Professional Documents
Culture Documents
الملخص:
لقد شكلت الموارد المائية مند القديم مادة حيوية لإلنسان على وجه الكرة األرضية ،ويعتبر الماء
رهينة للظروف المناخية التي تتميز بالتغايرية على المستوى الزمني والمكاني ،مما يجعل جل بلدان
العالم تعرف وفرة أو انخفاض في الثروة المائية وفقا لتلك التغايرية المناخية ،لكن ووفقا ألغلب التقارير
الدولية والوطنية فإن االتجاه العام للموارد المائية يسير في اتجاه االنخفاض ،والمغرب هو اآلخر ليس
في منأى عن هذا الحال ،ولعل تراجع صبيب األودية ،انخفاض حقينة السدود ،تردد مواسم فالحية جافة،
ضعف تزويد بعض المناطق بمياه الشرب ،تراجع حصة الفرد من الماء ...كلها مؤشرات تؤكد تراجع
الموارد المائية بالمغرب .في هذا السياق ركزت هذه الدراسة على:
تدبير ندرة الماء في الماضي :إذ لجأ المغاربة القدامى الى اتخاذ عدة تدابير واجراءات -
عملية للتكيف مع ندرة الماء وخلق شروط للتعايش معها وتجاوز فترات الجفاف.
تدبير ندرة الماء في الحاضر :مند فترة الحماية اعتمد المغرب سياسة بناء السدود -
وصوال الى السياسة المائية الراهنة.
Abstract:
Water resources from ancient times, have been a vital material for man on planet earth,
and water is considered subject to climatic conditions, which makes most of the countries of
the world know an abundance or decrease in water resource according to climatic
heterogeneity, but according to most international and national reports, the general trend of
water resources, is heading out downward direction, moreover Morocco is not immune
from this situation, and perhaps the decline of the flow of valleys, -the decline in the
reservoir of dams, -the frequency of dry agricultural seasons, -the poor supply of drinking
water for some areas, -the decline in the per capita share of water .These are all indicators
that confirm the decline of Morocco's water resources
In this context, this study focused on the forms of managing water rareness in
Morocco from two complementary angles, Are:
- Management of water rareness in the past: The ancient Moroccans resorted to taking
several measures, and practical measures, to adapt with water scarcity.
- Management of water rareness in the present: Since the end of the French
Protectorate period, Morocco has adopted a policy of building dams, up to the current water
policy, through which Morocco seeks for climate change adapting,
Keywords: Morocco, water resources, climate change, management.
:مقدمة
يتوفر المغرب على موارد مائية سطحية وجوفية مهمة لكنها تختلف من حيث التوزيع المجالي
، بحيث تتركز أهم األنهار في النصف الشمالي والشمال الغربي للبالد،بسبب اختالف العوامل الطبيعية
مما فرض على. مما كان يخلق مناطق متباينة داخل.عكس النصف الجنوبي الذي يعرف ندرة المياه
.المغاربة مند القديم التفكير في خلق كل الشروط الممكنة من أجل التكييف والتعايش مع هذه التفاوتات
وخاصة مسألة ندرة المياه التي اعتبرت أهم تحد أمام المخزن المغربي مند تأسيس الدولة المركزية مع
الشيء الذي. والمرينين والسعديين بالعاصمة فاس،التجربة المرابطية والموحدية بالعاصمة مراكش
مكن المغرب من أن يزخر بتراث غني ومتنوع في مسألة تدبير المياه من منشآت مائية تجمع بين تقنيات
وتعكس، هذه التقنيات التي تعكس بشكل قوي مدى عالقة اإلنسان بالمجال.االستنباط والتخزين والنقل
.في نفس الوقت مدى العبقرية الهندسية للمهندسين األوائل في قضية تدبير وتطويع المجال
هذا ما تم التركيز عليه في المحور األول ،أما المحور الثاني فقد تطرق لمسألة تدبير المياه مند
فترة الحماية الفرنسية إلى يومنا هدا ،إد أصبح المغرب يعيش وضع مائي حرج ،بفعل ظاهرة التغيرات
المناخية التي أصبحت تطبع مناخ بالدنا وازدادت حدتها مند ثمانينيات القرن الماضي ،وكدلك بفعل
التزايد الديمغرافي والتغيير الدي حصل على نظام عيش السكان .إذ تم استحضار أهم البرامج
والسياسات التي اعتمدها المغرب قصد تحقيق تدبير جيد للماء والتأقلم مع التغيرات المناخية ،وكذا
مواصلة سلسلة البرامج التنموية بالبالد والتي يعتبر الماء حلقتها الرئيسية.
محاولين بذلك اإلجابة عن السؤال اإلشكالي التالي :ما هي أهم أشكال تدبير ندرة المياه بالمغرب؟
سواء مع المغاربة القدامى أو في تاريخنا المعاصر .اعتمادا على:
النهج التاريخي :من خالل االطالع على الدراسات التاريخية لحقب مختلفة تناولت -
موضوع الماء وطرق تدبيره في حالتي الندرة والوفرة ،والعودة للميدان قصد التحقق وتتبع اآلثار
التي ما تزال شاهدة على تلك التجارب القديمة.
النهج الجغرافي :المبني على عملية الوصف والتفسير والتعميم ،قصد الوقوف على -
الوضعية المائية التي يعرفها المغرب وتحديد العوامل المسؤولة على ذلك ودراسة أبرز السياسات
والبرامج التي أطلقتها الدولة للتأقلم مع هذا الوضع.
بهدف التوصل إلى استنتاجات واقتراحات من شأنها المساهمة في وضع برامج لتدبير المياه بشكل
أفضل والتأقلم مع التغيرات المناخية.
أوال :تدبير قلة المياه زمن حكم المرابطين والموحدين
المرابطون ومسألة تدبير المياه بالمناطق الجافة وشبه الجافة .1
.1.1الخطارات تقنية من تقنيات استنباط المياه الجوفية:
يعتبر المرابطون من بين أولى العصبيات التي حاولت إقامة دولة مركزية بالمغرب خالل القرن
11م ،هذه العصبية ذات األصول الصحراوية التي تعودت حياة التنقل والترحال وعيش الكفاف حسب
البيئة الصحراوية ،وفضلت تأسيس عاصمتها مراكش بالحوز الذي يتميز بالمناخ الجاف والشبه الجاف،
وجدت نفسها بعد االستقرار بالعاصمة الجديدة في أمس الحاجة إلى الماء لتأمين ظروف االستقرار
والعيش المالئم بالمنطقة .وأمام تحد البعد عن جبال األطلس الكبير والبعد عن الوديان وضعف
اإلمكانيات آنذاك ،فكر المهندسون األوائل في استغالل المياه الجوفية عبر تقنية الخطارة .إذن ما
المقصود بالخطارة وكيفية إنشائها.
تعد الخطارة قناة باطنية تحت أرضية تجلب مياه العيون واألنهار إلى مكان السقي ،تتصل بسطح
األرض بواسطة آبار حفرت لبناء القناة ويقدر عمق الماء الواصل إلى بعضها بين 30و 40مترا،
وينتهي عند مصب كل واحدة منها ساقية مقسمة إلى عدة سواقي تزود الحقول بالمياه وفق ما يسمى
بنظام النوبة (عال حمو .)2019 ،ورغم بدائية تقنيات الخطارة يعتبرها خبراء األنظمة الهيدروليكية من
أهم التقنيات وأحسنها عقالنية )El Faiz, 2010( ،وتعد طريقة الري األكثر استخداما منذ القدم لدورها
الكبير في تحقيق إنتاجية زراعية مهمة.
وان اختلفت المصادر وتضاربت اآلراء حول أصول هذه التقنية وتاريخ دخولها المغرب ،فإن
المصادر التاريخية تؤكد أن هذه التقنية قد اعتمدها المرابطون في عهد ''الخليفة علي بن يوسف من
طرف المهندس عبيد هللا بن يونس" (رابطة الدين ،)2008 ،لتنتشر هذه التقنية بشكل كبير بالحوز
المراكشي وتعطي للتراب هوية مجالية جديدة جعلت السوسيولوجي بول باسكون في دراسته "حوز
مراكش'' ينعت هذا المجال بالمجال الخطاراتي.
.1.2تقنية اآلبار:
شكلت اآلبار إحدى التقنيات التي اعتمدها المغاربة مند القدم في استغالل مياه الفرشة الباطنية،
في الشرب والسقي وري الدواب .حيث اعتبر وجودها ضرورة ملحة في الطرقات لتسهيل عملية مرور
التجار والقوافل التجارية والجيوش .وساهمت بشكل كبير في رسم خريطة الطرق التجارية المغربية.
ويفسر اعتماد المغاربة على هذه التقنية لسهولتها ،حيث ال تتطلب يد عاملة كبيرة باإلضافة إلى اعتمادها
على وسائل بسيطة أثناء الحفر واستخراج األتربة وقرب الفرشة المائية .ونجد ذلك في العديد من
اإلشارات التاريخ ية للمؤرخين والرحالة الجغرافيين إذ جاء عند الرحالة الشريف اإلدريسي "وشرب
أهل مراكش من اآلبار ومياهها كلها عذبة ،وآبارهم قريبة معينة" (اإلدريسي .)2002 ،وإن كانت هذه
اإلشارة تتحدث عن مدينة مراكش فإنها تنطبق على مناطق عديدة بالمغرب.
-1يتميز مناخ منطقة الرحامنة بقلة التساقطات وعدم انتظامها خالل الفصل المطير .كما يتسم فصل الصيف بالحرارة المرتفعة.
ويرجع ذلك إلى تقهقر المؤثرات األطلنتيكية وعامل القارية ،نظرا لموقع القبيلة في السهول الداخلية من البالد ...وبذلك تصنف ضمن
المناطق الشبه الجافة ويزيد من حدة الجفاف طبيعة الحوز الكلسية المنفذة التي منها هضبة الكنتور حيت تتسرب مياه األمطار بسرعة
إلى باطن األرض ونظرا لوجود صخور نافذة مع قلة في التساقطات المطرية وعدم انتظامها ،كل هذا ساهم بشكل كبير في نضوب
المجاري المائية بالمنطقة.
استغالل مياه األودية الموسمية الجريان :لقد كان استغالل وتعبئة مياه األمطار التي تتساقط خالل
فصل الشتاء وتمر عبر الوديان الصغيرة ،من بين االستراتيجيات التي نهجها الموحدون في تدبير قلة
المياه بالمناطق التي تعاني نقصا في كمية التساقطات .هكذا عمل مهندسو العمارة المائية ،على بناء سد
على شكل حاجز لتجميع مياه األمطار على عرض وادي بوعثمان ،ثم توجيهها عن طريق ساقية نحو
الخزانات المائية ،بعد أن تمر من صهريج الترسيب الذي تجمع فيه الشوائب والمواد الثقيلة.
بهذا كان وادي بوعثمان أحد األودية الرئيسية التي تزود الخزانات بالحمولة من المياه المطرية
التي تمر من الشعاب وتغدي الوادي في اتجاه السد .1التي تم بناؤه على عرض الوادي ،في شكل زاوية
مفتوحة مقدمتها موجهة نحو سافلة الوادي .ويبلغ طول القسم الجنوبي من السد 48متر ،والقسم الشمالي
57متر .ويبلغ عرضه 4أمتار في الجزء الشمالي ،و 3.70متر في الجزء الجنوبي .أما فيما يخص
-1بالرجوع الى االصل اللغوي للكلمة ،فان السد هو الحاجز المانع لمرور المياه والفعل تسد يعني اغلق ومنع ووقف حاجزا .اذن
السد هو ذلك الحاجز الموضوع امام المياه لمنع مرورها الى جهة اخرى او اتجاه اخر.
القاعدة فهي بطول 1متر .وينتهي من الطرف الجنوبي بقياس 9أمتار وبسمك 1.20متر .وتصب مياه
1
الواد بخمسة خزانات من جهة الجنوب .أما من الجهة الشمالية للخزانات فإنها تزود بمياه الشعاب .
هذا فيما يتعلق بمسألة تدبير المياه وكيفية استغاللها .أما من داخل الخزانات فإنه تظهر لنا عبقرية
أخرى وتثمثل في طبيعة وشكل البناء وكذلك مواد البناء.
تتخذ الخزانات شكال مقببا ،وكل خزان تتواجد به ثماني ثقب في األعلى سماها الباحث
األركيولوجي " '' Charles Allainبالمراجل .إذ الغرض منها دخول التهوية والتشميس إلى داخل
الخزانات .كما يتوفر الخزان على مجموعة من الفتحات المقببة كمداخل المساجد وهي تتنوع ،إذ يتراوح
طولها بمترين .بحصة فتحتين لكل خزان ،كانت تسمح بمرور المياه بين الخزانات ،وقد تكون تسمح
بدخول الساهرين على الخزانات من الولوج منها لتنظيفها في بعض األحيان .كما أن هذه الخزانات من
الداخل مطلية بمادة الجير الذي يحفظ الماء من التلوث وكذلك يقي الجدران من الرطوبة.
-1يطلق سكان دوار إيكورت على المزود من جهة الشمال اسم الشعبة ،وإذا علمنا أن خزانات سيدي بوعثمان كانت تعتمد على
مزودين فقط واحد من جهة الجنوب وهو واد بوعثمان ،ومزود من الجهة الشمالية للخزانات وهي التي طلق عليها الشعبة .لكن في
إشارات أخرى نجد أن الساقية اليعقوبية كانت هي المزود للخزانات من الجهة الشمالية.
أشارت مجموعة من الدراسات التي اهتمت بالساقية اليعقوبية ،إلى أن هذه الساقية كانت من بين
آليات التزويد لخزانات سيدي بوعثمان التسعة .من الجهة الشمالية للخزانات .وهي التي أطلق عليها
سكان الدوار القريب من الخزانات اسم الشعبة .ونجد في تتبعنا لمسار الساقية بالصور الجوية أنها بالفعل
كانت تزود الخزانات" ،وبالعودة إلى عمل هذه المنشأة فإن الساقية تتوزع على وجهتين األولى تغذي
الخزانات التي تخزن المياه والمتمثلة في تسع خزانات بحمولة تقدر ب 3254000لتر .هذه الترسنة
التي كان الغرض من خاللها تلبية حاجيات الجنود وغيرهم طيلة السنة ،والشطر الثاني يوزع لضمان
سقي ما يناهز 3000هكتار في اتجاه مدينة الصافي " ( .)EL faiz, 2002كما توضح الخريطة.
وتعد الساقية اليعقوبية نسبة إلى السلطان يعقوب المنصور ،إحدى أهم المشاريع الهيدروفالحية
التي تم اعتمادها بمنطقة الرحامنة ،إذ كانت عبارة عن ساقية ضخمة بطول 90كلم ،تعمل على نقل
المياه من وادي األخضر وواد تساوت الموجود حاليا بتراب قلعة السراغنة في اتجاه خزانات سيدي
بوعثمان وكذا سقي منطقة البحيرة بتراب الرحامنة تشجيعا للفالحة واالستقرار البشري ،بحيث كانت
المنطقة كما سلف الذكر منطقة تتميز بتضاريس منبسطة من السهول والهضاب ،غير أن ما كان ينقصها
هو قلة التساقطات وغياب المجاري المائية الدائمة .وبالتالي كان الحل في إعداد هذا التراب وتهيئيه هو
توفير المياه عن طريق سياسة نقل المياه عبر السواقي من مناطق الندرة إلى مناطق العجز ،الشيء الذي
تم ترجمته في سياسة الموحدين المائية بنقل المياه من شرق الرحامنة عبر الساقية اليعقوبية من الواد
األخضر ووادي تساوت بقلعة السراغنة عبر الساقية اليعقوبية بامتداد 90كلم وعرض أربعة أمتر في
اتجاه الرحامنة بهدف سقي األراضي الفالحية الخصبة بالبحيرة.
ثانيا :البرامج وسياسات تدبير ندرة الموارد المائية بالمغرب مند فترة الحماية الى اليوم
بدأ اهتمام المغرب بسياسة السدود منذ حقبة الحماية الفرنسية .1
بدأ اهـتمام المغرب بإنشاء السدود منذ حقبة الحماية الفرنسية خالل القرن الماضي ،حيث أنشـأت
عدة سدود أهمها :سد سيدي أمعاشو 1929وسد القنصرة واللة تاكركوسـت ،1935وسد إنفوت ،1944
أنجزت هذه السدود بهدف إنتاج الطاقة الكهربائية ،وتلبية حاجيات مياه السقي .وواصل المغـرب بعـد
االسـتقالل سياسـة بنـاء السدود ،وذلك بهدف تعبئة الموارد المائية واالستجابة للحاجيات المتزايـدة لمياه
السقي والشرب وضمان تزويد المناطق الفالحية بمياه الري في ظل التقلبات المناخية التي يعرفها مناخ
المغرب.
نتيجة لهذه السياسة أصبح المغرب يتوفر على شبكة مهمة من السدود الكبرى والمتوسطة والتي
يفوق عددها 135سـدا ،تفوق طاقتهم االستيعابية 5,17مليار متر مكعب ،ويصل عدد السدود التي
تتجاوز طاقتها االستيعابية 100مليون متر مكعب 22سدا أي ما يمثل %95مـن مجموع الطاقة
االستيعابية لمجموع المنشآت المائية بالمغرب ،بينما السدود الصغرى أقـل من 10مليون متر مكعب
تمثل % 64مـن مجموع السدود ،وتتركز مجموع السدود في النصف الشمالي للمملكة على طول
األودية التي تنحدر مـن سالسل الريف واألطلس حيث توجد مجاري مائية دائمة الجريان وذات صبيب
مهم ،ويسجل بها خالل فترات من السنة حاالت فيضان أثناء الفصل المطير وخارجـه ،مما يساهم بشكل
كبير في ملء حقينة السدود.
البرنامج الوطني للتطهير السائل: .2
يهم البرنامج الوطنـي للتطهير السائل الذي تم إطالقه سنة ،2005ببناء محطات معالجة المياه
العادمة (معالجة أولية وثانوية وحتى ثالثية) لتجهيز 330مدينة ومركزا حضريا ،بإجمالي يفـوق 10
ماليين نسمة ،وتتعلق األهداف المحددة في أفـق 2020بتحقيق مستوى ربط بالشبكة بنسبة 80فـي
المائة في المناطق الحضرية و 80فـي المائـة مـن المياه العادمة .وفي هذا الصدد ،تم تسجيل نتائج
مطردة حيث ارتفعت نسبة الربط بشبكة المياه العادمة إلى 76فـي المائـة سـنة 2018مقابل 70في
المائة سـنة ،2005وإنشاء 140محطة معالجة للمياه العادمـة مقابـل 21محطة عند إطالق البرنامـج
المذكور ،في حين بلغ حجم المياه العادمة المعالجة 304,47مليــون متــر مكعـب في السـنة أي 45,4
في المائة مـن المياه العادمة المجمعة مقابل 8في المائة سنة( .المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي،
)2022
ففي ظل ندرة الموارد المائية ببالدنا ،تعتبر المياه العادمة المعالجة موردا مهما لمجموعة من
األنشطة ،كما يمكن من خاللها تلبية حاجيات عدة قطاعات ،مثل:
-إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في القطاع الفالحي :حاليا ،لم تدخل المشاريع
التجريبية إلعادة اسـتخدام المياه العادمة المعالجة ألغراض فالحية في سطات وتزنيت ووجدة بعد
حيز العمل ،وتعزى هذه الوضعية أساسا إلى صعوبة وضع آلية مؤسساتية وقانونية تنظم عملية
تقاسم التكاليف بين مدبري محطات معالجة المياه العادمة والفالحين.
-سقي المساحات (الخضراء) بما في ذلك مالعب الغولف :يهدف الجزء الكبير من البنيات
التحتية المتعلقة بإعادة استخدام المياه العادمة إلى تلبية حاجيات سقي المساحات الخضراء ومالعب
الغولف ( 33مشروعا سنة .)2020
-إعادة االستخدام في األنشطة الصناعية :في هـذا الصـدد ،تقـوم مجموعة المكتب الشريف
للفوسـفاط بإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة لغسل الفوسفاط ،انطالقا من ثالث محطات هي
محطة المعالجة بخريبكة ( ،)2010ومحطة بن جرير ( )2016ومحطة اليوسـفية (.)2018
-تغذية المياه الجوفية بفضل تخزين المياه العادمة المعالجة :في بعض الحاالت ،من شأن
إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة تعبئة المياه الجوفية التي انخفض مسـتواها بمـوازاة مع فترات
الجفاف أو االستغالل المفرط .كما يمكن تغذية طبقات المياه الجوفية بالمياه السطحية من مجاري
المياه والمياه العادمة المعالجة .وتقدم هـذه الحالة الثانية العديد من المزايـا باعتبارهـا مـوردا بديـا
ومتوفـرا علـى مـدار السـنة)Skaiki, 2020( .
-تحويل المياه العادمة إلى مياه صالحة للشرب :من الناحية التقنية ،فإن إعادة اسـتخدام المياه
العادمة لتوفيـر مياه الشـرب أمر ممكن .غير أنه ال تـزال هناك إشـكالية المقبولية االجتماعية
االستخدام هذه المياه .وهي الممارسة المترسخة في بعـض البلدان كأسـتراليا وناميبيا أو سنغافورة.
(المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي)2022 ،
تحلية مياه البحر لسد الحاجيات المائية باألقاليم الصحراوية: .3
يقصد بتحلية الماء المالح تحويل مياه البحر أو المياه الباطنية أقل ملوحة من ماء البحر إلى مياه
عذبة بعد إزالة األمالح أو الشوائب المعدنية .وتنقسم الطرق المستعملة إلعذاب المياه المالحة حسب
األسس الطبيعية في عملية اإلعذاب إلى ثالث مجموعات (اإلعذاب بالتقطير ،باألغشية أو بالتجميد).
(الحافيظ)2021 ،
بدأ اهتمام المغرب بعمليات معالجة مياه البحر منذ السبعينات من القرن الماضي ،وذلك لتغطية
العجز المائي ،بسبب ندرة الموارد المائية بالمناطق الجافة الصحراوية والتي ال تتوفر على موارد مائية
طبيعية كافية لتلبية جميع الحاجيات السكانية ،وحتى وإن وجدت بعض اآلبار فمياهها ذات ملوحة مرتفعة
بعضها يتجاوز 10غ/لـ مثل مياه الفرشة المائية السطحية بالعيون.
الصبيب اليومي بـ م³ تاريخ إنشاء المحطة مصدر الماء المعالج المركز الحضري
75 1976 ماء البحر طرفاية
250 1977 ماء البحر بوجدور
120 1983 ماء مالح طرفاية
330 1986 ماء مالح السمارة
800 المرحلة األولى 1995 ماء البحر بوجدور
2400 المرحلة الثانية 2005
7000 المرحلة األولى 1995 ماء البحر العيون
6000 المرحلة الثانية 2005
800 2001 ماء مالح طرفاية
1700 2003 ماء مالح طان طان
الجدول :1الطاقة اإلنتاجية لمحطات تحلية ماء البحر بالمغرب
المصدر بتصرف( :الحافيظ)2021 ،
الحفاظ على الموارد المائية وعلى الوسط الطبيعي والتأقلم مع التغيرات المناخية :عن -
طريق المحافظة على جودة الموارد المائية ومحاربة التلوث والمحافظة على المياه الجوفية،
باإلضافة إلى تهيئة األحواض المنحدرة وحمايتها من التعرية والمحافظة على المناطق الهشة عبر
تفعيل برامج العمل الخاص بالمناطق الرطبة والواحات .وفي إطار التأقلم مع التغيرات المناخية ومن
أجل التحكم في الظواهر المناخية القصوى ،يقترح المخطط الوطني للماء إجراءات تخص الحماية
من الفيضانات والتخفيف من آثار الجفاف .ومتابعة إصالح اإلطار التشريعي والمؤسساتي عبر
استصدار النصوص التطبيقية المتبقية لقانون الماء( .المديرية العامة لهندسة الماء.)2022 ،
البرنامج الوطني القتصاد مياه الري الفالحي في إطار مخطط المغرب األخضر: .5
لقد ظلت الزراعة المسقية معرضة على مدى عقود طويلة لندرة الموارد المائية وذلك تحت التأثير
المزدوج لفترات الجفاف المتتالية والطويلة (التغيرات المناخية) ،وارتفاع الطلب على الماء من طرف
باقي القطاعات االقتصادية.
ومن أجل مواجهة التحدي المتمثل في الرفع من المنتجات الفالحية باستعمال كميات أقل من الماء
وبشكل مستدام وتنافسي ،دخلت الفالحة المسقية ،منذ اعتماد مخطط المغرب األخضر ،عصرا جديدا
عنوانه الرئيسي "ترشيد وتثمين مياه الري" (مديرية االستراتيجية واإلحصائيات .)2020 :وبناء على
ذلك تم اعتماد سياسة طوعية من أجل تعميم تقنيات الري المقتصدة للماء وتثمين مياه الري الزراعي.
وتمت ترجمة هذه السياسة في أربعة برامج رئيسية:
البرنامج الوطني القتصاد مياه الري :ويتوخى توسيع المساحة المسقية باستعمال تقنيات -
الري الموضعي على مساحة تبلغ 550 000هكتار؛
برنامج توسيع الري بسافلة السدود :يستهدف إحداث مناطق مسقية جديدة وتعزيز الري -
داخل النطاق المسقي الحالي ،وذلك على مساحة 130ألف هكتار؛
برنامج إعادة التأهيل والمحافظة على الدوائر السقوية الصغرى والمتوسطة :من أجل -
تحسين كفاءة ومردودية البنية التحتية للري التقليدي في الدوائر السقوية الصغرى والمتوسطة؛
برنامج تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الري :ويتوخى تحسين -
الظروف التقنية واالقتصادية والمالية لتدبير خدمة مياه الري ،من خالل إنجاز مشاريع ري جديدة
في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقد مكن تنفيذ البرنامج إلى حدود نهاية 2019من إنجاز التهيئة الهيدروفالحية على مساحة 000
800هكتار( ،منها 585 000هكتار بالسقي الموضعي ،أي حوالي 50في المائة من المساحات المسقية
على الصعيد الوطني) ،وذلك لفائدة 235 000ضيعة فالحية ،بمجهود استثمار إجمالي يناهز 36مليار
درهم( .وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات)2022 ،
المتوسط) ،على اعتبار أنها تشهد تشكل السحب المناسبة لعملية التلقيح ،وتتطلب تنسيقا بين مصالح
األرصاد الجوية والدرك الملكي( .بن عبو)2022 ،
في هذا السياق قد أطلقت وزارة التجهيز والماء بالمغرب برنامج "الغيث" الهادف إلى رفع نسبة
األمطار أو الثلوج باستعمال تقنية تلقيح السحب ،في إطار سعيها إليجاد حلول بديلة لشح التساقطات
المطرية التي يشهدها المغرب .وتستمر هذه العملية من نونبر إلى أبريل من كل سنة ،وتستعمل فيه مواد
كيميائية غير ضارة بالبيئة مثل "يودير الفضة" بالنسبة للسحب الباردة (˚ )-5وملح "كلوريد الصوديوم"
بالنسبة للسحب الدافئة .وأثبت االستمطار فعاليته بالمغرب طيلة ثالثة عقود ،حتى بات خبرة تصدر إلى
بلدان إفريقية ،بينما أظهرت دراسة اقتصادية للمديرية الوطنية لألرصاد الجوية ،بأن كل زيادة في معدل
األمطار بالمغرب بمقدار 10في المئة ترفع القيمة االجمالية للمحصول الفالحي بنسبة 3.4في المئة.
(بركة.)2022 ،
خالصة:
تبقى قا عدة الحاجة أم االختراع ،قاعدة توثق مختلف المجهودات التي قام بها اإلنسان مند القديم
عامة والمغربي خصوصا ،بغية تلبية الطلب على الماء الذي يمثل عصب الحياة وروحها ،وذلك ما تجلى
لنا من خالل الوقوف عند مختلف االنجازات المائية التي شيدت زمن الحكم الموحدين بالمغرب ،من
تقنيات االستنباط والتخزين والنقل والرفع الذي مثلته السواقي والخزانات والنواعير واآلبار.
هذه التقنيات التي تعتبر نموذجا حيا من نماذج التهيئة الترابية في تاريخ المغرب قبل قدوم الحماية
الفرنسية وغيرها .وبالتالي فإن نموذج خزانات سيدي بوعثمان المائية والساقية اليعقوبية بمنطقة
الرحامنة ،تبقى من أبرز التجارب التنموية التي تقعد لمشروع التضامن الترابي أو الجهوي فيما يهم
التضامن المائي بين الجهات .ولعل العودة الى التاريخ واستقصاء الوثائق المادية والالمادية التي ال زالت
شاهدة عن عبقرية األجداد ،تبقى ضرورة ملحة في جل التدخالت والسياسات العمومية للبالد من أجل
استحضار البعد التاريخي في التهيئة المجالية ولما ال إحياء مثل هذه التجارب التاريخية التي تشكل جزءا
مهما من هويتنا وهوية ترابنا.
في نفس السياق قد واصل المغرب سياسة تدبير الموارد المائية تحسبا لموجات الجفاف وتماشيا
مع النمو الديمغرافي للبالد ،من خالل سياسة السدود ،تحلية مياه البحر ،معالجة المياه العادمة ،اعتماد
تقنيات السقي عصرية وترشيد استعمال الماء في جميع القطاعات .وإذا قمنا باستحضار أشكال تدبير
الماء في الماضي وأساليب تدبيره في الوقت الحاضر فإننا نسجل مجموعة من االستنتاجات وهي:
لقد كانت الدولة منذ القديم مستشعرة مسؤوليتها الكبيرة حول قضية تدبير الماء؛ -
كانت وما تزال السياسة المائية بالمغرب تتميز بالتنوع واالستباقية؛ -
ظهور بوادر عدم اشراك الساكنة المحلية في اتخاد القرارات وتنزيل المشاريع المائية، -
مما يساهم في عدم نجاحها؛
تراجع ملحوظ في التضامن بين أفراد المجتمع أثناء تدبير القضايا المتعلقة بالمائية، -
وميول السكان نحو االستقاللية واالنفراد مما أدى الرتفاع الطلب عن الماء؛
تدبير الماء مسألة حساسة وبالغة األهمية تتطلب انخراط الدولة والمجتمع المدني -
إلنجاحها؛
يعتبر القطاع الفالحي هو أكبر قطاع متضرر من تراجع الموارد المائية بالمغرب ،مما -
يفرض التراجع عن الزراعات الدخيلة (كزراعة البطيخ األحمر بمناطق الجنوب الشرقي)
والزراعات التي تتطلب موارد مائية كثيرة (كزراعة أشجار األفوكادو بسهلي سوس والغرب ،)...
يعيش المغرب وضع مائي مقلق جدا ،يفرض عليه العودة للزراعات التي تتماشى مع -
هذا الوضع والتي كانت سائدة منذ القديم (الحبوب والقطاني والخضروات) والتي من شأنها توفير
الغداء واالقتصاد في استهالك الماء.
الئحة المراجع:
الحافيظ ،إدريس .)2021( .الموارد المائية بالمغرب :اإلمكانات والتدبير والتحديات -
(الطبعة الثانية) .المغرب.
عالحمو ،عمر .هالل ،عبد المجيد .)2019( .أهمية الحفاظ على الخطارات وإمكانيات -
إدماجها في صيرورة البناء الترابي بواحة تودغا (المغرب) .مدارات تاريخية ،المجلد األول – عدد
خاص.
المنتفع ،محمد .)2021( .األنظمة المائية بمراكش وأحوازها (:)1956 -1919 -
الخطارة والساقية نموذجا .مؤلف جماعي ،الجزء ،3التراث المادي والالمادي حضارة وتثمين،
مركز دراسات وتنمية الواحات الصحراوية بالجرف والراشدية.
رابطة الدين ،محمد .)2008( .مراكش زمن الموحدين جوانب من تاريخ المجال -
واالنسان ،ج ،1ط 1المطبعة والوراقة الوطنية مراكش.
الشريف ،االدريسي .)1957( .نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق ،مطبعة الجزائر. -
سعيد حميد ،محمد )2005( .االستمطار .صنعاء ،اليمن :العراق للطباعة. -
- Charles, allain. (1951). Les citernes et les margelles de Sidi
Bouothmane: Hespéris 1-2 trimestre.