You are on page 1of 23

‫د‪ .

‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية على ضوء تشريع المياه في الجزائر‬

‫الدكتور بن حملة سامي‬


‫أستاذ محاضر "أ" كليـة الحـقوق‪ ,‬جامعة قسنطينة‬

‫‪Résumé‬‬ ‫ملخص باللغة العربية‪:‬‬

‫‪La question de l’eau apparait‬‬ ‫ُتشكل الموارد المائية اليوم أحد أكبر‬
‫‪comme une des questions les plus‬‬ ‫انشغاالت المجتمع الدولي على اعتبار أن المياه‬
‫‪cruciales. Les pouvoirs publics s’en‬‬
‫‪préoccupent de plus en plus.‬‬ ‫تمثل أحد المجاالت البيئية التي تستوجب‬
‫‪L’importance grandissante de cette‬‬ ‫الحماية‪ .‬حيث سعت معظم دول العالم إلى ضمان‬
‫تلبية حاجيات شعوبها من المياه لتحقيق أمنها‬
‫‪question interpelle la le législateur.‬‬
‫‪Celui-ci doit veiller à la sauvegarde de‬‬
‫‪cette source naturelle. Il doit‬‬ ‫المائي وكذلك الغذائي‪ ,‬ومنها الجزائر التي أيقنت‬
‫‪contribuer à sa protection. Une loi de‬‬ ‫أهمية المحافظة على الموارد المائية وتسييرها‬
‫‪2005, modifier en 2008, en reconnait‬‬
‫‪cette priorité stratégique et met en‬‬
‫تسيي ار عقالنيا باعتبارها موردا أساسي ا للتنمية‬
‫‪place l’outil institutionnel chargé de‬‬ ‫االقتصادية‪ ,‬لذلك سن المشرع الجزائري قانونا‬
‫‪l’exploitation de l’eau, de sa protection‬‬ ‫جديدا للمياه سنة ‪ 3996‬الذي ُعدل سنة‬
‫‪et de sa gestion rationnelle.‬‬
‫‪ ,3999‬حاول بموجبه وضع سياسة وطنية‬
‫‪Cela revient à dire, que le pouvoir‬‬
‫تهدف إلى حماية هذا المورد الحيوي وتوفيره‬
‫‪d’exploitation de l’eau doit être crée,‬‬
‫‪autorisé, concédé par l’ordre juridique.‬‬ ‫للمتطلبات الحياة االجتماعية واالقتصادية مع‬
‫‪L’eau fait partie du patrimoine‬‬ ‫ضمان استدامته لألجيال القادمة‪.‬‬
‫‪commun. Sa protection est d’intérêt‬‬
‫‪général. Ce qui justifie une gestion‬‬ ‫وعليه‪ ,‬تأتي هذه الدراسة إلبراز مظاهر‬
‫‪efficient dans l’intérêt des générations‬‬
‫‪présentes sans compromettre la‬‬ ‫الحماية القانونية للمياه على ضوء تشريع المياه‬
‫‪capacité des générations futures.‬‬ ‫الذي جاء به المشرع الجزائري‪ ,‬من خالل‬

‫‪Cette étude donne un aperçu sur‬‬ ‫التطرق لمضمون السياسة الوطنية المنتهجة في‬
‫‪tous ces aspects. Elle définit les‬‬ ‫مجال المياه والهيئات المكلفة بحمايته والحماية‬
‫الجنائية المقررة له‪.‬‬
‫‪orientations principales adoptées et‬‬
‫‪précise les instruments utilisés en‬‬
‫‪indiquant leur limite et leur mutation.‬‬

‫‪211‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫مقــدمـة‬
‫يعتبر الماء عنص ار جوهريا في حياة اإلنسان‪ ،‬فهو مصدر حياته وسبب‬
‫الستمرارها‪ .‬ففي الوقت الذي بدأت فيه مشكالت المياه تطرح بحدة على الصعيد الدولي‬
‫نتيجة لقلة وندرة مصادره من جهة‪ ،‬وتعرض هذا المورد لسوء التسيير واالستعماالت غير‬
‫عقالنية فضال عن مخاطر التلوث من جهة ثانية‪ .‬فقد أصبح التخوف من عدم توفير هذا‬
‫المورد الحيوي ل جيال الحاضرة وكذلك ل جيال القادمة يشكل عامل ال استقرار في‬
‫العالقات الدولية بل وأضحى مصد ار للنزاعات الدولية خاصة بين الدول التي تمر عليها‬
‫األنهار الكبرى كدول نهر الن يل أو التي تشترك في مسطحات مائية كما هو الحال في‬
‫الشرق األوسط‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬فقد أصبح توفير الماء سواء لالستهالك الشخصي أو للتنمية‬
‫االقتصادية يمثل أحد أكبر المشكالت الداخلية لمعظم دول العالم‪ ،‬حيث أصبح مصدر‬
‫قلق للحكومات العاجزة عن توفيره لشعوبها كما هو الحال في أمريكا الالتينية ودول‬
‫إفريقيا‪.‬‬

‫والجزائر كغيرها من دول العالم تُعاني من ندرة وقلة مصادر المياه‪ ،‬مما جعل من‬
‫مشكلة المياه تشكل محور انشغاالت السلطات العمومية التي أيقنت بضرورة وضع‬
‫استراتيجة شاملة لحماية هذا المورد الحيوي وضمان توفيره في ظل ازدياد الطلب عليه‬
‫السيما في مجال القطاع االقتصادي‪.‬‬

‫من أجل ذلك سن المشرع الجزائري قانونا جديدا للمياه في ‪ 38‬أوت سنة ‪،1 9333‬‬
‫والذي ُعدل سنة‪ ،22008‬حيث بين من خـالله السياسة الوطنية الجديدة المنتهجة في‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 69-33‬المؤرخ في ‪ 97‬جمادى الثانية عام ‪ 6891‬الموافق لـ ‪ 38‬غشت ‪ :9333‬المتعلق بالمياه‪،‬‬
‫جريدة رسمية الصادرة في ‪ 38‬سبتمبر ‪ 9333‬عدد ‪ ،13‬المعدل والمتمم‪.‬‬

‫القانون رقم‪ 37-37 :‬المؤرخ في ‪ 63‬محرم ‪ 6892‬الموافق ‪ 97‬جانفي ‪ ،9337‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪-33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 69‬المتعلق بالمياه‪ ،‬جريدة رسمية رقم‪ ،38‬سنة‪.9337‬‬

‫‪211‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫مجال المياه ومجاالت الحماية القـانونية وأنظمتها‪ ،‬فضال عن الحماية الجنائية المقررة‬
‫لهذا المورد الحيوي‪.‬‬

‫لذا يطرح التساؤل حول مدى نجاح هذه اإلستراتيجية وفعالية هذه النصوص‪،‬‬
‫من أجل توفير حماية فعالة لهذا المورد الحيوي ؟‬

‫ألجل اإلجابة على هذا التساؤل‪ ،‬سوف نعرض أوال مرتكزات السياسة الوطنية‬
‫المنتهجة في مجال المياه (المبحث األول) ألجل تقييم نظرة المشرع الجزائري لمـوضوع‬
‫المياه‪ ،‬ثم نتطرق ثانيا لبيان اإلطار المؤسساتي المكلف بحماية الموارد المائية (المبحث‬
‫الثاني) للوقوف على اختصاصات الهيئات المكلف بذلك والمهـام الموكلة إليهـا والدور‬
‫الذي تلعبه في المحـافظة عل ى الموارد المائية‪ ،‬إضافة إلى الحمـاية الجنـائية المقـررة للميـاه‬
‫(المبحث الثالث)‪ ،‬ألجل إبراز الجرائم المتعلقة بهذا المورد الحيوي وبيان طبيعة العقوبات‬
‫المقررة لها‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مرتكزات السياسة الوطنية للمياه في الجزائر‬

‫كانت السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه بعد االستقالل تعتمد على‬
‫الموروث الفرنسي‪ ،‬حيث كانت تهتم االستثمارات المباشرة في المناطق العمرانية‪ .1‬غير‬
‫أن هذه السياسة بدأت تتغير شيئا فشيئا بعد قيام المشرع الجزائري سنة ‪ 6277‬بسن‬
‫نصوص تشريعية وتنظيمية تتعلق بالمياه‪.2‬‬

‫حيث بين من خاللها أهداف ومبادئ السياسة الوطنية للمياه في تلك الفترة‪ ،‬فضال‬
‫عن إنشاء هيئات تسهر على قطاع الموارد المائية‪ .‬غير أن هذه المرحلة تميزت بضعف‬

‫‪1‬‬ ‫‪Kerdoun (Azzouz) : L’eau en Algérie : d’une gestion insuffisante à une‬‬


‫‪protection tardive. Annales du laboratoire d’études et de recherches –Maghreb‬‬
‫‪Méditerranée édit 1998. L’université Mentouri Constantine. p14‬‬
‫‪ 2‬صدور قانون ‪ 63-77 :‬في ‪ 61‬جويلية ‪ 6277‬المتعلق بالمياه‪ ،‬الذي ُعدل بموجب األمر‪ 67-21 :‬الصادر في‬
‫‪ 63‬جوان‪ .6221‬الملغى بالقانون‪ :‬رقم ‪ 69-33‬المؤرخ في ‪ 97‬جمادى الثانية عام ‪ 6891‬الموافق لـ ‪ 38‬غشت‬
‫‪ ،9333‬المتعلق بالمياه‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫في تسيير وادارة الموارد المائية وتأخر في مواكبة متطلبات حاجيات المواطنين للمياه‪،‬‬
‫إضافة إلى متطلبات التنمية االقتصادية السيما القطاع الزراعي‪.‬‬

‫هذه الوضعية دفعت بالسلطات العمومية إلى وضع إستراتيجية جديدة‪ ،‬تضمن توفير‬
‫هذا المورد الحيوي وترشيد استعماله وحمايته من مخاطر التلوث‪ ،‬السيما في ظل‬
‫التحديات التي بدأت الجزائر تواجهها سواء فيما يتعلق بالنمو الديموغرافي والتوسع‬
‫العمراني الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على الماء الشروب‪ ،‬إضافة إلى بعث عجلة التنمية‬
‫االقتصادية وتشجيع االستثمارات السيما األجنبية منها‪.‬‬

‫وهذا ما ظهر من خالل سن قانون جديد للمياه سنة ‪ ،9333‬الذي وضع‬


‫أهداف ومبادئ السياسة الوطنية الجديدة المنتهجة في مجال المياه (المطلب األول)‬
‫ومجـاالت حمـاية الموارد المائية وأنظمة المحافظة عليها (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أهداف ومبادئ السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه‬

‫بين المشرع الجزائري من خالل المادة األولى من قانون الميـاه‪ ،‬أهداف السياسة‬
‫الوطنية في مجـال المياه (الفرع األول) والمبادئ التي ُيعتمد عليهـا لتلبية حاجيات السكان‬
‫من المياه والحاجيات االقتصادية (الفرع الثاني )‪.‬‬

‫الفرع األول ‪:‬أهداف السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه‬

‫من أجل وضع إدارة متكـاملة للموارد المـائية تقوم على ترشيد استغـالل الميـاه في‬
‫شتى المجاالت وتسييرها في إطار التنمية المستدامة‪ .‬وضع المشرع الجزائري ضمن نص‬
‫المادة الثانية من قانون المياه جملة من األهداف التي تبنتها السياسة الوطنية‪ ،‬والتي‬
‫تمثلت في‪:‬‬

‫‪ -‬تلبية حاجيات السكان من الماء الصالح للشرب بصورة كافية وبالنوعية المطلوبة‪،‬‬
‫وهذا ألجل سد حاجاتهم منه وكذلك ألجل رعاية صحتهم‪ .‬وهذا ما يفرض على الدولة‬
‫توفيره عبر شبكات التوزيع بكيفية منتظمة وعادلة من أجل ضمان أداء هذه الخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬باعتبار أن الماء ملكا للمجموعة الوطنية‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫‪ -‬تلبية الحاجيات االقتصادية من المياه السيما في القطاع الزراعي الذي يعتمد أساسا‬
‫على هذا المورد وكذلك القطاع الصناعي‪ ،‬إذ على أساسه تتوقف عملية التنمية‬
‫االقتصادية باعتباره مادة أولية لمعظم المنتجات الصناعية‪.‬‬

‫‪ -‬كمـا تهدف السياسة الوطنية إلى حماية مصادر المياه واألوساط المائية من مخاطر‬
‫التلـوث ووضع شبكات صرف المياه القذرة ومعالجتها واسترجاعها واستغـالل الموارد‬
‫الطبيعية للمياه السطحية والبـاطنية وكذلك غير العادية وجعل هذه األخيرة كمصدر‬
‫يعتمد عليه في إدارة النشاطات االقتصادية على األقل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبادئ السياسة الوطنية في مجال المياه‬

‫من أجل الحفاظ على هذا المورد الحيوي وحمايته من االستعماالت غير العقالنية‬
‫وضمان االستم اررية في أداء هذه الخدمة العمومية‪ ،‬اعتمد المشرع الجزائري على مبدأ‬
‫التنمية المستدامة كمرتكز أساسي تقوم عليه السياسة الوطنية للمياه والذي يقتضى‬
‫التنسيق بين السياسات المائية والسياسات التنموية ‪.‬‬

‫حيث تمثل الموارد المائية أحد أهم المجاالت البيئية للسياسة الوطنية المنتهجة في‬
‫حماية البيئة في الجزائر‪ ،1‬خاصة وأن دراسات وتوقعات الخبراء والمختصين تؤكد قلة‬
‫مصادره ونذرتها في المستقبل القريب أمام ارتفاع معدالت التلوث والنمو االقتصادي‬
‫والتوسع العمراني العشوائي‪ ،‬فضال عن باقي المشكالت البيئية السيما مشكلتي التصحر‬
‫واالحتباس الحراري ‪.‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 37‬من قانون المياه على جملة من المبادئ التي ترتكز عليها‬
‫السياسة الوطنية للمياه تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -‬اعتبار أن لكل شخص الحق في المياه‪ ،‬وهو ملك للمجموعة الوطنية تتكفل الدولة‬
‫بتقديمه كخدمة عمومية ليتم استعماله إما للشرب أو ل غراض المنزلية أو لصنع‬

‫نص المشرع الجزائري على هذا المبدأ ضمن أحكام قانون البيئة‪ :‬القانون رقم ‪ 63-37‬المؤرخ في ‪ 62‬جمادى‬ ‫‪1‬‬

‫األولى ‪ 6898‬هـ الموافق ‪ 62‬يوليو ‪ 9337‬المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة جريدة رسمية‬
‫صادرة في‪ 93 :‬جويلية‪ 9337‬رقم‪. 87‬‬

‫‪214‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫المشروبات أو لتحضير المواد الغذائية مثلما أشارت إليه المادة ‪ 666‬من قانون‬
‫المياه‪.‬‬

‫‪ -‬االعتماد على نظامي الرخصة واالمتياز كأساليب حديثة الستعمال واستغالل الموارد‬
‫المائية من طرف األشخاص الطبيعية أو المعنوية‪.1‬‬

‫‪ -‬االعت ماد على أسلوب التخطيط من أجل ترشيد استعمال الموارد المائية واستغاللها‬
‫استغالال عقالنيا لتفادي االستعمال المفرط عن طريق وضع مخططات لتهيئة الموارد‬
‫المائية ووضع مخطط وطني للماء‪.2‬‬

‫‪ -‬تبني نظام تسعيرة للماء لتغطية تكاليف خدمات التزويد بالماء وكذلك ضمان شروط‬
‫التطهير‪.3‬‬

‫‪ -‬االعتماد على أساليب االقتصاد في الماء ‪ ،L’économie d’eau‬وهذا باستخدام‬


‫الوسائل التكنولوجية والتجهيزات الحديثة التي تمكن من االقتصاد في استعمال الماء‬
‫وتفادي تسربات المياه‪.‬‬

‫‪ -‬التنسيق بين الهيئات المعنية كالجماعات المحلية وو ازرة الصحة والمنظمات واستشارت‬
‫مراكز األبحاث والدراسات والمنظمات الدولية التي تساعد على اإللمام بكافة‬
‫المعلومات حول المياه‪.‬‬

‫ومنه‪ ،‬فإن مجمل هذه األهداف والمرتكزات التي تقوم عليها السياسة الوطنية للمياه‪،‬‬
‫جاءت لضمان توفير هذا المورد لالستعمال الشخصي أو للتنمية االقتصادية باالعتماد‬
‫على إستراتيجية التنمية المستدامة التي تهدف أساسا إلى ترشيد استعمال الموارد المائية‬
‫بما ُيلبي الحاجيات الحالية دون اإلخالل بحاجيات األجيال القادمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مجـاالت حمـاية الموارد المائية‬

‫أنظر المواد‪ 37-39-36 :‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر المواد‪ 16-13-32 :‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المواد‪ 673 :‬وما بعدها من قانون المياه‬ ‫‪3‬‬

‫‪215‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫بين المشرع الجزائري من خالل قانون الميـاه المجاالت التي تتطلب الحمـاية‪ ،‬حيث‬
‫تطرق إلى بيان طبيعة ومكونات الموارد المائية في الجزائر وأنظمة حمايتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مكونات الموارد المائية في الجزائر‬

‫اعتبرت المادة األولى من قانون المياه كافة الموارد المائية ملكا للدولة ال يجوز ألي‬
‫كان االستئثار بها إال بموجب رخصة أو امتياز يمنح من طرف اإلدارة المعنية‪ .‬وحسب‬
‫المادة ‪ 38‬من قانون المياه نجد أن المشرع الجزائري صنف الموارد المائية إلى المياه‬
‫الجوفية التي تضم مياه المنابع والمياه المعدنية ومياه الحمامات‪ ،‬حيث تبقى هذه الموارد‬
‫كملكية عمومية مهما كان صفة مكتشفها أو مستغلها ‪.‬‬

‫وتتوفر الجزائر على مخزون مهم من المياه الباطنية التي توجد في الشمال‬
‫والجنوب‪ ،‬إذ يقدر مخزون المياه المتواجد في الشمال بـ‪ 6.313 :‬مليار متر مكعب‪،‬‬
‫تتطلب تكاليف مرتفعة ألجل استغاللها مقارنة مع المياه السطحية إال أنها ال تتطلب‬
‫استثمارات كبيرة‪ ،‬وغالبا ما تكون هذه الموارد موجهة للمناطق الحضرية الستعمالها كمياه‬
‫صالحة للشرب ‪.‬‬

‫أما المياه الباطنية المتواجدة في الصحراء فإنها تقدر بـ‪ 63.333 :‬مليار م‪ ،7‬حيث‬
‫تتميز هذه األخيرة بعدم قابليتها للتجديد‪ ،‬كما أن كلفة استغاللها باهظة جدا بسبب عمق‬
‫ومخزونات المياه‪.1‬‬ ‫مستويات‬

‫واضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 38‬من قانون المياه على المياه‬
‫السطحية التي تتكون من الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط وما يحاذيها ‪.‬‬

‫حيث تبقى إمكانيات الجزائر في استغالل المياه السطحية ضعيفة جدا مقارنة مع‬
‫الدول المجاورة كالمغرب وليبيا مثال‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتجميع هذه المياه وتخزينها‪،‬‬
‫وهذا يرجع إلى قلة السدود وضعف إمكانيات التخزين فضال عن ضعف وقدم شبكات‬
‫التوزيع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Kardoun (Azouz) : op.cit ; p,09.‬‬

‫‪216‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫كما نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 38‬من قانون المياه على المياه غير العادية‬
‫التي تخرج عن نطاق المياه الجوفية والمياه السطحية‪ ،‬والتي تتمثل في‪ :‬مياه البحر والمياه‬
‫المالحة المنزوعة المعادن من أجل المنفعة العامة وكذلك المياه المسترجعة صناعيا‪،‬‬
‫فضال عن المياه القذرة المصفاة ‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي اتجهت فيه بعض الدول إلى استغالل هذه الموارد السيما تحلية‬
‫مياه البحر‪ ،‬فإن هذا االهتمام يبقى مكلفا في الجزائر التي سخرت لها اعتمادات مالية‬
‫معتبرة إضافة إلى تلك الموجهة إلنجاز السدود وشبكات توزيع المياه‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬األنظمة القانونية المتعلقة بحماية الموارد المائية‬

‫بين المشرع الجزائري أنظمة الحماية القـانونية للموارد المائية والتدابير الوقائية من‬
‫مخـاطر التـلوث والحث المائي والفيضانات ‪.‬‬

‫فبالنسبة ألنظمة الحماية‪ ،‬فقد بينت المادة ‪ 73‬من قانون المياه المجاالت التي يتم‬
‫من خاللها حماية مصادر المياه‪ ،‬وهذا عن طريق منع االستغالل غير العقالني للمياه‬
‫ومنع االستع مال المفرط‪ ،‬وكذلك منع عمليات حفر اآلبار أو إنجاز منشأة تؤدي إلى‬
‫استنزاف مخزونات المياه إال بموجب ترخيص من اإلدارة المعنية التي يحدد بموجبها‬
‫كيفية االستغالل وحجم المنسوب المستخرج‪.1‬‬

‫واضافة إلى الحماية الكمية للمياه‪ ،‬تطرق المشرع الجـزائري أيضا من خالل قـانون‬
‫المياه إلى نظـام الحمـاية النوعية للميـاه الذي يظهر في تدابير الحماية المتخذة داخل‬
‫منش ت وأماكن تجميع الميـاه الجوفية أو السطحية ألجل معالجتها وتخزينها‪ ،‬وكذلك‬
‫حماية المياه من مخلفات المصانع السائلة والقاء النفايات الصناعية في المسطحات‬
‫المائية ألجل تفادي تلويثها‪.‬‬

‫كما تقتضي هذه الحماية أيضا إجراء الرقابة على مشاريع إيصال قنوات صرف‬
‫المياه القذرة ووضع قنوات ومخازن المحروقات ومحطات خدمات توزيع الوقود وكذلك‬

‫أنظر المواد ‪ 76:‬وما بعدها من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪217‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫عند وضع مركبات اإلسفلت ومراقبة البنايات ذات االستعمال الصناعي وتفريغ النفايات‪،‬‬
‫فضال عن المواد الزراعية الكيميائية والمحاجر وكل المواد التي تؤثر على نوعية المياه‪.1‬‬

‫أما بالنسبة لحماية المياه من مخاطر التلوث والحث المائي وكذلك الفيضانات‪ ،‬فقد‬
‫أشار المشرع الجزائري من خالل أحكام قانون المياه إلى عدة تدابير ألجل الوقاية من‬
‫مخاطر التلوث التي تعاني منه ا الجزائر‪ ،‬في الوقت الذي تعاني فيه الدول الصناعية من‬
‫ارتفاع مستويات التلوث الكيميائي بسبب النفايات الصناعية والزراعية نتيجة اإلفراط في‬
‫استعمال األسمدة الزراعية‪ ،‬والتي أدت إلى تلويث المياه الجوفية السيما ميـاه الينابيع‪،‬‬
‫إضافة إلى التوسع العمراني العشوائي‪.‬‬

‫كل هذا جعل من مصادر الموارد المائية في الجزائر محدودة بسبب هذه المخاطر‬
‫خاصة وأن التوقعات تشير إلى ندرة وقلة المياه في آفاق ‪.29393‬‬

‫وقد نصت المادة ‪ 88‬من قانون المياه على جملة من التدابير الوقائية تتمثل أساسا‬
‫في فرض تراخيص على أصحـاب المنشـ ت الصناعية عند التخلص من الفضالت‬
‫الصناعية وكذلك المـواد الكيميائية وغيرها من المواد الملوثة للمياه‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد بينت المادة ‪ 83‬من قانون المياه الحاالت التي يمنع فيها‬
‫على اإلدارة المعنية منح تراخيص رمي الفضالت الصناعية التي تمس بالصحة العمومية‬
‫ومصادر المياه‪ ،‬فضال عن حاالت المنع التي نصت عليها المادة ‪ 81‬من نفس القانون‬
‫المتمثلة في عمليات تفريغ النفايات والمخلفات الصناعية في المسطحات المائية وأماكن‬
‫المياه ورمي جثث الحيوانات في الوديان والبحيرات والبرك وأماكن شرب المياه‪.‬‬

‫أنظر المواد ‪ 77‬إلى ‪ 87‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪KERDOUN Azzouz, Les termes D’une approche environnementale ;Etat des‬‬
‫‪lieux et Dynamique de protection , ouvrage collectif ;L’ENVIRENNEMENT EN‬‬
‫‪ALGERIE , Impacts sur l’ecosysthme et stratégie de protection;s-d ;A kerdoun‬‬
‫‪,M H larouk, M sahli, laboratoire d’études et de recherches –Maghreb‬‬
‫‪Méditerranée, Université Mentouri Constantine, éd 2001,p16.‬‬

‫‪218‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫كما ألزم المشرع الجزائري أصحاب المنش ت الصناعية التي تؤثر نفاياتها على‬
‫الميـاه استخدام وسائل التصفية وأجهزة معالجة مياهها المتسربة لتفادي أضرار التلوث‪.1‬‬

‫ومن أجل حماية األوساط المائية الملوثة وتهيئتها وتصفيتها‪ ،‬وضع المشرع الجزائري‬
‫استراتيجة تهدف إلى وضع مخططات لتهيئة المسطحات المائية المتضررة بالتلوث‪.2‬‬
‫باإلضافة إلى ما نص قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على حماية‬
‫األوساط المائية واألنظمة البيئية المائية من أخطار التلوث التي تمس بنوعية المياه‪.3‬‬

‫أما فيما يتعلق بحماية المسطحات المائية من الحث المائي‪ ،‬فقد نص المشرع‬
‫الجزائري في المادة ‪ 78‬من قانون المياه على نظام مخططات التهيئة‪ ،‬من أجل حماية‬
‫المسطحات المائية من التوحل الذي يعتبر أحد أكبر المشكالت التي تتعرض لها‬
‫المسطحات المائية في الجزائر‪ ،‬نتيجة لترسب الوحل بسبب قلة الغطاء النباتي مما يقلص‬
‫من منسوب المياه وقدرة االستيعاب ضمن هذه األوعية المائية‪.‬‬

‫وكذلك الحال بالنسبة لحماية المياه من أخطار الفيضانات وحمايتها من الضياع‪،‬‬


‫فقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 37‬من قانون المياه على ضرورة استخدام الوسائل‬
‫التكنولوجية الحديثة لمواجهة الفيضانات التي تعرفها بعض مناطق الوطن السيما مناطق‬
‫السهوب وشمال الصحراء‪ ،‬وهذا عن طريق االستعانة بأجهزة توقع الفيضانات والتنبيه‪،‬‬
‫كاستعمال األقمار الصناعية مثال‪.‬‬

‫وبهذا يكون المشرع الجزائري قد سلك مسلكا جديدا بتحديده لطبيعة الموارد المائية‬
‫وأنظمة حمـايتها من أجل تسهيل دور الهيئات اإلدارية المكلفة بالموارد المائية من جهة‬
‫وتحديد المسؤوليات من جهة ثانية وهذا ما نركز عليه في دراستنا هذه باعتبار أن‬
‫الهيئات المكلفة بالموارد المائية تلعب دو ار فعاال في حماية الموارد المائية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلطار المؤسساتي لتسيير الموارد المائية‬

‫أنظر المادة ‪ 83‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر المادة ‪ 82‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المواد من ‪87‬إلى ‪ 38‬من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪219‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫إن من بين المشكالت ال تي عانت منها الجزائر في مجال المياه‪ ،‬تمثلت في ضعف‬
‫تسيير الموارد المائية وعدم كفاءة اإلدارات المعنية‪ ،‬مما جعل السلطات العمومية عاجزة‬
‫عن توفير الماء بصورة كافية وبالنوعية المطلوبة أمام الطلب المتزايد للماء الشروب من‬
‫جهة واحتياجات الحياة االقتصادية لهذا المورد من جهة ثـانية‪ ،‬السيما وأنه ُيعد مادة أولية‬
‫اقتصادية في الوقت الذي تسعى فيه الجزائر لجلب رؤوس األموال األجنبية‪.‬‬

‫وبالرغم من المجهودات المبذولة منذ السبعينات‪ ،‬فقد تم إنشاء كتابة الدولة المكلفة‬
‫بالري سنة ‪ 6233‬تبعها تخصيص و ازرة للري سنة ‪ 6233‬مع وضع مخططات وطنية‬
‫للمياه تمثلت في‪:‬‬

‫‪ -‬مخطط للمياه بين سنة ‪ :6238 –6233‬كان يعطي األولوية للقطاع الزراعي‪.‬‬

‫‪ -‬مخطط للمياه بين سنة ‪ :6233 -6238‬يعطي األولـوية للماء الصـالح للشرب‬
‫وتزويد المـدن والمناطق الصناعية‪.‬‬

‫وبعدها‬
‫إال أن األهداف المسطرة في هذه الفترة لم تتحقق بسبب قلة االعتمادات المالية ُ‬
‫عن الواقع‪.1‬‬

‫وقد استحدثت الو ازرة المكلفة بالموارد المائية‪ ،‬فضال عن بعض الهيئات األخرى التي‬
‫تسهر على اقتراح وتنفيذ السياسة الوطنية في مجال المياه‪ ،‬كالمجلس الوطني االستشاري‬
‫للمياه وسلطة ضبط الموارد المائية التي أنشأها قانون المياه (الفرع األول) إضافة إلى‬
‫وضع مخططات إلدارة الطلب على المياه (الفرع الثاني) كالمخطط الوطني للمياه‬
‫والمخططات التوجيهية لتهيئة الموارد المائية‪ .‬وهذا ما سنبينه فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئات اإلدارية المكلفة بتسيير الموارد المائية‬

‫وتتمثل هذه األخيرة في الهيئات اإلدارية المركزية فضال عن الهيئات االستشارية‬


‫وسلطة ضبط مرفق المياه‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الهيئات اإلدارية المركزية‬

‫‪1‬‬
‫‪Kerdoun ( A) ;op,cit : p14.‬‬

‫‪211‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫تمثل و ازرة الموارد المائية الهيئة اإلدارية الوصية المكلفة بإدارة الموارد المائية‬
‫وتسيير مرفق المياه‪ ،‬حيث تتولى و ازرة الموارد المائية تنفيذ السياسة الوطنية للمياه‪ ،‬كما‬
‫تسهر على تطبيق نصوص قانون المياه‪ ،‬والمحافظة على الموارد المائية‪ :‬الطبيعية منها‬
‫والصناعية‪ ،‬بتسخير أجهزتها المركزية والالمركزية‪ ،‬فضال عن الوكـاالت والهيئات المسند‬
‫لها إدارة وتسيير الموارد المائية‪ .‬وتتفرع عن و ازرة الموارد المائية عدة مديريات أهمها‪:1‬‬

‫‪ ‬مديرية تسخير الموارد المائية التي تظهر مهامها في تنفيذ السياسة الوطنية المتبعة‬
‫في مجال إنتاج وتخزين الماء والسهر على تنفيذ المخطط الوطني للمياه وكذلك‬
‫البحث عن مصادر المياه السطحية والباطنية واعداد دراسات حول السدود‪ .‬كما تقوم‬
‫هذه المديرية أيضا باقتراح التدابير والشروط الالزمة الستخدام واستغالل السدود‬
‫ومصادر المياه‪.‬‬

‫وتتفرع عن هذه المديرية ثـالث مديريـات فرعية تتمثل في‪ :‬المديرية الفرعية لالستغـالل‬
‫والمراقبـة‪ ،2‬المديرية الفرعية الستغالل المياه السطحية‪ ،3‬المديرية الفرعية الستغالل‬
‫المياه الباطنية‪.4‬‬

‫‪ ‬مديرية الدراسات وتهيئة شبكات الري‪ :‬فـإن مهـامها تتلخص في السهر على مراقبة‬
‫منسوب المياه ومساحات الري وتحديد مخزونات المياه واالحتياجات المتطلبة منه‪،‬‬
‫فضال عن وضع بنك معلومات حول المياه بالتنسيق مع اإلدارات المعنية‪.‬‬

‫وتتفرع عن هذه المديرية ثالث مديريـات فرعيـة تظهر في‪ :‬المديرية الفرعية للموارد‬
‫المـائية والجوفية‪ ،1‬المديرية الفرعية لتهيئة شبكات الري‪ ،2‬المديرية الفرعية المكلفة‬
‫باإلعالم‪.3‬‬

‫‪ 1‬موقع رئاسة الجمهورية‪www.elmouradia-dz :‬‬


‫‪ 2‬من مهامها‪ :‬السهر على الرقابة التقنية وصيانة السدود وتحويل المياه السطحية وكذلك السهر على تطبيق‬
‫األنظمة واستغالل الموارد المائية واقتراح التدابير القانونية الالزمة بالتعاون مع اإلدارات المعنية فضال عن تسيير‬
‫مخزونات المياه توفير المعلومات حوله المياه السطحية والباطنية والسهر على مراقبة نوعيتها‪.‬‬
‫‪ 3‬من مهامها‪ :‬إعداد مخططات لشبكات الري ومتابعة ومراقبة مخططات تهيئة الموارد المائية‪.‬‬

‫‪ 4‬من مهامها‪ :‬إعداد مخطط لشبكات الري ومتابعة ومراقبة مخططات التهيئة للموارد المائية‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫‪ ‬مديرية التزويد بالمياه الصالحة للشرب‪ ،‬ومن مهامها السهر على إيجاد الطرق‬
‫المناسبة لتلبية حاجيات السكان من الماء الشروب وتغطية الحاجيات االقتصادية منه‬
‫واإلنجازات المتعلقة بمنش ت الماء‬ ‫فضال عن متابعة ومراقبة ب ارمـج الد ارسـات‬
‫الصالح للشرب‪ ،‬كما تقوم بوضع قواعد استغالل المياه وصيانة شبكة الميـاه والسدود‬
‫وشبكة توزيع المياه‪ ،‬ومتابعة سير منشأة المياه وأماكن التوزيع ‪.‬‬

‫واضا فة إلى ذلك‪ ،‬تسهر هذه الهيئة على االستعمال العقالني للموارد المائية‬
‫والمساهمة في تحسين أداء الخدمة العمومية للمياه‪.‬‬

‫وتضم هذه المديرية ثالث مديريات فرعية تظهر في‪ :‬المديرية الفرعية للتنمية‪،4‬‬
‫المديرية الفرعية للتنظيـم واقتصاد المـاء‪ ،5‬فضال عن المديرية الفرعية المكلفة بتطبيق نظام‬
‫االمتياز واصالح المرفق العام‪.6‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجلس الوطني االستشاري وسلطة ضبط المياه‬

‫‪ 1‬هي مكلفة‪ :‬بإنشاء ومتابعة الدراسات والتحقيقات لمعرفة مصادر المياه الباطنية (الجوفية) والمساهمة في وضع‬
‫برنامج بحث وفقا لسياسة رشيدة‪ ،‬من أجل الحماية والمحافظة على المصادر الباطنية غير متجددة‪.‬‬

‫‪ 2‬وهي مكلفة‪ :‬بإعداد دراسات تحدد من خاللها حجم االحتياجات من المياه واعداد مخططات حول كيفية استغالل‬
‫مصادر المياه عبر مختلف أنحاء الوطن واعداد برنامج إنجاز الهياكل والمنش ت المعدة الستعمال المياه‪.‬‬

‫‪ 3‬وظيفتها إعداد بنك معلومات حول استغالل واستخدام احتياطات المياه والتعريف باإلدارات المكلفة بالموارد المائية‬
‫واألساليب الحديثة لتسييرها‪.‬‬
‫‪ 4‬من مهامها‪ :‬متابعة ومراقبة مخططات التهيئة وبرامج إنجاز السدود وشيكات توزيع المياه من المناطق العمرانية‬
‫والحضرية والصناعية والمتابعة التقنية إلنجازات السدود وشبكات المياه‪.‬و إعداد دراسات حول حجم واحتياجات‬
‫المياه الشروب والمياه الموجه للمناطق الصناعية‪.‬‬
‫‪ 5‬من مهامها‪ :‬متابعة ومراقبة تنفيذ كافة اإلجراءات والتدابير القانونية والتنظيمية والتقنية واقتراح اإلجراءات القانونية‬
‫والتنظيمية وكذلك التدابير المالية المتعلقة باستهالك الماء الشروب والموجه للصناعة‪ .‬وكذلك حماية المياه عن‬
‫طريق االقتصاد في استعماله مع تحديد المعايير والمقاييس المحددة لنوعية المياه‪.‬‬

‫‪ 6‬من مهامها‪ :‬السهر على المحافظة على الطابع العمومي للهياكل القاعدية للموارد المائية واعداد ومراقبة تنفيذ‬
‫دفاتر الشروط الملزمة ومراقبة أصحاب االمتياز وتنفيذ السياسة المتعلقة بتحسين تسيير المرفق العام المكلف‬
‫بإنتاج وتوزيع المياه مع االهتمام بالجانب اإلعالمي للتعريف بهذه المرافق واختصاصها‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫من أجل اختيار إستراتجية وطنية متكاملة للمياه‪ ،‬أنشأ المشرع الجزائري هيئة‬
‫استشارية تظهر في المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية‪ ،1‬الذي يشرف على‬
‫صياغة اإلطار الذي يحدد السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه من أجل تحقيق‬
‫األمن المائي بالنظر إلى التحديات الحاضرة والمستقبلية التي تعرفها الجزائر‪.‬‬

‫حيث يبدي المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية رأيه المسبق في المسائل‬
‫المتعلقة بالمياه مثلما نصت عليه المادة ‪ 17‬من قانون المياه‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ويتشكل المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية من مختلف الهيئات‬


‫العمومية المعنية‪ :‬كإدارة الموارد المائية والمجالس المحلية والجمعيات المهنية وحتى‬
‫المستعملين لهذا المورد‪ ،‬وهذا ما بينته المادة السابقة من قانون المياه‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك‪ ،‬ومن أجل ضبط مرفق المياه الذي يعد من أهم المرافق العمومية‬
‫الهامة‪ ،‬فقد استحدث المشرع الجزائري سلطة إدارية مستقلة في مجال المياه‪ ،‬وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 13‬من قانون المياه‪ ،‬حيث تسعى هذه السلطة كباقي سلطات الضبط‬
‫األخرى على السهر على توفير الخدمة العمومية للمياه للمستعملين وضمان استم ارريتها‬
‫وتحسين أ داء هذا المرفق الحساس الذي عرف انفتاحا على المنافسة في إطار سياسة‬
‫منح االمتياز للخواص لتسيير هذا المرفق‪.‬‬

‫وتكريسا لذلك‪ ،‬فقد تم إصدار المرسوم التنفيذي‪ :‬رقم ‪ 737-37‬الصادر في ‪93‬‬


‫سبتمبر ‪ ،9337‬الذي أنشأ هذه السلطة والتي سميت‪" :‬سلطة ضبط الخدمات العمومية‬
‫للمياه"‪ ،2‬حيث تظهر مهامها في‪:‬‬

‫‪ -‬المساهمة في تطبيق أساليب تسيير الخدمات العمومية للمياه‪.‬‬


‫‪ -‬السهر على حسن تطبيق أنظمة تسعيرة المياه ومراقبة تكاليف إنتاجه ‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بتحقيقات ودراسات حول نوعية الخدمات المقدمة للمستعملين‪.‬‬

‫‪ 1‬كان يسمى سابقا بالمجلس الوطني للماء في ظل قانون المياه ‪63-77‬‬


‫‪2‬‬
‫المرسوم التنفيذي‪ :‬رقم ‪ 737-37‬الصادر في ‪ 93‬سبتمبر ‪ 9337‬يحدد صالحيات وقواعد تنظيم سلطة ضبط‬
‫الخدمات العمومية للمياه وعملها‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪.9337 / 31‬‬

‫‪213‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫وكذلك مراقبة الشركات العاملة في مجال المياه السيما األجنبية منها التي‬
‫دخلت سوق تسيير المياه في الجزائر عن طريق تطبيق نظام االمتياز‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مخططات تسيير الموارد المائية‬

‫من أجل وضع إدارة محكمة للموارد المائية‪ ،‬اعتمد أسلوب المخططات التي تهدف‬
‫إلى ترشيد استعمال الموارد المائية وتحقيق استدامتها‪ ،‬حيث نص المشرع الجزائري على‬
‫وضع المخطط الوطني للمياه الذي يعتبر أحد مرتكزات السياسة الوطنية المنتهجة في‬
‫مجال المياه الذي يوضح من خالله األولويات الوطنية في مجال المياه وبرامج اإلنجازات‬
‫للمشاريع ذات المصلحة الوطنية والجهوية وكذلك المحلية منها‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬فقد اعتمد قانون المياه أيضا على أسلوب المخططات التوجيهية‬
‫ك لية لتخطيط الموارد المائية حسب خصوصية كل منطقة في الجزائر‪ ،‬حيث تم إنشاء‬
‫وحدات هيدروغرافية طبيعية على أساسها يتحدد عاملي العرض والطلب في توفير الماء‬
‫بالنظر إلى احتياج السكان أو المتعامل االقتصادي لهذا المورد‪.‬‬

‫وقد بين المشرع الجزائري أهداف هذه المخططات‪ ،3‬التي تتمثل أساسا في المحافظة‬
‫على الموارد المائية الموجودة في الحوض الهيدروغرافي‪ ،‬واستغاللها استغالال عقالنيا‬
‫باستعمال وسائل االقتصاد في الماء‪.‬‬

‫وبهذا يكون المشرع الجزائري قد أخد بعين االعتبار عوامل تنوع التضاريس والمناخ‬
‫في الجزائر من أجل إدارة وتسيير هذا المورد بحسب خصوصيات كل منطقة وبحسب‬
‫احتياجاتها االجتماعية واالقتصادية لهذا المورد الحيوي ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الحمـاية الجنـائية للموارد المائية‬

‫‪ 1‬أنظر المواد ‪ 32‬و‪ 13‬و‪ 16‬من قانون الماء‪.‬‬


‫‪ 2‬تسهر على تسيير األحواض الهيدروغرافية وكاالت الحوض الهيدروغرافي‪ ،‬وأنشأت خمس وحدات هيدروغرافية‬
‫(أحواض) عبر التراب الوطني هي‪ :‬حوض الصحراء الشمالية – حوض الهقار والطاسيلي – حوض السمارة‬
‫تندوف – حوض شط ملغيغ‪ .‬باإلضافة إلى المنطقة الشمال‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر المادة‪ 31 :‬وما بعدها من قانون المياه‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫خص المشرع الجزائري الفصـل التاسع من قانون المياه لبيـان الحماية الجنائية‬
‫المقررة للميـاه‪ ،‬وهذا ما يظهر من خالل إنشاء شرطة خاصة بالمياه (المطلب األول)‬
‫كجهاز مكلف بالبحث عن المخالفات المقررة بموجب قانون المياه‪ ،‬فضال عن بيان‬
‫الجرائم المتصلة بالمياه والعقوبات الجزائية المقررة لها(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إنشاء شرطة للميـاه‬

‫من أجل تفعيل السياسة الوطنية في مجال المياه ومحاربة كافة المخالفات التي تمس‬
‫بهذا المصدر الحيوي أنشأ المشرع الجزائري بموجب قانون المياه شرطة للمياه كجهاز‬
‫متخصص يتكون من أعوان تابعين إلدارة الموارد المائية ويؤدون اليمين أمام المحكمة‪.1‬‬
‫حيث يقوم أعوان شرطة المياه بالبحث عن كافة االنتهاكات الماسة بالموارد المائية‬
‫ومتابعة أصحابها‪.‬‬

‫وبهذا يبدو أن المشرع الجزائري قد تأثر بالتشريعات الحديثة في مجال المياه‪ ،‬التي‬
‫أنشأت جها از متخصصا يسهر على ضمان حماية فعالة لهذا المورد الحيوي ومنع كافة‬
‫االنتهاكات والمخالفات المتعلقة به‪.‬‬

‫وتتلخص صالحيات شرطة المياه في أعمال البحث والمعاينة والتحقيق في‬


‫المخلة بقانون المياه‪ ،‬عن طريق إعداد محاضر المعاينة مثلهم مثل أعوان‬
‫المخالفات ُ‬
‫وضباط الشرطة القضائية‪.‬‬

‫واضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أعطى المشرع الجزائري ألعوان شرطة المياه صالحية‬
‫الدخول إلى المنش ت الصناعية المستغلة للمياه واالطالع على أي وثيقة يرونها ضرورية‬
‫ألداء مهامهم‪.2‬‬

‫أما في حاالت التلبس‪ ،‬فقد شرع المشرع الجزائري ألعوان شرطة المياه تقديم المعني‬
‫أمام وكيل الجمهورية أو ضابط الشرطة القضائية‪ ،‬إال في حالة المقاومة وتشكيل خطر‪،‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 632‬وما بعدها من قانون المياه‪.‬‬


‫أنظرالمادة ‪ 617‬من قانون المياه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪215‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫فإنه يتم ذكر ذلك في محضر المعاينة‪ .1‬كما يجوز ألعوان شرطة المياه عند االقتضاء‬
‫االستعانة بالقوة العمومية أثناء تأدية مهامهم‪.2‬‬

‫وبهذا يكون المشرع الجزائري قد خص قطاع المياه بأعوان متخصصين يتولون‬


‫أعمال التحري في مخالفات المياه خالفا لما كان سائدا في السابق‪ ،‬حيث كانت مهمة‬
‫التحري مقتصرة بصفة حصرية على األعوان التابعين إلدارة الري‪.3‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجرائم والعقوبات المقررة بموجب قانون المياه‬

‫تضمن قانون المياه ُجملة من الجرائم المتعلقة بالمياه فضال عن العقوبات المقررة‬
‫لها مثلما نصت عليه المواد من ‪ 611‬إلى ‪ 632‬من قانون المياه‪.‬‬

‫ويبدو أن المشرع الجزائري من خالل هذه األحكام‪ ،‬جاء لفرض حماية فعالة للمياه‬
‫وضمان تنفيذ السياسة الوطنية المنتهجة في هذا المجال‪ ،‬تماشيا مع مبدأ إقرار الحماية‬
‫الجنائية للمكونات البيئية الذي يؤدي إلى طرح التساؤل التالي‪ :‬هل تستجيب هذه الحماية‬
‫مع طبيعة االعتداءات الواقعة على المياه‪ 4‬؟‬

‫ألجـل ذلك‪ ،‬سنتطرق لبيـان األفعال المجرمة المتصلة بالثروة المائية وفق ما‬
‫نص عليه قـانون الميـاه والعقوبات المقررة لها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الجرائم المتعلقة بطبيعة الموارد المائية‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 618‬من قانون المياه‪.‬‬


‫‪ 2‬أنظر المادة ‪ 613‬من قانون المياه‪.‬‬
‫‪ 3‬طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬مظاهر الحماية الجنائية للبيئة في الجزائر‪ :‬الحماية الجنائية المقررة بموجب قانون المياه‪،‬‬
‫حوليات مخبر الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض المتوسط‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪،6227 ،‬‬
‫ص‪.31‬‬
‫‪ 4‬طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬حول فعالية سياسة التجريم في الجزائر في مجال حماية البيئة‪ ،‬كتاب جماعي‪ ،‬البيئة في‬
‫الجزائر‪ :‬التأثير على األوساط الطبيعية واستراتيجات الحماية‪ ،‬تحت اشراف األساتذة‪:‬أ‪.‬د عزوز كردون‪ ،‬أ‪.‬د محمد‬
‫الهادي لعروق‪ ،‬أ‪.‬د محمد ساحلي‪ ،‬مخبر الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض المتوسط‪ ،‬جامعة‬
‫منتوري قسنطينة‪ ،9336 ،‬ص‪ 73‬و‪. 71‬‬

‫‪216‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫وهي تلك األعمال التي تمس بمصادر الثروة المائية‪ ،‬التي تظهر في حالة عدم‬
‫تبليغ إدارة الموارد المائية المختصة إقليميا عند اكتشاف المياه الجوفية سواء بصفة عمدية‬
‫أو غير عمدية‪ .‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 611‬من قانون المياه التي تعاقب صاحب‬
‫هذه المخالفة بغرامة تتراوح من ‪ 3333‬دج إلى ‪ 63333‬دج ‪.‬‬

‫كما جرم المشرع الجزائري األعمال واإلنجازات التي تؤثر على طبيعة الوديان‬
‫والبحيرات والبرك والشطوط‪ ،‬كإقامة بناءات أو غرس أشجار أو إقامة سياج ثابت‪ ،‬ألن‬
‫ذلك يؤثر على مجرى المياه وطبيعتها‪ .‬وقد أقرت المادة ‪ 613‬من قانون المياه عقوبة‬
‫الغرامة تتراوح من ‪ 33333‬دج إلى ‪ 633333‬دج ضد مرتكبي هذه األفعال‪.‬‬

‫كما اعتبر المشرع الجزائري عملية استخراج الطمي بأية وسيلة كانت أو إقامة مرامل‬
‫في مجاري الوديان دون ترخيص‪ ،1‬جريمة يعاقب عليها فاعلها بالحبس من سنة إلى‬
‫خمس سنوات وبغرامة من ‪ 933333‬دج إلى ‪ 9333333‬دج‪ ،‬وهذا ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 617‬من قانون المياه‪.‬‬

‫كذلك الحال بالنسبة التصرفات المعرقلة للتدفق الحر للمياه السطحية في مجاري‬
‫الوديان والتي تمس باستقرار الحواف والمنش ت العمومية‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 612‬من نفس القانون‪ ،‬حيث يعاقب صاحبها بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر‬
‫وبغرامة من ‪ 33333‬دج إلى ‪ 633333‬دج أو بإحدى هذين العقوبتين‪.‬‬

‫كما تعد عمليات إنجاز اآلبار أو حفر دون ترخيص أو القيام بتغيرات للمنش ت‬
‫الموجودة التي من شأنها استنزاف المنسوب المستخرج دون ترخيص ‪،‬كجريمة نصت‬
‫عليها المادة ‪ 633‬من قانون المياه ‪ ،‬تمثلت عقوبتها في الحبس من ستة أشهر إلى‬
‫ثالث سنوات وبغرامة من ‪ 33333‬دج إلى ‪ 633333‬دج‪.‬‬

‫باستثناء الحاالت التي وردت بموجب تعديل قانون المياه ‪ 37-37‬الصادر في ‪ 9337-36-97‬لضرورات‬ ‫‪1‬‬

‫اقتضتها المصلحة العامة‪ ،‬والتي تسمح بصفة مؤقتة القيام باستخراج مواد الطمي بعد الحصول على ترخيص‬
‫مؤقت‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫وبهـذا تتجلى حكمة المشرع الجزائري في منع مثل هذه األعمال لكـونها تمس بطبيعة‬
‫الموارد المائية وتعرقل برامج استغاللها وتسييرها من طرف إدارة الموارد المائية التي‬
‫تعتمد أسلوب المخططات الهيدروغرافية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الجرائم المتعلقة بنوعية المياه‬

‫من أجل الحفاظ على نقاوة المياه وحمايتها من مخاطر التلوث من جهة وتوفيره‬
‫بالنوعية المتطلبة حفاظا على الصحة العمومية من جهة ثانية‪ ،‬جرم المشرع الجزائري‬
‫عمليات رمي اإلف ارزات أو تفريغها أو إيداع المواد السامة للماء دون ترخيص‪ ،‬وقد نصت‬
‫المادة ‪ 636‬من قانون المياه على عقوبة الغرامة من ‪ 63333‬دج إلى ‪ 633333‬دج‬
‫ضد مرتكب هذه األفعال‪.‬‬

‫كذلك القي ـام بتفريغ المياه القذرة في اآلبار والحفر وأماكن التقاء المياه وأماكن الشرب‬
‫والينابيع والوديان الجافة والقنوات‪ .‬وكذلك طمر المواد غير الصحية الملوثة للمياه الجوفية‬
‫وادخالهـا في المنش ت المائية المخصصة لتزويد المياه‪ ،‬فضال عن جريمة رمي جثث‬
‫الحيوانات أو طمرها في المسطحات المائية والينابيع وأماكن الشرب‪ ،‬وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 639‬من قانون المياه التي تعاقب مرتكبها بالحبس من سنة إلى خمس‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 33333‬إلى ‪ 6333333‬دج‪.‬‬

‫كما اعتبر المشرع الجزائري توريد المياه غير المطابقة للمعايير الصحية والنوعية‬
‫من طرف األشخاص الطبيعيين أو المعنويين والموجه لالستهالك البشري جريمة تعاقب‬
‫عليها المادة ‪ 631‬من قانون المياه بالحبس من سنة إلى سنتين وبغرامة من ‪933333‬‬
‫دج إلى ‪ 6333333‬دج‪ ،‬باعتبار أن مثل هذه األعمال تشكل خط ار على صحة‬
‫المواطنين‪ .‬فغالبا ما يكون مصدر هذه المياه مجهوال مما يشكل خط ار على صحة‬
‫مستعملي هذه المياه السيما في المناطق العمرانية‪.‬‬

‫أما استعمال المياه القذرة في عمليات السقي‪ ،‬فقد اعتبرها المشرع الجزائري جريمة‬
‫تعاقب عليها المادة ‪ 632‬بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من ‪ 333333‬إلى‬

‫‪218‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫‪ 6333333‬دج‪ ،‬ذلك أن استعمال المياه القذرة لسقي الخضر التي تستهلك بصفة مباشرة‬
‫دون غليان تؤدي إلى عدة مخاطر صحية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الجرائم المتعلقة بمنشآت الموارد المائية‬

‫تضمن قانون المياه عدة تدابير وقائية تلزم أصحاب منش ت الموارد المائية بتطهير‬
‫المياه المستعملة عن طريق استعمال أجهزة التصفية لمعالجة المياه المتسربة‪ ،‬وبالمقابل‬
‫يترتب على مخالفة هذا االلتزام عقوبة جزائية نصت عليها المادة ‪ 637‬من قانون المياه‬
‫تتمثل في الغرامة من ‪ 633333‬إلى ‪ 6333333‬دج‪.‬‬

‫كذلك الحـال عند إنجاز آبـار أو القيام بأعمال الحفر الستخراج المياه الجوفية أو‬
‫القيـام بإنجـاز منشأة تنقيب عن منبع للمياه موجه لالستغالل التجاري غير مرخص لهـا‪،‬‬
‫أو إنجـاز منشأة لتحويل الميـاه وضخها وحجزها أو إنجاز أي منشأة الستخراج المياه‬
‫الجوفية أو السطحية دون ترخيص من اإلدارة المكلفة بالمواد المائية‪ .‬فتعد كل هذه‬
‫األعمال كجرائم نصت عليها المادة ‪ 638‬من قانون المياه والتي تعاقب مرتكبيها بالحبس‬
‫من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من ‪ 633333‬دج إلى ‪ 333333‬دج‪.‬‬

‫كما اعتبر المشرع الجزائري عمليات تفريغ المياه القذرة في الشبكة العمومية أو في‬
‫محطة تصفية المياه القذرة دون رخصة أو عدم إخضاع هذا التفريغ للمعالجة المسبقة‬
‫جريمة تعاقب عليها المادة ‪ 633‬من قانون المياه بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر‬
‫وبغرامة من ‪ 633333‬دج إلى ‪ 333333‬دج أو بإحدى هذين العقوبتين‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك‪ ،‬اعتبر المشرع الجزائري مخالفة أحكام نظام االمتياز المنصوص‬
‫عليه في قانون المياه في المادة ‪ 33‬التي تتضمن العمليات المنوط لصاحب االمتياز‬
‫القيام بها‪ ،‬جريمة تعاقب عليها المادة ‪ 633‬من قانون المياه بالحبس من سنة إلى خمس‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 633333‬دج إلى ‪ 333333‬دج‪ .‬وتجب اإلشارة إلى أن المشرع‬
‫الجزائري نص على مضاعفة عقوبات هذه الجرائم في حالة العود‪ ،‬فضال عن مصادرة‬
‫التجهيزات والمعدات التي استخدمها مرتكبو هذه الجرائم‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫وبهذا‪ ،‬يتجلى مسلك المشرع الجزائري في مجال السياسة العقابية في مجال المياه‪،‬‬
‫بالرغم من وجود عقوبتي الحبس والغرامة كجزاءات تقليدية‪ ،‬إضافة إلى الجانب اإلجرائي‬
‫الذي يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬إذ يبقى حق‬
‫المتابعة من اختصاص النيابة العامة وال يختص القاضي الجزائي من تلقاء نفسه وهذا ما‬
‫يعد مسلكا تقليديا ربما ال يتماشى مع الطبيعة الخاصة للجرائم التي تمس المكونات‬
‫البيئية التي تستلزم السرعة في التنفيذ حتى نتفادى تدهور الموارد المائية‪.1‬‬

‫الخـاتمـة‬

‫يتضح جليا مما سبق أن المشرع الجزائري أراد من خالل هذا التشريع الجديد للمياه‬
‫تدارك النقائص السابقة في السياسة الوطنية المنتهجة في مجال المياه‪ ،‬ورد االعتبار لهذا‬
‫المورد الحيوي األساسي في الحياة اليومية للمواطن وكذلك الحياة االقتصادية في ظل‬
‫تنامي االهتمام الدولي بالموارد المائية‪ ،‬وهذا من أجل تحقيق األمن المائي الذي تسعى‬
‫إليه كل دول العالم‪.‬‬

‫وباعتبار أن مشكـالت الجزائر في مجـال الميـاه تتلخص في قلة الموارد المـائية‬


‫وضعف في قدرات االستغالل والتخزين فضال عن عدم نجـاعة أنظمة حمايته من‬
‫مخاطر التلوث واالستغـالل الفوضوي للمياه‪ ،‬إضافة إلى ضعف في تسيير هذا المرفق‪،‬‬
‫فقد حرص المشرع الجزائري من خالل قانون المياه على تبنى سياسة جديدة تقوم على‬
‫ترشيد استغالل المياه وتحسين إدارتها من خالل اعتماد على إستراتجية التنمية المستدامة‬
‫ألجل ضمان متطلبات األجيال الحاضرة من المياه دون اإلخالل بحاجيات األجيال‬
‫القادمة‪.‬‬

‫وقد تجسد ذلك من خـالل وضع مخططـات للمياه واالعتماد على مناهج االقتصاد‬
‫في استعماله مع وضع مخططات لمحاربة التلوث وتبنى نظام االمتياز لتحسين أداء‬
‫الخدمة العمومية للمياه وتطوير مرفق المياه وضبطه من خالل إنشاء سلطة ضبط المياه‬

‫‪1‬‬
‫طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬حول فعالية سياسة التجريم في الجزائر في مجال حماية البيئة‪ ،‬ص ‪ 73‬و‪.71‬‬

‫‪221‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫التي تشرف على هذا القطاع الذي عرف انفتاحا على المنافسة‪ ،‬فضال عن وضع هيئات‬
‫متخصصة تسهر على تنفيذ السياسة الوطنية للماء‪.‬‬

‫ومن أجل تفعيل السياسة العقابية في هذا المجال أنشأ المشرع الجزائري شرطة‬
‫خاصة للمياه بموجب هذا التشريع الجديد الذي حاول تعميم الطابع التجريمي ل فعال‬
‫الماسة بهذا المورد وفرض عقوبات مقترنة مع حجم هذه األفعال‪.‬‬

‫ومهما يكن‪ ،‬فإن هذه الحماية ال يمكنها أن تكون فعالة إال بوضع سياسة تهدف إلى‬
‫توعية المواطنين وتحسيسهم بأهمية هذا المورد الحيوي عن طريق وسائل اإلعالم‬
‫ومناهج التربية وجمعيات حماية البيئة‪.‬‬

‫المراجــع‬

‫أوال النصوص القانونية‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 69-33‬المؤرخ في ‪ 97‬جمادى الثانية عام ‪ 6891‬الموافق لـ ‪ 38‬غشت‬


‫‪ :9333‬المتعلق بالمياه‪ ،‬جريدة رسمية الصادرة في ‪ 38‬سبتمبر ‪ 9333‬عدد ‪ 13‬المعدل‬
‫والمتمم‪.‬‬

‫‪ ‬القانون ‪ 37-37‬المؤرخ في ‪ 63‬محرم ‪ 6892‬الموافق ‪ 97‬جانفي ‪ ، 9337‬جريدة رسمية‬


‫رقم‪ 38‬سنة‪ 9337‬المعدل لقانون رقم ‪. 69-33‬‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 63-77‬المؤرخ في ‪ 61‬جويلية ‪ 6277‬المتعلق بالمياه‪ُ ،‬‬


‫المعدل بموجب األمر‪:‬‬
‫‪ 67-21‬الصادر في ‪ 63‬جوان‪.6221‬الملغى بالقانون‪ :‬رقم ‪ 69-33‬المؤرخ في ‪97‬‬
‫جمادى الثانية عام ‪ 6891‬الموافق لـ ‪ 38‬غشت ‪ :9333‬المتعلق بالمياه‪.‬‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 63-37‬المؤرخ في ‪ 62‬جمادى األولى ‪ 6898‬هـ الموافق ‪ 62‬يوليو ‪9337‬‬


‫المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة جريدة رسمية صادرة في‪93 :‬‬
‫جويلية‪ 9337‬رقم‪.87‬‬

‫‪221‬‬
‫د‪ .‬بن حملة سامي‬ ‫مظاهر الحماية القانونية للموارد المائية‬

‫‪ ‬المرسوم التنفيذي‪ :‬رقم ‪ 737-37‬الصادر في ‪ 93‬سبتمبر ‪ 9337‬يحدد صالحيات وقواعد‬


‫تنظيم سلطة ضبط الخدمات العمومية للمياه وعملها‪ ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪.9337 - 31‬‬

‫ثانيا‪ :‬المقاالت‬

‫أ‪ -‬باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ ‬طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬مظاهر الحماية الجنائية للبيئة في الجزائر‪ :‬الحماية الجنائية المقررة‬
‫بموجب قانون المياه‪ ،‬حوليات مخبر الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض‬
‫المتوسط‪ ،‬جامعة منتوري قسنطينة‪.6227 ،‬‬
‫‪ ‬طاشور عبد الحفيظ‪ ،‬حول فعالية سياسة التجريم في الجزائر في مجال حماية البيئة‪ ،‬كتاب‬
‫جماعي‪ ،‬البيئة في الجزائر‪ :‬التأثير على األوساط الطبيعية واستراتيجات الحماية‪ ،‬تحت‬
‫إشراف األساتذة ‪:‬أ‪.‬د عزوز كردون‪ ،‬أ‪.‬د محمد الهادي لعروق‪ ،‬أ‪.‬د محمد ساحلي‪ ،‬مخبر‬
‫الدراسات واألبحاث حول المغرب والبحر األبيض المتوسط‪ .‬جامعة منتوري قسنطينة‪،‬‬
‫‪.9336‬‬
‫ب‪ -‬باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪ KERDOUN (A), L’eau en Algérie : d’une gestion insuffisante à une‬‬


‫– ‪protection tardive. Annales du laboratoire d’études et de recherches‬‬
‫‪Maghreb Méditerranée édit 1998. L’université Mentouri Constantine‬‬
‫‪ KERDOUN (A), Les termes D’une approche environnementale; Etat des‬‬
‫‪lieux et Dynamique de protection, ouvrage collectif; L’ENVIRENNEMENT‬‬
‫‪EN ALGERIE , Impacts sur l’ecosysthme et stratégie de protection ;s-d ;A‬‬
‫‪kerdoun, M H larouk, M sahli, laboratoire d’études et de recherches‬‬
‫‪Maghreb Méditerranée, Université Mentouri Constantine, éd 2001.‬‬

‫ث‪ -‬المراجع اإللكترونية‪:‬‬


‫‪ ‬موقع رئاسة الجمهورية‪:‬‬
‫‪www.elmouradia-dz‬‬

‫‪222‬‬

You might also like