Professional Documents
Culture Documents
۩ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ۩
تُقدّمــــــــ :
سيرة النبويّة في أحداثنا الحاليّة ||
|| ُد ُروس من ال ّ
[ الـمقدمة ]
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
بسم هللا الرمحن الرحيم
[ الـمقدمة ]
احلمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وآله وصحبه ومن وااله ،أما بعد:
فإن يف دراسة السرية النبوية ،وما فيها من أحداث ووقائع ،ومقارنتها فيما حيدث يف أايمنا من
أحداث ووقائع مشاهبة هلا :فوائد جليلة ،ومصاحل عظيمة ،إذ هبا تتجلى كثري من املسائل ويتضح لنا
احلق من الباطل ،ويتبني الصادق الواضح من املكذب املماطل ،وتنكشف اخلبااي والبالاي ،وتربز
اخلفااي والنوااي ،وقد قيل:
ولذا فإن هللا تعاىل قص علينا يف كتابه قصص األنبياء والسابقني مع قومهم ،وكيف نصر هللا أولياءه
إبمياهنم وتوكلهم عليه ،وخذل أعداءه وهزمهم وأهلكهم بكفرهم ومعاصيهم ،وإمنا قص علينا
سبحانه تلك القصص وأعاد فيها وكرر لنستفيد منها ونعترب هبا ونقتدي ابألنبياء وأتباعهم من
املؤمنني ،وحنذر من التشبه بصفات الكافرين ،ولذا قال سبحانه بعد قصة يوسف{ :لقد كان يف
قصصهم عربة ألول األلباب} [ سورة يوسف ،] 111 :وقال بعد قصة نوح يف سورة هود{ :فاصرب
إن العاقبة للمتقني} [ هود ،] 49 :وقال يف سورة املمتحنة بعد ذكر إبراهيم وقومه وحتقيقهم الوالء
والرباء{ :لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يـرجوا اّلل واليـوم الخر} [ الممتحنة ،] 6 :وقال
يف آخر سورة هود{ :وك ًال نـقص عليك من أنـباء الرسل ما نـثـبت به فـؤادَ وجاءَ يف هذه احلق
وموعظة وذكرى للمؤمنني} [ هود ،] 120 :والايت يف هذا املعىن كثرية.
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية" :فإن هذه الفتنة اليت ابتلي هبا املسلمون مع هذا العدو املفسد اخلار
عن شريعة اإلسالم –التتار– قد جرى فيها شبيه ما جرى للمسلمني مع عدوهم على عهد رسول
هللا يف املغازي اليت أنزل هللا يف كتابه وابتلى هبا نبيه واملؤمنني ،مما هو أسوة ملن كان يرجو هللا واليوم
الخر ،وذكر هللا كثرياً إىل يوم القيامة ،فإن نصوص الكتاب والسنة الذين مها دعوة حممد صلى هللا
عليه وسلم يتناوالن عموم اخللق ابلعموم اللفظي واملعنوي ،أو ابلعموم املعنوي ،وعهود هللا يف كتابه
وسنة رسوله تنال آخر هذه األمة ،كما انلت أوهلا ،وإمنا قص هللا علينا قصص من قبلنا من األمم
لتكون عربة لنا ،فنشبه حالنا حباهلم ،ونقيس أواخر األمم أبوهلا ،فيكون املؤمن من املتأخرين شبه مبا
كان للمؤمن من املتقدمني ،ويكون الكافر واملنافق من املتأخرين شبه مبا كان للكافر واملنافق من
املتقدمني ،كما قال تعاىل ملا قص قصة يوسف مفصالً ،وأمجل قصص األنبياء{ :لقد كان يف
قصصهم عربة ألول األلباب ما كان حديثًا يـفَتى}" -إىل أن قال رمحه هللا -وقال تعاىل يف
معاصرته لبين النضري{ :فاعتربوا اي أول األلباب} ،فأمر أن يعترب يف أحوال املتقدمني علينا من
هذه األمة وممن قبلها من األمم ،وذكر يف غري موضع أن سنته يف ذلك سنة مطردة ،وعادة
مستمرة ،فقال تعاىل{ :سنة اّلل يف الذين خلوا من قـبل ولن َتد لسنة اّلل تـبد ًيال} ،فينبغي للعقالء
أن يعتربوا بسنة هللا وأايمه يف عباده ،ودأب األمم وعاداهتم".
مث تكلم رمحه هللا عن هزمية املسلمني من التتار فقال" :وكان هذا مثل حال املسلمني ملا انكسروا يف
العام املاضي ،وكانت هزمية املسلمني يف العام املاضي بذنوب ظاهرة وخفااي واضحة من فساد
النيات والفخر واخليالء والظلم والفواحش واإلعراض عن حكم الكتاب والسنة ،فلما كانت حادثة
املسلمني عام أول شبيهة أبحد وما كان بعد أحد أبكثر من سنة وقيل بسنتني ،قد ابتلي املسلمون
عام اخلندق ،كذلك يف هذا العام ابتلي املؤمنون بعدوهم ،كنحو ما ابتلي املسلمون مع النيب صلى
هللا عليه وسلم عام اخلندق وهو غزوة األحزاب".
مث تكلم عن صفات املؤمنني وصفات املنافقني ،مث قال" :فإذا تبني معىن املؤمن واملنافق ،فإذا قرأ
اإلنسان سورة األحزاب وعرف من املنقوالت يف احلديث والتفسري والفقه واملغازي ،كيف كانت
صفة الواقعة اليت نزل هبا القرآن ،مث اعترب هذه احلادثة بتلك ،وجد مصداق ما ذكرانه ،وأن الناس
انقسموا يف هذه احلادثة إىل أقسام ثالثة ،كما انقسموا يف تلك ،ونبني له كثري من املتشاهبات".
مث ذكر فصالً ماتعاً أوضح فيه أوجه الشبه الكثرية بني غزوة األحزاب وغزو التتار ،وبىن عليه
أحكام مهمة يف أحكام املؤمنني والكافرين واملنافقني أنصح اجلميع يف قراءته ملا فيه من الفوائد
[ج.]423-410-28 القيمة وهو يف الفتاوى [ج ،]467-425-28وكذلك فإنه قد تكلم على غزو التتار
وإذا تبينت أمهية دراسة التاريخ والسري واملغازي ،ومقارنتها أبايمنا احلالية ،ومشروعية الدراسة
وفائدهتا ،فإن العزم قد انعقد على دراسة السرية النبوية وما بعدها من أايم اخللفاء الراشدين وحكام
املسلمني ،ومقارنتها أبايمنا هذه وما جيري فيها من أحداث هائلة وقرارات فاصلة من خالل حلقات
متتالية ،ليتبني احلق أبهله ،والباطل أبهله ،واألمر على وجهه ،ومن وافق هللا يف أمره وشرعه ،ومن
خالف هللا وانغمس يف ضالله وبدعه ،وهذا كله حاصل إبذن هللا وفضله ،وجوده وكرمه ،وتوفيقه
وهديه ،وصلى هللا وسلم على خرية خلقه وآله وصحبه.
-
األثري
ّ بقلم :أبي عبد الرحمن
ــــــــــــــــــــ۩ـــــــــــــــــــ
۩ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ۩
::ال تنسونا من صالح دعائكم ::
نُشر في:
← الجمعة 1438 / 02 / 11هـ →