You are on page 1of 6

‫الستنساخ من الحيوان إلى النسان‬

‫ظلت العقول المتدبرة ـ وحتى وقت قريب ـ تعتريها الحيرة أتجاه عملية الخلق ‪ ،‬فتعددت‬
‫النظريات حول هذه العملية متضاربة تضاربا ً يصل في أحيان كثيرة إلى مناقضة بعضها للبعض‬
‫الخر ‪ ،‬أومناقضتها لحقائق علوم أخرى ‪ ،‬ولم يكن لي من هذه النظريات أن يخرج من ميدان‬
‫التضارب هذا إل بارتقائها ـ أونزولها ـ إلى مستوى الخرافة ‪ .‬إل أن هذا ليعطينا حقا ً في توجيه‬
‫شيء من اللوم لصحاب تلك النظريات إذا علمنا أن علم الجنة المهتم بعملية خلق الكائنات‬
‫الحية لم يتأكد وجوده إل في العقود الخيرة ‪ ،‬ولم يكن ليكتب له هذا الوجود لول تظافر علوم‬
‫عده ‪ ،‬كعلم التشريح وعلم وظائف العضاء وعلم النسجة وغيرها ‪ ،‬وجميع هذه العلوم لم نكن‬
‫لنحقق في أغلبها الكثير لول استخدامنا لجهزة دقيقة في عمليتي الفحص والتحليل كالمجهر‬
‫البسيط والمركب ‪ ،‬والمجهر اللكتروني ‪ ،‬والموجات بمختلف أطوالها ‪ ،‬والتحاليل المختلفة‬
‫الكيميائي منها والفيزيائي ‪ .‬حتى أننا لنكاد نجاوز الحقيقة كثيرا ً بقولنا أن النسان احتاج‬
‫لستخدام كل ماتوصل إليه حتى يومنا هذا من سبل المعرفة في سبيل فهم جزء يسير ‪ -‬لكنه‬
‫هام ‪ -‬من عملية خلقه ‪ .‬ولن العلم طريق متشعب الدروب ‪ ،‬تؤدي كل درب منها إلى دروب‬
‫شتى ‪ -‬لشك أنها توصل إلى حقيقة واحدة وقد تكون جامعة ‪ -‬لم يقنع العلم بمراقبة عملية‬
‫الخلق والكتفاء بمعرفة كيفياتها وتسجيل مايعتريها من هنات ‪ ،‬بل طمح إلى تعرف ماوراء هذه‬
‫الهنات ‪ ،‬وسعى إلى ادراك طرق تجنبها ‪ ،‬فكانت الدعوة للمتناع عن التدخين الذي ينقص وزن‬
‫الجنين ويحدث به التشوهات ‪ ،‬ومنع تناول الحوامل لعقار الثاليدومايد لنه يؤدي إلى ولدة أجنة‬
‫مشوهة ‪ ،‬وكان جل من عرف بقواعد هذا العلم من دعاة مناهضة انتشار أسلحة الدمار‬
‫خلقية شتى ‪ .‬وخلل‬ ‫الشامل لن نساء هيروشيما ونجازاكي مازلن يلدن أطفال ً بتشوهات ِ‬
‫مسيرته القصيرة في عمرها ‪ ،‬العظيمة فيما أنجزت ‪ ،‬كان هذا العلم يحقق للنسان مالم يكن‬
‫يتوقع منه ‪ ،‬فأتاح أنواع شتى من علجات العقم ‪ ،‬وطرق أكثر لمنع الحمل ‪ ،‬وأتاح الخصاب‬
‫داخل أنابيب المختبرات ‪ ،‬ثم خرج علينا أخيرا ً باستنساخه للنعجة دوللي ‪ ،‬ليضع أمامنا نظرية‬
‫استنساخ النسان ‪ .‬هذه النظرية التي تطرح آمال ً تشبه الحلم بأن يتيسر للنسان أن ينسخ‬
‫نفسه كما ينسخ المستندات ‪ ،‬وبذات الطريقة التي تنسخ بها الميبا نفسها ‪ ،‬فمايجري في‬
‫المعامل اليوم يمني من قضى العمر في جمع المال بنسخة جديدة يتمتع من خللها بماله ‪،‬‬
‫وتعطي ذات المال لمريض اليدز بالستمرار في نسخة أخرى منه حتى يتوفر العلج لمرضه ‪،‬‬
‫وبالستساخ تستطيع المم أن تستعيد أبطالها بأيجاد نسخ من أجسادهم‪ .‬فهل ستتحقق عودة‬
‫هتلر ليسترد ثأره من خلل حرب عالمية أخرى ؟‪ .‬وهل سيظهر إينشتين جديد ليضيف بعدا ً آخر‬
‫لم يظهر بعد ؟ وهل يمكن للنسان أن يحقق خلوده بأخذه نسخة من كل من قارب نهايته من‬
‫بني جنسه ‪ .‬آليات التكاثر‪ :‬تتعدد آليات حفظ النوع لدى الكائنات الحية وتختلف ‪ ،‬فنجد أنواع‬
‫عده تتكاثر بذات الطريقة ‪ ،‬ونجد النوع الواحد يتخذ أكثر من طريقة ‪ ،‬يعتمدها أسلوبا ً لتواصل‬
‫حياة بني جنسه ‪ ،‬أما النسان فقد حافظ ـ وحتى هذا الوقت ـ على التكاثر الجنسي وسيلة‬
‫وحيدة لحفظ نوعه ‪ ،‬وذلك بإخصاب البييضة بواسطة الحيي المنوي لتحفيز البييضة الساكنة‬
‫لتستأنف سلسلة انقسامات محددة منذ لحظات الخلق الولى ‪ .‬تبدأ البييضة المخصبة في‬
‫النقسام ‪ ،‬فتنقسم إلى جزئين لتكون خليتين لكل منهما نواتها الخاصة بها ‪ ،‬ثم تنقسم كل من‬
‫هاتين الخليتين انقساما ً آخر لتنتج كل منهما خليتين ‪ ،‬فيصبح المجموع أربع خليا ‪ ،‬وهذه الربع‬
‫تنقسم كل منها على حده لتظهر ثمان خليا جديدة وهذه الثمان تنقسم فتكون ست عشرة‬
‫خليه وهكذا‪ ...‬لنجد سيتوبلزم الخليه وقد تقسم إلى عدد كبير من الخليا الصغيرة التي تتراص‬
‫بجانب بعضها البعض فتظهر لنا تحت المجهر وكأنها كتلة من فقاعات الصابون ‪ .‬خلل هذه‬
‫النقسامات ليحدث أي نمو لهذه الخليا ‪ ،‬فكل مانلحظه هو النقسام تلو النقسام فقط ‪،‬‬
‫وكأن الخلية قد أعارت كل قواها لهذا النقسام ‪ ،‬فهي تضحي بنموها وزيادة حجمها في سبيل‬
‫إنتاج فرد جديد ‪ .‬البداية دائما ً متواضعه‪ :‬قام عالم الجنة اللماني سبيمان ‪HANS SPEMAN‬‬
‫بتجربة ربط فيها شعرة حول بييضة سمندل الماء قبل بدء النقسام فيها بحيث كادت تلك‬
‫الشعرة تقسم البييضة إلى جزئين لكنه كان شديد الحرص على أليحدث ذلك فأدى هذا الى أن‬
‫كان للبيضة نصفين ؛ نصف به النواة تسبح في السيتوبلزم بينما النصف الخر هو عبارة عن‬
‫سيتوبلزم لنواة فيه ‪ ،‬ثم ُتركت البييضة لتبدأ أنقسامها ‪ ،‬فكان النقسام في ذلك الجزء‬
‫المحتوي على النواة دون أن يحدث في الجزء المحتوي على السيتوبلزم وحده ‪ .‬إستمر‬
‫النقسام في الجزء المحتوي على النواة حتى تكون بهذه النقسامات المتكررة ‪ 16‬خلية ‪ ،‬عند‬
‫جل النواة )‪15‬جزء‬ ‫شدت الشعرة فضغطت البييضة لتنقسم الى نصفين ؛ نصف يحتوي ُ‬ ‫ذلك ُ‬
‫من أصل ستة عشر جزء( ونصف ليحتوي سوى جزء واحد من أصل ستة عشر جزء ‪.‬‬
‫واستمرت مراقبة البييضة فكانت النتيجة أن تكون في كل النصفين جنين كامل واحد تكون من‬
‫جل البييضة والخر تكون من جزء واحد من ‪ 16‬جزء من البييضة ‪ ،‬فدل هذا على أن كل جزء‬ ‫ُ‬
‫من الستة عشر جزء يحوي ذات المكونات وإل لما تكون جنين كامل من كليهما‪ .‬لكن‬
‫الملحظة الغرب كانت أن يحدث في بعض الحيان أن يعجز النصف المحتوي على النواة عن‬
‫ل‪ .‬فتكون الجنين‬ ‫أن يكون جنينا ً بينما النصف الذي ليكتسب نواة إل متأخرا ً يتكون منه جنينا ً كام ً‬
‫إذا ً يحكمه شيء آخر خلف وجود النواة ‪ ،‬وبتكرار التجربة استبان ذلك للباحث ولم يكن غير‬
‫مساحة صغيرة خالية من أي صبغة تشبه الهلل في شكلها‪ ،‬ولثبات أهمية هذا الفراغ الهللي‬
‫قام سبيمان بتجربة أخرى راعى فيها هذه المرة أن تقسم الشعرة البييضة إلى جزئين تكون‬
‫النواة في أحدهما ويكون الفراغ الهللي في الجزء الخر ‪ ،‬وكانت النتيجة مذهلة ؛ إذ تكون‬
‫جنينا ً في النصف المحتوي على الفراغ الهللي ‪ ،‬بينما لم يتكون جنينا ً في ذلك الجزء من‬
‫البييضة المحتوي على النواة ‪ .‬يظهر واضحا ً من هذه التجارب أن تكون الجنين لم يكن معتمدا ً‬
‫على وجود النواة أو عدمه ‪ ،‬بل أن مايحدده كان شيئا ً آخر في سيتوبلزم البييضة ‪ ،‬فتطور‬
‫الجنين بصورة طبيعية يعتمد على وجود مادة في السيتوبلزم ‪ ،‬وبالتحديد ‪ -‬وفقا ً للتجارب‬
‫السابقة ‪ -‬في الفراغ الهللي ‪ .‬فالبييضة إذا ً تنقسم بعد إخصابها إلى مجموعة خليا لتحتوي كل‬
‫خلية من هذه الخليا جزًء من نواة البييضة وجزء من سيتوبلزم البييضة أيضا ً ‪ ،‬وتكون أنوية‬
‫الخليا متشابهة لنها وكما تبين لنا مماسبق قدرة كل منها على أن يكون جنينا ً ‪ ،‬لكن هذه‬
‫الخليا تختلف فيما تحتويه من سيتوبلزم البييضة ‪ ،‬وهذا الختلف هو الذي يعطي صفة التمايز‬
‫للخليا المتكونة فمنها مايتمايز ليكون القلب ومنها مايكون الوعية ومنها مايكون الدماغ‬
‫وهكذا ‪ ...‬ويتحقق هذا التمايز بما تفرضه مادة السيتوبلزم على النواة بتأثيرها على محتواها‬
‫الوراثي فُتظهر منها ماتشاء وتخفي ماتشاء ‪ .‬إن النقسامات المبدئية في البييضة تحدث‬
‫بمعزل عن الجينات التي تحتويها نواتها أي أن محتويات نواة البييضه من المورثات لتلعب أي‬
‫دور في بدء النقسام بها بل أن هذا النقسام يتم بقيادة مباشرة من معلومات تتكون في‬
‫البييضة خلل نموها ‪ .‬وهذه المعلومات لتوجد في نواتها بل هي في القشرة ‪Cortical Layer‬‬
‫‪ .‬وتكون أوامر النقسام قابلة للتحويل والتعديل في بداية النقسام ‪ ،‬إل أنه بعد عدة أنقسامات‬
‫وحين تتفتت القشرة بين عدد كبير من الخليا تفقد هذه القشرة هذه الخاصية وتصبح مقيدة‬
‫ببرنامج محدد غير قابل للتعديل ‪ ،‬هذا البرنامج هو الذي يعطي ميزة التميز للخليا المختلفة‬
‫فهذه تنقسم في أتجاه تكوين الدماغ وتلك يأخذ أنقسامها أتجاه تكوين العظام وهذه خلية‬
‫تحمل برنامج تكوين العضلت ‪ ،‬وهكذا ‪ ...‬فنواة كل خلية من الخليا المتكونة تحتوي العديد من‬
‫المعلومات الوراثية التي يمكن أن تجعل الخلية تتطور في أتجاهات مختلفة ‪ ،‬لكن كل خلية‬
‫لتأخذ إل طريقا ً واحدا ً ‪ ،‬فهذه تتميز الى خلية عصبية مع أنها تحتوي المعلومات الوراثية التي‬
‫تمكنها من أن تكون خلية من خليا القلب أو خلية من خليا العضلت ‪ ،‬لكن هذه الخلية بإهمالها‬
‫معلوماتها الوراثية الخرى ) التي تجعل منها شيئا ً آخر غير الخلية العصبية ( هو ماجعلها تصبح‬
‫أحد خليا الجهاز العصبي ‪ .‬فكل خلية من الخليا الناتجة عن أنقسام البييضة تملك نواة‬
‫) تحتوي ذات خصائص البييضة المخصبة ( هذه النواة تسبح في سيتوبلزم يمثل جزء مشتق‬
‫من سيتوبلزم البييضة ‪ ،‬وسيتوبلزم كل خلية يختلف عن ذلك الخاص بشقيقتها الخرى بينما‬
‫نواة كل خلية تشبه النوية التي تحتويها شقيقاتها من الخليا ‪ ،‬فمحتويات النواة تضاعف نفسها‬
‫قبل أنقسام الخلية بواسطة النقسام الفتيلي ‪ ) Mitosis‬تنقسم النواة إلى قسمين ويضاعف‬
‫كل من هذين القسمين نفسه ليذهب كل قسم في جزء من الخلية عند انقسامها ( بينما‬
‫ينقسم السيتوبلزم فيصبح بكل خلية جديدة جزء منه ليكون محتوى كل خلية مختلف عن‬
‫محتوى غيرها ؛ فكأني أملك ورقة وأنت لتملك مثلها فطلبت مني أن نتساوى في أمتلك‬
‫الورقة ‪ ،‬وهنا لدينا طريقتين لنتساوى ؛ فيمكن أن أنسخ نسخة أخرى من هذه الورقة لعطيها‬
‫لك وبذلك يصبح لدى كل منا ذات الورقة ) وهذا مايحدث للنواة فهي تضاعف نفسها قبل‬
‫النقسام ( أما الطريقة الخرى فهي أن أقطع الورقة إلى نصفين فيبقى لدي النصف العلوى‬
‫وتأخذ أنت النصف السفلي فهما مختلفان لن أحدهما العلوي والخر السفلي ) وهذا مايحدث‬
‫لسيتوبلزم البييضة عند أنقسامها إلى خليتين ( ‪.‬وينتج عن هذا خروج خليا إلى الحياة متشابهة‬
‫في تركيب أنويتها مختلفة فيما تحتوي من السيتوبلزم ‪ .‬فالخلية اللبنية ووفق ماتحتوي من‬
‫السيتوبلزم أهملت ماتحتويه نواتها من جينات كانت ستجعل منها خلية عضلية وأهملت الجينات‬
‫التي كانت ستجعل منها خلية جنسية وأهملت تلك التي كانت ستجعلها أحد خليا الغدة الدرقية‬
‫أو أحد خليا اللسان ؛ باختصار أهملت كل الجينات التي تحتويها نواتها ولم تختر سوى تلك‬
‫الجينات التي تجعل منها خلية لبنية تستقر في الثدي وتفرز الحليب ‪ .‬فالخلية هنا إختارت أن‬
‫تكون خلية لبنية ‪ .‬لكن لماذا أرادت أن تكون كذلك ؟ لنها إستنتجت أن تركيبها يوافق هذا‬
‫الغرض وهذا الستنتاج جاء بناء على مايحتويه سيتوبلزم هذه الخلية ‪ .‬فهذه الخلية إذا ً أرادت‬
‫بناء على مااستنتجت من استنتاجات ‪ ،‬سندها ماإحتوته من معلومات من السيتوبلزم ‪ .‬فالخلية‬
‫لها إرادة ولها القدرة على الستنتاج بناء على تذكرها لما تحفظ ‪ ،‬فهي مالكة لمقومات العقل‬
‫بقدر يجعلنا نثبت لهذه الخلية صفة العقل ‪ ،‬وإن كان بقدر يختلف عن غيره من العقول إل أنه‬
‫مالك لجميع أدواته من الرادة الى الدراك و الستنتاج الى الذاكرة ‪ .‬فالخلية إذا ً تختار جزء من‬
‫مكونات نواتها من الذخيرة الوراثية وتتجاهل جلها ‪ .‬فما الذي يحدث لما تتجاهله من معلوماتها‬
‫الوراثية ؟ هل يتلشى ؟ أم ينتقل إلى خلية أخرى أم أن الخلية تظل محتفظة به في نواتها؟‬
‫منذ عام ‪ 1952‬أجريت العديد من التجارب التي استهدفت بيان هذا ‪ ،‬وقد إعتمدت هذه‬
‫التجارب على الطريقة التي استحدثها العالمان كيونغ وبريغس ‪R. Briggs & T.J.King‬‬
‫لستخلص نواة البييضة قبل تخصيبها بطريقة جراحية ) بعض التجارب إعتمد أسلوب منع‬
‫نشاط هذه النواة بواسطة الشعة فوق البنفسجية ( ‪ ،‬وماتم في هذه التجارب هو سحب نواة‬
‫بييضة ضفدعه قبل إخصابها ووضع مكانها نواة أحد خليا جنين ضفدعة في مراحل تطوره‬
‫الولى ‪ ،‬وكانت نتيجة مثل هذه التجربة تولد جنين ضفدعة جديد في ‪ %80‬من التجارب التي‬
‫أجريت ‪ .‬وفي تجارب لحقة لم يتم أخذ النواة من خلية جنين ‪ ،‬بل استعيظ عنها بنواة أحد خليا‬
‫المعاء التي أكملت نموها وتميزها وصارت خلية معوية متميزة ‪ Differentiated Cells‬وكانت‬
‫النتيجة تكون جنين كامل رغم أن النواة الموضوعة في البييضة هي نواة خلية معوية ماعادت‬
‫تؤدي غير وظيفة تخصصية ولتأبه من تكوينها الوراثي سوى بذلك الذي يخدم وظيفتها كأحد‬
‫خليا المعاء ‪ .‬لكن تكون الجنين بطريقة سليمة بواسطة زرع هذه الخلية دل على أن هذه‬
‫الخلية قد تراجعت إلى الوراء لتحقق الستفادة من كل مخزونها الوراثي لتخلق به جنينا ً كامل ً ‪،‬‬
‫وماكان ليتأتى لها هذا لو أن هذا المخزون من المادة الوراثية قد ُفقد أواعتراه شيء من‬
‫الفساد ‪ ،‬فمثل هذه التجربة يدل على أن المادة الوراثية لهذه الخلية لم ُتفقد‪ ،‬بل تم تعطيلها‬
‫إلى حين للكتفاء بذلك الجزء الذي يوجهها كخلية معوية ‪ ،‬لكن وعندما طالت هذه الخلية أوامر‬
‫جديدة بوضعها في البييضة ) أوامر قادمة من سيتوبلزم البييضة ( أعادت الخلية التفتيش في‬
‫ذاكرتها لتستعيد كل مخزونها الوراثي لتستخدمه في تكوين جنين كامل ‪ ،‬فالمخزون الوراثي‬
‫لهذه الخلية لم يفقد ولم يدمر عندما كانت مكتفية بكونها خلية معوية بل إنه كان في حالة‬
‫سكون ‪ ،‬ولم يكن النشاط ليطال غير ذلك الجزء الموكل بأداء وظائف الخلية المعوية ‪ .‬فنشاط‬
‫أي خلية يعتمد على أي من جيناتها يكون في حال نشاطه ‪ ،‬وهذه العملية هي عملية ديناميكية‬
‫إذ تتغير الجينات النشطة لتنتقل صفة النشاط من جين إلى آخر داخل الخلية النامية وفقا ً‬
‫لتدرج نمو الخلية ‪ ،‬ففي أي لحظة يوجد بكل خلية قدر معين من جيناتها في حالة نشاط بينما‬
‫يسكن باقي ماتحتوي من جينات ‪ ،‬ويتغير هذا النشاط وفقا ً لنمو الخلية الذي يحدث نتيجه فعل‬
‫الجين النشط فيها ‪ .‬لكن السؤال القائم هو‪ :‬مالذي يحكم هذه الجينات ‪ ،‬ومالذي يجعل هذا‬
‫الجين ينشط في هذه اللحظة من تطور الخلية بينما يغط باقي الجينات في سبات ؟ إن هذه‬
‫السيطرة تأتي من سيتوبلزم الخلية ‪ ،‬وقد أثبتنا فيما سبق أختلف الخليا الناتجة عن انقسام‬
‫البييضة في محتواها من السيتوبلزم ‪ ،‬فالسيتوبلزم هو الذي يقرر نشاط جين ما وخمود باقي‬
‫الجينات ووفقا ً لهذا التمييز يحدث التمايز في الجنين ) تميز خلياه إلى العضاء المختلفة‬
‫الشكل والوظيفة ( ‪ ،‬فالسيتوبلزم في ناتج النقسام المبكر ) الخليا الناتجة من النقسامين‬
‫الول والثاني للبييضة ( يوجه انقسام الخليا بتحفيزه بعض الجينات التي كانت في حالة خمود ‪،‬‬
‫وتكون البداية بانتاج كمية بسيطة من الحمض النووي الناقل داخل النواة ليعبرمن خلل الغشاء‬
‫النووي ) المحيط بالنواة ( ليصل الى السيتوبلزم حيث يعمل على بناء بروتينات جديدة ‪ ،‬يكون‬
‫بناءها خطوة في نمو الخلية وكذلك ُيحدث تغيرات في سيتوبلزم الخلية تحفز مزيدا ً من‬
‫الجينات لتنهض من سباتها وتساهم في تطور الخلية وتمايزها في الطريق المرسوم لها ‪ .‬إذا‬
‫أخذنا بييضة لرنب ماتزال في بداية أنقسامها وأخذت منها خلية واحدة ‪ ،‬أمكن إنتاج أرنب‬
‫كامل من هذه الخلية ‪ ،‬أما إذا تركت هذه الخلية ضمن مجموع الخليا الخرى فإن الخلية التي‬
‫اخترناها لن تكون إل جزء واحد من كامل الكائن الحي الوحيد الذي سيتكون من هذه الخلية ‪.‬‬
‫ظمات تكوين الكائن الحي كامل ً في حال‬ ‫من ِ‬
‫فالخلية الواحدة الناتجة عن انقسام البييضه تملك ُ‬
‫إجبارها على النمو وحيدة بينما يقودها ماتملك من هذه المنظمات لتكوين أحد أجزاء الكائن‬
‫الحي في حال وجود خليا أخرى معها ‪ ،‬فاختيار الجينات التي يتم تحفيزها ليعتمد على تحكم‬
‫الخلية وحدها ‪ ،‬بل أن هناك تنظيما ً شامل ً يحكم عملية تطور الخليا ككل‪ ،‬ويجعل الخليا‬
‫المتجاورة تتفاعل بطريقة تقودها لتكوين كائن كامل ‪ ،‬وذلك بالتحكم في جهازها الوراثي الذي‬
‫يتحكم بالتالي بتمايز الخليا إلى أعضاء مختلفة ‪ .‬فالجينات تحدد التتابع الذي تتخذه الحماض‬
‫المينية لتكون البروتين ‪ ،‬وأختلف التراتيب التي تتواجد بها هذه الحماض هو مايحدد الصفات‬
‫الوراثية للكائن الحي ‪ .‬إل أن مسألة نمو الكائن الحي ليست بناء البروتينات في الخلية‬
‫المناسبة ‪ ،‬في الوقت المناسب وحسب ‪ ،‬إنما هو هورموني وتناسق بديع يسير وفق خطة‬
‫ليمكن لها إل أن تكون موضوعة سلفا ً ‪ ،‬فأعصاب باطن قدمك التي تمتد لكثر من متر ليمكن‬
‫أن تكون قد قادتها الصدفة أوسيرتها طبيعتها الخلوية بل هو برنامج محدد ‪ ،‬يسير وفقه هذا‬
‫العصب مارا ً بين عضلت مختلفة ليصل أقصى نقطة في الجسد ‪ .‬فالجسد ينمو ويتطور بنمو‬
‫خلياه وهذه الخليا تنمو بالتغير المستمر الذي يسير وفق برنامج محدد ‪ ،‬أداة تنفيذه ال ‪DNA‬‬
‫والبرامج الوراثية التي تخضع بدورها لنظام محكم يفوقها ويسيرها والذي لم نستطع إدراك‬
‫كنهه بعد ‪ ،‬فهذه البرامج الوراثية وبكل ماتقوم به من دور في تشكيل الكائن الحي ليست‬
‫سوى ترانزستور يشكل الكائن الحي ليظهره بصورة موافقة لتلك المستقرة في عالم الرواح‬
‫أوتلك المرسومة في حقله المورفوجيني وفقا ً لنظرية العوامل المورفوجينية التي قال به‬
‫العالم الروسي الكسندر غارويتشي سنة ‪ . 1922‬إن ماجرى على بييضة الرنب تأكد عدم‬
‫سريانه على كل الكائنات الحية ‪ ،‬إذ أن فصل أحد الخليتين الناتج عن النقسام الول لبييضة‬
‫الدودة الحلقية وحضانتها في الظروف المناسبة لها لم يحقق نمو دودة حلقية كاملة ‪ ،‬ولم ينتج‬
‫ف لبدء الحياة ‪ ،‬والسبب في هذا‬ ‫عن حضانتها سوى تكون جزء بسيط من الجنين لم يكن بكا ٍ‬
‫راجع الى احتواء هذه الخلية على معلومات توجيه ثابتة إكتسبتها من الخلية الم المنقسمة عنها‬
‫‪ ،‬ولتملك هذه الخلية إل السير وفق هذه الوامر مهما كانت الظروف التي تمر بها ‪ ،‬حتى وإن‬
‫كانت هذه الظروف وضعها بعيدا ً عن غيرها من الخليا ‪ ،‬المر الذي لينتج عنه إل تكوين جزئي‬
‫للجنين ‪ ،‬فالنقسام في هذا النوع من الكائنات محدد ‪ .‬أما النسان فتجدنا نقول بحرية إنقسام‬
‫خلياه ‪ Indeterminate‬فكل خلية من خليا الجنين الناتجة عن انقسام البييضة تحتوي بداخلها‬
‫معلومات وراثية ‪ ،‬تجعل هذه الخلية تنمو لتكون أحد أعضاء الجنين ؛ فهذه خلية تحمل برنامجا ً‬
‫يجعلها تكون خليا الدماغ وهذه أخرى تحمل أسس تكوين الجهاز الهضمي وهكذا ‪ ...‬فكل خلية‬
‫تتطور لتكون العضو المسخرة لبناءه ليكون مجموع الخليا وتحت سيطرة البرنامج المحدد‬
‫الذي تحدثنا عنه منذ قليل الجنين الكامل ‪.‬لكن ماذا سيحدث لو إنفصلت أحد هذه الخليا عن‬
‫شقيقتها ؟ هل ستكون نصف جنين؟ ذلك مالنراه ‪ .‬بل إن الواقع يرينا عكسه فالتوائم‬
‫المتطابقة التي تقابلنا كثيرا ً ليست غير تطبيق طبيعي لتقنية فصل الخليا فورأنقسام البييضة ‪،‬‬
‫ففي أحوال الحمل العامة تنقسم البييضة إلى خليتين ‪ ،‬ثم يستمر انقسام هذه الخليا لتتمايز‬
‫فيما بعد إلى أعضاء مختلفة لتكون جنينا ً واحدا ً ‪ .‬أما في حالت التوائم المتطابقة فمايحدث بعد‬
‫انقسام البييضة هو انفصال الخليتان الناتجتان لتنمو كل منهما على حده وتبدأ تنفيذ البرنامج‬
‫الوراثي لنشاء قاعدة جنين كامل بواسطة النقسامات المتكررة ‪ ،‬وتكون النتيجة جنينين‬
‫متشابهين ‪ .‬الستنساخ في حياتنا ‪ :‬تشاركنا حياتنا الكثير من الكائنات الحية التي لتظهر لنا إل‬
‫بتعمدنا البحث عنها ‪ ،‬ومن هذه المخلوقات كائن مجهري وحيد الخلية يدعى الميبا ‪ ،‬يعيش في‬
‫مياة المستنقعات فيلتقط مايجد فيها من مواد عضوية يحصل منها على الطاقة اللزمة ويدعم‬
‫بها بناء جسده ‪ ،‬فيزداد حجم الميبا حتي تطال حجما ً معينا ً لتستطيع بعده الستزادة ‪ ،‬فتنقسم‬
‫الميبا إلى خليتين يحتوي كل منهما ذات العدد من الكروموسومات ) المورثات ( ‪ ،‬فالنقسام‬
‫هنا لم يستلزم وجود جنس مقابل من الكائن الحي ‪ ،‬أي أنه تم بدون الحاجة إلى وجود ذكر‬
‫وأنثى من الميبا‪ ،‬فمجرد أنقسام الخلية أنتج خليتين جديدتين تتمتعان بكامل صفات الكائن‬
‫الحي‪ ،‬بما فيها التكاثر بذات الطريقة ‪ .‬أما في النباتات والحيوانات فإن حياتها تكاد تكون‬
‫مستحيلة بدون استنساخ خلياها بواسطة النقسام ‪ ،‬إذ أن هذه هي الطريقة الوحيدة لستمرار‬
‫نموها ‪ ،‬بل هو لزم لستمرار حياتها ‪ .‬فالنسان ينشأ بانقسام خلية واحدة العديد من‬
‫النقسامات لتشكل مليارات الخليا ‪ ،‬ويستمر استنساخ الخليا في النسان طوال حياته‬
‫لتعويض مايبلى من خلياه ‪ ،‬إذ يفقد النسان كل يوم ‪ %‬من مجموع خليا جسده ‪ ،‬ولو لم يتأتى‬
‫له تعويض هذه الخليا لتلشى خلل أيام ‪ .‬فهذه كريات الدم الحمراء لتعيش الواحدة منها‬
‫لكثر من ‪120‬يوما ً ‪ ،‬ومايبلى من هذه الخليا يعوضه الجسد باستنساخه لخليا جديدة تحمل‬
‫ذات الصفات ‪ ،‬ومئات خليا الجلد التي تتلشى كل يوم يتم استنساخ خليا أخرى مكانها ‪،‬‬
‫وكذلك الخليا المبطنة لتجاويف الجسد ‪ ،‬فتعويض هذه الخليا المفقودة بذات الطريقة‬
‫)الستنساخ( تضمن للنسان أن يعيش رغم فقده للف الخليا كل يوم ‪ .‬التكاثر بل تزاوج‪:‬‬
‫الستنساخ وإن كان يعتمد نوعا ً خاصا ً من المزاوجة ‪ ،‬إل أنه ليحتاج في سبيل تحققه لتمام‬
‫مراسم الزواج السائده عند النسان والحيوان وحتى بعض الكائنات المجهرية ‪ .‬فالنسان قد‬
‫حافظ ـ وحتى هذا الوقت ـ على التزاوج كوسيلة لبد منها لنتاج كائنات جديدة‪ ،‬وكانت الطبيعة‬
‫سندا ً له في ذلك فلم تشذ عن هذه السنة إل في حالت نادرة كان يقصد من وراءها العجاز‬
‫اللهي ‪ .‬إل أن هذا لم يكن حائل ً لستنساخ كائنات حية عن غير هذا الطريق ‪ ،‬ولم يكن في هذا‬
‫أيما تحدٍ ‪ ،‬لن الطبيعة ذاتها كانت تسمح بالتكاثر بوسائل شتى لنواع مختلفة من الكائنات ‪،‬‬
‫فالتكاثر العذري واللجنسي والنقسام البسيط كلها اشكال مثبتة تضمن التكاثر دون اللجؤ إلى‬
‫الثنائية التقليدية وضرورة الخصاب ‪ .‬بل أن أجسامنا ذاتها تعتمد هذا السلوب بشكل دائم‬
‫ومستمر ‪ ،‬فخليا الجلد تهتري منها المئات كل يوم فتتجدد باستنساخ نفسها ‪ ،‬والكبد إذا فني‬
‫بعض من خلياه أعاد ترميمها دون الحاجة إلى أي اخصاب ‪ ،‬وكذلك خليا العضلت وخليا‬
‫العظام ‪ ،‬وأي خلية من خليا جسدك لك أن تتصور لها القدرة على نسخ نفسها ‪ ،‬حتى يطال‬
‫تفكيرك خليا الدماغ ‪ ،‬عندها سنضطر لدعوتك للتأمل معنا ‪ ...‬إذ أن خليا الدماغ وحدها غير‬
‫قابلة للتجديد فمايموت منها ليعوضه شيء ‪ ،‬بل إن أنقسامها يتوقف منذ الشهر الولى لنمو‬
‫الجنين ‪ ،‬ولنا في هذا الموضوع وقفة أخرى نرجو أن تتحقق ‪ .‬هل يحقق الستنساخ الخلود‪ :‬في‬
‫إحدى التجارب ُأخذت خلية من نسيجها ‪ ،‬ووضعت في إناء به سائل مغذي مناسب لطبيعة‬
‫الخلية ومشابه للوسط الذي كانت تعيش فيه ‪ ،‬فحدثت بهذه الخلية انقسامات عده ‪ُ .‬أخذت‬
‫واحدة من الخليا الناتجة عن هذه النقسامات ‪ ،‬وفصلت وحدها في إناء آخر به ذات السائل‬
‫المغذي لتواصل انقسامها ‪ ،‬فانقسمت هذه الخلية بدورها عدة انقسامات ثم توقفت‪،‬أخذت‬
‫خلية من ناتج النقسام هذا وفصلت بذات الطريقة السابقة ‪ ،‬فمرت هذه الخلية هي الخرى‬
‫بعدد من النقسامات ثم توقفت ‪ .‬لوحظ من هذه التجربة أن عدد النقسامات التي تمر بها كل‬
‫واحدة من الخليا السابقة يتناسب مع عدد النقسامات التي شهدتها الخلية الم والتي كان من‬
‫نتاج انقسامها الخلية الحاليه موضع التجربة ‪ ،‬وكأن عمر كل خلية من هذه الخليا محدد بعدد‬
‫من النقسامات تمر بها ثم تنتهي ‪ ،‬ولوحظ كذلك وجود علقة بين عددالنقسامات التي‬
‫تشهدها الخلية وعمر الكائن المأخوذة منه هذه الخلية ‪ ،‬فالخلية المأخوذة من جنين انقسمت‬
‫‪ 50‬مرة قبل توقفها عن النقسام ‪ ،‬والخلية المتأتية من شخص بالغ انقسمت ‪ 30‬مرة وتلك‬
‫القادمة من الكهل لم يتجاوز عدد انقساماتها ‪ 20‬انقساما ً ‪ ،‬ويتوقف عدد النقسامات على‬
‫متوسط عمر الكائن كذلك إذ مرت خلية ُأخذت من السلحفاة بعدد ‪ 114‬انقساما ً قبل توقفها‪،‬‬
‫ونعلم جميعا ً أن السلحف من الكائنات المعمرة التي يتجاوز عمرها المائة عام ‪ .‬وكانت أفضل‬
‫الخليا التي ُأعتمد عليها في عمليات الستنساخ تلك المأخوذة من الجنة ‪ ،‬أما تلك التي ترجع‬
‫الى أجساد بالغة فكانت تعترضها معوقات كثيرة تمنع تطورها الى أجنة كاملة‪ ،‬وذلك راجع إلى‬
‫جل مقدرتها على النقسام خلل حياتها ضمن جسد‬ ‫أن جميع خليا الشخص البالغ قد استهلكت ُ‬
‫صاحبها ‪ ،‬فلم يعد مقدرا ً أمامها سوى عدد محدود من النقسامات ‪ ،‬ليكفي لبناء كائن جديد ‪،‬‬
‫كما أن التعرض لمدة طويلة ) عمر النسان المأخوذة منه الخلية ( للعديد من العوامل‬
‫الفيزيائي منها والكيميائي ‪ ،‬ليمكن إل أن يكون قد خلف حيودا ً في البرنامج الوراثي للخلية مما‬
‫يعيق قدرتها على النقسام ‪ .‬فالستنساخ إذا ً يستلزم خليا قادرة على النقسام ‪ ،‬ولها رصيد‬
‫جيد من القدرة عليه ‪ ،‬وفي هذا كامل الرد على من يظن بالستنساخ قدرة على تخليد النسان‬
‫‪ ،‬لن الستنساخ ليس إعادة النسان في ثوب جديد ليعيش حياة جديدة ‪ .‬بل إن مايتولد من‬
‫بالستنساخ هو كائن أخر ليمت للكائن الول سوى بصفة البوة والمومة معا ً ‪ ،‬ومشابهته له‬
‫من الناحية المورفولوجية‪ ،‬أما غير ذلك فهو كينونة أخرى لها روحها المستقلة ‪ ،‬وربما لها‬
‫حقولها المورفوجينية الخاصة بها ‪ .‬والقول باستنساخ الموتى ‪ ،‬لشك أنه تنطع بالقول ‪ ،‬فعودة‬
‫الموتى بعث ‪ ،‬والبعث بيد الله لم يسلم مفاتيحه لحد ‪ ،‬فبالموت تموت الخليا ‪ ،‬والستنساخ‬
‫ليمكن له أن يتعامل إل مع ماهو حي ‪ ،‬حتى وإن كان هذا الحي دقيقا ً لنراه ‪ .‬وحتى إن تسنى‬
‫لنا أن نستنسخ خلية من جسد في المراحل الولى لوفاته ‪ ،‬فليس من المنطق في شيء أن‬
‫نعتبر هذا المستنسخ هو ذات الميت ‪ ،‬بل هو كينونة جديدة لها روحها الخاصة بها وحقولها‬
‫المورفوجينية كذلك ‪ .‬آفاق جديده ‪ :‬ماتزال هناك الكثير من العقبات التي تقف حجر عثرة في‬
‫طريق حرب النسان مع المرض ‪ ،‬ولن النسان لما يضع أسلحته بعد ‪ ،‬فإن الستنساخ يفتح له‬
‫أبوابا ً جديدة في هذا المجال ‪ ،‬وبتآزر علم الوراثة الذي ُقطع فيه شوطا ً لبأس به حتى الن مع‬
‫الستنساخ الذي لم تبان تطبيقاته بعد يمكن أن يتأمل النسان الكثير من المستقبل ‪ ،‬فعلم‬
‫الوراثه وصل الى معرف أسرار بعض المراض الوراثية ‪ ،‬وتمكن من تحديد الجينات‬
‫المعطوبة ‪ ،‬لكنه ظل محتارا ً في ايجاد الحل المناسب ‪ ،‬وبظهور الستنساخ يمكن أن نأمل‬
‫بإمكانية استبدال أنوية الخليا المصابة بالخلل الجيني بأنوية سليمة مستخلصة من خليا نفس‬
‫المريض ‪ ،‬لتتكاثر هذه الخليا الجديدة حالة محل الخليا الغير سليمة ‪ ،‬وبهذه الطريقة يمكن أن‬
‫نتجاوز عمليات الرفض التي قد تعترض بعض حالت نقل العضاء ‪ .‬ويمكننا زرع أنوية‬
‫مستخلصة من خليا النسان ضمن خليا أي كائن آخر كالبكتيريا مثل ً لحثها على إنتاج أى مادة‬
‫نحتاجها في علج الحالت المرضية كالهرمونات أوالنزيمات ‪ ،‬فيكون هذا الهورمون أو النزيم‬
‫مشابها ً تماما ً لما ينتج في جسم النسان ‪ .‬وغير هذا كثير من التطبيقات التي يمكن أن تطالها‬
‫يد العلماء كل في تخصصه ‪ ،‬بمجرد أن يثبت هذا القادم الجديد أقدامه على الرض ‪ .‬إن كل‬
‫اختراع أواكتشاف علمي لشك يمنحنا خطوة تالية إلى المام على درب المعرفة الشامله ‪ ،‬أما‬
‫الستنساخ فلشك أنه سيكون الخطوة التي أوصلتنا إلى قمة الهرم لُتظهر لنا دروبا ً كثيرة‬
‫ظلت مهملة طيلة الزمان الماضية ‪.‬‬

You might also like