You are on page 1of 8

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫خاصية الشمول (‪: )1‬‬


‫تمتاز الثقافة اإلسالمية بميزة "الشمول" ذلك ألنها قدمت للبشرية تصورا‬
‫اعتقاديا كامال‪ ،‬ومنهجا للحياة الواقعية شامال لكافة جوانبها‪..‬وهو منهج‬
‫صالح للتطبيق في كل زمان وفي كل مكان‪.‬‬
‫أما الشمول العقيدي فيتمثل ببيان حقيقة التوحيد الذي يعطينا تفسيرا‬
‫مفهوما وواضحا لوجود هذا الكون ابتداء‪ ،‬ولكل حركة فيه‪ ،‬كما يعطينا‬
‫تفسيرا واضحا ووافيا لكل ظاهرة من ظواهر الحياة ونشوئها وتكوينها‪،‬‬
‫وتكوين اإلنسان من عقل وجسم وروح‪..‬‬
‫هذا التصور مستمد من كتاب هللا تبارك وتعالى‪ ،‬وهو يعرف الناس بربهم‬
‫تعريفا دقيقا كامال وشامال‪ ..‬يعرفهم بذاته سبحانه‪ ،‬وبصفاته العليا‬
‫وأسمائه الحسنى‪ ،‬كما يعرفهم بأثر األلوهية في الكون وفي اإلنسان وفي‬
‫سائر الكائنات الحية‪.‬‬
‫وهذا التعريف بالوجود اإللهي والوحدانية والتفرد بالخلق وكل الصفات‬
‫اإللهية يدخل إلى النفس اإلنسانية‪ ،‬ويؤثر فيها بحيث يشعر اإلنسان‬
‫بعظمة هللا دائما‪ ،‬ويحس برقابته في كل عمل وفي كل قول‪..‬‬
‫ت‬
‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬ ‫سنَةٌ َوال نَ ْو ٌم لَهُ َما فِي ال ه‬ ‫َّللاُ ال ِإلَهَ ِإ هال ُه َو ا ْل َح ُّي ا ْلقَيُّو ُم ال تَأ ْ ُخذُهُ ِ‬
‫{ ه‬
‫ِيه ْم َو َما‬‫شفَ ُع ِع ْن َدهُ إِ هال بِ ِإ ْذنِ ِه يَ ْعلَ ُم َما بَ ْي َن أ َ ْيد ِ‬
‫ض َم ْن ذَا الهذِي يَ ْ‬ ‫َو َما فِي ْاأل َ ْر ِ‬
‫ت‬‫اوا ِ‬ ‫س َم َ‬‫سيُّهُ ال ه‬ ‫س َع ك ُْر ِ‬ ‫ون بِش َْيءٍ ِم ْن ِع ْل ِم ِه ِإ هال ِب َما شَا َء َو ِ‬ ‫ط َ‬ ‫َخ ْلفَ ُه ْم َوال يُ ِحي ُ‬
‫ظ ُه َما َو ُه َو ا ْلعَ ِل ُّي ا ْلعَ ِظي ُم} ‪.1‬‬ ‫ض َوال يَؤُو ُدهُ ِح ْف ُ‬ ‫َو ْاأل َ ْر َ‬
‫هذا التصور الشامل "للوجود" يرد اإلنسان إلى خالقه‪ ،‬فيتلقى منه العقيدة‬
‫والقيم والمبادئ واألنظمة وسائر ما يواجه به الحياة‪..‬‬
‫واإلنسان في ظل هذا التصور يستطيع أن يعيش آلخرته وهو في دنياه‪،‬‬
‫وأن يعمل هلل وهو يعمل لمعاشه‪ ،‬وأن يزاول أوجه نشاطه اإلنساني‪ ،‬وهو‬
‫مرتبط باهلل تبارك وتعالى‪ ،‬ينال األجر والمثوبة‪ ،‬ومن ثمرات هذه الميزة‬
‫أنها تمنح القلب‬
‫خاصية الوسطية ( التوازن ) (‪: )2‬‬
‫تتسم الثقافة اإلسالمية بسمة "التوازن" ذلك ألنها تقوم على أسس عقدية‬
‫متوازنة‪ ،‬وعلى مناهج متوازنة ال إفراط فيها وال تفريط‪ ،‬وال مغاالة وال‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫تقصير‪.‬‬
‫ففي مجال العقيدة يقوم التصور اإلسالمي على أساسين متوازيين أولهما‬
‫اإليمان بالغيب‪ .‬والثاني اإليمان بعالم الشهادة‪ .‬أما اإليمان بالغيب فيتمثل‬
‫باإليمان بوجود هللا وبألوهيته وربوبيته‪ ،‬واإليمان باليوم اآلخر وما‬
‫يتضمن من أهوال وحساب‪ ،‬وموقف وصراط‪ ،‬وجنة ونار‪.‬‬
‫وأما اإليمان بعالم الشهادة فيتمثل باإليمان بحقيقة اإلنسان والكون وسائر‬
‫المخلوقات الحية‪ .‬وهذا اإليمان بشقيه يتالءم مع فطرة اإلنسان‪ ،‬التي تريد‬
‫أن تركن إلى قوة عظيمة مغيبة غير مرئية تستمد منها العون وتجد في‬
‫صلتها بها األمن والطمأنينة‪ ،‬قوة أعظم من أن يحيط بها اإلدراك الحسي‪،‬‬
‫ولكن آثارها من قدرة وإبداع وخلق تدل على وجودها وهيمنتها وصفاتها‬
‫العظمى‪.‬‬
‫ويقول األستاذ سيد قطب‪" :‬إن العقيدة التي ال غيب فيها وال مجهول وال‬
‫حقيقة أكبر من اإلدراك البشري المحدود‪ ،‬ليست عقيدة‪ ،‬وال تجد فيها‬
‫النفس ما يلبي فطرتها وأشواقها الخفية إلى المجهول المستتر وراء‬
‫الحجب المسدلة كما أن العقيدة التي ال شيء فيها إال المعميات التي ال‬
‫تدركها العقول ليست عقيدة‪ ،‬فالكينونة البشرية تحتوي على عنصر‬
‫الوعي‪ ،‬والفكر اإلنساني ال بد أن يتلقى شيئا مفهوما له‪ ،‬له فيه عمل‪،‬‬
‫يملك أن يتدبره ويطبقه‪ ،‬والعقيدة الشاملة هي التي تلبي هذا الجانب وذاك‬
‫وتتوازن بها الفطرة‪ ،‬وهي‪ :‬تجد في العقيدة ِكفاء ما هو مودع فيها من‬
‫طاقات وأشواق‪.1‬‬
‫والثقافة اإلسالمية بهذه الصفة توازن بين عبودية اإلنسان هلل الواحد‬
‫تبارك وتعالى‪ ،‬وبين مقام اإلنسان الكريم في الكون‪.‬‬

‫خاصية األخالق (‪:)3‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫إن األخالق في اإلسالم لم تدع جانبا ً من جوانب الحياة اإلنسانية‪ :‬روحية‬


‫أو جسمية‪ ،‬دينية أو دنيوية‪ ،‬عقلية أو عاطفية‪ ،‬إال رسمت له المنهج‬
‫األمثل للسلوك الرفيع‪.‬‬
‫‪ -1‬إن من أخالق اإلسالم ما يتعلق بالفرد في كافة نواحيه‪:‬‬
‫أ‪ -‬جسما ً له ضروراته وحاجاته قال هللا تعالى {يَا بَنِي آ َد َم ُخذُواْ ِزينَت َ ُك ْم‬
‫ين} (‪)31‬‬ ‫س ِرفِ َ‬ ‫س ِرفُواْ إِنههُ الَ يُ ِح ُّ‬
‫ب ا ْل ُم ْ‬ ‫س ِج ٍد و ُكلُواْ َواش َْربُواْ َوالَ ت ُ ْ‬
‫ِعن َد ك ُِل َم ْ‬
‫سورة األعراف‪ ,‬وقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم (( إن لبدنك عليك‬
‫حقا )) رواه الشيخان‪.‬‬
‫ظ ُرواْ َماذَا فِي‬ ‫ب ‪ -‬وعقالً له مواهبه وأفاقه يقول هللا تعالى {قُ ِل ان ُ‬
‫ون} (‪)101‬‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬
‫ض َو َما ت ُ ْغنِي اآليَاتُ َوالنُّذُ ُر عَن قَ ْو ٍم اله يُ ْؤ ِمنُ َ‬ ‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬
‫ال ه‬
‫سورة يونس‪.‬‬
‫ج – ونفسا ً لها مشاعرها ودوافعها وأشواقها {قَ ْد أ َ ْفلَ َح َمن َزكها َها(‪َ )9‬وقَ ْد‬
‫سا َها(‪ )9-10( })10‬سورة الشمس‪.‬‬ ‫اب َمن َد ه‬‫َخ َ‬
‫‪ -2‬ومن أخالق المسلم ما يتعلق باألسرة‪:‬‬
‫سانا ً}‬ ‫س َ‬
‫ان ِب َوا ِل َد ْي ِه إِ ْح َ‬ ‫ص ْينَا ْ ِ‬
‫اإلن َ‬ ‫أ – كالعالقة بين األبوين واألوالد‪َ { :‬و َو ه‬
‫الق نه ْح ُن نَ ْر ُزقُ ُه ْم َوإِيهاكُم ه‬
‫إن‬ ‫ش َيةَ إِ ْم ٍ‬ ‫(‪ )15‬األحقاف‪َ { ،‬والَ ت َ ْقتُلُواْ أ َ ْوال َد ُك ْم َخ ْ‬
‫َان ِخ ْطءا ً َك ِبيرا ً } (‪ )31‬سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫قَتْلَ ُه ْم ك َ‬
‫ِين آ َمنُواْ الَ يَ ِح ُّل لَ ُك ْم أَن ت َ ِرثُواْ‬ ‫ب – كالعالقة بين الزوجين‪{ :‬يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫ض َما آت َ ْيت ُ ُمو ُه هن ِإاله أَن يَأْتِ َ‬
‫ين‬ ‫ضلُو ُه هن ِلت َ ْذ َهبُواْ بِبَ ْع ِ‬ ‫ساء ك َْر ًها َوالَ ت َ ْع ُ‬ ‫النِ َ‬
‫سى أَن تَك َْر ُهواْ‬ ‫وف فَ ِإن ك َِر ْهت ُ ُمو ُه هن فَعَ َ‬ ‫ش ُرو ُه هن بِا ْل َم ْع ُر ِ‬ ‫ش ٍة ُّمبَيِنَ ٍة َوعَا ِ‬ ‫اح َ‬ ‫بِفَ ِ‬
‫يرا} (‪ )19‬سورة النساء‪.‬‬ ‫ش ْيئ ًا َويَ ْج َع َل َّللاُ فِي ِه َخ ْي ًرا َك ِث ً‬ ‫َ‬
‫س ِك َ‬
‫ين‬ ‫ت ذَا ا ْلقُ ْربَى َحقههُ َوا ْل ِم ْ‬ ‫{وآ ِ‬‫ج – وكالعالقة بين القارب واألرحام‪َ :‬‬
‫ِيرا} (‪ )26‬سورة اإلسراء‪.‬‬ ‫س ِبي ِل َوالَ ت ُ َبذ ِْر ت َ ْبذ ً‬‫َوا ْب َن ال ه‬
‫‪ -3‬ومن أخالق المسلم ما يتعلق بالمجتمع‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫ِين آ َمنُوا َال‬ ‫أ – في آدابه ومجامالته فمثالً ‪:‬قال هللا تعالى { يَا أَيُّ َها الهذ َ‬
‫علَى أ َ ْه ِل َها ذَ ِل ُك ْم َخ ْي ٌر له ُك ْم‬ ‫ستَأْنِ ُ‬
‫سوا َوت ُ َ‬
‫س ِل ُموا َ‬ ‫ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتًا َ‬
‫غ ْي َر بُيُوتِ ُك ْم َحتهى ت َ ْ‬
‫ون} (‪ )27‬سورة النــور‪.‬‬ ‫لَعَله ُك ْم تَذَك ُهر َ‬
‫ِين ِإذَا ا ْكتَالُواْ َ‬
‫علَى‬ ‫ين (‪ )1‬الهذ َ‬ ‫ط ِف ِف َ‬‫ب – وفي اقتصاده ومعامالته‪َ { :‬و ْي ٌل ِل ْل ُم َ‬
‫ون(‪)1-3( } )3‬‬ ‫ون (‪َ )2‬وإِذَا كَالُو ُه ْم أَو هو َزنُو ُه ْم يُ ْخس ُِر َ‬ ‫ست َ ْوفُ َ‬ ‫اس يَ ْ‬ ‫النه ِ‬
‫سورة المطففين‪.‬‬
‫ج – وفي سياسته وحكمه‪ِ { :‬إ هن َّللاَ يَأ ْ ُم ُر ُك ْم أَن تُؤدُّواْ األ َ َمانَا ِ‬
‫ت ِإلَى أ َ ْه ِل َها‬
‫ظكُم بِ ِه إِ هن َّللاَ ك َ‬
‫َان‬ ‫اس أَن ت َ ْح ُك ُمواْ بِا ْلعَ ْد ِل إِ هن َّللاَ نِ ِع هما يَ ِع ُ‬
‫َوإِذَا َحك َْمتُم بَ ْي َن النه ِ‬
‫يرا} (‪ )58‬سورة النساء‪.‬‬ ‫س ِميعًا َب ِص ً‬‫َ‬
‫‪ -4‬وفي أخالق اإلسالم ما يتعلق بغير العقالء من الحيوان والطير كما في‬
‫الحديث الشريف (( اتقوا هللا في البهائم المعجمة ‪ ،‬فاركبوها صالحة‪،‬‬
‫وكلوها صالحة)) رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ -5‬ومن أخالق اإلسالم ما يتعلق بالكون الكبير‪ :‬من حيث إنه مجال التفكر‬
‫واالستدالل بما فيه من إبداع وإتقان على وجود مبدعه وقدرته وعلى‬
‫ف الله ْي ِل َوالنه َه ِار‬ ‫ض َو ْ‬
‫اختِالَ ِ‬ ‫ت َواأل َ ْر ِ‬
‫اوا ِ‬
‫س َم َ‬ ‫علمه وحكمته {إِ هن فِي َخ ْل ِ‬
‫ق ال ه‬
‫ب} (‪ )190‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ت ِأل ُ ْو ِلي األ ْل َبا ِ‬
‫آل َيا ٍ‬
‫ومن حيث إنه مجال لالنتفاع واالستمتاع بما أودع هللا فيه من خيرات‬
‫والتي تستوجب الشكر لواهبها والمنعم بها كما قال هللا تعالى {يَا أَيُّ َها‬
‫ت َما َر َز ْقنَا ُك ْم َوا ْ‬
‫شك ُُرواْ ِلِلِ ِإن كُنت ُ ْم إِيهاهُ ت َ ْعبُد َ‬
‫ُون}‬ ‫ِين آ َمنُواْ ُكلُواْ ِمن َط ِيبَا ِ‬
‫الهذ َ‬
‫(‪ )172‬سورة البقرة‪.‬‬
‫‪ -6‬وفوق ذلك كله وقبل ذلك كله ما يتعلق بحق الخالق العظيم الذي منه كل‬
‫الر ِح ِيم (‪)2‬‬
‫مـن ه‬
‫الر ْح ِ‬ ‫ين (‪ )1‬ه‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬
‫النعم وله كل الحمد { ا ْل َح ْم ُد لِلِ َر ِ‬
‫الص َرا َ‬
‫ط‬ ‫ست َ ِعي ُن (‪ )4‬اه ِدنَــــا ِ‬
‫ِين (‪ )3‬إِيهاكَ نَ ْعبُ ُد وإِيهاكَ نَ ْ‬
‫َما ِل ِك يَ ْو ِم الد ِ‬
‫ال ُمست َ ِقي َم } (‪ )2-6‬سورة الفاتحة‪.‬‬
‫فهو وحده الحقيق بأن يحمد الحمد كله وهو وحده يستحق أن يعبد وأن‬
‫يستعان وأن تطلب منه الهداية‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫وبهذا نجد أن اإلسالم نظر إلى األخالق نظرة جامعة محيطة مستوعبة أم‬
‫الفلسفات والنظرية البشرية فكان عيبها أنها نظرت إلى األخالق في زاوية‬
‫واحدة وأغفلت األخرى‪.‬‬

‫العلم(‪:)4‬‬ ‫خاصية‬
‫خلق هللا اإلنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة وهي السمع والبصر‬
‫والعقل قال تعالى ‪ ( :‬وهللا أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا ً‬
‫وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة لعلكم تشكرون ) النحل‪.78/‬‬
‫واإلسالم دين العلم فأول آية نزلت من القرآن ‪ ،‬تأمر بالقراءة التي هي‬
‫مفتاح العلوم قال تعالى ‪ ( :‬اقرأ باسم ربك الذي خلق ‪ ،‬خلق اإلنسان من‬
‫علق ‪ ،‬اقرأ وربك األكرم ‪ ،‬الذي علم بالقلم ‪ ،‬علم اإلنسان ما لم يعلم )‬
‫العلق‪.5-1/‬‬
‫والعلم في اإلسالم يسبق العمل ‪ ,‬فال عمل إال بعلم كما قال سبحانه ‪( :‬‬
‫فاعلم أنه ال إله إال هللا واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) محمد‪.19/‬‬
‫وقد حذر هللا كل مسلم من القول بال علم فقال سبحانه ‪ ( :‬وال تقف ما ليس‬
‫لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوالً )‬
‫اإلسراء‪.36/‬‬
‫وتنويها ً بمقام العلم والعلماء استشهد هللا العلماء على وحدانيته فقال‬
‫سبحانه ‪ ( :‬شهد هللا أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا العلم قائما ً بالقسط‬
‫ال إله إال هو العزيز الحكيم ) آل عمران‪.18/‬‬
‫ومعرفة هللا وخشيته تتم بمعرفة آياته ومخلوقاته والعلماء هم الذين‬
‫يعلمون ذلك ولذلك أثنى هللا عليهم بقوله ‪ ( :‬إنما يخشى هللاَ من عباده‬
‫العلماء ) فاطر‪.28/‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫وللعلماء في اإلسالم منزلة شريفة تعلو من سواهم في الدنيا واآلخرة قال‬


‫تعالى ‪ ( :‬يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )‬
‫المجادلة‪.11/‬‬
‫وألهمية العلم أمر هللا رسوله أن يطلب المزيد منه فقال ‪ ( :‬وقل رب زدني‬
‫علما ً ) طه‪.114/‬‬
‫وقد مدح هللا العلماء وأثنى عليهم بقوله ‪ ( :‬قل هل يستوي الذين يعلمون‬
‫والذين ال يعلمون إنما يتذكر أولوا األلباب ) الزمر‪.9/‬‬
‫وأهل العلم هم أسرع الناس إدراكا ً للحق و إيمانا ً به ‪ ( :‬وليعلم الذين أوتوا‬
‫العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ) الحج‪.54/‬‬
‫واإلسالم يدعو إلى طلب العلم ‪ ,‬وقد جعل الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫طلب العلم فريضة على كل مسلم وبين فضل العالم على العابد كفضل القمر‬
‫على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة األنبياء وأن األنبياء لم يورثوا‬
‫دينارا ً ًو ال درهما ً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وأخبر عليه‬
‫الصالة والسالم أن طلب العلم طريق إلى الجنة فقال صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫( من سلك طريقا ً يطلب فيه علما ً سهل هللا له طريقا ً إلى الجنة ) رواه‬
‫البخاري ( كتاب العلم‪.10/‬‬
‫واإلسالم يدعو إلى تعلم سائر العلوم النافعة والعلوم درجات فأفضلها علم‬
‫الشريعة ثم علم الطب ثم بقية العلوم‪.‬‬
‫وأفضل العلوم على اإلطالق ‪ ,‬علوم الشريعة التي يعرف بها اإلنسان ربه ‪,‬‬
‫ونبيه ودينه ‪ ,‬وهي التي أكرم هللا بها رسوله وعلمه إياها ليعلمها الناس ‪:‬‬
‫وال ِم ْن أ َ ْنفُس ِِه ْم َيتْلُو َ‬
‫علَ ْي ِه ْم‬ ‫س ً‬‫يه ْم َر ُ‬
‫ث ِف ِ‬‫ين ِإ ْذ َب َع َ‬
‫علَى ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫( لَقَ ْد َم هن ه‬
‫َّللاُ َ‬
‫ض َال ٍل ُم ِب ٍ‬
‫ين‬ ‫اب َوا ْل ِح ْك َمةَ َوإِ ْن كَانُوا ِم ْن قَ ْب ُل لَ ِفي َ‬‫يه ْم َويُعَ ِل ُم ُه ُم ا ْل ِكت َ َ‬
‫آيَاتِ ِه َويُ َز ِك ِ‬
‫) آل عمران‪.164/‬‬
‫وقال عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬من يرد هللا به خيرا ً يفقهه في الدين ) متفق‬
‫عليه أخرجه البخاري‪.69/‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫و في العناية بالقرآن تعلما ً وتعليما ً يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬‬
‫خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) أخرجه البخاري‪.4639/‬‬
‫وال خير في علم ال يصدقه العمل وال في أقوال ال تصدقها األفعال ‪ ( :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا لم َ تقولون ما ال تفعلون ‪ ،‬كبر مقتا ً عند هللا أن تقولوا ما‬
‫ال تفعلون ) الصف‪3-2/‬‬

‫واألمة تحتاج إلى العلماء في كل زمان ومكان وأمة بال علم وال علماء‬
‫تعيش في األوهام وتتخبط في الظلمات إذا تعلم اإلنسان ما شرع هللا ‪ ,‬ومن‬
‫كتم هذا العلم ‪ ,‬وحرم األمة منه ألجمه هللا بلجام من نار يوم القيامة‬
‫واستحق اللعنة إال من تاب كما قال سبحانه ‪ ( :‬إن الذين يكتمون ما أنزلنا‬
‫من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم هللا‬
‫ويلعنهم الالعنون ‪ ،‬إال الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم‬
‫وأنا التواب الرحيم ) البقرة‪.160 -195/‬‬
‫و للعالم ثواب عظيم والدال على الخير كفاعله وإذا مات العالم فإن أجره‬
‫عند هللا ال ينقطع بموته ‪ ,‬بل يجري له ما انتفع الناس بعلمه قال عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ ( :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من ثالثة إال من‬
‫صدقة جارية ‪ ,‬أو علم ينتفع به ‪ ,‬أو ولد صالح يدعو له ) رواه‬
‫مسلم‪.1631/‬‬

‫وإذا نشر العالم علمه بين الناس كان له مثل أجور من اتبعه قال عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ ( :‬من دعا إلى هدى كان له من األجر مثل أجور من تبعه‬
‫ال ينقص ذلك من أجورهم شيئا ً ‪ ,‬ومن دعا إلى ضاللة كان عليه من اإلثم‬
‫مثل آثام من تبعه ال ينقص ذلك من آثامهم شيئا ً ) رواه مسلم‪.2674/‬‬
‫والفقه في الدين من أفضل خصال الخير التي يتشرف بها المسلم كما قال‬
‫عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬من يرد هللا به خيرا ً يفقه في الدين ) متفق عليه‬
‫‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خصائص‬
‫الثقافة اإلسالمية‬

‫وقراءة القرآن ‪ ,‬وتعلمه وتعليمه من أفضل األعمال كما قال النبي عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ ( :‬ال حسد إال في اثنتين رجل آتاه هللا القرآن فهو يقوم به‬
‫آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه هللا ماالً فهو ينفقه آناء الليل وآناء‬
‫النهار ) أخرجه البخاري‪ 73/‬ومسلم‪.815/‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬اسم الكتاب ‪/‬أضواء على الثقافة اإلسالمية (للدكتورة نادية شريف العمري) الصفحة ‪-30‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ -2‬اسم الكتاب ‪/‬أضواء على الثقافة اإلسالمية (للدكتورة نادية شريف العمري) الصفحة ‪-31‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -3‬اسم الكتاب ‪/‬الخصائص العامة لالسالم (للشيخ يوسف القرضاوي) الصفحة من ‪121-117‬‬
‫‪ -4‬اسم الكتاب ‪ /‬أصول الدين االسالمي (للشيخ محمد إبراهيم التويجري) الصفحة من ‪98- 95‬‬

You might also like