Professional Documents
Culture Documents
الولخص:
القرآن ال كريم كتاب أخلاق ،وخطاب الوحي عموما خطاب هداية وإرشاد للبشر ية إلى
مصالحهم ومنافعهم ،ودفع الضرر عنهم في العاجل والآجل ،وجعل القرآن ال كريم الأخلاق
مدخلا مركز يا في إصلاح الإنسان ،ومعالجة الظواهر الاجتماعية والإنسانية عموما ،لذلك وضع
معالم أخلاقية لتدبير الاختلاف ،وضبط العلاقات الإنسانية ،والحد من الصراعات والنزاعات
الإثنية والدينية والطائفية ،وهذا ما تحاول هذه الورقة معالجته بالوقوف على المعالم الأخلاقية
الوقائية (المحور الأول) ،والمعالم الأخلاقية العلاجية(المحور الثاني) لتدبير الاختلاف الإنساني،
وإدارته بحكمة.
Abstract:
The Quran is a book of ethics, and the letter of revelation is generally a letter
of guidance to mankind for their interests and benefits, and to pay harm to them
in the immediate and future time, and to make the Holy Quran a central input
in human reform, and to address social and humanitarian phenomena in general,
Therefore, the development of moral parameters to manage the difference, and the
control of human relations, and limit disputes and ethnic, religious and sectarian
conflicts .
This paper attempts to address the preventive ethical parameters (the first
axis) and the therapeutic ethical principles (second axis) to manage human
difference wisely.
الوذخل:
الإسلام دين يدعوا الخلق إلى ما يصلح حالهم في الدنيا والآخرة ،يهديهم إلى الأخلاق
ن هَذ َا الْقُر ْآنَ يَهْدِي ل َِّل ّتِي ِهي َ أَ ق ْوَم ُ﴾(الإسراء ،)9:فالقرآن ال كريم
﴿إ َّ ّ
والقيم النافعة يقول تعالىِ :
كتاب أخلاق ،لذلك يصعب الحديث عن الأخلاق في القرآن ال كريم ،لأن القرآن ال كريم كتاب
أخلاق ،مما يجعل البحث في موضوع الأخلاق في القرآن ال كريم بحث في الإسلام كله ،لأن
خطاب الوحي خطاب هداية وإرشاد للبشر ية إلى مصالحهم ومنافعهم.
ل كننا نحاول في هذه الورقة الوقوف على بعض المعالم الأخلاقية لتدبير الاختلاف الإنساني،
وذلك من خلال رؤ ية القرآن ال كريم ،باعتباره خطابا موجه للبشر ية عموما ،ودليل ذلك صيغة
"يا أيها الناس" المتكررة في آياته.
المحور الأول :المعالم الأخلاقية الوقائية :وتناولت في هذا المحور أربعة معالم :المعلم الأول:
الأخوة الإنسانية ،المعلم الثاني :الجنوح إلى السلم ،المعلم الثالث :العدل والقسط ،المعلم الرابع:
التعارف والتعاون الإنساني.
المحور الثا ني :المعالم الأخلاقية العلاجية :وتناولت في هذا المحور خمسة معالم :المعلم الأول:
الحوار والجدل بالتي هي أحسن ،المعلم الثاني :الشورى ومحاربة الاستبداد ،المعلم الثالث :الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ،المعلم الرابع :التعارف والتعاون الإنساني ،المعلم الخامس :الالتزام
بالعهود والمواثيق.
أما المنهج المعتمد في هذه الورقة فهو منهج التحليل والتفكيك للأخلاق الوقائية والعلاجية،
وبيان دورها في تدبير الاختلاف الإنساني ،معتمدا بصورة أساسية على الأمور التالية:
-3عدم اعتماد الاستقراء التام ،والاكتفاء بمنهج النمذجة في عرض النصوص ،سواء
منها :نصوص الوحي أو نصوص الفكر.
ولا أدعي أني أقدم نظر ية متكاملة عن الأخلاق في القرآن ال كريم ،ودورها في تدبير
الاختلاف الإنساني ،ل كن حسبي أني أقدم محاولة متواضعة للجواب عن سؤال مدخل
الأخلاق في تدبير الاختلاف الإنساني ،واجتهدت في محاولة تقسيم هذه الأخلاق إلى :وقائية
وعلاجية.
وللأخوة الإنسانية ثلاث مظاهر :الأخوة في وحدة الأصل الإنساني ،الأخوة في الوطن
والنسب ،..والأخوة في ال كرامة.
اس َّات ّق ُوا ر ََّب ّكُم ُ ال َّ ّذ ِي فإن الإنسانية جمعاء خلقت من نفس واحدة قال تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا َّ
الن ّ ُ
1
جه َا و َب َّ َّث مِنْهُم َا رِج َال ًا كَث ِير ًا و َنِس َاءً﴾(النساء..)1 : ق مِنْهَا ز َ ْو َ
حدَة ٍ وَخ َل َ َ
س و َا ِ
خ َلَقَك ُ ْم م ِنْ ن َ ْف ٍ
اس﴾ يقول الإمام الرازي أن" :الأصوليون .. الن ّ ُفهذا خطاب إلهي للمجتمع البشري ﴿ ي َا أَ ُّ ّيهَا َّ
2
حدَةٍ﴾ ،يعني آدم ،فهو
س و َا ِ
اتفقوا على أن الخطاب عام لجميع المكلفين" ،بأنهم خلقوا ﴿م ِنْ ن َ ْف ٍ
سبحانه يعرف عباده كيف كان مبتدأ خلقهم من نفس واحدة ،فهم أبناء رجل واحد وامرأة
واحدة ،3في إشارة إلى وحدة الأصل الإنساني.
يقول عبد المجيد النجار في أهمية الأصل الإنساني الواحد في تدبير الاختلاف الإنساني" :ولما
يقع في التصور أن أصل الناس واحد وخالقهم واحد ،فإن النفوس المؤمنة بذلك تستوي على
وحدة في الشعور بالمساواة في الإنسانية والأخوة فيها ،و يلابسها تبعا لذلك التسليم التلقائي بمبدأ
التكافؤ بين الناس ،كما يلابسها الشعور بالتقارب بينهم ،وتنتفي منها دواعي التمايز والتعالي التي
4
يورثها الإيمان بالاختلاف التفاضلي في أصل الخالق أو في أصل الخلقة"..
فإن استشعار أن الإنسانية من أصل واحد ،من شأنه تأليف البشر ية ،إذا استشعرت هذا
الأصل الواحد لخلقها وتكوينها ،فهي موحدة في أصل الخلق من نفس واحدة ومن تراب
واحد ومن ماء واحد ،فما المانع من أن تكون موحدة ومتآلفة.
-2أخَة في الَطي:
ورد في الخطاب القرآني إطلاق القرآن ال كريم لفظ الأخوة على العلاقة بين النبي المرسل
والقوم المرسل إليهم ،فسمى الل ّه تعالى النبي المرسل إلى قومه الكافرين بأخيهم فقال تعالى﴿:و َِإلَى
عَادٍ أَ خ َاه ُ ْم ه ُود ًا (﴾..الأعراف 5)65 :فقد نسب الل ّه تعالى سيدنا هود إلى قومه عاد لأنه كما
يروي الفخر الرازي عن الكلبي" :كان واحدا من تلك القبيلة".6
ومعلوم بالبداهة أنه لم يكن أخا لهم في الدين ،وذكر ابن عاشور أن الأخ هنا مستعمل في
مطلق القريب ،على وجه المجاز المرسل ،كقولهم :يا أخا العرب ،..و يطلق مجازا أيضا على
المصاحب الملازم ،..والمراد أن هودا كان من ذوي نسب قومه عاد ،وقال :بأن العرب كانت
تقول للواحد من القبيلة :أخو بني فلان ،قصدا لعزوه ونسبته تمييزا للناس ،ولم يوصف نوح بأنه
أخ لقومه لأن الناس في زمانه لم ينقسموا إلى شعوب وقبائل إلا بعد الطوفان.7
والآية فيها إشارة إلى الأخوة الإنسانية الجامعة داخل الوطن ،أو الإقليم ،قال رشيد رضا:
"والآية دليل على جواز تسمية القريب أو الوطني الكافر أخا".8
:
-3أخَة في الكراهة اإلًساًية
تكريم القرآن ال كريم للإنسان بإطلاق ،بغض النظر عن فكره أو جنسه أو معتقده ،أو شعبه
أو قبيلته ،..من مقتضيات الأخوة الإنسانة ،فهو إشارة إلى موقع الإنسان وقيمته في هذا
ال كون ،فال كرامة الإنسانية جامع للبشر ية رغم اختلافاتها ،فإن الوعي بهذه ال كرامة والإيمان
بها ،والتوجه نحو الممارسة العملية لمقتضياتها ،وأبعادها الإنسانية ،حسب ما قرره القرآن ال كريم
وأشار إليه من أشكال وأنواع وأبعاد لهذه ال كرامة ،كفيل بتدبير اختلافات المجتمع الإنساني،
والتقليل منها ،والوقاية من وقوعها.
ك ََّر ّمْنَا بَنِي آدَم َ﴾(الإسراء )70 :يقول الشاهد البوشيخي إن الل ّه عز وجل في هذا الخطاب:
"مخاطبا الإنسانية بتعبير اليوم ،وبني آدم بتعبير القرآن .9"..
فالخطاب التكريمي خطابا لكل البشر ية من غير تخصيص ولا تمييز ﴿بَنِي آدَم َ﴾ كل نسل
الل ّه ُ فَمَا لَه ُ م ِنْ
ن َّآدم ،إلا من أبى ورفض تكريم الل ّه له ،وأهان نفسه ﴿وَم َنْ يُه ِ ِ
مُكْر ِ ٍم﴾(الحج )18:وأنزل نفسه منزلة الحيوان- ،كمن جعل أصله قرد ،-أو غيره من المخلوقات
التي فضل الل ّه تعالى الإنسان عليها ﴿و َف ََّضّ ل ْنَاه ُ ْم عَلَى كَث ِيرٍ م َِّم ّنْ خ َلَقْنَا تَفْضِ يلًا ﴾( الإسراء)70 :
-1-2-3التكرين الوؼٌَي:
ل ي َا
-خلق الله تعالى الإنسان بيديه :ومن تكريم الل ّه تعالى للإنسان أنه خلقه بيديه﴿ :قَا َ
ن ال ْع َالِينَ﴾(ص )75:فهذا ك أَ ْن تَسْجُد َ لم َِا خ َلَقْتُ بيَِد ََّيّ أَ سْ تَكْبَرْتَ أَ ْم ُ
كن ْتَ م ِ َ يس م َا م َن َع َ َ
ِإ بْل ِ ُ
دليل على نفاسة الإنسان وتفضيله على سائر المخلوقات يقول الإمام الرازي" :إ َّ ّ
ن السلطان العظيم
10
لا يقدم على شيء بيده َّ
إلا ّ إذا كانت غاية عنايته مصروفة إلى ذلك العمل"..
بذلك لم يكن خلقا عاديا من قبيل كن فيكون ،بل له خصوصية مباشرة الل ّه سبحانه لخلقه
بيده ،11وبهذا يشرف الإنسان ويسموا ،فهذه المباشرة بالخلق والصنع مظهر تكريم الل ّه تعالى
للإنسان ،وجامع يوحدهم و يؤلف بينهم.
-نفخ الله تعالى في الإنسان من روحه :ومن تكريمه أنه سبحانه نفخ فيه من روحه ﴿ث َُّم ّ
س َّو ّي ْت ُه ُ و َنَف َخْ تُ ف ِيه ِ م ِنْ ر ُوحِي فَق َع ُوا لَه ُ
حه ِ﴾(السجدة﴿ )9:ف َِإذ َا َ س َّو ّاه ُ و َنَف َ َ
خ ف ِيه ِ م ِنْ ر ُو ِ َ
س َّو ّي ْت ُه ُ و َنَف َخْ تُ ف ِيه ِ م ِنْ ر ُوحِي
ق ب َشَر ًا م ِنْ طِينٍ ف َِإذ َا َ
جدِينَ﴾(الحجر )29:قال تعالىِ ﴿:إن ِ ّي خ َال ِ ٌ
سَا ِ
حه ِ ﴾..فالستوت البشر ية في وحدة
خ ف ِيه ِ م ِنْ ر ُو ِ
ن﴾( ص..﴿ )72-71:و َنَف َ َ
جدِي َ
فَق َع ُوا لَه ُ سَا ِ
النفخة الإلهية.
-أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم :أمر الل ّه تعالى الملائكة بالسجود لآدم في آيات
ن ف َِإذ َا
ل م ِنْ حَمَإ ٍ مَسْن ُو ٍ
ق بَشَر ًا م ِنْ صَلْصَا ٍ ل ر َُّب ّ َ
ك لِل ْمَلَائِكَة ِ ِإن ِ ّي خ َال ِ ٌ كثيرة منها قوله تعالى﴿ :و َِإ ْذ قَا َ
ن فَسَجَد َ ال ْمَلَائِك َة ُك ُُّل ّه ُ ْم أَ جْم َع ُونَ﴾(الحجر)30-28 : س َّو ّي ْت ُه ُ و َنَف َخْ تُ ف ِيه ِ م ِنْ ر ُوحِي فَق َع ُوا لَه ُ سَا ِ
جدِي َ َ
-علمه ما لم يكن يعلم :فكان أول ما نزل على رسول الل ّه الأمر بالقراءة وتعليم الإنسان ما لم
ق اق ْرأْ َ وَر َُّب ّ َ
ك الْأَ ك ْرَم ُ ال َّ ّذ ِي ع ََّل ّم َ ب ِالْق َل َم ق ال ِْإنْس َانَ م ِنْ ع َل َ ٍ ك ال َّ ّذ ِي خ َل َ َ
ق خ َل َ َ يعلم ﴿اق ْرأْ َ ب ِاس ْ ِم ر َب ِّ َ
ع ََّل ّم َ ال ِْإنْس َانَ م َا ل َ ْم يَعْل َ ْم ﴾(العلق)5-1:
وكرم الل ّه عز وجل الإنسان تكريما معنو يا بالعلم ،فعلم آدم الأسماء كلها قال تعالى في حواره
مع الملائكة في شأن خلق آدم ﴿ ..و َع ََّل ّم َ آدَم َ الْأَ سْمَاء َ ك َُّل ّه َا (﴾..البقرة)29:
2-2-3التكرين الوادي:
-وسائل التواصل والتعارف واكتساب المعارف :ومن تكريم الل ّه تعالى للإنسان أن جعل له
حواس يتواصل بها مع الخلق ،و يكتسب بها المعارف ،و يؤدي بها وظائف أخرى قال تعالى:
ل ل َكُم ُ ال َّ ّ
س ْم َع و َالْأَ بْصَار َ و َالْأَ ف ْئِدَة َ﴾( السجدة)9 : ﴿وَجَع َ َ
-إحسان تقويم الإنسان وتسويته وتصويره :ومن تكريم الل ّه تعالى للإنسان ،إحسان تقويمه
ن ت َ ْقوِيمٍ﴾(التين ،)4:قال
وتسو ية جسده قال تعالى﴿ :لق َ ْد خ َلَقْنَا ال ِْإنْس َانَ فِي أَ حْ سَ ِ
صوَر َك ُ ْم و َِإلَيْه ِ ال ْم َصِ ير ُ﴾(التغابن)3: ص َّو ّر َك ُ ْم ف َأَ حْ سَ َ
ن ُ تعالى﴿و َ َ
-التمتع بالطيبات :وجعل الل ّه تعالى التمتع بالطيبات من الرزق من تكريمه سبحانه للإنسان
ات و َف ََّضّ ل ْنَاه ُ ْم عَلَى ن ال َّ ّ
طي ِّب َ ِ قال تعالى﴿:و َلَق َ ْد ك ََّر ّمْنَا بَنِي آدَم َ وَحَمَل ْنَاه ُ ْم فِي ال ْبَرِّ و َالْب َحْ رِ وَرَز َق ْنَاه ُ ْم م ِ َ
كَث ِيرٍ م َِّم ّنْ خ َلَقْنَا ت َ ْفضِ يلًا ﴾( الإسراء)70 :
ومن مظاهر التكريم إنعامه على الخلق بطيبات المأكل والمشرب ،12وطيبات الملبس
والزينة ،13وطيبات المركب ،14وطيبات المسكن ،15وذكر بعد نعمة السكن طيبات ونعم أخرى
كرم الل ّه بها الإنسان ،16وطيبات الاستمتاع بالجنس الحلال.17
الل ّه ِ أَ تْق َاك ُ ْم وكان أكرم الناس عند الل ّه تعالى العابدون المتقون لل ّه تعالى ﴿ ِإ َّ ّ
ن أَ ك ْرَمَك ُ ْم عِنْد َ َّ
الل ّه َ عَل ِيم ٌ خَب ِير ٌ﴾(الحجرات ) 13:يقول محمد رفيع" :منبع كرامة الإنسان إنما تكمن في تحرره من
ن َِّإ َّ ّ
عبودية غير الل ّه تعالى ،حتى لا يبتعد عن أصل تكريمه وتشر يفه ،فعبودية غير من كرم سقوط
فيما يناقض التكريم وينافي التشر يف ،كما أن الدخول في سلك العبودية لل ّه تعالى صعود في
مدارج التكريم".18
فإن هذا التكريم لجنس الإنسان ،يجعل الإنسان يعامل نفسه بكرم ،و يعامل غيره المخالف له
في الفكر والمعتقد وال لون واللسان ..بكرم ،لأن الأخوة في ال كرامة الإنسانية ،خلق وقائي في عملية
تدبير الاختلاف الإنساني.
وحين نبتعد عن الوحي والقرآن نشاهد من يشرع للإنسان وهو يضع نظر يات وأفكار بعيدة
كل البعد عن كرامة الإنسان ومساواته مع أخيه الإنسان ،فهذا نتشه يقسم الإنسان إلى أعلى
وأدنى ،و يقسم الأخلاق إلى قسمين :قسم للسادة لا يقبله العبيد وقسم للعبيد لا يقبله السادة،
فليس بين الفر يقين جامعة إنسانية تلتقي بهم في صفة من الصفات ،بل هم أعداء يتسلط منهم
القادر على العاجز ،ولا يحسن بالمتسلط أن يقبل من العاجز غير الخنوع والهبوط في الذلة ،من
هاو ية إلى هاو ية ،لا نهاية لها غير الانقراض والفناء.19.
أمر الل ّه تعالى بالدخول في السلم وترك نقيضها وهو الحرب قال تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا ال َّ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا
ن﴾(البقرة )208 :وحقيقة ن ِإ َّن ّه ُ ل َك ُ ْم عَدُوّ ٌّ م ُبِي ٌ َات ال َّ ّ
شي ْطَا ِ سلْم ِ ك ََّاف ّة ً وَل َا ت ََّت ّب ِع ُوا ُ
خط ُو ِ ا ْدخ ُلُوا فِي ال ِّ
السلم المأمور به في الآية يقول ابن عاشور" :الصلح وترك الحرب ،20"..و يقول أبو زهرة:
"الأصل في علاقات الدول بعضها مع بعض أو بعبارة أدق العلاقة بين المسلمين وغيرهم السلم لا
الحرب ،فالمسلم ينظر إلى من يخالفه نظرة الود الراحم ،لا العداوة القاطعة".21
وقال تعالى في الميل إلى السلم وترك القتال إذا طلبه المخالف﴿ :و َِإ ْن جَنَحُوا لِل َّ ّ
سلْم ِ فَاجْ ن َحْ لَهَا
سمِي ُع ال ْعَل ِيم ُ (﴾..الأنفال 22)61:يقول زيد بن علي" :معناه :مالوا، الل ّه ِ ِإ َّن ّه ُ ه ُو َ ال َّ ّ
و َتَو َ َّكّلْ عَلَى َّ
والسلم الصلح" ، 23و يقول أبو زهرة" :وإذا قامت الحرب بين المسلمين المؤمنين بالقرآن ،فإن
الإسلام يتشوف للسلم يبتغيه ،ولا يريد الاستمرار في مذبحة بشر ية ،فإن مالوا للسلم أجابهم
المسلمون ،ولو كانوا يتوقعون الخديعة ،ما دامت لم تظهر أماراتها ،24"..و يقول القنوجي
البخاري" :والآية محكمة عند أهل العلم المحققين ،والقول بالنسخ مرجوح ومؤول بالجمع بين
الآيات .25"..
يأمر الل ّه تعالى في هذه الآية نبيه صلى الل ّه عليه وسلم بالتوكل على الل ّه والجنوح نحو السلم،
وعدم الخوف من إبطانهم للمكر والخديعة في جنوحهم إلى السلم ،26وبذلك يقطع القرآن ال كريم
على المسلمين كل عذر في عدم الميل إلى السلم والمسالمة.
فإن المخالف إذا جنح إلى السلم ،وثبت على الصلح الذي بينه وبين المسلمين ،فلا يجوز قتاله
الل ّه ُ ل َك ُ ْم عَلَيْه ِ ْم
ل َّ ن اع ْتَزَلُوك ُ ْم فَل َ ْم يُق َاتِلُوك ُ ْم و َأَ لْقَو ْا ِإلَيْكُم ُ ال َّ ّ
سلَم َ فَمَا جَع َ َ قال تعالى﴿ :ف َِإ ِ
"فإن ﴿اع ْتَزَلُوكُمْ﴾ في القتال ﴿فَل َ ْم يُق َاتِلُوك ُ ْم و َأَ لْقَو ْا ِإلَيْكُم ُ سَب ِيل ًا﴾(النساء )90:يقول السمرقنديِ :
الل ّه ُ
ل َّسلَم َ﴾ أي الصلح ،معناه أنهم لو ثبتوا على صلحهم فلا تقاتلوهم ،فذلك قوله﴿ :فَمَا جَع َ َ ال َّ ّ
ل َك ُ ْم عَل َ ْيه ِ ْم سَب ِيل ًا﴾ أي حجة وسلطانا ً في قتالهم".27
والمخالف في نظر الخطاب القرآني ثلاثة أقسام يقول أبو زهرة" :الأول :المحاربون للمسلمين،
وهؤلاء يجب قتالهم لرد اعتدائهم ..والقسم الثاني أهل الميثاق الذين بينهم وبين المومنين ميثاق
عدم الاعتداء ،وهؤلاء يح ترم ميثاقهم ،بل يمتد احترام الميثاق إلى الذين لهم به صلة ،بحيث
يكون سلمهم واحدة وحربهم واحدة .والقسم الثالث المحايدون الذين لا يكونون مع المومنين ولا
مع أعدائهم ..فقال لا سبيل عليهم فكان الحياد ثابتا بنص القرآن ال كريم".28
فإن المجتمع الإنساني المعاصر ،يفتقد إلى الهدى القرآني ،لإعادة بناء وحدته وألفته ،للخروج
من حالة الصراع والنزاع ،والتفكك ،والظلم والاستبداد ،والأنانية وحب الأثرة بالمال والجاه
والسلطة دون الآخرين ،..لذلك أمر القرآن ال كريم بخلق العدل والقسط في الأرض ،ونهى
ع ن الظلم بكل أشكاله وألوانه ،..تعاليا عن كل مظاهر الاختلاف الإنساني ،..من أجل بناء
الائتلاف وتدبير الاختلاف ،والتعاون والتساند والتبادل الحضاري.
فإن رقي العلاقة الإنسانية وتحضرها ،قائم على مدى تفاعلها مع منهج الخطاب الإلهي ،الباني
للإتلاف ،والمضيق لمساحة الاختلاف" ،فقوام صلاح العالم بالإيمان بالكتاب الذي يحرم الظلم
وسائر المفاسد ..و يأمر بالعدل في الأحكام الذي يردع الناس عن الظلم بعقاب السلطان".30
جاءت في الخطاب القرآني إشارات كثيرة لخلق العدل ،في سياقات مختلفة ،منها :العدل مع
الل ّه ،والعدل مع النفس والعدل مع الناس ،..وذلك لأن الخطاب القرآني على عكس القوانين
الوضعية ،لم يلحظ في موضوع العدل مجرد علاقة الإنسان بالإنسان فقط ،بل لاحظ ذلك
وغيره ،مما يجعل النظر القرآني لضابط العدل أوسع وأشمل ،يغطي كل جوانب حياة الإنسان،
وما يهمنا في هذه الدراسة هو خلق العدل في العلاقات الإنسانية ،وظلم بعضهم لبعض ،لأنه هو
السياق المرتبط ارتباطا مباشرا بالاختلاف الإنساني ،والنزاعات والصراعات الناشئة بين الأفراد
والجماعات والأمم.
العدل خلق قرآني من أخلاق تدبير الاختلاف ،ليس خاصا بمجال القضاء فحسب ،بل هو
شامل لكل مناحي الحياة العامة و الخاصة ،فاستعماله يشمل الإنسان في خاصة نفسه ،وكذلك
علاقاته العامة مع المخالف ،وهو معلم أخلاقي لتدبير الاختلاف ،يعيد التوازن والاستقرار
للعلاقات الإنسانية ،فهو خلق توزن به الأعمال الشخصية ،والعقود والمعاملات المالية،
والأحكام القضائية ،والأحكام السلطانية ،والعلاقات الدولية ..
أنزل الل ّه تعالى الشرائع إلى الخلق لتنظيم العلاقات الإنسانية ،وبعث الرسل والأنبياء لتدبير
اختلافاتها ،فكان خلق العدل والقسط من المقاصد المشتركة بين هذه الشرائع "فإن الل ّه أرسل
رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ،وهو العدل الذي قامت به السموات والأرض .31"..
فالعدل مشترك ديني بين كل الشرائع السماو ية يقول النورسي" :فأسس العدالة والفضيلة
شيدها الأنبياء عليهم السلام ،أي أن الأنبياء هم الذين أرسوا تلك القواعد والأسس" ،36فدلت
الآية على أن غاية إرسال الرسل وال كتب هو القيام بالقسط ،فكل الرسل وكل الرسالات التي
أرسل بها الأنبياء ،وكل الموازين التي جاءوا بها ،هي من أجل إقامة العدل ،وهو مطلوب من
الناس جميعهم ،فهو الذي يحفظ لكل ذي حق حقه ،بغض النظر عن معتقده أو فكره أو
جنسه أو لونه ..كما هو صريح القرآن.
جعل القرآن ال كريم أساس العلاقة بين الناس العدل والقسط قال تعالى﴿ :و َِإذ َا حَكَم ْتُم ْ بَيْنَ
س أَ ْن تَحْكُم ُوا ب ِال ْع َ ْدلِ﴾(النساء" ،)58:هكذا بهذا التعميم ،إذا حكمتم بين الناس لا بين َّ
الن ّا ِ
ل
الل ّه َ ي َأْ م ُرُ ب ِال ْع َ ْد ِ
ن َّالمسلمين فحسب" ،37وجاء بأقوى صيغة للتكليف والإلزام في قوله تعالىِ ﴿ :إ َّ ّ
و َال ِْإحْ سَانِ﴾(النحل )90:يقول العز ابن عبد السلام بعد ما اعتبر هذه الآية أجمع آية في القرآن
للحث على المصالح والزجر عن المفاسد" :الألف واللام في العدل ..للعموم والاستغراق ،فلا
ل﴾ ..والعدل هوالل ّه َ ي َأْ م ُرُ ب ِال ْع َ ْد ِ
ن َّيبقى من دق العدل وجله شيء إلا اندرج في قولهِ ﴿ :إ َّ ّ
التسو ية والإنصاف ،38"..و يقول أبو زهرة في سياق الاستدلال بهذه الآية" :كل النظم
الإسلامية قامت على العدالة ،إذا كانت الشعارات تدعو إلى التسامح ولو مع الظالم و يقول قائلها:
استغفروا لأعدائكم ،فالإسلام يقول اعدلوا مع كل إنسان ولو كان عدوا مبينا .ومكان التسامح
في الأمور الشخصية ،لا في الأمور التي تتعلق بتنظيم العلاقات الإنسانية".39
فهذه الآية جامعة لأصول التشر يع ،40والعدل يقول ابن عاشور .." :إعطاء الحق إلى
صاحبه ،وهو الأصل الجامع للحقوق الراجعة إلى الضروري والحاجي من الحقوق الذاتية وحقوق
المعاملات .. ،ومن هذا تفرعت شعب نظام المعاملات الاجتماعية ،من آداب ،وحقوق،
وأقضية ،وشهادات ،ومعاملة مع الأمم ،41"..فالعدل خلق أساسي في تدبير اختلاف الناس،
لأنه حسب ابن عاشور الأصل الجامع لكل الحقوق الراجعة إلى الضرور يات والحاجيات.
والخطاب القرآني مليء بالآيات الدالة على وجوب العدل بين الناس ،وتحريم الظلم والبغي
بينهم ،فقضية العدل مركز ية في القرآن ال كريم ،تذوب معها كل مظاهر الاختلاف الإنساني،
فهي تقر العدل والقسط المطلق مع جميع الخلق ،في تعال تام عن اللغة أو اللون أو الفكر
والعقيدة ..
يقول تعالى في الإشارة إلى أن أساس العلاقة مع النفس والأقارب ،والفقير والغني،
ن آم َن ُوا كُون ُوا ق ََّو ّام ِينَ ب ِال ْقِسْطِ شُهَد َاء ل َِّل ّه ِ والقريب والبعيد هي خلق العدل والقسط﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا ال َّ ّذ ِي َ
َ
الل ّه ُ أَ وْلَى بِهِم َا ف َلَا ت ََّت ّب ِع ُوا ال ْه َو َى أَ ْن
سك ُ ْم أَ وِ ال ْو َالِدَي ْ ِن و َالْأَ ق ْر َبِينَ ِإ ْن يَكُنْ غ َن ًِّي ّا أَ ْو ف َق ِير ًا ف َ َّ
و َلَو ْ عَلَى أَ نْف ُ ِ
الل ّه َ ك َانَ بِمَا تَعْم َلُونَ خَب ِير ًا﴾(النساء)135:
ن َّتَعْدِلُوا و َِإ ْن تَل ْو ُوا أَ ْو تُعْرِضُوا ف َِإ َّ ّ
فإذا كان القرآن ال كريم يقيم العدل ضابطا قو يا ينبغي أن يلتزم به حتى بين الأقارب وبين
الولد وأبيه ..رغم ما يكنه لهم من حب وعطف" ،على حين يحرم قانون نابليون على الابن أن
يشهد ضد أبيه وأمه في قضية مدنية أو جنائية".42
فالآية تدل دلالة صر يحة على أنه لا طبقية في الإسلام ،بل الجميع أمام العدالة على سواء،
لا فرق بين غني ولا فقير ،ولا فرق بين مسلم وكافر ،ولا فرق بين أبيض وأسود .. ،والمؤمن
مطالب عليه بالقيام بالحق ،ونصرة الحق ،وأن يؤيد الحق حيثما كان .43 ..
والخطاب الق رآني يأمر بالعدل وينهى عن الظلم للمخالف الذي بينه وبين المسلمين كراهية
جدِ الْحَرَا ِم أَ ْن
س ِ ص ُّ ّدوك ُ ْم ع َ ِ
ن ال ْم َ ْ وشنآن قال تعالى﴿ :وَل َا يَجْرِم ََّن ّك ُ ْم شَنَآَنُ قَو ْ ٍم أَ ْن َ
تَعْتَد ُوا﴾(المائدة ، )2:وقال تعالى﴿ :وَل َا يَجْرِم ََّن ّك ُ ْم شَنَآَنُ قَو ْ ٍم عَل َى أَ َّلّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا ه ُو َ أَ ق ْر َبُ
ل ِ َّلت ّقْو َى﴾(المائدة )8:يقول القرطبي" :أي :لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم ،بل
استعملوا العدل في كل أحد ،صديقا كان أو عدوا ،ولهذا قال﴿ :اعْدِلُوا ه ُو َ أَ ق ْر َبُ ل ِ َّلت ّقْو َى﴾
أي :عدل كم أقرب إلى التقوى من تركه" ،44و يقول أبو زهرة" :والعدل ليس موالاة الأولياء،
ومعاداة الأعداء إنما العدالة للجميع على سواء .. ،فالعدالة مع الاعداء المبغوضين كحاله مع
الاولياء المحبوبين أقرب للتقوى".45
و يقول طه عبد الرحمان أن الواقع ال كوني يزن الأفضلية بميزان القوة لا الحق ":ما دام يزن
أفضلية القيم ،لا بميزان الحق ،وإنما بميزان القوة ،فلما كان أقوى من هذه الأمة ،كانت قيمه
أفضل من قيمها ،بل كانت أفضل القيم على الإطلاق ،لظهور تفوق قوته على أية قوة
أخرى".46
التعارف والتعاون قضية واحدة ،لذلك جمعناهما معا في هذا المعلم ،فلا يمكن الفصل بينهما،
لأن التعاون الإنساني ينبني على التعارف بينهم ،فالمتنافرين المتناكرين لا يحصل بينهما تعاون
حقيقي ،ولا يحصل بينهما تآلف كذلك ،47فالتنوع والاختلاف البشري من ذكر وأنثى ،رجالا
ونساء ،شعوب وقبائل وأمم ،مختلفة الطبائع والأخلاق ،مختلفة في المواهب والاستعدادات،
48
والحضارة .. مختلفة الألوان والألسنة ،مختلفة في الشرائع والمناهج ،مختلفة في الفكر والثقافة
لأجل التعارف.
هذا التنوع يقول عبد الل ّه السعدي" :لأجل أن يتعارفوا ،فإنهم لو استقل كل واحد منهم
بنفسه ،لم يحصل بذلك ،التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون ،والتوارث ،والقيام بحقوق
الأقارب ،ول كن الل ّه جعلهم شعوبا وقبائل ،لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها ،مما يتوقف
على التعارف ،49"..وكلام السعدي يدل على بناء التعاون على التعارف ،كما أن هناك أمور
أخرى تتوقف على التعارف –حسب السعدي -غير التعاون.
اس ِإ َّن ّا خ َلَقْنَاك ُ ْم م ِنْ ذَكَرٍ و َ ُّأن ْث َى وَجَعَل ْنَاك ُ ْم شُع ُوب ًا و يقول أبو زهرة في قوله تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا َّ
الن ّ ُ
ل لِت َع َار َفُوا﴾(الحجرات )13:أن هذا النص القرآني يشير إلى ثلاثة معان سامية منها.." :
و َقَبَائ ِ َ
المعنى الثاني الذي دلت عليه الآية ال كريمة أن الاختلاف في الشعوب والقبائل والأجناس
يوجب التعارف ،ولا يسوغ التخالف ،والتعارف يقتضي تعاون أبناء الأرض على استغلال كل
ينابيع الثروة في الأرض ،بحيث يفيض أهل كل إقليم على الآخر بفضل ما عنده ،من غير بخس
ولا شطط ،ومن غير من ،ولا أذى ،و يقتضي المساواة في أصل الحقوق الإنسانية ،الثابتة من
اتحاد الأصل ،و يقتضي العدالة ،ولا يرهق جنس آخر بظلم ،أو أذى أو مضايقة أو استعباد"،50
وقال في موضع آخر من نفس الكتاب" :فبهذا النص يبين القرآن ال كريم أن العلاقة التي يجب أن
تكون السائدة التعارف ،والتعارف تكون معه المودة ،والتعاون وإقرار السلام ،وإحياء
التراحم".51
فلا تعاون حقيقي بدون تعارف ،فالتعاون الإنساني لا يقوم ولا يثمر إلا على أساس التعارف
الإنساني ،يقول الإمام السيوطي في إشارة إلى هذا المعنى .." :أن الإنسان الواحد وحده لا
يستقل بجميع حاجاته بل لا بد من التعاون ولا تعاون إلا بالتعارف .52"..
والتعارف والتعاون كما دعا إليه القرآن ال كريم ،فهو ضرورة اقتضتها المواطنة ووحدة الدار،
فلا يمكن بناء الأوطان وتنميتها في ظل الإقصاء ،أو النزاع الطائفي والديني أو الحزبي ،فبناء دولة
المؤسسات اليوم ،تقتضي التعاون ،وفتح قنوات التواصل والتعارف ،من أجل العيش المشترك
يقول محماد رفيع" :فالتعارف أساس دعا إليه القرآن ،وضرورة أملتها ظروف المشاركة في الدار أو
الوطن بالتعبير العصري ،وإعمال لروح الأخوة الإنسانية بدلا من إهمالها ،فقد نص القرآن
ال كريم بإطلاق ،ومن غير تقييد ولا تخصيص ،53أن من مقاصد التنوع بين البشر التعارف
والتعاون .54"..
55
الإنساني ،وفتح قنوات الحوار والتواصل ،من أجل ويشير القرآن ال كريم إلى التعارف
اس ِإ َّن ّا خ َلَقْنَاك ُ ْم م ِنْ ذَكَرٍ و َ ُّأن ْث َى التكامل المعرفي والأخلاقي ..في قوله تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا َّ
الن ّ ُ
وَجَعَل ْنَاك ُ ْم شُع ُوب ًا و َقَبَائ ِ َ
ل لِت َع َار َفُوا﴾(الحجرات )13:يقول الشيخ النورسي" :أي :خلقناكم طوائف
56
وقد يفهم من النص وقبائل وأمما وشعوبا كي يعرف بعضكم بعضا وتتعرفوا على علاقاتكم".
القرآني حصر التعارف على الشعوب والقبائل ،بل التعارف مشروع مفتوح على لتدبير كل
مظاهر الاختلاف.
والتعارف معناه تبادل المعرفة والخ برة بين الأفراد ،وبين الأمم والحضارات ،لتحقيق البقاء
والرخاء والهناء للبشر ية جمعاء ،والتعارف ليس معناه الاجتماع حول طاولة لتبادل الآراء ليس
إلا ،بل الحوار الحضاري أو التعارف بالمفهوم القرآني يعني ذلك ،و يعني بالأساس تبادل
المنتجات الحضار ية ذات القيمة الإنسانية ،سواء كان إنتاجا ماديا أو إنتاجا معنو يا.
57
قال ودعا الخطاب القرآني إلى التعاون على كل بر وتقوى ،والنهي عن كل إثم وعدوان
جدِ الْحَرَا ِم أَ ْن تَعْتَد ُوا و َتَع َاو َنُوا عَلَى ال ْبِر ِّ
س ِ ص ُّ ّدوك ُ ْم ع َ ِ
ن ال ْم َ ْ تعالى﴿ :وَل َا يَج ْرِم ََّن ّك ُ ْم شَن َ َآنُ قَو ْ ٍم أَ ْن َ
و َّ
َالت ّقْو َى وَل َا تَع َاو َنُوا عَلَى ال ِْإ ْث ِم و َال ْع ُ ْدو َانِ﴾(المائدة )2:والخطاب هنا موجه إلى المجتمع الإنساني
بكل أفراده ودوله ومنظماته وجمعياته ،قال الإمام القرطبي" :وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على
البر والتقوى" ،58و يقول ابن حزم .." :التعاون على البر والتقوى فمتوجه ِإلى كل اثنين فصعدا
،59"..أمر الل ّه تعالى نوع الإنسان بالتعاون على البر والتقوى دون إثم ولا عدوان.60
فالقرآن خطاب هداية الناس إلى ما يصلح علاقاتهم مع خالقهم ،من غير أن يغفل الواجب
الاجتماعي والإنساني ،المتعلق بعلاقات الناس فيما بينهم ،وإدارة اختلافاتهم ،فيعود معنى البر
والتقوى إلى" :الصلاح والتقوى الاجتماعيان".63
ن﴾
والنهي عن التعاون عن الإثم والعدوان في قوله تعالى﴿ :وَل َا تَع َاو َنُوا عَلَى ال ِْإ ْث ِم و َال ْع ُ ْدو َا ِ
يكون بمحاسبة المفسدين ،ورد المعتدين ،والمغتصبين ،وتفعيل القوانين الدولية ،بخصوص المخالفات
التي تقوم بها بعض دول الاستكبار العالمي ،أو المنظمات التابعة لها ،وتفعيل القوانين الوطنية
والمحلية في حق مخالفات الأفراد ،والجمعيات ،والمنظمات ،والأحزاب الوطنية.
يقول سيد قطب إن الإنسانية في التصور الإسلامي" :وحدة تفترق أجزاؤها لتجتمع،
وتختلف لتتسق ،وتذهب شتى المذاهب لتتعاون في النهاية بعضها مع بعض ،كي تصبح صالحة
لتتعاون مع الوجود الموحد".64
يعتبر الحوار والجدل بالتي هي أحسن ،خلق قرآني علاجي للاختلاف الإنساني ،وطر يق
واضح للبحث عن الحقيقة ،يقول الباجي :أن علم الجدل والمناظرة" :علم يعد من أرفع العلوم
قدرا ،وأعظمها شأنا ،لأنه السبيل إلى معرفة الاستدلال ،وتمييز الحق من المحال ،ولولا تصحيح
الوضع في الجدل ،لما قامت حجة ،ولا اتضحت محجة ،ولا علم الصحيح من السقيم ،ولا المعوج
من المستقيم".65
ل
كثر في الخطاب القرآني مجادلة أهل الكتاب خاصة ،ومن ذلك قوله تعالى ﴿ :ي َا أَ ه ْ َ
ل ِإ َّ
لا ّ م ِن بَعْدِه ِ أَ فَلا َ تَعْق ِلُونَ﴾(آل ت َّ
الت ّور َاة ُ و َالإنج ِي ُ اب لِم َ تُح َآ ُّ ّ
جونَ فِي ِإ ب ْر َاه ِيم َ وَم َا ُّأنز ِل َ ِ الْكِت َ ِ
َات اللّه ِ و َأَ نتُم ْ ت َشْهَد ُونَ﴾(آل اب لِم َ ت َ ْ
كف ُر ُونَ ب ِآي ِ ل الْكِت َ ِ
عمران ،)65:وقوله تعالى﴿ :ي َا أَ ه ْ َ
عمران( ،)70:النساء()171 :المائدة()59 :المائدة()68 :المائدة ،.. )77 :وقال تعالى مرشدا
اب
ل الْكِت َ ِ
المسلمين إلى الأسلوب الأحسن في المنهج الجدلي مع أهل الكتاب﴿ :وَل َا تُجَادِلُوا أَ ه ْ َ
ِإ َّلّا ب َِّال ّتِي ِهي َ أَ حْ سَنُ﴾(العنكبوت ،) 46:وقال تعالى في أساس هذا المنهج وهو الاعتماد على
ظ َّنّ و َِإ ْن أَ نتُم ْ إ ََّلا ّ الدليل والبرهان﴿ :قُلْ ه َلْ عِند َكُم مّ ِنْ عِلْم ٍ ف َت ُخْ رِجُوه ُ لَنَا ِإن ت ََّت ّب ِع ُونَ ِإ َّ
لا ّ ال َّ ّ
تَخ ْرُصُونَ﴾(الأنعام.)148 :
والخطاب القرآني حافل بالعديد من المواقف الجدلية ،سواء مع أهل الكتاب أو غيرهم من
المخالفين عموما ،مما يدل على أن الخطاب القرآني اعتمد خلق الجدل بالتي هي أحسن في تدبير
الاختلاف مع المخالف ،يقول ولي الل ّه الدهلوي" :قد وقعت المخاصمة في القرآن العظيم مع الفرق
الأربع الضالة :المشركين واليهود والنصارى والمنافقين ،وهذه المخاصمة على طر يقين :أولا :أن يذكر
سبحانه وتعالى العقيدة الباطلة ،مع التنصيص على شناعتها ،ويذكر استنكارها فحسب .الثاني :أن
يبين شبهاتهم الواهية ،ويذكر حلها بالأدلة البرهانية أو الخطابية".66
أما شبهة من قال بمنع الحوار مع المخالف فإنها باطلة لأن الل ّه تعالى قال –ز يادة على ما
ن ر ََّب ّ َ
ك ه ُو َ ن ِإ َّ ّ ك ب ِالْح ِ ْ
كمَة ِ و َال ْمَوْعِظَة ِ الْحَسَنَة ِ و َج َادِل ْه ُ ْم ب َِّال ّتِي ِهي َ أَ حْ سَ ُ ل ر َب ِّ َ
سبق﴿ :-ا ْدع ُ ِإلَى سَب ِي ِ
ض َّ ّ
ل ع َنْ سَب ِيلِه ِ و َه ُو َ أَ ع ْلَم ُ ب ِال ْمُهْتَدِينَ﴾(النحل.)125: أَ ع ْلَم ُ بِم َنْ َ
الشورى من مميزات النظام الإسلامي ،فهي تتضمن مبادئ :التداول السلمي للأفكار،
والتعاون على الاختيار من الآراء أحسنها للتطبيق والإعمال ،لأن بها يستخرج الحق والصواب،
وبها يقع التحاور والتواصل الإنساني ،فلا تتصور شورى بدون اختلاف في الآراء والأفكار
والتصورات ،وهي نقيض الاستبداد الذي لا يعترف بالمخالف ،بل يستأثر بالسلطة وبالرأي دون
الآخرين ،ونقيض الفوضى التي لا تعترف بحقوق ولا واجبات ولا التزامات متبادلة بين الحكام
والمحكومين ،وهذا ما يثير النزاعات ،والصراعات ،والمعارضات المخربة ،بل المعارضة المسلحة،
التي تتغيا إسقاط الاستبداد.
69
في الأرض، فإن الل ّه تعالى الغني عن الخلق ،عرض على الملائكة أمر استخلاف الإنسان
لتكون الشورى سنة في البشر ،وبمقتضى هذه السنة ،كانت من طبيعة البشر ومقترنة بأصل
تكوينهم ،واستشار فرعون في شأن موسى عليه السلام ،70واستشارت بلقيس في شأن سيدنا
سليمان ،71وعلق ابن عاشور بقوله" :وإنما يلهي الناس عنها حب الاستبداد .72"..
الشورى خلق لتدبير لكل الاختلافات والنزاعات ،لأن الأمر بالشورى عام ،سواء كانت
بين الأفراد العاديين ،أو في الأسرة أو المجتمع أو المؤسسات ،..أو في مجال السياسة بين الحكام
والمحكومين ،فهي تدير كل الاختلافات التي منشؤها الاجتهاد ،وكل ما سكت عنه الوحي ،أو
ورد فيه النص ل كنه ظني الدلالة ،أو الثبوت ،أو هما معا ،فحيث يكون الاختلاف تقع ضرورة
الشورى لتدبيره وإدارته.
وجاء الآمر بالشورى عاما للمسلمين في كل شؤونهم قال تعالى﴿ :و َأَ مْرُه ُ ْم شُور َى
بَيْنَه ُ ْم﴾(الشورى ) 38:يقول الريسوني" :هذه الآية نزلت في المسلمين قبل أن يكون لهم خليفة
ولا دولة أصلا ،فهي تتحدث عن جماعة المومنين مباشرة وأصالة ،فلفظ الآية ،والواقع الذي
تتحدث عنه ،يتعلقان بعموم المسلمين ،وليس بدولتهم ولا برئيسهم ،ولا بهيئة حاكمة فيهم ..
وجاء الأمر بالشورى(يقصد :آل عمران )159:مسبوقا بعبرات وأوامر أخرى لا يشك أحد في
أنها متعلقة بالعموم لا بالخصوص ،75"..و يقول رشيد رضا" :فالمراد بالأمر :أمر الأمة الدنيوي
الذي فيه مجال للرأي ،لا أمر الدين المحض الذي مداره على الوحي دون الرأي".76
ح
وقال تعالى في الشورى العائلية﴿ :ف َِإ ْن أَ ر َاد َا فِصَال ًا ع َنْ ت َر َاضٍ مِنْهُم َا و َتَش َاو ُ ٍر فَلَا جُنَا َ
عَلَيْهِم َا﴾(البقرة .)233:فالشورى عامة تشمل كل المجالات من العائلة إلى القبيلة ..إلى الأمة
يقول ابن عاشور أنها" :في مراتب المصالح كلها :وهي مصالح العائلة ومصالح القبيلة أو البلد،
ومصالح الأ َّمّة".77
78
اتجاه الرعية ،فلا يجوز الانفراد بالسلطة واتخاذ والشورى واجبة على الأمراء والولاة
القرارات في قض ايا الشأن العام دون استشارة الشعوب ،وأخذ رأيها ،لأن الشورى مشاركة
ومعاونة ،وتفاعل إ يجابي بين الحكام والمحكومين قال تعالى﴿ :وَشَاوِرْه ُ ْم فِي الْأَ مْر ِ﴾(آل
79
يروي القرطبي عن ابن خويز منداد من المال كية قوله" :واجب على الولاة عمران)159:
مشاورة العلماء فيما لا يعلمون ،وفيما أشكل عليهم من أمور الدين ،ووجوه الجيش فيما يتعلق
بالحرب ،ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ،ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق
بمصالح البلاد وعمارتها".80
ومما يحد من الاختلافات والنزاعات لزوم نتائج الشورى للحاكم ،وذلك باتباع الإجماع أو
ال أغلبية ،وخصوصا في زماننا الذي قلت فيه الديانات ،وضعف فيه الوازع الإيماني والأخلاقي،
يقول القرضاوي" :إننا نتبنى القول بوجوب الشورى ،وبأن نتائجها ملزمة ،ما دامت صادرة من
أهلها في محلها ،وحسب أمتنا ما لاقت من الطغاة والمستبدين".81
أما الديمقراطية فهي ابتكار بشري وإنجاز إنساني لمنع الظلم والاستبداد السياسي ،وتدبير
الاختلاف بين الأقلية والأغلبية داخل الوطن الواحد ،وإخضاع السلطة لرقابة الشعب ،والحد
من سلطات الحكام ،وبناء دولة المؤسسات ،وحماية حقوق وحر يات المواطنين ،وهي ليست
كفرا ولا فسقا ،فكل ما في الأمر هو أن اغتيال الشورى في وقت مبكر ،وعدم قيام المسلمين
بواجب الشهود الحضاري ،وإعطاء البدائل التي يقترحها الوحي على الخلق ،وممارستها على أرض
الواقع ،ظهرت الديمقراطية بآلياتها و"يمكن أن يقبل المسلمون آليات الديمقراطية ،وأن يخضعوها
لسقفنا الإسلامي ،وهو التزام حكم الل ّه فيما هو من القطعيات والثوابت .82"..
والديمقراطية في النظر الغربي قائمة على ضبط الصراع الاجتماعي ،لأن الصراع في النظر
الغربي هو الاصل في العلاقات البشر ية ،وليس الاخوة في المنشأ ،والاصل ،والمآل ،والوظيفة
الاستخلافية العمرانية المشتركة ..التي يجب التعاون على إنجازها ،ليصبح ال كون بيتا عامرا آمنا
للبشر ية ..كما هو الحال في الرؤ ية الاسلامية".83
فإن الشورى من مفاخر الإسلام ،ومن الأدوات والآليات التي قررها القرآن ال كريم ،لتدبير
الاختلاف السياسي ،وتنظيم العلاقة بين الحكام والشعوب ،وقد أثبتت كفائتها ونجاعتها في نظام
الحكم في عصر الخلافة الراشدة ،وهذا بشهادة المخالف قبل الموافق يقول الشيخ رضا" :قال أحد
كبار علماء الألمان في الأستانة ،لبعض المسلمين فيهم أحد شرفاء مكة ،أنه ينبغي لنا أن نقيم تمثالا
من الذهب لمعاو ية ابن أبي سفيان في ميدان كذا من عاصمتنا( برلين) قيل له لمذا؟ قال لأنه هو
الذي حول نظام الحكم الإسلامي عن قاعدته الديمقراطية إلى عصبية الغلب ،ولولا ذلك لعم
الإسلام العالم كله ،ولكنا نحن الألمان وسائر شعوب أوربا عربا مسلمين".84
المقصود بخلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،الاحتكام إلى كل ما يستحسنه العقل
والشرع من أعمال الخ ير والنفع الإنساني ،لما في ذلك من تدبير للاختلاف ومعالجته ،وتقليل
لأسبابه ،واتساع مساحة المعروف ،وتضييق مساحة المنكر.
والمتأمل في الخطاب القرآني ،يجده قد أكد على هذا الخلق في تدبير الاختلاف الإنساني في
سياقات مختلفة ،حيث يعطي الحق في إبداء الرأي المعارض ،والوقوف مع الحق والمعروف،
والرفض لكل منكر في حر ية تامة ،وأمر الل ّه تعالى به "لرفع الحق وإخماد الباطل" ،85فهو ضابط
لسير نظام الحكم في الدولة الإسلامية ،وضابط للعلاقات الأخرى سواء كانت فردية أو أسر ية
أو اجتماعية ..
فهذا الخلق يحمي المجتمع الإنساني من الظلم والاستبداد والفساد ،..والانفراد بالرأي،
واتخاذ القرار من جهة واحدة ،يحمي الحقوق ،ويساعد على أداء الواجبات ،يرد المظالم إلى
أهلها ،و يعالج الخلاف الإنساني ،و يضبطه بطلب الحق وقصد الصواب" ،فإذا توهم متوهم فيما
هو حق ،أنه باطل وتصوره بخلاف صورته ،فأخذ يدب عنه ،فالواجب في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ،أن يدفع عن ذلك ،ويبين له وجه خطئه ليرجع عنه ويتبصر .86"..
فإن تعطيل خلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وتخاذل الناس في ممارسته ،مدخل
لفساد الحكم ،وأكل أموال الناس بالباطل ،وضياع الحقوق ،والتماطل في أداء الواجبات ،..إلى
غير ذلك من مظاهر الفساد مما ينتج عنه خراب العمران ،ولا يخفى ما ينتج عن هذا كله من
نزاعات واختلافات لا يعلم كنهها إلا الل ّه.
يقول الغزالي" :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهم
الذي ابتعث الل ّه له النبيين أجمعين ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت
الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت
البلاد وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد".87
ولأهميته في تدبير الاختلاف الإنساني جعله الخطاب القرآني واجبا على كل قادر عليه
ن ال ْمُن ْكَر ِ و َ ُّأولَئ ِ َ
ك ُوف و َيَنْهَوْنَ ع َ ِ يقول تعالى﴿ :و َل ْتَكُنْ م ِنْك ُ ْم ُّأ َّمّة ٌ ي َ ْدع ُونَ ِإلَى الْخ َيْرِ و َي َأْ م ُرُو َ
ن ب ِال ْمَعْر ِ
هُم ُ ال ْمُفْلِحُونَ﴾(آل عمران )104:يقول ابن عاشور" :وصيغة﴿ :و َل ْتَكُنْ م ِنْك ُ ْم ُّأ َّمّة ٌ﴾ صيغة
وجوب لأنها أصرح في الأمر من صيغة افعلوا لأنها أصلها".88
وبذلك يكتسب مشروعيته في أعلى مراتب التكليف الشرعي ،فيكون طلبه طلبا جازما،
يلحق العقاب من تركه ،و يؤجر فاعله ،وهو واجب على الفرد والجماعة :هيئة أو نقابة أو منظمة
أو دولة ،..وبذلك يكون إبداء الرأي بالمعروف ونهي المنكر قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه،
ويسأل عنها يوم القيامة.
ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفيل بحماية الألفة والاجتماع الإنساني ،وممارسة
النقد البناء ،فإنه يقوم بتطهير المجتمع من المنكر وبناء صرح المعروف ،وتنظيم العلاقات
الإنسانية ،ليقل المنكر ويشيع المعروف في المجتمع الإنساني.
ن
ن الْق ُر ُو ِ
وقال تعالى في طلب إ يجاد أولي بقية ينهون عن الفساد في الأرض﴿ :فَلَوْل َا ك َانَ م ِ َ
ض﴾(هود )116:و﴿ ُّأولُو بَق َِّي ّة ٍ﴾ ،هم "ذو بقية م ِنْ قَب ْل ِك ُ ْم ُّأولُو بَق َِّي ّة ٍ يَنْهَوْنَ ع َ ِ
ن الْفَسَادِ فِي الْأَ ْر ِ
من الفهم والعقل".89
فهو خلق يؤثر في الفرد والمجتمع ،وذلك بالقضاء على أسباب الانحراف ومظاهره ،و يقطع
كل الطرق المؤدية إلى الجريمة ،وذلك بتقو ية الوازع الذاتي للأفراد ،ونشر ثقافة قانون الأخلاق
في المجتمع.
وهو خلق مشترك للإنسانية ،لذلك طلب الخطاب القرآني إ يجاد أولي بقية ،ينهون عن الفساد
في الأرض ،وهو أسلوب سلمي في معالجة الاختلاف وتدبيره ،حيث أكد القرآن ال كريم على
الدعوة والجدل بالتي هي أحسن ،ويحمي المجتمع الإسلامي والإنساني ،من مثارات الاختلاف
والنزاع ،و يحافظ على الوحدة والائتلاف.
الصلح خلق علاجي عملي لتدبير الاختلاف الإنساني ،سواء كان بين المؤمنين أفرادا أو
جماعات أوقبائل ،..أو دول لكل واحدة منهما استقلال عن الأخرى ،أو كان بين المؤمنين
وغيرهم من المخالفين لهم في الدين والمعتقد ،داخل الوطن الواحد أو خارجه ،فيما يتعلق
بالعلاقات الدولية ،فهو ضابط لحماية المجتمع الإنساني من التفرق والنزاع والخصام ،فالاتجاه نحو
الصلح لحماية الأمن والسلم أسلوب حضاري ،يقترحه القرآن ال كريم على بني الإنسان ،وجعل
ح خَيْر ٌ﴾(النساء ،)128:للحد من الخصومات المفضية إلى فيه الخ ير ية المطلقة قال تعالى﴿ :و ُّ
َالصّ ل ْ ُ
القتال وسفك الدماء ،..وتحصين المجتمع البشري من تداعيات الاختلاف والتباين في وجهات
النظر.
والإصلاح هو إنهاء أو إزالة الخصومات والنزاعات والخلافات بين الناس ،من أجل بناء
الائتلاف الإنساني ،فهو خلق مهم في تدبر الاختلاف.
وأشار الخطاب القرآني إلى خلق الصلح بين المتخاصمين لتدبير الاختلافات الإنسانية الفردية
والجماعية ،..في سياقات مختلفة ،وحث عليه طرفي النزاع ،لتدبير اختلافاتهم ،والحد من تطور
نزاعاتهم ومعالجتها ،لتحقيق الائتلاف وتدبير الاختلاف ،وحماية الجامعة الإنسانية ،المحلية
والعالمية ،ودفع القتال وإراقة الدماء.
ونعرض في الآتي لأنواع الصلح في الخطاب القرآني ،لتجلية أهمية الصلح في تدبير
الاختلاف الإنساني ومنها :ما كان بين عموم الناس ،كانوا مسلمين أو غير مسلمين ،ومنها ما كان
داخل دائرة الإسلام ،بين الطوائف الإسلامية ،ومنها ما كان بين الأفراد والأسر والعلاقات
الاجتماعية عموما.90
قال تعالى في الدعوة إلى الإصلاح بين عموم الناس ،في سياق النهي عن النجوى﴿ :ل َا خَي ْر َ
ك
س وَم َنْ يَفْع َلْ ذَل ِ َ
الن ّا ِ ُوف أَ ْو ِإصْ ل َ ٍ
اح بَيْنَ َّ نج ْو َاه ُ ْم ِإ َّلّا م َنْ أَ م َرَ ب ِ َ
صد َقَة ٍ أَ ْو مَعْر ٍ فِي كَث ِيرٍ م ِنْ َ
جر ًا عَظ ِيم ًا﴾(النساء )114:يروي البغوي عن مجاهد قوله: ْف نُؤ ْتيِه ِ أَ ْالل ّه ِ فَسَو ََات َّ اب ْتِغ َاء َ م َْرض ِ
91
"الآية عامة ٌ في حق جميع الناس"
وهو عام كذلك في كل ما يختلف ويتنازع فيه الناس يقول القرطبي﴿" :أَ ْو ِإصْ ل َ ٍ
اح بَيْنَ
س﴾ عام في الدماء والأموال والأعراض ،وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه َّ
الن ّا ِ
،92"..و يقول القاضي أبو الوليد بن رشد" :وهذا عام في الدماء والأموال والأعراض ،وفي كل
شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين".93
قال تعالى في الأمر بالصلح بين الطائفتين المختصمتين داخل الدائرة الإسلامية وهو"صلح بين
َت
ن ال ْمُؤْم ِنِينَ اق ْتَتَلُوا ف َأَ صْ لِحُوا بَيْنَهُم َا ف َِإ ْن بَغ ْ ن مِ َ أهل العدل وأهل البغي"﴿ :94و َِإ ْن طَائِف َتَا ِ
ل الل ّه ِ ف َِإ ْن فَاء َ ْ
ت ف َأَ صْ لِحُوا بَي ْنَهُم َا ب ِال ْع َ ْد ِ ِإحْد َاهُمَا عَلَى ا ْل ُّأ ْ
خر َى فَق َاتِلُوا َّال ّتِي تَبْغ ِي ح ََّت ّى تَفِيء َ ِإلَى أَ ْمر ِ َّ
الل ّه َ لَع َ َّل ّ ك ُ ْم
سط ِينَ ِإ َّن ّمَا ال ْمُؤْم ِن ُونَ ِإخْ وَة ٌ ف َأَ صْ لِحُوا بَيْنَ أَ خَو َيْك ُ ْم و ََّات ّق ُوا َّ يح ُّ ّ
ِب ال ْم ُ ْق ِ الل ّه َ ُ
ن َّسطُوا ِإ َّ ّ
و َأَ ق ْ ِ
تُرْحَم ُونَ﴾(الحجرات.)10-9:
والصلح المأمور به لتدبير الاختلاف بين المتخاصمين المتنازعين يكون "بالنصح وإزالة الشبهة
إن كانت والدعاء إلى حكم الل ّه عز وجل" ،95وبكل وسيلة وطر يقة ما دام يتحقق بها الإصلاح
بين المتنازعين ،وتحقن بها الدماء ،وتجتنب بها الفتن ،يقول محمد حسين فضل الل ّه﴿" :ف َأَ صْ لِحُوا
بَيْنَهُم َا﴾ بالوسائل التي تمل كون تحر يكها في جمع الشمل ولم الشعث وتأليف القلوب وتقريب
المواق ف ،أو توحيدها ،وقد وضع الإسلام الإصلاح بين المؤمنين في مرتبة عليا تتقدم على
المستحب من الصلاة والصيام ،وقد بلغ الاهتمام به حدا كبيرا ،بحيث أجاز للمصلحين ال كذب
إذا توقف الإصلاح عليه".96
-3الصلح األسري:
فقد شهد عالمنا المعاصر بفعل الخلافات الزوجية ،مآسي كثيرة ،نتج عنها :كثرة الطلاق،
والنزاعات الزوجية ،وتفكك الأسر ،وضياع الأبناء ،..وكثرت القضايا أمام المحاكم ،وواكب
ذلك عجز القضاء تدبير هذه الاختلافات ،ل كثرتها وتنوعها وتشعبها ،بتشعب قضايا عالمنا
المعاصر ،وهذا ناتج عن قصور هذه المحاكم على اختلاف تخصصاتها عن تفعيل خلق الصلح
الودي بين الزوجين ،أو بين أفراد الأسرة عموما ،على وفق الهدى القرآني.
حث القرآن ال كريم الزوجين على الصلح عند الاختلاف والنزاع ،والمتعلق بنشوز الزوج أو
ح
ضا فَلَا جُنَا َ
ن امْرَأَ ة ٌ خ َاف َْت م ِنْ بَعْلِه َا نُش ُوز ًا أَ ْو ِإعْرَا ً
الإعراض عن زوجته قال تعالى﴿ :و َِإ ِ
ح خَيْر ٌ﴾(النساء .)128:يقول ابن جزي الكلبي" :معنى الآية عَلَيْهِم َا أَ ْن يُصْ ل ِح َا بَيْنَهُم َا صُلْح ًا و ُّ
َالصّ ل ْ ُ
إباحة الصلح بين الزوجين ،إذا خافت النشوز أو الإعراض ،وكما يجوز الصلح مع الخوف
كذلك يجوز بعد وقوع النشوز أو الإعراض" ،97و يقول الرازي" :قوله ﴿نُش ُوز ًا أَ ْو ِإعْرَاضًا﴾
المراد بالنشوز إظهار الخشونة في القول أو الفعل أو فيهما ،والمراد من الإعراض السكوت عن
الخ ير والشر والمداعاة والإيذاء ،وذلك لأن هذا الإعراض يدل دلالة قو ية على النفرة
وال كراهة".98
فهذا توجيه للزوجين بسلوك كل الطرق المؤدية إلى الصلح ،من أجل الالفة والاستقرار
الاسري ،يقول ابن عطية" :وأنواع الصلح كلها مباحة في هذه النازلة ،أن يعطي الزوج على أن
تصبر هي ،أو تعطي هي على أن لا يؤثر الزوج ،أو على أن يؤثر ويتمسك بالعصمة ،أو يقع الصلح
على الصبر على الاثرة ،فهذا كله مباح".99
وبالجم لة الصلح خلق علاجي لتدبير الاختلاف بين المتخاصمين ،والتوافق بين الناس ،ورفع
النزاع والصراع بينهم ،ووقف القتال ،وقطع الخصومات الواقعة أو المتوقعة ،فهو طر يق واضح
لبناء الائتلاف ،والحد من النزاعات ،والاختلافات المفضية إلى الحروب ،سواء بين المسلمين،
أو بينهم وبين غيرهم من المخالفين لهم في الدين أو المعتقد ،..محاربين أو غير محاربين ،وسواء
تعلق الأمر بالاختلافات الأسر ية ،أو بالاختلافات الاجتماعية ،..فردية أو جماعية ..
يشير الخطاب القرآني في آيات عديدة إلى خلق الالتزام والوفاء بالعهود والمواثيق ،والحث
والتشديد على الوفاء بها والوقوف عند حدودها ،والالتزام بمضامينها ،والتحذير من الخيانة والغدر
ونقض العهود ،لما تحققه من مقاصد حفظ السلم والأمن والتعايش الإنساني ،واجتناب
النزاعات والحروب التي تدمر العمران ،وتعيق التنمية والتطور ،حتى قيل في تعر يف العهد
"الحفاظ ورعاية الحق والحرمة ..والعهد :الأمان" ،100وبذلك يكون الالتزام والوفاء بالعهود
خلق من أخلاق تدبير الاختلاف في الخطاب القرآني.101
فإن الخطاب القرآني يدل على أن المعاهدات والمواثيق تكليف شرعي ،لأهميتها في تدبير
الل ّه ِ أَ وْفُوا﴾(الأنعام ،)152:أو بين 102
العلاقة بين الناس وخالقهم من جهة قال تعالى﴿ :و َب ِع َ ْهدِ َّ
الناس فيما بينهم103من جهة ثانية قال تعالى﴿ :و َأَ وْفُوا ب ِال ْع َ ْهدِ ِإ َّ ّ
ن ال ْع َ ْهد َ ك َانَ
مَسْئ ُول ًا﴾(الإسراء.)34:
فخلق الوفاء بالعهود والمواثيق ،يشمل كل العهود التي تعقد بين الناس ،أو بينهم وبين
خالقهم يقول تعالى﴿ :و َال ْم ُوفُونَ ب ِع َ ْهدِه ِ ْم ِإذ َا عَاهَد ُوا﴾(البقرة ،)177:وقال تعالى﴿ :ال َّ ّذ ِي َ
ن
الل ّه ِ وَل َا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾(الرعد )20:يقول سيد قطب" :وعهد الل ّه مطلق يشمل
يُوفُونَ ب ِع َ ْهدِ َّ
كل عهد ،وميثاق الل ّه مطلق يشمل كل ميثاق".104
105
التي تبرم مع المخالف ،من الخطاب القرآني يحث المسلم على الالتزام والوفاء بالعقود
معاهدات واتفاقات دولية أو محلية أو غير ذلك ..يقول تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا ال َّ ّذ ِي َ
ن آَم َن ُوا أَ وْف ُوا
ب ِال ْعُق ُودِ﴾(المائدة )1:فهذا أمر بالوفاء بالعقود المبرمة بين طرفين أو أكثر ،كيفما كان نوعها أو
106
شكلها" ،من أمان وذِ َّمّة ،أو نصرة ،أو نكاح ،أو بيع ،أو شركة ،أو غير ذلك من العقود".
أي سواء تعلق الأمر بالنظام السياسي ،أو النظام الأسري ،أو بالبيع والشراء ،أو غير ذلك من
المعاملات الإنسانية ..
ال َّد ّارِ﴾(الرعد ،)25:وفي المقابل يمدح الموفين بالعهد والميثاق يقول تعالى﴿ :ال َّ ّذ ِي َ
ن يُوفُونَ ب ِع َ ْهدِ
ن ي َ ْدخ ُلُونَهَا الل ّه ِ وَل َا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾(الرعدُّ ..﴿ )20:أولَئ ِ َ
ك لَه ُ ْم عُقْب َى ال َّد ّارِ ج ََّن ّاتُ ع َ ْد ٍ َّ
(﴾..الرعد.)23-22:
ويشدد على الالتزام بالمعاهدات ولو مع أشد الناس عداوة للمومنين :اليهود والمشركين قال
شي ْئًا و َل َ ْم يُظَاه ِر ُوا عَلَيْك ُ ْم أَ حَدًا ف َأَ ت ُِّم ّوا
ن ال ْمُشْرِكِينَ ث َُّم ّ ل َ ْم يَنْقُصُوك ُ ْم َ تعالىِ ﴿ :إ َّلّا ال َّ ّذ ِي َ
ن عَاه َ ْدت ُم ْ م ِ َ
يح ُّ ّ
ِب ال ْم َُّت ّق ِينَ﴾(التوبة )4:فالاستثناء في الآية يتعلق بالمعاهدين الل ّه َ ُ
ن َِّإلَيْه ِ ْم ع َ ْهد َه ُ ْم ِإلَى م ُ َّ ّدتِه ِ ْم ِإ َّ ّ
يقول دروزة" :وفي الاستثناء حكم مستمر المدى كما هو المتبادر".107
ل كن القرآن ال كريم رغم حرصه على المعاهدات والالتزام بها ،لتدبير الاختلاف الإنساني
بعيدا عن الحروب ،لم يجعل الالتزام بالعقود على إطلاقه ،بل قيده بالتزام الطرف الأخر ،لذلك
أجاز القرآن ال كريم قتال المخالف إذا لم يلتزم بالمتفق عليه ،ونقض العهد قال تعالى﴿ :و َِإ ْن نَكَث ُوا
أَ يْمَانَه ُ ْم م ِنْ بَعْدِ ع َ ْهدِه ِ ْم وَطَع َن ُوا فِي دِينِك ُ ْم فَق َاتِلُوا أَ ئ َِّم ّة َ ال ْ كُ ْفرِ ِإ َّ ّنه ُ ْم ل َا أَ يْمَانَ لَه ُ ْم لَع َ َّل ّه ُ ْم
يَنْتَه ُونَ﴾(التوبة )12:يقول القنوجي البخاري" :فيه وجوب قتالهم إذا نكثوا الأيمان ونقضوا
العهد ،وأعلمنا سبحانه أنهم إذا طعنوا في ديننا كطعنهم في القرآن العظيم وسبهم النبي صلى الل ّه
عليه وسلم انتقض عهدهم".108
وتتجلى أهمية المعاهدات والمواثيق في إدارة الاختلاف وتدبيره ،في التطبيق العملي للقرآن
ال كريم على يد رسول الرحمة محمد صلى الل ّه عليه وسلم مع اليهود في المدينة المنورة بعد الهجرة ،في
109
ومعاهدة صلح الحديبية مع مشركي إطار التأسيس لأول دولة إسلامية "فخانوا وغدروا"
مكة" ،110فنقضوا عهدهم" ،111والعهد النبوي لنصارى نجران بتاريخ الثالث من محرم ،في السنة
الثانية للهجرة... 112
الخالصات:
- 1القرآن ال كريم كتاب أخلاق وقيم ،لأنه كتاب هداية للبشر ية ،فهو يوجه الخلق نحو
التقوى والاستقامة.
- 2خلق الل ّه تعالى الناس مختلفين ،وهي سنته سبحانه في الخلق ،فالاختلاف سنة كونية
وحقيقة شرعية ،ل كنه وجههم إلى الأخلاق والقيم المشتركة الجامعة المؤلفة
- 3جعل الل ّه تعالى للناس رغم اختلافهم أخلاق وقيم كلية قادرة على تدبير اختلافاتهم،
إما عن طر يق الوقاية قبل الاختلاف الصراعي أو الصدامي ،أو علاجها بعد وقوعه..
- 4اشتمل الخطاب القرآني على نظرة أخلاقية متكاملة لتدبير الاختلاف الإنساني ،فعالجه
قبل الوقوع وبعده.
الهَاهش :
س
ن ِإلَيْهَا﴾ (الأعراف )189:قال تعالى﴿ :خ َلَقَك ُ ْم م ِنْ ن َ ْف ٍ
سكُ َ
جه َا لِي َ ْ
ل مِنْهَا ز َ ْو َ
جع َ َ
حدَة ٍ و َ َ -1قال تعالى﴿ :ه ُو َ ال َّ ّذ ِي خ َلَقَك ُ ْم م ِنْ ن َ ْف ٍ
س و َا ِ
جه َا﴾(الزمر)6:
ل مِنْهَا ز َ ْو َ حدَة ٍ ث َُّم ّ َ
جع َ َ و َا ِ
-2مفاتيح الغيب(التفسير ال كبير) ،للإمام محمد الرازي فخر الدين(ت604:ه) ،دار الفكر ،ط1401( ،1/ه1981/م).164/9 ،
-3جامع البيان في تأو يل القرآن ،الطبري (ت310 :ه ) ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،مؤسسة الرسالة ،ط1420( ،1/ه2000/م)،
.512/7
-4الإيمان والعمران ،عبد المجيد النجار ،مجلة إسلامية المعرفة ،العدد ،8:السنة الثانية1417(،ه1997/م) ص.69 :
( -5هود( )61:هود( )50:هود( )84:النمل( ،)45:الأعراف( )85 :الأعراف( )73:العنكبوت)36:
-6مفاتيح الغيب(التفسير ال كبير) ،الرازي.161/14 ،
-7تفسير التحرير والتنوير ،الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ،الدار التونسية1984(،م).201/8 ،
-8تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) ،رشيد رضا (ت1354 :ه ) ،الهيئة المصر ية العامة للكتاب1990( ،م).441/8 ،
-9مظاهر تكريم الإنسان في القرآن ال كريم ،الدكتور الشاهد البوشيخي ،رسائل الهدى( )4منشورات المحجة ،أنفو-برانت ،فاس ،ط،1/
(1423ه ،)2003/ص.15 :
-10مفاتيح الغيب(التفسير ال كبير) ،الرازي.232-231/26 ،
-11مظاهر تكريم الإنسان في القرآن ال كريم ،الدكتور الشاهد البوشيخي ،رسائل الهدى( )4ص.19 :
الله ُ ح َلَال ًا ن وَك ُلُوا مِم َّّا رَز َقَكُم ُ َّّ الل ّه َ ل َا يُح ُّ ّ
ِب ال ْمُعْتَدِي َ ن َّالل ّه ُ ل َك ُ ْم وَل َا تَعْتَد ُوا ِإ َّ ّ
ات م َا أَ ح َ َّّل َّ -12قال تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا ال َّ ّذِي َ
ن آم َن ُوا ل َا تُح َرِ ّم ُوا طَيِّب َ ِ
الل ّه َ ال َّ ّذ ِي أَ ن ْتُم ْ بِه ِ مُؤْم ِن ُونَ﴾(المائدة)88-87: طَيِّبًا و ََّّاتق ُوا َّ
الله ِ لَع ََّّله ُ ْم ي َ َّ ّذ َّّكر ُونَ َات َّّ
ك م ِنْ آي ِ اس ا َّلت ّقْو َى ذَل ِ َ
ك خَيْر ٌ ذَل ِ َ سو ْآتِك ُ ْم وَرِيشًا و َلِب َ ُ
﴿ -13ي َا بَنِي آدَم َ ق َ ْد أَ ن ْزَلْنَا عَلَيْك ُ ْم لِبَاسًا يُوَارِي َ
﴾(الأعراف)26:
ق م َا ل َا تَعْلَم ُونَ ﴾(النحل)8:
يخ ْل ُ ُ
ل و َالْحمَِير َ لِتَرْكَب ُوه َا وَزِينَة ً و َ َ
ل و َال ْبِغ َا َ
﴿ -14و َالْخيَ ْ َ
سك َنًا﴾( النحل)80: ل ل َك ُ ْم م ِنْ بُي ُوتِك ُ ْم َ
جع َ َ
﴿ -15و ََّالل ّه ُ َ
خ ُّفّونَهَا يَوْم َ َظعْنِك ُ ْم و َيَوْم َ ِإقَام َتِك ُ ْم وَم ِنْ أَ صْ وَافِه َا و َأَ ْو ب َارِه َا و َأَ شْ ع َارِه َا أَ ث َاث ًا وَم َتَاعًا ِإلَى حِينٍ
ل ل َك ُ ْم م ِنْ ج ُلُودِ ا ْلأَنْع َا ِم بُي ُوت ًا تَسْت َ ِجع َ َ
﴿ -16و َ َ
ك يُت ُِّم ّ نِعْم َت َه ُ
سك ُ ْم ك َذَل ِ َ ل تَق ِيكُمُ الْح َ َّّر و َسَر َابيِ َ
ل تَق ِيك ُ ْم ب َأْ َ ل ل َك ُ ْم سَر َابيِ َ
جع َ َ
ل أَ كْناَن ًا و َ َ
ن الْج ِبَا ِ
ل ل َك ُ ْم م ِ َ
جع َ َ
ق ظِلَال ًا و َ َ
ل ل َك ُ ْم مِمَّّا خ َل َ َ
جع َ َ
و ََّالل ّه ُ َ
عَلَيْك ُ ْم لَع ََّل ّ ك ُ ْم تُسْل ِم ُونَ ﴾( النحل)80:
-34المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،ابن عطية(ت ،)546:تحقيق :عبد السلام عبد الشافي محمد ،دار ال كتب العلمية ،بيروت-لبنان،
ط1422(1/ه2001/م).269/5 ،
-35الكليات الأساسية للشر يعة الإسلامية ،الريسوني ،دار الكلمة ،القاهرة-مصر ،ط1434(1/ه2013/م) ،ص.85-84:
-36كليات رسائل النور ،صيقل الإسلام ،محاكمات ،بديع الزمان سعيد النورسي ،ترجمة :إحسان قاسم صالحي ،شركة سوزلر للنشر،
القاهرة ،مصر ،ط2004(،4/م) ،ص.139:
-37كيف نتعامل مع القرآن العظيم ،يوسف القرضاوي ،دار الشروق ،القاهرة ،ط1421(3/ه2000/م) ص.119:
-38قواعد الأحكام في مصالح الأنام العزيز بن عبد السلام(ت660:ه ) ،راجعه وعلق عليه :طه عبد الرؤوف سعد ،مكتبة الكليات
الأزهر ية ،القاهرة1414(،ه1991/م).190-189/2 ،
-39المعجزة ال كبرى القرآن ،أبو زهرة ،ص.456 :
-40التحرير والتنوير ،ابن عاشور.255/14 ،
-41نفسه.
-42دستور الأخلاق في القرآن :دراسة مقارنة للأخلاق النظر ية في القرآن ،عبد الل ّه دراز ،تعريب والتحقيق والتعليق :عبد الصبور
شاهين ،مراجعة :محمد السيد بدوي ،مؤسسة الرسالة ،دار البحوث العلمية ،ط1418(10/ه1998/م).ص .144:والنظر كذلك ما ذكره
المؤلف في قاعدة العدالة الشاملة ،نفسه.53 :
-43ينظر :المعجزة ال كبرى القرآن ،أبو زهرة ،ص.457:
-44الجامع لأحكام القرآن ،القرطبي(ت 671:ه ) ،تحقيق :هشام سمير البخاري ،دار عالم ال كتب ،الر ياض ،الممل كة العربية السعودية( ،
1423ه 2003 /م).62/3 ،
-45المعجزة ال كبرى القرآن ،أبو زهرة ،ص.456 :
-46الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري ،طه عبد الرحمان ،المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء-المغرب ،ط2005(1/م) ،ص.100:
ف» .صحيح البخاري ،تحقيق:
ف ،وَم َا تَنَاك َر َ مِنْهَا اخْ تَل َ َ ح جُن ُود ٌ مُج ََّن ّدَة ٌ فَمَا تَع َار َ
َف مِنْه َا ائ ْتَل َ َ -47إشارة إلى قوله صلى الل ّه عليه وسلم« :ال َأ ْرو َا ُ
محمد زهير بن ناصر الناصر ،دار طوق النجاة ،ط1422(1/ه).كتاب أحاديث الأنبياء ،باب الأرواح جنود مجندة ،رقم،3336 :
.133/4
-48الثقافة" :هي الأفكار والقيم والنظم والعادات والتقاليد والأعراف وشبكة العلاقات الاجتماعية بتطبيقاتها المختلفة التي تنتجها الأمة
خلال ماضيها وحاضرها مستمدة من الكتاب والسنة النبو ية المطهرة" .مناهج التربية الإسلامية والمربون العاملون فيها ،ماجد عرسان
الكيلاني ،عالم ال كتب ،بيروت -لبنان ،ط1416(1/ه1995/م) ،ص.129:
-49تيسير ال كر يم الرحمن في تفسير كلام المنان ،السعدي(ت1376:ه ) ،تحقيق :عبد الرحمن بن معلا اللو يحق ،مؤسسة الرسالة،
ط1420(،1/ه 2000/م).802/1 ،
-50المعجزة ال كبرى القرآن ،أبو زهرة ،ص.458:
-51نفسه ،ص.533-532:
-52المزهر في علوم اللغة وأنواعها ،السيوطي ،شرحه وضبطه وصححه وعنون موضوعاته وعلق حواشيه :محمد أحمد جاد المولى بك ،محمد أبو
الفضل إبراهيم ،علي محمد البجاوي ،مكتبة دار التراث ،القاهرة ،ط . 38/1 ،3/رغم أن السياق الذي استعمل فيه السيوطي العلاقة بين
التعارف والتعاون مختلف عن سياقنا ،إلا أنه يمكننا استعارة هذا المعنى وتوظيفه في هذا السياق ،وخصوصا إذا أضيف إلى كلام السعدي
السابق فإنه يقو يه.
-53يقصد( :الحجرات.)13 :
-54النظر الشرعي في بناء الائتلاف وتدبير الاختلاف :دراسة تأصيلية تحليلية ،محمد رفيع ،دار السلام ،القاهرة ،ط،1/
(1433ه2012/م) ،ص.47:
ف بعضهم بعضا .قال :لِت َعار َف ُوا (الحجرات ،)13 :وقال :يَت َعار َف ُونَ بَيْنَه ُ ْم (يونس ")45 :المفردات في
-55يقول الراغب" :وتَع َار َف ُوا :ع َرَ َ
غريب القرآن ،الراغب الأصفهاني(ت502:ه ) ،تحقيق :صفوان عدنان الداودي ،دار القلم ،الدار الشامية ،دمشق ،بيروت،
ط1412(1/ه ).561/1 ،
-56كليات رسائل النور( ،)2المكتوبات ،سعيد النورسي ،ص.413 :
-57منهج القرآن في تربية المجتمع ،عبد الفتاح عاشور ،مكتبة الخانجي ،ط1399(1/ه1979/م) ،ص.374 :
-58الجامع لأحكام القرآن ،القرطبي.46/6 ،
-59الفصل في الملل والأهواء والنحل ،ابن حزم(ت456:ه ) ،تحقيق :محمد ابراهيم نصر ،عبد الرحمان عميرة ،دار الجيل ،بيروت،
.130-129/4
-60أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك ،خير الدين التونسي ،تحقيق :محمد الحداد ،دار الكتاب المصري ،القاهرة ،دار الكتاب اللبناني
بيروت ،ط1433(1/ه2012/م) ،ص.3 :
-61الجامع لأحكام القرآن ،القرطبي.46/6 ،
-62حجة الل ّه البالغة ،الدهلوي ،حققه وراجعه السيد سابق ،دار الجيل ،ط1426(،1/ه2005/م).114/1 ،
-63الميزان في تفسير القرآن ،الطباطبائي.166/6 ،
-64العدالة الاجتماعية في الإسلام ،سيد قطب ،دار الشروق ،القاهرة ،ط1413(13/ه1993/م) ،ص.23:
-65المنهاج في ترتيب الحجاج ،أبو الوليد الباجي(،ت 474:ه) ،تحقيق :عبد المجيد تركي ،دار الغرب الإسلامي ،ط1987( ،2/م)،
ص . 8:وينظر أهم ال كتب التي ألفت في فن الجدل في :رسالة في الجدل بمقتضى قواعد الأصول ،ابن البناء المراكشي(654ه761/م)،
تحقيق :محماد رفيع ،دار ابن حزم ،بيروت-لبنان ،ص.32:
-66الفوز ال كبير في أصول التفسير ،الدهلوي(1176ه) ،دار الغوثاني للدراسات القرآنية ،دمشق ،ط1429(1/ه2008/م) ،ص.20:
-67المستدرك على الصحيحين ،الحاكم(ت405:ه ) ،تحقيق :مصطفى عبد القادر عطا ،دار ال كتب العلمية – بيروت،
ط1411(1/ه1990/م) ،كتاب :الجهاد.91/2 ،
-68الإحكام في أصول الأحكام ،ابن حزم(ت 456:ه ) ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،دار الآفاق الجديدة ،بيروت ،ط1980(1/م)،
. 26/1وينظر كذلك رد ابن تيمية على شبهة :منع الجدل مع ال كفار بناء على ظهور دلائل النبوة في :الجواب الصحيح لمن بدل دين
المسيح ،ابن تيمية(ت728:ه ) . 243/1 ،ورده كذلك على شبهة :منع الجدل مع ال كفار بناء على نسخ آيات الجدال معهم بآيات السيف
وفرضية الجهاد ،وجاء رده على هذه الشبهة في تسعة وجوه .نفسه ،ص.246-219 :
ض خ َلِيف َة ً﴾(البقرة.)30:
ل فِي ا ْل َأ ْر ِ ل ر َُّب ّ َ
ك لِل ْمَلَائِكَة ِ ِإن ِّي ج َاع ِ ٌ -69قال تعالى﴿ :و َِإ ْذ قَا َ
-70قال تعالى﴿ :فَمَاذ َا ت َأْ م ُرُونَ﴾( الأعراف.)110 :
ت ي َا أَ ُّ ّيهَا ال ْمَل َ ُّأ أَ ف ْت ُون ِي فِي أَ مْر ِي م َا كُن ْتُ قَاطِع َة ً أَ م ًْرا حَتَّّى تَشْهَد ُونِ﴾(النمل.)32:
-71قال تعالى﴿ :قَال َ ْ
-72التحرير والتنوير ،ابن عاشور.150/4 ،
-73مفاتيح الغيب ،الرازي.69/9 ،
-74الجامع لأحكام القرآن ،القرطبي.249/4 ،
-75الأمة هي الأصل مقاربة تأصيلية لقضايا الديمقراطية ،حر ية التعبير ،الفن ،أحمد الريسوني ،الشبكة العربية للأبحاث والنشر ،بيروت،
ط2012(،1/م) ،ص.25-24 :
-76تفسير المنار ،رشيد رضا(.164/4 ،تصرف يسبر)
تفصيل هذا الرأي في :أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ،الشنقيطي(ت1393:ه ) ،دار الفكر ،بيروت-لبنان ،بدون طبعة،
(1415ه 1995/م).307-306/1 ،
-93المقدمات الممهدات ،أبو الوليد بن رشد(520ه ) ،دار الغرب الإسلامي ،ط1408(1/ه 1988 /م).515/2 ،
-94المغني ،ابن قدامة.357/4 ،
-95روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ،الآلوسي(ت1270:ه ) ،تحقيق :علي عبد الباري عطية ،دار ال كتب العلمية،
بيروت ،ط1415(1/ه ).301/13 ،
-96تفسير من وحي القرآن ،محمد حسين فضل الل ّه ،دار الملاك ،ط1419(،2/ه1998/م).145/21 ،
-97التسهيل لعلوم التنز يل ،ابن جزي الكلبي ،عنابة :أبو بكر بن عبد الل ّه سعداوي ،المنتدى الإسلامي ،حكومة الشارقة،
ط1433(1/ه 2012/م) ،ص.2001:
-98مفاتيح الغيب ،فخر الدين الرازي.66/11 ،
-99المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،ابن عطية.119/2 ،
-100كتاب الأجناس من كلام العرب وما اشتبه في اللفظ واختلف في المعنى ،أبي عبيد القاسم بن سلام(224ه) ،تصحيح :امتياز علي
عرشي ،دار الرائد العربي ،بيروت -لبنان ،بدون طبعة1403( ،ه1983/م) ،ص.32:
الل ّه ِ أَ وْف ُوا﴾(الأنعام ،)152:وقال -101تأمل قوله تعالى﴿ :و َأَ وْف ُوا ب ِالْع َ ْهدِ ِإ َّ ّ
ن الْع َ ْهد َ ك َانَ مَسْئ ُول ًا﴾(الإسراء ،)34:وقال تعالى﴿ :و َبِع َ ْهدِ َّ
الل ّه ِ ِإذ َا عَاه َ ْدتُم ْ وَل َا تَنْقُضُوا ا ْل َأيْمَانَ بَعْد َ تَوْكِيدِه َا تعالى﴿ :و َال َّ ّذِي َ
ن ه ُ ْم ل ِ َأم َان َاتِه ِ ْم وَع َ ْهدِه ِ ْم ر َاع ُونَ﴾(المؤمنون ،)8:وقال تعالى﴿ :و َأَ وْف ُوا بِع َ ْهدِ َّ
الل ّه َ يَعْلَم ُ م َا ت َ ْفع َلُونَ﴾(النحل ،)91 :وقال تعالى﴿ :و َال ْم ُوف ُونَ بِع َ ْهدِه ِ ْم ِإذ َا عَاهَد ُوا﴾(البقرة ،)177:وقال
ن َّالل ّه َ عَلَيْك ُ ْم كَف ِيل ًا ِإ َّ ّ
جع َل ْتُم ُ َّ
و َق َ ْد َ
الله ِ وَل َا يَنْقُضُونَ ن يَصِ لُونَ ِإلَى قَو ْ ٍم بَي ْنَك ُ ْم و َبَيْنَه ُ ْم م ِيثَاقٌ ﴾(النساء ،)90:وقال تعالى﴿ :ال َّ ّذِي َ
ن يُوف ُونَ بِع َ ْهدِ َّّ ﴿إ َّلّا ال َّ ّذِي َ
تعالىِ :
ضسد ُونَ فِي ا ْل َأ ْر ِ ل و َي ُ ْف ِ
ص َ
ن يُو َ الل ّه ِ م ِنْ بَعْدِ م ِيثَاقِه ِ و َي َ ْقطَع ُونَ م َا أَ م َرَ َّ
الل ّه ُ بِه ِ أَ ْ الْمِيثَاقَ ﴾(الرعد ،)20:وقال تعالى﴿ :و َال َّ ّذِي َ
ن يَنْقُضُونَ ع َ ْهد َ َّ
ن آم َن ُوا أَ وْف ُوا ب ِال ْعُق ُودِ﴾(المائدة ،)1:وقال تعالىِ ﴿ :إ َّّلا الَّّذِي َ
ن الل ّعْن َة ُ و َلَه ُ ْم سُوء ُ ال َّد ّارِ﴾(الرعد ،)25:وقال تعالى﴿ :ي َا أَ ُّ ّيهَا ال َّ ّذِي َ ُّأولَئ ِ َ
ك لَهُم ُ َّ
الل ّه َ يُح ُّ ّ
ِب ال ْم ُ َّّتق ِينَ﴾(التوبة.. )4: ن َّشي ْئًا و َل َ ْم يُظَاه ِر ُوا عَلَيْك ُ ْم أَ حَدًا ف َأَ ت ُِّم ّوا ِإلَيْه ِ ْم ع َ ْهد َه ُ ْم ِإلَى م ُ َّ ّدتِه ِ ْم ِإ َّ ّ
ن ال ْمُشْرِكِينَ ث َُّم ّ ل َ ْم يَنْقُصُوك ُ ْم َ
عَاه َ ْدتُم ْ م ِ َ
-102جامع البيان في تأو يل القرآن ،الطبري226-225/12 :
-103نفسه444/17 ،
- 104في ظلال القرآن ،سيد قطب(ت1387:ه) ،دار الشروق ،القاهرة-مصر ،ط1423(32/ه2003/م).2057/13 ،
-105يقول الإمام الطبري " :و"العقود" جمع"ع َ ْقدٍ" ،وأصل"العقد" ،عقد الشيء بغيره ،وهو وصله به ،كما يعقد الحبل بالحبلِ ،إذا وصل به
ش ًّ ّدا .يقال منه":عقد فلان بينه وبين فلان عقدًا ،فهو يعقده ..وذلك إذا و َاثقه على أمر وعاهده عليه عهدًا بالوفاء له بما عاقده عليه ،من
أمان وذِ َّمّة ،أو نصرة ،أو نكاح ،أو بيع ،أو شركة ،أو غير ذلك من العقود" .جامع البيان في تأو يل القرآن ،أبو جعفر الطبري-451/9 ،
.452
-106نفسه.452-451/9 ،
-107التفسير الحديث ،دروزة(ت1404:ه) ،دار إحياء ال كتب العربية ،القاهرة ،ط1383(1/ه1964/م).350/9 ،
-108العبرة مما جاء في الغزو والشهادة والهجرة ،القنوجي البخاري ،ص.81:
-109تفسير المنار ،رشيد رضا.134/10 ،
-110سيرة ابن هشام :ج ،3/ص.205-204:
-111تفسير المنار ،رشيد رضا.134/10 ،
-112مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ،جمعها :محمد حميد الل ّه ،دار النفائس ،بيروت ،ط1987(6/م) ،ص561:
وما بعدها.