Professional Documents
Culture Documents
الجندر المفهوم الحقيقة والغاية
الجندر المفهوم الحقيقة والغاية
سّنة الخلق ،والسياق الكوني؛ بل هي حالة تنسجم مع ثنائية تعّم صة بالنسان تْعِزله عن ُ هذا التكاُمل ليس حالًة خا ّ
ت في هذا الكون ،والتي يتحّقق بها التوازن والّتزان ،فسبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: وتشمل المخلوقا ِ
سّنة ال في هذا الكون،ج{ ]ق ،[7 :وَتمضي ُ ج َبِهي ٍ
ل َزْو ٍ
ي َوَأنَبْتَنا ِفيَها ِمن ُك ّ
سَض َمَدْدَناَها َوَأْلَقْيَنا ِفيَها َرَوا ِ
لْر َ
}َوا َ
ت في هذا الكون الفسيح ،الذي يحمل أعظَم المعاني على عظمة الخاِلق البارئ ل المخلوقا ِ لكّ وهي تكاد تعّم لتشم َ
المصّور سبحانه.
ل ِفيَها
جَع َ
ت َ
ل الّثَمَرا ِ
ن ُك ّ
ي َوَأْنَهاًرا َوِم ْ
سَ
ل ِفيَها َرَوا ِ
جَع َ ض َو َ لْر َ ل من قائل َ} :-وُهَو اّلِذي َمّد ا َ الذي يقول -ج ّ
ن{ ]الرعد.[3 : ت ِلَقْوٍم َيَتَفّكُرو َ
لَيا ٍ
ك َن ِفي َذِل َ ل الّنَهاَر ِإ ّ
شي الّلْي َ
ن ُيْغ ِ
ن اْثَنْي ِ
جْي ِ
َزْو َ
ف الفسيولوجية ،والبيولوجية والفيزيائية فهذه الثنائية الرائعة تمتّد ،وتعّم وتشمل الوجوَد المادي ،والوظائ َ
ل إلى أْرقى شكل من أشكال الوجود في هذا الكون ،والذي يترّبع عليه النسان بمنظوماته للمخلوقات؛ وصو ً
ت الملئكة عن ب العالمين -سبحانه وتعالى -بمعرفٍة عجز ِ الِقيمّية والجتماعية والثقافية ،والتي تلّقاها من ر ّ
ن*
صاِدِقي َ
ن ُكنُتْم َسَماء َهُؤلء ِإ ْ
عَلى اْلَملِئَكِة َفَقالَ َأنِبُئوِني ِبَأ ْ ضُهْم َ عَر َ سَماء ُكّلَها ُثّم َ لْ عّلَم آَدَم ا َ الوصول لها؛ }َو َ
حِكيُم{ ]البقرة.[31: ت اْلَعِليُم اْل َ
ك َأن َ
عّلْمَتَنا ِإّن َ
ل َما َعْلَم َلَنا ِإ ّ
ل ِك َ
حاَن َ
سْب َ
َقاُلوا ُ
هذه المعرفة والدراك اليماني السائر على َدْرب الِهداية ُمحاَرب بَغواية إبليس اللعين؛ عدّو النسان ،الذي أقسم
حقًدا على النسان لُيحيَده عن طريق الصواب ،ويأخذه إلى دروب الهلك ،وخزي الدنيا والخرة ُيعِمي حسًدا و ِ
ل ما يملك من
بصيرَته عن الحقيقة القرآنية ،ويوهمه بخيالت من الَكِذب الذي ُيزّينه له بأّنه حقيقة ،ويجملها بك ّ
خْدماِته لولي نعمته إبليس اللعين ،ويتحّول من خاضع ل ُيكاِبر ويقّدم ِ
ُزخرف فكري كاذب ،فيضل النسان ،ويظ ّ
ل بها كثيًرا من الناس؛ ليبوَء بذنبه وذنوبهم. للضللة إلى شخص مفتون بها ،وُيض ّ
ل قضية يتّم الحديث عنها، ما دفعني للحديث بهذه المقّدمة هو تهيئُة القلوب والذهان ِلَما سأعرضه من أفكار حو َ
ب -بقصد أو غير قصد ،وحتى ل أكتَم علًما صا الشبا َ
وُتتداول بَفْهم أو غير فهم ،وُتسّوق بين أبنائنا وبناتنا -خصو ً
ض الحقائق المتعّلقة بها.
ضح بع َجم بلجام من نار يوَم القيامة ،فإنني أتناول هذه القضيَة لو ّ
تعلمُته أو أعلمه ،فُأْل ِ
جنسي ،لهما حسب المصطلح النجليزي ، sexيتم وصفُ الرجل والمرأة هما ذكر وأنثى من ناحية التعريف ال ِ
علًما بأّنه كانت
ث بهماِ ،
ل منهما ،وهي صفات واضحة وثابتة ،ول يمكن العب ُ صفات البيولوجية والفسيولوجية لك ّال ّ
ج مسوخ بشرية من ت للتغيير في هذه الفسيولوجية بالنسبة للرجل والمرأة ،فكانت النتيجُة إنتا َهناك محاول ٌ
المتحّولين جنسّيا أو المتحولت.
طلقة بين الرجل والمرأة ب العالمين الذكر والنثى ،وقف دعاة المساواة الم ْ
خَلق ر ّ
وأمام هذا العجز في التغّير فيما َ
عاجزين أماَم هذه الحقيقة الواضحة ،غير القابلة للتغيير والعبث ،ظهر في السبعينيات ِمن هذا القرن مصطل ُ
ح
النوع الجتماعي ،أو الجندر ،ومفهوم الجندر Genderكلمة إنجليزية تنحدر من أصل لتيني ،وتعني في
ث الذكورة والنوثة( ،وإذا استعْرنا ما ذكرْته )آن أوكلي( التي
الطار اللغوي Genus؛ أي) :الجنس من حي ُ
ن كلمة Sex؛ أي :الجنس ،تشير إلى التقسيم علم الجتماع ،سنجد أّنها توضح أ ّ ت المصطلح إلى ِ أدخل ِ
البيولوجي بين الذكر والنثى ،بينما يشير النوع Genderإلى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة )اجتماعّيا إلى
الذكورة والنوثة( ،ولديها كتاب عن هذا عنوانه )الجنس والنوع والمجتمع ،عام 1972م(.
ن الفروق الفسيولوجية بين الرجل والمرأة ل يمكن إنكاُرها ،كما ل يمكن حنا :أ ّ
حا ،فإنه كما أوض ْ
بشكل أكثر وضو ً
العبث بها ،وبالتالي فهي تقف كعلمة استفهام كبيرة أماَم دعاة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة.
ضح الفروق بين الرجل والمرأة على صعيد وِمن هنا تّم التركيز على )الجندر( ،أو النوع الجتماعي؛ لّنه يو ّ
الدور الجتماعي ،والمنظور الثقافي والوظيفة ،تلك الفروق النابعة كِنتاج لعوامل ِدينّية وثقافّية ،وسياسية
صَنعها البشر عبَر تاريخهم الطويل ،حسب مفهوم )الجندر(. واجتماعية؛ أي :إنها فروق َ
ومن هنا؛ إذا عجز البشر عن إزالة الفروق البيولوجية ،فِمن الممكن إزالُة الفروق النوعية )الجندرية( بين الرجل
ل المجتمع ،يكفل إزالَة هذه الفروق.
ج تنمويٍة تعمل على تغيير ِقيمي وبنيوي داخ َوالمرأة ،وذلك ِمن خلل برام َ
وكما جاءت في )المادة الخامسة( من )السيداو( ،وهي المادة التي تطالب -وبشدة -بتغيير النماط الجتماعّية
ل من الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على التحّيزات والعادات الُعرفية.والثقافية لَدور ك ّ
ب المنشور في أحد المواقع النسوية العربية على الشبكة اللكترونية كما يلي: وقد ورد تعريف )الجندر( ،حس َ
ل من الذكر والنثى ،وهذه الدوار تكتسب "النوع الجتماعي )الجندر( :يتعلق بالدوار المحّددة اجتماعّيا لك ّ
ل الثقافة الواحدة ،وِمن ثقافة لخرى ،وهذا المصطلح بالتعليم وتتغّير مع مرور الزمن ،وتختلف اختلًفا واسًعا داخ َ
ضا :الصورة التي ينظر بهايشير إلى الدوار والمسؤوليات التي ُيحّددها المجتمع للمرأة والرجل ،وهو يعني أي ً
علقة بالختلفات الجسدّية )البيولوجية والجنسية(. المجتمُع للمرأة والرجل ،وهذا ليس له َ
ل مصطلح مْنح المرأة القّوة powerبمصطلح تمكين empower mednt؛ لتوصيف النشطة هذا؛ ويتّم تبدي ُ
المتعّلقة بإزالة الختلفات الجتماعّية والثقافّية والوظيفّية كاّفة بين الرجل والمرأة.
ن المومة تأخذ حيًزا كبيًرا عند الجندريين ،فعالمةونحو تحقيق إزالة الفروق الوظيفية بين الرجل والمرأة ،فإ ّ
خرافة ،ول يوجد هناك غريزة للمومة ،وإنما ثقافة المجتمع هي التي ن المومة ُ الجتماع )أوكلي( تقول" :إ ّ
ن المومة تعتبر وظيفًة اجتماعية. تصنع هذه الغريزة؛ ولهذا نجد أ ّ
وهنا يظهر مصطلح "الصحة النجابية" ،وهو -حسب المنظور الجندري -ليس كالمفهوم العالمي له ،والهادف
إلى معالجة الشكاليات الناِتجة من وظيفة المرأة كأّم على مستوى النجاب ،والتي قد تقف عائًقا أمام ممارستها
ل والّرضاعة ،وغيرها من الوظائف لَدْورها الجندري المساوي لدور الرجل ،وِمن هذه الشكاليات الحم ُ
عّدة مؤتمرات بهذا الخصوص ،حيث أبد ْ
ت جة على مستوى ِ ن هذا المفهوم أثار ض ّ الفسيولوجية للمرأة ،كما أ ّ
جد بأّنه يشرع الجهاض. ت عليه ،عندما ُو ِ
بعض الدول المشاِركة تحّفظا ٍ
وكما جاء في التقرير الذي أعدْته )لجنة المرأة( التابعة للمم المتحدة؛ لمناقشته في اجتماعها المنعِقد في
صبية في تفعيل مساواة النوع
صين باشتراك الّرجال وال ّ /12مارس 2004 /م ،الذي ناقش محورين خا ّ
ضا استخدام اتفاقيات السلم في تفعيل مساواة النوع. ، Gender Equalityوأي ً
ل على البنود الخاصة بالعتراف الرسمي بـ)الشذوذ وحماية حقوق ن الترجمة العربية للتقرير لم تشتم ْ
وقد لوحظ أ ّ
الشواذ(؛ بل والسعي لَقبولهم ِمن ِقبل المجتمع ،وتشجيع الشباب على ممارسة الّزنا والجهر به ،واعتبار
ذلك تعبيًرا عن )المشاعر( ،ودعًما لتعليم الممارسة الجنسّية بمختلف أشكالها الطبيعّية والشاّذة.
انظروا على سبيل المثال كتاب "السرة وتحديات المستقبل" من مطبوعات المم المتحدة )صفحة،(42 - 36 :
طا ،ومنها ُأسر الجنس الواحد؛ أيُ :أسر
ل ونم ً
ن السرة يمكن تصنيفها إلى 12شك ً
ث الجتماعي أ ّ
وفيه يجد الباح ُ
الشواذ.
ج طبيعي لنشطة الجندريين التي تهدف إلى إزالة الختلفات الثقافية ،والجتماعية، ن ذلك نتا ٌ
وبالتالي فإ ّ
ت شعارات المساواة ،وتمكين المرأة ،وتمكين الشباب...إلخ.
والوظيفية ،بين الرجل والمرأة ،تح َ
ظم الحياة هذه الحقيقة التي أقّرها ال في شريعته ،وأنزلها على أنبيائه الذين عّلموها للبشر ،شرائع ونواميس تن ّ
النسانية ،وُتحاِفظ على إنسانية النسان الذي كّرمه ال ،وأمر الملئكة بالسجود له ،وتتكّفل له بطريق الخير
ق َوَيْعُقو َ
ب حا َسَ ل َوِإ ْ
عي َ
سَما ِل ِإَلى ِإْبَراِهيَم َوِإ ْل ِإَلْيَنا َوَما ُأنِز َ
ل َوَما ُأنِز َ والسعادة في الدنيا والخرة؛ }ُقوُلوا آَمّنا ِبا ِّ
ن{ ]البقرة: سِلُمو َ
ن َلُه ُم ْ
حُحٍد ّمْنُهْم َوَن ْ
ن َأ َ
ق َبْي َ
ل ُنَفّر ُ
ن َرّبِهْم َ ن ِم ْ ي الّنِبّيو َ
سى َوَما ُأوِت َ عي َ
سى َو ِ
ي ُمو َ
ط َوَما ُأوِت َ
سَبا ِ
لَْوا َ
.[136
لسرة التي هي جَعل العلقة بينهما علقَة مودة ورحمة وسكنُ ،تبَنى فيه ا ُ ل ونساًء َ هذا الّدين الذي نؤِمن به رجا ً
ق ،وإن لم يكن
ن كل ما جاء به هذا الّدين هو ح ّ النواة الولى في بناء الفْرد والمجتمع ،والدولة والّمة ،ونؤِمن بأ ّ
ن ما وزمان ما؛ قال - شر في مكا ٍ
حكمة قد ل ندركها كَب َ ن ال -سبحانه وتعالى -له فيه ِ لنا فيه نفع ظاهر ،فإ ّ
ضَعها
ساِء{ ]النساء ،[34 :فهم قّوامون على النساء ،ولكن بضوابط و َ عَلى الّن َ
ن َ
ل َقّواُمو َ
جا ُ
سبحانه وتعالى } :-الّر َ
ب العالمين ،حاُلها كحال الرجل ،فكيف يظلم ال ظا على هذه المرأة ،التي هي مخلوقة من مخلوقات ر ّ الشرع؛ حفا ً
خَلقه؟!
مخلوًقا َ
ل امرأة معّذبة مضللة ،تسعى نحو وهٍم كاذب في الحرية التي فيها عبوديتها وهلكها ،حالها حال
ما أتمّناه لك ّ
ل نور المصباح. الفراشة الحائمة حو َ
ل مجال من ل منهما على الخر في ك ّ ل للرجل على المرأة ،بل تفضيل لك ّ هذا الّدين الذي أقّر الختلف ليس تفضي ً
ساء
سُبوا َوِللّن َ
ب ِمّما اْكَت َ
صي ٌ
ل َن ِ
جا ِ
ض ّللّر َ
عَلى َبْع ٍ
ضُكْم َ
ل ِبِه َبْع َ
ل ا ُّ
ضَ ل َتَتَمّنْوا َما َف ّ
مجالت الختلف؛ قال تعالى }َو َ
عِليًما{ ]النساء.[32 : يٍء َش ْ
ل َ ن ِبُك ّ
ل َكا َ
ن ا َّ
ضِلِه ِإ ّ
ن َف ْل ِم ْ
سَأُلوا ا َّ
ن َوا ْ
سْب َ
ب ِمّما اْكَت َ
صي ٌ
َن ِ
ل ونساء؛ فعن ابن عباس -رضي هذا الّدين الذي أقّر الختلفات بين الّرجال والنساء ،ونهانا عنها تربيًة لنا رجا ً
ال عنهما -قال :قال رسول ال -صّلى ال عليه وسّلم َ)) :-لَعن ال المتشبهين من الّرجال بالنساء ،والمتشبها ِ
ت
من النساء بالرجال((.
خُر كلم
ن هو الكريم ،وأمرنا بالّرفق بالقوارير ،فقد كان آ ِوهذا الّدين الذي أوصانا بالّنساء خيًرا ،فجعل َمن يكرمه ّ
نبينا الحبيب -صلوات ال عليه وسلم )) :-أوصيكم بالّنساء خيًرا((.
ض يحافظ على المرأة ،ويضعها في المكانة ض ل يحمل شبهَة الوقوف في وجه حقوق المرأة؛ بل هو رف ٌ وهو رف ٌ
ت درجَتها في الّدين والدنيا ثلثة ب العالمين ،بأقدس رسالة ،وهي المومة التي رفع ْ السامية التي اصطفاها لها ر ّ
أضعاف درجِة الرجل؛ ))قال :أمك ،ثم َمن؟ قال :أمك ،ثم َمن؟ قال :أمك ،ثم َمن؟ قال :أبوك(( ،هذا الصطفاء
ت جناح هذا الّدين ترعرعت الّنساء، ن شاعرة وفارسة وممّرضة ،فتح َ الذي لم يقف عائًقا في وجه المرأة لن تكو َ
سيبة بنت كعب ن للتاريخ أسمى أمثلة ،وفي شّتى المجالت ،في التمريض كانت الصحابية ُرفيدة ،وَن ِ وسجل َ
ل وأراها تقاتل دوني(( ،وفي لإ ّ شما ً
ت يوَم ُأحد يميًنا ول ِ
الفارسة ،عنها يقول -صّلى ال عليه وسّلم )) :-ما التف ّ
شفاء بنت عبدال ،وعلى ُهَدى القرآن الكريم وَدْرب المصطفى إلى يوِمنا هذا ،كم ب كانت الطبيبة المداوية ال ّالط ّ
ن السكن والسكينة، ت على أساس ِم َ ِمن َنسيبة بنت كعب ،وكم من الشفاء بنت عبدال ،ترعرعن في كنف ُأسرة قام ْ
صراع القائم على مفاهيَم تناحرية ِمن منطلق اعتقاد وكان بين ركنيها -الرجل والمرأة -المودة والرحمة ،وليس ال ّ
عبارٌة عن اضطهاد لها ،ويجب أن ُتصاِرع مضطهَدها؛ لتنتصَر عليه ،وإن لزم ن دورها في السرة ِ المرأة بأ ّ
لسرة ،والجندريون جاهزون!! المُر تبحث عن القّوة والتمكين من خارج ا ُ
وكّرمنا فلسطينّيين على هذه الرض المقّدسة ،ساحل من سواحل الشام ،أو بيت المقدس وأكنافه ،نعيش مرابطين
محتسِبين ،ونقضي شهداء -بإذن ال.