Professional Documents
Culture Documents
مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية على ضوء تشريع المياه في الجزائر
La question de l’eau apparait ُتشكل الموارد المائية اليوم أحد أكبر
comme une des questions les plus انشغاالت المجتمع الدولي على اعتبار أن المياه
cruciales. Les pouvoirs publics s’en
préoccupent de plus en plus. تمثل أحد المجاالت البيئية التي تستوجب
L’importance grandissante de cette الحماية .حيث سعت معظم دول العالم إلى ضمان
تلبية حاجيات شعوبها من المياه لتحقيق أمنها
question interpelle la le législateur.
Celui-ci doit veiller à la sauvegarde de
cette source naturelle. Il doit المائي وكذلك الغذائي ,ومنها الجزائر التي أيقنت
contribuer à sa protection. Une loi de أهمية المحافظة على الموارد المائية وتسييرها
2005, modifier en 2008, en reconnait
cette priorité stratégique et met en
تسيي ار عقالنيا باعتبارها موردا أساسي ا للتنمية
place l’outil institutionnel chargé de االقتصادية ,لذلك سن المشرع الجزائري قانونا
l’exploitation de l’eau, de sa protection جديدا للمياه سنة 3996الذي ُعدل سنة
et de sa gestion rationnelle.
,3999حاول بموجبه وضع سياسة وطنية
Cela revient à dire, que le pouvoir
تهدف إلى حماية هذا المورد الحيوي وتوفيره
d’exploitation de l’eau doit être crée,
autorisé, concédé par l’ordre juridique. للمتطلبات الحياة االجتماعية واالقتصادية مع
L’eau fait partie du patrimoine ضمان استدامته لألجيال القادمة.
commun. Sa protection est d’intérêt
général. Ce qui justifie une gestion وعليه ,تأتي هذه الدراسة إلبراز مظاهر
efficient dans l’intérêt des générations
présentes sans compromettre la الحماية القانونية للمياه على ضوء تشريع المياه
capacité des générations futures. الذي جاء به المشرع الجزائري ,من خالل
Cette étude donne un aperçu sur التطرق لمضمون السياسة الوطنية المنتهجة في
tous ces aspects. Elle définit les مجال المياه والهيئات المكلفة بحمايته والحماية
الجنائية المقررة له.
orientations principales adoptées et
précise les instruments utilisés en
indiquant leur limite et leur mutation.
211
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
مقــدمـة
يعتبر الماء عنص ار جوهريا في حياة اإلنسان ،فهو مصدر حياته وسبب
الستمرارها .ففي الوقت الذي بدأت فيه مشكالت المياه تطرح بحدة على الصعيد الدولي
نتيجة لقلة وندرة مصادره من جهة ،وتعرض هذا المورد لسوء التسيير واالستعماالت غير
عقالنية فضال عن مخاطر التلوث من جهة ثانية .فقد أصبح التخوف من عدم توفير هذا
المورد الحيوي ل جيال الحاضرة وكذلك ل جيال القادمة يشكل عامل ال استقرار في
العالقات الدولية بل وأضحى مصد ار للنزاعات الدولية خاصة بين الدول التي تمر عليها
األنهار الكبرى كدول نهر الن يل أو التي تشترك في مسطحات مائية كما هو الحال في
الشرق األوسط
وفضال عن ذلك ،فقد أصبح توفير الماء سواء لالستهالك الشخصي أو للتنمية
االقتصادية يمثل أحد أكبر المشكالت الداخلية لمعظم دول العالم ،حيث أصبح مصدر
قلق للحكومات العاجزة عن توفيره لشعوبها كما هو الحال في أمريكا الالتينية ودول
إفريقيا.
والجزائر كغيرها من دول العالم تُعاني من ندرة وقلة مصادر المياه ،مما جعل من
مشكلة المياه تشكل محور انشغاالت السلطات العمومية التي أيقنت بضرورة وضع
استراتيجة شاملة لحماية هذا المورد الحيوي وضمان توفيره في ظل ازدياد الطلب عليه
السيما في مجال القطاع االقتصادي.
من أجل ذلك سن المشرع الجزائري قانونا جديدا للمياه في 38أوت سنة ،1 9333
والذي ُعدل سنة ،22008حيث بين من خـالله السياسة الوطنية الجديدة المنتهجة في
1القانون رقم 69-33المؤرخ في 97جمادى الثانية عام 6891الموافق لـ 38غشت :9333المتعلق بالمياه،
جريدة رسمية الصادرة في 38سبتمبر 9333عدد ،13المعدل والمتمم.
القانون رقم 37-37 :المؤرخ في 63محرم 6892الموافق 97جانفي ،9337المعدل والمتمم للقانون رقم -33 2
211
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
مجال المياه ومجاالت الحماية القـانونية وأنظمتها ،فضال عن الحماية الجنائية المقررة
لهذا المورد الحيوي.
لذا يطرح التساؤل حول مدى نجاح هذه اإلستراتيجية وفعالية هذه النصوص،
من أجل توفير حماية فعالة لهذا المورد الحيوي ؟
ألجل اإلجابة على هذا التساؤل ،سوف نعرض أوال مرتكزات السياسة الوطنية
المنتهجة في مجال المياه (المبحث األول) ألجل تقييم نظرة المشرع الجزائري لمـوضوع
المياه ،ثم نتطرق ثانيا لبيان اإلطار المؤسساتي المكلف بحماية الموارد المائية (المبحث
الثاني) للوقوف على اختصاصات الهيئات المكلف بذلك والمهـام الموكلة إليهـا والدور
الذي تلعبه في المحـافظة عل ى الموارد المائية ،إضافة إلى الحمـاية الجنـائية المقـررة للميـاه
(المبحث الثالث) ،ألجل إبراز الجرائم المتعلقة بهذا المورد الحيوي وبيان طبيعة العقوبات
المقررة لها.
كانت السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه بعد االستقالل تعتمد على
الموروث الفرنسي ،حيث كانت تهتم االستثمارات المباشرة في المناطق العمرانية .1غير
أن هذه السياسة بدأت تتغير شيئا فشيئا بعد قيام المشرع الجزائري سنة 6277بسن
نصوص تشريعية وتنظيمية تتعلق بالمياه.2
حيث بين من خاللها أهداف ومبادئ السياسة الوطنية للمياه في تلك الفترة ،فضال
عن إنشاء هيئات تسهر على قطاع الموارد المائية .غير أن هذه المرحلة تميزت بضعف
212
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
في تسيير وادارة الموارد المائية وتأخر في مواكبة متطلبات حاجيات المواطنين للمياه،
إضافة إلى متطلبات التنمية االقتصادية السيما القطاع الزراعي.
هذه الوضعية دفعت بالسلطات العمومية إلى وضع إستراتيجية جديدة ،تضمن توفير
هذا المورد الحيوي وترشيد استعماله وحمايته من مخاطر التلوث ،السيما في ظل
التحديات التي بدأت الجزائر تواجهها سواء فيما يتعلق بالنمو الديموغرافي والتوسع
العمراني الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على الماء الشروب ،إضافة إلى بعث عجلة التنمية
االقتصادية وتشجيع االستثمارات السيما األجنبية منها.
بين المشرع الجزائري من خالل المادة األولى من قانون الميـاه ،أهداف السياسة
الوطنية في مجـال المياه (الفرع األول) والمبادئ التي ُيعتمد عليهـا لتلبية حاجيات السكان
من المياه والحاجيات االقتصادية (الفرع الثاني ).
من أجل وضع إدارة متكـاملة للموارد المـائية تقوم على ترشيد استغـالل الميـاه في
شتى المجاالت وتسييرها في إطار التنمية المستدامة .وضع المشرع الجزائري ضمن نص
المادة الثانية من قانون المياه جملة من األهداف التي تبنتها السياسة الوطنية ،والتي
تمثلت في:
-تلبية حاجيات السكان من الماء الصالح للشرب بصورة كافية وبالنوعية المطلوبة،
وهذا ألجل سد حاجاتهم منه وكذلك ألجل رعاية صحتهم .وهذا ما يفرض على الدولة
توفيره عبر شبكات التوزيع بكيفية منتظمة وعادلة من أجل ضمان أداء هذه الخدمة
العمومية ،باعتبار أن الماء ملكا للمجموعة الوطنية.
213
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
-تلبية الحاجيات االقتصادية من المياه السيما في القطاع الزراعي الذي يعتمد أساسا
على هذا المورد وكذلك القطاع الصناعي ،إذ على أساسه تتوقف عملية التنمية
االقتصادية باعتباره مادة أولية لمعظم المنتجات الصناعية.
-كمـا تهدف السياسة الوطنية إلى حماية مصادر المياه واألوساط المائية من مخاطر
التلـوث ووضع شبكات صرف المياه القذرة ومعالجتها واسترجاعها واستغـالل الموارد
الطبيعية للمياه السطحية والبـاطنية وكذلك غير العادية وجعل هذه األخيرة كمصدر
يعتمد عليه في إدارة النشاطات االقتصادية على األقل.
من أجل الحفاظ على هذا المورد الحيوي وحمايته من االستعماالت غير العقالنية
وضمان االستم اررية في أداء هذه الخدمة العمومية ،اعتمد المشرع الجزائري على مبدأ
التنمية المستدامة كمرتكز أساسي تقوم عليه السياسة الوطنية للمياه والذي يقتضى
التنسيق بين السياسات المائية والسياسات التنموية .
حيث تمثل الموارد المائية أحد أهم المجاالت البيئية للسياسة الوطنية المنتهجة في
حماية البيئة في الجزائر ،1خاصة وأن دراسات وتوقعات الخبراء والمختصين تؤكد قلة
مصادره ونذرتها في المستقبل القريب أمام ارتفاع معدالت التلوث والنمو االقتصادي
والتوسع العمراني العشوائي ،فضال عن باقي المشكالت البيئية السيما مشكلتي التصحر
واالحتباس الحراري .
وقد نصت المادة 37من قانون المياه على جملة من المبادئ التي ترتكز عليها
السياسة الوطنية للمياه تتمثل في:
-اعتبار أن لكل شخص الحق في المياه ،وهو ملك للمجموعة الوطنية تتكفل الدولة
بتقديمه كخدمة عمومية ليتم استعماله إما للشرب أو ل غراض المنزلية أو لصنع
نص المشرع الجزائري على هذا المبدأ ضمن أحكام قانون البيئة :القانون رقم 63-37المؤرخ في 62جمادى 1
األولى 6898هـ الموافق 62يوليو 9337المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة جريدة رسمية
صادرة في 93 :جويلية 9337رقم. 87
214
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
المشروبات أو لتحضير المواد الغذائية مثلما أشارت إليه المادة 666من قانون
المياه.
-االعتماد على نظامي الرخصة واالمتياز كأساليب حديثة الستعمال واستغالل الموارد
المائية من طرف األشخاص الطبيعية أو المعنوية.1
-االعت ماد على أسلوب التخطيط من أجل ترشيد استعمال الموارد المائية واستغاللها
استغالال عقالنيا لتفادي االستعمال المفرط عن طريق وضع مخططات لتهيئة الموارد
المائية ووضع مخطط وطني للماء.2
-تبني نظام تسعيرة للماء لتغطية تكاليف خدمات التزويد بالماء وكذلك ضمان شروط
التطهير.3
-التنسيق بين الهيئات المعنية كالجماعات المحلية وو ازرة الصحة والمنظمات واستشارت
مراكز األبحاث والدراسات والمنظمات الدولية التي تساعد على اإللمام بكافة
المعلومات حول المياه.
ومنه ،فإن مجمل هذه األهداف والمرتكزات التي تقوم عليها السياسة الوطنية للمياه،
جاءت لضمان توفير هذا المورد لالستعمال الشخصي أو للتنمية االقتصادية باالعتماد
على إستراتيجية التنمية المستدامة التي تهدف أساسا إلى ترشيد استعمال الموارد المائية
بما ُيلبي الحاجيات الحالية دون اإلخالل بحاجيات األجيال القادمة.
215
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
بين المشرع الجزائري من خالل قانون الميـاه المجاالت التي تتطلب الحمـاية ،حيث
تطرق إلى بيان طبيعة ومكونات الموارد المائية في الجزائر وأنظمة حمايتها.
اعتبرت المادة األولى من قانون المياه كافة الموارد المائية ملكا للدولة ال يجوز ألي
كان االستئثار بها إال بموجب رخصة أو امتياز يمنح من طرف اإلدارة المعنية .وحسب
المادة 38من قانون المياه نجد أن المشرع الجزائري صنف الموارد المائية إلى المياه
الجوفية التي تضم مياه المنابع والمياه المعدنية ومياه الحمامات ،حيث تبقى هذه الموارد
كملكية عمومية مهما كان صفة مكتشفها أو مستغلها .
وتتوفر الجزائر على مخزون مهم من المياه الباطنية التي توجد في الشمال
والجنوب ،إذ يقدر مخزون المياه المتواجد في الشمال بـ 6.313 :مليار متر مكعب،
تتطلب تكاليف مرتفعة ألجل استغاللها مقارنة مع المياه السطحية إال أنها ال تتطلب
استثمارات كبيرة ،وغالبا ما تكون هذه الموارد موجهة للمناطق الحضرية الستعمالها كمياه
صالحة للشرب .
أما المياه الباطنية المتواجدة في الصحراء فإنها تقدر بـ 63.333 :مليار م ،7حيث
تتميز هذه األخيرة بعدم قابليتها للتجديد ،كما أن كلفة استغاللها باهظة جدا بسبب عمق
ومخزونات المياه.1 مستويات
واضافة إلى ذلك ،فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 38من قانون المياه على المياه
السطحية التي تتكون من الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط وما يحاذيها .
حيث تبقى إمكانيات الجزائر في استغالل المياه السطحية ضعيفة جدا مقارنة مع
الدول المجاورة كالمغرب وليبيا مثال ،خاصة فيما يتعلق بتجميع هذه المياه وتخزينها،
وهذا يرجع إلى قلة السدود وضعف إمكانيات التخزين فضال عن ضعف وقدم شبكات
التوزيع.
1
Kardoun (Azouz) : op.cit ; p,09.
216
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
كما نصت الفقرة األخيرة من المادة 38من قانون المياه على المياه غير العادية
التي تخرج عن نطاق المياه الجوفية والمياه السطحية ،والتي تتمثل في :مياه البحر والمياه
المالحة المنزوعة المعادن من أجل المنفعة العامة وكذلك المياه المسترجعة صناعيا،
فضال عن المياه القذرة المصفاة .
وفي الوقت الذي اتجهت فيه بعض الدول إلى استغالل هذه الموارد السيما تحلية
مياه البحر ،فإن هذا االهتمام يبقى مكلفا في الجزائر التي سخرت لها اعتمادات مالية
معتبرة إضافة إلى تلك الموجهة إلنجاز السدود وشبكات توزيع المياه.
بين المشرع الجزائري أنظمة الحماية القـانونية للموارد المائية والتدابير الوقائية من
مخـاطر التـلوث والحث المائي والفيضانات .
فبالنسبة ألنظمة الحماية ،فقد بينت المادة 73من قانون المياه المجاالت التي يتم
من خاللها حماية مصادر المياه ،وهذا عن طريق منع االستغالل غير العقالني للمياه
ومنع االستع مال المفرط ،وكذلك منع عمليات حفر اآلبار أو إنجاز منشأة تؤدي إلى
استنزاف مخزونات المياه إال بموجب ترخيص من اإلدارة المعنية التي يحدد بموجبها
كيفية االستغالل وحجم المنسوب المستخرج.1
واضافة إلى الحماية الكمية للمياه ،تطرق المشرع الجـزائري أيضا من خالل قـانون
المياه إلى نظـام الحمـاية النوعية للميـاه الذي يظهر في تدابير الحماية المتخذة داخل
منش ت وأماكن تجميع الميـاه الجوفية أو السطحية ألجل معالجتها وتخزينها ،وكذلك
حماية المياه من مخلفات المصانع السائلة والقاء النفايات الصناعية في المسطحات
المائية ألجل تفادي تلويثها.
كما تقتضي هذه الحماية أيضا إجراء الرقابة على مشاريع إيصال قنوات صرف
المياه القذرة ووضع قنوات ومخازن المحروقات ومحطات خدمات توزيع الوقود وكذلك
217
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
عند وضع مركبات اإلسفلت ومراقبة البنايات ذات االستعمال الصناعي وتفريغ النفايات،
فضال عن المواد الزراعية الكيميائية والمحاجر وكل المواد التي تؤثر على نوعية المياه.1
أما بالنسبة لحماية المياه من مخاطر التلوث والحث المائي وكذلك الفيضانات ،فقد
أشار المشرع الجزائري من خالل أحكام قانون المياه إلى عدة تدابير ألجل الوقاية من
مخاطر التلوث التي تعاني منه ا الجزائر ،في الوقت الذي تعاني فيه الدول الصناعية من
ارتفاع مستويات التلوث الكيميائي بسبب النفايات الصناعية والزراعية نتيجة اإلفراط في
استعمال األسمدة الزراعية ،والتي أدت إلى تلويث المياه الجوفية السيما ميـاه الينابيع،
إضافة إلى التوسع العمراني العشوائي.
كل هذا جعل من مصادر الموارد المائية في الجزائر محدودة بسبب هذه المخاطر
خاصة وأن التوقعات تشير إلى ندرة وقلة المياه في آفاق .29393
وقد نصت المادة 88من قانون المياه على جملة من التدابير الوقائية تتمثل أساسا
في فرض تراخيص على أصحـاب المنشـ ت الصناعية عند التخلص من الفضالت
الصناعية وكذلك المـواد الكيميائية وغيرها من المواد الملوثة للمياه.
باإلضافة إلى ذلك ،فقد بينت المادة 83من قانون المياه الحاالت التي يمنع فيها
على اإلدارة المعنية منح تراخيص رمي الفضالت الصناعية التي تمس بالصحة العمومية
ومصادر المياه ،فضال عن حاالت المنع التي نصت عليها المادة 81من نفس القانون
المتمثلة في عمليات تفريغ النفايات والمخلفات الصناعية في المسطحات المائية وأماكن
المياه ورمي جثث الحيوانات في الوديان والبحيرات والبرك وأماكن شرب المياه.
2
KERDOUN Azzouz, Les termes D’une approche environnementale ;Etat des
lieux et Dynamique de protection , ouvrage collectif ;L’ENVIRENNEMENT EN
ALGERIE , Impacts sur l’ecosysthme et stratégie de protection;s-d ;A kerdoun
,M H larouk, M sahli, laboratoire d’études et de recherches –Maghreb
Méditerranée, Université Mentouri Constantine, éd 2001,p16.
218
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
كما ألزم المشرع الجزائري أصحاب المنش ت الصناعية التي تؤثر نفاياتها على
الميـاه استخدام وسائل التصفية وأجهزة معالجة مياهها المتسربة لتفادي أضرار التلوث.1
ومن أجل حماية األوساط المائية الملوثة وتهيئتها وتصفيتها ،وضع المشرع الجزائري
استراتيجة تهدف إلى وضع مخططات لتهيئة المسطحات المائية المتضررة بالتلوث.2
باإلضافة إلى ما نص قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على حماية
األوساط المائية واألنظمة البيئية المائية من أخطار التلوث التي تمس بنوعية المياه.3
أما فيما يتعلق بحماية المسطحات المائية من الحث المائي ،فقد نص المشرع
الجزائري في المادة 78من قانون المياه على نظام مخططات التهيئة ،من أجل حماية
المسطحات المائية من التوحل الذي يعتبر أحد أكبر المشكالت التي تتعرض لها
المسطحات المائية في الجزائر ،نتيجة لترسب الوحل بسبب قلة الغطاء النباتي مما يقلص
من منسوب المياه وقدرة االستيعاب ضمن هذه األوعية المائية.
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد سلك مسلكا جديدا بتحديده لطبيعة الموارد المائية
وأنظمة حمـايتها من أجل تسهيل دور الهيئات اإلدارية المكلفة بالموارد المائية من جهة
وتحديد المسؤوليات من جهة ثانية وهذا ما نركز عليه في دراستنا هذه باعتبار أن
الهيئات المكلفة بالموارد المائية تلعب دو ار فعاال في حماية الموارد المائية.
أنظر المواد من 87إلى 38من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة. 3
219
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
إن من بين المشكالت ال تي عانت منها الجزائر في مجال المياه ،تمثلت في ضعف
تسيير الموارد المائية وعدم كفاءة اإلدارات المعنية ،مما جعل السلطات العمومية عاجزة
عن توفير الماء بصورة كافية وبالنوعية المطلوبة أمام الطلب المتزايد للماء الشروب من
جهة واحتياجات الحياة االقتصادية لهذا المورد من جهة ثـانية ،السيما وأنه ُيعد مادة أولية
اقتصادية في الوقت الذي تسعى فيه الجزائر لجلب رؤوس األموال األجنبية.
وبالرغم من المجهودات المبذولة منذ السبعينات ،فقد تم إنشاء كتابة الدولة المكلفة
بالري سنة 6233تبعها تخصيص و ازرة للري سنة 6233مع وضع مخططات وطنية
للمياه تمثلت في:
-مخطط للمياه بين سنة :6238 –6233كان يعطي األولوية للقطاع الزراعي.
-مخطط للمياه بين سنة :6233 -6238يعطي األولـوية للماء الصـالح للشرب
وتزويد المـدن والمناطق الصناعية.
وبعدها
إال أن األهداف المسطرة في هذه الفترة لم تتحقق بسبب قلة االعتمادات المالية ُ
عن الواقع.1
وقد استحدثت الو ازرة المكلفة بالموارد المائية ،فضال عن بعض الهيئات األخرى التي
تسهر على اقتراح وتنفيذ السياسة الوطنية في مجال المياه ،كالمجلس الوطني االستشاري
للمياه وسلطة ضبط الموارد المائية التي أنشأها قانون المياه (الفرع األول) إضافة إلى
وضع مخططات إلدارة الطلب على المياه (الفرع الثاني) كالمخطط الوطني للمياه
والمخططات التوجيهية لتهيئة الموارد المائية .وهذا ما سنبينه فيما يلي:
1
Kerdoun ( A) ;op,cit : p14.
211
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
تمثل و ازرة الموارد المائية الهيئة اإلدارية الوصية المكلفة بإدارة الموارد المائية
وتسيير مرفق المياه ،حيث تتولى و ازرة الموارد المائية تنفيذ السياسة الوطنية للمياه ،كما
تسهر على تطبيق نصوص قانون المياه ،والمحافظة على الموارد المائية :الطبيعية منها
والصناعية ،بتسخير أجهزتها المركزية والالمركزية ،فضال عن الوكـاالت والهيئات المسند
لها إدارة وتسيير الموارد المائية .وتتفرع عن و ازرة الموارد المائية عدة مديريات أهمها:1
مديرية تسخير الموارد المائية التي تظهر مهامها في تنفيذ السياسة الوطنية المتبعة
في مجال إنتاج وتخزين الماء والسهر على تنفيذ المخطط الوطني للمياه وكذلك
البحث عن مصادر المياه السطحية والباطنية واعداد دراسات حول السدود .كما تقوم
هذه المديرية أيضا باقتراح التدابير والشروط الالزمة الستخدام واستغالل السدود
ومصادر المياه.
وتتفرع عن هذه المديرية ثـالث مديريـات فرعية تتمثل في :المديرية الفرعية لالستغـالل
والمراقبـة ،2المديرية الفرعية الستغالل المياه السطحية ،3المديرية الفرعية الستغالل
المياه الباطنية.4
مديرية الدراسات وتهيئة شبكات الري :فـإن مهـامها تتلخص في السهر على مراقبة
منسوب المياه ومساحات الري وتحديد مخزونات المياه واالحتياجات المتطلبة منه،
فضال عن وضع بنك معلومات حول المياه بالتنسيق مع اإلدارات المعنية.
وتتفرع عن هذه المديرية ثالث مديريـات فرعيـة تظهر في :المديرية الفرعية للموارد
المـائية والجوفية ،1المديرية الفرعية لتهيئة شبكات الري ،2المديرية الفرعية المكلفة
باإلعالم.3
4من مهامها :إعداد مخطط لشبكات الري ومتابعة ومراقبة مخططات التهيئة للموارد المائية.
211
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
مديرية التزويد بالمياه الصالحة للشرب ،ومن مهامها السهر على إيجاد الطرق
المناسبة لتلبية حاجيات السكان من الماء الشروب وتغطية الحاجيات االقتصادية منه
واإلنجازات المتعلقة بمنش ت الماء فضال عن متابعة ومراقبة ب ارمـج الد ارسـات
الصالح للشرب ،كما تقوم بوضع قواعد استغالل المياه وصيانة شبكة الميـاه والسدود
وشبكة توزيع المياه ،ومتابعة سير منشأة المياه وأماكن التوزيع .
واضا فة إلى ذلك ،تسهر هذه الهيئة على االستعمال العقالني للموارد المائية
والمساهمة في تحسين أداء الخدمة العمومية للمياه.
وتضم هذه المديرية ثالث مديريات فرعية تظهر في :المديرية الفرعية للتنمية،4
المديرية الفرعية للتنظيـم واقتصاد المـاء ،5فضال عن المديرية الفرعية المكلفة بتطبيق نظام
االمتياز واصالح المرفق العام.6
1هي مكلفة :بإنشاء ومتابعة الدراسات والتحقيقات لمعرفة مصادر المياه الباطنية (الجوفية) والمساهمة في وضع
برنامج بحث وفقا لسياسة رشيدة ،من أجل الحماية والمحافظة على المصادر الباطنية غير متجددة.
2وهي مكلفة :بإعداد دراسات تحدد من خاللها حجم االحتياجات من المياه واعداد مخططات حول كيفية استغالل
مصادر المياه عبر مختلف أنحاء الوطن واعداد برنامج إنجاز الهياكل والمنش ت المعدة الستعمال المياه.
3وظيفتها إعداد بنك معلومات حول استغالل واستخدام احتياطات المياه والتعريف باإلدارات المكلفة بالموارد المائية
واألساليب الحديثة لتسييرها.
4من مهامها :متابعة ومراقبة مخططات التهيئة وبرامج إنجاز السدود وشيكات توزيع المياه من المناطق العمرانية
والحضرية والصناعية والمتابعة التقنية إلنجازات السدود وشبكات المياه.و إعداد دراسات حول حجم واحتياجات
المياه الشروب والمياه الموجه للمناطق الصناعية.
5من مهامها :متابعة ومراقبة تنفيذ كافة اإلجراءات والتدابير القانونية والتنظيمية والتقنية واقتراح اإلجراءات القانونية
والتنظيمية وكذلك التدابير المالية المتعلقة باستهالك الماء الشروب والموجه للصناعة .وكذلك حماية المياه عن
طريق االقتصاد في استعماله مع تحديد المعايير والمقاييس المحددة لنوعية المياه.
6من مهامها :السهر على المحافظة على الطابع العمومي للهياكل القاعدية للموارد المائية واعداد ومراقبة تنفيذ
دفاتر الشروط الملزمة ومراقبة أصحاب االمتياز وتنفيذ السياسة المتعلقة بتحسين تسيير المرفق العام المكلف
بإنتاج وتوزيع المياه مع االهتمام بالجانب اإلعالمي للتعريف بهذه المرافق واختصاصها.
212
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
من أجل اختيار إستراتجية وطنية متكاملة للمياه ،أنشأ المشرع الجزائري هيئة
استشارية تظهر في المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية ،1الذي يشرف على
صياغة اإلطار الذي يحدد السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه من أجل تحقيق
األمن المائي بالنظر إلى التحديات الحاضرة والمستقبلية التي تعرفها الجزائر.
حيث يبدي المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية رأيه المسبق في المسائل
المتعلقة بالمياه مثلما نصت عليه المادة 17من قانون المياه.
وفضال عن ذلك ،ومن أجل ضبط مرفق المياه الذي يعد من أهم المرافق العمومية
الهامة ،فقد استحدث المشرع الجزائري سلطة إدارية مستقلة في مجال المياه ،وهذا ما
نصت عليه المادة 13من قانون المياه ،حيث تسعى هذه السلطة كباقي سلطات الضبط
األخرى على السهر على توفير الخدمة العمومية للمياه للمستعملين وضمان استم ارريتها
وتحسين أ داء هذا المرفق الحساس الذي عرف انفتاحا على المنافسة في إطار سياسة
منح االمتياز للخواص لتسيير هذا المرفق.
213
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
وكذلك مراقبة الشركات العاملة في مجال المياه السيما األجنبية منها التي
دخلت سوق تسيير المياه في الجزائر عن طريق تطبيق نظام االمتياز.
من أجل وضع إدارة محكمة للموارد المائية ،اعتمد أسلوب المخططات التي تهدف
إلى ترشيد استعمال الموارد المائية وتحقيق استدامتها ،حيث نص المشرع الجزائري على
وضع المخطط الوطني للمياه الذي يعتبر أحد مرتكزات السياسة الوطنية المنتهجة في
مجال المياه الذي يوضح من خالله األولويات الوطنية في مجال المياه وبرامج اإلنجازات
للمشاريع ذات المصلحة الوطنية والجهوية وكذلك المحلية منها.1
2
وفضال عن ذلك ،فقد اعتمد قانون المياه أيضا على أسلوب المخططات التوجيهية
ك لية لتخطيط الموارد المائية حسب خصوصية كل منطقة في الجزائر ،حيث تم إنشاء
وحدات هيدروغرافية طبيعية على أساسها يتحدد عاملي العرض والطلب في توفير الماء
بالنظر إلى احتياج السكان أو المتعامل االقتصادي لهذا المورد.
وقد بين المشرع الجزائري أهداف هذه المخططات ،3التي تتمثل أساسا في المحافظة
على الموارد المائية الموجودة في الحوض الهيدروغرافي ،واستغاللها استغالال عقالنيا
باستعمال وسائل االقتصاد في الماء.
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أخد بعين االعتبار عوامل تنوع التضاريس والمناخ
في الجزائر من أجل إدارة وتسيير هذا المورد بحسب خصوصيات كل منطقة وبحسب
احتياجاتها االجتماعية واالقتصادية لهذا المورد الحيوي .
214
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
خص المشرع الجزائري الفصـل التاسع من قانون المياه لبيـان الحماية الجنائية
المقررة للميـاه ،وهذا ما يظهر من خالل إنشاء شرطة خاصة بالمياه (المطلب األول)
كجهاز مكلف بالبحث عن المخالفات المقررة بموجب قانون المياه ،فضال عن بيان
الجرائم المتصلة بالمياه والعقوبات الجزائية المقررة لها(المطلب الثاني).
من أجل تفعيل السياسة الوطنية في مجال المياه ومحاربة كافة المخالفات التي تمس
بهذا المصدر الحيوي أنشأ المشرع الجزائري بموجب قانون المياه شرطة للمياه كجهاز
متخصص يتكون من أعوان تابعين إلدارة الموارد المائية ويؤدون اليمين أمام المحكمة.1
حيث يقوم أعوان شرطة المياه بالبحث عن كافة االنتهاكات الماسة بالموارد المائية
ومتابعة أصحابها.
وبهذا يبدو أن المشرع الجزائري قد تأثر بالتشريعات الحديثة في مجال المياه ،التي
أنشأت جها از متخصصا يسهر على ضمان حماية فعالة لهذا المورد الحيوي ومنع كافة
االنتهاكات والمخالفات المتعلقة به.
واضافة إلى ذلك ،فقد أعطى المشرع الجزائري ألعوان شرطة المياه صالحية
الدخول إلى المنش ت الصناعية المستغلة للمياه واالطالع على أي وثيقة يرونها ضرورية
ألداء مهامهم.2
أما في حاالت التلبس ،فقد شرع المشرع الجزائري ألعوان شرطة المياه تقديم المعني
أمام وكيل الجمهورية أو ضابط الشرطة القضائية ،إال في حالة المقاومة وتشكيل خطر،
215
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
فإنه يتم ذكر ذلك في محضر المعاينة .1كما يجوز ألعوان شرطة المياه عند االقتضاء
االستعانة بالقوة العمومية أثناء تأدية مهامهم.2
تضمن قانون المياه ُجملة من الجرائم المتعلقة بالمياه فضال عن العقوبات المقررة
لها مثلما نصت عليه المواد من 611إلى 632من قانون المياه.
ويبدو أن المشرع الجزائري من خالل هذه األحكام ،جاء لفرض حماية فعالة للمياه
وضمان تنفيذ السياسة الوطنية المنتهجة في هذا المجال ،تماشيا مع مبدأ إقرار الحماية
الجنائية للمكونات البيئية الذي يؤدي إلى طرح التساؤل التالي :هل تستجيب هذه الحماية
مع طبيعة االعتداءات الواقعة على المياه 4؟
ألجـل ذلك ،سنتطرق لبيـان األفعال المجرمة المتصلة بالثروة المائية وفق ما
نص عليه قـانون الميـاه والعقوبات المقررة لها.
216
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
وهي تلك األعمال التي تمس بمصادر الثروة المائية ،التي تظهر في حالة عدم
تبليغ إدارة الموارد المائية المختصة إقليميا عند اكتشاف المياه الجوفية سواء بصفة عمدية
أو غير عمدية .وهذا ما نصت عليه المادة 611من قانون المياه التي تعاقب صاحب
هذه المخالفة بغرامة تتراوح من 3333دج إلى 63333دج .
كما جرم المشرع الجزائري األعمال واإلنجازات التي تؤثر على طبيعة الوديان
والبحيرات والبرك والشطوط ،كإقامة بناءات أو غرس أشجار أو إقامة سياج ثابت ،ألن
ذلك يؤثر على مجرى المياه وطبيعتها .وقد أقرت المادة 613من قانون المياه عقوبة
الغرامة تتراوح من 33333دج إلى 633333دج ضد مرتكبي هذه األفعال.
كما اعتبر المشرع الجزائري عملية استخراج الطمي بأية وسيلة كانت أو إقامة مرامل
في مجاري الوديان دون ترخيص ،1جريمة يعاقب عليها فاعلها بالحبس من سنة إلى
خمس سنوات وبغرامة من 933333دج إلى 9333333دج ،وهذا ما نصت عليه
المادة 617من قانون المياه.
كذلك الحال بالنسبة التصرفات المعرقلة للتدفق الحر للمياه السطحية في مجاري
الوديان والتي تمس باستقرار الحواف والمنش ت العمومية ،وهذا ما نصت عليه المادة
612من نفس القانون ،حيث يعاقب صاحبها بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر
وبغرامة من 33333دج إلى 633333دج أو بإحدى هذين العقوبتين.
كما تعد عمليات إنجاز اآلبار أو حفر دون ترخيص أو القيام بتغيرات للمنش ت
الموجودة التي من شأنها استنزاف المنسوب المستخرج دون ترخيص ،كجريمة نصت
عليها المادة 633من قانون المياه ،تمثلت عقوبتها في الحبس من ستة أشهر إلى
ثالث سنوات وبغرامة من 33333دج إلى 633333دج.
باستثناء الحاالت التي وردت بموجب تعديل قانون المياه 37-37الصادر في 9337-36-97لضرورات 1
اقتضتها المصلحة العامة ،والتي تسمح بصفة مؤقتة القيام باستخراج مواد الطمي بعد الحصول على ترخيص
مؤقت.
217
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
وبهـذا تتجلى حكمة المشرع الجزائري في منع مثل هذه األعمال لكـونها تمس بطبيعة
الموارد المائية وتعرقل برامج استغاللها وتسييرها من طرف إدارة الموارد المائية التي
تعتمد أسلوب المخططات الهيدروغرافية.
من أجل الحفاظ على نقاوة المياه وحمايتها من مخاطر التلوث من جهة وتوفيره
بالنوعية المتطلبة حفاظا على الصحة العمومية من جهة ثانية ،جرم المشرع الجزائري
عمليات رمي اإلف ارزات أو تفريغها أو إيداع المواد السامة للماء دون ترخيص ،وقد نصت
المادة 636من قانون المياه على عقوبة الغرامة من 63333دج إلى 633333دج
ضد مرتكب هذه األفعال.
كذلك القي ـام بتفريغ المياه القذرة في اآلبار والحفر وأماكن التقاء المياه وأماكن الشرب
والينابيع والوديان الجافة والقنوات .وكذلك طمر المواد غير الصحية الملوثة للمياه الجوفية
وادخالهـا في المنش ت المائية المخصصة لتزويد المياه ،فضال عن جريمة رمي جثث
الحيوانات أو طمرها في المسطحات المائية والينابيع وأماكن الشرب ،وهذا ما نصت
عليه المادة 639من قانون المياه التي تعاقب مرتكبها بالحبس من سنة إلى خمس
سنوات وبغرامة من 33333إلى 6333333دج.
كما اعتبر المشرع الجزائري توريد المياه غير المطابقة للمعايير الصحية والنوعية
من طرف األشخاص الطبيعيين أو المعنويين والموجه لالستهالك البشري جريمة تعاقب
عليها المادة 631من قانون المياه بالحبس من سنة إلى سنتين وبغرامة من 933333
دج إلى 6333333دج ،باعتبار أن مثل هذه األعمال تشكل خط ار على صحة
المواطنين .فغالبا ما يكون مصدر هذه المياه مجهوال مما يشكل خط ار على صحة
مستعملي هذه المياه السيما في المناطق العمرانية.
أما استعمال المياه القذرة في عمليات السقي ،فقد اعتبرها المشرع الجزائري جريمة
تعاقب عليها المادة 632بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 333333إلى
218
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
6333333دج ،ذلك أن استعمال المياه القذرة لسقي الخضر التي تستهلك بصفة مباشرة
دون غليان تؤدي إلى عدة مخاطر صحية.
تضمن قانون المياه عدة تدابير وقائية تلزم أصحاب منش ت الموارد المائية بتطهير
المياه المستعملة عن طريق استعمال أجهزة التصفية لمعالجة المياه المتسربة ،وبالمقابل
يترتب على مخالفة هذا االلتزام عقوبة جزائية نصت عليها المادة 637من قانون المياه
تتمثل في الغرامة من 633333إلى 6333333دج.
كذلك الحـال عند إنجاز آبـار أو القيام بأعمال الحفر الستخراج المياه الجوفية أو
القيـام بإنجـاز منشأة تنقيب عن منبع للمياه موجه لالستغالل التجاري غير مرخص لهـا،
أو إنجـاز منشأة لتحويل الميـاه وضخها وحجزها أو إنجاز أي منشأة الستخراج المياه
الجوفية أو السطحية دون ترخيص من اإلدارة المكلفة بالمواد المائية .فتعد كل هذه
األعمال كجرائم نصت عليها المادة 638من قانون المياه والتي تعاقب مرتكبيها بالحبس
من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 633333دج إلى 333333دج.
كما اعتبر المشرع الجزائري عمليات تفريغ المياه القذرة في الشبكة العمومية أو في
محطة تصفية المياه القذرة دون رخصة أو عدم إخضاع هذا التفريغ للمعالجة المسبقة
جريمة تعاقب عليها المادة 633من قانون المياه بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر
وبغرامة من 633333دج إلى 333333دج أو بإحدى هذين العقوبتين.
وفضال عن ذلك ،اعتبر المشرع الجزائري مخالفة أحكام نظام االمتياز المنصوص
عليه في قانون المياه في المادة 33التي تتضمن العمليات المنوط لصاحب االمتياز
القيام بها ،جريمة تعاقب عليها المادة 633من قانون المياه بالحبس من سنة إلى خمس
سنوات وبغرامة من 633333دج إلى 333333دج .وتجب اإلشارة إلى أن المشرع
الجزائري نص على مضاعفة عقوبات هذه الجرائم في حالة العود ،فضال عن مصادرة
التجهيزات والمعدات التي استخدمها مرتكبو هذه الجرائم.
219
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
وبهذا ،يتجلى مسلك المشرع الجزائري في مجال السياسة العقابية في مجال المياه،
بالرغم من وجود عقوبتي الحبس والغرامة كجزاءات تقليدية ،إضافة إلى الجانب اإلجرائي
الذي يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية ،إذ يبقى حق
المتابعة من اختصاص النيابة العامة وال يختص القاضي الجزائي من تلقاء نفسه وهذا ما
يعد مسلكا تقليديا ربما ال يتماشى مع الطبيعة الخاصة للجرائم التي تمس المكونات
البيئية التي تستلزم السرعة في التنفيذ حتى نتفادى تدهور الموارد المائية.1
الخـاتمـة
يتضح جليا مما سبق أن المشرع الجزائري أراد من خالل هذا التشريع الجديد للمياه
تدارك النقائص السابقة في السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه ،ورد االعتبار لهذا
المورد الحيوي األساسي في الحياة اليومية للمواطن وكذلك الحياة االقتصادية في ظل
تنامي االهتمام الدولي بالموارد المائية ،وهذا من أجل تحقيق األمن المائي الذي تسعى
إليه كل دول العالم.
وقد تجسد ذلك من خـالل وضع مخططـات للمياه واالعتماد على مناهج االقتصاد
في استعماله مع وضع مخططات لمحاربة التلوث وتبنى نظام االمتياز لتحسين أداء
الخدمة العمومية للمياه وتطوير مرفق المياه وضبطه من خالل إنشاء سلطة ضبط المياه
1
طاشور عبد الحفيظ ،حول فعالية سياسة التجريم في الجزائر في مجال حماية البيئة ،ص 73و.71
221
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
التي تشرف على هذا القطاع الذي عرف انفتاحا على المنافسة ،فضال عن وضع هيئات
متخصصة تسهر على تنفيذ السياسة الوطنية للماء.
ومن أجل تفعيل السياسة العقابية في هذا المجال أنشأ المشرع الجزائري شرطة
خاصة للمياه بموجب هذا التشريع الجديد الذي حاول تعميم الطابع التجريمي ل فعال
الماسة بهذا المورد وفرض عقوبات مقترنة مع حجم هذه األفعال.
ومهما يكن ،فإن هذه الحماية ال يمكنها أن تكون فعالة إال بوضع سياسة تهدف إلى
توعية المواطنين وتحسيسهم بأهمية هذا المورد الحيوي عن طريق وسائل اإلعالم
ومناهج التربية وجمعيات حماية البيئة.
المراجــع
221
د .بن حملة سامي مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية
ثانيا :المقاالت
طاشور عبد الحفيظ ،مظاهر الحماية الجنائية للبيئة في الجزائر :الحماية الجنائية المقررة
بموجب قانون المياه ،حوليات مخبر الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض
المتوسط ،جامعة منتوري قسنطينة.6227 ،
طاشور عبد الحفيظ ،حول فعالية سياسة التجريم في الجزائر في مجال حماية البيئة ،كتاب
جماعي ،البيئة في الجزائر :التأثير على األوساط الطبيعية واستراتيجات الحماية ،تحت
إشراف األساتذة :أ.د عزوز كردون ،أ.د محمد الهادي لعروق ،أ.د محمد ساحلي ،مخبر
الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض المتوسط .جامعة منتوري قسنطينة،
.9336
ب -باللغة الفرنسية:
222