Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
إن المتتبع للحركة التشريعية في بالدنا يالحظ بأنه في اآلونة األخيرة ـأبرزت لحيز
الوجود مجموعة من المستجدات الحقوقية الهامة ،والمتمثلة في الدستور الجديد للمملكة سنة
2011والذي بدوره أفرد في صلبه حيزا هاما لمجموعة من الحقوق والحريات ،ووضع
آليات لحمايتها وضمان ممارستها ،إال أن طرق ممارستها تختلف كما أن الكيفية والعمل
على تطبيقها بشكل قانوني ومستقل تتسم بالتباين ،ولكن بالرجوع إلى التنظيم القضائي
بإعتباره يقع ضمن المجاالت الخاضعة لقوة التأثيرات اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية
واإلدارية ،وقوة جذب هذه العوامل ،الشيء الذي يترتب عنه كونه المجال األكثر عرضة
لإلصالحات والترميمات بصفة كمستمرة ودورية هذا من جهة .وباإلنتقال للنظام القانوني
للمسطرة الجنائية نجده هو الذي يتولى عملية نقل نصوص القانون الجنائي من مستوى
الجمود إلى مستوى الحركية والتطبيق من طرف القضاء هذا من جهة ،وإذا إرتكزنا أيضا
ومن جهة ثانية على المفهوم الضيق للمسطرة الجنائية فإن نطاقها ومجالها يقتصر فقط على
مجموع اإلجراءات المسطرية التي يتولى القيام بها الجهاز القضائي فقط ،وذلك دون غيرها
من اإلجراءات المسطرية ،حتى وإن كان المشرع قد نص عليها في طلب مدونة قانون
المسطرة الجنائية والتي تتولى تنفيذها وتطبيقها األجهزة الموازية والتي ال تتمتع بالصفة
القضائية .فهذا المفهوم يتجاهل وبشكل صارخ وغير مبرر مجمل المجهودات واإلجراءات
التي يتولى القيام بها ضباط الشرطة القضائية في إطار إجراءات البحث التمهيدي ،وذلك
بسبب إعتبارهم جهازا ال ينتمي للسلك القضائي بالمفهوم الضيق .فهذا ما يخص التنظيم
القضائي والمسطرة الجنائية بإعتبار هذه األخيرة تحتل بكل جالء مكانة رئيسية في إطار
السياسة الجنائية التي تنهجها الدولة ،وذلك في إطار إستراتيجية عامة تهدف إلى مكافحة
الجريمة واإلبقاء عليها المعدالت العامة المقبولة وطنيا ودوليا ،بالنظر ألهميتها ومواكبة
للمستجدات والحاجة لتحقيق وتقوية المحاكمة العادلة إلى غير ذلك فقد عرفت مجموعة من
التغييرات ألن اإلقتناع أصبح راسخا بالتغيير.
-2- مستجدات إصالح العدالة بالمغرب
الشيء نفسه بالنسبة بالتنظيم القضائي ألنه ال يمكننا الجزم خالفا لبعض اآلراء
السائدة بأن صورة النظام القضائي هي صورة نهئية بشكلها الراهن ،إعتقادا منا أن معول
الهدم واإلصالح سوف يستمر طالما تميز واضعوا أسس النظام القضائي المغربي ،بإفتقادهم
لتصورات علمية مسبقة لما يجب أن يكون عليه نظامنا القضائي ،فاإلختيارات العشوائية
والغير علمية ال يترتب عنها إال شيئين :عدم اإلستقرار المالزم لبنية خريطة النظام
القضائي المغربي ،اإلستمرار في إعمال أدوات الهدم ،الترميم واإلصالح .علما أن عدم
اإلستقرار هذا البناء من شأنه التأثير سلبا على المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية واإلدارية.
هذا ما يخص المسطرة الجنائية والتنظيم القضائي أما مظاهر اإلختالف بين
المسطرتين المدنية والجنائية ،هي في النهاية مظاهر غير قابلة للجدل وذلك راجع لألهداف
التي تسعى كل مسطرة لتحقيقها .ولكن بالنظر لجوانب تكامل المسطرتين يتعين علينا معرفة
األسس الفلسفية والعلمية المؤسسة لهذا النوع من التقارب بين قانونين مختلفين أو قد يبدوان
متعارضين ،وذلك على ضوء األهداف التي يسعى كل نسق قانوني إلى تحقيقها وتجسيدها
بإستقاللية على أرض الواقع .في إطار نظام عام هو النظام القضائي ،فالتكال والتقارب بين
المسطرتين يجد مبرره األساسي في وحدة النظام القضائي سواء تعلق بالدعوى المدنية أو
الجنائية ألن سلبيات النظام القضائي ومشاكله والعوائق التي يمكن مواجهة النظام القضائي
والعدالة ككل هي إجماال عوائق مشتركة.
وإن التنقيب عن الحلول ومجمل محاوالت ترميم وإصالح وتحديث النظام القضائي
تفاديا لشتى المظاهر السلبية ،إذ هي في نهاية المطاف حلول ومحاوالت لإلصالح ال تهم
فقط العدالة الجنائية أو العدالة المدنية .بل إنها تهم النظام القضائي والمؤسسة القضائية
عموما ،ففي النهاية يمكن أن نفهم الخصائص المشتركة بين المسطرتين بإعتبارهما ينتميان
لذات الفلسفة والسياسة القضائية التي تتولى الدولة نهجها ومن ثمة تمييزهما بالخضوع
لنظام قضائي واحد.1
-1محمد أحذاف ،شرح قانون المسطرة المدنية ،الجزء األول ،طبعة .2005
-3- مستجدات إصالح العدالة بالمغرب
فكل هذه األنظمة القانونية مرت بمحطات تاريخية جد مهمة فبالنسبة للتنظيم
القضائي هناك مرحلة تاريخية مر منها هذا األخير تتمثل في إصدار المشرع للقانون رقم
34.10الصادر بتاريخ 5شتنبر 2011المغير والمتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم
1.74.388بتاريخ 24جمادى اآلخرة 1394الموافق لتاريخ 15يوليوز 1974المتعلق
بالتنظيم القضائي للمملكة ،إلى جانب قانون رقم 38.15الذي لم يصدر بعد.
أما المسطرة المدنية فهي بدورها عرفت مجموعة من التعديالت المواكبة للتطورات
التي تصاحبها القوانين المسطرية ،مثل قانون رقم ( 35.10ظهير شريف رقم 1.11.148
صادر في 16رمضان 1432الموافق لتاريخ 11سبتمبر )2011القاضي بتغيير وتتميم
ق.م.م ،كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون 1.74.447بمثابة قانون رقم
.33.11
أما بالنسبة لقانون المسطرة الجنائية بدورها عرفت مرحلة تاريخية فقد همت القانون
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم رقم 1.62.255بتاريخ 25رجب 1423الموافق
لتاريخ 13أكتوبر 2002فكل هذه اإلجراءات جاءت تماشيا مع المنظومة الجنائية التي
يعد هدفها األساسي هو حماية حقوق وحريات األفراد وضمان المحاكمة العادلة بجميع
مقاييسها لكل فرد داخل المجتمع ،وذلك عن طريق إصدار قانون رقم 36.10القاضي
بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 255.102بتاريخ 03أكتوبر .2002
فماهي إذن التعديالت والمستجدات التي طالت قانون المسطرة المدنية ،المسطرة
الجنائية والتنظيم القضائي للمملكة؟
ولمعالجة هذه اإلشكاالت إخترنا إعتماد التصميم اآلتي:
الفقرة األولى :مستجدات التنظيم القضائي.
الفقرة الثانية :مستجدات المسطرة المدنية.
الفقرة الثالثة :مستجدات المسطرة الجنائية.
-4- مستجدات التنظيم القضائي
عرف التنظيم القضائي للمملكة المغربية عدة تعديالت ،وذلك بعد صدور دستور
،2011والذي أفرد ضمن مضامينه حيزا هاما لمجموعة من الحقوق والحريات ،ووضع
آليات لحمايتها وضمان ممارستها ،ولكن طرق ممارستها تختلف باإلضافة إلى كيفية تفعيلها
بشكل قانوني والعمل على ذلك.
والمالحظ أن التنظيم القضائي للمملكة المغربية يقع ضمن المجاالت الخاضعة لقوة
التأثيرات اإلقتصادية والسياسية واإلدارية وقوة جذب هذه العوامل ،الشيء الذي جعل
المجال األكثر عرضة لترميمات وإصالحات عديدة وبصفة مستمرة ودورية ،تجلت في
إصدار المشرع للقانون رقم 34.10الصادر بتاريخ 5شتنبر 2011المغير والمتمم
للظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.34.388بتاريخ 24جمادى الثانية 1394الموافق
لتاريخ 15يوليوز 1974المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة ،إلى أن صادق عليه مجلس
الحكومة السابقة الذي إنعقد يومه الخميس 18فبراير 2016برئاسة رئيس الحكومة سابقا
عبد اإلله بنكيران على مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة ،تقدم به وزير العدل
السابق مصطفى الرميد وأورد بالغ لمجلس الحكومة أن مشروع القانون يهدف إلى مراجعة
التنظيم القضائي وفق أسس جديدة ،لتذييل صعوبات الوضعية الحالية وتوفير متطلبات
النجاعة القضائية على مستوى مختلف درجات التقاضي وأنواع الهيئات القضائية ،بما يمكن
من توطيد الثقة والمصداقية والنزاهة في قضاء فعال ومنصف ،بإعتباره حصنا منيعا لدولة
الحق ،وعماد األمن القضائي والحكامة الجيدة ومحفزا للتنمية ،ويحدد المشروع حسب ذات
المصدر مكونات التنظيم القضائي والمبادئ المتعلقة بتنظيم المحاكم ،وبيان درجاتها
وأصنافها وإختصاصاتها وطرق عملها وتدبيرها اإلداري ،وكذا حقوق المتقاضين والقواعد
العامة لسير العدالة.
ومن حيث الشكل تلخصت أهم مستجدات هذا المشروع في صيغته النهائية ،في
األخذ بمشروع نص حديث لقانون التنظيم القضائي يمكنه إستيعاب التوجهات الجديدة لهذا
التنظيم ،بل تعديل بعض مقتضيات الظهير الشريف بمثابة القانون المتعلق بالتنظيم القضائي
-5- مستجدات التنظيم القضائي
يرتكز التنظيم القضائي على عدة مقومات ومبادئ منها مبدأ إستقالل السلطة
القضائية على السلطتين التشريعية والتنفيذية ،وعلى التعاون مع السلطة الحكومية المكلفة
بالعدل فيما يتعلق بالتسيير اإل داري للمحاكم ،وتم النص أيضا على قيام التنظيم القضائي
على مبدأ وحدة القضاء حيث تعتبر محكمة النقض الساهرة على مراقبة التطبيق السليم
للقانون وتوحيد اإلجتهاد القضائي وإشتغال مختلف مكونات التنظيم القضائي وفق مبدأ
القضاء المتخصص ،وإعتبار المحكمة اإلبتدائية صاحبة الوالية العامة والتي تتشكل من
جانبين رئسيين :أولهما خاص بالرئاسة ويتكون من الرئيس والقضاة ،وثانيهما خاص
بالنيابة العامة ويتكون من وكيل الملك والنواب ،ويوجد إلى جانب هذين الجناحين :كتابة
الضبط التي تعتبر المحرك اإلداري للمحكمة.1
وتجدر اإلشارة أن التعديالت المسطرية التي أدخلت على التنظيم القضائي المغربي،
أسفرت عن وجود غرف اإلستئناف داخل المحكمة اإلبتدائية ثم المحاكم اإلبتدائيية المصنفة،
وحسب الفصل الثاني من قانون التنظيم القضائي كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم
-1عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي :دراسة عملية ،ط 4مارس ،2012ص.57 :
-6- مستجدات التنظيم القضائي
34.10فإنه تحدث بالمحاكم اإلبتدائية بما فيها المصنفة ،غرف تسمى "غرف اإلستئناف"
تختص بالنظر في بعض اإلستئنافات المرفوعة ضد األـحكام الصادرة عنها إبتدائيا ،والتي
ال تتعدى قيمتها 20.000درهم.1
كما تجدر اإلشارة أن المحكمة اإلبتدائية تعتبر الوحدة المركزية لتنظيم القضاء ،كما
يجب تحديد الخريطة القضائية وفق مقاربة عقالنية تستهدف تحقيق القرب من المتقاضين
وتسهيل الولوج إلى العدالة وفعالية اإلدارة القضائية.
يتجلى ذلك فيما يخص ممارسة حق التقاضي وحماية الحقوق التي أقرها الدستور
الذي تم اإلجماع على إعتباره صك لحقوق اإلنسان ،ويظهر ذلك عندما نص المشرع في
الفصل 117من دستور ،2011أن القاضي يتولى حماية حقوق األشخاص والجماعات
وحرياتهم وأمنهم القضائي ،وكذا تطبيق القانون ،ونصه كذلك في الفصل 118في فقرته
األولى إلى أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي
يحميها القانون.
وتتجلى كذلك حقوق المتقاضي جعل القضاء بإعتباره من المصالح العمومية خاضع
لتسيير محكم ،ويقوم على إحترام مبادئ قارة منها ما يتعلق بمبدأ المساواة بالنسبة
للمتقاضين أمام العدالة بحيث يكون لكل األفراد الموجودين في نفس الوضعية الحق في أن
يستمع إليهم من طرف نفس المحاكم ،وأن تطبق عليهم نفس القواعد الموضوعية
والمسطرية وذلك حتى ال تكون هناك عدالة طبقية تفرق بين الغني والفقير أو عدالة خاصة
بفئة دون األخرى من المتقاضين تقوم على إعتبارات دينية أو جنسية أو عرقية.
لكن يالحظ أن الوضعية اإلقتصادية واإلجتماعية لبعض الفئات التي ال تستطيع
تحمل مصاريف الدعوى وتفضل التنازل عن حقوقها عوض الدخول في خصومة ال علم
لها بما قد تؤول إليه في نهاية المطاف ،قد تحد من فعالية مبدأ المساواة أمام القضاء ،األمر
الذي فتح الباب لتبني مبدأ مجانية القضاء ذلك أن المتقاضين لم يعودوا ملزمين بتحمل
أتعاب القضاة ألن الدولة هي التي أصبحت تتحمل هذه األتعاب ،وكل مصاريف القضاء من
تجهيز المحاكم وأداء رواتب العاملين بها من قضاة وأعوان...
لذلك فمجانية القضاء لها عالقة بمبدأ دستوري هام هو الحق في التقاضي ،كما سبق
اإلشارة إليه أعاله ،باإلضافة إلى الحصول على المساعدة القضائية والمساعدة القانونية
والتعويض عن الخطأ القضائي.1
ولضمان حق التقاضي كذلك ،فإنه تم تكريس مبدأ الحياد كشرط أساسي ،وكذلك حق
التقاضي على درجتين لتخويل المتقاضي الحق في إعادة طرح نزاعاته أمام محكمة ثانية
أعلى درجة من المحكمة األولى لتعييد النظر من جديد في النزاع إلصالح األخطاء الواقعية
أو القانونية التي يمكن أن تكون محكمة الدرجة األولى قد وقعت فيها.2
ولإلشارة أنه قد تم النص أيضا على تيسير الوصول إلى المعلومة القانونية
والقضائية مجانا ،وتمكين المتقاضي من تتبع مسار إجراءات قضاياهم عن بعد.
تشتغل المحاكم وفق ما هو منسجم مع إنتظام وإستمرارية الخدمات القضائية ،ذلك أن
المحاكم تعتبر من ضمن المصالح العمومية .يجب كما هو الشأن بالنسبة لباقي اإلدارات
العمومية أن تشتغل بدون إنقطاع ،الشيء الذي لم يكن معموال به قبل إصالح ،1974حيث
كانت المحاكم تتوقف طيلة شهرين كاملين 'شهر غشت وشهر شتنبر) ،إال أنه تم التراجع
عن هذه القاعدة وأصبح ينص الفصل 7من المرسوم رقم 27-493المؤرخ في 16
يوليوز 1974تطبيقا لمقتضيات الظهير الخاص بالتنظيم القضائي أن السنة القضائية
تنطلق إبتداء من فاتح يناير وتنتهي في نهاية شهر دجنبر من كل سنة ،وأن الجلسات يجب
أن تنعقد بإستمرار وتعزيزا لهذا المبدأ ،ثم حرمان القضاة من اإلضراب شأنهم في ذلك شأن
قوات األمن ،وذلك بالرغم من كون اإلضراب حق مضمون من طرف الدستور.
هناك كذلك النص على علنية الجلسات مع وجوب تعليل األحكام وفق الشروط
المنصوص عليها في القانون ،كما تم النص على أن اللغة العربية هي لغة التقاضي
والمرافعات أمام المحاكم ،وصياغة األحكام مع مراعاة المقتضيات الدستورية المتعلقة
بتفعيل ترسيم اللغة األمازيغية ،كما أن األحكام تصدر وتنفذ بإسم جاللة الملك وطبقا
للقانون.1
من خالل مكتب المحكمة المشتمل على عدة أعضاء ،يتم التنظيم الداخلي لمحاكم أول
درجة ومحاكم ثاني درجة ،حيث يتم وضع مشروع لتنظيم العمل بالمحكمة ،ويتخذ مكتب
المحكمة قراراته وفق معايير موضوعية واضحة وباألغلبية ،وترفع قراراته إلى الجمعية
العامة للمحكمة قصد المصادقة عليها ،وتم توسيع مهام الجمعية العامة للمحكمة ،حيث
يتضمن جدول أعمالها على مواضيع منها ما يتعلق بالمحكمة والمصادقة على أشغال مكتب
ا لمحكمة ،ومناقشة أساليب توحيد العمل القضائي بالمحكمة والرفع من نجاعتها وتحديث
أساليب عملها وبرامج ثقافية وتواصلية...
كما أسندت للجمعية العامة مهمة تعيين القضاة والمستشارين المكلفين بمهامها وفق
المقتضيات ذات الصلة بالموضوع ،والجدير بالذكر أنه من بين أسس إصالح منظومة
العدالة جعل الجمعية العامة للمحكمة تعين القضاة والمستشارين طبقا وحسب التخصص
الذي تم إختياره من قبلهم أثناء ولوجهم للمعهد العالي للقضاء.
تم التنصيص على وحدة كتابة الضبط ،وتولي السلطة الحكومية المكلفة بالعدل
واإلشراف اإلداري والمالي على المحاكم بما ال يتعارض ومبدأ إستقالل السلطة القضائية،
وإحداث منصب مسير إداري على صعيد المحاكم ،يتولى ضبط عمل مختلف مصالح كتابة
الضبط ،واإلشراف على موظفي هيئة كتابة الضبط العاملين بها ،باإلضافة لخضوعها إداريا
للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل ومراقبتها.
كما تم العمل على خضوع موظفي هيئة كتابة الضبط إداريا للسلطة الحكومية المكلفة
بالعدل ومراقبتهم ،بما ال يتعارض مع إنضباطهم في عملهم للسلطة ومراقبة المسؤولين
القضائيين بالمحكمة التي يعملون بها.
تم النص على التفتيش القضائي الذي تتواله المفتشية القضائية العامة على أن يكون
وفق شروط ينص عليها القانون ،كما تم النص على التفتيش اإلداري والمالي للمحاكم تتواله
المفتشية العامة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل من خالل تفتيش المصالح اإلدارية والمالية
لكتابة الضبط بالمحاكم بحسب ما ينص عليه القانون.
إلى جانب ذلك هناك مراقبة القضاة ،وذلك من خالل التوثيق بين أمرين:
أن التشديد في هذه المراقبة ،قد يعتبر تدخال في شؤون العدالة ومساسا بمبدأ إستقالل
القضاء.
لكن اإلهمال والالمباالة قد يؤديان من جهة أخرى إلى عواقب وخيمة ،لذلك تبدو هذه
المراقبة كضرورة يجب التعامل معها بحذر وتحفظ.
والمراقبة هنا إما أنها مراقبة مركزية يعهد بها إلى قضاة ينتمون إما للمجلس األعلى
أو لإلدارة المركزية ،يتم تعيين هؤالء القضاة من قبل الوزراء ويتمتعون بإختصاصات
واسعة ،بحيث يمكنهم القيام بجميع اإلجراءات التي يرونها مناسبة من مراقبة وتحقيق...
وإما أنها مراقبة داخلية يقوم بها السادة رؤساء المحاكم اإلبتدائية والرؤساء األولون
لمحاكم اإلستئناف بمراقبة المصالح التابعة لمحاكمهم ،وذلك من أجل ضمان السير العادي
لهذه المحاكم.
- 10 - مستجدات التنظيم القضائي
فكل المصالح بما فيها القضاة وكتاب الضبط يخضعون لهذه المراقبة المستثمرة،
وتجري هذه المراقبة بنوع من التشديد نسبيا فيما يخص أعضاء النيابة العامة ،ألن القضاء
الواقف يعتبر تابعا للمصالح المركزية أكثر من القضاء الجالس.1
سابعا :إعادة هيكلة مكونات مختلف المحاكم
تم تقسيم محاكم أول درجة ومحاكم ثاني درجة إلى أقسام ،تتوزع بدورها إلى غرف
حسب نوعية القضايا وحجم نشاط المحكمة .وتم النص في الفصل األول من القسم األول من
الباب األول المتعلق بمكونات التنظيم القضائي ومقوماته وقواعد عمل الهيئات القضائية،
على أن يشمل التنظيم القضائي للمملكة المحاكم التالية:
ولإلشارة أن أقسام قضاء القرب كوحدة قضائية ،تتألف من قاض أو أكثر حسب
القضايا المعروضة على هذه األقسام ،وكتابة للضبط وكتاب وأعوان ،وتعقد هذه األقسام
جلساتها بقاض منفرد بمساعدة كاتب الضبط ،وبدون حضور ممثل النيابة العامة (المادة 2
من قانون قضاء القرب) في مقر المحكمة اإلبتدائية.
إذ أن أقسام قضاء القرب هي أقسام بالمحكمة اإلبتدائية ،كأقسام قضاء األسرة وغرفة
األكرية وغرفة العقار ،وغرفة المسؤولية ،كما تعقد هذه األقسام جلساتها في مراكز القضاة
المعينين التابعة للمحكمة اإليتدائية ،ويشمل إختصاصها الترابي إختصاص الجماعات
المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المراكز.
وبالنسبة إلختصاص أقسام قضاء القرب ،فيتم التمييز بين اإلختصاص المكاني
للمحكمة اإلبتدائية التابعة لها ،جماعات حضرية ،جماعات قروية .أما اإلختصاص العيني
فقد حددته المادة 10من قانون قضاء القرب فيما يلي:
"يختص قاضي القرب في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي ال تتجاوز قيمتها خمسة
آالف درهم ،وال يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة األسرة والعقار والقضايا
اإلجتماعية".
وفيما يتعلق بغرف المحكمة اإلبتدائية ،فقد تم حذف الغرفة اإلستئنافية التي كانت
تتوفر عليها هذه المحاكم ،وتم النص على إحداث مكاتب المساعدة اإلجتماعية بالمحاكم
اإلبتدائية يستع ان موظفيها في مجال القضايا المتعلقة بقضايا األسرة ومكافحة العنف ضد
النساء واألطفال.
كما تم النص على إمكانية إشتمال بعض المحاكم اإلبتدائية على أقسام متخصصة في
القضاء التجاري ،تختص في البت في القضايا التجارية المسندة للمحاكم التجارية بموجب
القانون ،وأقسام متخصصة في القضاء اإلداري ،تختص بالبت في القضايا اإلدارية المسندة
للمحاكم اإلدارية بموجب القانون ،قصد ضمان تقريب القضاء التجاري واإلداري من
المتقاضين.
- 12 - مستجدات التنظيم القضائي
وتم توسيع مجاالت القضاء الفردي في ميدان األسرة ،لتشمل قضايا النفقة وأجرة
الحضانة وصلة الرحم والرجوع إلى بي ت الزوجية ،مع توسيع مجاالت القضاء الجماعي
أمام المحاكم اإلبتدائية ،لتشمل الجنح الضبطية المعاقب عليها بغرامة فقط ال تتجاوز خمسة
آالف درهم.
فمن خالل المقتضيات السابقة ،يالحظ أن تأليف المحاكم اإلبتدائية بقي كما كان
سابقا ،إال أن المشرع أدخل بعض القضايا التي تختص بالنظر فيها أقسام جديدة ،والجديد
هو إحداث أقسام قضاء القرب ،وعليه فكل غرفة أصبحت تبحث وتحكم في كل القضايا
المعوضة على المحكمة كيفما كان نوعها بإستثناء أقسام قضاء األسرة وأقسام قضاء القرب
وغيرها من األقسام.
هذه األقسام تشتمل على غرف التحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات اإلستئنافية
ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة ،وحسب الفصل 6من القانون المتعلق
بالتنظيم القضائي كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم ،34.10فإن محاكم اإلستئناف
المحددة والمعنية دوائر نفوذها بمرسوم تشتمل على أقسام للجرائم المالية.1
وبشكل عام ،تختص هذه األقسام بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول
من 241إلى 256من القانون الجنائي ،وكذا الجرائم التي ال يمكن فصلها عنها أو
المرتبطة بها ،وهذا ما نصت عليه المادة 260-1من قانون المسطرة الجنائية.
باإلضافة إلى ذلك ،فقد تم النص على إمكانية إشتمالها على أقسام متخصصة في
القضاء التجاري ،وكذا على أقسام متخصصة في القضاء اإلداري ،وذلك ضمانا لتقريب
القضاء التجاري والقضاء اإلداري من المتقاضين.
-على مستوى المحاكم التجارية
لقد زود المشرع المغربي خريطة التنظيم القضائي بمؤسسة قضائية مهمة ،تتولى
الفصل في القضايا التجارية بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ 12فبراير ،1997
ولم يكن ميالد هذا النوع من المحاكم بمحض الصدفة وال من قبيل التقليد ،إنما جاء إنسجاما
مع التعديالت التشريعية التي أدخلها المشرع في مجال قانون األعمال لخلق تشريع تجاري
متطور يالئم تحوالت العصر ويساهم في تشجيع اإلستثمار الداخلي والخارجي.
وحسب المادة 2من قانون إحداث المحاكم التجارية 53.95الصادر بتاريخ 12
فبراير ، 1997فإن تكوين المحاكم التجارية يتمثل في إشتمالها على" :رئيس ونواب
للرئيس وقضاة -نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب -كتابة ضبط
وكتابة للنيابة العامة".
وتنقسم المحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة عليها،
غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا المعروضة على المحكمة .وفضال
عما سبق ،نص المشرع المغربي على مؤسسة جديدة بالمحاكم التجارية هي :مؤسسة قاضي
-1مرسوم رقم 2.11.445صادر في 04نوفمبر 2011بتحديد عدد محاكم اإلستئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية
وتعيين دوائر نفوذها الجريدة الرسمية ع 5995بتاريخ 17ذو الحجة 1432ه 14/نوفمبر ،2011ص.5415 :
- 14 - مستجدات التنظيم القضائي
التنفيذ ،الذي يعينه رئيس المحكمة التجارية بإقتراح من الجمعية العمومية ليقوم بمتابعة
إجراءات التنفيذ.1
وقد تم النص في مسودة مشروع التنظيم القضائي إمكانية اإلستغناء عن النيابة العامة
بالمحاكم التجارية ،وأصبح يمثلها " -النيابة العامة" -بنائب أو نواب لوكيل الملك يعينهم
وكيل الملك لدى المحكمة اإلبتدائية التي توجد بدائرتها المحكمة التجارية ،كما أصبحت
النيابة العامة تمثل أمام محاكم اإلستئناف التجارية بنائب أو نواب للوكيل العام للملك يعينهم
الوكيل العام للملك لدى محكمة اإلستئناف التي توجد بدائرتها محكمة اإلستئناف التجارية.
-على مستوى محكمة النقض
تعتبر محكمة النقض المحكمة العليا في األنظمة القضائية المقارنة السيما تلك التي
تسير على مدى النسق الالتيني ،وتوصف بأنها محكمة قانون ألن مهمتها تنحصر في النظر
فيما يشوب الحكم المطعون فيه أمامها من خطأ في تطبيق القانون على الوقائع ،فال يحق
لمحكمة النقض أن تنظر في الدعوى من جديد ألنها ليست محكمة موضوع أو واقع،
وبالتالي ليست درجة من درجات التقاضي.
والتسمية التي كانت تطلق على الجهاز الذي يتربع على قمة الهرم القضائي في
المغرب منذ سنة 1957هي المجلس األعلى ،هاته التسمية التي ظلت متداولة إلى أن صدر
ظهير 2011-10-25بتنفيذ القانون رقم 58-11القاضي بإستبدالها بعبارة "محكمة
النقض" ،كمؤسسة قضائية عليا في البالد وكمرجع للنقض لتحقيق توحيد اإلجتهاد القضائي
ومراقبة مدى حسن تطبيق القانون وتفسيره من خالل األحكام التي تصدرها مختلف محاكم
المملكة.
وتتكون محكمة النقض من رئيس أول ورؤساء الغرف والمستشارون ،ويمثل النيابة
العامة لديها الوكيل العام للملك يساعده المحامون العامون ،إضافة إلى كتابة ضبط وكتابة
النيابة العامة ،وبداخل محكمة النقض نجد ست غرف :غرفة مدنية وتسمى الغرفة األولى،
وغرفة األحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية وغرفة إدارية وغرفة إجتماعية ثم
غرفة جنائية .ويرأس كل غرفة رئيس ،مع إمكانية تقسيمها إلى أقسام ،وأضيفت إلى غرفها
غرفة سابعة هي :غرفة عقارية ،وتم حذف الغرفة الدستورية وذلك بموجب القانون الذي تم
بمقتضاه إحداث المجلس الدستوري.
والجدير بالذكر ،أن تسيير المصالح الداخلية لمحكمة النقض يتم وخالفا للمحاكم
األخرى بواسطة مكتب مختص بذلك ،ويتكون المكتب كما نص عليه الفصل 4من مرسوم
1974 16-07مما يلي:
ويجتمع مكتب محكمة النقض خالل 15يوما األولى من شهر يناير من كل سنة،
ويتداول في سائر القضايا التي تهم العمل بالمجلس خاصة توزيع المستشارين على غرف
محكمة النقض ،وتحديد أقسام الغرف وأيام الجلسات األسبوعية ،وفي بداية كل سنة قضائية
تعقد محكمة النقض جلسة رسمية بحضور جميع قضائها ،حيث تقدم فيها سائر البيانات
المتعلقة بعمل المحكمة وتوجيهات اإلجتهاد القضائي في أهم القضايا التي سبق عرضها
على محكمة النقض.
ولعل أهم ما يميز نظام الجلسات لدى محكمة النقض هو اإلعتماد على القضاء
الجماعي ،حيث تعقد جلساتها وتصدر قراراتها بحضور خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط
ما لم ينص القانون على خالف ذلك ،وبحضور النيابة العامة لزوما في سائرها ،وتجدر
اإلشارة أن جلسات محكمة النقض تكون علنية ،إال إذا دعت الضرورة إلى عقدها سرية.
وكما سبق وأن رأينا ،أن محكمة النقض تعتبر محكمة قانون ال واقع ،فهي ال تعد
درجة ثالثة من درجات التقاضي ألن التقاضي في نظامنا القضائي المغربي على درجتين
فقط ،بمعنى ال يجوز عرض النزاع على محكمة النقض للنظر فيه من حيث الجوهر ،ألن
- 16 - مستجدات التنظيم القضائي
مهمة محكمة النقض تنحصر في مراقبة مدى موافقة أحكام المحاكم الدنيا لألصول والقواعد
القانونية بهدف الوصول إلى تفسير موحد للنصوص القانونية وتكريس إجتهاد قضائي موحد
على صعيد البالد.
إال أنه من خالل الوقوف عند مختلف إختصاصات محكمة النقض ،يتضح لنا أن هذه
المحكمة قد تتحول أحيانا إلى محكمة موضوع وتتصرف كمحكمة عادية ،عندما تنظر في
الدعاوى الرامية إلى إلغاء القرارات اإلدارية بسبب الشطط في إستعمال السلطة أو دعاوى
مخاصمة القضاء.
- 17 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
يميز عادة في القانون المدني بين القانون الموضوعي والقانون المسطري -الشكلي-
أو اإلجرائي ،فإذا كان األول هو مجموعة من القواعد التي تبين حقوق وإلتزامات األفراد
في المجتمع على مستوى العالقة المالية وعلى مستوى األسرة ،فإن الثاني يراد به تلك
القواعد القانونية التي تهدف إلى تحديد اإلجراءات التي ينبغي إتباعها لحماية الحقوق
والوفاء باإللتزامات على المستويين المذكورين.
هذا األخير عرف ويعرف مجموعة من التعديالت التي تصاحبها القوانين
المسطرية ،1فيبدو من أول وهلة من ناحية الشكل أن فصول قانون المسطرة المدنية
تضمنت في المشروع الجديد حيث إنتقلت من 528فصال ،وهي مجموعة الفصول في
القانون الجاري به العمل اآلن إلى 649فصال في هذا المشروع ،كما أن هذه الفصول التي
إ صطلح المشروع الجديد على تغيير تسميتها بالمواد ،والتي جاءت في معظمها ترجمة
وتنزيال لما إنتمى إليه الحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة.
ومن الناحية الموضوعية ،يالحظ أن هناك تغييرات كثيرة همت مختلف أبواب قانون
المسطرة المدنية ،فأين تتجلى هذه المستجدات؟
يمكن رصد المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية في مجال
التبليغ (أوال) وفي مجال التنفيذ (ثانيا).
التبليغ هو إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى شخص معين على يد أحد أعوان كتابة
الضبط أو أحد األعوان القضائيين أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع اإلشعار
بالتوصل ،أو بالطريقة اإلدارية (الفصل 37من ق.م.م).2
-1مثل قانون رقم ( 35.10ظهير شريف رقم 1.11.148صادر في 16رمضان 1432ه الموافق لتاريخ 11سبتمبر
)2011القاضي بتغيير وتتميم ق.م.م ،كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون 1.74.447وقانون رقم .33.11
-2حلت تسمية المفوضين القضائيين محل تسمية األعوان القضائيين منذ ،2006بل إن المشرع لم يقم بتغيير التسمية
التي كان معموال بها وحافظ على عبارة" :األعوان القضائيين" رغم تعديله للفصل 37من قانون المسطرة المدنية سنة
.2011
- 18 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
والمالحظ كذلك أن المشرع ال زال يتشبت بتعدد األجهزة المكلفة بالتبليغ ويحددها
في :كتابة الضبط ،األعوان القضائيين <األعوان القضائيين> ،البريد المضمون
مع اإلشعار بالتوصل ،الطريقة اإلدارية.
وبذلك يكون موقف المشرع واضح من خالل هذه التعديالت ،مع اإلشارة أن
المشرع كان يجب عليه أن يعدل لفظة األعوان القضائيين ويستبدلها بالمفوضين القضائيين
إنسجاما مع التسمية الجديدة التي أقرها قانون 81.03المنظم لمهنة المفوضين
القضائيين.1
وبالنسبة للفصل :38بعد أن كان الفصل 38يتضمن فقرات ثالثة وبعد أن كان
اإلستدعاء يسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو لكل شخص آخر يسكن معه،
وأصبح الفصل 38يتكون من فقرة واحدة وأصبح التبليغ للشخص نفسه أينما وجد ،أي
بغض النظر عن محل التبليغ أو في موطنه ال يهم من يوجد في ذلك الموطن وال صفته ،بعد
أن كانت صفة القرابة أو العمالة أو السكن مع المبلغ إليه الزمة في النص القديم.
وبذلك أصبح التبليغ في واقع األمر ألي شخص في الموطن الخاص بالمبلغ إليه
تبليغا صحيحا ،وبذلك يكون المشرع قد وسع من فرص التبليغ ،ووضع حال للعديد من
اإلشكاالت التي يثيرها التخصص الوارد بالفصل .38
وبالنسبة للفصل :39فيالحظ أن المشرع عدل الفقرة الثانية ،إذ أصبح الفصل كما
يلي" :إذا تعذر على المكلف بالتبليغ أو السلطة اإلدارية تسليم اإلستدعاء لعدم العثور على
الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع
إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية باألمر ،"...مع الحق في إلصاق في الحين إشعارا بذلك
في موضع ظاهر بمكان التبليغ.
والبين كذلك أن الفصل 39كان يتضمن تسعة مقرات وبقي العدد هو نفسه ولم يتم
سوى تغيير الفقرة الثانية ،وذلك بإستبدال مصطلح عون (كتابة الضبط) بالجهة المكلفة
بالتبليغ ،وكذلك إجراء القيام بإلصاق إشعار.
-1القانون رقم 81.03الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.23في 15محرم ،1427منشور بالجريدة الرسمية
عدد 8400بتاريخ 2مارس ،2006ص.559 :
- 20 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
وأشار الفصل 39من قانون المسطرة المدنية" :ترفق باإلستدعاء شهادة يبين فيها
من سلم له اإلستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من
الشخص الذي تسلمها في موطنه ،وإذا عجز من تسلم اإلستدعاء عن التوقيع أو رفضه أشار
إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ ،ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في
جميع األحوال ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة".
وقد أثارت هذه الفقرة حافظة الفقهاء ،1ذلك أن المشرع حين أوجب على العون
المكلف بالتبليغ اإلشارة إلى عجز من تسلم اإلستدعاء عن التوقيع أو رفضه ،فيه نوع من
القصور .فإذا كانت اإلشارة إلى رفض المتسلم لإلستدعاء بالشهادة المرفقة باإلستدعاء أمرا
مقبوال ،ألن ذلك يعكس الموقف لمن تسلمه ،فإنه كان على المشرع أن يسمح في حالة العجز
عن التوقيع ،بالتوقيع بالبصمة وأال تعاد الشهادة إلى كتابة الضبط ،والسند في ذلك هو
التخفيض من حدة طول اإلجراءات التي عادة ما تعتري تطبيق قواعد المسطرة.
يقضي الفصل أعاله بإرسال العون للشهادة المذكورة بعد توقيعه عليها ،إلى المحكمة
-كتابة الضبط بها -وحسب ما لدينا من من إعتقاد ،ينبغي أن يستعمل المشرع لفظ "يودع"
بدل "يرسل" ألن العادة جرت على أن يكون األعوان المكلفون بالتبليغ تابعين لذات
المحكمة ،وبل ويكونون موظفين بها كما هو الحال بخصوص كتاب الضبط فكيف يستساغ
أن ترسل الجهة المكلفة بالتبليغ الشهادة مع إمكانية إيداعها بكتابة الضبط التي يعمل في
إطارها أضمن لسالمة وسير المسطرة ،فضال عن أن اإليداع يساعد على السرعة في
اإلجراءات ويحول دون البطء فيها؟
وفي األخير ،بقي أن نتساءل عن طبيعة مصير التبليغ الذي لم يحترم البيانات
الشكلية التي ينص عليها القانون ،وأمام سكوت المشرع المغربي عن المسألة ،إضطلع
القضاء وفي أعلى مستواه بمهمة سد النقص التشريعي ،وقرر بطالن كل تبليغ لم يتضمن
الشكليات المنصوص عليها.
-1عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،ط ،2013ص.167 :
- 21 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
التنفيذ تجسيد هبة الدولة وتكريس لسيادتها على اإلقليم الذي تحميه وترعاه وتسعى
إلى ضمان أمنه وإستقراره ،وهو اإلستقرار الذي ال يمكن تحقيقه بمعزل عن فرض الشعور
بإحترام الناس حقوق بعضهم إزاء البعض اآلخر.
ولذلك يعتبر التنفيذ آخر وسيلة يتيحها القانون لحماية نفسه من الهدر ،وحماية
المجتمع الذي ينظمه من التسيب والفوضى ،لكن ليس كل المنفذ عليهم متسيبون وفوضويون
في نظر القانون والمجتمع ،لذلك يتعين على األجهزة المكلفة بالتنفيذ وهم يتحملون مسؤولية
التنفيذ أن يستحضروا بإستمرار جسامة األعباء الملقاة على عاتقهم ،سواء في شقها المتصل
بتطبيق القانون والسهر على نفاذه ،أو في شقها المتصل بحماية المجتمع وإحترام كرامته،
مما يستلزم أن يكونوا أكثر صرامة.
وقد تم التنصيص على مؤسسة قاضي التنفيذ الذي كان حكرا فقط في المحاكم
التجارية إلى أن تم تعميمه بالمحاكم اإلبتدائية ،وذلك عن طريق تحديد كيفية تعيينه
وإختصاصاته وتجديد المسطرة المتبعة أمامه .غير أنه ما يلفت اإلنتباه بخصوص تلك
المسطرة هو التأكد على أن طلبات التنفيذ تقدم إلى قاضي التنفيذ ،وهو ما يعني أن مهمة هذا
األخير لن تنحصر في مراقبة إجراءات التنفيذ واإلشراف عليها بل تمتد إلى كل ما يتعلق
بالتنفيذ ،وهو ما يضع عالمة إستفهام حول مصير مؤسسة رئيس مصلحة كتابة الضبط
بإعتبارها الجهة األصلية التي ينعقد لها تصريف اإلجراءات داخل المحكمة ،وبإعتبار أن
كل الطلبات التي تتعلق بهذا الشأن تقوم في إسم رئيس مصلحة كتابة الضبط.
وقد عمل المشروع على تقييد سطة قاضي التنفيذ في منح المهل اإلسترحامية ،حيث
نص على أنه ال تعطى إال لظروف إستثنائية وخاصة ال يتعدى أمدها شهرين ،كما تمت
إعادة صياغة المقتضيات المنظمة لمسطرة الحجز لدى الغير وفق ما جرى به العمل
القضائي من ضرورة تبليغ األمر بالحجز أو محضر الحجز إلى المحجوز بين يديه قبل
المحجوز عليه ،نظرا لما يمكن أن يترتب عن القيام باإلجراء وفق الطريقة السابقة من قيام
المحجوز عليه بتهريب أمواله.
- 22 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
أهم المستجدات
تضمنت أهم مستجدات قانون المسطرة المدنية الحالي في إحداث مؤسسة قاضي
التنفيذ وإقرارها بمقتضيات خاصة ،تم من خاللها توسيع إختصاصاته القضائية وضمان
تيسير إجراءات التنفيذ وسرعتها وعدالتها وتنظيم ضبط مسطرة الحجوز التنفيذية ،وإقرار
صيغة جديدة وسهلة لبيع المحجوز ووضع مقتضيات خاصة بتنفيذ األحكام والقرارات
القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام بالتنصيص على الغرامة التهديدية
وإقرار مسؤولية المسؤول عن التنفيذ.
إن المسودة عملت على مالءمة مقتضيات المشروع مع تطورات التشريع الوطني
خاصة القوانين الصادرة في اآلونة األخيرة ،كمدونة األسرة وقانون الحالة المدنية ومدونة
الشغل والقانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين وغيرها ،.ومالءمة قواعد المسطرة
المدنية مع اإلتفاقيات الدولية المصادق عليها والتأكيد على إلزامية تطبيق اإلتفاقيات في حالة
تعارض أحكامه مع مقتضياتها.
كما تم العمل على تجاوز بعض اإلشكاالت التي تطرحها جملة من مواد القانون
الحالي بتكريس قواعد اإلجتهاد القضائي ،وبعض الممارسات القضائية التي تم تأكيد جدواها
على مستوى التطبيق السليم لقواعد المسطرة.
ومن أهم المستجدات كذلك تمكين أطراف الدعوى من الطلبات المتعلقة باإلستدعاء
وجميع إجراءات الملف القضائية األخرى ،قصد السهر على تبليغها تحت مسؤوليتهم إلى
- 23 - مستجدات قانون المسطرة المدنية
أصحابها بواسطة المفوض القضائي تحت طائلة التشطيب على الدعوى ،عبر جعل دور
المحكمة أكثر إيجابية في سير المسطرة وإقرار آجال سريعة ومحددة للبت في بعض
الدعاوى والطلبات ...وإقرار الضمانات وصيانة حقوق الدفاع.
إن هذه المستجدات ظلت وفية ومتشبعة بمرجعياتها المتعددة في مقدمتها دستور لسنة
،2011حيث إن المسودة سعت إلى تنزيل المبادئ الدستورية على مستوى المضامين من
حيث التأكيد على حق األشخاص في التقاضي والدفاع عن حقوقهم التي يحميها القانون،
وعلى مبدأ حقوق الدفاع ومبدأ العلنية وتعليل األحكام وتكريس الحق في المحاكمة العادلة
وفي حكم يصدر في أجل معقول ،إضافة إلى تأكيد الصيغة اإللزامية لألحكام القضائية
النهائية في مواجهة الجميع .كما أفردت مسودة المشروع مجموعة من المواد تحدد بدقة
إجراءات ومساطر تجهيز الدعوى ،إعماال بهذه المبادئ.
ومن بين المستجدات كذلك التنصيص على بعض الحاالت التي يمكن للمواطن أن
يتقدم بمقال شخصي إلى المحكمة يستدعي وجود محامي ،غير أنه يجوز للمدعى عليه تقديم
مقال موقع من طرف الشخص في الحاالت اآلتية :قضايا الزواج والنفقة والطالق اإلتفاقي،
والقضايا التي تختص المحاكم اإلبتدائية بالنظر فيها إبتدائيا وإنتهائيا ،قضايا التصريحات
المتعلقة بالحالة المدنية ،والحاالت التي ينص عليها القانون ،وإذا كان أحد طرفي الدعوى
قاضيا أو محامي أمكن لمن يخاصمهما الترافع شخصيا.
وهذه المستجدات جاءت جراء التعديالت التي همت المادة 44من قانون المسطرة
المدنية ،التي نصت على جواز الترافع أمام المحاكم للمواطنين بشكل شخصي في بعض
الحاالت.
- 24 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
كان من وراء إبتهاج وإستبشار الجميع خيرا فيما يخص المجال القضائي هو صدور
قانون المسطرة الجنائية الجديد في حلته الحديثة ،خاصة وأنها تضمنت مجموعة من
المستجدات التي كانت أساسا من ضمن أهم المطالب واألهداف التي فرضها وأجبرها
الوضع القضائي لمواجهة أيضا أهم اإلنتقاالت التي وجهت من طرف الفقهاء والباحثين
لقانون المسطرة الجنائية سنة 1959وبصفة خاصة لظهير اإلجراءات اإلنتقالية لسنة
1974وشكل هذا القانون األخير مرحلة إنتقالية مؤقتة في حين أن إستمرار العمل لمدة
تزيد عن 30سنة وبالرغم من التعديالت التي تضمنتها بين الحين واآلخر فإنه لم يواكب
إصالح الوضعية القضائية والتطورات الناتجة سواء في مجال علم اإلجرام وحجم علم
اإلجرام الذي عرف تطورا ال نظير له.
وتوجد أسباب أخرى تدعي لتعديل ق.م.ج والتعجيل بإخراجه إلى حيز التطبيق مكان
من وراء كهذه األسباب وجود إقتناع يقضي بتغيير تعديل ق.م.ج رقم 22.01الصادر
بتنفيذ الظهير الشريف رقم 01.02.255الصادر في 25رجب 1423الموافق لتاريخ 3
أكتوبر 2002في إطار "تحديث المنظومة القانونية" التي يعد هدفها األساسي هو حماية
حقوق وحريات األفراد وضمان المحاكمة العادلة وإصالحها ببالدنا لكل فرد ،التي ما فتئ
جاللة الملك أعزه هللا ونصره يدعو إليه في عدة مناسبات من بينها ما ورد في خطابه
السامي في يوم 20غشت 2009بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب
"مهما كانت وجاهة األهداف اإلستراتيجية ،التي يمتد إنجازها على المدى البعيد فال ينبغي
أن تحجب عن حاجة المواطنين الماسة في أن يلمسوا عن قرب ،وفي األمد المتطور األثر
اإليجابي المنشود لإلصالح ،إذ نوجه الحكومة ،وخاصة وزارة العدل للشروع في تفعيله،
في ست مجاالت ذات أسبقية.
-تحديث المنظومة القانونية :والسيما فيما يتعلق منها بمجال األعمال واإلستثمار
وضمان شروط المحاكمة العادلة ،وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة تقوم على
- 25 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
مواجهة ومالءمة القانون والمسطرة الجنائية ومواكبتها للتطورات ،بإحداث مرصد وطني
لإلجرام ،وذلك في تناسق مع مواصلة تأهيل المؤسسات اإلصالحية والسجنية.
وموازاة لذلك ،يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح
والحد بالعقوبات البديلة ،وإعادة النظر في قضاء القرب".1
وتزداد أهمية هذه المراجعة التشريعية في إطار ما شهدته بالدنا في اآلونة األخيرة
من مستجدات حقوقية هامة تمثلت باألساس في صدور دستور جديد للمملكة سنة 2011
أدرج ضمن محاوره حيزا جد مهم لمجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها
وضمان ممارستها فإلتزام المملكة المغربية بتعهداتها الدولية وإحترام اإلتفاقيات المبرمة
وإعطائها األولوية في التطبيق حسب ما تم إقراره في ديباجة الدستور ،هو ما أصبح متالئم
حسب متطلبات المنظومة القانونية الوطنية مع المواثيق الدولية وتوصيات ومالحظات
هيئات منظمة األمم المتحدة ذات صلة بشروط المحاكمة العادلة من جهة ومكافحة وردع
الجريمة من جهة ثانية.
وباإلضافة إلى ذلك فإن الممارسة اليومية والعملية كشفت وأفرزت ثغرات ومشاكل
ومكامن النقص أو الفراغ في نصوص قانونية بالمسطرة الجنائية ،ينبغي التصدي لها
وتتطلب ردا تشريعيا إلصالحها أو تنافي عيوبها من أسباب تعديل قانون 10فبراير
1959بقانون .22.01
-إن نظام العدالة الجنائية لم تعد مبعث إرتياح لدى مختلف الفعاليات المهتمة على
كافة األصعدة وأصبح محل إنتقاد من المهتمين والمتتبعين نتيجة بطء اإلجراءات وعدم
فعاليتها بسبب عدم جدوى األساليب اإلجرائية المقررة أو لكون اآلجال المسطرية طويلة أو
غير محددة بالمرة ،وكذا أيضا تصاعد ظاهرة الجريمة وظهور أنواع جديدة من الجرائم
مرتبطة بال تقدم العلمي والتكنولوجيا بالظروف اإلجتماعية واإلقتصادية أبان عن قصور
المسطرة الجنائية في مكافحتها وتضخم عدد القضايا المعروضة على العدالة الجنائية بشكل
-1الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 56لثورة الملك والشعب يوم 20غشت .2009
- 26 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
بات معه البت في قدر هائل منها بواسطة مساطرها إستلزم ذلك من إستحداث آليات قانونية
أخرى جديدة لمواجهته.
باإل ضافة لهذه األسباب فقد دعت أسباب أخرى لمواجهة قانون المسطرة الجنائية
22.01بقانون 36.10التي تعتمد أيضا على تحقيق التوازن الصعب بين شراسة الجريمة
وتهديجها األمن اإلنساني وسالمة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة وبين حماية الحقوق
األساسية لألفراد كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان ودستور المملكة من جهة ثانية،
إستندت لمرجعيات أساسية تعتبر ثوابت في سياسة المملكة المغربية في مقدمتها:
-دستور المملكة لسنة 2011المكرس لمجموعة من الحقوق والواجبات المرتبطة
بحقوق اإلنسان وسالمة الوطن والمواطن وحماية الملكية وحرمة الحياة الخاصة واألمن
العام.
-الخطابات املكية السامية لجاللة الملك والتي حددت الفلسفة والمعالم الكبرى
إلصالح منظومة العدالة الجنائية ببالدنا.
-توصيات الميثاق الوططني حول إصالح منظومة العدالة ،والتي كانت نتائج نقاش
حوار وطني عميق شامل وصريح حول قضايا جوهرية تهم العدالة وأمن المجتمع ،حيث تم
تنزيل ما يزيد عن ثالثين توصية ضمن القانون.
-اإلتفاقيات الدولية التي صادق عليها بلدنا ذات الصلة بحقوق اإلنسان ومكافحة
الجريمة.
• مواكبة التطور الذي تعرفه الجريمة وما يستلزم ذلك من إستحداث آليات قانونية
جديدة لمواجهتها ب اإلضافة إلى هذه المرجعيات األساسية فإن المشروع إرتكز كذلك على
عنصرين آخرين ،ويتعلق ب:
✓ اإلجتهاد القضائي للمحاكم بشأن الثغرات والنواقص التي تعتري القانون الحالي.
✓ القانون المقارن ،إستهدافا للتكامل مع المنظومة القانونية الدولية في المادة الجنائية.
وقد إهتم ق.م.ج رقم 22.01بإبراز المبادئ واألحكام األساسية في مجال حقوق
اإلنسان وتوفير ظروف المحاكمة العادلة ،وكان توجهه األساسي يرمي إلى تحقيق تلك
- 27 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
المبادئ السامية والمحافظة عليها بإعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة،
وكذلك فقد حرص على إقرار المبادئ التالية:
-أن تكون المسطرة الجنائية منصفة وحضورية وحافظة لتوازن حقوق األطراف.
-أن تتضمن الفصل بين السلطات المكلفة بممارسة الدعوى العمومية والتحقيق
وسلطات الحكم.
-أن تتم محاكمة األشخاص الموجودين في شروط مماثلة والمتابعين بنفس األفعال
على أساس نفس القواعد ،أن كل شخص مشتبه فيه أو متابع تفترض براءته ما دامت إدانته
غير مقررة بمقتضى حكم نهائي وكل مساس ببراءته المفترضة محرم ومعاقب عليه
بمقتضى القانون.
-أن يفسر الشكل دائما لفائدة المتهم.
-أن يتمتع كل شخص بالحق في العلم بجميع أدلة اإلثبات القائمة ومناقشتها وأن
يكون له الحق في مؤازرة محام.
-أن تسهر السلطة القضائية على ضمان حقوق الضحايا خالل مراحل المسطرة
الجنائية.
-أن يقع البت في التهم المنسوبة إلى الشخص داخل أجل معقول.
-كل شخص مدان له الحق في أن يطلب إعادة فحص التهم المنسوبة إليه والمدان
أجلها أمام محكمة أخرى عبر وسائل الطعن المحددة في القانون.
ويمكن بإختصار جرد أهم المبادئ التي تضمنها القانون فيما يلي:
قرينة البراءة :بإعتبار البراءة هي األصل إلى حيث إثبات إدانة الشخص بموجب
حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به حسب المادة 1من ق.م.ج وفق محاكمة عادلة متوفرة
على كل الضمانات القانونية وهذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور أن المملكة المغربية
تتعهد بإلتزام ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشعبها بحقوق
اإلنسان كما هو متعارف عليها دوليا" وهذا أيضا ما أكدته المادة 14من العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- 28 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
وق.م.ج أحاط قرينة البراءة بعدة تدابير عملية لتعزيزها وتقويتها من بينها:
-إعتبار اإلعتقال اإلحتياطي والمراقبة القضائية تدبيرين إستثنائيين.
-تحسين ظروف الحراسة النظرية واإلعتقال اإلحتياطي وإحاطتها بإجراءات مراقبة
صارمة من طرف السلطة القضائية.
-ترسيخ حق المتهم بإشعاره بالتهمة.
-حقه في اإلتصال بالمحامي خالل فترة تمديد الحراسة النظرية وحق المحامي في
تقديم مالحظته خالل تلك الفترة.
-حقه في إشعار عائلته بوضعه تحت الحراسة النظرية.
دور فعال للقضاء في مراقبة وتقييم وسائل اإلثبات :حرص قانون 22.01على
إبراز دور القاضي في مراقبة وسائل اإلثبات وتقدير قيمتها ،وبهذا أصبح القاضي ملزما
بتضمين ما يبرر إقتناعاته ضمن حيثيات الحكم الذي يصدره.
تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة :بشأن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان
خالل المادة 10شأنه شأن ق.م.ج أيضا الذي حرص على تكريس هذا المبدأ وبين
خصوصياته أيضا المادة 14من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فباإلضافة لهذه المبادئ األساسية فالقانون أتى بمستجدات هامة الهدف منها توفير
ظروف مثلى للمحاكمة العادلة ودعم مبادئ حقوق اإلنسان في المحاكمة الجنائية وحماية
حقوق األفراد الضرورية لمكافحة الجريمة وفقا لمبادئ حقوق اإلنسان والقانون المقارن من
جهة أخرى أخذ بعين اإلعتبار خصوصيات المجتمع المغربي واإلمكانيات المادية والبشرية
المتوفرة لنظام المعادلة الجنائية ببالدنا ومن أهم المستجدات المتعلقة بقانون 22.01التي
سأقوم بالتطرق لها بشكل سطحي لدعم وبناء جيد وبشكل تسلسلي بعدها ال بد من اإلشارة
لما هو أهم وهو التطرق للمستجدات ألهم المحاور التي تناولتها مراجعة قانون المسطرة
الجنائية.
فماهي يا ترى مستجدات ق.م.ج رقم 22.01؟
همت مراجعة ق.م.ج 336مادة موزعة على الشكل التالي:
- 29 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
إن حقوق الدفاع تلزم هذا المشروع من بدايته إلى نهايته بإعتبار هذا الحق من
الحقوق األساسية في المحاكمة العادلة ،لذا فكل اإلجراءات التي تتم بمقتضى هذا المشروع
تراعي الممارسة السليمة لهذا الحق ،غير أنه يمكن اإلشارة إلى هذه اإلجراءات التي تعزز
حق الدفاع على سبيل المثال:
منح المحامي صالحية القيام بدور الوسيط في الصلح بين األطراف (المادة 41تمت
إضافة الفقرة 1أو إضافة فقرة 3يمكن لوكيل ...وكيل الملك .وإضافة أيضا للفقرة 4يمكنه
كذلك ...األسرة واألطفال).
حضور المحامي لعملية اإلستماع إلى المشتبه فيه بإرتكاب جناية أو جنحة إذا لم يكن
موضوعا تحت الحراسة النظرية (المادة .)67-3
إشعار محامي الشخص الذي يتم توقيفه من أجل التحقق من الهوية.
- 31 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
حق المحامي في طلب إستدعاء أي شخص يرى فائدة في اإلستماع إليه من طرف
قاضي التحقيق (المادة 117تمت إضافة عبارة "تلقائيا أو بناء على طلب من أحد األطراف
في الفقرة األولى).
منح الدفاع صالحية طلب إحالة القضية إلى هيئة الحكم محكمة النقض مكونة من
غرفتين أو قسمين مجتمعين قصد البت فيها ،بعدما كان الوضع مقتصرا على الرئيس األول
لمحكمة النقض ورئيس الغرفة الجنائية نفسها.
إن خطورة الجريمة وتهديدها للمجتمعات أصبحت تتطلب من آليات وأجهزة العدالة
الجنائية اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحتها( ،ولذلك أصبح األمر يتطلب تنظيم إستعمال
بعض التقنيات الحديثة في البحث والتحري أو المحاكمة نذكر من بينها:
-إستعمال وسائل اإلتصال الحديثة في التحقيق أو المحاكمة عن بعد.
-اللجوء إلى الطلب الشرعي من طرف النيابة العامة والشرطة القضائية (المادة 77
تمت إضافة فقرة ما بعد الفقرة األولى وأيضا الفقرة األخيرة).
-تنظيم مسطرة التحقيق من الهوية نوع من الدقة وفي ظل إحترام تام لحقوق األفراد
من خالل:
-تعيين المحكمة للضحية ترجمانا إذا كان ال يتكلم لغة أو لهجة يصعب فهمخا
(المادة .)318
في إطار رسم توجهات جديدة للسياسة الجنائية بالمغرب وفق ما إستمرت عليه
توصيات الميثاق الوطني حول إصالح منظومة العدالة ،إذ نص المشرع على ما يلي:
-إسناد رئاسة النيابة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ،ونقل سلطات وزير
العدل في الدعوى العمومية إليه.
-تبليغ المضامين العامة للسياسة الجنائية من طرف وزير العدل إلى الوكيل العام
للملك لدى محكمة النقض (.)2-51
-وضع التقرير رهن إشارة العموم (المادة .)51-2
-رفع الوكيل العام للملك تقريرا سنويا إلى المجلس األعلى للسلطة القضائية حول
تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة.
-إمكانية حضور محام خالل اإلستماع إلى الحديث من طرف الشرطة القضائية
(المادة .)460
-تفقد السجون ومركز المالحظة شهريا من طرف النيابة العامة أو الموظفين
المكلفين بالمساعدة اإلجتماعية (المادة .)461
-التأكيد أن المحاكمة ال تكتسي طبيعة عقابية ،وأن األجهزة القضائية تراعي
المصلحة الفضلى للحدث في تقرير التدابير المالئمة له (المادة .)462-1
-منع إيداع الحدث الذي يقل عمره عن 15سنة في المؤسسات السجنية (المادة
.)473
-تمديد الحماية المكفولة لألطفال الموجودين في وضعية صعبة إلى حين بلوغه سن
الرشد الجنائي بمقتضى قرار معلل ،مع مراعاة مقتضيات الفقرتين 2و 3المادة .516
- 33 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
-عدم قبول طلب النقض ضد األحكام والقرارات القضائية الصادرة بغرامة أو ما
يماثلها لفائدة الخزينة العامة إذا كان المبلغ 20ألف درهم إال بعد اإلدالء بما يفيد أداءها
(المادة 523تم إضافة عبارة "ما لم يقض بعدم اإلختصاص أو عدم القبول" في الفقرة قبل
األخيرة).
-إمكانية تصدي محكمة النقض بعد النقض للمرة الثانية إذا لم تكن ضرورية لإلحالة
وكانت القضية جاهزة للبت (المادة 557تمت إضافة الفقرة األخيرة والثانية التي تقضي
بأنها يمكن لمحكمة النقض ...ولم تتوفر ضرورة اإلحالة).
لمحكمة النقض أن تقرر إستفادة المحكوم عليه من النقض لفائدة القانون إذا رأت ما
يبرر ذلك (المادة 560تم حذف الفقرة األولى).
إسناد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض صالحية الطعن لفائدة القانون مع منح
وزير العدل صالحية رفع إجراءات قضائية والقرارات أو األحكام التي تصدر خرقا للقانون
أو خرقا لإلجراءات الجوهرية للمسطرة لدى الغرفة الجوهرية لدى محكمة النقض (المادة
.)559
تحديد 60يوما كأجل للطعن بإعادة النظر من تاريخ تبليغ الحكم ومن تاريخ العلم
بصدوره (المادة 563تم التنصيص على ما قبل األخيرة).
-عدم جواز التعرض على األحكام الغيابية القابلة لإلستئناف (المادة .)393
- 34 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
-إعتبار تبليغ المحامي بمثابة تبليغ المتهم ،يترتب عنه إعتبار الحكم بمثابة حضوري
(المادة )393ال يبدأ سريان أجل الطعن في األحكام الغيابية بالنسبة للنيابة العامة إال من
تاريخ إشعارها من طرف كتابة الضبط بنهاية أجل التعرض (المادة .)393
نظرا للدور الهام الذي يحتله موضوع تنفيذ العقوبات داخل السياسة العقابية
المعاصرة ،وما عرفه من تطورات هامة أملتها ضرورة تحقيق العقوبة لوظائفها في إصالح
الجاني والمساهمة في إعادة إدماجه داخل المجتمع.
-تعيين قاضي تطبيق العقوبات من قبل الجمعية العمومية للمحكمة بدال من وزير
العدل لمدة سنتين قابلة للتجديد (المادة .)596
-توسيع صالحيات قاضي تطبيق العقوبات لتشمل مجاالت جديدة (المادة :)596
-اإلشراف على التخفيض التلقائي للعقوبة.
-السهر في تنفيذ العقوبات.
-البت في رد اإلعتبار.
يعتبر آلية جديدة يتوخى منها تحفيز وتشجيع السجناء على اإلنضباط واإلنخراط
بشكل إيجابي في برامج اإلصالح واإلندماج وفق مقاربة تعتمد على تحسين سلوك السجين
وإيجاد جزاء له من خالل اإلستفادة من تخفيض العقوبة تلقائيا من طرف لجنة بالسجن بعد
قضاء السجين ربع العقوبة.
ويخضع التخفيض التلقائي للعقوبة المقررة من طرف قاضي تطبيق العقوبة ويعمل
وكيل الملك على منح إمكانية رفع التظلمات إلى لجنة يرأسها قاضي تطبيق العقوبة.
- 35 - مستجدات قانون المسطرة الجنائية
-3أداء الغرامات
أقر المشرع آلية تحفيزية تتمثل في تخفيض قيمة الغرامة المحكوم بها إلى ثلثها إذا تم
أداؤها داخل األجل المحدد لها (المادة )634-1تم إضافة مقتضيات جديدة.
-4رد اإلعتبار
-تقليص آجال رد اإلعتبار القانوني والقضائي (المادة 687تم تعديل الفقرة األخيرة
في القانون الحالي وإضافة فقرة في مسودة مشروع ق.م.ج).
-إسناد مهمة رد اإلعتبار القانوني بكيفية تلقائية إلى كتابة الضبط تحت مراقبة
النيابة العامة (المادة .)687
-اإلعفاء من األجل بالنسبة للسجناء الذين ساهموا بجدية في برامج التأهيل واإلدماج
(المادة 695في هذه المادة تم تقسيم الفقرة األولى وإضافة الفقرة الثانية).
-5اإلعدام
في سبيل التقليص من عقوبة اإلعدام تم إقرار من طرف المشرع بآلية جديدة تشترط
إجماع الهيئة المصدرة للحكم للنطق بعقوبة اإلعدام ،مع تحرير محضر للمداوة يشار فيه
إلى إجماع القضاة ويوقع من طرف جميع الهيئة (المادة 430تم إضافة فقرة خامسة
والفقرة السادسة.
والجدير بالذكر أن مسودة مشروع القانون الجنائي تم في إطارها إلى تقليص من
عدد الجرائم المعاقب عنها باإلعدام من 31نصا جنائيا يقرر عقوبة اإلعدام ليصل إلى 11
نصا فقط من يقرر عقوبة اإلعدام.1
-1أورده نور الدين العمراني ،الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص ،طبعة ،2016ص.139 :
- 36 - مستجدات إصالح العدالة بالمغرب
القوانين:
الدستور المملكة المغربية .2011 -
-ظهير شريف رقم 1.11.151صادر بتاريخ 16رمضان 1432ه موافق ل
17-08-2011بشأن تنفيذ القانون رقم 42.10المنشور بالجريدة الرسمية ع 5975
بتاريخ 6شوال 1432ه.05/09/2011/
قانون رقم ( 35.10ظهير شريف رقم 1.11.148صادر في 16رمضان 1432 -
الموافق لتاريخ 11سبتمبر )2011القاضي بتغيير وتتميم ق.م.م.
الظهير الشريف بمثابة قانون 1.74.447وقانون رقم .33.11 -
القانون رقم 81.03الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.23في 15محرم -
1427ه ،منشور بالجريدة الرسمية ع 8400بتاريخ 2مارس .2006
قانون رقم 36.10القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01المتعلق بالمسطرة -
الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 255.102بتاريخ 03أكتوبر .2002
المراجع:
عبد الكريم الطالب ،التنظيم القضائي المغربي :دراسة عملية ،ط 4مارس .2012 -
لمعزوز البكاي ،محاضرات في التنظيم القضائي المغربي ،ط .2014 -
عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو ،التنظيم القضائي واإلختصاص ،ط .2005 -
عبد الكريم الطالب ،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ،ط .2013 -
محمد أحذاف ،شرح قانون المسطرة المدنية ،الجزء األول ،طبعة .2005 -
- 37 - مستجدات إصالح العدالة بالمغرب
-1- مقدمة:
-4- الفقرة األولى :مستجدات التنظيم القضائي بالمملكة المغربية
-5- أوال :المبادئ الموجهة للتنظيم القضائي
-6- ثانيا :تجليات حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة
-7- ثالثا :بيان قواعد عمل الهيئات القضائية
-8- رابعا :اإلرتقاء بطرق التنظيم الداخلي للمحاكم
-8- خامسا :تطوير التسيير اإلداري للمحاكم
-9- سادسا :تحديد جهات التفتيش القضائي والتفتيش اإلداري والمالي للمحاكم
- 10 - أ -محاكم أول درجة:
- 10 - ب -محاكم ثاني درجة:
- 10 - ت -محكمة النقض:
- 17 - الفقرة الثانية :مستجدات قانون المسطرة المدنية
- 17 - أوال :لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التبليغ
- 21 - ثانيا :لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التنفيذ
- 24 - الفقرة الثالثة :مستجدات قانون المسطرة الجنائية
- 30 - ثانيا :تعزيز حقوق الدفاع
- 31 - ثالثا :تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة
- 31 - رابعا :العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية
- 32 - خامسا :رئاسة النيابة العامة
- 32 - سادسا:تعزيز التدابير الرامية إلى حماية األحداث
- 33 - سابعا :الجديد في طرق الطعن
- 33 - -1الطعن بالنقض
- 33 - -2على مستوى النقض لفائدة القانون
- 38 - مستجدات إصالح العدالة بالمغرب