You are on page 1of 33

‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬

‫املربرات الشرعية والواقعية‬


‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬


‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫ِ‬ ‫الد‬ ‫لبيعة‬
‫ِ‬

‫تأليف‪:‬‬
‫ِّ‬
‫عبد اهلل الليبي‬
‫ِ‬ ‫أبي‬

‫َّ‬ ‫َّ‬
‫[الطبعة الثانية]‬

‫‪ 1437‬هـ | ‪ 2016‬م‬

‫‪1‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫الطَّبعة األولى‪ :‬الجبهة اإلعالمية لنصرة الدولة اإلسالمية ‪ 1436 /‬هـ ‪ 2015 -‬م‬

‫الطَّبعة الثَّانية‪ :‬مؤسسة الوفاء لإلنتاج اإلعالمي ‪ 1437 /‬هـ ‪ 2016 -‬م‬

‫‪2‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫﷽‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫بالرمحة ُللمؤمنني‪ُ ،‬والسُيف ُعلى ُالكافرينُ‬


‫احلمدُ ُهلل ُربُ ُالعاملني‪ُ ،‬والصُالةُ ُوالسُالمُ ُوعلى ُاملبعوثُ ُ ُ‬
‫واملرتدُين‪ُ،‬أمَّاَّبعد‪ُ :‬‬

‫فهذاُحبثُ ُخمتصرُحولُاخلالفة؛ُأبنيُ ُفي ُماُتوَُّلتُإلي ُبعدُحبثُوتنقيبُاستمرُ ُلشهور‪ُ،‬قرأتُفيهاُ‬


‫عشراتُُالرسائلُواملقاالتُوالكتبُاملتعلقةُباملسألةُمنُاملؤيُدينُواملعارضني‪ُ،‬وقدُناقشتُالطُرفنيُوتباحثتُ‬
‫معهمُكثيا‪ُ،‬ووضعتُأقواهلمُعلىُميزانُالشريعةُليظهرهاَُّحيحهاُمنُسقيمها‪ُ،‬وأرجعتُاخلالفُاحلاَّلُ‬ ‫ُر‬
‫االختالف‪ُ،‬وماُقمتُهبذاُإالُطلبراُللحقُ‬
‫ُ‬ ‫للكتابُوالسنةُوأقوالُعلماءُالسلف‪ُ،‬فهذاُالواجبُعندُالنزاعُو‬
‫ورفعاُللحرج‪ُ .‬‬
‫رُ‬

‫وقدُسلكتُفي ُمسلكُ ُالتأَّيلُبذكرُالقواعدُالعلميُة‪ُ ،‬والتنزيلُعلىُالصورُالواقعيُة؛ ُليكونُالتأَّيلُ‬


‫مبراتُشرعيُةُوالتنزيلُمبراتُواقعيُة‪ُ،‬فنربطُالواقعُبالشُرعُلنفهمُالصورةُبشكلُسليم‪ُ،‬وهلذاُشرحتُبعضُ‬ ‫ُ‬
‫أقوالُالعلماءُخاَُّةُاليتُدارتُحوهلاُالنقاشاتُوختالفتُفيهاُاألفهام‪ُ،‬وملُأستوعبُحبثُُجلُُاملسائلُبلُ‬
‫اقتصرتُعلىُاملهمُ ُمنها‪ُُ،‬كمسأليتُ ُأأهلُاحللُوالعقدأُوأدمدُدُالدولةُاإلسالميةُلبعضُالديارأ‪ُ،‬أمُاُبقيةُ‬
‫وسائال ُاملو ىُتعا ىُالتوفيقُوالسداد‪ُ،‬‬
‫املسائلُفقدُكفاناُفيهاُكثيُمنُأهلُالعلم‪ُ،‬أسألُاهللُالقبولُُواهلدايةُ‪ ُ،‬رُ‬
‫فإنُأَّبتُفيماُذهبتُإلي ُفهوُمنُاهلل‪ُ،‬وإنُأخطأتُأوُقصرتُفهوُمنُالشيطانُونفسي‪ُ،‬واهللُاملستعانُ‬
‫وعلي ُالتكالن‪ُ .‬‬

‫قولُمستعينراُباهللُتعا ى‪ُ :‬‬


‫ُ‬ ‫ولةَّاإلسالمي َِّةأ‪ُ،‬فأ‬
‫َّلبيعةَّالد ِ‬
‫راتَّالشرعيةَُّوالواقعيةُ ِ‬
‫المبر ُ‬
‫وقدُأمسيت ‪ُ:‬أ ِّ‬

‫‪3‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ :‬حُكمِ اإلمامةِ الكُبرى "الخالفة" ومقاصدُها‪:‬‬

‫جيبُمعرفةُحكمُهذهُالعبادةُالشرعيةُقبلُالكالمُعنُأيُشيءُمماُيبىنُعليها‪ُ ،‬إذُاحلكمُعلىُالشرعُ‬
‫فرعُعنُتصوره‪ُ .‬‬

‫اجبُشرعا‪ُُ،‬كماُنصُُعلىُذلكُأهلُُالعلم‪ُ ُ:‬‬
‫رُ‬ ‫اعلمُأنُاخلالفةُوتنصيبُاإلمامُاملسلمُو‬

‫قال ُابن ُحزم ُ¬‪ُ :‬أاتفق ُمجيع ُأهل ُالسنة ُومجيع ُاملرجئة ُومجيع ُالشيعة ُومجيع ُاخلوارج ُعلى ُوجوبُ‬
‫اإلمامةُوأنُاألمةُواجبُعليهاُاالنقيادُإلمامُعادلُيقيمُفيهمُأحكامُاهللُويسوسهمُبأحكامُالشريعةُاليتُ‬
‫أتىُهباُرسولُاهللُ‘أ(‪ُ .)1‬‬

‫وقالُالنوويُ¬‪ُ:‬أوأمجعواُعلىُأن ُجيبُعلىُاملسلمنيُنصبُخليفةأ(‪ُ .)2‬‬

‫وقالُابنُتيميةُ¬‪ُ:‬أجيبُأنُيعرفُأنُواليةُأمرُالناسُمنُأعظمُواجباتُالدين‪ُ،‬بلُالُقيامُللدينُ‬
‫إالُهبا‪ُ،‬فإنُبينُآدمُالُتتمُمصلحتهمُإالُباالجتماعُحلاجةُبعضهمُإ ىُبعض‪ُ،‬والُبدُهلمُعندُاالجتماعُ‬
‫منُرأسُحىتُقالُالنيبُ‘‪ُ :‬أإذاُخرجُثالثةُيفُسفرُفليؤمرواُأحدهمأُرواهُأبوداودُمنُحديثُأيبُسعيدُ‬
‫النهيُعنُاملنكر‪ُ،‬والُيتمُذلكُإالُبقوةُوإمارة‪..‬أ(‪ُ .)3‬‬
‫ّ‬ ‫وأيبُهريرة‪ُ...‬وألنُُاهللُتعا ىُأوجبُاألمرُباملعروفُو‬

‫َّخلِي َفةَّ}ُ‬
‫ض َ‬ ‫َّاْل َْر ِ‬ ‫َّج ِ‬
‫اع ٌل َّفِي ْ‬ ‫ك َّلِل َْم َالئِ َك ِة َّإِنِّي ََّ‬
‫َّربُّ َ‬ ‫وقال ُالقرطيبُ ُيف ُتفسيه ُلقول ُتعا ى‪َ {ُ :‬وإِ ْذ َّقَ َ‬
‫ال َ‬
‫ُوخليفة ُيسمع ُل ُويطاع؛ُلتجتمعُب ُالكلمة؛ُوتنفذُب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُيفُنصبُإمام‬ ‫[البقرة‪ُ،]30ُ:‬أهذهُاآليةُأَّل‬
‫أحكام ُاخلليفة‪ُ،‬والُخالف ُيفُوجوبُذلكُبنيُاألمةُوالُبنيُاألئمةُإالُماُرويُعنُاألَّمُ ُ‪-‬أبو ُبك ٍرُ‬
‫األَّمُمنُكبارُاملعتزلة‪ُ-‬حيثُُكانُعنُالشريعةُأَّمُأ(‪ُ .)4‬‬

‫(‪ُ)1‬الفصلُيفُاملللُواألهواءُوالنحلُ(‪ُ .)72ُ/4‬‬
‫(‪ُ)2‬شرحُالنوويُعلىُمسلمُ(‪ُ .)205ُ/12‬‬
‫(‪ُ)3‬السياسةُالشرعيةُ(ص‪ُ،)217ُ:‬جمموعُالفتاوىُ(‪ُ .)390ُ/28‬‬
‫(‪ُ)4‬تفسيُالقرطيبُ(‪ُ .)264ُ/1‬‬

‫‪4‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫قالُاجلويين‪ُ:‬أفنصبُاإلمامُعندُاإلمكانُواجبأ(‪ُ .)5‬‬

‫وقال ُابن ُمجاعة‪ُ :‬أوجيب ُنصب ُإمام ُحبراسة ُالدين‪ُ ،‬وسياسة ُأمور ُاملسلمني‪ُ ،‬وكف ُأيدي ُاملعتدين‪ُ،‬‬
‫وإنصافُاملظلومنيُمنُالظاملني‪ُ،‬ويأخذُاحلقوقُمنُمواقعها‪ُ،‬ويضعهاُمجعاُوَّرفاُيفُمواضعها‪ُ،‬فإنُبذلكُ‬
‫َّالحُالبالدُوأمنُالعباد‪ُ،‬وقطعُموادُالفساد‪ُ،‬ألنُاخللقُالُتصلحُأحواهلمُإالُبسلطانُيقومُبسياستهم‪ُ،‬‬
‫ويتجردُحلراستهمأ(‪ُ .)6‬‬

‫وقالُحبرق‪ُ:‬أاعلمُأنُُمذهبُأهلُالسُنُةُأنُُنصبُاإلمامُواجبُعلىُاألمُة‪ُ،‬إلمجاعُالصُحابةُ‪ُ€‬بعدُ‬
‫وفاةُرسولُاهللُ‘ُعلىُامتناعُخلوُالوقتُعنُخليفةُل ُوإمامُوقدُقالُالصُدُيقُ‪ُ¢‬يفُخطبت ُيفُسقيفةُ‬
‫بينُساعدةُبنيُاملهاجرينُواألنصار‪ُ:‬أأالُوإنُ ُحممُداُقدُمات‪ُ،‬وأنُ ُالُبدُ ُهلذاُالدُينُمنُإمامُيقومُب أ‪ُ،‬‬
‫فبادرُالكلُُإ ىُقبولُقول ‪ُ،‬وملُيقلُأحدُالُحاجةُيلُإ ىُذلك‪ُ،‬بلُاتّفقواُعلي ‪ُ،‬واجتمعواُل أ(‪ُ .)7‬‬

‫وقالُاملاوردي‪ُ:‬أوعقدهاُملنُيقومُهباُواجبُباإلمجاعُوإنُشذُعنهمُاألَّمأ(‪ُ .)8‬‬

‫وقالُابنُحجرُاهليتمي‪ُ:‬أاعلمُأيضاُأنُالصحابةُرضوانُاهللُعليهمُأمجعواُعلىُأنُنصبُاإلمامُبعدُ‬
‫انقراضُزمنُالنبوةُواجبُبلُجعلوهُأهمُالواجباتُحيثُاشتغلواُب ُعنُدفنُرسولُاهللُ‘أ(‪ُ .)9‬‬

‫وقالُابنُخلدون ُيفُمقدمةُأتارخي أ(‪ُ:)10‬أإنُنصبُاإلمامُواجبُقدُعرفُوجوب ُيفُالشرعُبإمجاعُ‬


‫الصحابةُوالتابعني؛ُألنُأَّحابُرسولُاهللُ‘ُعندُوفات ُبادرواُإ ىُبيعةُأيبُبكرُ‪ُ¢‬وتسليمُالنظرُإلي ُ‬
‫يفُأمورهم‪ُ،‬وكذاُيفُكلُعصرُمنُبعدُذلكُوملُيرتكُالناسُفوضىُيفُعصرُمنُاألعصار‪ُ،‬واستقرُذلكُ‬
‫إمجاعاُداالُعلىُوجوبُنصبُاإلمامأ‪ُ .‬‬

‫(‪ُ)5‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)22ُ:‬‬
‫(‪ُ)6‬حتريرُاألحكامُتدبيُأهلُاإلسالمُ(ص‪ُ .)48ُ:‬‬
‫(‪ُ)7‬حدائقُاألنوارُ(‪ُ .)397ُ/1‬‬
‫(‪ُ)8‬األحكامُالسلطانيةُ(‪ُ .)15ُ/1‬‬
‫(‪ُ)9‬الصواعقُاحملرقةُ(‪ُ .)25ُ/1‬‬
‫(‪ُ .)239ُ/1(ُ)10‬‬

‫‪5‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫وقال ُالنسفي‪ُ :‬أواملسلمون ُال ُبدُ ُهلم ُمن ُإمام ُيقوم ُبتنفيذ ُأحكامهم ُوإقامة ُحدودهم ُوسدُ ُثغورهمُ‬
‫وجتهيز ُجيوشهم ُوأخذ َُّدقاهتم ُوقهر ُاملتغلبة ُاملتلصصة ُوقطاع ُالطريق ُوإقامة ُاجلمع ُواألعياد ُوقبولُ‬
‫الشهاداتُالقائمةُعلىُاحلقوقُوتزويجُالصغارُوالصغياتُالذينُالُأولياءُهلمُوقسمةُالغنائمأ(‪ُ .)11‬‬

‫وقال ُمجال ُالدين ُالغزنوي‪ُ :‬أال ُبد ُللمسلمني ُمن ُإمام ُيقوم ُمبصاحلهم ُمن ُتنفيذ ُأحكامهم ُوإقامةُ‬
‫حدودهمُوجتهيزُجيوشهمُوأخذَُّدقاهتمُوَّرفهاُإ ىُمستحقيهمُألن ُلوُملُيكنُهلمُإمامُفإن ُيؤديُإ ىُ‬
‫إظهارُالفسادُيفُاألرضأ(‪ُ .)12‬‬

‫ُعليناُمسعاُفلوجهني‪ُ ُ:‬‬
‫رُ‬ ‫اجبُعليناُمسعا‪ُ...‬وأماُوجوب‬
‫رُ‬ ‫وقالُعضدُالدينُاإلجيي‪ُ:‬أنصبُاإلمامُعندناُو‬

‫األول‪ُ:‬إن ُتواترُإمجاعُاملسلمنيُيفُالصدرُاألولُبعدُوفاةُالنيبُامتناعُخلوُالوقتُعنُإمامُحىتُقالُأبوُ‬
‫بكرُ‪ُ ¢‬يفُخطبت ‪ُ:‬أالُإنُحممداُقدُماتُوالُبدُهلذاُالدينُممنُيقوم ُب ُفبادرُالكلُإ ىُقبول ُوتركواُل ُ‬
‫أهمُاألشياءُوهودفنُرسولُاهللُوملُيزلُالناسُعلىُذلكُيفُكلُعصرُإ ىُزمانناُهذاُمنُنصبُإمامُمتبعُ‬
‫يفُكلُعصر‪ُ ...‬‬

‫ُإمجاعا‪ُ ،‬بيان ُإنا ُنعلم ُعلما ُيقارب ُالضرورة ُأنُمقصودُ‬


‫الثاين‪ُ :‬إن ُفي ُدفع ُضررُمظنون ُوإن ُواجب رُ‬
‫الشارعُفيماُشرعُمنُاملعامالتُواملناكحاتُواجلهادُواحلدودُواملقاَّاتُوإظهارُشعارُالشرعُيفُاألعيادُ‬
‫اُومعادا ُوذلك ُال ُيتم ُإالُبإمام ُيكون ُمن ُقبلُالشارعُ‬
‫رُ‬ ‫واجلمعات ُإمنا ُهو ُمصاحل ُعائدة ُإ ى ُاخللق رُ‬
‫ُمعاش‬
‫يرجعونُإلي ُفيماُيعنُهلم‪...‬أ(‪ُ.)13‬ا‪ُ ç‬‬

‫ُوقال ُمشس ُالدين ُالرملي‪ُ :‬أجيب ُعلى ُالناس ُنصب ُإمام ُيقوم ُمبصاحلهم‪ُ ،‬كتنفيذ ُأحكامهم ُوإقامةُ‬
‫حدودهمُوسدُثغورهمُوجتهيزُجيوشهمُوأخذَُّدقاهتمُأنُدفعوهاُوقهرُاملتغلبةُواملتلصصةُوقطاعُالطريقُ‬

‫(‪ُ)11‬شرحُالعقائدُالنسفيةُ(‪ُ،)88ُ/1‬ردُاحملتارُ(‪ُ .)205ُ/4‬‬
‫(‪ُ)12‬أَّولُالدينُ(‪ُ .)269ُ/1‬‬
‫(‪ُ)13‬املواقفُ(‪ُ .)575ُ/3‬‬

‫‪6‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫وقطعُاملنازعاتُالواقعةُبنيُاخلصومُوقسمةُالغنائمُوغيُذلك‪ُ،‬إلمجاعُالصحابةُبعدُوفات ُ‘ ُعلىُنصب ُ‬
‫حىتُجعلوهُأهمُالواجبات‪ُ،‬وقدموهُعلىُدفن ُ‘ُوملُتزلُالناسُيفُكلُعصرُعلىُذلكأ(‪ُ .)14‬‬

‫وقال ُالشيخ ُالطاهر ُبن ُعاشور‪ُ :‬أفإقامة ُحكومة ُعامة ُوخاَّة ُللمسلمني ُأَّل ُمن ُأَّول ُالتشريعُ‬
‫اإلسالميُثبتُذلكُبدالئلُكثيةُمنُالكتابُوالسنةُبلغتُمبلغُالتواترُاملعنوي‪ُ.‬مماُدعاُالصحابةُبعدُوفاةُ‬
‫النيب ُ‘ ُإ ى ُاإلسراع ُبالتجمع ُوالتفاوض ُإلقامة ُخلف ُعن ُالرسول ُيف ُرعاية ُاألمة ُاإلسالمية‪ُ ،‬فأمجعُ‬
‫املهاجرونُواألنصارُيومُالسقيفةُعلىُإقامةُأيبُبكرُالصديقُخليفةُعنُرسولُاهللُللمسلمني‪ُ ،‬وملُخيتلفُ‬
‫املسلمونُبعدُذلكُيفُوجوبُإقامةُخليفةُإالُشذورُذاُالُيعبأُهبمُمنُبعضُاخلوارجُوبعضُاملعتزلةُنقضواُ‬
‫اإلمجاع ُفلم ُتلتفت ُهلم ُاألبصار ُومل ُتصغ ُهلم ُاألمساع‪ُ ،‬وملكانة ُاخلالفة ُيف ُأَّول ُالشريعة ُأحلقها ُعلماءُ‬
‫أَّولُالدينُمبسائل ‪ُ،‬فكانُمنُأبواب ُاإلمامة‪ُ ،‬قالُإمامُاحلرمنيُأأبوُاملعايلُاجلويينأ ُيفُاإلرشاد‪(ُ:‬الكالمُ‬
‫طرُعلىُمنُجيهلُأَّال ُمنُ‬
‫رُ‬ ‫يفُاإلمامةُليسُمنُأَّولُاالعتقاد‪ُ،‬واخلطرُعلىُمنُيزلُفي ُيرىبُعلىُاخل‬
‫أَّولُالدين)أ(‪ُ .)15‬‬

‫ُمنُاملقررُشرعاُأنُالواجبُجيبُامتثال ُعلىُالفورُمعُ‬
‫رُ‬ ‫وإذاُثبتُأنُنصبُاإلمامُواجبُ ُشرعيُ؛ ُفإن‬
‫القدرةُعلي ‪ُ،‬إذُالقدرةُمناطُالتكليف‪ُ ،‬وحيثُكانُالعجزُرفعُاحلرج‪ُ ،‬وأماُعندُالقدرةُفرتكُالواجبُمعُ‬
‫القدرةُعلي ُإمث‪ُ .‬‬

‫ُ‬

‫‪ُ ‬‬
‫ُ‬

‫(‪ُ)14‬غايةُالبيانُ(‪ُ .)15ُ/1‬‬
‫(‪ُ)15‬أَّولُالنظامُاالجتماعيُيفُاإلسالمُ(ص‪ُ .)207ُ:‬‬

‫‪7‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ :‬شُبَهٌ والجوابُ عليها‪:‬‬

‫وهناُعندناُشبهاتُيطرحهاُبعضهمُحتتاجُجلواب‪ُ :‬‬

‫‪ .1‬الشبهة األوىل‪:‬‬

‫إنُقالُقائلُلوُاستطعناُاجلهادُوإقامةُبعضُاألحكامُالشريعةُمنُاحلدودُالشرعيةُوقسمةُالغنائمُوالزكاةُ‬
‫وحنوهاُدونُاإلمامةُفإنُعقدهاُالُجيبُألنُمقاَّدهاُحصلتُوحصولُاملقصدُيغينُعنُإقامتها‪ُ .‬‬

‫الجواب‪ُ:‬يقالُهذهُاحلجةُباطلةُمنُوجهني‪ُ :‬‬

‫‪ ‬أنُاخلالفةُواإلمامةُمأمورُهباُكحكمُشرعيُلوحدها‪ُ،‬وهوُواجبُاالمتثالُألن ُمنُجنسُاملأموراتُ‬
‫اليتُهيُنصفُالتشريع‪ُ،‬ومنُملُميتثلُهلاُفهوُآمثُألنُتاركُالواجباتُمنُغيُعذرُآمث‪.‬‬
‫‪ ‬أنُقائلُهذاُالقولُقدُنظرُآلثارُاخلالفةُواحلكمُالربانيةُاليتُترتتبُعلىها‪ُ،‬فجعلُعدمُوجودُاحلكمةُ‬
‫ملغُللحكمُبالكليةُأوُمؤثرُفي ُإجيادهُوهذاُخطأ‪ُ،‬فإنُالشارعُاحلكيمُملُجيعلُمناطُالتكليفُباألعمالُ‬
‫الشرعيةُهيُحصولُاحلكمةُمنها‪ُ،‬ألناُلوُطردناُهذاُالقولُلقلناُأنُاحلكمةُمنُإجيابُالصالةُهوُحصولُ‬
‫اخلشوعُهبا‪ُ،‬وإنُحصلُاخلشوعُبدوهناُفإنُالصالةُغيُواجبةُوالُيقولُهبذاُعاقل‪ُ،‬ولذاُردُهذاُالقولُ‬
‫مجيعُأهلُالسنةُواجلماعةُوملُيقلُب ُإالُاألَّمُوقدُقالُعن ُالقرطيب‪ُ:‬إن ُكانُعنُالشريعةُأَّم‪.‬‬

‫وقالُأبوُبكرُاألَّمُمنُاملعتزلة‪ُ:‬الُجيبُعندُ‬
‫ُ‬ ‫وقدُردُسعدُالدينُالتفتازاينُعلىُشبهت ُمنُوجوه‪ُ:‬أ‬
‫ظهورُالعدلُواإلنصافُلعدمُاالحتياجُوجيبُعندُظهورُالظلم‪ُ .‬‬

‫مثُقال‪ُ:‬ولناُعلىُالوجوبُوجوه‪ُ :‬‬

‫اْلول‪ُ:‬وهوُالعمدةُإمجاعُالصحابةُحىتُجعلواُذلكُأهمُالواجباتُواشتغلواُب ُعنُدفنُالرسولُ‘ُ‬
‫وكذاُعقيبُموتُكلُإمام‪ُ .‬‬

‫‪8‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫الثاني‪ُ:‬أنُالشارعُأمرُبإقامةُاحلدودُوسدُالثغورُوجتهيزُاجليوشُللجهاد‪ُ،‬وكثيُمنُاألمورُاملتعلقةُحبفظُ‬
‫النظامُومحايةُبيضةُاإلسالمُمماُالُيتمُإالُبإمام‪ُ،‬وماُالُيتمُالواجبُاملطلقُإالُب ُوكانُمقدوراُفهوُواجب‪ُ .‬‬

‫الثالث‪ُ:‬أنُيفُنصبُاإلمامُاستجالبُمنافعُالُحتصىُواستدفاعُمضارُالُخيفىُوكلُماُهوُكذلكُ‬
‫فهوُواجب‪ُ .‬‬

‫أماُالصغرىُفيكادُيلحقُبالضرورياتُبلُاملشاهداتُويعدُمنُالعيانُالذيُالُحيتاجُإ ىُبيان‪ُ،‬وهلذاُ‬
‫اشتهرُأنُماُيزعُالسلطانُأكثرُمماُيزعُالقرآنُوماُيلتئمُباللسانُالُينتظمُبالبهان‪ُ،‬وذلكُأنُاالجتماعُ‬
‫املؤديُإ ىَُّالحُاملعاشُواملعادُالُيتمُبدونُسلطانُقاهرُيدرأُاملفاسدُوحيفظُاملصاحلُومينعُماُيتسارعُإلي ُ‬
‫الطباعُويتنازعُعلي ُاألطماعأ(‪ُ.)16‬ا‪ُç‬باختصارُ ُ‬

‫وهذهَّالشبهة َّقدَّالتبستَّعندَّبعضَّمنَّالمجاهدينَّفيَّالعصر َّالحاضرَّوإنُكانواُالُيقولونُبنفسُ‬


‫قول ُاألَّم ُوال ُيقصدون ‪ُ ،‬فهم ُيقولون ُبوجوب ُاإلمامة‪ُ ،‬لكنهم ُظنوا ُأن ُجمرد ُجهادهم ُ ُوإقامتهم ُبعضُ‬
‫أحكامُالشريعةُبأمراءُمتفرقنيُ ُوبيعاتَُّغرىُيغينُ ُولوُمرحلةُمنُالزمنُعنُوجوبُبيعةُإمامُواحدُفأخرواُ‬
‫ُ‬
‫اإلمارةُالكبىُمستدلنيُفيهاُجبوازُإقامةُاحلدودُواجلهادُعندُخلوُالعصرُعنُإمامُونسواُأنُأقوالُأهلُ‬
‫العلمُتلكُحتكيُحالُلواقعُمعنيُوالُيقصدونُهباُجوازُتأخيُاإلمام‪ُ،‬فأَّحابُهذهُالشبهةُوإنُكانواُ‬
‫يقولون ُبوجوهبا ُلكن ُقد ُاشتب ُعليهم ُأن ُاإلمارات ُالصغرى ُتغين ُعن ُالكبى ُعند ُالقدرة ُعلى ُاإلمارةُ‬
‫الكبى‪ُ،‬وهذاُالذيُسببُخلطاُكبياُيفُعدمُرسمُخريطةُواضحةُاملعاملُلالرتقاءُمنُاإلمارةُالصغرىُإ ىُ‬
‫اإلمارةُالكبىُألنُالصغرىُماُوجبتُإالُضرورةُللعجزُعنُاإلمارةُالكبىُواخلالفةُالشرعية‪ُ .‬‬

‫مثُمنُيقولُأنُمنُاألعمالُالشرعيةُماُحيصلُدونُوجودُاخلالفةُواإلمامُالواحد‪ُ،‬يقالُل ُحصوهلاُليسُ‬
‫بكامل‪ُ،‬ألنُالشريعةُالكاملةُاليتُتظهرُجبالءُالُتتمُإالُبوجودُاحلاكمُاملسلمُالذيُترجعُل ُأمورُاحلكمُ‬
‫وتنظيمُشئونُاملسلمنيُإذُكثيُمنُاألعمالُعلقتُعلي ‪ُ،‬وبدون ُتتعطلُكثيُمنُمصاحلُاإلسالمُأحكام ‪ُ،‬‬
‫بلُهذاُالرأيُالذيُيقولُحننُلسناُحباجةُللخالفةُواإلمامةُالكبىُماُدمناُنستطيعُأنُنقومُبأعماهلاُيفُ‬

‫(‪ُ)16‬شرحُاملقاَّدُ(‪ُ .)236ُ/5‬‬

‫‪9‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫الصغرى ُقول ُخمالف ُللحكمة ُاليت ُجاء ُمن ُأجلها ُاإلسالم‪ُ ،‬قال ُسيد ُقطب ُ¬ ُيف ُأمعركة ُاإلسالمُ‬
‫والرأمساليةأ‪ُ :‬إذاُأريدُلإلسالمُأنُيعملُفالُبدُلإلسالمُأنُحيكم‪ُ،‬فماُجاءُهذاُالدينُلينزويُيفُالصوامعُ‬
‫واملعابد‪ُ ،‬أو ُيستكن ُيف ُالقلوب ُوالضمائر‪ُ ،‬إمنا ُجاء ُليحكم ُاحلياة ُويصرفها‪ُ ،‬ويصوغ ُاجملتمع ُوفق ُفكرت ُ‬
‫الكاملةُعنُاحلياة‪ُ،‬الُبالوعظُواإلرشاد‪ُ،‬بلُكذلكُبالتشريعُوالتنظيم‪ُ .‬‬

‫اُوناساُمنُاللحمُوالدمُيدبونُ‬
‫ُنظاماُوحياة‪ُ،‬وجيعلُأوامرهُونواهي ُجمتمعاُحيُ رُ‬
‫جاءُليرتجمُمبادئ ُونظريات رُ‬
‫علىُهذهُاألرض‪ُ،‬وميثلونُبسلوكهمُونظامُحياهتمُوعالقاتُجمتمعهمُوشكلُحكمهم‪ُ ،‬مبادئُهذاُالدينُ‬
‫وأفكارهُوقوانين ُوتشريعات ‪ُ .‬‬

‫ومماُسبقُعرض ُمنُمشكالتُاجتماعيةُوقومية‪ُ،‬وطريقةُعالجُاإلسالمُهلاُيتبنيُمباُالُلبسُفي ُضرورةُ‬


‫احلكمُلإلسالم‪ُ،‬وإالُفكيفُيواج ُهذهُاملشكالتُوسواها‪ُ،‬وكيفُيعاجلهاُوجيدُهلاُاحللول؟ُ ُ‬

‫اء‪ُ،‬أوُمنحُاجلميعُفرَّاُ‬
‫رُ‬ ‫إن ُالُميلكُتوزيعُالثروةُطب رُقاُحلاجاتُاجملتمع‪ُ،‬أوُحتقيقُالعدالةُبنيُاجلهدُواجلز‬
‫متكافئةُيفُاحلياة‪ُ،‬أوُجتنيدُالقوىُاملعطلةُللعملُواإلنتاج‪ُ،‬أوُدفعُالدولةُإ ىُاختاذُموقفُمعنيُيفُاجملتمعُ‬
‫الدويل‪ُ،‬أوُجتنيدُاجليوشُوإعدادُالقوى‪ُ ...‬أو‪ُ ...‬أو‪ُ ..‬مماُميثلُمبادئ ُاألساسيةُاليتُيقومُعليهاُكيان ُذات ُ‬
‫ُالُميلكُشيئراُمنُهذاُكل ُُوهوُعقيدةُمستسرةُيفُ‬
‫ُ‬ ‫يفُفكرت ُالكليةُاليتُجاءُليصوغُمنهاُاحلياة‪ُ ...‬إن‬
‫الضمي‪ُ،‬أوَُّالةُخاشعةُيفُاملسجد‪ُ،‬أوُمناجاةُبنيُالعبدُومواله‪ُ .‬‬

‫والذينُيتحدثونُعنُاإلسالمُوانتفاءُحاجت ُإ ىُاحلكم‪ُ،‬أوُعنُإمكانُحتقق ُيفُاحلياةُدونُحتكيم ُيفُ‬


‫ُيلقونُحديثرا ُفي ُمن ُالتفاهة ُُوالقزامة ُما ُال ُيرتفع ُإ ى ُشرف ُاملناقشة ُواحرتام ُاجلدل‪ُ ،‬إهنمُالُ‬
‫ُ‬ ‫احلياة؛ ُإمنا‬
‫يدلونُهبذاُعلىُجهلهمُلطبيعةُهذاُالدينُمنُأساسها‪ُ،‬والُبعدهمُعنُاإلملامُحبقائق ُالبسيطةُاليتُيالمُ‬
‫علىُجهلهاُاملبتدئون‪ُ،‬بلُيدلونُعلىُجهلُبكلُمقوماتُالطبيعةُالبشرية‪ُ،‬وكلُالعواملُاملؤثرةُيفُتكوينُ‬
‫اجملتمعات‪ُ،‬وكلُالثقافاتُالضروريةُالستقبالُاحلياة‪ُ،‬بل ُاحلكمُعلىُاحلياةأ(‪ُ)17‬ا‪ُ ç.‬‬

‫(‪ُ)17‬معركةُاإلسالمُوالرأمساليةُ(ص‪ُ .)55ُ:‬‬

‫‪10‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫‪ .2‬الشبهة الثانية‪:‬‬

‫احدُينصبُ‬
‫ّ‬ ‫قوهلمُأإنُإقامةُاإلمامةُونصبُاخلليفةُيوجبُالفتنةُواخلالف‪ُ،‬لعدمُاتفاقُالناسُعلىُو‬
‫ويدانُل ُبالطاعة‪ُ،‬وعندُاالختيارُحيصلُالشقاقُوالنزاع‪ُ،‬وماُكانُهذاُشأن ُالُيكونُواجباُواألو ىُدرأهُأوُ‬
‫تأخيهُحىتُنتالىفُاخلالفُوجتتمعُاألمةُأوُترضىُبشخصُواحدأ‪ُ .‬‬

‫فيقالُاجلوابُعليهاُمنُوجوه‪ُ :‬‬

‫اُبعدمُوجوبُاإلمامةُأَّالُوإنُكانُقولُهؤالءُالُيقصدُ‬
‫رُ‬ ‫األول‪ُ:‬أنُهذاُمشاب ُلقولُاخلوارجُالذينُقالو‬
‫ب ُماُيقصدُب ُاخلوارج‪ُ .‬‬

‫جاءُيفُشرحُاملقاَّدُللتفتازاينُذكرُهذهُالشبهةُواجلوابُعليهاُبقول ‪ُ ُ:‬‬

‫أالقائلون ُبعدم ُوجوب ُنصب ُاإلمام ُاحتجوا ُبأن ُيف ُنصب ُإثارة ُالفتنة‪ُ ،‬ألن ُاألهواء ُمتخالفة ُواآلراءُ‬
‫متباينة‪ُ،‬فيميلُكلُحزبُإ ىُواحدُوهتيجُالفنتُوتقومُاحلروبُوماُهذاُشأن ُالُجيبُبلُكانُينبغيُأنُالُ‬
‫جيوز‪ُ .‬‬

‫واجلواب‪ُ:‬أنُاعتبارُالرتجحُيقدمُاألعلمُمثُاألورعُمثُاألسن‪ُ .‬‬

‫أوُانعقادُاألمرُوانسدادُطريقُاملخالفةُمبجردُبيعةُالبعضُولوُواحداُيدفعُالفتنة‪ُ،‬معُأنُفتنةُالنزاعُيفُ‬
‫تعينيُاإلمامُبالنسبةُملفاسدُعدمُاإلمامُملحقةُبالعدمأ‪ُ.‬ا‪ُç‬باختصارُ ُ‬

‫الثاين‪ُ:‬أنَُّاحبُهذاُالقولُقدُأتىُإلبطالُاإلمامةُأوُتأخيهاُبالعلةُاليتُماُوجبتُإالُلدرئهاُوهذاُ‬
‫الُيصح‪ُ،‬ألنُاإلمامةُوجبتُلقطعُدابرُالفتنةُواخلالفُوالُيشرتطُإهناؤهُكليا‪ُ،‬لكنُأنُجيعلُماُهوُسببُ‬
‫ُسببرا ُيف ُتفريقها ُهذا ُقول ُخمالف ُلألدلة ُالشرعية ُوإمجاع ُالصحابة ُوأهل ُالعلم ُمن ُوجوبُ‬
‫جلمع ُالكلمة ُ‬
‫اخلالفةُولذاُردُهذاُالقولُأهلُالعلمُوملُيقبلوهُوكماُيقالُفسادهُيغينُعنُإفساده‪ُ .‬‬

‫‪11‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ :‬إذا ثبت وجوب نصب اإلمام شرعًا فهذه بعض المسائل المتعلقة‬
‫بها‪:‬‬

‫‪ .1‬املسألة األوىل‪ :‬حكم تارك البيعة الكربى‪:‬‬

‫قالُ‘‪ُ:‬منُماتُوليسُيفُعنق ُبيعةُماتُميتةُجاهلية‪ُ ُ.‬‬

‫قالُالشوكاينُيفُنيلُاألوطار‪"ُ:‬املرادُبامليتةُاجلاهليةُوهيُبكسرُامليمُأنُيك ُونُحال ُيفُاملوتُكموتُ‬


‫ليسُاملرادُأنُميوتُكافراُبلُ‬
‫ُ‬ ‫أهلُاجلاهليةُعلىُضاللُوليسُل ُإمامُمطاعُألهنمُكانواُالُيعرفونُذلك‪ُ،‬و‬
‫عاَّيرا"(‪ُ .)18‬‬
‫ميوتُ ُ‬

‫فقول ُليسُيفُعنق ُبيعةُأيُبيعةُاإلمامُأوُاخلليفة‪ُ،‬فمنُملُتكنُيفُعنق ُبيعةُللخليفةُحالُوجودهُحىتُ‬


‫ماتُفتكونُميتت ُعلىُحالُأهلُاجلاهليةُأيُميوتُدونُأنُيكونُيفُعنق ُبيعةُإلمامُألهنمُكانواُمتفرقنيُ‬
‫واهللُتعا ىُذمُتفرقهمُوأمرُأهلُاإلسالمُباالجتماعُعلىُإمام‪ُ،‬وهذاُاحلكمُعندُوجودهُوتوفرُالشروطُفي ُ‬
‫ولوُأدناها ُوإذاُملُيوجدُأوملُتتوفرُالشروطُفي ُوملُميكنُإقامت ُللعجزُعنهاُفال ُإمث ُحينئذُإال ُعندُتوفرُ‬
‫القدرةُوالتقصيُيفُذلكُفعندهاُيكونُاإلمثُالحقاُللجميعُحىتُيقومُب ُبعضهمُألنُعقدُاإلمامةُواجبُ‬
‫علىُالكفاية‪ُ .‬‬

‫ولكن ُعندُفقدُاإلمامُجيبُالعملُعلىُنصب ُوخاللُذلك ُوجبُلزومُمجاعةُاملسلمنيُالظاهرينُباحلقُ‬


‫واعتزالُفرقُالضاللُكلهاُُكماُجاءُيفُحديثُحذيفةُعندُمسلم‪ُ:‬أفإنُملُيكنُهلمُمجاعةُوالُإمامأُفأفادُ‬
‫أنُاحلكمُالشرعيُعندُانعدامُاجلماعةُواإلمامُهوُاعتزالُالفرقُكلها‪ُ،‬لكنُقدُتوجدُاجلماعةُدونُاإلمامُ‬
‫اُمجيعاُيفُإجيادُاإلمامُألنُاملصاحلُكلهاُمتعلقةُب ُالُباجلماعةُوحدها‪ُ،‬‬
‫فعلي ُأنُيلزمُاجلماعة‪ُ،‬وأنُيسعو رُ‬
‫ألنُما ُالُيتمُالواجبُإالُب ُفهوُواجب‪ُ،‬وملاُسبقُأنُأكثرُمصاحلُالدينُوالدنياُمنوطةُب ‪ُ،‬وملاُفي ُمنُ‬

‫(‪ُ)18‬نيلُاألوطارُ(‪ُ .)21ُ/2‬‬

‫‪12‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫خمالفةُأهلُاجلاهلية‪ُ،‬فإنُالقاعدةُاملقررةُشرعاُأنُكلُعملُنسبُألهلُاجلاهليةُفهوُمذمومُجيبُترك ُ‬
‫رُ‬
‫وخمالفت ُفإنُخمالفةُأهلُاجلاهليةُمقصدُمنُمقاَّدُالشرع‪ُ .‬‬

‫‪ .2‬املسألة الثانية‪ :‬هل تثبت اإلمامة ببيعة بعض أهل الشورى‪:‬‬

‫ينبغيُأنُيعلمُأنُقضيةُالشورىُيفُبيعةُاإلمامةُوسيلةُالُمقصد‪ُ،‬وقدُجاءتُفيهاُعنُأهلُالعلمُأقوالُ‬
‫أشهرهاُهي‪ُ ُ:‬‬

‫‪ ‬األول‪ُ:‬أنُاإلمامةُالُتصحُإالُبإمجاعُأهلُاحللُوالعقدُعليها‪ُ،‬وهذاُالقولُباطلُملُيقلُب ُأحدُمنُ‬
‫أهلُالعلم‪ُ،‬بلُأبطلوهُكماُقالُالغزايل‪ُ:‬أوباطلُأنُيعتبُإمجاعُأهلُاحللُوالعقدُيفُمجيعُأقطارُاألرضُألنُ‬
‫ذلكُمماُميتنعُأوُيتعذر‪ُ،‬وألن ُملاُعقدتُالبيعةُأليبُبكرُ‪¢‬ملُينتظرُانتشارُاألخبارُإ ىُسائرُاألمصارُوالُ‬
‫تواترُكتبُالبيعةُمنُأقاَّيُاألقطارُبلُاشتغلُباإلمامةُوخاضُيفُالقيامُمبوجبُالزعامةأ(‪.)19‬‬

‫وقالُابنُحزم‪ُ:‬أوأماُمنُقالُإنُاإلمامةُالُتصحُإالُبعقدُفضالءُاألمةُيفُأقطارُالبالدُفباطلُألن ُ‬
‫تكليفُماُالُيطاقُوماُليسُيفُالوسعأ(‪.)20‬‬

‫قالُحبرقُاحلميي‪ُ:‬أوالُيشرتطُيفَُّحةُالبيعةُإمجاعُاحلاضرينُمنهمُببلدهاُمنُأهلُاحللُوالعقدُفضالُ‬
‫عنُإمجاعُأهلُاألقطارُألنُالصحابةُملُيفتقرواُيفُعقدهاُأليبُبكرُإ ىُحضورُعليُوعباسُوسائرُبينُ‬
‫هاشمُ‪ُ€‬أمجعنيأ(‪ُ .)21‬‬

‫وقالُاجلويين‪ُ:‬أمماُيقطعُب ُأنُاإلمجاعُليسُشر ُطراُيفُعقدُاإلمامةُباإلمجاع‪ُ،‬والذيُيوضحُذلكُأنُأباُ‬


‫بكر َُّحتُل ُالبيعةُفقضىُوحكمُوأبرمُوأمضى ُوجهزُاجليوشُوعقدُاأللويةُوجرُالعساكر ُإ ىُمانعيُ‬
‫الزكاةُوجىبُاألموالُوفرقُمنهاُوملُينتظرُيفُتنفيذُاألمورُانتشارُاألخبارُيفُأقطارُخُطُة ُاإلسالمُوتقريرُ‬

‫(‪ُ)19‬فضائحُالباطنيةُ(ص‪ُ .)175ُ:‬‬
‫(‪ُ)20‬الفصلُيفُاملللُواألهواءُ(‪ُ .)129ُ/4‬‬
‫(‪ُ)21‬حدائقُاألنوارُ(ص‪ُ .)401ُ:‬‬

‫‪13‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫البيعةُمنُالذينُملُيكونواُيفُبلدةُاهلجرةُوكذلكُجرىُاألمرُيفُخالفةُاألربعةُفهذاُمماُالُيسرتيبُفي ُ‬
‫لبيب ُوالذيُيعضدُذلكُعلمناُعلىُاضطرارُأنُالغرضُمنُنصبُاإلمامُحفظُاحلوزةُواالهتمامُمبهماتُ‬
‫اإلسالمُومعظمُاألمورُاخلطيةُالُيقبلُالريثُواملكثُولوُأخرُالنظرُفي ُجلرُذلكُخلالُالُيتالىفُوخبالُ‬
‫متفاقما ُال ُيستدرك ُفاستبان ُمن ُوضع ُاإلمامة ُاستحالة ُاشرتاط ُاإلمجاع ُيفُعقدها ُفهذا ُاملقطوع ُب ُمنُ‬
‫رُ‬
‫الفصلأ(‪ُ .)22‬‬

‫فتبنيُهبذاُبطالنُهذاُالقولُوأن ُأضعفُاألقوالُاملذكورةُيفُاملسألة‪ُ .‬‬

‫‪ ‬الثاين‪ُ:‬أنُاإلمامةُالُتصحُإالُمبشاورةُمجهورُأهلُاحللُوالعقد‪ُ ُ:‬‬

‫ويقالُيفُهذاُالقولُماُقيلُيفُسابق ‪ُ،‬خاَّةُيفُهذاُالعصرُإذُيعسرُاتفاقُواجتماعُمجهورُأهلُاحللُ‬
‫والعقد ُعلى ُإمام ُواحد ُيبايع‪ُ ،‬مع ُاختالف ُالرؤى ُوالتوجهات ُحول ُاإلمامة ُوتوقيتها‪ُ ،‬ولو ُكان ُمشاورةُ‬
‫مجهورُأهلُاحللُوالعقدُشرطاُملاَُّحتُبيعةُعليُبنُأيبُطالبُوقدُختلفُعنُبيعت ُأكابرُالصحابة‪ُ،‬فإنُ‬
‫قلناُاملتخلفُعنهاُليسُمنُأهلُاحللُوالعقد‪ُ،‬يقالُهذاُملُيقلُب ُأحد‪ُ،‬وإنُقلناُبلُهمُمنهم‪ُ،‬عندهاُ‬
‫يلزمناُتصحيحُبيعت ُببعضُأهلُاحللُوالعقد‪ُ،‬فالُيكونُحينهاُمجهورهمُشرطَُّحةُيفُانعقادها‪ُ .‬‬

‫والصحابة ُقد َُّححوا ُبيعة ُعلي ُ‪ُ ¢‬مع ُشدة ُاخلالف ُالذي ُحصل ُحينها‪ُ ،‬كما ُذكر ُهذا ُشيخُ‬
‫اإلسالم ُيف ُمنهاج ُالسنة ُواَّ رُفا ُاحلالة ُاليت ُبويع ُفيها ُعلي ُ‪ُ ¢‬وقد َُّحت ُبيعت ُمع ُكثرة ُالنزاعاتُ‬
‫واملتخلفنيُعنهاُإذُذاكُفقال‪ُ:‬أوأماُعلي ُ‪ُ ¢‬فإن ُبويعُعقيبُقتلُعثمانُ‪ُ ¢‬والقلوبُمضطربةُخمتلفة‪ُ،‬‬
‫ُإحضارا ُحىت ُقال ُمن ُقال‪ُ :‬إهنم ُجاءوا ُب ُمكرها‪ُ ،‬وأن ُقال‪ُ،‬‬
‫ُر‬ ‫وأكابر ُالصحابة ُمتفرقون‪ُ ،‬وأحضر ُطلحة‬
‫بايعتُواللجُأيُالسيفُعلىُقفي‪ُ .‬‬

‫(‪ُ)22‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)67ُ:‬‬

‫‪14‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫وكانُألهلُالفتنةُباملدينةُشوكةُملاُقتلواُعثمان‪ُ،‬وماجُالناسُلقتل ُموجاُعظيما‪ُ.‬وكثي ُمنُالصحابةُملُ‬


‫يبايعُعليا‪ُ،‬كعبدُاهللُبنُعمرُوأمثال ‪ُ،‬وكانُالناسُمع ُثالثةُأَّناف‪َُّ:‬نفُقاتلواُمع ‪ُ،‬وَّنفُقاتلوه‪ُ،‬‬
‫وَّنفُملُيقاتلوهُوملُيقاتلواُمع أ(‪.)23‬ا‪ُ ُç‬‬

‫فبنيُأنُكثياُمنُالصحابةُملُيبايعوه‪ُ،‬بلُانقسمُالناسُمع ُثالثةُأَّناف‪ُ،‬وهذاُدليلُعلىُأنُمنُبايع ُ‬
‫ُر‬
‫ُوتوحيداُ‬
‫رُ‬ ‫ُومجعا ُللصف‬
‫ُقطعا ُللنزاع ُواخلالف رُ‬
‫ليس ُمجهور ُأهل ُاحلل ُوالعقد ُبل ُبعضهم‪ُ ،‬وقبلت ُبيعت رُ‬
‫للكلمة‪ُ .‬‬

‫مثُبنيُُ¬ُأنُقولُمجهورُأهلُالسنةُهوَُّحةُخالفةُعليُوأنُالقولُبأنُعليُاُخليفةُومعاويةُخليفةُ‬
‫قول ُضعيف‪ُ ،‬وهو ُمن ُقول ُالكرامية ُإذ ُيرون ُجواز ُنصب ُإمامني ُمع ُإمكان ُالواحد ُقال ُيف ُمنهاجُ‬
‫السنة(‪ُ:)24‬أإنُعليُاُمعُكون ُكانُخليفةُوهوُأقربُإ ىُاحلقُمنُمعاوية‪ُ،‬فكانُتركُالقتالُأو ى‪ُ،‬وينبغيُ‬
‫اإلمساكُعنُالقتالُهلؤالءُوهؤالء‪ُ.....‬إ ىُأنُقال‪ُ:‬وعلىُهذاُمجهورُأئمةُأهلُاحلديثُوالسنة؛ُوهذاُ‬
‫مذهبُمالك‪ُ،‬والثوريُوأمحدُوغيهمأ‪ُ ُ.‬‬

‫ُهذاُيتضمنُأمرين‪ُ ُ:‬‬
‫ُ‬ ‫فكالم‬

‫‪َّ ‬حةُخالفةُعلي ُ‪ُ ¢‬معُختلفُكثيُمنُالصحابةُعنُالبيعةُوقدُبنيُهذاُيفُمنهاجُالسنة(‪ُ)25‬‬


‫بقول ‪ُ :‬أوأما ُعلي ُفمن ُحني ُتو ى ُختلف ُعن ُبيعت ُقريب ُمن ُنصف ُاملسلمني ُمن ُالسابقني ُاألولني ُمنُ‬
‫املهاجرينُواألنصارُوغيهمأ‪ُ .‬‬

‫وهذاُيفيدُأنُمنُبايع ُهمُبعضُمجهورُاحللُوالعقدُالُكلهم‪ُ،‬وعلي ُيبطلُالقولُباشرتاطُبيعةُمجهورُ‬


‫أهلُاحللُوالعقدُوأهناُشرطَُّحةُيفُاإلمامةُتبطلُاإلمامةُبدوهنا‪ُ .‬‬

‫(‪ُ)23‬منهاجُالسنةُ(‪ُ .)535ُ/1‬‬
‫خمتصرا‪ُ .‬‬
‫(‪ُ ُ.)537ُ/1(ُ)24‬ر‬
‫(‪ُ .)316ُ/8(ُ)25‬‬

‫‪15‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫‪ ‬أنُقولُأهلُالسنةُيفُالقتالُالذيُحصلُبنيُعليُ‪ُ¢‬ومعاويةُ‪ُ¢‬هوُأنُعليُاُكانُأقربُللحق‪ُ،‬‬
‫وكانُاألو ىُتركُالقتالُهلؤالءُوهؤالء‪ُ،‬والُيصحُالقولُبتصحيحُإمامةُمعاوية ُ‪ُ ¢‬بل ُاعتبُمنُاملتخلفنيُ‬
‫عنُبيعةُعليُ‪ُ€‬أمجعني‪ُ،‬وببطالنُهذاُالقولُالُيبقىُعندناُإالُتصحيحُالقولُاألخيُوهو‪:‬‬

‫‪ ‬الثالث‪:‬‬

‫أنُاملعتبُيفُثبوتُعقدُاإلمامةُوَّحةُاخلالفةُهمُأهلُالشوكةُوالقوة‪ُ،‬فلوُدمكنُالناسُمنُنصبُإمامُ‬
‫واالجتماعُحول ُمباُمي ّكنُل ُبسطُسيطرت ُودمكين ُوإقامةُالشريعةُيفُسلطان ‪ُ،‬عندُذلكُتصحُالبيعةُولوُملُ‬
‫حيضرها ُمجهور ُأهل ُاحلل ُوالعقد ُبل ُحضرها ُمن ُيفرض ُالشوكة ُوالقوة ُمنهم‪ُ ،‬إذ ُليس ُمن ُشروطهاُ‬
‫اجتماعهمُمجيعاُأوُمجهورهمُعلىُنصبُاإلمام‪ُ،‬ولوُكانُكذلكُألبطلناُبيعةُاملتغلبُوالذيُورثُاحلكمُ‬
‫وحنوه‪ُ ،‬فإن ُشرط ُالصحة ُهو ُما ُتنعدم َُّحة ُالشيء ُبانعدام ‪ُ ،‬نعم ُقد ُيقال ُيف ُبيعة ُاملتغلب ُخمالفاتُ‬
‫شرعية‪ُ ،‬لكن ُالشرع ُنظر ُإ ى ُاملصلحة ُالشرعية ُمن ُتنصيب ُاحلاكم ُال ُإ ى ُالوسيلة ُاملوَّلة ُإليها ُتغليباُ‬
‫ملصلحة ُالدين‪ُ ،‬ولو ُكانُمشاورة ُمجهور ُأهل ُاحللُوالعقد ُشرط َُّحة ُلكانت ُاإلمامةُيفُهذه ُاحلاالتُ‬
‫غيَُّحيحُشرعا‪.‬‬
‫رُ‬ ‫باطلةُبانعدامهاُوهذاُ‬

‫وقدُبنيُشيخُاإلسالمُ¬‪ُ:‬أنُقولُأهلُالسنةُواملعتبُيفُاإلمامةُهيُبيعةُأهلُالشوكةُوالقوةُكماُقالُ‬‫ّ‬
‫(‪)26‬‬
‫والُيصيُالرجلُإماماُحىتُيوافق ُ‬
‫رُ‬ ‫يفُمنهاجُالسنة ‪ُ:‬أاإلمامةُعندهمُتثبتُمبوافقةُأهلُالشوكةُعليها‪ُ،‬‬
‫أهلُالشوكةُعليهاُالذينُحيصلُبطاعتهمُل ُمقصودُاإلمامة‪ُ،‬فإنُاملقصودُمنُاإلمامةُإمناُحيصلُبالقدرةُ‬
‫السلطانَُّارُإماما‪ُ .‬‬
‫رُ‬ ‫والسلطان‪ُ،‬فإذاُبويعُبيعةُحصلتُهباُالقدرةُو‬

‫وهلذاُقالُأئمةُالسلف‪ُ:‬أمنَُّارُل ُقدرةُوسلطانُيفعلُهبماُمقصودُالوالية‪ُ،‬فهوُمنُأويلُاألمرُالذينُ‬
‫أمرُاهللُبطاعتهمُماُملُيأمرواُمبعصيةُاهلل‪ُ،‬فاإلمامةُملكُوسلطان‪ُ،‬وامللكُالُيصيُملكاُمبوافقةُواحدُوالُ‬
‫اثننيُوالُأربعة‪ُ،‬إالُأنُتكونُموافقةُهؤالءُتقتضيُموافقةُغيهمُحبيثُيصيُملكاُبذلك‪ُ،‬وهكذاُكلُأمرُ‬

‫(‪ُ .)536ُ/1(ُ)26‬‬

‫‪16‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫يفتقرُإ ىُاملعاونةُعلي ُالُحيصلُإالُحبصولُمنُميكنهمُالتعاونُعلي ؛ُوهلذاُملاُبويعُعلي ُ‪ُ ¢‬وَّارُمع ُ‬


‫كةَُّارُإماماأ‪.‬ا‪ُ ç‬‬
‫رُ‬ ‫شو‬

‫ُأوالُيصيُالرجلُإماماُحىتُيوافق ُأهلُالشوكةُعليهاُالذينُحيصلُبطاعتهمُل ُمقصودُ‬


‫رُ‬ ‫قلت‪ُ:‬تأملُقول‬
‫اإلمامةأُمعُقول ُأمنَُّارُل ُقدرةُوسلطانُيفعلُهبما ُمقصودُالواليةأ ُوقول ُأ؛ُوهلذاُملاُبويعُعلي ُ‪ُ¢‬‬
‫وَّارُمع ُشوكةَُّارُإماماأُتعلمُحينهاُأنُاملعتبُيفُاإلمامةُليستُشورىُمجهورُأهلُاحللُوالعقدُبلُ‬
‫املعتبُهمُمنُحتصلُهبمُشوكةُوقوةُلرفضُسلطانُاإلمامُوبسطُدمكين ‪ُ،‬ولذاُمثلُبعليُ‪ُ¢‬وقدُسبقُأنُ‬
‫منُبايع ُهمُبعضُأهلُاحللُوالعقدُلكنُملاُكانتُهلمُالشوكةَُّحتُإمامةُعلي ُ‪ُ،¢‬ويزيدُتوضيح ُ‬
‫قولُشيخُاإلسالمُكذلكُيفُمنهاجُالسنة(‪ُ:)27‬أولوُقدرُأنُعمرُوطائفةُمع ُبايعوهُوامتنعُسائرُالصحابةُ‬
‫وإمناَُّارُإماماُمببايعةُمجهورُالصحابةُالذينُهمُأهلُالقدرةُوالشوكة‪ُ،‬وهلذاُ‬
‫رُ‬ ‫عنُالبيعةُملُيصرُإماماُبذلكُ‬
‫رُ‬
‫ملُيضرُختلفُسعدُبنُعبادةُألنُذلكُالُيقدحُيفُمقصودُالوالية‪ُ،‬فإنُاملقصودُحصولُالقدرةُوالسلطانُ‬
‫ُيصيُإماماُ‬
‫رُ‬ ‫اللذينُهبماُحتصل ُمصاحلُاإلمامةُوذلكُقدُحصلُمبوافقةُاجلمهورُعلىُذلك‪ُ ،‬ومنُقالُإن‬
‫مبوافقةُواحدُأوُاثننيُأوُأربعةُوليسواُهمُذويُالقدرةُوالشوكةُفقدُغلط‪ُُ،‬كماُأنُمنُظنُختلفُالواحدُ‬
‫واالثننيُوالعشرةُيضرهُفقدُغلطأ‪ُ.‬ا‪ُ ç‬‬

‫فهنا ُشيخ ُاإلسالم ُعلق ُاحلكم ُبصحة ُاإلمامة ُعلى ُوجود ُالقدرة ُوالشوكة ُومل ُيعلق ُاألمر ُبالعدد ُأوُ‬
‫اجلمهور‪ُ،‬فلوُقالُأحدهمُلكن ُذكرُأنُأباُبكرُبايع ُمجهورُالصحابة‪ُ،‬جيابُبأن ُحكايةُواقعُالُبيانُ‬
‫أملُيصرُإماماُبذلكأُأيُألهنمُليسواُ‬
‫رُ‬ ‫شرط‪ُ،‬إذُهيُحصلتُباجلمهورُالُأهناُالُحتصلُإالُهبم‪ُ،‬ولذاُقول ‪ُ:‬‬
‫كةُوالقدرةُيفُذلكُالوقتُحاَّلةُمنُمجهورُالصحابةُالُمنُبعضهمُألنُ‬ ‫أهلُشوكةُوقدرة‪ُ،‬ألنُالشو ُ‬
‫غالبهمُموجودُيفُاملدينةُوهمُأَّحابُالشوكةُآنذاك‪ُ،‬ودلُعليهاُقول ‪ُ :‬أالذينُهمُأهلُالقدرةُوالشوكةأُ‬
‫فهذاُالقيدُمعتبُهناُول ُمفهوم ُوهوُأنُغيُأهلُالقدرةُوالشوكةُالُتصحُهبمُالبيعةُولوُُكثرُعددهمُألنُ‬
‫مقاَّدُاإلمامةُالُحتصلُهبم‪ُ،‬ولذاُقالُبعدها‪ُ :‬أفإنُاملقصودُحصولُالقدرةُوالسلطانُالذينُهبماُحتصلُ‬
‫مصاحلُاإلمامةُوذلكُقدُحصلُمبوافقةُاجلمهورأ‪ُ ،‬فالقدرةُوالسلطانُمهاُاملقصدُاألساسيُمنُبيعةُأهلُ‬

‫(‪ُ .)530ُ/1(ُ)27‬‬

‫‪17‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫لوُفرضُأنُشخصاُادعىُاإلمامةُوبايع ُالكثيُوملُيكونواُ‬
‫رُ‬ ‫احلال ُوالعقد ُومىتُحصالُملُيشرتطُل ُعدد‪ُ،‬و‬
‫ُشرعاُألنُمقصودُالواليةُملُحيصلُ‬
‫أهلُشوكةُوالُقدرةُميكنهمُهباُإخضاعُالناسُللخليفةُفالُاعتبارُلبيعت رُ‬
‫هنا‪ُ،‬كماُقالُبعدها‪ُ :‬أوليسواُهمُذويُالقدرةُوالشوكةأُفهذاُيزيدُتأكيداُأنُاملعتبُهوُالقدرةُوالشوكةُالُ‬
‫عددُمعني‪ُ،‬فليسُأهلُاحللُوالعقدُمقصدُمنُمقاَّدُاإلمامةُإمناُهمُوسيلةُمنُوسائلهاُويدلُعلي ُأهناُ‬
‫لو ُحصلت ُبالتغلب ُأو ُبالتوارث ُمل ُتكن ُباطلة ُكما ُسبق‪ُ ،‬ولو ُكانت ُمقصدا ُوشرط َُّحة ُيف ُاإلمامةُ‬
‫لبطلتُيفُهاتنيُالصورتني‪ُ .‬‬

‫كداُعلىُأنُاملعتبُيفُعقدُاإلمامةُهمُأهلُالشوكةُولوُقلُعددهمُ‬ ‫وقالُكذلكُيفُمنهاجُالسنة(‪ُ )28‬مؤ رُ‬


‫إذاُحصلُهبمُدمكنيُاإلمامُإقامةُالشريعةُفقال‪ُ:‬أاإلمجاعُالذيُينعقدُب ُاإلمامة‪ُ،‬فهذاُيعتبُفي ُموافقةُ‬
‫اُقليال‪ُ،‬‬
‫كةُعدد رُ‬
‫رُ‬ ‫أهلُالشوكةُحبيثُيكونُمتمكناُهبمُمنُتنفيذُمقاَّدُاإلمامةُحىتُإذاُكانُُرُؤوسُالشو‬
‫ومنُسواهمُموافقُهلمُحصلتُاإلمامةُمببايعتهمُل ‪ُ.‬هذاُهوُالصوابُالذيُعلي ُأهلُالسنةُوهوُمذهبُ‬
‫األئمةُكأمحدُوغيهأ‪.‬ا‪ُ ُç‬‬

‫وهذاُماُفهم ُالشيخُحممدُاألمنيُالشنقيطيُ¬ ُمنُكالمُشيخُاإلسالمُحيثُقال‪ُ:‬أومقتضىُكالمُ‬


‫الشيخُتقيُالدينُأيبُالعباسُبنُتيميةُيفُ«املنهاج»ُأهناُإمناُتنعقدُمببايعةُمنُتقوىُب ُشوكت ‪ُ،‬ويقدرُب ُ‬
‫علىُتنفيذُأحكامُاإلمامة؛ُألنُمنُالُقدرةُل ُعلىُذلكُكآحادُالناسُليسُبإمامأ(‪ُ .)29‬‬

‫وقالُاجلويين‪ُ:‬أفالوج ُعنديُيفُذلكُأنُنعتبُيفُالبيعةُحصولُمبلغُمنُاألتباعُواألنصارُواألشياعُ‬
‫حيصلُهبمُشوكةُظاهرةُومنعةُقاهرة‪ُ ،‬حبيثُلوُفرضُثورانُخالفُملاُغلبُعلىُالظنُأنُيُصطُلم ُأتباعُ‬
‫اإلمام‪ُ،‬فإذاُتأكدتُالبيعةُوتأطدتُبالشوكةُوالعددُوالعددُواعتضدتُوتأيدتُباملنةُواستظهرتُبأسبابُ‬
‫االستيالءُواالستعالء‪ُ،‬فإذُذاكُتثبتُاإلمامةُوتستقرُوتتأكدُالواليةُوتستمرأ(‪ُ .)30‬‬

‫(‪ُ .)356ُ/8(ُ)28‬‬
‫(‪ُ)29‬أضواءُالبيانُ(‪ُ .)23ُ/1‬‬
‫(‪ُ)30‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)70ُ:‬‬

‫‪18‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫قول ‪(َّ:‬مبلغُمنُاألتباعُواألنصار)َّدليلُعلىُعدمُاشرتاطُمشاورةُاجلمهورُوالُغالبُأهلُاحللُوالعقد‪ُ،‬‬
‫بلُمنُيتيسرُحضورهمُمنهمُبشرطُالشوكةُالظاهرةُواملنعةُالقاهرةُوهيُاليتُيقامُهباُالدينُوهيُاملعتبةُ‬
‫حىتُيفُاملتغلب‪ُ،‬فلوُملُتكنُل ُشوكةُالُتصحُل ُبيعة‪ُ،‬فالشرطُاألساسيُهوُحصولُهذهُالشوكةُاليتُ‬
‫ميكنُهباُإقامةُالدينُولوُملُميكنُإقامت ُكل ُلكنُاملقدورُعلي ُمن ُهوُالواجب‪ُ .‬‬

‫فالصحيحُإذاُأنُأهلُاحللُوالعقدُهمُمنُهلمُمنُالقدرةُوالشوكةُماُيتمكنونُهباُمنُإخضاعُالعامةُ‬
‫للخليفة‪ُ،‬والُيشرتطُكوهناُكاملةُإذُملُيشرتطُالقدرةُوالتمكنيُالكاملُأحد‪ُ،‬فقدُكانتُالشامُغيُتابعةُ‬
‫ألميُاملؤمننيُعليُبنُأيبُطالبُ‪ُ¢‬وملُيكنُذلكُمطعناُيفُخالفت ‪ُ .‬‬

‫قالُاجلويين‪ُ:‬أمثُأقول‪ُ:‬إنُبايعُرجلُواحدُمرموق‪ُ،‬كثيُاألتباعُواألشياع‪ُ،‬مطاعُيفُقوم ‪ُ،‬وكانتُمنعت ُ‬
‫تفيدُماُأشرناُإلي ‪ُ،‬انعقدتُاإلمامةأ(‪ُ .)31‬‬

‫وممنُذهبُهلذاُالقولُكذلكُاإلمامُالنوويُحيثُقالُيفُشرح ُعلىُمسلم‪ُ:‬أاألَّحُأنُاملعتبُببيعةُ‬
‫أهلُاحللُوالعقدُمنُالعلماءُوالرؤساءُوسائرُوجوهُالناسُالذينُيتيسرُحضورهم‪ُ،‬والُيشرتطُاتفاقُأهلُ‬
‫احللُوالعقدُيفُسائرُالبالدُواألَّقاعُبلُإذاُوَّلهمُخبُأهلُالبالدُالبعيدةُلزمهمُاملوافقةُواملتابعةأ‪ُ .‬‬

‫فقول ‪(ُ:‬لزمهمُاملوافقةُواملتابعة)ُدليلُعلىُعدمُاشرتاطُمشاورةُمجهورُأهلُاحللُوالعقدُإذُقيامُبعضهمُ‬
‫هبذاُإذاُكانواُمنُأهلُالشوكةُوالقوةُحبيثُيبسطواُسلطانُاخلليفةُيفُأماكنُنفوذهُهوُاملطلوب‪ُ،‬مثُبقيةُ‬
‫املناطقُوالقرىُوالبلدانُوجبُعليهمُاملوافقةُواملتابعةُببلوغُخبُاإلمامُهلمُأوُجميءُالوفودُهلمُبذلك‪ُ .‬‬

‫فاملالحظُيفُكالمُأهلُالعلمُالسابقُأهنمُنظرواُإ ىُمناطَُّحةُالبيعةُوهلُمشورةُمجهورُأهلُاحللُ‬
‫والعقدُأوُإمجاعهمُشرطُفيهاُأوال‪ُ،‬والظاهرُالصحيحُمنُكالمهمُأن ُليسُبشرطَُّحةُأوُوسيلةُهلاُأعينُ‬
‫اجلمهورُأماُمطلقُاملشورةُفشرطُلكنُاملشورةُاملطلقةُالكاملةُليستُبشرطُكماُسبق‪ُ،‬والُيعارضُهذاُ‬
‫ُتغرةُر ُأنُيقتالأ(‪)32‬؛ُ‬
‫منُبايعُرجال ُمنُغيُمشورةُمنُاملسلمنيُفالُيتابعُهوُوالُالذيُتابع ُ‬
‫رُ‬ ‫قولُعمر‪ُ:‬أ‬

‫(‪ُ)31‬املرجعُالسابق‪ُ .‬‬
‫(‪َُّ)32‬حيحُالبخاريُ(‪ُ .)169ُ/8‬‬

‫‪19‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫ألنُحملُكالم ُفيمنُبويعُمنُالناسُمنُغيُمشورةُمطلقا‪ُ،‬أماُمشورةُمنُتيسرُحضورهُمنُأهلُاحللُ‬
‫والعقدُالذينُتكونُهبمُالشوكةُوالقدرةُفالصحيحُثبوهتاُوَّحتها‪ُ،‬ألنُاملقصودُمنُبيعةُأهلُاحللُوالعقدُ‬
‫ليسُعددهمُوالُمجهورهم‪ُ،‬إمناُماُيرتتبُعنُبيعتهمُلإلمامُوهيُأهنمُأهلُشوكةُوقدرة‪ُ .‬‬

‫لذاُيقالُاملعتبُهناُأمورُثالثة‪ُ :‬‬

‫‪ .1‬وجودُمجعُمنُأهلُاحللُوالعقدُتقومُهبمُالشوكةُوالقدرة‪ُ .‬‬
‫‪ .2‬وجودُرجلُيقومُمبقاَّدُاإلمامةُمستجمعُألدىنُشروطُالصحةُيفُذلك‪ُ .‬‬
‫‪ .3‬وجودُمطلقُالتمكنيُالُالتمكنيُاملطلقُالذي ُميكنُلإلمامُأنُيقودُالناسُفي ُبالدينُويرعىُهلمُ‬
‫ديناهم‪ُ .‬‬

‫فإذاُوجدُهذاَُّحتُالبيعةُودمتُاخلالفةُووجبت‪ُ .‬‬

‫وهذاُعين ُماُحصلُيفُبيعةُأميُاملؤمننيُالشيخُإبراهيمُبنُعوادُأيبُبكرُالبغداديُ‪-‬حفظ ُاهللُونصرهُ‬


‫وأعزُب ُالدين‪ُُ-‬كماُسيأيتُبيان ‪ُ .‬‬

‫ُ‬

‫ُ‬

‫ُ‬

‫ُ‬

‫ُ‬

‫‪20‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫مبحث تنزيلي‪:‬‬

‫وزيادة ُعلى ُهذا‪ُ ،‬يقال ُإنُ ُاألقوالُ ُالسابقة ُينبغي ُأن ُيعلمُ ُأهنُا ُقيلت ُيف ُزم ٍُن ُمل ُيسقط ُفي ُحكمُ‬
‫لوُملُتكنُكاملةُوإماُتغلبراُ‬
‫ُ‬ ‫احداُتلوُاآلخر‪ُ،‬إمُاُباملشورةُو‬
‫اإلسالم‪ُ،‬إذُكانُاخللفاءُوامللوكُيتوارثونُاحلكمُو رُ‬
‫وإماُتوارُثرا‪ُ ،‬ومجيعهمُحيكمُبالشرعُولوُختلل ُمعاَّيُوظلمُمنُبعضهم‪ُ،‬أمُا ُيفُزمانناُاحلاضرُجيبُعلىُ‬
‫الباحثُفيهاُأنُيعلمُأنُ ُالزمنُزمنُاضطرا ٍُر‪ُ ،‬ورخصُوضروراتُالُزمنُوسعُواختيارُيتيحُلناُالنظرُيفُ‬
‫مجيعُشروطُعقدُاإلمامةُكماُلوُكانتُقائمة‪ُ،‬فألن ُبعدُسقوطُاخلالفةُملُيعدُيوجدُدارُإسالمُحتكمُ‬
‫بالشرعُويهاجرُهلاُالناسُوتقامُفيهاُأحكامُالدين‪ُ،‬فوجبُعليناُالعملُعلىُإقامتهاُمباُأمكنُوالُيكلفُ‬
‫اهللُنفساُإالُوسعها‪ُ .‬‬

‫قال ُاجلويين‪ُ :‬أوالذي ُيعضد ُذلك ُعلمنا ُعلى ُاضطرار ُأن ُالغرض ُمن ُنصب ُاإلمام ُحفظ ُاحلوزةُ‬
‫واالهتمامُمبهماتُاإلسالمُومعظمُاألمورُاخلطيةُالُيقبلُالريثُواملكثُولوُأخرُالنظرُفي ُجلرُذلكُخلالُ‬
‫الُيتالىفُوخبالُمتفاقماُالُيستدرك ُفاستبانُمنُوضعُاإلمامةُاستحالةُاشرتاطُاإلمجاعُيفُعقدهاُفهذاُ‬
‫املقطوعُب ُمنُالفصلأ(‪ُ .)33‬‬

‫لوُأخرُجلرُذلكُخلال‪ُ،‬تعلمُشدةُاضطرارُالعصرُإ ىُإمامُ‬
‫رُ‬ ‫قلت‪ُ:‬الحظُقول ُ(الُيقبلُالريث)ُفي ُو‬
‫يبايعُجيمعُاألمةُويقيمُالدينُويسوسُب ُالدنياُوالتأخيُجيرُإ ىُمهالكُكبيةُوفرقةُعظيمةُتقويَُّفُُ‬
‫الكفارُوتضعفَُّفُُاملسلمني‪َّ .‬‬

‫وقدُأدركُهذاُشيخُاجملاهدينُأسامةُبنُالدنُ‪-‬تقبل ُاهلل‪ُ-‬بقول ‪ُ:‬أإنُالذينُوجدواُيفُأنفسهمُبسببُ‬


‫أماُإنُ‬
‫عدمُمشاورهتمُإنُكانُهلمُمهةُورغبةُيفُتوحيدُكلمةُاملسلمنيُفو ْجدهمُالُحرجُفي ُكماُسبقُكرر‪ُ،‬و ُ‬
‫كانواُيصرحونُبأنُالوقتُغيُمناسبُويؤخرونُحكمُاهللُتعا ىُوحكمُرسول ُ‘ ُبآرائهمُطيلةُهذهُ‬
‫السنواتُفهؤالءُوجدهمُغيُمبرُوماُينبغيُانتظارهمُوتعطيلُأمورُالدين‪ُ ،‬ولكنُملاُنشأُالناسُوعاشواُ‬
‫بعيداُعنُظلُالدولةُاملسلمةُتبلدُحسُالكثيُمنهمُوملُيعودواُيشعرُونُحبرجُكبيُلتأخيُقيامهاُفينبغيُأنُ‬
‫رُ‬

‫(‪ُ)33‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)67ُ:‬‬

‫‪21‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫يناَّحُاألخوةُيفُكلكُورغمُأمهيةُالشورىُيفُاإلمارةُوالنصوصُيفُذلكُواضحةُبينةُوقولُعمر ُ‪ُ ¢‬يفُ‬


‫مُعليهاُإذاُتعذرُاستيفاؤهاُمنُمجيعُاملعنينيُهبا‪ُ،‬‬
‫ُ‬ ‫ذلكُالُخيفىُإالُأنُأمرُاجتماعُالكلمةُعلىُاألميُمقد‬
‫كماُلوُتكررتُظروفُشبيهةُبظُروفُالسقيفة‪ُ،‬ولوُأنُاإلمارةُالُتتمُيفُمثلُذلكُاحلالُإالُبعدُمشاورةُ‬
‫مجيعُمنُيعنيهمُاألمرُملاُأقدمُعمرُعلىُمبايعةُأيبُبكرُدونُاستيفاءُاملشاورة‪ُ،‬وملاُقبلُأبوُبكرُأنُيبسطُ‬
‫يدهُلقبولُالبيعة‪ُ،‬وملاُأقدمُجلُالصحابةُعلىُمبايعت ُ‪ُ€‬أمجعنيأ‪ُ .‬‬

‫وليعلمُأنُقول ُهذاُقيلُيف ُتصحيحُبيعةُ(دولةُالعراقُاإلسالمية)‪ُ،‬فهوُنظرُأنُالزمنُزمنُضرورةُوأنُ‬


‫االجتماعُمقدمُعلىُاملشورةُلضرورةُاالجتماعُوأمهيت ‪ُ،‬وهذاُيفُزمانناُأظهرُوأبني‪ُ،‬فاخلالفةُقدُسقطتُمنذُ‬
‫عقودُوأَّبحُالعملُاضطراريُاُيفُالغالبُالُاختياريُا‪ُ،‬واضطربتُكثيُمنُاجلماعاتُواجملموعاتُيفُرسمُ‬
‫طريقُواضحُللوَّولُللخالفةُاإلسالمية‪ُ .‬‬

‫وحالةُعصرنا ُهذه ُواليت ُهي ُفقدُاإلمام ُالواحد ُالذي ُيبايع ُالناس ُبيعة ُكبى ُتكلم ُعنها ُاجلويينُيفُ‬
‫غياثُاألممُكماُقال‪ُ:‬أالرجلُالفردُوإنُاستغىنُعنُاالختيارُوالعقد‪ُ،‬فالُبدُمنُأنُيستظهرُبالقوةُواملنة‪ُ،‬‬
‫ويدعوُاجلماعةُإ ىُبذلُالطاعةُفإنُفعلُذلكُفهوُاإلمامُعلىُأهلُالوفاقُواإلتباع‪ُ،‬وعلىُأهلُالشقاقُ‬
‫واالمتناعأ‪ُ .‬‬

‫وقال‪ُ:‬أفإذاُدعاُالناسُإ ىُاإلذعانُل ُواإلقران‪ُ،‬فاستجابواُل ُطائعني‪ُ،‬فقدُاتسقتُاإلمامة‪ُ،‬واطردتُ‬


‫ُمستظهرا ُهبم ُعلى ُاملنافقني ُعلي ُواملارقني ُمن ُطاعت ُتثبت ُإمامت ُ‬
‫ر‬ ‫الرياسة ُالعامة‪ُ ،‬وإن ُأطاع ُقوم ُيصي‬
‫أيضاأ(‪ُ .)34‬‬

‫حتىَّرأيناَّ(الدولةَّاإلسالمية)َّقدَّأعلنتهاَّوأقامتهاَّوطالبواَّالجميعَّبالدخولَّتحتها‪َّ .‬‬

‫‪ ‬فيكونُاملبحثُهناُهلُيصحُفعلهمُهذاُأوُغيَُّحيحُكماُيقولُبعضهم؟ ُ‬

‫(‪ُ)34‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)370ُ:‬‬

‫‪22‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫فيقالُقدُسبقُتأَّيلُاملسألةُوذكرُاألدلةُوالنقولُعنُالعلماءُوحننُإذاُنزلناُالكالمُالسابق ُوالنقوالتُ‬
‫السابقةُعلىُالواقعُاليوم‪ُ،‬نرىُأنُ(الدولةُاإلسالمية)ُيومُإعالهناُالدولةُاألو ىُ(دولةُالعراقُاإلسالمية)ُ‬
‫بإمارةُالشيخُأيبُعمرُالبغداديُ‪-‬تقبل ُاهلل‪ُ-‬قدُشاورواُمنُاستطاعواُمنُالكتائبُواجلماعاتُكماُحكىُ‬
‫ذلكُالشيخُأيبُمحزةُاملهاجرُ‪-‬تقبل ُاهلل‪ُ-‬يفُاللقاءُاملفتوحُبقول ‪ُ :‬‬

‫يشهدُاهللُأنناُاجتهدناُيفُذلك‪ُ،‬ومجيعُاجلماعاتُتعلمُذلكُجيدا‪ُ،‬باستثناءُفصيلُواحدُكانُقدُ‬
‫ر‬ ‫أ‬
‫اخنرطُيف ُالعمليةُالسياسيةُاخنراطراُتامُا‪ُ،‬فبعضهمُاتصلناُب ُقبلُشهرينُوبعضهمُقبلُأربعةُأشهر‪ُ،‬ولكنُ‬
‫لألسفُملُنتمكنُمنُلقاءُبعضهمُقبلُإعالنُالدولة‪ُ،‬وتعذرُالبعضَُّراحةُأن ُكانُخارجُالبالد‪ُ،‬وآخرونُ‬
‫اُبأشياءُأخرىُمضحكةُمبكية‪ُ،‬وقدُكانتُالدعوةُأوالُحللفُاملطيبني‪ُ،‬كناُنظنُأنُمثلُهذاُاحللفُ‬
‫ر‬ ‫تعذرو‬
‫الُميكنُأنُيرد‪ُ،‬ولكنُاستجابُالكثيُالطيبُوختلفُالقليل‪ُ،‬وحىتُبعدُإعالنُالدولةُاتصلناُهبمُومازلناُ‬
‫ليسُحكراُعليناُولقدُختليناُعنُأمساءُمجاعاتناُوتركناُ‬
‫ر‬ ‫قائلني‪ُ:‬ياُعبادُاهللُهذاُمشروعكمُومشروعُاألمةُو‬
‫إمارهتاُلصاحلُهذاُاملشروعُالكبي‪ُ،‬وقلناُللجميع‪ُ:‬إنُقلوبناُمفتوحةُلكلُنقدُوتعديلُخيصُهذاُاملشروع‪ُ،‬‬
‫كةُوالفالحأ‪ُ .‬‬
‫فقطُالُميكنُالرجوعُعنُأمرين‪ُ:‬الدولةُوأميها‪ُ،‬ألناُاجتهدناُوحنسبُفيهماُاخليُوالب ُ‬

‫ُلتوافر ُالشروط ُالصحيحة‪ُُ،‬كما ُأكد ُذلك ُقادة ُاجلهاد ُآنذاك‪ُ ،‬وهذاُ‬


‫ُشرعا ُ‬
‫وقد َُّحت ُهبذا ُبيعتهم رُ‬
‫تصحيحُمنهمُألَّلُالدولةُاإلسالميةُاألو ى‪ُ،‬ويلزمُمن َُّحةُكلُماُبينُعلي ُماُملُينفسخُالعقدُاألول‪ُ .‬‬

‫‪ ‬وعلي ُيكونُتأَّيلُوتنزيلُهذهُاملسألةُمنُجهتني‪ُ :‬‬

‫اقعُوتغيهُيوماُبعدُيومُجيعلُاألمرُ‬
‫رُ‬ ‫‪ .1‬أنُاحلالةُاليومُليستُاختياريةُبلُضرورية‪ُ،‬واالضطرابُيفُالو‬
‫ضروريُاُالُاختياريُا‪ُ .‬‬
‫‪ .2‬أنَُّحةُاألَّلُيلزمُمنهاَُّحةُماُبينُعلي ‪ُ .‬‬

‫وقدُوضحتُاألو ىُمنُكالمُالشيخُأسامة ُ¬‪ُ،‬وأماُالثانيةُفإنُالقاعدةُالشرعيةُاألَّوليةُأنُالفرعُ‬


‫ُنفيرا ُوإثب ُاترا‪ُ،‬والُيصح ُإثباتُحكم ُللفرعُمل ُيثبت ُلألَّل ُإالُإذا ُاستثىن ُاألَّلُ‬
‫تابع ُألَّل ُيف ُاحلكم ُ‬
‫ذلك‪ُ .‬‬

‫‪23‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫وبناءُعلي ُفإنَُّحةُقيامُالدولةُاإلسالميةُيفُالعراقُاليتُعقدتُمبشورةَُّحيحةُويبىنُعلي َُّحةُكلُ‬


‫ماُتفرعُعنُ(الدولةُاإلسالميةُيفُالعراق)‪ُ،‬ألنُالعقدُالذيُبنيتُعلي ُالدولةُيفُالبدايةُهوُعقدُإمامةُكماُ‬
‫نصواُعلىُذلكُيفُبياناهتمُولوُملُتكنُعامةُعلىُمجيعُاملسلمنيُلعجزهمُيفُذلكُالوقت‪ُ .‬‬

‫ُوتأَّيال ُأن ُيقال َُّحة ُاألَّل ُأالدولة ُاإلسالمية ُيف ُالعراقأ ُيبنى َّعليه َّما َّتفتحهَّ‬
‫رُ‬ ‫ُشرعا‬
‫فالصحيح رُ‬
‫الدولةَّمنَّالمناطقَّوتحررهَّمنَّالطاغوتَّوتبسطَّحكمهاَّعليه‪َّ،‬وهوَّماَّعرفَّبالتمدد‪ُ،‬فالتمددُيفُ‬
‫الشرعُهوُنوعُفتحُلديارُالكفر‪ُ،‬ومعلومُأنُدخولُالدولةُللشامُكانُبناءُعلىُأنُالشامُدارُكفرُالُدارُ‬
‫إسالم‪ُ ،‬وال ُيشرتط ُيف ُفتح ُديار ُالكفر ُمشورة ُالناس ُألن ُمن ُاجلهاد ُالعيين ُوال ُاستئذان ُفي ُفضال ُعنُ‬
‫املشورة‪ُ،‬فمسألةُإعالنُالشامُواليةُتابعةُللدولةُهيُفرعُبينُعلىُأَّلَُّحيح‪ُ،‬فالُيقالُالُيصحُلعدمُ‬
‫املشورة‪ُ،‬فإنُهذاُالقولُالُدليلُعلي ‪ُ،‬وملُينكرهُإالُكمنُقالُعنهمُالشيخُأسامة‪ُ:‬أأهنمُوجدواُيفُأنفسهمُ‬
‫يفُهذاأ‪ُ،‬أوُالذينُيرونُباحلدودُاملصطنعةُويعرتفونُبالثوراتُاليتُتقودهاُالشعوبُفيرتكونُالشعوبُتقودُ‬
‫والُتقاد‪ُ،‬وبالتايلُتضيعُالفرَّةُعلىُأهلُالشام‪ُ،‬وهلذاُاملقصدُبعثتُالدولةُاإلسالميةُ(جبهةُالنصرة)ُحىتُ‬
‫حصلُماُحصلُمنُشقاقُوعصيانُلألمرُمنُقبلُأمراءُجبهةُالنصرةُبعدُإعالنُدمددُالدولةُإ ىُالشام‪ُ .‬‬

‫مثُنردُعلىُهؤالءُبأنُنقولُهلمُإن ُملُتكنُهناكُإمارةُشرعيةُأوُدولةُإسالميةُقائمةُيفُالشامُحىتُ‬
‫يصبحُدخولُ(الدولةُاإلسالميةُيفُالعراق)ُفيهاُتعدياُعليها‪ُ،‬فأكثرُماُوجودُبيعاتَُّغرىُأوُكتائبُثوريةُ‬
‫ليسُهدفهاُحتكيمُالشريعة‪ُُ ،‬والبيعاتُالصغرىُملُتكنَُّغرىُإالُللعجزُعنُالكبىُوحيثُأمكنُالدولةُ‬
‫القيام ُبالكبى ُوجب ُعليهم ُاتباعها ُيف ُهذا‪ُ ،‬وعلى ُهذا ُتكون ُالبيعة ُيف ُالقطر ُالذي ُتتمدد ُل ُ(الدولةُ‬
‫اجبراُمنُبابَُّحةُاألَّلُيفُالعراق‪ُ،‬والدليلُعلي ُالفتوحاتُاإلسالميةُالكثيةُيفُالتاريخُ‬ ‫اإلسالمية)ُو ُ‬
‫اإلسالمي‪ُ،‬فلمُيقلُأحدُالُجيوزُلألميُالفالينُالُجيوزُلكُدخولُالشامُأوُالبصرةُأوُالكوفةُأوُبيتُ‬
‫املقدسُأوُغيهاُحبجةُعدمُمشورةُأهلها‪ُ،‬وكذلكُفعلُالشيخُحممدُبنُعبدُالوهاب ُ¬ ُملاُقامُلتحريرُ‬
‫مكةُواملدينةُوالرياضُكماُجاءُيفُتاريخُجندُالبنُغنامُيفُبابُالغزوات‪ُ .‬‬

‫‪ ‬ويعارضُهذاُالقولُشبهتان‪ُ ُ:‬‬

‫‪24‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫‪ُ.1‬الشبهةَّاْلولى‪ُ:‬أنُبيعةُالدولةُليستَُّحيحةُيفُالشامُلعدمُاملشورة‪ُ :‬‬

‫اجلواب‪ُ :‬‬

‫هذاُتبنيُلناُساب رُقاُأن ُغيَُّحيحُألنُهذاُفرعُبينُعلىُأَّل‪ُ،‬فالتمددُهوُدخولُلدارُكفرُالُدارُ‬


‫إسالم‪ُ،‬فهوُأشب ُبالبعوثُوالسراياُاليتُتبعثُلفتحُديارُالكفرُوملُيكنُالعلماءُيشرتطونُفيهاُمشورةُأوُماُ‬
‫يشرتطهاُبعضهمُاليوم‪ُ .‬‬

‫فالدولةُاإلسالميةُيفُالعراقُقامتُبشروطُشرعيةَُّحيحة‪ُ،‬وإنُعارضُبعضهمُيقالُل ُإنُأدىنُشروطُ‬
‫الصحة ُمتوفرة ُكمشورة ُمن ُتيسر ُمن ُأهل ُاحلل ُوالعقد ُبشهادة ُقادة ُاجلهاد ُيف ُذلك ُالوقت‪ُ ،‬مث ُوجودُ‬
‫التمكنيُالكايفُإلقامةُالدين‪ُ،‬وهذاُيكفيُلقيامهاُوإذاُقويتُوجوبُعليهاُفتحُديارُالكفرُوبسطُنفوذهاُ‬
‫عليها‪ُ،‬وهذاُماُتقومُب ُاآلنُوماُأعلنتُاخلالفةُإالُبناءُعلىُتوفرُالقدرةُعليهاُوإنُملُتكنُكاملةُإذُ‬
‫ليستُشر ُطرا‪ُ .‬‬

‫ُفلوُقالُقائلُقدُاحنسرتُالدولةُاإلسالميةُيفُالعراقُساب رُقاُحىتُذهبُغالبُدمكينها‪ُ،‬فيقالُل ُإبطالُ‬


‫َّحةُالبيعةُباحنسارُالتمكنيُباطل‪ُ،‬فإنُتاريخُاخللفاءُالراشدينُوقعُفي ُهذاُوملُيقلُأحدُهبذاُالقولُففيُ‬
‫ملُيكنُهذاُمبطالُ‬
‫رُ‬ ‫خالفةُأيبُبكرُالصديقُارت ُّدُُكثيُمنُاألعرابُواحنسرتُدولةُاإلسالمُإ ىُاملدينةُومكةُو‬
‫لبيعةُأيبُبكرُويفُخالفةُعثمان‪ُ،‬سيطرُاخلوارجُعلىُكثيُمماُحتتُيدهُبلُحىتُعلىُأجزاءُمنُاملدينةُوملُ‬
‫يبطلُهذاُبيعت ‪ُ،‬ويفُخالفةُعليُ‪ُ¢‬ملُتكنُالشامُتابعةُل ُوملُيبطلُهذاُبيعت ُوَّحةُخالفت ‪ُ .‬‬

‫وعلي ُفالقواعدُالشرعيةُواحلوادثُالتارخييةُتردُهذاُالقولُوتبطل ُبلُهوُمصادمُلقولُشرعيُمتفقُعلي ُ‬


‫وهوُوجوبُإقامةُاحلاكمُاملسلم‪ُ،‬وإسقاطُاحلاكمُالكافر‪ُ .‬‬

‫قال ُالنووي‪ُ :‬أقال ُالقاضيُعياض‪ُ:‬فلوُطرأ ُعلي ُكفر ُوتغيي ُللشرع ُأو ُبدعةُخرج ُعن ُحكم ُالواليةُ‬
‫وسقطتُطاعت ُووجبُعلىُاملسلمنيُالقيامُعلي ُوخلع ُونصبُإمامُعادلُإنُأمكنهمُذلك‪ُ،‬فإنُملُيقعُ‬

‫‪25‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫ذلكُإالُلطائفةُوجبُعليهمُالقيامُخبلعُالكافر‪ُ،‬والُجيبُيفُاملبتدعُإالُإذاُظنواُالقدرةُعلي ‪ُ،‬فإنُحتققواُ‬
‫العجزُملُجيبُالقيامأ(‪ُ .)35‬‬

‫و(الدولةُاإلسالمية)ُملاُكانتُيفُالعراقُدخلتُالشامُهبذاُاملقصد‪ُ،‬وهوُالسعيُإلقامةُالدينُوتنصيبُ‬
‫اإلمامُاملسلمُمكانُالكافر‪ُ،‬والقولُبأنُبيعتهمُللشامُمردودةُينقض ُهذاُالقول‪ُ،‬وكذلكُالقولُبأنُالشامُ‬
‫ُمتأثراُباحلدودُ‬
‫هلمُدولتهمُوالعراقُهلمُدولتهمُقولُالُجيوزُألن ُمعارضُبنصوصُشرعية‪ُ،‬وقدُيكونُقائل ُر‬
‫املصطنعةُوهيُباطلةُشرعاُالُيبىنُعليهاُحكم‪ُ .‬‬
‫رُ‬

‫‪َّ.2‬الشبهةَّالثانية‪َّ :‬‬

‫أأن ُبيعة ُالدولة ُيف ُالشام ُوالعراق َُّحيحة ُواجبة ُأما ُما ُامتدت ُل ُالدولة ُال ُتصح ُحىت ُيكون ُهلاُ‬
‫دمكنيأ‪ُ .‬‬

‫وهذاُالُيصحُكماُسبقُإذُاألَّلَُّحيحُوالفرعُالُيشرتطُفي ُكلُماُيشرتطُيفُاألَّل‪ُ،‬فإجيابُالبيعةُ‬
‫يفُاألَّلُونفيهاُعنُالفرعُنفيُبالُدليل‪ُ،‬ألنُالفرعُتابعُألَّل ُكماُسبق‪ُ،‬مثُاشرتاطُالتمكنيُيفُالفرعُالُ‬
‫يصحُإلجيابُالبيعة‪ُ،‬ألنُوجوهباُوَّحتهاُغيُمستفادُمنُالتمددُبلُبينُعلىُتوفرُالشروطُاليتُتصحُهباُ‬
‫البيعة ُوكانت ُهبا ُبيعة ُخالفة َُّحيحة‪ُ ،‬وقد ُعلمت ُأن ُأدىن ُشروط ُالصحة ُتوفرت ُيف ُاألَّل‪ُ ،‬والقولُ‬
‫بتوفرهاُيفُالفرعُحىتُيقالُبالوجوبُالُيصح‪ُ،‬فماُامتدتُل ُالدولةُمنُبالدُالكفرُفإنُالبيعةُفيهاُتكونُ‬
‫واجبةُوذلك‪ُ :‬‬

‫ألهناُليستُبدارُإسالم‪ُ،‬ألن ُمنُاملعلومُأن ُالُيوجدُدارُإسالمُقائمةُبلُلوُوجدت‪ُ،‬فليستُيفُالديارُ‬


‫اليتُامتدتُهلاُالدولة‪ُ،‬وقدُقالُاجلويينُيفُحكمُالدارُاليتُابتعدتُعنُدارُاخلليفة‪ُ:‬أإنُسبقُعقدُاإلمامةُ‬
‫اهُعندُالعقدُمستقال ُبالنظرُيفُمجيعُاألقطار‪ُ،‬مثُظهرُماُمينعُمنُانبثاثُنظرهُأوُطرأ‪ُ،‬‬
‫ر‬ ‫لصاحلُهلا‪ُ،‬وكناُنر‬
‫لكنهمُينصبونُأمياُيرجعونُإ ىُرأي ُويصدرونُعنُ‬
‫ر‬ ‫فالُوج ُلرتكُالذينُالُيبلغهمُأمرُاإلمامُمهملني‪ُ،‬و‬

‫(‪ُ)35‬شرحُمسلمُ(‪ُ .)229ُ/12‬‬

‫‪26‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫ُإماما‪ُ ،‬ولو ُزالت ُاملوانع‪ُ،‬‬


‫أمره‪ُ ،‬ويلتزمون ُشريعة ُاملصطفى ُفيما ُيأتون ُويذرون‪ُ ،‬وال ُيكون ُذلك ُاملنصوب ر‬
‫واستمكن ُاإلمام ُمن ُالنظر ُهلم‪ُ ،‬أذعن ُاألمي ُوالرعايا ُلإلمام‪ُ ،‬وألقوا ُإلي ُالسلم‪ُ ،‬واإلمام ُميهد ُعذرهم‪ُ،‬‬
‫ويسوسُأمرهم‪ُ،‬فإنُرأىُتقريرُمنُنصبوهُفعل‪ُ،‬وإنُرأىُتغييُاألمر‪ُ،‬فرأي ُاملتبوع‪ُ،‬وإلي ُالرجوع"(‪َّ .)36‬‬

‫يعينُأنُاحلكمُيفُالدارُاليتُبعدتُعنُاألَّلُأهنمُإنُبلغهمُنظرُاإلمامُوجبُعليهمُطاعت ُألهنمُ‬
‫ليس ُهلم ُإمام‪ُ ،‬وإن ُمل ُيبلغهم ُنظره ُأو ُنواب ُوجب ُعليهم ُتنصيب ُإمام ُعليهم ُحىت ُيبلغهم ُنظر ُاإلمامُ‬
‫األكبُفإذُبلغهمُدانواُل ُبالطاعةُودخلواُحتتُدولت ُوإمامت ‪ُ،‬وهذاُعين ُماُيقالُيفُاألماكنُاليتُدمددتُ‬
‫هلا ُ(الدولة ُاإلسالمية) ُكسيناء ُوليبيا ُونيجييا ُواليمن ُوخراسان‪ُ ،‬فاملسألة ُمعلقة ُبإمكان ُالنظر ُوإطالعُ‬
‫اخلليفة ُعلى ُأهل ُتلك ُالديار ُإما ُبنفس ُأو ُبنواب ‪ُ ،‬وهذا ُقد ُحصل ُحينما ُبعث ُأمي ُاملؤمنني ُأيب ُبكرُ‬
‫البغداديُ‪-‬حفظ ُاهلل‪ُ -‬الوفودُإ ىُهذهُالديارُاملذكورةُأوُبايع ُمجعُمنهمُتقومُهبمُشوكةُوقوة‪ُ،‬فوجبُ‬
‫علىُأهلُتلكُالديارُالسمعُوالطاعةُلنواب ُولوُتباعدتُبينهمُوبنيُاخلليفةُالديارُأوُقطعتُبينهمُديارُ‬
‫الكفر‪ُ،‬إذُليسُمنُشرطُاخلالفةُاتصالُديارُاإلسالم‪ُ ،‬وقدُأكدُهذاُاجلويينُبقول ‪ُ :‬أوقدُيتوجلُخطةُمنُ‬
‫ديارُالكفرُبنيُخطةُاإلسالم‪ُ،‬وينقطعُبسببُذلكُنظرُاإلمامُعنُالذينُوراءهُمنُاملسلمني‪ُ،‬فإذاُاتفقُماُ‬
‫ذكرناه‪ُ،‬فقدَُّارَُّائرونُعندُذلكُإ ىُجتويزُنصبُإمامُيفُالقطرُالذيُالُيبلغ ُأثرُنظرُاإلمامأ(‪ُ .)37‬‬

‫مفهوم ُأن ُإنُوَّلهمُنظرهُملُجيزُهلمُنصبُإمامُآخرُبلُوجبُعليهمُالسمعُوالطاعة‪ُ،‬فكيفُواحلالُ‬


‫اليومُأهنمُالُإمامُوالُإمارةُالَُّغرىُوالُكبىُواهللُاملستعان‪ُ،‬ولذاُالُيقالُألهلُتلكُالدارُفواُبيعةُاألولُ‬
‫فاألولُألهنمُليسُيفُعنقهمُبيعةُإلمامُأكبُحىتُيقالُهلمُهذا‪ُ .‬‬

‫فإنَّالناسَّفيَّهذهَّالديارَّعلىَّصورتين‪َّ :‬‬

‫‪ُ.‬إماُبالُبيعةُأَّال‪ُ،‬جلهلهمُوعدمُعلمهمُحبكمُاخلالفةُوالسعيُإلقامتها‪ُ،‬وهؤالءُجيبُعليهمُالبيعةُ‬
‫رُ‬ ‫‪1‬‬
‫مبجردُامتدادُالسلطانُإليهمُأوُجميءُالوفودُإليهمُواملبعوثنيُإليهم‪ُ .‬‬

‫(‪ُ)36‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)176ُ:‬‬
‫(‪ُ)37‬غياثُاألممُ(ص‪ُ .)175ُ:‬‬

‫‪27‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫‪ُ .2‬أو ُمبايعون ُجلماعات ُجهادية ُبيعتها َُّغرى ُال ُكبى ُأو ُبيعةُجهاد ُفقط‪ُ ،‬والقاعدة ُالشرعية ُأنُ‬
‫األَّغرُيندرجُحتتُاألكب‪ُ،‬والبيعةُالصغرىُعندُتوفرُالكبىُووجودهاُالُتغينُعنها‪ُ،‬فإنُاإلمثُالواردُيفُ‬
‫احلديثُأمنُماتُوليسُيفُعنق ُبيعةُماتُميتتةُجاهليةأُالُيرفعُإالُببيعةُاإلمامُاألكب‪ُ،‬والُيصحُالقولُ‬
‫أنُالبيعةُعلىُهؤالءُالُجتبُألنُيفُعنقهمُبيعةُوالنيبُ‘ُقال‪ُ:‬فواُبيعةُاألولُفاألول‪ُ ُ.‬‬

‫فإنُمناطُهذاُاحلكمُليسُهذا‪ُ،‬بلُقول ُفواُبيعةُاألولُأيُاخلليفةُاألولُوإذاُقامُثانُأيُأقامُخالفةُ‬
‫ثانيةُيفُنفسُسلطان ُأوُماُامتدُإلي ُفالُجيوزُبيعت ‪ُ،‬وكذلكُالُتعارضُبنيُالبيعتنيُفمنُثبتتُعندهُالبيعةُ‬
‫الكبىُوجبُعلي ُالبيعةُوالُيصحُقول ُيفُعنقيُبيعةُألميُألنُهذهُالبيعةَُّغرىُوتلكُكبى‪ُ .‬‬

‫وهناَّأمرَّمهمَّوجبَّالتنبيهَّعليه‪َّ َّ:‬‬

‫أنُاألَّلُاملأمورُب ُشرعاُالثابتُيفُاألحاديثُوإمجاعُالسلفُهوُوجوبُتنصيبُاإلمامُعندُفقده‪ُ،‬‬
‫واملعلومُأنُكثياُمنُاجلماعاتُتسعىُهلذاُوالُيكلفُاهللُنفساُإالُوسعها‪ُ،‬فاجملاهدونُهدفهمُاسرتجاعُ‬
‫اخلالفةُالضائعةُوإقامةُاإلمامةُوهذاُمنوطُبالقدرةُعليها‪ُ،‬وهذهُاجلماعاتُاجلهاديةُالزالتُتعملُعلىُهذاُ‬
‫اهلدفُوحيثُوَّلُبعضُاجلماعاتُهلذاُاهلدفُوحصلتُل ُالقدرة ُولوُبأدىنُالشروط‪ُ،‬فإهنمُيسقطونُ‬
‫بذلكُفرضاُكفائيُاُعلىُاألمة‪ُ،‬وهذاُماُحصلُيفُمسألتناُاحلالية‪ُ،‬فاجملاهدونُيفُ(الدولةُاإلسالمية)ُكانواُ‬
‫رُ‬
‫يسعونُمنذُبدايتهمُإ ىُإعادةُاخلالفةُوحصلُالتوحدُمنهمُعلىُأكثرُمنُوج ‪ُ ،‬حىتُوفقهمُاهللُإلقامةُ‬
‫(الدولةُاإلسالميةُيفُالعراق)ُقاَّدينُبذلكُحكمُالعراقُمبدئيُاُحىتُتوسعُحكمهمُإ ىُماُوَّلُل ُاليومُ‬
‫ورأواُهمُأنُالعجزُعنُإقامةُاخلالفةُقدُرفعُعنهم‪ُ ،‬فوجبُعليهمُاالمتثالُوالعملُمبا ُأمكنهم‪ُ ،‬وعجزُ‬
‫غيهمُالُيغينُعنهمُشيئرا‪ُ ،‬ألنُاحلالفةُفرضُكفاية‪ُ ،‬وحيثُأمكنُبعضُالناسُإقامتهاُعندُعجزُالبقيةُ‬
‫ُ‬
‫وجبُعلىُمنُقدر‪ُ،‬والُحيقُللعاجزُاإلنكارُعلىُالقادر‪ُ .‬‬

‫وقدُقالُهذاُالشيخُأبوُحممدُالعدناينُيفُكلمت ُأهذاُوعدُاهللأ‪ُ:‬أوبناءُعلي ؛ُاجتمعُجملسُشورىُ‬


‫ُمقوماتُ‬
‫الدولة ُاإلسالمية‪ُ ،‬وتباحث ُهذا ُاألمر‪ُ ،‬بعد ُأن ُباتت ُالدولة ُاإلسالمية ُبفضل ُاهلل ُدمتلك ُكل ُ‬
‫اخلالفة‪ُ،‬واليتُيأمثُاملسلمونُبعدمُقيامهمُهبا‪ُ،‬وأن ُالُيوجدُمانعُأوُعذرُشرعيُلدىُالدولةُاإلسالمية؛ُ‬

‫‪28‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫يرفعُعنهاُاإلمثُيفُحالُتأخرهاُأوُعدمُقيامهاُباخلالفة؛ُفقررتُالدولةُاإلسالمية‪ُ،‬ممثُلةُبأهلُاحللُوالعقدُ‬
‫فيها؛ُمنُاألعيانُوالقادةُواألمراءُوجملسُالشورى‪ُ:‬أإعالنَّقيامَّالخالفةَّاإلسالميةأ‪َّ َّ.‬‬

‫وتنصيبُخليفةُللمسلمني‪ُ،‬ومبايعةُالشيخُاجملاهد‪ُ،‬العاملُالعاملُالعابد‪ُ،‬اإلمامُاهلمامُاجملدد‪ُ،‬سليلُبيتُ‬
‫النبوة‪ُ ،‬عبد ُاهلل‪ُ :‬إبراهيم ُبن ُعواد ُبن ُإبراهيم ُبن ُعلي ُبن ُحممد‪ُ ،‬البدري ُالقرشي ُاهلامشي ُاحلسيين ُنسبرا‪ُ،‬‬
‫ّ‬
‫ا‪ُ،‬وقدُقبلُالبيعة؛ُفصارُبذلكُإماماُوخليفةُللمسلمنيُ‬
‫ر‬ ‫السامرائيُمو رلداُومنشُأر‪ُ،‬البغداديُطلبراُللعلمُوسكنر‬
‫يفُكلُمكانأ‪.‬ا‪ُ ُç‬‬

‫وإذاُكانُقادةُاجلهادُفدَُّححواُقيامُالدولةُاإلسالميةُيفُالعراق‪ُ،‬فإنُتصحيحُقيامُاخلالفةُهبمُأو ىُ‬
‫لتوسعُالشورىُوازديادُالتمكني‪ُ،‬وماُامتنعُمنُامتنعُاليومُإالُألمورُنفسيةُإذُوجدواُيفُأنفسهم‪ُ،‬كمنُيريدُ‬
‫استشارةُشخصُمعنيُيفُذهن ُكأن ُيقولُالُتقومُاخلالفةُإالُمبشاورتناُأو ُمنُامتنعُألنُعندهُشبهاتُالُ‬
‫ترقىُلئنُتكونُأدلةُتقوىُعلىُإبطالُاخلالفةُوعقدها‪ُ،‬ومعُهذاُفيقالُملاُنظرناُألقواهلمُوجدناُأهنمُلوُ‬
‫استشيواُملنعواُوامتنعواُإماُلعجزهمُأوُإلتياهنمُبشبهةُماُأنزلُاهللُهباُمنُسلطانُوهيُقوهلمُأإنُقيامُدولةُ‬
‫إسالميةُاليومُضربُمنُالعبث‪ُ،‬ألنُرأسُالكفرُأمريكاُال ُزالتُقائمةُوالُميكنناُأنُنقيمهاُحىتُتسقطُ‬
‫أمريكاأ‪ُ .‬‬

‫وهذاُقولُباطلُوجبُردهُوتنظيُفاسدُوجبَُّده‪ُ،‬وبيانُوبطالنُهذاُالقولُباطلُمنُوجوه‪ُ :‬‬

‫‪ُ.1‬أولها‪ُ:‬أن ُفي ُضعفُإميانُبقدرةُاهللُتعا ىُعلىُنصرُعبادهُاملوحدين‪ُ،‬فإنُاهللُالذيُأمرناُبإقامةُ‬


‫الدينُوتنصيبُاإلمامُيفُكلُحالُهوُالذيُسينصرنا‪ُ ،‬فقد ُقالُسبحان ‪َ {ُ:‬ك ْم َِّم ْن َّفِئَ ٍة ََّّقَلِيلَ ٍة َّغَلَبَ ْ‬
‫تَّفِئَةَّ‬
‫َّولَ ِكن َّاللهََّ‬
‫ت َ‬ ‫ت َّإِ ْذ َ‬
‫َّرَم ْي َ‬ ‫َّرَم ْي َ‬
‫َّوَما َ‬
‫وهم ِ‬
‫َّولَكن َّاللهَ َّقَ تَ لَ ُه ْم َ‬
‫ِ‬
‫َكث َيرةَّ} ُ[البقرة‪ُ ،]249ُ :‬وقال‪{ُ :‬فَ لَ ْم َّتَ ْقتُ لُ ُ ْ َ‬
‫َرَمى}ُ[األنفال‪ُ،]17ُ:‬فلتكنُثقتناُباهللُقويةُفهوُالقاهرُفوقُعبادهُ´‪ُ،‬فكيفُيقالُلوُأقمناُاخلالفةُأوُ‬
‫دولةُإسالميةُستهزم‪ُ،‬فنغلبُالنظرةُاالهنزاميةُونرتكُالفألُاحلسن‪ُ،‬وقدُكانُالنيبُ‘ُيعجب ُالفألُاحلسن‪ُ،‬‬
‫ولذاُملُيقلُهذاُيومُأعلنهاُيفُيثربُومساهاُاملدينةُبعدُهجرت ُ‘ُوأعلنُاجلهادُمنهاُوبعثُالسراياُمنها‪ُ،‬‬
‫ُمنُردةُ‬
‫ُ‬ ‫وملُيقلهاُخلفاؤهُبعدهاُكأيبُبكرُالصديقُالذيُتو ىُاخلالفةُبعدهُوحدثُماُحدثُيفُخالفت‬

‫‪29‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫تدينُعليهم‪ُ،‬لكنهمُموقنونُبأنُاهللُهوُالذيُينصرُعبادهُفهوُعلىُ‬
‫ُ‬ ‫كثيُمنُالعربُوتكالبُاملشركنيُواملر‬
‫كلُشيءُقدير‪ُ،‬فتوكلواُعلي ُفجاءهمُنصرُاهللُودمكين ُهلم‪ُ .‬‬

‫‪ُ.2‬الثاني‪ُ:‬مثُهذاُالقولُأشب ُبقولُمنُتركُاجلهادُخوُفراُمنُالكفارُلكثرةُعددهمُوعدهتمُفيقولُالُ‬
‫نقاتلُأمريكاُألنُعندهاُالقوةُواألسلحةُاملتطورةُوقتالناُهلمُضربُمنُالعبثُألنناُسنهزم‪ُ،‬فعطلواُاجلهادُ‬
‫حبجة ُعقلية ُواهية‪ُ ،‬أفلم ُتكونوا ُتنكرون ُقوهلم ُهذا ُوتردون ُعليهم ُعنهم ُأن ُاهلل ُينصر ُالفئة ُالقليلة ُعلىُ‬
‫الكثيةُلوُنصرتُالفئةُالقليلةُرهباُوَّدقتُب ُوعده‪ُ،‬وتقولونُهلمُاجلهادُواجبُعيينُواجبُحىتُبالُإمام‪ُ،‬‬
‫فماُلكمُتأتونُبشب ُكشب ُاخلوالفُالقاعدين‪ُ،‬فكرواُجيداُوتدبرواُقبلُأنُتطرحواُسياساتُخمالفةُللشرعُ‬
‫تتسببُيفُتأخيُمصاحلُكبىُكمصلحةُمجعُاملسلمنيُحتتُدولةُواحدةُوإمامُواحد‪ُ .‬‬

‫‪ُ .3‬الثالث‪ُ :‬أن ُهذا ُالقول ُلو ُقيل ُأن ُمن ُالسياسة ُالشرعية‪ُ ،‬فيقال ُإن ُالسياسة ُلو ُخالفت ُالشرعُ‬
‫وتسببتُيفُتعطيلُبعضُأحكام ُكانتُغيُشرعية‪ُ،‬فكمُتسببُهذاُالقولُبضياعُمدنُوقرىُحبجةُعدمُ‬
‫إقامةُإمارةُفيهاُلئالُيهامجناُالكفارُفيهاُوتنتهيُسريعا‪ُ،‬إنُإقامةُالشريعةُيفُاألماكنُاليتُيبسطُفيهاُنفوذُ‬
‫اجملاهدين ُواجب ُوال ُجيوز ُاالنسحاب ُمنها ُأو ُاخلروج ُإال ُلعجز ُحقيقي ُشرعي‪ُ ،‬ال ُأن ُترتك ُبسببُ‬
‫سياسياتُنسبتُللشرعُوهيُخمالفةُل ‪ُ،‬وهاُأنتمُترونُآثارهاُعلىُديارُاملسلمنيُاليومُواهللُاملستعان‪ُ .‬‬

‫‪ُ.4‬الرابع‪ُ:‬أنُقولكمُحننُعاجزونُعنُإقامتهاُوتعتبونُإقامتهاُعبثاُوسياُيفُغيُاملسارُالصحيح‪ُ،‬‬
‫فيقالُلكمُهذاُحجةُلكمُالُعليكم‪ُ،‬ألن ُالُجيعلكمُأهالُللشورىُألنكمُلوُاستشرمتُلنُتـجيبواُلعجزكمُ‬
‫أوُدمنعونُلسياستكمُاملخالفةُللسننُالشرعيةُوالكونيةُومنُتأملُالشرعُوالواقعُبعنيُالبصيةُسيعلمُحينهاُ‬
‫أنُتأخيهاُيعينُمزيداُمنُالذلُواهلوان‪ُ .‬‬
‫ُ‬ ‫َّحةُقيامُاخلالفةُبلُحاجةُالناسُهلاُاليوم‪ُ،‬و‬

‫فياُأيهاُاملنكرونُهلاُواملانعونُهلاُلعجزكمُنقولُلكمُإنُعجزمتُأفالُتركتمُمنُقدرُعليهاُأوُأعنتموهُولوُ‬
‫بكلمة‪ُ،‬فإنُالدولةُاإلسالميةُقدُرأتُوهيُاليتُتقدرُنفسهاُوقوهتاُالُغيهاُيق ّدرها‪ُ،‬قدُرأتُأهناُقادرةُ‬
‫علىُإقامتهاُومجعُاملسلمنيُحتتُإمامُواحد‪ُ،‬وهيُإذُقامتُهباُرفعتُهبذاُاحلرجُعنُاألمةُوبإذنُستنزاحُ‬
‫عنهمُالغمةُويعودُاملسلمونُلعزهتمُوقوهتمُ‪-‬بإذنُاهلل‪ُ،-‬وستكونُالفتوحاتُواملفاجآتُمماُتسرُب ُقلوبُ‬

‫‪30‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫املوحدينُويغيظُالكافرينُواملنافقني‪ُ،‬فاهللُوعدناُبالتمكنيُوالنصرُوهمُوعدوناُباهلزميةُواهللُالُخيلفُوعدهُ‬
‫فعلي ُنتوكلُوب ُنسيُول ُنتوج ُوبأمرهُنعملُفهوُموالناُوهوُحسبناُونعمُالوكيل‪ُ .‬‬

‫وبعدَّهذاَّأقولَّامتثالََّّْلمرَّا هلَّتعالىَّبماَّههرَّليَّمنَّأدلَّةَّشرعيةَّومبرراتَّواقعية‪َّ :‬‬

‫أبايع َّأمير َّالمؤمنين َّإبراهيم َّبن َّعواد َّأبا َّبكر َّالبغدادي َّعلى َّالسمع َّوالطاعة َّفي َّالعسر َّواليسرَّ‬
‫وعلىَّأثرةَّعليناَّإلَّأنَّنرىَّكفراَّبواحَّاَّعندناَّمنَّا هلَّفيهَّبرهان‪َّ ،‬وأنَّأقولَّالحقَّ‬
‫َّ‬ ‫والمنشطَّوالمكره‪َّ ،‬‬
‫لَّنخافَّفيَّا هلَّلومةَّلئم‪َّ،‬وا هلَّعلىَّماَّأقولَّشهيد‪َّ .‬‬

‫اللهمُوفُقُأميُاملؤمننيُأبا ُبكرُالبغدادي‪ُ ،‬وانصرُب ُوجبندهُالدين‪ُ ،‬ووحُدُعلىُيدي ُكلمةُاملسلمني‪ُ،‬‬


‫وامجعُب َُّفُهم‪ُ .‬‬

‫واحلمدُُهللُالذيُبنعمت ُتتمُالصاحلات‪ُ .‬‬

‫ُ‬

‫كتبه‪ :‬أبو عبد اهلل الليبي‬


‫انتهيت منه بتاريخ‪:‬‬
‫السبت‪ 29 :‬مجادى اآلخر ‪ 1436‬هـ ‪ 18 -‬أبريل ‪ 2015‬م‬

‫‪ُ ‬‬

‫‪31‬‬
‫َّ ُ‬ ‫َّ َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬
‫املربرات الشرعية والواقعية‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ولة اإلسالمي ِة‬
‫لبيعة الد ِ‬
‫ِ‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة‪3 .............................................................................................................:‬‬
‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ :‬حُكمِ اإلمامةِ الكُبرى "الخالفة" ومقاصدُها‪4 ............................................. :‬‬
‫ش َبهٌ والجوابُ عليها‪8 .........................................................................:‬‬
‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ُ :‬‬
‫‪ .1‬الشبهة األوىل‪8 .............................................................................................. :‬‬
‫‪ .2‬الشبهة الثانية‪11 ............................................................................................ :‬‬
‫مبحثٌ تأصيليٌّ‪ :‬إذا ثبت وجوب نصب اإلمام شرعًا فهذه بعض المسائل المتعلقة بها‪12 ........ :‬‬
‫‪ .1‬املسألة األوىل‪ :‬حكم تارك البيعة الكربى‪12 ..............................................................:‬‬
‫‪ .2‬املسألة الثانية‪ :‬هل تثبت اإلمامة ببيعة بعض أهل الشورى‪13 .......................................... :‬‬
‫مبحث تنزيلي‪21 ...................................................................................................:‬‬

‫‪32‬‬

You might also like