Professional Documents
Culture Documents
الجغرافيا والبيئة
منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب
وزارة الثقافة – دمشق 2009
-1-
مقدمة عامة
تعاني البيئة بمختلف مكوناتها الطبيعية والبشرية ،من مشكلت بيئية
كثيرة ومتفاقمة يعج بها عالم اليوم ،وجلها مشكلت تستدعي تفكيرا ً
عميقًا ،ودراسة متأنية تساعد في وضع الحلول المناسبة لها ،وتخفيف
أعبائها ونتائجها السلبية ،عن كاهل البشرية المصدومة بها هنا أو هناك،
ناهيك عن الخوف من أن تتجاوز التأثيرات البشرية الحالية قدرة النظام
البيئي في المحافظة على توازنه واستقراره ،وقدرة كوكب الرض على
البقاء بوصفه كوكبا ً حي ّا ً يعيش عليه النسان وغيره من الكائنات الحية.
ولن معظم هذه المشكلت البيئية ذات أبعاد جغرافية مكانية
محددة ،ولنه منذ القدم كانت العلقة بين الجغرافية والبيئة قوية
ومتنامية ،وعكست اهتمام النسان بالبيئة وعناصرها المختلفة ،كما أنه
في الفترة الخيرة تعمقت التجاهات العلمية للجغرافيا كالتجاه
التطبيقي والتجاه البيئي وغيره ،وذلك كله يتم في إطار سعي
الجغرافية للسهام في تحديد المشكلت البيئية التي يعاني منها
النسان والمجتمع ،والقيام بدور مهم في حل هذه المشكلت.
ويتضمن هذا الكتاب أحد عشر فصل ً متتاليا ً ومرتبا ً بشكل منسجم،
بعيدا عن الستطراد والحشو أو التعقيد غير الضروري.
جاء الفصل الول بعنوان البيئة وعلم البيئة ،وفيه توضيح لمفاهيم
البيئة ،وعلم البيئة ،والنظام البيئي وعناصره ،والنظام الجغرافي
والعلقة بينهما .وفي الفصل الثاني تحدثنا عن الدورات الطبيعية
)البيوجيوكيميائية( ،كدورة ثاني أكسيد الكربون ،والكسجين،
والنتروجين ،والفوسفور ,والكبريت والدورة المائية ،ثم عن السلسلة
الغذائية ومكوناتها .أما الفصل الثالث فكان بعنوان البيئة والنسان ،وتم
فيه توضيح العلقة بين النسان والبيئة والتأثير المتبادل بينهما،
والعلقة بين النمو السكاني والموارد الطبيعية ،وبين البيئة وصحة
النسان ،وتعريف البيئات الجغرافية البشرية والجتماعية ،بوصفها
منظومات بيئية معينة ،والتفاعل بين هذه المنظومات.
وقد جاء الفصلن الرابع والخامس جديدين ومميزين ،فدرس
الفصل الرابع العلقة بين الجغرافية والبيئة ،انطلقا ً من تعريف علم
الجغرافية وتطوره ،ثم الحديث عن المدارس البيئية الجغرافية،
وأسبقية علم الجغرافيا بالهتمام بالبيئة وعناصرها ،والعلقة بين
علمي الجغرافيا والبيئة ،وأسباب تراجع الهتمام بالجغرافية مقابل
تزايد الهتمام بعلم البيئة.
بينما تصدى الفصل الخامس لتحليل دور الجغرافية في حماية
البيئة ودراسته ،مبتدئا ً بتعريف الجغرافية البيئية والجيوإيكولوجيا،
وتقديم بعض الراء في مكانة الجغرافية ،ودور الجغرافية في حماية
البيئة بشكل عام ،وفي حماية الموارد الطبيعية كالتربة ،والغطاء
النباتي ،والهواء ،والماء ،والمناطق السياحية وغيرها ،وفي السياق
نفسه تمت الشارة السريعة أحيانا إلى دور بعض العلوم ذات الصلة
في حماية البيئة مثل العلوم النسانية ،والدينية ،والتاريخية ،وغيرها.
ومن الفصل السادس وحتى الخير تم الهتمام بعرض المشكلت
التي تعاني منها البيئة وعناصرها المختلفة في الجو والبر والبحر ،وكيف
تنعكس هذه المشكلت سلبا ً على النسان والمجتمع البشري ،مع السعي
دائما للبحث عن الحلول ،واقتراح أهم الجراءات التي يمكن إتباعها
لحماية البيئة وعناصرها ،والتخفيف ما أمكن من التأثيرات السلبية
الواقعة عليها.
-3-
ففي الفصل السادس ،تم التعريف بالغلف الجغرافي والمجال
الجغرافي وعلقته بالغلفة الجغرافية الخرى ،والتعريف بالغلف
الحيوي )البيوسفير( ،ونشأته وتطوره ،والكوارث التي تعرض لها
ة تحدث عنها بعض العلماء،وأسبابها المحتملة ،والشارة إلى أفكار مهم ٍ
تتعلق بأهمية النتقال من الغلف أو الوسط الحيوي إلى ما يسمى
بالوسط العقلي أو غلف التفكير ،باعتباره شكل ً من أشكال حماية
الغلف الحيوي ،مع خاتمة عن تأثيرات النسان في الغلف الحيوي في
سوريا والوطن العربي.
وفي الفصل السابع ،جرى الحديث عن الغلف الصخري والتربة
والتعريف بهما ،وبيان مكانة التربة وأهميتها في الغلفة الجغرافية،
باعتبارها أحد الموارد الطبيعية الهامة ،وإظهار أهم المشكلت التي
تعاني منها ،وأسباب هذه المشكلت ومصادرها مع التركيز على مشكلة
التصحر ،والجراءات التي يمكن إتباعها في سبيل حماية التربة
والمحافظة عليها ،ودور الجغرافية في ذلك.
وخصص الفصل الثامن ،للحديث عن الغلف الجوي )التموسفير(،
تعريفه وأهميته ،وتركيبه الغازي ،وبنيته العمودية ،وأهم مصادر تلوثه
الطبيعية والبشرية )المصطنعة( ،والثار الناجمة عن هذا التلوث ،وأهم
الظاهرات الجوية ذات الصلة بتلوث الغلف الجوي ،ومنها غاز الوزون،
وعامل البيت الزجاجي ،والضبخان ،والمطار الحمضية ،وأخيرا أهم
الجراءات التي يمكن القيام بها لحماية الغلف الجوي ،ودور الجغرافية
وبعض التجارب الجغرافية العالمية في هذا المجال.
-4-
وفي الفصل الحادي عشر والخير جرى الحديث بشكل موجز عن
المن البيئي العربي ،والمخاطر التي تهدده في البر والبحر والجو،
وتهدد النسان في صحته وحياته ومستقبله ،وتم اقتراح مبادئ أولية
لوضع برنامج محدد للمن البيئي العربي.
وفي جميع موضوعات الكتاب تم الستعانة بالشكال والمخططات
والجداول المناسبة ،وذيل الكتاب بقائمة مهمة للمصطلحات العلمية
المستخدمة في الكتاب ،وكذلك قائمة بالمراجع والمصادر العربية
والجنبية ،و فهرس الجداول والشكال ،وفهرس الموضوعات.
وأخيرا ل بد من الشارة إلى أن هذا الكتاب مفيد للطلب
وللمختصين والمهتمين بالبيئة والجغرافيا ،وكذلك العاملين في الهيئات
والمؤسسات المهتمة بحماية البيئة والمحافظة عليها ،ونأمل أن يشكل
لبنة متواضعة في هذا المجال ،وبالتأكيد فيه بعض النواقص والهنات
العائدة لسباب موضوعية وأخرى ذاتية ،ونأمل تداركها وتصويبها في
المستقبل بإذنه تعالى.
-5-
الفصل الول
أسس ومفاهيم بيئية
تعريف البيئة -
تعريف علم البيئة -
تطور علم البيئة -
النظام البيئي -
عناصر النظام البيئي -
الرض والمناخ والمياه والنظام البيئي -
توازن النظام البيئي واختلله -
تعريف النظام الجغرافي -
العلقة بين النظام الجغرافي والنظام البيئي -
-6-
-1–1تعريف البيئة ):(Environment
1984ص . 29
) (1صلح الدين بوجاه ،حاتم بن عثمان ،مختار بوخريص وآخرون ،مقالت ومقولت في البيئة 2
والتربية البيئية ،جمعية حماية الطبيعة والبيئة بالقيروان ،تونس ،1994ص . 30
) (2ترافس واجنر ،البيئة من حولنا ،دليل لفهم التلوث وأثاره ،ترجمة د .محمد صابر ،الجمعية 3
) (3المعجم الفلسفي المختصر ،دار التقدم ،موسكو 1986 ،ص . 98 4
-8-
البيئة من كائنات حية مختلفة -بما في ذلك الحيوان والنبات والنسان -
وبين مكونات البيئة غير الحية من تربة وماء وغازات جوية وأشعة كونية
وغيرها ،ومعرفة ودراسة القوانين والمبادئ المتحكمة في هذه العلقات
وتوازنها وتفاعلها وغير ذلك .إن علم البيئة علم حديث النشأة ،تلك
النشأة التي أطلقها مؤلف مصطلح اليكولوجيا (Ecology) ،العالم البيولوجي
اللماني المعروف ارنست هيجل ) Ernest Haekgl) 1834 - 1919م ،وقد استخدم
هيجل مصطلح Okologieلول مرة عام 1866م ،في كتابه تاريخ الخلق )The
-9-
العهد ،فقد حظيت البيئة وعناصرها المتنوعة باهتمام كبير من قبل الكثير
من المفكرين والفلسفة والعلماء لدى اليونان والرومان والعرب والروس
والفرس والصينيين والهنود وغيرهم .ويمكن القول :إن العلقة بين
النسان والبيئة وأثر البيئة على التجمعات البشرية شغلت أذهان
الجغرافيين على مر الزمن حيث تغيرت النظرة البحتة لهذه العلقة على
مدى القرون الثلثة الخيرة لتستقر في النهاية على مضمون التفاعل
العضوي اليكولوجي بين العنصرين).(7
وكان لتأخر ظهور هذا العلم بوصفه علما ً محددا ً أسباب عديدة،
ويوصف بأنه علم معقد ،ويعد طريقة تفكير مجملة لمشاكل فيها عدد من
المعطيات والمجاهيل غير قابل للقياس ،ودراسته ليست تابعة لختصاص
محدد).(8
وإذا كان علم البيئة قد بقي محصورا ضمن إطار عدد محدود من
العلماء والمثقفين ،وبخاصة في الوساط الكاديمية لمدة قرن من
الزمان ،وبعد ذلك أخذ بالنتشار والتوسع وزادت معرفة النسان
بالمشكلت البيئية ،سواء ما يتعلق منها بتلوث الهواء أو الماء أو التربة،
والتلوث البارامتري )الفيزيائي( ،والتلوث بالنفايات الصلبة والقمامة،
والنفجار السكاني ،والقضاء على الغطاء النباتي والحيواني ،وغير ذلك
من المشكلت البيئية والعواقب الناجمة عنها .وجميع هذه التأثيرات
تؤدي إلى تدهور البيئة وتغيير معالمها الطبيعية وتخريب اللندشافت
)شكل سطح الرض( ،مما يجعل الغلف الحيوي لكوكب الرض الذي
يشكل أفضل مكان لحياة النسان وتطوره في خطر ،ويهدد مقومات
توازنه والخلل بهذا التوازن.
انطلقا من هذا الواقع ومن هذه الهمية فقد أخذ علم البيئة يحظى
باهتمام كبير ومتنام في السنوات الخيرة ،وقد مر علم البيئة منذ نشوئه
حتى الن بعدة مراحل أساسية أهمها:
- 1المرحلة الولى:
وهي مرحلة علم البيئة الذاتية أو الفردية ):(Autoecology
وقد امتدت هذه المرحلة قرابة قرن من الزمن أي من ستينيات
القرن التاسع عشر وحتى ستينيات القرن العشرين ،وفي هذه المرحلة
تركز اهتمام علم البيئة بدراسة علقة نوع ما من الكائنات الحية
) (1يسرى الجوهري ،فلسفة الجغرافية ،الناشر ،مؤسسة شباب الجامعة ،السكندرية2001 ،م، 7
ص . 82
) (2جان دوست ،قوة الحي ،مبادئ في علم البيئة ،ترجمة المهندس ميشيل خوري ،منشورات 8
للنباتات وقد بين بأن عودة مواد الحماض )الفوسفور والبوتاسيوم والكلس وغيرها ( إلى التربة
يمكن أن تحول الرض الجرداء أو البور إلى أراض خصبة .
) (1محمد محمد الشاذلي ،علي علي المرسي :علم البيئة العام والتنوع البيولوجي ،دار الفكر 9
–3المرحلة الثالثة:
شملت هذه المرحلة العقدين الخيرين من القرن العشرين ،وشهدت
هذه المرحلة المزيد من الهتمام بالبيئة ،والمزيد من سن القوانين
والتشريعات البيئية الوطنية والقليمية والعالمية ،وإعادة التقييم لمجمل
النشاطات البيئية ،والثار الناتجة عنها ،وتميزت هذه المرحلة بمحاولة
علم البيئة بناء صورة متكاملة وواضحة عن المشكلت التي تعاني منها
البيئة ،وهي مشكلت متنوعة تتعلق بالتلوث البيئي ،واستنزاف الموارد
الطبيعية ،وتأمين المواد الغذائية ومعالجة العجز المائي والتصحر والفقر
وتدهور الراضي والغابات الخ … ،.وقد أدت الثورة التقنية العلمية
المعاصرة إلى ضرورة النتقال من العتماد على علم البيولوجيا
واستخدام القوانين البيولوجية من أجل حل المشكلت البيئية إلى علم
البيئة المعاصر متعدد الغراض والتجاهات والهتمامات الذي يعتمد على
مجموعة كبيرة من العلوم ذات الصلة ،وهذا ما يعكسه ظهور مفاهيم
وفروع جديدة في علم البيئة مثل اليكولوجيا) :الكونية ،الهندسية،
الزراعية ،الثقافية ،الجتماعية ،وإيكولوجيا النسان ،والنسان والمحيط
الحيوي ) ،(MABومفهوم الجيوبيئي ،Geo environmentوالجيوإيكولوجي ،Geoecology
وغير ذلك من المفاهيم.
–4المرحلة الرابعة:
وهي المرحلة الحالية التي يمكن تسميتها بالمرحلة العالمية التي
تتميز بثورة المعلومات والتصالت ،أو عصر الوسائط المعلوماتية،
النفوميديا ،Infomedia Ageحيث الستخدام الكبير لنظمة المعلومات
الجغرافية ) ،(GISونظم المعلومات الجغرافية طريقة في البحث المكاني
تعتمد على تقانات الحاسب اللي وبرمجيات خاصة لتأمين السرعة
والدقة في جمع المعلومات المكانية ومعالجتها ونمذجتها وتحليلها،
وإخراجها بالشكل المناسب بغية استخدامها في حل المسائل المكانية أو
خدمة غرض محدد ،وتستطيع أنظمة المعلومات الجغرافية أن تربط
المعطيات المختلفة المتعلقة بالمكان كأن تربط بين الحصاءات
السكانية في مدينة ما مع معدل أسعار السكن ،وعدد المؤسسات
النتاجية ،ونسبة انتشار البطالة ،ومستوى الدخول ،ومعدل الصابة
-12-
بالمراض وغيرها من المتغيرات التي تتبادل التأثير).(10
أضف إلى ذلك معطيات الستشعار عن بعد وبنوك المعلومات البيئية
وغيرها مما يمكن أن يقدم معلومات مناخية أو جيوبيئية أو غيرها ،وكل
هذا كان له انعكاسا كبيرا على علم البيئة ،فمثل يؤدي التقدم في مجال
استخدام الحاسوب والتمتة في الدارات والمؤسسات المختلفة إلى
السهام في حل المشكلت البيئية مثل أزمة المواصلت أو الزدحام في
مراكز المدن وفي الدوائر والمؤسسات لغراض وأهداف مختلفة .كما
تزايدت الستخدامات السلمية للقمار الصناعية في الرصد والتصال والبث
حيث يدور حاليا حول الكرة الرضية أكثر من 2500قمرا ً صنعيا ً مختلفة
الوزن والرتفاع والهداف ،ومن هذه الهداف تأمين التصالت اللسلكية
والتلفزيونية والهاتفية الحديثة وتنبؤات الطقس ،واستشعار سطح الرض
وباطنها ،وتساعد تكنولوجيا الستشعار عن بعد في حماية البيئة وكشف
التلوث والتملح وتحسين الزراعة ،وحماية التربة ،وإعادة التشجير ،ورصد
الموارد الطبيعية ،ومكافحة التصحر وغير ذلك.
وكذلك استخدام نظام تحديد المواقع العالمي ).( )(GPS
هذا النظام الذي يفيد في استقبال المعلومات ونقلها من القمار
الصنعية إلى الجهاز ،وتفيد في مسائل الملحة ،ومعرفة الرتفاع ،والعمق،
ودرجات الحرارة ،والمسافات وغيرها ،و يفيد في دراسة الحركات الحديثة،
وتشوهات القشرة الرضية ،كل هذه التقنيات جعلت العالم قرية كونية
واحدة يمكن التعرف على مواردها المختلفة ،ومراقبة التغيرات التي تتعرض
لها البيئة وتسجيلها سواء الناتجة عن العوامل الطبيعية أو البشرية ،وتساعد
أيضا في التنبؤ بالتغيرات المحتملة الناتجة عن المشكلت البيئية مثل:
التلوث ،والجفاف ،والتصحر ،والفيضانات ،وغيرها ،وبالتالي دراسة هذه
التغيرات وتأثيراتها على المدى القريب أو البعيد).(11
وعرفت هذه المرحلة المزيد من النضج وتنامي الحركة البيئية
وظهور المزيد من الجمعيات والحزاب البيئية في مختلف مناطق العالم،
وركزت أهدافها على حماية البيئة ووقف تلوثها وتخريبها واستنزاف
مواردها.
) (1بهجت محمد :بعض تطبيقات المعلوماتية في الجغرافية ،منشورات جامعة دمشق1420 ، 10
الجغرافيون بالستفادة منه بتصميم برنامج كمبيوتر ،يعرف بنظام الربط الخرائطي )( GeoLink
كوسيلة سهلة ورخيصة نسبيا ً في جمع المعلومات الجغرافية ورسم الخرائط وتحليلها
بالحاسوب. .....
) (1لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى كتاب الفضاء الخارجي واستخداماته السلمية ،عالم 11
)∗( البيوسينوز ) :( Biosainoseمصطلح علمي يعني المحيط النشوء حيوي ،ويشمل مجمل الكائنات
الحية )النباتات والحيوانات والفطريات والكائنات الحية الدقيقة ،التي تعيش مجتمعة في حدود معينة
على اليابس أو في المياه ،وضع هذا المصطلح العالم ) ( Meubiosعام 1877م .والبيوسينوز هو جزء
من البيوجيوسينوز .
) (1فياض سكيكر ،محمد سليمان ،ناظم عيسى :مقدمة في الثقافة البيئية ،مطبعة الصفا، 12
كما أن فهم النظام البيئي بشكل جيد يتم من خلل معرفة شاملة
متكاملة للنظام الكوني الذي تترابط فيه الكائنات الحية بما فيها النسان
بغيرها من العناصر البيئية غير الحية وفق قوانين طبيعية حيوية ،يختلف
فيها سلوك العناصر وخصائصها عندما تكون منفردة عن سلوكها
وميزاتها عندما تكون مجتمعة ،فالهيدروجين عندما يتحد مع الكسجين
يكونان الماء الذي يختلف عن كليهما عندما يكونان منفصلين.
وهكذا يصبح علم البيئة هو علم دراسة النظام البيئي الذي يتكون
من عدد من المدغمات أو العناصر وهي):(13
- 1العناصر الطبيعية الجامدة ،الفيزيائية والكيميائية.Abiocenose ،
- 2العناصر النباتية.Phytocenose ،
- 3العناصر الحيوانية.Zoocenose ،
- 4العناصر البكتيرية.Bacteriocenose ،
- 5العناصر الفطرية والمكروبية.Myeocenose ،
- 6العناصر البشرية.Homesenose ،
A biotic Components ويمكن القول :إن العناصر غير الحية في النظام البيئي
نظاما بيئيا متحركا ،متوازنا Biotic Components تشكل مع العناصر الحية
ومستقرا في الظروف العادية الطبيعية ،ويمكن تصنيف عناصر النظام
البيئي في المجموعات التالية:
أو (Organisms Bioticوتشمل: ) Biotic Components أول -مجموعة الكائنات الحية
- 1الكائنات الحية المنتجة ):(Producers
وهي كائنات حية ذاتية التغذية ،وتشمل النباتات الخضراء التي تكون
غذائها من خلل عملية التركيب الضوئي ،حيث تقوم النباتات من خلل
هذه العملية بتحويل الطاقة الشمسية المستمدة أثناء النهار إلى طاقة
كيميائية تقوم بتخليق المواد الكربوهيدراتية مثل H2Oو ،CO2وفي الليل
يتم تخليق مواد عضوية أخرى.
وكيمياء التركيب الضوئي معقدة جدا ً ولكن الناتج النهائي بسيط،
) (1اللجنة الوطنية لبرنامج النسان والمحيط الحيوي ،الجمهورية العربية السورية ،العدد الول، 13
) (1سامح غرايبة ،يحي الفرحان ،المدخل إلى العلوم البيئية ،عمان ،دار الشروق 1987 ،ص 15
. 33
) (1حسين مصطفى غانم :السلم وحماية البيئة من التلوث ،جامعة أم القرى ،مكة المكرمة 16
)♣( مفهوم النطاقية المناخية أو القانون النطاقي ،وهو نظام التغير القانوني والمنطقي لجميع
العناصر والعوامل والوحدات والمركبات الجغرافية ،الصغيرة منها والكبيرة ،مع تغير خطوط
العرض ،ابتداًء من خط الستواء وحتى القطبين الشمالي والجنوبي ،ويشمل هذا التغير سطح
اليابس والبحار والمحيطات على السواء .
) ♣( مفهوم اللنطاقية المناخية ،أو القانون اللنطاقي ،هو وجود عوامل أخرى )غير العوامل النطاقية (،
تحدد قانونية التباين الجغرافي ،وهي ل تساير خطوط العرض ،وإنما تساير خطوط الطول ،أو ترتبط
بعامل الرتفاع عن سطح الرض ،أو بالنشاط البشري أو غيره .
) (1أمين طربوش ،شاهر آغا ،التقسيم القليمي والمركبات الجغرافية الطبيعية ،منشورات 17
جامعة دمشق 1417 ،هـ 1997 ،م ،ص 60و 137على التوالي بتصرف .
-18-
الرطوبة النسبية ،ومن المعروف أنه من دون الهطول والرطوبة
النسبية ،فإنه ل يمكن لشكال الحياة المختلفة أن تنشأ وتتطور ،وكمية
المياه تحدد إلى حد كبير نوع النباتات التي تنتشر أو تسود ،فبعض
الشجار والنباتات تنمو في المناطق المغمورة بالمياه أو في
المستنقعات ،وبعض النباتات تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه وبعضها
الخر لكميات أقل وهكذا ،وبعض النباتات تتكيف مع ظروف توفر
الرطوبة والمياه بينما بعضها الخر ل تستطيع التكيف وتموت ،وبعضها
تستطيع التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض قيم الرطوبة
بشكل كبير كما هو الحال في بعض النباتات الصحراوية.
وبالطبع فإن انتشار الحيوانات والطيور وتوزعها تتأثر أيضا َ
بالعوامل والظروف الجوية ولو أنها تمتلك قدرات أكبر على التكيف أو
ل ،صيفا َ أو شتاءَ هربا َ من القر والحر ،كما أنها تمتلك
الختباء نهارا َ أو لي َ
قدرات أكبر في النتقال والهجرة من مكان إلى آخر بشكل دائم أو
موسمي ،ورغم كل ذلك فإنه يجب التأكيد أن هذا النتشار أو التكيف
يبقى ضمن حدود جغرافية بيئية ل يمكن تجاوزها.
-19-
-1-4-6توازن النظام البيئي:
احتاج التوازن البيئي إلى مليين السنين حتى بلغ هذا التوازن ما هو
عليه الن ،والحاطة الجيدة بهذا التوازن وديناميكية تحقيقه ومسيرته
هي مفتاح مهم جدا ً لمعرفة أسرار البيئة ومعرفة عناصرها ،وأهمية هذه
العناصر ،ودور كل منها في النظام البيئي ،لن جميع هذه العناصر ترتبط
بعضها ببعض ،ويوجد فيما بينها علقات تأثير وتأثر متبادلة ،وأي تغير في
أحد هذه العناصر قد يؤدي إلى تغير في العناصر الخرى ،لن عناصر
النظام البيئي تشبه عناصر الجسد الواحد الذي إذا أصيب منه عضو
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
ولكن هذا المر ل يتم بهذه البساطة ،لن العناصر البيئية تحاول
دائما ً تعويض النقص وإصلح الضرر الذي يتعرض له عنصر ما وإعادة
التوازن البيئي إلى ما كان عليه ،والبيئة في حالة تغير ديناميكي قد
يكون تغيرا ً بسيطا ً وتعود إلى حالتها الطبيعية خلل فترة قصيرة من
الزمن ،وقد يكون تغيرا ً عميقا ً وجذريا ً بحيث يحتاج إلى فترة طويلة من
الزمن لكي تعود البيئة إلى وضعها السابق ،وذلك بحسب شدة التأثير
وقد يكون تأثيرا ً غير عكوس ،ول رجعة فيه.
وما يتميز به النظام البيئي ،أي نظام بيئي ،هو وجود شبكة من
العلقات بين مكونات هذا النظام ،أي بين الكائنات الحية ،والعناصر غير
الحية ،وتتجلى بنوعين من العلقات :علقة النوع الواحد )الفرد( مع
عنصر أو أكثر من عناصر البيئة المحيطة به ،وثبات أعداد هذا النوع ضمن
المجموعة ،وعلقة المجموعة )أكثر من نوع ،(Communitiesمع غيرها من
المجموعات والعناصر البيئية المحيطة بها ،وقدرتها على التكيف
والستقرار ضمن نظام بيئي مستقر ومتوازن ،ومحافظ على حالته
الصلية ،أو قادر على إعادة التوازن والستقرار ضمن مدة زمنية محددة،
لن أي تغيير في جزء أو أكثر من أجزاء النظام البيئي ،قد يؤثر في
الجزاء الخرى ،وإذا كان سلبيا ً سيؤدي بالنتيجة إلى اختلل التوازن
والستقرار البيئي في هذا النظام.
ى ،كانومن المعروف أنه كلما كان النظام البيئي أكثر تعقيدا ً وغن ً
أكثر توازنا ً واستقرارًا ،وأكثر قدرة على التكيف مع التغيرات التي
يتعرض لها .والعكس صحيح أي أنه كلما كان النظام البيئي بسيطا ً وهشا ً
وفقيرا بالتنوع الحيوي ،كما هو الحال في المناطق الجافة وشبه الجافة،
كان أكثر عرضة للخلل والتدهور ،وأقل استقرارا وتوازنا ،وغير قادر
على التجدد وإعادة التوازن في فترة زمنية محدودة ،وقد تطول هذه
الفترة جدا ،وقد ل يستطيع العودة إلى التوازن مطلقًا ،وهذا بالطبع
-20-
يرتبط بعوامل كثيرة ومؤثرات مختلفة طبيعية وبشرية وحيوية تشكل
في مجملها عوامل الخلل بالتوازن البيئي.
ويعد النسان من أهم العوامل المؤثرة في التوازن البيئي ،وكان
هذا التأثير بطيئا ً ولكنه اشتد وتزايد مع الزمن ،وقد بدأ هذا التأثير مع
اكتشاف النار -أهم حدث في التاريخ -وكان ضعيفا ً عندما كانت موارد
البيئة وخيراتها تزيد عن حاجة السكان تلك اليام ،ولكن زيادة عدد
السكان ،وزيادة معارف النسان ،وقدراته العلمية ،والتقنية ،وتعلمه
الزراعة ،وتأهيل الحيوان ،ثم انتقاله إلى عصر الثورة الصناعية
واستخدام الوقود الحفوري من فحم وغاز وبترول ،وصول ً إلى
استخدامه الطاقة النووية ،وارتياد الفضاء ،وتغيير الكثير من مكونات
البيئة والتدخل فيها .كل هذا شكل خطرا متزايدا ً على البيئة والتوازن
البيئي ،وأصبح النسان يعيش أزمة بيئية حقيقية عامة وشاملة في جميع
أوجه نشاطه وحياته ،وهذه الزمة تتخطى الجانب الطبيعي إلى الجانب
الجتماعي والثقافي ،ولهذا فإن حماية البيئة تتعدى حماية الجانب
الطبيعي والحيوي فيها إلى حماية الجانب الثقافي والحضاري.
-1-4-7عوامل الخلل بالتوازن البيئي:
كما نوهنا سابقا فإنه يوجد مجموعة من العوامل التي قد تسبب
الخلل بالتوازن البيئي ،ويمكن إجمال هذه العوامل فيما يلي:
- 1العوامل البشرية:
وهي تلك العوامل الناجمة عن نشاطات النسان المختلفة:
الزراعية ،والصناعية ،والتجارية ،وغيرها ،في إطار سعي النسان لتأمين
حاجاته من هذه الفروع النتاجية ،ولكن النسان في كثير من الحيان
يبالغ في استنزاف الموارد الطبيعية بقصد أو بدون قصد ،وهذه
التأثيرات بشكل عام أدت إلى الخلل بالتوازن البيئي ،وتحتاج إلى إعادة
النظر فيها وحماية البيئة منها ،وترشيد استخدام الموارد البيئية.
- 2العوامل الطبيعية:
وهي تلك التأثيرات والعوامل التي ل دخل للنسان فيها ،وتنجم عن
تغير الظروف الطبيعية ،ومنها التغيرات المناخية ،أو الكوارث الطبيعية
كالزلزل ،والبراكين ،والعواصف ،والعاصير ،والفيضانات ،وما ينتج عنها
من إخلل في التوازن البيئي ،والتأثيرات البشرية قد تساعد في زيادة
حدة هذه العوامل وخطرها أو التعجيل في حدوثها الخ..
- 3العوامل الحيوية:
وهذه العوامل تحدث بشكل خاص بسبب تغير العلقات بين الكائنات
-21-
الحية وزيادة أحدها على حساب الخر ،وهذا المر يمكن أن يحدث
لسباب طبيعية ،أو لسباب بشرية مصطنعة ناتجة عن تدخل النسان،
ومهما يكن السبب فإن القضاء على الكثير من الكائنات الحية أو على
نوع محدد منها قد يؤدي إلى الخلل في التوازن البيئي كله ،إن الصيد
الجائر أو التدخل غير المدروس وغير الصحيح في حياة النواع الحية مثل
إدخال كائن حي ما ،نبات أو حيوان غريب ،أو القضاء على نوع معين
منها ،أو تدمير موطنه ،أو حدوث التلوث البيئي ،خاصة جراء استخدام
المبيدات والمواد الكيميائية ،كل هذا من العوامل التي تسبب الخلل في
التوازن البيئي.
-1-4-8سريان وتبادل الطاقة في النظام البيئي:
إن المصدر الساسي للطاقة المتوافرة في النظام البيئي هو
الشمس ،التي ترسل أشعة كهرومغناطيسية على شكل أمواج مختلفة
منها:
- 1الشعة الشمسية فوق البنفسجية ،Ultraviolet Lightوتكون قصيرة
الموجة ،وموجاتها تقل عن 390ميلي ميكرون ،وزيادة هذه
الشعة يؤثر سلبا ً في الغلف الحيوي )البيوسفير( ،وبسبب
امتصاص غاز الوزون لها فإن ما يصل منها إلى سطح الرض ل
يشكل إل جزءا ً بسيطا منها.
- 2الشعة الشمسية المرئية ،Visible Lightوهي ذات موجات متوسطة
الطول وتتراوح بين 760 - 390ميلي ميكرون ،وهي ضرورية
للقيام بعملية التركيب الضوئي ،وتشمل الشعة الزرقاء
والحمراء والصفراء والخضراء.
- 3الشعة الشمسية تحت الحمراء ،Infrared Lightوهي ذات موجات
طويلة أكبر من 760ميلي ميكرون ،وهذه الشعة تشكل نحو %51
من إجمالي الطاقة الشمسية ،وتؤدي إلى رفع درجة حرارة
الرض والغلف المحيط بها.
-22-
حيث تدخل الطاقة الشمسية إلى الوراق الخضراء في النباتات،
وبوجود الكلوروفيل في هذه الوراق فإنه يستفاد من هذه الطاقة في
عملية التركيب الضوئي ويتحول قسم من الطاقة إلى مواد غذائية
يستفيد منها النبات في نموه.
وهذه الطاقة تنتقل عبر السلسلة الغذائية ،من النباتات التي تشكل
الحلقة الولى في هذه السلسلة إلى بقية الكائنات الحية ،ثم إلى
المتعضيات أو الرميات التي تختزن بعضا ً من هذه الطاقة بحيث يتم
إطلقها من جديد في النظمة البيئية الغذائية .وكمية الطاقة المحجوزة
في أي مرتبة غذائية ضمن نظام بيئي ما تشكل دللة على مدى أو كمية
النشاط في ذلك الجزء من النظام ،وحتى الن فإن قياس مقدار تدفق
أو فقدان الطاقة في كل حلقة غذائية ليست عملية سهلة ،وغالبا يتم
هذا القياس بشكل نسبي وغير مباشر ،وتقدر بما يسمى بالسعر كالوري
)الحرة( /سم 2في وحدة الزمن.
ومن المعروف أن الطاقة الشمسية طاقة نظيفة أو من أنظف مصادر
الطاقة ،ويمكن تصنيف النظم البيئية من حيث مصادر الطاقة في ثلثة أصناف هي:
أ -أنظمة بيئية طبيعية ،وهي التي تتعرض إلى طاقة شمسية
طبيعية ،ول تتأثر بنشاطات النسان وتأثيراته المختلفة.
ب -أنظمة بيئية غير طبيعية ،وهي التي تتغذى بالطاقة الشمسية
ولكنها تتأثر ببعض نشاطات النسان الذي يقوم باستبدال أنواع
من النباتات بأنواع أخرى ،أو إضافة عناصر جديدة إلى البيئة
كالسمدة والمبيدات وغيرها ،مما يؤثر في مصادر الطاقة فيها.
ج -أنظمة بيئية مصطنعة ،وهي التي ل تتغذى أو تدار بالطاقة
الشمسية بشكل مباشر ،وإنما يديرها النسان بأنواع أخرى من
الطاقة كطاقة الوقود الحفوري أو النووي.
-23-
التدريجي نحو تخرب النظام الوظيفي القائم وتشوشه).(18
لقد رأى الجغرافي الفرنسي جورج برتاند G. Bertandفي أواخر
الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين أن المنظومة
الجغرافية Geosystemتتألف من العلقات المتبادلة بين النشطة البشرية
)اقتصاد ،سكان( ،وبين العناصر الطبيعية )تضاريس ،مناخ ،نبات( ،وهو
في ذلك حاول الجمع بين ما هو طبيعي وما هو إنساني في إطار بنية
جغرافية متكاملة.
وعلى هذا النحو صاغ ب -هاجت P. Haggettنظريته بالجمع بين
العناصر الطبيعية والبشرية .ومن المآخذ على أفكار برتاند وهاجت ،أن
المنظومة الجغرافية التي روجا لها ليست سوى المنظومة اليكولوجية
Ecosystemeالبشرية ،أي أن البعد الحيائي فيها يغلب على البعد البشري،
والمنظومة التي يتحدثان عنها هي من اهتمامات العلوم الطبيعية
والحيائية بالدرجة الولى) .(19وبحسب رأينا فإن هذا يؤكد وجود تشابه
بين النظام البيئي والنظام الجغرافي.
) (1ميلنوفا .ي .ف ،ريابتشيكوف .أ .م ،الجوانب الجغرافية في حماية الطبيعة ،ترجمة د .أمين 18
ص . 165
-24-
- 5في النظام البيئي يتم النظر إلى العلقة بين الكائن الحي
والعناصر المتفاعلة معه بوصفها وحدة منتظمة ومتكاملة.
- 6في النظام الجغرافي يتم النظر إلى العلقة بين النسان
والبيئة باعتبارها علقة مواجهة مختلفة التأثير والتأثر.
-25-
الفصل الثاني
الدورات الطبيعية )البيوجيوكيميائية(
-ديناميكية حدوث الدورات الطبيعية
-دورة الكربون
-دورة الكسجين
-دورة النتروجين
-دورة الكبريت
-دورة الفوسفور
-الدورة المائية
-السلسلة الغذائية
-26-
–2–2الدورات الطبيعية )البيوجيوكيميائية(:
) (1علي حسن موسى ،أسس الجغرافية الطبيعية ،منشورات جامعة دمشق1993 -1992 ، 20
ص . 101
) (1محمود عبد العزيز أبو العينين عبيد :مدخل إلى جغرافية التربة ،مكتبة الرشد ،الرياض، 21
جهة ،ومن جهة أخرى فإن احتراق الوقود وغيره من المواد يؤدي إلى
انطلق غاز ثاني أكسيد الكربون ،وحدوث ما يسمى بدورة الكربون
-28-
البيوتكنولوجية ،ومن المعروف أن عمليات الحتراق في المصانع وغيرها
من اللت والماكن المختلفة ،وتخريب صخور الفحم الحجري ،تؤدي إلى
انطلق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة تركيزه في
الجو مما يسبب تلوث الغلف الجوي والتأثير السلبي على التوازن
البيئي ،ويؤدي بالتالي إلى حدوث ما يعرف بعامل البيت الزجاجي.
-29-
يعد الزوت أو النتروجين عنصر ضروري للحياة وهو يشكل % 78
من حجم الهواء الجوي ،وبعض مكوناته توجد في التربة وفي الماء ،ومع
ذلك فإن النباتات والحيوانات ل يمكنها الفادة منه وهو على شكل غاز )
(N 2وإنما على شكل نترات ).(NO 3 -
وتتلخص دورة النتروجين بأن بعض أنواع البكتيريا والطحالب
الموجودة في التربة تثبت النتروجين في التربة وتحوله إلى أمونيوم،
وتسمى هذه العملية تثبيت النتروجين أو النترجة ،ثم تحول البكتريا
المونيوم إلى نتريت ) (NO 2 -ثم إلى نيترات) ،(NO 3 -وتستعملها النباتات
و .RNA DNA للمركبات الضرورية كالبروتينات والجينات أو المورثات
وينتقل النتروجين من النباتات إلى الحيوانات عن طريق السلسل
الغذائية ،كما أنه يمكن تثبيت النتروجين في الغلف الجوي أثناء حدوث
البرق ،حيث يحدث تفاعل بين الكسجين والنتروجين ،ويؤدي إلى تكون
ثاني أكسيد النتروجين ،الذي يذوب بدوره ويسقط مع مياه المطار.
وعندما تموت هذه الكائنات الحية النباتية والحيوانية فإن بعض أنواع
البكتيريا في التربة تقوم بتفكيكها وتحويل مكوناتها من نتروجين إلى
غاز حر ينطلق إلى الجو ،وتسمى هذه العملية إزالة النترجة ،أو يتحول
إلى أمونيوم وتبدأ دورة النتروجين من جديد.
إن دورة النتروجين )الزوت( كغيرها من الدورات الطبيعية هي
دورة متوازنة ،ولكن تدخل النسان فيها ،وزيادة استخدام السمدة
الزوتية في الزراعة ،وزيادة إطلق الزوت عن طريق حرق الوقود،
كل هذا يؤدي إلى زيادة تراكم الزوت في البيئة ،وحدوث تلوث
بالزوت في الماء والنبات والتربة مما يؤدي إلى خلل معين في دورة
الزوت ،وحدوث بعض العواقب اليكولوجية غير المرغوب فيها،
والشكل ) (9يوضح دورة النتروجين في الطبيعة.
-30-
كما أن الكبريت ينتج من تحلل المواد العضوية في التربة ،ويوجد الكبريت
في بعض صخور القشرة الرضية ،كما أن احتراق الوقود في الصناعة أو
التدفئة ،أو في وسائل النقل يعد أحد مصادر الكبريت ،وللكبريت المحترق
رائحة كريهة تشبه رائحة البيض الفاسد ،وللكبريت بشكل عام تأثير سام
في الكائنات الحية ،كما أنه يتسبب في أكسدة المعادن.
-31-
ت ء َ
ذا ِ مآ ِ
س َ
وٱل ّ الرجع المطر ،وعنه :هو السحاب فيه المطر ،وعنه } َ
ع { ،هو انصداعها ض َ ّ
صدْ ِت ٱل ّ
ذا ِ وٱلْر ِ
ع{ تمطر ثم تمطر ،وعنهَ } :
ج ِ
ٱلّر ْ
عن النبات .لذلك تعد المياه من الخامات المتجددة والدائمة ،وهي ذات
قدر ثابت فليست كالغابات ،أو النفط أو غيره بحيث يمكن زيادتها أو
إنقاصها بشكل عام.
ولكن هنا ل بد من ذكر الملحظة التالية ،وهي أن ثبات كمية المياه في
الدورة المائية وفي الغلف المائي ،يؤخذ على المستوى الكوني ،ولفترات
زمنية طويلة ،وفي بعض الماكن ولسباب كثيرة قد يحدث خلل في
التوازن المائي ،فالزراعة مثل ً تستهلك كمية كبيرة من المياه العذبة ،التي
ل تعود إلى الدورة المائية ،وتقدر بنحو 100مليون متر مكعب سنويًا ،وهي
كمية تزداد سنويا ً بمقدار ،% 5 - 4وعليه فإن البشرية أمام مشكلة نفاد أو
نقص الثروة المائية التي تنقص في أماكن ،وتزداد في أخرى.
علما أن كمية المياه المالحة والموجودة في البحار والمحيطات تبلغ نحو
% 97.2من إجمالي مياه الهيدروسفير والباقي أي % 2.8هي مياه عذبة
ولكن معظمها )حوالي (% 77موجود في الكتل الجليدية ،وهي بعيدة
المنال ،بينما النسبة القليلة جدا من المياه العذبة متوافرة للبشر والنباتات
والحيوانات ،وللسف فإن هذه النسبة القليلة جدا ل يتم الستفادة منها
بشكل عقلني ،وتتعرض للستنزاف والتلوث ،مما يؤدي إلى حدوث مشكلت
صحية وبيئية كثيرة مرتبطة بذلك.
والتلوث الذي تتعرض له الدورة المائية يعد جزءا ً من التلوث الذي
تتعرض له البيئة والنظام البيئي عمومُا ،بسبب الترابط والتفاعل بين
مختلف عناصر البيئة حيث إن القضاء على الغابات والشجار والحياة النباتية
مثل ً يؤدي إلى انجراف التربة مع مياه المطار وقد يؤدي ذلك إلى حدوث
الفيضانات ،وإلى انتقال الرسوبيات والطمي إلى البحيرات الطبيعية أو
الصطناعية وإلى حدوث تفاعلت وتأثيرات بيئية مختلفة ،والشكل )(11
يوضح دورة المياه في الطبيعة.
–3 –2السلسلة الغذائية :Food Chain
تشكل السلسل الغذائية العلقات المتبادلة بين الكائنات الحية ،ومن
خلل هذه السلسل يتم انتقال المادة والطاقة في البيئة ،وتعد الشمس
مصدر الحرارة ،ومصدر جميع أشكال الحياة ،وهي المحرك الفعلي لها.
وتتم السلسل الغذائية عن طريق تحويل الطاقة المستمدة من الشمس،
وانتقالها من حلقة إلى حلقة أخرى في الكائنات الحية المختلفة ،وكل
نوع من هذه الكائنات يحصل على غذائه من النوع الذي يسبقه في
السلسلة ،ويشكل بدوره غذاء للنوع الذي يليه ،فكل حيوان هو قناص
-32-
وفريسة على التناوب ،فهو يكون قناصًا ،ويشترك في وليمة قبل أن
يغدو فريسة ووليمة لكائنات أخرى عندما يحين أجله.
فالنباتات الخضراء تشكل غذاء للحيوانات العاشبة ،والحيوانات
العاشبة تشكل بدورها غذاء للحيوانات المفترسة واللحمة ،وتوجد
كائنات حية مشتركة الغذاء أي لحمة وعاشبة في آن معا كالنسان
والثعلب )يمكن العودة إلى فقرة الكائنات الحية في النظام البيئي(.
وجميع المواد الموجودة في البيئة تخضع لسلسلة غذائية وحتى
الجثث المتعفنة ذات الرائحة الكريهة تخضع لسلسلة غذائية ،فقد تكون
طعاما للضباع ،أو الطيور الجارحة ،التي تدعى بكناسة الطبيعة ،وقد
تحللها البكتريا وتحولها إلى مواد تدخل في السلسلة الغذائية من جديد.
وفي السلسلة الغذائية يتمم كل كائن حي دورة الطاقة الشمسية،
وتبدأ السلسلة الغذائية في النباتات التي تحول الطاقة الشمسية إلى
مادة حية من خلل عملية التركيب الضوئي ،حيث تحصل النباتات
الخضراء والطحالب على حاجتها من الغذاء ،وتحوله إلى مادة عضوية
حية ،وتشكل هذه المادة قاعدة السلسلة الغذائية المكونة من النباتات
التي تشكل غذاء للحيوانات العاشبة ،ثم تصبح بدورها غذاء لحيوانات
أخرى وعندما تموت هذه وتلك من الكائنات الحية فإن البكتيريا والكائنات
الحية المجهرية تحولها إلى مواد مغذية في التربة تستخدمها النباتات من
جديد وتستمر السلسلة الغذائية.
-34-
الفصل الثالث
النسان والبيئة
-العلقة بين النسان والبيئة
-تأثير البيئة في النسان
-تأثير النسان في البيئة
-النمو السكاني
-العلقة بين النمو السكاني والموارد الطبيعية
-العلقة بين المشكلت البيئية وصحة النسان
-البيئات الجغرافية البشرية والجتماعية
-التفاعل بين المنظومات البيئية
-35-
-3-1العلقة بين النسان والبيئة:
تبين تعريفات البيئة التي ذكرناها سابقا ً وجود علقة قوية بين
النسان والبيئة ،فالبيئة هي كل ما يحيط بالنسان ،وهي الوسط الذي
يؤثر فيه النسان ويتأثر به ،فالنسان ل يمكنه العيش خارج الوسط
البيئي ،والوسط البيئي يمكنه البقاء والستمرار بدون النسان ،ولكن
نشاطات النسان وأفعاله اليجابية تكون مفيدة للوسط البيئي.
أصبح من الواضح لدى الكثيرين أن فهم النسان بشكل جيد يتحقق
من خلل فهم علقته بالبيئة ،ومعرفة ديناميكية التأثير المتبادل بينهما،
هذه المعرفة التي يفترض بها أن تؤدي إلى جعل الطبيعة أكثر قربا ً
للنسان ،وتجعله أكثر تفهما ً لها ،وأنه جزء ومكون مهم من مكوناتها،
وليس سيدها ،أو أن سيادته فيها نسبية تتجلى بالمقارنة بينه بوصفه
كائنا ً حيا ٍ عاقل ً وهبه الله إمكانية معرفة قوانين الطبيعة ،وفهمها وحسن
التعامل معها ،وبين الكائنات الحية الخرى التي ل تملك مثل هذه
المكانات.
إن الطبيعة هي مجموعة أو جملة من العمليات )الكونية،
الجيولوجية ،المناخية ،الكيميائية ،الفيزيائية ،البيولوجية وغيرها( ،وهذه
العمليات تجري بشكل طبيعي من دون تدخل النسان ،وهي كانت
موجودة قبل ظهور النسان بزمن طويل ،وهي أزلية أبدية ل متناهية
في الزمان والمكان ،أما النسان فهو مخلوق حديث نسبيًا ،ولكن تأثيره
في الطبيعة وعناصرها متنام ومتغير في المكان والزمان .وعلى ما
يظهر فقد كانت علقة أسلفنا القدماء بالبيئة أكثر انسجاما ً وترابطا مما
ً
هي عليه الن لسباب مختلفة ،حتى إن بعض الشعوب القديمة كانت
تقدس بعض الظواهر الطبيعية كالنهار والبحار والغابات والجبال لدرجة
العبادة .فقد كان الغاليون وهم من شعوب روما القديمة يقدمون العبادة
للجبال ،والحجارة العجائبية ،والينابيع المقدسة ،والشجار المباركة،
والحيوانات المقدسة).(24
ومثل هذه العبادات كانت تمارس أيضا ً من قبل شعوب اليونان
القديمة والبلدان المجاورة لها ،ففي مصر القديمة كانت تتم عبادة
الحيوانات والنباتات كالبطم والنخيل ،وفي بلد ما بين النهرين كان
يوجد إله الزرع ،وإله الزوبعة والعاصفة) .(25
وكانت زهرة اللوتس تعد زهرة مقدسة لدى الفراعنة ،وكان عند
اليونان القدماء ما يعرف بالغابات المقدسة ،وهي رمز القوة النباتية،
وقد أقيمت فيها المعابد ،وكان الدخول إليها محظورا ً إل للكهنة
والقليل من أتباعهم ،وتمنع حراثتها أو قطعها ،ويعد ذلك تدنيسا ً
يستحق العقوبة .أما في الدين السلمي الحنيف ،فإن الرض -وهي
الوسط البيئي الصالح للحياة -تشكل نظاما ً بيئيا ً متكام ً
ل ،يهيئ
للنسان ،وهو أهم عنصر في هذا النظام ،ولغيره من العناصر الحية
) (1أندريه إيمار ،جانين أوبواجيه :تاريخ الحضارات العام ،المجلد الثاني ،روما وإمبراطوريتها، 24
-36-
في هذا النظام ،يهيئ لهم مقومات الحياة وعوامل البقاء.
وقد أكدت الديان والشرائع السماوية على أهمية حماية البيئة
والمحافظة عليها وعلى مواردها ،من الستنزاف والسراف والتبذير،
وأكد على ذلك الكثير من التشريعات والقواعد والحكام المنطلقة من
القرآن الكريم ،ومن الحاديث النبوية الشريفة وهي كثيرة ،عن النظافة
والزراعة وإحياء الرض الموات ،والجهود التي بذلها الخلفاء والعلماء
ذ ۤي و ٱل ّ ِ ه َ
وُ ورجال الدين في هذا المجال ،وقد جاء في قوله تعالىَ :
ه ُ ُ ُ ً و ٱلّزْر َ خ َو ٱلن ّ ْ عُرو َ و َ عُرو َ َأن َ َ
خت َِلفا أكل ُ م ْع ُ ل َ ت َشا ٍ م ْغي َْر َ ت َ شا ٍ م ْ
ت ّ جّنا ٍشأ َ
شابه ك ُُلوا ْ من ث َمره إ َ َ
وآُتوا ْمَر َ ذآ أث ْ َ َ ِ ِ ِ ِ مت َ َ ِ ٍ
غي َْر ُو َ شاِبها ً َ مت َ َ
ن ُ ما َ و ٱلّر ّن َ و ٱلّزي ُْتو َ َ
ن) النعام .(141 في َ ر ِس ِم ْ ب ٱل ُ
ْ ح ّ َ
ه ل يُ ِ ف ۤوا إ ِن ّ ُ
ْ ر ُس ِ َ
ول ت ُ ْ ه َ صاِد ِح َ م َو َه يَ ْ ح ّ
ق ُ َ
وهذه الية الكريمة تبين بوضوح الكثير من المنهي عنه والمسموح به
)(
وما يترتب عليه.
السلمية ،أ .د .مهدي صالح السامرائي ،دار جرير للنشر والتوزيع 1425 ،هـ 2005 -م .
) (1محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفرا :المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة ،دار المريخ 26
-38-
تضاريس الرض ،والخطوط المتعرجة بشكل خارق للشواطئ البحرية).(27
ومن المعروف التأثير القوي والمتنوع الذي تمارسه هاتان
الخاصيتان في حياة البلد وشعوبها ،ويعود إلى أوروبة الولوية في شدة
تأثير هاتين الخاصيتين ،ول يوجد أي مكان تتعاقب فيه الشواطئ
المتعرجة والخلجان العميقة والرؤوس البحرية البارزة ،يليها السهول
والهضاب والجبال كما تتعاقب في أوروبا.
وفي أوروبا يقابل كل ميل واحد من شاطئ البحر 30ميل ً مربعا ً من
المجال القاري )اليابسة( ،بينما يقابله 100ميل مربع في قارة آسيا.
وهذه الظروف والخصائص التضاريسية أكثر ما تنطبق على اليونان،
ولذلك كثيرا ً ما يتم طرح السؤال التالي ،ما دور الظروف الطبيعية في
نشوء الحضارة اليونانية القديمة وتطورها؟.
-3-2-2تأثير النسان في البيئة:
كما ذكرنا سابقا ً فإن البيئة بعناصرها المختلفة تؤثر في النسان ،ولكن
النسان بدوره يؤثر في البيئة ،وبشكل مختلف من بيئة لخرى باختلف
المستوى الحضاري والعلمي والتقني والقتصادي والجتماعي بما في ذلك
العادات والتقاليد وغير ذلك ،وتأثير النسان في البيئة المحيطة به لم
يتوقف منذ خلق الله النسان وحتى أيامنا هذه ،وخلل هذه الفترة التي
استمرت من 2.5 - 1.5مليون سنة ،وهذا ما يعبر عنه بمفهوم
)النتروبوكنك().(
ولم يكن تأثير النسان في البيئة واحدا ً أو متشابها ً بدرجة كبيرة في
كل زمان ومكان ،بل كان أحيانا ً محدودًا ،والمشكلت اليكولوجية )البيئية(
الناجمة عنه محدودة أيضًا ،ومع الزمن تزايدت حدة هذا التأثير وحدة
كل اكتشاف النار ثورة حقيقية في هذا المشكلت الناجمة عنه ،وش ّ
المجال ،ويعدها البعض أهم من الثورة الصناعية وأكثر تأثيرًا ،لنه باكتشاف
النار انتقل النسان شيئا ً فشيئا ً من عهد الطفولة البشري والمجتمع
البدائي ،إلى عهد آخر مختلف تغيرت معه أساليب حياة النسان ،حيث
استخدم النار )الطاقة( لغراض متنوعة ،في إنتاج الغذاء وطهي الطعام،
وفي الزراعة وحرق الغابات ،وتأهيل الحيوان ،وجميع هذه التطورات أدت
إلى زيادة تأثير النسان في البيئة.
ويمكن التمييز بين عدة أشكال لتأثير النسان في البيئة ومن هذه
) (1برومليه ،بودولني :الثنوس والتاريخ ،دار التقدم ،موسكو ،1988ص . 41 27
)♣()النتروبوكنك ( -Antropogenicمصطلح وضعه بافلوف .أ .ب .عام 1922م ،وهو مأخوذ من
كلمتين يونانيتين هما ) (Anthroposبمعنى إنسان ،و ) (Genوتعني الزمن الرابع من العصر الجيولوجي
الخير ،أي منذ ظهور النسان حتى الوقت الحاضر.
-39-
الشكال:
-1تغيير بنية سطح الرض وشكله.
-2التأثير في الدورات البيوجيوكيميائية في الغلف الحيوي
)البيوسفير( ،وتغيير بعض مكوناته.
-3تغيير الحتياطي الشعاعي )الطاقة والحرارة( لكل أو لبعض
مناطق الكرة الرضية.
-4التأثير في حياة الكائنات الحية ،النباتية والحيوانية والدقيقة) ،إبادة
-تهديد بالنقراض -نقل -تكييف -تهجين الخ(...
وبالطبع ليست جميع تأثيرات النسان في البيئة ،تأثيرات سلبية ،وإنما
الكثير منها إيجابية وضرورية مثل العمران ،وبناء الجسور والسدود ،وشق
الطرق والنفاق والقنوات ،واستصلح الراضي ،واستغلل الموارد
والثروات المعدنية والباطنية ،وهذه التأثيرات البشرية المصطنعة التي
تتعرض لها البيئة ومكوناتها ،إما أن تكون تأثيرات مقصودة وعن عمد،
وتأتي في إطار إعمار الكون ،وتحسين مستوى حياة النسان ،أو تكون غير
مقصودة ،وهي غالبا ً نتيجة للتأثيرات الولى المقصودة ،وهذه الخيرة تعد
د كبير ،ولكن من المهم جدا ً العمل والسعي بكل تأثيرات حتمية إلى ح ٍ
السبل للتخفيف من نتائجها السلبية ،وتأثيراتها غير المقصودة ،وربما غير
المتوقعة ،وغير المعروفة.
-3-3النمو السكاني:
إن عدد سكان العالم قد تزايد بشكل متواصل منذ وجود النسان
على سطح الرض وحتى الن ،ولكن ديناميكية التزايد التي حدثت في
القرنين الخيرين تعد مثيرة للنتباه ،وهذا التزايد يعود بشكل رئيس إلى:
-تراجع آثار المجاعات والوبئة التي عانت منها البشرية طويل.
-انخفاض الوفيات بشكل عام ،ووفيات الطفال بشكل خاص.
-تحسن مستوى المعيشة.
-ارتفاع متوسط العمر المتوقع للنسان عند الوفاة.
كل هذه العوامل أدت إلى زيادة عدد السكان بشكل كبير عبر الزمن،
فإذا كان عدد سكان العالم قد بلغ نحو عام 8000ق .م خمسة مليين
نسمة فقط ،فقد بلغ عام 1650م نحو نصف مليار ،وبلغ عام 1830نحو
مليار ،وعام 1930نحو 2مليار ،وعام 1970نحو 4مليار ،وعام 2000نحو
6مليار نسمة ،والجدول ) (1يوضح ذلك.
والمشكلة الخطيرة الناتجة عن زيادة عدد السكان تتجلى بشكل رئيس
-40-
في زيادة عدد سكان المدن ،والمدن الكبرى بشكل خاص ،فعلى مستوى
العالم بلغت نسبة سكان المدن إلى مجموع السكان %20فقط عام
1920م وأصبحت نحو %30عام 1950ونحو %47عام 2000م.
زمن تضاعف عدد الزيادة بالمليون الفترة الزمنية ،قبل
السكان بالسنوات وبعد الميلد
2500 20 - 10 4500 - 7000
ق.م
2000 40 - 20 2500 - 4500
ق.م
1500 80 - 40 1000 - 2500
1000 160 - 80 0 - 1000
ق.م
900 - 160 900 - 0
320 م
800 - 320 1700 - 900
600 م
150 - 600 1850 - 1700
1200 م
100 - 1200 1950 - 1850
2500 م
40 - 2500 1990 - 1950
5000 م
؟ - 5000 2000 - 1990
6000 م
الجدول ) (1يوضح تزايد عدد سكان العالم عبر الزمن).(28
28
. Stadnisky . G . B . Rodinove . A . I . Ecology . p 101باللغة الروسية ،مرجع سابق ، )- (1
-41-
وهذه اليام وفي الكثير من بلدان العالم يوجد المليين من البشر
الذين يعانون من الجوع والفقر ،ومليين آخرين يعيشون على حافة
الفقر ،وبلدانهم ليست في وضع يسمح لها بتأمين المتطلبات والحاجات
الولية لهم ،مثل العمل والسكن ،والحتياجات الصحية والدوائية،
وتمديدات المياه النظيفة ،وشبكات الصرف الصحي ،وخدمات الكهرباء
والنقل والتعليم والبنية التحتية الخرى.
كثيرا ما يرتبط تدهور البيئة بالزيادة الكبيرة في أعداد السكان،
فالسكان عادة يتجمعون حيث تكون موارد الرزق ميسرة ،والعكس
صحيح ،مما يؤدي إلى حدوث ضغط بيئي كبير ،وخاصة عندما ترتبط
الزيادة السكانية بالفقر في المناطق الريفية بشكل خاص ،وتتمثل جذور
هذه المشكلة في الزدحام الذي يزيد من مخاطر الصابة بالمراض
المعدية وغير المعدية ،وفي عدم تمكن الفقراء من الحصول على موارد
إنتاجية كافية لتلبية احتياجاتهم الساسية ،لذلك يعمدون إلى تقطيع
أشجار الغابات لستخدامها وقودا ،ويجتثون العشاب ،وينهكون التربة
الزراعية).(29
لقد كانت البيئة منذ القدم وحتى عهد قريب تلبي مطالب النسان
وتشبع الكثير من حاجاته ورغباته ،ولكن الوضع لم يبق كذلك ،فقد أدى
تزايد السكان بشكل متسارع إلى زيادة الطلب على موارد البيئة وزيادة
الضغط عليها بما يتجاوز طاقتها وقدرتها على التجدد ،وتقديم الموارد
المطلوبة منها.
إن العلقة بين الزيادة الكبيرة في عدد السكان وبين نضوب الموارد
الطبيعية وتدهورها علقة متشابكة ومتعددة الجوانب ،والحقيقة المهمة
في هذا الصدد أن بني البشر يستخدمون من المصادر المتاحة،
ويطرحون من النفايات بمعدلت ل يمكن لهذا الكوكب أن يتحملها،
والشكل ) (14يوضح العلقة المتبادلة بين السكان والموارد الطبيعية
والبيئة.
وإذا ما استمر تصاعد عدد البشر والستهلك فإن هناك فرصة قوية
في أل يتوافر أمل للمخلوقات الخرى التي نتشارك معها الرض ،إضافة
إلى الحتمال الكبير في أن يتعرض بنو البشر أنفسهم إلى كارثة).(30
أصبح من المعروف أن تزايد عدد السكان بشكل كبير يشكل ضغطا ً
كبيرا ً على النظام البيئي ،ويؤدي إلى زيادة استنزاف الموارد الطبيعية
) (1محمد العودات ،مشكلت البيئة ،دار الهالي ،دمشق ،1995ص . 141 29
) (1النفجار السكاني يهدد الحياة على كوكب الرض ،مجلة الثقافة العالمية العدد ،55الكويت 30
1992م .
-42-
المتاحة ،وتهديد التوازن البيئي بالخلل والتدهور ،ولذلك فقد أولى الكثير
من العلماء والساسة والمربين والتنظيمات الرسمية والشعبية
وقطاعات اجتماعية عريضة اهتماما ً كبيرا ً بالمسألة السكانية ،لن زيادة
عدد سكان العالم بهذا الشكل ل يمكن أن يتم من دون أن يترتب عليها
تغيرات بيئية معينة ،وتأثيرات سلبية على صحة النسان.
ومن الجدير بالملحظة أن الحواجز بيننا ،وبين الوبئة ليست قوية
جدًا ،كما هو العتقاد السائد ،ولم يعد التحكم بنواقل المرض أكثر صعوبة
فحسب ،ولكن من المحتمل أن سكان المدن أصبحوا أقل مقاومة
للوبئة ،بسبب معدلت التلوث المرتفعة).(31
ليس هذا فحسب بل إن البشرية تشهد أنواعا ً جديدة من المراض
والوبئة المختلفة السباب والمصادر ،مثل جنون البقر ،وإنفلونزا
الطيور ،وفيروس الكبد الوبائي وغيره.
-44-
أول ً -العوامل البيئية الطبيعية:
إن العوامل البيئية والجغرافية الطبيعية المؤثرة في صحة النسان
كثيرة ومتنوعة ومنها:
) (
- 1المناخ وعناصره المختلفة:
يعد المناخ بعناصره المختلفة من أكثر العوامل المؤثرة على صحة
ر وما ينجم عنه من أمراض مباشرة في فصول النسان ،سواء بشكل مباش ٍ
السنة المختلفة ،ومنها ما يسمى بأمراض الصيف ،وأمراض الشتاء ،أو
بشكل غير مباشر ،حيث تشكل عوامل مساعدة لتكاثر البكتريا والجراثيم
والطفيليات المسببة للمرض .وأصبح من المعروف أن الكثير من المراض،
مثل أمراض الروماتيزم ،والمراض القلبية ،وأمراض الربو والجهاز
التنفسي ،وأمراض العيون ،والسرطانات ،وحتى بعض المراض العصبية
والنفسية ،جميعها لها علقة بالمناخ والظروف المناخية ،وأهم العوامل
المناخية المؤثرة في صحة النسان هي:
أ -الشعاع الشمسي:
يؤثر الشعاع الشمسي في صحة النسان سلبا ً وإيجابًا ،وبشكل
مختلف ،باختلف شدته ،وتركيبه ،فالشعة الشمسية الشديدة المباشرة
قد تسبب الصابة بضربة الشمس ،والشعة فوق البنفسجية تسبب
التهابات ،وأمراضا ً سرطانية ،وتصيب العيون بالمراض وربما العمى.
ب -درجة الحرارة:
م ،ومنإن درجة الحرارة المناسبة لجسم النسان السليم هي ْ 37
المعروف أن الجسم في الحوال العادية يتكيف ويعمل للمحافظة على
درجة الحرارة هذه ،ولكن تأثير درجة الحرارة في صحة النسان يرتبط
غالبا ً بتأثير العناصر المناخية الخرى ،كالرطوبة الجوية ،والرياح،
والشعاع الشمسي ،ويتم التمييز بين نوعين من المراض ذات الصلة
بدرجات الحرارة وهما ،أمراض الحرارة المتطرفة ،وأمراض البرودة
المتطرفة).(32
-أمراض الحرارة المتطرفة ومنها:
-الضربة الحرارية ،وتحدث بسبب اختلل التوازن الحراري للجسم،
الناجم عن الرطوبة الزائدة المرافقة لرتفاع درجات الحرارة ،أو
بسبب خلل في عمل الغدد العرقية.
)♣( لمزيد من المعلومات راجع كتاب د .جهاد علي الشاعر :تغير المناخ وأثره في الصحة البشرية،
-46-
إن كل ً من الموقع الفلكي والموقع الجغرافي يؤثر في صحة
النسان سلبا ً أو إيجابًا ،بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،فالموقع
الفلكي يؤثر في الصحة بحسب علقته بعناصر المناخ والمراض
المرتبطة به التي ذكرنا بعضها آنفًا ،والموقع الجغرافي يؤثر في صحة
النسان بحسب قربه أو بعده عن مناطق توطن المراض ،الوبائية منها
بشكل خاص ،وظروف انتقال هذه المراض من موقع إلى آخر.
- 4التضاريس:
تؤثر التضاريس على صحة النسان بشكل مباشر أو غير مباشر،
فعندما تكون مرتفعة تسبب تناقص قيم الضغط الجوي وما ينتج عنه ،أو
تعيق تكاثر طفيليات الكوليرا والملريا والبلهارسيا )ثبت أن هذه
الطفيليات ل تتكاثر في المناطق المرتفعة( ،وكذلك فإن المناطق
المرتفعة تساعد في الشفاء من بعض المراض الجلدية ،وتخفض من
معدل السكر في الدم لدى مرضى السكري).(33
- 5نوعية المياه:
إن خصائص مياه الشرب ونوعيتها تؤثر بشكل كبير في صحة
النسان ،وأعتقد أنه في كثير من الحيان يجب البحث عن دور المياه
وعلقتها بالمراض والصحة ،حتى إن البعض يربط بين نوعية المياه،
ونوعية الصوت ،والحيوية والنشاط والنمو وغير ذلك ،ويقدر أن المياه
اليسرة الخالية من عنصري الكالسيوم والمنغنيز قد تزيد من الصابة
بأمراض سرطان المعدة ،وأمراض القلب والوعية الدموية والنوبات
) (1عبد العزيز طريح شرف :المرجع السابق ،ص . 53 33
-47-
القلبية ،وللمياه علقة بأمراض لين العظام وتخلخلها ،وتلف السنان
وتسوسها وتبقعها ،وهذا يرتبط بمعدل الفلور في الماء ،ونقص اليود
في المياه كما هو الحال في التربة ،يزيد من احتمال الصابة بتضخم
الغدة الدرقية ،كما أن استعمال المياه الملوثة أو غير الصالحة لغراض
لها علقة بصحة النسان مثل غسيل الخضار والفاكهة واللحوم
وتنظيفها ،أو سقاية الحيوانات ،أو تصنيع الغذية أو غيرها ،كل ذلك
يضاعف من التأثير السلبي للمياه على صحة النسان.
-48-
غيرها ،ولكل منها مشكلتها خاصة تلك المدن الضخمة المزدحمة
بالسكان والمواصلت ،وبالخص تلك المدن التي تعاني من التوسع
العمراني العشوائي )المخالفات العشوائية( ،وهذه المدن تعاني من
الضغط الكبير على البنية التحتية من خدمات تعليمية وصحية وشبكات
الكهرباء والماء والخدمات المختلفة ،وما ينجم عنه من تلوث الماء
والهواء والتربة ،والتلوث بالقمامة ،والنفايات الصلبة ،والضوضاء،
والتلوث الجتماعي الناجم عن الزدحام ،والتدخين ،والدمان والعادات
السيئة وغير ذلك.
-49-
مرض.
- 5العوامل المهنية:
إن الكثير من الحرف أو المهن التي يمارسها السكان تسبب إصابتهم
بأمراض معينة ،تسمى بالمراض المهنية ،وقد أحصي أكثر من 500مهنة
في العالم ،تسبب مثل هذه المراض ،سواء تلك المهن المتعلقة بالعمال
الزراعية وتربية الحيوانات والرعي والصيد ،أو بالعمال الصناعية
المختلفة.
الجغرافيلللة
والبيئة– م 6 - 6التلوث البيئي من المصادر البشرية:
أصبح التلوث البيئي الذي يسببه النسان ،أحد أهم العوامل
المسببة للمراض واعتلل الصحة ،وهذا التلوث له أشكال مختلفة،
ة وواسعة النتشار ،كتلوث الماء ،والمياهة متنوع ٍ
ويشمل عناصر بيئي ٍ
ض كثيرة مثل الكوليرا
الملوثة يمكن أن تكون مسؤولة عن أمرا ٍٍ
والتهاب الكبد ،وعن وفيات الطفال ،وكذلك تلوث الهواء والتربة
والغذاء ،وبالطبع فإن تلوث الماء والهواء والتربة ينعكس سلبا على
عناصر البيئة الخرى ،ويساعد إلى جانب عوامل أخرى في حدوث نقص
الغذاء وتلوثه ،ومن مصادر تلوث الغذاء المبيدات والسمدة الكيميائية،
والمخلفات الصناعية ،وعوادم السيارات ،وعمليات تصنيع المواد
الغذائية وتعليبها وحفظها ونقلها ،والتلوث بالكائنات الدقيقة ،وغيرها
الكثير مما يسبب حدوث الوبئة والكوارث البيئية والصحية.
وهنا نرى أنه من المهم التأكيد على أهمية العلقة بين صحة
النسان ،وصحة البيئة ،والتأكيد على الوعي الصحي والتربية الصحية،
إلى جانب الوعي البيئي والتربية البيئية ،هذا الوعي وهذه التربية
بشقيها ،تعني إلمام المواطن بالمشكلت والمعلومات الصحية والبيئية
من جهة ،والحساس بالمسؤولية تجاه هذه المشكلت من جهة ثانية،
وهذا بالضرورة يجب أن يقود إلى العناية بغذاء ونظافة وصحة النسان،
والعناية بنظافة البيئة ،أي نظافة الماء والهواء والقرية والحي والمدينة
وجميع عناصر البيئة.
أخيرا ً يمكن القول :إن توعية النسان بمخاطر تلوث البيئية
والغذاء ،والعمل على حماية صحته ووقايته من المراض قبل حدوثها،
أهم بكثير وأفضل بكثير ،من المعالجة والبحث عن الحلول الممكنة بعد
د ما جزءا ً من الطب البديل
حدوث المرض والصابة به ،وهذا يعد إلى ح ٍ
أو التكميلي والوقائي ،الذي يهدف إلى تطبيق مقولة درهم وقاية خير
-50-
من قنطار علج.
-3-5البيئات الجغرافية البشرية والجتماعية:
-3-5-1تعريف البيئة البشرية ):(Human Ecology
تشكل البيئة البشرية سبل السلوك البشري في سياقها الجتماعي
والثقافي والقتصادي ،وهذه البيئة تشمل الوسط الجغرافي ،وهو كل
مكان وصل إليه تأثير النسان ،ويكون هذا التأثير مختلف الشدة والسباب
والنتائج ،وتختلف تأثيرات النسان في البيئة تبعا ً لعدة عوامل منها مدى
التقدم التقني والتطور الحضاري ،وعدد السكان في وحدة المساحة،
فبعض البيئات تعرضت لتأثيرات بشرية قوية سلبية أو إيجابية ،من خلل
استصلح الراضي ،وتغيير شكل سطح الرض )اللندشافت( ،بينما بعضها
الخر لم تتعرض إلى مثل هذه التأثيرات ،وبقي التأثير البشري فيها
محدودا ً وفي نطاقات ضيقة.
وقد تطور نشاط النسان ومر بعدة مراحل عبر الزمن ،وتطورت
النشاطات والحرف التي كان يمارسها كالجمع واللتقاط ،ثم الصيد
والرعي ،ثم الزراعة وتأهيل الحيوان ،وصول ً إلى الحرف الصناعية
المتطورة.
إن البيئة بشكل عام هي الطار الذي يعيش فيه النسان ويحصل
منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ،وإن محتويات أو
مضامين هذا الطار تتفاعل مع بعضها ،تؤثر وتتأثر بعضها ببعض،
والنسان أحد أهم مكونات البيئة ،وليس له بديل عنها ،وعليه شاء أم
أبى أن يحافظ عليها ويجعل منها مكانا ً يستطيع العيش فيه هو والجيال
القادمة.
-51-
البشرية) .(34وبقدر ما يكون هذا التغيير إيجابيا ً وسليمًا ،وبقدر ما يكون
الستغلل البشري للبيئة الطبيعية عقلنيا ً ورشيدا ً بقدر ما يساعد على
ي البيئة الطبيعية والجتماعية. نجاح النسان ،وتأمين التوازن بين ش ّ
ق ْ
ويمكن التمييز بين عدد من البيئات البشرية التي مارس النسان
فيها نشاطات مختلفة ،ومنها:
أ -بيئة المدينة:
المدينة من وجهة النظر الجغرافية ،تعني مساحة من الرض ،تتميز
بخصائص جيومورفولوجية ،وهيدرولوجية ،ومناخية ،وبشرية ،وحيوية ،كما
تضم منشآت ومرافق صنعية مختلفة ،كالبنية والشوارع وتمديدات الماء
والكهرباء والتصالت وغيرها من عناصر البنية التحتية الموجودة في
المدينة ،التي قام النسان ببنائها أو صنعها أو إيجادها على هذا النحو أو
ذاك.
والمدينة هي مهد الحضارة المدنية ) ،(Civilisationومهد البداع الفكري
والتقني ،وللمدن كما للبشر مصائرها وأقدارها وتاريخها ،فهي تبلغ في
زمن أوج ازدهارها ،وفي آخر منتهى تخلفها وتراجع تطورها ،وربما
تختفي من الوجود.
وتؤدي التغيرات اليكولوجية دورا ً مهما ً في ذلك ،ومن هذا
المنطلق من المفيد جدا ً مشاركة علماء البيئة غيرهم من علماء
الختصاصات الخرى في دراسة تاريخ المدن والتعرف على مصائرها عبر
الزمن ،والتوقع عما يمكن أن تتعرض له في المستقبل ،والسبل الكفيلة
بتلفي التغيرات السلبية وحماية المدينة منها).(35
ومن وجهة النظر البيئية فإن المدينة يمكن اعتبارها نظاما ً بيئيا ً
مصطنعًا ،وربما يكون غير طبيعي أو معارضا ً للطبيعة بشكل عام .إن
الوسط البيئي للمدينة عبارة عن نظام معقد ،متحرك للعمليات
البشرية والتأثيرات المفتعلة ،التي يتعرض لها الوسط الطبيعي في
مساحة محددة تتعرض لتأثيرات دائمة تؤدي إلى تغير شكل الرض،
وتغير الوضع الهيدرولوجي ،والمناخي ،والنباتي ،والحيواني ،ويبلغ
التلوث فيه أعلى معدلته.
إن بيئة المدينة هي جزء من النظمة البيئية البشرية ،وفي بيئة
) (1رشيد الحمد ،محمد سعيد صباريني ،البيئة ومشكلتها ،علم المعرفة ،الكويت 1986م ،ص 28 34
.
) (2محمد محمود سليمان ،بعض المشكلت البيئية في المدن الكبرى )نموذج مدينة دمشق(، 35
الملتقى الثالث للجغرافيين العرب )المدن الكبرى في الوطن العربي( ،جامعة الملك سعود ،الرياض
26/8/1424 -23هـ 22/10/2003 -19-م .
-52-
المدينة يكون التدخل البشري كثيفا ً ومركزًا ،ويؤثر في عمليات سريان
الطاقة ،ودورة المواد ،وعدم التوازن بين المدخلت والمخرجات في
عناصر بيئة المدينة التي يؤثر فيها النسان ،من خلل استهلك الطاقة،
أو إلقاء النفايات الصلبة والسائلة ،أو تحويل الراضي الزراعية أو
الغابات إلى مبان إسمنتية وشوارع إسفلتية وغير ذلك .وهذا يرتبط
بسلوك النسان داخل المدينة ،وقد يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي،
وانتشار الكثير من المراض المعدية والعضوية والنفسية وغيرها.
وللمدينة تعريفات ووظائف متنوعة ،وتختلف من مدينة لخرى،
ومنها الوظائف الدارية ،والسياسية ،والدينية ،والعسكرية ،والصناعية،
والتجارية ،وهذه الوظائف تحدد إلى درجة كبيرة النظام ،أو النظمة
البيئية في المدينة ،وعلقاتها البيئية مع الجوار القريب أو البعيد،
والتأثيرات المتبادلة السلبية واليجابية.
-مدينة دمشق باعتبارها نموذجا ً لبيئة المدينة:
يمكن ذكر بعض المعلومات عن مدينة دمشق ،بوصفها نموذجا ً لبيئة
المدينة ،فمدينة دمشق ،مدينة عتيقة عريقة في التاريخ ،ويقدر أن تاريخ
النسان في مدينة دمشق وضواحيها يعود إلى نحو مليون سنة خلت ،وقد
استمر وجود النسان في هذه المدينة وفي الراضي الخصبة المحيطة بها
)الغوطة( على مر الزمن منذ عصور ما قبل التاريخ ،خاصة منذ العصر
الحجري الحديث في اللف التاسع قبل الميلد ،مرورا ً بالعصور التاريخية
المتتابعة حيث عرف النسان حرف الجمع ،والصيد ،والزراعة ،وتربية
الحيوان ،والستقرار ،وقد كانت دمشق حاضرة من حواضر العالم القديم،
وعلى اتصال وتأثير متبادل مع الحضارات التي عرفها العالم ،فقد كانت
دمشق عبر الزمن مدينة جميلة ،ذات خيرات وفيرة ،وموارد متنوعة،
وظروف بشرية وطبيعية ساعدت على إيجاد علقة وطيدة بين النسان
دة طويلة
وبيئته ،وأسهمت في تحقيق التوازن البيئي واستمراره خلل م ّ
من الزمن.
ولكن دمشق المعاصرة ،كغيرها من المدن الكبرى في العالم
والعالم النامي بشكل خاص ،أصبحت تعاني من مشكلت بيئية غير عادية،
وهذه المشكلت البيئية تعود لسباب طبيعية ل دخل للنسان بها ،وأخرى
بشرية مصطنعة من قبل النسان ،وهذه الخيرة تعود لسباب موضوعية
وأخرى ذاتية ،ومن السباب الموضوعية كون المدينة عتيقة ،وأنها عانت
من مختلف أنواع الهجرة إليها ،وهذه السباب يمكن تفهمها وربما
-53-
تبريرها .أما السباب الذاتية فأهمها قصور نظر المخططين،
والمشتغلين بتطور وتطوير هذه المدينة عبر مدة ليست قصيرة ،وهذه
السباب تستدعي التوقف عندها ،والعمل على تلفيها ،وأخذ العبرة منها
عند تخطيط الحياء أو المدن الجديدة ،على مستوى الوطن بشكل عام.
- 3تلوث الهواء :من مصادر متنوعة ،ومن أهم مصادر تلوث الهواء في
دمشق ،وسائل النقل ،ويقدر أن ما نسبته % 70من تلوث الهواء في
دمشق تعود إلى منظومة المرور ،ويقدر أن دمشق بحاجة إلى حركة نقل
لنحو مليوني راكب يوميًا ،وهذا يحتاج إلى وسائط نقل جماعية كبيرة،
ونظيفة بيئيًا ،والقيام بإجراءات سريعة وفعالة لحل هذه المسألة.
إضافة إلى التلوث من المنشآت الصناعية ،ومنها المعامل والمنشآت
الصناعية المنتشرة في بعض أحياء ومحيط المدينة ،وكذلك بسبب حرق
الوقود في المنازل والمنشآت المشابهة ،وعادة يكون الحتراق في هذه
-54-
المصادر غير كامل ،ويؤدي إلى إطلق كميات كبيرة من أول وثاني
أكسيد الكربون ،وأكاسيد الكبريت والزوت ،والهيدروكربونات والدخان
وهباب الفحم وغيره.
- 4التلوث بالقمامة والنفايات الصلبة :التي تشكل مشكلة تتزايد حدتها
يوما ً بعد يوم ،وهي ذات أثار سلبية مختلفة ،وتحتاج إلى حل مناسب لها،
وتشكل النفايات الطبية خطرا ً كبيرا ً على الصحة لنه ل يتم فرزها أو
صرفها بشكل مستقل ،وهذا يسبب مشكلت خطيرة سواءً في معالجة
القمامة والنفايات الصلبة ،أو في معالجة مخلفات الصرف الصحي ،حيث
تختلط النفايات المنزلية بالصناعية بالطبية وغيرها ،مما يؤدي إلى
عرقلة عمل منظومة المعالجة ،والتأثير على طاقتها بشكل عام.
- 5التلوث بالضجيج :ومصادره متعددة ومتزايدة ،ويعد شكل ً من
أشكال التلوث البيئي ،وأحد الوبئة المعاصرة .تعاني مدينة دمشق
وسكانها من مشكلة الضجيج الذي يفوق في كثير من الحيان الحدود
المسموح بها ،حيث تعد دمشق مسرحا ً للضوضاء المقلقة التي ل
تنقطع طول اليوم ،ومن أهم مصادرها ،وسائل النقل المختلفة
)السيارات ،الطائرات ،القطارات ،الدراجات النارية( ،مطار دمشق
الدولي ،محطة القطارات في منطقة القدم ،ضوضاء المنشآت
الصناعية ،الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بما في ذلك المنشآت
الحرفية والمهنية ،أعمال البناء والصيانة والحفريات المختلفة لهداف
متنوعة ،مثل خدمات الكهرباء والهاتف والمياه والصرف الصحي،
والشكوى الدائمة من ضعف التنسيق بين الجهات والمؤسسات
المسؤولة عن هذه العمال ،إضافة إلى ضوضاء المنازل والجوار،
الناتجة عن الجهزة الكهربائية ،والباعة المتجولين وصراخ الطفال
وحفلت الفراح والموالد وغيرها التي قد تكون في المكان غير
المناسب ،وفي الوقت غير المناسب ،وكذلك الضوضاء الخلفية مجهولة
المصدر ،كضوضاء الرتجاج والهتزاز ،والضوضاء تحت و فوق الصوتية
)سوف نتحدث عنها في فصل التلوث الضوضائي(.
- 6كما أن المدينة تعاني من مشكلت بيئية أخرى :كالتوسع العمراني
العشوائي وغير ذلك من المشكلت التي تحدث زيادة الضغط على البيئة
والنظام البيئي ،وتحتاج إلى حلول سريعة وناجحة تلفيا ً لمخاطرها،
وحماية للنسان والبيئة من هذه المخاطر.
-55-
وبسبب ضيق المدينة القديمة وعجزها عن استيعاب هذه العداد
المتزايدة ،وبسبب بطء وتأخر النظمة المتعلقة بتنفيذ المخطط
التنظيمي للمدينة ،وقصور هذا المخطط ،لكل ذلك نشأت أحياء سكنية،
تحيط بمدينة دمشق من معظم الجهات ،وهي في معظمها عشوائية،
ضعيفة التنظيم والتنسيق .وهذه الحياء تضم معظم سكان دمشق ،وهذا
يعني أن الضغط على البنية التحتية ومكوناتها ،وعلى البيئة وعناصرها،
وعلى عمليات التنمية القتصادية والجتماعية كبير جدًا ،وينجم عن ذلك
مشكلت كثيرة ،يتوجب على الدولة وأجهزتها المختصة التصدي لها
بفعالية مستمرة يومية ،وعلى مدار الساعة ،من أجل تلفي ما أمكن من
العواقب المترتبة على هذا العبء البيئي الكبير.
ب -البيئة الريفية:
البيئة الريفية ،ويقصد بها القرية ،وهي تجمع سكاني ،في مكان
جغرافي معين يتميز ببعض الخصائص التي تميزه من غيره من التجمعات
السكانية الريفية ،وكذلك الحضرية ،وتوجد عدة عوامل أثرت في الماضي
وتؤثر في الحاضر ،ولو بشكل نسبي ومختلف ،في أشكال العمران
الريفي وتوزعه ،منها العوامل الطبيعية )الجيولوجية والجيومورفولوجية،
وخصوبة التربة ،وتوفر المياه ،وتوفر مواد البناء الخ ،(...والعوامل
البشرية )الجتماعية ،الدينية ،العرقية ،الخدمات ،خاصة توفر الطرق
الخ ،(..والقرية من الشكال العمرانية الولى لتجمع عدد من البشر في
مكان ما.
والبيئة الريفية غالبا ً هي بيئة زراعية ،تأثرت بالزراعة وتربية الحيوان
منذ القدم ،خاصة فيما يتعلق بنمط استخدام الراضي وملكيتها والتعايش
والتكيف معها ،وهذه البيئة قد تعاني من مشكلت بيئية متنوعة ،فقد ل
تتوافر فيها المياه النظيفة الصالحة للشرب ،ول المساكن الصحية ،وتنتشر
الحشرات والحيوانات الناقلة للمرض ،والكثير من سكان الريف يتناولون
ف ،مما يعرض الخضار والفواكه والحليب من دون تنظيف أو تعقيم كا ٍ
سكانها لنتشار بعض المراض الطفيلية.
-56-
يمكن التمييز بين عدد من المنظومات البيئية التي يعيش فيها النسان
في إطار تفاعل وتأثير متبادل وقوي بين هذه المنظومات ،وهي منظومة
الوسط الحيوي ،ومنظومة المحيط التكنولوجي)التقني( ،ومنظومة المحيط
الجتماعي.
- 1منظومة الوسط الحيوي ):(Biosphere
وهو كل مكان يوجد به أي شكل من أشكال الحياة بصورة طبيعية،
ويضم الطبقات السفلى من الغلف الجوي )التربوسفير وجزء من
الستراتوسفير( حتى طبقة الوزون ،وكامل الغلف المائي ،وجزء من
الغلف الصخري حتى 3 - 2كلم تحت سطح الرض ،وهذه المنظومة
توفر للنسان حاجاته المادية من غذاء وكساء ومأوى وغير ذلك.
- 2منظومة المحيط التقني ):(Technosphere
وتشمل جميع الشياء أو العناصر التي شيدها النسان أو صنعها
داخل الوسط الحيوي ،من مساكن ومزارع ومصانع ومناجم وطرق
وسدود وغيرها ،وفي هذه المنظومة توفر الوسائل التقنية المستخدمة
إمكانية قيام أو تشييد هذه العناصر والستفادة منها ،والتكنولوجيا هي
نتاج اجتماعي معين يحدد أنواعها ،واستخداماتها للوفاء بالمتطلبات
والحاجات الجتماعية المتغيرة.
- 3منظومة المحيط الجتماعي ):(Sociosphere
وهي منظومة تضم الحاجات والتطلعات المعنوية وغير المادية
للنسان ،مثل القيم ،والعقائد ،والتشريعات ،والمؤسسات ،والمنظمات
الجتماعية التي شكلها النسان لتنظيم العلقات داخل المجتمع وبينه
وبين المجتمعات البشرية ،وتنظيم العلقات والتفاعل مع المنظومات
البيئية الخرى ،منظومة الوسط الحيوي ،والوسط التقني.
إن التفاعل بين هذه المنظومات يشكل البيئة التي يعيش فيها
النسان ،وهذا التفاعل يجب أخذه بالحسبان عند تخطيط أي شكل من
أشكال الستثمار في البيئة ،أو عند العمل لتحقيق التنمية بمختلف
جوانبها ،فمثل ً زيادة عدد السكان في المنظومة الجتماعية ،يؤدي إلى
زيادة استنزاف الموارد الموجودة في المنظومة الحيوية ،وهذا يتطلب
توفير أسس ووسائل تقنية معينة لتأمين حاجات العداد المتزايدة من
السكان ،وهذه مسألة مرتبطة بالمنظومة التقنية.
إن البداع التكنولوجي للنسان نشاط ل ينتهي ،إل أن حجمه
وتوجهاته يتأثران بما يجري في المحيط الجتماعي ،الذي يحدد ما يتوافر
لهذا النشاط من موارد .ويجب التأكيد هنا أن التكنولوجيا في حد ذاتها
-57-
محايدة ول تحمل قيما ً اجتماعية أو ثقافية ،وإنما الذي يحدد
استخداماتها ،ومن ثم فوائدها أو مضارها ،هو الهدف الذي تستغل من
أجله ،وكما يمكن أن تكون التكنولوجيا ضارة بالبيئة فإن التكنولوجيا قد
تكون هي الوسيلة لعادة التوازن البيئي المطلوب ،أو للتخفيف من حدة
الخلل الذي يطرأ عليه) .(36ويمكن أن يتم ذلك من خلل استخدام الفلتر
والمرشحات ،واستخدام آلت تحرق الوقود بكفاءة ،أو تحسين خصائصه
ل( ،وأجهزة تخفيف حدة الضجيج ،ومحطات )بنزين خالي الرصاص مث ً
معالجة الصرف الصحي ،والنفايات الصلبة ،وغير ذلك من المثلة وهي
كثيرة بالتأكيد.
) (1أسامة الخولي :البيئة وقضايا التنمية والتصنيع ،علم المعرفة ،العدد ،285الكويت 2002م ،ص 36
. 180
-58-
الفصل الرابع
العلقة بين الجغرافية والبيئة
-التعريف بعلم الجغرافية وتطوره
-المدارس البيئية الجغرافية )الحتمية -المكانية -الحديثة(
-أسبقية علم الجغرافية بالهتمام بالبيئة
-العلقة بين علم الجغرافية وعلم البيئة
-تراجع الهتمام بعلم الجغرافية وزيادة الهتمام بعلم البيئة
-59-
-4-1تعريف علم الجغرافية وتطوره:
تعد الجغرافية واحدة من أقدم العلوم المعروفة على سطح الرض،
بمعنى وصف .وأول من Graphy بمعنى أرض و Geo وهي كلمة مركبة من
استخدم مفهوم الجغرافيا هو العالم الغريقي ايراتوستين ،الذي عاش
في السكندرية في القرن الثالث قبل الميلد ) 192 -284ق .م( ،وشغل
منصب أمين مكتبتها .ولكن وظيفة الجغرافية ومفهومها عرفها الناس
قبل ذلك بفترة طويلة .وتاريخ الجغرافية يعكس ما تراكم في أذهان
وعقول الناس ،جيل ً بعد جيل ،من معلومات عن ميزات سطح الرض
وشكلها لفترات طويلة من الزمن ،وفي هذه المعرفة للمناطق الجغرافية
المختلفة تتلخص فكرة الجغرافية ،التي أطلق عليها )جون .ك .رايت(
مفهوم التنوع الجغرافي ).(37)(Geodiversity
والنسان منذ خلقه الله سبحانه وتعالى بدأ يتعرف على ما يحيط به
من معالم حية وجامدة ،بحكم علقته بما يحيط به من جهة ،وبما ميزه الله
به من عقل وفكر ونطق ،مع ملحظة أن تحديد عمر النسان ونشأته
وتطوره ل يزال موضوع جدل وخلف ،ويتراوح بحسب النظريات
المختلفة من مئات اللف من السنين إلى 2أو 3مليون سنة ،بما في
ذلك ظهور إنسان جاوة والصين ونياندرتال ،الذي يسمى بالنسان البارع
) ،(Homo habilisومن ميزاته أنه كان منتصب القامة ،وصنع الدوات الحجرية،
وعرف استخدام النار ،وعاش في الكهوف أو في العراء ،وانتشر في
آسيا وأوروبة وإفريقيا ،ومارس الجمع ،واللتقاط ،والصيد ،وذلك على
امتداد العصر الحجري القديم )الباليوليت( ،ثم النسان العاقل )Homo
،(sapiensالذي عاش في العصر الحجري القديم العلى وما بعد ،وفي هذه
الفترة حدثت تغيرات مناخية هامة في مناطق مختلفة من العالم،
)فترات جليدية ،وفترات باردة ،وأخرى دافئة وماطرة( ،وتميز إنسان
هذه الفترة ببناء المساكن ،أو اللجوء إلى الكهوف والمغارات ،وتقسيم
العمل بين النساء والرجال ،وبالنشاط اليدوي وبعض الصناعات .ثم
ظهور النسان العاقل العاقل ) (Homo sapiens sapiensمنذ نحو 15ألف سنة
فقط).(38
وقد نشأ الفكر الجغرافي مع النسان منذ وجد على سطح الرض،
وذلك بدافع الفضول للتعرف على ما يحيط به من معالم )جبال ،هضاب،
Preston E . James , Geoffrey J . Martin. All Possible Worlds , A History of Geographical )(1 37
باللغة الروسية . ، Ideas , New York . Brisbane . Toronto . Singapore 1981 . Moscow , Progress . 1988 . P.5
) (1ميلنوفا ،ريابتشيكوف :الجوانب الجغرافية في حماية الطبيعة ،ترجمة د .أمين طربوش، 38
) (2زهير عمر حبش .الجغرافية تطورها -طرائقها وأساليب تدريسها ،منشورات الجمعية 39
-61-
الجغرافيلللة
الوسطى أو ما يسمى بعصور النحطاط :وتمتد هذه الفترة بين عامي 476
إلى 1453م ،وقد تعرضت الجغرافية كغيرها من العلوم إلى تراجع كبير في
أوروبة ،ولكن لحسن الحظ فقد حافظ العلماء العرب في هذه الفترة على
المعرفة الجغرافية ،وقاموا بترجمة هذه المعارف وتطويرها ،وخاصة تطوير
علم الفلك ،وقد ساعدت عوامل كثيرة على تطور الجغرافية لدى العرب مع
أنهم لم يستخدموا تعبير أو كلمة جغرافيا ،وإنما استخدموا مفاهيم أخرى
مثل ،المسالك والممالك ،وعلم الطوال والعروض ،وتقويم البلدان الخ،
وقد صنف كراتشوفسكي الجغرافيين العرب وأحصى منهم 141من
الجغرافيين الذين عثر على مصنفات و كتب لهم ،ناهيك عمن ضاعت
كتاباتهم ومؤلفاتهم أو من هم في عداد الرحالة).(41
-المرحلة الثالثة ،مرحلة العصور الحديثة :الممتدة من سنة 1453م
وحتى الوقت الحاضر ،فقد انكفأت الجغرافية وتراجعت كغيرها من
العلوم عند العرب ول تزال كذلك ،لسباب مختلفة ذاتية وموضوعية،
وللسف لم يتم تجاوزها حتى الن ،بينما تقدمت مختلف العلوم في
الغرب بما فيها الجغرافية ،وبرز أعلم كثر من الجغرافيين والموسوعيين
منهم كوبرنيكوس ،وغاليلو ،ونيوتن ،ثم لحقا ً هتنر وراتزل ولبلش
وغيرهم ،وفي هذه المرحلة ظهرت المدارس الجغرافية الحتمية
والمكانية ،وأصبحت الجغرافية علما له أصوله وقواعده ،وأسهم البحث
الكاديمي الجغرافي في التوصل إلى نظريات وقوانين جديدة وإلى
البتعاد عن المنهج الوصفي ،وكذلك ظهرت وتطورت الجغرافية السببية
التي تبحث في أسباب الظاهرات وتأثيرها على العلقات المتبادلة بين
الظاهرات الطبيعية المختلفة والظاهرات البشرية أيضا ً).(42
علم الجغرافية باعتبارها وصفا ً للرض ومظاهرها ،أو للكون وظواهره
على أساس الملحظة يعد من أقدم العلوم جميعًا ،والجغرافية قديمة قدم
النسان ،وما يهم هنا التركيز على التعريفات والفكار والملحظات التي
تظهر حقيقة الجغرافية وجوهرها بوصفها علما ً له مكانته بين العلوم،
وإظهار قدرة هذا العلم على المشاركة إلى جانب العلوم الخرى ،في حل
المشكلت العالمية بما في ذلك المشكلت البيئية ،وبناء لبنة متينة في
تقدم العلوم وتطور البشرية.
فهذا كارل ريتر في القرن التاسع عشر يصف الجغرافية بقوله :إن
كلمة جغرافية بمعنى وصف الرض إنما هي خاطئة ومضللة ،وعندي أن
) (1يسرى الجوهري :فلسفة الجغرافيا ،الناشر مؤسسة شباب الجامعة ،السكندرية 2001 ،م ،ص 42
. 78
-62-
كلمة الجغرافيا تعني كثيرا ً من العوامل والعناصر التي تؤلف علم
الجغرافية حقيقة بحيث ل أقل من أن يعنى هذا العلم بتوجيه نظرة
كونية شاملة للرض ،كما يقوم أيضا ً بتنظيم كافة معلوماتنا عن الكرة
الرضية بحيث يجعل من ذلك كله صورة رائعة ،وعلى هذا الساس فإن
الجغرافيا تعد فرعا ً من العلوم مختصا ً بدراسة الكرة الرضية كل ً موحدا ً
من حيث كافة مظاهرها وظواهرها مع بيان العلقة بين هذا الكل
الموحد والنسان .وبناءً على ذلك تكون القاعدة الساسية للجغرافية هي
دراسة العلقة بين كافة المظاهر الطبيعية والجنس البشري).(43
والفكرة الرئيسية في الجغرافية أنها علم شمولي تركيبي تحليلي،
تمزج بين العلوم الجتماعية والعلوم الطبيعية وتهتم بالنسان في
المقام الول .ويرى البعض أن الجغرافيا تشكل صلة الوصل بين
الظاهرات الطبيعية والظاهرات البشرية.
) (2علي موسى ،محمد الحمادي ،فلسفة الجغرافية ،دمشق 1980م ،ص . 93 44
) (3محمد محمود الديب ،الجغرافية السياسية منظور معاصر ،الناشر مكتبة النجلو المصرية، 45
) (1محمد السيد غلب ،البيئة والمجتمع ،مطبعة الشعاع ،ط 7القاهرة 1997م ،ص .25 46
-64-
وقد بلغت الحتمية الجغرافية ذروتها عند داروين الذي بّين في كتابه
أصل النواع عام 1859م ،أن الوسط الطبيعي )البيئة( هو صاحب الدور
المقرر والمفسر للحياة على سطح الرض ،وأن مجموع الوقائع بما فيها
التفكير البشري تنبع من الوسط الطبيعي).(47
وهكذا نرى كيف أن الكثير من أنصار المدرسة الحتمية غالوا في
إلغاء قدرات النسان ،وتضخيم أثر الظروف البيئية في تشكيل
المجتمعات البشرية وبنائها.
-4-2-2المدرسة الجغرافية المكانية أو الحتمالية ):(Possibilism school
اعترض بعض الجغرافيين على المدرسة الحتمية ونادوا باحترام
قدرات النسان وإمكانياته ،وأدت هذه الفكار إلى ولدة مدرسة جديدة
في الجغرافية هي المدرسة المكانية أو الحتمالية ،ومن أشهر روادها
فيدال دو لبلش ) 1918 -1845م( مؤسس هذه المدرسة ،وكان يرى أن
العلقة بين النسان والبيئة هي علقة متبادلة ،وذات تأثير متبادل ،وأنه ل
يوجد حتم بيئي وإنما توجيه بيئي ،ومن رواد المدرسة المكانية لوسيان
فيفر ،وبوفون ،وديمانجون ،وغيرهم من العلماء الذين لم يسلموا بحتمية
البيئة وطغيانها على النسان والمجتمع ،ووجهوا انتقادات مهمة إلى
مدرسة الحتم البيئي ،وامتازت دراساتهم بالدقة العلمية والمثابرة في
التحليل والبتعاد عن التعميم.
ورأى دول بلش أن كل ما يتعلق بالنسان ل يمكن أن تسيره أية
حتمية ،جغرافية كانت أو غير جغرافية ،كما رأى لوسيان فيفر أن البيئة
الطبيعية تحوي إمكانيات ،النسان سيدها ،والنسان هو الحكم فيما يختار
منها).(48
وقد أسهم التقدم العلمي والتكنولوجي لحقا ً في تغيير الكثير من
الراء والفكار المتعلقة باستغلل الطبيعة ،مثل انتشار الزراعة ،أو
السكن في مناطق لم تكن متاحة سابقًا ،كما أن المعتقدات والتقاليد
الجتماعية والثقافية تسهم في تحديد علقة الناس بالطبيعة ورسم
توجهاتهم ،مثل تحريم أكل لحوم الخنزير لدى المسلمين ،أدى إلى عدم
تربيتها في الدول السلمية ،وقس على ذلك تقديس البقر في الهند أثر
على إمكانية الستفادة منها.
والمدرسة المكانية ترى أنه إذا كانت البيئة تؤثر في النسان ،فإن
النسان بدوره يؤثر في البيئة ،ولكن هذه المدرسة أكدت على أهمية
) (1علي منير الحصري ،الجغرافية والبيئة من المنظور التربوي ،المجلة الجغرافية السورية ،العدد 47
-65-
احترام النسان لقوانين الطبيعة وعدم التدخل السافر فيها ،وكان
دولبلش يرى أن الجغرافية هي علم المكان وليس علم النسان ،وقد
وجه الهتمام إلى دراسة البيئة الجغرافية بكل عناصرها ،وبين كيف أن
الظاهرات الطبيعية والنسانية التي تدرسها العلوم الخرى بشكل
منفصل بعضها عن بعض فإنها تتحد في المكان وتؤثر في النسان
وتتأثر به).(49
:(Environmental ) school -4-2-3المدرسة الجغرافية البيئية أو الحديثة
وهذه المدرسة تمثل الوسطية بين الحتمية والمكانية ،ويرى
أصحابها أن البيئة تؤثر في النسان ،والنسان يؤثر في البيئة ,وأنه يوجد
مجال مشترك بين الحتمية والمكانية ،وإذا كانت الجغرافية هي العلم
الذي يدرس الرض بوصفها وطنا ً للنسان ،وهي العلم الذي يجمع بين
الظاهرات الجغرافية الطبيعية والبشرية في المكان من وجهة نظر
إنسانية ,فقد سادت المدرسة البيئية الفكر المنهجي الجغرافي فترة
طويلة من الزمن ،وما زال صداها يسمع حتى الن ،بين فئة محددة من
الجغرافيين ،وخصوصا ً في إنكلترا على يد بال ،وحديثا ً على يد ستودارت،
الذي أعاد إحياء هذه المدرسة عن طريق إدخال فكرة النظم البيئية )
.(50)(Ecosystems
إن وجهة نظر المدرسة البيئية أن النسان يعد عنصرا ً مهما ً من عناصر
البيئة ،وعلقته بها علقة تكافلية ،وتقع عليه مسؤولية إدارتها بشكل
صحيح ،وعليه عدم التهرب من هذه المسؤولية .وبشكل عام يمكن القول:
إن المدرسة البيئية تجمع بين المدرستين الحتمية والمكانية ،ومن أنصار
هذه المدرسة )جريفت تيلور( ،الذي يسميها حتمية قف وسر )Stop and go
) (1صفوح خير ،الجغرافية موضوعها ومناهجها وأهدافها ،دار الفكر ،دمشق2000 ،م ،ص . 47 50
) (2علي موسى ،محمد الحمادي ،فلسفة الجغرافية ،مرجع سابق ،ص . 101 51
-66-
دائمًا ،أي إمكانية أو احتمالية براغماتية ).(Pragmatic Possibilism
والنسان ليس مجرد مخلوق سلبي ل حول له ول قوة بل هو صاحب
عقل وإرادة وهو الذي يحول المواد الخام الطبيعية من مجرد مواد خام
كامنة إلى ثروات وموارد ذات قيمة فعلية ،والمدرسة البيئية بهذا المعنى
تحفظ للجغرافية مكانتها ووحدتها الطبيعية والبشرية.
-4-3أسبقية علم الجغرافية بالهتمام بالبيئة:
إن البيئة لم تكن في حالة ثبات في أي يوم من اليام ،وهي لم تخل
ولن تخلو من التغير ،والله أعلم ،لن التغير الذي تتعرض له الظواهر
الطبيعية جزء ل يتجزأ من آلية عمل وحركية النظم البيئية ،والدراسات
الجغرافية ساعدت عبر الزمن ،وإلى حد كبير في الكشف عن هذه
التغيرات وعن الماكن والفترات التي حدثت فيها.
والعلقة بين الجغرافية والبيئة قديمة قدم الجغرافية نفسها ،وكان
الجغرافيون الغريق إذا لمسوا بعض المفارقات الجتماعية أو استعصى
عليهم تفسير ظاهرة بشرية ما أرجعوا سبب ذلك إلى ظروف البيئة
الجغرافية .ولذلك يمكن القول أن الغريق ظهر من بينهم أوائل البيئيين
) ،(Environmentalistsومن علماء الغريق )اليونان القدماء( الذين أسهموا في
إثراء الفكر البيئي ،وتقديم معلومات مهمة عن البيئة ومكوناتها نذكر:
ق .م( ،الذي تحدث عن وجود الماء بثلثة أشكال، Tales (640- 546 -طاليس
أو حالت )السائلة ،والصلبة ،والغازية( ،وأن الماء هو أصل الحياة،
وأشار إلى أن معرفة المناخ تتيح إنتاج زيتون جيد.
،(Anaximandarوهو من أبرز تلميذ طاليس ،وقد وضع (611 - 547 -انكسماندر
خريطة للعالم وضح عليها البحار والنهار المعروفة آنذاك.
-هيبوقراط ) 420ق .م(.
-أفلطون ) 347 - 427ق .م(.
-أرسطو ) 322 - 384ق .م( ،الذي تحدث عن حركة التوازن العام
للمياه وفي الطبيعة ،وتحدث عن النسان وبيئته السياسية .أضف
إلى ذلك ما قدمه الجغرافيون الرومان في هذا المجال ،وكان بعض
شعوب الرومان كالغاليين يقدسون المظاهر الطبيعية ،ويقدمون
العبادة للجبال والحجارة العجائبية المؤلهة ،والينابيع المقدسة،
والشجار المباركة ،والحيوانات المقدسة).(52
) (1اندريه ايمار ،جانين أوبواجيه ،تاريخ الحضارات العام ،المجلد الثاني ،روما وامبراطوريتها، 52
) (2محمد خميس الزوكة ،البيئة ومحاورها وتدهورها وآثارها على صحة النسان ،دار المعرفة 53
) (1محمد محمود سليمان ،التعليم والتربية البيئية في الوطن العربي ،مجلة شؤون عربية ،العدد 54
-69-
الحديثة ،اهتم بدراسة العلقة بين النسان والبيئة.
وقد أخذ هذا الهتمام باليكولوجيا ضمن الطار الجغرافي يتزايد
وينمو بسرعة وأخذ الكثير من الجغرافيين منذ النصف الثاني من
القرن التاسع عشر يركزون في مؤلفاتهم على العلقة بين النسان
والبيئة ومن هؤلء مارش ) (Marshمؤلف كتاب النسان والطبيعة عام
ضمن هذا الكتاب ملحظات حول تعرية التربة وغيرها من ،1864و َ
مظاهر التدمير البيئي في أوروبة والشرق الدنى ،وكذلك كتابه
)الرض كما عدلها فعل النسان .(56 )(1874
-4-4العلقة بين علم الجغرافية وعلم البيئة:
إن العلقة بين البيئة والجغرافية قديمة جدًا ،وقد أخذت الفكار
الجغرافية المتعلقة بالنواحي اليكولوجية ضمن الطار الجغرافي تتطور
تطورا ً سريعا ً منذ بداية القرن العشرين.
) (2علي علي البنا ،المشكلت البيئية وحماية الموارد الطبيعية ،نماذج دراسية في الجغرافية 56
-70-
محددا ً بطرق متعددة قبل صدور القرار).(58
وفي الجغرافية يوجد عدد من الفروع العلمية التي تهتم
بالدراسات البيئية وبالتغيرات التي تتعرض لها البيئة ،والعواقب الناتجة
عن ذلك سواء أكانت هذه التغيرات طبيعية أم بشرية ،فمثل الظروف
المناخية كالحرارة والرطوبة والحرارة ،تحدد إلى درجة كبيرة الملمح
الحيوية للبيئة ،وكذلك بالنسبة لشكل سطح الرض )اللندشافت( حيث
يكون للرتفاع وشدة النحدار والتجاه الخ ...دور مهم في تحديد هذه
الملمح من خلل تأثيره في خصائص التربة ،والمطار ،والحرارة،
وغيرها.
-أوجه التشابه:
) (2بيتر جولد :الزمان والمكان والجنس البشري ،الجغرافية أحدث ما وصل إليه العلم ،المجلة 58
) (1محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفرا ،المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة ،دار المريخ، 60
) (2يسرى الجوهري ،فلسفة الجغرافية ،الناشر مؤسسة شباب الجامعة ،السكندرية 2001م ،ص 61
. 72
-72-
-4-5تراجع الهتمام بعلم الجغرافية وزيادة الهتمام بعلم البيئة:
إن الكثير من الموضوعات التي يدرسها علم الجغرافية ويهتم بها،
هي التي يهتم بها علم البيئة ،والكثير من المشكلت البيئية التي يسعى
علم البيئة ليجاد الحلول لها هي مشكلت جغرافية كالتغيرات المناخية،
والتصحر ،والتلوث ،والنفجار السكاني وغيره .و مجالت الدراسة
المشتركة التي يلتقي فيها علما الجغرافية والبيئة كثيرة وأهمها:
- 1دراسة الغلفة الجغرافية ،الجوي والمائي والصخري والحيوي.
- 2دراسة النظمة البيئية ،والبيئات الجغرافية بمستوياتها ووحداتها
وعناصرها المختلفة.
- 3دراسة مصادر التلوث البيئي ،والعواقب الناتجة عنه على
المستوى المحلي والقليمي والكوني ،وقياس التغيرات الناجمة
عن أي مظهر من مظاهر التلوث في المكان والزمان.
- 4دراسة التغيرات البيئية الطبيعية أو البشرية ،السلبية أو
اليجابية وتحديدها ،ودراسة نماذج محددة من التغير البيئي.
-73-
2004م(.
-4عدم تسييس علم الجغرافية مقابل تسييس علم البيئة،
فالجغرافية استبعدت كل ما هو سياسي أو عسكري من
اهتمامها) .(63بينما علم البيئة تسييس ،وأصبح البيئيون وحتى
غير البيئيين من سياسيين وصحفيين وغيرهم ،يرفعون
شعارات بيئية في مناسبات مختلفة .وفي بعض الحيان يساء
فهم قضايا البيئة من قبلهم ،أو تستغل لمكاسب سياسية حتى
لو كانت النتيجة مؤذية للجماعة أو المة) .(64
هذا رغم وجود مقررات في مجالت الجغرافية السياسية
والعسكرية ،ولكن ل يستفاد منها من قبل الجغرافيين بالشكل
المناسب ،وكثيرا ما ُتدرس في إطارها النظري فقط.
- 5تراجع اهتمام الجغرافية بالمتغيرات الجتماعية والقتصادية
القليمية والدولية ،مقابل زيادة اهتمام علم البيئة بهذه
المتغيرات ،ودراسة أسبابها ونتائجها ،واقتراح الحلول
للمشكلت المتعلقة بها.
-6تقصير الجغرافيين في تكوين وجهة نظر جماعية تجاه التغيير
الذي تتعرض له البيئة ،وفي وضع مشروع محدد لحماية البيئة،
باعتبار أن التصدي للمشكلت البيئية يتطلب طريقة تفكير
مناسبة تساعد في فهم النظمة البيئية الطبيعية والجتماعية
د سواء.
على ح ٍ
-7افتقار الجغرافية إلى تحديد واضح لطبيعتها وموضوع دراستها،
وغيابها عن الساحة العملية مما عزز الدعوى القائلة بعدم
قدرتها على المشاركة في عمليات التخطيط والتنمية.
-8عدم اتفاق الجغرافيين على المجالت التي يحسنون العمل بها
التي تتفق مع طبيعة الجغرافية نفسها).(65
-9التركيز على المعلومات النظرية والتلقين الجامد ،دون اللجوء
إلى الدراسات الميدانية والعملية والتطبيقية ،ومحدودية
التحليل والستنتاج.
وتعاني الجغرافية )ولسيما في البلدان العربية( من سلبيات
) (2يوان جورج نيسبت ،الخروج من جنة عدن ،من أجل أن نحمي الرض ونتدبر شؤونها ،ترجمة 64
حسن كامل بحري ،منشورات وزارة الثقافة السورية ،دمشق ،1998ص .11
) (1صفوح خير ،الجغرافية -موضوعها ومناهجها وأهدافها .دار الفكر ،دمشق 2000م ،ص . 14 65
-74-
وملحظات كثيرة سواء في المدارس أو الجامعات ،أقلها التكرار
والحشو المفرط للمعلومات ،والستطراد الذي يتجاوز الهدف
من المعلومة ،ول يأخذ بالحسبان مستوى الذين توجه إليهم.
-75-
الفصل الخامس
دور الجغرافية في حماية البيئة
-الجغرافية البيئية والجيو إيكولوجيا
-مكانة الجغرافية ودورها في حماية البيئة
-دور الجغرافية في حماية البيئة والموارد الطبيعية
-تعريف الموارد الطبيعية
-تصنيف الموارد الطبيعية
-العلقة بين الموارد الطبيعية والموارد البشرية
-دور الجغرافية في حماية الموارد الطبيعية
-دور الجغرافية في حماية البيئة من الحروب وسباق
التسلح
-دور الجغرافية في حماية الغطاء النباتي
-دور الجغرافية في حماية مناطق السياحة والستجمام
-دور العلوم النسانية في حماية البيئة
-دور العلوم الدينية في حماية البيئة
-76-
-5-1الجغرافية البيئية والجيوإيكولوجيا :Geoecology
لقد حاز مفهوم الجيو إيكولوجبا ) (Geoecologyفي المدة الخيرة اهتمام
الكثير من الوساط العلمية في البلدان المتطورة ،من أجل إيجاد علقة
متكاملة ،Complexبين المقررات والفروع العلمية ذات الصلة ،وقد أطلق
اسم )الجغرافية والجيوإيكولوجيا( على الكثير من المعاهد والكليات
والقسام أو الجمعيات العلمية في الكثير من الدول )ألمانية ،روسيا،
أرمينيا ،استونيا ،رومانيا وأستراليا على سبيل المثال ل الحصر().(66
إن استخدام مصطلح الجيوإيكولوجيا ينطلق بشكل أو بآخر من
المحاكاة بين ممثلي الجغرافية والجيولوجيا ،في محاولة منهم لفهم
الوسط المحيط باعتبار أن صخور القشرة الرضية تشكل الساس
الصلب الذي تقوم عليه مختلف أشكال الحياة.
ويقول :Reimersإن الجيوإيكولوجيا تعد جزءا ً من علم البيئة ،وبحسب
بعض الراء تعد جزأ من علم الجغرافية ،تدرس النظمة البيئية )(Ecosystem
أو الجغرافية ) (Geosystemبشكل دقيق ،بما في ذلك دراسة الغلف الحيوي )
(Biosphereومصطلح النظام البيئي يرادف مصطلح اللندشافت ،وأحيانا ً
مصطلح بيوجيو تسينوز).(67
ويمكن القول :إن الجيوإيكولوجيا فرع من فروع المعرفة يقع بين
حقول الدراسة )الجغرافية والجيولوجية( بشكل خاص ،وهو يدرس التفاعل
والعلقات المتبادلة بين عناصر البيئة ،ويدرس العمليات والظواهر التي
تبرز في النظمة الجغرافية عندما تتعرض للتأثيرات البشرية المصطنعة
المركزة والمستمرة.
ويمكن تلخيص المنهج العلمي للجيوإيكولوجيا على الشكل التالي:
- 1دراسة وافية لديناميكية تغير المظاهر الطبيعية لسطح الرض
)اللندشافت الطبيعي( ،بسبب التأثير البشري المفتعل.
- 2دراسة معمقة للعوامل الجيومورفولوجية ،والجيوكيميائية،
والجيوفيزيائية ،التي تؤثر على عناصر الوسط الطبيعي.
- 3دراسة الغلفة الجغرافية )الحيوي والجوي والمائي والرضي(.
- 4دراسة منهجية واضحة للبحث في إمكانية التنبؤ البيئي ،خاصة
باستخدام منهج الموديلت الرياضية ،وذلك لمحاكاة الواقع
رياضيا ً أو مخبريا ً أو حاسوبيًا ،من أجل التنبؤ بالتغيرات التي
-77-
يمكن أن يتعرض لها.
- 5دراسة مستوى التلوث الذي تتعرض له البيئة ،ومصادره وأشكاله
وأنواعه وشدته على مستوى الوحدات الجغرافية الكبيرة
والصغيرة.
إن الهدف الرئيسي للجيوإيكولوجيا المعاصرة دراسة التنظيم
المكاني -الزمني للنظمة الجغرافية ،ودراسة العمليات والعلقات
المتبادلة بين المجتمع والطبيعة ،في أي وحدة مساحية ،من خلل اتخاذ
مجموعة من الجراءات التي تسمح بتحليل عملية تبادل المادة والطاقة،
ودراسة الظروف الطبيعية ،ومعرفة بنية اللندشافت وتركيبه ووظائفه
من أجل تحسين هذه العلقات ،ومنع حدوث التغيرات السلبية في
الوسط الطبيعي.
) (1صفوح خير ،الجغرافية ،موضوعها ومناهجها وأهدافها ،دار الفكر ،دمشق 2000 ،م ،ص . 14 68
-78-
أنفسهم«).(69
- 2اتجاه آخر ،يرى فيه جغرافيون آخرون أنه تم العزوف عن علم
الجغرافية مقابل الهتمام بعلم البيئة ،مع أنهما يتنازعان الموضوع
نفسه فيرى الحصري » 1986/إن كل ً من الجغرافية وعلم البيئة
يتنازعان الموضوع ذاته ،فكلهما يتوضع على منطقة التلقي بين علم
الحياة وعلم الفيزياء ،والكيمياء ،والعلوم النسانية والجتماعية ،إل أنه
من الواضح أن البيئيين فرضوا أنفسهم على الرأي العام أكثر من
الجغرافيين«).(70
- 3اتجاه ثالث لجغرافيين آخرين يرى عكس ذلك» ،وأن الجغرافية
تضم كل ما يتعلق باستخدام الطبيعة ،بما في ذلك حماية الطبيعة،
وحماية الوسط المعيشي للنسان ،وتأثير نشاطات النسان المختلفة
على هذا الوسط ،(Reimers 1990) ،وهذا البعض يرى أيضا ً أن الجغرافية
كانت وستبقى في طليعة العلوم القادرة على المساهمة في حل
المشكلت التي تعاني منها البشرية ،بما في ذلك مشكلت حماية البيئة
من التلوث ،والستخدام العقلني للموارد الطبيعية ،ووقف سباق
التسلح ،وكبح جماح الحروب ،وحل مشكلت الفقر والنفجار السكاني
وغير ذلك.
لنها بحكم موقعها بين العلوم ،وكونها علما ً شموليا ً تركيبيا ً قادرا ً
على الربط بين مختلف المسائل ،ووضع الحلول المناسبة لها ،فيرى
شريف ،1996 /أن من " أخص خصائص الجغرافية البحث عن العلقات
بين مختلف الظاهرات ،ثم تحليل الظاهرات الطبيعية ،والبحث عن
ة«).(71
علقاتها بالنشاط البشري عام ً
أما كاربوف ،1989 /فيرى »أن العلقة بين المجتمع البشري
والطبيعة هي علقة أبدية ،وأن هذه المسألة كانت دائما ً في مركز
اهتمام علم الجغرافية ولكن هذه المسالة أصبحت الن مشكلة ذات
محتوى جديد ،وقد ازدادت تعقيدا ً واتساعًا ،وحلها يحتاج إلى تعاون
مختلف العلوم ،والجغرافية تستطيع أن تقدم خبرة منهجية لدراسة
المشكلت العالمية وحلها«) .(72
-5-3دور الجغرافية في حماية البيئة والموارد الطبيعية:
إن مشكلة نفاد الموارد الطبيعية ،تعد من المشكلت المستعصية
أمام البشرية ،وسوف يزداد خطر هذه المشكلة يوما بعد يوم ،مع تزايد
) (2جلل الدين الطيب ،الجغرافية والبيئة والتنمية :السس والمهام ،صنعاء ،دار الحكمة 69
-80-
والمحافظة عليه ،ومع ذلك بقيت الموارد الطبيعية تعني أشياء مختلفة
باختلف الناس ،فهي تعني عند التاجر الذي ينشد الربح شيئا مختلفا
عما تعنيه عند رجل السياسة ،أو عند المهتم بقضايا البيئة .ومهما يكن
من أمر فإن الموارد الطبيعية في البيئة التي تعود إلى النماط النباتية
كون بشتى أنواعها نظاما بيئيا والحيوانية والصلبة والسائلة والغازية ت َ
متكامل ،وقد تعرضت خلل فترات زمنية مختلفة إلى ضغوط وتأثيرات
مختلفة ومتفاوتة ،كالتلوث والستنزاف وكوارث النقراض.
من أجل حماية الموارد الطبيعية ل بد من اتخاذ الجراءات المدروسة
من قبل الحكومات ،والشعوب ،والمنظمات ،بهدف الستغلل المنطقي
والعقلني للموارد الطبيعية لغرض حمايتها وإصلحها ،والمحافظة على
الطبيعة من التدهور والتلوث ،بحيث يؤدي ذلك إلى خلق ظروف مثالية
مناسبة لحياة المجتمعات البشرية والستجابة لجميع احتياجاتها المادية
والثقافية للجيال الحالية والجيال المقبلة.
سؤال مشروع كثيرا ً ما يتم طرحه ،ما دور الجغرافية في حماية
البيئة ،والمحافظة على الموارد الطبيعية ؟
وللجابة عن هذا السؤال سوف نبين في هذا الكتاب ،أهمية
الجغرافية ،ودورها في حماية الموارد الطبيعية وترشيد استغللها ،بما
في ذلك دورها في حماية الموارد المائية ودراسة العلقة المعقدة بين
الغلف المائي ومختلف عناصر الوسط المحيط ،وحماية الهواء والغلف
الجوي من التلوث ،وإظهار العواقب الناتجة عن ذلك ،وكذلك المحافظة
على التربة وصيانتها باعتبارها من العناصر الضرورية للحياة ،وقاعدة
مهمة للنتاج ،ومجال ً مكانيا ً لتنظيم القتصاد والعمران ،ووسطا ً لحياة
النسان وغيره من الكائنات الحية ،أضف إلى ذلك دور الجغرافية في
حماية البيئة من الحروب وسباق التسلح ،ومخاطر الحرب النووية.
) (2حسن أمين الفتوى ،هل يحقق التخطيط البيئي المن الغذائي العربي ،مجلة الجغرافي 74
) (1الصديق محمد العاقل ،محمد عياد مقيلي ،علي عبد الكريم علي ،تلوث البيئة الطبيعية، 75
Smirnov , L.E , Geographical - Ecological Problems And Cartography Are )(1 77
) Geography Magazine ,Leningrad University , Cycle , 7 , N 3 , 1990 , p .50باللغة الروسية (.
-84-
هذه المسألة على جانب كبير من الهمية ،حيث إن الدراسات الجغرافية
تشير إلى التغيرات المحتملة التي قد تصيب النظمة البيئية )الجغرافية(،
خاصة تلك التغيرات أو الزمات وشيكة الحدوث ،والعمل بفعالية من أجل
توجيهها وإدارتها والتخفيف ما أمكن من الثار السلبية أو غير المرغوبة
الناتجة عنها.
-التنبؤ الجغرافي:
إن الباحث الجغرافي يريد أن يتنبأ مثل ً بظاهرة التحضر ،أو التصحر،
أو التلوث ،أو غير ذلك من الظواهر البيئية الحضرية ،أو الريفية ،أو
الطبيعية لمعالجتها والتخطيط لها قبل حدوثها).(78
إن التنبؤ والستشراف له أهمية قصوى بالنسبة للجغرافيين ،لنه
يساعدهم في تقديم تصورات معينة لمستقبل أية مشكلة تواجههم،
والجغرافي يستطيع عن طريق استخدام المعطيات المختلفة المتوافرة
تطوير أساليب علمية للتنبؤ بالمشكلت التي تتعرض لها البيئة،
والعواقب الناتجة عن ذلك ،واقتراح الحلول المناسبة للحد من هذه
المشكلت وأخطارها.
ومن المفترض أن تأخذ مثل هذه الدراسات الطابع الهرمي ،أي تبدأ
من مستوى القاليم ثم الدول فالقارات وأخيرا ً العالم ،وإن أية مشكلة
عالمية ل يمكن إيجاد حل مناسب لها من دون تحضير أولي أو تمهيدي
على مستوى القليم ،والبحث عن طرائق متخصصة لحل هذه المشكلة
في الظروف المحلية الطبيعية والقتصادية والجتماعية ،وهذه
الجراءات تعد جزءا ًً مهما ً من عملية التنظيم المكاني الذي يعد من أهم
وظائف الجغرافية المعاصرة.
-85-
بسبب الكوارث الطبيعية كالزلزل والعاصير ،والفيضانات ،أو الكوارث
البشرية كالصراعات والحروب ،وما تسببه هذه الكوارث من آثار مدمرة
على النسان والبيئة.
ومما ل شك فيه أن دور الجغرافية والجغرافيين في دراسة مثل هذه
الزمات والمشكلت اليكولوجية العالمية واقتراح الحلول المناسبة لها،
يمكن أن يكون كبيرا ً من منطلق أن مشكلت البيئة ،ظهرت لن العمليات
الجتماعية القتصادية لم تتطور بالشكل الذي يأخذ بالحسبان خصائص
الوسط المحيط والتفاعلت التي تجري فيه والضغط البشري المصطنع
الذي يقع عليه.
-86-
يمكن النظر إليها من وجهات نظر مختلفة ،وبالتالي فإن طرائق حلها
مختلفة أيضًا.
وعلى كل حال فإن المبادئ الساسية لحل المشكلت البيئية
)اليكولوجية( يجب أن تكون علمية ،فلسفية ،سياسية ،اجتماعية
واقتصادية ،لن حل المشكلت اليكولوجية المعاصرة يشمل طيفا ً واسعا ً
يبدأ من الجيولوجيا وينتهي باليديولوجيا ،ول يمكن حل هذه المشكلت في
حدود علم واحد فقط ،لذلك سوف نعرض لحقا ً وبإيجاز لدور بعض العلوم
النسانية الخرى كالتاريخ والفلسفة والجتماع ،وكذلك التربية البيئية
الجغرافيلللة ودورها في حماية البيئة.
والبيئة– م 9 -5-4الموارد الطبيعية
-5-4-1تعريف الموارد الطبيعية:
يمكن تعريف الموارد الطبيعية بأنها تلك المواد والظاهرات
الطبيعية التي ل دخل للنسان في وجودها ،ولكنه يعتمد عليها في حياته
ويتأثر بها ويؤثر فيها .أو هي إجمالي الموارد المكونة للبيئة بما في ذلك
الكتلة والطاقة والشياء البيولوجية والشياء الحية التي تسمى بالرصيد
العام).(79
وهذه الموارد تشكل الساس المادي لعمليات النتاج المختلفة،
وهي مهمة جدا ً لوجود المجتمع البشري ،ومن أجل تحسين المستوى
المادي والمعيشي للنسان ،وتوفير الحاجات والمتطلبات المادية
والمعنوية له .ونظرا ً إلى أهمية الموارد الطبيعية ،فقد تشكلت العديد
من الهيئات والمؤسسات والجمعيات الدولية والقليمية والمحلية ،التي
تهدف إلى دراسة الموارد الطبيعية ،ومعرفة المخاطر التي تتعرض لها
وتحديدها ،والعمل على صيانة هذه الموارد والتخفيف من حدة المخاطر
التي تتعرض لها ،ومن هذه الهيئات ،التحاد الدولي لصيانة الطبيعة)
،(IUCNوبرنامج المم المتحدة للبيئة ) ،(UNEPوالصندوق العالمي للحياة
البرية ) (WWFوغيره.
ولكن ومع كل الفوائد التي تقدمها الموارد الطبيعية للبيئة والنسان،
فإن هذه الموارد تتعرض لضغوط مباشرة قلما تؤخذ نتائجها بالحسبان،
وربما ترجع معظم هذه الضغوط إلى الجهل بقوانين الطبيعة والقفز
فوقها ،أو إلى النية الحسنة في حالت أخرى ،وهذا يقود إلى ضرورة
الوقوف على التغيرات الجارية في البيئة ،وتقييم السياسات البيئية
والتأثيرات التي يقوم بها النسان في الزراعة واستخدام الماء والمعادن،
) (1بيتر هاجيت ،الجغرافية تركيبة جديدة ،ترجمة محمد السيد غلب ،الناشر مؤسسة شباب 79
) (1فياض سكيكر ،محمد سليمان ،ناظم عيسى ،مقدمة في الثقافة البيئية ،مطبعة الصفا، 80
-89-
الموارد يعني استمرار توازن النظام البيئي )الجغرافي( وعناصر هذا
النظام ،لن حماية الموارد الطبيعية هو جزء من حماية البيئة ككل.
-5-4-3العلقة بين الموارد الطبيعية والموارد البشرية:
إن العلقة بين الموارد الطبيعية والظروف الطبيعية ،والمجتمع
البشري ،هي علقة متغيرة باستمرار ،والتوازن فيما بينها توازن متحرك
جدا ً وديناميكي ،وكل من هذا التغير والتوازن محددان بقدرة النسان
وتأثيراته المفتعلة التي يحدثها في الوسط الجغرافي ،وقدرة هذا
الوسط على التوازن وإعادة التوازن .ولن الموارد الطبيعية تتأثر بشكل
مباشر وغير مباشر بنوعية الممارسات والنشطة البشرية بمختلف
أشكالها ،ويمكن تصنيف هذه النشاطات في محورين ،الول هو محور
النمو الكيفي ،وهذا المحور يركز على النظرة الضيقة النية ،وقد يؤدي
إلى ربح سريع ،ولكنه ربح ظاهري يخفي خلفه خسائر حقيقية مؤجلة
)متوسطة أو بعيدة المدى( ،ومن هذه الخسائر احتمال استنزاف الموارد
الطبيعية والقضاء عليها.
أما المحور الثاني ،يركز على النمو العقلني الرشيد والمتكامل،
ويعتمد النظرة بعيدة المد ،ويمارس بشكل منسجم بين مختلف
النشاطات والقطاعات ،ويؤدي إلى ربح مباشر وفوري ،وهو في نفس
الوقت ربح متنام ومتراكم على المدى البعيد )وهذا ما يمكن تسميته
بالتنمية المستدامة أو القابلة للستمرار(.
ومن المعروف أن النسان منذ أن وجد على سطح الرض عمل على
استغلل الموارد الطبيعية ،والستفادة منها تدريجيا في تأمين غذائه ،وبناء
مسكنه ،وتطوير حياته ،إل أن هذا الستغلل تزايدت حدته وشدته وتركيزه
مع الزمن إلى أن وصلت المور إلى ما هي عليه اليوم من تدهور
واستنزاف للموارد الطبيعية.
وفي هذه اليام حيث العلقة معكوسة بين كمية الموارد الطبيعية
المتاحة ،وبين الزيادة الكبيرة في عدد سكان العالم الذي زاد على ستة
مليارات نسمة ،وفي الوقت الذي تعاني فيه الكثير من دول العالم
ومناطقه من نقص في الموارد الطبيعية ،نتيجة السراف في استنزافها
وتلوثها وتدهورها ،ولذلك فإن حماية الموارد الطبيعية المختلفة ،الحية
وغير الحية ،المتجددة وغير المتجددة ،تحتل مكانا مهما ً في الدراسات
الجغرافية ،وترتبط ارتباطا وثيقا بالنظام الجيوبيئي ،والمحافظة على
استقراره وتوازنه.
ويمكن للجغرافيين القيام بدور مهم في عمليات حماية الموارد
الطبيعية ،وتعميق الوعي بأهمية هذه الموارد ،خاصة وأن ميدان الجغرافية
-90-
هو البحث الشمولي التكاملي ،الطبيعي والبشري ،والعلقات بينهما ،الذي
يؤسس لعمليات التحليل والتركيب والستنتاج لوضع الخطط والسياسات
المتعلقة بحماية الموارد الطبيعية.
) (1محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفرا ،المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة ،دار المريخ 81
) (2مكافحة تلوث البيئة ،إعداد اللجنة العالمية للبيئة والتنمية ،ترجمة،محمد كامل عارف ،منشورات 82
المجلس الوطني للثقافة والفنون والداب ،الكويت ،بدون تاريخ ،ص . 413
-92-
شتاء نووي ،وربما نهاية الحياة على سطح الرض ،ولن يكون هناك غالب أو
مغلوب بالنتيجة.
وفي السنوات الخيرة وجه الجغرافيون اهتماما ً كبيرا ً لمسألة
التأثيرات الكارثية للحرائق الناتجة عن التفجيرات النووية فوق سطح
الرض ،إذ إن هذه الحرائق تؤدي إلى إطلق كميات كبيرة من الدخان،
وجزيئات الغبار )اليرزول( ،التي تؤدي إلى خفض كمية الشعة الشمسية
الواصلة إلى سطح الرض بمقدار يصل إلى ،% 95ومثل هذا التأثير
المهم يسبب تبرد المناخ بشكل كبير ،وقد نشر عدد من الجغرافيين
أبحاثا ً علمية حول هذا التأثير بينت حدوث تغيرات مناخية مختلفة ،وتغير
قيم الشفافية الجوية ،وحدوث عامل البيت الزجاجي )ظاهرة الحتباس
الحراري(.
وقد قام فريق من جامعة لينينغراد )سان بطرس بورغ حاليًا( ،عام
1960بقياس كمية الشعة الشمسية في الغلف الجوي على ارتفاع 30
كم ،وذلك عقب إجراء تجارب نووية وتبين حدوث نقص في كمية هذه
الشعة بمعدل ،% 7ويعود ذلك إلى زيادة كمية ثاني أكسيد الزوت في
الغلف الجوي بسبب التفجيرات النووية ،ويمكن أن يسبب ذلك نقصا ً في
درجات الحرارة بمقدار 0.3درجة مئوية في النصف الشمالي من الكرة
الرضية ،وأظهرت هذه الدراسة حدوث تبرد في درجات الحرارة في عقد
الستينات من القرن العشرين وعزت ذلك إلى التجارب النووية في تلك
الفترة).(83
وبينت الدراسات المختلفة أن إجراء التجارب النووية يؤدي إلى تغير
التركيب الكيميائي في الجو مما يؤدي إلى تغير شديد في المناخ
العالمي وإلى حدوث كارثة إيكولوجية ،ل تنحصر فقط في حدوث الشتاء
النووي ،ولكن في حدوث تشوش وعدم استقرار مناخي ،ومن المناسب
هنا الشارة إلى أنه بين عامي 1945و 1978وقع 1165انفجارا ً نوويا ً
معظمها لختبار السلحة ،منها 498قبل معاهدة 1963م ،لتحريم
الختبارات النووية في الجو ،والباقي بعد توقيع التفاقية.
وهنا يبدو جليا ً أهمية دور الجغرافية إلى جانب العلوم الخرى في
دراسة هذه المشكلة ،كما أن الجغرافية يمكنها أن تقدم خرائط واضحة
تبين مناطق انتشار التلوث النووي الناتج عن كوارث نووية مختلفة،
واقعية أو محتملة ،ومن هذه الخرائط مثل ً أطلس الحرب النووية الذي
وضعه الجغرافي المريكي الشهير)ف .يونغ( ،وهو أطلس ذو أهمية
. Geography Science And Art . p . 174 . op .Cit )(1 83
-93-
وفائدة كبيرتين ،ومن خلل الخرائط المختلفة كالخرائط التطابقية )
،(Overlays Mappingوخرائط الحاسوب التي يستخدم فيها نظم المعلومات
الجغرافية ) ،(G I Sومعطيات الستشعار عن بعد ،يمكن للجغرافية
السهام في عمليات التخطيط والتقويم البيئي ،ودراسة الكثير من
الظواهر البيئية ،والتنبؤ بأنواع الضغوط التي يسببها استخدام السلحة
على النظمة البيئية المختلفة.
-5-4-4-5دور الجغرافية في حماية الغطاء النباتي:
يعد الغطاء النباتي بما في ذلك الغابات من الموارد الطبيعية
المتجددة ،ولكنها بسبب تدخل النسان يمكن أن تصبح قابلة للنفاد
ومعرضة للتدهور ،وللغطاء النباتي دور مهم جدا ً في تطور الغلف
الحيوي وتطور الحياة عامة ،ونظرا ًً إلى الفوائد الكثيرة التي يقدمها
الغطاء النباتي في حفظ التوازن والستقرار البيئي ،فالغطاء النباتي
يساهم في تنظيم دورة الكسجين والكربون والماء وغيرها من الدورات
الطبيعية ،وفي حماية التربة وتزويدها بالمواد العضوية ،وفي تقديم
فوائد بيئية واقتصادية وعلمية ل حصر لها ،ومواد أولية تستخدم في
البناء ،والتدفئة وفي الكثير من الصناعات الخشبية والورقية والطبية،
وهي ذات قيم مختلفة ،جمالية ،وصحية ،وحضارية ،وغذائية ،ودوائية،
وعلجية ،ومناخية ،وبيئية ،خاصة الغابات.
تغطي الغابات نحو ربع مساحة اليابسة ،وتختلف في مساحتها
ونوعيتها وتوزعها باختلف عناصر البيئة التي تنتمي إليها كالمناخ
والتربة وغير ذلك ،ومن أنواع هذه الغابات:
الغابات الستوائية 3 - الغابات الصنوبرية 1 -
المطيرة الشمالية
الغابات المتوسطية 4 - الغابات المتساقطة 2 -
....الخ الوراق
)Tropical rain
وعلى سبيل المثال فإن بيئة الغابات الستوائية المطيرة
،(forestsالتي تقع بالقرب من خط الستواء حيث تسقط المطار الغزيرة
طول العام ،وتظهر هذه الغابات في أواسط أفريقيا ،وأمريكا الجنوبية،
وشرق جبال النديز ،وأجزاء من جنوبي قارة آسيا ،وتتميز بيئة هذه
الغابات بسقوط المطار الغزيرة التي تتراوح بين 4500 -1500ميليمتر
في السنة ،والرطوبة النسبية نحو ،% 80والحرارة ل تقل عن 20درجة
مئوية ،وتشكل هذه الغابات نظاما َ بيئيا َ ذا قدرة إنتاجية مرتفعة حيث تتنوع
مصادر الغذاء ويشتد التنوع الحيوي الذي يعتقد أنه أغنى من التنوع الحيوي
في أي بقعة أخرى على سطح الرض ،ولذلك يزداد تعقيد النظام البيئي
مما يسهم في زيادة استقراره وتوازنه.
-94-
والمخاطر والمشكلت الناجمة عن القضاء على الغطاء النباتي ل تعد
ول تحصى ،وهذه المخاطر تظهر في مناطق مختلفة من العالم وفي
مختلف القارات ،حيث تتعرض مناطق واسعة من العالم في آسيا وأمريكا
واستراليا وغيرها ،لحدوث فياضانات مائية مدمرة ،وانجراف شديد للتربة
ومكوناتها ،والقضاء على الكثير من الكائنات الحية المختلفة ،وربما النادرة
أحيانًا ،وتدمير المزارع والقرى والمدن ،وتهجير السكان ،وبالنتيجة الخلل
بالتوازن البيئي بشكل عام.
والجغرافية يمكن أن تساعد ،بفروعها العلمية المختلفة ،الطبيعية
والبشرية ،كالجغرافية الحيوية ،والجغرافية البيئية وغيرها ،في حماية
الغطاء النباتي ،من خلل ما تقدمه من دراسات متكاملة عن الغطاء النباتي
ومكوناته ،وأنواعه ،وتوزعه ،والعوامل المؤثرة في ذلك ،وأهميته وفوائده،
والمخاطر التي يتعرض لها وأسبابها ومصادرها الطبيعية والبشرية ،واقتراح
أهم الجراءات التي يمكن إتباعها من أجل تحقيق ذلك ويمكن أن نذكر
الكثير من هذه الجراءات.
-بعض الجراءات التي يمكن إتباعها لحماية الغطاء النباتي:
-1حماية الغطاء النباتي من الرعي الجائر.
-2حماية الغطاء النباتي من الحرائق.
-3الستغلل العقلني لشجار الغابات وحمايتها.
-4حماية الغابات من القطع والحرق والمرض ،ومكافحة ذلك.
-5حماية الغطاء النباتي من التعديات المختلفة الضارة الناجمة عن
النشطة السياحية أو التجارية أو الصناعية أو غيرها.
-6زيادة المساحات الخضراء ،والتشجير الصناعي بالنواع الشجرية
المناسبة.
-7القيام بعمليات جادة لتحقيق حماية مؤقتة أو موسمية ،أو دائمة،
لمناطق محددة من الغابات أو المراعي ،كمنتزهات أو حدائق أو
محميات الخ.
-8إنشاء شبكة رصد ومراقبة ) ،(Monitorلرصد أي تغير أو اعتداء على
الغابات ومكافحته.
-9دراسة وتقدير الخسائر القتصادية والبيئية ،التي تتعرض لها
الغابات بسبب التلوث وبسبب التأثيرات البشرية السلبية.
- 6 - 4 - 4 - 5دور الجغرافية في حماية مناطق السياحة والصطياف
والستجمام:
لن أقوم هنا بتعريف مفاهيم السياحة ،والصطياف ،والنزهة،
والستجمام ،وغيرها من النشطة ذات الصلة ،ومن المعروف أن لكل منها
تعريفه وخصائصه ومشكلته ،وإنما سأكتفي بذكر بعض الملحظات عن
-95-
أهميتها ،ودور الجغرافية في حمايتها ،ومن المعروف أن مثل هذه
المناطق لها أهمية كبيرة في حياة النسان والمجتمع البشري ،ويقدر
الباحثون أن فترات الراحة والستجمام لها دور كبير في زيادة القدرة
النتاجية للنسان ،وفي نشر الثقافة والمعرفة ،وتحسين الحالة الصحية،
وهذا الدور يتجلى في المور التالية:
-1انخفاض المراض القلبية الوعائية إلى النصف.
-2تخفيف التشوش الفكري والمراض النفسية.
-3خفض نسبة المراض النفسية بنسبة % 40تقريبًا.
-4خفض نسبة المراض واللم العصبية ،والعظمية ،والعضلية
بنسبة % 30تقريبًا.
-5خفض نسبة أمراض الجهاز الهضمي بنسبة % 20تقريبا ً).(84
وتستأثر السياحة باهتمام متزايد من قبل الحكومات والمؤسسات
الدولية المعنية بشؤون التنمية ،لن السياحة تقدم الكثير من القطع
الجنبي الضروري لتمويل قطاعات اقتصادية أخرى ،فالستثمار في
مجالت الخدمات السياحية يمكن أن يكون مربحا من الناحية المالية مع
معدلت عالية من الدخل.
وتتعرض التنمية السياحية لبعض المشكلت البيئية الخاصة ،فالموارد
البيئية المستثمرة في السياحة تجتذب الزوار بسبب جمالها الفريد
والمتميز ،أو إمكاناتها الستجمامية ،أو القيم الثقافية أو المعرفية التي
تتمتع بها ،وغالبا ما تتعرض المناطق ذات الموارد المهمة في السياحة
كالجزر ،والجبال ،والغابات ،وضفاف النهار ،وسواحل البحار ،وغيرها
للتخريب والذى.
إن التمتع بالمحيط البيئي الذي يجتذب السياح كان يجري في الغالب
من دون مقابل ،ولم يكن يشغل بال مخططي التنمية السياحية ،ولكن
هذا المر تغير مؤخرا ولم يبق كما كان في الماضي ،بعد أن تبين حجم
الخسائر التي يمكن أن تتكبدها البيئة ،لن التوجه نحو تحقيق الحد
القصى من الرباح في مجال السياحة قد يؤدي إلى الضرار والتدهور
في التجمعات البيئية السياحية ،والماكن ذات المعالم الطبيعة الجميلة
أو المتميزة ،وذلك من خلل الفراط والمبالغة في أعمال البناء ،وفي
الكثافة الكبيرة في أعداد السياح والمصطافين أو الزوار بشكل يفوق
طاقة المكان والخدمات والتجهيزات المتوافرة فيه عن استيعاب هذه
العداد وتحملها.
والجغرافية تستطيع السهام بفعالية عالية في تخطيط المناطق
. )Pestracof . u .i , Kolosof . a . p : Economy and Ecology , Moscow , 1988 , p. 178(1 84
-96-
السياحية وحمايتها ،وأخذ العتبارات البيئية بالحسبان في كل ذلك .ويعد
التخطيط السياحي عمل متميزا وفريدا وفي صلب عمل الجغرافي،
ويهدف إلى تخطيط القاليم السياحية ،وتحديد التوزيع الفضل لمواقع
الفنادق والمنشآت السياحية والخدمات المرتبطة بها ،وتحديد الطاقة
الحتمالية بالنسبة إلى عدد السياح ،ولي نمط أو شكل آخر من أشكال
استخدام هذه القاليم ،وتختلف هذه الطاقة تبعا لمدى حساسية
المنطقة المعنية ،ولطبيعة النشاط السياحي .فبعض الوساط البيئية
تكون أكثر حساسية بيئية ،وسريعة التأثر ،ومعرضة للتخريب واختلل
التوازن البيئي فيها.
إن التخطيط السياحي فيها يتطلب دقة ودراية يتم من خللها تحديد
عدد الزائرين ،وفترات الزيارة ،وعلقة الزوار بالمحيط وعناصره
المختلفة ،لذلك فإن عملية تقييم الموارد والمعالم الطبيعية الملئمة
للسياحة ترتبط بشكل وثيق بإجراء عملية مسح للموارد الطبيعية،
والمنظومات البيئية الفريدة ،والقيم الثقافية والحضارية ،أو أية معالم
أخرى تجتذب السياحة ،وتقديرها بشكل صحيح .مع التأكيد أن أكبر ربح
يتحقق من السياحة ،هو الربح الكبير الذي يتحقق من اللتزام بالمحافظة
على معالم المحيط البيئي وحمايته.
-5-4-5دور العلوم النسانية في حماية البيئة:
عانت البيئة في الفترة الخيرة وما زالت تعاني من تغيرات شديدة
وخطيرة في كثير من الحيان ،وكان النشاط البشري السبب الرئيس في
معظمها ،هذا التأثير الذي تطور بشكل تدريجي وبطيء عبر الزمن
الطويل ،ليأخذ الشكل الصاعق والدراماتيكي بعد الثورة الصناعية ،ونحن
الن في بداية القرن الحادي والعشرين فإن المشكلة البيئية تشكل أحد
أهم المشكلت التي تواجه البشرية ،وتحتاج إلى مضاعفة الجهود المبذولة
على كافة المستويات ،وتضافر الجهود الفردية والجماعية والعلمية
ة
والنسانية ،من أجل حل هذه المشكلة أو التخفيف من حدتها ،حماي ً
للنسان والجنس البشري ،وحماية مختلف أشكال الكائنات الحية،التي
خلقها الله سبحانه وتعالى ،انطلقا ً من أهمية كل كائن حي مهما كان
بسيطا ً وإدراكا ً لدوره البيئي الذي نعرفه أو ل نزال نجهله.
صحيح أن حماية البيئة أصبحت الشغل الشاغل للكثير من المجتمعات
والمؤسسات والمنظمات الحكومية والدولية والهلية وغيرها ،ولكن
برغم تنامي هذا الهتمام العالمي بالبيئة ،فإن البيئة ليست في أحسن
حال ،بل إنها تئن وتترنح من جراء زيادة الضغط ،أو العبء البيئي عليها،
-97-
ولسباب مختلفة ،يأتي في مقدمها زيادة التأثيرات البشرية المصطنعة،
التي حاول الكثيرون معالجتها أو النظر إليها من خلل البعد التقني،
دون إيفاء أو إيلء الهتمام الكافي للبعد النساني لهذه المشكلة ،ولذلك
فمن المهم إظهار أهمية كل من العلوم النسانية ،والشرعية ،والتربوية
في حماية البيئة ،وتبيان الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به هذه العلوم
مجتمعة أو فرادى إلى جانب مختلف الفروع العلمية في نشر الوعي
البيئي وحماية البيئة.
) ،Cherbak . Z . U , Ch irnobel , Unest Magazin , Moscow , 1987 , p. 48 (1باللغة الروسية. 85
) (2ليف تولستوي ،كتابات تربوية ،ترجمة موفق الدليمي ،منشورات دار التقدم ،موسكو 1989 ،م، 86
ص3و.4
-99-
التاريخ العربي والسلمي العظيم ،تاريخ الرسل والنبياء والخلفاء
الراشدين والقادة العظماء ،لن التأكيد على هذه المبادئ والقيم النبيلة
وغرسها في فكر النسان وعقله وثقافتة ،هو الذي يجعل هذا النسان
مواطنا ً يتميز بالتفاعل الروحي مع مقدسات الوطن التي تشمل البشر
والحجر )وهذه هي مكونات البيئة(.
-دور العلوم النسانية في توطيد السلوك البيئي السليم:
إذا كانت مشكلة تلوث البيئة هي قبل كل شيء مشكلة إنسانية ،فهذا
يعني أنها مشكلة سلوكية ،تتعلق بسلوك النسان وموقفه من البيئة التي
يعيش فيها ،وبالتالي فإن معرفة أشكال السلوك النساني تجاه البيئة
مسألة مهمة لفهم المشكلة المطروحة من جهة ،وتوجيه السلوك من
خلل دعم وتقوية أو إحياء أشكال السلوك المناسبة ،أو إيجاد أشكال
جديدة من السلوك قائمة على أسس بيئية سليمة تحترم البيئة ومكوناتها
مهما كانت ،وهذا يعني أن حل المشكلت البيئة سواءً تلك التي تتعلق
بالتقدم الجتماعي ،والتطور القتصادي المتسارع ،أو تلك الناتجة عن
التخلف وسوء إدارة المشروعات القتصادية ،أو بسبب الحروب المحلية
والقليمية والدولية ،يرتبط قبل كل شيء بتعزيز دور العامل البشري).(87
وهذا التعزيز ل يمكن أن يتم إل بزيادة احترام النسان ،واحترام
قدراته ومنجزاته ،وبتضافر جميع الجهود للستفادة من الموارد الطبيعية
والبشرية بشكل عقلني ورشيد ،وهنا يتجلى بوضوح دور العلوم
النسانية في تكوين قناعات بيئية مناسبة وصحيحة لدى كل إنسان،
وهذه القناعات تحدد نشاطه النساني وسلوكه في مجال حماية البيئة،
والتأكيد من خلل كل فرع من فروعها العلمية على العلقة الوثيقة بين
تفاقم المشكلت البيئية من جهة ،وبين تدني القيم والمبادئ الخلقية
وتراجعها ،والتوجه نحو مفاهيم ومصطلحات أنانية ومغلوطة من جهة
ثانية ،وأقل ما يقال في هذه التوجهات أنها مرفوضة ومستهجنة
ومنبوذة من الشرائع الدينية ،وبعيدة عن القيم النسانية النبيلة ،التي
تكونت وتراكمت عبر الزمن ،والتي تحض على السلوك البيئي السليم
البعيد عن معايير الربح والستنزاف الجائر والمفرط للموارد الطبيعية،
الذي يؤدي إلى تأثيرات سلبية على البيئة والنسان ،وهذه التأثيرات
تتزايد بشكل تدريجي ،وتؤدي في النهاية إلى فساد بيئي ل رجعة فيه،
وهذا المهاتما غاندي يقول» :إن الرض تكفي لتوفير حاجات كل فرد،
وليس أطماع كل فرد«.
) (1محمد محمود سليمان ،التربية البيئية علم وأخلق ،مجلة بناة الجيال ،دمشق ،العدد ،25 87
) (1إيان ج .سيمونز ،البيئة والنسان عبر العصور ،ترجمة السيد محمد عثمان ،سلسلة عالم 88
) (1جان دوست ،قوة الحي )مبادئ في علم البيئة ( ،ترجمة المهندس ميشيل خوري ،منشورات 89
الحضارة( ،ترجمة د .مصطفى فهمي ،عالم المعرفة العدد ،340الكويت يونيو 2007م.
) (1جان دوست ،مرجع سابق )بتصرف ( ،ص 43ـ . 65 91
-102-
-5-4-7دور علوم الجتماع ،والفلسفة في حماية البيئة:
أيا ً كانت البيئة التي تتم دراستها ،أو الحديث عنها ،فهي تشكل مهد
النشاط البشري ،وبالتالي فهي محط اهتمام علم الجتماع الذي يهتم
بدراسة هذا النشاط ،وكذلك دراسة الظاهرات المرضية التي تتعرض لها
النظمة البيئية الجتماعية ،كالجريمة والجنوح والمخدرات والنتحار ،وبعض
المراض النفسية ،وغير ذلك من الظاهرات التي تعاني منها معظم
المجتمعات والدول ،ولكنها تشتد في المجتمعات الصناعية والمدنية بشكل
خاص.
وهذه الظاهرات تعد مشكلت بيئية ،أو هي انعكاس لهذه المشكلت
التي تقود إلى تفكك المجتمع وتعرضه لهذه المشكلت ،وعلم الجتماع
مع غيره من العلوم النسانية يقوم بدراسة هذه المشكلت ،وتقصي
أسبابها ،ومصادرها ونتائجها ،والعمل على الوقاية منها ،من خلل دراسة
الظروف الطبيعية والجتماعية المحيطة بالنسان والتي تدفعه للقيام
بأفعال معينة .بما في ذلك دراسة مسائل مثل النفجار السكاني ،وأثره
في البيئة ،وما يتطلبه حل هذه المسائل من تنظيم السرة والستفادة
من التجارب والخبرات المناسبة للدول الخرى في هذا المجال.
أما الفلسفة فقد كان ول يزال لها دور مهم في حماية البيئة ،وقد
طرح العديد من الفلسفة مبادئ بيئية )إيكولوجية( هامة ،تؤكد أهمية
العلقة بين النسان والبيئة ،وكمثال على ذلك المبدأ الذي طرحه
الفيلسوف فرانسيس بيكون ،في القرن السابع عشر عندما قال :إننا ل
نملك حق إصدار القوانين للطبيعة بقدر ما نملك من تقديم فروض الولء
والطاعة لها.
وتم طرح الكثير من النظريات والفكار والمبادئ المشابهة ،التي
تدعو إلى وحدة النسان والطبيعة ،ووحدة الوجود ،وخطر اعتبار النسان
سيد الطبيعة وفوق قوانينها ونواميسها.
أو كما يقول آرن نايس ،في رؤيته تحت عنوان اليكولوجيا العميقة:
إننا بحاجة إلى فلسفة سياسية وأخلقية جديدة ترى البشر من حيث هم
في الطبيعة ومنها وبها ،وليسوا متعالين عليها) .(92كما اهتم الكثير من
الفلسفة والمفكرين العرب والمسلمين بالبيئة وحمايتها ،مثل ابن
خلدون وغيره ممن تحدثنا عنهم في غير مكان في هذا الكتاب) .(
) (1أنطوني جيدنز ،بعيدا ً عن اليسار واليمين ،ترجمة شوقي جلل ،سلسلة عالم المعرفة ،العدد 92
عالم المعرفة بعنوان الفلسفة البيئية ،تحرير مايكل زيمرمان ،ترجمة معين شفيق رومية،
-103-
-5-4-8دور العلوم الدينية في حماية البيئة:
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون وسخر الرض وما يحيط
بها ليوفر للنسان مقومات الحياة وعوامل البقاء ،وهو بذلك يعينه
على أداء مهمته التي خلقه من أجلها التي تتلخص في إعمار هذا
س إ ِل ّ
لن َ
وٱ ِ
ن َ ت ٱل ْ ِ
ج ّ خل َ ْ
ق ُ ما َ الكون وعبادة الله ،يقول تعالىَ :
و َ
ن ) الذاريات ،(56وإذا كان المر كذلك فحري ببني النسان دو ِ
عب ُ ُ
ل ِي َ ْ
اللتزام في تعاملهم مع البيئة بالقيم والمبادئ التي أمر بها الخالق،
وأوصى بها الرسل والنبياء في الديانات السماوية جميعا ،اليهودية
والمسيحية والسلمية ,وقد حض الكثير من رجال الدين في العديد من
دول العالم ،وفي الكثير من المناسبات والمؤتمرات ،على أهمية حماية
البيئة وتطبيق التفاقات الدولية لحماية البيئة ،والمحافظة على
نظافتها وعلى مختلف مواردها من التلوث والتخريب أيا كان سبب
ذلك ،وعدم الفساد في الرض وحماية الحرث والنسل والرأفة
بالحيوان وغيره من الكائنات الحية التي تشارك النسان الحياة على
هذه الرض.
ولكن النسان وللسف في كثير من الحيان لم يلتزم بهذه
القواعد والمبادئ ،وأساء التعامل مع البيئة لسباب كثيرة ،مما أدى إلى
تلوث الهواء والماء والتربة.
وعلى سبيل المثال فإن الدين السلمي الحنيف يحض على حماية
البيئة وعلى النتفاع بمواردها بالشكل السليم والصحيح الذي يرضي الله
سبحانه وتعالى ،ويصون البيئة من التلوث والفساد .ولن النسان يعد
جزءا من الكون الفسيح ولكنه يعد الجزء المتميز والفريد في البناء
الكوني ،لقد منحه الله العقل والفؤاد والحواس ،ويقول تعالى :لقد
خلقنا النسان في أحسن تقويم ) التين .(4وقوله )وهديناه النجدين(
)البلد .(10
إن صلة النسان بالكون كما يصفها القرآن الكريم هي صلة
الستثمار والنتفاع والتعمير والتسخير ،وهي صلة العتبار والتأمل
والتفكير في الكون وما فيه ،وقد قضت حكمة الله أن يستخلف النسان
في الرض .لذلك فالنسان الذي يعد جزءا من الرض ،وعنصرا من
عناصرها هو أيضا يمكن اعتباره مديرا لها وليس مالكا لها ،ومنتفعا بها
ل متصرفا مطلقا بها ،بمعنى أن النسان مستخلف على إدارتها
واستثمارها ،وهو بذلك مؤتمن ،عليها ومن واجبه المحافظة على هذه
المانة والتصرف فيها تصرف المين في حدود أمانته.
الكويت ،أكتوبر ،ونوفمبر 2006م .
-104-
الموارد ملكية مشتركة الواجب حمايتها:
إن جميع موارد الحياة خلقها الله ،والنتفاع بها يعد في نظر
السلم حقا للجميع ويجب أن يراعى أثناء التصرف فيها حق جميع
الناس ،ومصلحة الناس الذين هم شركاء فيها سواء كانوا من الجيال
الحالية أو من الجيال القادمة ،ويجب عدم النظر إلى هذه الموارد وحق
النتفاع بها على أنها محصورة في جيل معين أو عدد من الجيال دون
غيرهم ،بل هي ملكية مشتركة لجميع الجيال في كل مكان وزمان ينتفع
بها كل جيل بحسب حاجته من دون الخلل بمصالح الجيال القادمة.
إن حق النتفاع والستثمار والتسخير الذي شًرعه الله للنسان
يتضمن بالضرورة التزاما من النسان بالمحافظة على الموارد الطبيعية
من ناحيتي الكم والنوع ،فلقد خلق الله للنسان جميع أسباب الحياة
لتحقيق الهداف التالية :التفكر والعبادة والسكن والتعمير وغير ذلك فل
يجوز للنسان إفساد البيئة وإخراجها عن طبيعتها المناسبة لحياة
النسان وغيره من الكائنات الحية التي تشاركه الحياة على هذه الرض.
هذا وقد قضت حكمة الله سبحانه على توظيف بعض المخلوقات
لخدمة بعضها الخر دليل على العناية اللهية التي تلحظ الكون كله بكل
ما فيه ،وًبين القرآن الكريم أن كل كائن حي مما نعلمه وما ل نعلمه في
هذا العالم له وظيفتان ،وظيفة اجتماعية لخدمة النسان وتبادل
الخدمات ،ووظيفة دينية كونه آية تدل على وجود خالقه وعلم وحكمة
ول َ َ َ
ر
طائ ِ ٍ ض َ في ٱلْر ِ ة ِ دآب ّ ٍ
من َ
ما ِ هذا الخالق العظيم .يقول تعالىَ :
و َ
م إ ِل َ ٰى فّرطَْنا ِ َ ُ
ء ثُ ّ
ي ٍ
ش ْ من َ
ب ِ في ٱلك َِتا ِ ما َ مَثال ُك ُ ْ
م ّ مأ ْ ه إ ِل ّ أ َ
م ٌ حي ْ ِجَنا َطيُر ب ِ َ يَ ِ
ن ) النعام .(38 شُرو َ ح َ م يُ ْه ْ َرب ِ
ومما يدل على العلقات الوظيفية بين عناصر البيئة مثل أن الله
جعل الماء أصل الحياة ومنشأها ،إذ يقول تعالى) :وجعلنا من الماء كل
شيء حي( .فالنبات والحيوان والنسان وغير ذلك من الكائنات الحية
يرتبط وجودها بوجود الماء واستمرار حياتها متوقف على توافره.
وتقدم المياه والمسطحات المائية الكثير من الفوائد والمنافع
البيئية والقتصادية والصحية ،ولذلك فإن المحافظة على المياه تعد
أساس المحافظة على الحياة بأشكالها المختلفة ،وعمل بالقاعدة
الفقهية التي تقول :ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب .فإن حماية
المياه تعد واجبا مقدسا ل يمكن تجاهله بأي شكل من الشكال ،لن
تلويث المياه وتعطيل إمكانية الستفادة منها هو تعطيل للحياة
بأسرها ،وإهداره أو تلويثه أو تعطيل إمكانية الستفادة منه يعد من
المور المحرمة لن القاعدة الفقهية تقول :ما أدى إلى الحرام فهو
-105-
حرام.
والهواء ل تقل أهميته عن أهمية الماء وهو ضروري لستمرار الحياة
والمحافظة عليها ،فالهواء ضروري للتنفس ،وضروري للقيام بوظيفة
التلقيح ونقل غبار الطلع من مكان إلى آخر ،والكتل الهوائية تقوم
بتحريك الغيوم والسحاب من مكان لخر ،والرياح بدورها هي آية دالة
على قدرة الله وإتقان صنعته وربما لها وظائف كثيرة لم يتعرف إليها
النسان بعد .وإذا كان للهواء جميع هذه الوظائف الحيوية الهامة ،فإن
المحافظة عليه نظيفا يعد جزءا من المحافظة على الحياة نفسها.
إن هذا الكون المتوازن يشكل نظاما مترابطا متكامل ،تتحرك فيه
كافة المسخرات من مجرات وسدم ونجوم وكواكب وأقمار حركة دائمة
متوافقة تحكمها قوى محددة .وبالتالي فإنه ل يجوز لنا تجاهل مدى
الخطار التي يمكن أن تسفر عنها التدخلت غير الرشيدة للنسان في
النظام البيئي لن الخلل في نظام بيئي معين يؤثر سلبا في سائر
النظمة البيئية الخرى.
-تنمية مستدامة:
إن دعوة السلم إلى حماية البيئة من التلوث ل تنطلق من المصلحة
الذاتية النية ،وإنما تنطلق من رؤية بعيدة المدى تهدف إلى الصلح
وعدم الفساد ،وحرص السلم على نظافة البيئة وحماية مواردها
الطبيعية من التلوث والستنزاف يقوم على مبدأ الوعي الجتماعي.
وكما أنه يوجد توازن طبيعي ،يوجد أيضا ً توازن اجتماعي ،والتوازن
الجتماعي أو توازن البيئة الجتماعية يتحقق من خلل الصراع بين
الخير والشر ،بين الحق والباطل ،فالتوازن ليس توازنا جامدا ً وإنما هو
توازن متحرك يقوم على الصراع والتناقض والتنافس بين القوى
المختلفة.
ولن الشجار والنباتات تؤدي عمل مهما في تنقية الهواء من
الغبار ،وتمتص كميات كبيرة من الملوثات والغازات السامة ،وكذلك
المطار تؤدي وظيفة وقائية للبيئة ،إلى جانب دورها الرئيس في إحياء
الرض ونمو النبات والكائنات الحية الخرى ،فهذه المطار تساعد في
تنظيف الغلف الجوي من الملوثات التي تسقط معها ،ولكن في حال
زيادة درجة التلوث فإن هذه العمليات الطبيعية التي تقوم بها المطار
أو النباتات والشجار تصبح عاجزة عن تنقية الغلف الجوي من
الملوثات ،وهذا يعني أن التلوث تجاوز قدرة الطبيعة على احتوائه
-106-
والتخلص منه .وكما هو حال الشجار والمطار فإن العديد من
الحشرات والطيور والقوارض والحيوانات تساهم بشكل أو بآخر في
حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها وتوازنها.
مما سبق يتبين لنا أن التلوث الذي يشكل خطورة حقيقية للنسان،
ويسبب له القلق والزعاج ،ويدفعه إلى البحث عن أسبابه ومحاولة
التوصل إلى إيجاد السبل الكفيلة بالوقاية منه وعلجه ،وإيجاد الحلول
المناسبة له ،هو التلوث الذي يتجاوز القدرة الستيعابية للبيئة وهو في
أغلب الحيان من صنع النسان ،وهو مخالفة لسنن الله في الكون،
وينجم عن سلوك بشري يتعارض مع قوانين الطبيعة التي خلقها الله.
-108-
الفصل السادس
الغلف الحيوي )البيوسفير(
الغلف الجغرافي )الجيوسفير( -
الغلف الجغرافي والمجال الجغرافي -
الغلف الحيوي )تعريف الغلف الحيوي( -
الكوارث التي تعرض لها الغلف الحيوي -
أسباب الكوارث التي تعرض لها الغلف الحيوي -
الغلف الحيوي المعاصر -
الوسط الحيوي والوسط العقلي -
حماية الغلف الحيوي -
تأثير النسان في الغلف الحيوي في سوريا والوطن -
العربي في العصور القديمة .
-109-
-6-1الغلف الجغرافي ):(Geosphere
) (1الصديق محمد العاقل ،وآخرين ،تلوث البيئة الطبيعية ،مرجع سابق ،ص 23 93
-110-
تتطابق مع حدود الوسط الجغرافي وتشمل كل مجالت انتشار النشاط
البشري ،وتدرس في إطار ما يسمى دراسة الوسط المحيط )أي النسان
والمجتمع والطبيعة(.
وإذا كان الغلف الجغرافي قد ظهر إلى الوجود خلل فترة طويلة من
الزمن تمتد مليين السنين ،فإن هذا الغلف تعرض خلل تلك الزمان إلى
تغيرات مهمة في بنيته ،وخاصة بعد ظهور النسان قبل نحو مليوني سنة
من الوقت الحاضر ،وقد تدرجت هذه التأثيرات منذ ظهور النسان الهبي ثم
النسان العاقل )إنسان جاوة ونياندرتال( ،وصول ً إلى النسان العاقل
العاقل أو الحالي الذي طور الزراعة والصناعة وأهل الحيوان ،واستخرج
المواد الولية وغير ذلك.
) (1معين حداد ،الجغرافيا على المحك ،مرجع سابق ،ص 169و. 170 94
-111-
-6-2الغلف الحيوي ):(Biosphere
إن الغلف الحيوي بشكل عام هو كل مكان يوجد فيه أي شكل من
أشكال الحياة مهما كانت بسيطة ،مع ذلك فهو يشغل حيزا ً يسيرا ً جدا ً
في الفراغ الكوني ،بينما يشكل الكون نظاما ً كونيا ً ليس له حدود أو
نهاية في الزمان والمكان المعروفين ،كما أن عمر الكون وحجمه خارج
إدراك النسان العادي ،وهذا النظام الكوني غير المتناهي يضم نحو مائة
مليار مجرة ،وفي كل مجرة نحو مائة مليار نجم ،أي أنه يوجد في
المجرات عشرة مليارات تريليون من النجوم).(96
Prokhorov, A , M.Abachidzy , I , V , Azimov , P , A and anothers , Biological Encyclopedia , Sovietcky Encyclopadia Press , )(1 95
-112-
ل تشغل الكرة الرضية سوى ذرة صغيرة فيها) .(
)♣( السنة الضوئية ،هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة بسرعة تعادل 299.792كلم في
الثانية ،أي أن السنة الضوئية تعادل 9461مليار كلم .ومجرة درب اللبانة ،تم اكتشافها بواسطة
منظار )تلسكوب ( غاليلو عام 1610م .
-113-
الثدييات ،وفيه انتشرت الثدييات والحيوانات الوحشية والحيوانات ذات
الحوافر ،وحدث تطور كبير للنباتات الزهرية والغابات ،ودخلت الثدييات
مرحلة الذروة بظهور الرئيسات ) ،(Primatesالتي تعد أجداد القردة
والسعادين).(97
) (3جورج نيسبت ،الخروج من جنة عدن ،مرجع سابق ،ص . 19 99
) (1ويلسون ،إ ،ا .تهديدات للتنوع الحيائي :مجلة العلوم المترجمة ،المجلد ،7العدد ،3آذار 100
،1990ص . 31
-114-
وبعد هذه الكارثة بدأت الفقاريات البحرية بالتنوع ،وكذلك تنوعت
الزواحف ،وسادت الديناصورات ،ويسمى الزمن الجيولوجي الثاني،
الميزوزوي ،بزمن الزواحف ،ولكن هذه الزواحف العملقة أصبحت ضحايا
الكارثة التالية ،وهي الخامسة والخيرة والمشهورة أكثر من غيرها ،هي
تلك الكارثة التي حدثت في نهاية الدور الكريتاسي من الزمن الجيولوجي
الثاني ،منذ نحو 65مليون سنة ،وأدت إلى انقراض الديناصورات و
الزواحف العملقة التي كانت أحجامها تبهر الخيال ،مثل حيوان
تيريانوساورس بطول أكثر من 15مترًا ،وكان يستطيع بأسنانه القوية
حمل وحيد القرن ،وفي عام 1972م ،اكتشف في ولية تكساس
المريكية هيكل عظمي لحد الزواحف المجنحة ،من نوع البتروداكتيلت،
وقدر العلماء أن طول جناحه يبلغ 15.5مترًا.
وقد انقرضت كل هذه الديناصورات الضخمة ،وهذا النقراض أدى
إلى حدوث فراغ على سطح اليابسة ،وهذا ما هيأ الظروف لظهور
الثدييات الكبيرة ،والطيور ،خلل الزمن الجيولوجي الثالث ،وظهور
الجنس البشري في الزمن الرابع أي منذ 3 - 2مليون سنة.
مليون سنة
أسم
تطور الحياة مدة البداي الفتر
الزمن
الستمرا ة ة
)الحقب(
ر والنهاية
تطور البشرية،
3 -3 النثر الزمن
ظهور النسان العاقل
صفر وبوكي الرابع
تطور العالم النباتي
والحيواني المعاصر، 22 - 25 النيو الكاينوز
ظهور السلف 3 جين وي
المباشرة للنسان )الزمن
المعاصر الثالث(
ازدهار النباتات
42 - 67 البالي
مغطاة البذور ،ظهور
25 وجين
الطيور والثدييات
وتطورها
ظهور النباتات
مغطاة البذور ،انقراض 70 137
الزواحف العملقة، 67 - الكري
استمرار طمر المزيد تاسي
من الحمض الكربونية
الميزوز
على شكل كربونات
-115-
الكالسيوم
وي
استمرار ازدهار )الزمن
195
النباتات عارية البذور، 58 الجو
137 - الثاني(
ظهور السلف راسي
المباشرة للطيور
استمرار ازدهار
230
النباتات عارية البذور، 35 التري
195 -
النتشار الواسع اسي
للزواحف العملقة
استمرار تطور
285
النباتات العارية البذور، 55 البرم
230 -
موت النباتات عريضة ي
الوراق العملقة الباليوز
ازدهار الشجار وي
والنباتات الضخمة 350 الكار )الزمن
65
الدائمة الخضرة 285 - بوني الول(
والعريضة الوراق،
وتزايد الحيوانات
البرمائية بكثرة وتكون
مستحاثات الفحم
الحجري
ظهور النباتات
60 410
الوعائية على اليابسة، الديف
350 -
ظهور الحشرات وأولى وني
الحيوانات الفقارية
ازدهار الحيوانات 440
30 السي
اللفقارية البحرية 410 -
لوري
ظهور النباتات
60 500
الرضية الدنيا الورد
440 -
وانتشارها ،وظهور وفيشي
الحيوانات اللفقارية
وانتشارها على اليابسة
ظهور وانتشار واسع
70 570 الكام
للحيوانات اللفقارية
500 - بري
البحرية
160
103 العل
-0
ظهور كائنات متعددة 0 ى البروتي
570
الخليا ،وانتشار روزي
البكتريا والفطور 190 )زمن
300 الو
والنباتات المائية بشكل -0 الحياة
سط
كبير 1600 المبكرة(
260
700 الس
-0
فل
1900
كائنات حية بسيطة 350
900
وحيدة الخلية مؤهلة -0 متأخ الرشيو
للقيام بالتركيب 2600 ر زي
الضوئي وتثبيت )الزمن
النتروجين القديم(
-116-
الكائنات الولية التي 100
وجدت في جو خال -0 قبل مبكر
من الكسجين 1500 3500
وفي بداية الزمن الرابع ،في البليستوسين ،منذ نحو مليوني عام
حدثت كما هو معروف تغيرات مناخية مهمة ،وتعاقب لفترات جليدية
وأخرى دافئة وماطرة ،بشكل مختلف في مناطق مختلفة من العالم،
وتعرضت الكائنات الحية في هذه الفترة لبعض حوادث النقراض ،أهمها
انقراض الثدييات الكبيرة والطيور ،مثل حيوان الكسلن العملق ،Megaterium
منذ حوالي 11ألف عام فقط.
)) Nivrozov . z , Natur Never Forbids Mistakes , Moscow , Misl , 1988 , P. 13 (1باللغة الروسية(. 101
) (2طالب عمران ،الكون يكشف أسراره ،دار معد للنشر والتوزيع ،دمشق 1991م ،ص .75 102
-117-
أو مقاومتها) .(103مما أدى بالنتيجة إلى انقراض هذه الكائنات الحية.
-4رأي أو فرضية رابعة ،تسمى أحيانا ً بفرضية التصادم ،ويرى
أصحابها :أن حوادث النقراض نجمت عن تصادم الكثير من النيازك
والمذنبات والكويكبات بسطح الرض ،وأنه كان يحدث كثيرا خلل مليارات
السنين اصطدام كويكب أو مذنب بالرض بسرعة تزيد أحيانا ً بمقدار 50
مرة عن سرعة الصوت ،وهذا يؤدي إلى دفع الحطام الصخري ،وتبخير
أطنان من الصخور الصلبة ،وتحرير طاقة كبيرة جدا ً قد تعادل الطاقة التي
يحررها انفجار كامل الترسانة النووية المعاصرة ،وإحداث فوهة كبيرة في
الرض ،وقد اكتشف حتى الن أكثر من 120فوهة من فوهات التصادم
في العالم ،يتراوح عمرها من عدة ألف من السنين ،إلى نحو ملياري سنة،
وأشهر هذه الفوهات تلك الموجودة في صحراء أريزونا في الوليات
المتحدة المريكية ،وتعود إلى نحو 30ألف سنة) .(104والشكل ) (19يوضح
فوهة التصادم في أريزونا.
-5رأي آخر يقول :إن انقراض الكائنات الحية تعود أسبابه إلى
النخفاض التدريجي لمستوى سطح مياه البحار التي كانت تغطي معظم
أوروبا ،وكل شمال أفريقيا والصحراء الكبرى ،والشرق الوسط،
ومساحة كبيرة من شمال غرب أمريكا الجنوبية ،وهذا النخفاض أو
النحسار التدريجي لمياه البحار أدى إلى انقراض نحو % 80من الكائنات
الحية ،ومن القائلين بهذا الرأي عالم الحافير الفرنسي ليونار
جينسبرغ.
ي من هذه الراء والفرضيات لم تحظ باتفاق تام بشأنها،
وإذا كان أ ّ
فإن السؤال المطروح ،ما لذي سبب بالفعل كوارث النقراض
الجماعي ؟؟
وإذا كانت الجابة ل تزال صعبة والسباب غير مؤكدة ،ونحن ل
نعلم عنها إل القليل ،فإنه يمكن الوصول إلى نتيجة مفادها أن تلك
الحوادث سببها تغيرات هامة في العوامل والظروف البيئية السائدة
آنذاك ،لم تستطع الكائنات الحية التكيف والتأقلم معها و بالنتيجة
تعرضت للموت والنقراض.
) (1ماك الستر ،إ ،ل :تاريخ الحياة ،ترجمة ،د .فؤاد العجل ،مطبوعات جامعة دمشق1978 ، 103
م.
) (2كريف ريتشارد ،تشكل فوهات التصادم على الرض ،مجلة العلوم المريكية المترجمة ،العدد 104
) (1مجلة البيئة والتنمية ،المجلد الثالث ،العدد ،14بيروت ،1998ص . 30 105
). Edward Wolve , Avoiding Overall Extinction of Species , World State , Moscow , Progress Home , 1989 , P . 277 (2 106
) (1محمد محمود سليمان ،تاريخ نشأة وتطور الغلف الحيوي ،مجلة دراسات تاريخية ،جامعة 107
) (2إيان ،ج ،سيمونز :البيئة والنسان عبر العصور ،ترجمة السيد محمد عثمان ،عالم المعرفة، 108
)) . Astatin. L . P , Blacosklonov . K . N , Nature Conservation , Kolose Press , Moscow , 1984 , p . 32 (2باللغة 110
الروسية ( .
-120-
الغلف وإعادة تكوينه.
كما أن غلف التفكير أو الوسط العقلي هذا ليس خارج الوسط
الحيوي أو فوقه ،ولكنه مرحلة طبيعية من مراحل تطوره ،وهذا ما أكد
عليه فيرنادسكي ،وأكد على مشاركة مختلف العلوم في تحليل ما
سمي بالدور الجيولوجي للنسان ،باعتباره بمثابة قوة جيولوجية ،أو
يوازي القوى الجيولوجية المؤثرة في تكوين وتطور الغلف الحيوي .أما
دي شاردن فقد تصور في كتابه )إعجاز النسان( ،بأن النووسفير هو
نظام مغلق وكل عنصر فيه »بشكل منفصل« يرى ويشعر ويتمنى
ويتألم مثل الجميع ومعهم في نفس الوقت).(112
والحديث عن النووسفير أو غلف التفكير ،بهذه البساطة ل يعني أنه
مكان محدد ،أو جزء من مكان محدد ،ولكنه يعني الحديث عن عصر كامل
هو عصر النووسفير ،الذي يعني بأن تطور كوكب الرض يجب أن يتم
بتوجيه من العقل ،العقل الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للنسان ،خليفته
في الرض الذي ارتضى حمل المانة الثقيلة والصعبة التي أبت الجبال
حملها.
وهكذا يتسع مفهوم النووسفير ويزداد عمقا ً ليشمل مجموعة من
المشكلت التي يجب إيجاد الحلول لها ،من أجل تحقيق إمكانية التطور
الموجه بشكل عقلني للغلف الحيوي ،والعقل في عصر النووسفير تقع
على عاتقه مسؤولية تطور البشرية المقبل ،وصيانة تراثها وحضارتها
وحمايته ،وتحديد أهداف هذا التطور ،والكيفية التي يجب أن يكون عليها,
كما أن دخول البشرية في هذا العصر يعني أن تطور الحياة على سطح
الرض قد دخل مرحلة جديدة ،أو مسارا ً تاريخيا ً جديدًا ،خط سيره المقبل
يجب أن يؤمن النسجام والتطور المشترك للنسان والوسط الحيوي الذي
يعيش فيه.
ويرى الكثيرون أن النسان ل يزال قادرا ً على تجاوز الكارثة ،أو
اللعنة البدية كما توصف أحيانا ً ،أو بتعبير آخر فإن النسان والبشرية ل
يزال قادرا ً على تجاوز الحدود التي يبدأ معها طريق اللعودة ،لنه خارج
هذه الحدود يدخل الوسط الحيوي حالة جديدة ليس من السهل التكهن
بنتائجها ،ول يستثنى من ذلك احتمال أن يصبح الوسط الحيوي مكانا ً ل
وجود للنسان فيه ،والله أعلم.
(.
) (1إبراهيم نحال ،النظمة البيئية وعلقتها بحياة النسان ،مجلة العلوم والتكنولوجيا ،العدد 112
-122-
من الحيوانات المختلفة بما فيها الثدييات والزواحف والحياء البحرية
والبرمائية .إضافة إلى الطيور والكائنات الحية الدقيقة وغيرها.
وينتشر هذا التنوع الحيوي الكبير في بيئات متنوعة مناخيا ً صحراوية
ومدارية وشبه مدارية ومعتدلة وغيرها ،ومتنوعة تضاريسيا ً من جبال
وهضاب وسهول ووديان الخ ،..غير أنه وبسبب زيادة الضغط على هذه
البيئات ،وزيادة الرعي ،الجائر والحتطاب ،وقطع أشجار الغابات
وحرقها ،وزيادة نحت التربة وتعريتها ،والتوسع العمراني العشوائي،
والتصحر ،وزيادة تلوث الماء والهواء والتربة ،واستنزاف الموارد
الطبيعية ،والستغلل غير العقلني وغير المنظم لها ،وغيره ،أضف
إلى ذلك التغيرات المناخية وسيادة الجفاف لفترة طويلة من الزمن،
إضافة إلى ما تتعرض له بعض هذه البيئات من كوارث طبيعية أو صنعية.
وبسبب كل هذه التأثيرات وغيرها الكثير فإن الوطن العربي بكافة
بلدانه أصبح يعاني من تناقص كمي ونوعي في العالم الحيوي ،وتراجع
الذخر أو الغنى الوراثي بشكل عام.
وبالتالي فإن هذه التأثيرات السلبية أدت إلى خلل في التوازن
البيئي ،وإلى تعرض الكثير من أنواع الحياء البرية والمائية لخطر
الموت والنقراض.
وبالعودة للدراسات التاريخية والثرية المتوفرة ،نجد أن الوطن
العربي كان في الماضي القريب أكثر غنى بالتنوع الحيوي مما هي عليه
الن ،فقد كانت بلد ما بين النهرين ووادي النيل غنية بمختلف أنواع
الكائنات الحية ،وفيها مارس النسان ولول مرة حرف الصيد والجمع
والرعي والزراعة ،وعرف الستقرار حيث بنى المدن وأشاد الحضارات.
وفي هذه المدن بنى الحدائق كالحدائق المعلقة في بابل ،وحدائق مصر
أيام الفراعنة ،ويقدر أنه أثناء حكم الفرعون رعمسيس الثالث - 1198
1166ق .م ،تم إنشاء 514حديقة لتأمين الرطوبة والظل والجمال،
ولكن القطع المستمر للشجار والتأثيرات السلبية للسكان أدى إلى
تدهور البيئة والقضاء على غابات الصنوبر والبلوط وتخريب الوسط
المحيط).(113
ودلت التنقيبات الثرية في موقع تل أبي هريرة على ضفاف نهر
الفرات )في سورية( ،أنه كان يقطن هذا المكان منذ 11ألف سنة،
مجموعة من الصيادين الجماعين ،وحدث هنا صيد مكثف للغزلن استمر
للقرون العشرة التالية ،ولم يتوقف إل عندما استنزفت قطعان الغزلن
بشكل كامل ،وصيد الغزلن هنا لم يكن موسميا ً أو انتقائيا ً بل كان يتم
صيد القطيع بالكامل ،ومنذ ذلك التاريخ وطريقة الصيد الجماعي لقطعان
) ،Kotcheryve . V . A , Environment Of citys , Lvov 1984 ,P . 13 (1باللغة الروسية . 113
-123-
الغزلن مستمرة في سورية والردن والسعودية وشبه جزيرة سيناء).(114
وإذا كان القسم الكبر من الشرق الوسط يتألف حاليا ً من صحاري
صخرية أو رملية جرداء تلظيها أشعة الشمس ،فقد كانت سورية في
وقت ما ،تزود مصر بحاجتها من الخشاب ،وتزود روما بالنبيذ والزيت،
وقد كان هناك وقت قام فيه هانيبعل بصيد الفيال لجيشه في غابات
شمال إفريقيا الفسيحة ،وشجرة الرز التي كانت تغطي ذيول سلسل
الجبال التي غدت الن مقفرة).(115
وخشب الرز كان عامل ً مهما ً في تنشيط الحركة التجارية والبحرية
للفينيقيين ،الذين استعملوه في بناء أساطيلهم وفي تجارتهم مع
الشعوب المجاورة لهم كالفراعنة ،كما أن الفينيقيين قدموا خشب
الرز إلى الملك الشوري سرجون الثاني لبناء قصره ،وقد بينت
الدراسات التي تمت في سورية ،أن الشجار قاسية الوراق
كالسنديان والبلوط والزيتون والبطم والصنوبر ،كانت موجودة في
سورية منذ 80ألف سنة) .(116
ولكن كثافة الشجار في المنطقة كانت تتعرض للتغير بشكل
مختلف من فترة لخرى بحسب الظروف المناخية والتأثيرات الطبيعية
والبشرية الخرى.
وكانت الغابات في سورية تشغل حتى فترة قريبة % 30 - 20من
مساحة سورية ،بينما هي الن ل تشغل سوى % 3 - 2منها ،وحال
العالم الحيواني ليس بأفضل من حال العالم النباتي ،حيث تعرضت
الكثير من الحيوانات للنقراض أو هي مهددة كليا ً به ،ومن هذه
الحيوانات الغزال والخنزير البري والضبع والدب السوري والفهد
والسد والوعل والخدري والفيل وفرس البحر والحمار الوحشي
وغيره ،ومن الطيور التي انقرضت أو هي مهددة بالنقراض نهائياً،
النسر الذهبي والصقر والكدري والدراج والقطا والنعام والحباري
وغيرها) .(117
-6-3-1تأثير النسان في البيئة السورية في عصور ما قبل التاريخ:
إن تاريخ هذه المنطقة من العالم المسماة حاليا ً )سورية( يشكل
أول فصل في تاريخ الحضارة البشرية ،وكان له أعظم الثر في مجريات
الحضارات المتعاقبة ،وفي هذه المنطقة تم العثور على اكتشافات
مهمة تدل على حدوث تغيرات بيئية معينة ،طبيعية وبشرية ،امتدت عبر
الزمن ،منذ العصور الحجرية القديمة ،مرورا ً بالعصور التاريخية ،وحتى
) (2ليك ،أ ،ج :كونوي .ب .ر :صيد الغزلن في العصر الحجري في سورية ،مجلة العلوم 114
. 185
) (2إيغور أداباشيف ،النسان والبيئة ،ترجمة عبد الله حبة ،دار مير للطباعة والنشر ،موسكو 116
،1985ص . 23
) (3محمد العودات ،التلوث وحماية البيئة ،الهالي للطباعة والنشر ،دمشق .1988،202 117
-124-
الزمن الحاضر .وكما قال أحد المفكرين :لعل تاريخ النسان وتاريخ
الحضارة بصفة عامة يختزلن داخل وعي النسان بالمسألة البيئية).(118
إن هذه التغيرات المتمثلة بالتغيرات المناخية ،وتغير الظروف
الجغرافية ،والتعرض لبعض الكوارث الطبيعية ،وكذلك إلى الكوارث
البشرية المصطنعة المقصودة أو غير المقصودة ،وكذلك زيادة عدد
السكان في التجمعات البشرية المختلفة ،وفي عصور مختلفة ولسباب
مختلفة ،وتعرض الكثير من الكائنات الحية النباتية والحيوانية للنقراض
لسبب أو آخر.
إن جميع هذه التغيرات البيئية المختلفة ،السلبية أو اليجابية كان
لها أكبر الثر في مجريات الحداث التي عرفها وتعرض إليها سكان هذه
المنطقة من العالم ،بل وسكان المناطق والحضارات المجاورة التي
كانت تربطها بها علقات وتأثيرات متبادلة ل يمكن تجاهلها سواءً أكانت
هذه العلقات وطيدة وجيدة في فترات السلم ،أم عدائية وسيئة في
فترات الحرب ،ومما ل شك فيه أن النسان عنصر مؤثر ومتأثر بهذه
التغيرات البيئية ،وهي ذات تأثير محدد على النسان وعلى الوسط
المحيط به ،حيث تؤدي إلى التطور والنمو والزدهار ،أو إلى التقهقر
والنعزال والتخلف ،وربما تدهور الموارد البيئية والقضاء عليها.
تحديد المكان والزمان
عندما نتحدث عن التغيرات البيئية التي تعرضت لها المنطقة
المسماة حاليا ً سورية ،في عصور ما قبل التاريخ ،من الصعب جدا ً وضع
تحديد دقيق لها .لن أصل تسمية سورية والمجال الجيوبوليتيكي والجيو
تاريخي لها قد تغير عبر آلف السنين حيث ارتبط اسم سورية باسم
أقدم هو أشور ،Assyrieإنها التسمية المختصرة اليونانية كما خلفها
هيرودوت للتاريخ 420 - 484ق .م ،ومنذ القدم عبر هذا السم عن
مجال جغراسي معين يشار إليه بتسميات شتى منها سورية الطبيعية،
سورية الكاملة ،سورية الكبرى ،أرض العموريين ،بلد أرام ،بلد الشام أو
بر الشام).(119
إن المنطقة المقصودة هنا تقع بشكل عام ضمن هذا الطار ،مع
التركيز بشكل خاص على المساحة التي تشغلها سورية الحالية .إن هذه
المنطقة الممتدة بين القارات القديمة الثلث ،تشكل وحدة أساسية في
بيئتها الطبيعية تلتقي وتتقاطع مع بيئات جغرافية متنوعة ،سمحت بوجود
وحياة وتطور أنواع مختلفة من الكائنات الحية النباتية والحيوانية عبر
الزمن.
) (1مختار بوخريص ،مقالت ومقولت في التربية البيئية ،جمعية حماية الطبيعة والبيئة بالقيروان، 118
) (3م .ليكي ،أ ،وولكر :مستحاثات بشرية من أفريقيا ترجع إلى نحو أربعة مليين سنة ،مجلة 122
)♣( للمزيد من المعلومات عن تأثير النسان في البيئة السورية في العصور القديمة ،يمكن
الرجوع إلى بحث المؤلف ،المنشور في مجلة دراسات تاريخية ،جامعة دمشق ،العددان 94 - 93
آذار -حزيران 2006م .
) (1سلطان محيسن ،بلد الشام في عصور ما قبل التاريخ ،الصيادون الوائل ،دار البجدية 123
ويعتقد أنه لحقا ً وفي العصر الحجري الوسط ،خاصة منذ اللف
العاشر قبل الميلد أصبحت بيئة بلد الشام قريبة من واقعها الحالي،
وقد تحسنت الظروف البيئية ،وتميزت هذه الفترة بتطور وسائل الصيد
البري والبحري والعمران وفنونها ،وتزايد أعداد السكان ،واعتماد غذائهم
على صيد الغزلن ،والثيران ،واليائل ،والخنازير ،والطيور ،والتقاط
النباتات البرية ،وخاصة القمح والشعير ،وتدل الدراسات أن سورية كانت
في العصور القديمة غنية جدا ً بالتنوع الحيوي ،ودلت التنقيبات الثرية
في موقع تل أبي هريرة على ضفاف الفرات أنه كان يقطن هذا المكان
ماعين ،وحدث صيدمنذ 11ألف سنة خلت مجموعة من الصيادين الج ّ
مكثف للغزلن ،أثناء هجرتها للشمال في بداية الصيف ،وهذا الصيد
استمر عبر القرون العشرة التالية ،ولم يتوقف إل عندما استنزفت
قطعان الغزلن بشكل كامل).(124
إجمالي هذه الحداث التي جرت في هذه الفترة من زيادة عدد
السكان وتطورهم واستقرارهم النسبي ،وتطور الدوات التي كانوا
يستخدمونها ،وانتقالهم من حياة الصيد والجمع إلى حياة الزراعة
وتأهيل الحيوان ،جميع هذه الحداث والتغيرات أثرت في البيئة،
وغيرت من معالمها ،وقضت على الكثير من الكائنات الحية ،وأسهمت
في تبسيط النظام البيئي.
وفي فترة ما يسمى بالثورة النيوليتية في العصر الحجري الحديث،
) (1ليك .أ .ج ،كونوي .ب .ر :صيد الغزلن في العصر الحجري في سورية ،مجلة العلوم 124
في نهاية اللف التاسع قبل الميلد دخلت بلد الشام في عصر
الزراعة الحقيقي ،وانتقلت من الصيد والجمع إلى الزراعة وتدجين
الحيوانات .وتشير دلئل التنقيبات الثرية أن بلد الشام عرفت الزراعة
منذ اللف الثامن قبل الميلد .وفيما يتعلق بالستغلل الحيواني ،يتضح
بأن الصيد كان النشاط الساسي لتأمين الغذاء اللحمي ،ومن أهم
الحيوانات المصطادة نذكر الثيران والغزلن والخنازير والخيليات ،إضافة
إلى السلحف والعصافير ،أما فيما يتعلق بالستغلل النباتي فتدل
المعطيات على وجود غطاء نباتي أكثر أهمية من الوقت الحاضر).(126
ويعتقد أن الصيد الجائر ،ونقص الموارد ،وإفقار البيئة أدى إلى
النتقال من الصيد والجمع إلى الزراعة وجني المحاصيل والرعي ،وإلى
) (1أحمد داود ،تاريخ سورية الحضاري ،مصدر سابق ،ص . 32 125
) (1ميغيل موليست :العصر الحجري في اللف التاسع والثامن في شمال سورية ،نتائج التنقيبات 126
في تل حالولة )وادي الفرات ،سورية ( ،تعريب :بسام جاموس وعادلة طالبة ،مجلة الحوليات
الثرية العربية السورية،تصدر عن وزارة الثقافة ،دمشق ،1999العدد ،43ص . 256
-129-
نشوء علقات جديدة بين النسان والوسط المحيط ،جعلت من الحيوانات
المفترسة مصدر خطر تهدد الحيوانات الهلية ،مما دفع النسان إلى
القضاء عليها ،وهذا أدى إلى زيادة تهديد البيئة واختلل توازنها.
وأخيرا يمكن القول :إن جميع نشاطات النسان وأعماله
واكتشافاته ،مكنت النسان من تحسين سيطرته على البيئة ،هذه
السيطرة التي اشتدت مع الزمن ،كانت سيطرة ضعيفة ومقبولة في
البداية ،تحولت شيئا ً فشيئا ً إلى محكمة وشديدة أضرت بالكثير من
الكائنات الحية و أخلت بالتوازن والستقرار اليكولوجي.
-130-
الفصل السابع
التربة والغلف الصخري )الليثوسفير(
تعريف الغلف الصخري وتعريف التربة -
مكانة التربة في الغلفة الجغرافية -
أهم المشكلت التي تتعرض لها التربة -
التلوث -التعرية -التملح -الستنزاف -
الجفاف والتصحر -
الجراءات التي يمكن اتباعها لحماية التربة -
دور الجغرافية في حماية التربة من التلوث والتدهور -
-131-
-7الغلف الصخري )الليثوسفير :(Lithosphere
إن دراسة الغلف الصخري ولسّيما دراسة التربة والعلقات المتبادلة
بين مكوناتها وعناصرها ،ومكونات الغلفة الجغرافية جميعها ،الحيوي
والغازي والمائي والصخري ،هو من المواضيع الهامة في جغرافية البيئة من
أجل تقييم خصائص التربة ،والستخدام المثل لها ،والمشكلت التي تتعرض
لها ،من تلوث وتدهور واستنزاف الخ ،وأسباب ذلك ونتائجه ،وتأثيره في
التوازن والستقرار البيئي.
. Nikitin . D . P . Novikov . Y . V , Environment and Man , High School Press , Moscow , 1980 . p . 267 )(1 127
-133-
ويتضح من الشكل أن التربة مكونة من عناصر ،ولها صفات متداخلة
مع عناصر كل من الغلف الغازي والصخري والحيوي والمائي ،وهي
تحصل على بعض عناصرها من هذه الغلفة ،وفي الوقت نفسه تفقد أو
تعطي بعض هذه العناصر أثناء الدورات الطبيعية التي تحدث لهذه
العناصر ،مما يجعل من التربة عنصرا ً مهما ً من عناصر التوازن
اليكولوجي ،وفي بقاء الحياة واستمرارها ،ولذلك فهي محور اهتمام
كثير من العلوم وفي مقدمها علوم البيئة والجغرافية.
-7-4-1تلوث التربة:
إن التربة كغيرها من الموارد الطبيعية ،والعناصر البيئية تتعرض
للتلوث بأشكال مختلفة ،ومن مصادر مختلفة ،وقد زادت شدة التلوث
الذي تتعرض له التربة في الفترة الخيرة باعتبارها جزءا ً من التلوث
البيئي بشكل عام ،ولسباب مختلفة منها ،زيادة استخدام السمدة
والمبيدات الكيميائية ،والنفايات الصناعية ،والمنزلية ،والتجارية،
والشعاعية ،التي تنتهي إلى التربة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر،
من الجو أو مع المياه ،وأهم مصادر تلوث التربة هي:
أ -التلوث بالمبيدات الكيميائية:
من المعروف أن المحاصيل الزراعية تتعرض للكثير من الفات
والحشرات الضارة ،مما دفع النسان إلى استخدام المبيدات الكيميائية
المختلفة لمعالجة هذه الفات والحشرات الضارة والقضاء عليها ،وهذا
ر
د كبي ٍأدى بالنتيجة إلى زيادة النتاج الزراعي بشكل كبير ،وخفف إلى ح ٍ
من الخسائر الناجمة عن هذه الفات ،ولكن زيادة استخدام المبيدات
الكيميائية كما ً ونوعًا ،أدى إلى تلوث التربة بشكل خطير ،لسيما إذا
أخذنا بعين الحسبان التحلل والتفكك البطيء للكثير من هذه المبيدات،
وتركزها في النباتات والخضار والفاكهة حيث إن نسبة معينة من
المبيدات تتركز داخل النباتات والثمار وتبقى فيها وهذا ما يسمى )الثر
) (1محمود عبد العزيز أبو العينين عبيد ،مدخل إلى جغرافية التربة ،الناشر مكتبة الرشد، 128
-135-
السمدة مضر للصحة ،وقد تشكل ارتباطات فوضوية مع المين الموجود
في البيئة ،فالنترات تتفاعل مع العناصر الخرى وقد تؤدي إلى تسمم
الدم وربما الموت ،أو تصبح نتروآمين وهي مسرطنة وتؤدي إلى الوفاة
أيضا.
-136-
تتكون هذه النفايات من المخلفات المنزلية ،كبقايا الطعام،
واللبسة ،والنسيج ،والبلستيك ،والزجاج ،والمعادن ،والبطاريات،
والخشاب ،والعلب والورق ،والكرتون ،والجلود ،وكل المواد التالفة
التي يتم التخلص منها في المنزل ،وكذلك النفايات الصناعية والخردة
وبقايا اللت والسيارات ومخلفاتها ،وكذلك المخلفات النباتية
والحيوانية ،والزراعية ،ومخلفات السواق التجارية،
والنفايات الطبية أيضا حيث توجد أنواع متنوعة من المخلفات
الطبية ،بعضها نفايات غير خطرة أو معدية كبقايا الطعام والورق
وبعضها خطرة ومعدية ناتجة عن المرضى المصابين بالمراض المعدية
مثل مخلفات الجراحة والضماد والفلم والصور الشعاعية وعينات
التحاليل ومخلفاتها ،ول بد من فرز النفايات الطبية ووضعها في حاويات
خاصة ،والتخلص منها بشكل علمي وسليم.
وبشكل عام فإن جميع هذه النفايات والمخلفات الصلبة في تزايد
مستمر ولسباب كثيرة ،منها زيادة عدد السكان ،وزيادة النفايات الناتجة
عن كل فرد منهم ،والعادات الستهلكية السلبية وغيرها الكثير ،وعادة
يتم تجميع هذه القمامة والنفايات ،والتخلص منها بشكل سيئ ،وعدم
إتباع الوسائل العلمية الصحيحة في طمرها أو معالجتها ،وأكثر ما نشاهد
هذه النفايات في المناطق القريبة من المدن والتجمعات البشرية،
وبالتأكيد فإن هذه النفايات تسبب تلوثا كبيرا للتربة ،والمياه الجوفية،
والبيئة ،وتسبب مخاطر وأضرار صحية ل حصر لها.
-137-
بشكل خاص في الترب الكلسية) .(129
كما أن التربة يمكن أن تتعرض للتلوث بالمواد البترولية ،والمطار
الحامضية وزيادة نسبة بعض المعادن فيها وغير ذلك.
-7-4-2تعرية التربة ونحتها:
إن عمليات تعرية التربة ونحتها تعد من المؤثرات الضارة جدا ً بالتربة
والبيئة ،حيث تنخفض خصوبة التربة ،وتنخفض قدرتها النتاجية ،وشدة
التعرية ترتبط بعدة عوامل جغرافية منها ،الوضع والظروف
الجيومورفولوجية ،والظروف المناخية من رياح وأمطار وحرارة وغيرها،
ونوع التربة ،وتركيبها ،وخصائصها ،ومحتواها من المواد العضوية ،ول
ننسى دور النسان في ذلك ،حيث يعد من العوامل المسببة للتعرية
عندما يقوم بالرعي الجائر ،ويقضي على الغطاء النباتي ،ويمارس
الزراعة غير الصحيحة وغير ذلك ،وعمليات التعرية والنحت لها عدة أنواع
بحسب مصادرها وأسبابها ،ومن هذه النواع:
أ -التعرية الريحية:
تلك التعرية الناجمة عن تأثير الرياح والعواصف الريحية ،التي تعري
وتذري الطبقة السطحية من التربة ،ويمكن أن تحدث هذه الظاهرة في
مختلف المناطق ولكنها تشتد في المناطق الجافة وشبه الجافة
والمكشوفة ،وهي ظاهرة معروفة في الكثير من مناطق العالم ،وتسبب
نقل مليين الطنان من جزيئات التربة من مكان لخر ،خاصة إذا كانت
الظروف الخرى مساعدة لذلك مثل القضاء على الغطاء النباتي،
والحراثة غير الصحيحة ،والتصحر والجفاف مما يؤدي إلى إثارة الغبار
وحركة الرمال والكثبان الرملية.
ب -التعرية المائية:
وهي التعرية التي تحدث من جراء عمل المياه ،أثناء حدوث التهطال
الغزير والمفاجئ خاصة ،والفيضانات والسيول وغير ذلك ،وأكثر ما
تنتشر التعرية المائية في المناطق المكشوفة والسفوح ،والمنحدرات
الجبلية ،والتعرية المائية هي أخطر أنواع التعرية وأكثرها انتشارًا ،وهي
تسبب غسل التربة وحرمانها من الكثير من العناصر المعدنية المفيدة.
ج -التعرية الميكانيكية:
ويمكن أن نضيف نوعا ً ثالثا ً من أنواع التعرية ،وهي التعرية
الميكانيكية ،التي تتحول بالنتيجة إلى تعرية ريحية أو مائية ،والسبب
) (1ميخائيل عيد :علم الجراثيم ،منشورات جامعة دمشق 1991 ،ـ 1992م ،ص .61 129
-138-
الرئيسي لهذه التعرية حركة اللت الثقيلة )العملقة أحيانًا( ،واللت
الزراعية ،ووسائل النقل ،المستخدمة في الزراعة والحفر والتنقيب
والبحث عن الثروات المعدنية والباطنية واستخراجها ،خاصة في
المناطق الجافة والصحراوية ،مما يؤدي إلى تفتيت جزيئات التربة
وتحريكها ،واقتلع جذور النباتات.
وبشكل عام فإن جميع أنواع التعرية والنحت ،الريحية والمائية
والميكانيكية ،تحدث أضرارا ً كبيرة بالتربة والنبات والحيوان ،وصحة النسان
والقتصاد والبيئة.
- 3 - 4 - 7تملح التربة:
إن الكثير من الترب في العالم تتعرض للتملح وإعادة التملح ،وذلك
يعود لسباب متعددة منها ،الظروف المناخية ،والري غير الصحيح ،وعدم
توافر نظام مناسب لتصريف المياه الزائدة ،ومستوى أو عمق المياه
الجوفية .وكثيرا ما يحدث التملح أو إعادة التملح عندما ترتفع المياه
الجوفية )خاصة تلك القريبة من سطح الرض( إلى سطح الرض
بالخاصية الشعرية ،ثم تتبخر هذه المياه تاركة الملح المذابة على سطح
التربة ،خاصة أملح الصوديوم ،كما يحدث التملح وإعادة التملح بسبب
الري المفرط وغير الصحيح مما يؤدي إلى زيادة تراكم الملح على
سطح التربة.
ويقدر أن نحو نصف مساحة الراضي المروية في العالم تعاني من
التملح وإعادة التملح ،مما ينعكس سلبا على خصوبتها ،وقدرتها
النتاجية ،وصلحيتها للزراعة ،وخسائر اقتصادية باهظة .ومن الضروري
العمل على حماية التربة من التملح وإعادة التملح عن طريق إتباع
أساليب الزراعة والري الصحيحة ،كالدورة الزراعية وإراحة الرض والري
بالرذاذ والتنقيط والري المحوري وعدم الري بالسيح ،وإتباع طرق
التصريف الصحيحة للمياه الزائدة وشق قنوات مناسبة لذلك.
-7-4-4تصلب التربة:
تعاني التربة من مشكلت أخرى كثيرة ،ومنها ظاهرة التصلب ،بسبب
أساليب الزراعة غير الصحيحة ،وخاصة اللجوء إلى فلحة التربة ،أو تحرك
بعض اللت )الثقيلة خاصة( فيها ،عندما تكون موحلة أو غدقة مما يؤدي
إلى تصلبها وتحولها إلى كتل صلبة ،يصعب استصلحها وحراثتها
وتهويتها ،وتتحول إلى ترب قاسية متصلبة ومتصحرة وغير صالحة
للزراعة ،وهذه الظاهرة تنتشر في بعض ترب ومناطق العالم.
-139-
-7-4-5استنزاف التربة:
إن أشكال استنزاف التربة وتخريبها متنوعة وكثيرة جدًا ،منها القيام
بالزراعة الكثيفة واستخدام السمدة المعدنية والمبيدات الكيميائية
بشكل مفرط ،وعدم اتباع الدورات الزراعية الصحيحة ،والتوسع
العمراني الريفي والحضري على حساب الراضي الزراعية أو الصالحة
للزراعة ،وكذلك النشاءات الخرى كالجسور والطرق والمطارات
والمناطق الصناعية وغيرها ،أضف إلى ذلك إشغال التربة بالنفايات
والقمامة الصلبة ،ومخلفات الصرف الصحي ،المختلفة النواع والمصادر،
وتخريب التربة وتجريفها وتدميرها بالحروب المختلفة والمتزايدة ،وكل
هذه المور تسبب استنزافا ً للتربة وخروج الكثير من مساحاتها من دائرة
الترب المنتجة والمفيدة.
-7-4-6الجفاف والتصحر:
- 7-4-6-1تعريف الصحراء:
قبل الحديث عن التصحر ل بد من إعطاء فكرة عن الصحراء نفسها.
حيث يظن الكثيرون أن الصحراء بقعة جغرافية خالية من جميع أشكال
الحياة تقريبًا ،خالية من المياه والحيوانات والنباتات إل ما ندر ! ولكن
هذا ليس صحيحًا ،ونظرة فاحصة للصحراء تبين ذلك ،فهي غنية إلى ح ٍ
د
ما بالتنوع الحيوي ،ففيها الثعابين والسلحف والسحالي والزواحف،
والعنكبوت والبوم والفئران ،وأنواع من النمل والقراديات ،وبعض أنواع
الثدييات والطيور ،والكثير من الحشرات وغيرها.
وجميع هذه الكائنات استطاعت أن تستفيد من الموارد المتاحة في
الصحاري وأن تتأقلم مع الظروف السائدة فيها ،ومما ل شك فيه أن
لكل صحراء خصائصها وكائناتها المميزة لها التي قد ل توجد في صحاري
وأماكن أخرى ،وعند الحديث عن الصحاري أول ما يتبادر إلى الذهن هو
حاجة هذه الصحاري للمياه ،وكلما كانت المياه أوفر كلما كان الوضع
أفضل ،وذلك لن المشكلت التي تعاني منها الصحاري سببها نقص
المياه التي تنعكس فقرا ً ومرضا ً على سكان هذه المناطق.
ط الصحراء مياها ً تعطيك
والمر باختصار كما يراه البعض أن أع ِ
الزهر والزرع ،وفي هذا المر شيئ من الحقيقة ،ولكن ليس الحقيقة
كلها! فواقع الحال أكثر تعقيدا ً من ذلك.
إن المياه في تصورنا مرتبطة بالحياة والحركة والعطاء ،وظهور
الكثير من المجتمعات ،وقيام الكثير من الحضارات عبر التاريخ ارتبط
-140-
بالماء ،وهكذا نرى أن المياه هي إحدى أهم متطلبات الحياة.
ولذلك يظن للوهلة الولى أن الصحراء تحوي كل شيء لنتاج
محصول جيد فيما لو توافرت لها المياه ،وإن كان هذا المر صحيحا ً في
مكان ما أو صحراء ما ،فإنه ليس صحيحا في صحراء أخرى ،وهذا الفهم
الخاطئ لخصائص الصحراء أدى إلى خسائر فادحة في الماضي القريب
والبعيد أيضًا ،وأدى إلى زيادة التصحر واتساع رقعة الصحاري عندما تم
جر المياه وزراعة بعض المناطق الصحراوية ،كما حدث في بلدان آسيا
الوسطى ،وبعض البلدان العربية ،وفي بعض مناطق أفريقية وغيرها.
لن زراعة الماكن الجافة وشبه الجافة تؤدي إلى زيادة حدة
التصحر ،والمشكلة هنا ل تنحصر في جانب واحد فقط وإنما في جوانب
متعددة ،وتختلف باختلف الظروف من مكان لخر ،فالصحراء كما تعاني
من نقص المياه يمكن أن تعاني من زيادتها في الوقت نفسه ،ليس من
زيادة المياه بالتحديد وإنما من التأثيرات السلبية الناجمة عن استخدامها،
التي يتعرض لها النظام البيئي في المناطق الصحراوية ،وتظهر هذه
التأثيرات في التملح والنحت والغسل وغيره.
والصحاري تشكل نحو % 45من سطح اليابسة ،وقد قدم الكثير من
الباحثين تعريفات معينة للصحاري والصحراء عّبرت عن تخصصاتهم
العلمية المختلفة ،ويمكن تعريف الصحراء بأنها عبارة عن وسط بيئي
مميز ،وهي مساحات من الرض ،شديدة الجفاف ،ومرتفعة الحرارة،
والمدى الحراري اليومي والسنوي فيها كبير ،وقليلة المطار ،وشديدة
التبخر )باستثناء الصحاري الجليدية( ،والصحاري هي مناطق قاحلة يتكون
سطحها من خليط من الرمال والصخور والحجارة مختلفة الحجام
والشكال.
والصحاري تعاني من شح الرطوبة ونقص المياه السطحية مما يعيق
نمو النبات ،وفيها توجد أنواع معينة من النباتات والكائنات الحية التي
تتحمل الجفاف ،كالنباتات الحولية التي تستطيع المرور بدورة النمو من
البذرة إلى النبتة خلل فترة المطر الصحراوي القصيرة التي قد ل
تتجاوز عدة أيام أو أسابيع ،وكذلك النباتات التي تتكيف مع الظروف
الصحراوية كشجيرات الصبار والسنط والعجرم ،وبعض النباتات التي
تتفادى الجفاف وتتكيف معه على شكل درنات أو بصلت تحت سطح
التربة.
-141-
وكذلك الكثير من الكائنات الحية الخرى )ذكرناها سابقًا( ،ول ننسى
الجمل أو سفينة الصحراء كما يسمى ،الذي يختزن الماء في جسمه
لفترات طويلة ،ويفقد الماء ببطء ،ويختزن الدهون في جسمه لكي تمده
بالطاقة اللزمة عند الحاجة ،ويملك فراء وجلدا ً سميكا ً يعمل عازل ً
حراريًا ،وأقدامه مهيأة للسير والحركة في الصحاري.
-7-4-6-2تعريف التصحر:
تعد ظاهرة التصحر مشكلة بيئية على درجة كبيرة من الهمية
والخطورة ،وخطرها ل يقل عن خطر تلوث الماء أو الهواء أو التربة ،أو
القضاء على الغابات.
فما التصحر؟ وما أسبابه؟ وكيف يمكن مواجهته؟ إنها أسئلة كثيرة
في هذا المجال ،سوف نحاول الجابة عنها.
إن التصحر هو زيادة مساحة الراضي الصحراوية والتحول إلى
ظروف أشد جفافًا ،والتصحر ل يعني بالتحديد تحول هذه المنطقة أو
ن أو تراجع فيتلك إلى صحراء قاحلة كما يفهمه البعض ،وإنما أي تد ٍ
المردود القتصادي الزراعي ،أو تغير في العناصر البيئية ،بسبب
الستغلل المكثف لها من قبل النسان وبشكل سلبي يمكن أن نطلق
عليه تعبير التصحر.
لقد عّرف برنامج المم المتحدة للبيئة التصحر بأنه تدهور في
فاعلية المناطق الجافة ،وشبه الجافة ،ودون الرطبة ،بتأثير العامل
البشري السلبي .ويعد هذا التعريف الصادر عام 1991نسخة منقحة
عن صيغة التعريف الصادر عام 1977الذي أصدره مؤتمر المم
المتحدة للتصحر .وينص هذا التعريف على وصف التصحر ،بأنه قصور
أو تدهور في البنية البيولوجية الكامنة للرض ،المر الذي يؤدي
بالضرورة إلى الشكل الصحراوي الذي تتخذه الرض ،وقد يكون التصحر
فرض ظروف صحراوية على منطقة ما كانت قبل ذلك قادرة على
إعالة الحياة النباتية والحيوانية ،وهذا يعني التفاق حول اعتبار التصحر
عملية تدهور حالة الراضي مهما كانت السباب.
-7-4-6-3أسباب التصحر:
يرى البعض أن سبب التصحر هو التعرية الريحية للراضي الرعوية
الرملية ،أو الراضي البعلية ,بينما يرى آخرون أن السبب هو الرعي
الجائر ،ويرى فريق آخر أن السبب الرئيس للتصحر هو تغير الظروف
المناخية وتحول المناخ إلى الجفاف .وهنا يمكن التمييز بين الصحاري
الطبيعية والصحاري المفتعلة ،فالولى جميلة وهي تحتوي على تشكيلة
متنوعة من النباتات والحيوانات ،أما الثانية فهي ليست جميلة ،وهي
بسبب ما تعرضت له أصبحت تفتقر إلى النباتات والحيوانات المتنوعة.
ولكن كيف تنشأ الصحاري ،وما أسباب التصحر ؟
-142-
إن طبيعة التصحر يمكن أن تكون معقدة وتحدث نتيجة أسباب وآليات
معقدة تتضافر في إحداث عمليات التدهور البيئي ،الذي يؤدي بالنتيجة
إلى حدوث التصحر .وهكذا فإن الصحاري الواسعة تنشأ في جميع قارات
العالم ،لعدة أسباب طبيعية وبشرية ،أي ليس بفعل عوامل طبيعة فقط
ولكن بسبب أعمال النسان ونشاطاته الخاطئة التي تحول الكثير من
الراضي المنتجة إلى فقيرة وقليلة النتاج ،وينعكس ذلك سلبا في البيئة
وعلى مختلف مكوناتها ،إن أسباب التصحر كثيرة ومتنوعة ومنها:
أ -الموقع الجغرافي ،حيث تكون الصحاري داخلية ،أو معزولة عن
الرطوبة بسبب التضاريس والمسافة.
ب -الظروف المناخية السائدة ،المؤثرة في الكتل الهوائية
والضغوط الجوية ،والتي تسبب الضطرابات الجوية وتساعد على
سيطرة الجفاف.
ج -أسلوب النسان المتبع في استغلل الرض ،إذ يتم زراعة
ض غير قادرة أصل ً على تحمل الزراعة
الراضي الهامشية ،واستغلل أرا ٍ
أو الرعي ،والنظام البيئي فيها هش وغير معقد أو متوازن بدرجة كافية،
وهذا المر يلحظ بالدرجة الولى في الدول النامية ،والرض غير قادرة
على تحمل هذا العبء لمدة طويلة ،ومع الزمن تصبح التربة سيئة التغذية
د خطير وأكثر مما يجب.
ومتدهورة إلى ح ِ
د -استنزاف الموارد الطبيعية ،بسبب تزايد أعداد السكان وتزايد
حاجاتهم ومتطلباتهم من البيئة ،وهذا ساعد في زيادة حدة التصحر،
فقد عمل النسان منذ وجوده على سطح الرض على استخدام الموارد
الطبيعية والستفادة منها ،وكان عدد السكان قلي ً
ل ،واستغلل الموارد
بطيئا ً والثار السلبية الناتجة عنه بسيطة ،نتيجة تواضع حاجاته
ومتطلباته من الطبيعة في تلك الزمان .وإذا كان التصحر يمكن أن
يحدث بسبب الظروف الطبيعية والتغيرات المناخية ،فإن التصحير )كما
يحلو للبعض تسميته( هو التصحر الناجم عن التأثيرات البشرية المختلفة.
هل -الرعي الجائر ،خاصة بسبب زيادة عدد الحيوانات الرعوية عن
طاقة المراعي ،ولذلك فكثيرا ً ما صار يوصف البدوي بأنه أبو الصحراء
وليس ابنها كما كان يوصف سابقًا.
و -قطع وحرق الشجار والنباتات الخشبية ،فالغطاء النباتي هو
انعكاس للظروف الطبيعية.
ز -التعرية المائية والريحية ،التي هي نتيجة وسبب في آن معًا،
-143-
وتختلف شدة التصحر وخطورته بحسب شدة هذا التأثيرات وخطورتها.
ح -غسل التربة وفقدان العناصر المفيدة فيها ،جراء السيول التي
تحدث أحيانًا ،لن قطع وحرق الغطاء النباتي يؤدي إلى تعرية التربة
وانجرافها ،وبالتالي إذا هطلت المطار أخيرا ً ل تجد نباتا ً أو تربة لبقاء
الماء والمحافظة عليه ،لذا يحدث الفيضان ،وتنجرف جزيئات التربة
وتتقاذفها الريح وتغسلها المياه بعيدًا.
ة بسبب أعمال الري غير
ط -التملح ،الذي تتعرض له التربة ،خاص ً
الصحيحة ،ويقدر أن نصف مساحة الراضي المروية في حوض الفرات
في سوريا تعاني من التملح وإعادة التملح ،وكذلك الحال في بلدان
عربية أخرى ،ودول في مختلف قارات العالم.
وبحسب معطيات هيئة المم المتحدة فإن % 12من مساحة أفريقية
شمال خط الستواء تعاني من التعرية والنحت المائي ،وأن % 17من
أراضي الشرق الوسط تعاني من التخريب والتصحر ،والسبب الرئيس
لهذه الظواهر اعتماد أساليب وطرائق زراعية غير صحيحة .ويقدر أنه
في السنوات الخيرة فإن النحت والرعي الجائر والقضاء على الغطاء
النباتي واستخدام الزراعة الكثيفة خاصة في المناطق القريبة من
مصادر المياه ،كل هذا أدى إلى حدوث خسائر كبيرة في القاليم الجافة
وشبه الجافة في أفريقية وآسيا وأمريكا اللتينية وغيرها.
-144-
استخدامها.
-6تبادل المعلومات ،والستفادة من الخبرات والتجارب الرائدة
في مجال الحد من التصحر ،والتعاون الدولي والقليمي في
مكافحة التصحر.
-7العمل على وقف حركة الكثبان الرملية ،واتخاذ الجراءات الكفيلة
بذلك.
-8وضع نظام رصد بيئي متكامل لمراقبة عمليات التحطيب،
والتغيرات التي تتعرض لها الصحاري ،ودراسة هذه التغيرات
بشكل كاف ومناسب.
-9التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية المناسبة ،وحمايتها.
-10اختيار النباتات والشجار المناسبة للظروف البيئية ،وزرعها،
وحمايتها.
-11وضع التشريعات والقوانين البيئية ،وجعل تطبيقها ممكنا على
أرض الواقع
-12إقامة المؤتمرات والندوات ،ودعم وتطوير وسائل التوعية
البيئية في مجال التصحر ومقاومته ،وغير ذلك من التوصيات.
-145-
السطحية الرقيقة من القشرة الرضية ،التي تكونت خلل آلف
ومليين السنين نتيجة علقة معقدة بين الغلفة الجغرافية المختلفة:
)الجوي والمائي والصخري والحيوي( ،وبتأثير العمليات الفيزيائية
والكيميائية والحيوية.
والتربة أيضا ً من العناصر الضرورية للحياة وشرط أساسي لي إنتاج
غذائي ،وهي تؤثر وتتأثر بغيرها من العناصر الطبيعية كالماء والهواء
وتؤثر في الدورات الطبيعية المختلفة .والتربة من أكثر الموارد الطبيعية
التي تتعرض للتغير والتخريب والتدهور ،من جراء الكثير من أنشطة
النسان السلبية المسرفة في استخدام الرض والقضاء على الغطاء
النباتي ،وزيادة حدة التعرية والتصحر وغير ذلك من التغيرات ولسباب
مختلفة.
إن اهتمام الجغرافية بفروعها المختلفة ،خاصة تلك الفروع التي
لها ارتباط وعلقة بالجغرافية التطبيقية بالتربة ومكوناتها يختلف عن
اهتمام الكثير من العلوم الخرى ،لن الجغرافية تنظر إلى الرض نظرة
محددة باعتبار الرض هي المكان الذي يشكل موئل ووطن النسان
والمؤثر في حياته وحياة أجياله ،ولكن النسان بدوره يؤثر في التربة
بأشكال مختلفة ،فيؤدي إلى تغيير شكل سطح الرض ومكوناتها هنا أو
هناك ،ويتسبب في خفض قدرتها النتاجية ،وتخريب المكونات الجمالية
للتربة وتعريضها للتلوث والتدهور والتصحر والستنزاف.
إن الجغرافية تقوم بدور واضح في دراسة خصائص التربة وشكل
سطح الرض ،وتأثير ذلك في النسان ونشاطاته المختلفة ،وفي الوقت
نفسه تدرس أثر النشطة البشرية المتنوعة على استعمالت الراضي
في الظروف الجغرافية المختلفة ،هذه النشطة التي تختلف في حدتها
وشدة تأثيرها في تغيير شكل سطح الرض ،ومستوى وحجم هذا التغيير
ودوره في تعديل البيئة والنظام البيئي في مكان معين.
وهذا الدور الجغرافي يمكن أن يتم من خلل وجهة نظر جغرافية
شمولية ،للتعرف إلى استخدامات الرض في المناطق الريفية أو
الحضرية ،وإعطاء صورة واضحة وكاملة عنها ،وشرح العوامل البيئية
الطبيعية أو البشرية ،وأثرها في أشكال استخدام الرض من النواحي
السلبية واليجابية ،بغية معرفة خصائص الستخدامات الموجودة،
وتقرير إزالتها عندما تكون سلبية ،والبقاء عليها في حال كونها
مناسبة وإيجابية ،والبحث في كيفية تنميتها وتطويرها وفقا ً لسس
-146-
تنموية سليمة ،وذلك بالعتماد على الخرائط التي ترصد واقع استخدام
هذه الراضي في الماضي والحاضر.
وقد تم وضع خرائط استعمالت الراضي للكثير من المواقع في
العالم وفي الوطن العربي سواءً بالعتماد على الطرق التقليدية
القديمة ،أو باستخدام تقنيات الستشعار عن بعد ،ونظام المعلومات
الجغرافي ،وذلك بهدف التخطيط السليم لستخدامات الرض في
المستقبل ،ومعرفة الماكن التي طرأ على منظومتها الطبيعية خلل
ما بسبب الستخدام العشوائي غير المخطط للراضي) .(130
كما أنه وعلى ضوء دراسة استعمالت الراضي في أية منطقة يتم
تقويم النتائج المترتبة على ذلك ،واقتراح الجراءات الفعالة من أجل
التخطيط السليم لهذه الستعمالت في المستقبل بحيث يكون هذا
الستخدام أكثر كفاءة للرض ويساعد في الحصول على إنتاجية جيدة،
وعدم حدوث تدهور للتربة وتأثيرات سلبية في البيئة من جراء ذلك ،وهذا
يتطلب دراسة جغرافية دقيقة لطبيعة الرض وطبيعة التأثير البشري
فيها.
وبحسب )الشمراني( ،فإن دراسة استعمالت الراضي في الحضر
تتميز بأنها لم تعد قاصرة على المهندسين فحسب ،حيث أثبت
الجغرافيون قدرتهم في إجراء الدراسات الحقلية المتعلقة بمسوح
استعمالت الراضي وتحليلها ،وإعداد الخرائط التفصيلية اللزمة لها
إلى جانب السهام في التخطيط المستقبلي لستعمالت الراضي في
د سواء .وتجدر الشارة إلى أن دراسة المدن والريف على ح ٍ
استعمالت الراضي في المدن والريف معا ً تعد من أهم العوامل التي
دفعت بعلم الجغرافية ليصبح في مقدمة العلوم التطبيقية ،ذلك أن
الخرائط الناجمة عن دراسة استعمالت الراضي أصبحت ضرورية ول
غنى عنها في عمليات التخطيط للنمو الحضري) .(131
(1) 130خنساء حسين ملحم :أثر النشطة البشرية على استخدامات الرض،
أطروحة علمية أعدت لنيل درجة الدكتوراه في الجغرافية ،جامعة دمشق-2001،
2002م ،ص 7 - 5بتصرف .
(1) 131صالح علي عبد الرحمن الشمراني :استعمالت الراضي في المدن السعودية ،دراسة
تحليلية ومقارنة ،سلسلة بحوث العلوم الجتماعية ) ،( 12جامعة أم القرى 1410هـ 1990 ،م،
ص.3
-147-
دراسة العلقة بين التربة وعناصرها وبين صحة النسان ،وهذا ما تقوم
به وتتصدى له الجغرافية البيئية والطبية بفروعهما المختلفة.
والجغرافية تدرس ما يسمى بالتغذية السترجاعية للرض -وهي أن
الرض تعمل وفق نظام مفتوح ،لكل فعل فيه رد فعل -وقد تكون
التغذية السترجاعية مدمرة للمنظومة البيئية ،وهي ترتبط بعدة عوامل
تعد في صميم الدراسة الجغرافية ،ومن هذه العوامل):(132
-1النمو السريع للسكان.
-2الزراعة التي تتجاوز حدودها المتاحة من قبل البيئة.
-3الرعي الجائر.
-4الحرق الجائر للنواع الخشبية من النباتات للحصول على الوقود.
-5غياب فترات الراحة ،وعدم إتاحة الفرصة للنباتات كي تستعيد
نموها.
. 138
-148-
القتصادية الناجمة عن ذلك ،وهذه كلها من الهداف التي تسعى
الجغرافيا لدراستها وتحقيقها ،وتحقيق التوازن بين حاجات النسان
وإمكانات التربة والطبيعة.
-149-
الفصل الثامن
الغلف الجوي )التموسفير(
تعريف الغلف الجوي وأهميته -
تركيب الغلف الجوي وبنيته -
تلوث الغلف الجوي -
المصادر الطبيعية لتلوث الغلف الجوي -
المصادر البشرية لتلوث الغلف الجوي -
غاز الوزون في الغلف الجوي -
عامل البيت الزجاجي -
الضبخان -
المطار الحمضية -
إجراءات حماية الغلف الجوي -
دور الجغرافية في حماية الغلف الجوي -
-150-
-8الغلف الجوي ):(Atmosphere
-151-
من ظواهر الطقس المعروفة.
-7يحوي الهواء المحمل بالكسجين الضروري للحياة.
-152-
12 - 10كلم.
تحدث فيها مختلف ظواهر الطقس )النوء( ،لذلك تسمى أحيانا -
بالطبقة النوئية.
تحوي نحو % 80من كتلة الجو العامة. -
م /كلم ،لتصبح
تنخفض درجات الحرارة فيها مع الرتفاع بمعدل ْ 6 -
60تحت الصفر عند سقفها العلوي تقريبًا.
يوجد فيها معظم بخار الماء ،وتتشكل فيها مختلف أنواع السحب. -
-153-
-كثافة الهواء منخفضة ،والهواء شديد التخلل.
-ارتفاعها يتجاوز 500كلم.
م ،عند حافتها
-ترتفع درجة حرارة هذه الطبقة إلى أكثر من ْ 1000
العليا.
) (1محمد محمود سليمان :البيئة والتلوث ،مرجع سابق ،ص . 140 133
-154-
وتشمل جميع مصادر التلوث الناتجة عن ظروف طبيعية ل دخل
للنسان بها ،ومن هذه المصادر نذكر:
أ -البراكين:
البراكين ظاهرة معروفة منذ القدم ،وهي من الظاهرات الطبيعية
المروعة ،وقد رافقت تكون الرض وتشكل سطحها ،وكان لها دور
مهم ومؤثر في انتشار الحياة وتوزعها عليها ،وتقسم إلى عدة أنواع
فمنها براكين عنيفة ,وأخرى هادئة ،أو خامدة ،وحاليا فإن معظم
البراكين في العالم هي خامدة )أكثر من ،(4000وبعضها نشط ) 800
تقريبا( يثور بين الحين والخر ،وتتراوح شدتها بين العنيف والهادئ،
ومعظم البراكين توجد في نصف الكرة الرضية الشمالي ،وأهم
مناطق توزع البراكين في العالم هي:
-براكين حزام النار الذي يحيط بسواحل المحيط الهادي.
-براكين في المحيط الهادي نفسه )منها جزر هاواي(.
-براكين الحزام المتوسطي الوروأسيوي الممتد من المحيط
الطلسي إلى جنوب أوروبا إلى المحيط الهادي) ،منها براكين
فيزوف -إتنا -أرارات(.
-براكين نطاق الصدع العربي الفريقي الممتد في شرق أفريقيا
وغرب شبه الجزيرة العربية )منها بركان كلمنجارو(.
والتوزع الجغرافي للبراكين في العالم ،يتفق إلى حد كبير مع
التوزع الجغرافي للزلزل ،مع فارق مهم بينهما وهو أن الزلزل تحدث
بشكل مفاجئ ولم يتم التمكن من التنبؤ بوقوعها بشكل تام حتى
الن ،بينما البراكين ل تحدث بشكل مفاجئ ،ويوجد الكثير من الدلة
على احتمال حدوث النفجار البركاني منها ،الهزات الرضية ،والرتفاع
المفاجئ لدرجة حرارة البخرة المنطلقة من فوهة البركان ،وتغير
منسوب المياه الجوفية وغير ذلك.
والبراكين تطلق أثناء ثورانها إضافة إلى اللفا البركانية التي تختلف
في مظهرها وخصائصها ،كميات كبيرة من البخرة والغازات والمواد
الصلبة والرماد البركاني إلى الهواء ،وأهم المواد المنطلقة ،بخار الماء،
وثاني أكسيد الكربون ،والنتروجين ،والكبريت ،والكلور وغيره ،والجدول
) (4يبين أهم الغازات المنطلقة من البراكين ونسبتها المئوية.
الرمز النسبة % نوع الغاز تسلس
ل
H2O % 70 بخار الماء 1
CO2 % 14 ثلللاني أكسللليد 2
الكربون
SO2 % 6.5 ثلللاني أكسللليد 3
الكبريت
Nx % 6 النتروجين 4
ب -الحرائق الطبيعية:
وهذه الحرائق تحدث بشكل طبيعي من جراء انطلق أي شرارة لي
سبب لسيما في الفصل الحار والجاف ،وقد يؤدي ذلك إلى اشتعال حرائق
كبيرة في الغابات والمراعي ،وتشكل هذه الحرائق خطرا ً كبيرا على
النظمة البيئية الطبيعية ،وتؤدي إلى إطلق كميات كبيرة من الملوثات،
خاصة غاز أول أكسيد الكربون ،وحدوث تأثيرات سلبية في التربة والماء
والمناخ والتنوع البيولوجي وغير ذلك.
ج -البكتريا والجراثيم:
إن وجود البكتريا والجراثيم والحياء الدقيقة في الهواء قد يكون
عرضيا ً ونسبيا ً باختلف الظروف المناسبة لذلك ،وهي توجد على هيئة
خليا حرة أو طليقة أو مختلطة مع الغبار أو غيره ،وعموما ً فإن
الجغرافيلللة
الهواءم
للللبيئة–
فيالبكتريا والجراثيم والفطريات توجد بشكل دائم في البيئة،والل
والتربة والماء ،وخاصة في الماكن المغلقة ،أو الملوثة .والبكتريا
كائنات صغيرة كثيرة النواع منها ما يعيش حرا ومنها ما يعيش طفيليًا،
وهي من الكائنات وحيدة الخلية ،ومن الصعب تصنيفها ،ووجود البكتريا
والجراثيم يؤدي إلى الصابة بأمراض بيئية مختلفة منها ،الكوليرا
والجمرة الخبيثة والطاعون والدرن وغيره) .(134
) (1عبد الفتاح صديق عبد الله ،عبد الحميد حسن :أسس الجغرافية الطبية ،دار المعرفة 134
-157-
نحت المعادن وخطوط نقل الطاقة المعدنية وتآكلها ،و نحت المعادن
الموجودة في العمارات والمنشآت المختلفة وتآكلها وصدئها ولسيما
في المناطق الساحلية ،والمناطق التي توجد الملح في أجوائها ،وفي
بخار الماء والهواء.
ز -التلوث الشعاعي:
إن المواد المشعة توجد في الطبيعة بشكل دائم ،ولها مصادر متعددة
منها ،الشعة الكونية الموجودة في الفراغ الكوني ،والشعة الرضية
الموجودة في صخور القشرة الرضية كاليورانيوم ،والشعة الموجودة
بالقرب من سطح الرض كالرادون والكربون المشع ،وهذه الشعة
المختلفة تنتقل إلى الماء والغذاء وتصل إلى جسم النسان ،وقد تكون
بمعدلت مقبولة وغير خطرة على صحة النسان ،وقد تتجاوز المعدلت
المقبولة والمناسبة للصحة البشرية.
-8-5-1-2المصادر البشرية:
إن المصادر البشرية الملوثة للغلف الجوي كثيرة ومتنوعة جدا،
والسبب المباشر والرئيس لها هو النسان والمجتمع البشري وأنشطته
المختلفة في الصناعة والزراعة وغيرها ،وأهم هذه المصادر هي:
أ -الصناعة:
تعد الصناعة من أهم مصادر تلوث الغلف الغازي ،وتختلف الملوثات
الناتجة عن الصناعة ،من حيث كميتها ونوعيتها ودرجة تأثيرها ،باختلف
نوع المنشأة الصناعية والمواد الولية المستخدمة فيها ،والمواد
المصنعة ،وموقع المنشأة وحجمها ،ونوع اللت التقنية وعمرها ومدى
تطورها وصيانتها وغير ذلك ،ومن هذه الصناعات الملوثة للغلف الغازي:
-الصناعات التعدينية:
ولها أنواع كثيرة ومتنوعة ،وجميعها تؤدي إلى تلوث الهواء والبيئة
ل ،صناعة صهر الحديد )وبحسب بملوثات مختلفة ،ومن هذه الصناعات مث ً
-158-
نوفيكوف ،(1987فإن صناعة طن واحد من الحديد الزهر تطلق إلى
الهواء 4.5كلغ من جزيئات الغبار ،و 2.7كلغ من أكسيد الكبريت ،ونصف
كلغ من المنغنيز ،وكميات أخرى من الفوسفور والزرنيخ والرصاص
وغيرها.
-صناعة السمنت ومواد البناء:
وهذه الصناعات يرافقها انطلق كثيف للغبار الذي يلوث الهواء
والمناطق المحيطة بهذه الصناعة ،وهي تنتشر في معظم دول العالم،
ويتسع انتشارها بشكل كبير في الدول النامية ،بسبب عزوف الدول
المتقدمة عنها ،لنها من الصناعات الملوثة للبيئة ،والضارة بصحة
النسان.
-الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية:
وهي صناعات ملوثة للبيئة وللغلف الجوي بشكل كبير ،وينتج عنها
ملوثات مختلفة عضوية وغير عضوية مثل ،أكاسيد الكربون والكبريت
والنتروجين ،وكبريت الهيدروجين ،والنشادر والكلور والفلور وغير ذلك
من الملوثات ،وبعضها ضار وسام وذو رائحة كريهة ،يشعر بها النسان
مباشرة عند اقترابه من هذه المصانع ،ولسيما مصانع تكرير البترول.
ب -وسائل النقل:
أصبح من المعروف أن وسائل النقل والمواصلت لها دور إيجابي
مفيد ومهم في خدمة البشرية وتطورها ،ومن فوائد وسائل النقل
وإيجابياتها:
-أنها أسهمت في تسريع التطور البشري.
-اختصرت الزمان والمسافات ،حيث نقلت البشر والبضائع من
مكان إلى مكان بسرعات قياسية لم يكن يتخيلها النسان في
السابق.
-أسهمت في التقليل من تلف المواد الغذائية المنقولة.
-أسهمت في حوار الحضارات ،وتبادل الفكار بين الشعوب.
وغير ذلك من الفوائد ،لكن وسائل النقل بالمقابل تسببت في
الكثير من المعاناة والمشكلت البيئية والبشرية ومن هذه
المشكلت:
-تعد المصدر الول للحوادث التي تسبب وفاة ألف الشخاص
سنويا ،وإصابة اللف أيضا بعاهات وتشوهات مختلفة.
-تعد المصدر الول للتلوث بالضجيج ،خاصة في المدن ،والكبرى
والمزدحمة منها على وجه الخصوص حيث تزيد شدة الضوضاء عن
80ديسبل.
-159-
-تعد من المصادر الهامة لتلوث الهواء والغلف الجوي ،خاصة في
المدن .حيث يقدر أن نحو % 60من ملوثات الهواء في أجواء
المدن سببه وسائل النقل.
-أهم الملوثات والمواد المنطلقة من عوادم السيارات هي :أول
وثاني أكسيد الكربون ،وأكاسيد النتروجين ،والهيدروجين ،وبخار
الماء ،والرصاص ،ومواد كثيرة أخرى مثل الميتان والبروبان
واليتيلين ،وبعض هذه الملوثات سامة وخطيرة وتضر بالبيئة
والنسان.
-تستهلك وسائل النقل الكثير من الكسجين ،وهي تنافس النسان
وغيره من الكائنات الحية في ذلك ،وذلك بسبب احتراق الوقود
في محركاتها وإطلق الملوثات خاصة .CO – CO2
-تختلف نسب الملوثات المنطلقة من عوادم السيارات ونوعيتها،
باختلف عوامل كثيرة ومنها:
أ -نوعية الوقود المستخدم )البنزين ،المازوت أو الديزل ،الغاز
الطبيعي ،الوقود الكحولي أو غيره(.
ب -نوعية محرك السيارة ونموذجه.
ج -عمر المحرك ونظام عمله.
د -مدى القيام بالصيانة الدورية للمحرك.
ه - -نوعية الطرق ودرجتها.
و -الظروف التضاريسية ومدى مناسبتها لعمل السيارات.
ومن المهم القيام بالعديد من الجراءات التي من شأنها التخفيف
من التلوث الناجم عن عوادم السيارات ،بما في ذلك تحسين نوعية
الوقود والمحركات والطرقات والقوانين وغيرها.
ج -التلوث الشعاعي:
إن المواد المشعة تعد من المصادر الرئيسية لتلوث الهواء ،وهي في
تزايد مستمر ،ومعه تتزايد المخاطر الناجمة عنها ،وهذا ناجم عن زيادة
مصادر هذا التلوث خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين وهو ما
وصف بالعصر النووي أو عصر الذرة ،والذرة ) (Atomمؤلفة من نواة )
(Nucleusومن عدد من اللكترونات المحيطة بها ،و تتألف النواة من
بروتونات ونيوترونات ،والبروتون عبارة عن جسيم كتلته أكبر من كتلة
اللكترون بألفي مرة ،وشحنته موجبة ،وهي تساوي شحنة اللكترون
السالبة ،بينما النيوترونات ل تحمل شحنة كهربائية.
ومن دون الدخول في تفاصيل الحديث عن الذرة والنواة يمكن
-160-
القول :إن كل نواة تحتوي العدد نفسه من البروتونات ،ولكنها تحتوي
أعدادا ً مختلفة من النيوترونات ،أي أن العدد الذري للعنصر ل يتغير،
بينما عدده الكتلي يتغير ،وهذا ما يسمى بالنظائر ،والنظائر القابلة
للتفكك أو النشطار تكون نشطة إشعاعيا ،وتعرف باسم النظائر
المشعة ،وتختلف المدة التي تحتاجها النظائر المشعة لكي تتحول إلى
عناصر غير مشعة ،وقد استخدم للتعبير عن ذلك مصطلح نصف العمر،
وهو الزمن اللزم لكي تفقد المادة نصف نشاطها الشعاعي ،وهذا
يختلف من نظير مشع إلى آخر ويتراوح من الثانية إلى آلف السنين،
والعناصر المشعة الصطناعية يتم الحصول عليها عن طريق القيام
بتفاعلت نووية خاصة تدعى بتفاعلت الرجم.
وأهم مصادر التلوث الشعاعي:
-1التفجيرات الذرية واختبارات السلحة النووية:
أجرت الدول النووية ألف الختبارات والتجارب النووية ،بعضها
معروف ومعلن عنه قبل أو بعد الختبار ،وبعضها يتم بطريقة سرية في
الجو ،أو تحت سطح الرض ،أو في المحيطات ،وينجم عن هذه التجارب
انتشار العديد من المواد المشعة مثل الكربون المشع ،14والسيزيوم 137
،والسترونثيوم وغيره ،وهذا المر استمر حتى عام 1963حيث تم العلن
عن التفاقية الدولية لحظر التجارب النووية ،ولكن الكثير من دول العالم
لم توقع هذه التفاقية ،ولم تلتزم بحظر التجارب النووية ،واستمرت في
أنشطتها النووية ،مما شكل ويشكل خطرا كبيرا على النسان وعلى البيئة
ومكوناتها الحية.
-2حوادث المفاعلت النووية:
إن حوادث المفاعلت النووية كثيرة ومتنوعة ،ومختلفة في أسبابها
ومصادرها ،وفي العواقب والثار الناجمة عنها ،وغالبا تكون المعلومات
عنها قليلة ومتضاربة ،وتحاط بالسرية والكتمان .والجدول ) (5يبين أهم
الحوادث التي تعرضت لها المفاعلت النووية في العالم ،وتاريخ حدوثها
وبعض الثار الناتجة عنها).(135
-3الستخدامات الطبية والعلمية وغيرها:
تستخدم المواد المشعة في التشخيص والعلج الطبي ،كالتصوير
الشعاعي و الومضاني ،وفي الطب النووي وغيره ،كما تستخدم المواد
المشعة في البحوث والتجارب العلمية من أجل تطوير طرائق الستفادة
) (1الجدول من عمل المؤلف ومصادره متنوعة منها :محمد محمود سليمان :البيئة والتلوث ،مرجع 135
سابق ،ص -90ممدوح حامد عطية ،إنهم يقتلون البيئة :الهيئة المصرية للكتاب -1997مصطفى
طلبة :إنقاذ كوكبنا ،مركز دراسات الوحدة العربية 1993 ،ص -130محمد ناصف قمصان ،أبعاد
التلوث الشعاعي للبيئة ،مجلة عالم الفكر ،العدد الول ،الكويت . 1991
-161-
من النواة والذرة وآلياتها في المجالت المختلفة ،كما تستخدم المواد
المشعة في عمليات حفظ الطعام وغير ذلك.
الجدول ) (5أهم حوادث المفاعلت النووية في العالم
نوع الحادث ،ومكان وقوعه أهم النتائج المترتبة عنه تاريخ وقوع تسلس
الحادث ل
تسرب نووي من مفاعل بالقرب من مدينللة نوفملللللللبر 1
كيشتيم في الورال )التحاد السوفييتي(. 1957
حريق في مفاعل وندسكيل فللي بريطانيللا، اكتللللللللوبر 2
أدى إللللى إطلق ملللواد مشلللعة إللللى اللللبيئة 1958
المحيطة بلغ تركيزها 400ضللعف عللن الحالللة
العادية ،وفاة 39شخص وإصابة 200بالشعاع
حللادث غواصللة نوويللة سللوفيتية ،أدى إلللى يوليو 1961 3
وفاة 8من طاقم الغواصة ،بينهم قائدها.
حادث تسرب إشللعاعي فللي لللوس انجلللوس 1965 4
بالوليات المتحدة
حادث انصهار أحد مفاعلت تبريد الغاز فللي أكتللللللللوبر 5
مفاعللل سللانت لللورنت صللاحبه انتشللار مللواد 1969
مشعة.
حلللادث انفجلللار فلللي مفاعلللل ذري فلللي 1974 6
شتيفشللينكو فللي بحللر كاسللبن فللي التحللاد
السوفييتي.
حادث في مجمع نووي في لللولمين بألمانيللا 1975 7
الشرقية
انصللهار جللزئي لقلللب المفاعللل النللووي ملللللللللارس 8
بالقرب من مدينة ميدل تاون )جزيرة الميللال 1979
الثلثللة( فللي وليللة بنسلللفانيا فللي الوليللات
المتحللدة المريكيللة ،نجللم عنلله تسللرب المللواد
المشعة إلى اللبيئة والميلاه ،وتسلبب بخسلائر
بيئية واقتصادية كبيرة.
حادث في مفاعل تخصيب اليورانيللوم ،فللي 1979 9
تينسي بالوليللات المتحللدة المريكيللة ،تسللبب
بأضرار لنحو 1000شخص
حلللادث فلللي مفاعلللل ذري فلللي مقاطعلللة ابريللللللللللل 10
تسللوروجا باليابللان ،تعللرض قرابللة 45عامللل 1981
للشعاع.
حللادث تسللرب نفايللات ذريللة مللن مفاعللل 1983 11
سيلفيلد في انكلترا )وندسكيل سابقًا(.
حادث تسرب إشعاعي مللن المفاعللل النللووي 1985 12
في ويستفاليا بألمانيا.
حادث انفجار في مفاعل شكوتوفو 22 -فللي 1985 13
التحاد السوفييتي ،أدى إلى وفاة 10أشخاص،
ووفاة وإصابة المئات لحقًا.
نوع الحادث ،ومكان وقوعه أهم النتائج المترتبة عنه تاريخ وقوع تسلس
الحادث ل
حادث انفجار في مفاعل بمدينة أوكلهومللا 1986 14
المريكية ،تسبب في حدوث تلوث إشعاعي.
حللادث مفاعللل تشللرنوبيل فللي أوكرانيللا ابريللللللللللل 15
بالتحللاد السللوفييتي ،مللن نتللائجه المباشللرة 1986
وفاة 31شخص ،ونقل المئات إلى المشافي،
وإجلء 100ألللف مللن المدينللة ،ونتللائج غيللر
-162-
مباشرة يكتشف عنها باستمرار.
حللادث تسللرب مللن مولللد سلليزيوم كللان 1987 16
يسلتخدم للغلراض الطبيلة فلي وليلة غويانلا
بالبرازيللل ،تسللبب فللي تعللرض 250شللخص
للشعاع ،وخسائر اقتصادية كبيرة.
حللللادث تسللللرب إشللللعاعي مللللن محطللللة 1992 17
سوسللتوفوي يللور بللالقرب مللن مدينللة سللان
بطرس بورغ في روسيا.
حللادث تسللرب إشللعاعي جديللد مللن محطللة 1995 18
تشرنوبيل.
. 362
-163-
تبادل الخبرات الفنية بين دول العالم. -
استخدام وسائل تقنية متطورة للكشف عن تسرب المواد المشعة، -
والعلن عن ذلك ومكافحته.
تحديد تراكيز الشعاع المسموح بها في كل نظام بيئي )ماء ،هواء، -
تربة ،غذاء الخ(.
الستعداد والتدريب لمواجهة أية مخاطر إشعاعية محتملة. -
د -الزراعة:
إن الزراعة تؤدي في كثير من مجالتها والنشطة المتعلقة بها إلى
تلوث الغلف الجوي ،ومثل هذا التلوث ينجم عن استخدام السمدة
المعدنية النتروجينية والفوسفورية والمركبة ،ومن استخدام المبيدات
الكيميائية المختلفة ورش المزروعات بها للقضاء على الحشرات
والفات أو العشاب الضارة ،كما أن منشآت تربية الحيوانات والطيور
والدواجن ،وروث هذه الكائنات ومخلفاتها ،يؤدي إلى إطلق غاز النشادر
والمونيا وغيره إلى الغلف الجوي ،كما أن مخلفات المحاصيل الزراعية،
وحرق هذه المخلفات ،والنفايات المرتبطة بها ،والعمليات أو المصانع
والمعامل المخصصة لتصنيع هذه المحاصيل الزراعية ،سواء في
المناطق الزراعية أو القريبة أو البعيدة عنها ،جميع هذه المور تسبب
تلوث الهواء.
-164-
الزجاجي ،وتؤثر في مدى الشفافية الجوية ،وفي مظاهر الطقس
والمناخ ،وتؤدي بالنتيجة إلى التأثير السلبي في صحة النسان وغيره
من الكائنات الحية.
-165-
كثيرة ومتعددة ،ومن هذه السباب):(137
- 1التلوث بغاز الكلوروفلوروكربون )ك ف ك ،(CFCأو ما يسمى با
لفريون 11و .12
- 2الطائرات النفاثة التي تنفث من عوادمها مواد تؤدي إلى تدمير
طبقة الوزون.
- 3صواريخ الفضاء التي تطلق مواد تساهم في تخريب الوزون.
- 4تجارب التفجيرات النووية ،خاصة التي تجرى في الغلف الجوي.
- 5أكاسيد النتروجين الناتجة من صناعة واستخدام السمدة الزوتية
وغيرها من الصناعات
) (1محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفرا :المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة ،مرجع سابق، 137
ص . 379
-166-
العوالق النباتية ،وعلى المحاصيل الزراعية وتقليل قدرتها النتاجية،
وعلى الكائنات الحية بما فيها النسان وإصابته ببعض المراض وأهمها
السرطانات ،والتهاب وحساسية العيون والغشية المخاطية ،والتأثير
السلبي على التحف الفنية والوابد التاريخية ،وعلى البيئة بشكل عام.
) (1محمد محمد الشاذلي ،علي علي المرسي :علم البيئة العام والتنوع البيولوجي ،مرجع 138
إن ارتفاع درجة حرارة الرض عملية بطيئة ل تلحظ بسرعة ،ويقدر
أن درجة حرارة كوكب الرض قد تزايدت بمقدار نصف إلى واحد درجة
مئوية في القرن العشرين ،وهذه الزيادة في حال استمرارها فإنها
ستؤدي إلى عواقب بيئية خطيرة ،وحتى الن فإن هذه العواقب غير
معروفة أو محددة بدقة ،وهي مثار جدل ومحط أبحاث الكثير من مراكز
البحث العلمي العالمية ،ولكن يعتقد أن ارتفاع درجة حرارة الرض
سيؤدي إلى ذوبان الجليديات في المناطق القطبية ،وبالتالي ارتفاع
منسوب المياه في البحار والمحيطات وغرق الكثير من المناطق
الساحلية المنخفضة ،والقضاء على السكان وعلى الكائنات الحية في
هذه المناطق ،وكذلك حدوث تغير في ظروف الطقس والمناخ ،لن
زيادة درجة الحرارة يسبب ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية وهذا
يؤدي إلى زيادة التبخر ،وزيادة سرعة الرياح ،وقد تتعرض المناطق
المطيرة للجفاف ،وعلى العكس تتعرض المناطق الجافة للمطار
والعاصير والفيضانات.
-168-
.(NO + O→ NO2
ومن المعروف أن الظروف الجوية تساعد في حدوث الضبخان وتكرار
حدوثه ،خاصة في حالة حدوث ركود جوي أو انقلب حراري ،مما يسبب
تجمع الملوثات أسفل طبقة النقلب الحراري ،وعدم حدوث تحرك أو
تبادل هوائي فيحدث الضبخان .وتكون الثار والعواقب الناجمة عنه
مختلفة ،بحسب مكوناته ،والملوثات الموجودة فيه ،والتفاعلت التي
تحدثها ،فالضبخان الناجم عن أكسيد النتروجين مهيج للجهاز التنفسي
للنسان ،ويمتص الطاقة الشمسية على هيئة ضوء الشمس ،ويتفاعل مع
مكونات الهواء ،ويؤدي إلى تفاعلت قد تتسبب في زيادة غاز الوزون
بالقرب من سطح الرض ،وهذا يؤدي إلى تدمير النسجة البشرية،
وحدوث أضرار تنفسية ،وحدوث آلم صدرية وغيرها ،أما الضبخان الناجم
عن وجود مواد كيميائية فيسبب آلما ً في الرأس ،وغثيانًا ،وتهيج العيون
والنف ،والملوثات الناجمة عن حرق الوقود في محركات السيارات
تسبب الشعور بالدوخة ،والتعب والرتخاء ،والصداع ،والخناق الصدري الخ،
وآثار الضبخان ل تقتصر على النسان ولكنها تتعداها إلى الكائنات الحية
الخرى ،وإلى المحاصيل الزراعية ،وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على
البيئة والحياة بشكل عام.
ويوجد نوعان من الضبخان هما ،الضبخان الصيفي ،الذي يحدث في
فصل الصيف مثل ضبخان لوس انجلوس ،والضبخان الشتوي ،الذي
يحدث في فصل الشتاء ،مثل ضبخان لندن.
وحوادث الضبخان كثيرة في العالم ،ولكن بعض المناطق أو المدن
اشتهرت أكثر من غيرها بحدوث الضبخان ،وفي الجدول ) (6نوضح أهم
هذه الحوادث وأزمان حدوثها وأماكنها والثار الناجمة عنها.
إن حالة الضبخان تحدث ويتكرر حدوثها في الكثير من مدن العالم
الخرى كطهران وأثينا وسان فرانسيسكو وسيدني ومكسيكو سيتي ومدن
أخرى ،ولكن أشعة الشمس عند سطوعها تبعثر هذه السحابة الدخانية ،ما
لم تكن شدة السحابة والظروف المناخية غير مناسبة ،وعلى سبيل المثال
فإن السحابة الدخانية التي تعرضت لها مدينة القاهرة عام 1999وتكررت
عام 2000م ،وسببها الملوثات والدخان والتربة المثارة ،وحرق المخلفات
الزراعية ولسيما قش الرز ،أو مخلفات زراعة القصب وسط الحقول
القريبة من القاهرة ،وحرق القمامة ،حيث يتولد في منطقة القاهرة
الكبرى يوميا 12500طن من القمامة ،وفيها نحو 1300000مركبة تشكل
نحو % 46من إجمالي المركبات في مصر كلها .وطبعا كل هذه العوامل
والسباب أسهمت في حدوث الضبخان ،ومن الضروري العمل على
التخفيف من وطأة التلوث لكي ل تتكرر هذه الظاهرة ،وتحدث نتائج ل
يحمد عقباها ل سمح الله.
-169-
الجدول ) (6أهم حوادث الضبخان في العالم والثار الناجمة عنها
-170-
الرقم الهيدروجيني أو عامل ) ،(PHالذي تتراوح قيمته بين صفر و ،14
وكلما تناقص المعدل عن 7يعني زيادة الحموضة ،وأكبر من 7يعني
زيادة القلوية ،وأصبح واضحا ً أن تأثير النسان والنشاطات البشرية
المختلفة هي السبب الرئيسي في حدوث المطار الحمضية ،والتي
تؤدي إلى إطلق كميات كبيرة من الملوثات إلى الغلف الجوي ،الذي
يقوم بدور وعاء أو مكان للتفاعل الكيميائي لمجموعة كبيرة من
المواد ،التي تعاد بالنتيجة إلى التربة أو المياه السطحية.
ويعتبر المطر الحامضي من المظاهر الناتجة عن قيام الغلف الجوي
د كبير بالظروف
بتنظيف نفسه ،وانتشار المطر الحمضي يرتبط إلى ح ٍ
المناخية السائدة ،وخاصة اتجاه الرياح السائدة ،التي تنقل أكاسيد
الكبريت والنتروجين وغيرها إلى مسافات كبيرة ،وأحيانا كثيرة إلى
خارج حدود الدولة المسببة لها ،كما هو الحال في المطار الحمضية
الهاطلة في جنوب شرق كندا ومصدرها الوليات المتحدة ،والمطار
الهاطلة في البلدان لسكندنافية ومصدرها دول أوروبا الغربية الصناعية.
وتؤدي المطار الحمضية التي تهطل على سطح التربة ،إلى تدني
القدرة النتاجية للتربة ،وانخفاض خصوبتها ،وإحداث تأثير سلبي في
قدرتها على امتصاص المواد المغذية ،وعلى سرعة تحلل المواد
-171-
العضوية وتفتتها ،كما أنه في الوساط الحمضية تنخفض القدرة
النتاجية للبكتريا المثبتة للزوت .وبشكل عام فإن زيادة تحمض التربة
يؤدي إلى تغيير خصائصها الفيزيائية والكيميائية ،وإلى غسل بعض
المعادن الثقيلة والمفيدة فيها مثل الكالسيوم والبوتاسيوم وحرمان
التربة منها ،في حين قد تؤدي إلى زيادة تركيز بعض المواد والمعادن
الخرى السامة والضارة بالتربة مثل اللمنيوم والمنغنيز .مع الشارة
Ca إلى أنه يمكن تعديل حموضة التربة بإضافة كربونات الكالسيوم إليها
مما يساعد في إعادة تحسين خواص التربة وخصوبتها. CO3
-172-
مثل يؤدي إلى تناقص قدرة الدم على نقل CO أول أكسيد الكربون
الكسجين في الدورة الدموية ،بسبب تكون ما يسمى كروبوكس
هيموغلوبين الدم ،الذي يسبب تقليل عمليات الكسدة في أنسجة
الجسم .والنتائج الصحية المترتبة على تلوث الهواء كثيرة جدا ،وقد
أوردنا الحديث عن الكثير منها أثناء الحديث عن الظاهرات المرتبطة
بتلوث الهواء )عامل البيت الزجاجي ،الضبخان ،المطار الحمضية ،غاز
الوزون(.
-173-
وتخفيف حدة الثار السلبية الناتجة عنه كثيرة جدًا ،وتتعلق بالدول
والشعوب والفراد والمنظمات والجمعيات والهيئات الدولية والقليمية
والمحلية ،الرسمية والشعبية ،ومستوى وعيها البيئي واهتمامها بالبيئة
وحاضرها ومستقبلها ،وبالجيال الحالية والقادمة ،مستفيدة من خبرات
الجيال السابقة وتجاربها اليجابية والسلبية ،ومن كل تجربة أو خبرة أو
طريقة ناجعة في حماية البيئة حدثت في أي مكان من العالم ،وأهم هذه
الجراءات:
-1الموافقة والتوقيع والمشاركة في التفاقيات الدولية ذات الصلة
بحماية البيئة والغلف الجوي.
-2سن القوانين والتشريعات الصارمة ،التي تمنع تلوث البيئة،
وتحاسب من يقوم بذلك.
-3بناء المناطق الصناعية ،بعيدا عن المدن والماكن العمرانية
والسكنية ،وأخذ كافة الحتياطات الممكنة لبناء هذه المناطق في
الماكن المناسبة لها.
-4التقليل ما أمكن من استخدام مصادر الطاقة الملوثة للبيئة
)الفحم والبترول والغاز( ،والبحث عن مصادر للطاقة النظيفة،
كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية ،والنووية.
-5استخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة لضبط التلوث،
والتخفيف من كمية الملوثات المقذوفة من المصانع وغيرها من
المصادر الملوثة للهواء.
-6حماية المناطق والمساحات الخضراء من القطع والحرق ،وإعادة
تحريج المناطق المتضررة.
-7معالجة المخلفات الصلبة والسائلة والغازية بالطرق والساليب
العلمية الصحيحة قبل إطلقها إلى الغلف الجوي .وغير ذلك من
الجراءات.
-8-8دور الجغرافية في حماية الغلف الجوي من التلوث:
تدرس الجغرافية تركيب الغلف الجوي وبنيته الشاقولية ،وأهميته،
ومصادر تلوثه ونتائجه ،وغير ذلك من التغيرات التي يتعرض لها باعتبار
الظروف الجوية أحد أهم العوامل المحددة لمقدار تركيز الملوثات في
الغلف الجوي ،كما أن للملوثات دور مهم في تحديد قيم العناصر الجوية،
وبالتالي تحديد المعالم المناخية للمناخ ألصغري والمناخ العام .والجغرافيا
تهتم بالغلف الجوي باعتباره أحد الغلفة الجغرافية الهامة ،وهو يتألف من
خليط ميكانيكي من الغازات والعناصر الجوية التي تختلف في كميتها
-174-
ودرجة ثباتها ،ويعد الغلف الجوي من الموارد الطبيعية الساسية
والمتجددة ،ومكوناته هي أساس الحياة واستمرارها وتوازنها.
إن التلوث الجوي يعد من أهم مجالت البحث الجغرافي ،والجغرافي
يمكنه القيام بدراسة جوانب متخصصة في مشكلة التلوث تعد من صميم
الدراسات الجغرافية ،ولسيما الجغرافية التطبيقية ،ويمكن أن تفيد منها
العلوم الخرى ،فهناك أشكال متعددة لما يمكن أن يسهم به الجغرافي
في هذا الصدد ،وذلك من خلل دراسته لتجاهات الرياح وسرعتها،
ودراسة التوطن الصناعي ،وكثافة المرور ،وغير ذلك من الجوانب التي
يستطيع الجغرافي أن يسهم بها في دراسة مشكلة تلوث الجو ،وتقديم
دراسة شمولية متكاملة لبعاد المشكلة البيئية الناتجة عن تلوث الجو
وتغير عناصره.
إن دراسة تلوث الغلف الجوي باعتباره أحد الغلفة الجغرافية،
ودراسة الثار الناجمة عن هذا التلوث على النظمة الجغرافية المختلفة،
وعلى صحة النسان باعتباره أحد أهم العناصر الحية في البيئة ،وعلى
المكونات التاريخية والروائع الفنية والثقافية التي أبدعتها اليدي
البشرية خلل الزمن ،ودراسة مصادر الملوثات ،سواء تلك المصادر
الطبيعية كالحرائق الطبيعية ،وثوران البراكين ،والزلزل ،والعاصير،
والفيضانات ،والعواصف الغبارية وغيرها ،أو الناجمة عن مصادر بشرية
مصطنعة ،كوسائل النقل ،والصناعة والزراعة ،وحرائق الغابات،
والملوثات الشعاعية ،وغيرها ،وتحديد أماكن انتشارها ،وآلية انتقالها
وسرعتها.
وعلى سبيل المثال دراسة انتقال الملوثات المسببة للمطار
الحمضية )من الوليات المتحدة المريكية إلى كندا ،أومن بلدان أوروبة
الغربية إلى أوروبة الشرقية والدول السكندنافية( ،أو)انتقال المواد
المشعة كما حدث إثر حادثة المفاعل النووي في تشرنوبيل سنة
1986حيث تحركت في معظم التجاهات( ،وأسباب ذلك وتأثيراته
الجغرافية والبيئية المختلفة ،كل هذا يعد من صميم عمل الباحث
الجغرافي وإن لم يكن حكرا ً عليه وحده بأي شكل من الشكال .وبحسب
)ميلنوفا ،ريابتشيكوف( فإنه من المهم جدا ً دراسة مشاكل تلوث الجو
من مدخل جغرافي ،وذلك لن تلوث الجو يؤدي من جانب أول إلى تغير
جميع عناصر المركب الطبيعي ،ومن جانب آخر فإن طبيعة التلوث
وشدته تتعلق بخصائص الشروط الطبيعية).(140
كما أن الجغرافية تدرس التغيرات المناخية التي حدثت خلل الحقاب
) (1ميلانوفا .ي .ف ،ريابتشيكوف .أ .م :الجوانب الجغرافية في حماية الطبيعة ،ترجمة د .أمين 140
-176-
نحو الشمال ،وبالتالي حدوث الفيضانات وزيادة نحت التربة وتعريتها
وحدوث خلل معين في جميع النظمة الجغرافية الطبيعية.
-177-
الفصل التاسع
الغلف المائي )الهيدروسفير(
-مصادر المياه وتوزعها في الغلف المائي
-أهمية الغلف المائي
-خصائص المياه
-مصادر تلوث المياه
-الثار الناتجة عن تلوث المياه
-المشكلة المائية في الوطن العربي
-الجراءات التي يمكن اتباعها للمحافظة على المياه
وحمايتها
-دور الجغرافية في حماية الموارد المائية وترشيد
استغللها
-178-
إن المصدر الرئيس للمياه في الطبيعة هو الدورة المائية المتجددة،
المتمثلة في التبخر والتكاثف والتهطال ،ويشغل الماء أكبر حيز في الغلف
الحيوي ،وأكبر مادة موجودة فيه ،وهذا ما دفع البعض إلى اقتراح تسمية
الكرة المائية بدل ً من الكرة الرضية ،وكمية المياه الموجودة في الغلف
المائي تقدر بنحو 1.5مليار كلم ،3ومعظمها يوجد في المحيطات العالمية
التي تشغل نحو % 72من مساحة الكرة الرضية ،وفيها نحو % 94من
إجمالي المياه الموجودة في الغلف المائي عامة ،وهي مياه مالحة ،يليها
المياه الجوفية المالحة والعذبة ،ومياه الجليديات ،والمياه العذبة في كامل
الغلف المائي تتراوح بين % 3 -2فقط منه ،وهي موزعة بشكل غير
متساو على سطح الكرة الرضية ،حيث يحتوي نهر المازون وحده على -10
% 15من إجمالي المياه العذبة في العالم ،وحوض نهر الكونغو -زائير يضم
أكثر من % 50من مياه القارة الفريقية بينما ل يعيش فيه سوى نحو 10
%من سكانها ،وكل هذا يزيد مشكلة نقص المياه حدة وخطورة ،والجدول )
(7يوضح توزع المياه في الغلف المائي.
الجدول ) (7توزع المياه في الغلف المائي
النسبة % الحجم/ألف نوع المياه تسلسل
كلم 3
93.96 137032 مياه المحيطللات 1
4.12 60000 الميللاه الجوفيللة 2
0.27 4000 الميللاه الجوفيللة 3
1.65 24000 ميللاه الجليللديات 4
0.019 280 مياه البحيرات 5
0.006 85 مياه التربة 6
0.001 14 بخار الماء 7
0.0001 1.2 مياه النهار 8
% 100 1.454.70 المجموع
3
-9-2أهمية الغلف المائي:
يعد الماء أحد أهم الموارد الطبيعية ،فهو نبض الحياة على الرض،
وبدون المياه العذبة الصالحة للستخدامات المختلفة ل يمكن أن يتم أي
تطور زراعي ،أو صناعي ،أو حياة بشرية مستقرة متطورة باستمرار،
فالماء يعد من أهم الثروات الطبيعية التي وهبها الله سبحانه وتعالى
َ
ن م ي ََر ال ّ ِ
ذي َ ول َ ْ
للبشرية ،ويدل على هذه الحقيقة الهامة قوله تعالى:أ َ
َ َ
ء كُ ّ
ل مآ ِن ال ْ َم َعل َْنا ِ
ج َ
و َ
ما َ
ه َ فت َ ْ
قَنا ُ كان ََتا َرْتقا ً َ
ف َ ض َ
والْر َ
ت َ وا ِما َ س َن ال ّ فُروا ْ أ ّكَ َ
ن) النبياء .(30 مُنو َ
ؤ ِفل َ ي ُ ْي أَ َ
ح ّ ء َي ٍ
ش ْ َ
والدلئل على أهمية الماء كثيرة جدا ً ويصعب إحصائها ،ومن هذه
الدلئل:
-1ذكر الماء في جميع الكتب السماوية ،وفي القرآن الكريم أكثر من
-179-
) (64آية ذكر فيها الماء.
-2الماء هو المادة الوحيدة على سطح الكرة الرضية ،التي تتمتع
بالديناميكية ،وتوجد بحالت ثلث ،سائلة وغازية وصلبة.
-3ضروري لكافة الكائنات الحية ،النبات والحيوان والنسان.
-4برغم كل التقدم التقني الذي بلغته البشرية فإنه حتى الن لم يتم
التوصل إلى صناعة أو تركيب سائل يشبه الماء الطبيعي في
خصائصه ،أو يعوض عنه.
-5النسان ل يستطيع العيش من دون ماء أكثر من ثلثة أيام ،وهو
يحتاج من 3 -2لتر ماء للشرب يوميًا ،ومئات اللترات ،بل اللف
في الستخدامات المنزلية والصناعية والزراعية وغيرها.
-6نقص المياه بنسبة %15في جسم النسان تعرضه للخطر وربما
الموت.
-7نشأت معظم الحضارات القديمة بجانب مصادر المياه.
-8يشكل الماء نحو % 80من دم النسان.
-9يشكل الماء نحو % 80من وزن الكثير من أنواع الخضار والفاكهة.
-10يشكل الماء نحو % 70من وزن اللحم.
-11يشغل نحو % 75من مساحة الكرة الرضية.
-12باختصار الماء أرخص موجود وأغلى مفقود.
-9-3استخدامات المياه والخصائص الفيزيائية والكيميائية لها:
يمكن تعريف الماء بأنه سائل شفاف يتميز بخصائص فيزيائية
وكيمائية ،وليس له طعم ول لون ول رائحة ،عندما يكون نظيفًا ،وفي
الحالة الطبيعية له ،ولكن تغير هذه الصفات ،يعني أن الماء تعرض
للتلوث ،و لتغير خصائصه كلها أو بعضها بشكل أو بآخر ،ومن أهم
خصائص الماء نذكر:
- 1الخصائص الفيزيائية ومنها:
أ -اللون ،المياه النظيفة شفافة ل لون لها.
ب -العكر ،أو العكارة ،وتتعلق بالمواد العالقة الموجودة في
الماء.
ج -الطعم ،المياه النظيفة ل طعم لها وقد يتغير طعم الماء
بسبب تعرضه لمؤثرات خارجية.
د -الرائحة ،المياه النظيفة العادية ل رائحة لها ،ووجود الرائحة
دليل على التلوث.
هل -درجة الحرارة ،درجة حرارة المياه العادية المقبولة للشرب
م.
تتراوح بين ْ 11 - 8
- 2الخصائص الكيميائية ومنها:
أ -درجة القلوية أو الحموضة ،وتسمى بالعامل الهيدروجيني ،أو
-180-
الباهاء ) ،(PHوالرقم الهيدروجيني ينحصر بين ) (14 -0والقياسي يساوي
،7أقل من 7يعني زيادة الحموضة ،وأكثر من 7يعني زيادة القلوية.
والمياه المفضلة للشرب تكون درجتها من .8.5 - 7
ب -الكسجين الحيوي المستهلك ) ،(B O Dوهو الكسجين الذي
تستهلكه الكائنات الحية الدقيقة في المياه ،ويقاس في درجة حرارة
م ،وخلل خمسة أيام ،وتغير كميته يرتبط بعدة عوامل. ثابتة هي ْ 20
ج -الكسجين الذائب أو المنحل ) ،(D Oووجوده في الماء ضروري
لستمرار حياة الكائنات الحية المائية ،ومعدل تركيزه في مياه النهار يجب
أن ل تقل عن ) (5ملغ في اللتر ،و ترتبط مصادره وكميته بعدة عوامل
أيضًا.
د -خصائص كيميائية أخرى مثل وجود المعادن كالحديد والنحاس،
وعناصر أخرى بكميات ومعدلت محددة لكل منها.
- 3خصائص المياه الصالحة للشرب:
من أهم خصائص المياه الصالحة للشرب أن يكون:
-1عديم الطعم والرائحة واللون.
-2خاليا ً من الجراثيم والبكتريا والفطريات والكائنات الدقيقة
وغيرها.
-3خاليا ً من المواد الصلبة والعالقة.
-4أن تكون درجة الحموضة والقلوية مناسبة .والجدول ) (8يبين
مواصفات الماء الصالح للشرب).(141
الجدول ) (8مواصفات الماء الصالح للشرب )ملجم/لتر(.
) (1سعدية محمد حسانين عيسى ،فؤاد عبد الرحيم أحمد :صحة البيئة والغذاء ،مكتبة الرشد 141
-182-
المرجوة منه ،في الشرب أو الستخدامات المنزلية ،أو الصناعة ،أو الزراعة،
أو غيرها ،سواءً أكان هذا التلوث من مصادر ولسباب طبيعية ،أم من مصادر
ولسباب بشرية.
ب -البراكين:
تعد البراكين من المصادر الطبيعية لتلوث المياه ،عندما تثور في
المياه ،أو بالقرب من مصادر المياه ،وتنتهي الكثير من مقذوفاتها بشكل
مباشر أو غير مباشر إلى المسطحات المائية ،ومن هذه المقذوفات
أكاسيد الكربون والنتروجين والكبريت ،والرماد البركاني وغيره ،كما يعد
الغبار والجزيئات المعلقة في الهواء مصدرا من مصادر تلوث المياه،
حيث تنقلها الرياح من مكان لخر ،وتسقط فوق المسطحات المائية ،إما
بشكل جاف بحسب أنواعها وأحجامها ،أو بشكل رطب مع مياه المطار
أو الثلوج ،وتحمل معها هذه الجزيئات والملوثات إلى المياه ،كما هو
الحال في المطار الحمضية مثل.
-9-4-2المصادر البشرية ومنها:
أ -التلوث بمخلفات الصرف الصحي المنزلي:
وهذا التلوث ناجم عن صرف المخلفات البشرية إلى المياه عبر
شبكة الصرف الصحي ،وتشمل مخلفات المنازل والفنادق والمشافي
والمطاعم وجميع المؤسسات أو المنشآت المشابهة لها ،وهذه
المخلفات تحوي بشكل عام مخلفات البشر في الحمامات ودورات المياه
والمطابخ وأعمال الشطف والتنظيف ،وما ينتج عنها من غائط وبول
-183-
وصابون ومنظفات وبقايا الطعام ،وأعداد كبيرة من الجراثيم والبكتريا
والفيروسات والخمائر والفطور وغيرها .ومعظم هذه المخلفات هي
بقايا ومواد عضوية ،وبعضها غير عضوية ومعدنية وكيميائية وغيرها،
وهذه المواد تختلف في كميتها ونوعها وتأثيرها باختلف عدة أمور منها،
طبيعة حياة السكان ،ومستواهم الحضاري ،ووعيهم البيئي ،ومدى توافر
المياه وطرق الستفادة منها.
ومن المعروف أن زيادة أعداد السكان ،وتحسن مستوى المعيشة،
وتوافر شبكات المياه العذبة ،ومجاري الصرف الصحي للتخلص من
المياه العادمة المنزلية ،زاد من كميات المياه المستهلكة والملوثة ،التي
تلقى إلى المياه والبيئة دون معالجة تذكر ،ومما يزيد المر سوءا ً صرف
مياه الصرف الصناعي في نفس شبكات الصرف الصحي ،ول يجري
الفصل بين الصرف الصحي المنزلي والصرف الصحي الصناعي ،وفي
كل الحالتين فإن هذه المخلفات تسبب أضرارا كبيرة بالمياه وتلوثها،
وإصابة النسان وغيره من الكائنات الحية بأمراض كثيرة.
ب -التلوث بالمخلفات الصناعية:
لن معظم الصناعات تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه ،من أجل
تبريد المحركات ،وتصنيع المواد الولية وتحويلها إلى مواد مصنعة ،فقد
قامت معظم هذه الصناعات بالقرب من مصادر المياه ،و بالتالي فإن
هذه المصانع تلقي بمخلفاتها إلى هذه المصادر المائية ،وتختلف هذه
المصانع في مدى حاجتها للمياه ،وفي كمية الملوثات الملقية منها إلى
المياه أيضا ،باختلف عدة عوامل منها ،نوع الصناعة ،ونوع المواد الولية
المستخدمة وكميتها ،ونوع المواد المصنعة وكميتها ،وأساليب النتاج،
ومدى اعتماد الدورات الصناعية المغلقة ،والستفادة من التقدم التقني،
ووسائل التكنولوجيا النظيفة بيئيًا.
وأهم الصناعات الملوثة للمياه ،صناعة الورق ،وصناعة المواد
الكيميائية ،والبلستيكية ،وتصنيع ودبغ الجلود والفراء والصواف،
والصباغ والدهانات وغيرها الكثير ،وجل هذه الصناعات تسبب في إلقاء
كميات كبيرة من الملوثات العضوية وغير العضوية والمعدنية والكيميائية،
والكثير منها مواد سامة وتحتاج إلى فترة طويلة جدا للتحلل والتفكك،
وأخطر هذه الملوثات ،ما يسمى بالمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق
والكادميوم وغيره .لقد غدت المصادر المائية في الكثير من مناطق
العلم تئن تحت وطأة التلوث سواء في العالم المتقدم ،أو النامي أو
المتخلف ،مثل البحر المتوسط ،وبحر البلطيق ،والبحر الحمر ،والخليج
العربي ،وقس على ذلك النهار الكبيرة والصغيرة في العالم ،كنهر
-184-
الراين الذي تلقى إليه الكثير من المخلفات الصناعية في جميع دول
أوروبا الغربية التي يمر بها ،ونهر بوتاماك الذي تلقى إليه مخلفات
مدينة واشنطن ،وكذلك تلوث البحيرات الكبرى في الوليات المتحدة
المريكية ،وحتى بحيرة البايكال في سيبريا بشرق روسيا والتي كانت
توصف بأنها أعذب بحيرة في العالم لم تخل من التلوث الصناعي،
وبخاصة مخلفات صناعة الورق.
ج -التلوث بالمخلفات الزراعية:
إن الكثير من المخلفات الزراعية تصرف إلى شبكات الصرف الصحي
أو المنزلي ،أو إلى شبكات منفصلة،تنتهي أو تصل في كثير من الحيان
إلى المصادر المائية وتسبب تلوثها ،ومثل هذا التلوث ينجم أيضا عن
المخصبات والسمدة المعدنية ،كأسمدة اليوريا أو الزوتية
أوالفوسفورية أوالمركبة ،وكذلك من جراء استخدام السمدة العضوية
)الدبال( وما فيها من مواد يمكن أن تنتقل إلى المياه ،ومن استخدام
المبيدات الكيميائية المختلفة ورش المزروعات بها للقضاء على
الحشرات والفات أو العشاب الضارة ،كما أن منشآت تربية الحيوانات
والطيور والدواجن وزرائبها ،وما ينتج عنها من روث ومخلفات مختلفة،
كل هذه المخلفات والملوثات يمكن أن تنتقل إلى المياه وتسبب تلوثها
وتغيير صفاتها وجعلها غير صالحة للكثير من الستخدامات.
د -تلوث المياه بالمواد المشعة:
إن مصادر تلوث المياه بالمواد المشعة كثيرة ومتنوعة ،وهي نفسها
التي تلوث الغلف الغازي ،والتربة والنبات ،ومن هذه المصادر نذكر:
التجارب النووية ،ولسيما في أعماق البحار والمحيطات. -
نفايات مفاعلت الطاقة النووية ،ولسيما السائلة التي تلقى إلى -
النهار أو البحار أو البحيرات.
النفايات الناجمة عن الكوارث النووية ،في المفاعلت الذرية ،أو -
الغواصات النووية أو غيرها.
النفايات التي يمكن أن تتسرب أثناء نقل النفايات النووية، -
وبخاصة عبر المياه.
النفايات التي يمكن أن تتسرب من مستودعات وأماكن تخزين -
المواد أو النفايات النووية.
دفن النفايات النووية ،والتخلص منها بوضعها في حاويات خاصة -
وإلقائها في أعماق البحار والمحيطات ،سواء تمت هذه العملية
بشكل علني ،أو بشكل سري وهذا ما يحدث غالبا ،وتصبح هذه
الحاويات بمثابة قنابل موقوتة معرضة للعطب أو النفجار في أي
-185-
لحظة.
-186-
وتسبب تلوثها بهذا القدر أو ذاك ،ولكن هذا التلوث يشكل ظاهرة
مثيرة للنتباه في البحار والمحيطات العالمية ،بحكم حجم كمية
البترول المستخرج منها أو المنقول عبرها ،ويقدر أن كمية النفط
التي تلقى سنويا ً في مياه البحار والمحيطات العالمية تبلغ قرابة 10
مليون طن ،وهذا عائد إلى زيادة كمية النفط المنقول عبر البحار
والمحيطات ،والمقدر بأكثر من 3000مليون طن في السنة ،حيث إن
قرابة % 80من النفط العالمي ينقل عبر البحار والمحيطات في أكثر
من 7000ناقلة ،إضافة إلى النابيب المارة عبر البحار والمحيطات،
والشكل ) (28يبين الطرق الرئيسة لنقل النفط وحجمها .وأسباب
تلوث المياه بشكل عام ،ومياه البحار والمحيطات بشكل خاص ،بالنفط
كثيرة أهمها:
- 1حوادث ناقلت النفط:
يتجلى خطر حوادث ناقلت النفط من تزايد كمية النفط
المنقول فيها ،وتزايد حمولتها ،فقد كان وسطي حمولة الناقلة
منها في خمسينيات القرن العشرين 15ألف طن فقط ،أما
حاليا ً فإن متوسط حمولة الكثير من هذه الناقلت يزيد عن 200
ألف طن ! ،أما أسباب هذه الحوادث فمختلفة ،وأهمها الجنوح
في أماكن ضحلة المياه ،والصطدام ،والنفجار ،والحرائق،
والعطال الخ ،والجدول ) (9يبين أهم حوادث الناقلت ،ومكان
الحادث وتاريخه ،وكمية النفط المتسرب.
- 2حوادث منصات وآبار النفط البحرية:
إن عمليات التنقيب عن البترول واستخراجه من البحار
والمحيطات ،حيث يقدر البترول المستخرج منها بنحو ،% 15من
إنتاج النفط العالمي ،إضافة إلى عمليات تحميل وتفريغ النفط
مما يؤدي في كثير من الحيان إلى تسرب النفط ،بشكل مباشر
أو غير مباشر ،ومثل هذه الحوادث التي حصل فيها تسرب النفط
من البار ،أو المنصات البحرية كثيرة ،في الخليج العربي ،وخليج
المكسيك ،وبحر الشمال وفي غير مكان من العالم.
- 3تسرب النفط أثناء تنظيف ناقلت النفط في أعماق البحار أو
بالقرب من الموانئ.
- 4تسرب النفط مع مياه الصابورة )مياه التوازن( ،التي تحمل بها
الباخرة عندما تكون فارغة من أجل المحافظة على توازنها أثناء
عودتها إلى أماكن التحميل.
- 5تسرب النفط من معامل ومحطات تكرير النفط ،ومن محطات
-187-
التزود بالوقود ،ومحطات أو ورش صيانة المحركات الخ....
- 6تسرب النفط من أنابيب نقل النفط التي قد تتعرض لحوادث
في اليابسة أو البحار.
- 7النسكاب المتعمد للنفط ،حيث إنه في بعض الحالت قد يتعمد
صاحب الناقلة أو قبطانها ،إلى تفريغ حمولة الناقلة لنقاذها من
الغرق هي وطاقمها ،وقد تكون الناقلة قديمة وتحتاج إلى صيانة
ومصاريف ،فيتم إغراقها بحملتها للحصول على تعويضات
ومكاسب من شركات التأمين.
-188-
-وتأثير المواد المشعة الموجودة في المياه ،ينتقل إلى الكائنات
الحية ،ومن ثم إلى النسان إما عن طريق اللمس والتماس أثناء السباحة
أو الصيد في المياه ،أو عن طريق التنفس واستنشاق المواد المشعة ،أو
عن طريق
تاريخ وقوع كمية النفط المكان المتأثر اسم تسلسل
الحادث المتسرب /طن بالتلوث الناقلة
الطعام
مللللللارس 50000 شللللللواطئ تلللللوري 1 وتناول
1967 فرنسللللللللللللا كانيون
ديسللللمبر 120000 خليج عمان سللللللي 2
1972 ستار لحوم
ينللللللللاير 84000 البرتغال يعقلللوب 3
1975
ملللللللللايو 100000 اسبانيا
مياسك
أور 4
السماك
1976 كيولز والقشريات
فللللللبراير 99000 هاواي هللاويين 5
1977 باتريون
مللللللارس 228000 فرنسا آموكللللو 6 والرخويات
1978 قاديس
نوفملللللبر 95000 تركيا آنللللللدي 7
1979 بندنتا
الملوثة
فللللللبراير 102000 اليونان ارنيلللس 8
1980 سيرنادا بالشعاع.
أغسللطس 256000 جنلللللللللوب كاسللتيلل 9
1983 إفريقيا و سولفر
ديسللللمبر 71000 إيران نوفا 10 -أما
1985
مللللللارس 85000 جلللللللللللزر برير 11
1993 شلللللللللليكلند
التلوث
- 1516000 - المجمللو -
ع الحراري
للمياه فإنه يؤدي إلى نقص كمية الكسجين الذائب أو المنحل في
المياه ،وهذا يؤثر سلبا في حياة معظم الكائنات الحية المائية ،التي
تحتاج إلى فترة معينة للتكيف
الجدول ) (9أهم حوادث الناقلت التي تسببت في تدفق النفط في مياه البحار).(142
أما الثار أو العواقب الناتجة عن تلوث مياه البحار والمحيطات بالنفط ،فهي
كثيرة أيضا ً ويمكن إجمالها في المور التالية:
. The State of the Environment , Organization for Economic Cooperation and Development (OECD ) , Paris , 1991 )(1 142
-189-
-عرقلة أو إعاقة مياه البحار والمحيطات عن القيام بدورها في
حفظ التوازن البيئي ،حيث إن هذه المحيطات في الحوال العادية تمتص
ثاني أكسيد الكربون ) ،(CO2وتمتص ذلك % 50من كمية الشعة الشمسية
الواصلة إلى سطح الرض ،وهي تطلق الكسجين ) ،(O2وتقوم النباتات
المائية بعملية التركيب الضوئي ،وعندما تتلوث هذه المحيطات بالنفط،
فإن النفط يشكل طبقة رقيقة فوق سطح المياه ،وهذه الطبقة تعيق
امتصاص ثاني أكسيد الكربون ،وامتصاص الشعة الشمسية ،وتعيق
إطلق الكسجين والقيام بعملية التركيب الضوئي ،وعرقلة كل هذه
المور يؤدي إلى حدوث خلل في التوازن البيئي ،وحدوث تغييرات
مناخية وغير ذلك.
-النفط الذي يلوث المياه ،يعمل في نفس الوقت كمذيب لبعض
المواد التي تلقى في المياه مثل المبيدات الكيميائية والمنظفات
وغيرها وبالتالي زيادة تركيز هذه الملوثات وزيادة مخاطرها.
-كما يمكن أن تحدث بعض التفاعلت الكيماضوئية لبقعة الزيت
الطافية ،وذلك بفعل الشعة الشمسية ووجود الكسجين والمعادن
الثقيلة وغيرها مما يؤدي إلى تأكسد هذه المركبات وتغير
خصائصها.
-التلوث النفطي ،يخرب الحالة البيئية والبيولوجية والجمالية
والسياحية للشواطئ ،ويعرقل إمكانية الستفادة منها.
-التلوث النفطي ،يعرض الكائنات الحية البحرية ،وخاصة السماك
للهجرة أو المرض أو الموت ،وبسبب تعرضها للتلوث فإن تناولها
من قبل النسان قد يسبب له المرض والذى.
-يزداد خطر التلوث بالنفط عند اختلطه مع ملوثات أخرى
كمخلفات الصرف الصحي المنزلي والصناعي والتجاري ،وكذلك
النفايات السامة والمشعة وغيرها ،وتتفاعل هذه الملوثات وتؤدي
إلى مخاطر وأخطار بيئية وصحية ل يحمد عقباها.
الجغرافيلللة -9-6لمحة عن المشكلة المائية في الوطن العربي والعالم:
للللبيئة– م
لقد دأبت جميع الدراسات والبحاث على التحذير من والل
تفاقم أزمة
المياه في الوطن العربي لسباب متعددة ونذكر منها:
-1الظروف المناخية القاسية ،حيث أن % 80 – 70من مساحة
الوطن العربي تقع في المناطق الجافة وشبه الجافة.
-2الوطن العربي يقع في منطقة تتميز بارتفاع درجات الحرارة،
وانخفاض الرطوبة النسبية ،وزيادة التبخر من المسطحات
المائية ،ومن الراضي الزراعية المروية ،حيث تكون كمية التبخر
-190-
أكبر من المطار في معظم أراضي الوطن العربي.
-3الوطن العربي يفتقر عموما إلى شبكات مائية كبيرة وأنهار
دائمة الجريان.
-4النهار الكبرى التي تجري في الوطن العربي كالنيل ودجلة
والفرات تستمد منابعها ومعظم مياهها من خارج أراضيه وهذا
المر يؤثر سلبا على المن المائي العربي.
-5النمو السكاني المتزايد ،والطرائق التقليدية في استخدام المياه
في الوطن العربي ،مما يزيد من حدة هذه المشكلة ،ويؤدي إلى
انخفاض حصة المواطن العربي من المياه العذبة المتاحة
باستمرار.
-6إن الدول العربية في معظمها تعاني ،من نقص مصادر المياه
الجارية المتجددة ،وكذلك المياه الجوفية التي ل تكفي لتأمين
حاجات المواطنين من مياه الشرب والمياه اللزمة للزراعة
والصناعة والستخدامات الخرى.
-191-
وعلى سبيل الذكر ل الحصر ،ففي مصر مثل يتناقص نصيب الفرد
من المياه سنة بعد أخرى ،فقد بلغ 1150مترا مكعبا عام ،1986وأصبح
942م 3عام ،1994وحوالي 800م 3عام ،2000وهذا أقل من حد
الفقر البالغ 1000متر مكعب كما ذكرنا سابقا ،ويقدر أن احتياجات مصر
المائية سوف تقفز من 70مليار متر مكعب عام 2000إلى 140مليار
عام 2030م بسبب زيادة عدد السكان في هذه الفترة.
وليس من الصعب إدراك أن تأمين هذه المياه ليس أمرا سهل أو
متاحًا .إن أغلب مصادر المياه القليلة أصل في الوطن العربي يتم
استخدامها بسرعة أكبر بكثير من قدرتها على التجدد ،واختلل التوازن
بين الموارد المائية المتاحة والطلب المتزايد عليها هو من أخطر
التحديات التي تواجه الوطن العربي.
هذا ول يتجاوز متوسط حصة الفرد العربي من المياه في مختلف
المجالت 730مترا مكعبا في السنة ،وهذا المعدل هو دون حد الفقر
المائي ،وهو منخفض جدا بالمقارنة مع وسطي ما يستهلكه الفرد في
العالم والبالغ نحو 13000م ،3بينما يبلغ نحو 18500متر مكعب في
الوليات المتحدة المريكية ،ونحو 23000في أمريكا اللتينية ،ومع زيادة
العجز المائي العربي كما هو متوقع فإن ذلك سيؤدي من دون أدنى شك
إلى عواقب بيئية خطيرة ،تنعكس سلبا على الحياة الجتماعية
والقتصادية والصحية وعلى مختلف مناحي الحياة الخرى.
وإذا كانت الموارد المائية السطحية تشكل نحو % 85من مجموع
الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي ،يصل منها نحو % 60من
خارج الوطن العربي .فإن المياه الجوفية تشكل نحو % 15فقط من
الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي ،وفي الوطن العربي توجد
أحواض مائية جوفية إقليمية يبلغ عددها نحو 25حوضا مائيا ،منها
أحواض واسعة النتشار ،يمتد بعضها إلى خارج الوطن العربي ،وتشكل
مخزونا مائيا مهمًا ،وتلجأ بعض الحكومات العربية إلى سحب كميات
كبيرة من مياه هذه الحواض الجوفية ،كما حدث في ليبيا حيث تم تنفيذ
مشروع النهر الصناعي العظيم ،الذي يهدف إلى مد مدن الساحل الليبي
مثل طرابلس الغرب وبنغازي وطبرق بالمياه العذبة ،والمصدر الساسي
لهذه المياه العذبة هو المياه الجوفية داخل الصحراء الليبية الجنوبية،
ويقدر أن المخزون من هذه المياه يكفي لتلبية حاجات ليبيا من الماء
لمدة تتراوح بين 50و 100سنة.
كما أن البلد العربية تحاول تامين حاجتها من المياه بطرق
مختلفة منها:
-بناء السدود المختلفة الحجام والهداف.
-192-
-وقد اتجهت بعض البلدان العربية إلى معالجة مياه الصرف الصحي
واستغللها في الزراعة.
-وكذلك تحلية مياه البحر والستفادة منها خاصة في بعض بلدان
الخليج العربي.
-ترشيد استخدام المياه ،واتباع طرق علمية صحيحة في استخدام
مصادر المياه.
-رفع أسعار المياه ،وتنظيم آلية الحصول عليها وفرض ضرائب
وعقوبات على من يلوثها.
-البحث عن مصادر جديدة ،والكشف عن المياه الجوفية ،ومعرفة
كميتها وتخطيط الستفادة منها.
-193-
ويقدر أن هذه الزيادة سوف تستمر في هذا القرن ،وسيؤدي ذلك إلى
تفاقم حدة التنافس على المياه بين مختلف قطاعات الحياة المنزلية
والزراعية والصناعية ،وتشير الدراسات إلى أن حاجة العالم إلى المياه
العذبة المستخدمة في هذه القطاعات سوف تفوق بحلول عام 2025
م كمية المياه المتوافرة بنسبة ،% 5وسوف يزداد هذا الوضع
المأساوي تفاقما ً بسبب التغيرات المناخية التي يمكن أن تتعرض لها
بعض مناطق العالم من جفاف أو من فيضانات مدمرة.
-194-
-تسعير المياه ،وفرض ضرائب على المستهلك ،وعلى الملوث
للمياه بشكل يتناسب مع تأثيره في المياه من ناحية الكم والكيف.
-إتباع أساليب الري السليم والصحيح ،الذي يعتمد على طرق تقنية
حديثة ،مثل الري بالتنقيط والرش والرذاذ وغيرها ،مما يؤدي إلى توفير
الماء والجهد ،فالري بالتنقيط مثل يؤدي إلى خفض كمية المياه
المستخدمة بنسبة تتراوح بين ،% 85 – 25بعكس الري بالطرق
التقليدية التي تؤدي إلى استنزاف المياه السطحية والجوفية وخفض
القدرة النتاجية للتربة وربما تعرضها للتملح أو التصحر أو التلوث.
-تحديد حاجة الفرد الدنيا من المياه.
-إعادة استخدام المياه المستعملة في الصناعة أو الزراعة أو
الصرف الصحي بعد معالجتها وتخليصها من الملوثات المختلفة التي
لحقت بها.
-عقد التفاقات الدولية ،التي تنظم أساليب استخدام المياه
المشتركة بين الدول وتطبيقها ،والستفادة منها في المجالت المختلفة
كالشرب والصيد والري والملحة ،بشكل عادل وعقلني ضمن إطار
الشرعية الدولية.
-تحلية مياه البحر ،يمكن اللجوء إلى تحلية مياه البحر لتأمين
إمدادات كافية من المياه اللزمة للشرب بشكل خاص ،التي تساعد في
دفع التطور الحضري والقتصادي قدما إلى المام ،كما هو الحال في
دول الخليج العربي التي أقامت عددا ً كبيرا ً من محطات التحلية.
أخيرا ً يمكن القول :إن مسألة توفير المياه الصالحة للشرب
والستخدامات الخرى أصبحت من التحديات الرئيسة التي تواجه سكان
العالم في الريف والمدن ،وشبح شح المياه وتلوثها يهدد البشرية
جمعاء ،ولكن الشعوب الفقيرة هي أكثر من يتأثر بنقص المياه وتلوثها،
ويجب إتباع كافة السبل والوسائل الممكنة من أجل حماية المياه من
الهدر والتلوث.
-195-
والجغرافية تسهم في دراسة العلقة المعقدة بين الغلف المائي و
مختلف عناصر الوسط المحيط ،الحية والجامدة ،ومدى تأثير النسان في
الدورة المائية من خلل عمليات الري المختلفة ،وتحويل مجاري النهار
وبناء السدود والخزانات المائية الضخمة وغير ذلك ،وتسهم في دراسة
الحواض المائية النهرية بما في ذلك تلك الحواض المشتركة بين الدول
وحل النزاعات المتعلقة بذلك ،وتدرس العلقة بين توزع المياه وتوزع
السكان ،وضمان الدارة المتكاملة للراضي والمياه.
وتقوم الجغرافية بدراسة العوامل الجغرافية الطبيعية والبشرية
المعاصرة ،التي أدت إلى حدوث تغير في النظام الجغرافي للحواض
النهرية ،وحدوث جفاف دائم ،أو مؤقت للنهار الكبيرة أو الصغيرة أو
فروعها أو البحيرات في أي مكان من العالم ،ودراسة سبل وطرائق
تأهيل هذه المصادر المائية وإعادتها إلى وضعها الطبيعي .كجفاف بحر
ي
ل بيئ ٍ
آرال في آسيا الوسطى ،حيث يعد من المثلة الواضحة لحدوث خل ٍ
بلغ حد الكارثة ،والسبب في ذلك الستخدام غير الصحيح لمياه نهري
سرداريا وأموداريا مما أدى إلى تناقص ثم انعدام المياه التي تغذي هذا
البحر.
وكذلك دراسة تغير مستوى البحر الميت وأثر العوامل الطبيعية
والبشرية في التغيرات اليكولوجية التي يتعرض لها هذا البحر ،كتناقص
مساحته من 1000كم 2إلى نحو 700كم 2خلل فترة قصيرة ،وكذلك
دراسة التأثيرات والعواقب البيئية السلبية التي يمكن أن تحدث من جراء
تنفيذ أي من المشاريع المقترحة لوصل البحر الميت بالبحر المتوسط أو
البحر الحمر .وقس على ذلك في سورية حيث تعرضت الكثير من النهار
كنهر بردى وبحيرتي العتيبة والهيجانة ،ونهر قويق وغيره ،إلى جفاف
دائم أو مؤقت ،وإلى خلل بارز في التوازن البيئي لهذه المصادر المائية.
ويظهر دور الجغرافيين الجلي على سبيل المثال ،في حماية الطبيعة
بشكل عام والمياه بشكل خاص عندما تم الخذ برأيهم عام 1986في
التحاد السوفييتي )السابق( ،في وقف عملية تحويل مجارى النهار من
المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية ،بحيث ترك القرار النهائي
للجغرافيين في هذا الشأن.
إن النهار الصغيرة دائمة الجريان تتراوح أطوالها عادة من بضعة
كيلو مترات إلى بضعة عشرات الكيلومترات ،ومساحة حوض كل منها ل
تتجاوز 2000كم ،2وهذه النهار هي من أكثر الشكال المائية انتشارا ً
على سطح اليابسة ،وهي تغطي مساحات واسعة من الجبال والهضاب
والسهول ،ومعظم النهار الصغيرة تشكل الجزء العلوي في نظام
-196-
الجريان النهري ،وهي بهذا تشكل الساس في البيوسينوز).(143
وتعد النهار الصغيرة من الموارد الطبيعية الهامة ،و لها دور حاسم
في تطور النظام الجغرافي )الطبيعي والجتماعي( وتوازنه ،وعلى
ضفاف النهار الصغيرة عاش في الماضي ويعيش الن أكبر عدد من
السكان سواءً في الريف أو في المدن ،وهؤلء من أقدم العصور
يستخدمون مياهها لتأمين حاجاتهم من مياه الشرب والغسيل والسقاية
والستجمام والسباحة والصيد والستخدامات الخرى.
إن النهار الصغيرة من العوامل المهمة المؤثرة في عمليات
انجراف التربة ونقل الطمي والرسوبيات ،وهي تؤثر وتتأثر بالعوامل
المناخية والبيولوجية والجيولوجية والجيومورفولوجية وغيرها ،ولها
دور مهم في حياة كل إنسان وكل مجتمع وفي حياة الكثير من
الكائنات الحية ،وهي تؤثر في المنظومة البيئية عامة ،لذلك فليس من
قبيل المصادفة أن تلقى المشكلت التي تعاني منها هذه النهار
كالستنزاف والجفاف والتلوث المزيد من الهتمام من قبل قطاع
واسع جدا من السكان العاديين ومن العلماء والمختصين بما في ذلك
الجغرافيين.
باللغة الروسية. )The Restoration of Rivers and Streams , Theories and Experience , Edited by James - (1 143
-197-
الفصل العاشر
التلوث الفيزيائي )البارامتري(
التلوث الفيزيائي شكل من أشكال التلوث البيئي -
أنواع التلوث الفيزيائي -
التلوث الضوضائي )تعريفه -مستوياته -مصادره( -
الثار الناتجة عن الضوضاء -
الجراءات التي يمكن اتباعها للحد من الضوضاء -
التلوث الشعاعي -
التلوث الكهرومغناطيسي -
التلوث الحراري -
التلوث الضوئي -
التلوث الداخلي -
-198-
-10التلوث الفيزيائي )البارامتري(
) (1عبد العزيز طريح شرف ،البيئة وصحة النسان في الجغرافيا الطبية ،مركز السكندرية 144
) (2محمد محمود سليمان ،ناظم عيسى :البيئة والتلوث ،مرجع سابق ،ص . 123 147
-202-
من ) (% 30من سكان العالم ،أي أكثر من ملياري نسمة يعانون من
الضوضاء ،خاصة سكان المدن ،وأكثر من ) (% 60منهم يعانون من شدة
الضوضاء ،خاصة المدن الكبيرة ومدن العواصم ،وقد بين تقرير لوكالة
حماية البيئة المريكية ،أن المدن المريكية أصبحت تعاني من الضوضاء
لدرجة أن الناس الذين يقطنون في المناطق المكتظة بالسكان يسمعون
أسوأ مما يظنون ،والكثير منهم يعانون من فقدان جزئي للسمع).(148
والضوضاء تعطل المشاعر الحساسة والتأمل المريح ،والتفكير
السليم وغير ذلك ،حتى إن هذه الظاهرة المزعجة قد جاءت في
القرآن الكريم بالرفض والستهجان ،قال تعالى) :واقصد في مشيك
واغضض من صوتك إن أنكر الصوات لصوت الحمير( )لقمان ،(19
ويروى أن الرسول )ص( كان إذا عطس يخفض صوته ويغطي وجهه
بثوبه أو بيده ،وأنه كان يكره العطسة الشديدة في المسجد ،وأدلى
الفقهاء المسلمون بدلوهم في هذا المجال مما يدل على أن التربية
السلمية كانت سباقة في معالجة هذه المشكلة) .(149
Helmut . E . Landsberg , The Urban Climate , Institute, for physical science and technology , University of Maryland , )(3 148
) (1مهدي صالح السامرائي ،الحفاظ على البيئة في العصور العربية السلمية ،دار جرير للنشر 149
) (1إيغور أداباشيف :النسان والبيئة ،دار مير للطباعة ،موسكو ،1985ص . 118 151
-204-
- 4تأثير الضوضاء في القدرة النتاجية:
الضوضاء تؤثر سلبا في كفاءة النسان وقدرته على العمل والداء
وتؤدي إلى الوقوع في الخطاء وعدم القدرة على التركيز ،والصعوبة في
إتقان العمل وإتمامه بشكل جيد ،وتدني النتاج ،وبالتالي حدوث خسائر
اقتصادية كبيرة ،إن الصوات غير المحببة أو غير المنتظرة والمفاجئة،
تعرقل وتعيق إنجاز العمل بشكل جيد ،وتؤدي الضوضاء المتواصلة إلى
خفض القدرة النتاجية بمقدار يتراوح بين .% 60 - 20وللضوضاء تأثيرات
سلبية تتعلق بالتشويش أثناء الحديث العادي ،أو خلل نقل المعلومات
وتبادلها بين الناس ،مما يؤثر سلبا ً في لغة التخاطب والتفاهم بين الناس.
ول شك أن للضوضاء تأثيرات سلبية أخرى كثيرة منها :القلق والتوتر
والغضب والرتباك وغير ذلك.
-205-
-10-2-2التلوث الشعاعي:
سوف نتحدث هنا عن التلوث الشعاعي باعتباره شكل ً من أشكال
التلوث الفيزيائي ناجم عن زيادة النشاط الشعاعي في البيئة ،ومصادره
متنوعة وكثيرة منها) :(
أ -التفجيرات الذرية واختبارات السلحة النووية.
ب -حوادث المفاعلت النووية.
ج -الستخدامات الطبية والعلمية وغيرها.
والمواد المشعة تؤثر سلبا في النسان وغيره من الكائنات الحية،
ويرتبط تأثير المواد المشعة في الكائنات الحية بعدة عوامل منها ،درجة
الشعاع ،نوعية الكائن الحي ،مقدرة الكائن الحي على تحمل المواد
المشعة ،وأخيرا المدة التي يتعرض خللها الكائن الحي للشعاع.
والتلوث الشعاعي الذي يصيب النسان أو غيره من الكائنات الحية،
يمكن أن يحدث بسبب التماس المباشر مع المواد المشعة ،أو يحدث
بسبب تناول شراب أو طعام ملوث إشعاعيًا ،أو استنشاق الهواء الملوث
إشعاعيًا ،ويمكن تصنيف مجموعة كبيرة من مصادر الشعاع الذي يتعرض
له النسان.
وتأتي خطورة المواد المشعة ،من كونها ذات صفة تراكمية ،حيث
تنتقل إلى النسان والكائنات الحية النباتية والحيوانية مع زيادة التركيز
في كل مرحلة من مراحل انتقالها عبر السلسلة الغذائية ،وتسبب
أمراضا مختلفة منها السرطانية والمعوية والجلدية وحدوث خلل في
النظام البيئي ككل.
والتلوث الشعاعي يؤدي إلى حدوث تغييرات بيولوجية وكيميائية في
الخليا الحية تؤثر على الحماض النووية المسؤولة عن النقسام
الخلوي ،مما يؤدي إلى تلف الخلية أو موتها ،والشعاع يكون تأثيره
مباشر لمن يتعرض له ،أو غير مباشر على الجيال وهو ما يعرف بالتأثير
الوراثي.
-10-2-3التلوث الكهرومغناطيسي:
إن النسان ومنذ تكونه جنينا في بطن أمه يقع تحت تأثير الشعاع
الكهرومغناطيسي الناجم عن تغير الصفات الكهرومغناطيسية في
المنازل ،وأماكن العمل وفي البيئة بشكل عام.
و مصادر التلوث الكهرومغناطيسي كثيرة جدا ،منها الجهزة
)♣( للمزيد من المعلومات راجع الفصل الثامن عن تلوث الهواء بالمواد المشعة .
-206-
الكهربائية المنزلية )الجوال والتلفاز والراديو والثلجة والمكروييف(،
وغير المنزلية ،والرقمية ،والطبية ،وأنظمة الدارة والتوجيه اللكترونية
في كثير من الماكن ،إضافة إلى خطوط نقل الطاقة ،وشبكات التوتر
التي تنقل الكهرباء ،وشبكات التصالت ،وشحنات الكهرباء الساكنة الخ،
وجميع هذه المصادر لها ساحة كهرباء مغناطيسية.
-10-2-4التلوث الحراري:
التلوث الحراري بدوره شكل من أشكال التلوث الفيزيائي ،والمصدر
الرئيس لهذا التلوث هو حرق الوقود وخاصة في المحطات الكهروحرارية
) (1سمير رضوان :التلوث الخفي من المفاعلت النووية إلى الجهزة المنزلية ،مجلة العربي، 152
-10-3التلوث الداخلي):(
)♣( التلوث الداخلي ،أو ليس بالضرورة شكل ً من أشكال التلوث الفيزيائي )البارامتري( ،ولكن
) (1بريستون غرال :كيف تعمل البيئة ،الدار العربية للعلوم ،بيروت 1998م1419 -هـ ،ص 181 153
.
-209-
ة في البلدان المتطورة ،بدأ النتباه
الخارجي ،ومكافحة هذا التلوث ،خاص ً
إلى مشاكل تلوث البيئة الداخلية ،فهذه البيئة أصبحت ملوثة من مصادر
مختلفة ،حيث التدفئة المركزية ،والتكييف الهوائي ،والحد من تبادل
الهواء بين الماكن الداخلية والخارجية ،وحتى إذا تم هذا التبادل فإن
الهواء الخارجي غالبا ما يكون ملوثا.
إننا نعيش اليوم في عصر يتزايد فيه الهتمام بتلوث الهواء الداخلي،
وهذا الهتمام يعود بالدرجة الولى إلى الخطار الناتجة عنه على الصحة
البشرية ،إل أن رؤية الخطر ل تقارن في غالب الحيان بما هو حقيقي
وواقعي.
ففي الكثير من البلدان بخاصة النامية منها ،غالبا ما تعتمد التدفئة
المنزلية فيها ،وكذلك الطبخ على حرق الفحم والخشب والوقود ،الذي
يؤدي إلى تلوث الهواء الداخلي والخارجي في آن معا ،خاصة التلوث بغاز
أول أكسيد الكربون ،الذي يتحد مع هيموغلوبين الدم ويحل محل
الكسجين فيه ،ويؤدي ذلك إلى إصابة النسان بأعراض مختلفة منها:
الصداع والدوار والغثيان والقيء وخفقان القلب وضعف في العضلت
وتشنجات وصعوبة في التنفس والشعور بالكسل وغير ذلك ،وطبعا ً هذا
التأثير يختلف باختلف عمر وجنس النسان وحالته الصحية.
-10-3-2أسباب ومصادر التلوث الداخلي:
إن مصادر تلوث الهواء الداخلي أصبحت كثيرة جدا ،إن الماكن
المغلقة أو المزدحمة سيئة التهوية تتعرض إلى عدد من التغيرات البيئية
ومنها :ارتفاع درجة الحرارة فيها ،زيادة نسبة الرطوبة ،زيادة تركيز
البكتريا والجراثيم ،زيادة حدة الروائح الكريهة وغير ذلك ،وربما من المفيد
التنويه بصعوبة تحديد درجة التلوث الداخلي ،ودراسة مصادره وضبطه،
خاصة التلوث المنزلي ،لصعوبات متنوعة منها ،صعوبة الدخول إلى البيوت
ومعاينة ودراسة مصادر التلوث فيها ؟ ولكن بشكل عام يمكن إجمال هذه
المصادر على الشكل التالي:
-210-
ج -دخول الملوثات مع التموينات والطعمة والمواد الغذائية.
د -غاز أنابيب البوتوغاز :وهذه تسبب تلوثا خارجيا وقد يكون داخليًا،
بحسب مصدره ولذلك يجب التأكد دائما من سلمة تمديدات الغاز،
وأنبوبة الغاز ،ومفاتيح الغاز وتوعية سكان المنزل بكيفية التعامل
الصحيح معها.
ويجب أن نشير إلى وجود أنواع من التلوث ذات مصدر خارجي
وداخلي في آن معًا ،وهذا يعود إلى خصائص المكان )المنزل( ،وموقعه،
وتصميمه ،والمواد المحيطة به ،أو الداخلة في بناءه الخ ..ومن هذا
التلوث :التلوث بالحرير الصخري )السبستوس( ،الذي يستخدم أحيانا ً
لعزل أنابيب الماء ،أو في صناعة السقوف والجدران والبلط.
وكذلك بعض العناصر والغازات المشعة ،مثل غاز الرادون ،الذي
يمكن ان يوجد في الصخور والتربة التي يبنى عليها المنزل ،ويتسرب
من الشقوق والفتحات إلى داخل المنزل ،وهوغاز ليس له رائحة ،ولكن
له نشاط إشعاعي ،والحرير الصخري والرادون كلهما يمكن أن يؤدي
إلى الصابة بسرطان الرئة ،وذكرت دراسات أخرى العديد من مواد
التلوث الداخلي التي تعد عوامل خطر شديد لمرض سرطان الرئة
وأمراض التهاب المجاري التنفسية وغير ذلك من المراض ومن هذه
المواد الحرير الصخري والملوثات الناتجة عن احتراق الوقود مثل ثاني
أكسيد الكبريت.
-211-
الجغرافيلللة
المريكيين كانوا محتشدين لحضور مؤتمر في فندق في مدينة فيلدلفيا
ومات منهم شخصا .وفيما بعد عرف سبب المرض بأنه مرض بكتيري
يدعى التهاب الرئة التحشدي.
كان مرض التهاب الرئة التحشدي أول مرض في عائلة المراض
التحشدية التي عزلت وشخصت وقسمت حسب علم المصال إلى 14
مجموعة .إن التهاب الرئة التحشدي نال في الفترة الخيرة المزيد من
الهتمام لنه يمكن أن يكون حادا وتنتج عنه وفيات عالية بين الكهول ،أو
بين الذين أصيبوا سابقا ببعض المراض ،ولن مصدر العدوى بهذا المرض،
مصدرا بيئيا ل ينتقل من شخص لخر ،وإنما بعد فترة حضانة تتراوح بين - 2
10أيام تظهر أعراض المرض على شكل غثيان وتقيئ وألم في البطن ،أو
تظهر علمات اضطراب في النظام العصبي المركزي كفقدان الذاكرة أو
التشوش أو الركود الدماغي أو غير ذلك.
ومن المراض التحشدية الخرى مرض يسمى بالحمى البونتية وهي
عبارة عن رد فعل تحسسي للكائن العضوي ،وقد بينت الدراسات أن
الموطن الطبيعي لمراض التهاب الرئة التحشدي هو الماء الداخل إلى
البنية عبر شبكات تمديد المياه حيث تتعايش مع العضويات الصغيرة
الخرى كالعفن والبكتيريا وغيرها وإذا كانت الشروط ملئمة لنمو البكتيريا
فإنها سوف تتكاثر ،ويتبع ذلك انتشارها في رذاذ الجو الداخلي مما يعرض
السكان للخطر.
ومن العوامل التي تسهم في تكاثر البكتيريا الماء الراكد في
م ،وهنا تستخدم شبكة المياه بشكل
درجات حرارة مرتفعة من ْ 40– 20
متقطع أو تغلق لفترات معينة مما يساعد على تطور ونمو طبقة حيوية
رقيقة هي عبارة عن الميكروبات ومنتجاتها الجانبية التي يمكن أن تؤدي
إلى أمراض ذات الرئة التحشدي كما يسمى.
وقد أظهرت دراسة أجريت منذ نحو عشرون عاما في فنادق
ومشافي إنكلترا وويلز ،أن مرض ذات الرئة التحشدي واسع النتشار
إذ وجد في % 53من الفنادق وفي % 70من المشافي وسببه
الرئيسي شبكات المياه الحارة ،وقد لوحظ توافق طردي بين وجود
البكتيريا وحجم البناء ،كما أن أبراج التبريد في المباني التي يوجد
فيها أنظمة تبريد مغلقة كانت مرتعا لهذا الميكروب العضوي.
وقد ظهرت أمراض التهاب الرئة التحشدي في مناطق أخرى من
العالم تمت ملحظتها والتعرف إليها .وكان السبب الرئيسي فيها تلوث
الجو الداخلي برذاذ الماء الذي يحوي المادة الممرضة ،وقد انبثق هذا
-212-
الرذاذ من الدوشات والحنفيات والنوافير وغيرها).(155
ب -البكتيريا:
يكون الهواء العادي عادةً نظيفا ً بفعل التنقية الذاتية والدورة الجوية
العامة ،ولكن في بعض الحالت وخاصة في الماكن المغلقة ،فإن الهواء
يحتوي على عدد من البكتريا والجراثيم والحياء الدقيقة.
ومن بين النواع المختلفة للحياء الدقيقة التي توجد بالهواء تعتبر
البكتريا في العادة هي الكثر عددا ً كما توجد جراثيم الفطريات بدرجة
أكبر من الخمائر ولكن أعداد وأنواع المكيروبات الموجودة في الهواء
تتوقف بدرجة كبيرة على مصادر التلوث والفرص المتاحة للخليا
والجراثيم في أن يحملها الهواء).(156
وهذا يعني وجود مجموعة من العوامل والسباب الممرضة التي
يجب أخذها بعين العتبار دائما ،والعمل على مكافحتها والوقاية منها،
لن خطر التلوث الداخلي في تزايد مستمر والجهل به يزيد في تفاقم
هذه المشكلة وإصابة النسان بأمراض مختلفة بشكل مباشر أو بشكل
غير مباشر.
ج -القوارض والحيوانات والطيور المنزلية:
في الونة الخيرة نشر تقرير يقول بأن الحتفاظ بالطيور في
المنزل له علقة بزيادة خطر الصابة بالسرطان الرئوي ،وأصبح من
المعروف أن الحيوانات والطيور التي تربى في المنازل أو المزارع
يمكن أن تنقل بعض أمراضها إلى النسان ،وبعضها يعرف باسم
ة الجرذانالمراض المشتركة )بين الحيوان والنسان( ،والقوارض خاص ً
قد تسبب الصابة بمرض الطاعون ،وهناك مشكلة أخرى جديرة
بالهتمام ،أل وهي مشكلة التحسس من ملوثات الهواء الداخلي ،إذ أن
اضطرابات التحسس مثل الربو هي إحدى أعم الشكال المسببة لعتلل
الصحة والناتجة عن التعرض لملوثات الهواء الداخلي ،حيث أنها تتولد من
العفن والفطور والقشور المنسلخة من جلود الحيوانات وعث غبار
المنازل ،وكذلك غبار الخضار والعوامل الكيماوية وغيرها.
د -الحشرات المختلفة:
كالبعوض والذباب والبق والنمل والصراصير والسوس وغيرها،
) (1ليسلي .ج .ب ،لونو .ف .و :تلوث الجو الداخلي ،المشاكل والولويات ،ترجمة محمد أحمد 155
-214-
غير المدخن الذي يتعرض للتدخين بشكل مباشر أو غير مباشر ،وتوجد عدة
طرائق لقياس مدى هذا التأثير في كل مكان من المكنة الداخلية التي
تتعرض للتدخين.
لقد توصل الكثيرين إلى استنتاجات محددة بأن التدخين متلف
للصحة ،ويؤدي إلى تهيج العيون ،وتهيج الغشاء المخاطي ،وتشنج
الشعاب التنفسية ،وحدوث التهاب الذن بشكل متكرر لدى الطفال،
وحدوث أمراض عصبية وسلوكية وغيرها الكثير من الثار السلبية.
إن التدخين من العوامل المسببة لتصلب الشرايين ،وارتفاع الضغط
الشرياني ،وحدوث سرطانات الرئة والمعدة والمري ،وحدوث القرحة
المعدية والتهاب المعاء ،والتدخين يسبب تبقع السنان واصفرارها،
والتأثير السلبي في الحليمات الذوقية في اللسان ،ونقص الشهية إلى
الطعام واضطرابها ،ويضر بالمرأة الحامل المدخنة وبجنينها ،وقد يؤدي
إلى الجهاض ،أو ولدة أجنة مريضة أو صغيرة ،أو وفاة الطفال في
الشهر الول بعد ولدتهم ،ويمتد تأثير تدخين الم أثناء الحمل إلى
طفلها بعد ولدته ويؤثر في سلوكه لحقا كميله إلى الغضب والعصاب
وغير ذلك ،وبعكس ما يظن أو يتوهم البعض فإن التدخين يؤثر سلبا في
الحالة النفسية والعصبية للنسان.
ول ننسى أن التدخين ل يؤثر في المدخن فقط ،وإنما يؤثر في
المحيطين به ،وهؤلء يطلق عليهم اسم المدخنين السلبين الذين
يتأثرون بالرغم منهم بالدخان والتدخين .وبالطبع فإن تدخين النارجيلة
له نفس العواقب والثار السلبية التي ذكرناها سابقًا.
وبحسب البنك الدولي فإن نحو ثلثة مليين إنسان يموتون سنويا
بسبب أمراض تتعلق بالتدخين ،ويتوقع أن يرتفع الرقم إلى عشرة مليين
بحلول عام 2025م ،وإن استهلك التبغ يسجل ارتفاعا في البلدان
النامية ،وانخفاضا في معظم الدول المتقدمة ،وأن الشركات المصنعة
والمصدرة للدخان هي شركات غربية ،والمستوردون والمستهلكون هم
من الدول النامية !!؟.
ز -الثاث المنزلي:
إن الكثير من المواد الموجودة داخل المنزل ،تسبب التلوث ،ومنه
التلوث بغاز الفورمالديهايد المنبعث من السجاد المصنع من مواد
اصطناعية ،ومن مواد العزل والستائر والموبيليا ،وقد يصدر هذا الغاز
عن التنجيد والمواد المنزلية الخرى ،وهو يسبب تهيج العيون والنف
-215-
والحنجرة ،ويمكن أن يسبب السعال ،والطفرة الجلدية والحساسية.
-216-
فساد هذه المواد الغذائية كفساد الحليب ومشتقاته وفساد الفواكه
والطعمة المختلفة وتناول هذه المواد الغذائية يؤدي إلى حدوث التسمم
الغذائي ،ولذلك يجب إتباع الساليب الصحية في شراء وحفظ وتناول
المواد الغذائية سواءً المعلبات أو الخضار والفاكهة ،أو اللحوم ،أو الحليب
ومشتقاته ،أو غير ذلك.
ك -التلوث الكهرومغناطيسي:
) (1أحمد الشلح ،فؤاد الصالح :التلوث البيئي والمن الصناعي ،جامعة دمشق ،1990 -1989 158
ص . 212
-217-
إن النسان ومنذ تكونه جنينا في بطن أمه يقع تحت تأثير الشعاع
الكهرومغناطيسي الناجم عن تغير الصفات الكهرومغناطيسية في
المنازل وأماكن العمل وفي البيئة بشكل عام.
و مصادر التلوث الكهرومغناطيسي كثيرة جدا ،منها الجهزة
الكهربائية المنزلية وغير المنزلية :التلفاز والراديو والثلجة
والمكروييف والمكيف ،وكذلك الجهزة الرقمية والطبية وأنظمة الدارة
والتوجيه اللكترونية في كثير من الماكن ،إضافة إلى خطوط نقل
الطاقة وشبكات التوتر التي تنقل الكهرباء ،والجوال وشبكات التصالت
وشحنات الكهرباء الساكنة الخ ،وجميع هذه المصادر لها مساحة كهرباء
مغناطيسية ،ويتراوح مدى الذبذبات المستعملة في هذه الجهزة من 50
هرتز في خطوط نقل الطاقة الكهربائية إلى 1000ميغا هرتز تقريبا ً
في الهاتف النقال) .(
ويعتقد أن المجالت الكهرومغناطيسية تؤثر في عمل الخليا والدماغ
وتصيبها بالذى والمراض السرطانية والعصبية والدموية ،وربما تسبب تشوه
الجنة أو حدوث التخلف العقلي ،وغير ذلك من التأثيرات المعروفة وغير
المعروفة).(159
بل لقد ذكر في أحد المصادر أن أجهزة التلفزيون والتسجيل
والفيديو وما شابهها ثبت أنها تبث غازات سامة في محيط المنزل
ة في حالة ارتفاع درجات الحرارة ،وهذا الغاز ينتمي لسرة
وأجوائه ،خاص ً
الديوكسين ،ويشتبه في أنه يسبب السرطان لبعض مدمني مشاهدة
برامجه ،وقد حذر أحد العلماء اللمان المتخصصين أنه يجب على
المشاهدين فتح نوافذ المنزل أثناء وبعد مشاهداتهم للبرامج المختلفة،
وذلك بهدف تقليل مخاطر التنفس الناشئ عن البخرة السامة المنبعثة
عن هذه الجهزة ،هذا بالضافة إلى خطر الشعاع المنبعث من هذه
الجهزة).(160
كما أن استخدام الكمبيوتر بشكل سيئ يؤدي إلى حدوث توتر عضلي
وتوتر بالعين وآلم في الظهر والرقبة وغيرذلك ،ويجب اتباع لوائح
السلمة والتعليمات المتبعة عند العمل على الحاسب أو غيره ،في إطار
ما يسمى ببيئة العمل المنة ،وتوفير هذه البيئة والتوعية بأهميتها تعد
) (1سمير رضوان :التلوث الخفي من المفاعلت النووية إلى الجهزة المنزلية ،مجلة العربي، 159
-219-
-7استخدام وحفظ المنظفات والمواد الكيميائية في المنزل بشكل
صحيح.
-8التخلص السليم من النفايات والقمامة والفضلت المنزلية ،وفي
ذلك حماية للجميع من التلوث الداخلي ومخاطره.
-9مراقبة الحشرات ومكافحتها.
-10حماية المكان من التلوث البارامتري )الكهرومغناطيسي،
والشعاعي ،والحراري ،والضوضاء ،والضوئي وغيره(.
-11إبعاد المناطق الصناعية ومصادر التلوث المختلفة عن المناطق
السكنية.
-220-
خاتمة
يوجد الكثير من ملوثات الهواء القاتلة ،ولكن ليس من السهل
تقويمها ،إذ أن التعرض لها يتم بصورة عامة على مدى الكثير من السنين
أو حتى العقود قبل أن تظهر أعراض المرض .ومما يزيد من صعوبة
تحديدها عدم وجود التقنيات العلمية التي تسمح للمرء أن يجزم بأن هذه
الملوثات ذات أخطار صحية أو أنها غير ضارة بالصحة .وهذا يعني أن
هناك مجموعة متعددة من العوامل المسببة للمرض يصعب تحديدها،
والتي يجب أخذها بعين العتبار ،فعلى سبيل المثال بما أن ظهور
أعراض مرض ما كسرطان الرئة مثل يحتاج إلى وقت طويل فقد يصعب
جدا الحصول على دليل كمي محسوس عن مقدار التعرض لعوامل
الخطر المتنوعة.
وهذا هو الوضع السائد فيما يتعلق بالترابط ما بين التعرض إلى
دخان التبغ وسرطان الرئة .وما بين الصابة بسرطان الرئة لدى غير
المدخنين وأسباب ذلك .وتقدر الكثير من الدراسات أن الصابة بسرطان
الرئة لغير المدخنين يعود إلى التعرض لشعاع الرادون ،وهنا من
المناسب الشارة إلى وجود مشكلة تواجه محرري ومراجعي مثل هذه
البحاث الوبائية حيث أن الرغبة الزائدة في نشر موضوعات غير موثقة
يمكن أن تسبب هلعا عظيما عندما تبالغ وسائل العلم في طرح هذه
المواضيع وتجعل الناس يخشون على سبيل المثال استهلك القهوة أو
البيرة أو التوابل أو مقبلت الطعام أو غيرها .ومن ناحية أخرى فإن عدم
نشر هذه المواضيع يمكن أن يسمح بالتعرض المستمر للمواد الخطرة
الناتجة عنها.
-221-
الفصل الحادي عشر
المن البيئي العربي
تعريف المن البيئي -
تكامل المن البيئي العربي -
المن البيئي والموارد الطبيعية -
أشكال المن البيئي وأنواعه -
مقترحات لوضع برنامج للمن البيئي العربي -
-222-
-11المن البيئي العربي
مقدمة:
في الفترة الخيرة تزايد الهتمام العالمي ،بمسألة المن البيئي،
ويوجد اتفاق بين الجميع أن مسألة المن البيئي ل تقل أهمية عن
مسألة المن الغذائي ,أو الصحي ،أو المائي ،أو العسكري أو غيره ،وأن
العلقة متشابكة ومتبادلة بين جميع أشكال المن ،لن المن أصبح
يشكل منظومة متكاملة تشمل معظم العلقات الدولية ،هذه العلقات
التي تتعرض في كثير من الحيان إلى التشوش والسلبية ،ليس بسبب
تهديد دولة من الدول لغيرها تهديدا ً عسكريًا ،ولكن لسبب آخر ،وهو
سبب رئيسي وفاعل أل وهو انعدام المن البيئي أو اختراق هذا المن
البيئي بشكل أو بآخر.
) (1مكافحة تلوث البيئة :إعداد اللجنة العالمية للبيئة والتنمية ،ترجمة محمد كامل عارف، 161
-224-
هنا أو هناك.
ن معا ً للنزاعات السياسية
إن التدهور البيئي هو سبب ونتيجة في آ ٍ
بين الدول ،وكثيرا ً ما تكون هذه النزاعات كما ذكرنا آنفا ً بسبب الصراع
للستحواذ على المواد الولية ،والموارد الطبيعية ،وبخاصة غير المتجددة
أو المتجددة ببطء شديد ،ويرى البعض أن هذه الصراعات سوف تتزايد
وتتفاقم ،كلما تزايد الضغط على الموارد ،و شحت ،وازدادت الحاجة إليها
والمنافسة عليها ،والمشكلت السياسية في المنطقة كثيرة جدا ً وفتيل
انفجارها مشتعل وجاهز دائمًا.
في مقدمة هذه المشكلت وجود إسرائيل واحتللها لفلسطين
والراضي العربية الخرى ،وأطماعها وتهديدها الدائم للمنطقة،
الدول
للة والمشكلت الحدودية بين بعض البلدان العربية ،وبينها وبين بعض
الجغرافيل
وغربهلللللبيئة– م
وال المجاورة ،والمشكلة الكردية ،ومشكلت جنوب السودان
)دارفور( ،خاصة بعد الحديث عن وجود احتياطي من النفط ،والمعادن،
واليورانيوم هناك ،ووجود صراع محتدم بين الدول والشركات الجنبية
لستغلل تلك الثروات.
وبحسب تقرير اللجنة العالمية للبيئة فإنه بالضافة إلى مشكلت
الفقر والظلم والجهاد البيئي المترابطة فيما بينها ،يمكن للتسابق على
المواد الولية غير المتجددة أو الرض أو الطاقة أن يخلق توترا ،فقد كان
البحث عن المواد الولية هو السبب الكامن وراء معظم أشكال التنافس
بين القوى الستعمارية وإخضاع ممتلكاتها ،وتنذر الصراعات في الشرق
الوسط ،ل محالة ،بتدخل القوى الكبرى ،واندلع حريق عالمي لسباب
تعود في جزء منها إلى المصالح النفطية الدولية).(162
كما أن الطماع الواضحة بنفط الخليج العربي والرغبة المريكية
الجامحة بوضع اليد على المنطقة كانت السبب في حدوث حروب الخليج
الولى والثانية والثالثة )احتلل العراق(.
ومن المعروف أن هذه الحروب أدت وتؤدي وستؤدي ،إلى حدوث
مشكلت معقدة سياسية واجتماعية وعسكرية ،وكلها تسبب اختلل
البيئة والنظمة البيئية ،وفقدان التوازن والستقرار البيئي ،وتهدد
بالنتيجة المن البيئي الوطني والقومي والقليمي والعالمي.
-225-
إن أخطر ما يواجه المن البيئي هو الحروب بشكل عام ،ولكن
الخطر منها هو احتمال نشوب حرب ،أو نزاع عسكري تستخدم فيه
أسلحة الدمار الشامل النووية أو الكيميائية أو الجرثومية أو غيرها ،وما
يترتب على ذلك من آثار خطيرة وتدميرية على البيئة بكل عناصرها بما
ر أو غير مباشر ،لن الطاقة ل مباش ٍ
في ذلك النسان ،سواءً بشك ٍ
التدميرية لقنبلة ذرية واحدة أو عدة قنابل ،يمكن أن تسبب حدوث ما
يسمى بالشتاء النووي ،وما ينجم عنه من آثار كارثية على الكائنات الحية
التي قد يتسنى لها البقاء على قيد الحياة ،وآثار كارثية أيضا ً على
الموارد اللزمة لستمرار أو بقاء هذه الحياة كالزراعة أو المياه أو الهواء
ب ومغلوب ،وإنما أو غيره ،لدرجة أنه في الحرب النووية ل يوجد غال ٍ
الجميع مهزومون ومغلوبون على أمرهم.
وليست الحرب النووية وحدها هي التي تهدد المن البيئي ،ولكن
المصادر النووية التي تهدد المن البيئي كثيرة ومتعددة ومنها:
- 1السلحة النووية الموجودة في بعض دول العالم.
- 2التفجيرات الذرية واختبارات السلحة النووية.
- 3حوادث المفاعلت النووية ،التي تحدث لسباب مختلفة.
- 4الخطاء التقنية التي يمكن أن تحدث من جراء الستخدامات
العلمية للمواد النووية.
من المعروف أن عصر الذرة بدأ منذ عام ،1945عندما ألقت الوليات
المتحدة المريكية قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي
اليابانيتين ،وأدى ذلك إلى مقتل نحو 125ألف شخص ،وما زالت نتائج ذلك
وآثاره مستمرة إلى هذه اليام ،واستطاعت الوليات المتحدة المريكية
لحقا ً السيطرة التامة على الوكالة الدولية للطاقة النووية المنبثقة عن
منظمة المم المتحدة.
ومع نهاية الحرب الكونية الثانية قامت الكثير من دول العالم بإنتاج
السلحة الذرية وتطويرها ،ويوجد في العالم حاليا ً عشرات اللف من
القنابل والرؤوس النووية ،سواءً تلك التي تملكها الدول النووية المعترف
بها ،وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس المن الدولي
)الوليات المتحدة المريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين( ،أو تلك
التي تملكها بعض الدول غير المعترف بها كقوة نووية مثل الهند
وباكستان وإسرائيل وكوريا وجمهورية جنوب أفريقيا والرجنتين وغيرها
من الدول الراغبة في دخول النادي النووي.
وأكثر ما يهدد المن البيئي العربي امتلك إسرائيل للسلحة النووية،
-226-
ووجود مفاعلت نووية فيها غير خاضعة للمراقبة والتفتيش الدولي
)مفاعل ديمونة ،ومفاعل نحال سوريك( ،لن إسرائيل لم توقع على
معاهدة عدم انتشار السلحة النووية ،وقد استطاعت إسرائيل الحصول
على كميات كبيرة من اليورانيوم والبلوتونيوم تكفي لصناعة أكثر من
400قنبلة نووية ،وتم ذلك بمساعدة أجهزة الستخبارات والحكومات
المريكية والغربية التي أغمضت عيونها عن ذلك ،في حين تآمرت
جميعها وساعدت إسرائيل في قصف المفاعل النووي العراقي وتدميره
سنة 1978م.
ولقد اعترفت إسرائيل أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة بامتلكها
للسلحة النووية ،كما جاء مثل ً في تصريح لسحاق رابين عندما كان
سفيرها في الوليات المتحدة ،وتصريح رئيس الكيان الصهيوني أبراهام
كاتزر في عام .(163)1974وكذلك تصريح رئيس الوزراء إيهود أولمرت
عام 2007م ،كما أن إسرائيل استخدمت وتستخدم في حروبها ضد
العرب مختلف السلحة بما في ذلك تلك السلحة المحرمة دوليًا ،كما
حدث في حربها على لبنان في تموز )يوليو( 2006م ،حيث ألقت أكثر
من مليون من القنابل العنقودية والنشطارية على جنوب لبنان ،هذه
القنابل التي حصدت وتحصد أرواح المئات من البشر ،وكل ذلك يحدث
في ظل غياب الردع الدولي ،وعدم تطبيق التفاقات الدولية ذات الصلة.
إن خطر الذرة ليست مقتصرة فقط على قيام حرب نووية ،أو
استخدام السلحة النووية ،ولكن خطرها يتمثل أيضا ً في احتمال حدوث
أخطاء تقنية معينة ،تتعرض لها المفاعلت أو مراكز البحاث النووية ،أو
التعرض لية أعمال إرهابية ،أو غير ذلك مما قد يؤدي إلى إفلت الذرة من
د للمنعقالها في هذه المراكز أو المحطات ،وما ينجم عن ذلك من تهدي ٍ
البيئي القليمي والعالمي.
) (1عبد الفتاح صديق عبد الله :أسس الجغرافيا السياسية المعاصرة ،مكتبة الرشد ،الرياض 163
ص . 325
-228-
المائية ،ومياه البحيرات الموجودة ضمن الوطن العربي ،وكذلك مياه البحار
والمحيطات المجاورة ،أي أنها تشمل أنهار المغرب العربي ،وتشمل نهر
النيل ،ونهري دجلة والفرات ،والنهار الخرى في بلد الشام ،ومياه الخليج
العربي ،والبحر الحمر ،وبحر العرب ،والبحر المتوسط ،وأي مصدر أو
مسطح مائي له علقة بالمن المائي العربي ،وسوف نشرح بعض المثلة
عن هذه المصادر ومنها:
) (1محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفراء :المدخل إلى علم الجغرافيا والبيئة ،دار المريخ، 166
) (1عادل عوض :أبحاث مختارة من علوم البيئة ،دار طلس للنشر ،دمشق 1989م ،ص .23 168
-230-
من الملوثات التي تنتهي في البحر المتوسط ،والباقي من البلدان
الخرى ،ومع ذلك فإن التيارات البحرية تتحرك من الشمال إلى الجنوب،
ومن الغرب إلى الشرق وتحمل معها الملوثات إلى هذه الشواطئ
العربية !.
جميع هذه الملوثات ،وهذا الوضع بمجمله يهدد المن المائي للبحر
المتوسط ،ويهدد المن البيئي العربي خاصة للدول العربية على
شواطئه.
ويزيد في خطر تلوث البحر المتوسط ،الوضع الهيدرولوجي
والمورفولوجي والبيولوجي لهذا البحر ،والمتعلق بضعف تجدد مياهه ،فهو
يتصل بالمحيط الطلسي عبر مضيق جبل طارق بعرض يبلغ نحو 26كم
فقط ،ويتصل بالبحر السود عبر مضيقي البسفور والدردنيل ،ومع البحر
الحمر عبر قناة السويس ،ودورة تجدد مياه البحر المتوسط تستغرق نحو
80سنة.
-231-
إن الهواء الجوي والغلف الغازي فوق الوطن العربي بكامله ،وفوق
ة فوق المدن والمناطق الصناعية ،يعد هواءً
أماكن محددة منه ،خاص ً
ملوثًا ،ومصادر هذا التلوث كثيرة ومتنوعة منها من خارج الوطن العربي،
ومنها من داخله ،وأهم هذه المصادر احتراق الوقود في المنشآت
المختلفة ،وما ينجم عن ذلك من تلوث بمختلف الغازات والملوثات وفي
مقدمها غازات أول وثاني أكسيد الكربون ،والكبريت والزوت والمعادن
الثقيلة وغيرها.
وفي الواقع فإن معدلت التلوث الجوي ،والثار البيئية الناتجة عنه
لم تلق الهتمام الكافي ولم تدرس بشكل علمي مناسب ،وهي بالتأكيد
تهدد المن البيئي العربي ،ويعاني الكثير من المواطنين العرب من
أمراض مختلفة ناتجة عن التلوث الجوي ،كما تعاني النباتات والحيوانات
ومختلف الكائنات الحية ،وحتى العناصر غير الحية كالثار والمتاحف
والبنية وغيرها من هذا التلوث ،مما يؤدي إلى انعكاسات وخسائر بيئية
واقتصادية واجتماعية وتاريخية وأمنية في حاضر المة ومستقبلها.
-11-4-4المن البيئي الصحي:
إن العلقة بين المن البيئي والمن الصحي ،علقة أكيدة ومترابطة
كما أظهرت الكثير من البحوث والدراسات في مختلف الفروع العلمية ،إذا
كانت البيئة في أحد تعريفاتها تعني النسان وكل ما يحيط به من عناصر
حية ،وعناصر غير حية )جامدة( ،أي أن النسان يعد أحد أهم العوامل
البيئية ،وفي سلمته وسلمة صحته سلمة للبيئة وصحتها والعكس صحيح
بكل معنى الكلمة ،والصحة هي أهم ما يملكه النسان ،وكما ذكرنا في
فصل سابق فهي ترتبط بأمور وعوامل كثيرة طبيعية وبشرية ،كنظافة
الماء والهواء والغذاء ،وسلمة الدواء والمن الدوائي ،ويتعرض المن
ر مختلفة ،بسبب انتشار المراض الوبائية والمعدية البيئي الصحي لخطا ٍ
التي يمكن أن تنتقل وتنتشر بطرق وأشكال ولسباب مختلفة ،كما حدث
مع دواء الثالوميد الذي أدى إلى ولدة أطفال مشوهين)أطفال الثالوميد(،
وكذلك الدوية القشرية)السيتروئيدات( ،وأدوية الكورتوزون ،والديبيرون،
والكلورام فنكول ،والنتراسيليكين ،والباراسيتيمول ،وغيرها من الدوية
الطبية التي صدرت التحذيرات العالمية بشأنها ،كما أن بعض أدوات
التجميل قد تسبب أمراض السرطان).(169
كما أن الكثير من الدوية والمواد الكيميائية التي تستخدم بكميات
مختلفة ولهداف متنوعة ،لم يحسم أمرها بعد وأضرارها ومخاطرها على
صحة النسان والمن البيئي غير معروفة بدقة ،ولكن يعتقد أنها ذات تأثير
) (1محمد فتحي الحريري :مسألة المن الدوائي العربي ،مجلة الوحدة ،العدد ،84أيلول 1991 169
-233-
-9تكليف لجان مختصة ومؤهلة لدراسة كل حالة من حالت المن
البيئي العربي )دراسة كل بحر ونهر ونبع وبحيرة ،ودراسة والجو
والرض وكل شيء دراسة جيوبيئية متكاملة( ،وإعداد الدراسات
والمقترحات المتعلقة بها ،والستمرار في هذه الدراسات بشكل دائم
ومتجدد ،لكي ل تكون ناقصة ومبتورة وقاصرة عن مجاراة التغيرات
البيئية والعالمية المرتبطة بها ،بما يكفل المحافظة على المن البيئي
العربي وحمايته.
-234-
قائمة المصطلحات العلمية
مرتبة حسب حروف المعجم إنكليزي عربي
A
Abiote غير حية
Abiocenose مدغمات عديمة الحياة
Absolute Humidity الرطوبة المطلقة
Accumulated Temperature الحرارة المتراكمة
Acidic حمضي
Acidification تحميض
Acidity حموضة
Acid Rains أمطار حمضية
Acid Soils ترب حمضية
Activity فعالية
Actual Evapotranspiration التبخر النتح الفعلي
Adiabatic Cooling التبريد الذاتي
Adiabatic Heating التسخين الذاتي
Advection انتقال أفقي
Advection Fog الضباب المنتقل أفقيا
Aerosols )جزيئات )ايرزول
Agro -Forestry الزراعة المختلطة مع الغابات
Air Contamination تلوث الهواء
Air Instability عدم استقرار الهواء
Air Mass الكتلة الهوائية
Air Pollution تلوث الهواء
Air Stability استقرار الهواء
Albedo )الشعاع المنعكس )ألبيدو
Alkalis القلويات
Alkaloid شبه قلوي
Alkaline Soils ترب قلوية
Amphibian البرمائيات
Anaerobic Analysis تحلل ل هوائي
Annual Range of Temperature المدى الحراري السنوي
Anthropogenic النتروبوكي )التأثير البشري
Aridity Index
قرينة )المفتعل
الجفاف
Atmosphere )الغلف الغازي )الجوي
-235-
Atmosphere Pressure الضغط الجوي
Aurora الشفق القطبي
Auto ecology علم البيئة الذاتية
Autotrophic Organisms كائنات ذاتية التغذية
B
C
Caia غايا )آلهة الرض عند اليونان
Canivores
آكلت)القدماء
اللحوم
Carb0hydrates كربوهيدرات
Carbox Hemoglobin كاربوكس هيموغلوبين
Carnivores آكلت اللحوم
Centrifugal Force قوة الطرد المركزية
Climatic Change التغير المناخي
Climatic Oscillations تذبذبات مناخية
Chalk and Limestone Soils ترب جيرية وكلسية
Chemical Oxygen Demond الكسجين المستهلك كيميائيا
)(C.O.D
Chlorophyll )اليخضور )الكلوروفيل
)Chlorofloruocarbon (C.F.C كلوروفلوروكربون
Climax )الوج )الذروة
Climatope الموقع المناخي
Commensalisms )معايشة )تعايش
-236-
Community جماعة
Completion التنافس
Condensers مكثفات
Conditioning تكييف
Conservation صيانة
Consumers (Hetrotrophic) كائنات مستهلكة للغذاء
Contaminated air هواء ملوث
Contamination تلوث
Continental Shelf الرصيف القاري
Contour – Strip – Ploughing الحراثة الكنتورية
Convection الحملن أو التصعيد أو الرفع
Convection Currents تيارات الحمل أو التصعيد
Corrosion of metals تآكل المعادن
Critical Stress الضغط الحرج
D
Daily Range of Temperature المدى الحراري اليومي
Decibel (db) ديسبل )وحدة قياس شدة
Decomposers
الضجيج)
كائنات مفككة
Decomposition تفكك
Deformation تشويه
Deprecation اهتراء
Desertification التصحر
Desert Soils ترب صحراوية
Detergents المنظفات
Diffusion انتشار
Diffuse ينتشر
Dimosecology مجموعات بيئية حية
Discomfort Index قرينة النزعاج
Drizzle الرذاذ
Drought جفاف
Dust غبار،رماد
Dust Storm عاصفة ترابية
E
Edaphotope )الموقع الرابي )الديم
Eco – Crisis أزمة بيئية
Ecological Amplitude المدى اليكولوجي
Ecological Niche العش البيئي
Ecotope الموقع اليكي
Emission انبعاث
-237-
Environmental Impact )مردود بيئي )سلبي
Environmental Impact تقييم المردودات البيئية
Assessment
Environment Management إدارة البيئة
Environmental Movement الحركة البيئية
Environmental Pollution التلوث البيئي
Environmental Security المن البيئي
Erosion التعرية ،النحت
Extraust العادم
Exosphere طبقة الكسوسفير )في
)الغلف الجوي
F
Fauna العالم
Fertility الحيواني خصوبة
Final Sedimentation ترسيب نهائي
Flora العالم النباتي
FlouroCarbon الفلوروكربون
Food Chain السلسلة الغذائية
Food Pyramid الهرم الغذائي
Food Web الشبكة الغذائية
Forecast التنبؤ
Fume دخان
Fungicides مبيدات فطرية
G
Gamma Rays أشعة غاما
Genofond احتياطي أو ذخيرة وراثية
Geoecology الجيوإيكولوجيا )علم بيئة قشرة
Geosystem
الجيوسيستم )الرض
)النظام
Germicide
الجغرافي )
مبيد جراثيم
Global Warming الحترار العالمي
Green Belt الحزام الخضر
Green House Effect عامل البيت الزجاجي
Green Peace حركة السلم الخضر
Growing Season فصل النمو
H
Half - Life عمر النصف
Haze سديم
Heat Latent الحرارة الكامنة
Heat Balance توازن حراري
Hemoglobin هيموغلوبين
-238-
Herbicide مبيد أعشاب
Herbivores آكلت العشاب
Herotrophic Organisms كائنات ذاتية التغذية
Homoeocenose مدغم العضويات النسانية
Human Ecology علم البيئة البشرية
Humidity رطوبة
Humus دبال
Hydrocarbons هيدروكربونات
Hydroelectric Energy الطاقة الكهرمائية
Hydrological Cycle الدورة المائية
Hydrosphere الغلف المائي
I
Improvement تحسين
Indirect غير مباشر
Industrialition تصنيع
Infection فساد،تلوث
Info media Age الوسائط المعلوماتية
Infrared Radiation الشعة تحت الحمراء
Infrasonic تحت أو دون الصوتية
Insecticide مبيد حشرات
Instability عدم استقرار
Introduction تأقلم
Ionization التأين
Ionosphere الطبقة المتأينة من الغلف
Irradiation
الجوي
الشعاع
L
Landscape اللندسكيب )منظر سطح
Lime
الرض،جير
كلس )
M
Mammalians الثدييات
Manufacture صنع،إنتاج
Marine Pollution تلوث بحري
Marine Reserve محمية بحرية
-239-
Myeocenose مدغم العضويات الفطرية
Mesosphere الميزوسفير )طبقة في الغلف
Mesopause
الجوي
في )
انتقالية الميزو بوز )طبقة
)الغلف الجوي
Metabolism اليض
Methyl mercury ميثيل الزئبق
Micro climate المناخ الصغري
Mist الشابورة
Monitor الرصد والمراقبة
N
National Park منتزه قومي
Nature Reserve محمية طبيعية
Niche العش البيئي
Nitration النترجة
Nitrification النترجة
Noosphere غلف التفكير أو الوسط
Noxious
العقلي
ضار
Nucleus نواة
O
Octane number الرقم الوكتيني
Offal نفايات أو فضلت
Ommnivores آكلت كل شيء
Over Fishing الصيد المفرط
Oxidation أكسدة
Ozonosphere طبقة الوزون
Ozone Depletion تآكل الوزون
Ozone Hole ثقب الوزون
P
Palmer متماثر
Parasitism تطفل
Partial جزئي
Particulates جزيئات
Pedosphere القشرة الرضية
Permanent Snow Line خط الثلج الدائم
)PH (Potential Hydrogen الرقم الهيدروجيني )معامل
Photochemical Reaction
الحموضة تفاعلت )
كيمياضوئية
Phytoplankton الطافيات النباتية
Photosynthesise التركيب الضوئي
Poisoning سمومية
-240-
Pollution تلوث
P.P.M جزء في المليون
Precipitate راسب
Precipitation التساقط
Precitacidin ترسب
Précis دقيق
Preservation حفظ
Preliminary treatment معالجة تمهيدية
Priory consumers مستهلكات أولية
Processing معالجة
Producers كائنات منتجة
Production إنتاج
Protection حماية
Provinces أقاليم أو مقاطعات
Pulverization سحق
Purification تنقية
Putrefation فساد
R
Radiation إشعاع
Radiation Balance التوازن الشعاعي
Radical جذر،أساس
Radioactivity نشاط إشعاعي
Radioactive isotopes النظائر المشعة
Rain Shadow ظل المطر
Reaction تفاعل
Reactivity فعالية
Reactor مفاعل
Reforming إصلح،إعادة تشكيل
Refrigeration تبريد
Regeneration تجديد
Relative Humidity الرطوبة النسبية
Remote Sensing استشعار عن بعد
Renewable Resource مورد متجدد
Resource Management إدارة الموارد
Rem وحدة قياس الجرعة الشعاعية
Replacement الممتصة
تفاعل
Reptilians الزواحف
-241-
Residual متخلف،متبقي
Resin راتنج
Resonance الطنين
Result نتيجة
Retardation إعاقة أو تأخير
S
Safety المن،السلمة
Safety factor عامل المن
Sandy Soils ترب رملية
Sand Storm عاصفة رملية
Saturated Air هواء مشبع
Sedimentation ترسيب
Selective انتقائي
Semi Arid شبه جاف
Sensitization حساسية
Sensible Heat الحرارة المحسوسة
Short – Wave Radiation الشعاع قصير الموجة
Sludge حمأة
Smog اتحاد الضباب والدخان
Snow Line )الضبخان
) خط الثلج
Snow Storm عاصفة ثلجية
Soil profile مقطع في التربة
Solid wastes مخلفات صلبة
Solar Radiation الشعاع الشمسي
Soot سخام
Sorption امتزاز،امتصاص
Souring تحميض
Specimen عينة
Stability ثبات،استقرار
Stable Air Mass كتلة هوائية مستقرة
Storm عاصفة
Stratosphere الستراتوسفير )طبقة في
Stress الجوي
جهد )الغلف
،إجهاد
Structure بنية
Substance مادة
Surface سطح
-242-
Surfactlent عامل فعال سطحيا
Surrounding وسط،محيط
Suspended particles جزيئات معلقة
Suspended Solids مواد صلبة معلقة
Sustainable Development التنمية المستديمة
Synecology علم البيئة الجتماعية
T
Tannery دباغة
Temperature Inversion النقلب الحراري
Terrestrial Radiation الشعاع الرضي
Thermal Pollution التلوث الحراري
Term حد
Terminal نهائي
Territorial Waters المياه القليمية
Thermosphere الترموسفير )طبقة في
Theory الجوي
)الغلف نظرية
Tissue damage تخرب النسجة
Toxicity سمية
Trace آثار
Transformation تحويل
Transition انتقال
Transparent شفافية
Treatment معالجة
Troposphere التروبوسفير )طبقة في الغلف
Turbid )الجوي
عكر
Turbidity عكارة
U
Ultraviolet Rays الشعة فوق البنفسجية
Ultra Sonic فوق صوتي
Ultraviolet فوق بنفسجية
Unstable غير ثابت،غير مستقر
Unstable Air Mass كتلة هوائية غير مستقرة
Unwanted sounds أصوات غير مرغوب بها
Urban Climate مناخ المدينة
Useful مفيد نافع
-243-
Vacuum فراغ
Vaporization تبخير
Vertilation تهوية
Vibration اهتزاز ،ارتجاج
Volume حجم
W
Warm blood الدم الحار
Warm Front جبهة دافئة
Warming تسخين
Waste نفايات ،فضلت
Waste disposal التخلص من النفايات
Water Deficit العجز المائي
Water Table مستوى الماء الجوفي
Wetlands الراضي الرطبة
Z
Zoocenose مدغم العضويات الحيوانية
Zooplankton البلنكتون الحيواني
Zymolysis تخمر
-244-
المراجع والمصادر
أول ً -باللغة العربية:
-1إبراهيم نحال :النظمة البيئية وعلقتها بحياة النسان ،مجلة العلوم والتكنولوجيا،
العدد الثالث ،معهد النماء العربي ،بيروت 1984 ،م.
-2إتيان دوفوماس ،بنية ومورفولوجية الشرق الدنى ،ترجمة عبد الرحمن حميدة،
جامعة دمشق 1985 - 1984م.
-3أحمد الشلح ،فؤاد الصالح :التلوث البيئي والمن الصناعي ،جامعة دمشق - 1989
1990م.
-4أحمد داود :تاريخ سورية الحضاري القديم المركز ،1دار المستقبل ،دمشق
1994م.
-5أندريه إيمار ،جانين أوبواجيه :تاريخ الحضارات العام ،المجلد لول ،الشرق
واليونان القديمة ،ترجمة فريد داغر 1964م.
-6أندريه إيمار ،جانين أوبواجيه :تاريخ الحضارات العام ،المجلد الثاني ،روما
وامبراطوريتها ،ترجمة فريد .م .داغر 1964 ،م.
-7ارنولد توينبي :تاريخ البشرية ،الجزء الول ،ترجمة د .نقول زيادة ،الهلية للنشر
والتوزيع ،بيروت 1988م.
-8البنا ،علي علي :المشكلت البيئية وصيانة الموارد الطبيعية ،نماذج دراسية في
الجغرافية التطبيقية ،دار الفكر العربي ،القاهرة 2000م.
-9البيئة وقضايا التنمية والتصنيع :علم المعرفة ،الكويت ،العدد .285
-10الجديد حول الشرق القديم :مجموعة من المؤلفين ،ترجمة جابر أبي جابر،
خيري الضامن ،دار التقدم ،موسكو 1988م.
-11اللجنة الوطنية لبرنامج النسان والمحيط الحيوي :الجمهورية العربية السورية،
العدد الول ،حلب 1991 ،م.
-12الصديق محمد العاقل ،محمد عياد مقيلي ،علي عبد الكريم علي :تلوث البيئة
الطبيعية ،منشورات الجامعة المفتوحة ،ليبيا.1990 ،
-13المعجم الفلسفي المختصر ،دار التقدم ،موسكو.1986 ،
-14أمين طربوش ،شاهر آغا :التقسيم القليمي والمركبات الجغرافية الطبيعية،
منشورات جامعة دمشق 1417 ،هل 1997 ،م.
-15أنطوني جيدنز :بعيدا ً عن اليسار واليمين ،ترجمة شوقي جلل ،سلسلة عالم
المعرفة ،العدد 286م.
-16النفجار السكاني يهدد الحياة على كوكب الرض ،مجلة الثقافة العالمية العدد
،55الكويت 1992م.
-17إيان ج .سيمونز ،البيئة والنسان عبر العصور ،ترجمة السيد محمد عثمان،
سلسلة عالم المعرفة ،العدد ،222الكويت 1997م.
-18إيغور أداباشيف ،النسان والبيئة ،ترجمة عبد الله حبة ،دار مير للطباعة والنشر،
موسكو 1985م.
-19براين فاغان :الصيف الطويل) دور المناخ في تغيير الحضارة( ،ترجمة د.
مصطفى فهمي ،عالم المعرفة العدد ،340الكويت يونيو 2007م.
-20برومليه ،بودولني :الثنوس والتاريخ ،دار التقدم ،موسكو 1988م.
-21بريستون غرال :كيف تعمل البيئة ،الدار العربية للعلوم ،بيروت 1998م1419 -ه-
-245-
-22بسام جاموس :الجرف الحمر قرية من اللف العاشر قبل الميلد ،مجلة
الحوليات الثرية العربية السورية ،تصدر عن وزارة الثقافة ،العدد ،44دمشق
2001م.
-23بهجت محمد :بعض تطبيقات المعلوماتية في الجغرافية ،منشورات جامعة
دمشق 1420 ،هل2000 - 1999 ،م.
-24بورهارد برينتس :نشوء الحضارات القديمة ،ترجمة جبرائيل يوسف كباس،
دمشق ،البجدية للنشر 1989 ،م.
-25بول سنلفيل :التغيرات المناخية وتطور المجتمعات البشرية في بلد الشام ما
بين 6000 - 18000قبل الميلد ،تعريب يسرى الكجك ،الحوليات الثرية العربية
السورية ،تصدر عن وزارة الثقافة ،العدد ،43دمشق 1999م.
-26بيتر جولد :الزمان والمكان والجنس البشري ،الجغرافية أحدث ما وصل إليه
العلم ،المجلة الدولية للبعاد الجتماعية ،ربع سنوية ،اليونسكو 1966م.
-27ترافس واجنر :البيئة من حولنا ،دليل لفهم التلوث وأثاره ،ترجمة د .محمد
صابر ،الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ،القاهرة 1997م.
-28جاك كوفان :القرى الولى في بلد الشام ،ترجمة الياس مرقص ،دار الحصاد
للنشر والتوزيع ،دمشق 1995م.
-29جان دوست :قوة الحي ،مبادئ في علم البيئة ،ترجمة المهندس ميشيل خوري،
منشورات وزارة الثقافة السورية ،دمشق 1998م.
-30جلل الدين الطيب :الجغرافية والبيئة والتنمية :السس والمهام ،صنعاء ،دار
الحكمة اليمانية 1995 ،م.
-31جهاد علي الشاعر :تغير المناخ وأثره في الصحة البشرية ،منشورات جامعة
دمشق 2006 - 2005م.
-32جوردن إيست :الجغرافية توجه التاريخ ،ترجمة د .جمال الدين الديناصوري ،دار
الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ط 1982 ،2م.
-33حسن أمين الفتوى :تخطيط النظم البيئية التقنية القتصادية في الحوض
النهري لتحقيق المن المائي العربي ،ندوة الجامعات في مواجهة مشكلة نقص
الموارد المائية في الوطن العربي ،جامعة قار يونس ،ليبيا2000 / 10 / 11 - 9 ،
م.
-34حسن أمين الفتوى :هل يحقق التخطيط البيئي المن الغذائي العربي ،مجلة
الجغرافي العربي،العدد التاسع ،بغداد 2002م.
-35حسن عبد العزيز أحمد :الجغرافية التطبيقية ،مكتبة الرشد ناشرون ،الرياض
1427هل 2006 /م.
-36حسين مصطفى غانم :السلم وحماية البيئة من التلوث ،جامعة أم القرى ،مكة
المكرمة 1417هل 1997 /م.
-37خنساء حسين ملحم :أثر النشطة البشرية على استخدامات الرض ،أطروحة
علمية أعدت لنيل درجة الدكتوراه في الجغرافية ،جامعة دمشق 2002 - 2001
م.
-38ديفيد بورني ،تعّرف على علم البيئة ،ترجمة هاني حداد ،الهيئة العامة السورية
للكتاب ،وزارة الثقافة ،دمشق 2007م.
-39رالف سوليكي :ملحظات حول الظروف البيئية والمناخية في ملجأ يبرود رقم 1
خلل فترة الستيطان الموستيري ،مجلة الحوليات الثرية العربية السورية،
تصدرها وزارة الثقافة ،العدد ،44دمشق 2001م.
-40رشيد الحمد ،محمد سعيد صباريني :البيئة ومشكلتها عالم المعرفة ،العدد ،22
الكويت ط 1984 ،2م.
-246-
-41زهير عمر حبش :الجغرافية تطورها طرائقها وأساليب تدريسها ،منشورات
الجمعية الجغرافية الفلسطينية 1406 ،هل 1986 /م.
-42سامح غرايبة ،يحي الفرحان :المدخل إلى العلوم البيئية ،عمان ،دار الشروق1987 ،
م.
-43سعدية محمد حسانين عيسى ،فؤاد عبد الرحيم أحمد :صحة البيئة والغذاء ،مكتبة
الرشد ناشرون ،الرياض 1427هل 2006 /م.
-44سلطان محيسن :بلد الشام في عصور ما قبل التاريخ ،الصيادون الوائل ،دار
البجدية للنشر ،دمشق 1989م.
-45سلطان محيسن :بلد الشام في عصور ما قبل التاريخ -المزارعون الوائل،
البجدية للنشر ،دمشق 1994م.
-46سمير رضوان :التلوث الخفي من المفاعلت النووية إلى الجهزة المنزلية،
مجلة العربي ،العدد ،407الكويت ،تشرين الول 1992م.
-47شريف محمد شريف :تطور الفكر الجغرافي ،الجزء الول ،القاهرة 1969م.
-48صالح علي عبد الرحمن الشمراني :استعمالت الراضي في المدن السعودية دراسة
تحليلية ومقارنة ،سلسلة بحوث العلوم الجتماعية ) ،(12جامعة أم القرى1410،هل ،
1990م.
-49صلح الدين بوجاه ،حاتم بن عثمان ،مختار بوخريص وآخرين :مقالت ومقولت
في البيئة والتربية البيئية ،جمعية حماية الطبيعة والبيئة بالقيروان ،تونس 1994
م.
-50صفوح خير :الجغرافية موضوعها ومناهجها وأهدافها ،دار الفكر ،دمشق،
2000م.
-51طالب عمران :الكون يكشف أسراره ،دار معد للنشر والتوزيع ،دمشق 1991م.
-52عادل عبد السلم :جغرافية سورية العامة ،جامعة دمشق 1990 - 1989،م.
-53عبد العزيز طريح شرف :البيئة وصحة النسان في الجغرافيا الطبية ،مركز
السكندرية للكتاب 2003 ،م.
-54عادل عوض :أبحاث مختارة في علوم البيئة ،دار طلس للدراسات والترجمة
والنشر ،الطبعة الولى دمشق 1989م.
-55عبد الفتاح صديق عبد الله ،عبد الحميد حسن :أسس الجغرافية الطبية ،دار
المعرفة للتنمية البشرية 1428 ،هل 2007 -م.
-56علي موسى ،محمد الحمادي :فلسفة الجغرافية ،دمشق 1980م.
-57علي موسى :أسس الجغرافية الطبيعية ،منشورات جامعة دمشق 1993-199 ،م
-58علي منير الحصري :الجغرافية والبيئة من المنظور التربوي ،المجلة الجغرافية
السورية ،العدد ،21دمشق حزيران 1996م.
-59فياض سكيكر ،محمد سليمان ،ناظم عيسى :مقدمة في الثقافة البيئية ،مطبعة
الصفا ،دمشق 1417هل 1997 ،م.
-60كارل ساغان :الكون ،عالم المعرفة ،العدد ،178الكويت ،تشرين الول .1993
-61كريف ريتشارد ،تشكل فوهات التصادم على الرض ،مجلة العلوم المريكية
المترجمة ،العدد ،7المجلد ،8الكويت 1992م.
-62ليسلي .ج .ب ،لونو .ف .و :تلوث الجو الداخلي ،المشاكل والولويات ،ترجمة
محمد أحمد حنونة ،منشورات وزارة الثقافة السورية ،دمشق 1997م.
-63ليف تولستوي :كتابات تربوية ،ترجمة موفق الدليمي ،منشورات دار التقدم،
موسكو 1989 ،م.
-64ليك .أ .ج ،كونوي .ب .أ .ر :صيد الغزلن في العصر الحجري في سورية ،مجلة
-247-
العلوم المريكية المترجمة ،المجلد ،4العدد 1988 ،3م.
-65ليكي م ،أ ،وولكر :مستحاثات بشرية من أفريقيا ترجع إلى نحو أربعة مليين
سنة ،مجلة العلوم المريكية المترجمة ،المجلد ،13العدد ،11تشرين الثاني
.1997
-66ماك الستر ،إ ،ل :تاريخ الحياة ،ترجمة ،د .فؤاد العجل ،مطبوعات جامعة دمشق،
1978م.
-67ماري كلربوت ،رينيه شوشول :الضوضاء ،ترجمة ناديا الجندي ،بيروت 1991،م.
-68مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية :ترجمة معين شفيق رومية ،عالم المعرفة،
الجزء الول ،العدد ،332الكويت أكتوبر 2006م.
-69مايكل زيمرمان ،الفلسفة البيئية :ترجمة معين شفيق رومية ،عالم المعرفة،
الجزء الثاني ،العدد ،333الكويت نوفمبر 2006م.
-70مجلة البيئة والتنمية ،المجلد الثالث ،العدد ،1بيروت 1998م.
-71محمد خميس الزوكة ،البيئة ومحاورها وتدهورها وآثارها على صحة النسان ،دار
المعرفة الجامعية ،بدون تاريخ.
-72محمد السيد غلب :البيئة والمجتمع ،مطبعة الشعاع ،ط ،7القاهرة 1997م.
-73محمد العودات :مشكلت البيئة ،دار الهالي ،دمشق 1995م.
-74محمد عبدو العودات ،عبد الله بن يحي باصهي :التلوث وحماية البيئة ،جامعة
الملك سعود ،ط 1993 2م.
-75محمد فتحي الحريري :مسألة المن الدوائي العربي ،مجلة الوحدة ،العدد ،84أيلول
.1991
-76محمد محمد الشاذلي ،علي علي المرسي :علم البيئة العام والتنوع البيولوجي،
دار الفكر العربي ،القاهرة 1420 ،هل 2000 -م.
-77محمد محمود الديب :الجغرافية السياسية منظور معاصر ،الناشر مكتبة النجلو
المصرية ،بدون تاريخ.
-78محمد محمود سليمان :التربية البيئية علم وأخلق ،مجلة بناة الجيال ،دمشق ،العدد
1996 ،25م.
-79محمد محمود سليمان :التعليم والتربية البيئية في الوطن العربي ،مجلة شؤون
عربية ،العدد ،90القاهرة 1997م.
-80محمد محمود سليمان ،ناظم أنيس عيسى :البيئة والتلوث ،جامعة دمشق-1999 ،
2000م.
-81محمد محمود سليمان :تاريخ نشأة وتطور الغلف الحيوي ،مجلة دراسات
تاريخية ،جامعة دمشق ،العددان ) (74 - 73أذار ،حزيران 2001 ،م.
-82محمد محمود سليمان :بعض المشكلت البيئية في المدن الكبرى )نموذج مدينة
دمشق( ،الملتقى الثالث للجغرافيين العرب )المدن الكبرى في الوطن العربي(،
جامعة الملك سعود ،الرياض 1424 / 8 / 26 - 23هل الموافق 2003 / 10 / 22 - 19
م.
-83محمد محمود سليمان :تأثير النسان في البيئة السورية في عصور ما قبل
التاريخ ،مجلة دراسات تاريخية ،جامعة دمشق ،العددان 94 -93آذار -حزيران
2006م.
-84محمد محمود محمدين ،طه عثمان الفرا :المدخل إلى علم الجغرافية والبيئة ،دار
المريخ للنشر ،الرياض 1423هل 2002 /م.
-85محمود عبد العزيز أبو العينين عبيد :مدخل إلى جغرافية التربة ،مكتبة الرشد،
الرياض 1425 ،هل 2004 ،م.
-248-
-86محمد ناصف قمصان :أبعاد التلوث الشعاعي للبيئة ،مجلة عالم الفكر ،العدد
الول ،الكويت 1991م.
-87مصطفى طلس :سورية الطبيعية ،دراسة جيوبوليتيكية جيو تاريخية ،دار طلس
للدراسات والترجمة والنشر ،دمشق 2001م.
-88مصطفى طلبة :إنقاذ كوكبنا ،مركز دراسات الوحدة العربية 1993 ،م.
-89معين حداد :الجغرافيا على المحك ،شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ،بيروت،
2004م.
-90مكافحة تلوث البيئة :إعداد اللجنة العالمية للبيئة والتنمية ،ترجمة ،محمد كامل
عارف ،منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والداب ،الكويت ،بدون
تاريخ.
-91ممدوح حامد عطية :إنهم يقتلون البيئة ،الهيئة المصرية للكتاب 1997 ،م.
-92منال جلل محمد عبد الوهاب :أسس الثقافة الصحية ،مكتبة الرشد ،الرياض ،ط
1425 ،2هل 2004 -م.
-93من أجل البقاء أحياء :دراسات في شؤون البيئة العالمية ،ترجمة د .م .سعد
الدين خرفان ،دار طلس للدراسات والنشر ،دمشق 1988م.
-94مهدي صالح السامرائي :الحفاظ على البيئة في العصور العربية السلمية ،دار
جرير للنشر والتوزيع 1425 ،هل 2005 -م.
-95مور ،ت ،أندرو ،م :قرية زراعية سورية على نهر الفرات سبقت العصر الحجري
الحديث ،مجلة العلوم المريكية المترجمة ،المجلد ،6العدد 1989 ،10م.
-96ميخائيل عيد :علم الجراثيم ،منشورات جامعة دمشق 1992 - 1991 ،م.
-97ميغيل موليست :العصر الحجري في اللف التاسع والثامن في شمال سورية ،نتائج
التنقبات في تل حالولة )وادي الفرات ،سورية( ،تعريب :بسام جاموس وعادلة
طالبة ،مجلة الحوليات الثرية العربية السورية ،تصدر عن وزارة الثقافة ،العدد ،43
دمشق 1999م.
-98ميلنوفا .ي .ف ،ريابتشيكوف .أ .م :الجوانب الجغرافية في حماية الطبيعة،
ترجمة د .أمين طربوش ،دار علء الدين ،دمشق 1996م.
-99ويلسون ،إ ،ا :تهديدات للتنوع الحيائي ،مجلة العلوم المترجمة ،المجلد ،7العدد
،3آذار 1990م.
-100يسرى الجوهري :فلسفة الجغرافية ،الناشر ،مؤسسة شباب الجامعة ،السكندرية،
2001م.
-101يوان جورج نيسبت :الخروج من جنة عدن ،من أجل أن نحمي الرض ونتدبر
شؤونها ،ترجمة حسن كامل بحري ،منشورات وزارة الثقافة السورية ،دمشق
1998م.
-102هاجيت ،بيتر ،الجغرافية تركيبة جديدة ،ترجمة محمد السيد غلب ،الناشر
مؤسسة شباب الجامعة ،القاهرة 1996م.
ثانيا ً -المراجع الجنبية
.Astatin. L.P , Blacosklonov.K. N , Nature Conservation , Colose Press , Moscow, 1984 - 103
- Cherbak. Z. U , Ch irnobel , Unest Magazin , Moscow , 1987. 104
.Edward Wolve , Avoiding Overall Extinction of Species , World State , Moscow , Progress Home , 1989 - 105
-249-
Geography Science And Art ,Opinion Scientists - 106
.USSR And USA , Progress Press , Moscow 1989
Helmut. E. Landsberg , the Urban climate , Institute for physical science and technology , University of Maryland - 107
.1981
Hilary French , Protecting the Planet In The Age Of Globalization. Norton and Company , New York , - 108
.London , 2000
Israel , U. A , Ecology and Control of the State of the natural - 109
Kislov, A.V ,Surkova ,G.V , Assessment of contribution of visible Evaroration from Caspian Sea Surface and level - 111
.changes during Holocene and late Pleistocene. Moscow University Magazine , Geography Cycle 5 , N . 2 , 1996
o
.Kolocov. o. Khominco. n. p , Environment Conservation , High School Press , Kiev 1986 - 112
.Kotcherybe. V. A , Environment Of citys , Lvov 1984 - 113
.Moseive. N. N, Human Ecology is Eyes Of Mathematics , Efreka Cycle , Moscow , 1988 - 114
.Nikitin. D. P. Novikov. Y. V , Environment and Man , High School Press , Moscow , 1980 - 115
.Nivrozov. z , Natur Never Forbids Mistakes , Moscow , Misl , 1988 - 116
.Pestracof U. I , Kolosof A. P: Economy and Ecology , Moscow , 1988 - 117
Preston E. James , Geoffrey J. Martin. All Possible Worlds , A History of Geographical Ideas , New York. - 118
.Brisbane. Toronto. Singapore 1981. Moscow , Progress. 1988
Prokhorov, A , M.Abachidzy , I ,V, Azimov , P , A , and anothers , Biological Encyclopedia , Sovietcky - 119
.Encyclopadia Press , Moscow , 1986
.Rimers. N. F , Nature Mangment , Mysl Press , Moscow 1990 - 120
Smirnov. L. E , Geographical - Ecological Problems And Cartography , Geography Geology magazine , - 121
.Leningrad University , cycle 7 , N 3. 1990
.Stadnisky. G. B. Rodinove. A. I. Ecology. Hight press. Moscow 1988 - 122
The Restoring of Rivers and Streams , theories and experience , Edited by James A.Gore. University of - 123
.Tulsa.1989
.The State of the Environment , Organization for Economic Cooperation and Development (OECD) , Paris , 1991 - 124
فهرس الجداول
رقم موضوع الجدول رقم
الصفحة الجدول
70 تزايد عدد سكان العالم عبر الزمن 1
167 تطور الحياة منذ القدم وحتى ظهور 2
النسان
219 أهم الغازات الموجودة في الغلف 3
الجوي
224 أهم الغازات المنطلقة من البراكين 4
233 أهم الحوادث التي تعرضت لها 5
المفاعلت النووية في العالم
246 أهم حوادث الضبخان في العالم 6
-250-
والثار الناتجة عنها
259 توزع المياه في الغلف المائي 7
262 مواصفات الماء الصالح للشرب 8
272 أهم حوادث ناقلت النفط 9
295 تأثير الضوضاء في جهاز السمع 10
300 تغير مستوى الحقل المغناطيسي 11
-251-
الصفحة
-252-
-3-5-2تعريف البيئة الجتماعية 83 ..............
-3-6التفاعل بين المنظومات البيئية 91 ...............
-253-
-7الغلف الصخري ) الليثوسفير ( 191 ..................
-7-1تعريف الغلف الصخري 191 .........................
-7-2تعريف التربة 192 .....................................
-7-3مكانة التربة في الغلفة الجغرافية 194 ..........
-7-4أهم المشكلت التي تتعرض لها التربة 195 .......
-7-4-1تلوث التربة 195 ..............................
-7-4-2تعرية التربة ونحتها 200 ....................
-7-4-3تملح التربة 201 ..............................
-7-4-4تصلب التربة 202 .............................
-7-4-5استنزاف التربة 202 .........................
-7-4-6الجفاف والتصحر 202 .......................
209 -7-4-7الجراءات التي يمكن اتباعها لحماية التربة
-7-4-8دور الجغرافية في حماية التربة 210 .....
-255-
هذا الكتاب
-256-
-257-