You are on page 1of 18

‫مراد غالب‪ ..

‬عصر العلقات المصرية السوفيتية ج ‪1‬‬


‫مقدم الحلقة‪ :‬أحمد منصور‬
‫ضيف الحلقة‪ :‬مراد غالب‪ /‬وزير الخارجية المصري السبق‬
‫تاريخ الحلقة‪3/3/2008 :‬‬

‫الطفولة وبدايات مقاومة الحتلل‬ ‫‪-‬‬


‫التعرف على التحاد السوفيتي والماركسية‬ ‫‪-‬‬
‫النخراط في العمل السري‬ ‫‪-‬‬
‫عبد الناصر وإرهاصات الثورة‬ ‫‪-‬‬
‫إلى التحاد السوفيتي مع عزيز المصري‬ ‫‪-‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬ولد مراد غالب في محافظة الشرقية في مصر‬


‫عام ‪ ،1922‬نشأ في حي مصر الجديدة في القاهرة وتخرج من‬
‫كلية الطب وعمل أستاذا في طب السكندرية بعدما حصل على‬
‫الدكتوراه في طب النف والذن والحنجرة‪ ،‬كان على علقة وثيقة‬
‫بثلثة من ضباط ثورة يوليو عام ‪ 1952‬هم صلح الدسوقي وكمال‬
‫رفعت وحسن التهامي‪ ،‬وقد لعبت هذه العلقة دورا في توطيد‬
‫العلقة بعد قيام الثورة بين مراد غالب وجمال عبد الناصر الذي‬
‫طلب منه أن يترك الطب وأن يتفرغ للعمل السياسي‪ .‬وفي العام‬
‫أحمد منصور‬ ‫‪ 1953‬عينه عبد الناصر سكرتيرا ثالثا في السفارة المصرية في‬
‫موسكو مرافقا للسفير الفريق عزيز المصري الذي كان غالب مع‬
‫رفاقه الثلثة على علقة وثيقة به‪ .‬بقي غالب في موسكو حتى‬
‫العام ‪ 1958‬حيث أتقن اللغة الروسية ونجح في صناعة علقات‬
‫وثيقة مع السوفيات‪ ،‬بعد ذلك استدعاه عبد الناصر من موسكو‬
‫إلى القاهرة وعينه مستشارا سياسيا له‪ .‬ثم عين في العام ‪1959‬‬
‫وكيل لوزارة الخارجية المصرية ثم عينه عبد الناصر سفيرا لمصر‬
‫في الكونغو حيث كان شاهدا على كافة الحداث التي وقعت هناك‬
‫فيما عرف آنذاك بأزمة الكونغو‪ .‬أعاده عبد الناصر مرة أخرى إلى‬
‫موسكو عام ‪ 1961‬ولكن سفيرا هذه المرة‪ ،‬وبقي هناك إلى العام‬
‫‪ 1972‬وقد لعب غالب دورا كبيرا في توطيد العلقات بين مصر‬
‫مراد غالب‬ ‫والتحاد السوفياتي من خلل علقاته الوثيقة بكبار القادة‬
‫السوفيات‪ ،‬حتى لقب بأنه مهندس العلقات المصرية السوفياتية‪.‬‬
‫أعاده السادات إلى مصر بعد طرد الخبراء السوفيات وعينه وزيرا للخارجية المصرية‬
‫ثم وزيرا للعلم لعدة أشهر‪ ،‬ثم عينه في العام ‪ 1973‬وزيرا للوحدة بين مصر وليبيا‪ ،‬ثم‬
‫سفيرا لمصر بعد ذلك في يوغسلفيا‪ ،‬حيث أعلن مراد غالب في نوفمبر عام ‪ 1977‬مع‬
‫كل من وزير الخارجية المصري آنذاك‪ ،‬إسماعيل فهمي وسفير مصر في لندن الفريق‬
‫سعد الدين الشاذلي استقالتهم احتجاجا على إعلن السادات ذهابه إلى القدس وعقد‬
‫صلح مع إسرائيل‪ .‬انتخب مراد غالب في العام ‪ 1988‬رئيسا لمنظمة الشعوب‬
‫الفروآسيوية وظل في منصبه إلى أن توفي صباح الثلثاء ‪ 18‬ديسمبر عام ‪ .2007‬نتابع‬
‫في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر العلقات المصرية السوفياتية‪.‬‬

‫الطفولة وبدايات مقاومة الحتلل‬

‫أحمد منصور‪ :‬دكتور مرحبا بك‪ .‬ولدت في العام ‪ 1922‬ونشأت في حي مصر‬


‫الجديدة‪ ،‬كيف كانت طفولتك؟ وكيف كانت مصر الجديدة في تلك العوام؟‬

‫مراد غالب‪ :‬زي ما سيادتك قلت فعل أنا نشأت في مصر الجديدة ول أتذكر أي شيء‬
‫قبل مصر الجديدة‪ .‬مصر الجديدة في ذلك الوقت كانت صغيرة جدا وكان العرب الذين‬
‫يرعون الماعز وخلفه كان بينهم وبين آخر شارع في مصر الجديدة يعني حاجة بتاعة‬
‫مائة متر حاجة زي كده‪ ،‬فكانت يعني في بداية البداية مصر الجديدة‪ .‬طبعا كانت‬
‫الشركة البلجيكية عملت المترو‪ ،‬عملت سباق خيل من أمتع ما يمكن‪ ،‬عملت مدينة‬
‫ملهي‪ ،‬عملت سينما وعملت المترو وبالتالي يعني عملت القاعدة الساسية لمدينة‬
‫جديدة طبعا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬في شيء من تلك المعالم ل زال باقيا إلى اليوم؟‬

‫مراد غالب‪ :‬في شيء واحد بس اللي هو الوزارة المركزية أو رئاسة الدولة الن‪ .‬ده‬
‫اللي كان موجود يعني‪ ،‬وبعض المباني كانت موجودة لكن غير كده انتهى‪ ،‬يعني ل يوجد‪،‬‬
‫المترو موجود لكن اختلف تماما‪ ،‬المترو كان حاجة فاخرة‪ ،‬المترو اللي كان موجود‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كل حاجة زمان كانت فاخرة في مصر‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬فعل‪ ،‬لنه كان عددنا بسيط‪ ،‬دي قامت الثورة وعددنا تعداد مصر كان‬
‫حوالي ‪ 20‬مليون‪ ،‬دلوقت ‪.75‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني كل الدول تنمو وتنمو معها حضارتها وثقافتها وليس بالضرورة‬
‫زيادة السكان أن يعيش الناس في ضنك‪ .‬يعني سآتي إلى هذا تباعا‪ ،‬ولكن من أصدقاء‬
‫طفولتك في تلك المرحلة‪ ،‬ثلثة أشخاص لعبوا دورا أساسيا في تاريخ مصر بعد ذلك‬
‫وهم صلح الدسوقي وكمال رفعت وحسن التهامي‪ ،‬كنتم أنتم الربعة يعني لكم علقة‬
‫صداقة وعلقة نشأة وعلقة سكن أيضا في نفس المنطقة‪ .‬ما هي مؤثرات العلقة مع‬
‫الثلثة على حياتك بعد ذلك؟‬

‫مراد غالب‪ :‬الحقيقة يعني إحنا كنا مخلصين لبعض إخلصا شديدا جدا‪ ،‬وكان صلح‬
‫الدسوقي وكمال رفعت وأنا كنا في سنة واحدة‪ ،‬حسن التهامي كان في السنة اللي‬
‫بعدنا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أصغر منكم‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أصغر منا بسنة بالضبط يعني‪ .‬لكن طبعا يعني أثرنا على بعضنا البعض‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬بإيه؟ إيه المؤثرات اللي أثرتم فيها على بعض؟‬

‫مراد غالب‪ :‬المؤثرات الساسية كانت الوطنية وحب مصر وإخراج النجليز‪ ،‬مع أننا كنا‬
‫صغيرين في السن لكن كنا بنشوفهم‪ ،‬ليه بتشوفهم؟ لنهم كانوا قريبين لمصر الجديدة‪،‬‬
‫فكانوا بينزلوا مصر الجديدة ويعربدوا في مصر الجديدة وبالتالي إحنا كنا بنشوف هذه‬
‫المناظر يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني رؤيتكم إيه للنجليز في ذلك الوقت في تلك السنوات‪ ،‬ما الذي‬
‫شكلته بالنسبة لطفولتكم؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني بالنسبة لطفولتنا كان النجليز أعدى أعدائنا‪ ،‬نحن كنا يعني بنعمل‬
‫المستحيل علشان نطلع النجليز من مصر‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬زي إيه في الفترة دي؟‬

‫مراد غالب‪ :‬لن الحقيقة إحنا كنا بنهان منهم‪.‬‬


‫أحمد منصور‪ :‬إيه أشكال الهانات اللي كنتم بتتعرضوا لها؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني احتقار وضرب وإهانة ومثل يعني يكون الكونستابل ماشي في‬
‫الشارع بالموتوسيكل هو اللي كان بيحكم الشارع وبيحكم مصر‪ ،‬يعني مصر بالنسبة‬
‫لهم كانت عزبة بيرتعوا فيها ويعملوا اللي هم عايزينه فيها‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬ممكن باختصار تقول لي من هو صلح الدسوقي بعد ذلك‪ ،‬من كمال‬
‫رفعت‪ ،‬ومن حسن التهامي؟‬

‫مراد غالب‪ :‬صلح الدسوقي كان زميل في المدرسة البتدائية‪ ،‬كمال رفعت ما كانش‬
‫لسه جاء مصر الجديدة إل في وقت مش متأخر قوي يعني لما كنا في ثانوي وطبعا‬
‫العيلة كلها جاءت يعني عز الدين أعرفه ومحمد رفعت أعرفه يعني أعرفهم‪ ،‬كانت‬
‫المعرفة معرفة عائلية يعني كنا نروح نزور البيوت نعرف‪ ،‬كل واحد يعرف والد الثاني‬
‫ووالدته ويخش البيت كأننا يعني أعضاء في هذا المنزل وبالتالي كانت العلقة شديدة‬
‫اللتصاق يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنت سعيت في هذه الفترة للبحث عن مخرج‪،‬كما تقول‪ ،‬كان النجليز‬
‫يشكلون عندكم نوع من الكراهية‪ ،‬انضممت لمصر الفتاة في البداية‪ ،‬وبعد ذلك تركتها‬
‫وكان لك ميول ماركسية أيضا في نفس الوقت‪ ،‬كيف تقلبت تقلبات سياسية في تلك‬
‫المرحلة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬شوف الحقيقة كانت البلد تغلي في هذه المرحلة‪ ،‬يعني بعد موت سعد‬
‫زغلول سنة ‪..1928‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬ممكن نقول فترة منتصف الثلثينيات؟‬

‫مراد غالب‪ :‬منتصف الثلثينيات ممكن نقول لنه الحقيقة في منتصف الثلثينيات تقريبا‬
‫جاء نسيم باشا وألف الوزارة‪ ،‬ونسيم طبعا لما ألف الوزارة جاء وعمل انتخابات حرة‪،‬‬
‫عمل انتخابات حرة معناها الوفد جاي‪ ،‬يعني الوفد كان ل بد وأن يأتي في أي انتخابات‬
‫حرة‪ ،‬فطبعا كان الوفد جاي ولكنه لم يستمر مدة طويلة لن الملك على طول أقاله‬
‫وجاب محمد باشا محمود‪ ،‬إلى آخره‪ .‬طبعا يعني هذه المرحلة كانت مرحلة غليان‬
‫وطني يعني أنا أتذكر بدأت إضرابات الطلبة سنة ‪ 1935‬وسنة ‪ 1936‬لكن من ‪1935‬‬
‫بدأت إضرابات الطلبة وقتل عدد من الطلبة يعني ول زلت أذكر عبد الحكم الجراحي‬
‫وإحنا بنهتف بنقول "رفعت العلم يا عبد الحكم ومت من جديد يا عبد المجيد" يعني كنا‪،‬‬
‫يعني كانوا أبطال بالنسبة لنا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬الطلبة هنا كانوا بيلعبوا دور كبير في الحياة السياسية‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بدون شك أن طلبة الجامعة وأساتذة الجامعة لكن الطلبة طلبة الجامعة‬
‫وطلبة المدارس الثانوية كانوا بيلعبوا دورا كبير جدا زائد نقابات العمال‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬ودول الحاجتين الن اللي النظمة جاءت بعد ذلك سعت لقمعهما لنهما‬
‫دائما يمثلن نبض الشعب‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بالضبط كده‪ .‬لنه الحقيقة العمال هم كانوا مهمين جدا وطبعا يمكن‬
‫سيادتك سمعت على لجنة العمال والطلبة اللي هي تألفت في عهد صدقي باشا ولما‬
‫جاء ديفد وخلفه‪ ،‬فدي كانت لجنة العمال والطلبة‪.‬‬
‫التعرف على التحاد السوفياتي والماركسية‬

‫أحمد منصور‪ :‬ماذا عن ميولك الماركسية في تلك الفترة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬شوف حأقول لك بمنتهى المانة‪ ،‬إحنا كنا بنبحث عن يعني دور أو مثل‬
‫علشان خاطر مصر تبقى قوية ومصر تبقى حرة وبالتالي كنا بنشوف إيه؟ ألمانيا فوق‬
‫الجميع‪ .‬ونشوف إيطاليا مثل فوق الجميع أيضا أيام موسوليني‪ .‬هو الحقيقة التعليم كان‬
‫له أثر كبير جدا‪ ،‬أنا كان الناظر بتاعنا ناظر مدرسة مصر الجديدة البتدائية زرع فينا‬
‫حب اللمان‪ .‬إزاي زرعه فينا؟ كان رجل ممتاز جدا‪ ،‬مش علشان زرع فينا حب اللمان‬
‫طبعا‪ ،‬لكن كان بيروح الفصول وكان بيسأل الطلبة وكان بيتصل بهم وكان حتى يبقى‬
‫المدرس موجود لكن هو يجي ويسأل الطلبة وخلفه‪ .‬كان يتكلم عن اللمان بيقول إن‬
‫الغواصة اللمانية لما كانت تغرق كان كل الطاقم بتاعها يوقف فوق سطح الغواصة‬
‫بالموسيقى بتاعتهم وتغوص الغواصة في المياه ول يتحرك ألماني واحد من الطاقم ول‬
‫الموسيقا تبطل تضرب‪ .‬طبعا الحاجات دي كانت بتجذب‪ ،‬إحنا كنا طلبة في ابتدائي‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬مخيلتكم في تلك المرحلة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬طبعا بتجذب مخيلتنا‪ .‬يعني إحنا قعدنا نحب اللمان وكنا ندافع عنهم دفاعا‬
‫خطيرا جدا حتى في الحرب العالمية الثانية يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬نعم‪ ،‬لم تأت على الميول الماركسية‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬آه‪ ،‬دلوقت يعني ابتدينا بعد كده كمجموعة يعني‪ ،‬أن ندرس إيه التحاد‬
‫السوفياتي ده؟‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬أما تقول كمجموعة يعني أنتم الربعة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني إحنا الربعة إلى حد ما‪ ،‬ما عدا حسن التهامي‪ ،‬إحنا الربعة قعدنا‪،‬‬
‫لكن كان بيشترك معنا في تحليل الوضع‪ ،‬كما نستطيع يعني‪ ،‬كنا بنقول الله إيه التحاد‬
‫السوفياتي ده؟ يعني إزاي يتغلب على ألمانيا؟ كان اللمان حاطين ثلثين القوات‬
‫المسلحة بتاعتهم قدام الجبهة الروسية‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬الكلم ده كان في ‪ 1944‬يعني وصلتم لمرحلة ‪..1944‬‬

‫مراد غالب‪ :‬كان ‪ 1944‬نعم‪ ،‬ولكن كان ثلث القوات المسلحة اللمانية كانت قدام‬
‫الحلفاء وبالتالي يعني كان خيالنا راح إلى المقاومة العجيبة والعنيدة‪ ،‬يعني مثل بلد زي‬
‫لينينغراد يجي ستالين يقول لن تسقط لينينغراد‪ ،‬تقعد ألف يوم محاصرة ويأكلوا لحم‬
‫الموات ويجي لهم كل كام خضار أخضر علشان خاطر الفيتامينات بتاعتهم‪ .‬ستالينغراد‬
‫تقف‪ ،‬يعني كل يوم بيت يسقط هنا بيت يسقط هناك وبيت يتاخذ مرة ثانية من‬
‫السوفيات‪ .‬يعني مقاومة عجيبة الشكل‪ ،‬وبعدين يجي بعد كده طبعا جوكوف المارشال‬
‫جوكوف وهو أحد المارشالت‪ ،‬مش أحد المارشالت هو أحسن أقوى مارشال في‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬يعني من ناحية طبعا آيزنهاور وخلفه‪ ،‬طبعا من ناحية‬
‫التكنولوجيا كانت يعني أساطيل جاية وبتنزل عساكر وبتنزل‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬لكن هنا أنت بتقول بمقياس المعارك على الرض‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬المعارك على الرض‪ .‬يعني كان مثل لما جاء في ستالينغراد أحاط‬
‫باللمان وطوقهم المارشال جوكوف وأخذ المارشال فون باولس أسير طبعا وعاش في‬
‫ألمانيا بعد كده‪ ،‬وطبعا بدأ الزحف بقى يعني السوفياتي يستمر إلى أبواب برلين‬
‫وبالتالي يعني الحقيقة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬بهرت بالسوفيات‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بهرنا كلنا‪ ،‬إيه المقاومة دي؟ إيه البني آدمين دول‪ ،‬يعني إزاي؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬اللي أسرك إلى التجاه الماركسي أو اليساري كان النتصارات التي‬
‫حققها السوفيات في الحرب العالمية الثانية؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ولماذا؟ ولماذا حدثت هذه النتصارات؟ إيه اللي خلهم ينتصروا؟ هل‬
‫اليديولوجيا؟ هل طبيعة الشعب؟ هل‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬وأين وجدت الجابة؟ كانت الجابة إيه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬الجابة كل هذا‪ .‬يعني كانت‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬اليديولوجيا لعبت دور؟‬

‫مراد غالب‪ :‬اليديولوجيا لعبت دور في إيه؟ لعبت دور في أنها خلت الشعب كله يبقى‬
‫موجود في المعركة‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬والنسان؟‬

‫مراد غالب‪ :‬الـ ‪ masses‬يعني القاعدة الشعبية كلها جاءت‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬وستالين؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ستالين طبعا كان صارما ولكنه مش زي الناس ما هي متصورة‪ ،‬يعني‬
‫مش كان عمال يقتل عمال على بطال يعني‪ ،‬ل كان بيعمل‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬سنأتي لهذا ربما بالتفصيل‪ ،‬ولكن في تلك المرحلة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬في تلك المرحلة أيضا حأقول لك على مثل خفيف وسريع جدا‪ ،‬لما كان‬
‫اللمان على وشك أنهم يدخلوا موسكو عند خيمكي‪ ،‬خيمكي دي عند المطار بتاع‬
‫موسكو دلوقت‪ ،‬عند خيمكي عمل مؤتمر وقال نعمل إيه؟ فطبعا كل مارشال قعد‬
‫يتكلم‪ ،‬جاء المارشال جوكوف برضه وقدم تقريره وقدم رؤيته كيف يدحر اللمان‪،‬‬
‫فطبعا قال له طيب‪ ،‬هنا بقى يأتي ستالين‪ ،‬بيقولوا رأيهم‪ ،‬جوكوف قال رأي‪ ،‬آه تعال‬
‫أنت بقى أنت تنفذ الكلم ده‪ .‬وإذا لم ينفذه؟ آه ده وضع ثاني بقى سيذهب إلى ما وراء‬
‫العالم يعني وبالتالي كان جوكوف هو اللي أخذ العملية دي‪ ،‬جوكوف راح لستالين بعد‬
‫كده وقال له أنا عندي ضباط إيه؟ دول ضباط مهلهلين ومهماش أكفاء وما ينفعوش‪،‬‬
‫قام ستالين قال له أنت تروح تحارب بهؤلء الضباط‪ ،‬أنا ما عنديش غيرهم‪ ،‬حاجيب لك‬
‫منين أنا ضباط؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬المهم النتيجة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬المهم طبعا النتيجة‪ ،‬فطبعا النتيجة أنهم دحروا اللمان يعني‪.‬‬
‫أحمد منصور‪ :‬هل هذا أدى إلى أن اتجاهك الماركسي يكون اتجاه عقائدي وأن يؤثر‬
‫على حياتك بعد كده ول كانت فترة فقط؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬أنا عمري ما كنت ماركسي بمعنى ماركسي‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أمال بمعنى إيه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ليه؟ حأقول لك ليه بصراحة‪ .‬الماركسية مبنية على المادية الجدلية‬
‫والتاريخية‪ ،‬المادية لم تشبع فيي الرؤية السليمة‪ ،‬لما أقول لك إن العالم أصله مادي‪،‬‬
‫يعني إيه أصله مادي؟ طيب مين اللي أوجد المادة دي يعني؟ إذا ً الماركسية والمادية‬
‫تفترض أول وجود المادة وبعدين تطور هذه المادة‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬إلى متى بقيت معجبا بالماركسية؟‬

‫مراد غالب‪ :‬شوف أنا يعني كنت أعجب بالماركسية وقعدت مدة‪ ،‬مش مدة يعني‬
‫بتاعة سنة‪ ،‬شهور‪ ،‬يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬كنت في الجامعة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل ده أنا كنت طبيب‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬كنت طبيب‪ ،‬كنت أنهيت دراستك؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه كنت في القصر العيني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنت طبعا تخرجت من كلية الطب في العام ‪1945‬‬

‫مراد غالب‪ :‬تمام‬

‫أحمد منصور‪ :‬أصبحت معيدا في الجامعة بسبب تفوقك‪ ،‬حصلت‪..‬‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪ :‬قعدت امتياز‪ ،‬أنا طالع التاسع بتاع الدفعة بتاعتي على فكرة‪،‬‬
‫كنت امتياز ونائب في القصر العيني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬نعم‪ ،‬حصلت على الماجستير والدكتوراه‪..‬‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪:‬بعد كده‪.‬‬

‫أحمد منصور)متابعا(‪ :‬في طب النف والذن والحنجرة‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬والجراحة العامة‬

‫أحمد منصور‪ :‬وأصبحت أستاذ في كلية الطب جامعة السكندرية‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬تمام‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬نعم‪ .‬حتى بس الن ما نخلط ما بين الطب والدبلوماسية بعد ذلك‪.‬‬
‫مراد غالب‪ :‬فأنا طبعا رجل أقدس العلم‪ ،‬بصراحة تامة يعني العلم عندي ده مقدس‬
‫والعلم عندي ده هو قبل كل شيء‪ ،‬العلم‪ ،‬وهذا ل يتنافى مع الدين ول يتنافى مع‬
‫اليمان بتاتا‪ ،‬لنك ممكن تبقى عالم وممكن تبقى في نفس الوقت رجل متدين‪.‬‬

‫النخراط في العمل السري‬

‫أحمد منصور‪ :‬طبعا‪ .‬انخرطت في العمل السري مع أصدقائك الثلثة أيضا‪ ،‬تحت‬
‫قيادة الفريق عزيز المصري‪ .‬مين عزيز المصري؟‬

‫"‬ ‫مراد غالب‪ :‬عزيز باشا المصري كان أسطورة‪ ،‬وأسطورة ليه؟ لن‬
‫عزيز باشا‬ ‫هذا الرجل كان ضابطا في الجيش التركي أو الجيش العثماني مش‬
‫التركي‪ ،‬أيام المبراطورية العثمانية وقد حارب في البلقان واشترك المصري كان رجل‬
‫أسطوريا لنه كان‬ ‫في جميع النقلبات التي كانت ضد السلطان‪ ،‬وهو ده طبعه يعني‬
‫ضابطا بالجيش‬ ‫حتى هنا كان ضد الملك وضد‪ ..‬ودي بقى لها قصة لطيفة جدا يعني‬
‫التركي أيام‬ ‫مش حأحكيها طبعا دلوقت إل إذا أنت حبيت يعني‪ ،‬وبعدين حارب‬
‫المبراطورية‬ ‫في اليمن وأصيب بالكوليرا في اليمن وحارب تقريبا في كل مكان‬
‫العثمانية وحارب‬ ‫في الشرق الوسط تبع المبراطورية العثمانية‪.‬‬
‫في البلقان‬
‫واشترك في جميع‬ ‫أحمد منصور‪ :‬رجل محترف‪.‬‬
‫النقلبات التي‬
‫كانت ضد‬ ‫مراد غالب‪ :‬رجل محترف‪..‬‬
‫السلطان‬
‫"‬ ‫أحمد منصور‪ :‬مقاومة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬عسكريا ومحترف حروب ومحترف مقاومة ويعني‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬وكان جواه تمرد دائم‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بالضبط كده‪ ،‬هو تقدر توصفه تماما أنه ‪ a rebellious‬أنا آسف يعني‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬متمرد‬

‫مراد غالب‪ :‬متمرد‪ ،‬فهو متمرد بطبعه‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬إيه اللي عرفك على عزيز المصري؟‬

‫مراد غالب‪ :‬اللي عرفني الحقيقة على عزيز المصري هم أخواني وزملئي اللي هم‬
‫كمال رفعت وصلح الدسوقي وحسن التهامي‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬هم عرفوه قبلك؟ هم كانوا عسكريين وأنت كنت مدني‪ ،‬إيه اللي‬
‫ربطك بالعمل السري وأنت مدني؟ هم عسكريون بطبيعة العسكريين في تلك‬
‫المرحلة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬ل إحنا زي ما قلت إحنا كنا مرتبطين مع بعض ارتباطا كبيرا جدا‪ ،‬ارتباط‬
‫روحي‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬كنت على دراية بأن في حركات سرية كثيرة موجودة في تلك‬
‫المرحلة في مصر؟‬

‫مراد غالب‪ :‬طبعا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬لم تنجذب إلى أي منها؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬الحركات السرية كانت هم اللي بيعملوا الحركات السرية يعني هم‬
‫وت‬
‫ّ‬ ‫بنم‬ ‫كانوا أحد أجنحة الحركات السرية في مصر وكانوا يعني مش عايز أقول إحنا كنا‬
‫يعني العساكر النجليز و‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬شاركت في عمليات ضد النجليز؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه طبعا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬عملت إيه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني رحت معهم وكنا بنمشي في الظلمة بقى في مصر الجديدة إذا لقينا‬
‫عساكر إنجليز أو عساكر بيعملوا مع النجليز كنا بنموتهم يعني‪.‬‬

‫وت برضه؟‬
‫أحمد منصور‪ :‬آه يعني م ّ‬

‫وتش‪..‬‬
‫مراد غالب‪ :‬ل أنا ما م ّ‬

‫)ضحك(‬

‫مراد غالب‪ :‬ل طبعا كان عندنا من يقوم بهذا العمل خير قيام‪ ،‬يعني كان أقوى واحد‬
‫فينا بصراحة كمال رفعت‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬كان بيعمل إيه كمال؟‬

‫مراد غالب‪ :‬كان قوي جدا‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬قوي البنية تقصد؟‬

‫مراد غالب‪ :‬وكان جريئا جدا‪ .‬صلح الدسوقي كان كمان مبني كويس قوي‪ ،‬حسن‬
‫التهامي كان جريء ومندفع‪ ،‬يعني هو اللي اشترك مع‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬يعني هم دول اللي كانوا بيدبحوا‪ ،‬أنت كنت تقف بس تشوف‬
‫لهم السكة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬أنا كنت أقف كده يعني برضه أشاركهم وأديلهم‪ ،‬أنولهم‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬السكينة مثل وكده‪.‬‬

‫مراد غالب )متابعا(‪ :‬اللت والبتاع والحاجات دي‪ ،‬ما فيش أكثر من كده يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني ما تخافش ما فيش محاكمة ول حاجة‪.‬‬


‫مراد غالب‪ :‬ل ما أنا خلص بقى‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬ما حدش حا يحاكمك‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬ما فيش‪ .‬ل يعني كان المر فعل بهذا الشكل‪ .‬ولكن لم يقتصر عملنا على‬
‫هذا ولكن أي واحد كان بيوقف ضد مصالح مصر كنا بنؤذيه تماما‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬عزيز المصري كان له معتقدات فكرية معينة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬عزيز المصري لم يكن له إل أن يكون عسكريا وكان المثل بتاعه العلى‬
‫البروسيين‪ ،‬يعني الفونات كلهم يعني‪ ،‬الفون باولس على فون مانشتاين على فون‬
‫بوك‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬لنه كان في تلك المرحلة يحتفظ بعلقات مع معظم الحركات‬


‫السرية والوطنية في نفس الوقت‪ ،‬مع الخوان المسلمين‪ ،‬مع مصر الفتاة‪ ،‬مع‬
‫الوفديين‪ ،‬مع الحركات السرية المختلفة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬ده صحيح‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬وحتى عملية تهريبه من مصر شارك فيها ضابط من الخوان وشارك‬
‫فيها ضباط وطنيين من جهات مختلفة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أنت عارف مين شارك فيها؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬عبد المنعم عبد الرؤوف‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬وحسن ذو الفقار صبري‪ .‬وللسف الشديد ‪-‬مش للسف الشديد‪ -‬يعني‬
‫حسين جاء وراح‪ ،‬فاتح الطرمبة بتاعة البنزين علشان لما يجوا الصبح يروحوا قايمين‬
‫على طول‪ ،‬فجاء عبد المنعم عبد الرؤوف برضه جاءت له نفس الفكرة فراح علشان‬
‫يفتح الطرمبة بتاعة الزيت فقفلها‪ ،‬لنها كانت مفتوحة‪ ،‬فسقطت عند قليوب تقريبا‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬الطائرة سقطت وقتها‪ .‬لكن أنت هنا لما انخرطت معهم تحت‬
‫قيادة عزيز المصري كان هدفكم إيه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬شوف‪ ،‬كان هدفنا التخلص من نظام الحكم ورجال نظام الحكم الذي كان‬
‫موجودا في هذا الوقت‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬هل التخلص من نظام الحكم أم التخلص من الحتلل البريطاني؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ما إحنا كنا بنعتقد أن الستعمار البريطاني كان مرتبطا بهؤلء الناس‪،‬‬
‫يعني مين اللي كان بيثبت الستعمار البريطاني؟ كان هو نظام الحكم يعني‪ .‬فطبعا كنا‬
‫يهمنا أن نضرب الناس دول‪ ،‬أو كان عزيز باشا المصري بيوجهنا لضرب هؤلء الناس‪.‬‬
‫فطبعا يعني يمكن سيادتك عارف حسن سري عامر والعتداء عليه واللي على فكرة‬
‫حاول يضربه كان التهامي‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬حسن التهامي‪.‬‬


‫مراد غالب‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن فلت على كل حال‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنت كنت على دراية بالعملية؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬بعدها على طول‪ ،‬عرفت طبعا‪ .‬لكن كان الحقيقة جمال عبد الناصر‬
‫بعدها تغير تماما وقال أن هذه ليست هي الوسيلة أن نحن‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬آجي هنا لجمال عبد الناصر‪ ،‬متى تعرفت على جمال عبد‬
‫الناصر؟‬

‫]فاصل إعلني[‬

‫عبد الناصر وإرهاصات الثورة‬

‫مراد غالب‪ :‬أنا تعرفت على جمال عبد الناصر‪ ،‬شوف‪ ،‬أنا شفته في مصر الجديدة‪،‬‬
‫في شارع إبراهيم تحت البواكي اللي هي موجودة لغاية دلوقت هي موجودة‪ ،‬أنا ما‬
‫قالوليش أنا كنت مع كمال رفعت وحسن التهامي وصلح دسوقي‪ ،‬قالوا لي اسمع‬
‫خليك هنا في الكربة كنا في مصر الجديدة‪ ،‬إحنا حنروح مقابلة مهمة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كانت سنة كام تفتكر دي؟‬

‫مراد غالب‪ :‬كانت قبل الثورة بحوالي سنتين‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬يعني نقول ‪1950‬‬

‫مراد غالب‪ ،1950 :‬أنا في الصيف لقيتهم يعني مجموعة من الضباط لكن‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كانوا لبسين ضباط ميري؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل كانوا لبسين بنطلونات وقمصان‪ ،‬ولفت نظري جمال عبد الناصر‪ ،‬يعني‬
‫ماكنتش أعرف أنه جمال عبد الناصر يعني الضابط كان أطول واحد فيهم اللي هو‬
‫جمال عبد الناصر لكن ماقالوليش بصراحة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬وأنت ما سألتهمش؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬الحاجات دي‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت كنت تعرفت على أي مجموعة أخرى سرية غير‬
‫المجموعة بتاعتك دي؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬فقط كانوا دي حلقتك الوحيدة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬فقط كانت دي حلقتي‪ .‬وكان معانا الدكتور طلعت السيد كان مدرس في‬
‫كلية الهندسة ورجل وطني تماما‪ ،‬وأحمد الرزنامجي كان في كلية الزراعة‪ ،‬يعني لكن‬
‫دول ما استمروش‪..‬‬
‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كان لكم لقاءات منتظمة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬طبعا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني مثل كل يوم سبت كل يوم أحد الساعة كذا؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه كان لنا لقاءات منتظمة‪.‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كنتوا بتدردشوا في إيه في اللقاءات دي؟‬

‫مراد غالب‪ :‬بندردش في إيه؟ إيه الخطوة اللي جاي‪ .‬يعني أنا مش عايز أقول‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬بس أنت عمال تطلع نفسك بريء ول دبحت ول قتلت ول‪..‬‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪ :‬ل‪ ،‬ل أنا ما أعرفش أدبح‪) .‬ضحك( على كل حال أنا مش عايز‬
‫أطلع نفسي بريء‪ ،‬لكن يعني البريء ما يقولش أبدا إنني كنت ياسلم مبسوط قوي‬
‫من الدبح يعني مش معقول يعني‪ .‬على أي الحالت أنا كنت عضو عامل يعني في‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬متى اكتشفت أو تعرفت شخصيا على جمال عبد الناصر وجها لوجه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬كان هذا الكلم بعد الثورة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪:‬إنما دي المرة التي شفت فيها‪..‬‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪ :‬أول مرة لما قامت الثورة أنا كنت في كلية الطب جامعة‬
‫السكندرية‪ ،‬وإحنا أول جامعة وأول برقية بتطلع لتأييد الثورة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كان يوم كام؟‬

‫مراد غالب‪ :‬كان يوم ‪ 24‬على طول‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنت ليلة ‪ 23‬كنت عارف أن في ثورة حتقوم؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬حتى زملءك وأصدقاءك وخليتك لم يخبروك بشيء؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬ل لم يخبروني‪ .‬ليه بقى؟ لنني كنت في السكندرية وهم كانوا في‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬قبلها كان في تحضيرات كان عندك علم بها؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه كان عندي علم بأنه ل بد من خيار الثورة‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬لكن دي ماكانتش ثورة دي كانت حركة إلى ذلك الوقت؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه طبعا‪.‬‬


‫أحمد منصور‪ :‬وكان الهدف من الحركة تصحيح الوضع وليس قلب النظام‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬شوف‪ ،‬نحن ما كانش في كلم عن قلب النظام ولكن كان في عدم رضا‬
‫تام ضد الملك وضد الحاشية بتاعته وخلفه‪ ،‬يعني لكن ما كانش في التخطيط التخلص‬
‫من الملك بالطريقة اللي حصلت بها يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬طبعا أنا لو رجعت للقائك في الكربة لما قابلت جمال عبد الناصر‬
‫للمرة الولى في سنة ‪ ،1950‬عرفت أن ده جمال عبد الناصر إمتى؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل عرفت أن ده جمال عبد الناصر بعد الثورة‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬طيب مين اللي قال لك إن ده الشخص اللي كان طويل يوم ما جينا؟‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪ :‬ل‪ ،‬أنا بقى طبعا يعني وأنا بعيد‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬لكن لم تلتق مرة أخرى مع أحد ثاني من المجموعة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل بصراحة ل كنت ألتقي معاهم وهم كانوا يلتقوا معاه‪ ،‬هم كانوا الخلية‬
‫بتاعة جمال عبد الناصر‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬هنا بقى النقطة المهمة أن جمال عبد الناصر كان بينشط وسط كل‬
‫الخليا السرية من كل التجاهات؟ أخوان‪ ،‬ومصر الفتاة‪ ،‬والشيوعيين‪ ،‬وكل شيء وكان‬
‫قريب من الكل ويحاول أن يبين للكل أنه معه حتى قامت الثورة فاكتشف الجميع أن‬
‫عبد الناصر مش مع حد معين من كل المجموعات‪ .‬صح؟‬

‫"‬ ‫مراد غالب‪ :‬هذا صحيح‪ .‬جمال عبد الناصر رجل كان يحمل في‬
‫جمال عبد الناصر‬ ‫ذهنه أفكار محددة ومعينة ما كانش بيفصح عنها‪ ،‬لكن اللي حصل‬
‫كان رجل يحمل‬ ‫من جمال عبد الناصر ده حصل عندنا كلنا‪ ،‬يعني إحنا اتصلنا بكل‬
‫الحزاب‪ ،‬اتصلنا بالوفد والخوان‪ ،‬طبعا الخوان ما نتصلش بهم أوي‪ ،‬في ذهنه أفكارا‬
‫محددة ومعينة لم‬ ‫لكن كان مصر الفتاة وكان يعني مجموعات‪..‬‬
‫يكن يفصح عنها‪،‬‬
‫وصحيح أنه اتصل‬ ‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كلكم تبحثون عن مخرج‪.‬‬
‫بكل الحزاب‬
‫والقوى الموجودة‬ ‫مراد غالب‪ :‬ما في شك‪ ،‬يعني وكان في عزيز فهمي مثل‪..‬‬
‫في الساحة‬
‫المصرية مثل‬ ‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬البحث عن مخرج في تلك المرحلة برضه‪،‬‬
‫الوفد والخوان‬ ‫حتى تكون الصورة واضحة‪ ،‬لم يكن يفكر أحد في أن المخرج هو‬
‫ومصر الفتاة‬ ‫إنهاء الملكية وقيام جمهورية مثل؟‬
‫"‬
‫مراد غالب‪ :‬بدون شك كان فيه‪ ،‬وإحنا نفسنا كنا عايزين‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬النقلبات كانت لسه يعني باستثناء انقلب حسني الزعيم في سورية‬
‫‪ ،1949‬لم يكن مسلسل النقلبات العسكرية التي كانت ثورة ‪ 1952‬أو انقلب ‪1952‬‬
‫كانت تقريبا ماكانتش ظاهرة في المنطقة‪ .‬كنتوا بتفكروا بالتغيير في أي شكل من‬
‫الشكال؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬يعني التفكير في التغيير هو يعني تبلور في الخر بعد تجربة جميع‬
‫الحزاب أن هذه الحزاب ل تستطيع أن تغير شيئا ول تستطيع أن تصلح إصلحا حقيقيا‪،‬‬
‫خصوصا أنه بصراحة الوفد تغير يعني تغير تماما‪ ،‬أصبح بعد ما كان حزب مناضل أصبح‬
‫حزب يهادن السرايا ويهادن سير مايلز لمبسون نفسه اللي هو السفير البريطاني‪.‬‬

‫إلى التحاد السوفياتي مع عزيز المصري‬

‫أحمد منصور‪ :‬نعم‪ ،‬عبد الناصر بعد قيام الحركة كان عزيز المصري رجل له مكانته‬
‫عند كل المصريين وسعى عبد الناصر لن يبعد عزيز المصري عن مصر لن عزيز‬
‫المصري رجل كما قلت أنت متمرد وكان يمكن أيضا أن يتمرد على عبد الناصر أو يقود‬
‫تمرد ضده فعبد الناصر أرسله سفيرا لمصر في موسكو‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬الحقيقة كلهم تقريبا من مريدي عزيز المصري‪ ،‬ومن تلمذة عزيز‬
‫المصري‪ ،‬كل الثورة يعني بما فيهم جمال عبد الناصر وبما فيهم حتى محمد نجيب‪،‬‬
‫كانوا بتوع يعني كانوا متصلين بعزيز المصري‪ ،‬عزيز المصري زي ماسيادتك قلت هو‬
‫راجل متمرد بطبعه‪.‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت اللي قلت مش أنا‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬زي بعضه أنا اللي قلت‪ .‬أنا موافق على كده ومقتنع أنه كان فعل متمرد‪،‬‬
‫لكن كان ل يحمل أيديولوجيا خاصة غير اليديولوجيا اللي أنا قلت لك عليها‪ ،‬العسكرية‬
‫الصارمة يعني‪ .‬فقال طيب نوديه فين؟ قال نوديه روسيا‪ .‬فجاء قال لي نحن حنروح‬
‫روسيا‪ ،‬قلت له ما فيش مانع نروح روسيا‪ .‬لنني برضه عايز أعرف إيه روسيا دي؟‬
‫وحتى لما جاء‪ ..‬هنا بقى في حاجة مهمة ونحن رايحين روسيا‪ ،‬من الذي أعطانا‬
‫التعليمات اللزمة؟ كان جمال عبد الناصر‪ .‬الكلم ده ‪ 1953‬يعني جمال عبد الناصر كان‬
‫يحكم‪ ،‬في الواقع هو الذي كان مسيطرا على حركة الضباط الحرار‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني الذي كلفكم أو الذي أعطاكم‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬التعليمات‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬يعني إيه كانت التعليمات؟‬

‫مراد غالب‪ :‬التعليمات هي التي‪ ،‬أول‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت فقط وعزيز المصري اللي جلستم مع عبد الناصر؟‬

‫مراد غالب‪ :‬وأظن كان حسن التهامي‪ .‬أول حاجة كانت البترول‪ ،‬لننا كنا خايفين‬
‫النجليز يقطعوا عن الثورة البترول اللي جاي من السويس‪ ،‬فكنا عايزين بترول‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬من روسيا‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬من روسيا‪ .‬تاني حاجة القطن‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬تصدير القطن المصري‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أيوه تصدير القطن المصري لن اللي حصل يعني أحيطت هذه التجارة‬
‫بمنع القطن المصري‪..‬‬
‫أحمد منصور‪ :‬ده الذهب البيض المصري‪ ،‬كان‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أن يباع‪ ،‬وبالتالي نحن عايزين أسواق لتصريف القطن المصري‪ ،‬فكنا‬
‫عايزين القطن المصري‪ .‬ثالث حاجة السلح لكن جمال عبد الناصر‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬قال لكم إيه في السلح؟‬

‫مراد غالب‪ :‬مين جمال عبد الناصر؟ أنا حأقول لك على حاجة عجيبة جدا‪ ،‬جمال عبد‬
‫الناصر قال لي‪ ،‬قال لنا يعني‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت وعزيز المصري‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أنا وعزيز المصري‪ .‬ولو إني أنا‪ ...‬ل ده قالها في المرة الثانية لن عزيز‬
‫باشا سافر قبلي لنه كان في إجراءات لزم أخلصها‪ .‬قال لي لكن أنا ما عنديش أمل‬
‫في السلح‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنه ممكن السوفيات يدوا لكم سلح؟‬

‫مراد غالب‪ :‬وفعل السوفيات قعدوا يمطوحوا فينا من ‪ 1953‬إلى ‪.1955‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬أنت نقلتك من مدرس في كلية الطب إلى وزارة الخارجية بدرجة‬
‫سكرتير ثاني قلت لي أن شغفك بالمعرفة لم يدفعك إلى أن تتردد في قبول هذا‪ ،‬قلت‬
‫لي الن أن أهداف عبد الناصر او أهداف ابتعاثك أنت وعزيز المصري إلى موسكو كانت‬
‫واضحة بشكل كبير لدى عبد الناصر وتلخصت في ثلثة أشياء في البداية‪ .‬أنتم كيف‬
‫كنتم تنظرون إلى التحاد السوفياتي آنذاك؟‬

‫مراد غالب‪ :‬نحن ما كناش‪ ،‬هو الحقيقة كانت في مناقشة طبعا‪ ،‬لما قابلنا جمال عبد‬
‫الناصر لما قابلته آخر مرة‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت أول مرة إمتى قابلت عبد الناصر؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني في أواخر ‪.1952‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬قابلته بأي صفة في الوقت ده؟‬

‫مراد غالب‪ :‬مع أخواننا يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬بس كده قعدة تعارف يعني؟‬

‫مراد غالب‪ :‬قعدة تعارف‪ ،‬عزمنا هو على الغداء ومش عارف إيه يعني‪ .‬لكن إحنا‬
‫بنقول ‪ 1953‬مش كده؟ الحقيقة أنه كان سبق ده حديث‪ ،‬مناقشة حول إيه التحاد‬
‫السوفياتي؟ فجمال عبد الناصر قال نحن ما عندناش فكرة عن التحاد السوفياتي‪ ،‬نحن‬
‫نريد أن نستكشف التحاد السوفياتي‪ ،‬وعليكم أن تستكشفوا‪ ،‬عليك _بيكلمني أنا _‬
‫عليك أن تستكشف التحاد السوفياتي‪ .‬يعني استكشاف التحاد السوفياتي وما الذي‬
‫يستطيع أن يقدمه لنا التحاد السوفياتي؟ يعني دي كانت خلصة الحاديث اللي كانت‬
‫موجودة‪ ،‬وإداني الثلث مهام اللي قلت لسيادتك عليها‪ .‬ورحنا للتحاد السوفياتي‪..‬‬
‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬إزاي رحت؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه دي بقى جميلة جدا‪ ،‬رحت ياسيدي‪ ..‬تزوجت قبل ما أروح‪ .‬أنا قلت‬
‫يعني‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬يعني إلى أن كلفت لم تكن متزوجا؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل لم أكن‪ .‬تزوجت‪ ،‬وطبعا زوجتي كانت لسه فتاة صغيرة‪ ،‬فنحن ركبنا‬
‫بقى الطيارات البهة الميركاني‪ ،‬الكونستيوليشن‪ ،‬وبعدين الـ)دي‪.‬سي‪.‬فور( لها أربع‬
‫محركات‪ ،‬فاخرة جدا من جوه‪ ،‬وحاجة يعني ‪ very impressive‬يعني حاجة لها تأثير قوي‬
‫جدا على الواحد‪ ،‬أربع محركات وهي اللي ضربت ألمانيا وفشفشتها لن دي كانت أصل‬
‫حاملة قنابل بتاعة أربعة محركات‪ ،‬وحولوها )دي‪.‬سي( حولوها إلى طائرة ركاب‪ ،‬وكانت‬
‫أجمل بنات في العالم كانوا هم المضيفات فكانت يعني حاجة فاخرة لغاية رحنا على‬
‫باريس ومن باريس ستوكهولم وبعدين إلى فنلندا‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬هيلسنكي‪.‬‬

‫مراد غالب )متابعا(‪ :‬كل ده بالطائرات الفاخرة دي‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬هو ده كان الطريق إلى موسكو من مصر في ذلك الوقت؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه طبعا‪ ،‬وبعدين كانت زوجتي معايا‪ ،‬ويعدين نادوا على طائرة موسكو‬
‫فزوجتي بصت كده لقت طائرة تعبانة جدا بمحركين ويعني شكلها مبهدل وحاجة يعني‪،‬‬
‫قالت ل أنا مارحش‪ .‬قلت لها ماتروحيش إزاي؟ بقا نجي لفنلندا هنا ونرجع ثاني إزاي؟‬
‫أنت صرفت كل حاجة في السويد وجبت حاجات كثير قوي علشان ما عنديش حتى‬
‫دلوقت فلوس أرجع فيها‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬يعني فعل رفضت أنها‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬وقالت ل أنا ما أركبش‪ .‬ياستي أنا في عرضك‪ ،‬ما يصحش وبتاع وحاجة‬
‫زي كده‪ ،‬والخر بعد إلحاح مني ركبت الطائرة ودخلنا الطائرة وإذا بها من جوه حاجة‬
‫بشعة‪ .‬أول صدمة‪ ،‬دكة هنا ودكة هنا وبتقعد على الدكة دي وبعدين بدل الـ ‪hostess‬‬
‫الجميلة قوي دي ‪ hostess‬ثاني بقى عضلت بقى وبتاع ومش عارف إيه‪ ،‬مش ‪، hostess‬‬
‫رجل‪ ،‬عضلت وبتاع ودخل علينا كده وراح رامي‪ ..‬يعني بعد ما طرنا بشوية‪ ،‬راح رامي‬
‫لكل واحد صينية كده عليها شوية سندويتشات‪ .‬أنا فاكر أول سندويتش يعني كافيار‬
‫مضغوط‪ ،‬وسجق بتاعهم ومش عارف إيه‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬إنطباعك كان إيه بقى؟ البلد اللي أنت رايح لها دي بانت من‬
‫الطيارة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬أنا بقى قلت زي بعضه لما نشوف‪ ،‬يعني خلينا بأعصاب باردة‪ ،‬الواحد‬
‫يستقبل حاجة زي دي‪ .‬طبعا زوجتي تقول شايف‪ ،‬شايف أنت جايبني فين؟ الكلم ده‬
‫هو يعني‪ .‬رحنا وصلنا أول حاجة لينينغراد‪ ،‬راحوا حابسينا في هول قد الحتاية دي كلها‬
‫كده‪ ،‬وراحوا قافلين علينا بالمفتاح وسابونا‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬في المطار؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه في المطار‪ ،‬سابونا وبعدين بقى جاء واحد أخذنا علشان نكمل الرحلة‬
‫إلى موسكو‪ ،‬ياسيدي وصلنا موسكو فكان عزيز باشا يظهر قال لهم ده من رجال‬
‫الثورة وحاجة زي كده فكانوا حاجزين لي جناح في فندق بتاع متروبول‪ ،‬وده كان فندق‬
‫تاريخي وكان فيه ذوات القيصر كانوا بينزلوا فيه وحاجة فاخرة‪ ،‬فاخرة بالنسبة للنظام‬
‫القديم يعني‪ ،‬كلها حاجات مدهب‪ ،‬الكرسي يعني يده خمسة ستة علشان يزحزوه من‬
‫المكان اللي هو فيه‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬بقايا المبراطورية‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بقايا المبراطورية‪ .‬قعدنا فيه وبعدين أنا نزلت علشان نروح السفارة‬
‫مالقيتش‪ ،‬حأقول لمين؟ ما أنا لزم أركب تكسي‪ ،‬فيادوبك قلت له بالعافية كذا‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬ماكنتش تعرف روسي وقتها؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ل أبدا‪ .‬لقيت واحد سكران نايم على الرصيف الساعة عشرة الصبح‪ .‬إيه‬
‫ده؟ وليه بيسكر ده؟ وبعد شوي لقيت جحافل ماشية في الشارع ساعة المغرب بعد ما‬
‫خلصوا شغل ولبسين كلهم بلطي قاتمة عبارة عن كحلي غامق وبني غامق وأسود‪،‬‬
‫الله! والشارع كله بهذا الشكل‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬أنت رحت طبعا في الشتاء‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬آه كان في سبتمبر وكان سبتمبر ساقع جدا مش زي دلوقت وبعدين الله‬
‫إيه ده طيب وليه يعني ما فيش ألوان عندهم؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬أصبت بكآبة؟ خاصة مع وقت المغرب‪.‬‬

‫مراد غالب )متابعا(‪ :‬تضايقت جدا وقلت ياواد استمر في الموضوع‪ .‬وبعدين بعد كم‬
‫يوم جابوا لي تذاكر في بولشوي تياتر‪ ،‬في جيزيل‪ ،‬جيزيل دي قصة بديعة جميلة‬
‫وموسيقا رائعة‪ ،‬فلقيت إيه؟ إعجاز‪ .‬إعجاز في اللوان في الملبس في الرقص في‬
‫الموسقى في الخراج حاجة من وراء العقل‪ ،‬إيه ده؟ قعدت أتساءل! بقى دول هم‬
‫اللي ماشيين في الشارع؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬هم هم؟‬

‫مراد غالب‪ :‬أيوه يا سيدي هم هم!‬

‫أحمد منصور‪ :‬معقول هم هم؟ ليس طبقة راقية‪..‬‬

‫مراد غالب )مقاطعا(‪ :‬ل‪ ،‬ل‪ ،‬ول حاجة‪ ،‬هم من الناس ومن الشعب يعني وبسطاء‬
‫يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬دي أول صدمة مثلتها عندك؟‬

‫مراد غالب‪ :‬دي الصدمة الحقيقة‪ ،‬يعني احترت بقى في تقييم‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬ودي كانت بداية محاولتك أن تفهم وأن تعرف السوفيات؟‬

‫مراد غالب‪ :‬ولكن برضه أصريت أن أتعلم اللغة الروسية‪..‬‬


‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬مين أول مسؤول روسي قابلته؟‬

‫مراد غالب‪ :‬أول مسؤول روسي‪ ،‬كان في قائم بأعمال سوري عمل حفلة عشاء‬
‫فعزمني في حفل العشاء‪ ،‬اسمه عدنان الزهري‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬بعد وصولك بقد إيه؟‬

‫مراد غالب‪ :‬بعد وصولي بحاجة بسيطة الحقيقة‪ ،‬لنني أنا كنت المتزوج الوحيد في‬
‫السفارة فجاب لي أنا ومراتي‪ ،‬فرحنا‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬كان في أحد غيرك أنت وعزيز المصري في السفارة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬آه طبعا كان في اثنين ثانيين‪ ،‬وبعدين أنا لما تعينت سكرتير ثالث قلت‬
‫لجمال عبد الناصر إيه سكرتير ثالث دي؟ أنا رجل أستاذ في الجامعة‪ ،‬أنا أستحق مرتبة‬
‫أعلى من كده‪ .‬قال لي بقول لك إيه؟ لو عينوك أوطى من كده روح‪ ،‬لو عينوك أمين‬
‫محفوظات روح‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬عسكري بقى لزم تقبل‪..‬‬

‫مراد غالب‪ :‬ل‪ ،‬روح مش علشان عسكري‪ ،‬هو عايز أحد يستكشف له التحاد‬
‫السوفياتي بصرف النظر يعني هذا الحد مرتبته إيه‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬فرصة خلص من عزيز المصري وبعثه هناك وأنت تقوم بالدور‬
‫اللي هو يريد أن يفهمه‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬بالضبط‪ .‬الحقيقة عزيز باشا المصري ما كانش موافق قوي‪ .‬أقول لك‬
‫على قصة جميلة جدا‪ .‬المفروض بالسفير أنه عندما يذهب إلى البلد اللي هو عين فيها‬
‫سفيرا أنه يروح يدي صورة من أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية‪ ،‬وزير الخارجية يومها‬
‫فيشنسكي‪ ،‬وفيشنسكي كان‪ ..‬أوه حاجة خطيرة‪..‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬طبعا أنت في مارس ‪ 1953‬كان مات ستالين‪ ،‬وأنت رحت في سبتمبر‬
‫‪ 1953‬فكانت لسا الفترة الستالينية شغالة؟‬

‫مراد غالب‪ :‬بالضبط كده هي بقى فترة كانت خطيرة فطبعا لما‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬عزيز المصري بيقدم أوراق اعتماده لوزير الخارجية‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬قدمها لغروميكو مش فيشنسكي في سبتمبر زي ما أنت عارف الجمعية‬


‫العمومية منعقدة ومش عارف إيه فقدمها لندريه غروميكو‪ ،‬فقعد أندريه غروميكو‬
‫يتكلم معاه يعني‪ ،‬فالحديث جرى كالتي‪ :‬ما هو الكاتب الروسي الذي في نظرك أعظم‬
‫كاتب؟ قال له ديستويفسكي‪ .‬هو ده أنا عرفته بعد ما جيت من عند غروميكو طبعا‪ ،‬كان‬
‫بيحلق بالموس الكبير دهوت ومشطب ذقنه والدم عمال ومتنرفز وبيقول أنا ماشي‬
‫ورايح مصر‪ .‬الله! طيب‪ ،‬قلت له‪ :‬قلت له إيه؟ أنا بقول لعزيز المصري‪ ،‬قلت له‬
‫ديستويفسكي؟ أنت ما تعرفش ديستويفكسي كتبه ممنوعة في التحاد السوفياتي؟‬
‫قال لي يبقوا أولد كلب‪ .‬مش عارف إيه‪ .‬طيب أولد كلب وبعدين؟ قال له أنت إيه اللي‬
‫عجبك في ديستويفسكي؟ قال له عجبني أنه بيصور الجنون الروسي أحسن تصوير‪.‬‬
‫وفعل ديستويفكسي داخل في أعماق الشخصية الروسية في كتاباته وقصصه كلها‪ ،‬وأنا‬
‫بعتبره أعظم قصصي النسانية جابته‪ ،‬ديستويفسكي‪ .‬فطبعا أنا قلت له أنت إزاي تقول‬
‫الجنون الروسي؟ هو بيصور ‪ contradiction‬المتناقضات في الشخصية الروسية التي‬
‫نابعة من الطبيعة الروسية‪ ،‬البرد الشديد جدا اللي بيوصل أربعين وخمسين في سيبيريا‬
‫إلى الحر الشديد في سيبيريا برضه اللي بيوصل ‪ 35‬وأربعين ساعات وبتاع‪ ،‬فهو بيصور‬
‫يعني المتناقضات في الشخصية لكن تقول له الجنون الروسي؟! أيوه أنا قلت له‬
‫الجنون الروسي‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬ل زالت الشخصية العسكرية غالبة عليه‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬وبعدين الكارثة بقى جاي‪ ،‬لما سمع غروميكو هذا الكلم‪ ،‬جنون إيه وبتاع إيه‬
‫ده واحد مش موجود خالص‪ ،‬فقال له على أية حال إذا عزتوا أي حاجة كلموا السفير‬
‫بتاعنا في مصر‪..‬‬

‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬يعني بيلغوا وجودكم خالص؟‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني يلغوا وجود عزيز المصري خالص‪ .‬فجاء قال لي أعمل إيه أنا؟ إذا‬
‫كان الواحد بيقول‪ ..‬جايبين حتة عيل وعاملينه نائب وزير! ولكن شوف‪ ،‬عزيز باشا كان‬
‫فيه متناقضات كثيرة لكن بدون شك أنه لماح وذكائه زي ما تقول‪..‬‬

‫سل إلى‬‫أحمد منصور)مقاطعا(‪ :‬ولكن أيضا واحد في نهاية السبعينيات من العمر وير َ‬
‫مهمة مثل هذه وبهذه الشخصية‪ ،‬عبد الناصر كان يفكر في التخلص منه أكثر من تكليفه‬
‫للقيام بهذه المهمة‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬هو كده‪ ،‬يعني كان العبء تقريبا كان علي يعني‪.‬‬

‫أحمد منصور‪ :‬وبدأت تقوم بدورك‪ ،‬وفي الحلقة القادمة أبدأ معك من بداية دورك‬
‫الساسي في الفترة الولى في التحاد السوفياتي‪ .‬أشكرك شكرا جزيل‪.‬‬

‫مراد غالب‪ :‬يعني نحن خلصنا النهار ده؟‬

‫أحمد منصور‪ :‬كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم‪ .‬في الحلقة‬
‫القادمة إن شاء الله نواصل الستماع إلى شهادة الدكتور مراد غالب وزير الخارجية‬
‫المصري السبق‪ .‬في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامح وهذا أحمد منصور يحييكم‪،‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫الجزير‬
‫المصدر‪:‬‬
‫ة‬

You might also like