Professional Documents
Culture Documents
مجلة الباحث
للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية
Researcher's journal
of Legal and Judicial Researches and Studies
جملة قانونية علمية حمكمة تعنى بنشر املقاالت واألحباث القانونية والفقهية والقضائية
رئيس التحرير – األستاذ جعفر القامسي ******** املدير املسؤول – األستاذ ممد القامسي
مجلةقانونيةعلميةمحكمة
FCB-Pmajalatlbahit
1 Majalatlbahit2017@gmail.com www.allbahit.com
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
( يَرْفَعِ اللَهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَهُ
بِمَا تَعْ َملُونَ خَبِيرٌ )
صدق اهلل العظيم
اآلية احلادية عشر ( )11من سورة اجملادلة
P2 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
P3 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
P4 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
P5 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
مجلة الباحث
للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية
مجلة قانونية علمية محكمة تعنى بنشر المقاالت واألبحاث القانونية والفقهية
والقضائية المغربية والمقارنة
تصدر كمبدأ عام كل شهر أو شهرين على الموقع اإللكتروني (موقع الباحث اإللكتروني)
www.allbahit.comوكذا العديد من المواقع القانونية األخرى المغربية والعربية المشهود
لها بالكفاءة والصدق واألمانة العلمية
كلالمواقفواآلراءالواردةفيالمجلةالتعبرسوىعنآراءكاتبيهاوالتعبرعنرأيالمجلة
شروط وقواعد النشر في مجلة الباحث
-1أن ينصب موضوع املقال على اجملال القانوني أو الفقهي أو القضائي حسب األحوال.............................
-2أن يكون البحث أو املقال حمرتما لشروط وأجبديات البحوث العلمية الدقيقة.......................................
-3احرتام األمانة العلمية ،وتوثيق املعلومات ،وتفادي األخطاء املادية واملنهجية.......................................
-4أن يكون البحث أو املقال قد أجاب عن اإلشكاالية اليت يطرحها يف جمملها..........................................
-5تدرج االحاالت حصرا يف كل صفحة حتت طائلة رفض املقال املرسل...................................................
-6يتعني على كاتب املقال باللغة العربية ترمجة عنوان املقال نفسه إىل اللغة اإلجنليزية...................................
-7يذيل املقال حصرا جبرد لالئحة املراجع املعتمة يف حتريره حتت طائلة رفضه........................................
-8يتحمل كاتب كل مقال منشور باجمللة ما به من سرقات أدبية ومغالطات عليمة.......................................
-9ترسل املقاالت بصيغة ) (wordإىل الربيد اإللكرتوني حصرا (.............)majalatlbahit2017@gmail.com
-11يضمن باملقال وجوبا البيانات املتعلقة بالكاتب تتضمن (امسه ودرجته العلمية وصفته املهنية) ............... ...........
.
-11يرفض كل مقال ال يتوفر على احلد األدنى من الشروط السالفة الذكر ،أو مل حيرتم اإلجراءات املبينة سلفا....... .
.
-12تعمل اجمللة على إخبار كاتب كل مقال بالعدد الذي سينشر فيه مقاله...............................................
-13ال تسلم شهادة النشر والوعد بالنشر إال للضرورة ،وهما مؤدى عنهما...............................................
. . .
-14يبقى نشر املقاالت جماني وبدون أية رسوم كمقابل؛ وتنشر اجمللة على أوسع نطاق.............................
-15تعمل اجمللة على إصدار مؤلفات مجاعية ورقية بشكل دوري استنادا ألجود املقاالت املتوصل بها.....................
-16للمزيد من املعلومات ،ميكن التواصل عرب الوتساب 0449477777أو بالربيد اإللكرتوني املبني أعاله......
.
P6 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
P7 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
....
P8 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
P9 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
مقاالت وأبحاث
قانونية وقضائية
باللغة العربية
الجنائية ،وإن كان قد أكد على الصلح الجنائي في قانون المسطرة الجنائية.2
-1الوساطة تعد إحدى الوسائل الهادفة إلى تنمية روح الرضا والتسامح بين الجاني والمجني عليه ،عن طريق التوصل إلى اتفاق حول
كيفية قيام الجاني بإزالة اثار األضرار التي لحقت بالمجني عليه من جراء جريمته ،ودون أن يتكبد في ذلك مشاق التقاضي وطول
اإلجراءات و تعقيدها.
- 2المادة 14من قانون المسطرة الجنائية ...":في حالة موافقة وكيل الملك وتراضي الطرفين على الصلح ،يحرر وكيل الملك محضراً
بحضورهما وحضور دفاعهما ،ما لم يتنازال أو يتنازل أحدهما عن ذلك ،ويتضمن هذا المحضر ما اتفق عليه الطرفان.
يتضمن المحضر كذلك إشعار وكيل الملك للطرفين أو لدفاعهما بتاريخ جلسة غرفة المشورة ،ويوقعه وكيل الملك والطرفان.
يحيل وكيل الملك محضر الصلح على رئيس المحكمة االبتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بحضور ممثل النيابة
العامة والطرفين أو دفاعهما بغرفة المشورة ،بمقتضى أمر قضائي ال يقبل أي طعن.
...توقف مسطرة الصلح واألمر الذي ي تخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه ،في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة
الدعوى العمومية .ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ االلتزامات التي صادق
فاعتماد مؤسسة الوساطة الجنائية والأخذ بها كآلية بديلة لحل المنازعات
الجنائية قد ثبتت أهميتها من خلال بعض الأنظمة القانونية والقضائية المقارنة .3فإن
السؤال الم طروح هو إلى أي حد يمكن القول بإمكانية إدماج نظام الوساطة الجنائية
إن إمكانية إدماج نظام الوساطة الجنائية بالمغرب يبقى متاحا ومتوفرا خاصة
مع وجود عدة عوامل مساعدة على تبني وتفعيل هذا البديل ،فبالإضافة إلى الرصيد
للدين الإسلامي والتي تدعو جميعها إلى التسامح والحوار وتجنب الشقاق و الخصام،
هناك عدة عوامل رسمية و واقعية تتجسد بالخصوص تتضمنها بعض الخطب الملكية،
والاتفاقيات الدولية من جهة (الفقرة الأولى) وفي عوامل واقعية تشير إليها القوانين
هناك عدة مؤشرات رسمية تدل على أن المشرع المغربي سيأخذ بنظام الوساطة
الجنائية اجلا أو عاجلا ،حيث تشكل تلك المؤشرات نقطة توجه جديد ،ترصد السياق
على التدخل بشكل أساسي لإرساء نظام وساطة متكاملة و خصوصا أن نظام الوساطة
عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل األجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ،ما لم تكن هذه األخيرة
قد تقادمت" .....
3القانون 4/41مكرر من قانون اإلجراءات المصري رقم 471لسنة ،4811والمادة 012من قانون اإلجراءات والمحاكمات الجزائية
الكويتي ،وقد جاء تكريس الية الصلح ضمن هذه القوانين إسوة ومسايرة لتوجهات التشريعات الحديثة كالمشرع الفرنسي ،وكذا المشرع
البلجيكي الذي أخذ بالصلح على مستوى الفصل 0-0-41من قانون المسطرة الجنائية الصادر في 42فبراير .4881
يحظى باهتمام السلطات العليا بالمغرب (أولا) وتؤطره الاتفاقيات الدولية و المغرب
يعد قطاع العدل من أهم القطاعات الحاضرة وبصفة دائمة في الخطب الملكية،
ويرجع ذلك إلى الصلة الوثيقة التي تجمع بين المؤسسة الملكية وقطاع العدل ،بوصف
الملك أمير المؤمنين ،المختص دستوريا بالموافقة على تعيين القضاة من قبل
المجلس الأعلى ،ويرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ويعين رئيس المحكمة
أن القضاء من وظائف إمارة المؤمنين وأن الملك هو المؤتمن على استقلال القضاء،
وتعتبره عمادا لما تحرص عليه من مساواة للمواطنين كما جاء في الخطاب الملكي
السامي "إننا نعتبر القضاء عماد لما نحرص عليه من مساواة المواطنين أمام القانون،
وملاذا للإنصاف ،الموطد للاستقرار الاجتماعي ،وإن قوة شرعية الدولة نفسها ،وحرمة
ولا شك أن منطلقات الإصلاح التي حددها الخطاب الملكي والتي تتمثل في ستة
منطلقات أساسية تلخصها عبارة" :الإصلاح العميق والشامل" أولها ،دعم ضمانات
استقلال القضاء ،وثانيها تحديث المنظومة القضائية المنطلق الثالث يتعلق بتأهيل
-4كما تنص على ذلك فصول الدستور تباعا الفصل 14و 75و75و 491و 431والفصل ،421الظهير الشريف رقم ،4 .44 .94الصادر شعبان 29( 4931
يوليوز )2144القاض ي بتنفيذ نص الدستور.
-5الخطاب الملكي السامي الموجة إلى األمة بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب بتطوان ،الخميس 21غشت ،2119منشور على
الموقع اإللكتروني www.adrare.netتاريخ الولوج .2142/44/41
الهياكل القضائية والإدارية ،أما المنطلق الرابع الذي حدده الخطاب الملكي السامي
فيتجلى في تأهيل الموارد البشرية ولعل هذا الموضوع يعد مربط الفرس في كل
إصلاح يسند إرساء الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف لدى المتقاضين
والمواطنين.
وهو ما أكده الخطاب الملكي السامي السالف الذكر حيث يقول جلالته ...":مهما
كانت وجاهة الأهداف الاستراتيجية التي يمتد إنجازها على المدى البعيد ،فلا ينبغي
أن تحجب عن حاجة المواطنين الملحة ،في أن يلمسوا عن قرب وفي الأمد المنظور
الأثر الإيجابي المباشر للإصلاح لذا نوجه الحكومة وخاصة وزارة العدل للشروع في
تفعيله في ستة مجالات ذات أسبقية...وبموازاة ذلك يتعين تطوير الطرق القضائية
البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح والأخذ بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء
القرب".
إن الخطب الملكي السامي يخلص إلى ضرورة توجيه البرلمان للشروع في تفعيل
الإصلاح في مجالات متعددة تتقدمها تحديث المنظومة القانونية من خلال نهج سياسة
جنائية جديدة بالتوازي مع تطوير الطرق القضائية البديلة ،6ويطرح الخطاب الملكي
خيار الوساطة من بين هذه الخيارات بشكل صريح ،الأمر الذي يفيد الاتجاه نحو
الانخراط في السياسة الجنائية المعاصرة التي تأخذ العدالة التصالحية أساسا لها،
واعتبار الوساطة نظام بديل وخيار آخر للتسوية التوافقية من خصائص التوجهات
اصالح العدالة و وضع السياسة الجنائية فقد اناطه الدستور بالسلطة التشريعية –على ضوء قرار المجلس الدستوري عدد 419884وتاريخ 41مارس 0241و بمناسبة دراسته للمادة 442
-6
من القانون التنظيمي رقم 422-41المتعلق بالمجلس االعلى للسلطة القضائي*
* محمد عبد النبوي (مجلة محاكمة العدد الرابع عشر ،السنة الثانية عشر ،فبراير/أبريل )2141
الحديثة للسياسة الجنائية المعاصرة ،التي ينخرط المغرب ضمنها ،ويتجسد الاهتمام
الحديثة للسياسة الجنائية المعاصرة في الرسالة الملكية التي وجهها جلالته إلى
المؤتمر التاسع والأربعين للاتحاد الدولي للمحامين المنعقد بفاس الأربعاء 31غشت
، 2005حيث جاء فيه ...":لقد بو أ المغرب على الدوام صدارة سياسته الداخلية
والوفاء بالعهود وكذا العمل الدؤوب على تحقيق الإنصاف وترجيح التسوية القانونية
لكل المنازعات ،7"...والواضح من هذا الخطاب أن سياسة الإصلاح التي انخرط فيها
المغرب تعتمد منطلق الحكامة الجيدة في إطار البحث عن السبل الكفيلة بفعالية
ونجاعة القضاء ونظام العدالة ككل ،وتنزل الإرادة الملكية السامية الرامية إلى تطوير
ولا تقف مؤشرات إدماج الوساطة الجنائية في التشريع الجنائي المغربي عند
الخطب والرسائل الملكية بل نلمسها كذلك على مستوى الاتفاقيات أو الأوفاق الدولية،
على اعتبار أن المغرب حريص على التجاوب مع العديد من الاتفاقيات ذات الصلة
-7الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المؤتمر 19لالتحاد الدولي للمحامين المنعقد بفاس ،يوم األربعاء 34غشت ،2117منشور على الموقع اإللكتروني
www.adrare.netتاريخ الولوج .2142/44/41
يشكل حرص المغرب على تسجيل انخراطه الفعلي والدائم في المنتظم الدولي
إحدى المحددات الأساسية لسياسته الخارجية ،التي تتخذ تمظهرت عدة في مقدمتها
الاستناد إلى احترام المواثيق الدولية والمصادقة عليها ،ودسترة هذا الموقف في
ومن بين الدلالات والمؤشرات التي تؤكد على أن النظام القانوني المغربي يسير
نحو الأخذ بال طرق البديلة لحل المنازعات ،نجد المؤشرات الدولية تنص على الأخذ
بالوسائل البديلة لحل المنازعات الجنائية ،والمغرب يؤكد من خلال هذه الاتفاقيات
والمؤتمرات الدولية على اهتمامه بتحديث سياسته الجنائية ،وبالتالي إعداد الأرضية
وفي هذا السياق جاء في إعلان فيينا الصادر عن الأمم المتحدة العاشر لمنع
والذي كان من بين أهم أهدافه التشجيع على نهج العدالة التصالحية التي تستهدف
الحد من الإجرام ،وتساعد على إبراء الضحايا والجناة والمجتمعات ،حيث جاء في
التوصية 22منها" :نقرر أن تستحدث ،عند الاقتضاء ،خطط عمل وطنية وإقليمية
لمحاربة الجريمة ،كآليات الوساطة والعدالة التصالحية ،ونقرر أن يكون عام 2002
هو الموعد المستهدف لكي تراجع فيه الدول ممارساتها في هذا الشأن ،وتواصل
تطوير خدمات دعم الضحايا وتنظيم حملات توعية بحقوق الضحايا ،وتنظر في إنشاء
صناديق لصالح الضحايا ،إضافة إلى وضع وتنفيذ سياسات لحماية الشهود".8
متكاملة من خلال دعم الضحايا وإعادة بناء العلاقة بين الضحية ومرتكب الجريمة.
السجنية التي أصبحت لا تقوم بوظيفتها الإصلاحية ،حيث أن الغاية المثلى من العدالة
التصالحية ،هي مواجهة فشل العقوبة السالبة للحرية ،وهو ما تكرسه التوصية 25
من نفس الإعلان والتي تنص على ":نعلن التزامنا بإعطاء أولوية للحد من تزايد
عدد السجناء واكتظاظ السجون بالمحتجزين قبل المحاكمة وبعدها من خلال ترويج
بدائل مأمومة وفعالة للحبس ،حسب الاقتضاء" ،9ويأتي بروتوكول التعاون مع منظمة
البحث عن أرضية مشتركة والمتعلق بإدخال الوسائل البديلة لحل المنازعات إلى
النظام القضائي المغربي في إطار مشروع تدعمه الحكومة البريطانية ،في خضم سياق
المركزية لوزارة العدل ،من خلال تنظيم أوراش وزيارات ميدانية داخل المغرب
-8إعالن فيينا بشأن الجريمة والعدالة ،مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ،صدر عن مؤتمر األمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة املجرمين
المنعقدة في فيينا من 41إلى 45أبريل ،2111منشورة على الموقع اإللكتروني ،www.lawjo.net :تاريخ الولوج .2142/44/21
-9الموقع اإللكتروني ،www.lawjo.net :الموقع السابق.
وخارجه للوقوف على تقنيات الوساطة وكل الجوانب القانونية والواقعية المتعلقة
بها.10
وهيئات حقوقية ونقابية بمختلف مشاريعها من خلال تنظيم لقاءات علمية ومهنية
الذين يسهرون على تكوينهم ،ومواصلة دعم حملة التحسيس والتوعية بخصوص
التالية:
-إعطاء المتقاضين فرصة أكبر للوصول إلى حلول ترضيهم بأقل التكاليف
وبأسرع وقت.
-10تم بتاريخ 111/17/25تنظيم الورشة التكوينية األولى بالمركب االجتماعي بتيط مليل عمالة مديونة في موضوع تعميق المهارات واألساليب القانونية البديلة
لحل النزاعات ودراسة أنجع الطرق لتقنينها ومأسستها ،كما نظمت زيارة ميدانية ملجموعة العمل المشرفة على المشروع إلى المملكة المتحدة الكتساب الخبرة
الالزمة والوقوف على التجربة البريطانية في مجال الوسائل البديلة لحل المنازعات بصفة عامة والوساطة بصفة خاصة وذلك بتاريخ .2117/5/23/21
أنظر في ذلك بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات الطبعة األولى ،2119المرجع السابق ،ص .217
-11تم توقيع عدة بروتوكوالت للتعاون في هذا الصدد ،وإحداث مجموعة عمل من قضاة ومحامين وتنظيم أوراش تكوينية بالمغرب خالل سنوات -2117 ،2114
2115و ،2115أنظر في هذا الصدد بنسالم أوديجا ،المرجع السابق ،ص .215
-العمل على إحداث هياكل إدارية لإدارة الوسائل البديلة لحل المنازعات في
المغرب.
وفي إطار المراحل التنفيذية لهذا المشروع تم انجاز أنشطة مقررة في ظل هذا
البرنامج كان أهمها وضع تصورات حول إحداث مشروع نموذجي في ميدان تطبيق
وتجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من المعاهد الدولية التي صادق عليها
الم غرب والاتفاقيات الثنائية والتي تنص على ضرورة اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل
وضرورة اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل المنازعات التي يمكن أن تنشئ عنه فإن
هذه الأخيرة (أ ي الاتفاقيات والمعاهدات) التي تمثل أرضية ومؤشرات رسمية على
استعداد المغرب لإدماج نظام الوساطة في نظامه القانوني والقضائي ،وما إذا كان
بالإمكان أن يستوعب النظام القانوني والقضائي بالمغرب نظام الوساطة كوسيلة ودية
لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار فإن ذلك يمهد الطريق لإمكانية إدماج نظام
-12نذكر منها االتفاقيات الثنائية التي وقعتها المملكة المغربية مع دول أخرى في مجال التعاون القضائي فيما القضايا المرتبة
باألسرة (الزواج والطالق ،الحق في الحضانة وزيارة األطفال) مثل االتفاقية التي وقعت في 4914 /1 /41بين المغرب وفرنسا الصادرة بالجريدة
الرسمية بتاريخ 4915 /41 /5كما وقع المغرب على عدة معاهدات دولية في مجال تشجيع االستثمار تنص على ضرورة اللجوء إلى الوسائل
البديلة لحل النزاعات وخاصة الوساطة مثل-:معاهدة واشنطن المؤرخة في 4957/3/41بشأن حل منازعات االستثمار والتي صودق عليها
بمقتض ى المرسوم الملكي الصادر في 43أكتوبر ،4957واتفاقية التبادل الحر مع المملكة األردنية الهاشمية الموقعة بتاريخ 45يونيو 4991
والمصادق عليها في 4999/5/31بمقتض ى ظهير شريف رقم .1 .99 .29
للمزيد من التفاصيل أنظر :بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات ،المرجع السابق ،ص 239 :وما
يليها.
الوساطة في منظومتنا الجنائية الأمر الذي نلمسه جليا في المؤشرات الواقعية من
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد تبنى مبدأ سمو الاتفاقات الدولية
التي صادق عليها المغرب ،على قوانينه الداخلية 13و حث على ملاءمة تشريعاته مع
الاتفاقيات الدولية .وهو ما من شأنه أن يشكل نقطة الانطلاقة في وضع نظام قانوني
بعد الحديث عن المؤشرات الرسمية للأخذ بالوساطة ،والتي تهدف إلى الأخذ
نحو ما سبق بيانه في الخطب والرسائل الملكية وفي إبرام وانضمام المغرب في عدة
اتفاقيات دولية وثنائية ذات الصلة ،والتي أعطت زخما للسير قدما نحو إمكانية وضع
نظام للوساطة الجنائية ،نجد هناك مجموعة من المؤشرات الواقعية والمتمثلة بالأساس
في صدور مجموعة من القوانين تعتمد الطرق البديلة ،ومنها الوساطة (أولا) والاهتمام
الرسمي لوزارة العدل بنظام الوساطة وكذا اللقاءات والندوات العلمية ،الوطنية
والدولية المهتمة بالوساطة (ثانيا) ناهيك عن المؤسسات القانونية التي تتمثل في
من خلال المراحل التشريعية التي تم قطعها ،يتضح أن المشرع أولى التسوية
الودية ،كبديل لفض المنازعات ،أهمية جوهرية سواء على مستوى قوانين الإجراءات
أو قوانين الموضوع ،أو على مستوى بعض القوانين ذات الطبيعة الخاصة ،وهو التوجه
الذي تم تكريسه من خلال صدور عدة نصوص قانونية تروم العدالة التصالحية ،منها
قانون التحفيظ العقاري ،كراء المحلات التجارية والصناعية ،قانون التحكيم والوساطة
الاتفاقية ،قانون المسطرة الجنائية ،مدونة الشغل ،مدونة الأسرة وكذا مدونة التجارة.
أثناء مسطرة التحفيظ إذا أقدم تعرض ضد مطلب التحفيظ ولم يقم طالب التحفيظ
بإزالته أو القبول به أو تجزئة مطلبه ،ساغ للمحافظ على الأملاك العقارية أثناء
جريان المسطرة ،وقبل توجيه الملف إلى المحكمة المختصة ،أن يعمل على تصالح
أطراف النزاع ،ويحرر محضرا بالصلح ،والاتفاقيات أطراف النزاع المدرجة بهذا
وبالنسبة للقانون المنظم لكراء المحلات لتجارية والصناعية أوجب المشرع كلما
تعلق النزاع بفسخ أو تجديد عقد الكراء ،سلوك مسطرة الصلح أمام رئيس المحكمة
بصفته قاضيا للموضوع مختص بإجراء الصلح بين طرفي العقد المكري والمكتري.
- 14ظهير 9رمضان 4334الموافق 42غشت 4943بشأن التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 41-15الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 4 .44 .455بتاريخ 22نونبر 2144منشور بالجريدة الرسمية عدد 7991بتاريخ 21نونبر 2144ص .7757
على الصلح والتحكيم لحل منازعات الشغل الفردية والجماعية المواد -10-21
على التصالح إما على مستوى مفتشية الشغل ،واللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة
وعلى سلوك مسطرة التحكيم ،علما أن مدونة الشغل تركت المجال مفتوحا للتنصيص
أساسي خاص.
كما أن مدونة التجارة ذهبت في نفس الاتجاه حيث توجد مجموعة من المواد
في هذا الإطار منها ( 529الدور الذي يقوم له الوكيل الخاص الذي يعينه رئيس
وتعتبر مدونة الأسرة نموذجا إيجابيا في مجال الأخذ بالوسائل البديلة حيث أن
انتداب حكمين أو مجلس العائلة لإصلاح ذات البين بين الزوجين (المواد 82-81
تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة يشير إلى أن هذه الأخيرة تلعب دورا أساسيا في
-15القانون رقم 99 .57بمثابة مدونة الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 4 .13 .491الصادر في 41رجب 4121الموافق لـ 44شتنبر .2113
الوساطة بين الخصوم من خلال توسط قضاة الأطراف النزاع للوصول بهم إلى تسوية
وفي الميدان الجنائي نجد من جهة أولى ،أنه وعلى غرار التشريعات المقارنة
إلى تبني مبدأ الصلح من خلال المادة 250من هذا القانون ،كآلية حديثة لتجاوز
العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية ،إذ يمكن مراجعة
أطراف النزاع ،إما بمحض إرادتهم أو باقتراح من النيابة العامة ،لحل النزاع بشكل
وباستقراء المادة 21من ق.م.ج قد يتبادر إلى الذهن أن المشرع المغربي قد
أ دمج الوساطة في إطار مادة الصلح على خلاف التشريعات المقارنة أن التعمق في
مقتضيات هذه المادة يشير إلى أن الأمر يتعلق بمسطرة صلح جنائي لا غير لاعتبارات
عدة أهمها أن الوساطة الناشئة تحتاج إلى نظام متكامل ينظمها ويحكمها وأن المكلف
بالقيام بها يجب أن يكون مكونا تكوينا خاص على غرار التشريعات المقارنة.18
يمكن القول أن توجه وزارة العدل نحو الأخذ بالوساطة ،بهدف الاستفادة من
فوائدها ،وهو ما يبدو واضحا من خلال مجموعة من المؤشرات مثل تنفيذ برنامج
-16بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات ،المرجع السابق ،ص .272 -274
-17القانون رقم 22 .14المتعلق بالمسطرة الجنائية القاض ي بتنفيذه الظهير الشريف رقم 4 .12 .277الصادر في 27رجب ،4123الموافق لـ 3أكتوبر ،2112
الصادر في الجريدة الرسمية عدد 751بتاريخ 31يناير ،2113ص .347
18المادة 14من ق.م.ج تهم مؤسسة الصلح الزجري والسدد بين الخصوم .
يعتمد أساسا على الخطب الملكية السامية ،وتنفيذ برنامج للتعاون بين الوزارة وبعض
المنظمات غير الحكومية مثل منظمات البحث عن أرضية مشتركة وذلك من أجل
مؤ سسة الوساطة ،وإدخالها إلى النظام القضائي المغربي ،تأكيد وزير العدل في عدة
مناسبات على أهمية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات منها كلمة افتتاح ندوة
ويظهر توجه وزارة العدل نحو الأخذ بالوساطة كذلك من 19
ذات الصلة بالموضوع
خلال التجربة التي راكمتها بالخصوص بعض برامج التعاون الدولي التي تهتم
الأنظمة القضائية ،والأنشطة التي تمت في إطاره على مستوى تكوين مجموعة عمل،
وتحديد المشاكل والحاجيات ،والتعرف على طرق معالجتها من خلال تجارب أمريكية
-19بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض المنازعات ،المرجع السابق ،ص.215 :
وللمجتمع المدني "كما نظمت عدة ندوات ومناظرات وطنية تصب في موضوع الأخذ
بالوسائل البديلة وإدماجها في السياسة الجنائية الوطنية يبقى أهمها المناظرة الوطنية
التي نظمتها وزارة العدل بمكناس أيام 9و 10و 11دجنبر ،2002حول
يومي 22و 21أبريل 2002حول موضوع السياسة الجنائية في الوطن العربي ،
ويمكن القول أن الاهتمامات الرسمية لوزارة العدل بموضوع الوسائل البديلة لفض
المنازاعات عامة والوساطة بشكل خاص تجاوزت نطاق العمل الجدي والمثمر في
إطار برامج التعاون الدولي والوطني إلى خلق شراكات تروم التنسيق بين فاعلين
وطنيين ودوليين.20
نظام الوساطة وإن كان غير مقنن بالمغرب ،إلا أنه بالرجوع إلى واقع بعض
المؤسسات القانونية نجد أن هذه الأخيرة تلعب دور الوسيط في حلال المنازعات
الناشئة بين الأطراف ،ومن بين هذه المؤسسات هناك نظام الحسبة ،حيث تم تكريس
هذا النظام في المغرب كخطة شرعية منذ عدة قرون على يد السلاطين والملوك
الذين تعاقبوا على حكم البلاد ،والجدير بالذكر أن التحولات السياسية والاقتصادية
والاجتماعية التي حصلت محليا ودوليا لم تمنع المغرب من الحفاظ على هذا الإرث
-20ومثال ذلك خلق هيأة عمومية وخاصة ولجنة تقنية من أجل تشجيع اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات ،ومنها الوساطة تتشكل
من وزارة العدل ،ووزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي ،والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون
العامة والحكامة.
الحرف ،21يقوم المحتسب بتنظيم العلاقات الحرفية ويراقب السوق معاملاتها ،ويلعب
دورا هاما في الوساطة بين الخصوم كوسيلة لحل النزاع المهنية باعتباره الرجل
والتجار ،والأكثر دراية بطبيعة المشاكل والنزاعات المطروحة ،22حيث يقوم المحتسب
عند ممارسة مهام الوساطة والمصالحة بين طرفي النزاع باستدعائهما ،وله أن
يستعين بأمين حرفة أو بعدة أمناء بقصد الاستعانة برأيهم عند الضرورة ،وقد تفضي
المساعي الحميدة التي يقوم بها في إطار عملية الوساطة إلى نتائج إيجابية فيقوم
بتوثيقها في محضر قانوني يوقعه هو وأطراف النزاع طبقا للمادة 11من ظهير
،1982وفي حالة فشل محاولة التسوية يسلم المحتسب شهادة للأطراف وتتضمن
الإجراءات التي قام بها والمعوقات التي حالت دون الوصول إلى تسوية ودية ،وهذه
بهدف:
-21القانون رقم 20910المتعلق باختصاصات المحتسب وأمنا الحرف ،القاضي بتنفيذه الظهير الشريف رقم 4.10972بتاريخ 01شعبان
4120الموافق لـ 04يونيو ،4810الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1111بتاريخ 7يوليو ،4810ص .117
-22بنسالم أوديجا ،الوساطة كوسيلة من الوسائل لفض المنازعات ،بحث تأهيلي في إطار دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
المدني ،مرجع سابق ،ص .11
-23أنشأت مؤسسة الوسيط عوضا لديوان المظالم وقد اختلفت تسمية هذه المؤسسة بين ديوان المظالم ،أو وكيل البرلمان أو المفوض
البرلماني ) (Oumbudsmanأو وسيط الجمهورية ،أو محامي الشعب ،أو محامي المواطن ،أو الوسيط األوربي إلى غيرها من التسميات
التي أطلقت عليه في القوانين واألنظمة المقارنة ففي المغرب كان ديوان المظالم الذي أصبح مؤسسة الوسيط فيما بعد ،وفي فرنسا "وسيط
الجمهورية" وفي السويد "األمبودسمان" أو المفوض البرلماني وفي بريطانيا "الوكيل البرلماني لإلدارة" وفي إسبانيا "المدافع عن الشعب"
" ،"El Defensor Del Puebloوفي المملكة العربية السعودية ناظر المظالم وفي تونس "مصالح المرفق اإلداري".
-وضع إطار لصيانة حقوق الإنسان من أجل الحفاظ على كرامة المواطن
-السهر على الشرعية والإنصاف بهذه الإدارات ،ويبقى القاسم المشترك بين
المهام التي تتولاها هذه المؤسسة والوساطة كونها وسيطا كما يدل على ذلك اسمها
بين المواطن والإدارة ومؤسساتها ،وملاذا لتظلمات كل من يعتبر نفسه ضحية أي
إذ أن الوسيط في مؤسسة الوسيط يقوم بمساع توفيقية وودية بين الإدارة
والمواطن الذي يشعر أنه تعرض لحيف أو لحقه ضررا وذلك بهدف الوصول إلى حل
توفيقي وتسوية للوضعية موضوع التظلم في إطار مسطرة تتميز بالمجانية واليسر
فإن موضوع التظلم يقفل .أما إذا فشلت فإنه يباشر تحقيق واستقصاء بشأن التظلم
وبالتالي الوقوف على مدى وجاهة موقف المتظلم .وبالتالي قيام مؤسسة الوسيط
بإصدار توصية للإدارة المعنية بقصد تصحيح موقفها فإذا نفذت التوصية تم إرجاع
الأمور إلى نصابهاـ أما إذا امتنعت عن التنفيذ يشار إلى موقف الإدارة في تقرير
مؤسسة الوسيط ،25ويعتبر قضاء القرب إلى جانب مؤسسة المحتسب وأمين الحرفة
وقد تم إحداث مؤسسة ديوان المظالم بالمغرب بمقتضى الظهير الشريف رقم 49249081الصادر بتاريخ 01رمضان 8 4100دجنبر
،0224وتم الشروع في العمل بها أواخر سنة 0221بعد المصادقة على نظامها الداخلي بمقتضى الظهير الشريف رقم 49219012
الصادر في 8شوال 1( 4101دجنبر .)0221
-24منشور على الموقع االلكتروني www.diplomaatic.ma :تاريخ الزيارة 04/24/0240
-25خدمة المواطن واإلدارة في ديوان المظالم إلى مؤسسة الوسيط ،مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي ،يوم ،0240/24/47بقلم
هادن الصغير.
ومؤسسة الوسيط نماذج لأنظمة مارست ،وما تزال في المغرب الوساطة أو ما يقاربها،
وقد تم إحداث هذه الأنظمة في إطار مقاربة حرص الدولة ومؤسساتها على تحسين
أدائها ،وتحقيق المصالحة بين الإدارة والقضاء من جهة والمواطن من جهة أخرى
وفي هذا الصدد تم إنشاء وتنظيم قضاء القرب بمقتضى الظهير الشريف رقم
26
1.11.151الصادر في 12رمضان 11( 1232أغسطس )2011
ليعوض محاكم الجماعات والمقاطعات ،وقد جاء الاهتمام بقضاء القرب ،نتيجة البحث
عن العدالة المنشودة ،وعن تطبيق قواعد العدل والإنصاف والذي يهم تدبير الشأن
الأساسية للأنظمة القضائية ،ويشكل إلى جانب اهتمامها بالوساطة كحل بديل،
ومواجهة معضلات التقاضي ،قاسما مشتركا بينهما ،ولا يختلف اثنان في كون قضاء
القرب يدخل في صلب الشأن القضائي ،ويشكل أحد محاور الإصلاح القضائي في
السياسة العامة للحكومة عموماـ وسياسة وزارة العدل خصوصا ،وأن مميزات و اثار
قضاء القرب تبدو ذات علاقة بمجموعة من المفاهيم ،منها التنمية والمواطنة والإنصاف
-26القانون رقم 10942المتعلق بقضاء القرب وتحديد اختصاصاته القاضي بتنفيذه الظهير الشريف رقم 49449412الصادر في 41
رمضان 47( 4110غشت ،)0244والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 1841بتاريخ 1شتنبر .0244
الشخصية المنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم ،28وفي المخالفات
المرتكبة من طرف الرشداء المنصوص عليها في المواد 15و 12و 11و 18من
ويكون قاضي القرب ملزما بمحاولة إجراء صلح بين الطرفين قبل مناقشة
وفي حالة تعذر الصلح بين طرفي الدعوى ببث قاضي القرب في موضوع 30
الدعوى
والجدير بالذكر أن تجربة قضاء القرب سواء في إطارها العام كحلقة في عقد
التنظيم القضائي المغربي ،أو في إطارها الخاص كمؤسسة من المؤسسات التي تبار
بالمغرب الوساطة والتوفيق والتصالح للوصول إلى حل النزاعات بصورة ودية راكمت
عدة نتائج إيجابية واستطاعت أن تساير الدور الجديد للقضاء كرافعة للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية ،وينسجم والسياسة الرامية من جهة إلى تقريب القضاء من
المتقاضين ،ومن جهة أخرى إلى تكريس العمل بالطرق البديلة كالوساطة والصلح
-27المادة 1من القانون رقم 10942المتعلق بتنظيم قضاء القرب على "تكون المسطرة أمام أقسام قضاء القرب شفوية ومجانية ،ومعفاة
من الرسوم القضائية".
-28المادة 42من نفس القانون تقضي بـ :يختص قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي ال تتجاوز قيمتها خمسة آالف
درهم."...،
-29تنص المادة 41من نفس القانون على ":يختص قاضي القرب بالبث في المخالفات المرتكبة من طرف الرشداء المنصوص عليها في
المواد الموالية ،ما لم يكن لها وصف **** إذا ارتكبت داخل الدائرة التي يشملها اختصاصها الترابي أو التي يقيم بها المقترف".
-30تنص المادة 40من القانو ن أعاله":يقوم قاضي القرب وجوبا قبل مناقشة الدعوى ،بمحاولة للصلح بين الطرفين فإذا تم الصلح بينهما،
حرر بذلك محضرا وتم اإلشهاد به من طرفه".
-31وهو تنص عليه المادة 41من القانون 10942حيث جاء فيه ":إذا تعذر الصلح بين طرفي الدعوى ،بث في موضوعها داخل أجل
ثالثين يوما بحكم غير قابل ألي طعن عادي أو استثنائي ،مع مراعاة أحكام المادة 7أعاله".
خاتمة :
إن نظام الوساطة الجنائية من الأنظمة الحديثة التي أخذت بها الكثير من الدول
من أجل التخفيف من قضائها الشرعي و قد لقي تأييدا من قبل العديد من الحقوقيين
النظام لما يحققه من مزايا وفوائد تعجز عن تحقيقه الأحكام القضائية الصادرة عن
المحاكم ،ومن أهم المزايا لنظام الوساطة الجنائية كونه يبحث عن جوهر المشكلة
و أسباب النزاع و يحاول معالجتها ووضع حلول مرضية للمجني عليه دون إجحاف
33
في حق الجاني ،كما تكفل المرونة في تقدير كيفية التعويض و صوره
و هذا يعني أن الوساطة تضمن للمتخاصمين وسيلة فعالة مبسطة و شرعية لحل
الوساطة كونها تمثل إخلالا بمبدأ العدالة و المساواة أمام القانون على اعتبار أنها
تعتمد على التعويض المادي لرأب الصدع مما قد يؤدي إلى إقصاء بعض الفئات من
الاستفادة منها لعدم قدرتهم على أداء مبلغ التعويض ،35كما ذهب الاتجاه الرافض
لنظام الوساطة إلى القول أن هذا الأخير يعد خرقا صريحا لمبادئ الدستور و مبدأ 36
32يمثل هذا االتجاه كل من :أشرف رمضان عبد الحميد ،حميد رجب عطية ،مدحت عبد الحليم رمضان و Bonafe-Schmittانظر
في ذلك عادل علي المانع ،الوساطة في حل المنازعات الجنائية ،بحث منشو ر في مجلة الحقوق ،تصدر عن مجلس النشر العلمي جامعة
الكويت ،العدد الرابع دجنبر ،0227ص 71و ما يليها.
33عادل يوسف عبد النبي شكري ،الوساطة وسيلة مستحدثة و بديلة لحل المنازعات الجنائية و المجتمعات ،مجلة الكوفة للعلوم القانونية
و السياسية ،مج ،0244 .ع ،8 .ص.411-11 .ص .447
34أشرف رمضان عبد الحميد ،الوساطة و دورها في إنهاء الدعوى العمومية ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،0221ص .412
35أشرف رمضان عبد الحميد ،الوساطة و دورها في إنهاء الدعوى العمومية ،دراسة مقارنة ،المرجع السابق ،ص .418
36أحمد فتحي سرور ،الشرعية الدس تورية و حقوق اإلنسان في اإلجراءات الجنائية ،دار النهضة العربية القاهرة ،طبعة ،4882ص
.148
فصل السلط ،فالقاعدة العامة تقضي بأن الدعوى الجنائية ليست محلا للتراضي و
ومما لا شك فيه أن الوساطة الجنائية تشكل إحدى أهم الاليات الزجرية الحديثة
التي حققت نتائج إيجابية ،في التصدي لظاهرة الجنوح البسيط على اعتبار أنها تشكل
الحل الملائم والفعال لمكافحة الجرائم البسيطة ،كما أنها تعتبر وسيلة ناجحة لتجاوز
الفشل الذي أبانت عنه سياسة العقاب القائمة على الطرق التقليدية الكلاسيكية في
محاربتها للجريمة ،كما أنه تعد الية للتخفيف من حدة الاثار السلبية لسياسة الزجر
والردع.
وقد اتضح من خلال دراسة بعض التشريعات المقارنة ،مدى إدراجها لعدة وسائل
بديلة للدعوى الجنائية ،ومنها الوساطة ،وخاصة في ظل طغيان أزمة العدالة الجنائية،
فكان اللجوء إليها لتخفيف العبء والضغط عن المحاكم من الكم الهائل المفترض
للفصل بها ،فكانت الوساطة الجنائية ،و التسوية الجنائية و إقرار التنازل عن الشكاية
سياستها الجنائية المعاصرة خاصة و أن ركيزتها رضا أطراف الدعوى ،و بذلك تتحقق
بالفصل حصحصة الدعوى النائية بعدما كانت ملكا للدولة لا يجوز التنازل عنها أو
و أزمة العدالة الجنائية ليست قصرا على بلد كالمغرب ،بل عرفتها جل الأنظمة
القضائية و لذلك اتجهت سياساتها التشريعية صوب البحث عن وسائل بديلة لتسوية
أحمد فتحي سرور ،الشرعية الدستورية وحقوق اإلنسان في اإلجراءات الجنائية ،المرجع السابق ،ص.148 : 37
المنازعات كما سبق و رأينا ،اعتمد و ذلك بسنه فكرة المعالجة غير القضائية
للخصومات ،فالمشرع المغربي لم يخرج عن هذا المعطى ،إذ نظم بدوره هذا المجال،
قانون ينظم التحكيم و الوساطة الاتفاقية ،38لكنه بالمقابل لا يزال مترددا في الأخذ
بنظام الوساطة الجنائية مثل باقي التشريعات المقارنة علما أن رغبة المشرع المغربي
وسعيه نحو تحقيق العدالة التصالحية كانت ولا تزال ملحة ،باعتبار أن مبدأ الصلح
من خلال مبدأ الصلح و فض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية ،إذ أن اللجوء إلى
الوسائل الودية لتسوية المنازعات أصبح يدخل في إطار الحكامة في تيسير الإدارة
القضائية و حسن تصريف العدالة و ذلك بالنظر إلى ما تحققه هذه الاليات من نتائج
ملموسة ،و مما لا شك فيه أن انفتاح المغرب على تجارب أجنبية في هذا الإطار
وإخضاعها لواقعه الأصيل عوض إسقاطها عليه ،يعتبر من العناصر التي تؤشر على
نجاح إمكانية إدماج السياق العام و مختلف التوجهات و الموقف في مؤسسة الوساطة
بما في ذلك ،المؤشرات الرسمية للأخذ بها من خطب ورسائل ملكية ،وتصريح حكومي
وإبرام وانضمام المملكة المغربية لمجموعة من الاتفاقيات الدولية والثنائية التي تلح
الرسمي بوزارة العدل ،و صدور مجموعة من القوانين تعتمد الطرق البديلة ،وتنظيم
38القانون رقم 21921القاضي بنسخ وتعويض الباب الثاني من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
رقم 49279218بتاريخ 48ذي القعدة 12( 4101نونبر ،) 0227المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1111بتاريخ 01ذو القعدة 4101
( 1دجنبر .)0227
عدة ملتقيات علمية و مهنية ذات الصلة بهذه الوسائل ،هذا بالإضافة إلى الوجود
من خلال كل هذه المؤشرات يمكن القول أن نجاح الوساطة الجنائية بالمغرب
متوفرة و متاحة خاصة مع توفر كل العوامل السابقة الذكر و التي يبقى في مقدمتها
وتأسيسا على ما سبق نؤكد على ضرورة تدخل المشرع المغربي من أجل العمل
على إقرار مؤسسة نظام الوساطة الجنائية و إدماجها في النظام الجنائي المغربي،
ذات الصلة ،مع الحفاظ ومراعاة الخصوصية الثقافية والاجتماعية لبلدنا ومجتمعنا،
ولتحقيق هذه الغاية يبقى رهين بمساهمة جميع الجهات الفاعلة من قضاء
و أجهزة مرتبطة به إلى جانب وجود أرضية ملائمة للتطبيق ،حتى تساهم في تطوير
الأقل خطورة بطرق ودية ،ترمي إلى رأب الصدع الذي يمكن أن يطال العلاقات
لائحة المراجع:
الأولى .2009
الحقوق ،تصدر عن مجلس النشر العلمي جامعة الكويت ،العدد الرابع دجنبر
.2001
عادل يوسف عبد النبي شكري ،الوساطة وسيلة مستحدثة و بديلة لحل المنازعات
الجنائية و المجتمعات ،مجلة الكوفة للعلوم القانونية و السياسية ،مج ،2011 .ع.
.9
محمد عبد النبوي (مجلة محاكمة العدد الرابع عشر ،السنة الثانية عشر،
فبراير/أبريل .)2018
أشرف رمضان عبد الحميد ،الوساطة و دورها في إنهاء الدعوى العمومية ،دراسة
الخطاب الملكي السامي الموجة إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين
اصلاح العدالة و وضع السياسة الجنائية فقد اناطه الدستور بالسلطة التشريعية
إعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة ،مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين،
صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقدة في
مدونة الشغل.
المتمثل في الفرق بين ما تتقاضاه من فوائد لقاء الإقراض ،وما تدفعه نظير الاقتراض.
هل للأجل قيمة مالية معتبرة تجعله قابلًا للبيع ،ويستحق الزيادة في العوض
مقابل الإمهال؟ أم أن الأجل ليس مالًا يدخل في الذمة ،ولا شيئًا يشار إليه ،فيستحق
العوض؟
هل تجوز الزيادة في الديون الثابتة في الذمة مقابل الإمهال ولأجل الن َّساء؛
وقد حاول هذا المقال الإجابة على هذه التساؤلات ،وذلك في جزأين ،أفردت
ا لأول منهما للحديث عن النظر الشرعي للفوائد البنكية ،على أن كان الثاني معقودا
وقد اتفق أصحاب التآليف المُعجمية أن مادة (ربا) تدور في أصل وضعه
اللغوي على عدة معانٍ أساسية .منها :الزيادة والنمو .وهو ما أورده ابن منظور في
39
أثناء عرضه للمادة ،إذ قال« :الأصل فيه الزيادة ،من ربا المال إذا زاد وارتفع».
أما الربا في الاصطلاح الشرعي ،فقد عرفها الحنفية بأنها« :فضل مال بلا
40
عوض في معاوضة بمال».
وذكر المالكية أن الربا يوجد في شيئين :في البيع ،وفيما تقرر في الذمة من
41
بيع أو سلف أو غير ذلك ،وجعلوا الربا الجاهلي من الأنواع المتفق عليها.
وعرفها الشافعية بقولهم« :هي مقابلة عوض بعوض مخصوص ،غير معلوم
42
التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهم».
43
وعند الحنابلة هي« :الزيادة في أشياء مخصوصة».
39
40
411 1 11
41
041 1
42
01 42
43
184 1
وقد اتفق الفقهاء والمفسرون على أن الربا تحريمه بي ن ،ثبت بالكتاب والسنة
والإجماع ،وأصبح من المعلوم الدين بالضرورة ،واتفق المسلمون كافة على أنه من
كبائر الإثم والموبقات السبع ،روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
44
عليه وسلم أنه قال« :اجتنبوا السبع الموبقات» .وذكر منهن أكل الربا».
وقد آذن القرآن مرتكبيه بحرب مدمرة من الله ورسوله ،قال تعالى« :فإن
لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله .وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم .لا تظلمون
45
ولا تظلمون».
وصح عن جابر رضي الله عنه أنه قال« :لعن رسول الله صلى الله عليه
46
وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه» .وقال« :هم سواء».
كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال« :إذا ظهر الزنى والربا في
47
قرية ،فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله».
وقد تناول متأخرو المالكية مسألة الزيادة مقابل الإمهال في معرض حديثهم
عن بيع المرابحة وما يجب تبيينه في البيع؛ إذ تواردت عباراتُهم على أن للأجل
44
1117
411 18
45
071
46
4181
47
0121
ما قاله ابنُ رشد الجد « :من المعلوم أن من اشترى إلى أجل يزيد في
48
الثمن وأجل التأخير».
قطعًا أن من يشتري على أن يؤدي ثمنه إلى أجله يكون الثمن فيه أوفر من الثمن
49
لو بِيع على النقد».
50
وأضاف أن «الصبر على المشتري حتى ينقضي الأجل له حصة من الثمن».
52
وقال ابنُ هارون« :51ما بِيع بالنسيئة يستزاد في قيمته».
53
كما قال عياض« :إذ المعهود الزيادة في بيع الأجل».
54
ومثلهم القرافي بقوله« :إن الأجل له جزء من الثمن».
55
وكذا ابن الحاجب ،حيث قال« :إن الأجل له حصة من الثمن».
56
وقال الشاطبي« :إن الن َّساء في أحد العوضين يقتضي الزيادة».
48
412 0
49
121 1
50
77 0
51
وقي َّد الدسوقي ذلك بقوله« :إن للأجل حصة من الثمن إن دخلا على
57
التأجيل ابتداءً».
وقد بنوا ذلك على صحة بيع الشيء بثمن مؤج َّل أكثر من سعر يومه لأجل
من خلال هذه النقول الفقهية؛ فقد ثبت أن للأجل حصة من الثمن ،لعدم
استواء النقد وا لنسيئة في المالية ،لأن المعجل أكثر قيمة من المؤجل ،وأن المال
كلما زاد أجله نقصت قيمته ،وهذا النقص يعوض بزيادة الثمن ،وذلك لعموم قوله
تعالى« :وأحل الله البيع وحر م الربا» ،59وأن العام يبقى على عمومه إلى أن يرد
بطلانه ،كما أن ثمة نزعة نفسية فطرية تفضل إشباع رغبتها في حاضر محقق بدلا
61
من تأجيلها لمستقبل منعدم التصور ،قال تعالى« :كلا بل تحبون العاجلة».
كل ذلك إنما يكون في مبادلة الأموال غير الربوية ،التي يجوز فيها التفاضل
والن َّساء ،لأنها تجارة إذِن الشارع فيها ،وجعلها سببًا مشروعًا للاكتساب
والاسترباح وطلب الفضل .خلافًا للقروض التي قوامها الإرفاق والإحسان بتبر ع
المقرِض بمنافع ماله مدة القرض في الدنيا ،على أن يستوفي قيمتها مع الثواب
57
411 1
58
121
59
071
60
81 411 111
61
48
الأخروي ،قال تعالى« :من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا
كثيرة» ،62ولا يقبل شرعًا جعل الإقراض سببًا للاسترباح وطلب الفضل بأخذ البدل
عن الأجل.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ،المنبثق عن منظمة المؤتمر
أن: 63
الإسلامي
-كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله ،وعجز المدين عن الوفاء به
مقابل تأجيله .وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد ،هاتان الصورتان
-الربا هو كل زيادة؛ ولو كانت تافهة ،مقابل الإمهال في القروض؛ لعلة أن الأجل
ليس مالًا يدخل في الذمة ،ولا شيئًا يشار إليه ،فيستحق العوض.
-ولا ربا في الزيادة مقابل الإمهال؛ ولو كانت فاحشة في المعاوضات؛ ولو اتخذت
أن: 64
كما جاء في قرار للمؤتمر الإسلامي الثاني لمجمع البحوث الإسلامية
-الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم ،لا فرق في ذلك بين ما يسمى
بالقرض الاستهلاكي وبين ما يسمى بالقرض الإنتاجي ،لأن نصوص الكتاب والسنة في
62
011
63
0 42 42 4811 01 00
64
4811
-كثير الربا وقليله حرام ،كما يشير إلى ذلك الفهم الصحيح في قوله تعالى:
65
«يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة».
-الإقراض بالربا محرم ،لا تبيحه حاجة ولا ضرورة .والاقتراض بالربا محرم
كذلك ،ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة ،وكل امرئ متروك لدينه في تقدير
ضرورته.
فالفائدة ليست إلا زيادة في رأس المال المقرض ،وكل زيادة فيه؛ هي ربا.
ولا عبرة من اختلاف التسمية ،لأن من قواعد الشرع :العبرة من العقود للمقاصد
والمعاني ،لا للألفاظ والمباني .والتحريم عام يشمل الفوائد الاستهلاكية والإنتاجية
ف 810 .منه صراحة على أن اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ،ومبطل للعقد
الذي يتضمنه .مستمدًا أصوله من الفقه الإسلامي الذي يعتبر القرض بفائدة من الربا
المحر م.
ثم توالت قرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) لتعلن صراحة أن:
الاتفاقية المترتبة عن القرض .أما الفائدة التأخيرية فتعتبر تعويضًا ،ولا يطالها
66
المنع الوارد في ف .المذكور».
65
412
66
18 4211 4884 41 721
وفي قرار آخر له جاء فيه« :إن الفوائد المحظورة بين المسلمين هي الواردة
في اتفاق أبرمه الأطراف .أما تلك التي تحكم بها المحكمة ،فهي فوائد تأخيرية ،وهي
67
بمثابة تعويض عن التأخير في التنفيذ».
وإذا كان ف 810 .قد تبنى مبدأ تحريم التعامل بالفائدة بين المسلمين،
فإن بعض التوجهات القضائية جعلت من ف- 811 .الذي استثنى التجار من المنع،
واعتبر أن أطراف العلاقة إذا كانوا تجارًا ،فإنه يفترض اشتراط الفائدة مقدمًا في
ففي قراره استند المجلس الأعلى على صفة التاجر ليقرر جواز اشتراط الفائدة
بين المتعاقدين ،جاء فيه« :الفوائد البنكية عن المبالغ الممنوحة يُفترض اشتراطها
68
طبقا لمقتضيات ف.»811 .
وفي قرار لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة جاء فيه أن :سعر الفائدة جائز
69
ومعمول به في المعاملات التجارية.
67
21 1111 0221 41 110
68
12 4018 4810 41 4417
69
18 4801 4818 04 110
70
24 181 0220 40 084
وذهب المجلس الأعلى (محمة النقض حاليا)في قرار آخر له إلى أبعد من
ذلك ،إذ لم يعتمد على الصفة التجارية لكلا الطرفين أو بعضهما ليقرر جواز اشتراط
الفائدة بين شخص معنوي وشخص طبيعي مسلم ،بل إنه مباشرة اعتمد على نظرية
الشخص المعنوي ،حيث ورد في تعليله لقراره على أنه« :حيث لئن كانت الفوائد
الاتفاقية محرمة بين المسلمين حسب صريح ف 810 .والحال أن الطالب مسلم،
فإن المطلوب في النقض شخصية اعتبارية مجردة من أي انتماء ديني .ومن ثم،
71
فالفوائد المشروطة لا ينطبق عليها ف .المذكور».
والأكثر من ذلك ،قضت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ففي قرار
لها« :المستقر عليه فقها وقضاءً أن عقود القرض البنكية والتسهيلات المالية التي
تمنحها البنوك لزبنائها ،تعتبر أعمالًا تجارية؛ مهما كانت صفة المقترِض ،وأيا كان
72
الغرض الذي خصصت له».
أساسها القانوني والتنظيمي بموجب م 295 .منها ،حيث أخرجت المعاملات البنكية
من دائرة القاعدة المقررة في ف 810 .من (ق ل ع) ،وذلك عندما نصت على أن:
فإذا كانت الفائدة القانونية والفائدة الاتفاقية (أو التأخيرية) مستحقة بمجرد
تأخر المدين عن الوفاء بالد َّين داخل الأجل؛ وإن لم يفت الدائن ربح متوقع؛ لجبر
71
11 1181 4882 21 107
72
41 0240 104 0240 21 4011
الضرر المفترض الناتج عن مجرد التأخير في الأداء ،فهل يمكن للبنك الجمع بين
الفوائد القانونية والفوائد الاتفاقية وبين التعويض عن الضرر المنصوص عليه في ف.
أعتقد أنه لا يوجد ما يمنع المحكمة من الاستجابة لطلب البنك التعويض عن
الضرر نتيجة تأخر المدين في الأداء ،بعد إثبات ذلك الضرر ،متى ثبت لها أن الفوائد
القانونية الممنوحة لا تكفي وحدها لتغطية كامل الضرر الحاصل للبنك في الإطار
أما إذا كانت تلك الفوائد كافية لجبر الضرر ،فإنه من غير المبرر الحكم
73
بالتعويض ،لأن الضرر الناتج عن التأخير واحد ،والضرر الواحد لا يُجبر مرتين.
وفي هذه المسألة فقد صدرت عدة قرارات قضائية متناقضة ،بين مؤيد للجمع
ورافض له .فمن القرارات المؤيدة ما ذهب إليه المجلس الأعلى سابقًا (محكمة
النقض حاليًا) بقوله« :حيث إنه إن كانت غرامة التأخير تعتبر هي الاتفاق مقدمًا
بين الطرفين ضمن شروط العقد على تقدير التعويض المستحق للمتعاقد إذا تأخر
خصمه في تنفيذ التزامه ،فإن الفوائد القانونية تعد تعويضًا قانونيًا عن تأخر المدين
بالوفاء بالد َّين .وهذا يفيد وجود اختلاف بينهما يبرر الحكم بهما معا.
والمحكمة التي رفضت الحكم بالفوائد بعلة أنه لا يمكن للمتضرر أن يستفيد
من التعويض عن التأخير في التنفيذ مرتين ،الأولى على شكل غرامات ،والثانية
73
441 01
0240 4 1 4401 0241 44 1 01
على شكل فوائد قانونية ،بالرغم من التفصيل المذكور ،تكون قد عللت قرارها تعليلا
74
خاطئا مما يتعي ن نقضه بخصوص ما قضى به من رفض الحكم بالفوائد القانونية».
وميزت المحكمة التجارية بالدار البيضاء بين الفوائد القانونية والتعويض في
حكم لها جاء فيه« :حيث إن التعويض عن تأخر المدين في تنفيذ التزامه لا يجبر
إلا في شكل فائدة قانونية أو اتفاقية .والتعويض عن الضرر يبقى الدائن محقا فيه،
شريطة تحديد ماهية الضرر ونوعه وحجمه .وفي غياب ذلك (أي إثبات الضرر) ،فإنه
75
يتعي ن رفض الطلب».
والتعويض قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه« :تعتبر الفوائد القانونية بمثابة جزاء
على التأخير في الوفاء بالتزام تعاقدي ،وأن الحكم بالتعويض نتيجة التأخير في
التنفيذ يغني عن الحكم بالفوائد القانونية ،ما دام هذا التعويض يستغرق الفوائد
76
المطلوبة».
ومن ذلك أيضًا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بفاس في قرار لها
جاء فيه « :إن الاستجابة لطلب الفوائد القانونية يجعل المطالبة بفوائد التأخير
والغرامة العقْدية لا أساس لها ،ما دامت الفوائد تؤدي إلى تعويض المتضرر عن
77
التأخير في الوفاء بالالتزام».
74
21 111 0221 11 178
75
28 7881 0242 28 4011
76
21 1111 0221 48 118
77
21 111 0228 40 010
وهو ما قضت به المحكمة التجارية بوجدة في حكم لها جاء فيه« :الأصل
أن الضرر الواحد لا يمكن تعويضه إلا مرة واحدة ،كما أن طلب التعويض عن التماطل
ليس له ما يبرره ،طالما أن الحكم بالفوائد القانونية كاف لجبر الضرر اللاحق بالمدعية
78
من جراء عدم الأداء حين حلول أجل الاستحقاق».
وذهبت المحكمة التجارية بالدار البيضاء في أحد أحكامها إلى أن« :الفوائد
القانونية تعتبر بمثابة فوائد تأخيرية تؤدى عن المبالغ المالية المستحقة والحالة
الأجل والغير المؤداة في وقتها ،وهي تقوم مقام التعويض عن التماطل الناتج عن
79
تأخر المدين في تنفيذ التزامه».
التوجه نفسه اعتمده القضاء الإداري ،حيث جاء في حكم للمحكمة الإدارية
بالرباط أن« :وضع المشرع لجزاء قانوني خاص مترتب عن التأخير في أداء المبالغ
المالية يتمثل في فوائد التأخير ،يجعل من كل جزاء آخر غير مقبول .لأن القواعد
80
العامة تأبى فرض أكثر من جزاء واحد على ذات المحل».
وبقي الأمر في تناقض على مستوى العمل القضائي إلى أن جاء قانون حماية
المستهلك ،ليحسم أمر الجمع بين الفوائد القانونية والأشكال الأخرى للتعويض،
منتصرًا للاتجاه القاضي بعدم جواز الجمع بينهما ،بنصه في م 132 .على أنه« :لا
78
1 20 110 0220 47 111
79
21 4 1 181 0227 04 041
80
27 0271 0241 01 717
يمكن أن يتحمل المقترِض أي تعويض أو أي تكلفة غير تلك المنصوص عليها في
وبالرجوع إلى م 132 .و 133تجد أنهما قد حددتا الحد الأقصى لسعر
الفائدة القانونية والاتفاقية المسموح به قانونا والذي لا يمكن تجاوزه ،وهو ما يساوي
81
% 2من رأس المال المتبقي.
وفي حكم لها ،اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية بفاس أن الحكم الابتدائي
المطعون فيه مصادف للصواب عندما لم يساير البنك في شرطه بتعديل سعر الفائدة
وقت ما شاء وبدون حاجة إلى موافقة المقترِض أو حتى إخباره ،مما اعتبره تعسفيا
وصرح بإلغائه .واعتبرت أن كل اقتطاع قام به البنك استنادًا إلى تعديل سعر
الفائدة يعتبر باطلًا .وقضت بتعويض المدعي بمبلغ 20ألف درهم لجبر الأضرار
المادية والمعنوية المباشرة والعالقة جراء فقدان المدعي لرصيده وتذبذب نظامية
82
تسديد القرض ،ودخوله في نزاعات قضائية بسبب تعسف المؤسسة البنكية.
81
0 410
%0
0 411
%0
82
0241 1 011 0241 24 4171
خلاصــــــة:
إن للأجل حصة من الثمن في الديون دون القروض؛ إن وقع التأجيل ابتداءً؛
بل وتصح الزيادة في الديون الثابتة في الذمة مقابل الإمهال ولأجل الن َّساء؛ ولو
اتُخذ الد َّين مجرد وسيلة لها .لأن العوض المعج ل أعلى قيمة من العوض المؤج ل،
وأن المعاملات البنكية خارجة من دائرة مبدأ تحريم التعامل بالفائدة بين
كما أجار القضاء اشتراط الفائدة إذا كان أحد أطراف المعاملة شخص معنوي.
التوقف عن الأداء.
كما يمكن للبنك الجمع بين الفوائد القانونية وبين التعويض عن الضرر ،متى
-القرآن الكريم
.2002
عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للإمام مسلم (ت221ھ) ت.
(ت522ھ) ت .محمد الوثيق وعبد النعيم حميتي ،دار ابن حزم ،بيروت ،ط،1
.2011
-الن ُكَّت والفروق لمسائل المدونة والمختلطة :عبد الحق بنُ هارون
(ت222ھ) ت .أبو الفضل الدمياطي ،دار ابن حزم ،بيروت ،ط.2009 ،1
-التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابنِ الحاجب ،له أيضا ،مركز نجيبويه
وبهامشه تقريرات محمد عليش ،دار إحياء الكتب العربية ،مصر( ،د .ط) و (د.
ت).
-الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل :له أيضا ،ت .محمد
.2002
-تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق :الز يلعي (ت122ھ) ،المطبعة الأميرية
-رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين (ت1252ھ) ،دار الفكر،
-لسان العرب :أبو الفضل بنُ منظور (ت111ھ) دار صادر ،بيروت ،ط،3
2003
-الص حاح تاج اللغة وصحاح العربية :إسماعيل الجوهري (ت393ھ) ت.
ط.2001 ،1
في حكمها.
-مدونة التجارة.
له الأطفال من أخطار متعددة تعيق نموهم واستمراراهم في الحياة ،تتمثل بالخصوص
في ويلات الفقر والموت المبكر ،والأزمات الاقتصادية ،والأوضاع الشاذة من حروب
وإعاقة وإهمال اجتماعي واستغلال وسوء معاملة ،إضافة إلى سوء التغذية والتشغيل
وعدم التمدرس.
ولقد استشعر المجتمع الدولي بخطورة هذه الوضعية فبادر منذ عشرينيات القرن
الماضي إلى صياغة العديد من المواثيق التي تهتم بالطفولة ،وهذه الوثائق تتوزع
بين وثائق ليس لها الالتزام القانوني ،ووثائق تتمتع بصفة الإلزام نظرا لصدورها في
هيئات اتفاقيات دولية ،وتبقى الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل لسنة 1989الوثيقة
الأكثر دلالة في مجال حماية الأطفال ،فهي بمثابة الشريعة العامة لكل المواثيق
الدولية الأخرى ذات الصلة ،نظرا للقوة الاقتراحية التي جاءت بها في ظل الأوضاع
وبناء على ذلك لقد صادقت بلادنا على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1993حيث
أصبحت قضايا الأطفال المغرب في السنوات الأخيرة تعرف اهتماما متزايدا باعتبارها
قضية وطنية حضارية لها طابع وبصمة إنسانية وسوسيوثقافية واجتماعية واقتصادية
وتحليل ،أصبحت عاملا أساسيا من عوامل التقدم ،في عصر باتت فيه درجة النمو لا
ونظرا للبنية الفتية للمجتمع المغربي ،حيث أن نصف مكوناته من طائفة الأحداث،
كان من الضروري الاهتمام بهذه الشريحة المجتمعية ،لأن حدث اليوم هو رجل الغذ،
وما يمكن أن يعتري نشأته من ذلك ينعكس حتما على مستقبله ومستقبل المجتمع
ككل ،من هنا كان الاهتمام الخاص الذي يحظى به انحراف الأحداث كما تحظى به
سبل الوقاية منه وعلاجه وإصلاح المنحرفين ،فالعمل الوقائي والعلاجي يشكل توظيفا
مثمرا على المدى القريب والبعيد لأن من استدرك سلوكه في أول نشأته لا شك في
أن التقويم الحاصل له سيصونه مستقبلا ،مما ينعكس على أمن مجتمعه.
ما هي الحماية التي يوفرها القانون الجنائي للحدث سواء كان جانحا أو ضحية؟
وما هي الضمانات الإجرائية التي يوفرها التشريع الجنائي لهذا الحدث؟ وهل يمكن
القول أن السياسة الجنائية المتبعة من طرف المشرع المغربي اتجاه الأحداث تحقق
ولكن قبل محاولة الإجابة عن هذه التساؤلات ،لا بد من إعطاء تعريف قانوني
فالحدث هو كل شخص ذكرا كان أم أنثى لم يبلغ من العمر السنة المقررة لبلوغ
الر شد الجنائي حسب القانون الجاري به العمل ،في حين يعرف الحدث الجنائي بأنه
كل شخص لم يبلغ السن المنصوص عليها قانونا ويرتكب أحد الأفعال المخالفة
للنظام العام ـو القانون ،أما فيما يخص أسباب جنوح الأحداث ،فبالرغم من تعدد
التقسيمات التي وضعها الفقهاء والباحثون لها ،فإنها كلها بالتالي تدور في فلك
واحد ،لأن جنوح الأحداث لا يخرج عن كونه وليد عامل واحد أو جملة عوامل تدفع
بالحدث منفردة او متفاعلة إلى هوة الجريمة ،بحيث نجد أن بعضها داخلي خاص
بالحدث ذاته ،والبعض الآخر خارجي اجتماعي أو اقتصادي يتعلق بالوسط الذي يعيش
فيه (ك البيئة العائلية ،والبيئة المدرسية ،وأجهزة الإعلام ،ووسائل التسلية ،والفقر،
والبطالة.)...
حقيقية.
يشكل جنوح الأحداث ظاهرة متميزة وذات خطورة بالغة ،تستدعي عناية خاصة،
على اعتبار أن الجانح أقرب إلى التقويم والإدماج في حظيرة المجتمع من المجرم
الراشد ،وتفرض هذه العناية إفراد قواعد جنائية موضوعية متميزة تحكم مسؤولية
وعقاب الحدث الجانح ،وهذا ما اتبعه المشرع المغربي بالفعل عندما اعتبره صغر
السن سببا من الأسباب التي تؤثر في المسؤولية الجنائية فتمنعها إما كليا أو جزئيا
بحسب ما إذا كان التمييز عند الصغير منعدما أو ناقصا ،أما الحدث الكامل
عقوبة عليه ،ولكن استثناء من ذلك وتحوطا من المشرع ،أجاز للقاضي استبدال
العقوبة بأحد التدابير وذلك في الحالات التي يقدر فيها أن خطورة الحدث غير كبيرة
إن تدابير الأحداث على اختلافها هي تدابير جزائية لأنها تحتوي على عنصر
الإلزام أو القسر فهي أقرب إلى الطبيعة الجنائية لأنها تمثل قيدا على الحرية ،كما
يشترط فيها أن تكون شرعية أي هادفة إلى حماية المجتمع وصادرة عن هيئة
قضائية.
وقد حدد المشرع بعض التدابير الإصلاحية والوقائية الخاصة بالأحداث كما يلي:
غير أن إعادة تأهيل الحدث الجانح ،لا تقتصر أحيانا على اتخاذ أحد
التدابير المنصوص عليها سابق ،والتي يقف مفعوله عند حدود الظرفية الراهنة التي
يتواجد فيها الحدث الجانح ،بل تقتضي أكثر من ذلك ،أي اتخاذ عقوبات سالبة
للحرية.
فإذا جاز القول بأن إجرام البالغ يرجع في أغلب صورة إلى روح إجرامية تأصلت
في نفسه ،وأصبح من الصعب استئصالها ،فإن الوضع بالنسبة للحدث يختلف عنه
تماما ،إذ يستدعي إعادته عضوا صالحا إلى حياة المجتمع لكونه ما زال في طور
النمو ،والأمل في إصلاحه ما زال واردا ،والميول الإجرامية التي اكتسبها من البيئة
لا تعني بالضرورة معاملته كبالغ ،ولكن من الضروري العمل على تأهيله وحمايته في
المجتمع.
الجنائي العقوبات المخفضة ،لتدارك ما قد تؤدي إليه المعاملة القاسية من مزيد من
إن فشل السياسة العقابية يبرز بوضوح من خلال الوضع المأساوي الذي يعيشه
فإنه إيقاعه في غاية البطء ،فلا زالت السجون المغربية تعرف أوضاعا مزرية.
وعليه سنتطرق إلى ضرورة توفير حماية للحدث من خلال الوضع المأساوي
الذي يعيشه الحدث داخل المؤسسات السجنية (أولا) ،من هنا كانت الضرورة
إن المشرع مصر على إيداع الأحداث الجانحين في سجون مغلقة دون الوفاء
القواعد ،فإن إيقاعه في غاية البطء ،فلا زالت السجون المغربية تعرف أوضاعا جد
مزرية.85
وفي هذا الصدد ،أكدت الدراسة التي قام بها الباحث "مصطفى لفراخي" حول
عقوبة السجن للأحداث بالمغرب من خلال نموذج السجن المحلي بسلا (المؤسسة
83غ تنص القواعد النوذجية الدنيا في معاملة المسجونين في الفقرة 5من مالحظتها التمهيدية على أنه يجب أن تكون القاعدة العامة أال
يحكم على الجانحين الصغار بعقوبة السجن.
- 84تنص القواعد النموذجية الدنيا في معاملة المسجونين في الفقرة ( )5من مالحظتها التمهيدية على أنه يجب أن تكون القاعدة العامة أال
يحكم على الجانحين الصغار بعقوبة السجن.
- 85الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،التقرير السنوي حول أوضاع حقوق اإلنسان بالمغرب سنة ،1002ص.55 :
لفحوصات طبية منذ دخولهم المؤسسة أما %21منهم فلم تستفد من الأدوية
كما عبر %12من الاشياء من طبيعة تعامل الموظفين معهم والتي تتسم
من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين م حرياتهم.86 83
هذا إضافة إلى غياب مبدأ الفصل الفعلي بين الأحداث والكبار ،مما يجعل
الأحداث عرضة للمضايقات والاستفزاز التي تعكس منطق السلطة الذي يفرضه الأقوى
ولعل مثل هذه السلوكات تؤثر على نفسية الحدث ،فقد أكدت الدراسة السابقة
أك ثر عدوانية وأكثر ضعفا في نفس الوقت والنتيجة المنطقية لكل ذلك أن الصغار
يتعلمون من الكبار ما لم يكن يعرفونه من عالم الجريمة وتفقد رهبة السجن ،ولا
يتهيب من دخوله مرة أخرى ،فيصبح بالتالي مدرسة حقيقية لتعلم الإجرام ،لهذا
قيل" :إن السجن كابن آوى يخرج الطعام من جوفه ثم يعود فيلتهمه".
إذا كان المشرع المغربي قد هيب الآمال بإبقائه على المقتضيات المتعلقة
بالأحداث ومن ضمنها التدابير العقابية ضمن قانون المسطرة الجنائية من خلال
- 86اعتمدت هذه القواعد بقرار الجمعية العامة 21/55المؤرخ في 25كانون األول .2990
- 87مصطفى لفراخي" :عقوبة السجن لألحداث بالمغرب" بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في علوم التربية جامعة محمد
الخامس السويسي كلية علوم التربية بالرباط السنة الجامعة ،1001-1002ص.90-99 :
التعديل الأخير ،فإننا ندعو إلى تبديل عقوبة حبس الحدث بتدابير أخرى ذات صبغة
تهذيبية وإصلاحية بالدرجة الأولى ،وفي هذا الإطار نثمن مبادرة وزارة العدل بإقدامها
غير أن ما آثار انتباهنا في هذا الشأن هو تصريح السيد وزير العدل في حديث
لأسبوعية "لاغزيت دي ماروك" حيث قال :طإن التخفيف من اكتظاظ السجون يعني
بالأساس ألا يبقى فيها من لا يستحق أن يكون" ،88إذ نتساءل مع السيد الوزير:
ومن البدائل التي يمكن اللجوء إليها نجد نظام وقف التنفيذ ،الذي نص عليه
الفصل 55ق ج ،هذا إضافة إلى إمكانية إلزام الحدث بتعويض الضحية عما أصابها
من جانب آخر ولتعزيز قائمة البدائل نقترح :تكليف الحدث بعمل دون مقابل
خلال مدة معينة لفائدة الصالح العام ،أو نظام المراقبة الإلكترونية.
هذا ويمكن الجزء بأن العقوبة البديلة للجسن ليست وسيلة لتخفيف العقاب،
ولكن لعقاب أفضل بوسائل مغايرة ،لذلك فعدالة الأحداث لابد من أن تنتقل من
مجرد عدالة جزائية إلى عدالة حلول ،على أن هذه القناعات تتطلب إيجاد قانون
خاص للأحداث ،فأغلب البلدان التي أخذت بتغيير السياسة المتحيزة للدرع إلى
السياسة العلاجية ،لم تتمكن من ذلك إلا تحت مظلة قوانين الأحداث.89
- 88وزير العدل توزيع "ال غاريت دي ماروك" إصالح القضاة يستهدف أساسا إرجاع المصداقية للجهاز القضائي ،جريدة االتحاد
االشتراكي ،عدد 5215السبت 11فبراير ،1001ص.9 :
- 89تمت المناداة بإحداث قانون خاص لألحداث في تدخل األستاذ محمد سامي بعنوان" :أوضاع الطفولة واقع وآفاق" ضمن أعمال ندوة
عدالة األطفال ،الرباك أيام 21-22-2ماي سنة ،1002ص.20 :
فما هي مظاهر السياسة العلاجية في المغرب؟ وهل توجد لدينا مؤسسات تعمل
تشرف عليها وزارة الشبيبة والرياضة وهي على ثلاثة أنواع –نشير إليها باختصار:
-مراكز الملاحظة
المغربي
إذا كان القانون الجنائي قد وضع من أجل حماية أفراد المجتمع من الجرائم
دون تمييز بين الذكور والإناث وبين الصغار والكبار ،فإننا نجده قد خص الأحداث
ببعض المواد مراعيا في ذلك صغر سنهم وضعف إدراكهم ،وعدم قدرتهم الدفاع
عن أنفسهم حال الاعتداء عليهم ،فما هي مظاهر الحماية التي يوفرها التشريع
هذا ما سنعمل على إظهاره من خلال المطلب الأول ،مع إبراز ما هو الجديد
المطلب الأول :مظاهر الحماية التي يوفرها التشريع الجنائي للطفل الضحية
عاقب المشرع كل من يعرض هذه الفئة إلى الإهمال والتخلي بعقوبات تتراوح بين
سنة 10سنوات ،إذا نتج عن هذا الفعل عاجزا أو عاهة مستديمة ومن 10إلى
كما شدد العقوبة في الحالة التي يكون فيها مرتكب الفعل الجرمي أحد أصول
الطفل العاجز أو أحد الأشخاص الذين لهم سلطة عليه أن المكلفين يرعايته طبقا
يعتبر القانون الجنائي عدم التصريح بازدياد الطفل في الأجل القانوني ،وفي
الحالات التي يكون فيها التصريح واجبا من طرف الأب وعند عدم وجوده الأشخاص
المشار إليهم في الفصل 228ق ج ،ويعاقب أيضا كل من عثر على وليد ولم يشعر
به ضابط الحالة المدنية أو السلطات المحلية وكل من تعمد في ظروف من شأنها
أن تعوق التعرف على هوية الطفل ونقله أو إخفائه أو استبداله بطفل آخر أو تقديمه
الطفل
بصحته وبدنه من قبل والديه أو المكلفين بتربيته ورعايته ،ولذلك نجده يعاقب في
- 90عبد الرحمن البدوي" :حماية الطفل في ظل التشريع الجنائي المغربي" مجلة أنفاس حقوقية ،عدد 1-1دجنبر ،1001ص.269 :
الفصلين 208و 209ق ج ،كل شخص يرتكب أعمال الضرب والجرح والعنف
التدليس لاختطاف قاصر دون الثامنة عشر لاستدراجه أو إغرائه أو نقله من الأماكن
التي وضع فيها من طرف من له سلطة عليه أو الإشراف عليه سواء فعل ذلك بنفسه
أو بواسطة غيره ،أمام إذا كان سن القاصر يقل عن 12سنة أو إذا عثر عليه حيا
غير أنه إذا أخذ الجاني من الشخص الذي كان القاصر تحت سلطته أو تحت
إشرافه فدية مالية أو كان غرضه الحصول عليها فإن العقوبة تكون السجن المؤبد
مهما يكن سن القاصر ،أما إذا تم الاختطاف بدون استعمال العنف أو التهديد أن
التدليس فإن العقوبة تكون من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية.
أوجد المشرع بعض الفصول التي تعاقب الأب والأم إذا ترك أحدهما بيت الأسرة
بدون موجب قاهرة لمدة تزيد عن شهرين ،متملصا من كل أو بعض واجباته المعنوية
أو المادية الناشئة عن الولاية أو الأمومة أو الوصاية أو الحضانة عملا بالفصل 219
ق ج.
أو البغاء أو شجعهم أو سهل لهم ذلك بالحبس من سنتين إلى 10سنوات بالإضافة
إلى الغرامات أما إذا تعلق الأمر بأحد الأفعال المنصوص عليها في الفصل 298
المطلب الثاني :تعزيز الحماية القانونية للطفل الضحية بواسطة القانون 22.03
تم تعديل عدة نصوص في القانون الجنائي تتعلق بمجال حماية الطفولة ،خاصة
فقد نهج المشرع المغربي سياسة تشديد العقوبة كلما تعلق الأمر بالمتاجرة في
عرض القاصرين ،وتم لأول مرة تجريم الاتجار في الأطفال على نهج البروتوكول
كما عاب الأب أو الأم وكل من له سلطة على الطفل أو من يقوم برعايته إذا
سلم ولو بدون مقابل طفلا أو يتيما أو مكفولا أو مهملا وتقل سنة عن 18سنة إلى
كما زجر استعمال العنف ضد الأطفال عن طريق تعديل الفصل 208ق ج،
ويبقى أهم مستجد جاء به هذا القانون هو تعديل المقتضيات الخاصة بالمسؤولية
الجنائية للقاصر ،حيث اعتبر المشرع الحدث الذي لم يبلغ 12غير مسؤول جنائيا
- 91عبد الرحمن البدوي" :حماية الطفل في ظل التشريع الجنائي المغربي" مجلة أنفاس الحقوقية ع 1-1دجنبر ،1001ص-252 :
.251
لانعدام تمييزه بينما يعتبر الحدث الذي لم يبلغ 18من عمره ناقصا في المسؤولية
إن الاهتمام بحماية الأحداث كجانحين أو كضحايا ،كان دوما محط عناية خاصة
في السياسة الجنائية المغربية منذ الاستقلال ،حيث خص المشرع هذا الجانب في
قانون المسطرة الجنائية الجديد بمجموعة من الإجراءات القانونية ،والتي ليس من
المبا لغة القول بأنها إجراءات متطورة وتعكس التجربة التي عرفها المغرب في هذا
الميدان.
لذلك ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،بحيث خصصنا المبحث الأول
والتحقيق ،فقد أخضع المشرع المغربي الأحداث لبعض القواعد الإجرائية التي تنسجم
وطبيعة هؤلاء ،إضافة إلى تمتعهم بحقوق تعتبر من المرتكزات الأساسية للحق في
المحاكمة العادلة ،كما حث قاضي الأحداث على لعب دور محوري خلال مرحلة
المحاكمة لكونه الشخص الذي يرسم عن طريق اقترابه أكثر من شخصية الحدث
ومحيطه ،الخط الذي ينبغي السير عليه في اتجاه إصلاحه وإعادته إلى وسطه الطبيعي.
لذلك يتبين أن مرحلتي ما قبل المحاكمة والمحاكمة هما أقرب إلى الوحدة من
الانفصال وبالتالي نرى من الأنسب أن نتناولهما من خلال ضمانات الحدث الجانح قبل
الثاني).
باعتبار البحث التمهيدي مرحلة أولى تسبق الدعوى العمومية ،فقد خصها
ال مشرع ببعض القواعد التي تعتبر قيودا على القائمين بها خصوصا خلال فترة
الحراسة النظرية ،مع إيراد بعض الاستثناءات التي تخص الحدث الجانح ،فخطورة هذه
المرحلة تبدو في المساس بحرية المشتبه فيه نتيجة الانتهاكات والانحرافات من قبل
القائمين بمباشرة الإجراءات في غياب شرطة قضائية خاصة بالأحداث ،رغم أن
إن الحرص على تجنيب الحدث الهلع والاضطراب خلال المثول أمام ضباط
الشرطة القضائية ،جعل المشرع ينص على ضرورة حضور الولي إلى جانبه ،92وهو
توجه ينسجم مع قواعد بكين التي تنص على هذا الإخطار من خلال المادة :9310
بيد أن التقارير توحي بالعكس ،إذ تبين لجوء الشرطة إلى أسلوب التعذيب
لانتزاع الاعتراف ،94وإذا كان الأصل أن للمجني عليه حق تحريك الدعوى العمومية،
فإن المشرع المغربي في مجال جنوح الأحداث قصر هذه الصلاحية على النيابة العامة
وحدها ،كما أضاف آليات جديدة كالوساطة والصلح لمنع المتابعة في إطار اقتناعه
وإذا كان المشرع قد نص على أن التحقيق بالنسبة للأحداث يكون إلزاميا في
يتعين أن يتم الاستجواب بحضور محامي الحدث ،لأن في ذلك ضمان لإجراء
تحقيق عادل ،وقد نص المشرع على هاته الضمانات بموجب المادة 132ق م ج،
بل وجعلها إلزامية حتى في القضايا الجنحية وفقا للمادة 312من نفس القانون
مسايرا في ذلك المواثيق الدولية لحقوق الطفل ،وخاصة قواعد بكين التي تؤكد في
مادتها العاشرة على ضرورة توفير مؤازرة المحامي في كافة مراحل تتبع قضية
الحدث.
إلا أنه ما يؤذن على المشرع هو أن صياغة الفصل 132لم تكن موفقة في
ينسحب ،أم أن المشرع أعطى تسمية جديدة للاستنطاق الابتدائي فسماه الاستنطاق
- 95إدريس طارق السباعي" :قضاة التحقيق" الطبعة الثالثة ،مطبعة الصومعة ،2991ص.19 :
ومن الضمانات نذكر كذلك سرية التحقيق ،إذ نصت المادة 15ق م ج على أن
المسطرة التي تجري أمام البحث أو التحقيق تكون سرية ،وكل شخص يشارك في
إجرائها ملزم بكتمان السر المهني كما أن المشرع أحسن صنعا عندما أوجب على
الحدث وظروفه المادية والعائلية والاجتماعية ،وبفحص طبي إذا كانت الحالة الصحية
لهذا الحدث تستوجب ذلك ،وهذا ما نصت عليه المادة 211ق م ج ،وتجدر الإشارة
إلى أن جل الضمانات التي يقررها المشرع للحدث الجانح خصوصا خلال مرحلة
التحقيق الإعدادي ،لا تخرج في مجملها عن تلك المقررة للرشداء ،علما أن الواقع
العملي قد يعطل الكثير منها لتظل بعض الإجراءات الخطيرة كالاعتقال الاحتياطي
يعتبر الاعتقال الاحتياطي تركيسا للفعالية على حساب حقوق الدفاع ،وبذلك
يبقى المشرع المغربي أقل حماية من بعض التشريعات الأخرى باعتماده سن 12
كحد أدنى لعمر الحدث الطي يجوز توقيفه ،كما أن مشرعنا قد أغفل تحديد مدة
الاعتقال في قضايا الأحداث ،الأمر الذي يجعلنا نرجع إلى القواعد العامة الخاصة
بالراشدين ،حيث حددت هذه المدة بشهر واحد في القضايا الجنحية ،وشهرين في
القضايا الجنائية قابلة للتجديد خمس مرات ،96وذلك خلافا لبعض التشريعات التي
تميل إلى تحديد مدة اعتقال الحدث ،فالمشرع المصري مثلا ينص في المادة 22
يحتل قضاة الأحداث مكانة خاصة ضمن نظام العدالة الجنائية إذ يمثل صيغة
متطورة لوظيفة القضاء الجزائي في المجتمع ،فهو يجمع بين الصفتين الجزائية
والرعائية ،إضافة إلى كونه يعتبر قضاء متابعة بحيث أن القاضي أو المستشار المكلف
بالأحداث لا يتخلى عن القضية بمجرد إصدار حكمه بها ،بل يتابع تنفيذ الحكم،
ويجري التعديلات التي تتطلبها مصلحة الحدث ،وهذا ما أعطاه بعدا اجتماعيا ووقائيا
يجاوز حدود الرسالة القضائية الصرفة ،فأصبحت محاكم الأحداث في كثير من الدول
تضم إضافة إلى القضاة أعضاء أخصائييين في العلوم الإنسانية والتربوية والاجتماعية
هذه الاهتمامات وغيرها ما يتعلق مباشرة بوضع الحدث المنحرف ،حتمت إتباع
سياسة معينة في تأليف محاكم الأحداث ،كما حتمت وضع إجراءات خاصة بمحاكمة
عودة إلى مقتضيات ظهير ،1959فإنها كفيلة بأن تخرج قضاء الأحداث من صبغته
يقصد بتخصص القاضي بوجه عادل أن تكون ممارسة العمل القضائي مقصورة
على فئة مؤهلة تأهيلا علميا خاصا يناسب طبيعة الأعمال الإجرائية الجنائية المتعلقة
فالتخصص العضوي يعني تقييد القاضي بالنظر في قضايا الأحداث فقط إضافة
إلى كونه متخصصا في العلوم الجنائية مدربا على فن حسم منازعاتها من خلال
الوقوف على العلوم القانونية والاجتماعية والدراسات النفسية ،ويوجد هذا النوع من
أما التخصص الوظيفي ،فلا ينصرف إلى عضو القضاء بل إلى إحدى وظائف هاته
الهيئة ،فقد كان التنظيم القضائي الزجري لسنة 1959يساير أـرقى النظريات في
مجال عدالة الأحداث حيث كانت توجد محاكم ابتدائية مختصة بالأحداث إلى جانب
لهذا ندعو المشرع إلى تبني محاكم خاصة بالأحداث على غرار التشريعين
التي يتمتع بها بمفرده في إطار ما يمكن تسميته بامتياز صغر السن ،وهذه القواعد
منها ما يهدف بالدرجة الأولى عدم التشهير بالحدث حفاظا على سمعته كمبدأي
سرية المحاكمة ،97وعدم نشر الأحكام الصادرة في حقه ،98ومنها ما يساعده على
تجنيبه الاضطراب النفسي كإعفائه من الحضور وإمكانية اتخاذ بعض الإجراءات في
غيبته ،هذا بالإضافة إلى ضرورة التفريق بينه وبين الرشداء في حالة اشتراكه معهم
.99
في جرم واحد
وتبقى أهم ضمانة حظي بها الحدث الجانح ،هو ما نصت عليه المادة 258ق م
أما الضمانات التي يشترط فيها الحدث مع المنحرفين الرشداء فنذكر منها
قبل التساؤل عن هذه الضمانات لابد من معرفة ماذا نقصد بالطفل الضحية؟
فالمشرع المغربي لم تعط تعريفا محددا له ،والفقه تأثر بنهج المشرع في هذا
المجال ،إذ نجده تارة يستعمل مصطلح المجني عليه ،وتارة أخرى يستعمل مصطلح
المضرور.
من هنا تظهر لنا أهمية التوسع في مصطلح الضحية أو المجني عليه كلما تعلق
الأمر بأحداث ،وذلك من أجل ضمان عدالة أفضل وأنصف لهم ،وكذا لتسهيل ملاحقة
الجاني.
Mendelsonهو الأشمل حيث عرف الطفل الضحية أنه" :من يصاب بضرر
مادي أو معنوي أو مالي من جريمة ارتكبت ضده ولو وقفت عند الشروع ،وامتد
ولمحاولة تلمس هذه الضمانات ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين حيث
سنتناول في المطلب الأول حماية الطفل ضحية الجريمة على أن نتناول في المطلب
سنحاول أن نعالج هذا الموضوع من ناحيتين مكتفين بالجديد الذي جاء به
عمل المشرع المغربي على إحاطة الطفل ضحية جنايات أو جنح بضمانات إجرائية
-حماية مؤقتة :تتمثل في إيداع الطفل الضحية لدى شخص جدير بالثقة أو
مؤسسة خصوصية ،أو جمعية ذا منفعة عامة ،أو مصلحة مكلفة برعاية الطفولة.
100
- Mendelson : « une nouvelle d la science psychosociale la victimologie » rev inr crim pol n°
2, p :95-107.
-حماية بعيدية :لا تكون إلا بعد صدور الحكم ،بحيث يمكن للنيابة العامة أن
تحيل القضية على قاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث ليتخذ ما يراه
بالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة 5من ق م ج نجد أنه" :إذا كان الضحية
قاصرا وتعرض لاعتداء جرمي ارتكبه في حقه أحد أصول أو من له عليه رعاية أو
كفالة أو سلطة فإن أمد التقادم يبدأ في السريان من جديد لنفس المدة ابتداء من
وإذا علمنا أن سن الرشد المدني هو 20سنة كاملة فإن مدة التقادم قد تتراوح
-لو كان الضحية حديث الولادة ،وكانت الجريمة المرتكبة ضده جنائية ،فإن
التقادم الذي هو عشرون سنة لا يبدأ إلا بعد بلوغه سن الرشد الذي هو أيضا عشرون
-لو كان الضحية حديث الولادة ،وكانت الجريمة المرتكبة ضده جنحة ،فإن مدة
-لو كان الضحية حديث الولادة ،وكانت الجريمة المرتكبة ضده مخالفة ،فإن مدة
- 101أمينة شايب :أنف اس حقوقية دراسة قانونية حول حماية القاصرين في إطار ظهير المسطرة الجنائية الجديدة ،العدد الثاني والثالث،
دجنبر .259-259
إن تخويل الاختصاص المدني تقاضى الزجري يجعل الضحية تتمنى أن يكون
تعويضها عادلا اعتبارا لأدلة الإثبات التي توفرها الدعوى الجنائية وتكاليفها ،وأيضا
ترغم المجرم على إصلاح الضرر الذي خلفه سلوكه الإجرامي ،أما إذا لم تكن للفاعل
الإمكانيات المادية الكافية أو كان مجهولا ،فإنه على الدولة أن تتكفل بمهمة تعويض
المجني عليه.
إن التزام الدولة بتعويض الطفل المجني عليه يمكن أن يرجع إلى أساس قانوني
مؤداه أن عقدا ضمنيا تم إبرامه بين الفرد من جهة ،وبين السلطة السياسية أي
الدولة من جهة أخرى ،من أجل تحقيق الأمن والرخاء الاجتماعيين لجميع
مواطنيها.102
ولقد تعرض هذا الأساس للانتقاد لكون أن فكرة العقد الاجتماعي هي فكرة
وهمية لا سند لها في الحقيقة والقانون ،الشيء الذي أدى إلى بروز تيار آخر يقيم
مسؤولية الدولة في تعويض المجني عليه على أساس الخطأ المفترض ،لأنه تبين عدم
قدرتها على تأمين حماية المواطن ،لكن هذا الرأي بدوره انتقد سنة 1913من
طرف الفقيه "فان هوستر" الذي يعيب على هذا الاقتراح أن فيه دعوى إلى إعادة
102
- François Mobard : les différentes systèmes d’indeminsation de victimes d’actes de violence
et leurs enjeux, Rev, sc. Crim, n 2 -1981.
أيضا يمكن إقامة التعويض من طرف الدولة على أساس حق الأفراد في استرداك
للاعتداءات.
هذا الرأي بدوره لم يسلم من النقد ،إذ أن تخويل الجهات الإدارية سلطة تقدير
التعويض ،يعتبر كنوع من المساعادت العامة ،وهذا من شأنه أن يولد في ذهن الرأي
العام ،أن هذا النظام ينطوي على معنى المن والشفقة والأحيان من جانب الدولة.
إن تعويض الدول للمجني عليه يمكن أن يبني في نظرنا على أساس فكرة
"التضامن الاجتماعي" التي تحمل في ثناياها مبدأ الأمن الاجتماعي للأفراد ،وهذا
ما خلص إليه المؤتمر الدولي الحادي عشر للقانون النائي في الصياغة التالية:
"التعويض يشكل عملا من النظام العام والذي يبرر على أساس القواعد الحديثة
للتضامن الاجتماعي" ،فمن مقتضيات السياسة الجنائية الرشيدة تعويض المجني عليه
المضرور حتى ولو كان ميسورا وحتى ولو لم يكن في حاجة إلى هذا التعويض ،لأن
التناسق القانوني يقتضي ألا يختلف الضرر من شخص إلى آخر ما دام أن نوع الضرر
إن مبدأ التضامن الاجتماعي يسمح بتبرير التدخل المالي للسلطات العمومية في
المجالات التي لا تكون فيها الدولة غير مسؤولية مدنيا ،فهنا اعتراف بالأخطار
الناتجة عن حتمية العيش في المجتمع وبإدارة جماعية من أجل تعويض ضرر يعتبر
بمثابة شر اجتماعي ،بل يمكن تدعيم هذا المبدأ بضرورة مراعاة الطفل الفضلى ،كما
خاتمة:
إن المتفحص لآليات السياسة الجنائية المتبعة من طرف المشرع تجاه طائفة
الأحداث سوف يلاحظ دون عناء أن الجانب الوقائي هو جد هزيل بل يكاد يكون
منعدما ،وأن تعثر الجانب العلاجي هو بارز وواضح ،فيبقى في النيابة الجانب الزجري
وبذلك فإن تعثر السياسة العلاجية يرجع إلى وجود معوقات خارجية وأخرى
داخلية بالنسبة للمؤسسات الإصلاحية التي تشرف عليها وزارة الشبيبة والرياضة.
فالمعوقات الخارجية راجعة إلى عدم وجود تنسق تام بين المؤسسات الإصلاحية
والهيئات القضائية ،إضافة إلى وجود أزمة علاقة بينهما وكذلك نقص في الاعتمادات
المالية.
أما المعوقات الداخلية فهي راجعة لنقص في كفاءة الأطر الموكول إليها الإشراف
على العملية التأهيلية إضافة إلى عدم توافق المناهج التربوية المطبقة داخل هذه
المؤسسات مع المناخ الاجتماع والثقافي للحدث المغربي ،إضافة إلى الرقابة الصارمة
ولكن يبقى السؤال الهام في ختام القانونية غير كافية بالنظر إلى تزايد نسبة
انحراف الأحداث ،وبذلك تبدو ضرورة تعزيز هذه المقاربة بآليات اجتماعية في إطار
تبني السياسة الاجتماعية الوقائية ،على اعتبار أن الآلية القانونية ،هي مقوم من بين
المقومات الأخرى الأمن الاجتماعي (التمسك بين أفراد المجتمع ،الألفة الجامعة،
العقد ية الدينية ،الاستقرار السياسي ،توفر أجهزة الأمن ،توفر المؤسسات التربوية،
المقدرة ،على مواجهة الصعاب ،والآفات ،توفر الجهاز القضائي العادل ،توفر
التوجه نحو إيجاد الجهاز الصالح لوضع السياسة الوقائية والتنسيق بين مختلف
الئحة المراجع:
إدريس طارق السباعي" :قضاة التحقيق" الطبعة الثالثة ،مطبعة الصومعة
.1993
أمينة شايب :أنفاس حقوقية دراسة قانونية حول حماية القاصرين في إطار ظهير
وزير العدل توزيع "لا غاريت دي ماروك" إصلاح القضاة يستهدف أساسا إرجاع
فبراير .2003
.2001
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ،التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان
n° 2.
على سيرها المحافظ على الملكية العقارية من بدايتها إلى نهايتها ،كما أنها مسطرة
رسم عقاري له ،والذي يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة لشهر الحقوق العينية والتحملات
العقارية ،وتحقيقا لذلك أوجد المشرع العقاري مؤسسة الآجال للاعتراف بهذه الحقوق
وحمايتها.
ونظرا للأهمية الخاصة التي تمثلها مؤسسة الأجل في نظام التحفيظ العقاري،
عمد المشرع إلى ربط إجراءات هذا النظام بآجال محددة ترمي إلى تنظيم مساطر
التحفيظ ،المتعرضين المتدخلين في مسطرة التحفيظ ،كما سعيمن وراء ذلك تحقيق
الأمن العقاري.
أو مالية في حالة تجاوزها ،وعليه رتب على عدم احترام القواعد القانونية المنظمة
للآجال المتعلقة بمختلف إجراءات التحفيظ العقاري آثارا قانونية هامة ،منها ما
يتعلق بالأطراف المعنية بالإجراءات ،حيثيسقط الحق بفوات الأجل المحدد قانونا ،أو
ومنها ما يتعلق بالمحافظ على الأملاك العقارية الذي يتعين عليه احترام هذه
غير أن الآجال المحددة في ظهير التحفيظ العقاري الذي عمر أكثر من مائة
نادت بإجراء تغييرات على هذا الظهير لتجاوز سلبيات الآجال التي كانت تعرفها
النصوص المنظمة لهوالتي لم تعد قادرة على مسايرة التطورات التي عرفها المجتمع
والمتمم لظهير التحفيظ العقاري الذي شكل حدثا تشريعيا هاما ،حمل في طياته
حضيت خلالها مؤسسة الأجل بقسط هام من التعديلات وذلك لتسريع مسطرة
التحفيظ ،مع ضمان وحماية حقوق أطراف العلاقة ،و حماية العقار من السطو الذي
ويقصد بالآجال المدد التي حددها المشرع بنص قانوني ،وأوجب القيام بإجراء
داخلها أو بعد نهايتها ،وينتج عن عدم ممارسة هذا الإجراء داخل الأجل القانوني
للاعتراف بالحق وحمايته ،إلا أنها تعتريها مجموعة من النواقص ساهمت في
ضياعالحقوق تارة ،و فرضجزاءات مالية على أصحاب الحقوق وحتى على المحافظين
وتتميمه ،هو السند القانون لإعمال المقتضيات القانونية المتعلقة بالآجال في التحفيظ
العقاري ،والذي بين فيه المشرع العقاري جميع الآجال المنصوص عليها في
-103ظهير شريف رقم 49449477صادر في 01من ذي الحجة 00 – 4110نوفمبر ،0244بتنفيذ القانون رقم 41927المغير
والمتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 8رمضان 40- 4114أغسطس – 4841المتعلق بالتحفيظ العقاري ،منشور بالجريدة
الرسمية تحت عدد 07- 1881ذو الحجة 01- 4110نوفمبر .0244
-104ينص الفصل 427من ظ.ت.ع " إن جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون هي آجال كاملة وتحسب وفق القواعد
المقررة في الفصل 140من قانون المسطرة المدنية ".
ظ.ت.عبأنها آجال كاملة ،وأنه يتم احتسابها وفق القواعد المقررة في الفصل 512
عدم احتساب اليوم الذي يبتدئ فيه الأجل واليوم الأخير الذي ينتهي فيه ،وإذا
صادف اليوم الأخير يوم عطلة ،فإن الأجل يمتد إلى أول يوم عمل بعده ،وقد يكون
الأجل مقدرا بالأسابيع أو الأشهر أو السنوات ،وعليه إذا كان الأجل مقدرا بالأسبوع
فيكون المقصود به سبعة أيام كاملة ،أما إذا كان مقدرا بالشهر فيقصد به ثلاثين
يوما كاملا ،وإذا كان مقدرا بالسنة فيعني مدة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما كاملا،
106المتعلقة بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها،
حالة الط وارئ الصحية التي تعرفها البلاد في ظل كوفيد 19بسائر أرجاء
الترابالمغربي.
2.20.292على أن ه " :يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في
النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية
-105ينص الفصل 140من ق.م.م " تكون جميع اآلجال المنصوص عليها في هذا القانون كاملة فال يحسب اليوم الذي يتم فيه تسليم
االستدعاء أو التبليغ أو اإلنذار أو أي إجراء آخر للشخص نفسه أو لموطنه ،وال اليوم األخير الذي تنتهي فيه".
- 106مرسوم بقانون رقم 09029080الصادر في 01رجب 01 ،4114مارس 0202ي تعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية
وإجراءات اإلعالن عنها ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 1117مكرر 08-رجب 01، 4114مارس . 0202
المعلن عنها،ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ
المذكورة."...
وبناء عليه صدرت مذكرة عن المحافظ العام 107ذكر فيها جميع السادة
المحافظين في كافة التراب الوطني أنه يتعين عليهم تطبيق المقتضيات القانونية
أعلاه المتعل قة بوقف سريان مفعول جميع الآجال الواردة في النصوص التشريعية
تطبيق نظام التحفيظ العقاري خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها ،وكذا
باستئناف احتساب هذه الآجال ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ
بمختلف آجال مسطرة التحفيظ العادية ،سواء أثناء مسطرةالتحفيظ الإدارية وحتى
لمعالجة هذا الموضوع والإحاطة بمختلف الآجال القانونية المنصوص عليها في
الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري والنصوص القانونية المتعلقة به ،ارتأينا أن نتعرض
-107مذكرة المحافظ العام إلى السادة المحافظين على األمالك العقارية ورؤساء مصالح المسح العقاري ،تحت عدد 0202/21مؤرخة
في 01مارس ،0202في شأن وقف اآلجال التشريعية والتنظيمية بسبب حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها.
وبناء عليه سنخصص المحور الأول للآجال المقررة في مسطرة التحفيظ العقاري
في المرحلة الإدارية ،على أن نتناول في المحور الثاني الحديث عن هذه الآجال خلال
المرحلة القضائية.
يرمي التحفيظ العقاري إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا
القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد بذلك تحفيظ
العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه
من الرسوم ،وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.
وإن تخللتها مسطرة قضائية ،غير أن هذا لا يعني غياب دور طالب التحفيظ ،لكونه
المبحث الأول :الآجال المقررة لإجراءات مطلب التحفيظ في زمن كوفيد 19
إن تقديم مطلب التحفيظ لدى المحافظة العقارية يتم وفق ضوابط معينة تتضمن
شكليات محددة قانونا ،وهو نقطة انطلاق مسطرة التحفيظ ،وأيضا نقطة انطلاق الآجال
108
المحددة خلال جريان المسطرة إداريا.
ثم أن وضع مطلب التحفيظ بصفة قانونية مستوفية للشروط الشكلية والموضوعية
والمؤدى عنه الرسوم المحددة ،يفتح المجال للولوج لمرحلة الاشهار ،وهي مرحلة
مهمة في مسطرة التحفيظ وتتمثل أساسا في عملية النشر بالجريدة الرسمية ،وتعليق
الإعلانات المتعلقة بالتحديد لدى الجهات المختصة ،ونظرا لأهمية هذه المرحلة أحاطها
المشرع بآجال ،وعليه يبدأ احتساب الأجل في هذه المرحلة عند نشر خلاصة مطلب
التحفيظ ،وعند الإعلان عن التحديد المؤقت والتحديد النهائي وتعليقهما ،وأيضا عند
تكريسا لمبدأ العلنية في ميدان التحفيظ العقاري أقر المشرع عملية إشهار
واسعة النطاق لجميع العمليات المتعلقة بالتحفيظ انطلاقا من تقديم مطلب التحفيظ
حتى تأسيس الرسم العقاري ،وذلك حتى لا تمر هذه العملية في جو من السرية.
110
-108راجع بخصوص هذا الموضوع د.ة حليمة بن حفو ،مطلب التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم .41-27مستجدات التحفيظ
العقاري في ضوء القانون رقم ، 41-27أشغال الملتقى الدولي الذي نظمه مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية وماستر التوثيق
والعقار يزمي 01-01مارس 401 ،0240فما بعد.
-109د .محمد خيري ،مستجدات قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي .منشورات المعارف طبعة ، 0241ص 411فما بعد.
110
- Mohamed channan ; les principes directeurs de la publicité foncier et leur incigence sur les droit réels
immobilliers .mémoir de d.e.s faculté de droit de casablanca.1980
وعليه يتم نشر ملخص مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية داخل أجل عشرة
أيام من إيداع المطلب ،ويتضمن هذا الملخص أهم البيانات المتعلقة بطالب التحفيظ
وهو ما نص عليه الفصل 11من ظ.ت.ع " يقوم المحافظ على الأملاك العقارية
داخل أجل عشرة أيام من إيداع مطلب التحفيظ بتحرير ملخص له يعمل على نشره
في الجريدة الرسمية ،ويبلغ مضمونه إلى علم العموم بالوسائل المتاحة".. .
التي تشهد عددا كبيرا من مطالب التحفيظأمام قلة الأطر العاملة ،مما ينتج عنه
المحافظ العام التي أشار فيها على أنه يجب تخطي هذه الصعوبات لتسهيل عملية
إلا أن إحداث نشرة بالجريدة الرسمية تختص بإعلانات التحفيظ العقاري والتي
إن تحرير الإعلان عن التحديد يتم داخل أجل شهرين من تاريخ نشر ملخص
المطلب بالجريدة الرسمية ،وهو ما أكده المشرع في الفصل 11من ظ .ت .عحيث
-.111مذكرة المحافظ العام رقم 4718م م ع /ق ت ع /م إ ع الصادر بتاريخ 02مارس .0227
نص على أنه " ...وبعد نشر الملخص المذكور يحرر ،داخل أجل شهرين من تاريخ
يقوم المحافظ بعد نشر خلاصة المطلب بالجريدة الرسمية ببعث نسخ من ملخص
مطلب التحفيظ مقابل إشعار بالتوصل إلى كل من رئيس المحكمة الابتدائية وممثل
السلطة المحلية وكذلك رئيس المجلس الجماعي ،الذين يقع العقار المطلوب تحفيظه
في دائرة نفوذهم ،ويوجه الإعلان عن التحديد إلى السلطات المعنية من اجل التعليق
112
في لوحة الإعلانات وذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يوما.
وهذا ما نص عليه الفصل 18من ظ.ت.ع " يوجه المحافظ على الأملاك
العقارية نسخا من الوثائق المشار إليها في الفصل 11من هذا القانون ،مقابل إشعار
بالتوصل ،إلى رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس
الجماعي الذين يقع العقار المعني في دائرة نفوذهم ،وذلك قبل التاريخ المعين
ويتم التعليق فيها بشكل عشوائي ،فهي تضم الإعلانات المتعلقة بالتحفيظ وأيضا
-112محمد خيري قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي م س ،ص . 411ومحمد بن الحاج السلمي ،سياسة التحفيظ العقاري في
المغرب بين االشهار العقاري والتخطيط االجتماعي –االقتصادي ،م س ص 71فما بعد .هشام بصري إشكاالت تدبير مسطرة التحديد
على ضوء ق ،41-27قانون التحفيظ العقاري بين روح ظ 4841ومستجدات ق ،41-27ندوة علمية نظمتها مجلة المنبر القانوني،
بتزنيت ،منشورات المنبر القانوني ،ص 41فما بعد.
كذلك بالنسبة للتعليق لدى القيادات والجماعات المحلية فإنه يتم التعليق لديها
في لوحة الإعلانات المعلقة في مكان بارز يسهل الاطلاع عليها ،غير أن كثرة الأعباء
والمهامالتي كانت تقوم بها السلطات المحلية طيلة هذه الفترة لم يترك لهم المجال
للاهتمام بمسألة تعليق الإعلان عن التحديد ولا انتهائه ،فما بالك بإشهار ملخص
113
المطلب والاعلان عن تاريخ ووقت التحديد في الأسواق الواقعة في دائرة نفوذه.
زيادة على ذلك فإنه لم يسمح لأحد منذ الإعلان عن حالة الطوارئ بولوج هذه
وفي الواقع فالأجل المنصوص عليه يكون غير كافي في بعض الأحيان ،خاصة
عندما يكون أصحاب أحد الحقوق العينية يقطنون خارج المدينة او خارج أرض
الوطن ،ومما زاد الطين بلة الظروف الطارئة التي عرفها المغرب إلى جانب دول
العالم ،والتي فرضت على الدولة الدخول في فترة الحجر الصحي ،وماتبعها من إغلاق
كل هذا وغيره ساهم في حرمان أصحاب الحقوق من اطلاعهم على الإعلانات
إلى جانب إطالة المدة الناتجة عن توقف الأجل المنصوص عليه في الفصل 18
من ظ .ت.ع ،وهذا الأمر ساعد في السطو علىالعقارات التي هي في طور التحفيظ
وتفويتها للغير ،حيث استغل البعض هذا الوضع فاستولوا على هذه العقارات ،مما
-113.الفقرة األخيرة من الفصل 41من ظ.ت.ع "...يقوم ممثل السلطة المحلية كذلك بإشهار ملخص المطلب و اإلعالن عن تاريخ
ووقت التحديد في األسواق الواقعة في دائرة نفوذه إلى يوم التحديد " .
وعليه فإذا كان النشر في الجريدة الرسمية لا يطرح إشكالا فإن التعليق لدى
المصالح المختصة قد طرح مشاكل عدة بطبيعة الحال في ظل جائحة كورونا وما
ترتب عنها من إعمال الإجراءات والتدابير الصحية كالحجر الصحي الذي دام لمدة
ثلاث أشهر مددت إلى مدد أخرى ....فأصبح الخروج معه في حالة الضرورة القصوى
وهنا نتساءل أليس التنقل من أجل تتبع مسطرة التحفيظ يدخل ضمن حالة
الضرورة؟
أليس الاطلاع على الاعلانات والتعليق لدى المصالح المذكورة أعلاه ،من طرف
طالب التحفيظ وأصحاب الحقوق العينية الذين لم يسمح لهم الولوج إلى هذه المصالح،
يعتبر الإعلان عن انتهاء التحديد إجراء ضروريا لا يمكن إغفاله ،لأنه يتضمن
نتائج عملية التحديد التي قام بها المهندس والمساحة النهائية التي أظهرها التحديد
والحدود الواقعية ،وما إذا كان هناك حق من الحقوق العينية كحقوق الارتفاق أو
التحملات العقارية وذلك بعد إجراء عملية المسح للوعاء العقاري المطلوب
115
تحفيظه.
وقد ألزم المشرع المحافظ العقاري على القيام بهذا الإجراء داخل أجل محدد
ليطلع من خلاله العموم على الوضعية النهائية للعقار وجميع التصرفات الواردة عليه،
116
وعلى من له حق من الحقوق على هذا العقار أن يتقدم بتعرضه.
وعليه فإن نشر الإعلان عن انتهاء التحديد يكون داخل أجل أقصاه أربعة
أشهر الموالية للتحديد النهائي ،وهو ما أكده المشرع حيث نص في الفصل 23من
ظ.ت.ع على أنه "...ينشر هذا الإعلان داخل أجل أقصاه أربعة أشهر الموالية
يلاحظ في هذه الفقرة أن المشرع لم يحدد للمحافظ أجلا لتوجيه الإعلان إلى
المصالح المختصة ،بل ترك المجال مفتوحا أمامه على ألا تتجاوز المدة أربعة
117
أشهر.
على التحفيظ تقدم لدى المحافظة العقارية خلال أجل شهرين ابتداءا من يوم نشره
بالجريدة الرسمية ،فإن أجل التعرض العادي على مطلب التحفيظ المحدد في شهرين
كاملين ،ينتهي بعدها مباشرة ،ولا يقبل أي تعرض بعد ذلك ولو بمرور يوم واحد،
-116محمد بن الحاج السلمي ،سياسة التحفيظ العقاري في المغرب ،بين االشهار العقاري والتخطيط االقتصادي واالجتماعي ،م س ص:
74فما بعد.
-117مسطرة التحفيظ في ظل القانون 41-27السعيد السعداوي محام عام بمحكمة النقض مقال منشور سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد
04نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية ص 17وما بعدها.
كما ترسل نسخا من الإعلان عن انتهاء التحديد مقابل إشعار بالتوصل إلى نفس
الجهات التي سبق تعليق ملخص مطلب التحفيظ لديها ،ويجب أن يبقى الإعلان معلقا
بها إلى آخر يوم من انتهاء أجل التعرض وهو اليوم الستون.
وفي الواقع فإن التعليق لدى هذه الجهات وإن كان يحقق مبدأ شهر التحفيظ،
إلا أنه يزداد خطورةحيث نعتبره فرصة أخيرة للذين قد تكون لهم حقوقا على
أحاط المشرع مسطرة التحفيظ بحماية خاصة ،حيث رتب جزاء إلغاء مطلب
التحفيظ في حالات معينة ،ويأتي إلغاء مطلب التحفيظ بعد قبوله من طرف المحافظ
وبدأ مسطرة التحفيظ بشأنه ،حيث يصبح طالب التحفيظ مجبر على تتبع هذه المسطرة
يلاحظ باستقرائنا لهذا النص هو أن المشرع لم يعرف معنى الإلغاء وإنما حصر
غير أن المشرع وحماية لمصلحةطالب التحفيظ قيد هنا سلطة المحافظ بضرورة
احترام الأجل المنصوص عليها لإعمال جزاء إلغاء مطلب التحفيظ ،بل أكثر من ذلك
- 118انظر بخصوص هذا الموضوع عبد العالي الدقوقي ،اإللغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية 0224-0222ص
. 10
-119نص الفصل 1من ظ.ت.ع على "إن التحفيظ أمر اختياري ،غير أنه إذا قدم مطلب التحفيظ فإنه ال يمكن سحبه مطلقا "
-إلغاء مطلب التحفيظ بسبب غياب طالب التحفيظ ،حيث يعتبر مطلب التحفيظلا
غيا وكأن لم يكن إذا لم يدل طالب التحفيظ بعذر مقبول لتبرير عدم حضوره عملية
وهو ما نجد النص عليه في الفصل 23من ظ.ت.ع ،حيث نص المشرع على
أنه " دون المساس بأحكام الفصل 2من هذا القانون ،إذا نص المحضر على تغيب
طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو على عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد،
فإن مطلب التحفيظ يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يدل طالب التحفيظ بعذر مقبول
إذن إلغاء مطلب التحفيظ بسبب التماطل لا يقرره المحافظ إلا بعد إنذار طالب
التحفيظ ومرور الأجل القانوني ،شريطة توصل طالب التحفيظ بهذا الإنذار ،دون قيامه
بتبرير غيابه عن عملية التحديد ،وعليه إذا ثبت تبليغ الإنذار لطالب التحفيظ بشهادة
الإشعار بالتوصل ،ولم يقم طالب التحفيظ بالمثول أمام المحافظ وتبرير غيابه عن
عدم حضوره عملية التحديد ،وتقديم طلب إجراء عملية التحديد مع أداء وجيبات
المحافظة العقارية ،آنذاك يحق للمحافظ إلغاء مطلب التحفيظ ،ويكون هذا القرار
معللا.
-إلغاء مطلب التحفيظ لعدم متابعة إجراءات المسطرة ،حيث إن الطلب الرامي
إلى التحفيظ والعمليات المتعلقة به يعتبر لا غيا وكأن لم يكن إذا لم يقم طالب
-120أنظر عبد االله المرابط إلغاء مطلب التحفيظ لعدم متابعة المسطرة ،لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم
القانونية واالجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس الرباط ،السنة الجامعية 0221-0221ص 11فما بعد .
التحفيظ بأي إجراء لمتابعة المسطرة ،وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر من يوم تبليغه
إنذارا من المحافظ على الأملاك العقارية ،بواسطة عون من المحافظة العقارية أو
ومن أجل تفعيل مقتضيات هذا الفصل ،يتوجب إنذار طالب التحفيظ بإحدى
الوسائل المتاحة مع إشعار بالتوصل ،مع لفت انتباهه إلى أنه سيتم إلغاء مطلب
التحفيظ المعني إذا لم يقم بما يلزم لمتابعة الإجراءات المذكورة داخل أجل ثلاثة
121
أشهر من يوم تبليغه.
وإن كانت الآجال التي حددها المشرع لإلغاء مطلب التحفيظ هي آجال معقولة
إلا أنها تواجه بعائق صعوبة التبليغ،وأيضا صعوبة توصل طالب التحفيظ بالإنذار،
خاصة إذا كان يتواجدخارج أرض الوطن ،وهو ما يعرقل تسريع مسطرة التحفيظ،
هذا ناهيك عن توقف الأجل خلال فترة الحجر الصحي وما ترتب عنه من إغلاق
مما لا شك فيه أن تأسيس الرسم العقاري يطهر العقار المحفظ من كافة الحقوق
122
المترتبة عليه ،والتي لم يتم التصريح بها أثناء جريان مسطرة التحفيظ.
وهكذا تنتهي مسطرة التحفيظ بإصدار قرار التحفيظ من طرف المحافظ بعد
-121دورية المحافظ العام عدد ، 124رقم /240701و.و.م.ع.خ/م.ع الصادرة بتاريخ 01نوفمبر .0241
-122ذ.زكرياء العماري ،نهائية الرسم العقاري بين االطالق والتقييد – دراسة في االستثناءات الواردة على قاعدة التطهير ،مستجدات
التحفيظ العقاري في ضوء القانون رقم ،41-27مرجع سابق ص 041فما بعد.
التحفيظسواء كان داخل الآجال أو خارجه ،وبعد التأكد من فصل القضاء نهائيا في
وعليه فالمحافظ يتخذ قرار التحفيظ خلال ثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل
التعرض ،بعدما يتحقق من إنجاز جميع الإجراءات ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج
المدلى بها وعدم وقوع أي تعرض ،وهو ما أكده المشرع في الفصل 30من ظ.ت.ع
حيث نص على أنه " خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ
على الملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات ومن
شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها ،وعدم وقوع أي تعرض ".
ويبقى أجل الثلاثة أشهر المنصوص عليه أجلا معقولا ،غير ان الواقع يشهد بأن
هناك مطالب التحفيظ عالقة بأرشيف محافظات المغرب لم يتخذ بشأنها لا قرار
التحفيظ ولا الإلغاء ولا الرفض ،بسبب مجموعة من العوائق ،وهو ما يؤثر سلبا على
الهدف الذي من أجله وجدت مسطرة التحفيظ ،فيتعطل بذلك تأسيس الرسم العقاري،
لتبقى العقارات مهددة بالسطو والاستيلاء عليها من طرف مافيا العقار ،إن لم يكونوا
المبحث الثاني :الآجال المتعلقة بالتعرض على مطلب التحفيظ في زمن كوفيد
.19
إما بحق الملكية ،أو في مدى هذا الحق ،أو في حدود العقار المطلوب تحفيظه ،أو
يطالب بأحد الحقوق العينية القابلة للتقييد بالرسم العقاري على هذا العقار ،وينكره
123
عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه.
ويقدم طلب التعرضإلى المحافظ على الأملاك العقارية ،وله أن يتخذ قرارا بشأنه،
فإما أن يقبله إذا قدم داخل الأجل وكان مستوفيا لباقي الشروط ،وإما أن يرفضه
124
في حالة عدم توفر هذه الشروط أو قدم التعرض خارج الأجل القانوني.
إذا كانت القاعدة العامة أن التعرض يقدم داخل الأجل فإنه استثناء يمكن
تقديمه خارج الآجال بصفةاستثنائية ،وقد منح المشرع هذه الامكانية لكل من فاته
125
الأجل العادي للتعرض لسبب من الأسباب المعقولة.
وعليه فإن انتهاء أجل التعرضات ،يعني أنه لا يقبل أي تعرض ضد مسطرة
التحفيظ بعد انصرام أجل الشهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان عن انتهاء التحديد
بالجريدة الرسمية ،لكن يمكن للمحافظ واستثناء أن يقبل التعرضات خارج هذا الأجل
إذا لم يكن الملف قد وجه للمحكمةوكان المانع من تقديم التعرض داخل الأجل
مقبول ،ويرجع قبول أو رفض التعرض خارج الأجل للسلطة التقديرية للمحافظوهو
ما نص عليه المشرع في الفصل 29من ظ.ت.ع ،وكذلك في الفصول 22 ،23
و ،21و ،29حيث نص الفصل 23من ظ.ت.ععلى أنه "...فإن المحافظ على
-123مأمون الكزبري ،التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ،شركة الهالل العربية للطباعة
والنشر ،الجزء األول ،الطبعة الثانية 4817ص . 17
-124أنظر بخصوص هذا الموضوع ،ذ .إدريس الفاخوري ،نظام التحفيظ العقاري بالمغرب ،دار النشر الجسور ،وجدة ،الطبعة الثانية
0221ص 01فما بعد .
-125د .العربي محمد مياد ،تأمالت في القانون رقم 27-41المغير والمتمم لقانون التحفيظ العقاري ،سلسلة وتبصير المستهلك 44الطبعة
0241ص 11فما بعد .
الأملاك العقارية ،يقوم وفق الفصل 18من هذا القانون بنشر وتعليق إعلان يتضمن
أن التعرضات على التحفيظ تقدم لدى المحافظة العقارية خلال أجل شهرين ابتداء
وأيضا الفصل 22من ظ.ت.ع الذي ينص على أنه " يمكن لكل شخص يدعي
حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ
خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة
وكذلك المادة 21من ظ .ت.ع التي أكد المشرع من خلالها على أجل الشهرين
«لا يقبل أي تعرض ،باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29بعد انصرام أجل
شهرين يبتدئ من تاريخ الإعلان المذكور في الفصل 23من هذا القانون بالجريدة
الرسمية".
ونعتقد أنه بعد مرور 10سنوات على العمل بالفصل 29من ظ.ت.ع بات
من الضروري إلغاؤه وفي المقابل تمديد أجل التعرض العادي ،ما دام أنه يعرقل
سرعة مسطرة التحفيظ ويفتح المجال للتعرضات الكيدية وهو ما يؤثر بصورة واضحة
لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على
المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.
وهو ما نص عليه المشرع في الفصل 25من ظ.ت.ع ... " ،يجب على
الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية
غير أنه ورغم بدأ سريان الأجل الموقوف إلا أن المواطنين واجهوا صعوبة
أخرى تتعلق بالقرارات الصادرة التي عزلت بعض المناطق الموبوءة ،فمنعت تنقل
الأشخاص القاطنين بهذه المناطق من وإلى مناطق أخرى ،ناهيك عن عزل الأشخاص
المصابين بالوباء لمدة معينة ،وأيضا قرار إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية
الذي اتخذته بعض الدول ،.. .كل هذا كانت له تداعيات على مستوى ضمان الحقوق
وتأمين حق الملكية العقارية ،خاصة أمام وجود حالات المواطنين القاطنين خارج
العقاري.
إذا وقعت التعرضات فإن المحافظ على الأملاك العقارية يبلغ فورا نسخة من
مضمونها إلى طالب ال تحفيظ الذي يمكنه ،قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل
التعرض ،أن يدلي بما يثبت رفعها أو يصرح بقبولها ،وهو ما نجد النص عليه في
الفصل 31من ظ.ت.ع " إذا وقعت التعرضات فإن المحافظ على الأملاك العقارية
يبلغ فورا نسخة من مضمونها إلى طالب التحفيظ الذي يمكنه ،قبل انصرام الشهر
الموالي لانتهاء أجل التعرض ،أن يدلي بما يثبت رفعها أو يصرح بقبولها ".
غير أن هذا الإجراء غالبا ما يفعل إذا تعلق التعرض ببعض الحقوق العينية
كحق الارتفاق أو المرور مثلا ،أما إذا شمل التعرض كل العقار فإن طالب التحفيظ
يفضل عرض النزاع على المحكمة ،وعليه إذا مر أجل الشهر ولم يبدي طالب التحفيظ
الفقرة الرابعة :إرسال ملف مطلب التحفيظ إلى المحكمة عند وقوع تعرضات
يوجه مطلب التحفيظ إلى المحكمة الابتدائية المختصة خلال الثلاثة أشهر الموالية
32من ظ.ت.ع " ...خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام الأجل المنصوص عليه
في الفصل 23يوجه المحافظ على الأملاك العقارية مطلب التحفيظ والوثائق المتعلقة
هذا الأجل لا يفعل في بعض الأحيان بسبب عدم تحديد التعرض الجزئيأو غيرها
من الأسباب ،لذلك على المشرع أن يحدد أجل للمتعرض للقيام بتحديد تعرضه،
تحت طائلة إلغائه ،وعليه فتماطل المتعرض عن تحديد تعرضه يفتح المجال أمام
دخول تعرضات أخرى قد تكون كيدية ،وهذا لا محالة يأثر على سرعة البث في
إذا لم يتم تسوية التعرض على المستوى الإداري عن طريق الصلح ،فإن المحافظ
يحيل الملف على المحكمة ،لتتحول بذلك مسطرة التحفيظ من مسطرة إدارية إلى
مسطرة قضائية.
وإن كان انتقال المسطرة إلى هذه المرحلة يساهم إلى حد ما في إطالة مسطرة
التحفيظ ،غير أن المشرع أراد من عرض النزاع أمام القضاء ،تحقيق العدالة العقارية،
وذلك نظرا لثقة المتنازعين في هذه المؤسسة ،كما أن أطراف النزاع أثناء هذه
المرحلة لهم الحق في الدفاع عن حقوقهم من خلال ممارسة حقهم فيالطعن الذي
الصادرة ستطهر العقار من كافة الحقوق غير المشروعة،كما أنها ستساهم في تسريع
وإن كانت مسطرة التحفيظ خلال المرحلة القضائية تتميز بمجموعة من
على أنه " لا تقبل الأحكام الصادرة في التحفيظ إلا الطعن بالاستئناف والنقض ".
-127أنظر بخصوص هذا الموضوع علي الهاللي ،رئيس غرفة بمحكمة النقض ،البث القضائي في التعرضات على مساطر التحفيظ،
ص 408فما بعد ،نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية قراءة في مستجدات القانون رقم ، 41927م س.
العقاري،وكذلك قانون المسطرة المدنية،وأن انقضاء أجل الطعون يسقط الحق في
غير أن مسطرة التحفيظ خلال المرحلة القضائية ،تثار بخصوصها مجموعة من
المعيقات من بينها صعوبة تبليغ الأحكام التي تزيد من تعطيل بث المحكمة في
الموضوع مما يؤثر سلبا على سير المسطرة ،حتى في ظل وجود آجال تحكم إجراءات
التقاضي.
كما أنه تم خلال فترة الطوارئ الصحية وقف سريان جميع اجال الطعن،
واستئنافهاابتداء من اليوم الذي يلي تاريخ رفع حالات الطوارئ ،حماية لحقوق
المتقاضين ،والهدف من ذلك هو تقليل تردد المواطنين على المحاكم ومنع الازدحام
في ساحاتها.
غير أنه ومع بدأ سريان الأجل ،فقد واجه المتقاضين صعوبة أخرى تتعلق
بالقرارات الصادرة التي عزلت بعض المناطق الموبوءة ،بمنع التنقل منها وإلى مناطق
أخرى ،ناهيك عن عزل الأشخاص المصابين بالوباء لمدة معينة ،وأيضا صدور قرار
إغلاق الحدود البر ية والبحرية والجوية ،كل هذا كانت له تداعيات على مستوى ضمان
خارج أرض الوطن ،الذين لم يتمكنوا من مغادرة الديار الأوربية ودخول أرض الوطن،
لتتبع إجراءات التحفيظ العقاري لا على المستوى الإداري ولا حتى على مستوى
القضائي.
أو طالب التحفيظ -خاصة في ظل جائحة كورونا وإعلان حالة الطوارئ داخل وخارج
المغرب.
كل هذا أثر ومازال يؤثر على آجال التبليغ وأيضا الطعن ،وقد ساهمت هذه
الجائحة إلى حد ما في تأزم الوضع الاقتصادي للأسر ،مما اضطرهم إلى تغيير أماكن
السكن وأيضا مقر العمل،فكان مآل نزاعات التحفيظ العقاري هو رفوف المحكمة
للمقتضيات ال متعلقة بالأجيال ؟ وكيف واجهت هذه المؤسسة تحديات جائحة كورونا
العقار في دائرتها ،إلا أن العقار في طور التحفيظ له خصوصيات ،حيث تطبق أمام
القضاء قواعد المسطرة الخاصة المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري إلى
128
جانب القواعد العامة المنصوص عليها في المسطرة المدنية.
وقد حدد القانون يوم الجلسة العلنية بعد توصل الأطراف بالاستدعاء،وهو ما
نص عليهالفصل 35من ظ.ت.ع " عندما يرى القاضي المقرر أن القضية قد أصبحت
-128د محمد المهدي الجم ،التحفيظ العقاري في المغرب ،م،س.ص 74فما بعد.
أنظر د ،محمد خيري م،سص 010فما بعد ،المختار بن احمد العطار التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي ،م ،س ،ص 17فما
بعد.
جاهزة يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها وذلك قبل موعدها
على علم بذلك من طرف المحافظ العقاري ،ولكن لإعلامهم بأن يتواجدوا بالجلسة
وليهيؤوا مواجهتهم ضد الخصم مادام أن هذا النوع من القضايا لا يشترط فيه وجود
محام ،فهواختياري.
إلا أن الاستدعاء عن طريق البريد المضمون يجد في الواقع العملي صعوبات من
قبيل تعذر تسليم الاستدعاء بسبب عدم العثور على المعني بالأمر أو أي شخص
بمحل إقامته ،وعدم إرجاع الإشعاربالتوصل ،وهذا يطيل بطبيعة الحال مدة التقاضي.
إن تطبيق العدالة يقتضي منح المدعين إمكانية مراجعة الأحكام الابتدائية عن
طريقالطعن ،لاحتمال وقوع أخطاء يمكن تجاوزها بالطعن،لهذا أقر المشرع الطعن
وعليه يعتبر الاستئناف ضمانة مهمة للمتقاضين لممارسة حقهم ،طبقا لمبدأ
التقاضي على درجتين ،ويقبل الاستئناف في نزاعات التحفيظ العقاري مهما كانت
قيمة العقار المطلوب تحفيظه ،وأن المستأنف يوجه الملف بدون مصاريف مع نسخة
من الحكم المطعون فيه إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف طبقا لمقتضيات الفصل
129
21من ظ.ت.ع .
-129ينص الفصل 14من ظ.ت.ع على أنه " يقبل االستئناف في موضوع التحفيظ مهما كانت قيمة العقار المطلوب تحفيظه ...ويوجه
الملف بدون مصاريف مع نسخة الحكم المطعون فيه إلى كتابة الضبط بمحكمة االستئناف " .
ويقدم الطعن بالاستئناف داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ الحكم المطعون
فيه،وهو ما يتبين إذا ما رجعنا لمقتضيات الفصل 20من ظ.ت.ع ،حيثنجده يحيل
على الفصل 132من ق.م.م بخصوص اجل الطعن بالاستئناف أي 30يوما من
وهذا الأجل ملزم لأطراف الدعوى و يترتب عنه سقوط الحقطبقا للفصل 511
من ق.م.م،وقد هدف المشرع من توحيد آجلالطعن بالاستئناف تيسير التقاضي على
اطراف النزاع ،وعليه يسري اجل الطعن ابتداءا من تاريخ التبليغ طبقا للقانون.
لكن عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الموجودين خارج أرض الوطن وفي مثل
الظروف الطارئة التي نمر بها ،نتساءل عن إمكانية تضاعف الأجل ثلاث مرات حسب
ما هو منصوص عليه في الفصل 132من ق.م.م ،والذي أحالت عليه الفصول 20
و 21من ظ.ت.ع ؟صحيح أن التبليغ يتم عن طريق مجموعة من الوسائل ،إلا أن
جلها يعرف صعوبات تتمثل غالبا في طول الإجراءات ،وعدم إتمامها ،كما هو
الحال بالنسبة لتبليغ الجالية المغربية المقيمة بالخارج الذي يتم عن الطريق
وفي سياق التحدي الذي فرضته جائحة كورونا وما تبعها من التدابير الاحترازية
التي اتخذت للتقليل من الإصابات بوباء كورونا ،والتي كان من بينها توقف العمل
بمحاكم المملكة طيلة مدة الحجر الصحي لتتوقف معها جميع الآجال المنصوص عليها
130،وقد كان لهذا أثر كبير على مجرى العدالة العقارية ،فكان مصير الأحكام
-أنظر المرسوم رقم 209029080و 209029011الذي سبق وأن أشرنا إليه .
130
العقارية هو أرشيف المحكمة ،وهو ما أثر بشكل كبير على سرعة البث النهائي في
القضايا العقارية التي لم يتم الفصل فيها داخل الآجال المقررة ،كما تأثرت معه
ونظرا لأهمية التبليغ القضائي وارتباطه بحقوق الدفاع ،وبتحقيق محاكمة عقارية
عادلة،وبغية ضمان استمرار المحاكم في القيام بالدور المنوط بها وتكريس الحق في
محاكمة عادلة داخل آجال معقولة ،ولتحقيق السرعة والنجاعة المتطلبة في المجال
أعلنت وزرة العدل المغربي عن مخطط التحول الرقمي للمنظومة القضائية في
ومن أهم المستجدات التي جاء بها المشروع تعديل بعض مواد قانون المسطرة
132
المدنية ومن بينها التبليغ الالكتروني.
وباستقرائنا للفصلين 5و 21- 2من المشروع نجد أن التبليغ الالكتروني قد
تأمر به المحكمة تلقائيا أو بناءعلى طلب أحد أطراف الدعوى ،وأن هذا الأخير له
الحق في أن يتراجع عن رغبته هذه ،في حالة عدم توفره على بريد إلكتروني ،كما
أنه يجب على كل طرف أن يشعر المنصة الإلكترونية بكل تغيير يطرأ على عنوانه
الإ لكتروني المضمن بالتصريح ،ولا يعتد بتغيير العنوان الإلكتروني إلا إذا تم تسجيله
لها وقع إيجابي على منظومة العدالة العقارية ،حيث ستسرع البث في الدعاوى،
لكن نجاح كل هذا رهين بإخضاع الموظفين إلى دورات تدريبية لتطوير
وإذا ما كتب النجاح لهذه لتجربة المحاكم الرقمية ،نرجح اعتمادها مستقبلا حتى
بعد الجائحة.
133
المبحث الثالث :الآجال المقررة خلال مرحلة النقض
لا يمكن الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف إلا بالنقض أمام
محكمة النقض ،وذلك استنادا إلى الفصل 21من ظ.ت.ع الذي ينص على أنه" يبلغ
-133راجع بخصوص هذا الموضوع د .محمد خير ي م .س.ص 111فما بعد .وكذلك د .أحمد أجعون المنازعات العقارية بين المحاكم
العادية والمحاكم اإلدارية الطبعة األولى 0241،مص 17 ،فما بعد
القرار الاستئنافي وفق الكيفية المقررة في قانون المسطرة المدنية ويمكن الطعن فيه
برجوعنا إلى الفصل 358من ق.م.م نجده ينص على أنه " يحدد بصرفالنظر
عن المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلىمحكمة النقض في ثلاثين يوما من يوم
تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي ".
إذن أجل الطعن بالنقض هو نفس الأجل المعمول به في باقي أنواع الدعاوى،
وهو ثلاثين يوما تبتدئ من يوم التبليغ إلى الأطراف في عناوينهم أو العناوين
وقد يقع التبليغ إلى المحكوم عليه أو إلى أحد الأشخاص الذين حددهم المشرع
في قانون المسطرة المدنية ،مع الادلاء بشهادة التسليم قصد التأكد من مدى احترام
الاستئناف ،في أسرع وقت ،لكن في ظل الجائحة اختلت الموازين ،فكان مآل قرارات
محاكم الاستئناف هو رفوف المحكمة ،حيث صعب تبليغ الأطراف وهو ما سيؤثر
وأمام الكم الهائل من قضايا التحفيظ العقاري التي لم يتم تبليغها ،وفي ظل
الظرفية الراهنة التي فرضتها جائحة كورونا ،والتي زادت الأوضاع تأزما ،آنالأوان
للإسراع في إصدار قانون التبليغ الالكتروني وبدأ العمل به ،ونعتقد أنه آن الأوان
لمسايرة التقدم التكنلوجي باعتماد الإجراءات الالكترونية بدل الإجراءات الورقية ما
خاتمة :
إن الإجراءات الاحترازية التي شهدها العالم عامة والمغرب بصفة خاصة ،الهدف
منها هو حماية صحة البشرية بالدرجة الأولى على حساب الاقتصاد ،على اعتبار أن
الإنسان هو محور الحياة ،وبدون وجود الإنسان لا مجال للحديث عن التنمية ولا عن
الاقتصاد ولا عن الأمن ،تحد صعب خاضته الدول لمواجهة جائحة كورونا.
فأمام هذه الجائحة لم يكن أمام الدول من سبل ووسائل لحماية البشرية من
الوباء الفتاك الذي قضى على نسبة لا يستهان بها من سكان العالم،إلا باتخاذ غالبية
الدول إجراءات التباعد الاجتماعي بين المواطنين ،وما تبع ذلك من التوقف عن
الأنشطة الاقتصادية ،وهو ما يدل على أن حياة الإنسان لها أولوية على الدورة
الاقتصادية.
وفي إطار البحث عن البدائل لمواجهة حالة الطوارئ الصحية ،ولتحقيق نوع من
الموازنة بين صحة المواطنين ،والحفاظ على الدورة الاقتصادية ،وأخص بالذكر الدور
الذي يلعبه العقار في التنمية الاقتصادية ،تغمرنا مجموعة من الاقتراحات ربما يكون
فعندما يتعلق الأمر بمسطرة التحفيظ العادية وما تتطلبه من التقيد بالآجال
المنصوص عليها في ظ.ت.ع وأيضا ق.م.م أقترح أن يكون تحديد الآجال المذكورة
بالأيام لا بالشهور ،لأن احتساب المدة بالشهر غير دقيق ،مادام أن عدد أيام الشهور
غير متساوية ،فهناك بعض الشهور عدد أيامها 31يوم وأخرى ثلاثين يوما وفبراير
28أو 29يوم ،فهذا التفاوت في عدد الأيام لا يحقق التوازن بين مصالح المرتفقين.
كما أقترح ألا يتم احتساب أيضا يوم السبت والأحد ،باعتباره أيام عطلة إدارية.
تستعين بأرقام هواتف طلاب التحفيظ وأيضا المتعرضين ،ليتم ربط الاتصال بهم في
جميع الحالات وطيلة مراحل سير إجراءات مسطرة التحفيظ ،وبهذا الصدد ننوه بهذا
التدبير.
وحبذا لو أنه يتم إخبار طالبي التحفيظ بجميع الآجال التي عليهم التقيد بها
أثناء سريان المسطرة ،وذلك إما عن طريق رسائل نصية عبر تقنية الواتسابأو البريد
الالكتروني ،كما يجب أن يتم إدراجها في استدعاء التحديد ،إلى جانب المعلومات
كما نعتقد أنه آن الأوان لاعتماد الوسائل الغير العادية للتبليغ كاستعمال وسائل
الاتصال الحديثة كالتبليغ الالكتروني بالنسبة لإدارة المحافظة العقارية وكذلك مؤسسة
القضاء.
ونوصي في الأخير بضرورة تفعيل سياسة التحول الرقمي ،وذلك بإجراء تعديلات
تشريعية تلائم الظروف الراهنة بما يسمح بمباشرة إجراءات مسطرة التحفيظ
خاصة وأن الظرفية التي يعيشها المغرب إلى جانب دول العالم ،أظهرت أهمية
تغيير الأنظمة المعمول بها ،وتحديث الوسائلوالآليات التي تشتغل بها المرافق
العمومية والشبه العمومية ،بما يضمن استمرار سيرها وكفاءتها،ونعتقد أنه قد حان
الأوان لتعمل إدارة المحافظة العقارية بتقنية الإيداع والتقييد الإلكتروني للقضايا
المعروضة عليها.
وما أحوجنا في هذه الظروف إلى بدأ تطبيق تلك التجربة عمليا ليتم تعميمها
بعد ذلك على كافة الإدارات المغربية ،مادام أن ذلك سيسمح للمواطنين بالاستفادة
من الخدمات التي تقدمها لهم مرافق الدولة بشكل مبسط وبجودة عالية ،خاصة في
لائحة المراجع:
عبد الإله بلقزيز ،السلطة والمعارضة ،المجال السياسي العربي ،المركز -
عبد الكبير الخطيبي ،التناوب والأحزاب السياسية ،ترجمة عزالدين الكتاني -
أحمد بوز ،البرلمان المغربي البنية والوظائف ،المجلة المغربية للعلوم -
1حسن طارق ،من وحي البرلمان ،نواب برلمانيون في قلب النقاش -
الدستوري لما بعد ،2011مقال حول الحزب والفريق ما يقوله الدستور ،مؤلف
عمر بندورو ،النظام السياسي المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة الدار -
محمد ضريف ،الأحزاب السياسية المغربية ،إفريقيا الشرق الدار البيضاء، -
محمد عابد الجابري ،سلسلة مواقف إضاءة وشهادات ،العدد ،2الطبعة -
وزارد محمد اليازغي في حور له بجريدة المساء بتاريخ 15غشت 2011 -
الفاسي وعبد الكريم الخطيب ،انظر محمد السنوسي معنى ،الاتحاد الوطني /الاتحاد
الاشتراكي للقوات الشعبية من الذاكرة والمذكرة ،دار النشر المغربية الدار البيضاء،
طبعة .2018
محمد عابد الجابري ،مواقف إضاءات وشهادات ،دار النشر المغربية الدار -
حفيظة بلمقد م ،حزب الاستقلال وتدبير الانتقال بين الانسجام والتصدع -
البيضاء.
محمد عابد الجابري ،مواقف إضاءات وشهادات ،العدد ،22الطبعة الأولى -
P 114 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
تفاديا لانحراف المسيرين عن الدور المنوط بهم واستعمال السلط المخولة لهم
لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الشركة والشركاء ،عمدت معظم
التشريعات المنظمة للشركات التجارية إلى الاهتمام بنظام المسؤولية وتبني مجموعة
من المقتضيات التي تكتسي طابعا جنائيا وتهدف إلى حماية أموال الشركة من
تلاعبات المسيرين ،وبالضبط المتعلقة بجريمة سوء استعمال أموال الشركات ،وتوزيع
أرباح وهمية.
وبالتالي تصبح أموال الشركة واعتمادتها تطرح إشكالات الحفاظ عليها من جميع
والسلطات الواسعة داخل الشركة من أجل القيام بغرضها وممارسة نشاطها خلال
حياتها الاجتماعية ،وهذه الأسباب هي التي دفعت المشرع إلى وضع ضوابط وقواعد
لتنظيم وتحديد التصرفات والسلوكات القانونية وغير القانونية الماسة برأس مال
شركة المساهمة ،ولعل أبرز التصرفات والخروقات التي طفت إلى السطح ألا وهي
جريمة إساءة استعمال أموال الشركة (المطلب الأول) ،ثم جريمة توزيع أرباح وهمية
(المطلب الثاني).
أجهزة التسيير ،فقد أقر المشرع المغربي جنحة إساءة استعمال أموال الشركة،134
بحيث تقوم في مواجهة الأجهزة المكلفة بالتسيير الذين استعملوا عن سوء نية
ومن هنا يتضح أن جريمة إساءة استعمال أموال أو اعتمادات الشركة تتحقق
في الحالات التي يعمد فيها مسيرو الشركة التي يتولون تسييرها بشكل لا يخدم
-134تنص الفقرة الثالثة من المادة 195ق 25.95على أنه ":يعاقب بعقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 200.000
إلى 2.000.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،أعضاء األجهزة اإلدارة أو التجبير أو التسيير لشركة مساهمة:
-1...الذين استعملوا بسوء نية ،أموال الشركة أو اعتماداتها استعماال يعلمون تعارضه مع المصالح الشخصية االقتصادية لهذه األخيرة
وذلك بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مقاولة أخرى بهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة"... ،
فالمشرع يهدف من خلال نصه على جريمة إساءة استعمال أموال أو اعتمادات
الشركة إلى حماية الذمة المالية للشركة التي تنفصل عن الذمة المالية للمديرين،
هذا أنه مهما بلغ نصيب المدير في رأس مال الشركة فإنه يمكن أن يرتكب جريمة
إساءة استعمال أموال الشركة ،ذلك أن هذه الأخيرة عندما تتكون تنشأ لها ذمة
وعلى كل نرى لدراسة هذه الجنحة تسليط الضوء على أركان استعمال أموال أو
الثانية).
قام المشرع المغربي بالتنصيص على جريمة إساءة استعمال أموال الشركة بعدما
تبين له أن جريمة خيانة الأمانة لم تكن كافية بأركانها وشروط عقابها على مسيري
ومديري الشركة الذين يتصرفون في أموال الشركة بشكل يعارض مصلحة هذه
الأخيرة.
ف جريمة إساءة استعمال أموال أو اعتمادات الشركة تخضع لنفس الأركان التي
تخضع لها سائر الجرائم ،ومن تم فإننا سندرس ركنها المادي (أولا) ،لنتساءل بعد
-135غنام محمد غنام ،الحماية الجنائية لالدخار العام في شركات المساهمة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2999 ،ص.211:
-أشار إليه :محمد كرام ،المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالدار البيضاء ،السنة الجامعية ،0221/0222
ص.080:
كما هو الشأن لأية جريمة فإن تحقق جريمة إساءة استعمال أموال الشركة
يقتضي توافر الركن المادي الذي يتحقق بتوافر عنصر استعمال أموال
-1عنصر الاستعمال:
لإساءة استعمال أموال الشركة يثير إشكالين ،يتعلق الأول بمفهوم مصطلح الاستعمال
في حد ذاته ويتعلق الثاني بطبيعة هذه الأموال التي تكون محلا للاستعمال.
*مفهوم الاستعمال:
لم يقم المشرع المغربي بإعطاء تعريف محدد لمفهوم الاستعمال ،وبذلك فقد
تم فتح المجال للفقه والقضاء لكي يتبنى منظورا واسعا وشموليا لكل التصرفات غير
المشروعة.
حسب بعض الفقه 137فإن المقصود في نطاق جريمة إساءة استعمال أموال
أو إعتمادات الشركة" ،كل تصرف يقع على أموال الشركة ،فليس من الضروري أن
-136أموال الشركة :يقصد بها مجموع األموال سواء منها المنقولة أو غير المنقولة ،والتي تدخل في ذمة الشركة المالية أو ما يصطلح
عليه بأصول الشركة .وجدير بالذكر على أنه ال يمكن الحديث عن جريمة سوء استعمال أموال الشركة إال إذا كانت هذه األموال أو
األصول تدخل فعال في ملكية الشركة ،وال يمكن التحقق من ذلك إال بالرجوع إلى حسابات الشركة ،إذ من خاللها يتم الكشف عن هذه
األموال ،ذلك أن مسيري شركات المساهمة يقومون بتالعبات مختلفة في الوثائق المحاسبية الخاصة بالشركة واستغاللها ،وذلك بهدف
تحقيق مصلحتهم الشخصية ،وبالتالي فإن هذا يجسد إساءة استعمال أموال الشركة التي وضعها المساهمين بين أيديهم إلرادتها وفق ما
يحقق مصلحة الشركة ومصلحة االقتصاد عموما.
-أشارت إليه :خدوج فالح ،المسؤولية الجنائية للمسير في شركة المساھمة على ضوء التشريع والفقه والقضاء ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين :قانون األعمال ،جامعة الحسن الثاني –عين الشق ،-كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
–الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،0222/0222ص.11:
-137محمد كرام ،جريمة إساءة استعمال أموال واعتمادات الشركة في قانون شركات المساهمة المغربي ،مجلة المحامي ،العدد ،18
يوليوز ،0224ص.14:
تكون لدى الفاعل نية تملك المال ،إنما يكفي أن يقوم المتصرف باستعمال عنصر
من عناصر الذمة المالية للشركة لتحقيق غرض شخصي ومخالف للمصالح الاقتصادية
للشركة ،وعليه فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه ليس من الضروري أن يتصرف
فاستعمال أموال الشركة في مثل هذه الحالة يعتبر استعمالا غير مشروعا ،ولو
صاحبته فكرة عدم الامتلاك لتلك الأموال ،ذلك أن مجرد الاستعمال يعد كافيا لقيام
جنحة استعمال أموال الشركة ما دام يعرض الشركة لمخاطر ويمس برأسمالها
الاجتماعي.
فحسب بعض الفقه 138لا يهم كثيرا لكي يتم اعتبار المخالفة قائمة أن يكون
المسير لم يرد أن يمتلك فعلا القيم المختلسة ،بل يكفي أن تستخدم ممتلكات
الشركة لمصلحة أخرى غير مصلحة الشركة التي عرضها للخطر ،فالقضاء يعامل
يبد و واضحا إذن أن "مفهوم الاستعمال واسع جدا بحيث لا يرتهن بثبوت نية
التملك لدى المسير غير النزيه أو الانتقال الفعلي للمال من ذمة الشركة إلى ذمته
الشخصية .وبناء عليه ،يتحقق النشاط المكون للركن المادي للجريمة بمجرد الاستفادة
من القرض أو التسهيلات المالية أو الاستخدام غير المبرر لسيارات الشركة ومعداتها
-138عبد الرحيم بنعبيدة ،منشور برسالة عثمان أمنار ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة في التشريع المغربي والمقارن ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في العلوم الجنائية ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية ،0222/0222ص.11:
-139محمد كرام ،جريمة إساءة استعمال أموال وإعتمادات الشركة في قانون شركات المساهمة المغربي ،م،س ،ص.14:
كون مصلحة الشركة يمكن الإخلال أيضا بها ،نتيجة إهمال أو امتناع من طرف
أجهزة التسيير لشركة المساهمة ،مما يتعين معه التساؤل حول إمكانية تحقق جريمة
سوء استعمال أموال الشركة بأفعال سلبية كما تتحقق بالأفعال الإيجابية؟
أجاب الأستاذ عبد الحفيظ بلقاضي على هذا التساؤل قائلا "انقسم الفقه والقضاء
الفرنسيان بشأن هذه المسألة إلى اتجاهين :اتجاه يقول بعدم جواز اعتبار الترك أو
الامتناع "استعمالا" بالمعنى الذي يقوم به الركن المادي للجريمة ،إذ أن هذا الفعل
دلالة إيجابية ظاهرة لا تتحقق في حالة السلوك السلبي للبحث ،واتجاه يذهب إلى
عكس هذه النتيجة معتبرا الامتناع عن اتخاذ قرار معين في صالح الشركة سلوكا
وقد استقرت محكمة النقض الفرنسية بهذا الخصوص في قرار لها 141على
أن جريمة إساءة استعمال أموال الشركة يستدعي تحققها بالضرورة القيام بأعمال
إيجابية ،إذ رفضت متابعة أعضاء أجهزة التسيير للشركة على أساس هذه الجريمة
لأنه أغفل مطالبة شركة أخرى بعمولات تحتفظ بها بالرغم من كونها مستحقة ،وفي
قرار أخر ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن الامتناع عن اتخاذ قرار عدم
-140عبد الحفيظ بلقاضي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،المجلة المغربية لقانون المقاوالت واألعمال ،العدد الحادي عشر ،السنة
،0222ص.26:
Cass.Crim 24 Avril 1984.D.1984.P:508.- 141
-أورده :عثمان أمنار ،جريمة إساءة اس تعمال أموال الشركة في التشريع المغربي والمقارن ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،وحدة التكوين والبحث في العلوم الجنائية ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش،
السنة الجامعية ،0228/0221ص.11:
المطالبة بديون للشركة ناتجة عن تموينها لشركة أخرى ببضائع يشكل سوء استعمال
وبالتالي فإن القضاء حتى يقر بوجود جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،يجب
أن يتوصل إلى أن هناك مصلحة مباشرة كانت أو غير مباشرة لدى أجهزة الإدارة أو
التدبير أو التسيير لشركة المساهمة على حساب مصلحة هذه الأخيرة أي الشركة،
وفي هذا الإطار نجد أن محكمة الاستئناف بالرباط في قرار 143لها ،قد برأت أحد
أعضاء مسيري الشركة وزوجته التي تعمل مديرة عامة بنفس الشركة من المتابعة
بكونهما قد قاما بتنظيم رحلات سياحية ليست لها علاقة بنشاط ومصالح الشركة.
تشمل أموال الشركة مجموع المنقولات والعقارات المكونة لذمتها المالية ،وسواء
تعلق الأمر بمنقولات مادية كالآلات والأدوات والأثاث ،أو بمنقولات معنوية كبراءات
الاختراع والحق في الكراء وغير ذلك ،ولا يهم في هذا الإطار ما إذا كانت الشركة
وذهب البعض ،144إلى أن مفهوم الأموال يضم "كل عقار ومنقول مملوك
Cass.crim.28 janvier 2004, Rev. Soc, n°3 2004, P:722. Note Bernard BOULOC.- 142
La cour de cassation est déclaré : « L’usage des biens ou de crédits de la société contraire à l’intérêt -
de celle-ci peut résulter non seulement d’une actions, mais aussi d’une abstention volontaire ».
-143قرار صادر عن الغرفة الجنحية استئنافية الرباط ،قرار رقم ،592ملف رقم 10/09/2912بتاريخ 1مارس ،1009قرار
منشور في مجلة المقال ،العدد المزدوج ¾ سنة ،1022ص.25:
-144ثريا بوتشيش ،المسؤولية المدنية والجنائية للمسير في شركة المساھمة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون الخاص ،وحدة قانون التجارة واألعمال ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
السويسي-الرباط ،السنة الجامعية ،0222/0222ص.11:
-145عبد الحفيظ بلقاضي ،م.س ،ص.25-26:
والموجودات المادية الموضوعة رهن تصرف الشركة ،بمعنى كل القيم المنقولة وغير
المنقولة المخصصة لتحقيق غرضها" .ومن هنا ،كان مما يدخل في أموال الشركة
المستحقة لدى الغير والعقارات العائدة إليها ،ولا يهم أن تكون الشركة مالكة لهذه
الأموال أو أن تكون حائزة لها حيازة ناقصة أو أن تكون يدها عليها يد عارضة ،ومع
ذلك ،فإن عنصر الزبناء لا يدخل ضمن أموال الشركة ،وإنما يشكل عنصرا في تكوين
ويثار بهذا الصدد التساؤل حول الحالة التي يعمد فيها المسيرون إلى استغلال
مستخدمي أو عمال الشركة لتحقيق مصالحهم الخاصة أو مصالح مقاولة أخرى لهم
قد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها 146أن استخدام عمال الشركة
ودفع أجور لهم من أموال هذه الأخيرة بهدف قيامهم بأشغال في المسكن الشخصي
للمسير ،بمثابة سوء استعمال الشركة ،ونفس الحكم يطبق عندما يقوم المتصرفون
الاقتراض" أو "قدرتها على اكتساب ثقة الغير بالنظر إلى رأسمالها وطبيعة
معاملاتها وسير عملها بشكل جيد ،وبعبارة أخرى فإن إعتمادات الشركة تتحدد في
سمعتها وقدرتها على تحمل وضمان الديون ،من هنا ،كل من قبيل إساءة استعمال
إعتمادات الشركة تعريضها لأخطار معينة دون مبرر تقتضيه مصلحتها كأن يشغل
المسير إمضاء الشركة ضمانا لقروضه الشخصية من البنك أو أن يعمل على إنشاء
كما عرف ائتمان الشركة بأنه ذلك الذي يرتبط بالمؤسسة بسبب رأسمالها،
طبيعة أعمالها ،السير الحسن للمؤسسة148؛ وبصفة عامة يكون استعمال ائتمان
ومن قبيل استعمال المسير للاعتماد المالي للشركة استعمالا مخالفا لمصلحتها
تعريض قدرة هذه الأخيرة على الوفاء لخطر الإفقار أو العجز المالي الذي ما كان
يجب أن تتعرض له ،وذلك بالتوقيع مثلا على التزامات وتعهدات مالية من أجل
ضمان دين شخصي كتسديد قرض لبناء المسكن الشخصي للمسير ،فمثل هذا
الاستعمال يمس باعتماد الشركة أساسا إذا ما أدى إلى الإنقاص والتقليص من قدرتها
لا يعاقب المشرع على استعمال أموال الشركة إلا إذا مخالفا لمصلحتها ،وذلك
طبقا للمواد 302و 101السالفة للذكر ،حيث يشمل أهم عنصر تقوم عليه هذه
الجريمة مما يحيلنا بالضرورة إلى طرح التساؤل عن ماهية المصلحة الاقتصادية
للشركة التي يشكل المساس بها مخالفة تستدعي الردع والزجر .فما المقصود
ومداه؟
يعتبر مفهوم المصلحة الاقتصادية ،أحد المفاهيم الغامضة والمبهمة والتي يصعب
إعطاء تعريف محدد ودقيق لها ،فرغم المحاولات المتعددة من طرف الفقهاء في
تحديد مفهوم المصلحة الاقتصادية ،إلا أنه ظل مفهوما غير محدد المعالم بسبب
تعدد الزوايا التي ارتكزت عليها الدراسات الفقهية في تناول هذا المفهوم.
فيعد استعمالا مخالفا للمصلحة الاجتماعية كل عمل ينتج عنه افتقار الذمة
المالية للشركة كعمليات الاقتطاع أو تلقي أموال من الشركة دون منحها أي مقابل.
كما أن المساس بالمصلحة الاجتماعية للشركة يقوم حينما يعمد المسير إلى خلط
وقد ذهب البعض في إطار مقاربة بين التشريعين المغربي ونظيره الفرنسي"أن
المصلحة الاجتماعية ،ومما يمكن قوله بأن المصلحة الاجتماعية هي أعم من المصلحة
الاقتصادية لأن هذه الأخيرة تقتصر على الجانب المالي فقط ،أما المصلحة الاجتماعية
149
- Lefebvre Francis, Dirigeants de sociétés commerciales: Statuts juridique, Contrat de travail,
Protection social, Régimes fiscal et juridique des rémunérations, Responsabilités, Paris, éd° Francis
Lefebvre, 1997, P :784.
فتشمل عدة جوانب منها الجانب المالي وسمعة الشركة وقدرتها على استيعاب أكبر
عدد من الأجراء ،وكذلك مصلحة الدولة المتمثلة في تحصيل الضرائب المفروضة على
الشركات وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد أحسن صنعا عندما تبنى مصطلح المصلحة
ويمكن القول على أنه تم اعتماد مفهوم مخالف لمصلحة الشركة فبعدما كانت
هذه الأخيرة تعتمد بالأساس على مصلحة الشركاء ،فهي أصبحت تشمل مصلحة
في غياب تعربف قانوني لمصلحة الشركة كما سبق ذكره ،فالقاضي الجنائي وحده
يعتبر صاحب الصفة في تقدير الوضعية وتقرير إذا ما كانت الأفعال محل المتابعة
جاءت مخالفة أو غير مخالفة لمصلحة الشركة ،ومنه فلا يمكن الأخذ بالتقدير المقدم
من قبل مسيري الشركات على اعتبار أن هذا التقدير في ذاته هو محل النقاش
المثار أمام القاضي الجنائي .151كما أن هناك أقلية قليلة من الفقه التي تعتبر أن
الشركاء وحدهم مؤهلين لتعريف مصلحة الشركة وأن لهم وحدهم سلطة تقدير إذا
ما إذا ما كان الفعل المرتكب من المسير مطابقا أو مخالفا لمصلحة الشركة.152
-150منير فوناني ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،مجلة القصر ،العدد ،48يناير ،0221ص.417:
151
- Jean Larguier, Droit pénal des affaires, Armand colin, 8 éme édition, 1992, P:139.
152
- Annie medina, Abus de bien sociaux, Prévention –détection-poursuite, Dalloz, Référence droit de
l’entreprise, édition Dalloz 2001, P :118.
وهكذا فبالاستناد إلى الضرر الذي تتحمله الشركة ،يكون الفعل المخالف
لمصلحتها هو الذي يسبب لها أضرارا والذي يصيبها في ذمتها المالية وينقص من
أصولها ،وعليه يتم تقدير الفعل المخالف لمصلحة الشركة بالنظر إلى الخسارة التي
كما يطرح تساؤلا أخر في الحالات التي يعمد فيها أجهزة الإدارة أو التدبير أو
التسيير لشركة المساهمة إلى خدمة المصلحة الاقتصادية للشركة ،ولكن بطرق غير
مشروعة ،كتقديم رشوة من أجل الحصول على امتياز معين مثلا ،وبالتالي فهل تقوم
فإنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 382ق 11.95نجدها تنص على أن
جريمة إساءة استعم ال أموال الشركة تقوم إذا ما تعارضت مع مصالحها الاقتصادية
دون التنصيص على الاستعمال غير المشروع لأموالها الذي قد تحقق معه مصلحة
الشركة.
وحسب بعض الفقه الفرنسي ،153فإن التصرفات التي تأتي مخالفة للغرض
الاجتماعي للشركة والتي تعتبر غير مشروعة كاستعمال أموال الشركة لتقديم رشاوي
لا يمكن أن توصف بمخالفة المصلحة الاجتماعية متى كان الهدف من ورائها خدمة
هذه المصلحة.
- Delmas-Marty, Droit pénal des affaires, T2, 1990 Thémis, PUF, P:346.
153
ونجد أن محكمة النقض الفرنسية لم تعتمد نفس التوجه الفقهي إذ اعتبرت في
المساهمة يكون مكونا لجريمة إساءة استعمال أموال الشركة بمجرد كونه يستهدف
تحقيق هدف غير مشروع ،ويتعلق هذا القرار باقتطاعات مهمة قام بها بعض مسيري
الحصول على ترخيص منه لاستغلال أحد خطوط النقل المدرسي ،غير أن المحكمة
الفرنسية قد تراجعت عن هذا الموقف في قرار أخر لها صادر بتاريخ 2فبراير
1991والذي أكدت فيه على أن صرف أموال الشركة من أجل هدف غير مشروع
إلا أن محكمة النقض الفرنسية عادت لتتمسك بموقفها الأول في قرار لها بتاريخ
بتحويل مبلغ مالي لعمدة مدينة فرنسية قصد حصول الشركة على امتياز لمد قنوات
للماء بنفس المدينة ،واعتبرت هذا التصرف يتعارض مع مصلحة الشركة ،وبالتالي
تعتبر جريمة إساءة استعمال أموال الشركة من الجرائم العمدية التي يتعين
توافر عنصر القصد الجنائي فيها ،وذلك ما عبرت عنه المادة 382ق 11.95
من خلال تنصيصها على ":الذين استعملوا بسوء نية أموال الشركة ...وذلك بغية
154
- Cass.Crim.22 Avril. Rev. Soc. Crim 1993. P :124.
-أورده :عثمان أمنار ،م.س ،ص.52:
تحقيق أ غراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مقاولة لهم بها مصالح مباشرة أو غير
مباشرة."...
وباعتماد العبارات السالفة الذكر التي اعتمدها المشرع المغربي يظهر أن تحقيق
جريمة سوء استعمال أموال الشركة يقضي اجتماع شرطين :أولا ،سوء النية وثانيا،
ويطلق على الشرط الأول القصد العام أما الشرط الثاني فيقصد به القصد الخاص،
ولهذا سنحاول التطرق إلى سوء النية ( ،)1ثم نتطرق إلى استهداف مصالح شخصية
(.)2
-1سوء النية:
يتمثل القصد الجنائي العام في جريمة إساءة استعمال أموال الشركة في سوء
نية المسير أو في استعماله المال بسوء نية وهي تعتبر عنصرا رئيسيا في الجريمة،
حيث تعرف النية المجرمة هنا بأنها "الإرادة أو الرغبة في الوصول إلى النتيجة"،
آخرون بأنه إرادة النتيجة وشرطه أن يكون لديه –الجاني -نية الاعتداء.156
فهذا العنصر أي القصد الجنائي العام يعتبر ضروري حيث يحدد في جنحة سوء
استعمال أموال الشركة بتلك الإرادة المدركة والواعية بأن الفعل المرتكب مخالف
للمصلحة الاجتماعية للشركة "علم المسير بالاعتداء على مصلحة الشركة وباتجاه
- Didier Rebut, Abus de biens sociaux, Jurissclasseur (Recueil V société). Rép. Société Dalloz-Aout
155
1997, P :83.
-156عبد الواحد العلمي ،المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي ،الجزء الثاني ،طبعة ،4881مطبعة النجاح الجديدة ،ص-115:
.116
إرادته نحو تحقيق الواقعة الإجرامية .ومقتضى العنصر الأول أن يكون المسير مدركا
كون الفعل الذي يأتيه يتعارض مع مصالح الشركة ومن شأنها تعريضها لخطر لا
موجب له ،ومقتضى العنصر الثاني أن يستهدف الجاني بسلوكه إحداث النتيجة التي
ينهي عنها القانون مما يستدعي ضرورة توافر الإرادة الواعية لديه في استعماله
للمال أو الاعتماد تعارضا مع مصلحة الشركة ،من هنا كان مجرد الإهمال أو الخطأ
في التسيير –ولو كان جسيما -لا يدخل في الركن المعنوي لهذه الجريمة".157
وعليه ،فإن سوء النية يعتبر عنصرا ضروريا ولازما لتحقق هذه الجريمة حيث
يتعين على قضاة الموضوع استجلاءه من أجل إدانة المسيرين .وهذا ما أكدته محكمة
1991التي اعتبرت فيه قرار محكمة الاستئناف بالإدانة من أجل جريمة إساءة
استعمال أموال الشركة مفتقدا للأساس القانوني لأنها لم تعمد إلى تبرير ما انتهت
إليه وخاصة استجلاء سوء نية الفاعل ،158وهذا الموقف هو ما كرسه "المجلس
الأعلى" محكمة النقض حاليا 159بتاريخ 11ماي 1995من خلال نقض القرار
الذي أدين بموجبه أحد الشركاء بالتصرف في المال المشترك بسوء نية باعتبار أن
المحكمة لم تقم بإبراز وجود هذا العنصر "سوء النية" مما يعرض قرارها للنقض.
وعلى الرغم من ذلك فإن توافر سوء النية قد يمكن التوصل إليه بصفة ضمنية
انطلاقا من مادية بعض الأفعال التي تعد كافية لاعتبارها مخالفة للمصلحة الاجتماعية
للشركة والتي لا يمكن جهلها من طرف الفاعل .وهذا هو حال الاقتطاع من حساب
الشركة أو فوترة بعض المصاريف الشخصية في حساب الشركة .فهذه الأفعال وغيرها
قد تسعف وبدون أدنى شك إلى التوصل لاستنتاج عنصر سوء نية الفاعل خاصة إذا
كان الفعل مرتكب يرمي بوضوح إلى خدمة المصلحة الشخصية للمسير.160
وق د عبرت محكمة النقض الفرنسية عن هذا الموقف بقولها":إن العنصر المعنوي
ينحصر في العلم بكون التصرف موضوع المتابعة يلحق ضررا بالمصلحة الاجتماعية
ويعتبر سوء النية مفهوما نفسيا وسيكولوجيا لم يقم المشرع بتحديده سواء في
المواد التي تعاقب على جريمة إساءة استعمال أموال الشركة أو في القانون الجنائي
العام ،مما يجعل منه مسألة من مسائل الواقع التي تخضع للسلطة التقديرية لقضاة
المبدأ أن الركن المعنوي لجريمة إساءة استعمال أموال الشركة لا يتحقق بمجرد
توافر عنصر "سوء النية" بل يتعين بالإضافة إلى ذلك تحقق شرط أخر يتعلق
باستهداف تحقيق مصالح شخصية أي ما يعبر عنه بالقصد الخاص ،وهذا ما عبر عنه
لتفضيل شركة أو مقاولة أخرى لهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة".
-160رشيد مليتي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،0221/0220ص.59:
-161عثمان أمنار ،م.س ،ص.11:
فالمصلحة الشخصية هي شرط لتحقق جنحة إساءة استعمال أموال الشركة ،على
عكس جريمة خيانة الأمانة ،التي لا تشترط تحقق المصلحة الشخصية لمرتكب
الفعل.162
فالمسير أثناء مزاولته لمهام التسيير داخل الشركة تكون في حوزته أموال
وموجودات يقوم باستعمالها تحقيقا لمنافع الشركة ،وبالتالي حتى يتم تجريم أعمال
المسير ومعاقبته فمن اللازم أن تنحرف هذه الأعمال عن الهدف المتوخى منها وأن
يتعامل المسير مع أموال الشركة وكأنها أمواله الخاصة ،إذن يمكن القول أن المصلحة
الشخصية تتحقق كلما قام بخلط ذمته المالية مع الذمة المالية للشركة ولا شك في
أن صياغة القصد الجنائي بطريقة قليلة الدقة كانت مهمة لأنها تسمح للجهات القضائية
وعليه فجريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،تتحقق بوجود مصلحة شخصية
كلما كان الاستعمال يخدم المصالح المالية أو المصالح المعنوية لأعضاء أجهزة الإدارة
أو التدبير أو التسيير ،وهذا ما أكده القضاء الفرنسي في قرار 164صادر عن الغرفة
الجنائية الفرنسية بتاريخ 12فبراير 1911من خلال تأكيده على أن لا فرق في
162
- Samia Belhaj, L’abus de biens sociaux, M.D.E.S.A, Faculté des sciences juridiques economiques et
sociales, Rabat-Agdal, P :42.
163
- Jean Bernard Bosquet Denis, Droit penal des societies, 2ere Edition economica 1997, P:90.
164
- Cass.Crim, 16/02/1977, n°53.
-أورده :حسن العفوي ،م.س ،ص.01:
وعليه وجب التمييز بين المصلحة الشخصية المباشرة بتصرف الفاعل لتلبية
مصالحه الشخصية (أ) ،وتلك المصلحة غير المباشرة بتصرفه لحساب شركة أو
أ-المصلحة المباشرة:
أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة قد يكون هدفها من وراء ارتكاب جريمة سوء
استعما ل أموال الشركة هو تحقيق أغراض شخصية مباشرة والتي تكون في غالب
الأحيان مادية ،كتسديد ديونه الشخصية من أموال الشركة ،كما يمكن أن تكون
مهنية إذا كان جهاز التسيير لشركة المساهمة يهدف إلى تقوية مركزه القانوني داخل
الشركة.165
كما يمكن أن تكون هناك مصلحة مباشرة في حالة التلميع بالسمعة العائلية
لأحد أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة المساهمة أو الحفاظ على علاقات
مع موردين أو زبناء عن طريق منح امتيازات أو تخفيضات عن الشراء ،كما تتحقق
هذه المصلحة المباشرة عندما يقوم أحد أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير
لشركة المساهمة بأداء مصاريف تنقلاته من أموال الشركة ،دون أن يكون قد أنفق
حقيقة تلك الأموال لخدمة مصلحة الشركة .166فكل هذه المظاهر تتحقق من
-165أحمد بوهدي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة –دراسة مقارنة ،-رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السويسي ،الرباط ،1005/1001ص.65:
-166أحمد بوهدي ،م.س ،ص.65:
خلالها المصلحة الشخصية المباشرة للمسير التي يمكن أن تشمل جميع التصرفات
تتوفر المصلحة غير المباشرة في جريمة سوء استعمال أموال الشركة عندما
يهدف الاستعمال إلى تفضيل شركة أو مقاولة له بها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة،
كما لو تخلى المتصرف أو المدير عن مزايدة بغية تفضيل شركة منافسة له بها
مصلحة شخصية.167
فبمجرد تفضيل شركة معينة دون استهداف أية مصلحة شخصية من طرف
الفاعل الأصلي لا يضفي على الفعل الصفة الجرمية ،إلا أن القضاء الفرنسي أسند في
قضية NOIR BOTTONعلى مجرد توافر عنصر سوء النية لإقرار الجريمة،
حينما قام رئيس المقاولة بتحويل مبالغ مالية لصهر أحد الوزراء من أموال الشركة
مقابل تخفيض ثلثي الضريبة على الشركة بالرغم من عدم ذكر عنصر المصلحة
الشخصية للمسير بشكل صريح وهذا ما دفع بالقول بأن تحديد مفهوم المصلحة
القضاء.168
الشركة
يعتبر أعلى غرامة تخييرية وردت بالقانون الجنائي للشركات سواء في حدها الأدنى
وتعكس بشكل فاضح التسامح،أما العقوبة الحبسية فقد جاءت هزيلة جدا
والأكثر اقترافا من مجرمي،تقريبا الوحيد ة التي تجد تطبيقا قضائيا هاما نسبيا
.الأعمال
L242- إساءة استعمال أموال الشركة قد تصل إلى خمس سنوات استنادا إلى المادة
169
- L’art.242-6 du code de commerce français modifié par l’ordonnance n°2000-916 du 19 septembre
2000, dispose que : « Est puni d’un emprisonnement de cinq ans et d’une amende de 375000 euros le
fait pour :
1°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme d’opérer entre les
actionnaires la répartition de dividendes fictifs, en l’absence d’inventaire, ou au moyen d’inventaires
frauduleux ;
2°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de publier ou
présenter aux actionnaires, même en l’absence de toute distribution de dividendes, des comptes annuels
ne donnant pas, pour chaque exercice, une image fidèle du résultat des opérations de l’exercice, de la
situation financière et du patrimoine, à l’expiration de cette période, en vue de dissimuler la véritable
situation de la société ;
3°le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de faire, de
mauvais foi, des bien ou du crédit de la société, un usage qu’ils savent contraire à l’intérêt de celle-ci. A
des fins personnelles ou pour favoriser une autre société ou entreprise dans laquelle ils ont intéressés
directement ou indirectement.
4°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de faire, de
mauvais foi, des pouvoirs qu’ils possèdent ou des voix dont ils disposent, en cette qualité, un usage qu’ils
savent contraire aux intérêts de la société, à des fins personnelles ils sont intéressés directement ou
indirectement ».
P 134 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
ولعل الهدف من وراء التخفيض الذي تبناه المشرع في النص الحالي بالنسبة
لمدة العقوبة الحبيسة مقابل الرفع من مبلغ الغرامة ،في التوجه المعتمد الذي أصبح
يراهن على العقوبات المالية أكثر من العقوبات الحبسية لما أثبتته العقوبات المالية
من نجاعة كأحسن وسيلة لتحقيق فعالية ،بل وخول القضاء سلطة الخيار بين إعمال
إحداهما فقط.
وبالرجوع إلى الفصل 315من ق.ش.م المغربي نجده ينص على العقوبات
المقررة في القسم المتعلق بالعقوبات الزجرية تضاعف في حالة العود .إلا أن ما يثير
الانتباه هو اعتداد المشرع بالغرامة لتطبيق حالة العود ،إذ ينص الفصل في فقرته
الثانية":يعتبر في حالة عود في مفهوم هذا القانون من يرتكب جريمة بعد أن يكون
قد حكم عليه بالحبس أو الغرامة أو هما معا بحكم حائز لقوة الشئ المقضي به من
أجل جريمة سابقة وذلك خلافا لمقتضيات الفصلين 152و 151من القانون
الجنائي".
وخلافا لمقتضيات الفصول 55و 129و 150من القانون الجنائي ،لا يمكن
النزول عن الحد الأدنى للغرامات المقررة في هذا القانون ولا يمكن الأمر بإيقاف
أنه":لا تطبق الأحكام الزجرية المنصوص عليها في هذا القانون إلا إذا كانت الأفعال
المعاقبة بمقتضاه لا تقبل تكييفا جنائيا أشد حسب أحكام القانون الجنائي".
ويمكن بالنسبة لجريمة إساءة استعمال أموال أو إعتمادات الشركة ،لكن فقط
كاملا أو نشر مستخرج منه على نفقة المحكوم عليه في الصحف التي تحددها أو
كما يمكن فضلا عن ذلك للمحكمة أن تقضي بسقوط الأهلية التجارية وفق أحكام
وبما أن جريمة إساءة استعمال أموال الشركة تعتبر جنحة فإن المشاركة تتحقق
فيها وفقا للفصل 129من القانون الجنائي ،ذلك أن المشاركة أو إخفاء أشياء
متحصلة من هذه الجنحة معاقب عليها بنفس عقوبة الفاعل الأصلي .وتبقى محاولة
ارتكاب هذه الجنحة غير معاقبة ،وهو أمر منطقي ذلك أن استعمال أموال الشركة
يفترض للإدانة به أن يكون المتهم قد حاز بين يديه الشئ المختلس ،كما هو الشأن
وما يلاحظ ،أن أغلب دعاوى الشركة أو الشركاء الرائجة بالمحاكم تعتمد عند
تأسيس دعواهم على جريمة خيانة الأمانة والتصرف بسوء نية في مال مشترك وليس
-170تنص المادة 110ق 47981على أنه":إذا تم النطق بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ،يمكن للمحكمة أن تأمر إما
بنشر قرارها كامال أو بنشر مستخرج منه على نفقة المحكوم عليه في الصحف التي تحددها أو بإعالنه في األماكن التي تعينها.
فضال عن ذلك ،يمكن للمحكمة أن تقضي بسقوط األهلية التجارية وفق أحكام المادتين 747و 441من مدونة التجارة".
على أساس جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،ففي قرار صادر من المجلس
الأعلى في سنة 1712002الذي يهم شركة مساهمة ،والذي جاء ضمن حيثياته:
"حيث إن القرار المطعون جاء معللا بما فيه الكفاية ومرتكزا على أساس قانوني
عندما أورد :حيث إنه بالرجوع للشكاية المباشرة فإنه يلاحظ أن الطرف المدني
التمس التصريح بمؤاخذة المشتكى به من أجل جنحتي خيانة الأمانة والتصرف بسوء
وتخصيصها للمصلحة الشخصية لهذا الأخير بالاعتماد على قرينة توفر هذا الأخير
على أربع حسابات بنكية شخصية وكالات بنكية قريبة من المركز الاجتماعي للشركة
المطلب الثاني :جنحة توزيع أرباح وهمية في غياب الجرد أو بوسائل جرد
تدليسية
تعتبر جريمة توزيع الأرباح الوهمية على الشركاء دون احترام المقتضيات
القانونية الواجبة التطبيق ،جريمة تمس بالذمة المالية للشركة مما يهدد نشاطها ،هذا
من جهة ،ومن جهة ثانية التأثير على الحقوق المالية للشركاء والمس بمبدأ المساواة
لذلك حرص قانون الشركات المغربي على تنظيم وتأطير توزيع الأرباح التي قد
تحققها الشركة والثابتة بعد حصر موازنة السنة المالية فيما يعرف بالأرباح الصافية.
-171قرار مجلس األعلى عدد ،1/4111ملف جنحي عدد 0221/01180المؤرخ في ،0221/27/27المجلة المغربية لقانون األعمال
والمقاوالت ،العدد 7يناير ،0221ص.411:
وتروم مجمل تلك القواعد الأمرة على تحديد الأرباح القابلة للتوزيع مع تجريم
وكذلك تخضع الأرباح الصافية قبل توزيعها لاقتطاعات متنوعة كما تقضي بذلك
المادة 329في شكل احتياطي قانوني إلزامي أو احتياطي مقرر بالنظام الأساسي أو
ذلك الذي يمكن للجمعية العامة العادية أن تتخذه قبل كل توزيع للأرباح.
وبالتالي ،فكل توزيع لأرباح وهمية من شأنه إلحاق الضرر بمجموعة من المصالح،
ذلك أن توزيع أي قسط في غياب أرباح حقيقية يعني بالضرورة الاقتطاع من رأس
مال الشركة الذي يعد هذا الأخير أحد أهم مواردها لاستمرار تسييرها ،ذلك أن هذا
النوع من التوزيع "ينطوي في حقيقيته –على مساس برأس مال الشركة ويؤدي في
نفس الوقت -إلى إنقاص الضمان العام للدائنين ،فهو من ناحية سوف يؤدي إلى
تبديد رأس مال الشركة ،لأن الشركة لن تقوم بتوزيع الأرباح إلا إذا تحققت فعلا،
فإذا لم يتحقق الربح فإن عمليات التوزيع سوف تتم بالاقتطاع من رأس مال أو
بإنقاص أصل من الأصول القائمة للشركة ،ويحرم الشركة جزء من مواردها ،فتستهلك
وبذلك لا يمكن في كل الأحوال اللجوء إلى توزيع أرباح ،وهو ما يتحقق حسب
الفقرة الأولى من المادة 331ق.ش.م ،عندما يتم اللجوء إلى توزيع الأرباح خرقا
لمقتضيات المادتين 329و 330ق.ش.م ،لأن ذلك يشكل مسا بالرأسمال المرفوع
-172عبد الرحيم شميعة ،آليات تدخل المساهم غير المسير في تدبير شركة المساهمة نحو حكامة جيدة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في
الحقوق ،جامعة سيدي محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ،السنة الجامعية ،1022/1020ص.195:
-173حسني أحمد الجندي ،القانون الجنائي للمعامالت التجارية (الكتاب األول :القانون الجنائي للشركات) ،مطبعة جامعة
القاھرة والكتاب الجامعي ،القاھرة ،1222 ،ص.156:
بالاحتياطي الذي يعتبر كحد أدنى لا يجوز المساس بالقيم الواردة فيه سواء قبل أو
ومن هنا فإذا كانت مسألة توزيع الأرباح هو حق من حقوق الشركاء والمساهمين،
مجموعة من العناصر (الفقرة الأولى) ،ونظرا لخطرة هذه الجريمة على حياة الشركة
الثانية).
التطرق له:
لكي تقوم هذه الجريمة لا بد من أن يتم توزيع أرباح وهمية إما في غياب الجرد
أو باستعمال وسائل جرد تدليسية ،ومن ثمة فإن هذه الجريمة لا تتحقق إذا تم توزيع
الأرباح بناء على جرد مضبوط ولو كانت هذه الأرباح وهمية.
أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة
مساهمة:
-1الذين وزعوا ،عن قصد ،على المساهمين أرباحا وهمية في غياب الجرد أو
للشركة ويعرف في مفهومه الضيق بأنه عبارة عن جدول لتبيان وتقدير مختلف
عناصر أصول وخصوم الشركة وذلك من خلال بيان عناصر الذمة المالية للشركة
أما بالنسبة للاعتماد على الجرود التدليسية فتكون إذا ما ظهرت أرباحا غير
محققة فعلا أو بينت ربحا أعلى من الذي تحقق ،والتدليس في الجرد في صورتين:
الحالة الأولى :الزيادة في الأصول :وهي طريقة يمكن أن يقوم بها أعضاء أجهزة
في تقدير قيمة المصاريف على سبيل المثال ،حيث تبقى هذه التقنية محل صعوبة
في تقرير إمكانية مدى وجودها أو عدمها من جهة القضاء استنادا إلى تعدد طرق
الخداع والحيل التي يمكن أن يلجأ إليها أجهزة التسيير لشركة المساهمة ،كما أن
174
- Véron Michel, Droit pénal des affaires, 5 éme édition –Armand colin- Paris 2004, P:200.
هناك تقنية للزيادة في الأصول وتتمثل في إيجاد عنصر من عناصر الأصول هي غير
موجودة حقيقة مثل إدخال ديون غير قابلة للاسترجاع من الناحية الواقعية أو إدراج
الحالة الثانية :إنقاص الخصوم :فهذه الصورة تتم مخالفة للصورة الأولى حيث
أن هذه الحالة تتم بالاعتماد على تخفيض قيمة الخصوم كإنقاص قيمة الديون أو
وعلى هذا الأساس فالربح السنوي يقاس بالفرق بين الأصول والخصوم ،ومن
الواضح أن أي فرق قيمة زائد غير محقق مسجل في الأصول دون الخصوم يؤدي
كيفيا إلى ظهور زيادة في الأرباح ،فزيادة القيمة ليس من العناصر الحقيقية لأصول
الأرباح ،حيث أنها تتكون من الأرباح الصافية للسنة المالية على أن تنقص منها
-175يونس تلمساني ،جريمة توزيع أرباح وهمية في إطار شركات المساهمة ،مجلة الملف ،العدد 29أكتوبر ،1022ص.16:
-176يونس تلمساني ،م.س ،ص.01:
-177يونس تلمساني ،م.س ،ص.16:
-178لقد أكد المجلس األعلى في أحد قراراته بتاريخ ،0221/1/7قرار عدد 102منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ،11ص
،402حيث جاء فيه":أن القرار االستئنافي المطعون فيه عندما قضى بتوزيع بين المساهمين جميع األرباح الصافية دون إمكانية تكوين
أي إحتياطي اختياري حرم الجمعية العامة من الحق الذي يخولها الفصل 108باقتطاع جزء من تلك األرباح لتكوين احتياطي اختياري
مما يكون معه القرار المطعون فيه مخالفا للقانون معرضا للنقض".
ويقصد بالأرباح التي يتم توزيعها ،مبلغ من المال يتأتى في مجموعه من الأرباح
التي حققتها الشركة ،يعطي للشريك أو المساهم بالقدر الذي يعادل نصيبه في الأسهم
أو الحصص ،في التاريخ الذي تحدده الجمعية العامة ،على ألا يتجاوز في أقصى
ويكون الربح وهميا أو صوريا عندما تكون المبالغ الموزعة قد اقتطعت من رأس
مال الشركة نفسها أو من الاحتياطي الإلزامي القانوني أو النظامي ،وبالتالي فإنه لا
يكفي لتوزيع الأرباح على المساهمين إلا إذا تمت الاستجابة لجميع الشروط السابقة
الواردة حسب منطوق الفقرة الثانية من المادة 330والفقرة الأولى من المادة 331
لتعويض الخسائر التي لحقت بها جراء السنوات السابقة ،وبالتالي فكل توزيع للأرباح
فالجمعية العامة هي التي تقوم بعد المصادقة على القوائم التركيبية للسنة المالية
بتحديد الحصة المخصصة للمساهمين في شكل أرباح ،كما أنها هي التي تحدد كيفيات
أداء الأرباح المصوت عليها من طرفها ،إذ يجب أن يتم هذا الأداء داخل أقصاه تسعة
أشهر تبتدئ من اختتام السنة المالية ،ما لم يتم تمديدها بأمر استعجالي من رئيس
وتجدر الإشارة إلى أنه ،باستثناء حالة تخفيض رأس المال ،لا يمكن إجراء أي
توزيع للأرباح على الشركاء والمساهمين إذا كانت الوضعية الصافية للشركة ،أو
يمكن أن تصبح بفعل هذا التوزيع أقل من مبلغ رأس المال المرفوع بالاحتياطي الذي
لا يسمح القانون أو النظام الأساسي بتوزيعه وذلك بمقتضى المادة الفقرة الثانية من
أما الركن المعنوي لهذه الجنحة ،فالمادة 382ق 11.95تأخذ شكل قصد
جنائي ،فالمشرع قد استعمل عبارة "عن قصد" مما يعني أن جريمة توزيع أرباح
صورية تعد جريمة عمدية "يجب أن يعلم الجاني بعدم وجود الجرد أو بالصفة الزائفة
للجرد ،وأن يتوافر لديه كذلك العلم بالصفة الصورية للأرباح الموزعة ،سواء عند
توزيعه الأرباح قبل تصديق الجمعية العامة عليها ،أم بتوزيعه أرباحا لم تتحقق
فعلا" ،181كما "ينبغي أن يتوافر لدى الجاني إرادة توزيع الأرباح الصورية ،أي
ويمكن أن يستخلص سوء نية أعضاء مجلس الإدارة من إدراكهم لوضعية الشركة
المالية والسكوت عن ذلك بالرغم من معرفتهم بهذه الأوضاع ،وكذا من أية واقعة
تثبت أن الميزانية الكاذبة والبيانات المعلنة وضعت بمعرفة أو بموافقة أعضاء مجلس
و"...تنتفي المسؤولية الجنائية عن الجاني :إذا أثبت أنه لم يكن يمارس عمله
في وقت توزيع الأرباح ،أو أنه دخل الوظيفة بعد توزيع الأرباح ،أو أنه دخل الوظيفة
ويمكن للمحكمة أن توضح سوء النية لدى كل واحد من المتابعين ،تطبيقا لمبدأ
شخصية العقوبة ،وأن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور ،كطبيعة المهام التي
يزاولها كل متابع داخل الشركة ،ودوره في توزيع الأرباح الوهمية ،وكذا طبيعة
المساءل الجنائي محدد بالصفة وهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير
ساهم بطريقة غير مشروعة (كما جاء في المادة 129من القانون الجنائي) في
وأن العقوبة محددة في الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من
هذا بالنسبة للتشريع المغربي حيث جاءت العقوبة منخفضة في قانون 11.95
مقارنة مع بعض التشريعات المقارنة ،حيث نجد المشرع الفرنسي حدد لجريمة توزيع
مما يستوجب على المشرع المغربي التدخل من أجل إعادة النظر في مقتضيات
م ن أجل وضع الحد لمقترفي هذه الجنحة الذين يجنون أموال طائلة ولا يبدون أي
كما تجدر الإشارة على أن مرتكب جريمة توزيع أرباح وهمية قد يحكم زيادة
على العقوبة الحبسية أو الغرامة أو هما معا بعقوبة إضافية نص عليها المشرع
بنشر حكمها أو بنشر مستخرج منه على نفقة المحكوم عليه في الصحف التي تحددها
186
- L’art.242-6 du code de commerce français modifié par l’ordonnance n°2000-916 du 19 septembre
2000, dispose que : « Est puni d’un emprisonnement de cinq ans et d’une amende de 375000 euros le
fait pour :
1°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme d’opérer entre les
actionnaires la répartition de dividendes fictifs, en l’absence d’inventaire, ou au moyen d’inventaires
frauduleux ;
2°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de publier ou
présenter aux actionnaires, même en l’absence de toute distribution de dividendes des comptes annuels
ne donnant pas pour chaque exercice, une image fidèle du résultat des opérations de l’exercice, de la
situation financière et du patrimoine, à l’expiration de cette période, en vue de dissimuler la véritable
situation de la société ;
3°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de faire, de
mauvais fois, des bien ou des crédit de la société, un usage qu’ils savent contraire à l’intérêt de celle-ci,
à des fins personnelles ou pour favoriser une autre société ou entreprise dans laquelle ils sont intéressés
directement ou indirectement.
4°Le président, les administrateurs ou les directeurs généraux d’une société anonyme de faire, de
mauvais foi, des pouvoirs qu’ils possèdent ou des voix dont ils disposent, en cette qualité, un usage qu’ils
savent contraire aux intérêts de la société, à des fins personnelles ou pour favoriser une autre société
ou entreprise dans laquelle ils sont intéressés directement ou indirectement ».
P 145 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
لائحة المراجع:
غنام محمد غنام ،الحماية الجنائية للادخار العام في شركات المساهمة ،دار
عبد الرحيم شميعة ،آليات تدخل المساهم غير المسير في تدبير شركة
المساهمة نحو حكامة جيدة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق ،جامعة سيدي
محمد بن عبد الله ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ،السنة
الجامعية .2011/2010
.1989
يونس تلمساني ،جريمة توزيع أرباح وهمية في إطار شركات المساهمة ،مجلة
محمد كرام ،المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة على ضوء
القانون المغربي والمقارن ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،جامعة الحسن الثاني،
.2001/2000
خدوج فلاح ،المسؤولية الجنائية للمسير في شركة المساهمة على ضوء التشريع
والفقه والقضاء ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين:
قانون الأعمال ،جامعة الحسن الثاني –عين الشق ،-كلية العلوم القانونية والاقتصادية
محمد كرام ،جريمة إساءة استعمال أموال واعتمادات الشركة في قانون شركات
عبد الرحيم بنعبيدة ،منشور برسالة عثمان أمنار ،جريمة إساءة استعمال أموال
الشركة في التشريع المغربي والمقارن ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
وحدة التكوين والبحث في العلوم الجنائية ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم
عبد الحفيظ بلقاضي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،المجلة المغربية
والمقارن ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة قانون التجارة
منير فوناني ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،مجلة القصر ،العدد ،19
يناير .2008
عبد الواحد العلمي ،المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي ،الجزء الثاني ،طبعة
رشيد مليتي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،
أحمد بوهدي ،جريمة إساءة استعمال أموال الشركة –دراسة مقارنة ،-رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية
قرار منشور بمجلة قضاء مجلس الأعلى ،مجلة عدد ،28السنة الثانية عشر ،يناير
.1992
1يناير .2005
1974
2001
P 149 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
متزايدا ،بحيث تقدر نسبة نموه الاقتصادي ما بين %30و ،%20وهو ما دفع
بمجموعة من الدول إلى تبني هذه الزراعة والتوجه نحو تقنينها ،وذلك من أجل
إيجاد موطأ قدم في السوق العالمية التي تنتشط في هذا المجال مثل كندا وسويسرا
وبخصوص دولتنا المغرب ،فيجب التنبيه إلى أن بلادنا كانت لها يد السبق من
خلال وضع إطار قانوني ينظم استعمالات المخدرات لأغراض طبية من خلال الظهير
بشأن إعادة تصنيف هذه النبتة بما يساير المستجدات العلمية المتعلقة بالمزايا
وتماشيا مع هذا الاتجاه العالمي فقد اعتمدت اللجنة الوطنية للمخدرات المنعقدة
القنب الهندي من الجدول الرابع المتعلق بالمواد المخدرة ذات الخصائص الشديدة
وسيرا على هذا المنوال فقد عمدت مجموعة من الدول إلى تغيير منظومتها
القانونية المتعلقة بالقنب الهندي من خلال تبني نصوصا قانونية متقدمة في هذا
المجال تعمل على تقنين زراعة القنب الهندي ونزع الطابع الجرمي وتحويله وتصنيعه
والمشروعة.
وفي هذا الاطار سوف نحاول دراسة هذا القانون من خلال مبحثين وهما:
بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي (المطلب الأول) ،ثم ننتقل للحديث عن طرق
إنشاء واستغلال مشاتل القنب الهندي (المطلب الثاني) على أن نختم هذا المبحث
مناقشة طرق وقواعد تسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته (المطلب الثالث).
الهندي.
"يمكن ا لترخيص ضمن الشروط والقواعد المنصوص عليها في هذا القانون لزراعة
وإنتاج وتحويل وتصنيع وتسويق ونقل وتصدير القنب الهندي ومنتجاته واستيرادها
وكذا تصدير واستيراد بذور وشتائل القنب الهندي وإنشاء واستغلال مشاتله".
وبالعودة إلى النص يستفاد منه أنه لا يمكن الترخيص بزراعة القنب الهندي
وجميع العمليات المرتبطة به إلا وفق الشروط والقواعد المنصوص عليها بين دفتي
القانون187.
.187انظر الباب السابع من هذا القانون " ،41-04ستحدد هذه المناطق المسموح لها بزراعة القنب الهندي بمقتضى مرسوم".
المزهرة أو المثمرة من نبتة القنب الهندي ولا يشمل البذور والأوراق غير المصحوبة
غير الدوائية والصيدلية ولا سيما الصناعات الغذائية والتجميلية التي يهدف إليه كل
نشاط منصوص عليه في هذا القانون ،وقد حدد المشرع المغربي الأنشطة المسموح
بها والمرتبطة بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي ،188كما عمل المشرع على
ربط منح رخصة إنتاج وزراعة القنب الهندي بالمجالات التابعة لنفوذ الأقاليم المحددة
إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية ،190كما عمل المشرع المغربي في
هذا الإطار على منع زراعة أصناف محددة من القنب الهندي والتي تحتوي على نسبة
والصيدلية191.
وللحصول على رخصة قانونية من أجل زراعة القنب الهندي يتطلب الأمر
تقديم ملف يتوفر على مجموعة من الشروط الواردة في المادة 1من القانون -21
،13وفي هذا الإطار يجب على المزارعين المرخص لهم بزراعة القنب الهندي
الوكالة الوطنية واستعمال البذور والشتائل المعتمدة من طرف الوكالة طبقا للشروط
المحددة بنص تنظيمي وتسليم المحصول بأكمله إلى التعاونيات مقابل الثمن المحدد
إلى حالة تعذر المزارعين تسليم محصولهم من القنب الهندي الناتج عن قوة قاهرة
أو حادث فجائي إلا ضرورة التصريح بذلك للوكالة داخل أجل 3أيام من تاريخ وقوع
الهلاك أو الضرر المذكور قصد السماح وتمكين الوكالة من القيام بالتحريات والمراقبة
الضرورية193.
كما نص المشرع المغربي على وجوب إبرام التعاونيات لعقود البيع مع
شركات التصنيع والتحويل أو التصدير المرخص لها وتحرير محاضر التسليم والإتلاف
من طرف ممثلي الوكالة يتضمن هوية الأطراف وتاريخ ومكان التسليم والكمية
المسلمة وهوية الناقل ووجهة المحصول ،ويتم التوقيع عليه من لدن أعضاء اللجنة
.193لالطالع أكثر ،انظر مقتضيات المادة 8من نفس القانون ،وفي هذا اإلطار سوف يصدر نص تنظيمي يحدد كيفية
التصريح.
لقد سبقت الإشارة إلى قواعد وطرق الحصول على زراعة القنب الهندي
وكيفية استغلاله وتصديره واستيراد بذوره ،وفي هذا الصدد يجب على أصحاب الرخص
احترام بنود دفتر التحملات المحدد سلفا من طرف الوكالة المتضمن للمعايير
الواجب احترامها من أجل القيام بعملية الزراعة والتخزين للبذور وشتائل القنب
كما اشترط المشرع المغربي للحصول على رخصة تحويل وتصنيع القنب
الهندي ونقله على ضرورة تقديم ملف يتضمن مجموعة من الشروط من بينها أن
يكون مؤسسا في شكل شركة خاضعة للقانون المغربي وأن يتوفر على الوسائل
المادية والبشرية المؤهلة للقيام بهذه النشاط .إضافة إلى ضرورة توقيع عقد البيع
.194انظر المادة 42من القانون " :41-04يصدر نص تنظيمي يحدد شروط وكيفية إبرام عقود ومحاضر التسليم واإلتالف.
وفي هذا اإلطار يمنع استغالل رخص إنشاء واستغالل واستيراد بذور القنب الهندي لألشخاص الغير المرخص لهم إنتاج القنب
الهندي تحت طائلة المساءلة القانونية .كما يمنع إتالف أي جزء من بذور وشتائل القنب الهندي إال بحضور اللجنة المنصوص
عليها في المادة 42من هذا القانون كيفما كان سبب اإلتالف.
كما نص المشرع المغربي على ضرورة توفر شركات التصنيع والتحويل على
على منع إنتاج مواد تحتوي على نسبة من مادة رباعي هيدروكانابينول ()THC
المجتمع في حال التهاون في تطبيق القانون في حق المخالفين ،عمل على منع تسويق
وتصدير منتجات القنب الهندي التي وقع تحويلها وتصنيعها إلا لأغراض طبية
وصيدلية وصناعية .أما تسويق وتصدير واستيراد المنتجات غير الدوائية التي تحتوي
على مركبات القنب الهندي تخضع لأحكام القانون رقم 11-02بمثابة مدونة الأدوية
.199لالطالع أكثر ،انظر مقتضيات المادة 48و 02من القانون ،47-21بمثابة مدونة األدوية والصيدلة.
التصدير أو رخصة الاستيراد تقديم ملف يتضمن نفس القواعد والشروط المتطلبة في
عليها في المادة 10من هذا القانون .وأن لا تقوم بعملية الإتلاف إلا بحضور اللجنة
القنب الهندي ،إضافة إلى القواعد المنصوص عليها في المادة 23من القانون -21
201.13
أما فيما يتعلق بمنح الرخص ومدة صلاحيتها وحالات رفضها وسحبها فقد
ألزم المشرع المغربي الوكالة الوطنية بضرورة دراسة ملف طلب منح الرخصة المقدم
من طرف المعني بالأمر ومطالبته بأي وثيقة تراها الوكالة ضرورية داخل أجل 10
أيام.
وفي المقابل أوجب المشرع على الوكالة البت في طلب منع الرخصة وتبليغ
قرارها كتابة إلى المعني بالأمر وبأي وسيلة تثبت التوصل داخل أجل 20يوما من
تاريخ توصلها بملف الطلب كاملا .وفي المقابل يجب أن يكون قرار الرفض معللا
كما أن عدم الجواب داخل أجل 20يوما لا يعتبر بمثابة ترخيص ضمني .إلا أنه
يتعين على الوكالة تبليغ قرارها كتابة وفورا لطالب الرخصة مع ذكر الأسباب التي
أولا :إذا تضمنت ملف طلب الرخصة وثائق مزورة أو معلومات غير حقيقية.
ثانيا :إذا كان من شأن منح الرخصة أن يؤدي إلى أخطار محدقة بالصحة والأمن
ثالثا :إذا ثبت عدم التقيد طالب الرخصة بصفة متكررة بالشروط المنصوص
عليها في هذا القانون برسم الرخص التي سبق أن منحت له من لدن الوكالة.
للتجديد ،إلا أنه هذا الأخير أي التجديد يجب أن يخضع لنفس الشروط المطلوبة لمنح
الرخص الأصل .202ومن بين المقتضيات الإيجابية التي جاء بها المشرع المغربي
في هذا القانون أنه منع تفويت أو إعارة أو إيجار الرخص أو نقلها أو التنازل عليها
للغير ،باستثناء حالة وفاة المزارع الممنوح له الرخصة أو وقوع تغيير جوهري في
كما نص المشرع المغربي وبصفة استثنائية على منح الرخص لوكيل ذوي
حقوق صاحب الرخصة أو لكل ذي مصلحة مباشرة ومثبتة بناء على طلبه رخصة
مؤقتة تنتهي صلاحيتها بمجرد تسليم المحصول إلى التعاونيات ،كما عدد المشرع
المغربي حالات سحب الرخص في حالتين اثنين وهما :أولا :بناء على طلب الشخص
المعني ،وثانيا :بمبادرة م ن لدن الوكالة في حالة توفر مجموعة من الأسباب من
ـ حالة عدم استيفاء صاحب الرخصة الشروط القانونية التي تم على أساسها
منحه الرخصة.
ـ حالة عدم شروعه في ممارسة النشاط موضوع هذه الرخصة عند انتهاء الأجل
ـ حالة التوقف دون مبرر مقبول عن ممارسة النشاط موضوع هذه الرخصة لمدة
تفوق سنتين.
ـ حالة عدم التقيد صاحب الرخصة بأحكام القانون أو بأحد الالتزامات الواردة
2الفقرة الأولى منه إلا بعد إنذار المعني بالأمر بملاحظاته داخل أجل 15يوم من
تاريخ التوصل من طرف المعني بالأمر بالإنذار .وينتج عن قرار السحب منع الشخص
الاستعمالات المشروعة ل لقنب الهندي على إحداث وكالة وطنية لتقنين الأنشطة
المتعلقة بالقنب الهندي .وتعتبر هذه الأخيرة مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية
الاعتبارية والاستقلال المالي .وقد منحها المشرع صلاحية إحداث فروع جهوية أو
وقد أخضع المشرع المغربي هذه الوكالة لوصاية الدولة وألزمها بتطبيق
النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية كما تقوم هذه الأخيرة
بتنفيذ إستراتيجية الدولة في مجال زراعة القنب وإنتاجه وتصنيعه وتحويله وتسويقه
معالجتنا لهذا المبحث سوف تكون من خلال التدبير الإداري والمالي للوكالة (المطلب
الأول) ثم ننتقل فيما بعد إلى الحديث عن دور الوكالة في مراقبة استعمالات القنب
الهندي (المطلب الثاني) ،على أن نختم هذا المبحث بمناقشة دور الوكالة في ضبط
مخالفات الاستعمالات الغير المشروعة للقنب الهندي على ضوء القانون 13-21
(المطلب الثالث).
.204لالطالع أكثر ،انظر مقتضيات المواد 14و 10و 11من القانون .41-04وفي هذا اإلطار حددت المادة 11من
القانون 41-04صالحيات واختصاصات الوكالة الوطنية المكلفة بتدبير االستعماالت المشروعة للقنب الهندي.
فيما يخص التدبير الإداري للوكالة فإنه يديرها مجلس إدارة الوكالة ويسهر
ويتألف مجلس إدارة الوكالة بالإضافة إلى رئيسها ممثلين عن الدولة وعن
المؤسسات والهيئات المعنية بمجال تدخل الدولة والمحددة قائمتها بنص تنظيمي.
الوكالة الوطنية.
وقد سمح القانون للرئيس بدعوة أي شخص ذاتي أو اعتباري سواء كان من
القطاع العام أو القطاع الخاص بصفة استشارية حضور اجتماعاته إذا اتضح له أن
كما جعل المشرع في حالة التنافي بمجلس إدارة الوكالة كل شخص يحمل
صفة مستخدم أو م وظف أو مستخدم ملحق بها أو موضوع رهن إشارتها مع مزاولة
وفي هذا الإطار منح المشرع المغربي لمجلس الإدارة جميع السلط
والاختصاصات اللازمة لإدارة الوكالة وعليه فقد منحه مجموعة من الاختصاصات .كما
يسمح له رأي مجلس الإدارة بمنح تفويضا للمدير العام قصد تسوية مجموعة من
وفي هذا الاتجاه يمكن لمجلس الإدارة أن يجتمع بدعوة من رئيسه أو بطلب
من ثلث أعضائه مرتين في السنة على الأقل وفي تواريخ محددة سلفا .الأول يكون
قبل 30يونيو من أجل ا لمصادقة على القوائم التركيبية والثاني يكون قبل 30
كما رخص المشرع المغربي لمجلس الإدارة بالاجتماع كلما دعت الضرورة
لذلك ،كما اعتبر مداولات المجلس غير صحيحة إلا بحضور ثلثي أعضاء المجلس وفي
حالة عدم توفر النصاب القانوني خلال الاجتماع الأول فإنه يتم توجيه الدعوة من
جديد لعقد اجتماع ثاني داخل أجل 15يوما الموالية .ويتم التداول داخل المجلس
ويتخذ في هذه الحالة المجلس قرارته بأغلبية أصوات الحاضرين وفي حالة
إمكانية إحداث لجنة من بين أعضائه وتحديد تأليفها ومهامها وكيفية تسييرها ،كما
.205لالطالع أكثر ،انظر مقتضيات المواد 11و 11و 11و 17من القانون .41-04
ألزم المشرع المغربي المدير العام بتقديم تقرير سنوي حول أنظمة الوكالة إلى
المجلس الإداري206.
مجلس الإدارة أو الموضوعين رهن إشارتها واللذين تربطهم صلة قرابة سواء بطالبي
أما فيما يخص التدبير المالي للوكالة الوطنية فقد حصر المشرع المغربي
في المادة 22من نفس القانون موارد ميزانيتها في عائدات الأنشطة والخدمات التي
تقدمها الوكالة وإعانات الدولة والجماعات الترابية وكل هيئة خاضعة للقانون العام
الجماعات الترابية إضافة إلى عائدات الاقتراضات المأذون بها وفق التشريع والتنظيم
الجاري به العمل والهبات والوصايا وكذلك من مداخيل مختلفة ،أما فيما يخص
النفقات فتتمثل في نفقات الاستثمار ونفقات التسيير بالإضافة إلى نفقات تسديد
الوكالة208.
.206انظر مقتضيات المواد 18و 12و 14من القانون .41-04وفي هذا اإلطار نصت المادة 12على أهم اختصاصات
المدير العام للوكالة.
الهندي من خلال تتبع مساره خلال جميع مراحل إنتاجه تحويله وتصنيعه وتسويقه
وتصديره واستيراد منتجاته ،وذلك من خلال الحفاظ على احترام مساطره وقواعده
القانونية ومنع استعماله في أنشطة غير مشروعة وعدم استعمال القنب الهندي
وفي هذا الإطار ألزم المشرع المغربي في المادة 25الوكالة على مسك
مجموعة من السجلات من أجل ضبط هذه العمليات من بينها سجل الرخص والسجل
المتعلق بمختلف الأنشطة والعمليات المتعلقة بالقنب الهندي وسجل مخزون القنب
الهندي ،كما ألزم المشرع المغربي أصحاب الرخص بمسك سجلات تسجل فيها جميع
الأ نشطة المرخص بها وتاريخ القيام بها وكميات القنب الهندي وبذوره وشتائله
ومنتجاته المحددة من لدن الوكالة ،كما أوجب المشرع المغربي على أصحاب الرخص
وفي هذا الإطار لم يحدد المشرع المغربي نماذج هذه السجلات وكيفية
ولم يتوقف المشرع المغربي عند هذا الحد بل ألزم أصحاب الرخص بتضمين
منتوجات القنب الهندي المخصصة لأغراض طبية وصيدلية وصناعية مجموعة من
البيانات على المنتوج أهمها رقم الرخصة أو الرخص وكذلك اسم المادة المستعملة
ويجب أن تكون هذه البيانات مكتوبة بخط واضح تسهل قراءته وغير قابل
للزوال وان يتم إلصاق هذه البيانات على المنتوج وتلفيفه ،كل ذلك دون الإخلال بأي
بيان منصوص عليه في النصوص القانونية الواجبة التطبيق وعند الاقتضاء طبقا
وعليه فقد نص المشرع المغربي على وضع علامة تحمل علامة (منتج القنب
الهندي) على جميع منتوجات القنب الهندي أو الرمز الخاص به والمحدد بنص
وفي هذا الصدد منع المشرع المغربي استعمال أي علامة أو رمز مشار إليه
في المادة 21من القانون 13-21من أجل القيام بأي حملة إشهارية أو تعريفية
الأساسي والمعينين لهذا الغرض طبقا لأحكام قانونها والمحلفين طبقا للتشريع
الوثائق والوقوف على عين المكان من أجل التأكد من احترام أصحاب الرخص لأحكام
هذا القانون .كما منحهم المشرع صلاحية تحرير محاضر عمليات المراقبة التي قاموا
بها ورفعها للوكالة الوطنية .ولتسهيل عمل الوكالة فقد سمح القانون للوكالة بتعبئة
جميع الوسائل التقنية المتوفرة وطنيا أو دوليا لرصد هذه المخالفات عن بعد.
تصدير القنب الهندي أو منتجاته أو بدوره أو شتائله أو استيرادها دون الحصول على
رخصة بذلك من لدن الوكالة أو استمر في استعمال هذه الرخصة بعد انتهاء مدة
منه212.
"يعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة يتراوح قدرها
.213لالطالع أكثر راجع المادة 0من القانون 4-71-010المتعلق بزجر اإلدمان على المخدرات.
13ودون إغفال العقوبات الأشد المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي على
عقوبة تتراوح مدتها ما بين 3أشهر وسنتين وغرامة قدرها 5.000درهم كحد
قيام الجناة بزراعة القنب الهندي خارج الحالات الواردة في المادة 2من
الجناة الذين لم يقوموا بتسليم المحصول بأكمله إلى التعاونيات المشار إليها في
القنب الهندي داخل الأجل المنصوص عليه في المادة 9من القانون 13-21وأيضا
من قام بإتلاف محاصيل القنب الهندي أو بذوره أو شتائله أو منتجاته دون التقيد
و لم يكتف المشرع المغربي بهذا وإنما ذهب إلى النص في المادة 52من
المشار إليهم في المادة 29من القانون 13-21أو عرقلة أعمالهم المحددة في
القانون بعقوبة حبسية تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة وغرامة مالية قدرها
كما ذهب المشرع المغربي إلى معاقبة الأشخاص الذين لا يتوفرون على
مخازن مؤمنة ومحروسة لتخزين محصول القنب الهندي وبذوره وشتائله ومنتجاته
وفقا لأحكام المواد 13و 15و 22من القانون 13-21بعقوبة تتراوح غرامتها
والمخدرات215.
على الغش في البضائع والقانون المتعلق بحماية الملكية الصناعية ،فقد ذهب المشرع
إلى معاقبة من استعمل بذور أو شتائل غير مرخصة أو معتمدة من طرف الوكالة
لم يقوم بعنونة القنب الهندي وتلفيفها وفقا لأحكام المادتين 22و 21من هذا
القانون ،أو قام بخرق المنع الوارد في المواد 13و 11و 28من القانون 13-21
ولم يكتف المشرع الم غربي عند هذا الحد وإنما قام بمضاعفة العقوبة في
المادة 55من القانون 13-21في حق كل شخص قام بحالة العود بارتكابه أحد
واستعمالات القنب الهندي وإخراجه من باب التجريم إلى شق الإباحة إلا انه لم يكن
موفقا إلى حد كبير ،حيث إنه أغفل مجموعة من الأمور من بينها عدم نصه على
الآليات المصاحبة له خصوصا الفلاح الصغير باعتباره الحلقة المتضررة من هذا القانون
وكذلك عدم نصه على الآليات التي تمكن من ضبط المساحات المزروعة.
أن تقع خلال عملية تطبيق القانون 13-21من خلال ظهور شركات وهمية تنشط
في هذا المجال واحتيال بارونات المخدرات في تطبيق القانون والتهرب من تطبيق
مقتضياته القانونية.
وفي هذا الصدد ندعو المشرع المغربي إلى إعادة مراجعة هذا القانون والعمل
على تجويد نصوصه من خلال إجلاء الغموض الذي يكتنف بعض مواده وتبسيط
مساطره والإسراع في إخراج نصوصه التنظيمية رفعا لأي لبس أو غموض يكتنف
مواده.
المنتهكة أثناء النزاعات المسلحة الدولية و الداخلية وبها تصدت هذه الأخيرة للجرائم
التي تؤثر على أمن وسلامة المجتمع الدولي خصوصا بعد الفضائح التي شهدتها
كما أسهمت الاتفاقيات الدولية التي تعتبر كنموذج عن الجهود الاممية الكثيفة
في حماية حقوق الإنسان خلال النزاعات المسلحة وقد أكدت نصوص هذه الاتفاقيات
عن مسؤولية كل شخص ينتهك هذه القواعد وإقرار مسؤوليته الجنائية دون الاعتداد
بصفته الرسمية سواء كان فردا أو موظفا ساميا كما أسهمت تقارير الأمين العام
للأمم المتحدة في لفت الانتباه للمجتمع الدولي إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان في
Résumé de recherche:
On peut dire que l’intérêt des organisations internationales gouvernementales du
problèmes de la protection des droits de l’homme atteinte durant les conflits armés
internationaux et intérieurs et avec laquelle cette dernière a affronter les crimes qui
ont une influence sur la sécurité et l’intégrité de la société internationale surtout après
le déshonneur qui a vécu l’humanité durant les deux guerres mondiales, et que les
accords internationaux ont contribuer expressivement comme un exemple des efforts
nationaux intensifs dans la protection de droit de l’homme durant les conflits armés, et
les textes ont confirmés ses accords de la responsabilité de chaque individu qui atteint
ses normes et reconnaissance de sa responsabilité pénale sans préemption de façon
officielle que ce soit individu ou fonctionnaire supérieur, et que les rapports de la sureté
générale ont contribuer aux nations unies pour prêter attention à la société
internationale la nécessité de respect des droit de l’homme au temps des conflits
armés.
:مقدمة
إلزام، حتى يتم إعمال قواعد القانون الدولي الإنساني فإنه بات من الضروري
أطراف النزاع المسلح بتسهيل عمل كافة المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية ذات
وأن تمس الحقوق،هناك جرائم ترتكب ومن شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين
P 173 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
الأساسية للإنسان الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من الأليات القضائية و القانونية،
والتي أوكلت إليها مهمة تحديد الأفعال التي تعد في مصف الجرائم الدولية
والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ،وبالموازاة مع ذلك فإن المجتمع الدولي أكد
و في العديد من المرات على أهمية الدور الذي تلعبه المنظمات الدولية الحكومية
في ارتكاب افعال أو انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ،والسؤال الذي يطرح نفسه
ويعتبر لب الإشكالية هو :ما مدى فعالية المنظمات الدولية في نشر وترسيخ مبادئ
تقسم الموضوع إلى مطلبين بحيث نعالج المنظمات الدولية الحكومية)المطلب الأول(.
ونتناول بالدراسة الأكاديمية جهود منظمة الأمم المتحدة (الفرع الأول) ،والمنظمات
الدولية الإقليمية (الفرع الثان) والتي تشمل جامعة الدول العربية (أولا) ثم الاتحاد
الأمريكية (رابعا).
و نعالج المنظمات غير الحكومية (المطلب الثاني) و نتناول فيه اللجنة الدولية
نتطرق في هذا الفرع إلى الحديث عن اهتمام المنظمات الدولية الحكومية بمسألة
حماية حقوق الإنسان المنتهكة أثناء النزاعات المسلحة الدولية و الداخلية ،وبضرورة
إنشاء قضاء جنائي دولي لمحاكمة و معاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات ،و لعلى أهم هذه
المنظمات منظمة الامم المتحدة دون أن ننسى الجهود الإقليمية في التصدي للنزاعات
المسلحة ،و في دعوتها إلى تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني من قبل الأطراف
المتنازعة.
تصدت المنظمة للجرائم التي تهز أمن و سلامة المجتمع الدولي ،خصوصا بعد
الفضائح التي شهدتها الإنسانية أثناء الحربين العالميتين ،و يمكن القول بكل تأكيد
أن المنظمة الاممية ،قد نجحت نجاحا مشهودا على المستوى الدولي من خلال الدور
الذي تلعبه في خلق القواعد القانونية الدولية ( ،)217و إنشاء الأجهزة و اللجان
القانونية الدائمة المسماة لجنة القانون الدولي ،CDIو التي أسندت لها
Marie Claude Roberge , compétence des tribunaux ad-hoc pour l’ex –Yougoslavie et le Rwanda , -217
concernant les crimes contre l’humanité et le crime de génocide , revue internationale la croix rouge ,
n,823,31 décembre ,1997 ,p997.
و إعداد مشروع تقنين الجرائم المخلة بسلم البشرية و أمنها (.)219
09ديسمبر .1982
22مارس .1999
إعلان الجمعية العامة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المعتمد
عام .1923
نوفمبر .1928
10أفريل .1912
.1980
)220(.1998/01/11
حقوق الإنسان خلال النزاعات المسلحة و قد أكدت نصوص هذه الاتفاقيات عن
المسؤولية كل شخص ينتهك هذه القواعد و إقرار مسؤوليته الجنائية دون الاعتداد
كما أسهمت تقارير الأمين العام للأمم المتحدة ،في لفت انتباه المجتمع الدولي
إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان في وقت النزاعات المسلحة ،ففي عام 1929
قدم الأمين العام تقريرا إلى الجمعية العامة حول حقوق الإنسان في النزاعات
المسلحة ،و التي طلبت منه أن يتابع على وجه الخصوص مسألة احترام حقوق
المدنيين و المقاتلين ،من أجل تحرير أنفسهم من الاستعمار تقريره لعام 1910
.
220
تعرض الأمين العام لمسألة تطبيق اتفاقية حقوق الإنسان ،وخاصة العهد الدولي
(.)221
للحقوق المدنية والسياسية في النزاعات المسلحة الدولية و الداخلية
ويجدر في هذا المجال دائما أن نذكر بدور مجلس الأمن في تطبيق أحكام
الفصل الساب ع من الميثاق عندما يعرض السلم والأمن الدوليين إلى الخطر ،كما هو
الحال بالنسبة إلى قراراته بإنشاء المحاكم الجنائية الدولية الظرفية لمجابهة بعض
القاضي بإنشاء محكمة الجنايات الدولية لرواندا ،كما أصدر مجلس الأمن
اما بخصوص النزاع المسلح الداخلي في إقليم دارفور بالسودان ،فقد أصدر
مجلس الأمن سلسلة من القرارات نظرا لتأزم الوضع بهذا الإقليم و اتساع خطورة
النزاع ،لتشمل معظم الدول المجاورة ،فالقرار رقم )2002( 1552دعا فيه
مجلس الأمن إلى تقديم ميليشيات الجنجويد إلى العدالة ،و فرض حظر الأسلحة
على الكيانات غير الحكومية في دارفور ،و في الأسبوع الأخير من شهر مارس عام
بموجبه بعثة الامم المتحدة بالسودان و القرار رقم 1591الذي عزز حضر السلاح
المفروض على الدول و فرض العقوبات على الأفراد السودانيين المسلحين ،و القرار
والمتعلق بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بلبنان للتحقيق في قضية اغتيال
الرئيس اللبناني " رفيق الحريري " و ذلك بعد توجيه الاتهام لسلطات الحكومة
و لقد طرحت العديد من الانتقادات حول سلطة مجلس الأمن بتأسيس المحاكم
الجنائية الدولية الخاصة وعدم مشروعيتها ،لأن نشأت مثل هذه المحاكم إنما تستند
إلى قانون أو معاهدة دولية تحت رعاية الأمم المتحدة و ليس إلى قرار مجلس الأمن
الدوليين.
سياسية ،لهذا فإن تشكيل المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق فيها يعد خرقا
و بعيدا عن الخلاف الفقهي حول صلاحية مجلس الأمن في إنشاء هذه المحاكم
فإن الأساس القانوني الذي استند عليه المجلس في إنشائها ،يعود في الأصل إلى
الأمن فيما إذا كان قد وقع إضرار بالسلم أو الإخلال به...أو يقرر ما يجب اتخاذه
،و تطهير عرقي ،و غيرها من الجرائم تعد أفعالا تشكل تهديدا للأمن والسلم
واستصدار القرارات اللازمة لمعاجلة مثل هذه الأوضاع المأساوية ،و معاقبة الأشخاص
عن مثل هذه الجرائم ( ،)225زيادة على ذلك فإن مجلس الأمن ،و استناد إلى نص
المادة 29من الميثاق يمكن أن ينشأ من الفروع الثانوية ما يرىله ضرورة لأداء
الجدير بالذكر أن ميثاق الأمم المتحدة نص على أهمية دور المنظمات الإقليمية
في مجال الحفاظ على السلم و الأمن الدوليين في المواد 52،53و لكنه لم يتعرض
صراحة لدورها في مجال الحماية الإنسانية و حقوق الإنسان ،و إن كنا نرى أن
الميثاق أشار صراحة إلى أهمية الدور الإقليمي ،في الصراعات المسلحة غير الدولية
في نص المادة ": 02/52يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه
التنظيمات أو التي تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي
للمنازعات المحققة عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية و ذلك قبل عرضها على
مجلس الأمن".
224
والمنطق السليم يقول بأن هذه المنظمات إذا كان لها تدبر الحل السلمي،
بخصوص هذه الصراعات المحلية فمن باب أولى أن تبذل كل ما من شأنه تحقيق
الحماية الإنسانية و العدالة الدولية خاصة في ضوء التطور الذي يحدث للأليات
الإقليمية
لم يعرب موقف الجامعة من أعمال أحكام القانون الدولي الإنساني ،وأعراف
الحرب عن أية قواعد خاصة في هذا الشأن سواء في صورة اتفاقيات إقليمية أو
قرارات جماعية ذلك لأنها تستند في هذا الصدد إلى الاعراف العربية وكذا التعليمات
المستمدة من الشريعة الإسلامية حيث أكدت بعض التجارب ذلك وإن اللائحة التي
الجامعة في أزمة الكويت مع العراق نصت على أن الدول التي لها قوات عربية،
ولكن بعد تزايد النزاعات المسلحة الدولية و الداخلية على المستوى العربي
تعالت الأصوات وتظافرت الجهود من أجل إيجاد صيغة اتفاقية لإعمال قواعد القانون
الدولي الإنساني ،و ضرورة حماية المتضررين من النزاعات المسلحة ،و من بين
هذه الجهود إعلان القاهرة المستمخض ،عن المؤتمر العربي بمناسبة الاحتفال باليوبيل
227
جنيف
التضامن الدولي و الدعوة إلى إنشاء لجان وطنية للقانون الدولي الإنساني
وعلى هامش هذا المؤتمر تم تقديم مشروع قانون نموذجي عربي بشأن الجرائم
خمسة عشر مادة ،حيث أشارت النصوص المتعلقة بهذا المشروع إلى الأفعال التي
تعد من قبيل الجرائم الدولية و هيئ :الإبادة الجماعية ،الجرائم ضد الإنسانية ،
جرائم الحرب ،و إلى مسؤولية الأشخاص بما فيهم ممثلي الدول من حكام و مسؤولين
بالق اهرة من أجل متابعة تنفيذ إعلان القاهرة ،و قد أوصى المشاركون في هذا
الاجتماع :
-اتخاذ التدابير فيما يتعلق بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني خصوصا في
مجال قمع جرائم الحرب حيث ناشد المشاركون الدول العربية بمراجعة تشريعاتها
الوطنية النافذة بحيث تتفق و أحكا م الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالقانون الدولي
الإنساني الذي انضمتإليها -.دعوة الإدارة القانونية لجامعة الدول العربية وقسم
الخدمات الاستشارية باللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تقديم المعونة الفنية اللازمة
للدول العربية من أجل إعداد التشريعات الجنائية الخاصة بقمع الجرائم الحرب و
()229
تشجيع تبادل المعلومات بين الدول العربية بالنسبة للتشريعات النافذة
أما بالنسبة لخطة اعمل الإقليمية لتطبيق القانون الدولي الإنساني على الصعيد
الدستورية للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ،و مشروع القانون العربي النموذجي
في مكافحته لجرائم الحرب و التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية و ما قام به مكتب
متابعة تنفيذ الخطة الإقليمية لعام 2002تم تكثيف الجهود العربية في مجال
تطبيق القانون الدولي الإنساني و قمع الجرائم الدولية و اعتماد الدول العربية
229
للتشريعات الجديدة في هذا الشأن و بصفة خاصة اليمن و الأردن و ما أعده من
ثانيا:الاتحاد الإفريقي
الحروب الأهلية مما أدى إلى تزايد عدد الضحايا و المشردين و اللاجئين و الذين
شكلوا بالفعل مأساة حقيقية بالرغم من وجود قانون دولي إنساني ،لذلك عملت
منظمة الوحدة الإفريقية –سابقا -على مواجهة هذه المشاكل في ضوء عجز الجهود
الدولية سواء من قبل الامم المتحدة ،أو المنظمات الإنسانية ،و إزاء المجازر التي
حدثت في رواندا و بورندي بعد سنة 1990عملت الدول الإفريقية على وضع
بروتوكول إفريقي للحماية الإنسانية ووضع ألية قضائية لمعاقبة مرتكبي الجرائم ضد
(.)231
الإنسانية و الجرائم ضد حقوق الإنسان الإفريقي
لذا سعت المنظمة من أجل إنشاء محكمة جنائية إفريقية و هو ما أكده إعلان
رؤساء الدول و الحكومات الأعضاء لعام ،1992و كذا اجتماع نيروبي المنعقد في
05نوفمبر ..1992
قطعت الدول الاوربية شوطا كبيرا في مجال حماية حقوق الإنسان أما بخصوص
القانون الدولي الإنساني فلم تكن بنفس التقدم لذا يرى اتجاه من الفقه في القانون
الدولي الإنساني فلم تكن بنفس النقد لذا يرى اتجاه من الفقه أن القانون الدولي
MuyoMuhalia ,la cour africaine des droit de l’homme et des peuples mimétisme ou avance -231
judicaire ? Revue générale de droit international publique, vol102.p665-677
الإنساني يدخل في إطار الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان التي تطبق على الأفعال
التي تنسب إلى أي طرف متعاقد مشارك في نزاع مسلح ما و يتحمل هذا الطرف
المتعاقد مسؤولية حالة إهمال أو انتهاك لقواعد هذه الاتفاقية ،و هو ما أكدته المادة
02من ذات الاتفاقية المتعلقة بالحق في الحياة و المادة 03الخاصة بحظر التعذيب
و لقد أتيحت للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان الفرصة للنظر في الحالتين من
النزاعات المسلحة و أثبتت منهما أهمية وجود معايير للقانون الدولي الإنساني
-2حالة الطوارئ الممتدة في جنوب شرق تركيا لمواجهة التمرد الكردي فيها
و التي أدت إلى اضطرابات عنيفة سنة 1985بين قوات الأمن و حزب العمال
الكردستاني ،إلا أن المحكمة لم ترد ما إذا كانت المادة الثالثة المشتركة لإتفاقيات
جنيف لعام 1929و أحكام البرتوكول الثاني من تطبيقها على الصراع القائم فيها
(.)232
في حين ذهب اتجاه من الفقه إلى أن الدعاوى الحديثة العهد المرفوعة أمام
لحقوق الإنسان و أمام هذه المسألة التي لاقت بالغ الأهمية بحيث أدلى القاضي "
مسائل تتعلق بالنزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي كتلك التي حدثت في
232
إن ميثاق منظمة الدول الأمريكية نص في الفصل الثاني منه على ضرورة تمسك
الدول الأعضاء بالحقوق الأساسية للأفراد دون أي تمييز بسبب العنصر أو الدين أو
الجنسية.......إلخ ،و بناء على ذلك عقدت الدول اتفاقية لحقوق الإنسان إلا أن
الميثاق الأمريكي لم يتعرض بصورة مباشرة للقانون الدولي الإنساني ،و إن كانت
هناك بعض الوقائع التي أدت بالجنة الأمريكية لحقوق الإنسان للنظر في المسائل
التي تدخل في إطار القانون الدولي الإنساني و منها قضية تابلادا بالأرجنتين و التي
تتلخص وقائعها في أنه في عام 1989شنت مجموعة مسلحة هجوما على ثكنة
عسكرية تابعة لل قوات المسلحة الوطنية في تابلادا و استمر النزاع ثلاثون ساعة
وقتل فيها عدد كبير من القوات الحكومية في حين تم القبض على مجموعة من
المتمردين الذين تقدموا بشكوى إلى اللجنة الامريكية إدعوا فيها بان رجال الدولة
انتهكوا الإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان و بعض أحكام القانون الدولي لحقوق
الإنسان .
وقد بحثت اللجنة في الشكوى و أقرت اختصاصها بنظرها و بررت ذلك بأنها
ترى من واجبها تطبيق القانون الدولي الإنساني لاسيما أحكام المادة المشتركة
لإتفاقيات جنيف لسنة ، 1929لأن ذلك يدعم قدرتها على العمل لمواجهة
كما استندت في ذلك على الفتوى الاستشارية لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق
الإنسان و التي جاء فيها أن اللجنة لها أن تتمسك في مجال حقوق الإنسان
بالمعاهدات الأخرى التي تتعلق بحماية هذه الحقوق في الدول الأمريكية بصرف النظر
()234
عما إذا كانت هذه الاتفاقياتاعتمدت من قبل هذه الدول أم لا
في البداية ارتأيت أن أشير إلى دوركل من لجنة الصليب الأحمر و منظمة
العفو الدولية في إثارة مسؤولية مرتكبي الجرائم و الانتهاكات الجسيمة أثناء النزاعات
بما فيها المسؤولين و الحكام ،و قد وقع اختياري على هاتين المنظمتين لطبيعة
عملهما و نشاطهما في تعزيز و حماية حقوق الإنسان سواء أثناء السلم أو أثناء
الصراعات
للحركة الدولية للصليب الأحمر و الهلال الأحمر على نحو وثيق بتطور القانون الدولي
الإنساني على ضوء تطور و تزايد النزاعات المسلحة الدولية و الداخلية و يعكف
خبرائها القانونيين على تطوير القانون الدولي الإنساني و ترويجه و شرحه من خلال
Carrillo solde, la cour pénal internationale ,revue générale de droit international puplic,France 01, -234
1994,p63
و تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بموجب نظامها الأساسي بالإشراف على
التطبيق الدقيق لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1929و البروتوكولين الإضافيين لعام
لعمل مثل هذا النوع أن يكون ثمرة لفعل يتم من جانب واحد أو أن يتحقق خلال
فترة وجيزة أو يقتصر على منطقة معينة ،و بعيدا عن أي حالة من حالات النزاع
المسلح تبذل اللجنة جهودا هائلة في مجال جمع أكثر ما يمكن من معلومات عما
(.)235
تحقق في مجال الإجراءات الوطنية لتنفيذ القانون الدولي الإنساني
و لقربها من واقع تطبيق هذا القانون و مناطق النزاعات المسلحة وفق مهامها
81من البروتوكول الأول و المادة 18من البروتوكول الثاني ) فإن للجنة الدولية
موقعا مميزا يمكنها من تقديم الملاحظات و القيام بمبادرتها لدى الأطراف المتحاربة
و الدول المتعاقدة
للجنة الدولية للصليب الأحمر دور خاص أثناء القيام بمهام المساعدة و الحماية
القانونية لأنها على اتصال دائم بالضحايا و بأطراف النزاع و هي عبر مندوبيتها تلفت
أنظار السلطات إلى ما يرونه مخالفا للقانون الدولي الإنساني سواء اتخذ شكل أعمال
محظورة أو امتناع عن أفعال أوجبها القانون ،و يسعى المندوبون لتقصي الحقائق
ولما كان نظامها الأساسي يسمح لها بتلقي الشكاوي من جانب أطراف النزاع
أو أطراف ثالثة ( حكومات أو منظمات حكومية أو غير حكومية أو جمعيات وطنية
للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر )....فإنها تقوم بالمساعي اللازمة لدى السلطات
المعنية و مبدئيا تتم هذه المساعي لدى السلطات التي وجهت إلى أجهزتها
-أن يكون من بين شهود الانتهاكات مندوبين للجنة الدولية للصليب الأحمر
بوضع حد لها و خلال الأعوام الأخيرة تزايدت تلك النداءات أكثر فأكثر خاصة على
و بالرغم من الدور المنوط بهذه اللجنة الدولية إلا أنها لاتقف فوق الأطراف و
لاتظطلع بسلطة قانونية لم يتم إسباغها عليها ،لأن العمل على تطبيق القانون
الدولي الإنساني يفرض على اللجنة أن تحاول تلافي الانتهاكات و تصحيحها من خلال
دورها كوسيط إنساني محايد و مستقل بين الأطراف المتحاربة و لا يدخل في إطار
مهمتها أن تمارس أية اختصاصات قمعية أو قضائية من أجل إقرار حقوق الضحايا
،با و تمتنع هذه اللجنة عن مجرد البحث عن هوية مرتكبي هذه الانتهاكات ،غاية
236
ما في الأمر أنها تساهم و بصفة وقائية في التقليل من الجرائم الدولية و من ضحايا
النزاعات المسلحة.
هي منظمة دولية غير حكومية تخضع لنظام القانون الخاص و تتشكل من
أعضاء ينتمون إلى جنسيات مختلفة و متعددة تفوق 150جنسية تسعى إلى ترقية
حقوق الإنسان و حرياته الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و حرياته الواردة
وفي إطار المادة 11من ميثاق الامم المتحدة الذي يسمح للمجلس الاقتصادي
و الإجتماعي التابع للأمم المتحدة بإعطاء دور استشاري للمنظمات الخاصة فإن
أما عن دورها فمنذ نشأتها عملت المنظمة جاهدة على بناء نظام دولي يضمن
حقوق الإنسان و الحد من الانتهاكات الواقعة عليها سواء تم ذلك أثناء السلم أو
أثناء النزاعات المسلحة ،لذلك تستعمل منظمة العفو الدولية الإجراء 15/03
لسنة 1910الذي يمكنها من تقديم شكاوي لدى منظمة الأمم المتحدة و ذلك
لاعتبار هذا الإجراء و سيلة ضغط على الدول المسؤولة عن هذه الانتهاكات ومن
أمثلة ذلك :الرسالة المفتوحة التي بعثت بها المنظمة إلى مجلس الأمن في 21
فيفري ، 2005و قدمت فيها توصيات محددة حول إنشاء بعثة أممية في السودان
و حول فرض خطر تسليح مرتكبي الانتهاكات الجسيمة في دار فور ووضع حد لظاهرة
(.)237
الإفلات من العقاب في الإقليم
كما رحبت منظمة العفو الدولية بقرار مجلس الأمن رقم 1591الصادر
بتاريخ 29مارس 2005و المتعلق بحظر الأسلحة على جميع الكيانات غير
يرتكبون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان .
كما أكدت ذات المنظمة عن ارتياحها إزاء قرار مجلس الأمن رقم 1593
المنصوص عليها في القانون الدولي إلى العدالة الجنائية الدولية و إجلاء الحقيقة عن
الوضع في دارفور و تقديم تعويضات إلى الضحايا وعائلاتهم و أكدت أنه يجب أن
تحظى هذه الاستراتيجية بدعم فعال من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجميع
الدول الأخرى.
و نظرا لتأزم الوضع في السودان و اتخاذه أبعادا خطيرة شكلت تهديدا للسلم
و الأمن الدوليين فإن منظمة العفو الدولية دعت المجتمع الدولي ككل لمحاربة ظاهرة
الإفلات من العقاب من أجل تقديم مرتكبي الجرائم الدولية إلى العدالة عن طريق
ممارسة الولاية القضائية العالمية و في إقامة العدل في السودان مسؤولية تقع على
عاتق الحكومة بالدرجة الاولى حيث أن جرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيات
-تشكيل لجنة تحقيق دولية لدراسة الأدلة المتوفرة على وقوع جرائم الحرب
الخاتمة:
كخلاصة لهذه المداخلة المتواضعة يتضح من جميع ما تقدم طرحه أنه ولأغراض
تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني ،وبعيدا عن الخلافات الفقهية والقانونية فإنه
تبين أن جملة قواعد القانون الدولي للنزاعات المسلحة وما يستتبعه من مبادئ
أطرافها بصفة خاصة في الدول والحركات التحررية الوطنية بحيث لم تطبق في
مواجهتها النزاعات الداخلية إلا تلك المبادئ التي تضمنتها المادة الثالثة المشتركة
وبالموازاة مع ذلك فإن المجتمع الدولي أكد في العديد من المرات على أهمية
الدور الذي تلعبه المنظمات الدولية وغير الحكومية و المنظمات الإنسانية في قمع
لحقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة ،إلا أن الشيء الملاحظ هو ان الفعالية الدولية
للولايات المتحدة الأمريكية من جهة ومن جهة أخرى التداخل الحاصل بين المصالح
الكبرى للدول المصدرة للسلاح و الرغبة في إشعال نيران التقتيل والحروب في شتى
بقاع العالم.
قائمةالمراجـــــــــع:
أوال المراجع باللغة العربية :
الكتب 01- :
د حسام عبد الخالق شيحة ،المسؤولية والعقاب على جرائم الحرب مع
دراسة تطبيقية على جرائم البوسنة والهرسك ،دار الجامعة الجديدة ،الإسكندرية،
د محمد فرحات ،تاريخ القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ،دار
د مرشد أحمد السيد ،الأليات القانونية للحفاظ على الأمن و السلم
،icrcالقاهرة .2002
د مسعد عبد الرحمان ،زيدان قاسم ،القانون الإنساني وتطبيقاته على
-2المقالات المتخصصة
د عبد الرحمان بوزير ،المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا ،مجلة
د سيد هاشم ،حقوق المتقاتلين وضحايا النزاعات المسلحة "رؤية عربية
-3الوثائق:
السلم القانوني ،ولذلك أعطى المشرع المغربي للعدول الموثقين مجموعة من
والواقعية ضمن منظومة قانونية هدفها تأمين استقرار وثبات المعاملات العقارية،
حيث يعتبر قانون الالتزامات والعقود المغربي حلقة جوهرية ضمن هذا النسق
باعتباره الشريعة العامة والنهج الشامل لسائر المعاملات ،وقد تدخل المشرع المغربي
ونظم عقد البيع العقاري لكونه تصرف قانوني يهدف إلى إحداث أثر قانوني ،وقد
ألزم المشرع المغربي الكتابة كلما كان محل التصرف عقارا او حقوقا عينية وهذا ما
نص عليه الفصل 289من قانون الالتزامات والعقود وذلك لما لها من حجية قاطعة
في الإثبات ،وذلك من أجل إثبات الوقائع والتصرفات القانونية وتحقيق الاستقرار في
المعاملات العقارية ،لكن هذا الأخير لم يقم بدوره على أحسن وجه ،لكونه تعرض
لعدة مشاكل ونزاعات بسبب تعامله بالمحررات العرفية ،لذا تدخل المشرع من خلال
إصداره لمدونة الحقوق العينية بنصه في المادة الرابعة منها على ضرورة توثيق
المعاملات العقارية في محرر رسمي ،أو ثابت التاريخ ،بحيث لم يعد هناك مجال
للتعامل بالمحررات العرفية ،وذلك من أجل إعطاء حماية فعالة للمتعاقدين وحفظ
حقوقهم ،وذلك بمنح صلاحية التوثيق إلى جهات مؤهلة وذات كفاءة علمية وعملية.
ومن خلال المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية يتبين فهدف المشرع هو
التوجه نحو الرسمية في المعاملات العقارية ،باعتبارها أقوى طرق الإثبات ،وهذا ما
نص عليه الفصل 218ق.ل.ع حيث نجده منح للوثيقة الرسمية المحررة وفقا
للشروط القانونية المطلوبة حجية قاطعة على الأطراف وكذا الغير في الإثبات
والتنفيذ ،ولا يمكن تخلفها إلا بسلوك مسطرة الطعن بالزور ،كما أن المحررات
الرسمية وتمتعها بالحجية القاطعة يرجع إلى الثقة التي منحها المشرع للموثقين
موثقي المحررات الرسمية فقد وضع المشرع آليات لتفعيل نظام المراقبة القبلية
التي يحددها القانون المنظم لمهنتهم ،كما أن الهدف الأساسي من ذلك هو تحقيق
238ـ بشرى عويمر ":أنظمة التوثيق ومدى كفايتها لحماية التصرفات العقارية " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،0227/0221ص.11 :
نوعا من الاستقرار في المعاملات العقارية ،ومن هنا يمكن طرح الإشكال الجوهري
المعاملات العقارية؟.
والطعن فيها.
إن القيمة القانونية للمحررات عرفية كانت أو رسمية يرجع الحكم فيها إلى
القضاء ،لكن تبقى المحررات الرسمية صاحبة الحجية المطلقة والتي لا يمكن الطعن
فيها إلا بسلوك دعوى الزور ،وهذا ما يؤكده الفصل 219من قانون الالتزامات
والعقود الذي يعطي للمحررات حجة بذاتها دون حاجة إلى الإقرار بها ،بل أكثر من
ذلك أنها تكتسب الصفة الرسمية التي تجعلها قرينة قاطعة لا يجوز إثبات عكسها
إلا عن طريق دعوى الزور ،غير أن المحررات تختلف من حيث الجهة التي كلفها
المشرع بتحريرها إذ نجد الموثقة من طرف العدول ،كما هناك أيضا محررات موثقة
من قبل الموثقين العصريين ،وكل واحد منهما يتمتع بحجية قاطعة ،لكن تختلف
فيما بينها.239
239ـ لقد نال التوثيق اهتماما بالغا في النظم القانونية الحديثة بما فيهم النظام أو التشريع المغربي إذ يعرف هذا األخير تنوعا
ملحوظا وتعددا في القوانين التي تهتم بتنظيم ميدان التوثيق مما نتج عنه تنوع في األنظمة التوثيقية بالمغرب ،من توثيق تقليدي
وأخر عرفي وتوثيق عصري ومعلوماتي .وكمثال على ذلك ،نجد:
القانون رقم 11.09المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق -
ظهير 1006بشأن خطة العدالة و مرسومه التطبيقي. -
القانون رقم 19.09بمثابة مدونة للحقوق العينية . -
ظهير 21غشت 2921بشأن التحفيظ العقاري كما تم تغييره و تعديله و تتميمه بموجب القانون وقم .25.05 -
ظهير 21غشت المتعلق بقانون االلتزامات و العقود المغربي. -
قواعد الفقه اإلسالمي -
قواعد العرف و المعامالت . -
والنوعي ووفق قواعد وشكليات التي يحددها قانون المهنة ،تكون لها حجة قاطعة
بين أطراف العقد والغير ،لكن إذا وقع نزاع بين المتعاقدين وعرض على القضاء،
فيجب في هذه الحالة إثبات هذا النزاع بجميع وسائل الإثبات ،لكن يبقى الأهم هو
الدليل الكتابي ،وإذا كان المحرر الرسمي هو ما يهمنا هنا كدليل كتابي ،فإن من
حق المتمسك به الطعن فيه بسلوك مسطرة الزور لإثبات زوريته ،و عدم حجيته
في الإثبات ،240ويرجع وضع المشرع لمسطرة الزور الفرعي من خلال الفصل 219
من قانون الالتزامات والعقود إلى أن مصداقية الموثقين والثقة الموضوعة فيهم والتي
تكون محل المنازعة بالأساس وليس شكل المحرر الرسمي ،فهي تمس بأمانتهم
وصدقهم وتطعن فيها ،لذلك يستوجب القانون الطعن في صحة المحرر الرسمي
ضرورة سلوك مسطرة دعوى الزور ،وهي مسطرة مدققة حددها المشرع بمجموعة
من الإجراءات التي يجب على المدعي إتباعها التي تؤكد نيته في الطعن أمام أنظار
المحكمة.
إن رسمية التصرفات القانونية الواردة على العقار نفس التوجه الذي تبنته
تشريعات العديد من دول العالم و اقره المشرع المغربي كذلك صراحة من خلال
مدونة الحقوق العينية ،وتتمثل قاعدة الرسمية هذه في اشتراط المحررات الكتابية
التي تتضمن اتفاقات و التزامات المتعاقدين يتم إنجازها من طرف من لهم صلاحية
240ـ أمينة البرحسيني ،توثيق التصرفا ت العقارية بين الواقع واآلفاق ،رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،طنجة ،السنة الجامعية0241 ،ـ ،0241ص .14
التوثيق وفق إجراءات شكلية قانونية ،وتكتسب الحجية القوية في الإثبات لا يمكن
ولهذا فالمحررات الرسمية إما أن يتم تحريرها من طرف الموثق طبقا للقانون
09ـ 32أو من طرف العدول وفق القانون ، 12-03ولهذا فإذا استلزمت الوثيقة
الرسمية جميع إجراءاتها وقواعدها الشكلية فإنها تصبح حجة بذاتها ،دون الحاجة
للاعتراف بها وذلك طبقا لمقتضيات الفصلين 218و 219من قانون الالتزامات
والعقود.
إذا كان المشرع المغربي قد اعتبر المحرر العدلي ورقة رسمية ،فإن الحجية
التي ينبغي أن تمنح له تختلف حسب ما إذا تعلق الأمر بشهادة عدلية أصلية أم
بشهادة عدول علمية أم بشهادة لفيف ،وإذا كانت آراء الفقهاء قد اختلفت حول
الحجية التي ينبغي منحها حجية قاطعة إلى حد الطعن فيها بالزور نظرا لما تتضمنه
من ضمانات ،242ولهذا فإن المحررات العدلية تعتبر دليلا كتابيا رسميا عندما
فالمحرر العدلي الذي يوثقه العدول ليس على طبيعة واحدة وإنما على أنواع،
إذ تعتبر الشهادة الأصلية هي التي يكون مضمونها وموضعها من إملاء المشهود
241ـ -الطالبي رمضان توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة 1من مدونة الحقوق العينية ( قانون ، " ) 12-21بحث لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد الملك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية 0241/0241
ص 74
242ـ -لمياء الفركاتي " توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية " ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المسنة في
القانون الخاص ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية ،0221/0227
ص .11
عليه ،ويقتصر فيها دور الشاهد العدل ،أو الشاهدان على تسجيل ما يسمعانه
والشهادة عليه ،أو بمعنى آخر هي ما يمليه المشهود عليه أو المتعاقدين على
العدلين إذا كان العقد يحتاج إلى إرادتين متطابقتين ،وذلك كإشهاد البائع والمشتري
بعقد البيع ،ولهذا فالوثيقة الأصلية هي التي يملي مضمونها على العدلين ويشهدان
عليه ،حيث يعتبر مصدر هذه الأخيرة يعود إلى أطراف العلاقة التعاقدية.243
219و 220من قانون الالتزامات والعقود ،بالإضافة أيضا إلى الفصل 35من
قانون 12-03المنظم لخطة العدالة ،لكن لكي يكتسب هذا المحرر حجيته لابد
من توفره أولا على كافة الشروط والأركان التي حددها المشرع المغربي ،بالإضافة
أيضا إلى ضرورة إثبات الخطاب الرسمي عليها من طرف قاضي التوثيق ،ولهذا فإذا
استلزمت الوثيقة العدلية لجميع شروطها وبياناتها فإنها تصبح ورقة رسمية تتمتع
بحجية قوية في الإثبات بذاتها دون حاجة إلى الإقرار بها إلى حد الطعن فيها بالزور
بالنسبة للوقائع والتصريحات التي يشهد العدول بوقوعها بحضورهم ،وتتضمن نوعين
من البيانات ،منها بيانات تتعلق بوقائع وتصرفات تمت أمام العدول بحيث هذا النوع
من البيانات تتمتع بالحجية الرسمية المنصوص عليها في الفصل 219من ق.ل.ع،
حيث لا يجوز الطعن فيها الا بدعوى الزور ،حيث يتعلق هذا النوع من البيانات
بالضوابط التي يقوم بها العدل تنفيذا لقانون التوثيق ،وأيضا البيانات التي يقوم بها
243ـ المحررات العدلية تعتبر من بين األدلة الكتابية التي يلجأ إليها األفراد في إثبات حقوقهم ،وعلى هذا األساس يجب كتابتها
بطريقة صحيحة خالية من كل نقص أو خلل ،حتى ال يفقدها ذلك قوة ثبوتها وحجيتها ،و لكي تمنح هذه المحررات ألصحابها
الضمانات الكافية ،عهد المشرع بأمر تسيير خطة العدالة لعدد من األشخاص ،منهم من منحه صالحيات تلقي اتفاقات األفراد
وتحريرها ونقصد بهم العدول ،ومنهم من كلفه بمراقبة المحرر العدلي شكال و مضمونا و المخاطبة عليه و نقصد بهم قضاة
التوثيق ،بما أن التوثيق العدلي مستمد من أصول الشريعة اإلسالمية فإنه يتميز بمجموعة من الخصائص و المميزات و يحدد
بمجموعة من الشروط ،ال على مستوى تنظيمه الهيكلي وال على مستوى عمله.
التحري عن مدى صحتها في الواقع ،وبالتالي فإن هذه البيانات يجوز إثبات ما
هي الوثيقة التي يملي مضمونها الشاهد من حفظه ويضيفها إلى عمله ،لا أن
المشهود عليه هو الذي يمليها عليه كما تقدم في الوثيقة الأصلية ،أي هي شهادة
تبتدئ وتنتهي بكلام صادر عن عدلين بصفتهما كشاهدين ،وهي تنقسم بدورها إلى
نوعين ،فهي إما أن تكون شهادة علمية التي تتضمن كلاما صادرا من الشاهد في
أولها وآخرها ولا تملي على العدلين من قبل الأطراف ،ولهذا تستمد حجيتها من
ومن جهة ثانية نجد الشهادة اللفيفية وهي شهادة صادرة من عامة الشهود،
العلم على وجه التواتر ويبلغ عددهم في الغالب 12شاهدا ما لم يكن الأمر يتعلق
بالرشد أو السفه ،وفي مقابل ذلك فالمشرع أضفى على جميع الأوراق المخاطب عليها
من طرف القضاة المكلفين بالتوثيق صبغة الورقة الرسمية طبقا للفصل 218من
244ـ ارتبطت "شهادة اللفيف" بأحكام "االستفسار" و"تزكية الشاهد" و"تجريحه" و"الرجوع في الشهادة" و"اإلنكار المجرد"
وقواعد "الجمع والترجيح" بين البينات عند التعارض ،والفرق بين "الشهادة بالباطل" و"الشهادة بالزور" ،وأحكام حماية
الشاهد من مضارته بسبب شهادته ،وأحكام ضمانه وتغريمه ،وكذا متابعته وتأديبه في منظومة متكاملة ،وتصور شامل،
وتنظيم دقيق تحصينا لهذه الوسيلة اإلثباتية من المبطلين والطاعنين ألهواء شخصية ،وحماية لها من االنحراف وحمال لها
على جادة الصواب ،قصد تحقيق العدل ،وحماية مصالح الناس.
245ـ عندما نتحدث عن حجية الوثيقة العدلية نتساءل حول طبيعتها القانونية وكيفية اكتسابها لصفتها الرسمية ،فبالرجوع إلى
مقتضيات الفصل 141من قانون االلتزامات والعقود فإن الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون في مكاتبهم و يخاطب
الإثبات.
التوثيق مجموعة من البيانات التي يتعين أن تشتمل عليها الوثيقة العصرية بصفة
عامة وفي مجال التصرفات العقارية بصفة خاصة ،فالوثيقة إذا كانت مستجمعة لكافة
الشروط القانونية التي فرضها المشرع ،فإنها تصبح قرينة رسمية وحجة قاطعة بذاتها
دون حاجة إلى الإقرار بها ،نفس الشيء ينطبق على المحررات التي يحررها الموثقين
العصريين ،حيث تعبر هذه المحررات حجة قاطعة بين الأطراف وكذا الغير أيضا ،
ولا يمكن دحضها إلا عن طريق الإدعاء بالزور ،أو الطعن في الوثيقة بالإكراه أو
الاحتيال أو التدليس والخطأ المادي أو الصورية ،لكن رغم ذلك فإن المحررات التي
يحررها الموثقين العصريين تختلف حسب نوعيتها فنجد بيانات المحرر الرسمي
فمنها ما يتضمن البيانات والوقائع ذات الحجية القاطعة لحد الطعن فيها بالزور إذ
من خلال الفصل 219من ق.ل.ع نجده يميز بخصوص حجية المحرر الرسمي ولهذا
فمن البيانات ذات حجية قاطعة في الإثبات حتى يطعن فيها بالزور ويتعلق الأمر
بمجموعة من البيانات ،من بينها مثل الأمور التي يقوم بها الموثق في حدود مهمته،
البيانات العامة المتعلقة بتاريخ المحرر واسم الموثق ،ومكان التوثيق وحضور الشهود
وأسماءهم وتلاوة الورقة على ذوي الشأن والتوقيعات ،وكذلك أيضا التأكد من بعض
عليها القضاة في محاكمهم ،فمن خالل الفصل السابق ذكره وبالرجوع إلى المادة 11من خطة العدالة نجد أن الوثيقة المحررة
من طرف العدليين ال تكون تامة إال إذا كانت مخاطبا عليها.
فالخطاب هو الذي يكسي الوثيقة العدلية حجيتها و يعطيها الصفة الرسمية و ذلك بصريح العبارة الواردة في المادة 141
من قانون االلتزامات والعقود في فقرتها الثانية أي أن قبل الخطاب عليها تبقى الوثيقة مجرد أوراق بالتعريف الفقهي المحض.
الأمور التي وقعت بحضوره من طرف أصحاب العقد ،ومن بينها مثلا يثبت الموثق
في الورقة أن البائع قرر البيع ،والمشتري قبل الشراء ثم تسلم الشيء والطرف
الأخر تسلم الثمن بحضور الموثق واقتناعهم بجميع الشروط المدونة في الوثيقة .246
وفي مقابل ذلك نجد البيانات والوقائع المفترض صحتها لحد إثبات عكسها
الموثق يلحقها وصف الرسمية ،وتتمتع بالحجية القاطعة لحد الطعن فيها بالزور
فتصريحات الأطراف التي يقتصر دور الموثق على تدوينها لا تكتسي هذه الحجية ولا
حاجة لدعوى الزور لإثبات عدم صحتها ،لأن الموثق لا يستطيع الوقوف على مدى
وهو نفس التوجه الذي جاءت الفقرة الثالثة من نفس الفصل إذ نصت على
إمكانية الإثبات بهذه الكيفية لكل من طرفي العقد أو الغير حيث جاء فيها " :
مشروعة " ،كما أن إعداد الدليل مقدما وفي محرر رسمي لا يعد أبدا من قبيل
بعث الشكليات وتعقيد العلاقات بين الأفراد بل بالعكس يرمي إلى توطيد السلامة
246ـ عبد المجبد بوكير ،التوثيق العصري بالمغرب ،طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السالم ،الرباط ،الطبعة الثانية ،0242ص ،420
247ـ لمياء الفركاتي ،توثيق المعامالت العقارية في المحررات الرسمية ،مرجع سابق ،ص 74
248ـ لقد سعى المشرع المغربي في اآلونة األخيرة إلى سن مجموعة من القوانين سمتها األساسية الحرص على التنصيص على مكونات
العقد داخل صلب القانون نفسه ،كقوانين 11922المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز و 41922المتعلق بالملكية المشتركة و 14922
المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار ،والتي اصطلح عليها الفقه وسماها مجازا ً بـ "قوانين األصفار" ،على أن هدفه األساسي من
ذلك هو حماية المتعاقد المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العقد ،من خالل توفير الحد األدنى من الحماية له ،وذلك بالتنصيص على
مشتمالت العقد ،بشكل يجعل المحرر يلعب دورا ً أساسيا ً في خدمة القانون ،ووسيلة فعالة وناجعة لفض النزاعات أمام القضاء.
هي الميزة الوحيدة فإلى جانب الإثبات وفض النزاعات يلعب التوثيق في المحرر
يعتبر المحرر الرسمي حجة على الناس كافة ،أي فيما بين المتعاقدين وكذا
في مواجهة الغير ،وبذلك فهو حجة بكل ما دون فيه من أمور التي دونها الموثق
أو العدول في حدود مهنته ،أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين
تزويره بالطرق المقررة قانونا ،وهذا الشيء هو الذي دفع المشرع المغربي إلى
التدخل في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية لحصر إمكانية توثيق المعاملات
العقا رية فقط في المحررات الرسمية التي يحررها الموثقون ،أو في محرر ثبات
التاريخ الذي يتم تحريره من طرف المحامي المقبول الترافع أمام محكمة النقض،
حيث إذا ظهر شكل المحرر الرسمي مشوبا بعيب ظاهر فإن المشرع منح للقاضي
حق إسقاطه من صفته الرسمية ،ودون أن ينتظر تدخل الخصم ليطعن فيه بالزور.
يقوم الدليل الكتابي بدور بالغ الأهمية في ميدان الإثبات المدني والجنائي على
والوقائع المادية دون تمييز ،وكلما تعلق الأمر بالتصرفات القانونية ،فإن المحررات
تمتاز عن غيرها من طرق الإثبات بكونها دليل يمكن إعداده مقدما ،أي منذ حدوث
249ـ سكينة الوزاني ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية والقوانين الخاصة ،رسالة لنيل الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية0240 ،ـ ،0241ص .78
عقوبتها في الفر ع الثالث من الباب السادس المعنون ب" تزوير الأوراق الرسمية
الحقيقة فيها بسوء نية ،من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل
المنصوص عليها في القانون .باستقراء المادة أعلاه يتضح أنه يشترط لقيام جريمة
الجوهرية من شأنه إحداث ضرر للغير أو احتمال وقوعه ،فالقانون لا يكترث لمجرد
يراد إبقاءها بمستند يحتج به تجاه الغير ،ومن شأنه إحداث ضرر مادي أو معنوي
أو اجتماعي والتزوير بهذا المعنى على نوعين :تزوير مادي وتزوير معنوي ،فالتزوير
المادي هو الذي يقع بوسيلة مادية تترك أثرا ملموسا يدل على العبث بالمحرر
والتغيير الذي حصل فيه ،ويمكن إدراكه بالعين المجردة أو بواسطة الخبرة الفنية،
مثل الادعاء بأن المحرر مصطنع عن طريق تقليد خط أو إمضاء الغير ،أو أنه قد
لحقه التحريف بعد إنشائه عن طريق تشطيبات أو إضافات ،أو إقحامات أو حذف
أما التزوير المعنوي فهو الذي تغير فيه الحقيقة بطريقة معنوية ،فيؤدي إلى
تغيير في مضمون المحرر وفي ظروفه وملابساته لا في مادته وشكله ،فهو بذلك
إن الادعاء بالزور قد يمارس من خلال دعوى الزور الفرعية وذلك عندما تتم
إثارتها أثناء سير إجراءات الدعوى الأصلية ولهذا تسمى دعوی عارضة متفرعة عن
الدعوى الأصلية وتكون مرتبطة بها لا تنفصل عنها ،ويختص بنظرها القاضي بنفسه
الذي يتولى النظر في الدعوى الأصلية ،والهدف المناط بالدعوى هنا و على خلاف
ما عداها من دعوی الأدلة الأخرى سواء كانت موضوعية أو فنية ،وهو التخلص من
. 251
دلیل قائم بيد الخصم ،وذلك عن طريق الطعن فيه بالزور
ولهذا فإن تحديد طبيعة دعوى الزور الفرعية اختلفت حسب الفقهاء وتطبيقات
القضاء في التشريع المقارن والمغربي اختلافا كبيرا فرز عنها رأي يقول بأنها دفع
. 253
ورأي مقابل رأي قائل بأنها طلب عارض 252
موضوعي
250ـ التزوير المعنوي يتحقق بتشويه المعاني التي يجب أن يعبر عنها المحرر وفقا إلرادة من ينسب إليه بعض البيانات مثل
تسمية شخص باسم غير اسمه الحقيقى .وال يتصور ارتكابه إال أثناء التدوين والتحقق منه بناء على مجرد أقوال الشهود.
251ـ جواد بوكالطة اإلدريسي " :الطبيعة القانونية لدعوي الزور الشرعية في التشريع المغربي والمقارن " ،الطبعة األولى
، 0221ص 07
252ـ هناك اتجاه يرى بأن الزور الفرعي دفع موضوعي يتعلق بمجموع اإلجراءات التي يجب على مدعى الزور اتباعها
إلثبات زورية الدليل الكتابي الذي يستند إليه خصمه في الدعوى القائمة بهدف إهدار حجيته ،حيث ذهب أنصار هذا االتجاه
إلى أنه لو كان الزور الفرعي طلبا عارضا لقبلته المحكمة لمجرد ارتباطه بالطلب األصلي ،في حين أن المحكمة تستلزم أن
يكون الزور منتجا حتى ولو تم قبوله.
253ـ الرأي القائل بأن طبيعة دعوى الزور الفرعية طلب عارض يتجلى مضمونه بكون أن الزور الفرعي ليس دفعا ،وإنما
إدعاء يجب أن يقدم في شكل طلب عارض يكون منطلقا لقيام المحكمة بإجراءات الزور المنصوص عليها في القانون ،لهذا
فمن أثار الزور الفرعي فهو ملزم حسب أصحاب هذا الرأي بتقديم دعوى عارضة لكي تنظر المحكمة في ادعائه.
إن المحكمة بعد استنفاذ جميع إجراءات التحقيق في الزور الفرعي تنتهي إما
إلى تقرير زورية المحرر إذا ثبت لها ذلك ،وإما أن تقضي بعدم زوريته.
فإذا قضت المحكمة بوجود الزور ،فان هذا الحكم يرتب آثارا قانونية سواء
بالنسبة للمستند المحكوم بتزويره كلا أو بعضا ،وسواء بالنسبة لأطراف دعوى الزور
الفرعية ،بالنسبة لآثار الحكم بوجود الزور بالنسبة للمستند ،فإن هذا الأخير
من آفة التزوير والحد من آثارها فقد نص المشرع المغربي في الفصل 101من
ق.م.م على أنه "لا يجوز تسلیم نسخ المستند المطعون فيه بالزور ما دامت
موضوعة بكتابة الضبط إلا بناء على حكم ،ونفس الشيء أوردته المادة 583من
قانون المسطرة الجنائية إذ نصت "إذا ثبت الزور في وثيقة رسمية كلها أو بعضها
تأمر المحكمة التي بتت في دعوى الزور بحذفها أو تغييرها أو ردها إلى نصها
أما بخصوص آثار الحكم بوجود الزور بالنسبة للأطراف فإن الحكم القاضي
بوجود الزور يرتب آثارا بالنسبة لأطراف دعوى الزور الفرعية قد تكون ذات طبيعة
مدنية فإن المدعي عليه في دعوى الزور الفرعية التي فصلت فيها المحكمة بوجود
الزور ،هو الذي يتحمل مصاريف الدعوى عملا بالفصل 122من ق.م.م ،كما يمكن
لمدعي الزور في هذه الحالة أن يرفع دعوى تعويض عن الضرر والحاصل له من جراء
التزوير وذلك طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 11من ق.ل.ع .أما
إذا كانت الدعوى ذات طبيعة جنائية فإنه يكون لمدعيه إبلاغ النيابة العامة قصد
تحريك الدعوى العمومية بالزور إذا أصبح مرتكبه معروفا ،أو أن يقوم هو بهذا
التحريك عن طريق الادعاء المباشر ،حيث تقوم النيابة العامة في هذه الحالة بإتباع
عليها ،حيث عاقب عليها القانون الجنائي على التزوير حتى في حالة عدم تحقق
الضرر.
أما إذا كانت طبيعة الدعوى ذات طبيعة تأديبية فإن الموظف العمومي أو من
في حكمة ( الموثق أو العدل ) الذي يكون قد حرر المستند ،المدعى فيه بالزور
الفرعي ،والذي تثبت إدانته من أجل ارتكابه جريمة تزوير ذلك المستند ،فإنه
إضافة إلى العقوبة الجنائية التي قد تصدر في حقه ،فإنه يتعرض أيضا لمتابعة
سواء من حيث الانخراط فيها أو تنظيمها أو أعمالها من جهة ،ومن جهة ثانية إلى
رقابة التي يخضعون إليها ،ويدخل في زمرة هذه المهن التوثيق بنوعيه ،لهذا سعى
المشرع المغربي إلى ضرورة تنظيم هذه المهن إلى فرض رقابة إدارية وقضائية على
أعمال الموثق والعدول ،وذلك من أجل التأكد من مدى احترام الموثقين والعدول
لالتزاماتهم المهنية وقيامهم بواجباتهم التي يفرضها القانون ،وذلك بغية دعم الثقة
في الموثقين ،وكذا في عملهم بينهم وبين المتعاقدين ،وهو ما من شأنه تحقيق
ومن خلال الاطلاع على المقتضيات القانونية المنظمة التوثيق بنوعيه (العصري
والعدلي) نجد أن المشرع وضع بين أيديهم مسؤولية كبيرة ،حيث يجب عليهم
صوتها والحفاظ عليها ،لأن من شان إخلال بالتزاماتهم أن يؤدي إلى ضياع حقوق
الناس وأموالهم ،ولهذا فهم ملزمون باحترام هذه المقتضيات القانونية التي يفرضها
قانون مهنتهم ،لكن رغم وجود هذه المقتضيات القانونية التي تحدد هذه مهام ،فإن
هذا لن يتأتى إلا عن طريق تشديد الرقابة على أعمال الموثقين بنوعيه العصري
العقارية.
المطلب الأول :الرقابة الإدارية والقضائية الممارسة على أعمال الموثقين .
من المسائل ،کتولي تحرير العقود وحفاظها وإضفاء الصبغة الرسمية عليها،
واستخلاص الواجبات الضريبية عليها ،وهو ما يؤكد على أن هناك مؤشرات جد
إيجابية التوحيد النظامين ،لهذا سعى المشرع من خلال تنظيمه لهذه المهن إلى
خلق آليات الرقابية سواء في القانون رقم . 09.32الذي عنون القسم الرابع منه
تتخذ الرقابة على عمل الموثق العصري عدة أشكال ،فهي إما رقابة ذاتية
تضطلع بها الهيئات الوطنية والدولية المنظمة للمهنة ،وإما رقابة قضائية يمارسها
الوكيل العام للملك بالمحكمة الاستئناف التي يوجد مكتب الموثق في دائرة نفوذها،
إن الموثق العصري بصفته ممارسا لمهنة التوثيق يضطلع بمهام إضفاء الصبغة
الرسمية على عقود الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين فيخضع أثناء مزاولته لأعماله
لرقابة الهيئات المنظمة للقطاع سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد الدولي،
الجهوية للموثقين بوصفها الأجهزة التي تحتكر تمثيلية مهنة التوثيق العصري أمام
التوثيق بسلطات واسعة سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي حيث تسهر
على تحفيز الموثقين على مباشرة مهامهم وفق القانون وما يوجبه من حسن السلوك
والمروءة والإخلاص ،أما على الصعيد الدولي فان الهيئات التوثيقية التي يشغل
المغرب عضويتها وخاصة من الاتحاد الدولي للتوثيق من خلال العمل على تحفيز
إن الموثق بصفته ممارسا لمهنة التوثيق له صلاحيات و مهام تحریر العقود
وحماية حقوق وأموال المتعاقدين ،يخضع لرقابة إدارية التي قد تكون قبلية أو
بعدية ،إذ لا يمكن ممارسة مهنة التوثيق إلا إذا توفرت فيهم مجموعة من الشروط
ومن بين هذه الشروط نجد المشرع اشترط في الموثق عدم ممارسته لمهام
أخرى تتنافى مع مهنة التوثيق ،255كما اشترط أيضا على المترشح لمهنة التوثيق
أن يخضع لنظام المباراة التي يحددها القانون ،كما حدد إلى جانبه كيفية تنظيم
وقضاء فترة التمرين ،وأيضا نظام الاختبارات ثم نظام الامتحان المهني وكلها
. 256
مقتضيات تدخل في الرقابة القبلية للموثقين
أما فيما يخص الرقابة الإدارية بعد تسلمه لمهامه فهي تتجلى بعد الانطلاق
الفعلي في تأدية مهامه حيث يخضع خلالها الموثق لقانون مهني صارم ويلزم عليه
ممارسة مهامه في إطار ترابي محدد وفي اختصاص نوعي مضبوط يتمثل في الرقابة
المزدوجة من طرف موظفي وزارة المالية والوكيل العام للملك للسجلات المودعة
لديهم ولسائر أعمالهم ولا يستطيع الموثق العصري الإفلات من التفتيش من أي
يخضع الموثق العصري أثناء مزاولته لمهامه لرقابة فضائية روتينية وإن لم
تكن صارمة بالشكل الذي هي عليه مع العدول الموثقين ومدى الانضباط للآجال
القانونية ،مما ساهم في حدوث تجاوزات خطيرة للبعض الموثقين على الصعيد
الوطني ،وعليه فإن هذه الرقابة تقوم بها المحاكم الابتدائية وتتجلى في كل من كتابة
الضبط ،والقاضي المكلف بالتوثيق ،ورئيس المحكمة ووكيل الملك لديها ،حيث أن
كتابة الضبط تتولى مسك سجل خاص تتلقى فيه أشكال وتوقيعات الموثقين وكذلك
كما خول المشرع للسلطة القضائية الاختصاص في مراقبة سير عمل مكاتب
التوثيق إلى جانب موظفي وزارة المالية ،حيث يقوم الوكيل العام للملك لدى محكمة
الاستئناف أو من ينوب عنه مرة كل سنة على الأقل بتفتيش صندوق الموثقين
وكذلك السجلات التنظيمية وفق المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل
والتأشير عليها ،وقد يقوم الوكيل العام بتفتيش مفاجئ أو انطلاقا من موضوع معين،
وعند نهاية كل عملية يرفع تقرير إلى وكيل العام للملك ما لم يكن هو الذي قام
بالعملية و إلى رئيس المجلس الوطني للموثقين ،وإذا تبين أثناء التفتيش وجود
مخالفات خطيرة ووضعيات من شأنها المساس بأمن المحفوظات والودائع ،وجب القيام
فورا بإشعار الوكيل العام للملك ،غير أن الواقع العملي لمهنة التوثيق يجعل هذه
الر قابة شكلية تنحصر فقط في مراقبة تاريخ تسليم الأموال وتاريخ تحويلها وكذا
كما يخضع العدول عند مزاولة مهامهم لمراقبة وزير العدل باعتباره العضو
الحكومي المسؤول عن قطاع العدل ،كما يخضع لمراقبة القاضي المكلف بالتوثيق
لما كان وزير العدل الوصي المباشر عن ممارسة مجموعة من المهن القانونية
والقضائية ،ومنها مهنة العدول ،فقد خوله المشرع صلاحيات مراقبة العدول الشهود
والقيام بكل ما من شأنه أن يحثهم على التقيد بالقواعد الشرعية والقانونية ،ويلزمهم
ولهذا فقد خول المشرع المغربي لوزير العدل باعتباره مسؤولا عن تسيير
شؤون العدالة والساهر على حسن سيرها وتتبع أحوالها صلاحية مراقبة العدول ،
وفي هذا الصدد ،نصت المادة 20من القانون 03.12على أنه" يخضع العدل في
مزوالة عمله لمراقبة وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق " .والمراقبة المخولة
لوزير العدل اختلطت في أغلب صورها بما يشبه التأديب و اقتربت أحيانا أخرى بما
كما خول المشرع أيضا لوزير العدل أن يعني كل عل أصابته عاهة مرضية
تمنعه كليا من مزاولة المهنة طبقا لما نصت عليه المادة 11من هذا القانون ،كما
يجوز له أيضا إيقافه عن عمله كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ،
سواء تعلقت بالإخلال بواجباته المهنية أو بجريمة عامة طبقا لما تنص عليه المادة
، 28وهذا يعتبر حصانة العدول وحماية لهم ،لأن وزير العدل لا يأذن بالإيقاف
257ـ العلمي الحراق ،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،مطبعة دار السالم للنشر والتوزيع ،الرباط الطبعة الثانية،0244 ،
ص .448
المؤقت إلا بعد ما يتبين له خطورة الفعل المنسوب إلى العدل ،ومن ثم فإن وزير
العدل هو المعني الأول بمراقبة العدول وتتبع أحوالهم وتصريف أشغالهم وتدبير
قضاياهم من أولها إلى نهايتها ،وإليه يرجع النظر في ضمان حسن سير مهنة
التوثيق باعتباره مرفقا عموميا ،وبمقتضى هذه المراقبة يبدو أن من حق وزير العدل
إلزام العدول بكل ما يراه مناسبا في هذا الشأن و مفيدا لمصلحة الجهاز التوثيقي
والمصلحة العامة ،سواء تم ذلك من خلال المناشر الوزارية التي يصدرها من حين
العلاقة قائمة بقوة بين القاضي والعدول أو الشهود من حيث الجوهر ،لأن
شهادة العدلين لا تكون تامة إلا إذا أدياها لدى القاضي وفق المسطرة المعمول بها،
وحسب المادة 21من قانون خطة العدالة رقم " : 12.03يحرر العدول
الشهادة ويقدماها للقاضي المكلف بالتوثيق في أجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ
شكلها الشيء ا لذي يزيدها قوة و متانة و يضاعف من الضمانات المحاطة بها بغية
258ـ إن القانون المنظم لخطة العدالة أوجب على القاضي المكلف بالتوثيق أن يراقب العدول والرسوم التي ينجزونها ،وأن
يخاطب عليها إال بد أن يتأكد من سالمتها ،وتوفرها على كافة الشروط واألركان الالزمة لها ،حيث يعتبر قاضي التوثيق
مسؤوال عن صحة المحررات التي تتم بواسطة العدول .
ونظرا للدور المهم الذي تلعبه المحررات العدلية في إثبات الحقوق عند النزاع ،حيث تمكن القاضي من الفصل في الدعوى
على أساس سليم يطمئن إليه ضميره ،قامت وزارة العدل بإصدار منشور تشير فيه إلى مسؤولية قضاء التوثيق عن صحة
المحررات العدلية شكال ومضمونا ،وتنبههم إلى األخطاء التي يرتكبها العدول .
وبخصوص مراقبة قاضي التوثيق للعدول ،والسهر على تطبيق جميع الضوابط
المنظمة لخطة العدالة ،نجد نوعين من الرقابة يمارسها قاضي التوثيق على العدل،
رقابة قبلية تسبق مرحلة تحرير الوثيقة أو تلقي الشهادة ورقابة بعدية تأتي بعد
العدلية ثم إنشاء مؤسسة قاضی التوثيق وكلفت هذه المؤسسة بمراقبة أقسام التوثيق
التابعة له مع تنبيه العدول إلى تطبيق القواعد المنظمة له عبر جميع أطوار الوثيقة،
ومن أجل ذلك يقدم مجموعة من التوصيات ويقوم بمجموعة من الإجراءات منها
التزام جانب التحري الكامل في شهادات اللفيف والإسراع في إنجاز الرسوم ،ومراقبة
السجلات الإدارية و التنبيه إلى ضرورة مسكها بشكل منتظم ،وأيضا مراقبة سجلات
التضمين الممسوكة من طرف النساخ ،وفتح قاضي التوثيق مذكرة الحفظ للعدول
ومن جهة أخرى فالرقابة البعدية تتجلى في كون أن قاضي التوثيق يراقب
جميع أعمال وتصرفات العدول ،ويطلع على المذكرات والمستندات والرسوم العدلية،
وإذا وجد شهادة مخاطب عليها ولم تسلم لأصحابها يسال العدلين عن سبب ذلك،
بالإضافة أيضا إلى ضرورة إنجاز محضر يكون فيه جميع الملاحظات ويحتفظ بذلك
في ملف العدل ،كما يجوز لقاضي التوثيق أيضا أن يقوم بتفتيش مكاتب العدول مرة
كما يخاطب على الرسوم بعد التأكد من سلامتها وخلوها من النقص والخلل،
وما ينبغي الإشارة إليه أن كلا من مراقبة وزير العدل والقاضي المكلف بالتوثيق
تتميز بكونها ذات شقين رئيسيين ،فالشق الأول يتعلق بمراقبة العدول وتتبع
مهامهم على نحو ما ذكر ،أما الشق الثاني يتعلق بمراقبة خطة العدالة وضمان حسن
سيرها كمرفق عمومي ،إذ لابد من استمرار وجوده في المجتمع لحاجة الناس إليه.
لهم مخالفة القواعد والأحكام والمقتضيات القانونية المنظمة لمهنتهم ،لأن من
شأن ذلك المس يشرف مهنة التوثيق ،وكذا بحجية وقوة المحرر الرسمي.260
المعاصر لا تزداد إلا اتساعا وانتشارا ،ومعها تزداد المسؤوليات تنوعا بتنوع وتشابك
الأفراد والمجتمعات فضلا عن المهام المنوطة بها ،بحيث يجد الموثق نفسه في حال
التي يدمع لها السوق العصري تقتضي ممارسة الموثق العصري لمهنته في
إطار من الوقار والاستقامة والنزاهة والشرف والأخلاق الحميدة ،أن يعمل على
تبصير زبنائه وحفظ كيان حقوقهم ومراكزهم القانونية ،فالمسؤولية التأديبية للموثق
العصري نظام يهدف إلى معاقبة السلوكات التي تسيء إلى القواعد المفروضة على
الشخص باعتباره ممارسة المهنة معينة ،والمسؤولية التأديبية للموثق العصري إنما
شرعت للحفاظ على الأمانة والثقة والشرف والنزاهة المفروض إنصاف مهنة التوثيق
العصري بها حتى يستفيد المرتادون من خدماتها على أكمل وجه ،261وتقوم
المسؤولية التأديبية للموثق العصري كلما أخل بواجبات مهنته أو سلك سلوكا يسئ
إلى أعرافها وتقاليدها ،أو خالف حكما من أحكام القانون المنظم لها ،ومن خلال
النصوص التشريعية المنظمة للمخالفات التأديبية ،فإذا أخل الموثق العصري بوجباته
المهنية وأصدر عقودا غير قانونية أو أهمل أو أغفل بيانات هامة فإنه يتعرض
للعقوبات التأديبية المنصوص عليها قانونا ،وهي العقوبات التي قد تكون إما من
للنصوص المنظمة للمهنة ،أو أخل بواجباته المهنية أو ارتكب أعمالا تمس بشرف
المهنة أو الاستقامة أو التجرد أو الأخلاق الحميدة أو الأعراف وتقاليد المهنة " .
التي تترتب على الموثق العصري في حالة إخلاله بمهامه ،حيث تتجلى هذه العقوبة
261ـ بوري المهدي :اإلطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري في ضوء القانون ،28910رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية0241 ،ـ ،0241ص .18
كالأتي (الإنذار -التوبيخ -الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز سنة -
العزل ) ،فقد رتب المشرع المغربي هذه المسؤولية على عاتق الموثق لتفادي جميع
المنازعات والإدعاءات التي قد تنشأ وذلك ومن أجل إعطاء نوعا من الاستقرار
للمعاملات العقارية.
أما بخصوص المسؤولية المدنية للموثق العصري فهي تقوم عند الإخلال بالتزام
قانوني ذي طبيعة مدنية نتج عنه ضرر للغير ،وهي بخلاف المسؤولية الجنانية ،
وليس هناك من الناحية القانونية الصرفة ما يمنع أن يكون هذا التعويض عبارة عن
تنفيذ عيني بمفهوم الفصل 259من ظهير الالتزامات والعقود ،والمسؤولية المدنية
إما أن تكون عقدية ترتبت عن خطأ عقدي وهو عدم تنفيذ المدين الالتزامات الناشئة
عن العقد ،أو تقصيرية ناجمة عن خطأ تقصيري ترتب عن الإخلال بالتزام قانوني
واحد لا يت غير وهو الالتزام بعدم الإضرار بالغير ،ونفس الاتجاه نصت المادة 28
من قانون 09.32على أن الموثق يسال مدنيا إذا قضت المحكمة ببطلان عقد
أنجزه بسبب خطئه المهني ونتج عن هذا البطلان ضرر لأحد الأطراف .262
للمضرور عما لحقه من أضرار وخسارة جراء أعمالهم وتصرفاتهم الخاطئة ،وعلى
هذا الأساس فإن المسؤولية المدنية تترتب عنها الإخلال بالتزام قانوني ذي طبيعة
مدنية ينتج عنه ضرر بالغير ،فالهدف من المسؤولية المدنية هو جبر الضرر الذي
ومما وجب الإشارة له أيضا قيام المسؤولية الجنائية في هذا الصدد عن كل
فعل أو امتناع جرمه القانون الجنائي و عاقب عليه بنص خاص ،على اعتبار أن
إتيان الأفعال المجرمة قانونا أو الإمساك عنها يشكل اعتداء على المجتمع يستوجب
توقيع العقوبة على مرتكبيها ،264ولهذا فالموثق العصري بحكم مهنته قد يكون
عرضة للمسائلة الجنائية الناشئة عن فعله الشخصي نتيجة إتيانه الأفعال إجرامية
سواء أثناء ممارسة مهامة التوثيقية أو خارج نطاق مهنته ،وبالتالي يعاقب على
أفعاله بصفته فردا في المجتمع أو بصفته موثقا يمارس مهنة حرة لحسابه الخاص .
للقواعد القانونية الآمرة المترتب عنها عقوبة جنائية ،بمعنى آخر فالخطأ الجنائي
للموثق غالبا ما يكون مصدره إخلال هذا الأخير بأحد التزاماته المهنية ،كتزوير
وثائق أو توقيعات أو حقائق معينة في علاقته بالزبناء ،و اتجاه إرادة الجاني إلى
يعتبر بطلان المحرر العصري نظاماً جزائياً مدنياً أقره المشرع من أجل
حماية القواعد القانونية الخاصة بإنشاء التصرفات القانونية بمنع ترتيب آثارها ،ولأجل
ذلك فقد جعله من النظام العام ،وبتفحص أحكام بطلان المحرر التوثيقي كما هي
منظمة بالفصل 29الذي يتبين من خلاله أن المشرع أقر بطلان هذه الوثيقة
أو نائبه وعدم كفاية المبلغ المؤدي من طرف شركة التأمين للتعويض عن الضرر أو عند انعدام التأمين حسب مقتضيات
المادة 81من قانون ، 28,10باإلضافة إلى المواد 81و 81من نفس القانون .
264ـ بحيث تضمن القانون المنظم لمهنة التوثيق العصري عدة مقتضيات زجرية في حالة خالل الموثق بالتزاماته القانونية إذ
نص في المادة 17على أنه "يجب على الموثق الذي صدرت في حقه عقوبة العزل أو اإليقاف ،أن يسلم للموثق المعين في
محله داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغه بالمقرر ،أصول العقود وسجالت المحاسبة و كافة المحفوظات وفق
الكيفية المنصوص عليها في المادة 01من هذا القانون .
265ـ جواد بوكالطة اإلدريسي“ ،جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن” ،مكتبة الرشاد،
سطات ،الطبعة األولى 4107هـ 0221/ص .18
التالية:
ـ إذا لم يتضمن هذا المحرر أحد البيانات الجوهرية المشار إليها أعلاه ،أو إذا
تسرب عيب أو خلل إلى إحدى هذه البيانات كالحالة التي لا يتحقق فيها من هوية
الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف وعدم إبداء النصح للأطراف أو إعلامهم بمضمون
العقد وآثاره والاستعانة بترجمان في حال عدم إتقان أحد الأطراف للغة التي حرر
بها العقد...
-إذا تلقى الموثق هذا المحرر خارج مكتبه مخالفاً بذلك قواعد الاختصاص
-إذا كانت للموثق أو زوجه أو أصوله أو فروعه مصلحة شخصية مباشرة أو
ـ إذا كانت زوجة الموثق أو أقاربه أو زوج أو أقارب شريكه أو أقارب أحد
إن العدل ملزم تجاه زبنائه بتحقيق الغاية المبرم بشأنها العقد أو حرر في
شأنها المحرر ،لذا كان لزاما عليه أن يتقيد بما تفرضه هذه المهنة من واجبات سواء
بوجه عام في الإخلال بالتزام قانوني في طبيعة قانونية وأخرى ذات طبيعة مدنية ،
ويلاحظ أن المسؤولية المدنية للممارس الحر تكون في أكثر الأحوال مسؤولية عقدية
تنشأ عندما يخل هذا الأخير بالتزام عقدي بربطه بأحد زبنائه في إطار مهنته ،حيث
تتم مسا علته في نطاق الفصل 230من ق.ل.ع الذي ينص على أن الالتزامات
التعاقدية المنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،ولا
. 266
يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في حالات المنصوص عليها في القانون
وانطلاقا من هذا فإنها لا توجد نصوص تشريعية خاصة تحدد مسؤولية العدول
المدنية ،وإنما هناك نصوص قانون الالتزامات والعقود والتي تتعلق بالمسؤولية المدنية
سواء كانت تقصيرية أو عقدية ،وغالبا ما تنشأ المسؤولية المدنية للعدول عن
المتابعة الجنائية التي تفتح بمناسبة دعوی الزور ،فيطالب العدول بتعويض الطرف
المتضرر في إطار ما يعرف بالدعوى المدنية التابعة التي تمت فيها غرفة الجنايات.
فالمسؤولية القائمة على هذا النوع هي مسؤولية تقصيرية لأنها ناتجة عن
جريمة ،كما أن الضرر فيها يصيب غالبا شخصا من غير أطراف العقد ،لكن طرح
نقاش حول تكييف طبيعة المسؤولية المدنية لممارسي المهن الحرة ،إن كانت تقصيرية
أم عقدية ،وقد ارتبط هذا الاختلاف بطبيعة الالتزامات الأصلية الملقاة على عائق
هؤلاء ،إن كانت التزامات بتحقيق نتيجة ،أم أن ذلك الالتزام الأصلي ببذل عناية
ينشا عنه في الغالب مسؤولية تقصيرية أما الالتزام بتحقيق نتيجة ينشأ عنه مسؤولية
عقدية ،حيث يترتب التمييز بينهما أن التعويض عن الضرر في إطار المسؤولية
التقصيرية يكون أكثر قيمة من ذلك الذي يترتب في إطار المسؤولية العقدية ،ذلك
أن التعويض التقصيري يغطي جميع الأضرار التي قد تصيب الزبون في إطار علاقته
. 267
مع العدول ،بينما لا يغطي التعويض العقدي إلا الضرر المتوقع
266ـ نظم المشرع المغربي التأديب ومسطرته في المواد من 18إلى 14من القانون 41921المنظم لمهنة التوثيق العدلي،
يقوم مبدأ المتابعة فيها على أساس الحفاظ على أخالقيات المهنة والزبناء على حد سواء لذلك تعمل القواعد القانونية النافذة
والتي وجدت لكي تحترم من قبل المهني وغيره ،فمخالفة الموثقين العدول للواجبات المفروضة عليهم تعرضهم للمتابعة
التأديبية.
267ـ المخالفات المهنية المؤسسة في المهن ال يمكن حصرها ،ذلك أن المشرع المغربي لم يرصدها بعينها صراحة وإنما
جاءت مشتتة بين ثنايا تلك النصوص وهو ما أشارت إليه المادة 10من القانون 41921حيث وضعت قاعدة عامة لتحديد
المخالفات المهنية بالتنصيص على أنه“ :يتعرض العدل كلما ارتكب مخالفة للقواعد المقررة أو إخالال بالواجبات المفروضة
عليه طبقا للنصوص القانونية أو التنظيمية معمول بها لمتابعة تأديبية وفق المقتضيات المحددة في هذا القسم”.
إن تحريك المتابعة ضد عدل لا يتطلب وجود أي تظلم أو طلب ،فكلما علم
الوكيل العام للملك باعتباره الجهة المكلفة بتحريك المتابعة من قاضي التوثيق أو
من أي جهة أخرى بأمر مخالفة القواعد المقررة أو بإخلال بالواجبات المفروضة على
العدل يحق له أن يحيل المتابعة على محكمة الاستئناف لتبت فيها باعتبارها الجهة
المختصة للبت فيها حتى ولو كان المشتكي قد تنازل عن شكايته.268
أما بخصوص المسؤولية الجنائية للعدول فقد حرص المشرع على حماية هذه
المهنة من أي فعل يمس بأحد هذه المبادئ ،269واعتبر ذلك جريمة في حق المجتمع
قبل أي يكون في حق الأشخاص المعنيين بها مباشرة ورغم أن العدل مواطن كسائر
المواطنين يقع تحت طائلة المتابعة الجنائية كلما ارتكب جريمة منصوص عليها
قانونا ،إلا أن العدل عندما يرتكب بعض الجرائم ،لا يعاقب عليها باعتباره مواطنا
وقد نص المشرع في بعض فصول القانون الجنائي على 270
عاديا ،بل بصفته عدلا
العدل مرتكب الجريمة صراحة كما هو الحال بالنسبة لجريمة التزوير الفصل 353
من القانون الجنائي ) وجريمة خيانة الأمانة ( الفصل 529من القانون المذكور )
وجريمة سمسرة الزبناء ( المادة 25من القانون ) 03.12كما تم التنصيص
ضمنيا على جرائم قد يرتكبها العدل ،كما هو الحال بالنسبة لجريمة إفشاء السر
المهني الفصل 222من القانون الجنائي ).
268ـ نور الدين بزدي“ ،المسؤولية المدنية والتأديبية للعدول والموثقين على ضوء التشريع المغربي” ،بحث لنيل دبلوم الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مكناس ،السنة الجامعية ،0242/0228ص .78
269ـ أفضى المشرع حماية في الدول كافة على المحررات واألوراق المكتوبة وأعطى لها ثقة عامة ،وضمان هذه الثقة
بتقرير أشد العقوبات للتزوير في صوره وأشكاله المختلفة ،هذه العقوبات تتفاوت تبعا لنوع المحرر وصفة من يقوم بالتزوير،
وعاقب كل من سعى إلى تغيير حقيقتها غشا وتزويرا تبعا لصور التزوير المختلفة التي جرمها القانون ،كما شدد العقوبة
لصفة مرتكب جريمة التزوير الذي يقع من قاض أو موظف أو ضابط عمومي أثناء عمله ،ليس إال لكونه أخل بواجبات
وظيفته وخان األمانة فيما عهد به إليه ،وهو ما فعله المشرع المغربي بتجريمه األفعال التي من شأنها المساس بالوثيقة العدلية
كورقة رسمية بعد الخطاب عليها في الفصول 114-110-111-111-111-111من القانون الجنائي.
270ـ عبد الرزاق الصبيحي ،مسؤولية العدول على ضوء القانون الجديد المنظم لخطة العدالة ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد السادس،
0241ص.428 :
خاتمة:
ومما سبق ذكره ينبغي التأكيد على أن للتوثيق دور مهم في تحقيق الأمن
القانوني والعقاري ،وكذا تحقيق استقرار المعاملات العقارية ،وذلك من خلال ضبط
عمل التوثيق وتوحيد أحكامه ،تماشيا مع التطورات التي تعرفها المنظومة التشريعية،
كما يجب التأكيد على ضرورة تعميم رسمية العقود في المعاملات العقارية
والرقي بالمعاملات العقارية إلى مستوى الاطمئنان والثقة وتحقيق الأمن القانوني
لائحة المراجع:
بشرى عويمر ":أنظمة التوثيق ومدى كفايتها لحماية التصرفات العقارية " ،رسالة
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
أمينة البرحسيني ،توثيق التصرفات العقارية بين الواقع والآفاق ،رسالة لنيل
الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،طنجة ،السنة
الجامعية2012 ،ـ.2015
الطالبي رمضان توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة 2من مدونة الحقوق
العينية ( قانون ،") 30-08بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد
الملك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية
.2013/2012
لمياء الفركاتي " توثيق المعاملات العقارية في المحررات الرسمية " ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المسنة في القانون الخاص ،جامعة محمد الأول ،كلية العلوم
عبد المجبد بوكير ،التوثيق العصري بالمغرب ،طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام،
سكينة الوزاني ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء المادة الرابعة من مدونة
الحقوق العينية والقوانين الخاصة ،رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم
أنيسة حنيرة ،الجهات المؤهلة لتحرير العقود المنصبة على العقار ،رسالة لنيل
الماستر في ا لقانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة
الجامعية2013،ـ.2012
العلمي الحراق ،الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة ،مطبعة دار السلام
للنشر والتوزيع ،الرباط الطبعة الثانية.2011 ،
عمر أوتيل ،التوثيق ودوره في استقرار المعاملات العقارية ،رسالة لنيل الماستر
في القانون الخاص ،،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ،السنة
الجامعية2012،ـ.2013
بوري المهدي :الإطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري في ضوء القانون ،09.32
رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بطنجة ،السنة الجامعية2012 ،ـ.2015
نور الدين بزدي“ ،المسؤولية المدنية والتأديبية للعدول والموثقين على ضوء
التشريع المغربي” ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية مكناس ،السنة الجامعية .2010/2009
عبد الرزاق الصبيحي ،مسؤولية العدول على ضوء القانون الجديد المنظم لخطة
العدالة ،مجلة الحقوق المغربية ،العدد السادس.2018 ،
0
قواعده ومضمونها .وسمو شكلي يرتبط بالشكل والإجراءات التي يوضع بها ويعدل.
وإذا كان السمو الموضوعي يتحقق لكافة الدساتير ،سواء أكانت دساتير جامدة أم
دساتير مرنة ،إلا أن السمو الشكلي لا يمكن أن يتحقق إلا للدستور الجامد.271
وتأسيسا عليه ،إذا كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سمو الدستور
أصلا مقررا وحكما لازما لكل نظام ديمقراطي سليم ،فإنه يكون لزاما على كل سلطة
عامة –أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها –
-271جابر جاد نصار ،الوسيط في القانون الدستوري ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،ط ،4991 ،4ص.411 :
النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده ،فإن هي خالفتها أو
تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور وانعدام الشرعية ،وخضوع -متى انصبت
المخالفة على قانون أو مرسوم تشريعي أو لائحة _ للرقابة الدستورية التي تستهدف
صون الدستور القائم وتأكيد احترامه وحمايته من الخروج على أحكامه؛ وسبيل هذه
الرقابة التحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من
ضوابط و قيود ،ومن ثم الحكم على مدى انطباق القوانين العادية على أحكام الدستور
أو مخالفتها لها ،حتى يتم بذلك انتظام سير الدستور المقيد لسلطة القوانين العادية،
ومن هنا نشأت فكرة " الرقابة على دستورية القوانين " Le contrôle de
إن الرقابة وإن كانت وسيلة بجانب وسائل كثيرة في الدول الحديثة تضمن
تنفيذ القانون الدستوري والتزام سلطات الدولة المختلفة بقواعده .إلا أنها تعد في
واقع الأمر أهم هذه الوسائل وأكثرها فاعلية .فهي إما أن تقرر عدم إصدار العمل
إن كانت رقابة سابقة أو عدم نفاده إن كانت رقابة لاحقة .وفي كل الأحوال فهي
تؤدي التزام سلطات الدولة المختلفة تطبيق نصوص الدستور والتزام أحكامه .والرقابة
على د ستورية القوانين .قد تختلف الوسائل التي تحققها فقد تكون سياسية وقد
273
تكون قضائية .إلا أنها في النهاية تعمل على كفالة احترام نصوص الدستور.
وتعد رقابة دستورية القوانين ضرورية لكفالة وضمان احترام أحكام ونصوص
الدستور ،وهي نتيجة حتمية لسمو الدستور من الناحية الشكلية أو الموضوعية ،ووفقا
-272حسن مصطفى البحري ،القضاء الدستوري دراسة مقارنة ،ط ،2145 ،4ص ) 9 .المعلومات األخرى غير متوفرة(.
-273جابر جاد نصار ،مرجع سابق ،ص.419 :
العادية لروح الدستور وأحكامه .ويعني ذلك أن تكون للأعمال القانونية الأدنى درجة
أولا سليما من الناحية الشكلية ،وذلك بصدوره وفقا للشروط والإجراءات المقررة في
الدستور .فالدستور هو الذي يبين السلطة المختصة بوضع القوانين وإقرارها وإصدارها
ونشرها ،فإن لم يستوف التشريع هذه الإجراءات والشروط كان باطلا ،كما يكون
التشريع صحيحا من الناحية الموضوعية إذا صدر التشريع موافقا للأحكام الدستورية
نصا وروحا ،فإن خالف أحكام الدستور اعتبر باطلا وغير دستوري.
الذي ارتقى بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية ،وبعد أن خفف المشرع
وعلاوة على ذلك ،جعل هذه الرقابة تجمع بين الرقابة السياسية السابقة على صدور
الأمر بتنفيذ القوانين وبين الرقابة القضائية التي تتم بواسطة الدفع بعدم الدستورية
الذي يثار أمام المحاكم أثناء النظر في قضية بشأن قانون يطبق في النزاع إذا كان
يمس الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور ،274وزاد هذا الاختصاص توسعا ليشمل
إن محدودية رقابة المجلس الدستوري وكثرة الانتقادات الموجهة إلى القضاء
ا لدستوري المغربي ،دفعتا المشرع الدستوري إلى النص على مجموعة من التعديلات
في دستور 2011؛ بهدف تجاوز هذه الثغرات؛ وتدعيم دولة القانون؛ وذلك من
خلال النص على إحداث محكمة دستورية ،وتغيير تكوينها ،وتوسيع اختصاصاتها
وتجدر الإشارة إلى أن القوانين العادية تحال اختياريا على أنظار المحكمة
الدستورية وذلك بإحالة من الملك ،أو رئيس الحكومة ،أو رئيس مجلس النواب ،أو
رئيس مجلس المستشارين ،أو خمس أعضاء مجلس النواب ،أو أربعين عضوا من
لذلك ،فإن الإحالة الاختيارية هي إحدى نظم الإحالة الدستورية بشكل عام،
وهي تهم القوانين العادية حيث تمارسها الجهات المختصة طبقا للدستور.
وعليه فإن هذا الموضوع له من الأهمية ما يدعوا إلى البحث فيه ،والوقوف
عند أهم إشكالاته ،والتي تارة ما تتعلق بخصوصية القضاء الدستوري المغربي ،وتارة
أخرى تتعلق بمحدوديته في بعض الجوانب ،ويمكن الانطلاق من خلال هذه الدراسة
أساسا من تحديد دور القضاء الدستوري في تقييد صلاحيات البرلمان لصالح السلطة
275رشيد المدور ،تطور الرقابة الدستورية في المغرب :الغرفة الدستورية -املجلس الدستوري -املحكمة الدستورية ،مجلة دراسات دستورية،
املجلد الثالث ،العدد السادس ربيع األول 4135ه يناير ،2145ص.17 :
276محمد الرضواني ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،ط ،2141 ،2ص.422 :
التنفيذية ،وذلك من خلال الرقابة التي يمارسها وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقوانين
العادية.
الشرعية الدستورية واحترام مبدأ سمو الدستور وضمان الحقوق والحريات؟ كما يمكن
الانطلاق من أن الإحالة الاختيارية للقوانين العادية قبل إصدار الأمر بتنفيذها من
شأنها منح صلاحيات للبرلمان للمصادقة على تشريعات قد تكون غير ذات مرجعية
دستورية تؤدي إلى ضياع الحقوق والحريات ،أي أن الرقابة الدستورية ما زالت تعرف
بعض جوانب المحدودية ،خصوصا على مستوى الإحالة الاختيارية ،وهنا يتعلق الأمر
بالقوانين العادية وخاصة القانون المالي السنوي لما يعرفه من خصوصية ،بحيث أنه
لا يحال إلا اختياريا على أنظار المحكمة الدستورية .وكذا ألية الدفع بعدم الدستورية
باعتبارها أداة جديدة للرقابة البعدية التي جاء بها الدستور الجديد.
للدستور وذلك بإحالة من ذوي الصفة :أي الجهات المخول لها حق الإحالة كما
مما لا شك فيه أن هذا الهدف لا يتحقق إلا إذا انبسطت رقابة المحكمة
الدستورية على كافة التشريعات باختلاف أنواعها ومراتبها ،وسواء أكانت تشريعات
أصلية صادرة عن الهيئة التشريعية ،أم تشريعات فرعية صادرة عن السلطة التنفيذية
في حدود اختصاصاتها الدستورية ،ذلك أن مظنة الخروج على أحكام الدستور قائمة
بالنسبة إليها جميعا ،بل إن هذه المظنة أقوى في مشاريع القوانين) منها في
مقترحات القوانين.278
:1مقترحات القوانين
التي تختص فيها الحكومة ،ولما يقع النزاع حول أحقية الاختصاص ،فإن اختصاص
البت في هذا النزاع يرجع بالخص وص إلى المحكمة الدستورية في أجل ثمانية أيام
أي تبرز هنا رقابة المحكمة الدستورية على مجال القانون ،هذه الرقابة تهم
تغيير نصوص سبق صدورها في شكل نصوص قانونية من حيث الشكل ،بحيث تتحقق
المحدد بفصول الدستور ،وأنه يدخل في المجال التشريعي الذي يتم التشريع فيه
بواسطة القانون.
يشار إلى أنه أتيحت سنة 2011للمجلس الدستوري ،في سابقة هي الأولى
من نوعها ،البت في إحالة رئيس مجلس النواب يطلب فيها من المجلس الدستوري
البت في الخلاف الحاصل بين مجلس النواب والحكومة حول مقترح قانون متعلق
بإحداث نظام أساسي خاص بهيئة الدكاترة الموظفين بالإدارات العمومية والجماعات
الترابية والمؤسسات العامة الذي دفعت الحكومة بعدم قبوله ،باعتباره لا يدخل في
مجال القانون ،عملا بأحكام الفصل 19من الدستور ،وقد قضى المجلس الدستوري
بأن مقترح القانون موضوع الخلاف لا يدخل في مجال القانون ،بل يدخل في مجال
التنظيم.280
:2مشاريع القوانين
تعهد العديد من دساتير الدول للحكومة التشريع بشكل فرعي ،إذ أن المغرب
من بينها حيث تمارس الحكومة اختصاص التشريع حسب المادة 20من القانون
تمارس المحكمة الدستورية الرقابة على التشريعات إذا أحيلت إليها من طرف
ذوي الصفة بالنسبة للقوانين العادية ،ومناط ذلك أن الرقابة التي تمارسها المحكمة
الدستورية هي رقابة من حيث الموضوع ،بمعنى تراقب مدى مطابقة النص للدستور.
الأمر بتغيير النصوص التشريعية بمرسوم بعد موافقة المحكمة الدستورية ،إذا كان
283
مضمونها يدخل في مجال التنظيم أي مجال الحكومة والتي تشرع فيه بمراسيم.
280رشيد المدور ،مستجدات القضاء الدستوري المغربي ،في نطاق دستور ،2144مرجع سابق ،صفحات .441-411
281المادة 21من القانون التنظيمي رقم 157.43المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة ،صادر األمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 4.47.33صادر
في 21جمادى األولى 49( 4135مارس )2147ج.ر 5311بتاريخ جمادى اآلخرة 2(4135أبريل ،)2147ص.3747 ،
282ينظر في هذا الصدد الفصول المشار إليها أعاله من دستور المملكة لسنة .2144
283الفصل 53من دستور المملكة المغربية لسنة .2144
كما أنها تراقب النص القانوني من حيث الشكل ،أي صدور القانون على خلاف
الإجراءات التي ينص عليها الدستور والقوانين التنظيمية في كل مراحل صنع القانون،
التالية:
الحالة الأولى تتعلق بما يسمى "قانون الإذن" حيث نصت الفقرة الثانية من
ظرف من الزمن محدود ،ولغاية معينة ،بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة
باتخاذها ،ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها .غير أنه يجب عرضها على
البرلمان بقصد المصادقة ،عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها ،ويبطل
في حين تتعلق الحالة الثانية ب "التشريع الحكومي المؤقت "حيت يسمح
للحكومة في إطاره أن تصدر ،خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان
البرلمانية المختصة ،مراسيم ذات قوة نافدة بمجرد نشرها شريطة عرضها على
286
البرلمان في الدورة التي تليها مباشرة قصد المصادقة عليها.
284مزهود عزوز ،آلية الدفع بعدم دستورية القوانين (دراسة مقارنة) ،رسالة مقدمة لنيل شهادة الماستر ،جمهورية الجزائر ،جامعة بوضياف_
المسيلة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2149/2141ص.52 :
285الفقرة الثانية من الفصل 51من دستور المملكة المغربية لسنة .2144
- 286محمد المالكي" ،تعزيز حكم القانون والنزاهة في العالم العربي " تقرير عن وضع البرلمان في المغرب،المركز العربي لتطوير حكم القانون
والنزاهة ص ،9الموقع االلكتروني:
http://www.arabruleoflaw.org/Files/PDF/Parliament/Arabic/P2/MoroccoFinalReportParliamentP2S3_AR.pdfتاريخ االطالع:
.2021/14/11
التنظيمية حيث أنها تنفذ القوانين ،إضافة إلى ذلك فالمشرع الدستوري المغربي
أسند لها اختصاص التشريع بشكل فرعي وذلك في بعض الحالات كما سبق الإشارة
إليها أعلاه ،وتبقى العلاقة الجدلية بين الحكومة والبرلمان وإشكالية التوازن والتعاون
على أنه إذا تم دفع الحكومة بعدم قبولها اقتراح أو تعديل ،ترى أنه لا يدخل في
مجال القانون تتوقف مناقشته أو تعديله في الجلسة العامة ،ويحال إلى المحكمة
غير أن الجهة التي أحالت هذا الأمر إلى المحكمة الدستورية تشعر باقي
الجهات التي لها أيضا حق الإحالة بذلك ،ولهذه الجهات أن تبدي ملاحظات ما تراه
إن إحالة الخلاف حول مجال القانون يلخص في أن المحكمة الدستورية تفحص
مقترح القانون أو التعديل موضوع دفع الحكومة ،هل يدخل في المجال التنظيمي،
كما تزعم الحكومة ،أم يدخل في المجال التشريعي ،كما يدعي المجلس البرلماني
المعني ،ويتم البث في كل خلاف بشأن ذلك بين الحكومة ومجلس النواب أو مجلس
على مستوى طبيعة هذه الاختصاصات المسندة إلى المحكمة الدستورية ،بموجب
الفصلين( )13و ( )19من دستور 2011على التوالي :لكن تجدر الإشارة إلى
أن التغيير حصل عل ى المستوى المعياري لممارسة المحكمة الدستورية الرقابة على
تطبيق قواعد توزيع الاختصاص التشريعي والتنظيمي ،حيث وقع تطور ملحوظ على
مستوى تفصيل مجال القانون ،الذي اتسع ليشمل بموجب الفصل ( )11من الدستور،
اختصاص الرقابة على القوانين العادية قبل إصدار الأمر بتنفيذها ،وبإحالة اختيارية
من ذوي الصفة ،يسعى في ذلك إلى التأكيد على أن إحالة القوانين العادية هي آلية
تساهم في عقلنة التشريع العادي لملائمته بالتشريع الأساسي ،وبالتالي عدم صدور
قوانين غير دستورية وذلك سواء تعلق الأمر بمشاريع القوانين أو بمقترحات
القوانين.
ثانيا :القوانين المحالة والقوانين غير المحالة على أنظار المحكمة الدستورية
في المغرب
288رشيد المدور ،مستجدات القضاء الدستوري المغربي في نطاق دستور ،2144مرجع سابق ،ص.419 ،411 :
289الموقع االلكتروني للمحكمة الدستورية بالمغرب ،https://www.cour-constitutionnelle.ma/ar :تاريخ االطالع2124/14/21 :
يتبين من خلال قراءة الجدول أعلاه ،خلاصة جل القوانين التي أحيلت اختياريا
إلى المحكمة الدستورية قصد مراقبة دستوريتها من طرف ذوي الصفة ،أن الأمر
يتعلق ب:
في خمس الأعضاء ،وهو الأمر الذي تحقق مع هذا العدد ،إضافة إلى أن
الأعضاء النصاب المعمول به ،حيث صرحت المحكمة الدستورية أولا برفض
الدستورية.
اعتمادا على ما سبق يتبين ومنذ بداية عمل المحكمة الدستورية بإصدارها
لأول قرار بتاريخ 12أبريل " ،2011بشأن طلب السيد رئيس مجلس المستشارين
من المحكمة الدستورية التصريح بشغور المقعد الذي يشغله السيد ' محمد الانصاري'
بمجلس المستشارين نتيجة وجوده في حالة تنافي على إثر تعيينه عضوا بالمحكمة
ثلاثة قوانين عادية فقط على أنظار المحكمة ،ومنه نستنتج أن القوانين العادية بإحالة
اختيارية أمر غير كافي ،بحيث أن تفعيل دور المحكمة الرقابي على هذه القوانين
والفلاحية والصيد البحري ،إلى جانب الرياضة والأنشطة الخاصة ومعاشات التعويض
عن الضمان الاجتماعي والتقاعد والتكافل العائلي والرعاية الاجتماعية ومحاربة العنف
ضد المرأة والمؤسسات الاجتماعية والعمل الجهوي والمجالس الاستشارية لكل من
الشباب ،وحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط والأمن العام وإحداث المراكز واللجان
290قرار املحكمة الدستورية رقم ،4/45بتاريخ 42أبريل ،2145الجريدة الرسمية عدد 5 _ 5533ربيع اآلخر 27( 4139ديسمبر ،)2145ص
.5171
291الموقع اإللكتروني للجريدة الرسمية المغربية ،http://www.sgg.gov.ma/arabe/Legislations/BulletinsOfficielsAns.aspxتاريخ
االطالع.2124/4/9 :
مما يعني أن جل القوانين المنظمة لمختلف مناحي الحياة بكل تمظهراتها مرت
دون الخضوع لمبدأ الرقابة الدستورية خلال الخمس سنوات الأخيرة دون إغفال الفترة
الانتقالية قُبيل إحداث المحكمة الدستورية ،ويذكر أن هذه الممارسة تكرست منذ
أن بدأ المغرب العمل بمبدأ رقابة دستورية القوانين عبر مختلف مراحل هذه الأخيرة،
ما يمكن ملاحظته من خلال رصد القوانين الغير المحالة على المحكمة الدستورية،
أن عدد هذه الأخيرة التي أصدر الأمر بتنفيذها دون مراقبة دستوريتها قد بلغت
عرفت إصدار الأمر بتنفيذ 39قانونا ،لتكون سنة 2020قد سجلت إصدار الأمر
وبناء عليه ،يكون تفعيل الرقابة على دستورية القوانين العادية مرتبطا بإرادة
الجهات المخول لها حق الطعن في دستورية القوانين ،والتي تبين لنا من خلال
الجدول أعلاه أنها لا تحيل معظم القوانين إلى المحكمة الدستورية ،ومن المعلوم أن
الرقابة على دستورية القوانين قد ظهرت لتجسيد علو وسمو الدستور والقانون ،وهو
تشريعات قد تمس بالمبادئ الدستورية على رأسها مبدأ فصل السلط ،بل الأكثر من
والقوانين العادية تختلف بحسب المجال والميدان الذي تعنى به ،وباعتبار
قوانين المالية من بين القوانين العادية فإنها نادرا ما تحال إلى القضاء الدستوري
وعلى سبيل المقارنة والاستئناس يمكننا رصد حصيلة التجربة الفرنسية في
-2015 المجموع في 31دجنبر 2019 2018 2011 2012 2015
2019 2019
العادي
1 14 1 معاهدة
الضريبية
292
المجال نفسه (الإحالة الاختيارية) وإبراز المقارنة وفق الجدول التالي:
111من الدستور ،إذ ينص على استمرار المجلس الدستوري في ممارسة صلاحياته،
إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور .والذي
وبعد ذلك وبالتحديد بتاريخ 12أبريل ،أصدرت المحكمة الدستورية أول قرار لها.
وبعد ذلك ،تم نشر ثلاثة قوانين للمالية ،وهي القانون المالي رقم 28.11
28.11على أنظار المحكمة الدستورية دون القانونين الآخرين ،إذ أصدرت المحكمة
الدستورية قرارا بشأنه ،أما بخصوص القانون المالي لسنة 2019فلقد تم إصدار
الأمر بتنفيذه دون إحالته ،كذلك نفس الأمر بالنسبة للقانون المالي لسنة 2020
رقم ،10.19وقد نتج عنه العديد من النقاشات حول المادة 9من هذا القانون
294
باعتبارها خرق صريح للدستور.
أولا :دراسة قرار المحكمة الدستورية 22/11حول إحالة القانون المالي رقم
28.11لسنة 2018
تتمثل وقائع هذا القرار في رسالة إحالة توصلت بها المحكمة الدستورية من
الدستورية التصريح بمخالفة مقتضيات المواد 1و 8و 22و 29و138و 180
على دستورية القوانين العادية فور إحالتها إليها من طرف ذوي الصفة كما أشرنا
إزاء ذلك يستفاد أن الطلب الرامي إلى التنازل عن الإحالة المقدم إلى المحكمة
الدستورية يرمي إلى تجنب وعدم ترتيب المحكمة الدستورية أثرا قانونيا بشأن
وعلى هذا الأساس كانت المحكمة الدستورية ملزمة بالنظر بالإشكال التالي :ما
العمل إذا تم التنازل عن الإحالة الدستورية ،وهل فعلا مضامين المواد موضوع الطلب
غير دستورية؟
من خلال قراءة جواب المحكمة الدستورية والتي رفضت فيه طلب التنازل
عن الإحالة تبين لنا الدور الفعال الذي يقوم به القاضي الدستوري في التأويل
الدستو ري بغرض عقلنة العمل البرلماني ،بحيث ظهر ذلك جليا من خلال رفض
التنازل عن الإحالة لسبب واضح هو أن المحكمة الدستورية لاحظت العيب الذي وقع
فيه الفريق النيابي وهو عيب على مستوى الشكل هذا من جهة ،ومن جهة أخرى
فإن شرعية التنازل عن الإحالة الدستورية لا أساس لها على مستوى الدستور ولا
وقانون المالية والقانون التنظيمي للمحكمة الدستورية بأن المادة 1وخاصة الفقرة
استحضرت المحكمة الدستورية بقوة دورها في هذا المأخذ والذي يتمثل في
حماية العمل التشريعي من السقوط في مخالفة الدستور وفي تعليلها اعتمدت على
مقتضيات المادة المذكورة غير مخالفة للدستور ،حيث بنت قرارها على مجموعة من
الأسباب الشرعية وفي مقدمتها أن المادة 1لا تتضمن أية مبادئ تندرج خارج مجال
القانون المالي ،وذلك طبقا للمادة السادسة من القانون التنظيمي رقم 130.13
المتعلق بالمالية.
وعللت المحكمة الدستورية قرارها من خلال التأكيد على مبدأ تدرج القوانين
حيث جاء في حيثيات قرارها بشأن المأخذ الأول "وحيث إن مراقبة دستورية
القوانين ،ومن ضمنها قانون المالية لا يتم إلا قياسا بالدستور وبالقوانين التنظيمية،
وليس عبر الإحالة على قوانين تتقاسم معها ذات المرتبة والدرجة في التراتبية
القانونية ،ومن تم ،فإن ما أثاره الطرف الطاعن من مخالفة المادة المذكورة لمقتضيات
الدستورية ".295
الثالث من المادة 8مخالفة لأحكام الدستور وخاصة الفصل 39منه ،بحكم أنها
تمس بمبدأ استقلالية الجمعيات وحقها في اختيار توجهاتها التي تحددها هيئاتها
ثبت للمحكمة الدستورية أن مقتضيات هذه المادة غير مخالفة لأحكام الدستور
وذلك بناء على أن في حالة عدم احترام الجمعيات والتعاونيات السكنية للشروط
المفروضة عليها في المادة 1من القانون المالي لسنة ،2018فإن هذه الجمعيات
لا تستفيد من نظام الإعفاء الضريبي على الشركات ،وهذا لا يمس باستقلالية
منح ضمانات كافية لاستقلالية الجمعيات وذلك من خلال الفصل 12من دستور
بشأنها بالفصل 39من الدستور الذي ينص على مبدأ تحمل التكاليف العمومية التي
للقانون وحده إحداثها ،وذلك من طرف الجميع وفقا للمقتضيات الجاري بها
العمل.297
من خلال ما تم تبيانه من طرف المحكمة الدستورية وكل الأسباب التي بنت
عليها قرارها والتصريح بأن النقطة (ب) من البند الثالث من المادة 8ليس فيها
ما يخالف الدستور ،نشير إلى أن المحكمة كانت جد صريحة في تعاملها مع حيثيات
لقد أقرت المحكمة الدستورية في هذا الإطار " حيث أنه ،فضلا عن أن حق
الملكية ليس حقا مطلقا ،إذ لا يمكن للقانون أن يحد نطاقه وممارسته كما هو
التي تولت تنظيمها الفقرة الثالثة المذكورة ،والمتعلقة بتسجيل العقود أو المحررات،
لم تنتقل فيها بعد ملكية العقارات إلى أصحابها للدفع بوجود مساس بحق الملكية"؛
وحيث أنه ،تبعا لذلك فليس في البند الثالث من المادة 138ما يخالف الدستور.298
يتضح من خلال منطوق قرار المحكمة الدستورية حول هذا المأخذ بأن المحكمة
الدستورية قد أقرت بأن لا وجود لمبدأ فصل الذمم المالية في الدستور بل هو مبدأ
10.19
لم يتم تحريك المادة 23من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية التي تنص
على أن "تكون إحالة القوانين إلى المحكمة الدستورية قصد البت في مطابقتها
للدستور ،طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 132منه ،برسالة من الملك أو
رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو برسالة أو
عدة رسائل تتضمن في مجموعها إمضاءات عدد من أعضاء مجلس النواب لا يقل
عن خمس أعضاء الذين يتألف منهم ،أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس
المستشارين".
وهكذا نصت المادة 9من مشروع القانون المالي لسنة 2020رقم 10.19
على ما يلي:
" يتعين على الدائنين الحاملين لأحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو
الجماعات الترابية ومجموعاتها ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف
في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ ،يلزم الدولة أو جماعة ترابية
أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين ،يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون
( ) 90يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة
بالميزانية لهذا الغرض ،وفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية ،وإلا يتم الأداء تلقائيا
من طرف المحاسب العمومي داخل الآجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها
العمل في حالة تقاعس الآمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل أعلاه .
وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية ،يتم عندئذ تنفيذ الحكم
القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية،
على أن يقو م الآمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي
في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع ( )2سنوات ووفق الشروط
المشار إليها أعلاه ،دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية
في قرار سابق صدر سنة ،2008اعتبر المجلس الدستوري المادة 8من
مشروع قانون المالية غير دستورية ،نظرا لكونها تتعلق بإحداث مسطرة خاصة
لتحصيل الغرامات بشأن المخالفات في السير والجولان ،مما يجعلها خارجة عن نطاق
اختصاص قانون المالية .وبالتالي فمعالجة قضية الأحكام الصادرة في مواجهة الدولة
صحيح أن عددا من الدول تمنع الحجز على أموال الدولة ،لكن ليست هناك
دولة واحدة أدرجت هذا المقتضى ضمن قانون المالية إلى حد علمنا ،بل تم إدراجها
في قوانين خاصة ،ولم يتم استغلال قوانين المالية لأغراض غير تلك التي تضم أمورا
بما في ذلك الإدارة ومرافق الدولة ،في إطار المبدأ الدستوري القاضي
بمساواة الجميع أمام القانون والقضاء ،فالمادة التاسعة تشكل تراجعا واضحا
لعل أن الحكومة والبرلمان اقتنعوا بأن لا مجال للحجز على أملاك الدولة
بإصدار أحكام تدين مالية الدولة وخاصة مرافقها العمومية التي تسهر على تقديم
الصالح العام للمواطنات والمواطنين ،وذلك وفق مبدأ الاستمرارية ،بحيث نص الفصل
من خلال هذه الفقرة تبين لنا أنه من الضرورة ما يفرض توفير كافة الإمكانيات
من أجل ضمان سير عمل المرافق العمومية واستمراريتها بانتظام واطراد.
لقد كان من نتائج التكريس الدستوري لمبدأ تنفيذ الأحكام القضائية ،وإقراره
لمسؤولية الدولة في تطبيق القوانين ،أن أصبح الوزراء دستوريا مسؤولين عن تنفيذ
302أكد صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،نصره الله خالل ترأسه الفتتاح أشغال دورة املجلس األعلى للقضاء يوم 47دجنبر 4999بالقول:
"من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى إال إذا ضمنا لهيئته الحرمة الالزمة و الفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف
اإلنصاف و فورية البت و التنفيذ ،و جريان مفعولها على من يعنيهم األمر ،ذكره .:محمد الهيني "عدم دستورية المادة 9من مشروع قانون المالية
رقم 51.49لسنة 2121والجريمة المستمرة لعرقلة تنفيذ األحكام -مجلة املحاكم المغربية).
303الفقرة األولى من الفصل 471من دستور المملكة المغربية لسنة .2144
السياسة الحكومية ،كل في القطاع المكلف به ،وفي إطار التضامن الحكومي (الفصل
)93تحت إشراف رئيس الحكومة باعتباره صاحب السلطة التنظيمية (الفصل .)90
وإذا كان رئيس الحكومة يمثل الدولة أمام القضاء ،فإن عدم توفر ميزانية
رئيس الحكومة على اعتمادات مالية من أجل تنفيذ الأحكام القضائية ،يطرح إشكالا
حقيقيا في غاية الأهمية والخطورة في نفس الوقت بالنسبة للأحكام القاضية على
الدولة مباشرة بأداء مبالغ مالية ،من جهة تحديد الجهة المخاطبة بالتنفيذ والحساب
المالي المرصود له ،لاسيما أمام تعاظم دور مؤسسة رئاسة الحكومة واستقلالها عن
باقي الوزارات ماليا وإداريا ،وتمتعها بالشخصية المعنوية مثلها مثل رئاسة
304
الحكومة.
لكن بالمقابل نظم الدستور أيضا مبادئ أخرى مثل المحاكمة العادلة حيث
نصت الفقرة الثالثة من الفصل 23من دستور 2011على" قرينة البراءة والحق
في محاكمة عادلة مضمونان" 305،ونص الفصل 120كذلك على " لكل شخص الحق
القضائية والتي تصدر عن المحاكم القضائية للمملكة على اختلاف درجاتها وأنواعها
وجب السهر على تنفيذها لعدة أسباب ،لعل أهمها احترام مبدأ فصل السلط الذي
نص عليه الفصل الأول من دستور 2011في فقرته الثانية " يقوم النظام الدستوري
304ومن المهم اإلشارة إلى أن عدد ملفات التنفيذ ضد الدولة التي تتطلب حال عاجال لمواجهتها صارت مرتفعة جدا بشكل ال يتصور ،السيما وأن
المستفيدين من هذه األحكام ما فتئوا يتقدمون بطلب لتحرير محاضر امتناع في مواجهة الدولة في شخص رئيس الحكومة ،لذلك يقترح إيجاد
حلول عاجلة للتنفيذ ،وتوفير ميزانية بهذا الخصوص ،ألنه ال قيمة لألحكام بدون تنفيذ وال قيمة لدولة الحق والقانون بدون حماية فعالة لحقوق
المواطنين بالوصول إليها وتنفيذها بسرعة ويسر وفي أقرب اآلجال.
305الفقرة الثالثة من الفصل 23من دستور المملكة المغربية لسنة .2144
306الفقرة األولى من الفصل 421من دستور المملكة المغربية لسنة .2144
القضائية للجميع سواء تعلق الحكم بالمواطن أو بالدولة من أجل تكريس دولة الحق
والقانون طبقا للفصل 122في فقرته الأولى حيث ينص على " الأحكام النهائية
308
الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع".
ولا شك أن مرور عشر سنوات على المصادقة على الدستور الجديد ،لم يحل
دون رصد واقع لا يرتفع ،يتجلى في تسجيل مواقف سلبية في حق الإدارة المطلوب
مجالات قانون المالية التي حددها القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13في المادة
2منه حيث نصت على أنه " لا يمكن أن تتضمن قوانين المالية إلا أحكاما تتعلق
للقانون التنظيمي وللدستور بشكل عام ،وبالرجوع إلى طبيعة هذا القانون باعتباره
قانون عادي في إطار مبدأ تدرج القوانين فالمحكمة الدستورية لا يمكنها أن تفعل
دورها بهذا الخصوص إلا إذا تمت إحالة القانون من طرف ذوي الصفة طبقا للدستور،
اللهم إن تم تفعيل الدفع بعدم الدستورية بعد إصدار القانون التنظيمي الخاص بهذه
الآلية ،وعليه عدم إحالة هذا القانون على أنظار المحكمة يعد منافٍ لدولة الحق
والقانون ،وهو من تأثيرات الإحالة الاختيارية التي تهدد سمو الأحكام الدستورية.
بغض النظر عن هذا النقاش المتعلق بخرق المادة 9أعلاه للأسس والمبادئ
الدستورية ،وبغض النظر كذلك عن بعض التعديلات التي تضمنتها ،خاصة المتعلقة
بالآجال المحددة في أربع سنوات كحد أقصى لتنفيذ الحكم القضائي النهائي الصادر
ضد الإدارة ،وبإلزام الآمر بالصرف بالأداء ،والمحاسب العمومي بإدراج المبلغ المحكوم
بخصوص المدة :يلاحظ سكوت هذه المادة عن آلية زجرية في حالة تجاوز
الإدارة لأربع سنوات دون تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها ،وهنا يطرح السؤال
عن ضمانات عدم تجاوز هذه المدة رغم إجحافها في حق طالب التنفيذ ،وعن الوسائل
310ظهير شريف رقم 4.47.52صادر في 41من شعبان 2( 4135يونيو )2147بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 431.43لقانون المالية ،الجريدة
الرسمية ،عدد _ 5351فاتح رمضان 41( 4135يونيو ،)2147ص .1741
وبخصوص الوجوب :رغم ورود مصطلح "وجوبا" في نص هذه المادة ،إلا أن
السؤال المطروح هو :مدى ضمان إلزام المحاسب العمومي بإدراج المبلغ في السنوات
الأربع القادمة في ظل غياب أي مقتضى زجري؟ وما العمل في حالة عدم إدراج المبلغ
المحكوم به في السنوات الأربع؟
وانطلاقا مما سبق فإن هذه التشريعات قد تخالف الأحكام الدستورية التي تعد
بمثابة الضامن الأساس للحقوق والحريات ،إذ يمكن إصدار قوانين تخل بحقوق
المواطنين وحرياتهم ،وخير دليل على هذا إصدار القانون المالي لسنة 2020رقم
10.19دون إحالته على أنظار المحكمة الدستورية ،إذ تضمن هذا القانون مجموعة
من المقتضيات التي تخل بأحكام الدستور وتهدد حقوق وحريات المواطنات
صادق مؤخرا مجلس النواب على قانون المالية لسنة ،2121هذا القانون الذي تضمن بندا خطيرا يمس باستقاللية السلطة القضائية،
ويخرق الدستور وقانون المسطرة المدنية في الشق المتعلق بالحجز" :وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية ،يتم عندئذ تنفيذ
الحكم القضائي عبر األمر بصرف المبلغ المعين في حدود االعتمادات المتوفرة بالميزانية ،على أن يقوم اآلمر بالصرف وجوبا بتوفير االعتمادات
الالزمة ألداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات الالحقة ،وذلك في أجل أقصاه أربع سنوات وفق الشروط المشار إليها أعاله ،دون أن تخضع
أموال و ممتلكات الدولة و الجماعات الترابية و مجموعاتها للحجز لهذه الغاية .إن المتأمل في المادة التاسعة من مشروع قانون المالية لسنة
،2121سوف يتضح له بالملموس أنها تحتقر أحكام القضاة التي حصنها الدستور وجعلها تسمو على الجميع ،وبالمقابل تمتع قرارات الدولة
بنوع من التحصين الذي يمس بحقوق الملكية والحقوق المالية للمواطنين ،مما يجعل سلطة الدولة "السلطة التنفيذية" عمليا فوق السلطة
القضائية ،هذه السلطة ـ ـ ـ سلطة الدولة ـ ـ ـ ـ التي يجب عليها أن تضمن وتحترم تنفيذ جل المقررات القضائية الحائزة لقوة الش يء المقض ي به
تطبيقا للمبادئ الدستورية.
ومن ناحية أخرى ،نجد أن هذه المادة تتعارض بشكل مطلق مع ما جاء به الدستور ،و خصوصا الفصل 425منه الذي ينص على أن "األحكام
النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع" فإذا كانت األحكام القضائية ملزمة للجميع فهي ال تستثني الدولة أو الجماعات الترابية الصادر
ضدها حكم قضائي نهائي ،يقض ي بإلزامها بأداء مبلغ معين ،و عليه فإن ما تعرضت له المادة 9من مشروع قانون المالية لسنة ،2121يمس
باستقاللية السلطة القضائية المنصوص عليها في الفصل 415من الدستور ،باعتبارها السلطة التي يجب أن يمتثل لها الجميع ،كما أنها تمس
بقوة القرارات القضائية و إلزامها للجميع .بحكم الواقع ،وفي ظل القانون الحالي الذي يتيح إمكانية الحجز على ممتلكات اإلدارة ،فإن الشخص
الصادر لصالحه الحكم يجد صعوبة في تنفيذه ،حيث تتجاوز المدة عشر سنوات أحيانا ،حينا بعلة عدم كفاية الموارد المرصودة ،وأحيانا
بسبب امتناع اإلدارة عن التنفيذ دون مبرر مقبول ،فما بالك في ظل المادة 9من مشروع قانون المالية لسنة 2121التي ال تتيح إمكانية الحجز
على أموال الدولة؟ (الباحث سعيد ايعيش "قراءة في مقتضيات المادة 9من مشروع قانون المالية لسنة -« 2121مجلة املحاكم المغربية)
عدم خضوع الجميع ،إدارة ومواطنين لقوة الشيء المقضي به
والحريات.
دولة الحق والقانون ،باعتبار القضاء الدستوري أحد أهم ضمانات هذا المبدأ.
311إن محدودية الحلول التي اهتدى إليها القاض ي اإلداري إلجبار اإلدارة على تنفيذ أحكامه والمتميزة هي األخرى بمرجعية القانون الخاص وعدم
اقترانها بآليات قانونية كفيلة بإجبار اإلدارة على التنفيذ وتفريعا عن ذلك ،فإن أي مقاربة قانونية إلشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية والحلول
تقتض ي:
أن التنفيذ عملية قانونية وقضائية يستقل بها القضاء اإلداري ،ويختص بها دون غيره ،ويحظر تدخل أي جهة كيفما كانت في إجراءاته.
أن التنفيذ يتضمن في طياته نهاية المنازعة القضائية اإلدارية ،وأن القاض ي اإلداري مدعو إلى السير بإجراءاته إلى نهايتها ،تقيدا منه بقوة
الش يء المقض ي به.
وجوب امتثال اإلدارة بقوة القانون لقوة الش يء المقض ي به ،تحت طائلة إخضاعها لطرق التنفيذ الجبري المتوافقة مع طبيعتها.
التنفيذ داخل األجل المعقول ،فإذا كانت إجراءات املحاكمة والبت تخضع لألجل المعقول طبقا لما أقره الدستور ،فبصفة أولى خضوع
التنفيذ لهذه األحكام تيسيرا على المنفذ له في الحصول على حقه بسرعة.
عدم جواز فرض أو سلوك إجراءات إدارية أو قضائية تعيق التنفيذ أو تشل فعاليته من خالل االستشكاالت في التنفيذ غير الجدية أو
الكيدية.
عدالة التنفيذ بإجراءات منصفة وفعالة وسريعة ،ومرنة وغير مكلفة ماديا ومعنويا للخصوم.
(ذ .محمد الهيني "عدم دستورية المادة 9من مشروع قانون المالية رقم 51.49لسنة 2121والجريمة المستمرة لعرقلة تنفيذ األحكام -مجلة
املحاكم المغربية)
يعتبر حق الدفع بعدم الدستورية أهم وسيلة دفاعية مقررة ومتفق عليها لدى
غالبية الدول التي تتبناه كأسلوب أساسي لتحريك الدعوى الدستورية ،وقد عرفه
المجلس الدستوري الفرنسي بـأنه "حق يخول لكل طرف رفع الدعوى أمام المحكمة
المدنية أو الإدارية أو الجنائية بأن يطلب إذا أراد مطابقة القانون الذي سيطبق عليه
في الدعوى للدستور بواسطة مذكرة مستقلة طالما أن القاضي لا يمكنه أن يثير هذا
الدفع تلقائيا".
بعدم الدستورية هو نوع من الرقابة اللاحقة يمارس بعد نفاذ القانون ويمارسه
المتقاضي بمناسبة النظر في دعوى أصلية تمس حقه ،ويهدف من ورائه إلى استبعاد
313
تطبيقه على النزاع.
وبخصوص الجهة المخولة لها إثارة الدفع بعدم الدستورية نجد الفقرة الأولى
من الفصل 133من الدستور حددت هذه الجهة في كل شخص يكون طرفا في
دعوى معروضة على إحدى المحاكم سواء كانت عادية أو متخصصة ،والذي يزعم بأن
القانون المراد تطبيقه في النزاع من شأنه أن يمس بإحدى الحقوق و الحريات التي
يضمنها الدستور 314،وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن إثارة الدفع بعدم الدستورية
تلقائيا من طرف المحكمة ،و هذا ما يستشف من الفقرة الرابعة من المادة 3من
مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133من
الدستور ،في حين نجد العديد من الدساتير المقارنة أعطت هذا الحق لأطراف الدعوى
بمعنى أن جميع القوانين العادية تكون قابلة للدفع بعدم الدستورية سواء
أصدرت قبل دخول القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل
كذلك يشترط أن يكون القانون موضوع الدفع بعدم دستورية يمس حق من
الحقوق المضمونة دستوريا ،وبالتالي لا يمكن أن يتأسس الدفع بعدم الدستورية على
فالدفع يعد مظهرا من أهم تجلياته ضمان مبدأ المشروعية الدستورية في شتى
أصناف القوانين والمراسيم التي تصدرها الدولة ،فبموجبه يلزم المشرع على إلغاء
أو إعادة النظر في كل تشريع يتعارض مع الدستور ويمس حقوق وحريات الأفراد،
وذلك بإعادة صياغته وفق مبدأ المشروعية التي تضع قيود الصالح الأفراد والتي لا
يمكن لأي دولة ديمقراطية أن تحيد عنها في أعمالها القانونية وتصرفاتها الواقعية.
حدد مدلول أطراف الدعوى في كل من النيابة العامة كطرف ،المدعي والمدعى عليه ،والمطالب بالحق المدني ،والمسؤول المدني في الدعوى
العمومية.
-315ايناو عبد الكريم "ضوابط إثارة الدفع بعدم دستورية القوانين وإجراءات الفصل فيه بالمغرب" ص -417 :مجلة القانون العام والعلوم
السياسية ،العدد 4شتنبر)2121
-أما بالنسبة لموضوع الدفع بعدم الدستورية فمناطه القانون الذي يمس إحدى الحقوق والحريات المكرسة دستوريا ،والمقصود بالقانون،
حسب المشروع كل مقتض ى ذو طابع تشريعي يراد تطبيقه في دعوى معروضة على املحكمة ،ويدفع أحد الخصوم بأن تطبيقه سيؤدي إلى خرق
أو انتهاك حق من الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور.
وتظهر التجربة المغربية في مجال الدفع لعدم الدستورية متأخرة ،قياسا مع
فقد توجه المشرع الدستوري المغربي نحو إقرار الرقابة اللاحقة سيرا على نهج
هذا الاختصاص الذي لم يكن مألوفا في الدساتير المغربية السابقة ،فهو حق جديد
دس تورية قانون أُثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذ ذا دفع أحد الأطراف بأن القانون
الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور (الفصل
وبذلك أصبح حق إحالة القوانين غير الدستورية على المحكمة الدستورية غير
مقتص ر على الطبقة السياسية ،بل من حق المتقاضين أيضا من خلال مسطرة الدفع
بعدم الدستورية ،مما يشكل ثورة حقوقية وخطوة حاسمة في النظام الدستوري
المغربي ،لأن هذا الشكل من الدفع يعتبر تشجيعا للمشاركة الفعالة للمواطنين في
فرعيي يثار من طرف أحد الأطراف أثناء النظر في قضية ،في مواجهة القانون المزمع
تطبيقه في النزاع الذي يراه ماسا بحق من حقوقه أو إحدى حرياته التي يضمنها
الدستور ،حيث يلزم القاضي الذي أثير أمامه بالتوقف عن البت في الدعوى الأصلية
إلى حين صدور قرار المحكمة الدستورية التي أوكل لها الدستور أمر البت في هذا
النوع من الدفوع ،لهذا سميت برقابة الامتناع لكونها رقابة لاحقة تم إقرارها في
إطار نظام رقابة دستورية ممركزة – مثلما هو معمول به في فرنسا -يسند فيها
الاختصاص لهيئة واحدة مختصة وهي المحكمة الدستورية ،وذلك خلافا للتجربة
الأمريكية التي اختارت نهج الرقابة اللاممركزة ،بحيث لا توجد في الولايات المتحدة
الأمريكية محكمة بعينها مسند إليها النظر في دستورية القوانين ،فسائر المحاكم
تختص بالفصل في عدم دستورية قانون معين إذا أثير من طرف أحد الخصوم أثناء
نظرها في دعوى معروضة عليها ،فإذا ثبت للقاضي صحة مخالفة القانون موضوع
الدفع للدستور ،فإنه يستبعد آنذاك من التطبيق على النزاع دون التصريح بإلغاء
القانون ،ويعتبر القضاء الأمريكي صاحب الولاية العامة في مباشرة الرقابة على
دستورية القوانين.316
الدفع ":استثناء دستوري يقر بأن مسألة الدستورية لن تكون مرفوعة أمام القاضي
العادي ،ولكن أيضا يتم الفصل فيها من قبله عن طريق طبعا الإحالة كخيار من أجل
الحد من خطر تفاقم القضايا ،أي أن الهيئتين (محكمة النقض أو مجلس الدولة
بفرنسا) ي فصلان في المسألة مسبقا باستبعاد الطعن عندما لا يظهر لهما جديته،
ما يسمح بتوضيح المسألة المطروحة ،أي أن التصفية تسمح بانتقاء المسائل الأكثر
احتواء ،الأكثر أهمية ،ولها سلطة تقديرية للبت في فحص الدفع وإن كانت السلطة
316د .فتيحة بشتاوي "الدفع بعدم دستورية القوانين وسؤال النجاعة القضائية" ص - 51-52 :املجلة المغربية لإلدارة املحلية و التنمية ،عدد
،473يوليوز -غشت )2121
ن
و نظرا ألهمية آلية الدفع بعدم دستورية القوانين ،فقد أحال المشرع أمر تنظيمها لقانو تنظيمي (الفقرة 3من الفصل 433من الدستور) ،و
في هذا السياق و تطبيقا لمقتضيات المادة 21من القانون التنظيمي رقم 155-43المتعلق باملحكمة الدستورية ،أعدت الحكومة مشروع قانون
تنظيمي رقم 15-47بتحديد شروط و إجراءات الدفع بعدم دستورية قانون –المشار إليه أعاله الذي لم يخرج إلى حيز الوجود بعد -إذ بعد
استكمال مساره التشريعي تمت إحالته على املحكمة الدستورية التي أصدرت بخصوصه قرارها رقم ،51/41و القاض ي بعدم دستورية بعض
مواده ،حيث سطر الخطوط العريضة لما سيكون عليه القانون التنظيمي المنتظر ،ألن قرارات املحكمة الدستورية تتمتع بحجية في مواجهة كل
السلطات العامة و كل الجهات القضائية و اإلدارية.
متروكة بيد المجلس الدستوري الذي يقرر هل أن القانون المعني مخالف للدستور أم
لا" ،إذا تمعنا بهذا التصريح فإنه يمكننا القول بأن هذا التصريح يشكل لا محالة
اعترافا ضمنيا يؤكد فيه صاحبه على الطابع القضائي لألية الدفع بعدم الدستورية،
باعتبار ها لا تشكل فحسب استثناء دستوري الذي يقر بأن مسألة الدستورية لن
تكون مرفوعة أمام القاضي العادي ،وإنما أيضا يتم الفصل فيها من قبله وذلك من
خلال إقحام القضاء مسبقا في المسألة الدستورية .317إذا كان الأصل في رقابة الدفع
بعدم الدستورية أنها تتحقق متى تحققت شروطها ،إلا أنها لا تطبق في جميع الأحوال
من دولة إلى أخرى ،ففي مصر مثلا تستبعد المحكمة الدستورية العليا بعضا من
في فرنسا فيمنع القاضي أن يقبل الدفع ضد بعض القوانين بسبب خصوصيتها ،كما
هو الحال بالنسبة للقوانين العضوية ،قوانين المصادقة على القوانين الاستفتائية،
318
قوانين المصادقة على المعاهدات الدولية.
317د .قزالن سليمة "أبرز المالمح األساسية أللية الدفع بعدم الدستورية في ظل المراجعة الدستورية األخيرة ل( 2145دراسة مقارنة .فرنسا
نموذجا)" ص - 445 :املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية عدد - 2145/14مارس )2145
وألن ألية الدفع بعدم الدستورية رقابة الحقة على صدور القانون ونفاذه ،تضمن لكافة المواطنين حرية التقاض ي ،ما يجعلها تتمتع بمعظم
خصائص الرقابة القضائية ،وبالنظر إلى قرارات املجلس التي تتمتع بحجية الش يء المقض ي فيه و ال يمكن إعادة النظر فيها شأنها في ذلك شأن
األحكام و القرارات ال قضائية ،فإننا نعتقد بأن ألية الدفع بعدم الدستورية يغلب عليها الطابع القضائي مع اختالف فقط في اإلجراءات والجهة
المكلفة بها ،أو على األقل يمكن القول بأنها ذات منحى قضائي.
(318د .قزالن سليمة "أبرز المالمح األساسية أللية الدفع بعدم الدستورية في ظل المراجعة الدستورية األخيرة ل( 2145دراسة مقارنة .فرنسا
نموذجا)" ص - 445 :املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية عدد - 2145/14مارس .)2145
الآن ذاته تكريس دستوري لمبدأ الفصل بين السلطات وجزء من الدستور،
وهو ما يفند أي فرضية لإمكانية الإخلال بهذا المبدأ ،فمن غير المعقول
إن رقابة القضاء الدستوري هنا تدخل ضمن اختصاصاته التي
لمبدأ الرقابة على دستورية القوانين لدليل قاطع على تجسيد مبدأ الفصل
بين السلطات وإلا لما كانت لتعتمدها ،بل إن الكثير من الاتجاهات ترى
ب أن سوء فهم نظرية الفصل بين السلطات واعتبار البرلمان هو المعبر عن
سيادة الأمة ،هو الذي حال فيما بينها وبين تفعيل أكثر لهذه الرقابة؛
تهدف الرقابة على دستورية القوانين إلى تعزيز أسس وأركان
دولة القانون والحيلولة دون الخروج على الدستور باعتباره القانون الأساسي
هذا النمط من الرقابة ،لم يعد يكفي لضمان حماية الدستور من الاعتداءات
يكرسها الدستور ،فإن فتح المجال أمام الأشخاص وتمكينهم بواسطة هذه
لحقوقهم وحرياتهم التي يضمنها الدستور ،من شأنه أن يضمن حماية أكثر
ثغرات في النص القانوني التي غالبا ما تبرز مدى مخالفتها لأحكام الدستور
يتم فيه معرفة كل احتمالات القانون ،وهي الاحتمالات التي لا يمكن إقرارها
أو الكشف عنها إلا من خلال التطبيق ،أي خلافا للرقابة السابقة التي
تعتبر ألية الدفع أكثر فعالية من الرقابة السابقة ،إذا كانت
الرقابة السابقة رقابة وقائية تمنع صدور قانون مخالف للدستور إلا أن
عكس الرقابة عن طريق الدفع باعتبارها رقابة بعدية وعلاجية يترتب عنها
تسمح ألية الدفع بعدم الدستورية بعد تفعيلها بإنتاج العديد
319نشير في هذا السياق إلى أن هذه الدراسة جاءت في إطار أشغال الندوة الوطنية التي نظمتها شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية و
االقتصادية عين الشق بالدار البيضاء ،أيام 24-21يناير ،2124حيث انصبت مداخلتنا على البحث في أسباب محدودية العمل الرقابي للمحكمة
الدستورية واإلشكاالت التي تطرحها المناهج المعتمدة في مجال الرقابة الدستورية إذ يستند القاض ي الدستوري في عمله الرقابي على مناهج
المطابقة عدم المناقضة الستنتاج بمفهوم املخالفة القياس والتحفظات التأويلية ،حيث أثرنا مجموعة من المالحظات التي تثيرها آلية من
اآلليات األربعة:
ن
والقانو التنظيمي للمحكمة الدستورية ،يترتب الدستور ل
-المنهج األو يستند في األخذ به على أساس النص الدستوري الفصل 432من
عليه مجموعة من السلبيات :في الشكل عدم احترام االختصاص وهو ما يؤدي إلى الحكم بعدم الدستورية ،في المضمون يتطلب فحص
النص مادة مادة.
-اآللية الثانية تتكون من قاعدتين متداخلتين كل واحدة مستمدة من األخرى ،هذا المزج يترتب عليه اعتماد الوثيقة الدستورية مصدرا
وحيدا للتنظيم ،إنشاء قواعد وأحكام جديدة بغض النظر عن إرادة المشرع الدستورية من عدمها واقعا وافتراضا ،فتح باب التأويل الشاسع
لنصوص الدستور.
-التقنية الثالثة أخد بها القاض ي الدستوري في مجموعة من القرارات تتعلق أساسا بالعملية االنتخابية،
-المنهجية األخيرة ،تنصب على فصح المضمون بدرجة أولى مما يترتب عليه المصادقة أو عدمها ما يؤدي إلى صعوبة التأويل.
وجاء تركيزنا على اإلحالة االختيارية اعتبارا لما ورد من كتابات عديدة في هذا الشأن .ينظر لـ :د .محمد أشركي "الدستورانية والقضاء الدستوري
في أفريقيا -أية آفاق؟" مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية الجزء األول 44-1 ،دجنبر /2147د .خالد العسري "الفصل 21الدستورانية
المغربية في العقد األول من القرن 21وإشكال الفصل بين السلطات «كتاب الحرية في الفكر العربي المعاصر ،السنة غير متوفرة /د .الشريف
تيشيت "أحكام اإلدارة في الدستور في ضوء الدستورانية الجديدة" مجلة مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد -سنة.2145
بشأنها؛
يكفلها لهم الدستور ،وهو ما يطلق عليه البعض " بالترشيد القانوني
للنصوص"؛
القانون؛
تشريعية لأن النص التشريعي صدر واستنفذ باب الطعن فيه ،ولأن
يضمنها لهم الدستور لم يكن يعترف لهم بالحق في الدفع بعدم دستورية
320
هذه القوانين.
لائحة المراجع:
جابر جاد نصار ،الوسيط في القانون الدستوري ،دار النهضة العربية للنشر
مزهود عزوز ،آلية الدفع بعدم دستورية القوانين (دراسة مقارنة) ،رسالة
مقد مة لنيل شهادة الماستر ،جمهورية الجزائر ،جامعة بوضياف_ المسيلة ،كلية
.2021/01/08
.8510
محمد الهيني "عدم دستورية المادة 9من مشروع قانون المالية رقم
المغربية.
قزلان سليمة "أبرز الملامح الأساسية لألية الدفع بعدم الدستورية في ظل
التنم ية المندمجة بالجهة رهينة بإشراك الجميع ،أفراد ومؤسسات في بلورة البرامج
التنموية المراد تنزيلها على أرض الواقع ،ومنحهم حرية الاختيار وسلطة القرار،
وتشجيعهم على العمل التشاركي لكن في إطار الدولة الوطنية ،فلا جهوية بدون دولة
راعية قادرة على استيعاب مختلف الشرائح الاجتماعية بالجهة بتعدد مشاربها
وتوجيهاتها الثقافية والإثنية واللغوية .وتسعى الدولة المغربية إلى مأسسة العمل
الجهوي ،جهويا ومحليا بإحداث مؤسسات جديدة تتمتع بسلطات تقريرية وتنفيذية،
وبذلك يتم المراهنة على الجهوية المتقدمة لتحقيق التنمية الشاملة المندمجة
والمستدامة.
إن الاستراتيجية التي يسلكها المغرب ،والتي ترمي إلى تطوير المشروع
الديمقراطي المرتكز على الجهوية ،تهدف إلى إنشاء أجهزة تمثيلية ذات اختصاصات
وإمكانات فعلية تسمح لها بتدبير شؤونها المحلية وتحقيق الإقلاع الاقتصادي والتنمية
الاجتماعية والثقافية المنشودة .ولهذا فإن كل جهة مطالبة بأن تنظم نفسها وتبتكر
الحلول المناسبة لها ،وتعمل من أجل الرفع من تنافسية مجالها وطنيا ودوليا ،ومن
أجل كسب التحديات التنموية ،ومن أجل تحقيق هذه الأهداف أوصت اللجنة
الاستشارية للجهوية بتزويد الجهات بالموارد البشرية الملائمة "كما ونوعا" ،وهذا
التي يمكن أن تنهض عليها الكيانات الجهوية ،واستعراض مدى قدرتها على النهوض
يفرض البحث في الموارد البشرية الموضوعة رهن هذه الجماعة الترابية ،المنتخبة
والموظفة ،وتوضيح الاهتمامات التي تعطى لها للرفع من مؤهلاتها وقدراتها ،وصقل
مواهبها بشكل يجعلها قادرة على تسيير شؤون الجهة ،وتدبير أمورها بنوع من
الاستقلالية ،وذلك في أفق تمكينها من كسب رهانات التنمية المندمجة المرجوة على
جميع المستويات.
استراتيجيات التدبير الحديث ،والتدبير الحر بهذه الجهة ،وكذلك اعتماد التكوين
يتحلون بروح من المسؤولية والانضباط وحب الوطن وتقديم المصلحة العامة على
بالاستثمار الجاد في العنصر البشري وتوظيف كل الآليات التي يمكنها أن ترفع من
الكفاءات البشرية.
فما هي مكانة الموارد البشرية في جهة طنجة –تطوان -الحسيمة؟ وكيف يمكن
الرفع من كفاءاتها وتأهيلها لممارسة مهامها على أكمل وجه ومنه تحقيق الأهداف
تطوان-الحسيمة
تعتبر الموارد البشرية إحدى الدعامات الأساسية التي يتوقف عليها العمل
الجهوي ،ولهذا فإن الرؤية الاستراتيجية للتنمية المندمجة بالجهة تقتضي منح
وبرمجة الأولويات قصد تقليص الفوارق الجهوية .وعليه فإن جهة طنجة-تطوان-
المنتخبين بالخصوص ،ولا يمكن التركيز على التكوين وحده للرفع من قدرات
الحسيمة (المطلب الأول) ،بل لا بد من الرهان على آليات أخرى وعلى رأسها
الاستعانة بمهمة المدرب الترابي -الكوتش -الذي يسعى بالحوار والمواكبة إلى تحقيق
التآزر والانسجام ،والتنسيق بين كل الفاعلين داخل المجال الترابي الجهوي ،وتذويب
كل الخلافات الموجودة والتي يمكن أن تظهر أثناء صناعة وتنفيذ البرنامج التنموي
(المطلب الثاني).
لقد راهن مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة منذ انتخابه على التكوين المستمر
وطنية ودولية ،ومن أجل إبراز دور المجلس في هذا المجال لا بد من تسليط الضوء
البشرية ،ويمكن الرهان على التكوين لتذليل العوائق والصعوبات أثناء تدبير الشأن
العام الجهوي ،وإكساب المعارف والمهارات لجعل الأداء التنموي للمجالس الجهوية
في مستوى التطلعات ،كما أن الاعتماد على التكوين أصبح ضرورة تفرضها متطلبات
التنمية ،ويراهن عليها المجلس الجهوي للرفع من مؤهلات الموارد البشرية ،سواء
تعلق الأمر بممثلي الساكنة أو بموظفي الإدارة الترابية الجهوية ،ولهذا فإن التطرق
لأهمية التكوين يتطلب تقديم حجم الاستثمارات فيه بالنسبة لجهة طنجة-تطوان-
إن الرهان التنموي بالمجال الترابي الجهوي ،مرتبط بشكل كبير بمدى تطوير
التكوين والتكوين المستمر ،وجعله أسلوبا معتمدا لعصرنة وتحديث التدبير الترابي،
وكذا تمكين الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات من كفاءات بشرية قادرة على
الترابية .وعلاوة على التأهيل الاقتصادي والاجتماعي لمجال الجماعات الترابية ،ورغبة
في الاضطلاع بهذه المهام كلها ،لا بد للجهة من استثمار مؤهلاتها المالية والبشرية
بصفة عامة ،سواء كانت منتخبة أو موظفة ،خصوصا وأن القانون التنظيمي رقم
للجهة ،وحث أيضا في المادة 80من نفس القانون على ضرورة تحسين القدرات
التدبيرية للموارد البشرية وتكوينها ،وعمل بذلك على إسناد الجهة مهمة الإشراف
على التكوين المستمر لفائدة أعضاء المجالس وموظفي الجماعة الترابية ،322حيث
أصبحت الجهة ملزمة بوضع برنامج سنوي للتكوين المستمر لفائدة جميع منتخبي
وموظفي الجماعات الترابية على مستوى الجهة .ولقد اُعتبرت هذه المهمة من
كيفيا ت تنظيم دورات التكوين المستمر ،وذلك في شقه المتعلق بإحداث المركز
الجهوي للتكوين المستمر تم تنظيم لقاء مع أطر دار المنتخب لجهة مراكش-أسفي
324
من أجل الاستفادة من التجربة التي راكموها ،وبغية إحداث مركز جهوي للتكوين
على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،تم استدعاء لهذا الغرض القيمين على دار
-321ظهير شريف رقم 4941911الصادر بتاريخ 02من رمضان 4111الموافق 27يوليوز ،0241والقاضي بتنفيذ القانون التنظيمي
رقم 444941المتعلق بالجهات ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد ،1112بتاريخ 1شوال 4111الموافق 01يوليو ،0241ص.1111 :
-322تعتبر مهمة التكوين المستمر من االختصاصات الذاتية للجهة في مجال التنمية الجهوية ،والمنصوص عليها في المادة 10من القانون
التنظيمي رقم 444941المتعلق بالجهات.
-323مرسوم رقم 09419087الصادر بتاريخ 01رمضان 4117الموافق 08يونيو 0241المتعلق بتحديد كيفيات تنظيم التكوين المستمر
لفائدة أعضاء مجالس الجماعات الترابية ومدتها وشروط االستفادة منها ومساهمة الجماعات الترابية في تغطية مصاريفها ،المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 1110بتاريخ 8شوال 4117الموافق 41يوليو ،0241ص.1112 :
-324لقد أحدث مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة مركزا جهويا للتكوين المستمر بمدينة الحسيمة.
المنتخب المذكور بغية تقديم عرض متكامل حول طريقة إحداث وتسيير هذه
المؤسسة ،وذلك للاستئناس بهذه التجربة الناجحة بجهة مراكش أسفي .لكنه لحد
كتابة هذه الأسطر لم تعرف هذه التجربة النور بالجهة التي نحن بصدد دراستها ،ولم
ومن أجل توظيف التكوين المستمر لفائدة منتخبي وموظفي الجهة بشكل جيد،
توزع الاستمارات المتعلقة باختيار المواضيع على المستهدفين ،ثم بعد ذلك يتم
تجميع المعطيات المتعلق باختيار مواضيع التكوين وتفييئها ،واتخاذ التدابير المناسبة
لهذا الت فييئ .وتشمل البرامج التكوينية التي تسهر الجهة على تنظيمها ،أو تنظمها
في إطار اتفاقية تعاون وشراكة مع مختلف الفرقاء الوطنيين والدوليين ،على المواضيع
التالية:
المسؤولية.
تقوية القدرات المعرفية العامة حول الآليات التقنية لإعداد المشاريع أو
الخطط المحددة.
المحلية.
وقبل هندسة التكوين المستمر والسعي إلى تحقيق أهدافه لا بد من أخذ بعين
الاعتبار المراحل التالية قبل تنفيذ أي برنامج تكويني ،وتتجلى هذه المراحل فيما
يلي:
التكوين.
تحديد الأولويات.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك تعاون قوي يجمع بين مجلس جهة طنجة-تطوان-
التكوينية التي تنظمها بالخصوص مؤسسة "دار المنتخب" ،والتي تروم تقوية
مستوياتها.
من أجل إبراز أهمية التكوين لدى مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،لا بد
من تسليط الضوء على حجم الاستثمارات في هذا المجال ،وإبراز الحصيلة الرسمية
الدورات التكوينية التي استفاد منها أعضاء المجلس وموظفي الجهة سنة
، 2012حيث اعتبرت هذه السنة بمثابة السنة التي أرست فيها أجهزة المجلس
وهكذا احتضن دار المنتخب بجهة مراكش-أسفي ،دورة تكوينية حول تجميع ومهننة
أداء المجتمع المدني ،أي دور للجماعات الترابية؟ لفائدة أعضاء المكتب ورؤساء الفرق
انعقدت هذه الدورة التكوينية بشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية ،وتم
وبالإضافة إلى ما سبق ،تم تنظيم لقاءات تواصلية مع رؤساء الجماعات الترابية
بالجهة ،حيث كلفت اللجنة الجهوية المكلفة بالتكوين المستمر الخاصة بالجهة بعقد
لقاءات مع رؤساء الجماعات بكل أقاليم الجهة .وفي إطار تفعيل المقتضيات القانونية
التي جعلت الجهة مسؤولة عن التكوين المستمر لمواردها البشرية وللموارد البشرية
التابعة للجماعات الترابية الأخرى ،ومن أجل الرفع من الكفاءات البشرية ،تم تنظيم
:2011
استقبال وفد جهة مراكش أسفي لتبادل التجارب فيما بين الجهات وتمتين
علاقات التعاون ،وانعقد على هامش هذه الزيارة اجتماعات مكثفة للوقوف
في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ،فيما عرض وفد مجلس جهة مراكش
الحسيمة ،أشرف عليها مدير دار المنتخب بجهة مراكش أسفي ،حيث قدم
هذا الأخير عرضا مفصلا حول كيفية إعداد التصميم المديري للتكوين
ا لمستمر الخاص بالجهة ،وعلى هامش هذا اللقاء تم رفع مجموعة من
المستمر.
والإداري.
بالميزانية الجهوية.
وشارك فيها بعض رؤساء الجماعات الترابية على مستوى الجهة وبعض
حقوق الإنسان والإعاقة .ومن بين التوصيات التي رفعت في نهاية هذه
حقوق الإنسان.
من خلال المقاربة التاريخية والقانونية ،ثم تحديد آليات مشاركة المواطن
وفي إطار مواكبة مديرية تأهيل الأطر الإدارية والتقنية لوزارة الداخلية
الجهة ،وبحضور شركاء مجلس الجهة في مجال التكوين والخبير الذي عهد
إليه إعداد التصميم المديري الجهوي للتكوين المستمر وذلك يوم 25
-التكوينات التي استفاد منها منتخبي وموظفي الجهة برسم سنة :2018
الترابية ،وأداة أساسية للتنمية الترابية ،فإن تعزيز فعالية الموارد البشرية
ضروري في هذا المجال .وفي هذا الإطار جاء تنظيم دورة تكوينية حول
تنظيم دورة تكوينية حول اللامركزية والتدبير المحلي الحر ،وذلك بحضور
على الأسس القانونية للتدبير الحر وتدريبهم على القيادة الفعالة للأنشطة،
تنظيم دورة تكوينية حول آليات مراقبة ميزانية الجماعات الترابية ،لفائدة
تنظيم دورة تكوينية حول السياسة العامة لإعداد التراب وأدوات التدخل.
الترابية للتنمية.
يوليوز .2018
وبالإضافة إلى هذه التكوينات التي همت المنتخبين والموظفين على السواء،
20مارس ،2013
العمومية.
المطلب الثاني :الرهان على آليات أخرى للرفع من قدرات المنتخبين بالجهة
من قدراتها وجعلها في مستوى التطلعات ،لا بد من توظيف مختلف الآليات والوسائل
التي يمكن استثمارها في التكوين وفي الرفع من أداء المجلس الجهوي ،ولا ترتبط
جودة أداء الموارد البشرية بكثرة التكوينات التي تخضع لها فقط ،ولكن كذلك بالرهان
على برنامج التنمية الجهوية ،باعتبارها من الآليات الجديدة التي تضمنها مشروع
الجهوية المتقدمة ،هذا البرنامج يجسد من جهة طموحات المجلس الجهوي ،ومن
جهة أخرى يتطلب عند وضعه وتنفيذه كفاءات بشرية مؤهلة .إن من بين الوظائف
التي يجب الاعتماد عليها لصقل قدرات الموارد البشرية المنتخبة والمعينة بجهة
طنجة-تطوان -الحسيمة ،الرهان على وظيفة المدرب الترابي لمواكبة عمل الرأسمال
الجهوي ولتعبئة الموارد للقيام بها ،والاستعانة بالتجارب والخبرات الدولية والوطنية
التي تعاني منها الجهة ،فإن تحقيق الحكامة الرشيدة وتقويم السلوك البشري هي
أولى الأولويات بالمجلس الجهوي ،فلا يمكن الرهان على التركيبة البشرية التي
وذلك في أفق تشجيع وتثمين المؤهلات البشرية وإعدادها لإنجاز مشاريع حقيقية
للتنمية .ولهذه الغاية يمكن الرهان مستقبلا على مهمة جديدة بجهة طنجة-تطوان-
الحسيمة "الكوتش الترابي" ،حيث يكون بمقدور صاحبها تدبير المفاوضات وتسهيل
الحوار بين كل الفاعلين من مجالس منتخبة وموظفين ترابيين ومجتمع مدني بالجهة
المذكورة ،والتقرب منهم واكتشاف حاجياتهم وتدبير النزاعات ،وخلق التآزر في ما
بين مختلف الفاعلين المتواجدين بالمجال الترابي للجهة المذكورة ،ورفع التنسيق
والانسجام بين الجميع لخدمة التنمية الترابية بالجهة وتنظيم الدينامية الترابية ،ولكي
تساهم كل الأطراف المعنية في تحقيق هدف مشترك للتنمية الترابية التي اتفقوا
عليها.
لعل الثقافة التي تَّشَّب َّعَّ بها المنتخبون في السابق تتجلى في كون مجلس
خاصا بالجهة يهتم بشؤونها ،بل كان أعضاء المجلس كل واحد فيهم يدافع عن
مصلحة جماعته ،وكل واحد منهم يحمل معه أهدافا متباينة عن الآخر ،مما تولد
عن ذلك عدم الإحساس بالانتماء إلى الفضاء الجهوي ،وصعوبة الحوار وصعوبة
الانسجام بين هؤلاء المنتخبين وبينهم وبين غيرهم من الفاعلين الجهويين ،إلا أنه
في ظل الإصلاحات التي جاء بها دستور 2011وتضمنها مشروع الجهوية المتقدمة،
مباشرة ليخدم المجال الترابي الجهوي بصفة عامة ،وهذا ما يستدعي التدخل العاجل
لمجلس الجهة من أجل تحليل وفهم هذه السلوكات ،التي قد تفرز أقوى المقاومات
في المسار التنموي للمجال الترابي الجهوي ،والعمل على توحيد الجهود ضمن فريق
واحد ،لمعالجة إشكالية التنمية وهنا لا بد من الرهان على مهمة المدرب –الكوتش-
الترابي ،لتوحيد الرؤى وتذويب الصعاب فيما يتعلق بالتطور المنشود ،ومن أجل تبني
تؤمن نجاح هذه السياسة ،وتارة معاكسة ومتنافرة ،وهذا ما يحصل في معظم الأحيان
مع الأسف ،مما يجعل السياسة التنموية بالجهة مهددة بالفشل ،ولهذا فإنه في إطار
الجهوية المتقدمة يسعى الكوتشينغ الترابي إلى أن يساهم في تطوير العلاقة الإيجابية
الترابية وتنمية جهتهم ،فدوره يرتكز بالأساس على البعد السلوكي .326وبالتالي فإن
التكوين في مجال الكوتشينغ الترابي سيكون له أثر دائم ،خاصة على التآزر بين
مجموعة من الأشخاص يطلق عليهم "الكوتش الترابي" يوضعون رهن إشارة الجهة
لتأمين انطلاق وإجراء الحوار بين مختلف الفاعلين ،كما أن الكوتش الترابي يتبع
مراحل معينة من أجل تقديم حل معين للعوائق التي تحد من الأداء التنموي بالجهة،
فيبدأ بالتركيز أولا على تحليل وفهم السلوكات والمواقف التي تمثل أساس النجاحات
تقنيا ل مجلس الجهة وباقي الفاعلين .وتمثل الخطاطة التالية مختلف المراحل التي
-325المنتخبون الذين تم اختيارهم لتلبية حاجيات المجتمع ،البيروقراطيون في اإلدارة والخبراء المكلفون بترجمة االختيارات التنموية،
المجتمع المدني الذي يقبل أو يساهم أو يعارض المشاريع التنموية المقترحة .أنظر جان بيير إليلونك " : Jon Pier ILONGالكوتشينغ
الترابي ،التجربة واآلفاق" المجلة اإلخبارية لوكالة جهة الشرق ،عدد ،47مارس ،0241ص.8:
-326نفس المرجع ،ص.8 :
وضع خطة عمل لألولويات المبينة الدفع في اتجاه حوار مهيكل بين
ومراقبة االلتزامات مجلس الجهة والفاعلين الذين
يتدخلون في المجال الترابي الجهوي
والكوتش الترابي ليس مدربا ولا خبيرا في التنمية الترابية ،بل إنه توليف بين
مهنتين ،يستلهم ويستعمل أدوات وتقنيات المهنتين للإبحار بين المفهومين ،من
أجل تشجيع تآزر وتحالف الفاعلين بغية الانطلاق في دينامية تنموية وتشجيع
سلوكات تساعد على التغيير والنجاح .ويعتمد الكوتش الترابي في أداء مهامه على
مبدأين ،فهو لا يتدخل في المحتوى ولكن فقط في المسار ،حيث يبذل كل ما في
الجهوي يمتلك القدرات على حل المشاكل المطروحة ،وبالتالي يكمل ما قامت به
مراكز التكوين داخل الجهة من رفع لمؤهلات ممثلي الساكنة ،ويلعب بالتالي دورا
أساسيا في الوساطة على صعيد التراب الجهوي وذلك عبر تشخيص جيد للمشاكل
بالجهة ،سواء كانت منتخبة أو مستخدمة ،والرفع من مؤهلات هذه الكفاءات البشرية،
في أفق استثمارها في بلورة وتنزيل البرامج التنموية على أرض الواقع .ويعد التعاون
والشراكة من الآليات الهامة التي يمكن اعتمادها بالجهة لتحقيق الأهداف التنموية،
ولهذا فإن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة سعت جاهدة من أجل تفعيل هذه الآلية على
أرض الواقع ،واستثمارها بشكل جيد سواء في إيجاد موارد مالية جديدة أو في تعزيز
مجالات التكوين والتكوين المستمر لفائدة المنتخبين والموظفين بالجهة .وبناء على
المقرر الذي اتخذه مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة خلال دورته العادية 2أكتوبر
328
،2012تم إبرام اتفاقية شراكة وتعاون بينه وبين مؤسسة كونراد أديناور
المساهمة إلى جانب مجلس الجهة في مجال هندسة التكوين وتدبير شبكات
المكونين.
بالمجالات الترابية ،وذلك انطلاقا من تأهيل الرأس المال البشري الفاعل الأساسي في
المجال التنموي ،ولقد راهن مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة على عقد اتفاقيات
مع مختلف الأطراف للنهوض بالتكوين والتكوين المستمر ،ولعل من بين أهم هذه
الاتفاقيات ،اتفاقية إطار بينه وبين مجلس جهة مراكش-أسفي ،330حيث تُمَّك ِنُ
-328تعد مؤسسة كونراد أديناور من المؤسسات العالمية المهتمة بالتكوين ولها تجارب ناجحة في المغرب ،خصوصا بجهة مراكش
أسفي ،يرجى العودة للمحور المتعلق بدار المنتخب.
-329مجلس جهة طنجة– تطوان– الحسيمة ،محضر الدورة العادية لشهر أكتوبر ،0241ص.11 :
-330مقرر المجلس الجهوي لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،المتخذ في الدورة العادية لشهر يوليوز 0241المنعقد بتاريخ 21يوليوز
.0241
في هذا الإطار يمكن تنظيم لقاءات أو مناظرات أو ورشات جهوية ،وطنية أو دولية،
أو المساهمة أو المشاركة فيها بشكل مشترك بين الجهتين ،أو بينهما وبين مصالح
ومؤسسات الدولة والجماعات الترابية وهيئات أجنبية أو منظمات دولية لها نفس
بالجهتين ،سواء داخل التراب الوطني أو خارجه ،وذلك وفق ما تقرره لجنة التنسيق
والتتبع.331
الدستورية والقانونية الجاري بها العمل ،خصوصا في مجال التنمية المندمجة بالجهة،
والمعرفي الذي راكمته جامعة عبد المالك السعدي ،وتلبية لرغبة كل منهما في
تكامل جهودهما من أجل دعم المشاريع والبرامج والمبادرات الرامية إلى تطوير
التكوين والبحث العلمي وجعلهما في خدمة التنمية الجهوية والمحلية ،تم الاتفاق
بين الطرفين على القيام بشكل مشترك بإنجاز مشاريع وبرامج ودراسات ،والقيام
بأنشطة في مجال التكوين والتأطير وتقديم الخبرة والبحث العلمي ،في سبيل النهوض
هذه الاتفاقية بتنظيم دورات تدريبية للتكوين واستكمال التكوين لفائدة المنتخبات
وثقافية وبيئية .332ومن أجل استثمار الطاقات والرأسمال المعرفي والعلمي الذي
راكمته جامعة عبد المالك السعدي في تنمية الجهة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا
-331الفصل الثاني من اتفاقية إطار بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ومجلس جهة مراكش أسفي ،ص.1 :
-332المادة الثانية من االتفاقية المبرمة بين جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وجامعة عبد المالك السعدي ،مارس .0241
وبيئيا ،تم عقد اتفاقية إطار للتعاون بين هذه الجامعة ومجلس جهة طنجة-تطوان-
الحسيمة ،لتوحيد الجهود وتكاملها والقيام بشكل مشترك بإنجاز المشاريع والبرامج
والدراسات واتخاذ المبادرات الرامية إلى تطوير التكوين والبحث العلمي والتعليم
العالي ،وجعل كل هذا في خدمة التنمية الجهوية .وتهدف هذه الاتفاقية إلى تنظيم
والموظفين ،وتنظيم ندوات وملتقيات علمية وثقافية وبيئية .333وفي نفس الإطار تم
عقد اتفاقية إطار للتعاون الثنائي بين جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والحكومة المحلية
للأندلس (وكالة التعاون الأندلسي) ،من أجل تشجيع مشاريع ومبادرات ملموسة
المهني والبحث العلمي وكذلك التكوين والتكوين المستمر لفائدة موظفي ومنتخبي
الجهة ببالغ الأهمية في هذه الاتفاقية .334وفي إطار السعي الحثيث لإيجاد شركاء
على وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية العمل معا من أجل تدعيم القدرات
التدبيرية واستكمال الخبرة للموارد البشرية للجماعات الترابية المنتمية للجهة ،وذلك
في أفق تأهيل الإدارة الترابية والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة
للمواطنين .وهكذا توج هذا المسعى بالمصادقة على اتفاقية إطار للشراكة بين مجلس
جهة ووزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية ،وذلك من أجل تقوية القدرات المعرفية
والمهاراتية لموظفي وأطر مجلس الجهة ،وذلك في أفق مواكبة ورش الجهوية المتقدمة
-333اتفاقية إطار للتعاون بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وجامعة عبد المالك السعدي ،مارس ،0241ص.1 :
-334الفصل الثاني من اتفاقية إطار بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والحكومة المحلية لألندلس(وكالة التعاون األندلسي) ،محضر
الدورة االستثنائية لمجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،بتاريخ 08يناير ،0241ص.17 :
وتنزيل الاختصاصات الواسعة والمشاريع التنموية التي جاء بها على أرض الواقع،
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحسين الخدمات الإدارية وتقوية كفاءات الموارد البشرية،
حيث تلتزم الجهة بموجب هذه الاتفاقية بوضع الموارد البشرية والتقنية اللازمة
بمجلس الجهة ،وتنظيم دورات تكوينية للموارد البشرية المعنية ببرنامج العمل ،بينما
وضع رهن إشارة مجلس الجهة الأنظمة والبرامج والتجارب التي تطورها
وضع رهن إشارة مجلس الجهة خبراء الوزارة لتكوين موظفيها في المجالات
وضع رهن إشارة مجلس الجهة الأنظمة المعلوماتية القابلة للتعاضد التي
تطورها الوزارة.
المبحث الأول :الآليات العملياتية دعامة أساسية لصقل الخبرات البشرية بالجهة
أجهزة لممارسة مهامه التنموية بشكل جيد ،ولا شك أن هذه الأجهزة ستساهم
ملائمة لتنظيم تدخلاتهم أثناء التداول ،وتنسيق العمل بينهم وتقسيم الأدوار أثناء
إعداد وتنفيذ البرنامج التنموي ،والدفع بهم إلى الانخراط والمشاركة بفعالية في
في إعداد وتنفيذ البرنامج التنموي من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي على مؤهلات
وقدرات الموارد البشرية المنتخبة بالجهة المذكورة ،وإكسابها الخبرات الملائمة لحل
كل المشكلات التي تواجهها مستقبلا ،وهو بمثابة تكوين عملي يستفيد منه المنتخبون
بالجهة
المنتخبة بالجهة
هذه اللجان وحصر عددها ،وذلك في أفق تنظيم عمل المنتخبين وتقسيم المهام
بينهم وفق مجالات محددة ،كما أنه من أجل إشراك المنتخبين في صناعة القرار
التنموي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،يلجأ مجلس الجهة إلى تكوين فرق سياسية
قصد تنسيق العمل وتنظيمه بشكل جيد ،ولقد حدد القانون التنظيمي المتعلق بالجهات
-335لقد أشارت هذه المادة فقط إلى اللجان الثالثة األساسية التالية:
-الميزانية والشؤون المالية والبرمجة.
-التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية.
-إعداد التراب.
وتركت الباب مفتوحا أما المجالس الجهوية لتحديد عددها وتسميتها والغرض منها وكيفية تأليفها.
التي نصت على أن المجلس يحدث سبعة ( )1لجان دائمة ،ثلاث منصوص عليها في
القانون التنظيمي وأربعة لجان حسب اختيار المجلس .وتم تشكيل اللجان من قبل
رئيس المجلس بالتنسيق مع رؤساء الفرق ،وتم عرض تشكيلة اللجان بعد ذلك على
مجلس الجهة للتصويت عليها ،336إذ تمت المصادقة على التعديل النهائي للجان
الدائمة للمجلس في الدورة العادية لشهر مارس ،3372011وتم إحداث لجنة مؤقتة
تعنى بالصيد البحري ،لكنها تشتغل كما تشتغل اللجان الدائمة ،وعُي ِنَّ رئيسُها
بقرار من رئيس المجلس ،ولم يتم تفعيل المادة 29من النظام الداخلي338للمجلس،
خصوصا مع ظهور قضايا تتطلب تغيير اسم اللجنة .وحُد ِدَّت تركيبةُ اللجان الدائمة
والبيئية
وإنعاش الشغل
الحضري
أنه يتعين على كل عضو من أعضاء المجلس الانتساب إلى إحدى اللجان الدائمة،
حيث تختص كل لجنة دائمة بدراسة مختلف القضايا المتعلقة بها ،340ولقد حددت
المادة 25من النظام الداخلي للمجلس اختصاصات هذه اللجان ،كما نصت المادة
28من النظام الداخلي على أنه بناء على مداولة المجلس تخصص ودون مناقشة
رئاسة اللجنة الدائمة المكلفة بالمالية والميزانية لعضو من المعارضة ،341وذلك بناء
اللجان الدائمة دراسة القضايا المعروض ة عليها وتبدي رأيها فيها ،وذلك في حدود
اختصاصاتها وفي نطاق المسائل المدرجة في جدول أعمالها ،كما يمكنها أن تقدم
رئيس مجلس الجهة على تمكين اللجان الدائمة من جميع الوسائل المادية والبشرية
-339مقرر المجلس رقم 247/71المتخذ من طرف مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بتاريخ 21مارس ،0247والمنشور بمحضر
الدورة العادية لشهر مارس ،0247ص.14 :
-340لقد حددت الماد 11من النظام الداخلي للمجلس اختصاصات اللجان السبع الدائمة.
-341لقد أسندت هذه اللجنة لحزب العدالة والتنمية بمجلس الجهة قبل أن تتنازل عنها لحزب التقدم واالشتراكية الذي يصطف بدوره في
المعارضة.
-342حيث تنص على تخصيص رئاسة إحدى اللجان الدائمة للمعارضة.
-343المادة 11من النظام الداخلي لمجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
واللوج يستيكية الممكنة حتى تقوم بالدور المنوط بها أحسن قيام ،وذلك على قدم
وبالإضافة إلى اللجان المذكور فإن مجلس الجهة يمكنه إحداث لجان مؤقتة لمدة
محددة ولغرض معين ،وكلما دعت الضرورة إلى ذلك ،ويحدد المجلس عدد أعضاء
هذه اللجان ويعينهم ،345ولا يجوز أن يعهد لهذه اللجان بأي اختصاص مخول للجن
الدائمة ،346كما أن صلاحيات اللجان المؤقتة تنتهي بمجرد استيفاء دراسة المسائل
التي أحدثت من أجلها وإيداع تقاريرها لدى رئيس المجلس .347وإلى جانب اللجان
المؤقتة يمكن للمجلس إحداث أخرى للتقصي حول مسألة تهم تدبير شؤون الجهة
وإذا كان صلاحية تعيين رئيس اللجنة أسندت لرئيس المجلس الجهوي في
المجلس ،حيث ينتخب هذا الأخير من بين أعضاء كل لجنة رئيسا لكل لجنة دائمة
ونائبا له ،350وهذا من شأنه إضفاء نوع من الديمقراطية على طريقة اختيار رؤساء
اللجان وإشراك المعارضة في ذلك ،كما يمكن أن تساهم هذه العملية في اختيار
ذوي الكفاءات والمهارات العالية ،وتكوين بالتالي لجن في مستوى التطلعات .وتبقى
والاجتماعية والثقافية والبيئية من أهم اللجان المعتمدة بالمجلس ،حيث تتولى الأولى
دراسة الميزاينة الجهوية من جميع جوانبها قبل إحالتها على المجلس ،وكذلك
المساهمة في مناقشة الجانب المالي للاتفاقيات التي سيبرمها المجلس وإبداء أرائها
لقد ساهمت اللجان المذكورة بصفة عامة منذ إحداثها في مناقشة وبلورة
للمنتخبين على الصعيد الجهوي .فاجتماع اللجان بطلب من رئيس المجلس أو بطلب
قبل التداول فيها من طرف مجلس الجهة ،وإعداد تقارير في الموضوع لعرضها على
المجلس الجهوي ،كل هذه المهام تكسب المنتخبين خبرات وتجارب ومعارف جديدة
وفي ما يلي مجموعة من الاتفاقيات التي تمت دراستها ومناقشتها على مستوى لجن
-لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة ،حيث يتم إسنادها مهمة الإشراف
على دراسة ومناقشة كل القضايا التي لها علاقة ببرنامج التنمية الجهوية ،وكذا بمالية
ومختلف المصاريف والنفقات ،وكذلك دراسة المشاريع الاستثمارية على مستوى تراب
-351مثال الدراسة التي قامت بها اللجنة يوم الثالثاء 01فبراير ،0247ويوم 21مارس .0241
التفاهم بين وزارة الصناعة والاقتصاد الاجتماعي والتضامن ومجلس الجهة ،قامت
لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بدراسة اتفاقية إطار خاصة
أجل إنعاش الجانب الاقتصادي أيضا وجلب الاستثمارات للجهة ،ناقشت هذه اللجنة
بين مجلس الجهة والمديرية الجهوية للبيئة لإنجاز مشاريع بيئية وتكريس مفهوم
التنمية المستدامة ،والاقتصاد الأخضر والاختلالات المناخية بتراب الجهة .كما قامت
اللجنة المذكورة بدراسة مشروع برنامج التنمية الجهوية بتاريخ 30مارس 2011
-لجنة إعداد التراب ،حيث تتولى دراسة المسائل والقضايا المرتبطة بالتصميم
الجهوي لإعداد التراب بما في ذلك وضع إطار عام للتنمية الجهوية والمستدامة مع
المشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها .ولقد ناقشت هذه اللجنة مجموعة من
المتعلق 353
النقط المتعلقة بإعداد التراب ،وعلى رأسها مرسوم رقم 2.11.583
بتحديد مسطرة إعداد مشروع التصميم الجهوي لإعداد التراب وتحيينه وتقييمه،
ولاسيما المادة الأولى القاضية بان يتخذ المجلس مقررا يقضي بإعداد مشروع التصميم
-352اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة ووزارة الصناعة التقليدية واالقتصاد االجتماعي والتضامني لتمويل وتنظيم المعرض الجهوي
لالقتصاد االجتماعي والتضامني بالجهة ،بتاريخ 41يوليوز .0241
-353مرسوم 09479111الصادر ب بتاريخ 7محرم 4118الموافق 01شتنبر ،0247والقاضي بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي
إلعداد التراب وتحيينه وتقييمه ،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1141بتاريخ 41صفر 4118الموافق 0نونبر ،0247ص.1111 :
الجهوي لإعداد التراب .354وتولت كذلك هذه اللجنة دراسة مجموعة من القضايا
المتعلقة بإعداد التراب على الصعيد الجهوي ،ولعل أهم هذه القضايا إنجاز برنامج
الاتفاقية ضمن تفعيل برنامج مخطط التنمية المجالية "الحسيمة منارة المتوسط".
ولقد تمت مناقشة هذا البرنامج بشكل موسع ومستفيض من طرف اللجنة المذكورة
-لجنة التكوين المهني والتكوين المستمر وإنعاش الشغل ،إذ تعمل هذه اللجنة
على تفعيل اتفاقيات الشراكة بين مجلس الجهة والمؤسسات التي لها علاقة بقطاع
المتعلقة بإحداث المراكز الجهوية للتكوين وتطوير الكفاءات ،والإشراف على تصور
برنامج تكوين منتخبي وموظفي الجماعات الترابية بالجهة وتتبع تنفيذه .وفي إطار
استحضار البعد التنموي لساكنة الجهة وجعلها في صلب المجهودات التنموية التي
يقوم بها المجلس ،ووعيا منه بأهمية تقليص النسبة المرتفعة لمؤشر الأمية بالجهة
مقارنة مع باقي جهات المملكة ،أشرفت هذه اللجنة على دراسة ومناقشة مجموعة
مناقشة الاتفاقيات التي ترمي إلى توفير النقل المدرسي بالجماعات الترابية المتواجدة
بتراب الجهة وخاصة بالعالم القروي ،ما بين 2011و ،2021والتي ستساهم لا
-354تمت مناقشة هذه النقطة من طرف اللجنة المعنية بتاريخ 27فبراير ،0241أنظر محضر الدورة العادية لمجلس جهة طتجة-تطوان-
الحسيمة 21 ،مارس ،0241ص.41 :
-355اتفاقية شراكة بين مجلس الج هة ومجلس العماالت واألقاليم بالجهة إلحداث مجموعة الجماعات الترابية إدماج لتدبير قطاع محو
األمية بالجهة 21 ،أكتوبر .0241
-اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة ومعهد التعاون الدولي للكنفدرالية األلمانية لتعليم الكبار من أجل تفعيل خطة عمل لمحاربة األمية في
إطار برنامج تمكين والمصادقة عليه 21 ،أكتوبر .0241
المدرسي على الصعيد الجهوي .356هذا بالإضافة إلى دراسة ومناقشة اتفاقيات إطار
لتعزيز البنيات التحتية التي تحتضن الأنشطة الثقافية والإبداعات الفنية والتشكيلية
للشباب داخل ت راب الجهة ،وحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمين التراث
-لجنة التنمية القروية والفلاحة والنقل غير الحضري ،التي تعنى بدراسة القضايا
المتعلقة بمساهمة الجهة في تأهيل العالم القروي وتنمية المناطق الجبلية .ولقد
عملت هذه اللجنة على دراسة ومناقشة مختلف الاتفاقيات التي تعنى بالقطاع الفلاحي،
إذ يعد هذا الأخير من الركائز الأساسية للتنمية بالجهة .ومن بين الاتفاقيات
المدروسة ،تلك التي تهدف إلى تأسيس شراكة جديدة بين مجلس جهة طنجة-
الفلاحية والقروية المندرجة ضمن مخطط المغرب الأخضر ،والتي تمت مناقشتها يوم
تمت م ناقشة اتفاقية لتمويل بناء وإعداد وتهيئة المسالك القروية بإقليم
العرائش.358
-لجنة السياحة ،التي تتولى دراسة القضايا المتعلقة باعتماد التدبير والإجراءات
-356اتفاقية شراكة بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ووكالة اإلنعاش والتنمية االقتصادية واالجتماعية لعماالت وأقاليم شمال
المملكة ،لتوفير النقل المدرسي بالجماعات الترابية المتواجدة بتراب الجهة والمصادقة عليه 21 ،مارس .0247
-357دراسة اتفاقية شراكة بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة واالتصال من أجل دعم البنيات
التحتية الثقافية والمساهمة في المحافظة على المواقع األثرية بالجهة والترويج لها ،بمدينة شفشاون ،بتاريخ 1-1يونيو .0241
-358اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة والمجلس اإلقليمي للعرائش ،بتاريخ 21مارس .0241
ودراسة القضايا المتعلقة بتحسين القدرات التدبيرية للموارد البشرية العاملة في
القطاع السياحي وتكوينه .359ولقد عملت هذه اللجنة على دراسة اتفاقية إطار لتنمية
المنتوج السياحي المقدم بمختلف مدن الجهة وتسويقه ،وخاصة بالمدن العتيقة التي
-لجنة التعاون والشراكة ومغاربة العالم :أنشئت هذه اللجنة من أجل تطوير
بالخارج،كذلك دراسة القضايا المتعلقة بتشجيع تنمية التعاون بين الجهات .361وفي
إطار الدور الريادي الذي تقوم به الجهة على مستوى الدبلوماسية الموازية ووفق ما
يخوله لها القانون التنظيمي رقم ،111.12تسعى الجهة إلى الترافع عن القضايا
الوطنية وجلب الاستثمارات وتعزيز البنيات التحتية للتراب الجهوي ،ومد جسور
التواصل وتبادل الخبرات ،ولهذا فهي تراهن على اللجنة المذكورة من أجل دراسة
من أجل التنسيق في العمل التنموي بالجهة يمكن للجن المذكورة الاجتماع
فرادى أو بشكل مشترك لدراسة بعض القضايا بالجهة ،ونذكر على سبيل المثال
فقط ،الاجتماع المشترك بين بعض اللجان ،حيث قامت لجنة التكوين المهني
والتكوين المستمر وإنعاش الشغل ولجنة التعاون والشراكة ومغاربة العالم بمناقشة
وإعداد تقرير حول اتفاقية إطار بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وجامعة
تعتبر الفرق من الآليات التي يمكن اعتمادها بالمجالس الجهوية للتنسيق بين
المنتخبين وتنظيم عملهم ،وهذا ما نصت عليه المادة 21من القانون التنظيمي رقم
الانتخابية بالمجالس الجهوية إلى تكوين فرق بشكل مستقل أو في ما بينهم ،ومن
أجل تكوين هذه الفرق يختار كل فريق رئيسا واسما له ،ويسلم رئيس كل فريق
لائحة بأسماء الأعضاء المكونين لفريقه لرئيس المجلس مُوَّق َّعٌ عليها من قبلهم،
وتعلق هذه اللائحة وجوبا بمقر الجهة ليتم الإطلاع عليها من طرف العموم .ولقد
تركت هذه المادة الباب مفتوحا للمجالس الجهوية لتحديد في نظامها الداخلي كيفية
تأليف الفرق وتسييرها واختيار رؤسائها ،وتطبيقا لمقتضيات هذه المادة نص النظام
الداخلي في المادة 11على أنه يتم تكوين الفرق بالمجلس خلال الجلسة التي يتم
فيها انتخاب رؤساء اللجان الدائمة بالمجلس ،وينتخب رئيس الفريق بالأغلبية النسبية
لأعضاء الفريق الحاضرين ،ولتنظيم الفرق وتمييزها ،ألزم المشرع فرق المعارضة
بتقديم تصريح مكتوب يرفع إلى رئاسة المجلس في هذا الشأن ،كما يمكنها سحب
هذا التصريح متى شاءت .364ومن أجل تسهيل عمل الفرق داخل المجلس الجهوي
يضع رئيس المجلس رهن إشارة أعضاء مجلسه الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة
-363اتفاقية إطار للشراكة بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة وجامعة عبد المالك السعدي وجامعة القدس بفلسطين والمصادقة عليها
21مارس ،0247محضر الدورة العادية 21مارس ،0247ص.11 :
-364المادة 71من النظام الداخلي للمجلس.
لتكوين وتسيير الفرق بالمجلس وذلك في حدود الإمكانيات المتوفرة للجهة ،365كما
أن النظام الداخلي للمجلس سمح للفرق بالاتفاق على عقد لقاءات مشتركة لدراسة
قضايا معينة ،ووضع رهن إشارتهم قاعة الاجتماعات لهذا الغرض ،وبذلك حاول
النظام الداخلي للمجلس تهيئ الظروف المناسبة لاشتغال المنتخبين ووضع رهن
إشارتهم مختلف الوسائل بالجهة لصناعة القرارات التنموية التي تراهن عليها الجهة.
وهو بذلك حاول ما أمكن تجنب مختلف الصعوبات التي كانت تعيق المجلس السابق
في القيام بالمهام الموكولة إليه .ومن أجل تحديد مجال اختصاص الفرق ،حضر النظام
الداخلي على الفرق عدم التداول في القضايا التي لا تدخل في صلاحيات المجلس
ورئيسه ،أو مناقشة قضايا لا تندرج في الاختصاصات المحددة لها ،كما أن النظام
الداخلي نص على أنه لا يمكن للفرق في أي حال من الأحوال استغلال اجتماع أعضاء
يتولى رؤساء اللجان أثناء الدورات العادية أو الاستثنائية تقديم ملخص عن
التقارير المعدة بشأن النقط المعروضة على أنظار المجلس ،حيث يعطي رئيس
المجلس الكلمة إلى الأعضاء الراغبين في التدخل حسب طلبهم وترتيب تسجيلهم
في لائحة التدخلات ،وتعطى الأولوية في التدخل لرؤساء الفرق ،وحسب تمثيليتهم
داخل المجلس ،حيث تحض الفرق التي تتوفر على أكبر عدد من الأعضاء بالأولوية
في التدخلات ،وهذا ما يساهم في تنظيم تدخلات الأعضاء أثناء التداول والإعداد
الجماعي القبلي للمنتخبين ،مما سيساهم لا محالة في رفع مستوى أداء المجالس
مجموعة من الفرق "خمس فرق" بالإضافة إلى مجموعة واحدة ،366حيث تم تكوين
تشكيلات سياسية وفقا للنظام الداخلي للمجلس ،الذي يخول لأعضاء هذا الأخير
تكوي فرق في بداية انتداب المجلس استنادا إلى توجيهاتهم السياسية أو انتماءاتهم
الحزبية التي انتخبوا باسمها ،قصد تنسيق العمل في ما بينهم داخل مجلس الجهة.
وبما أن النص كان واضحا فيما يخص صلاحيات هذه الفرق باعتبارها تظل تنحصر
في تنسيق جهود أعضائها بخصوص القضايا ذات الصلة باختصاصات المجلس ،فإن
المجالات ،وأبدت رأيها في العديد من اتفاقيات إطار الوطنية والدولية التي صادق
عليها المجلس ،وساهمت بالتالي في صنع القرارات التنموية بالجهة إلى جانب الأجهزة
الأخرى بالمجلس .وقدم أعضاء المجلس بصفة فردية أو عن طريق الفرق التي ينتمون
إليها أسئلة كتابية لرئيس المجلس حول القضايا المدروسة ،وتم إيداع هذه الأسئلة
موقعة من طرف الأعضاء ورؤساء الفرق المعنية لدى رئيس مجلس الجهة كما نص
على ذلك النظام الداخلي .367وتعطى الكلمة خلال دورات المجلس لصاحب السؤال،
عضوا كان في الفريق أو رئيس فريق المعني لتقديم ملخص عن السؤال في مدة لا
تتجاوز 05دقائق ،ويتولى الرئيس أو من ينوب عنه الإجابة عن السؤال الكتابي في
-366مكونات الفرق بمجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة :فريق األصالة والمعاصرة ،فريق العدالة والتنمية ،فريق االستقالل،
الفريق االشتراكي الدستوري ،الفريق التجمعي ،مجموعة الحركة الشعبية.
-367حسب المادة 40من النظام الداخلي للمجلس المصادق عليه بتاريخ 21مارس .0247
-368حسب المادة 41من النظام الداخلي للمجلس المصادق عليه بتاريخ 21مارس .0247
والقدرات لديه مع مرور الوقت ،فالانخراط بجدية في بلورة القرار التنموي ،والمساهمة
الفعالة في تنزيله على أرض الواقع ،يعتبر بمثابة حصص تطبيقية أو تكوين عملي
يستفيد منه المنتخب الجهوي ،كما أن الأداء الناجح للمجلس الجهوي يرتبط بمدى
جدية العمل لمستشاريه ،وبمدى خلو جلساته من الصراعات السلبية بين المعارضة
والأغلبية.
82التي تنص على أن إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه يتم
بنص تنظيمي ،وبناء على المرسوم التطبيقي -لهذه المادة -رقم ،2.12.299عقد
تشاوريا حول إعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية ،حيث حضر هذا اللقاء أعضاء
مكتب المجلس ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم وكاتب المجلس ووالي الجهة ،وبعد
2012القاضي بإعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية ،حيث حدد الفصل الثاني
-369قرار رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة رقم ،50المتعلق بإعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية ،الصادر بتاريخ 16غشت
.1026
إذا كان مشروع برنامج التنمية الجهوية يتم إعداده عبر مجموعة من
المراحل ،370فإن أهم هذه المراحل بالنسبة للمجلس الجهوي هي مرحلة التشخيص،
وكل المقومات التي يمكن الرهان عليها وكذا الصعوبات التي تعترض التنمية بها،
على ذلك جردا لأهم المشاريع المبرمجة أو المتوقع برمجتها من قبل الدولة والهيئات
العمومية الأخرى داخل النفوذ الترابي للجهة .ومن أجل التشخيص المدقق الذي يقوم
وإدخالها في النظام التنموي الجهوي ،375كما أنه في إطار تقديم برنامج 374
العمل
التنمية الجهوية تمت برمجة مجموعة من اللقاءات التي نص عليها مرسوم رقم
إطار المقاربة التشاركية والتي همت ممثلي الأقاليم المكونة للجهة والمصالح
في إعداد برنامج التنمية الجهوية .هذا الأخيرُ تضمن بين 383
مجموعة من التحديات
من بينهم المجالس المنتخبة بالجهة ،وحدد أربع ( )02مجالات استراتيجية للتدخل،
ويبين الجدول التالي حجم التدخل في هذه المجالات ،والموارد المالية المستثمرة
لهذا الغرض ،وكذا عدد مناصب الشغل التي تنتج عن هذه المشاريع التنموية:
-378ممثلي األقاليم المكونة للجهة ورؤساء المصالح الخارجية ورؤساء الفرق ورؤساء اللجان...
-379رئيس لجنة الصيد البحري وأطر اإلدارة الجهوية.
-380أهم مؤشرات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة:
-مؤشرات اقتصادية :المساهمة في قيمة الناتج الوطني الخام ب ،%891القيمة المسوقة للصيد البحري %44وطنيا ،المساهمة في
اإلنتاج الصناعي الوطني ،%42المساهمة في صادرات الصناعة الوطنية ،%01المناطق الصناعية …4102ha
-مؤشرات اجتماعية :معدل البطالة ،%4490معدل النمو ،%4910معدل األمية ،%1490معدل الفقر ...%42921
مؤشرات اقتصادية
-381تتحدد نقط القوة في :موقع جغرافي استراتي جي ،أهمية الرأسمال المادي والالمادي ،تموضع مهم في السالسل الصناعية العالمية،
قوة الربط بشبكات النقل البحري ،مجتمع مدني متميز ومنخرط ،خصوصية وتنوع المواد الفالحية الجهوية...
-382تتحدد نقط الضعف في :عزلة المناطق القروية وخاصة المناطق الجبلية( 11جماعة) ،العجز االجتماعي المتعلق بالتعليم والصحة
والماء والكهرباء ،ضعف تثمين المنتوجات الفالحية والصناعية التقليدية والسياحية القروية ،توزيع غير متوازن لمؤسسات التعليم العالي...
-383يتعلق األمر ب :الشغل ،اإلدماج االجتماعي ،االستدامة.
-384المستفيدون من البرنامج التنموي لجهة طنجة-تطوان -الحسيمة :المجالس المنتخبة ،الفاعلون االقتصاديون ،المجتمع المدني ،الشركاء
المؤسساتيين والساكنة.
الرأسمال المادي
واللامادي
الاجتماعية
الاقتصادية
المجال
من الحجم الكلي للاستثمارات المبرمجة .ويساهم محور التنافسية الاقتصادية بشكل
%18.15من المناصب التي يُحدِثُها البرنامج التنموي ككل ،وهو ما يبين مدى
أهمية هذا المحور لتحقيق التنمية الترابية بالجهة والتنمية البشرية .كما أن البرامج
المشتركة والمنقولة ( ،)8وهو ما يبين عدم اهتمام المجلس الجهوي بهذا المحور
وتدخله لا يتم في نطاق الاختصاصات الذاتية .ويُبين الجدول التالي كذلك حجم
الموارد المالية التي سيتم رصدها ،لإنجاز محاور التدخل التي تضمنها برنامج التنمية
المجمو 202 20 20 20 20 20 20 201 20 الاستثم
ع 5 22 23 22 21 20 19 8 ار 11 MDH
MD
H
123 0 0 0 12 18 22 23 321 22 الجهة جاذبية
220 0 0 30 51 52 28 13 13 28 منظومة
9 الشركاء
512 50 10 10 51 10 82 13 122 10 الجهة التنافسية
0 0 0 1 05 5 1 2 12 الاقتصادية
900 25 22 31 50 50 50 20 110 0 منظومة
251 0 0 0 30 35 35 53 181 19 منظومة التنمية
120 0 0 0 13 23 30 10 0 0 الجهة تثمين
102 0 0 0 92 32 20 12 82 12 منظومة واللامادي
132 95 32 22 13 21 22 11 228 20 المجموع
وأيضا من خلال هذه الأموال المرصودة ،يتضح مدى اهتمام مجلس جهة طنجة-
تطوان -الحسيمة بمجال التنافسية الاقتصادية ،والتي تجعل من الجهة قطبا صناعيا
بامتياز ،حيث تمتد الموارد المخصصة لهذا المجال إلى سنة 2025أي على مدى
إن الملفات الخلافية بين الأغلبية والمعارضة ،وعدم ممارسة الصلاحيات المسندة
للأطراف المذكورة ،وكذلك عدم توفير الظروف المواتية للمعارضة من أجل الاشتغال،
وغيرها من العوامل الأخرى التي غالبا ما تحول دون عقد الجلسات لدورات المجالس
الترابية المنتخبة أو دون إنهائها ،385بل تؤدي أحيانا إلى التلاسن والمراشقات
الكلامية بين أعضاء المجالس ،وهو ما يبعد هذه المجالس عن المناقشة البناءة
والمثمرة ،ولهذا فإن الأغلبية الذكية هي التي توفر الظروف المناسبة للعمل ،وتستثمر
الكفاءات والخبرات التي تتوفر عليها المعارضة لصالح المجالس الترابية وأهدافها في
المجال التنموي.
ولقد دأب مكتب مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة منذ انتخابه على نهج
سياسة التهدئة بين جميع الأطياف السياسية المكونة للمجلس ،وذلك للرفع من أداء
-385لقد حالت الصراعات بين األغلبية التي يقودها حزب العدالة والتنمية والمعارضة التي يقودها حزب األصالة والمعاصرة دون عقد
جلسات مجلس جماعة الرباط في عدة مناسبات.
مكوناته البشرية ،وهكذا أسند مجلس الجهة في نظامه الداخلي -كأول إجراء قام به
في هذا الاتجاه -لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة إلى المعارضة ،وتعتبر هذه
اللجنة فاعلة داخل المجلس الجهوي وتقوم بأدوار طلائعية ،وتتولى دراسة القضايا
المتعلقة ببرنامج التنمية الجهوية والمشاريع الاستثمارية ،وكذا دراسة القضايا التي
لها علاقة بمالية الجهة ،ودراسة ميزانيتها والرسوم والأتاوى والنفقات ومختلف
الحقوق المخصصة لفائدة الجهة ،وكل المهام المنوطة باللجنة المذكورة تساهم في
والفريق المعارض ،وبالتالي تقلل من العراقيل التي يمكن أن توقف مداولات المجلس،
أو تفضي إلى نتائج عكسية لمنحى عمل المجلس الجهوي .ويبين الجدول أسفله
مجموعة من المقررات التي تمت المصادقة عليها أثناء جلسات المجلس المذكور،
-386المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية إطار بين مجلس الجهة والمديرية الجهوية للثقافة ومؤسسة اإلدريسي.
-387المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية إطار بين مجلس الجهة وجمعية عبدالصادق شقارة .
-388المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية إطار بين مجلس الجهة ومركز األبحاث والدراسات في العلوم االجتماعية.
-389المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة.
-390المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ومعهد باستور بالمغرب.
-391المقرر المتعلق بالمصادقة على تحويل بعض فصول الميزانية.
-392المقرر المتعلق بالمصادقة على تعديل النظام الداخلي للمجلس.
-393المقرر القاضي بالمصادقة على تطعيم بعض اللجان الدائمة للمجلس.
-394المقرر القاضي بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة ووكالة اإل نعاش والتنمية االقتصادية واالجتماعية لعماالت وأقاليم
الشمال.
-395المقرر القاضي بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة وجامعة عبد المالك السعدي وجامعة القدس بفلسطين.
-396المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة والشبكة المتوسطية للمدن العتيقة وتنمية التراث.
-397المقرر المتعلق بالمصادقة على مشروع برنامج التنمية الجهوية.
-398المقرر المتعلق بالمصادقة على تحويل بعض فصول الميزانية.
-399المقرر القاضي بالمصادقة على إعداد مشروع التصميم الجهوي إلعداد التراب لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
-400المقرر القاضي بالمصادقة على المنظم الهيكلي إلدارة مجلس الجهة.
الحسيمة على العديد من القضايا التي تهم الجهة ،402يتضح أنه لم يتم رفض
التصويت بتاتا ،وتم الامتناع فقط عن التصويت مرة واحدة ،عندما تعلق الأمر
بتوفير النقل المدرسي بالجماعات الترابية المتواجدة بتراب الجهة ،ومن هذه
ال نتائج يتبين بالملموس الدور الذي يمكن أن يلعبه رئيس المجلس الجهوي لاحتواء
لعمل المجلس ،وحسب المادة 25من النظام الداخلي لمجلس جهة طنجة-تطوان-
الحسيمة ،فإن رئيس المجلس وقبل بداية مناقشة أي نقطة من نقط جدول الأعمال،
ويدعو عند الاقتضاء رؤساء اللجان (ندوة الرؤساء) لتقديم ملخص عن التقارير
المعدة بشأن النقط المعروضة على أنظار المجلس ،كما يجتمع قبل انعقاد أي دورة
مع المكتب ورؤساء الفرق ،وذلك بغية التحضير الجيد للدورة ،وهذا العمل يحسب
لرئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،الذي يحاول جاهدا العمل على تقليص
استحضار الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه دهاء وذكاء رئيس المجلس أثناء
مناقشة ودراسة النقط التي سيتم التصويت عليها ،ومدى توظيف قدراته في الإجابة
خصوصا الذين يشكلون المعارضة .إن تقبل جميع الاقتراحات والانتقادات ،وتبني
-401المقرر المتعلق بالمصادقة على اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة المذكورة ووزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة.
-402اكتفينا بالتطرق ل 26نقطة أساسية تم التداول بشأنها والمصادقة عليها من قبل مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
كل ما تطرحه المعارضة ،هي طريقة سليمة لاستمالتها إلى التصويت الإيجابي على
خاتمة:
أبعادها داخل المجالات الترابية ،وموظفة في ذلك ما مُنِحَّ لها من اختصاصات وما
واحدةً من الجهات الإثنا عشر المعتمدة ببلادنا ،وهي جزء لا يتجزأ من التراب
المغربي ،وبالتالي فهي أحد الآليات التأطيرية للمجال الترابي بالشمال ،تهدف من
خلالها الدولة إلى تحقيق التوازن التنموي بمختلف أبعاده في المنطقة ،ولا يمكن لهذه
الجهة أن تقوم بدورها كاملا وعلى ما يرام دون تقوية قدراتها في مجالات البرمجة
والتخطيط والتنفيذ من جهة ،ومن ودون تعزيز مواردها المالية والبشرية الرفع من
كفاءاتهم من جهة ثانية ،والعمل على التأهيل السياسي والمعرفي والمهاراتي للنخب
والمنتخبين بالجهة ولكافة الموارد البشرية المعينة المنضوية تحت لوائها ،والتابعة
للمصالح الخارجية للدولة ،سواء بتسخير قدراتها أو في إطار اتفاقيات تعاون وشراكة
مع مختلف المتدخلين الوطنيين والدوليين ،أو من خلال اعتماد أجهزة معدة لهذا
الغرض ،كما أن إرساء أجهزة قادرة على التدبير الفعلي لشؤون الجهة بنوع من
الدستورية وبنود القوانين التنظيمية ،من شأنه الرفع من أداء العنصر البشري داخل
هذه الجهة.
لعل اعتماد الجهوية المتقدمة بالشمال الغربي للمملكة ،وقيامها على أسس
بصورة بناءة وسليمة ،ومن شأنها المساهمة في انصهار وتعايش مختلف المكونات
داخل المجتمع الواحد ،ولهذا فنجاح هذه التجربة يتوقف في جانب منها على طبيعة
التعامل الذي تسلكه الطبقة السياسية والاجتماعية نحوها ،ومدى جعلها خيارا
استراتيجيا لتجاوز معيقات التسيير والتدبير ،ومواكبة البرنامج التنموي ،وعلى ومدى
اعتمادها كأساس لإقامة البناء الديمقراطي بهذه المنطقة ،وتحقيق التنمية المندمجة
لائحة المراجع:
اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة ووزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي
2نونبر .2011
اتفاقية شراكة بين مجلس الجهة ومعهد التعاون الدولي للكنفدرالية الألمانية
لتعليم الكبار من أجل تفعيل خطة عمل لمحاربة الأمية في إطار برنامج تمكين
تعت بر المالية العمومية أداة رئيسية لتحقيق التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية
والاجتماعية ،كما تعكس توجهات الدولة وسياستها ،لذا فإن القوانين المالية التي
تعاقبت ،تضمنت ملحقا حول مقاربة النوع الاجتماعي ،يسعى إلى ترجمة الانشغالات
الوطنية والدولية حول المساواة بين الجنسين إلى خطط للتدبير المالي.403
-403بشرى التيجي" ،دسترة النوع االجتماعي" ،مقال نشر األربعاء 1 ،أغسطس ،بموقع http://modawanat-
،elosra.blogspot.comزيارة الموقع بتاريخ 0247/27/41على الساعة .41:11
وتماشيا على النهج الذي عرفه المغرب منذ سنة ،2002يوجد ضمن الوثائق
المرفقة لمشاريع قوانين المالية تقرير خاص حول ميزانية النوع الاجتماعي ومجالات
فالميزانية المتعلقة بالنوع الاجتماعي تراعي المساواة بين النساء والرجال ،وهي
مهمة لبلوغ أهداف الإدارة العامة الجيدة ،فغياب المساواة بين الجنسين يؤدي إلى
فعالية اقتصادية أقل ،وإنتاجية أدنى وتنمية أقل ورفاهية أقل في المجتمع.406
وعيا من وزارة الاقتصاد والمالية بكون التدبير المالي حسب المنهجية التقليدية
أصبح غير قادر على مواكبة التحولات العميقة والمتسارعة ،سواء على المستوى
الدولي أو الوطني ،كما أصبحت مواجهة إكراهات التنمية تتطلب أكثر من أي وقت
مضى تحديث منهجية التدبير المالي للرفع من مردودية ونجاعة السياسات العمومية،
وخاصة أمام ندرة الموارد وتعدد مجالات الإنفاق ،407فقد انخرطت وزارة الاقتصاد
والمالية في إصلاحات متعددة كان آخرها اعتماد مقاربة النوع كآلية للإصلاح المالي
وتدبير الميزانية ،وهي الآلية التي عرفت اختصارا بجندرة الميزانية .
وقد لجأت الوزارة إلى الترويج لهذه المقاربة الجديدة منذ ، 2002وهي مقاربة
تقوم على أساس مجموعة من الآليات أهمها التدبير المبني على النتائج واللاتركيز
-404أحمد مفيد"،مقاربة النوع في قانون مالية " ،0242المجلة المغربية للمالية العمومية ،عدد ،4أبريل ،0242ص.11 :
-405نفس المرجع السابق ،ص .11
-406أوراق الندوة اإلقليمية للبرلمانات العربية ،بيروت 11 – 11حزيران /يونيو :0221البرلمان والموازنة والنوع االجتماعي ،أوراق
عمل المحور الثالث ،الموازنة من منظور المساواة بين الجنسين.
- 407محمد حنين"،المقاربة الجيدة لتدبير الميزاني" دار القلم للطباعة والنشر الطبعة األولى 0227ص .1
الاقتصاد والمالية من خلال إدماج هذا البعد في إعداد وتحليل الميزانيات القطاعية
وتهدف هذه المقاربة الجديدة إلى تعزيز الجهود المتضافرة لتقليص الفوارق بين
سيتم تخصيص هذا المبحث لدراسة مقاربة النوع الاجتماعي من حيث أساسها
القانوني في المغرب(المطلب الأول) ،مع محاولة القيام بمقارنة لتقارير ميزانية النوع
النوع الاجتماعي(الفقرة الأولى) ،ثم بعد ذلك إلقاء الضوء على ميزانية النوع
تتوفر ميزﺍنية ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي على ﺍﻹﻁاﺭ ﺍلعملي ﺍلمناسﺏ لتعﺯيﺯ ﺍلمساﺀلة
ﺍلمﺭﺍعية للنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ،ﻭبﺫلﻙ ،تساهﻡ ﺍﻵلياﺕ ﺍلتي تﻡ تﻁﻭيﺭها في ﺇﻁاﺭ تنفيﺫ
ميﺯﺍنية ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ،مﻥ خﻼل منﻅﻭﺭ حقﻭﻕ ﺍﻹنساﻥ ،في تقييﻡ ﺍلسياساﺕ
ﺍلعمﻭمية بالنظر ﺇلى ﺍﻻالتزامات ﺍلﺩﻭلية ﺍلمعتمﺩﺓ في مجال ﺍلمساﻭﺍﺓ بين ﺍلجنسيﻥ
ﻭحقﻭﻕ ﺍلنساﺀ.
ﻭيعتبر تطوير ﺍﻹﻁاﺭ ﺍلمنهجي ﻭﺍﻵلياﺕ ﺍلمتعلقة به ،هﻭ نتاﺝ عملية مستمﺭﺓ
بﺩﺃﺕ في سنة ،2002تحت ﺇشﺭﺍﻑ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻻقتصاﺩ ﻭﺍلمالية بشﺭﺍكة مع هيئة ﺍﻷمﻡ
ﺍلمتحﺩﺓ للمﺭﺃﺓ ،مما ساعد على بلورة ﺍلمعﺭفة ،ﻭﺍﻵلياﺕ ﺍﻷساسية لمماﺭسة تقييم
ﺍلسياساﺕ ﺍلعمﻭمية المتعلقة بالنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ،ﻭلﺩعﻡ هﺫﻩ ﺍلعملية ﻭتعﺯيﺯها ،تمت
ﺍﻻستفاﺩﺓ مﻥ ﺃفضل ﺍلمماﺭساﺕ ﺍلمعتﺭﻑ بها على ﺍلصعيﺩ ﺍلﺩﻭلي ،ﻭتبيﻥ ﺍلﺩﺭﺍسة
ﺍلمقاﺭنة لمختلﻑ ﺍلمباﺩﺭﺍﺕ ﺍلتي نجحت على ﺍلصعيﺩ ﺍلﺩﻭلي في مجال ميﺯﺍنية ﺍلنﻭﻉ
ﺍﻻجتماعي ،خاصة منها ﺍلنمسا ،بلجيكا ،ﺍﻹيكوﺍﺩﻭﺭ ،ﻭمنﻁقة ﺍﻷندلﺱ في ﺇسبانيا ﺃﻥ
على كافة ﺃشكال ﺍلتمييﺯ ﻭﺁفاﻕ ﺍﻹصﻼحاﺕ خصﻭصا بعد تعديل ﺍلقانﻭﻥ ﺍلتنﻅيمي
للمالية.410
فالدستور المغربي أكد في ديباجته على التزام البلاد بإرساء دعائم مجتمع
متضامن ،يتمتع فيه الجميع بالأمن و الحرية والكرامة والمساواة ،وتكافؤ الفرص،
والعجالة الاجتماعية ،ومقومات العيش الكريم ،في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات
المواطنة.
كما جاءت مواد أخرى لتكريس المساواة بين الجنسين ،حيث ينص الفصل 19
على تمتع الرجل والمرأة ،على قدم المساواة ،بالحقوق والحريات لمدنية و السياسية
والمواثيق الدولية ،كما يؤكد الفصل 30على أن القانون ينص على مقتضيات من
شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المهام الانتخابية.411
وأيضا ينص الفصل 32على ضرورة قيام السلطات العمومية بوضع وتفعيل
سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ،والتي تسهر
خصوصا على معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات ،والأطفال والأشخاص
المسنين وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ،أو حسية حركية،
وفي نفس الإطار ،نص الدستور على آليات مؤسساتية جديدة لتنفيذ المقتضيات
الدستورية الجديدة في مجال مساواة المرأة والرجل .وهكذا ،تم إحداث الهيئة المكلفة
بالمناصفة و محاربة جميع أشكال التمييز بناءا على الفصلين 19و 122من
الدستور.412
مشروع دليل المساطر لإنشاء وتفعيل وتتبع هيئات المساواة وتكافؤ الفرص
املرحةل ا ألوىل
الإعداد والهتيئي لإحداث هيئة املساواة
وتاكفؤ الفرص ومقاربة النوع
املرحةل الثالثة البحث عن
املرحةل الثانية
فعالية هيئة املساواة
اش تغال هيئة املساواة وتاكفؤ وتاكفؤ الفرص اإحداث وتنظمي هيئة املساواة
الفرص ومقاربة النوع وتاكفؤ الفرص ومقاربة النوع
ومقاربة النوع
املرحةل الرابعة
تتبع وتقيمي اش تغال هيئة املساواة
وتاكفؤ الفرص ومقاربة النوع
ﻭمن جهة ﺃخرﻯ ،يتطلب تعزيز ﺍﻹﺩماﺝ ﺍلممنهج ﻭﺍلمﻼئم لبعﺩ ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي
في خطط عمل ﺍلﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ،ﺇﺩﺭﺍﺝ هﺫﺍ ﺍلبعﺩ على مستوﻯ ﺇعﺩﺍﺩ ﺍلميﺯﺍنية ،ﻭﺍلﺫﻱ يعتبر
ضرﻭﺭيا من ﺃجل ضماﻥ توﺯيع عاﺩل ﻭفعال للمﻭﺍﺭﺩ ﺍلمالية ،ﻭفي هﺫﺍ ﺍلسياﻕ تندﺭﺝ
ﺍلتجﺭبة ﺍلمغﺭبية في ﺇعﺩﺍﺩ ميزﺍنية لنوع ﺍﻻجتماعي ﺍلتي بدﺃﺕ سنة 2002ﻭﺃتمت
مرحلتها ﺍلثالثة سنة ،2012حيث شهدت هﺫﻩ ﺍلسنة صدﻭﺭ ﺍلمﺭﺍجعة ﺍﻹستﺭﺍتيجية
ﺍلمستﻭﻯ حول ميزانية ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ،ﺍلتي ﺍنعقدﺕ بمراكش في نونبر ،2012
أحدث بوﺯﺍﺭﺓ ﺍﻻقتصاﺩ ﻭﺍلمالية ،في فبﺭﺍيﺭ ،2013مركز ﺍﻻمتياﺯ ﺍلخاﺹ بميزانية
ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ،ﻭيهدﻑ هﺫﺍ ﺍلمﺭكز ﺇلى ترﺍكم ﺍلمعاﺭﻑ ﺍلناجمة عﻥ ﺍلتجﺭبة ﺍلمغﺭبية
في مجال ميزانية ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ﻭﺫلﻙ من خلال نظاﻡ لتﺩبيﺭ ﺍلمعاﺭﻑ تم تطويرﻩ
ﺩﺍخل ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻻقتصاﺩ ﻭﺍلمالية بشراكة مع هيئة ﺍﻷمم ﺍلمتحﺩﺓ للمﺭﺃﺓ ،كما يرﻭﻡ ﺍلمﺭكز
تعميق تحديﺙ ﺍلمفاهيﻡ حول ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي ﻭﺍلبحﺙ ﻭﺍلتجﺩيد في مجال ميزانية
ﺍلنﻭﻉ ﺍﻻجتماعي على ﺍلصعيﺩ ﺍلﻭﻁني ﻭﺍلﺩﻭلي ﻭكذﺍ تعزيز ﺍﻻنخرﺍﻁ في ﺍلمقاﺭبة من
إن مسألة تكافؤ الفرص والقدرات بين الرجال والنساء تعد ركيزة أساسية
من ركائز التنمية ،وتمثل رهانا ديمقراطيا يتوخى تحقيق المساواة والحفاظ على
كرامة الرجال والنساء على حد سواء ،كما أنها رهان اقتصادي يرمي إلى إزالة
الاقتصادي.414
الميزانية ،هذا المسلسل يندرج في محيط إيجابي يتميز بانطلاق المبادرة الوطنية
العمومية ،وتدعيم الدينامية الجديدة للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني ،وبإنجاز
إصلاحات مهمة تتعلق بالصحة ،التعليم ،السكن ،العدل ،ومدونة الأسرة ،والتنمية
البشرية ،تحظى بدعم كبير من طرف السلطات العمومية ،إذ تم اعتماد مقاربة جديدة
مبنية على أساس مشاركة فعالة للسكان ،وتشاور مع الأطراف المعنية ،لصياغة حلول
تترجم التجربة المغربية للميزانية حسب النوع الاجتماعي مبادئ تصريح باريس
حول فعالية المعونات من أجل التنمية خاصة المتعلقة بالملائمة مقاربة النوع
والحريات شرعت مديرية الميزانية منذ سنة 2002بتعاون مع البنك الدولي في
إنجاز دراسة دولية حول "الجدوى المنهجية لاعتمادات الميزانية الخاصة بالنوع
الاجتماعي والطفولة بالمغرب" ،وارتكازا على توصيات هذه الدراسة ،قامت وزارة
بإنجاز مشرو ع يهدف إلى تقوية القدرات الوطنية لإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في
إعداد وتحليل الميزانيات القطاعية ،ويندرج هذا المشروع في إطار برنامج "تقوية
ويشمل 20دولة ،وقد تركزت المرحلة الأولى من هذا المشروع على تحسيس بعض
الوزارات منها وزارة "الاقتصاد والمالية" بأهمية المشروع ،وذلك من خلال تنظيم
القوانين المتعاقبة ،كما أصبح يشكل إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية
جزءا من مقاربة مندمجة تهدف إلى تحقيق الإنصاف والمساواة ،وتتبنى مقاربة
تشاركية وتدريجية أقرتها الرسائل التوجيهية للوزير الأول وكذا دوريته بتاريخ 8
ويبين وضع آليات تسمح بمأسسة مقاربة الميزانية حسب النوع الاجتماعي
والعدد المتزايد للوزارات والقطاعات التي أدمجت مقاربة النوع الاجتماعي أهمية هذه
المقاربة في المغرب.
ووعيا بهذا التوجيه المؤسساتي والتحديثي الهادف إلى إقرار العدالة الاجتماعية
انخرطت بداية وزارة الاقتصاد والمالية والتربية الوطنية والصحة والفلاحة والتنمية
القروية في جندرة ميزانياتها بدءا من سنة 2005تم تلتها بعض الوزارات في
السنوات الموالية.
ووصل عدد الوزارات التي تعتمد مقاربة النوع الاجتماعي في سنة 2009إلى
إلا أن تطبيق هذه المقاربة داخل هذه الوزارات ما تزال تعتريه العديد من
الصعوبات ،بسبب عدم وضوح المفهوم عند أغلب المسيرين الإداريين وصعوبة
تطبيقه في بعض المجالات كتلك المتعلقة بالأجهزة الأساسية التي لا يمكن أن نحدد
منذ سنة 2002أبت وزارة الاقتصاد إصدار تقرير ميزانية النوع الاجتماعي
كوثيقة مرافقة بقوانين المالية السنة ،والذي يتم فيه بالدرجة الأولى الارتكاز في
الوزارية على احترام مقاربة النوع الاجتماعي عند وضع ميزانيتها(،الفقرة الثانية).
. 418
الاستعمالات ظهر في الدول الأنجلوساكسونية
ويمثل أداة تحليل وتخطيط وتقييم معرفة الواقع وتمكن هذه المعرفة من
العمل وفق خطة تتمحور على النساء والرجال والأولاد والبنات نظرا لقيمتها الإنسانية
المتساوية وأيضا لاحتياجاتهم المتباينة ويصفها جانب آخر بأنها تمثل العملية التي
تمكن من تقسيم القرارات التي تتخذها السلطات العمومية وقياس مدى إسهامها في
المعيشية.419
ترتكز على النتائج ،وبالأخص مقاربة النوع الاجتماعي لأنها تنطوي على مراعاة
الميزانية لمختلف إسهامات الرجال والنساء والحرص على الاستجابة للحاجيات الآنية
أو الإستراتيجية لهم ،420هذه المقاربة لا تهدف إلى تخصيص ميزانية لكل طرف أي
ميزانية خاصة للرجال وأخرى للنساء ،لكنها تؤمن الإنصاف بينهم في مجال توزيع
الموارد العمومية.421
418
- El mouhadidionoufisa , les fondements de la budgétaire du genre eu Maroc REMALD n° 25 ;2008 ;P 11.
- 419دليل إصالح الميزانية ،مرجع سابق ،ص .22
-420محمد حنين ،مرجع سابق ،ص .112
-421نفس المرجع السابق ،ص .111
ليست تلك التي ترصد اعتمادات للرجال وأخرى للنساء بصورة منفصلة في الميزانية
العامة ومن ثمة فهي لا تقضي إلى ارتفاع النفقات عبر تخصص ميزانية منفصلة و
إلى تقليص اعتمادات الميزانية العامة جراء رصد ميزانية معلقة بالنوع الاجتماعي.
المرصودة وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة والتي يتم قياسها
فإدماج النوع الاجتماعي في الميزانية يسعى إلى تحقيق عدة أهداف أهمها:
ولقد كان للدراسة التي أعدتها وزارة المالية بتعاون مع البنك الدولي سنة
الطفولة بال مغرب" دور مهم في إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في إعداد و تحليل
الميزانيات.
إليها وتقترح حلولا لجعل الميزانية تعترف بالارتباط الموجودة مثلا بين الاقتصاد
ـ تدرس آثار توزيع المداخيل و النفقات على الرجال و النساء ليس فقط على
المدى القريب بل على المتوسط والبعيد ،أي على دور حياتهم بكاملها.
تسعى إلى الحد من الفوارق الإقتصادية والاجتماعية القائمة بين هذه الشرائح ومبدأ
الإنصاف والمساواة.422
ولهذا فقد أصبحت الميزانية المتعلقة بالنوع الاجتماعي أداة دائمة لكل
ميزانية تعتمد على الفعالية والنجاعة ،ويعتبر النوع الاجتماعي من الوسائل الداعمة
للمنهجية التي ترتكز على النتائج في التدبير العمومي ،لأنها تندرج في إطار تحليل
و تقييم دقيقين لآثار الميزانية على جميع السكان ،أي الرجال والنساء والأولاد
إن مسلسل تطبيق هذه المقاربة لا زال جاريا ،ومن المظاهر التي تعكس
هذا التوجه الرسائل التوجيهية للوزير الأول لمختلف القطاعات الوزارية ،منذ سنة
2002التي تحت على إدماج النوع الاجتماعي في مؤشرات النجاعة ،وكذا دورية
الوزير الأول بتاريخ 8مارس 2001المتعلقة بإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في
ولتعميق مسلسل جدولة الميزانية أصبح إعداد تقرير سنوي حول النوع
إلى تقييم آثار السياسات العمومية المتبعة على مختلف الشرائح الاجتماعية ويقوم
مسلسل جدولة الميزانية على مقاربة تشاركية وتشاركية مدعومة برسائل توجيهية
للوزير الأول ودوريته بتاريخ 8مارس 2001والتي أكدت على إدماج مقاربة
الفقرة الثانية :مقارنة واقع النوع الاجتماعي في تقارير مالية السنة من خلال
بعض القطاعات
تشخيص واقع النوع الاجتماعي في تقارير مالية السنة ،الخاصة بكل من قطاع
الصحة وقطاع التربية الوطنية وقطاع الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة و وزارة
غاية .2012
الإنسان ،والتي انخرط المغرب فيها إيمانا منه بضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين
وبين مختلف فئات المجتمع ،ومن أجل فرض نظام صحي و عادل و ذو جودة عالية،
الاتفاقيات التي تعتبرها وزارة الصحة كمرجعية لإدماج النوع الاجتماعي في سياساتها
واستراتيجياتها.
لقد تبوأ قطاع الصحة بالمغرب دوما مكانة مرموقة في السياسات العمومية،
حيث تم بذل جهود مهمة من أجل ضمان ولوج الساكنة للعلاجات الصحية خصوصا
في إطا ر سعي قطاع الصحة لإدماج مقاربة النوع وضع مجموعة من الخطط
والتدابير الهادفة إلى تلبية احتياجات السكان من حيث إمكانية الحصول عل الرعاية
بشكل متساوي دون إقصاء فئة على أخرى ،وعلى هذا الأساس وضعت 429
الطبية
وزارة الصحة خطة عمل للفترة ،2012 – 2012ومن أمثلة هذه المخططات
والتدابير المختارة نجد البرنامج الوطني للتخطيط العائلي ،المخطط الوطني للصحة في
المجال القروي ،البرنامج الوطني للتلقيح ،والبرنامج الوطني لمحاربة الخصاص في
الأملاح والفيتامينات ،وللحفاظ على صحة الأمهات والأطفال وضعت وزارة الصحة
مخطط للتسريع بالحد من مستوى وفيات الأمهات والرضع ،في إطار برنامج أمومة
بدون مخاطر ،وتحسين فرص الحصول على الأدوية والمنتجات الصيدلانية في إطار
سياسة وطنية للأدوية ،بالإضافة إلى تنظيم وتحديث خدمات المستشفيات ،بالتالي
-478تؤكد هذه االتفاقية في المادة 01الفقرة 4منها على حق الطفل في التمتع بأفضل حالة صحية ممكنة وتمكينه من االستفادة من الخدمات
الصحية والضمان االجتماعي.
-412مصادق عليها في 41يونيو ،4881تحت في مادتها 40الدول األطراف على اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد
المرأة في ميدان الرعاية الصحية ،وتوفير الخدمات الصحية المناسبة أثناء الحمل والوالدة وما بعد الوالدة (المادة .)44
-429الموقع الرسمي لوزارة االقتصاد والمالية:
gov.ma www.finances
عرفت أهم المؤشرات الصحية تطورا إيجابيا خلال العشرية الأخيرة ،حيث تم تسجيل
تقدم مهم في مجال صحة الأم والطفل وانخفضت نسبة الوفيات بشكل كبير.
وفي مجال مكافحة الأمراض المعدية عمد قطاع الصحة إلى وضع برنامج اليقظة
الصحية ،إضافة إلى ذلك تولي وزارة الصحة أهمية متزايدة لذوي الاحتياجات الخاصة
والصحة العقلية ،التي باتت من أولويات القطاع وذلك في إطار الخطة الوطنية لصحة
والبرامج السالفة الذكر ،وذلك راجع لمستوى مساهمة الدولة في تمويل هذا
مساهمة تعرف ارتفاعا مستمرا ،فمنذ سنة 2011لم تعرف الميزانية 430
القطاع
المخصصة لقطاع الصحة تراجعا بل على العكس هي في تزايد مستمر وهذا ما
سيوضحه الجدول التالي الذي يبين تطور ميزانية هذا القطاع في الفترة الممتدة بين
2011و.2012
درهم).
القطاع
قطاع الصحة
-430تعد وزارة الصحة أول قطاع انخرط في شمولية االعتمادات سنة ، 0220كما يعد من القطاعات النموذجية التي اعتمدت إطار
النفقات المتوسطة المدى سنة .0227
المصدر :تجميع شخصي استنادا على تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
ميزانيتها لقطاع الصحة ،بما قدره 10,89مليار درهم ،و 11,88مليار درهم
السنوات ،ففي سنة 2011سارعت إلى تطوير أقسام الولادة في 13جهة ،وتجهيز
الإعفاء من الأداء ليشمل التكفل بالمضاعفات الصحية أثناء الولادة ،ثم اقتناء 10
جهازا للإيكوغرافي و 25سيارة إسعاف ،432و خلال نفس السنة تم إعطاء الانطلاقة
لمسلسل تعميم نظام المساعدة الطبية للمعوزين ،وخلال سنة 2013سيتم إحداث
Ministère de l’économie et des finances, rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi -431
de finance, 2012, p 94.
Ministère de l’économie et des finances, rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi -432
de finance, 2013, p 61.
18وحدة مدمجة للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف ،وإقرار مجانية شهادة
الطب العدلي.433
ومن أجل تحسين ولوج الساكنة المعوزة للدواء ثم تخفيض أثمنة أكثر من
1510دواء ،بنسبة 30%من مجموع الأدوية التي تباع في المغرب ،وقد شمل
هذا التخفيض أدوية السرطان سنة ،2012وفي نفس السياق خلال سنة ،2012
ستقوم وزارة الصحة بتسويق دواءين لالتهاب الكبد الفيروسي (سي) بأثمنة جد
منخفضة مقارنة مع الدواء الأصلي ،إضافة إلى تسويق دواء أكثر فعالية لمرض "
السيدا " وذلك في إطار مكافحة الأمراض المعدية كما سبقت الإشارة.434
للخدمات الصحية وذلك بسبب تنفيذ 95%من الخطة الحكومية "إكرام 2012
العقلية ،أعطت وزارة الصحة اهتماما كبيرا لفئة المرضى العقليين ،وذلك عن طريق
إحداث مصالح مندمجة للطب النفسي ،وبناء 3مستشفيات مخصصة للأمراض العقلية
مساهمته في تمويل البرامج القطاعية ،ذات الصلة بالنوع الاجتماعي ،والجدول التالي
-433وﺯارة االقتصاد و المالية ،:تقرير النوﻉ االجتماعي المرافق لقانون مالية سنة ،0212ص.73
Ministère de l’économie et des finances, rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi -434
de finance, 2015, p81.
-435الخطة الحكومية للمساواة "إكرام" في أفق المناصفة ( ،)0212 – 0210تتضمن 2مجاالت و 02ھدفا و 111إجراء ،وتتوخى مأسسة
مبا دئ اإلنصاف والمساواة ،وإرساء قواعد المناصفة عبر انتقائية البرامج والمبادرات إلدماج النساء في السياسات العمومية وبرامج التنمية.
" -436مخطط العمل االستراتيجي المتوسط المدى لمأسسة المساواة بين الجنسين في المنظومة التربوية ،"0212 – 0222كتاب صادر عن
وﺯارة التربية والتعليم العالي وتكوين األطر والبحث العلمي ،ص .2
سيعمل على توضيح ذلك عن طريق جرده للميزانيات التي خصصتها وزارة الصحة
الميزانية المخصصة لها (بمليون درهم) حسب برامج قطاع الصحة ذات الصلة
508 221 120 180 122 122, برامج الصحة الإنتاجية وصحة
81, 32, 55, 122 22, 32,1 البرامج والمخطط الوطني للصحة
- - 352 828 - - برامج بناء وتجهيز الشبكة
الاستشفائية
52, 12, - - - - برامج الرصد الوبائي واليقظة
الأمراض
المصدر :تركيب شخصي استنادا على التقارير المرفقة لقوانين مالية السنة من
2011إلى 2012
الجدول أعلاه يظهر بشكل واضح مدى اهتمام قطاع الصحة بالمرأة والطفل وهذا
نسبيا إلا أنه كان يمتد على طول السنوات ،عكس باقي البرامج التي كانت ممولة في
بعض السنوات ،ومهملة في البقية ،كما هو الحال بالنسبة لبرامج بناء وتجهيز الشبكة
الاستشفائية ،الذي يعبر بشكل واضح على درجة اهتمام قطاع الصحة بتحسين جودة
يعد قطاع التعل يم المدرسي قطاعا استراتيجيا لمأسسة قيم المساواة بين
الجنسين ،437وترتيبا على ذلك ،تعتبر مسألة الإنصاف في الفضاء المدرسي أحد أهم
محاور تقدم أي منظومة تعليمية ،والتي تعكس بدورها تقدم وتنمية المجتمع ككل،
ويشكل الإنصاف بين الجنسين أحد مرتكزات الفضاء المدرسي ،كما لا يختلف اثنان
على أن تحسين وتطوير التعليم ،وإدماج قيم الإنصاف والمساواة بين الجنسين
الآخر وتقر المقررات والعهود الدولية لحقوق الإنسان بهذا الأمر ،بتأكيدها على
ضرورة التوزيع العادل للثقافة والتعليم بين الجنسين وبين كل الفئات في البلدان
-437أمين ركلمة "،إشكالية إدماج قيم مقاربة النوﻉ في الكتاب المدرسي" ،مجلة عالم التربية عدد ،01سنة ،0210ص. 111
والثقافات على اختلافها ،438ومن أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،439اتفاقية
الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الطفل ،440الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال
31من الدستور 443التي تعتبر كإطار مرجعي تستند عليه وزارة التربية الوطنية
وبهدف تحسين أداء قطاع التربية الوطنية ثم تنفيذ مجموعة من الإجراءات من
أجل ملاءمة نظام التربية والتكوين مع الاحتياجات الوطنية ،وتسريع إجراءات تسيير
التنظيم المؤسساتي للقطاع وتنفيذ خطة العمل الرئيسية التي تغطي الفترة ما بين
.4452012 - 2012
وعلى هذا الأساس رسمت وزارة التربية الوطنية حسب تقارير النوع الاجتماعي
-438رشيد أويجا :مقاربة النوﻉ االجتماعي في الخطاب والواقع التربويين بالمغرب ،الحوار المتمدن ،العدد ،0221بتاريخ ،02/22/0222
ص .1
-439ينص في المادة 02منه على أن لكل فرد الحق في التعليم ،وأن التعليم يجب أن يكون مجانا ،على األقل في مرحلتيه االبتدائية
واألساسية وأن التعليم االبتدائي ھو إلزامي.
-440صادق عليها المغرب في ،12/22/1222والتي تؤكد في المادة 02على حق األطفال في التعليم.
-441صادق عليها المغرب في ،12/22/1222والتي تخول ألطفال المهاجرين الحق في التعليم األساسي وتؤكد على أھمية مكافحة التمييز
في مجال التعليم.
-442تنص في المادة 02منها ،على حق األشخاص ذوي اإلعاقة في التعليم دون تمييز على أساس تكافؤ الفرص.
-443ينص الفصل 21من دستور 0211على:
"تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على
قدم المساواة من الحق في:
_ ....
-الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة".
-444أمين ركلمة ،مرجع سابق ،ص .120
Ministère de l’économie et des finances : rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi -445
de finance, 2015, p 86.
( ،)2012 – 2009الهادف إلى تسريع وثيرة إصلاح التعليم وتعميم التمدرس،
وتحسين جودة التعلم ومردودية النظام التربوي ،446ومجموع البرامج الهادفة إلى
إدماج المساواة بين الجنسين في النظام التعليمي كمشروع تطوير التعليم الأولي،
وبرنامج محاربة التكرار و الهدر المدرسي وتعزيز الصحة المدرسية والأمن الإنساني.
وأخذا بعين الاعتبار المساواة بين الجنسين واستقلالية النساء ،وضعت الوزارة
مخطط العمل الاستراتيجي على المدى المتوسط لمأسسة المساواة بين الجنسين في
فرص حصول المرأة على العمل في قطاع التعليم ،وتعزيز تمثيلها في مناصب
ومن أجل تحسين جودة التعليم الأساسي للفتيات والفتيان ضمن المنظومة
من أجل إدماج المساواة بين الجنسين في مسلسل البرمجة الإستراتيجية ،على
-446يتكون البرنامج من أربع مجاالت ويحتوي على 02مشروﻉ ،وتجيب ھاته المشاريع على القضايا السبع المحددة :تعميم ولوج التعليم
وتجديد النظام البيداغوجي ،ودعم التحصيل العلمي واألكاديمي ومطابقة التكوين مع الشغل وجودة المجاالت وتسيير الموارد البشرية
والحكامة.
-447وﺯارة االقتصاد و المالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0210ص .122
-448تتمثل ھذه التوجهات في:
-توفير الخدمات المدرسية مع مراعاة العدالة وتكافؤ الفرص.
-تحسين جودة المقررات التعليمية.
-تطوير حكامة النظام التربوي.
-ضمان تدبير جيد للموارد البشرية وتعزيز قدراتها ومهاراتها.
الوكالة الكندية للتنمية في إطار مشروع دعم تسيير المؤسسات التعليمية بالمغرب
الذي هدف قطاع التربية الوطنية من خلاله تحسين جودة التعليم الأساسي للفتيات
والفتيان في النظام التربوي ،ويتكون المشروع من خمسة عناصر هي :المكون 100
الدعم الاجتماعي ،ثم إنشاء وحدة مركزية للدعم الاجتماعي لتسهيل تنفيذ مشاريع
النوع الاجتماعي بالقطاع .451ليستمر اهتمام القطاع في نفس الاتجاه ببلورة رؤية
إلى إنشاء مدرسة جديدة ،أساسها الإنصاف وتكافؤ الفرص ،والجودة والارتقاء بالفرد
والمجتمع.
وتعتبر الميزانية الهامة المخصصة لهذا القطاع آلية لتفعيل مختلف البرامج
والاستراتيجيات على أرض الواقع ،ويبين تطور الميزانية الإجمالية المخصصة لوزارة
-449وﺯارة االقتصاد و المالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0212ص .22
-450وﺯارة االقتصاد و المالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0212ص .12
-451وﺯارة االقتصاد و المالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0211ص .22
التربية الوطنية مدى التزام الدولة المستمر لتطوير النظام التربوي ،والنهوض به،452
وقد عرفت هذه الميزانية تدبدبا خلال الفترة الممتدة من 2011إلى 2012وهذا
جدول :تطور ميزانية قطاع التربية الوطنية خلال فترة ()2012 – 2011
بمليار الدرهم.
القطاع
الوطنية
نستنتج من الجدول أعلاه أن ميزانية قطاع التربية الوطنية عرف تطورا ملحوظا
،2012وهذا ما يدل على الاهتمام المتنامي للدولة بقطاع التعليم باعتبار أن هذا
تم توزيع هذه الميزانية من طرف القطاع على مختلف البرامج المهتمة بالنوع
الاجتماعي بشكل متباين ،وسنتناول في الجدول التالي نسبة تمويل وزارة التربية
-452تتكون ھذه الرؤية من 12رافعة إستراتيجية تؤكد على تكافؤ الفرص ،وتضمن لجميع األطفال الذين تتراوح أعمارھم ما بين 2و11
سنة وكذا ألسرھم ولوجا عادال للخدمات التعليمية ،ولقد ثم تطوير ھذه الرافعة من خالل أربعة محاور ھي:
-من أجل مدرسة اإلنصاف وتكافؤ الفرص.
-من أجل مدرسة ذات جودة للجميع.
-من أجل مدرسة االرتقاء بالفرد والمجتمع.
-من أجل ﺯيادة ناجعة وتدبير جديد للتغيير.
الوطنية ذات
الصلة بالنوع
الاجتماعي
التأهيلي
درجة اهتمامها بتمويل بعض البرامج على طول الفترة ( )2012 – 2011كما
هو الحال بالنسبة لبرنامج تأهيل التعليم الثانوي ،في مقابل غياب تمويل بعض
البرامج بشكل مستمر ويتعلق الأمر ببرنامج توسيع العرض المدرسي ،وبرنامج إلزامية
التعليم.
جدول :ميزانية برامج النوع الاجتماعي لقطاع التربية الوطنية (– 2011
)2012
المصدر :تركيب شخصي اعتمادا على تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
حقق المغرب خاصة في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا في مجال التعليم بكل
إلى 99 %عام ،2013ما أتاح تعميم التعليم الابتدائي ،ويعود هذا الإنجاز إلى
التركيز الطويل الأمد على بناء المدارس في المناطق الريفية ،والإصلاحات الرامية
إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين ،453فالدولة تستثمر قدرا كبيرا من الموارد لتمويل
نظام تعليمي ذا جودة عالية يستطيع الجميع الاستفادة منه ،ذلك أن عدم تعليم
الأطفال يؤدي إلى انخفاض رأس المال البشري في البلاد وخسارة من الناتج الداخلي
الإجمال وفرص النمو الاقتصادي بالمغرب ،454وقد سجل إلتحاق الفتيات بالتعليم
مبيان :تطور نسبة تمدرس الفتيات على مستوى التعليم الابتدائي والإعدادي
453
-Rapport mondial de suivi sur l’éducation éducation pour tous 2000_2015, progrès et enjeux,
organisation des nations unies pour l’éducation, la science et la culture, p85.
454
- Ministère de l’économie et des finances, rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi
de finance, 2013, p 81.
96.30%
100.00% 98.50%
90.00% 86.70%
73.50%
80.00%
63.40%
70.00% 48.20%
60.00%
50.00%
المستوى االبتدائي
40.00%
المستوى اإلعدادي
30.00%
20.00% 0% المستوى الثانوي
0% 0%
0% 0%
10.00% 0% 0% 0%
0% 0%
0.00% 0% 0% 0% المستوى الثانوي
0% المستوى اإلعدادي
2010 0%
2011 2012 2013 المستوى االبتدائي
2014
2015
2016
المصدر :تركيب شخصي اعتمادا على تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
حيث نلاحظ أن نسبة تمدرس الفتيات تتدنى عند الارتفاع في المستوى الدراسي ،إذ
إن الاهتمام بموضوع إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في قطاع الوظيفة العمومية
يعتبر ذا أهمية بالغة ،لكونه مستمد من مشروع تنموي يربط بين تحقيق المساواة
بين الجنسين وبين تفعيل مضامين التحديث الإداري ،كما أنه يهدف إلى المساهمة
في نقاش مجتمعي يتوخى استكمال الجهود المبذولة لتطوير أداء المرأة الموظفة،
ولاسيما بلوغها مراكز القرار ،وذلك من خلال تسليط الضوء على بعض العوامل التي
تحد من ولوجها إلى هذه المراكز ،والمرتبطة أساسا بمختلف التمثلات الاجتماعية
السلبية السائدة حولها ،والتي فرضت طريقة معينة في تقسيم الأدوار بين الجنسين
تقوم على أساس النوع الاجتماعي وتجعل المرأة – في أغلب الأحيان – مهيأة للعب
أدوار هامشية وثانوية ،في الوقت الذي تهيء الرجل لأدوار القيادة والسلطة.455
الإدارة أداة فعالة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ،وتتمثل المهمة
الأساسية لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ،في إعداد السياسة الحكومية
ومن أجل تحقيق مهامها تقوم هذه الوزارة باتخاذ مجموعة من الإجراءات ،قصد
ومن بين هذه الإجراءات تبسيط المساطر والإجراءات ،لتحسين جودة العلاقة
بين الإدارة والمواطن وذلك بتطوير جودة الاستقبال والإرشادات وتسيير الولوج إلى
الخدمات الإدارية العمومية وكذا تدعيم وتطوير الإدارة الإلكترونية ،ثم تثمين
الرأسمال البشري والعمل على الرفع من مردوديته وذلك عن طريق اعتماد إطار
مؤسساتي ملائم وتد بير حديث للموارد البشرية وكذا تدعيم الحوار الاجتماعي
والحماية الاجتماعية وإرساء حكامة جيدة وتنظيم ناجح للنهوض بكافة المرافق
العمومية من خلال تعزيز النزاهة ومحاربة الرشوة وترشيد الهياكل الإدارية ودعم
اللاتمركز الإداري.
في إطار تحقيق المساواة بين الجنسين عملت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث
المتوسط المدى ،من أجل مأسسة المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية،
ويهدف هذا البرنامج إلى تحسين التشريع القانوني وتثمين وتأهيل الرأسمال البشري
من خلال تحديث منظومة تدبيره وكذا توفير ظروف عمل محفزة من خلال تقليص
الفوارق بين الجنسين في تدبير الموارد البشرية ،461وقد تم تمويل هذا البرنامج
-460فاطمة الزھراء البوھالي"،التمثيلية النسائية السياسية في االنتخابات الجماعية لـ 10يونيو ،"0222رسالة لنيل شهادة الماستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية السويسي بالرباط ،0212 ،ص .11
-461يتمحور ھذا البرنامج حول 2محاور تتمثل في:
-إدماج المساواة بين الجنسين في ھيكلة وممارسة وﺯارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة وذلك عن طريق تعزيز القدرات المؤسساتية.
-تقليص الفوارق بين الجنسين من حيث تدبير الموارد البشرية.
-رفع تمثيلية النساء ومشاركتهن في مراكز اتخاذ القرار.
-تعزيز التواﺯن بين الحياة األسرية والمهنية.
بين الجنسين ) ،(FAES 2إضافة إلى ذلك أحدث القطاع مصلحة لمقاربة النوع
الاجتماعي ،و وضع عدة مشاريع هادفة إلى تحديث الوظائف التي تقل فيها تمثيلية
دعم ومساندة قدرات لجنة القيادة واللجنة الإستراتيجية لمأسسة المساواة بين
الجنسين ،وضع وتفعيل برنامج توعية وتكوين ومواكبة إدماج المساواة بين الجنسين
وفي إطار تعزيز التوازن بين الحياة الأسرية والمهنية ،قام القطاع بوضع مشروع
يروم إلى تحقيق التوازن بين العمل والأسرة في الوظيفة العمومية سنة .2010
شبكة التشاور المشتركة بين الوزارات من أجل المساواة بين الجنسين في الوظيفة
العمومية،هي تشمل حاليا معظم القطاعات الوزارية الإطار العملي والتنسيقي ،الذي
منه تنبثق معظم الإجراءات الهادفة إلى مأسسة وإدماج مبدأ المساواة بين الجنسين
في الوظيفة العمومية ،ويندرج ذلك في إطار الالتزامات المتخذة من طرف الوزارة
-462وﺯارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة ،تقرير حول أھم االنجاﺯات واإلصالحات لوﺯارة الوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة برسم
،0212_0212ص .12
-463تتجلى مهمة ھذه الشبكة في السهر على تخطيط وتنسيق ومصاحبة وتتبع وتقييم األنشطة المتعلقة بتدبير الموارد البشرية ،بهدف وضع
آليات إلدماج مبدأ المساواة بين الجنسين في برامج ومشاريع اإلصالح المتعلقة بالموارد البشرية ،وكذا تثمين الخبرات المحققة في ھذا
المجال.
-قد تم إنجاﺯ ھذه الدراسة في مرحلتين:
-المرحلة األولى :القيام بجرد تشاركي وتحليل للمنجزات في مجال مقاربة النوﻉ بالوظيفة العمومية وكذا تحديد مجاالت العمل اإلستراتيجية،
من أجل مأسسة المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية.
-المرحلة الثانية :وضع إستراتيجية لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية ألربع سنوات مقبلة ،مرفقة بمخطط عمل
لضمان تنفيذھا ،مع تقديم توصيات إستراتيجية في إطار المواكبة واالستشارة وكذا آليات التتبع والتفعيل والتقييم.
وقد قامت الشبكة بإعداد برنامج عمل مشترك لمأسسة المساواة بين الجنسين
في مجال تدبير الموارد البشرية في الوظيفة العمومية برسم سنة – 2013
لمأسسة مبدأ المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية وقد انتهت مرحلتي إنجاز
العمومية ،والذي تم إعطاء انطلاقته من طرف وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
كما قامت وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بشراكة مع وزارة الشؤون
الخارجية الفرنسية وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة،
بتنظيم الدورة التكوينية الثانية حول النساء الموظفات والقيادة في منطقة البحر
تباينت الميزانية التي ساهمت بها الدولة على مستوى قطاع الوظيفة العمومية
وتحديث الإدارة خلال الفترة الممتدة بين 2011و ،2012الهادفة إلى تحقيق
مختلف البرامج والاستراتيجيات الحكومية لهذا القطاع ،منها التي لها صلة بتحقيق
المساواة بين المرأة والرجل ومختلف الفئات المجتمعية على مستوى الوظيفة
-464مرصد مقاربة النوﻉ االجتماعي للوظيفة العمومية ) (OGFPوبوابته اإللكترونية ) (http://www.ogfp.maوتندرج ھذه المبادرة
في إطار المحور 1للخطة الحكومية للمساواة ( 0212 – 0210الهدف .)00
465
- Ministère de l’économie et des finances, rapport sur le budget genre, accompagnant le projet de loi
de finance, 2017, P 45.
والجدولين التاليين سيوضحان بشكل أكبر مراحل تطور ميزانية وزارة الوظيفة
العمومية وتحديث الإدارة ،وتوزيعها على برامج النوع الاجتماعي عبر السنوات.
جدول :تطور ميزانية قطاع الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة (بمليار درهم)
القطاع
الوظيفة
العمومية
وتحديث
الإدارة
المصدر :تركيب شخصي استنادا على تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
جدول :تمويل برامج النوع الاجتماعي لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة
القطاع
البشرية
الخدمات
العمومية
وتحقيق اللامركزية
والجهوية
تحديث مجالات
الإدارة العمومية
الإدارة العامة
وتنظيم
المصدر :تجميع شخصي استنادا إلى تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
-466وﺯارة االقتصاد و المالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0210ص .02
أكبر ميزانية للقطاع خلال الفترة الممتدة بين 2011و ،2012ثم 120مليون
سنة ،2015لكن هذه الميزانية ستتراجع بشكل ملحوظ خلال سنة 2012ذلك
الاجتماعي خلال نفس الفترة حيث سجل غياب تام لأي تمويل من طرف القطاع
للنهوض بالمساواة بين الجنسين خلال سنة 2015و ،2012وذلك كون جميع
من طرف هيأة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في إطار الشراكة
مهمة إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مجالات التضامن والمرأة والأسرة والتنمية
-467وﺯارة االقتصاد والمالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0212ص .22
-468من بين ما يعهد أيضا لوﺯارة التضامن والمرأة واألسرة والتنمية االجتماعية:
-إنجاﺯ الدراسات المتعلقة بمجاالت التضامن والمرأة واألسرة والتنمية االجتماعية وإعداد التقارير بشأنها.
-إعداد وتتبع تنفيذ برامج النهوض بحقوق المرأة ،والعمل على تقوية أوضاعها القانونية ومشاركتها في التنمية وذلك بتنسيق مع الجهات
المعنية.
-المساھمة في تحسين ظروف اإلدماج االجتماعي والسوسيو مهني للمواطنين في وضعية صعبة السيما منهم األشخاص في وضعية إعاقة
واألشخاص المسنين.
-تقوية وتفعيل روابط التضامن والشراكة والتعاون في مجال اختصاصات الوﺯارة.
تشمل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية على ديوان الوزير
تؤكد هذه الوزارة دورا حاسما في تعزيز دور الأسرة باعتبارها ركيزة أساسية
للتنمية ،وفي إطار الاهتمام بمقاربة النوع الاجتماعي ،ثم تشكيل لجنة مركزية
مقاربة النوع الاجتماعي بين مختلف مديريات الوزارة ،والتعاون الوطني ،ووكالة
الالتزامات الدولية التي تعهد بها المغرب ،من أجل الاحترام الكامل لجميع مبادئ
حقوق الإنسان المعترف بها عالميا ،و في هذا الصدد صادق المغرب على عدة
اتفاقيات دولية لتعزيز حقوق الأطفال والنساء والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
من تقديم شكوى إلى هيئة دولية ،في هذا السياق تقوم وزارة التنمية الاجتماعية
والأسرة والتضامن بإنجاز التقرير الوطني حول تنفيذ الاتفاقية ،ثم برنامج عمل بيكين،
وفي مجال الطفولة اعتمد المغرب أيضا إعلان ومخطط عمل "عالم فخور بأطفاله،473
وانضم إلى إعلان فيينا وغير ذلك من الاتفاقيات العديدة التي تمس الطفل.474
وقد عمل المغرب على مواءمة التشريعات الوطنية مع المبادئ الأساسية للقانون
الدولي ،وفي هذا السياق أخذ الدستور الجديد في عين الاعتبار الأسرة والأشخاص
الخاصة) والحد من التفاوتات المتعلقة بالنوع الاجتماعي ،وقد وضعت الوزارة عدة
-473يتم االلتزام من خالل ھذا المخطط بتوفير حياة أفضل لألطفال في أفق .0211
-474تتمثل ھذه االتفاقيات في:
-اتفاقية حقوق الطفل في 01يونيو ،1222والتي تهدف إقرار وحماية حقوق األطفال الخاصة.
-اتفاقية المنظمة الدولية للشغل ) (ODTرقم ،122بشأن الحد األدنى لسن االلتحاق بالعمل في يناير .0222
-اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ،120بشأن أسوأ أشكال عمل األطفال في يناير .0221
-البروتوكول االختياري التفاقية حقوق الطفل بشأن بيع األطفال والدعارة واإلباحية التي تستدرج األطفال ،والتي صادق عليها المغرب
بمقتضى ظهير رقم 012-21-1في 2دجنبر .0212
-اتفاقية حقوق الطفل.
-االتفاقية الدولية لحقوق األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة وبروتوكولها االختياري.
-475ينص الفصل 20من دستور 0211على أن" :األسرة القائمة على عالقة الزواج الشرعي ھي الخلية األساسية للمجتمع.
تعمل الدولة على ض مان الحماية الحقوقية واالجتماعية واالقتصادية لألسرة ،بمقتضى القانون بما يضمن وحدتها واستقرارھا المحافظة
عليها.
تسعى الدولة توفير الحماية القانونية ،واالعتبار االجتماعي والمعنوي لجميع األطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.
التعليم األساسي حق للطفل وواجب على األسرة والدولة.
يحدث مجلس استشاري لألسرة والطفولة".
-476ينص الفصل 22من دستور 0211على أن " :تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى األشخاص والفئات من
ذوي االحتياجات الخاصة ،ولهذا الغرض ،تسهر خصوصا على ما يلي:
-معالجة األوضاﻉ الهشة لفئات من النساء واألمهات واألطفال واألشخاص المسنين والوقاية منها.
-إعادة تأھيل األشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ،أو حسية حركية ،أو عقلية وإدماجهم في الحياة االجتماعية والمدنية ،وتيسير تمتعهم
بالحقوق والحياة المعترف بها للجميع".
-477وﺯارة االقتصاد والمالية ،تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0210ص.00 :
إلى ، 2012وتهدف هذه الإستراتيجية إلى توفير أسس مجتمع تضامني يرفع من
شأن الكرامة والمساواة ،478وفي سياق الحديث عن قضايا المساواة بين الجنسين
وتمكين المرأة وضعت الوزارة الخطة الحكومية "إكرام" في أفق المناصفة للفترة
وتتوخى مأسسة مبادئ الإنصاف والمساواة ،وإرساء قواعد المناصفة عبر انتقائية
كل أشكال التمييز والعنف ضد السناء ،عبر وضع نصوص تشريعية وتنظيمية لحماية
إلى محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي عن طريق تمكين النساء والفتيات
بالمغرب ،يندرج برنامج تمكين ضمن الناتج الرابع لإطار دعم الأمم المتحدة للمغرب
تحقيق أهداف الألفية للتنمية بشراكة مع 12قطاع حكومي مغربي ،و 8وكالات من
منظومة الأمم المتحدة وشركاء المجتمع المدني والجامعات إضافة إلى وسائل الإعلام
والجدول التالي سيبين توزيع نتائج برنامج تمكين حسب القطاعات الحكومية المكلفة.
-478تنقسم إستراتيجية القطب االجتماعي "إستراتيجية " 2+ 2إلى أربعة محاور وھي:
-الدعم المؤسساتي وتعزيز القطب االجتماعي.
-التأطير والدعم وھيكلة العمل االجتماعي.
-النهوض بالعمل التكافلي والتضامني.
-تحقيق المناصفة والمساواة والعدالة االجتماعية.
والبينقطاعي
النساء والفتيات
وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة نظام جمع وتحليل المعطيات ومؤشرات التتبع
والتضامن والتقييم
وزارة الصحة تحسين ولوج النساء والفتيات ضحايا العنف بما في
بالنساء ضحايا العنف عن طريق برنامج ادماج بعد النوع على مستوى النهوض بحقوق
-479وﺯارة التضامن والمرأة و األسرة و التنمية االجتماعية :مشرﻉ نجاعة األداء ،0211ص .10
-480وﺯارة االقتصاد والمالية :تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0212ص .21
الاستماع الوطنية لفائدة النساء ضحايا العنف ،وإنشاء وحدات حماية الطفولة،481
وإطلاق البرنامج الوطني لتنفيذ السياسة العمومية المندمجة للفترة الممتدة بين
.4822020 - 2012
ومن أجل تفعيل هذه الحماية سارعت وزارة التضامن والأسرة والتنمية
الاجتماعية إلى وضع هيئات وآليات لليقظة ومحاربة جميع أشكال التمييز والعنف
ويتعلق الأمر بهيأة المناصفة ومكافحة جميع أشكال العنف والتمييز ،483المرصد
الإعلام ،485وضع آلية جديدة بين وزارية تتعلق بحقوق الطفل ،والمتمثلة في لجنة
وزارية مسؤولة عن رصد وتنفيذ السياسات والبرامج الوطنية لتعزيز وضعية الطفولة
الوزارة الانطلاقة الرسمية لبرنامج" ،نحو حكومات دامجة ومنفتحة :تعزيز مشاركة
-481تهدف ھذه السياسة إلى وضع إطار شامل لجميع التدابير واإلجراءات لحظر ومنع جميع أشكال اإلھمال واالستغالل والعنف ضد
األطفال.
-482تهدف ھذه السياسة إل وضع إطار يشمل جميع التدابير واإلجراءات لحظر ومنع جميع أشكال اإلھمال واالستغالل والعنف ضد
األطفال ،مع تحديد واضح ألوجه التوافق وآليات التنسيق العملية التي من شأنها تحسين إمكانية الوصول للخدمات والتغطية المجالية.
-483أنهت وﺯارة التضامن والمرأة واألسرة والتنمية االجتماعية مشروﻉ القانون بشأن إنشاء ھيأة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز،
آخذة بعين االعتبار الخالصات والتوصيات الصادرة عن اللجنة العلمية المختصة ،ولقد تمت المصادقة على ھذا المشروﻉ من طرف مجلس
الحكومة في مارس ،0211وتم عرضه في يوليوﺯ 0211على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه بعد البت فيه من جديد من طرف لجنة
مصغرة.
-484تأسس المرصد الوطني للعنف ضد المرأة بموجب القرار الوﺯاري رقم ( )0210512المكمل والمعدل لقرار وﺯيرة التضامن والمرأة
واألسرة والتنمية االجتماعية (رقم 022512بتاريخ 02أبريل ،) 0212الذي منحت بموجبه الشرعية اإلدارية لمرصد العنف والذي يعادل
إحداث مصلحة ضمن قسم المرصد الوطني للمرأة ،وتناط بهذا المرصد مهام تطوير آليات لرصد ظاھرة العنف ضد المرأة وإعداد وتطوير
المؤشرات في ھذا المجال ووضع نظام معلوماتي على المستوى اإلقليمي والوطني وتتبع وتقييم السياسات العمومية في مجال مناھضة
العنف ضد المرأة وكذا إعداد التقارير السنوية.
-485يندرج إحداث ھذا المرصد ضمن الهدف الرابع للمحور األول للخطة الحكومية للمساواة ،وثم إنشاء ھذا المرصد داخل وﺯارة التضامن
والمرأة واألسرة والتنمية االجتماعية بموجب القرار الوﺯاري رقم ( )0210512المكمل والمعدل لقرار وﺯيرة التضامن والمرأة واألسرة
والتنمية االجتماعية (رقم 022512من ،)0212 02الذي منحت بموجبه الشرعية اإلدارية لمرصد تحسين صورة المرأة في وسائل اإلعالم
والتي تواﺯي إحداث مصلحة ضمن قسم المرصد الوطني للمرأة ،ويعتبر ھذا المرصد كآلية ذات ھيكل ثالثي يتكون من القطاعات الحكومية،
والمجتمع المدني ووسائل اإلعالم ومراكز األبحاث.
-486وﺯارة االقتصاد و المالية :تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0211ص .22
وفي نفس السنة منحت الوزارة جائزة "تميز للمرأة المغربية" ،لصالح ثلاثة جمعيات
حققت مشاريع إبداعية متميزة لصالح المرأة ،وقد كان إطلاق هذه الجائزة من طرف
وفي إطار الاهتمام بقضايا المعاقين ،أخرجت الوزارة خطة عمل وطنية من أجل
للفترة ،2015 – 2009ومن بين ما تهدف إليه هو تخفيض معدل الإعاقة في
الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ثم خلق صندوق دعم التماسك الاجتماعي
خصصت لها الدولة ميزانية مهمة تعرف ارتفاعا بتقدم السنوات ،وهذا ما سيوضحه
الجدول التالي:
جدول :تطور ميزانية وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية خلال
-487يهدف ھذا البرنامج الذي يمتد على ثالث سنوات ،إلى دعم دول الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،من أجل تعزيز النمو الشامل و الحكامة
الجيدة في مجاالت وضع السياسات ،وإعداد البرامج وتفعيل اإلصالحات وفي الشق المتعلق بالمغرب ،يهدف المشروﻉ إلى دعم الجهود
التي تبذلها المملكة لتعزيز مكانة المرأة وتعزيز قدراتها في البرلمان ،والمجالس المحلية وتعزيز قدرات ممثلي البرلمان والمجالس المنتخبة
في مجال التشاور مع منظمات المجتمع المدني ،وتعزيز الحوار بين البرلمانيات وصناﻉ القرار السياسي.
-488االقتصاد و المالية:تقرير النوﻉ االجتماعي المرفق لقانون مالية سنة ،0212ص .20
-489يشمل صندوق دعم التماسك االجتماعي أربعة مجاالت للتدخل ،تتعلق بتحسين ظروف تمدرس األطفال في وضعية إعاقة ،واقتناء
األجهزة الخاصة والمساعدات التقنية األخرى ،تشجيع االندماج المهني واألنشطة المدرة للدخل ،والمساھمة في إحداث وتسيير مراكز
االستقبال.
القطاع
التضامن والمرأة
والأسرة والتنمية
الاجتماعية
المصدر :تجم يع شخصي استنادا على تقارير النوع الاجتماعي المرفقة لقوانين
استنادا على الجدول أعلاه يتبين مدى حرص الدولة على تحقيق التنمية
الاجتماعية والمساواة ،وحماية خلية الأسرة والأطفال وكذلك المعاقين ،ذلك أنه
أما فيما يخص توزيع الميزانية حسب البرنامج فيمكن تقسيمها حول 3برامج،
سيوضحها الجدول التالي الذي يفسر توزيع ميزانية الوزارة سنة :2012
(مليون درهم)
والهندسة الاجتماعية
الاجتماعية التنمية
وضعية إعاقة
والأشخاص المسنين
خاتمة:
في النهاية يمكن القول بأن مقاربة النوع الاجتماعي في ميزانية الدولة تساعد
الاجتماعي ،نظرا لأن الكثير من هذه الميزانيات تمت بمبادرة ومشاركة من المجتمع
المدني ،كما أثبتت كيف يمكن للميزانية أن تكون مستجيبة لاحتياجات الجندر وأن
كما تشكل هذه المقاربة آلية وجديدة تساهم في ترسيخ ثقافة التتبع والتقييم
للسياسات العمومية وتمكن من معرفة دقيقة للآثار الناجمة عنها كما تساعد على
وقد أبرزت العديد من الدراسات أهمية توظيف مقاربة النوع الاجتماعي في
الاجتماعية كما مكنت من توضيح التباين الحاد بين هذه الفئات سواء فيما يتعلق
بالمساهمة في إنتاج الثروات أو توزيعها ورجع الفضل في ذلك إلى الأدوات والمناهج
وفي هذا السياق وتماشيا مع الاتفاقيات الدولية على توظيف مقاربة النوع
الاجتماعي عند إعداد و برمجة السياسات العمومية وكترجمة لهذه المقاربة فقد
مكنت السياسات التنموية المتابعة والتي عمدت على إدراج المقاربة المرتكزة على
النوع الاجتماعي من فتح الطريق لولوج متساو للموارد وللفرص المتاحة للحقوق
الاقتصادية وقد بذلت مجهودات مهمة لتقوية هذه الدينامكية من خلال تنفيذ برنامج
الميزانية الميزانية المتعلقة بالنوع الاجتماعي الذي يمثل هذا البرنامج أداة فعالة
الاقتصادية.
لائحة المراجع:
أمين ركلمة ،إشكالية إدماج قيم مقاربة النوع في الكتاب المدرسي" ،مجلة عالم
لـ 12يونيو ،"2009رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
finance, 2012.
P 357 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
من خلال هذه الدراسة سنركز على بديل عقابي حديث مخصص للجرائم البسيطة
المرتكبة من طرف المجرمين قليلي الخطورة الإجرامية ،ويرمي من جهة إلى تجنيب
التي تعيشها العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة لفشلها في تحقيق الإصلاح والتأهيل
المرجو منها للسجناء ،ومن جهة ثانية إلى جبر الضرر اللاحق بالمجني عليه بمراضاته
عن طريق دفع مبلغ مالي يصلح أضرار الجريمة ويساهم في استباب الأمن في
المجتمع عن طريق دفع المجني عليه إلى العدول عن الانتقام وتكوين إحساس لديه
الكلمات المفتاحية:
أزمة العقوبة الحبسية قصيرة المدة -بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة
مقدمة:
أدت الانتقادات الموجهة إلى العقوبات السالبة للحرية باعتبارها آلية كلاسيكية
بفعاليتها ،وتقوية الشعور بضرورة التفكير في حصرها ضمن الحالات ذات الخطورة
الواضحة على النظام المجتمعي ،وتعويضها في الحالات التي تقل خطورة والتي يعاقب
عليها القانون بالحبس لمدة قصيرة بأساليب عقابية بديلة غير سالبة للحرية تتبنى
أنجع الخيارات للحد من انتشار الجريمة وتداعياتها تراعي البعد الحقوقي لمرتكب
والواقع أن هذا التغيير في النظرة إلى العقوبة الجنائية والدعوة إلى تبني مقاربة
حديثة لم يكن وليد اللحظة بل نتاج مخاض طويل من التنظيرات الفكرية من طرف
التيارات الفقهية المهتمة بالقانون الجنائي من جهة ،ومن جهة أخرى الجهود الدولية
مفادها ،أنه إذا كانت العقوبات السالبة للحرية ضرورية لتحقيق أمن المجتمع ،فإن
استبدالها كلما أمكن ذلك ببدائل بدون اللجوء لسلب الحرية يشكل مطلبا يستحق
العناء ،492خاصة وأن هذه البدائل من شأنها أن تحقق الغاية المطلوبة من كل عقوبة
جنائية طبقا للتوجه الجديد في مجال الجزاء الجنائي الذي يدعو إلى جعل العقوبة
وسيلة لإصلاح الجاني وتقويمه وإعادة إدماجه في المجتمع وهو يمارس فيه حياته
العادية ولو بحرية مقيدة أو مشروطة أو محدودة ،كما أنها في ذات الوقت تحمي
المجتمع.493
من خلال هذه الدراسة المتواضعة ،التي تأتي في سياق وجود مشروع قانون
أدرج لأول مرة بدائل للعقوبات في الباب الأول مكرر منه ضمن الفصول 35-1
إلى ، -35-12سنحاول التركيز على بديل عقابي ،يحاول أن يأخذ بعين الاعتبار
مركز الضحية ،بحيث يتم تعويضه جراء الأضرار التي لحقته بفعل الجريمة المقترفة
في حقه.
أهمية الموضوع:
ويمتاز التعويض كعقوبة بديلة بكونها ذات طابع مختلط وهذا ما يجعل من أمر
تعريفها صعبا ،لأنها ذات طابع مدني وجنائي في نفس الوقت ،فهذه العقوبة تحمل
في طياتها من جهة معنى الزجر ،وتحمل أيضا فكرة تجد أساسها في القانون المدني
ويتعلق الأمر بالتعويض ،495كما أنها تختلف عن عقوبة الغرامة ،فبينما تهدف
الغرامة إلى التأثير على إرادة المحكوم عليه ومنعه من ارتكاب المزيد من الجرائم
مستقبلا ،غاية العقوبة التعويضية فضلا عن منع المحكوم عليه من ارتكاب جرائم
الإشكالية:
وإن موضوع العقوبة التعويضية كعقوبة بديلة يطرح الإشكالية التالي :هل أخذت
النمط العقابي البديل؟ وما مدى نجاعته في تحقيق التأهيل والإدماج وإعادة الاعتبار
للضحية؟
الفرضية:
هذه العقوبة البديلة ،على اعتبار أنها تمكن من تجنيب المحكوم عليه قليل الخطورة
الإجرامية من أجل جريمة بسيطة مساوئ السجن ،كما أنها تحقق هدفا مهما يتمثل
في الأخذ بعين الاعتبار مركز الضحية وتعويضه جراء ما لحقه من أضرار بسبب
التحليلي المقارن ،وعليه سيتم تقسيم هذه الدراسة إلى محورين ،نتناول في الأول
التنظيم القانوني لعقوبة التعويض الجزائي في التشريعات المقارنة ،وفي المحور الثاني
المقارنة
إن فكرة تعويض المجني عليه ليست بالجديدة ،بل ترجع في أساسها إلى نظام
الدية ،فرد الفعل العقابي في المجتمعات القديمة كان يأخذ صورة انتقام من المجرم،
ثم تطور إلى نظام الدية ،وهذا النظام معروف في الفقه الإسلامي حيث أنه يعد صورة
من صور العقوبة التعويضية الهادفة إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه من أضرار الجريمة،
واختلفت المذاهب الفقهية في تعريفها ،فبينما يعرفها الحنفية بأنها المال الذي هو
بدل النفس أو المال الواجب بالجناية في النفس والأطراف ،497يذهب المالكية إلى
أنها مال يجب بقتل آدمي حر عن دمه أو جرحه ،مقدر شرعا لا بالاجتهاد.498
وقد ظهر هذا التوجه نحو تبني العقوبات التعويضية كجزاء جنائي بديل عن
عقوبة الحبس في العصر الحديث من خلال توصيات المؤتمر الدولي الحادي عشر
للقانون الجنائي المنعقد في بودابست ،إذ تضمنت إحدى توصياته أن تعويض المجني
عليه يعد وسيلة ذات فعالية للجزاء الجنائي على الخصوص بإعادة التكييف الاجتماعي
للمحكوم عليه.499
في السياسة العقابية المعاصرة للحلول محل العقوبات القصيرة المدة ،وإعادة التوازن
أجلها ،وذلك بواسطة كفالة حقوق ضحايا الجريمة والجناة بالشكل الذي يستجيب
والتوجهات الكبرى للسياسة الجنائية المعاصرة التي باتت تحرص على ضمان حصول
المجني عليه على حقه في التعويض ،وعلى ضمان معاملة عقابية للجاني تهدف إلى
إصلاحه وتأهيله ليتمكن من الاندماج في النسيج الاجتماعي خاصة بعد أن يكون قد
التزم ووفى ما بذمته لضحيته ولم يعد هناك ما يدعو للزج به في مثالب السجن وما
المالي البديل للعقوبة الحبسية قصيرة المدة ،ويتعلق الأمر بالتشريع الفرنسي،
1من القانون المذكور ،فالعقوبة التعويضية يتم النطق بها مجتمعة مع عقوبة الحبس
أو الغرامة ،كما يمكن أن يحكم بها منفردة باعتبارها بديلا لعقوبة الحبس ،حيث
يلزم المحكوم عليه بأدائه لمن كان ضحية للجريمة تعويضا على أن لا تتجاوز مدة
العقوبة المصرح بها ستة أشهر ،502وفيما يلي سنعرض لمجموعة من النقط المندرجة
ضمن التنظيم القانوني للتعويض الجزائي في التشريع الفرنسي ،ويتعلق الأمر بشروط
الخامسة.
1-8من القانون الجنائي الفرنسي فإن العقوبة التعويضية وكما أنها تطبق
504
على الأشخاص الذاتيين فإنها تطبق كذلك على الأشخاص المعنويين
المحاكمة.
الشروط المتصلة بالضحية :تمتاز هذه العقوبة بكونها تأخذ بعين الاعتبار
موقف الضحية ،حيث لا يحكم بها القاضي إلا بعد أخذ موافقتها ،ويتضح
من خلال ذلك أن هذا النمط العقابي قد منح للضحية دورا رئيسيا في
يشرف على تنفيذ العقوبة التعويضية جهات قضائية مختلفة بين ممثل النيابة
العامة ،والقاضي المنتدب لفائدة الضحايا ،وقاضي تطبيق العقوبات ،ونبرز أدوارهم
جريمة ما ،يتيح له القانون أن يقدم طلبا إلى ممثل النيابة العامة أو
في حال عدم تنفيذ المحكوم عليه لأداء التعويض المحكوم به كعقوبة
تنتهي العقوبة التعويضية بتنفيذها من طرف المحكوم عليه ،ويأخذ شكل تنفيذها
حال عدم التنفيذ نكون أمام حالة فشل في تنفيذ العقوبة التعويضية ،وفيما يلي
نفصل في حالات تنفيذ العقوبة التعويضية ،ثم ننتقل لحالة الفشل في تنفيذها.509
يأخذ تنفيذ العقوبة التعويضية كما سبقت الإشارة إلى ذلك ثلاث صور ،هي
-1التعويض النقدي :يعد التعويض النقدي الأسلوب الأكثر شيوعاً لجبر الضرر
فالنقود إضافة إلى كونها وسيلة للتبادل تعتبر وسيلة ناجحة للتقويم
مقداره شأن قضائي في حدود طلب الضحية ،ويشمل التعويض في العادة ما
لحق الضحية من خشارة وما فاته من كسب ،510وهناك من يذهب إلى أن
المحاكم المدنية إذا ثبت أن قيمة الضرر تتجاوز ما قضى به حكم العقوبة
التعويضية.511
وإعادة النظام الاجتماعي إلى توازنه وإصلاح الأضرار الاجتماعى الناجمة عن
الجريمة وإعادة للأوضاع إلى ما كانت عليه قبل حدوث الجريمة ،512ويتحقق
هذا الأخير بإعادة الشيء الذي وقعت عليه الجريمة إلى مالكه القانوني وخاصة
بالتعويض ،فمثلا في الحالة التي يقوم فيها الجاني بتخريب شيء يدخل في
ملكية الضحية وهذا الشيء قابل للإصلاح ،فهنا يمكن للقاضي عوض أن يقضي
نكون أمام حالة فشل في تنفيذ العقوبة التعويضية ،باعتبارها بديلة للعقوبة
الأصلية المتمثلة في عقوبة الحبس قصير المدة في حالة إخلال بالالتزامات المحكوم
بها عليه والتي إما أن تكون تعويضا نقديا أو عينيا أو إصلاحا لأضرار الجريمة التي
اقترفها.
يتقدم بطلب إلى القاضي المذكور ،الذي يخطر قاضي تطبيق العقوبة بما حصل ويقرر
هذا الأخير ما إذا كان هناك من داع لتطبيق العقوبة الحبسية أو الغرامة في حق
من جهته فإن النيابة العامة تتحرك في حال فشل تنفيذ العقوبة التعويضية
وتقوم بإعلام قاضي تطبيق العقوبة حسب ما هو منصوص عليه في المادة 2-112
من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي ،حيث يكون هذا الأخير له الصلاحية ليصدر
قرارا بإلغاء العقوبة البديلة التعويضية وتفعيل العقوبة الأصلية الورادة في الحكم
الأول الذي إما أن يكون غرامة أو حبسا قصير المدة على ألا تتجاوز الغرامة 1500
الفرنسي.517
-1التشريع الصيني:
ورد التنصيص على العقوبة التعويضية كعقوبة بديلة في التشريع العقابي الصيني
الصادر سنة ،1919حيث نصت المادة 32من القانون المذكور على إمكانية
الحكم في الجرائم القليلة الخطورة بعقوبة بديلة ومن جملة العقوبات البديلة التي
-2التشريع النمساوي:
عالج المشرع النمساوي هذا الأسلوب العقابي بطريقة مختلفة نسبيا ،ذلك أنه
على الجاني الذي يقوم بإصلاح أضرار الجريمة التي اقترفها وأعاد الأوضاع إلى ما
بإعادة النظر في الحكم الجنائي المتضمن للعقوبة السالبة للحرية ،إذا قام الجاني
-1التشريع الألماني:
القانون الجنائي الألماني بالتنصيص على منح القاضي الامكانية لتخفيف العقوبة
الصادرة في حق الجاني إلى درجة صرف النظر كلية عن توقيعها وذلك في حالة
كانت العقوبة المقرر الحكم بها لا تتجاوز سنة من جهة ،ومن جهة ثانية إذا بذل
الجاني جهد من أجل إصلاح أضرار جريمته بشكل كامل أو شبه كامل أو أبدى
استعداده لذلك.522
-2التشريع الأمريكي:
الفدرالي في الثمنينات على اكتفاء القاضي بإلزام الجاني بالتعويض أو إصلاح أضرار
الجريمة في حالة الجرائم البسيطة بدلا من توقيع العقوبة السالبة للحرية مع شرط
تبرير أسباب إصدار هذه العقوبة البديلة ،وترتبط فكرة العقوبة التعويضية في القانون
الأمريكي العقابي الفدرالي بالعدالة الجنائية التصالحية التي ظهرت بسبب السلبيات
العديدة الناتجة عن تطبيق عقوبات سلب الحرية ،ومن جهة أخرى بفكرة جبر الضرر
المحور الثاني :تقدير التعويض العقابي كنظام بديل للعقوبة الحبسية قصيرة
المدة
من خلال هذا المحور سنبرز مزايا وسلبيات هذه العقوبة كما يلي:
-أول انتقاد يوجه إلى هذه العقوبة هو أنها تتعارض مع أغراض العقوبة
وفلسفتها ،فإذا كانت هذه الأخيرة ترمي إلى منع المجرم من الوقوع
نتائج سلبية على القدرة المالية لأسرته وهو ما يفتح المجال لوقوعهم
-هناك انتقاد آخر يتمثل في أن هذه العقوبة تكرس عدم المساواة أمام
القانون لأنها لا تضر الأغنياء بنفس الطريقة التي تصيب بها الفقراء،
-أول جانب إيجابي لهذا النمط العقابي أنه يساهم في استتباب الأمن في
-تأثيرها الإيجابي على اقتصاد الدول ذلك أنها عقوبة غير مكلفة وتخفف
السالبة للحرية.528
لائحة المراجع:
-1كتب
أحمد عبد اللطيف الفقي" ،سلسلة حقوق ضحايا الجريمة ،الجاني والمجني
عليه وحقوق ضحايا الجريمة" ،ط ،1.دار الفجر للنشر والتوزيع ،السنة 2003؛
الطيب سماتي" ،حماية حقوق ضحايا الجريمة خلال الدعوى الجزائية في
السنة 2008؛
التشريع المغربي والمقارن دراسة تحليلية وعلمية" ،ط ،1 .مكتبة الرشاد سطات
بشر ى رضا راضي سعد" ،بدائل العقوبات السالبة للحرية وأثرها في الحد
من الخطورة الإجرامية" ،ط ،1.دار النشر وائل عمان الأردن ،السنة 2013.
كشيدة عمر وادار عبد الغاني" ،بدائل عقوبة الحبس قصيرة المدة" ،رسالة
لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمان ميرة-بجاية ،كلية
والبدائل المقترحة" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص
لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
1991/1992؛
زياني عبد الله " ،العقوبات البديلة في القانون الجزائري دراسة مقارنة
" ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة وهران ،2-كلية الحقوق
-3مقالات
أحمد نوسي" ،العقوبة التعويضية" ،مقال منشور في مج .الد .الق ،ع3 .
السنة 2008؛
; 2015
; 2005
الاجتماعي ،وتعتبر التجربة المغربية رائدة في هذا المجال لاعتمادها مقاربة تدريجية
وعملية ،حيث تمت مواكبة التجربة بتقييم السياسات العمومية حسب النوع
الاجتماعي بتحليل مؤشرات المردودية ،وقد مكنت التجربة من وضع تصنيف جديد
للإنصاف والمساواة.531
-531صباح العمراني :المرأة والمشاركة السياسية بالمغرب ،مساهمة تحليلية إلد ماج مقاربة النوع في السياسات العمومية ،دار النشر
إفريقيا الشرق (الدار البيضاء) ،1029 ،ص.088 .
فقد عرف السياق التاريخي لبلادنا تطورات هامة وإصلاحات بارزة مست الجانب
المالي خصوصا ،وانتهت بإدماج البعد النوعي في الميزانية ،فانطلاقا من سنة 2001
أطلق المغرب ورش إصلاح المالية العمومية ،واستنادا إلى مضمون هذا الإصلاح ،تم
إصدار منشور للوزير الأول في نفس السنة يحث فيه القطاعات الحكومية على تبني
المقاربة الجديدة ،532لتتوجه وزارة المالية ابتدءا من سنة 2002إلى الترويج لهذه
لقد تبنى المغرب الإصلاح الميزانياتي منذ سنة ،2001وعمل على إدخال
آليات جديدة للتدبير الميزانياتي تتأسس في الأساس على مقاربة الأهداف والنتائج،
وقد تأثر هذا الإصلاح بالمناخ الاجتماعي والسياسي للدولة ،والذي يروم تحقيق
المساواة بين الجنسين والاهتمام بوضعية المرأة ،خاصة بعد التزامات المغرب الدولية
في مجال حقوق الإنسان لضمان المساواة بين الجنسين ،وتحقيق العدالة الاجتماعية
تعتبر الميزانية الحساسة للنوع الاجتماعي أداة تخطيط مالي ذات أبعاد
اقتصادية واجتماعية ،تساعد الحكومة على إدماج النوع الاجتماعي عند إعداد وتنفيذ
الميزانية العامة ،وذلك بهدف التأكد من تخصيص الموارد المالية المتاحة بطريقة
عادلة وهادفة إلى إلغاء التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي في أسلوب تقديم
-532زرقاوي نورالدين :المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية المرتكزة على النتائج ورهانات الحكامة المالية ،بحث لنيل شهادة الماستر في
القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس السويسي بالرباط ،1005-1009 ،ص. 9 .
-533نجيب جيري :تنزيل الدستور المالي بالمغرب بين ضرورة اإلصالح ورهان الحكامة المالية ،مطبعة األمنية (الرباط) ،اإلصدار
السابع ،1021 ،ص.10 .
-534نفس المرجع السابق ،ص.55 .
الخدمات الحكومية وبما يلبي الاحتياجات المحددة لكل من الرجل والمرأة في المجتمع
المعني.535
تأخذ الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي بعين الاعتبار عنصر النوع في
كل ما تتضمنه بنودها الخاصة بالإنفا ق العام في كل سنة مالية ،وهي ليست ميزانية
منفصلة أو خاصة بالنوع الاجتماعي ،بل هي محاولة لتفكيك بنود الميزانية بحيث
والشفافية وإبراز الكفاءة (جدوى الإنفاق في مجال معين) ،من أجل تحقيق الحكامة
الجيدة.537
من تحليل الحاجيات لتحسين نوعية حياة النساء والرجال معا ،والأمر هنا لا يتعلق
بحجم الإنفاق وإنما بنوعيته وأثره على سائر الفئات ،ويمكن تعريف مقاربة النوع
كل من المرأة والرجل ،فهي تندرج في إطار مقاربة شمولية تهدف إلى تحقيق العدل
والمساواة ،ويقتضي الأمر تنسيقا أكبر بين السياسات والبرامج والميزانية ،كما تهدف
هذه المقاربة إلى ربط الموارد المخصصة بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية و
-535وفاء ج عفر المهداوي :الموازنة الحساسة للنوع االجتماعي أهمية تنموية وتجارب تطبيقية ،مجلة الكوت للعلوم االقتصادية واإلدارية،
تصدر عن كلية اإلدارة واالقتصاد جامعة واسط (العراق) ،العدد ،19الجزء الثاني ،1029 ،ص.5 .
-536وزارة المالية والخوصصة :دليل إصالح الميزانية ،المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية المرتكزة على النتائج والمدمجة لمقاربة النوع
االجتماعي ،تم إنجازه من طرف مديرية الميزانية ومساهمة صندوق األمم المتحدة اإلنمائي للمرأة ،سنة ،1005ص.59 .
-537خديجة الرباح ،رشيدة الطاهري ومحمد الرحموني :مقاربة النوع االجتماعي وميزانيات الجماعات المحلية ،منشورات الجمعية
الديمقراطية لنساء المغرب ،1006-1005 ،ص.2 .
-538وزارة االقتصاد والمالية :تقرير ميزانية النوع االجتماعي ،مديرية الدراسات والتوقعات المالية ،1006 ،ص.215 .
المعتاد ،ليشمل معرفة مدى تأثير المداخيل والنفقات العمومية على التنمية
التوازن الماكرو اقتصادي ،والتحليل النوعي للنفقات العمومية يعتمد على تشخيص
وضعية مختلف الفئات الاجتماعية ،وتقييم أسباب ونتائج الفوارق المسجلة ،وهذا
التشخيص يتوقف على وجود معطيات كاملة ومعينة لتحديد مدى استجابة السياسات
الاجتماعية.539
تكمن أهمية ميزانية النوع الاجتماعي في إعادة توظيف أواصر الصلة بين الموارد
قياسها بواسطة مؤشرات أداء رقمية ،تساعد صناع القرار على وضع سياسات تتمحور
حول تحسين وضع المرأة ودورها في المجتمع ،بهذا ينتج عن هذا الموضوع الإشكالية
التالية :ما مدى تأثير مختلف الفاعلين الوطنيين والدوليين في صناعة ميزانية النوع
الاجتماعي؟
للإجابة على هذه الإشكالية سيتم تقسيم الموضوع كالآتي :المطلب الأول:
539
- Noufissa El moujadidi: Les Fondements de la Budgétisation du Genre au Maroc, Revue
marocaine d’audit et de développement, N° 25, 2008, p. 117.
يجب معرفة أن العمل بميزانية النوع الاجتماعي ينطوي على مجموعة من
التحليل ،التي تبين إلى أي درجة الميزانية أو البرنامج مراعي لمنظور النوع
الاجتماعي ،هذا التحليل يمكن أن يفعل خارج الحكومة ،بواسطة باحثين جامعيين،
أو من طرف منظمات المجتمع المدني ،ويمكن أيضا أن يتم هذا التحليل بواسطة
الوطن ي ،ويتعلق الأمر بالحكومة والمؤسسة التشريعية (الفقرة الأولى) ،ثم المجتمع
وضع ميزانية النوع الاجتماعي (أولا) ،وكذلك دور السلطة التشريعية في التأثير
أولا :الحكومة
540-Miri Hanane: La Budgétisation sensible au Genre au Maroc, Thèse pour l’Obtention de
Doctorat en Sciences économiques, Faculté des sciences juridiques, économiques et sociales
(Oujda), 2013-2014, p. 334.
المجتمع المدني ،وفي جميع الحالات فمشاركتها أساسية لنجاح هذه الاستراتيجيات،
والحكومات عبارة عن وحدات متعددة ،لا تشمل فقط الغرفة الاستشارية للوزارات،
لكن أيضا المصالح والوكالات و مديريات الوزارات ،منها مديرية الدراسات والتوقعات
المالية ،التي تتولى إعداد تقرير النوع الاجتماعي والتقرير الاقتصادي والمالي ،وكذلك
تعد القرارات الحكومية أولا ،ثم تنفذ بواسطة شبكة من الفاعلين ،ومن أجل
يجب أن تكون هذه المبادرات مؤسسة على قرارات حكومية ،وقد منح المشرع
المغربي هذا الدور الأساسي في تحضير مشروع قانون المالية ،لوزارة المالية ،نظرا
لما تتوفر عليه من أجهزة إدارية متخصصة في الميدان المالي ،والكفيلة عمليا
بتحقيق التوازن الاقتصادي والمالي العام ،542ولا شك أن يناط بها هذا الدور وذلك
للاعتبارات التالية:543
الميزانية.
امتلاك الحكومة لأجهزة إدارية وفنية قادرة على إعداد مشاريع قوانين
541- Fiche Initiative Budgétisation Sensible au Genre, Maroc, conférence Internationale sur la
Budgétisation Sensible au Genre, Marrakech, 9-10 novembre, 2012. http://gsgmaroc
2012.com/wp-content/uploades/2012/11/Fiche-Maroc-FR.pdf.
-542عبد الفتاح بلخال :علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي ،مطبعة فضالة( ،الدار البيضاء) ،الطبعة األولى ،1005 ،ص.190 .
-543عبد النبي أظريف :المالية العامة ،أسس وقواعد تدبير الميزانية العامة ومراقبتها ،منشورات دار القرويين( ،الدار البيضاء) ،الطبعة
األولى ،1005 ،ص.90 .
وترتيب أولوياته ،ومن هنا يبدأ التفكير لإعداد ميزانية النوع الاجتماعي.
التأييد :يتم عموما خارج الحكومة ،لكن يمكن للفاعلين داخل الحكومة
الرقابة :من أهم أدوار البرلمان ،لكن يمكن للحكومة القيام بها في إطار
وظيفة التدبير والتسيير التي تقوم بها ،ويمكن للمجتمع المدني أيضا القيام
إثارة الوعي :هذه العملية توجه عموما إلى أولائك الذين لا يتوقع منهم
لعب دور أساسي ،لكن يطلب دعمهم لتحقيق الأهداف (دعم الشعب
ثانيا :البرلمان.
بتقديمه للبرلمان للمصادقة عليه ،هذه المرحلة تقتضي المرور من مراحل أربع:
والجهوية ،تفاوض ،تعدل ،وتعتمد بشكل نهائي الميزانية المقدمة من طرف الجهات
المختصة ،لكن يمكنها أيضا تقديم طلبات والضغط لتحقيق عدة اعتبارات ،منها تنمية
وقانون التصفية ،الذي يعتبر بمثابة آلية رقابة على الميزانية بشكل عام وميزانية
النوع الاجتماعي بشكل خاص ،يقوم البرلمان بهذه الرقابة بالاعتماد على اللجان ،من
بينها لجنة المساواة المضطلعة بالسهر على مدى احترام مشاريع ومقترحات القوانين
545- Budgétisation Sensible au Genre et Droit des Femme en matière de Sante de la
.Reproduction, un Guide Pratique de Unifem, 2006, publie sur le site: hhtp://www.unfpa.org
-546محمد سكلى :التدبير المالي العمومي بالمغرب ومتطلبات الحكامة المالية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،محمد الخامس( ،أكدال -الرباط) ،السنة الجامعية ،1021،-1021ص.95 .
-547هند أيوبي إدريسي :المرأ ة في المناصب السامية ،مداخلة في ندوة حول دور البرلمان في تعزيز مكانة المرأة ،تنظيم منتدى النساء
البرلمانيات المغربيات ورابطة أطر البرلمان 21 ،مارس.1009 ،
ستتطرق هذه الفقرة للحديث عن دور المجتمع المدني كفاعل مهم في عملية
صنع ميزانية النوع الاجتماعي (أولا) ،في إطار التعاون والتشاور رفقة المصالح
اللاممركزة (ثانيا).
والثقافية ،التي تعمل في ميادينها المختلفة ،من أجل تلبية الاحتياجات الملحة
للمجتمعات المحلية وفي استقلال نسبي عن سلطة الدولة وعن تأثير رأسمالية
المهنة والتعبير عن مصالح أعضائها ،ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الأدباء
يعد المجتمع المدني بأدواره الجديدة ميزة المجتمعات الحديثة ،وسمة من
سماتها ،549عند الحديث عن دور المجتمع المدني في ميزانية النوع ،فالأمر يتعلق
هنا بدرجة أولى بالرقابة الشاملة المتعددة التخصصات من الأسفل إلى الأعلى ،التي
تقوم بها هذه القوى الحية ،بعد إسناد الدولة لها دورا بارزا في عملية التنمية
-548مركز التميز للمنظمات غير الحكومية :ورقة عمل حول تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الصمود ،أبحاث ودراسات عدد
،1001 ،11ص.1 .
-549كريمة الوزاني الطيبي :ثقافة النوع بالمغرب ،مقاربة سوسيولوجية لمفهومي الحكامة والمجتمع المدني ،منشورات دار التوحيدي،
الطبعة األولى ،1026 ،ص.219 .
المستدامة ،550التي أعطت للفاعل الاجتماعي دورا أساسيا في إعداد وتنفيذ وتقييم
السياسات العمومية ،وفي تدبير الشأن العام جنبا لجنب مع مؤسسات الدولة.
وبالرجوع إلى التجربة المغربية ،نجد أن المجتمع المدني المغربي شارك في
تعزيز الميزانية المستجيبة للنوع ،تماما كما يشارك بشكل فعال في محاربة العنف
في خضم انفتاح الإدارة على محيطها الخارجي ،وبالنظر إلى حجم
الإشكاليات التي صاحبت تكريس الخوصصة ،باتت جمعيات المجتمع المدني شريكا
أساسيا للدولة في تخطيط وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية ،فلما كانت الميزانية
تشكل عصب السياسة العمومية للدولة ككل ،صار من اللازم إتاحة فرص أكبر
لجمعيات المجتمع المدني للمشاركة في تدبير المال العام في سياق تبني خيار
-550واصف منصور :المجتمع المدني ،الضرورات ،التحديات والمحاذير ،مطبعة دار النشر المغربية (الدار البيضاء) ،1005 ،ص.
.10
551- Harakat Mohamed: Finances publiques et Droit Budgétaire au Maroc, édition Maarif Al
المي زانية المرتكزة على النتائج ،فثمة عوامل عدة تدعو إلى إشراك الجمعيات في
قرب الجمعيات من الساكنة واحتكاكها اليومي بها يجعلانها أكثر قدرة من
غيرها على تقرير حاجيات المجتمع ،ومن ثم تحديد الأولويات التي قد
بذلك في تدقيق الأهداف وتحديد الأولويات على المستوى المحلي ،مما قد
الأولويات الوطنية.
تنامي مكونات النسيج الجمعوي كما وكيفا خلال العقود الأخيرة ،مما يجعل
-553أمينة لمريني وسالم صبار :دليل عصرنة الميزانية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،العدد ،1009 ،2ص.62 .
-554أمينة لمريني وسالم صبار :مرجع سابق ،ص.62 .
من هنا تظهر أهمية الجمعيات كوسيط بين السلطة والمجتمع وفق
تصورات المنهج النسقي (حركية المداخل والمخرجات) ،وهذا ما يجعل دورها أساسيا
في تدبير الميزانية على أساس النوع الاجتماعي انطلاقا من أربعة مداخل:
قبل البرلمان.
يتم إدراجها في الميزانية ،بالتأثير على صناع القرار وتحسيس الرأي العام.
قد يساهم في توجيه السياسة المالية ،وبالتالي التأثير على اختيارات الميزانية.
الأطراف المتدخلة في التدبير المالي ( الحكومة ،البرلمان) إلى القيام بوظائفها على
أحسن وجه ،ومن ثم تكريس مبدأ النتيجة ،وتعمل الجمعيات على تفعيل المساءلة
www.mfe.gov.ma
هذا ولا يمكن تصور قيام الجمعيات بأي دور إيجابي في تدبير الشأن
المالي العمومي ما لم تقم بتقوية قدراتها بالشكل الذي يواكب عصرنة الميزانية ،وهو
والاجتماعية.
صنع القرار.
وعلى صعيد آخر ،على الجمعيات العمل لاستعادة ثقة المجتمع فيها من جهة،
المواطن بجمعيات المجتمع المدني يفوق بكثير ارتباطه بالأحزاب السياسية والدولة،
بحيث تلعب الجمعيات دور الوسيط بين الطرفين ،وهو ما ينعكس إيجابا على تدبير
الميزانية بالشكل الذي يمكن معه وصفها بميزانية النتائج ،والتي تقتضي تفعيل نظام
-556منشور الوزير األول رقم ،21/1005بتاريخ 1غشت ،1005بخصوص إعداد مشروع قانون مالية سنة ،1009ص.25 .
المؤسساتية والسياسية غير متطورة بقدر كافي يسمح للجماعات المحلية والهيئات
التمثيلية العمل بشكل فعال ،فالشهادات حول كيفية تأثر النساء بالسياسات المحلية،
ومدى مشاركتهن في إعداد هذه السياسات ،تبين أنهن دائما يواجهن عقبات على
المستوى المحلي ،فمن الواضح أيضا ،أن السياسات اللامركزية ،لا تملك تدابير محددة
التنمية المحلية تبقى متدنية ،مما ينتج عنه أن مصالح وأولويات النساء في المخططات
المحلية والميزانية المحلية غير مهتم بها ،زيادة على أن ولوج النساء للخدمات التي
الالتزامات الوطنية تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين ،وتتم ترجمتها من
طرف الحكومة إلى مخططات وطنية للنهوض بالمرأة ،يتطلب إعداد هذه المخططات
على المستوى المحلي ،مساعدة مجموعة من الآليات الخاصة ،مثلا وضع الكوطا
لتحسين المشاركة السياسية للنساء ،والجماعات المحلية في الغالب ليس لها القدرة
على إطلاق خدمات عديدة تراعي منظور النوع ،وذلك راجع لكون الأموال التي تتلقاها
هذه الجماعات ،غالبا ما تكون موجهة لبرامج محددة أو لتغطية تكاليف الأشغال،
الميزانية ،على الفهم الجيد للمساواة بين الجنسين ،وتلبية احتياجات النساء ،وكذلك
يمكن للمانحين ووكالات الأمم المتحدة ،مراقبة هل الجماعات المحلية تستطيع تأدية
هذه الوظائف وضمان تمويل وتقديم المساعدة التقنية الحساسة للنوع الاجتماعي.
إلى جانب الأ جهزة الداخلية الوطنية كفاعل أساسي في المجال المالي ،المتمثلة
في السلطة التنفيذية والأجهزة التابعة لها ،والسلطة التشريعية وغيرها ،هناك
الأجهزة الخارجية المتمثلة في المؤسسات المالية الدولية ،التي أصبح لها دور كبير
في التأثير على المنظومة المالية والاقتصادية ،وتساهم في صياغة السياسات المالية،
وصناعة القرار المالي ،والتدخل في البرامج التنموية ،558والدعوة إلى إدماج المنظور
النوعي على مستوى عدة مجالات ،منها مجال الميزانية وذلك عن طريق المساعدات
والمالية لجل بلدان العالم الثالث ،بحكم السياسات التي تتبعها في منح القروض
وتقديم المساعدات الإنمائية الخارجية ،أو كما هو معروف في عالم اليوم بالمساعدات
الخارجية ،قد تم وضع اللبنة الأولى لها في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي ترومان
سنة ،1929حيث اقترح الرئيس الراحل برنامج مساعدات خارجية ،مشيدا بأهمية
إتاحة الفرصة للدول النامية للاستفادة من التقدم الحضاري والصناعي الذي تشهده
بلاده.559
هدفت هذه المساعدات إلى إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ،وسد
الفجوة المالية في البلدان التي عانت من عجوزات مالية ،والتي مزقتها الحروب في
أوروبا وآسيا ،ولم يستمر الأمر طويلا حتى بدأت دول أوروبية غربية عديدة في بداية
خمسينات القرن العشرين ،إضافة إلى الولايات المتحدة ،بفتح برامج تنموية ثنائية
ومباشرة ،مع الدول الفقيرة لمساعدها ،حتى وصل الرقم إلى نحو ثلاثين دولة ،لديها
تقوم المعونات الخارجية ،سواء منها الثنائية أو المتعددة الأطراف ،بدور مفصلي
لمعالجة النقص الحاصل في المدخرات والنقد الأجنبي في الاقتصاد القومي ،فهي تعمل
على توفير التمويل اللازم إلى جانب المصادر الأخرى ،لتنفيذ الاستثمارات المطلوبة،
وكذلك توفير النقد الأجنبي لشراء مستلزمات الإنتاج المستوردة ،فضلا عن الآثار
الأخرى المباشرة التي تمارسها تلك التدفقات على الاقتصاد القومي ،الأمر الذي
يساهم في دفع عجلة التنمية والرفاهية الاقتصادية ،561إن الهيمنة المالية القصوى
صندوق النقد الدولي هو وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ،أنشئت سنة
560- Elayah Moussa: Donors-promoted public Sector Reforms in Developing countries and the
Local Knowledge Syndrome: the Dutch-yemen NPT Program for Developing the higher
Education sector in Yemen, published by Leiden University and Smart Print, 2014, p. 7.
-561هشام حنضل عبد الباقي :تقدير الحجم األمثل للمعونات الخارجية لالقتصاد البحريني ،مجلة بحوث اقتصادية عربية ،العدد ،50
،1005ص.9 .
-562محمو د خالد المسافر :العولمة االقتصادية هيمنة الشمال والتداعيات على الجنوب ،منشورات بيت الحكمة( ،بغداد) ،الطبعة األولى،
،1001ص.259 .
المدفوعات ،يتحكم هذا الجهاز في السياسات المرتبطة بمسألة القروض ،حيث يقدم
وتوجيهها.
يتألف صندوق النقد الدولي من مجلس للمحافظين ،الذي يعتبر أعلى هيئة في
الصندوق ،ويجتمع مرة كل سنة ،أو بناءا على طلب 15عضوا أو بناءا لطلب أعضاء
يشكلون ربع الحصص ،ويمثل كل دولة محافظ ومحافظ مناوب ،وغالبا ما يكون وزيرا
للمالية لبلده أو حاكما للبنك المركزي ،وتعكس الحصة التي يدفعها كل بلد وزنه في
الاقتصاد العالمي ،وتتألف الحصة من 25%ذهبا ومن 15%من عملة البلد ،وفي
حالة عدم توفر كمية الذهب والدولارات المطلوبة ،يتم دفع 10%من الذهب وتدفع
وقد كشفت الأزمات المالية للبلدان ،عن الدور الحقيقي الذي يلعبه صندوق النقد
الدولي في توجيه سياسات الدول المستدينة ،ومدى تدخله في اتخاذ القرارات المالية
والنقدية على الصعيد الدولي وعلى الخصوص في دول العالم الثالث ،فحين أنشئ هذا
الصندوق ،لم يكن أحد يتوقع أن تكون له مثل هذه القوة المؤثرة ،التي تمكنه من
التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء ،بالذات الدول المتخلفة ،وإملاء ما يراه
-563عز الدين صالحاني :صندوق النقد الدولي والمساهمة السعودية ،منشورات معهد اإلنماء الغربي للدراسات االقتصادية (بيروت)،
الطبعة األولى ،2991 ،ص.26 .
من توجيهات اقتصادية واجتماعية ،وأن يحكم في أنظمة حكم بكاملها في عدد من
دول العالم.564
يتأثر بتوجيهات صندوق النقد الدولي وبمدى رضاه ،من هنا ليس عجيبا أن ترى
كاتبة مثل "شربل بابر" أن هذا الصندوق قد غدا أقوى حكومة فوق قومية في عالم
اليوم ،وأن قدرته على التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد التي يتعامل معها تمنحه
سلطة لا يسع أنصار الأمم المتحدة إلى أن يحلموا بها ،565وبما أنه يؤثر بشكل
مباشر في مالية الدول وفي ميزانيتها فمن البديهي أن تتأثر ميزانية النوع الاجتماعي
وتمويل البرامج التنموية الوطنية أيضا ،خاصة أن أغلب المساعدات المالية المقدمة
يلعب صندوق النقد الدولي دورا مهما في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ،رغم
أن الوسائل التي يستعملها غير مباشرة في العديد من الحالات ،يدعم هذا الصندوق
البرامج الحيوية المساهمة في استعادة النمو المستدام الذي يعتبر شرط ضروري
للحد من الفقر في البلدان التي تواجه أزمات في ميزان المدفوعات ،وبما أن النساء
هن الأشد فقرا فإن البرامج التي يدعمها صندوق النقد الدولي غالبا ما تكون لصالحهن
وتأخذ منظور النوع الاجتماعي بالحسبان ،بهذا يساهم صندوق النقد الدولي في
Gender Equality?, Remarks addressed to the Meeting of High - level Women in international
Finance, Economics, and Development (Dubai), 2003.
يلعب صندوق النقد الدولي من خلال المراقبة التي يقوم بها لاسيما مع
في إطار المراقبة يسعى صندوق النقد الدولي إلى منع الأزمات المالية
المؤثرة على البلدان النامية ،والتي يقع عبئها على الفقراء بشكل غير
للصندوق هو الأكثر أهمية ،لأن المرأة تكون أكثر عرضة لأضرار الأزمات
المالية.
يشجع صندوق النقد الدولي على زيادة مخصصات الميزانية الخاصة ببرامج
المعنيين ،ويشمل ذلك تعزيز الشفافية المالية ومساعدة البلدان على وضع
البلدان منخفضة الدخل ،ويفرض مقترحاته حول الموضوع ،ومن ضمن هذه
البنك الدولي هو أحد الوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة التي تعنى بالتنمية،
وفي الآونة الأخيرة ،ضاعف البنك من جهوده حيث أصبح يركز على تحقيق الأهداف
الإنمائية للألفية التي تمت الموافقة عليها من جانب أعضاء الأمم المتحدة عام
،2000والتي تستهدف تحقيق تخفيف مستدام لحدة الفقر ،ويعتبر تحقيق المساواة
بين الجنس ين وتمكين المرأة ،من صلب الأهداف الإنمائية للألفية ،فهما شرطان
أساسيان للتغلب على الفقر والجوع والمرض ،567هذه الأهداف وضعت التزامات
إضافية على عاتق الميزانيات الحكومية ،ودفعتها إلى تبني برامج واستراتيجيات
مستجيبة لمنظور النوع الاجتماعي ،بالتالي ساهم البنك الدولي في دفع الدول الأعضاء
جاء إعلان باريس حول فعالية المساعدات ،والذي كان مصمم للقيام بمتابعة
جمع "مونتيري "3وقمة مجموعة الثمانية ،لدعوة الجهات المانحة إلى زيادة
مساعداتهم ،واعتماد تدابير ملموسة وذات آثار يمكن تتبعها خلال تنفيذ الإصلاحات
المقدمة على مستوى صرف وتسيير المساعدة ،وقد أنشأ إعلان باريس أهداف فعالية
المساعدة ،ومؤشرات التقدم التي تم تأييدها من طرف الدول الأعضاء ،في القمة
يحتوي إعلان باريس على مجموعة من التوجيهات ،مع تحديد مجموعة من
وزارات المالية والتخطيط ،يجب عليها تجهيز فرق تقنية مدربة لوضع
ميزانية تأخذ بعين الاعتبار المساواة بين الجنسين ،وزارات تقنية لتنسيق
-567منظمة األمم المتحدة :تقرير عن األهداف اإلنمائية لأللفية ،منشورات منظمة األمم المتحدة( ،نيويورك) ،1020 ،ص.5 .
568 - Miri Hanane: op.cit, p. 365.
التي تمر منها ميزانية بلدانهم ،حتى يتسنى لهم المشاركة الفعالة في
التطبيق ،وبآليات المساءلة ،وفي هذا الصدد يمكن للشركاء المانحين ،لعب
طلبات توفر القدرات يجب أن تعتبر بمثابة التطبيق الجيد للحكامة في
مجال تعزيز المساواة بين الجنسين ،وحتى لو كانت هذه القدرات متطورة ،يجب على
هياكل الحكومة تقديم بعض الحوافز لضمان ترجمة هذه القدرات إلى نتائج ،وهذا
بدوره يحسن من المساواة بين الجنسين ،ويحقق تنمية فعالة ،وقد تكاتفت
المجهودات المبذولة لتلبية هذه الطلبات في السنوات الأخيرة ،وهذا ما تبينه تجربة
خاتمة:
عمل الإصلاح الميزانياتي على إدخال آليات جديدة للتدبير الميزانياتي تتأسس
على مقاربة الأهداف والنتائج ،وقد تأثر هذا الإصلاح بالمناخ الاجتماعي والسياسي
569- Le développement des capacités pour la promotion de l égalité entre les sexes, dans l
optique de l efficacité de l aide Enseignements dégages des consultations sous- régionales en
Afrique, Document de réflexion d’UNIFEM, Septembre 2007, Fonds de développement des
Nations Unies pour la femme INIFEM, publie sur le site: http/www.unifem.org.
للدولة ،والذي يروم تحقيق المساواة بين الجنسين والاهتمام بوضعية المرأة ،خاصة
بعد التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان لضمان المساواة بين الجنسين،
تستند عملية إعداد ميزانية النوع الاجتماعي إلى منطق وفلسفة مغايرة يعبر
عنها عادة بمنطق التحليل المبني على النوع الاجتماعي أو التحليل المجندر ،باعتباره
منطق و فلسفة نجدها في كافة مراحل دورة حياة الميزانية من حيث الإعداد والتنفيذ
والمتابعة والتقييم ،يساهم في هذه العملية مجموعة من الجهات الفاعلة التي يختلف
دورها وكذلك درجة تدخلها ،بين أدوار رئيسية لا غنى عنها وأدوار ثانوية تقييمية
أو توجيهية ،هذه الجهات الفاعلة لا يمكن حصرها فقط في الأجهزة والمؤسسات
الوطنية ،مثل الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني وغيرهم ،بل أيضا أجهزة دولية
لائحة المراجع:
الكتب باللغة العربية:
-صباح العمراني :المرأة و المشاركة السياسية بالمغرب ،مساهمة تحليلية
لإدماج مقاربة النوع في السياسات العمومية ،دار النشر إفريقيا الشرق (الدار
البيضاء).2018 ،
-عبد الفتاح بلخال :علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي ،مطبعة فضالة،
-عبد النبي أظريف :المالية العامة ،أسس وقواعد تدبير الميزانية العامة
شربل بابر :فخ القروض الخارجية ،صندوق النقد الدولي والعالم الثالث ،ترجمة
-نجيب جيري :تنزيل الدستور المالي بالمغرب بين ضرورة الإصلاح ورهان
الأطروحات:
ورهانات الحكامة المالية ،بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية العلوم
.2001-2008
المقالات:
.2015
وتجارب تطبيقية ،مجلة الكوت للعلوم الاقتصادية والإدارية ،تصدر عن كلية الإدارة
-هشام حنضل عبد الباقي :تقدير الحجم الأمثل للمعونات الخارجية للاقتصاد
الوثائق الرسمية:
-أمينة لمريني وسالم صبار :دليل عصرنة الميزانية ،المجلة المغربية للإدارة
.2002-2005
-مركز التميز للمنظمات غير الحكومية :ورقة عمل حول تعزيز دور مؤسسات
-مركز التميز للمنظمات غير الحكومية :ورقة عمل حول تعزيز دور مؤسسات
الميزانية المرتكزة على النتائج و المدمجة لمقاربة النوع الاجتماعي ،تم إنجازه من
طرف مديرية الميزانية ومساهمة صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ،سنة
.2005
التقارير:
المداخلات:
-هند أيوبي إدريسي :المرأة في المناصب السامية ،مداخلة في ندوة حول دور
البرلمان ف ي تعزيز مكانة المرأة ،تنظيم منتدى النساء البرلمانيات المغربيات ورابطة
Ouvrage:
2004.
Thèse :
Article:
Site Web:
http://gsgmaroc 2012.com/wp-
content/uploades/2012/11/Fiche-Maroc-FR.pdf.
hhtp://www.unfpa.org.
www.mfe.gov.ma
http/www.unifem.org.
P 415 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
م2021 من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز32 العدد
Ouvrages:
(Dubai), 2003.
P 416 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
جانب الفقه والاجتهاد بالتشريع والفقه والاجتهاد الفرنسي ،فان ذلك راجع بالأساس
إلى الدور الذي لعبه اجتهاد المحاكم الفرنسية من جراء الوظيفة الإبداعية التي
يضطلع بها والتي تروم بالأساس إيجاد فلسفة تخدم صالح التحكيم بشقيه الوطني
والدولي.
فالتنويه ينبغي أن يطال الدور الذي لعبته ولازالت تؤديه محكمة الاستئناف
التحكيمية التي كان مرغوبا فيها من قبل محكمة النقض الفرنسية جراء التأييد
والتأكيد الذي كانت تحظى بها من قبل غرفها ،ليعلن بالمقابل عن تصدر الاجتهاد
القضائي الفرنسي الصدارة كأحد الاجتهادات الأكثر تطورا وتقدما في مجال التحكيم.
لذا سنحاول الوقوف عند بعض أهم المبادئ والقواعد التي حاول الاجتهاد
الفرنسي صياغتها في مجال التحكيم ،والتي شكلت في الشق الغالب منها مبادئ
وقواعد موضوعية مؤسسة للتحكيم الدولي (الفقرة الأولى) تميل إلى جانب مبادئ
إن أهم القواعد الموضوعية الأساسية التي صاغها الاجتهاد القضائي الفرنسي،
والتي تشكل المبادئ المؤسسة للتحكيم الدولي تتمحور أهمها في النقاط التالية:
– للتحكيم المنازعات قابلية عدم مفهوم محو نحو التوجه -
دولية التحكيم يروم بالأساس ملامسة الوضوح والدقة عند تحديد حالات التحكيم
التي ستخضع للقواعد الخاصة المطبقة في المجال الدولي ،حيث في هذا الصدد كان
لمحكمة النقض الفرنسية باب السبق في التوجه نحو الأخذ بالمعيار الاقتصادي لتحديد
وقبل ذلك ،كان اجتهاد محكمة النقض الفرنسية بخصوص تعريف التحكيم
الدولي ثابتا وقارا ،حيث أصدرت الغرفة المدنية الأولى بتاريخ 28يناير 2003
570
-Gérard PLUYETTE : "1981-2011,trente ans de jurisprudence en matière d'arbitrage" , Texte de la Conférence A.F.A le 15
octobre 2013 dans les Salons de la Maison des Arts et Métiers à Paris , p :3.
قرارا اعتبرت فيه أن الشرط التحكيمي المبرم بين شركة وغير تاجر يعتبر صحيحا
يعد هذا المبدأ من بين أهم المبادئ في مجال التحكيم الدولي الذي يعود الفضل
في التأسيس له للاجتهاد الفرنسي ،حيث بني شيئا فشيئا عبر سلسلة من القرارات
الصادرة عن محكمة الاستئناف بباريس و الغرفة المدنية الأولى ليشكل معها قاعدة
موضوعية لدى قانون التحكيم الدولي ،حيث ذهبت محكمة النقض في قرارها Jules
قاعدة موضوعية لدى قانون التحكيم الدولي الفرنسي يكرس شرعية شرط التحكيم
بغض النظر عن قانون أي دولة " ،لكن هذا لا يعني بالمقابل أن القاعدة جديدة بل
سبق أن تم تأكيد هذا المبدأ من خلال إحدى قراراتها السابقة في قضية Zanzi
وتأسيسا لنظام قانوني خاص بشرط التحكيم المضمن بالعقود الدولية والذي
يستهدف إخضاع المنازعات المحتمل وقوعها للتحكيم ،كرس الاجتهاد القضائي قاعدة
استقلالية شرط التحكيم الدولي والذي تحول إلى قاعدة قارة وهي صحة شرط التحكيم
محكمة النقض الفرنسية ،573يأتي في مقدمتها قرار الغرفة المدنية الأولى بمحكمة
-571بيير أونسيل :قراءة في االجتهاد القضائي الفرنس ي في مادة التحكيم الدولي ،مداخلة بندوة التحكيم التجاري الوطني والدولي من تنظيم وزارة العدل
واالتحاد العام لمقاوالت المغرب بإشراف وإعداد من املجلس األعلى 1 – 3 ،مارس ، 2111دفاتر املجلس األعلى العدد ، 2117 -5ص .414 :
572 -Emmanuel Gaillard : La jurisprudence de la Cour de cassation en matière d’arbitrage international , art préc , p : 9.
-573حيث جاء في إحدى القرارات الصادرة عن الغرفة األولى ملحكمة النقض أنه :
« qu’en vertu de la règle matérielle du droit international de l’arbitrage, la clause compromissoire est indépendante juridiquement du contrat
principal qui la contient ou par référence et que son existence et son efficacité s’apprécient sous réserve des règles impératives du droit
والذي جاء فيه بأنه " في مادة التحكيم الدولي فان الشرط التحكيمي يتمتع دائما
بالاستقلالية القانونية الكاملة ،وبالتالي لا يمكن أن يتأثر بعدم الصحة المحتملة للعقد
الذي يتضمنه".574
واعتبارا لذلك ،ذهب بعض الفقه الفرنسي إلى أن إرساء مبدأ صحة اتفاق
التحكيم على المستوى الدولي قد كان مرغوبا فيه من لدن محكمة النقض الفرنسية
كأداة للسياسة القضائية بغية تعزيز فرنسا في مجال التحكيم الدولي وجعلها أكثر
جاذبية و فعالية.575
-
مبدأ اختصاص الاختصاص – le principe compétence-
-
compétence576
التي عرفت تطورا لدى القانون الفرنسي للتحكيم وأدقها في ذات الوقت ،بحيث أثار
العديد من الجدل وذلك بالرغم من الاعتراف الشبه الكامل بهذا المبدأ في الأنظمة
القانونية المعاصرة.577
français de l’arbitrage et de l’ordre public international , d’après la commune volonté des parties , sans qu’il soit nécessaire de se référer à
للمزيد من التعمق ،أنظر في ذلك une loi étatique «:
- Gérard PLUYETTE : "1981-2011, trente ans de jurisprudence en matière d'arbitrage", texte préc , p : 4.
-574بيير أونسيل :المرجع نفسه ،ص.412 :
575- Gérard PLUYETTE : "1981-2011,trente ans de jurisprudence en matière d'arbitrage", texte préc , p :4.
«576 -
Le thème de la compétence-compétence a été et est toujours au cœur de nombreux écrits doctrinaux, de même qu’il est
au cœur de lois1 et conventions internationales sur l’arbitrage et de nombreuses décisions Jurisprudentielles » , se situer par,
Laurence Ravillon : Retour sur le principe « compétence-compétence » , article publiée dans l’ouvrage le juge et l’arbitrage,
colloque de tunis , A.Pedone , avril 2014 , p :87.
-577ومن بين األنظمة القانونية التي اعترفت به نجد قانون التحكيم المغربي ،وذلك بموجب الفصل 325.9حيث جاء فيه " :على الهيئة
التحكيمية ،قبل النظر في الموضوع أن تبت ،إما تلقائيا أو بطلب من أحد األطراف ،في صحة أو حدود اختصاصاتها أو في صحة اتفاق التحكيم
وذلك بأمر غير قابل للطعن إال وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت ".
التحكيم وأحد مظاهر تطوره وتقدمه ،578فبقدر ما يزيد للمحكم القدرة والصلاحية
من أجل البث في الاختصاص أو الصلاحيات الخاصة به فانه بالمقابل يشكل معطى
ايجابيا للقوانين والاتفاقيات الدولية الذي تضمنته كما هو وارد في المادة 12من
وتكريسا له ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها صادر بتاريخ 1دجنبر
1999اعتبرت فيه بأن البث في مسألة قيام وصحة الاتفاق التحكيمي هي من
اختصاص المحكم ولايمكن للهيئة القضائية البث فيه ،579كما تم التأكيد عليه في
ولعل هذه القاعدة تبين بوضوح عن الوظيفة الإبداعية للاجتهاد القضائي الفرنسي
الذي لطالما أبان من خلال قراراته بدقة عن فلسفة تروم خدمة التحكيم ،وبالتالي
فإذا كان القرار التحكيمي الدولي يتمتع بنظام قانوني خاص يؤهل قابليته للاعتراف
به واعتماده وتنفيذه في كل الدول سواء بالنظر الى اتفاقية نيويورك أو بالنظر الى
النظام القانوني الخاص بالتحكيم الدولي الفرنسي له خصوصية تنبع من سمو قواعده
في بعض الأحيان عن القواعد الاتفاقية الدولية كما حدث مع قواعد اتفاقية نيويورك.
والتي تتعلق بقرار تحكيمي دولي تم إلغاءه في بلده الأصلي ،لكن تم الاعتراف به
وتنفيذه في فرنسا بقرار للغرفة المدنية الأولى الصادر بتاريخ 23مارس 1992
حيث ذهب هذا الأخير إلى تطبيق مقتضيات المادة السابعة من اتفاقية نيويورك التي
تنص على أن الشخص الذي يطلب تنفيذ قرار دولي صادر عن هيئة تحكيمية يمكنه
التماس تطبيق قانون محل التنفيذ ،إذا كان أكثر امتيازا من قواعد هذه الاتفاقية.
لكن في الحالة المتعلقة بهذه القضية فان اتفاقية نيويورك تعتبر بأن القرار التحكيمي
الدولي الذي تم إلغاؤه في بلده الأصلي يعد من بين الأسباب الموجبة لرفض الاعتراف
والتنفيذ ،والحال هنا أن القرار تم إلغاؤه في بلده الأصلي – سويسرا ،-لكن نظرا
لخصوصية القانون الفرنسي للتحكيم الدولي والذي يعد أكثر تسامحا وامتيازا من
اتفاقية نيويورك فانه لم يتعرف به كسبب موجب لرفض التنفيذ أو الاعتراف ما دام
في وضعية قانو نية سليمة ،مما يفيد معه بأن سبب الإلغاء المعتمد بالخارج يعتبر
محكمة النقض ومحكمة الاستئناف بباريس تبين بوضوح عن فلسفة تروم خدمة
التحكيم ،فانه بالإضافة إلى المبادئ التي كرسها الاجتهاد في مجال التحكيم الدولي
شملت الوظيفة الإبداعية جوانب أخرى في غاية من الأهمية ،نذكر منها :
-L’impartialité
ينضاف هذا المبدأ إلى خانة المبادئ الذي عرفت تطورا ملحوظا لدى القانون
الفرنسي للتحكيم ،فالنزاهة هنا تفيد معها عدم احتمال وجود صلة محتملة بين
المحكم والقضية القانونية التي يثيرها الأطراف ،أو بين المحكم وأحد الأطراف ،مما
يعني أنه ينبغي أن حكما محايدا وألا يظهر لديه تحيز اتجاه أي طرف ،أما الاستقلالية
فتقضي باستقلاليته في الاتصال بالأطراف ومحاميهم ،وكذا عدم وجود أي علاقة سابقة
أو حالية مع أطراف العلاقة التحكيمية كيفما كان نوعها ،أي ما يفيد عدم تبعيته
لأي طرف.582
وقد حظي بتكريس للاجتهاد القضائي حيث تم التأكيد عليه بقوة من قبل
الغرفة المدنية الأولى في إحدى قراراتها بتاريخ 12مارس 1999حيث جاء فيه
» :أن الاستقلالية والنزاهة هما أساس وجوهر الوظيفة التحكيمية ،«583قبل أن
تم تتميمه بموجب الفصل الثاني 584من المرسوم رقم 2011-28بتاريخ 13
يناير .2011
تتمثل مهمة قاضي الدعم في فك وحل حالات التوقف والصعوبات ذات الصلة
بسير إجراءات التحكيم ،585كما هو الحال في حالة تعذر تشكيل الهيئة التحكيمية
حيث ذهب المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة إلى الاعتراف
للأطراف بصلاحية اللجوء الى رئيس المحكمة المختصة 586حيث يوصف في هذه
الحالة بقاضي الدعم جراء المساعدة التي يقدمها للأطراف في مقابل ضمان سير
الإجراءات التحكيمية.
و ،1981قبل أن يتجه الاجتهاد القضائي بعد ذلك إلى الاعتراف بتدخل قاضي
الدعم في إطار نطاق واسع بموجب قرار لمحكمة النقض سنة 2005من أجل
ضمان فعالية حقيقية لتدخله بشكل يخدم صالح التحكيم ،وهو الأمر الذي استجاب
هذه فقط بعض المبادئ والقواعد الأساسية التي صاغها الاجتهاد القضائي
الفرنسي في مادة التحكيم ،تجيب المتسائل عن مرجعية جودة النص القانوني الفرنسي
في مجال التحكيم بأن الأمر يتطلب قضاءا تحكيميا موحدا كما هو الحال لمحكمة
الاستئناف بباريس وتنسيقيا بينها وبين المحكمة العليا – محكمة النقض الفرنسية
«Le tribunal arbitral est constitué lorsque le ou les arbitres ont accepté la mission qui leur est confiée. A cette date, il est saisi du
litige.
Il appartient à l'arbitre, avant d'accepter sa mission, de révéler toute circonstance susceptible d'affecter son indépendance ou
son impartialité. Il lui est également fait obligation de révéler sans délai toute circonstance de même nature qui pourrait naître
après l'acceptation de sa mission.
En cas de différend sur le maintien de l'arbitre, la difficulté est réglée par la personne chargée d'organiser l'arbitrage ou, à défaut,
tranchée par le juge d'appui, saisi dans le mois qui suit la révélation ou la découverte du fait litigieux ».
585 - Antoine Lerosier : Le rôle du juge d'appui au regard du nouveau droit français de l'arbitrage interne et international , Article
– لكي نكون أمام حلول واجتهادات بشأن المسائل التحكيمية بحجم وقيمة الاجتهاد
القضائي الفرنسي.
لذا ندعو إلى ضرورة إصلاح قضائي يروم توحيد الجهة القضائية المختصة بالنظر
في المسائل التحكيمية في مقابل التنسيق بينها وبين الغرفة التجارية بمحكمة النقض،
ناهيك أيضا عن ضرورة ان فتاح القاضي على المحيط الخارجي من جراء البحث في
القانون الأجنبي والاجتهاد القضائي المقارن لا سيما الفرنسي وكذا مسايرة التطورات
والاتفاقيات الدولية حتى يتمكن القضاء المغربي بالمقابل من بلورة اجتهاد قضائي
وطني مستقل بشأن مسائل التحكيم وإيجاد حلول واقعية بدلا من التشبث بحرفية
النص القانوني.
:لائحة المراجع
P 416 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
خلاله يتمكن الفرد من الاحتفاظ بممتلكاته ومعلوماته الخاصة دون تدخل طرف آخر،
لذلك عمدت المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية على حمايته من مختلف الانتهاكات
التي قد تعترضه ،إلا أن اجتياح العصر الرقمي لمختلف مناحي الحياة أفرز اعتداءات
جديدة على هذا الحق ،لتمس بذللك خصوصية الأفراد المادية والمعنوية وكذلك
المعلوماتية ،مما دفع بالمشرع المغربي إلى اعتماد بعض القوانين (09.08
وتأتي هذه الورقة لبحث مدى توفق المشرع المغربي في بلوغ هذه الغاية من
خلال معالجة بعض مظاهر الاعتداءات التي أصبحت تطال حياة الافراد الخاصة في
:المقدمة
يعمد الفقه عند الكلام عن أنواع الحقوق على تقسيمها تقسيمات عدة تتعدد
إلا أن التقسيم التقليدي الذي،بتعدد زوايا النظر إليها وبحجم التداخل الحاصل بينها
P 418 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
جرى عليه أغلب الفقهاء واتبعته أكثر التقنينات هو تقسيم الحقوق إلى حقوق مالية
وحقوق غير مالية ،588إضافة لطائفة أخرى من الحقوق المصنفة في خانة الحقوق
والتي ظهرت نتيجة تطور الأوضاع الاقتصادية والتقدم التكنولوجي ،وهي 589
المختلطة
ما تسمى بالحقوق الذهنية أو الحقوق المعنوية أو بحقوق الملكية الفكرية بصفة عامة.
وتنقسم الحقوق المالية إلى حقوق عينية وحقوق شخصية ،أما الحقوق غير المالية
فيتم تقسيمها إلى حقوق سياسية ،وحقوق الأسرة ،ثم الحقوق اللصيقة بالشخصية،
هذه الأخيرة وانطلاقا من تسميتها فهي ترتبط ارتباطا وثيقا بمقومات وعناصر
الشخصية ويتفرع عنها الحقوق المتعلقة بنشاط الشخص (حرية العمل -الزواج -
التنقل – الإقامة ،)..وحقه في الحياة وسلامة جسده ،وحقه في احترام كيانه المادي
في الشرف والاعتبار والحق أوقات الفراغ ،)..ثم حقه في حماية حياته الخاصة
وبعد الح ق في حماية الحياة الخاصة من أهم حقوق الانسان ،لجمعه بين الجوانب
والحريات الأخرى ،لأجل ذلك فقد تم تضمينه ضمن مجموعة من المواثيق الدولية،590
( )588نبيل إبراھيم سعد ،المدخل إلى القانون نظرية الحق ،مشورات الحلبي الحقوقية ،الطبعة األولى ،بيروت ،0212 ،ص:
.21
( )589استقر االختالف الفقهي منذ مدة على كون حق المؤلف و المخترﻉ ھو حق مختلط يشتمل حق معنوي يتمثل في حق
المؤلف في أبويته لمؤلفه ،والمخترﻉ في أبوته الختراعه ،وحقه في سالمة أفكاره وكتاباته من أن تغيّر أو تزيف مما يلحق
ضررا جسيما بمصالحه األدبية ،فكما أن للشخص حقا في سالمة كيانه الجسدي ،كذلك له الحق في سالمة كيانه الفكري واألدبي،
ليكون ھذا الحق بدون شك من حقوق الشخصية ،غير أن ھذا ال يمنع اشتمال حق المؤلف و المخترﻉ على جانب أو حق مالي
يتمثل في استثماره فكره واستغالله له استغالال ماليا ،وھذا الحق المالي ال يعد من حقوق الشخصية وبالتالي يخضع لما تخضع
له الحقوق المالية من قواعد .رمضان أبو السعود ،النظرية العامة للحق ،دار الجامعة الجديدة ،5002 ،األزاريطة،5002 ،
ص .585
( )590كاإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان (المادة ،)10والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة ،)11واالتفاقية
األوروبية لحقوق االنسان (المادة ،)2وھو مكفول أيضًا بموجب المادة 1من ميثاق الحقوق األساسية لالتحاد األوروبي.
ناهيك عن الارتقاء به إلى مصاف الحقوق الدستورية ،كما هو الحال مع دستور المملكة
فبموجب الحق في حماية الحياة الخاصة يشعر الفرد بأنه غير مراقب مادام
هناك حاجز مادي يطوق به نفسه ،ليعيش خصوصيته في معزل عن كل تطفل غير
مرغوب فيه ،ويفصل بالتالي بين الحياة العامة والخاصة بكل سهولة ،592غير أنه مع
بروز الثورة العلمية وظهور تلك الطفرة الحاصلة في العصر الرقمي ،أصبح الفاصل
بين ما هو عام وخاص عديم الجدوى ،وبات من السهل كشف خصوصية وأسرار
الأفراد و كذا تعريضها إلى الإعلان والنشر ،أو التهديد والمساومة ،أو إلى الابتزاز
والضغط ،كما تحولت تلك الأسرار في ظل الانتشار السريع لوسائل الاتصال المتطورة
إلى بضاعة أو سلعة متداولة لدى العامة ،بحيث يستطيع الغير الحصول عليها دون
الحاجة إلى إذن مسبق ،مما أثر على الحقوق والحريات الفردية للإنسان.
ليفرز بذلك العصر الرقمي مفهوما جديدا للحياة الخاصة ينطلق بالأساس من
الوسائل والبرامج التقنية التي أصبح يستخدمها الأفراد لمصلحتهم ،إلا أنها بالموازاة
مع ذلك فقد أصبحت تستغل ضدهم عبر نوعية جديدة من الاعتداءات ،تكون إما
واقعة على مكونات حياتهم الخاصة وفق المفهوم التقليدي ،593والمتشكلة من
( )591نص دستور المملكة المغربية لسنة ،0211الصادر بتنفيذه الظهير شريف رقم 1.11.21في 01من شعبان 02( 1220
يوليو ،)0211المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1222مكرر 02 ،شعبان 22( 1220يوليو .)0211
( )592ھارولد ج .السكي ،الحرية في الدولة الحديثة ،ترجمة أحمد رضوان عز الدين ،الطبعة األولى ،منشورات دار الطليعة،
بيروت ،1222 ،ص 22و .21
( )593اتفق رجال القانون على أن وضع تعريف شمولي للحق في الحياة الخاصة يبقى أمرا غير يسير ،ذلك ألن فكرته تتسم بالمرونة
والتطور ،كما تختلف من مجتمع ألخر ،لتترك مسألة تحديد المفهوم للفقه الذي انقسم إلى ثالثة اتجاھات يأخذ األول فيها بالمعيار اإليجابي
الذي يقول بأن الحق في الخصوصية يعني العزلة ،وھو التوجه الذي أكده الفقه األمريكي عن طريق "آالن ويستن" ،وكذلك الفقه
الفرنسي من خالل "نيرسون رودجر" لكل انسان نطاقا من الحياة يجب أن يكون شخصيا له ومقصورا عليه بحيث ال يجوﺯ
للغير أن يدخل عليه بدون إذن ،والعزلة قد تكون بان يبتعد الفرد عن المجتمع ويعيش وحده فترة من الوقت أو قد تكون بأن
يختلي اإلنسان ببعض الناس الذين يألفهم .إال أن ھذا االتجاه عرف مجموعة من االنتقادات أبرﺯھا عدم تحديده للعناصر التي
الخصوصية المادية والمعنوية لكن بواسطة وسائل تكنولوجية (هواتف ذكية ،لوائح
رقمية ،الحاسوب ،البرامج التقنية ،)..أو تقع على مكونات حياتهم الخاصة الموجودة
594
بشكل كامل في الفضاء الرقمي -وهي ما يعرف وفق مدلول القانون 09.08
المعلوماتية.
ليعر ف بذلك الحق في الحياة الخاصة في نطاق العصر الرقمي بأنه " :حق
يمكن للمعلومات الخاصة بهم أن تصل للآخرين" ،أو بأنه "حق الفرد أن يضبط
يقع عليها ھذا االلتزام وعجزه عن تقديم معيار قانوني حاسم بحدد المقصود بالحياة الخاصة ،وما ھي األحوال التي يجب فيها
ترك الشخص واألحوال التي تلزم التدخل حتى تصلح التفرقة.
أما الثاني فيأخذ بالمعيار السلبي الذي يحدد الحق في الخصوصية انطالقا من المكان ،حيث فسرھا بأنها عكس الحياة العامة،
وكذا "الحياة العملية التي تجري وقائعها دون خفاء أمام الناس" ،كما عمد أنصار ھذا االتجاه إلى تحليل عناصر الحياة العامة
عبر مظاھرھا من أجل الفصل بين ما ھو عام وما ھو خاص ،وخلصوا في نهاية األمر إلى أن الحياة العامة تتمحور في ثالثة
عناصر وھي النشاط المهني ،وقضاء أوقات الفراغ والترفيه في األماكن العامة ،ثم أنشطة السلطات العامة .لتكون العبرة
بالمكان في حد ذاته وليس األشخاص ،فمتى كان عاما اعتبر كل ما يدور فيه عاما وكل ما يقع فيه من أحداث يعتبر علنيا .إال
أن ھذا االتجاه بدوره تعرض للنقد نظرا لعجزه عن تحديد تعريف دقيق لحق الفرد في الخصوصية على اعتبار أن الحياة المهنية
يتخللها جانب خاص يرتبط بالسر المهني ،وأوقات الترفيه تعد حياة خاصة لفئة المشهورين داخل المجتمع وبالتالي فهم ال
يرغبون في نشرھا عبر الصحف ،كما أن مجموعة من أنشطة السلطات العامة يحث القانون على سريتها ويتابع من ينتهكها
كما ھو الحال مع التصويت في االنتخابات.
ثم الثالث الذي يعرف الحق في الخصوصية عبر تعداد مظاهرها وھو االتجاه الذي اتصف بالعملية أكثر من غيره كما تم
اعتماده من طرف "مؤتمر رجال القانون المنعقد في استكهولم سنة ،"1221وكذا الجمعية االستشارية للمجلس األوروبي في
المادتين الثانية والثالثة من التوصية رقم 202الصادرة بتاريخ 02يناير ،1212وھو نفس االتجاه الذي تبناه المشرﻉ المغربي
حيث لم يتضمن أي نص يحدد تعريف الحق في الحياة الخاصة ،وإنما استند على إقرار الحماية لبعض مظاھره سواء المرتبطة
بالجانب المادي ،أو المرتبطة بالجانب المعنوي ،وحتى حينما أصدر القانون 22.12المتعلق بالصحافة والنشر ،فهو لم يعرف
مفهوم الحياة الخاصة وإنما بين الحاالت التي تعد بمثابة تدخل فيها متى تحققت.
لالطالﻉ أكثر حول ھذا االختالف راجع :علي أحمد عبد الزعبي ،حق الخصوصية في القانون الجنائي ،دراسة مقارنة،
المؤسسة الحديثة للكتاب ،طرابلس ،5002 ،ص 111وما بعدها.
( )594الظهير الشريف رقم 1.22.11الصادر في 00من صفر 12( 1222فبراير ،)0222بتنفيذ القانون رقم 22.22المتعلق
بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 1111بتاريخ 01
صفر 02( 1222فبراير ،)0222ص .110
( )595تعرف المعطيات الشخصية ضمن البند األول من المادة األولى من القانون 22.22على أنها " :كل معلومة كيفما كان
نوعها بغض النظر عن دعامتها ،بما في ذلك الصوت والصورة ،والمتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه والمسمى
بعده بالشخص المعني".
( )596عبد المجيد غميجة ،الحماية القضائية للمعطيات الشخصية ،المعهد العالي للقضاء ،بدون سنة نشر ،ص.1 :
عملية جمع المعلومات الشخصية عنه ،وعملية معاملتها آليا وحفظها ،وتوزيعها
من الاعتداءات التي تطال خصوصية الأفراد في نطاق العصر الرقمي خصوصا وأنها
تزداد بشكل يوازي السرعة التي يتطور بها هذا العصر ،أما من الناحية العملية فهي
فيسبوك" ،598مما يفسر التغلغل الواضح للأفراد في هذه المواقع وغيرها ،والذي
ما مدى توفق المشرع المغربي في مواجهة الاعتداءات التي تطال حق الأفراد
في حياتهم الخاصة ،في ظل المخاطر والتهديدات التي أفرزها العصر الرقمي؟
لضيق المجال في هذه الورقة سأقتصر وأنا أحاول الإجابة على هذه الاشكالية
على بعض من مظاهر الاعتداءات التي تلحق حق الأفراد في الحياة الخاصة في نطاق
العصر الرقمي ،وذلك وفق التصميم التالي :المبحث الأول :المظاهر المرتبطة
( )597محمد عبد المحسن المقاطع ،حماية الحياة الخاصة لألفراد وضماناتها في مواجهة الحاسوب اآللي ،الطبعة األولى،
مطبوعات جامعة الكويت ،1220،ص .21
( )598إحصائية متاحة على الرابط التالي:
, /https://groupe-sunergia.com/market-insights/barometre-reseaux-sociaux-maroc-2020
تُظهر الخصوصية المادية الجانب الملموس لحياة الأفراد الذي أصبح يعرف نوعا
جديدا من الاعتداءات ،بخلاف ما كان عليه الأمر في العناصر المادية العادية ،حيث
أصبحت توظف وسائل وبرامج تقنية للمس بمظاهر هذا النوع من الخصوصية ،التي
سأقتصر فيها على الحق في الأقوال أو المعلومات السرية (المطلب الأول) ،ثم الحق
الرقمي
ومقارنتها 599
باستقراء بعض نصوص القانون المغربي المرتبطة بموضوع الفقرة
يتضح أن هذا الأخير لم ينص على حماية صريحة للأقوال أو المعلومات وإنما اعتبر
سرية الاتصالات الشخصية بكل أشكالها مضمونة ،مما يدعو لتفسير نص بكونه جاء
بحماية مطلقة لكل أنواع وأشكال المراسلات ( 232و 228ق ج) ،والمكالمات
( )599تم تكريس الفصل 02من دستور 0211عبر نصوص تشريعية أوردھا كل من قانون المسطرة الجنائية بموجب المادة
،122وكذا القانون الجنائي بموجب الفصل 222المتعلق باعتداء الشخص العادي ،ثم الفصل 020المرتبط باعتداء الموظف
العمومي ،وأخيرا الفصلين 221-1و 221-0من القانون .122.12
( )600جاء في الفقرة الثالثة من دستور المملكة المغربي لسنة 0211ما يلي )..( :ال تنتهك سرية االتصاالت الشخصية ،كيفما
كان شكلها .وال يمكن الترخيص باالطالﻉ على مضمونها أو نشرھا ،كال أو بعضا ،أو باستعمالها ضد أيا كان ،إال بأمر قضائي،
ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون( .)..نص دستور المملكة المغربية لسنة ،5011الصادر بتنفيذه الظهير
شريف رقم 1.11.11في 52من شعبان 51( 1345يوليو ،)5011المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2123مكرر58 ،
شعبان 40( 1345يوليو .)5011
خلال تحديد موضوعها (الفقرة الأولى) ،وأركانها التي تقوم عليها مع العقوبة المقررة
حتى تقوم هذه الجريمة يجب أن تتخذ إحدى صور النشاط المادي سواء تعلق
المصطلحات التي لم تعتمدها تشريعات مقارنة كالتشريع المصري الذي وظف في
العقوبات ،603فما المقصود إذن بكل من الأقوال والمعلومات؟ وما سبب إضافة هذه
الأخيرة؟
بالنسبة لمصطلح "الأقوال" :من الناحية الاصطلاحية هي جمع قول وتفيد "الكلام
على الترتيب ،أي كُل ُ لَّفْظٍ قال به اللِسانُ ،تام اً أو ناقِصاً ،604وفي ارتباطها
( )601القانون رقم 122.12المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.12الصادر بتاريخ
1جمادى األخيرة 00( 1222فبراير ،)0212المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2211بتاريخ 02جمادى األخيرة 10( 1222
مارس ،)0212ص .1222
( )602قانون العقوبات المصري رقم 12لسنة 1221وفق تعديالت 1سبتمبر 0202بالقانون 122لسنة .0202
( )603األمر رقم 112-222المؤرخ في 12صفر عام 1222الموافق 2يونيو سنة ،1222الذي يتضمن قانون العقوبات
الجزائري لمعدل والمتمم.
( )604أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور االفريقي المصري ،لسان العرب ،المجلد التاسع ،دار صادر للنشر،
،1222ص .110
من الأشخاص بصرف النظر عن اللغة المستعملة سواء تمت بلغة أجنبية أو عن
طريق الشفرة ،لتكون الأقوال "عبارة عن كل حديث أو صوت له دلالة التعبير عن
الحديث وصف القول كما لو كان لحنا موسيقيا أو صيحات ليست لها دلالة لغوية.605
وتعتبر الأقوال الصادرة بشكل خاص أو سري من بين صور الحياة الخاصة،
حيث يطمئن من يوجه الأقوال إلى الطرف الآخر الموجهة له سواء بطريق مباشر
(وهو الذي يمكن سماعه من الغير بالأذن المجردة) ،أو بواسطة المكالمات
الالكترونية ،)...من دون حرج أو تردد أو خوف أو تصنت الغير عليها ،اعتقادا منه
على هذا التعريف أنه جاء شاملا ،ولعله الهدف الذي توخاه المشرع المغربي كذلك
( )605محمد أمين الخرشة ،مشروعية الصوت والصورة في اإلثبات الجنائي دراسة مقارنة ،دار الثقافة ،عمان ،0211 ،ص
.102
()606محمد أمين الخرشة ،نفس المرجع.
()607أحمد علي ،مفهوم المعلومات وإدارة المعرفة ،مقال منشور بمجلة جامعة دمشق ،المجلد ،02العدد األول ،0210 ،ص
.212
الذي حدد مفهوم المعلومات حسب مادته الثانية في تلك التي تضمن في وثائق ذات
لمصطلح "معطيات ذات طابع شخصي" ،لتبيان نوعية المعلومات المرتبطة بمجال
المعلوميات.
كانت خاص ة أو سرية ،فإنها تعتبر صورة من صور الحياة الخاصة التي قد تنتهك
سواء بالطرق العادية أومن خلال الأنظمة المعلوماتية المتطورة عبر الصور التي جاء
وإجابة على سبب إضافة المشرع لمصطلح "المعلومات" عكس بعض التشريعات
المقارنة ،يمكن القول بالاعتماد على ما تقدم بيانه أن الأقوال تحيل على الأحاديث،
غير أن المشرع حسب تصوري الشخصي أراد أن يوسع من نطاق حماية خصوصية
في إطار معين ،وكذا من حيث القيمة حيث أنها تكون سرية وتتحقق إما بإرادة
الشخص باكتشاف مجال حديث ،أو بحسب طبيعتها كاكتشاف شيء لم يكن معروفا
من قبل ،وهو ما أكده المشرع في الفصل 221-1عندما ربط تحقق الجريمة
الواقعة على الأقوال أو المعلومات بشرط السرية ،لتخرج بالتالي المعلومة الشائعة
( )608القانون رقم 21.12المتعلق بالحق في الحصول على المعلوماتـ الصادر بتنفيذه الظهير شريف 1.12.11صادر في 1
جمادى اآلخرة 00( 1222فبراير ،)0212المنشور بالجريدة الرسمية الجريدة الرسمية عدد 2211بتاريخ 02جمادى اآلخرة
10( 1222مارس ،)0212ص .1222
بين الناس عن نطاق الحماية الجنائية ،وأخير يقع الاختلاف من حيث المضمون
"فالأقوال" تحيل على الأصوات والأحاديث الشفوية أما "المعلومات" نطاقها يشمل
ما هو شفوي وكتابي ،كان يقوم الجاني بالتقاط (عبر تصويرها بهاتفه الذكي) محتوى
ج) ،وكذا المراسلات ( 232و 228ق ج) ،والتي تتفرع جميعها عن المبدأ
الدستوري المنصوص عليه في الفصل 22ألا وهو "الحق في احترام سرية الاتصالات
صادرة بشكل خاص أو سري ،دون موافقة أصحابها ،بيان ركنها المادي (أولا)،
يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بتحقق إحدى صور النشاط الاجرامي الذي
عمد منشور السيد رئيس النيابة العامة حول حماية الحياة الخاصة للأفراد في
ظل القانون ، 103.13إلى توضيح صور النشاط المادي درءً لكل خلط أو تأويل
-يقصد بالالتقاط" :أي اعت راض أقوال أو معلومات لم تكن موجهة أصلا إلى
الشخص الذي التقطها ،كالرسائل الهاتفية النصية أو تلك المحالة عبر الوسائل
الالكترونية أو نحوها ،التي يقوم بالتقاطها شخص آخر غير طرفي المحادثة".609
وقد استعمل المشرع المغربي مصطلح "التقاط" ولم يستعمل عبارة "استراق
السمع" التي تفيد أيضا "التنصت على الحديث أو الاستماع إليه خلسة" ،مثلما فعل
-يقصد بالتسجيل" :أي توجيه إرادة الفاعل إلى تسجيل الأقوال أو المعلومات
الصادرة عن الغير بشكل خاص أو سري ،كالقيام بتسجيل محادثة هاتفية أو حوار
أجري في مكان خاص ،ولو كان الفاعل طرفا في الحوار .بالمقابل يخرج عن دائرة
تنبغي الإشارة بخصوص هذه الصورة إلى إشكالية مهمة وهي المرتبطة بمدى
وإجابة على هذا التساؤل فقد أشار منشور السيد رئيس النيابة العامة إلى اجتهاد
( )609منشور السيد رئيس النيابة العامة ،حول حماية الحياة الخاصة لألفراد في ظل القانون رقم ،122.12عدد 22س/ر ن ،
بتاريخ 22ديسمبر ،0212ص .0
( )610تنص المادة 222مكررا من قانون العقوبات المصري على أنه" :يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنة كل من اعتدى
على حرمة الحياة الخاصة للمواطن ،وذلك بأن ارتكب أحد األفعال التالية في غير األحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء
المجني عليه( :أ) استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاﺯ من األجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص
أو عن طريق التليفون (.")..
( )611منشور السيد رئيس النيابة العامة ،مرجع سابق ،ص .0
قضائي مقارن أثناء حديثه عن عملية تسجيل الأقوال أو المعلومات الصادرة عن
الغير بشكل خاص أو سري ،والذي اعتبر عملية التسجيل التي تكون الغاية منها
تقديم دليل إلى القضاء أو الشرطة القضائية لا تقوم معه هذه الجريمة .612مرتكزا
في ذلك على الحق في المحاكمة العادلة وانعدام أصل المساس بالحياة الخاصة.
-يقصد بالبث أو التوزيع" :أي قيام الفاعل بنقل أو نشر أو ترويج أقوال أو
معلومات ،صادرة عن شخص ما بشكل سري أو خاص إلى علم الغير ،ويستوي في
هذا البث أو التوزيع أن يكون قد تم عبر وسائط سمعية أو بصرية أو إلكترونية ،أو
بأي وسيلة من وسائل البث أو التوزيع ،بما في ذلك اعتماد التقنيات التي تتيحها
بعد استعراض صور النشاط المادي التي تقوم بتحقق إحداها جريمة "التقاط أو
تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري ،دون موافقة
أصحابها شخص" ،لا بأس من استعراض بعض الملاحظات المرتبطة بهذه الصور على
الشكل التالي:
التساؤل حول قيام المساءلة الجنائية بخصوصهما رغم أنهما لا يحققان شرط العلنية
يمكن القول بهذا الخصوص أن المشرع لم يميز بين هذه الصور وجعل تحقق
أي منها بشكل مستقل دون أن ترتبط مع صورة أخرى فعل يجيز المتابعة الجنائية،
( )612سبق لمحكمة النقض الفرنسية أن اعتبرت أن" :جريمة تسجيل األقوال الصادرة بشكل خاص غير متحققة رغم قيام
المشتكى به بتسجيل مكالمة ھاتفية مع المشتكي قدمها إلى الشرطة القضائية لكون الفاعل لم يكن يهدف إلى المساس بالحياة
الخاصة للمشتكي".
=قرار الغرفة الجنائية لمحكمة النقض بتاريخ 11يوليوﺯ ،1222أورده منشور السيد رئيس النيابة العامة ،نفس المرجع.
( )613منشور السيد رئيس النيابة العامة ،نفس المرجع.
لكن هذا لا يمنع من عرض وجهة نظري بخصوص هذا التساؤل ومفادها أن توقف
من قام بعملتي "الالتقاط" أو "التسجيل" عند هذه الحدود ،فهو يجعله غير منتهك
لحياة الطرف الآخر الخاصة طالما لم يصل الأمر إلى علم هذا الأخير إما بواسطة
في جريمة أخرى وهي "التهديد" المنصوص عليها بموجب الفصول من 225إلى
229من القانون الجنائي ،إضافة إلى إمكانية متابعته بالجريمة موضوع هذه الفقرة
لو عمد لتنفيذ تهديده وكشف الأقوال أو المعلومات الصادرة بشكل سري للغير دون
إلا أن هذا التفسير لا يغني عن القول كما أسلفت الذكر بأن المشرع وازى في
المتابعة بنفس العقوبة مرتكب فعل "الالتقاط" و "التسجيل" ،الذي يتخل ف في
طبيعته التكوينية عنصر النشر المحقق لعنصر العلم ،مع مرتكب فعل "البث"
و"التوزيع" الذي يقوم على عنصر العلانية ،ويصل لعلم الغير ليحقق الاعتداء على
حياته الخاصة.
الاصطلاحية ،رغم جمعهما في فقرة واحدة من طرف منشور السيد رئيس النيابة
العامة ،فالبث يفيد "النقل" أي نقل الأقوال أو المعلومات التي تم الاستماع إليها
أو تسجيلها والصادرة بشكل سري من المكان الذي تم فيه الاستماع أو التسجيل
إلى مكان آخر يجعل الغير عالما بها ،أما التوزيع فيفيد "النشر" الذي يتميز عكس
الصادرة بشكل سري من طرف الأشخاص ودون موافقتهم ،وهو ما أصبح محققا بشكل
-الملاحظة الثالثة :انفتاح منشور السيد رئيس النيابة العامة أثناء عرضه لصور
النشاط المادي لهذه الجريمة ،على الأنظمة المعلوماتية التي أصبحت تستخدم سواء
في عملية الالتقاط عن طريق الأجهزة الالكترونية المتقدمة التي تمكن من التقاط
الأقوال أو المعلومات خلسة ودون علم صاحبها ،أو في عملية التسجيل التي صارت
تدون على أسطوانات مدمجة ( )CDأو فلاش ذاكرة ( ،)USBإضافة للبث أو
التوزيع الذي أصبح أكثر سرعة خصوصا مع اجتياح الهواتف الذكية لمختلف شرائح
المجتمع.
معينة هي كالآتي:
-الشرط الأول :ارتكاب الجريمة بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية:
ويتبين من خلال الفصل المشار إليه آنفا أن المشرع المغربي لم يحدد وسيلة بذاتها،
بل اعتمد عبارة "بأي وسيلة" وحسنا فعل بتركه الباب مفتوح لأن التقدم العلمي لا
يتوقف ،وبالتالي فهي عبارة من العموم والشمول تتسع لكل الأقوال أو المعلومات
التي بين شخصين أو أكثر ،سواء كانت مباشرة عن طريق الالتقاط بالأذن للقول ،أو
كالميكروفونات.
كما أدخل الشرع عبارة "الأنظمة المعلوماتية" رغم أن عبارة "بأي وسيلة"
تجب ها ،إلا أنه أضافها بشكل مستقل ليقفل باب أي تأويل محتمل ،حول خروج
-الشرط الثاني :أن تكون الأقوال أو المعلومات موضوع الجريمة صادرة بشكل
سري :حيث اعتمد المشرع المغربي في قيام هذه الجريمة على المعيار الشخصي
دون المعيار الموضوعي ،إذ جرم صور النشاط المادي الواقعة على الأقوال أو
المعلومات الصادرة بشكل خاص أو سري حتى ولو وقعت في مكان عام ،وهو ما
أوضحه منشور السيد رئيس النيابة العامة من خلال الحكم القضائي الذي استدل به،
حيث اعتبر أن "الحديث الخاص الذي يجريه الفرد مع صديقه في الشارع العام
مشمولا بالحماية لأن الأقوال صدرت بشكل خاص"،614إذ العبرة بحماية مضمون
مكان الإفصاح عنها ،وإلا فيجب على من أراد الاستفادة من الحماية القانونية أن
يلتجأ لمكان خاص ليفصح عن الأقوال أو المعلومات الخاصة أو السرية ،وهو ما لا
ونفس الأمر ينط بق على الأقوال أو المعلومات التي تتدخل فيها الأنظمة
المعلوماتية ،حيث أن الفرد وحده الذي يستطيع أن يقرر الأقوال أو المعلومات التي
يريد أن يحتفظ بها ،وتلك التي يريد نشرها ومشاركتها ،وبالتالي فالمحادثة التي
تجرى بين شخصين عن طريق تطبيق "واتس آب" عبر تقنية "الفيديو" مثلا،
وتتضمن أقوال أو معلومات خاصة أو سرية ،وتم التقاطها أو تسجيلها أو بثها أو
( )614حكم عن المحكمة الكبرى إليكس بروفانس بفرنسا صادر بتاريخ 12أكتوبر ،1212أورده منشور السيد رئيس النيابة
العامة ،مرجع سابق ،ص .0
توزيعها ،دون موافقة المعني بالأمر ،فهي محادثة ينطبق عليها الفصل 1-221
أما إن قام الشخص بنشر أقوال أو معلومات خاصة أو سرية ،على صفحته
بتطبيق "فيسبوك" أو "يوتيوب" ،فإنه يبيح من خلال عملية النشر التدخل في
حياته الخاصة ،في حدود ما نشره وما أصبحت تجيزه أنظمة هذه التطبيقات وفقا
-الشرط الثالث :ارتكاب الجريمة دون موافقة الشخص الصادرة عنه الأقوال أو
المعلومات :وتعد الموافقة عنصرا من عناصر الركن المادي للجريمة موضوع الفقرة،
لذلك لا يتصور قيام الجريمة إلا إذا كان المجني عليه غير راض عن التقاط أو
تسجيل أو بث أو توزيع أقواله أو معلوماته الصادرة عنه بشكل سري ،إلا أن التساؤل
يبقى مطروح بخصوص توفر عنصر العلم لدي المجني عليه ،والذي غالبا ما ينتفي
لديه رغم احتمالية توفره في حالات معينة ،بمعنى إذا تم الاعتداء على أقواله
بالتسجيل أو البث ،وعلى مرأى منه ولم يقم بالاعتراض ،هل تكون هنا الموافقة
موافقة أصحابها ( ")..ولم يشر لمسألة العلم ،لتقوم بالتالي الجريمة بتحقق عدم
الموافقة الصريحة حتى ولو كان المجني عليه عالما بفعل الاعتداء ،ناهيك عن افتراض
يتحقق الركن المعنوي لهذه الجريمة بتوافر القصد الجنائي العام بعنصريه من
علم وإرادة ،حيث على الفاعل أن يكون عالما بأن ما عمد إتيانه من أحد الأفعال
المحددة بالفقرة الأولى من الفصل ،221-1سواء تعلق الأمر بالتقاط أو تسجيل أو
بث أو توزيع ،أقوال أو معلومات شخص صادرة عنه بشكل خاص أو سري ودون
موافقته ،فهو يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ،فضلا على توجيه إرادته الحرة
إلى القيام بتلك الأفعال من دون موافقة ورضى الشخص صاحب الأقوال أو المعلومات.
أما بخصوص توفر القصد الجنائي الخاص فالمشرع لم يشر إلى ضرورة توفره
بشكل صريح كما فعل في الفصل ،221-2لذلك وحسب تصوري الشخصي فالقصد
الجنائي الخاص يكون حاضرا أكثر في صورتي "البث" و "التوزيع" ،لكونهما يوصلان
موضوع الجريمة موضوع الفقرة لعلم الغير سواء على نطاق ضيق أو واسع ودون
موافق تهم ،وهو ما يشكل انتهاكا لخصوصية الأفراد والمتمثل في نية الاعتداء على
خصوصية الأفراد ،وهما "خاص" أو "سري" ،لذلك فتحقق هذين العنصرين بواسطة
صور النشاط المادي تشكل مسا بالحياة الخاصة ،خصوصا في نطاق العصر الرقمي
الذي تسهل خصوصياته المتسمة بالسرعة ،في نقل ونشر هذه الأقوال أو المعلومات
على نطاق واسع وفي وقت وجيز ،لاسيما إذا كان مضمونها يخدش بالحياء ،إلا أن
هذه التفسيرات لا تغني عن القول بكون المشرع المغربي لم يشترط صراحة هذا
الشرط في الفصل ،221-1مما يتطلب معه بلورة اجتهاد قضائي مغربي خاص في
هذا الصدد.
عاقب المشرع طبقا للفقرة الأولى من الفصل ،221-1كل من قام عمدا ،وبأي
أو معلومات صادرة بشكل أو سري ،دون موافقة أصحابها ،بالحبس من ستة أشهر
كما ضاعف المشرع من عقوبة الحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات ،وكذا
الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل ،221-1في حالة العود وفي
حالة ارتكاب الجريمة من طرف الزوج أو الطليق أو الخاطب أو أحد الفروع أو أحد
الرقمي لما يشكله الاعتداء عليها من انتهاكٍ لحقهم في الخصوصية ،وذلك من خلال
المتعلق بالصحافة والنشر الذي عالج هذا الحق بصفة وعامة في 616
القانون 88.13
ارتباطه بالصحفي ،ثم القانون 103.13السالف ذكره الذي جاء مبينا لجرائم أخرى
الفقرة الأولى :جريمة تثبيت أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في
عمد المشرع المغربي من خلال هذه الجريمة إلى بسط صور أخرى للاعتداءات
التي من المحتمل أن تقع عليها مع ربطها بشروط معينة ،وهو ما يستلزم البحث في
ذهب البعض لتعريف الحق في الصورة بأنه ذلك الحق الذي يخول لصاحبه سلطة
الاعتراض على نشر صورته دون موافقته وبغض النظر عن الطريقة التي نشرت بها
الصورة ،وكذلك يخوله سلطة الاعتراض على التقاط صورته أيا كانت الوسيلة التي
التقطت بها ،617كما ذهب القضاء الفرنسي للتوسيع من مفهوم الحق في الصورة
مقارنة بما هو منصوص عليه بالنسبة لاحترام الحياة الخاصة ،حيث اعتبرت محكمة
الاستئناف بباريس على أنه" :يسمح الحق في احترام الحياة الخاصة لأي شخص،
ولاسيما الفنانة أو الممثلة ،بالمعارضة في نشر صورتها بغير الحصول على إذن صريح
منها قب ل النشر ،كما يسمح الحق في الصورة بالمعارضة في نسخ الصورة أو نشرها
بدون إذن".618
( )617الحسين شمس الدين ،الحق في الصورة والحق في االعالم ،الطبعة األولى ،مطبعة النجاح الجديدة ،0212 ،ص .11
(Jean-Marie Léger , L’essentiel du droit à l’image , L’ours , 2012 , p.9 .)618
متى كان متواجدا في مكان خاص ودون موافقته ،حيث لا تقوم الجريمة إذا تم تصوير
الأمكنة والمستندات والحيوانات ،كما أن الحماية تمتد لتشمل الشخص المتوفى ،وهو
ما أكدت عليه محكمة النقض الفرنسية حين قضت بأن صورة شخص على قيد الحياة
يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بتحقق إحدى صور النشاط الاجرامي الذي
القانون الجنائي المغربي ،كما وظفه المشرع الفرنسي بدوره في الفقرة الثانية من
)(619
Cass.Crim, 21 Octobre 1980, Dalloz, (Paris, 1981), P 72.
أورده محمد أمين الخرشة وإبراهيم سليمان القطاونه ،الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في قانون العقوبات اإلماراتي،
مقال منشور بمجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية ،المجلد ،14العدد ،1يونيو ،5012ص .22
( )620تنص الفقرة 0من المادة 222مكرر من قانون العقوبات المصري السالف ذكره على أنه )..( " :ب -التقط أو نقل بجهاﺯ
من األجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص (.")..
( )621تنص المادة 222مكرر من قانون العقوبات الجزائري السالف ذكره على أنه" :يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث
سنوات وبغرامة من خمسين ألف إلى ثالث مائة ألف دينار جزائري كل من تعمد المساس بحرمة الحياة الخاصة لألشخاص
بأبة تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية بغير إذن صاحبها أو رضاه".
) (622
Article 226-8 ")..(2° En fixant, enregistrant ou transmettant, sans le consentement de celle-
ci, l'image d'une personne se trouvant dans un lieu privé )..(". code pénal français.
التقاط الصورة أي تثبيتها على تلك المادة تقع الجريمة ،وبالتالي لا حاجة لانتظار
إظهار الصورة في هيئة معينة على الدعامة المادية للقول بتحقق الجريمة.
-يقصد بالتسجيل :توجيه إرادة الفاعل إلى "حفظ" الصورة على الجهاز ،أو
الوسيلة ،أو التقنية المستعملة في ذلك ،حتى يستطيع الجاني الرجوع إليها مرة
وقبل المرور للصورة الموالية يجب عرض ملاحظة مهمة وهي غياب عنصر
العلانية في صورتي التثبيت والتسجيل ،عكس صورتي البث والتوزيع اللتان يتوفر
فيهما رغم أن جميع الصور يعاقب عليها القانون ،مما يمكن معه القول إن توفر
القصد الجنائي الخاص يكون مؤكدا في صورتي البث والتوزيع ،عكس صورتي التثبيت
والتسجيل اللتان يظل فيهما توفر القصد الخاص رهينا بغاية المعتدي ،وهو ما يقود
لطرح التساؤل التالي :هل يقع تحت طائلة العقاب المعتدي الذي كانت غايته من
إجابة على هذا التساؤل ينبغي الرجوع للاجتهاد القضائي الذي سبق التعرض له
أثناء الحديث عن عملية تسجيل الأقوال والمعلومات ،والوارد ضمن منشور السيد
رئيس النيابة العامة ،والذي أخذ بالغاية والباعث وراء القيام بعملية التسجيل ،حيث
متى كان الهدف هو تقديم دليل للقضاء أو الشرطة القضائية إلا وتنتفي الجريمة.
وبالتالي أظن أن تطبيق نفس المقتضى على حق الشخص في الصورة عندما تكون
الغاية هي تقديم دليل إلى القضاء ،أو الشرطة القضائية ،متى ارتبط الأمر بصورتي
الخاصة ،يبقى ممكنا من الناحية القانونية عن طريق إعمال القياس على المقتضيات
تشترط صراحة بدورها أن يقترن الفعل بشرط الاعتداء على الحياة الخاصة.
(التثبيت) -المكان الخاص -إلى مكان آخر ،وبالتالي فالصورة تخضع "للتسجيل"
قبل نقلها لمكان آخر غير ذلك الذي التقطت فيه ،ليتمكن غير الموجود في مكان
-يقصد بالتوزيع" :النشر" ويتحقق باطلاع أكبر عدد ممكن من الناس ،على
الصور الملتقطة في المكان الخاص والمتصلة بالحياة الخاصة للمجني عليه،623كما لو
تم مشاركتها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن صاحبها.
علقت الفقرة الثانية من الفصل 221-1قيام عناصر هذه الجريمة على توافر
الشروط الآتية:
تتيح إتيان تلك الأفعال .ويتحقق هذا الشرط عندما يتصل الأشخاص ببرامج الاتصال
( )623محمد أمين الخرشة وإبراھيم سليمان القطاونه ،مرجع سابق ،ص .21
( )624تعرف األنظمة المعلوماتية من الناحية الفنية بأنها " :مجموعة من العناصر المتداخلة والمتفاعلة مع بعضها التي تعمل
على جمع البيانات والمعلومات ومعالجتها وتخزينها وبثها وتوﺯيعها" .هالل عبود البياتي ،النظم المعلوماتية واالستراتيجيات
اإلحصائية ،ورقة مقدمة لورشة عمل حول االستراتيجية اإلحصائية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي ،2-2 ،مسقط،
أكتوبر ،5002ص .4
والمواقع ،حيث يسهل اختراق خصوصيات الأفراد في الأمكنة الخاصة من خلال آلات
التصوير الدقيقة التي يسهل إخفاؤها ،إضافة لأجهزة التصوير الليلي التي تعمل
بالأشعة تحت الحمراء ،625وما يزيد الوضع تأزما هو صعوبة التحكم في مسار الصورة
-الشرط الثاني :تواجد الشخص المعني بالصورة في مكان خاص :والذي اعتبره
منشور النيابة العامة السالف ذكره "كل مكان غير مفتوح في وجه العموم ولا يمكن
ولوجه إلا بإذن وموافقة من يشغله" ،626كما أورد نفس المنشور تفسيرا موسعا
للمكان الخاص وهو المعتمد من طرف القضاء المقارن ،حيث اعتبر من قبيل الأماكن
الخاصة كل من "غرفة الفندق والمرآب والمسبح الخاص والسيارة ،ولو وجدت هذه
الأخيرة في الطريق العام" ،627وتطبيقا لذلك فلا يشمل القانون بالحماية من يوجد
إذا ما تم تصويره أو انطبقت عليه إحدى صور الركن المادي لهذه 628
في مكان عام
الجريمة ،وبالتالي فنشر صور لأشخاص يتواجدون في أماكن خاصة وفق المفهوم
السالف الذكر على مواقع التواصل الاجتماعي أو على البرامج المعلوماتية ،يجعل
( )625أيمن بن ناصر بن حمد العباد ،المسؤولية الجنائية لمستخدمي شبكات التواصل االجتماعي دراسة مقارنة ،الطبعة ،1مكتبة
القانون واالقتصاد ،الرياض ،0221 ،ص 12و .22
( )626منشور السيد رئيس النيابة العامة ،مرجع سابق ،ص.2
( )627قرار محكمة االستئناف بباريس صادر بتاريخ 12شتنبر ،0222أورده منشور السيد رئيس النيابة العامة حول ،نفس
المرجع.
( )628يقصد بالمكان العام :كل مكان يمكن ارتياده من قبل الجمهور ،سواء كان ذلك بمقابل أو بغير مقابل ،وسواء كان الدخول
منوطا بشرط أم ال ،وينقسم المكان العام إلى ثالثة أنواﻉ :النوع األول :األماكن العامة بطبيعتها :وھي األماكن التي تكون معدة
منذ إنشائها لدخول الجمهور ،وتردده عليها فيه حرية (الميادين ،المنتزھات ،الحدائق المفتوحة) .النوع الثاني :األماكن العامة
بالتخصيص :وھي األماكن التي يسمح بارتيادھا في أوقات معينة ،ويكون الدخول إليها ممنوعا في غير ھذه األوقات المحددة
(دور العبادة ،دور السينما) .النوع الثالث :األماكن العامة بالمصادفة :وھي حسب األصل أماكن خاصة ،ويكون أمر ارتيادھا
مقصورا على أفراد وطوائف معينة ،إال أنه يباح للجمهور بصفة عارضة ارتيادھا والدخول فيها (المدارس ،السجون ،النوادي،
المحالت التجارية) .محمد أمين الخرشة ،مرجع سابق ،ص .521
التي أصبحت تحدث داخل الفضاء الرقمي ،سواء داخل "فيسبوك" أو "واتس آب"،
حيث تتضمن مجموعة من الأعضاء يتداولون فيما بينهم صورا وتدوينات تبقى في
حدود تلك المجموعات ،وبالتالي هل يمكن اعتبارها مكان خاص افتراضي تنطبق
عليه الشروط السالف ذكرها من تثبيت ،أو تسجيل ،أو بث ،أو توزيع للصور المتداولة
داخلها متى وصلت للغير دون إذن أصحابها؟ أم تعتبر مكان افتراضي عام وينزل
منزلة المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي يتشارك فيها الأشخاص
الاستخدام التي تتضمنها مثل هذه التطبيقات ،على سبيل المثال تطبيق "فيسبوك"
مشاركة المنشورات التي تكون على يومياته مع العامة أو مع الأصدقاء فقط ،أو مع
عدد معين ومحدد من الأصدقاء ،أو جعلها سرية بحيث لا يراها أحد غيره ،ونفس
الأمر ينطبق عل المجموعات فقد تكون عامة أو قد تكون مغلقة أو سرية ،لذلك
فمتى تم إعداد خصوصية المجموعة على أن تكون مغلقة فهذا يترجم الرغبة في
عدم جعلها مفتوحة في وجه العموم ،كما أن اشتراط موافقة المسؤول عن المجموعة
لشروط المكان الخاص الواردة في تعريف منشور السيد رئيس النيابة العامة سالف
ذكره .وبالتالي فوفقا لكل جمهور يحدده المستخدم لرؤية منشوراته تقع المسؤولية
الجنائية.
-الشرط الثالث :ارتكاب الجريمة دون موافقة الشخص المعني بالصورة :أي
انعدام رضى المجني عليه ،وهنا يجب عرض حالات الرضى المتطلبة:
فقد يكون صريحا :سواء كتابة أو شفاهة ،و يجب أن يتوفر على بعض الشروط
أهمها أن يكون صادرا عن إرادة حرة وواعية ،وأن يصدر ممن له الحق في إصداره،
كما يجب أن يكون واضحا ومؤكدا بحيث لا يشوبه الغموض ،وقد يكون ضمنيا :وهو
الرضى غير المعبر عنه والذي يفهم ضمنيا من خلال اتخاذ موقف لا تدع ظروف
الحال شكا في دلالته على المقصود ،كما لو وقف الشخص أمام الكاميرا وابتسم فهذا
يعد بمثابة رضى ضمني بالتصوير ،وقد يكون مفترضا :كما لو وافق شخص ما ظهر
في الصورة بصفة عرضية عند التقاط صورة لمكان عام أو لتجمع من الناس ،فهنا
ذهبت المحاكم الفرنسية إلى حرية نشر هذه الصورة دون حاجة للحصول على موافقة
المعني بالأمر.630
الضمنية أو المفترضة ،فإن طبيعة "الصورة" هي من يفتح المجال لورود حالات أخرى
إضافة إلى ضرورة توفر بعض الشروط لصحة الرضى ،كأن يكون الاذن نسبيا
وليس مطلقا ،بحيث لا يجوز التنازل عن الصورة بصورة نهائية ،كما يجب عدم
( )630حسام الدين كامل األھواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة -الحق في الخصوصية -دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية،
القاھرة ،مصر ،بدون سنة نشر ،ص .022
الخروج عن مضمون الاذن بنشر الصورة ،مع ضرورة التقيد بوسيلة النشر التي
تضمنها الاذن ،إضافة لوجوب أن يكون خاصا يستفيد منه فقط من صدر الاذن
لصالحه ،وأن يصدر دون إكراه أو تهديد ،مع ضرورة أن يكون معاصرا لوقت الاعتداء
أقوال أو معلومات شخص صادر عنه بشكل خاص أو سري ودون موافقته ،المنصوص
عليها في الفقرة الأولى من الفصل ،221-1فهو ينطبق على جريمة تثبيت ،أو
تسجيل ،أو بث ،أو توزيع صورة شخص في مكان خاص دون موافقته ،المشار إليها
بالفقرة الثانية من نفس الفصل ،فهذه الجريمة تتطلب توافر قصد جنائي عام ،من
علم بالجريمة وإراد ة في ارتكابها رغم علمه بها ،ثم قصد جنائي خاص الذي لم
يتطلبه المشرع كذلك في هذه الجريمة ،إلا أنه يبقى بارزا أكثر في صورتي "البث"
تبقى الإشارة إلى أن هذه الجريمة لا تقع على من يترك سهوا جهاز تصويره
مفتوحا في مكان خاص فينقل صورة شخص في هذا المكان ،كما أن السائح الذي
يعتقد أنه يقوم بتصوير أثر تذكاري تاريخي لا يقع تحت طائلة العقاب إذا تبين بعد
أحال المشرع طبقا للفقرة الثانية من الفصل 221-1على الفقرة الأولى من
نفس الفصل بخصوص العقوبة ،فتابع كل من قام عمدا وبأي وسيلة بتثبيت أو تسجيل
أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص ودون موافقته ،بعقوبة
ونظرا لكون الفصل 221-3قد أحال عند تشديد العقوبة على الفصل 221-1
بأكمله ،فإن الفقرة الثانية من هذا الفصل والمتعلقة بتسجيل ،أو بث ،أو توزيع صورة
شخص أثناء تواجده في مكان خاص ودون موافقته ،تنطبق عليها حالات التشديد
والعقوبة المنصوص عليها في الفصل ،221-3والتي سبق التعرض لها عند الحديث
عن جريمة الاعتداء على الأقوال أو المعلومات الصادرة عن الشخص بشكل خاص
نص المشرع المغربي على هذه الجريمة المشتقة عن الحق في الصورة بموجب
الفصل 221-2من القانون ،103.13ومن خلال هذه الفقرة وسيرا على نفس
المنهج سأحاول تحديد موضوعها (أولا) وركنيها المادي (ثانيا) والمعنوي (ثالثا)،
تعرض منشور رئاسة النيابة العامة المتعلق بحماية الحياة الخاصة للأفراد في
ظل القانون رقم ،103.13للمقصود من لفظ التركيب الذي تتضمنه هذه الجريمة،
حيث اعتبره :ذلك التوليف أو التركيب الذي يقع على مجموعة من الصور أو الأقوال،
أو كلاهما ،لإخراجها إلى الوجود في شكل منسق يحمل معنى محدد .633وهو
الذي أخذ بشكل حرفي عن نص المشرع الفرنسي ،كل من قام بأي وسيلة بما في
ذلك الأنظمة المعلوماتية ،ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته،
دون موافقته ،أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة ،بقصد المس بالحياة
بالاعتماد على الفصل ،221-2إضافة لصور النشاط المادي التي سبق التفصيل
فيها ضمن جرائم الفصل ،221-1فإن الركن المادي لهذه الجريمة يتحقق ببث أو
توزيع الصورة عن طريق المونتاج الذي عمد إلى تشويه وتحريف شخصية المجني،
عليه عن طريق إدخال تعديلات على الصورة الأصلية ،مما يترتب معه المساس
كما أن المشرع المغربي لم يشترط وسيلة معينة تقع بها جرائم البث أو
التوزيع حيث استعمل عبارة "بأي وسيلة كانت بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية"،
وهذه الأخيرة هي التي تعنينا في هذه الورقة على اعتبار أن المشرع واكب الطفرة
( )633منشور السيد رئيس النيابة العامة ،مرجع سابق ،ص .2
Article 226-8 :"Est puni d'un an d'emprisonnement et de 15 000 euros d'amende le fait de
) (634
publier, par quelque voie que ce soit, le montage réalisé avec les paroles ou l'image d'une
personne (..)".code pénal français.
التكنولوجية التي يعرفها العالم ،ولم يحصر البث والتوزيع في الوسائط المادية
التواصل الاجتماعي (فيسبوك ،واتس آب ،انستغرام ،)..ليصبح بذلك نشر الصور
بعد المونتاج عبر مثل هذه المواقع جريمة يعاقب عليه القانون ،لكن مع ضرورة
استحضار شرط آخر وهو عدم موافقة المجني عليه ،أما إذا وافق على بث ونشر
الصورة التي أجري عليها المونتاج فلا وجود لجريمة لأن رضا المجني عليه أخرج
أما بخصوص الركن المعنوي فهو يتحقق بتوفر القصد الجنائي بصورتيه ،فالقصد
العام يقع بعلم الجاني بعناصر النشاط المادي للجريمة من صور وشروط ،أي أنه
يكون عالما بأن القيام ببث ،أو توزيع تركيبة ،أو مونتاج لصور المجني عليه بواسطة
الوسائط الالكترونية (والوسائط المادية كذلك) دون موافقته يشكل جريمة ،ومع ذلك
يوجه إرادته لتحقيقها ،أما عن القصد الخاص وعلى عكس ما قام به المشرع في
جريمتي الفصل ،221-1فقد حدده في هذه الجريمة بشكل صريح ،حينما ربط فعل
الاعتداء بتوفر النية الآثمة للجاني ،والمتمثلة في المس بحياة المجني عليه الخاصة.
ذلك الأنظمة المعلوماتية ،ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته،
دون موافقته ،بقصد المس بحياته الشخصية أو التشهير به ،بالحبس من سنة واحدة
لهذه الجريمة لسنة مقارنة مع جريمة الاعتداء على الحق في الثورة المنصوص عليها
عقوبة هذه الجريمة متى تم ارتكابها في حالة العود ،وكذلك في حالة ارتكابها من
طرف الزوج ،أو الطليق ،أو الخاطب ،أو أحد الفروع ،أو أحد الأصول ،أو الكافل ،أو
شخص له ولاية أو سلطة على الضحية ،أو مكلف أو ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد
قاصر ،حيث تابع المشرع هؤلاء بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات ،وغرامة
العصر الرقمي
لا تنحصر حياة الأفراد الخاصة فيما يكو ن كيانهم المادي الملموس ،وإنما تشمل
بدوره يتعرض للاعتداءات التي قد تطاله بواسطة الوسائل التقنية ،وعبر مختلف
التكنولوجيات الحديثة ،أصبحت تطال حتى معلومات الأفراد وبياناتهم الخاصة التي
يقومون بتداولها داخل الفضاء الرقمي ،والتي تشكل انعكاسا لحياتهم الخاصة المادية
الرقمي
تعددت مظاهر الحياة الخاصة المرتبطة بالكيان المعنوي للأفراد فمنها ما يتعلق
بالحياة العاطفية والزوجية والعائلية ،ومنها ما يرتبط بالحياة السياسية وكذلك ما
يرتبط بأوقات الفراغ ،إلا أنني سأقتصر على ما يتعلق بالسمعة والشرف والاعتبار
من خلال شبكة الانترنت (الفقرة الأولى) و قد نص عليها القانون رقم 88.13
للخصوصية المعنوية مست بالأساس ذاكرة الأفراد الرقمية ،فظهرت مجموعة من
تعد السمعة والشرف والاعتبار أحد أهم مظاهر الحياة الخاصة لكونها ترتبط
بجانب غالٍ للإنسان ،فالسمعة الحسنة للرجل أو المرأة هي الجوهرة المكونة للروح،
والحق في الشرف والاعتبار يحمي المكانة التي يتمتع بها الانسان بين أقرانه في
المجتمع ،ورغم أنه يبقى جانب معنوي إلا أن القانون عمد إلى حمايته فأقر له القانون
المدني تعويضا ،وأفرد له القانون الجنائي جرائم تحميه من الاعتداءات التي ازدادت
( )636يمكن تعريف جرائم النشر بأنها تلك الجرائم التي ترتكب في عالنية ،بواسطة الصحف العادية أو االلكترونية أو غيرھا
من المطبوعات ،وتحتوي ھذه الجرائم على درجة عالية من الخطورة لما تمثله من عدوان على سمعة االنسان قد يستغله البعض
لتحقيق أغراض شخصية غير سليمة .نجاد البرعي ،التشهير باستخدام االنترنت سؤال وجواب سلسلة األوراق القانونية (،)5
المجموعة المتحدة للقانون ،بدون سنة نشر ،ص.3
( )637أكد دستور المملكة على ضمان حرية الصحافة بموجب الفصل 02منه الذي نص على أنه )..(" :للجميع الحق في التعبير،
نشر األخبار واألفكار واآلراء ،بكل حرية ،ومن غير قيد ،عدا ما ينص عليه القانون صراحة ( ،")..وقد ترجم ھذا المقتضى
الدستوري من خالل القانون رقم 22.12المتعلق بالصحافة والنشر الذي تناول في ثنياه موادا متصلة بالحياة الخاصة لألفراد
موضوﻉ ھذه الورقة ،عن طريق الفرﻉ الرابع من الباب األول من القسم الثالث والمعنون ب "في حماية الشرف والحياة الخاصة
لألفراد" ،حيث بسط مظاھر أخرى لالعتداءات التي يتعرض لها األفراد خصوصا عند ولوجهم للفضاء الرقمي كالسب والقذف
والتشهير وھي اعتداءات تقع ضمن طائفة الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة والمرتكبة عن طريق النشر.
وثيرتها في نطاق العصر الرقمي لسهولة تحقيقيها ،ويقع من بينها القذف (أولا)،
العناصر المكونة لكل من الركن المادي والمعنوي لجرية القذف على النحو التالي:
ادعاء واقعة أو نسبتها لشخص؛ أن يمس القذف شرف أو حرمة الشخص؛ أن يتم
القذف بشكل علني؛ أن يقترن القذف بسوء النية ،وبالتالي تستوجب هذه الجريمة
توافر ركن مادي يتحقق بإتيان الجاني للسلوك الاجرامي المعاقب عليه (أ) ،ثم ركن
معنوي متمثل في القصد الجنائي (ب) ،ينتج عنهما عقوبة جنائية (ت).
يتحقق الركن المادي لجريمة القذف بتحقق عناصر معينة وهي :نشاط إجرامي
يأتيه الجاني على شكل ادعاء أو نسبة واقعة ( ،)1وموضوع ينصب عليه هذا النشاط
وهو واقعة الاعتداء على شرف واعتبار الشخص المعني ( ،)2ووسيلة الاسناد
()638عرفت الفقرة األولى من المادة 22القذف بأنه" :ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو ھيئة ،إذا كانت الواقعة تمس شرف
أو اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليه أو إليها ( .")...وھو نفس التعريف المعتمد في الفصل 220من مجموعة القانون
الجنائي المغربي.
( )639نصت الفقرة الثالثة من نفس المادة على أنه )..(" :يعاقب على نشر القذف أو السب مباشرة أو عن طريق النقل (.")..
( )640أشارت الفقرة األولى من المادة 10من نفس القانون على أنه " :يعاقب بغرامة من 02.222إلى 022.222درھم كل من
قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل خبر ﺯائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلفة أو مدلس فيها منسوبة
للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزﻉ بين الناس ،بأية وسيلة من الوسائل والسيما بواسطة الخطب والصياح ( )..وإما
بواسطة مختلف الوسائل االعالم السمعية البصرية أو االلكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية
(.")..
ادعاء واقعة أو نسبتها :يقصد بالادعاء الرواية عن الغير أو ذكر الخبر )1
محتملا الصدق والكذب ،641أما مصطلح "نسبتها" فيعني إسناد أمر أو
واقعة إلى شخص معين على سبيل التأكيد ،غير أن المشرع المغربي
لم يأخذ بهذه التفرقة وجعل العقوبة واحدة في كلتا الحالتين ،كما لم
ولم يأخذ المشرع المغربي بالأسلوب الذي صاغ به الجاني اعتدائه ،643فسواء
تم بصفة صريحة كاستخدامه لعبارات لا يحتاج فيها المستخدم للوسيلة الالكترونية
إلى مجهود ذهني لاستخلاص المعني المقصود به ،أو تم بصفة ضمنية مما يتطلب
مجهود من المجني عليه لفهمه واكتشاف المعنى الحقيقي المراد منه ،وسواء تم على
سبيل القطع كأن يقوم الجاني بإسناد صيغة كلامية أو كتابية ،تجزم حقيقة الواقعة
المراد نس بتها من المتهم إلى المجني عليه عبر وسيلة إلكترونية ،أو على سبيل
الشك كإسناد صيغة كلامية أو كتابية تشكيكية ،من شأنها أن تلقى في أذهان
( )641أحسن بوسقيعة ،قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية ،منشورات بيرتي ،طبعة ،0221ص .122
( )642أنظر المادة 10من القانون 22.12السالف الذكر.
( )643تنص الفقرة الثالثة من المادة 22من نفس القانون على أنه )..(" :يعاقب على نشر القذف أو السب مباشرة أو عن طريق
النقل ،حتى ولو ورد ھذا النشر بصيغة الشك أو كان موجها إلى شخص أو ھيئة لم يعينها أو لم يحددها ھذا النشر بكيفية
صريحة ولكن يمكن التعرف عليها ،من خالل العبارات الواردة في الخطب أو الصياح أو التهديدات أو المكتوبات أو المطبوعات
أو الملصقات ،المجرمة وكذا المضامين المنشورة أو المبثوثة أو المذاعة(.")..
للمجني عليه.644
أن تكون الواقعة التي يسندها الجاني للمجني عليه في جريمة القذف
سبا وليس قذفا ،كما لو نسب الجاني إلى المجني عليه باستخدام تطبيق
"فيسبوك" أنه سرق ألف درهم من المجني عليه مثلا ،فهنا جريمة
كما بين القانون ،88.13الصورة التي يتحقق بها القذف وهي المساس بشرف
أو اعتبار الشخص المسند إليه القذف ،وتجدر الإشارة إلى الاختلاف الحاصل بين
الشرف والاعتبار ،فالمس بالشرف يمس الشخص في ذاته أو كرامته واستقامته كاتهام
الشخص بانعدام الوطنية ،أما الاعتبار فهو وليد التقدير الذي يحظى به الشخص داخل
أن يكون معينا بالاسم وإنما يكفي أن يكون معينا بشكل ولو نسبي ،بحيث يعرف
من الشخص المقصود ولو كانت هذه المعرفة تقتصر على عدد قليل من الأشخاص،646
وهو ما عبر عنه المشرع من خلال عبارة "( )..حتى ولو ورد هذا النشر بصيغة
( )644ميثاء إسحاق عبد الرحيم الشيباني ،المسؤولية الجزائية عن جريمتي السب والقذف بالوسائل االلكترونية طبقا للمرسوم
رقم ( )1لسنة 0210بشأن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ،أطروحة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة
الماجسيتير في القانون العام ،جامعة االمارات العربية المتحدة كلية القانون قسم القانون العام ،أبريل ،0212ص .11
( )645ميثاء إسحاق عبد الرحيم الشيباني ،مرجع سابق ،ص .12
( )646ميثاء إسحاق عبد الرحيم الشيباني ،مرجع سابق ،ص .11
الشك أو كان موجها إلى شخص أو هيئة لم يعينها أو لم يحددها هذا النشر بكيفية
وأخيرا أن تكون الواقعة محلا للعقاب ،بمعنى أن القذف الذي يستوجب العقاب
قانونا هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية ،وهو
ما عبر عنه المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 83من القانون 88.13
التي جاء فيها )..(" :لا تعتبر الوقائع المثارة في تعريف القذف موجبة لتحريك
الشبكة المعلوماتية سواء كانت عامة تقدم خدمات تكون متاحة للأفراد
وبيانات وصور مفيدة إذا استعملت بشكل صحيح ،وقد تصبح ضارة إذا
كان الهدف منها المساس بشرف واعتبار الأفراد ،أو كانت خاصة تقتصر
خدماتها على شخص معين بذاته لا يستطيع أحد الاطلاع على محتواها
إلا صاحبها ،أو من يملك إمكانية الدخول إليها عن طريق كلمة السر
شكل وسيلة تقنية للمعلومات التي تختلف باختلاف الواقعة سواء كانت
( )647أنظر المادة 22من القانون 22.12المتعلق بالصحافة والنشر السالف الذكر.
( )648ميثاء إسحاق عبد الرحيم الشيباني ،مرجع سابق ،ص .12
العلانية في جريمة القذف في العصر الرقمي :وهو عنصر تطلبه المشرع )2
المغربي في جريمتي القذف والسب كذلك ،إلا أنه لم يعطي تعريفا عاما
وإنما أحال على طرق تتحقق بها ضمن المادة 83 650
لمفهوم العلانية
وهي الخطب ،أو الصياح ،أو التهديدات ،أو المكتوبات ،أو المطبوعات،
لعدد من الناس بغير تمييز ،العلم بعباراته على النحو الذي يهبط
يجرمها القانون.
غير أن التساؤل المثار بهذا الخصوص يتعلق بمدى اعتبار العلانية في جريمة
القذف بالوسائل الالكترونية الحديثة كشرط أساسي لقيام هذه الجريمة؟ خصوصا وأن
بعض الوسائل الالكترونية لا يتحقق فيها شرط العلنية كما سبقت له الإشارة .وفي
سبيل الإجابة على هذا التساؤل سيتم الاعتماد على موقف القضاء المصري ،الذي
( )649ميثاء إسحاق عبد الرحيم الشيباني ،مرجع سابق ،ص .01
( )650المقصود بالعالنية لغة :االظهار أو الجهر والذيوﻉ والشيوﻉ والنشر ،أما اصطالحا فهي كل ما يقع تحت نظر الكافة أو
يصل إلى سمعهم أو يمكنهم أن يقفوا عليه بمشيئتهم دون عائق يعتبر علنا.
عالج هذه الإشكالية عن طريق تطبيقات عملية لبعض الوسائل الالكترونية ،وعلى
سبيل المثال:
-البريد الالكتروني ،الذي غالبا ما تحصر الرسائل المرسلة عبره بين طرفين
معلومين لبعضهم البعض ،ولا يطلع الغير على مضمون الرسائل المتبادلة بينهم إلا
بمعرفة صاحب المصلحة أو بطريقة غير مشروعة ،فضلا عن أن لكل مستخدم لخدمات
الالكتروني ،فلا يمكن أن يكون لشخصين نفس عنوان البريد الالكتروني على الحقل
) (Domainالواحد ،مما يترتب عليه انتفاء العلانية عن هذه المراسلات وتمتعها
-فيسبوك ،و قد ذهب الفقه والقضاء في مصر إلى اعتبار وسائل التواصل
الاجتماعي ،وسيلة من وسائل النشر التي يتحقق معها العلانية ،حيث جاء في إحدى
قراراته "( )..استقر في وجدان المحكمة ثبوت الاتهام قبل المتهم ثبوتا يقينيا
تأسيسا ( )..من وجود تعليقات على فيسبوك على الجروب ..على موقع التواصل
الاجتماعي ،قد تضمنت ألفاظ السباب عبارات خادشة للشرف والاعتبار وطعنا في
عرض المجني عليهم وخدشا لسمهة عائلتهم ( )..وأن المتهم هو الذي قام بوضع
هذه التعليقات لكون البروفايل الموجودة عليه هذه التعليقات باسم المتهم وهو ما
أكده تقرير الفحص الفني ( )..ومن ثم وجب توقيع العقوبة المشددة عليه المنصوص
عليها في المادة 308عقوبات وهو ما تقضي معه المحكمة بإدانته بالعقوبة الأشد
تدخل جريمة القذف في زمرة الجرائم العمدية التي اشترط فيها المشرع المغربي
توافر القصد الجنائي الخاص ،الذي يتحقق متى توفر للجاني العلم بأن الادعاء الذي
يسنده للغير ينطوي عل المساس بالشرف أو الاعتبار ومع ذلك يقدم على إتيان
العلم :ويتحقق عن طريق علم الجاني بمعنى العبارات المسندة عبر الوسائل
الالكتروني ة إلى المجني عليه ،والتي تحيل إلى خدش شرفه أو اعتباره ،إضافة إلى
ضرورة علم الجاني بأن إسناده لهذه الواقعة يتم بطريق علانية ،كما لو قام شخص
بإرسال رسالة إلى آخر عبر تطبيق من تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي مثل
"واتس آب" ،وكان ضمن مجموعة من الأفراد أو ما يسمى بالقروب ،وكان هذا
الشخص من ضمن هذه المجموعة ،ففي هذه الحالة يسأل الشخص المرسل عن جريمة
القذف بالوسائل الالكترونية لأنها وقعت بوسيلة إلكترونية الهدف منها المساس
الإرادة :حيث يلزم أن يكون الجاني بكامل إرادته وحريته السليمة الخالية من
أي عيب ،حينما يرغب بإسناد القذف ونشره بالوسائل الالكترونية على كافة الناس
( )653المحاكم االقتصادية – طعن رقم 212لسنة 0210قضائية جلسة ،0210-20-20أورده نجاد البرعي ،مرجع سابق ،ص
.15
( )654محمد حميد مضحي المزمومي ،جريمة التشهير عبر وسائل تقنية المعلومات وفقا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
السعودي دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة ،مجلة الشريعة والقانون ،السنة التاسعة والعشرون ،العدد الرابع والستون،0211 ،
مجلس النشر العلمي ،ص .212
بدون اعتبار بما يكون قد دفع الجاني إلى ارتكاب فعلته ،أو الغرض الذي توخاه
منها ،كما يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى علانية واقعة القذف بالوسائل الالكترونية
أحال الفصل 222من القانون الجنائي المغربي على العقوبات المقررة في قانون
الصحافة كما جرى تعديله وتتميمه ،هذا الأخير أورد عقوبات مختلفة تختلف بالجهة
الموجه لها القذف أو السب ،على اعتبار أن المشرع رغم أنه فرق بينهما من حيث
وقد عاقب المشرع المغربي على القذف الموجه للأفراد بإحدى الوسائل المبينة
100.000درهم ،كما عاقب على جريمة السب التي تتم بنفس الكيفية بغرامة
أما فيما يخص تحريك الدعوى العمومية ،فالمشرع استلزم سواء في السب أو
القذف ضرورة وجود شكاية من طرف الشخص الموجه إليه القذف أو السب ،إلا أن
المتابعة قد تحرك تلقائيا ،من طرف النيابة العامة متى كان القذف أو السب موجها
إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب أصلهم ،أو انتمائهم ،أو عدم انتمائهم،
"كل تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا تتضمن
نسبة أية واقعة معينة" ،ليستوجب تحقق هذه الجريمة إتيان الشخص السلوك
المعاقب عليه قانونا بإحدى الطرق العلانية (ب) ،وركن معنوي يتخذ صورة القصد
الجنائي(ت) مما ينتج عنه جزاء لن أتعرض لمضمونه لما فيه من تشابه في جل
عناصره مع ما سبق تناوله في جريمة القذف ،إلا أنه قبل الخوض في أركان جريمة
يتفق القذف مع السب في أن كل منهما يعد اعتداء على شرف واعتبار المجني
عليه ،ويتحقق ذلك بإسناد أمر واقعة شائنة إليه ،ويختلفان من حيث الفعل المكون
لكل منهما ،فالقذف لا يقوم إلا بإسناد واقعة محددة إلى المجني عليه ،657أما السب
فيتحقق بإلصاق صفة أو عيب إلى المجني عليه دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة
معينة إليه ،658وبالتالي فالقول عن شخص معين أنه سرق مال شخص آخر يعتبر
قذفا ،بينما تتحقق جريمة السب إذا قيل عن هذا الشخص سارق.
يتحقق الركن المادي لجريمة السب بتوافر أربعة عناصر ،لن أتعرض فيها
( )657أنظر تعريف القذف الوارد في المادة 22من القانون 22.12السالف الذكر.
( )658أنظر تعريف السب الوارد في المادة 22من القانون 22.12السالف الذكر.
تضمن النشاط تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير :يقصد بالتعبير )1
المشين كل تعبير يهدف إلى المساس بشرف شخص أو هيئة ما ،دون
الاستناد على فعل محدد ،أما عبارة التحقير فهي كل عبارة تخدش
مفهوم السب بصفة عامة يبقى نسبيا ،يختلف بحسب الظروف الاجتماعية
منها التعبير قيمته والتي تضفي عليه طابع السب ،وليس الأخذ بالتعابير
أن يكون السب موجها إلى شخص معين أو هيئة معينة :وما يرتبط )2
التحقير إلى شخص محدد ،بمعنى إذا نطق شخص بكلمات قادحة ومهينة
كما هو الحال مع جريمة القذف ،تتطلب جريمة السب توافر القصد الجنائي العام
بعنصريه من علم وإرادة ،إذ يشترط علم الجاني بماهية العبارات التي وجهها إلى
المجني عليه ،وأن تتجه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل وعلانيته أيضا ،إضافة إلى
استلزام القصد الجنائي الخاص ،الم تمثل في أن تكون التعابير المستعملة مشينة أو
تعتبر من أخطر الاعتداءات التي تمس كرامة الانسان ،وسمعته ،وشرفه ،خاصة
مع تطور أجهزة التقنيات في العصر الرقمي ،حيث أصبح من السهل استخدامها من
أجل تحقير الأفراد وإهانتهم والتقليل من قدرهم عبر إلصاق التهم الباطلة ،ويتطلب
يمكن تعريف التشهير بأنه ذلك الاعتداء الذي يقع على سمعة أحد بذكره بسوء
لدى عدة أشخاص ،أو عن طريق الصحف أو غيرها من طرق العلانية ،بحيث يظهر
الشخص بأمر معين تتضح معه خفاياه وعيوبه .660وقد عمد المشرع المغربي إلى
من سنة إلى واحدة إلى ثلاث سنوات ،وغرامة من 2000إلى ،20000درهم
كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية ،ببت أو توزيع تركيبة مكونة
من أقوال شخص أو صورته ،دون موافقته ،أو قام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع
الأشخاص ،واعتبر طبقا للمادة 89أنه يعد أنه يعد تدخلا في الحياة الخاصة ،تعرض
أي شخص يمكن التعرف عليه وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات ،أو إفشاء وقائع،
أو صور فوتوغرافية ،أو أفلام حميمية للأشخاص ،أو تتعلق بحياتهم الخاصة ما لم
تكن لها علاقة بالحياة العامة أو تدبير الشأن العام ،و عاقب على هذا التدخل متى
( )660أحمد حسام طه تمام ،الحماية الجنائية لتكنولوجيا االتصاالت دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاھرة،
،0220ص.12
تم نشره دون موافقة الشخص المعني بالأمر بالعقوبة المقررة في جريمة السب،661
وفي حالة تم النشر دون موافقة ورضى المعني بالأمر بغرض المس بحياته الخاصة
تعتبر جريمة التشهير من الجرائم المتمثلة في قيام الجاني بإسناد أحد الأنشطة
التي تعتبر أسرارا بطبيعتها بالنسبة للفرد ،سواء بهذا الاسناد الشخص العادي أو
الصحفي ،كما يستوي أن يكون الخبر صحيحا أو كذبا لأن الحماية لقانونية التي
استهدفها المشرع تنصرف إلى حماية الحياة الخاصة للأفراد ،ليتبين أن الأفعال
القانون 88.13ما هي إلا تطبيقات لجريمة التشهير ،لذلك فإن تحقق الركن المادي
الجاني صحفيا ،فهو يتابع إن قام ب "بث" أو "توزيع" تركيبة مكونة من
أقوال شخص ،أو صورته ،أو ادعاءات أو وقائع كاذبة تتعلق به ،أما إذا كان
صحفيا فهو يتابع على فعل "النشر" ،وهي جميعها صور سبق التعرض
لها في هذه الورقة كما أن فعل النشر الذي نص عليه قانون الصحافة
والنشر ي بقى مرادفا لفعل التوزيع كما سبق بيانه ،لنكون من خلال هذه
( )661نصت الفقرة الثانية من المادة 21من القانون 22.12السالف ذكره على أنه" :ويعاقب بغرامة من 12.222إلى 12.222
درھم على السب الموجه بنفس الطريقة إلى األفراد".
( )662نصت الفقرة األولى من المادة 21من القانون 22.12السالف ذكره على أنه" :يعاقب بغرامة من 12.222إلى 122.222
درھم عن القذف الموجه إلى األفراد بإحدى الوسائل المبينة في المادة 10أعاله".
استعمال أية وسيلة بما فيها الأنظمة المعلوماتية :وهو شرط سبق )2
الورقة.666
تعتبر جريمة التشهير من الجرائم العمدية والتي لا تكتمل إلا بتوافر القصد
الجنائي العام لدى الجاني ،بعلمه بدلالة الأقوال أو الأفعال أو الصور التي تسيئ إلى
سمعة وشرف المجني عليه ،كما يجب أن تتوفر لدى الجاني إرادة إسناد الوقائع التي
تتخذ جريمة الاعتداء على الحياة الخاصة ،لذلك فإن كل قول أو فعل أو صورة تنشر
بطريقة إلكترونية ،ويفهم منها نسبة أمر شائن أو خاص يضر بالمجني عليه معنويا
بشكل محدد وبطريقة معلنة ،فهو سلوك إجرامي يترتب عنه مسؤولية جنائية.667
الرقمية
أصبح ممكنا لأي شخص في نطاق العصر الرقمي الرجوع إلى وقائع معينة ونبش
الماضي بسرعة من خلال استرجاع معلومات رقمية مخزنة على الانترنت تعود لعشر
سنوات أو أكثر ،وبالتالي إعادة استعمالها أو نشرها للعموم أو للخصوم مما يجعل
الأفراد معرضين لتذكيرهم بوقائع تمس خصوصيتهم المعنوية التي تدخل ضمن
مكوناتها ما أصبح يعرف بالذاكرة الرقمية ،فظهرت حقوق من قبيل حق المحو ،وحق
الحذف ،وحق النسيان ،هذ الأخير سنقف عنده من خلال تعريفه (أولا) ،ثم تبيان
الرقمي ،فالمقصود به" :ذلك الحق الذي يمنح الأشخاص الوسائل القانونية التي
تمكنهم من الحصول على حقهم في النسيان عبر الانترنت ،وذلك من خلال الحد من
الاحتفاظ بالبيانات الرقمية الشخصية وإمكانية إلغائها" ،668كما يعرف أيضا بأنه:
"حق يخول للشخص الطبيعي أو الاعتباري مكنة محو معلومة تخصه أو طلب التوقف
وبصفة عامة يعتبر الحق في النسيان الرقمي ،هو حق الأفراد في مطالبة المسؤول
عن المعالجة بحذف معلوماتهم الشخصية التي تبقى مخزنة عبر مختلف المواقع
الالكترونية ويصعب عليهم محوها بمفردهم ،نظرا لما يشكله ذلك التخزين من انتهاك
لخصوصيتهم لاسيما عندما يمر وقت من الزمن ،وتعود معطياتهم الشخصية للظهور
( )668معاذ سليمان المال ،فكرة الحق في الدخول طي النسيان الرقمي في التشريعات الجزائية االلكترونية الحديثة دراسة مقارنة
بين التشريع العقابي الفرنسي والتشريع الجزائي الكويتي ،مجلة كلية القانون الكويتية العالمية أبحاث المؤتمر السنوي الدولي
الخامس 12-2مايو،0212 ،ص .112
(Jean – christophe DUTON et virgunie BECHT, le droit à l’oubli numérique : un vide )669
juridique ?, disponible sur le lien : https://www.journaldunet.com/ebusiness/le-net/1031442-le-
droit-a-l-oubli-numerique-un-vide-juridique/ ,dernière visite le
23-01-2021.
من جديد وهو ما يشكل ضرارا لهم ،خصوصا إن كانت تلك المعطيات تحمل ذكريات
لا يريدون تذكرها ،لتكون بالتالي أهم العناصر التي يقوم عليها الحق في النسيان
الرقمي هي كالآتي:
إتاحة البيانات الشخصية بما يسمح تحديد هوية صاحبها على الشبكة عن طريق
تخزينها؛ الاحتفاظ بها لمدة تتجاوز الغرض من التجميع والتخزين؛ عدم الاستجابة
فيما يخص وجود هذا الارتباط من عدمه فقد حسم القضاء الفرنسي في هذا
الأمر ،واعتبره عنصرا من عناصر الحياة الخاصة التي توجب متابعة المسؤول عن
المعالجة متى لم يحترم المدة المحددة لتخزين المعطيات الشخصية ،وذلك من خلال
الحكم الذي أصدرته محكمة باريس الابتدائية بتاريخ 5فبراير 2012في قضية
الأمر لدى القضاء وتطالب بإلغاء فهرستها ضمن محرك البحث الذي نفى مسؤوليته
ودفعها بحجة عدم صلاحيته إدارة محتوى المستخدمين ،إلا أن المحكمة رأت عكس
ذلك وأقرت بمسؤولية محرك البحث ومشاركته في الضرر الحاصل للمدعية D.Z
(dire que - (..) " Tribunal de grande instance de Paris Ordonnance de référé 15 février 2012,)670
ce référencement est constitutif d’un trouble manifestement illicite en ce qu’il porte atteinte au
respect de la vie privée de Madame Diana Z. ainsi qu’à son droit d’opposition au traitement de
; ses données à caractère personnel aux termes de l’article 38 de la loi du 6 janvier 1978
– dire qu’à tout moment, Madame Z. peut subir les répercussions d’un tel référencement dans
le disponible sur"(..) ; son milieu professionnel et qu’il convient de prévenir un tel dommage
lien: https://www.legalis.net/jurisprudences/tribunal-de-grande-instance-de-paris-ordonnance-
23-01-2021. de-refere-15-fevrier-2012/ ,dernière visite le
وقد أشار الحكم في إحدى حيثياته بشكل واضح إلى حق المدعية في دخول
" إن المدعية عندما صورت هذه:ماضي حياتها طي النسيان الرقمي حيث جاء فيه
لكنها لم تقبل ترقيمها ونشرها عبر،الأفلام قبلت بالضرورة توزيعها على الجمهور
، فإذا كان الفيديو محل النزاع لا يدخل في ذاته في حياتها الخاصة،شبكة الانترنت
فإن ذلك لا يمنع في كونه يشهد على فترة معينة من فترات حياتها تريد أن تستفيد
عمدت التشريعات الأوروبية إلى النص بشكل صريح في قوانينها إلى مبدأ "الحق
إلا أنه،المشرع المغربي الذي لم يشر بشكل صريح لحق الأفراد في النسيان الرقمي
كما هو الحال مع البند (ه) من المادة الثالثة الذي أحال على أحد،على هذا الحق
(671)
"(..) que si Madame Z. lorsqu’elle a tourné ce film, a accepté nécessairement une certaine
distribution même si ensuite elle n’a pas a priori consenti à sa numérisation et à sa diffusion sur
internet et si cette vidéo ne révèle pas en elle-même des scènes de sa vie privée, il n’en demeure
pas moins que ce film témoigne à une époque donnée de la vie de la jeune femme laquelle entend
bénéficier du droit à l’oubli; (..)".
(672)
En Allemagne, la Bundesdatenschutzgesetz, entrée en vigueur en 1977, stipulait déjà que
chacun a le droit, en vertu de la présente loi (…) : à l’effacement des données sauvegardées
le concernant, si leur conservation était inadmissible, ou – outre le droit au verrouillage des
données – lorsque les conditions de stockage initialement prévues ne sont plus valables (…) "
,loi fédérale allemande de l'époque, Traduit de l’allemand par Maxime BESÈME, Le droit à
l’oubli numérique dans le droit de l’Union européenne Consécration prétorienne et
législative, Faculté de droit et de criminologie (DRT), université catholique de louvain,
Année académique 2015-2016, p14.
(673)
En France, l’article 119 de la loi relative à l’informatique, aux fichiers et aux libertés,
stipulait que : " La personne concernée justifiant de son identité peut également exiger du
responsable d'un traitement que soient, selon les cas, rectifiées, complétées, mises à jour,
verrouillées ou effacées les données à caractère personnel la concernant, qui sont inexactes,
incomplètes, équivoques, périmées, ou dont la collecte, l'utilisation, la communication ou la
conservation est interdite ". Disponible sur le lien: https://www.legifrance.gouv.fr , dernière
visite le 24-01-2021.
P 464 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
العناصر المكونة له وهو "مدة الحفظ" التي يجب ألا تتجاوز مدة الغرض من تجميع
الالكترونية .675
كما أشار نفس القانون إلى حالة أخرى وهي الواردة في المادة ،8التي تعطي
الشخص المعني بعد الادلاء بما يثبت هويته إمكانية الحصول على مسح المعطيات
ذات الطابع الشخصي ،التي تكون معالجتها غير مطابقة لهذا القانون أثناء تعرضه
للحق في التصحيح.676
وقد جرم القانون 09.08من خلال المادة 55فعل الاحتفاظ بالمعطيات ذات
الجاري بها العمل ،أو المنصوص عليها في التصريح أو الاذن ،أو لمدة تتجاوز مدة
الغرض من تجميع المعطيات الشخصية ،مالم يتم هذا الاحتفاظ في الحالتين لأغراض
اعتمد التنصيص الضمني لبعض عناصر الحق في النسيان الرقمي ،رغم الدور الكبير
الذي يلعبه لحماية حق الأفراد في الخصوصية في نطاق العصر الرقمي ،عن طريق
منعه تخزين وحفظ وكذا إعادة استحضار معطياتهم الشخصية لمدة تفوق ما يسمح
به القانون ،وما يشكله ذلك من مساس بحقهم في سرية حياتهم الخاصة وجعلها
عرضة للجمهور ،الأمر الذي يصعب بدون أدنى شك من اندماج الأفراد وتجاوزها
لماض قد تناسته بهدف المضي قدما في حياتها ،لذلك من الأفضل أن يتحرك المشرع
المغربي نحو التنصيص بنص صريح على الحق في النسيان الرقمي بالإضافة لباقي
على حقوق أخرى تتقاطع معه كالحق في الحصول على المعلومة ،كما يستحن به
تحديد البيانات الني ينصب عليها الحق في النسيان الرقمي وكذا المدة الزمنية
القصوى لتخزينها.
تبقى الإشارة واجبة على غرار موقف المشرع المغربي لموقف بعض المؤسسات
الوطنية من الحق في النسيان الرقمي ،ومن بينها ما نص عليه تقرير أنجزه مركز
على القوات المسلحة ،حول موضوع "حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار
قطاع الأمن" ،حيث أشار لمبدأ الحق في النسيان بشكل صريح ضمن أول المبادئ
الأساسية التي يقوم عليها الحق في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ،واعتبر
أن من حق الفرد المطالبة بوقف معالجة معطيات معينة ذات طابع شخصي قد تلحق
الضرر به ،وذلك إما من خلال سحب هذه المعطيات من المواقع الواردة فيها (الحق
( )678مركز دراسات حقوق االنسان والديمقراطية منظمة غبر حكومة وغير ربحية متخصصة ومستقلة عن السلطات العمومية
والتيارات السياسي ،وتأسس المركز سنة 0221على قاعدة خبرات عدد من مؤسسيه التي اكتسبوھا من المؤسسات الحكومية
وغير الحكومية والمؤسسات األكاديمية الناشطة في مجال حقوق االنسان.
في مسح المعطيات) ،أو من خلال حذف الموقع من قوائم البحث من قبل محركات
كما تبنت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي
القرار 680
، Cndpنفس الموقف حينما أوردت في موقعها الالكتروني الرسمي
القضائي الذي كرس بشكل صريح الحق في النسيان الرقمي ،681والذي أصدرته محكمة
العدل الأوروبية الصادر بتاريخ 13ماي ،2012و ألزمت بموجبه محرك البحث
المتعلقة ببيانات شخصية قديمة غير كافية أو ليست ذات صلة أو أنها أصبحت
مسيئة.682
الرقمي
الخاصة كالحق في الصوت والصورة والاسم وغيرها ،مما يؤدي للقول بأن المعطيات
( )679تقرير ندوة لمركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة ومركز دراسات حقوق االنسان الديمقراطية ،حماية
المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار قطاﻉ األمن بالمغرب ،منشور على الموقع ،/http://cedhd.orgتاريخ االطالﻉ
02/21/01على الساعة 11و 22دقيقة0211 ،ص .12
(https://www.cndp.ma/ar/espace-juridique/jurisprudence.html , dernière visite le)680
24-01-2021.
( )681تدور أحداث القضية بشكل مختصر حول قيام المواطن االسباني "مايو كوستيخا غونزالس" ،بنشر اسمه في إحدى الصحف
عام 1222بصفته مالك لعقار سيتم عرضه للبيع في مزاد علني لتسديد ديونه ،وعلى الرغم من تجاوﺯ الرجل ألﺯمته إال أن
ھذه الروابط المتعلقة بهذه المعلومات استمرت بالظهور في محرك البحث "جوجل ،" Googleبمدة قاربت 12سنة رغم
محاولته تجاوﺯ تأثير ذلك عليه نفسيا وتجاريا ،وفي سنة 0212وقفت ھيئة حماية البيانات في اسبانيا إلى جانبه وأمرت شركة
"جوجل " Googleبمسح الروابط المتعلق بهذه المعلومات ،فاستأنفت ھذه األخيرة القرار مما دفع المحكمة االسبانية إلى تحويل
القضية إلى محكمة العدل األوروبية ،التي استندت في حكمها على قانون االتحاد األوروبي الذي اعتبر محرك البحث "جوجل
" Googleمسؤول عن البيانات التي تجرى على البيانات الشخصية التي تظهر على صفحاته وتشمل المحتوى الذي نشر
بالفعل في وسائل االعالم وأن ھذه المعلومات تحتوي على جوانب عدة للحياة الشخصية للفرد.
)(682
Arrêt de la Cour (grande chambre) du 13 mai 2014 (demande de décision préjudicielle de
l’Audiencia Nacional — Espagne) — Google Spain SL, Google Inc./Agencia de Protección de
Datos (AEPD), Mario Costeja González, publié dans le Journal officiel de l'Union européenne,
C 212/4, 7.7.2014.
ذات الطابع الشخصي هي حياة خاصة في المجال المعلوماتي ،أو كما يطلق عليها
بالخصوصية المعلوماتية ،التي تبقى بدورها على غرار الحياة الخاصة محلا لمجموعة
سأقتصر منها على مظهرين يمس أولهما التخزين غير مشروع 683
من الاعتداءات
الفقرة الأولى :جريمة جمع المعطيات الشخصية وتخزينها على نحو غير مشروع
يظهر من خلال تعريف مفهوم " معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي "الوارد
في البند 2من المادة 1من القانون ،09.08بأن عملية الجمع والتخزين لها
غاية أساسية وهي مساعدة الأفراد على تيسير شؤون حياتهم اليومية بطرق أكثر
سرعة وفعالية ،إضافة إلى تعزيز أمنهم المعلوماتي متى تمت هذه المعالجة من طرف
مصالح الدولة ،لأغراض الدفاع الوطني والأمن الداخلي والخارجي ،كما هو الحال مع
غير أن هذا الهدف قد يخرج عن الإطار المحدد له ،متى تم استغلال بيانات
الأفراد الشخصية بطرق غير مشروعة من طرف أشخاص أو جهات ليس لهم الحق
في القيام بذلك ،سواء باستخدام أساليب غير مشروعة (أولا) ،أو استغلال غير
( )683عدد القانون 22.22السالف ذكره ضمن نصوصه القانونية مجموعة من الحاالت التي يتحقق معها االعتداء على
خصوصية األفراد المعلوماتية على غرار الحاالت الواردة في مثن ھذه الفقرة ،وذلك عن طريق :مساس معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي باألمن أو بالنظام العام أو منافاتها لألخالق أو اآلداب العامة (المادة ;)11معالجة المعطيات ذات الطابع
الشخصي دون التصريح بذلك أو الحصول على االذن (المادة ;)10المساس بحقوق الشخص المعني بالمعطيات موضوﻉ
المعالجة (المادة ;)12عدم االلتزام بسرية وسالمة المعالجات والسر المهني (المادة ;)12استغالل المعطيات ذات الطابع
الشخصي رغم التعرض السيما في االستقراء التجاري (المادة ;)12مخالفة قواعد نقل المعطيات ذات الطابع الشخصي إلى
بلد أجنبي (المادة ;)22االستعمال التعسفي أو التدليسي للمعطيات المعالجة (المادة .)21
تستعمل هذه الأساليب مثلا عند القيام بمراقبة وتفريغ وقراءة الرسائل المتبادلة
عن طريق البريد الالكتروني ،والتوصل غير المشروع إلى ملفات تعود للآخرين بطرق
خفية إلى جهاز الحاسوب الذي يخزن البيانات ،كما يدخل أيضا ضمن الأساليب غير
المشروعة ما هو تقني ،حيث ساهم انتشار شبكة الانترنت على نطاق واسع في بروز
مجموعة من التقنيات التي تتبع آثار الأفراد متى اتصلوا بها سواء عن علم ،كما هو
حيث يمكن من خلاله تحديد الموقع الجغرافي ونوع الجهاز الحاسب الآلي المتصل
بالإنترنت ،كما يمك ن مورد الخدمات بمجموعة من البيانات التي يستطيع من خلالها
أبرز ما يهدد معطياته الشخصية وينتهك حقه في الخصوصية ،فهي عبارة عن جهاز
مراقبة من فئة برامج الحاسب الآلي ،ترسلها مواقع الويب التي يزورها المستخدم
وقت اتصاله بالإنترنت في شكل ملفات نصية ،تستقر في الحاسب الآلي للمستخدم
بعد قطع الاتصال وتقبع بداخله إلى غاية قيامه بزيارة الموقع ذاته مجددا ،بحيث
تعود هذه الملفات النصية أدراجها نحو المواقع ذاتها التي أتت منها محملة بالبيانات
( )684حسمت محكمة النقض الفرنسية الجدل الذي كان قائما حول إمكانية اعتبار "عنوان بروتوكول االنترنت" بيانا شخصيا
من عدمه واعتبرته بيانا شخصيا لتحذو حذو اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات الفرنسية التي عللت قرارھا بالقول بأنه" :إذا
كان ھذا العنوان ال يحدد شخصا طبيعيا ولكن يعين جهاﺯ حاسب آلي ،فإنه من غير المتصور عقال ومنطقا أن يتصل الجهاﺯ
بشبكة االنترنت من تلقاء نفسه ،وأن ھذا الجهاﺯ يقبع خلفه دائما شخص قابل للتعيين ،كما أنه إذا كان صحيحا أن عنوان
البروتوكول ليس في ذاته من البيانات الشخصية إال أنه يكون دائما مقرونا ببيانات أخرى يجمعها مورد خدمة االنترنت ،يمكن
من خاللها تعيين الشخص المستخدم".
Zahra REQBA, L’adresse IP est-elle une donnée à caractère personnel ? , 2015, disponible
sur le site https://www.village-justice.com/ la dernière visite le 14/11/2020.
والمعلومات المختلفة حول المستخدم دون علمه ،685لتجعل هذه التقنية مستوى
السرية على الانترنت جد ضعيف ،خصوصا مع تزايد البرامج التجسسية التي تخترق
لبطاقات الائتمان ،وغيرها من العطيات الشخصية التي يكشف عنها المستخدم داخل
الفضاء الرقمي.686
إن استغلال بيانات الأفراد الشخصية بطرق غير مشروعة لا يقتصر على
الأساليب ،وإنما يطال حتى نوعية المعطيات الشخصية ،حيث يحظر القانون جمعها
أو يضع لها ضوابط سواء كانت قانونية أم فنية تضبط عملية الجمع والتخزين ،كما
هو الحال مع المعطيات الحساسة التي نص عليها القانون 09.08في البند 3من
المادة ، 1والتي أدخل في نطاقها المعطيات التي تبين الأصل العرقي ،أو الاثني ،أو
الآراء السياسية ،أو القناعات الدينية ،أو الفلسفية ،أو الانتماء النقابي للشخص
المعني ،أو تكون مرتبطة بصحته ،بما فيها المعطيات الجينية ،وجعل إمكانية
معالجتها مقترنة بموافقة صريحة للمعني بالأمر ،وبالتالي فمتى انتفت هذه الموافقة
إلا وتحقق عنصر اللامشروعية في الجمع والتخزين ،وهو ما أكدته المادة 51من
القانون 09.08التي عاقبت على معالجة معطيات ذات طابع شخصي حساسة دون
العقوبتين.687
( )685بولين أنطونيوس أيوب ،الحماية القانونية للحياة الشخصية في مجال المعلوماتية دراسة مقارنة ،منشورات الحلبي الحقوقية،
الطبعة األولى ،لبنان ،0222 ،ص .022
( )686العربي جنان ،معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الحماية القانونية في التشريع المغربي والمقارن (القانون رقم
،)22.22الطبعة األولى ،المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات ،مراكش ،0212 ،ص.12
( )687المادة 11من القانون 22.22السالف الذكر.
وسواء تعلق الأمر بالأسلوب غير المشروع المتبع ،أو بنوعية المعطيات
المستغلة بطرق غير مشروعة ،فإن مرتكب هذا الفعل يكون متابعا بارتكابه لجريمة
عمدية يتحقق فيها القصد الجنائي العام من علم وإرادة ،حيث يكفي أن يعلم أنه
ممنوع من ولوج نظام معلوماتي معين أو البقاء فيه (كما هو الحال مع الموافقة
المستلزمة في المادة ،)51لتتجه إرادته إلى القيام بهذا التصرف المخالف للقانون،
وهو المعطى الذي تؤكده المادة 52من القانون 09.08التي تابعت كل من عالج
المعطيات ذات الطابع الشخصي بطرق غير نزيهة وغير مشروعة ،بالحبس وغرامة
الفقرة الثانية :جريمة معالجة المعطيات الشخصية دون رضى المعني بالأمر
يبقى رضى الشخص بالمعالجة الواقعة على معطياته الشخصية مسألة ضرورية
لا يمكن تجاوزها من قبل المسؤول عن المعالجة ،إلا إذا كان الشخص المعني قد
عبر بما لا يترك مجالا للشك عن رضاه عن العملية أو مجموع العمليات المزمع
إنجازها ،لذلك وجب التعرض بداية لمفهوم الرضى الذي يتطلبه القانون 09.08
(أولا) ،ثم بعد ذلك عرض صور الاعتداءات المحتملة عليه (ثانيا).
الرضى بصفة عامة يعني الموافقة ،أي موافقة الفرد على اتخاذ إجراء معين في
والمميزة وعن علم يقبل بموجبه الشخص المعني معالجة المعطيات ذات الطابع
الشخصي المتعلقة به" ،689كما يراد به في المجال الجنائي اتجاه الإرادة نحو قبول
فعل الاعتداء على مصلحة يحميها القانون ،ليكون بالتالي بمثابة تصريح ممن صدر
عنه للغير ،باتخاذ الاجراء الذي يرغب في القيام به رغم عدم مشروعية ذلك الإجراء.
الفضاء الرقمي ،عندما يسمح للغير في غير الحالات المصرح بها قانونا بنقل أو نشر
المعطيات الشخصية للشخص المعني من صوت ،أو صورة ،أو إفشاء مضمون رسائله
الالكترونية بصفة علنية ،وهو ما سينتج عنه دون شك ضرر للمعني بالأمر لذلك
أوجب القانون بأن لا تتم عملية تجميع المعطيات الشخصية أو أي إجراء آخر من
إجراءات المعالجة إلا برضى المعني بالأمر ،وهو ما أقرته المادة 2من القانون
09.08التي جاء فيها " لا يمكن القيام بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي
إلا إذا كان الشخص المعني قد عبر بما لا يترك مجالا للشك عن رضاه عن العملية
إلا أنه وكما سبقت الإشارة ،فهذا الرضى لا يكون مطلوبا إذا كانت المعالجة
ضرورية إما :لاحترام التزام قانوني يخضع له الشخص المعني أو المسؤول عن
المعالجة؛ أو لتنفيذ عقد يكون الشخص المعني طرفا فيه أو لتنفيذ إجراءات سابقة
للعقد تتخذ بطلب من الشخص المذكور؛ للحفاظ على المصالح الحيوية للشخص
المعني إذا كان من الناحية البدنية أو القانونية غير قادر على التعبير عن رضاه؛ أو
لتنفيذ مهمة تدخل ضمن الصالح العام أو ضمن ممارسة السلطة العمومية التي يتولاها
المسؤول عن المعالجة أو أحد الأغيار الذي يتم إطلاعه على المعطيات؛ لإنجاز
مع التطور المتسارع الذي أصبحت تعرفه شبكة الانترنت والوسائل الالكترونية،
ظهرت صور متنوعة لاستغلال المعطيات الشخصية للأفراد دون رضائهم أو موافقتهم،
فعلى إثر تفتيش قامت به اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات بفرنسا )(CNIL
رسائل البريد الالكتروني ،عبر شبكات "الواي فاي" ،من أجل استغلالها في خدمتها
الجديدة آنذاك "جوجل ستريت فيو" مما جعل اللجنة تفرض غرامة مالية قيمتها
مائة ألف يورو على شركة "جوجل ،"Googleمع تعهد هذه الأخيرة بالتخلص
كما أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل ازداد خطورة ،فقد أصبحت المعطيات
الشخصية محلا للاتجار بها من قبل المواقع والشبكات الالكترونية ،حيث يقوم
موقعه بعدما ينهي جمعها ،إلى شركات الإعلان ،التي تقوم بإعداد قواعد بيانات
تصنف من خلالها تحديد احتياجات المستخدمين ورغباتهم وكل هذا دون رضاهم
وأخذ موافقتهم ،وهو تماما ما قمت به شركة "فيسبوك" التي توبعت من طرف
"لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية" بغرامة قدرها 5مليارات دولار ،بسبب بيعها
وبالتالي فإن تحقق مثل هذه الصور تجعل من رضى المعني بالمعالجة منتفيا،
ليتحقق فعل الاعتداء الذي تابع من أجله المشرع المغربي المعتدي طبقا للمادة 52
الخاتمة:
ختاما ،يمكن القول على أن البحث في هذا الموضوع يعرف تشعبا كبيرا على
مستوى المفاهيم لما له من ارتباط بالمجال التقني ،وكذا على مستوى المجالات
المتقاطعة معه ،إلا أن هذا لم يمنعني من محاولة معالجته عن طريق عرض إشكالية
عمدت للإجابة عليها من خلال عرض بعض من مظاهر الاعتداءات التي تمس حياه
الأفراد الخاصة في نطاق العصر الرقمي بمختلف صورها ،سواء تعلق الأمر بالخصوصية
المادية التي تظهر بشكل ملموس (الحق في الأقوال أو المعلومات الخاصة أو السربة،
الحق في الصورة) ،أو الخصوصية المعنوية التي تمس شرف واعتبار وذاكرة الأفراد
(القذف ،السب ،التشهير ،الحق في النسيان الرقمي) ،أو الخصوصية المعلوماتية التي
تمس معطياتهم الشخصية داخل الفضاء الرقمي (الاسم ،الصوت ،الصورة..إلى غيرها
من المعطيات) ،والتي تبين من خلالها أنه رغم المقتضيات الايجابية التي أدخلها
( )692راجع العقوبة التي أقرتها لجنة التجارة الفيديرالية األمريكية على رابط موقعا الرسمي التالي:
https://www.ftc.gov/news-events/press-releases/2019/07/ftc-imposes-5-billion-penalty-
sweeping-new-privacy-restrictionsتاريخ االطالع ( 13-15-50على الساعة 18و 10دقيقة).
و ، )...88.13إلا أن عملا كبيرا لازال ينتظره حتى يتمكن من مواكبة هذا التطور
التكنولوجي المتسارع ،الذي ينتج عدة انتهاكات على حق الأفراد في حرمة حياتهم
الخاصة.
وفي سبيل تعزيز الحماية القانونية لهذا الحق فقد خلصت أثناء معالجتي لموضوع
السالف الذكر ،مما يستحسن معه بلورة اجتهاد قضائي مغربي خاص في هذا
الصدد.
يستحسن أن يتحرك المشرع المغربي نحو التنصيص بنص صريح على الحق
في النسيان الرقمي إلى جانب باقي حقوق المستخدم المعني بالمعالجة
كما يستحن بالمشرع تحديد البيانات الني ينصب عليها الحق في النسيان
وجب العمل أكثر على تحسيس المواطنين بالقوانين والمؤسسات التي تسهر
أخيرا ،إن كانت هذه عينة من الاعتداءات التي تطال حق الحياة الخاصة للأفراد
في العصر الرقمي ،فما هي الضمانات التي منحها المشرع المغربي لمواجهة هذه
الئحة المراجع:
أوال :المراجع باللغة العربية
الكتب -أ
أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري ،لسان
أحمد علي ،مفهوم المعلومات وإدارة المعرفة ،مقال منشور بمجلة جامعة
،2005ص.102
.2009
العربي جنان ،معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الحماية القانونية في
المعلومات وفقا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي دراسة تأصيلية تحليلية
مقارنة ،مجلة الشريعة والقانون ،السنة التاسعة والعشرون ،العدد الرابع والستون،
محمد عبد المحسن المقاطع ،حماية الحياة الخاصة للأفراد وضماناتها في
التشريعات الجزائية الالكترونية الحديثة دراسة مقارنة بين التشريع العقابي الفرنسي
والتشريع الجزائي الكويتي ،مجلة كلية القانون الكويتية العالمية أبحاث المؤتمر
مكافحة جرائم تقنية المعلومات ،أطروحة مقدمة لاستكمال متطلبات الحصول على
درجة الماجسيتير في القانون العام ،جامعة الامارات العربية المتحدة كلية القانون
نبيل إبراهيم سعد ،المدخل إلى القانون نظرية الحق ،مشورات الحلبي
تقرير ندوة لمركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة ومركز
دراسات حقوق الانسان الديمقراطية ،حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار
اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطايع الشخصي ،إصدار حول
.09
منشور السيد رئيس النيابة العامة ،حول حماية الحياة الخاصة للأفراد في
المواقع االلكترونية:ثالثا
https://www.facebook.com
https://www.legalis.net
https://www.cndp.ma
https://www.legifrance.gouv.fr
https://www.ftc.gov
P 481 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
تعاليق علمية
على نصوص
قانونية ومقررات
قضائية
123من مدونة الشغل ،فإنها بالمقابل لم تحدد السن الأقصى لقبول تشغيل
الأجراء".
قد حددت السن الأدنى للتشغيل وذلك بمقتضى المادة 123من مدونة الشغل،
فإنها بالمقابل لم تحدد السن الأقصى لقبول تشغيل الأجراء .وقد آثار هذا القرار
أولا :تحديد سن تشغيل الأجراء وفقا لمدونة الشغل المغربية ،اقتصر على
تحديد السن الأدنى ،وقد تم إغفال تحديد السن الأقصى لقبول تشغيل الأجراء.
ثانيا :تطبيق مقتضيات المادة 522من مدونة الشغل يقتصر على الأجراء
الذين زاولوا مهامهم قبل بلوغهم سن التقاعد عند نفس المشغل ،مما يستفاد أنه
لا يمكن الإعمال مقتضيات المادة أعلاه مادام أن الأجير(ة) لم يكن أجيرا لدى
ثالثا :الحماية المقررة للأجير الذي أقدم على الشغل لدى مشغل بعد بلوغه
سن التقاعد تظل ناقصة ولاسيما في ما يخص أحقية الأجير من استفاد من التعويضات
وللتعليق على هذا القرار القيم لابد من إعادة استعراض أهم وقائعه ومنطوقه.
الوقائع:
تتلخص وقائع هذا القرار ،حيث أن الطالبة بصفتها أجيرة تعرض فيه للطرد
المساطر:
حكمت المحكمة الابتدائية بقبول الطلب المشغلة ،وقضى لها بتعويض عن
الاخطار والفصل والطرد التعسفي والعطلة السنوية وفارق الحد الأدنى للأجير والأجرة
الحكم بالنفاذ المعجل ما عدا التعويضات المرتبطة بمهلة الإخطار والفصل والضرر
فيما قضت محكمة الاستئناف قرارا يقضي بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا الحكم
برفض الدعوى وتحميل المستأنف عليها الصائر في إطار المساعدة القضائية ،وهذا
الادعاءات:
تعيب الطالبة على سبب وحيد يمثل على القرار المطعون فيه انعدام الأساس
حيث ثبت صحة ما عابته الطالبة على القرار ،ذلك أنه وإن كانت مدونة الشغل
قد حددت السن الأدنى للتشغيل وذلك بمقتضى المادة 123من مدونة الشغل،
فإنها بالمقابل لم تحدد السن الأقصى لقبول تشغيل الأجراء والثابت أن الطالبة
التحقت للعمل لدى المطلوبة وسنها يتجاوز الستين سنة فإنه لا نص قانوني يمنعها
من ذلك مادام المشغل قد ارتضى تشغيلها حسب السن المشار إليه أعلاه ،ذلك أن
المطلوب في النقض لما قام بتشغيلها عن عمر يفوق الستين سنة ،فهو على علم
بأنها تتجاوز سن التقاعد المنصوص عليه في المادة 522من مدونة الشغل والتي
تسري على الأجراء المزاولين لعملهم وهم لم يبلغوا بعد سن التقاعد وذلك حفاظا
أما والحال وأن الطاعنة تم التعاقد معها وسنها حوالي 22سنة ،فإن مقتضيات
المادة 522من مدونة الشغل لا يمكن الإعمال بها مادام أن الطالبة لم تكن أجيرة
لدى المطلوب قبل بلوغها سن التقاعد ،ولا يوجد بالملف ما يفيد أنها كانت تستفيد
من راتب التقاعد قبل التحاقها بالعمل لديه حتى يمكن تفعيل مقتضيات المادة
أعلاه.
المشكل القانوني:
ما مدى أحقية الأجير الذي تجاوز سن التقاعد القانوني من مزاولة الشغل؟
ومن أجل التعليق على القرار سنتبنى تصميما نرتكز على المحورين التاليين:
ينفرد عقد الشغل عن باقي العقود المسماة ببعض الخصوصيات بين أطرافه
ولاسيما في إطار العلاقة التي تربط بين المشغل والأجير ،الأمر الذي كان لابد من
تدخل التشريع بواسطة مقتضيات قانونية تطمح كلها إلى إقامة التوازن بين هذه
العلاقة سواء أثناء سريان علاقة الشغل أو بعد انتهائها ،ومن ضمن تجلياتها هو
تحديد السن القانوني للتشغيل تعزيزا للحماية المقررة لبعض الفئات التي كان يتم
وفي هذا الإطار سنتطرق إلى معرفة السن الأدنى والسن الأقصى الذي يتم فيه
يعتبر شيوع تشغيل الأحداث من المواضيع التي شغلت باب المهتمين في
المجال الاجتماعي ،واستأثرت باهتمام المجتمع الدولي أيضا من خلال مجموعة من
الاتفاقيات والتوصيات التي تؤطر عمل الأحداث ،ونظر لخطورة ظاهرة تشغيل الأطفال
عملت المجموعة الدولية إلى تبني الاتفاقية الدولية المتعلقة بالطفل لسنة1989
واستجابات لهذه المطالب بما في ذلك مطالب الفقه المغربي ومطالب الهيئات
المهتمة بحقوق الطفل تم رفع وتحديد سن الأدنى للتشغيل في المغرب إلى حدود
694
15سنة ،وذلك انسجاما مع الاتفاقية الدولية رقم 138الصادرة سنة ،1913
ويعود الأمر لاعتبارات تبني العديد من التشريعات المقارنة سنا أعلى من 12سنة،
بحيث تقرر مثلا في كل من فرنسا الجزائر تونس 12سنة كحد أدنى للتشغيل
695
والسنيغال 12سنة.
وتبعا لذلك كرس المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل هذا التوجه نحو
تحديد السن الأدنى للشغل في 15سنة وذلك طبقا لمقتضيات المادة 123من
القانون أعلاه التي نصت على " لا يمكن تشغيل الأحداث ،ولا قبولهم في المقاولات،
أو لدى المشغلين ،قبل بلوغهم سن خمس عشرة سنة كاملة ".فيما حددت مقتضيات
- 694ازهور هيباوي :قانون الشغل الجنائي عالقات الشغل الفردية " نموذجا " – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص .جامعة محمد الول – كلية العلوم القانونية واالقتصادية االجتماعية وجدة .السنة الجامعية .1112/1112 :ص.21 .11 :
- 695عمرتيزاوي :مدونة الشغل بين متطلبات المقاولة وحقوق الجراء .الطبعة الولى :يونيو – 1199ص.122 ،112 :
المادة 151من نفس القانون على جزاءات مخالفة المادة 123والمتمثلة في
وفي حالة العود ،تضاعف الغرامة والحكم بحبس تتراوح مدته بين 2أيام و 3أشهر
696
أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وطبقا للمادة 123من مدوة الشغل اتجه المشرع نحو تحديد الحد الأدنى
لقبول الحدث في العمل في 15مع إمكانية رفع السن إلى 18سنة في بعض
بالتمثيل أو التشخيص في العروض العمومية إلا وفق إجراءات معينة 697والتي حددها
وإذا كان المشرع قد حدد 15سنة كحدي أدنى للتشغيل لا يمكن النزول عنه
تح ت طائلة الجزاء المذكور ،فقد أقر ببعض الاستثناءات التي يمكن رفع من ذلك
الحد ،كما هو عليه الحال التشغيل كمشخص في العروض العمومية أو الحالة الشغل
الذي يتطلب أداء ألعاب خطيرة أو القيام بحركات بهلوانية أو التوائية أو الأشغال
698
التي تشكل خطرا على حياة الطفل أو صحته أو أخلاقه.
في ظل تجاوز الوضعية التي كانت تعرفها بعض العاملات و العمال المنزليين الذين
يتم تشغيلهم دون السن القانوني ،والذين غالبا ما يستثنون من تطبيق أحكام مدونة
تشغيل الأشخاص بصفتهم عاملات أو عمال منزليين في 18سنة ،غير أنه يمكن
خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تبتدئ من تاريخ دخول هذا القانون حيز
التنفيذ ،تشغيل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12و 18سنة بصفتهم
عاملات أو عمالا منزليين شريطة أن يكونوا حاصلين من أولياء أمورهم على إذن
700
مكتوب مصادق على صحة إمضائه قصد توقيع عقد الشغل المتعلق بهم.
بمراجعة مقتضيات مدونة الشغل المغربية وما يرتبط بها من نصوص تنظيمية
لا نجد نصا قانونيا يحدد السن الأقصى ولوج التشغيل ،إنما تتضمن بعض مقتضيات
مدونة الشغل ما يتعلق بانتهاء مدة العمل أو الشغل بحيث نصت المادة 522من
699ظهير شريف رقم 9.92.919صادر في 2ذي القعدة 91( 9212أغسطس )1192بتنفيذ القانون رقم 91.91بتحديد شروط الشغل
والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين ،جريدة رسمية عدد 2211بتاريخ 92ذو القعدة 11( 9212أغسطس ،)1192صفحة
.2922
ن
- 700وأشارت 2في الثالث ما يليها من القانو رقم 91.91بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعامالت والعمال المنزليين ،على
أنه العامالت والعمال المتراوحة أعمارهم ما بين 92و 92سنة عرض هذه الفئة وجوبا على فحص طبي كل 2أشهرعلى نفقة المشغل ،هذا
كما يمنع تشغيلهم في الماكن المرتفعة والغير اآلمنة ،وفي حمل الجسام الثقيلة ،وفي استعمال التجهيزات والدوات والمواد الخطيرة ،وفي
كل الشغال التي تشكل مخاطربينة قد تضربصحتهم أو سالمتهم أو سلوكهم الخالقي.
على اعتبار أنه يمكن أن تتمم الئحة الشغال التي يمنع تشغيل العامالت والعمال المنزلين المتراوحة أعمارهم ما بين 92و 92سنة بنص
تنظيمي.
مدونة الشغل " يجب أن يحال إلى التقاعد كل أجير بلغ سن الستين .غير أنه يمكن
الاستمرار في الشغل ،بعد تجاوز هذه السن ،بناء على قرار تتخذه السلطة الحكومية
يحدد سن التقاعد في خمس وخمسين سنة ،فيما يخص أجراء المناجم الذين
يثبتون أنهم اشتغلوا في باطن الأرض طيلة خمس سنوات على الأقل.
تؤخر الإحالة إلى التقاعد ،إلى تاريخ اكتمال مدة التأمين ،بالنسبة إلى الأجراء
الاجتماعي".
فإذا كان التقاعد هو توقف الأجير عن مزاولة العمل لبلوغه السن القانونية مع
تقاضيه مبلغا شهريا لمعاشه ،فهل له الحق في ممارسة الشغل عند نفس المشغل
إما في استمرار في العقد أو بإعادة صياغة عقد الشغل من جديد ،أو عبر التعاقد
إن الإجابة على هذه الأسئلة تقضي منا معالجة مقتضيات المتعلقة بتقاعد الأجير
لأنها تحدد لنا السن القانوني الذي يجب على الأجير أن يحال فيه على التقاعد تحت
الفرضية الأولى :الإحالة إلى التقاعد إلى تاريخ اكتمال مدة التأمين ،بالنسبة إلى
فيه مدة التأمين المذكورة إذا كان القانون المحدد بضرورة الاشتغال لمدة 3220
702
يوم عمل.
كما يملك المشغل وفق التعديل الجديد الذي نص عليه القانون رقم 11.02
المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي على إمكانية إحالة الأجير على التقاعد قبل السن
الستين ،ذلك ابتداء من سن الخمسة والخمسين وما فوق ،وما يسمى بالتقاعد المبكر
متى تبث توفر الأجير على 3220يوما على الأقل من التأمين ،حتى يتسنى
وبما أن هذه الفرضية لا تطرح إشكالا بخصوص إتمام الأجير للشغل مادام أنه
يثبت توفره على 3220يوما على الأقل من التأمين ،حتى بعد بلوغه سن 20
سنة أو الخمس والخمسين .بطلب منه وبترخيص من مشغله الذي يجب عليه أن
يؤدي منحة ،لهذا الفرض ودفعة واحدة ،إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
وذلك طبقا لاتفاق خاص يبرم بين المشغل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،
والذي يتم بناء على قرار تتخذه السلطة الحكومية المكلفة بالشغل ،بطلب من
703
المشغل وبموافقة الأجير.
- 702الفصل 21مكرر - .خالفا لمقتضيات الفقرة الولى من الفصل 21أعاله ،يمكن إحالة المؤمن له ،الذي يثبت توفره على ثالثة أالف
ومائتين وأربعين يوما على القل من التأمين ،على التقاعد ابتداء من سن الخمسة والخمسين سنة وما فوق ،بطلب منه وبترخيص من
مشغله الذي يجب عليه أن يؤدي منحة ،لهذا الفرض ودفعة واحدة ،إلى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي وذلك طبقا التفاق خاص
يبرم بين المشغل والصندوق الوطني للضمان االجتماعي "...ظهير شريف رقم 9.12.912صادر في 19من رمضان 2( 9212نوفمبر )1112
بتنفيذ القانون رقم 92.11المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.184بتاريخ 92من جمادى اآلخرة 12 (9111
يوليو ) 9121المتعلق بنظام الضمان االجتماعي .الجريدة الرسمية عدد 2121بتاريخ 12رمضان 9212المو افق ل 12نونبر 1112ص:
.1222
- 703الفقرة الولى من المادة 212من مدونة الشغل.
الفرضية الثانية :الحالة التي يتم فيها تأخير إحالة الأجير على التقاعد رغم
بلوغه السن القانوني .حيث تنبه المشرع لهذه الحالة والتي تحتاج فيها المقاولة ومن
أجل استمراريتها على براءة الأجير ،إذ تحدد استمراريتها على شخصية الأجير
بذاته ،والتي قد ت نعكس على مردوديتها ،بحيث يبقى على المشغل سلوك مسطرة
إلزامية والتي تتأسس على موافقة الأجير في استمرار في الشغل بعد سن التقاعد
وعلى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل بهذا الشأن ،على أنه في مختلف الأحوال
يجب على المشغل أن يشغل أجيرا محل كل أجير أحيل إلى التقاعد ،عملا بالمادة
704
522أعلاه.
الفرضية الثالثة :الحالة التي يتم تشغيل الأجير ابتداء من سن 55سنة وما
فوق بعقد جديد أمام نفس المشغل أو عند مشغل أخر ،بالاطلاع على مختلف
مقتضيات مدونة الشغل قد لا نجد نص اهتم بهذه الفرضية ،ما يفتح المجال أمام
قابلية تشغيل الأجراء ما بعد سن التقاعد ما لم يكن هناك مبرر يمنع ممارستهم
للأشغال والتي قد لا تتلاءم مع وضعه الصحي والبدني ،وفي إطار هذا الفراغ التشريعي
الذي قد يفتح الإشكالية أمام القضاء في مدى قابلية تطبيق مقتضيات قانون الشغل
على هذه الفئة من عدمها أو في مدى استفادة الأجراء ما بعد سن التقاعد من
مقتضيات هذا القانوني ،هذا ما سنتعرض إليه من خلال الآثار المترتبة عن بلوغ سن
التقاعد
المحور الثاني :أثار بلوغ سن التقاعد بين قابلية تطبيق مقتضيات مدونة الشغل
وعدمها
إذا كان بلوغ سن التقاعد يأتي نتيجة وصول الأجير لسن أصبح فيه عاجزا عن
تقدي م خدماته ومهامه وفق المعيار الذي تعود عليه إبان شبابه ،وإن كان الحق في
الصحة من أبرز الحقوق الأساسية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان ،فمن حق الأجير
هذه الأماكن بكل الوسائل الضرورية التي ترمي إلى خلق بيئة سليمة لعمل الأجراء،
والتي 706
وبالتالي وقايتهم من الحوادث التي قد تشكل خطرا على صحتهم البدنية،
707
تضمن لهم الاشتغال في بيئة سليمة تراعي صحته وسلامته.
النقطة الأولى :استفادة الأجير من مقتضيات مدونة الشغل بعد بلوغ سن التقاعد
إن الفرضية التي تمكن الأجير من الاستفادة من مقتضيات مدونة الشغل ،هي
الفرضية التي يستمر فيه الأجير في الشغل إلى تاريخ اكتمال مدة التأمين ،بالنسبة
إلى الأجراء الذين لم يكونوا عند بلوغهم سن الستين أو الخمس والخمسين والمحدد
708
بضرورة الاشتغال لمدة 3220يوم عمل.
كما نضيف إلى ذلك فرضية يمكن للأجير الاستمرار في الشغل ،بعد تجاوز هذه
السن المذكور أعلاه بناء على قرار تتخذه السلطة الحكومية المكلفة بالشغل ،بطلب
- 705الفصل 11من الدستور المغربي " :ال يجوز المس بالسالمة الجسدية أو المعنوية لي شخص ،في أي ظرف ،ومن قبل أي جهة كانت،
خاصة أو عامة "...ظهير شريف رقم 9.99.19صادر في 12من شعبان 11( 9211يوليو )1199بتنفيذ نص الدستور -الجريدة الرسمية
عدد 2122مكرر بتاريخ 12شعبان 11( 9211يوليو ،)1199ص .1211
- 706عبد املجيد الصادقين :حماية حقوق الجير الشخصية بين اإلطار التشريعي والو اقع العملي .رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون
العقود والعقار .كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة .السنة الجامعية .1191/1191 .ص21 :
- 707عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل – عالقة الشغل الفردية ،الجزء الول :المطبعة والورقية الوطنية ،الطبعة الولى:
.1112ص.211 :
- 708وهو ما ذهب عليه قرار محكمة النقض رقم 221بتاريخ 92يونيو : 9121يستحق الجير البالغ سيتن سنة راتب الشيخوخة إذا أثبت
توفره على القل على 1121يوما على القل من التأمين لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي فالعبرة ليس بمدة العمل فقط بل بالمدة
التي أدى عنها المشغل واجب االنخراط "...قرار منشور سلسلة الموائد المستديرة بمحكمة االستئناف بالرباط – المائدة المستديرة
الرابعة حول ( مدونة الشغل وتطبيقاتها العملية) 92 .دجنبر . 1191مطبعة المنية – الرباط .ص.911 :
من المشغل وبموافقة الأجير ،وهي الحالة التي تصبح فيها وضعية العلاقة التي تربط
بين الأجير والمشغل علاقة تبعية قائمة على الاعتبار الشخصي للأجير.
وتبعا في ذلك ،فإن استمرار الأجير في الشغل دون اتباع مسطرة المنصوص
عليها في إطار مقتضيات المادة 522من مدونة الشغل ،تحرم الأجير من استفاد
من المعاش ،إذ يجب على الأجير ( المستفيد ) من التعويضات الصادرة عن الصندوق
الوطني للضمان الاجتماعي أن يطالب بها داخل أجل خمس سنوات ما لم تحل دون
النقطة الثانية :عدم قابلية تطبيق مقتضيات مدونة الشغل بعد بلوغ سن التقاعد
قد يلجأ بعض الأجراء بعد بلوغه السن التقاعد المحدد من خلال مدونة الشغل،
إما بعقد جديد لدى نفس المشغل أو بإبرام عقد بين مشغل أخر ،وإذا كان لا مانع
من ذلك مادام أن مقتضيات مدونة الشغل ومختلف النصوص التنظيمية لها لم تحدد
السن الأقصى لقبول الأجراء ،مادامت طبيعة الشغل تختلف بحسب مدى قدرة الأجير
على العمل وقناعة المشغل بالأداء الذي يمارسه الأجير أو خدمات التي تحقق رغبة
وإذا افترضنا قيام هذه الفرضية ،والمتمثلة في قيام الأجير بالتعاقد من جديد
أمام نفس المشغل أو أمام مشغل جديد سنفرغ مضمون المادة 522من مدونة
الشغل من م ضمونه والغرض الذي بنيت والمتمثل في وضع حد للعلاقة الشغل التي
تربط بين الأجير والمشغل على خصوصا إذا تعلق الأمر بعقد غير محدد المدة ،على
أساس أن عقد الشغل هو من العقود الزمنية أو المتتابعة إذ لا يعقل إبرام عقد شغل
ومن ناحية أخرى ،إن التجاء المشغل إلى ابرام عقد الشغل من جديد أو
الاستمرار في العقد دون احترام مقتضيات المادة 522من مدونة الشغل والتي
هذا بالإضافة ،إلى أن إبرام عقد الشغل مع أجير ما فوق سن التقاعد المحدد
بموجب الما دة المشار إليها أعلاه من مدونة الشغل ،ومقتضيات المادة 53من
القانون رقم 11.02المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي مع مشغل جديد ،لا يستقيم
مع مقتضيات التي جاءت بها مدونة الشغل في العديد من المحاطات والمتمثل في
طبيعة الأشغال وطبيعة احتساب الأجر وكدا ساعات العمل المخصص لهذه الفئة من
الحالي ويبقى محققا ،على الاعتبار أن ديباجة المدونة حينما تطرقت إلى عدم التمييز
بين الأجراء أغفلت ذكر السن مع يفتح المجال أمام المشغل في إعمال سلطته
التقديرية ،حيث جاء في صياغة ديباجة مدونة الشغل وفق الشكل التالي:
-709فاطمة العبد الوي ":مستجدات مدونة لشغل خصوص إنهاء عقد الشغل وآثار" ،مجلة املحامين ،مراكش ،العدد 22صفحة .921
- 710المادة 21مكررمن القانون رقم 92.11المتعلق بنظام الضمان االجتماعي،
" تطبق مقتضيات هذا القانون في كل أرجاء التراب الوطني وبدون تمييز بين
الأجراء يقوم على أساس السلالة أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو
أضف إلى ذلك المادة 9من مدونة الشغل من خلال القسم الثالث المتعلق
النقابية داخل المقاولة وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل كما يمنع كل مس
كما يمنع كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة ،أو اللون ،أو الجنس ،أو
الإعاقة ،أو الحالة الزوجية ،أو العقيدة ،أو الرأي السياسي ،أو الانتماء النقابي ،أو
الأصل الوطني ،أو الأصل الاجتماعي ،يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدإ تكافؤ
الفرص ،أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة ،لاسيما فيما
– 2منع كل إجراء تمييزي يقوم على الانتماء ،أو النشاط النقابي للأجراء؛
– 3حق المرأة ،متزوجة كانت أو غير متزوجة ،في الانضمام إلى نقابة مهنية،
وبالرجوع إلى القرار موضوع التعليق ،والذي ارتكزت فيه محكمة النقض القرار
الاستئنافي لما طبق على النازلة مقتضيات المادة 522من مدونة الشغل للقول
بعدم ارتكاز طلبات المدعية على أساس وقضى برفضها فيه خرق لاتفاقية منظمة
العمل الدولية رقم 111بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة الصادر سنة 1958
لإنهاء العلاقة الشغلية من شأنه أن يشكل تمييزا في العمل وبالخصوص المادة 5
711
من الاتفاقية المشار إليها أعلاه خاصة الفقرة الأخيرة منها.
يكون فيه النقض في الحكم قد جانب الصواب ،وذلك بتطبيق مقتضيات الاتفاقية
المادة 5من اتفاقية التمييز (في مجال الاستخدام والمهنة) الاتفاقية (رقم )111
الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة
712
العمل الدولية في 25يونيو ،1958في دورته الثانية والأربعين.
يمكن القول أن هذا القرار سيشكل خطوة بارزة في مسار وضع حد للتمييز بين
الأجراء من حيث السن ،ولاسيما إذا علمنا أن عديد من المشغلين يستغلون هذه
مستغلين بذلك براءاتهم في مجال الشغل وخبراتهم دون أن يكون لهم غرض من
استفاد هذا الصنف من امتيازات التي يمنحها قانون الشغل في إطار إقامة التوازن
وإلى جانب ذلك إلى مدى اقرار تطبيق مقتضيات الاتفاقيات المصادق عليها في
الجانب ال متعلق بالشغل ،بحيث جاء في الفقرة الأخيرة من ديباجة المدونة ،بحيث
تراعى في إطار المسطرة المتعلقة بتسوية نزاعات الشغل الفردية أو الجماعية الأمور
عليها؛
-.IIالاتفاقيات الجماعية؛
-.IIIعقد الشغل؛
إليها أعلاه؛
من هناك يمكن القول بأحقية تمتيع الأجراء بالحقوق الواردة في هذه الاتفاقية
المشار إليها أعلاه ومختلف الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب في مجال الشغل
والتشغيل حتى و لو لم يتم التنصيص عليها في المدونة ،ما دام أن المشرع اعتبر
القاعدة:
لئن كانت مدونة الشغل قد حددت السن الأدنى للتشغيل وذلك بمقتضى المادة
123من مدونة الشغل ،فإنها بالمقابل لم تحدد السن الأقصى لقبول تشغيل
الأجراء المادة 522من مدونة الشغل والتي تسري على الأجراء المزاولين لعملهم
وهم لم يبلغوا بعد سن التقاعد وذلك حفاظا وضمانا لحقوقهم الخاصة براتب
المعاش.
حيث يستفاد من مستندات الملف ،ومن القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه،
أن الطالبة تقدمت بمقال افتتاحي تعرض فيه أنها تشتغل لدى المدعى عليها من
أن تم طردها دون مبرر ملتمسة الحكم لها بمجموعة من التعويضات ،وبعد الإجراءات
المسطرية أصدرت المحكمة الابتدائية حكما قضى لها بتعويض عن الاخطار والفصل
والطرد التعسفي والعطلة السنوية وفارق الحد الأدنى للأجير والأجرة الشهرية لشهر
المعجل ما عدا التعويضات المرتبطة بمهلة الإخطار والفصل والضرر وتحميل المدعى
عليها الصائر وبرفض باقي الطلبات ،استؤنف من طرف المشغلة وعلى إثر ذلك
أصدرت محكمة الاستئناف قرارا يقضي بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا الحكم برفض
الدعوى وتحميل المستأنف عليها الصائر في إطار المساعدة القضائية وهو القرار
تعيب الطالبة على القرار المطعون فيه انعدام الأساس القانوني وفساد التعليل
وخرق قواعد الاثبات ،ذلك أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قضت بإلغاء
الحكم المستأنف في جميع ما قضى به وتصديا الحكم برفض الدعوى بعلة أنه بصرف
عليها أن عمرها حوالي 10سنة ،ومن تم فإنه تطبيقا لمقتضيات المادة 922
(الصحيح ) 522من مدونة الشغل ،فإنه يجب أن يحال إلى التقاعد كل أجير بلغ
سن الستين سنة ،غير أنه يمكن الاستمرار في الشغل بعد تجاوز هذا السن بناءا
على قرار تتخذه السلطة المكلفة بالشغل وبطلب من المشغل وبموافقة الأجير مادام
أن الأجيرة المست أنف عليها طالبت بحقوقها العمالية في إطار مدونة الشغل فإنه
يتعين إعمال أحكام هذه المدونة التي قيدت إمكانية الاستمرار في العمل بعد تجاوز
الستين سنة بالحصول على قرار من السلطة المكلفة بالشغل وبالتالي فإنه في غياب
هذا القرار تبقى ممارسة المستأنف عليها للعمل بعد تجاوز الستين غير خاضعة
لمقتضيات مدونة الشغل ،وأنه بذلك تبقى مطالبة المستأنف عليها بحقوقها العمالية
غير مرتكزة على أساس بغض النظر عن طبيعة عملها وبالتالي فإن الحكم المستأنف
يكون قد صدر مجانبا للصواب ويتعين إلغاؤه والحكم من جديد برفض الدعوى ،إلا
أن هذا الت عليل فاسد ولا يستقيم والمنطق القانوني السليم إذ أن بلوغ الأجير سن
الإعفاء والضرر في حالة تعرضه للفصل التعسفي لأنه من المقرر قانونا أنه لا يكفي
بلوغ الأجير سن التقاعد المحدد في 20سنة للقول بأنه أصبح في حكم المتقاعد
بل يتعين على المشغل قبل إقدامه على إحالة الأجير على التقاعد أن يتأكد بأن
هذا الأخير قضى فترة التأمين المحددة في الفصل 53من ظهير 1912/01/21
أخر سن التقاعد بالنسبة للأجير البالغ 20سنة إلى التاريخ الذي يستوفي فيه مدة
التأمين المذكورة عملا بالفصل 2من ظهير 1982/5/2وهو الأمر الذي لم يتوفر
في النازلة ،ثم ان التعويضات الأخرى المحكوم بها لفائدة الطالبة ابتدائيا عن الأجرة
والأقدمية والعطلة والفرق بين الأجر المتقاضي والحد الأدنى للأجر حقوقا مقررة
قانونا ومعززة بإقرار المطلوبة وهي غير مشمولة بمقتضيات نص الفصل 922
الصحيح 522من مدونة الشغل اعتبارا لكونها حقوقا مكتسبة وهي دين في ذمة
المشغلة ،مما يبقى معه القرار المطعون فيه فاسد التعليل ومنعدم الأساس القانوني
حيث ثبت صحة ما عابته الطالبة على القرار ،ذلك أنه وإن كانت مدونة الشغل
قد حددت السن الأدنى للتشغيل وذلك بمقتضى المادة 123من مدونة الشغل،
فإنها بالمقابل لم تحدد السن الأقصى لقبول تشغيل الأجراء والثابت أن الطالبة
التحقت للعمل ل دى المطلوبة وسنها يتجاوز الستين سنة فإنه لا نص قانوني يمنعها
من ذلك مادام المشغل قد ارتضى تشغيلها حسب السن المشار إليه أعلاه ،ذلك أن
المطلوب في النقض لما قام بتشغيلها عن عمر يفوق الستين سنة ،فهو على علم
بأنها تتجاوز سن التقاعد المنصوص عليه في المادة 522من مدونة الشغل والتي
تسري على الأجراء المزاولين لعملهم وهم لم يبلغوا بعد سن التقاعد وذلك حفاظا
وضمانا لحقوقهم الخاصة براتب المعاش ،اما والحال وان الطاعنة تم التعاقد معها
وسنها حوالي 22سنة ،فإن مقتضيات المادة 522من مدونة الشغل لا يمكن
الإعمال بها مادام أن الطالبة لم تكن أجيرة لدى المطلوب قبل بلوغها سن التقاعد،
ولا يوجد بالملف ما يفيد أنها كانت تستفيد من راتب التقاعد قبل التحاقها بالعمل
لديه حتى يمكن تفعيل مقتضيات المادة أعلاه ،وبالتالي فإنها تبقى محقة في تقديم
طلباتها بشأن إنهاء العلاقة الشغلية سواء تلك الناتجة عن تنفيذ عقد العمل أو
إنهائه وعلى المحكمة أن تناقش أسباب إنهاء هذه العلاقة وكذا مدى أحقية الطالبة
والقرار الاستئنافي لما طبق على النازلة مقتضيات المادة 522من مدونة
الشغل للقول بعدم ارتكاز طلبات المدعية على أساس وقضى برفضها فيه خرق
لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة الصادر
السن كمبرر لإنهاء العلاقة الشغلية من شأنه أن يشكل تمييزا في العمل وبالخصوص
المادة 5من الاتفاقية المشار إليها أعلاه خاصة الفقرة الأخيرة منها.
يكون فاسد التعليل ومنعدم الأساس القانوني ،مما يتعين معه نقضه.
لهــذه الأسبـاب
P 512 مجلةقانونيةعلميةمحكمة
العدد 32من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر يوليوز 2021م
رابط تحميل جميع أعداد مجلة الباحث 03على الموقع الرسمي (موقع الباحث)
https://www.allbahit.com