ْهِ ْ‬‫ضاقَ ْ‬
‫حّتى إ َِذا َ‬ ‫جفوة الناس حتى صار حاله كما وصف الله ‪َ ) :‬‬
‫م ( ‪ ] .‬التوبة ‪ .‬الية ‪ . [ 118 :‬وكما وصف‬ ‫سهُ ْ‬‫ف ُ‬‫م َأن ُ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ما َر ُ‬ ‫بِ َ‬
‫كعب نفسه ‪" :‬تنكرت لي في نفسي الرض فما هي با لرض التي كنت‬
‫أعرف " ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫هنا بالذات في وسط هذه المعاناة النفسية الشديدة وبين ألم القطيعة‪،‬‬
‫وجفوة الناس إذا به يتلقى رسالة ملكية من ملك غسان يقول فيها‪" :‬إنه قد‬
‫بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار مهانة ‪ ،‬فالحق بنا نواسك " ‪.‬‬
‫إنها رسالة من ملك ! يعرض عليه أن يلحق به ليكون من رجال البلط ‪،‬‬
‫وحاشية الملك وليتمتع بعد ذلك بكل مافي القصور من ترف ‪ ،‬وكل مايعمرها‬
‫من لذة ‪.‬‬
‫إنه عرض ُيسيل لعاب أفواه كثيرة بعيدا عن هذه الضغوط والمعاناة‪ ،‬فكيف‬
‫بمن يتلقى هذا العرض وهو يعاني ألم القطيعة ومرارة الهجران ؟ ! ‪.‬‬
‫فكيف تلقى كعب هذا العرض ؟! ! ‪.‬‬
‫إنه لم يفكر في المر كثيرا أو قليل‪ ،‬لم يقل لحامل الرسالة دعني أتدبر‬
‫أمرى وأرجع إليك الجواب غدًا‪ ،‬كل إن قضية الولء للسلم كانت محسومة‬
‫عنده ليست محل بحث أو مراجعة‪ ،‬ولذا فما إن قرأ هذه الرسالة حتى قال ‪:‬‬
‫"وهذه أيضا من البلء‪ ،‬ثم تيمم بالرسالة الملكية التنور فسجرها فيه " ‪.‬‬
‫إنه الولء للسلم – أيها الخ المبارك لم يضعفه وقوع في خطا! ول قسوة‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عقوبة! فهل نتعلم من كعب ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬أن أخطاءنا لن تكون في يوم‬
‫سببا ً يوهن ولءنا للدين وحميتنا له وغيرتناعليه ‪.‬‬
‫الموقف الثاني ‪:‬‬
‫ثم إلى موقف صحابي آخر هو أبو محجن الثقفي ‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬لقد كان‬
‫هذا الصحابي مبتلى بشرب الخمر فكان يجاء به فيجلد‪ ،‬ثم يجاء به فيجلد‪،‬‬
‫ولكنه لم يفهم أن هذا يعفيه من العمل لدينه أو القعود عن نصرته ‪ ،‬فإذا به‬
‫يخرج مع المسلمين إلى القادسية جنديا يبحث عن الموت مظانه ‪ ،‬وفي‬
‫القادسية يجاء به إلى سعد بن أبي وقاص وقد شرب الخمر‪ ،‬فيعاقبه سعد‬
‫وتكون العقوبة حبسه فل يدخل المعركة ‪ ،‬ول يشارك في القتال ‪.‬‬
‫وكانت عقوبة قاسية آلمت أبا محجن أشد اللم حتى إذا سمع ضرب السيوف‬
‫ووقع الرماح وصهيل الخيل و علم أن سوق الجهاد قد قامت ‪ ،‬وأبواب الجنة‬
‫قد فتحت جاشت نفسه وهاجت أشواقه إلى الجهاد فعبر عن حسرته بقيام‬
‫سوق الجهاد وهو حبيس القيد والسجن بقوله ‪:‬‬
‫كفى حزنا أن ترتدي الخيل بالقنا *** وأترك مشدودا إلى وثاقيا‬
‫إذا قمت عنا في الحديد وغلقت *** مصارع دوني قد تصم المناديا‬
‫فلله عهد ل أخيس بعهده *** لئن فرجت أل أزور الخواليا‬
‫ت أن‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ ِ ْ ُ‬ ‫س‬ ‫إن‬ ‫علي‪،‬‬ ‫ثم نادى امرأة سعد ابن أبي وقاص قائل ‪ :‬خليني فلله‬
‫ت استرحتم مني ‪ .‬فرحمت أشواقه‬ ‫أجيء حتى أضع رجلي في القيد‪ ،‬وإن قُِتل ُ‬
‫‪ ،‬واحترمت عاطفته وخلت سبيله ‪ ،‬فوثب على فرس لسعد يقال لها البلقاء‬
‫ثم أخذ الرمح وانطلق ل يحمل على كتيبة إل كسرها‪ ،‬ول على جمع إل فرقه ‪،‬‬
‫وسعد يشرف على المعركة ويعجب ويقول ‪ :‬الكر كر البلقاء‪ ،‬والضرب ضرب‬
‫أبي محجن إ!‬
‫حتى إذا انهزم العدو عاد أبو محجن فجعل رجله في القيد فما كان من امرأة‬
‫سعد إل أن أخبرته بهذا النبأ العجاب وما كان من أمر أبي محجن ‪ ،‬فأكبر‬
‫سعد ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬هذه النفس ‪ ،‬وهذه الغيرة على الدين ‪ ،‬وهذه‬
‫الشواق للجهاد وقام بنفسه إلى هذا الشارب الخمر يحل قيوده بيديه‬
‫الطيبتين ويقول ‪" :‬قم فوالله ل أجلدك في الخمر أبدا‪ ،‬وأبو محجن يقول ‪:‬‬
‫وأنا والله ل أشربها أبدا ً "‬
‫فانظر أيها الخ المبارك إلى هذين الرجلين كيف لم تعفهما الخطيئة‪ ،‬ولم‬
‫تقعدهما المعصيه عن الولء للدين والعمل له !! ‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪...‬‬
‫إن الخطايا ليست عذرا للتحلل من الولء للدين ‪ ،‬ول من العمل له ‪ ،‬ول من‬
‫نصرته ‪ ،‬ول من الغيرة عليه ‪ .‬ولول ذلك لما انتصر للدين منتصر‪ ،‬ول قام به‬
‫قائم ‪.‬‬
‫نعم أيها الحبيب المحب إن الولء للدين والغيرة عليه مسئولية المسلم من‬
‫حيث هو مسلم مهما كان فيه من تقصير ومهما قارف من إثم ‪ .‬مادام له بهذا‬
‫الدين سبب واصل ‪ ،‬فما من مسلم يقف في صف المسلمين إل ويتحمل‬
‫صُروه ُ َوات ّب َُعوا‬‫مُنوا ب ِهِ وَعَّزُروه ُ وَن َ َ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫مسئولية في تاييد الدين ونصره ‪َ) :‬فال ّ ِ‬
‫ن(‪ ] .‬العراف‪.‬الية‪ . [157:‬هل‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫ك هُ ْ‬ ‫معَ ُ‬
‫ل َ‬‫ذي ُأنزِ َ‬
‫الّنوَر ال ّ ِ‬
‫تذكرت أخي أنك جزء من هذه المة التي يجب أن تكون في المقدمة في‬
‫وقت تتسابق فيه المم في صنع المستقبل ؟ ! ! ‪.‬‬
‫إننا في عصر ينبغي أن نقتحمه متحدين ‪ .‬فهل فكرت في إسهام حقيقي منك‬
‫في ذلك ؟!! ‪.‬‬
‫هل تذكرت أخي أن دينك هذا الذي تدين الله به مستهدف بعداء مرير وكيد‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طويل ؟ ! ‪.‬‬
‫واقرأ إن شئت "قادة الغرب يقولون دمروا السلم أبيدوا أهله " و لتقف‬
‫على طرف من هذا العداء فهل فكرت وإياك في المواجهة؟! ! ‪. .‬‬
‫هل آلمتك مجازر المسلمين ورخص دمائهم فإذا هي أرخص من ماء البحر‬
‫واستهانة العالم بمدن المسلمين ُتباد ودولهم تبتلع ؟! !‬
‫في الوقت الذي تصاب فيه الدنيا بالرق لرهينتين غربيتين ! ! ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ي روح الجسد الواحد؟! !‪.‬‬ ‫فهل تحّرك َ ْ‬
‫ت فينا أخ ّ‬
‫أيها الحبيب المحب ‪...‬‬
‫ت في نفسك وتساءلنا كم تبلغ مساحة السلم‬ ‫ت في نفسي وفتش َ‬ ‫هل فتش ُ‬
‫من خارطة اهتمامنا؟! ! ‪.‬‬
‫كم نبذل للدين ؟! ! كم نجهد للدين ؟! ! كم نهتم للدين ؟! !‬

‫)‪(2 /‬‬

‫هل هو قضية حياتنا تتراء لنا وتؤرقنا؟! ! أم قد رضينا بعبادات تحولت إلى‬
‫عادات ؟ ! ! إننا يا أخي إذا لم ننفر لهذا الدين بكليتنا فإنا ‪ -‬ورب البيت ‪-‬‬
‫نخشى أن ينالنا ذلك الوعيد الشديد الذي تكاد السمؤات يتفطرن منه وتنشق‬
‫فُروا‬‫دا‪ ،‬اسمعه في قول ربك ‪ -‬جل جلله ‪) :-‬إ ِّل َتن ِ‬ ‫الرض وتخر الجبال ه ّ‬
‫ه عََلى ك ُ ّ‬ ‫شي ًْئا َوالل ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ضّروه ُ َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬
‫َْ ْ َ َ ُ‬ ‫ك‬ ‫ر‬‫ي‬‫َ‬ ‫غ‬ ‫ما‬
‫ْ ً‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ما وَي َ ْ َ ْ ِ‬
‫د‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م عَ َ‬
‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫ي ُعَذ ّب ْك ُ ْ‬
‫ديٌر( ] التوبة‪ ،‬الية‪. [ 39 :‬‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫لنعد السؤال على أنفسنا مرة أخرى ‪:‬‬
‫كم يعيش الدين في حياتنا؟! !‬
‫كم يشغل من مساحة اهتمامنا؟! !‬
‫ثم أذن لي يا حبيبي بكلم أكثر تفصي ً‬
‫ل‪:‬‬
‫أخي ‪ ...‬هل أخذت يوما كتاب الله فقرأته مستشعرا أن الله ‪ -‬جل جلله ‪-‬‬
‫بكبريائه وعظمته يخاطبك ويكلمك أنت العبد الصغير الذليل ؟إ إ‪.‬‬
‫أي تكريم لك ذلك التكريم العلوي ! ! ‪ .‬أي رفعة لك يرفعها هذا التنزيل ! ! ‪.‬‬
‫أي مقام يتفضل به عليك الرب الكريم إ! ‪ .‬يوم جعلك أهل لتلقي خطابه ‪.‬‬
‫إخي ‪ ...‬هل جلست يوما تربي نفسك بقراءة سيرة نبيك وحبيبك محمد‪، ،‬‬
‫صلى الله عليه وسلم الذي تؤمن به وتعبد الله بشرعه ‪ ،‬الذي تحبه والذي‬
‫أحبك ‪ ،‬واشتاق إلى لقائك ‪ .‬نعم ! نبيك اشتاق إلى لقائك فقال و ددت أنا قد‬
‫رأينا إخواننا قالوا ‪ :‬أو لسنا اخوانك يارسول الله ؟! قال ‪ :‬أنتم أصحابي‪،‬‬
‫وإخواننا الذين لم يأتوا بعد" أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة‪ -‬رضي الله‬
‫عنه ‪.-‬‬
‫فهل اشتقت إليه كما اشتاق إليك ؟ !‪.‬‬
‫ت وإياك إلى إخواننا الصالحين السابقين في الخلو ات ‪،‬‬ ‫‪ .‬أخي ‪ . ..‬هل نظر ُ‬
‫الذين هم أكثر منا جدا في الطاعة‪ ،‬ونشاطا في الدعوة‪ ،‬وتوقيرا للسنة؟ ! ‪.‬‬
‫هل نظرت إليهأ؟! !‬
‫فكيف كانت نظر تك ؟! ‪.‬‬
‫أما إني ل أتوقع منك أن تزدريهم ول أن تخذلهم ولكن أحبهم تكن منهم "‬
‫فالمرء مع من أحب " ومحبتهم تستلزم نصرتهم والدفاع عن أعراضهم‬
‫والتعاون معهم ‪.‬‬
‫أخي ‪ ...‬هل بذلت جهدا في الدعوة ولو كان قليل ؟؟‪.‬‬
‫هل أهديت لقريب أو زميل شريطا بعد أن سمعته أو كتيبا بعد أن قرأته ؟؟‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ص بها لم تنتشر في يوم‬ ‫أخي ‪ ...‬هذه المنكرات التي في مجتمعنا وقد غ ّ‬


‫وليله‪ ،‬ولكن انتشرت لن واحدا فعل وواحد سكت وهما شريكان في انتشار‬
‫ذلك المنكر‪.‬‬
‫فهل استشعر ت وجوب مشاركتك في إزالة المنكر؟ ! ! وعلمت أنة لبد أن‬
‫تكون مساهما في النكار! ! ‪.‬‬
‫اخي ‪ .. .‬إن في مجالسنا ومجتمعنا من يشوش على الناس مفاهيمهم ويلبس‬
‫عليهم دينهم وينتقص أهل الصلح منهم ! ! ‪.‬‬
‫فهل وقفت منافحا ومدافعا بالتي هي أحسن ؟! ‪.‬‬
‫ن في الدفاع عن الحق الذي‬ ‫لنك تعلم أن السكوت حينئذ خيانة للمبدأ‪ ،‬وجب ٌ‬
‫تعتقده ‪.‬‬
‫أخي ‪ ...‬ل تكتف بالتعاطف مع الخيار البرار وترى ذلك فضل منك ولكنك‬
‫تعلم أنه يجب عليك أن تكون متعاطفا ومتعاونا لنك تعلم أن ذلك من‬
‫مسؤليتك ‪.‬‬
‫اخي وحبيبي ‪...‬‬
‫تذكر رعاك الله أنك بإيمانك ذو نسب عريق ضارب في عمق الزمن ‪ ،‬وأنك‬
‫واحد من ذلك الموكب المبارك الذي يقوده ذلك الركب الطيب من أنبياء الله‬
‫ن‬
‫ورسله نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد‪ ،‬صلى الله عليهم وسلم ‪) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫هَذه أ ُمتك ُ ُ‬
‫ن( ‪] 0‬النبياء‪ ،‬الية‪ [ 92:‬إنا نظن بك‬ ‫دو ِ‬ ‫حد َة ً وَأَنا َرب ّك ُ ْ‬
‫م َفاعْب ُ ُ‬ ‫ة َوا ِ‬‫م ً‬
‫مأ ّ‬ ‫ِ ِ ّ ُ ْ‬
‫أخي أن تكون معتزا بإيمانك ‪ ،‬واثقا من نفسك ‪ ،‬باذل لدينك مايمكنك بذله ‪،‬‬
‫داعيا لمبدئك وقضيتك ‪ ،‬متميزا عن غيرك ممن ل يهتم بهذا كله ‪ ،‬متميزا عن‬
‫فوا أذاكم عن الناس فهو صدقة منكم على‬ ‫السلبيين الذين نقول لهم ك ّ‬
‫أنفسكم ‪.‬‬
‫قد اختارنا الله في دعوته *** وإّنا سنمضي على سنته‬
‫فمنا الذي قضوا نحبهم *** ومنا الحفيظ على ذمته‬
‫أخي ستبيد جيوش الظلم *** ويشرق في الكون فجر جديد‬
‫فاطلق لروحك اشراقها *** ترى الفجر يرمقنا من بعيد‬
‫ون الذنوب فإنها إذا إجتمعت أهلكت ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اخي ‪ ..‬ل أريد أن أه ّ‬
‫ب خطيئة كان عقابها طمس بصيرة ‪ ،‬ولكن أقول‬ ‫ل اريد ان اهون الخطايا فر ّ‬
‫ينبغي أن ل تكون الذنوب خندقا يحاصرنا عن العمل لهذا الدين وأنت من هذا‬
‫على ذكر ‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪...‬‬
‫هذا شجن من شجون أهاتف به قلبك الطيب بُنصح المحب ومحبة الناصح‬
‫وإن في إيمانك ونقاء أعماقك ما يطمع فيك كل من يريد الخير لك ‪.‬‬
‫والله أسأل ان يكلك برعايته ويحوطك بعنايته ويهديك ويسددك واستغفر الله‬
‫لي ولك ‪.‬‬
‫الشيخ عبدالوهاب الطريري‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رسالة من جماعة المسجد لمن ل يشهد صلة الفجر‬


‫الخ العزيز والجار الكريم‪........................................................ /‬‬
‫وفقه الله‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد ‪:‬‬
‫ث إليك هذه الرسالة وكلنا رجاٌء أن‬ ‫فمن منطلق وصية السلم بالجار ‪ ،‬نبع ُ‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة ‪ ،‬ولول طمُعنا في حسن‬ ‫تجد َ قلبا ً للخير مفتوحا ً وأ ُُذنا ً لكِلمة الحق سامع ً‬
‫جواِرك ‪،‬‬ ‫مك سرورنا بحسن ِ‬ ‫ق لما كتبنا إليك حرفا ً واحدًا‪.‬ول نكت ُ ُ‬ ‫استجابتك للح ِ‬
‫ف في تأكيد‬ ‫ة في المسجد ِ ‪ ،‬وهذا كا ٍ‬ ‫ت جماع ً‬ ‫ظك على الصلوا ِ‬ ‫وِغبطتنا بحفا ِ‬
‫حقك ‪.‬ولسنا ‪ -‬أيها الخ الكريم ‪ -‬نلحظ عليك أمرا ً نربأ بمثلك عنه ‪ ،‬إل غيابك‬
‫عن جماعتنا في صلة الفجر ‪ ،‬ونحن على ثقة من معرفتك بحقها ‪ ،‬وعظيم‬
‫ة المرِء من النفاق‪ ،‬ويستحق جزاء‬ ‫شأنها وأن أداءها مع الجماعة ُيبرئ ساح َ‬
‫ل‬‫ق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقو ُ‬ ‫عليها الجنة ‪ ،‬بنص كلم ِ الصاد ِ‬
‫حه وعدا بالنجاة من النار لقوله صلى‬ ‫ً‬ ‫) من صلى البردين دخل الجنة ( ويمن ُ‬
‫الله عليه وسلم ) لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها (‬
‫‪-‬يعني الفجر والعصر‪ -‬هذا مع كونه في ذمة الله وحفظه لقوله صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم ) من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله فل‬
‫يطلبنكم الله من ذمته بشيء( ‪.‬وصلة ُ الفجر هي الصلة التي من صلها في‬
‫جماعة كان كمن صلى الليل كله ؛ قال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬من صلى‬
‫العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ‪ ،‬ومن صلى الصبح في جماعة‬
‫فكأنما صلى الليل كله( وهي التي تشهدها الملئكة لقوله تعالى ) وقرآن‬
‫الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا( ‪ .‬ولعظم أمرها ‪ ،‬وشدة خطرها‪ .‬كان‬
‫ة بمن يتخلف‬ ‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتابهم الظُنون السيئ ُ‬
‫عنها ؛ قال ابن عمر رضي الله عنهما ‪ :‬كنا إذا افتقدنا الرجل في الفجر‬
‫والعشاء أسأنا به الظن ‪ ،‬ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أثقل‬
‫الصلة على المنافقين صلة العشاء والفجر ‪ ،‬ولو يعلمون ما فيهما لتوهما‬
‫ولو حبوًا‪.‬فالبدار البدار ‪-‬أخي المسلم‪ -‬لشهود هذه الصلة التي تجدد اليمان‬
‫وتحيي القلوب ‪ ،‬وتشرح الصدور ‪ ،‬وتمل النفس بالسرور ‪ ،‬ويثقل الله بها‬
‫مها وقت‬ ‫الموازين ويعظم الجور‪.‬أخي المسلم ‪ :‬إن لذة الدقائق التي تنا ُ‬
‫مات القبر ‪ ،‬أو زفرة من زفرات النار‪ ،‬يأكل المرُء‬ ‫ة من ض ّ‬‫م ً‬ ‫ض ّ‬
‫الفجر ل تعدل َ‬
‫ً‬
‫بعدها أصابعه ندما أبد الدهر ‪ ،‬يقول ‪ ) :‬رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما‬ ‫ً‬
‫تركت( ‪.‬فتبا ً للذة تعقب ندما ً ‪ ،‬وراحة تجلب ألمًا‪.‬أيها الخ الفاضل ‪ :‬تذكر نعمة‬
‫الله التي تتوالى تباعا ً عليك وانظر في حال قوم ينام أحدهم ورأسه مثقل‬
‫بالهموم والحزان وبدنه منهك من التعب بحثا ً عن لقمة يسد بها جوعته ‪،‬‬
‫يستيقظ صباح كل يوم إما على أزيز المدافع ‪ ،‬أو لفح البرد أو ألم الجوع ‪،‬‬
‫سْرِبك ‪،‬‬
‫ن في ِ‬ ‫جوعا ً ‪ ،‬ويتّلوون ألما ً ‪ ،‬وأنت هنا آ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫وحوله صبية يتضاغون ُ‬
‫ب هذه النعمة بشؤم‬ ‫مك ‪ ،‬فاحذر أن ُتسل َ‬ ‫عا ِ‬
‫ت َ‬ ‫ى في بدنك ‪ ،‬عندك قو ُ‬ ‫معاف ً‬
‫المعصية ‪ ،‬والتقصير في شكر المنعم جل وعل‪.‬أخي ‪ :‬هل أمنت الموت حين‬
‫أويت إلى فراشك ‪ ،‬فلعل نومتك التي تنامها ل تقوم بعدها إل في ضيق‬
‫القبر‪.‬فاستعد الن ‪ ،‬مادمت في دار المهلة ‪ ،‬وأعد للسؤال جوابا ً ‪ ،‬وليكن‬
‫الجواب صوابًا‪.‬نسأل الله أن تكون ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنه ‪،‬‬
‫وأن يختم لنا ولك بخاتمة السعادة ‪ ،‬وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن‬
‫عبادته ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‬
‫جماعة المسجد‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رسالة من فتاة مقدونية ‪...‬‬


‫دكم بالحزن من آهاتي‬ ‫أصغوا فسوف أبثكم حسراتي **** وأم ّ‬
‫لطربكم بفيض مواجعي **** وأحيطكم بمدامعي وشكاتي‬ ‫أصغوا ُ‬
‫أصغوا لفجعكم بأغرب قصة **** نقلت إلى السماع من أّناتي‬
‫ل ينسجوه عداتي‬ ‫أصغوا فإن حروف قولي تصطلي **** من بؤس ذ ّ‬
‫واستطلعوا معنى الخاء بلذة **** فلسوف تروي محنتي عبراتي‬
‫ة‬
‫ف طغا ِ‬ ‫كانت لنا أحلمنا يا أخوتي **** لكنها ذبحت بك ّ‬
‫ل لوحةٍ **** رسمت من الفراح والخيرات‬ ‫كانت لنا المال أجم ُ‬
‫ت‬ ‫ة عزة ً **** تحيا مآذننا بتكبيرا ِ‬ ‫كنا نعيش أيا أحب ُ‬
‫كنا نحس بمجدنا لما نرى **** إسراع كل الناس للصلوات‬
‫ت‬ ‫كنا نذوق حلوة في ديننا **** لما يجيء العيد بالبركا ِ‬
‫ت‬‫معوا **** وعلى وجوههم ترى البسما ِ‬ ‫فترى صغار المسلمين تج ّ‬
‫ت‬‫وتراهم قد أمسكوا ألعابهم **** وتدق سمعك أعذب الصوا ِ‬
‫ت‬ ‫وترى الجميع قدامتطوا أفراحهم **** وكأن دنياهم بل نكبا ِ‬
‫ت‬
‫ة اللمسا ِ‬ ‫ّ‬ ‫وترى الثمار تطيب في أشجارنا **** وترى الزهور جميل َ‬
‫ت‬‫ب العباد واهب الّرحما ِ‬ ‫وترى الجبال وقد كساها خضرة **** ر ّ‬
‫ت‬‫ِ‬ ‫الفتيا‬ ‫أجمل‬ ‫هي‬ ‫وكأنما‬ ‫حسنها ****‬ ‫وترى ُرًبى ) البلقان ( تبرز ُ‬
‫ت‬‫ن في إسلمنا **** مايمنح النسان كل ثبا ِ‬ ‫وُتحس حقا أ ّ‬
‫ت‬
‫م شمل الناس بعد شتا ِ‬ ‫وصفت لنا الدنيا كأنقى قطرة **** والت َ ّ‬
‫ت‬‫م على الطرقا ِ‬ ‫صهُ ُ‬ ‫صا َ‬ ‫جحوا **** صّبوا َر َ‬ ‫ن أبناء الصليب تب ّ‬ ‫لك ّ‬
‫ت‬
‫ش الجراد بقاتل الحشرا ِ‬ ‫فتناثر الطفال صرعى مثلما **** ُر ّ‬
‫ت‬ ‫وغدت حياة الناس مثل قيامة **** قامت وكل الخلق في غفل ِ‬
‫ت‬‫ح الوجنا ِ‬ ‫ة والسى **** يكوي القلوب وي َل ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ب ياأحب ُ‬
‫ل وحر ٌ‬ ‫ذ ٌ‬
‫ت‬
‫دمه لنا أعداؤنا **** في ثوب سلم ٍ يسرقُ النظرا ِ‬ ‫غدٌر يق ّ‬
‫ت‬
‫ب يحمي الحمى **** وتبين شمس الصبح عن أموا ِ‬ ‫يأتي المساء فل أ ً‬
‫ل أبكي الليل من حرقاتي‬ ‫يأتي المساء وتنطوي آمالنا **** وأظ ّ‬
‫ت‬‫إني لعجب حين أبصر حالنا **** وأحس أن رجالنا بسبا ِ‬
‫ت‬ ‫جه الطغيا ِ‬ ‫إني لعجب حين أبصر حالنا **** وأرى العدو يو ّ‬
‫ت‬
‫مد ُد ُ كفنا **** للمعتدين ونرسل البسما ِ‬ ‫إني لحزن حين ن َ ْ‬
‫ت‬‫ِ‬ ‫العزما‬ ‫خلفوا‬ ‫ع‬
‫ٍ‬ ‫صق‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫في‬ ‫****‬ ‫أسدهم‬ ‫نامت‬ ‫ياويح قومي كيف‬
‫ة‬
‫ناموا على عزف السلم وما صحوا **** فغدت مرابعنا بدون حما ِ‬
‫ت‬‫ياويح قومي حّرفوا قرآنهم **** لم يأخذوا بدللة اليا ِ‬
‫ت‬‫ياويح قومي أغفلوا سنن الهدى **** زرعوا الخلف وأشعلوا الَثورا ِ‬
‫حسبوا بأن المجد يأتي عندما **** يتسابقون بأطول الكلمات‬
‫ت‬ ‫حسبو بأن الفوز يأتي عندما **** يتضحاكون بأمتع السهرا ِ‬
‫ت‬ ‫حسبوا بأن النصر يأتي عندما **** يتفاخرون بأفضل الحفل ِ‬
‫ت‬
‫سُيريحهم **** من كل ما يشكون من أزما ِ‬ ‫ظنوا بأن طريقهم َ‬
‫ة‬
‫دوا الخا لمحرفي التوارا ِ‬ ‫لكنهم وأدوا الكرامة عندما **** م ّ‬
‫ت‬
‫وهم **** سهروا على الوتار والنغما ِ‬ ‫لكنهم ظلوا طريق سم ّ‬
‫ت‬‫ل يا أحبة ليس يرجع حقنا **** إل بحزم ُيحرق الشهوا ِ‬
‫ت‬
‫ل يا أحبة ليس يرجع حقنا **** إل بسيف ينصر الحرما ِ‬
‫ت‬ ‫هذا هو التاريخ يروي مجدكم **** فلتقرؤا إن شئتم الصفحا ِ‬
‫ت‬
‫كم قد رفعنا ذلة عن قومنا **** كم نشرنا العلم والحسنا ِ‬
‫ة‬
‫ِ‬ ‫دعا‬ ‫كم قد فتحنا من بلد ٍ إخوتي **** ولكم جعلنا اللين رمَز‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت‬‫ت بغى **** ولكم هزمنا أكبر القوا ِ‬ ‫كم قد رفعنا ظلم طاغو ٍ‬
‫ت‬ ‫صغنا الحياة على كتاب إلهنا **** بعنا النفوس لخالق الّنسما ِ‬
‫ت‬‫دقنا الله في الخلوا ِ‬ ‫وتحقق النصر العظيم لجيلنا **** لما ص َ‬
‫هذي سطور المجد في تاريخنا **** أرسلتها ‪ ..‬والحزن في كلماتي‬
‫ت‬
‫ف وإن كتبوا على الورقا ِ‬ ‫ل تركعوا للمعتدين فسلمهم **** زي ٌ‬
‫ت‬‫لتركضوا خلف السراب أحبتي **** فربوعنا ملى من الواحا ِ‬
‫ت‬ ‫كونوا ضياًء يارجال عقيدتي **** فالكون يشكو وطأة الظلما ِ‬
‫ت‬
‫صغاري وابل الطلقا ِ‬ ‫َرّباه ُ إني قد رفعت شكايتي **** وعلى ِ‬
‫ت‬
‫حقق أيا رباه وعدك إّننا **** ندعوك أن تعلي لنا الرايا ِ‬
‫محمود الصداوي‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رسالة من معلم غيور إلى تلميذة المهذب‬


‫أخي الطالب النجيب ) ‪ ( .....................................................‬وفقه‬
‫الله للنجاح والفلح في الدارين‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬ـ‬
‫فإني ـ أخي الكريم ـ لما لمحت في عقلك من علمات الذكاء والنجابة ‪ ،‬وما‬
‫استشرفت بين جنبات نفسك من بوادر النبوغ والتألق ‪ ،‬ورأيت في شخصيتك‬
‫صورة المسلم المتميز في صفاته ‪ ،‬المتفاني في طموحه ‪ ،‬الساعي في‬
‫ي أن أقوم بأداء ما لك‬ ‫حياته لرضا ربه وخدمة دينه وأمته ؛ لذا كان لزاما ً عل ّ‬
‫ي من واجب النصح والتوجيه ‪ ،‬وأمانة الرشاد والتشجيع ‪ ،‬وأن‬ ‫من حق عل ّ‬
‫أخلص عنقي مما علق به من مسئولية تجاهك ‪.‬‬
‫وما وجهت لك هذه الكلمات إل حبا ً لخلقك السامية ‪ ،‬وإعجابا بما تحمله من‬
‫ً‬
‫همة عالية ‪ ،‬فكتبت لك هذه الوصايا رجاء أن تجعلها مشعل ً ينير سبيلك ‪،‬‬
‫ومركبا ً يعينك على مشاق طريقك ‪ ،‬فلتقرأها بإمعان ‪ ،‬ليعيها قلبك ‪ ،‬ويحفظها‬
‫عقلك ‪ ،‬عسى أن يكون لها صدى في واقع حياتك ‪.‬‬
‫أول ً ‪ :‬لتصحبك في طوال مسيرتك التعليمية النية الصادقة والخلص لله في‬
‫طلبك للعلم ‪ ،‬ول تسمح لنيتك أن يشوبها غبش أو يخالطها غشش ؛ من حب‬
‫لمال أو شهرة أو منصب وما سوى ذلك من المور الدنيوية التي تذهب بأجر‬
‫تعلمك وثواب الصبر عليه ‪ ،‬ولتستشعر دوما ً أنما تريد من سعيك وراء العلم‬
‫خدمة دين السلم ورفعة أمتك السلمية ل يثنيك عن هذا المقصد أي عقبة‬
‫صغيرة كانت أم كبيرة ‪ ،‬ول يعوقك عن هذه الغاية المنشودة أدنى عائق من‬
‫العوائق المادية الرخيصة أو الدنيوية السافلة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬لتكن دائم النظر إلى المام فإنه دافع لك نحو الجد ومحفز للمثابرة ‪،‬‬
‫ول تلتفت إلى الوراء فلربما ثبط عزيمتك ‪ ،‬وقضى على همتك إل إن كنت‬
‫تريد منه استخلص العبرة والعظة وتصحيح الخطأ ‪ ..‬فتدارك نفسك واغتنم‬
‫مابقي من عمرك بالجتهاد في طاعة ربك والعمل بأوامره والحذر من‬
‫زواجره ‪ ،‬وبالجد فيما بقي لك من سنوات الدراسة لتحصل على مؤهلك‬
‫العلمي متفوقا ً متألقا ً ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬لقد رأيت منك قدرة فائقة على قبول العلم واستيعابه وحفظه ‪ ،‬وكم‬
‫أرجو منك أن تنمي هذه القدرة ـ عزيزي الطالب ـ وتغذيها بالعلم الشرعي‬
‫الذي يرفع الله به منزلتك في الدنيا والخرة ‪ ،‬فليكن اليوم هو نقطة البدء‬
‫لتتجه بنفسك إلى القراءة وطلب العلم في كتب العقيدة والتفسير والحديث‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والفقه والسيرة النبوية وغيرها ‪ ،‬وذلك عن طريق حضور المحاضرات‬


‫والدروس في المساجد ‪ ،‬وقراءة شروح أهل العلم أو الستماع إليها من‬
‫الشرطة ‪ ،‬وإني على أتم الستعداد لمساعدتك في هذا الجانب ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬أنت ـ أخي المبارك ـ قدوة ‪ ..‬فكن محل ً صالحا ً لهذه القدوة ‪ ،‬فإنك‬
‫في هذه المرحلة الدراسية وما بعدها محل النظر من الكبار والصغار ‪،‬‬
‫والنظار تتجه إليك ‪ ..‬فمن ناقد لفعلك مستبغض ‪ ،‬ومن متشبه به معجب ‪،‬‬
‫فاستكمل ما في نفسك من نقص ‪ ،‬واسع للكمال ‪ ،‬وانته عن كل ما تراه‬
‫معيبا ً في الدين والخلق والعادات ‪ ،‬فمن اتقى الله في نفسه ‪ ،‬وراقب ربه‬
‫في خلواته نال ـ بل ريب ـ حب الناس واحترام الكبير قبل الصغير ‪ ،‬وقدروه‬
‫أعظم تقدير ‪.‬‬
‫وفي الختام أسأل الله تعالى لك الفوز الدائم العامر ‪ ،‬والنجاح المستمر‬
‫الباهر ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫أستاذك‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رسالة وتوقيع‬
‫) تابع ‪ ..‬معنى ل إله إل الله (‬
‫للشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ‪ -‬رحمه الله ‪.-‬‬
‫يا أخي المسلم سلم الله عليك ورحمته وبركاته‬
‫يا أخي المسلم‪ :‬إذا أردت أن تعرف ماذا تعني ل إله إل الله‪ ،‬وما هو‬
‫المطلوب من قائلها‪ ،‬إذا أردت أن تعرف ذلك معرفة تامة فتأمل أمرين‪.‬‬
‫الول‪ :‬أن تعرف أن الكفار الذين قاتلهم الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫وقتلهم وغنم أموالهم واستحل دماءهم‪ ،‬وسبى نسائهم كانوا مقرين لله بأنه‬
‫الرب وحده وهو ما يعرف بتوحيد الربوبية وأنه ل يخلق إل الله ول يرزق ول‬
‫يحي ول يميت ول يدبر المر إل الله كما قال ‪ -‬تعالى ‪)) :-‬قل من يرزقكم من‬
‫السماء والرض أمن يملك السمع والبصار ومن يخرج الحي من الميت‬
‫ويخرج الميت من الحي ومن بدبر المر فسيقولون الله فقل أفل تتقون((‬
‫وهذه مسالة عظيمة ومهمة للتأمل فيها والنظر للفرق بين السلم والكفر‬
‫وإضافة إلى ما تقدم فإنهم أيضا ً كانوا يمارسون بعض العبادات فيتصدقون‬
‫ويعتمرون ويحجون ويتعبدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفا ً من الله ‪-‬‬
‫تعالى ‪.-‬‬
‫والمر الثاني‪ :‬يا أخي المسلم ل بد أن تدرك وتعرف ما الذي كفرهم وأحل‬
‫دماءهم وأموالهم وأن تعرف شركهم الذي قاتلهم رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬عليه ذلك هو عدم شهادتهم لله باللوهية حيث صرفوا أفعالهم‬
‫كلها أو بعضها لغير الله ‪ -‬سبحانه ‪ -‬كالدعاء والذبح والنذر وغير ذلك من‬
‫اللحاد في أعمال العباد وبغير ما أمر الله به بل ومخالفة أمر الله ‪ -‬سبحانه‬
‫‪.-‬‬
‫يا أخي المسلم‪ :‬تمسك بأصل دينك أوله وآخره وهو شهادة أن ل إله إل الله‬
‫اعرف معناها واعمل بمقتضاها مخلصا ً لله وأحب أهلها واجعلهم إخوانك ولو‬
‫كانوا بعيدين‪ ،‬واكفر بالطواغيت وعادهم وابغض من أحبهم أو جادل عنهم أو‬
‫أعرض عنهم ولم يتبرأ منهم ولو كان من إخوانك أو أولدك أو وطنك لعلك‬
‫تلقى الله مسلما ً صادقا ً ل تشرك به شيئًا‪ ،‬أسأل الله أن يتوفاك مسلما ً‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويلحق بالصالحين‪.‬‬
‫‪ http://www.olamaalshareah.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رسالتي للمتزوجين لتنسوا الفضل بينكم(‬


‫د‪ .‬رضا‪:‬‬
‫حوار‪ :‬مي محمود ‪24/2/1426‬‬
‫‪03/04/2005‬‬
‫الثمرة معظمها حلوة فلماذا يحرص البعض على تذوقها من جانبها المّر وهو‬
‫محدود‪ ،‬هذا ما يقوله الدكتور أكرم رضا الخبير التربوي واستشاري المشاكل‬
‫الزوجية‪ ،‬وهو يحدثنا عن كيفية تحقيق السعادة الزوجية في حواره الممتع مع‬
‫شبكة )السلم اليوم( حول آفاق نجاح الحياة الزوجية وكيفية تذليل‬
‫الصعوبات التي تواجهها السرة المسلمة من أجل إقامة حياة زوجية سعيدة‬
‫وناجحة؛ إذ ينصح الدكتور أكرم رضا كل زوجين بالسترشاد الرّباني من‬
‫القرآن والسنة والستضاءة النورانّية بخبرات الصالحين ويدعو إلى تدعيم‬
‫ف‬
‫الحب والتآلف والتفاهم الزواجي‪ ،‬ويحذر من خطورة عدم وجود عدد كا ٍ‬
‫من خبراء ومتخصصين في الرشاد الزواجي ببلدنا العربية‪ ،‬مشددا ً على أن‬
‫السرة هي اللبنة الولى لستقرار المجتمع ‪ ..‬وهذا نص الحوار‪...‬‬
‫من وجهة نظركم ما هي معايير اختيار الزوج والزوجة؟‬
‫الختيار له شقان‪ :‬شق إرشادي وشق نفسي‪ ،‬الشق الرشادي ينبع من هويتنا‬
‫السلمية؛ فالله خالقنا هو الذي يرشدنا وهو سبحانه الخبير بطبيعة البشر )أل‬
‫يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير( فالله ‪-‬عز وجل‪ -‬عن طريق نبيه ‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬وضع لنا ضوابط مثل قوله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ُ" -‬تنكح‬
‫المرأة لربع‪ :‬لمالها ولجمالها ونسبها ودينها"‪ ،‬فقد وضع الصفات الساسية‬
‫التي ل يخرج عنها بشر في الختيار بالترتيب‪ ،‬ثم يقول "فاظفر بذات الدين"‬
‫وهنا يقدم الدين لهميته في الختيار وعلى أنه أساس‪ ،‬وكذلك لقوله سبحانه‬
‫في النكاح )وأنكحوا اليامى منكم والصالحين من عبادكم( ويرشد في لمحة‬
‫وض بنكاح الصالحين‪ ،‬ولقوله سبحانه )إن يكونوا فقراء‬ ‫خفية إلى أن الفقر ُيع ّ‬
‫يغنهم الله من فضله(‪ ،‬وفي حالة الزوج يرشدنا النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫إلى اختيار الدين والخلق‪ ،‬وأضاف الخلق إلى الدين؛ لن الصل في الدين‬
‫الخلق ول دين بغير خلق‪ ،‬وكذلك المانة لقوله صلى الله عليه وسلم في‬
‫حديث آخر "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه"‪ ،‬وذلك لن المانة‬
‫فرع من الخلق‪ ،‬وكذلك الية القرآنية التي أوضحت لنا اختيار سيدنا شعيب‬
‫لسيدنا موسى لتصافه بالمانة )إن خير من استأجرت القوي المين(‪ ،‬أما‬
‫الشق النفسي فهذا يصاحب الشخصية فكلما ارتقى صاحب الختيار ارتقى‬
‫مستوى اختياره؛ فإذا كان داخل الشخص اليمان فيختار الساس الدين أما‬
‫إذا كان داخله وطموحاته أن يختار على أساس الجمال أو النسب فيختار على‬
‫هذا الساس لقوله سبحانه )الطيبات للطيبين( لذلك ل يستطيع إنسان أن‬
‫يضع معايير اختيار؛ لن المفروض أن يختار النسان من مستوى الرشاد‬
‫القرآني والسنة وخبرات الصالحين‪ ،‬ومثال ذلك عندما جاء الحسن البصري‬
‫أحد الصالحين يسأله يقول‪ :‬جاءني رجل غني وآخر صاحب دين لبنتي فماذا‬
‫أختار؟ قال له‪ :‬اختر صاحب الدين؛ لنه إذا أحبها أكرمها وإذا كرهها لم‬
‫يظلمها‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفهم والتنشئة‬
‫كيف تفهم الزوجة شخصية زوجها وتستوعبها؟‬
‫أساس الختيار في السلم يقوم على الحرية المطلقة فليس لحد أن يجبر‬
‫أحدا ً في أمر الزواج فالزوجة ل يستطيع أبوها أن يجبرها على الزواج لذلك‬
‫فإن مسؤولية الختيار متوفرة للزوجة ومن خلل فترة الخطوبة قد يكتشف‬
‫كل طرف في الخر عيوبه وميزاته‪ ،‬وتستطيع زوجة المستقبل أن تتقبل هذه‬
‫العيوب وتتكيف معها؛ لن هذه الفترة ُتعتبر دراسة للطرفين وفرصتها أحسن‬
‫للختيار السليم ثم بعد ذلك فترة العقد‪ ،‬وهي فترة أكثر اتساعا ً لذلك يشرع‬
‫ربنا سبحانه الزواج على مراحل حتى تستطيع الزوجة أن تفهم شخصية‬
‫زوجها‪ ،‬وكذلك الزوج حتى يصل إلى التوافق المطلوب‪.‬‬
‫هل التنشئة الجتماعية لها دور في تحديد شخصية كل من الزوجين؟‬
‫الدراسات أثبتت أن النسان يبني نفسه‪ ،‬وأن هناك اختلفا ً في شخصية كل‬
‫من الزوج والزوجة من الناحية الفسيولوجية فهم مختلفون في الشكل‬
‫والعقل والطباع مثل النهرين الزرق والبيض‪ ،‬ولكن عندما يلتقيان يحدث‬
‫الخصب أي التفاق ويطعم كل منهما الخر‪.‬‬
‫احذروا هذه المشكلت‬
‫كيف نستطيع التغلب على المشكلت الزوجية التي قد تنشأ في السنة الولى‬
‫من الزواج؛ إذ ثبت أن ‪ % 45‬من حالت الزواج يتم الطلق فيها خلل السنة‬
‫الولى للزواج طبقا ً لحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة‬
‫والحصاء؟‬
‫في السنة الولى يحدث الكثير من المشكلت‪ ،‬وذلك يرجع إلى محاولة كل‬
‫واحد منهما فرض طباعه‪ ،‬ويستغرب طباع الخر بالضافة إلى الضغط‬
‫الجتماعي على الزوج نتيجة العراف السيئة كالقول )أذبح لها القطة أو غير‬
‫ذلك(! مما يؤدي إلى التناطح‪ ،‬ومحاولة كل منهما أن يكسر قرون الخر ـ إن‬
‫صح التعبيرـ وهذا ل يصلح في بيت مبني على المودة والرحمة‪ ،‬ولكن غالبا ً ما‬
‫تمّر هذه المشكلت‪ ،‬وعندما يتذكرها الزوجان بعد ذلك يشعران بأنها‬
‫مشكلت تافهة ل قيمة لها‪ ،‬وذلك بعد الزواج بفترة طويلة‪.‬‬
‫ما أهم المشكلت الزوجّية من وجهة نظرك؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أهم المشكلت الزوجية محاولة الزوج إثبات الذات ورجولته في البيت‬


‫ويعامل زوجته على أنها خادمة في البيت بالضافة إلى قول كل منهما‬
‫للخر ‪ ..‬أمي وأمك‪ ،‬والمقارنة المستفزة بينهما‪ ،‬وكذلك قد تكون المشكلت‬
‫نتيجة عقدة المال والمقارنة كالقول فلوسي وفلوسك وأيضا ً القول‪ :‬إنهما‬
‫متساويان في التعليم‪ ،‬وكذلك قول الزوج لزوجته في أول الزواج‪ :‬أتزوج‬
‫عليك! ويريد أن تعامله معاملة سي السيد!‬
‫في هذه المرحلة ننصح بالسترشاد الزوجي‪ ،‬وأنا أدعو المجتمع وخاصة‬
‫الجمعيات الهلية إلى إيجاد مثل هذه النوع في حياتنا؛ فاليوم ل يكفي الطبيب‬
‫النفسي في الرشاد الزواجي أو الشيخ في المسجد‪ ،‬إنما يجب أن يكون‬
‫هناك متخصص ومكتب ليؤدي الرشاد الزواجي لحلول للمشكلت الزوجية‪،‬‬
‫وذلك تلفيا ً لنعدام الخبرة بين الزوجين‪ .‬وأناشد المسؤولين تواجد مثل هذه‬
‫المكاتب حتى نستطيع أن نتغلب على هذه المشكلت‪.‬‬
‫كيف تكون الزوجة مثقفة سلوكيا ً ؟‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الثقافة السلوكية تنبع من العلم والخبرة معًا؛ فالعلم يعمل نوعا ً من الستبيان‬
‫حح سلوكها‪ ،‬والثقافة السلوكية عبارة عن علم‬ ‫النفسي للزوجة حتى تص ّ‬
‫ومهارة تكتسبها الزوجة بالتدريب؛ لنه ينقصنا مراكز للتدريب والتنمية‬
‫البشرية برغم وجود مثل هذه المراكز بكثرة في البلد الغربية على أعلى‬
‫مستوى ليستفيدوا منها‪ ،‬وتعطي لهم خبرة كبيرة في مختلف المجالت‪ ،‬لذلك‬
‫ل بد من العمل على تطوير المهارة السلوكية عندنا بالنسبة للمرأة والرجل‪،‬‬
‫ول يتحقق ذلك إل بالعلم والتدريب‪.‬‬
‫صراحة ونصائح‬
‫ما هي حدود الصراحة بين الزوجين من وجهة نظركم؟‬
‫الصراحة والمصارحة قائمة على فاتورة الخلص‪ ،‬يعني أن كل ً من الزوجين‬
‫أخلص للخر‪ ،‬ول توجد لديه نية ترك الخر‪ ،‬فكأن الزوج يحدث نفسه عندما‬
‫يتحدث مع زوجته‪ ،‬والصراحة تكون في كل شيء حتى في الهوايات‬
‫والطموحات‪ ،‬وحتى مع الولد لكيل يكذبوا‪ ،‬وقد كان صحابة النبي ‪-‬صلى الله‬
‫ودوا أن يرّدوا كل شيء للنبي ‪-‬صلى‬ ‫عليه وسلم‪ -‬ل يفعلون الخطأ؛ لنهم تع ّ‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬وبالتالي ل يخجلون أمامه؛ لذلك فالمصارحة تساعد على‬
‫التقوى‪.‬‬
‫ب بين الزوجين؟‬ ‫ّ‬ ‫والح‬ ‫الصداقة‬ ‫نحقق‬ ‫كيف‬
‫الزوجة تكون صديقة لزوجها‪ ،‬وكذلك الزوج يكون صديقا ً لزوجته بشرط أن‬
‫تكون الزوجة على هوى زوجها وكذلك الزوج؛ ففي بعض الحيان تكون‬
‫الصداقة بينهما أن يعيشوا الفترة الولى من الزواج في الخروج والتنزه‪ ،‬لكن‬
‫بشرط النضباط بشرع الله مثلما كان النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬إذ كان‬
‫يداعب نساءه‪ ،‬ويتسابق مع السيدة عائشة‪ ،‬ولكن عندما يأتي وقت الصلة‬
‫كنا ل نعرفه ول يعرفنا‪.‬‬
‫جهها للفتيات والشباب المقبلين‬ ‫وأخيرا ً ما أهم النصائح والرشادات التي تو ّ‬
‫على الزواج حتى تتحقق السعادة الزوجّية؟‬
‫أقول للشباب ‪ :‬كونوا شجعاًنا وتحملوا مسؤولية قراركم‪ ،‬ول بد أن تضع‬
‫لنفسك أيها الشاب ضوابط صحيحة وحقيقية للختيار‪ ،‬أما الفتاة فأقول لها‪:‬‬
‫كوني صادقة مع نفسك‪ ،‬وضعي ضوابط حقيقية للختيار‪ ،‬وللمتزوجين حديثا ً‬
‫أقول لهم‪ :‬ل تتذّوقوا الثمرة من جانبها المر‪ :‬الثمرة كلها حلوة بلين كل منا‬
‫للخر ‪..‬‬
‫وللمتزوجين منذ فترة طويلة أقول لهم‪) :‬ل تنسوا الفضل بينكم(‪.‬‬
‫جه رسالة إلى المجتمع في وطننا العربي بضرورة تواجد مكاتب‬ ‫أخيرا ً أو ّ‬
‫الرشاد الزوجي الشاملة لننا في مجتمع نحتاج فيه إلى جلسات وتمهيد‬
‫الطريق بين الزوجين حتى يحدث التوافق الزواجي حفاظا ً على السرة‬
‫باعتبارها صمام المان لسفينة المجتمع‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رسالة العصر ) ‪( 4 / 1‬‬


‫سلمان بن فهد العودة ‪17/1/1426‬‬
‫‪26/02/2005‬‬
‫ّ‬
‫إن الحب في الله هو الكسير الذي يحطم العوائق‪ ،‬ويربط القلوب والنفوس‬
‫مهما تباعدت في مواقعها ومواقفها ومداراتها واتجاهاتها وانشغالتها؛ فلنرفع‬
‫راية المحبة في وجه كل أعاصير الكراهية والبغضاء !‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ج بالمظالم والعدوان والقتل والعنف ؛ مرة باسم‬ ‫إن العصر الذي نعيشه يض ّ‬
‫الحرية ‪ ،‬ومرة باسم الديمقراطية ‪ ،‬ومرة باسم السلم ‪ ،‬ومرة باسم السلم‬
‫؛ فلنعالج ذلك كّله برفع راية المحبة والوئام ‪ ،‬ومحبة الله تعالى ورسوله‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬و المحبة في الله وفي رسوله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫ن َءا َ‬ ‫وسلم‪ -‬من خصائص المؤمنين ‪ ،‬يقول الله –عز وجل‪َ) : -‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ه أ َذِل ّةٍ عََلى‬ ‫ْ‬
‫حّبون َ ُ‬‫م وَي ُ ِ‬ ‫حب ّهُ ْ‬‫قوْم ٍ ي ُ ِ‬
‫ه بِ َ‬ ‫ف ي َأِتي الل ّ ُ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ن ِدين ِهِ فَ َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ي َْرت َد ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ئ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫فو‬ ‫ُ‬ ‫خا‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ه‬ ‫جا‬‫ي‬ ‫ن‬ ‫ري‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ُ‬ ‫ل‬
‫م(]المائدة‪. [54:‬‬ ‫سعٌ عَِلي ٌ‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫ّ‬
‫شاُء َوالل ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل اللهِ ي ُؤِْتيهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫ك فَ ْ‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫ولندرك أن العسر كلمة صغيرة محفوفة باليسر قبلها واليسر بعدها ولن‬
‫سًرا(]الشرح‪-5:‬‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬ ‫معَ ال ْعُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سًرا * إ ِ ّ‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬‫معَ ال ْعُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫يغلب عسر يسرين ‪) ..‬فَإ ِ ّ‬
‫‪. [6‬‬
‫ت ب ِك الد ّن َْيا ‪... ...‬‬ ‫َ‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫إ َِذا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫فك ّْر ِفي أل ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ن ‪... ...‬‬ ‫سَري ْ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫سٌر ب َي ْ َ‬ ‫فَعُ ْ‬
‫ح‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫فَر ْ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ل ِفيهِ َ‬ ‫ت َأ ّ‬
‫والحياة أيضا ً كما هي مليئة بالعوائق‪ ،‬والعقبات‪ ،‬والنكبات؛ مليئة بالفرص‪.‬‬
‫فإذا نظرت إلى الجانب المظلم؛ فاختلس نظرة أخرى إلى الجانب المشرق‪،‬‬
‫ة العصرِ تبشيرا ً بالمحبة والفرج والتيسير من الحكيم الخبير‪.‬‬ ‫ولتكن رسال ُ‬
‫هذه خواطر أخوية هدفها المناصحة والمصافحة والمصالحة ‪ ،‬وقد كان‬
‫أصحاب محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬إذا تلقوا لم يفترقوا حتى يقرأ أحدهم‬
‫على الخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الخر‪ ،‬كما رواه الطبراني في‬
‫الوسط ] ‪ [5124‬والبيهقي في شعب اليمان]‪ [8639‬وسنده جيد‪.‬‬
‫إن من الفقه القرآني العناية بالمسائل الكبيرة والمهمة وإعطاءها حقها‪ ،‬بينما‬
‫نغرق كثيرا ً ‪ ..‬كثيرا ً في مسائل من الدرجة الثالثة أو العاشرة ‪ ..‬وتستغرق‬
‫الكثير من جهدنا وطاقتنا ‪ ،‬وطاقة النسان محدودة فإذا استغرقها في‬
‫التفاصيل والجزئيات انقطع عن التأصيل والكليات ‪ ،‬وانشغل بالمسائل‬
‫الصغار عن الكبار ‪ ،‬والصحابة‪-‬رضي الله عنهم‪ -‬كانوا يتذاكرون هذه السورة‬
‫لما فيها من أصول المسائل التي يجدر بالمسلم العناية بها ‪ ،‬ولنها تربية على‬
‫الصول الكبرى ‪ ،‬وقد ينشغل المرء بالمفضول عن الفاضل ‪ ،‬وهذا من‬
‫مداخل الشيطان كما ذكره أهل العلم‪ ،‬أو يتحرج المرء من صغيرة ويقدم‬
‫سأ ًَلكم عن الصغيرة‬ ‫على كبيرة ‪ ،‬وكان ابن عمر يقول لهل العراق‪ :‬ما أ ْ‬
‫وأجرأكم على الكبيرة ‪ ،‬تقتلون الحسين ابن بنت رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬وتسألون عن دم البعوضة‪.‬‬
‫والذين يجلدون المام أحمد بن حنبل كانوا يسألونه عن الدم الذي ينضح على‬
‫ثيابهم ‪ ،‬وكانوا ينتقدونه على أن يصلي وهو جالس والقيد في يديه وفي‬
‫رجليه؛ ولذا فإننا نقف هنا مع ثلث مسائل مهمة‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬الزمان‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬النسان‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬العمل‪.‬‬
‫هذه المسائل الثلث هي سر النجاح والفلح في الدنيا ‪ ،‬وهي سر الفوز‬
‫والنجاة في الدار الخرة ؛ ولنقف عند كل واحدة منها‪.‬‬
‫ً‬
‫أول ً ‪ :‬الزمان‪.‬وهو العصر ‪ ..‬وهو البريء المتهم المظلوم‪ ،‬فالناس كثيرا ما‬
‫يلقون مشاكلهم وإخفاقاتهم على الزمان ‪ ،‬وهو مجرد وعاء ليس له ول‬
‫عليه ‪ ،‬هو طرف محايد‪ ،‬ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سب‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدهر ‪ ،‬وقال عن ربه تبارك وتعالى ‪" :‬يؤذيني ابن آدم يسب الدهر‪ ،‬وأنا‬
‫الدهر‪ ،‬بيدي المر أقّلب الليل والنهار" أخرجه البخاري ]‪ ،[4826‬ومسلم ]‬
‫‪ [2246‬من حديث أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪.-‬‬
‫ومعنى )أنا الدهر( أي أن ما ينسبه الناس إلى الدهر إنما هو بمشيئة الله‬
‫تعالى وقدره‪ ،‬فهو خالقه سبحانه‪ ،‬ول شيء في هذه الدنيا يتم عبثا ً ول‬
‫اعتباطًا‪ ،‬وإنما هو بتقدير الحكيم الخبير‪.‬‬
‫نعيب زماننا والعيب فينا ‪... ...‬‬
‫وما لزماننا عيب سوانا‬
‫وقد نهجوا الزمان بغير جرم ‪... ...‬‬
‫ولو نطق الزمان بنا هجانا‬
‫وليس الذئب يأكل لحم ذئب ‪... ...‬‬
‫ويأكل بعضنا بعضا ً عيانا‬
‫وقد أقسم الله تعالى بالعصر لعظمته وأهميته وضخامة أثره‪ ،‬فهو ظرف‬
‫العمل ووعاؤه ‪ ،‬وهو سبب الربح في الدنيا والخرة أو الخسارة فيهما‪ ،‬ولهذا‬
‫ل َوالن َّهاَر‬‫ل الل ّي ْ َ‬
‫جعَ َ‬ ‫قيل ‪ :‬الوقت هو الحياة ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ " :‬وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫كوًرا"]الفرقان‪ [62:‬قال ابن عباس من‬ ‫ش ُ‬ ‫ن ي َذ ّك َّر أ َوْ أ ََراد َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ة ل ِم َ‬
‫ن أَراد َ أ ْ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ف ً َ ْ‬ ‫ِ‬
‫فاته عمل الليل قضاه بالنهار ‪ ،‬ومن فاته عمل النهار قضاه بالليل‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫موُتوا وََل‬ ‫ضى عَل َي ْهِ ْ‬


‫م فَي َ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫جهَن ّ َ‬
‫م َناُر َ‬ ‫فُروا ل َهُ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال جل وعل ‪َ" :‬وال ّ ِ‬
‫ن ِفيَها َرب َّنا‬ ‫خو َ‬‫صط َرِ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫فوٍر*وَهُ ْ‬ ‫ل كَ ُ‬ ‫زي ك ُ ّ‬ ‫ج ِ‬‫ك نَ ْ‬‫ذاب َِها ك َذ َل ِ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ّ‬‫يُ َ‬
‫ن ت َذ َك َّر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أَ ْ‬
‫م ْ‬‫ما ي َت َذ َك ُّر ِفيهِ َ‬
‫م َ‬ ‫مْرك ُ ْ‬ ‫م ن ُعَ ّ‬‫ل أوَل ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ذي ك ُّنا ن َعْ َ‬ ‫حا غَي َْر ال ِ‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫جَنا ن َعْ َ‬‫خرِ ْ‬
‫ر"]فاطر‪. [37-36:‬‬ ‫صي ٍ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ما ِلل ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ذوُقوا فَ َ‬ ‫ذيُر فَ ُ‬‫م الن ّ ِ‬ ‫جاَءك ُ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬عمرناكم ستين سنة‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري ]‪ [6419‬عن أبي هريرة أن النبي ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬قال‪" :‬أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة"‪.‬‬
‫قال أحد البطالين لعامر بن عبد قيس ‪ :‬تعال أكلمك ‪ ،‬قال له‪ :‬أمسك‬
‫الشمس‪.‬‬
‫أي ليس لدي وقت لهذا الكلم إل أن تمسك الشمس ويتوقف الزمن ويتوقف‬
‫دوران اليام وصرير القلم ‪ ،‬فحينئذ أتوقف لمحادثتك ‪ ،‬ولهذا عني السلف‬
‫بحفظ الوقات وضبطها‪.‬‬
‫وقد كتب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ‪-‬رحمه الله‪ -‬كتابه المعروف "قيمة الزمن‬
‫عند العلماء"‪.‬‬
‫وأقسم الله تعالى بـ"العصر"؛ لنه يتحول ويتبدل ويتغير‪ ،‬ليل ونهار ‪ ،‬وصيف‬
‫وشتاء ‪ ،‬وحر وبرد ‪ ،‬وعزة وذلة ‪ ،‬ونصر وهزيمة ‪ ،‬وفقر وغنى ‪ ،‬وشدة‬
‫ورخاء ‪ ،‬وقوة وضعف ‪ ،‬ومرض وعافية ‪ ،‬وعسر ويسر ‪ ،‬وغيبة وحضور ‪ ،‬وهذا‬
‫هو التاريخ كله مبسوط أمامك ‪:‬‬
‫تروح لنا الدنيا بغير الذي غدت ‪... ...‬‬
‫وتحدث من بعد المور أموُر‬
‫وتجري الليالي باجتماع وفرقة ‪... ...‬‬
‫وتطلع فيها أنجم وتغوُر‬
‫وتطمع أن يبقى السرور لهله ‪... ...‬‬
‫وهذا محال أن يدوم سروُر‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عفا الله عمن صير الهم واحدا ً ‪... ...‬‬


‫وأيقن أن الدائرات تدوُر‬
‫إن في الحاضر اليوم من ضعف المسلمين وتفرقهم وسطحية تفكير هم‬
‫وتسلط عدوهم أمرا ً يبعث على الكآبة والحزن‪ ،‬وهذا يمكن مداواته بنوع من‬
‫المتداد إلى المستقبل ‪ ،‬وانتظار الفرج والسعي في التغيير ‪ ،‬وأل نظن أن‬
‫الواقع سرمد ٌ ل يزول‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما لك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫كوُنوا أقْ َ‬
‫س ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫كنت أقرأ قول الله تعالى‪" :‬أوَل ْ‬
‫ل"]إبراهيم‪ [44:‬وأتعجب وأتساءل من هؤلء الذين اقسموا ما لهم من‬ ‫َزَوا ٍ‬
‫زوال؟‬
‫أليس كل الناس يدري‪ ،‬بل حتى الحيوان يدري أن له أجل ً ينتهي إليه‪ ،‬وأن‬
‫الموت في انتظاره طال الزمن أو قصر ؟‬
‫من هؤلء الذين اقسموا ما لهم من زوال ؟‬
‫حتى قرأت كتاب نهاية التاريخ للمفكر المريكي فوكوياما ‪ ،‬والذي كان احتفال ً‬
‫بسقوط الشيوعية‪ ،‬يقول‪ :‬إن الغرب قد انتصر ‪ ،‬إن الديمقراطية الغربية قد‬
‫انتصرت وحدث المر المنتظر فل جديد بالتاريخ بعد ذلك إنها نهاية التاريخ ‪" ..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫ساك ِ ِ‬‫م َ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫سك َن ْت ُ ْ‬ ‫ل*وَ َ‬ ‫ن َزَوا ٍ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬‫ل َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫س ْ‬‫كوُنوا أقْ َ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫أوَل َ ْ‬
‫ل"]إبراهيم‪-44:‬‬ ‫مَثا َ‬ ‫َ‬
‫م اْل ْ‬ ‫ضَرب َْنا ل َك ُ ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ف فَعَل َْنا ب ِهِ ْ‬ ‫م ك َي ْ َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫م وَت َب َي ّ َ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫موا أ َن ْ ُ‬ ‫ظ َل َ ُ‬
‫‪ [45‬حل اليمين المتطرف محل الطغيان اليساري في العراق وفي غير‬
‫م"]إبراهيم‪:‬‬ ‫قا ٍ‬‫زيٌز ُذو ان ْت ِ َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬‫سل َ ُ‬
‫ف وَعْدِهِ ُر ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سب َ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫العراق" فََل ت َ ْ‬
‫‪.[47‬‬
‫ملكنا أقاليم البلد فأذعنت ‪... ...‬‬
‫لنا رغبة أو رهبة عظمائها‬
‫فلما انتهت أيامنا عصفت بنا ‪... ...‬‬
‫شدائد أيام قليل رخائها‬
‫وكان إلينا في السرور ابتسامها ‪... ...‬‬
‫فصار علينا في الهموم بكاؤها‬
‫وصرنا نلقي النائبات بأوجه ‪... ...‬‬
‫رقاق الحواشي كاد يقطر ماؤها‬
‫إذا ما هممنا أن نبوح بما جنت ‪... ...‬‬
‫علينا الليالي لم يدعنا حياؤها‬
‫وأقسم الله بـ"العصر " إشارة إلى ضرورة المعاصرة والمعايشة والفهم‬
‫للزمان ‪ ،‬وهذا هو الفرق بين العصر والدهر‪ ،‬فالدهر هو الزمان كله‪ ،‬أما‬
‫العصر فهو عصرك الذي تعيش فيه ‪ ،‬فالمرء محتاج إلى أن يكون عارفا ً‬
‫بزمانه مقبل ً على شأنه مدركا ً للتحولت والتغيرات التي تطرأ‪.‬‬
‫ما بين غمضة عين وانتباهتها ‪... ...‬‬
‫يغير الله من حال إلى حال‬
‫إن القدرة على فهم المتغيرات ومواكبتها مع التزام الشريعة الربانية‬
‫والوقوف عند حدود الله عز وجل هي غاية التقوى ولهذا قال الله تعالى ‪:‬‬
‫ل يوم هو في َ ْ‬
‫ن(]الرحمن‪ [29:‬وقال صلى الله عليه وآله وسلم في‬ ‫شأ ٍ‬ ‫)ك ُ ّ َ ْ ٍ ُ َ ِ‬
‫دعائه ‪" :‬اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والرض‬
‫عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني‬
‫لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"‬
‫أخرجه مسلم]‪ ، [770‬وعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن نقول في كل ركعة ‪:‬‬
‫م"]الفاتحة‪ [6:‬ليؤكد على أن ثمت ألوانا ً وأبوابا ً من‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ط ال ْ ُ‬ ‫صَرا َ‬ ‫"اهْدَِنا ال ّ‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهداية لم تفتح بعد ‪ ،‬وأننا بحاجة إلى أن نطرقها‪ ،‬وأن نسأل الله تعالى‬
‫فتحها‪ ،‬وأنه ليس صحيحا ً أن ما أنت عليه يكفي ‪.‬‬
‫وليس ما أنت عليه هو الحق دائما ً وأبدًا‪ ،‬بل من الفقه العظيم القدرة على‬
‫استيعاب المتغيرات دون إخلل بثوابت الشريعة ومحكماتها‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫والناس منهم من يجمد على بعض المعاني‪ ،‬وبعض الراء والمفاهيم القابلة‬
‫للخذ والرد وهؤلء يجعلون المر القابل للتغير ثابتا ً حتى ليرفض الكثيرون‬
‫منهم السنة التي لم يعلموها من قبل ‪ ،‬قال لي أحدهم ‪ :‬ما بال فلن كان‬
‫يضع يديه على صدره في الصلة ثم أصبح يضعها على سّرته‪.‬‬
‫ومن الناس من يضطرب في الثوابت والمسلمات والضروريات والقطعيات ‪،‬‬
‫حتى لتجد اليوم في بعض حوارات النترنت أو الفضائيات جدل ً في مسائل‬
‫قطعية محسومة كالمجادلين في الله تبارك وتعالى أو القرآن أو الوحي أو‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم أو في علقة الدين بالسياسة‪ ،‬وتستمع إلى‬
‫نوع من العلمنة والتغريب ‪ ،‬واستنساخ القيم الموجودة في الثقافة المريكية‬
‫ن إ َِذا‬‫ذي َ‬‫أو غيرها‪ ،‬ونحن في هذا المقام وغيره نتذكر قوله عز وجل‪َ) :‬وال ّ ِ‬
‫ما(]الفرقان‪ ،[67:‬قال‬ ‫وا ً‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ك قَ َ‬ ‫ن ب َي ْ َ‬ ‫قت ُُروا وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫سرُِفوا وَل َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫قوا ل َ ْ‬
‫م يُ ْ‬ ‫ف ُ‬‫أ َن ْ َ‬
‫المريكي المسلم محمد علي‪" :‬إذا كنت أقول اليوم وأنا في الربعين ما كنت‬
‫أقوله وأنا ابن العشرين فمعنى ذلك أني ضيعت عشرين سنة من عمري دون‬
‫جدوى"‪.‬‬
‫إن المتغيرات والحوال تكشف عن معادن الرجال وقدرتهم على الستقلل ‪،‬‬
‫فمن الناس من يقع في أسر النفس وهواها ‪ ،‬ومنهم من يقع في أسر‬
‫السلطة ‪ ،‬ومنهم من يقع في أسر التباع ‪ ،‬والحرية هي الخلص من ذلك كله‪.‬‬
‫قال أبو يزيد البسطامي ‪ :‬لو صحت الصلة بغير القرآن لصحت بقول الشاعر‬
‫‪:‬‬
‫أتمنى على الزمان محال ‪... ...‬‬
‫أن ترى مقلتاي طلعة حّر‬
‫وأقول ‪ :‬لو صحت الصلة بشيء غير القرآن لصحت بقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪" :‬تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي‬
‫وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش" أخرجه البخاري ]‬
‫‪ [2887‬من حديث أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬تعس عبد المادة‪ ،‬تعس عبد‬
‫الشهوة ‪ ،‬ولكنها ل تصح بغير كلم الله فأقرؤوا ما تيسر منه‪.‬‬
‫فإن تكن الحوال فينا تبدلت بنعمى وبؤسى والحوادث تفع ُ‬
‫ل‬
‫ل‬‫فما لينت منا قناة صليبة ول ذللتنا للذي ليس يجم ُ‬
‫ل‬‫مل ما ل تستطيع فتحم ُ‬ ‫ولكن رحلناها نفوسا ً كريمة تح ّ‬
‫رسالة العصر ) ‪( 4 / 2‬‬
‫سلمان بن فهد العودة ‪11/6/1424‬‬
‫‪09/08/2003‬‬
‫صرِ " لن من معاني العصر‪ ،‬الوقت الذي هو آخر النهار ‪،‬‬ ‫ْ‬
‫أقسم الله بـَ"العَ ْ‬
‫فهو قرب النهاية وموسم الحصاد ‪ ،‬وفيه صلة العصر التي ذكرها الله تعالى‬
‫مد ِ َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬
‫طى"]البقرة‪" [238:‬وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫صَلةِ ال ْوُ ْ‬‫في غير موضع فسماها "ال ّ‬
‫ل غُُروب َِها"]طه‪.[130:‬‬ ‫س وَقَب ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ط ُُلوِع ال ّ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان البخاري )‪(552‬‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومسلم )‪ (626‬عن ابن عمر ‪ ) :‬الذي تفوته صلة العصر كأنما وتر أهله وماله‬
‫( أي فقد أهله وماله‪.‬‬
‫وإذا كان العصر هو آخر النهار فعصر هذه المة المحمدية هو آخر الدنيا‪،‬‬
‫ونهاية المطاف وأجمل شيء آخره ‪ ،‬فنحن أمة المجد والعزة والتاريخ‬
‫والنتصار‪ ،‬وأمتنا آخر المم وأعظمها وأولها دخول ً الجنة وأفضلها عند الله‬
‫تبارك وتعالى شاء من شاء وأبى من أبى ‪ ،‬ولتعلمن نبأه بعد حين‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري )‪ (2268‬عن ابن عمر رضي الله عنه ونحوه أيضا )‬
‫‪ (558‬عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪) :‬مثلكم ومثل‬
‫أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال ‪ :‬من يعمل لي من غدوة إلى‬
‫نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬من يعمل لي من نصف‬
‫النهار إلى صلة العصر على قيراط ؟ فعملت النصارى ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬من يعمل‬
‫لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين ؟ فأنتم هم ‪ ،‬فغضبت‬
‫اليهود والنصارى ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ما لنا أكثر عمل ً وأقل عطاء ؟ قال ‪ :‬هل نقصتكم‬
‫من حقكم ؟ قالوا‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬فذلك فضلي أوتيه من أشاء ( فإذا كنا نحن أمة‬
‫العصر ‪ ،‬ورسالتنا هي رسالة العصر ‪ ،‬فينبغي علينا أن نكون شهداء على‬
‫الناس ‪ ،‬وكان خليقا ً بنا أن نكون أكثر الناس علما ً ‪ ،‬وأحسنهم خلقا ً ‪،‬‬
‫وأعظمهم حضارة‪ ،‬وأعرف الناس بمصالح الدنيا والخرة‪.‬‬
‫أما واقع الحال اليوم فنحن أمة مستهلكة ‪ ،‬أمة منهوبة الثروات‪ ،‬محتلة في‬
‫أراضيها في غير ما بلد من بلد السلم‪.‬‬
‫إن ‪ %65‬من فقراء العالم هم من المسلمين‪ ،‬و ‪ %80‬من اللجئين في‬
‫العالم هم من المسلمين ‪ ،‬وعلى الرغم من أن المسلمين يمثلون ربع‬
‫أوخمس سكان الكرة الرضية غير أن نصيبهم من القتصاد ل يتجاوز ‪، % 6‬‬
‫كما أن شعوب المسلمين في غالبهم ضحية الضخ العلمي الفاسد‪.‬‬
‫إن الفتاة اليوم تعرف المئات ممن يشكلن لها مثل ً أعلى من ممثله وغانية‬
‫وراقصة وعارضة أزياء بل عارضة أجساد ‪ ،‬ولكننا حين نريد ضرب المثل‬
‫الجيد من الواقع يرجع البصر إلينا خاسئا ً وهو حسير ‪ ،‬ولهذا نفزع إلى‬
‫التاريخ ‪ ،‬ونتحدث عن زينب وخديجة وعائشة وسمية وحفصة ‪...‬‬
‫فلم ل يوجد في واقعنا وعصرنا ومجتمعنا ‪-‬ونحن أمة العصر وأمة الشهود‪-‬‬
‫أمثال القمم الشامخة من القدوات للكبار والصغار من الرجال والنساء ‪.‬‬
‫هل عقمت أرحام المهات عن مثل هذا ؟!‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫بل إننا على رغم فقرنا وضعف حالنا وشدة حاجتنا والتحديات التي تواجهنا‬
‫مشغولون بتدمير بعضنا البعض ‪ ،‬ومطالبة الخرين بالكمال‪ ،‬وربما دخلنا في‬
‫متاهة من الوهام هروبا ً من مواجهة هذا الواقع ‪ ،‬ولذا يحسن التحذير من‬
‫بعض الكتب التي تتكلم عن عمر هذه المة ‪ ،‬وتحدد أزمنة معينة‪ ،‬وتتناول‬
‫أشراط الساعة بطريقة غير علمية ول شرعية ‪.‬‬
‫قد تكون هذه الكتب وغيرها كتبت بحسن نية ‪ ،‬ولكنها تهجم على الغيب ‪،‬‬
‫وتربي الناس على التكالية والنتظار وتمهد لبعض المواقف السلبية اعتمادا ً‬
‫على الحديث الذي مر في مثل المسلمين واليهود والنصارى وأشباهه‪.‬‬
‫ثانيا ً النسان ‪:‬‬
‫ر"]العصر‪ [2:‬كل النسان‪ ,‬وحين يخاطب النسان في‬ ‫س ٍ‬
‫خ ْ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫في ُ‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫"إ ِ ّ‬
‫القرآن فهذه إشادة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه"]النشقاق‪َ" ، [6:‬يا أ َي َّها‬ ‫مَلِقي ِ‬ ‫حا فَ ُ‬ ‫ح إ َِلى َرب ّ َ‬


‫ك ك َد ْ ً‬ ‫كادِ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫"َيا أي َّها اْل ِن ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫م"]النفطار‪" ، [6:‬إ ِّنا َ‬ ‫ري ِ‬ ‫ك ال ْك َ ِ‬ ‫ك ب َِرب ّ َ‬ ‫ما غَّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ُ‬ ‫اْل ِن ْ َ‬
‫ر‬
‫ح ِ‬ ‫م ِفي ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬ ‫مل َْناهُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مَنا ب َِني َءاد َ َ‬ ‫قد ْ ك َّر ْ‬ ‫ة"]النسان‪" ، [2:‬وَل َ َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ن ُط ْ َ‬
‫ضيًل"]السراء‪[70:‬‬ ‫ف ِ‬ ‫قَنا ت َ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫م عََلى ك َِثيرٍ ِ‬ ‫ضل َْناهُ ْ‬‫ت وَفَ ّ‬ ‫ن الط ّي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫وََرَزقَْناهُ ْ‬
‫‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِفي أ ْ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬‫قد ْ َ‬ ‫والنسان مهدد غالبا ً بالخسار لقوله تعالى ‪" :‬ل َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت فَلهُ ْ‬
‫م‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ملوا ال ّ‬ ‫مُنوا وَعَ ِ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬‫ن * إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫سافِِلي َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬
‫م َرد َد َْناه ُ أ ْ‬ ‫م*ث ُ ّ‬ ‫وي ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬
‫ن" ]التين‪.[6-4:‬‬ ‫مُنو ٍ‬ ‫م ْ‬‫جٌر غَي ُْر َ‬ ‫أ ْ‬
‫إنه النسان الذي خلقه الله تعالى واختاره واصطفاه وعلمه وأسجد له‬
‫ن‬ ‫ف ُ‬ ‫جعَ ُ‬ ‫َ‬
‫ح ُ‬ ‫ماَء وَن َ ْ‬ ‫ك الد ّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫سد ُ ِفيَها وَي َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِفيَها َ‬ ‫ملئكته‪ ،‬وحينما قالوا ‪ " :‬أت َ ْ‬
‫ما َل‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ك "]البقرة‪ [30:‬قال ربنا الحكيم ‪ " :‬إ ِّني أعْل َ ُ‬ ‫س لَ َ‬ ‫قد ّ ُ‬ ‫ك وَن ُ َ‬ ‫مد ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫نُ َ‬
‫ن "]البقرة‪ ، [30:‬وهذا إشادة ظاهرة بجنس النسان وخصوصيته‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫ت َعْل ُ‬
‫وكفاءته ومسئوليته ‪ ،‬و العقاب والعتاب يكون على قدر المسؤولية ‪ ،‬وقوله‬
‫تعالى ‪ ) :‬لفي خسر ( أبلغ من أن نقول ‪ ) :‬إن النسان لخاسر ( لن الخسر‬
‫حينئذ كأنه إناء أو وعاء يحيط بالنسان من كل جانب‪ ،‬وهنا يكون التنكير‬
‫للتهويل والتعظيم أي أنه في خسارة عظيمة ‪.‬‬
‫ويحتمل أن يكون المعنى تفاوت الخسارة‪ ،‬فالناس غالبهم في خسر‪ ،‬فمنهم‬
‫من خسارته كلية مطلقة‪ ،‬خسر نفسه وأهله وماله ودنياه وآخرته ‪ ،‬كالكافرين‬
‫الخسرين أعمال ً الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة‪ ،‬ومنهم من‬
‫خسارته جزئية أي فقد بعض الربح ‪ ،‬ومنهم من فقد كل الربح ‪ ،‬ومنهم من‬
‫فقد رأس المال‪ ،‬ومنهم من ترتب عليه ديون للخرين‪ ،‬فهؤلء هم الخسرون‬
‫)وهم في الخرة هم الخسرون( }النحل‪{5:‬فالحياة سوق والعمل تجارة‪" ،‬‬
‫كاُنوا‬‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جاَرت ُهُ ْ‬ ‫ت تِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ما َرب ِ َ‬ ‫دى فَ َ‬ ‫ة ِبال ْهُ َ‬ ‫ضَلل َ َ‬ ‫شت ََرُوا ال ّ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ن"]البقرة‪ [16:‬وفي صحيح مسلم )‪ (223‬عن أبي مالك الشعري‪):‬كل‬ ‫دي َ‬ ‫مهْت َ ِ‬ ‫ُ‬
‫الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها(‪.‬‬
‫فالنسان متحرك بطبعه‪ ،‬وفعال وهمام‪ ،‬وسائر ل يتوقف‪ ،‬وسمي النسان‬
‫إنساناً؛ لنه ينوس أي يتحرك ول يقف ‪ ،‬وكل أحد ساٍع متحرك‪ ،‬ولكن منهم‬
‫ساٍع في كمال نفسه ونجاتها‪ ،‬ومنهم ساٍع في هلكها وإباقها‬
‫رسالة العصر )‪( 4 / 3‬‬
‫سلمان بن فهد العودة ‪18/6/1424‬‬
‫‪16/08/2003‬‬
‫إن الحياة إذا خلت من هدف نبيل صارت حياة بل معنى ‪ ،‬فلكي يكون لحياتنا‬
‫معنى علينا أن نحدد أهدافنا ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬هدف خاص ‪ ،‬فل تثريب عليك فيه ول عيب ‪ ،‬بل الشريعة جاءت لتحقيق‬
‫هذا الهدف ‪ ،‬كالتفوق في الدراسة أو في العمل أو في الرزق أو في الزواج‬
‫أو في المصالح المباحة من مصالح الدنيا‪ ،‬وهذا الخير الذي يتحقق لك‬
‫شخصيا ً هو في النهاية خير للمة كلها فالمة مجموعة أفراد ‪ ،‬والعاقل إذا‬
‫وجد الحلل لم يلجأ إلى الحرام‪ ،‬والمة مجموعة نجاحات أنت أحد تجلياتها‬
‫ومظاهرها‪.‬‬
‫الكثيرون والكثيرات من الناس يسألون عن دورهم في الزمات والمواقف‬
‫وفي الملمات ‪ ،‬مع أنه يجب أن يكون دورنا ليس مجرد رد فعل لما يقع ‪ ،‬وإن‬
‫كان رد الفعل المتزن المدروس مطلوبا ً ول بد منه‪ ،‬ولكن نطمع أن يكون‬
‫دورنا ديمومة واستمرارا ً ونضجا ً ‪ ،‬وإن كان بطيئا ً على حد المثل الغربي الذي‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول ‪ :‬بطيء ولكنه فّعال ‪.‬‬


‫والحذر ‪ ..‬الحذر من أن يكون أحدنا كثير الجلبة والضجيج كما العربة الفارغة ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬هدف عام لخدمة المة ‪ ،‬والدفاع عن قضاياها ‪ ،‬ومتابعة أحداثها ‪،‬‬
‫والتألم للمها والكلمة الطيبة صدقة ‪ ،‬والموقف النبيل‪ ،‬والمساندة‬
‫والمساعدة‪ ،‬والدعم بالمال‪ ،‬والدعم بالنصيحة والرأي ‪ ،‬مما يجب للمسلم‬
‫على أخيه المسلم حتى لو كان أخوه مفرطا ً أو مقصرا ً عرفه أو لم يعرفه ‪،‬‬
‫ول يلزم أن تكون هذه المواقف النبيلة التي نحن مطالبون بأدائها من قضايا‬
‫أمتنا من العراق أو فلسطين أو أي مكان من الرض ‪ ،‬ل يلزم أن تكون هذه‬
‫المواقف رفعا ً نهائيا ً لمعاناة المة ‪ ،‬فهذا ما ل يقدر عليه إل الله عز وجل ‪،‬‬
‫لكن يجب أن نقنع أنفسنا بأننا نستطيع أن نصنع شيئا ً ‪ ،‬ودعنا نورث لولدنا‬
‫وأحفادنا من بعدنا بداية جيدة تمكنهم من مواصلة البناء عليها‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ ..‬العمل ‪:‬‬
‫وقد جمع الله تبارك وتعالى أصول العمل ونهاية الكمال العلمي والعملي‬
‫اللزم للشخص والمتعدي للخرين في أربع خصال ‪:‬‬
‫‪ -‬اليمان ‪.‬‬
‫‪ -‬والعمل الصالح ‪.‬‬
‫‪ -‬والتواصي بالحق ‪.‬‬
‫‪ -‬والتواصي بالصبر‪.‬‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬‫أول ً ‪ :‬اليمان بكل ما يجب اليمان به ‪ ،‬يقول الله جل وعل‪َ":‬ءا َ‬
‫سل ِهِ لَ‬
‫مَلئ ِك َت ِهِ وَك ُت ُب ِهِ وَُر ُ‬
‫ن ِبالل ّهِ وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫ل َءا َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َرب ّهِ َوال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ِ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬‫بِ َ‬
‫َ‬
‫ك َرب َّنا وَإ ِلي ْ َ‬ ‫فَران َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معَْنا وَأطعَْنا غُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫س ِ‬ ‫سل ِهِ وََقالوا َ‬ ‫ن ُر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫نُ َ‬
‫صيُر"]البقرة‪. [285:‬‬ ‫م ِ‬‫ال ْ َ‬
‫فإن هذا اليمان الذي يعتمل في قلب النسان هو شرط النجاة ‪ ،‬فإن الجنة ل‬
‫يدخلها إل نفس مؤمنة ‪ ،‬واليمان يأتي في القرآن غالبا ً بصيغة الجمع يقول‬
‫مُنوا"]الشعراء‪:‬‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬‫ن"]يونس‪ ،" [63:‬إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫قو َ‬ ‫كاُنوا ي َت ّ ُ‬ ‫مُنوا وَ َ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى ‪":‬ال ّ ِ‬
‫حا"]سبأ‪ [37:‬إشارة إلى روح الجماعة‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَعَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َءا َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ " ،[227‬إ ِّل َ‬
‫والفريق والتخلص من النانيات ‪ ،‬ومن الدوران حول الذات والمصالح‬
‫الشخصية ‪ ،‬فإن كثيرا ً من المم ومن أهل الكفر الذين ل يؤمنون بالله ‪،‬‬
‫عندهم قدر كبير من الحساس بأهمية الجتماع فنجد دولة كالصين منذ أكثر‬
‫من خمسة آلف سنة هي دولة واحدة فحسب ‪ ،‬بينما تجد عند المسلمين ولعا ً‬
‫ورغبة بالختلف والتفرق والتشرذم حتى إنك تتخيل أن التمزق جزء من‬
‫طبيعتنا ‪ ،‬لو لم نجده لخترعناه ‪ ،‬وهذا وّلد ضعف اليمان وضياع الجهود ‪،‬‬
‫وصنع الشقاء في حياتنا ‪ ،‬والقسوة في قلوبنا والعنف في لغتنا ‪ ،‬بينما الدين‬
‫جاء رحمة حتى للبهائم والطيور والجمادات ‪ ،‬ورحمة للعالمين فضل ً عن‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬العمل الصالح ‪ ،‬فهو قرين اليمان في كتاب الله عز وجل ‪ ،‬بل هو منه‬
‫فاليمان قول وعمل كما هو مذهب السلف والئمة ‪ ،‬قال الحسن رحمه‬
‫الله ‪ :‬ليس اليمان بالتمني ول بالتحلي ‪ ،‬ولكن ما وقر في القلب وصدقه‬
‫العمل‪ .‬انظر مصنف ابن أبي شيبة )‪ (35211‬وشعب اليمان للبيهقي )‪.(65‬‬
‫فالعمل يكون بالقلب واللسان والجوارح ‪ ،‬العمل يكون عبادة ويكون خلقا ً ‪،‬‬
‫ويكون إعانة للناس في مصالحهم الدنيوية‪ ،‬حتى قال النبي صلى الله عليه‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم‪ ) :‬في بضع أحدكم صدقة ( أخرجه مسلم )‪ (1006‬من حديث أبي ذر –‬
‫ي‬
‫رضي الله عنه‪ ،-‬وقال عليه الصلة والسلم‪):‬حتى اللقمة تجعلها في ف ّ‬
‫امرأتك (‪.‬أخرجه البخاري )‪ ،(1295‬ومسلم )‪ (1628‬من حديث سعد بن أبي‬
‫وقاص – رضي الله عنه‪-‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬التواصي بالحق ‪ :‬والتواصي يدل على الرحمة ويدل على الشفقة ‪،‬‬
‫فأنت أمام شخص يحبك ويرحمك ويوصيك ‪ ،‬وأيضا ً أنت تحبه وترحمه فتوصيه‬
‫‪ ،‬فالحاكم والمحكوم‪ ،‬والعالم والمتعلم ‪ ،‬والوالد والولد ‪ ،‬والشاب والشيخ ‪،‬‬
‫وا "]العصر‪ [3:‬ليس هناك‬ ‫ص ْ‬ ‫وا َ‬ ‫والرجل والمرأة ‪ ،‬هذا معنى قوله تعالى ‪"َ :‬ت َ َ‬
‫جهة معينة محددة توصي والباقون يستمعون وينفذون‪ ،‬بل كل أحد من أهل ل‬
‫ص وموصى‪ ،‬ومعلم ومتعلم ‪ ،‬وآمر ومأمور ‪ ،‬وناصح‬ ‫إله إل الله هو مو ٍ‬
‫وا "]العصر‪ [3:‬فهي‬
‫ص ْ‬
‫وا َ‬‫ومنصوح ‪ ،‬ولهذا لم يقل‪" :‬أوصوا" ‪ ،‬بل قال ‪"َ :‬ت َ َ‬
‫مهمة يشترك فيها الجميع ‪ ،‬ومن هنا نرفض مصطلح "رجال الدين" بالمفهوم‬
‫الكنسي الذي يفترض أن ثمة فئة من الناس لديها تفويض رباني في فهم‬
‫الكتاب المقدس وفي المر به ‪ ..‬كل ‪ ..‬ولكن لدينا متخصصون لهم اعتبار ‪،‬‬
‫فهم يعرفون النصوص ‪ ،‬ويمحصون صحيحها من ضعيفها ويعرفون ناسخها‬
‫من منسوخها ‪ ،‬ويجمعون بين ما هو ظاهر التعارض فيها ‪ ،‬ولكن ل عصمة‬
‫لحادهم ‪ ..‬إنما العصمة لما أجمعوا عليه وأما ما اختلفوا فيه فاختلفهم رحمة‬
‫‪ ،‬واتفاقهم حجة‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ولكل علم متخصصون ‪ ،‬فالطب له متخصصون يرجع إليهم والدارة والقتصاد‬


‫كذلك ‪ ،‬ولهذا نقول في المسائل الدينية الشرعية والفقهية هناك مختصون‬
‫ينبغي أن يكون لقولهم وزن واعتبار ‪ ،‬ولكن ليس لدينا رجال دين يحتكرون‬
‫فهم الكتاب المقدس ‪ ،‬فهم جميعا ً يتواصون بالحق وبالدعوة إلى الله‬
‫وبالرحمة ‪ ،‬ويتواصون بالتواصي على ذلك‪ ،‬ولهذا جاءت وصايا القرآن الكريم‬
‫الكثيرة "وقَضى رب َ َ‬
‫ساًنا"]السراء‪[23:‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن إِ ْ‬‫وال ِد َي ْ ِ‬ ‫دوا إ ِّل إ ِّياه ُ وَِبال ْ َ‬ ‫ك أّل ت َعْب ُ ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ َ‬
‫مى‬ ‫ْ‬
‫قْرَبى َوالي ََتا َ‬ ‫ْ‬
‫ذي ال ُ‬ ‫ساًنا وَب ِ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ْ‬
‫شي ًْئا وَِبال َ‬ ‫شرِكوا ب ِهِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه وَل ت ُ ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫وال ِد َي ْ ِ‬ ‫"َواعْب ُ ُ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ب َواب ْ ِ‬
‫جن ْ ِ‬‫ب ِبال َ‬ ‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫جن ُ ِ‬ ‫جارِ ال ُ‬ ‫قْرَبى َوال َ‬ ‫جارِ ِذي ال ُ‬ ‫ن َوال َ‬
‫َ‬ ‫كي ِ‬‫سا ِ‬ ‫م َ‬
‫خوًرا"]النساء‪، [36:‬‬ ‫خَتاًل فَ ُ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َل ي ُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫ً‬
‫وكتب فيها كثير من العلماء من المتقدمين والمتأخرين كتبا معروفة‪.‬‬
‫وجاءت وصايا النبي صلى الله عليه وسلم كالوصية بالنساء‪ ،‬والوصية بالصلة‪،‬‬
‫والوصية بالحزم ‪ ..‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫إن المسؤولية ل تخص أبا ً ول حاكما ً ول عالما ً ‪ ،‬بل الية الكريمة تؤسس‬
‫لقيام المسلم أو المسلمة بالدور المنشود في الصلح‪ ،‬في المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر ‪ ..‬وأن نقول جميعا ً للمحسن ‪ :‬أحسنت ‪ ،‬وأن نقول جميعا ً‬
‫للمسيء ‪ :‬أسأت ‪ ،‬كما قال عمر رضي الله عنه ‪ :‬ل خير فيكم إن لم تقولوها‬
‫ول خير فينا إن لم نسمعها ‪.‬‬
‫ولم يصل المسلمون إلى الهوة التي يعيشونها اليوم من انحدار وتراكم‬
‫الخطاء والسلبيات وعدم وجود العمل الجاد الصادق للتصحيح إل لما قال‬
‫ل‬‫قائلهم ‪ :‬ل يقول لي أحد منكم اتق الله إل علوت رأسه بالسيف‪" .‬وَإ َِذا ِقي َ‬
‫مَهاُد"]البقرة‪. [206:‬‬ ‫س ال ْ ِ‬‫م وَل َب ِئ ْ َ‬ ‫جهَن ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سب ُ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ه ال ْعِّزةُ ِباْل ِث ْم ِ فَ َ‬ ‫خذ َت ْ ُ‬ ‫ه أَ َ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫ه ات ّ ِ‬ ‫لَ ُ‬
‫لكنها الكلمة المنبعثة من الرحمة والصدق والشفاق ‪ ..‬ليست تشهيرا ً ول‬
‫تشفيا ً ول معارضة لذات المعارضة ول لعتبارات شخصية ‪ ،‬بل سهرا ً على‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مصالح المة وحفاظا ً على ثغورها ‪ ،‬ورعاية لحاضرها ‪ ،‬وتخطيطا ً لمستقبلها‬


‫وتعاونا ً على البر والتقوى ‪.‬‬
‫ر"]العصر‪ ،[3:‬وهنا تبرز أهمية الحوار داخل‬ ‫صب ْ ِ‬
‫وا ِبال ّ‬
‫ص ْ‬‫وا َ‬‫حقّ وَت َ َ‬ ‫وا ِبال ْ َ‬‫ص ْ‬
‫وا َ‬‫"وَت َ َ‬
‫المجتمع السلمي لنضاج الرأي وتجنب النشقاق ‪.‬‬
‫والتواصي إنما يكون بالحق ‪ ،‬فالذي تراه أنت ليس بالضرورة أن يكون هو‬
‫الحق ‪ ،‬وإنما الحق الذي نطق به القرآن الكريم أو صرح به النبي العظيم‬
‫عليه الصلة والسلم أو أجمعت عليه المة أما الرأي الذي تراه فقصاره أن‬
‫يكون صوابا ً يحتمل الخطأ ‪ ،‬ويمكن أن يكون خطأ يحتمل الصواب ‪ ،‬فليس‬
‫ول أن يكون لديه الكلمة الخيرة أو‬ ‫أحد يملك الحق ‪ ،‬أو يجزم به أو يخ ّ‬
‫المقالة المطلقة‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬التواصي بالصبر ‪ :‬وهو مطية ل تكبوا ‪ ..‬كما قال علي رضي الله عنه ‪،‬‬
‫وهو من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد ‪ ،‬فمن ل صبر له فل إيمان له ‪،‬‬
‫اليمان يحتاج إلى صبر ‪ ،‬والعمل الصالح يحتاجه ‪ ،‬والحق والدعوة تحتاجه ‪،‬‬
‫والصبر أيضا ً يحتاج إلى صبر‪.‬‬
‫سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري ‪... ...‬‬
‫سأصبر حتى يحكم الله في أمري‬
‫سأصبر حتى يعلم الصبر أنني ‪... ...‬‬
‫صبرت على شيء أمر من الصبر‬
‫والدين يحتاجه والدنيا تحتاجه ‪ ،‬الصبر هو أساس الفضائل ورأس الخلق ‪ ،‬به‬
‫تصفو الحياة ويطيب العيش ‪ ،‬قال عمر رضي الله عنه ‪ :‬وجدنا خير عيشنا‬
‫بالصبر‪.‬‬
‫ً‬
‫وكان محمد بن شبرمة إذا نزل به بلء تلفت يمينا وشمال ً ثم قال ‪ :‬سحابة‬
‫ع‪.‬‬
‫صيف عن قليل تقش ّ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مرَِنا ل ّ‬
‫ن ب ِأ ْ‬
‫دو َ‬
‫ة ي َهْ ُ‬
‫م ً‬
‫م أئ ِ ّ‬‫من ْهُ ْ‬
‫جعَلَنا ِ‬‫وقال سفيان في تفسير قوله تعالى ‪":‬وَ َ‬
‫ن"]السجدة‪ [24:‬قال ‪ :‬لما أخذوا برأس المر صاروا‬ ‫كاُنوا ِبآَيات َِنا ُيوقُِنو َ‬ ‫صب َُروا وَ َ‬ ‫َ‬
‫رؤوسًا‪.‬‬
‫فالصبر يحافظ على ا لعتدال في شخصية النسان وفي رأيه وفي علمه‬
‫وعمله وفي دعوته وفي دنياه وفي آخره‪.‬‬
‫أيتها المرأة الشاكية من صلف زوجها وسوء حالها وشراسة خلقه وقلة‬
‫اهتمامه‪...‬‬
‫أيها المريض الذي تحير فيه الطباء‪...‬‬
‫أيها المدين الذي أثقلت كاهله المطالب‪...‬‬
‫أيها المهموم الذي باكره الهم وغابت البسمة عن شفتيه‪ ،‬وعاجله الحزن قبل‬
‫الوان‪...‬‬
‫علجكم الناجع هو الصبر ‪ ،‬فهو علج الحالت المستعصية الذي ينتظر فيها‬
‫فرج الله تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫لك الحمد مهما استطال البلء‬
‫ومهما استبد ّ اللم‬
‫لك الحمد‪ ،‬إن الرزايا عطاء‬
‫وإن المصيبات بعض الكرم‬
‫ألم ُتعطني أنت هذا الصباح ؟‬
‫سحر؟‬ ‫وأعطيتني أنت هذا ال ّ‬
‫فهل تشكر الرض قطر المطر‬
‫وتجزع إن لم يجدها الغمام؟‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دين والجوع ‪ ،‬وقال في آخر المطاف‬ ‫كتب إلي أحد الخوة قصته مع الفقر وال ّ‬
‫‪ :‬هممت أن أكتب قصيدة التمس فيها المعونة من تاجر أو أمير أو وزير ‪ ،‬فإذا‬
‫بهاتف في أعماقي يقول ‪ :‬هؤلء هم الخرون مخلوقون مثلنا وفقراء إلى الله‬
‫تعالى ‪ ،‬فقدرت أن أنظم قصيدة فيمن خلقني وخلقهم ‪ ،‬وكتبت القصيدة‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫دين خلل شهور‬ ‫وكانت هذه نهاية المعانات مع الفراغ والبطالة وال ّ‬
‫رسالة العصر ) ‪( 4 / 4‬‬
‫سلمان بن فهد العودة ‪25/6/1424‬‬
‫‪23/08/2003‬‬
‫إن الصبر ذو وجهين ‪ ،‬ضبط القدام ‪ ،‬فل يقدم النسان إل بما يعلم أنه ينفعه‬
‫في دينه أو دنياه ‪ ،‬ول يتورط فيما ل يعلم عواقبه ومآلته ‪.‬‬
‫وضبط الحجام ‪ :‬فل يحجم النسان إل عما يضره ‪.‬‬
‫ليس الصبر أمام الزمات فقط ‪ ،‬بل الصبر سلوك ومنهج يحكم حياة النسان‬
‫في كل شيء ‪ ،‬الصبر ل بد منه في كل شيء ‪ ،‬في الصحبة‪ ،‬في الشركة‪.‬‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫ري ُ‬
‫ي يُ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫داةِ َوال ْعَ ِ‬ ‫م ِبال ْغَ َ‬ ‫ن َرب ّهُ ْ‬ ‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫معَ ال ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬ ‫"َوا ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه"]الكهف‪ [28:‬في العلقة بين اثنين ‪ ،‬زوجين ‪ ،‬أو صديقين " إ ِن ّك ل ْ‬ ‫جهَ ُ‬ ‫وَ ْ‬
‫جد ُِني‬ ‫َ َ ِ‬‫ت‬ ‫س‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫*‬ ‫را‬ ‫ب‬ ‫خ‬
‫ِ ِ ُ ًْ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ْ‬
‫ط‬ ‫ح‬ ‫ت‬
‫ْ ُ ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫َ ْ َ َ ْ ُِ َ‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫را‬
‫تَ ْ َ ِ َ َ ِ َ َ ْ ً‬
‫ب‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫طي‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫صي ل َ َ‬ ‫َ‬
‫مًرا"]الكهف‪.[69-67:‬‬ ‫كأ ْ‬ ‫صاب ًِرا وََل أعْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ْ‬
‫الصبر لطالب العلم كما في قصة موسى والخضر ‪ ،‬والصبر ضروري للعبادة ‪:‬‬
‫ك َوال َْعاقِب َ ُ‬
‫ة‬ ‫ن ن َْرُزقُ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك رِْزًقا ن َ ْ‬ ‫سأ َل ُ َ‬ ‫صط َب ِْر عَل َي َْها َل ن َ ْ‬ ‫صَلةِ َوا ْ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫مْر أ َهْل َ َ‬ ‫ْ‬
‫"وَأ ُ‬
‫وى"]طه‪. [132:‬‬ ‫ق َ‬‫ِللت ّ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صب ِْر‬‫من ْك َرِ َوا ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ف َوان ْ َ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫مْر ِبال َ‬ ‫صلة َ وَأ ُ‬ ‫ي أقِم ِ ال ّ‬ ‫الصبر للدعوة ‪َ" ..‬ياب ُن َ ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫موِر"]لقمان‪.[17:‬‬ ‫ن عَْزم ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ك إِ ّ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫عََلى َ‬
‫َ‬
‫ه ك َِثيًرا‬ ‫ة َفاث ْب ُُتوا َواذ ْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫م فِئ َ ً‬‫قيت ُ ْ‬ ‫مُنوا إ َِذا ل َ ِ‬ ‫ن َءا َ‬‫ذي َ‬ ‫الصبر للجهاد ‪َ "..‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫ن"]النفال‪.[45:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬‫ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫صَلةِ وَإ ِن َّها ل َك َِبيَرة ٌ إ ِّل‬ ‫صب ْرِ َوال ّ‬ ‫ست َِعيُنوا ِبال ّ‬ ‫الصبر ضروري عند المصائب‪َ" ..‬وا ْ‬
‫ن"]البقرة‪.[45:‬‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫عََلى ال ْ َ‬
‫فيا من فقدت حبيبها ‪ ..‬أو رزئت بأملها ‪ ..‬أو صدمت بما ل تنتظر ‪ ..‬الصبر ‪..‬‬
‫الصبر‪.‬‬
‫ويا كل أب مفجوع بفلذة كبده‪ ،‬وشعبة روحه الصبر الصبر‪.‬‬
‫وداعا ً حبيبي ل لقاء إلى الحشر ‪... ...‬‬
‫ر‬
‫وإن كان في قلبي عليك لظى الجم ِ‬
‫صبرت لني لم أجد لي مخلصا ً ‪... ...‬‬
‫إليك وما من حيلة لي سوى الصبر‬
‫تراءاك عيني في السرير موسدا ً ‪... ...‬‬
‫على وجهك المكدود أوسمة الطهر‬
‫براءة عينيك استثارت مشاعري ‪... ...‬‬
‫وفاضت بأنهار من الدمع في شعري‬
‫أرى فمك الحلو المعطر في فمي ‪... ...‬‬
‫ر‬
‫كما اعتدت هذا الحب من أول الب ِ‬
‫أراك جميل ً رافل ً في حريرةٍ ‪... ...‬‬
‫ر‬
‫بمعشبة فيحاء طيبة النش ِ‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فكيف يصبر الفتى ‪ ..‬وكيف تصبر الفتاة أمام نوازع الشهوات وتنوع الفتن‬
‫والمغريات وسهولة الوصول إليها؟ إن أعظم عون على الصبر على ذلك‬
‫مراعاة‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬مشهد إجلل الله تبارك وتعالى أن تعصيه وهو يراك ‪ ،‬وأنت منه بمرأى‬
‫ومسمع‪ ،‬ل يغيب عنه شيء ول تخفى عليه خافية ‪ ..‬ولهذا قال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ) :‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬ول يشرب الخمر‬
‫حين يشرب وهو مؤمن‪ ،‬ول يسرق حين يسرق وهو مؤمن‪ ،‬ول ينتهب نهبة‬
‫يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن (‪.‬أخرجه البخاري )‬
‫‪ ،(2475‬ومسلم)‪ (57‬من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه‪.-‬‬
‫إن الذي يستحضر عظمة الله تبارك وتعالى وإطلعه عليه يستحي من الله‬
‫تعالى أن يجده حيث نهاه ‪ ،‬أو يفقده حيث أمره‪.‬‬
‫لو كان المرء عاريا ً أو متلبسا ً بشهوة فوجد شخصا يراه من خلل الباب فإنه‬
‫ً‬
‫حينئذ يرعب ويرتبك ويصعب عليه أن يضع عينيه في عينيه مرة أخرى ‪.‬‬
‫إذا ما خلوت الدهر يوما ً ‪... ...‬‬
‫فل تقل خلوت ولكن قل علي رقيب‬
‫ه فات ّب ُِعوِني‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن كن ْت ُ ْ‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬مشهد محبته سبحانه وتعالى " قل إ ِ ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫م"]آل عمران‪.[31:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬‫م َوالل ّ ُ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬‫فْر ل َك ُ ْ‬
‫ه وَي َغْ ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫تعصي الله وأنت تزعم حبه ‪... ...‬‬
‫هذا لعمري في القياس شنيع‬
‫لو كان حبك صادقا ً لطعته ‪... ...‬‬
‫إن المحب لمن يحب مطيع‬
‫ثالثا ً ‪ :‬مشهد النعمة والحسان ‪ ،‬فأنت تتقلب في نعمه ‪ ،‬وتعصيه بجوارح هو‬
‫خلقها ‪ ،‬وأمتن بها عليك وائتمنك عليها ‪ ،‬فهل جزاء الحسان إل الحسان‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬مشهد الغضب والنتقام ‪ :‬أن يغضب الله تبارك وتعالى عليك ‪.‬‬
‫م ال ْعَ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫م اْل َْر‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ب‬
‫ذا ُ‬ ‫ض أوْ ي َأت ِي َهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه ب ِهِ ُ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫خ ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سي َّئا ِ‬ ‫مك َُروا ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ن ال ّ ِ‬‫َ‬ ‫"أفَأ ِ‬
‫م‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن * أ َوْ ي َأ ُ‬
‫خذ َهُ ْ‬
‫م‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬‫معْ ِ‬ ‫م بِ ُ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫قل ّب ِهِ ْ‬‫م ِفي ت َ َ‬ ‫خذ َهُ ْ‬‫شعُُرون * أ َوْ ي َأ ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫م"]النحل‪ [47-45:‬وهذا قد يتأخر ليوم‬ ‫حي ٌ‬‫ف َر ِ‬ ‫م لَرُءو ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن َرب ّك ْ‬ ‫َ‬
‫ف فإ ِ ّ‬ ‫خوّ ٍ‬ ‫عَلى ت َ َ‬ ‫َ‬
‫الحساب حين يغضب ربنا تبارك وتعالى الغضب المعروف في الحديث‪ .‬انظر‬
‫صحيح البخاري )‪ ،(4712‬وصحيح مسلم )‪.(194‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬مشهد المعاجلة والمباغتة والمعاقبة على حال ل تسر ‪ :‬ربما أخذ‬
‫أحدهم وهو سكران ‪ ،‬أو انقلبت السيارة على من فيها ‪ ،‬وفيها شاب وفتاة‬
‫في غفلة من أعين الرقباء‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬سادسا ً ‪ :‬مشهد العوض والخلف من الله عز وجل‪ ،‬ومن ترك شيئا ً‬
‫لله تعالى عوضه الله خيرا ً منه ‪ ،‬يقول سفيان‪ :‬من غض بصره أورثه الله‬
‫تعالى إيمانا ً يجد لذته في قلبه‪ ،‬وما عند الله خير وأبقى‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬مشهد التفكر في الدنيا وزوالها ‪ ،‬وسرعة أفولها‪ ،‬وتقدم النسان‪،‬‬
‫وكيف تعمل اليام والليالي بهذه الوجوه الجميلة‪ ،‬والشكال النضرة والخدود‬
‫الغضة ‪ ،‬وكيف تتحول إلى تجعد واعوجاج وإلى شيخوخة وهرم وضعف‪.‬‬
‫جبلت على كدر وأنت تريدها ‪... ...‬‬
‫صفوا ً من القذار والكدار‬
‫ومكلف اليام ضد طباعها ‪... ...‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫متطلب في الماء جذوة نار‬


‫وإذا رجوت المستحيل فإنما ‪... ...‬‬
‫تبني الرجاء على شفير هار‬
‫فاقضوا مآربكم عجال ً إنما ‪... ...‬‬
‫أعماركم سفر من السفار‬
‫وتراكضوا خيل الشباب وبادروا ‪... ...‬‬
‫أن تسترد فإنهن عوار‬
‫الثامن ‪ :‬مشهد التعرض لرحمة الله تعالى ونفحاته ‪ ،‬فإنه يخشى أن تحجب‬
‫عمن أصّر على الحرام ولم ينكسر لعظمة الواحد الديان‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬مشهد مخالفة العادة ‪ ،‬فإن كثيرا ً من الناس إنما ابتلوا بالدمان ‪،‬‬
‫الدمان على الخمر أو المخدرات‪ ،‬أو المشاهدات المحرمة‪ ،‬وربما ل يكون‬
‫للواحد منهم في ذلك غرض ول رغبة إل إنه ينساق إليها بحكم العادة‪ ،‬فحينئذ‬
‫التحرر من العبودية عز ‪ ،‬العبودية لله تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫أطعت مطامعي فاستعبدتني ‪... ...‬‬
‫ولو أني قنعت لكنت حرا ّ‬
‫عاشرا ً ‪ :‬مشهد المصلحة العاجلة والجلة ‪ :‬فإن ما حرم الله تبارك وتعالى‬
‫شيئا ً إل ومفسدته خالصة أو راجحة ‪ ،‬وما أمر الله تعالى بشيء إل ومصلحته‬
‫خالصة أو راجحة ‪ ،‬وطاعة الله ورسوله خير وأبقى وأحمد عاقبة ‪.‬‬
‫مُنوا‬
‫ن َءا َ‬ ‫ر* إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫س ٍ‬
‫خ ْ‬‫في ُ‬‫ن لَ ِ‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫ر*إ ِ ّ‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم " َوال ْعَ ْ‬
‫ص ِ‬
‫ر"]العصر‪. [3-1:‬‬ ‫صب ْ ِ‬‫وا ِبال ّ‬ ‫ص ْ‬
‫وا َ‬ ‫حقّ وَت َ َ‬‫وا ِبال ْ َ‬
‫ص ْ‬ ‫وا َ‬
‫ت وَت َ َ‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫وَعَ ِ‬
‫قال المام الشافعي رحمه الله‪ :‬لو تأمل الناس هذه السورة لوسعتهم‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫رسول الهدى )‪(1‬‬


‫محمد صلى الله عليه وسلم ‪...‬‬
‫بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي‬
‫عيد ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫على رِ َ‬ ‫خفقي َيا بيد ُ ‪ ... ...‬ك ُ ّ‬
‫ل ي َوْم ٍ َ‬ ‫جد َ َوا ْ‬ ‫عاِنقي الم ْ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جديد ُ‬ ‫جٌر َ‬ ‫مَياِدينها َوف ْ‬ ‫ف ‪ ... ...‬في َ‬ ‫ة ب َعْد َ َراي َةٍ وَُزحو ٌ‬ ‫َراي ٌ‬
‫‪... ...‬‬
‫شهيد ُ‬ ‫نو َ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫صـ ‪ ... ...‬ــُر وَيبِنيهِ ُ‬ ‫ه الن ّ ْ‬‫خ ي َد ْفَعُ ُ‬ ‫ل الّتاري ُ‬ ‫ل َ ي ََزا ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫جَلى الوُ ُ‬
‫جود ُ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ـقّ في ُنوِرها وي ُ ْ‬ ‫جَلى ال َ‬ ‫ة الله ي ُ ْ‬ ‫ت آي َ ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫َوالن ّب ُ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مةٍ وَعُُهود ُ‬ ‫مواِثيقُ أ ّ‬ ‫ن فََتمَتـ ‪ ... ...‬ــد ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض والّز َ‬ ‫ل الْر َ‬ ‫ص ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َيا ل َ َ‬
‫ه والُعود ُ‬ ‫ساقُ ُ‬ ‫مت َد ّ َ‬ ‫ت في ال ‪ْ ... ...‬رض وا ْ‬ ‫ضَرب َ ْ‬ ‫ذوُره ُ َ‬ ‫ج ُ‬
‫حق ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫جود ُ‬ ‫قرِيّ َوفاؤُه ُ َوال ُ‬ ‫ض ‪ ... ...‬عَب ْ َ‬ ‫حَياةِ وَفَي ْ ٌ‬ ‫جوْهَُر ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫شهود ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سولها ال َ‬ ‫ُ‬ ‫س و هذا َر ُ‬ ‫ة ِللّنا ‪ِ ... ...‬‬ ‫سال ُ‬ ‫ي والّر َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه الوَ ْ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قود ُ‬ ‫معْ ُ‬ ‫ؤه َ‬ ‫وا ُ‬ ‫عّز ل ِ َ‬ ‫صرٍ من الّلـ ‪ ... ...‬ــهِ وَ ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫سي ّد ُ الّناس ! ب َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫إن َ‬
‫عيد ُ‬ ‫ت َرب ّهِ وَوَ ِ‬ ‫ن آيا ِ‬ ‫ي ! فب ُشَرى ‪ ... ...‬ب َي ْ َ‬ ‫مد ُ الّنب ّ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫دى الّتو ِ‬ ‫ة الحقّ والهُ َ‬ ‫ل عََليهِ ‪ ... ...‬آي َ ُ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ل فَ ْ‬ ‫ن اللهِ ك ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫فَ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫شديد ُ‬ ‫ل والب َُراقُ ال ّ‬ ‫جْبري ُ‬ ‫حمله الشـ ‪ ... ...‬ـوْقُ وَ ِ‬ ‫سراء ‪ :‬ي ْ‬ ‫ل ال ِ ْ‬ ‫جل َ‬ ‫َيا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫شُر أْنوا ‪ ... ...‬را فَت َن َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضاُء الممت َد ّ ي َن ْ ُ‬
‫دود ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ش ق ّ ظل َ‬ ‫ف َ‬ ‫وال َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َيّ ُنورٍ ي َطو ُ‬
‫ُ‬
‫حَناؤَُنا و الكُبود ُ‬ ‫سَناه أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ون ُتجلى ‪ِ ... ...‬‬ ‫ف بالك ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫فى ! أط ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دود ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫قاهُ ن ُب ُوّة ٌ وَ ُ‬ ‫ت ‪ِ ... ...‬لل َ‬ ‫ل فهَب ّ ْ‬ ‫صط َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِإنه ال ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حشود ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫حوط ُ‬ ‫جلل ي َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫م ‪ ... ...‬و َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ظي ُ‬ ‫سيد ُ العَ ِ‬ ‫وِإذا ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫قود ُ‬ ‫جوْهٌَر وَع ُ ُ‬ ‫ن ُنوٌر ‪ ... ...‬ي َت َل َل َ وَ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ت يا فِل َ ْ‬ ‫وِإذا أن ْ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫خُلود ُ‬ ‫شٌر و ُ‬ ‫مح َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫جنا ٍ‬ ‫ب ‪ ... ...‬ل ِ‬ ‫ذي د ُُرو ٌ‬ ‫شعي يا ُرَبى فه ِ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ة وَُزُنود ُ‬ ‫ب ووث ْب َ ٌ‬ ‫ن و قَل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ه العَْيـ ‪ ... ...‬ــ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫حُر ُ‬ ‫َورَباط للهِ ت َ ْ‬ ‫ُ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫صادِقُ الوََفاِء ‪َ ،‬رغيد ُ‬ ‫ك َ‬ ‫َيا ظ ِل َ َ َ‬
‫جا ‪َ ،‬‬ ‫ي ‪ ... ...‬بالّر َ‬ ‫غن ّ‬ ‫دا ِ‬ ‫صى ! ن َ َ‬ ‫ل القْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جديد ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫جهاد ٌ عَلى الّز َ‬ ‫َ‬ ‫ي ‪ ... ...‬وَ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫واقِعُ وَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫شب ْرٍ ب ِهِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ك ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫عود ُ‬ ‫وى الوُ ُ‬ ‫ن الوَفا وت ُط َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ه تأبى ‪ ... ...‬أ ْ‬ ‫حوطها الل ُ‬ ‫ن َدارا ي َ‬ ‫إِ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫جلوُد‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ها فتى أ َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ما‬ ‫ح‬ ‫عن‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لله‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫أرض‬ ‫إن َ‬
‫ً َّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫صُعود )‪(2‬‬ ‫ن رب ّهِ وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫قـ ‪ ... ...‬ـ ُ‬ ‫معَ الله ي ُْره ِ ْ‬ ‫ن عَهْد َه ُ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫ه ت َْرديد ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الّلـ ‪ ... ...‬ـهِ و ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫دى ! َ‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫صلة ٌ عَلي ْ َ‬
‫ذي الكُبود ُ‬ ‫ت وه ِ‬ ‫سلم ْ‬ ‫ضلعٌ أ ْ‬ ‫شعُ ِفيها ‪ ... ...‬أ ْ‬ ‫ك ‪ ،‬تَ ْ‬ ‫و َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ممدود ُ‬ ‫خي ُْرها َ‬ ‫من الله َ‬ ‫ت ِ‬ ‫هو آيا ‪ٌ ... ...‬‬ ‫ه َ‬ ‫ل فَْتح َبلغْت َ ُ‬ ‫كُ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فْتـ ‪ ... ...‬ـِح َوأغلى سبيلها والجُهود ُ‬ ‫ب أقسى على ال َ‬ ‫قلو َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫غَي َْر أ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ديد ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ٌ‬ ‫سبيل الِبلد ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ب هَد ْيٌ من اللـ ‪ ... ...‬ــه ‪َ ،‬‬ ‫قلو ِ‬ ‫سبيل ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫د‬
‫ٌ َ ِ ُ‬‫جي‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫فت‬ ‫َ‬ ‫ذاك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ٌ‬ ‫غ‬ ‫بل‬ ‫ََ‬ ‫و‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫ف‬ ‫ي‬
‫ّ َ ْ ٌ‬‫س‬ ‫ق‬ ‫الح‬ ‫على‬ ‫تقى‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ما‬ ‫فإذا َ‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫حشود ُ‬ ‫صرٍ وَ ُ‬ ‫ت أعْ ُ‬ ‫ريا ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه ‪ ... ...‬عَب ْ َ‬ ‫صُر عَن ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ت الذي ت ُ َ‬ ‫فَب َن َي ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫د‬ ‫فري‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫هي‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫عى‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫الله‬ ‫إلى‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ ٌ ِ ْ ُ ََ ْ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ةل ْ ََ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫م ُ‬ ‫أ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫وفاُء والتو ِ‬ ‫مّنا ال َ‬ ‫من الّلـ ‪ ... ...‬ـهِ و ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫دى ! َ‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ه نرجو رضاَءه وُنعيد ُ‬ ‫ّ‬
‫ك ن َعُْبد ِفيها اللـ ‪ ... ...‬ـ َ‬ ‫َ‬
‫صلة ٌ عَلي َ‬ ‫وَ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ديد ُ‬ ‫م ِ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫دى وَ َ‬ ‫مهْ ً‬ ‫ل ُ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ن اللـ ‪ ... ...‬ــهِ وفَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِللعَِباد ِ ِ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫حم ٌ‬ ‫َر ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬
‫عها والوَِريد ُ )‪(3‬‬ ‫ضْر ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ج ّ‬ ‫شـ ‪ ... ...‬ـاةِ وَقَد ْ َ‬ ‫صة ال ّ‬ ‫معْب َد ٍ " قِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ري " أ ّ‬ ‫فاذ ْك ُ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫جود ُ‬ ‫ها وال ُ‬ ‫شتد ّ د َّر َ‬ ‫ّ‬
‫ل الـ ‪ ... ...‬له فا َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ضْرع َ في ي َد َْيه َر ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫س َ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫م فعودوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مئت ُ ْ‬ ‫دعو ‪ :‬لِئن ظ ِ‬ ‫ضـ ‪ ... ...‬ـرع َ ت َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب وان ْثَنوا وكأ ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫َروي ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫شوع ُ وَ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ة الله في ي َد َي ْهِ وَذِك ُْر الـ ‪ ... ...‬ـله في قَل ْب ِهِ ُ‬ ‫آي ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ب وََبعيد ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫وي منه َ‬ ‫داه ‪ ... ...‬ي َْرت َ ِ‬ ‫ه فَهُ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ب كَ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ِإن َرَوى ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫شعُ وَي َن ْأى ك َُنود ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن َ‬‫م ُ‬ ‫داه فَي َد ُْنو ‪ ... ...‬مؤ ِ‬ ‫ي َْرَتوي الد ّهُْر من هُ َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫أ َّيها المصطفى ! ت َ َ‬
‫ريد ُ‬‫ق ن َب ِي ّا عُلك أفْقُ فَ ِ‬ ‫خلـ ‪ ... ...‬ـ ِ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫فّرد ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حميد ُ‬
‫سماِء َ‬ ‫ض حميد ٌ وفي ال ّ‬ ‫معَْنى الوََفاِء ‪ :‬ذِكُرك في الْر ‪ِ ... ...‬‬ ‫ت َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جلل وَُدود ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫شَراق ُ‬‫ُ‬ ‫شَرا ‪ ... ...‬قٌ وإ ِ ْ‬ ‫جهك إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه! ُ‬ ‫ك الل ُ‬ ‫َزان َ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫شُهوُد‬ ‫لل ال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ِ َ‬ ‫م‬ ‫ضي‬ ‫ُْ ِ‬ ‫غ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ـها‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫يـ‬ ‫ن‬
‫ََْْ‬ ‫ي‬‫ع‬ ‫تمل‬ ‫د‬
‫ُ ُ َ‬ ‫هو‬ ‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ل َتكا ُ‬
‫د‬
‫‪... ...‬‬

‫)‪(1 /‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫عود ُ‬ ‫سُها وَُر ُ‬ ‫حمّر بأ ُ‬ ‫حْر ‪ ... ...‬ب ِإذا ا ْ‬ ‫س في ُفؤادك في ال َ‬ ‫ذِْروَةُ الب َأ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫دود ُ‬
‫معْ ُ‬‫س ال َ‬ ‫فارِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هـ ‪ ... ...‬ــر لقالوا ‪ :‬ذا ال َ‬ ‫س في الد ّ ْ‬ ‫وار ُ‬ ‫ف َ‬
‫من ال َ‬ ‫ل َوْ ت ََناَدوا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَتمي ب ِك أْبطا ‪ٌ ... ...‬‬ ‫َ‬
‫صنديد ُ‬ ‫ل َويأوي ل ِظ ِلك ال ّ‬ ‫حْرب ي َ ْ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مجيد ُ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫كتا ُ‬ ‫عظيم ٍ ي ُت ْلى ب ِهِ ال ِ‬ ‫ق َ‬‫خلـ ‪ ... ...‬ـ ٍ‬ ‫ن تكون عَلى ُ‬ ‫حأ ْ‬ ‫مد ْ ُ‬ ‫سب ُك ال َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ديد ُ‬‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ب وَذِكرٍ ‪ ... ...‬هُوَ ذِكٌر على الّز َ‬ ‫كتا ِ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫لآ ٍ‬ ‫كُ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صيد ُ‬ ‫نو ِ‬ ‫سلما ً ي َْرعاه ِدي ٌ‬ ‫س َ‬ ‫ت ِإلى الّنا ‪ِ ... ...‬‬ ‫مل ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫دى ! َ‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا ر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫م كُبود ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ت ِإليك ِ‬ ‫حن ّ ْ‬ ‫َ‬
‫حَزو ‪ ... ...‬نا ف َ‬ ‫ً‬ ‫م ْ‬‫ت َ‬ ‫موع َ آسي َ‬ ‫ت الد ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مس ْ‬ ‫كم َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وفاِء الُعهود ُ‬ ‫ف ‪ ... ...‬فاطمأْنت ِإلى ال َ‬ ‫خو ٍ‬ ‫شة َ‬ ‫سى وََرعْ َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫وَد َفَعْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حود ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫ه ِفتن ُ‬ ‫م أضاعَت ْ ُ‬ ‫قا ‪ ... ...‬ك َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن آد َ َ‬ ‫ت لب ِ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ت أر َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ريد ُ‬ ‫َ‬
‫جائعٌ وط ِ‬ ‫حّتى ‪َ ... ...‬تاهَ في الدْرب َ‬ ‫على الّناس َ‬ ‫عتأة ٌ ب ََغوا َ‬ ‫وَ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫مْردود ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سواهُ فباط ِ ٌ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ـقّ ! ِ‬ ‫لنسان ! هذا هو ال َ‬ ‫قوقَ ا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫يا ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫عبيد ُ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫صب َ ٌ‬ ‫ه عُ ْ‬ ‫شّرعْ ُ‬ ‫م تُ َ‬ ‫حقّ ‪ ... ...‬ل ْ‬ ‫من الله ! َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫من ْ َ‬ ‫إ ِّنها ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫ة ووعود ُ‬ ‫ه فِت ْن َ ٌ‬ ‫ْ‬
‫م تخال ِط ُ‬ ‫سلما ‪ ... ...‬ل ْ‬ ‫ً‬ ‫ن َ‬ ‫سَتقيموا للهِ ن َب ْ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫سوُد‬ ‫م‬
‫َ َ َ َ ّ ٌ َ ُ‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫جا‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ـ‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫يـ‬ ‫و‬
‫َ َْ‬‫سا‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫!‬ ‫دى‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬
‫جهود ُ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫عزائ ِ ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ‪ ... ...‬نا ً َفهب ّ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫حق ّ إ ِ ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫م َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫معَ الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫طين َدول َ ٌ‬ ‫َ‬
‫جنود ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫شيا ِ‬ ‫ت ‪ ... ...‬لل ّ‬ ‫ل فََعاد ْ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫غَي َْر أ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫مود ُ‬ ‫ماد َ عَ ُ‬ ‫ت ُذرا و َ‬ ‫ً‬ ‫ماد َ ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫كيـ ‪ ... ...‬ـ َ‬ ‫ها ب ََرا ِ‬ ‫جرو َ‬ ‫ض فَ ّ‬ ‫شعَُلوا الْر َ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ب " والخدود ُ "‬ ‫ُ‬ ‫ن اللهي ُ‬ ‫ّ‬ ‫رهم ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ج ّ‬ ‫جّبا ‪ ... ...‬رٍ وَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مك ِ‬ ‫ول َ‬ ‫ح من هَ ْ‬ ‫صا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جَتلي وََيرود ُ‬ ‫حق ّ ي َ ْ‬ ‫ب ال َ‬ ‫موك ِ ُ‬ ‫قى ويمضي ‪َ ... ...‬‬ ‫ن َيب َ‬ ‫ن اليقي َ‬ ‫غيَر أ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َي َ َ‬
‫شديد ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫حني ُ‬ ‫شوقُ وال َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ن ‪ ... ...‬غل َ‬ ‫حك لك ْ‬ ‫مدي ِ‬ ‫ف أْرَقى ِإلى َ‬ ‫ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫م ي َُعود ُ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫صَراع ٌ ‪ ... ...‬في ُفؤاِدي َيغي ُ‬ ‫ب الشوقُ َرهَْبتي ‪ ،‬و ِ‬ ‫غَل َ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫شوْقُ َرهَْبتي فََتزيد ُ‬ ‫شوْقٌ ‪ ... ...‬د َفَعَ ال ّ‬ ‫ج في ُفؤادِيَ َ‬ ‫ك ُّلما ل َ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫جود ُ‬ ‫فو وت َْرَتقي فَت َ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫وا ‪ ... ...‬قي فَت َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫شوِع ي َْرفَعُ أ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫وإذا بال ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حي ِد ُ‬ ‫ده الَتو ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ب وَ لله وَ ْ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ــ ّ‬ ‫ما ال ُ‬ ‫ل هُ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ِإنما الله وَ الّر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ن جديد ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬
‫سِبيل الـ ‪ ... ...‬ـله " عَهْد ٌ عَلى الّز َ‬ ‫ّ‬ ‫ه " في َ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ق َ‬‫ش َ‬ ‫ب َ‬ ‫يا لد َْر ٍ‬
‫‪... ...‬‬
‫حشوُد ُ‬ ‫تو ُ‬ ‫سَرايا تتاب َعَ ْ‬ ‫داية ُنوٌر ‪ ... ...‬و َ‬ ‫ن الهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ج ِفيهِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫‪ ...‬ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪...‬‬
‫‪ (1) ...‬ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ) المدائح النبوية تاريخها‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأساليبها ( ‪ .‬أورانج أباد في الهند خلل الفترة ‪ 26 ) :‬ـ ‪2/1409/( 28‬هـ‬


‫الموافق )‪7‬ـ ‪/(9‬أكتوبر ‪1988‬م ثم جعلت هذه القصيدة جزءا ً من ملحمة‬
‫دمت في هذا المؤتمر بحثا ً حول‬ ‫القصى وديوان مهرجان القصيد ‪ .‬وق ّ‬
‫لطار الصحيح والسلوب المثل للمدائح النبوية ( ‪.‬‬ ‫)ا ِ‬
‫ل في جهنم ‪ ،‬عقبة شاقة ‪.‬‬ ‫جب َ ُ‬
‫صُعود ‪َ :‬‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫م معبد ( صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫)‪ ) (3‬أ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأبو بكر يسألن لحما وتمرا يشتريانه منها ‪ .‬فلم يصيبوا شيئا ‪ .‬فمسح رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله‬
‫جت عليه وذرت وروي الجميع ‪ .‬فآمنت وبايعت على السلم ‪... .‬‬ ‫تعالى ‪ ،‬فتفا َ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رسول الهدى )‪(1‬‬


‫محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي‬
‫عيد ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫على رِ َ‬ ‫ل ي َوْم ٍ َ‬ ‫خفقي َيا بيد ُ ‪ ... ...‬ك ُ ّ‬ ‫جد َ َوا ْ‬ ‫عاِنقي الم ْ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جديد ُ‬ ‫جٌر َ‬ ‫مَياِدينها َوف ْ‬ ‫ف ‪ ... ...‬في َ‬ ‫ة ب َعْد َ َراي َةٍ وَُزحو ٌ‬ ‫َراي ٌ‬
‫‪... ...‬‬
‫شهيد ُ‬ ‫نو َ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫صـ ‪ ... ...‬ــُر وَيبِنيهِ ُ‬ ‫ه الن ّ ْ‬ ‫خ ي َد ْفَعُ ُ‬ ‫ل الّتاري ُ‬ ‫ل َ ي ََزا ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫جود ُ‬ ‫جَلى الوُ ُ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ـقّ في ُنوِرها وي ُ ْ‬ ‫جَلى ال َ‬ ‫ة الله ي ُ ْ‬ ‫ت آي َ ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫َوالن ّب ُ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مةٍ وَعُُهود ُ‬ ‫مواِثيقُ أ ّ‬ ‫ن فََتمَتـ ‪ ... ...‬ــد ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ض والّز َ‬ ‫ل الْر َ‬ ‫ص ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َيا ل َ َ‬
‫ه والُعود ُ‬ ‫ساقُ ُ‬ ‫مت َد ّ َ‬ ‫ت في ال ‪ْ ... ...‬رض وا ْ‬ ‫ضَرب َ ْ‬ ‫ذوُره ُ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫حق ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫جود ُ‬ ‫قرِيّ َوفاؤُه ُ َوال ُ‬ ‫ض ‪ ... ...‬عَب ْ َ‬ ‫حَياةِ وَفَي ْ ٌ‬ ‫جوْهَُر ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫شهود ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سولها ال َ‬ ‫ُ‬ ‫س و هذا َر ُ‬ ‫ة ِللّنا ‪ِ ... ...‬‬ ‫سال ُ‬ ‫ي والّر َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه الوَ ْ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫قوُد‬ ‫معْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ؤه‬‫ُ‬ ‫وا‬ ‫ل‬
‫ِ َ ِ ّ ِ َ‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ــ‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫ّ‬
‫لـ‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫ص‬
‫َْ َ َ ْ ٍ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫!‬ ‫ناس‬ ‫سي ّد ُ ّ‬
‫ال‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ي ! فَب ُ ْ‬ ‫إن َ‬
‫عيد ُ‬ ‫ت َرب ّهِ وَوَ ِ‬ ‫ن آيا ِ‬ ‫شَرى ‪ ... ...‬ب َي ْ َ‬ ‫مد ُ الّنب ّ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِّ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫دى الّتو ِ‬ ‫ة الحقّ والهُ َ‬ ‫ل عََليهِ ‪ ... ...‬آي َ ُ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ل فَ ْ‬ ‫ن اللهِ ك ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫فَ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫شديد ُ‬ ‫ل والب َُراقُ ال ّ‬ ‫جْبري ُ‬ ‫حمله الشـ ‪ ... ...‬ـوْقُ وَ ِ‬ ‫سراء ‪ :‬ي ْ‬ ‫ل ال ِ ْ‬ ‫جل َ‬ ‫َيا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫شُر أْنوا ‪ ... ...‬را فَت َن َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضاُء الممت َد ّ ي َن ْ ُ‬
‫دود ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ش ق ّ ظل َ‬ ‫ف َ‬ ‫وال َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َيّ ُنورٍ ي َطو ُ‬
‫ُ‬
‫حَناؤَُنا و الكُبود ُ‬ ‫سَناه أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ون ُتجلى ‪ِ ... ...‬‬ ‫ف بالك ْ‬
‫‪... ...‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دود ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫قاهُ ن ُب ُوّة ٌ وَ ُ‬ ‫ت ‪ِ ... ...‬لل َ‬ ‫ل فَهَب ّ ْ‬ ‫فى ! َأط ّ‬ ‫صط َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِإنه ال ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حشود ُ‬ ‫هو ُ‬ ‫حوط ُ‬ ‫جلل ي َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫م ‪ ... ...‬و َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫م إِ َ‬ ‫ظي ُ‬ ‫سيد ُ العَ ِ‬ ‫وِإذا ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫قود ُ‬ ‫جوْهٌَر وَع ُ ُ‬ ‫ن ُنوٌر ‪ ... ...‬ي َت َل َل َ وَ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ت يا فِل َ ْ‬ ‫وِإذا أن ْ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫خلود ُ‬ ‫ُ‬ ‫شٌر و ُ‬ ‫مح َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫جنا ٍ‬ ‫ب ‪ ... ...‬ل ِ‬ ‫ذي د ُُرو ٌ‬ ‫شعي يا ُرَبى فه ِ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ة وَُزُنود ُ‬ ‫ب ووث ْب َ ٌ‬ ‫ن و قَل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ه العَْيـ ‪ ... ...‬ــ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫حُر ُ‬ ‫َورَباط للهِ ت َ ْ‬ ‫ُ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫صادِقُ الوََفاِء ‪َ ،‬رغيد ُ‬ ‫ك َ‬ ‫َيا ظ ِل َ َ َ‬
‫جا ‪َ ،‬‬ ‫ي ‪ ... ...‬بالّر َ‬ ‫غن ّ‬ ‫دا ِ‬ ‫صى ! ن َ َ‬ ‫ل القْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جديد ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫جهاد ٌ عَلى الّز َ‬ ‫َ‬ ‫ي ‪ ... ...‬وَ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫واقِعُ وَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫شب ْرٍ ب ِهِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ك ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫عود ُ‬ ‫وى الوُ ُ‬ ‫ن الوَفا وت ُط َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ه تأبى ‪ ... ...‬أ ْ‬ ‫حوطها الل ُ‬ ‫ن َدارا ي َ‬ ‫إِ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫جلوُد‬ ‫ر‬ ‫ب‬‫ها فتى أ َ‬ ‫ِ َ َ‬‫ما‬ ‫ح‬ ‫عن‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لله‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫أرض‬ ‫إن َ‬
‫ً َّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫صُعود )‪(2‬‬ ‫ن رب ّهِ وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ه عَ َ‬ ‫قـ ‪ ... ...‬ـ ُ‬ ‫معَ الله ي ُْره ِ ْ‬ ‫ن عَهْد َه ُ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫ه ت َْرديد ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن الّلـ ‪ ... ...‬ـهِ و ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫دى ! َ‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫صلة ٌ عَلي ْ َ‬
‫ذي الكُبود ُ‬ ‫ت وه ِ‬ ‫سلم ْ‬ ‫ضلعٌ أ ْ‬ ‫شعُ ِفيها ‪ ... ...‬أ ْ‬ ‫ك ‪ ،‬تَ ْ‬ ‫و َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ممدود ُ‬ ‫خي ُْرها َ‬ ‫من الله َ‬ ‫ت ِ‬ ‫هو آيا ‪ٌ ... ...‬‬ ‫ه َ‬ ‫ل فَْتح َبلغْت َ ُ‬ ‫كُ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فْتـ ‪ ... ...‬ـِح َوأغلى سبيلها والجُهود ُ‬ ‫ب أقسى على ال َ‬ ‫قلو َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫غَي َْر أ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫ديد ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ٌ‬ ‫سبيل الِبلد ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ب هَد ْيٌ من اللـ ‪ ... ...‬ــه ‪َ ،‬‬ ‫قلو ِ‬ ‫سبيل ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جيد ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذاك َفت ٌ‬ ‫ف ‪ ... ...‬وََبلغ ٌ فَ َ‬ ‫سي ْ ٌ‬ ‫ما الَتقى على الحقّ َ‬ ‫فإذا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ت اّلذي ت ُ َ‬
‫حشود ُ‬ ‫صرٍ وَ ُ‬ ‫ت أعْ ُ‬ ‫ريا ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه ‪ ... ...‬عَب ْ َ‬ ‫صُر عَن ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫فَب َن َي ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬
‫صٌر َفريد ُ‬ ‫ه وَن َ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫سَعى ‪ ... ...‬هي فَت ْ ٌ‬ ‫ل ِإلى الله ت َ ْ‬ ‫م ت ََز ْ‬ ‫ةل ْ‬ ‫م ُ‬ ‫أ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫وفاُء والتو ِ‬ ‫مّنا ال َ‬ ‫من اللـ ‪ ... ...‬ـهِ و ِ‬ ‫ّ‬ ‫م ِ‬ ‫سل ٌ‬‫َ‬ ‫دى ! َ‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ه نرجو رضاَءه وُنعيد ُ‬ ‫ّ‬
‫صلة ٌ عَليك ن َعُْبد ِفيها اللـ ‪ ... ...‬ـ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وَ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ض ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ديد ُ‬ ‫م ِ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫دى وَ َ‬ ‫مهْ ً‬ ‫ل ُ‬ ‫ن اللـ ‪ ... ...‬ــهِ وف ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِللعَِباد ِ ِ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫حم ٌ‬ ‫َر ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬
‫عها والوَِريد ُ )‪(3‬‬ ‫ضْر ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ج ّ‬ ‫َ‬
‫صة الشـ ‪ ... ...‬ـاةِ وَقد ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫معْب َد ٍ " قِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ري " أ ّ‬ ‫فاذ ْك ُ ِ‬
‫‪... ...‬‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جود ُ‬ ‫ها وال ُ‬ ‫شتد ّ د َّر َ‬ ‫ل الـ ‪ّ ... ...‬له فا َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ضْرع َ في ي َد َْيه َر ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫س َ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫م فعودوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مئت ُ ْ‬ ‫دعو ‪ :‬لِئن ظ ِ‬ ‫ضـ ‪ ... ...‬ـرع َ ت َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب وان ْثَنوا وكأ ّ‬ ‫ح ُ‬‫ص ْ‬ ‫َروي ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫حيد ُ‬ ‫شوع ُ وَ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ة الله في ي َد َي ْهِ وَذِك ُْر الـ ‪ ... ...‬ـله في قَل ْب ِهِ ُ‬ ‫آي ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ب وََبعيد ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫وي منه َ‬ ‫داه ‪ ... ...‬ي َْرت َ ِ‬ ‫ه فَهُ َ‬ ‫ف ُ‬‫ب كَ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ِإن َرَوى ال ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫شعُ وَي َن ْأى ك َُنود ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫داه فَي َد ُْنو ‪ ... ...‬مؤ ِ‬
‫م ُ‬ ‫ي َْرَتوي الد ّهُْر من هُ َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫أ َّيها المصطفى ! ت َ َ‬
‫ريد ُ‬‫ق ن َب ِي ّا عُلك أفْقُ فَ ِ‬ ‫خلـ ‪ ... ...‬ـ ِ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫فّرد ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حميد ُ‬
‫سماِء َ‬ ‫ض حميد ٌ وفي ال ّ‬ ‫معَْنى الوََفاِء ‪ :‬ذِكُرك في الْر ‪ِ ... ...‬‬ ‫ت َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫جلل وَُدود ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫شَراق ُ‬ ‫شَرا ‪ ... ...‬قٌ وإ ِ ْ‬ ‫جهك إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه! ُ‬ ‫ك الل ُ‬ ‫َزان َ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫شُهوُد‬ ‫لل ال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ِ َ‬ ‫م‬ ‫ضي‬ ‫ُْ ِ‬‫غ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ـها‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫يـ‬ ‫ن‬
‫ََْْ‬‫ي‬‫ع‬ ‫تمل‬ ‫د‬
‫ُ ُ َ‬ ‫هو‬ ‫ش‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ل َتكا ُ‬
‫د‬
‫‪... ...‬‬

‫)‪(1 /‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫عود ُ‬ ‫سُها وَُر ُ‬ ‫حمّر بأ ُ‬ ‫حْر ‪ ... ...‬ب ِإذا ا ْ‬ ‫س في ُفؤادك في ال َ‬ ‫ذِْروَةُ الب َأ ِ‬
‫‪... ...‬‬
‫دود ُ‬
‫معْ ُ‬ ‫س ال َ‬ ‫فارِ ُ‬ ‫هـ ‪ ... ...‬ــر لقالوا ‪ :‬ذا ال َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س في الد ّ ْ‬ ‫وار ُ‬ ‫ف َ‬ ‫من ال َ‬ ‫ل َوْ ت ََناَدوا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫حَتمي ب ِك أْبطا ‪ٌ ... ...‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صنديد ُ‬ ‫ل َويأوي ل ِظ ِلك ال ّ‬ ‫حْرب ي َ ْ‬ ‫ت في ال َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مجيد ُ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫كتا ُ‬ ‫عظيم ٍ ي ُت ْلى ب ِهِ ال ِ‬ ‫ق َ‬ ‫خلـ ‪ ... ...‬ـ ٍ‬ ‫ن تكون عَلى ُ‬ ‫حأ ْ‬ ‫مد ْ ُ‬ ‫سب ُك ال َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ديد ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ْ‬
‫ب وَذِكرٍ ‪ ... ...‬هُوَ ذِكٌر على الّز َ‬ ‫ْ‬ ‫كتا ِ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫لآ ٍ‬ ‫كُ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫د‬
‫ِ ُ‬‫صي‬ ‫و‬ ‫ن‬
‫ِ ٌ‬ ‫دي‬ ‫رعاه‬ ‫َْ‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫سلم‬ ‫ِ َ‬ ‫س‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫إلى‬ ‫َ َ َ ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫!‬ ‫دى‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا ر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫م كُبود ُ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ت ِإليك ِ‬ ‫حن ّ ْ‬ ‫حَزو ‪ ... ...‬نا ً فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫موع َ آسي َ‬ ‫ت الد ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مس ْ‬ ‫كم َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وفاِء الُعهود ُ‬ ‫ف ‪ ... ...‬فاطمأْنت ِإلى ال َ‬ ‫خو ٍ‬ ‫شة َ‬ ‫سى وََرعْ َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫وَد َفَعْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حود ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫ه ِفتن ُ‬ ‫م أضاعَت ْ ُ‬ ‫قا ‪ ... ...‬ك ْ‬ ‫ح ّ‬
‫م َ‬ ‫ن آد َ َ‬ ‫ت لب ِ‬ ‫جعْ َ‬ ‫ت أر َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫ريد ُ‬ ‫َ‬
‫جائعٌ وط ِ‬ ‫حّتى ‪َ ... ...‬تاهَ في الدْرب َ‬ ‫على الّناس َ‬ ‫عتأة ٌ ب ََغوا َ‬ ‫وَ ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫مْردود ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سواهُ فباط ِ ٌ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ـقّ ! ِ‬ ‫لنسان ! هذا هو ال َ‬ ‫قوقَ ا ِ‬ ‫ح ُ‬‫يا ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫عبيد ُ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫صب َ ٌ‬ ‫ه عُ ْ‬ ‫شّرعْ ُ‬ ‫م تُ َ‬ ‫حقّ ‪ ... ...‬ل ْ‬ ‫من الله ! َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫من ْ َ‬ ‫إ ِّنها ِ‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪... ...‬‬
‫ة ووعود ُ‬ ‫ه فِت ْن َ ٌ‬ ‫ْ‬
‫م تخال ِط ُ‬ ‫سلما ‪ ... ...‬ل ْ‬ ‫ً‬ ‫ن َ‬ ‫سَتقيموا للهِ ن َب ْ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫سوُد‬ ‫م‬
‫َ َ َ َ ّ ٌ َ ُ‬‫و‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫جا‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ـ‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬ ‫يـ‬ ‫و‬‫سا‬
‫َ َْ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫!‬ ‫دى‬ ‫ل الهُ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ُ‬
‫جهود ُ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫عزائ ِ ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ‪ ... ...‬نا ً َفهب ّ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫حق ّ إ ِ ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫م َ‬ ‫هأ ّ‬ ‫معَ الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫‪... ...‬‬
‫طين َدول َ ٌ‬ ‫َ‬
‫جنود ُ‬ ‫ةو ُ‬ ‫شيا ِ‬ ‫ت ‪ ... ...‬لل ّ‬ ‫ل فََعاد ْ‬ ‫حا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫غَي َْر أ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫مود ُ‬ ‫ماد َ عَ ُ‬ ‫ت ُذرا و َ‬ ‫ً‬ ‫ماد َ ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫كيـ ‪ ... ...‬ـ َ‬ ‫ها ب ََرا ِ‬ ‫جرو َ‬ ‫ض فَ ّ‬ ‫شعَُلوا الْر َ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫ب " والخدود ُ "‬ ‫ُ‬ ‫ن اللهي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫رهم ك ّ‬ ‫ْ‬
‫ج ّ‬ ‫جّبا ‪ ... ...‬رٍ وَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مك ِ‬ ‫ول َ‬ ‫ح من هَ ْ‬ ‫صا َ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جَتلي وََيرود ُ‬ ‫حق ّ ي َ ْ‬ ‫ب ال َ‬ ‫موك ِ ُ‬ ‫قى ويمضي ‪َ ... ...‬‬ ‫ن َيب َ‬ ‫ن اليقي َ‬ ‫غيَر أ ّ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َي َ َ‬
‫ن الشديد ُ‬ ‫ّ‬ ‫حني ُ‬ ‫ب الشوقُ وال َ‬ ‫ّ‬ ‫ن ‪ ... ...‬غل َ‬ ‫حك لك ْ‬ ‫مدي ِ‬ ‫ف أْرَقى ِإلى َ‬ ‫ْ‬
‫‪... ...‬‬
‫م ي َُعود ُ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫صَراع ٌ ‪ ... ...‬في ُفؤاِدي َيغي ُ‬ ‫ب الشوقُ َرهَْبتي ‪ ،‬و ِ‬ ‫غَل َ َ‬
‫‪... ...‬‬
‫شوْقُ َرهَْبتي فََتزيد ُ‬ ‫شوْقٌ ‪ ... ...‬د َفَعَ ال ّ‬ ‫ج في ُفؤادِيَ َ‬ ‫ك ُّلما ل َ ّ‬
‫‪... ...‬‬
‫َ‬
‫جود ُ‬ ‫فو وت َْرَتقي فَت َ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫وا ‪ ... ...‬قي فَت َ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫شوِع ي َْرفَعُ أ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫وإذا بال ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫حي ِد ُ‬ ‫ده الَتو ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ب وَ لله وَ ْ‬ ‫حـ ‪ ... ...‬ــ ّ‬ ‫ما ال ُ‬ ‫ل هُ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ِإنما الله وَ الّر ُ‬
‫‪... ...‬‬
‫ن جديد ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬
‫سِبيل الـ ‪ ... ...‬ـله " عَهْد ٌ عَلى الّز َ‬ ‫ّ‬ ‫ه " في َ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ق َ‬‫ش َ‬ ‫ب َ‬ ‫يا لد َْر ٍ‬
‫‪... ...‬‬
‫حشوُد ُ‬ ‫تو ُ‬ ‫سَرايا تتاب َعَ ْ‬ ‫داية ُنوٌر ‪ ... ...‬و َ‬ ‫ن الهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ج ِفيهِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫* * ‪* * ... * ...‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (1‬ألقيت هذه القصيدة في مؤتمر حول ) المدائح النبوية تاريخها وأساليبها (‬
‫‪ .‬أورانج أباد في الهند خلل الفترة ‪ 26 ) :‬ـ ‪2/1409/( 28‬هـ الموافق )‪7‬ـ‬
‫‪/(9‬أكتوبر ‪1988‬م ثم جعلت هذه القصيدة جزءا ً من ملحمة القصى وديوان‬
‫لطار الصحيح‬ ‫دمت في هذا المؤتمر بحثا ً حول ) ا ِ‬ ‫مهرجان القصيد ‪ .‬وق ّ‬
‫والسلوب المثل للمدائح النبوية ( ‪.‬‬
‫ل في جهنم ‪ ،‬عقبة شاقة ‪.‬‬ ‫جب َ ُ‬ ‫صُعود ‪َ :‬‬ ‫)‪َ (2‬‬
‫م معبد ( صاحبة الخيمة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫)‪ ) (3‬أ ّ‬
‫ً‬
‫وأبو بكر يسألن لحما وتمرا يشتريانه منها ‪ .‬فلم يصيبوا شيئا ‪ .‬فمسح رسول‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد عن الغنم ودعا وسمى الله‬
‫جت عليه وذرت وروي الجميع ‪ .‬فآمنت وبايعت على السلم ‪.‬‬ ‫تعالى ‪ ،‬فتفا َ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة وتطاول على الله ورسوله!‬ ‫ل ونرجسي ٌ‬‫رشاد خليفة تفسيره للقرآن جه ٌ‬


‫أ‪.‬د‪/‬إبراهيم عوض‬
‫‪ibrahim_awad9@yahoo.com‬‬
‫أيها القراء العزاء‪ ،‬عدت مرة أخرى للنظر فى ترجمة رشاد خليفة للقرآن‬
‫المجيد وتفسيراته التى يعلق بها على بعض اليات‪ ،‬وكان حصاد هذه العودة‬
‫كا النظر فى الترجمة نفسها‬ ‫الملحظات التى أسجلها فى هذه الدراسة‪ ،‬تار ً‬
‫ومدى صوابها أو دقتها إلى فرصة أخرى قد تسنح فتسمح لى بالكتابة عنها‪:‬‬
‫الله عند رشاد خليفة ذو طبيعة مادية‪:‬‬
‫فعل ً الله عنده ذو وجود مادى‪ ،‬فهو سبحانه )كما يصور "بسلمته" المر لنا(‬
‫قابع فوق السماوات ل ينزل لما دونها‪ ،‬تاركا المهمات الصغيرة للملئكة‬
‫ومحتفظا لنفسه منها بالكبير الذى يناسبه‪ ،‬إذ إن "عالمنا ل يتحمل وجود الله‬
‫الماد ّىّ فيه" )"الوجود المادى"‪ :‬لحظوا(‪ .‬أرأيتم الهناء الذى نحن فيه؟ كأننا‬
‫مين يحتفظون لنفسهم‬ ‫فى ديوان حكومى‪ ،‬ومع وكلء وزارات ومديرين عا ّ‬
‫بالطوابق العليا والمور المهمة‪ ،‬أما مهمات الرشيف واستقبال المترددين‬
‫على الديوان وقضاء مصالح المواطنين اليومية )أو بالحرى تعطيلها وعرقلتها‬
‫كة الذين‬ ‫س ّ‬
‫دا يا سّيد"!( وما أشبه‪ ،‬فهذا من شأن الموظفين ال ّ‬ ‫ت علينا غ ً‬ ‫و"فُ ْ‬
‫ل يزيد ثمن العشرة منهم عن قرش صاغ والذين يتكدسون فى الدور‬
‫الرضى والبدرون! والحجة التى يستند إليها الجاهل فى أن الملئكة تقوم‬
‫بالمهمات الصغيرة تحت السماوات السبع هى استعمال ضمير الجمع فى‬
‫ن‬‫ت"‪" :‬فقضاه ّ‬ ‫صل َ ْ‬
‫كلمة "وَزي ّّنا" من قوله تعالى فى الية ‪ 12‬من سورة "فُ ّ‬
‫حى فى كل سماء أمرها‪ ،‬وزي ّّنا السماء الدنيا‬ ‫َ‬
‫سبع سماوات فى يومين وأوْ َ‬
‫ظا‪ .‬ذلك تقدير العزيز العليم" بما يعنى فى فهمه الكليل أن‬ ‫ف ً‬‫ح ْ‬‫حو ِ‬ ‫بمصابي َ‬
‫الملئكة قد اشتركت مع الله فى تزيين السماء الدنيا بالمصابيح‪ .‬وفات هذا‬
‫ل أنه بهذه الطريقة قد أدخل الله مع الملئكة فى ضمير واحد‪ ،‬وكأنه‬ ‫الجاه َ‬
‫سبحانه واحد منهم‪ ،‬مع أن المسألة أبسط من هذا كثيرا‪ ،‬إذ ما أكثر اليات‬
‫دم‪ ،‬فى الكلم عن رب العالمين‪ ،‬ضمير الجمع كما هو معلوم حتى‬ ‫خ ِ‬‫ست َ ْ‬‫التى ت َ ْ‬
‫لصغر طفل يقرأ القرآن! وإليكم ما قاله "رسول الميثاق الفاق" فى تعليقه‬
‫على تلك الية‪God alone created the universe (18:51), but the angels" :‬‬
‫‪participated in handling certain jobs in the lowest universe. Our universe‬‬
‫‪cannot stand the physical presence of God (7:143). The plural tense‬‬
‫‪ ." acknowledges the angels' role in our universe‬الواقع أن هذا لون من‬
‫مى المسلمين به لمجرد أنهم‬ ‫الشرك الجلف الذى ل يستحى صاحبه من َر ْ‬
‫يحبون رسولهم ويصّلون ويسّلمون عليه‪ .‬ولقد قال "مسيلمتنا" بكل صراحة‬
‫فى موضع آخر )هو تعليقه على الية ‪ 90‬من سورة "النبياء"( إنه ما من مرة‬
‫استعمل القرآن ضمير الجمع إل وكان المقصود به الله والملئكة معا‪The" :‬‬
‫‪use of the plural tense throughout the Quran indicates participation of the‬‬
‫‪angels. It is clear from 3:39 and from the Bible that the angels dealt with‬‬
‫‪ ،" .Zachariah extensively, as they gave him the good news about John‬فما‬
‫قوله إذن فى اليات القرآنية التالية التى يستعمل فيها الله ضمير الجمع‬
‫الخاص بالمتكلم ول يمكن أن يكون الملئكة داخلين فيه بأى حال؟‪" :‬وإذ قلنا‬
‫للملئكة‪ :‬اسجدوا لدم" )البقرة‪ .34 /‬وهذه الية وحدها كافية فى إبطال هذا‬
‫التفسير السخيف الكافر تماما‪ ،‬إذ ل يمكن أن يدخل الملئكة مع الله فى‬
‫حديثه إليهم(‪" ،‬ولو أننا نّزلنا إليهم الملئكة‪) "...‬النعام‪ .111 /‬وهذه أيضا‬
‫كسابقتها‪ ،‬لنه من غير المستطاع أن تشترك الملئكة فى تنزيل أنفسها إلى‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫البشر(‪" ،‬أم خلقنا الملئكة إناثا وهم شاهدون؟" )الصافات‪ .150 /‬وهذه أشد‬
‫من سابقتيها‪ ،‬فل شىء يستطيع أن يخلق نفسه إل فى منطق البهلوان رشاد‬
‫أفندى(‪" ،‬ولقد خلقنا النسان من سللة من طين" )المؤمنون‪ .12 /‬ومعروف‬
‫ح فى هذا أحد‬ ‫أن الله حسب عقيدة السلم هو الذى خلق كل شىء‪ ،‬ول يشا ّ‬
‫ممن يؤمن بالقرآن(‪" ،‬ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون" )البقرة‪/‬‬
‫‪ .52‬والعفو هو من اختصاص الله سبحانه(‪" ،‬فغفرنا له ذلك‪ ،‬وإن له عندنا‬
‫سن مآب" )ص‪ .24 /‬والغفران هو كذلك من اختصاص الله‪ ،‬ل‬ ‫ح ْ‬ ‫ل َُزل ْ َ‬
‫فى و ُ‬
‫مدخل لمخلوق فيه(‪" ،‬إنا نحن نحيى ونميت‪ ،‬وإلينا المصير" )ق‪ .43 /‬وقد‬
‫نص القرآن فى أكثر من موضع على أن الله هو الذى يحيى ويميت ل يشاركه‬
‫جد ّ غزير‪ ،‬علوة على‬ ‫فى ذلك أحد آخر(‪ ...‬وهذا وأشباهه فى كتاب الله غزيٌر ِ‬
‫أن القرآن كثيرا ما يعطف الملئكة على الله بما يدل على أنه لو كان "أّفا ُ‬
‫ق‬
‫الميثاق" صادقا لكتفى القرآن بالضمير "نا" فى كل مرة!‬

‫)‪(1 /‬‬

‫جع‬ ‫ليس ذلك فقط‪ ،‬بل إنه )فى تعليقه على الية ‪ 96‬من سورة "طه"( ي ُْر ِ‬
‫صدور صوت العجل من فم التمثال الذى نحته السامرى أثناء غياب موسى‪،‬‬
‫إلى أن السامرى كان قد قبض قبضة من تراب الرض التى كلم الله فيها‬
‫موسى‪ ،‬وهو التراب الذى ردد صدى صوته سبحانه‪ ،‬وعندما خلط السامرى‬
‫ل‪ ،‬بسبب هذا التراب الذى‬ ‫التراب بالذهب وصنع تمثال العجل شرع التمثا ُ‬
‫واًرا‪The Samarian went to the spot where" :‬‬ ‫خ َ‬
‫وقع عليه صوت الله‪ ،‬يصدر ُ‬
‫‪God spoke to Moses, and grabbed a fistful of dust upon which God's voice‬‬
‫‪had echoed. This dust, when mixed with the molten gold, caused the golden‬‬
‫‪ ،"statue to acquire the sound of a calf‬فانظروا مقدار الدب الذى يتحلى به‬
‫مق" )على غرار"أبى جهل"( فى حديثه عن الله سبحانه وإشارته إلى‬ ‫ح ْ‬ ‫"أبو ال ُ‬
‫أن صوته سبحانه قد تحول إلى خوار‪ ،‬أو على القل كان السبب فى صدور‬
‫ن قائل إن ذلك هو ما جاء فى‬ ‫صوت الخوار عن العجل الذهبى! ول يقول ّ‬
‫ت‬‫صْر ُ‬ ‫القرآن‪ ،‬فالذى فى القرآن هو‪" :‬قال‪ :‬فما خطبك يا سامرى؟* قال‪ :‬ب ُ‬
‫ت لى‬ ‫سوّل َ ْ‬
‫ت قبضة من أثر الرسول فنبذُتها‪ ،‬وكذلك َ‬ ‫صروا به‪ ،‬فقبض ُ‬ ‫بما لم ي َب ْ ُ‬
‫نفسى" )طه‪ ،(96 -95 /‬فأين هذا من ذاك؟ وأين التزام صاحبنا بالقرآن‪،‬‬
‫والقرآن فقط‪ ،‬زاعما أنه ل يمكن أن ي َعْد َُوه إلى أى مصدر آخر؟ هل فى‬
‫النص الكريم شىء مما قاله المفترى الكذاب الذى يريد أن نهدم السلم‬
‫)السلم الرّبانى( ونستعيض عنه بإسلم مصنوع فى أقبية المخابرات الجنبية‬
‫المعادية لربنا وديننا ونبينا وكتابنا وحاضرنا ومستقبلنا والتى ل ترضى بديل عن‬
‫تدميرنا حتى يخلو العالم لهم وحدهم ل يشاركهم فيه أحد‪ ،‬اللهم إل إذا رضى‬
‫أن يعيش خادما يلتقط الفتات من تحت أحذيتهم؟‬
‫أما فى يوم القيامة فإنه سبحانه )حسبما يقول الفاك فى تعليقه على الية‬
‫‪ 68‬من سورة "الزمر"( سوف ينتقل من مكانه نازل إلى الرض‪ ،‬التى لن‬
‫ى" )وهذا تعبيره بالحرف(‪ ،‬فتتحول إلى حطام‬ ‫تتحمل عندئذ ٍ "مجيئه الماد ّ ّ‬
‫وتنشأ أرض جديدة! كما أن العصاة )حسبما قال فى تعليقه على الية ‪ 13‬من‬
‫سورة "السجدة"( لن يتحملوا يوم القيامة "الحضور المادى لطاقة الله"‪،‬‬
‫ولهذا سيكون مصيرهم الجحيم‪ .‬كذلك تحدث الّفاق‪ ،‬فى تعليقه على الية‬
‫‪ 71‬من سورة "مريم"‪ ،‬عن "المجىء المادى لله إلى عالمنا بعد البعث"‪" :‬‬
‫‪ ."God's physical arrival to our universe‬ول أدرى ما الذى أدخل هذا المخبول‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فى مثل هذه المور التى ل نستطيع بعقولنا هذه أن نتصورها‪ ،‬وإن كنا نعرف‬
‫أنه سبحانه وتعالى "ليس كمثله شىء" كما جاء فى كلم رب العزة عن‬
‫نفسه‪ ،‬ومن ثم ننكر ونستنكر أن يقال إن لله سبحانه وجودا ماديا كالشياء‬
‫من حولنا‪.‬‬
‫أهل الجنة سوف يزورون أقاربهم فى الجحيم‪:‬‬
‫دا‬
‫س ّ‬ ‫م َ‬
‫ج الفاق أيضا بنفسه فيه من مآزق ل يستطيع أن يسد ّ فيها َ‬ ‫ومما يز ّ‬
‫قوله‪ ،‬فى كلمه عن الية ‪ 55‬من سورة "الصافات"‪ ،‬إن أهل الجنة سوف‬
‫يكون بإمكانهم دخول الجحيم لزيارة أقاربهم من أهل النار‪ ،‬لكن دون أن‬
‫حّرها‪ ،‬وإن لم يكن العكس ممكنا‪ .‬لكن لماذا يا ترى سوف يذهب أهل‬ ‫يعانوا َ‬
‫الجنة لزيارة أقاربهم فى الجحيم؟ أتراهم قد أصابهم الملل فهم يريدون أن‬
‫يتفرجوا على شىء مثير كما يفعل الواحد منا حين يشتهى أن يتفرج على‬
‫مَتع الجنة‬‫واة النكد فهم يكرهون ُ‬ ‫فلم لهيتشكوك مثل؟ أم تراهم من غُ َ‬
‫ويريدون أن يستبدلوا بها بعضا من عذاب الجحيم ولو على سبيل المعاينة كما‬
‫هو الحال مع بعض الناس ممن لم تتعود معداتهم ول أمعاؤهم الكل الرقيق‬
‫اللطيف‪ ،‬فتراهم يتركون هذا كله ويطلبون شيئا )كالمخلل مثل أو الجبن أبى‬
‫ش أو الفسيخ‪...‬إف!( يحّرشون به المعدة؟ أم تراهم يذهبون إلى هناك‬ ‫م ّ‬
‫جْرًيا على مذهب‬ ‫َ‬ ‫الجنة‪،‬‬ ‫دخول‬ ‫لهن‬ ‫در‬‫ّ‬ ‫يق‬ ‫لم‬ ‫اللتى‬ ‫حبيباتهم‬ ‫مع‬ ‫ليكونوا‬
‫قح‬ ‫حاشى‪" :‬علشانك انت انكوى بالنار وال ّ‬ ‫الريحانى‪ ،‬الذى يقول بصوته الج ّ‬
‫م‬
‫جتتى‪ ،‬وادخل جهنم وانكوى وارجع اقول‪ :‬يا دهوتى"؟ صدق من قال‪ :‬هَ ّ‬
‫حك معا‪.‬‬‫كى ويض ّ‬‫كى‪ .‬وهذا هو الهم الذى يب ّ‬ ‫م ي ُب َ ّ‬
‫حك‪ ،‬وهَ ّ‬ ‫ض ّ‬
‫يُ َ‬
‫كراهيته للنبى محمد عليه السلم‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫قبه بالنبوة فى كلمه عنه إل فى الندرة‪،‬‬ ‫ويتخذ ذلك صورا مختلفة‪ :‬فهو ل يل ّ‬
‫بل عادةً ما يقول‪" :‬محمد"‪ ،‬أما عندما يتحدث عن نفسه فيستخدم مصطلح‬
‫"رسول الله رشاد خليفة"‪ .‬بل إنه لتأخذه قلة الدب بعيدا فيسمى المسلمين‬
‫بـ"المحمديين"‪ .‬جاء هذا فى تعليقه على الية الولى من سورة "التحريم"‬
‫حيث قال إن "المحمديين" فى كل أرجاء العالم يزعمون أن "محمدا"‬
‫معصوم‪ ،‬على حين أن هذه الية تدل على العكس من ذلك‪ .‬ولست أدرى‬
‫كيف يمكن أن يفهم عاقل من هذه الية أنه عليه السلم قد ارتكب خطيئة‬
‫هنا‪ .‬ذلك أنه إنما تعهد أن يمتنع بصفة شخصية عن أمر من المور الحلل‪،‬‬
‫فهل هذه خطيئة من الخطايا؟ لو أنه عليه السلم قال‪ :‬إن هذا الطعام مثل أو‬
‫ذاك الشراب مما أحله الله هو حرام من الن على كل الناس حّرمته أنا‬
‫عليهم لكان فى هذا افتئات منه على مقام اللوهية‪ ،‬أما أن يتعهد بالمتناع‬
‫عن شىء من الشياء الحلل ثم تنبهه السماء إلى أنه ل داعى لهذا وأن‬
‫مرضاة بعض زوجاته ل ينبغى أن تكون سببا فى اتخاذ مثل ذلك القرار‪ ،‬فهذا‬
‫ن مثل أو يشرب الخمر‬ ‫ل يعنى أنه عليه السلم قد ارتكب خطيئة! إنه لم ي َْز ِ‬
‫أو يقتل بريئا أو يغصب أحدا حقه أو يحول الحكم إلى مغنم شخصى له‬
‫ولسرته على حساب مصالح الرعية أو يستبد وينشر الترويع بين الناس أو‬
‫يكذب أو يخلف وعده أو يوقع بين اثنين أو يتعامل مع الناس بوجهين‪...‬إلى‬
‫آخر الخطايا والذنوب المعروفة‪ .‬إننا ل ننكر أن السماء قد عاتبته صلى الله‬
‫عليه وسلم على بعض المواقف التى تبناها‪ ،‬إل أن الناظر فى هذه المواقف‬
‫يجد أنها ليست تدخل فى باب الثام أو السيئات بل فى باب الجتهاد الذى‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ارتأى فيه مصلحة ما لكن كان للسماء كلمة أخرى‪ .‬فهذا ما أرجو أن يتنبه له‬
‫القارئ حتى نضع المور فى نصابها‪ .‬ولقد وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه‬
‫خَلع على شخص يرتكب الخطايا‪ .‬إن ما‬ ‫"على خلق عظيم"‪ ،‬وهذا الوصف ل ي ُ ْ‬
‫كر‪ ،‬وقديما قيل‪" :‬حسنات البرار سيئات‬ ‫عوتب نبينا عليه إنما هى أمور ل ت ُذ ْ َ‬
‫المقّربين"!‬
‫ورسول الميثاق الكذاب لعق أحذية القوى الكبرى وممّرغ وجهه فى فضلت‬
‫وا عنه يشير فى هذا المجال إلى قوله تعالى‬ ‫ض ْ‬
‫أستاههم تقربا إليهم كى ي َْر َ‬
‫ه‬
‫ى أنما إلهكم إل ٌ‬‫حى إل ّ‬
‫فى آخر سورة "الكهف"‪" :‬قل‪ :‬إنما أنا بشٌر مثلكم ُيو َ‬
‫واحد" بوصفه برهانا على وقوع الذنوب والثام من الرسول الكريم‪ ،‬بيد أن‬
‫الناظر فى الية ل يمكنه أن يلمح فيها هذا الذى يقول‪ .‬صحيح أنها تؤكد‬
‫بشريته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لكنها أيضا تستثنيه من سائر البشر بوصفه‬
‫حى إليه"‪ ،‬أى بوصفه نبيا رسول‪ .‬ومعنى ذلك أن الله قد اصطفاه من بين‬ ‫"ُيو َ‬
‫هؤلء البشر‪ ،‬أى أنه ليس بشرا عاديا يرتكب ما يمكن أن يرتكبه البشر‬
‫العاديون من كذب وزنا ونفاق وقتل وسرقة‪...‬إلخ‪ ،‬وإل فما معنى اصطفاء‬
‫الله له ولمثاله من الرسل الوارد فى قوله سبحانه‪" :‬الله يصطفى من‬
‫الملئكة رسل ومن الناس‪ .‬إن الله سميع بصير" )الحج‪(75 /‬؟ أيصطفيهم ثم‬
‫يكتشف الرسول المريكى الكذاب أنه جل شأنه قد أساء الصطفاء؟ كذلك‬
‫صَنع على عينى" )طه‪(39 /‬؟ هل من‬ ‫ما معنى أن يقول الله لموسى‪" :‬ولت ُ ْ‬
‫يصنعه الله على عينه يمكن أن يقع منه خطيئة؟ هانت النبوة والرسالت إذن‬
‫ونها هم من العملء الخونة الكذابين الحاقدين على شاكلة‬ ‫إذا كان من يتول ّ ْ‬
‫رشاد خليفة‪ ،‬الذى لم يؤمن به إل بضع عشرات‪ ،‬أو على أكثر تقدير‪ :‬بضع‬
‫مئات أو حتى بضعة آلف‪ ،‬ثم يأنس فى نفسه الجرأة على القول بأن الية‬
‫الخيرة من سورة "النصر" تدل على أن الدين الموعود بالنصر إنما هو‬
‫"السلم الحق" الذى ينادى هو به‪ ،‬مع أنه يقول أيضا فى مكان آخر من‬
‫ترجمته إن القيامة ستقوم بعد أقل من ‪ 300‬سنة‪ ،‬أى أنه لن تكون هناك‬
‫فرصة لدين هذا الكذاب أن ينتشر وينتصر كما زعم؟ يعنى أن ما حققه دين‬
‫محمد من النتصارات الباهرة فى مجال الدعوة والحضارة وتأسيس الدول‬
‫واعتناق كل أجناس الرض له ل يمل عين هذا المداور الحقود‪ ،‬وأن بضع‬
‫العشرات أو المئات الذين اعتنقوا دعوته من كل لئيم النفس مرتبط‬
‫بالمخابرات المريكية أو مختل العقل موتور هو العنوان البارز على هذا‬
‫النتصار المذكور فى السورة الكريمة! ويكفى برهانا قاطعا على كذبه‬
‫وضلله وتضليله أن المريكيين أنفسهم الذين لذ بهم وأكد أنه سوف يجد‬
‫در‬
‫ذبه فى أصل وجهه ويق ّ‬ ‫المن واليمان بين أظهرهم ثم شاء الله أن يك ّ‬
‫اغتياله فى بيته وداخل مطبخه فى أمريكا رغم الحراسات والتحويطات‬
‫المكثفة‪ ،‬والذين أطنب فى الثناء عليهم وضفر عقود المديح الواله فيهم‬
‫وكّللهم بتيجان المجد والشرف واليمان الحق بالله‪ ،‬لم يتعطفوا عليه بشىء‬
‫من اليمان به‪ .‬إنه عميل مصنوع لمهمة محددة ل غير‪ ،‬أل وهى إرباك‬
‫ل إلى ما هو أبعد من هذا‪،‬‬ ‫المسلمين وفتنتهم عن دينهم‪ ،‬ول يصح له أن يتطا ّ‬
‫فضل عن أن يتجاسر على رفع عينيه فى وجوه أسياده‪ ،‬بله أن يتجاوز قدره‬
‫جه إليهم دعوته‪ ،‬ودعنا من أن يفكر فى إيمانهم به أو حتى يرجوه بينه‬ ‫فيو ّ‬
‫وبين نفسه مجرد رجاء!‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبنفس المنطق الخبيث يمضى "ضلل خليفة" فيزعم أن قوله تعالى فى‬
‫ت عليه‪:‬‬ ‫الية ‪ 37‬من سورة "الحزاب"‪" :‬وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعم َ‬
‫ديه‪ ،‬وتخشى‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬
‫مب ْ ِ‬
‫فى فى نفسك ما الله ُ‬ ‫خ ِ‬
‫ق الله‪ .‬وت ُ ْ‬ ‫ك عليك زوجك‪ ،‬وات ّ ِ‬ ‫م ِ‬
‫أ ْ‬
‫الناس‪ ،‬والله أحق أن تخشاه‪ "...‬هو دليل آخر على أنه عليه السلم لم يكن‬
‫دعيه هذا الفاك!‬ ‫معصوما‪ ،‬مع أن الية الكريمة تخلو تماما من أى شىء مما ي ّ‬
‫ى زيد ُ بن حارثة على زوجته زينب بنت جحش فل‬ ‫ق َ‬ ‫لقد أراد الرسول أن ي ُب ْ ِ‬
‫يطّلقها‪ ،‬كما لم يكن يريد أن يتزوجها هو بعد طلق زيد إياها حتى ل يقول‬
‫الناس إن محمدا قد تزوج من طليقة ابنه )ابنه بالتبنى(‪ ،‬وهو ما حدث فعل‬
‫ولم يسكتوا إل بعد أن نزلت هذه الية‪ .‬فأين وجه الخطيئة هنا؟ إن هاهنا حياء‬
‫ورغبة فى البتعاد عما يثير القاويل‪ ،‬لكن بعد نزول المر اللهى بأل يبالى بما‬
‫يقول الناس وأن يتزوجها كى يلغى وضعا سخيفا خاطئا كان الجاهليون‬
‫دع صلى الله عليه وسلم بالمر اللهى دون تردد أو‬ ‫ص َ‬ ‫يسيرون عليه فقد َ‬
‫تسويف‪ .‬نعيد القول كّرة ً أخرى‪ :‬حياء؟ نعم‪ .‬خطيئة؟ ل وألف ل‪.‬‬
‫وتبقى اليات الفتتاحية من سورة "عََبس"‪ ،‬التى يعاتب فيها المولى عبده‬
‫ونبيه محمدا على ما ظهر على وجهه من ضيق بسبب المصادفة التى ساقت‬
‫ابن أم مكتوم إليه أثناء انشغاله عليه السلم بدعوة بعض الكفار ممن رجا‬
‫إيمانهم به فى هذه الفرصة الهادئة التى قلما تسنح‪ ،‬إذ كان يعرف أن وجود‬
‫مثل ابن أم مكتوم فى هذا اللقاء من شأنه أن يصرف قلب المشركين عن‬
‫الستماع إلى ما جاء به‪ ،‬على حين أن ابن أم مكتوم يمكنه أن يأتى فى أى‬
‫وقت للستفسار عما يريد أو للستزادة من عبق اليمان‪ .‬وكما يرى القارئ‬
‫كان حرص النبى على الدعوة هو الذى جعله يخشى ضياع الفرصة التى رآها‬
‫ماس‪ ،‬وإن كان للسماء كلمة أخرى‪ ،‬إذ أرادت أن‬ ‫ش َ‬ ‫قد تاحت له بعد طول ِ‬
‫يعرف المشركون أن إيمانهم أو كفرهم ل يقدم ول يؤخر ما دام وجود ابن أم‬
‫مكتوم من شأنه أن ينفرهم من إصغاء الذن والقلب للدعوة‪ .‬إنه اجتهاد من‬
‫النبى عليه السلم تغّيا به مصلحة هذه الدعوة‪ ،‬لكن لم توافقه عليه السماء‪،‬‬
‫فأين الخطيئة أو الثم هنا؟ أترى محمدا عليه الصلة والسلم كان يتصل‬
‫بدولة أجنبية يرتب معها لّدعاء دين جديد ما أنزل الله به من سلطان كما كان‬
‫حت‬ ‫س ْ‬‫يفعل رسول الظلم والضلل رشاد خليفة؟ أتراه جمع المليين من ال ّ‬
‫ك مليينه؟ أتراه قد راود فتاة أجنبية عن‬ ‫حت المتأمر ُ‬ ‫س ْ‬‫ى ال ّ‬‫مثلما جمع نب ّ‬
‫عْرضها كما صنع "أبو الضلل خليفة"؟ هذه هى الخطايا‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫عفتها‬ ‫نفسها وعن‬
‫بحق وحقيق ل الذى وقع من الرسول عليه الصلة والسلم من اجتهادٍ أراد به‬
‫وجه الخير‪ ،‬لكن كان للسماء كلمة أخرى كما قلنا!‬
‫سر قوله تعالى فى الية ‪ 88‬من‬ ‫وفى نفس السياق نرى الفاك العظم يف ّ‬
‫ن عينيك إلى ما مت ّْعنا به أزواجا منهم ول تحزن‬ ‫جر"‪" :‬ل تمد ّ ّ‬ ‫ح ْ‬
‫سورة "ال ِ‬
‫ى له صلى الله عليه‬ ‫عليهم‪ ،‬واخفض جناحك للمؤمنين" على أساس أنه ن َهْ ٌ‬
‫حَرمه هو منه‪ .‬وهذه‬ ‫وسلم عن الغيرة مما أفاضه الله على الرسل الخرين و َ‬
‫ترجمته للية‪Do not be jealous of what we bestowed upon the other" :‬‬
‫‪(messengers), and do not be saddened (by the disbelievers), and lower your‬‬
‫‪ ." .wing for the believers‬ثم هذا تفسيره لها‪One of the functions of" :‬‬
‫‪God's Messenger of the Covenant is to deliver the Quranic assertion that the‬‬
‫‪ ." (world will end in AD 2280 (20:15, 72:27 & Appendix 25‬ومعنى ذلك‬
‫بالعربى الفصيح‪" :‬إياك يا محمد أن تحقد على "أبى الرشد"‪ ،‬الذى جاء‬
‫بالذئب من ذيله مما لم تستطعه أنت‪ ،‬إذ سرق "بسلمته" من الحاخام يهودا‬
‫ى" والذى كان يعيش فى القرن الحادى عشر الميلدى بركات‬ ‫الملقب بـ"التق ّ‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرقم ‪ ،19‬وقَْرأ ََنه )أى طّبقه على القرآن بدل من التوراة( وعرف منه أن‬
‫ى أن الله قد كرر النهى‬ ‫القيامة ستقوم بعد نحو ‪ 300‬سنة"‪ .‬وقد فات الغب ّ‬
‫جا منهم‪ ،‬مع‬ ‫لرسوله محمد عليه السلم أن يمد عينيه لما مّتع سبحانه به أزوا ً‬
‫تفسير ذلك بأنه "زهرة الحياة الدنيا" التى جعلها الله فتنة لهؤلء الزواج‪،‬‬
‫مت ّعَْنا‬
‫ما َ‬‫ك إ َِلى َ‬ ‫ن عَي ْن َي ْ َ‬
‫مد ّ ّ‬‫صها‪َ" :‬ول ت َ ُ‬‫وذلك فى الية ‪ 131‬من سورة "طه"‪ ،‬ون ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قى"‪ .‬ومعنى‬ ‫خي ٌْر وَأب ْ َ‬ ‫ك َ‬‫م ِفيهِ وَرِْزقُ َرب ّ َ‬
‫فت ِن َهُ ْ‬
‫دنَيال ِن َ ْ‬ ‫م َزهَْرةَ ال ْ َ‬
‫حَياةِ ال ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫جا ّ‬
‫ب ِهِ أْزَوا ً‬
‫هذا أن ما يطنطن به المطموس البصيرة عن الرقم ‪ 19‬وامتيازه به على‬
‫رسول الله ليس إل زهرة الحياة الدنيا‪ ،‬أعطاه الله إياه ليفتنه به‪ ،‬وهو ما‬
‫ص‬
‫قلناه فى موضع آخر من هذه الدراسة ردا على تفسيره الحلمنتيشى لن ّ‬
‫آخر من القرآن الكريم‪ ،‬ومعنى ذلك مرة أخرى أن السداد مضروبة عليه‬
‫أينما اتجه وأينا وّلى‪ ،‬فالحمد لله‪ ،‬الذى جعله يسعى إلى حتفه بظلفه!‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ويبلغ الحقد على سيد النبياء والمرسلين بهذا الموتور أن ينكر على‬
‫فرهم فى‬ ‫المسلمين شهادتهم له عليه السلم بأنه رسول الله‪ ،‬بل إنه ليك ّ‬
‫ذلك‪ ،‬زاعما أن القرآن ينهى عنه‪ .‬ولست فى الحقيقة أدرى‪ ،‬بل لست إخال‬
‫أننى فى يوم من اليام سوف أدرى‪ ،‬كيف تكون الشهادة بأن محمدا رسول‬
‫الله شرك وكفر يأباه السلم ويعاقب من ينطق به‪ ،‬إذ السؤال هو‪ :‬وماذا كان‬
‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة لله إلى جانب أنه عبده سبحانه‬
‫جار الله مثل )أستغفر الله العظيم(؟ أم كان سّباك الله؟ أم‬ ‫وتعالى؟ أكان ن ّ‬
‫داد الله؟ إن الله سبحانه وتعالى قد اختاره نبيا ورسول‪ ،‬فما وجه‬ ‫تراه كان ح ّ‬
‫الخطإ‪ ،‬بل ما وجه الشرك فى أن يعلن كل منا هذه الحقيقة التى نؤمن بها؟‬
‫طلع عليها‬ ‫أينبغى أن نكتمها فى قلوبنا كأنها عورة من العورات ل يصح أن ي ّ‬
‫الخرون؟ لكن هؤلء الخرين جميعهم يشاركوننا فى اليمان بهذه الحقيقة‪،‬‬
‫ن فى قلوبنا بل ما‬ ‫ن فى قلوبهم مثلما يستك ّ‬ ‫فى عنهم ما يستك ّ‬ ‫خ ِ‬
‫فكيف ن ُ ْ‬
‫جا لحد مثلما ننطق نحن‬ ‫ّ‬
‫ينطقون هم به كل حين ول يجدون فيه ما يشكل حر ً‬
‫أيضا به ول نرى فيه ما يشكل مثل هذا الحرج؟ إن مسيلمة أمريكا الكذاب‬
‫ق النفاقَ فى أسوإ صوره‪ ،‬إذ يريد منا أن نؤمن بشىء‬ ‫إنما يشّرع بذلك المنط ِ‬
‫لكن ل نعلن هذا الذى نؤمن به‪ ،‬تمهيدا لن ننسى بعد ذلك محمدا ونجعل‬
‫جيرانا اللهج باسمه هو‪ :‬رشاد خليفة "رسول الميثاق الفاق"!‬ ‫هِ ّ‬
‫إن الكذاب الضللى يقلب المور رأسا على عقب فيزعم أن أول قاعدة من‬
‫قواعد السلم حسبما ورد فى الية ‪ 18‬من سورة "آل عمران" هى أن يشهد‬
‫النسان "أل إله إل الله" فحسب‪ ،‬أما الشهادة لمحمد بالرسالة فهى‪ ،‬فى‬
‫زعمه‪ ،‬تناقض عددا من الوامر اللهية كما نصت علها الية ‪ 285‬من سورة‬
‫ل‬‫زل إليه من ربه والمؤمنون ك ّ‬ ‫ُ‬
‫"البقرة"‪ ،‬التى تقول‪" :‬آمن الرسول بما أن ْ ِ‬
‫آمن بالله وملئكته وكتبه ورسله‪ ،‬ل نفرق بين أحد من رسله‪ ."...‬والية‪ ،‬كما‬
‫يرى كل من له عينان‪ ،‬بل كل من ليست له عينان )لكن ل يراها كل من كان‬
‫ب ما تأمره به المخابرات‬ ‫ل ورع ٍ‬ ‫فذ فى حقارةٍ وذ ّ‬ ‫مريض القلب والضمير ين ّ‬
‫الجنبية التى تكره الله ورسوله ومن يؤمن بهما(‪ ،‬الية تقول إن الرسول‬
‫سول ِّية الرسل جميعا بما فيهم‬ ‫والمؤمنين قد آمنوا‪ ،‬أى شهدوا بربوبية الله وَر ُ‬
‫ل آمن بالله وملئكته وكتبه ورسله‪،‬‬ ‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم‪" :‬ك ّ‬
‫زل‬ ‫ُ‬
‫وقبل ذلك تقول الية إنهم قد آمنوا بما أن ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ل نفرق بين أحد من رسله "؟‬
‫زل عليه )كما يعرفه القاصى والدانى( أنه‬ ‫عليه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومما أن ْ ِ‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ص كثير من اليات وشهد بذلك الله والملئكة‬ ‫رسول الله حسبما ن ّ‬


‫والمؤمنون‪ .‬ومن هذا قوله جل جلله‪" :‬وما محمد إل رسول‪...‬؟"‪" ،‬والذين‬
‫يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم"‪" ،‬فرح المخّلفون بمقعدهم خلف رسول‬
‫الله‪" ،"...‬وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله‪" ،"...‬محمد رسول الله"‪" ،‬إن‬
‫الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم‬
‫للتقوى"‪" ،‬واعلموا أن فيكم رسول الله‪ ،‬لو يطيعكم فى كثير من المر‬
‫ل َعَن ِّتم"‪" ،‬وإذا قيل لهم )أى للمنافقين من أشباه "ضلل خليفة"(‪ :‬ت ََعال َ ْ‬
‫وا‬
‫دون وهم مستكبرون"‪...‬‬ ‫يستغفر لكم رسول الله‪ ،‬ل َوّْوا رؤوسهم ورأيَتهم يص ّ‬
‫وغير ذلك من اليات التى ت ُعَد ّ بالعشرات! كل ذلك فى الوقت الذى يحاول‬
‫الكذاب عبثا أن يلوى رقاب اليات كى يقسرها على النطق بما ليس فيها ول‬
‫يمكن أن يكون فيها من زعمه أنه )هو رشاد خليفة( رسول من عند الله‪،‬‬
‫رسول "الميثاق"‪ .‬والله إنك ل تصلح أن تكون رسول الميثاق الزائف الذى‬
‫كتبه هيكل لعيد الناصر والذى جلب الهزائم والعار على مصر والعرب‬
‫والمسلمين‪ ،‬فما بالك بالميثاق الذى أخذه الله على أنبيائه بنصرة من يجيئهم‬
‫رسول من عنده سبحانه ينادى بما ناد َْوا به‪ ،‬وهو الميثاق الذى جاء رشاد‬
‫خليفة بعكسه وبهدمه وبالكفر بكل ما فيه؟‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ة وأولو‬ ‫ه أنه ل إله إل هو والملئك ُ‬ ‫أما آية "آل عمران" فها هى ذى‪َ " :‬‬
‫شهِد َ الل ُ‬
‫فر من يشهد أن محمدا رسول الله‪،‬‬ ‫العلم قائما بالقسط"‪ ،‬ول أدرى كيف تك ّ‬
‫إذ هى تتكلم عن ألوهية الله ووحدانيته‪ ،‬وهذه اللوهية ل تتعارض والشهادة‬
‫ملها كما رأينا وكما نعرف من اليات التى‬ ‫سول ِّية محمد عليه السلم بل تك ّ‬‫بَر ُ‬
‫تقول إن من يكفر بأىّ من رسل الله فهو من الكافرين حقا‪ ،‬ومنها اليتان‬
‫‪ 151 -150‬من سورة "النساء" حسبما هو معلوم‪ .‬وعلى كل حال فقد قال‬
‫القرآن بصريح العبارة إن المولى سبحانه ل يمكن أن يهدى من كفر بالله بعد‬
‫سولّية‪" :‬كيف يهدى الله قوما كفروا‬ ‫جعَ عن الشهادة لمحمد بالّر ُ‬ ‫إيمانه به وترا َ‬
‫بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق‪...‬؟"‪ ،‬كما أكدت الية الولى من سورة‬
‫"المنافقون" أن الله يعلم أنه عليه السلم هو رسوله حقا وصدقا رغم أنف‬
‫المنافقين الذين يقولونها بأطراف ألسنتهم من وراء قلوبهم‪ .‬وهناك آيات‬
‫ن الله‬
‫أخرى تتحدث عن شهادة الله والملئكة والمؤمنين لرسوله‪ ،‬مثل‪" :‬لك ِ‬
‫يشهد بما أ َن َْزل إليك‪ ،‬أنزله بعلمه‪ ،‬والملئكة يشهدون‪ ،‬وكفى بالله شهيدا"‪،‬‬
‫"قالوا‪ :‬رّبنا‪ ،‬آمنا‪ ،‬فاكتبنا مع الشاهدين"‪" ،‬قل‪ :‬أىّ شىٍء أ َك ْب َُر شهادة؟ قل‪:‬‬
‫الله شهيد بينى وبينكم"‪" ،‬وأرسلناك للناس رسول‪ ،‬وكفى بالله شهيدا"‪" ،‬قل‪:‬‬
‫كفى بالله بينى وبينكم شهيدا"‪" ،‬هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق‬
‫ليظهره عل الدين كله‪ ،‬وكفى بالله شهيدا"‪ .‬فما الذى يريده المأفون أكثر‬
‫سولّية‪،‬‬‫وأصرح من هذا؟ ومرة أخرى نقول‪ :‬إذا لم نشهد له عليه السلم بالّر ُ‬
‫فبأى شىء نشهد له؟ بأنه كان سباكا مثل عند الله‪ ،‬أو نجارا أو حدادا‬
‫)أستغفر الله(؟ ثم ما الذى فى الشهادة له صلى الله عليه وسلم مما يناقض‬
‫اليمان بالله يا أضل الضالين؟ لقد تكرر منك الثناء والمديح النفاقى لمريكا‬
‫رغم تثليث المريكان وإيمانهم بالصليب وأكلهم الخنزير وشربهم الخمر مما‬
‫يناقض القرآن تمام المناقضة‪ ،‬فما معنى ذلك؟ معناه بالثلث العريض أنك‪،‬‬
‫ض عنهم وعن دولرهم‬ ‫ل هذا الحب وتأكيدك أن الله را ٍ‬ ‫حّبك لهم ك ّ‬ ‫فى ُ‬
‫المغموس فى منقوع الظلم والغصب والقتل والتدمير والبادة‪ ،‬إنما تصدر‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ه!‬
‫عن رضاك بكفرهم بمحمد وقرآنه وما يتضمنه هذا القرآن من أوامَر ونوا ٍ‬
‫ثم يمضى المنافق المفترى فى الكذب والكفر قائل إن المرة الوحيدة فى‬
‫القرآن التى تمت فيها الشهادة لمحمد بأنه رسول الله كانت على لسان‬
‫ذبهم الله فيها بما يدل على أنها مما يناقض أصول السلم!‬ ‫المنافقين‪ ،‬وقد ك ّ‬
‫وهذا نص ما قاله الثيم اللئيم فى هذا الصدد تعليقا على الية الولى من‬
‫سورة "المنافقون"‪The ''first pillar of Islam, as stated in 3:18 is to bear" :‬‬
‫‪witness that God is the only god. But the corrupted ''Muslim'' scholars add‬‬
‫‪''Muhammad is God's messenger,'' and this violates a number of‬‬
‫‪commandments (see 2:285). Verse 63:1 is the only place in the Quran where‬‬
‫‪."such a statement is made. Only the hypocrites make such a statement‬‬
‫والعجيب أن الية تنطق بل تزعق وتصيح وتصرخ وتجأر بكل قواها أن‬
‫الرسول الميثاقى المتأمرك الكذاب هو كائن ل يستحى وليس فى وجهه‬
‫نقطة من الحمر‪ .‬ذلك أنها تقول عكس ما ينسبه إليها على طول الخط‪،‬‬
‫فالله سبحانه لم يقل إن الشهادة بأن محمدا رسول الله هى كفر وإثم‪ ،‬بل‬
‫قب على شهادة المنافقين له صلى الله عليه وسلم بذلك بأنه سبحانه يعلم‬ ‫ع ّ‬
‫أنه رسول الله‪ ،‬وإن كان المنافقون لكاذبين‪ ،‬ل فى أنه كذلك بل فى نطقهم‬
‫بما ل يؤمنون به فى قلوبهم‪ .‬فالمسألة إذن ليست فى أنه عليه السلم ليس‬
‫رسول الله‪ ،‬بل فى أن القائلين بهذا إنما يقولونه نفاقا وتضليل‪ ،‬على حين‬
‫أنهم فى قلوبهم وسلوكهم ل يجرون عليه ول على مقتضياته‪ ،‬فهم مثل إذا‬
‫عوا إلى رسول الله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون‪ ،‬رغم أنهم إن‬ ‫دُ ُ‬
‫ُ‬
‫عنين‪ ،‬وإذا طِلب منهم التجهز للجهاد فى سبيل‬ ‫مذ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وا إليه ُ‬
‫كان لهم الحق أت َ ْ‬
‫الله أجابوا بأن أموالهم وأهليهم قد شغلتهم‪ ،‬وإذا انفردوا بأنفسهم تهكموا‬
‫بالدين والمؤمنين وسخروا منهم ومن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وإذا لقوا الرسول وسألهم عما بلغه عنهم قالوا‪ :‬إنما كنا نخوض ونلعب‪...‬‬
‫ما كرشاد خليفة‪ ،‬الذى يزعم أنه وبضع المئات‬ ‫باختصار كانوا منافقين لئا ً‬
‫الذين يتابعونه على انحرافه وإفكه وكفره ومروقه هم وحدهم المؤمنون! كأن‬
‫اليمان قد انقلبت معانيه فأصبح صنوا للكفر والشرك والعمالة والخيانة!‬
‫فالله سبحانه إنما يدين نفاقهم ل شهادتهم بحد ذاتها‪ .‬كيف ل‪ ،‬وهو عّز شأنه‬
‫يؤكد على الفور فى الية ذاتها أنه عليه السلم هو فعل رسول الله حقا‬
‫وصدقا‪" :‬والله يعلم إنك لرسوله"؟‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ول يتوقف حقد هذا التافه العميل عند هذا الحد‪ ،‬بل يستمر فى غَّيه وكفره‬
‫م ضغنه مناديا بأن الصلة على النبى بعد‬ ‫وضلله فعّبر عن مكنون غيظه وسا ّ‬
‫جاِفى ما جاء فى القرآن‪ .‬ولنستمع لهذا الفاك إذ يقول‪The word" :‬‬ ‫موته ت ُ َ‬
‫‪''prophet'' (Nabi) consistently refers to Muhammad only when he was alive.‬‬
‫‪Satan used this verse to entice the Muslims into commemorating‬‬
‫‪Muhammad, constantly, instead of commemorating God as enjoined in‬‬
‫‪ ،"33:41-42‬ومعناه أن كلمة "نبى" إنما تصدق فقط على النبى فى حياته‪ ،‬إل‬
‫أن إبليس قد أغوى المسلمين بتمجيد محمد على الدوام بدل من القتصار‬
‫على تمجيد الله وحده كما جاء فى اليتين ‪ 42 -41‬من سورة "الحزاب"‪" :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا‪ ،‬اذكروا الله ذكرا كثيرا* وسّبحوه بكرة وأصيل"‪ .‬والمضحك‬
‫العجيب أنه قال هذا الكلم الرقيع تعليقا على الية ‪ 56‬من نفس السورة‪،‬‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ونصها‪" :‬إن الله وملئكته يصّلون على النبى‪ .‬يا أيها الذين آمنوا‪ ،‬صّلوا عليه‬
‫وسّلموا تسليما"‪ .‬أفرأيتم رقاعة ودناءة من قبل بهذا المقدار؟ إن الله يأمرنا‬
‫أمرا بالصلة على النبى اقتداء به وبملئكته الطاهرين المستمرة صلتهم‬
‫وسلمهم عليه ل يتوقفان‪ ،‬فيأتى العميل الفسيل فيقول إن كلمة "نبى" ل‬
‫تصدق على محمد إل أثناء حياته‪ ،‬إذ إنها لم تستخدم له فى القرآن إل وهو‬
‫على قيد الحياة‪ ،‬ومن ثم فل معنى للصلة عليه‪ ،‬لنه لم يعد نبيا‪ .‬أليس قد‬
‫مات؟ ول أدرى بم أرد ّ على هذا الضراط الصادر من فم هذا الرّفاس النّهاق‪.‬‬
‫بالله عليكم أيها القراء‪ ،‬كيف كان من الممكن أن يتكلم القرآن عن النبى بعد‬
‫وفاته وهو لم يكن مات بعد؟ ومع هذا فقد سمى القرآن النبياء السابقين بعد‬
‫موتهم بقرون بل بعد آلف السنين أحيانا‪" :‬أنبياء ورسل" كما هو معروف لكل‬
‫دم الغبى؟ ومعنى ذلك أنه لو كان الرسول‬ ‫ف ْ‬‫من يقرأ كتاب الله‪ ،‬فما رأى ال َ‬
‫ُ‬
‫مث َله فى‬ ‫قد مات فبل نزول القرآن لسماه القرآن هو أيضا‪" :‬نبيا ورسول" َ‬
‫ل إخوانه النبياء والمرسلين! أم ترانا ينبغى أن نسمى الن محمدا‬ ‫مث َ ُ‬‫هذا َ‬
‫عليه الصلة والسلم )"عليه الصلة والسلم" رغم أنف الكافرين الموتورين(‪:‬‬
‫"نبيا سابقا"؟ لكن هل هناك شىء اسمه‪" :‬نبى سابق" أو "نبى على‬
‫المعاش"‪ ،‬أو "النبى‪ ،‬الله يرحمه" )على طريقة السادات عندما كان يردد‬
‫بطريقته المنغمة ذات الدللة التى ل تخفى‪" :‬عبد الناصر‪ ،‬الله يرحمه!"‬
‫جر‬ ‫بإطالة لم "الله"‪ ،‬وهو يقصد عكس ذلك تماما(؟ وبرغم لك كله فهأنذا أف ّ‬
‫القنبلة التى ادخرتها حتى الن والتى ستنسف هذه الرقاعة الكافرة وأقول‪:‬‬
‫ما دمت أيها الحقود تصّر على ما تهرف به من الكفر فعليك إذن أن تعرف‬
‫أنه قد ورد فى القرآن تسمية محمد بعد موته‪" :‬نبيا"‪ ،‬وذلك فى قوله تعالى‪:‬‬
‫فر عنكم‬ ‫حا‪ ،‬عسى ربكم أن يك ّ‬ ‫صو ً‬‫ة نَ ُ‬‫"يا أيها الذين آمنوا‪ ،‬توبوا إلى الله توب ً‬
‫زى الله النبى‬ ‫خ ِ‬
‫ت تجرى من تحتها النهار يوم ل ي ُ ْ‬ ‫خلكم جنا ٍ‬ ‫سيئاتكم وي ُد ْ ِ‬
‫خر(‪ ،‬نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم‬ ‫والذين آمنوا معه )أى فى العالم ال َ‬
‫يقولون‪ :‬ربنا‪ ،‬أتمم لنا نورنا واغفر لنا‪ ،‬إنك على كل شىء قدير"‪ .‬بل إنه‬
‫ليسميه‪" :‬رسول" أيضا بعد موته‪" :‬يومئذ )أى يوم الحساب( يود ّ الذين كفروا‬
‫وى بهم الرض ول يكتمون الله حديثا" )النساء‪،(42 /‬‬ ‫س ّ‬‫وا الرسول لو ت ُ َ‬ ‫ص ُ‬‫وع َ َ‬
‫"قالوا )أى الكفار فى النار(‪ :‬يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول" )الحزاب‪/‬‬
‫‪" ،(66‬لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )أى يوم‬
‫صف النبياء السابقون فى القرآن بعد‬ ‫القيامة(" )البقرة‪ ،(143 /‬مثلما وُ ِ‬
‫موتهم بـ"النبياء" و"الرسل"‪" :‬إذ قالوا )أى قوم من بنى إسرائيل من بعد‬
‫كا نقاتل فى سبيل الله‪) "...‬البقرة‪،(246 /‬‬ ‫مل ِ ً‬
‫ى لهم‪ :‬ابعث لنا َ‬ ‫موسى( لنب ّ‬
‫قا نبّيا" )مريم‪" ،(41 /‬وهْبنا له‬ ‫دي ً‬
‫ص ّ‬‫"واذكر فى الكتاب إبراهيم‪ ،‬إنه كان ِ‬
‫إسحاق ويعقوب‪ ،‬وك ُل ّ جعلنا نبّيا" )مريم‪" ،(49 /‬واذكر فى الكتاب إدريس‪ ،‬إنه‬
‫قا نبّيا" )مريم‪" ،(56 /‬إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله‬ ‫دي ً‬
‫ص ّ‬ ‫كان ِ‬
‫وكلمته" )النساء‪" ،(171 /‬ما المسيح ابن مريم إل رسول" ) المائدة‪،(75 /‬‬
‫وا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية" )الحاقة‪" ،(10 /‬واذكر فى الكتاب‬ ‫ص ْ‬‫"فعَ َ‬
‫مل‪" ،(51/‬واذكر فى الكتاب‬ ‫صا‪ ،‬وكان رسول نبيا" )المز ّ‬ ‫َ‬
‫موسى‪ ،‬إنه كان مخل ً‬
‫إسماعيل‪ ،‬إنه كان صادق الوعد‪ ،‬وكان رسول نبيا" )مريم‪ ،(54/‬فما رأى‬
‫مسيلمة الكذاب الذى ل يزال أتباعه )وهم ل يتجاوزون العشرات‪ ،‬أو على‬
‫أقصى تقدير ل يزيدون على بضع مئات( يسمونه‪" :‬رسول" حتى الن بعد‬
‫هلكه وذهابه إلى الجحيم بسنوات وسنوات‪ ،‬وفى ذات الوقت ينكر وينكر‬
‫موا محمدا عليه‬ ‫معه هؤلء التباع الحمقى على المسلمين الحقيقيين أن يس ّ‬
‫السلم‪" :‬نبيا"؟ إن هذا العتل الحمق يزعم أنه قد تحدى العلماء‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مى فيها محمد‪" :‬نبّيا" بعد موته‪ ،‬وهأنذا قد‬ ‫"المحمديين" أن يأتوه بآية يس ّ‬
‫مى فيها الرسول الكريم هو وإخوانه الرسل‬ ‫ت عددا من اليات التى يس ّ‬ ‫سق ُ‬
‫الكرام بعد انتقالهم إلى‬

‫)‪(7 /‬‬

‫الرفيق العلى‪" :‬أنبياء ورسل"‪ ،‬فماذا هو وأتباعه قائلون؟ وقد ورد كلمه هذا‬
‫تحت عنوان‪MAKING "SALAWAAT" ON THE PROPHET IS IDOL-" :‬‬
‫‪ ،"(WORSHIP (SHIRK‬وهذا نصه‪Repeatedly, I have challenged the" :‬‬
‫‪Muhammadan Ulema to show me a verse where Muhammad is referred to‬‬
‫‪as NABI after his death, and they failed to meet the challenge. There are‬‬
‫‪many narrations in the Quran that deal with specific historical events, and‬‬
‫‪verses meant for the believers during specified periods. Any narrations‬‬
‫‪connected with the word NABI were applicable only during the prophet's‬‬
‫‪life on this earth. For example, there is a commandment in 49:2 ordering the‬‬
‫‪believers not to raise their voices above the voice of the NABI. How can we‬‬
‫‪." !!??carry out this commandment NOW‬‬
‫وبالمناسبة فإنى أرجو من السادة القراء أل تضيق صدورهم بالشدة التى‬
‫تظهر أحيانا فى مناقشتى لما يقوله خليفة وأتباعه‪ ،‬فإننى لست هنا بصدد‬
‫س‬
‫م ّ‬ ‫كم المنطق فى ما يقول أو حتى مع رجل به َ‬ ‫حوار مع مفكر عاقل يح ّ‬
‫ى‬
‫من جنون فنعذره‪ ،‬بل مع عميل غبى ظهر تماما أنه ليس على شىٍء أ ّ‬
‫شىء! إننا الن‪ ،‬يا قرائى العزاء الكرام‪ ،‬فى معركة مصير‪ ،‬معركة حياة أو‬
‫موت‪ ،‬فل معنى إذن لهذه الحساسيات التى فات وقتها منذ زمن بعيد! إن‬
‫أعداءنا يذّبحوننا ويقّتلون أطفالنا ويبقرون بطون نسائنا ويعتدون على أعراض‬
‫بناتنا ويدمرون بيوتنا ومدننا وقرانا ويقذفوننا بالصواريخ والقنابل النووية‬
‫ويغتصبون ثرواتنا وأرزاقنا بالمليارات ويعملون على استئصال ديننا‪ ،‬فأرجوكم‬
‫)أرجوكم‪ ،‬أرجوكم‪ ،‬أرجوكم( أل تلتفتوا لمثل هذه الصغائر‪ .‬نحن بهذا كمن‬
‫تشغله الفتوى فى البرة‪ ،‬على حين قد سرق عدّوه الجمل بما حمل من متاع‬
‫ومال ونساء وصبيان بعد أن دفن أباه وأمه وسائر أسرته تحت أنقاض البيت‬
‫الذى هدمه فوق رؤوسهم هدما!‬
‫جده‬ ‫ى عليه السلم ونم ّ‬ ‫ب النب ّ‬
‫أّيا ما يكن المر‪ ،‬فما الفرق يا ترى بين أن نح ّ‬
‫جْز يا ترى أن نصلى‬ ‫ونصلى ونسلم عليه فى حياته أو بعد مماته؟ وإذا لم ي َ ُ‬
‫جب علينا أن نفعله‬ ‫ونسلم عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فما الذى يتو ّ‬
‫تجاهه؟ أنلعنه )أستغفر الله العظيم!( كلما جاء ذكره ونشّيعه بالشتائم‬
‫والسباب حتى يرضى هذا الشيطان الوضيع؟ إن الوغد يزعم أن "المحمديين"‬
‫)وهذا هو اسمنا عنده‪ ،‬فنحن لسنا مسلمين فى نظره( يمجدون "صنمهم‬
‫دعى هذا السفيه أن الصلة والسلم‬ ‫محمدا" حين يصّلون عليه ويسّلمون‪ ،‬إذ ي ّ‬
‫الن على النبى الكريم وثنية كافرة! لقد ورد فى القرآن أن الله سبحانه قد‬
‫خرين" معناها‪:‬‬ ‫م على نوح فى العالمين" )و"فى ال ِ‬ ‫خرين‪ *:‬سل ٌ‬‫ترك "فى ال ِ‬
‫بعد موته وإلى يوم الدين(‪ ،‬وهو ما تكرر مع إبراهيم وإسحاق وموسى‬
‫وهارون وإلياسين )الصافات‪ ،(131 -79 /‬كما أن القرآن الكريم ل يذكر نبيا‬
‫أو رسول إل وأعطاه حقه من الذكر الطيب وأثنى عليه وعلى ما بذل فى‬
‫سبيل الله من الجهد وما تحمل من الذى‪ ،‬فهل أخطأ القرآن حين فعل ذلك؟‬
‫وهل هو بهذا يريد من الناس أن يعبدوا هذه الصنام؟ يا حسرة على الرسالة‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دى على يد هذا اللئيم الجبان إلى هذا الدرك السفل من العهر‬ ‫حين تت َد َهْ َ‬
‫ّ‬
‫حْرفِّيين متنطسين وقلنا إننا ل‬ ‫والكفر وقلة العقل والدب! بل إننا مهما كنا َ‬
‫نقبل إل ما يقول به القرآن على ظاهره فى ذلك النص الذى يأمرنا فيه‬
‫المولى أن نصلى ونسلم على نبيه العظيم محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫بالذات فلسوف نجد أن النص ل يحدد الصلة والتسليم عليه بحياته‪ ،‬بل يأمرنا‬
‫بهما أمرا مطلقا‪ .‬فلماذا نلوى عنق النص يا أيها الغبى؟ أيمكن أن يكون هذا‬
‫الكلم الحاقد الذى يقوله رشاد خليفة صادرا عن رسول؟ إنه أشبه بما يفعله‬
‫رؤساء العالم الثالث الذين ل يعرفون سبيل إلى كرسى الحكم إل عن طريق‬
‫النقلب الدموى وبمعاونة المخابرات الجنبية‪ ،‬فهم إذا استقر الواحد منهم‬
‫فى الكرسى كان أول ما يفكر فيه أن يمحو كل ذكرى للحاكم السابق‪ ،‬أما‬
‫ل نبلُء شرفاُء ل يحقد أحدهم على سابقيه بل يذكرهم بكل‬ ‫النبياء فهم رجا ٌ‬
‫وا به‪ ،‬لن احترامهم دليل على صحة اليمان‬ ‫َ‬
‫مودة واحترام وإيمان بهم وبما أت َ ْ‬
‫َ‬
‫به سبحانه! لكن نرجع فنقول‪ :‬وما الذى ي ُن ْت َظر من أمثال رشاد خليفة‪ ،‬ذلك‬
‫قَراد إنما‬‫قَرادة مع البعير؟ إن ال ُ‬
‫العميل الذليل الذى يريد أن يقوم بدور ال ُ‬
‫يعيش على حساب البعير‪ ،‬إذ هو يلبد فى جلده ويظل يمص دمه ويرهقه‬
‫ى هذا الوغد أنه‪ ،‬إن كان قَُرادة‪ ،‬فإن الله‬ ‫س َ‬ ‫ن نَ ِ‬
‫ويسبب له الحكة واللم‪ .‬لك ْ‬
‫قَراد‪،‬‬
‫أشد إكراما وإعزازا لنبيه محمد عليه الصلة والسلم من أن يسمح لل ُ‬
‫شرته صلى‬ ‫س بَ َ‬
‫م ٍ‬‫قَراد المتأمرك النتن النجس‪ ،‬أن يلمس مجرد ل َ ْ‬ ‫وبخاصة ال ُ‬
‫شرة طاهرة عاطرة ل يقترب منها إل كل طاهر‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬فهى ب َ َ‬
‫قَراد المنتن الوسخ فمكانه فى الزرائب يا "رسول الزرائب"!‬ ‫عاطر‪ ،‬أما ال ُ‬

‫)‪(8 /‬‬

‫الواقع أن ما يقوله رشاد خليفة ليس له من معنى إل أن اللغة قد فقدت‬


‫دللتها‪ ،‬وأن الدين قد هان وأصبح يسومه كل أقرع القلب والوجدان من‬
‫أمثال هذا المنتمى زورا لجنس النسان‪ ،‬وأنه لم يعد هناك منطق ول عقل‪،‬‬
‫وأن العناد البغالى الحرون هو سيد الموقف‪ ،‬وأنه إما أن نضحك ونحن نرد‬
‫على هذا الغثاء والهراء وإما أن نفقد عقولنا وأعصابنا‪ .‬ل يا إخوانى الكرام‪،‬‬
‫بل نضحك ملء أشداقنا وأقلمنا ون َْر َ‬
‫كب هؤلء الب َُعداء الدنياء بالسخرية‬
‫ونفرفش قليل على حسابهم فى هذا الجو النكد‪ ،‬ول نفقد أعصابنا ول عقولنا‬
‫أبدا ول نصاب بالسكر والضغط‪ ،‬وْليذهبوا هم ومن يتابعهم على هذا القىء‬
‫إلى الجحيم تشّيعهم لعناتنا ولعنات الله والملئكة والناس والجن والعجماوات‬
‫والجمادات أجمعين! وإذا كان السلم ينتظر المؤمنين فى الخرة‪ ،‬أى بعد‬
‫مغادرتهم الدنيا نفسها‪ ،‬فهل نستكثر الصلة والسلم على سيد النبياء بعد‬
‫م إل‬ ‫موته ونّتبع هذا الفاق ونقول إن ذلك عبادة للصنم محمد؟ والله ما صن ٌ‬
‫أنت أيها السافل المنحط! قال تعالى‪" :‬الذين تتلقاهم الملئكة طيبين‬
‫يقولون‪ :‬سلم عليكم‪ ،‬ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون" )النحل‪" ،(32 /‬تحيتهم‬
‫ونه سلم" )الحزاب‪" ،(44 /‬ل يسمعون فيها لغوا إل سلما" )مريم‪/‬‬ ‫يوم ي َل ْ َ‬
‫ق ْ‬
‫‪...(62‬إلخ‪ .‬ثم إن هذا الفاق الذى ل يدرك أبعاد ما يقول يؤكد دائما أن‬
‫الصالحين ل يعرفون الموت أبدا كما رأينا فى المقال السابق الذى كتبُته عنه‪،‬‬
‫وأنهم إنما يذهبون من فورهم إلى الجنة‪ .‬ومعنى هذا أن النبياء أحياء الن‪،‬‬
‫وليسوا بأموات‪ ،‬ومعنى هذا مرة أخرى حسب عقيدته أن الصلة والتسليم‬
‫جب‬ ‫جل عقله ومثير عقارب البغض فى قلبه‪" :‬محمد" ت َ ِ‬ ‫مب َْر ِ‬
‫الن على سّيده و ُ‬
‫من واقع كلمه هو قبل غيره! فما القول فى هذا؟ أم تراه يقول إنه هو‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة‬
‫وإخوانه النبياء ليسوا من الصالحين لنهم لم يكونوا عملَء للكاوبوى وخون ً‬
‫لممهم ودينهم وربهم؟‬

‫)‪(9 /‬‬

‫دم المغلق الذهن‬ ‫ف ْ‬


‫ولعل القراء الكرام قد لحظوا أننى فى مناقشتى لهذا ال َ‬
‫شكه‬ ‫ُ‬
‫فوف الراحة بل على حجرى وأذهب فأهَ ّ‬ ‫ما ما أضعه على ك ُ ُ‬
‫والقلب دائ ً‬
‫فف‬ ‫وأ َُرّقصه وأوّفر له كل ما يحتاجه بدءا من البّزازة وانتهاء بتغيير الل ّ َ‬
‫جه بشىء من الحاديث النبوية )التى‬ ‫المبلولة وأنزل على شرطه فل أحا ّ‬
‫يشّبهها هى والسنة عموما بـ"التلمود" عند اليهود حسبما جاء فى تعليقه على‬
‫الية ‪ 53‬من سورة "سبأ"(‪ ،‬إذ هو يعلن أنه ل يؤمن إل بالقرآن‪ ،‬وإن كان‬
‫ما ما أنتهى‬ ‫الواقع أنه ل يؤمن ل بقرآن ول بحديث‪ ،‬ومع ذلك كله فإننى دائ ً‬
‫خْرقه وضلله‪ ،‬أى إلى التحقق من أنه ل فائدة‬ ‫ط صد ّ من غبائه و ُ‬‫دائما إلى حائ ِ‬
‫منه ول جدوى من ورائه‪ ،‬فل أجد مفّرا من الضيق به وبعبئه فألقيه فى أقرب‬
‫مرحاض غير آسف عليه‪ ،‬ول أنسى أن أشد ّ السيفون وراءه حتى أضمن أنه‬
‫قد ذهب لغير رجعة‪ ،‬لعنه الله! وحتى لو كانت الصلة على النبى شيئا ل‬
‫يصح‪ ،‬فهل الكفر والوثنية هى الصفة التى تليق بهذا العمل؟ إن أقصى ما‬
‫ح أبدا أبدا(‪ ،‬أنها أمر‬ ‫ح القول )وهو ل يص ّ‬ ‫يمكن أن يقال فى هذه الحالة‪ ،‬لو ص ّ‬
‫غير مستحب‪ ،‬وكان الله يحب المحسنين‪ ،‬أما أنها كفر وشرك فل أدرى كيف‬
‫يكون ذلك‪ ،‬إذ إن أحدا من المسلمين ل يؤّله النبى عليه السلم ول يستغنى‬
‫به عن الله ول يطلب منه العون من دون الله‪ ،‬ومن ثم ل يفتات على مقام‬
‫اللوهية بأى حال من الحوال! هل يقول أحد منا إنه عليه الصلة والسلم‬
‫ت أنوف الكافرين القذرين(‪ ،‬هل يقول‬ ‫م ْ‬‫)نعم "عليه الصلة والسلم"‪ ،‬وإن َرِغ َ‬
‫أحد منا إنه الله أو ابن الله أو أخو الله كما تزعم أمم أن نبيها هو الله تارة‪،‬‬
‫وابنه تارة أخرى‪ ،‬أمم كان الكافر المجرم رشاد خليفة يعيش بين ظ َهَْران َْيها‪،‬‬
‫ومع ذلك كان يثنى عليها ويرى أنها أمم مباركة فى رزقها وفى إيمانها بالله‪.‬‬
‫ب كما يحلو لك‪ ،‬فلن تستنفد‬ ‫ج ْ‬‫فانظر أيها القارئ إلى هذه الوغادة وت َعَ ّ‬
‫العجب! إننا ل نقول إل إنه عليه السلم عبد الله ونبيه ورسوله‪ ،‬وهذا هو‬
‫مضمون الشهادة فى السلم‪" :‬أشهد أل إله إل الله‪ ،‬وأشهد أن محمدا رسول‬
‫الله" )أو "أشهد أل إله إل الله‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله"(‪ ،‬وهذا هو المعنى‬
‫الكامن وراء الصلة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إذ نحن نتوجه فيها‬
‫إلى الله نبتهل أن يرحمه ويكرمه‪ ،‬فما وجه الكفر والضلل فى هذا؟ وقد‬
‫صمه‪ ،‬فى‬ ‫تكرر وصف هذا الحقير للرسول الكرم بأنه "صنم"‪ ،‬فضل ً عن وَ ْ‬
‫المرة الولى منهما‪ ،‬للصحابة الكرام كلهم بالكفر‪ ،"disbelievers" :‬إذ هم‪ ،‬بناًء‬
‫على زعمه الكاذب مثله‪ ،‬قد زادوا فى القرآن آيتين لم تكونا فيه‪ ،‬وهما اليتان‬
‫الخيرتان من سورة "التوبة" حسبما وضحنا فى الدراسة السابقة‪ .‬وهذا هو‬
‫كلمه بنصه حسبما ورد فى تعليقه على ترجمة الية ‪ 24‬من سورة‬
‫"الشورى"‪The disbelievers added 2 false statements at the end of Sura 9" :‬‬
‫‪to commemorate their idol, the prophet Muhammad. God has revealed‬‬
‫‪overwhelming evidence to erase this blasphemy and establish the truth. By‬‬
‫‪adding the gematrical value of "Rashad Khalifa" (1230), plus the verse‬‬
‫‪ ،" number (24), we get 1254, 19x66‬وكذلك فى تعليقه على الية ‪ 254‬من‬
‫سورة "البقرة"‪One of Satan's clever tricks is attributing the power of" :‬‬
‫‪." intercession to powerless human idols such as Jesus and Muhammad‬‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وانظر كذلك تعليقه على ترجمة الية ‪ 14‬من سورة "فاطر" حيث يكرر هذا‬
‫الكافر وصفه عليه السلم بـ"الصنم"‪ .‬لعنة الله عليك يا أخا الضلل وأخته!‬
‫لعنة الله عليك من صنم ٍ حقير! وبالمناسبة فقد طمس الله هنا على بصيرة‬
‫الفاق فسمى محمدا‪" :‬النبى محمد" رغم أنه عليه السلم قد مات منذ ‪14‬‬
‫ذب بذلك نفسه بنفسه‪ ،‬إذ زعم أنه ل يصح تسميته عليه السلم بعد‬ ‫قرنا‪ ،‬فك ّ‬
‫وفاته بـ"النبى"‪ ،‬وهاهو ذا ينسى ذلك ويقع فيما يكّرهنا فيه قائل إن القرآن لم‬
‫يفعله قط!‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ولكى يضحك هذا الغبى على القراء‪ ،‬الذين يسىء بهم الظن ككل غبى يظن‬
‫كل الناس أغبياء مثله‪ ،‬نراه يزعم أن الية ‪ 45‬من سورة "الزمر" قد نزلت‬
‫سول ِّية محمد عليه السلم إلى جانب‬ ‫فى حق المسلمين الذين يشهدون بَر ُ‬
‫هّ‬
‫شهادتهم بوحدانية الله سبحانه‪ .‬وهذه هى الية المقصودة‪" :‬وَإ َِذا ذ ُك َِر الل ُ‬
‫ش َ‬
‫من ُدون ِهِ إ َِذا هُ ْ‬
‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫خَرةِ وَإ َِذا ذ ُك َِر ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ِبال ِ‬ ‫ن ل ي ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت قُُلو ُ‬
‫مأّز ْ‬‫حد َهُ ا ْ َ‬ ‫وَ ْ‬
‫ّ‬
‫ن "‪ ،‬ومنها نلحظ أل وشيجة البتة بين المرين‪ ،‬فالية تبكت‬ ‫ّ‬ ‫شُرو َ‬‫ست َب ْ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫مؤِْثرين الوثنية‬ ‫المشركين الذين يضيقون بما أتاهم به رسول الله من توحيد‪ُ ،‬‬
‫والشرك الذى درجوا عليه‪ ،‬ومن ثم فإنهم إذا سمعوا كلمة التوحيد نفروا‬
‫سّروا‪.‬‬‫ت أصنامهم وأوثانهم ابتهجوا و ُ‬ ‫وانصرفت قلوبهم عن سماعها‪ ،‬وإذا ذ ُك َِر ْ‬
‫وكما نرى فل وجود لية صلة مهما كانت بين الموضوعين حتى يحاول الفاق‬
‫أن يقنعنا بأن الية إنما نزلت فى المسلمين لنطقهم بـ"أن محمدا رسول‬
‫الله"‪ .‬ترى هل كان المسلمون فى أى وقت من الوقات يعبدون الرسول‬
‫عليه السلم ويشركونه مع الله فى الربوبية على أى وضع؟ أبدا أبدا‪ .‬ترى هل‬
‫جد ّ طفيفة من‬ ‫سولّية أية شبهة ولو ِ‬ ‫فى الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالّر ُ‬
‫الشراك؟ أبدا أبدا‪ .‬إذن فلم كل هذه الزيظة والزمبليطة التى يحدثها "أبو‬
‫ى حقيرةٍ مع‬ ‫المواثيق"؟ إنها الكراهية له عليه الصلة والسلم‪ ،‬شأن أية بغ ّ‬
‫ى تحرص بكل سبيل على‬ ‫سيدة حرة كريمة من أسرة عريقة‪ ،‬إذ ترى البغ ّ‬
‫التشنيع على هذه السيدة الشريفة التى ترى فيها غريمة لها‪ ،‬وتفتعل‬
‫المواقف للساءة لها‪ ،‬ول يهدأ لها بال إل إذا شّنعت عليها‪ ،‬رغم أن الخرى ل‬
‫تحس لها بوجود ول تعبأ بما تفعله تجاهها على الطلق! ثم ل ننس ما يقولونه‬
‫فى المثال عن ذلك التافه الذى سأل أباه أن يعّلمه التفاهة )وكأن سيادته‬
‫ة منى‬ ‫صد ّْر!"‪ .‬ورغب ً‬ ‫ناقص تفاهة!(‪ ،‬فقال له‪" :‬بسيطة! تعال فى التافهة وت َ َ‬
‫فى أن "أضع القارئ فى الصورة" كما يقولون أنقل له نص ما قاله قتيل‬
‫توسان فى التعليق على الية المذكورة‪Despite the clear commandment in" :‬‬
‫‪3:18 that the First Pillar of Islam is proclaiming: ''Ash-hadu An La Elaha‬‬
‫''‪Ella Allah (there is no other god beside God),'' the majority of ''Muslims‬‬
‫‪insist upon adding the name of Muhammad. This Greatest Criterion alerts us‬‬
‫‪that rejoicing in adding the name of Muhammad, or any other name,‬‬
‫‪."exposes disbelief in the Hereafter‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫وهذا الذى يزعم أن شهادتنا لرسولنا وصلتنا عليه لون من الشرك‪ ،‬وكأننا‬
‫أّلهناه عليه الصلة والسلم‪ ،‬هو نفسه الذى يزعم معرفته بميعاد الساعة‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك الميعاد الذى أكد الله مرارا فى قرآنه الكريم أنه ل أحد غيره يستطيع أن‬
‫يعلمه‪ ،‬وأنه لن يأتى إل بغتة‪ .‬أى أن "ضلل خليفة" يشرك نفسه بالله فى‬
‫معرفة أهم غيب من الغيوب‪ ،‬وهو غيب الساعة‪ .‬فهذا الفاق يرمى زورا‬
‫عه له أحد من أتباعه‪ ،‬على حين أنه هو‬ ‫عه أو يد ّ ِ‬‫وبهتانا رسول الله بما لم ي َد ّ ِ‬
‫عه أحد ٌ لرسول الله‪ .‬فانظروا أيها القراء وتعجبوا‪،‬‬ ‫دعى لنفسه ما لم يد ّ ِ‬ ‫الذى ي ّ‬
‫والعنوا كل كذاب عديم الحياء! يقول الكذاب تعليقا على قوله تعالى فى الية‬
‫م للساعة‪ ،‬فل‬ ‫‪ 61‬من سورة "الزخرف"‪" :‬وإنه )أى عيسى عليه السلم( ل َعِل ْ ٌ‬
‫ن بها"‪As detailed in Appendix 25, the End of the World is given in" :‬‬ ‫مت َُر ّ‬
‫تَ ْ‬
‫‪the Quran, and the birthdate of Jesus provided one of the significant signs‬‬
‫‪that the calculations are correct. We learn that the world will end in the year‬‬
‫‪2280 (19x120) after the birth of Jesus (see 47:18). Additionally, both the‬‬
‫‪lunar year (1710) & the solar year (2280) are divisible by 570 (19x30), the‬‬
‫‪number of years from the birth of Jesus to the birth of Muhammad. Thus,‬‬
‫‪ .".the birthdate of Jesus is a marker‬وفى هذا النص‪ ،‬كما يرى القارئ‪ ،‬يعلن‬
‫الفاك بما ل يمكن تأويله على أى نحو من النحاء أنه "يعلم" أن الدنيا‪ ،‬بناًء‬
‫شرى‪ ،‬ستنتهى عام ‪2280‬م‪ ،‬وكأنه )أستغفر الله العظيم(‬ ‫سعَ َ‬ ‫على حسابه الت ّ ْ‬
‫كان فى اجتماع خاص مع المولى سبحانه‪ ،‬وكان المصباح الحمر على باب‬
‫المكتب مضاًء بما يفيد أنه اجتماع خطير ل ينبغى أن يقتحمه مقتحم تحت أى‬
‫ظرف من الظروف‪ ،‬حيث أطلعه الله على سّر الساعة )ليست الساعة التى‬
‫مذ ْ كنت صبيا‪ ،‬بل الساعة‬ ‫عندنا فى "ميدان الساعة" بطنطا والتى ل تشتغل ُ‬
‫التى ت ُؤِْذن بيوم القيامة(‪ ،‬وأفهمه أنه يأتمنه على ما لم يأتمن عليه أحدا من‬
‫شيه لى إنسان كائًنا‬ ‫ف ِ‬
‫قبل‪ ،‬وأن كل ما يطالبه به هو أن يحتفظ به سرا ل ي ُ ْ‬
‫كاش خرج على التفاق وسّرب لنا الخبر وأفسد مباغتة‬ ‫ن كان‪ ،‬لكن الب ّ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫خص عليك يا‬ ‫ب‪ ،‬وباخت العملية! إ ِ ْ‬ ‫ب ود َ ّ‬ ‫الساعة‪ ،‬فأصبح يعرفها كل من هَ ّ‬
‫َ‬
‫ما كان قد دخله من قبل‪،‬‬ ‫ما إنك ل َعَّيل بصحيح! إنك بهذا كمن يدخل فِل ً‬
‫ْ‬ ‫رشاد! أ َ‬
‫فظل طول العرض يحكى لجاره بصوت يسمعه سائر المشاهدين أن البطل‬
‫سوف يفعل كذا‪ ،‬وأن البطلة سوف ترد عليه بكذا‪ ،‬وأن‪ ،...‬وأن‪...‬حتى ضج‬
‫الناس من ضياع متعة المفاجأة عليهم‪ .‬أترى قاتل أّفاكنا قد قتله لهذا السبب‬
‫الفنى؟ بينى وبينكم هى حاجة تغيظ رغم أنى لست من أنصار التعرض بالذى‬
‫شد! لو‬ ‫طاس كبير يا أبا الّر ْ‬ ‫للفكر وأصحابه! لكن هل هذا فكر؟ يا لك من ف ّ‬
‫مْينا‪ ،‬فكيف فاتك أن أمريكا لن‬ ‫ت لنا كذبا و َ‬ ‫أنك تعرف الساعة كما زعم َ‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫ت أنك قد هاجرت إليها لتكون فى مأمن‪ ،‬لكنك أِتي ُ‬ ‫تستطيع حمايتك فأعلن ْ َ‬
‫حذًِرا غبّيا )غيرك طبعا‪،‬‬ ‫ذر الغبى‪ ،‬وهذا إن صح أن هناك َ‬ ‫ح ِ‬
‫من مأمنك أيها ال َ‬
‫فأنت أغبى الغبياء!(؟‬

‫)‪(12 /‬‬

‫ويجد القارئ تكّرر دعوى العلم بميعاد الساعة من قَِبل "رسول الميثاق"‬
‫الفاق فى تعليقه على ترجمة الية ‪ 47‬من سورة "الشورى" والية الخيرة‬
‫من سورة "لقمان" والية ‪ 63‬من سورة "الحزاب"‪ .‬ومع ذلك نراه هو‬
‫وأتباعه النجاس المناكيد يهاجمون الحاديث النبوية لنها‪ ،‬فيما يزعمون ضمن‬
‫أشياء أخرى‪ ،‬تسند علم الغيب والساعة إليه عليه السلم مع أنه ل يوجد‬
‫حديث واحد يزعم له صلى الله عليه وسلم ذلك! أرأيت أيها القارئ قذارة‬
‫ن وراءهم لتشويه صورة سيدنا‬ ‫م ْ‬
‫اللعبة التى اخترعها هؤلء الرجاس هم و َ‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسيدهم رسول الله‪ ،‬رغم أن القبح والتشويه فيهم هم ل فى غيرهم؟ أما‬


‫كيف عرف سيادة الدكتور أن الساعة ستكون سنة ‪2280‬م‪ ،‬فقد استخلصه‬
‫)كما يقول( من عدد السنوات التى قضاها أهل الكهف فى كهفهم نائمين‪،‬‬
‫وهو بالتقويم القمرى ‪ .309‬فبإضافته إلى السنة التى أعلن فيها أبو الرشد‬
‫)اقرأ‪" :‬أبو الضلل"( أنه "رسول الميثاق وقوى الشعب العامل‪...‬إلى آخر هذا‬
‫التهجيس الناصرى" تكون السنة التى تقوم فيها القيامة هى ‪2880‬م‪ .‬وكله‬
‫تهجيس فى تهجيس‪ ،‬وكما ظل عبد الناصر يقول إن الستعمار قد انتهى زمنه‬
‫مين" من حكامنا‬ ‫مل ْهَِ ِ‬
‫وولى إلى غير رجعة‪ ،‬ثم جاء الستعمار على يديه ويد "ال ُ‬
‫الشاوس من أشباهه أفظع وأشنع من الول‪ ،‬فلسوف تأتى السنة المحددة‬
‫ن من حسن حظه أنه قد مات‪ ،‬وإل‬ ‫وتكون فضيحة بجلجل لبى الرشد‪ .‬لك ْ‬
‫رب بالنعال القديمة حتى يجد أهل يسألون عنه أو حتى نراه يحسب الديك‬ ‫لَ ُ‬
‫ض ِ‬
‫حمارا كما قال أبو نواس‪ .‬الواقع أنى ل أدرى أىّ جنون هذا الذى اعترى‬
‫الرجل )الرجل؟(! ثم ما العلقة بين عدد السنوات التى نامها أهل الكهف فى‬
‫وها‬
‫ض ْ‬ ‫كهفهم وموعد قيام الساعة؟ كذلك ما السبب فى حسابه المدة التى ق َ‬
‫فى الكهف بالقمرى‪ ،‬على حين أنه قد حسب المدة المتبقية على قيام‬
‫الساعة بالشمسى؟ الواقع أن هذا بالضبط هو ما نسميه فى مصر‪" :‬سمك‪،‬‬
‫لبن‪ ،‬تمر هندى"‪.‬‬
‫رغم إنكاره الحاديث‪:‬‬
‫دها لونا من الشرك ويشّبهها بالتلمود‬ ‫وهذا الذى ينكر الحاديث النبوية وي َعُ ّ‬
‫كل دينا جديدا ل علقة له بالسلم )كما جاء مثل فى‬ ‫ما أنها تش ّ‬
‫اليهودى زاع ً‬
‫تعليقه على الية ‪ 53‬من سورة "سبأ" والية ‪ 21‬من "الحزاب"( ل يستطيع‬
‫فى كثير من الحيان أن يفسر القرآن دون اللجوء إلى تلك الحاديث التى‬
‫ينكرها‪ .‬ترى ما رأى القراء فى ذلك؟ ومن الشواهد على هذا الخذلن اللهى‬
‫له قوله فى التعليق على ما جاء فى الية ‪ 11‬من سورة "النور" عن حديث‬
‫الفك‪This refers to a historical incident where the Prophet Muhammad's" :‬‬
‫‪wife Aysha was left in the desert by mistake, and later found by a young‬‬
‫‪man who helped her catch up with the Prophet's caravan. This triggered the‬‬
‫‪ ،" ،famous 'Big Lie' against Aysha‬ومعروف أن القرآن ل يصّرح باسم‬
‫عائشة رضى الله عنها فى حديث الفك‪ ،‬فمن أين علم "أبو الضلل" أنها هى‬
‫التى كانت تنوشها الشائعات إل من الحاديث النبوية؟ ومن هذه الشواهد‬
‫أيضا قوله تعليقا على الية ‪ 32‬من سورة "ص"‪Solomon missed his " :‬‬
‫‪afternoon prayer because of his horses. To nullify Satan's possible claim that‬‬
‫‪،" Solomon loved his horses more than loving God, he got rid of his horses‬‬
‫ومعناه أن سليمان قد بلغ منه حب الخيل أن انشغل بها ذات يوم حتى‬
‫ضاعت صلة العصر عليه‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال غير مذكور فى القرآن‪ ،‬ول‬
‫نعرف عنه شيئا إل من الحاديث النبوية التى ينكرها هذا الغبى الذى ل‬
‫س‬ ‫َ‬
‫م ٍ‬ ‫يستطيع النظر إلى أبعد من أرنبة أنفه المنتن! وبالمناسبة أيضا فهو‪ ،‬بط ْ‬
‫ضا‬‫من الله على بصيرته وذاكرته‪ ،‬يسمى محمدا هنا بـ"النبى محمد"‪ ،‬متناق ً‬
‫بهذه الطريقة مع ما يزعمه من أنه ل يصح تسميته عليه السلم بعد موته‬
‫بالنبوة‪ ،‬وأن القرآن ل يفعل ذلك أبدا!‬

‫)‪(13 /‬‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومثل ذلك كلمه )أثناء تعليقه على الية الولى والية ‪ 60‬من سورة‬
‫"السراء"( عن المعراج الذى قام به الرسول عليه السلم إلى السماء والذى‬
‫ل ذكر له صريح فى القرآن‪ ،‬بل فى السّنة‪ ،‬والسنة وحدها‪ .‬أى أنه ينكر‬
‫الحديث النبوى ثم ل يجد فى نفسه شيئا من الحياء يمنعه من الستعانة به‬
‫رغم هذا‪ ،‬ثم هو بعد ذلك يأخذ من الحديث ما "يراد له" أن يأخذه‪ ،‬ويترك ما‬
‫ل "يعجب سادته الصهاينة والمريكان"‪ ،‬فتراه يفسر "المسجد القصى" بأنه‬
‫المكان الذى سجد فيه رسول الله فى معراجه السماوى‪ ،‬والذى يقع على‬
‫بعد بليين السنين الضوئية من كوكبنا فى "أقصى" نقطة فى السماء يمكن‬
‫أن يصل إليها بشر‪ ،‬وذلك حتى ل يفكر المسلمون بعد ذلك أبدا فى القصى‬
‫ول فى القدس ويتركوهما لليهود ربائب العم سام )شوفوا الولد وخباثته!(‪ ،‬إذ‬
‫أين للمسلمين المتخلفين بالسفن الفضائية التى تنقلهم إلى حيث عََرج محمد‬
‫عليه السلم ليطالبوا بحقهم فى مسجد رسولهم هناك على بعد بليين‬
‫السنين الضوئية‪ ،‬وهم الذين ل يستطيعون حتى الن أن يصنعوا طائرة ورقية‬
‫من التى يلعب بها الطفال والتى ل تزيد فى مدى طيرانها عن مائتى متر‬
‫غالبا‪ ،‬بل يستوردونها من الصين‪ ،‬ول أظن أنهم سيستطيعون صنعها قبل قيام‬
‫القيامة الرشادية التى ل تبعد عنا أكثر من فركة كعب؟ باختصار‪ :‬لقد ضاعت‬
‫القدس يا ولدى ومعها القصى‪ ،‬ول عزاء للعرب‪ ،‬والبركة فى "رشاد ساعة‬
‫لقلبك"‪The Aqsa Mosque" means "the farthest place where there is" " :‬‬
‫‪prostration," many billions of Light Years away. This verse informs us that‬‬
‫‪Muhammad, the soul, was taken to the highest Heaven to be given the‬‬
‫‪ ."(Quran (2:185, 44:3, 53:1-18, & 97:1‬ولكن ثمة عددا من السئلة التى‬
‫تحتاج إلى جواب‪ :‬ترى هل يجوز أن يقال إن الرسول قد سجد لله فى ذلك‬
‫المكان الذى يبعد عن الرض بليين السنين الضوئية طبقا لحسابات عبقرينا‬
‫الذى لم تلده ولدة؟ هل هناك أرض يضع الساجد جبهته عليها حتى يمكن أن‬
‫يقال إنه قد سجد؟ وهذا لو كان المعراج بالروح والجسد معا‪ ،‬أما حين نسمع‬
‫"عبقرينونا" يؤكد أنه كان بالنفس )‪ (soul‬فقط‪ ،‬فكيف يتم السجود فى هذه‬
‫الحالة؟ ثم كيف عرف بسلمته أنه كان هناك سجود فى ذلك المعراج؟ لم‬
‫يذكر القرآن شيئا عن ذلك‪ ،‬وليس فى الحاديث النبوية أى كلم عن سجود أو‬
‫ركوع أو تشهد أو تسليم‪ ،‬بل ليس فيها أية إشارة مهما كانت عن الصلة‪،‬‬
‫م عليه السلم إخوانه‬ ‫اللهم إل فى بيت المقدس الذى فى فلسطين حينما أ ّ‬
‫النبياء! فما معنى ذلك كله؟ معناه أن ما يقوله ذلك الكائن هو هراء فى هراء‬
‫كان يجب أن يخجل منه لو كان عنده شىء من الدم! ثم إن الكلم فى آية‬
‫السراء عن مسجدين‪ ،‬ومعنى هذا الربط بين المسجدين أن كل منهما يشبه‬
‫مب ًْنى من المبانى التى تؤّدى فيها الصلة لله على الطريقة‬ ‫الخر من حيث إنه َ‬
‫التى نعرفها‪ ،‬فهل يمكن أن ينطبق هذا على ذلك المسجد الذى يقع على ل‬
‫أدرى كم من بليين السنين الضوئية؟ أم تراه سيقول إنه قد جاءه وحى‬
‫بذلك؟ أم سيقول إن أمريكا استطاعت قبل نشوئها بقرون أن تتنصت‬
‫وتتجسس على محمد وما عمله فى رحلته تلك وحفظته فى غرفة السجلت‬
‫الخاصة بالمخابرات المركزية ولم ت ُط ِْلع عليه إل أبا الرشد‪ ،‬بالضبط كما كان‬
‫هو الوحيد الذى احتكر معرفة الميعاد الخاص بقيام الساعة حسب إفكه‬
‫وضلله؟ وأخيًرا‪ ،‬وليس آخًرا‪ ،‬ما الداعى يا ترى لقيام سيدنا رسول الله‬
‫بالرحلة المذكورة على مدى بليين السنين الضوئبة إذا كان المر ل يخرج عن‬
‫أن تكون رحلة نفسية؟ إن الرحلة النفسية ل تحوج الواحد منا أن يتحرك من‬
‫مكانه ولو خطوة واحدة! إنها أحلم يقظة‪ ،‬وفى أحسن الحوال هى أحلم‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ http://www.balligho.com

!‫منام‬
:‫تناقضاته‬

(14 /)

‫ بل يذهبون‬،‫ومن تناقضاته الكثيرة تكراره التأكيد بأن الصالحين ل يموتون‬


‫ ليعيشوا فى النعيم‬،‫مباشرة إلى الجنة التى كان فيها آدم وحواء فى البداية‬
‫قا على‬ ً ‫ ومن أمثلة ذلك قوله تعلي‬،‫مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‬
The righteous do not really die; they simply" :"‫ من سورة "يس‬26 ‫الية‬
move on to the same Paradise where Adam and Eve lived. They join the
‫ على حين نجده‬،"prophets, saints and martyrs in an active and utopian life
:‫ ولنستمع‬،"‫مر‬ َ ‫ من سورة "الّز‬68 ‫يقول شيئا آخر تماما فى تعليقه على الية‬
The sequence of events on the Day of Resurrection begins with the"
symbolic blowing of the horn. The second blowing of the horn- by a
creature who was spared from unconsciousness- marks the resurrection of
all people; they will be resurrected on today's earth. This earth will then be
destroyed by the physical coming of God, then a new earth and new heavens
will be created (14:48). We will then be stratified according to our degree of
‫صور فسوف ي ُب َْعث الناس‬ّ ‫ أى أنه "حين يتم النفخ فى ال‬،" development
‫ وليس هناك أحد‬،‫ بما يعنى أن الناس سيكونون كلهم عندئذ ميتين‬،"‫جميعا‬
‫ من سورة‬32 ‫ تعليقا على الية‬،‫ بل لقد أعلنها صريحة عندما قال‬.‫فى الجنة‬
‫ ثم بعد قيامهم من‬،‫ إن الصالحين ل يموتون إل الموتة المعروفة‬،"‫"النحل‬
‫ يذهبون إلى‬،"‫ أى بعد انصرام ما ن َعََته بـ"الفترة النتقالية‬،‫قبورهم يوم النشور‬
‫دمنا وكما يرى القارئ بنفسه! بل إنه‬ ّ ‫ وهذا عكس ذاك تماما كما ق‬.‫الجنة‬
‫ أن‬،"‫ من سورة "مريم‬71 ‫ فى تعليقه على الية‬،‫ليتوغل فى التناقض زاعما‬
‫الصالحين وكل البشر سيذوقون النار لمدة محدودة بعد البعث إلى أن ينزل‬
‫ فعندئذ يخّلص الصالحين من العذاب الذى‬،‫الله "نزول ماديا" إلى عالمنا هذا‬
we will be resurrected prior to God's physical arrival to our " :‫يقاسونه‬
universe. That will be a temporary taste of Hell, since the absence of God is
!" .Hell. When God comes (89:22), the righteous will be rescued. See 19:72
‫ أن المعجزة‬،‫ وبجرأة جاهلة‬،‫ومن تلك التناقضات إعلنه فى أحد تعليقاته‬
Since the " :‫ هى معجزة القرآن الوحيدة‬19 ‫الحسابية القائمة على الرقم‬
Quran's miracle is mathematical, the numbers especially constitute an
important part of the 19-based code. Thus, the numbers mentioned in the
‫ حسب‬،14 ‫" )انظر تعليقه على الية‬Quran add up to 162146, or 19x8534
‫ ثم تأكيده رغم ذلك فى تعليق آخر أنهما‬،("‫ من سورة "العنكبوت‬،‫ترقيمه هو‬
Our" :‫ والمعجزة الدبية‬،‫ المعجزة الحسابية‬:‫معجزتان ل معجزة واحدة‬
generation is fortunate to witness two awesome phenomena in the Quran:
(1) an extraordinary mathematical code, and (2) a literary miracle of
incredible dimensions. If humans attempt to write a mathematically
structured work, the numerical manipulations will adversely affect the
‫" )انظر‬literary quality. The Quran sets the standard for literary excellence
‫ وطبعا نحن نعرف أن‬.("‫تعليقه على اليتين الولى والسابعة عشرة من "هود‬

73
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫معجزة القرآن أكبر من أن تنحصر فى هذين الجانبين فقط‪.‬‬


‫معجزة الرقم ‪ 19‬البهلوانية‪:‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫وهو يختزل المعجزة القرآنية إلى ما يسميه معجزة الرقم ‪ ،19‬ويفرض هذا‬
‫العدد فرضا على كثير جدا من اليات التى يلوى تفسيرها زاعما أنها تتحدث‬
‫عنه‪ ،‬مع أنه ل علقة لها‪ ،‬ول يمكن أن يكون لها ول لغيرها من اليات علقة‪،‬‬
‫به من قريب أو من بعيد‪ .‬وكل ذلك فى نرجسية واضحة منفرة‪ ،‬فالرسول‬
‫)أى رسول( ل يمكن أن يكون بهذه العقلية البهلوانية ول بهذه النفسية التى‬
‫ذب فى سبيله الكاذيب‬ ‫تستجدى المديح استجداء بل تصطنعه اصطناعا وت َك ْ ِ‬
‫ضا من النصوص‬ ‫الرخيصة المفضوحة على مدار القرآن كله‪ .‬وإلى القارئ بع ً‬
‫وى سيادته أعناقها والتعليقات التى زّيفها وفرضها عليها فرضا دون أن‬ ‫التى ل َ َ‬
‫يكون هناك مستَند يعتمد عليه فى هذا التفسير على الطلق‪ ،‬ل من اللغة ول‬
‫من السياق ول من المنطق العقلى ول من روح القرآن‪ :‬فمثل فى قوله عز‬
‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫نآ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي ْ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫شأنه فى الية ‪ 64‬من سورة "النور"‪ " :‬إ ِن ّ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ست َأذُِنوه ُ إ ِ ّ‬ ‫حّتى ي َ ْ‬ ‫م ي َذ ْهَُبوا َ‬ ‫مٍع ل َ ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫مرٍ َ‬ ‫مَعه عََلى أ ْ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫سول ِهِ وَإ َِذا َ‬ ‫وََر ُ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ض شأن ِهِ ْ‬ ‫ست َأذُنوك ل ِب َعْ ِ‬ ‫سول ِهِ فإ ِذا ا ْ‬ ‫ن ِباللهِ وََر ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ي ُؤ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ست َأذُِنوَنك أوْلئ ِك ال ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫جعَُلوا‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫‪62‬‬ ‫}‬ ‫م‬ ‫حي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫فو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫له‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫هم‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ئ‬ ‫ش‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ذن‬ ‫َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫َ ْ‬ ‫ٌ ّ ِ ٌ‬ ‫َ ِ ّ‬ ‫ِ َ ِ ُْ ْ َ ْ َْ ِ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫منك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن ِ‬ ‫سل ُّلو َ‬ ‫ذين ي َت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ضا قَد ْ ي َعْل َ ُ‬ ‫كم ب َعْ ً‬ ‫ض ُ‬ ‫عاء ب َعْ ِ‬ ‫م ك َد ُ َ‬ ‫سول ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫عاء الّر ُ‬ ‫دُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫م فِت ْن َ ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫ره أن ت ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫حذ َرِ ال ّ ِ‬ ‫واًذا فَل ْي َ ْ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫جُعو َ‬ ‫وم ي ُْر َ‬ ‫م عَل َي ْهِ وَي َ ْ‬ ‫ما أنت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض قَد ْ ي َعْل َ ُ‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ِفي ال ّ‬ ‫ن ل ِّله َ‬ ‫}‪ 63‬أل إ ِ ّ‬
‫م" نراه يعلق قائل‪This verse" :‬‬ ‫يٍء عَِلي ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫ملوا َوالل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫إ ِل َي ْهِ فَي ُن َب ّئ ُُهم ب ِ َ‬
‫‪refers to God's Messenger of the Covenant; by adding the gematrical value‬‬
‫‪of "Rashad" (505) plus the value of "Khalifa" (725), plus the verse number‬‬
‫‪ ،" ((62), we get 1292, a multiple of 19 (1292=19x68‬ومعناه أن هذه الية‬
‫إنما تشير إلى "رسول الميثاق"‪ ،‬إذ بإضافة القيمة الرياضية لكلمة "رشاد" )‬
‫‪ (505‬زائد قيمة "خليفة" )‪ (725‬زائد رقم الية )‪ (62‬نحصل على ‪،1292‬‬
‫وهو مضاعف العدد ‪ .19‬وبالمناسبة فرقم الية فى المصحف هو ‪ 64‬وليس‬
‫‪ 62‬كما قال هو‪ ،‬وهو ما ينفى الدعوى الرقمية نسفا من الساس‪ .‬وانظر‬
‫أيضا تعليقه على اليات ‪ 223 -214‬من سورة "الشعراء" حيث يلجأ إلى ذات‬
‫صله إلى شىء‪ ،‬وما هى بنافعته على الطلق‪،‬‬ ‫اللعبة الخائبة التى يظن أنها تو ّ‬
‫اللهم إل عند من فى قلوبهم مرض مثله‪ ،‬وإن كان قد غّير قواعد اللعبة هذه‬
‫المرة‪ ،‬إذ أضاف إلى عملية الجمع رقم السورة أيضا!‬

‫)‪(16 /‬‬

‫وفى تعليق آخر من تعليقاته فى ترجمته المتهافتة الركيكة نراه يتجاوز حدوده‬
‫مع الرسول الكريم‪ ،‬فيقول‪It was the will of the Most Wise to separate the" :‬‬
‫‪Quran from its awesome mathematical miracle by 1400 years. Seeing how‬‬
‫‪the Muslims en masse have idolized Muhammad, it is obvious that if the‬‬
‫‪Quran's mathematical miracle were also revealed through Muhammad,‬‬
‫‪many people would have worshiped him as God incarnate. As it is, God‬‬
‫‪willed that the great miracle of the Quran (74:30-35) shall await the‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪computer age, and to have it revealed through His Messenger of the‬‬


‫‪ ، "Covenant‬ومعناه أن مشيئة الله وحكمته قد اقتضت أن يفصل بين معجزة‬
‫الرقم ‪ 19‬وبين نزول القرآن بألف وأربعمائة سنة‪ ،‬إذ نظًرا لما صنعه‬
‫المسلمون جميعا من اتخاذ محمد صنما فمن الواضح أنه لو كانت هذه‬
‫المعجزة قد نزل بها الوحى على محمد لكان كثير من الناس قد عبدوه‬
‫بوصفه إلها متجسدا‪ .‬وكما هو الحال فقد اقتضت مشيئة الله أن تنتظر هذه‬
‫المعجزة حتى عصر الحاسوب وأن ينزل الوحى بها على "رسول الميثاق"‬
‫)انظر تعليقه على الية ‪ 51‬من سورة "العنكبوت"(‪ .‬وطبعا من الواضح أن‬
‫ل الربعة عشر قرنا‬ ‫المسلمين قد أفاقوا من الكفر الذى وقعوا فيه ط َ َ‬
‫وا َ‬
‫حدين أخيرا‬ ‫ل علينا رشاد أفندى وأصبحوا مو ّ‬ ‫وا عنه بعد أن ه ّ‬‫الماضية وتخل ّ ْ‬
‫وبعد طول عناد وغباء! بل إنه ليعلن فى جرأة جاهلة مقيتة أن المعجزة‬
‫الحسابية القائمة على الرقم ‪ 19‬هى المعجزة الوحيدة الموجودة فى القرآن‪:‬‬
‫"‪Since the Quran's miracle is mathematical, the numbers especially‬‬
‫‪constitute an important part of the 19-based code. Thus, the numbers‬‬
‫‪) "mentioned in the Quran add up to 162146, or 19x8534‬انظر تعليقه على‬
‫الية ‪ ،14‬حسب ترقيمه هو‪ ،‬من سورة "العنكبوت"(‪ .‬ومن هنا فل غرو أن‬
‫سر "الذكر" فى القرآن الكريم بهذا الذى يسميه‪" :‬معجزة الرقم ‪"19‬‬ ‫يف ّ‬
‫)انظر تعليقه على الية من سورة "يس"(‪ ،‬ذلك الرقم الذى يعترف هو‬
‫بعظمة لسانه فى تعليقه على الية ‪ 10‬من سورة "الحقاف" أنه قد سبقه‬
‫ى فى القرن الحادى عشر الميلدى إلى تطبيقه على‬ ‫الحاخام يهودا التق ّ‬
‫سها يد العبث! ومن هنا نراه‪ ،‬فى تعليقه على‬ ‫قطعة من العهد القديم لم تم ّ‬
‫الية ‪ 13‬من سورة "هود"‪ ،‬يعلن أن كتاب موسى أيضا مؤسس على الرقم‬
‫‪Moses' book was also mathematically composed, with "19" as the" :19‬‬
‫‪ ،"common denominator‬وهو ما ل أستطيع أن أتخيل كيف يمكن إثباته على‬
‫ح أن الحاخام المذكور قد نجح فى تطبيق الرقم ‪19‬‬ ‫أرض الواقع حتى لو ص ّ‬
‫على قطعة من العهد القديم‪ ،‬لن ما ينطبق على الجزء ل ينطبق بالضرورة‬
‫على الكل‪ ،‬وبخاصة أن أصل ذلك الكل لم يعد له وجود‪ .‬ولعل القراء يذكرون‬
‫النص الذى أوردُته لهم قبل من كلم مسيلمة المتأمرك الفاق عن استعانته‬
‫بعدد من خريجى الجامعات والحواسيب كى يصل إلى تلك النتائج البائسة‬
‫الخاصة بالرقم ‪ 19‬والتى ذكر هو أيضا أنهم قد ارتكبوا أخطاء كثيرة قبل أن‬
‫يصلوا إلى ما وصلوا إليه منها‪ ،‬مما يدل على أن المسألة ليست من الوحى‬
‫السماوى فى قليل أو كثير‪ ،‬وبالذات حين يعرف القراء الكرام أن كثيرا من‬
‫ت‬
‫تلك النتائج هى نتائج مضروبة كما بّين عدد من الدارسين الذين أورد ُ‬
‫مقالتهم فى هذا الصدد فى نهاية دراستى السابقة عن "رسول الميثاق‬
‫الفاق"‪.‬‬
‫جهله فى تفسير القرآن‪:‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫وهو فى تفسيره للقرآن يلجأ لما يلجأ إليه حكام العالم الثالث من إلقاء‬
‫التصريحات التى تعجب الجمهور الجاهل رغم أنها ل تقدم ول تؤخر ول تنفع‬
‫الناس فى شىء‪ ،‬كما أنها ل تكلف صاحبها شيئا‪ ،‬إذ ل تعدو أن تكون كلما‬
‫يطير فى الهواء وينساه الناس بعد حين! خذ عندك مثل تصريحه البله بأن‬
‫من يموت قبل بلوغ الربعين من عمره سوف يدخل الجنة بغير حساب‪ .‬ول‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يستطيع أشد الناس عبقرية أن يعرف من أين لمسيلمتنا بهذا التشريع! ذلك‬
‫أننا كلنا نعرف أن سن الرشد فى بلد العالم بوجه عام‪ ،‬وهو السن الذى تبدأ‬
‫حُلم أو ما يقاربه‪ ،‬أما بلوغ‬ ‫معه المسؤولية الفردية والحساب‪ ،‬هو بلوغ ال ُ‬
‫الربعين فهذه أول مرة أسمع به‪ .‬إن معنى ذلك هو دخول الغلبية الساحقة‬
‫الجنة دون حساب ول عقاب ول حتى عتاب مهما فعلوا‪ ،‬وهذا معناه تشجيع‬
‫الجرائم والمجرمين‪ ،‬إذ كل إنسان يستطيع قبل الربعين أن يزنى كما يحب‬
‫م بينهم‪ ،‬ويخون بلده‬ ‫ويسرق ويختلس‪ ،‬ويحتقر الخرين ويسبهم ويغتابهم وين ّ‬
‫ويخلف وعده ويبخل بالمال على الفقراء والمساكين‪ ،‬ويغش فى المتحان‬
‫فف فى الكيل والميزان ويحتكر السلع ويرشو المسؤولين ليحصل على‬ ‫ويط ّ‬
‫ما ليس له بحق‪ ،‬ويغتصب الحكم ويستبد بالشعب ويسومه الخسف والهوان‪،‬‬
‫ن الحرام ويدعى أنه‬ ‫ويعبث مع البنات القاصرات ويجمع المليين من المظا ّ‬
‫"رسول الميثاق" ويضع يده فى يد المريكان دون أن يشغل باله بشىء‪ .‬ألم‬
‫ه من عقابه‪ ،‬وأن أقصى‬ ‫يصرح له أبو الرشد بأنه فى مأمن من غضب الله ب َل ْ َ‬
‫ما سيتعرض له أنه لن يدخل الجنة العليا‪ ،‬بل السفلى! إنه مولد‪ ،‬وصاحبه‬
‫ل حين يعيب المسلمين بما ليس فيهم‬ ‫ل المض ّ‬ ‫غائب! والعجيب أن هذا الضا ّ‬
‫ويرميهم بكل منقصة ويتوعدهم بكل مصيبة ل يفكر أبدا فى استثناء من لم‬
‫يبلغوا الربعين منهم‪ ،‬بل لم يفكر حتى فى استثناء الطفال من ذلك‪ .‬إن‬
‫مسيلمة الفاق يتصور أن بمستطاعه تضليل الناس عن حقيقة أمره بتقديم‬
‫مثل هذه التصريحات التى لم يبال بها الناس ولم يقبلوا على دينه الكاذب‬
‫جّرائها‪ ،‬بل نظروا إليه كما نظر المسلمون الوائل إلى تصريحات‬ ‫مثله من َ‬
‫مشابهة لستاذه مسيلمة الصلى حين أعلن أنه قد ألقى عن كاهلهم شطر‬
‫الصلة واكتفى منهم كل يوم بصلتين اثنتين فقط ل غير‪ ،‬فكانت نتيجة ذلك‬
‫أن قالوا له‪" :‬على الجزمة القديمة"‪ ،‬وقتلوه قتلة الكلب الضالة‪ ،‬وانقلبت‬
‫فيق مما هى فيه وتنقلب على هذا‬ ‫عليه حتى سجاح‪ ،‬والعقبى لسجاح الثانية لت ُ ِ‬
‫المسيلمة‪ ،‬يا رب! وقد ظن "رسول الميثاق الفاق" أن بإمكانه العتماد فى‬
‫ن‬ ‫م ِإن َ‬ ‫تضليله هذا على قوله سبحانه فى سورة "الحقاف"‪" :‬قُ ْ َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬
‫ست َك ْب َْرُتم‬ ‫ن َوا ْ‬ ‫م َ‬ ‫مث ْل ِهِ َفآ َ‬ ‫ل عََلى ِ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫من ب َِني إ ِ ْ‬ ‫شاهِد ٌ ّ‬ ‫شهِد َ َ‬ ‫فْرُتم ب ِهِ وَ َ‬ ‫عندِ الل ّهِ وَك َ َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫مُنوا لوْ كا َ‬ ‫َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فُرو ل ِل ِ‬‫ّ‬ ‫نك َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن }‪ 10‬وَقال ال ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مي َ‬ ‫م الظال ِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫ْ‬
‫دي ال َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫إِ ّ‬
‫من‬ ‫م }‪ 11‬وَ ِ‬ ‫دي ٌ‬ ‫َ‬
‫ذا إ ِفك ق ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫قولو َ‬ ‫ُ‬ ‫سي َ ُ‬ ‫َ‬
‫دوا ِبه ف َ‬ ‫م ي َهْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫قوَنا إ ِلي ْهِ وَإ ِذ ْ ل ْ‬ ‫َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫خي ًْرا ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ِ َ‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ذر‬ ‫ين‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫َِ ٌ ّ َ ّ ٌ َ ً َ َ ِّ ُ ِ‬‫يا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫نا‬ ‫سا‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ِ َ ً ََ ْ َ ً َ َ‬‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ما‬ ‫ما‬ ‫إ‬ ‫سى‬ ‫قَ ْ ِ ِ ِ َ ُ ُ َ‬
‫مو‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫موا َفل‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ن َقاُلوا َرب َّنا الل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ن }‪ 12‬إ ِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شَرى ل ِل ْ ُ‬ ‫موا وَب ُ ْ‬ ‫ظ َل َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما‬
‫جَزاء ب ِ َ‬ ‫ن ِفيَها َ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫جن ّةِ َ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن }‪ 13‬أوْل َئ ِ َ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م َول هُ ْ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬ ‫خو ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ضعَْته‬ ‫ها وَوَ َ‬ ‫ه ك ُْر ً‬ ‫م ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫مل َت ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ساًنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ِد َي ْهِ إ ِ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫سا َ‬ ‫لن َ‬ ‫صي َْنا ا ْ ِ‬ ‫ن }‪ 14‬وَوَ ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫َ‬
‫ة َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك ُْر ً‬
‫ل‬ ‫سن َ ً‬ ‫ن َ‬ ‫شد ّه ُ وَب َلغَ أْرب َِعي َ‬ ‫حّتى إ َِذا ب َلغ أ ُ‬ ‫شهًْرا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ث َلُثو َ‬ ‫صال ُ‬ ‫ه وَفِ َ‬ ‫مل ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ها وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حا‬
‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن أعْ َ‬ ‫ي وَعَلى َوال ِد َيّ وَأ ْ‬ ‫ت عَل ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك الِتي أن ْعَ ْ‬ ‫مت َ َ‬ ‫شك َُر ن ِعْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ب أوْزِعِْني أ ْ‬ ‫َر ّ‬
‫َ‬
‫ن }‪ 15‬أوْلئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت إ ِلي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك وَإ ِّني ِ‬ ‫ح ِلي ِفي ذ ُّري ِّتي إ ِّني ت ُب ْ ُ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫ضاه ُ وَأ ْ‬ ‫ت َْر َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫حاب ال َ‬ ‫ص َ‬ ‫م ِفي أ ْ‬ ‫سي َّئات ِهِ ْ‬ ‫عن َ‬ ‫ملوا وَن ََتجاوَُز َ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ل عَن ْهُ ْ‬ ‫قب ّ ُ‬ ‫ذين ن َت َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫دان ِِني‬ ‫ما أت َعِ َ‬ ‫ف ل ّك ُ َ‬ ‫وال ِد َي ْهِ أ ّ‬ ‫ذي َقال ل ِ َ‬ ‫ن }‪َ 16‬وال ّ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫كاُنوا ُيوعَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ق ال ّ ِ‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫وَعْد َ ال ّ‬
‫ن وَعْد َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه وَي ْلك آ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ّ‬ ‫ست َِغيَثا ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫من قَب ِْلي وَهُ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫قُرو ُ‬ ‫ْ‬
‫ت ال ُ‬ ‫خل ْ‬ ‫َ‬ ‫ج وَقَد ْ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن أُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫قو ْ ُ‬
‫ل‬ ‫حقّ عَل َي ِْهم ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ن }‪ 17‬أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫طيُر الوِّلي َ‬
‫َ‬ ‫سا ِ‬
‫َ‬
‫ذا إل ّ أ َ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫قول َ‬ ‫حقّ فَي َ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫ُ‬
‫ل‬‫ن }‪ 18‬وَل ِك ُ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫م َ‬ ‫س إ ِن ّهُ ْ‬ ‫لن ِ‬ ‫ن َوا ْ ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫من قَب ْل ِِهم ّ‬
‫درجات مما عَمُلوا ول ِيوفّيه َ‬
‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫مم ٍ قَد ْ َ‬ ‫ِفي أ َ‬
‫ن }‪) "19‬انظر تعليقه‬ ‫مو َ‬ ‫هم ل ي ُظ ْل َ ُ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫مال َهُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫َ ُ َ َُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ََ َ ٌ ّ ّ‬
‫على الية ‪ 53‬من سورة "العنكبوت" والية ‪ 15‬من سورة "الحقاف"‪ ،‬وكذلك‬
‫ملحق الترجمة رقم ‪.(32‬‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫حُلم‪ ،‬وليس فى اليات‬ ‫إن المسؤولية الخلقية فى السلم تبدأ مع بلوغ ال ُ‬


‫السابقة ما يريد هذا الكائن أن يضللنا به‪ ،‬فهى ل ترسى تشريعا بل تحكى لنا‬
‫خبرا عن شخصين أحدهما آمن بالله وأخذ يبتهل إليه سبحانه أن يساعده على‬
‫ص‬
‫شكر نعمته وعلى تسهيل العمل الصالح عليه حتى يرضى عنه‪ ،‬والثانى عا ٍ‬
‫مْين اللذين يدعوانه إلى اليمان بالله واليوم الخر‪ ،‬لكنه ينكر‬ ‫لوالديه المسل َ‬
‫ويتأفف قائل إن ما يدعوانه إليه ليس إل أساطير الولين‪ .‬فكما يرى القارئ ل‬
‫كلم هنا عن سن التكليف بتاتا‪ ،‬بل حكاية لخبر‪ .‬لكن هناك أحاديث وردتنا عن‬
‫النبى الكريم مثل قوله عليه السلم‪ُ" :‬رِفع القلم عن ثلثة‪ :‬عن المجنون‬
‫المغلوب على عقله حتى يبرأ‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن الصبي حتى‬
‫يحتلم ]رواه المام أحمد وأبو داود والحاكم["‪ ،‬وهو ما تتجاوب معه اليات‬
‫شد أو الظهور‬ ‫شد ّ أو بلوغ الّر ْ‬‫حُلم أو بلوغ ال َ ُ‬
‫القرآنية التى تتحدث عن بلوغ ال ُ‬
‫على عورات النساء‪...‬إلخ‪ ،‬بيد أن صاحبنا وشيعته ل يقرون بالسنة النبوية‪،‬‬
‫وهم بهذا إنما يهدفون إلى النفلت من الضوابط الشرعية والتيان بكل غريبة‬
‫وشاذة دون حسيب أو رقيب حتى يكثر الخلف بين أمة محمد ول يجد‬
‫المسلمون مرجعا يستندون إليه فيما لم يحدده القرآن تحديدا مفصل فتكون‬
‫ن ل تنتهى‪ ،‬وهذا مثال واضح على ما نقول‪ .‬وهناك مثالن آخران سبق أن‬ ‫فت ٌ‬
‫تعرضت لهما فى دراستى السابقة عن "رسول الميثاق الفاق"‪ ،‬أل وهما‬
‫ت القول بعض الشىء فى‬ ‫صل ْ ُ‬
‫موضوع ملبس النساء وكيفية الصلة‪ .‬وقد ف ّ‬
‫ب أن أزيد الموضوع الخاص بكيفية الصلة فى السلم‬ ‫الموضوع الول‪ ،‬وأ ُ ِ‬
‫ح ّ‬
‫شيئا من التفصيل‪.‬‬

‫)‪(19 /‬‬

‫لقد أكثر صاحبنا القول بأن الصلة التى نصليها نحن المسلمين إنما ورثناها‬
‫عبر العصور‪ ،‬عصرا وراء عصر‪ ،‬عن خليل الله عليه السلم‪ ،‬يريد بذلك أن‬
‫يقول إن السنة النبوية ل فضل لها فى إيضاح كيفية الصلة على عكس ما‬
‫يعتقد المسلمون‪ ،‬الذين ي ََرْون أن أحاديث رسول الله ل يمكن الستغناء عنها‪،‬‬
‫وإل سقط شطر كبير من الدين‪ .‬وأنا ل أدرى كيف كان هذا المسيلمة‬
‫المنافق يصلى ول كيف يصلى أتباعه الن‪ ،‬لكنى أحب أن أتساءل‪ :‬من أين‬
‫لكم بالكيفية التى كان إبراهيم يؤدى بها الصلة لو افترضنا أن صورة الصلة‬
‫عنده هى هى نفسها صورتها فى ديننا الن؟ لقد ذكر القرآن صحف إبراهيم‪،‬‬
‫منها مبدأ المسؤولية الفردية‬ ‫لكن كل ما قاله عنها ل يعدو الشارة إلى تض ّ‬
‫والحساب الخروى واليمان بأن الله هو خالق كل شىء حسبما جاء فى‬
‫سورة "النجم" وسورة "العلى"‪ ،‬وهما الموضعان القرآنيان الوحيدان اللذان‬
‫ورد فيهما الكلم عن صحف إبراهيم‪ .‬أما هذه الصحف البراهيمية ذاتها فقد‬
‫أصبحت فى خبر "كان"‪ ،‬ولم يعد لها وجود بتاتا‪ .‬فهل فى القرآن نفسه شىء‬
‫عن ذلك الموضوع إذن يا ترى؟ الواقع أنه ل يوجد فى القرآن أى شىء عن‬
‫صلة إبراهيم‪ ،‬اللهم تلك الشارة العارضة فى دعائه عليه السلم لذريته حين‬
‫تركهم عند البيت الحرام‪" :‬ربنا‪ ،‬ليقيموا الصلة فاجعل أفئدة من الناس تهوى‬
‫قيم الصلة‬ ‫م ِ‬
‫ب‪ ،‬اجعلنى ُ‬‫إليهم" )إبراهيم‪ ،(37 /‬أو فى قوله مبتهل إلى ربه‪" :‬ر ّ‬
‫ن ذريتى" )إبراهيم‪ ،(40 /‬أو قوله سبحانه ي ُث ِْنى على ابنه إسماعيل عليه‬
‫م ْ‬
‫و ِ‬
‫ضّيا" )مريم‪/‬‬
‫مْر ِ‬
‫السلم‪" :‬وكان يأمر أهله بالصلة والزكاة‪ ،‬وكان عند ربه َ‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ،(55‬وهو أقصى ما نعرفه أيضا عن موسى وهارون وقومهما‪" :‬واجعلوا‬


‫ب‪،‬‬ ‫شعَْيب‪" :‬قالوا‪ :‬يا ُ‬
‫شعَي ْ ُ‬ ‫بيوتكم قبلة‪ ،‬وأقيموا الصلة" )يونس‪ ،(87 /‬و ُ‬
‫أصلُتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء؟" )هود‪/‬‬
‫‪ ،(87‬وزكريا‪" :‬فنادته الملئكة وهو قائم يصلى فى المحراب‪) "...‬آل عمران‪/‬‬
‫ت‬‫ت وأوصانى بالصلة والزكاة ما دم ُ‬ ‫‪ ،(39‬وعيسى‪" :‬وجعلنى مباَر ً‬
‫كا أينما كن ُ‬
‫حّيا" )مريم‪ .(31 /‬فل متعّلق إذن لهؤلء البائسين بإبراهيم ول غيره من‬
‫النبياء فى القرآن من هذه الناحية‪ ،‬فهل يا ترى يمكن أن نجد فى الكتاب‬
‫المقدس شيئا عن كيفية صلته عليه السلم؟ الواقع أنه ل يوجد فيه هو أيضا‬
‫إل أنه عليه السلم‪ ،‬عند ظهور الله له ومعاهدته إياه‪ ،‬قد "سقط على وجهه"‬
‫)تكوين‪ ،(3 /17 /‬وهى كلمة ل ندرى ماذا تعنى بالضبط‪ ،‬وإل قول مؤلف سفر‬
‫"التكوين" )‪" :(17 /20‬فصلى إبراهيم إلى الله" شكرا له سبحانه على‬
‫إرجاعه سارة إليه من يد أبيمالك‪ ،‬لكن كيف صّلى؟ ل جواب! وفى موضع‬
‫ث شكرا لهم على ما‬ ‫آخر من نفس السفر )‪ (7 /23‬نقرأ أنه قد سجد لبنى ح ّ‬
‫وهبوه من قطعة أرض‪ .‬أما بالنسبة إلى بقية النبياء وبعض شخصيات الكتاب‬
‫المقدس الخرى فهناك إشارة إلى سجود لوط حين رأى الملكين على باب‬
‫سدوم مساًء )تكوين‪ ،(1 /19 /‬وهناك ما ذكره مؤلف سفر "التكوين" )‪/48‬‬
‫‪ (12‬من سجود يوسف "أمام وجهه إلى الرض" عند مجىء أبيه وأمه من‬
‫ما‪ ،‬وسجود إخوته إليه )تكوين‪ 6 /42 /‬وما إلى‬ ‫ما عا ّ‬ ‫كنعان إلى مصر‪ :‬هكذا كل ً‬
‫هذا(‪ ،‬كما تكرر القول فى السفار المختلفة إن النبى أو الشخص أو الشعب‬
‫الفلنى "صلى أمام الرب" )بمعنى "دعاه وابتهل إليه"( أو خّر على وحهه‬
‫وسجد‪ ،‬وكذلك ما ورد فى المزمور ‪ 6 /95‬على لسان داود من قوله‪":‬هلم‬
‫ب‬
‫نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا"‪ ،‬أو قول عيسى عليه السلم‪" :‬للر ّ‬
‫إلهك تسجد" )لوقا‪ .(8 /4 /‬لكن هل هى صلة كصلتنا بكلم ككلمنا )بغض‬
‫النظر عن القرآن الكريم الذى لم يكونوا يعرفونه آنذاك(‪ ،‬وأفعال كأفعالنا‪،‬‬
‫وأوقات معلومة كما هو الوضع عندنا‪ ،‬أم هل هو مجرد سجود وركوع عفوى‬
‫وقتى وكفى؟ ل جواب‪ ،‬وإن كان الغالب على الذهن‪ ،‬على القل من بعض‬
‫النصوص وسياقاتها‪ ،‬أن الحتمال الخير هو المقصود‪ .‬وبالمناسبة فالسجود‬
‫كثيرا ما يكون فى الكتاب المقدس للملوك والعظماء دون أن يكون هناك‬
‫إنكار على من يصنع هذا! والكتاب المقدس متاح لكل باحث يريد أن يتحقق‬
‫بنفسه‪ .‬ليس ذلك فقط ففى القرآن الكريم أن اليهود فى المدينة كانوا إذا‬
‫سمعوا نداء المسلمين إلى الصلة "اتخذوها هزوا ولعبا" )المائدة‪.(58 /‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫قد يقول هؤلء البائسون إن العرب قد ورثوا عن إبراهيم كيفية أداء هذه‬
‫الشعيرة حتى وصلت إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )"صلى‬
‫الله عليه وسلم" برغم أنف كل أفاك لئيم يكره رسولنا الكريم صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وتغيظه الصلة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم(‪ ،‬وجوابنا‬
‫مةٍ أنهم كانوا يصّلون لله على النحو الذى نصلى‬ ‫ُ‬
‫هو‪ :‬أين فى تاريخ العرب كأ ّ‬
‫نحن به فى السلم؟ فى القرآن الكريم نقرأ مثل‪" :‬وما كان صلُتهم عند‬
‫قا(‪ ،‬فذوقوا العذاب بما كنتم‬
‫ة )أى صفيًرا وتصفي ً‬ ‫م َ‬
‫كاًء وتصدِي َ ً‬ ‫البيت إل ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تكفرون" )النفال‪" ،(35 /‬أرأيت الذى ينهى* عبدا إذا صلى؟" )العَلق‪،(10 /‬‬
‫وهو ما يعنى أن المشركين كانوا يضيقون أشد الضيق بصلة النبى عليه‬
‫السلم ويتعرضون له ويؤذونه‪ .‬قد يقال إن بعض الحنفاء كانوا يعبدون الله‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على ديانة إبراهيم‪ ،‬والجواب أيضا أن ما ورَدنا فى المصادر العربية القديمة‬


‫عن ذلك الموضوع إنما هو كلم عام دون أى تحديد لكيفية عبادتهم لربهم‬
‫صا فى تراثنا‬ ‫سبحانه‪ ،‬وإل فليذكر لى من يخالفنى‪ :‬أين يا ترى يمكن أن نجد ن ّ‬
‫يحدد لنا الكيفية التى كان الحنفاء يؤدون بها الصلة‪ ،‬فضل أن تكون صلتهم‬
‫كصلة المسلمين؟ هذا هو الكلم العلمى ل البكش الذى يهجس به أولئك‬
‫الفاقون وأشباههم‪ ،‬وإل فليأت لنا من يعترض على ما نقول بما يثبت خطأه‪،‬‬
‫ق‬
‫ونحن نرجع عندئذ عما نقول عن طيب خاطر أو حتى برغم أنوفنا‪ ،‬إذ الح ّ‬
‫أحقّ أن ي ُت َّبع‪ .‬ولنفترض بعد ذلك كله أن جميع ما قلناه غير صحيح‪ ،‬وأن‬
‫إبراهيم عليه السلم كان يصلى بصلتنا هذه‪ ،‬وأنها وصلت إلى الرسول على‬
‫وضعها الصحيح‪ ،‬فإنه يبقى بعد ذلك كله أيضا أن الرسول والصحابة هم همزة‬
‫الوصل بيننا وبين تلك الصلة البراهيمية‪ .‬أى أن السنة النبوية هى الطريق‬
‫التى سلكتها صلة إبراهيم حتى وصلت لنا‪ .‬ولعدم وجود دليل فى أيدى‬
‫شا ول‬ ‫كل عي ً‬‫لسينا فإنهم يلجأون إلى الكلم المرسل المبهم الذى ل يؤ ّ‬ ‫ه ّ‬
‫كى عدّوا كما هو الحال فى النص التالى مثل‪ ،‬وهو موجود لمن يريد التأكد‬ ‫ي َن ْ ِ‬
‫منه فى ملحق الترجمة الرشادية رقم ‪Another proof of divine" :15‬‬
‫‪preservation of the Islamic practices given to Abraham is the "Universal‬‬
‫‪Acceptance" of such practices. There is no dispute concerning the number of‬‬
‫‪Rak`ahs in all five daily prayers. This proves the divine preservation of‬‬
‫‪ ،"Salat‬وترجمته كما يلى‪" :‬هناك برهان آخر على حفظ الله للشعائر التى‬
‫نزلت على إبراهيم ‪ ،‬أل وهو "القبول العام" لهذه الشعائر‪ ،‬إذ ل خلف على‬
‫عدد الركعات فى الصلوات الخمس‪ ،‬وهذا يدل على حفظ الله لهذه‬
‫الفريضة"‪ .‬لكننا نقول إن هذا "القبول العام" الذى يتحدث عنه صاحبنا‬
‫المنافق ليس له من أساس غير السنة النبوية قول وعمل‪ ،‬وإن كنت فى ريب‬
‫من التزامه هو وأتباعه بالصلة كما وصلتنا عن رسول الله وصحابته الكرام‪،‬‬
‫كا كما نعرف‪ ،‬ومعنى‬ ‫شْر ً‬ ‫سولية ك ُ ْ‬
‫فًرا و ِ‬ ‫دون الشهادة لسيدنا محمد بالّر ُ‬‫فهم ي َعُ ّ‬
‫ذلك أن "تحياتهم" ناقصة على القل‪ .‬ومرة أخرى أكرر أن من يثبت عكس‬
‫هذا الذى أقول عن صلة إبراهيم عليه السلم فْليذكر لنا مصادره‪ ،‬فقد تتبعنا‬
‫صلنا إلى خليل الرحمن فلم نعثر على شىء يمكن أن‬ ‫كل السبل التى تو ّ‬
‫يهدينا إلى كيفية أدائه لهذه الفريضة بتاتا‪ .‬وهذا طبعا إن كانت صلته كصلتنا‪،‬‬
‫ولم تكن تؤّدى بكيفية أخرى! وعلى ذكر "القبول العام" لماذا يا ترى لم يتخذ‬
‫ل هذا التمسك أداةً لقبول الحاديث النبوية‬ ‫هذا المعيار الذى يتمسك به ك ّ‬
‫دثين بالتصديق؟ أليس هذا هو أقل ما كان‬ ‫الكريمة التى تحظى من كل المح ّ‬
‫ينبغى أن يفعله بناء على ذلك المقياس الذى رأى فيه دليل قاطعا على صحة‬
‫كيفية الصلة كما وصلتنا عن الرسول وصحابته؟‬

‫)‪(21 /‬‬

‫وأخيرا هذه هى اليات التى يزعم "رشاد ساعة لقلبك" أنها تدل على أن‬
‫شعائر العبادات فى دين محمد هى هى نفسها شعائر العبادات فى دين‬
‫ة لّ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن لَ َ‬
‫سكَناَ‬‫مَنا ِ‬ ‫ك وَأرَِنا َ‬ ‫م ً‬ ‫سل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬ ‫من ذ ُّري ّت َِنا أ ّ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫مي ْ ِ‬
‫سل ِ َ‬‫م ْ‬ ‫جعَل َْنا ُ‬‫إبراهيم‪َ" :‬رب َّنا َوا ْ‬
‫م " )البقرة‪ ،128 /‬والمتحدثان هما إبراهيم‬ ‫وتب عَل َينا إن َ َ‬
‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫ت الت ّ ّ‬‫ك أن َ‬ ‫َْ ِّ‬ ‫َُ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫فا وَ َ‬‫حِني ً‬
‫م َ‬ ‫هي َ‬
‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ن ات ّب ِعْ ِ‬ ‫حي َْنا إ ِلي ْك أ ِ‬ ‫م أوْ َ‬ ‫وإسماعيل عليهم السلم(‪ " ،‬ث ُ ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫ج ُ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬
‫مُنوا اْركُعوا َوا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن" )النحل‪َ " ،(123 /‬يا أي َّها ال ِ‬ ‫كي َ‬‫شرِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫كا َ‬
‫جَهادِهِ‬ ‫حق ّ ِ‬ ‫دوا ِفي الل ّهِ َ‬ ‫جاهِ ُ‬ ‫ن }‪ 77‬وَ َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫م تُ ْ‬‫خي َْر ل َعَل ّك ُ ْ‬‫م َوافْعَُلوا ال ْ َ‬ ‫دوا َرب ّك ُ ْ‬‫َواعْب ُ ُ‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫ل عَل َيك ُم في الدين من حرج مل ّ َ َ‬
‫ماك ُ ُ‬
‫م‬ ‫س ّ‬ ‫م هُوَ َ‬ ‫هي َ‬ ‫م إ ِب َْرا ِ‬‫ة أِبيك ُ ْ‬ ‫ّ ِ ِ ْ َ َ ٍ ّ‬ ‫ْ ْ ِ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬‫جت ََباك ُ ْ‬ ‫هُوَ ا ْ‬
‫داء‬ ‫شهَ َ‬ ‫ُ‬
‫م وَت َكوُنوا ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دا عَلي ْك ْ‬ ‫شِهي ً‬‫سول َ‬‫ُ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫من قب ْل وَِفي هَ َ‬
‫ذا ل ِي َكو َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سِلمي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫م‬‫م فَن ِعْ َ‬ ‫ولك ُ ْ‬ ‫موا ِبالل ّهِ هُوَ َ‬
‫م ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫صلة َ َوآُتوا الّز َ‬
‫كاة َ َواعْت َ ِ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫س فَأِقي ُ‬ ‫عَلى الّنا ِ‬
‫َ‬
‫صيُر " )الحج‪ .(78 -77 /‬فهل فى هذه النصوص ما يدل على‬ ‫م الن ّ ِ‬ ‫موَْلى وَن ِعْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أن تفاصيل العبادات فى ديانة إبراهيم هى هى نفسها فى ديانة محمد عليه‬
‫ت لنا الكيفية التى كانت تؤّدى بها هذه‬ ‫السلم‪ ،‬فضل عن أن تكون قد رسم ْ‬
‫ت أن الخليل عليه السلم‬ ‫ت عدد الصلوات فى اليوم أو ذكر ْ‬ ‫حد ّد َ ْ‬ ‫العبادات أو َ‬
‫كان يصلى صلة الجمعة؟ ليس فى الية‪ ،‬كما هو واضح‪ ،‬إل الركوع والسجود‪،‬‬
‫ومن ثم فليس بين أيدينا وثيقة تبين لنا كيف كان إبراهيم عليه السلم يؤدى‬
‫صلته‪.‬‬
‫ومن جهل جاهلنا الميثاقى أيضا تفسيره دابة الرض فى قوله تعالى‪" :‬وإذا‬
‫وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا ل‬
‫يوقنون" )النمل‪ (82 /‬على أن المقصود بها الحاسوب‪ ،‬الذى استطاع من‬
‫صل إلى اكتشاف معجزة الرقم ‪ 19‬التى‬ ‫خلله "أبو لمعة الصلى" أن يتو ّ‬
‫دع بها أدمغتنا بالبكش والتى نسفها له العلماء والباحثون المحترمون )انظر‬ ‫ص ّ‬
‫تعليقه على تلك الية(‪ .‬فهل الحاسوب فى اللغة العربية )أو غير العربية( ي ُعَد ّ‬
‫ة من الدواب؟ لقد كان أهل العَِزب المجاورة لقريتنا فى‬ ‫بأى معنى داب ً‬
‫الخمسينات يسمون الدراجة‪" :‬الحمار الحديد"‪ ،‬وكان لهم من جهلهم وتحرك‬
‫هذه اللة على عجلتين وركوبهم إياها وحملها لثقالهم عذر فيما يقولون‪ .‬لكن‬
‫ما عذر هذا الفاق فى تفسيره الحاسوب بـ"الدابة"؟ هل له أربع أرجل أو‬
‫أربع عجلت‪ ،‬أو حتى رجلن أو عجلتان يتحرك بهما؟ وهل هو يحمل الناس‬
‫ب دبيبا؟ وهل‬ ‫والشياء من مكان إلى مكان كما تصنع الدواب؟ بل هل هو يد ّ‬
‫دا وقال‪ :‬إن الناس كانوا بآيات الله‬ ‫الحاسوب خرج من الرض؟ وهل كّلم أح ً‬
‫ليوقنون؟ وهل كان الناس ل يوقنون بالقرآن حتى أتاهم الحاسوب‬
‫واستخدمه أبو الرشد فى ممارسة بهلوانياته الخنفشارية‪ ،‬فعندئذ آمنوا به‬
‫دق الناس ما قاله ذلك الحاسوب؟ الجواب فى كل ذلك‬ ‫دقوه؟ بل هل ص ّ‬ ‫وص ّ‬
‫دم‬‫خ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫َ‬
‫هو‪ :‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ل‪ .‬ليس ذلك فقط‪ ،‬بل إن الحواسيب لت ُ ْ‬
‫فى كثير من الحالت لمحاربة الخلق الكريم واليمان القويم‪ ،‬ومنها استخدام‬
‫رشاد خليفة لها فى نشر الضللت والبهلوانيات الكفرية بين المسلمين‬
‫لفتنتهم عن دينهم! الواقع أن الحاسوب ليس هو الدابة‪ ،‬بل الذى يفسر‬
‫الحاسوب بأنه دابة هو الدابة‪ ،‬وكل إناٍء ينضح بما فيه! ومن جهل جاهلنا كذلك‬
‫ى"‪ ،‬يقصد‬ ‫وبكشه تفسيره "المد ّّثر" فى مطلع سورة "المدثر" بـ"السر الخف ّ‬
‫ما يسميه‪" :‬معجزة الرقم ‪ ."19‬وهذه هى اليات المقصودة‪" :‬يا أيها المد ّّثر*‬
‫َ‬
‫ن تستكِثر*‬ ‫جر* ول تمن ُ ْ‬ ‫جَز فاهْ ُ‬ ‫ذر* ورّبك فك َّبر* وثياَبك فط َّهر* والّر ْ‬ ‫قم فأن ْ ِ‬
‫ولربك فاصبر"‪ .‬أى أن الله سبحانه‪ ،‬حسب تفسير هذا الفاك الضال‪ ،‬ينادى‬
‫السر المختفى فى الحاسوب أن يقوم من مكانه )أو منامه أو طعامه‪ ،‬ل‬
‫ن على‬ ‫جز ويطّهر ثيابه ويم ّ‬ ‫أدرى بالضبط!( فينذر الناس ويكّبر الله ويهجر الّر ْ‬
‫المحتاجين ويصبر على لواء الدعوة! هل رأيتم تفسيرا عبقريا كهذا التفسير‬
‫الذى ل يمكن أن يخطر إل فى بال سكرا‬

‫)‪(22 /‬‬

‫رصيدك في بنك الصحة!‬


‫د‪.‬محمد هيثم الخياط‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منظمة الصحة العالمية‬


‫________________________________________‬
‫للصحة في السلم ب ُْعدان اثنان هما‪" :‬الميزان الصحي"‪ ،‬و"الرصيد الصحي"‪.‬‬
‫* الميزان الصحي‪:‬‬
‫نجد الب ُْعد الول في كلم ربنا عز وجل‪ ،‬متحدًثا عن هذا التوازن الذي وضعه‬
‫ضع‬‫الله في طبيعة هذا الكون بمختلف منظوماته ومنها النسان‪…" :‬وَوَ َ‬
‫َ‬
‫سُرْوا‬ ‫خ ِ‬‫ط َول ت ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ن ِبال ْ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫موا ال ْوَْز َ‬‫مْيزان * وَأقِي ْ ُ‬ ‫وا ِفي ال ْ ِ‬ ‫الميزان * أل ت َط ْغَ ْ‬
‫مي َْزان" )الرحمن‪ ،(9 - 7 :‬فلفت ‪ -‬سبحانه ‪ -‬النظر إلى هذا التوازن الذي‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ينظم كل شيء‪ ،‬ون َّبه إلى أن أي انحراف ـ أّيا كان اتجاهه‪ ،‬طغياًنا كان أم‬
‫ل بهذا الميزان ويفضي إلى أسوأ العواقب‪َ" :‬يا أ َّيها‬ ‫خ ّ‬
‫إخساًراـ يمكن أن ي ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م عََلى أن ْ ُ‬
‫سكم…" )يونس‪.(23 :‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ب َغْي ُك ُ ْ‬‫س إ ِن ّ َ‬
‫الّنا ُ‬
‫ولقد فهم الطبيب العربي والمسلم ذلك واستوعبه وطّبقه في مجال الصحة‬
‫معَب ًّرا عن هذا التوازن الديناميكي بتعبير العتدال‪ ،‬فقال علي بن العباس مثل ً‬ ‫ُ‬
‫بكل إيجاز‪" :‬والصحة هي اعتدال البدن"‪ ،‬وعّبر عن ديناميكية هذا التوازن ابن‬
‫سينا بقوله‪" :‬العتدال الذي للنسان له عرض )مجال(‪ ..‬وله في الفراط‬
‫دان"‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫والتفريط َ‬
‫* الرصيد الصحي‪:‬‬
‫أما الب ُعْد ُ الثاني فينطلق في الساس من قول النبي )صلى الله عليه وسلم(‬
‫ضك"‪ ،‬وهذا حديث عن‬ ‫مَر ِ‬‫ك لِ َ‬ ‫حت ِ َ‬
‫ص ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫خذ ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫فيما رواه البخاري عن ابن عمر‪" :‬وَ ُ‬
‫ميه؛ ليستعين به على مجابهة المرض‪،‬‬ ‫"رصيد صحي" يحافظ عليه المرء وي ُن َ ّ‬
‫فالمرض كما تقدم إخلل بالميزان الصحي‪ ،‬ومجابهته تكون بالمحافظة على‬
‫ل‪ ،‬ولن‬ ‫خت َ ّ‬
‫الميزان الصحي‪ ،‬ومنع اختلله‪ ،‬واستعادة التوازن الصحي كلما ا ْ‬
‫يتأتى ذلك ما لم يكن لدى النسان مثل هذا الرصيد الصحي الذي يستعين به‬
‫ويتسلح به‪.‬‬
‫خذة‬ ‫مت ّ َ‬
‫وقد أطلق المحدثون عبارة "تعزيز الصحة" على مجموعة الوسائل ال ُ‬
‫فة الصحة راجحة‪ ،‬فأما من‬ ‫لتقوية الرصيد الصحي وتنميته للحفاظ على ك َ ّ‬
‫فت موازينه‬ ‫خ ّ‬
‫ثقلت موازينه الصحية فهو في خير صحة وعافية‪ ،‬وأما من َ‬
‫الصحية فهو فريسة للمراض والسقام‪.‬‬
‫قل موازين الصحة إن‬ ‫ْ‬
‫والذي يمكن أن يخفف موازين الصحة إن ساء‪ ،‬وي ُث ِ‬
‫سن‪ ،‬مجموعة من عوامل في النسان والبيئة‪ ،‬أطلق عليها ابن سينا اسم‬ ‫ح ُ‬ ‫َ‬
‫مغَّيرة أو الحافظة لحالت بدن النسان"‪ ،‬وأدرج فيها العوامل‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫"السباب‬
‫التالية‪ …" :‬ال َهْوَِية وما يتصل بها‪ ،‬والمطاعم والمياه والمشارب وما يتصل‬
‫بها‪ ،‬والستفراغ والحتقان‪ ،‬والبلدان‪ ،‬والمساكن وما يتصل بها‪ ،‬والحركات‬
‫والسكونات البدنية والنفسانية ومنها النوم واليقظة‪ ،‬والستحالة في السنان‪،‬‬
‫والختلف فيها وفي الجناس‪ ،‬والصناعات‪ ،‬والعادات"‪ .‬وقد أضاف إلى ذلك‬
‫علي بن العباس "الرياضة‪ ،‬والد ّْلك‪ ،‬والستحمام‪ ،‬والجماع"‪ ،‬وقال عن هذه‬
‫السباب‪:‬‬
‫ملت على ما يجب أن يستعمل‪ ،‬وعلى‬ ‫َ‬ ‫ست ُعْ ِ‬
‫"‪ ..‬وذلك أن هذه المور متى ا ْ‬
‫حسب الحاجة إليها في كل واحد من البدان‪ ،‬في الكمية والكيفية والوقت‬
‫والترتيب‪ ،‬حفظت المور الطبيعية على حالها‪ ،‬ودامت بذلك صحة البدن!"‪.‬‬
‫وليس يخفى أننا نستطيع أن نقسم هذه العوامل إلى مجموعتين اثنتين‪،‬‬
‫متصرفين بعض التصرف في المصطلحات؛ لنستعمل تعابير العصر الحاضر‪،‬‬
‫والمجموعة الولى هي‪ :‬البيئة‪ ،‬والمجموعة الثانية هي‪ :‬السلوك المتعلق‬
‫بالصحة وهي أنماط الحياة‪ .‬وعن أنماط الحياة هذه يقول علي بن العباس‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫"ينبغي أن يستعان في سائر أبواب حفظ الصحة بالنظر في العادات‪ ،‬إذ كان‬
‫النظر فيها باًبا كبيًرا في حفظ الصحة ومداواة المراض؛ لنها إذا طالت مدتها‬
‫صارت كالشيء الطبيعي‪."..‬‬
‫أنماط الحياة من أجل صحة أفضل‪:‬‬
‫لن النسان المسلم يعتبر الصحة نعمة؛ لقوله عليه الصلة والسلم فيما‬
‫ن فيهما كثير من‬ ‫مغُْبو ٌ‬ ‫رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما‪" :‬نعمتان َ‬
‫حة والفراغ"؛ لذا فهو يحافظ عليها عن طريق‪:‬‬ ‫ص َ‬‫الناس‪ :‬ال ّ‬
‫قا للميزان الذي وضعه الله‬ ‫‪ - 1‬التغذية الحسنة‪ :‬وهي التغذية المتوازنة تحقي ً‬
‫ّ‬
‫ن الطي َّبات"‬ ‫م َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حّري الغذاء الطّيب‪" :‬ك ُل ْ‬ ‫ل‪ :‬بت َ َ‬‫في كل شيء‪ ،‬ويكون ذلك أو ً‬
‫خَباِئث" )العراف‪:‬‬ ‫م ال َ‬ ‫َ‬
‫م عَلي ْهِ ُ‬ ‫حّر ُ‬
‫)المؤمنون‪ ،(51 :‬واجتناب الغذاء الخبيث‪" :‬وَي ُ َ‬
‫ما‬
‫ت َ‬ ‫َ‬
‫وا طي َّبا ِ‬‫م ْ‬ ‫حّر ُ‬ ‫‪ ،(157‬وثانًيا‪ :‬بعدم المتناع عن الغذاء لقوله سبحانه‪" :‬ل ت ُ َ‬
‫ج ّ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫كم…" )المائدة‪ ،(87 :‬وثالًثا‪ :‬بعدم السراف فيه لقوله تعالى َ‬ ‫ح ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫أ َ‬
‫وا" )العراف‪ ،(31 :‬ورابًعا‪ :‬بعدم تناول ما‬ ‫سرِفُ ْ‬ ‫وا َول ت ُ ْ‬ ‫شَرب ُ ْ‬‫وا َوا ْ‬‫شأنه‪" :‬وَك ُل ُ ْ‬
‫ث الضرر؛ فيكون بذلك‬ ‫حد ِ َ‬‫ص أهل الذكر من الطباء على أن من شأنه أن ي ُ ْ‬ ‫نَ ّ‬
‫معتدًيا على الصحة‪َ" :‬ول ت َعْت َد ُْوا"‪.‬‬
‫مان"‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫‪ – 2‬النظافة العامة‪ :‬لقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬الطُهوُر شطُر الي ْ َ‬
‫رواه مسلم‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل ُيحاِفظ على الوضوء إل مؤمن"‬
‫حقّ الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة‬ ‫رواه الدارمي‪ ،‬وقوله‪َ " :‬‬
‫ده" رواه مسلم‪.‬‬ ‫أيام‪ :‬يغْس ُ ْ‬
‫س َ‬
‫ج َ‬‫ه وَ َ‬‫س ُ‬‫ل َرأ َ‬ ‫َ ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وبالنظافة الموضعية‪ ،‬كغسل اليدين؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم "إذا أراد‬
‫سل يديه"‪ ،‬ونظافة الفم والنف والذنين والعينين والرأس واليدين‬ ‫أن يأكل غَ َ‬
‫والقدمين‪ ،‬وقد ورد في ذلك من فعل رسول الله )صلى الله عليه وسلم( آثار‬
‫كثيرة مباركة‪ ،‬ومثل ذلك قوله )صلى الله عليه وسلم( فيما رواه الحكيم‬
‫صوا أظافيركم‪،‬‬ ‫الترمذي في نوادر الصول عن عبد الله بن بشر المازني‪" :‬قُ ّ‬
‫قوا براجمكم…"‪ ،‬وكالتنظيف من البول والغائط لقوله‬ ‫وادفنوا ُقلماتكم‪ ،‬ون َ ّ‬
‫وط أحدكم فليمسح ثلث مرات" رواه ابن‬ ‫)صلى الله عليه وسلم(‪" :‬إذا ت َغَ ّ‬
‫حزم‬
‫مطَهرة للفم‬ ‫ْ‬ ‫سواك َ‬ ‫‪ - 3‬العناية بصحة الفم‪ :‬بالسواك لقوله عليه السلم‪" :‬ال ّ‬
‫ضاة للّرب" رواه ابن ماجه‪ ،‬وبالمحافظة على تنظيف الّلثة؛ لقوله عليه‬ ‫مْر َ‬ ‫َ‬
‫الصلة والسلم فيما رواه الحكيم الترمذي عن عبد الله بن بشر‪" :‬نظفوا‬
‫خًرا"‪.‬‬ ‫ِلثاتكم من الطعام‪ ،‬وتسّننوا‪ ،‬ول تدخلوا عليها قحًرا )قَل ْ ً‬
‫حا( ب َ َ‬
‫‪ - 4‬تقوية الجسم‪ :‬ول سيما بالرياضات المناسبة للجسم ككل‪ ،‬ولكل عضو‬
‫من العضاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬المؤمن القوي خير من المؤمن‬
‫ص على ما‬ ‫حرِ ْ‬ ‫الضعيف"‪ .‬ويندرج ذلك تحت قوله عليه الصلة والسلم‪" :‬ا ْ‬
‫فُعك" رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة‪.‬‬ ‫ي َن ْ َ‬
‫‪ - 5‬عدم إرهاق البدن وإعطاء كل عضو فيه حقه؛ لقوله عليه الصلة‬
‫ك عَل َي ْكَ‬
‫سد ِ َ‬
‫ج َ‬ ‫ن لِ َ‬‫قا" رواه البخاري‪ ،‬وقوله‪" :‬إ ِ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ك عَل َي ْ َ‬‫س َ‬ ‫ف ِ‬‫ن ل ِن َ ْ‬
‫والسلم‪" :‬إ ِ ّ‬
‫قا" رواهما مسلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ل ِعَي ْن َي ْك عَلْيك ح ّ‬ ‫قا"‪ ،‬وقوله‪" :‬إ ِ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫‪ - 6‬اتخاذ جميع أسباب الوقاية من المراض‪ :‬بحسب وصية أهل الذكر من‬
‫الطباء؛ لن التوقي يؤدي إلى الوقاية‪ ،‬فقد قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬ومن‬
‫ي َت َوَقّ الشر ُيوَقه" أخرجه الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة )رضي الله‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عنه( ويدخل في ذلك التطعيم لتقاء المراض المعدية‪ ،‬والبتعاد عن كل‬


‫مصدر من مصادر العدوى لقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل يوردن ممرض‬
‫على مصح" رواه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد‪.‬‬
‫ل‪ :‬بالزواج؛ لقوله صلى الله عليه‬ ‫‪ - 7‬اتباع السلوك الجنسي السليم‪ :‬وذلك أو ً‬
‫م الب ََاءةَ فَل ْي َت ََزّوج" متفق عليه‪ ،‬وقوله في الحديث‬ ‫من ْك ُ ُ‬ ‫سَتطاع َ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وسلم‪َ " :‬‬
‫الذي رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه‪" :‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن‬
‫سنتي فليس مني"‪ ،‬وثانًيا‪ :‬بحصر نشاطه الجنسي بالزواج‪ ،‬لقول الله عز‬
‫َ‬ ‫فروجهم حافظ ُون * إل عََلى أ َزواجه َ‬
‫م‬
‫مان ُهُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م أوْ َ‬ ‫ْ َ ِ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫م لِ ُ ُ ْ ِ ِ ْ َ ِ ْ َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫وجل‪" :‬وال ّذِي ْ َ‬
‫م ال َْعاد ُْون" )المؤمنون‪5 :‬‬ ‫ُ‬
‫ك فَأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ن اب ْت ََغى وََراَء ذ َل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مي ْ َ‬ ‫مل ُوْ ِ‬ ‫م غَي ُْر َ‬ ‫فَإ ِن ّهُ ْ‬
‫–‪ ،(7‬وثالًثا‪ :‬بممارسة نشاطه الجنسي كامل ً في الزواج‪ ،‬لقوله عليه الصلة‬
‫صد ََقة" رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه‪،‬‬ ‫حد ِ ُ‬ ‫َ‬
‫كم َ‬ ‫ضِع أ َ‬ ‫والسلم‪" :‬وفي ب ُ ْ‬
‫ن‬
‫ه كا َ‬ ‫َ‬ ‫وا الّزَنى إ ِن ّ ُ‬ ‫قَرب ُ ْ‬ ‫ورابًعا‪ :‬بالبتعاد عن كل فاحشة‪ ،‬لقوله تعالى‪َ" :‬ول ت َ ْ‬
‫َ‬
‫ما ظهََر‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫وا ال َ‬ ‫قَرب ُ ْ‬ ‫ل" ) السراء‪ (32 :‬وقوله‪َ" :‬ول ت َ ْ‬ ‫سب ِي ْ ً‬ ‫ساَء َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ش ً‬ ‫ح َ‬ ‫َفا ِ‬
‫ما ب َطن" )النعام‪.(151 :‬‬ ‫َ‬ ‫من َْها وَ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ - 8‬اتباع السلوك النفسي السليم‪ :‬وذلك باتباع السلوك السلمي في السرة‬
‫والمجتمع‪ ،‬الذي يغني عن التشاجر والتشاحن؛ مصداًقا لقوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬ل تباغضوا ول تحاسدوا ول تدابروا ول تقاطعوا"‪ ،‬متفق عليه عن‬
‫أنس رضي الله عنه‪ ،‬وبالرضاء بقضاء الله وعدم الغم والكمد عند الك َُرب؛‬
‫ب‬‫ي ك َِتا ٍ‬ ‫م ِإل فِ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ي أ َن ْ ُ‬ ‫ض َول ْفِ ْ‬
‫َ‬
‫صي ْب َةٍ ِفي الْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬
‫َ‬
‫لقوله تعالى‪َ " :‬‬
‫َ‬ ‫من قَب َ‬
‫كم"‬ ‫ما َفات َ ُ‬ ‫وا عََلى َ‬ ‫ْ‬ ‫س‬‫سي ٌْر * ل ِك َْيل ت َأ َ‬ ‫ك عََلى اللهِ ي َ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫ها إ ِ ّ‬ ‫ن ن َب َْرأ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِ ْ ْ ِ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫خطأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ما أ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫)الحديد‪ ،(23 – 22 :‬وقول النبي عليه الصلة والسلم‪" :‬واعْل ْ‬
‫ك‪ ،‬واعْل َ َ‬ ‫َ‬
‫ر‪،‬‬
‫صب ْ ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫صَر َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫خط ِئ َ َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬‫م ي َك ُ ْ‬‫ك لَ ْ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ك‪ ،‬وَ َ‬ ‫صي ْب َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سًرا" رواه غير الترمذي عن ابن‬ ‫سرِ ي ُ ْ‬ ‫معَ ال ْعُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ب‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫معَ ال ْك َْر ِ‬ ‫ج َ‬ ‫فَر َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وَأ ّ‬
‫ن‬
‫فَر إ ِ ّ‬ ‫صب ََر وَغَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عباس رضي الله عنه‪ ،‬وبالصبر لقول الله جل شأنه‪…" :‬وَل َ َ‬
‫ضَياء"‬ ‫صب ُْر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ك لَ ِ‬‫ذ َل ِ َ‬
‫ور"‪ ،‬وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن عَْزم ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬
‫عن أبي مالك الشعري‪ ،‬وبالستعانة بذكر الله لقوله سبحانه‪" :‬ألَ‬ ‫رواه مسلم‬
‫وب" )الرعد‪ ،(28 :‬وبعدم الغضب لقوله عليه الصلة‬ ‫قل ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫ب ِذِك ْرِ اللهِ ت َط َ‬
‫ب" رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬ ‫ض ْ‬ ‫والسلم‪" :‬ل ت َغْ َ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫م ِإلى الت ّهْل ُ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ - 9‬عدم تعريض نفسه للخطر‪ :‬لقوله تعالى‪َ" :‬ول ت ُل ْ ُ‬
‫كة"‬ ‫وا ب ِأي ْدِي ْك ُ ْ‬
‫ق ْ‬
‫ستم فاجتنبوا‬ ‫)البقرة‪ ،(195 :‬وقول النبي عليه الصلة والسلم‪" :‬إذا عَّر ْ‬
‫الطريق‪ ،‬فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل" رواه مسلم عن أبي‬
‫هريرة‪ ،‬وقوله‪" :‬إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره‪،‬‬
‫فإنه ل يدري ما خلفه عليه" متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬وقوله‬
‫ن هذه النار عَد ُوّ لكم فإذا‬ ‫وقد احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل‪" :‬إ ّ‬
‫فئوها عنكم" متفق عليه عن أبي موسى رضي الله عنه‪ ،‬وقوله‬ ‫مُتم فأط ْ ِ‬
‫نِ ْ‬
‫قوا البواب وأوكوا‬ ‫ّ‬
‫فُئوا المصابيح إذا رقدتم‪ ،‬وغَل ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫صلوات الله عليه‪" :‬أط ِ‬
‫مروا الطعام والشراب" رواه البخاري عن جابر‪ ،‬وقوله صلى الله‬ ‫خ ّ‬
‫السقية‪ ،‬و َ‬
‫ل نفسه" قالوا‪ :‬وكيف يذل نفسه؟ قال‪:‬‬ ‫عليه وسلم‪" :‬ل ينبغي لمؤمن أن ي ُذِ ّ‬
‫يتعرض من البلء ما ل يطيق" رواه ابن ماجه وأحمد عن حذيفة‪.‬‬
‫داوْوا" رواه البخاري في الدب‬ ‫‪ - 10‬التداوي‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم "ت َ َ‬
‫المفرد عن أسامة بن شريك‪ ،‬ويدخل في ذلك على الخصوص أنواع التداوي‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل‪ ،‬أو الفضاء إلى أمراض أكثر خطورة‪،‬‬ ‫التي تقي من تطور المرض تطوًرا وبي ً‬
‫ومثال ذلك علج الداء السكري أو مرض السكر لتقاء عقابيله الخطيرة‪،‬‬
‫وعلج ارتفاع ضغط الدم لتقاء تمزق الشرايين أو انسدادها وما إلى ذلك‪.‬‬
‫وا فِْيه"‬ ‫سك ُن ُ ْ‬ ‫ل ل ِت َ ْ‬ ‫م الل ّي ْ َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫‪ - 11‬تحسين عادات النوم‪ :‬لقوله سبحانه‪َ " :‬‬
‫ل َوالن َّهاِر‬ ‫م بالل ّي ْ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫ن آَيات ِهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫)القصص‪ ،(73 :‬وقوله عز من قائل‪" :‬وَ ِ‬
‫سا‬
‫ل ل َِبا ً‬‫م الل ّي ْ َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ضِله" )الروم‪ ،(23 :‬وقوله‪" :‬وَهُوَ ال ّ ِ‬ ‫ن فَ ْ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫َواب ْت َِغاؤُك ُ ْ‬
‫م‪َ ،‬فإ ّ‬
‫ن‬ ‫سَباًتا" )الفرقان‪ ،(47 :‬وقوله عليه الصلة والسلم‪…" :‬وَن َ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫َوالن ّوْ َ‬
‫قا"‪.‬‬
‫ح ّ‬‫ك َ‬ ‫َ‬
‫ك عَلي ْ َ‬ ‫سد ِ َ‬‫ج َ‬ ‫لِ َ‬
‫‪ - 12‬البعد عن الثم‪ :‬وهو ‪ -‬كما يقول السيد رشيد رضا ‪" :-‬كل ما فيه ضرر‬
‫في النفس أو المال أو غيرهما‪ .‬ومن الثم المسكرات والمخدرات والتدخين‬
‫م ك َب ِْير…"‬ ‫ما إ ِث ْ ٌ‬ ‫ل فِي ْهِ َ‬ ‫سرِ قُ ْ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مرِ َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ك عَ ِ‬‫سأ َل ُوْن َ َ‬
‫فقد قال ربنا سبحانه‪" :‬ي َ ْ‬
‫ما‬
‫من َْها وَ َ‬
‫ما ظهََر ِ‬ ‫َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫ي ال َ‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫حّر َ‬‫ما َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬‫)البقرة‪ ،(219 :‬وقال سبحانه‪" :‬قُ ْ‬
‫ن َوال ِْثم…" )النعام‪ ،(151 :‬وقد نهى رسول الله )صلى الله عليه وسلم(‬ ‫ب َط َ َ‬
‫عن كل مسكر ومفتر رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة‪ ،‬وقال عليه الصلة‬
‫والسلم في حديث رواه أبو نعيم عن أنس بن حذيفة ‪" :‬أل إن كل مسكر‬
‫مَر العقل فهو‬ ‫خ ّ‬ ‫حرام‪ ،‬وكل مخدر حرام‪ ،‬وما أسكر كثيره حرم قليله" وما َ‬
‫حرام"‪ .‬والخمر كما يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬كل مسكر" رواه‬
‫مسلم‪ ،‬و"كل مخمر" أي حاجب للعقل رواه أبو داود عن ابن عباس‪ ،‬وكما‬
‫ي ُعَّرْفها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "ما خامر العقل"‪،‬‬
‫ضا على تلك المواد التي شاع استعمالها اليوم‪ ،‬والتي تعرف‬ ‫وهذا ينطبق أي ً‬
‫باسم المواد النفسانية التأثير‪ ،‬والصح أن تدعى المواد المخامرة للعقل‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رضاء الله‪ ....‬ورضاء الناس‬


‫أ‪.‬د‪/‬محمد أديب الصالح‬
‫رئيس تحرير مجلة حضارة السلم‬
‫كتب أبو الدرداء إلى معاوية‪:‬‬
‫"أما بعد‪ :‬فإنه من يلتمس رضاء الله بسخط الناس‪ ،‬كفاه الله مؤونة الناس‪،‬‬
‫ومن التمس رضاء الناس بسخط الله‪ ،‬وكله الله إلى الناس"‪.‬‬
‫هل كانوا يضحكون؟؟‬
‫عن قتادة قال‪ :‬سئل ابن عمر رضي الله عنهما‪:‬‬
‫‪ -‬هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون؟‬
‫قال‪ :‬نعم! واليمان في قلوبهم أعظم من الجبال‪.‬‬
‫صلح‪ ...‬فتنة‬
‫قال أبو بكر بن طاهر‪" :‬احتياج الشرار إلى الخيار صلح الطائفتين‪ ،‬واحتياج‬
‫الخيار إلى الشرار فتنة الطائفتين"‪.‬‬
‫موازين‪...‬‬
‫وقال محفوظ النيسابوري‪:‬‬
‫"ل تزن الخلق بميزانك‪ ،‬وزن نفسك بميزان المؤمنين‪ ،‬لتعلم فضلهم‬
‫وإفلسك"‪.‬‬
‫إيمان‪ ...‬وسلوك‪ ...‬وخوف‬
‫وعن إبراهيم بن الشعث قال‪ :‬سمعت الفضيل –يعني ابن عياض‪ -‬يقول‪:‬‬
‫"يا سفيه ما أجهلك أل ترضى أن تقول‪ :‬أنا مؤمن‪ ،‬حتى تقول‪ :‬أنا مستكمل‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اليمان؟‬
‫ل والله ل يستكمل العبد اليمان حتى يؤدي ما افترض الله تعالى عليه‪.‬‬
‫ويجتنب ما حرم الله تعالى عليه‪.‬‬
‫ويرضى بما قسم الله تعالى له‪.‬‬
‫ثم يخاف مع ذلك أن ل يتقبل منه"‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رضاعة الرسول وشق صدره صلى الله عليه وسلم‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫يسرني أن أقدم لكم قصة الرضاعة وشق الصدر فصل في قصة رضاعه وما‬
‫يتصل به من شق صدره صلى الله عليه وسلم‬
‫ل‬‫م ٌ‬‫ح ْ‬‫توفي والده صلى الله عليه وسلم عبد الله وهو ابن شهرين وقيل وهو َ‬
‫وقيل غير ذلك‪ ،‬ثم أرضعته حليمة فكان من قصة رضاعه من حليمة ما يلي‬
‫قالت حليمة‪:‬‬
‫ضَعاء بمكة على أتان) ]‬ ‫"خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الّر َ‬
‫ً‬
‫شهَْباء) ]‪ ( [59‬لم تبق شيئا‪ ،‬ومعي زوجي‬ ‫مَراء) ]‪ ( [58‬في سنةٍ َ‬ ‫‪ ( [57‬لي قَ ْ‬
‫ض) ]‪ ( [61‬لنا بقطرة من لبن‪ ،‬ومعي‬ ‫ومعنا شارف) ]‪ ( [60‬لنا‪ ،‬والله إن ت َب ِ ّ‬
‫صبي لي ل ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه‪ ،‬فلما قدمنا مكة لم يبق‬
‫عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه‪ ،‬وإنما كنا‬ ‫منا امرأة إل ُ‬
‫ما ما عسى‬ ‫ما‪ ،‬وكنا نقول يتي ً‬ ‫نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود‪ ،‬وكان يتي ً‬
‫أن تصنع أمه به‪ ،‬حتى لم يبق من صواحبي امرأة إل أخذت صبّيا غيري‪،‬‬
‫فكرهت أن أرجع ولم آخذ شيًئا وقد أخذ صواحبي‪ ،‬فقلت لزوجي‪ :‬والله‬
‫ن إلى ذلك اليتيم فلخذنه‪ ،‬قالت‪ :‬فأتيته فأخذته ورجعت إلى رحلي‪،‬‬ ‫َ‬
‫جعَ ّ‬‫لر ِ‬
‫فقال زوجي‪ :‬قد أخذتيه؟ فقلت‪ :‬نعم والله‪ ،‬وذلك أني لم أجد غيره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أصبت فعسى الله أن يجعل فيه خيًرا‪ ،‬فقلت‪ :‬فوالله ما هو إل أن جعلته في‬
‫حجري فأقبل عليه ثديي بما شاء الله من اللبن فشرب حتى َرِوي وشرب‬ ‫ِ‬
‫ي‪ ،‬وقام زوجي يلي شارفنا من الليل فإذا بها‬ ‫أخوه ‪ -‬تعني ابنها ‪ -‬حتى َروِ َ‬
‫حافل) ]‪ ( [62‬فحلبنا من اللبن ما شئنا وشرب حتى روي‪ ،‬وشربت حتى‬
‫عا رواًء وقد نام صبياننا‪ .‬قالت‪ :‬قال أبوه "تعني‬ ‫رويت‪ ،‬وبتنا ليلتنا تلك شبا ً‬
‫ة مباركة قد نام صبياننا‪.‬‬ ‫م ً‬
‫س َ‬‫زوجها"‪ :‬والله يا حليمة ما أراك إل قد أصبحت ن َ َ‬
‫ك‬‫ِ‬ ‫ويح‬ ‫ليقولون‪:‬‬ ‫إنهم‬ ‫الركب‬ ‫قالت‪ :‬ثم خرجنا قالت‪ :‬والله َلخرجت أتاني أمام‬
‫في عنا‪ ،‬أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول‪ :‬بلى والله‪ ،‬وهي‬ ‫كُ ّ‬
‫مَنا حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر فقدمنا على أجدب‬ ‫دا ُ‬
‫قِ ّ‬
‫ن أغنامهم إذا أصبحوا‪،‬‬ ‫رحو َ‬ ‫س ِ‬‫أرض‪ ،‬والذي نفس حليمة بيده إن كانوا لي ُ ْ‬
‫عا ما‬ ‫ل) ]‪ ،( [63‬وتروح أغنامهم جيا ً‬ ‫ف ً‬ ‫ي غنمي فتروح ِبطاًنا ل ُب ًّنا ُ‬
‫ح ّ‬ ‫وُيسّرح راع ّ‬
‫بها من لبن‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فنشرب ما شئنا من اللبن وما في الحاضر أحد يحلب قطرة ول يجدها‬ ‫ّ‬
‫سّرحون‬ ‫حون حيث ُيسرح راعي حليمة؟ في ُ َ‬ ‫سّر ُ‬‫فيقولون لرعائهم‪ :‬ويلكم أل ت ُ َ‬
‫عا ما بها من لبن‪ ،‬وتروح غنمي‬ ‫شعب الذي ُنسرح فتروح أغنامهم جيا ً‬ ‫في ال ّ‬
‫فل‪ .‬وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في‬ ‫ً‬ ‫ل ُّبنا ُ‬
‫ح ّ‬
‫جفر) ]‬ ‫الشهر‪ ،‬ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة‪ ،‬فبلغ سنة وهو غلم َ‬
‫‪ ،( [64‬قالت‪ :‬فقدمنا على أمه فقلت لها أو قال لها أبوه‪ُ :‬ردي علينا ابني‬
‫ن شىء به مما رأينا‬ ‫فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة‪ ،‬قالت‪ :‬ونحن أض ّ‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل حتى قالت‪ :‬ارجعا به ‪ ،‬فرجعنا به فمكث عندنا‬ ‫من بركته‪ .‬قالت‪ :‬فلم ن ََز ْ‬
‫ما لنا إذ جاء أخوه‬ ‫ما خلف البيوت يرعيان ب َهْ ً‬ ‫شهرين‪ .‬قالت‪ :‬فبينا هو وأخوه يو ً‬
‫يشتد فقال لي ولبيه‪ :‬أدركا أخي القرشي فقد جاءه رجلن فأضجعاه وشقا‬
‫بطنه‪ ،‬فخرجنا نشتد فانتهينا إليه وهو قائم منتقع اللون‪ ،‬فاعتنقه أبوه واعتنقته‬
‫ي‪ ،‬قال‪ :‬أتاني رجلن عليهما ثياب بيض فأضجعاني ثم شقا‬ ‫ثم قلنا‪ :‬أيْ بن ّ‬
‫بطني‪ ،‬فوالله ما أدري ما صنعا‪ .‬قالت‪ :‬فاحتملناه ورجعنا به‪ ،‬يقول أبوه‪ :‬يا‬
‫حليمة ما أرى هذا الغلم إل قد أصيب‪ ،‬فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن‬
‫يظهر به ما نتخوف عليه قالت‪ :‬فرجعنا به‪ ،‬قالت أمه‪ :‬فما يرّدكما به وقد‬
‫كنتما حريصين عليه‪ ،‬قالت‪ :‬فقلت‪ :‬ل والله إل أّنا قد كفلناه وأدينا الحق الذي‬
‫يجب علينا فيه ثم تخوفنا الحداث عليه‪ ،‬فقلنا يكون في أهله‪ ،‬قالت أمه‪:‬‬
‫والله ما ذاك بكما فأخبراني خبركما وخبره‪ ،‬قالت‪ :‬فوالله ما زالت بنا حتى‬
‫أخبرناها خبره‪ ،‬قالت‪ :‬فتخوفتما عليه؟ كل والله إن لبني هذا شأًنا أل أخبركما‬
‫ي ول أعظم بركة منه‬ ‫مل حمل ً قط كان أخف عل ّ‬ ‫عنه؟ إني حملت به فلم أح ِ‬
‫شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت له أعناق البل‬ ‫ثم رأيت نوًرا كأنه ِ‬
‫بُبصرى ثم وضعته فما وقع كما تقع الصبيان‪ ،‬وقع واضًعا يديه بالرض رافًعا‬
‫حقا شأنكما"‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫رأسه الى السماء‪ ،‬دعاه وال َ‬
‫قال ابن حبان) ]‪ ( [65‬بعد إيراده هذه القصة بحروفها‪" :‬قال وهب بن جرير‬
‫بن حازم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن إسحاق‪ ،‬حدثنا جهم بن أبي جهم نحوه‪،‬‬
‫حدثناه عبد الله بن محمد‪ ،‬حدثنا اسحاق بن إبراهيم‪ ،‬أخبرنا وهب بن جرير"‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قال الحافظ العراقي) ]‪ ( [66‬بعد عزوه القصة لبن حبان وإيراده كلمه‪:‬‬
‫كائي‪ ،‬عن ابن إسحاق‪ ،‬فصرح بالتحديث‬ ‫"‪...‬وهكذا رواه زياد بن عبد الله الب َ ّ‬
‫إل أنه شك في اتصاله كما أنا به عالًيا محمد بن علي بن عبد العزيز‬
‫القطرواني‪ ،‬أنبا محمد بن ربيعة‪ ،‬أنا عبد القوي بن عبد العزيز بن الحباب‪ ،‬أنبا‬
‫عبد الله ابن ِرفاعة‪ ،‬أنا علي بن الحسن الخلعي‪ ،‬أنا عبد الرحمن بن عمر‬
‫النحاس‪ ،‬ثنا عبد الله بن جعفر بن الورد‪ ،‬ثنا عبد الرحيم اليرقي‪ ،‬ثنا عبد‬
‫الملك بن هشام‪ ،‬ثنا زياد بن عبد الله البكائي‪ ،‬ثنا محمد بن إسحاق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫محي‪ ،‬عن عبد الله بن‬ ‫ج َ‬
‫حدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب ال ُ‬
‫جعفر بن أبي طالب أو عمن حدثه عنه قال‪ :‬كانت حليمة بنت أبي ذؤيب‬
‫السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته تحدث أنها خرجت‬
‫ن لها صغير ترضعه‪ ...‬فذكر نحوه مع اختلف ألفاظ‪،‬‬ ‫من بلدها مع زوجها واب ٍ‬
‫وزاد‪" :‬فلم يزل يتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه‪ ،‬وكان‬
‫ما جفًرا‪...‬‬‫شب شباًبا ل َيشّبه الغلمان‪ ،‬فلم يبلغ سنتيه حتى كان غل ً‬ ‫ي ِ‬
‫كذا قال "سنتيه") ]‪ ( [67‬وهو الصواب‪ ،‬وقول ابن حبان في روايته"سنة"‬
‫غلط من بعض الرواة"‪ ،‬انتهى كلم الحافظ العراقي بحروفه‪.‬‬
‫وروى مسلم وغيره) ]‪ ( [68‬عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪" :‬إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان‪ ،‬فأخذه‬
‫ظ‬‫فصرعه‪ ،‬فشق قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال‪ :‬هذا ح ّ‬
‫َ‬
‫ه‪ ،‬ثم أعاده‬ ‫ست من ذهب بماء زمزم‪ ،‬ثم َل َ‬
‫م ُ‬ ‫الشيطان منك‪ ،‬ثم غسله في ط َ ْ‬
‫في مكانه‪ ،‬وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ‪ -‬يعني ظَئره ‪ -‬فقالوا‪ :‬إن محم ً‬
‫دا‬
‫قد قتل‪ ،‬فاستقبلوه وهو منتقع اللون"‪.‬‬
‫قال أنس‪ :‬وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال الحافظ البيهقي بعد عزوة لمسلم‪" :‬وهو يوافق ما هو المعروف عند‬
‫أهل المغازي"‪.‬‬
‫ضا عن أنس قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬ ‫وروى مسلم) ]‪ ( [69‬أي ً‬
‫غسل‬ ‫شرح صدري ثم ُ‬ ‫طلق بي إلى زمزم‪ ،‬ف ُ‬ ‫وسلم‪ُ" :‬أتيت وأنا في أهلي‪ ،‬فان ُ‬
‫حشي بها‬‫طست من ذهب ممتلئة إيماًنا وحكمة ف ُ‬ ‫بماء زمزم‪ ،‬ثم ُأتيت ب َ‬
‫صدري ‪ -‬قال أنس‪:‬ورسول الله يرينا أثره ‪ -‬فَعرج بي الملك إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬فاستفتح الملك‪ "...‬وذكر حديث المعراج‪.‬‬
‫قال الحافظ البيهقي) ]‪ ( [70‬عقبه‪" :‬ويحتمل أن ذلك كان مرتين‪ ،‬مرة ً حين‬
‫كان عند مرضعته حليمة‪ ،‬ومرة حين كان بمكة بعدما بعث ليلة المعراج"‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ويؤيد هذا الكلم ما ذكره ابن حبان) ]‪ ( [71‬قال‪" :‬شق صدر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وهو صبي يلعب مع الصبيان وُأخرج منه العلقة‪ ،‬ولما أراد الله جل‬
‫وعل السراء به أمر جبريل بشق صدره ثانًيا وأخرج قلبه فغسله ثم أعاده‬
‫مكانه‪ ،‬مرتين في موضعين وهما غير متضادين"‪.‬ا‪.‬هـ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رضي الله عنهم ورضوا عنه‬


‫أ‪.‬د‪/‬محمد أديب الصالح‬
‫رئيس تحرير مجلة حضارة السلم‬
‫شيء وراء المعرفة تميز به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فلم يكونوا‬
‫يتلقون عنه صلى الله عليه وسلم المعلومات وكفى ‪ ،‬كانت هناك تزكية‬
‫النفس ‪ ،‬وحملها إلى حيث خشية الله ‪ ،‬والوقوف عند حدوده ‪ ،‬ومراقبته في‬
‫السر والعلن عمل ً بتلك القاعدة النورانية ‪ :‬من الحديث الصحيح في بيان‬
‫الحسان ‪ " :‬أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ‪.‬‬
‫ل لها‬‫ج ُ‬
‫يعظهم الرسول صلى الله عليه وسلم فتذرف لموعظته العيون ‪ ،‬وت َ ِ‬
‫القلوب ‪ ،‬وتفيض آثارها على جوارحهم وسلوكهم ‪ ،‬فتراهم يمشون على‬
‫الرض بطهر الملئكة ‪ ،‬ويتصلون بالسماء بممارساتهم اليومية لشؤون الحياة‬
‫لنها كلها لله وفي سبيل الله ‪.‬‬
‫وحين أضاءت الحياة بلمساتهم ‪ ..‬وأشرقت بنظراتهم ‪ ..‬وتحول جدب الرض‬
‫التي فتحوها إلى ربيع يزهر ويثمر‪ ..‬حين حصل ذلك كله يوم انساحوا في دنيا‬
‫الناس فاتحين معلمين ‪ ،‬لم يكن ذلك بالمعرفة فقط ‪ ،‬ولكن كان بالمعرفة‬
‫وشيء وراءها ‪ ،‬فكان الصدق في المواطن ومراقبة الله في السر والعلن ‪،‬‬
‫وملحظة أن ما كان لله فهو المقبول ‪ ...‬وما كان لغيره فهو المردود ‪ ،‬وأن‬
‫لكل درجات مما عملوا أحصاه الله ونسوه ‪ ..‬لقد تحركوا ونور الخشية يضيء‬
‫لهم الطريق ‪ ..‬وعلموا الناس وكان مع التعليم ندى اليقين باليوم الخر وأن‬
‫الكل معروض عليه سبحانه ‪ ..‬وحملوا إلى الناس معالم الخير‪ ...‬وكل واحد‬
‫منهم بإيمانه وسلوكه صورة حية عن هذا الذي يدعو إليه ويعلمه الناس ‪.‬‬
‫مرضاة الله ‪ ..‬الصراط ‪ ..‬الميزان ‪ ..‬وعذاب القبر‪ ..‬والمسؤولية ]وقفوهم‬
‫إنهم مسؤولون ‪] (1) [..‬قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها[ )‪ ،(2‬كل‬
‫أولئك لم يكن في حياتهم دروسا ً تلقى على الناس من أجل غرض من‬
‫أغراض الدنيا ‪ ..‬ولكن كان اليد الحانية التي فجرت ينابيع الفطرة في‬
‫الناس ‪ ..‬وكشفت عن معادن الخير فيهم ‪ ..‬لن كل رائد منهم كان الدعوة‬
‫العلمية ‪ ..‬لما يعلم الخرين من مبادئ وأحكام ‪ ..‬حتى قالت عائشة ‪ :‬كان‬
‫عمر قرآنا ً ناطقا ً ‪ .‬ففي الكلمة التي ينطقون بها حياتها ‪ ..‬وفي الدعوة التي‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يدعون ‪ ..‬وجودها ‪ ..‬ولعل هذا من بعض أسرار ما كان من النسياح السريع‬


‫لنهم لم يعظوا الناس كلمات جامدات ل حياة فيها ‪ ،‬ولكن قدموا لهم الحياة‬
‫بالكلمات التي قدموها لما كان من الصورة الواقعية للسلم سلوكا ً وحبا ً لله‬
‫ولرسوله ‪،‬وصدق وجهة في الحركة أيا ً كانت منزلة الواحد منهم ‪ ،‬وكائنة ما‬
‫كانت وظيفته‪.‬‬
‫ن الله به على هذه المة أن جعل حملة رسالة نبيها إليها من‬ ‫ولقد كان مما م ّ‬
‫هذا الطراز‪ .‬فهم أول ً نقلة الرسالة إلى الناس عن نبيهم عليه الصلة والسلم‬
‫‪ ،‬والصورة العملية لها ‪ ..‬وهم ثانيا ً قريبو عهد بالجاهلية مما يكشف عن هذا‬
‫الذي صنعه السلم حين أشرقت على بطحاء مكة رسالة السماء ‪ ..‬وإذا‬
‫رأيت الذي كانت تصنعه ‪ ،‬آي الكتاب فيهم ‪ ،‬وموعظة الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم رأيت أي معجزة قامت على الرض وأيقظت حركة التاريخ ‪،‬‬
‫وكشفت عن أهليه النسان للسمو حين تلمس قلبه هداية السلم " الناس‬
‫معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في السلم إذا فقهوا " )‪ (3‬فقهوا على‬
‫إطلقها دون تحديد بمصطلحات جاءت فيما بعد ‪.‬‬
‫أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال ‪ :‬خطب رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال ‪ " :‬لو تعلمون ما‬
‫أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً ‪ ،‬فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وجوههم ولهم خنين " وفي رواية ‪ :‬بلغ رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عن أصحابه شيء فخطب فقال ‪ " :‬عرضت علي الجنة والنار فلم أر‬
‫كاليوم في الخير والشر‪ ،‬لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً ‪،‬‬
‫فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه ‪ ،‬غطوا‬
‫رؤوسهم ولهم خنين "‪.‬‬
‫تلك هي الصياغة ‪ ..‬نفوس امتدت إليها يد محمد صلى الله عليه وسلم الصناع‬
‫تذكيرا ً بالخرة ‪ ،‬ودفعا ً حازما ً إلى ميادين الجد ‪ ..‬وإيقاظا ً لعزائم الرجال‬
‫المنوط بهم حمل تلك الرسالة المحمدية ‪ ..‬أن يكونوا على مستوى‬
‫المسؤولية تجاوزا ً للمحقرات ‪ ...‬وارتفاعا ً فوق التوافه والركام ‪ ..‬وقدرة على‬
‫مجاهدة النفوس أن تتقاعس عن المعالي وجهاد العدو‪ ...‬ولسوف تبقى تلك‬
‫النماذج برهان الرض لهل الرض على امتداد الزمن ‪..‬‬
‫إن السلم رسالة الحياة للنسان ‪ ..‬وحجة علينا نحن الذين نزعم واهمين ـ‬
‫في جو من النهزام الداخلي وطلب العافية ـ أن السلم تجريد ل يقوى على‬
‫حمله النسان ‪ ..‬إن شيئا ً وراء المعرفة كما أسلفنا نلمسه في هؤلء الرواد‬
‫الذين تلقوا عن رسول الله ‪ ..‬وقبلوا عن رسول الله ‪ ..‬إنه الندى الذي يعطي‬
‫المعرفة حياتها ووجودها ‪..‬‬
‫ويجعل من النسان جنديا ً قادرا على حمل العبء وأداء الرسالة ‪ ..‬مهما غل‬
‫ً‬
‫الثمن على طريق أوله الستجابة لدعوة الحياة ‪ ..‬وآخره الشهادة في سبيل‬
‫الله ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما إنه ليس بدعا ً بعد ذلك أن نرى في أعمالهم ‪ ،‬وتربيتهم ‪ ،‬وسلوكهم ما هو‬
‫صورة صادقة لميراث النبوة ‪ ...‬والزرع الذي أخرج شطأه فآزره فاستغلظ‬
‫فاستوى على سوقه ‪ ..‬والحجة بهم قائمة إلى يوم الدين ‪ .‬بما كان من‬
‫حرصهم على الصياغة نفسها التي كانت ذروة منهجه عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫أخرج البيهقي وابن عساكر عن جعفر بن الزبرقان قال ‪ :‬بلغني أن عمر بن‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخطاب رضي الله عنه كتب إلى بعض عماله فكان في آخر كتابه أن ‪:‬‬
‫حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة ‪ ،‬فإن من حاسب نفسه في‬
‫الرخاء حساب الشدة ‪ ،‬عاد مرجعه إلى الرضاء والغبطة ‪ ،‬ومن ألهته حياته‬
‫وشغلته سيئاته ‪ ،‬عاد مرجعه إلى الندامة والحسرة ‪ ،‬فتذكر ما توعظ به كي‬
‫تنتهي عما تنهى عنه ‪.‬‬
‫وعلى هذا الطريق من الفقه الحقيقي لهذا الدين الذي أكمل الله به نعمته‬
‫على الناس ‪ ،‬روي عن علي رضي الله عنه فيما أخرجه أبو نعيم قال ‪ :‬ليس‬
‫الخير أن يكثر مالك وولدك ‪ ،‬ولكن الخير أن يكثر عملك ويعظم حلمك ‪ .‬وأن‬
‫تباهي الناس بعبادة ربك ‪ ،‬فإن أحسنت حمدت الله ‪ ،‬وإن أسأت استغفرت‬
‫الله ‪ ،‬ل خير في الدنيا إل لحد رجلين ‪ :‬رجل أذنب ذنبا ً فهو متدارك ذلك‬
‫بتوبته ‪ ،‬أو رجل يسارع في الخيرات ‪ ..‬ول يقل عمل في تقوى ‪ ..‬وكيف يقل‬
‫ما يتقبل !!‬
‫حتى في ساحة الجهاد ‪ ..‬وبين الصفين ‪ ..‬حيث يبتسم المؤمن للموت ‪..‬‬
‫ويتطلع إلى الشهادة ‪ ..‬ويعيش لحظات هي إلى الخرة أقرب منها إلى‬
‫الدنيا ‪ ...‬ل ينسى قائد كأبي عبيدة أن يذكر المقاتلين في سبيل الله ما يمكن‬
‫أن يعتبر من الوليات والبجديات ‪ ...‬ذلك لنه يرى من النصح لهم وهم على‬
‫عتبة أن يغادروا هذه الحياة ‪ ..‬أنهم قادمون على ربهم حيث توزن الحسنات‬
‫والسيئات ‪ ..‬وأن إكرام النفس بحملها على ما يقربها من الله ‪ ..‬وأن إهانتها‬
‫فيما يكون غير ذلك ‪..‬‬
‫أخرج أبو نعيم أن أبا عبيدة رضي الله عنه كان يسير في العسكر فيقول ‪ :‬أل‬
‫رب مبيض ثيابه مدنس لدينه ‪ ،‬أل رب مكرم لنفسه وهو لها مهين ‪ ،‬ادرؤوا‬
‫السيئات القديمات بالحسنات الحديثات ‪ ،‬فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما‬
‫بينه وبين السماء ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته ‪.‬‬
‫وانظر إلى هذه الكلمات الجوامع من عبد الله بن مسعود التي يقرأ في‬
‫ثناياها ما يشعرك بأنها من إرث النبوة ‪ .‬قال رضي الله عنه ‪ :‬ما منكم إل‬
‫ضيف ‪ ،‬وماله عارية ‪ ،‬والضيف والعارية مؤداه إلى أهلها ‪ .‬وقال لرجل سأله‬
‫أن يعلمه كلمات جوامع نوافع ‪ :‬اعبد الله ول تشرك به شيئا ً ‪ ،‬وزل مع القرآن‬
‫حيث زال ‪ ،‬ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدا ً بغيضا ً ‪ ،‬ومن جاءك‬
‫بالباطل فاردد عليه وإن كان حبيبا ً قريبا ً ‪.‬‬
‫وجاء في بعض كلمه رضي الله عنه ‪ :‬وأيم الله لو مرضت قلوبكم وصحت‬
‫أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلن ‪.‬‬
‫أولئك هم الربانيون الذين كانوا أشداء على الكفار رحماء بينهم ‪ .‬تراهم ركعا ً‬
‫سجدا ً يبتغون فضل ً من الله ورضوانا‪ ..‬لقد كانوا في متقلبهم ومثواهم على‬
‫طريق مرضاة الله ‪ ..‬يحبهم ويحبونه ‪ ..‬ويوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم‬
‫وبأيمانهم لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ‪ ..‬ذلك لمن خشي ربه ‪.‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫• " حضارة السلم " السنة الخامسة عشرة العدد التاسع ذو القعدة ‪1394 /‬‬
‫كانون الول ‪. 1974‬‬
‫)‪ (1‬سورة الصافات ‪. 24‬‬
‫)‪ (2‬سورة الشمس ‪ 9‬ـ ‪. 10‬‬
‫)‪ (3‬من حديث طويل رواه البخاري في كتاب النبياء من الجامع الصحيح ‪" .‬‬
‫فتح الباري مع الجامع الصحيح " )‪ (417 ، 6/414‬ومسلم في كتاب الفضائل‬
‫من الصحيح باب " من فضائل يوسف عليه السلم " )‪.(4/1846‬‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رفع أعلم الدول و شعاراتها‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫ع‬
‫هل يجوز رفعُ علم فلسطين على المساجد أو المراكز السلمّية التي ُتجم ُ‬
‫ن َرفع العََلم إّنما يكون بقصد التحريض على‬ ‫فيها التبّرعات للنتفاضة ‪ ،‬علما ً بأ ّ‬
‫ة للعلمانّية ‪،‬‬ ‫ض من اعتبره دعاي ً‬ ‫ل بع ُ‬ ‫فع َ‬‫ض هذا ال ِ‬ ‫البذل و العطاء ‪ ،‬و قد عار َ‬
‫ً‬
‫جهوننا جزاكم الله خيرا ‪.‬‬ ‫فإلى ماذا تو ّ‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫ن رفع العلم و الشعارات التي ُيرمز بها إلى ملل الكفر ‪ ،‬أو د َُوله ‪ ،‬أو‬ ‫إ ّ‬
‫ج من المّلة ‪ ،‬سواًء ُرِفعت‬ ‫ٌ‬ ‫مخر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫كفر‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫عم‬ ‫لها‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫تعظيم‬ ‫‪،‬‬ ‫جماعاته‬ ‫و‬ ‫أحزابه‬
‫على المنازل أو المراكب أو غيرها ‪ ،‬و أشنع من هذا و ذاك رفُعها على‬
‫المساجد ‪.‬‬
‫ت داّلة على النتماء إلى الجاهلّيات‬ ‫و ُيلحق بذلك رفع أعلم ٍ و شعارا ٍ‬
‫المعاصرة أو القديمة ‪ ،‬أو تثري الحمّية الجاهلّية و تدعو لها ‪ ،‬و منها الحزاب‬
‫العلمانّية على تعددها ‪ ،‬و اختلف أسمائها ‪.‬‬
‫روى البخاري في الدب المفرد و أحمد في مسنده بإسناد ٍ صحيح عن أبي بن‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه و سّلم قال ‪ ) :‬إذا رأيتم‬ ‫ب رضي الله عنه ‪ ،‬أ ّ‬ ‫كع ٍ‬
‫ن أبيه و ل تكنوا ( ‪.‬‬‫ضوه ب ِهَ ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية ‪ ،‬فأ ِ‬
‫ما رفع أعلم البلدان المسلمة و راياتها فإن كانت لمجّرد التعريف بالبلد ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫كدللة الراية الحمراء على الدولة العثمانّية ‪ ،‬و السوداء على إمارة أفغانستان‬
‫كان تلك البلدان أفراد‬ ‫السلمّية ‪ ،‬و نحو ذلك فل بأس به ‪ ،‬و إن كان في س ّ‬
‫ن العبرة َ بالصل ‪.‬‬ ‫غير مسلمين ‪ ،‬إذ إ ّ‬
‫مع أو مركز أو مسجد‬ ‫ن عام ) مج ّ‬ ‫ً‬
‫ة يجوز رفعها أصل على مكا ٍ‬ ‫و إذا ُرفَعت راي ٌ‬
‫ط مشروٍع‬ ‫ٍ‬ ‫نشا‬ ‫لممارسة‬ ‫المخصص‬ ‫المكان‬ ‫على‬ ‫الدللة‬ ‫مثل ً ( لمجّرد‬
‫كالدعوة إلى الله و جمع التبّرعات لنصرة المسلمين و إغاثتهم و تجهيز‬
‫ن‬
‫غزاتهم و كفالةِ أيتامهم ‪ ،‬و ما إلى ذلك فل بأس فيه إن شاء الله ‪ ،‬إذ إ ّ‬ ‫ُ‬
‫دها ‪ ،‬و الله أعلم ‪.‬‬ ‫العمال بالنّيات ‪ ،‬و الموَر بمقاص ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رفقا ً ‪ ..‬أيها المصلحون‬


‫د‪ .‬مسفر بن علي القحطاني* ‪5/11/1424‬‬
‫‪28/12/2003‬‬
‫عندما يولد النسان و يخرج إلى الحياة ينساب في تيارها السائر السادر‬
‫تحكمه نواميسها‪ ,‬ويعتلج في عرصاتها متقلبا ً بين جوانبها المتنوعة المختلفة‪،‬‬
‫ينمو في أثنائها ول يتوقف‪ ,‬يكبر فيه كل شي ول يسكن‪ ,‬يتغير في كل لحظة‬
‫بهدوء وأحيانا ً بعنف‪ ,‬فالتغير ‪..‬هو قانون الحياة‪.‬‬
‫إن ذلك النمو الذي يسري في كل أجزاء النسان ل يقتصر على جزء من‬
‫كيانه دون الخر؛ بل يشمل بدنه وعقله وروحه وسلوكه وعواطفه وكل‬
‫مكوناته‪.‬‬
‫إن النسان في نموه وتطوره كان يخضع لقانون التدرج والنسياب في كل‬
‫مراحله العمرية إلى أن ينتهي به المطاف وهو ل يزال يخضع لهذا القانون‪,‬‬
‫كما في قولة تعالى‪) :‬الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير(‬
‫] الروم ‪.[54‬‬
‫إن تجاوز قانون التدرج والمرحلية في التعامل مع النسان وبالخص في‬
‫مفاهيمه وأفكاره‪ ,‬أو دعوته لتغيير سلوكه وطبائعه‪ ,‬أو الرغبة في إصلح بيئته‬
‫ومجتمعه‪ ،‬لن يحقق هذا التجاوز أي نفع في الصلح والتغيير المنشود؛ بل قد‬
‫يثمر في نفس ذلك الفرد رّدة فعل تقوده للتمسك بقديمه والفتخار بما كان‬
‫عليه والحتراب من أجله لو استطاع‪.‬‬
‫ً‬
‫إن النفوس التي ألفت العوجاج وقد عاشت فيه دهرا طويل ً تتصلب على ما‬
‫تألف من المعاصي والمخالفات‪ ,‬وإذا أردنا لها نقلة مفاجئة سريعة‪ :‬صاحت‬
‫وتمردت وتفلتت تبغي التملص فُيضطر إلى الترفق والتدرج في حملها على‬
‫تنفيذ الحق والعمل بالشرع‪.‬‬
‫والساس الفقهي الذي تستند عليه قاعدة التدرج يكمن في قواعد ترجيح‬
‫المصالح الكبيرة والعظيمة والدائمة على سواها من المصالح الصغيرة‬
‫والجزئية والمنقطعة؛ لن امتناع الناس عن المتثال للشرع كله دفعة واحدة‬
‫قد يؤدي بهم إلى الشقاق وإحداث الفتن العارمة‪ ،‬وهي ل شك مفسدة كبيرة‬
‫تبعد وتنأى باحتمال مفسدة تأخير إعلن تطبيق الشرع والحق الذي يرفضونه‪.‬‬
‫يؤيد ذلك قول عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ " :-‬إنما نزل أول ما نزل منه – أي من‬
‫القرآن – سور من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى‬
‫السلم ‪ :‬نزل الحلل والحرام ‪ ،‬ولو نزل أول شيء‪ :‬ل تشربوا الخمر‪ ،‬لقالوا‬
‫ل ندع الخمر أبدًا‪ ،‬ولو نزل‪ :‬ل تزنوا ‪ .‬لقالوا ‪ :‬ل ندع الزنا أبدا ً ‪(1) " ..‬‬
‫إن الحكمة تفرض على المسلم مراعاة أحوال الناس والمخاطبين‪ ،‬فمقدار‬
‫امتثالهم لحكام الشرع يختلف ويتباين فل ينبغي للداعي إلى الله معاملة‬
‫الناس جميعا ً بالمثل أو التعجل في إلزامهم بالحق كله ونفوسهم قد ألفت‬
‫غيره واعتادت عليه‪ .‬ومن المثلة المبّينة لذلك المر ما جاء عن النبي ‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬في النهي عن المعازف والضرب بها‪ ،‬ومع ذلك فقد جاء عن‬
‫بريده أنه قال‪ :‬خرج رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في بعض مغازيه ‪،‬‬
‫فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت ‪ " :‬يا رسول الله إني كنت نذرت إن‬
‫دف وأتغنى‪ ،‬فقال لها رسول الله‬ ‫ردك الله سالما ً أن أضرب بين يديك بال ّ‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ " :-‬إن كنت نذرت فاضربي وإل فل " ‪ .‬فجعلت تضرب‬
‫‪ ،‬فدخل أبو بكر رضي الله عنه وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ‪ ،‬ثم‬
‫دف تحت استها ثم قعدت‬ ‫دخل عثمان وهي تضرب ‪ ،‬ثم دخل عمر فألقت ال ّ‬
‫عليه ‪ .‬فقال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪": -‬إن الشيطان ليخاف منك‬
‫يا عمر ‪ ،‬إني كنت جالسا ً وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ‪ ،‬ثم دخل‬
‫علي وهي تضرب ‪ ،‬ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت أنت يا عمر‬
‫ألقت الدف "‪(2).‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫يقول ابن القيم معلقا ً على تلك القصة وقصة عائشة مع الجاريتين اللتين كانتا‬
‫يغنيان بغناء بعاث‪ " :‬فقد أقر النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬الصديق على أن‬
‫خص فيه‬ ‫الغناء مزمور الشيطان ‪ ..‬فعلم أن هذا من الشيطان‪ ،‬وإن كان ر ّ‬
‫لهؤلء الضعفاء العقول من النساء والصبيان‪ ،‬لئل يدعوهم الشيطان إلى ما‬
‫يفسد عليهم دينهم‪ ،‬إذ ل يمكن صرفهم عن كل ما تتقاضاه الطباع من‬
‫الباطل‪ ،‬والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها‪ ،‬وتعطيل المفاسد‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتقليلها‪ ،‬فهي تحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما‪ ،‬وتدفع أعظم‬


‫المفسدتين باحتمال أدناهما‪ ،‬فإذا وصف العمل بما فيه من الفساد مثل كونه‬
‫من عمل الشيطان‪ ،‬لم يمنع ذلك أن يدفع مفسدة شّرا منه وأكبر‪ ،‬وأحب إلى‬
‫الشيطان منه‪ ،‬فيدفع بما ُيحّبه الشيطان ما هو أحب إليه منه‪ ،‬ويحتمل ما‬
‫يبغضه الرحمن ‪ ،‬لدفع ما هو أبغض إليه منه ‪ ،‬ويفوت ما ُيحبه لتحصيل ما هو‬
‫ب إليه منه ‪ ،‬وهذه أصول من رزق فهمها والعمل بها فهو من العالمين‬ ‫أح ّ‬
‫بالله ‪ ،‬وبأمره " إلى أن قال ‪ " :‬وإذا لم يمكن حفظ العبد نفسه من جميع‬
‫ظه‬‫حظوظ الشيطان منه ‪ ،‬كان من معرفته وفقه وتمام توفيقه أن يدفع ح ّ‬
‫ظين كليهما ‪ ،‬فإذا‬ ‫ظه الحقير إذا لم يمكن حرمانه الح ّ‬ ‫الكبير بإعطائه ح ّ‬
‫ظها ‪ ،‬يستجلب به من استجابتها‬ ‫أعطيت النفوس الضعيفة حظا ً يسيرا ً من ح ّ‬
‫وانقيادها خير كبير ‪ ،‬ويدفع عنها شر كبير أكبر من ذلك الحظ ‪ ،‬كان هذا عين‬
‫مصلحتها‪ ،‬والنظر لها والشفقة عليها " ‪ .‬ثم قال وهو يتحدث عن حديث‬
‫ف بمناسبة قدومه ‪ ":‬واحتمل صلى الله عليه وسلم ضرب‬ ‫ضرب المرأة الد ّ‬
‫ف لما في إعطائها‬ ‫المرأة التي نذرت إن نجاه الله أن تضرب على رأسه بالد ّ‬
‫ظ من فرحها به ‪ ،‬وسرورها بمقدمه وسلمته الذي هي زيادة في‬ ‫ذلك الح ّ‬
‫إيمانها ومحبتها لله ورسوله ‪ ،‬وانبساط نفسها وانقيادها لما تؤمر به من الخير‬
‫ف فيه كقطرة سقطت في بحر ‪ ،‬وهل الستعانة‬ ‫العظيم ‪ ،‬الذي ضرب الد ّ‬
‫على الحق ‪ ،‬بالشيء اليسير من الباطل إل خاصة الحكمة والعقل‪ ،‬بل يصير‬
‫ذلك من الحق إذا كان معينا ً عليه ‪ ،‬ولهذا كان لهو الرجل بفرسه وقوسه‬
‫فة‪ ،‬والنفوس ل تنقاد‬ ‫وزوجته من الحقّ ؛ لعانته على الشجاعة والجهاد والع ّ‬
‫ً‬
‫إلى الحق إل ببرطيل ‪ ،‬فإذا برطلت بشيء من الباطل لتبذل به حقا وجوُده‬
‫أنفع لها وخير من فوات ذلك الباطل كان هذا من تمام تربيتها وتكميلها ‪،‬‬
‫فليتأمل اللبيب هذا الموضوع حقّ التأمل ‪ ،‬فإنه نافع جدا ً ‪.‬والله المستعان " ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫إن التدرج المطلوب ل يقصد به التملص من بعض الشرع‪ ،‬فإن الشرع كامل‬
‫وكله واجب‪ ،‬ولكن تطبيقه على الناس في أول أيام الحكم أو في دعوة‬
‫وغ للعالم المتأمل أن ل‬ ‫الناس له قبل الحكم‪ ،‬أو في تربية الدعاة عليه يس ّ‬
‫يتحدث به أو ُيطّبقه دفعة واحدة‪ ،‬بل في خطوات ل ُتبطئ به عن إقامة حكم‬
‫الله ‪-‬عز وجل‪ -‬وتطبيق شرعه‪ ،‬هذه الخطوات ينظر فيها إلى الهداف بدقة‬
‫وبصيرة وتحدد الوسائل الموصلة إليها‪ ،‬وبالتخطيط والتنظيم والتصميم تصل‬
‫المسيرة إلى المرحلة المنشودة والخيرة التي فيها قيام السلم ‪ ..‬كل‬
‫السلم ‪.‬‬
‫ويدل على صواب هذا السلوك ما كان من الخليفة الراشد عمر بن عبد‬
‫العزيز ‪-‬رحمه الله‪ -‬فقد جاء إلى الحكم بعد مظالم ارتكبها بعض الذين‬
‫سبقوه فتدرج ولم يستعجل‪ .‬فدخل عليه ولده عبد الملك فقال‪ " :‬يا أبت ما‬
‫يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل؟ فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك‬
‫القدور في ذلك‪ .‬قال‪ :‬يا بني‪ :‬إني إنما أرّوض الناس رياضة الصعب‪ ،‬إني أريد‬
‫أن أحيي المر من العدل فأؤخر ذلك حتى ُأخرج معه طمعا ً من طمع الدنيا‬
‫فينفروا لهذه ويسكنوا لهذه ")‪ (4‬أي يخرج طمعهم بالموعظة والتأني ليكون‬
‫عن قناعة ل بخوف من السطوة والعقاب‪.‬‬
‫ويبدو أن هذا الولد الصالح قد حاز حماسة فاقت التي عند أبيه فدعته إلى‬
‫معاودة الستغراب من سياسة التأخير والتدرج فكان منه أن " دخل على‬
‫أبيه؛ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين ما أنت قائل لربك غدا ً إذا سألك فقال ‪ :‬رأيت‬
‫بدعة فلم تمتها أو سنة فلم تحيها؟ فقال أبوه ‪ :‬رحمك الله وجزاك من ولد‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دوا هذا المر عقدة عقدة ‪ ،‬وعروة عروة‬ ‫خيرا ً ‪ ،‬يا بني ‪ :‬إن قومك قد ش ّ‬
‫ي فتقا ً‬
‫ومتى أردت مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عل ّ‬
‫ي من أن يراق بسببي محجمة‬ ‫تكثر فيه الدماء ‪ .‬والله لزوال الدنيا أهون عل ّ‬
‫من دم ‪ ،‬أو ما ترضى أن ل يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إل وهو يميت‬
‫فيه بدعة ويحيي فيه سنة؟"‪(5).‬‬
‫وقد شهد الحسن البصري رحمه الله على حصول هذا اليوم بقوله‪ " :‬ما ورد‬
‫علينا قط كتاب عمر بن عبد العزيز إل بإحياء سنة ‪ ،‬أو إماتة بدعة ‪ ،‬أو رد‬
‫مظلمة " )‪(6‬‬
‫إن مرحلة التدرج التي طبقها عمر بن عبد العزيز في خلفته التي لم‬
‫تستغرق عامين سطرت من النجازات ما ملت به أسفارا ً من كتب التاريخ‪،‬‬
‫حقيقٌ على أهل الصلح والتغيير تأمل هذا العمل والنجاز العجيب‪ *.‬الستاذ‬
‫بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن‬
‫)‪ (1‬رواه البخاري )‪. 4/1910 (4707‬‬
‫)‪ (2‬صحيح سنن الترمذي ‪ 3/206‬رقم ‪. 2913‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الكلم على مسألة السماع ص ‪. 314 – 311‬‬ ‫)‪(3‬‬


‫عمر بن عبد العزيز لعبد الستار الشيخ ص ‪. 226‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ‪. 240‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫عمر بن عبد العزيز لعبد الستار الشيخ ص ‪. 204‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫"رفقا ً بالقوارير يا إعلمنا السلمي‪!!...‬‬


‫عزيزة بنت محمد الشهري‬
‫أعتقد من وجهة نظري – كأنثى‪ -‬أن مناقشة أسباب تغييب المرأة من الظهور‬
‫العلمي في وسائل العلم المحافظة أو الملتزمة يجب أل ّ ُيناقش إل في‬
‫أجواء سليمة وراقية وواقعية حتى ل ننجرف في ظل الوضاع غير السليمة‬
‫التي ُتمارس في العلم المعاصر حتى في الفضائيات والمطبوعات‬
‫المحافظة‪.‬‬
‫نحن أمام مشهد تتكون أبرز تفاصيله من صور ثلث لوضع الصورة المرأة في‬
‫العلم‪:‬‬
‫‪ -1‬الصورة الولى لوسائل أسرفت في ثقافة الجسد للجنسين‪ ،‬فكان جسد‬
‫المرأة وسيلة جذب للرجل‪ ،‬وكان جسد الرجل وسيلة جذب للمرأة‪ ،‬وهنا‬
‫تكون المرأة الخاسر الكبير في المعادلة‪ ،‬وبالتأكيد سيكون المجتمع ضحية‬
‫لهذه الثقافة وخاسرا ً بانحطاط فكر المرأة‪.‬‬
‫‪ -2‬الصورة الثانية لوسائل تعمل على شرعنة مشاركة المرأة وإقحامها في‬
‫العلم‪ ،‬وتظهر هذه المشاركة متأثرة – بقوة‪ -‬بفكر الصورة الولى‪ ،‬وهي‬
‫تعمل بذات المفاهيم "النجومية"‪ ،‬مع أسلمة الصورة من خلل تصّيد الرخص‬
‫وتطويرها وتحديثها‪.‬‬
‫‪ -3‬الصورة الثالثة وهي الصورة التي ترسخها القنوات المحافظة – قنوات‬
‫المجد تحديدًا‪ -‬وهي الكتفاء بالصوت النسائي‪ ،‬وتجّنب ظهور صورة المرأة‪،‬‬
‫وهذا ما أدين الله سبحانه وتعالى بحبه والرضا به‪ ،‬وتطمئن إليه نفوس النساء‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المتدينات والمحافظات – بناء على نقاشات جادة ومكتوبة مع بعض‬


‫المهتمات بالموضوع‪ -‬ولكن تبقى صورة الرجل في هذه القنوات هي‬
‫الشكال‪ ،‬وهي النقطة التي تكفل لنا إعادة هذا الموضوع برمته للوضع‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫الوضع الذي يسمح في النهاية بإدراك أن الصورة التي تظهر للجمهور هي‬
‫صورة تدعم وتعبر عن مضمون يحتاجه الناس‪ ،‬ول تكون بحال من الحوال‬
‫هي الهدف أو المضمون الذي يحمله العلم‪ ،‬ول تكون جاذبة لجنس من‬
‫الجمهور على حساب الجنس الخر‪.‬‬
‫وحتى أكون أكثر وضوحا ً فإن ما تعرضه قنوات المجد من صور الرجال‬
‫بأسلوب إخراجي يعرض حتى أدق تفاصيل وجه الرجال وقامته وجلسته‬
‫وضحكته تدعو إلى السؤال وبقوة‪ :‬أل ُتحترم المرأة حتى من العلم النظيف‬
‫وحتى وهي مجرد جمهور؟‬
‫أرجو أل ّ ُيفهم من كلمي هذا بأنه دعوة إلى إظهار المرأة بنفس الطريقة‬
‫التي يظهر فيها الرجل أو حتى بأقل منها أو عدم إظهار صورة الرجل كليًا‪ ،‬ل‬
‫فهذا ليس المطلب‪ ،‬إنما المطلب أن ُتحترم المرأة "المشاهدة" )الجمهور(‬
‫فيكون التركيز منصبا ً على المضامين‪ ،‬وُتستخدم أساليب الخراج المناسبة‬
‫كإبعاد الصورة عن التفاصيل الدقيقة والكتفاء باللقطات العامة‪ ،‬وأجزم أن‬
‫المهتمين بالعلم السلمي لديهم القدرة على التنظير الواقعي لمجال‬
‫الخراج في العلم السلمي‪.‬‬
‫إن قضية النجومية في العلم السلمي هي نجومية المضامين والدعم الفني‬
‫التوضيحي لهذه المضامين‪ ،‬أما أن نتحول إلى المدرسة العلمية المادية‬
‫فنستقي منها كيفية تقديم موادنا العلمية وطريقة العرض‪ ،‬دون اعتبار لنوع‬
‫ض البصر‪ ،‬فإن المرأة ستجد‬ ‫ُ‬
‫الجمهور والواجبات الدينية التي أمروا بها‪ ،‬كغ ّ‬
‫أنها ل تستطيع مشاهدة حتى أفضل القنوات في فضائنا!!‬
‫في ضوء الوضع القائم تدور السئلة والستفسارات الملحة لدى أعداء‬
‫الفضيلة‪ ..‬أين المرأة في هذا العلم الذكوري الذي يصنع النجوم وينتجهم؟!‬
‫وغ‬‫أما عندما تقدم مصلحة الرسالة على مصالح الفراد فلن يكون هناك مس ّ‬
‫لهذا التساؤل‪.‬‬
‫ثم إن هناك أسئلة يجب الجابة عنها من قبل القائمين على هذه المحطات‬
‫تحديدًا‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫جه للرجال أم للرجل والمرأة؟‬ ‫هل هذا العلم مو ّ‬
‫ألستم تعملون في العلم السلمي بقاعدة الحلل والحرام‪ ..‬فهل للمرأة‬
‫"الجمهور" أن تنظر إلى هذا الكم الهائل من الذكور الذين يقدمهم العلم‬
‫بطرق وأوضاع إخراجية تكاد تشبه "الفيديو كليب" أحيانًا!!‬
‫أنا على يقين أننا لو ضمنا أن قناة فضائية للمرأة لن يشاهدها إل النساء فقط‬
‫لتغير حكم مشاركة المرأة وظهورها على شاشات العلم‪ ...‬لكن ذلك‬
‫مستحيل‪.‬‬
‫كما أن إعلم الرجال للرجال فقط لن يكون بدون قيود وحدود تضبط‬
‫محتويات الصورة المقدمة‪..‬‬
‫فكيف عندما يكون العلم للجنسين؟‬
‫سنظل في ظل السراف الفاحش في تقديم آلف الصور الرجالية دائما ً‬
‫حذرين عن الجابة عن تساؤل‪ :‬أين المرأة؟! لكننا عندما نعلم ونعمل بمبدأ‬
‫أن العلم ليس لتسويق الصور وصناعة النجوم‪ ،‬وإنما هو لتقديم الخير‬
‫والحق‪ ،‬وكل من يمثل هذا الحق والخير بأساليب إخراجية واقعية ومحترمه‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للمرأة لن نجد حرجا ً في الجابة‪.‬‬


‫خلصة القول‪ :‬إن على القائمين على قنواتنا الحبيبة ‪ -‬المجد‪ -‬ومجلتنا‬
‫السلمية القيمة احترامنا كإناث من خلل استخدام أساليب إخراجية غير تلك‬
‫التي تعّلمها المخرجون ومارسوها في قنوات أو مطبوعات غير ملتزمة‪،‬‬
‫وعليهم الستمرار في حجب المرأة وتطوير أساليب مشاركاتها المحجوبة‬
‫والموضوعات التي تناسبها وتحظى باهتمامها‪ ،‬وفي ظني أن هذا ليس عدل ً‬
‫مل آثار قد‬
‫فقط مع المرأة بل هو إخراج للقائمين على هذا العلم من تح ّ‬
‫يتحملونها دون علم منهم ضحيتها امرأة جهلت‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أرجو أل ّ ُينظر للمر على أنه تكبيل وتقييد وتصّيد للخطاء‪ ،‬بل هو دعم‬
‫لمسيرة هذه القنوات والمجلت وترسيخ لمنهجها المتميز ورفق بالقوارير‪،‬‬
‫ورفق بالقوارير‪ ،‬والله من وراء القصد‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رقائقٌ ورقاق ) ‪( 1‬‬


‫الشيخ يونس الزلوي‬
‫)‪(1‬‬
‫سلسلة من الحلقات اليمانية التربوية ‪ ،‬أردتها بيني وبينكم ‪ ،‬أبثها بشيء من‬
‫الرقائق لعلها ترق بها القلوب ‪ ،‬وتلين بها الجوارح فتصير رقيقا ً في التعامل‬
‫مع الرقاق ‪.‬‬
‫وأردُتها باقة ورد أنثرها في حنايا النفس لتشم منها الروائح الطيبة العطرة‬
‫حال إلى أحسن حال ‪.‬‬ ‫جوَ والمكان فتحوله من َ‬ ‫م ال َ‬
‫التي تع ُ‬
‫وأردُتها أسهم من عبارات ومعاني ‪ ،‬تخرج من ك َِنان َِتها ‪ ،‬لتصيب خلجات‬
‫النفوس ‪ ،‬فتغير الحلم إلى حقائق ملموسة ومشاهدة ‪.‬‬
‫في ما بها من علل ويبقي حلوة‬ ‫وأردتها عسل ‪ ،‬يسري في جنبات النفس في ُ‬
‫ش ِ‬
‫ل تذهب مع مرور السنين والعوام ‪.‬‬
‫وأردتها لحنا شجيا يطرب النفس ويرقصها ‪ ،‬حتى تعلم بأنها تستطيع أن‬
‫كب لحنا يبقى في طيات الزمان يحمل معين الطرب الصيل ‪.‬‬ ‫ت َُر ِ‬
‫ً‬
‫وأردتها ماء عذبا زول ‪ ،‬يسري باردا في جوارحك فيروي ما بها من عطش ‪،‬‬
‫فتقوم قوية متماسكة تحي ما حولها ‪ ،‬فمن الماء كل شي حي كما تعلم ‪.‬‬
‫وأردتها صورة تأخذ بلب ناظريها ‪ ،‬وتحول مخيلتهم إلى كلمات يضم بعضها‬
‫بعضا ً لتعطي معاني تسحر القلوب والعقول ‪.‬‬
‫وأردتها رسائل محملة بكل معاني الرقة والرقاق والرقائق ‪ ،‬إلى من أحبهم‬
‫في الله وأرجوا من الله تعالى أن يمن علينا وعليهم بأيمان عميق ‪ ،‬وإسلم‬
‫دقيق ‪ ،‬وإحسان رفيق ‪.‬‬
‫يا ناقض العهد‬
‫ن بعد الموت فلح أو‬ ‫يا من في رقبته عهد ‪ ،‬أما تعلم بأن الوقت قد حان ‪ ،‬وأ ّ‬
‫خسران ‪ ،‬وعندها ل ينفع مراء ول جدال إذا كان ما كان ‪ ،‬أما تحافظ على‬
‫العهد ‪ ،‬لتحظى بالود والوعد ‪ ،‬وتكون من أهل السعادة والمجد ‪ ،‬ول تكن‬
‫ممن نقض عهده وأخلف وعده ‪ ،‬فنوديَ من بعيد ‪:‬‬
‫إليك عنا فما تحظى بنجوانا يا غادرا قد لها عنا وقد خانا‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أعرضت عنا ولم تعمل بطاعتنا وجئت تبغي الرضا والوصل قد بانا‬
‫بأي وجه نراك اليوم تقصدنا وطال ما كنت في اليام تنسانا‬
‫يا ناقض العهد ما في وصلنا طمع إل لمجتهد بالجد قد دانا‬
‫يا فتاح أرسل المفتاح‬
‫عند َهُ‬‫أخي الحبيب تعالى أنا وأنت ن َُناجي ربا عنده مفاتح الغيب كما قال ‪ } :‬وَ ِ‬
‫من وََرقَةٍ إ ِل ّ‬ ‫ط ِ‬‫ق ُ‬ ‫س ُ‬‫ما ت َ ْ‬ ‫حرِ وَ َ‬‫ما ِفي ال ْب َّر َوال ْب َ ْ‬ ‫م َ‬‫مَها إ ِل ّ هُوَ وَي َعْل َ ُ‬ ‫ب ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫ح ال ْغَي ْ ِ‬
‫فات ِ ُ‬ ‫م َ‬‫َ‬
‫ن{‬ ‫بي‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫تا‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ط‬‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫َ‬
‫يَ ْ ُ َ َ َ ّ‬
‫ب‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ٍ ّ ِ ٍ‬ ‫ٍ َ َ ِ ٍ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ‬ ‫َ‬
‫النعام )‪ (59‬حتى يفتح علينا فتح العارفين ‪ ،‬يهدينا صراطه المستقيم ‪،‬‬
‫ويلطف بنا بما جرت به المقادير ‪ ،‬روى عن الحسن البصري رحمه الله‬
‫جود بنفسه عند‬ ‫ورضي عنه أنه قال ‪ :‬دخلت على بعض المجوس وهو ي َ ُ‬
‫الموت ‪ ،‬وكان منزله بإزاء منزلي ‪ ،‬وكان حسن الجوار ‪ ،‬وكان حسن‬
‫جوت أن الله يوفقه عند الموت ‪ ،‬ويميته على‬ ‫السيرة ‪ ،‬وحسن الخلق ‪ ،‬فر ُ‬
‫السلم ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما تجد ‪ ،‬وكيف حالك ؟ فقال ‪ :‬لي قلب عليل ول صحة‬
‫لي ‪ ،‬وبدن سقيم ‪ ،‬ول قوة لي ‪ ،‬وقبر موحش ول أنيس لي ‪ ،‬وسفر بعيد ول‬
‫زاد لي ‪ ،‬وصراط دقيق ول جوار لي ‪ ،‬ونار حامية ول بدن لي ‪ ،‬وجنة عالية ول‬
‫نصيب لي ‪ ،‬ورب عادل ول حجة لي ‪.‬‬
‫قال الحسن ‪ :‬فرجوت الله أن يوفقه ‪ ،‬فأقبلت عليه ‪ ،‬وقلت له ‪ :‬لم ل ُتسلم‬
‫حتى َتسلم ؟ قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ،‬إن المفتاح بيد الفتاح ‪ ،‬والقفل هاهنا ‪ ،‬وأشار‬
‫غشى عليه ‪.‬‬ ‫إلى صدره ‪ ،‬و ُ‬
‫قال الحسن فقلت ‪ :‬إلهي وسيدي ومولي ‪ ،‬إن كان سبق لهذا المجوسي‬
‫عندك حسنة فعجل بها إليه قبل فراق روحه من الدنيا ‪ ،‬وانقطاع المل ‪،‬‬
‫فأفاق من غشيته ‪ ،‬وفتح عينيه ‪ ،‬ثم أقبل ‪ ،‬وقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ،‬إن الفتاح أرسل‬
‫المفتاح ‪ ،‬أمدد يمناك ‪ ،‬فأنا أشهد أن ل إله إل الله و أشهد أن محمد رسول‬
‫الله ‪ ،‬ثم خرجت روحه وصار إلى رحمة الله ‪.‬أخي الحبيب ارفع يدك وردد‬
‫معي مناجيا ‪ ،‬إلهي وخالقي ورازقي ‪ ،‬يا من بيده خزان السماوات والرض‬
‫ويملك الدنيا طول وعرض ‪ ،‬افتح علينا المغاليق ‪ ،‬ويسر وسهل علينا‬
‫الطريق ‪ ،‬ول تكلفنا إل بما نطيق ‪.‬‬
‫سمعناك‬
‫كأني أسمعها ترن في أذني سمعناك ‪ ،‬سمعناك ‪ ..‬عبدي ما عليك إل الطاعة‬
‫والعمل ‪ ،‬والدعوة والمل ‪ ،‬والزم بابي فسأفتح لك ‪ ....‬واسمعه يقول ‪:‬‬
‫لبيك عبدي وأنت في كنفي وكل ما قلت قد قبلناه‬
‫صوتك تشتاقه ملئكتي وحسبك الصوت قد سمعناه‬
‫إن هبت الريح من جوانبه خر صريعا لما تغشاه‬
‫ذاك عبدي يجول في حجبي وذنبك اليوم قد غفرناه‬
‫نظرة في وجه الحسن‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إخوتاه ‪ ..‬نسأل الله سبحانه وتعالى أن ل ُيطعمنا الموت حتى ننعم بالنظر‬
‫في وجوه إجوننا الذين يقبعون في السجون ‪ ،‬ويمتعنا بمجالستهم‬
‫ومسامرتهم في الدنيا قبل الخرة إنه جواد كريم ‪ ،‬لما حضرت جابر بن زيد‬
‫الوفاة ‪ ،‬قيل ‪ :‬ما تشتهي ؟ قال ‪ :‬نظرة في وجه الحسن فبلغ ذلك الحسن ‪،‬‬
‫فجاءه ودخل عليه ‪ ،‬وقال له ‪ :‬يا جابر ‪ ،‬كيف تجدك ؟ قال ‪ :‬أجد أمر الله غير‬
‫مردود ‪ ،‬يا أبا سعيد ‪،‬حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم فقال ‪ :‬الحسن ‪ :‬يا جابر ‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫) المؤمن من الله على سبيل خير ‪ ،‬إن تاب قبله ‪ ،‬ولن استقال أقاله ‪ ،‬ولن‬
‫اعتذر إليه قبل اعتذاره ‪ ،‬وعلمة ذلك قبل خروج روحه يجد بردا على قلبه (‬
‫فقال جابر ‪ :‬الله أكبر ! إني لجد بردا على قلبي ُثم قال ‪ :‬اللهم إن نفسي‬
‫تطمع في ثوابك ‪ ،‬فحقق ظني ‪ ،‬وآمن خوفي وجزعي ‪ ،‬ثم تشهد ومات رضي‬
‫الله عنه ‪.‬‬
‫لي عندك بيعه‬
‫ولكن أردتك أن تعلم ‪ ...‬بأن السفر طويل ‪ ..‬ويحتاج إلى زاد المهاجر ‪ ..‬وعدة‬
‫الصابر‪..‬ومقاومة مصائد الشيطان ‪ ..‬والنزول عند منازل الرحمن ‪..‬‬
‫والستماع لقول الحبيب المصطفى العدنان عليه أفضل صلة وأزكى سلم ‪،‬‬
‫قال ابن المبارك عليه رحمة الله قدمت مكة ‪ ،‬فإذا الناس قد قحطوا من‬
‫المطر ‪ ،‬وهم يستسقون في المسجد الحرام ‪ ،‬وكنت في الناس من جهة باب‬
‫بني شيبة ‪ ،‬إذ أقبل غلم أسود ‪ ،‬عليه قطعتا خيش ‪ ،‬قد ائتزر بإحداها ‪ ،‬وألقى‬
‫الخرى على عاتقيه ‪ ،‬فصار في موضع خفي إلى جانبي ‪ ،‬فسمعته يقول ‪:‬‬
‫إلهي ‪ ،‬أخلقت الوجوه كثره الذنوب ومساوئ العيوب ‪ ،‬وقد منعتنا غيث‬
‫السماوات لتؤدب الخليقة بذلك ‪ ،‬فأسألك يا حليم ‪ ،‬يا من ل يعرف عبادة منه‬
‫إل الجميل ‪ ،‬اسقهم الساعة الساعة ‪.‬‬
‫قال ابن المبارك رحمه الله ‪ :‬فلم يزل يقول ‪ :‬أسقهم الساعة الساعة ‪ ،‬حتى‬
‫انسد الجو بالغمام ‪ ،‬وأقبلت السحاب تهطل كأفواه القرب ‪ ،‬وجلس مكانه‬
‫يسبح الله تعالى ‪ ،‬فأخذت في البكاء حتى قام ‪ ،‬فاتبعته حتى عرفت موضعه ‪.‬‬
‫فجئت إلى الفضيل بن عياض ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬ما لي أراك كئيبا ؟ فقلت له ‪:‬‬
‫سبقنا إليه غيرنا ‪ ،‬فوله دوننا ‪ ،‬قال ‪ :‬وما ذلك ؟ فقصصت عليه القصة ‪،‬‬
‫فصاح وسقط في الرض ‪ ،‬وقال ويحك يا ابن المبارك ‪ ،‬خذني إليه ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬
‫قد ضاق الوقت ‪ ،‬وسأبحث عن شأنه ‪ .‬فلما كان من الغد ‪ ،‬صليت الغداة ‪،‬‬
‫وخرجت أريد الموضع ‪ ،‬فإذا بشيخ على باب ‪ ،‬وقد بسط له وهو جالس ‪ ،‬فلما‬
‫رآني عرفني ‪ ،‬وقال ‪ :‬مرحبا بك يا أبا عبد الرحمن ‪ ،‬ما حاجتك ؟ فقلت ‪:‬‬
‫احتجت إلى غلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬عندي عدة ‪ ،‬اختار أيهم شئت ‪ ،‬فصاح يا غلم‬
‫‪ ،‬فخرج غلم جلد فقال هذا محمود العاقبة ن أرضاه لك ‪ ،‬فقلت ‪ :‬ليس هذا‬
‫حاجتي فما زال يخرج واحدا بعد الخر حتى أخرج لي الغلم ‪ ،‬فلما أبصرته‬
‫بدرت عيناي بالدموع ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذا ؟ فقلت نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬ليس لي إلى بيعه‬
‫سبيل ‪ ،‬قلت ‪ :‬و لم ؟ قال ‪ :‬قد تبركت بموضعه في هذه الدار ‪ ،‬وذلك أنه لم‬
‫تصبني مصيبة ول رزية منذ دخل عندي ‪ ..‬وأخبرني الغلمان عنه أنه ل ينام في‬
‫الليل الطويل ول يختلط بأحد منهم ‪ ،‬مهتم بنفسه ‪ ،‬وقد أحبه قلبي ‪ ،‬فقلت له‬
‫‪ :‬أنصرف إلى الفضيل وسفيان بغير قضاء حاجة ثم رجعت إليه وسألت فيه‬
‫بإلحاح ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن ممشاك عندي كبير خذه بما شئت ‪ ،‬قال ‪ :‬فاشتريته ‪،‬‬
‫وسرت معه نحو دار الفضيل ‪ ،‬فمشيت ساعة ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا مولي فقلت له‬
‫‪ :‬لبيك ‪ ،‬فقال ‪ :‬ل تقل لبيك ‪ ،‬فإن العبد أولى بأن يلبي من المولى ‪ ،‬قلت ما‬
‫حاجتك يا حبيبي ‪ ،‬قال ‪ :‬أنا ضعيف البدن ل أطيق الخدمة ‪ ،‬وقد كان لك في‬
‫غيري سعة ‪ ،‬وقد أخرج لك من هو أجلد مني ‪ ،‬فأنت لم تفعل هذا ‪ ،‬غل وقد‬
‫رأيت بعض متصلتي بالله تعالى و إل فلم أخذتني من أولئك الغلمان ؟ فقلت‬
‫له ‪ :‬ليس بك حاجة إل هذا ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬سألتك بالله إل أخبرتني ‪ ،‬فقلت له ‪:‬‬
‫بإجابة دعوتك ‪ ،‬فقال لي أحسبك إن شاء الله رجل صالحا ‪ ،‬عن لله عز وجل‬
‫خيرة من خلقه ‪ ،‬ل يكشف شأنهم إل لمن أحب من عباده ‪ ،‬ثم قال أترى أن‬
‫تقف على قليل ‪ ،‬فإنه قد بقي على ركعات من البارحة ‪ ،‬قلت هذا منزل‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفضيل ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ‪ ،‬هاهنا أحب إلى ‪ ،‬إن أمر الله تعالى ل يؤخر ‪ ،‬فدخل‬
‫المسجد ‪ ،‬فما زال يصلي حتى أتى على ما أراد ‪ ،‬فالتفت إلى ‪ ,‬وقال ‪ :‬يا أبا‬
‫عبد الرحمن ‪ ،‬هل لك من حاجة ؟ قلت ‪ :‬ولم قال ‪ :‬لني أريد النصراف ‪،‬‬
‫قلت إلى أين ؟ قال إلى الخرة ‪ ،‬قلت ‪ :‬ل تفعل ‪ ،‬دعني أنتفع بك ‪ ،‬فقال‬
‫لي ‪ :‬إنما كانت تطيب الحياة حيث كانت المعاملة بيني وبينه تعالى ‪ ،‬فأما إذا‬
‫اطلعت عليها أنت ‪ ،‬سيطلع عليها غيرك ‪ ،‬فل حاجة لي في ذلك ‪ ،‬ثم خر على‬
‫وجهه ‪ ،‬وجعل يقول ‪ :‬إلهي اقبضني الساعة ‪ ،‬فدنوت منه ‪ ،‬فإذا هو قد مات ‪،‬‬
‫فوالله ما ذكرته قط إل طال حزني ‪ ،‬وصغرت الدنيا في عيني ‪ ،‬وحقرت‬
‫عملي رحمه الله ‪.‬‬
‫أخي وحبيبي عندي عندك عهد أذكرك وأذكر نفسي به وهو قال تعالى ‪َ } :‬يا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن { آل‬
‫مو َ‬
‫سل ِ ُ‬ ‫ن إ ِل ّ وَأنُتم ّ‬
‫م ْ‬ ‫قات ِهِ وَل َ ت َ ُ‬
‫موت ُ ّ‬ ‫حق ّ ت ُ َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫عمران‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ركائز العتقاد اليهودي‬


‫التلمود‪2/‬‬
‫الباحث ‪ /‬محمد عبد الكريم النعيمي‬
‫دس وشريعة موسوية شفوية أنزلها الله على‬ ‫ب مق ّ‬ ‫التلمود عند أصحابه ‪ :‬كتا ٌ‬
‫ت عصاها عند‬ ‫سيناء ‪ ،‬وتناقلها النبياُء بعد موسى حتى ألق ْ‬ ‫طورِ َ‬ ‫موسى في ُ‬
‫ت السلطة‬ ‫السنهدرين ‪ .‬وهو مجموعة من القوانين المدنية والكهنوتية ذا ِ‬
‫مي ‪ ،‬تتضمن‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫النهائية في َرسم العلقة بين اليهودي واليهودي ‪ ،‬واليهودي وال َ‬
‫ة والتاريخ اليهودِّيين ‪.‬‬ ‫تعاليم وشروحا ً وروايات وتفاسير تتتب ّعُ الشريع َ‬
‫ل إلى خمس وثلثين مجلدا ً مدّون بالعبرية )( وتقتصُر‬ ‫ف ضخم يص ُ‬ ‫مؤل ّ ٌ‬ ‫وهو ُ‬
‫خطى نحو تدوين‬ ‫َ‬ ‫من َ‬ ‫ه على الحبار والكهان ‪ " ،‬وأول َ‬ ‫دراست ُ ُ‬
‫ه )( هو الحاخام ) يوضاس ( الذي خشي على هذه التعاليم من الضياع ‪،‬‬
‫شنا ( ‪ -‬أي ‪ :‬الشريعة المكررة ‪ ، -‬وكان ذلك‬ ‫م ْ‬ ‫فجمعها في كتاب أسماه ) ال ِ‬
‫بعد المسيح عليه السلم بمئة وخمسين سنة " ‪ ،‬وُيرَوى أن بداية تدوين‬
‫ت التمرد َ اليهودي الفاشل على اليونانيين بقيادة ) باركوخبا (‬ ‫التلمود أعقب ِ‬
‫سنة ‪135‬م ‪.‬‬
‫حق بالتوراة من الزيادات والشروح‬ ‫َ‬
‫َبيد َ أن هذه الشريعة لم تسلم مما ل ِ‬
‫ي ) يهوذا هاناسي ( تدوينها‬ ‫ّ‬ ‫الرب‬ ‫إتمام‬ ‫إلى‬ ‫والتعليقات التي أصبحت جزءا ً منها‬
‫جمارا ( ‪،‬‬‫سنة ‪216‬م ‪ ،‬فأورد الحبار شروحها في كتاب مستقل أسموه ) ِ‬
‫من بدأه ابنا الحاخام هاناسي ‪.‬‬ ‫ل َ‬‫وكان أ َوّ َ‬
‫ة تناقل التعاليم التلمودية‬ ‫ف قد سبق مرحلة التدوين ‪ ،‬فطبيع ُ‬ ‫وكان التحري ُ‬
‫شفاهية أوجد أرضا خصبة لهذه الزيادات والتحريفات ‪ ،‬وكان لحركة‬ ‫ً‬
‫الفريسيين اليد الطولى في هذا المر ‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق فالتلمود ينقسم من الناحية الفنية قسمين ‪:‬‬
‫شناه ‪ .‬وهو المتن ‪ ،‬ويعني بالعبرية ‪ :‬المعرفة أو القانون الثاني ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫‪ -1‬ال ِ‬
‫جمارا ‪ .‬وهو شرح المشناه ‪ ،‬ويعني بالعبرية ‪ :‬الكمال ‪.‬‬ ‫‪ِ -2‬‬
‫جمارا ( إلى قسمين ‪:‬‬ ‫كما ينقسم ) ِ‬
‫جمارا أورشليم ‪.‬‬ ‫‪ِ ü‬‬
‫جمارا بابل ‪.‬‬ ‫‪ِ ü‬‬
‫" وجمارا أورشليم ‪ -‬فلسطين ‪ -‬هو سجل للمناقشات التي أجراها حاخامات‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فلسطين لشرح أصول المشناه ‪ ،‬ويرجع تاريخ جمعه إلى عام ‪400‬م ‪.‬‬
‫وجمارا بابل هو سجل مماثل للمناقشات حول تعاليم المشناه ‪ ،‬دّونها علماُء‬
‫بابل اليهود ‪ ،‬وانتهوا من جمعه سنة ‪500‬م ‪.‬‬
‫فمشناه مع شرحه جمارا أورشليم ُيسمى ‪ :‬تلمود أورشليم ‪ ،‬ومشناه مع‬
‫حدة " )( ‪.‬‬ ‫كلهما ُيطبع على ِ‬ ‫شرحه جمارا بابل يسمى ‪ :‬تلمود بابل ‪ ،‬و ِ‬
‫وتعاليم التلمود البابلي أكثُر شيوعا ً وانتشارا ً من تعاليم التلمود الورشليمي ‪،‬‬
‫ومرد ّ ذلك إلى غزارة مادة التلمود البابلي وشموله وعمق منطقه ‪.‬‬
‫وأما مادة التلمود ومحتواه فهي ‪ -‬برأي الكاتب الروسي اليهودي موردخاي‬
‫رابينوفتزا ‪ " : -‬تعبير عن النظرة اليهودية الشاملة إلى العالم في امتدادها‬
‫عبر ألف سنة من الزمن " ‪ ،‬وهي برأي آخرين ‪ " :‬الوثيقة السياسية الخطيرة‬
‫ض الحاخامات اتباعا ً للخطة السريعة الرهيبة التي دأبوا على‬ ‫التي صنعها بع ُ‬
‫اتباعها منذ آلف السنين " )( ‪.‬‬
‫ت منها‬ ‫فهي المرجعُ اليوم لسياسات الحركة الصهيونية ‪ ،‬والمادة ُ التي استق ْ‬
‫قراراِتها الموسومة ببروتوكولت حكماء صهيون ‪.‬‬
‫ً‬
‫يقول بنيامين دزرائيلي عنه ‪ " :‬إننا نجد فيه حشدا من الراء المتناقضة ‪،‬‬
‫وعددا ً غير محدود من القضايا السببية ‪ ،‬ومنطقا ً من النظرية العلمية ‪ ،‬وبعض‬
‫حكم المبهمة والكثير من الحكايات الصبيانية والوهام الشرقية ‪،‬‬ ‫ال ِ‬
‫والخلقيات والصوفية ‪ ،‬والمنطق واللمنطق ‪ ،‬والحلول البديعة والحقائق‬
‫م ُتلمودهم‬ ‫ة كلما زاد حج ُ‬ ‫العامة واللغاز ‪ ،‬وقد كان بنو إسرائيل يزدادون بهج ً‬
‫"‪.‬‬
‫ويقول الدكتور ميلمان ‪ " :‬إن القارئ للتلمود في فصوله المتتابعة يقف‬
‫ب بالحقائق المجازية العميقة‬ ‫ج ُ‬ ‫محتارا ً أمام هذا الحشد الغريب ‪ ،‬هل ُيع َ‬
‫والمقالت الخلقية البهيجة ؟ أم يبتسم للسراف البشع ؟ أم يقشعّر بدُنه‬
‫للكفر الجريء ؟ " )( ‪.‬‬
‫هذا الكتاب يطفح بخرافات ل حد ّ ِلخيال مبدعيها ‪ ،‬وبرصيد متخم من التعاليم‬
‫العدائية اللمعقولة للمم المختلفة ‪ ،‬المر الذي جعل منه كتابا ً محظورا ً في‬
‫قوا حربا ً ِوقائي ً‬
‫ة‬ ‫من استب َ ُ‬‫ت َ‬‫جّر على اليهود وَْيل ِ‬ ‫فترات متعاقبة من تاريخه ‪ ،‬و َ‬
‫سَعوا لتكريس مكانتهم وفرضية‬ ‫ت في ِفكرها عن رجال دين َ‬ ‫ضد ّ فِئ َةٍ ن ََزعَ ْ‬‫ِ‬
‫طاعتهم إلى الحد ّ الذي يلتزم فيه المؤمن ‪ -‬بحسب التلمود ‪ " -‬بأن يعتبر‬
‫أقوال الحاخامات كالشريعة ‪ ،‬لن أقوالهم هي قول الله الحي ‪ ،‬فإذا قال‬
‫دق قوله ول تجادله "‬ ‫دك الُيمنى هي الُيسرى وبالعكس ‪ ،‬فص ّ‬ ‫الحاخام إن ي َ‬
‫)( ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ت أكثر الهجمات ضراوة على التلمود إبان العصور الوسطى " باعتباره‬ ‫وتبد ّ ْ‬
‫ت إلى مقاومة اليهود للسلطة والدين‬ ‫أهم مصدر للتعاليم اليهودية التي أد ّ ْ‬
‫المسيحي سرا ً وعلنية " )( ‪ ،‬وقامت محاكم التفتيش في إسبانيا بحملة إبادة‬
‫ف لنسخ التلمود سنة ‪1492‬م في عهد الملك ) فرديناند (‬ ‫واسعة لليهود وإتل ٍ‬
‫ُ‬
‫ت اليهود وما أطلق عليه‬‫مت في أوروبا نكبا ُ‬ ‫وزوجته الملكة ) إيزابيل ( ‪ ،‬وع ّ‬
‫ت الرقابة على طبع التلمود وكتب‬ ‫رض ِ‬ ‫بحملت تطهير التلمود ‪ ،‬حيث " فُ ِ‬
‫عبرية أخرى لليهود سنة ‪1554‬م ‪ ،‬وبعد خمسة أعوام صدر قرار بابوي بوضع‬
‫التلمود في القائمة الولى للكتب التي يجب تطهيرها ‪ ،‬وفي سنة ‪1565‬م‬
‫من مجرد‬ ‫أصدر البابا ) بيوس الرابع ( أمرا ً بأنه يجب حرمان التلمود حتى ِ‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اسمه ‪.‬‬
‫ت أول طبعة مطهرة للتلمود في مدينة ) بازل ( في سني ‪- 1578‬‬ ‫ُ‬ ‫وظهر ْ‬
‫‪1581‬م ‪ ،‬بعد حذف رسالة ) عبوده زاره ( كاملة وفقرات أخرى ‪ -‬من‬
‫ة للمسيحية " )( ‪.‬‬ ‫ت عدائي ً‬ ‫التلمود ‪ -‬اعت ُِبر ْ‬
‫من غير اليهود فقط ‪ ،‬بل ‪ -‬كما يقول‬ ‫ولم تقتصر هذه الهجمات على التلمود ِ‬
‫حد َ به عدد ٌ كبير من اليهود أنفسهم ‪ ،‬منكرين أنهم يهود‬ ‫ج َ‬
‫الحبر وايز ‪َ " : -‬‬
‫تلموديون أو أنهم يشعرون بأي حماس نحوه ‪ ،‬ولكن ل يوجد إل القلة‬
‫) القرائين ( في روسيا والنمسا ‪ ،‬والقل منهم من السامريين في فلسطين ‪،‬‬
‫ممن ليسوا يهودا ً تلموديين في حقيقة المر‪ ،‬هذا بينما المتطرف والمصلح‬
‫والمحافظ والمتعصب يتبع في كثير من خصوصياته الممارسات المنصوص‬
‫عليها في التلمود ‪ ...‬إن اليهوديّ الحديث هو نتاج التلمود " )( ‪.‬‬
‫ولكنه وبرغم كل هذه الجهات والجهود التي ُتبذل لطمسه يبقى صامدا ً‬
‫عصيا ً ‪ ،‬وذلك بفضل أساليب الحاخامات في إيجازِهِ العقبات التي تواجهه ‪،‬‬
‫ح لهم أن يط ِّلعوا على تعاليمه إثر ظهور‬ ‫ُ‬ ‫ت وَ َ‬
‫من أتي َ‬ ‫شكاوِ َ‬ ‫فحين ثارت مضايقا ُ‬
‫طبعتي ) إمستردام ( ‪1600‬م ‪ ،‬و ) كراكوفيا ( ‪1605‬م ‪ ،‬اجتمع أحباُر اليهود‬
‫في صورة مجمع مقدس وقرروا حذف الفقرات المريبة في كل طبعة تطبع‬
‫في المستقبل ‪ ،‬وقالوا في مقدمة قرارهم ما نصه ‪ ... " :‬ولذلك تقرر إصداُر‬
‫ت في الطبعات المستقبلة ‪-‬‬ ‫الحرمان ضد كل شخص يجرؤ على أن ُيثب ِ َ‬
‫ل ما ُيعتبُر طعنا ً مباشرا ً في عيسى أو في الديان الخرى‬ ‫للمشنا والجمارا ‪ -‬ك ّ‬
‫ت خاليا ً ‪ ،‬حتى يستطيع اليهود ُ بعد ذلك أن‬ ‫ن هذه الفقرا ِ‬ ‫ك مكا ُ‬ ‫‪ ،‬وتقرر أن ُيتر َ‬
‫ُيثب ُِتوها فيه بخط يدهم ‪ ،‬أو أن ُيوضع في مكان كل منها دائرة هكذا ) ‪( ...‬‬
‫فوا‬ ‫ُتشير إلى الحذف ‪ ،‬مع التنبيه على الحبار ومعلمي المدارس أن َيكت ُ‬
‫ل إلى‬ ‫بتلقينها للشباب والتلميذ شفهيا ً ‪ ،‬وبهذه الوسيلة نستطيعُ أن ن َ ِ‬
‫ص َ‬
‫ن إثارةِ العداء حوالينا " )( ‪.‬‬ ‫أهدافنا ُدو َ‬
‫قى‬ ‫من حولنا ‪ ،‬وَيب َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ل التلمود ُ فعل قائما بين اليهود ِ‬ ‫َ‬
‫سبل اللتوائية ي َظ ّ‬ ‫وبهذه ال ّ‬
‫ظرون ‪.‬‬‫ل الساعة التي ينت ِ‬ ‫حلو ِ‬‫حين ُ‬ ‫في ّا إلى ِ‬‫ً‬ ‫خ ِ‬‫صهم بنا َ‬ ‫ت ََرب ّ ُ‬
‫الهوامش‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهو يعني بالعبرية ‪ :‬التعليم ‪ .‬وُيطلق عليه أيضا ‪ :‬التلموذ ‪ ،‬اشتقاقا من‬
‫مذة ‪.‬‬ ‫التل َ‬
‫ون التلمود عند اليهود نظر ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تك‬ ‫والتي‬ ‫الشفهية‬ ‫التعاليم‬ ‫تدوين‬ ‫مسألة‬ ‫في‬
‫فكما حافظ موسى عليها شفاهية فيلزم حفظها كذلك ‪ ،‬وكذلك لئل تقع في‬
‫يد أممي حفاظا ً على قدسيتها ‪ -‬فهي عندهم أقدس من التوراة ‪ -‬وحفاظا ً‬
‫على سلمتهم لما يطفح به التلمود من التعاليم العدائية الوحشية ضد المم‬
‫الخرى ‪ ،‬ولذلك يقول الحاخام ) يوشو ابن ليفي ( عن التلمود ‪ :‬الذي‬
‫ة لن يكون له نصيب في العالم القادم ‪ -‬الجنة ‪ ، -‬والذي يشرحه‬ ‫كتاب ً‬‫سينسخه ِ‬
‫سوف ُيحَرق ‪.‬‬
‫التلمود تاريخه وتعاليمه ‪ .‬ظفر السلم خان ‪ .‬ص ‪. 12 - 11‬‬
‫السفار المقدسة فبل السلم ‪ .‬صابر طعيمة ‪ .‬ص ‪. 41‬‬
‫الخوة الزائفة ‪ .‬جاك تني ‪ .‬ص ‪. 27‬‬
‫النص من النصوص التلمودية نقل ً عن كتاب ‪ :‬اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص‬
‫‪ . 228‬وجدير بالذكر أن التلمود ُيعد ّ مدرسة تأهيل الحاخامات ‪.‬‬
‫التلمود تاريخه وتعاليمه ‪ .‬ظفر السلم خان ‪ .‬ص ‪. 40‬‬
‫المرجع السابق ‪ .‬ص ‪. 47 - 46‬‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخوة الزائفة ‪ .‬جاك تني ‪ .‬ص ‪. 29‬‬


‫ً‬
‫الماسونية والصهيونية والشيوعية غاية وهدفا ‪ .‬صابر طعيمة ‪ .‬ص ‪. 168‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ركائز العتقاد اليهودي‬


‫المبحث الثاني ‪/‬‬
‫التشريع اليهودي ‪ ..‬مصادره وصوره‬
‫الباحث ‪ /‬محمد عبد الكريم النعيمي‬
‫‪ / 1‬العهد القديم والتوراة‬
‫ُيطَلق اصطلح ) العهد القديم ( على مجموعة السفار المقدسة لدى اليهود ‪،‬‬
‫من باب إطلق الجزء على‬ ‫وقد شاع إطلق كلمة ) التوراة ( على الجميع " ِ‬
‫الكل ‪ ،‬أو لهمية التوراة ونسبتها إلى موسى ‪ ،‬لنه أبرُز زعماء بني إسرائيل‬
‫خهم الحقيقي " )( ‪.‬‬ ‫وعنده يبدأ تاري ُ‬
‫ويتكون العهد القديم من ثلثة أقسام رئيسية ‪:‬‬
‫أول ً ) التوراة ( ‪ :‬وتتكون من خمسة أسفار ‪ ،‬هي ‪ :‬سفر التكوين أو الخلق‬
‫وهو في خمسين إصحاحا ً ‪ ،‬وسفر الخروج وهو في أربعين إصحاحا ً ‪ ،‬وسفر‬
‫اللويين أو الحبار وهو في سبع وعشرين إصحاحا ً ‪ ،‬وسفر العدد وهو في‬
‫ست وثلثين إصحاحا ً ‪ ،‬وسفر التثنية أو تثنية الشتراع وهو في أربع وثلثين‬
‫إصحاحا ً ‪.‬‬
‫ثانيا ً ) النبياء ( ‪ :‬وهي أسفار منسوبة إلى أنبياء بني إسرائيل جاءت في‬
‫مراحل زمنية مختلفة ‪ ،‬وترتيبها في الكتاب المقدس لم يكن على أساس‬
‫التسلسل التاريخي ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫‪ ü‬أسفار النبياء الولين ‪ :‬سفر يشوع وسفر القضاة وسفر صموئيل الول‬
‫وسفر صموئيل الثاني وسفر الملوك الول وسفر الملوك الثاني ‪.‬‬
‫‪ ü‬أسفار النبياء الكبار المتأخرين ‪ :‬سفر إشعيا وسفر أرميا وسفر حزقيال ‪.‬‬
‫‪ ü‬أسفار النبياء الصغار من المتأخرين ‪ :‬سفر هوشع وسفر يوئيل وسفر‬
‫عاموس وسفر عوبديا وسفر يونان وسفر ميخا وسفر ناحوم وسفر حبقوق‬
‫جاي وسفر زكريا وسفر ملخي ‪.‬‬ ‫وسفر صفنيا وسفر ح ّ‬
‫ثالثا ً ) الكتابات ( ‪ :‬وتتضمن سفر المزامير وسفر المثال وسفر الجامعة‬
‫وسفر نشيد النشاد وسفر المراثي أو مراثي أرميا وسفر أستير وسفر دانيال‬
‫وسفر نحميا وسفر عزرا وسفر أخبار اليام الول وسفر أخبار اليام الثاني )(‬
‫‪.‬‬
‫أما التوراة فيعني لفظها ‪ :‬الشريعة أو التعاليم ‪ ،‬أو هي الرشاد والهداية ‪،‬‬
‫وتسمى عند أتباعها بالناموس أيضا ً ‪ ،‬وهي أول كتاب نزل من السماء ‪ ،‬إذ‬
‫حفا ً ‪ ،‬فالتوراة " في‬
‫ص ُ‬
‫كان ما ينزل على إبراهيم وغيره من النبياء يسمى ُ‬
‫أصلها العقدي والتاريخي ِوحدةٌ دينية تمثل ما أنزل الله تعالى على موسى‬
‫عليه السلم " )( ‪.‬‬
‫شبه مختصر ما في التوراة ‪ ،‬تشتمل‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬
‫زلت عليه أيضا " اللواح على ِ‬ ‫كما أن ِ‬
‫على القسام العلمية والعملية " )( ‪.‬‬
‫خَلت من القيم الروحية أو هكذا جعلت منها أيدي العابثين‬ ‫ويبدو أن التوراة َ‬
‫المحرفين الماديين من اليهود ‪ ،‬فجاء عيسى عليه السلم ليقول في إنجيل‬
‫ض الناموس أو النبياء ‪ ،‬ما جئت لنقض ‪ ،‬بل‬ ‫ت لنق َ‬‫متى ‪ ) :‬ل تظنوا أني جئ ُ‬
‫مل ( ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫لك ّ‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة بشرع مستقل ول بقانون خاص ‪ ،‬ولكنها جاءت لتسد ّ َثغرةً‬ ‫ت المسيحي ُ‬ ‫فلم تأ ِ‬
‫ن‬
‫ج ّ‬‫في حياة بني إسرائيل هي ثغرة الخواء الروحي ‪ ،‬ومن هنا جاءت دعوةُ ال ِ‬
‫معَنا‬‫س ِ‬
‫مَنا إ ِّنا َ‬‫لقومهم في القرآن الكريم على الصورة التية ‪َ ) :‬قاُلوا َيا َقو َ‬
‫سى ( الحقاف ) ‪ ، ( 29‬ولم يذكروا عيسى عليه‬ ‫مو َ‬ ‫ن َبعد ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َِتابا ً ُأنزِ َ‬
‫ل ِ‬
‫ة بها ‪ ،‬ففي حين تفتقر التوراة‬ ‫حق ٌ‬
‫مل َ‬‫ة لدعوة موسى و ُ‬ ‫مم ٌ‬‫مت َ ّ‬‫السلم لن دعوَته ُ‬
‫ل بما‬ ‫إلى الشحنة الروحية وتمتلئ بالحكام الشرعية والحاجي ‪ ،‬يأت النجي ُ‬
‫من شأنها تنظيم حياة بني‬ ‫ة الروحية ويخلو من الشرائع التي ِ‬ ‫ئ الحاج َ‬ ‫يمل ُ‬
‫م بشيٍء منها إل في القليل النادر ‪ ،‬كوجوب القتصار على‬ ‫إسرائيل ‪ ،‬فل ي ُل ِ ّ‬
‫من طلق امرأة ً بامرأة سواها ‪ ،‬وعدم تزوج‬ ‫ّ‬ ‫زوجة واحدة ‪ ،‬وعدم تزّوج َ‬
‫ّ‬
‫المطلقة بآخر ‪ ،‬وعدم جواز الطلق إل ّ ب ِعِلةِ الزنا ‪ ،‬والمر بالعفة ‪.‬‬
‫وهذا الخواء الماديّ في النجيل عجز عن دفع " الدعوة النصرانية إلى أن‬
‫ل أفكار غريبة‬ ‫ب دخو َ‬ ‫تلّبي حاجات أوروبا والمبراطورية الرومانية ‪ ،‬مما سب ّ َ‬
‫إلى قلب النصرانية ‪ ،‬أفكارٍ أتتها من الوثنية اليونانية والرومانية ‪ ،‬وما زال‬
‫العالم الغربي حتى اليوم يعتّز بصلته بجذور الفكر اليوناني والروماني في‬
‫ن مختلفة من الحياة " )( ‪.‬‬ ‫ميادي َ‬
‫وهذا ما يؤكد خصوصية الدعوة اليهودية ودعوة عيسى عليه السلم بقومه‬
‫اليهود ‪ ،‬شأنها في ذلك شأن سائر دعوات النبياء عليهم السلم باستثناء‬
‫دعوة محمد عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫ة‬
‫ة عام ٌ‬ ‫ممَتها النصراني َ‬ ‫مت َ ّ‬
‫ة اليهودية و ُ‬ ‫ض الباحثين إلى أن الديان َ‬ ‫ب بع ُ‬ ‫وقد ذه َ‬
‫بالصل إل ّ أن النفسية الحتكارية لليهود التي تكره الخير لغيرها من الشعوب‬
‫من جعل من اليهودية‬ ‫والتي جعلت من العقيدة دينا ً وجنسية في آن ‪ ،‬هي َ‬
‫ة جاء‬‫دعوة ً خاصة غيَر تبشيرية ‪ ،‬بينما ذهب آخرون إلى أنها دعوة خاص ٌ‬
‫تعميمها إثر مرحلة انتقالية في تاريخ دعوة عيسى عليه السلم ‪ -‬بعد سأمه‬
‫من استجابة قومه لدعوته ‪ -‬يرمزون إليها بقصته مع المرأة الكنعانية والتي‬
‫أتت عيسى عليه السلم وهو في تلميذه ‪ ،‬فابتدرها قائل ً إنه لم ُيبعث إل ّ إلى‬
‫ب لها بعد إلحاح ‪.‬‬ ‫خراف بني إسرائيل الضالة ‪ ،‬إل ّ أنه يستجي ُ‬ ‫ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ظري ّت َُهم ‪،‬‬‫ت نَ َ‬‫ص من العهد القديم وبوقائع تاريخية ُتثب ِ ُ‬ ‫ويستد ّ‬
‫ل هؤلء ب ُِنصو ٍ‬
‫فهذا ) أرميا ( يقول ‪ :‬كان أبي آراميا ً متجول ً ‪ .‬وهذا ) يونس ( عليه السلم‬
‫ث إلى ) ترشيش ( وهي بلد غير يهودي ‪ ،‬وهذا ) عيسى ( عليه السلم‬ ‫ُيبعَ ُ‬
‫ث امرأة ً سامرية ويطلب منها ماًء ليشرب )( ‪.‬‬ ‫ُيحادِ ُ‬
‫ة بقوم ٍ ‪ -‬خصوصية التبشير ل العتناق ‪ -‬ل‬ ‫ن الدعوةَ الخاص َ‬ ‫وتغافل هؤلء عن أ ّ‬
‫من أقوام أخرى ‪ ،‬إل ّ أنها ل تسعُ الخلئقَ كّلها ‪،‬‬ ‫يمنع قبولها لمؤمنين ِ‬
‫ت بدعوة‬ ‫سخ ْ‬ ‫ت فئةٍ محدودة ‪ ،‬ولن جميعَ هذه الدعوات ن ُ ِ‬ ‫لقتصاِرها على حاجا ِ‬
‫خاتم النبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ت دينا ً‬ ‫ل هؤلء بقول بولس ‪ ) :‬إن المسيحية ليس ْ‬ ‫من العجيب أن يستد ّ‬ ‫و ِ‬
‫لليهود فقط ‪ ،‬بل هي دين عالمي ( ‪ ،‬وهم على علم بمن يكون بولس هذا‬
‫)( ‪.‬‬
‫ة ابن القيم عن بعض أحبار‬ ‫أما قصة تحريف هذا الكتاب الكريم فينقلها العلم ُ‬
‫يهود الراسخين في العلم ممن هداهم الله تعالى إلى السلم ‪ ،‬فيقول ‪" :‬‬
‫لسنا نرى أن هذه الكفريات كانت في التوراة المنزلة على موسى ‪ ،‬ول نقول‬
‫أيضا ً أن اليهود قصدوا تغييرها وإفسادها ‪ ،‬بل الحق أولى ما ات ِّبع ‪ ،‬ونحن نذكر‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حقيقة سبب تبديل التوراة ‪ ،‬فإن علماء القوم وأحباَرهم يعلمون أن هذه‬
‫ن التوراة‬ ‫التوراة التي بأيديهم ل يعتقد أحد من علمائهم وأحبارهم أنها عي ُ‬
‫المنزلة على موسى بن عمران البتة ‪ ،‬لن موسى صان التوراة عن بني‬
‫إسرائيل ولم يبّثها فيهم خوفا ً من اختلفهم من بعده في تأويل التوراة‬
‫المؤدي إلى انقسامهم أحزابا ً ‪ ،‬وإنما سّلمها إلى عشيرته أولد ِ لوي ‪ ،‬ودليل‬
‫ذلك قول التوراة ما هذه ترجمته ‪ ) :‬وكتب موسى هذه التوراة ودفعها إلى‬
‫أئمة بني لوي ‪ ،‬وكان بنو هارون قضاةَ اليهود وحكامهم ‪ ،‬لن المامة وخدمة‬
‫القرابين والبيت المقدس كانت فيهم ‪ ،‬ولم ُيبد ِ موسى لبني إسرائيل من‬
‫التوراة إل نصف سورة ‪ ،‬وقال الله لموسى عن هذه السورة ‪ :‬وتكون لي‬
‫هذه السورة شاهدة على بني إسرائيل ول ُتنسى هذه السورة من أفواه‬
‫أولدهم ( ‪ ،‬وأما بقية التوراة فدفعها إلى أولد هارون وجعلها فيهم وصانها‬
‫عمن سواهم ‪ ،‬فالئمة الهارونيون هم الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون‬
‫أكثرها ‪ ،‬فقتلهم بختنصر على دم واحد ‪ ،‬وأحرق هيكلهم يوم استولى على‬
‫بيت المقدس ‪ ،‬ولم تكن التوراة محفوظة على ألسنتهم ‪ ،‬بل كان كل واحد‬
‫من الهارونيين يحفظ فصل ً من التوراة ‪ ،‬فلما رأى عزير )( أن القوم قد‬
‫ُأحرق هيكلهم وزالت دولُتهم وتفرق جمعهم وُرفع كتابهم ‪ ،‬جمع من‬
‫فق منه هذه التوراة التي‬ ‫ة )( ما ل ّ‬ ‫محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهن ُ‬
‫بأيديهم )( ‪ -‬سنة ‪ 545‬قبل بعثة عيسى عليه السلم ‪ ... -‬وهذا الرجل ُيعرف‬
‫مّر على َقري ٍ‬
‫ة‬ ‫ض أنه ) الذي َ‬ ‫ن البع ُ‬ ‫عند اليهود والنصارى بعازر الوّراق ‪ ،‬وَيظ ّ‬
‫َ‬
‫ة‬‫مئ َ َ‬‫ه ِ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫موِتها فَأمات َ ُ‬ ‫ه َبعد َ َ‬‫حِيي هَذِهِ الل ُ‬ ‫شها قا َ‬
‫ل أّنى ي ُ ْ‬ ‫عرو ِ‬‫ة عََلى ُ‬ ‫خاِوي ٌ‬ ‫هي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ه ( البقرة ) ‪ ، ( 259‬ويقال إنه نبي ول دليل على هاتين المقدمتين‬ ‫م ب َعَث َ ُ‬‫عام ٍ ث ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫‪ ،‬ويجب التثبت في ذلك نفيا وإثباتا ‪ ،‬فإن كان هذا نبيا واسمه ) عزير ( فقد‬‫ً‬ ‫ً‬
‫ب التوراة في السم " )( ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫وافقَ صا ِ‬
‫ل عودةِ ) عزرا ( باليهود من بابل إلى القدس ‪ ،‬وقف اليهود السامريون‬ ‫وحا َ‬
‫)( ضد توراته واتهموه بالتحريف وشاركوا في تحريف توراته ‪ -‬فوق ما فيها ‪-‬‬
‫لثبات التهمة ضده ‪ ،‬وانفصلوا عن اليهود العبرانيين انفصال ً دام حتى‬
‫الساعة ‪ ،‬واعترفوا بما سمي بالتوراة السامرية ‪ ،‬وأنكروا ما سمي بالتوراة‬
‫العبرانية ‪ " .‬وفي سنة ‪ 247 - 285‬قبل الميلد في عهد ) بطليموس‬
‫جمت التوراة ُ العبرانية ) السفار‬ ‫فيلدلفوس ( وفي مدينة السكندرية ُتر ِ‬
‫الخمسة ( إلى اللغة اليونانية على يد سبعين عالم من علماء اليهود ‪ ،‬وقد‬
‫ة غيَر‬ ‫ث تغيير في بعض معاني آيات ل َِتصير الترجم ُ‬ ‫مد المترجمون إحدا َ‬ ‫تع ّ‬
‫ميت‬ ‫س إلى التوراة العبرانية ‪ ،‬وس ّ‬ ‫معتبرة وغير مقدسة ‪ ،‬وبذلك يرجع النا ُ‬
‫ح عليه السلم‬ ‫هذه التوراة ُ بالتوراة السبعينية أو اليونانية ‪ ،‬ولما ظهر المسي ُ‬
‫ت لنقض الناموس ‪ ،‬تمسكوا بالناموس مع النجيل ‪ ،‬ولما‬ ‫وقال لتباعه ما جئ ُ‬
‫ضلوها‬ ‫ُ‬ ‫ف الرومان بالنصرانية مذهبا ‪ ،‬اعترفوا بصحة التوراة اليونانية وفَ ّ‬‫ً‬ ‫اعتر َ‬
‫ً‬
‫ة عند النصارى إلى اليوم كاثوليكا ) ملكانية ( ‪،‬‬ ‫على غيرها ‪ ،‬فهي مقدس ٌ‬
‫عه على الكاثوليك ‪،‬‬ ‫وأرثوذكسا ً ) يعاقبة ( ‪ ،‬ثم لما انشقّ ) مارتن لوثر ( وأتبا ُ‬
‫مزّيفة ‪ ،‬ورجعوا إلى العبرانية " )( ‪.‬‬ ‫رفضوا التوراة اليونانية واعتبروها ُ‬
‫ة أسفار ) أسفار موسى ( وهي القسم الول‬ ‫والتوراة السامرية تحوي خمس َ‬
‫من مجموع العهد القديم ‪ ،‬وتخلو من السفار العبرانية التسعة والثلثين والتي‬
‫تضم أسفار النبياء ‪ ،‬إذ ل يؤمن السامريون بنبي بعد موسى عليه السلم ‪.‬‬
‫ولكن حتى هذه السفار الخمسة التي يقتصر المتشددون عليها في نسبتها‬
‫مِهم ‪.‬‬ ‫ن وَهْ ِ‬ ‫إلى موسى عليه السلم تحمل قرائ َ‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫" ففي سفر التثنية ما يلي ‪ ) :‬فمات موسى عبد الرب في أرض موآب ‪ ،‬ولم‬
‫يعرف إنسان قبره إلى اليوم ( ‪ ،‬وليس من المعقول أن يكتب موسى ذلك‬
‫عن نفسه ! ‪.‬‬
‫ي في بني إسرائيل مثل موسى ( ‪ ،‬ومن‬ ‫قم بعد ُ نب ّ‬ ‫وفي ذات السفر ‪ ) :‬ولم ي َ ُ‬
‫ل هذه العبارة ل تقال إل بعد موت موسى بزمن ليس‬ ‫الواضح أن مث َ‬
‫بالقصير ‪.‬‬
‫وجاء في سفر التكوين ‪ ) :‬وهؤلء هم الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم‬
‫كتبت في عهد‬ ‫مِلك لبني إسرائيل ( ‪ ،‬وهذه الفقرة تدل على أنها ُ‬ ‫قبلما هلك َ‬
‫ملوك بني إسرائيل أو بعده ‪ ،‬وعهد ُ ملوك بني إسرائيل متأخر عن موسى‬
‫ت أو مئات السنين " )( ‪.‬‬ ‫بعشرا ِ‬
‫كما تخلو السفاُر الخمسة من أي تعبير يقرر حقيقة البعث والنشور‬
‫والحساب والجزاء ‪ ،‬ومرد ّ ذلك إلى الوجهة المادية التي اتجهها اليهود ‪،‬‬
‫بالضافة إلى التأثر بالثقافات والفكار الوثنية التي عايشوها سواء بحالَتي‬
‫ب تهافت الفرق اليهودية في‬ ‫سر سب َ‬ ‫الجوار أو السبي ‪ ،‬ولعل في هذا ما يف ّ‬
‫ت ومنكر ‪.‬‬ ‫مثب ِ ٍ‬
‫العتقاد بالبعث والنشور ما بين ُ‬
‫ة‬
‫ل أحدٍ تحت طائل ِ‬ ‫سعَ فيه ك ّ‬‫وتشتمل التوراةُ على تاريخ أسطوري لليهود تو ّ‬
‫ً‬
‫ت وأحلما كهنوتية ‪،‬‬ ‫مل ٍ‬
‫ل تأ ّ‬‫ج ُ‬‫مصطلٍح ديني ُيعرف بالمدراش )( ‪ ،‬كما ُتس ّ‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫ن قراراتهم ومحاضَر جلساتهم ‪ ،‬وتحوي التوراة ُ ُدروسا في المكر‬ ‫وت ُد َوّ ُ‬
‫والخداع والرذيلة وإساءة الدب مع الله تعالى والنبياء عليهم السلم وكافة‬
‫ة بخلق هذه النماذج الحية اليوم في فلسطين السليبة ‪.‬‬ ‫المم ‪ُ ،‬دروسا ً خليق ً‬
‫الهوامش‬
‫اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص ‪. 238‬‬
‫من اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪. 54 - 53‬‬
‫السفار المقدسة قبل السلم ‪ .‬صابر طعيمة ‪ .‬ص ‪. 11‬‬
‫الملل والنحل ‪ .‬الشهرستاني ‪ .‬الجزء الول ‪ .‬ص ‪. 251‬‬
‫الصحوة السلمية إلى أين ؟ ‪ .‬عدنان النحوي ‪ .‬ص ‪. 140 - 139‬‬
‫ويقول سيد قطب رحمه الله تعالى ‪ " :‬ول يمكن أن ينفك عنصر العقيدة‬
‫اليمانية عن الشعائر التعبدية ‪ ،‬عن القيم الخلقية ‪ ،‬عن الشرائع التنظيمية ‪،‬‬
‫ف حياة َ الناس ِوفقَ المنهج اللهي ‪ ،‬وأيّ انفصال‬ ‫في أي دين يريد أن ُيصّر َ‬
‫م‬
‫ل عمل الدين في النفوس وفي الحياة ‪ ،‬ويخالف مفهو َ‬ ‫لهذه المقومات يبط ُ‬
‫الدين وطبيعته كما أراده الله تعالى ‪ ،‬وهذا ما حدث للمسيحية ‪ ...‬فقد انتهت‬
‫ة بغير شريعة ‪ ،‬وهنا عجزت عن أن تقود الحياةَ‬ ‫المسيحية إلى أن تكون ِنحل ً‬
‫الجتماعية للمم التي عاشت عليها ‪ ،‬فقيادة الحياة الجتماعية تقتضي تصورا ً‬
‫اعتقاديا ً يفسر الوجود كّله ويفسر حياة النسان ومكانه في الوجود ‪ ،‬وتقتضي‬
‫ة لحياة‬
‫ظم ً‬‫نظاما ً تعبديا ً وقيما ً أخلقية ‪ ،‬ثم تقتضي ‪ -‬حتما ً ‪ -‬تشريعات من ّ‬
‫الجماعة ‪ ،‬مستمدة من ذلك التصور العتقادي ومن هذا النظام التعبدي ومن‬
‫هذه القيم الخلقية ‪ ،‬وهذا القوام التركيبي للدين هو الذي يضمن قيام نظام‬
‫اجتماعي له بواعثه المفهومة وله ضماناته المكينة ‪ ..‬فلما وقع ذلك النفصال‬
‫في الدين المسيحي عجزت المسيحية عن أن تكون نظاما ً شامل ً للحياة‬
‫البشرية ‪ ،‬واضطر أهُلها إلى الفصل بين القيم الروحية والقيم العملية في‬
‫حياتهم كّلها ‪ ،‬ومن بينها النظام الجتماعي الذي تقوم عليه هذه الحياة ‪،‬‬
‫وقامت النظمة الجتماعية هناك على غير قاعدتها الطبيعية الوحيدة ‪ ،‬فقامت‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة في الهواء ‪ ،‬أو قامت عرجاء " ‪ .‬في ظلل القرآن ‪ .‬سيد قطب ‪.‬‬ ‫معلق ً‬
‫المجلد الول ‪ .‬ص ‪. 400‬‬
‫اليهود في عصر المسيح ‪ .‬سيد عاشور ‪ .‬ص ‪. 89‬‬
‫بولس أو شاول ‪ :‬يهودي فريسي متعصب ‪ ،‬اعتنق المسيحية في حوالي‬
‫السنة الثالثة والثلثين للميلد بعد أن كان من ألد ّ أعدائها ‪ ،‬وصار بعد اعتناقه‬
‫ب اليدِ الطولى في تحريف شريعة الله عز وجل‬ ‫الكاذب للمسيحية صاح َ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫المنزلة على عيسى عليه السلم ‪ ،‬فأله عيسى عليه السلم وزعم أنه اب ُ‬
‫فق أسطورة الفداء والتكفير ‪ ،‬فَعُد ّ‬ ‫الله عز وجل ‪ ،‬وأقام عقيدة َ التثليث ‪ ،‬ول ّ‬
‫ي للنصرانية ‪ ،‬وَلعب في شريعة عيسى عليه السلم‬ ‫س الحقيق ّ‬
‫س َ‬‫بذلك المؤ ّ‬
‫ه ) عبد ُ الله بن سبأ ( في شريعة محمد صلى الله‬ ‫َدورا ً كالدور الذي لعبه خل ُ‬
‫ف ُ‬
‫من المسلمين ‪ ،‬وكانت وفاة بولس في السنة‬ ‫ل به فريقا ً ِ‬‫عليه وسلم وأض ّ‬
‫ب النجيل وهو طبيب‬ ‫السادسة والستين للميلد ‪ .‬وتتلمذ عليه لوقا صاح ُ‬
‫يهودي ‪ -‬أيضا ً ‪ُ -‬ولد في أنطاكية ويقال إنه مؤلف ) أعمال الرسل ( ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ة حواريّ عيسى عليه السلم ) برنابا ( إلى‬ ‫ت دعوة ُ بولس الضال ُ‬ ‫وقد دفع ْ‬
‫تدوينه النجيل المنسوب إليه لتجلية الحق ‪ ،‬فقال في مقدمته ‪ " :‬أيها العزاء‬ ‫َ‬
‫‪ ..‬إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه اليام الخيرة بنبيه يسوع‬
‫المسيح برحمة عظيمة للتعليم واليات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل‬
‫ن الله‬‫كثيرين بدعوى التقوى ‪ ،‬مبشرين بتعليم شديد الكفر ‪ ،‬داعين المسيح اب َ‬
‫ل لحم نجس ‪ ،‬الذين‬ ‫وزين ك ّ‬ ‫ختان الذي أمر الله به دائما ً ‪ ،‬مج ّ‬ ‫‪ ،‬ورافضين ال ِ‬
‫عدادهم أيضا بولس الذي ل أتكلم عنه إل ّ مع السى ‪ ،‬وهو السبب‬ ‫ً‬ ‫ل في ِ‬ ‫ض ّ‬
‫ه وسمعته أثناء معاشرتي ليسوع لكي‬ ‫الذي لجله أسطر ذلك الحق الذي رأيت ُ ُ‬
‫تخلصوا ول يضلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة الله " ‪ .‬انظر ‪ :‬الوثيقة‬
‫الرسمية لنجيل برنابا ‪ .‬عبد العزيز أبو العل ‪ .‬ص ‪. 13‬‬
‫كد لدى كثير من المفكرين الغربيين اليوم أن المسيحية التي أقرها‬ ‫ولقد تأ ّ‬
‫بولس تنافي تعاليم عيسى عليه السلم في جوهرها ‪ ،‬كما تأكد لديهم أن‬
‫النعزال السلبي في المسيحية إنما جاء من تعاليم بولس ‪ ،‬ويقول ) ويلز (‬
‫في ) ملخص التاريخ ( ‪ " :‬إن المسيح لم يبشر بالمسيحية المعروفة اليوم ‪،‬‬
‫وإنما أحدثها بولس المتعلم بالسكندرية ومنها ‪ -‬أي السكندرية ‪ -‬أخذ تعاليمه‬
‫ة قدماء المصريين إيزيس وهورس‬ ‫الوثنية ‪ ،‬التي استحالت فيها آله ُ‬
‫وسيزاييس إلى الب والبن والروح القدس " ‪ .‬انظر ‪ :‬مشكلت الجيل في‬
‫ضوء السلم ‪ .‬محمد المجذوب ‪ .‬دار العتصام ‪ .‬ص ‪. 170‬‬
‫عزير ‪ :‬وهو بالعبرية ) عزرا ( ومعناه ) عون ( وهو اختصار لسم ) عزريا ( ‪،‬‬
‫و ) عزرا الكاتب ( هو ‪ :‬عزرا بن سرايا بن عزريا بن صلقيا من سللة‬
‫هارون ‪ ،‬عاصر ) نحميا ( وكان لهما دور بارز في العودة إلى القدس بعد‬
‫السبي البابلي ‪ ،‬وذلك بعد حلول الحكم الفارسي ‪.‬‬
‫جد ٍ لها بعد ضياع توراة‬ ‫مو ِ‬‫وارتبط اسم ) عزرا ( بالتوراة كأبرز مدّون لها بل ُ‬
‫قب بالكاتب‬ ‫ُ‬
‫ة عريقة في الوسط اليهودي ‪ ،‬إذ ل ّ‬ ‫موسى ‪ ،‬ويحتل )عزرا ( مكان ً‬
‫جد َ في أسفار العهد القديم سفر باسمه يؤّرخ للوقائع التي دارت‬ ‫والكاهن ‪ ،‬ووُ ِ‬
‫في عصره ‪ ،‬ويبّين كيف نجح بانتزاع قرار من المبراطور الفارسي ‪ -‬والذي‬
‫عرف‬ ‫كان يشغل عنده منصبا ً ‪ -‬للعودة باليهود إلى القدس أورشليم ‪ ،‬و ُ‬
‫) عزرا ( بعنصريته اللمحدودة وتعصبه العمى لنقاء الجنس السرائيلي ‪ ،‬وقد‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ي في قوله‬‫عاش في القرن الخامس قبل الميلد ‪ ،‬وهو ) عزير ( المعن ّ‬


‫تعالى ‪ ) :‬قالت اليهود عزير ابن الله ( التوبة ) ‪ ، ( 30‬إذ قالوا ‪ :‬لم يستطع‬
‫موسى أن يأتينا بالتوراة إل ّ في كتاب ‪ ،‬وقد جاء بها عزير من غير كتاب ! ‪.‬‬
‫جاء في قاموس الكتاب المقدس حول عهديه القديم والجديد ‪ ) :‬ويبلغ عدد‬
‫الكتاب الملهمين الذين كتبوا الكتاب المقدس أربعين كاتبا ً ‪ ،‬وهم من جميع‬
‫طبقات البشر ‪ ،‬بينهم الراعي والصياد وجابي الضرائب والقائد والنبي‬
‫والسياسي والملك ( ‪ ،‬ويعلق د‪ /‬أسعد السحمراني قائل ً ‪ :‬لقد أدى تنوع‬
‫المستوى الثقافي ‪ ،‬مع تنوع المواقع الجتماعية لمن ساهموا في صياغة‬
‫نصوص الكتاب المقدس إلى تباين نصوصه شكل ً ومضمونا ً ‪ .‬انظر ‪ :‬من‬
‫اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪. 57‬‬
‫ل إن التوراة طرأ عليها أصول أربعة ‪:‬‬‫وبحكم القرآن الكريم نستطيع القو َ‬
‫التحريف والتبديل ‪ ،‬والنسيان غير المقصود ‪ ،‬والهمال والخفاء المقصود ‪،‬‬
‫وَلبس الحق بالباطل ‪ .‬انظر ‪ :‬السفار المقدسة قبل السلم ‪ .‬صابر طعيمة ‪.‬‬
‫ص ‪. 18‬‬
‫هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ‪ .‬ابن قيم الجوزية ‪ .‬ص ‪- 128‬‬
‫‪. 129‬‬
‫سيأتي الحديث عنهم في مبحث الفرق اليهودية إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والنجيل من التبديل ‪ .‬العلمة‬
‫الجويني ‪ .‬مقدمة المحقق ‪ .‬ص ‪6‬‬
‫اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص ‪. 258‬‬
‫م الحيان بكثير من التصرف ‪ -‬في نص‬ ‫سعٌ شفهي ‪ -‬ومعظ ُ‬ ‫المدراش ‪ :‬ت َوَ ّ‬
‫ً‬
‫توراتي أصبح بعد تدوينه جزءا من التراث اليهودي ‪ .‬انظر ‪ :‬التوراة تاريخها‬
‫وغاياتها ‪ .‬سهيل ديب ‪ .‬ص ‪. 94‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ركائز العتقاد اليهودي‬


‫المبحث الول‪/‬‬
‫الخالق ‪ -‬عّز وجل ‪ -‬بين الشراك والنتقاص‬
‫الباحث ‪ /‬محمد عبد الكريم النعيمي‬
‫‪ / 3‬رسل الله‬
‫سل ‪ ،‬ولن يدع اليهود ُ دربا ً‬ ‫ِ‬ ‫المر‬ ‫قدر‬ ‫من‬ ‫انتقاص‬ ‫رسول‬ ‫قدر‬ ‫النتقاص من‬
‫ل إلى النتقاص من قدر الله عز وجل إل ّ ويسلكوه ‪ ،‬وما الساءة إلى‬ ‫ص ُ‬‫ُيو ِ‬
‫َ‬
‫رسل الله وأنبيائه إل ّ صورة من هذه الصور ‪ ،‬وإذا أضفنا إلى هذا الدافع إلى‬
‫انتقاص قدر رسل الله سبحانه دافعا ً آخر يتجلى في ) قََرف ( بني إسرائيل‬
‫فوها ‪ ،‬والتي جاء‬ ‫نبذ َ حياة الدنس والغش والخداع والستعلء والجشع التي أ َل ِ ُ‬
‫النبيون لبطالها وبدعائم الحياة السديدة النظيفة لحللها ‪ ،‬اكتمل لدينا تصور‬
‫هذه الدوافع ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ت بني إسرائيل وآمالُهم تنعقد حول النبياء لغرض غير الغرض‬ ‫ت ت َط َّلعا ُ‬‫كان ْ‬
‫مهم الجشعة ‪ ،‬وهو تمكينهم من رقاب‬ ‫ض طالما دغدغ أحل َ‬ ‫الذي وكلوا له ‪ ،‬غر ٍ‬
‫من‬
‫المم ينهبون خيراتها ويمتصون دماءها تحت ظل حكومة يهودية قوية تؤ ّ‬
‫لهم ِغطاًء أمنيا ً وشرعيا ً ‪ُ ،‬دون المساس بالحياة الداخلية المكتنزة بالرذائل ‪،‬‬
‫والتي تقوم هذه الدولة اليهودية على ركائزها ‪ ،‬وتستند على دعائمها ‪.‬‬
‫حُلم ما يشكله من قوة روحية تستمد وقودها من الرب‬ ‫ودوُر النبي في هذا ال ُ‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي لن يخذله ‪ ،‬ومن الشعب الذي سيلتف حوله ‪.‬‬


‫ً‬
‫سهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ت النبياُء بما تشتهي أنف ُ‬ ‫ما لم يأ ِ‬‫ولكنهم ل َ ّ‬
‫دوا‬ ‫م ُ‬ ‫صفاتا ً ‪ ،‬فعَ َ‬ ‫من شاكلهم ِ‬ ‫ورسخ في أذهانهم أنه لن ُيحقق لهم أحلمهم إل ّ َ‬
‫من عيسى عليه السلم إلى المسيح‬ ‫ظر ِ‬ ‫إلى تأويل الوعد بالمسيح المنت َ‬
‫الدجال الذي سيقودهم ِفعل ً ذات يوم )( ‪.‬‬
‫عينا في سردنا لبعض ما تحفل بع التوراة والتلمود من إساءة لنبياء‬ ‫ولو را َ‬
‫ب الزمني لمن سأورِد ُ ِذكَرهم وبدأنا بنبي الله وأبي البشر‬ ‫ُ‬
‫الله تعالى الترتي َ‬
‫ة اسمها‬ ‫) آدم ( عليه السلم لوجدناه ‪ -‬بزعم التلمود ‪ " -‬يأتي شيطان ً‬
‫منا ) حواء (‬ ‫) ليليت ( ولمدة ‪ 130‬سنة وتلد منه شياطين ‪ ،‬ولوجدنا امرأته وأ ّ‬
‫شياطين بسبب ِزناها ‪-‬‬ ‫تقابل خيانته لها بمثلها ول تلد في هذه المدة إل ّ َ‬
‫والعياذ ُ بالله من هذا الفتراء ‪ -‬مع ذكور الشياطين " )( ‪.‬‬
‫حما في‬‫ً‬ ‫مق ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ولو عّرجنا بعد ُ على نبي الله نوح عليه السلم لرأيناه سكيرا ُ‬
‫سكره إلى الحد الذي يتكشف فيه وتظهر سوأته بحد ّ زعم سفر التكوين ‪،‬‬
‫قال الراوي ‪ ) :‬وابتدأ نوح يحرث الرض وغرس كرما ً ‪ ،‬وشرب من الخمر‬
‫م أبو كنعان سوءة أبيه فأخبر أخويه‬ ‫فسكر وتكشف داخل خبائه ‪ ،‬فرأى حا ُ‬
‫وهما خارجا ً ‪ ،‬فأخذ سام ويافث ِرداًء وجعله على منكبيهما ومشيا مستدبرين‬
‫فغطيا سوءة أبيهما وأوجههما إلى الوراء ‪ ،‬وسوءة أبيهما لم يرياها ‪ ،‬فلما‬
‫أفاق نوح من خمره علم ما صنع به ابنه الصغير ‪ ،‬فقال ‪ :‬ملعون كنعان عبدا ً‬
‫يكون لعبيد إخوته ( ‪ ،‬وعجبا ً لرجل يستحيي من ولده أن ي ََرى عورته ‪ ،‬ول‬
‫يستحي من ربه أن يشهد زلته ! ‪.‬‬
‫ط عليه السلم من مجموع‬ ‫فرية ُتذكر إذا ما قورنت بنصيب لو ٍ‬ ‫ول تكاد هذه ال ِ‬
‫فَرى المنسوبة إلى النبياء ‪ ،‬قال مؤلف سفر التكوين ‪ ) :‬وصعد لوط من‬ ‫ال ِ‬
‫صوغر ‪ ،‬وسكن في الجبل وابنتاه معه ‪ ،‬لنه خاف أن يسكن في صوغر ‪،‬‬
‫فسكن في المغارة وابنتاه ‪ ،‬وقالت البكر للصغيرة ‪ :‬أبونا قد شاخ وليس في‬
‫الرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الرض ‪ ،‬هلم نسقي أبانا خمرا ً ونضطجع‬
‫معه فنحيي من أبينا نسل ً ‪ ،‬فسقتا أباهما خمرا ً في تلك الليلة ودخلت البكر‬
‫واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ول بقيامها ‪ ،‬وحدث في الغد أن‬
‫البكر قالت للصغيرة ‪ :‬إني قد اضطجعت مع أبي ‪ ،‬فأسقه خمرا ً الليلة أيضا ً‬
‫فادخلي اضطجعي معه فنحيي من أبينا نسل ً ‪ ،‬فسقتا أباهما خمرا ً الليلة‬
‫أيضا ً ‪ ،‬وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ول بقيامها ‪،‬‬
‫فحبلت ابنتا لوط من أبيهما فولدت البكر ابنا ً ودعت اسمه موآب وهو أبو‬
‫مي وهو‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫الموآبيين إلى اليوم ‪ ،‬والصغيرة أيضا ً ولدت ابنا ً ودعت اسمه ب َ ْ‬
‫أبو بني عمون إلى اليوم ( ‪ -‬ل تعليق !! ‪. -‬‬
‫ولو انتقلنا إلى يعقوب عليه السلم لوجدنا سفر التكوين يزعم أنه طبخ طبيخا ً‬
‫فأتى أخوه البكر ) عيسو ( من الحقل وقد أعيا فقال ليعقوب ‪ :‬أطعمني لني‬
‫قد أعييت ‪ .‬فقال يعقوب ‪ِ :‬بعني ُبكوريتك ‪ .‬فقال عيسو ‪ :‬أنا ماض إلى الموت‬
‫فلماذا لي بكورية ؟ فقال يعقوب ‪ :‬احلف لي اليوم ‪ .‬فحلف له فباع بكوريته‬
‫ب عيسو خبزا ً وطبيخ عدس فأكل وشرب وقام‬ ‫ليعقوب ‪ ،‬فأعطى يعقو ُ‬
‫ومضى واحتقر عيسو البكورية )( ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫هذا الجشع والستغلل البشع والخداع المتكرر في حياة يعقوب يعلق‬


‫ة لقبول تصرفات‬
‫‪ J.W.D.Smith‬عليه بقوله ‪ " :‬ول نجد بحال من الحوال وسيل ً‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعقوب ‪ ،‬فقد كان واضحا ً أنها غيُر عادلة ‪ ،‬وكان يسلك مختلف السبل وينتهز‬
‫كل الفرص لينال حقوقَ أخيه ‪ ،‬كان مستعدا ً أن يستعمل أساليب المكر‬
‫والختل والحيل ليحقق أهدافه ‪ ،‬فيعقوب بهذا ُيعتبر نموذجا ً حقيقيا ً لخلق‬
‫اليهود ‪ ،‬وعلى هذا ُتعتبر تسميتهم باسمه ميراثا ً دقيقا ً ‪ ،‬فقد ورثوا عنه أكثَر‬
‫ل عقيدة وإيمان أكثَر منه رجل ختل ودنيا‬ ‫مما ورثوا عن إبراهيم الذي كان رج َ‬
‫" )( ‪.‬‬
‫ونال السباط )( حظهم من الساءة والهانة من لسان أبيهم ‪ -‬بزعم سفر‬ ‫ُ‬
‫ب بنيه قبل موته وقال لهم ‪ ) :‬اجتمعوا لنبئكم‬ ‫التكوين أيضا ً ‪ ، -‬إذ دعا يعقو ُ‬
‫بما يصيبكم في آخر اليام ‪ ،‬اجتمعوا واصغوا إلى إسرائيل أبيكم ‪ ،‬رأوبين أنت‬
‫ضل لنك‬ ‫بكري قوتي وأول قدرتي فضل الرفعة فضل العز فائرا ً كالماء ل تتف ّ‬
‫صعدت على مضجع أبيك ‪ ،‬حينئذ دنسته على فراشي صعد )( ‪ ،‬شمعون‬
‫ولوي أخوان آلت الظلم سيوفهما ‪ ،‬في مجلسهما ل تدخل نفسي ‪،‬‬
‫بمجمعهما ل تتحد كرامتي ؛ لنهما في غضبهما قتل إنسانا ً وفي رضاهما عرقبا‬
‫ثورا ً ‪ ،‬ملعون غضبهما فإنه شديد وسخطهما فإنه قاس أقسمهما في يعقوب‬
‫وأفرقهما في إسرائيل ‪ ،‬يهوذا )( إياك يحمد إخوتك ‪ ،‬يدك على قنا أعدائك ‪،‬‬
‫يسجد لك بنو أبيك ‪ ،‬يهوذا جرو أسد من فريسة صعدت يا بني ‪ ،‬جثا وربض‬
‫كأسد وكلبوة من ينهضه ؟ ‪ ...‬زبولون عند ساحل البحر يسكن وهو عند‬
‫ساحل السفن وجانبه عند صيدون ‪ ،‬يساكر حمار جسيم رابض بين‬
‫الحظائر ‪ ...‬دان يدين شعبه كأحد أسباط بني إسرائيل ‪ ،‬يكون دان حية على‬
‫الطريق ‪ ،‬أفعوانا ً على السبيل يلسع عقبا فرس فيسقط راكبه إلى الوراء ‪...‬‬
‫جاد يزحمه جيش ولكنه يزحم مؤخرته ‪ ،‬أشير خبزه سمين وهو يعطى لذات‬
‫الملوك ‪ ،‬نفتالي أّيلة مسّيبة يعطي أقوال ً حسنة ‪ ،‬يوسف غصن شجرة مثمرة‬
‫سم‬‫على عين ‪ ...‬بنيامين ذئب يفترس في الصباح يأكل غنيمة وعند المساء يق ّ‬
‫نهبا ً ( ‪ .‬ونعم الخلق التي غذاها يعقوب في بنيه ‪ ،‬ورعاها في رعيته ! ‪.‬‬
‫فأما يهوذا الذي شبهه يعقوب بنفسه فتزعم التوراة أنه زنى بكنته ‪ -‬زوجة‬
‫بكره عير ‪ -‬دون أن يعرفها وحصلت منه على خاتمه وعصابته وعصاه كرهن‬
‫حتى يرسل أجرها ‪ ،‬واكتشف القوم حبلها ‪ -‬إذ كان زوجها ميتا ً ‪ -‬وأخبروا يهوذا‬
‫بزناها ‪ ،‬فقال ‪ :‬أخرجوها فتحرق !! أما هي فلما أخرجت أرسلت إلى حميها‬
‫ن الرجل الذي هذه له أنا حبلى ! ‪.‬‬ ‫م َ‬
‫وقالت ‪ِ :‬‬
‫وحتى يوسف الذي وصفه أبوه بأنه ‪ ) :‬غصن شجرة مثمرة على عين ( لم‬
‫يتأخروا في إلصاق شيء من أخلقهم به ‪ ،‬فيزعمون أنه عندما بدأ موسم‬
‫ض مصر وأرض كنعان من أجل الجوع‬ ‫ت أر ُ‬ ‫خو َ ْ‬ ‫الجوع إبان فترة وزارته و " َ‬
‫فجمع يوسف كل الفضة الموجودة في أرض مصر وفي أرض كنعان بالقمح‬
‫الذي اشتَروا " ‪ ،‬وكانت هذه مقايضة السنة الولى ‪ ،‬أعقبتها مقايضة الخبز‬
‫بالمواشي في السنة الثانية بعدما خوت جيوبهم من الفضة ‪ ،‬و " لما تمت‬
‫السنة الثانية جاؤوا ليوسف ليأخذوا منه قمحا ً فرفض أن يعطيهم قمحا ً حتى‬
‫ضنا بالخبز ‪ ،‬فنصير نحن‬ ‫رنا وأر َ‬ ‫سهم ‪ ،‬قالوا له ‪ :‬اشت ِ‬ ‫باعوا أراضيهم وأنف َ‬
‫ف كل أرض مصر لفرعون ‪ ،‬فصارت‬ ‫وأرضنا عبيدا ً لفرعون ‪ ...‬فاشترى يوس ُ‬
‫الرض لفرعون ‪ ،‬وأما الشعب فنقلهم إلى المدن وجعلهم عبيدا ً لفرعون " )(‬
‫ة الخبيثة التي‬ ‫ة يوسف قبل حلول السنة السابعة ‪ ،‬الخط ُ‬ ‫‪ ،‬وهكذا نجحت خط ُ‬
‫صه على مصلحة‬ ‫حر َ‬‫نسبوها إلى يوسف الصديق عليه السلم ُتبرُِز ) أمانَته ( و ِ‬
‫منصَبه في ذلك !! ‪.‬‬ ‫ن استغلِله َ‬‫حس َ‬
‫) الرعية ( و ُ‬
‫مؤذية من الصورة السلمية ليوسف في هذه‬ ‫وأين هذه الصورة التوراتية ال ُ‬
‫ي‬ ‫ل‬
‫َِ َ‬ ‫و‬ ‫لما‬ ‫فهو‬ ‫‪،‬‬ ‫تها‬‫سم‬
‫َ ِ‬ ‫وعظيم‬ ‫النبوة‬ ‫بمكانة‬ ‫القضية ‪ ،‬الصورة التي تليق‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قظ والمولى الفطن‬ ‫م الحاكم الي َ ِ‬ ‫مّر كان " ِنع َ‬ ‫ة تَ ُ‬


‫ن السبعُ الرخي ُ‬ ‫الوزارة والسنو ُ‬
‫ت الوافرة والخيرات‬ ‫ّ‬
‫الريب ‪ ،‬فبنى الهراء وأعد ّ المخازن وملها بالغل ِ‬
‫ّ‬
‫سبعُ الشداد ُ استقبلها‬ ‫الكثيرة ‪ -‬ل لشراء الشعب ‪ ، -‬حتى إذا ما أقبلت ال ّ‬
‫ل منهم شيئا ً ‪ ،‬ولم تدقّ لهم عظما ً ‪،‬‬ ‫م آمنين ‪ ،‬فلم تغي ّْر لهم حال ً ‪ ،‬ولم تن ْ‬ ‫القو ُ‬
‫ل منهم لحما ً " )( ‪.‬‬ ‫ولم تأك ْ‬
‫صهم‬ ‫مخل ّ ُ‬‫ت حتى َبرَز إلى واقع بني إسرائيل ُ‬ ‫ن أجيال ً تعاقب ْ‬ ‫وى الزم ُ‬ ‫وط َ‬
‫ب الحظوةِ لديهم ) موسى ( عليه السلم ‪ ،‬فالتفوا‬ ‫ب شريعِتهم وصاح ُ‬ ‫وصاح ُ‬
‫جون على‬ ‫حوله في مصر ل إيمانا برسالته كرسول ‪ ،‬ولكن كبطل قومي ير ُ‬ ‫ً‬
‫صهم من قبضة فرعون الطاحنة ‪.‬‬ ‫يديه تخلي َ‬
‫غ‬
‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ويبدو أن حياةَ الذ ّ ّ‬
‫م َتست َ ِ‬
‫فوها والتي تشكل جزءا من طبيعتهم ل ْ‬ ‫ل التي أل ِ ُ‬
‫دونها ‪ ،‬فيقول ‪:‬‬ ‫ش بِ ُ‬ ‫ف الشاعُر العربي الجاهلي العي َ‬ ‫م الحريةِ التي يأن ُ‬ ‫طع َ‬‫َ‬
‫ل تسقني ماَء الحياة ب ِذِل ّ ٍ‬
‫ة‬
‫س الحنظ َ ِ‬
‫ل‬ ‫قني بالعّز كأ َ‬ ‫ل فاس ِ‬‫كجهنم ٍ ‪ ... ...‬ب ْ‬ ‫ماُء الحياةِ ب ِذِل ّةٍ ‪َ ii‬‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫منزِ ِ‬ ‫ب ‪َ ii‬‬ ‫م بالعِّز أطي ُ‬ ‫وجهن ٌ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ض المان ‪ -‬بعد أن نجوا من فرعون وقومه ‪ -‬حتى‬ ‫َ‬


‫مهم أر َ‬ ‫ت أقدا ُ‬ ‫طئ ْ‬‫ن وَ ِ‬ ‫فما إ ْ‬
‫تمّرُدوا على موسى وهارون وصاحوا بهما ‪ -‬بحسب سفر الخروج ‪ -‬قائلين ‪:‬‬
‫) ليتنا متنا في مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزا ً للشبع ‪ ،‬فإنكما‬
‫ل هذا الجمهور بالجوع ( )( ‪.‬‬ ‫أخرجتمانا إلى هذا القفر لكي ُتميتا ك ّ‬
‫ُ‬
‫ث‬‫مه عود ََته ‪ ،‬ول تلب ُ‬ ‫مه ويتوجه إلى الطور وَيستبط ِأ َقو ُ‬ ‫ويترك موسى قو َ‬
‫الجاهلية الوثنية تعاود َنشاطها في مخيلتهم فيجتمعون على هارون قائلين له‬ ‫َ‬
‫‪ -‬بزعم سفر الخروج ‪ ) : -‬قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لن هذا موسى‬
‫الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر ل نعلم ماذا أصابه ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬انزعوا‬
‫ط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وائتوني بها ‪ ،‬فنزع ك ّ‬
‫ل‬ ‫أقرا َ‬
‫الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأَتوا ِبها إلى هارون ‪ ،‬فأخذ ذلك من‬
‫عجل ً مسبوكا ً فقالوا ‪ :‬هذه آلهُتك يا إسرائيل‬ ‫أيديهم وصوره بالزميل وصنعه ِ‬
‫ً‬
‫التي أصعدتك من أرض مصر ‪ ،‬فلما نظر هارون بنى مذبحا أمامه وناَدى‬
‫ن وقال ‪ :‬غدا ً عيد الرب ‪ .‬فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا‬ ‫هارو ُ‬
‫ذبائح وجلس الشعب للكل والشرب ثم قاموا للعب ( ‪.‬‬
‫ب نبيا ً‬‫خزِيَ الر ّ‬‫ن سي ََرهم ‪ ،‬وطبيعي أن ي ُ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫ن أنبياَءهم وهكذا ُيدن ّ ُ‬ ‫ورو َ‬ ‫هكذا يص ّ‬
‫ب هذا عن مؤلفي‬ ‫ُ‬ ‫يغي‬ ‫ول‬ ‫‪،‬‬ ‫قته‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫و‬ ‫له‬ ‫َ‬ ‫أم‬ ‫يب‬ ‫ّ‬ ‫وخ‬ ‫غيره‬ ‫إلى‬ ‫ودعا‬ ‫ته‬‫َ‬ ‫رسال‬ ‫ن ِ‬‫خا َ‬
‫ة لنبيي‬ ‫التوراة المحرفة لتأكيد مصداقية هذه الخبار ‪ ،‬فيرسمون نهاية مؤسف ً‬
‫الله موسى وهارون عليهما السلم فيها كثير من العبرة والعظة !! ‪ ،‬قال‬
‫ب موسى في نفس ذلك اليوم قائل ً ‪ :‬اصعد‬ ‫راسم سفر التثنية ‪ ) :‬وكّلم الر ّ‬
‫إلى جبل عباريم ‪ ...‬وانظر إلى أرض كنعان التي أنا أعطيتها لبني إسرائيل‬
‫مت في الجبل الذي تصعد عليه ‪ ،‬وانضم إلى قومك كما مات أخوك‬ ‫ملكا ً ‪ ،‬و ُ‬‫ُ‬
‫هارون في جبل هور ‪ ،‬لنكما خنتماني في وسط بني إسرائيل ( ‪.‬‬
‫شين ل يباليان بأصول‬ ‫ورهما باط ِ َ‬ ‫كي بني إسرائيل لُتص ّ‬ ‫مل ِ َ‬
‫ل مسيرةُ الفك َ‬ ‫وتطا ُ‬
‫العقيدة وبدهيات الخلق في سبيل الوصول إلى مآرب سياسية أو التمتع‬
‫بشهوات حيوانية ‪ .‬فهذا ) داود ( عليه السلم يزني بامرأة ) أوريا الحثي ( أحدِ‬
‫ة فيبعث إليه ويأمره بالمبيت في بيته ‪ -‬حتى‬ ‫فضيح َ‬ ‫شى داود ُ ال َ‬ ‫قادته ‪ ،‬وَيخ َ‬
‫يضاجع زوجه ول يشك في حبلها ‪ -‬ولكن هذا القائد الحثي ‪ -‬وهو ليس من بني‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة إلى المبيت خارج البيت ‪ ،‬إذ أنه يأبى على‬ ‫إسرائيل ‪ -‬تدفعه تأملُته النبيل ُ‬
‫سون‬ ‫نفسه أن يستمتع بقرب من زوجته فيما زملؤه من قادةٍ وجند ٍ ُيقا ُ‬
‫عُز داود ُ إلى قائده العلى في الجيش أن يجعل‬ ‫الشدائد َ في الصحراء ‪ ،‬فَُيو ِ‬
‫) أوريا ( في مقدمة الجيش ليهلك ‪ ،‬ويتزوج داود ُ امرأته ويواري الفضيحة ‪.‬‬
‫ة في داود ‪ -‬بزعم التوراة ‪ -‬تدفع ابنه ) أمنون ( إلى مضاجعة‬ ‫وهذه النقيص ُ‬
‫أخته لبيه ) ثامار (‬
‫ت‬‫من بنا ِ‬ ‫من زواجه ِ‬ ‫وأما ) سليمان ( عليه السلم فإنه ‪ -‬بزعم التوراة ‪ -‬أكثَر ِ‬
‫ن في‬ ‫ت الوثا ُ‬ ‫عبد ِ‬ ‫الملوك والعيان الوثنيات لتدعيم سلطته السياسية ‪ ،‬و ُ‬
‫ل‬‫ن ُيناوَِئه ‪ ،‬فقت َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫من ُيمك ُ‬‫مه بتصفية َ‬ ‫حك َ‬ ‫قصوره من دون الله ‪ ،‬واستفتح ُ‬
‫أخاه الكبَر ) أدونّيا ( ‪ ،‬وقتل قائد َ أبيه العلى في الجيش ) يوآب ( ‪ ،‬وعزل‬
‫) أبيانار ( الكاهن تمهيدا ً ِلتصفيته ‪.‬‬
‫ة معجزة تلوك‬ ‫ل الله ) عيسى ( عليه السلم على الدنيا إطلل ً‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫وي ُط ِ ّ‬
‫قى من شّر بني إسرائيل ما لقي‬ ‫حداد ‪ ،‬ويل َ‬ ‫ة بني إسرائيل ال ِ‬ ‫سن َ ُ‬
‫سيرَتها أل ِ‬
‫ب ِولد ََته ‪ ،‬فزعموا‬ ‫َ‬
‫ق َ‬ ‫ن انفرد َ عنهم بالشّر العاجل الذي أع َ‬ ‫النبيون من قبله ‪ ،‬وإ ِ‬
‫من الزنى ‪ ،‬وأنه استخدم السحَر الذي‬ ‫أنه ابن الجندي ) يوسف باندارا ( ِ‬
‫تعلمه من ِرحلته إلى مصر في معجزاته ‪ ،‬ويستدلون على ذلك بأنهم وجدوا‬
‫علمة شقّ اللحم على جسد المسيح ‪ .‬وطفح التلمود بألفاظ وإشارات تنال‬
‫منه عليه السلم ‪ ،‬كنعته بأنه ) أحمق ( و ) المجذوم ( و ) غشاش بني‬
‫ع‬
‫ة السياسية لبني إسرائيل آنذاك تخض ُ‬ ‫إسرائيل ( )( ‪ ،‬ولما كانت السلط ُ‬
‫للسلطة الرومانية فقد حاول بنو إسرائيل كثيرا ً أن يستدرجوا عيسى عليه‬
‫ع‬
‫ن فيأخذوه به ‪ ,‬ولكنه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬اّتب َ‬ ‫ب الروما َ‬ ‫ح بما ُيغض ُ‬ ‫صّر َ‬ ‫السلم ل ِي ُ َ‬
‫ً‬
‫ت عليهم فرصا كثيرة ‪ ,‬فعندما‬ ‫ة قلب المائدة عليهم ‪ ,‬وفَوّ َ‬ ‫مع اليهود سياس َ‬
‫ً‬
‫حاولوا مرة أن يستصدروا منه أمرا بعدم دفع الجزية المفروضة عليهم من‬
‫الرومان أخرسهم عليه السلم بقوله ‪ ) :‬أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله‬
‫لله ( ‪.‬‬
‫ويطول الخلف بين عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وبين علماء الدين الذين سلبوا‬
‫حكما ً بقتله وصلبه ‪ ،‬ويقومون‬ ‫الشعب باسم الدين حتى ُيصدر السنهدرين ُ‬
‫موه عيسى عليه السلم ‪.‬‬ ‫من ت َوَهّ ُ‬ ‫فعل ً بالقتل والصلب ولكن ِفي َ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ة طريفة‬ ‫ن الجوزي حادث ً‬ ‫خرون بهذا ‪ ،‬وقد روى اب ُ‬ ‫ومنذ ذلك الحين واليهود ُ ُيفا ِ‬
‫ي البحرين ‪،‬‬ ‫ُيظِهرون فيها فخَرهم بما صنعوا بعيسى ‪ ،‬قال ‪ " :‬ولي أعراب ّ‬
‫دها ‪ ،‬وقال ‪ :‬ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالوا ‪ :‬نحن قتلناه‬ ‫فجمع يهو َ‬
‫وصلبناه ‪ .‬فقال العرابي ‪ :‬ل جرم )( ‪ ،‬فهل أديتم ديته ؟ فقالوا ‪ :‬ل ‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫ي ديته ‪ .‬فما خرجوا حتى دفعوها له " )( ‪.‬‬ ‫ل تخرجون من عندي حتى تؤدوا إل ّ‬
‫ً‬
‫وأما ابن خالته ) يحيى بن زكريا ( عليهما السلم ‪ ،‬فقد كان " بارعا في‬
‫من يستفتي في أحكامها ‪ ،‬وكان أحد ُ‬ ‫الشريعة الموسوية ‪ ،‬ومرجعا ً مهما ً لكل َ‬
‫حكام فلسطين يقال له ) هيرودس ( )( وكانت له بنت أخ يقال لها‬
‫مها‬
‫ت وأ ّ‬ ‫) هيروديا ( بارعة الجمال ‪ ،‬أراد عمها أن يتزوج منها ‪ ،‬وكانت البن ُ‬
‫ف عنه‬
‫عر َ‬ ‫تريدان ذلك ‪ ،‬غير أن يحيى لم يرض عن هذا الزواج لنه محّرم ‪ ،‬و ُ‬
‫م الفتاة إخراج فتاتها إلى عمها في زينتها‬ ‫ُ‬
‫أنه معارض في ذلك ‪ ،‬فانتهزت أ ّ‬
‫ب إليها أن تقول ما تتمناه ليعمله لها ‪ ،‬وكانت‬ ‫سّر منها وطل َ‬ ‫ورقصت أمامه ف ُ‬
‫مها ذلك أن تطلب منه رأس يحيى بن زكريا في‬ ‫أمها لقنتها أنها إن قال لها ع ّ‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا الطبق ‪ ،‬ففعلت ووفى لها عمها الحاكم بذلك وقتل يحيى " )( ‪.‬‬
‫سيأتي الحديث عن هذا في مبحث ) الصهيونية المسيحية ( في أبواب لحقة‬
‫من البحث إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫المسيح المنتظر وتعاليم التلمود ‪ .‬محمد البار ‪ .‬ص ‪. 163‬‬
‫اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص ‪. 174 - 173‬‬
‫المرجع السابق ص ‪. 175‬‬
‫سِبط ‪ :‬ولد الولد ‪ ،‬والقبيلة من اليهود ‪ ،‬جمعه ‪ :‬أسباط ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫ٌ‬
‫سب ْط من‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يع ْ‬ ‫ّ‬
‫حسين ِ‬ ‫شَرةَ أسباطا ( العراف ) ‪ . ( 160‬و ) ُ‬ ‫) وقطعناهم اثن َت َ ْ‬
‫السباط ( ‪ :‬أمة من المم ‪ .‬انظر ‪ :‬القاموس المحيط للفيروز أبادي ص ‪616‬‬
‫مادة ) سبط ( ‪ .‬والسباط ‪ :‬أبناء يعقوب عليه السلم الثنا عشر ‪ ،‬وهم ‪:‬‬
‫رأوبين ‪ -‬شمعون ‪ -‬لوي ‪ -‬يهوذا ‪ -‬يساكر ‪ -‬زبولون ‪ -‬يوسف ‪ -‬بنيامين ‪ -‬دان ‪-‬‬
‫موا أسباطا ً لن كل ّ منهم أصبح أمة ‪.‬‬
‫س ّ‬ ‫نفتالي ‪ -‬جاد ‪ -‬أشير ‪ .‬و ُ‬
‫يزعم السفر ذاته ‪ ) :‬أن رأوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية أبيه وسمع‬
‫إسرائيل ( ‪.‬‬
‫سيأتي الحديث عن الجريمة الشنعاء التي ألصقها به مؤلفو العهد القديم ‪.‬‬
‫سفر التكوين ‪.‬‬
‫قصص القرآن ‪ .‬محمد جاد المولى وآخرون ‪ .‬ص ‪. 108‬‬
‫من فَل َقَ البحَر وأنجاكم بما لم ُينِج به أحدا ً عن إطعامكم !؟‬ ‫جُز َ‬ ‫عجبا ً !! أَيع َ‬
‫ف لهذه القلوب الجاحدة ‪.‬‬ ‫أُ ّ‬
‫التلمود تاريخه وتعاليمه ‪ .‬ظفر السلم خان ‪ .‬ص ‪. 62 - 61‬‬
‫ل جرم ‪ :‬أي ل بد ول محالة ‪ ،‬وهي تأتي بمعنى القسم ‪.‬‬
‫كتاب الذكياء ‪ .‬ابن الجوزي ‪ .‬ص ‪. 104‬‬
‫ً‬
‫م منطقة الجليل وملكا على اليهود بأمر قيصر‬ ‫كان هيرودس أنتياس حاك َ‬
‫أوغسطس ‪.‬‬
‫قصص النبياء ‪ .‬عبد الوهاب النجار ‪ .‬ص ‪. 369‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ركائز العتقاد اليهودي‬


‫المبحث الول‪/‬‬
‫الخالق ‪ -‬عّز وجل ‪ -‬بين الشراك والنتقاص‬
‫الباحث ‪ /‬محمد عبد الكريم النعيمي‬
‫ت اللهية‬ ‫صفا ُ‬ ‫‪ / 2‬ال ّ‬
‫صرَفة التي ينظر من خللها اليهود ُ في جميع أحوال ِِهم والتي‬ ‫النظرة المادية ال ّ‬
‫ت على‬ ‫ت غيبية ولو دل ّ ْ‬
‫م ذا ٍ‬ ‫فهّ َ‬ ‫ك لها عنهم ل تتقب ُ‬
‫ل تَ َ‬ ‫ة ل انفكا َ‬ ‫م ً‬‫س َ‬‫ل ِ‬ ‫تشك ّ ُ‬
‫حقيقتها الشواهد والبراهين والمعجزات ‪ ،‬ولذا ل نعجب لسؤاِلهم موسى عليه‬ ‫َ‬
‫جهَْرة ً ( البقرة ) ‪ ، ( 55‬ورغم صعقهم‬ ‫ه َ‬‫َ‬ ‫الل‬ ‫رى‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫تى‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫نؤ‬‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫السلم‬
‫سَألوا وبعِْثهم بعد ذلك ‪ ،‬إل أن هذه القلوب‬ ‫َ‬ ‫الذي‬ ‫المريع‬ ‫السؤال‬ ‫إثر هذا‬
‫ن أصحابها وتلمس أيديهم ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ف بما ل ُتشاهد أعي ُ‬ ‫المتحجرة تأبى العترا َ‬
‫ب العهد القديم صورةً للهِ عز وجل كشيخ قبيلة يخضع‬ ‫ضعَ ك ُّتا ُ‬‫ومن هنا وَ َ‬
‫ت أخطاءه ‪ ،‬كما ورد في‬ ‫ب له الحاخاما ُ‬ ‫صوّ ُ‬ ‫لرجال الدين المعصومين وي ُ َ‬
‫ض أحبار يهود حول إحدى‬ ‫ً‬
‫خلفا نشأ بين ُالله عز وجل وبع ِ‬ ‫التلمود من أن ِ‬
‫حيل إلى كبير الحاخامات الذي حكم بخطأ الله‬ ‫المسائل وطال بهما الجدل وأ ِ‬
‫ه عز وجل مكرها للعتراف بخطئه أمام السنهدرين )( ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تعالى ‪ ،‬واضطر الل ُ‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهذا من عجيب نظرة التلمود للذات المقدسة ‪ ،‬فإذا كان الله قد أعطى‬
‫ت منه ؟‬ ‫عدم ْ‬ ‫خلقه العصمة المتمثلة في الحاخامات ‪ -‬بزعمهم ‪ ، -‬فكيف ُ‬
‫وفاقد الشيء ل يعطيه ! ‪.‬‬
‫هرائه قائل ً إنه عز وجل ل يملك نقض ول تغيير تعاليم‬ ‫ويمضي التلمود في ُ‬
‫الحاخامات ‪ ،‬وأنه بحسب سفر صموئيل الثاني ‪ :‬يجلس في تابوت على عجلة‬
‫يجرها الشعب السرائيلي وهو يتفرج عليهم ‪ ،‬وداود وكل الشعب يرقص‬
‫ويغني ويلعب بالرباب والدفوف ! ‪.‬‬
‫وإن تعجب فعجب زعمهم مصارعة الله عز وجل ليعقوب عليه السلم‬
‫وهزيمته في النزال الفردي وطلبه من يعقوب إطلقه حينما طلع الفجر‬
‫خشية الفضيحة والعار الذي سيلحق به إن رآه الناس ‪ ،‬واستجابته مرغما ً‬
‫لمطلب يعقوب مقابل إطلقه ‪ -‬تعالى الله عن هذا السخف ‪ ، -‬جاء في سفر‬
‫التكوين ‪ ) :‬فبقي يعقوب وحده يصارعه رجل ما حتى مطلع الفجر ‪ ،‬فلما رأى‬
‫حقّ الفخذ من يعقوب في صراعه‬ ‫حقّ فخذه ‪ ،‬فانخلع ُ‬ ‫أنه ل يقدر عليه ضرب ُ‬
‫معه ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬أطلقني فقد طلع الفجر ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ل أطلقك إل إذا باركتني ‪ .‬فقال له ‪ :‬ما اسمك ؟ قال ‪ :‬يعقوب ‪ .‬فقال‬
‫س‬‫ه والنا َ‬ ‫ت الل َ‬‫عى اسمك يعقوب من بعد ُ بل إسرائيل )( لنك صارع َ‬ ‫‪ :‬لن ُيد َ‬
‫وغلبت ( ‪.‬‬
‫ب إلى معبوداتهم فضل ً عن الله‬ ‫س َ‬‫وهذا السخف الذي يلفظه الوثنيون إذا ن ُ ِ‬
‫ة اليهود في بغداد أيام العباسيين إلى‬ ‫عز وجل د َفَعَ " ) سعديا الفيومي ( ع ّ‬
‫لم َ‬
‫أن يضع مكانها في ترجمته العربية للتوراة لفظ ) ملك ( ‪ -‬بدل ً من رجل ‪ -‬ثم‬
‫يحاول في آخر القصة البتعاد عن إثبات حدوث مصارعة بين الله ويعقوب ‪،‬‬
‫ت‬‫ت عند الله وعند الناس ‪ ،‬وطق َ‬ ‫فيتصرف في النص ويقول ‪ ) :‬لنك ترأس َ‬
‫ذلك ( " )( ‪.‬‬
‫ش ومخطط محنك ومقاتل من الطراز الول ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ه باط ٌ‬‫وهو ‪ -‬تعالى عن ذلك ‪ -‬إل ٌ‬
‫وتنبني استراتيجيته الحربية على البادة الجماعية للغوييم )( لشباع نهمه‬
‫ت بدماء بشرية ‪ ،‬يقول التلمود ‪ ) :‬عندنا‬ ‫ج ْ‬‫مز َ‬
‫الدموي الذي تسكره كعكة ُ‬
‫مناسبتان دمويتان ترضيان إلهنا يهوه ‪ ،‬إحداهما عيد الفطائر الممزوجة بدماء‬
‫بشرية ‪ ،‬والخرى مراسيم ختان أطفالنا ( )( ‪.‬‬
‫كم قبضته على جنده حتى ل ُتبذ ََر فيهم ُروح التمّرد ‪ ،‬والتهديد‬ ‫وهذا القائد ُيح ِ‬
‫خير ضمان لهذا ‪ ،‬فهم إن تواَنوا عن طاعته في القتل والذبح ) فيكون أني‬
‫كما نويت أن أصنعَ بهم َأصنعُ بكم ( سفر العدد ‪.‬‬
‫وصورة هذه الوامر تتلخص في أن ) تفترس جميع الغوييم الذين يدفعهم‬
‫إليك الرب إلهك ‪ ،‬فل تشفق عيناك عليهم ( سفر التثنية ‪ ) .‬وإذا أدخلك الرب‬
‫إلهك الرض التي أنت صائر إليها لترثها ‪ ،‬واستأصل أمما ً كثيرة من أمام‬
‫وجهك ‪ ...‬وأسلمهم الرب إلهك بين يديك ‪ ...‬ل تقطع معهم عهدا ً ول تأخذك‬
‫بهم رأفة ( ‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن حنكة هذا الرب وبسالته ل تحول دون وقوعه أسيرا في يد‬
‫الفلسطينيين وهو قابع في تابوته ‪ -‬بزعم التوراة ‪. -‬‬
‫وليست الدماء البشرية وحدها هي التي تثير شهية الرب وتسكره ‪ ،‬بل إنه‬
‫يتخاذل أمام رائحة الشواء ‪ ،‬ويشكل الشواء خير رشوة له ليعدل عن شّر‬
‫ب خير عطاياه ‪ .‬جاء في سفر العدد ‪ ) :‬قال الرب لموسى ‪:‬‬ ‫نواياه ‪ ،‬ول ِي َهَ َ‬
‫حتى متى يهينني هذا الشعب ؟ حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة‬
‫دم له بنو إسرائيل اللحم المشويّ الذي ُيحبه‬ ‫المتذمرة علي ؟ ولكن ما إن ق ّ‬
‫جدا ً حتى انبسطت أساريره ‪ ،‬وعفا عن بني إسرائيل وأعطاهم كل طلباتهم ‪،‬‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وندم على ما نوى أن يفعله بهم ‪ ...‬وكتب ميثاقا ً جديدا ً ليعطيهم أرض كنعان (‬
‫‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وتبرز صفة ندم الرب من خلل النص السابق لتضيف ُبعدا ً جديدا ً للتصور‬
‫اليهودي للخالق ‪ .‬وقد جاء في سفر الخروج في الحديث عن غضب الرب‬
‫مى‬ ‫ل قول الرب لموسى ‪ ) :‬فالن اتركني ليح َ‬ ‫عقب عبادة بني إسرائيل العج َ‬
‫غضبي عليهم ‪ ،‬فأصّيرك شعبا ً عظيما ‪ ،‬فتضّرع موسى أمام الرب إلهه وقال‬
‫ً‬
‫شعبك )( ‪ ...‬فندم الرب على‬ ‫م على الشّر ب ِ َ‬
‫له ‪ :‬ارجعْ عن حموّ غضبك واند ْ‬
‫الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه ( ‪ .‬وهكذا تمضي أسفار العهد القديم في‬
‫نسبة الندم إلى الرب في مواضع متعددة ‪ ،‬كما ورد في سفر التكوين ‪:‬‬
‫) فحزن الرب أنه عمل النسان في الرض وتأسف في قلبه ( ‪.‬‬
‫ومن مقتضيات شخص هذه أوصافه أن يكل ويتعب ‪ ,‬شأنه في ذلك شأن كل‬
‫ب العهد القديم ‪ ,‬فأوردوا‬ ‫متصف بهذه الوصاف ‪ ,‬وهي مسّلمة لم يغفلها كتا ُ‬
‫في سفر التكوين عملية خلق الكون وإتمام الرب لها ‪ ) :‬فأكملت السموات‬
‫والرض وجميع جيشها ‪ ,‬وفرغ الله في اليوم السابع )( من عمله الذي عمل‬
‫واستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل ‪ ,‬وبارك الله اليوم‬
‫دسه لنه فيه استراح من جميع عمله الذي خلقه الله ليصنعه ( ‪.‬‬ ‫السابع وق ّ‬
‫ومن حقه أن يجد سكنا ً يأوي إليه ‪ ,‬ويتكفل سليمان ببنائه بزعم سفر الملوك‬
‫الول ‪ ) :‬حينئذ تكلم سليمان ‪ ,‬قال الرب إنه يسكن في الضباب ‪ ,‬إني قد‬
‫بنيت لك بيت سكن مكانا ً لسكناك إلى البد ( )( ‪.‬‬
‫من‬‫ومن قبل سليمان داود الذي عزم على بناء بيت من أرز للرب بعدما أ ّ‬
‫الرب له الحماية ‪ ,‬فأفضى داود بما عزم لناثان النبي ‪ ,‬وقال الرب بحسب‬
‫سفر صموئيل الثاني ‪) :‬أأنت تبني لي بيتا ً لسكاني ؟ لني لم أسكن في بيت‬
‫منذ يوم أصعدت بني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم ‪ ,‬بل كنت أسير في‬
‫خيمة وفي مسكن ‪ ,‬في كل ما سرت مع جميع بني إسرائيل هل تكلمت‬
‫بكلمة واحدة إلى أحد قضاة إسرائيل قائل ً لماذا تبنوا لي بيتا ً من الرز ؟ ( ‪.‬‬
‫بل ومن حق المتصف بهذه الصفات التمتعُ بمباهج الدنيا ومن أولوياتها اتخاذ‬
‫زوجة وإنجاب بنين )( سيما وأنه يحمل بين جنباته قلبا ً يخفق كما ينص سفر‬
‫التكوين ‪ ) :‬وقال الرب في قلبه ‪ :‬ل أعود ألعن الرض ‪ , ( ...‬ولكن العلقة‬
‫تسوء إثر اتهامه زوجه بالخيانة ‪ -‬حاشا لله تعالى ‪ -‬ويقول الرب لبنائه الذين‬
‫يكبرهم إسرائيل كما ورد في سفر هوشع ‪ ) :‬حاكموا أمكم لنها ليست‬
‫امرأتي وأنا لست رجلها ‪ ,‬تعزل زناها عن وجهها وفسقها من بين ثدييها ‪ ,‬ليل ً‬
‫أجردها عارية وأوقفها كيوم ولدتها وأجعلها كقفر ‪ ...‬ول أرحم أولدها لنهم‬
‫أولد زنى ‪ ,‬لن أمهم زنت‪ ,‬التي حبلت بهم صنعت خزيا ً ( )( ‪.‬‬
‫شْعيا فصول العلقة السرية التي تنتهي إلى مأساة تتجسد في‬ ‫ويكمل سفر إ َ‬
‫طلق الرب زوجه ‪ ) :‬هكذا قال الرب ‪ ,‬أين كتاب طلق أمكم التي طلقتها ‪,‬‬
‫أومن هو من غرمائي الذي بعثته إياكم ‪ ,‬هو ذا من أجل آثامكم قد بعتم ومن‬
‫أجل ذنوبكم طلقت أمكم لماذا جئت وليس إنسان(‪.‬‬
‫وهذا الرب الكثير الشغال ينظم وقته المليَء بحسب الجدول الذي رسمه‬
‫التلمود فـ " هنالك اثنتا عشر ساعة في اليوم ‪ ,‬ينشغل القدوس المبارك في‬
‫ثلث ساعات منها بالتوراة ‪ ,‬وفي الساعات الثلث التي تليها يحاكم العالم‬
‫ككل ‪ ,‬وعندما يرى أنه عرضه للتدمير يقوم عن كرسي الدينونة ويجلس على‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كرسي الرحمة ‪ ,‬وفي الساعات الثلث الخيرة يلعب مع لوياتان )( ‪ ...‬لكن‬


‫في الساعات الثلث الرابعة ‪ ,‬يعلم التوراة لطلبة المدارس ‪ ...‬يمكننا القول‬
‫إذا شئتم )( أنه يفعل في الليل ما يفعله في النهار ‪ ,‬ويمكننا القول إذا شئتم‬
‫إنه يركب على غمامة ليله ويتحرك في كل التجاهات " )( ‪.‬‬
‫السنهدرين ‪ :‬لفظ يوناني يعني ) المجمع العظيم ( أو ) الجمعية ( أو ) الهيئة‬
‫الستشارية ( ‪ ،‬وكان يطلق عليه بالعبرية ) كنيست ( وهو المجلس العلى‬
‫عند قدماء اليهود ‪ ،‬وقد نظمه الحبار فجعلوه على درجتين ‪ * :‬السنهدرين‬
‫العظم ‪ :‬وهو المجلس العلى المركزي لجميع اليهود ‪ ،‬ويتألف من سبعين‬
‫رجل ً على رأسهم واحد ينوب عن موسى هو الملك إن ُوجد أو الحاخام‬
‫الكبر ‪ ،‬وفعلهم هذا محاولة للقتداء بموسى حينما اختار من قومه سبعين‬
‫رجل ً ‪ * .‬السنهدرين الصغر ‪ :‬وهو مجلس محلي لكل تجمع يهودي ‪ ،‬ويتألف‬
‫من ثلثة وعشرين عضوا ً ‪.‬‬
‫إسرائيل ‪ :‬كلمة غير عربية تتكون من مقطعين ) إسرا ( و ) إيل ( ‪ ،‬وقد قال‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما ‪ ) :‬إسرا ( بالعبرية هو عبد ‪ ،‬و ) إيل ( هو الله ‪.‬‬
‫انتهى ‪ .‬وقيل ‪ ) :‬إسرا ( هو صفوة ‪ ،‬و) إيل ( هو الله ‪ .‬وورد في معجم‬
‫اللهوت الكتابي عن كلمة ) إسرائيل ( ‪ :‬رؤوس عند الله ) صارع الله ( ‪.‬‬
‫انتهى ‪ .‬وقيل ‪ ) :‬قوة الله ( من لفظتين ساميتين قديمتين هما ) أسر (‬
‫بمعنى ‪ :‬القوة والغلبة = = كال َْزر ‪ ،‬ولفظ ) إيل ( أي ‪ :‬الله الله ‪ .‬انظر‬
‫كتاب ‪ :‬من اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪، 20 - 19‬‬
‫وكتاب ‪ :‬الشخصية السرائيلية ‪ .‬حسن ظاظا ‪ .‬ص ‪. 16‬‬
‫الشخصية السرائيلية ‪ .‬حسن ظاظا ‪ .‬ص ‪. 15‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫غوييم ‪ : Goyim‬لفظة مفردها ) غوي ( يطلقها اليهود على البشر من أتباع‬


‫الديانات الخرى ‪ ،‬وتعني ‪ :‬القطعان البشرية ‪ ،‬في حين يميز اليهود أنفسهم‬
‫بلفظة ) عام ألوهيم ( أي ‪ :‬شعب الله ‪ .‬ويقول البروتوكول الحادي عشر من‬
‫بروتوكولت حكماء صهيون ص ‪ ) : 79‬إن شعوب الجوييم إنما هي قطعان‬
‫من الغنم ‪ ،‬ونحن الذئاب التي تفترسهم ‪ ،‬هل تعرفون ما تفعله الذئاب‬
‫بالغنام ؟ ( ‪.‬‬
‫المسيح المنتظر وتعاليم التلمود ‪ .‬محمد البار ‪ .‬ص ‪. 26‬‬
‫ليست هذه بصيغة تضرع ‪ ،‬بل عتاب على وجه الستعلء ‪ .‬والحديث مع الرب‬
‫بهذه اللهجة وبأوقح منها متكرر ‪ ،‬وقد أوردوا على لسان ) أرميا ( في سفر‬
‫ت هذا الشعب قائل ً‬ ‫أرميا ‪ ) :‬فقلت ‪ :‬آه يا سيدي الرب ‪ ،‬حقا ً إنك خ ّ‬
‫داع ‪ ،‬خدع َ‬
‫‪ :‬يكون لكم سلم ‪ ..‬وقد بلغ السيف النفس ( ‪.‬‬
‫وهو عند اليهود يوم السبت ‪ ،‬وعند المسلمين هو يوم الجمعة ‪.‬‬
‫م لم يصمد لسكنى الرب إلى البد‬ ‫إن صح زعم اليهود بناء سليمان الهيكل فل َ‬
‫؟!‬
‫ُيرجع بعض الباحثين هذه العقائد الوثنية إلى تأثر اليهود بالساطير الكنعانية‬
‫القديمة القائمة على عبادة الله ) إيل ( الذي تزوج عددا ً من النساء ‪ ،‬وأنجب‬
‫منهن ذرية ‪ .‬انظر كتاب ‪ :‬الحسام الممدود في الرد على اليهود ‪ .‬عبد الحق‬
‫السلمي ‪ .‬هامش ص ‪. 152‬‬
‫كثير من الباحثين يؤكدون ‪ ،‬ومقتضيات النص تؤكد أن المقصود بالزوجة هي‬
‫أمة إسرائيل وليست زوجة حقيقية ‪ ،‬ولذا يكون النص مجازيا ً نابيا ً صاغه قَذٌِر‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كب الجهل بأسس بلغة الكلم ‪ ،‬ولكنني أوردته بهذا المعنى أخذا ً بتفسير‬ ‫مر ّ‬
‫ه عليه بالسلم ) عبد الحق السلمي المغربي ( ‪،‬‬ ‫ن الل ُ‬
‫م ّ‬
‫الحبر السبتي الذي َ‬
‫اعتقادا ً مني بأنه أعلم بنصوص القوم ‪ .‬وقد أوردها في كتابه الموسوم بـ‬
‫) الحسام الممدود في الرد على اليهود ( ص ‪. 154 - 152‬‬
‫جاء في سفر المزامير ‪ ) :‬هناك تجري السفن للوياتان الذي جبلته لتلعبه ( ‪،‬‬
‫والظاهر أن لوياتان حوت ‪.‬‬
‫تنظيم وقت الرب يخضع لمشيئتهم !!‬
‫من اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪. 112 - 111‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ركائز العتقاد اليهودي‬


‫صوُره ‪3/‬‬
‫م التشريع و ُ‬ ‫معال ِ ُ‬
‫الباحث ‪ /‬محمد عبد الكريم النعيمي‬
‫ض صور تشريع العهد القديم بصور التشريع القرآني في أحكام‬ ‫تلتقي بع ُ‬
‫ّ‬
‫المعاملت والجنايات والعبادات ‪ ،‬إل أن اليهود ‪ -‬وكما احتكروا العتقاد ‪-‬‬
‫ل على الله‬ ‫من نصيبهم هم ‪ ،‬ولطالما حاولوا التحاي َ‬ ‫جعلوا خيَر هذه الحكام ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫من نفع ما ُيخالف أمَر الله تعالى ‪ ،‬فعظ َ‬ ‫عز وجل وعلى أنبيائهم للفادة ِ‬
‫خطيئُتهم ‪.‬‬ ‫ه َ‬‫ت معَ ُ‬ ‫ابتلُء الله لهم وعَ ُ‬
‫ظم ْ‬
‫من هذه الحكام من الفكر البابلي والفارسي ‪،‬‬ ‫حّرفون كثيرا ً ِ‬ ‫م َ‬
‫قى ال ُ‬‫وقد است َ َ‬
‫" على أن أهم مصدر اعتمدت عليه أسفار العهد القديم هو تشريع‬
‫شف‬ ‫خه إلى نحو ‪ 1940‬قبل الميلد ‪ .‬وقد اكت ُ ِ‬ ‫) حمورابي ( )( الذي يرجع تاري ُ‬
‫في سنة ‪1902‬م محفورا ً على عمود من الصخر السود ‪ ،‬وتشريع حمورابي‬
‫أقدم تشريع سامي معروف حتى الن ‪ ،‬وهو يدل على عقلية بلغت شأوا ً‬
‫عظيما ً في الّرقي والنضج ‪ ،‬ثم إن هناك شبها ً شديدا ً بينه وبين القوانين‬
‫اليهودية ‪ ،‬وهذا الشبه ليس سطحيا ً ول عرضيا ً ‪ ،‬بل يتناول اللحمة والسدى‬
‫دية‬ ‫واللب والجوهر ‪ ،‬وحتى اللفظ والتراكيب " )( ‪ ،‬ومنها مثل ً عدم قبول ال ّ‬
‫عند حمورابي ‪ ،‬وأخذها منه الصدوقيون اليهود ‪.‬‬
‫م‬
‫ح بشرية لله إسرائيل ‪ ،‬كان لها عظي َ‬ ‫ت ملم َ‬ ‫وهذه الفكار الوثنية التي صاغ ْ‬
‫ضعا ً‬ ‫َ‬
‫مسَتلقيا على قفاه وا ِ‬ ‫ً‬ ‫ه ُ‬
‫ورت ْ ُ‬
‫الثر في الحكام والتشريعات اليهودية ‪ ،‬فص ّ‬
‫إحدى رجليه على الخرى في يوم السبت يطلب الراحة بعد عمل ستة أيام‬
‫شّرع ُ على‬ ‫م َ‬‫حّرم ال ُ‬ ‫فقة َ‬ ‫من الرواية المل ّ‬ ‫شاقة في خلق السماوات والرض ‪ ،‬و ِ‬
‫ل يوم السبت تحريما ً قاطعا ً إلى درجة تحريم النارة يوم السبت‬ ‫اليهودي العم َ‬
‫وعدم تسخين الماء فيه والستعانة في حال الضرورة القصوى بغير اليهودي‬
‫ة‬‫ضها الدجاج ُ‬ ‫للنارة أو التسخين ‪ ،‬بل واختلف علماؤهم في أكل البيضة َتبي ُ‬
‫ب في منزل يوم السبت ‪.‬‬ ‫يوم السبت ‪ ،‬وفي إطفاء حريق ش ّ‬
‫" أما مواقيت الصلة عندهم فثلث مواقيت محددة على الوجه التالي ‪:‬‬
‫حر ) شحاريت ( ‪ ،‬ووقتها منذ تبّين‬ ‫س َ‬‫‪ -1‬صلة الفجر ‪ :‬ويسمونها صلة ال ّ‬
‫الخيط البيض من الخيط الزرق إلى ارتفاع عمود النهار ‪.‬‬
‫حه ( ‪ ،‬وتجب منذ انحراف الشمس‬ ‫من ْ َ‬‫‪ -2‬صلة نصف النهار ‪ :‬أو القيلولة ) ِ‬
‫عن نقطة الزوال إلى ما قبل الغروب ‪.‬‬
‫ربيت ( ووقتها من غروب‬ ‫‪ -3‬صلة المساء ‪ :‬ويسمونها صلة الغروب ) عَ ِ‬
‫الشمس وراء الفق إلى أن تتم ظلمة الليل الكاملة ‪.‬‬
‫ويحدد اليهود للرجال ِلباسا ً مميزا ً خاصا ً يرتديه الواحد منهم عندما يريد تأدية‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصلة ‪ ،‬أهم ما فيه الخيوط الزرقاء المتدلية من الشال ‪ ،‬وبعد غسل اليدين‬
‫يوضع الشال على الكتفين ‪ ،‬ولهذا الشال في طهارته أحكام خاصة أهمها أنه‬
‫ل تلمسه النساء ‪ ،‬ويجب على اليهودي لبسه منذ أن يبلغ سن التكليف وهي‬
‫ثلث عشرة سنة ‪ ،‬ويبقى عنده إلى أن يموت فيكفن فيه عادة ‪ ،‬ويجب في‬
‫صلتهم تغطية الرأس احتراما ً ‪ ،‬ولبس ) التفلين ( وهي عبارة عن علبة‬
‫صغيرة من الخشب أو الجلد محفوظ بداخلها رقعة من َرقّ الغزال أو الجلد‬
‫سفَري التثنية‬ ‫مكتوب عليها قراءة السماع ) وهي مجموعة نصوص من ِ‬
‫والعدد ( ‪ ،‬وهذه العلبة مثبتة في شريط من الجلد ‪ ،‬ويجب وضعها عند الصلة‬
‫ط الجلد حول الرأس وُتوضع واحدةٌ أخرى‬ ‫في وسط الجبهة بحيث ُيربط شري ُ‬
‫على الكف اليسرى يربط شريطها حول اليد ‪ ،‬وتكون العلبة مثبتة عند أصل‬
‫البهام ‪ ،‬وإن كان المصلي أشول ‪ -‬أي يستعمل اليد اليسرى ‪ -‬وجب عليه‬
‫ربطها على الكف اليمنى " )( ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مشّرعُ إل يوما واحدا هو يوم الكفارة ‪،‬‬ ‫ض عليهم ال ُ‬‫أما عبادة الصوم فلم َيفر ْ‬
‫ه من فرعون وملئه ‪ ،‬وهو اليوم‬ ‫م ُ‬ ‫ه فيه موسى وقو َ‬ ‫جى الل ُ‬
‫اليوم الذي ن ّ‬
‫الموافق للعاشر من الشهر العربي ) محرم ( ‪.‬‬
‫ة الختان أول ما يواجه اليهودي من أبواب الطهارة ‪ ،‬ويعود ُ بها‬ ‫وُتعد ّ شريع ُ‬
‫ض إلى مبدأ القرابين التي كانت " تشمل الضحايا البشرية ‪ ،‬فكان‬ ‫البع ُ‬
‫دم مع القرابين الخرى من الحيوان والثمار ‪ ،‬واستمّر الخذ ُ بهذه‬ ‫النسان ُيق ّ‬
‫حى‬ ‫العادة فترة طويلة ‪ ...‬ثم اكتفت اللهة بجزء من النسان ‪ ،‬بدل ً من أن ي ُ َ‬
‫ض ّ‬
‫ختان " )( ‪ ،‬وجاءت‬ ‫طع في عملية ال ِ‬ ‫بالنسان كله ‪ ،‬وكان هذا الجزُء هو ما ُيقت َ‬
‫قون بها‬ ‫مصريين القدماء يت ّ ُ‬ ‫سّنة شائعة عند ال ِ‬ ‫فكرة اختيار هذا الجزء من ُ‬
‫جم عن هذه القلفة ‪.‬‬ ‫القذار والعراض التي تن ُ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ط إذا علمنا أن مبدأ‬ ‫م هذه الشريعة عند اليهود على هذا النحو مغلو ٌ‬ ‫ن فَهْ َ‬‫ولك ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هذه الشريعة جاء أمرا إلهيا مباشرا منذ خليل الله إبراهيم عليه السلم ‪ ،‬وهو‬
‫ة تقليد حضاري ول تطوّرٍ ُقرباني ‪ ،‬بل كان‬ ‫قبل ذلك ِفطري ‪ ،‬ولم يظهر نتيج َ‬
‫فطرية‬ ‫ب تاركه ‪ ،‬ووجود هذه الشريعة ال ِ‬ ‫َ‬
‫ب فاعله وُيعاق ُ‬ ‫ه أمرا ً واجبا ً ُيثا ُ‬ ‫ق ُ‬
‫تطبي ُ‬
‫ً‬
‫في الحضارة الفرعونية الوثنية ل يعني انتقالها تقليدا إلى بني إسرائيل ‪ ،‬بل‬
‫كانت عند بني إسرائيل ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬استجابة لمر إلهي ‪ ،‬وقد جاء في سفر‬
‫التكوين ‪ ) :‬هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك‬
‫ة عهد‬ ‫قلفة من أبدانكم ويكون ذلك علم َ‬ ‫كر منكم ‪ ،‬فتختنون ال ُ‬ ‫يختن كل ذ َ َ‬
‫بيني وبينكم ‪ ،‬وابن ثمانية أيام ُيختن كل ذكر منكم مدى أجيالكم المولود في‬
‫منازلكم والمشتري بفضة من كل غريب ليس من نسلكم ‪ ،‬يختن المولود في‬
‫بيتك والمشتري بفضتك فيكون عهدي في أبدانكم عهدا ً مؤبدا ً ‪ ،‬وأي أقلف‬
‫شعِبها إذ قد نقض‬ ‫قلفة من بدنه تقطع تلك النفس من َ‬ ‫من الذكور لم ُتختن ال ُ‬
‫عهدي ( ‪.‬‬
‫ً‬
‫جنب ويوجب غسل البدن كامل ‪ ،‬فيقول سفر‬ ‫ة ال ُ‬
‫وكذلك يقرر المشرعُ نجاس َ‬
‫اللويين ‪ ) :‬وأي رجل خرجت منه نطفة مضاجعة فليغسل جميع بدنه بالماء ‪،‬‬
‫ويكون نجسا ً إلى المغيب ‪ ،‬وأي امرأة ضاجعها رجل بنطفة فليرتحضا بالماء‬
‫ويكونا نجسين إلى المغيب ( ‪.‬‬
‫ل ذي ظفر غير مشقوق من‬ ‫وحرم الله عز وجل عليهم في ما يطعمون ك ّ‬
‫سه ‪ ،‬ولكن‬ ‫الحيوان وكل ما ل يجتر على اعتباره نجسا ً تنتقل نجاسته إلى لم ِ‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المشرع يضيف الرنب إلى قائمة المحرمات رغم أنه من الحيوانات المجترة‬
‫" ولكنه غير مشقوق الظفر فهو رجس لكم " )( ‪.‬‬
‫م على بني إسرائيل من الطعام وغيره كان لجل ما بَغوا‬ ‫حّر َ‬‫وكثيٌر مما ُ‬
‫ض هذا الطعام على نفسه‬ ‫َ‬ ‫بع‬ ‫السلم‬ ‫عليه‬ ‫يعقوب‬ ‫لتحريم‬ ‫وكذلك‬ ‫صوا ‪،‬‬‫وع َ‬
‫وسير بني إسرائيل في ذلك على سنته )( ‪.‬‬
‫م الخنزير فيقول ‪ ) :‬والخنزير فإنه ذو ظفر‬ ‫ويشدد المشرع في تحريمه لح َ‬
‫ً‬
‫مشقوق ولكنه ل يجتر فهو رجس لكم ‪ ،‬ل تأكلوا شيئا من لحمها وميتتها ول‬
‫سوا فإنها نجسة لكم ( سفر اللويين ‪.‬‬ ‫تم ّ‬
‫ً‬
‫جّر تحريم لحم الخنزير على اليهود نوعا من المتحان العسير في‬ ‫" ولقد َ‬
‫ل أراضيهم وترغب في تحييدهم‬ ‫ُ‬
‫الدين ‪ ،‬حيث كانت المم التي تغزوهم وتحت ّ‬
‫ل لحم الخنزير " )( ‪.‬‬ ‫عن شريعتهم تمتحنهم بالطلب منهم أك َ‬
‫أما بالنسبة للدماء الحيوانية فهي محرمة الشرب ل لما يحويه الدم من‬
‫الميكروبات الضارة ‪ ،‬بل لنه نفس ‪ ،‬كونه دفق الحياة في الكائن الحي ‪ ،‬وله‬
‫أهمية خاصة تتمثل في طقوس التكفير حيث " ينضحه الكهنة بالرش وفي‬
‫يوم الغفران بنوع خاص ‪ ،‬يدخل عظيم الحبار قدس القداس بدم الضحايا‬
‫دمة عن خطاياه وخطايا الشعب " )( ‪.‬‬ ‫المق ّ‬
‫قصاص والمعاملت فتتجلى العنصرية اليهودية والحتكار‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫أحكام‬ ‫في‬ ‫أما‬
‫اليهودي لمقومات الحياة المستقرة في المجتمع ‪ ،‬ولعل في الوصايا العشر‬
‫التي تتضمن كثيرا ً من هذه الحكام بعض الطمئنان إلى صحة كثير منها‬
‫والوثوق بها ‪.‬‬
‫فتحريم العقوق والزنى )( أو حتى مجرد الشتهاء لمرأة قريبك أو ماله‬
‫وشهادة الزور والربى والرشوة ‪ ،‬والنص على مقابلة كيفية العقاب بكيفية‬
‫ن على‬ ‫ن الكريم المهيم ِ‬ ‫م القرآ ِ‬ ‫جرم المرتكب ‪ ،‬كل هذا مما جاءت به تعالي ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ما سبقه من الكتب ‪.‬‬
‫أما عن المرأة وما يتعلق بها من أحكام فيكشف المشرع عن نظرة دونية ل‬
‫اعتبارية لها ولدورها في المجتمع ‪ ،‬ويتضح ذلك في أنحاء مختلفة منها مثل ً‬
‫طريقة الزواج التي تقوم على مبدأ البيع والشراء بين الولي والزوج ‪،‬‬
‫ة لحم اشتراها‬ ‫فاللواط بها جائز ‪ -‬بحسب التلمود ‪ -‬لنها بالنسبة للزوج قطع ُ‬
‫ة أو مشوية حسب رغبته ‪.‬‬ ‫من الجزار ويمكنه أكلها مسلوق ً‬
‫فة‬ ‫خ ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫واحد‬ ‫رجل‬ ‫بشهادة‬ ‫امرأة‬ ‫مئة‬ ‫شهادة‬ ‫ويذهب التلمود كذلك إلى اعتبار‬
‫ث‬‫عقلها ‪ ،‬ول ترث البنت مع وجود البن ‪ ،‬ول ترث الزوجة كذلك وينفق الوار ُ‬
‫جها من يشاء ويأخذ مهرها ‪ ،‬ويستطيع‬ ‫عليها ‪ ،‬ومن حقه أن يتزوجها أو ُيزوّ َ‬
‫ة في منزله دون زواج ‪.‬‬ ‫ة خادم ً‬‫كذلك أن ُيبقيها رهين ً‬
‫ً‬
‫كما جاء في التلمود أنه " عندما تنذر المرأة المتزوجة نذرا ‪ ،‬فإن لزوجها‬
‫الحق بأن يوافق على النذر أو يبطله ‪ ،‬وأن امرأةً ما إذا أساءت إدارةَ البيت‬
‫قها " )( ‪.‬‬ ‫ل منها فله الحقّ في أن ُيطل ّ َ‬ ‫ل امرأة ً أجم َ‬ ‫أو َوجد َ الرج ُ‬
‫وتعود هذه النظرةُ الدونية للمرأة في المجتمع اليهودي إلى العتقاد التوراتي‬
‫م ( للكل من الشجرة‬ ‫ب بلء البشرية بإغوائها ) آد َ‬ ‫بأن ) حواء ( كانت سب َ‬
‫التي ن ُِهيا عنها ‪ ،‬وتَرى التوراة ُ أن حال المرأة في الدنيا من سيادة الرجل‬
‫ب إلهي عادل ‪ ،‬وتتضح في‬ ‫عقا ٌ‬ ‫مشاقّ الحمل والوضع ما هو إل ّ ِ‬ ‫عليها ‪ ،‬ومن َ‬
‫ة في العتقاد المسيحي ‪.‬‬ ‫هذا فكرة الذنب الموروث القائم ُ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن الثالثة عشر بالنسبة للرجل ‪ ،‬والثانية‬ ‫س ّ‬‫أما مسألة الزواج فيعّين المشّرع ِ‬
‫ق‬
‫ة من المشّرع في التكاثر الِعبري فقد ألح َ‬ ‫عشر بالنسبة للمرأة ‪ ،‬ورغب ً‬
‫ح‬‫ح ِنكا َ‬ ‫ة بمن بلغ العشرين ولم يتزوج ‪ ،‬كما أطلقَ تعدد َ الزوجات ‪ ،‬وأبا َ‬ ‫اللعن َ‬
‫ت الخت من القرباء ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وبن‬ ‫الخ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫وبن‬ ‫والعمة‬ ‫الخالة‬
‫وطوال تاريخ بني إسرائيل كانت المرأةُ أداة ً رخيصة لتحقيق مكاسب‬
‫ضها دورا ً يستعصي على‬ ‫عر ِ‬ ‫ت لديهم بتدنيس شرفها وهتك ِ‬ ‫سياسية ‪ ،‬ول َعِب َ ْ‬
‫خينا التسلسل التاريخي لوقائع من‬ ‫عباقرة الساسة وجهابذة القادة ‪ ،‬ولو تو ّ‬
‫هذا النوع وبدأنا بالرملة اليهودية ) يهوديت ( التي قررت النتقام من كبير‬
‫جواريه ‪ ،‬وتمكنت‬ ‫مها إلى َ‬ ‫ت له واكتفت منه بض ّ‬ ‫قواد ) نبوخذ نصر ( ‪ ،‬فتعّرض ْ‬
‫من الوقوع في نفسه وإشعال فتيل قلبه بالكلف بها ‪ ،‬حتى إذا تمكنت منه‬
‫قْرب ذبحته ذبح النعاج ‪.‬‬ ‫ذات يوم وأطاشت عقله بكؤوس الخمر وال ُ‬
‫وأما قصة غانية إسرائيل ) أستير ( التي يرتبط ذكرها بعيد ) الفوريم ( )(‬
‫مستقاةٌ من روايات المصادر اليهودية ‪ ،‬وعلى فَْر ِ‬
‫ض‬ ‫اليهودي ‪ ،‬فهي قصة ُ‬
‫ه خبيث للعيب سياسيي صهيون على مّر‬ ‫ّ‬
‫أسطوريتها أو وضعها إل أنها توجي ٌ‬
‫فى البابلي‬ ‫التاريخ ‪ ،‬وُيرَوى أن الحادثة كانت في فترة وجود اليهود في المن َ‬
‫ة الكلدان‬ ‫ي ( امبراطوري َ‬ ‫َ‬
‫والسلطة الفارسية بعد أن أسقط ) قورش اليران ّ‬
‫وورثها من بعدهم ‪ ،‬وبالتحديد في عهد الملك الفارسي ) كسركسيس ( ‪ -‬أو‬
‫سع من سلطاتهم‬ ‫ب اليهود وو ّ‬ ‫أحشويروش في الفولكلور اليهودي ‪ -‬الذي قّر َ‬
‫ث‬‫م الخبي َ‬ ‫لمعاونتهم له في التمهيد لتساع ُرقعةِ ملكه ‪ ،‬ويبدو أن الستخدا َ‬
‫ك أحد َ الوزراء واسمه ) هامان ( وبمساعدة ومباركة من زوجته‬ ‫لسلطاتهم حّر َ‬
‫) زارش ( ‪ ،‬للحد ّ من نفوذهم وسلطانهم ‪.‬‬
‫وباشر ) هامان ( بحملةِ اضطهاد واسعة ضد اليهود ‪ ،‬فتحّرك أحد ُ اليهود‬
‫ة لقلب المؤامرة على‬ ‫المسؤولين في القصر الملكي ‪ ،‬ووضع خط ً‬
‫م الخطة ) أستير ( ابنة عم ) مردخاي ( اليتيمة ‪،‬‬ ‫عماد ُ وِقوا ُ‬ ‫) هامان ( ‪ ،‬وكان ِ‬
‫مها هؤلء وصلت ) أستير ( إلى أحضان الملك الذي فقد صوابه‬ ‫ل ل ُيعد َ ُ‬
‫حي َ ٍ‬‫وَب ِ ِ‬
‫ً‬
‫بتأثير الغانية اللعوب ‪ ،‬واستطاعت أن تنتزع منه قرارا بصلب ) هامان ( على‬
‫دها لبن عمها ) مردخاي ( في ليلة ُذبح فيها أبناُء ) هامان (‬ ‫الخشبة التي أع ّ‬
‫وزوجته وأنصاره ‪ ،‬وامتد ّ لهيُبها إلى نحو سنة كاملة ‪ ،‬حتى استراح اليهود في‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫م عيدا ً قوميا ً ‪ ،‬والقصة بكاملها ورد ْ‬
‫ت‬ ‫الخامس عشر من شهر آذار ‪ ،‬وأقِّر اليو ُ‬
‫في سفر أستير ‪.‬‬
‫ولو عَّرجنا على المبراطورية الرومانية وقّلبنا تاريخ ) نيرون ( الذي جعلت‬
‫منه الصابعُ اليهودية وبأداةِ المرأة رمزا ً تاريخيا ً للبطش والقسوة والطغيان ‪.‬‬
‫مى ) سبيكا ( ‪ ،‬ففطن الخيُر إلى‬ ‫كان لهذا المبراطور قريبا ً ومستشارا ً ُيس ّ‬
‫ه إلى خطرهم ‪،‬‬ ‫التغلغل اليهودي في عاصمة المبراطورية ) روما ( ‪ ،‬وظ ّ‬
‫ل ي ُن َب ّ ُ‬
‫ولته إلى‬ ‫ة للمبراطور ) نيرون ( ح ّ‬ ‫وفطن اليهود ُ بدورهم إليه ‪ ،‬فجّندوا زوج ً‬
‫ة‬
‫ش دموي ‪ ،‬وأغرته بقتل ) سبيكا ( ‪ ،‬إل أن ) نيرون ( خشي انتفاض َ‬ ‫وح ٍ‬
‫صبغة ‪،‬‬ ‫الشعب ‪ -‬الذي ُيقد ُّر سبيكا ‪ -‬إن هو قتله ‪ ،‬فعمد إلى حيلة يهودية ال ّ‬
‫وأجبر ) سبيكا ( على قتل نفسه )( ‪.‬‬
‫حكم الدولة العثمانية تغلغل اليهود في القصور السلطانية عن طريق‬ ‫وفي ُ‬
‫النساء أيضا ‪ " ،‬حيث قام السلطان ) سليم الثاني ( بالزواج من اليهودية‬ ‫ً‬
‫حت ولول مرة لقب ) مهد‬ ‫من َ‬ ‫) نوربانو ( وأنجبت الميَر ) مراد الثالث ( ‪ ،‬وقد ُ‬
‫عليا ( أي ‪ :‬والدة السلطان ‪ ،‬وقد تميزت ) بانو ( بالذكاء ‪ ،‬وعندما توفي‬
‫جها أخفت خبر وفاته لحين وصول ولدها ) مراد ( من ) مانيسه ( ‪ ،‬كانت‬ ‫زو ُ‬
‫) بانو ( دونمة يهودية ‪ ،‬وقد فسحت المجال أمام اليهود للتغلغل في قصر‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلطان ‪ .‬والكثر من ذلك أن ك ُل ّ من ) كيرا ( و ) استكيرا ( اليهوديتين في‬


‫ظل ) نوربانو ( أخذتا تتحكمان في الوزراء وذلك في عهد السلطان ) محمد‬
‫الثالث ( في القرن الحادي عشر الهجري " )( ‪.‬‬
‫جلت عدةُ وقائع مشابهة لتلك الحوادث التاريخية ‪،‬‬ ‫س ّ‬
‫وفي العصر الحديث ُ‬
‫ة وزير الطيران البريطاني ) لمبتون (‬ ‫فقد نشرت الصحف في ‪1973‬م قص َ‬
‫ة هاتف يهودية ومتزوجة من استدراجه ‪ -‬وهو الوزير‬ ‫الذي تمكنت عامل ُ‬
‫الخطير في مركزه والكبير في سنه وصاحب المنصب السياسي والعسكري‬
‫الدقيق ‪ -‬إلى فراشها في حجرة نومها أمام مجموعة من المرايا ‪ ،‬بينما‬
‫ة تلتقط صورا ً لكل ما يدور بينهما في حجرة الفراش ‪ ،‬واستطاعت أن‬ ‫عدس ٌ‬
‫تستغل هذه الصوَر بعد ذلك ضد ّ الوزير ‪.‬‬
‫ة سياسية في إنجلترا ‪ ،‬وكانت فضيحة كبرى تتحدث عنها‬ ‫وقامت زوبع ٌ‬
‫الصحف وتتناقلها وكالت النباء ‪ ،‬وتحقق فيها الحكومة ‪.‬‬
‫م استقالته من‬ ‫واعترف الوزير بعلقته مع الغانية اليهودية اللعوب ‪ ،‬وقد ّ َ‬
‫الوزارة ومن الحزب ‪ ،‬وتنازل عن لقب ) لورد ( الذي كان يحمله )( ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ة الرئيس المريكي السبق ) بيل‬ ‫وليس ببعيد عن هذه الحادثة وعنا فضيح ُ‬
‫كلينتون ( مع الموظفة اليهودية في البيت البيض ) مونيكا لوينسكي ( التي‬
‫قال فيها زعيم اليمين المتطرف ) جانشرو ( ‪ " :‬إن إلهنا ُيعاقب كل من‬
‫ة العصرية‬ ‫يحاول تهديد إسرائيل وابتزازها ‪ ،‬إن مونيكا لوينسكي تمّثل البطل َ‬
‫ب اليهودي من مصير مظلم بسبب زوجها‬ ‫للملكة أستير التي أنقذت الشع َ‬
‫الملك الفارسي أحشويروش " ‪.‬‬
‫ولن تفتأ الحيلة القديمة تمضي نحو الغاية التي يدبرون لجلها وُيغرقون‬
‫جاتها ‪ .‬جاء في البروتوكول الول من بروتوكولت حكماء‬ ‫ب المم في ل ُ ّ‬ ‫شبا َ‬
‫صهيون ‪ " :‬إن شباب شعوب الجوييم يستمتعون بالمشروبات الروحية‬
‫الكحولية ليزدادوا حمقا ً وغباًء لستغراقهم في الدراسات الكلسيكية التي ل‬
‫طائل تحتها منذ نعومة أظفارهم ‪ ،‬ولنزلقهم إلى ِوهاد إدمان الخمور وشتى‬
‫مظاهر السلوك اللأخلقي الذي يوفره لهم عملؤنا من معلمين وخدم‬
‫ظفين اليهود‬‫ومربيات في البيوت التي يمتلكها أغنياؤهم ‪ ،‬وعلى أيدي المو ّ‬
‫الذين ُيضطّرون إلى توظيفهم لدارة أعمالهم ‪ ،‬وعلى أيدي نسائنا اليهوديات‬
‫العاملت في بيوت اللهو والدعارة وفي المسارح ودور الخيالة ‪ ،‬حيث يلهو‬
‫أفراد ُ الغلبية الساحقة من شعوب الجوييم ‪ ،‬وفي خاتمة هذه القائمة أضيف‬
‫ما يطلق عليه ) سيدات المجتمع ( أو ) صاحبات الصالونات ( لصطياد‬
‫مغَرمين الطّيعين نحو الفساد والترف " )( ‪.‬‬ ‫شاِقهن ال ُ‬ ‫عُ ّ‬
‫الهوامش‬
‫حمورابي ‪ :‬عاش في حوالي ‪ 2100‬قبل الميلد ‪ ،‬ملك بابل ‪ ،‬الملك السادس‬
‫من ملوك الدولة الشورية ‪ ،‬ويعد عصُره العصَر الذهبي لبابل ‪ ،‬اشتهر‬
‫ل إلينا في صورة كاملة ‪،‬‬ ‫م ما وص َ‬
‫برسائله وبمجموعة قوانينه التي ُتعتبر أقد َ‬
‫م عن تطور الفكر القانوني ‪ ،‬وهي منقوشة على قطعة كبيرة من حجر‬ ‫وتن ّ‬
‫الديوريث السود المصقول ‪ ،‬موجودة في متحف اللوفر بباريس ‪ ،‬في )‬
‫‪ ( 3600‬سطر بالخط المسماري ‪ ،‬ويتبع القانون الذي يتبع مبدأ عين بعين‬
‫على ) ‪ ( 282‬مادة تسبقها عبارة ابتهالية يوضح فيها الملك عظمته وأهدافه‬
‫السامية التي يراعي فيها سيادة العدل ‪ .‬بتصرف عن الموسوعة العربية‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الميسرة ‪ .‬الجزء الول ‪ .‬ص ‪. 740‬‬


‫اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص ‪. 265‬‬
‫من اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪126 - 125 - 124‬‬
‫بتصرف ‪.‬‬
‫اليهودية ‪ .‬أحمد شلبي ‪ .‬ص ‪. 216 - 215‬‬
‫سفر اللويين ‪.‬‬
‫حل ّ لبني إسرائيل ‪ ،‬إل ّ أن يعقوب عليه السلم ‪-‬‬ ‫ل الطعام كان ِ‬ ‫الصل أن ك ّ‬
‫ً‬
‫وهو سابق على التوراة طبعا ‪ -‬كان قد نذر لله تعالى لئن عافاه من مرض‬
‫َ‬
‫ب شيء إلى‬ ‫ن ‪ -‬تطوعا ً ‪ -‬عن لحوم البل وألبانها وكانت أح ّ‬ ‫م به َليمتنع ّ‬‫كان أل َ ّ‬
‫ة بني إسرائيل على اتباع أبيهم في‬ ‫سن ُ‬
‫ت ُ‬
‫جَر ْ‬
‫نفسه ‪ ،‬فقبل الله منه نذَره ‪ ،‬و َ‬
‫ة لهم‬‫م أخرى عقوب ً‬ ‫حّرم ‪ ..‬كذلك حرم الله على بني إسرائيل مطاع َ‬ ‫تحريم ما َ‬
‫ُ‬
‫على معصيات ارتكبوها ‪ ،‬وأشيَر إلى هذه المحّرمات في آية النعام ‪ ) :‬وعلى‬
‫ل ذي ظفر ‪ ،‬ومن البقر والغنم حّرمنا عليهم شحومها إل‬ ‫الذين هادوا حرمنا ك ّ‬
‫ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ‪ ،‬ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا‬
‫لصادقون ( النعام ) ‪ . ( 146‬وكانت قبل هذا التحريم حلل ً لبني إسرائيل ‪.‬‬
‫في ظلل القرآن ‪ .‬سيد قطب ‪ .‬المجلد الول ‪ .‬ص ‪ 434 - 433‬بتصرف‬
‫يسير ‪ ،‬وانظر أيضا ً ص ‪. 346‬‬
‫من اليهودية إلى الصهيونية ‪ .‬أسعد السحمراني ‪ .‬ص ‪ 139‬بتصرف ‪.‬‬
‫المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ 138‬نقل ً عن معجم اللهوت الكتابي ‪.‬‬
‫ورغم تحريم المشّرع الزنى فقد اعترفت الدولة الِعبرية رسميا ً بمهنة الدعارة‬
‫كمهنة رسمية على لسان ) مردخاي كوهين ( المدير المالي لمؤسسة‬
‫التأمينات في إسرائيل ‪ ،‬وقال ‪ ) :‬إن مهمتنا تأمين جميع المهن ‪ ،‬والدعارة‬
‫أقدم مهنة في التاريخ ( ! ‪.‬‬
‫التلمود تاريخه وتعاليمه ‪ .‬ظفر السلم خان ‪ .‬ص ‪. 58‬‬
‫ُيسمي الوربيون هذا العيد بالكرنفال اليهودي ‪ ،‬بينما يسميه قدماُء علماء‬
‫المسلمين بعيد المسخرة ‪.‬‬
‫انظر إن شئت ‪ :‬اليهود وراء كل جريمة ‪ .‬غاي كار ‪ .‬ص ‪. 57 - 56‬‬
‫اليهود والدولة العثمانية ‪ .‬أحمد نوري النعيمي ‪ .‬ص ‪. 36 - 35‬‬
‫المرأة والسرة في الحضارة الغربية الحديثة ‪ . .‬ص ‪. 57‬‬
‫بروتوكولت حكماء صهيون ‪ .‬ترجمة ‪ :‬علي الجوهري ‪ .‬ص ‪. 37 - 36‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ركوب السيارات المسروقة‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬المعاملت‪/‬الغصب والتلف‬
‫التاريخ ‪18/06/1425 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫السلم عليكم‪.‬‬
‫ما حكم ركوب )السيارات المسروقة والمنهوبة( التي نهبت بعد الحداث‪،‬‬
‫والتي ألمت بالعراق إبان سقوط الطاغية ودخول المحتلين لها؟ يذكر أن‬
‫السيارات منها التي سرقت من الوزارات و الدوائر الحكومية‪ ،‬ومنها التي‬
‫سرقت من رجال الحكومة‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجواب‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ركوب السيارات المسروقة والمنهوبة فرع عن حكم بيعها وشرائها‪ ،‬والعلماء‬
‫مختلفون في حكم شراء المنهوب والمسروق والمغصوب‪ ،‬والذي لم يعرف‬
‫مالكه على قولين‪ :‬الجواز والمنع‪ ،‬والرجح الجواز‪ ،‬وقد نص الفقهاء ‪-‬كابن‬
‫قدامة في المغني‪ -‬على أن تصرفات الغاصب ‪-‬ومثله السارق والمنتهب‪-‬‬
‫كتصرف الفضولي فيه روايتان عن أحمد أصحهما الجواز‪ ،‬وقد صحح شيخ‬
‫السلم ابن تيمية شراء سلعة من أكره على بيعها‪ ،‬مع أن الكراه ينقض‬
‫شرط التراضي الذي هو أحد شروط عقد البيع‪ ،‬وإذا كان في حكم البيع‬
‫والشراء فإن مجرد الركوب وهو نوع من أنواع النتفاع من باب أولى جوازه‪،‬‬
‫وإن كان للنسان مندوحة عنه فاجتنابه أولى لحديث‪" :‬استفت قلبك وإن‬
‫أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد)‪ (18001‬بإسناد ضعيف وورد صحيحا ً بلفظ‪:‬‬
‫"وإن أفتاك المفتون" رواه أحمد)‪ .(17742‬والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رمضان أقْب ِ ْ‬
‫ل‬
‫بقلم الدكتورعدنان علي رضا النحوي‬
‫ل تهفو ِإلى‬ ‫ل ! لم َتز ْ‬ ‫ن أقْب ِ ْ‬ ‫ن و تُ ْ‬ ‫قيا َ َ‬ ‫لُ ْ‬
‫مضا ُ‬ ‫فقُ ; ; َر َ‬ ‫ش ِ‬ ‫حناٌء تئ ِ ّ‬ ‫كأ ْ‬
‫ي ترى‬ ‫ج لك ْ‬ ‫ل أفئدةٌ تهي ُ‬ ‫طلعُ نوُرك المت َد َفّقُ ; ; وتظ ّ‬ ‫في الفْق ي َ ْ‬
‫ِ‬
‫ك العيون ! حنيُنها‬ ‫فقُ ; ; ترنو لمط ْل ُعِ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن ذلك ي َ ْ‬ ‫ل وَ ش ْ َ ْ َ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫أم ٌ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬
‫ت أضل ٌ‬ ‫ج ْ‬ ‫ب السى فينا وها َ‬ ‫شرِقُ ; ; غل َ‬ ‫ح ُ‬ ‫صب ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫بالذكريات وغا َ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫ب كليمة‬ ‫َ‬ ‫ن أقْب ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ل ! فالقلو ُ‬ ‫فس بين أنينِها تتمزقُ ; ; رمضا ُ‬ ‫و الن ّ ْ‬
‫ل تلقى سوى‬ ‫ْ‬ ‫ف ُيطرقُ ; ; انظْر إلى الساحات !ه ْ‬ ‫مة و طْر ٍ‬ ‫َ‬ ‫مكوّ ّ‬ ‫ث ٍ ُ‬ ‫جث ٍ‬ ‫ُ‬
‫حدِقُ ; ; َوهزائم ٍ تلو الهزائم ! و القوا‬ ‫ْ‬ ‫ج َيثور و ي ُ ْ‬ ‫رِعُ والسى مو ٌ‬
‫ل ملَء الد َّيار كأّنها‬ ‫ب و ت ُطب ِقُ ; ; وزلز ٍ‬ ‫ْ‬ ‫شد ّ على القلو ِ‬ ‫ن ُذ ٌُر ت َ ُ‬
‫ح الناس في غمراتهم‬ ‫هم و ذ ُل ي َطرقُ ; ; والناس ! وي َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫خد ُّر ُ‬ ‫لهوا ً ي ُ َ‬
‫م‬‫ك دونه ْ‬ ‫ب المسال ِ ِ‬ ‫سد ّ أبوا ُ‬ ‫صعَقُ ; ; و ت ُ َ‬ ‫سبوا وقْهرأ ي َ ْ‬ ‫درا ً بما ك َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫ت لعّلنا‬ ‫ريا‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫الذ‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫يوما ً نفيق بها ويوما ً نسبق ; ; رمضان ! أ َ‬
‫َ ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫ّ ٌ‬ ‫ي‬ ‫غن‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫الزحو‬ ‫و‬ ‫!‬ ‫ر‬
‫َ ٍ‬ ‫بد‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫;‬ ‫;‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ص‬
‫ِ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫الجها‬ ‫في‬ ‫صفو‬ ‫للهِ ت ْ‬
‫كرى الميادين اّلتي‬ ‫عد لنا ذِ ْ‬ ‫سب ّقُ ; ; و أ ِ‬ ‫ل بها الكماةُ ال ّ‬ ‫ت وجا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫حم رفَرفَ ْ‬
‫ت‬ ‫كرى المل ِ‬ ‫عد ْ لنا ذِ ْ‬ ‫فق ُ ; ; و أ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫صرا ً ي ُعِّز و ي ْ‬ ‫راياُتها ن َ ْ‬
‫كرى لنا‬ ‫ل المواقع لم تزل ذِ ْ‬ ‫سك منه وي َْعبقُ ; ; ك ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِد َم ٍ يفوح ال ِ‬
‫قاهُ وقد‬ ‫ْ‬
‫منط ِقُ ; ; َرمضان ! ويحي ! ك َْيف ن َل َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫غا َ‬ ‫ن بنا و َ‬ ‫ب الهوا ُ‬ ‫غل َ‬ ‫َ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫صرِ ل‬
‫ت الن ّ ْ‬ ‫ل ! ذكريا ُ‬ ‫شرقُ ; ; رمضان أقْب ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب أو َ‬ ‫ك مغر ٌ‬ ‫محى ! ُيعيد ُ ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫ة‬
‫شهْرِ إباء ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ت يا رمضا ُ‬ ‫ك تسمقُ ; ; قد كن َ‬ ‫ةل ٍ‬ ‫ل وراي ً‬ ‫عّزا أج ّ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫حم ٍ ممت َد ّ ٍ‬ ‫ت شهَر مل ِ‬ ‫خلق ; ; قد كن َ‬ ‫ة ل تَ ْ‬ ‫ل و آي َ ً‬ ‫جو ُ‬ ‫قا ي َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ة‬
‫ة موصول ً‬ ‫م ً‬ ‫شهَد ُ أ ّ‬ ‫تت ْ‬ ‫ه الُعرا و الموْث ِقُ ; ; قَد ْ كن َ‬ ‫معُ ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫فا ت ُ َ‬ ‫ص ّ‬
‫مّزقوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صراع ُ ف ُ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫َ‬
‫م و تفّرقوا ; ; واليوم قد ْ غل َ‬ ‫ُ‬ ‫إَربا على أهوائه ْ‬ ‫ً‬
‫ة‬
‫ت إطلل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن ب َد َ ْ‬ ‫حياًء إ ِ ْ‬ ‫مْرهِقُ ; ; أغضي َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ن بنا الهوا ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫منه ون َ ْ‬ ‫ِ‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* * *; *; * * *‬
‫ة‬
‫ت ساح ً‬ ‫دار ! يا ِللدار ! كان َ ْ‬ ‫موْن ِقُ ; ; ال ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫ى وَروْ ٌ‬ ‫مْغن ً‬ ‫جلى بها َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ة‬
‫واح ٌ‬ ‫ت ُزهوُرها ف ّ‬ ‫فت ّقُ ; ; أّنى التف ّ‬ ‫ديار ي ُ َ‬ ‫سك في ال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫عََبقا و ِ‬‫ً‬
‫ن يفيض عطاؤها‬ ‫ٌ‬ ‫غصا‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫د‬
‫ُ َ ّ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫;‬ ‫;‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫مور‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫غص‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫تطي‬ ‫ُنعمى‬
‫َ‬
‫فـ‬‫ج ّ‬ ‫ت أزاهرنا وَ َ‬ ‫ديار وغاض نبعٌ ري ّقُ ; ; واليوم قد ذ َب ُل َ ْ‬ ‫ـت في ال ّ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫شرق في ربى‬ ‫ت يا َرمضان ت ُ ْ‬ ‫قا ي َْنطقُ ; ; قد كن َ‬ ‫ً‬ ‫غنى وح ّ‬ ‫هدىً أ َ ْ‬ ‫القصى ُ‬
‫ح في مرابعه اليهو‬ ‫مطب ْقُ ; ; واليوم يمَر ُ‬ ‫َ‬ ‫ت هنالك ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ص ْ‬ ‫د ُ وحوَله َ‬
‫س يسود على الديار و فتنة‬ ‫ج ٌ‬ ‫خن ُقُ ; ; رِ ْ‬ ‫لوي ْ‬ ‫ن ي ُذِ ّ‬ ‫سْلطا ٌ‬ ‫تعلو و ُ‬
‫ل ِإساُرهُ‬ ‫حنيُنه و تشوّقُ ; ; المسجد ُ القصى ! وطا َ‬ ‫وأنيُنه و َ‬
‫حة‬ ‫وى صي َ‬ ‫ْ‬
‫م ت ُط َ‬ ‫خ ثُ ّ‬ ‫صَر ُ‬ ‫مغْلقُ ; ; ويكاد ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ل د َْر ٍ‬ ‫بين الضجيج وك ّ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫جل‬ ‫َ‬ ‫ن أقْب ِ ْ‬ ‫ورا ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬
‫ي ُتعيد لنا َ‬ ‫ل!ك ْ‬ ‫مضا ُ‬ ‫شرقُ ; ; َر َ‬ ‫شهادةِ الّتوحيد ن ُ ْ‬
‫ت‬ ‫ديار ِإذا نأ ْ‬ ‫م آفاقَ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ض ّ‬ ‫متألقُ ; ; ل ِت َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫جمالها ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ت وطا َ‬ ‫َ‬ ‫ود َن َ ْ‬
‫َ‬
‫دياُر كأّنها‬ ‫قبل وال ّ‬ ‫ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ضاِء وت ُطلقُ ; ; واليو َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قِط َعٌ ت ََناثُر في الف َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عني السى خجل ً لما‬ ‫صَر ُ‬ ‫ل ! أرد ّ طرفي ! أط ْرِقُ ; ; ويكاد ي َ ْ‬ ‫مي ُ‬ ‫نلقى ! أ َ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك تهّيأت‬ ‫مم ٍ هَُنا َ‬ ‫قق ; ; انظ ُْر ِإلى أ َ‬ ‫ل ما يتح ّ‬ ‫تك ّ‬ ‫ك ! قَد ْ أعَد ّ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫سرفوا‬ ‫طعام و أ ْ‬ ‫مُعوا أطاييب ال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫حدق ; ; َ‬ ‫ج و يُ ْ‬ ‫وا إلى لهوٍ يض ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫ن الهوى‬ ‫م بأْفنا ِ‬ ‫حُيون ل َي ْل َهُ ُ‬ ‫سب َقٌ ; ; ي ُ ْ‬ ‫ن " حشد ٌ أ ْ‬ ‫وِإلى دواعي " الف ّ‬
‫م الغفاةُ النائمو‬ ‫معَ الّنهار هُ ُ‬ ‫مطب ِقُ ; ; و َ‬ ‫ف الُعداةِ ال ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َز ْ‬ ‫حوَْله ْ‬ ‫نو َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫جئ َْته ْ‬ ‫وا إذا ما ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫دقوا ; ; أين الذين َ‬ ‫هّبوا لملحمةٍ تدوُر وص ّ‬
‫م بآيات الُهدى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سب ّقُ ; ; يحيون لي ْلهُ ُ‬ ‫ومع الّنهار هم الباة ال ّ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫جـ‬
‫ت ُتشرقُ في ربي السلم ي َ ْ‬ ‫ُ‬
‫مُعها الهدى ساحا َتجود ُ وت ُْغدقُ ; ; قد كن َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ّ‬
‫دياُر و قُطعَ ْ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مّزقَ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ل وغاب عنها الرون َقُ ; ; واليو َ‬ ‫حبا ُ‬ ‫تلك ال ِ‬
‫معا ً‬ ‫حرى تصب على دم يتدفّق ; ; أنى التفت اليوم تْلقى أدَ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ َ ُ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫قى الثكالى واليَتامى و السى‬ ‫ّ‬ ‫ب فيه و ت ُْرهَقُ ; ; ت َل َ‬ ‫وجوهِ َتغي ُ‬ ‫فَوْقَ ال ُ‬
‫وبقُ ; ; وترى المجازَر والِعدا يتواثبو‬ ‫بم ِ‬ ‫ل وث ْ ٍ‬ ‫ديارِ وك ّ‬ ‫ن على ال ّ‬
‫ضهم‬ ‫ُ‬ ‫بع‬ ‫تل‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫السلم‬ ‫بني‬ ‫وترى‬ ‫;‬ ‫;‬ ‫ق‬ ‫ر‬
‫ُْ ِ ُ‬ ‫غ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫عدا‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ن‬ ‫معِ ُ‬ ‫بعضا ً وي ُ ْ‬
‫منا ً‬ ‫مهَي ْ ِ‬ ‫سلمين َ‬ ‫م ْ‬ ‫عدوّ ال ُ‬ ‫طلقُ ; ; وت ََرى َ‬ ‫ل الَهلك وي ُ ِ‬ ‫حما ِ‬ ‫ي ُْلقي بأ ْ‬
‫ت له‬ ‫ح ْ‬ ‫مَترّبصا ً ! متسل ّل ً ! فُت ِ َ‬ ‫ل الّثغور فجال فيها الفيلقُ ; ; ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ُ‬
‫مَتماسكا ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫حد‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫ه‬
‫َ ُ‬ ‫ترا‬ ‫و‬ ‫;‬ ‫;‬ ‫رقوا‬ ‫ّ‬ ‫تف‬ ‫هوان‬ ‫َ َ َ‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫سلمون‬ ‫ْ‬ ‫والم‬
‫* * * ; *; * * *‬
‫ن من السى‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ! وامس َ‬ ‫مضان أ َقْب ِ ْ‬ ‫ل الذي يتأّلق ; ; َر َ‬ ‫م َ‬ ‫عد ْ لنا ال َ‬ ‫وأ ِ‬
‫ل قلوب المسلمين وضعْ بها‬ ‫ب و تخفقُ ; ; واغس ْ‬ ‫أمل ً به تحيا القلو ُ‬
‫* * *; *; * * *‬
‫الرياض‬
‫‪2‬رمضان ‪1422‬هـ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪17‬نوفمبر ‪2001‬م ‪... ... ...‬‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رمضان المبارك حياة بعد ضياع‬


‫خطبة للشيخ ‪ :‬أحمد معاذ الخطيب الحسني‬
‫رمضان المبارك ‪ :‬حياة بعد ضياع‬
‫لنفاس رمضان ‪ ...‬عبقٌ لُينسى‪.‬‬
‫ودروب الخير فيه ‪ ...‬تمتد بل انتهاء‪.‬‬
‫في الصيام نداوة التوحيد ‪ ،‬ومدرسة التقوى‪.‬‬
‫وفيه الجهاد الكبر والصغر ‪ ...‬يكون‪.‬‬
‫وعندما تكاد المة تتشرذم أو تضيع ‪:‬‬
‫يلملم رمضان شملها ‪ ...‬ويعيد زمرة القلب الواحد‪.‬‬
‫وفيه يكون الري ‪ ...‬إذا جفت الينابيع والسواقي‪.‬‬
‫وبرحمة الله تعالى ‪ ...‬يكون الفرح وإليها الشوق‪.‬‬
‫وإلى نفحات الهداية من المعلم الهادي صلى الله عليه وسلم ‪ ...‬يكون‬
‫الحنين‪.‬‬
‫وتحت المآذن والقباب ‪ ...‬تولد الجموع من جديد‪.‬‬
‫سر ‪.‬‬‫ن ‪ ...‬أخاذ ٌ آ ِ‬
‫م إيما ٍ‬‫رمضان عال َ ُ‬
‫ق وتقوى ‪ ...‬ومواساة وتراحم ‪...‬‬‫وشمس هداية لتغيب ‪ ...‬ومشكاة صد ٍ‬
‫ونصر وتأييد ‪ ..‬التقوى فيه ألوان لُتعد‪..‬‬
‫فلنغترف منه ‪ ..‬فإن القلوب إلى ريه لظماء‪.‬‬
‫خطبة الجمعة ‪:‬‬
‫الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات‬
‫أعمالنا‪ ..‬من يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ..‬ونشهد أن ل‬
‫اله إل الله وحده ل شريك له نعبده مخلصين له الدين ولو كره الكافرون‬
‫ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله جاء بالهدى ودين الحق ليكون‬
‫للعالمين نذيرا‪..‬‬
‫"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم‬
‫تفلحون" )المائدة ‪.(35 ،‬‬
‫أما بعد ‪ ..‬فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم وشر المور محدثاتها وكل بدعة ضللة ‪ ..‬وإن من كلم الله تعالى‬
‫قوله‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم‬
‫لعلكم تتقون" )البقرة ‪ ..(182 ،‬وأيام الصيام تأتي وتذهب وكأنها حلم ‪..‬‬
‫ل نكاد نستقبلها إل ونودعها ‪ ،‬وريثما نتحدث عن قدوم رمضان والسرور‬
‫برمضان وفقه رمضان ‪ ..‬يذهب رمضان‪ ..‬ول ندري بماذا نخرج منه ‪ ..‬بتوبة‬
‫أم غفلة‪ ..‬بعودة إلى الله أم بشرود‪ ..‬والله أعلم هل ندرك رمضان العام‬
‫القادم ‪ ..‬أم ل‪..‬‬
‫ورأيت أكثر الناس وأنا منهم عفا الله عنا جميعا‪ ..‬نستعد لرمضان بشراء‬
‫لوازم الطعام والنتباه لنواقص المطبخ والفطنة إلى التموين والهتمام بغذاء‬
‫الجسام‪ ..‬والنفوس والقلوب والرواح ننساها‪ ..‬فما هي إل كلمات عابرة‬
‫نقتطفها من فم عالم هنا وواعظ هناك‪ ..‬فتكون حصتنا من رمضان أقل‬
‫القليل‪ ..‬وبعدها حدث ما شئت عن خواء تظنه امتلء وسقم تظنه عافية‬
‫وغفلة تحسبها يقظة ‪..‬‬
‫وإذا كان هذا الجسم الفاني نهتم به كل ذلك الهتمام فما بالك بروح كرمها‬
‫الله مذ جعلها في أبينا آدم لما قال لملئكته‪" :‬فإذا سويته ونفخت فيه من‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫روحي فقعوا له ساجدين" )الحجر ‪ ..(29 ،‬وما بالك بمضغة إذا صلحت صلح‬
‫الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله‪..‬‬
‫أخرج الترمذي وحسنه عن نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم قال‪" :‬عرض‬
‫علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا‪ ..‬قلت‪ :‬ل يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع‬
‫يوما فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك" ‪ ..‬ماله‬
‫يهرب منا الشكر والحمد في النعماء ‪ ،‬والتضرع والذكر في الشدة والبلواء‪..‬‬
‫ورحم الله من دعا‪ :‬اللهم إني أعوذ بك من نعمة ل تقربني منك ومن فاقة ل‬
‫تردني إليك‪ ..‬اللهم أعوذ بك من غنى ل يقربني منك ومن فقر ل يردني‬
‫إليك‪ ..‬اللهم إني أعوذ بك من شبع ل يذكرني بسابغ نعمائك ومن جوع ل‬
‫يخرجني من غفلتي إلى التضرع وطلب إحسانك‪..‬‬
‫أيام قلئل ورمضان يأتي‪ ..‬فماذا أعددت له يا أخا السلم الحبيب وماذا‬
‫أعددت يا أخت السلم الغالية‪ ..‬وكيف الدخول فيه وكيف الخروج منه‪..‬‬
‫نفوسكم ل تنصحكم ‪ ،‬تلهيكم‪ ..‬فيا ابن آدم‪ ..‬اتعظ‪ ..‬من صحبك يوما أو يومين‬
‫فلم ير منك نفعا تركك‪ ..‬ونفسك قد صاحبتها سنين طوال ً فما قادتك إل إلى‬
‫أهوائها‪ ..‬فاخلع حجاب نفسك عنك‪ ..‬اخلع هواك وارحل بثوب انكسارك‬
‫وافتقارك إلى الله‪ ..‬وتبدل بعد الغفلة النس بالله‪ ..‬وبعد البطالة‪ :‬الصلح‬
‫والتقوى‪ ..‬وبعد مجالس الغفلة والتقصير والمعاصي‪ :‬مجالس اليمان ‪ ..‬كم‬
‫يصدأ قلبك ول ترعاه‪ ..‬وإن عمرا ضيعت أوله حري بك أن يشتد حرصك على‬
‫آخره‪ ..‬ما بينك وبين الموت إل أيام فاحفظ صبابة ما بقي من عمرك ‪ ،‬وما‬
‫عمرك من أول يوم ولدت فيه بل من أول يوم عرفت الله فيه فإياك أن‬
‫تموت قبل أن تعيش‪..‬‬
‫رمضان أحيا أمة اليمان‪ ..‬كثيرون منا ل يكون زادهم منه إل كثرة المعاصي‬
‫وزيادة الغفلة وتخمة البطون وكثرة اللهو واللغو والسفاسف‪ ..‬أفبهذه‬
‫العزيمة يستقبل رمضان؟‪..‬‬
‫رمضان طبيب القلوب والرواح‪ ..‬رمضان شفاء المة وبناء العقيدة ‪ ..‬رمضان‬
‫السائق إلى الجنان مغلق أبواب النيران‪ ..‬رمضان مصفد الشياطين‪ ..‬رمضان‬
‫المل في زمن اليأس المرير‪ ..‬رمضان واحة المان في وقت القلق‬
‫والضطراب‪ ..‬رمضان الطهر والستقامة في وجه الفساد والفساد‪ ..‬رمضان‬
‫العزيمة التي تجرف الخور والكسل والبلدة والقعود‪..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فكيف أصبح عندك رمضان أيها المسلم‪ ..‬نبيك صلى الله عليه وآله وسلم‬
‫يقوم الليل حتى تتفطر قدماه يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء‪..‬‬
‫وأنت بماذا تمضي الليل‪ ..‬أخشى أن تقول لي‪ :‬أقطع الطرق تسكعا‪ ..‬أمضي‬
‫الوقت لهوا ولعبا‪ ..‬أنفق عمري وراء مسلسل في التلفاز‪ ..‬ألعب الورق حتى‬
‫يطلع الفجر‪ ..‬أتبادل النوادر والطرف مع رفاقي حتى تتقطع خاصرتي ضحكا‪..‬‬
‫أضع فيلما في الفيديو وأسهر عليه‪ ..‬ل تقل لي ذلك‪..‬‬
‫ت يا أخت السلم‪ ..‬كيف أصبح رمضان عندك‪ ..‬أخشى أن تكوني قد‬ ‫وأن ِ‬
‫نسيت أسماء‪ ..‬نسيت نسيبة‪ ..‬نسيت فاطمة بنت محمد صلى الله على‬
‫محمد وآل محمد‪ ..‬فأصبح همك المطبخ ثم المطبخ ثم المطبخ‪ ..‬ثم ل تملئين‬
‫وقتك إل غيبة وأكل من لحوم الناس‪ ..‬ويكون أقصى أفق لك‪ ..‬حديثا تافها عن‬
‫ثياب راقصة فاجرة‪ ..‬أو تلهيا بمأساة رواية معروضة مخدرة تسيل لها دموع‬
‫منك‪ ..‬ما سالت لطفال كأكمام الورود يذبحون في البوسنة‪ ..‬ول دماء نازفة‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في الصومال ول كيد خبيث لهل السودان‪ ..‬ول إبادة بشعة للمسلمين‬
‫الكراد‪..‬‬
‫حتى الدموع جفت في عيون كثيرين منا أيها الناس‪ ..‬وما ذلك بمستغرب فقد‬
‫أضاع أكثرنا العزة بالصلة‪ ..‬فيصلي مثل الرانب المذعورة ‪ ..‬وأضاع الهدير‬
‫اليماني الجارف لرمضان‪ ..‬فرمضان )عنده( ساقية صغيرة تسدها أصغر‬
‫أوراق الشجار المصفرة ‪ ...‬وأضاع فهم السلم لما صوروه له دين زوايا‬
‫وتكايا‪ ،‬وهو دين كفاح وجهد وجهاد‪..‬‬
‫ك مضيم ل يراه ُ غير صوم ٍ وصلة‬ ‫برئ السلم من شا ّ‬
‫ذروة الدين جهاد ٌ في الصميم فلنجاهد أو لتلفظنا الحياة‬
‫لماذا رمضان يتحول إلى شهر الطعام واللغو وإضاعة الوقات ونبينا صاحب‬
‫العزم صلى الله عليه وآله وسلم القدوة العظمى‪ ..‬تتجاوز سيرته العطرة‬
‫وسنته الشريفة المكان والزمان ويصل عطرها إلينا فتهز من الرقاد هزًا‪..‬‬
‫وتوقظ من سبات الضياع والتشتت واليأس والحباط‪ ..‬فما للقلوب ل تفتح‬
‫لسيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم فيكون من ذلك الدواء والشفاء‪..‬‬
‫يذهلني الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر‬
‫شديد‪ ..‬حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر‪ ..‬وما فينا‬
‫صائم إل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعبد الله بن رواحة‪ ..‬فبأبي‬
‫أنت وأمي يا سيد الخلق تعلم أمتك الصبر الشديد‪ ..‬وبأبي أنت وأمي ياابن‬
‫رواحة‪ ..‬ألزمت نفسك الدرجة العليا من المتابعة والقتداء‪ ..‬وبنفسي أنتم يا‬
‫أبناء السلم وبناته الطهار‪ ..‬سرتم على درب ابن رواحة فهجرتم سفاسف‬
‫الناس‪ ..‬ورحلتم إلى الله بانكساركم وافتقاركم‪ ..‬ل ُتعرفون إن حضرتم ول‬
‫تفتقدون إن غبتم شعثا ً غبرًا‪ ..‬ما ضركم أن الناس ل تعرفكم ولكن الله‬
‫يعرفكم‪ ..‬ما أوهنكم تكالب الكفر على السلم ‪ ..‬ما أحبطكم ما سموه‬
‫النظام العالمي الجديد ‪ ..‬ما أوهنكم بيع بلد المسلمين ‪ ..‬ول الجراح النازفة‬
‫أنهارا من جسد أبيكم السلم ‪ ..‬ما أفزعتكم صولت بغي ول مؤامرات الدول‬
‫‪ ..‬ول سياسات اليهود ول حقد الصليبيين‪ ..‬وكأن واحدكم يقول‪:‬‬
‫خذوا كل دنياكم واتركوا فؤادي حرا وحيدا غريبا‬
‫فإني أعظمكم دولة وإن خلتموني طريدا ً سليبا‬
‫وتصدعون بالحق في وجه الباطل بسلح الكلمة المخلصة والحجة البينة‪..‬‬
‫وتشفقون على المة تريدون ردها إلى الله‪ ..‬وربما تضيق الرض بما رحبت‬
‫فل تضيق صدوركم فيكون نشيدكم ‪:‬‬
‫يا دربنا يا معبر البطال يا درب الفلح‪..‬‬
‫إنا إذا وضع السلح بوجهنا ضج السلح‬
‫وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح‬
‫إخلصا وحب هداية وشفقة على المة من الضياع‪..‬‬
‫فمن من شباب المسلمين وبناتهم اليوم‪ ..‬يفتح قلبه لفقه ابن رواحة فيغمس‬
‫نفسه في سبيل الله على قدم نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم‪..‬‬
‫من الذي يعاهد الله أن ل يخرج من رمضان إل وقد أعاد بناء نفسه وطلق‬
‫غفلته وسار إلى الله‪ ..‬من الذي يفطن إلى أن العمر قليل والموت حق وكل‬
‫نفس بما كسبت رهينة‪..‬‬
‫من الذي يعاهد الله على ترك الذنوب‪ ..‬وترك المعاصي وترك الغفلت‪ ..‬من‬
‫الذي يلزم نفسه بالتقوى في هذا الشهر‪ ..‬وأنا ضامن له أن يستمر الخير معه‬
‫بقية عامه‪ ..‬من الذي يعاهد الله أن ل يكذب ول يغتاب‪ ..‬ول يمشي بباطل ول‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ف بسمعه أو بصره أو فؤاده ما ليس له به علم وأنا كفيل له أن تتحول‬ ‫يق ُ‬


‫حياته خيرا وبركة وإيمانا‪ ..‬من الذي يعطي رمضان حقه من الصيام والقيام‬
‫وغض البصر وحفظ اللسان‪ ..‬فل تصلح له نفسه ويزكو به عمله؟ من الذي‬
‫يتجرد ويفزع إلى الله فيرد خائبا؟‬
‫باختصار أيها الناس‪ ..‬لقد نسينا رمضان‪ ..‬نصوم عادة ونفطر تخمة‪ ..‬نقوم‬
‫عادة وننام غفلة‪ ..‬نتحدث برمضان عادة ونتكلم باطل وكذبا‪ ..‬نترك الطعام‬
‫ونأكل لحوم الناس‪..‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫قال لي أخ كريم مرة‪ ..‬مالك ولعبارات الحماس دعها فلن تأتي بطائل‪..‬‬
‫فقلت له‪ ..‬إنها ليست بعبارات حماس‪ ..‬بل عبارات صدق ولماذا تظن كل‬
‫الناس مثلك يأتون إلى صلة الجمعة رفع عتب يغلقون قلوبهم ويفتحونها لما‬
‫تهوى نفوسهم‪ ..‬فإن تكلم الخطيب عن أمر يعجبهم هشوا وبشوا‪..‬‬
‫أما إن تكلم عن التاجر الغشاش‪ ..‬أغلقوا أسماعهم ‪ ..‬وإن تكلم عن صاحب‬
‫الرشوة ‪ ..‬أعرضوا‪..‬‬
‫فإن تكلم عن الجبناء سدوا آذانهم ‪ ..‬وإن تكلم عن الجهاد ارتعدت‬
‫فرائصهم ‪..‬‬
‫وإن تكلم عن نصيحة لحاكم أو مسؤول‪ ..‬تلفتوا يمنة ويسرة ‪..‬‬
‫وإن تكلم عن إصلح البيوت أعرضوا‪ ..‬وإن طلب إعطاء الزوجة حقها والرأفة‬
‫بها وعدم ضربها ولولوا‪ ..‬وإن ذكر مذابح المسلمين في بقاع الرض قالوا‪:‬‬
‫وماذا ينفع الكلم‪ ..‬ولماذا الكلم‪ ..‬وإن تحدث عن آفاق رمضان قالوا‪ :‬ما لتلك‬
‫الفاق من سبيل فالوائل ‪..‬كانوا صحابة ‪ ..‬صحابة لرسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم!‬
‫‪ ..‬ولكل من ل يعرف فائدة الكلم نقول له‪..‬‬
‫‪ -‬إن الجهر بالحق لوحده أمر مطلوب‪" ..‬فاصدع بما تؤمر")الحجر ‪.. (94 ،‬‬
‫"لتكونوا شهداء على الناس" )البقرة ‪.. (143 ،‬‬
‫‪ -‬من استطاع تغيير منكر أو إحقاق حق بيده ضمن الشروط الشرعية فعل ‪،‬‬
‫فإن لم يستطع بيده فبلسانه ‪ ..‬ول يجوز النتقال إلى القلب إل إن عجز عن‬
‫القوى‪..‬‬
‫‪ -‬ما كل الناس ضعاف وفيهم من تهزه الكلمة ولولها ‪ ..‬لما كان للكلمة من‬
‫أثر في اكتساب مرضاة الله أو سخطه‬
‫‪ -‬وهو مهم جدًا‪ ..‬أن الكلمات تتراكم في القلوب وتجلو كثيرا من الصدأ‪..‬‬
‫وكلما ازداد الصدق والخلص ‪ ..‬عظم رصيدها‪ ..‬واقتربت من أن تتدفق‬
‫عمل‪ ..‬ولقد قال المام الغزالي رحمه الله‪) :‬كل عمل تقوم به الجوارح‬
‫يترشح منه إلى القلب أثر‪ (..‬أرأيت الرجل الذي ذكره المصطفى صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم بقوله ‪) :‬إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له باليمان‬
‫( )حسن غريب ‪ ،‬الترمذي ‪..(2617‬‬
‫أما تراكم أثر ذهابه إلى المسجد ‪ ،‬ولو عادة أول المر حتى ألفها وأحبها‬
‫فكانت شهادة له من عند رسول الله‪ ..‬تنفعه بين يدي رب العالمين ‪ ،‬يوم‬
‫يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم ل ظل إل ظله وهو الرجل‬
‫الذي قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منها حتى يعود إليها‪ ..‬ومنهم الشاب تتقد‬
‫شهوته ويأتيه شيطان يريد إغواءه فيذكر حديثا سمعه أو تعظه آية مرت به‬
‫ل في ظل الله‪ :‬ورجل دعته‬ ‫فيقول ‪ :‬إني أخاف الله رب العالمين‪ ..‬في ُظ َ ّ‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله‪..‬‬


‫وذلك النسان صاحب الفطرة‪ ..‬سمع عن ذكر الله وفضله كلما‪ ..‬مجرد‬
‫كلم‪ ..‬وقع في قلبه‪ ..‬ثم كان لوحده فخرج الكلم إلى التفكر فالتدبر‬
‫فالعتبار فذكر الله خاليا ففاضت عيناه فكانت سببا في نجاته يوم الحساب‪..‬‬
‫وكذلك الحديث عن التكافل والتراحم والخوة والصبر والمجاهدة والدعوة‬
‫والجهاد‪ ..‬كلها كلمات تقع في القلوب‪ ..‬فل تدري أنت ول أنا متى تنبعث منها‬
‫الحركة‪ ..‬وقد قال أحد الدعاة يوما‪:‬‬
‫إن كلماتنا تبقى عرائس من شمع فإذا متنا دبت فيها الحياة ‪..‬‬
‫ونحن أيها الخ في موت الغفلة فل علينا إن ازددنا من الكلم الحق‪ ..‬فهو من‬
‫أسباب الحياة‪..‬‬
‫والكلم والتعود عليه يترك في النفس أثرا ل يمحى‪ ..‬وفي علم النفس‬
‫الجماعي المعاصر أمر معروف على صعيد دول العالم كلها وهو تكرير‬
‫المفاهيم حتى المغلوطة منها وملء أسماع الناس بها ليل ونهارا‪ ..‬حتى تدخل‬
‫عقولهم وتؤثر في نفسياتهم وتغير سلوكهم وتحكم أعمالهم‪ ..‬فإن كان هذا‬
‫يؤثر وُترى نتائجه وربما يكون باطل فما بالك بكلم ‪ ..‬من معين القرآن‬
‫يستمد ويستقى ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرتوي‪..‬‬
‫"إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد"‪)..‬ق‪.(37،‬‬
‫أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم‪..‬‬
‫ألقى هذه الخطبة في دمشق ‪ :‬الحسني ‪ ،‬بتاريخ ‪ 23‬شعبان ‪1414‬هـ‪4/‬‬
‫شباط ‪1994‬م‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رمضان بين الطباء والشعراء‬


‫الدكتور حسان شمسي باشا‬
‫رمضان ‪ ،‬هذا الشهر العظيم ‪ ،‬كان له على لسان الشعراء ألوان وطيوف ‪،‬‬
‫وسمات وآيات وعلى مر العصور استلهم الشعراء من فيوضات شهر رمضان‬
‫ونفحاته أفكارهم للتعبير عن فرحتهم بمقدمه ‪ ،‬وحزنهم لوداعه ‪ ،‬وبدعوتهم‬
‫المسلمين لنتهاز فرصة حلوله للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعات‬
‫وفعل الخيرات ‪.‬‬
‫وكما فاضت قرائح الشعراء القدامى والمعاصرين بقصائد الجلل والتعظيم‬
‫لهذا الشهر المبارك ‪ ،‬كان هناك من الشعراء – عفا الله عنهم – من أظهر‬
‫تبرمه منه صراحة أو تلميحا فهذا أبو نواس الذي ارتكب الموبقات وعاش‬
‫عمره في انتهاك المحرمات وكان يتململ من شهر رمضان ‪ ،‬تصدمه الحقيقة‬
‫فيعود إلى ربه ويتوسل إلى خالق الرض والسماوات بأن يطيل شهر رمضان‬
‫فيقول ‪:‬‬
‫ً‬
‫شهر الصيام غدا مواجهنا فليعقبن رعية النسك‬
‫ت بسائم منك‬ ‫أيامه كوني سنين ‪ ،‬و ل تفنى فلس ُ‬
‫وهو القائل في أخريات عمره ‪:‬‬
‫يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم‬
‫إن كان ل يرجوك إل محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم‬
‫أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم‬
‫الصوم شهرالصحة ‪:‬‬
‫تقول دائرة المعارف البريطانية‪ ":‬إن أكثر الديان قد فرضت الصيام وأوجبته‪،‬‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فهو يلزم النفوس حتى في غير أوقات الشعائر الدينية ‪،‬يقوم به بعض الفراد‬
‫استجابة للطبيعة البشرية"‬
‫وفي القرن العشرين ظهر عدد من الكتب الطبية في أمريكا وأوروبا تتحدث‬
‫عن فوائد الصوم الطبي ‪ ،‬فكان هناك " التداوي بالصوم " لشلتون ‪ .‬وكتاب "‬
‫الصوم الطبي ‪ :‬النظام الغذائي المثل " للن كوت ‪ ،‬و " الصوم أكسير‬
‫الحياة " لهنرك تانر ‪ ،‬و " العودة إلى الحياة السليمة بالصوم الطبي " للوتزنر‬
‫‪.‬‬
‫وحديثا أنشئ موقع على النترنت فيه مجلة تسنعرض أحدث البحاث العلمية‬
‫التي نشرت حول الصيام‪.‬‬
‫ول شك أن في الصيام فوائد عديدة للجسم ‪ ،‬وتظهر فائدة الصوم بشكل‬
‫جلي عند المصابين باللتهابات الهضمية المزمنة ‪ ،‬وفي طليعتها ‪ :‬اللتهاب‬
‫المعدي المزمن ‪ ،‬وعسر الهضم ‪ ،‬وتلبك المعاء ‪ .‬فالصوم يحمل إلى هؤلء‬
‫راحة قد تتجاوز الشهر ‪ ،‬وتكون ذات أثر كبير في شفائهم ‪ .‬كما أن المصابين‬
‫بتشنج القولون كثيرا ما يستفيدون من الصوم ‪ ،‬وكذلك المصابين ببعض‬
‫حالت التحسس ‪ ،‬فإن الصوم وتقنين الغذية يساعدان على ذهاب الكثير من‬
‫أعراض التحسس ‪ .‬وراحة الجهاز الهضمي أمر أساسي للخلص السريع من‬
‫بعض حالت الشري‬
‫‪ Urticaria‬والحكة التي قد تنتج عن بعض الغذية ‪ .‬ول شك أن الصوم يفيد‬
‫المصابين بالسمنة ‪ ،‬لن الفراط في الغذاء وقلة الحركة هما السببان‬
‫الرئيسان للسمنة ‪.‬ويؤكد عدد من الدراسات العلمية التي نشرت خلل‬
‫السنوات القليلة الماضية حدوث نقص في الوزن بمقدار‬
‫‪ 2-3‬كغ في المتوسط عند الصائمين خلل شهر رمضان‪.‬‬
‫وفي الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب ‪ ،‬وذلك لن ‪ % 10‬من‬
‫كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء‬
‫عملية الهضم ‪ ،‬وتنخفض هذه الكمية أثناء الصوم حيث ل توجد عملية هضم‬
‫أثناء النهار ‪ ،‬وهذا يعني جهدا أقل وراحة أكبر لعضلة القلب‪.‬‬
‫دم كاتب هذا المقال بحثا في مؤتمر جمعية أمراض القلب السعودية في‬ ‫وق ّ‬
‫شهر فبراير عام ‪ 1998‬اجري على ‪ 86‬مريضا مصابا بأمراض القلب‬
‫المختلفة من مرض شرايين القلب أو فشل القلب أو آفات صمامات القلب ‪.‬‬
‫وقد استطاع ‪ % 86‬من هؤلء صيام كل شهر رمضان ‪ ،‬و ‪ % 10‬من‬
‫المرضى اضطروا إلى الفطار لعدة أيام في رمضان ‪ .‬ومع نهاية شهر‬
‫رمضان ‪ ،‬شعر ‪ % 78‬منهم بتحسن في حالتهم الصحية ‪ ،‬في حين شعر ‪11‬‬
‫‪ %‬منهم بازدياد العراض التي كانوا يشكون منها‪.‬‬
‫ويفيد الصيام في علج ارتفاع ضغط الدم ‪ ،‬فإنقاص الوزن الذي يرافق‬
‫الصيام يخفض ضغط الدم بصورة ملحوظة ‪ ،‬كما أن الرياضة البدنية من‬
‫صلة التراويح والتهجد وغيرها تفيد في خفض ضغط الدم المرتفع ‪.‬‬
‫در الدكتور" شاهد أطهر" في بحث نشر عام ‪ 2000‬في مجلة ‪ JIRIR‬على‬ ‫ويق ّ‬
‫النترنت من الوليات المتحدة أن المصلي لصلة التراويح يصرف ‪ 200‬سعرا‬
‫حراريا خلل صلة التراويح‪.‬‬
‫وإذا ما التزم الصائم بغذاء معتدل ‪ ،‬وتجنب الفراط في الدهون والنشويات ‪،‬‬
‫وجد في نهاية شهر رمضان انخفاضا في معدل الكولسترول عنده ‪ ،‬ونقص‬
‫وزنه ‪ ،‬ووجد في رمضان وقاية لقلبه ‪ ،‬وعلجا لمرضه ‪.‬‬
‫و قد تباينت نتائج البحاث العلمية في موضوع كولسترول الدم في رمضان ‪.‬‬
‫ففي حين وجد بعض الباحثين حدوث ارتفاع في معدل كولسترول الدم في‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رمضان ؛ال أن دراسات أخرى أثبتت حدوث انخفاض في معدل‬


‫الكولسترول ‪.‬‬
‫وتشير الدراسات الحالية إلى أنه لم تحدث أية مشاكل هامة عند صيام‬
‫المرضى السكريين من النوع الثاني ) الذين يتناولون الحبوب الخافضة لسكر‬
‫الدم ( ‪ ،‬أما المرضى الذين يتناولون النسولين فل ينصحوا عادة بالصيام ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ويعتبر الصيام فرصة ذهبية للبدينين المصابين بالتهاب المفاصل التنكسي في‬
‫الركبتين ‪ ،‬حيث يمكن استغلل هذه الفرصة بإنقاص الوزن وتخفيف الحمل‬
‫الذي تنوء به مفاصل المريض ‪ .‬وكثير من مرضى السكر الكهلي بدينون وهنا‬
‫يكون شهر رمضان فرصة لتخفيف وزنهم ‪ ،‬والسيطرة على سكر الدم ‪.‬‬
‫وهناك دراسات علمية تشير إلى أن صيام رمضان يحسن مناعة الجسم في‬
‫مقاومة المراض المختلفة ‪.‬‬
‫ولو اتبعنا النظام الدقيق في غذائنا ‪ ،‬ولم نكثر من الفطار والسحور فوق‬
‫طاقة الجسم تتم الفائدة ‪ ،‬ونحصل على المقصود من حكمة الصيام ‪ .‬ولكن‬
‫– للسف الشديد – فكثير من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول‬
‫مختلف الطعمة ‪ ،‬ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام ‪ ،‬وقد يأكلون في‬
‫شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره ‪ ،‬أمثال هؤلء ل يستفيدون من‬
‫الصوم الفائدة المرجوة ‪ .‬يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض‬
‫الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب ‪:‬‬
‫وأغبى العالمين فتى أكول لفطنته ببطنته انهزام‬
‫ولو أني استطعت صيام دهري لصمت فكان ديدني الصيام‬
‫ولكن ل أصوم صيام قوم تكاثر في فطورهم الطعام‬
‫فإن وضح النهار طووا جياعا وقد هموا إذا اختلط الظلم‬
‫وقالوا يا نهار لئن تجعنا فإن الليل منك لنا انتقام‬
‫وناموا متخمين على امتلء وقد يتجشئون وهم نيام‬
‫فقل للصائمين أداء فرض أل ما هكذا فرض الصيام‬
‫وإذا كان الجوع سببا من أسباب رائحة الفم الكريهة ‪ ،‬فإن ريح فم الصائم‬
‫دث بذلك المصطفى صلى الله عليه‬ ‫أطيب عند الله من ريح المسك ‪ ،‬كما ح ّ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫ويقول الشاعر الكبير محمد حسن فقي في قصيدة زادت أبياتها على ‪150‬‬
‫بيتا ‪ ،‬نظمها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك ‪:‬‬
‫رمضان في قلبي هماهم نشوة من قبل رؤية وجهك الوضاء‬
‫س بأنه من طعم تلك الجنة الخضراء‬ ‫وعلى فمي طعم أح ّ‬
‫ل طعم دنيانا فليس بوسعها تقديم هذا الطعم للخلفاء‬
‫ت قط ول شعرت بمثله أل أكون به من السعداء‬ ‫ما ذق ُ‬
‫الصوم والصحة النفسية‪:‬‬
‫انتشرت في عصرنا المراض النفسية وتفرعت ‪ ،‬وأنشئ لها العديد من‬
‫المصحات والمستشفيات ‪ ،‬وتخصص فيها الطباء والخبراء ‪ ،‬وصرفت على‬
‫العقاقير البليين من الدولرات ‪ .‬والحقيقة أن هناك علقة وثيقة جدا بين‬
‫الضطرابات النفسية والمراض العضوية التي تتمكن من جسم النسان ‪.‬‬
‫فالتوتر العصبي والقلق والكتئاب والرق كثيرا ما تنعكس على القلب‬
‫بمختلف الدواء من ارتفاع في ضغط الدم إلى مرض في شرايين القلب‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التاجية ‪ ،‬أو اضطراب في ضربات القلب ‪ .‬وربما انعكست تلك الضطرابات‬


‫النفسية على المعدة ‪ ،‬فإذا المعدة قد تقرحت ‪ ،‬وإذا القولون قد تشنج‬
‫وسبب اللم ‪ .‬وقد يسقط بعض المصابين بالكتئاب فريسة لتعاطي‬
‫المسكرات أو المخدرات ‪ .‬ول شك أن الصائم يعيش في ظل أجواء روحانية‬
‫مشبعة بالثقة واليمان ‪ .‬والتزام الصائم بالمتناع عن الطعام والشراب‬
‫وشهوات الجسد ‪ ،‬يقوي الرادة ‪ ،‬ويجعله قويا في مواجهة مشاكل الحياة‬
‫ومن ثم تمتلئ نفسه باليقين والرضا ‪ ،‬وتخف عنه وساوس النفس والوهام ‪.‬‬
‫ويجد الله تعالى دائما إلى جواره فيركن إليه ‪ .‬وحين يستطيع الصائم الوصول‬
‫إلى تلك الدرجة بعبادته وصلته وقراءته للقرآن ‪ ،‬يكون قد وصل إلى بر‬
‫المان ‪ ،‬وحينئذ تقل الشكوى وتخف أعراض المرض ‪ ،‬حتى أن باحثين من‬
‫الردن وجدوا في بحث نشر انخفاضا كبيرا في معدل حدوث محاولت‬
‫النتحار في شهر رمضان ‪ .‬وفي هذه الجواء الرمضانية عاش عدد من‬
‫الشعراء تجاربهم ‪ ،‬فانطلقت ألسنتهم تلهج بالثناء على منحة السماء ‪ ،‬وتصور‬
‫تلك المشاعر الروحانية التي تلهم بسكينة النفس ‪ ،‬وصفاء الروح ‪ ،‬وسمو‬
‫الحاسيس ‪.‬‬
‫وفي شهر الصيام ‪ ،‬تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ‪ ،‬فتصوم العين‬
‫بغضها عما حرم الله النظر إليه ‪ ،‬ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة‬
‫‪ ،‬وتصوم الذن عن الصغاء إلى ما نهى الله عنه ‪ ،‬ويصوم البطن عن تناول‬
‫الحرام ‪ ،‬وتصوم اليد عن إيذاء الناس‪ ،‬والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد‬
‫فوق الرض ‪ .‬قال أبو بكر عطية الندلسي ‪:‬‬
‫إذا لم يكن في السمع مني تصامم‬
‫وفي مقلتي غض‪،‬وفي منطقي صمت‬
‫فحظي إذن من صومي الجوع والظما‬
‫وإن قلت ‪ :‬إني صمت يوما فما صمت‬
‫وقال أحمد شوقي ‪ " :‬الصوم حرمان مشروع ‪ ،‬وتأديب بالجوع ‪ ،‬وخشوع لله‬
‫وخضوع ولكل فريضة حكمة ‪ ،‬وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة ‪،‬‬
‫يستثير الشفقة ‪ ،‬ويحض على الصدقة ‪ ،‬ويكسر الكبر ‪ ،‬ويعلم الصبر ‪ ،‬ويسن‬
‫خلل البر ‪ ،‬إذا جاع من ألف الشبع ‪ ،‬وحرم المترف أسباب المتع ‪ ،‬عرف‬
‫الحرمان كيف يقع ‪ ،‬والجوع كيف ألمه إذا لذع " ‪.‬‬
‫ويرى حجة السلم أبو حامد الغزالي أن الصوم ثلث درجات ‪:‬‬
‫" صوم العامة ‪ :‬وهو كف البطن والفرج وسائر الجوارح عن قصد الشهوة ‪.‬‬
‫وصوم الخصوص ‪ :‬وهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر‬
‫الجوارح عن الثام ‪ .‬وصوم خصوص الخصوص ‪ :‬وهو صوم القلب عن الهمم‬
‫الدنيئة ‪ ،‬وكفه عما سوى الله تبارك وتعالى " ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫يقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن‬
‫العيوب والثام ‪:‬‬
‫يا ذا الذي صام عن الطعام ليتك صمت عن الظلم‬
‫هل ينفع الصوم امرؤ طالما أحشاؤه ملى من الثم‬
‫ويؤكد أحمد شوقي ذات المعنى فيقول ‪:‬‬
‫يا مديم الصوم في الشهر الكريم صم عن الغيبة يوما والنميم‬
‫ويقول أيضا ‪:‬‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل صلة من يرجو ويخشى وقبل الصوم صم عن كل فحشا‬ ‫وص ّ‬


‫فهذا الشاعر أحمد مخيمر يناجي رمضان قائل ‪:‬‬
‫أنت في الدهر غرة وعلى الر ض سلم وفي السماء دعاء‬
‫يتلقاك عند لقياك أهل الـ ـبر والمؤمنون والصفياء‬
‫فلهم في النهار نجوى وتسبيـ ـح وفي الليل أدمع ونداء‬
‫ليلة القدر عندهم فرحة العمـ ـر تدانت على سناها السماء‬
‫في انتظار لنورها كل ليل يتمنى الهدى ويدعو الرجاء‬
‫وتعيش الرواح في فلق الشوا ق حتى يباح فيها اللقاء‬
‫فإذا الكون فرحة تغمر الخلـ ـق إليه تبتل التقياء‬
‫وإذا الرض في سلم وأمن وإذا الفجر نشوة وصفاء‬
‫وكأني أرى الملئكة البـ ـرار فيها وحولها النبياء‬
‫نزلوا فوقها من المل العلـ ـى فأين الشقاء والشقياء ؟‬
‫إنه رمضان الخير الذي يرجع الروح إلى منبعها الزلي ‪ ،‬فتبرأ من أدران الحياة‬
‫‪ ،‬وتتخلص من مباذل الدنيا ‪ ،‬وتتجه إلى الله خالق السماوات والرض داعية‬
‫مبتهلة ‪ .‬إنه رمضان الضيف الكريم الذي يعاود كل عام حامل سننا علوية‬
‫النظام كما يصوره الشاعر محمود حسن إسماعيل‬
‫أضيف أنت حل على النام وأقسم أن يحيا بالصيام‬
‫قطعت الدهر جوابا وفيا يعود مزاره في كل عام‬
‫تخيم ل يحد حماك ركن فكل الرض مهد للخيام‬
‫ورحت تسن للجواء شرعا من الحسان علوي النطام‬
‫بأن الجوع حرمان وزهد أعز من الشراب أو الطعام‬
‫وهو يصور الصائمين المترقبين صوت المؤذن منتظرين في خشوع ورهبة‬
‫نداءه ‪:‬‬
‫جعلت الناس في وقت المغيب عبيد ندائك العاتي الرهيب‬
‫فت للطبيب‬ ‫كما ارتقبوا الذان كأن جرحا يعذبهم ‪ ،‬تل ّ‬
‫وأتلعت الرقاب بهم فلحوا كركبان على بلد غريب‬
‫عتاة النس أنت نسخت منهم تذلل أوجه وضنى جنوب‬
‫إنه رمضان الذي تتجه فيه النفوس إلى الله بخشوع وإيمان ‪.‬‬
‫يقول الشاعر مصطفى حمام ‪:‬‬
‫دثونا عن راحة القيد فيه حدثونا عن نعمة الحرمان‬ ‫ح ّ‬
‫هو للناس قاهر دون قهر وهو سلطانهم بل سلطان‬
‫قال جوعوا نهاركم فأطاعوا خشعا ‪ ،‬يلهجون بالشكران‬
‫إن أيامك الثلثين تمضي كلذيذ الحلم للوسنان‬
‫كلما سرني قدومك أشجا ني نذير الفراق والهجران‬
‫وستأتي بعد النوى ثم تأتي يا ترى هل لنا لقاء ثان؟‬
‫العودة إلى الصفحة الرئيسة‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رمضان شهر الدعاء‬


‫رئيسي ‪:‬آداب ‪:‬الربعاء ‪ 6‬رمضان ‪1425‬هـ ‪ 20 -‬أكتوبر ‪ 2004‬م‬
‫الحمد لله مجيب الدعوات‪ ،‬والصلة والسلم على أزكى البريات‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫م بمثله‪ ،‬ذلك‬‫ق ُ‬
‫م‪ ،‬ول است ُد ِْفعت الن ّ َ‬
‫جِلبت النع ُ‬
‫ن الدعاِء عظيم‪ ،‬فما است ُ ْ‬
‫فإن شأ َ‬
‫أنه يتضمن توحيد الله‪ ،‬وإفراده بالعبادة دون من سواه‪ ،‬وهذا رأس المر‪،‬‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن مناسبة مباركة يتقرب فيها العبد إلى ربه‬ ‫وأصل الدين‪ .‬وإن شهَر رمضا َ‬
‫ن الجابة‬ ‫بسائر القربات‪ ،‬وعلى رأسها الدعاء؛ ذلكم أن مواطن الدعاء‪ ،‬ومظا ّ‬
‫تكثر في هذا الشهر؛ فل غَْروَ أن ي ُك ِْثر المسلمون فيه من الدعاء‪.‬‬
‫ث على الدعاء‪ ،‬حيث يقول عز‬ ‫ولعل هذا هو السر في ختم آيات الصيام بالح ّ‬
‫ن‬‫عا ِ‬ ‫داِع إ َِذا د َ َ‬ ‫ب د َعْوَةَ ال ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫بأ ِ‬
‫ُ‬
‫ري ٌ‬ ‫عَباِدي عَّني فَإ ِّني قَ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫وجل‪ }:‬وَإ َِذا َ‬
‫ن]‪]{[186‬سورة البقرة[‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ي َْر ُ‬ ‫مُنوا ِبي ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫جيُبوا ِلي وَل ْي ُؤْ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فَل ْي َ ْ‬
‫وإليكم معاشر الصائمين هذه الوقفات اليسيرة مع مفهوم الدعاء‪ ،‬وفضله‪:‬‬
‫ضّره؛‬ ‫ب الداعي ما ينفُعه وما يكشف ُ‬ ‫معنى الدعاء‪ :‬الدعاء هو أن يطل َ‬
‫ة‬
‫وحقيقته إظهار الفتقار إلى الله‪ ،‬والتبرؤ من الحول والقوة‪ ،‬وهو سم ُ‬
‫ة‪ ،‬واستشعاُر الذلةِ البشرية‪ ،‬وفيه معنى الثناِء على الله عز وجل‪،‬‬ ‫العبودي ِ‬
‫وإضافةِ الجود والكرم إليه‪.‬‬
‫ل الدعاِء‪ ،‬وثمراُته‪:‬‬ ‫من فضائ ُ‬
‫عوِني‬ ‫م اد ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ل َرب ّك ُ‬ ‫ة لله‪ ،‬وامتثال لمره‪ :‬قال عز وجل‪ }:‬وََقا َ‬ ‫‪ -1‬الدعاُء طاع ٌ‬
‫َ‬
‫م‪]{[60]...‬سورة غافر[‪.‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫عاُء هُوَ ال ْعَِباَدة‬ ‫ل‪] :‬الد ّ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫‪ -2‬الدعاء عبادة‪ :‬عَ ْ‬
‫ُ[رواه الترمذي وابن ماجه‪ ،‬وصححه اللباني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عوِني أ َ‬
‫ن‬‫ِ َ‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬‫ْ ِ ّ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ج‬
‫ْ َ ِ ْ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م اد ْ ُ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫‪-3‬الدعاء سلمة من الكبر‪ }:‬وََقا َ‬
‫ن]‪]{[60‬سورة غافر[‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫م َدا ِ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سي َد ْ ُ‬ ‫عَباد َِتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م شيٍء على الله‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪] :‬ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫‪ -4‬الدعاُء أكر ُ‬
‫َ‬
‫عاِء[ رواه أحمد والبخاري في الدب‬ ‫ن الد ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م عََلى الل ّهِ ت ََعاَلى ِ‬ ‫يٌء أك َْر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫المفرد‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬والترمذي والحاكم وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫م‬
‫نل ْ‬‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ -5‬الدعاء سبب لدفع غضب الله‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫ة‪ ،‬وصححه الحاكم‪ ،‬ووافقه‬ ‫ي‪ ،‬وابن ماج َ‬ ‫ه[ رواه الترمذ ّ‬ ‫ب عَل َي ْ ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫ه ي َغْ َ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫سأ َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫الذهبي‪ ،‬وحسنه اللباني‪.‬‬
‫‪ -6‬الدعاء سبب لنشراح الصدر‪ ،‬وتفريج الهم‪ ،‬وزوال الغم‪ ،‬وتيسير المور‪:‬‬
‫ولقد أحسن من قال‪:‬‬
‫ي فما ينفك أن يتفّرجا‬ ‫ه والمُر ضي ّقٌ عل ّ‬ ‫وإني لدعو الل َ‬
‫خَرجا‬ ‫م ْ‬‫ه أصاب له في دعوة الله َ‬ ‫ت عليه وجوهُ ُ‬ ‫ى ضاق ْ‬ ‫ب فت ً‬ ‫ور ّ‬
‫ل وحقيقُته هو اعتماد ُ‬ ‫‪ -7‬الدعاء دليل على التوكل على الله‪ :‬فسّر التوك ِ‬
‫م ما يتجلى هذا المعنى‬ ‫ُ‬ ‫وأعظ‬ ‫ل السباب المأذون بها‪،‬‬ ‫ب على الله‪ ،‬وفع ُ‬ ‫القل ِ‬
‫ض أمَره ُ إليه وحده‪.‬‬ ‫ن بالله‪ ،‬مفو ٌ‬ ‫ي مستعي ٌ‬ ‫ل الدعاء؛ ذلك أن الداع َ‬ ‫حا َ‬
‫ي يأوي إلى ركن‬ ‫‪ -8‬الدعاء وسيلة لك ِب َرِ النفس‪ ،‬وعلو الهمة‪ :‬ذلك أن الداع َ‬
‫َ‬
‫سر‬ ‫شديد ٍ ينزل به حاجاِته‪ ،‬ويستعين به في كاّفة أموره؛ وبهذا يتخلص من أ ْ‬
‫ه‪،‬‬
‫عّز ِ‬ ‫الخلق‪ ،‬ورّقهم‪ ،‬ومن ّت ِِهم‪ ،‬ويقطعُ الطمعَ عما في أيديهم‪ ،‬وهذا هو عين ِ‬
‫حه‪.‬‬ ‫وفل ِ‬
‫‪ -9‬الدعاء سلمة من العجز‪ ،‬ودليل على الكياسة‪ :‬قال النبي صلى الله عليه‬ ‫َ‬
‫م[‬
‫سل ِ‬
‫ل ِبال ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫عاِء وَأ َب ْ َ‬ ‫ن الد ّ َ‬ ‫جَز عَ ْ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫جُز الّنا ِ‬
‫َ‬
‫وسلم‪] :‬أعْ َ‬
‫رواه ابن حبان‪ ،‬وصححه اللباني‪.‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -10‬ومن فضائل الدعاء‪ :‬أن ثمرته مضمونة َبإذن الله‪ :‬قال َ‬
‫هَ‬
‫مث ْل ُ‬ ‫سوِء ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ف عَن ْ ُ‬ ‫ل أ َوْ ك َ ّ‬ ‫سأ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫عاٍء إ ِّل آَتاهُ الل ّ ُ‬ ‫عو ب ِد ُ َ‬ ‫حد ٌ ي َد ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ما أ َ‬ ‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫م[ رواه أحمد والترمذي‪ ،‬وحسنه اللباني‪.‬‬ ‫َ‬
‫م ي َد ْع ُ ب ِإ ِث ْم ٍ أوْ ب ِ َ‬ ‫َ‬
‫ح ٍ‬ ‫طيعَةِ َر ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫َ‬
‫ه ل ِلهِ عَّز‬ ‫ّ‬ ‫جهَ ُ‬ ‫ب وَ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫سل ِم ٍ ي َن ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫سول َاللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وقال َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه[ رواه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ج ّ‬
‫ها ل ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن ي َد ّ ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ه وَإ ِ ّ‬ ‫جلَها ل ُ‬ ‫ن ي ُعَ ّ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ها إ ِّياه ُ إ ِ ّ‬ ‫سألةٍ إ ِل أعْطا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫وَ َ‬
‫أحمد‪ ،‬والبخاري في الدب المفرد‪ ،‬وصححه اللباني‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ففي الحديثين السابقين وما في معناهما‪ :‬دليل على أن دعاء المسلم ل‬


‫ل‪ ،‬قال ابن حجر رحمه‬ ‫مؤج ً‬ ‫ل‪ ،‬وإما ُ‬ ‫معج ً‬ ‫ُيهمل‪ ،‬بل ُيعطى ما سأله إما ُ‬
‫ل داٍع ُيستجاب له‪ ،‬لكن تتنوع الجابة؛ فتارةً تقع بعين ما دعا به‪ ،‬وتارةً‬ ‫الله‪':‬ك ّ‬
‫ضه'‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫بعِوَ ِ‬
‫‪ -11‬ومن فضائل الدعاء‪ :‬أنه سبب لدفع البلء قبل نزوله‪ ،‬ورفعه بعد نزوله‪:‬‬
‫ما‬‫م ّ‬
‫فع ُ ِ‬
‫عاَء ي َن ْ َ‬
‫ن الد ّ َ‬ ‫ن قَد ٍَر‪ ،‬وَإ ِ ّ‬‫م ْ‬ ‫حذ ٌَر ِ‬ ‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ] :‬ل ي ُغِْنى َ‬
‫ة[ رواه‬ ‫م ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِلى ي َوْم ِ ال ِ‬ ‫جا ِ‬‫قى الَبلَء فَي َعْت َل ِ َ‬ ‫عاَء ل َي َل ْ َ‬
‫ن الد ّ َ‬
‫ل وَإ ِ ّ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م ي َن ْزِ ْ‬ ‫م ّ‬‫ل وَ ِ‬‫ن ََز َ‬
‫الطبراني وقال الحاكم‪ :‬صحيح السناد‪ .‬ومعنى يعتلجان أي‪ :‬يتصارعان‪،‬‬
‫ويتدافعان‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -12‬الدعاء من أعظم أسباب الثبات والنصر على العداء‪ :‬قال تعالى عن‬
‫َ‬
‫طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده‪َ }:‬قاُلوا َرب َّنا أفْرِغ ْ عَل َي َْنا َ‬
‫صب ًْرا وَث َب ّ ْ‬
‫ت‬
‫قوْم ِ ال ْ َ‬
‫صْرَنا عََلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن]‪ {[250‬فماذا كانت النتيجة؟‬ ‫ري َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫مَنا َوان ْ ُ‬ ‫أقْ َ‬
‫دا َ‬
‫ه‪]{[251]...‬سورة البقرة[‪.‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫م ب ِإ ِذ ْ ِ‬‫موهُ ْ‬‫}فَهََز ُ‬
‫ُ‬
‫جأ المستضعفين‪:‬‬ ‫مل ْ َ‬‫فَزع ُ المظلومين‪ ،‬و َ‬ ‫م ْ‬‫‪ -13‬ومن فضائل الدعاء‪ :‬أنه َ‬
‫فالمظلوم‪ ،‬أو المستضعف إذا انقطعت به السباب‪ ،‬وأغلقت في وجهه‬
‫البواب‪ ،‬ولم يجد من يرفع عنه مظلمته‪ ،‬ويعينه على دفع ضرورته‪ ،‬ثم رفع‬
‫يديه إلى السماء‪ ،‬وبث إلى الجبار العظيم شكواه؛ نصره الله‪ ،‬وأعزه‪ ،‬وانتقم‬
‫له ولو بعد حين‪.‬‬
‫أتهزأ ُ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاُء‬
‫مد ٌ وللمدِ انقضاُء‬ ‫َ‬
‫ل ل تخطي ولكن لها أ َ‬ ‫م اللي ِ‬ ‫سها ُ‬
‫ل على اليمان بالله‪ ،‬والقرار له بالربوبية‪ ،‬واللوهية‪ ،‬والسماء‬ ‫‪ -14‬الدعاء دلي ٌ‬
‫ع‬
‫ي‪ ،‬سمي ٌ‬ ‫ه بوجوده‪ ،‬وأنه غن ّ‬ ‫ن إيمان َ‬
‫والصفات‪ :‬فدعاُء النسان لربه متضم ٌ‬
‫ل اللهم وسلم‬ ‫م‪ ،‬قادٌر‪ ،‬جواٌد‪ ،‬مستحقٌ للعبادة دون من سواه‪ .‬وص ّ‬ ‫بصيٌر‪ ،‬رحي ٌ‬
‫على نبينا محمد‪ ،‬وآله‪ ،‬وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫من ‪':‬رمضان شهر الدعاء' للشيخ‪ /‬محمد بن إبراهيم الحمد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رمضان عبر التاريخ‬


‫الكاتب‪ :‬الشيخ د‪.‬محمد بن موسى الشريف‬
‫في شهر رمضان الكريم يستحب الكثار من تلوة القرآن الكريم ‪ ،‬وهكذا كان‬
‫السلف يصنعون ‪ ،‬فقد كانت أحوالهم في قراءة القرآن الكريم عجيبة طوال‬
‫السنة وليس في رمضان فقط لكنهم إذا جاء رمضان يكثرون من التلوة‬
‫كثرة مضاعفة ‪ ،‬فقد كانت عادة أكثر الصحابة رضي الله عنهم ختم القرآن‬
‫كل أسبوع مرة وبعضهم كل ثلث ليال‬
‫وعلى ذلك جرى التابعون رحمهم الله تعالى والسلف الصالح من بعدهم ‪،‬‬
‫فهذا السود بن يزيد صاحب عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه يختم القرآن‬
‫كل ست ليال ‪ ،‬فإذا جاء رمضان ختم كل ليلتين ‪ ،‬وكان قتادة المفسر التابعي‬
‫يختم كل سبع ليال فإذا جاء رمضان ختم كل ثلث ‪ ،‬فإذا جاء العشر الواخر‬
‫ختم كل ليلة ‪ ،‬وهذا أبو بكر بن عياش قد ختم القرآن ثماني عشرة ألف‬
‫ختمة طيلة حياته وهو رقم ُيتعجب منه وُيخضع له ‪ ،‬وصح عن المام الشافعي‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رحمه الله تعالى أنه ختم القرآن في رمضان ستين مرة ‪ ،‬وكان المام ابن‬
‫عساكر يحاول اللحاق بالشافعي في صنيعه هذا حتى أنه كان يعتكف في‬
‫المنارة البيضاء في مسجد دمشق طيلة رمضان لكنه لم يستطع إل أن يختمه‬
‫‪ 59‬مرة ! رحمهم الله تعالى ما أعظم هممهم‪.‬‬
‫وكان المام البخاري رحمه الله تعالى يختم في رمضان في النهار كل يوم‬
‫ختمة ‪ ،‬ويقوم بعد التراويح كل ثلث ليال بختمة ‪ ،‬وكان يسهل على السلف‬
‫كثرة الختم في رمضان لتفرغهم له وعدم انشغالهم بغيره ‪ ،‬وكان منهم‬
‫المام مالك إذا دخل رمضان لم يقبل إل على القرآن وترك دروسه الحديثية‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫فإن قال قائل ‪ :‬ألم ي َْنه النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في‬
‫أقل من ثلث ليال كما صح في واقعة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي‬
‫الله عنهما حيث طلب منه أن يختم القرآن في أقل من ثلث فأبى عليه النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ؟‬
‫ً‬
‫فإن قيل ذلك فإنه يقال ردا على هذا ‪ :‬إن السلف العظام ومنهم المام‬
‫الشافعي وغيره ممن كانوا يكثرون الختم في رمضان قد عرفوا هذا الحديث‬
‫الشريف وحفظوه لكنهم أرادوا استغلل الزمان واغتنام أجر تلوة أكبر قدر‬
‫ممكن من الختمات القرآنية ‪ ،‬وذلك جائز إن لم يكن على سبيل المداومة‬
‫طيلة الحياة ‪ ،‬فإن داوم إنسان على الختم في أقل من ثلث ُينهى عن هذا‬
‫ويساق له هذا الحديث ‪ ،‬أما إن تفرغ مدة من الزمان شريفة مباركة في‬
‫رمضان لينهل من حوض القرآن ويكثر ختمه فل ُينهى عن هذا ول يعترض‬
‫عليه معترض ‪ ،‬ألم يقرأ عثمان رضي الله تعالى عنه القرآن في ركعة عند‬
‫الكعبة كما وردت بذلك الخبار عنه ‪ ،‬وكذلك قرأه المام أبو حنيفة رحمه الله‬
‫تعالى في ركعة ‪ ،‬وممن صنع ذلك سعيد بن جبير والقاضي أبو أحمد العسال‬
‫الصبهاني وجمع من السلف ‪ ،‬وكل ذلك جائز بل مستحب إن لم يكن على‬
‫سبيل المداومة ‪ ،‬إذ المداومة على قراءة القرآن في ثلث ليال أو أكثر هي‬
‫الحال المطلوبة المثلى ‪.‬‬
‫وينبغي أن نعلم شيئا ً مهما هو أن المرء في هذا الزمان قد يخفى عليه كثير‬
‫ً‬
‫من معاني القرآن وأحكامه ‪ ،‬فمثل هذا لو تفرغ في هذا الشهر المبارك‬
‫للتفهم والتدبر والتطبيق كان خيرا ً له من كثير من القراءة وموالة الختم بل‬
‫فهم ول تدبر ول تطبيق ‪ ،‬بل أجزم أن قراءة القرآن مرة واحدة أو نصفه أو‬
‫ثلثه أو أقل طيلة رمضان بشرط التفهم والتدبر والتطبيق خير من قراءة‬
‫ثلثين ختمة يردد حروفها ول يفقه حدودها ول يدري معانيها ‪ ،‬والله المو‬

‫)‪(1 /‬‬

‫رمضان فرصة لدخول الجنة ‪!!..‬‬


‫ّ‬
‫ن قد أضلنا ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ق من النيرا ِ‬ ‫ها هو شهُر الرحمةِ قد أط ّ‬
‫ل علينا ‪ ،‬ها هو شهُر العت ِ‬
‫صر ‪ ،‬ها هي‬ ‫منادي ُينادي ‪ ...‬يا باغي الخيرِ أقِبل ‪ ...‬ويا باغي الشّر أقْ ِ‬ ‫ها هو ال ُ‬
‫ُ‬
‫ن قد‬‫ت ‪ ،‬ها هي الشياطي ُ‬ ‫جَنان قد ْ فُّتح ْ‬
‫ب ال ِ‬
‫ت ‪ ،‬وأبوا ُ‬ ‫ن قد أغِْلق ْ‬ ‫ب الّنيرا ِ‬‫أبوا ُ‬
‫فدت ‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫ُ‬
‫ت ‪ ،‬ها هي المْغفرة قد تناثرت ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت قد أن ْزِل ْ‬ ‫ها هي الرحما ُ‬
‫ن الّراجون لرحمةِ الله ‪،‬‬ ‫ن الخاِئفون المنيُبو َ‬ ‫طاعات ‪ ،‬وأي َ‬ ‫مرون لل ّ‬ ‫مش ّ‬ ‫فأين ال ُ‬
‫ن ُيريدون الجّنة ‪ ،‬ها‬‫مة ‪ ،‬أين م ْ‬ ‫ب الهِ ّ‬
‫صحا ُ‬‫ن أْين أ ْ‬ ‫طال ُِبون العتقَ من النيرا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ُ‬
‫هي الجّنة قد أْزِلفت غيَر بعيد ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن ‪ ،‬ها هي‬ ‫سرفو َ‬ ‫م ْ‬ ‫سهم ُ‬ ‫ف ِ‬‫ن ‪ ،‬الذين على أن ُ‬ ‫طئو َ‬ ‫خ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وأين ال ُ‬ ‫مذِنبو َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫وأي َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫الّنار أْبواُبها قد ْ أغِلقت ‪.‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ْ‬
‫سوّيا في هذا اليوم ‪ ،‬لن ُكِثر من الطاعا ِ‬ ‫هيا يا أخي العزيز ‪ ..‬ل َِننطِلق َ‬
‫سيئات ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫صي‬ ‫ِ‬ ‫معا‬ ‫ب الب َرٍّيات أن ل عود َ َ‬
‫لل‬ ‫ة‬ ‫هد ر ّ‬ ‫وُنعا ِ‬
‫حك إن فأتْتك‬ ‫حرومين ‪ ،‬فيا وي ْ َ‬ ‫ن الم ْ‬ ‫شهرِ م َ‬ ‫ب في هذا ال ّ‬ ‫ك ! أن ت ُك ْت َ َ‬ ‫ك إّيا َ‬ ‫وإّيا َ‬
‫فر لك الله ‪.‬‬ ‫م ي َغْ ِ‬ ‫فك إن ل ْ‬ ‫م أن ْ ُ‬ ‫فرصة ‪ ،‬وَرِغ َ‬ ‫هذه ال ُ‬
‫ل وإفطاٍر‬ ‫قل في ِرياض الطاعات ‪ ،‬من ِقيام باللي ِ‬ ‫ّ‬ ‫مئ َْزر وَتن ّ‬ ‫جت َِهد وثاِبر وشد ّ ال ِ‬ ‫ا ْ‬
‫س َيتيم ‪ ،‬وتلوةٍ للقرآن‬ ‫سٍح على رأ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سكين ‪ ،‬و َ‬ ‫ملةِ وم ْ‬ ‫ن ‪ ،‬وإعانة أر َ‬ ‫صائمي َ‬ ‫لل ّ‬
‫خِلصين ‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ي ال ُ‬‫ب الله سع َ‬ ‫الكريم ‪ .‬ولن يخي ّ َ‬
‫سبل لُتقب ِ َ‬
‫ل‬ ‫ك جميعَ ال ّ‬ ‫ك ‪ ،‬قد ْ هّيأ الله ل َ‬ ‫عذر بعد َ ذل َ‬ ‫ك ُ‬ ‫سل َ‬ ‫مذنب ‪ ..‬لي َ‬ ‫فيا أّيها ال ُ‬
‫ب أواه ‪.‬‬ ‫مني ٍ‬ ‫ب ُ‬ ‫ب تائ ٍ‬ ‫ب وُتقل ِعَ وتعود َ إليه ِبقل ٍ‬ ‫إليه ‪ ،‬وتُنو َ‬
‫مل‬ ‫سه وعَ ِ‬ ‫ن نف ُ‬ ‫س من دا َ‬ ‫سوقُ قاِئم ‪ ،‬والكي ّ ُ‬ ‫جود وال ّ‬ ‫ن مو ُ‬ ‫سك ‪ ،‬فالّثم ُ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫شتْر ن ْ‬ ‫فا ْ‬
‫ت‬
‫ملك المو ِ‬ ‫ُ‬ ‫جاءه َ‬ ‫ماني ف َ‬ ‫شقي من َتمّنى على الله ال َ‬ ‫موت ‪ ،‬وال ّ‬ ‫لما بعد َ ال َ‬
‫َ‬
‫ت قا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫مو ْ ُ‬‫م ال َ‬ ‫حد َهُ ُ‬‫جاَء أ َ‬ ‫حّتى إ َِذا َ‬ ‫ح بأعلى صوت ِهِ ) َ‬ ‫صا َ‬ ‫ن ِغّره ف َ‬ ‫خذه على حي ِ‬ ‫فأ َ‬
‫ن مندم ‪.‬‬ ‫ن ( ول ت حي ِ‬ ‫جُعو ِ‬ ‫ب اْر ِ‬ ‫َر ّ‬
‫مع الْبرار‬ ‫خلنا الجّنة َ‬ ‫ن يعت ِقَ ِرقابنا وِرقابكم من الّنار ‪ ،‬وُيد ِ‬ ‫نسأل الله أ ْ‬ ‫ُ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫________________________________________‬
‫رمضان فرصة للتغيير‬
‫رئيسي ‪:‬فضائل ‪:‬الحد ‪ 19‬شعبان ‪1425‬هـ ‪ 3 -‬أكتوبر ‪ 2004‬م‬
‫الحمد لله الذي هيأ لعباده أسباب الهداية‪ ،‬وفتح لهم أبواب رحمته‪ ،‬أما بعد‪،،،‬‬
‫فهاهو رمضان قد أقبل بنوره وعطره‪ ،‬و جاء بخيره وطهره‪ ،‬جاء ليربي في‬
‫الناس قوة الرادة ورباطة الجأش‪ ،‬وملكة الصبر‪ ،‬ويعودهم على احتمال‬
‫الشدائد‪ ،‬والجلد أمام العقبات‪ ،‬ومصاعب الحياة‪.‬‬
‫فرمضان مدرسة تربوية‪ ،‬يتدرب بها المسلم المؤمن على تقوية الرادة في‬
‫الوقوف عند حدود ربه‪ ،‬والتسليم لحكمه‪ ،‬وتنفيذ أوامره وشريعته‪ ،‬وضبط‬
‫جوارحه كلها عما ل يجوز فعله؛ لينجح من هذه المدرسة حقًا‪ ،‬ويخرج ظافرا ً‬
‫من جهاده لنفسه‪ ،‬موفرا ً مواهبه النسانية‪ ،‬وطاقاته المادية والمعنوية لجهاد‬
‫أعدائه‪.‬‬
‫فحري بهذا الشهر أن يكون فرصة ذهبية‪ ،‬للوقوف مع النفس ومحاسبتها‬
‫لتصحيح ما فات‪ ،‬واستدراك ما هو آت‪ ،‬قبل أن تحل الزفرات‪ ،‬وتبدأ الهات‪،‬‬
‫وتشتد السكرات‪.‬‬
‫فلنتذاكر جميعا ً ونتساءل‪ :‬هل يمكننا أن نغير من أحوالنا‪ ،‬ونحسن من‬
‫أوضاعنا‪ ،‬فنفكر في مآلنا ومصيرنا بعد فراق حياتنا‪ ،‬فنمهد لنفسنا قبل عثرة‬
‫القدم‪ ،‬وكثرة الندم‪ ،‬فنتزود ليوم التناد بكامل الستعداد؟!‬
‫لماذا رمضان؟!‬
‫‪ -1‬لن رمضان موسم البضاعة الرابحة‪ ،‬ولما حباه الله من المميزات‪ ،‬فهو‬
‫بحق مدرسة لعداد الرجال وهو بصدق جامعة لتخريج البطال‪.‬‬
‫‪ -2‬ولما يسر الله تعالى فيه من أسباب الخيرات‪ ،‬وفعل الطاعات‪ ،‬فالنفوس‬
‫فيه مقبلة‪ ،‬والقلوب إليه والهة‪.‬‬
‫‪ -3‬ولن رمضان تصفد فيه مردة الشياطين‪ ،‬فل يصلون إلى ما كانوا يصلون‬
‫إليه في غير رمضان‪ -4 ،‬وفي رمضان تفتح أبواب الجنان‪ ،‬وتغلق أبواب‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النيران‪ ،‬ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار‪.‬‬


‫‪ -5‬وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر‪ ،‬فما أعظمها من‬
‫بشارة‪ ،‬لو تأملناها بوعي وإدراك؛ لوجدتنا مسارعين إلى الخيرات‪ ،‬متنافسين‬
‫في القربات‪ ،‬هاجرين للموبقات‪ ،‬تاركين للشهوات‪.‬‬
‫‪ -6‬ورمضان فرصة للتغيير‪ ..‬لما حصل فيه من الحداث التي غيرت مسار‬
‫التاريخ‪ ،‬فنقلت المة من مواقع الغبراء‪ ،‬إلى مواكب الجوزاء‪ ،‬ورفعتها من‬
‫مؤخرة الركب‪ ،‬لتكون في محل الصدارة والريادة‪:‬‬
‫‪ -1‬ففي معركة بدر الكبرى التقى جيش محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وجيش‬
‫الكفر بقيادة أبي جهل في السنة الثانية من الهجرة في اليوم السابع عشر‬
‫من رمضان‪ ،‬وانتصر فيها جيش اليمان على جيش الطغيان‪ ،‬ومن تلك‬
‫المعركة بدأ نجم السلم في صعود‪ ،‬ونجم الكفر في أفول‪ ،‬يقول الله تعالى‪:‬‬
‫ن]‪{[123‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ة َفات ّ ُ‬ ‫م أ َذِل ّ ٌ‬ ‫َ‬
‫ه ب ِب َد ْرٍ وَأن ْت ُ ْ‬‫م الل ّ ُ‬‫صَرك ُ ْ‬ ‫قد ْ ن َ َ‬ ‫}وَل َ َ‬
‫]سورة آل عمران[ ‪.‬‬
‫‪ -2‬وفي السنة الثامنة‪ ،‬وفي شهر رمضان‪ ،‬كان الفتح العظيم الذي أعز الله‬
‫به دينه‪ ،‬ورسوله‪ ،‬وجنده‪ ،‬واستنقذ به بلده وبيته من أيدي الكفار والمشركين‪،‬‬
‫وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء‪ ،‬ودخل الناس به في دين الله‬
‫جا‪ ،‬وأشرق به وجه الرض ضياًء وابتهاجا ‪.‬‬ ‫أفوا ً‬
‫‪ -3‬وفي سنة ستمائة وثمانية وخمسين‪ ،‬فعل التتار بأهل الشام مقتلة‬
‫عظيمة‪ ،‬وتشرد من المسلمين من تشرد‪ ،‬وخربت الديار‪ ،‬فقام الملك‬
‫المظفر قطز‪ ،‬بتجهيز الجيوش‪ ،‬لقتال التتار‪ ،‬حتى حان اللقاء في يوم الجمعة‬
‫الخامس والعشرين من رمضان‪ ،‬وأمر أل يقاتلوا حتى تزول الشمس‪ ،‬ويدعوا‬
‫الخطباء والناس في صلتهم‪ ،‬ثم تقابل الصفان‪ ،‬واقتتل الجيشان‪ ،‬وحصلت‬
‫معركة عظيمة‪ ،‬سالت فيها دماء‪ ،‬وتقطعت أشلء‪ ،‬ثم صارت الدائرة على‬
‫القوم الكافرين‪ ،‬وقطع دابر القوم الذين ظلموا‪ ،‬والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫كل هذه السباب جعلتنا نوقن بأن رمضان فرصة سانحة‪ ،‬وغنيمة جاهزة‪ ،‬لمن‬
‫أراد التغيير في حياته ‪ .‬فالسباب مهيأة‪ ،‬وما بقي إل العزيمة الصادقة‪،‬‬
‫والصحبة الصالحة‪ ،‬والستعانة بالله في أن يوفقك للخير والهداية ‪.‬‬
‫ن أقبل قم بنا يا صاح هذا أوان تبتل وصلح‬ ‫رمضا ُ‬
‫واغنم ثواب صيامه وقيامه تسعد بخير دائم وفلح‬
‫ورمضان فرصة الجميع للتغيير‪:‬‬
‫َ‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫‪ -1‬ليصبح العبد من المتقين الخيار‪ :‬يقول الله تعالى‪َ} :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن]‪{[183‬‬ ‫قو َ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ّ ُ‬ ‫ن قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ب عََلى ال ّ ِ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬ ‫م كَ َ‬ ‫صَيا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ب عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ك ُت ِ َ‬
‫ن{ تعليل لفرضية الصيام؛ ببيان فائدته‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬‫]سورة البقرة[‪ .‬فقوله‪}:‬ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫ة في الضمير‪،‬‬ ‫الكبرى‪ ،‬وحكمته العظمى‪ ،‬وهي تقوى الله‪ ،‬والتقوى‪ :‬حساسي ٌ‬
‫ق الحياة الذي‬ ‫ك الطريق ؛طري ِ‬ ‫ة مستمرة‪ ،‬وحذٌر دائم‪ ،‬وتوق لشوا ِ‬ ‫وخشي ٌ‬
‫ف والهواجس‪ ،‬وأشوا ُ‬
‫ك‬ ‫ك المخاو ِ‬ ‫ب والشهوات‪ ،‬وأشوا ُ‬ ‫ك الرغائ ِ‬ ‫تتجاذُبه أشوا ُ‬
‫ة الرجاء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ن والموبقات‪ ،‬وأشواك الرجاِء الكاذب فيمن ل يملك إجاب َ‬ ‫ُ‬ ‫الفت ِ‬
‫ت غيُرها من‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأشواك الخوف الكاذب ممن ل يملك نفعا ول ضرا‪ ،‬وعشرا ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الشواك ‪..‬‬
‫خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى‬
‫واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى‬
‫ل من الحصى‬ ‫ل تحقرن صغيرةً إن الجبا َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا هو مفهوم التقوى‪ ،‬فإذا لم تتضح لك بعد‪ ،‬فاسمع إلى علي رضي الله‬
‫ل بالتنزيل‪،‬‬ ‫ف من الجليل‪ ،‬والعم ُ‬ ‫عنه وهو يعبر عن التقوى بقوله‪ ':‬هي الخو ُ‬
‫ة بالقليل‪ ،‬والستعداد ُ ليوم الرحيل' ‪ .‬هذه حقيقة التقوى‪ ،‬وهذا‬ ‫والقناع ُ‬
‫مفهومها‪..‬فأين نحن من هذه المعاني المشرقةِ المضيئة؟‬
‫ف بالتقوى‪ ،‬جمعهم الله بعد فرقة‪ ،‬وأعزهم بعد ذلة‪،‬‬ ‫ب السل ِ‬ ‫عمرت قلو ُ‬ ‫يوم ُ‬
‫ل ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫قَرى آ َ‬ ‫ن أهْ َ‬ ‫قا لموعودِ الله‪}:‬وَل َوْ أ ّ‬ ‫وُفتحت لهم البلد‪ ،‬كل ذلك تحقي ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫م بِ َ‬ ‫خذ َْناهُ ْ‬ ‫ن ك َذ ُّبوا فَأ َ‬ ‫ض وَلك ِ ْ‬ ‫ماِء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫كا ٍ‬‫م ب ََر َ‬‫حَنا عَل َي ْهِ ْ‬ ‫وا ل َ َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ق ْ‬
‫َوات ّ َ‬
‫ن]‪] {[96‬سورة العراف[‪.‬‬ ‫سُبو َ‬‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫جّنا ٍ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫فليكن هذا الشهر بداية للباس التقوى؛ وهو خير لباس‪}:‬إ ِ ّ‬
‫قت َدٍِر]‪] { [55‬سورة القمر[‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫مِلي ٍ‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫صد ْ ٍ‬‫قعَد ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَن َهَرٍ ]‪ِ [54‬في َ‬
‫ً‬
‫‪ -2‬ورمضان فرصة للتغيير‪..‬لمن كان مفرطا في صلته‪ :‬فل يصليها مطلقا‪ ،‬أو‬ ‫ً‬
‫يؤخرها عن وقتها‪ ,‬أو يتخلف عن أدائها جماعة في المسجد ‪ .‬ليعلم المتهاون‬
‫كا‪ ،‬و إن لم يتدارك نفسه؛ فهو آيل إلى عذاب‬ ‫في صلته‪ ،‬أنه يرتكب خطأ مهل ً‬
‫صّلى‬‫ي َ‬ ‫ن الن ّْب ِ ّ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫جن ْد َ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫مَر َة َ ب ْ ِ‬ ‫س ُ‬
‫مخيف‪ ،‬جاء في الحديث عن َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫خذ ُ‬ ‫ه ي َأ ُ‬ ‫َ‬
‫جرِ فإ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ِبال َ‬ ‫س ُ‬ ‫ذي ي ُثلغُ َرأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ما ال ِ‬ ‫ل‪ ] :‬أ ّ‬ ‫م ِفي الّرؤَْيا َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ة[ رواه البخاري‪.‬‬ ‫مك ُْتوب َ ِ‬ ‫صَلةِ ال ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ه وَي ََنا ُ‬ ‫ض ُ‬‫ن فَي َْرفِ ُ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫إني أدعوك بكل شفقة وإخلص‪ ،‬في مثل هذا الشهر المبارك إلى إعادة‬
‫مجريات حياتك‪ ،‬أدعوك إلى مراجعة نفسك‪ ،‬وتأمل‬ ‫النظر في واقعك‪ ،‬و ُ‬
‫أوضاعك قبل فوات الوان‪ ،‬إني أنصحك أل تخدعك المظاهر‪ ،‬ول يغرك ما‬
‫أنت فيه‪ ،‬من الصحة والعافية‪ ،‬والشباب والقوة‪ ،‬فالصحة سيعقبها السقم‪،‬‬
‫والشباب يلحقه الهرم‪ ،‬والقوة آيلة إلى الضعف‪ ،‬فاستيقظ يا هذا من غفلتك‪،‬‬
‫فالحياة قصيرة وإن طالت‪ ،‬والفرحة ذاهبة وإن دامت‪ ،‬واجعل من رمضان‬
‫فرصة للمحافظة على هذه الصلة العظيمة‪ ،‬فقد وفقك الله للصلة مع‬
‫الجماعة‪ ،‬وإلف المساجد‪ ،‬وعمارتها بالذكر والتسبيح‪ ،‬فاستعن بالله‪ ،‬واعزم‬
‫من الن أن يكون هذا الشهر المبارك بداية للمحافظة على الصلة‪ ،‬والتبكير‬
‫ن]‬‫مو َ‬ ‫م َدائ ِ ُ‬ ‫صَلت ِهِ ْ‬ ‫م عََلى َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫إليها‪ ،‬يقول تعالى في وصف المؤمنين‪ }:‬ال ّ ِ‬
‫صَلت ِهِ ْ‬
‫م‬ ‫م عََلى َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪] {[23‬سورة المعارج[ ‪ .‬ويقول سبحانه‪َ }:‬وال ّ ِ‬
‫ن]‪]{[35‬سورة المعارج[ ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫مك َْر ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫جّنا ٍ‬‫ك ِفي َ‬ ‫ن]‪ُ[34‬أول َئ ِ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫‪ -3‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن ابتلي بتعاطي الحرام‪ :‬من خمر ومخدرات‪،‬‬
‫أو دخان و مسكرات‪ ،‬أن ل يفعل بعد إفطاره ما يخل بهذه العزيمة القوية‪ ،‬أو‬
‫يوهنها‪ ،‬أو يقلل من شأنها‪ ،‬تلك العزيمة التي جعلته يمسك طوال ساعات‬
‫النهار‪ ،‬فما أحزمه لو استغل شهر الصيام كمدرسة يتدرب بها على هجر ما‬
‫يكرهه هو‪ ،‬أو يكرهه الشارع‪ ،‬من مألوفاته التي اعتاد أكلها‪ ،‬أو شربها‪ ،‬أو‬
‫مقاربتها‪.‬‬
‫أخي الصائم‪ :‬إني أشجع فيك إيمانك ويقينك بالله‪ ،‬الذي جعلك تمتنع عن‬
‫ن الناس يعلم أنك صائم أو‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫تعاطي هذه السموم في وقت الصيام‪ ،‬وإل ف َ‬
‫ل ؟! ولكن شعورك بنظر الله إليك‪ ،‬ومراقبته لك‪ ،‬صرفك عن تعاطي الحرام‬
‫في وقت الصيام‪ .‬فالرادة التي استطاعت أن تصوم لكثر من اثنتي عشرة‬
‫ساعة‪ ،‬أتعجز عن مواصلة مسيرتها الصلحية؟! والعزيمة التي صمدت عن‬
‫تعاطي هذا البلء‪ ،‬لهذه الفترة الطويلة أثناء النهار ‪ . .‬أتنهار في آخر لحظات‬
‫السفار‪ ،‬وإرخاء الليل الستار؟! أين الهمة التي ل تقف أمامها الجبال‬
‫الشامخات؟ وأين العزيمة؟ استعن بالله تعالى على ترك هذا البلء‪ ،‬فالنصر‬
‫صبر ساعة‪ ،‬والفرج قريب‪ ،‬وإن الله مع الصابرين ‪.‬‬
‫‪ -4‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن كان مقصًرا في نوافل العبادات‪ :‬فيغير من‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حاله‪ ،‬ففي رمضان تتهيأ النفوس‪ ،‬وتقبل القلوب‪ ،‬فينتهز هذه الفرصة‪،‬‬
‫صّلى الل ُ‬
‫هّ‬ ‫ل َ‬ ‫فيحافظ على شيء منها‪ ،‬فهي مكملة لفرائضه‪ ،‬متممة لها‪َ ،‬قا َ‬
‫صَلةُ‬ ‫مةِ ال ّ‬ ‫قَيا َ‬‫م ال ْ ِ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬‫ب ب ِهِ ال ْعَب ْد ُ ال ْ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن أ َوّ َ‬ ‫م‪] :‬إ ِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ه ت َط َوّعٌ‬ ‫َ‬
‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ت َط َوٍّع فَإ ِ ْ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ل ان ْظ ُُروا هَ ْ‬ ‫مَها وَإ ِّل ِقي َ‬ ‫ن أت َ ّ‬ ‫ة فَإ ِ ْ‬ ‫مك ُْتوب َ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك[‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬‫مث ْ ُ‬
‫ضةِ ِ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫سائ ِرِ اْلعْ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫فعَ ُ‬‫م يُ ْ‬‫عهِ ث ُ ّ‬ ‫ن ت َط َوّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫أك ْ ِ‬
‫رواه ابن ماجة والترمذي والنسائي وأحمد‪.‬‬
‫وأقل الوتر ركعة‪ ،‬وأقل الضحى ركعتان‪ ،‬وعدد السنن الرواتب ثنتا عشرة‬
‫ركعة‪ ،‬ركعتان قبل الفجر‪ ،‬وأربع ركعات قبل الظهر‪ ،‬وركعتان بعدها‪ ،‬وركعتان‬
‫ن عَب ْدٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫بعد المغرب‪ ،‬وركعتان بعد العشاء‪ ،‬ي َ ُ‬
‫هَ‬
‫هل ُ‬ ‫ّ‬
‫ضةٍ إ ِل ب ََنى الل ُ‬‫ّ‬ ‫ري َ‬ ‫عا غَي َْر فَ ِ‬ ‫َ‬
‫ة ت َطوّ ً‬ ‫ْ‬
‫شَرة َ َركعَ ً‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ل ي َوْم ٍ ث ِن ْت َ ْ‬ ‫صّلي ل ِل ّهِ ك ُ ّ‬ ‫سل ِم ٍ ي ُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ة[ رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫ت ِفي ال َ‬ ‫ه ب َي ْ ٌ‬ ‫يل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫إ‬
‫ْ ِ‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫تا‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫بَ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ولماذا ل تجعل من رمضان فرصة‪ ،‬لن يكون لك أيام تصومها لله رب‬
‫العالمين فمن صام يوما ً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين‬
‫خريفًا‪ ،‬فهذه ستة من شوال‪ ،‬ويوم عاشوراء‪ ،‬وعرفة‪ ،‬وصوم الثنين‬
‫والخميس‪ ،‬وصيام ثلثة أيام من كل شهر ‪ .‬فبادر شبابك قبل هرمك‪..‬وصحتك‬
‫قبل سقمك‪ ..‬وحياتك قبل موتك‪ ..‬عَ َ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ عَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه إ ِّل‬
‫ف‬‫ُ‬ ‫لو‬ ‫خ‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫زي‬
‫َ َ ْ ِ ِ ِ َ‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫نا‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫لي‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫َ‬
‫ّ ْ َ ِّ ُ ِ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ن آد َ َ‬
‫ل اب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل عَ َ‬ ‫ل‪] :‬ك ُ ّ‬ ‫م َقا َ‬‫سل ّ َ‬‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ك[ رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ِريِح ال ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫عن ْد َ الل ّهِ ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫صائ ِم ِ أط ْي َ ُ‬‫فَم ِ ال ّ‬
‫ظا وعمًل‪:‬‬ ‫‪ -5‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن هجر القرآن قراءة وتدبًرا‪ ،‬وحف ً‬
‫أن يكون هذا الشهر بداية للتغيير‪ ،‬فترتب لنفسك جزًءا من القرآن‪ ،‬ل تنفك‬
‫عنه بأي حال من الحوال‪ ،‬ول تنس الفضل الجزيل لمن قرأ كلم الله‪ ،‬يقول‬
‫َ‬
‫ة‬‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ب ِهِ َ‬ ‫ب الل ّهِ فَل َ ُ‬ ‫ن ك َِتا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حْرًفا ِ‬ ‫ن قََرأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مَثال َِها َل أ َُقو ُ‬ ‫ة بع ْ َ‬
‫م‬ ‫مي ٌ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ف وَل ٌ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ِ ٌ‬ ‫ف وَلك ِ ْ‬ ‫حْر ٌ‬ ‫ل الم َ‬ ‫شرِ أ ْ‬ ‫سن َ ُ ِ َ‬
‫ح َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ف[ رواه الترمذي‪.‬‬ ‫حْر ٌ‬ ‫َ‬
‫ومن المفارقة العجيبة‪ ،‬أن يدرك أعداؤنا من عظمة هذا القرآن‪ ،‬ما ل ندركه‪،‬‬
‫وأن يعملوا جاهدين على طمس معالمه‪ ،‬ومحو آثاره في العباد والبلد‪،‬‬
‫لخوفهم الشديد من عودة المة إلى هذا القرآن الذي يؤثر في النفوس‪،‬‬
‫ويحييها‪ ،‬ويبعث فيها العزة والكرامة‪ ،‬يقول غلدستون‪':‬مادام هذا القرآن‬
‫موجودا في أيدي المسلمين‪ ،‬فلن تستطيع أوربة السيطرة على الشرق‪ ،‬ول‬
‫أن تكون هي نفسها في أمان‪ ،‬وكان نشيد جيوش الستعمار‪،‬كان نشيدهم ‪:‬أنا‬
‫ذاهب لسحق المة الملعونة‪ ،‬لحارب الديانة السلمية‪ ،‬ولمحو القرآن بكل‬
‫قوتي' ‪ .‬فما موقفك أنت يا رعاك الله؟ أدع الجابة لك‪ ،‬وأسأل الله أن‬
‫يوفقك للخير وفعله ‪.‬‬
‫‪ -6‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬للمرأة المسلمة‪ :‬التي أصبح حجابها مهله ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وعباءتها مطرزة‪ ،‬وثيابها فاتنة‪ ،‬وعطرها يفوح‪ ،‬وفي كل يوم إلى السواق‬
‫ل صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم‪] :‬أ َيما ا َ‬
‫قوْم ٍ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫مّر ْ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ست َعْط ََر ْ‬ ‫مَرأةٍ ا ْ‬ ‫ّ َ ْ‬ ‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫تروح ‪َ . .‬قا َ َ‬
‫ة[ رواه أبوداود والترمذي والنسائي والدارمي وأحمد ‪.‬‬ ‫ي َزان ِي َ ٌ‬ ‫حَها فَهِ َ‬ ‫دوا ِري َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ل ِي َ ِ‬
‫فليكن ‪ -‬يا أخية ‪ -‬رمضان فرصة لن تربى نفسك على البقاء في المنزل‪،‬‬
‫وعدم الخروج منه إل لحاجة ماسة‪ ،‬وبضوابط الخروج الشرعية‪ ،‬وليكن‬
‫رمضان فرصة لضبط النفس في قضايا اللباس‪ ،‬والموضة والعتدال فيهما‪،‬‬
‫بدون إفراط ول تفريط‪ ،‬وليكن رمضان فرصة للحفاظ على الحجاب‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشرعي؛ طاعة لله‪ ،‬وإغاظة للشيطان وحزبه ‪.‬‬


‫ً‬
‫‪-7‬ورمضان فرصة للتغيير‪ ..‬للرجل والفتاة اللذين عبثا بالهاتف طويل‪ :‬تلعًبا‬
‫بالمشاعر والعواطف‪ ،‬وقد تكون البداية قضاء وقت فراغ‪ ،‬ثم يستدرجهما‬
‫الشيطان للوقوع في الفاحشة البغيضة‪ ،‬فتقع المصيبة‪ ،‬وينكسر الزجاج فأنى‬
‫له أن يعود مرة أخرى ! فاتق الله أيها الشاب‪ ،‬واتقي الله أيتها الفتاة‪ ،‬وليكن‬
‫رمضان فرصة لتغيير المسار‪ ،‬والبتعاد عن الخطار‪ ،‬وهتك العراض‪.‬‬
‫‪ -8‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن تعود على حياة المترفين‪ ،‬ونشأ على حب‬
‫سا في تربية النفس على المجاهدة‬ ‫الدعة واللين‪ :‬أن يأخذ من رمضان در ً‬
‫والخشونة في أمر الحياة‪ ،‬فربما تسلب النعمة‪ ،‬و تحل النقمة‪.‬‬
‫‪-9‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن كان يتابع الكلت‪ ،‬ويتتبع المطاعم فيوم هنا‪،‬‬
‫ويوم هناك‪ :‬حتى أصبح بطنه هو شغله الشاغل‪ ،‬ولم نخلق من أجل أن نسعد‬
‫بطوننا‪ ،‬والطعام وسيلة ل غاية‪ ،‬فافهم هذا حتى تبلغ الغاية‪ .‬وقلة الطعام‬
‫توجب رقة القلب وقوة الفهم‪ ،‬وانكسار النفس‪ ،‬وضعف الهوى والغضب‪،‬‬
‫وكثرة الطعام يوجب ضد ذلك ‪ .‬فعن عمرو بن قيس قال‪ ':‬إياكم والبطنة‬
‫فإنها تقسي القلب' ‪ .‬وعن سلمة بن سعيد قال‪ ':‬إن كان الرجل ليعير بالبطنة‬
‫كما يعير بالذنب يعمله'‪ .‬وعن مالك بن دينار قال‪ ':‬ما ينبغي للمؤمن أن يكون‬
‫بطنه أكبر همه‪ ،‬وأن تكون شهوته هي الغالبة عليه' ‪ .‬فليكن هذا الشهر‬
‫المبارك بداية للتقلل من الطعام والستمرار على ذلك على الدوام ‪.‬‬
‫‪ -10‬ورمضان فرصة للتغيير من أخلقنا‪ :‬فمن جبل على النانية والشح‪،‬‬
‫وفقدان روح الشعور بالجسد الواحد‪ ،‬فشهر الصوم مدرسة عملية له‪ ،‬وهو‬
‫أوقع في نفس النسان من نصح الناصح؛ لنه تذكير يسمعه ويتلقنه من صوت‬
‫بطنه إذا جاع‪ ،‬وأمعائه إذا خلت‪ ،‬وكبده إذا احترت من العطش‪ ،‬يحصل له من‬
‫ذلك تذكير عملي بجوع الجائعين‪ ،‬وبؤس البائسين‪ ،‬وحاجة المحتاجين‪،‬‬
‫فتسمح نفسه بأداء حق الله إليهم‪ ،‬وقد يجود عليهم بزيادة‪ ،‬فشهر الصيام‬
‫شهر الجود والمواساة ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فرمضان مدرسة للقضاء على صفة النانية والشح‪ ،‬ومن ثم الشعور بالجسد‬
‫الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‪.‬‬
‫م‬ ‫م وَت ََعاط ُ ِ‬
‫فهِ ْ‬ ‫مهِ ْ‬
‫ح ِ‬‫م وَت ََرا ُ‬ ‫واد ّهِ ْ‬ ‫ن ِفي ت َ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ل ال ْ ُ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫َقا َ‬
‫مى[‬ ‫ح ّ‬‫سهَرِ َوال ْ ُ‬ ‫سد ِ ِبال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫سائ ُِر ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عى ل َ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ضو ٌ ت َ َ‬‫ه عُ ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫كى ِ‬ ‫شت َ َ‬ ‫سدِ إ َِذا ا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫َ‬
‫رواه البخاري ومسلم‪-‬واللفظ له‪. -‬‬
‫‪ -11‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن كان قليل الصبر‪ ،‬سريع الغضب‪ ،‬أن يتعلم‬
‫منه الصبر والناة‪ :‬فأنت الن تصبر على الجوع والعطش‪ ،‬والتعب ساعات‬
‫طويلة‪ ،‬أل يمكنك ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أن تعود نفسك من خلل شهر الصبر‪:‬الصبر على‬
‫الناس وتصرفاتهم وأخلقهم‪ ،‬وما يفعلونه تجاهك من أخطاء‪ ،‬وليكن شعارك‬
‫ن‬
‫ن عَ ِ‬ ‫ظ َوال َْعاِفي َ‬ ‫ن ال ْغَي ْ َ‬‫مي َ‬ ‫كاظ ِ ِ‬ ‫ضّراِء َوال ْ َ‬ ‫سّراِء َوال ّ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ي ُن ْفِ ُ‬‫ذي َ‬ ‫الدائم‪ }:‬ال ّ ِ‬
‫صّلى‬ ‫ي َ‬ ‫ن]‪] {[134‬سورة آل عمران[‪ .‬وقول الن ّب ِ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫س َوالل ّ ُ‬ ‫الّنا ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ي َوْ َ‬ ‫عاهُ الل ُ‬ ‫فذ َه ُ د َ َ‬‫ن ي ُن َ ّ‬ ‫طيعُ أ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م غَي ْظا وَهُوَ ي َ ْ‬ ‫ن كظ َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫شاَء[رواه الترمذي‬ ‫حورِ َ‬ ‫خي َّره ُ ِفي أيّ ال ْ ُ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ق َ‬‫خلئ ِ ِ‬
‫مةِ عََلى ُرُءوس ال ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫وأبوداود وابن ماجة وأحمد ‪ .‬فليكن هذا الشهر بداية لن يكون الصبر شعارنا‪،‬‬
‫والحلم والناة دثارنا‪.‬‬
‫‪-12‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن كان يأكل الحرام‪ :‬من خلل أكل الربا‪ ،‬أو‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التلعب في البيع والشراء‪ ،‬أو بيع المحرمات من دخان ومجلت فاسدة‪،‬‬


‫ومعسل وجراك‪ ،‬أو بيع العباءات والنقابات المحرمة‪ ،‬أو الملبس الفاضحة‬
‫من بناطيل نسائية‪ ،‬أو أشرطة غنائية‪ ،‬أو أشرطة فيديو‪ ،‬أو الطباق السوداء؛‬
‫أن يغير من حاله‪ ،‬وأن يبدل من شأنه‪ ،‬وأن يدع أكل الحرام ‪ .‬فإن الله تعالى‬
‫يحاسب على النقير والقطمير‪ ،‬فحذار أن تزل قدم بعد ثبوتها !!‬
‫وهل يسرك أن أهل اليمان يرفعون أيديهم في صلة التراويح يدعون الله‪،‬‬
‫ويستغيثون به‪ ،‬ويسألونه من فضله‪ ،‬ويستجاب لهم ‪..‬وأنت ترد عليك‬
‫َ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرة َ َقا َ‬
‫م‪ ] :‬أي َّها‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫دعوتك؟! فعَ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مَر ب ِ ِ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫مَر ال ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ل إ ِل طي ًّبا وَإ ِ ّ‬ ‫قب َ ُ‬‫ب ل يَ ْ‬ ‫ه طي ّ ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫حا إ ِّني ب ِ َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ملوا َ‬ ‫ت َواعْ َ‬ ‫ن الطي َّبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل كلوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ل }َيا أي َّها الّر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫مُنوا ك ُُلوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل‪َ }:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫م]‪]{[51‬سورة المؤمنون[‪ .‬وََقا َ‬ ‫ن عَِلي ٌ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫فَر‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫طي ُ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫م ذ َكَر الّر ُ‬ ‫َ‬ ‫م‪]{[172]...‬سورة البقرة[‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫ما َرَزقَْناك ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ط َي َّبا ِ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫م‬
‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫شَرب ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫مط ْعَ ُ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ب َيا َر ّ‬ ‫ماِء َيا َر ّ‬ ‫س َ‬ ‫مد ّ ي َد َي ْهِ إ َِلى ال ّ‬ ‫ث أغْب ََر ي َ ُ‬ ‫شعَ َ‬
‫َ‬
‫ك[ رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ب ل ِذ َل ِ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫حَرام ِ فَأّنى ي ُ ْ‬ ‫م وَغُذِيَ ِبال ْ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫مل ْب َ ُ‬‫وَ َ‬
‫وتذكر أنه لن ينفعك أن الناس فعلوا‪ ،‬أو أنهم يريدون ذلك‪ ،‬فكل واحد منا‬
‫سيقف بين يدي الواحد القهار‪ ،‬ويسأله عن أعماله وأقواله الصغار‪،‬‬
‫والكبار ‪..‬فمن سيقف معك في ذلك الموقف العصيب؟‬
‫كتاب الذين تأثروا بعدوهم‪ :‬فنقول لهم‪ :‬إن‬ ‫‪ -13‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لل ُ‬
‫رمضان فرصة لهم للتغيير‪ ،‬فالكلمة أمانة‪ ،‬إنها مسؤولية‪ ..‬نعم لمسؤولية‬
‫الكلمة‪ ،‬ل لحرية الكلمة المتجردة من تعاليم ديننا‪ .‬وخليق بأدبائنا وشعرائنا أن‬
‫يتفق أدبهم مع أدب دينهم‪ ،‬وحري بالصحافة المسلمة أن تربأ بما ينشر على‬
‫ما‬‫ف َ‬ ‫ق ُ‬ ‫صفحاتها عما يتنافى مع عقيدتنا السلمية وتراثنا ‪ .‬قال تعالى‪َ}:‬ول ت َ ْ‬
‫ل]‪{[36‬‬ ‫سُئو ً‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن عَن ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ؤاد َ ك ُ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫صَر َوال ْ ُ‬ ‫معَ َوال ْب َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫ك ب ِهِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫]سورة السراء[‪.‬‬
‫فهل ترضى أن تكون أداة إفساد في المة ـ من حيث تشعر‪ ،‬أو ل تشعر ـ هل‬
‫ترضى أن تنشر في المة ما يؤثر على دينها وسلوكها؟ قل لي بربك كيف‬
‫تستسيغ أن تكتب بقلمك السيال ما يغضب ربك؟ كيف تتجرأ أن تكتب بقلمك‬
‫الرفيع ما يدعو إلى نشر الفاحشة في الذين آمنوا؟ أو أن تضللهم‪ ،‬أو تزيف‬
‫الحقائق عليهم؟ حري بك يا من آمنت بالله ربًا‪ ،‬وبالسلم دينًا‪ ،‬وبمحمد نبيا ً‬
‫أن تسخر قلمك للصدع بكلمة الحق‪ ،‬والمجاهرة بالفضيلة‪ ،‬والدعوة إلى‬
‫العفة والكرامة‪ ،‬حري بك أن تكون منافحا ً عما ُيراد بأمتك‪ ،‬حري بك أن تكون‬
‫مكافحا ً عما يخطط لمتك ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪ -14‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬للدعاة الذين فترة همتهم‪ ،‬وضعفت غيرتهم‪:‬‬


‫فيستيقظوا من رقدتهم‪ ،‬وينتهزوا فرصتهم‪ ،‬بدعوة الناس إلى ربهم‪ ،‬والذهاب‬
‫إلى أماكن تواجدهم وتجمعهم؛ لتذكيرهم بالله‪ ،‬وتخويفهم من ناره وجحيمه‪،‬‬
‫وترغيبهم بجنته ونعيمه‪ ،‬والتفكير الجاد لمعرفة الساليب المناسبة للصلح‪،‬‬
‫وليتذكر الدعاة إلى الله فضل الدعوة إلى الله‪ ،‬والسهر من أجلها‪ ،‬والتفاني‬
‫لها‪ ،‬وجزاء من تاب على أيديهم‪ ،‬يقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪َ...‬ل َ ْ‬
‫ن‬
‫م[ رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫مرِ الن ّعَ ِ‬
‫ح ْ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ل َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫حد ٌ َ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل َوا ِ‬ ‫دى ب ِ َ‬
‫ك َر ُ‬ ‫ي ُهْ َ‬
‫ليكن رمضان محطة روحية تبعث فينا روح الجدية‪ ،‬فيعد الداعية عدته‪ ،‬ويأخذ‬
‫أهبته‪ ،‬فيكون دائم التفكير‪ ،‬عظيم الهتمام‪ ،‬على قدم الستعداد أبدا‪ ،‬إن دعي‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أجاب‪ ،‬أو نودي لبى‪ ،‬غدوه ورواحه وحديثه وكلمه‪ ،‬وجده ولعبه ل يتعدى‬
‫الميدان الذي أعد نفسه له !!‬
‫ً‬
‫‪ -15‬ورمضان فرصة للتغيير ‪ ..‬لمن كان مذنًبا ومسرفا على نفسه بالخطايا‬
‫والموبقات‪ :‬فإذا به يسمع الغنيات بأصوات المغنين والمغنيات‪ ،‬ويشاهد‬
‫القنوات بصورها الفاضحات‪ ،‬ويعاكس الفتيات‪ ،‬ويسهر على الموبقات‪ ،‬ويعاقر‬
‫المنكرات‪ ،‬أن يسارع إلى النابة‪ ،‬ويبادر إلى الستقامة‪،‬قبل زوال‬
‫النعم‪،‬وحلول النقم‪ ،‬فهنالك ل تقال العثرات‪ ،‬ول تستدرك الزلت }‪...‬وَُتوُبوا‬
‫َ‬
‫ن]‪] {[31‬سورة النور[‪ .‬ويكفي‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫ن ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ميعا ً أي َّها ال ْ ُ‬
‫مؤْ ِ‬ ‫ج ِ‬‫إ َِلى الل ّهِ َ‬
‫ب‬‫ح ّ‬‫ن وَي ُ ِ‬
‫واِبي َ‬
‫ب الت ّ ّ‬
‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫التائبين شرًفا أن الله تعالى قال‪...}:‬إ ِ ّ‬
‫ن]‪] {[222‬سورة البقرة[ ‪.‬‬ ‫مت َط َهّ ِ‬
‫ري َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫فالتوبة‪..‬التوبة‪ ،‬فهي شعار المتقين‪ ،‬ودأب الصالحين‪ ،‬وحلية الصالحين‪ ،‬فبادر‬
‫إليها في مثل هذا الشهر المبارك‪ ،‬فأبواب الجنة مشرعة‪ ،‬وأبواب النار مغلقة‪،‬‬
‫دا منهم‪.‬‬ ‫ولله في كل ليلة عتقاء من النار‪ ،‬فاجتهد أن تكون واح ً‬
‫وفي الختام ‪..‬‬
‫ْ‬
‫آن لثياب العصيان‪ ،‬أن تخلع في رمضان‪ ،‬لي ُلبس الله العبد ثياب الرضوان‪،‬‬
‫وليجود عليه بتوبة تمحو ما كان من الذنب والبهتان‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫سيد ولد عدنان‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬وعلى من سار على نهجهم‪ ،‬واقتفى‬
‫أثرهم‪.‬‬
‫من رسالة‪':‬رمضان فرصة للتغيير' محمد بن عبدالله الهبدان‬

‫)‪(5 /‬‬

‫رمضان كيف نستقبله ؟؟وكيف نغتنمه ؟؟‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫رمضان‪.....‬كيف نستقبله ؟؟‪....‬وكيف نغتنمه ؟؟‬
‫تقديم ‪:‬‬
‫إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ‪،‬‬
‫وسيأت أعمالنا ‪,‬من يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل هادى له وأشهد أن‬
‫ل اله إل الله وحده ل شريك له ‪ ,‬وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم صلى‬
‫على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته كما صليت على‬
‫آل ابراهيم انك حميد مجيد‪...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن { ‪:102‬‬ ‫ه َ ّ ُ ِ ِ َ َ ُ ُ ّ ِ َ ُْ ْ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫مو‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫إل‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫مو‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫قا‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫} َياأي َّها ال ّ ِ‬
‫آل عمران ‪.‬‬
‫َ‬
‫جَها‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬‫ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬
‫ف‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫} َياأي َّها الّنا ُ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫ن ب ِهِ َواْل َْر َ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫ذي ت َت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ساًء َوات ّ ُ‬ ‫جاًل ك َِثيًرا وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬‫ث ِ‬ ‫وَب َ ّ‬
‫م َرِقيًبا { ‪ : 1‬النساء ‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن عَلي ْك ُ ْ‬ ‫كا َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فْر‬‫م وَي َغْ ِ‬ ‫مالك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ح لك ُ ْ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫دا * ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬ ‫س ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ه وَُقولوا قَوْ ً‬ ‫قوا الل َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫} َياأي َّها ال ِ‬
‫ما { ‪ : 71‬الحزاب‬ ‫ظي ً‬‫قد ْ َفاَز فَوًْزا عَ ِ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫َ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ّ‬
‫ن ي ُط ِعْ الل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فأن أصدق الحديث كتاب الله ‪ ,‬وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وشر المور محدثاتها ‪ ,‬وكل محدثة بدعة ‪ ,‬وكل بدعة ضللة ‪ ,‬وكل‬
‫ضللة فى النار‪ ,‬وبعد …‪.‬‬
‫ة ‪ ,‬هذه‬ ‫ة عظيم ٌ‬ ‫فان شهر رمضان من الزمان التي لها عند المسلمين مكان ٌ‬
‫ة‬
‫المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما ليرتبطون به ‪ ,‬ل بل هى مكان ٌ‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ترتبط بها القلوب والبدان لما تجده النفوس من بهجةٍ وفرحةٍ واطمئنان‬
‫وحب للخيرات وفعل للطاعات وتهيؤ عظيم فى القلوب ولين فى البدان‬
‫لفعل الخيرات وترك المنكرات ‪ ,‬ولشك أن هذا يشعر به كل مسلم وان قل‬
‫ن لين القلوب واطمئنانها ولو نسبيا ً ‪ ,‬وزم ُ‬
‫ن‬ ‫ايمانه لن شهر رمضان هو زم ُ‬
‫تعاون الناس على كثير من البر والطاعات ‪ ,‬وفعل الخيرات ‪ ,‬فأنت ترى‬
‫الناس تختلف مسالكهم فى رمضان عن غيره لوقوع الصيام منهم جماعة‬
‫مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة فى بعض المور كإجتماع الناس فى‬
‫البيوت للفطار حتى تخلو الطرقات فى القرى والمدن من المارة ال القليل ‪,‬‬
‫والتى ل تكون كذلك فى مثل هذه الوقات فى غير رمضان ‪ ,‬وغير ذلك من‬
‫المظاهر الجماعية والتى تحدث فى رمضان ول يمكن أن تحدث فى غيره‬
‫باستقراء الواقع ال أن يشاء الله شيئا‪...‬وذلك ‪-‬مثل ‪-‬مثل أجتماع الناس على‬
‫قيام رمضان ‪ ,‬ومثل امتلء المساجد فى صلة الفجر على غير عادة الناس‬
‫فى غير رمضان فى أزماننا‪ ,‬هذا وغيره كثير يدل دللة واضحة على تلك‬
‫المكانة التى هى لهذا الشهر فى قلوب العامة والخاصة من المسلمين ‪,‬‬
‫وتلك المكانة التى تكون فى القلوب تتفاوت فى قلوب المسلمين بما يترتب‬
‫عليه تفاوتا بينا فى مسالكهم وعاداتهم فى هذا الشهر أفرادا وجماعات ‪,‬‬
‫وهذا التفاوت ليس هو فقط فى المقدار والثر والقوة ل بل هو أيضا فى‬
‫نوعه بمعنى أنه ليس فقط تفاوتا فى كمه وقوته بل فى كيفيته ونوعيته‪......‬‬
‫شّتى" ‪ : 4‬الليل ‪ ......‬نعم فان سعى‬ ‫م لَ َ‬ ‫سعْي َك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫وصدق ربنا اذ يقول ‪ ":‬إ ِ ّ‬
‫الناس عموما فى أمر دينهم ودنياهم لشتى خاصة فى مثل تلك الزمان‬
‫الفضيلة ‪ ,‬فبين مقدر لقدره ومضيع ‪ ,‬وكاسب وخاسر ‪ ,‬وموفق ومغبون ‪,‬‬
‫وضال ومهتد ‪ ,‬وتقى وفاجر عافانا الله من التضيع والخسران والغبن والضلل‬
‫والفسوق والكفران وجعلنا بفضله ومنه وجوده من المؤمنين الفائزين فى‬
‫الدنيا والخرة فى رمضان وغيره من شهور العام ‪....‬آمين ‪....‬آمين‬
‫أيها الخوة الكرام كيف نستقبل‪..‬ونغتنم‪ ..‬رمضان ؟‬
‫وقبل الجابةِ أسأل نفسى واياك أخى الكريم سؤال يقرب المسألة ‪ ,‬وهذا‬
‫السؤال هو لو أن لك صاحب أو قريب أو رحم عزيز عليك ‪,‬غاب عنك أحد‬
‫عشر شهرا ثم علمت بمجيئه اليك زائرا عما قريب ‪ ,‬ماذا أنت صانع لملقاة‬
‫واستضافة هذا الضيف والجائى الكريم العزيز عليك ‪ ,‬ماذا انت‬
‫صانع ؟‪...‬سأترك الجابة لك ولكن بشرط أن تجيب بأنصاف وموضوعية ‪...‬‬
‫واذا وفققك الله لجابةٍ صحيحة منصفة بما يليق وشأن ضيفك وزائرك‬
‫الذىافترضنا أنه عزيز بل عزيز عليك جدا ‪..‬جدا‪ ....‬فاسأل نفسك ماذا هو‬
‫الحال اذا كان هذا الزائر هو شهر رمضان المبارك ؟‬
‫ونحن سوف نستقبل فى غضون أيام هذا الضيف‪...‬هل تعرفه‪...‬وماذا أعددت‬
‫له وكيف ستستقبله وتتعامل معه؟‬
‫أول ‪ :‬من هو شهر رمضان ؟‬
‫هو ‪ :‬الشهر التاسع فى ترتيب الشهور التى هى عند الله اثنى عشر شهرا من‬
‫يوم أن خلق الله السموات والرض‪,‬وعلى الترتيب الذى أنشأه عمر رضى‬
‫الله عنه‪...‬‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫ب اللهِ ي َوْ َ‬ ‫شهًْرا ِفي ك َِتا ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫ّ‬
‫عن ْد َ اللهِ اث َْنا عَ َ‬ ‫شُهورِ ِ‬ ‫عد ّة َ ال ّ‬ ‫ن ِ‬
‫قال تعالى‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫موا ِفيهِ ّ‬ ‫م فل ت َظل ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫قي ّ ُ‬
‫ن ال َ‬‫دي ُ‬ ‫َ‬
‫م ذ َل ِك ال ّ‬ ‫حُر ٌ‬ ‫ة ُ‬ ‫من َْها أْرب َعَ ٌ‬
‫ض ِ‬ ‫ت َوالْر َ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬
‫س َ‬ ‫َ‬
‫م { ‪....‬الية ‪ : 36‬التوبة‬ ‫ُ‬
‫سك ْ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهو ‪ :‬الشهر الذى أنزل الله فيه القرآن ‪.‬‬


‫ن‬
‫م ْ‬‫ت ِ‬‫س وَب َي َّنا ٍ‬
‫دى ِللّنا ِ‬‫ن هُ ً‬ ‫ْ‬ ‫ذي ُأنزِ َ‬
‫ل ِفيهِ القُْرآ ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ضا َ‬
‫م َ‬ ‫قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫شهُْر َر َ‬
‫ن { ‪......‬الية ‪ : 185‬البقرة‬ ‫دى َوال ْ ُ‬
‫فْرَقا ِ‬ ‫ال ْهُ َ‬
‫وهو‪ :‬الشهر الذى أبتعث الله فيه نبيه وخليله وخاتم رسله محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫وهو ‪ :‬الشهر الذى جعل الله منه الى رمضان ما بعده كفارة ‪:‬‬
‫بوب مسلم فى كتاب الطهارة ‪ :‬باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة‬
‫ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر *‬
‫وفيه ‪ :‬عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول‬
‫الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما‬
‫بينهن إذا اجتنب الكبائر *‬
‫وهو‪ :‬الشهر الذى اذا دخلت أول ليلة من لياليه كان ما كان من الخير اسمع ‪:‬‬
‫عند البخارى فى كتاب الصوم ‪ :‬عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة *‬
‫وفى رواية عنه أيضا ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر‬
‫رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين*‬
‫وهو ‪ :‬الشهر الذى جعل الله فيه لصحاب الذنوب والخطايا المخرج وكذلك‬
‫لطالبى الجنة والعلو فى الدين ‪:‬‬
‫فعند البخارى فى كتاب التوحيد ‪ :‬عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال من آمن بالله ورسوله وأقام الصلة وصام رمضان كان حقا على‬
‫الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها‬
‫قالوا يا رسول الله أفل ننبئ الناس بذلك قال إن في الجنة مائة درجة أعدها‬
‫الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والرض فإذا‬
‫سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش‬
‫الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة *‬
‫وعند مسلم فى كتاب صلة المسافرين ‪ :‬عن أبى هريرة حدثهم أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه *‬
‫وهو ‪ :‬الشهر الذى جعل الله فيه العمرة كحجة ليس هذا فحسب بل كحجة‬
‫معه صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫فعند البخارى فى كتاب الحج ‪ :‬عن عطاء قال سمعت ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما يخبرنا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمرأة من النصار‬
‫سماها ابن عباس فنسيت اسمها ما منعك أن تحجين معنا قالت كان لنا ناضح‬
‫فركبه أبو فلن وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه قال فإذا كان‬
‫رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة*‬
‫وفى رواية‪ ":‬عمرة في رمضان تعدل حجة" متفق عليه‪.‬‬
‫وفى رواية‪ :‬قال فإن عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي*‬
‫قوله ‪ } :‬عمرة في رمضان تعدل حجة { في الثواب‪ ،‬ل أنها تقوم مقامها في‬
‫إسقاط الفرض‪ .‬للجماع على أن العتمار ل يجزيء عن حج الفرض‪ .‬وقال‬
‫ابن العربي‪ :‬حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت‬
‫العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها‪ .‬وقال ابن الجوزى‪ :‬فيه أن ثواب‬
‫العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد‪.‬‬
‫وهو ‪ :‬الشهر الذى جعل الله فيه ليلة هى خير من ألف شهر فى دين وعمل‬
‫العبد المؤمن ‪:‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فعند البخارى فى كتاب صلة التراويح‪:‬عن عائشة قالت كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يجاور في العشر الواخر من رمضان ويقول ‪ :‬تحروا ليلة‬
‫القدر في العشر الواخر من رمضان *‬
‫وعند مسلم فى كتاب صلة المسافرين‪ :‬عن زر قال سمعت أبي بن كعب‬
‫يقول وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر‬
‫فقال أبي والله الذي ل إله إل هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني و والله‬
‫إني لعلم أي ليلة هي هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في‬
‫صبيحة يومها بيضاء ل شعاع لها*‬
‫وأنت تعلم قوله تعالى‪ } :‬ليلة القدر خير من ألف شهر { ‪....‬‬
‫وهو ‪ :‬خير الشهور على المؤمنين وشر الشهور على المنافقين ‪:‬‬
‫ففى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬أظلكم شهركم هذا‬
‫بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ول يأتي‬
‫على المنافقين شهر شر لهم منه إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن‬
‫يدخل ويكتب وزره وشفاءه من قبل أن يدخل ذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة‬
‫م‬
‫للقوة في العبادة ويعد فيه المنافق إغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم فهو غن ٌ‬
‫ة على الفاجر"‪ ......‬أحمد‪...‬والبيهقى ‪ ،‬عن أبي هريرة ‪.‬وحسنه‬ ‫للمؤمن ونقم ٌ‬
‫اللبانى فى صحيح الترغيب‪..‬‬
‫* وإذا نظرت لهذا الحديث الجامع ترى أن ذلك وكأنه واقع يراه القاصى‬
‫والدانى‪...‬المؤمنون يعدون عدة البر يجهز زكاة ماله لينفقها فى‬
‫رمضان‪...‬ويرتبون المال للتوسيع على الهل والولد‪...‬ويعدون أسباب إعانة‬
‫المساكين والفقراء‪...‬وكذا إطعام الصائمين‪....‬وفى المقابل المنافقون ممن‬
‫يعدون العدة بالفلم والتمثليات والفوازير‪....‬ألخ‪....‬فصدق الصادق المصدوق‬
‫ة على الفجر‪,,,,,,,,‬‬
‫م للمؤمن ونقم ٌ‬‫هو غن ٌ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫** ولو ظللت أعرف بمن يكون هو هذا الضيف العزيز ما وفيت الكلم على‬
‫مكانته ولكن المقصود هو كيف نستقبل هذا الضيف المكرم ؟‬
‫*‪...‬كيف‪...‬؟؟؟؟؟‬
‫ُ‬
‫كر أول بأمور هامة أولها‪ :‬نحن المسلمين ‪:‬‬ ‫ومن ثم لبد أن أذ َ ِ‬
‫لكم أسأنا استقبال هذا الضيف لنه لطالما يزورنا ويأتينا كل عام فى نفس‬
‫الموعد وهو ضيف كريم يأتى بالهدايا الكثيرة العظيمة النفع التى يحتجها كل‬
‫أحد من الخلق وخاصة المسلمين ونحن نقابل لك بأن نأخذ من هداياه ما‬
‫يعجبنا ونرمى فى وجهه ما ل يعجبنا ونحن فى ذلك من المغبونين ‪ ...‬وصدق‬
‫ربنا اذ يقول‪":‬ان سعيكم لشتى"‪.....‬نعم ان سعى العباد فى الدين لشتى ‪,‬‬
‫وخاصة فى رمضان ‪ ,‬فمضيع ومستهتر ومغبون ومفتون وغير ذلك من‬
‫مسالك الباطل والتضييع ‪ ,‬ولكن هناك أهل الحكمة وشكر النعمة ‪..‬جعلنا الله‬
‫منهم ‪ ..‬أهل تقدير العطايا والمنح الربانية‪ -‬الذين يرجون ثواب ربهم ويخافون‬
‫عذابه ويتقون سخطه بطلب مرضاته ‪ -‬نعم هم من يطلبون النجاة ويسلكون‬
‫مسالكها فيعرفون لرمضان قدره ويستقبلونه بالتوبة وفعل الخيرات وترك‬
‫المنكرات ‪ ,‬يحكى عن السلف أنهم كانو يظلون ستة أسهر يدعون ربهم أن‬
‫يبلَغهم رمضان ‪ ,‬فاذا جاء أحسنوا استقباله ‪ ,‬فاذا رحل عنهم ظلوا ستة أشهر‬
‫بعده يسألون الله قبول ما قدموا فيه من الصيام والقيام والصدقة وغير ذلك‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مما قدموا من البر ‪....‬أرأيت كيف كان حالهم ‪ ...‬وكيف صار حالنا ‪ ,‬نسأل‬
‫الله أن يصلحنا ويصلح بنا ويحسن مآلنا ويجعلنا فى شهر رمضان من‬
‫الفائزين ‪,‬كان السلف أذا انقضى رمضان يقولون رمضان سوق قام ثم انفض‬
‫ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر ‪ ,‬اللهم اجعلنا فيه وفى سائر ايامنا‬
‫وأعمارنا من الرابحين المفلحين ‪....‬أمين ‪....‬أمين‪...‬‬
‫نحن ياسادة ‪ :‬كم من مرات ومرات جعلناه يرحل عنا وهو حزين ل يرى منا‬
‫ال الوكسة والجرى وراء الدنيا الحقيرة والرضى بالدنية فى الدين ‪ ,‬والميل‬
‫مع الذين يتبعون الشهوات ميل عظيما ‪ ,‬والتولى عن العمل لله ‪,‬ويري كذلك‬
‫زهدنا فى أخرتنا وعدم نصرتنا لربنا ‪ ,,,,,,,,,,‬ففعل المنكرات ‪ ,‬وسهٌر أمام‬
‫التلفاز فى الليالى الرمضانية ‪ -‬هكذا يسمونها من يقيمونها ‪ -‬وهى فى‬
‫الحقيقة ليالى شيطانية ل رمضانية ‪ ,‬فالليالى الرمضانية هى ليالى القيام‬
‫واجتماع الناس فى المساجد والتسحر استعدادا لصيام يرضاه الله جل وعل‬
‫وغير ذلك من الذكر والتلوة هذه هى الليالى الرمضانية ‪ ,‬وكذلك لكم رحل‬
‫عنا رمضان وهو يرى حال المسلمين المتردى الذين هم فى أشد الحاجة لما‬
‫جاءهم به من الخير الكثير الذى جعله الله لعباده التائبين المقبلين الذين‬
‫يبحثون عن مخرج من ورطة الذنوب وتخفيفا لثقلها عن عاتقهم ‪...‬‬
‫نحن أيها الخوة ‪ :‬يأتينا هذا الشهر هذه المرة وهناك متغيرات كثيرة‬
‫الشيشان وما أدراك ما الشيشان وتدنيس بيت المقدس والتعدى عليه من‬
‫أبناء القردة والخنازير‪,‬والهوان والستضعاف الذى تعيش فيه المة دول‬
‫وجماعات وأفراد حكاما ومحكومين ‪ ,‬فقتل وتشريد وهدم للبيوت وتحريق‬
‫للممتلكات ‪ ,‬قتل للطفال والكبار والنساء والرجال ابادة هنا وهناك ‪ ,‬ومسح‬
‫للدول السلمية من على خريطة العالم كما يحدث فى فلسطين‬
‫والشيشان ‪ ,‬وغطرسة كافرة تعربد بحقد أسود وجبروت طاغى فى كل حدب‬
‫وصوب ‪ ,‬وإذلل للقادة والملوك والممكنين قبل المستضعفين ‪ ,‬ووصف‬
‫للسلم والمسلمين بالرهاب وغير ذلك ‪ ,‬فانا لله وانا اليه راجعون ‪...‬‬
‫ان رمضان ذلك الضيف الكريم يأتى هذه الزيارة ونحن نعانى من انهزامية‬
‫يزرعها فينا دعاة السلم ‪...‬عفوا بل دعاة الستسلم والذلة لغير الله مع‬
‫العراض عن الله‪...‬انهزمية يزرعها فينا دعاة العلمانية ‪ ,‬ويدعمها حبنا للدنيا‬
‫الذى هو من أعظم أسباب تلك النهزامية ففى الحديث الصحيح من حديث‬
‫ثوبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ‪ " :‬يوشك أن تداعى عليكم المم‬
‫من كل أفق كما تداعى الكلة إلى قصعتها‪ .‬قيل يا رسول الله ‪ :‬فمن قلة‬
‫يومئذ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع‬
‫الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت"‪.‬أخرجه أحمد وابو‬
‫داود ‪.‬‬
‫* يأتى علينا هذا الضيف ياسادة ونحن نلعق مرار تسلط اليهود على بيت‬
‫المقدس وتكبرهم علينا حكاما ومحكومين ‪ ,‬دول وجماعات وأفراد ‪ ,‬نلعق‬
‫مرارة ابادة الروس الملحدة الملعين للمسلمين فى الشيشان أنتهكو‬
‫حرماتهم وهدموا وخربوا أرضهم وانتهكوا أعراضهم ومسحوا دولة معترف بها‬
‫فى المجتمع الدولى مسحوها أو هكذا يحاولون ولن يمكن الله لهم ‪...‬فانا لله‬
‫وانا اليه راجعون ‪...‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خلصة القول أن هذا الضيف العزيز الكريم بما كرمه به الله تعالى يأتى علينا‬
‫ونحن أزلة مستضعفين أنهكتنا ذنوبنا وشهواتنا وحرمنا طلب المقامات‬
‫العليه ‪ ,‬مقامات الجهاد والمجاهدة مقامات البذل لله تعالى مقامات عز‬
‫الطاعة والنابة الى الله تعالى ‪ ,‬خلصة القول أن هذا الضيف سوف يجيئ‬
‫ليجد فينا ومنا حال ليسر حبيب ولكن يسرعدو ‪ ,‬يسر الشيطان الذى يقعد‬
‫للمسلم بكل صرط ‪ ,‬يسر اليهود الذين برون منا النهزامبة أمام تصلفهم‬
‫وكبرهم ‪...‬فاجتمعات ولجان ومؤتمرات لتتمخض ال عن زيادة ذل وهوان انا‬
‫ل ليسر ال دعاة الستسلم لليهود لنهم ُقهروا‬ ‫لله وانا اليه راجعون‪...‬حا ٌ‬
‫نفسيا أمام الدولة العظمى كما يحلوا لهم أن يسموها للغطرسة المريكية‬
‫تلك السطورة التى هى إلى زوال تقريبا خاصة بعد ما أوضح مدى خوار‬
‫السطورة التى لتقهر والمن الذى ليخترق‪...‬ها قد أخذ الله القرية الظالمة‬
‫بعض الخذ‪...‬وهو على كل شئ قدير‪...‬وإن هلكهم قريب‪...‬ألم تر تلك الية‬
‫التى ظهرت فى عقر دارهم‪.....‬فنحن نخور ونركع فى محراب الطغيان‬
‫المريكى‪ ..‬واليهودى ‪...‬وغيره‪ ....‬وطبعا ليجر ذلك ال الى الصغار والذل‬
‫لالعز والكرامة‪ ..‬فحسبنا الله ونعم الوكيل ‪ ....‬فحالنا يسادة يسر كل عدو‬
‫قل أو كثر ‪....‬بعد أو قرب‪ ....‬والى الله المشتكى ول حول ول قوة ال بالله‬
‫العلى العظيم‪......‬‬
‫* هذا بعض ما ينبغى أن نعرفه ابتداء ‪....‬وذلك قبل أن نتكلم عن كيفية‬
‫استقبال هذا الضيف العزيز‪....‬‬
‫* ولبد هنا أيها الخوة الكرام من معرفة أن هذا الضيف ‪ :‬يأتى ومعه كثير من‬
‫أسباب العانة والتغيير التى يمن الله بها على عباده المؤمنين الذين يؤمنون‬
‫أنهم لينبغى لهم أن يهنوا ولينبغى أن يحزنوا ‪ ,‬ول ينبغى بحال أن ينهزموا‬
‫أويضعفوا أو يصيبهم الخور أمام عدوهم ‪ ,‬وولينبغى كذلك أن يذلوا لغير الله‬
‫تعالى المعز المذل الكبير المتعال الذى اذا أراد‬
‫شيئا قال له كن فيكون بيده الخير وهو على كل شئ قدير ‪ ,‬وذلك لنه‬
‫سبحانه قد وعدهم بأنهم العلون ان كانوا مؤمنين قال تعالى‪ } :‬وََل ت َهُنوا وَلَ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن {‪ : 39‬آل عمران ‪ ...‬وكذلك هم‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م اْل َعْل َوْ َ‬ ‫حَزُنوا وَأن ْت ُ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫ملوا‬‫ُ‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ه ال ِ‬ ‫ّ‬
‫يستبشرون بوعد الله تعالى حيث قال ‪ } :‬وَعَد َ الل ُ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫م كن َ ّ‬ ‫َ‬
‫م وَلي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن قب ْل ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ّ ِ‬‫خل َ َ‬
‫ست َ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫ِ‬ ‫فن ُّهم ِفي اْل َْر‬ ‫خل ِ َ‬
‫ست َ ْ‬‫ت ل َي َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬
‫ال ّ‬
‫دون َِني َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ب‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫د‬
‫ُ ْ َ َُ ّ ُّ ِ ْ َْ ِ َ ْ ِ ِ ْ ْ ً َْ ُ ُ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫هم‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ضى‬ ‫ْ َ َ‬‫ت‬‫ر‬ ‫ا‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬
‫م ِ َُ ْ‬
‫ه‬‫ن‬ ‫دي‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ك فَأوْل َئ ِ َ‬ ‫فَر ب َعْد َ ذ َل ِ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫شرِ ُ‬
‫ن { ‪ : 55‬ا لنور‬ ‫قو َ‬ ‫س ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫ك هُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا وَ َ‬ ‫ن ِبي َ‬ ‫كو َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ولذلك لبد‪ ...‬ثم لبد‪.....‬ان أردنا الخلص مما نحن فيه من الغبن وقلة‬
‫اليمان وكثرة الشرور‪ ....‬أن نكون من أولئك الذين يقدرون هذا الضيف‬
‫قدره ويحفظون عليه مكانته التى أنزلها الله اياه ويتنعمون بكثير الفضائل‬
‫والكرائم والهبات والهدايا والنعم الربانية التى يبعث بها الله تعالى مع هذا‬
‫الضيف العزيز‪ ....‬أليس كذلك ‪...‬لبد أن نجعل استقبالنا لهذا الضيف الكريم‬
‫نقطة تحول كبيرة فى حياتنا اليمانية وفى انفسنا ‪ ,‬نقطة تحول نتحول بها ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬من كثرة الذنوب والمعاصى التى لتنتهى سواء الدائم منها‪....‬مثل‬
‫شرب الدخان وسماع الغانى والمعازف والتبرج وعرى البنات والختلط‬
‫وحلق اللحى والكسب الحرام من الوظائف المحرمة مثل العمل فى البنوك‬
‫والضرائب والعمال التى فيها ظلم العباد أو الحكم بغير ما أنزا الله والنظر‬
‫الى المحرمات وظلم الزوجات واسأة التربية للولد وغير ذلك كثير من‬
‫الذنوب التى يقع فيها الكثير‪...‬دائما‪...‬ليل نهار‪ ...‬أو ما نأتيه حينا مثل الزنا‬
‫والغيبة ‪....‬التعاون فى بعض المنتديات على الثم والعدوان كما هو فى‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منكرات الفراح والعراس وما شابه ‪ ,‬والليالى القبيحة المسامة بالليالى‬


‫الرمضانية حيث يجتمع البنات والشبات مع الرجال والولد ‪...‬فى فعل‬
‫المنكرات ومشاهدة المحرمات أو قضاء الليل فى اللعب والصراخ والمجون‬
‫والسهرات الملونة ‪ .....‬فقد أصبح البر والطاعات وفعل الخيرات وترك‬
‫المنكرات والتعاون على البر والتقوى ‪ ,‬صار ذلك فى حياتنا وأحوالنا‬
‫‪...‬أحيانا ‪...‬أحيانا‪....‬أحيانا‪...‬فلبد اذا من التحول من هذا الحال الى العكس‬
‫ولن بكون ذلك بالمانى والتمنى ‪ ,‬ل لن يكون ذلك ال بتغيير النفس ‪,‬‬
‫والمجاهدة فى الخروج من هذا السر أسر الدنيا والخلد لها ‪ ,‬أسر الشهوات‬
‫وحب المال والرضى بالحياة الدنيا والطمئنان لها ‪,‬فلبد اذا من تغيير النفس‬
‫ما‬
‫حّتى ي ُغَي ُّروا َ‬
‫قوْم ٍ َ‬ ‫ه َل ي ُغَي ُّر َ‬
‫ما ب ِ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫لبد‪....‬ثم لبد‪..‬قال تعالى‪ ":‬إ ِ ّ‬
‫م‪ : 11 "....‬الرعد‪...‬ولن يكون ذلك ال أن تبدأ بالتوبة ‪ ,‬التوبة من‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ب َِأن ُ‬
‫ف ِ‬
‫الحال الذى يعرفه كل منا من نفسه ‪....‬ولينبغى أن نتقلل عيوبنا وذنوبنا‬
‫وكأنها شئ هين ل ثم ل فهذا شأن المنافقين والعياذ بالله تنبه‪..‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫فعند البخارى فى كتاب الدعوات‪ :‬عن الحارث بن سويد حدثنا عبدالله بن‬
‫مسعود حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والخر عن نفسه‬
‫قال إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن‬
‫الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده‬
‫فوق أنفه*‬
‫أرأيت إياك‪...‬إياك أن تفعل ذلك‪....‬فذنوبنا أهلكتنا أو كادت فلبد من التغيير‬
‫والهجرة الى الله تعالى دون مكابرة فاننا عباد الله ان جادلنا عن افسنا فى‬
‫م‬ ‫الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنا فى الخرة من‪...‬من‪...‬قال تعالى‪َ َ } :‬‬
‫هاأن ْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫مةِ أ ْ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫ه عَن ْهُ ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫جادِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا فَ َ‬ ‫م ِفي ال ْ َ‬ ‫م عَن ْهُ ْ‬ ‫جاد َل ْت ُ ْ‬‫هَؤَُلِء َ‬
‫كيًل { ‪ : 109‬النساء‪.‬‬ ‫م وَ ِ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫فلنجعل من رمضان بما فيه من صنوف البر الكثيرة معسكر توبة نتحول فيه‬
‫من أصحاب معاصى وسيئات الى أصحاب طاعات وفعل خيرات وليس هناك‬
‫من الطاعات طاعة جمعت مافى التوبة من خير وفضل من الله تعالى ولذلك‬
‫أمر الله بها ‪-:‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مأ ْ‬ ‫سى َرب ّك ْ‬ ‫حا عَ َ‬ ‫صو ً‬ ‫ة نَ ُ‬ ‫مُنوا ُتوُبوا إ ِلى اللهِ ت َوْب َ ً‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬ياأي َّها ال ِ‬
‫زي الل ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ُ ْ ِ‬‫خ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫َْ ُ َ ْ َ‬ ‫ر‬ ‫ها‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫ح‬
‫ِ ْ َ ْ َِ‬‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ري‬ ‫ج‬
‫ْ َ ّ ٍ َ ْ ِ‬‫ت‬ ‫ت‬ ‫نا‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫م وَي ُ ْ ِ‬
‫د‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فَر عَن ْك ُ ْ‬ ‫ي ُك َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م ْ‬ ‫ن َرب َّنا أت ْ ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫مان ِهِ ْ‬ ‫م وَب ِأي ْ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫سَعى ب َي ْ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ُنوُرهُ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي َوال ّ ِ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ديٌر { ‪ : 8‬التحريم …‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ك عََلى ك ُ ّ‬ ‫فْر ل ََنا إ ِن ّ َ‬ ‫ل ََنا ُنوَرَنا َواغْ ِ‬
‫َ‬
‫م { ‪: 74‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬ ‫فُرون َ ُ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫ن إ َِلى الل ّهِ وَي َ ْ‬ ‫قال تعالى ‪ } :‬أفََل ي َُتوُبو َ‬
‫المائدة‪....‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سًنا إ ِلى‬ ‫ح َ‬ ‫عا َ‬ ‫مَتا ً‬ ‫م َ‬ ‫مت ّعْك ُ ْ‬ ‫م ُتوُبوا إ ِلي ْهِ ي ُ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬وَأ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا فَإ ِّني أ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ذا َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ف عَلي ْك ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫ن ت َوَل ْ‬ ‫ه وَإ ِ ْ‬ ‫ضل ُ‬ ‫ل فَ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ل ِذي فَ ْ‬ ‫تك ّ‬ ‫مى وَي ُؤْ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ج ٍ‬ ‫أ َ‬
‫ي َوْم ٍ ك َِبيرٍ { ‪ : 3‬هود‪...‬‬
‫ماَء عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ْ‬ ‫م ُتوُبوا إ ِل َي ْهِ ي ُْر ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬وََيا قَوْم ِ ا ْ‬
‫ن { ‪ : 52‬هود …وقال‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ُ‬ ‫ّ‬
‫م وَل ت َت َوَل ْ‬ ‫َ‬ ‫م قُوّة ً إ َِلى قُوّت ِك ْ‬
‫ُ‬ ‫مد َْراًرا وَي َزِد ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫م وَُدود ٌ { ‪: 90‬هود …‬ ‫حي ٌ‬ ‫ن َرّبي َر ِ‬ ‫َ‬
‫م ُتوُبوا إ ِلي ْهِ إ ِ ّ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ُ‬
‫فُروا َرب ّك ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫تعالى‪َ } :‬وا ْ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب فأوْلئ ِك هُ ْ‬ ‫م ي َت ُ ْ‬ ‫نل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وقد شدد الله تعالى على من لم يتب فقال تعالى‪ } :‬وَ َ‬
‫ن { ‪ : 11‬الحجرات‪..‬‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيا أخى ‪ :‬إن أردت أن يتوب الله عليك وتنجو من حالك السئ قبل الموت‬
‫م وَأ ََنا‬ ‫فتب قال تعالى‪ } :‬إّل ال ّذين تابوا وأ َصل َحوا وبينوا فَأ ُول َئ ِ َ َ‬
‫ب عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ك أُتو ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََُّ‬ ‫ِ َ َ ُ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫م { ‪ : 160‬البقرة‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫الت ّ ّ‬
‫ب‬ ‫َ ُ ِ ّ‬‫ح‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ِ ّ‬ ‫إ‬ ‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫فتب‬ ‫الله‬ ‫يحبك‬ ‫أن‬ ‫اردت‬ ‫ان‬ ‫الكريم‪:‬‬ ‫ياأخى‬
‫ن { ‪: 222‬البقرة …‬ ‫ري َ‬ ‫مت َط َهّ ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن وَي ُ ِ‬ ‫واِبي َ‬ ‫الت ّ ّ‬
‫ياأخى الحبيب‪ :‬ان أردت أن يغفر الله لك ويرحمك ‪ ....‬وانت صاحب الذنوب‬
‫التى كالجبال والتى لعلها تكون سبب الهلك والعياذ بالله‪....‬ان اردت ذلك‬
‫فتب قال تعالى‪ } :‬إّل ال ّذين تابوا من بعد ذ َل ِ َ َ‬
‫فوٌر‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حوا فَإ ِ ّ‬ ‫صل َ ُ‬ ‫ك وَأ ْ‬ ‫ِ ْ َْ ِ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫م { ‪ : 89‬آل عمران‪...‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫َر ِ‬
‫يا أخى فى الله‪ :‬ان أردت أن يأتيك الله الجر الذى يمكن أن يكون سببا‬
‫َ‬
‫حوا‬ ‫صل َ ُ‬ ‫ن َتاُبوا وَأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫للخلص من ورطة الذنوب فتب قال تعالى‪ } :‬إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ت الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ف ي ُؤْ ِ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫معَ ال ْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م ل ِل ّهِ فَأ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫صوا ِدين َهُ ْ‬ ‫خل َ ُ‬ ‫موا ِبالل ّهِ وَأ َ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫َواعْت َ َ‬
‫َ‬
‫ما { ‪ : 146‬النساء‪...‬‬ ‫ظي ً‬ ‫جًرا عَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن ي َُتوُبوا‬ ‫ياأخى الحبيب‪ :‬ان أردت الخير كل الخير فتب قال العلى الكبير‪ } :‬فَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫ما ل َهُ ْ‬ ‫خَرةِ وَ َ‬ ‫ما ِفي الد ّن َْيا َواْل ِ‬ ‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫ه عَ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫وا ي ُعَذ ّب ْهُ ْ‬ ‫ن ي َت َوَل ّ ْ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫خي ًْرا ل َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ي َك ُ ْ‬
‫صيرٍ { ‪ : 74‬التوبة‪..‬‬ ‫ي وََل ن َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن وَل ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ِفي الْر ِ‬
‫واعلم أخى أن الله تعالى الغنى الحميد القائل فى محكم التنزيل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ميد ُ { ‪ :15‬فاطر …‬ ‫ح ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ه هُوَ ال ْغَن ِ ّ‬ ‫قَراُء إ َِلى الل ّهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫س أن ْت ُ ْ‬ ‫} َياأي َّها الّنا ُ‬
‫ن { ‪ : 97‬آل عمران …‬ ‫مي َ‬ ‫ن ال َْعال َ ِ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ه غَن ِ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فَر فَإ ِ ّ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬وَ َ‬
‫ْ‬
‫م‬‫ن ب َعْدِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م وَي َ ْ‬ ‫شأ ي ُذ ْهِب ْك ُ ْ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫مةِ إ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ي ُذو الّر ْ‬ ‫ك ال ْغَن ِ ّ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬وََرب ّ َ‬
‫شاُء ك َما َأن َ َ‬
‫ن { ‪ : 133‬النعام …‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ن ذ ُّري ّةِ قَوْم ٍ آ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫شأك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫َ‬ ‫مي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫عا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ما‬
‫ِ َ‬‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫َ َ ْ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫وقال‬
‫‪ : 6‬العنكبوت‪...‬‬
‫ومع هذا كله فانه جل وعل يطلب منك الرجوع إليه تعالى ‪ ,‬ويفتح لك بابا من‬
‫أوسع البواب لترجع منه ‪ ,‬وحتى لتجد الطريق ضيقا فقد وسع الله‬

‫)‪(5 /‬‬

‫فى باب التوبة وجعله مفتوحا على مصرعيه للعبد طيلة حياته مالم يغرغر ‪,‬‬
‫أو تطلع الشمس من مغربها ] يعنى وقت الساعة [ ‪ ...‬وليس هذا فحسب بل‬
‫ان الغنى عنك وعن العالمين سبحانه‪ ,‬من يفتقر له كل من فى السموات‬
‫والرض ‪ ,‬يفرح بتوبة عبده التائب ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪" ":‬لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض فلة‬
‫دوية مهلكة‪ ،‬معه راحلته‪ ،‬عليها طعامه وشرابه‪ ،‬فوضع رأسه فنام فاستيقظ‬
‫وقد ذهبت راحلته‪ ،‬فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله‬
‫قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت‪ ،‬فوضع رأسه على‬
‫ساعده ليموت‪ ،‬فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه‪ ،‬فالله تعالى‬
‫أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته" متفق عليه من حديث ابن‬
‫مسعود وأنس‪ .‬زاد مسلم في حديث أنس "ثم قال من شدة الفرح‪ :‬اللهم‬
‫أنت عبدي وأنا ربك‪ ،‬أخطأ من شدة الفرح" ورواه مسلم بهذه الزيادة من‬
‫حديث النعمان بن بشير‪ ...‬أرأيت أخى كيف يفرح الله بتوبة العبد من أن‬
‫العبد هو المحتاج والله هو الغنى ‪ ,‬ياللعجب الفقير العاجز دائم الحاجة ل‬
‫يفرح بالتوبة وهو فى أشد الحاجة اليها ‪ ,‬كن أخى من الفرحين بالتوبة التى‬
‫لعل وراءها رحمة رب العالمين سبحانه‪..‬‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن‬
‫مُعو َ‬
‫ج َ‬‫ما ي َ ْ‬
‫م ّ‬
‫خي ٌْر ِ‬
‫حوا هُوَ َ‬ ‫ك فَل ْي َ ْ‬
‫فَر ُ‬ ‫مت ِهِ فَب ِذ َل ِ َ‬ ‫ل الل ّهِ وَب َِر ْ‬
‫ح َ‬ ‫ض ِ‬‫ف ْ‬ ‫قال تعالى ‪ } :‬قُ ْ‬
‫ل بِ َ‬
‫{ ‪ :58‬يونس‪.....‬‬
‫فهذا من أول ما ينبغى أن نجعله من أعمالنا فى أستقبال شهر رمضان لنكون‬
‫ممن يستقبله استقبال حسنا ‪.....‬‬
‫وثانيا ‪..:‬أن تجعل من رمضان سببا لنيل الشرف وأن تكون من أهل الشرف‬
‫خروجا من قهر الذل ذل المعاصى والنهزامية وهذا الشرف ليس فى عضوية‬
‫مجلس الشركاء فهذا مزيد من الذلة ليس الشرف والعز فى مثل ذلك ‪,‬‬
‫وليس الشرف كذلك فى جمع الموال والستكثار من التجارات لنه‬
‫موسم ‪...‬نعم هو موسم ‪...‬ولكن للبر والحسنات ل للجنيهات والريالت‪...‬نعم‬
‫هو موسم ‪...‬للبر والطاعات ل للمكاسب والتجارات‪ ....‬الشرف الذى أقصده‬
‫هنا هو قيام الليل ففى الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ‪ ":‬أتاني جبريل فقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬عش ما شئت فإنك ميت‪ ،‬وأحبب من‬
‫شئت فإنك مفارقه‪ ،‬واعمل ما شئت فإنك مجزي به‪ ،‬واعلم أن شرف‬
‫المؤمن قيامه بالليل‪ ،‬وعزه استغناؤه عن الناس"‪ ...‬أخرجه الحاكم في‬
‫المستدرك والبيهقي في شعب اليمان عن سهل بن سعد البيهقي في شعب‬
‫اليمان عن جابر" وقال اللبانى رحمه الله فى صحيح الجامع ‪.‬حسن برقم ‪:‬‬
‫‪73‬‬
‫وفى الحديث "من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه"‪......‬القيام وما أدراك ما القيام ذلك البر الذى لما تركه المسلمون‬
‫تركوا معه سببا عظيما من أسباب عزهم فالعز طريقه فى أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬النس بالله ليل والترهب له ‪ ,‬وجمع القلب عليه والنكسار ليل فيورث‬
‫ذلك الخبات والخلص ‪,‬‬
‫والثانى ‪:‬البذل والجهاد فى الله نهارا فى طلب العل علما وعمل وأمرا‬
‫بالمعروف ونهيا عن المنكر وهذا يورث الفداء والباء ‪ ,‬قيام الليل ل تضيعه‬
‫واغتنم ما وعد الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال‪ ":‬من‬
‫قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"‪ ..‬متفق عليه‪ .....‬فهذا‬
‫ثانيا‪.... ...‬‬
‫*وثالثا‪* ...:‬ادخال السرور على أخيك ‪:‬‬
‫أن دخول شهر رمضان على المسلمين هو بمثابة دخول الغوث عليهم فى‬
‫دينهم ودنياهم ‪ ,‬فأبواب الفرج تتفتح وفى الحديث "اذا كان رمضان فتحت‬
‫أبواب الخير" ولم يقيد أو يستثن ‪ ,‬وهذا معناه أن كل أبواب الخير الدنيوية‬
‫والخروية تفتح ‪ ,‬وكلنا يشهد بذلك ويحسه ‪ ,‬حتى أن الناس تقول } رمضان‬
‫الرزق فيه واسع { ‪ ,‬ومن هذا المنطلق لبد أن تجعل من رمضان باب خير‬
‫عليك وعلى أهل بيتك ‪ ,‬فل مانع من التوسيع على أهل بيتك بل تكلف‬
‫واسراف ‪ ,‬والتوسيع على أخوانك من أرحامك ومن جيرانك ومن أصحابك هو‬
‫من أفضل العمال ‪...‬‬
‫ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ‪ " :‬أفضل العمال‬
‫أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا‪ ،‬أو تقضي عنه دينا‪ ،‬أو تطعمه خبزا "‪.....‬‬
‫أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج والبيهقي في شعب اليمان عن أبي‬
‫هريرة وابن عدي في الكامل عن ابن عمر ‪ ,‬وقال اللبانى فى صحيح الجامع‬
‫حسن ‪,‬برقم ‪ ، 1096 :‬وقال أيضا ‪ ":‬من أفضل العمل إدخال السرور على‬
‫المؤمن‪ :‬تقضي عنه دينا‪ ،‬تقضي له حاجة‪ ،‬تنفس له كربة"‪ .‬أخرجه البيهقي‬
‫في شعب اليمان عن ابن المنكدر مرسل‪ ,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪: .‬‬
‫‪, 5897‬صحيح ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أرأيت أخى كيف أن ادخال السرور على أخيك من أفضل العمال وهذا‬
‫الفضل يزداد أذا كان جارا ففى الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ ":‬ليس المؤمن الذي ل يأمن جاره بوائقه "‪ ...‬أخرجه الطبراني‬
‫في الكبير عن طلق بن علي‪,‬وفى صحيح الجامع برقم‪, 5380 :‬صحيح‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وقال أيضا صلى الله عليه وسلم ‪ ":‬ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع‬
‫إلى جنبه "‪.....‬أخرجه البخاري في الدب والطبراني في الكبير والحاكم في‬
‫المستدرك والبيهقي في السنن عن ابن عباس‪,.‬وفى صحيح الجامع برقم ‪:‬‬
‫‪, 5382‬صحيح ‪.‬‬
‫فياليتنا نخرج من سوء نفوسنا ونستقبل هذا الضيف العزيز بادخال السرور‬
‫على الهل والجيران والصحاب ونجعل من رمضان ملتقى الحبة فى الله‬
‫نطعمهم ونخفف عنهم ونشاركهم فى قضاء حوائجهم ولو بالدعاء ممن لم‬
‫يجد ولنتذكر فى هذا المقام قول الهادى البشير عليه الصلة والسلم وهو‬
‫يقول ‪ } ":‬ترى المؤمنين‪ :‬في تراحمهم‪ ،‬وتوادهم‪ ،‬وتعاطفهم‪ ،‬كمثل الجسد‪،‬‬
‫إذا اشتكى عضوًا‪ ،‬تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى { ‪ .‬البخارى‬
‫ومسلم‪ .....‬وبناًء على هذا فلنستقبل رمضان من منطلق تحولنا عن الساءة‬
‫لخواننا الى التواد والتعاطف والتراحم ‪ ,‬لنستقبل هذه اليام الفضيلة ونحن‬
‫جسد واحد ‪ ,‬جسد السلم والمسلمين هذا ثالثا ‪...‬‬
‫ورابعا ‪... :‬حسن الخلق ولين الجانب واللفة ‪:‬‬
‫فلنجعل من رمضان نقطة تحول من سوء الخلق والفظاظة الحقاد والغل‬
‫وسوء الطوية وسوء معاشرة الزواج والساءة لهن ‪ ,‬والنشوز على الزواج‬
‫وعدم طاعتهم ‪ ,‬والخروج من كبر النفس ‪ ,‬والتعالى بعضنا على بعض ‪,‬‬
‫وتقطيع الرحام والسعى فى الرض فسادا ‪ ,‬وفحش اللسان والكذب والخيانة‬
‫والغيبة والنميمة‪...‬وغير ذلك‪..‬من السوء فلنتحول من ذلك كله ومن كل خلق‬
‫سئ ‪ ,‬نجعل من أيام هذا الشهر معسكرا تربويا ‪ ,‬نقيم أنفسنا فيه على‬
‫الخلق الحسنة وهى فرصة عظيمة لتحصيل ذلك الخير الكثير ففى الحديث‬
‫الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم‪ ":‬إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة‬
‫القائم الصائم"‪ ......‬أبو داود وابن حبان في صحيحه عن عائشة‪.‬وقال اللبانى‬
‫رحمه الله فى صحيح الجامع برقم ‪ 1932 :‬صحيح ‪.‬‬
‫وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم‪":‬أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن‬
‫إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذيء"‪......‬البيهقى‪.‬عن أبي الدرداء‪,‬وقال‬
‫فى صحيح الجامع برقم ‪, 135 :‬صحيح ‪.‬‬
‫ويكفى أن تعرف أن النبى صلى الله عليه وسلم سمى ووصف البر بأنه‬
‫حسن الخلق كما فى الحديث ‪ " :‬البر حسن الخلق‪ ،‬والثم ما حاك في‬
‫صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"‪.‬أخرجه البخاري في الدب وصحيح‬
‫مسلم والترمذي عن النواس بن سمعان‬
‫* أن يأمنك الناس وتهجر المعاصى فذلك ثمرة حسن الخلق‪:‬‬
‫وفى الحديث‪":‬المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم‪ ،‬والمهاجر من‬
‫هجر الخطايا والذنوب"‪ .‬ابن ماجة عن فضالة بن عبيد‪,‬وقال اللبانى فى‬
‫صحيح الجامع برقم ‪, 6658 :‬صحيح‪.‬‬
‫* واعلم أن اللفة من شيم المؤمنين ‪:‬‬
‫ففى الحديث ‪ ":‬المؤمن يألف ويؤلف‪ ،‬ول خير فيمن ل يألف ول يؤلف‪ ،‬وخير‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الناس أنفعهم للناس"‪....‬أخرجه الدارقطني في الفراد والضياء عن‬


‫جابر‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪, 6662 :‬وقال حسن ‪.‬‬
‫وفى الحديث أيضا ‪ " :‬المؤمن يألف‪ ،‬ول خير فيمن ل يألف ول‬
‫يؤلف"‪.....‬أخرجه أحمد في مسنده عن سهل بن سعد‪ ,‬وفى صحيح الجامع‬
‫برقم ‪, 6661 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫وفى الحديث ‪ " :‬المؤمن غر كريم‪ ،‬والفاجر خب لئيم"‪.....‬أخرجه أبو داود‬
‫والترمذي والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة‪.‬وفى صحيح الجامع برقم ‪:‬‬
‫‪, 6653‬وقال حسن ‪.‬‬
‫قال فى لسان العرب ‪:‬‬
‫دع لنقياده وِليِنه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫خ ِ‬
‫ن ِغّر كريم أي ليس بذي ن ُكر‪ ،‬فهو ين ْ َ‬ ‫م ُ‬‫وفي الحديث ‪ :‬المؤ ِ‬
‫ب‪.‬‬‫خ ّ‬
‫وهو ضد ال َ‬
‫ة‬‫ن طب ُْعه الَغرارةُ وقل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يقال‪ :‬فتى ِغّر‪ ،‬وفتاة ِغّر‪ ،‬يريد أن المؤمن المحمود َ م ْ‬
‫م وحسن‬ ‫َ‬
‫ك البحث عنه‪ ،‬وليس ذلك منه جهل ً ‪ ،‬ولكنه كَر ٌ‬ ‫الفطنة للشّر وتر ُ‬
‫خُلق ؛‬
‫ُ‬
‫وقال ابن الثير فى النهاية‪:‬‬
‫ساد ‪.‬‬
‫ف َ‬ ‫جْزب ُُر الذي يسعى بين الناس بال َ‬ ‫ع‪ ،‬وهو ال ُ‬ ‫دا ُ‬
‫ب بالفتح ‪ :‬الخ ّ‬ ‫والخ ّ‬
‫* واعلم أن الصبر على آذى الناس من اليمان لأنه من عظيم حسن الخلق ‪:‬‬
‫ففى الحديث ‪ " :‬المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم‪ ،‬أفضل من‬
‫المؤمن الذي ل يخالط الناس‪ ،‬ول يصبر على أذاهم"‪...‬أخرجه أحمد في‬
‫مسنده والبخاري في الدب والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر‪,‬وفى صحيح‬
‫الجامع برقم ‪, 6651 :‬وقال صحيح‪ ...... .‬أرأيت أخى هذا بعض ما فى حسن‬
‫الخلق من فضائل وخيرات وبركات ‪ ,‬فلما لنجبر النقص ونسد الخلل ونحصل‬
‫ن بعد السوء والحلو بعد المر والحسان فى‬ ‫حس َ‬ ‫ذلك الخير الكثير ونذوق ال ُ‬
‫المعاشرة بدل من الساءة والتعدى ‪ ,‬ما أحلى حسن الخلق وما أحلى مذاقه ‪,‬‬
‫فلنجعل من رمضان بداية عهد جديد ‪ ,‬فلنستقبل رمضان بحسن الخلق ولين‬
‫الجانب وحسن الطوية ومحاولة التلف فيما بيننا عسى ربنا أن‬
‫يرحمنا ‪.........‬‬
‫فهذا يا أخى رابعا مما نحاول أن نجعله من مقتضيات استقبال شهر رمضان‬
‫ذلك الضيف الكريم ‪..........‬‬
‫وخامسا‪ ...:‬المؤمن عف اللسان ‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫إن سوء اللسان من سوء الخلق ولكنه أخطره ولذلك ينبغى أن نعرف هذه‬
‫الخطورة ونحذرها ولعل كثير الشقاق بيننا وعدم اللفة والتفرق بين أصحاب‬
‫النهج الواحد بل ان من أعظم ما يخلق العداوة بين الولياء والرحام والصهار‬
‫حتى بين الرجل وامرأته كثير منها ان لم تكن كلها‪ ....‬بسبب اللسان‪...‬نعم إن‬
‫للسان خطورة شديدة ومن أعظمها خطورة بعد التكلم بالكفر والعياذ‬
‫بالله ‪...‬سب المؤمن‪...‬ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ‪ " :‬ساب المؤمن كالمشرف على الهلكة"‪ ......‬الطبراني في الكبير عن‬
‫ابن عمرو‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 3586 :‬وقال حسن ‪.‬‬
‫وقال أيضا صلى الله علبه وسلم ‪ " :‬ليس على رجل نذر فيما ل يملك‪ ،‬ولعن‬
‫عذب به يوم القيامة‪ ،‬ومن حلف بملة‬ ‫المؤمن كقتله‪ ،‬ومن قتل نفسه بشيء ُ‬
‫سوى السلم كاذبا فهو كما قال‪ ،‬ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله"‪ ....‬متفق‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه‬
‫وفى الحديث ‪":‬ليس المؤمن بالطعان‪ ،‬ول اللعان‪ ،‬ول الفاحش‪ ،‬ول‬
‫البذي"‪.....‬‬
‫أحمد في مسنده والبخاري في الدب وابن حبان في صحيحه والحاكم في‬
‫المستدرك عن ابن مسعود‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 5381 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫وفى الحديث " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده‪"...‬‬
‫ولهذا ينبغى أن نعلم أن فرقة الصف ‪ ,‬وتفرق الجمع ‪ ,‬وفك حزمة‬
‫المسلمين ‪ ,‬يرجع سبب ذلك الى أمور ‪ ,‬لعل من أعظمها التلعن بين‬
‫المسلمين ‪ ,‬فكل جماعة تلعن أختها ولو من طرف خفى ‪ ,‬وكل فرد يلعن من‬
‫ليس فى حزبه أو جماعته فتزداد بذلك الفرقة ‪ ,‬وتتعمق به الغربة بين‬
‫المسلمين ‪ ,‬وهذا لُيرضى ال أعداء السلم الذين يسعون فى المسلمين منذ‬
‫أمد بعيد بمبدأ فرق تسد ‪ ,‬وقد نجحوا فى ذلك مع السف ‪ ,‬وما ذلك ال‬
‫بسبب بعد المسلمين عن هدى نبيهم وشريعة ربهم ‪ ,‬وباتوا يلهثون وراء‬
‫الغرب الكافر الذى هو موطن أعدائهم ‪ ,‬ومحل مبغضيهم وحاسديهم ‪ ,‬باتوا‬
‫يتخذونهم أولياء ويتبعونهم فى كل صغيرة وكبيرة حتى فرقوهم وجعلوهم‬
‫شرازم متباغضين متناحرين ‪ ,‬حتى قامت بين المسلمين الحروب ‪ ,‬فبدل من‬
‫أن يتوجه المسلم بسلحه وقوته وضربته الى أعدائه الحقيقيين من الكفار‬
‫والملحدين ومن اليهود والنصارى وأشياعهم من دول الغرب الكافرة ‪ ,‬بدل‬
‫من هذا يجعل قوته ورميته فى صدر أخيه المسلم‪,‬فانا لله وانا اليه‬
‫راجعون‪...‬ولحول ول قوة ال بالله العلى العظيم‪...‬فلهذا أخى الكريم ينبغى‬
‫أن نتفطن لما أوقعنا فيه عدونا ‪ ,‬وقد ذقنا مرارة التفرق والتلعن والسب‬
‫والمقاتلة حتى كدنا نستنزف لصالح أعدائنا ‪ ,‬لنتنبه الى مثل هذه المور‬
‫العظام ونخرج أنفسنا من ورطة الغفلة التى وضعنا فيها بعدنا عن ديننا هذا‬
‫واحد ‪ ,‬وتربص ومكر أعدائنا الثانى ‪ ,‬قد تكون هناك أسباب أخر لكن الكل‬
‫يكاد يتفق على هذين السببين ‪ ,‬وينبغى أن يكون أخوك هو أخوك يشد عضدك‬
‫يحوطك من ورائك ‪...‬وهكذا ‪ ,‬فينبغى أن يكون ‪:‬‬
‫* المؤمن مرآة أخيه ‪:‬‬
‫ففى الحديث ‪ " :‬المؤمن مرآة المؤمن‪ ،‬والمؤمن أخو المؤمن‪ :‬يكف عليه‬
‫ضيعته‪ ،‬ويحوطه من ورائه"‪.....‬أخرجه البخاري في الدب وأبو داود عن أبي‬
‫هريرة‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 6656 :‬وقال حسن‪......‬وليس المر يقف‬
‫عند حد النصح والتعاون على الخير ‪ ,‬بل مجتمع المسلمين مجتمع مسئول ‪,‬‬
‫للمسلم على المسلم حقوق ‪ ,‬وعليه كذلك حق‪......‬‬
‫* حق المؤمن على أخيه‪:‬‬
‫فى الحديث ‪ " :‬للمؤمن على المؤمن ست خصال‪ :‬يعوده إذا مرض‪ ،‬ويشهده‬
‫إذا مات‪ ،‬ويجيبه إذا دعاه‪ ،‬ويسلم عليه إذا لقيه‪ ،‬ويشمته إذا عطس‪ ،‬وينصح‬
‫له إذا غاب أو شهد"‪ ....‬الترمذى والنسائى عن أبي هريرة‪.‬وفى صحيح الجامع‬
‫برقم ‪ ، 5188 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫وفى الحديث ‪ " :‬المؤمن أخو المؤمن فل يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه‬
‫‪ ،‬ول يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" ‪ ......‬أخرجه مسلم ‪ ،‬عن عقبة بن‬
‫عامر‪.‬‬
‫ً‬
‫ضا"‪....‬أخرجه‬ ‫ه ب َعْ َ‬
‫ض َ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫شد ّ ب َعْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن كالب ُن َْيا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م ِ‬
‫مؤ ِ‬‫ن لل ُ‬
‫م ُ‬
‫مؤ ِ‬‫وفى الحديث ‪ ":‬ال ُ‬
‫الشيخان من حديث أبي موسى ‪.‬‬
‫* أرأيت أخى كيف ينبغى أن نجعل من رمضان منطلق لربط الوصال بين‬
‫جمع الجماعة الحق التى ليحب الله غيرهم ويده سبحانه فوق ايديهم ‪,‬‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فلنجعل من استقبالنا للشهر الفضيل‬


‫مقاطعة للسب والتلعن والتهاجر ‪ ,‬ونجعل من دخول رمضان علينا نقطة‬
‫تحول الى الوحدة والتماسك والترابط كالبنيان ‪ ,‬ونذر كل سبب للفرقة‬
‫والشرزمة ولنتخذ من عفة اللسان وحسن الكلم سبيل الى ذلك والله‬
‫المستعان وعليه التكلن ولحول ول قوة ال بالله العلى العظيم‪ ......‬فهذا‬
‫يأخى الحبيب خامسا ‪...‬‬
‫* وسادسا‪ * ....:‬رحمة الصغير واحترام الكبير ‪:‬‬
‫إننا نعانى من أزمة احترام وتقدير لكل صاحب شأن سواء كان كبير فى‬
‫السن أو ذو مقام أو ما شابه ‪ ,‬وكذلك يستشعر المخالط لفريق الملتزمين‬
‫بنوع قسوة وشدة فى غير موضعها ‪,‬بعبارة أخرى نقص أو قل فقد رحمة‬
‫وتراحم والنبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يقول ‪:‬‬
‫"ليس منا من لم يجل كبيرنا ‪ ,‬ويرحم صغيرنا ‪ ,‬ويعرف لعالمنا حقه "‬
‫‪...‬أخرجه أحمد فى المسند والحاكم فى مستدركه ‪ ,‬وفى صحيح الجامع برقم‬
‫} ‪ { 5443‬وقال حسن ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ويقول "من ليرحم ليرحم" ويقول أيضا‪ ":‬الرحماء يرحمهم‬


‫الرحمن"‪.....‬ولهذا ينبغى أن نلوم أنفسنا بقدر كبير فى عدم نجاحنا فى‬
‫مقامات الدعوة مع عامة المسلمين ‪ ,‬ومن هم من أهل المعاصى والبدع ‪,‬‬
‫فهم مسئوليتنا ولعلنا ُنسأل عن هذه المسئولية فى‬
‫الخرة ‪ ,‬فالفظاظة والغلظة وعدم الرحمة والتراحم وانعدام‬
‫العطف والحترام فى محله وبضوابطه‪ ,‬هو سبب كبير ومؤثر فى دعوتنا سلبا‬
‫‪,‬وكذا فى مسالكنا وآدابنا وديننا بل والخطر وايماننا‪...‬وتذكر قول الله‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب َلن ْ َ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫ظا غَِلي َ‬
‫ت فَ ّ‬ ‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬‫ت ل َهُ ْ‬‫ن الل ّهِ ل ِن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫تعالى ‪ ":‬فَب ِ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ت فَت َوَك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حوْل ِ َ‬
‫ل عَلى‬ ‫م َ‬ ‫مرِ فَإ َِذا عََز ْ‬ ‫م ِفي ال ْ‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫فْر لهُ ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫ك َفاعْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن" ‪ : 159‬آل عمران‪ ....‬فهذا ياأخى بيان من الله‬ ‫ّ‬
‫مت َوَكِلي َ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ّ‬
‫اللهِ إ ِ ّ‬
‫تعالى يبين فيه أن من أعظم أسباب نجاح الدعوة الى الله واجتماع رباط‬
‫المسلمين حول قائدهم الحق هو الرحمة والحترام والتقدير لكل ذى منزله ‪,‬‬
‫واللين الباعث على اللفة والترابط ‪,‬وأن الِغلظة والفظاظة تبعث على‬
‫الفرقة والعداوة والنفضاض عن من النفضاض عنه هلك ‪,‬فتنبه أخى لذلك‬
‫ولنجعل من هذا منطلقا ً لستقبالنا لرمضان ومبعث حنو واحترام وتقدير‬
‫وتراحم بيننا وبين كل من نملك أن نفعل معه ذلك ‪,‬عسى أن يكون ذلك مبتدأ‬
‫خير علينا كأفراد بما ينعكس على جماعةِ ومجتمع المسلمين بالصلح‬
‫والصلح ‪ ,‬فهو ولى ذلك والقادر عليه وحده جل وعل ‪....‬هذا يأخى سادس‬
‫أمر من المور التى ينبغى أن تكون ركائز نرتكز عليها فى استقبالنا واغتنامنا‬
‫لشهر رمضان ‪.........‬‬
‫*سابعا‪** ......:‬الصدقة‪:‬‬
‫اوما أدراك ما الصدقة وما أثرها فى القلوب والبدان والموال والجر ‪,‬‬
‫وخاصة فى شهر الصدقات والجود والكرم‪...‬‬
‫والصدقة فى القرآن جاء ذكرها بما يدل على عظيم قدرها‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حِلي ٌ‬ ‫ي َ‬‫ه غن ِ ّ‬ ‫صد َقَةٍ ي َت ْب َعَُها أًذى َوالل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬
‫فَرةٌ َ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫معُْرو ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫قال تعالى‪ ":‬قَوْ ٌ‬
‫" ‪ : 263‬البقرة‬
‫خي ٌْر‬ ‫َ‬
‫قَراَء فهُوَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫ها ال ُ‬ ‫ها وَت ُؤُْتو َ‬ ‫فو َ‬ ‫خ ُ‬
‫ن تُ ْ‬ ‫ي وَإ ِ ْ‬‫ما هِ َ‬ ‫َ‬
‫ت فن ِعِ ّ‬ ‫َ‬
‫صد َقا ِ‬ ‫دوا ال ّ‬ ‫وقال تعالى‪ ":‬ت ُب ْ ُ‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خِبيٌر " ‪ : 271‬البقرة‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫فُر عَن ْك ُ ْ‬ ‫م وَي ُك َ ّ‬‫ل َك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫حب ّةٍ أن ْب َت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬‫ل الل ّهِ ك َ َ‬ ‫سِبي ِ‬‫م ِفي َ‬ ‫وال َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ُينفِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ ":‬‬
‫ع‬
‫س ٌ‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫ّ‬
‫ن ي َشاُء َوالل ُ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف لِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ضا ِ‬
‫ه يُ َ‬ ‫ّ‬
‫حب ّةٍ َوالل ُ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫مائ ُ‬ ‫َ‬
‫سن ْب ُلةٍ ِ‬ ‫ّ‬
‫ل ِفي كل ُ‬ ‫ُ‬ ‫سَناب ِ َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫َ‬
‫م " ‪ : 261‬البقرة …‬ ‫عَ ِ ٌ‬
‫لي‬
‫َ‬
‫ف‬‫ضاعَ ُ‬ ‫سًنا ي ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ه قَْر ً‬ ‫ضوا الل ّ َ‬ ‫ت وَأقَْر ُ‬ ‫صد َّقا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫صد ِّقي َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫وقال تعالى‪ ":‬إ ِ ّ‬
‫م " ‪ : 18‬الحديد‬ ‫جٌر ك َ‬ ‫ل َهم ول َه َ‬
‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ُ ْ َ ُ ْ‬
‫خي ٌْر ل َك ُْ‬
‫م‬ ‫صد ُّقوا َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كان ُذو عُسرة فَنظرة ٌ إَلى ميسرة وأ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫تعالى‪":‬‬ ‫وقال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ‬‫ٍ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َِ ْ‬
‫ن " ‪ : 280‬البقرة‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫م ت َعْل ُ‬ ‫ن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫ل كَ ّ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فارٍ أِثيم ٍ "‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ت َوالل ُ‬ ‫صد ََقا ِ‬ ‫ه الّرَبا وَي ُْرِبي ال ّ‬ ‫حقُ الل ُ‬ ‫م َ‬ ‫وقال تعالى‪ ":‬ي َ ْ‬
‫‪ : 276‬البقرة‬
‫فهذا بعض شأن الصدقة فى القرآن والسنة بينت أن الصدقة باب عظيم‬
‫لكثير من الخير فى الدنيا والخرة ‪:‬‬
‫فالصدقة من أعظم أسباب فكاك النفس من قيد الشيطان واخراجها من‬
‫سلطانه وهى من أعظم ما يصد عنه الشيطان والعياذ بالله تعالى‪:‬‬
‫ففى الحديث الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال ‪ " :‬ما يخرج رجل شيئا‬
‫من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانا"‪.....‬أخرجه أحمد في مسنده‬
‫والحاكم في المستدرك عن بريدة‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 5814 :‬وقال‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫وذلك لن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة الّله والشياطين‬
‫بصدد منع النسان من نيل هذه الدرجة العظمى فل يزالون يأبون في صده‬
‫عن ذلك والنفس لهم على النسان ظهيرة لن المال شقيق الروح فإذا بذله‬
‫في سبيل الّله فإنما يكون برغمهم جميعا ً ولهذا كان ذلك أقوى دليل ً على‬
‫استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير ل‬
‫للتحديد كنظائره ‪.‬‬
‫والصدقة من أعظم أسباب التداوى ففى الحديث الصحيح ‪:‬‬
‫أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ‪ " :‬داووا مرضاكم بالصدقة"‪.....‬أخرجه‬
‫ابو الشيخ فى الثواب عن ابى امامة‪ ,‬وفى صحيح الجامع برقم‪، 3358 :‬‬
‫وقال حسن ‪.‬‬
‫والمراد‪ :‬من نحو إطعام الجائع‪ ,‬واصطناع المعروف لذي القلب الملهوف‪,‬‬
‫وجبر القلوب المنكسرة كالمرضى من الغرباء والفقراء والرمل والمساكين‬
‫الذين ل يؤبه بهم‪ ,‬وكان ذوو الفهم عن الّله إذا كان لهم حاجة يريدون سرعة‬
‫حصولها كشفاء مريض يأمرون باصطناع طعام حسن بلحم كبش كامل ثم‬
‫يدعون له ذويالقلوب المنكسرة ‪,‬قاصدين فداء رأس برأس‪,‬وكان بعضهم‬
‫يرىأن يخرج من أعز ما يملكه فإذا مرض له من يعز عليه تصدق بأعز ما‬
‫يملكه من نحو جارية أو عبد أو فرس يتصدق بثمنه على الفقراء من أهل‬
‫العفاف‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫قال الحليمي‪ :‬فإن قيل‪ :‬أليس الّله قدر العمال والجال والصحة والسقم فما‬
‫فائدة التداوي بالصدقة أو غيرها ‪ ،‬قلنا‪ :‬يجوز أن يكون عند الّله في بعض‬
‫المرضى أنه إن تداوى بدواء سلم ‪,‬وإن أهمل أمره أفسد أمره المرض فهلك‬
‫‪.‬‬
‫* ثم الصدقة سهلة ميسورة والكل يمكنه التصدق مهما كان حاله فالتصدق‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نوعان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬صدقة الحتساب ‪ :‬ويدل عليها الحديث الصحيح أن النبى صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪ ":‬ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو‬
‫لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة وما أطعمت نفسك فهو لك‬
‫صدقة"‪ .....‬أخرجه أحمد فى المسند والطبرانى عن المقدام بن معد‬
‫يكرب ‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 5535 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫والثانى ‪ :‬صدقة البذل‪ :‬ويدل عليها ما جاء من مثل قول النبى صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ":‬أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى‪ ،‬واليد العليا خير من اليد‬
‫السفلى‪ ،‬وابدأ بمن تعول"‪....‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬أي ما بقيت لك بعد إخراجها كفاية لك ولعيالك واستغناء كقوله‬
‫تعالى } ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو{?‪.‬‬
‫ومن هنا نعرف أن التصدق سهل على كل واحد منا‪ ...‬ومن المهم أن نعرف‬
‫بعض ما يعظم أجر الصدقة فمن ذلك ‪:‬‬
‫ما جاء فى الحديث الصحيح ‪ " :‬أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح‪،‬‬
‫تأمل الغنى وتخشى الفقر‪ ،‬ول تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت‪ :‬لفلن كذا‪،‬‬
‫ولفلن كذا‪ ،‬أل وقد كان لفلن‪ ".‬متفق عليه ‪.‬‬
‫وفى الحديث أيضا ‪" :‬أفضل الصدقة جهد المقل‪ ،‬وابدأ بمن تعول"‪....‬أخرجه‬
‫أبو داود والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة‪,‬‬
‫وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 1112 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫وانظر معى الى ما جاء فى هذا الحديث الصحيح ‪ ":‬أفضل الصدقة الصدقة‬
‫على ذي الرحم الكاشح‪....".‬أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير‬
‫عن أبي أيوب‪،‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 1110 :‬وقال صحيح‪.‬‬
‫طوي‪.‬‬ ‫عداَوته وي َ ْ‬ ‫مر َ‬ ‫ض ِ‬
‫والكاشح ‪ :‬العَد ُوّ الذي ي ُ ْ‬
‫يعني‪ :‬أفضل الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه فالصدقة‬
‫عليه أفضل منها على ذي الرحم الغير كاشح لما فيه من قهر النفس للذعان‬
‫لمعاديها وعلى ذي الرحم المصافي أفضل أجرا ً منها على الجنبي لنه أولى‬
‫الناس بالمعروف‪.‬‬
‫وأحرص أخى فى أمر التصدق على ذوى الرحام ففى الحديث الصحيح ان‬
‫النبى صلى الله عليه وسلم قال ‪ " :‬الصدقة على المسكين صدقة‪ ،‬وهي على‬
‫ذي الرحم اثنتان‪ :‬صدقة‪ ،‬وصلة الرحم"‪.....‬أخرجه أحمد في مسنده‬
‫والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم في‬
‫المستدرك عن سلمان بن عامر‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 3858 :‬وقال‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫** والكلم على الصدقة سيل لينقطع‪....‬فهذا ياأخى الحبيب غيض من فيض‬
‫وقطرة من سيل ولعل فيه الكفاية لمن أراد الهداية ‪ ....‬فاحرص أيها المريد‬
‫للخير أن تجعل من استقبالك لرمضان نقطة انطلق الى رحابة البذل خروجا‬
‫من قيد الشح والبخل وتذكر قول الله تعالى ‪َ َ ?} :‬‬
‫قوا‬‫ن ل ُِتنفِ ُ‬ ‫م هَؤَُلِء ت ُد ْعَوْ َ‬ ‫هاأن ْت ُ ْ‬
‫ه ال ْغَن ِ ّ‬
‫ي‬ ‫سهِ َوالل ّ ُ‬ ‫ف ِ‬‫ن نَ ْ‬‫ل عَ ْ‬ ‫خ ُ‬ ‫ما ي َب ْ َ‬‫ل فَإ ِن ّ َ‬ ‫خ ْ‬‫ن ي َب ْ َ‬‫م ْ‬
‫ل وَ َ‬‫خ ُ‬ ‫ن ي َب ْ َ‬‫م ْ‬
‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ل الل ّهِ فَ ِ‬‫سِبي ِ‬
‫ِفي َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م { ‪38‬‬ ‫مَثالك ْ‬ ‫م ل ي َكوُنوا أ ْ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ما غَي َْرك ْ‬ ‫ل قَوْ ً‬‫ست َب ْدِ ْ‬
‫وا ي َ ْ‬ ‫ن ت َت َوَل ْ‬
‫قَراُء وَإ ِ ْ‬‫ف َ‬
‫م ال ُ‬
‫وَأن ْت ُ ْ‬
‫‪:‬محمد ‪ ...‬فلعل ذلك يكون سببا فى النتصار على هوى النفس المارة‬
‫بالسوء واخراجها من ظلماتها ‪ ,‬وذلك مع ورود انوار رمضان فيكون نور فوق‬
‫نور ‪ ,‬فلنستقبل رمضان بفعل الخيرات التى منها الصدقة وما أدراك ما‬
‫الصدقة‪ ...........‬هذا ياأخى المستقبل والداخل فى رمضان سابعا‪...‬أما‬
‫الثامن فهو‪....‬‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫*الثامن‪ ....:‬المجاهدة ‪...‬مجاهدة النفس التى هى طريق الجهاد بالنفس !‪:‬‬


‫ان الذين تتوق نفوسهم للجهاد فى سبيل الله جل وعل‪..‬ويتكلمون فى ذلك‬
‫المر كثيرا‪ ,‬لعلهم ليعلمون ان فى رمضان فرصة كبيرة لتربية النفس‬
‫‪,‬واقامة معسكر لعداد من يريد أن يكون من المجاهدين ‪ ,‬لن الجهاد بالنفس‬
‫يبداء بجهاد النفس وتربيتها أول‪...‬نعم بجهاد النفس أول‪...‬‬
‫ولبد للمؤمن‪ ...‬الذى تتوق نفسه بصدق إلى الجهاد فى سبيل الله‪ ...‬لبد له‬
‫من تربية النفس وتخليصها مما يهلكها‪ ,‬لبد أن يجعل من الدنيا سجن عما‬
‫حرم الله وعما يفسد الدين وينقص اليمان ‪,‬وهى كذلك للمؤمن ولبد ففى‬
‫الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬الدنيا سجن المؤمن‪،‬‬
‫وجنة الكافر"‪ .....‬أخرجه أحمد في مسنده ومسلم فى صحيحه والترمذي‬
‫وابن ماجة‬
‫عن أبي هريرة‪........‬أرأيت أخى كيف هى الدنيا للمؤمن‪...‬‬
‫ولذلك فالله ليصطفى أهل المعاصى والتولى عن الحق ونصرته ‪,‬المنهزمون‬
‫فى أنفسهم والذين ذلوا لشهواتهم ‪,‬الله ليتخذ ول يأتى بهؤلء بل يأتى بمن‬
‫يجاهدون أنفسهم بتربيتها على الحق والتخلص من أسر وقيود الشهوات‬
‫والهواء‪ ,‬حتى تخلص لربها ثم يختارهم ويأتى بهم لشرف الجهاد بالنفس‪...‬‬

‫)‪(10 /‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف ي َأِتي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ن ِدين ِهِ فَ َ‬
‫م عَ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ن ي َْرت َد ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬ياأي َّها ال ّ ِ‬
‫ن ِفي‬ ‫دو َ‬ ‫جاهِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬‫ري َ‬ ‫عّزةٍ عََلى ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫ن أَ ِ‬‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ه أذِل ّةٍ عََلى ال ْ ُ‬
‫حبون َ‬
‫م وَي ُ ِ ّ َ ُ‬ ‫حب ّهُ ْ‬
‫قوْم ٍ ي ُ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ع‬
‫س ٌ‬
‫ه َوا ِ‬ ‫شاُء َوالل ّ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ل الل ّهِ ي ُؤِْتيهِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ض ُ‬‫ك فَ ْ‬ ‫ة َلئ ِم ٍ ذ َل ِ َ‬ ‫ن ل َوْ َ‬
‫م َ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫ل الل ّهِ وََل ي َ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫م " ‪ : 54‬المائدة‬ ‫عَ ٌ‬
‫لي‬
‫ِ‬
‫ثم اذا أفلح العبد فى مجاهدة نفسه لعله يفلح باذن الله فى الجهاد سواء‬
‫بالسيف أو باللسان ففى الحديث ان النبى صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬إن‬
‫المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه"‪ ...‬أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في‬
‫الكبير عن كعب بن مالك‪,.‬وفى صحيح الجامع برقم‪ ، 1934 :‬وقال صحيح‪.‬‬
‫أيها الخوة الشباب جاهدوا أنفسكم لنفسكم أول حتى تستمروا فى المسيرة‬
‫بل فتن أو انقطاع أو انقلب‪...‬وهنيئا لمن شاب فى السلم هنيئا ‪..‬ففى‬
‫الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم? قال ‪ " :‬الشيب نور‬
‫المؤمن‪ .‬ل يشيب رجل شيبة في السلم إل كانت له بكل شيبة حسنة‪ ،‬ورفع‬
‫بها درجة"‪ .....‬أخرجه البيهقي في شعب اليمان عن ابن عمرو‪,‬وفى صحيح‬
‫الجامع برقم‪ ، 3748 :‬وقال حسن‪.‬‬
‫فلنجعل نحن معشر المسلمين ‪ ,‬من رمضان وصيامه ‪ ,‬وقيامه ‪ ,‬والتصدق ‪,‬‬
‫والتلوة القرآنية التى لتنقطع ال لنوم أو خلء أو طعام ‪,‬ولمانع أن تقراء‬
‫الحائض والجنب مما يحفظ حتى يطهر فيقراء من المصحف ‪ ,‬وهكذا الذكر‬
‫الدائم وبذل المعروف ‪, ,‬وافطار الصائمين من المال الحلل ولو تمرة‬
‫‪,‬وادخال السرور على الضعفاء والمساكين والرامل والفقرأء وخيرهم من‬
‫كان يتيما وخاصة من كان من أهل الصلح وعمل الخير‪,‬وصلة الرحام‬
‫والحسان الى الجيران ‪ ,‬وحسن الخلق مع الهل والصحاب والعشيرة ‪,‬‬
‫والزواج والذرية ‪,‬وغيرهم والعفوا فى أيام العفو ‪,‬وانظار ذوى العسار‪,‬‬
‫واسقاط الدين عمن ليجد وانت تقدر ولو من زكاة المال‪ ,‬والمر بالمعروف‬
‫برفق ومعروف واصلح ‪,‬‬
‫والنهى عن المنكر بما ليترتب عليه منكر أكبر‪ ,‬وكذلك ما هو أعظم من‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخلص لله فى كل قول وعمل‪ ,‬والمحافظة على الصلوات فى وقتها جماعة‬


‫للستكثار من الجر ‪ ,‬وبر الوالدين وخفض جناح الرحمة لهم ‪ ,‬كل ذلك يكون‬
‫مع مجاهدة النفس فى ترك المنكرات سواء ما كان دائما أو عرضا ‪,‬فان من‬
‫اعظم اسباب العانة على فعل الخيرات ترك المنكرات‪,..‬كل هذا وغيره‬
‫ينبغى أن يستقبل به العبد شهر رمضان ‪ ,‬ويغتنمه ليكون معسكر اعدادٍ‬
‫للجهاد‪ ,‬نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى ‪......‬هذا ياصاحبى وأخى فى‬
‫الله ثامنا فى مسيرة استقبال ‪..‬واغتنام رمضان المبارك‪.....‬‬
‫*تاسعا‪...:‬الطريق القصد‪ ....‬السنة علما وعمل ‪:‬‬
‫ل فَت َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫فّر َ‬ ‫سب ُ َ‬‫ما َفات ّب ُِعوه ُ وَل ت َت ّب ُِعوا ال ّ‬ ‫قي ً‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬وَأ ّ‬
‫ن{ ‪ : 153‬النعام‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬‫م ب ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫صاك ُ ْ‬ ‫م وَ ّ‬ ‫سِبيل ِهِ ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ب ِك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ات ّب َعَِني‬ ‫م ْ‬ ‫صيَرةٍ أَنا وَ َ‬ ‫عو إ َِلى الل ّهِ عََلى ب َ ِ‬ ‫سِبيِلي أد ْ ُ‬ ‫ل هَذِهِ َ‬ ‫وقال تعاللى ‪ } :‬قُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن { ‪ : 108‬يوسف‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما أَنا ِ‬ ‫ن الل ّهِ وَ َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫وَ ُ‬
‫رض‬ ‫مع ِ‬ ‫فهذا بيان من الله تعالى لهداية من أراد الهدى وشدد سبحانه على ال ُ‬
‫عن طريق السنة والحق بالوعيد الشديد‪.....‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حقّ وَإ ِ ْ‬ ‫ض ب ِغَي ْرِ ال َ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬
‫َ‬
‫ن ي َت َكب ُّرو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن آَياِتي ال ّ ِ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫صرِ ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫فقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن ي ََرْوا‬ ‫ً‬
‫سِبيل وَإ ِ ْ‬ ‫خذوه ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سِبيل الّرشد ِ ل ي َت ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ََرْوا َ‬ ‫مُنوا ب َِها وَإ ِ ْ‬ ‫ل آي َةٍ َل ي ُؤْ ِ‬ ‫ي ََرْوا ك ُ ّ‬
‫ن { ‪: 146‬‬ ‫كاُنوا عَن َْها َ‬ ‫م ك َذ ُّبوا ِبآَيات َِنا وَ َ‬ ‫َ‬ ‫سِبيًل ذ َل ِ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫سِبي َ‬
‫غافِِلي َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫ذوه ُ َ‬ ‫ي ي َت ّ ِ‬ ‫ل الغَ ّ‬ ‫َ‬
‫العراف‬
‫فاحرص أخى على طلب الهدى واتباعه فهو سبيل مرضات الله تعالى ومن‬
‫كان يحب الله فليأت بالبرهان وهو اتباع الرسول وهديه ومن كان يطلب‬
‫محبة الله فالطريق اليها هو اتباع الرسول وهديه ‪....:‬‬
‫م‬ ‫َ‬
‫فْر لك ُ ْ‬ ‫ه وَي َغْ ِ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ْ‬‫ه َفات ّب ُِعوِني ي ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬قُ ْ‬
‫م { ‪ : 31‬آل عمران‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫ذ ُُنوب َك ُ ْ‬
‫والنبى صلى الله عليه وسلم يقول‪ ":‬قد تركتكم على البيضاء‪ :‬ليلها كنهارها‪،‬‬
‫ل يزيع عنها بعدي إل هالك‪ ،‬ومن يعش منكم فسيرى اختلفا كثيرا‪ ،‬فعليكم‬
‫بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين‪ ،‬عضوا عليها‬
‫بالنواجذ‪ ،‬وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا‪ ،‬فإنما المؤمن كالجمل النف‬
‫حيثما قيد انقاد"‪.....‬أخرجه أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم في‬
‫المستدرك عن عرباض‪ .‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 4369 :‬وقال صحيح ‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫فعليك أخى أن تنطلق فى رمضان‪ .....‬ونفسك طيعة تلين لك فى فعل البر‬


‫لينا لتجده منها فى غير رمضان‪....‬أغتنم هذا اللين وانطلق فى معسكر البر‬
‫والخير الى ما ينبغى أن تنطلق اليه وهو تربية النفس ‪,‬وهذا المر العظيم يبدأ‬
‫من العلم والتعلم ‪ ,‬نعم قد يكون النسان ذو همة واخلص ولكنه جاهل ‪,‬‬
‫فعندئذ قد يفسد فى دينه أكثر مما يصلح ‪ ,‬فالطريق القصد المستقيم الذى‬
‫يوصل الى الحق واقامة النفس على ما يرضى الرب ويبعث على محبته هو‬
‫إتباع السنة علما وعمل‪....‬أجعل من رمضان انطلقة علم وعمل من خلل‬
‫مها والعمل بها لتكون من أهل الحق ‪ ,‬والسنة ‪ ,‬ل من أهل الضلل‬ ‫السنة تعل ُ‬
‫والبدع‪....,‬نسأله سبحانه أن يعلمنا ما ينفعنا‪.....‬وينفعنا بما علمنا‪ ....‬فى الدنيا‬
‫والخرة‪....‬أمين‪....‬أمين‪ ...‬هذا أخيه التاسع فى خطة اسقبال رمضان‬
‫واغتنامه ‪........‬‬
‫*ثم العاشر‪ :‬الفرق بين المؤمن والمنافق ‪:‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عرفنا فيما سبق ان شهر رمضان هو خير الشهور على المؤمنين ‪ ,‬وشر‬
‫الشهور على المنافقين ‪ ,‬ومن أعظم علمات النفاق هى النكسار أمام‬
‫الفتن‪ ,‬كما تنكسر الزرة أمام الريح‪ ,‬بينما المؤمن مثل السنبلة تميل مع‬
‫الريح ثم تعود قائمة لتنكسر‪ ,‬عفانا الله من النفاق وشؤمه ‪ ,‬وجَعلنا من أهل‬
‫اليمان الصادقين المخلصين‪.....‬أمين‪.....‬أمين‬
‫ففى الحديث ‪ ":‬مثل المؤمن كمثل خامة الزرع‪ :‬من حيث أتتها الريح كفتها‪،‬‬
‫فإذا سكنت اعتدلت؛ وكذلك المؤمن‪ .‬يكافأ بالبلء‪ .‬ومثل الفاجر كالرزة‪:‬‬
‫صماء معتدلة حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء " ‪ .‬متفق عليه‬
‫وفى الحديث ‪ " :‬مثل المؤمن مثل السنبلة‪ :‬تميل أحيانا‪ ،‬وتقوم أحيانا‬
‫"‪.....‬أخرجه أبو يعلى في مسنده والضياء عن أنس ‪,‬وفى صحيح الجامع برقم‬
‫‪ ، 5845 :‬وقال صحيح‪.‬‬
‫خر مرة‪ .‬ومث ُ‬
‫ل‬ ‫وفى الحديث ‪ ":‬مثل المؤمن مثل السنبلة‪ :‬تستقيم مرة‪ ،‬وت َ ِ‬
‫الكافر مثل الرزة‪ :‬ل تزال مستقيمة حتى تخر ول تشعر"‪.....‬أخرجه أحمد في‬
‫مسنده والضياء عن جابر‪,‬وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 5844 :‬وقال صحيح ‪.‬‬
‫ولذلك ينبغى أخى أن تجعل من رمضان وما فيه من صنائع المعروف بداية‬
‫عهد جديد وباب عظيم لمراجعة النفس طلبا للخلص من النفاق ‪,‬حتى يكون‬
‫رمضان لك من خير الشهور ‪ ,‬ولن الفوز مع الخلص ‪ ,‬والهلك مع النفاق‬
‫‪,‬عافانا الله بفضله وجوده وكرمه‪ .....‬ولبد أن تعلم أخى أمرا هام فى هذا‬
‫المقام وهو أن كل ما تقدم لنفسك من خير تجده فى الخرة ليضيع‬
‫أبدا‪.....‬ليضع‪ ....‬ليضيع أجر المؤمن عند الله أبدا ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫موا ِل َن ْ ُ‬
‫م‬‫خي ًْرا وَأعْظ َ‬ ‫عن ْد َ اللهِ هُوَ َ‬
‫دوه ُ ِ‬
‫ج ُ‬
‫خي ْرٍ ت َ ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ف ِ‬ ‫قد ّ ُ‬
‫ما ت ُ َ‬
‫قال تعالى ‪ } :‬وَ َ‬
‫م { ‪ : 20‬المزمل‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حي ٌ‬‫فوٌر َر ِ‬ ‫ن الل َ‬‫ه إِ ّ‬‫فُروا الل َ‬‫ست َغْ ِ‬
‫جًرا َوا ْ‬
‫أ ْ‬
‫وفى الحديث‪ ":‬إن الله تعالى ل يظلم المؤمن حسنة‪ :‬يعطى عليها في الدنيا‬
‫ويثاب عليها في الخرة‪ .‬وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا‪ ،‬حتى إذا‬
‫أفضى إلى الخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا"‪....‬أخرجه أحمد في‬
‫مسنده وصحيح مسلم عن أنس‪.‬‬
‫والله يستر المؤمن فى الخرة ‪:‬‬
‫ففى الحديث‪ " :‬إن الله تعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من‬
‫الناس‪ ،‬ويقرره بذنوبه‪ ،‬فيقول‪ :‬أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول‪:‬‬
‫نعم أي رب‪ ،‬حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال‪ :‬فإني قد‬
‫سترُتها عليك في الدنيا‪ ،‬وأنا أغفرها لك اليوم‪ ،‬ثم ُيعطى كتاب حسناته بيمينه‪.‬‬
‫وأما الكافر والمنافق فيقول الشهاد‪" :‬هؤلء الذين كذبوا على ربهم‪ ،‬أل لعنة‬
‫الله على الظالمين " ‪ .‬متفق عليه‬
‫ولكن الفتن يرقق بعضها بعضا ‪:‬‬
‫دل أمته على ما‬ ‫ففى الحديث ‪ " :‬إنه لم يكن نبي قبلي إل كان حقا عليه أن ي ُ‬
‫جعل عافيتها في‬ ‫يعلمه خيرا ً لهم وينذرهم ما يعلمه شرا ً لهم وإن أمتكم هذه ُ‬
‫ضها‬ ‫ئ فتن فيرقق بع ُ‬ ‫أولها وسيصيب آخرها بلٌء شديد وأموٌر تنكرونها وتج ُ‬
‫مهلكتي ثم تنكشف وتجئ الفتنة‬ ‫بعضا وتجئ الفتنة فيقول المؤمن‪ :‬هذه ُ‬
‫فيقول المؤمن‪ :‬هذه هذه فمن أحب منكم أن ُيزحزح عن النار ويدخل الجنة‬
‫منيته وهو يؤمن بالله واليوم الخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن‬ ‫فلتأتيه َ‬
‫ُيؤَتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع‬
‫خر ينازعه فاضربوا عنق الخر"‪ .....‬أخرجه أحمد فى المسند‬ ‫فإن جاء آ َ‬
‫ومسلم والنسائى عن ابن عمرو‬
‫بل كيف أنت فى فتنة الدجال عفانا الله ووقانا شر الفتن ‪:‬‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫ففى الحديث ‪ " :‬يخرج الدجال فيتوجه ِقبله رجل من المؤمنين فيلقاه‬
‫المشايخ مشايخ الدجال يقولون له‪ :‬أين تعمد؟ فيقول أعمد إلى هذا الذي‬
‫خرج فيقولون له‪ :‬أو ما تؤمن بربنا فيقول‪ :‬ما بربنا خفاٌء فيقولون‪ :‬اقتلوه‬
‫فيقول بعضهم لبعض‪ :‬أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا ً دونه؟ فينطلقون‬
‫به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال‪ :‬يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر‬
‫شج فيقول‪ :‬خذوه‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر الدجال به في ُ َ‬
‫وشجوه فيوسع بطنه و ظهره ضربا فيقول‪ :‬أما تؤمن بي؟ فيقول‪ :‬أنت‬
‫مفرقه حتى يفرق بين رجليه‬ ‫المسيح الكذاب فيؤمر به فُينشر بالمنشار من ِ‬
‫ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له‪ :‬قم فيستوي قائما ً ثم يقول له‪:‬‬
‫ت فيك إل بصيرة ثم يقول‪ :‬يا أيها الناس إنه ل‬ ‫أتؤمن بي؟ فيقول ما ازدد ُ‬
‫ُيفعل بعدي بأحد من الناس فيأخذه الدجال فيذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى‬
‫ترقوته نحاسا فل يستطيع إليه سبيل فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب‬
‫الناس أنما قذفه في النار وإنما ألقي في الجنة هذا أعظم الناس شهادة عند‬
‫رب العالمين"‪ .....‬أخرجه مسلم عن أبي سعيد ‪.‬‬
‫ولذلك القوة فى الدين ‪:‬‬
‫ب إلى الله من المؤمن الضعيف‬ ‫ففى الحديث ‪ " :‬المؤمن القوي خيٌر وأح ُ‬
‫ل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ول تعجز وإن أصابك شيءٌ‬ ‫وفي ك ٍ‬
‫ت كان كذا وكذا‪ ،‬لكن قل‪ :‬قدر الله وما شاء فعل فإن لو‬ ‫فل تقل‪ :‬لو أني فعل ُ‬
‫تفتح عمل الشيطان "‪ ......‬أحمد‪ ,‬مسلم ‪ ،‬عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫العمل للخرة هو الهم ‪:‬‬
‫ففى الثر‪ " :‬أعظم الناس هما المؤمن‪ ،‬يهتم بأمر دنياه وبأمر‬
‫آخرته"‪.......‬إبن ماجة عن أنس‪...‬ولعله ليصح مرفوعا‪...‬‬
‫ولتتمنى الموت مهما كانت الفتنة أو المصيبة ‪:‬‬
‫ففى الحديث عن أنس رضي الّله عنه قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ه‪،‬‬
‫صاب َ ُ‬
‫ضّر أ َ‬‫ن ُ‬
‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫مو ْ َ‬‫م ال َ‬‫حد ُك ُ ُ‬‫نأ َ‬ ‫ي صلى الّله عليه وسلم‪" :‬ل ي َت َ َ‬
‫من ّي َ ّ‬ ‫قال النب ّ‬
‫ً‬
‫خْيرا لي‪ ،‬وَت َوَفِّني إَذا‬ ‫حياة ُ َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫حِيني ما كان َ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ّ‬
‫ل‪ :‬اللهُ ّ‬ ‫ْ‬
‫عل ً فَلي َ ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ن ل ب ُد ّ فا ِ‬‫ن كا َ‬ ‫فإ ْ‬
‫خْيرا ِلي"‪...‬أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وفاة ُ َ‬ ‫ت ال َ‬ ‫َ‬
‫كان َ ِ‬
‫وفى الحديث ‪ " :‬ل يتمنين أحدكم الموت ول يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا‬
‫مات أحدكم انقطع عمله وإنه ل يزيد المؤمن عمره إل خيرا"‪ .........‬أخرجه‬
‫أحمد فى المسند ومسلم عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫وهذه الفتن البليا وراءها مع اليمان الجر أو حط الخطايا وتكفير الذنوب ‪:‬‬
‫فعند مسلم فى كتاب البر والصله ‪ :‬عن السود عن عائشة قالت قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ":‬ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إل رفعه‬
‫الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة "‬
‫وفى رواية ‪ :‬عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪ ":‬ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إل كتب الله له بها‬
‫حسنة أو حطت عنه بها خطيئة"‬
‫وفى رواية‪:‬عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول ‪ " :‬ما يصيب المؤمن من وصب ول نصب ول سقم ول حزن حتى‬
‫الهم يهمه إل كفر به من سيئاته "‬
‫والثأر الربانى‪:‬ـ‬
‫*من آذى لى وليا ‪:‬‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فى الحديث ‪ ":‬إن الله تعالى قال‪ :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما‬
‫تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب‬
‫إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي‬
‫يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها‪ ،‬وإن سألني لعطينه‪،‬‬
‫وإن استعاذني لعيذنه‪ ،‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس‬
‫المؤمن‪ :‬يكره الموت‪ ،‬وأنا أكره مساءته"‪ .....‬صحيح البخاري عن أبي‬
‫هريرة‪.....‬‬
‫وهكذا ينبغى أن يكون رمضان وما فيه من نفحات ربانية ‪ ,‬هو سببل الصلح‬
‫والصلح ‪,‬فالنفس لينه بفضل الله وبسبب الصيام ‪ ,‬والناس بينهم شعور‬
‫جماعى بأن هذه اليام ليست كسائر اليام ‪,‬والوقت لينبغى أن تكون فيه‬
‫برحة بغير طاعة ‪ ,‬فالنهار صيام وذكر وتلوة ‪,‬والليل قيام وسماع القرآن ‪,‬‬
‫ورؤية الناس مجتمعين على طاعة ‪ ,‬ذلك كله يبعث على انكسار لهيب‬
‫الشهوات ‪ ,‬وميل النفس لفعل الخيرات ‪ ,‬وتهيؤ النفوس للطاعات بما لتكون‬
‫مهيئة عليه فى غير رمضان ‪,‬هذا وغيره كثير تعد بمثابة عوامل‪ ....‬بفضل الله‬
‫تعالى‪....‬مساعدة على أن نجعل من شهر رمضان معسكر ايمانى كبير‬
‫‪...‬وإياك أخى الكريم أن تستقبل رمضان على حال المغبونين المفرطين‬
‫المضيعين ‪ ,‬الذين كادوا أن يهلكوا من شدة الظمأ ثم يردون الماء ويعدون‬
‫ة عظيمة لتضيعها ‪ ,‬فمن أحياه الله الى رمضان فقد‬ ‫ً‬
‫أشد ظمأ ‪....‬فتلك فرص ٌ‬
‫من عليه منة كبيرة ‪ ,‬تستوجب الشكر ‪ ,‬فمن شكر نجا ومن كفر النعمة‬
‫هلك‪......‬نعوذ بالله من الهلك‪.‬‬
‫وفى الحديث ‪ " :‬رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي‪ ،‬ورغم أنف رجل‬
‫دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له‪ ،‬ورغم أنف رجل أدرك عنده‬
‫أبواه الكبر فلم يدخله الجنة" ‪ ..‬أخرجه الترمذى والحاكم عن أبى هريرة‪,‬‬
‫وفى صحيح الجامع برقم ‪ ، 3510:‬وقال صحيح‬

‫)‪(13 /‬‬

‫و"رغم"‪ :‬بكسر الغين‪ ،‬وتفتح و بفتح الراء قبلها‪ :‬أي لصق أنفه بالتراب‪ ،‬وهو‬
‫كناية عن حصول غاية الذل والهوان‪ ,,,,........‬نسأل الله العفو والعافية فى‬
‫الدين والدنيا‪....‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫مختصر لبعض أحكام الصيام‪:‬ـ‬
‫*الصيام‪:‬‬
‫الصيام لغة‪ :‬المساك وفي الشرع‪" :‬إمساك مخصوص" وهو المساك عن‬
‫الكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع "في النهار على الوجه‬
‫المشروع" ويتبع ذاك المساك عن اللغو والرفث وغيرهما من الكلم المحّرم‬
‫والمكروه‪ ،‬لورود الحاديث بالنهي عنها في الصوم زياده على غيره‪ ،‬في وقت‬
‫مخصوص بشروط مخصوصة‪.‬‬
‫* معرفة أنواع الصيام‪:‬‬
‫الصوم الشرعي منه واجب‪ ،‬ومنه مندوب إليه‪.‬‬
‫والواجب ثلثة أقسام‪ :‬منه ما يجب للزمان نفسه‪ ،‬وهو صوم شهر رمضان‬
‫بعينه‪ .‬ومنه ما يجب لعلة‪ ،‬وهو صيام الكفارات‪ .‬ومنه ما يجب بإيجاب النسان‬
‫ذلك على نفسه‪ ،‬وهو صيام النذر‪.‬‬
‫)‪ (1‬صيام شهر رمضان‪:‬‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هو فرض عين على كل مكلف قادر على الصوم‪ ،‬وقد فرض في عشر من‬
‫شهر شعبان بعد الهجرة بسنة ونصف‪ ،‬ودليله الكتاب والسنة والجماع‪ ،‬أما‬
‫ب عليكم الصيام{ إلى قوله‪:‬‬ ‫الكتاب فقد قال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنوا كت ِ َ‬
‫}شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن{‬
‫وأما السنة فمنها قوله صلى الّله عليه وسلم‪" :‬بنى السلم على خمس‪:‬‬
‫شهادة أن ل إله إل الّله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول الّله‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪،‬‬
‫والحج‪ ،‬وصوم رمضان" رواه البخاري‪ ،‬ومسلم عن ابن عمر‪ ،‬وأما الجماع‬
‫فقد اتفقت المة على فرضيته‪ ،‬ولم يخالف أحد من المسلمين‪ ،‬فهي معلومة‬
‫من الدين بالضرورة‪ ،‬ومنكرها كافر‪ ،‬كمنكر فرضية الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪.‬‬
‫)‪ (2‬أركان الصيام‪.‬‬
‫إن للصيام ركنين )منهم من جعلهم ثلثة (‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬المساك‪...‬وهذا متفق عليه‪ ...‬أجمعوا على أنه يجب على الصائم‬
‫المساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع لقوله تعالى }فالن‬
‫باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط‬
‫البيض من الخيط السود من الفجر{‪)،‬وهذا بخلف من جعل الزمن الذى هو‬
‫محل الصوم ركن ‪ ,‬فيكون الكلم على ركنين دون الزمن(‬
‫ثانيهما‪ :‬النية‪....‬وهذا مختلف فيه والحق أنه ركن لن الحديث دل‬
‫عليه‪،...‬ويجب تجديدها لكل يوم صامه؛ ول بد من تبييتها‪ ،‬أي وقوعها ليل ً قبل‬
‫الفجر‪ ،‬ولو من بعد المغرب؛مع التعيين بأن يقول بقلبه لبلسانه‪ :‬نويت صوم‬
‫صّلى الله‬ ‫َ‬ ‫فص َ ُ‬
‫ي َ‬‫ن الّنب ّ‬
‫مؤمنين رضي الله عنها أ ّ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫غد من رمضان‪ ،‬وعن َ‬
‫ة‬
‫مس ُ‬ ‫ه" رواهُ الخ ْ‬ ‫ل الفجر فل صيام ل ُ‬ ‫م قَب ْ َ‬
‫صيا َ‬‫م ي ُب َّيت ال ّ‬ ‫نل ْ‬‫َ‬ ‫سّلم قال‪" :‬م ْ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ن الليل" ‪ ,‬والحديث عام للفرض والنفل والقضاء‬ ‫ضه م َ‬ ‫فر ْ‬ ‫‪" ,‬ل صيام لمن َلم ي ْ َ‬
‫والنذر‪.‬‬
‫)‪ (3‬شروط الصيام‪.‬‬
‫تنقسم شروط الصيام الى‪ :‬شروط وجوب‪ ،‬وشروط صحة‪،‬‬
‫*أما شروط وجوبه فأربعة‪:‬‬
‫أحدها البلوغ‪ ،‬فل يجب الصيام على الصبي‪ ،‬ولكن يؤمر به لسبع سنين إن‬
‫أطاقه‪،‬‬
‫ثاينها‪ :‬السلم‪ ،‬فل يجب على الكافر وجوب مطالبة‪،‬‬
‫ثالثها‪ :‬العقل‪ ،‬فل يجب على المجنون‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬الطاقة حسا ً وشرعًا‪ ،‬فل يجب على من لم يطقه لكبر أو مرض ل‬
‫يرجى برؤه لعجزه حسًا‪ ،‬ول على نحو حائض لعجزها شرعًا‪،‬‬
‫* وأما شروط صحته‪ ،‬فأربعة أيضًا‪:‬‬
‫الول‪ :‬السلم حال الصيام‪ ،‬فل يصح من كافر أصلي‪ ،‬ول مرتد كتارك الصلة‬
‫أو من يسب الله ورسوله وكتابه‪.‬‬
‫ً‬
‫الثاني‪ :‬التمييز‪ ،‬فل يصح من غير مميز‪ ،‬فإن كان مجنونا ل يصح صومه‪،‬‬
‫الثالث‪ :‬خلو الصائم من الحيض والنفاس والولدة وقت الصوم وإن لم تر‬
‫الوالدة دمًا‪،‬‬
‫الرابع‪ :‬أن يكون الوقت قابل ً للصوم‪ .‬فل يصح صوم يومي العيد وأيام‬
‫التشريق‪ ،‬فإنها أوقات غير قابلة للصوم‪،‬‬
‫**المفطرون في الشرع على ثلثة أقسام‪:‬‬
‫) أ (‪ .‬صنف يجوز له الفطر والصوم بإجماع‪.‬‬
‫مرو‬ ‫ن عَ ْ‬
‫ن حمزةَ ب ِ‬ ‫وهو المريض بإتفاق‪ ،‬والمسافر باختلف‪ )،‬فى الحديث ع ْ‬
‫ه قال‪ :‬يا رسول الله َأجد ُ بي قوّة ً على الصيام في‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫السلمي رضي الله عن ُ‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة‬
‫خص ٌ‬‫سّلم‪" :‬هي ُر ْ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬‫ح؟ فقال رسول الله َ‬ ‫جنا ٌ‬ ‫ي ُ‬
‫ل عل ّ‬ ‫سفر فَهَ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح عليه" رواهُ‬ ‫ن يصوم فل جنا َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫ن‪ ،‬و َ‬‫ن أخذ بها فحس ٌ‬ ‫من الله فم ْ‬
‫مّتفق عليه( ‪ ,‬والحامل والمرضع والشيخ الكبير‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه في ال ُ‬ ‫م وأصل ُ‬ ‫مسل ٌ‬ ‫ُ‬
‫)والحامل والمرضع إذا أفطرتا‪ ,‬يطعمان ول قضاء عليهما‪ ،‬وهو مروي عن ابن‬
‫عمر وابن عباس‪ ,‬ولعله أصح القوال مع الخلف ‪ ,‬وأما الشيخ الكبير والعجوز‬
‫اللذان ل يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا‪،‬عليهما‬
‫الطعام مد عن كل يوم‪ ،‬وقيل إن حفن حفنات كما كان أنس يصنع أجزأه ‪,‬‬
‫ولعل هذا هو الحق مع الخلف فى ذلك ‪( ,‬‬
‫)ب(‪ .‬وصنف يجب عليه الفطر على اختلف في ذلك بين‬
‫صلى الله‬ ‫ّ‬ ‫سول الله َ‬ ‫المسلمين‪....‬كالحائض والنفساء‪.‬وفى الحديث قال ر ُ‬
‫َ‬
‫مّتفقٌ عليه‪ ،‬في‬ ‫م؟" ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ص ّ‬
‫ل ول ْ‬ ‫مْرأة ُ لم ت ُ َ‬ ‫ت ال َ‬‫ض ِ‬‫حا َ‬
‫س إذا َ‬ ‫سّلم‪" :‬ألي َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ث طوي ٍ‬ ‫حدي ٍ‬
‫)ج(‪ .‬وصنف ل يجوز له الفطر‪،‬وهو من كان من غير هؤلء‪.‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫)‪ (4‬ثبوت شهر رمضان‪.‬‬


‫*يثبت شهر رمضان بأحد أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬رؤية هلله إذا كانت السماء خالية مما يمنع الرؤية من غيم أو دخان أو‬
‫غبار أو نحوها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إكمال شعبان ثلثين يوما ً إذا لم تكن السماء خالية مما ذكر لقوله‬
‫صلى الّله عليه وسلم‪" :‬صوموا لرؤيته‪ ،‬وأفطروا لرؤيته‪ ،‬فإن غم عليكم‪،‬‬
‫فأكملوا عدة شعبان ثلثين"؛ رواه البخاري عن أبي هريرة‪ ،‬ومعنى الحديث‪:‬‬
‫أن السماء إذا كانت صحوا ً أمر الصوم متعلقا ً برؤيته الهلل‪ ،‬فل يجوز الصيام‬
‫إل إذا رئي الهلل‪ ،‬أما إذا كان بالسماء غيم‪ ،‬فإن المرجع في ذلك يكون إلى‬
‫شعبان‪ ،‬بمعنى أن نكمله ثلثين يومًا‪ .‬بحيث لو كان ناقصا ً في حسابنا نلغي‬
‫ذلك النقص‪ ،‬وإن كان كامل ً وجب الصوم‪،‬ويجب على من رأى الهلل‪ ،‬وعلى‬
‫من صدقه الصيام‪،‬‬
‫*إذا ثبت الهلل بقطر من القطار‬
‫اذا ثبت رؤية الهلل بقطر من القطار وجب الصوم على سائر القطار‪ ،‬ل‬
‫فرق بين القريب من جهة الثبوت والبعيد إذا بلغهم من طريق موجب للصوم‪.‬‬
‫ول عبرة باختلف مطلع الهلل مطلقًا‪ ،‬عند ثلثة من الئمة؛ وخالف‬
‫صّلى الله عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫رسول الله َ‬ ‫الشافعية‪،‬والحق مع الجمهور‪.‬وفى الحيث أن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫م عليك ْ‬ ‫صوموا وإذا رأيتموهُ فأفطروا‪ ،‬فإن غُ ّ‬‫سّلم قال‪" :‬إذا رأيتموهُ ف ُ‬‫وَ َ‬
‫مى عليكم فاقُد ُُروا له ثلثين"‬ ‫ُ‬
‫م‪" :‬فإن أغ َ‬‫فاْقدُروا له" مّتفقٌ عليه‪ ،‬ولمسل ٌ‬
‫وللبخاري "فأ َ ْ‬
‫كملوا الِعدة ثلثين"‪.‬‬
‫*هل يعتبر قول المنجم )الفلكيين(؟‬
‫ل عبرة بقول المنجمين‪ ،‬فل يجب عليهم الصوم بحاسبهم‪ ،‬ول على من وثق‬
‫بقولهم‪ ،‬لن الشارع علق الصوم على أمارة ثابتة ل تتغير أبدًا‪ ،‬وهي رؤية‬
‫الهلل أو إكمال العدة ثلثين يوما ً أما قول المنجمين فهو إن كان مبنيا ً على‬
‫قواعد دقيقة‪ ،‬فإنا نراه غير منضبط‪ ،‬بدليل اختلف آرائهم في أغلب الحيان‪،‬‬
‫وهذا هو رأي ثلثة من الئمة‪،‬‬
‫وقد قال الباجي‪ :‬في الرد على من قال إنه يجوز للحاسب والمنجم وغيرهما‬
‫الصوم والفطار اعتمادا ً على النجوم ‪ ,‬قال إن إجماع السلف حجة عليهم‪،‬‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال ابن بزيزة‪ :‬هو مذهب باطل قد نهت الشريعة عن الخوض في علم‬
‫النجوم لنها حدس وتخمين ليس فيها قطع‪.‬‬
‫صلى الله‬ ‫ّ‬ ‫والجواب الواضح عليهم ما أخرجه البخاري عن ابن عمر أنه صلى َ‬
‫مة أمية ل نكتب ول نحسب الشهر هكذا وهكذا‪ .‬يعني‬ ‫سّلم قال‪" :‬إنا أ ّ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪" :‬فأكملوا عدة‬ ‫هرير َ‬ ‫ه في حديث أبي ُ‬ ‫تسعا ً وعشرين مرة وثلثين مرة‪ .‬ول ُ‬
‫شْعبان ثلثين"‪ .‬وهذه الحاديث نصوص في أنه ل صوم ول إفطار إل بالرؤية‬
‫للهلل أو إكمال العدة‪.‬‬
‫) ‪ (6‬ما يفسد الصيام‬
‫ينقسم مفسدات الصيام إلى قسمين‪ :‬قسم يوجب القضاء والكفارة‪ ،‬وقسم‬
‫يوجب القضاء دون الكفارة‪،‬وما ليوجب شئ ‪ ,‬وإليك بيان كل قسم‪:‬‬
‫*ما يوجب القضاء والكفارة‪:‬‬
‫مفسدات الصيام التي توجب القضاء والكفارة‪ :‬أن يقضي شهوة الفرج‬
‫ن‬‫كاملة‪......،‬فلو أفطر ناسيا ً أو مخطئا ً تسقط عنه الكفارة ‪ ,‬ففى الحديث عَ ْ‬
‫سّلم‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ل إلى النبي َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ه قال‪ :‬جاَء ر ُ‬ ‫هريرة رضي الله عن ْ ُ‬ ‫َأبي ُ‬
‫ت على امرَأتي في‬ ‫َ‬
‫ت يا رسول الله قال‪" :‬وما أهَْلكك؟" قال‪ :‬وقعْ ُ‬ ‫فقال‪ :‬هَل َك ْ ُ‬
‫َ‬
‫سَتطيعُ أن‬ ‫رمضان فقال‪" :‬ه ْ‬
‫ل َتجد ُ ما ُتعتقُ رقبة؟" قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪" :‬فهل ت َ ْ‬
‫سكينًا؟"‬ ‫م سّتين م ْ‬ ‫متتابعين؟" قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪" :‬فهل َتجد ُ ما ُتطع ُ‬ ‫م شهرين ُ‬ ‫َتصو َ‬
‫َ‬
‫ق فيه تمٌر‬
‫َ‬ ‫سّلم بعَ ََر ٍ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫م جلس فأتي النبي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬ث ّ‬
‫حوج مّنا‬ ‫ن لب ََتيها أهل بيت أ ْ‬ ‫مّنا؟ فما بي ْ َ‬ ‫قر ِ‬ ‫صد ّقْ بهذا" فقال‪ :‬أعلى أفْ َ‬ ‫فقال‪" :‬ت َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ل‪" :‬اذهب فأطعم ُ‬ ‫ه‪ ،‬ثم قا َ‬ ‫ت أنياب ُ‬ ‫سّلم حتى بد ْ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ضحك الّنب ّ‬ ‫فَ َ‬
‫سلم ٍ ‪ ,‬والحديث دليل على وجوب الكفار على‬ ‫َ‬
‫أهلك" رواه ُ السّبعة واللفظ لم ْ‬
‫من جامع في نهار رمضان عامدًا‪ ،‬وذكر النووي أنه إجماع ‪ ,‬وأما المرأة التي‬
‫جامعها فقد استدل بهذا الحديث أنه ل يلزم إل كفارة واحدة وأنها ل تجب‬
‫على الزوجة وهو الصح من قولي الشافعي وبه قال الوزاعي ولعله هو‬
‫الصواب ‪ ,‬مع الخلف فى المسألة‪.‬‬
‫*ما يوجب القضاء دون الكفارة ‪:‬‬
‫أن يتناول غذاء‪ ،‬أو ما في معناه بدون عذر شرعي‪ ،‬كالكل والشرب‬
‫ونحوهما‪ ،‬مما يميل إليه الطبع‪ ،‬وتنقضي به شهوة البطن‪ )،‬الفطر بعمد بغير‬
‫الجماع ولو كان بنية فسخ الصوم فقط دون أكل(‪.‬‬
‫*وما ل يوجب شيئًا‪:‬‬
‫َ‬
‫ن أبي‬ ‫أحدها‪ :‬أن يغلبه القيء‪ ،‬ولم يبتلع منه شيئا ً فهذا صومه صحيح‪ ،‬فعَ ْ‬
‫ن ذ ََرعَ ُ‬
‫ه‬ ‫م ْ‬ ‫سّلم‪َ " :‬‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ل الله َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ه قال‪ :‬قا َ‬ ‫ه عن ُ‬ ‫هريرة رضي الل ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ستقاَء فعليه القضاُء" رواهُ الخمسة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ومن‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ء‬‫قضا‬ ‫فل‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫القي‬
‫ثانيها‪ :‬أن يصل غبار الطريق أو الدقيق ونحوهما إلى حلق الصائم كالذي‬
‫يباشر طحن الدقيق‪ ،‬أو نخله‪ ،‬ومثلهما ما إذا دخل حلقه ذباب‪ ،‬بشرط أن‬
‫يصل ذلك إلى حلقه قهرا ً عنه‪،‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫ثالثها‪ :‬أن يأكل أو يشرب ناسيا فيتذكًر‪ ،‬فيطرح المأكول ونحوه من فيه‬
‫ه‬ ‫بمجرد تذكره‪ ،‬فإنه ل يفسد صيامه بذلك‪ ،‬فع َ‬
‫ن أبي هريرة رضي الله عَن ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ل أ َْو‬‫م فََأك َ‬
‫صائ ٌ‬
‫هو َ‬
‫سى و ُ‬
‫نن َ‬
‫م ْ‬‫سّلم‪َ " :‬‬‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ل الله َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫قال‪ :‬قا َ‬
‫مّتفقٌ عليه‪ ،‬وفي رواية‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه" ُ‬‫ه وسقا ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ه فإّنما أطعم ُ‬
‫م ُ‬
‫صو ْ َ‬
‫م َ‬
‫شرب فليت ّ‬
‫الترمذي "فإنما هو رزق ساقه الله إليه" ‪ ,‬والحديث دليل على أن من أكل أو‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شرب أو جامع ناسيا ً لصومه فإنه ل يفطره ذلك لدللة قوله‪" :‬فليتم صومه"‬
‫على أنه صائم حقيقة وهذا قول الجمهور‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬من غلبه المني أو المذي بمجرد نظر أو فكر دون عمد فإن ذلك ل‬
‫يفسد الصيام‪،‬‬
‫خامسها‪ :‬أن يبتلع ريقه المتجمع في فمه‪ ،‬أو يبتلع ما بين أسنانه من بقايا‬
‫الطعام؛‬
‫سادسها‪ :‬أن يضع دهنا على جرح في بطنه متصل ً بجوفه؛ فإن ذلك ل يفطره‪،‬‬ ‫ً‬
‫لن كل ذلك ل يصل للمحل ‪ ,‬والحقن وان كانت مغزية‪,‬والكحل ‪ ,‬والعطر ‪,‬‬
‫وماشابه‪,‬‬
‫*ما يكره فعله للصائم وما ل يكره‪.‬‬
‫يكره للصائم فعل أمور‪:‬‬
‫* ذوق شيء يتحلل منه ما يصل إلى جوفه‪.‬‬
‫ولكن يجوز للمرأة أن تذوق الطعام لتتبين ملوحته إذا كان زوجها سييء‬
‫الخلق‪ ،‬ومثلها الطاهي ‪ -‬الطباخ ‪ ، -‬وكذا يجوز لمن يشتري شيئا ً يؤكل أو‬
‫يشرب أن يذوقه إذا خشي أن يغبن فيه ول يوافقه‪،‬‬
‫* ومن المكروه مضغ العلك ‪ -‬اللبان ‪ -‬الذي ل يصل منه شيء إلى الجوف ‪،‬‬
‫ومنهم من لم يرى به بأس‪.‬‬
‫* مباشرة الزوجة مباشرة فاحشة‪.‬‬
‫* جمع ريقه في فمه ثم ابتلعه‪ ،‬ولكن يحذر من إخراج النخامة الغليظة فى‬
‫جوف الفم ثم يبتلعها‪,‬‬
‫* وأما ما ل يكره للصائم فعله فأمور‪:‬‬
‫ن رسول الله‬ ‫ت‪" :‬كا َ‬ ‫ة رضي الله عنها قال ْ‬ ‫ن عائش َ‬ ‫* القبلة بغير مذى‪ ...‬فعَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫سّلم ي ُ َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ملكك ْ‬ ‫َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م‪ ،‬ولكنه كا َ‬ ‫م وُيباشُر وهُوَ صائ ٌ‬ ‫هو صائ ٌ‬ ‫ل وَ ُ‬‫قب ّ ُ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬
‫مّتفقٌ عليه ‪,‬‬ ‫ُ‬ ‫ه"‬‫ِ‬ ‫رب‬
‫لْ‬
‫هّ‬
‫س رضي الل ُ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫والحجامة ونحوها إذا كانت ل تضعفه عن الصوم‪ ،‬فعن اب ِ‬ ‫َ‬
‫*‬
‫هو‬ ‫مو ُ‬ ‫ج َ‬
‫حت َ َ‬
‫م وا ْ‬‫حر ٌ‬‫م ْ‬‫م وهُوَ ُ‬ ‫حتج َ‬ ‫ّ‬
‫سلم ا ْ‬ ‫َ‬
‫صلى الله عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ن الّنبي َ‬ ‫عَن ُْهما‪" :‬أ ّ‬
‫م" َرَواه الُبخاريّ ‪,‬‬ ‫صائ ٌ‬ ‫َ‬
‫* و السواك في جميع النهار‪ ،‬بل هو سنة‪ ،‬ول فرق في ذلك بين أن يكون‬
‫السواك يابسا ً أو أخضر؛ مبلول ً بالماء أو ل‪،‬‬
‫* المضمضة والستنشاق‪ ،‬ولو فعلهما لغير وضوء بشرط عدم المبالغة؛‬
‫* الغتسال‪،‬والتبرد بالماء بلف ثوب مبلول على بدنه‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ,‬وكذلك لو‬
‫أصبح جنبا من جماع قبل الفجر ‪ ,‬يعنى أنهى الوقاع قبل آذان الفجر ثم آذن‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ن عائشة وأ ّ‬ ‫الفجر المؤذن بدخول وقت الصوم وهو جنب ‪ ,‬ففى الحديث عَ ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ن‬‫جُنبا م ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫سّلم كان ُيصب ُ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الّنب ّ‬ ‫سَلمة رضي الله عَْنهما "أ ّ‬
‫ه‪ ،‬وقال النووي‪ :‬إنه إجماع‪.‬‬ ‫مّتفقٌ عَل َي ْ ِ‬ ‫صوم" ُ‬ ‫جماع ثم يغتسل وي ُ‬
‫* حكم من فسد صومه في أداء رمضان‪.‬‬
‫من فسد صومه في أداء رمضان وجب عليه المساك بقية اليوم تعظيما ً‬
‫لحرمة الشهر‪ ،‬فإذا داعب شخص زوجته أو عانقها أو قبلها أو نحو ذلك‬
‫فأمنى‪ ،‬فسد صومه‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب عليه المساك بقية اليوم‪ ،‬ول‬
‫يجوز له الفطر‪،‬‬
‫العذار المبيحة للفطر‪.‬‬
‫* المرض وحصول المشقة الشديدة‪.‬‬
‫* خوف الحامل والمرضع الضرر من الصيام‪.‬‬
‫* الفطر بسبب السفر‪...‬خاصة المرتحل‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* صوم الحائض والنفساء‪.‬‬


‫إذا حاضت المرأة الصائمة أو نفست وجب عليها الفطر‪ ،‬وحرم الصيام‪ ،‬ولو‬
‫صامت فصومها باطل‪ ،‬وعليها القضاء‪.‬‬
‫* حكم من حصل له جوع أو عطش شديدان‪.‬‬
‫فأما الجوع والعطش الشديدان اللذان ل يقدر معهما على الصوم‪ ،‬فيجوز‬
‫لمن حصل له شيء من ذلك الفطر؛ وعليه القضاء‪.‬‬
‫* حكم الفطر لكبر السن‪.‬‬
‫الشيخ الهرم الفاني الذي ل يقدر على الصوم في جميع فصول السنة يفطر‬
‫وتجب عن كل يوم فدية طعام‪.‬‬
‫*ما يستحب للصائم‬
‫يستحب للصائم أموٌر منها‪:‬‬
‫سعْد ٍ رضي‬ ‫ن َ‬ ‫الفطر بعد تحقق الغروب‪ ،‬وقبل الصلة‪ ،‬فعن سِهل ب ِ‬ ‫* تعجيل‬
‫س بخير ما‬ ‫سلم قال‪" :‬ل يزا ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن رسو َ‬ ‫َ‬
‫ل النا ُ‬ ‫صلى الله عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫ل الله َ‬ ‫الله عن ُْهما أ ْ‬
‫فقٌ عَلي ْهِ ‪ ,‬ويندب أن يكون على رطب‪ ،‬فتمر؛ فحلو‪ ،‬فماء‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مت ّ َ‬ ‫طر" ُ‬ ‫ف ْ‬
‫جلوا ال ْ ِ‬ ‫ع ّ‬
‫ن عامر‬ ‫ً‬
‫َ‬ ‫ن سلمان َ ب ِ‬ ‫وأن يكون ما يفطر عليه من ذلك وترا‪ ،‬ثلثة‪ ،‬فأكثر ‪ ,‬فعَ ْ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫حد ُك ْ‬ ‫سّلم قال‪" :‬إذا أفطر أ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ه عن النبي َ‬ ‫ي رضي الله عن ُ‬ ‫ضب ّ ّ‬
‫ال ّ‬
‫ه ط َُهوٌر" رواه ُ الخمسة ‪,‬‬ ‫ن‬
‫ِّ ُ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫طر‬ ‫ْ‬ ‫يف‬ ‫ْ‬
‫ْ ُ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫يج‬ ‫لم‬‫َ‬ ‫فإن‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫تم‬ ‫على‬ ‫يفطر‬ ‫فَل ْ ُ‬
‫ومنها الدعاء عقب فطره بالمأثور‪ ،‬كأن يقول‪ :‬الّلهم لك صمت‪ ،‬وعلى رزقك‬
‫أفطرت‪ ،‬وعليك توكلت‪ ،‬وبك آمنت‪ ،‬ذهب الظمأ‪ ،‬وابتلت العروق‪ ،‬وثبت‬
‫الجر‪،‬‬
‫ّ‬
‫* ومنها السحور على شيء وإن قل‪ ،‬ولو جرعة ماء؛ لقوله صلى الله عليه‬
‫ه‬ ‫وسلم‪" :‬تسحروا‪ ،‬فإن في السحور بركة"‪ ،‬فع َ‬
‫ك رضي الله عن ْ ُ‬ ‫مال ٍ‬‫ن َ‬‫ن أنس ب ِ‬ ‫ْ‬
‫حور‬ ‫س ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫فإن‬ ‫روا‬‫سّلم‪" :‬ت َ َ ُ‬
‫ح‬
‫ْ‬ ‫س‬ ‫صّلى الله عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ل الله َ‬ ‫قال‪ :‬قال رسو ُ‬
‫مّتفقٌ عََليه‪.‬‬ ‫ة" ُ‬ ‫برك ً‬

‫)‪(16 /‬‬

‫* ومنها كف اللسان عن فضول الكلم‪ ،‬وأما كفه عن الحرام‪ ،‬كالغيبة‬


‫صلى‬ ‫ّ‬ ‫ل الله َ‬ ‫والنميمة‪ ،‬فواجب في كل زمان‪ ،‬ويتأكد في رمضان؛ "قال رسو ُ‬
‫ة‬
‫حاج ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ل فَل َي ْ َ‬
‫س للهِ َ‬ ‫ل بهِ والجهْ َ‬ ‫م َ‬
‫ل الّزور والعَ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م ي َد َع ْ قَوْ َ‬ ‫سّلم‪َ :‬‬
‫م ْ‬ ‫الله عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ه" رواهُ الُبخار ّ‬ ‫ه وشراب َ ُ‬ ‫ن ي َد َع َ ط ََعا َ‬
‫م ُ‬ ‫في أ ْ‬
‫* ومنها الكثار من الصدقة والحسان إلى ذوي الرحام والفقراء والمساكين‪.‬‬
‫ومنها الشتغال بالعلم‪ ،‬وتلوة القرآن والذكر‪ ،‬والصلة على النبي صلى الّله‬
‫عليه وسلم كلما تيسر له ذلك ليل ً أو نهارًا؛ ومنها العتكاف‪،‬‬
‫*قضاء رمضان‬
‫ً‬
‫من وجب عليه قضاء رمضان لفطر فيه عمدا أو لسبب من السباب السابقة‬
‫فإنه يقضى بدل اليام التي أفطرها في زمن يباح الصوم فيه ‪ ،‬فل يجزئ‬
‫القضاء فيما نهى عن صومه ‪ ،‬كأيام العيد‪ ،‬ول فيما تعين لصوم مفروض‬
‫كرمضان الحاضر‪ ،‬وأيام النذر المعين‪ ،‬كأن ينذر صوم عشرة أيام من أول ذي‬
‫القعدة‪ ،‬فل يجزئ قضاء رمضان فيها لتعينها بالنذر‪ ،‬ومن مات وعليه صيام ‪,‬‬
‫صّلى‬ ‫ن النبي َ‬ ‫ه عنها أ ّ‬ ‫ن عائشة رضي الل ّ ُ‬ ‫قبل أن يقضى صام عنه وليه ‪ ,‬فع ْ‬
‫ه" مّتفقٌ عليه‪.‬‬ ‫ه ولي ّ ُ‬‫م عَن ْ ُ‬
‫م صا َ‬ ‫سّلم قال‪" :‬من مات وعليه صيا ٌ‬ ‫الله عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫والمراد في الولي‪ :‬كل قريب وأولهم الوارث ‪ ,‬بل لو صام عنه الجنبي بأمره‬
‫أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب‪...............‬هذا والله‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تعالى أعلى وأعلم‪.....‬‬


‫ً‬
‫هذا وما كان صوابا ً فمن الله وحده وما كان سهوا أو خطأ فمنى ومن‬
‫الشيطان‪....‬والحمد لله رب العالمين‪...‬‬
‫وصلى اللهم وسلم على محمد ٍ وصحبه أجمعين ‪.....‬سبحانك اللهم وبحمدك‬
‫أشهد أل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك‪...‬‬
‫وجمعه وكتبه الفقير الى عفو ربه تعالى…‬
‫د‪ /‬السيد العربى بن كمال‬
‫غفر الله له ولوالديه ولهله ولخوانه ‪.....‬أمين‪...‬أمين‪.‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم ‪ ،‬إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ‬
‫بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له ومن‬
‫يضلل فل هادي له وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا‬
‫أما بعد أيها الحبة في الله السلم عليكم ورحمة الله وبركاته هذه ليلة الثلثاء‬
‫الموافق السادس عشر من شهر شوال للعام السادس عشر بعد الربعمائة‬
‫واللف وفي هذا الجامع المبارك في مدينة <الرس> ومع هذا الموضوع‬
‫والذي هو بعنوان رمضان والرحيل المر وها هو نصف شهر أيها الحبة يمضي‬
‫بعد رحيل رمضان بعد رحيلك أيها الحبيب رمضان ويا لها من أيام مرة المذاق‬
‫ليسأل كل إنسان منا نفسه كيف حالك أيتها النفس بعد رمضان أيها الخوة‬
‫والخوات لقد تعمدت تأخير هذا الموضوع إلى هذه اليام لنقارن بين حالنا‬
‫في رمضان وحالنا بعد رمضان رغم أنه لم يمض عليه سوي أيام إيه أيتها‬
‫النفس كنت قبل أيام في صلة وقيام وتلوة وصيام وذكر ودعاء وصدقة‬
‫وإحسان وصلة للرحام قبل أيام كنا نشعر برقة القلوب واتصالها بعلم‬
‫الغيوب كانت تتلي علينا آيات القرآن فتخشع القلوب وتدمع العيون فنزداد‬
‫إيمانا وخشوعا وإخباتا لله سبحانه وتعالى ‪ ،‬ذقنا حلوة اليمان وعرفنا حقيقة‬
‫الصيام ذقنا لذة الدمعة ذقنا لذة الدمعة وحلوة المناجاة في السحر كنا‬
‫نصلي صلة من جعلت قرة عينه في الصلة وكنا نصوم صيام من ذاق حلوته‬
‫وعرف طعمه وكنا ننفق نفقة من ل يخشى الفقر كنا وكنا مما كنا نفعله في‬
‫هذا الشهر المبارك العظيم الذي رحل عنا كنا ننفق نفقة من ل يخشى الفقر‬
‫ت على هذه‬ ‫م ّ‬
‫وهكذا نتقلب في أعمال الخير وأبوابه حتى قال قائلنا يا ليتني ُ‬
‫الحال لما يشعر به من حلوة اليمان ولذة الطاعة فتذكرت حينها ]ابن‬
‫مسعود[ ـ رضي الله تعالى عنه ـ لما بكي في مرض موته فسئل ما الذي‬
‫يبكيك فقال رضي الله عنه إنما أبكي لنه أصابني في حال فترة أي الموت‬
‫أصابني في حال فترة ولم يصبني في حال اجتهاد كما في مجمع الزوائد‬
‫للهيثمي وهكذا مضت اليام ورحل رمضان ثم ماذا ؟‬
‫رحلت يا رمضان‬
‫ل وأيام ‪ ،‬ولربما رجع تارك الصلة لتركه ‪،‬‬ ‫ولم يمض على رحيلك سوى ليا ٍ‬
‫وآكل الربا لكله ‪ ،‬وسامع الغناء لسماعه‪ ،‬ومشاهد الفحش لفحشه ‪ ،‬وشارب‬
‫الدخان لشربه‬
‫ل و أيام ‪ ،‬وأيام ولربما‬‫رحلت يا رمضان ‪ ،‬ولم يمض على رحيلك سوي ليا ٍ‬
‫نسينا لذة الصيام ‪ ،‬فل الست من شوال ول الخميس و الثنين ول الثلثة‬
‫اليام ‪ ،‬رحلت يا رمضان ولم يمض على رحيلك سوي ليال وأيام ‪ ،‬ولربما لم‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نذق فيها طعم القيام ‪.‬‬


‫سبحان الله أين ذلك الخشوع وتلك الدموع في السجود والركوع أين ذلك‬
‫التسبيح والستغفار وأين تلك المناجاة لله الواحد القهار رحلت يا رمضان ولم‬
‫ل وأيام ولربما هجرنا القرآن وقد كنا نقرأ بعد‬‫يمض على رحيلك سوي ليا ٍ‬
‫الفجر وبعد الظهر وبعد العصر وفي الليل والنهار وها هو نصف شهر مضى‬
‫فكم قرأنا فيه من القرآن‬
‫مت مطاياه‬ ‫ي شهر الصوم ذ ُ ّ‬ ‫خِليل َ ّ‬‫َ‬
‫‪ ...‬وسارت وفود العاشقين بمسراه‬
‫فيا شهر ل تبعد لك الخير كله‬
‫‪ ...‬وأنت ربيع الوصن يا طيب مرعاه‬
‫نشرق بدموع الفراق أيها الحبة فل نستطيع أن نبث المشاعر واللم‬
‫والحزان لما نجده من فقد لذة الطاعة وحلوة اليمان هكذا حال الدنيا‬
‫اجتماع وافتراق ومن منا ل تؤلمه لحظات الفراق ودموع العناق ‪ ،‬رمضان أيها‬
‫الصديق أيها الجليس الصالح وأيها الحبيب‬
‫س بجرحي يا صديقي كأنه‬ ‫ح ّ‬ ‫أُ ِ‬
‫يدب إلى أعماق قلبي ويوغل‬
‫ونفسي أمام المغريات قوية‬
‫ولكنها عند الحبة تسهل‬
‫كأن فؤادي لو تأملت ما به‬
‫شّتى المشاعر معمل‬ ‫بما فيه من َ‬
‫رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا بفضل ربنا كنت عونا لنا‬
‫كاء ودامع وداع وخاشع‬‫ونحن بين قارئ وصائم ومنفق وقائم ونحن بين ب َ ّ‬
‫رمضان فيك المساجد تعمر واليات تذكر والقلوب تجبر والذنوب تغفر كنت‬
‫للمتقين روضة وأنسا ً وللغافلين قيدا وحبسا كيف ترحل عنا وقد ألفناك‬
‫وعشقناك وأحببناك رمضان أل تسمع لنين العاشقين وأهات المحبين‬
‫اسمع أنين العاشقين‬
‫إن استطعت له سماعا‬
‫راح الحبيب فشيعته‬
‫مدامع انذرفت سراعا‬
‫لو كل كالجبل الصم‬
‫فرط إلث ما استطاعا‬
‫قال ]ابن رجب[ في وداع رمضان واسمعوا واسمعوا لقلوب السلف رضوان‬
‫الله عليهم كيف كانت تخرق لفراق هذا لشهر قال ابن رجب رحمه الله‬
‫يا شهر رمضان ترفق‬
‫دموع المحبين تدفق‬
‫قلوبهم من ألم الفراق تشقق‬
‫عسى وقفة الوداع تطفئ‬
‫من نار الشوك ما أحرق‬
‫عسى ساعة توبة وإقلع‬
‫ترقع من الصيام ما تخرق‬
‫عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق‬
‫عسى أسير الوزار يطلق‬
‫عسى من استوجب النار يعتق‬
‫عسى وعسى من قبل يوم التفرق‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى كل ما نرجو من الخير نرتقي‬


‫فيجبر مكسور ويقبل تائب‬
‫ويعتق خطاء ويسعد من شقي‬
‫انتهي كلمه رحمه الله رحلت يا رمضان والرحيل مر على الصالحين فابكوا‬
‫عليه بالحزان وودعوه وأجروا لجر فراقه الدموع وشيعوه‬
‫دع البكاء على الطلل والدار‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ل ومن جاِر‬ ‫من خ ّ‬ ‫واذكر لمن بان ِ‬


‫ف‬ ‫ً‬
‫وذر الدموع نحيبا وابك من أس ٍ‬
‫ل ذات أنوار‬ ‫على فراق ليا ٍ‬
‫ل لشهر الصوم ما جعلت‬ ‫على ليا ٍ‬
‫إل لتمحيص آثام ٍ وأوزاِر‬
‫يا لئمي في البكاء زدني به كلفا‬
‫واسمع غريب أحاديث وأخبار‬
‫ما كان أحسننا والشمل مجتمع‬
‫منا المصلي ومنا القانت القاري‬
‫الناس بعد رمضان فريقان فائزون وخاسرون أيا ليت شعري من هذا الفائز‬
‫مٌر على الجميع الفائزين‬ ‫منا فنهنئه ومن هذا الخاسر فنعزيه ورحيله ُ‬
‫والخاسرين الرحيل مر على الفائزين لنهم فقدوا أيام ممتعة وليال جميلة‬
‫نهارها صدقة وصيام وليلها قراءة وقيام نسيمها الذكر والدعاء وطيبها الدموع‬
‫والبكاء شعروا بمرارة الفراق فأرسلوا العبرات والهات كيف ل وهو شهر‬
‫الرحمات وتكفير السيئات وإقالة العثرات كيف ل والدعاء فيه مسموع والضر‬
‫مدفوع والخير مجموع كيف ل نبكي على رحيله ونحن ل نعلم أمن المقبولين‬
‫نحن أم من المطرودين كيف ل نبكي على رحيله أيها الحبة ونحن ل ندري‬
‫أيعود ونحن في الوجود أم في اللحود ‪ ،‬الفائزون من خشية ربهم مشفقون‬
‫نعم هم فائزون ولكنهم من خشية ربهم مشفقون يؤتون ما آتوا وقلوبهم‬
‫وجلة على رغم أنهم في نهاره صيام وقراءة قرآن وإطعام وإحسان وفي ليله‬
‫سجود وركوع وبكاء وخشوع وفي الغروب والسحار تسبيح وتهليل وذكر‬
‫واستغفار ‪ ،‬الفائزون شمروا عن سواعد الجد فاجتهدوا واستغفروا وأنابوا‬
‫ورجعوا ما تركوا بابا من أبواب الخير إل ولجوا‪ ،‬ولكن مع ذلك كله قلوبهم‬
‫وجلة خائفة وجلة خائفة بعد رمضان أقبلت أعمالهم أم ل أكانت خالصة لله‬
‫أم ل أكانت على الوجه الذي ينبغي أم ل ‪ ،‬كان السلف الصالح رضوان الله‬
‫تعالى عليهم يحملون هم قبول العمل أكثر من القيام بالعمل نفسه قال ]عبد‬
‫العزيز ابن أبي رواد[ أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوا وقع‬
‫عليهم الهم أيقبل منهم أم ل ‪ ،‬ل يغفلون عن رمضان فإذا فعلوا وانتهوا يقع‬
‫ل منهم أم ل وقال على ـ رضي الله تعالى عنه ـ كونوا لقبول‬ ‫قب َ ُ‬‫عليهم الهم أي ُ ْ‬
‫العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ‪ ،‬ألم تسمعوا لقول الحق عز وجل "إنما‬
‫يتقبل الله من المتقين" وقال ]مالك ابن دينار[ الخوف على العمل أل يتقبل‬
‫أشد من العمل وروي عن علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ أنه كان ينادي في‬
‫آخر رمضان يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه‬
‫من هذا المحروم‬ ‫من هذا المقبول منا فنهينه و َ‬ ‫وعن ]ابن مسعود[ أنه قال ‪َ :‬‬
‫منا فنعزيه‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك ليت شعري من فيه يقبل‬
‫منا فَي ُهَّنى يا خيبة المردود من تولي عنه بغير قبول‪ ،‬أرغم الله أنفه بخزي‬
‫شديد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫من منا أشغله هذا الهاجس وقد‬ ‫فيا ليت شعري أيها الحبة بعد هذه اليام ‪َ ،‬‬
‫مضي نصف شهر على رحيل رمضان من منا أشغله هاجس هل قبلت أعماله‬
‫أم ل ؟ هل نحن من الفائزين في رمضان أم ل ؟ من منا لسانه يلهج بالدعاء‬
‫أن يقبل الله منه رمضان ؟ إننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون‬
‫الله ستة أشهر ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان ونحن لم يمض على‬
‫رحيله سوى أيام فهل دعونا أم ل أم أننا نسينا رمضان وغفلنا عنه وكأننا أزحنا‬
‫حمل ثقيل كان كاتما على صدورنا ‪ ،‬نعم رحل رمضان لكن ماذا استفدنا من‬
‫رمضان وأين أثاره على نفوسنا وعلى سلوكنا وعلى أقوالنا وأفعالنا هكذا‬
‫حال الصالحين العاملين فهم في رمضان صيام وقيام وتقلب في أعمال البر‬
‫والحسان وبعد رمضان محاسبة للنفس وتقدير للربح والخسران وخوف من‬
‫عدم قبول العمال لذا فألسنتهم تلهج بالدعاء واللحاح بأن يقبل الله منهم‬
‫صروا فلم‬‫فّرطون نعوذ بالله من حالهم فهم نوعان أناس قَ ّ‬ ‫م َ‬
‫رمضان ‪ ،‬أما ال ُ‬
‫يعملوا إل القليل نعم صلى التراويح صلوا التراويح والقيام سراعا فهم لم‬
‫يقوموا إل القليل ولم يقرءوا من القرآن إل القليل ولم يقدموا من الصدقات‬
‫إل القليل الصلوات المفروضة تشكو من تخريقها ونقرها والصيام يئن من‬
‫ن‬
‫م ّ‬
‫تجريحه وتضييعه والقرآن يصرخ من هجره ونثره والصدقة ربما يتبعها َ‬
‫وأذى ‪ ،‬اللسن يابسة من ذكر الله غافلة عن الدعاء والستغفار فهم في‬
‫صراع مع الشهوات حتى في رمضان لكن فكرة الخير تجذبهم فتغلبهم تارة‬
‫ويغلبونها تارات فهم يصلون التراويح لكن قلوبهم معلقة بالرياضة ومشاهدة‬
‫المباريات ورمضان هذا العام يشهد بمثل ذلك سبحان الله حتى في رمضان‬
‫حتى في العشر الواخر أفضل اليام سبحان الله كيف أصبحت الرياضة تعبد‬
‫من دون الله ل حول ول قوة إل بالله هم يقرءون القرآن في النهار لكنهم‬
‫يصارعون النوم بعد سهر الليالي والتعب والرهاق من الدورات الرياضية‬
‫والجلسات الفضائية أما الصلة فصلة الظهر عليه السلم وربما صلة العصر‬
‫بل وربما الفجر كل ذلك بسبب التعب والرهاق كما يقولون فهؤلء لم ينتبهوا‬
‫إل والحبيب يرحل عنهم فتجرعوا مرارة الرحيل بكاء وندما حزنوا ولكن بعد‬
‫ماذا ؟ بعد فوات الوان بعد أن انقضت أفضل اليام أما النوع الثاني من‬
‫المفرطين هم الخاسرون نعوذ بالله من الخسران فهناك من لم يقم رمضان‬
‫ولم يقرأ القرآن وربما لم يصم في رمضان فنهاره ليل وليله ويل ل الواخر‬
‫عرفوها ول ليلة القدر قدروها متي يصلح من ل يصلح في رمضان متي يصح‬
‫من كان من داء الجهالة والغفلة مرضان متي من فرط في الزرع في وقت‬
‫البدار لم يحصد غير الندم والخسار مساكين هؤلء فاتهم رمضان وفاتهم خير‬
‫رمضان فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران قلوب خلت من‬
‫التقوى فهي خراب بلقع ل صيام ينفع ول قيام يشفع قلوب كالحجارة أو أشد‬
‫قسوة حالها في رمضان كحال أهل الشقوة ‪،‬ل الشاب منهم ينتهي عن‬
‫الصبوة ول الشيخ ينذجر فيلحق بالصفوة ‪ ،‬أيها الخاسر رحل رمضان وهو‬
‫يشهد عليك بالخسران فأصبح لك خصما ً يوم القيامة رحل رمضان وهو يشهد‬
‫عليك بهجر القرآن فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان فيا من‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فرط في عمره وأضاعه كيف ترجو الشفاعة أتعتذر برحمة الله أتقول لنا إن‬
‫الله غفور رحيم نعم لكن إن رحمة الله قريب من المحسنين العاملين‬
‫سئل ]ابن عباس [ عن رجل يصوم النهار‬ ‫بالسباب الخائفين المشفقين ُ‬
‫ويقوم الليل ول يشهد الجمعة والجماعات فقال ـ رضي الله تعالى عنه ـ هو‬
‫في النار وفي صحيح ]ابن حبان[ عن ]أبي هريرة[ ـ رضي الله تعالى عنه ـ‬
‫"أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل يا‬
‫رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال إن جبريل أتاني‬
‫فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله" فأبعده‬
‫الله فكم أولئك المبعدين والعياذ بالله من رحمة الله قل آمين فقلت آمين‬
‫إلى آخر الحديث ‪ ،‬فيا أيها الخاسر نعم رحل رمضان وربما خسرت خسارة‬
‫عظيمة ولكن الحمد لله فمازال الباب مفتوحا والخير مفسوحا وقبل غرغرة‬
‫الروح ابك على نفسك وأكثر النوح وقل لها‪:‬‬
‫م‬‫ل الشهر وا لهفاه وانصر َ‬ ‫ح َ‬
‫ت ََر ّ‬
‫م‬
‫واختص بالخوض في الجنات من خد َ‬
‫وأصبح الغافل المسكين منكسرا‬
‫رم‬ ‫ح ِ‬
‫عظم ما ُ‬‫مثلي فيا ويحه يا ُ‬
‫من فاته الزرع في وقت البدار‬
‫م‬‫فما تراه يحصد إل الهم والند َ‬
‫طوبى لمن كانت التقوى بضاعته‬
‫في شهره وبحبل الله معتصما‬
‫يا من بليت بالتفريط بصلة الجماعة ها هو نصف شهر يمضي بعد رحيل‬
‫رمضان‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فما هو حالك والصلة يا من بليت بالتفريط في صلة الجماعة و بالفراط في‬


‫المعاصي والشهوات شهر كامل وأنت تحافظ على الصلة مع جماعة‬
‫المسلمين تركع مع الراكعين وتسجد مع الساجدين فما شعورك وأنت تري‬
‫المصلين عن يمينك ويسارك إنهم بشر مثلك اسأل نفسك يحرصون على‬
‫صلة الجماعة كل الشهور وأنت ل لماذا ؟ جاهدوا أنفسهم وتغلبوا عليها وأنت‬
‫ل لماذا ؟ يتقدمون وأنت تتأخر والله ل أشك أنك تحب الله كما يحبون‬
‫وترغب في الجنة كما يرغبون فلماذا يتقدمون وأنت تتأخر ويواظبون وأنت‬
‫تهمل ؟ حدثني عن الراحة والسعادة يوم وطئت قدماك عتبة المسجد حدثنا‬
‫عن اللذة والحلوة يوم سجدت مع الساجدين وركعت مع الراكعين تسلم‬
‫ذر المجاهد في سبيله‬ ‫عليهم ويسلمون عليك تحدثهم ويحدثوك إن الله لم يع ُ‬
‫في ترك الجماعة وهو في ساحة الجهاد يقاتل العدو ؛فقال الله سبحانه‬
‫ذر العمى فبيته بعيد‬‫وتعالى فليصلوا معك والنبي صلى الله عليه وسلم لم يع ُ‬
‫وبينه وبين المسجد واد فيه سباع وهوام وليس له قائد يقوده للمسجد كل‬
‫هذه الظروف ولم يعذره صلى الله عليه وسلم لنه يسمع النداء ‪ ،‬أجب فإني‬
‫ل أجد لك عذرا أجب فإني ل أجد لك عذرا ‪ ،‬فيا أيها المفرط في صلة‬
‫الجماعة هل تجد لك عذرا بعد هذا هل تجد لك عذرا بعد هذا نعوذ بالله من‬
‫العجز والكسل والخمول إذا ً فلتكن هذه اليام وليكن نصف الشهر هذا فرصة‬
‫وانطلقة للمحافظة على الصلة والجماعة وكل شيء يهون إل ترك الصلة‬
‫إل ترك الصلة فهو كفر وضلل كفر وضلل والعياذ بالله يا من بليت ببعض‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذنوب إياك إياك بعد رمضان أن تعود ‪ ،‬شهر كامل وأنت تجاهد النفس‬
‫وتصبرها وتجمع الحسنات وتحسبها فهل بعد هذا تراك تنقضها فالله عز وجل‬
‫يقول )ول تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا( ‪ .‬فيا من أعتقه‬
‫موله من النار إياك أن تعود إلى الوزار أيبعدك مولك من النار وأنت تتقرب‬
‫منها وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ول تحيد عنها يا من بليت بالتدخين‬
‫شهر كامل وأنت تفارقه ساعات طويلة وإذا حدثناك عن أخطاره وحكمه قلت‬
‫لم أستطع تركه فمن أين لك هذه الرادة وهذه العزيمة في رمضان وقد‬
‫صبرت عنه حوالي اثنتي عشرة ساعة أو أكثر ‪ ،‬إذا ً فاعلم أن رمضان فرصة‬
‫للقلع عنه وفي رمضان في أخره جاءني أحد الخوة يبشرني بتركه التدخين‬
‫فقلت أخشى عليك من العودة قال ل فأنا تركته بعزيمتي وإرادتي قلت ابتعد‬
‫عن أسبابه وأهله قال والله إني أري المدخن يدخن وكأني لم أر الدخان في‬
‫حياتي فأنا تركته برغبتي وإرادتي إلى غير رجعة إن شاء الله قلت الحمد لله‬
‫وكنت أعلم أن خلفه زوجة صالحة تذكره تارة بالكلمة الطيبة وتارة بالكتاب‬
‫مب َْتلى رمضان فرصة ونصف‬ ‫والشريط وتارة بتخويفه بالله فيا كل مدخن و ُ‬
‫الشهر هذا فرصة لمقارنة الحال ولكنها الهزيمة النفسية والهمة الدنية يوم‬
‫يهزمك عود سيجارة قيل لبعض العباد من شر الناس قال من ل يبالي أن‬
‫يراه الناس مسيئا وربما أيها المدخن أشعلت سيجارتك أمام الناس فرأوك‬
‫مسيئا أيها المدخن إن إصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلة‬
‫ليرفض أن يمسك بعود سيجارة يعصي بها الله أيها المدخن أيها الحبيب هل‬
‫تعلم أن التدخين مفتاح لكل شر وفجور ل تقل ل فإن من رآك تدخن تجاسر‬
‫عليك في كل بلء وفتنة وربما يدعوك اللواط والزنا والمخدرات والربا إل من‬
‫عصم الله أسأل الله أن يحفظك ويرعاك من كل سوء أيها الحبيب اسأل‬
‫نفسك ما الفرق بين من في يده عود سواك ومن بيده عود هلك أجب بكل‬
‫صراحة أجب واترك الهوى واعلم أن هذه اليام فرصة ل تعوض لترك هذا‬
‫البلء وخاصة أنك نجحت في رمضان فاستعن بالله وتوكل عليه وكن صاحب‬
‫همة عالية وعزيمة صادقة أيها المسلم شهر كامل وأنت في ركوع وسجود‬
‫تصلي في الليلة ساعات ل تمل ول تكل ثم بعد رمضان تتغير أحوالنا وتنقطع‬
‫صلتنا‪ ،‬سبحان الله أنعجز أن نصلي ساعة أو نصف ساعة وقد كنا نصلي‬
‫الثلث والربع ساعات في رمضان ‪ ،‬أيها الصالح لست غريبا عن قيام الليل‬
‫حر في رمضان ولذة المناجاة وحلوة‬ ‫س َ‬
‫فقد ذقت حلوة الدمعة عند ال َ‬
‫السجود ورأيت كيف بنفسك استطعت أن تروض نفسك هذا الترويض‬
‫العجيب في رمضان همة وعزيمة وإصرار فيا سبحان الله أين هذا في غير‬
‫رمضان إنك قادر فقد حاولت ونجحت ل بل وشعرت بالثر العجيب والنس‬
‫الغريب وأنت تناجي الحبيب‪ ،‬فما الذي دهاك فما الذي دهاك وأنت ت ُذ َ ّ‬
‫كر‬
‫الغافلين بأن رب رمضان رب غيره من الشهور فلماذا تركت قيام الليل عاهد‬
‫نفسك عاهد نفسك أيها الحبيب أل تترك قيام الليل ليلة واحدة وإن حدثتك‬
‫بالتعب والرهاق فذكرها بلذة وحلوة القيام برمضان أيها المسلم شهر كامل‬
‫وأنت تقرأ وتبكر للصلة فتقرأ قبلها وتقرأ بعدها وتحرص على ختمه مرات‬
‫نعم خرج رمضان والقرآن هو القرآن والجر هو الجر والرب هو الرب فما‬
‫الذي حدث للنفوس أيها الحبة هجر غريب هجر عجيب لقراءة القرآن وختمه‬
‫ربما قرأ النسان منا في يومه أكثر من خمسة أجزاء في رمضان ويجلس‬
‫الساعات أفل نستطيع أن‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نجلس ثلث ساعة في اليوم الواحد لقراءة جزء واحد فنختم القرآن كل شهر‬
‫مرة على القل إنها ثلث ساعة في غير رمضان فإذا ثقل ذلك تذكر الساعات‬
‫حقّ أن نبكي عليه‬ ‫التي تقرأها في رمضان أي شهر قد تولي يا عباد الله عنا ؟ ُ‬
‫بدماء لو عقلنا كيف ل نبكي لشهر مر بالغفلة عنا ثم ل نعلم أنا قد قُب ِْلنا أو‬
‫ردنا ليت شعري من هو المحروم والمطرود منا ومن المقبول ممن صام‬ ‫طُ ِ‬
‫منا فَي ُهَّنى كان هذا الشهر نورا ً بيننا يزهر حسنا فاجعل اللهم لنا عقباه نورا‬
‫وحسنا‪ ،‬اللهم آمين ‪ ،‬أيها المسلم شهر كامل وأنت تدعو وتلح على الله‬
‫حر والغروب لماذا تسأل الله رضاه‬ ‫س َ‬
‫بالدعاء مرات بالسجود ومرات عند ال َ‬
‫والجنة ‪.‬وتعوذ به من سخطه والنار فهل ضمنت الجنة بعد ؛تركت الدعاء بعد‬
‫رمضان وتسأله العفو والغفران عن الذنوب والتقصير فهل ضمنت الغفران‬
‫أم انتهت الغفلة والتقصير يوم تركت الدعاء بعد رمضان أيها الحبة إن من‬
‫ندعوه في رمضان هو الذي في غير رمضان وإن من نسأله في رمضان هو‬
‫الذي نسأله في غير رمضان فما الذي حدث ولماذا نتوقف أو نفتر عن الدعاء‬
‫نعم رمضان وقت إجابة للدعاء لكن أدبار الصلوات وعند الغروب وآخر الليل‬
‫وساعة الجمعة وفي السجود وبين الذانين كلها أوقات إجابة بل ودعاء‬
‫المظلوم والمسافر والوالد لولده والخ لخيه بظهر الغيب كلها ل ترد بفضل‬
‫الله فما الذي جرى ما الذي دهانا والمدعو هو المدعو والحاجات هي‬
‫الحاجات والمسلمون بأمس الحاجة لدعواتك الصادقة التي ل تنقطع في كل‬
‫مكان كيف يقطع العبد صلته بالله واستعانته بموله وهو يعلم أن ل حول ول‬
‫قوة له إل بالله كيف يفتر العبد عن الدعاء وهو أكبر العبادة وربه يقول )أجيب‬
‫دعوة الداعي إذا دعان( ولم يقل في رمضان فقط بل في رمضان وغيره أما‬
‫الصيام أيها الحبة الصيام وما أدراك ما الصيام العبادة التي اختصها الله‬
‫لنفسه فقال "إل الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" فل يعلم جزاء الصائمين إل‬
‫الله وإن غفر لهم ما تقدم من الذنوب وإن اختصوا بالدخول للجنة من باب‬
‫الريان وإن باعد الله بينهم وبين النار سبعين خليفة وإن جاء الصيام شفيعا‬
‫لصحابه يوم القيامة فإن هذه وغيرها من ثمرات الصيام أما جزاء الصائمين‬
‫فل يعلمه إل الله ل يعلمه إل الله قال ابن حجر المراد بقوله وأنا أجزي به أي‪:‬‬
‫إني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته انتهي كلمه وقال ]المناوي[ وأنا‬
‫أجزي به إشارة إلى عظم الجزاء عليه وكثرة الثواب لن الكريم إذا أخبر بأنه‬
‫يعطي العطاء بل واسطة اقتضى سرعة العطاء وشرفه انتهي كلمه رحمه‬
‫الله قل هذه الفضائل للصوم وهي أخروية فما بالك بثمراته وفوائده الدنيوية‬
‫ومع ذلك فإن بعض الناس وخاصة من الصالحين والصالحات ل يعرف الصيام‬
‫إل في رمضان يعتذر لنفسه تارة بالعمل وتارة بالتعب وتارة بشده الحر‬
‫وهكذا تمضي اليام فإذا برمضان الخر أتى وهكذا تذهب اليام وتفنى العمار‬
‫أخي الحبيب صمت شهرا كامل متتابعا فهل تعجز عن صيام ثلثة أيام من كل‬
‫شهر أو يومي الثنين والخميس فاتق الله وكن حازما مع نفسك عارفا حيلها‬
‫م أن يسمو إلى المعالي ختم الشيطان على قلبه‬ ‫إن بعض الناس كل ما هَ ّ‬
‫ل طويل فارقد وكلما سعي في إقالة عثرته والرتقاء بهمته عادلته‬ ‫عليك لي ٌ‬
‫جيوش التسويف والبطالة والتمني وزعترته ونادته نفسه المارة بالسوء أنت‬
‫أكبر أم الواقع قال ]ابن القيم[ ‪ :‬والنفس كلما وسعت عليها ـ اسمع لهذه‬
‫الكلمة الجميلة ـ والنفس كلما وسعت عليها ضيقت على القلب حتى تصير‬
‫معيشته ضنكا وكلما ضيقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسح…‬
‫انتهي كلمه رحمه الله ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ورمضان يشهد بهذا رمضان يشهد بهذا وما كنا نشعر به من رقة القلب‬
‫واتصاله بالله سبحانه وتعالى أما أنت أيتها المرأة فالكلم للرجال هو لكي‬
‫أيضا وإن كنت أعجب على حرصك في رمضان على التراويح وقراءة القرآن‬
‫وقيام الليل أسأل الله عز وجل أن يقبل منا ومنك ولكني أقول ما بالك إذا‬
‫ت بالولد وأعمال المنزل‬ ‫طلبنا منك هذه المور في غير رمضان اعتذر ِ‬
‫وغيرها من العمال مع أن كل هذه العذار لم تتغير في رمضان فالولد هم‬
‫الولد وأعمال المنزل هي أعمال المنزل بل ربما أكثر في رمضان فما الذي‬
‫يجعلك تحرصين على القيام وقراءة القرآن والصلة في وقتها والصيام في‬
‫رمضان وينقطع كل هذا في غير رمضان وتتعذرين بكثرة العذار إذا طلبنا‬
‫منك ذلك في غير رمضان هذا حال النساء وحال الرجال كما أسلفت في هذه‬
‫اليام القصيرة التي مضت بعد رحيل رمضان فما هو سر نشاطنا في رمضان‬
‫وما هو سر فتورنا وربما انقطاعنا في غيره أيها الحبة سألت هذا السؤال‬
‫واستنطقت الفواه لمعرفة السر قالوا رمضان له شعور غريب ولذة خاصة‬
‫قلت لماذا له هذا الشعور وهذه اللذة قالوا لن الناس من حولك كلهم‬
‫صائمون وقائمون ومتصدقون وقارئون ومستغفرون قلت أحسنتم إذا ً فالسر‬
‫صلح المجتمع من حولنا والمجتمع هو نحن هؤلء الفراد أنا وزوجتي وأولدي‬
‫وأبي وأمي وإخواني وأخواتي فلماذا ل يصلح هؤلء الفراد ؟ لماذا ل نربي‬
‫في أنفسهم استمرار الطاعة ومراقبة الله ؟ لماذا ل نربي في أنفسهم‬
‫استمرار الطاعة ومراقبة الله ؟ لماذا ل نشجعهم على صيام التطوع وقيام‬
‫الليل وقراءة القرآن ؟ فنصوم البيض مثل ونجتمع على الفطار ونوقظ بعضنا‬
‫ونجتمع على القيام ولو لوقت يسير ونخصص ساعات نجلس لقراءة القرآن‬
‫وهكذا في سائر العمال هنا أل تستشعرون أن السنة أصبحت كلها رمضان‬
‫وأن المجتمع يشجع بعضه بعضا وليس معني هذا أن نكون كما نحن في‬
‫رمضان مع أننا نتمنى هذا نحن ل نقول كونوا كما كنتم في رمضان من‬
‫الجتهاد والحرص على الخيرات فالنفس ل تطيق ذلك ورمضان له فضائل‬
‫وخصائص ولكنا نقول ل للنقطاع عن العمال الصالحة نعم ل للنقطاع عن‬
‫العمال الصالحة فلنحرص ولو على القليل من صيام النفل ونداوم ولو على‬
‫القليل من القيام ولنقرأ ولو كل يوم القليل من القرآن ولنتصدق ولو بالقليل‬
‫من المال والطعام وهكذا في سائر العمال ولنحيي بيوتنا ونشجع أولدنا‬
‫وأزواجنا وفي الحديث الصحيح المتفق عليه قال فيه النبي ـ صلى الله عليه‬
‫مها وإن قل وقد كان‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مها وإن قل" أد ْوَ ُ‬
‫وسلم ـ "أحب العمال إلى الله أد ْوَ ُ‬
‫عمله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ديمة كما كانت تقول ]عائشة[ رضي‬
‫الله تعالى عنها ‪ ،‬فهل تعلمنا من رمضان الصبر والمصابرة على الطاعة وعن‬
‫المعصية وهل عودنا أنفسنا على المجاهدة ضد الهوى والشهوات هل حصلنا‬
‫التقوى التي هي ثمرة القيام الكبرى واستمرت معنا حتى بعد رمضان فإن‬
‫الصلة بالله وخوف الله هي السر في حياة الصالحين والصالحات أيها المحب‬
‫جَبة والغرور بعد رمضان ربما حدثتك نفسك أن لديك الن رصيدا‬ ‫إياك والعُ ْ‬
‫كبيرا من الحسنات كأمثال جبال تهامة أو أن ذنوبك غفرت فرجعت كيوم‬
‫ولدتك أمك فما يزال الشيطان يغريك والنفس تلهيك حتى تكثر من المعاصي‬
‫والذنوب ربما تعجبك نفسك وما قدمته خلل رمضان فإياك إياك والدلل‬
‫على الله بالعمل فإن الله عز وجل يقول )ول تمنن تستكثر( ول تمنن تستكثر‬
‫فل تمن على الله بما قدمت وعملت فما الذي يدريك ما الذي يدريك أن‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أعمالك قُب َِلت وهل قدمتها كما ينبغي وهل كانت لله أم ل ألم تسمع لقول‬
‫الحق عز وجل ‪) :‬وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون( وبدا لهم من الله‬
‫ما لم يكونوا يحتسبون فاحذر مفسدات العمال الخفية نعوذ بالله من‬
‫الشقاق والنفاق والرياء ومساوئ الخلق أيها الخوة والخوات إن من خالط‬
‫اليمان بشاشة قلبه ل يمكن أن يهجر الطاعات كيف وقد ذاق حلوتها‬
‫وطعمها وشعر بأنسها ولذتها في رمضان ‪ ،‬إن ]هرقل[ لما سأل ]أبا سفيان[‬
‫عن المسلمين أيرجعون عن دينهم أم ل قال أبو سفيان ل ‪ ،‬قال هرقل‬
‫وكذلك اليمان إذا خالطت بشاشته القلوب إن هرقل يعلم أن من ذاق حلوة‬
‫اليمان وعرف طعمه ل يمكن أن يرجع عن دينه أبدا مهما فعل به طعم‬
‫اليمان لذة الطاعة هي السر في الستمرار وعدم النقطاع نعم يفتر المسلم‬
‫شط وذلك مصداق‬ ‫ويتراخى ويمر به ضعف وكسل خاصة بعد عمل قام به ون َ ِ‬
‫شّرة إلى‬‫حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إن لكل عمل شّرة وال ِ‬
‫فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك‬
‫فقد ضل" والحديث أخرجه ]أحمد[ في مسنده وهو صحيح وإسناده صحيح‬
‫وقد صححه ]اللباني[ كما في *** وأيضا قال ]الهيثمي[ عنه رواه ]البزار[‬
‫ج من وجوه كما في ]الترمذي[ وقد قال عنه‬ ‫ورجاله رجال الصحيح وأيضا أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬
‫ح غريب من هذا الوجه كما في صحيح الجامع اللباني؛‬ ‫ن صحي ٌ‬
‫الترمذي حس ٌ‬
‫إذا ً فالمسلم يفتر ويضعف لكنه ل ينقطع واسمع لهذا الكلم الجميل أيضا لـ‬

‫)‪(6 /‬‬

‫خّلل الفترات للسالكين أمر لبد منه ‪ ،‬تخلل‬ ‫]ابن القيم[ رحمه الله قال‪ :‬ت َ َ‬
‫الفترات أي الفترة والكسل للسالكين أمر ل بد منه فمن كانت فترته إلى‬
‫مقاربة وتسديد ولم تخرجه من كرب ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود‬
‫خيرا مما كان رجي له أن يعود خيرا مما كان انتهي كلمه رحمه الله ‪ .‬فلعلنا‬
‫أيها الحبة لعلنا نقارن بين حالنا في رمضان بعد سماع هذا الكلم وبين حالنا‬
‫خلل هذه اليام لنشعر بما فقدناه من اللذة والطاعة وحلوة اليمان والله‬
‫المستعان ‪.‬‬
‫ّ‬
‫همسة لصناع الحياة يا صناع الحياة يا دعاة الهدي ويا د ُلل الخير رمضان‬
‫كشف عن الخير في نفوس الناس مهما تلطخ بعضهم بالمعاصي والسيئات‬
‫حتى الفاسق حتى الفاسق فكم من المرات رأيناه انتصر على نفسه فتخطى‬
‫عتبة المسجد ليركع مع الراكعين في صلة التراويح والقيام أي والله أي والله‬
‫رأينا ممن ظاهرهم الفسق رأيناهم يركعون ويسجدون وربما تدمع عيونهم‬
‫ويبكون وقد يصلون ساعات طويلة مع المسلمين في آخر الليل هذه دللت‬
‫دللت على كثرة الخير في نفوس الناس لكن أين من يحسن فن التعامل‬
‫معهم ‪ ،‬نعم يا شباب الصحوة نعم يا دعاة الخير نعم أيتها الفتيات كأني‬
‫ن وأخلق إن‬‫برمضان يصرخ هذا العام فينا فيقول إن الدعوة إلى الله ف ٌ‬
‫الدعوة إلى الله فن وأخلق إن الدعوة إلى الله فن وأخلق فيا ليت شعري‬
‫من يجيد هذا الفن ومن يتمثل هذه الخلق فلماذا نعتذر بصدود الناس‬
‫جلدَ‬
‫وغفلتهم لنبرر فتورنا وعجزنا وكسلنا ولكن ل أقول إل اللهم إنا نشكو لك َ‬
‫الفاسق وعجز الثقة اللهم إنا نشكو جلد الفاسق وعجز الثقة فكم من الثقات‬
‫فكم من الثقات استجابوا لخمولهم وكسلهم إنا لله وإنا إليه راجعون رمضان‬
‫والعيد ‪ ،‬انتهت أيام العيد أيها الحبة وللعيد فقه يجهله كثير من الناس حتى‬
‫من الصالحين فعيد رمضان عيد الفطر يوم فرح وحزن معا يوم فرح وحزن‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫معا ‪ ،‬فرح بتوفيق الله لنا بإكمال شهرنا وإتمام صيامنا وليس فرحا ً بإنهاء‬
‫الصيام وخروج رمضان كما يظن بعض الناس ويوم العيد يوم حزن أيضا يوم‬
‫حزن على فراق رمضان وأيامه الغُّر ولياليه الزاهرة ولكن من يتقن فن‬
‫الحزن والفرح معا فكيف كان عيدنا الذي مضي بعض الناس ربما قاده أو‬
‫قادته فرحته بالعيد إلى المعصية والغفلة والبعد عن الله عز وجل فليس العيد‬
‫لمن لبس الجديد إنما العيد لمن إيمانه يزيد وخاف يوم الوعيد وخاف يوم‬
‫الوعيد واتقى ذا العرش المجيد وهل تعلمون أيها الحبة أن العيد يحزن نعم‬
‫يحزن العيد خاصة إذا جاء هلل العيد في مثل هذا الواقع المرير للمة فمتي‬
‫يحزن العيد يحزن العيد عندما نلبس الجديد ونأكل الثريد ونطلب المزيد‬
‫ن لنا عراة في الجليد ودماء وجروح وصديد‬ ‫ونقول لبعضنا عيد سعيد وإخوا ٌ‬
‫طفل شريد وأب فقيد وأم تئن تحت فاجر عنيد ذي صراخ وتهديد ووعيد‬
‫ونحن نقول لبعضنا عيد سعيد ولسان حالهم يقول لماذا جئت يا عيد ؟‬
‫أقبلت يا عيد والحزان أحزان‬
‫وفي ضمير القوافي صار بركان‬
‫أقبلت يا عيد والظلماء كاشفة‬
‫عن رأسها وفؤاد البدر حيران‬
‫أقبلت يا عيد والحزان نائمة‬
‫على فراشي وطرف الشوق سهران‬
‫من أين نفرح يا عيد الجراح وفي‬
‫قلوبنا من صنوف الهم ألوان‬
‫من أين نفرح والحداث عاصفة‬
‫دما مقل ترنو وآذان‬‫ولل ّ‬
‫من أين والمسجد القصى محطمة‬
‫آماله وفؤاد القدس ولهان‬
‫من أين نفرح يا عيد الجراح‬
‫وفي دروبنا جدر قامت وكثبان‬
‫من أين والمة الغراء نائمة‬
‫على سرير الهوى والليل نشوان‬
‫من أين والذل يبلي ألف منتجع‬
‫في أرض عزتنا والربح خسران‬
‫من أين نفرح والحباب ما اقتربوا‬
‫منا ول أصبحوا فينا كما كانوا‬
‫كيف حال إخواننا أيها الحبة كيف حال إخواننا في هذا العيد الذي مضي يا‬
‫تري ما هو شعورهم كيف كانت فرحتهم بالعيد هل كانوا يلبسون الجديد هل‬
‫كانوا يجلسون مع الباء والمهات هل كانت الزواج تجلس وتفرح بالهدايا من‬
‫الزواج لعلنا نكتفي لعلنا نكتفي بمشاعر هذه الطفلة المتشردة وهي تخاطب‬
‫هلل العيد وتتمنى أنه لم يأتي فتقول له‬
‫غب يا هلل‬
‫إني أخاف عليك من قهر الرجال‬
‫قف من وراء الغيم‬
‫ل تنشر ضياءك فوق أعناق التلل‬
‫غب يا هلل‬
‫خَبال‬
‫حنا ال َ‬
‫م ُ‬ ‫ْ‬
‫إني لخشى أن يصيبك حين ت َل َ‬
‫أنا يا هلل‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أنا طفلة عربية فارقت أسرتنا الكريمة‬


‫لي قصة دموية الحداث باكية أليمة‬
‫أنا يا هلل‬
‫أنا من ضحايا الحتلل‬
‫أنا من ولدت وفي فمي ثدي الهزيمة‬
‫شاهدت يوما عند منزلنا كتيبة‬
‫في يومها‬
‫كان الظلم مكدسا من حول قريتنا الحبيبة‬
‫في يومها‬
‫ساق الجنود أبي وفي عينيه أنهار حبيسة‬
‫وتجمعت تلك الذئاب الغبر في طلب الفريسة‬
‫ورأيت جنديا ً يحاصر جسم والدتي بنظرته المريدة‬
‫ما زلت أسمع يا هلل‬
‫ما زلت أسمع صوت أمي‬
‫وهي تستجدي العروبة‬
‫ما زلت أبصر خنص خنجرها الكريم‬
‫صانت به الشرف العظيم‬
‫مسكينة أمي فقد ماتت وما علمت بموتتها العروبة‬
‫إني لعجب يا هلل‬
‫يترنح المذياع من طرب‬
‫وينتعش القدح وتهيج موسيقي المرح‬
‫والمطربون يرددون على مسامعنا ترانيم الفرح‬
‫وبرامج التلفاز تعرض لوحة للتهنئة‬

‫)‪(7 /‬‬

‫عيد سعيد يا صغار والطفل في لبنان يجهل منشأه‬


‫وبراعم القصى عرايا جائعون‬
‫واللجئون يصارعون الوبئة‬
‫غب يا هلل غب يا هلل‬
‫قالوا ستجذب نحونا العيد السعيد‬
‫عيد سعيد‬
‫والرض مازالت مبللة الث ََرى بدم الشهيد‬
‫والحرب ملت نفسها‬
‫وتقززت ممن تبيد‬
‫عيد سعيد في قصور المترفين‬
‫عيد سعيد في قصور المترفين‬
‫عيد شقي في خيام اللجئين‬
‫حرمت خطانا يا هلل‬
‫ومدي السعادة لم يزل عنا بعيد‬
‫غب يا هلل‬
‫ل تأت بالعيد السعيد مع النين‬
‫ل تأت بالعيد السعيد مع النين‬
‫أنا ل أريد العيد مقطوع الوتين‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أتظن أن العيد في حلوي وأثواب جديدة‬


‫أتظن أن العيد تهنئة تسطر في جريدة‬
‫غب يا هلل واطلع علينا حين يبتسم الزمن‬
‫وتموت نيران الفتن‬
‫واطلع علينا حين يورق بابتسامتنا المساء‬
‫ويذوب في طرقاتنا ثلج الشتاء‬
‫اطلع علينا بالشدى بالعز بالنصر المبين‬
‫اطلع علينا بالتئام الشمل بين المسلمين‬
‫هذا هو العيد السعيد وسواه ليس لنا بعيد‬
‫غب يا هلل‬
‫حتى تري رايات أمتنا ترفرف في شمم‬
‫فهناك عيد‬
‫أي عيد‬
‫وهناك يبتسم الشقي مع السعيد‬
‫اللهم ارحم المسلمين المستضعفين في كل مكان ‪ ،‬اللهم كن لهم ناصرا يوم‬
‫يتخلى عنهم الناصر ‪ ،‬وكن معينا لهم يوم تخلي عنهم المعين ‪ ،‬اللهم ارحم‬
‫الطفال اليتامى والنساء الثكالى وذي الشيبة الكبير ‪.‬‬
‫وهذه صورة مودع أيها الحبة وهو يودع رمضان في آخر ليلة من رمضان‬
‫كأني بمودع مفجوع وهو يراقب بعينيه رحيل الحبيب وقد تلشي خياله من‬
‫بعيد يصرخ فيقول شهر رمضان وأين هو شهر رمضان‬
‫ملء أبصارنا‪ ،‬ألم يكن‬ ‫ملء أسماعنا و ِ‬ ‫ألم يكن منذ أيام بين أيدينا ‪،‬ألم يكن ِ‬
‫هو حديث منابرنا ‪ ،‬ألم يكن هو زينة منائرنا ‪ ،‬ألم يكن هو بضاعة أسواقنا‬
‫فنا‬ ‫ّ‬
‫خل َ‬ ‫ومادة موائدنا وحياة مساجدنا ‪ ،‬فأين هو الن ؟ أين هو الن ؟ ارتحل و َ‬
‫كسيرة أنفسنا دامعة أعيننا ثم أخذ ينوح فيقول أي شهرنا الكريم أي شهرنا‬
‫الكريم وموسم خيرنا الوسيم أي شهر المكرمات تجاهد فيك الظلمات‬
‫وتضاعف فيك الحسنات وفتحت أبواب السماوات فآه ثم آه على الفراق ‪،‬‬
‫أي شهرنا الذي هيم نفوسنا وخرق قلوبنا وأدمع عيوننا ثم أجهش بالبكاء‬
‫وفاضت عيناه بالدموع فقلت سبحان الله لكل محب حبيب ورمضان حبيب‬
‫الصالحين ‪ ،‬تذكرت أياما مضت وليالي خلت فجرت من ذكرهن دموع ‪،‬‬
‫أل هل ليوم من الدهر عودة‬
‫وهل لي إلى يوم اليثار رجوع‬
‫وهل بعد إعراض الحبيب تواصل وهل لبذور قد أفلن طلوع‬
‫أيها المسلمون بعد شهركم أكثروا من الستغفار فإنه من العمال الصالحة‬
‫فقد كتب ]عمر بن عبد العزيز[ إلى النصار يأمرهم بختم رمضان بالستغفار‬
‫ويروي عن ]أبي هريرة[ رضي الله تعالى عنه أنه قال ‪ :‬الغيبة تخرق الصيام‬
‫والستغفار يرقعه ومن استطاع منكم أن يجئ بصوم مرقع فليفعل أكثروا من‬
‫الشكر لله فإن الله قال في آخر آية الصيام )ولتكبروا الله على ما هداكم‬
‫ولعلكم تشكرون( وقال )لئن شكرتم لزيدنكم( وقال )وسيجزى الله‬
‫الشاكرين( فاشكروا الله على إتمام رمضان وعلى حسن الصلة والقيام‬
‫وعلى الصحة والعافية في البدان وليس الشكر باللسان أيها الحبة وإنما هو‬
‫بالقوال والعمال معا ً فهل جزاء الحسان‬
‫سلم من الرحمن كل أوان‬
‫على خير شهر قد مضي وزمان‬
‫سلم على شهر الصيام فإنه‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمان من الرحمن ‪ ،‬أي أمان‬


‫ترحلت يا شهر الصيام بصومنا‬
‫وقد كنت أنوارا بكل مكان‬
‫ة‬
‫لئن فنيت أيامك الزهر بغت ً‬
‫فما الحزن من قلبي عليك بفان‬
‫عليك سلم الله كن شاهدا ً لنا‬
‫بخير رعاك الله من رمضان‬
‫رمضان كان نهارك صدقة وصياما وليلك قراءة وقياما فإليك منا تحية وسلما‬
‫أترى ستعود بعدها علينا أو يدركنا المنون فل تؤول إلينا ‪ ،‬رمضان سوق قام‬
‫ثم انفض ‪ ،‬ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر ‪ ،‬هاهو شهر رمضان رحل‬
‫عنا بعد أن قضت أيامه وتسربت لياليه ولسان حال الصائم منا يقول‪:‬‬
‫فيا شهر الصيام فدتك نفسي‬
‫تمهل بالرحيل والنتقال‬
‫ّ‬
‫فما أدري إذا ما الحول وَلى‬
‫وعدت بقابل في خير حال‬
‫أتلقاني مع الحياء حيا‬
‫أو أنك تلقني في اللحد بال‬

‫)‪(8 /‬‬

‫أيها الحبة هذه نصائح وتوجيهات عن رحيل رمضان قصدت تأخيرها بعد‬
‫رمضان بأيام لنري ونشعر بالفرق الكبير بين حالنا في رمضان وحالنا هذه‬
‫اليام على قلتها فكيف يا تري بحالنا بعد شهر وشهرين وأكثر والعاقل اللبيب‬
‫من جعل عقله مدرسة لبقية الشهور رغم أنني أكرر وأؤكد أننا ل نطالب‬
‫النفوس أن تكون كما هي في رمضان ولكننا نطالبها بالستمرار والمداومة‬
‫على الطاعات والواجبات وتذكر الله والخوف بالله والصلة بالله ولو كانت‬
‫هذه الطاعات قليلة فقليل دائم خير من كثير منقطع ‪ ،‬اللهم يا حي يا قيوم‬
‫اللهم يا حي يا قيوم إن كان في سابق علمك أن تجمعنا في هذا الشهر‬
‫المبارك فلتجمعنا فيه يا حي يا قيوم وإن قضيت بقطع أجلنا وما يحول بيننا‬
‫وبينه فأحسن الخلفة على باقينا وأوسع الرحمة على ماضينا اللهم تقبل منا‬
‫ف عنا ما كان فيه‬ ‫رمضان اللهم تقبل منا رمضان اللهم تقبل منا رمضان واع ُ‬
‫من تقصير وغفلة اللهم اجعلنا فيه من الفائزين اللهم ارحم ضعفنا وتقصيرنا‬
‫وأعنا على ذكرك وشكرك وعلى حسن عبادتك ل حول لنا ول قوة لنا إل بك‬
‫اللهم ل حول لنا ول قوة لنا إل بك فل تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين اللهم ل‬
‫تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين اللهم ل تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين اللهم إنا‬
‫نسألك الهدي والتقى والعفاف والغنى اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي‬
‫الخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن ل إله إل أنت‬
‫أستغفرك وأتوب إليك وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أله‬
‫وصحبه وسلم تسليما كثيرا ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫رمضان وتأسيس التنوير السلمي ‪...‬‬


‫د‪ .‬محمد عمارة ـ إسلم أون لين ‪...‬‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في القرآن الكريم‪ ،‬يأتي تعريف شهر رمضان بأنه )الذي أنزل فيه القرآن(‪..‬‬
‫وليس بأنه "شهر الصيام"‪ ..‬بل إن السبب في اختيار هذا الشهر ـ وهو ليس‬
‫من الشهر الحرم ـ ليكون ميقاتا لهذا الركن من أركان السلم ـ فريضة‬
‫الصيام ـ هو نزول القرآن الكريم فيه‪ ..‬فكأنه الحتفال الديني ـ الجماعي ـ‬
‫باللحظة التي نزل فيها الروح المين ـ جبريل عليه السلم ـ على قلب نبي‬
‫السلم ورسوله‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ببواكير الوحي والتنزيل )اقرأ باسم‬
‫ربك الذي خلق‪ .‬خلق النسان من علق‪ .‬اقرأ وربك الكرم‪ .‬الذي علم بالقلم‪.‬‬
‫علم النسان ما لم يعلم(‪.‬‬
‫وإذا كان الوحي إلى رسول الله‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قد تمثل في "النور‪..‬‬
‫والصوت" ‪" ..‬لقد رأيت نورا‪ ،‬وسمعت صوتا‪ ،"..‬فلقد كان هذا "النور" هو‬
‫حامل القرآن الكريم‪ ،‬رسالة السماء إلى الرض‪ ،‬وجماع الدين والدنيا‪،‬‬
‫وديوان العقيدة والشريعة والقيم والخلق والمة والدولة والحضارة‪ ،‬الذي‬
‫أتم الله به دينه الواحد‪ ،‬واكتملت فيه مكارم الخلق‪) ..‬شهر رمضان الذي‬
‫أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم‬
‫الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله‬
‫بكم اليسر ول يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم‬
‫ولعلكم تشكرون(‪.‬‬
‫ولقد كان انبثاق "النور ـ الملئكي" بهذا "النور ـ القرآني" في الليلة المباركة‬
‫من هذا الشهر العظيم‪ ..‬ليلة القدر والشرف والعظمة‪ ..‬وفي لحظة مطلع‬
‫الفجر منها على وجه التحديد )حم‪ .‬والكتاب المبين‪ .‬إنا أنزلناه في ليلة‬
‫مباركة‪ ،‬إنا كنا منذرين‪ .‬فيها يفرق كل أمر حكيم‪ .‬أمرا ً من عندنا إنا كنا‬
‫مرسلين‪ .‬رحمة من ربك‪ ،‬إنه هو السميع العليم( بل لقد أفرد القرآن الكريم‬
‫لميقات هذا الميلد‪ ..‬ميلد النور القرآني‪ ،‬في هذه الليلة من شهر رمضان‪،‬‬
‫سورة تحدثت عن قدرها وشرفها وعظمتها ـ بل وحملت اسم هذا القدر‬
‫وهذه العظمة ـ )إنا أنزلناه في ليلة القدر‪ .‬وما أدراك ما ليلة القدر‪ .‬ليلة القدر‬
‫خير من ألف شهر‪ .‬تنزل الملئكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر‪ .‬سلم‬
‫هي حتى مطلع الفجر(‪.‬‬
‫نور من الله‬
‫وإذا كان الله‪ ،‬سبحانه وتعالى‪ ،‬بنص القرآن الكريم‪ ،‬هو )نور السموات‬
‫والرض(‪ .‬وإذا كان هذا التنزيل ـ الذي بدأ نزوله في رمضان ـ هو أيضا نوًرا‬
‫من الله )الذين يتبعون الرسول النبي المي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في‬
‫التوراة والنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات‬
‫ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والغلل التي كانت عليهم‪ ،‬فالذين‬
‫آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون(‬
‫)فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا‪ ،‬والله بما تعملون خبير( )يا أيها‬
‫الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا(‪.‬‬
‫إذا كان الرسول‪ ،‬الذي أوحي إليه هذا النور‪ ،‬قد غدا ـ بتلقي هذا النور ـ نورا‬
‫)يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا‪ .‬وداعيا إلى الله بإذنه‬
‫وسراجا منيرا( )يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم‬
‫تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير‪ ،‬قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين(‪..‬‬
‫إذا كان "النور" الملئكي‪ ،‬قد حمل "النور" القرآني‪ ،‬إلى الرسول‪ ،‬الذي غدا ـ‬
‫لذلك ـ "نورا وسراجا منيرا"‪ ..‬فإن هذه الثمرة التي تمثلت في الوحي والنبوة‬
‫والرسالة قد تجسدت في هذا الدين ـ السلم ـ الذي أصبح ـ كذلك‪ ..‬ولذلك ـ‬
‫"نورا وتنويرا"‪ ..‬نورا يهدي به الله من اتبع رضوانه‪ ،‬وتنويرا إلهيا لكل من‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يستنير بنوره‪ ،‬فيخرج من الظلمات إلى النور ‪) :‬ل إكراه في الدين قد تبين‬
‫الرشد من الغي‪ ،‬فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة‬
‫الوثقى ل انفصام لها‪ ،‬والله سميع عليم‪ .‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من‬
‫الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى‬
‫الظلمات‪ ،‬أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‪ .‬ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم‬
‫في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا‬
‫أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من‬
‫المغرب فبهت الذي كفر‪ ،‬والله ل يهدي القوم الظالمين‪.‬‬
‫أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد‬
‫موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت‪ ،‬قال لبثت يوما أو بعض‬
‫يوم‪ ،‬قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى‬
‫حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما‪،‬‬
‫فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير‪ .‬وإذ قال إبراهيم رب‬
‫أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال‬
‫فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم‬
‫ادعهن يأتينك سعيا‪ ،‬واعلم أن الله عزيز حكيم(‬

‫)‪(1 /‬‬

‫)أفمن شرح الله صدره للسلم فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم‬
‫من ذكر الله‪ ،‬أولئك في ضلل مبين(‬
‫فالله سبحانه وتعالى‪ ،‬الذي هو نور السموات والرض‪ ،‬قد أوحى بالنور‬
‫القرآني‪ ،‬فحمله النور الملئكي‪ ،‬إلى النور النبوي والرسالي‪ ،‬فكانت الثمرة‬
‫هي النور السلمي‪ ،‬الذي يخرج المستنيرين به من الظلمات إلى النور‪.‬‬
‫والناظرون المتدبرون لهذه اليات القرآنية ـ التي أوردناها ـ شاهدا على هذا‬
‫"التنوير السلمي" والتي تحدثت عن "نور السلم" سيجدون فيها مبادئ‬
‫وقواعد وسمات وقسمات لهذا التنوير السلمي المبثوثة ملمحه في آيات‬
‫القرآن الكريم‪ ..‬سيجدون في هذه اليات‪:‬‬
‫‪ - 1‬تحرير الرادة والضمير من العبودية لكل الطواغيت‪ ،‬بإفراد الله‪ ،‬سبحانه‬
‫وتعالى‪ ،‬بالعبودية ـ وفي ذلك قمة التحرير للنسان‪.‬‬
‫‪ - 2‬واعتبار القرآن ـ أي "النقل" ـ والدين والشرع نورا للبصر والبصيرة ـ أي‬
‫"للعقل " النساني ـ المر الذي ينفي التناقض بينهما‪ ..‬حتى ل يصبح غناء ول‬
‫استغناء لحدهما عن الخر‪.‬‬
‫‪-3‬والستدلل والبرهنة والعتبار على الحقائق اليمانية والعقائد الدينية‬
‫باليات الكونية المبثوثة في الفاق ـ الشروق والغروب ـ وبآيات النفس ـ‬
‫الخلق والحياء والماتة والبعث ـ وليس بآيات النقل والغيبيات‪.‬‬
‫‪ - 4‬والحوار ـ حتى مع الله ـ وذلك طلبا لليقين الديني الذي يطمئن به وإليه‬
‫القلب‪ ،‬وذلك بواسطة التجربة الحسية ـ كما في حوار الخليل إبراهيم‪ ،‬عليه‬
‫السلم‪ ،‬مع الله‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬من هذه اليات ـ وهي مجرد شاهد ـ يمكن للمتدبر أن يستخلص هذه‬
‫القواعد للتنوير السلمي‪ ..‬المحرر للضمير والرادة‪ ..‬والمؤاخي بين العقل‬
‫والنقل‪ ..‬والجاعل من اليات الكونية والتجربة الحسية الطريق إلى اليقين‬
‫الديني‪.‬‬
‫ولهذه الحقيقة من حقائق امتياز وتميز "التنوير السلمي" بالتوازن الجامع‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بين أنوار الشرع وأنوار العقل ـ كانت الوسطية السلمية‪ ،‬التي رفضت ـ منذ‬
‫قرون ـ غلو الفراط‪ ،‬الذي وقف أهله عند ظواهر النصوص والمأثورات‪،‬‬
‫متنكرين للعقل والعقلنية ـ والذين مثلوا في ثقافتنا تيار الجمود والتقليد ـ كما‬
‫رفضت هذه الوسطية‪ ،‬كذلك‪ ،‬غلو التفريط‪ ،‬الذي توهم أصحابه تناقض‬
‫المعقول مع المنقول‪ ،‬فانحازوا للعقل وحده دون النصوص والمأثورات‪.‬‬
‫ووجدنا حجة السلم الغزالي "‪ 450‬ـ ‪ 505‬هـ ‪ 1058‬ـ ‪1111‬م" يعبر عن‬
‫هذه الوسطية السلمية الجامعة‪ ،‬وهذا "التنوير السلمي" ـ الرافض لغلوي‬
‫الفراط والتفريط ـ والذي يجمع بين نوري الشرع والعقل‪ ،‬اللذين هما نور‬
‫على نور‪ :‬وجدنا الغزالي يعبر عن هذا "التنوير السلمي"‪ ،‬فيقول‪" :‬إن أهل‬
‫السنة قد تحققوا أن ل معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول‪ ،‬وعرفوا‬
‫أن من ظن وجود الجمود على التقليد‪ ،‬واتباع الظواهر‪ ،‬ما أتوا به إل من‬
‫ضعف العقول وقلة البصائر‪ .‬وأن من تغلغل في تصرف العقل حتى صادموا‬
‫به قواطع الشرع‪ ،‬ما أتوا به إل من خبث الضمائر‪ .‬فميل أولئك إلى التفريط‪،‬‬
‫وميل هؤلء إلى الفراط‪ ،‬وكلهما بعيد عن الحزم والحتياط‪ ،‬فمثال العقل‬
‫البصر السليم من الفات والذاء‪ ،‬ومثال القرآن‪ :‬الشمس المنتشرة الضياء‪،‬‬
‫فأخلق بأن يكون طالب الهتداء المستغني إذا استغنى بأحدهما عن الخر في‬
‫غمار الغبياء‪ .‬فالمعرض عن العقل‪ ،‬مكتفيا بنور القرآن‪ ،‬مثاله‪ :‬المتعرض لنور‬
‫الشمس مغمضا ً للجفان‪ ،‬فل فرق بينه وبين العميان‪ .‬فالعقل مع الشرع نور‬
‫على نور"‪.‬‬
‫فبهذا "التنوير السلمي"‪ ،‬المؤمن بالعقل والنقل‪ ،‬والجامع بين نورهما جميعا‪،‬‬
‫صنعت المة السلمية حضارتها‪ ،‬المتميزة بين الحضارات‪ ،‬التي ـ لذلك التميز‬
‫ـ تدينت فيها الفلسفة‪ ،‬كما تفلسف الدين!‪ ..‬وغدا "العقل" ـ فيها‪ :‬الفق الذي‬
‫يشرق فيه "اليمان"‪.‬‬
‫خيارات النهضة‬
‫لكن أمتنا قد أتى عليها حين من الدهر‪ ،‬غابت عن حياتها الفكرية هذه‬
‫الموازنة بين العقل والنقل‪ ،‬بين البرهان والشرع‪ ،‬بين آيات الله في كتاب‬
‫الكون المنظور وآياته في كتاب الوحي المسطور‪ ،‬فركنت المة إلى ظواهر‬
‫النصوص‪ ،‬وجمدت عند حرفية المأثورات‪ ،‬واسترابت في أنوار العقل‬
‫العقلنية‪.‬‬
‫فلما كان وتحسست أمتنا ـ في عصرنا الحديث ـ طريقها إلى اليقظة والنهضة‬
‫والحياء والتجديد ـ وكانت قد حدثت صلت بينها وبين الحضارة الغربية‬
‫الناهضة ـ وجدت نفسها أمام خيارين في النهضة‪ ،‬ونموذجين للتنوير‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أ ـ التنوير الغربي ـ الوضعى‪ ،‬وأحيانا المادي ـ الذي أقام قطيعة معرفية مع‬
‫الموروث الديني‪ ،‬وذلك عندما أحل فلسفته العقل والعلم والفلسفة محل‬
‫الله والكنيسة واللهوت‪ ،‬وأعلنوا أنه ل سلطان على العقل إل للعقل وحده‪،‬‬
‫وجاهروا بأن استخدام المصطلحات الدينية ل يعني التخلي عن هذه القطيعة‬
‫المعرفية مع الدين‪" .‬فبعد أن كان المسيحي حريصا على طاعة الله وكتابه‪،‬‬
‫لم يعد النسان يخضع إل لعقله‪ ،‬فأيديولوجية التنوير قد أقامت القطيعة‬
‫البستمولوجية )المعرفية( الكبرى التي تفصل بين عصرين من الروح‬
‫البشرية‪ :‬عصر الخلصة اللهوتية للقديس توما الكويني‪ ،‬وعصر الموسوعة‬
‫لفلسفة التنوير‪ ،‬فمنذ الن فصاعدا راح المل بمملكة الله ينزاح لكي يخلي‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المكان لتقدم عصر العقل وهيمنته‪ .‬وهكذا راح نظام النعمة اللهية ينمحي‬
‫ويتلشى أمام نظام الطبيعة‪ ،‬لقد أصبح النسان وحده مقياسا للنسان‪،‬‬
‫وأصبح حكم الله خاضعا لحكم الوعي البشري‪ ،‬الذي يطلق الحكم الخير‬
‫باسم الحرية‪ ،‬ويمكن للمعجم اللهوتي القديم أن يستمر‪ ،‬ولكنه لم يعد يوهم‬
‫أحدا‪ ،‬فنفس الكلمات لم يعد لها نفس المعاني" )أميل بول "نقل عن هاشم‬
‫صالح"(‬
‫وجدت أمتنا ـ وهي تتحسس طريقها لليقظة والنهوض ـ نفسها أمام هذا‬
‫الخيال للتنوير الغربي الوضعي‪ ،‬العلماني‪ ،‬الذي يقيم قطيعة معرفية مع‬
‫الدين‪ ،‬ويفرغ مصطلحات المعجم الديني ـ إذا هو استخدمها ـ مما لها من‬
‫مضامين!‬
‫ب ـ وبين "التنوير السلمي" ـ الجامع بين الشرع والعقل‪ ،‬بين الحكمة‬
‫والشريعة‪ ،‬بين آيات الله المنزلة وآياته المبثوثة في النفس والفاق‪.‬‬
‫لقد اختارت مدرسة الحياء والتجديد التي تبلورت من حول موقظ الشرق‬
‫وفيلسوف السلم جمال الدين الفغاني "‪ 1254‬ـ ‪ 1314‬هـ ‪ 1838‬ـ‬
‫‪1897‬م" اختارت لمتنا هذا الطريق‪ ،‬طريق الستنارة والتنوير بالسلم‪،‬‬
‫وليس بالقطيعة المعرفية مع السلم‪ .‬فهي قد رفضت غلو الجمود والتقليد‪،‬‬
‫حتى لو كان أصحابه قد امتازوا بتنقية العقيدة من البدع والضافات‬
‫والخرافات‪ ،‬لنهم بمعاداة العقلنية السلمية لم يتجاوزوا مواقع التقليد‪ ،‬الذي‬
‫جنى على حضارتنا العربية السلمية "فهذا الدين يطالب المتدينين أن يأخذوا‬
‫بالبرهان في أصول دينهم‪ ،‬وكلما خاطب خاطب العقل‪ ،‬وكلما حاكم حاكم‬
‫إلى العقل‪ ،‬تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة‪ ،‬وأن‬
‫الشقاء والضللة من لواحق الغفلة وإهمال العقل وانطفاء نور البصيرة‪،‬‬
‫فالعقل مشرق اليمان‪ ،‬ومن تحول عنه فقد دابر اليمان"‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت‪ ،‬رفضت هذه المدرسة الحيائية التجديدية عقلنية التنوير‬
‫الغربي‪ ،‬تلك التي تأسست على النزعة الوضعية والمادية‪ ،‬فوجهت شديد‬
‫النقد لفلسفة التنوير الغربي ـ من مثل فولتير "‪ 1964‬ـ ‪1778‬م" وروسو "‬
‫‪ 1712‬ـ ‪1778‬م" ـ وقالت عن هذا التنوير‪ :‬إنه قد بعث مذهب اللذة‪،‬‬
‫والدهرية وبعبارة الفغاني‪ :‬فلقد ظهر فولتير وروسو‪ ،‬يزعمان حماية العدل‬
‫ومغالبة الظلم‪ ،‬والقيام بإنارة الفكار وهداية العقول‪ ،‬فنبشا قبر "أبيقور"‬
‫الكلبي "‪ 341‬ـ ‪ 270‬ق‪.‬م" وأحييا ما يلي من عظام الدهريين‪ ،‬ونبذا كل‬
‫تكليف ديني‪ ،‬وغرسا بذور الباحية والاشراك‪ ،‬وزعما أن الداب اللهية‬
‫جعليات خرافية‪ ،‬كما زعما أن الديان مخترعات أحدثها نقص العقل النساني‪،‬‬
‫وجهر كلهما بإنكار اللوهية‪ ،‬ورفع كل عقيرته بالتشنيع على النبياء‪ ،‬فأخذت‬
‫هذه الباطيل من نفوس الفرنساويين‪ ،‬فنبذوا الديانة العيسوية‪ ،‬وفتحوا على‬
‫أنفسهم أبواب الشريعة المقدسة ـ في زعمهم ـ شريعة الطبيعة‪ ،‬ولقد بذل‬
‫نابليون الول جهده في إعادة الديانة المسيحية إلى ذلك الشعب‪ ،‬استدراكا‬
‫لشأنه‪ ،‬لكنه لم يستطع محو آثار تلك الضاليل"‪.‬‬
‫ذلك هو رأي مدرسة التجديد السلمي في فلسفة النوار الغربيين وفي‬
‫تنويرهم المادي العلماني‪ .‬ثم هي قد وجهت شديد النقد للمقلدين ـ من‬
‫مثقفينا ـ لهذا التنوير الغربي‪ ،‬فالمقلدون لتمدن المم>‪... <S< td/‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رمضان وتوحيده المة ثقافًيا واجتماعًيا‬


‫بدران الحسن ‪1/9/1424‬‬
‫‪26/10/2003‬‬
‫كل عام يهل علينا رمضان‪ ،‬ونعبر عن فرحتنا به‪ ،‬ونظهر الغبطة والحفاوة بهذا‬
‫الزائر الكريم‪ .‬وفي كل عام نحيي شعيرة الصوم ونعظمها أيما إكبار؛ ينم عن‬
‫أن في أنفس المسلمين بقية من "تقوى القلوب" ما دام الناس يعظمون‬
‫شعائر الله تعالى‪.‬‬
‫في رمضان تتجلى رحمة الله على عباده؛ فترى الناس وقد أقبلوا على إحياء‬
‫لياليه بالصلة وقراءة القرآن والذكر‪ ،‬كما أنهم يصومون أيامه استجابة لنداء‬
‫الله تعالى‪ ،‬وتلبية لدعوته التي دعاهم فيها بقوله‪) :‬شهر رمضان الذي أنزل‬
‫فيه القرآن‪ .‬هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان‪ .‬فمن شهد منكم الشهر‬
‫عا لقول الحبيب المصطفى ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪:-‬‬ ‫فليصمه()‪ ، (1‬واتبا ً‬
‫"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة‪ ،‬يقول الصيام‪ :‬أي رب منعته‬
‫الطعام والشراب فشفعني فيه‪ ،‬ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني‬
‫فيه‪ ،‬قال‪ :‬فيشفعان")‪. (2‬‬
‫وحديثنا في هذا المقام ليس عن أهمية الصوم‪ ،‬ول عن أحكامه‪ ،‬ول عن فضل‬
‫الصائم القائم عند الله تعالى‪ ،‬وإنما أردنا أن نتوجه إلى جانبين مهمين من‬
‫جوانب حياتنا؛ لرمضان عليهما تأثير كبير‪ .‬إنهما‪ :‬الجانب الثقافي‪ ،‬والجانب‬
‫الجتماعي في حياتنا‪ .‬وكيف يتأثران بهذا الشهر الكريم‪ .‬وبعبارة أخرى فإن‬
‫لرمضان قيمه الثقافية والجتماعية التي يربينا عليها‪ ،‬وبالتالي يصبغ المة كلها‬
‫بها‪.‬‬
‫القيم الثقافية لرمضان المبارك‬
‫تتجلى الوحدة الثقافية للمة في هذا الشهر المبارك بصفة خاصة؛ ففيه تتحد‬
‫الفكار‪ ،‬وتتجه النظار إلى القرآن بشكل ملفت للنظر‪ ،‬بل حتى ذلك المسلم‬
‫الذي ل يكاد يلمس المصحف طوال السنة‪ ،‬يلين جانبه‪ ،‬ويرق قلبه‪ ،‬حينما‬
‫يرى مظاهر قراءة القرآن منتشرة في كل زاوية من زوايا المساجد‬
‫والمصليات والبيوت‪ ،‬بل وحتى محطات الذاعة والتلفزيون على قلة ما‬
‫تقدمه!‪.‬‬
‫وفي هذا الشهر الكريم تتلو مليين من المسلمين القرآن كما لم تتله في‬
‫بقية أيام السنة‪ ،‬وتمتلئ المساجد بالمصلين على غير عادتها في اليام‬
‫الخرى‪ ،‬وتتحد مواقيت الوجبات‪ ،‬بل وتتقارب نوعيات الطباق في مختلف‬
‫أقطار السلم‪ ،‬برغم بعد المسافات واختلف الجناس‪ ،‬وتباين العراف‪،‬‬
‫وتغاير العادات‪.‬‬
‫إن هذا الشهر الكريم يصبغ المجتمعات السلمية بصبغة إسلمية‪ ،‬ويكون‬
‫ما تعظم فيه شعيرة من أكبر شعائر السلم‪ ،‬وقاعدة من قواعده‬ ‫موس ً‬
‫الخمس‪ .‬وفي هذا الشهر‪ ،‬ل تجد طوائف كثيرة من أبناء المسلمين ممن‬
‫انساحوا خلف الفكار البدعية والشركية والمنحرفة إل النضواء في الثقافة‬
‫العامة للمجتمع‪ ،‬والتي هي ثقافة رمضان‪ ،‬ذلك الشهر الذي يطغى ببركته‬
‫على كل التعبيرات النشاز التي تعودناها في بقية السنة‪.‬‬
‫بل إنه رغم اختلف أفراد المة في المشارب اللغوية والفكرية والعرقية‬
‫والقومية وغيرها؛ فإن لرمضان سمته الخاص حتى على طريقة الكل‪،‬‬
‫وطريقة الكلم‪ ،‬وطريقة الصلة‪ ،‬بل وطريقة تلوة القرآن‪ .‬ذلك أن رمضان‬
‫يوحد أنماط الكل وطرائقه في كل أقطار العالم السلمي‪ ،‬حيث تختفي‬
‫الفردانية والعزلة‪ ،‬وتأتي المائدة المشتركة التي تجمع أفراد السرة الواحدة‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في جلسة مشتركة تحفهم سكينة رمضان سواء في ذلك أكانت المائدة‬
‫ل‪ ،‬لكن طريقة التناول‬ ‫عا أم تحوي أكل ً متواضًعا قلي ً‬
‫تحوي أكل ً شهًيا متنو ً‬
‫وأوقاتها واحدة‪.‬‬
‫أما طريقة الكلم؛ فإن رمضان يمنح الصائم سمًتا من الهيبة وقلة الكلم‬
‫والتزام الذكر‪ ،‬وتلك لعمري فائدة كبيرة تنسجم مع أهداف هذا الشهر الكريم‬
‫في تربيتنا على ثقافة العمل وقلة الكلم‪ .‬إن رمضان يعلم الناس النجاز‬
‫العملي والعراض عن الخوض في ما ل ينفع من القول‪ .‬أو بتعبير مالك بن‬
‫نبي ‪ -‬رحمه الله‪ -‬إن رمضان يعلمنا "المنطق العملي"‪ ،‬فنتحول من القول‬
‫وفق ما يقول القرآن إلى العمل بما يقول‪.‬‬
‫أما طريقة الصلة؛ فإن رمضان يضفي على الصلة نكهة خاصة‪ ،‬إذ تقل فيه‬
‫صلة الفذ‪ ،‬وتكثر فيه صلة الجماعة‪ ،‬ويحرص فيه الناس على صلة الصبح‬
‫بعد أن نسوا أداءها في وقتها طيلة العام‪ ،‬كما أن النوافل تلقى حظها من‬
‫العناية‪ ،‬وتقام الليالي ويحي الناس ليالي رمضان بالتراويح وقيام الليل‪.‬‬
‫وبالرغم من أن كثيرا من أبناء المسلمين يحيون ليالي رمضان في لعبة‬
‫الورق وغيرها من الملهيات‪ ،‬غير أن هناك – بل شك‪ -‬الكثير من أبناء‬
‫المسلمين أيضا من يجددون صلتهم بالمسجد‪ ،‬وبالجماعة‪ ،‬وبقيام الليل‪،‬‬
‫وبإحياء النوافل‪.‬‬
‫أما القرآن؛ فإنه ينال الحظ الوفر من العناية‪ ،‬ومن خلل علقاتي مع الناس‬
‫رأيت أن منهم من ل يقرأ القرآن أبدا خلل العام كله‪ ،‬غير أنه يجدد صلته‬
‫بكتاب الله تعالى في هذا الشهر الكريم‪ ،‬بل ومنهم من ل يفك صلته بالقرآن‬
‫بعد نهاية رمضان‪ ،‬ويستمر في صلته تلك‪ ،‬بعد أن أشرب قلبه حب القرآن‬
‫وتلوته في رمضان‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما من جهة الداب؛ فإن الثقافة الشرعية تجد لها طريقا إلى سلوك الناس‬
‫خاصتهم وعامتهم‪ ،‬فتجد المسلم الصائم يجتنب جميع ما حرم الله عليه من‬
‫القوال والفعال‪ ,‬فيحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم‬
‫وفحش القول‪ ,‬ويحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات‪ ,‬ويحفظ أذنه عن‬
‫الستماع للحرام‪ ,‬ويحفظ بطنه عن كل مكسب خبيث محرم‪ .‬وبذلك فإن‬
‫رمضان يفرض نمط سلوكه على الناس‪ ،‬في طرائق اللباس والكل والكلم‬
‫صا أيضا‬
‫ظا من الصائم على عدم انتهاك حرمة رمضان‪ ،‬وحر ً‬ ‫كما قلنا‪ ،‬حفا ً‬
‫على عدم ذهاب صومه‪ ،‬استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬من لم يدع‬
‫قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ‪ ،‬وقوله‬
‫عليه الصلة والسلم‪" :‬الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فل يرفث ول‬
‫يصخب‪ ,‬فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم" )‪ .(3‬وبذلك فإن‬
‫جوارح المسلم وعقله وروحه تتحد في وجهتها إلى الله تعالى من خلل‬
‫التزام المسلم الصائم بمراقبة ظاهره وباطنه وعًيا منه وخوًفا من أن يكون‬
‫ممن قال فيهم النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬رب صائم حظه من صيامه‬
‫الجوع والعطش")‪. (4‬‬
‫هذه بعض القيم الثقافية التوحيدية التي يغرسها رمضان في نفوس أفراد‬
‫المة‪ ،‬ذلك أنه يوحد طرائق التعبير والداء والكل‪ ،‬ويوحد الداب‪ ،‬ويعلي من‬
‫شأن القيم ويعطيها صبغتها العاملة في النفوس أفراًدا ومجموعًا‪ ،‬بحيث إنك‬
‫لو ذهبت إلى الجزائر أو الكويت أو السعودية أو حللت بماليزيا أو إندونيسيا‪،‬‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أو زرت تركيا أو باكستان أو نيجيريا‪ ،‬أو صمت رمضان في غامبيا أو مالي أو‬
‫موريتانيا أو اليمن‪ ،‬فإنك تلحظ وحدة التعابير الثقافية التي يتحلى بها الناس‬
‫في هذا الشهر الكريم في أي بقعة تعيش فيها جماعة من المسلمين‪.‬‬
‫ولهذا نقول‪ :‬إن وحدة المة قد ل تظهر على مستواها السياسي أو القتصادي‬
‫أو غيرها من المستويات‪ ،‬ولكن شعائر الله وأيامه تظهرها بجلء ووضوح في‬
‫قيمها الثقافية‪ ،‬أي في طرق تعبيراتها الفكرية والعلمية والسلوكية والعملية‪،‬‬
‫أو بتعبير ابن نبي؛ في ثقافتها‪.‬‬
‫الوحدة الجتماعية للمة في رمضان‬
‫ضا تتجلى تلك الوحدة الجتماعية بين المسلمين‪ ،‬إذ ينمو‬ ‫وفي رمضان أي ً‬
‫الشعور بالوحدة والتكافل بين المسلمين‪ .‬فالمسلم الصائم يتبادل العواطف‬
‫ما كلهم؛ بل إنه يشعر‬ ‫والمشاعر نفسها مع الناس من حوله حينما يراهم صيا ً‬
‫بالصلة والرابط المتين مع البقية من جيرانه وأصحابه وإخوانه وأصدقائه‬
‫وأهله وبمن يحيط به‪ .‬إذ الكل صائم‪ ,‬والكل يمتنع عن ملذات الدنيا المباحة‬
‫استجابة لدعوة الرحمن‪.‬‬
‫إن الغني والفقير‪ ،‬والرئيس والمرؤوس‪ ،‬والمرأة والرجل‪ ،‬والعربي‬
‫والعجمي‪ ،‬والشيخ والشاب يمسكون ويفطرون دون تفاضل أو تمايز إل بعذر‬
‫شرعي‪ .‬فل استثناء ول خروج عن نهج هذه الشعيرة بناء على جاه أو مركز أو‬
‫مال أو صلة قربى أو حمية‪ .‬وهنا تظهر القيمة التوحيدية لهذه الشعيرة‪ ،‬إذ‬
‫يستوي في اللتزام بها الناس جميًعا‪ ،‬ويدرك الفقير والغني أنهما من طينة‬
‫م الجوع طوال أيام السنة‬ ‫واحدة؛ بل ويدرك الغني ما يعانيه الفقراء من ه ّ‬
‫عندما يجرب جوع "أيام معدودات"‪ ،‬وتتجلى معايير السلم في التفاضل بين‬
‫الناس‪ ،‬ليس على أساس طبقي أو عرقي أو جنسي‪ ،‬بل على أساس التقوى‬
‫والعمل الصالح‪ ،‬على أساس ما يبذله كل فرد سًرا وعلنية من اجتهاد في‬
‫العبادة‪ ،‬ويصير بذلك ميزان التفاوت في المجتمع وعند الله هو )إن أكرمهم‬
‫عند الله أتقاهم( ‪ ،‬و )كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم‬
‫لعلكم تتقون( ‪ .‬إنها وحدة اجتماعية في ظل العبودية لله تعالى‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى؛ فإن هذا الشهر الكريم يقلل الفجوة بين فقراء المة‬
‫وأغنيائها وذلك من وجهين‪ :‬الول‪ :‬أن كثيًرا الغنياء ممن تعود على حياة‬
‫الدعة والغنى والعيش الرغيد تحصل لهم مشقة بامتناعهم عن الطعام‬
‫والشراب في نهار رمضان‪ ،‬وهذا يوصلهم إلى إدراك نعمة الله تعالى عليهم‬
‫بالغنى والتنعم بخيرات الله تعالى طوال السنة‪ ،‬كما أن منهم من يدرك ما‬
‫يعانيه البائس والمعتر والفقير والمسكين من الناس‪ ،‬ويدرك أغنياء المة ما‬
‫فيه فقراؤها من هم وغم‪ ،‬فيجددوا صلتهم بأمتهم‪ ،‬ويعطوا من فضل الله‬
‫عليهم إلى فقراء الناس‪ .‬والواقع يشهد أن في رمضان تزداد صدقات الغنياء‬
‫وتبرعاتهم وعطاياهم‪ .‬وهذا من مقاصد هذا الشهر الكريم الذي يجعل هؤلء‬
‫الغنياء يدركون ما يعانيه إخوانهم ممن أصابتهم الفاقة والفقر‪ .‬وبهذا تتجلى‬
‫أهمية هذا الشهر الكريم في إحلل قيم الوحدة الجتماعية بين أبناء المة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫والثاني‪ :‬أن الفقراء الذين ل يجدون حاجتهم طوال السنة يفتح الله عليهم‬
‫سا وأكثر راحة‪ ،‬بل‬
‫ببركات هذا الشهر الكريم من الخيرات ما يجعلهم أقل بؤ ً‬
‫ومن الفقراء من يغنيه الله في هذا الشهر الكريم‪ ،‬ومنهم كثيرون يدركون أن‬
‫قيمة هذه المة في وحدة أبنائها وتعاون فقيرهم مع غنيهم‪ .‬ويدرك الفقراء‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أن الغنياء إخوانهم فل يحقدون عليهم بما فضل الله بعضهم على بعض‪ ،‬كما‬
‫ض ِفي ال ّْرْز ِ‬
‫ق( )‪.(5‬‬ ‫ضك ُ ْ َ‬
‫م عَلى ب َعْ ٍ‬ ‫ل ب َعْ َ‬ ‫ه فَ ّ‬
‫ض َ‬ ‫قال تعالى‪َ) :‬والل ُ‬
‫في هذا الشهر الكريم تتجلى قيم التكافل والتراحم والصلة بين المسلمين‬
‫في أبهى صورها‪ .‬وهذا ما نفهمه من قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬لو علمت‬
‫أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان" أو كما قال عليه‬
‫الصلة والسلم‪ .‬ذلك أن هذا الشهر الكريم يقّرب المسافات بين طوائف‬
‫المة وجماعاتها‪ ،‬ويوحد بينها من خلل تلك العبادات التي يؤديها المسلمون‬
‫فرادى وجماعات‪ .‬فتعلو قيمة الجماعة‪ ،‬ويصير إحياء الشعائر سنة ظاهرة‬
‫تحيى بعد أن كادت تموت‪ ،‬ويتكافل الناس عندما يجتمعون‪ ،‬ويحس بعضهم‬
‫ببعض ويدرك هذا ما يعانيه الخرون‪.‬‬
‫فما أعظمك يا رمضان!‪ ..‬وما أكثر بركتك!‪ ..‬وما أحلى صيام أيامك وقيام‬
‫لياليك!‪ ..‬فإنك شهر كريم‪ ،‬فيك تجتمع أمة محمد فتتحد قيمها الثقافية من‬
‫خلل اللهج بالقرآن بشكل ليس في غيره من الشهور‪ ،‬ويتكافل فيه الناس‬
‫بوجه ل يكون في غيره من أيام الله‪ ،‬وهو بهذا يوحد من قيمها الجتماعية؛‬
‫وأولها مفهوم الجماعة ومفهوم التكافل والرحمة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫)‪(1‬البقرة‪.158 ،‬‬
‫)‪(2‬رواه أحمد‪.‬‬
‫)‪ (3‬متفق عليه‪.‬‬
‫)‪(4‬رواه أحمد وابن ماجه‪.‬‬
‫)‪ (5‬النحل‪.71 ،‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رمضان وفرصة إحياء الروح‬


‫عادل القليعي‪ /‬إسلم أون لين‬
‫رمضان ضيف عزيز‪ ،‬وهو شهر الغفران والرحمة‪ ،‬وشهر القرآن‪ ،‬وشهر فيه‬
‫ليلة خير من ألف شهر‪ ،‬فحري بالمؤمنين أن يستقبلوه بما يليق به كمبعوث‬
‫إلهي اختص رب العالمين بالجزاء عليه "الصوم لي وأنا أجزي به"‪ .‬ولما يحل‬
‫بالعباد بهذا الشهر من أسباب الفلح في الدنيا والخرة لقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬لو يعلم العباد ما رمضان‪ ،‬لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان"‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله‬
‫عليكم صيامه‪ ،‬تفتح فيه أبواب السماء‪ ،‬وتغلق فيه أبواب الجحيم‪ ،‬وتغل فيه‬
‫مردة الشياطين‪ ،‬لله فيه ليلة خير من ألف شهر‪ ،‬من حرم خيرها فقد حرم"‪.‬‬
‫شهر هذه نفحاته حري بنا أن نستغل أيامه أحسن استغلل‪ ،‬وإذا علمنا أن من‬
‫أعمال شعب اليمان ما يلزم المؤمن مرة في العمر كالحج‪ ،‬ومنها ما يلزم‬
‫مرة في السنة كصوم رمضان‪ ،‬ومنها ما هو موقوت مضبوط كالصلة‬
‫والزكاة‪ ،‬ومنها ما يسنح في أوانه وبمناسبته كعيادة المريض وتشييع الجنازة‪،‬‬
‫ومنها ما هو فرصة دائمة كإماطة الذى عن الطريق‪ ،‬ومنها ما هو صفة‬
‫نفسية مصاحبة كالحياء‪ ،‬ومنها ما ينبغي أن يصبح عادة راسخة كقول ل إله إل‬
‫الله؛ فإن المؤمن يجب أن تكون في حياته اليومية في هذا الشهر المبارك‬
‫معالم لتكون قدمه راسخة في زمن العبادة والجهاد ل في زمن العادة واللهو‪.‬‬
‫هناك أوقات المهنة والسرة والمدرسة والشغل‪ ،‬فيجب أل يمنع توقيت زمن‬
‫الوظائف الدنيوية عن إقامة الصلة في وقتها بأي ثمن‪ ،‬وعن الصلة في‬
‫الجماعة والمسجد ما أمكن‪ .‬فإن لم تكن جماعة ومسجدا فواجب المجاهد‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أن يؤلف حوله المصلين في معمله وإدارته ومدرسته ويتخذوا لهم مسجدا‬
‫وأذانا وإماما ودقائق وعظ ودعوة‪:‬‬
‫‪- 1‬يبدأ المؤمن يومه قبل الفجر بساعة أو سويعة إن تكاسل فيصلي الوتر‪،‬‬
‫فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخير‬
‫فيقول‪ :‬من يدعوني فأستجيب له‪ ،‬من يسألني فأعطيه‪ ،‬من يستغفرني فأغفر‬
‫له" رواه الجماعة‪ .‬ثم يتناول سحوره ففيه بركة‪ ،‬ويعقد نيته ويخلص لله‬
‫تعالى صيام نهاره‪ ،‬ثم يجلس للستغفار ليكون من المستغفرين بالسحار‪.‬‬
‫‪ - 2‬الجلسة بعد صلة الصبح إلى الشروق سنة‪ ،‬فعن أبي أمامة رضي الله‬
‫عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬من صلى صلة الغداة في‬
‫جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم قام فركع ركعتين انقلب‬
‫بأجر حجة وعمرة"‪ .‬فذاك زمن مبارك يحافظ عليه المؤمن ما أمكن‪ ،‬بتلوة‬
‫جزء في اليوم بين صباح ومساء‪ ،‬وذكر وتعلم وحفظ‪.‬‬
‫‪ - 3‬صلة الضحى صلة الوابين‪ ،‬ويبتدئ وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح‬
‫إلى زوالها‪ ،‬فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم‬
‫يصلون الضحى فقال‪" :‬صلة الوابين إذا رمضت الفصال من الضحى"‪-‬رواه‬
‫مسلم‪ .-‬وأقلها ركعتان وأكثرها ثماني ركعات‪.‬‬
‫‪- 4‬السنن الرواتب؛ والمؤكد منها عشر ركعات‪ ،‬ركعتان قبل الصبح وهي التي‬
‫تسمى رغيبة الفجر وهي أقوى الرواتب تأكيدا‪ ،‬وركعتان قبل الظهر وركعتان‬
‫بعده‪ ،‬وركعتان بعد المغرب‪ ،‬وركعتان بعد العشاء‪ ،‬وأما غير هذا فهو سنة‬
‫مستحبة‪.‬‬
‫‪– 5‬كثير من الناس ينقطع عن القرآن ويهجر كتاب موله‪ ،‬فإذا كان رمضان‬
‫مناسبة لسترجاع التعود على تلوة القرآن بحكم أن الحسنة في غير رمضان‬
‫بعشر أمثالها وأن الحرف من القرآن بعشر حسنات فيكون في رمضان بمائة‬
‫حسنة‪ ،‬فعلى المؤمن أن يجلس جلستين صباحا ومساء لقراءة ورده من‬
‫القرآن في المصحف‪ ،‬فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم‬
‫القيامة شفيعا لصحابه"‪-‬مسلم‪.-‬‬
‫‪- 6‬ثلث جلسات من ربع ساعة على القل لذكر ل إله إل الله مع حضور‬
‫القلب مع الله عز وجل‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪" :‬من قال ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله‬
‫الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ ،‬في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر‬
‫رقاب‪ ،‬وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من‬
‫الشيطان يومه ذلك حتى يمسي"‪-‬البخاري ومسلم‪.-‬‬
‫‪ -7‬الكثار من الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتخصيص ليلة‬
‫الجمعة ويومها للصلة عليه‪ ،‬فعن أوس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة‪ ،‬فيه خلق آدم وفيه‬
‫ي من الصلة فيه‪ ،‬فإن صلتكم‬ ‫قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عل ّ‬
‫ي" رواه الخمسة إل الترمذي‪.‬‬‫معروضة عل ّ‬
‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -8‬احرص في نهار صيامك على حفظ اللسان والجوارح عن الرفث‬


‫والفسوق والجدال والفضول لقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬فإذا كان يوم‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صوم أحدكم فل يرفث يومئذ ول يصخب‪ ،‬فإن سابه أحد أو قاتله فليقل‪ :‬إني‬
‫امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم‬
‫القيامة من ريح المسك‪ ،‬وللصائم فرحتان يفرحهما‪ :‬إذا أفطر فرح بفطره‪،‬‬
‫وإذا لقي ربه فرح بصومه"‪-‬البخاري ومسلم‪-‬‬
‫‪ -9‬الكثار من الدعاء عند الفطار‪" :‬ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الجر‬
‫إن شاء الله" "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت"؛ فالصائم له عند فطره‬
‫دعوة ل ترد فليحرص على ذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬الحرص على صلة التراويح‪ ،‬فهي سنة للرجال والنساء تؤدي بعد صلة‬
‫العشاء وقبل الوتر ركعتين ركعتين فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر‬
‫فيه بعزيمة فيقول‪" :‬من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه"‪-‬رواه الجماعة‪.‬‬
‫‪ -11‬قبل النوم توجه لله عز وجل‪ ،‬وحاسب نفسك‪ ،‬وجدد التوبة‪ ،‬ونم على‬
‫ذكر الله وعلى أفضل العزائم‪ ،‬ليكون آخر عهدك باليقظة مناجاة ربك أن‬
‫يفتح لك أبواب الجهاد والوصول إليه‪.‬‬
‫‪ -12‬إن كنت طالبا فابذل الوقت الكافي والجهد الكافي للمذاكرة‪ .‬فأول‬
‫واجباتك بعد الصلة والصيام والتلوة والذكر تحصيل الحد الدنى من علوم‬
‫الدين‪ ،‬ثم تبذل جهدك للنجاح في دراستك‪ .‬فذلك جهاد مرحلتك‪.‬‬
‫‪ -13‬ساعة لسرتك اليمانية أو لزيارة دعوة ودراسة فالرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬لن يهدي الله على يديك رجل واحد خير لك مما طلعت‬
‫عليه الشمس" أو كما قال‪.‬‬
‫‪ -14‬سويعة تلزم نفسك فيها إلزاما على التفقه في الدين بالرجوع إلى كتب‬
‫الفقه‪ ،‬لمعرفة ما يجب عليك في حق رمضان ظاهرا وباطنا؛ لنه الشرط‬
‫الول في كل حكم تكليفي‪ ،‬ثم سعيا لتقان شروط الطهارة والصلة وسائر‬
‫العبادات‪ ،‬فإن الله عز وجل ل يقبل العمل المخلص حتى يكون صوابا‪.‬‬
‫والصواب ما وافق السنة‪.‬‬
‫‪ -15‬وليكن وقتك بمثابة ميزانية تنفق منها‪ ،‬فكن بوقتك شحيحا أن تصرفه‬
‫في الغفلة وتضيعه فيما ل يعني‪ ،‬واعلم أن الوقت الذي تندم عليه هو وقت‬
‫لم تذكر فيه الله تعالى باللسان والقلب والجهاد لنصرة دينه‪ .‬اقتصد في وقت‬
‫نفسك ول تضيع وقت إخوانك بالزيارات الطويلة وبقلة ضبط المواعيد‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫رمضان ومكاتب المحاماة د‪ .‬عبد الرحمن صالح العشماوي*‬


‫لرمضان الكريم قضية مزمنة مع البشر في هذا العصر‪ ،‬قضية تتجدد كل عام‪،‬‬
‫تعكر عليه صفاءه‪ ،‬وتشوب بشائبة الذى نقاءه‪ ،‬وتؤلم قلبه الطاهر النقي‬
‫ب والخير للناس أجمعين‪.‬‬ ‫الذي ل يحمل إل الح ّ‬
‫ق‬
‫ن قضّية رمضان بحاجة إلى مكاتب محاماة ذات قدرة فائقة على إثبات ح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫قه المهضوم‪ ،‬ومن حسرات قلبه المكلوم‪..‬‬ ‫ضيف كريم مظلوم يعاني من ح ّ‬
‫كيف؟‬
‫مقدمة القضية‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أو ً‬
‫ذي َ‬
‫ب عَلى ال ِ‬‫ما كت ِ َ‬
‫مك َ‬‫صَيا ُ‬
‫م ال ّ‬
‫ب عَلي ْك ُ‬
‫مُنوا كت ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫ل‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬يا أي َّها ال ِ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ّ ُ‬ ‫من قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ثانيا‪ :‬روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله‬ ‫ً‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ث ول يجهل‪ ،‬وإن امرؤ قاتله‬ ‫جّنة‪ ،‬فل يرفُ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬الصيام ُ‬
‫خلوف فم الصائم‬ ‫َ‬
‫أو شاتمه فليقل‪ :‬إني صائم )مرتين(‪ .‬والذي نفسي بيده ل َ‬
‫مه وشرابه وشهوته من‬ ‫أطيب عند الله تعالى من ريح المسك‪ ،‬يترك طعا َ‬
‫أجلي‪ .‬الصيام لي‪ ،‬وأنا أجزي به‪ ،‬والحسنة بعشر أمثالها(‪.‬‬
‫ن { تبرز أمامنا مطلبا ً مهما ً من مطالب‬ ‫قو َ‬
‫في الية الكريمة نرى كلمة } ت َت ّ ُ‬
‫ن مضيئة تدل‬ ‫الصيام في شهر رمضان المبارك‪ .‬والّتقوى كلمة ذات معا ٍ‬
‫جميعها على العمل الصالح‪ ،‬والخلص لله‪ ،‬والُبعد عن الرذائل‪ ،‬ومراقبة الله‬
‫تعالى فيما نقول وما نفعل؛ حتى نكون بمنجاةٍ عن عذابه‪ ،‬حيث تقينا العمال‬
‫الصالحات من غضب الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ل على ما دلت عليه الية الكريمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفي الحديث الشريف كلمات وجمل تد ّ‬
‫ة هي الستار الواقي‪،‬‬ ‫جن ّ ُ‬ ‫جّنة{‪ ،‬وال ُ‬ ‫ن{}الصيام ُ‬ ‫قو َ‬‫ب كلمة }ت َت ّ ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب في َ‬ ‫وتص ّ‬
‫ن(‪ .‬ومعنى‬ ‫مي ما يستتر به المقاتل من ضربات السيوف )المج ّ‬ ‫س ّ‬ ‫ومنه ُ‬
‫جّنة‪ :‬أنه يقي صاحبه من الوقوع في العمال السيئة والرذائل التي‬ ‫الصيام ُ‬
‫تجعله مكشوفا أمام غضب الله وعذابه‪ ،‬فالصيام الصحيح يقي صاحبه من‬ ‫ً‬
‫ن{الواردة في الية الكريمة‪ ،‬بدليل أن الرسول‬ ‫قو َ‬ ‫ذلك‪ ،‬وهذا هو معنى }ت َت ّ ُ‬
‫ث والجهل‬ ‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال بعدها‪) :‬فل يرفث ول يجهل(‪ .‬والّرف ُ‬
‫لن على كل معنى خبيث وكل عمل منهي عنه‪ ،‬فالصيام يحول بين‬ ‫لفظان يد ّ‬
‫ن الرسول صلى الله عليه وسلم يزيد المر تأكيدا ً‬ ‫صاحبه وبين ذلك‪ ،‬بل إ ّ‬
‫بتوجيه )الصائم( في رمضان إلى ما هو أعظم‪ ،‬أل وهو عدم مجاراة المسيء‬
‫إلينا في إساءته؛ لن الصيام وقاية من وقوعنا فيما وقع فيه المسيء من‬
‫ة( كما ورد في الحديث؟ أليس الصوم سببا ً من‬ ‫جن ّ ً‬ ‫الساءة‪ ،‬أليس الصوم ) ُ‬
‫ن{ كما جاء في الية القرآنية الكريمة؟‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬ ‫أسباب التقوى }ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫القضّية‬
‫بصفتي أحد المسلمين الذين يستقبلون رمضان الكريم فرحين بموسمه‬
‫ت في لوحة خيالي صورة )رمضان( وقد بدت على وجهه‬ ‫العظيم‪ ،‬فقد رأي ُ‬
‫ة من السى‪ ..‬لماذا؟‬ ‫الطّيب المبارك مسحة من الحزن‪ ،‬بل غمرته غمام ٌ‬
‫ت أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية من مواّدها‬ ‫ت أستعرض ما أعد ّ ْ‬ ‫كن ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ت خيرا قليل وشرا كثيرا‪ ،‬ورأيت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعة الخاصة برمضان‪ ،‬فرأي ُ‬ ‫العلمية المن ّ‬
‫هدف التسلية الممزوجة بالرذيلة بأشكالها ومستوياتها المختلفة العميقة وغير‬
‫العميقة يكاد يكون هدفا ً أسمى لتلك الوسائل العلمية‪ ،‬ورأيت في كثير من‬
‫ن بحسب مستوياته أيضًا(‪،‬‬ ‫عريه ّ‬ ‫برامج رمضان تكريسا ً لتبّرج النساء و) ُ‬
‫واستخداما ً صاخبا ً لصناف من اليقاعات الموسيقية الراقصة‪ ،‬وجنوحا ً إلى‬
‫دمون بعض المسابقات الرمضانية‬ ‫ميوعة النساء والرجال الذين يق ّ‬
‫المستخدمة لرقام التصال التي رأينا فتاوى واضحة لعلماء من المملكة‬
‫ص على حرمتها معّللين ذلك بأنها من ألعاب‬ ‫ومصر والشام والمغرب تن ّ‬
‫)القمار( المحّرمة شرعًا‪.‬‬
‫ددة في وسائل العلم العربي تنقض بكل جرأة معنى قوله‬ ‫ت صورا ً متع ّ‬ ‫رأي ُ‬
‫جّنة(‪.‬‬
‫صيام ُ‬ ‫ن{‪ ،‬وقول الرسول صلى الله عليه وسلم‪) :‬ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تعالى‪} :‬لعَلك ْ‬
‫ونظرا ً إلى ما يحدث من ذلك كله من الذية الواضحة لضيفنا العزيز الكريم‬
‫الغالي‪ ،‬ومن الخلل بمعاني الصوم الروحية‪ ،‬ومن إبعاد كثير من عامة‬
‫المسلمين الذين ينساقون وراء ما يشاهدون ويسمعون عن معاني )التقوى(‬
‫ققها الصيام الصحيح‪ ،‬ونظرا ً إلى ما يحدث من إصرار القائمين على‬ ‫التي يح ّ‬
‫برامج رمضان العلمية في عالمنا السلمي على الستمرار في إيذاء‬
‫مشاعر ضيفنا الكريم )رمضان( وإيذاء مشاعرنا‪ ،‬ومن إصرارهم على‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)تغريب( رمضان عن جانبه الروحي السامي‪ ،‬فإنني بصفتي أحد المسلمين‬


‫عوى إلى )‪.(.....‬‬
‫المستقبلين لضيفهم الكريم أرفع هذه الد ّ ْ‬
‫من أرفعها‪ ،‬هل أرفعها إلى جامعة‬ ‫دقوني ل أعرف إلى َ‬ ‫عذرا ً أيها الحبة‪ ،‬ص ّ‬
‫ُ‬
‫الدول العربية؟ أم إلى منظمة المؤتمر السلمي؟ أم إلى مجمع الفقه‬
‫السلمي؟ أم إلى مجلس التعاون الخليجي؟ أم إلى رابطة العالم السلمي؟‬
‫أم إلى هيئة المم المتحدة؟ أم إلى محكمة )العدل؟( الدولية؟‬
‫وا أسفاه‪ ،‬هل ستضيع القضية؟!‬

‫)‪(1 /‬‬

‫هنا تبرز أهمية مكاتب المحاماة ذات الشعور بالمسؤولية‪ ،‬لعّلها تتبنى هذه‬
‫ل عام‪.‬‬ ‫ف يزورنا ك ّ‬
‫القضية الخطيرة التي يعاني منها أعظم ضي ٍ‬
‫إشارة‬
‫متي ل تنكري‪ ،‬إني أرى‬ ‫ُ‬
‫أ ّ‬
‫ه‬
‫مبكي َ ْ‬
‫ك الخطوط ال ُ‬
‫بين عيني ِ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫روائع زوجة الحلم في عصر غربة السلم‬


‫د‪.‬إسلم بن صبحي المازني‬
‫‪Doctor_thinker@hotmail.com‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله العز الكرم‬
‫والصلة والسلم على النبي الخاتم‬
‫خاتمة مبكرة ‪:‬‬
‫تعليقات الصحاب على مواصفات الزوجة المثالية للداعية !‬
‫‪ -1‬ابحث عنها فى القبور‪ ...‬قبور نساء السلف ‪.‬‬
‫‪ -2‬أين هذا !!!‬
‫أحبابي الكرام‬
‫هذه رسالة هامة عاجلة للمؤمنين والمؤمنات جميعا ‪ ،‬تتحدث عن حال المرأة‬
‫التى يحلم بها رجل الدعوة المتزوج قبل العزب !‬
‫كي ل يصير الحال كمن قال ‪:‬‬
‫لله سلمى حبها ناصب ***‬
‫وأنا ل زوج ول خاطب !‬
‫ليست من النس وإن قلتها ***‬
‫جنية قيل الفتى كاذب !‬
‫هذه هى علمات صدق المرأة فى أحوالها وأفكارها ‪ ...‬وهذه المرأة مطلوبة‬
‫فورا لكل داعية مجاهد !‬
‫* أختى ‪..‬‬
‫أصلحى قلبك واستعيدي عقلك وانهضي من نومك ‪ ..‬وأفيقى من غفلتك كي‬
‫تصلح الدنيا كلها ‪ ،‬فل صلح بدونك ‪ ...‬صدقينى‬
‫أخى ‪..‬‬
‫هل تبحث عن حفيدة صادقة للسيدة خديجة رضى الله عنها‪ ،‬بلباس العصر‬
‫الحديث حيث أصالة الفكر وعمق الماضى وعبق التاريخ مع عبقرية استيعاب‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الواقع ‪..‬‬
‫لست وحدك من يبحث ‪...‬‬
‫* هذه هى المرأة التى يبحث عنها عقلء العالم ‪ ،‬أليسوا أهل ‪:‬‬
‫) فاظفر بذات الدين ( !‬
‫وإن أحسن ما يبغيه ذو وطر ***‬
‫حليلة ذات أخلق تناسبه‬
‫بها يعيش على صفو بل كدر ***‬
‫والسعد من وجهها تجلى كواكبه‬
‫أختى المسلمة ‪ ..‬كفانا فشل‬
‫كفانا ضعفا ‪...‬‬
‫كفانا عجزا ‪..‬‬
‫كفانا بعدا واستهتارا ‪...‬‬
‫‪ ..‬تحملى مسئوليتك قبل أن يغضب الله عليك ‪ ..‬كفانا لمبالة ‪..‬‬
‫وأنت أيها الرجل ‪:‬‬
‫إياك والحمقى ل تسلك لها طرقا ***‬
‫فالشر كل الشر في الحمقاء !‬
‫ل تلبثن يوما بغير حليلة ***‬
‫إن العزوبة حرفة الغوغاء‬
‫أحبابي ‪:‬‬
‫نحن أمة فى متاهة ‪.‬‬
‫متاهة صنعناها ‪....‬‬
‫باسمها و معناها ‪....‬‬
‫ثم بكينا عقباها ‪....‬‬
‫فمثل ‪...‬‬
‫بكينا بغداد مرتين‬
‫فقد سقطت من جديد‬
‫انهار بها القاع‬
‫إلى قاع أسفل‬
‫و بكينا قدسا‬
‫و بكينا أندلسا‬
‫و بكينا‬
‫و بكينا‬
‫و نبكي‬
‫و سنبكي‬
‫حتى يتغمدنا الله برحمته‬
‫و يعيننا على شح أنفسنا‬
‫و حين نتقدم لنكون مستحقين لنصره سبحانه‬
‫)) ولينصرن الله من ينصره ((‬
‫و ها نحن نريد القلة التي تنصح لوجهه سبحانه‬
‫قبل أن يموت الحس و الضمير تماما‬
‫فلننصح و نصرخ‬
‫لبث الروح من جديد‬
‫فل زال هناك نبض خفيض‬
‫يروى بدفقاته الحبوب‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لعلها تثمر يوما‬


‫و يكون لنا نصيب‬
‫بورك فيكن‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله الخالق البارئ المصور ‪ ..‬والصلة والسلم على رسول الله محمد‬
‫بن عبد الله حبيبنا وقدوتنا ورحمة الله لنا‬
‫قال ربنا سبحانه وتعالى ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن الذ ّك ََر َوالنَثى {النجم ‪45‬‬ ‫جي ْ ِ‬‫خل َقَ الّزوْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫}وَأن ّ ُ‬
‫فقدرنا في هذه الحياة أن نكون شركاء مترابطين ‪ ،‬ومن ثم كان من واجبات‬
‫العبد أن يختار شريكا صالحا وإل أتعبه الشريك وخسرت الشركة !‬
‫م ِفي ال ْعَ َ‬ ‫فعك ُم ال ْيوم إذ ظ ّل َمت َ‬
‫ن {الزخرف ‪39‬‬ ‫كو َ‬ ‫شت َرِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م أن ّك ُ ْ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫}وََلن َين َ َ ُ َ ْ َ ِ‬
‫أخي الحبيب‬
‫هل تعبت كمن قال‬
‫لك أشكو من زوجة صيرتنى غائبا بين سائر الحضار !‬
‫ى على شيب رأسى حفظ هذه الشياء مثل الصغار !‬ ‫وكثير من ّ‬
‫أو يئست كمن قال‬
‫إني أردت زوجة بمثلها ل ‪ii‬أظفر‬
‫ل أبتغي مغرورة بنفسها ‪ii‬تفتخر‬
‫ل أبتغي ثرثارة بكل شئ ‪ii‬تجهر‬
‫وعن صفاء قلبها عيونها ‪ii‬تعبر ‪...‬‬
‫‪ ...‬لجل هذا ل أزال عازبا ‪ii‬أنتظر‬
‫ل أبتغي سلبة تنهب ما ‪ii‬أدخر‬
‫إني أرجو امرأة ذات صفات تشكر‬
‫أظنني على التى طلبتها ل ‪ii‬أعثر‬
‫ل لليأس ‪....‬‬
‫ولن ننشد الكمال ‪ ،‬لكنا سنصفه ‪ ،‬علنا نجد أقرب مثال !‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫من ّروِْح اللهِ إ‬ ‫سوا ْ ِ‬‫خيهِ وَل َ ت َي ْأ ُ‬ ‫ف وَأ َ ِ‬
‫س َ‬ ‫من ُيو ُ‬ ‫سوا ْ ِ‬‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ي اذ ْهَُبوا ْ فَت َ َ‬ ‫} َيا ب َن ِ َ ّ‬
‫ن { سورة يوسف ‪..‬عليه‬ ‫َ‬
‫م الكافُِرو َ‬ ‫ْ‬ ‫قو ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من ّروِْح اللهِ إ ِل ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬ ‫ِن ّ ُ‬
‫الصلة والسلم‬
‫هذه هى المواصفات ‪...‬‬
‫* أين الزوجة الخت الحبيبة الصديقة الحليلة فى آن واحد ؟‬
‫فهي التي‬
‫* التى لم يطغها غناها !‬
‫فهي لم تنشأ على اللمبالة أو على عدم تحمل المسؤولية ‪ ،‬أو على الحياة‬
‫السهلة المريحة المفسدة للعزم والهمة والجدية ‪ ..‬أو على العيشة المترفة‬
‫المؤثرة فى نظرة النسان للحياة وللنعم حوله ورضاه بما قل أو كثر ‪...‬؟‬
‫ن {الواقعة ‪45‬‬ ‫مت َْرِفي َ‬
‫ك ُ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬‫كاُنوا قَب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫}إ ِن ّهُ ْ‬
‫فليست ممن قيل فيهم ‪:‬‬
‫ل يشعرون بما في دينهم نقصوا جهل وإن نقصت دنياهم شعروا !‬
‫* أين التى تتحلى بالصبر الجميل والذكاء المتوقد والشفافية العاطفية ‪ ،‬فهى‬
‫رومانسية فى الحلل‬
‫حبيبة لم تخضع لقول ول ترى ***‬
‫محاسنها يوما فيطمع طامع‬
‫وجال عليها درعها فتسترت به ***‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واحتوى ما تحتويه المدارع‬


‫* أين التى لم تلوثها السموم العلمانية من أمثال قولهم ) أين قوة‬
‫الشخصية‪ ....‬وأين المرأة المتساوية مع الرجل(‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬‫نو‬‫ب‬
‫ُ ُِ ِ ِ ْ‬‫ه‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ما َ ْ ُ َ َ‬
‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫و‬ ‫ح‬ ‫ت َ‬
‫ضاء ْ‬ ‫ست َوْقَد َ َنارا ً فَل َ ّ‬
‫ما أ َ‬ ‫ذي ا ْ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َل ُهُ ْ‬
‫م كَ َ‬
‫مث َ ِ‬ ‫} َ‬
‫ن {البقرة ‪17‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ت ل ّ ي ُب ْ ِ‬
‫ما ٍ‬‫م ِفي ظ ُل ُ َ‬ ‫وَت ََرك َهُ ْ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فهي تعلم أن لكل خلقة مميزة وقسما مقسوما من الرسالة في الحياة ‪،‬‬
‫وأنهما شركاء وليسا أعداء ‪ ،‬وأن دعوة التساوي بينهما خلط للوراق‬
‫إذا كان ترك الدين يعنى تقدما ً فيا نفس موتى قبل أن تتقدمي‬
‫* أين التي لم يجعلها التعليم والحتكاك متكبرة أو مغرورة أو عالية الصوت‬
‫أو صعبة النقياد ‪..‬‬
‫فهي هينة لينة سهلة قريبة دينة ‪ ،‬تطيع بعلها بل جدال ‪ ،‬ما لم يكن في غير‬
‫حلل ‪.‬‬
‫وإن رأت رأيا واتسع المقام للتوضيح فل حرج إن طلبت التوضيح ‪ ،‬لكنها ‪-‬‬
‫أبدا ‪ -‬ل تشغب ول تقول فى كلمها ما يحكى مما يستحى ذكره ‪..‬‬
‫ميدِ {الحج ‪24‬‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫دوا إ َِلى ِ‬
‫صَرا ِ‬ ‫ل وَهُ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قو ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ب ِ‬‫دوا إ َِلى الط ّي ّ ِ‬
‫}وَهُ ُ‬
‫* أين التى ترضى بالدين من بعلها ‪ ،‬وتعلم أن حبه لها بعد ذلك والمودة‬
‫بينهما والتفاهم والتلقى العقلى والروحى هى أثمن ما فى الوجود بعد‬
‫الدين ‪...‬‬
‫سئل سعيد بن المسيب رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫))خير النساء أيسرهن مهورا((‬
‫فقيل له ‪ :‬كيف تكون حسناء ورخيصة المهر ؟ فقال ‪ :‬يا هذا ‪ ،‬انظر كيف‬
‫قلت أهم يساومون في بهيمة ل تعقل أم هي بضاعة طمع صاحبها يغلب على‬
‫مطامع الناس !‬
‫ثم قرأ ‪:‬‬
‫) هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها (‬
‫‪ ...‬إنها صلة إنسانية ‪ ،‬وليس متاعا يطلب مبتاعا ‪....‬‬
‫ويبقى الود هو العنوان ‪....‬‬
‫وضمير الزوج يترنم عن الحبيبة القريبة‬
‫ض ماشيا‬ ‫ً‬
‫ت بها بدرا على الر ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫ض‬ ‫ً‬
‫ولم أر بدرا قط يمشي على الر ِ‬
‫* أين التى تعلم أن السلم ليس بالوراثة بل يكتسب بالستقامة على أمر‬
‫الله تعالى ‪ ......‬وتطبق ذلك على نفسها قبل الخرين‪.‬‬
‫فهي تعرض عن الباطل لنها تعلم أن الجنة غالية !‬
‫تركت نحوهم والله يعصمني‬
‫حم في تلك الجراثيم‬ ‫من الّتق ّ‬
‫* أين التى تعرف الفكر السلمى الصحيح وتعرف المعوج وتعرف المضاد‬
‫للسلم ‪ ،‬وتستوعب ثقافة الخر لترد عليه ) بمنطق الحق ل بمنطقه ‪ ،‬لكن‬
‫عن وعى بما يفهمه وما يهدمه (‪.‬‬
‫فهي تدرك مقولة شيخ السلم في تفسيره لسورة النور‬
‫العلم ما قام عليه الدليل ‪ ،‬والنافع ما جاء به الرسول !‬
‫صلى الله عليه وسلم‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* أين التى تطمح لدور مع كل من تطالها عيناها أو قلمها ‪ ،‬ول يسكتها إن‬
‫سكتت إل أمر الله تعالى بحسب الحال والمقام ‪ ..‬فهى نشطة ‪ ..‬لكنها تكف‬
‫يديها إن كان المر يرجى له ذلك ‪..‬‬
‫فتبحث عن أقارب زوجها ومعارفه لتكون لهم كما كانت الصالحات من نساء‬
‫سلفنا لهليهن علما وبرا ورحمة ومعونة وإفادة وجلب منفعة أو دفع مضرة ‪..‬‬
‫فكل الوقت والجهد والحب واللم للسلم بحسب الحال ‪..‬‬
‫فهي تقبل أن تهدى ما عليها وما لها لغيرها ‪ ،‬وإن جلست حتى بل أقراص‬
‫الشعير ول أثاث ‪ ،‬كما فعلت الزهراء صلوات الله عليها ‪..‬‬
‫فاطم الزهراء أمي ‪ ،‬وأبي ***‬
‫قاصم الكفر ببدر وحنين‬
‫* أين التى فى كل يوم ترقى بنفسها درجة ‪ ،‬فتطلب المزيد من العلم والخير‬
‫‪ ..‬من الحفظ والفهم والبذل ‪..‬‬
‫* أين التي تبكي مع القرءان ودرر السنة ‪ ،‬وتلين مع ذكر الله تعالى وتحلق‬
‫مع سير السلف ‪ ،‬فالتبتل والخبات والتضرع أركان شغلها ‪.....‬‬
‫ت‬‫قان َِتا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال َ‬ ‫ت َوال ْ َ‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫مَنا ِ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ت َوال ْ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ِ َ‬‫م ْ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ت‬‫شَعا ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال َ‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ت َوال َ‬ ‫صاب َِرا ِ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫ت َوال ّ‬ ‫َ‬
‫صادِقا ِ‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫َوال ّ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ظي‬ ‫ف‬ ‫حا‬ ‫ْ‬
‫م َ َ ّ ِ َ َ ُ َ َ ّ ِ َ ّ ِ ِ َ َ ّ ِ َ ِ َ َ ِ ِ َ ُ َ ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ج‬‫رو‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫ئ‬ ‫صا‬ ‫وال‬ ‫ن‬ ‫مي‬ ‫ئ‬ ‫صا‬ ‫وال‬ ‫ت‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫وا‬ ‫ن‬ ‫قي‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫ت‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫جرا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فَرةً وَأ ْ‬ ‫مغْ ِ‬‫ه ل َُهم ّ‬ ‫ت أعَد ّ الل ّ ُ‬ ‫ذاك َِرا ِ‬ ‫ه ك َِثيرا ً َوال ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ري َ‬‫ذاك ِ ِ‬‫ت َوال ّ‬ ‫ظا ِ‬ ‫حافِ َ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ظيما ً {الحزاب ‪35‬‬ ‫عَ ِ‬
‫فحالها ‪:‬‬
‫ما لي سوى َقرعي لبابك حيلة‬
‫َفلئن رددت فأي باب أقرع ؟‬
‫فهي ل تعانى كما يعانى البعض من جهل شديد بعد سنوات في السلم ‪....‬‬
‫ليس فقط جهل بالشريعة بل بالغاية والطريق العملى !‬
‫فالجهل بالمطلوب وجدولته خلل ‪...‬‬
‫وتوفر البيئة المناسبة للعلم مع عدم استغلها خيبة عظيمة‬
‫ويجب على العاقل تقدير النعمة قبل أن تزول !‬
‫فلربما فقد الصحة التي تعينه على القراءة ولربما فقد الفراغ أو فقد المكتبة‬
‫القيمة أو المعلم الناصح الشفوق !‬
‫وهى ل تركن لدمعة الليل فقط أوتغتر بحالها ‪ ،‬بل تعلم أنه يجب تفقد القلب‬
‫واختباره ومعالجته والبحث عن سبل تصفيته ‪.‬‬
‫* أين التى تقدر حياة المسلم العامل لدينه وما تمر به زوجته كثيرة‬
‫الضياف ‪ ..‬المضحية بنصيبها منه فى أوقات كثيرة ‪ ..‬فل تطالبه عنتا بالعدل‬
‫فى مقام يقتضى الفضل )وأحضرت النفس الشح( وتعلم أنه إن تحرك أو‬
‫سكن أو غاب أو حضر فلله ورسوله‪ ..‬فلتكن القائلة )إذن ل يضيعنا (‬
‫وهي تعينه على الوفاء بالتزاماته وتقلل الضغوط من حوله قدر المكان ‪ ،‬بل‬
‫وتمتص المشكلت البسيطة ) مع الجيران أو في الحياة اليومية ( وتبعدها عنه‬
‫ول تستهلك وقته وجهده قدر المكان ‪ ،‬بل هي جزء من عمله ‪ ،‬تراها شريكة‬
‫ومديرة أعمال وموظفة ومساعدة له في الكبير والصغير ‪...‬من حمل العباء‬
‫الثقال إلى نسخ الوراق وتنظيم البحاث والمؤشرات ‪..‬‬
‫فتحيى بذلك ذكرى العبير‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أل أنبيك عن زمن تولى‬


‫فتذكره ودمعك في انسجام‬
‫ولها عند الله ما يطيب الخاطر ويبهج الناظر‬
‫ض ُ‬ ‫كم من ذ َك َر أ َو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫}َفاستجاب ل َهم ربه َ‬
‫كم‬ ‫َْ ُ‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫ثى‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ‬ ‫من‬‫م ٍ ّ‬ ‫ل‬ ‫عا ِ‬‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ضيعُ عَ َ‬ ‫م أّني ل َ أ ِ‬ ‫ْ َ َ َ ُ ْ َ ُّ ْ‬
‫سِبيِلي وََقات َُلوا ْ‬ ‫ْ‬ ‫خرجوا ْ من ديارهم و ُ‬ ‫هاجروا ْ وأ ُ‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ذو‬ ‫ُ‬ ‫أو‬ ‫َِ ِ ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض َفال ّ ِ‬ ‫من ب َعْ ُ ٍ‬ ‫ّ‬
‫وابا ً‬ ‫حت َِها الن َْهاُر ث ََ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫من‬ ‫ري‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫نا‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ئا‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ق‬
‫ِ َ ْ‬ ‫َ ّ ُْ ْ َ ّ ِ ْ َ ْ ُّ ْ َ ّ ٍ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وَ‬
‫ب {آل عمران ‪195‬‬ ‫وا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫عند َه ُ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫عندِ اللهِ َوالل ُ‬ ‫ّ‬ ‫من ِ‬ ‫ّ‬
‫• أين التى تتحمل زوجها إن كان حساسا فترفق به فوق الرفق رفقا ‪،‬‬
‫وتتحمل ‪ ..‬فهي زوجة بمعنى الكلمة ‪..‬و ل تكثر الشكاية وتخشى الوعيد في‬
‫صحيح مسلم‬
‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ‪e‬‬ ‫ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫شهِد ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬
‫ن عَب ْد ِ اللهِ َقا َ‬ ‫جاب ِرِ ب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫م الِعيدِ‬ ‫ْ‬ ‫صلة َ ي َوْ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ ....‬إلى أن قال رضي الله عنه ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ث عَلى طاعَت ِهِ وَوَعَظ الّنا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫وى اللهِ وَ َ‬ ‫ق َ‬ ‫مَر ب ِت َ ْ‬ ‫ل فَأ َ‬ ‫مت َوَك ًّئا عََلى بل ٍ‬ ‫م ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫ن فإ ِ ّ‬ ‫صد ّق َ‬ ‫قال ت َ َ‬ ‫نف َ‬ ‫ن وَذ َكَرهُ ّ‬ ‫ساَء فوَعَظهُ ّ‬ ‫حّتى أَتى الن ّ َ‬ ‫ضى َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫مث ّ‬ ‫وَذ َكَرهُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫قال ْ‬ ‫نف َ‬ ‫َ‬ ‫خد ّي ْ ِ‬ ‫فَعاُء ال َ‬ ‫س ْ‬ ‫ساِء َ‬ ‫سطةِ الن ّ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرأة ٌ ِ‬ ‫تا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م‪،‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫ب َ‬ ‫حط ُ‬ ‫ن َ‬ ‫أك ْث ََرك ُ ّ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫م َيا َر ُ‬ ‫لِ َ‬
‫َقا َ‬
‫ل‬
‫ن ال ْعَ ِ‬ ‫كاة َ وَت َك ْ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ت ُك ْث ِْر َ‬ ‫َ‬
‫شيَر‬ ‫فْر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِلن ّك ُ ّ‬
‫ل فَجعل ْن يتصدقْن من حل ِيهن يل ْقين في ث َوب بَلل م َ‬
‫ن‬
‫مهِ ّ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ن أقْرِط َت ِهِ ّ‬ ‫ْ ِ ِ ٍ ِ ْ‬ ‫َقا َ َ َ َ َ َ َ ّ َ ِ ْ ُ ّ ِ ّ ُ ِ َ ِ‬
‫فهي ل تكثر الشكاية ول تكفر العشير ‪ ،‬بل هي من يستحي معها المرء من‬
‫خلقها الجميل‬
‫إذا ما صديقى ساءنى بفعاله‬
‫ولم يك عما ساءني بمفيق‬
‫ضّراء من سوء فعله مخافة أن أبقى بغير صديق‬ ‫صبرت على ال ّ‬
‫وهي تعلم أن الزوج ليس كامل وليس هو البداية والنهاية ‪ ،‬قال شيخ‬
‫السلم ‪:‬‬
‫ليس للخلق محبة أعظم محبة ول أكمل ول أتم من محبة المؤمنين لربهم ‪....‬‬
‫ب لذاته من كل وجه إل الله تعالى‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫‪....‬ليس في الوجود ما يستحق ي ُ َ‬
‫حّبه‪.‬‬ ‫حب سواه‪ ،‬فمحبته ت ََبع ل ُ‬ ‫‪.....‬كل ما ي ُ َ‬
‫فأين هي ‪...‬‬
‫نعود للرجل ‪...‬‬
‫وإن كان ذكيا فل تكونن هي سطحية ول هامشية ‪..‬‬
‫ول تكونن بمعزل عن مشكلت زوجها المادية والمعنوية وأحلمه وآماله‬
‫وغاياته وأهدافه ‪ ،‬بل تسأل عنها وتتبناها فهما فريق واحد في العمل لله‬
‫تعالى ‪...‬‬
‫لبيك إسلمي من العماق‬
‫أنا لم أخن عهدى ول ميثاقى‪..‬‬
‫• أين التى إن وجدت زوجها غيورا احترمت ما فيه ورجت بصبرها الجنة وما‬
‫فيها ‪...‬‬
‫• والصل أنها قمة ‪ :‬قانتة عفيفة !‬
‫ه (( النساء ‪34‬‬ ‫ّ‬
‫فظ الل ُ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ت ل ّل ْغَي ْ ِ‬ ‫ظا ٌ‬ ‫حافِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت َقان َِتا ٌ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫)) َفال ّ‬
‫* أين التى إن كان بزوجها عيب كشئ من حزم زائد أو شئ من سخرية غير‬
‫مقصودة ورأته يصلح نفسه أعانته ولم تتبرم فمن منا مبرأ من العيوب؟! ‪..‬‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من ذا الذي ما ساء قط ‪ ............‬ومن له الحسنى فقط !‬


‫* أين التى تعين بعلها على بّره بأمه وترى ذلك دينا وقربى وتتحمل بنفس‬
‫راضية‪...‬؟‬
‫* أين التى ل تأبه أن يطلق عليها أنها رجعية أو متشددة أو أو ‪ ...‬ول يهز فيها‬
‫ذلك شعرة بل الحق حق ‪ ،‬ولبد له من أعداء وهذه سنة الله ‪ ..‬فل تنثنى‬
‫همتها ول عقيدتها ‪ ...‬ول ترى لوم الناس شيئا ذا بال‬
‫قال منصور الفقيه‪:‬‬
‫اسمع فهذا كلم‬
‫ما فيه والله عله‬
‫أقل من كل شيٍء من ل يرى الناس قله‬
‫* أين التى تصبر وتسعد ‪ ..‬وتسمو روحها إن عاشت أحيانا ‪ -‬عمل ل قول‬
‫وأحلما ‪ -‬على زاد النبى صلى الله عليه وسلم التمر ‪ ،‬الماء ‪ ،‬الخل ‪ ،‬خبز‬
‫الشعير ‪ ،‬وإن جاءها خير من ذلك حمدت وشكرت وذكرت الله تعالى وذكرت‬
‫حقه تعالى فيه ‪...‬‬
‫وخشيت السراف وراجعت نفسها وزوجها ‪..‬‬
‫* أين التى ل تهتم بأساود زائلة ‪ ..‬بأثاث أو مسكن أو دابة أو مال أو وظيفة‬
‫أو ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫فتقبل عمل ل قول أن تعيش كما كان السادة الفضلء نجوم هذه المة‬
‫يفترشون الرض أو إهاب الكبش ‪ ،‬ويلتحفون ما يرق ويقصر ‪ ،‬ويسكنون ما ل‬
‫شئ فيه يرد البصر ول غرف عندهم بل هى غرفة !‬
‫هى كل شئ فى البيت‬
‫ول مال‬
‫بل قوت يوم‬
‫ول جاه سوى عزة السلم ‪....‬‬
‫ورغم ذلك ‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫سيرا {النسان ‪8‬‬ ‫كينا وَي َِتيما وَأ ِ‬
‫س ِ‬‫م ْ‬
‫حب ّهِ ِ‬
‫م عَلى ُ‬ ‫ن الطَعا َ‬‫مو َ‬‫} ي ُط ْعِ ُ‬
‫وليس معناه أنها ل تحتاج المال ول تبحث عنه لتوظفه في الخير‬
‫لكن تضع في اعتبارها‬
‫أننا نحتاج المال كغيرنا ‪ ،‬ولكن هل يقبل الحر أن يحوله المال لشخص حقير !‬
‫وهل يقبل أن يكون غنيا ويترك الدعوة سنوات لجمع المال !‬
‫وهل تستقيم الدعوة مع الدعة‬
‫أو مع إيثار السلمة !‬
‫س أمُر المرِء سهل ً كله‬ ‫لي َ‬
‫ن‬‫ل وحزو ْ‬ ‫إ ِّنما المُر سهو ٌ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫ب شيئا ل يكو ْ‬ ‫ب من يطل ُ‬ ‫ة في دارِ العنا ! خا َ‬ ‫ب الراح َ‬ ‫تطل ُ‬
‫* أين التى تعرف مكانها وفضلها فى دينها ‪ ،‬وتعرف أفضل موضع للنثى وخير‬
‫مكان وخير نظر وخير معاملة ‪ ،‬ومتى يستثنى‬
‫)أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن( ‪...‬‬
‫وبالمثل‬

‫)‪(3 /‬‬

‫تعرف فضل الخروج إن كان فى سبيل الله ودور إذن الزوج فيه وثوابها‬
‫عليه ‪...‬‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* أين التى تتنفس السلم ‪ ..‬ويمتلئ عقلها علما وقلبها خوفا وورعا ‪ ..‬وتتعلق‬
‫بكتاب ربها وكلم نبيها صلى الله عليه وسلم ‪....‬‬
‫واغتنم ركعتين زلفى إلى ‪ii‬الله‬
‫وإذا ما هممت بالمنطق الباطل‬
‫ن بعض السكوت خيٌر من ‪ii‬النطق ‪ ... ...‬إذا كنت فارغا ً ‪ii‬مستريحا‬ ‫إ ّ‬
‫فاجعل مكانه ‪ii‬تسبيحا‬
‫وإن كنت بالكلم فصيحا‬
‫* أين التى تتذوق البيان وتحوم مع الدب المشروع وتتزود منه ‪ ،‬وتشعر‬
‫بقلب شاعرة مؤمنة ‪ ،‬وتعبر بخير ما حفظت ووعت من لسان العرب !‬
‫فيكون حال زوجها مع كلمها ‪:‬‬
‫بالله لفظك هذا سال من عسل‬
‫أم قد صببت على أفواهنا العسل‬
‫* أين التى ل يطغى حزنها الفطرى المفهوم )من إقبال زوجها على التعدد(‬
‫على حبها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وفهمها لهمية ذلك للدين‬
‫وللدنيا ‪ ..‬لها ولزوجها ولخواتها وللخرين ‪ ..‬فتتذكر أن سيدات بيت النبوة ـ‬
‫كن مع غيرتهن أحيانا ـ الصل فى حياتهن عدم المشاحنة ‪ ،‬بل يتعشين سويا‬
‫ثم ينصرفن تاركن صاحبة الغرفة مع الحبيب صلى الله عليه وسلم‬
‫ويحدوها تأمل سرعة فناء الدنيا فتصبر على تلك المور الزائلة كالتعدد وغيره‬
‫‪:‬‬
‫من راقب الموت لم تكثر أمانيه‬
‫ولم يكن طالبا ً ما ليس يعنيه‬
‫وعنوان القبول ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ما َ‬
‫خي ََرةُ‬
‫م ال ِ‬ ‫ن لهُ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫مًرا أ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ضى الل ُ‬ ‫من َةٍ إ َِذا قَ َ‬
‫مؤ ْ ِ‬‫ن َول ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫)وَ َ‬
‫م(‬ ‫َ‬
‫مرِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫* أين التى ل تأبه أن سافرت ‪ -‬فى الله ولله ‪ -‬مع زوجها ‪ ،‬ول ترتبط روحها‬
‫لصيقة بأرض بل ‪:‬‬
‫)أرض الله واسعة(‬
‫وتتذكر أن إبراهيم عليه الصلة والسلم سافر بزوجته وتركها ومضى ‪ ،‬فلم‬
‫تعترض ‪ ..‬فخلد الله ذكرها ‪...‬‬
‫ن {آل‬ ‫مي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن عَلى الَعال ِ‬ ‫َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫م َوآل ِ‬ ‫م وَُنوحا ً َوآل إ ِب َْرا ِ‬
‫هي َ‬ ‫َ‬ ‫فى آد َ َ‬ ‫صط َ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫عمران ‪33‬‬
‫هدانا‬ ‫نحن ما زلنا على درب ُ‬
‫نرشد الناس وندعو ونحاول‬
‫* أين التى ل تشتكى من وعورة الطريق ول قلة الرفاق ول قسوة النفس‬
‫ول ‪..‬‬
‫بل تعلم ما هو طريق الفردوس وما هو ثمن النجاة وما معوقاته الخارجية‬
‫والداخلية " فى بيتها " بل ومعوقاته النفسية ! ‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م وََأن ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫من قَب ْل ِك ْ‬
‫م‬ ‫ب ِ‬ ‫ن أوُتوا الك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫معُ ّ‬‫س َ‬‫م وَل َت َ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ف ِ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫ن ِفي أ ْ‬ ‫}ل َت ُب ْل َوُ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مورِ {‬ ‫ن عَْزم ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫قوا ْ فَإ ِ ّ‬ ‫صب ُِروا ْ وَت َت ّ ُ‬‫كوا ْ أًذى ك َِثيرا ً وَِإن ت َ ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وَ ِ‬
‫آل عمران ‪186‬‬
‫فتحتسب وتتفهم وتحاول وتقاوم ‪ ..‬بل وتبادر مضحية ‪ ،‬فإن ذهب زوجها لبلء‬
‫أو جاءه البلء فغاب أو أضير أو ‪ ..‬أو‪ ..‬فهى نعم الزوجة المؤمنة والبلء قدر‬
‫مقدور‬
‫فكم زوجة لما دهى الظلم بعلها بكت فبكى فى الحجر منها وليدها‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإن شاءت فلها الحق فى التطليق لكنها ل تساوم على إيمانها ول تتنازل عنه‬
‫‪ ،‬فإن طلقت فلرغبتها المشروعة فى الزواج وعدم قدرتها على انتظار‬
‫الغائب أو على تحمل المبتلى ‪ ،‬لكنها ل تطلق لنها استدبرت الطريق ‪...‬‬
‫ظيم ٍ {فصلت ‪35‬‬ ‫ظ عَ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ها إ ِّل ُذو َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫صب َُروا وَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫}وَ َ‬
‫* أين التى وإن كانت تشغف بالقراءة والسماع والمدارسة والسؤال‬
‫والتحليل والستنباط فهى مع ذلك أنثى ! تعرف كيف يكون بيتها جنة بأى‬
‫إمكانيات ‪ ،‬فل تجهل كيف تعد الطعام والشراب والثاث والثياب ‪ ،‬ول كيف‬
‫تتزين وتتجمل وتسعد زوجها وتسعد به فى الحلل الجميل ‪..‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫هي ل ِل ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق قُ ْ‬ ‫ن الّرْز ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ج ل ِعَِبادِهِ َوال ْط ّي َّبا ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ي أَ ْ‬ ‫ة الل ّهِ ال ّت ِ َ‬ ‫م ِزين َ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫}ق ُ ْ‬
‫ن{‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫قوْم ٍ ي َعْل ُ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ل الَيا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ك نُ َ‬ ‫َ‬
‫مةِ كذ َل ِ َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ْ‬
‫م ال ِ‬ ‫ة ي َوْ َ‬‫ص ً‬ ‫خال ِ َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا َ‬ ‫ْ‬
‫مُنوا ِفي ال َ‬ ‫ْ‬ ‫آ َ‬
‫العراف ‪32‬‬
‫* أين صاحبة المبدأ المسلمة عن وعى وفهم وانتماء وحماسة واقتناع ‪ ..‬فلها‬
‫من كل شئ موقف ونظرة ‪ ..‬ولها فى كل باب خير يد طولى أو جهد‬
‫مبذول ‪ ..‬فتعلم مثل أهمية الرياضة للمسلمة وتصبر على ذلك وتواظب عليه‬
‫بحساب واستمرار ونظام وتطوير ل كهواية ولعب ولهو ومرح فقط ‪ ..‬وبالمثل‬
‫تعاملها مع الجهزة الحديثة ومهارات تطوير الذات‬
‫وهي تعلم أن معدل الهتمام بالسلم يظهر في سلوك النسان !‬
‫وأن الفعل أقوى دليل على الصدق !‬
‫فتختبر نفسها بنفسها ‪...‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن عَ ِ‬ ‫ف وَي َن ْهَوْ َ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫م أوْل َِياء ب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ت ب َعْ ُ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫}َوال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ه أوْلئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫كاةَ وَي ُ ِ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫صل َة َ وَي ُؤُْتو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫منك َرِ وَي ُ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م {التوبة ‪71‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مهُ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫سي َْر َ‬ ‫َ‬
‫* أين التى تستوعب أوامر الحبيب صلى الله عليه وسلم ول تقدم بين يديه‬
‫صلى الله عليه وسلم فحين يثبت أمر له بالقدام فى واقع معين نقدم وإن‬
‫تقطعت أنفسنا ‪ ...‬وحين يثبت أمر بأن نكون أحلس بيوتنا أو نتبع شعاب‬
‫الجبال نسكت وإن أغرتنا أنفسنا ولو تحت مسمى العمل للدين ‪...‬‬
‫فإن أمر الله فنحن ل مبيت لنا ول قرار حتى يكون ما أراد الله تعالى منا ‪:‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ب لقاء َ‬
‫ك أو ُيردهُ‬ ‫ن يطل ْ‬‫فم ْ‬
‫ن أو أقصى الثغوِر‬ ‫ِ‬ ‫فبالحرمي‬
‫* أين التى تتذوق الظلل الوارفة فى ظلل القرءان وأمثاله ول تتمالك نفسها‬
‫ول عبراتها ول كلماتها ‪ ..‬وتنطق بها تصرفاتها بعد ذلك ‪ ..‬فل يكون متعة‬
‫فكرية فقط !‬
‫* أين الودود ‪ ..‬العؤود التى إذا ظلمت قالت )هذى يدى فى يدك ل أذوق‬
‫غمضا حتى ترضى(‬
‫فهي من تسترضى الرجل وإن أخطأ ‪ ،‬فهي القلب الكبير‬
‫أن النساء ربيع لنا ونعم الربيع‬
‫وجه طليق وعين يقظى وقلب ولوع ‪ ... ...‬ما زوجة المرء إل حصن العفاف‬
‫المنيع‬
‫كأنها حين تشدو نجم جله ‪ii‬الطلوع‬
‫* أين التى تعلم أن اللتزام ليس قرين العبوس والتجهم والضيق بل هى مع‬
‫ل حسب حاله (‪..‬‬ ‫الخرين كما كان النبى صلى الله عليه وسلم مع الخرين) ك ٌ‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومع زوجها كما كانت سيدات بيت النبوة مع خير الخلق ‪ ...‬ول تقول إل‬
‫خيرا ‪..‬فهى مرحة هاشة باشة ضحوك مع زوجها ابتغاء مرضاة الله ‪.......‬‬
‫زوجة صالحة في ‪ii‬المنزل‬
‫قد تحلت بحلى ‪ii‬الخجل ‪ ... ...‬فهي كنز فاخر ‪ii‬للرجل‬
‫فهو يغنيها عن لبس الحلى‬
‫* أين التى تفهم كيف تعامل زوجا داعيا إلى الله أو مسؤول عن عائلة‬
‫بمساحة مترامية الطراف فهو قائد لهم كما كان أصحاب الدعوات ‪ ،‬فما دور‬
‫زوجة المام ! ‪ ..‬زوجة القائد المربى !‪...‬‬
‫* أين التى لها رؤية سياسية فتعى وتفهم أين نحن ومن نحن وماذا يراد بنا‬
‫وتهتم بذلك أو تسأل لتعلم وتفهم ‪..‬‬
‫التى تكون لديها موقف عقدي من وسائل العلم ‪!....‬‬
‫* أين التى تتحمل وتستوعب وتسعد إن كان الحق أن تكمل عمرها فى كهف‬
‫أو فى قصر سواء عندها حلوها ومرها ‪ ..‬أنسها ووحشتها ‪..‬‬
‫م‬ ‫ن الّنصَر لبد ّ ‪ii‬قاد ٌ‬ ‫أحّباىَ إ ْ‬
‫ل يوما ‪ii‬ونلتقى‬ ‫ً‬ ‫سنصدع ُ هذا اللي َ‬
‫ددا ً‬‫مس ّ‬ ‫ً‬
‫عزما ُ‬ ‫وَنمضى على اليام ِ َ‬
‫علونا بفضلهِ ‪-‬‬ ‫فيعلو بنا حقّ – َ‬
‫ة ‪...‬‬ ‫ونصنعُ بالسلم ِ ُدنيا ‪ii‬كريم ً‬
‫ق‬
‫ِ‬ ‫واث‬ ‫ل ‪ii‬‬ ‫‪ ...‬وإنى بنصرِ اللهِ أو ُ‬
‫ق‬
‫ل داٍج ‪ii‬وغاس ِ‬ ‫مع الفجر يمحو ك ّ‬
‫ق‬ ‫م ‪ii‬العوائ ِ‬ ‫ونبلغُ ما نرجوه ُ رغ َ‬
‫ق‬
‫م الظواهرِ – زاه ِ‬ ‫ل – رغ َ‬ ‫على باط ٍ‬
‫ق‬
‫ل ‪ii‬شار ِ‬ ‫وننشُر نوَر اللهِ في ك ّ‬
‫* أين التى ل تشغل نفسها بلغو الفكر والهتمام ولغو الكلم ولغو الشعور‬
‫والعمل ‪ ..‬فل تكون ثرثارة فى شؤون الزينة مقتصدة فى شؤون الجد‬
‫والواقع والواجب ‪....‬‬
‫أين التى تبيع كل شئ إذ تبين لها أن الحق في البيع ‪!..‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َأن ُ‬
‫ن ِفي‬ ‫قات ِلو َ‬‫ة يُ َ‬‫جن ّ َ‬
‫م ال َ‬‫ن ل َهُ ُ‬
‫وال َُهم ب ِأ ّ‬
‫م َ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫شت ََرى ِ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫قْرآ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل َوال ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬
‫قا ِفي الت ّوَْراةِ َوا ِ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫عدا عَلي ْهِ َ‬‫ً‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫ُ‬
‫قت َلو َ‬ ‫ن وَي ُ ْ‬ ‫قت ُلو َ‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ فَي َ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫فوُْز‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذي َباي َعُْتم ب ِهِ وَذ َل ِك هُوَ ال َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ال ِ‬‫شُروا ب ِب َي ْعِك ُ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫ن اللهِ فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن أوْفى ب ِعَهْدِهِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫م {التوبة ‪111‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫ال ْعَ ِ‬
‫* أين التي ل تشبع من العلم والذكر والخير ‪ ،‬ول تلهو إل بالمباح ‪ ،‬وبقدر ما‬
‫يشرع ‪ ،‬فل تتسامر مع النسوة طيلة النهار فى ‪:‬‬
‫أكلوا وأكلنا وبنوا وبنينا واشتروا واشترينا ‪..‬‬
‫بل ل تقبل ذلك !‬
‫ب {الشرح ‪7‬‬ ‫ص ْ‬ ‫ت َفان َ‬ ‫}فَإ َِذا فََرغْ َ‬
‫فهي في شغل !‬
‫فهي غريبة !‬
‫وهكذا يكون حال السلم وأهله في آخر الزمان كما أخبر عليه الصلة‬
‫والسلم ‪...‬‬
‫يهمها تحري حالها في زمن الفتن ‪..‬يهمها التعلم للتحقق من التوحيد وصحة‬
‫العتقاد ليصح اليقين واليمان ‪ ،‬فل تكون على بدعة وهي ل تدري ‪ ،‬ثم يهمها‬
‫إشغال القلب بالخرة ‪ ،‬و تلك هي الكياسة !‬
‫* أين التي تتحمل الخرين وإن كانوا سيئين أو منافقين أو جاحدين لو كان‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هناك مصلحة نبهنا إليها الشارع الحكيم ‪..‬‬


‫فهي مع زوجها واعية مدركة متفهمة ‪ ،‬والجنة نصيبهما ‪...‬‬
‫فقد كتب الله لهما الزيجة هنا وهناك فل فرقة إن شاء الله‬
‫َ‬
‫ن ِفيَها‬
‫حت َِها الن ْ َ ُ َ ِ ِ َ‬
‫دي‬ ‫ل‬ ‫خا‬ ‫ر‬ ‫ها‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬‫ت تَ ْ‬‫جّنا ٍ‬
‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫}وَعَد َ الل ّ ُ‬
‫ك هُوَ ال ْ َ‬
‫فوُْز‬ ‫َ‬
‫ن الل ّهِ أك ْب َُر ذ َل ِ َ‬ ‫ن ط َي ّب َ ً‬
‫م َ‬‫ن ّ‬ ‫وا ٌ‬‫ض َ‬
‫ن وَرِ ْ‬‫ت عَد ْ ٍ‬ ‫جّنا ِ‬ ‫ة ِفي َ‬ ‫ساك ِ َ‬ ‫م َ‬
‫وَ َ‬
‫م {التوبة ‪72‬‬ ‫ظي ُ‬‫ال ْعَ ِ‬
‫كلكما فى العل كفء ‪ii‬لصاحبه‬
‫فأصبحت عنده في بيت ‪ii‬مكرمة‬
‫أحسن بها وصلة قد ‪ii‬أخذت‬
‫فأصبحا في صفاء غير ‪ii‬منقطع ‪...‬‬
‫‪ ...‬والكفء في المجد ل يستام بالقيم‬
‫شيدت دعائمه في منصب سنم ‪ii‬‬
‫عقدا على الدهر غير ‪ii‬منفصم‬
‫على الزمان وود غير ‪ii‬منصر‬
‫أين هى ؟؟؟‬
‫من روائع ما ضمته كتب السلف ‪:‬‬
‫قال الله تعالى‬
‫قل ما يعبأ بكم ربى لول دعاؤكم‬
‫وقال تعالى‬
‫وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان‬
‫وقال تعالى‬
‫وقال ربكم ادعوني أستجب لكم‬
‫"اللهم إني أسألك وأنا عبدك وأدعوك وأنا عبدك أن تصلى على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وأن تفرج عنى كما فرجت عنه وأن تستجيب لى كما استجبت له‬
‫إنك سميع الدعاء"‬
‫"اللهم إنى أعوذ بك من نفس ل تشبع وقلب ل يخشع وعلم ل ينفع ودعاء ل‬
‫يسمع وعين ل تدمع وصلة ل ترفع "‬

‫)‪(5 /‬‬

‫" اللهم إنى أسألك فى صلتى وفى دعائى براءة تطهر بها قلبى وتؤمن بها‬
‫روعى وتكشف بها كربى وتغفر بها ذنبى وتصلح بها أمرى وتغنى بها فقرى‬
‫وتذهب بها ضرى وتفرج بها غمى وتسلى بها همى وتشفى بها سقمى‬
‫وتقضى بها دينى وتجلو بها حزنى وتجمع بها شملى وتبيض بها وجهى واجعل‬
‫ما عندك خيرا ً لى "‬
‫" اللهم أصبح ظلمى مستجيرا ً بعفوك وذنبى مستجيرا ً بمغفرتك وخوفى‬
‫مستجيرا ً بأمنك وفقرى مستجيرا ً بغناك وضعفى مستجيرا ً بقوتك وذلى‬
‫مستجيرا ً بعزك ووجهى الفاني البالي مستجيرا ً بوجهك الدائم الباقى "‬
‫" اللهم مقلب القلوب والبصار ثبت قلبى على دينك ول تزغ قلبى بعد إذ‬
‫هديتنى وهب لى من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب"‬
‫"اللهم واجعلني في حفظك وكلتك وودائعك التى ل تضيع واحفظنى من كل‬
‫سوء ومن شر كل ذى شر واحرسنى من شر الشيطان الرجيم والسلطان‬
‫المليم إنك أشد بأسا ً وأشد تنكيل ً "‬
‫"اللهم إن كنت منزل ً بأسا ً من بأسك أو نقمة من نقمك على أهل معصيتك‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بياتا ً وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون فصل على سيدنا محمد وعلى آل‬
‫سيدنا محمد واجعلنى وأهلى في كنفك ومنعك وحرزك "‬
‫اللهم إن هذين الليل والنهار خلقان من خلقك فاعصمنى فيهما بحولك وقوتك‬
‫ول ترهما منى جرأة على معصيتك ول ركونا إلى مخالفتك واجعل عملى‬
‫فيهما مقبول ً وسعى مشكورا ً وسهل لى ما أخاف عسره وصعب على أمره‬
‫واقض لى فيهما بالحسنى‬

‫)‪(6 /‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ‪ ،‬أما‬
‫بعد فعنوان هذا الدرس روحانية صائم وينعقد في يوم الثنين اليوم الثامن من‬
‫الشهر الثامن في العام ‪ 1418‬في هذا الجمع المبارك في مدينة < الرس >‬
‫أيها الخوة هذا الدرس هو فوائد وشرائد ومشاعر وأحاسيس جمعت من‬
‫العام الماضي من رمضان حرصت على طرحها هذه اليام لينتفع منها‬
‫الصائمون هذه اليام أسأل الله أن ينفع بها وأن يغفر لي الخطأ والذلل‬
‫والتقصير‪.‬‬
‫وهو ينقسم إلي قسمين‪:‬‬
‫ل‪ :‬كيف السبيل إلي هذه الروحانية وفيه حقيقة الروح وزادها وعلقتها‬ ‫أو ً‬
‫بالصيام‬
‫ثانيًا‪ :‬مشاعر هذه الروح وهي أحاسيس ومشاعر لمن ذاق حلوة اليمان في‬
‫شهر رمضان وعرف أن الصيام غذاء للروح وطعام‪.‬‬
‫وأقدم المقدمة في استقبال رمضان فأقول معاشر الخوة أقبل علينا رمضان‬
‫سيد الشهور فمرحبا ً به وأهل ً وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل‬
‫رجب قال "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" كما في حديث‬
‫]أنس[ قال ]الهيثمي[ عنه رواه ]الطبراني[ في الوسط وفيه ]زائدة بن أبي‬
‫الرقاد[ وفيه كلم وقد وثق… انتهى ‪.‬‬
‫بعد أيام نستقبل شهرنا العظيم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهر‬
‫الصيام والذكر شهر التوبة والغفران شهر العزة والكرامة اللهم بلغنا‬
‫مل أن يصوم هذا الشهر‬ ‫َ‬
‫رمضان ‪،‬اللهم بلغنا اللهم بلغنا رمضان فكم ممن أ ّ‬
‫فخانه أمله فسار قبله إلي ظلمة القبر كم من مستقبل يوما ً ل يستقبله‬
‫ومؤمل غدا ً ل يدركه‬
‫كم كنت تعرف ممن صام في سلف‬
‫من بين أهل وجيران وإخوان‬
‫أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حيا ً‬
‫فما أقرب القاصي من الداني‬
‫ً‬
‫أيها الخوة والخوات أحد عشر شهرا ظلت تجري بسرعة عجيبة في دهشة‬
‫وذهول من العاقلين وغفلة ومجون من اللهين‪.‬‬
‫ً‬
‫)قال كم لبثتم في الرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل‬
‫العادين( هكذا تنقضى الليالي واليام وتنقضي الشهور والعوام والعاقل‬
‫اللبيب وهو من يفكر ويعتبر في تلك اليام التي عاشها والليالي التي قضاها‬
‫نعم هي ماضي تركه خلفه لن يعود لن يعود له مرة أخرى لكنها تسجل عليه‬
‫فالله تعالي يقول)هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم‬
‫تعملون( كل الناس يغدو يغدو في أهداف وآمال ورغبات وأماني ولكن أين‬
‫ت بعد أيام فكيف حال الناس؟ بل كيف حال‬ ‫الجادون أين الجادون فرمضان آ ٍ‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المة هل من وقفة صادقة للمحاسبة وهل من وقوف جاد للتأمل وما هي‬
‫ت بعد أيام وفي‬ ‫مراسم الستقبال معاشر الصائمين والصائمات إن رمضان آ ٍ‬
‫المة تعساء يستقبلونه على أنه شهر الجوع النهاري والشبع الليلي نوم في‬
‫الفراش إلي ما بعد العصر وسمر في الليل إلي الفجر تراهم ذئابا ً في الليل‬
‫جيفا ً في النهار جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات وقنوات‪ ،‬إنهم‬
‫موا أنفسهم وغيرهم‬ ‫حَر ُ‬
‫موا و َ‬
‫حرِ ُ‬
‫يقتلون رمضان ويفسدون حلوته وطعمه ‪ُ ،‬‬
‫من جمال رمضان وروعة الحياة فيه عبادة للبدن والجسد بنزواته ولذاته‬
‫وأسر للروح والعقل مساكين هؤلء‬
‫ب فَم ٍ تمنع عن شراب أو طعام‬ ‫رمضان ُر ّ‬
‫ظن الصيام عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام‬
‫وهوى على العراض ينهشها ويقطع كالحمام‬
‫يا ليته إذ صام صام عن النمائم والحرام‬
‫واستاك إذ يستاك عن كذب وزور وإجرام‬
‫وعن القيام لو أنه فيما يحاوله استقام‬
‫رمضان نجوى مخلص للمسلمين وللسلم‬
‫تسمو بها الصلوات والدعوات تضطرم اضطرام‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي ـ فقد كان يبشر‬
‫أصحابه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقدوم رمضان كما أخرجه ]أحمد[‬
‫و]النسائي[ عن ]أبي هريرة [ رضي الله عنه قال رسول الله ـ صلى الله‬
‫عليه وسلم ـ يبشر أصحابه "قد جاءكم شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه‬
‫يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة‬
‫خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" ‪ ،‬صححه ]اللباني[ كما في‬
‫معَل ّ بن الفضل[ عن السلف‪ :‬كانوا يدعون الله ستة‬ ‫صحيح النسائي وقال ] ُ‬
‫أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم وقال ]أبو‬
‫يحيى ابن كثير[ كان من دعائهم‪ :‬اللهم سلمني إلي رمضان وسلم لي رمضان‬
‫قّبل ‪ ،‬وباع قوم من السلف جارية فلما قرب شهر رمضان‬ ‫مت َ َ‬
‫وتسلمه مني ُ‬
‫رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالطعمة وغيرها فسألتهم فقالوا نتهيأ لصيام‬
‫رمضان فقالت وأنتم ل تصومون إل رمضان!! لقد كنت عند قوم كل زمانهم‬
‫رمضان ردوني إليهم ‪ ،‬هكذا كان السلف استقبال لرمضان فرمضان له طعم‬
‫خاص ولذة عجيبة في نفوسهم رضوان الله عليهم فهو يبعث في نفوسهم‬
‫قوة اليمان والشجاعة والعزة والكرامة ولهذا كانت أكثر غزوات ومعارك‬
‫المسلمين في رمضان لماذا ؟ نعم لماذا ؟ اسمع للجابة إنها حياة الروح حتى‬
‫وإن كانت البطون خاوية والشفاه يابسة فالحياة حياة الروح حياة القلب حياة‬
‫النتصار على النفس والشهوات ومن انتصر على نفسه انتصر على العداء‬
‫من انتصر على نفسه انتصر على العداء إنها حياة الصلة والثقة بالله تعالي‬
‫وهنا يكمن جمال رمضان وروعة هذا الشهر بتلك الروحانية العجيبة التي‬
‫توقظ المشاعر وتؤثر في النفوس فرمضان له في نفوس الصالحين‬
‫الصادقين بهجة وفي قلوب المتعبدين المخلصين فرحة فهو شهر الطاعات‬
‫ولنا فيه جميل الذكريات إنه زاد الروح تتغلب الروح فيه على البدن والجسد‪.‬‬
‫وحتى ل أطيل عليكم فإلى الحديث عن تلك الروحانية وفيه حقيقة الروح‬
‫وزادها وعلقتها بالصيام ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حقيقة الروح‪:‬‬
‫الروح والنفس واحد غير أن الروح مذكر والنفس مؤنث عند العرب ولما‬
‫سأل اليهود الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الروح نزل قوله تعالي‬
‫)يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي( ‪.‬‬
‫وروى ]الزهري[ بسنده عن ]ابن عباس[ في قوله )ويسألونك عن الروح(‬
‫قال إن الروح قد نزل في القرآن بمنازل ولكن قولوا كما قال الله جل وعل‬
‫)قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إل قليل( ‪ .‬قال ]ابن الثير[ وقد‬
‫ن‬
‫تكرر ذكر الروح في الحديث كما تكرر في القرآن ووردت فيه على معا ٍ‬
‫الغالب منها أن المراد بالروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة وقد‬
‫أطلق على القرآن والوحي والرحمة وعلى جبريل إلي آخر كلمه رحمه الله‬
‫والروح سماوية علوية والجسد أرضي سفلي وعند موت النسان كل يتجه‬
‫إلي أصله فالروح إلي السماء والجسد إلى الرض ومن الناس من همته في‬
‫الثرى ومنهم من همته في الثريا فمنهم من يسعى لحياة الروح ومنهم من‬
‫يسعى لحياة الجسد وحياة الروح باتصالها بالسماء بالخوف والخشية‬
‫والمراقبة والخلص لله عز وجل والروح والجسد ل غنى لحدهما عن الخر‬
‫إل إذا أصبح الجسد ل هم له إل شهوته وهواه وفيه قول الرسول ـ صلى الله‬
‫عليه وسلم ـ "تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس وانتكس وإذا شيك‬
‫فل انتفش"‬
‫دها لجسده وشهواته‬ ‫ومن الناس من نسي روحه وغفل عنها وعن حقوقها فَعَب ّ َ‬
‫فأصبحت حياته هموما ً وغموما ً وأكدارا ً وأحزانًا‪ ،‬ليس له هم إل أن يرضى‬
‫هواه مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها وأطيب ما فيها‬
‫حلوة اليمان ولذة الطاعة فالنسان جسد وروح وشهوة وعقل والجسد تتبع‬
‫له الشهوة والروح يتبع لها العقل والصراع دائم بين الفريقين الجسد‬
‫والشهوة معا ً والروح والعقل معا ً ومتى شبع البطن تحركت الشهوة وإذا خل‬
‫البطن هدأ الجسد وانطلقت الروح تنمو وتنشط ففي الصيام حلوة ل يدركها‬
‫إل من صام من أجل الله بصدق في الصيام حلوة ل يدركها إل من صام من‬
‫أجل الله بصدق ول يعرفها إل الذين خالطت بشاشة اليمان قلوبهم وهذه هي‬
‫الروحانية العجيبة التي نحياها في رمضان روحانية صائم بذرها بالجوع‬
‫وسقاها بالدموع وقواها بالركوع لتنبت الخشوع والخضوع روحانية صائم فيها‬
‫السعادة واللذة والفراح والشواق فيها ما ل يبثه لسان ول يصفه بيان ‪.‬‬
‫روحانية صائم فيها الرواح تهتز وترتاح وتطير بغير جناح فهي في أفراح‬
‫وأفراح ‪ ،‬روحانية صائم فيها من الحرير لجنات النعيم ما تورمت له أقدام‬
‫المتهجدين وبذر له الثمين وسمع النين ‪ ،‬روحانية صائم ل يعرفها العاشقون‬
‫ول المتصوفة الواجدون بل هي والله حكر على المحقين الصادقين‬
‫والمخلصين العارفين ‪ ،‬روحانية صائم تخلصت من أسر الهوى والشهوة وحيل‬
‫النفس والشيطان ‪ ،‬باختصار روحانية صائم عاش في جنة الدنيا ‪ ،‬وفي الدنيا‬
‫جنة من لم يدخلها ل يدخل جنة الخرة ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫مب ْد ٍ ‪ ،‬معاشر الصائمين‬


‫ولكن كم بين خلي وشجي وواجد وفاقد وكاتم و ُ‬
‫والصائمات هذه أفراح الروح عند انتصارها وفك أسرها من شهوات الجسد‬
‫ولذلك قال ]ابن القيم[ رحمه الله ‪ ،‬فللروح المطلقة من أسر الهوى ومن‬
‫أسر البدن وعلئقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصعود إلي الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علئق‬
‫البدن وعوائقه انتهى كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫أطلق الرواح من أصفادها‬
‫‪ ...‬في بهيج من رياض التقياء‬
‫غاديات رائحات كالسنا‬
‫سابحات بين آفاق الضياء‬
‫إنها يا شهر ظمأى فاسقها‬
‫مشتهاها من ينابيع الصفاء‬
‫شهوة الجساد قد ألقت بها‬
‫في قفارٍ ليس فيها من رواء‬
‫ما غذاء الجسم في ألوانه‬
‫فيه للرواح شيء من حباء‬
‫إنما الرواح تحيا بالذي‬
‫في صيام الجسم تسجيه السماء‬
‫يا ربيع الروح أقبل واعطها‬
‫صولجان الحكم في دنيا الشقاء‬
‫كي يعيش الناس من آلئها‬
‫في رفاٍء وازدهارٍ وارتقاء‬
‫هل درى أهل الحجا أن الذي‬
‫شيطن النسان في الرض اشتهاء‬
‫زورق الشيطان في وجدانه‬
‫‪ ...‬طعمة فيها من الفراط داء‬
‫ما ارتقت إل بزهد أنفس‬
‫في طعام عنه عاشت في غناء‬
‫واطمأنت في حياة الروح‬
‫‪ ...‬ل تبتغي إل لقيمات وماء‬
‫إنما سلطانها من دونه ‪... ...‬‬
‫كل سلطان به النسان باء‬
‫حسبه أن أخضع النفس التي‬
‫‪ ...‬تسترق الناس حتى القوياء‬
‫أي سلطان يكف النفس عن‬
‫موبقات غير قيد كالوجاء‬
‫إنه الصوم الذي أوحى به‬
‫رحمة بالناس رب الحكماء‬
‫فيه ترويض لطبع جامح‬
‫فيه روح فيه للمرضي شفاء‬
‫فيه للحساس إرهاف فل‬
‫يأخذ الدنيا بعين الغبياء‬
‫أيها الحبة هذه الروحانية ل نعرف كنهها ول نستطيع وصفها حتى من ذاق‬
‫طعمها وعرف حلوتها من أولئك الفذاذ الذين تسعى بهم أعمالهم سوقا إلي‬
‫جنات سوق الخيل بالركبان صبروا قليل ً فاستراحوا دائما ً يا عزة التوفيق‬
‫للنسان رفعت له في السير أعلم السعادة والهدى يا ذلة الحيران أقول حتى‬
‫هؤلء والله حتى هؤلء الذين ذاقوا طعمها وعرفوا حلوتها ما استطاعوا‬
‫وصفها ول التعبير عن وجدها إل بألفاظ عامة لم تفصح عن حقيقة الشعور‬

‫‪204‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واسمع بعضهم يقول إنه يمر في القلب لحظات أقول إن كان أهل الجنة في‬
‫مثل هذا إنهم لفي نعيم إنه شعور عام ل يستطيع وصفه بأكثر من هذا فإن‬
‫لم ترها العين فقد أبصرها القلب واسمع للخر يقول أنا جنتي وبستاني في‬
‫صدري فماذا يفعل أعدائي بي سجني خلوة ونفيي سياحة وقتلى في سبيل‬
‫الله شهادة وهذا ثالث لم يجد ما يعبر به عن السعادة واللذة التي يجدها إل‬
‫بقوله إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الخرة إنها حلوة اليمان‬
‫وطعم الصلة بالله إنها أفراح الروح ل تنقل بالكلمات إنما تسرى في القلب‬
‫فيستروحها ويهش لها ويندى بها وكأني بك أيها الصائم كأني بك تقول أيها‬
‫المتحدث ترفق فنفوسنا تشقق وقلوبنا تخرق ودموعنا تدفق فكيف السبيل‬
‫لهذا النعيم كيف نصوم؟ وكيف نقوم لنجد ما وجد أولئك الرجال؟‬
‫فأقول أما الكيفية فصم وقم كما كان يصوم ويقوم قدوتنا وحبيبنا محمد ـ‬
‫صلى الله عليه وسلم ـ )قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله( ولكن‬
‫الهم لماذا نصوم؟ نعم لماذا نصوم سؤال مهم يجب أن يسأله المسلم نفسه‬
‫خاصة في شهر رمضان وحتى ل يتحول هذا الشهر من عبادة لها أهداف‬
‫ومقاصد عظيمة إلي عادة ثقيلة كان لبد من الجابة على هذا السؤال فكثير‬
‫من الناس يصومون ولكن قليل أولئك الذين يعرفون لماذا يصومون؟ هذا هو‬
‫الفرق بين العادة والعبادة لماذا نصوم يحدد لك الهدف والغاية التي من أجلها‬
‫ل تقوم به‬
‫فرض الصوم رمضان ووضوح الهدف وضوح الهدف في أي عم ٍ‬
‫يسهل عليك هذا العمل ويدفعك للجتهاد والمجاهدة للوصول إليه أي الهدف‪.‬‬
‫وفي رمضان أنت تمسك عن الطعام والشراب والجماع أكثر من نصف اليوم‬
‫لماذا؟ تجوع وتعطش لماذا ؟ تسهر وتتعب لماذا ؟‬
‫أصناف الطعام بين يديك والماء البارد أمام عينيك أنت جائع عطشان فل تمد‬
‫يدك إليها لماذا؟ ماذا تريد من كل هذا؟ ما هو الهدف؟ إلي أي شيء تريد أن‬
‫تصل؟ ربما حدثتك نفسك فقالت لماذا الله يأمرنا بالصيام؟ ولماذا فرض‬
‫علينا شهر رمضان؟ فأقول حاشى لله ـ عز وجل ـ أن يكون المراد تجويعنا‬
‫وتعطيشنا وإتعابنا وهو أرحم الراحمين وهو أرحم من الم بولدها بل إن الله‬
‫قال في آخر آيات الصيام )يريد الله بكم اليسر ول يريد بكم العسر( وربما‬
‫تقول أيها الخ إننا نصوم رمضان لن الله أمرنا بصيامه فتجب الطاعة‬
‫والستجابة لله بما أمر فأقول نعم إن الستجابة لله ورسوله واجب علي كل‬
‫مسلم ومسلمة ولو لم تتبين لنا الثمرة والحكمة من هذا المر فنحن أسلمنا‬
‫واستسلمنا لله جل وعل فيجب علينا طاعة الله فإن الخير كل الخير فيما أمر‬
‫الله ورسوله به لكن هناك ثمرة وغاية عظيمة بينها الله ـ عز وجل ـ من شهر‬
‫الصيام بقوله‪) :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين‬
‫من قبلكم لعلكم تتقون(‬
‫رمضان قد يستبد الجوع بي‬
‫ويهدني ظمأ ويخفت في مداي كفاح‬
‫لكن تقوى الله تحفز همتي‬
‫ويشد من أزرى لديك صلح‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وأراك يا رمضان رحلة مؤمن‬


‫ألف الطريق وآنسته بطاح‬
‫وأراك حين تجيء توقظ ما‬

‫‪205‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غفا عاما ً بقلب أثخنته جراح‬


‫فإذا بآلء اليقين تظلني‬
‫وإذا المحبة غدوة ورواح‬
‫وإذا أنا روح تحلق في المدى‬
‫بسنا ً يلوح وللصفاء يتاح‬
‫إذا ً فالغاية الولي والهدف السمى من صيام رمضان هو إعداد القلوب‬
‫للتقوى ومراقبة إعداد القلوب للتقوى ومراقبة الله لخشية الله فالصوم‬
‫يجعل القلوب لينة رقيقة يجعلها ذات شفافية وحساسية يجعلها وجلة حية‬
‫فالصوم يوقظ القلوب فإذا فسد الناس في زمن من الزمان فإن صلحهم ل‬
‫يكون بالتشدد والتنطع بل يبدأ الصلح بإعداد القلوب وبث حرارة اليمان فيها‬
‫وخوف الله ومراقبته فالسلم‪ ،‬السلم ل يقود الناس بالسلسل إلي‬
‫الطاعات إنما يقودهم بالتقوى ومراقبة الله والخوف منه ومن أعظم ثمار‬
‫الصيام تربية القلوب على مراقبة الله وتعويدها على الخوف والحياء منه‬
‫يقول ]القسطلني[ رحمه الله معددا ً لثمرات الصوم يقول منها رقة القلب‬
‫وغزارة الدمع وذلك من أسباب السعادة فإن الشبع مما يذهب نور العرفان‬
‫ويقضي بالقسوة والحرمان انتهى كلمه رحمه الله إذا ً ما علقة الكل‬
‫والشراب بالتقوى فالكل والشرب للبطن والتقوى مكانها القلب فما دخل ذا‬
‫بذا اسمع رعاك الله اسمع للجابة أليس كثرة الطعام والشراب لها أثر كبير‬
‫على فساد القلب وغفلته فالبطنة تذهب الفطنة كما يقال والشبع يقسي‬
‫القلب ويعميه والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول "ما مل آدمي وعاء‬
‫شرا ً من بطنه" كما في الترمذي وحسنه وقال ]عمرو بن قيس[ إياكم‬
‫والبطنة فإنها تقسي القلب وقال ]الحارث بن كلدة[ الطبيب العربي‬
‫المشهور‪ :‬الحمية رأس الدواء والبطنة رأس الداء وقال ]سفيان الثوري[‪ :‬إن‬
‫أردت أن يصح جسمك ويقل نومك فأقلل من الكل ولذلك فإن تقليل الطعام‬
‫والشراب ومباشرة النساء ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته فالصيام‬
‫فيه كسب للنفس وتخلية القلب للذكر والفكر والصيام يضيق مجارى الدم‬
‫التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم فإن الشيطان يجري من ابن آدم‬
‫مجرى الدم فتسكن بالصيام وساوس الشيطان وتنكسر ثورة الشهوة‬
‫والغضب واسمع لهل التجارب والخبرات ممن عاشوا في عالم الروحانيات‬
‫فقد روي عن ]ذي النون المصري[ رحمه الله وهو العبد الصالح أنه قال‪:‬‬
‫جوّعْ بالنهار وقم بالسحار ترى عجبا ً من الملك الجبار وقال ]يحيى بن معاذ[‪:‬‬ ‫تَ َ‬
‫من شبع من الطعام عجز عن القيام فعل عرفت أيها الخ الحبيب بعد هذا‬
‫كله علقة الشراب والطعام بالتقوى معاشر الصائمين والصائمات إن‬
‫المساك عن الطعام والشراب في رمضان ليس هدفا ً في ذاته بل هو وسيلة‬
‫لرقة القلب وانكساره وخشيته لله ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ‪" :‬من‬
‫لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"‬
‫كما في البخاري وقال أيضا ً ـ صلى الله عليه وسلم ـ‪" :‬ليس الصيام من‬
‫الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث" رواه ]ابن خزيمة[ وابن‬
‫حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم فهل الهدف من صيام رمضان‬
‫واضح لك الن هذه حقيقة الصيام فل تحرم نفسك منها أيها الخ أما إن كان‬
‫المر ترك الشراب والطعام فما أهون الصيام ولكن إذا صمت فليصم سمعك‬
‫وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم وجماع ذلك خوف القلب من الله‬
‫ومراقبته وإل فتنبه واحذر فربما دخلت في قول الرسول الله ـ صلى الله‬
‫عليه وسلم ـ ‪":‬رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من قيامه السهر" نعوذ بالله من حال هؤلء والحديث أخرجه النسائي وابن‬
‫ماجة والحاكم وابن حبان وقال صحيح على شرط البخاري‪ ،‬إذا ً فليس رمضان‬
‫إمساكا ً عن الطعام والشراب فقط وسجودا ً أو ركوعا ً والقلب هو القلب‬
‫ص غافل عن الله الغناء يطرب الذان وللعينين أطلق العنان‬
‫س عا ٍ‬‫قا ٍ‬
‫واللسان كذب وغش وغيبة ونميمة وسب ولعان وصدق من قال إذا لم يكن‬
‫ض وفي منطقي صمت فحظي إذا ً من‬ ‫للسمع مني تصاون وفي البصر غ ٌ‬
‫ُ‬
‫صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يومي فما صمت فَأ ّ‬
‫ف ثُ ّ‬
‫م ُتف‬
‫لنفوس لم يهذبها الجوع ولم يدربها السجود والركوع فالصيام تدريب للنفوس‬
‫وتعويد لها على الصبر وترك الشهوات يدخل رمضان ويخرج وبعض النفوس‬
‫لم تتغير يجوع ويعطش وقلبه هو قلبه ومعاصيه هي معاصيه وربما يركع‬
‫ويسجد ويسهر ويتعب وحاله هي حاله ولسانه هو لسانه نعوذ بالله من حال‬
‫هؤلء فلو قيل لهل القبور تمنوا لتمنوا يوما ً من رمضان وهؤلء كلما خرجوا‬
‫من ذنب دخلوا في آخر بل ربما ل تحلو لهم الشهوات والتفنن في المعاصي‬
‫والسيئات إل في شهر رمضان والله المستعان يا هؤلء أنتم في رمضان شهر‬
‫التوبة والغفران يا هؤلء فيه تغلق أبواب النيران وتفتح الجنان وتصفد الجان‬
‫فدونك نفسك أيها النسان يا هؤلء أما تنفعكم العبر أما عصيتم وستر اعرفوا‬
‫قدر من قدر فقد آن الرحيل وأنتم على خطر لكن عند الممات يأتيكم الخبر‬
‫نعوذ بالله من طول المل فإنه يمنع خير العمل‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪207‬‬

You might also like