You are on page 1of 38

‫‪-1-‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫إن المتتبع للحركة التشريعية في بالدنا يالحظ بأنه في اآلونة األخيرة ـأبرزت لحيز‬
‫الوجود مجموعة من المستجدات الحقوقية الهامة‪ ،‬والمتمثلة في الدستور الجديد للمملكة سنة‬
‫‪ 2011‬والذي بدوره أفرد في صلبه حيزا هاما لمجموعة من الحقوق والحريات‪ ،‬ووضع‬
‫آليات لحمايتها وضمان ممارستها‪ ،‬إال أن طرق ممارستها تختلف كما أن الكيفية والعمل‬
‫على تطبيقها بشكل قانوني ومستقل تتسم بالتباين‪ ،‬ولكن بالرجوع إلى التنظيم القضائي‬
‫بإعتباره يقع ضمن المجاالت الخاضعة لقوة التأثيرات اإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية‬
‫واإلدارية‪ ،‬وقوة جذب هذه العوامل‪ ،‬الشيء الذي يترتب عنه كونه المجال األكثر عرضة‬
‫لإلصالحات والترميمات بصفة كمستمرة ودورية هذا من جهة‪ .‬وباإلنتقال للنظام القانوني‬
‫للمسطرة الجنائية نجده هو الذي يتولى عملية نقل نصوص القانون الجنائي من مستوى‬
‫الجمود إلى مستوى الحركية والتطبيق من طرف القضاء هذا من جهة‪ ،‬وإذا إرتكزنا أيضا‬
‫ومن جهة ثانية على المفهوم الضيق للمسطرة الجنائية فإن نطاقها ومجالها يقتصر فقط على‬
‫مجموع اإلجراءات المسطرية التي يتولى القيام بها الجهاز القضائي فقط‪ ،‬وذلك دون غيرها‬
‫من اإلجراءات المسطرية‪ ،‬حتى وإن كان المشرع قد نص عليها في طلب مدونة قانون‬
‫المسطرة الجنائية والتي تتولى تنفيذها وتطبيقها األجهزة الموازية والتي ال تتمتع بالصفة‬
‫القضائية‪ .‬فهذا المفهوم يتجاهل وبشكل صارخ وغير مبرر مجمل المجهودات واإلجراءات‬
‫التي يتولى القيام بها ضباط الشرطة القضائية في إطار إجراءات البحث التمهيدي‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب إعتبارهم جهازا ال ينتمي للسلك القضائي بالمفهوم الضيق‪ .‬فهذا ما يخص التنظيم‬
‫القضائي والمسطرة الجنائية بإعتبار هذه األخيرة تحتل بكل جالء مكانة رئيسية في إطار‬
‫السياسة الجنائية التي تنهجها الدولة‪ ،‬وذلك في إطار إستراتيجية عامة تهدف إلى مكافحة‬
‫الجريمة واإلبقاء عليها المعدالت العامة المقبولة وطنيا ودوليا‪ ،‬بالنظر ألهميتها ومواكبة‬
‫للمستجدات والحاجة لتحقيق وتقوية المحاكمة العادلة إلى غير ذلك فقد عرفت مجموعة من‬
‫التغييرات ألن اإلقتناع أصبح راسخا بالتغيير‪.‬‬
‫‪-2-‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫الشيء نفسه بالنسبة بالتنظيم القضائي ألنه ال يمكننا الجزم خالفا لبعض اآلراء‬
‫السائدة بأن صورة النظام القضائي هي صورة نهئية بشكلها الراهن‪ ،‬إعتقادا منا أن معول‬
‫الهدم واإلصالح سوف يستمر طالما تميز واضعوا أسس النظام القضائي المغربي‪ ،‬بإفتقادهم‬
‫لتصورات علمية مسبقة لما يجب أن يكون عليه نظامنا القضائي‪ ،‬فاإلختيارات العشوائية‬
‫والغير علمية ال يترتب عنها إال شيئين‪ :‬عدم اإلستقرار المالزم لبنية خريطة النظام‬
‫القضائي المغربي‪ ،‬اإلستمرار في إعمال أدوات الهدم‪ ،‬الترميم واإلصالح‪ .‬علما أن عدم‬
‫اإلستقرار هذا البناء من شأنه التأثير سلبا على المجاالت اإلقتصادية واإلجتماعية واإلدارية‪.‬‬
‫هذا ما يخص المسطرة الجنائية والتنظيم القضائي أما مظاهر اإلختالف بين‬
‫المسطرتين المدنية والجنائية‪ ،‬هي في النهاية مظاهر غير قابلة للجدل وذلك راجع لألهداف‬
‫التي تسعى كل مسطرة لتحقيقها‪ .‬ولكن بالنظر لجوانب تكامل المسطرتين يتعين علينا معرفة‬
‫األسس الفلسفية والعلمية المؤسسة لهذا النوع من التقارب بين قانونين مختلفين أو قد يبدوان‬
‫متعارضين‪ ،‬وذلك على ضوء األهداف التي يسعى كل نسق قانوني إلى تحقيقها وتجسيدها‬
‫بإستقاللية على أرض الواقع‪ .‬في إطار نظام عام هو النظام القضائي‪ ،‬فالتكال والتقارب بين‬
‫المسطرتين يجد مبرره األساسي في وحدة النظام القضائي سواء تعلق بالدعوى المدنية أو‬
‫الجنائية ألن سلبيات النظام القضائي ومشاكله والعوائق التي يمكن مواجهة النظام القضائي‬
‫والعدالة ككل هي إجماال عوائق مشتركة‪.‬‬
‫وإن التنقيب عن الحلول ومجمل محاوالت ترميم وإصالح وتحديث النظام القضائي‬
‫تفاديا لشتى المظاهر السلبية‪ ،‬إذ هي في نهاية المطاف حلول ومحاوالت لإلصالح ال تهم‬
‫فقط العدالة الجنائية أو العدالة المدنية‪ .‬بل إنها تهم النظام القضائي والمؤسسة القضائية‬
‫عموما‪ ،‬ففي النهاية يمكن أن نفهم الخصائص المشتركة بين المسطرتين بإعتبارهما ينتميان‬
‫لذات الفلسفة والسياسة القضائية التي تتولى الدولة نهجها ومن ثمة تمييزهما بالخضوع‬
‫لنظام قضائي واحد‪.1‬‬

‫‪ -1‬محمد أحذاف‪ ،‬شرح قانون المسطرة المدنية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪.2005‬‬
‫‪-3-‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫فكل هذه األنظمة القانونية مرت بمحطات تاريخية جد مهمة فبالنسبة للتنظيم‬
‫القضائي هناك مرحلة تاريخية مر منها هذا األخير تتمثل في إصدار المشرع للقانون رقم‬
‫‪ 34.10‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬شتنبر ‪ 2011‬المغير والمتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم‬
‫‪ 1.74.388‬بتاريخ ‪ 24‬جمادى اآلخرة ‪ 1394‬الموافق لتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ 1974‬المتعلق‬
‫بالتنظيم القضائي للمملكة‪ ،‬إلى جانب قانون رقم ‪ 38.15‬الذي لم يصدر بعد‪.‬‬
‫أما المسطرة المدنية فهي بدورها عرفت مجموعة من التعديالت المواكبة للتطورات‬
‫التي تصاحبها القوانين المسطرية‪ ،‬مثل قانون رقم ‪( 35.10‬ظهير شريف رقم ‪1.11.148‬‬
‫صادر في ‪ 16‬رمضان ‪ 1432‬الموافق لتاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪ )2011‬القاضي بتغيير وتتميم‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون ‪ 1.74.447‬بمثابة قانون رقم‬
‫‪.33.11‬‬
‫أما بالنسبة لقانون المسطرة الجنائية بدورها عرفت مرحلة تاريخية فقد همت القانون‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم رقم ‪ 1.62.255‬بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬الموافق‬
‫لتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ 2002‬فكل هذه اإلجراءات جاءت تماشيا مع المنظومة الجنائية التي‬
‫يعد هدفها األساسي هو حماية حقوق وحريات األفراد وضمان المحاكمة العادلة بجميع‬
‫مقاييسها لكل فرد داخل المجتمع‪ ،‬وذلك عن طريق إصدار قانون رقم ‪ 36.10‬القاضي‬
‫بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 255.102‬بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر ‪.2002‬‬
‫فماهي إذن التعديالت والمستجدات التي طالت قانون المسطرة المدنية‪ ،‬المسطرة‬
‫الجنائية والتنظيم القضائي للمملكة؟‬
‫ولمعالجة هذه اإلشكاالت إخترنا إعتماد التصميم اآلتي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مستجدات التنظيم القضائي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مستجدات المسطرة المدنية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مستجدات المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪-4-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مستجدات التنظيم القضائي بالمملكة المغربية‬

‫عرف التنظيم القضائي للمملكة المغربية عدة تعديالت‪ ،‬وذلك بعد صدور دستور‬
‫‪ ،2011‬والذي أفرد ضمن مضامينه حيزا هاما لمجموعة من الحقوق والحريات‪ ،‬ووضع‬
‫آليات لحمايتها وضمان ممارستها‪ ،‬ولكن طرق ممارستها تختلف باإلضافة إلى كيفية تفعيلها‬
‫بشكل قانوني والعمل على ذلك‪.‬‬
‫والمالحظ أن التنظيم القضائي للمملكة المغربية يقع ضمن المجاالت الخاضعة لقوة‬
‫التأثيرات اإلقتصادية والسياسية واإلدارية وقوة جذب هذه العوامل‪ ،‬الشيء الذي جعل‬
‫المجال األكثر عرضة لترميمات وإصالحات عديدة وبصفة مستمرة ودورية‪ ،‬تجلت في‬
‫إصدار المشرع للقانون رقم ‪ 34.10‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬شتنبر ‪ 2011‬المغير والمتمم‬
‫للظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.34.388‬بتاريخ ‪ 24‬جمادى الثانية ‪ 1394‬الموافق‬
‫لتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ 1974‬المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة‪ ،‬إلى أن صادق عليه مجلس‬
‫الحكومة السابقة الذي إنعقد يومه الخميس ‪ 18‬فبراير ‪ 2016‬برئاسة رئيس الحكومة سابقا‬
‫عبد اإلله بنكيران على مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة‪ ،‬تقدم به وزير العدل‬
‫السابق مصطفى الرميد وأورد بالغ لمجلس الحكومة أن مشروع القانون يهدف إلى مراجعة‬
‫التنظيم القضائي وفق أسس جديدة‪ ،‬لتذييل صعوبات الوضعية الحالية وتوفير متطلبات‬
‫النجاعة القضائية على مستوى مختلف درجات التقاضي وأنواع الهيئات القضائية‪ ،‬بما يمكن‬
‫من توطيد الثقة والمصداقية والنزاهة في قضاء فعال ومنصف‪ ،‬بإعتباره حصنا منيعا لدولة‬
‫الحق‪ ،‬وعماد األمن القضائي والحكامة الجيدة ومحفزا للتنمية‪ ،‬ويحدد المشروع حسب ذات‬
‫المصدر مكونات التنظيم القضائي والمبادئ المتعلقة بتنظيم المحاكم‪ ،‬وبيان درجاتها‬
‫وأصنافها وإختصاصاتها وطرق عملها وتدبيرها اإلداري‪ ،‬وكذا حقوق المتقاضين والقواعد‬
‫العامة لسير العدالة‪.‬‬
‫ومن حيث الشكل تلخصت أهم مستجدات هذا المشروع في صيغته النهائية‪ ،‬في‬
‫األخذ بمشروع نص حديث لقانون التنظيم القضائي يمكنه إستيعاب التوجهات الجديدة لهذا‬
‫التنظيم‪ ،‬بل تعديل بعض مقتضيات الظهير الشريف بمثابة القانون المتعلق بالتنظيم القضائي‬
‫‪-5-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫للمملكة رقم ‪ 1.74.338‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ ،1974‬كما جرى تعديله أو تغييره إضافة‬


‫إلى دمج األحكام المتعلقة بتنظيم قضاء القرب والمحاكم اإلبتدائية واإلدارية ومحاكم‬
‫اإلستئناف اإلدارية والمحاكم اإلبتدائية التجارية ومحاكم اإلستئناف التجارية‪ ،‬وكذلك األحكام‬
‫المنظمة لمحكمة النقض في صلب مشروع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي‪ ،‬بدل اإلبقاء‬
‫على تلك األحكام المتفرقة في نصوص خاصة‪ ،‬كما عمل المشروع على تفعيل المقتضيات‬
‫بوضوح أكبر على مستوى كل مكون من مكونات التنظيم القضائي‪ ،‬وكذا توصيف مجمل‬
‫المهام بالمحاكم وبين القائمين عليها أو من لهم عالقة بها في إطار تحقيق الرهان‪ ،‬وهو‬
‫اإلصالح العميق لمنظومة العدالة ببالدنا‪.‬‬
‫وبذلك فقد تجلت أبرز مستجدات هذا القانون‪ ،‬على عدة مستويات سواء من حيث‬
‫الشكل أو من حيث الموضوع‪ .‬فماهي إذن أبرز المستجدات التي طالت التنظيم القضائي؟‬

‫أوال‪ :‬المبادئ الموجهة للتنظيم القضائي‬

‫يرتكز التنظيم القضائي على عدة مقومات ومبادئ منها مبدأ إستقالل السلطة‬
‫القضائية على السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬وعلى التعاون مع السلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالعدل فيما يتعلق بالتسيير اإل داري للمحاكم‪ ،‬وتم النص أيضا على قيام التنظيم القضائي‬
‫على مبدأ وحدة القضاء حيث تعتبر محكمة النقض الساهرة على مراقبة التطبيق السليم‬
‫للقانون وتوحيد اإلجتهاد القضائي وإشتغال مختلف مكونات التنظيم القضائي وفق مبدأ‬
‫القضاء المتخصص‪ ،‬وإعتبار المحكمة اإلبتدائية صاحبة الوالية العامة والتي تتشكل من‬
‫جانبين رئسيين‪ :‬أولهما خاص بالرئاسة ويتكون من الرئيس والقضاة‪ ،‬وثانيهما خاص‬
‫بالنيابة العامة ويتكون من وكيل الملك والنواب‪ ،‬ويوجد إلى جانب هذين الجناحين‪ :‬كتابة‬
‫الضبط التي تعتبر المحرك اإلداري للمحكمة‪.1‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن التعديالت المسطرية التي أدخلت على التنظيم القضائي المغربي‪،‬‬
‫أسفرت عن وجود غرف اإلستئناف داخل المحكمة اإلبتدائية ثم المحاكم اإلبتدائيية المصنفة‪،‬‬
‫وحسب الفصل الثاني من قانون التنظيم القضائي كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم‬

‫‪ -1‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬التنظيم القضائي المغربي‪ :‬دراسة عملية‪ ،‬ط ‪ 4‬مارس ‪ ،2012‬ص‪.57 :‬‬
‫‪-6-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫‪ 34.10‬فإنه تحدث بالمحاكم اإلبتدائية بما فيها المصنفة‪ ،‬غرف تسمى "غرف اإلستئناف"‬
‫تختص بالنظر في بعض اإلستئنافات المرفوعة ضد األـحكام الصادرة عنها إبتدائيا‪ ،‬والتي‬
‫ال تتعدى قيمتها ‪ 20.000‬درهم‪.1‬‬
‫كما تجدر اإلشارة أن المحكمة اإلبتدائية تعتبر الوحدة المركزية لتنظيم القضاء‪ ،‬كما‬
‫يجب تحديد الخريطة القضائية وفق مقاربة عقالنية تستهدف تحقيق القرب من المتقاضين‬
‫وتسهيل الولوج إلى العدالة وفعالية اإلدارة القضائية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجليات حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة‬

‫يتجلى ذلك فيما يخص ممارسة حق التقاضي وحماية الحقوق التي أقرها الدستور‬
‫الذي تم اإلجماع على إعتباره صك لحقوق اإلنسان‪ ،‬ويظهر ذلك عندما نص المشرع في‬
‫الفصل ‪ 117‬من دستور ‪ ،2011‬أن القاضي يتولى حماية حقوق األشخاص والجماعات‬
‫وحرياتهم وأمنهم القضائي‪ ،‬وكذا تطبيق القانون‪ ،‬ونصه كذلك في الفصل ‪ 118‬في فقرته‬
‫األولى إلى أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي‬
‫يحميها القانون‪.‬‬
‫وتتجلى كذلك حقوق المتقاضي جعل القضاء بإعتباره من المصالح العمومية خاضع‬
‫لتسيير محكم‪ ،‬ويقوم على إحترام مبادئ قارة منها ما يتعلق بمبدأ المساواة بالنسبة‬
‫للمتقاضين أمام العدالة بحيث يكون لكل األفراد الموجودين في نفس الوضعية الحق في أن‬
‫يستمع إليهم من طرف نفس المحاكم‪ ،‬وأن تطبق عليهم نفس القواعد الموضوعية‬
‫والمسطرية وذلك حتى ال تكون هناك عدالة طبقية تفرق بين الغني والفقير أو عدالة خاصة‬
‫بفئة دون األخرى من المتقاضين تقوم على إعتبارات دينية أو جنسية أو عرقية‪.‬‬
‫لكن يالحظ أن الوضعية اإلقتصادية واإلجتماعية لبعض الفئات التي ال تستطيع‬
‫تحمل مصاريف الدعوى وتفضل التنازل عن حقوقها عوض الدخول في خصومة ال علم‬
‫لها بما قد تؤول إليه في نهاية المطاف‪ ،‬قد تحد من فعالية مبدأ المساواة أمام القضاء‪ ،‬األمر‬
‫الذي فتح الباب لتبني مبدأ مجانية القضاء ذلك أن المتقاضين لم يعودوا ملزمين بتحمل‬

‫‪ -1‬لمعزوز البكاي‪ ،‬محاضرات في التنظيم القضائي المغربي‪ ،‬ط ‪ ،2014‬ص‪.48 :‬‬


‫‪-7-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫أتعاب القضاة ألن الدولة هي التي أصبحت تتحمل هذه األتعاب‪ ،‬وكل مصاريف القضاء من‬
‫تجهيز المحاكم وأداء رواتب العاملين بها من قضاة وأعوان‪...‬‬
‫لذلك فمجانية القضاء لها عالقة بمبدأ دستوري هام هو الحق في التقاضي‪ ،‬كما سبق‬
‫اإلشارة إليه أعاله‪ ،‬باإلضافة إلى الحصول على المساعدة القضائية والمساعدة القانونية‬
‫والتعويض عن الخطأ القضائي‪.1‬‬
‫ولضمان حق التقاضي كذلك‪ ،‬فإنه تم تكريس مبدأ الحياد كشرط أساسي‪ ،‬وكذلك حق‬
‫التقاضي على درجتين لتخويل المتقاضي الحق في إعادة طرح نزاعاته أمام محكمة ثانية‬
‫أعلى درجة من المحكمة األولى لتعييد النظر من جديد في النزاع إلصالح األخطاء الواقعية‬
‫أو القانونية التي يمكن أن تكون محكمة الدرجة األولى قد وقعت فيها‪.2‬‬
‫ولإلشارة أنه قد تم النص أيضا على تيسير الوصول إلى المعلومة القانونية‬
‫والقضائية مجانا‪ ،‬وتمكين المتقاضي من تتبع مسار إجراءات قضاياهم عن بعد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬بيان قواعد عمل الهيئات القضائية‬

‫تشتغل المحاكم وفق ما هو منسجم مع إنتظام وإستمرارية الخدمات القضائية‪ ،‬ذلك أن‬
‫المحاكم تعتبر من ضمن المصالح العمومية‪ .‬يجب كما هو الشأن بالنسبة لباقي اإلدارات‬
‫العمومية أن تشتغل بدون إنقطاع‪ ،‬الشيء الذي لم يكن معموال به قبل إصالح ‪ ،1974‬حيث‬
‫كانت المحاكم تتوقف طيلة شهرين كاملين 'شهر غشت وشهر شتنبر)‪ ،‬إال أنه تم التراجع‬
‫عن هذه القاعدة وأصبح ينص الفصل ‪ 7‬من المرسوم رقم ‪ 27-493‬المؤرخ في ‪16‬‬
‫يوليوز ‪ 1974‬تطبيقا لمقتضيات الظهير الخاص بالتنظيم القضائي أن السنة القضائية‬
‫تنطلق إبتداء من فاتح يناير وتنتهي في نهاية شهر دجنبر من كل سنة‪ ،‬وأن الجلسات يجب‬
‫أن تنعقد بإستمرار وتعزيزا لهذا المبدأ‪ ،‬ثم حرمان القضاة من اإلضراب شأنهم في ذلك شأن‬
‫قوات األمن‪ ،‬وذلك بالرغم من كون اإلضراب حق مضمون من طرف الدستور‪.‬‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 122‬من دستور المملكة ‪.2011‬‬


‫‪ -2‬عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو‪ ،‬التنظيم القضائي واإلختصاص‪ ،‬ط ‪ ،2005‬ص‪.36 :‬‬
‫‪-8-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫هناك كذلك النص على علنية الجلسات مع وجوب تعليل األحكام وفق الشروط‬
‫المنصوص عليها في القانون‪ ،‬كما تم النص على أن اللغة العربية هي لغة التقاضي‬
‫والمرافعات أمام المحاكم‪ ،‬وصياغة األحكام مع مراعاة المقتضيات الدستورية المتعلقة‬
‫بتفعيل ترسيم اللغة األمازيغية‪ ،‬كما أن األحكام تصدر وتنفذ بإسم جاللة الملك وطبقا‬
‫للقانون‪.1‬‬

‫رابعا‪ :‬اإلرتقاء بطرق التنظيم الداخلي للمحاكم‬

‫من خالل مكتب المحكمة المشتمل على عدة أعضاء‪ ،‬يتم التنظيم الداخلي لمحاكم أول‬
‫درجة ومحاكم ثاني درجة‪ ،‬حيث يتم وضع مشروع لتنظيم العمل بالمحكمة‪ ،‬ويتخذ مكتب‬
‫المحكمة قراراته وفق معايير موضوعية واضحة وباألغلبية‪ ،‬وترفع قراراته إلى الجمعية‬
‫العامة للمحكمة قصد المصادقة عليها‪ ،‬وتم توسيع مهام الجمعية العامة للمحكمة‪ ،‬حيث‬
‫يتضمن جدول أعمالها على مواضيع منها ما يتعلق بالمحكمة والمصادقة على أشغال مكتب‬
‫ا لمحكمة‪ ،‬ومناقشة أساليب توحيد العمل القضائي بالمحكمة والرفع من نجاعتها وتحديث‬
‫أساليب عملها وبرامج ثقافية وتواصلية‪...‬‬
‫كما أسندت للجمعية العامة مهمة تعيين القضاة والمستشارين المكلفين بمهامها وفق‬
‫المقتضيات ذات الصلة بالموضوع‪ ،‬والجدير بالذكر أنه من بين أسس إصالح منظومة‬
‫العدالة جعل الجمعية العامة للمحكمة تعين القضاة والمستشارين طبقا وحسب التخصص‬
‫الذي تم إختياره من قبلهم أثناء ولوجهم للمعهد العالي للقضاء‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تطوير التسيير اإلداري للمحاكم‬

‫تم التنصيص على وحدة كتابة الضبط‪ ،‬وتولي السلطة الحكومية المكلفة بالعدل‬
‫واإلشراف اإلداري والمالي على المحاكم بما ال يتعارض ومبدأ إستقالل السلطة القضائية‪،‬‬
‫وإحداث منصب مسير إداري على صعيد المحاكم‪ ،‬يتولى ضبط عمل مختلف مصالح كتابة‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 124‬من دستور المملكة ‪.2011‬‬


‫‪-9-‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫الضبط‪ ،‬واإلشراف على موظفي هيئة كتابة الضبط العاملين بها‪ ،‬باإلضافة لخضوعها إداريا‬
‫للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل ومراقبتها‪.‬‬
‫كما تم العمل على خضوع موظفي هيئة كتابة الضبط إداريا للسلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالعدل ومراقبتهم‪ ،‬بما ال يتعارض مع إنضباطهم في عملهم للسلطة ومراقبة المسؤولين‬
‫القضائيين بالمحكمة التي يعملون بها‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬تحديد جهات التفتيش القضائي والتفتيش اإلداري والمالي للمحاكم‬

‫تم النص على التفتيش القضائي الذي تتواله المفتشية القضائية العامة على أن يكون‬
‫وفق شروط ينص عليها القانون‪ ،‬كما تم النص على التفتيش اإلداري والمالي للمحاكم تتواله‬
‫المفتشية العامة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل من خالل تفتيش المصالح اإلدارية والمالية‬
‫لكتابة الضبط بالمحاكم بحسب ما ينص عليه القانون‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك هناك مراقبة القضاة‪ ،‬وذلك من خالل التوثيق بين أمرين‪:‬‬
‫أن التشديد في هذه المراقبة‪ ،‬قد يعتبر تدخال في شؤون العدالة ومساسا بمبدأ إستقالل‬
‫القضاء‪.‬‬
‫لكن اإلهمال والالمباالة قد يؤديان من جهة أخرى إلى عواقب وخيمة‪ ،‬لذلك تبدو هذه‬
‫المراقبة كضرورة يجب التعامل معها بحذر وتحفظ‪.‬‬
‫والمراقبة هنا إما أنها مراقبة مركزية يعهد بها إلى قضاة ينتمون إما للمجلس األعلى‬
‫أو لإلدارة المركزية‪ ،‬يتم تعيين هؤالء القضاة من قبل الوزراء ويتمتعون بإختصاصات‬
‫واسعة‪ ،‬بحيث يمكنهم القيام بجميع اإلجراءات التي يرونها مناسبة من مراقبة وتحقيق‪...‬‬
‫وإما أنها مراقبة داخلية يقوم بها السادة رؤساء المحاكم اإلبتدائية والرؤساء األولون‬
‫لمحاكم اإلستئناف بمراقبة المصالح التابعة لمحاكمهم‪ ،‬وذلك من أجل ضمان السير العادي‬
‫لهذه المحاكم‪.‬‬
‫‪- 10 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫فكل المصالح بما فيها القضاة وكتاب الضبط يخضعون لهذه المراقبة المستثمرة‪،‬‬
‫وتجري هذه المراقبة بنوع من التشديد نسبيا فيما يخص أعضاء النيابة العامة‪ ،‬ألن القضاء‬
‫الواقف يعتبر تابعا للمصالح المركزية أكثر من القضاء الجالس‪.1‬‬
‫سابعا‪ :‬إعادة هيكلة مكونات مختلف المحاكم‬
‫تم تقسيم محاكم أول درجة ومحاكم ثاني درجة إلى أقسام‪ ،‬تتوزع بدورها إلى غرف‬
‫حسب نوعية القضايا وحجم نشاط المحكمة‪ .‬وتم النص في الفصل األول من القسم األول من‬
‫الباب األول المتعلق بمكونات التنظيم القضائي ومقوماته وقواعد عمل الهيئات القضائية‪،‬‬
‫على أن يشمل التنظيم القضائي للمملكة المحاكم التالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬محاكم أول درجة‪:‬‬

‫وتضم المحكمة اإلبتدائية والمحاكم التجارية والمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫ب‪ -‬محاكم ثاني درجة‪:‬‬

‫وتضم محكمة اإلستئناف ومحاكم اإلستئناف التجارية ومحاكم اإلستئناف اإلدارية‪.‬‬

‫ت‪ -‬محكمة النقض‪:‬‬

‫وهي تعتبر محكمة قانون ال واقع‪ ،‬ومقرها بالرباط‪.‬‬


‫والمالحظ أن المشرع المغربي أدخل تغييرا مهما على تنظيم المحاكم المغربية بإلغاء‬
‫محاكم الجماعات والمقاطعات‪ ،‬التي كان هدفها هو التخفيف على المحاكم اإلبتدائية عن‬
‫طريق منحها النظر في بعض القضايا غير المتاحة لكل اإلجراءات والمساطر من جهة‪،‬‬
‫والمساعدة على تقريب القضاء من المتقاضين من جهة أخرى‪ ،‬وأمام اإلنتقادات التي وجهت‬
‫لتجربة محاكم الجماعات والمقاطعات فقد كان مصيرها اإللغاء ليحل محلها قضاء قضاء‬
‫القرب كقضاء بديل لها وقريب من المواطنين بموجب القانون رقم ‪.242-10‬‬

‫‪ -1‬لمعزوز البكاي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.14 :‬‬


‫‪ -2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.151‬صادر بتاريخ ‪ 16‬رمضان ‪1432‬ه موافق ل ‪ 17-08-2011‬بشأن تنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 42.10‬المنشور بالجريدة الرسمية ع ‪ 5975‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ ،05/09/2011/1432‬ص‪.4392 :‬‬
‫‪- 11 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫ولإلشارة أن أقسام قضاء القرب كوحدة قضائية‪ ،‬تتألف من قاض أو أكثر حسب‬
‫القضايا المعروضة على هذه األقسام‪ ،‬وكتابة للضبط وكتاب وأعوان‪ ،‬وتعقد هذه األقسام‬
‫جلساتها بقاض منفرد بمساعدة كاتب الضبط‪ ،‬وبدون حضور ممثل النيابة العامة (المادة ‪2‬‬
‫من قانون قضاء القرب) في مقر المحكمة اإلبتدائية‪.‬‬
‫إذ أن أقسام قضاء القرب هي أقسام بالمحكمة اإلبتدائية‪ ،‬كأقسام قضاء األسرة وغرفة‬
‫األكرية وغرفة العقار‪ ،‬وغرفة المسؤولية‪ ،‬كما تعقد هذه األقسام جلساتها في مراكز القضاة‬
‫المعينين التابعة للمحكمة اإليتدائية‪ ،‬ويشمل إختصاصها الترابي إختصاص الجماعات‬
‫المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المراكز‪.‬‬
‫وبالنسبة إلختصاص أقسام قضاء القرب‪ ،‬فيتم التمييز بين اإلختصاص المكاني‬
‫للمحكمة اإلبتدائية التابعة لها‪ ،‬جماعات حضرية‪ ،‬جماعات قروية‪ .‬أما اإلختصاص العيني‬
‫فقد حددته المادة ‪ 10‬من قانون قضاء القرب فيما يلي‪:‬‬
‫"يختص قاضي القرب في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي ال تتجاوز قيمتها خمسة‬
‫آالف درهم‪ ،‬وال يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة األسرة والعقار والقضايا‬
‫اإلجتماعية"‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بغرف المحكمة اإلبتدائية‪ ،‬فقد تم حذف الغرفة اإلستئنافية التي كانت‬
‫تتوفر عليها هذه المحاكم‪ ،‬وتم النص على إحداث مكاتب المساعدة اإلجتماعية بالمحاكم‬
‫اإلبتدائية يستع ان موظفيها في مجال القضايا المتعلقة بقضايا األسرة ومكافحة العنف ضد‬
‫النساء واألطفال‪.‬‬
‫كما تم النص على إمكانية إشتمال بعض المحاكم اإلبتدائية على أقسام متخصصة في‬
‫القضاء التجاري‪ ،‬تختص في البت في القضايا التجارية المسندة للمحاكم التجارية بموجب‬
‫القانون‪ ،‬وأقسام متخصصة في القضاء اإلداري‪ ،‬تختص بالبت في القضايا اإلدارية المسندة‬
‫للمحاكم اإلدارية بموجب القانون‪ ،‬قصد ضمان تقريب القضاء التجاري واإلداري من‬
‫المتقاضين‪.‬‬
‫‪- 12 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫وتم توسيع مجاالت القضاء الفردي في ميدان األسرة‪ ،‬لتشمل قضايا النفقة وأجرة‬
‫الحضانة وصلة الرحم والرجوع إلى بي ت الزوجية‪ ،‬مع توسيع مجاالت القضاء الجماعي‬
‫أمام المحاكم اإلبتدائية‪ ،‬لتشمل الجنح الضبطية المعاقب عليها بغرامة فقط ال تتجاوز خمسة‬
‫آالف درهم‪.‬‬
‫فمن خالل المقتضيات السابقة‪ ،‬يالحظ أن تأليف المحاكم اإلبتدائية بقي كما كان‬
‫سابقا‪ ،‬إال أن المشرع أدخل بعض القضايا التي تختص بالنظر فيها أقسام جديدة‪ ،‬والجديد‬
‫هو إحداث أقسام قضاء القرب‪ ،‬وعليه فكل غرفة أصبحت تبحث وتحكم في كل القضايا‬
‫المعوضة على المحكمة كيفما كان نوعها بإستثناء أقسام قضاء األسرة وأقسام قضاء القرب‬
‫وغيرها من األقسام‪.‬‬

‫أبرز مستجدات التنظيم القضائي‬

‫إحداث منصب الكاتب العام للمحكمة يتولى مهام تدبيرها إداريا‪.‬‬


‫إحداث آلية التنسيق على صعيد المحكمة بشأن مجمل شؤونها‪.‬‬
‫وجوب تحرير األحكام قبل النطق بها (الكتابة)‪.‬‬
‫إمكانية إحداث أقسام تجارية بالمحاكم اإلبتدائية‪.‬‬
‫تخصيص غرف لقضايا الصحافة في محاكم الدار البيضاء والرباط‪.‬‬
‫توسيع مجال القضاء الجماعي ليشمل الجنح التأديبية‪.‬‬
‫إلغاء مؤسسة النيابة العامة من المحاكم التجارية واإلستئناف التجارية‪ ،‬وتم اإلكتفاء‬
‫بنائب وكيل الملك ينتدب من المحكمة اإلبتدائية أو نائب الوكيل العام للملك منتدب من‬
‫محاكم اإلستئناف‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى محاكم اإلستئناف‬
‫كما هو معلوم أن من مبادئ التنظيم القضائي بالمملكة مبدأ التقاضي على درجتين‪،‬‬
‫الذي يعني أن من حق المتقاضين مراجعة حكم المحكمة اإلبتدائية أمام محكمة أعلى درجة‬
‫هي محكمة اإلستئناف‪ ،‬والمالحظ أنه في اآلونة األخيرة‪ ،‬حدث على مستوى محكمة‬
‫اإلستئناف مجموعة من التعديالت أهمها‪ :‬إحداث أقسام للجرائم المالية‪.‬‬
‫‪- 13 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫هذه األقسام تشتمل على غرف التحقيق وغرف للجنايات وغرف للجنايات اإلستئنافية‬
‫ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة‪ ،‬وحسب الفصل ‪ 6‬من القانون المتعلق‬
‫بالتنظيم القضائي كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم ‪ ،34.10‬فإن محاكم اإلستئناف‬
‫المحددة والمعنية دوائر نفوذها بمرسوم تشتمل على أقسام للجرائم المالية‪.1‬‬
‫وبشكل عام‪ ،‬تختص هذه األقسام بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول‬
‫من ‪ 241‬إلى ‪ 256‬من القانون الجنائي‪ ،‬وكذا الجرائم التي ال يمكن فصلها عنها أو‬
‫المرتبطة بها‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 260-1‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد تم النص على إمكانية إشتمالها على أقسام متخصصة في‬
‫القضاء التجاري‪ ،‬وكذا على أقسام متخصصة في القضاء اإلداري‪ ،‬وذلك ضمانا لتقريب‬
‫القضاء التجاري والقضاء اإلداري من المتقاضين‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى المحاكم التجارية‬
‫لقد زود المشرع المغربي خريطة التنظيم القضائي بمؤسسة قضائية مهمة‪ ،‬تتولى‬
‫الفصل في القضايا التجارية بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪،1997‬‬
‫ولم يكن ميالد هذا النوع من المحاكم بمحض الصدفة وال من قبيل التقليد‪ ،‬إنما جاء إنسجاما‬
‫مع التعديالت التشريعية التي أدخلها المشرع في مجال قانون األعمال لخلق تشريع تجاري‬
‫متطور يالئم تحوالت العصر ويساهم في تشجيع اإلستثمار الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫وحسب المادة ‪ 2‬من قانون إحداث المحاكم التجارية ‪ 53.95‬الصادر بتاريخ ‪12‬‬
‫فبراير ‪ ، 1997‬فإن تكوين المحاكم التجارية يتمثل في إشتمالها على‪" :‬رئيس ونواب‬
‫للرئيس وقضاة ‪ -‬نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب ‪ -‬كتابة ضبط‬
‫وكتابة للنيابة العامة"‪.‬‬
‫وتنقسم المحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة عليها‪،‬‬
‫غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا المعروضة على المحكمة‪ .‬وفضال‬
‫عما سبق‪ ،‬نص المشرع المغربي على مؤسسة جديدة بالمحاكم التجارية هي‪ :‬مؤسسة قاضي‬

‫‪ -1‬مرسوم رقم ‪ 2.11.445‬صادر في ‪ 04‬نوفمبر ‪ 2011‬بتحديد عدد محاكم اإلستئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية‬
‫وتعيين دوائر نفوذها الجريدة الرسمية ع ‪ 5995‬بتاريخ ‪ 17‬ذو الحجة ‪1432‬ه‪ 14/‬نوفمبر ‪ ،2011‬ص‪.5415 :‬‬
‫‪- 14 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫التنفيذ‪ ،‬الذي يعينه رئيس المحكمة التجارية بإقتراح من الجمعية العمومية ليقوم بمتابعة‬
‫إجراءات التنفيذ‪.1‬‬
‫وقد تم النص في مسودة مشروع التنظيم القضائي إمكانية اإلستغناء عن النيابة العامة‬
‫بالمحاكم التجارية‪ ،‬وأصبح يمثلها ‪" -‬النيابة العامة" ‪ -‬بنائب أو نواب لوكيل الملك يعينهم‬
‫وكيل الملك لدى المحكمة اإلبتدائية التي توجد بدائرتها المحكمة التجارية‪ ،‬كما أصبحت‬
‫النيابة العامة تمثل أمام محاكم اإلستئناف التجارية بنائب أو نواب للوكيل العام للملك يعينهم‬
‫الوكيل العام للملك لدى محكمة اإلستئناف التي توجد بدائرتها محكمة اإلستئناف التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬على مستوى محكمة النقض‬
‫تعتبر محكمة النقض المحكمة العليا في األنظمة القضائية المقارنة السيما تلك التي‬
‫تسير على مدى النسق الالتيني‪ ،‬وتوصف بأنها محكمة قانون ألن مهمتها تنحصر في النظر‬
‫فيما يشوب الحكم المطعون فيه أمامها من خطأ في تطبيق القانون على الوقائع‪ ،‬فال يحق‬
‫لمحكمة النقض أن تنظر في الدعوى من جديد ألنها ليست محكمة موضوع أو واقع‪،‬‬
‫وبالتالي ليست درجة من درجات التقاضي‪.‬‬
‫والتسمية التي كانت تطلق على الجهاز الذي يتربع على قمة الهرم القضائي في‬
‫المغرب منذ سنة ‪ 1957‬هي المجلس األعلى‪ ،‬هاته التسمية التي ظلت متداولة إلى أن صدر‬
‫ظهير ‪ 2011-10-25‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 58-11‬القاضي بإستبدالها بعبارة "محكمة‬
‫النقض"‪ ،‬كمؤسسة قضائية عليا في البالد وكمرجع للنقض لتحقيق توحيد اإلجتهاد القضائي‬
‫ومراقبة مدى حسن تطبيق القانون وتفسيره من خالل األحكام التي تصدرها مختلف محاكم‬
‫المملكة‪.‬‬
‫وتتكون محكمة النقض من رئيس أول ورؤساء الغرف والمستشارون‪ ،‬ويمثل النيابة‬
‫العامة لديها الوكيل العام للملك يساعده المحامون العامون‪ ،‬إضافة إلى كتابة ضبط وكتابة‬
‫النيابة العامة‪ ،‬وبداخل محكمة النقض نجد ست غرف‪ :‬غرفة مدنية وتسمى الغرفة األولى‪،‬‬
‫وغرفة األحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية وغرفة إدارية وغرفة إجتماعية ثم‬

‫‪ -1‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.67 :‬‬


‫‪- 15 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫غرفة جنائية‪ .‬ويرأس كل غرفة رئيس‪ ،‬مع إمكانية تقسيمها إلى أقسام‪ ،‬وأضيفت إلى غرفها‬
‫غرفة سابعة هي‪ :‬غرفة عقارية‪ ،‬وتم حذف الغرفة الدستورية وذلك بموجب القانون الذي تم‬
‫بمقتضاه إحداث المجلس الدستوري‪.‬‬
‫والجدير بالذكر‪ ،‬أن تسيير المصالح الداخلية لمحكمة النقض يتم وخالفا للمحاكم‬
‫األخرى بواسطة مكتب مختص بذلك‪ ،‬ويتكون المكتب كما نص عليه الفصل ‪ 4‬من مرسوم‬
‫‪ 1974 16-07‬مما يلي‪:‬‬

‫الرئيس األول للمحكمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -‬رؤساء الغرف‪.‬‬
‫أقدم مستشار في كل غرفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الوكيل العام للملك بالمحكمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬محامون عامون‪.‬‬

‫ويجتمع مكتب محكمة النقض خالل ‪ 15‬يوما األولى من شهر يناير من كل سنة‪،‬‬
‫ويتداول في سائر القضايا التي تهم العمل بالمجلس خاصة توزيع المستشارين على غرف‬
‫محكمة النقض‪ ،‬وتحديد أقسام الغرف وأيام الجلسات األسبوعية‪ ،‬وفي بداية كل سنة قضائية‬
‫تعقد محكمة النقض جلسة رسمية بحضور جميع قضائها‪ ،‬حيث تقدم فيها سائر البيانات‬
‫المتعلقة بعمل المحكمة وتوجيهات اإلجتهاد القضائي في أهم القضايا التي سبق عرضها‬
‫على محكمة النقض‪.‬‬
‫ولعل أهم ما يميز نظام الجلسات لدى محكمة النقض هو اإلعتماد على القضاء‬
‫الجماعي‪ ،‬حيث تعقد جلساتها وتصدر قراراتها بحضور خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط‬
‫ما لم ينص القانون على خالف ذلك‪ ،‬وبحضور النيابة العامة لزوما في سائرها‪ ،‬وتجدر‬
‫اإلشارة أن جلسات محكمة النقض تكون علنية‪ ،‬إال إذا دعت الضرورة إلى عقدها سرية‪.‬‬
‫وكما سبق وأن رأينا‪ ،‬أن محكمة النقض تعتبر محكمة قانون ال واقع‪ ،‬فهي ال تعد‬
‫درجة ثالثة من درجات التقاضي ألن التقاضي في نظامنا القضائي المغربي على درجتين‬
‫فقط‪ ،‬بمعنى ال يجوز عرض النزاع على محكمة النقض للنظر فيه من حيث الجوهر‪ ،‬ألن‬
‫‪- 16 -‬‬ ‫مستجدات التنظيم القضائي‬

‫مهمة محكمة النقض تنحصر في مراقبة مدى موافقة أحكام المحاكم الدنيا لألصول والقواعد‬
‫القانونية بهدف الوصول إلى تفسير موحد للنصوص القانونية وتكريس إجتهاد قضائي موحد‬
‫على صعيد البالد‪.‬‬
‫إال أنه من خالل الوقوف عند مختلف إختصاصات محكمة النقض‪ ،‬يتضح لنا أن هذه‬
‫المحكمة قد تتحول أحيانا إلى محكمة موضوع وتتصرف كمحكمة عادية‪ ،‬عندما تنظر في‬
‫الدعاوى الرامية إلى إلغاء القرارات اإلدارية بسبب الشطط في إستعمال السلطة أو دعاوى‬
‫مخاصمة القضاء‪.‬‬
‫‪- 17 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫يميز عادة في القانون المدني بين القانون الموضوعي والقانون المسطري ‪ -‬الشكلي‪-‬‬
‫أو اإلجرائي‪ ،‬فإذا كان األول هو مجموعة من القواعد التي تبين حقوق وإلتزامات األفراد‬
‫في المجتمع على مستوى العالقة المالية وعلى مستوى األسرة‪ ،‬فإن الثاني يراد به تلك‬
‫القواعد القانونية التي تهدف إلى تحديد اإلجراءات التي ينبغي إتباعها لحماية الحقوق‬
‫والوفاء باإللتزامات على المستويين المذكورين‪.‬‬
‫هذا األخير عرف ويعرف مجموعة من التعديالت التي تصاحبها القوانين‬
‫المسطرية‪ ،1‬فيبدو من أول وهلة من ناحية الشكل أن فصول قانون المسطرة المدنية‬
‫تضمنت في المشروع الجديد حيث إنتقلت من ‪ 528‬فصال‪ ،‬وهي مجموعة الفصول في‬
‫القانون الجاري به العمل اآلن إلى ‪ 649‬فصال في هذا المشروع‪ ،‬كما أن هذه الفصول التي‬
‫إ صطلح المشروع الجديد على تغيير تسميتها بالمواد‪ ،‬والتي جاءت في معظمها ترجمة‬
‫وتنزيال لما إنتمى إليه الحوار الوطني حول إصالح منظومة العدالة‪.‬‬
‫ومن الناحية الموضوعية‪ ،‬يالحظ أن هناك تغييرات كثيرة همت مختلف أبواب قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬فأين تتجلى هذه المستجدات؟‬
‫يمكن رصد المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية في مجال‬
‫التبليغ (أوال) وفي مجال التنفيذ (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التبليغ‬

‫التبليغ هو إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى شخص معين على يد أحد أعوان كتابة‬
‫الضبط أو أحد األعوان القضائيين أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع اإلشعار‬
‫بالتوصل‪ ،‬أو بالطريقة اإلدارية (الفصل ‪ 37‬من ق‪.‬م‪.‬م)‪.2‬‬

‫‪ -1‬مثل قانون رقم ‪( 35.10‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.148‬صادر في ‪ 16‬رمضان ‪1432‬ه الموافق لتاريخ ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪ )2011‬القاضي بتغيير وتتميم ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬كما صادق عليه الظهير الشريف بمثابة قانون ‪ 1.74.447‬وقانون رقم ‪.33.11‬‬
‫‪ -2‬حلت تسمية المفوضين القضائيين محل تسمية األعوان القضائيين منذ ‪ ،2006‬بل إن المشرع لم يقم بتغيير التسمية‬
‫التي كان معموال بها وحافظ على عبارة‪" :‬األعوان القضائيين" رغم تعديله للفصل ‪ 37‬من قانون المسطرة المدنية سنة‬
‫‪.2011‬‬
‫‪- 18 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫والهدف من ذلك هو ضمان علم المبلغ إليه باألمر المراد تبليغه‪.‬‬


‫وتكمن أهمية التبليغ في عدم جواز إحتجاج المبلغ بجهله لما تم تبليغه به‪ ،‬حتى أن‬
‫بعض الفق ه إعتبر حجية التبليغ كحجية نشر التشريع بالجريدة الرسمية‪ ،‬إذ ال يجوز اإلعتذار‬
‫بجهل القانون‪ .‬ولكن ينبغي التذكير بأن التبليغ الذي يكتسي الحجية المذكورة‪ ،‬هو ذاك‬
‫المستجمع لكل البيانات والشكليات المنصوص عليها قانونا‪.‬‬
‫وقد أكد المشروع على أنه يتعين على المدعي أومن ينوب عنه‪ ،‬السهر على تبليغ‬
‫األحكام القضائية وجميع اإلجراءات األخرى إلى كل أطراف الدعوى بواسطة مفوض‬
‫قضائي تحت طائلة التشطيب على الدعوى من جدول الجلسة متى كان المدعي أو نائبه أو‬
‫وكيله هو من تولى إجراءات التبليغ‪ ،‬بل إن المحكمة تحكم بإلغاء الدعوى خالل شهرين من‬
‫تاريخ التشطيب‪ ،‬إذا لم يطلب الطرف المعني باألمر متابعة النظر فيها‪.‬‬
‫وفي إطار المشروع‪ ،‬قد تم التأكيد على محورية دور المفوض القضائي في عملية‬
‫التبليغ‪ ،‬بحيث ال يلجأ إلى غيرها من طرق التبليغ األخرى إال في حالة تعذر التبليغ بواسطة‬
‫هذا األخير‪ ،‬وإذا كان المشروع قد فعل خيرا بإلغاء مسطرة القيم بالنظر لما عرفته هذه‬
‫األخيرة من تعثر في تطبيقاتها‪.‬‬
‫ويتعين على المكلف بالتبليغ متى كان المدعى عليه مجهوال أو إنتقل من العنوان أن‬
‫يقوم لجلب معلومات حول عنوان المدعى عليه من السلطة المحلية التي يجب عليها موافاة‬
‫بالرد داخل أجل ‪ 48‬ساعة من تقديم الطلب‪.‬‬
‫ويعاد إستدعاء الطرف الذي لم يحضر‪ ،‬وكان على المشرع أن ينص على وجوب‬
‫إشعار بالجلسة المقبلة دون حاجة إلى إعادة اإلستدعاء من جديد‪ ،‬لما في ذلك من إهدار‬
‫للوقت وتمديد ألمد النزاع دون غاية واضحة‪ ،‬وهو ما يتعارض مع مبدأ النجاعة القضائية‬
‫الذي يعتبر أحد أهداف ميثاق إصالح العدالة‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع عدل الفصول المتعلقة بالتبليغ وإجراءاته فغير الفصلين ‪37‬‬
‫و‪ 39‬جزئيا والفصل ‪ 38‬كليا‪ ،‬والذي نسجله أن الفقرة األولى من الفصل ‪ 37‬لم يلحقها أي‬
‫تغيير ال زيادة وال نقصان وبقيت كما هي‪.‬‬
‫‪- 19 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫والمالحظ كذلك أن المشرع ال زال يتشبت بتعدد األجهزة المكلفة بالتبليغ ويحددها‬
‫في‪  :‬كتابة الضبط‪  ،‬األعوان القضائيين <األعوان القضائيين>‪  ،‬البريد المضمون‬
‫مع اإلشعار بالتوصل‪  ،‬الطريقة اإلدارية‪.‬‬
‫وبذلك يكون موقف المشرع واضح من خالل هذه التعديالت‪ ،‬مع اإلشارة أن‬
‫المشرع كان يجب عليه أن يعدل لفظة األعوان القضائيين ويستبدلها بالمفوضين القضائيين‬
‫إنسجاما مع التسمية الجديدة التي أقرها قانون ‪ 81.03‬المنظم لمهنة المفوضين‬
‫القضائيين‪.1‬‬
‫وبالنسبة للفصل ‪ :38‬بعد أن كان الفصل ‪ 38‬يتضمن فقرات ثالثة وبعد أن كان‬
‫اإلستدعاء يسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو لكل شخص آخر يسكن معه‪،‬‬
‫وأصبح الفصل ‪ 38‬يتكون من فقرة واحدة وأصبح التبليغ للشخص نفسه أينما وجد‪ ،‬أي‬
‫بغض النظر عن محل التبليغ أو في موطنه ال يهم من يوجد في ذلك الموطن وال صفته‪ ،‬بعد‬
‫أن كانت صفة القرابة أو العمالة أو السكن مع المبلغ إليه الزمة في النص القديم‪.‬‬
‫وبذلك أصبح التبليغ في واقع األمر ألي شخص في الموطن الخاص بالمبلغ إليه‬
‫تبليغا صحيحا‪ ،‬وبذلك يكون المشرع قد وسع من فرص التبليغ‪ ،‬ووضع حال للعديد من‬
‫اإلشكاالت التي يثيرها التخصص الوارد بالفصل ‪.38‬‬
‫وبالنسبة للفصل ‪ :39‬فيالحظ أن المشرع عدل الفقرة الثانية‪ ،‬إذ أصبح الفصل كما‬
‫يلي‪" :‬إذا تعذر على المكلف بالتبليغ أو السلطة اإلدارية تسليم اإلستدعاء لعدم العثور على‬
‫الطرف أو على أي شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك في الشهادة التي ترجع‬
‫إلى كتابة ضبط المحكمة المعنية باألمر ‪ ،"...‬مع الحق في إلصاق في الحين إشعارا بذلك‬
‫في موضع ظاهر بمكان التبليغ‪.‬‬
‫والبين كذلك أن الفصل ‪ 39‬كان يتضمن تسعة مقرات وبقي العدد هو نفسه ولم يتم‬
‫سوى تغيير الفقرة الثانية‪ ،‬وذلك بإستبدال مصطلح عون (كتابة الضبط) بالجهة المكلفة‬
‫بالتبليغ‪ ،‬وكذلك إجراء القيام بإلصاق إشعار‪.‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 81.03‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.23‬في ‪ 15‬محرم ‪ ،1427‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 8400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ ،2006‬ص‪.559 :‬‬
‫‪- 20 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫وأشار الفصل ‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية‪" :‬ترفق باإلستدعاء شهادة يبين فيها‬
‫من سلم له اإلستدعاء وفي أي تاريخ ويجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من‬
‫الشخص الذي تسلمها في موطنه‪ ،‬وإذا عجز من تسلم اإلستدعاء عن التوقيع أو رفضه أشار‬
‫إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ‪ ،‬ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في‬
‫جميع األحوال ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة"‪.‬‬
‫وقد أثارت هذه الفقرة حافظة الفقهاء‪ ،1‬ذلك أن المشرع حين أوجب على العون‬
‫المكلف بالتبليغ اإلشارة إلى عجز من تسلم اإلستدعاء عن التوقيع أو رفضه‪ ،‬فيه نوع من‬
‫القصور‪ .‬فإذا كانت اإلشارة إلى رفض المتسلم لإلستدعاء بالشهادة المرفقة باإلستدعاء أمرا‬
‫مقبوال‪ ،‬ألن ذلك يعكس الموقف لمن تسلمه‪ ،‬فإنه كان على المشرع أن يسمح في حالة العجز‬
‫عن التوقيع‪ ،‬بالتوقيع بالبصمة وأال تعاد الشهادة إلى كتابة الضبط‪ ،‬والسند في ذلك هو‬
‫التخفيض من حدة طول اإلجراءات التي عادة ما تعتري تطبيق قواعد المسطرة‪.‬‬
‫يقضي الفصل أعاله بإرسال العون للشهادة المذكورة بعد توقيعه عليها‪ ،‬إلى المحكمة‬
‫‪-‬كتابة الضبط بها‪ -‬وحسب ما لدينا من من إعتقاد‪ ،‬ينبغي أن يستعمل المشرع لفظ "يودع"‬
‫بدل "يرسل" ألن العادة جرت على أن يكون األعوان المكلفون بالتبليغ تابعين لذات‬
‫المحكمة‪ ،‬وبل ويكونون موظفين بها كما هو الحال بخصوص كتاب الضبط فكيف يستساغ‬
‫أن ترسل الجهة المكلفة بالتبليغ الشهادة مع إمكانية إيداعها بكتابة الضبط التي يعمل في‬
‫إطارها أضمن لسالمة وسير المسطرة‪ ،‬فضال عن أن اإليداع يساعد على السرعة في‬
‫اإلجراءات ويحول دون البطء فيها؟‬
‫وفي األخير‪ ،‬بقي أن نتساءل عن طبيعة مصير التبليغ الذي لم يحترم البيانات‬
‫الشكلية التي ينص عليها القانون‪ ،‬وأمام سكوت المشرع المغربي عن المسألة‪ ،‬إضطلع‬
‫القضاء وفي أعلى مستواه بمهمة سد النقص التشريعي‪ ،‬وقرر بطالن كل تبليغ لم يتضمن‬
‫الشكليات المنصوص عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬ط ‪ ،2013‬ص‪.167 :‬‬
‫‪- 21 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫ثانيا‪ :‬لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التنفيذ‬

‫التنفيذ تجسيد هبة الدولة وتكريس لسيادتها على اإلقليم الذي تحميه وترعاه وتسعى‬
‫إلى ضمان أمنه وإستقراره‪ ،‬وهو اإلستقرار الذي ال يمكن تحقيقه بمعزل عن فرض الشعور‬
‫بإحترام الناس حقوق بعضهم إزاء البعض اآلخر‪.‬‬
‫ولذلك يعتبر التنفيذ آخر وسيلة يتيحها القانون لحماية نفسه من الهدر‪ ،‬وحماية‬
‫المجتمع الذي ينظمه من التسيب والفوضى‪ ،‬لكن ليس كل المنفذ عليهم متسيبون وفوضويون‬
‫في نظر القانون والمجتمع‪ ،‬لذلك يتعين على األجهزة المكلفة بالتنفيذ وهم يتحملون مسؤولية‬
‫التنفيذ أن يستحضروا بإستمرار جسامة األعباء الملقاة على عاتقهم‪ ،‬سواء في شقها المتصل‬
‫بتطبيق القانون والسهر على نفاذه‪ ،‬أو في شقها المتصل بحماية المجتمع وإحترام كرامته‪،‬‬
‫مما يستلزم أن يكونوا أكثر صرامة‪.‬‬
‫وقد تم التنصيص على مؤسسة قاضي التنفيذ الذي كان حكرا فقط في المحاكم‬
‫التجارية إلى أن تم تعميمه بالمحاكم اإلبتدائية‪ ،‬وذلك عن طريق تحديد كيفية تعيينه‬
‫وإختصاصاته وتجديد المسطرة المتبعة أمامه‪ .‬غير أنه ما يلفت اإلنتباه بخصوص تلك‬
‫المسطرة هو التأكد على أن طلبات التنفيذ تقدم إلى قاضي التنفيذ‪ ،‬وهو ما يعني أن مهمة هذا‬
‫األخير لن تنحصر في مراقبة إجراءات التنفيذ واإلشراف عليها بل تمتد إلى كل ما يتعلق‬
‫بالتنفيذ‪ ،‬وهو ما يضع عالمة إستفهام حول مصير مؤسسة رئيس مصلحة كتابة الضبط‬
‫بإعتبارها الجهة األصلية التي ينعقد لها تصريف اإلجراءات داخل المحكمة‪ ،‬وبإعتبار أن‬
‫كل الطلبات التي تتعلق بهذا الشأن تقوم في إسم رئيس مصلحة كتابة الضبط‪.‬‬
‫وقد عمل المشروع على تقييد سطة قاضي التنفيذ في منح المهل اإلسترحامية‪ ،‬حيث‬
‫نص على أنه ال تعطى إال لظروف إستثنائية وخاصة ال يتعدى أمدها شهرين‪ ،‬كما تمت‬
‫إعادة صياغة المقتضيات المنظمة لمسطرة الحجز لدى الغير وفق ما جرى به العمل‬
‫القضائي من ضرورة تبليغ األمر بالحجز أو محضر الحجز إلى المحجوز بين يديه قبل‬
‫المحجوز عليه‪ ،‬نظرا لما يمكن أن يترتب عن القيام باإلجراء وفق الطريقة السابقة من قيام‬
‫المحجوز عليه بتهريب أمواله‪.‬‬
‫‪- 22 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫ونظرا لما تعرفه المقررات القضائية الصادرة في مواجهة اإلدارات العمومية‬


‫والمرافق العامة من صعوبات في التنفيذ‪ ،‬فقد خصص المشروع الجديد فرعا هاما لتنفيذ‬
‫المقررات واألحكام القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام‪ .‬كما أقر المشروع‬
‫المسؤولية الشخصية (المدنية) والجنائية لرؤساء هذه اإلدارات‪ ،‬وأجاز المشروع كذلك‬
‫الحجز على األموال والمنقوالت والعقارات الخاصة ألشخاص القانون العام‪.‬‬
‫إحداث مؤسسة قاضي الوسيط وتيسير إجراءات التنفيذ‪ ،‬وإقرار صيغ جديدة لبيع‬
‫المحجوز‪.‬‬

‫أهم المستجدات‬

‫تضمنت أهم مستجدات قانون المسطرة المدنية الحالي في إحداث مؤسسة قاضي‬
‫التنفيذ وإقرارها بمقتضيات خاصة‪ ،‬تم من خاللها توسيع إختصاصاته القضائية وضمان‬
‫تيسير إجراءات التنفيذ وسرعتها وعدالتها وتنظيم ضبط مسطرة الحجوز التنفيذية‪ ،‬وإقرار‬
‫صيغة جديدة وسهلة لبيع المحجوز ووضع مقتضيات خاصة بتنفيذ األحكام والقرارات‬
‫القضائية الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام بالتنصيص على الغرامة التهديدية‬
‫وإقرار مسؤولية المسؤول عن التنفيذ‪.‬‬
‫إن المسودة عملت على مالءمة مقتضيات المشروع مع تطورات التشريع الوطني‬
‫خاصة القوانين الصادرة في اآلونة األخيرة‪ ،‬كمدونة األسرة وقانون الحالة المدنية ومدونة‬
‫الشغل والقانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين وغيرها‪ ،.‬ومالءمة قواعد المسطرة‬
‫المدنية مع اإلتفاقيات الدولية المصادق عليها والتأكيد على إلزامية تطبيق اإلتفاقيات في حالة‬
‫تعارض أحكامه مع مقتضياتها‪.‬‬
‫كما تم العمل على تجاوز بعض اإلشكاالت التي تطرحها جملة من مواد القانون‬
‫الحالي بتكريس قواعد اإلجتهاد القضائي‪ ،‬وبعض الممارسات القضائية التي تم تأكيد جدواها‬
‫على مستوى التطبيق السليم لقواعد المسطرة‪.‬‬
‫ومن أهم المستجدات كذلك تمكين أطراف الدعوى من الطلبات المتعلقة باإلستدعاء‬
‫وجميع إجراءات الملف القضائية األخرى‪ ،‬قصد السهر على تبليغها تحت مسؤوليتهم إلى‬
‫‪- 23 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة المدنية‬

‫أصحابها بواسطة المفوض القضائي تحت طائلة التشطيب على الدعوى‪ ،‬عبر جعل دور‬
‫المحكمة أكثر إيجابية في سير المسطرة وإقرار آجال سريعة ومحددة للبت في بعض‬
‫الدعاوى والطلبات‪ ...‬وإقرار الضمانات وصيانة حقوق الدفاع‪.‬‬
‫إن هذه المستجدات ظلت وفية ومتشبعة بمرجعياتها المتعددة في مقدمتها دستور لسنة‬
‫‪ ،2011‬حيث إن المسودة سعت إلى تنزيل المبادئ الدستورية على مستوى المضامين من‬
‫حيث التأكيد على حق األشخاص في التقاضي والدفاع عن حقوقهم التي يحميها القانون‪،‬‬
‫وعلى مبدأ حقوق الدفاع ومبدأ العلنية وتعليل األحكام وتكريس الحق في المحاكمة العادلة‬
‫وفي حكم يصدر في أجل معقول ‪ ،‬إضافة إلى تأكيد الصيغة اإللزامية لألحكام القضائية‬
‫النهائية في مواجهة الجميع‪ .‬كما أفردت مسودة المشروع مجموعة من المواد تحدد بدقة‬
‫إجراءات ومساطر تجهيز الدعوى‪ ،‬إعماال بهذه المبادئ‪.‬‬
‫ومن بين المستجدات كذلك التنصيص على بعض الحاالت التي يمكن للمواطن أن‬
‫يتقدم بمقال شخصي إلى المحكمة يستدعي وجود محامي‪ ،‬غير أنه يجوز للمدعى عليه تقديم‬
‫مقال موقع من طرف الشخص في الحاالت اآلتية‪ :‬قضايا الزواج والنفقة والطالق اإلتفاقي‪،‬‬
‫والقضايا التي تختص المحاكم اإلبتدائية بالنظر فيها إبتدائيا وإنتهائيا‪ ،‬قضايا التصريحات‬
‫المتعلقة بالحالة المدنية‪ ،‬والحاالت التي ينص عليها القانون‪ ،‬وإذا كان أحد طرفي الدعوى‬
‫قاضيا أو محامي أمكن لمن يخاصمهما الترافع شخصيا‪.‬‬
‫وهذه المستجدات جاءت جراء التعديالت التي همت المادة ‪ 44‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬التي نصت على جواز الترافع أمام المحاكم للمواطنين بشكل شخصي في بعض‬
‫الحاالت‪.‬‬
‫‪- 24 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫كان من وراء إبتهاج وإستبشار الجميع خيرا فيما يخص المجال القضائي هو صدور‬
‫قانون المسطرة الجنائية الجديد في حلته الحديثة‪ ،‬خاصة وأنها تضمنت مجموعة من‬
‫المستجدات التي كانت أساسا من ضمن أهم المطالب واألهداف التي فرضها وأجبرها‬
‫الوضع القضائي لمواجهة أيضا أهم اإلنتقاالت التي وجهت من طرف الفقهاء والباحثين‬
‫لقانون المسطرة الجنائية سنة ‪ 1959‬وبصفة خاصة لظهير اإلجراءات اإلنتقالية لسنة‬
‫‪ 1974‬وشكل هذا القانون األخير مرحلة إنتقالية مؤقتة في حين أن إستمرار العمل لمدة‬
‫تزيد عن ‪ 30‬سنة وبالرغم من التعديالت التي تضمنتها بين الحين واآلخر فإنه لم يواكب‬
‫إصالح الوضعية القضائية والتطورات الناتجة سواء في مجال علم اإلجرام وحجم علم‬
‫اإلجرام الذي عرف تطورا ال نظير له‪.‬‬
‫وتوجد أسباب أخرى تدعي لتعديل ق‪.‬م‪.‬ج والتعجيل بإخراجه إلى حيز التطبيق مكان‬
‫من وراء كهذه األسباب وجود إقتناع يقضي بتغيير تعديل ق‪.‬م‪.‬ج رقم ‪ 22.01‬الصادر‬
‫بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 01.02.255‬الصادر في ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬الموافق لتاريخ ‪3‬‬
‫أكتوبر ‪ 2002‬في إطار "تحديث المنظومة القانونية" التي يعد هدفها األساسي هو حماية‬
‫حقوق وحريات األفراد وضمان المحاكمة العادلة وإصالحها ببالدنا لكل فرد‪ ،‬التي ما فتئ‬
‫جاللة الملك أعزه هللا ونصره يدعو إليه في عدة مناسبات من بينها ما ورد في خطابه‬
‫السامي في يوم ‪ 20‬غشت ‪ 2009‬بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب‬
‫"مهما كانت وجاهة األهداف اإلستراتيجية‪ ،‬التي يمتد إنجازها على المدى البعيد فال ينبغي‬
‫أن تحجب عن حاجة المواطنين الماسة في أن يلمسوا عن قرب‪ ،‬وفي األمد المتطور األثر‬
‫اإليجابي المنشود لإلصالح‪ ،‬إذ نوجه الحكومة‪ ،‬وخاصة وزارة العدل للشروع في تفعيله‪،‬‬
‫في ست مجاالت ذات أسبقية‪.‬‬
‫‪ -‬تحديث المنظومة القانونية‪ :‬والسيما فيما يتعلق منها بمجال األعمال واإلستثمار‬
‫وضمان شروط المحاكمة العادلة‪ ،‬وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة تقوم على‬
‫‪- 25 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫مواجهة ومالءمة القانون والمسطرة الجنائية ومواكبتها للتطورات‪ ،‬بإحداث مرصد وطني‬
‫لإلجرام‪ ،‬وذلك في تناسق مع مواصلة تأهيل المؤسسات اإلصالحية والسجنية‪.‬‬
‫وموازاة لذلك‪ ،‬يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح‬
‫والحد بالعقوبات البديلة‪ ،‬وإعادة النظر في قضاء القرب"‪.1‬‬
‫وتزداد أهمية هذه المراجعة التشريعية في إطار ما شهدته بالدنا في اآلونة األخيرة‬
‫من مستجدات حقوقية هامة تمثلت باألساس في صدور دستور جديد للمملكة سنة ‪2011‬‬
‫أدرج ضمن محاوره حيزا جد مهم لمجموعة من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها‬
‫وضمان ممارستها فإلتزام المملكة المغربية بتعهداتها الدولية وإحترام اإلتفاقيات المبرمة‬
‫وإعطائها األولوية في التطبيق حسب ما تم إقراره في ديباجة الدستور‪ ،‬هو ما أصبح متالئم‬
‫حسب متطلبات المنظومة القانونية الوطنية مع المواثيق الدولية وتوصيات ومالحظات‬
‫هيئات منظمة األمم المتحدة ذات صلة بشروط المحاكمة العادلة من جهة ومكافحة وردع‬
‫الجريمة من جهة ثانية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فإن الممارسة اليومية والعملية كشفت وأفرزت ثغرات ومشاكل‬
‫ومكامن النقص أو الفراغ في نصوص قانونية بالمسطرة الجنائية‪ ،‬ينبغي التصدي لها‬
‫وتتطلب ردا تشريعيا إلصالحها أو تنافي عيوبها من أسباب تعديل قانون ‪ 10‬فبراير‬
‫‪ 1959‬بقانون ‪.22.01‬‬
‫‪ -‬إن نظام العدالة الجنائية لم تعد مبعث إرتياح لدى مختلف الفعاليات المهتمة على‬
‫كافة األصعدة وأصبح محل إنتقاد من المهتمين والمتتبعين نتيجة بطء اإلجراءات وعدم‬
‫فعاليتها بسبب عدم جدوى األساليب اإلجرائية المقررة أو لكون اآلجال المسطرية طويلة أو‬
‫غير محددة بالمرة‪ ،‬وكذا أيضا تصاعد ظاهرة الجريمة وظهور أنواع جديدة من الجرائم‬
‫مرتبطة بال تقدم العلمي والتكنولوجيا بالظروف اإلجتماعية واإلقتصادية أبان عن قصور‬
‫المسطرة الجنائية في مكافحتها وتضخم عدد القضايا المعروضة على العدالة الجنائية بشكل‬

‫‪ -1‬الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى ‪ 56‬لثورة الملك والشعب يوم ‪ 20‬غشت ‪.2009‬‬
‫‪- 26 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫بات معه البت في قدر هائل منها بواسطة مساطرها إستلزم ذلك من إستحداث آليات قانونية‬
‫أخرى جديدة لمواجهته‪.‬‬
‫باإل ضافة لهذه األسباب فقد دعت أسباب أخرى لمواجهة قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪ 22.01‬بقانون ‪ 36.10‬التي تعتمد أيضا على تحقيق التوازن الصعب بين شراسة الجريمة‬
‫وتهديجها األمن اإلنساني وسالمة المواطن في بدنه وممتلكاته من جهة وبين حماية الحقوق‬
‫األساسية لألفراد كما أقرتها المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان ودستور المملكة من جهة ثانية‪،‬‬
‫إستندت لمرجعيات أساسية تعتبر ثوابت في سياسة المملكة المغربية في مقدمتها‪:‬‬
‫‪ -‬دستور المملكة لسنة ‪ 2011‬المكرس لمجموعة من الحقوق والواجبات المرتبطة‬
‫بحقوق اإلنسان وسالمة الوطن والمواطن وحماية الملكية وحرمة الحياة الخاصة واألمن‬
‫العام‪.‬‬
‫‪ -‬الخطابات املكية السامية لجاللة الملك والتي حددت الفلسفة والمعالم الكبرى‬
‫إلصالح منظومة العدالة الجنائية ببالدنا‪.‬‬
‫‪ -‬توصيات الميثاق الوططني حول إصالح منظومة العدالة‪ ،‬والتي كانت نتائج نقاش‬
‫حوار وطني عميق شامل وصريح حول قضايا جوهرية تهم العدالة وأمن المجتمع‪ ،‬حيث تم‬
‫تنزيل ما يزيد عن ثالثين توصية ضمن القانون‪.‬‬
‫‪ -‬اإلتفاقيات الدولية التي صادق عليها بلدنا ذات الصلة بحقوق اإلنسان ومكافحة‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫• مواكبة التطور الذي تعرفه الجريمة وما يستلزم ذلك من إستحداث آليات قانونية‬
‫جديدة لمواجهتها ب اإلضافة إلى هذه المرجعيات األساسية فإن المشروع إرتكز كذلك على‬
‫عنصرين آخرين‪ ،‬ويتعلق ب‪:‬‬
‫✓ اإلجتهاد القضائي للمحاكم بشأن الثغرات والنواقص التي تعتري القانون الحالي‪.‬‬
‫✓ القانون المقارن‪ ،‬إستهدافا للتكامل مع المنظومة القانونية الدولية في المادة الجنائية‪.‬‬

‫وقد إهتم ق‪.‬م‪.‬ج رقم ‪ 22.01‬بإبراز المبادئ واألحكام األساسية في مجال حقوق‬
‫اإلنسان وتوفير ظروف المحاكمة العادلة‪ ،‬وكان توجهه األساسي يرمي إلى تحقيق تلك‬
‫‪- 27 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫المبادئ السامية والمحافظة عليها بإعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة‪،‬‬
‫وكذلك فقد حرص على إقرار المبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون المسطرة الجنائية منصفة وحضورية وحافظة لتوازن حقوق األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتضمن الفصل بين السلطات المكلفة بممارسة الدعوى العمومية والتحقيق‬
‫وسلطات الحكم‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتم محاكمة األشخاص الموجودين في شروط مماثلة والمتابعين بنفس األفعال‬
‫على أساس نفس القواعد‪ ،‬أن كل شخص مشتبه فيه أو متابع تفترض براءته ما دامت إدانته‬
‫غير مقررة بمقتضى حكم نهائي وكل مساس ببراءته المفترضة محرم ومعاقب عليه‬
‫بمقتضى القانون‪.‬‬
‫‪ -‬أن يفسر الشكل دائما لفائدة المتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتمتع كل شخص بالحق في العلم بجميع أدلة اإلثبات القائمة ومناقشتها وأن‬
‫يكون له الحق في مؤازرة محام‪.‬‬
‫‪ -‬أن تسهر السلطة القضائية على ضمان حقوق الضحايا خالل مراحل المسطرة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يقع البت في التهم المنسوبة إلى الشخص داخل أجل معقول‪.‬‬
‫‪ -‬كل شخص مدان له الحق في أن يطلب إعادة فحص التهم المنسوبة إليه والمدان‬
‫أجلها أمام محكمة أخرى عبر وسائل الطعن المحددة في القانون‪.‬‬
‫ويمكن بإختصار جرد أهم المبادئ التي تضمنها القانون فيما يلي‪:‬‬
‫قرينة البراءة‪ :‬بإعتبار البراءة هي األصل إلى حيث إثبات إدانة الشخص بموجب‬
‫حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به حسب المادة ‪ 1‬من ق‪.‬م‪.‬ج وفق محاكمة عادلة متوفرة‬
‫على كل الضمانات القانونية وهذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور أن المملكة المغربية‬
‫تتعهد بإلتزام ما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشعبها بحقوق‬
‫اإلنسان كما هو متعارف عليها دوليا" وهذا أيضا ما أكدته المادة ‪ 14‬من العهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪- 28 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫وق‪.‬م‪.‬ج أحاط قرينة البراءة بعدة تدابير عملية لتعزيزها وتقويتها من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬إعتبار اإلعتقال اإلحتياطي والمراقبة القضائية تدبيرين إستثنائيين‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين ظروف الحراسة النظرية واإلعتقال اإلحتياطي وإحاطتها بإجراءات مراقبة‬
‫صارمة من طرف السلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيخ حق المتهم بإشعاره بالتهمة‪.‬‬
‫‪ -‬حقه في اإلتصال بالمحامي خالل فترة تمديد الحراسة النظرية وحق المحامي في‬
‫تقديم مالحظته خالل تلك الفترة‪.‬‬
‫‪ -‬حقه في إشعار عائلته بوضعه تحت الحراسة النظرية‪.‬‬
‫دور فعال للقضاء في مراقبة وتقييم وسائل اإلثبات‪ :‬حرص قانون ‪ 22.01‬على‬
‫إبراز دور القاضي في مراقبة وسائل اإلثبات وتقدير قيمتها‪ ،‬وبهذا أصبح القاضي ملزما‬
‫بتضمين ما يبرر إقتناعاته ضمن حيثيات الحكم الذي يصدره‪.‬‬
‫تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة‪ :‬بشأن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬
‫خالل المادة ‪ 10‬شأنه شأن ق‪.‬م‪.‬ج أيضا الذي حرص على تكريس هذا المبدأ وبين‬
‫خصوصياته أيضا المادة ‪ 14‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫فباإلضافة لهذه المبادئ األساسية فالقانون أتى بمستجدات هامة الهدف منها توفير‬
‫ظروف مثلى للمحاكمة العادلة ودعم مبادئ حقوق اإلنسان في المحاكمة الجنائية وحماية‬
‫حقوق األفراد الضرورية لمكافحة الجريمة وفقا لمبادئ حقوق اإلنسان والقانون المقارن من‬
‫جهة أخرى أخذ بعين اإلعتبار خصوصيات المجتمع المغربي واإلمكانيات المادية والبشرية‬
‫المتوفرة لنظام المعادلة الجنائية ببالدنا ومن أهم المستجدات المتعلقة بقانون ‪ 22.01‬التي‬
‫سأقوم بالتطرق لها بشكل سطحي لدعم وبناء جيد وبشكل تسلسلي بعدها ال بد من اإلشارة‬
‫لما هو أهم وهو التطرق للمستجدات ألهم المحاور التي تناولتها مراجعة قانون المسطرة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫فماهي يا ترى مستجدات ق‪.‬م‪.‬ج رقم ‪22.01‬؟‬
‫همت مراجعة ق‪.‬م‪.‬ج ‪ 336‬مادة موزعة على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪- 29 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬تغيير وتتميم مائتي مادة‪.‬‬


‫‪ -‬إضافة مائة وثماني عشر مادة تضمنت مجموعة من المستجدات الهامة‪.‬‬
‫‪ -‬نسخ وتعويض إحدى عشر مادة‪.‬‬
‫‪ -‬نسخ سبع مواد‪.‬‬
‫وبمكن إجمال أهم المحاور التي تناولته هذه المراجعة فبما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة‬
‫في هذا المشروع تم إقرار مجموعة من المبادئ باإلضافة إلى جانب مبدأ إحترام‬
‫قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم وفق ما تم التنصيص عليه في المادة األولى من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬المتعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة‪ ،‬خاصة الواردة في اإلعالن‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حيث تم التنصيص على‬
‫ضرورة مراعاة المبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المساواة أمام القانون (المادة ‪ 1‬تتميم المادة ‪ 1‬بإضافة الفقرة ‪.)1‬‬
‫‪ -‬المحاكمة داخل أجل معقول المادة (‪ )1-307‬المادة ‪ :1‬يسهر القضاء على ضمان‬
‫حقوق الضحايا والمتهمين على حد سواء وعلى أن تتم جميع اإلجراءات في أجل معقول‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 307‬تمت إضافة الفقرة ‪ :3‬تحرص المحكمة في كافة األحوال على أن تتم‬
‫محاكمة األشخاص في أجل معقول‪.‬‬
‫‪ -‬إحترام حقوق الدفاع‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان حقوق الضحايا والمتهمين‪.‬‬
‫‪ -‬إحترام قانونية اإلجراءات وخصوصيات المراقبة للسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬من بين اإلجراءات المستحدثة بمقتضى هذا نذكر ما يلي‪:‬‬
‫التسجيل السمعي والبصري في إستجوابات األشخاص الموضوعين تحت الحراسة‬
‫النظرية المشبه في إرتكابهم جنايات أو جنح وإرفاق المحضر بنسخة من التسجيل توضع‬
‫على غالف مختوم (المادة ‪.)286‬‬
‫‪- 30 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬تعزيز حق إتصال الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لمحاميه بضمانات‬


‫إضافية من خالل منح حق اإلتصال بالمحامي إبتداء من الساعة األولى إليقاف المشتبه فيه‪،‬‬
‫ودون إشتراط الحصول على ترخيص من النيابة العامة وتأخير آجال اإلتصال حينما يكون‬
‫ممكنا إلى أدنى مستوياتها (المادة ‪.)66-2‬‬
‫‪ -‬حضور المحامي خالل اإلستماع للمشبه فيهم األحداث المحتفظ بهم طبقا للفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 460‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ -‬عقلنة اإلعتقال اإلحتياطي‪ :‬يستهدف هذا المشروع عقلنة وترشيد اإلعتقال‬
‫اإلحتياطي من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إعتبار أن اإلعتقال اإلحتياطي تدبير إستثنائي ال يلجأ إليه إال إذا تعذر تطبيق تدبير‬
‫بديل‪ ،‬أو في الحالة التي يكون فيها مثول الشخص أمام المحكمة في حالة سراح من شأنه‬
‫التأثير على حسن سير العدالة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعزيز حقوق الدفاع‬

‫إن حقوق الدفاع تلزم هذا المشروع من بدايته إلى نهايته بإعتبار هذا الحق من‬
‫الحقوق األساسية في المحاكمة العادلة‪ ،‬لذا فكل اإلجراءات التي تتم بمقتضى هذا المشروع‬
‫تراعي الممارسة السليمة لهذا الحق‪ ،‬غير أنه يمكن اإلشارة إلى هذه اإلجراءات التي تعزز‬
‫حق الدفاع على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪ ‬منح المحامي صالحية القيام بدور الوسيط في الصلح بين األطراف (المادة ‪ 41‬تمت‬
‫إضافة الفقرة ‪ 1‬أو إضافة فقرة ‪ 3‬يمكن لوكيل‪ ...‬وكيل الملك‪ .‬وإضافة أيضا للفقرة ‪ 4‬يمكنه‬
‫كذلك‪ ...‬األسرة واألطفال)‪.‬‬
‫‪ ‬حضور المحامي لعملية اإلستماع إلى المشتبه فيه بإرتكاب جناية أو جنحة إذا لم يكن‬
‫موضوعا تحت الحراسة النظرية (المادة ‪.)67-3‬‬
‫‪ ‬إشعار محامي الشخص الذي يتم توقيفه من أجل التحقق من الهوية‪.‬‬
‫‪- 31 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ ‬حق المحامي في طلب إستدعاء أي شخص يرى فائدة في اإلستماع إليه من طرف‬
‫قاضي التحقيق (المادة ‪ 117‬تمت إضافة عبارة "تلقائيا أو بناء على طلب من أحد األطراف‬
‫في الفقرة األولى)‪.‬‬
‫‪ ‬منح الدفاع صالحية طلب إحالة القضية إلى هيئة الحكم محكمة النقض مكونة من‬
‫غرفتين أو قسمين مجتمعين قصد البت فيها‪ ،‬بعدما كان الوضع مقتصرا على الرئيس األول‬
‫لمحكمة النقض ورئيس الغرفة الجنائية نفسها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة‬

‫إن خطورة الجريمة وتهديدها للمجتمعات أصبحت تتطلب من آليات وأجهزة العدالة‬
‫الجنائية اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحتها‪( ،‬ولذلك أصبح األمر يتطلب تنظيم إستعمال‬
‫بعض التقنيات الحديثة في البحث والتحري أو المحاكمة نذكر من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬إستعمال وسائل اإلتصال الحديثة في التحقيق أو المحاكمة عن بعد‪.‬‬
‫‪ -‬اللجوء إلى الطلب الشرعي من طرف النيابة العامة والشرطة القضائية (المادة ‪77‬‬
‫تمت إضافة فقرة ما بعد الفقرة األولى وأيضا الفقرة األخيرة)‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم مسطرة التحقيق من الهوية نوع من الدقة وفي ظل إحترام تام لحقوق األفراد‬
‫من خالل‪:‬‬

‫✓ مراقبة النيابة العامة لعملية التحقيق من الهوية‪.‬‬


‫✓ تحرير محاضر التحقق من الهوية‪.‬‬
‫✓ إمكانية التحقق من الهوية عن طريق البصمات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية‬

‫‪ -‬إشعار الضحية أو المشتكي بمال اإلجراءات‪.‬‬


‫‪ -‬اإلستماع للضحية من طرف قاضي التحقيق (المادة ‪ 123‬إضافة فقرة ما قبل‬
‫األخيرة)‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة إستماع المحكمة للضحية عند القضية (المادة ‪.)305‬‬
‫‪- 32 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬تعيين المحكمة للضحية ترجمانا إذا كان ال يتكلم لغة أو لهجة يصعب فهمخا‬
‫(المادة ‪.)318‬‬

‫خامسا‪ :‬رئاسة النيابة العامة‬

‫في إطار رسم توجهات جديدة للسياسة الجنائية بالمغرب وفق ما إستمرت عليه‬
‫توصيات الميثاق الوطني حول إصالح منظومة العدالة‪ ،‬إذ نص المشرع على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إسناد رئاسة النيابة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض‪ ،‬ونقل سلطات وزير‬
‫العدل في الدعوى العمومية إليه‪.‬‬
‫‪ -‬تبليغ المضامين العامة للسياسة الجنائية من طرف وزير العدل إلى الوكيل العام‬
‫للملك لدى محكمة النقض (‪.)2-51‬‬
‫‪ -‬وضع التقرير رهن إشارة العموم (المادة ‪.)51-2‬‬
‫‪ -‬رفع الوكيل العام للملك تقريرا سنويا إلى المجلس األعلى للسلطة القضائية حول‬
‫تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة‪.‬‬

‫سادسا‪:‬تعزيز التدابير الرامية إلى حماية األحداث‬

‫‪ -‬إمكانية حضور محام خالل اإلستماع إلى الحديث من طرف الشرطة القضائية‬
‫(المادة ‪.)460‬‬
‫‪ -‬تفقد السجون ومركز المالحظة شهريا من طرف النيابة العامة أو الموظفين‬
‫المكلفين بالمساعدة اإلجتماعية (المادة ‪.)461‬‬
‫‪ -‬التأكيد أن المحاكمة ال تكتسي طبيعة عقابية‪ ،‬وأن األجهزة القضائية تراعي‬
‫المصلحة الفضلى للحدث في تقرير التدابير المالئمة له (المادة ‪.)462-1‬‬
‫‪ -‬منع إيداع الحدث الذي يقل عمره عن ‪ 15‬سنة في المؤسسات السجنية (المادة‬
‫‪.)473‬‬
‫‪ -‬تمديد الحماية المكفولة لألطفال الموجودين في وضعية صعبة إلى حين بلوغه سن‬
‫الرشد الجنائي بمقتضى قرار معلل‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬المادة ‪.516‬‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫سابعا‪ :‬الجديد في طرق الطعن‬


‫‪ -1‬الطعن بالنقض‬

‫‪ -‬عدم قبول طلب النقض ضد األحكام والقرارات القضائية الصادرة بغرامة أو ما‬
‫يماثلها لفائدة الخزينة العامة إذا كان المبلغ ‪ 20‬ألف درهم إال بعد اإلدالء بما يفيد أداءها‬
‫(المادة ‪ 523‬تم إضافة عبارة "ما لم يقض بعدم اإلختصاص أو عدم القبول" في الفقرة قبل‬
‫األخيرة)‪.‬‬
‫‪ -‬إمكانية تصدي محكمة النقض بعد النقض للمرة الثانية إذا لم تكن ضرورية لإلحالة‬
‫وكانت القضية جاهزة للبت (المادة ‪ 557‬تمت إضافة الفقرة األخيرة والثانية التي تقضي‬
‫بأنها يمكن لمحكمة النقض‪ ...‬ولم تتوفر ضرورة اإلحالة)‪.‬‬

‫‪ -2‬على مستوى النقض لفائدة القانون‬

‫لمحكمة النقض أن تقرر إستفادة المحكوم عليه من النقض لفائدة القانون إذا رأت ما‬
‫يبرر ذلك (المادة ‪ 560‬تم حذف الفقرة األولى)‪.‬‬
‫إسناد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض صالحية الطعن لفائدة القانون مع منح‬
‫وزير العدل صالحية رفع إجراءات قضائية والقرارات أو األحكام التي تصدر خرقا للقانون‬
‫أو خرقا لإلجراءات الجوهرية للمسطرة لدى الغرفة الجوهرية لدى محكمة النقض (المادة‬
‫‪.)559‬‬

‫‪ -3‬على مستوى إعادة النظر‬

‫تحديد ‪ 60‬يوما كأجل للطعن بإعادة النظر من تاريخ تبليغ الحكم ومن تاريخ العلم‬
‫بصدوره (المادة ‪ 563‬تم التنصيص على ما قبل األخيرة)‪.‬‬

‫‪ -4‬على مستوى التعرض‬

‫‪ -‬عدم جواز التعرض على األحكام الغيابية القابلة لإلستئناف (المادة ‪.)393‬‬
‫‪- 34 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -‬إعتبار تبليغ المحامي بمثابة تبليغ المتهم‪ ،‬يترتب عنه إعتبار الحكم بمثابة حضوري‬
‫(المادة ‪ )393‬ال يبدأ سريان أجل الطعن في األحكام الغيابية بالنسبة للنيابة العامة إال من‬
‫تاريخ إشعارها من طرف كتابة الضبط بنهاية أجل التعرض (المادة ‪.)393‬‬

‫ثامنا‪ :‬تنفيذ العقوبات‬

‫نظرا للدور الهام الذي يحتله موضوع تنفيذ العقوبات داخل السياسة العقابية‬
‫المعاصرة‪ ،‬وما عرفه من تطورات هامة أملتها ضرورة تحقيق العقوبة لوظائفها في إصالح‬
‫الجاني والمساهمة في إعادة إدماجه داخل المجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬قاضي تنفيذ العقوبات‬

‫‪ -‬تعيين قاضي تطبيق العقوبات من قبل الجمعية العمومية للمحكمة بدال من وزير‬
‫العدل لمدة سنتين قابلة للتجديد (المادة ‪.)596‬‬
‫‪ -‬توسيع صالحيات قاضي تطبيق العقوبات لتشمل مجاالت جديدة (المادة ‪:)596‬‬
‫‪ -‬اإلشراف على التخفيض التلقائي للعقوبة‪.‬‬
‫‪ -‬السهر في تنفيذ العقوبات‪.‬‬
‫‪ -‬البت في رد اإلعتبار‪.‬‬

‫‪ -2‬التخفيض التلقائي للعقوبة‬

‫يعتبر آلية جديدة يتوخى منها تحفيز وتشجيع السجناء على اإلنضباط واإلنخراط‬
‫بشكل إيجابي في برامج اإلصالح واإلندماج وفق مقاربة تعتمد على تحسين سلوك السجين‬
‫وإيجاد جزاء له من خالل اإلستفادة من تخفيض العقوبة تلقائيا من طرف لجنة بالسجن بعد‬
‫قضاء السجين ربع العقوبة‪.‬‬
‫ويخضع التخفيض التلقائي للعقوبة المقررة من طرف قاضي تطبيق العقوبة ويعمل‬
‫وكيل الملك على منح إمكانية رفع التظلمات إلى لجنة يرأسها قاضي تطبيق العقوبة‪.‬‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬

‫‪ -3‬أداء الغرامات‬

‫أقر المشرع آلية تحفيزية تتمثل في تخفيض قيمة الغرامة المحكوم بها إلى ثلثها إذا تم‬
‫أداؤها داخل األجل المحدد لها (المادة ‪ )634-1‬تم إضافة مقتضيات جديدة‪.‬‬

‫‪ -4‬رد اإلعتبار‬

‫‪ -‬تقليص آجال رد اإلعتبار القانوني والقضائي (المادة ‪ 687‬تم تعديل الفقرة األخيرة‬
‫في القانون الحالي وإضافة فقرة في مسودة مشروع ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫‪ -‬إسناد مهمة رد اإلعتبار القانوني بكيفية تلقائية إلى كتابة الضبط تحت مراقبة‬
‫النيابة العامة (المادة ‪.)687‬‬
‫‪ -‬اإلعفاء من األجل بالنسبة للسجناء الذين ساهموا بجدية في برامج التأهيل واإلدماج‬
‫(المادة ‪ 695‬في هذه المادة تم تقسيم الفقرة األولى وإضافة الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -5‬اإلعدام‬

‫في سبيل التقليص من عقوبة اإلعدام تم إقرار من طرف المشرع بآلية جديدة تشترط‬
‫إجماع الهيئة المصدرة للحكم للنطق بعقوبة اإلعدام‪ ،‬مع تحرير محضر للمداوة يشار فيه‬
‫إلى إجماع القضاة ويوقع من طرف جميع الهيئة (المادة ‪ 430‬تم إضافة فقرة خامسة‬
‫والفقرة السادسة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن مسودة مشروع القانون الجنائي تم في إطارها إلى تقليص من‬
‫عدد الجرائم المعاقب عنها باإلعدام من ‪ 31‬نصا جنائيا يقرر عقوبة اإلعدام ليصل إلى ‪11‬‬
‫نصا فقط من يقرر عقوبة اإلعدام‪.1‬‬

‫‪ -1‬أورده نور الدين العمراني‪ ،‬الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬ص‪.139 :‬‬
‫‪- 36 -‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫قائمة منابع العرض الفردي‪:‬‬

‫‪ ‬القوانين‪:‬‬
‫الدستور المملكة المغربية ‪.2011‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.151‬صادر بتاريخ ‪ 16‬رمضان ‪1432‬ه موافق ل‬
‫‪ 17-08-2011‬بشأن تنفيذ القانون رقم ‪ 42.10‬المنشور بالجريدة الرسمية ع ‪5975‬‬
‫بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪1432‬ه‪.05/09/2011/‬‬
‫قانون رقم ‪( 35.10‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.148‬صادر في ‪ 16‬رمضان ‪1432‬‬ ‫‪-‬‬
‫الموافق لتاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪ )2011‬القاضي بتغيير وتتميم ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫الظهير الشريف بمثابة قانون ‪ 1.74.447‬وقانون رقم ‪.33.11‬‬ ‫‪-‬‬
‫القانون رقم ‪ 81.03‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.23‬في ‪ 15‬محرم‬ ‫‪-‬‬
‫‪1427‬ه‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية ع ‪ 8400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪.2006‬‬
‫قانون رقم ‪ 36.10‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة‬ ‫‪-‬‬
‫الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 255.102‬بتاريخ ‪ 03‬أكتوبر ‪.2002‬‬
‫‪ ‬المراجع‪:‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪ ،‬التنظيم القضائي المغربي‪ :‬دراسة عملية‪ ،‬ط ‪ 4‬مارس ‪.2012‬‬ ‫‪-‬‬
‫لمعزوز البكاي‪ ،‬محاضرات في التنظيم القضائي المغربي‪ ،‬ط ‪.2014‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد العزيز حضري وسعيد الروبيو‪ ،‬التنظيم القضائي واإلختصاص‪ ،‬ط ‪.2005‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬ط ‪.2013‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمد أحذاف‪ ،‬شرح قانون المسطرة المدنية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬طبعة ‪.2005‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪- 37 -‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫فهرس العرض الفردي‪:‬‬

‫‪-1-‬‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫‪-4-‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬مستجدات التنظيم القضائي بالمملكة المغربية‬
‫‪-5-‬‬ ‫أوال‪ :‬المبادئ الموجهة للتنظيم القضائي‬
‫‪-6-‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تجليات حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة‬
‫‪-7-‬‬ ‫ثالثا‪ :‬بيان قواعد عمل الهيئات القضائية‬
‫‪-8-‬‬ ‫رابعا‪ :‬اإلرتقاء بطرق التنظيم الداخلي للمحاكم‬
‫‪-8-‬‬ ‫خامسا‪ :‬تطوير التسيير اإلداري للمحاكم‬
‫‪-9-‬‬ ‫سادسا‪ :‬تحديد جهات التفتيش القضائي والتفتيش اإلداري والمالي للمحاكم‬
‫‪- 10 -‬‬ ‫أ‪ -‬محاكم أول درجة‪:‬‬
‫‪- 10 -‬‬ ‫ب‪ -‬محاكم ثاني درجة‪:‬‬
‫‪- 10 -‬‬ ‫ت‪ -‬محكمة النقض‪:‬‬
‫‪- 17 -‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬مستجدات قانون المسطرة المدنية‬
‫‪- 17 -‬‬ ‫أوال‪ :‬لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التبليغ‬
‫‪- 21 -‬‬ ‫ثانيا‪ :‬لمحة عن مستجدات قانون المسطرة المدنية في مجال التنفيذ‬
‫‪- 24 -‬‬ ‫الفقرة الثالثة‪ :‬مستجدات قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪- 30 -‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تعزيز حقوق الدفاع‬
‫‪- 31 -‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة‬
‫‪- 31 -‬‬ ‫رابعا‪ :‬العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية‬
‫‪- 32 -‬‬ ‫خامسا‪ :‬رئاسة النيابة العامة‬
‫‪- 32 -‬‬ ‫سادسا‪:‬تعزيز التدابير الرامية إلى حماية األحداث‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫سابعا‪ :‬الجديد في طرق الطعن‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫‪ -1‬الطعن بالنقض‬
‫‪- 33 -‬‬ ‫‪ -2‬على مستوى النقض لفائدة القانون‬
‫‪- 38 -‬‬ ‫مستجدات إصالح العدالة بالمغرب‬

‫‪- 33 -‬‬ ‫‪ -3‬على مستوى إعادة النظر‬


‫‪- 33 -‬‬ ‫‪ -4‬على مستوى التعرض‬
‫‪- 34 -‬‬ ‫ثامنا‪ :‬تنفيذ العقوبات‬
‫‪- 34 -‬‬ ‫‪ -1‬قاضي تنفيذ العقوبات‬
‫‪- 34 -‬‬ ‫‪ -2‬التخفيض التلقائي للعقوبة‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫‪ -3‬أداء الغرامات‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫‪ -4‬رد اإلعتبار‬
‫‪- 35 -‬‬ ‫‪ -5‬اإلعدام‬
‫‪- 36 -‬‬ ‫قائمة منابع العرض الفردي‪:‬‬
‫‪- 37 -‬‬ ‫فهرس العرض الفردي‪:‬‬

You might also like