You are on page 1of 137

‫فتوح الغيب‬

‫للباز األشهب الشيخ عبدالقادر الجيلي‬


‫"قدس اهلل روحه"‬

‫بتحقيق‬
‫دكتور‪/‬جمال الدين فالح الكيالني‬
‫الطبعة األولي‬

‫رمضان ‪5341‬هـ ‪ ،‬يوليو ‪4153‬م‬

‫إصدار‬
‫مـركز اإلعـالم العالـمي داكـا ‪ -‬بنغالديش‬
‫‪15151451111‬‬

‫سعر النسخة ‪ 11 :‬تاكا‬


‫مقدمة‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫كثير من طالب العلم ال يعرفون سيرة الباز األشهب الشيخ عبـد القـادر الجيالنـي ‪ ،‬بـي كثيـر مـنهم‬
‫األدعيـا الجفـاة الجـاهلون بحقيقـة ديـن‬ ‫يسيئ الظن به بسبب الدعاية الكاذبة التي يقوم بهـا بعـ‬
‫اهلل العظيم‪.‬‬
‫ومن جانب آخر نجد مسلمين يغلون في تعظيمه ويعتقدون فيه أشـيا افتريـع عليهـا ‪ ،‬لـجا وجـد‬
‫نفسي في حاجة إلي بيان سيرته الحقيقة رحمه اهلل ‪ ،‬والعمي على أعادة نشـر بعـ كتبـه صـحيحه‬
‫النسبه اليه ومنها كتاب "فتوح الغيب" ‪ -‬من نفائس الكتب التـى تنيـر الطريـقت وت خـج بيـد السـال‬
‫إلــى أعلــى مراتــب أهــي التحقيــقت لمــا يجــد فيــه مــن ف ائــد ســلوكية ومعــارت ذوقيــةت وتربيــة علميــة‬
‫عمليــة للنفــوس وتزكيتهــات وطهــارة للقلــوب وتنقيتهــات مــن لــرس للفضــائي وإنتــزام للرذائــيت وقم ـ‬
‫للشهوا ت وتدريب على الصبر والرضا والطاعا ‪ ..‬ومن أجي هجا إهـتم بـه العلمـا علـى إخـتالت‬
‫مش ــاربهم وم ــجاهبهمت فتن ــاولو بالش ــرحت والتعلي ــقت واإلقتب ــاس م ــن أن ــوار وأا ــار ف ــى م لف ــاتهم‪.‬‬
‫ولمــا كــان هــجا الكتــاب بهــج األهميــة رأيــع إعــادة نشــر لعمــوم نفعــهت فقمــع بترجمــة الم لــ‬
‫والتعري بهت وضبط ما أشـكي مـن ألفا ـه والتعليـق عليـه حسـب مـا يقتضـيه المقـام‪ .‬وقـد إعتمـد‬
‫على النسخة المطبوعة بمطبعة الحلبي سنة ‪ 5454‬هـ ‪.‬‬
‫في زمن الوهن والفتن قي من يوجد من أهي العلـم يختـار طريـق الوسـطية واالعتـدال ‪ ،‬وبكـوني وهلل‬
‫الحمد من دعاة الوسطية واالعتدال والتراحم والتضامن في المجتم اإلسالمي أصـبح مـن أعمـالي‬
‫المفضــلة نشــر ســيرة العلمــا واألكــابر الربــانيين المعتــدلين‪ .‬وهــجا العمــي مــن قبيــي ذل ـ العمــي‬
‫المفضي ‪.‬‬
‫هنا البد ان اشكر الناشر البنغالي ‪،‬على تكليفي ب عداد هج النشرة الخاصة‪ ،‬وهج اقة أعتز بها‪.‬‬
‫أرجو من اهلل ربي الثواب علي هجا العمي والنف به طالب علم النبوة علي صـاحبها أفضـي الصـالة‬
‫والسالم‪.‬‬
‫جمال الدين فالح الكيالني‬
‫بغداد‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫التمهيد‬
‫هو عبد القادر الجيالني (‪ 470‬هـ‪ - 561‬هـ)‪ ،‬إمام صوفي وفقيه حنبلي‪ ،‬لقبه المسـلمون ب ـ "بـاز‬
‫اهلل االشهب" و "تاج العارفين" و"محيي الدين" و"شيخ الشيوخ" و"قطب األقطاب"‪ .‬وإليه تنتسب‬
‫الطريقة القادرية‪ .‬وقد ت ار به القائد صالح الدين األيوبي‪ ،‬والشيخ معـين الـدين الجشـتي ‪ ،‬والشـيخ‬
‫شهاب الدين عمر السهروردي رحمهم اهلل‪.‬‬
‫مولد ونش ته‬
‫هناك خـالت فـي محـي والدتـه]‪ [1‬وتوجـد روايـا متعـددة ‪،‬أهمهـا أنـه ولـد فـي جـيالن (تقـرأ بـالجيم‬
‫العربية كما تقرأ بالجيم المصرية فيقال لهـا جـيالن أو كـيالن) سـنة ‪ 470‬ه ـ الموافـق‪ 1077‬م]‪،[2‬‬
‫وهي تق في شـمال إيـران حاليـا علـى ضـفات بحـر قـزوين ويقـال أنـه ولـد فـي جـيالن العراقيـة وهـي‬
‫قريــة تاريخيــة قــرب المــدائن ‪ 31‬كيلــو متــر جنــوب بغــداد‪ ،‬وهــو مــا ترجحــه الدراســا التاريخيــة‬
‫الحديثة وتعتمد االسرة الكيالنيـة ببغـداد‪ [4][3]،‬وقـد نشـ عبـد القـادر فـي أسـرة وصـفتها المصـادر‬
‫بالصـالحة‪ ،‬فقـد كـان والـد أبـو صـالح موسـى معروفـا بالزهـد وكـان شـعار مجاهـدة الـنفس وتزكيتهـا‬
‫باألعمال الصالحة ولجا كان لقبه "محب الجهاد ‪.[5].‬‬
‫أسرته‬
‫هو‪ :‬أبو محمد عبد القادر بن موسى بن عبـد اهلل بـن يحيـى بـن محمـد بـن داود بـن موسـى‬ ‫‪‬‬

‫بن عبد اهلل بن موسى بن عبـد اهلل بـن الحسـن بـن الحسـن بـن علـي بـن أبـي طالـب بـن عبـد‬
‫المطلب بن هاشم بن عبد منات بن قصي بن كالب بن مرة بن كعـب بـن لـ ي بـن لالـب‬
‫بن فهر بن مال بن قريش بن كنانة بن خزيمـة بـن مدركـة بـن إليـاس بـن مضـر بـن نـزار بـن‬
‫معد بن عدنان]‪.[6‬‬
‫أنجب عبد القادر رحمه اهلل عددا كبيرا من األوالد‪ ،‬وقد عنى بتربيتهم وتهجيبهم على يديه واشـتهر‬
‫منهم عشرة‪:‬‬
‫عبد الوهاب‪ :‬وكان في طليعة أوالد ‪ ،‬والجي درس بمدرسة والد في حياته نيابة عنه‪ ،‬وبعد‬ ‫‪‬‬

‫والــد وعــت وأفتــى ودرس‪ ،‬وكــان حســن الكــالم فــي مســائي الخــالت فصــيحا ذا دعابــة‬
‫وكياســة‪ ،‬ومــرو ة وســخا ‪ ،‬وقــد جعلــه اإلمــام الناصــر لــدين اهلل علــى المظــالم فكــان يوصــي‬
‫حوائج الناس اليه‪ ،‬وقد توفي سنة ‪573‬هـ ودفن في رباط والد في الحلبة‪.‬‬
‫عيسى‪ :‬الجي وعت وأفتـى وصـن مصـنفا منهـا كتـاب "جـواهر األسـرار ولطـائ األنـوار"‬ ‫‪‬‬

‫فــي علــم الصــوفية‪ ،‬قــدم مصــر وحــدف فيهــا ووعــت وتخــرج بــه مــن أهلهــا ليــر قليــي مــن‬
‫الفقها ‪ ،‬وتوفي فيها سنة ‪ 573‬هـ‪.‬‬
‫ودرس‪ ،‬وخرج على يديه كثير من العلما ‪ ،‬وكان قد‬
‫عبد العزيز‪ :‬وكان عالما متواضعا‪ ،‬وعت ّ‬ ‫‪‬‬

‫لزا الصليبين في عسقالن وزار مدينة القدس ورحـي جبـال الحيـال وتـوفي فيهـا سـنة ‪602‬‬
‫هـ‪ ،‬وقبر في مدينة "عقرة" من أقضية لوا الموصي في العراق‪.‬‬
‫عبد الجبار‪ :‬تفقه على والد وسم منه وكان ذا كتابة حسنة‪ ،‬سـل سـبيي الصـوفية‪ ،‬ودفـن‬ ‫‪‬‬

‫برباط والد في الحلبة‪.‬‬


‫الشيخ عبد الرزاق‪ :‬وكان حافظا متقنـا حسـن المعرفـة بالحـديي فقيهـا علـى مـجهب اإلمـام‬ ‫‪‬‬

‫أحمد بن حنبي‪ ،‬ورعا منقطعا في منزلـه عـن النـاس‪ ،‬اليخـرج إال فـي الجمعـا ‪ ،‬تـوفي سـنة‬
‫‪603‬هـ‪ ،‬ودفن بباب الحرب في بغداد‪.‬‬
‫إبراهيم‪ :‬تفقه على والد وسم منه ورحي إلى واسط في العراق‪ ،‬وتوفي بها سنة ‪592‬هـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يحيى‪ :‬وكان فقيها محداا انتف النـاس بـه‪ ،‬ورحـي إلـى مصـر اـم عـاد إلـى بغـداد وتـوفي فيهـا‬ ‫‪‬‬

‫سنة ‪ 600‬هـ‪ ،‬ودفن برباط والد في الحلبة‪.‬‬


‫موسى‪ :‬تفقه على والد وسم منه ورحي إلى دمشق وح ّدف فيها واستوطنها‪ ،‬ام رحي إلى‬ ‫‪‬‬

‫مصر وعاد إلى دمشق وتوفي فيها وهو آخر من ما من أوالد ‪.‬‬
‫صالح ‪ :‬وبه يكنى فـي أللـب البلـدان وذكرتـه أللـب المصـادر المتخصصـة فـي سـيرته وهـو‬ ‫‪‬‬

‫مدفون قرب والد في بغداد‪.‬‬


‫سفر إلى بغداد‬
‫كان عبـد القـادر الجيالنـي رحمـه اهلل قـد نـال قسـطا مـن علـوم الشـريعة فـي حدااـة سـنه علـى أيـدي‬
‫أفـراد مـن أسـرته‪ ،‬ولمتابعـة طلبـه للعلـم رحـي إلـى بغـداد ودخلهـا سـنة ‪ 488‬ه ـ الموافـق‪ 1095‬م‬
‫وعمر امانية عشـر عامـا]‪ [7‬فـي عهـد الخليفـة العباسـي المسـتظهر بـاهلل ‪.‬وبعـد أن اسـتقر فـي بغـداد‬
‫انتســب إلــى مدرســة الشــيخ أبــو ســعيد المخرمــي التــي كانــع تقـ فــي حــارة بــاب األزج‪ ،‬فــي أقصــى‬
‫الشرق من جانب الرصافة‪ ،‬وتسمى اآلن محلة باب الشيخ‪.‬‬
‫وكـان العهــد الـجي قــدم فيــه الشـيخ الجيالنــي إلــى بغـداد تسـود الفوضــى التــي عمـع كافــة أنحــا‬
‫الدولــة العباســية‪ ،‬حيــي كــان الصــليبيون يهــاجمون اغــور الشــام‪ ،‬وقــد تمكنــوا مــن االســتيال علــى‬
‫أنطاكية وبيع المقدس وقتلوا فيهما خلقا كثيـرا مـن المسـلمين ونهبـوا أمـواال كثيـرة‪ .‬وكـان السـلطان‬
‫التركي "بركياروق" قد زح بجيش كبير يقصد بغـداد ليـرلم الخليفـة علـى عـزل وزيـر "ابـن جهيـر"‬
‫فاســتنجد الخليفــة بالســلطان الســلجوقي "محمــد بــن ملكشــا " ودار بــين الســلطانين التركــي‬
‫والســلجوقي معــارك عديــدة كانــع الحــرب فيهــا ســجاال‪ ،‬وكلمــا انتصــر احــدهما علــى اآلخــر كانــع‬
‫خطبة يوم الجمعة تعقد باسمه بعد اسم الخليفة‪.‬‬
‫وكانـع فرقـة الباطنيـة قـد نشـطع فـي م امراتهـا السـرية واسـتطاعع أن تقضـي علـى عـدد كبيـر مـن‬
‫أمرا المسلمين وقـادتهم فجهـز السـلطان السـلجوقي جيشـا كبيـرا سـار بـه إلـى إيـران فحاصـر قلعـة‬
‫"أصفهان" التي كانـع مقـرا لفرقـة الباطنيـة وبعـد حصـار شـديد استسـلم أهـي القلعـة فاسـتولى عليهـا‬
‫السلطان وقتي من فيها مـن المتمـردين‪ ،‬وكـان "صـدقة بـن مزيـد" مـن أمـرا بنـي مزيـد مـن قبيلـة بنـي‬
‫أســد قــد خــرج بجــيش مــن العــرب واألكــراد يريــد االســتيال علــى بغــداد فتصــد لــه الســلطان‬
‫الســلجوقي بجــيش كبيــر مــن الســالجقة فتغلــب عليــه‪ .‬وكــان المجرمــون وليــرهم مــن العــاطلين‬
‫واألشــقيا ينتهــزون فرصــة انشــغال الســالطين بالقتــال فيعبثــون بــاألمن فــي المــدن يقتلــون النــاس‬
‫ويسلبون أموالهم فإذا عاد السالطين من القتال انشغلوا بت ديب المجرمين‪.‬‬
‫وفي لمرة هج الفوضى كان الشيخ عبـد القـادر يطلـب العلـم فـي بغـداد‪ ،‬وتفقـه علـى مجموعـة مـن‬
‫الم َخ ِرمي‪ ،‬فبرم فـي المـجهب والخـالت واألصـول وقـرأ‬
‫شيوخ الحنابلة ومن بينهم الشيخ أبوسعيد ُ‬
‫األدب وسـم الحـديي علـى كبـار المحـداين‪ .‬وقـد أمضـى االاـين عامـا يـدرس فيهـا علـوم الشـريعة‬
‫أصولها وفروعها‪.‬‬
‫جلوسه للوعت والتدريس‬
‫الم َخ ِرمـي لتلميـج عبـد القـادر مجـالس الـوعت فـي مدرسـته ببـاب األزج فـي‬
‫عقـد الشـيخ أبـو سـعيد ُ‬
‫بدايـة ‪ 521‬ه ـ‪ ،‬فصـار يعـت فيهـا االاـة أيـام مـن كـي أسـبوم‪ ،‬بكـرة األحـد وبكـرة الجمعـة وعشـية‬
‫الثالاــا ‪ .‬واســتطام الشــيخ عبــد القــادر بالموعظــة الحســنة أن يــرد كثيــرا مــن الحكــام الظــالمين عــن‬
‫لمهـم وأن يـرد كثيـرا مـن الضـالين عـن ضـاللتهم‪ ،‬حيـي كـان الـوزرا واألمـرا واألعيـان يحضـرون‬
‫مجالسه‪ ،‬وكانع عامة الناس أشـد تـ ارا بوعظـه‪ ،‬فقـد تـاب علـى يديـه أكثـر مـن مائـة ألـ مـن قطـام‬
‫الطـرق وأهــي الشــقاوة‪ ،‬وأســلم علــى يديــه مــا يزيــد علــى خمســة اآلت مــن اليهــود والمســيحيين ‪.‬‬
‫المـ رخين‪ ،‬فـإن الجيالنـي قـد تـ ار بفكـر الغزالـي حتـى أنـه ألـ كتابـه "الغنيـة" علـى‬ ‫وبحسب بعـ‬
‫نمط كتاب "إحيـا علـوم الـدين"]‪. [8‬وكـان الشـيخ عبـد القـادر يسـيطر علـى قلـوب المسـتمعين إلـى‬
‫وعظـه حتـى أنـه اسـتغرق مـرة فـي كالمـه وهـو علـى كرسـي الـوعت فانحلـع طيـة مـن عمامتـه وهـو ال‬
‫يدري ف لقى الحاضرون عمائهم وطواقيهم تقليدا له وهم اليشعرون‪.‬‬
‫وبعــد أن تــوفي أبــو ســعيد المبــارك المخزومــي فوضــع مدرســته إلــى الشــيخ عبــد القــادر الجيالنــي‬
‫فجلس فيها للتدريس والفتو ‪ ،‬وجعي طالب العلم يقبلون على مدرسته إقباال عظيما حتى ضـاقع‬
‫بهم ف ضي إليها من ما جاورها من المنازل واألمكنة ما يزيد على مثلها وبجل األلنيا أموالهم في‬
‫عمـارتهم وعمـي الفقـرا فيهـا ب نفسـهم حتـى تـم بناسهـا سـنة ‪ 528‬ه ـ الموافـق‪ 1133‬م ‪.‬وصـار‬
‫منسوبة إليه‪.‬‬
‫وكان الشيخ عبد القادر عالما متبصرا يتكلم في االاة عشر علمـا مـن علـوم اللغـة والشـريعة‪ ،‬حيـي‬
‫كان الطالب يقرأون عليه في مدرسته دروسا من التفسير والحديي والمجهب والخالت واالصـول‬
‫واللغــة‪ ،‬وكــان يقــرأ القــرآن بــالقرا ا وكــان يفتــي علــى مــجهب االمــام الشــافعي واالمــام أحمــد بــن‬
‫حنبي‪.‬‬
‫م لفاته‬
‫صــن عبــد القــادر الجيالنــي مصــنفا كثيــرة فــي األصــول والفــروم وفــي أهــي األحــوال والحقــائق‬
‫مصور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫والتصوت‪ ،‬منها ما هو مطبوم ومنها مخطوط ومنها ّ‬
‫إلااة العارفين ولاية منى الواصلين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أوراد الجيالني‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫آداب السلوك والتوصي إلى منازل السلوك‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تحفة المتقين وسبيي العارفين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫جال الخاطر في الباطن والظاهر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حزب الرجا واالنتها ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحزب الكبير‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫دعا البسملة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الرسالة الغواية‪ :‬موجود منها نسخة في مكتبة األوقات ببغداد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رسالة في األسما العظيمة للطريق إلى اهلل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الغُنيــة لطــالبي طريــق الحــق ‪:‬وهــو مــن أشــهر كتبــه فــي األخــالق واآلداب اإلســالمية وهــو‬ ‫‪‬‬

‫جز ان‪.‬‬
‫الرحمـاني ‪:‬وهـو مـن كتبـه المشـهورة وهـو عبـارة عـن مجـالس للشـيوخ‬ ‫الفتح الرباني والفي‬ ‫‪‬‬

‫في الوعت واإلرشاد‪.‬‬


‫فتوح الغيب‪ :‬وهو عبارة عن مقاال للشيخ في العقائدواإلرشاد ويت ل من ‪ 11‬مقالة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الفيوض ــا الرباني ــة‪ :‬وهك ــجا الكت ــاب ل ــيس ل ــه ولكن ــة يحت ــوي الكثي ــر م ــن أوراد وأدعيت ــه‬ ‫‪‬‬

‫وأحزابه‪.‬‬
‫معراج لطي المعاني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يواقيع الحكم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫سر األسرار في التصوت‪ :‬وهو كتاب معروت وتوجد نسخة منه في المكتبة القادرية ببغداد‬ ‫‪‬‬

‫وفي مكتبة جامعة إسطنبول‪.‬‬


‫الطريق إلى اهلل‪ :‬كتاب عن الخلوة والبيعة واألسما السبعة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫رسائي الشيخ عبد القادر‪ 51 :‬رسالة بالفارسية يوجد نسخة في مكتبة جامعة إسطنبول‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المواهب الرحمانية‪ :‬ذكر صاحب روضا الجنا ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫حزب عبد القادر الجيالني‪ :‬مخطوط توجد نسخة منه في مكتبة األوقات ببغداد‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تنبيه الغبي إلى رسية النبي‪ :‬نسخة مخطوطة بمكتبة الفاتيكان بروما‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الرد على الرافضة‪ :‬منسوب له وهو لمحمد بن وهب نسخة مخطوطة فـي المكتبـة القادريـة‬ ‫‪‬‬

‫ببغداد‪.‬‬
‫اهلل مراد تحع رقم ‪.415‬‬ ‫وصايا الشيخ عبد القادر‪ :‬موجود في مكتبة في‬ ‫‪‬‬

‫بهجــة األســرار‪ :‬مــواعت للشــيخ جمعهــا نــور الــدين أبــو الحســن علــي بــن يوس ـ اللخمــي‬ ‫‪‬‬

‫الشطنوفي‪.‬‬
‫تفســير القــران الكــريم‪ :‬فــي مكتبــة رشــيد كرامــي فــي طــرابلس الشــام ويقــول عفي ـ الــدين‬ ‫‪‬‬

‫الجيالني أنه مطبوم في تركيا‪.‬‬


‫الدالئي القادرية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحديقة المصطفوية‪ :‬مطبوعة بالفارسية واألردية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الحجة البيضا ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عمدة الصالحين في ترجمة لنية الصالحين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بشائر الخيرا ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ورد الشيخ عبد القادر الجيالني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كيميا السعادة لمن أراد الحسنى وزيادة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المختصر في علم الدين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مجموعة خطب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫قال العلما عنه‬


‫قـال اإلمـام النـووي ‪ :‬مـا علمنـا فيمـا بلغنـا مـن التفـا النـاقلين وكرامـا األوليـا أكثـر ممـا‬ ‫‪‬‬

‫وصي إلينا مـن كرامـا القطـب شـيخ بغـداد محيـي الـدين عبـد القـادر الجيالنـي‪ ،‬كـان شـيخ‬
‫السـادة الشــافعية والســادة الحنابلــة ببغــداد وانتهــع إليـه رياســة العلــم فــي وقتــه‪ ،‬وتخــرج‬
‫بصحبته ليـر واحـد مـن األكـابر وانتهـى إليـه أكثـر أعيـان مشـايخ العـراق وتتلمـج لـه خلـق ال‬
‫يحصون عددا من أرباب المقاما الرفيعة‪ ،‬وانعقد علية إجمام المشايخ والعلما بالتبجيي‬
‫واإلعظام‪ ،‬والرجـوم إلـى قولـة والمصـير إلـى حكمـه‪ ،‬وأُهـرم إليـه أهـي السـلوك ‪-‬التصـوت‪-‬‬
‫مــن كــي فــج عميــق‪ .‬وكــان جميــي الصــفا شــري األخــالق كامــي األدب والمــرو ة كثيــر‬
‫التواض دائم البشر وافر العلم والعقي شديد االقتفا لكالم الشرم وأحكامـه معظمـا ألهـي‬
‫العلـم ُمك مرمـا ألربـاب الـدين والسـنة‪ ،‬مبغضـا ألهـي البـدم واألهـوا محبـا لمريـدي الحـق مـ‬
‫دوام المجاهــد ولــزوم المراقبــة إلــى المــو ‪ .‬وكــان لــه كــالم عــال فــي علــوم المعــارت شــديد‬
‫الغضــب إذا انتهكــع محــارم اهلل ســبحانه وتعــالى ســخي الك ـ كــريم الــنفس علــى أجمــي‬
‫]‪[9‬‬
‫طريقة‪ .‬وبالجملة لم يكن في زمنه مثله‪.‬‬
‫قــال العالمــة ابــن تيميــة‪ :‬والشــيخ عبــد القــادر ونحــو مــن أعظــم مشــائخ زمــانهم أمـرا بــالتزام‬ ‫‪‬‬

‫الشرم‪ ،‬واألمر والنهي‪ ،‬وتقديمه على الجوق والقدر‪ ،‬ومن أعظم المشائخ أمـرا بتـرك الهـو‬
‫واإلرادة النفسية‪.‬‬
‫قال اإلمام العز بن عبـد السـالم ‪ :‬إنـه لـم تتـواتر كرامـا أحـد مـن المشـايخ إال الشـيخ عبـد‬ ‫‪‬‬

‫القادر فإن كراماته نقلع بالتواتر]‪.[10‬‬


‫قـال اإلمـام الـجهبي‪ :‬الشـيخ عبـد القـادر الشـيخ االمـام العـالم الزاهـد العـارت القـدوة‪ ،‬شـيخ‬ ‫‪‬‬

‫االسالم‪ ،‬علم األوليا ‪ ،‬محيي الدين‪ ،‬أبـو محمـد‪ ،‬عبـد القـادر بـن أبـي صـالح عبـد اهلل ابـن‬
‫جنكي دوسع الجيلي الحنبلي‪ ،‬شيخ بغداد]‪.[11‬‬
‫قـال اإلمـام أبـو أسـعد عبـد الكــريم السـمعاني‪ :‬هـو إمـام الحنابلـة وشـيخهم فــي عصـر فقيــه‬ ‫‪‬‬

‫صالح‪ ،‬كثير الجكر دائم الفكر‪ ،‬وهـو شـديد الخشـية‪ ،‬مجـاب الـدعوة‪ ،‬أقـرب النـاس للحـق‪،‬‬
‫وال يرد سائال ولو ب حد اوبيه‪.‬‬
‫قــال اإلمــام ابــن حجــر العســقالني الكنــاني ‪ :‬كــان الشــيخ عبــد القــادر متمســكا بقــوانين‬ ‫‪‬‬

‫الشريعة‪ ،‬يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغي الناس فيها م تمسكه بالعبادة والمجاهـدة‬
‫ومزج ذل بمخالطة الشالي عنها لالبا كاألزواج واألوالد‪ ،‬ومن كان هجا سبيله كان أكمـي‬
‫من لير ألنها صفة صاحب الشريعة صلى اهلل علية وسلم]‪.[12‬‬
‫قال اإلمـام ابـن قدامـة المقدسـي‪ :‬دخلنـا بغـداد سـنة إحـد وسـتين وخمسـمائة فـإذا الشـيخ‬ ‫‪‬‬

‫عبد القادر بها انتهع إليه بهـا علمـا وعمـال وحـاال واسـتفتا ‪ ،‬وكـان يكفـي طالـب العلـم عـن‬
‫قصد لير مـن كثـرة مـا اجتمـ فيـه مـن العلـوم والصـبر علـى المشـتغلين وسـعة الصـدر‪ .‬كـان‬
‫ملئ العين وجم اهلل فيه أوصافا جميلة وأحواال عزيزة‪ ،‬وما رأيع بعد مثله ولـم أسـم عـن‬
‫أحـد يحكـي مـن الكرامـا أكثـر ممـا يحكـى عنـه‪ ،‬وال رأيـع احـدا يعظمـه النـاس مـن أجـي‬
‫الدين أكثر منه]‪.[13‬‬
‫قــال اإلمــام ابــن رجــب الحنبلــي‪ :‬عبــد القــادر بــن أبــي صــالح الجيلــي اــم البغــدادي‪ ،‬الزاهــد‬ ‫‪‬‬

‫شــيخ العصــر وقــدوة العــارفين وســلطان المشــايخ وســيد أهــي الطريقــة‪ ،‬محــي الــدين هــر‬
‫للناس‪ ،‬وحصي له القبـول التـام‪ ،‬وانتصـر أهـي السـنة الشـريفة بظهـور ‪ ،‬وانخـجل أهـي البـدم‬
‫واألهوا ‪ ،‬واشتهر أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته‪ ،‬وجا ته الفتاو مـن سـائر األقطـار‪،‬‬
‫وهابه الخلفا والوزرا والملوك فمن دونهم]‪ .[14‬وقال رحمه اهلل ‪ :‬كـان الشـيخ عبـد القـادر‬
‫رحمـه اهلل فـي عصــر معظمـا‪ ،‬يعظمـه أكثــر مشـايخ الوقــع مـن العلمـا والزهــاد‪ ،‬ولـه مناقــب‬
‫وكراما كثيرة‪ ،‬ولكن قد جم المقـر أبـو الحسـن الشـطنوفي المصـري فـي أخبـار الشـيخ‬
‫ـب فيهـا الطـم والـرم‪ ،‬وكفـى بـالمر كـجبا أن يحـدف‬ ‫عبد القادر ومناقبه االف مجلدا ‪ ،‬وَكتَ َ‬
‫ـع بعـ هـجا الكتـاب‪ ،‬وال يطيـب علـى قلبـي أن أعتمـد علـى شـي‬ ‫بكي مـا سـم ‪ .‬وقـد رأي ُ‬
‫مما فيه ف نقي منه إال ما كان مشهورا معروفا من لير هجا الكتاب‪ ،‬وذل لكثـرة مـا فيـه مـن‬
‫الرواي ــة ع ــن المجه ــولين‪ ،‬وفي ــه الش ــطح‪ ،‬والطام ــا ‪ ،‬وال ــدعاو ‪ ،‬والك ــالم الباط ــي‪ ،‬م ــا ال‬
‫يحصــى‪ ،‬وال يليــق نســبة مثــي ذل ـ إلــى الشــيخ عبــدالقادر رحمــه اهلل‪ ،‬اــم وجــد الكمــال‬
‫جعفر األدفوني قد ذكر أن الشطنوفي نفسه كان متهما فيما يحكيه في هجا الكتاب بعينه‪.‬‬
‫قــال اإلمــام اليــافعي‪ :‬قطــب األوليــا الكــرام‪ ،‬ش ـيخ المســلين واإلســالم ركــن الش ـريعة وعلــم‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة‪ ،‬شيخ الشيوخ‪ ،‬قدوة األوليا العارفين األكابر أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح‬
‫الجيلــي قــدس ســر ونــور ضــريحه‪ ،‬تحلــى بحلــي العلــوم الشــرعية وتجمــي بتيجــان الفنــون‬
‫الدينيــة‪ ،‬وتــزود ب حســن اآلداب وأشــرت األخــالق‪ ،‬قــام بــن الكتــاب والســنة خطيبــا علــى‬
‫األشهاد‪ ،‬ودعا الخلق إلى اهلل سبحانه وتعـالى ف سـرعوا إلـى االنقيـاد‪ ،‬وأبـرز جـواهر التوحيـد‬
‫مـن بحـار علـوم تالطمـع أمواجهـا‪ ،‬وأبـرأ النفـوس مـن أسـقامها وشـفى الخـواطر مـن أوهامهـا‬
‫وكم رد إلى اهلل عاصيا‪ ،‬تتلمج له خلق كثير من الفقها ]‪.[16‬‬
‫قــال اإلمــام الشــعراني ‪ :‬طريقتــه التوحيــد وصــفا وحكمــا وحــاال وتحقيقــه الشــرم ــاهرا‬ ‫‪‬‬

‫وباطنا]‪.[17‬‬
‫قال اإلمام أحمد الرفاعي ‪ :‬الشيخ عبد القادر من يستطي وص مناقبه‪ ،‬ومن يبلـ مبلغـة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫ذاك رجي بحر الشريعة عن يمينه‪ ،‬وبحر الحقيقة عن يسار مـن أيهمـا شـا اقتـرت‪ ،‬ال اـاني‬
‫له في وقتنا هجا]‪.[18‬‬
‫قال الشيخ بقا بن بطو ‪ :‬كانع قوة الشيخ عبد القادر الجيالنـي فـي طريقتـه إلـى ربـة كقـو‬ ‫‪‬‬

‫جمي أهي الطريق شدة ولزوما وكانع طريقته التوحيد وصفا وحكما وحاال]‪.[19‬‬
‫قال اإلمام ابن السمعاني عنـه‪ :‬إمـام الحنابلـة وشـيخهم فـي عصـر ‪ ،‬فقيـه صـالح‪ ،‬ديمـن خيمـر‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫كثير الجكر‪ ،‬دائم الفكر‪ ،‬سري الدمعة‪.‬‬


‫قال عنـه الشـيخ األكبـر محيـي الـدين ابـن عربـي ‪:‬وبلغنـي أن عبـد القـادر الجيلـي كـان عـدال‬ ‫‪‬‬

‫قطب وقته‪.‬‬
‫وفاته‬
‫تـوفي اإلمـام الجيالنـي ليلـة السـبع ‪ 10‬ربيـ الثـاني سـنة ‪ 561‬ه ـ‪،‬جهز وصـلي عليـه ولـد عبـد‬
‫الوهــاب فــي جماعــة مــن حضــر مــن أوالد وأصــحابه‪ ،‬اــم دفــن فــي رواق مدرســته‪ ،‬ولــم يفــتح بــاب‬
‫المدرسة حتى عال النهار وهرم الناس للصالة على قبر وزيارته‪ ،‬وبل تسعين سنة من عمـر ‪ .‬ذكـر‬
‫العالمـة سـالم االلوسـي‪ ،‬ان الـرئيس أحمـد حسـن البكـر فـي بدايـة حكمـه‪ ،‬طالـب إيـران باسـترجام‬
‫رفــا الخليفــة هــارون الرشــيد‪ ،‬كونــه رمــز لبغــداد فــي عصــرها الــجهبي‪ ،‬وذل ـ بــدعوة وحــي مــن‬
‫المرحـوم عبـد الجبـار حامـد الجـومرد وزيـر الخارجيـة العراقـي السـابق فـي عهـد عبـد الكـريم قاسـم‪،‬‬
‫ولكــن إيــران امتنعــع ‪ ،‬وبالمقابــي طلبــع اســترجام رفــا الشــيخ عبــد القــادر الكيالنــي ‪،‬كونــه مــن‬
‫مواليـد كـيالن فـي إيـران ‪،‬وعنـدها طلـب الـرئيس مـن العالمـة مصـطفى جـواد ‪،‬بيـان االمـر ‪،‬فاجـاب‬
‫مصـطفى جـواد ‪ :‬ان المصـادر التـي تـجكر ان الشـيخ عبـد القـادر مواليـد كـيالن فـي إيـران ‪،‬مصـادر‬
‫تعتمد رواية واحدة وتناقلتها بدون دراسة وتحقيق ‪،‬اما االصوب فهو من مواليد قرية تسـمى (جيـي)‬
‫قرب المدائن‪ ،‬والصحة كونه من إيران أو ان جد اسمه جيالن‪ ،‬وهو ما اكد العالمة حسين علـي‬
‫محفوظ في مهرجان جلوال الـجي اقامـه اتحـاد المـ رخين العـرب وكـان االلوسـي حاضـرا أيضـا سـنة‬
‫‪ ،5551‬وفعال اخبر مملكة إيران بجل ولكن بتدخي من دولة عربية اللق الموضوم]‪.[20‬‬
‫مصادر ومراج ‪:‬‬
‫كت ـ ــاب المختص ـ ــر ف ـ ــي ت ـ ــاريخ ش ـ ــيخ اإلس ـ ــالم عب ـ ــد الق ـ ــادر‪ ،‬إبـ ـ ـراهيم ال ـ ــدروبي‪،‬‬ ‫‪^ .5‬‬
‫باكستان‪،5515‬ص‪14‬‬
‫‪ ^ .4‬المنتظم‪ ،‬ت لي ‪:‬ابن الجوزي‪ ،‬ج‪ ،51‬ص‪.455‬‬
‫‪ *^ .4‬كتاب‪:‬جغرافيــة البــاز االشــهب‪ ،‬تحقيــق مكــان والدة الشــيخ عبــد القــادر الكيالنــي‪،‬‬
‫د‪/‬جمال الدين فالح الكيالني‪ ،‬مكتبة الجليس ‪-‬بيرو ‪،4154،‬ص‪53‬‬
‫أنساب العرب ‪ ،‬د‪/‬خاش المعاضيدي ‪ ،‬دار الرشـيد ‪ ،‬بغـداد ‪5551 ،‬‬ ‫‪ ^ .3‬كتاب من بع‬
‫‪،‬ج‪ 4‬ص ‪.11‬‬
‫‪ ^ .1‬سير أعالم النبال ‪ -‬الجهبي‪ -‬م سسة الرسـالة ‪ -‬الطبعـة‪ :‬الثالثـة‪ 5311 ،‬ه ـ ‪5511 /‬‬
‫م ‪ -‬ج ‪ - 41‬الصفحة ‪345‬‬
‫‪ ^ .1‬التاريخ الكبير‪ ،‬ت لي ‪:‬الحافت الجهبي‪.‬‬
‫‪ ^ .1‬الجيي على طبقا الحنابلة‪ ،‬ابن رجب الحنبلي‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪451‬‬
‫‪ ^ .1‬هك ــجا ه ــر جي ــي ص ــالح ال ــدين وهك ــجا ع ــاد الق ــدس‪ ،‬تـ ـ لي ‪ :‬ماج ــد الكيالن ــي‪،‬‬
‫ص‪.513‬‬
‫‪ ^ .5‬قالئد الجواهر‪ ،‬ت لي ‪ :‬محمد بن يحيى التادفي‪ ،‬ص ‪ .541‬نقـال عـن بسـتان العـرافين‪،‬‬
‫ت لي ‪ :‬النووي‪.‬‬
‫^ سير أعالم النبال ‪ ،‬ت لي ‪ :‬الجهبي ج‪ 41‬ص‪.334‬‬ ‫‪.51‬‬
‫^ سير أعالم النبال ‪ ،‬ت لي ‪ :‬الجهبي‪ .‬ج‪ 41‬ص‪345‬‬ ‫‪.55‬‬
‫^ قالئد الجواهر‪ ،‬ت لي ‪ :‬محمد بن يحيى التادفي‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪.54‬‬
‫^ قالئد الجواهر‪ ،‬ت لي ‪ :‬محمد بن يحيى التادفي‪ ،‬ص‪.1‬‬ ‫‪.54‬‬
‫^ الطبقا ‪ ،‬ت لي ‪ :‬ابن رجب الحنبلي‪.‬‬ ‫‪.53‬‬
‫^ البداية والنهاية‪ ،‬ت لي ‪ :‬ابن كثير‬ ‫‪.51‬‬
‫^ قالئد الجواهر‪ ،‬ت لي ‪ :‬محمد بن يحيى التادفي‪ ،‬ص ‪.541‬‬ ‫‪.51‬‬
‫^ الطبقا الكبر ‪ ،‬ت لي ‪ :‬الشعراني‪.545/5 ،‬‬ ‫‪.51‬‬
‫^ قالئد الجواهر‪ ،‬ت لي ‪ :‬محمد بن يحيى التادفي‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪.51‬‬
‫^ الطبقا الكبر ‪ ،‬ت لي ‪ :‬الشعراني‪.541/5 ،‬‬ ‫‪.55‬‬
‫^ كتــاب الشــيخ عبــدالقادرالكيالني رسيــة تاريخيــة معاصــرة‪ ،‬د‪/‬جمــال الــدين فــالح‬ ‫‪.41‬‬
‫الكيالني‪ ،‬ص‪43‬‬
‫المدرسة التربوية القادرية‬

‫هي أشهر الطرق الصوفية السليمة‪ ،‬تنتسب إلى القطب الشـيخ عبـد القـادر الجيالنـي (‪ 315‬ه ـ ‪-‬‬
‫‪ 115‬هـ)‪ ،‬وينتشر أتباعها في جمي أنحا العالم اإلسالمي‪.‬‬

‫قواعد الطريقة القادرية‬


‫يجكر الشيخ عبدالقادر الجيالني أهم قواعد وأسس الطريقة القادرية‪:‬‬
‫االلتزام بالكتـاب والسـنة ‪:‬يقـول الشـيخ عبـد القـادر الجيالنـي‪( :‬طريقتنـا مبنيـة علـى الكتـاب‬ ‫‪‬‬

‫والسـنة فمـن خالفهمــا فلـيس منـا)‪ .‬ويقــول‪( :‬اجعـي الكتــاب والسـنة جناحيـ طــر بهمـا إلــى‬
‫اهلل)‪.‬‬
‫الحـ قـد حتــى تنقــد ‪:‬ومعنــى (جــد) الجديــة فــي ســلوك الطريــق إلــى اهلل‪،‬‬
‫الج ـ ود والك ـ ود ولــزوم َ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬

‫ومعنــى (كــد) بــجل الجهــد والجــوارح والــنفس والــروح فــي الســير إلــى اهلل بــدون هــوادة وال‬
‫تراخي‪ ،‬ومعنى(لزوم الحد) االلتزام بالشريعة وتحليي الحـالل وتحـريم الحـرام والوقـوت عنـد‬
‫حدود اهلل وعـدم تجاوزهـا‪ ،‬ومعنـى (حتـى تنقـد) حتـى تجـ الـنفس عـن المعاصـي والـجنوب‬
‫والشهوا والملجا واألخالق السيئة وال يبقى فيها إال اهلل جي في عال ‪.‬‬
‫االجتمــامو واالســتمامو واإلتبــامو حتــى يحصــي االنتفــام‪ :‬ومعنــى هــجا االجتمــام بالصــالحين‬ ‫‪‬‬

‫والعلما والمرشدين واألخوة في اهلل واالستمام لهم ب دب وإتبام ما يقولون وما يـ مرون مـن‬
‫الهدي النبوي وبجل يحصي لدينا االنتفام والوصول لما وصلوا إليه‪.‬‬
‫االعتقــاد بشــيخ الطريقــة العقيــدة الصــحيحة‪ :‬ومعنــى هــجا أن يحبــو ويحترمــو ويقــدرو وال‬ ‫‪‬‬

‫يهملـو وال يعظمونـه فـوق الحـد المطلـوب وال يغلـوا فـي حبـه وال يعتقـدوا فيـه العصـمة فإنـه‬
‫بشر يخطئ ويصيب لكنه محفوظ بعناية اهلل إن أخط سرعان ما يرج إلى اهلل ويتـوب إليـه‪،‬‬
‫يقول الشيخ عبـد القـادر الجيالنـي فـي كتابـه الغنيـة‪( :‬يـا بنـي إيـاك أن تنظـر إلـى شـيخ أنـه‬
‫معصوم إنما هو بشر يخطئ ويصيب فإن رأيع منه مخالفة فابحي له عن عجر شـرعي فـإن‬
‫لم تجد له عجر فاستغفر له اهلل فإنه بشر يخطئ ويصيب)‪.‬‬
‫حب الشيخ ‪:‬لكن حب اهلل والرسول صلي اهلل عليه وسلم مقدم عليه وهو المـراد الحقيقـي‬ ‫‪‬‬

‫من السير والسلوك على يد الشيخ المرشد فهو دليلنا إلى حب اهلل ورسوله صـلي اهلل عليـه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫الدعوة إلى اهلل‬ ‫‪‬‬

‫كثرة الجكر هلل تعالى‪ :‬فالجكر هو المعراج في السير إلى اهلل في الطريقة القادرية‪ ،‬فمـن أهـم‬ ‫‪‬‬

‫أعمال المريد كثرة األذكار والمداومة عليهـا وعلـى االسـتغفار والصـالة علـى الرسـول بالليـي‬
‫والنهـار وبـجل يرتقـي المريـد فـي مقامـا المحبـة هلل ولرسـوله والـجكر هـو الوسـيلة العظمـى‬
‫لتزكية النفس وتربيتها وتحليتها باألخالق المحمدية‪.‬‬
‫محبة آل البيع ‪ :‬وحبهم مقدم على كـي مـن سـواهم مـن النـاس ألنهـم بضـعة النبـي ووصـيته‬ ‫‪‬‬

‫ألمتـه‪ ،‬مـ الحـب والتقـدير واإلكبـار واإلجـالل للصـحابة وعلـى رأسـهم أبـو بكـر وعمـر بـن‬
‫الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫حــب كــي األوليــا والصــالحين‪ :‬وحــب مشــايخ ومرشــدين الطــرق األخــر ‪ ،‬وال يفرقــون وال‬ ‫‪‬‬

‫يميزون بين طريقة وأخـر ‪ ،‬وال يتعصـبون لطـريقتهم وال يطعنـون بـالطرق األخـر التـي تـنهج‬
‫منهج الكتاب والسنة‪ ،‬وذل كله م المحبة والتعظيم والتقدير لطـريقتهم ولمشـايخهم كمـا‬
‫ينبغي أن يكون‪.‬‬
‫شروط الشيخ المرشد عند اإلمام الجيالني‬
‫قال الشيخ عبد القادر الجيالني في القصيدة العينية‪:‬‬
‫إلى شـيخق في الحـقيقة بـارم‬ ‫وإن ساعد المقدور أو ساق القضا‬
‫ودم كي ما من قبي كنع تسارم‬ ‫فـقـم في رضـا واتب مـراد‬
‫عليه فـإن االعتراض تــنازم‬ ‫وال تعترض فيما جهلع من أمـر‬
‫بقتي لالم والك ــليم يداف‬ ‫في قصة الخضر الكريم كــفاية‬
‫وسـي حساما للغياهب قاطـ‬ ‫فلما أضا الصبح عن ليي سـر‬
‫كـجل علم القوم فيه بدائـ‬ ‫أقـام له العـجر الكـليـم وإنه‬
‫لقـد أسـس اإلمـام الجيالنـي طريقتـه وفـق الكتـاب والسـنة ووضـ لهـا ضـوابط شـرعية حتـى ال يكثـر‬
‫الشـطط والنقصـان والتغييــر واالبتـدام ويــدعي المشـيخة مـن يقــدر ومـن ال يقـدر ومــن يعلـم ومــن ال‬
‫يعلم‪ .‬فوض الشيخ ضوابط وشروط ينبغـي أن تتـوفر بالشـيخ المرشـد الـجي يتصـدر لإلرشـاد وهـج‬
‫الشروط هي]‪:[2‬‬
‫وإال فدج و‬
‫ـال يقــود إلى جهي‬ ‫إذا لم يكن للشيخ خمـس فوائـد‬
‫عليم ب حكام الشريعة ــاهرا ويبحي عن علم الحقيقة عن أصي‬
‫ويخض للمسكين بالقـول والفعي‬ ‫للور ِاد بالبشر والقــر‬
‫ويظهر َّ‬
‫عليم ب حكام الحـرام من الحــي‬ ‫فهجا هو الشيخ المعظم ق ــدر‬
‫يهجب طـالب الط ـريق ونفسه مهجبـة من قبي ذو كـرم كلـي‬
‫شروط الشيخ المربي وهي خمس‪ .‬فإن لـم تتـوفر فيـه فلـيس‬ ‫لقد بين الشيخ في هج األبيا بع‬
‫لديه األهلية لإلرشاد وهج الشروط هي‪:‬‬
‫أن يكون عالما ب حكام الشريعة والدين عـالم بـالحالل والحـرام عـالم بحـدود الشـرم وعـالم‬ ‫‪‬‬

‫بالسـنة النبويـة وعـالم بمـا علـم مـن الـدين بالضـرورة وهـجا معنـى قـول الشـيخ (علـيم ب حكـام‬
‫الشريعة اهرا)‪.‬‬
‫أن يكون عالما بعلم الحقيقة والطريقة وعالم ب حوال القلوب والنفوس وطرق تزكيتها وخبيـر‬ ‫‪‬‬

‫ب حوال السالكين وتدرجهم في الطريق إلى اهلل ويكون قـد أخـج هـجا العلـم مـن شـيخ مرشـد‬
‫كامي عبر سـند متصـي إلـى رسـول اهلل وهـجا معنـى قـول الشـيخ (ويبحـي عـن علـم الحقيقـة‬
‫عن أصي)‪.‬‬
‫أن يكــون كريمــا ســخيا مـ ضــيوفه والســخا مــن صــفا رب العــالمين ومــن خلــق الرســول‬ ‫‪‬‬

‫الكريم والصالحين فال يليـق بالمرشـد أن يكـون بخـيال كمـا جـا فـي الحـديي مـا جبـي ولـي‬
‫اهلل إال على السخا وحسن الخلق فيكرم ضيوفه ورواد زاويته دون التقصير بحـق ضـيافتهم‬
‫للور ِاد‬
‫وأن تدوم البسمة على وجهه وان يكون رحب الصدر وهجا معنى قول الشيخ(ويظهر َّ‬
‫بالبشر والقر )‪.‬‬
‫أن يكون متواضعا للم منين يخض لهم بالقول والفعي وهج الخصلة هي من خصال النبـي‬ ‫‪‬‬

‫ين)]‪ .[3‬وكان الشيخ عبد القادر الجيالني‬ ‫حيي أمر اهلل فقال له (وا ْخ ِف ْ جنَاح َ لِل ِ ِ‬
‫ْم ْ من َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫معروفا بتواضعه للفقرا وكـان يجلـس معهـم ويطـاعمهم ويتجنـب مجالسـة األلنيـا والكبـرا‬
‫واألمرا والوزرا إال إذا أراد نصح لهم وهجا معنى قول الشيخ (ويخض للمسكين بالق ــول‬
‫والفعي)‪.‬‬
‫أن يكـون قــد ناجحــا فــي تربيــة المريــدين وتزكيــة نفوســهم ولــن يكــون لــه هــجا إال إذا كــان قــد‬ ‫‪‬‬

‫زكى نفسه قبي ذل على يد شيخ خبير بارم وأن يكون قد أذن له باإلرشاد والمشـيخة مـن‬
‫قبي شيخه وفق سند متصـي وهـجا معنـى قـول الشـيخ (يهـجب طـالب الطريـق ونفسـه مهجبـة‬
‫من قبي ذو كرم كلي)‪.‬‬
‫أماكن االنتشار‬
‫ينتشر أتبام الطريقة القادرية فـي كثيـر مـن الـبالد أشـهرها سـوريا وتركيـا والعـراق والمغـرب والجزائـر‬
‫وفلسطين ولبنان وموزمبيق والكاميرون ونيجيريا والصين واالتحاد السوفيتي ولانا وإيـران والجزائـر‬
‫والسـودان والنيجـر ومـالي ولينيـا وتشـاد وأفغانسـتان والهنـد وباكسـتان وبـنغالديش والصـومال‬
‫وأندونيسيا ويولسالفيا ومصر وتونس وماليزيا وارتيريا‪.‬‬
‫تفرعا الطريقة القادرية‬
‫تفرعع عن الطريقة القادرية عدة طرق ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫الطريقة القادرية الجيالنية بالمغرب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة القادرية البودشيشية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة القادرية العركية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة النقشبندية القادرية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة البريفكانية القادرية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة العلية القادرية الكسنزانية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة القادرية (دائرة الشيخ حسن القر جيواري)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة الزعبية القادرية العلية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة القادرية النورية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫الطريقة الرضوية البركاتية بالهند‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة الكنزية القادرية لشيخها السيد أبو الليـي حمـزة األسـد يوسـ آل السـيد القـادري‬ ‫‪‬‬

‫الشافعي‪.‬‬
‫الطريقة القادرية الجعلية السودان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الطريقة القادرية الرضوية العطارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مصادر‬

‫‪ ^ .5‬جـا فـي كتـاب السـير والمسـاعي ص‪ 411‬هـج األبيـا المنسـوبة للشـيخ عبـد القـادر‬
‫الجيالني‪.‬‬
‫‪ ^ .4‬سورة الحجر‪ ،‬آية ‪.11‬‬
‫الكامي للكتاب‬ ‫الن‬
‫مـقـدمـة الـمـ لـ‬

‫الحمد هلل نستعينه ونستغفر ‪ ،‬قال الشيخ عبد الرزاق ولد الم لـ ‪ :‬قـال والـدي رضـي اهلل‬
‫تعــالى عنــه م يــد األئمــة ســيد الطوائ ـ أبــو محمــد محــي الــدين عبــد الق ـادر الجيالنــي الحســني‬
‫الحسيني الصديقي‪ ،‬ابن أبي صالح موسـى ابـن اإلمـام عبـد اهلل ابـن اإلمـام يحيـى الزاهـد ابـن اإلمـام‬
‫محمـد ابـن اإلمـام داود ابـن اإلمـام موسـى ابـن اإلمـام عبـد اهلل ابـن اإلمـام موسـى الجـون ابـن اإلمــام‬
‫ابــن اإلمــام الحســن المثنــى ابــن اإلمــام أميــر المـ منين ســيدنا الحســن الســبط ابــن‬ ‫عبــد اهلل المحـ‬
‫اإلمام الهمام أسد اهلل الغالب‪ ،‬فخر بني لالب‪ ،‬أمير الم منين سيدنا علي ابن أبي طالـب‪ ،‬كـرم اهلل‬
‫وجهه‪ ،‬ورضي عنه وعنهم أجمعين آمين ‪:‬‬

‫رب العــالمين أوال وأخــرا و ــاهرا وباطنــا‪ ،‬عــدد خلقــه ومــداد كلماتــه‪ ،‬وزنــة عرشــه‪،‬‬
‫الحمــد هلل م‬
‫ورضا نفسه‪ ،‬وعدد كي شف ووتر‪ ،‬ورطب ويابس في كتاب مبين‪ ،‬وجمي ما خلـق ربنـا وذرأ وبـرأ‪،‬‬
‫خالق بال مثال أبدا سرمدا طيبا مباركا‪ ،‬الجي خلق فسو ‪ ،‬وقدر فهد ‪ ،‬وأمـا وأحيـى‪ ،‬وأضـح‬
‫وأبكى‪ ،‬وقرب وأدنى‪ ،‬وأرحم وأخز ‪ ،‬وأطعم وأسقى‪ ،‬وأسعد وأشقى‪ ،‬ومنـ وأعطـى‪ ،‬الـجي بكلمتـه‬
‫قامــع الســب الشــداد‪ ،‬وبهــا رســع الرواس ـي واألوتــاد واســتقر األرض المهــاد‪ ،‬فــال مقنوطــا مــن‬
‫رحمته‪ ،‬وال م مونا من مكر وليرته وإنفاذ أقضيته وفعله وأمر ‪ ،‬وال مستنكفا عن عبادته‪ ،‬وال مخلوا‬
‫من نعمته‪ ،‬فهو المحمود بما أعطى‪ ،‬والمشـكور بمـا زو ‪ ،‬اـم الصـالة علـى نبيـه المصـطفى محمـد‬
‫صــلى اهلل عليــه وســلم‪ ،‬الــجي مــن اتب ـ مــا جــا بــه اهتــد ومــن صــدت عنــه ضــي وارتــد ‪ ،‬النبــي‬
‫الصــادق المصــدوق‪ ،‬الزاهــد فــي الــدنيا‪ ،‬الطالــب الرالــب فــي الرفيــق األعلــى‪ ،‬المجتبــى مــن خلقــه‪،‬‬
‫المنتخب من بريته‪ ،‬الجي جا بالحق بمحبته‪ ،‬زهق الباطي بظهور ‪ ،‬وأشرقع األرض بنور ‪.‬‬
‫ا ــم الص ــلوا الوافي ــا ‪ ،‬والبرك ــا الطيب ــا ‪ ،‬الزاكي ــا المباركـ ـا علي ــه ااني ــا وعل ــى آل ــه‬
‫الطيبين‪ ،‬وأصحابه والتابعين لهم بإحسان‪ ،‬األحسنين لربهم فعال‪ ،‬األقومين له قيال‪ ،‬واألصوبين إليه‬
‫طريقا وسبيال‪ ،‬اـم تضـرعنا ودعاسنـا ورجوعنـا إلـى ربنـا‪ ،‬ومنشـئنا وخالقنـا ورازقنـا‪ ،‬ومطعمنـا ومسـقينا‪،‬‬
‫والجاب والداف عنا جميـ مـا ي ذينـا ويسـو نا‪ ،‬كـي ذلـ برحمتـه‬
‫ّ‬ ‫ونافعنا وحافظنا‪ ،‬وكالئنا ومحيينا‪،‬‬
‫وتحننه وفضله ومتنه بالحفت الدائم في األقوال واألفعـال فـي السـر واإلعـالن‪ ،‬واإل هـار والكتمـان‬
‫والشــدة والرخــا والنعمــة والب ســا والضــرا ‪ ،‬إنــه فعــال لمــا يريــد‪ ،‬والحــاكم بمــا يشــا ‪ ،‬العــالم بمــا‬
‫يخفــى‪ ،‬المطل ـ علــى الش ـ ون واألحــوال‪ ،‬مــن الــزال والطاعــا والقربــا ‪ ،‬الســام ل صــوا ‪،‬‬
‫المجيب للدعوا ‪ ،‬لمن يشا من لير تنازم وتردد‪.‬‬

‫أم ــا بع ــد ‪ :‬ف ــإن نع ــم اهلل عل ــي كثي ــرة مت ــواترة‪ ،‬ف ــي آن ــا اللي ــي وأطـ ـرات النه ــار والس ــاعا‬
‫ـع اللّـ ـ ِـه الَ‬
‫ـي ‪َ } :‬وإِن تَـعُـ ــدواْ نِ ْع َمـ ـ َ‬
‫واللحظـ ــا والخط ـ ـرا وجمي ـ ـ الحـ ــاال ‪ ،‬كمـ ــا قـ ــال عـ ـ َّـز وجـ ـ َّ‬
‫وها{‪.‬إبراهيم‪ .43‬وقوله تعالى ‪َ } :‬وَما بِ ُكم من نمـ ْع َم قة فَ ِم َـن اللّ ِـه{‪.‬النحـي‪ .14‬فـال يـدان لـي وال‬ ‫ص َ‬
‫تُ ْح ُ‬
‫جنــان وال لســان فــي إحصــائها وأعــدادها‪ ،‬فــال يــدركها التعــداد وال تضــبطها العقــول واألذهــان‪ ،‬وال‬
‫يحصيها الجنان وال يعبرها اللسان‪ .‬فمن جملة ما مكن عن تعبيرها اللسان‪ ،‬وأ هرها الكالم وكتبها‬
‫البنـان‪ ،‬وفسـرها البيـان‪ ،‬كلمـا بـرز و هـر لـي مـن فتـوح الغيـب فحلـع فـي الجنـان‪ ،‬ف شـغلع‬
‫رب األنــام فــي قالــب‬
‫المكــان ف نتجهــا وأبرزهــا صــدق الحــال‪ ،‬فتــولى إبرازهــا لطـ المنــان‪ ،‬ورحمــة ّ‬
‫صواب المقال‪ ،‬لمريدي الحق والطالب‪.‬‬
‫المقالة األولى‬

‫فـيمـا ال بـ ّد لـكـي مـ مـن‬


‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬ال بــد لكــي م ـ من فــي ســائر أحوالــه مــن االاــة أشــيا ‪ :‬أمــر‬
‫يمتثلــه‪ ،‬ونهــي يجتنبــه‪ ،‬وقــدر يرضــى بــه‪ ،‬ف قــي حالــة الم ـ من ال يخلــو فيهــا مــن أحــد هــج األشــيا‬
‫الثالاة‪ ،‬فينبغي له أن يلزم همها قلبه‪ ،‬وليحدف بها نفسه‪ ،‬وي اخج الجوارح بها في سائر أحواله‪.‬‬

‫المقالة الثانية‬

‫فـي الـتـواصـي بـالـخـيـر‬

‫قــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬اتبعــوا وال تبتــدعوات وأطيعــوا وال تمرقــوا‪ ،‬ووحــدوا وال‬
‫تشــركوات ونزهــوا الحــق وال تتهمــوا‪ ،‬وصــدقوا وال تشــكوا‪ ،‬واصــبروا وال تجزعــوا‪ ،‬واابتــوا وال تنفــروات‬
‫واس ـ لوا وال تس ـ موات وانتظــروا وترقبــوا وال تي ســوات وتواخــوا وال تعــادوا‪ ،‬واجتمعــوا علــى الطاعــة وال‬
‫تتفرقــوا‪ ،‬وتحــابوا وال تبالضــوات وتطهــروا عــن الــجنوب وبهــا ال تدنســوا وال تتلطخــوات وبطاعــة ربكــم‬
‫فتزينــوات وعــن بــاب مــوالكم فــال تبرحــوا‪ ،‬وعــن اإلقبــال عليــه فــال تتولــوا‪ ،‬وبالتوبــة فــال تســوفوا‪ ،‬وعــن‬
‫االعتجار إلى خالقكم في آنـا الليـي وأطـرات النهـار فـال تملـوا‪ ،‬فلعلكـم ترحمـون وتسـعدون‪ ،‬وعـن‬
‫النار تبعدون‪ ،‬وفي الجنة تحبـرون‪ ،‬وإلـى اهلل توصـلون‪ ،‬وبـالنعيم وافتضـاض األبكـار فـي دار السـالم‬
‫تشتغلون‪ ،‬وعلى ذل تخلدون‪ ،‬وعلى النجائب تركبونت وبحور العين وأنوام الطيب وصو القيان‬
‫م ذل النعيم تحبرون‪ ،‬وم األنبيا والصديقين والشهدا والصالحين ترفعون‪.‬‬
‫المقالة الثالثة‬

‫فـي االبـتـال‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إذا ابتلي العبد ببلية تحـرك أوال فـي نفسـه بنفسـهت فـإن‬
‫منهـا اســتعان بـالخلق كالسـالطين وأربـاب المناصــب وأربـاب الـدنيا وأصـحاب األحــوال‬ ‫لـم يـتخل‬
‫وأهي الطب في األمراض واألوجام‪ ،‬فإن لم يجد في ذل خالصـا رجـ إلـى ربّـه بالـدعا والتضـرم‬
‫والثنا ‪ .‬ما دام يجد بنفسه نصرة لم يرج إلى الخلق‪ ،‬وما دام يجد بـه نصـرة عنـد الخلـق لـم يرجـ‬
‫إلى الخالقت ام إذا لم يجد عند الخلق نصرة استطرح بين يديه مديماً للس ال والدعا والتضـرم‬
‫وجي عن الدعا ت ولم يجبه حتى ينقط‬
‫عز َّ‬
‫والثنا واالفتقار م الخوت والرجا ت ام يعجز الخالق َّ‬
‫عـن جميـ األســباب‪ ،‬فحينئـج ينفــج فيـه القــدر ويفعـي فيــه الفعـي‪ ،‬فيفنــى العبـد عــن جميـ األســباب‬
‫والحركا ‪ ،‬فيبقى روحا فقطت فال ير إال فعي الحق فيصير موقنا موحدا ضرورة يقط أن ال فاعي‬
‫فــي الحقيقــة إال اهلل ال محــرك وال مســكن إال اهلل وال خيــر وال ضــر وال نفـ وال عطــا وال منـ ت وال‬
‫عز وال ذل إال بيد اهلل فيصير في القدر كالطفي الرضـي فـي‬
‫فتح وال للق‪ ،‬وال مو وال حياة‪ ،‬وال ّ‬
‫يد الظئر والميع الغسيي في يد الغاسي والكرة في صولجان الفارس‪ ،‬يقلب ويغيـر ويبـدلت ويكـون‬
‫وال حــراك بــه فــي نفســه وال فــي ليــر فهــو لائــب عــن نفســه فــي فعــي مــوال ت فــال يــر ليــر مــوال‬
‫وفعلــهت وال يســم وال يعقــي مــن ليــر إن بصــر وإن ســم وعلــمت فلكالم ـه ســم ‪ ،‬ولعلمــه علــم‪،‬‬
‫وبنعمتــه تــنعم‪ ،‬وبقربــه تســعد‪ ،‬وبتقريبــه ت ـزين وتشــرتت وبوعــد طــاب وســكنت بــه اطم ـ نت وبحديثــه‬
‫ـي واــق وعليــه توكــي‪ ،‬وبنــور‬
‫أنــست وعــن ليــر اســتوحش ونفــرت وإلــى ذكــر التجـ وركــنت وبــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وتسربيت وعلى لرائب علومه اطل ‪ ،‬وعلى أسرار قدرته أشـرت‪ ،‬ومنـه سـم‬ ‫معرفته اهتد وتقم‬
‫ووعيت ام على ذل حمد وأانى وشكر ودعا‪.‬‬
‫المقالة الرابعة‬

‫فـي الـمـو الـمـعـنـوي‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬إذا مـع عـن الخلـق قيـي لـ رحمـ اهلل وأماتـ عـن‬
‫الهو ‪ ،‬وإذا مع عن هواك قيي رحم اهلل وأمات عن إرادتـ ومنـاك‪ ،‬وإذا مـع عـن اإلرادة قيـي‬
‫رحم ـ اهلل وأحيــاك حيــاة ال مــو بعــدها‪ ،‬وتغنــى لنــى ال فقــر بعــد ‪ ،‬وتعطــى عطــا ال من ـ بعــد ت‬
‫وتراح براحة ال شقا بعدها‪ ،‬وتنعم بنعمة ال ب س بعدها‪ ،‬وتعلم علمـا ال جهـي بعـد ‪ ،‬وتـ من أمنـا ال‬
‫خـوت بعــد ‪ ،‬وتسـعد فــال تشـقىت وتعــز فـال تــجلت وتقـرب فــال تبعـدت وترفـ فـال توضـ ت وتعظـم فــال‬
‫تحقرت وتطهر فـال تـدنست لتحقـق فيـ األمـانيت وتصـدق فيـ األقاويـيت فتكـون كبريتـا أحمـر فـال‬
‫تكاد تر ت وعزيزا فال تماايت وفريدا فال تشاركت ووحيدا فال تجانست فردا بفرد ووترا بوترت وليب‬
‫الغيبت وسر السرت فحينئج تكـون وارف كـي نبـي وصـديق ورسـول‪ .‬بـ تخـتم الواليـة وإليـ تصـير‬
‫األبــدال وب ـ تنكش ـ الكــروبت وب ـ تســقى الغيــوفت وب ـ تنبــع الــزرومت وب ـ يــدف الــبال‬
‫والمحــن عــن الخــاص والع ـام وأهــي الثغــور والراعــي والرعايــات واألئمــة واألمــة وســائر البرايــات فتكــون‬
‫شحنة البالد والعبادت فتنطلق إلي الرجي بالسعيت والرجال واأليدي بالبجل والعطا والخدمة بإذن‬
‫خــالق األشــيا فــي ســائر األحــوالت واأللســن بالــجكر الطيــب والحمــد والثنــا وجم ـ المجــالت وال‬
‫ـي اللَّ ِـه يُـ ْ تِي ِـه‬
‫ضُ‬ ‫يختل في اانان من أهي اإليمـانت يـا خيـر مـن سـكن البـراري وجـال بهـا }ذَلِـ َ فَ ْ‬
‫يم{‪.‬الحديد‪.45‬‬ ‫ض ِي ال َْع ِظ ِ‬
‫شا ُ َواللَّهُ ذُو الْ َف ْ‬
‫َمن يَ َ‬
‫المقالة الخامسة‬

‫فـي بـيـان الـدنـيـا و الـحـي عـلـى عـدم االلـتـفـا إلـيـهـا‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬إذا رأيــع الــدنيا فــي يــدي أربابهــا بزينتهــا وأباطيلهــا‬
‫وخداعها ومصائدها وسمومها القتالةت م لين مس اهرهات وضراوة باطنها وسرعة إهالكهات وقتلها‬
‫عهـدها‪ ،‬فكــن كمـن رأ انســانا علــى‬ ‫لمـن مســها والتـر بهــا ولفــي عـن وليهــا وعيرهـا ب هلهــا ونقـ‬
‫بصـرك عـن سـوأته‪ ،‬وتسـد أنفـ مـن رائحتـه‬ ‫الغائط بالبراز بادية سوأته وفائحـة رائحتـهت فإنـ تغـ‬
‫بصــرك عـن زينتهــا‪ ،‬وسـد أنفـ عمـا يفــوح مـن روائــح‬ ‫ونتنـهت فهكــجا كـن فــي الـدنيات إذا رأيتهــا لـ‬
‫شــهواتها ولــجاتهات فتنجــو منهــا ومــن آفاتهــات ويصــي إليـ قســم منهــا وأنــع مهنـ ت قــال اهلل تعــالى‬
‫َّعنَــا بِـ ِـه أَ ْزَواجــا م ـ ْنـ ُه ْم َزْهـ َـرةَ‬
‫لنبيــه المصــطفى صــلى اهلل عليــه وســلم ‪َ } :‬وَال تَ ُمـ َّـد َّن َع ْيـنَـ ْي ـ َ إِلَــى َمــا َمتـ ْ‬
‫ْحيَاةِ الدنيَا لِنَـ ْفتِنَـ ُه ْم فِ ِيه َوِرْز ُق َربم َ َخ ْيـ ور َوأَبْـ َقى{‪.‬طـه‪.545‬‬
‫ال َ‬
‫المقالة السادسة‬

‫فـي الـفـنـا عـن الـخـلـق‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬افــن عــن الخلــق بــإذن اهلل تعــالىت عــن هــواك بـ مر اهلل‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين{‪.‬المائــدة‪ .44‬وعــن إرادت ـ بفعــي اهلل تعــالى‪ .‬وحينئــج‬ ‫تعــالى } َو َعلَــى اللّــه فَـتَـ َوَّكلُــواْ إِن ُكنــتُم م ـ ْ من َ‬
‫تص ـلح أن تكــون وعــا لعلــم اهلل تعــالىت فعالمــة فنائ ـ عــن خلــق اهلل تعــالى انقطاع ـ عــنهم وعــن‬
‫التردد إليهم والي س مما في أيديهم‪ ،‬وعالمة فنائـ عـن هـواك تـرك التكسـب والتعلـق بالسـبب فـي‬
‫جلب النف والضررت فال تحرك وال تعتمد علي وال ل وال تجب عنـ وال تنتصـر لنفسـ ‪ ،‬تكـي‬
‫ذل كله إلى اهلل تعالى ألنه توال اوال فيتوال آخرات كما كان موكوال إليه فـي حـال كونـ مغيبـا فـي‬
‫الرحم‪ ،‬وكون رضيعا طفال في مهدكت وعالمة فنائ عن إرادت بفعي اهلل أن ال تريـد مـرادا قـط‬
‫ت وال يكون ل لرضت وال يبقى ل حاجة وال مرامت فإن ال تريد م إرادة اهلل سواهات بي يجـري‬
‫فعــي اهلل فيـ ت فتكــون أنــع عنــد إرادة اهلل وفعلــه ســاكن الجــوارح مطمــئن الجنــان منشــرح الصــدر‬
‫منــور الوجــه عــامر الــبطن لنيــا عــن األشــيا بخالقهــات تقلب ـ يــد القــدرةت ويــدعوك لســان األزلت‬
‫ويعلم رب ال ِْملَ ْيت ويكسـوك أنـوارا منـه والحلـيت وينزلـ مـن أولـي العلـم األولت فتكـون منكسـرا‬
‫أبدات فال يثبع في شهوة وإرادة كاإلنا المنثلم الجي ال يثبع فيه مائ وكدرت فتنقـى عـن أخـالق‬
‫ـيت فحينئــج يضــات إلي ـ التكــوين وخــرق‬
‫البش ـريةت فلــن يقبــي باطن ـ شــيئا ليــر إرادة اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫العادا ت فير ذل من في اهر الفعي والحكمت وهو فعي اهلل وإرادته حقا فـي العـالمت فتـدخي‬
‫حينئ ــج ف ــي زم ــرة المنكس ــرة قل ــوبهم ال ــجين كس ــر إرادته ــم البشـ ـرية وأزيل ــع ش ــهواتهم الطبيعي ــة‬
‫فاست نفع لهم إرادة ربانية كما قـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬حبـب إل ّـي مـن دنيـاكم اـالف ‪:‬‬
‫الطيــب ‪ ،‬والنســا ت وجعلــع قــرة عينــي فــي الصــالة) ف ضــي ذل ـ بعــد أن خــرج منــه وزال عنــه‬
‫تحقيقــا بمــا أشــرنات وتقــدم‪ .‬قــال اهلل تعــالى فــي حديثــه القدســي ‪" :‬أنــا عنــد المنكســرة قلــوبهم مــن‬
‫أجلي" فإن اهلل تعالى ال يكون عندك حتى تنكسر جملة هواك وإرادتـ ت فـإذا انكسـر ولـم يثبـع‬
‫في شي ولم يصلح في شـي ت أنشـ ك اهلل فجعـي فيـ إرادةت فتريـد بتلـ اإلرادةت فـإذا صـر‬
‫ـرب تعـالى بوجـودك فيهـات فتكـون منكسـر القلـب أبـدات فهـو ال‬
‫في اإلرادة المنش ة في ‪ ،‬كسـرها ال ّ‬
‫يــزال يجــدد في ـ إرادة اــم يزيلهــا عنــد وجــودك فيهــا هكــجا إلــى أن يبل ـ الكتــاب أجلــهت فيحصــي‬
‫اللقا ت فهجا هو معنى "عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" ومعنى قولنا عند وجودك فيها هو ركونـ‬
‫وطم نينت إليها‪ .‬قال اهلل تعالى في حديثه القدسي ت الجي يرويـه صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬ال يـزال‬
‫عبــدي يتقــرب إلـ ّـي بالنوافــي حتــى أحبــه ت فــإذا أحببتــه كنــع ســمعه الــجي يســم بــه ‪ ،‬وبصــر الــجي‬
‫يبصر به ‪ ،‬ويد التي يبطش بها ‪ ،‬ورجله التي يمشي بها) وفي لفت آخر "فبي يسم ‪ ،‬وبي يـبطش‬
‫وبي يعقي"‪ .‬وهجا إنما يكـون فـي حالـة الفنـا ال ليـرت فـإذا فنيـع عنـ وعـن الخلـقت والخلـق إنمـا‬
‫هو خير وشرت فلم ترج خيرهم وال تخات شرهم بقي اهلل وحد كما كانت ففي قدر اهلل خيـر وشـرت‬
‫في منـ مــن شـر القــدر ويغرقـ فـي بحـار خيــر ت فتكـون وعــا كـي خيــرت ومنبعـا لكــي نعمـة وســرور‬
‫وحبور وضيا أمن وسكون‪ ،‬فالفنا والمنى والمبتغى والمنتهى حد ومرد ينتهـي إليـه مسـير األوليـا ت‬
‫وهو االستقامة التي طلبها من تقدم من األوليا واألبدال أن يفنـوا عـن إرادتهـم وتبـدل بـإرادة الحـق‬
‫وجيت فيريدون بإرادة الحق أبدا إلى الوفاة‪ ،‬فلهجا سموا أبداال رضي اهلل عـنهمت فـجنوب هـ ال‬
‫عز َّ‬
‫َّ‬
‫السادة أن يشركوا إرادة الحق بإرادتهم على وجه السهو والنسيان وللبة الحال والدهشةت فيدركهم‬
‫اهلل تعـالى برحمتـه بالتــجكرة واليقظـةت فيرجعــوا عـن ذلـ ويسـتغفروا ربهــمت إذ ال معصـوم عــن اإلرادة‬
‫إال المالئكــةت عصــموا عــن اإلرادة‪ ،‬واألنبيــا عصــموا عــن الهــو ت وبقيــة الخلــق مــن اإلنــس والجــن‬
‫المكلفين لم يعصموا منها لير أن األوليا بعضهم يحفظون عـن الهـو ت واألبـدال عـن اإلرادةت وال‬
‫ـي‬
‫يعصمون منهما على معنـى يجـوز فـي حقهـم الميـي إليهمـا فـي األحيـانت اـم يتـداركهم اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫باليقظة برحمته‪.‬‬
‫المقالة السابعة‬

‫فـي إذهـاب لـمـم الـقـلـب‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬أخرج من نفس وتنح عنهات وانعزل عن ملك وسلم‬
‫الكي إلى اهللت فكن بوابه على باب قلب ‪ ،‬وامتثي أمر فـي إدخـال مـن يـ مرك بإدخالـه‪ ،‬وانتـه بنهيـه‬
‫في صد مـن يـ مرك بصـد ‪ ،‬فـال تـدخي الهـو قلبـ بعـد أن خـرج منـه‪ ،‬فـإخراج الهـو مـن القلـب‬
‫بمخالفته‪ ،‬وترك متابعته في األحوال كلها‪ ،‬وإدخاله في القلب بمتابعته وموافقته‪ ،‬فال ترد إرادة ليـر‬
‫إرادتــهت وليــر ذل ـ من ـ تمــن وهــو وادي الحمقــىت وفيــه حتف ـ وهالك ـ وســقوط مــن عينــه‬
‫وحجابــه عن ـ ت أحفــت أبــدا أمــر ت وانتــه أبــدا بنهيــه‪ ،‬وســلم لمقــدور ت وال تشــركه بشــي مــن خلقــهت‬
‫فإرادتـ وهــواك وشــهوات كلهــا خلقــهت فــال تــرد وال تهــو وال تشــته كــيال تكــون مشــركا‪ .‬قــال اهلل‬
‫َحدا{‪.‬الكه ‪.551‬‬ ‫تعالى ‪} :‬فَمن َكا َن يـرجو لَِقا ربمِه فَـ ْليـ ْعمي َعمال صالِحا وَال ي ْش ِر ْك بِ ِعب َ ِ ِ‬
‫ادة َربمه أ َ‬‫َ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬

‫ليس الشرك عبادة األصنام فحسبت بي هو متابعت هواك‪ ،‬وأن تختـار مـ ربـ شـيئا سـوا‬
‫وجي لير ‪ ،‬فإذا ركنع إلى لير فقد أشركع بـه‬
‫عز َّ‬
‫من الدنيا وما فيها واآلخرة وما فيهات فما سوا َّ‬
‫وجي لير ت فاحجر وال تركنت وخ وال ت منت وفتش فال تغفي فتطمئنت وال تضـ إلـى نفسـ‬
‫عز َّ‬
‫َّ‬
‫حاال ومقامات وال تدم شيئا من ذلـ ت فـإن أعطيـع حـاال أو أقمـع فـي مقـام فـال تختـر شـيئا واحـدا‬
‫من ذل ت فإن اهلل } ُك َّي يـوقم ُهـو فِـي َشـ ق‬
‫ْن{‪.‬الـرحمن‪ .45‬فـي تغييـر وتبـدييت وإنـه يحـول بـين المـر‬ ‫َْ َ‬
‫وقلبهت فيزيل عما أخبر بهت ويغيرك عمـا تخيلـع اباتـه وبقـا ت فتخجـي عنـد مـن أخبرتـه بـجل ‪،‬‬
‫بي أحفت ذل في وال تعد إلى ليرك فإنه كلي الثبا والبقـا ت فـتعلم أنـه موهبـة وتسـ ل التوفيـق‬
‫عز‬
‫للشكر واستر رسيته وإن كان لير ذل كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقت وت ديب‪ .‬قال اهلل َّ‬
‫َن اللّــه علَــى ُك ـ مي َشــي ق‬
‫نسـ َـها نَـ ْ ِ بِ َخ ْي ـ قر م ْنـ َهــا أ َْو ِمثْلِ َهــا أَلَـ ْـم تَـ ْعلَـ ْـم أ َّ‬
‫ـي ‪} :‬مــا نَنس ـ ْخ ِمــن آيـ قـة أَو نُ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫وجـ َّ َ َ‬
‫قَ ِد وير{‪.‬البقرة‪ .511‬فال تعجز اهلل في قدرته‪ ،‬وال تتهمه في تقدير وال تدبير ‪ ،‬وال تش في وعـد ت‬
‫فليكن ل في رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم أسـوة حسـنةت نسـخع اآليـا والسـور النازلـة عليـه‬
‫المعمولــة بهــا المقــرو ة فــي المحاريــب المكتوبــة فــي المصــاح ت ورفعــع وبــدلع وأابــع ليرهــا‬
‫مكانهــات ونقــي صــلى اهلل عليــه وســلم إلــى ليرهــات هــجا فــي ــاهر الشــرم‪ ،‬وأمــا فــي البــاطن والعلــم‬
‫ـي فكـان يقـول ‪( :‬إنـه ليغـان علـى قلبـي ف سـتغفر اهلل فـي كـي يـوم‬
‫والحال فيما بينه وبـين اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫سبعين مرة) ويرو (مائة مرة) وكان صـلى اهلل عليـه وسـلم ينقـي مـن حالـة إلـى أخـر ويسـير بـه فـي‬
‫منــازل القــرب وميــادين الغيــب‪ ،‬ويغيــر عليــه خل ـ األنــوار‪ ،‬فتبــين الحالــة األولــى عنــد اانيهــا لمــة‬
‫ونقصــانا وتقصــيرا فــي حفــت الحــدود‪ ،‬فــيلقن االســتغفار ألنــه أحســن حــال العبــد‪ ،‬والتوبــة فــي ســائر‬
‫األحوال ألن فيها اعترافه بجنبه وقصور ‪ ،‬وهما صفتا العبد فـي سـائر األحـوال‪ ،‬فهمـا ورااـة مـن أبـي‬
‫البشر آدم عليه السالم إلى المصطفى صلى اهلل عليه وسلم حين اعتر صفا حاله لمة النسيان‬
‫للعه ــد والميث ــاق‪ ،‬وإرادة الخل ــود ف ــي دار الس ــالمت ومج ــاورة الحبي ــب ال ــرحمن المن ــان‪ ،‬ودخ ــول‬
‫المالئكة الكرام عليه بالتحية والسالمت فوجد هنـاك مشـاركة إرادتـه إلرادة الحـقت فانكسـر لـجل‬
‫تل ـ اإلرادةت وزالــع تل ـ الحالــةت وانعزلــع تل ـ الواليــةت فانهبطــع تل ـ المنزلــة وأ لمــع تل ـ‬
‫األنــوار وتكــدر ذل ـ الصــفا ت اــم تنبــه وذكــر صــفي الــرحمن‪ ،‬فعــرت االعتــرات بالــجنب والنســيانت‬
‫س ـ ـ ــنَا َوإِن لَّـ ـ ـ ْـم تَـ ْغ ِف ـ ـ ـ ْـر لَنَـ ـ ــا َوتَـ ْر َح ْمنَـ ـ ــا لَنَ ُك ـ ـ ــونَ َّن ِم ـ ـ ـ َـن‬
‫ولق ـ ـ ــن اإلق ـ ـ ــرار فق ـ ـ ــال ‪َ } :‬ربَّـنَـ ـ ــا َلَ ْمنَـ ـ ــا أَن ُف َ‬
‫ال َ ِ‬
‫ين{‪.‬األعرات‪ .44‬فجا أنوار الهداية وعلوم التوبة ومعارفها‪ ،‬والمصالح المدفونة فيها ما‬ ‫ْخاس ِر َ‬
‫كان لائبا من قبيت فلم تظهر إال بها‪ ،‬فبـدلع تلـ اإلرادة بغيرهـا والحالـة األولـى بـ خر ت وجا تـه‬
‫الوالية الكبر والسـكون فـي الـدنيا اـم فـي العقبـىت فصـار الـدنيا لـه ولجريتـه منـزالت والعقبـى لهـم‬
‫م ــوئال ومرجع ــا وخل ــدات فلـ ـ برس ــول اهلل وحبيب ــه المص ــطفى وأبي ــه آدم ص ــفي اهلل عل ــيهم الص ــالة‬
‫والسالم عنصر األحباب واألخال أسوة في االعترات بالقصور واالستغفار في األحوال كلها‪.‬‬
‫المقالة الثامنة‬

‫فـي الـت ـقــرب إلــى اهلل‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إذا كنع في حالة ال تختر ليرها أعلى منهـا وال أدنـى‪،‬‬
‫فإذا كنع على باب الملـ ال تختـر الـدخول إلـى الـدار حتـى تـدخي إليهـا جبـرا ال اختيـارات وأعنـي‬
‫بــالجبر أمـرا عنيفــا مت كــدا متكــررات وال تكـ بمجــرد إذن بمجــرد الــدخولت لجــواز أن يكــون ذلـ‬
‫منكرا وخديعة من المل ت لكن اصبر حتى تجبـر علـى الـدخول فتـدخي الـدار جبـرا محضـا وفضـال‬
‫من المل ت فحينئج ال يعاقب الملـ علـى فعلـهت إنمـا تتعـرض العقوبـة لـ لشـ م تخيـرك وشـره ‪،‬‬
‫وقلة صبرك وسو أدب ت وترك الرضي بحالت التي أقمـع فيهـات فـإذا حصـلع فكـن مطرقـا لاضـا‬
‫لبصرك مت دبات محافظا لما ت مر به من الشغي والخدمة فيها ليـر طالـب للترقـي إلـى الـجروة العليـا‪.‬‬
‫ْحيَاةِ الدنيَا لِنَـ ْفتِـنَـ ُه ْم فِي ِـه‬ ‫وجي ‪} :‬وَال تَم َّد َّن َعيـنَـي َ إِلَى ما متـ ْ ِ‬
‫َّعنَا بِه أَ ْزَواجا م ْنـ ُه ْم َزْه َرةَ ال َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫عز َّ َ ُ‬ ‫قال اهلل َّ‬
‫ـي لنبيـه المختـار صـلى اهلل عليـه وسـلم‬ ‫َوِرْز ُق َربم َ َخ ْيـ ور َوأَبْـ َقى{‪.‬طـه‪ .545‬فهجا ت ديـب منـه ع َّـز وج َّ‬
‫في حفت الحال والرضـا بالعطـا بقولـه ‪َ } :‬وِرْز ُق َربمـ َ َخ ْيـ وـر َوأَبْـ َقـى{‪.‬طــه‪ .545‬أي مـا أعطيتـ مـن‬
‫الخبر والنبوة والعلم والقناعة والصبر ووالية الدينت والعروة فيه أولى ممـا أعطيـع وأحـر ت فـالخير‬
‫كله في حفت الحال والرضا بها وترك االلتفا إلى ما سـواهات ألنـه ال يخلـو إمـا أن يكـون قسـم‬
‫أو قسـم ليــركت أو أنــه ال قســم ألحــد بــي أوجــد اهلل فتنـةت فــإن كــان قســم وصــي إليـ شــئع أم‬
‫أبيــع فــال ينبغــي أن يظهــر منـ ســو األدب والشــر فــي طلبــهت فــإن ذلـ ليــر محمــود فــي قضــية‬
‫العلم والعقيت وإن كـان قسـم ليـرك فـال تتعـب فيمـا لـم تناولـه وال يصـي إليـ أبـدات وإن كـان لـيس‬
‫بقسـم ألحـد بـي هـو فتنـة فكيـ يرضــى للعاقـي ويستحسـن أن يطلـب لنفسـه فتنـة ويسـتجلبها لهــات‬
‫فقد ابع أن الخير كله والسالمة في حفت الحالت فإذا رقيع إلى الغرفة ام إلى السطح فكن كمـا‬
‫ذكرنــا مــن الحفــت واإلطــراق واألدبت بــي يتضــاع ذل ـ من ـ ت ألن ـ أقــرب إلــى المل ـ وأدنــى‬
‫بــالخطرت فــال تــتمن االنتقــال منهــا إلــى أعلــى منهــا وال إلــى أدنــىت واباتهــا وبقائهــات وال تغيــر وصــفها‬
‫وأنع فيهات وال يكون ل اختيار ألبتهت فإن ذل كفر في نعمة الحال والكفر يحي بصاحبه الهوان‬
‫في الدنيا واآلخـرة فاعمـي علـى مـا ذكرنـا أبـدا حتـى ترقـى إلـى حالـة تصـير لـ مقامـا تقـام فيـه فـال‬
‫تــزال عنــه‪ ،‬فــتعلم حينئــج أنــه موهبــة هــر بيانهــا فتمســكه وال تــزل‪ ،‬فــاألحوال ل وليــا والمقامــا‬
‫ل بدال واهلل يتولى هداك‪.‬‬
‫المقالة التاسعة‬

‫فـي الـكـش ـ و الـمـشـاهـدة‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬يكش ـ ل وليــا واألبــدال مــن أفعــال اهلل مــا يبهــر‬
‫العقــول ويخــرق العــادا والرســوم فهــي عل ـى قســمين ‪ :‬جــالل وجمــالت فــالجالل والعظمــة يوراــان‬
‫الخوت المقلق والوجـي المـزعجت والغلبـة العظيمـة علـى القلـب بمـا يظهـر علـى الجـوارحت كمـا روي‬
‫عن أن النبي صلى اهلل عليه وسلم " كان يسم من صدر أزيز ك زيز المرجي فـي الصـالة مـن شـدة‬
‫ـي وينكشـ لـه مـن عظمتـه‪ ،‬ونقـي مثـي ذلـ عـن إبـراهيم‬
‫الخوت " لما ير مـن جـالل اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫خليي الرحمن صلوا اهلل عليه وعمر الفاروق رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫أمــا مشــاهدة الجمــال ‪ :‬فهــو التجلــي للقلــوب بــاألنوار والســرور واأللطــاتت والكــالم اللجيــج‬
‫ـي ممـا سـيئول‬
‫والحديي األنيست والبشارة بالمواهب الجسام والمنازل العاليةت والقرب منـه ع َّـز وج َّ‬
‫وجيت وج به القلـم مـن أقسـامهم فـي سـابق الـدهور فضـال منـه ورحمـةت وإاباتـا‬
‫عز َّ‬
‫أمرهم إلى اهلل َّ‬
‫منه لهم في الدنيا إلى بلوغ األجي وهو الوقـع المقـدورت لـئال تفـرط بهـم المحبـة مـن شـدة الشـوق‬
‫إلى اهلل تعالى فتنفطر مرائرهمت فيهلكون ويضعفون عن القيام بالعبوديـة إلـى أن يـ تيهم اليقـين الـجي‬
‫ِ‬
‫ه ـ ـ ـ ــو الم ـ ـ ـ ــو ‪ ،‬فيفع ـ ـ ـ ــي ذلـ ـ ـ ـ ـ بهـ ـ ـ ـ ـم لطف ـ ـ ـ ــا من ـ ـ ـ ــه ورحم ـ ـ ـ ــة وم ـ ـ ـ ــداراة له ـ ـ ـ ــا }إِنَّـ ـ ـ ــهُ َحك ـ ـ ـ ـ و‬
‫ـيم‬
‫وت‬
‫ـيم{‪.‬األنعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام‪.545‬الحجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‪ .41‬لطي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ بهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم } َرُس و‬ ‫ِ‬
‫َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ و‬
‫ـيم{‪.‬التوبــة‪.541+551‬النــور‪.41‬الحشــر‪ .51‬ولهــجا روي عــن النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم أنــه‬ ‫ِ‬
‫َّرحـ و‬
‫كــان يقــول لــبالل الم ـ ذن رض ــي اهلل عنــه (أرحنــا بهــا يــا ب ــالل) أي باإلقامــة لنــدخي فــي الص ــالة‬
‫لمشاهدة ما ذكرنا من الحالت ولهجا قال صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬وجعلع قرة عيني في الصالة)‪.‬‬
‫المقالة العاشرة‬

‫فـي الـنـفـس و أحــوالـهـا‬

‫قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬إنمـا هـو اهلل ونفسـ وأنـع المخاطـب‪ ،‬والـنفس ضـد‬
‫وملكـات وللـنفس ادعـا وتمـن وشـهو ولـجة‬
‫اهلل وعدو ت واألشيا كلهـا تابعـة هللت والـنفس لـه خلقـا ُ‬
‫وجي في مخالفة النفس وعدوانها فكنع هلل خصما علـى نفسـ‬
‫عز َّ‬
‫بمالبستهات فإذا وافقع الحق َّ‬
‫وجي لداود عليه السالم ‪" :‬يا داود أنا بـدك الـالزم فـ لزم بـدك‪ ،‬العبوديـة أن تكـون‬
‫عز َّ‬
‫كما قال اهلل َّ‬
‫ـيت وأتتـ األقسـام هنيئـا مريئـا‬ ‫ق‬
‫حينئج مواالت وعبوديتـ هلل ع َّـز وج َّ‬ ‫خصما على نفس " فتحققع‬
‫مطيبا وأنع عزيز ومكرمت وخدمت األشيا وعظمت وفخمت ت ألنهـا ب جمعهـا تابعـة لربّهـا موافقـة‬
‫قِ‬ ‫ِ‬
‫س ـبم ُح‬ ‫لــه إذ هــو خالقهــا ومنشــئهات وهــي مقــرة لــه بالعبوديــة‪ .‬قــال اهلل تعــالى ‪َ } :‬وإن مــن َشـ ْـي إالَّ يُ َ‬
‫ض اِئْتِيَــا طَْوعــا أ َْو َك ْرهــا قَالَتَــا‬
‫ـال لَ َهــا َولِـ ْ َْر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بِ َح ْم ـ َد َولَــكن الَّ تَـ ْف َق ُهــو َن تَ ْس ـبِ َ‬
‫يح ُه ْم{‪.‬اإلس ـرا ‪} .33‬فَـ َقـ َ‬
‫ين{‪.‬فصــلع‪ .55‬فالعبــادة كــي العبــادة فــي مخالفــة نفس ـ ‪ .‬قــال اهلل تعــالى ‪َ } :‬وَال تَـتَّبِـ ِ‬ ‫ِِ‬
‫أَتَـ ْيـنَــا طَــائع َ‬
‫يي اللَّ ِه{‪.‬ص‪ .41‬وقال لداود عليه السالم ‪" :‬أهجر هواك فإنه منازم"‪.‬‬ ‫ضلَّ َ َعن َسبِ ِ‬ ‫ال َْهو فَـي ِ‬
‫َ ُ‬

‫رب العـزة فـي المنـام فقـال لـه‬


‫والحكاية المشهورة عن أبي يزيد البسطامي رحمه اهلل لما رأ ّ‬
‫‪ ،‬قــال ‪ :‬اتــرك نفس ـ وتعــالت فقــال ‪ :‬فانســلخع كمــا تنســلخ الحيــة مــن‬ ‫‪ :‬كي ـ الطريــق إلي ـ‬
‫جلــدهات فــإذا الخيــر كلــه فــي معادتهــا فــي الجملــة فــي األحــوال كلهــات فــإن كنــع فــي حــال التقــو‬
‫فخال النفست ب ن تخرج من حرام الخلق وشبهتهم ومنتهم واالتكال عليهم والثقـة بهـم والخـوت‬
‫مـنهمت والرجــا لهـم والطمـ فيمـا عنــدهم مـن أحكــام الـدنيات فــال تـرج عطايــاهم علـى طريــق الهديــة‬
‫هم منهم من سائر الوجو واألسـباب حتـى إن كـان لـ نسـب‬
‫والزكاة والصدقة أو النجرت فاقط ّ‬
‫ذو مــال ال تــتمن موتــه لتــرف مالــهت فــاخرج مــن الخلــق جــادا وجعلهــم كالبــاب يــرد ويفــتح‪ ،‬وشــجرة‬
‫ـي وعـالت لتكـون‬
‫توجد فيها امر تارة وتختـي أخـر وكـي ذلـ بفعـي فاعـي وتـدبير مـدبر وهـو اهلل ج َّ‬
‫مـن مـجهب الجبريـةت واعتقـد أن األفعـال ال تـتم‬ ‫ـرب‪ ،‬وال تـنس مـ ذلـ كسـبهم لـتخل‬
‫موحدا لل ّ‬
‫بهـم دون اهلل ال تعبــدهم وتنســى اهلل‪ .‬وال تقــي فعلهــم دون فعـي اهلل فتكفــر فتكــون قــدريات لكــن قــي‬
‫به اآلاـارت لبيـان موضـ الجـزا مـن الثـواب والعقـابت وامتثـي‬ ‫هي هلل خلقا وللعباد كسبا كما جا‬
‫قســم مــنهم بـ مر وال تجــاوز فحكــم اهلل قــائم بحكمــه عليـ وعلــيهمت فــال‬ ‫أمــر اهلل فــيهمت وخلـ‬
‫تكن أنع الحـاكمت وكونـ معهـم قـدر والقـدر لمـة فادخـي بالظلمـة فـي المصـباح وهـو كتـاب اهلل‬
‫وسنة رسوله صـلى اهلل عليـه وسـلمت ال تخـرج عنهمـا فـإن خطـر خـاطر أو وجـد إلهـام فاعرضـه علـى‬
‫الكتــاب والســنةت فــإن وجــد فيهــا تحــريم ذلـ مثــي أن تلهــم بالزنــا والريــا ومخالطــة أهــي الفســق‬
‫والفجــور وليــر ذلـ مــن المعاصــيت فادفعــه عنـ واهجــر وال تقبلــه وال تعمــي بــهت واقطـ ب نــه مــن‬
‫الشيطان اللعين نعوذ باهلل منه‪ .‬وإن وجد فيها إباحة كالشهوا المباحة من األكي أو الشرب أو‬
‫الل ــبس أو النك ــاح ف ــاهجر أيض ــا وال تقبل ــهت واعل ــم أن ــه م ــن إله ــام ال ــنفس وش ــهواتها وق ــد أم ــر‬
‫بمخالفتها وعداوتها‪ .‬وإن لـم تجـد فـي الكتـاب والسـنة تحريمـه وإباحتـهت بـي هـو أمـر ال تعقلـه مثـي‬
‫الس ــائق لـ ـ ائ ــع موضـ ـ ك ــجا وك ــجات ال ــق فالن ــا ص ــالحات وال حاج ــة لـ ـ هن ــاك وال ف ــي الص ــالح‬
‫الستغنائ عنه بما أوالك اهلل من نعمته من العلم والمعرفة‪ ،‬فتوقـ فـي ذلـ وال تبـادر إليـه فتقـول‬
‫ـي بـ ن‬
‫جي وعال ف عمـي بـه بـي انتظـر الخيـر كلـه فـي ذلـ وفعـي الحـق ع َّـز وج َّ‬
‫هجا إلهام من الحق َّ‬
‫ـي يعقلهـا العقـال مـن‬
‫يتكرر ذلـ اإللهـام وتـ مر بالسـعيت أو عالمـة تظهـر ألهـي العلـم بـاهلل ع َّـز وج َّ‬
‫األوليــا والم يــدون مــن األبــدالت وإنمــا لــم يتبــادر إلــى ذلـ ألنـ ال تعلــم عاقبتــه ومــا يـ ول األمــر‬
‫وجي الفاعي فيـ ت‬
‫عز َّ‬
‫إليهت وما كان فيه فتنة وهالك ومكر من اهلل وامتحان فاصبر حتى يكون هو َّ‬
‫فإذا تجرد الفعي وحملع إلى هناك واستقبلت فتنة كنع محمـوال محفو ـا فيهـات ألن اهلل تعـالى ال‬
‫يعاقب على فعله وإنما تتطرق العقوبة نحوك لكون في الشي ت وإن كنع في حالة الحقيقة وهي‬
‫حالة الوالية فخال هواك واتب األمر في جملة‪.‬‬

‫واتبام األمر على قسمين ‪:‬‬


‫أحــدهما أن ت خــج مــن الــدنيا القــو الــجي هــو حــق الــنفس وتتــرك الحــت ت وت ـ دي الفــرض‬
‫وتشتغي بترك الجنوب ما هر منها وما بطن‪.‬‬

‫ـيت يـ مر عبـد وينهـا ت وإنمـا يتحقـق‬


‫عز وج َّ‬
‫والقسم الثاني ما كان ب مر باطنت وهو أمر الحق َّ‬
‫بهجا األمر في المباح الجي ليس له حكم في الشرم على معنى ليس من قبيـي النهـي وال مـن قبيـي‬
‫األمر الواجبت بي هو مهمي تـرك العبـد يتصـرت فيـه باختيـار فسـمي مباحـا فـال يحـدف للعبـد فيـه‬
‫ـيت مـا فـي‬
‫شيئا من عند بي ينتظر األمـر فيـهت فـإذا أمـر امتثـي فتصـير حركاتـه وسـكناته بـاهلل ع َّـز وج َّ‬
‫الشرم حكمه فبالشرم‪ ،‬وما ليس له حكم في الشرم فباألمر الباطن فحينئـج يصـير محقـا مـن أهـي‬
‫الحقيقةت ومـا لـيس فيـه أمـر بـاطن فهـو مجـرد الفعـي حالـه التسـليمت وإن كنـع فـي حالـة حـق الحـق‬
‫وهي حالة المحو والفنا وهي حالـة األبـدال المنكسـري القلـوب ألجلـه الموحـدين العـارفين أربـاب‬
‫العلوم والعقي السادة األمرا الشحن خفرا الخلق خلفـا الـرحمن وأخالئـه وأعيانـه وأحبائـه علـيهم‬
‫السالمت فإتبام األمر فيها بمخالفت إياك بالتبري من الحول والقوةت وأن ال يكون ل إرادة وهمـة‬
‫الملـ ال عبـد ال ُْم ْلـ وعبـد األمـر ال عبـد الهـو كالطفـي‬
‫في شي البتة دنيا وعقبىت فتكـون عبـد َ‬
‫م الظئرت والميع الغسيي م الغسيت والمري المقلوب على جنبيه بين يدي الطبيب فيما سو‬
‫األمر والنهي واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة الحادية عشرة‬

‫فـي ال ـش ـ ـهـوة‬

‫قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا ‪ :‬إذا ألقي ــع عليـ ـ ش ــهوة النك ــاح ف ــي حال ــة الفق ــر‬
‫ـيت إمــا بزوالهــا وإقالعهــا عن ـ‬
‫وعجــز عــن م نتــه فصــبر عنــه منتظــر الفــرج مــن البــاري عـ َّـز وجـ َّ‬
‫بقدرتــه التــي ألقاه ـا علي ـ وأوجــدها في ـ فيعين ـ أو يصــون وحيات ـ عــن حمــي م نتهــا أيضــا أو‬
‫وجي‬
‫عز َّ‬ ‫بإيصالها إلي موهبة مهنئا مكفيا من لير اقي في الدنيا وال تعب في العقبىت وسماك اهلل َّ‬
‫صــابرا شــاكرا لصــبرك عنه ـا راضــيا بقســمته فــزادك عصــمة وقــوة‪ .‬فــإن كــان قســما لـ ســاقها إلي ـ‬
‫ـي وعـد الشـاكرين بالزيـادة فـي العطـا قـال اهلل ع َّـز‬ ‫مكفيا مهنئـا فينقلـب الصـبر شـكرات وهـو ع َّـز وج َّ‬
‫ش ِدي ود{‪.‬إبراهيم‪.1‬‬
‫وجي ‪} :‬لَئِن َش َك ْرتُ ْم ألَ ِزي َدنَّ ُك ْم َولَئِن َك َف ْرتُ ْم إِ َّن َع َجابِي لَ َ‬
‫َّ‬

‫الــنفس أو أبــعت فــالزم‬ ‫وإن لــم تكــن قســما ل ـ فــالغنى عنهــا بقلعه ـا مــن القلــب إن شــا‬
‫الصبر وخال الهو وعانق األمر وارض بالقضا ت وارج بجل الفضي والعطا ت وقد قال اهلل تعالى‬
‫َجرُهم بِغَْي ِر ِحس ق‬
‫اب{‪.‬الزمر‪.51‬‬ ‫‪} :‬إِنَّما يُـوفَّى َّ ِ‬
‫َ‬ ‫الصاب ُرو َن أ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫المقالة الثانية عشرة‬

‫فـي الـنـهـي عـن حـب الـمـال‬

‫ـي مـاال فاشـتغلع بـه عـن طاعتـه‬


‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إذا أعطـاك اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫حجب به عنه دنيـا وأخـر ت وربمـا سـلب إيـا وليـرك وأفقـرك الشـتغال بالنعمـة عـن المـنعمت وإن‬
‫منه حبة واحدة وكان المال خادم وأنع خادم‬ ‫اشتغلع بطاعته عن المال جعله موهبة ولم ينق‬
‫المولىت فتعيش في الدنيا مدلال وفي العقبى مكرما مطيبا في جنة الم و مـ الصـديقين والشـهدا‬
‫والصالحين‪.‬‬

‫المقالة الثالثة عشرة‬

‫فـي الـتـس ـلـيـم ألمــر اهلل‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬ال تختــر جلــب النعمــا وال دف ـ البلــو ‪ ،‬فالنعم ـا‬
‫واصلة إلي إن كانـع قسـم اسـتجلبتها أو كرهتهـات والبلـو حالَّـةو بـ إن كانـع قسـم مقضـية‬
‫علي ـ ســوا كرهتهــا أو رفعتهــا بال ـدعا أو صــبر وتجلــد لرضــى المــولىت بــي ســلم فــي الكــيت‬
‫فيفع ــي الفع ــي فيـ ـ ‪ ،‬ف ــإن كان ــع النعم ــا فاش ــتغي بالش ــكرت وإن كان ــع البل ــو فاش ــتغي بالتص ــبر‬
‫والصبرت أو الموافقـة والتـنعم بهـا أو العـدم أو الفنـا فيهـا علـى قـدر مـا تعطـى مـن الحـاال وتنتقـي‬
‫فيهــات ومــا تســير فــي المنــازل فــي طريــق المــولى الــجي أمــر بطاعتــه والمــواالةت لتصــي إلــى الرفيــق‬
‫األعلىت فتقام حينئج مقام من تقدم ومضى من الصديقين والشهدا والصالحينت لتعاين مـن سـبق‬
‫إلى الملي ومنه دنات ووجد عند كي طريفة وسرورا وأمنات وكرامة ونعما‪.‬‬

‫دم البلية تزوركت خي من سبيلهات وال تق وال تجزم من مجيئها وقربهات فلـيس نارهـا أعظـم‬
‫من نار جهنم ولظىت فقد ابع في الخبر المروي عـن خيـر البريـةت وخيـر مـن حملتـه األرض وأ لتـه‬
‫السما محمد المصطفى صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ‪( :‬إن نار جهنم تقول للمـ من جـز يـا مـ من‬
‫فقد أطف نـورك لهبـي ) فهـي كـان نـور المـ من الـجي أطفـ لهـب النـار فـي لظـى إال الـجي صـحبه فـي‬
‫ال ـدنيا الــجي لــن يمــر مــن أطاعهــا وعصــىت فليطفــئ هــجا النــور لهــب البلــو ت ولتجــد بــرد صــبرك‬
‫وموافقت للمولى وهيج ما حي ب مـن ذلـ ومنـ دنـا‪ ،‬فالبليـة لـم ت تـ لتهلكـ ت لكنهـا ت تيـ‬
‫لتجرب وتحقق صحة إيمان وتوايق عروة يقين ويبشرك باطنها من موالك بمباهاته ب ت قال اهلل‬
‫اه ِدين ِمن ُك ْم و َّ ِ‬
‫ِ‬
‫الصاب ِر َ‬
‫ين َونَـ ْبـلَُو أَ ْخبَ َ‬
‫ارُك ْم{‪.‬محمد‪ .45‬فإذا ابـع‬ ‫َ‬ ‫تعالى ‪َ } :‬ولَنَْبـلَُونَّ ُك ْم َحتَّى نَـ ْعلَ َم ال ُْم َج َ‬
‫م الحق إيمان ووافقته في فعله بيقين كي ذل بتوفيق منه ومنةت فكن حينئج أبدا صابرا موافقا‬
‫سـلم َما ال تحــدف فيـ وال فــي ليـرك حاداــة مــا خــرج عــن األمــر والنهــيت فــإذا كــان أمــر عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي‬ ‫ُم َ‬
‫فتســام وتســارم وتحــرك وال تســكن وال تســلم للقــدر والفعــيت بــي ابــجل طوق ـ وجهــودك لت ـ دي‬
‫وجيت فالتجئ إليه وتضـرم واعتـجرت وفـتش عـن‬
‫عز َّ‬
‫األمرت فإن عجز فدون االلتجا إلى موالك َّ‬
‫سبب عجزك عن أدا أمـر وصـدك عـن التشـوق لطاعتـه لعـي ذلـ لشـ م دعائـ وسـو أدبـ فـي‬
‫طاعتهت ورعونت واتكالـ علـى حولـ وقوتـ ت وإعجابـ بعلمـ وشـرك إيـاك بنفسـ وخلقـهت‬
‫فصدك عن بابهت وعزل عن طاعته وخدمتهت وقطـ عنـ مـدد توفيقـهت وولـى عنـ وجهـه الكـريمت‬
‫ومقت وقالكت وشغل ببالئ دنياك وهواك‪ ،‬وإرادت ومناك‪.‬‬

‫وخولـ‬
‫أمــا تعلــم أن كــي ذلـ مشــغول عــن ذلـ ت وقاطعـ عــن عــين الــجي خلقـ وربــاك‪ّ ،‬‬
‫وأعطاك وأحياك‪.‬‬

‫احجر ال يلهي عن موالك لير موالكت وكي من سو موالك لير ت فـال تـ ار عليـه ليـر فإنـه‬
‫خلقـ لـهت فـال تظلـم نفسـ فتشـغي بغيـر عـن أمـر فيـدخل النـار التـي وقودهـا النـاس والحجـارة‬
‫فتنـدمت فــال ينفعـ النــدمت وتعتـجر فــال تعــجرت وتسـتعتب فــال تعتـبت وتســترج إلـى الــدنيا لتســتدرك‬
‫وتصلح فال ترج ‪.‬‬

‫ارحم نفسـ وأشـفق عليهـات واسـتعمي اآلال واألدوا التـي أعطيتهـا فـي طاعـة مـوالك مـن‬
‫الفعي واإليمان والمعرفة والعلم‪.‬‬

‫استضــي بنورهمــا فــي لمــا األقــدارت وتمسـ بــاألمر والنهــيت وســيرهما فــي طريــق مــوالك‬
‫وسلم ما سواهما إلى الجي خلق وأنش كت فال تكفر بالجي خلق من تراب ورباكت اـم مـن نطفـة‬
‫ام رجال سواك‪ ،‬وال ترد لير أمر ت وال تكر لير نهيه‪.‬‬

‫اقن ـ مــن الــدنيا واألخــر بهــجا المــراد واكــر فيهمــا هــجا المكــرو ت فكــي مــا يــراد تب ـ لهــجا‬
‫المرادت وكي مكرو تب لهجا المكرو ‪.‬‬

‫إذا كنع م أمـر كانـع األكـوان فـي أمـركت وإذا كرهـع نهيـه فـر منـ المكـار أيـن كنـع‬
‫وحللع‪.‬‬

‫وجي في بع كتبه ‪( :‬يا ابن آدم أنا اهلل ال إله إال أنا أقول للشي كن فيكون ‪،‬‬
‫عز َّ‬
‫قال اهلل َّ‬
‫ـي ‪( :‬يــا دنيــا مــن خــدمني فاخدميــه ومــن‬
‫أطعنــي أجعل ـ تقــول للشــي كــن فيكــون) وقــال عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي فكـن ك نـ مسـترخي المفاصـيت مسـكن الحـواست مضـيق‬
‫خدم ف تعبيه) فإذا جا نهيه ع َّـز وج َّ‬
‫الجرم‪ ،‬متماو الجسد‪ ،‬زائي الهو ت منطمس الوسوم‪ ،‬منمحي الرسوم‪ ،‬منسي األارت مظلـم القنـات‬
‫متهدم البنا ‪ ،‬خاوي البيعت ساقط العرشت ال حس وال أارت فليكن سـمع ك نـه أصـم وعلـى ذلـ‬
‫مخلوق‪ ،‬وبصرك ك نه معصب أو مرمود أو مطموست وشفتاك ك ن بهما قرحة وبثـورات ولسـان ك نـه‬
‫بــه خرســا وكلــوال‪ ،‬وأســنان ك ـ ن بهمــا ضـريانا وألمــا ونشــورات وي ـداك كـ ن بهمــا شــلال وعــن الــبطش‬
‫قصورات ورجالك ك ن بهما رعدة وارتعاشا وجروحات وفرج ك ن به عنة وبغير ذل الش ن مشـغوالت‬
‫وبطن ك ن بـه امـتال وارتـوا وعـن الطعـام لنـىت وعقلـ ك نـ مجنـون ومخبـولت وجسـدك ك نـ‬
‫ميع وإلى القبـر محمـولت فالتسـام والتسـارم فـي األمـرت والتعاقـد والتجاعـد والتقاصـر فـي النهـيت‬
‫والتماو والتعادم والتفاني في القدرت فاشرب هج الشربةت وتداو بهجا الدوا ت وتغج بهـجا الغـجا ‪،‬‬
‫تنجح وتشفىت وتعافى من أمراض الجنوب وعلي األهوا ت بإذن اهلل تعالى إن شا اهلل‪.‬‬

‫المقالة الرابعة عشرة‬

‫فـي إتـبـام أحـوال الـقــوم‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تدم حالة القوم يا صـاحب الهـو أنـع تعبـد الهـو‬
‫رب‬
‫وهم عبيد المولىت أنع رلبت في الدنيا ورلبة القـوم فـي العقبـىت أنـع تـر الـدنيا وهـم يـرون ّ‬
‫األرض والســما ت وأنــع أنس ـ بــالخلق وأنــس القــوم بــالحق‪ ،‬أنــع قلب ـ متعلــق بمــن فــي األرض‬
‫برب العرشت أنع يصطادك من تر وهم ال يرون من تر بي يرون خالق األشيا وما‬
‫وقلوب القوم ّ‬
‫ير ت فاز القوم به وحصلع لهم النجاةت وبقيع أنع مرتهنا بما تشتهي من الدنيا وتهو ‪ ،‬فنوا عـن‬
‫الخلــق والهــو واإلرادة والمنــى فوصــلوا إلــى الملـ األعلــىت فـ وقفهم علــى لايــة مــا رام مــنهم مــن‬
‫ـيم{‪.‬المائــدة‪ .13‬فالزمــوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ـي اللّـ ِـه يُـ ْ تِيـ ِـه َمــن يَ َ‬ ‫الطاعــة والجـد والثنــا }ذَلِـ َ فَ ْ‬
‫شــا ُ َواللّــهُ َواسـ و َعلـ و‬ ‫ضـ ُ‬
‫ذلـ ووا بــوا بتوفيــق منــه وتيســير بــال عنــا ت فصــار الطاعــة لهــم روحــا ولــجا ت وصــار الـدنيا إذ‬
‫ذاك في حقهم نقمة وخزيـا‪ ،‬فك نهـا لهـم جنـة المـ و إذ مـا يـرون شـيئا مـن األشـيا حتـى يـروا قبلـه‬
‫فعــي الــجي خل ـق وأنش ـ فــيهم ابــا األرض والســما ت وقــرار المــو واإلحيــا إذ جعلهــم ملــيكهم‬
‫أوتادا ل رض الجي دحىت فكي كالجبي الجي رسىت فتنح عن طريقهم وال تزاحم من لـم يفـد عـن‬
‫قصد اآلبا واألبنا ‪ ،‬فهم خير من خلق ربـي وبـي فـي األرض وذرأت فعلـيهم سـالم اهلل وتحياتـه مـا‬
‫دامع األرض والسما ‪.‬‬
‫المقالة الخامسة عشرة‬

‫فـي الـخــوت و الـرجــا‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬رأيع في المنام ك ني في موض شبه مسجد وفيـه قـوم‬
‫منقطعونت فقلع ‪ :‬لو كان له ال فالن ي دبهم ويرشدهمت ف شر إلى رجي من الصالحين فاجتم‬
‫القوم حولي فقال واحد منهم ‪ :‬ف نع ألي شي ال تتكلم فقلع ‪ :‬إن رضيتموني ذل ت اـم قلـع‬
‫‪ :‬إذا انقطعتم من الخلق إلى الحق فال تس لوا الناس شيئا ب لسنتكمت فإذا تركتم ذل فال تس لوهم‬
‫بقلوبكمت فإن الس ال بالقلب كالس ال باللسان‪.‬‬

‫ـي ي ــوقم ُهــو فِــي َش ـ ق‬


‫ْن{‪.‬الــرحمن‪ .45‬فــي تغييــر وتبــديي ورف ـ وخف ـ ت فقــوم‬ ‫اــم اعلمــوا أن اهلل } ُكـ َّ َ ْ َ‬
‫يرفعهم إلى عليينت وقوم يحطهـم إلـى أسـفي سـافلينت فخـوت الـجين رفعهـم إلـى عليـين أن يحطهـم‬
‫إلــى أســفي ســافلينت ورجــاسهم أن يبقــيهم ويحفظهــم علــى مــا هــم عليــه مــن الرف ـ ت وخــوت الــجين‬
‫حطهم إلى أسفي سافلينت أن يبقهم ويخلدهم على ما هم فيه من الحطت ورجاسهم أن يرفعهم إلـى‬
‫عليينت ام انتبهع‪.‬‬
‫المقالة السادسة عشرة‬

‫فـي الـتـوكـي و مـقـامـاتـه‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬مــا حجبــع عــن فضــي اهلل ونعمــه إال التكال ـ علــى‬
‫الخلق واألسبابت والصنائ واالكتسابت فالخلق حجاب عن األكـي بالسـنة وهـو المكسـبت فمـا‬
‫دمع قائمـا مـ الخلـق راجيـا لعطايـاهم وفضـلهم سـائال لهـم متـرددا إلـى أبـوابهم ف نـع مشـرك بـاهلل‬
‫خلقهت فيعاقب بحرمان األكي بالسنة الجي هو الكسب مـن حـالل الـدنيات اـم إذا تبـع عـن القيـام‬
‫ـي إيــاهم ورجعــع إلــى الكســب فت كــي بالكســب وتتوكــي علــى‬ ‫م ـ الخلــق وشــرك بربّـ عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـيت ف نـع مشـرك أيضـا‪ ،‬إال أنـه شـرك خفـي أخفـى‬ ‫الكسب وتطمئن إليه وتنسى فضـي الـرب ع َّـز وج َّ‬
‫ـي ويحجبـ عــن فضــله والبــدا ة بــهت فــإذا تبــع عــن ذل ـ وأزلــع‬ ‫مــن األولت فيعاقب ـ اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي هـو الـرزاقت‬
‫الشرك عن الوسطت ورفعع اتكال عن الكسب والحول والقوةت ورأيع اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫وهو المسبب والمسهي والمقوي على الكسبت والموفق لكي خير والرزق بيد ت تـارة يواصـل بـه‬
‫ـيت‬
‫بطريــق الخلــق علــى وجــه المسـ لة لهــم فــي حالــة االبــتال أو الرياضــة أو عنــد سـ ال لــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وأخــر بطريــق الكســب معاوضــة وأخــر مــن فضــله مبــادأة مــن ليــر أن تــر الواســطة والســببت‬
‫فرجعع إليه واستطرحع بين يديهت ورف الحجاب بين وبين فضـلهت وبـاداك ولـجاك بفضـلهت عنـد‬
‫عز‬
‫كي حاجة على قدر ما يوافق حال ت كفعي الطبيب الشفيق الرقيق الحبيب للمري حماية منه َّ‬
‫وجيت وتنزيها ل عن الميي إلى من سـوا ت يرضـي بفضـلهت فـإذا ينقطـ عـن قلبـ كـي إرادة وكـي‬
‫َّ‬
‫ـيت فــإذا أراد أن يســوق‬
‫شــهوة ولــجة ومطلــوب ومحبــوبت فــال يبقــى فــي قلبـ ســو إرادتــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫إلي قسم الجي الب ّد من تناوله وليس هو رزقا ألحد من خلقه سواكت أوجـد عنـدك شـهوة ذلـ‬
‫القسم وساقه إلي ت فيواصل به عند الحاجةت ام يوفق ويعرف أنه منه وهو سائقه إليـ ورازقـه‬
‫لـ ت فتشـكر حينئ قـج وتعـرت وتعلـمت فيزيـدك خروجـا مـن الخلـق وبعـدا مـن األنـامت وأخليـع البــاطن‬
‫وجيت ام إذا قوي علم ويقين ت وشرح صدرك ونور قلب ت وزاد قرب من مـوالك‬
‫عز َّ‬
‫عما سوا َّ‬
‫ومكانت ـ لديــه عنــد ‪ ،‬وأهليت ـ لحفــت األســرار علمــع متــى ي تي ـ قســم كرامــة ل ـ وإجــالال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحرمتـ فضــال منــه ومنــة وهدايــةت قــال اهلل تعــالى ‪َ } :‬و َج َعلْنَــا مـ ْنـ ُه ْم أَئ َّمــة يَـ ْهـ ُدو َن بِ َْم ِرنَــا لَ َّمــا َ‬
‫صـبَـ ُروا‬
‫َّه ْم ُسـبُـلَنَا َوإِ َّن‬ ‫ِ‬ ‫وَكانُوا بِآياتِنَـا يوقِنُـو َن{‪.‬السـجدة‪ .43‬وقـال اهلل تعـالى ‪} :‬والَّ ِـجين ج َ ِ‬
‫اهـ ُدوا فينَـا لَنَـ ْهـديَـنـ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬
‫ين{‪.‬العنكبـو ‪ .15‬وقـال تعـالى ‪َ } :‬واتَّـ ُقـواْ اللّـهَ َويُـ َعلم ُم ُك ُـم اللّـهُ{‪.‬البقـرة‪ .414‬اـم‬ ‫اللَّـهَ لَ َمـ َ ال ُْم ْحسـن َ‬
‫يــرد عليـ التكــوين فتكــون بــاإلذن الصــريح الــجي هــو ال لبــار عليــه والــدالال الالئحــة كالشــمس‬
‫المنيــرةت وبكالمــه اللجيــج الــجي هــو ألــج مــن كــي لجيــجت وإلهــام ص ـدق مــن ليــر تلــبس مصــفى مــن‬
‫هواجس النفس ووساوس الشيطان الرجيم‪.‬‬

‫قــال اهلل تعــال فــي بع ـ كتبــه ‪( :‬يــا ابــن آدم أنــا اهلل الــجي ال إلــه إال أنــا أقــول للشــي كــن‬
‫فيكونت أطعني أجعل تقول للشي كن فيكون)ت وقد فعي ذل بكثير من أنبيائه وأوليائه وخواصه‬
‫من بني آدم‪.‬‬

‫المقالة السابعة عشرة‬

‫فـي كـيـفـيـة الـوصـول إلـى اهلل بـواس ـطـة الـمـرشــد‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬إذا وصــلع إلــى اهلل قربــع بتقريبــه وتوفيقــه‪ ،‬ومعنــى‬
‫وجي خروج عن الخلق والهو واإلرادة والمنىت والثبو م فعله ومن لير‬ ‫عز َّ‬‫الوصول إلى اهلل َّ‬
‫أن يكون من حركة في وال في خلقه ب ‪ ،‬بي بحكمـه وأمـر وفعلـهت فهـي حالـة الفنـا يعبـر عنهـا‬
‫س‬
‫وجي لـيس كالوصـول إلـى أحـد مـن خلقـه المعقـول المعهـود }لَ ْـي َ‬ ‫عز َّ‬ ‫بالوصول‪ ،‬فالوصول إلى اهلل َّ‬
‫ـي الخــالق أن يشــبه بمخلوقاتــه أو يقــاس علــى‬‫ـير{‪.‬الشــور ‪ .55‬جـ َّ‬ ‫ِ‬ ‫َك ِمثْلِـ ِـه َشــي و ُهــو َّ ِ‬
‫الســمي ُ البَصـ ُ‬ ‫ْو َ َ‬
‫ـي لهـم كـي واحـد علـى‬ ‫وجي معروت عند أهي الوصول بتعريفـه ع َّـز وج َّ‬
‫عز َّ‬ ‫مصنوعاتهت فالواصي إليه َّ‬
‫وجي م كي واحد من رسله وأنبيائه وأوليائه سر من حيـي هـو ال‬ ‫عز َّ‬ ‫حدة ال يشاركه فيه لير ت وله َّ‬
‫يطل علـى ذلـ أحـد ليـر ت حتـى أنـه قـد يكـون للمريـد سـر ال يطلـ عليـه شـيخهت وللشـيخ سـر ال‬
‫يطل عليه مريد الجي قد دنا سير إلى عتبة باب حالـة شـيخهت فـإذا بلـ المريـد حالـة شـيخه أفـرد‬
‫ـي فيفطمـه عـن الخلـق جملـةت فيكـون الشـيخ كالضـئر‬
‫عن الشيخ وقطـ عنـه‪ ،‬فيتـوال الحـق ع َّـز وج َّ‬
‫والدايةت ال رضام بعـد الحـولينت وال خلـق بعـد زوال الهـو واإلرادة‪ .‬الشـيخ يحتـاج إليـه مـا دام اـم‬
‫عز‬
‫هو وإرادة لكسرهمات وأما بعد زوالهما فالت ألنه ال كدورة وال نقصانت فإذا وصلع إلى الحق َّ‬
‫وجي فال تر لغير وجودا البتةت ال في الضر وال فـي‬
‫عز َّ‬
‫وجي على ما بينا فكن آمنا أبدا من سوا َّ‬
‫َّ‬
‫ـي التَّـ ْقـ َـو‬
‫ـي }أ َْه ُ‬
‫النفـ ت وال فـي العطـا وال فـي المنـ ت وال فـي الخـوت وال فـي الرجـا ت هــو ع َّـز وج َّ‬
‫ـي ال َْمغْ ِفـ َـرةِ{‪.‬المــدار‪ .11‬فكــن أبــدا نــا را إلــى فعلــه مترقبــا ألمــر ‪ .‬مشــتغال بطاعتــهت مباينــا عــن‬
‫َوأ َْهـ ُ‬
‫جمي خلقه دنيا وأخر ‪.‬‬

‫ال تعلــق قلبـ بشــي مــنهم واجعــي الخليقــة أجمـ كرجــي َكتَّـ َفــهُ ســلطان عظــيم ملكــه شــديد‬
‫أمــر ت مهولــة صــولته وســطوتهت اــم جعــي الغــي فــي رقبتــه ورجليــهت اــم صــلبه علــى شــجرة األرزة‪ ،‬علــى‬
‫شاطى نهر عظيم موجهت فسيح عرضهت عميق لور ت شديد جريهت ام جلس السلطان على كرسيهت‬
‫عظيم قدر ت عال سماس ت بعيد مرامـه ووصـولهت وتـرك إلـى جنبـه أحمـاال مـن السـهام والرمـاح والنبـي‬
‫وأنوام السالح والقسـى وممـا ال يبلـ قـدرها ليـر ت فجعـي يرمـي إلـى المصـلوب بمـا شـا مـن ذلـ‬
‫السالح ت فهي يحسن لمن ير ذل أن يترك النظـر إلـى السـلطان والخـوت منـه والرجـا لـه وينظـر‬
‫إلــى المصــلوب ويخــات منــه ويرجــو ت ألــيس مــن فعــي ذل ـ يســمى فــي قضــية العقــي عــديم العقــي‬
‫والحس مجنونا‪ .‬بهيمة لير إنسان نعوذ باهلل من العمى بعد البصيرةت ومن القطيعـة بعـد الوصـولت‬
‫ومن الصدود بعد الدنو والقربت ومن الضاللة بعد الهدايةت ومن الكفر بعد اإليمانت فالدنيا كالنهر‬
‫العظيم الجاري الجي ذكرنا كي يوم في زيادة ما وهي شـهوا بنـي آدم ولـجاتهم فيهـات والـدواهي‬
‫التي تصيبهم منهات وأما السهام وأنوام السالح فالباليا التي يجري بهـا القـدر إلـيهمت فالغالـب علـى‬
‫بني آدم فـي الـدنيا الباليـا واآلالم والمحـنت ومـا يجـدون مـن الـنعم واللـجا فيهـا فمشـوبة باآلفـا‬
‫إذا اعتبره ــا ك ــي عاق ــي ال حي ــاة ل ــه وال ع ــيش وال راح ــة إال ف ــي اآلخ ــرة إن ك ــان م من ــات ألن ذلـ ـ‬
‫خصوصا في حق الم من‪ .‬قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬ال عيش إال عيش اآلخرة) وقال عليه‬
‫الصالة والسالم ‪( :‬ال راحة للم من دون لقـا ربـه) ذلـ فـي حـق المـ منين ‪ .‬وقـال صـلى اهلل عليـه‬
‫وســلم ‪( :‬الــدنيا ســجن المـ من وجنــة الكــافر) ‪ .‬وقــال عليــه الصــالة والســالم ‪( :‬التقــي ملجــم) فمـ‬
‫هج األخبار والعيان كي يدعي طيب العيش في الـدنيا‪ .‬فالراحـة كـي الراحـة فـي االنقطـام إلـى اهلل‬
‫ـي وموافقتــهت واالســتطراح بــين يديــهت فيكــون العبــد بــجل خارجــا عــن الــدنيا‪ ،‬فحينئــج يكــون‬
‫عـ َّـز وجـ َّ‬
‫الدالل رأفة ورحمة ولطفا وفضالت واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة الثامنة عشرة‬

‫فـي الـنـهـي عـن الـشـكـو‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬الوصية ال تشكون إلى أحد مـا نـزل بـ مـن خيـر كائنـا‬
‫وجي فيما فعي فيـ وأنـزل بـ مـن الـبال ت بـي أ هـر‬
‫عز َّ‬
‫من كان صديقا أو عدوا وال تتهمن الرب َّ‬
‫الخير والشكرت فكجب با هارك للشكر مـن ليـر نعمـة عنـدك خيـر مـن صـدق فـي إخبـارك جليـة‬
‫وجي قال اهلل تعالى ‪َ } :‬وإِن تَـعُدواْ نِ ْع َمةَ اللّ ِه الَ‬
‫عز َّ‬
‫الحال بالشكو ت من الجي خال من نعمة اهلل َّ‬
‫وها{‪.‬النحي‪ .51‬فكم من نعمة عندك وأنـع ال تعرفهـا ال تسـكن إلـى أحـد مـن الخلـقت وال‬ ‫ص َ‬‫تُ ْح ُ‬
‫ـي‪ ،‬وســكون إليــه‬
‫تســت نس بــهت وال تطل ـ أحــدا علــى مــا أنــع في ـهت بــي يكــون أنس ـ بــاهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وشكواك منـه وإليـه ال تـر اانيـات فإنـه لـيس ألحـد ضـر ونفـ ت وال جلـب وال دفـ ت وال ع َّـز وال ذلت‬
‫ـي‬
‫وال رفـ وال خف ـ ت وال فقــر وال لنــىت وال تحري ـ وال تســكينت األشــيا كلهــا خلــق اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي‪ ،‬بـ مر وإذنــه جريناهــات وكــي يجــري ألجــي مســمىت وكــي شــي عنــد بمقــدارت ال‬ ‫وبيــد اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫اشـ َ لَـهُ إِالَّ‬ ‫ض ٍّر فَالَ َك ِ‬ ‫س ْس َ اللّهُ بِ ُ‬ ‫ِ‬
‫وجي ‪َ } :‬وإن يَ ْم َ‬
‫عز َّ‬ ‫مقدم لما أخرت وال م خر لما قدمت قال اهلل َّ‬
‫ضـ ـ ــلِ ِه يصـ ـ ــيب بِـ ـ ـ ِـه م ـ ـ ـن ي َ ِ ِ ِ ِ‬ ‫هـ ـ ــو وإِن ي ـ ـ ـ ِر ْد َك بِ َخي ـ ـ ـ قر فَ ـ ـ ـالَ ر َّ ِ‬
‫شـ ـ ــا ُ مـ ـ ـ ْـن عبَـ ـ ــاد َو ُهـ ـ ـ َـو الْغَ ُفـ ـ ـ ُ‬
‫ـور‬ ‫َ َ‬ ‫آد ل َف ْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫وجي وأنع معافى وعندك نعمة طالبا الزيادة وتعاميـا عـن‬ ‫عز َّ‬ ‫يم{‪.‬يونس‪ .511‬فإن شكو منه َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الرح ُ‬
‫ماله عندك من النعمة والعافية استهزا بهات لضب علي وأزالهما عن ت وحقق شكواكت وضـاع‬
‫بلــواك‪ ،‬وشــدد عقوبت ـ ومقت ـ وقــالكت وأس ـقط مــن عينــه ‪ :‬احــجر الشــكو جــدا ولــو قطعــع‬
‫وقرض لحم بالمقاري ‪.‬‬

‫إيَّاك إيَّاك ام إيَّاكت اهلل اهلل ام اهللت النجاة النجاةت الحجر الحجرت فإن أكثر ما ينزل بابن آدم‬
‫ـي وهـو أرحـم الـراحمينت وخيـر‬
‫وجي‪ .‬كي يشـتكى منـه ع َّـز وج َّ‬
‫عز َّ‬
‫من أنوام البال بشكوا من ربمه َّ‬
‫الحاكمينت حكيم خبيرت رسوت رحـيمت لطيـ بعبـاد ت ولـيس بظـالم للعبيـدت كطبيـب حكـيم حبيـب‬
‫شفيق لطي قريب هي تتهم الوالـدة الرحيمـةت قـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬اهلل أرحـم بعبـد‬
‫من الوالدة بولدها)‪ .‬أحسن األدب يا مسكينت تصبّر عند البال إن ضعفع على الصـبرت اـم اصـبر‬
‫إن ضــعفع عــن الرضــا والموافقــةت اــم أرض ووافــق إن وجــد ت اــن أفــن إذا فقــد ت أيهــا الكبريــع‬
‫ـال َو ُه َـو ُك ْـرو‬ ‫ـب َعلَ ْـي ُك ُم ال ِْقتَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ـي ‪ُ } :‬كت َ‬ ‫عز وج َّ‬ ‫األحمر أين أنع أين توجد وتر أما تسم إلى قوله َّ‬
‫سى أَن تُ ِحبـواْ َش ْـيئا َو ُه َـو َشـ كر لَّ ُك ْـم َواللّـهُ يَـ ْعلَ ُـم َوأَنـتُ ْم‬ ‫َّ‬
‫سى أَن تَ ْك َرُهواْ َش ْيئا َو ُه َو َخ ْيـ ور ل ُك ْم َو َع َ‬
‫َّ‬
‫ل ُك ْم َو َع َ‬
‫الَ تَـ ْعلَ ُمو َن{‪.‬البقرة‪ .451‬طو عنـ علـم حقيقـة األشـيا وحجبـ عنـهت فـال تسـي األدب فتكـر‬
‫ب أو تحب ب ت بي اتب الشرم في جمي ما ينزل ب إن كنع في حالة التقو التـي هـي القـدم‬
‫األولــىت واتبـ األمــر فـي حالــة الواليــة وخمــود وجــود الهـو وال تجــاوز وهــي القــدم الثانيــةت وأرض‬
‫بالفعي ووافقت وافـن فـي حالـة البدليـة والغوايـة والقطبيـة والصـديقيةت وهـي المنتهـىت تـنح عـن طريـق‬
‫القدرت خي عن سـبيلهت رد نفسـ وهـواكت كـ لسـان عـن الشـكو ت فـإذا فعلـع ذلـ ت إن كـان‬
‫خيرا زادك المولى طيبة وسـرورا ولـجةت وإن كـان شـرا حفظـ فـي طاعتـه فيـهت وأزال عنـ المالمـةت‬
‫وأفقدك فيه حتى يتجـاوز عنـ ت ويرحـي عنـد انقضـا أجلـهت كمـا ينقضـي الليـي فيسـفر عـن النهـارت‬
‫والبرد في الشتا فيسفر عـن الصـي ت ذلـ أنمـوذج عنـدكت فـاعتبر بهـمت اـم ذنـوب وآاـام وإجـرام‬
‫وتلويثا ب نوام المعاصي والخطيئا وال يصلح لمجالسـة الكـريم إال الطـاهر عـن أنجـاس الـجنوب‬
‫والــزال ت وال يقبــي علــى ســدته إال طيبــا مــن درن الــدعاو والوهوســا ‪ ،‬كمــا ال يصــلح لمجالســة‬
‫الملوك إال الطاهر من األنجاس وأنوام النتن واألوساخ‪ ،‬فالباليا مكفرا مطهرا قال النبـي صـلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪( :‬حمى يوم كفارة سنة) صدق رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫المقالة التاسعة عشرة‬

‫فـي األمـر بـوفـا الـعـهـد و الـنـهـي عـن خـلـفـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬إذا كنـع ضـعي اإليمـان واليقـين ووعـد بوعـد م‬
‫وت‬
‫بوعدكت وال تخل كيال يزول إيمان ويجهب يقين ‪.‬‬

‫ِِ‬
‫وإذا ق ـ ــوي ذلـ ـ ـ ف ـ ــي قلبـ ـ ـ وتمكن ـ ــع خوطبـ ـ ــع بقول ـ ــه ‪} :‬إِنَّـ ـ ـ َ الْيَـ ـ ـ ْـوَم لَـ ـ ـ َديْـنَا مك ـ ـ و‬
‫ـين‬
‫ـين{‪.‬يوسـ ‪ .13‬وتكــرر هــجا الخطــاب لـ حــاال بعــد حــال فكنــع مــن الخــواص بــي مــن خــواص‬ ‫ِ‬
‫أَمـ و‬
‫الخــواص ولــم يبــق ل ـ إرادة وال مطلــبت وال عمــي تعجــب بــه وال قربــة تراهــات وال منزلــة تلمحهــات‬
‫فتسمو همت إليهات فصر كاإلنا المنثلم الجي ال يثبع فيه مائ ت فال يثبع في إرادة وال خلق‬
‫وال همة إلى شي من األشيا دنيا وأخر ت وطهر مما سو اهلل تعـالىت وأعطيـع رضـاك عـن اهلل‬
‫ـي أجمـ ت فحينئـج‬
‫ـي عنـ ت ولـجذ ونعمـع ب فعـال اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫وجيت ووعد برضوانه ع َّـز وج َّ‬
‫عز َّ‬
‫َّ‬
‫توعد بوعدت فإذا اطم ننع إليه ووجد فيه إمارة إرادة ما نقلع عن ذل الوعـد إلـى مـا هـو أعلـى‬
‫منــهت وصــرفع إلــى أشــرت منــهت وعوضــع عــن األول بــالغنى عنــهت وفتحــع ل ـ أبــواب المعــارت‬
‫األمور وحقائق الحكمـة والمصـالح المدفونـة فـي االنتقـال مـن األول‬ ‫والعلوم وأطلعع على لوام‬
‫إلى ما يليه ويزاد حينئج فـي مكانتـ فـي حفـت الحـال اـم المقـالت وفـي أمانتـ فـي حفـت األسـرار‬
‫وشرح الصدور وتنوير القلب وفصاحة اللسـان والحكمـة البالغـة فـي إلقـا المحبـة عليـ ت فجعلـع‬
‫ـيت‬
‫محبــوب الخليقــة أجم ـ الثقلــين ومــا ســواهما دنيــا وأخــر ‪ .‬إذا صــر محبــوب الحــق عـ َّـز وجـ َّ‬
‫جي وعـالت ومحبـتهم مندرجـة فـي محبتـهت كمـا أن بغضـهم ينـدرج فـي بغضـه ع َّـز‬
‫والخلق تاب للحق َّ‬
‫وجي‪ .‬فإذا بلغع المقام الجي ليس فيه إرادة شي البتة جعلـع لـ إرادة شـي مـن األشـيا ت فـإذا‬ ‫َّ‬
‫تحققـع إرادتـ لـجل الشـي أزيـي الشـي وأعــدمت وصـرفع عنـه فلـم تعطـه فـي الـدنيات وعوضــع‬
‫عنه األخر بما يزيدك قربة وزلفى إلى العلي األعلىت وما تقر به عيناك في الفـردوس األعلـى وجنـة‬
‫المـ ـ و ت وإن كن ــع ل ــم تطل ــب ذلـ ـ وت مل ــه وترج ــو وأن ــع ف ــي دار ال ــدنيا الت ــي ه ــي دار الفن ــا‬
‫والتكالي والعنا ت بي رجاسك وأنع فيها وجه الـجي خلـق وبـرأ ومنـ وأعطـىت وبسـط األرض ورفـ‬
‫السما إذ ذاك هو المراد والمطلوب والمنىت وربما عوضع عن ذل بما هو أدنى منه أو مثله في‬
‫الدنيا بعد انكسار قلب وبصركت حينئج يصدك عن ذلـ المطلـوب والمـرادت وتحقيـق العـوض فـي‬
‫األخر على ما ذكرنا وبينات واهلل سبحانه أعلم‪.‬‬
‫المقالة العشرون‬

‫فـي قـولـه صـلـى اهلل عـلـيـه و س ـلـم ‪:‬‬


‫(( دم مـا يُـريـبـ إلـى مـا ال يـريـبـ ))‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬دم ما يريب إذا اجتم م ماال يريب ت فخـج بالعزيمـة‬
‫الجي ال يشـوبها ريـب وال شـ ت ودم مـا يريبـ ت ف مـا إذا تجـرد المريـب المشـوب الـجي لـم يصـ‬
‫عــن حـز القلــب وحكــه فتوقـ فيــه وانظــر األمـر فيــهت فــإن أمــر بتناولــه تناولــه فــدون وإن أمــر‬
‫بالك عنه ومنعع فك ت فليكن ذل عندك ك نه لم يكن ولم يوجدت ارج إلى الباب وابتـ عنـد‬
‫وجي ال يحتاج أن يـجكر‬‫عز َّ‬ ‫ربّ الرزقت وإن ضعفع عن الصبر أو الموافقة أو الرضا أو الفنا فهو َّ‬
‫ـي يطعــم الكفــار والمنــافقين والمــدبرين عنــه فكي ـ‬
‫فلــيس بغافــي عن ـ وعــن ليــركت وهــو عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ينساك أيها الم من الموحد المقبي على طاعته والقائم ب مر في آنا الليي وأطرات النهار‪.‬‬

‫( وجــه آخــر ) دم مــا فــي أيــدي الخلــق فــال تطلبــه وال تعلــق قلب ـ بــهت وال ترجــو الخلــق وال‬
‫ـي وهـو مـا ال يريبـ ت ولـيكن لـ مسـ ول واحـد ومرجـو واحـد‬
‫تخافهمت وخج مـن فضـي اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫ـي الـجي نواصـي الملـوك بيـد وقلـوب‬
‫ومخوت واحد وموجود واحد وهمة واحدة وهو رب ع َّـز وج َّ‬
‫ـيت وهــم وكــالس وأمنــاس ت وحركــة‬
‫الخلــق بيــد التــي هــي أمـرا األجســادت وأمــوال الخلــق لــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي وأمـر وتحريكـهت وكفهـا عـن عطائـ ذلـ ت قـال اهلل عـز وجـي ‪:‬‬ ‫أيديهم بالعطا ل بإذنه ع َّـز وج َّ‬
‫ون اللَّـ ِـه َال يَ ْملِ ُكــو َن‬ ‫ضــلِ ِه{‪.‬النســا ‪ .44‬وقــال تعــالى ‪} :‬إِ َّن الَّـ ِـجين تَـ ْعبـ ُدو َن ِمــن ُد ِ‬ ‫اسـ َلُواْ اللّــهَ ِمــن فَ ْ‬
‫َ ُ‬ ‫} َو ْ‬
‫لَ ُك ْم ِرْزقا فَابْـتَـغُوا ِعن َد اللَّ ِه ال مرْز َق َوا ْعبُ ُدو ُ َوا ْش ُك ُروا لَـهُ إِلَْي ِـه تُـ ْر َجعُـو َن{‪.‬العنكبـو ‪ .51‬وقـال سـبحانه‬
‫ـان{‪.‬البقـرة‪ .511‬وقـال تعـالى ‪:‬‬ ‫ُجيـب َد ْعـوةَ ال َّـد ِام إِذَا َد َع ِ‬ ‫ادي َعنمي فَِإنمي قَ ِري ِ‬ ‫‪} :‬وإِذَا س َلَ َ ِعب ِ‬
‫ـب أ ُ َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫}ا ْدعُ ـ ـ ــونِي أَس ـ ـ ــت ِجب لَ ُكــ ـ ــم{‪.‬لـ ـ ـ ــافر‪ .11‬وقـ ـ ـ ــال تع ـ ـ ــالى ‪} :‬إِ َّن اللَّــ ـ ــه هــ ـ ــو الــ ـ ـ َّـرزَّا ُق ذُو الْ ُق ـ ـ ـ َّـوةِ‬
‫َُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ‬
‫اب{‪.‬آل عمران‪.41‬‬ ‫شا ُ بِغَْي ِر ِحس ق‬ ‫ين{‪.‬الجاريا ‪ .11‬وقال تعالى ‪َّ } :‬‬
‫إن اللّهَ يَـ ْرُز ُق َمن يَ َ‬ ‫ِ‬
‫ال َْمت ُ‬
‫َ‬
‫المقالة الحادية والعشرون‬

‫فـي مـكـالـمـة إبـلـيـس نـعـوذ باهلل مـنـه‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬رأيــع إبلــيس اللعــين فــي المنــام وأنــا فــي جم ـ كثيــر‬
‫فهممع بقتلهت فقال لي لعنه اهلل لم تقتلني وما ذنبـي إن جـر القـدر بالشـر فـال أقـدر أليـر إلـى‬
‫ّ‬
‫خير وأنقله إليهت وإن جر بالخير فال أقدر أليـر إلـى شـر وأنقلـه إليـهت فـ ي شـي بيـدي وكانـع‬
‫صــورته علــى صــورة الخنــااي لــين الكــالم مشــو الوجــه طاقــا شــعر فــي ذقنــه حقيــر الصــورة دمــيم‬
‫الخلقة ت ام تبسم في وجهي تبسم خجـي ووجـي وذلـ فـي ليلـة األحـد اـاني عشـر مـن ذي الحجـة‬
‫من سنة ستة عشر وخمسمائةت واهلل الهادي لكي خير‪.‬‬

‫المقالة الثانية والعشرون‬

‫فـي ابـتـال الـمـ مـن عـلـى قـدر إيـمـانـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال يزال اهلل يبتلى عبد الم من علـى قـدر إيمانـه‪ ،‬فمـن‬
‫عظم إيمانه وكثر وتزايد عظم بالس ‪ ،‬الرسول بالس أعظم من بـال النبـي‪ ،‬ألن إيمانـه أعظـم‪ ،‬والنبـي‬
‫بالس أعظم من بال البدل وبال البـدل أعظـم مـن بـال الـولي‪ ،‬كـي واحـد علـى قـدر إيمانـه ويقينـه‪.‬‬
‫وأصــي ذل ـ قــول النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم ‪( :‬إنــا معشــر األنبيــا أشــد النــاس بــال اــم األمثــي‬
‫فاألمثي) فيديم اهلل تعالى الـبال لهـ ال السـادا الكـرام حتـى يكونـوا أبـدا فـي الحضـرة وال يغفلـوا‬
‫عــن اليقظــة‪ ،‬ألنــه يحــبهم‪ ،‬فهــم أهــي المحبــة يحبــون الحــق‪ ،‬والمحــب أبــدا ال يختــار بعــد محبوبــه‪،‬‬
‫فالبال خطات لقلوبهم وقيد لنفوسهم‪ ،‬يمنعهم عن الميي إلى لير مطلوبهم والسكون والركون إلى‬
‫لير خالقهم‪ ،‬فإذا دام ذل في حقهم ذابع أهـويتهم وانكسـر نفوسـهم وتميـز الحـق مـن الباطـي‬
‫فتنــزوي الشــهوا واإلرادا ‪ ،‬والميــي إلــى اللــجا والراحــا دنيــا وأخــر ب جمعهــا إلــى مــا يلــي‬
‫ـي‪ ،‬والرضـا بقضـائه‪ ،‬والقناعـة بعطائـه‪ ،‬والصـبر علـى‬
‫النفس ويصـير السـكون إلـى وعـد الحـق ع َّـز وج َّ‬
‫بالئه‪ ،‬واألمن من شر خلقه إلى ما يلي القلب‪ ،‬فتقـو شـوكة القلـب‪ ،‬فتصـير الواليـة علـى الجـوارح‬
‫إليه‪ ،‬ألن البال يقو القلب واليقين‪ ،‬ويحقق اإليمان والصبر‪ ،‬ويضع النفس والهـو ‪ ،‬ألنـه كلمـا‬
‫وجي‪ ،‬رضي الـرب تعـالى عنـه‬ ‫عز َّ‬ ‫وصي األلم ووجد من الم من الصبر والرضا والتسليم لفعي الرب َّ‬
‫وشكر ‪ ،‬فجا المدد والزيادة والتوفيق‪ .‬قال اهلل تعالى ‪} :‬لَـئِن َشـ َك ْرتُ ْم ألَ ِزيـ َدنَّ ُك ْم{‪.‬إبـراهيم‪ .1‬وإذا‬
‫تركــع الــنفس بطلــب شــهوة مــن شــهواتها ولــجة مــن لــجاتها مــن القلــب ف جابهــا القلــب إلــى مطلوبهـا‬
‫ذل مـن ليـر أمـر مـن اهلل تعـالى وإذن منـه حصـلع بـجل لفلـة عـن الحـق تعـالى وشـرك ومعصـية‪،‬‬
‫فعمهما اهلل تعالى بالخجالن والباليا وتسليط الخلق‪،‬واألوجام واألمراض واإليجا والتشويش‪ ،‬فينال‬
‫كي واحد من القلب والنفس حت وإن لم يجب القلب والنفس إلـى مطلوبهـا حتـى ي تيـه اإلذن مـن‬
‫ـي بإلهــام فــي حــق األوليــا ‪ ،‬ووحــي ص ـريح فــي حــق المرســلين واألنبيــا ‪ ،‬علــيهم‬
‫قبــي الحــق عـ َّـز وجـ َّ‬
‫الصــالة والســالم‪ ،‬فعمــي ذلـ عطــا ومنعــا‪ ،‬وعمهمــا اهلل بالرحمــة والبركــة‪ ،‬والعافيــة والرضــا‪ ،‬والنــور‬
‫والمعرفة‪ ،‬والقرب والغنى والسالمة من اآلفا ‪ ،‬والنصر على األعدا فـاعلم ذلـ وأحفظـه وأحـجر‬
‫ـي‬
‫البال جدا فـي المسـارعة إلـى إجابـة الـنفس والهـو ‪ ،‬بـي توقـ وترقـب فـي ذلـ إذن المـولى ج َّ‬
‫جالله‪ ،‬فتسلم في الدنيا والعقبى إن شا اهلل تعالى‪.‬‬
‫المقالة الثالثة والعشرون‬

‫فـي الـرضـا بـما قـســم اهلل تـعـالـى‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬أرض بالــدون وألزمــه جــدا حتــى يبل ـ الكتــاب أجلــه‬
‫فتنقي إلى األعلى واألنفس‪ ،‬وبها تهن وفيه تبقى وتحفت بال عنا دنيا وأخـر وال تبعـة وال عـدو ‪،‬‬
‫ام تترقى من ذل إلى ما هو أقر عينا منه وأهن ‪.‬‬

‫وأعلم أن القسم ال يفوت بترك الطلب‪ ،‬وما ليس بقسم ال تناله بحرص في الطلب والجد‬
‫واالجتهاد‪ ،‬فاصبر وألزم الحال وأرض بـه‪ ،‬ال ت خـج بـ حتـى تـ مر‪ ،‬وال تعطـى بـ حتـى تـ مر‪ ،‬وال‬
‫تتحرك ب وال تسكن ب ‪ ،‬فتبتلى ب وبمن هو شر من من الخلق ألن بجل تظلم والظالم ال‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين بَـ ْعضـا{‪.‬األنعـام‪ .545‬ألنـ فـي دار‬ ‫ـي ‪َ } :‬وَكـ َجل َ نُـ َـولمي بَـ ْعـ َ الظَّـالم َ‬ ‫يغفي عنه قال اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫مل عظيم أمر شديدة شوكته‪ ،‬كثير جند نافجة مشيئته قاهر حكمه باق ملكه دائم سلطانه دقيق‬
‫ض{‪.‬سـب ‪.4‬‬ ‫الس َم َاوا ِ َوَال فِـي ْاأل َْر ِ‬ ‫ب َع ْنهُ ِمثْـ َق ُ‬
‫ال ذَ َّرةق فِي َّ‬ ‫علمه بالغة حكمته عدل قضاس } َال يَـ ْع ُز ُ‬
‫ال يجاوز لم الم ف نع أعظمهم لما وأكبرهم جريمة‪ ،‬ألن أشركع بتصرف في وفى خلقه‬
‫شر َك لَظُل ِ‬ ‫ِ‬
‫يم{‪.‬لقمان‪ .54‬وقـال تعـالى‪:‬‬ ‫ْم َعظ و‬ ‫و‬ ‫وجي بهواك‪ .‬قال اهلل تعالى ‪َ } :‬ال تُ ْش ِر ْك بِاللَّه إِ َّن ال م ْ‬ ‫عز َّ‬ ‫َّ‬
‫شا ُ{‪.‬النسا ‪ .551_31‬أتق الشـرك جـدا‬ ‫}إِ َّن اللّهَ الَ يَـ ْغ ِف ُر أَن يُ ْش َر َك بِ ِه َويَـ ْغ ِف ُر َما ُدو َن َذلِ َ لِ َمن يَ َ‬
‫وال تقربه‪ ،‬واجتنبه في حركات وسـكنات وليلـ ونهـارك‪ ،‬فـي خلوتـ وجلوتـ ‪ .‬وأحـجر المعصـية‬
‫ـي‬
‫فــي الجملــة فــي الجــوارح والقلــب واتــرك اإلاــم مــا هــر منــه ومــا بطــن‪ .‬ال تهــرب منــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫فيــدرك ‪ ،‬وال تنازعــه فــي قضــائه فيقصــم ‪ ،‬وتتهمــه فــي حكمــه فيخــجل ‪ ،‬وال تغفــي عن ـه فينبه ـ‬
‫ويبتلي ـ ‪ ،‬وال تحــدف فــي دار حاداــة فيهلك ـ ‪ ،‬وال تقــي فــي دينــه بهــواك فيردي ـ ويظلــم قلب ـ ‪،‬‬
‫ويســلب إيمانـ ومعرفتـ ‪ ،‬ويســلط عليـ شــيطان ونفسـ وهــواك وشــهوات وأهلـ وجيرانـ‬
‫عيشـ‬ ‫وأصحاب وأخال ك وجمي خلقه حتى عقارب دارك وحياتهـا وجنهـا وبقيـة هوامهـا فيـنغ‬
‫في الدنيا ويطيي عجاب في العقبى‪.‬‬
‫المقالة الرابعة والعشرون‬

‫فـي الـحـي عـلـى مـالزمـة بـاب اهلل تـعـالـى‬

‫وجي جدا‪ ،‬وألزم بابه حقـا وأبـجل‬


‫عز َّ‬
‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬أحجر معصية اهلل َّ‬
‫طوق وجهدك في طاعته معتجرا متضرعا مفتقرا خاضعا‪ ،‬متخشعا مطرقـا‪ ،‬ليـر نـا ر إلـى خلقـه وال‬
‫تاب لهواك‪ ،‬وال طالب ل عـواض دنيـا وأخـر ‪ ،‬وال ارتقـا إلـى المنـازل العاليـة والمقامـا الشـريفة‪،‬‬
‫واقط ب ن عبـد والعبـد ومـا ملـ لمـوال ‪ ،‬ال يسـتحق عليـه شـيئا مـن األشـيا ‪ ،‬أحسـن األدب وال‬
‫تتهم موالك‪ ،‬فكي شئ عند بمقدار‪ ،‬ال مقدم لما أخر وال م خر لما قدم‪ ،‬ي تي مـا قـدر لـ عنـد‬
‫وقته وأجله إن شئع أو أبيع‪ ،‬ال تشر على ما سيكون ل ‪ ،‬وال تطلب وتله على ما هو لغيرك‪،‬‬
‫فما ليس هو عندك ال يخلو إما أن يكون ل أو لغيرك‪ ،‬فإن كـان لـ فهـو إليـ صـائر وأنـع إليـه‬
‫مقاد ومسـير‪ ،‬فاللقـا عـن قريـب حاصـي‪ ،‬ومـا لـيس لـ ف نـع عنـه مصـروت وهـو عنـ مـول فـ نى‬
‫ـي فــي وقت ـ‬ ‫لكمــا الــتالق فاشــغي بإحســان األدب فيمــا أنــع بصــدد مــن طاعــة مــوالك عـ َّـز وجـ َّ‬
‫الحاضر‪ ،‬وال ترف رأس وال تمي عنق إلى ما سوا ‪ .‬قال اهلل تعالى ‪َ } :‬وَال تَ ُم َّد َّن َع ْيـنَـ ْيـ َ إِلَـى َمـا‬
‫ْحيَاةِ الدنيَا لِنَـ ْفتِنَـ ُه ْم فِ ِيه َوِرْز ُق َربم َ َخ ْيـ ور َوأَبْـ َقـى{‪.‬طــه‪ .545‬فقـد نهـاك‬ ‫مت ـ ْ ِ‬
‫َّعنَا بِه أَ ْزَواجا م ْنـ ُه ْم َزْه َرَة ال َ‬ ‫َ‬
‫ـي عــن االلتفــا إلــى ليــر مــا أقام ـ فيــه ورزق ـ مــن طاعتــه وأعطــاك مــن قســمه ورزقــه‬
‫اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وفضله‪ ،‬ونبه أن ما سو ذل فتنـة افتتـنهم بـه‪ ،‬ورضـاك قسـم خيـر لـ وأبقـى وأبـرك وأحـر‬
‫وأولـى‪ ،‬فلــيكن هــجا دأبـ ومتقلبـ ومثــواك‪ ،‬وشــعارك وداــارك ومــرادك ومرامـ ‪ ،‬وشــهوت ومنــاك‪،‬‬
‫تني به كي المرام‪ ،‬وتصي به إلى كي مقام وترقى به إلى كي خير ونعيم وطري وسرور ونفيس‪ .‬قـال‬
‫س َّما أُ ْخ ِف َي لَ ُهم من قُـ َّرةِ أَ ْعيُ قن َج َزا بِ َما َكانُوا يَـ ْع َملُو َن{‪.‬السـجدة‪ .51‬وال‬
‫اهلل تعالى ‪} :‬فَ َال تَـ ْعلَ ُم نَـ ْف و‬
‫عمي بعد العبادا الخمس وتـرك الـجنوب‪ ،‬وال أجمـ وال أعظـم وال أشـرت وال أحـب إلـى اهلل ع َّـز‬
‫وجي‪ ،‬وال أرضى عند مما ذكرنا ل ‪ ،‬وفقنا اهلل وإياك لما يحب ويرضى بمنه‪.‬‬
‫َّ‬

‫المقالة الخامسة والعشرون‬

‫فـي ش ـجـرة اإليـمـان‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تقولن يا فقير اليـد‪ ،‬يـا مـولى عنـه الـدنيا وأبناسهـا‪ ،‬يـا‬
‫خامي الجكر بين ملوك الدنيا وأربابها‪ ،‬يا جائ يا ناي يا عريان الجسد يا مآن الكبد يا مشتتا فـي‬
‫كــي زاويــة مــن األرض مــن مســجد وبقــام خــراب‪ ،‬ومــردودا مــن كــي بــاب‪ ،‬ومــدفوعا عــن كــي مــراد‪،‬‬
‫ومنكسرا ومزدحما في قلبه كي حاجة مرام‪ .‬إن اهلل تعالى أفقرني وذو عنى الـدنيا ولرنـي‪ ،‬وتركنـي‬
‫وقالني وفرقني ولم يجمعني‪ ،‬وأهـانني ولـم يعطنـي مـن الـدنيا كفايـة‪ ،‬وأخملنـي ولـم يرفـ ذكـر بـين‬
‫الخليقــة وإخــواني‪ ،‬وأســبي علــى ليــري نعمــة منــه ســابغة يتقلــب فيهــا فــي ليلــه ونهــار ‪ ،‬وفضــله علـ ّـي‬
‫وعلى أهي دياري وكالنـا مسـلمان م منـان ويجمعنـا أبونـا آدم وأمنـا حـوا عليهمـا السـالم‪ ،‬أمـا أنـع‬
‫فقد فعي اهلل ذل ب ‪ ،‬ألن طينت حرة وند رحمة اهلل متدارك علي من الصـبر والرضـا واليقـين‬
‫والموافقــة والعلــم وأنــوار اإليمــان والتوحيــد متــراكم لــدي ‪ ،‬فشــجرة إيمان ـ ولرســها وبــجرها اابتــة‬
‫مكينة مورقة مثمرة متزايدة متشـعبة لضـة مظللـة متفرعـة‪ ،‬فهـي كـي يـوم فـي زيـادة ونمـو‪ ،‬فـال حاجـة‬
‫ـي مـن أمـرك علـى ذلـ ‪ ،‬وأعطـاك فـي‬
‫بها إلى سباطة وعل لتنمى بها وتربى‪ ،‬وقـد فـرغ اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫اآلخــرة دار البقــا وخولـ فيهــا‪ ،‬وأجــزل عطــا ك فــي العقبــى ممــا ال عــين رأ وال أذن ســمعع وال‬
‫س َّما أُ ْخ ِف َي لَ ُهم مـن قُـ َّـرةِ أَ ْعـيُ قن َج َـزا بِ َمـا َكـانُوا‬
‫خطر على قلب بشر‪ .‬قال اهلل تعالى‪} :‬فَ َال تَـ ْعلَ ُم نَـ ْف و‬
‫يَـ ْع َملُــو َن{‪.‬الســجدة‪ .51‬أي مــا عملــوا فــي الــدنيا مــن أدا األوامــر‪ ،‬والصــبر علــى تــرك المنــاهى‪،‬‬
‫إليه فـي المقـدور‪ ،‬والموافقـة لـه فـي جميـ األمـور‪ .‬وأمـا الغيـر الـجي أعطـا اهلل‬ ‫والتسليم والتفوي‬
‫ـي الــدنيا وخولــه ونعمــه بهــا وأســب عليــه فضــله فعــي بــه ذلـ ‪ ،‬ألن محــي إيمانــه أرض ســبخة‬
‫عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وصــخر ال يكــاد يثبــع فيهــا المــا وتنبــع فيهــا األشــجار‪ ،‬ويتربــى فيهــا الــزرم والثمــار فصــب عليهــا‬
‫أنوام سباطه وليرها مما يربى به النبا واألشجار‪ ،‬وهى الدنيا وحطامهـا لـيحفت بهـا مـا أنبـع فيهـا‬
‫مــن شــجرة اإليمــان ولــرس األعمــال‪ ،‬فلــو قط ـ ذل ـ عنهــا لج ـ النبــا واألشــجار‪ ،‬وانقطعــع‬
‫ـي مريــد عمارتهـا‪ ،‬فجشـرة إيمــان الغنـى ضــعيفة المنبـع وخـال‬
‫الثمـار‪ ،‬فخربـع الــديار‪ ،‬وهـو عـ َّـز وج َّ‬
‫عما هو مشحون به منبع شجرة إيمان يـا فقيـر‪ ،‬فقوتهـا وبقاسهـا بمـا تـر عنـد مـن الـدنيا وأنـوام‬
‫النعــيم‪ ،‬فلــو قط ـ ذل ـ عنــه م ـ ضــع الشــجرة جفــع‪ ،‬فكــان كفــرا وجحــودا وإلحاقــا بالمنــافقين‬
‫ـي إلــى الغنــى عســاكر الصــبر والرضــا واليقــين‬
‫والمرتــدين والكفــار‪ ،‬اللهـ َّـم إال أن يبعــي اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫والتوفيــق والعلــم وأنــوام المعــارت فيقــو اإليمــان بهــا فحينئــج ال يبــالى بانقطــام الغنــى والنعــيم‪ ،‬واهلل‬
‫الهادي الموفق‪.‬‬
‫المقالة السادسة والعشرون‬

‫فـي الـنـهـي عـن كـش ـ الـبـرقـ عـن الـوجـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تكش البرق والقنام عـن وجهـ حتـى تخـرج مـن‬
‫الخلق وتـوليهم هـر قلبـ فـي جميـ األحـوال ويـزول هـواك‪ ،‬اـم تـزول إرادتـ ومنـاك‪ ،‬فتفنـى عـن‬
‫ـي‬
‫عز وج َّ‬
‫وجي فتمتلئ به َّ‬
‫عز َّ‬ ‫األكوان دنيا وأخر ‪ ،‬فتصير كإنا منثلم ال يبقى في لير إرادة رب َّ‬
‫وبحكمــه‪ ،‬إذا خــرج الــزور دخــي النــور‪ ،‬فــال يكــون لغيــر ربـ فــي قلبـ مكــان وال مــدخي وجعلــع‬
‫بواب قلب ‪ ،‬وأعطيع سي التوحيد والعظمة والجبرو ‪ ،‬فكي من رأيته دنا من ساحة صدرك إلـى‬
‫بــاب قلبـ نــدر رأســه مــن كاهلــه فــال يكــون لنفسـ وهــواك وإرادتـ ومنــاك فــي دنيــاك وأخـراك‬
‫ـي‪ ،‬والوقــوت معــه‬
‫عنــدك رأس امتثــال وال كلمــة مســموعة‪ ،‬ال أر متب ـ إال إتبــام أمــر الــرب عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وجي وأمر ال عبد الخلـق‬ ‫عز َّ‬
‫والرضا بقضائه وقدر ‪ ،‬بي الفنا في قضائه وقدر ‪ ،‬فتكون عبد الرب َّ‬
‫وآرائهــم‪ ،‬فــإذا اســتمر األمــر في ـ كــجل ض ـربع حــول قلب ـ ســرادقا الغيــرة وخنــادق العظمــة‬
‫ـي‪،‬‬
‫وسلطان الجبرو ‪ ،‬وح بجنود الحقيقـة والتوحيـد‪ ،‬ويقـام دون ذلـ حـراس مـن الحـق ع َّـز وج َّ‬
‫الخلق إلى تطلب القلب من الشـيطان والـنفس والهـو ‪ ،‬واإلرادا واألمـاني الباطلـة‪،‬‬ ‫كيال يخل‬
‫والــدعاو الكاذبــة الناشــئة مــن الطبــام والــنفس اآلمــرة بالســو ‪ ،‬والضــالال الناشــئة مــن الهــو ‪،‬‬
‫فحينئــج إن كــان فــي القــدر مجــئ الخلــق وتــواترهم إلي ـ وتتــابعهم وتطــابقهم علي ـ ‪ ،‬ليصــيبوا مــن‬
‫األنــوار الالئحــة والعالمــا المنيــرة والحكــم البالغــة‪ ،‬ويــروا مــن الكرامــا الظــاهرة وخــوارق العــادة‬
‫المستمرة‪ ،‬ويزدادوا بجل مـن القربـا والطاعـا والمجاهـدا والمكايـدا فـي عبـادة ربهـم ع َّـز‬
‫ـي‪ ،‬حفظــع عــنهم أجمعــين وعــن ميــي الــنفس إلــى هواهــا‪ ،‬وعجبهــا ومباهاتهــا‪ ،‬وتعا مهــا بــالتكبر‬
‫وجـ َّ‬
‫بهــم وبقب ـولهم ل ـ وإقبــال وجــوههم إلي ـ ‪ ،‬وكــجل إن قــدر مجــئ زوجــة حســنا جميلــة بكفايتهــا‬
‫وسائر م نتها حفظع من شرها وحمي أاقالها وأتباعهـا وأهلهـا‪ ،‬وصـار عنـدك موهبـة مكفـاة مهنـاة‬
‫منقاة مصفاة من الغش والخبي والغي والحقد والغضب والخيانة في الغيب‪ ،‬فتكـون لـ مسـخرة‪،‬‬
‫وهى وأهلها محمولة عن م نتها‪ ،‬مدفوعة عن أذيتها‪ ،‬وإن قدر منها ولـد كـان صـالحا ذريـة طيبـة‬
‫َصـلَ ْحنَا لَــهُ َزوجــهُ{‪.‬األنبيــا ‪ .51‬وقــال تعــالى‪َ } :‬هــب لَنَــا ِمــن أَ ْزو ِ‬
‫اجنَــا‬ ‫قــرة عــين‪ .‬قــال اهلل تعــالى ‪َ } :‬وأ ْ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫برِ‬ ‫وذُ مريَّاتِنَا قُـ َّرَة أَ ْعي قن واجعلْنَـا لِل ِ‬
‫ضـيّا{‪.‬مـريم‪.1‬‬ ‫ـين إِ َمامـا{‪.‬الفرقـان‪ .13‬وقـال تعـالى‪َ } :‬و ْ‬
‫اج َع ْلـهُ َر م َ‬ ‫ْمتَّق َ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫َ‬
‫فتكون هج الـدعوا التـي فـي هـج اآليـا معمـوال بهـا مسـتجابة فـي حقـ إن دعـو بهـا أو لـم‬
‫تدم‪ ،‬إذ هي في محلها وأهلها‪ ،‬وأولى من يعامي بهج النعمة ويقابي بها من كان أهال لهج المنزلة‪،‬‬
‫وأقــيم فــي هــجا المقــام وقــدر لــه مــن الفضــي والقــرب هــجا المقــدار‪ ،‬وكــجل إن قــدر مجــئ شــئ مــن‬
‫الـدنيا وإقبالهـا ال يضــر إذ ذاك‪ ،‬فمـا هــو قسـم منهــا فالبـ ّد مـن تناولــه وتصـفيته لـ بفعـي اهلل عـ َّـز‬
‫ـي‪ ،‬وورود األمــر يتناولــه وأنــع ممتثــي ل مــر مثــاب علــى تناولــه‪ ،‬كمــا تثــاب علــى فعــي صــلوا‬
‫وجـ َّ‬
‫الفرض وصيام الفرض‪ ،‬وتـ مر فيمـا لـيس بقسـم منهـا بصـرفه إلـى أربابـه مـن األصـحاب والجيـران‬
‫واإلخوان المستحقين الفقرا منهم وأصحاب األقسـام علـى مـا يقتضـى الحـال‪ ،‬فـاألحوال تكشـفها‬
‫وتميزها‪ ،‬ليس الخبر كالمعاينة‪ .‬فحينئج تكون مـن أمـرك علـى بيضـا نقيـة ال لبـار عليهـا وال تلبـيس‬
‫وال تخليط وال ش وال ارتياب‪ ،‬فالصبر الصبر‪ ،‬الرضا الرضا‪ ،‬حفت الحال حفت الحال‪ ،‬الخمـول‬
‫الخمول‪ ،‬الخمود الخمود‪ ،‬السكو السكو ‪ ،‬الصمو الصمو ‪ ،‬الحـجر الحـجر‪ ،‬النجـا النجـا‪،‬‬
‫الوحا الوحا‪ ،‬اهلل اهلل ام اهلل‪ ،‬اإلطراق اإلطراق اإللماض اإللماض الحيـا الحيـا إن يبلـ الكتـاب‬
‫أجله‪ ،‬في خج بيدك فتقدم وينزم عن مـا عليـ اـم تغـوص فـي بحـار الفضـائي والمـنن والرحمـة اـم‬
‫تخرج منها فتخل علي األنوار واألسرار والعلوم والغرائب المدنية‪ ،‬ام تقرب وتحدف فيه بـإعالم‬
‫ين أ َِمي ون{‪.‬يوس ‪.13‬‬ ‫ِِ‬
‫وإلهام وتكلم وتعطى وتغنى وتشج وترف ‪ ،‬وتخاطب بـ }إِنَّ َ الْيَـ ْوَم لَ َديْـنَا مك و‬
‫فحينئج أعتبر حالة يوس الصديق عليه السالم حين خوطب بهجا الخطاب على لسان مل مصر‬
‫ـي علـى‬
‫وعظيمها وفرعونها‪ ،‬كان لسان المل قائال معبرا بهجا الخطاب والمخاطب هو اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫لســان المعرفــة‪ ،‬ســلم إليــه المال ـ الظــاهر وهــو مل ـ مصــر‪ ،‬وملـ الــنفس وملـ المعرفــة والعلــم‬
‫ـي‪ .‬قــال تعــالى فــي ملـ الملـ ‪َ } :‬وَكـ َجلِ َ َم َّكنمــا‬ ‫والقربــة والخصوصــية وعلــو المنزلــة عنــد عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـيب بَِر ْح َمتِنَـا َمـن‬ ‫ـي ي َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس َ فِي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫شـا ُ نُص ُ‬ ‫ض{‪.‬يوسـ ‪ .11‬أي فـي أرض مصـر }يَـتَبَـ َّـوأُ م ْنـ َهـا َح ْي ُ َ‬ ‫ليُ ُ‬
‫صـ ِر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫شا والَ نُ ِ‬
‫ت َع ْنـهُ‬ ‫ين{‪.‬يوسـ ‪ .11‬قـال تعـالى فـي ملـ الـنفس‪َ } :‬كـ َجل َ لنَ ْ‬ ‫َج َـر ال ُْم ْحسـن َ‬ ‫ضي ُ أ ْ‬ ‫نَّ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ـين{‪.‬يوسـ ‪ .43‬وقــال تعــالى فــي ملـ المعرفــة والعلــم‪:‬‬ ‫شــا إِنَّــهُ مـ ْـن عبَادنَــا ال ُْم ْخلَصـ َ‬ ‫الســو َ َوالْ َف ْح َ‬
‫اآلخ َرةِ ُه ْم َكـافِ ُرو َن{‪.‬يوسـ ‪.41‬‬ ‫ع ِملَّةَ قَـوقم الَّ يـ ْ ِمنو َن بِاللّ ِه وهم بِ ِ‬ ‫}ذَلِ ُك َما ِم َّما َعلَّ َمنِي َربمي إِنمي تَـ َرْك ُ‬
‫َُ‬ ‫ْ ُ ُ‬
‫فــإذا خوطبــع بهــجا الخطــاب يــا أيهــا الصــديق األكبــر‪ ،‬أعطيــع الحــت األوفــر‪ ،‬مــن العلــم األعظــم‪،‬‬
‫ومنحــع وهنيــع بــالتوفيق والمــنن والقــدرة والواليــة العامــة‪ ،‬واألمــر النافــج علــى الــنفس وليرهــا مــن‬
‫األشيا والتكوين‪ ،‬بإذن إله األشيا في الدنيا قبي اآلخرة‪ .‬وأما في األخر في دار السـالم والجنـة‬
‫العليــا‪ ،‬فــالنظر إلــى وجــه المــولى الكــريم زيــادة ومنــة‪ ،‬وهــو المنــى الــجي ال لايــة لــه وال منتهــى‪ ،‬واهلل‬
‫الموفق لحقائق ذل ‪ ،‬إنه رسوت رحيم‪.‬‬

‫المقالة السابعة والعشرون‬

‫فـي أن الـخـيـر و الـشـّـر اـمـرتـان‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬أجعــي الخيــر والشــر امــرتين مــن لصــنين مــن شــجرة‬
‫واحدة‪ ،‬أحـد الغصـنين يثمـر حلـوا واآلخـر مـرا‪ ،‬فـاترك الـبالد واألقـاليم ونـواحي األرض التـي يحمـي‬
‫إليهــا هــج الثمــار الم ـ خوذة مــن هــج الشــجرة‪ ،‬وابعــد منهــا ومــن أهلهــا واقتــرب مــن الشــجرة وكــن‬
‫سائســها وخادمهــا القــائم عنــدها‪ ،‬وأعــرت الغصــنين والثمــرتين والجــانبين‪ ،‬فكــن إلــى جانــب الغصــن‬
‫المثمــر حلــوا‪ ،‬فحينئــج يكــون لــجاسك وقوت ـ منهــا‪ ،‬واجتنــب أن تقــدم إلــى جانــب الغصــن اآلخــر‬
‫فت كي من امرته فتهل من مرارتهـا‪ ،‬فـإذا دمـع علـى هـجا كنـع فـي دعـة وأمـن وراحـة وسـالمة مـن‬
‫اآلفا كلهـا‪ ،‬إذ اآلفـا وأنـوام الباليـا تتولـد مـن تلـ الثمـرة المـرة‪ ،‬وإذا لبـع عـن تلـ الشـجرة‬
‫وهمع في اآلفاق وقدم بين يدي من تل الثمرتين وهى مخلطة لير متميزة الحلوة من المرة هنا‬
‫فتناولع منها‪ ،‬فربما وقعع يدك على المرة ف دنيتها من فيـ ف كلـع منهـا جـز ا ومضـغته‪ ،‬فسـر‬
‫المــرة إلــى أعمــاق لهوات ـ وبــاطن حلق ـ وخياشــيم ‪ ،‬فعملــع في ـ وســر فــي عروق ـ وأجــزا‬
‫جسدك فهلكع بها‪ ،‬ولفظ الباقي من في ولسي أار ال ينف ال ويـدف عنـ مـا قـد سـر فـي‬
‫جســدك وال ينفع ـ ‪ ،‬وإن أكلــع ابتــدا م ــن الثمــرة الحلــوة وســر حالوتهــا فــي أجـ ـزا جســدك‬
‫وانتفعــع بهــا وســرر فــال يكفيـ ذلـ ‪ ،‬فالبــد تتنــاول ليرهــا اانيــا‪ ،‬فــال تـ من أن تكــون الثانيــة مــن‬
‫المرة فيحي ب ما ذكرته ل ‪ ،‬فال خير في البعد عن الشجرة والجهي بثمرتهـا والسـالمة فـي قربهـا‬
‫ـي ‪:‬‬
‫ـي‪ ،‬واهلل هـو فاعلهمـا ومجريهمـا‪ .‬قـال اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫والقيام معها‪ ،‬فالخير والشر بفعي اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫} َواللَّهُ َخلَ َق ُك ْم َوَمـا تَـ ْع َملُـو َن{‪.‬الصـافا ‪ .51‬وقـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬اهلل خلـق الجـازر‬
‫ْجنَّـ ـةَ بِ َم ــا ُكن ــتُ ْم‬
‫ـي وكس ــبهم‪ .‬ق ــال تع ــالى ‪} :‬ا ْد ُخلُــواْ ال َ‬
‫وج ــزور ) وأعم ــال العب ــاد خل ــق اهلل ع ـ َّـز وج ـ َّ‬
‫تَـ ْع َملُو َن{‪.‬النحـي‪ .44‬سـبحانه مـا أكرمـه وأرحمـه أضـات العمـي إلـيهم وأنهـم اسـتحقوا الـدخول إلـى‬
‫الجنة بعملهم‪ ،‬وهو بتوفيقه ورحمته لهم في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫قــال صــلى اهلل عليــه وســلم ‪( :‬ال يــدخي الجنــة أحــد بعملــه‪ ،‬فقيــي لــه وال أنــع يــا رســول اهلل‬
‫فقال ‪ :‬وال أنا إال أن يتغمدني اهلل برحمته‪ ،‬ووضـ يـد علـى رأسـه) مـروي ذلـ فـي حـديي عائشـة‬
‫وجي ممتثال ألمر منتهيـا لنهيـه مسـلما لـه فـي قـدر ‪ ،‬حمـاك‬
‫عز َّ‬
‫رضي اهلل عنها‪ ،‬فإذا كنع طائعا هلل َّ‬
‫عــن شــر وتفضــي علي ـ بخيــر وحمــاك عــن األســوا جميعهــا دينــا ودنيــا‪ .‬أمــا دنيــا فقولــه تعــالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين{‪.‬يوس ‪ .43‬وأمـا دينـا فقولـه ع َّـز‬ ‫شا إِنَّهُ م ْن عبَادنَا ال ُْم ْخلَص َ‬ ‫ت َع ْنهُ السو َ َوالْ َف ْح َ‬ ‫ص ِر َ‬ ‫} َك َجل َ لنَ ْ‬
‫آمنـتُ ْم َوَكـا َن اللّـهُ َشـاكِرا َعلِيمـا{‪ .‬النسـا ‪ .531‬مـ من‬ ‫وجي ‪َّ } :‬ما يَـ ْف َع ُي اللّـهُ بِ َعـ َجابِ ُك ْم إِن َشـ َك ْرتُ ْم َو َ‬
‫َّ‬
‫شــاكر مــا يفعــي الــبال عنــد وهــو إلــى العافيــة أقــرب مــن الــبال ‪ ،‬ألنــه فــي حمــي المزيــد أيضــا ألنــه‬
‫وجي ‪} :‬لَئِن َش َك ْرتُ ْم ألَ ِزي َدنَّ ُك ْم{‪.‬إبراهيم‪.1‬فإيمان يطفئ لهب النار في اآلخرة‬ ‫عز َّ‬ ‫شاكر‪ .‬قال اهلل َّ‬
‫التــي هــي عقوبــة كــي عــاص‪ ،‬فكيـ ال يطفــئ نــار الباليــا فــي الــدنيا اللهـ َّـم إال أن يكــون العبــد مــن‬
‫المججوبين المختارين للوالية واالصـطفا واالجتبـا ‪ ،‬فالبـد مـن الـبال ليصـفى بـه مـن خبـي الهـو‬
‫والميــي إ لــى الطبــام‪ ،‬والركــون إلــى شــهوا الــنفس ولــجاتها‪ ،‬والطم نينــة إلــى الخلــق والرضــا بقــربهم‪،‬‬
‫والســكون إلــيهم والثبــو معهــم والفــرح بهــم‪ ،‬فيبتلــى حتــى يــجوب جمي ـ ذل ـ ‪ ،‬ويتنظ ـ القلــب‬
‫وجي ومعرفته وموارد الغيب من أنوام األسرار والعلوم وأنـوار‬ ‫عز َّ‬ ‫بخروج الكي‪ ،‬ويبقى توحيد الرب َّ‬
‫ـي اللَّــهُ لَِر ُج ـ قـي م ــن قَـ ْلبَـ ـ ْـي ِن فِ ــي‬
‫ـي ‪َّ } :‬م ــا َج َع ـ َ‬
‫الق ــرب‪ ،‬ألن ــه بي ــع ال يس ــعه اان ــان‪ ،‬ق ــال اهلل ع ـ َّـز وج ـ َّ‬
‫ـوك إِ َذا د َخلُ ــوا قَـري ــة أَفْسـ ـ ُدوها وجعلُ ــوا أ ِ‬
‫َع ـ َّـزَة أ َْهلِ َه ــا‬ ‫َج ْوفِ ـ ِـه{‪.‬األحـ ـزاب‪ .3‬وق ــال تع ــالى‪} :‬إِ َّن ال ُْملُ ـ َ‬
‫َْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫أ َِذلَّــة{‪.‬النمــي‪ .43‬ف ـ خرجوا األعــزة عــن طيــب المنــازل ونعــيم العــيش‪ ،‬وكانــع الواليــة علــى القلــب‬
‫للشيطان والهو والنفس والجوارح متحركة ب مرهم من أنوام المعاصي واألباطيـي والترهـا فزالـع‬
‫تل ـ الواليــة فســكنع الجــوارح وفرلــع دار المل ـ التــي هــي القلــب وتنظفــع الســاحة التــي هــي‬
‫الص ــدر‪ .‬ف م ــا القل ــب فص ــار مس ــكنا للتوحي ــد والمعرف ــة والعل ــم‪ .‬وأم ــا الس ــاحة فمه ــبط الم ــوارد‬
‫والعجائــب مــن الغيــب‪ ،‬كــي ذل ـ نتيجــة الباليــا وامراتهــا‪ ،‬قــال النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم ‪( :‬إنــا‬
‫معاشر األنبيا أشد الناس بال ام األمثي فاألمثي) وقـال صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬أنـا أعـرفكم بـاهلل‬
‫وأشـدكم منــه خوفــا) فكــي مــن قـرب مــن الملـ اشــتد خطــر وحـجر ‪ ،‬ألنــه فــي مــرأ مــن الملـ ال‬
‫واحـد ال‬ ‫ـي بـ جمعهم كشـخ‬
‫يخفى عليه تصاريفه وحركاتـه‪ .‬فـإن قلـع‪ :‬فالخليقـة عنـد اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫يخفى عليه منهم شئ‪ ،‬ف ي فائدة لهجا الكالم‬

‫فنقول ل ‪ :‬لما علع منزلته وشرفع رتبته عظم خطر ‪ ،‬ألنـه وجـب عليـه شـكر مـا أوال مـن‬
‫جسيم نعمه وفضله فـ دنى اآللتفـا عـن خدمتـه تقصـير فـي شـكر وذلـ نقصـان فـي طاعتـه‪ .‬قـال‬
‫اب‬ ‫ش ـ ـ قـة مبَـيمـنَ ـ ـ قـة يُ َ‬ ‫ـي ‪} :‬ي ـ ــا نِس ـ ــا النَّبِ ـ ــي م ـ ــن يـ ـ ـ ْ ِ ِم ـ ــن ُك َّن بَِف ِ‬
‫ـاع ْ لَ َه ـ ــا ال َْعـ ـ ـ َج ُ‬
‫ضــ َ‬ ‫اح َ‬ ‫مَ َ‬ ‫اهلل ع ـ ـ َّـز وج ـ ـ َّ َ َ‬
‫وجي عليهن باتصالهن بـالنبي صـلى اهلل عليـه‬ ‫عز َّ‬ ‫ض ْع َف ْي ِن{‪.‬األحزاب‪ .41‬قال ذل لهن لتمام نعمه َّ‬ ‫ِ‬
‫س‬
‫وجي وقربه‪ ،‬تعـالى اهلل علـوا كبيـرا عـن التشـبيه بخلقـه }لَ ْـي َ‬ ‫عز َّ‬ ‫وسلم فكي من كان مواصال باهلل َّ‬
‫ص ُير{‪.‬الشور ‪ .55‬واهلل الهادي‪.‬‬ ‫الس ِمي الب ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َكمثْله َش ْي و َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫المقالة الثامنة والعشرون‬

‫فـي تـفـصـيـي أحـوال الـمـريـد‬

‫قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا ‪ :‬أتري ــد الراح ــة والسـ ـرور والدع ــة والحب ــور‪ ،‬واألم ــن‬
‫والســكون والنعــيم والــدالل وأنــع بعــد فــي كيــر الســب والتــجويب وتمويــع الــنفس ومجانبــة الهــو‬
‫اهرة الئحـة علـى رسـل‬ ‫وإزالة المرادا واألعواض دنيا وأخر وقد بقيع في بقية من ذل‬
‫يا مستعجي مهال مهال‪ ،‬يا مترقب الباب مسدود إلى ذلـ ‪ ،‬وقـد بقيـع عليـ منـه وفيـ ذرة ومنـه‬
‫نواة‪،‬‬ ‫المكاتب عبد ما بقى عليه درهم‪ ،‬أنع مصدود عن ذل ما بقى علي من الدنيا مقدار م‬
‫والـدنيا هـواك ومـرادك‪ ،‬ورسيتـ بشـئ مـن األشـيا أو طلبـ بشـئ مـن األشـيا وتشـوق نفسـ إلـى‬
‫شئ من األعواض دنيا وأخر ‪ ،‬فمـا دام فيـ شـئ مـن ذلـ ف نـع فـي بـاب اإلفنـا ‪ ،‬فاسـكن حتـى‬
‫يحصي الفنـا علـى التمـام والكمـال‪ ،‬فتخـرج مـن الكيـر وتكمـي صـيالت وتجلـى وتكسـى وتطيـب‬
‫ين{‪.‬يوس ‪ .13‬فتـ انس‬ ‫وتبخر‪ ،‬ام ترف إلى المل األكبر فتخاطب ‪} :‬إِنَّ َ الْيـوم لَ َديـنا ِم ِك ِ‬
‫ين أَم و‬
‫و‬ ‫َ ْ َ َْ‬
‫وتالط ‪ ،‬وتطعم من الفضي ومنه وتسقى وتقرب وتـدنى وتطلـ علـى األسـرار وهـى عنـ ال تخفـى‬
‫فتغتني بما نعطي من ذل عـن جميـ األشـيا ‪ .‬أال تـر إلـى قراضـة الـجهب متفرقـة مبتجلـة متداولـة‬
‫لاديــة رائحــة فــي أيــدي العطــارين والبقــالين والقصــابين والــدبالين والنقــاطين والكناســين والكفــافين‬
‫أصحاب الصنائ النفيسة والرذيلة الدنية الخبيثة‪ ،‬ام تجم فتجعـي فـي كيـر الصـائ فتـجوب هنـاك‬
‫بإشـعال النــار عليهـا‪ ،‬اــم تخـرج منــه فتطـرق وترقــق وتطلـ وتصــاك فتجعـي حليــا‪ ،‬اـم تجلــى وتطيــب‬
‫فتترك في خير المواض واألمكنة مـن ورا األلـالق فـي الخـزائن والصـناديق واألحقـاق وتحلـى بهـا‬
‫العروس وتزين وتكرم‪ ،‬وقد تكون العروس للمل األعظم فتنقي القراضة من هج إلى قـرب الملـ‬
‫ومجلسه بعد السب والـدق‪ ،‬هكـجا أنـع يـا مـ من إذا صـبر علـى مجـاري األقـدار فيـ ورضـيع‬
‫وجي في الدنيا‪ ،‬فتنعم بالمعرفة والعلوم واألسرار‪،‬‬
‫عز َّ‬
‫بالقضا في جمي األحوال قربع إلى موالك َّ‬
‫وتسكن في اآلخرة دار السالم م األنبيا والصديقين والشهدا والصـالحين فـي جـوار اهلل ودار‬
‫وجي‪ ،‬فاصبر وال تستعجي‪ ،‬وأرض بالقضا وال تتهم‪ ،‬فسينال برد عفو اهلل ولطفه وكرمه‬
‫عز َّ‬
‫وقربه َّ‬
‫بمنه تعالى‪.‬‬

‫المقالة التاسعة والعشرون‬

‫فـي قـولـه صلى اهلل عليه وسلم كـاد الـفـقـر أن يـكـون كـفـرا‬

‫ـي‪،‬‬
‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬ي ـ من العبــد بـاهلل ويســلم األمــور كلهــا إليــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ويعتقد تسهيي الرزق منه وأن ما أصـابه لـم يكـن ليخطئـه‪ ،‬ومـا أخطـ لـم يكـن ليصـبه‪ ،‬ويـ من بقولـه‬
‫ب َوَمن يَـتَـ َوَّك ْي َعلَى اللَّ ِه فَـ ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫عز وج َّي } َوَمن يَـت َِّق اللَّهَ يَ ْج َعي لَّهُ َم ْخ َرجا * َويَـ ْرُزقْهُ ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ي َال يَ ْحتَس ُ‬ ‫َّ‬
‫َح ْسبُهُ{‪.‬الطالق‪ .4–4‬ويقول ذل ويـ من بـه وهـو فـي حـال العافيـة والغنـى اـم يبتليـه اهلل ع َّـز وجـ َّي‬
‫بالبال والفقر في خج فـي السـ ال والتضـرم فـال يكشـفهما عنـه فحينئـج يتحقـق قولـه صـلى اهلل عليـه‬
‫وســلم ‪( :‬كــاد الفقــر أن يكــون كفـرا) فمــن تلطـ اهلل بــه كشـ عنــه مــا بــه ف دركــه بالعافيــة والغنــى‬
‫ويوفقـه للشــكر والحمــد والثنـا ويــديم لــه ذلـ إلــى اللقـا ‪ .‬ومــن يــرد اهلل فتنتــه يــديم بــال وفتنتــه‬
‫وجي والش في وعد فيمو كافرا‬ ‫عز َّ‬ ‫وفقر فيقط عنه مدد إيمانه فيكفر باالعتراض والتهمة له َّ‬
‫وجي جاحدا آلياته ومسخطا على ربه‪ ،‬وإليه أشار رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم بقولـه ‪:‬‬
‫عز َّ‬
‫باهلل َّ‬
‫(أن أشد الناس عجابا يوم القيامة رجـي جمـ اهلل لـه بـين فقـر الـدنيا وعـجاب اآلخـرة) نعـوذ بـاهلل مـن‬
‫ذل وهو الفقر المنسي الـجي اسـتعاذ منـه النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم * والرجـي الثـاني هـو الـجي‬
‫عز وج َّي اصطفا واجتبا وجعله من خواصه وأحبائه وأخـالئه ووارف أنبيائه وسيد أوليائه‬ ‫أراد اهلل َّ‬
‫ومــن عظم ـا عبــاد وعلمــائهم وحكم ـائهم وشــفعائهم وشــيخهم ومتبــوعهم ومعلمهــم وهــاديهم إلــى‬
‫مــوالهم ومرشـدهم إلــى ســبي الهــد واجتنـاب سـبي الــرد ف رســي إليــه جبـال الصــبر وبحـار الرضــا‬
‫والموافقة والغنى في قضائه وفعله ام يدركه بجزيي العطا ويدللـه في آنا الليي وأطرات النهار فـي‬
‫الجلوة والخلوة في الظاهر مرة والباطن أخر ب نوام اللط وفنون الججبا فيتصـي لـه ذلـ إلـى‬
‫حين اللقا واهلل الهادي‪.‬‬

‫المقالة الثالاون‬

‫فـي الـنـهـي عـن قـول الـرجـي أي شــي أعـمـي و مـا الـحـيـلـة‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬م ـا أكثــر مــا نقــول ‪ :‬أي شــئ أعم ـي ومــا الحيلــة‬
‫فيقال ل ‪ :‬ق مكان وال تجاوز حدك حتى ي تي الفرج ممن أمرك بالقيام فيما أنـع فيـه‪ .‬قـال‬
‫صــابِ ُرواْ َوَرابِطُــواْ َواتَّـ ُقــواْ اللّــهَ لَ َعلَّ ُكـ ْـم تُـ ْفلِ ُحــو َن{‪.‬آل‬
‫اص ـبِ ُرواْ َو َ‬
‫آمنُــواْ ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫اهلل عـ َّـز وج ـ َّي ‪} :‬يَــا أَيـ َهــا الــج َ‬
‫ين َ‬
‫عمران‪ .411‬أمرك بالصبر يا م من ام بالمصابرة والمرابطة والمحافظة والمالزمة له ام حجرك تركه‬
‫فقال ‪} :‬واتقوا اهلل{ في ترك ذل ‪ ،‬أي ال تتركوا الصبر فإن الخير والسالمة فيه‪ ،‬وقال النبي صـلى‬
‫اهلل عليه وسلم ‪( :‬الصبر من اإليمان كالرأس من الجسد)‪ .‬وقيي ‪ :‬كـي شـئ اوابـه بمقـدار إال اـواب‬
‫َجـرُهم بِغَْيـ ِر ِحس ق‬
‫ـاب{‪.‬الزمـر‪.51‬‬ ‫الصبر فإنه جزات لير مقدر لقوله تعالى ‪} :‬إِنَّما يُـوفَّى َّ ِ‬
‫َ‬ ‫الصـاب ُرو َن أ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫عز وج َّي حفظ للصبر ومحافظة الحدود وأنجز ل ما وعدك في كتابه وهـو قولـه‬ ‫فإذا اتقيع اهلل َّ‬
‫ـب{‪.‬الطـالق‪ .4–4‬وكنـع‬ ‫ِ‬ ‫عز وج َّي ‪َ } :‬وَمن يَـت َِّق اللَّهَ يَ ْج َعي لَّهُ َم ْخ َرجا * َويَـ ْرُزقْهُ ِم ْن َح ْي ُ‬
‫ـي َال يَ ْحتَس ُ‬ ‫َّ‬
‫ـي بالكفايــة فقـال ‪َ } :‬وَمــن يَـتَـ َوَّكـ ْـي‬
‫بصــبرك حتــى ي تيـ الفــرج مــن المتــوكلين وقــد وعـدك اهلل عـ َّز وجـ َّ‬
‫َعلَــى اللَّـ ِـه فَـ ُهـ َـو َح ْســبُهُ{‪.‬الطــالق‪ .4‬وكنــع مـ صــبرك وتوكلـ مــن المحســنين وقـد وعـدك بــالجزا‬
‫ين{‪.‬القصـ ‪ .53‬ويحبـ اهلل مـ ذلـ ألنـه قـال ‪} :‬إِ َّن‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫عز وج َّي ‪َ } :‬وَك َجل َ نَ ْج ِزي ال ُْم ْحسن َ‬
‫فقال َّ‬
‫ين{‪.‬البقرة‪ .551‬فالصبر رأس كي خير وسالمة دنيا وأخر ‪ ،‬ومنه يترقى الم من‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اللّهَ يُحب ال ُْم ْحسن َ‬
‫ـي حالـة البدليـة والغيبـة‪ ،‬فاحـجر أن تتركـه‬
‫إلى حالة الرضى والموافقة ام الفنا في أفعـال اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫فيخجل في الدنيا واآلخرة ويفوت خيرهما نعوذ باهلل من ذل ‪.‬‬

‫المقالة الحادية والثالاون‬

‫فـي اهلل‬ ‫فـي الـبـغـ‬

‫أو حبـه فـ عرض‬ ‫شـخ‬ ‫قـال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬إذا وجـد فـي قلبـ بغـ‬
‫أعمالــه علـى الكتــاب والســنةت فــإن كانــع فيهمــا مبغوضــة و أنــع تبغضــه ف بشــر بموافقتـ اهلل عـ َّـز‬
‫وجـ َّي ورســوله‪ ،‬وإن كانـع أعمالــه فيهمــا محبوبــة وأنــع تبغضــه فــاعلم ب نـ صـاحب هــو ‪ ،‬تبغضــه‬
‫ـي مـن‬ ‫وجي ولرسوله تخال لهما فتـب إلـى اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫عز َّ‬ ‫ق‬
‫وعاص هلل َّ‬ ‫بهواك الما له ببغض إيا ‪،‬‬
‫وليـر مـن أحبائـه وأوليائـه وأصـفيائه والصـالحين مـن‬ ‫ـي محبـة ذلـ الشـخ‬
‫بغض واس له ع َّـز وج َّ‬
‫ـي‪ .‬وكــجل أفعــي فــيمن تحبــه يعنــي أعــرض أعمالــه عل ـى الكتــاب‬
‫عبــاد ‪ ،‬لتكــون موافقــا لــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫والســنة فــإن كانــع محبوبــة فيهمــا ف حبــه‪ .‬وإن كانــع مبغوضــة فابغض ـه‪ .‬كــيال تحبــه بهــواك وتبغضــه‬
‫بهـ ــواك وقـ ــد أمـ ــر بمخالفـ ــة هـ ــواك قـ ــال عـ ـ َّـز وج ـ ـ َّي ‪} :‬وَال تَـتَّبِ ـ ـ ِ ال َْهـ ــو فَـي ِ‬
‫ض ـ ـلَّ َ َعـ ــن َس ـ ـبِ ِ‬
‫يي‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫اللَّ ِه{‪.‬ص‪.41‬‬
‫المقالة الثانية والثالاون‬

‫فـي عـدم الـمـشــاركـة فـي مـحـبـة الـحـق‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬مــا أكثــر مــا تقــول كــي مـن أحبــه ال تــدوم محبتــي إيــا‬
‫فيحال بيننا إما بالغيبة أو بالمو أو بالعداوة وأنوام المال بالتل والفوا مـن اليـد‪ ،‬فيقـال لـ ‪:‬‬
‫ـي ليـور خلقـ‬‫عز وج َّ‬
‫أما تعلم يا محبوب الحق المعنى المنظور إليه المغار عليه‪ ،‬ألم تعلم أن اهلل َّ‬
‫وتروم أن تكون لغير ‪ ،‬أمـا سـمعع قولـه ع َّـز وجـ َّي ‪} :‬يُ ِحـبـ ُه ْم َويُ ِحبونَـهُ{‪.‬المائـدة‪ .13‬وقولـه تعـالى ‪:‬‬
‫اإلنــس إَِّال لِيـ ْعبـ ُد ِ‬ ‫}ومــا َخلَ ْقـ ُ ِ‬
‫ون{‪.‬الــجاريا ‪ .11‬أمــا ســمعع قــول الرســول صــلى اهلل عليــه‬ ‫ـع الْجـ َّـن َو ِْ َ َ ُ‬ ‫ََ‬
‫وسلم ‪( :‬إذا أحب اهلل عبدا ابتال فإن صبر افتنـا ‪ .‬قيـي يـا رسـول اهلل و مـا افتنـا ‪ .‬قـال لـم يـجر لـه‬
‫ماال وال ولدا)‪ .‬وذل ألنه إذا كان له مال وولد أحبهما فتنق وتجزي فتصير مشتركة بين اهلل ع َّـز‬
‫وجي وبين لير واهلل تعالى ال يقبي الشري وهو ليور قاهر فوق كي شـئ لالـب لكـي شـئ فيهلـ‬ ‫َّ‬
‫شـريكه ويعدمـه لـيخل قلــب عبــد لــه مــن ليــر شـري فيتحقــق حينئـج قولــه عـ َّـز وجـ َّي ‪} :‬يُ ِحـبـ ُه ْم‬
‫َويُ ِحبونَــهُ{‪.‬المائــدة‪ .13‬حت ـى إذا تنظ ـ القلــب مــن الشــركا واألنــداد مــن األهــي والم ـال والولــد‬
‫والل ــجا والش ــهوا وطل ــب الوالي ــا والرياسـ ـا والكرام ــا والح ــاال والمن ــازل والمقام ــا‬
‫والجنا والدرجا والقربا والزلفا فـال يبقـى فـي القلـب إرادة وال أمنيـة يصـير كاإلنـا المنـثلم‬
‫ـي كلمــا تجمعــع فيـه إرادة كســرها فعــي اهلل‬
‫الــجي ال يثبــع فيــه مــائ ألنــه أنكســر لفعــي اهلل عـ َّز وجـ َّ‬
‫وليرتــه فضــربع حولــه ســرادقا العظمــة والجبــرو والهيبــة وأحضـر مــن دونهــا خنـادق الكبريــا‬
‫إلى القلب إرادة شئ من األشيا والكراما والحكـم والعلـم والعبـادا فـإن‬ ‫والسطوة فلم يخل‬
‫ـي بـي يكـون جميـ ذلـ كرامـة مـن اهلل لعبـد‬
‫جمي ذل يكون خـارج القلـب فـال يغـار اهلل عـ َّز وج َّ‬
‫ولطفا به ونعمة ورزقا ومنفعة للـواردين عليـه فيكرمـون بـه ويرحمـون ويحفظـون لكرامتـه علـى اهلل ع َّـز‬
‫وج َّي فيكون خفيرا لهم وكنفا وحرزا وشفيعا دنيا وأخر ‪.‬‬

‫المقالة الثالثة والثالاون‬

‫فـي تـقـس ـيـم الـرجـال إلـى أربـعـة أقـســام‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬الناس أربعة رجال ‪:‬‬

‫رجي ‪ :‬ال لسان له وال قلب وهو العاصي الغر الغبي ال يعب اهلل به‪ ،‬ال خير فيه‪ ،‬وهـو وأمثالـه‬
‫وجي برحمته‪ ،‬فيهدي قلوبهم لإليمان بـه ويحـرك جـوارحهم‬
‫عز َّ‬
‫حثالة ال وزن لهم إال أن يعمهم اهلل َّ‬
‫ـي‪ .‬ف حــجر أن تكــون مــنهم‪ ،‬وال تكتــرف بهــم وال تقــم فــيهم فــإنهم أهــي العــجاب‬
‫بالطاعــة لــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫عز وج َّي منهم‪ ،‬إال أن تكون مـن العلمـا بـاهلل ع َّـز‬ ‫والغضب والسخط سكان النار وأهلها نعوذ باهلل َّ‬
‫ـي ومـن معلمــي الخيــر وهــداة الــدين وقــواد ودعاتــه‪ ،‬فــدون فـ تهم وادعهــم إلــى طاعــة اهلل عـ َّز‬
‫وجـ َّ‬
‫وجي‪ ،‬وحجرهم معصيته‪ ،‬فتكتب عند اهلل حينئج جهبجا‪ ،‬فتعطى اواب الرسـي واألنبيـا ‪ ،‬قـال رسـول‬
‫َّ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألمير الم منين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ‪( :‬ألن يهد اهلل بهداك‬
‫رجال خير ل مما طلعع عليه الشمس)‪.‬‬

‫الرجي الثاني ‪ :‬رجي له لسان بال قلـب فينطـق بالحكمـة وال يعمـي بهـا‪ ،‬يـدعو النـاس إلـى اهلل‬
‫ـي‪ ،‬يســتقبح عيــب ليــر ويــدوم هــو علـى مثلــه فــي نفســه‪ ،‬يظهــر للنـاس تنســكا‬
‫وهــو يفــر منــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي بالعظــائم مــن المعاصـي‪ ،‬إذا خــال ك نـه ذئــب عليــه ايـاب‪ ،‬وهــو الـجي حــجر منــه‬
‫ويبـارز اهلل عـ َّـز وج َّ‬
‫النبــي صـلى اهلل عليــه وســلم بقولـه ‪( :‬أخــوت مــا أخــات علــى أمتـي مــن منــافق علــيم اللسـان)‪ .‬وفــي‬
‫حــديي آخ ـر ‪( :‬أخــوت مــا أخ ـات علــى أمتــي مــن علمــا الس ـو )‪ .‬نع ـوذ بــاهلل مــن هــجا‪ ،‬فابعــد منــه‬
‫وهرول‪ ،‬لئال يختطف بلجيج لسانه فتحرق نار معاصيه‪ ،‬ويقتل نتن باطنه وقلبه‪.‬‬

‫ـي عــن خلقــه‪ ،‬وأس ـبي عليــه‬


‫والرجــي الثال ـي ‪ :‬قلــب بــال لســان‪ ،‬وه ـو م ـ من ســتر اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫كنفه‪ ،‬وبصر بعيوب نفسه‪ ،‬ونـور قلبـه‪ ،‬وعرفـه لوائـي مخالطـة النـاس وشـ م الكـالم والنطـق‪ ،‬وتـيقن‬
‫س َّم َ قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬من صـمع‬ ‫أن السالمة في الصمع واالنزوا واالنفراد‪ ،‬وت َ‬
‫وس ِم َ قول بع العلما ‪ :‬العبادة عشرة أجزا ‪ ،‬تسعة منها في الصمع فهجا رجـي ولـي اهلل‬ ‫نجا)‪َ .‬‬
‫ـي‪ ،‬فــي ســتر اهلل محفو ــا ذو ســالمة وعقــي وافــر‪ ،‬جلــيس الــرحمن مـنعم علي ـه‪ ،‬فـالخير كــي‬
‫عـ َّـز وجـ َّ‬
‫الخير عند ‪ ،‬فدونكه ومصاحبته ومخالطتـه وخدمتـه والتحبـب إليـه بقضـا حـوائج تسـنح لـه ومرافـق‬
‫يرتفـق بهــا‪ ،‬فيحبـ اهلل ويصـفي ‪ ،‬ويــدخل فــي زمـرة أحبائــه وعبــاد الصـالحين ببركتــه إن شــا اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬
‫والرجــي الرابـ ‪ :‬المــدعو فــي الملكــو بــالعظيم كمــا جــا فــي الحــديي عــن النبــي صــلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪( :‬من تعلم ‪ ،‬وعلم ‪ ،‬وعمي ‪ ،‬دعي فـي الملكـو عظيمـا)‪ .‬وهـو العـالم بـاهلل ع َّـز وجـ َّي‬
‫ـي قلبــه لرائــب علمــه‪ ،‬وأطلعــه علــى أســرار طواهــا عــن ليــر ‪ ،‬واصــطفا‬
‫وآياتــه‪ ،‬اســتودم اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫واجتبا وججبه إليه ورقا ‪ ،‬وإلى باب قربه هدا ‪ ،‬وشرح صدر لقبول تلـ األسـرار والعلـوم‪ ،‬وجعلـه‬
‫جهبجا وداعيا للعباد ونجيرا لهم وحجة فيهم‪ ،‬هاديا مهديا شافعا مشفعا صادقا صديقا‪ ،‬بدال لرسـله‬
‫وأنبيائــه علــيهم صــلواته وســالمه وتحياتــه وبركاتــه‪ .‬فهــج هــي الغايــة القصـو فـي بنــي آدم‪ ،‬ال منزلــة‬
‫فــوق منزلتــه إال النب ـ ّوة‪ ،‬فعلي ـ بــه وأحــجر أن تخالفــه وتنــافر وتجانبــه وتعاديــه وتتــرك القبــول من ـه‬
‫والرجـوم إلــى نصـيحته وقولـه‪ ،‬فـإن الســالمة فيمـا يقـول عنـد ‪ ،‬والهــالك والضـالل عنـد ليـر إال مــن‬
‫وجي ويمد بالسداد والرحمة‪.‬‬
‫يوفقه اهلل ع َّز َّ‬

‫فقــد قســمع ل ـ النــاس‪ ،‬فــانظر لنفس ـ إن كنــع نــا را‪ ،‬واحتــرز له ـا إن كنــع محتــرزا له ـا‬
‫شفيقا عليها‪ ،‬هدانا اهلل وإياك لما يحبه ويرضا ‪.‬‬
‫المقالة الرابعة والثالاون‬

‫فـي الـنـهـى عـن الـس ـخـط عـلـى اهلل تـعـالـى‬

‫وجي‪ ،‬و‬
‫عز َّ‬‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ما أعظم تسخط على ربّ و تهمت له َّ‬
‫ـي بــالظلم‪ ،‬واســتبطائ فــي الــرزق والغنــى وكشـ الكــروب‬
‫اعتراضـ عليــه و انتســاب لــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫والبلو ‪ ،‬أما تعلم أن لكي أجي كتاب‪ ،‬ولكي زيادة بلية وكربة لاية منتهى ونفاد‪ ،‬ال يتقدم ذل وال‬
‫يتـ ـ خر‪ ،‬أوق ــا البالي ــا ال تقل ــب فتص ــير ع ــوافى ووق ــع البـ ـ س ال ينقل ــب نعيم ــا‪ ،‬وحال ــة الفق ــر ال‬
‫تستحيي لنى‪.‬‬

‫ـي‪ ،‬وتـب عـن تسـخط‬


‫أحسن األدب وألزم الصمع والصبر والرضا والموافقة لربـ ع َّـز وج َّ‬
‫عليه وتهمت له في فعله‪ ،‬فليس هنـاك اسـتيفا وانتقـام مـن ليـر ذنـب‪ ،‬وال عـرض علـى الطبـ كمـا‬
‫ـي منفــرد بــاألزل وســبق األشــيا ‪ ،‬خلقهــا وخلــق‬
‫هــو فــي حــق العبيــد بعضــهم فــي بع ـ ‪ ،‬هــو عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي حكـيم فـي فعلـه مـتقن فـي‬
‫مصالحها ومفاسدها وعلم ابتدا ها وانتها ها وانقضا ها‪ ،‬وهـو ع َّـز وج َّ‬
‫وال اللـوم فـي‬ ‫في فعله‪ ،‬ال يفعي عبثا وال يخلق باطال لعبا‪ ،‬وال تجوز عليه النقـائ‬ ‫صنعه ال تناق‬
‫أفعاله‪ ،‬فانتظر الفرج حتى إن عجز عن موافقتـه وعـن الرضـا والغنـى فـي فعلـه حتـى يبلـ الكتـاب‬
‫أجلــه‪ ،‬فتســفر الحالـة عــن ضــدها بمــرور الزمــان وانقضــا اآلجــال‪ ،‬كمــا ينقضــي الشــتا فيســفر عــن‬
‫الصــي ‪ ،‬وينقضــي الليــي فيســفر عــن النهــار‪ ،‬فــإذ طلبــع نــور ضــو النهــار ونــور بــين العشــا ين لــم‬
‫تعطــه‪ ،‬بــي يــزداد فــي لمــة الليــي حتــى إذا بلغــع الظلمــة لايتهــا وطلـ الفجــر وجــا النهــار بضــوئه‬
‫طلبع ذل وأردته وسكع عنه وكرهته‪ ،‬فإن طلبع إعادة الليي حينئج لم تجب دعوت ولـم تعطـه‬
‫ألن طلبع الشئ في لير حينه ووقته فتبقى حسيرا منقطعا متسخطا خجـال‪ ،‬فـ رخ هـجا كلـه وألـزم‬
‫ـي والصـبر الجميــي‪ ،‬فمـا كــان لـ ال تســلبه‪ ،‬ومـا لــيس لـ ال‬
‫الموافقـة وحســن الظـن بربـ ع َّـز وجـ َّ‬
‫ـي بالـدعا والتضـرم وهمـا عبـادة وطاعـة امتثـاال‬ ‫تعطا ‪ .‬لعمري إن تـدعو وتبتهـي إلـى ربـ ع َّـز وج َّ‬
‫اس َلُواْ اللّهَ ِمن‬
‫ب لَ ُك ْم{‪.‬لافر‪ .11‬وقوله تعالى ‪َ } :‬و ْ‬ ‫وجي في قوله تعالى ‪} :‬ا ْدعُونِي أ ْ ِ‬
‫َستَج ْ‬ ‫عز َّ‬
‫ألمر َّ‬
‫ضــلِ ِه{‪.‬النســا ‪ .44‬وليــر ذل ـ مــن اآليــا واألخبــار‪ ،‬أنــع تــدعو وهــو يســتجيب ل ـ عنــد حينــه‬
‫فَ ْ‬
‫وأجله إذا أراد وكان ل في ذل مصلحة في دنياك وأخراك ويوافق في ذل قضا وانتها أجله‪،‬‬
‫ال تتهمه في ت خير اإلجابة وال تس م من دعائه‪ ،‬فإن إن لم تربح لم تخسر‪ ،‬وإن لم يجب عاجال‬
‫أااب آجال‪ ،‬فقد جا في الحـديي الصـحيح عـن النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم ‪( :‬والعبـد يـر فـي‬
‫صحائفه حسنا يوم القيامة ال يعرفها فيقال له إنها بدل س ال في الـدنيا الـجي لـم يقـدر قضـاس‬
‫ـي موحــدا لــه حيــي تسـ له وال‬
‫فيهــا) أو كمــا ورد‪ .‬اــم أقــي أحوالـ أنـ تكــون ذاكــرا لربـ عـ َّـز وجـ َّ‬
‫تس ل أحدا لير ‪ ،‬وال تترك حاجت لغير تعالى‪ ،‬ف نع بـين الحـالتين فـي زمانـ كلـه ليلـ ونهـارك‬
‫وصــحت وســقم وب س ـ ونعمائ ـ وشــدت ورخائ ـ ‪ ،‬وإمــا أن تمس ـ عــن الس ـ ال‪ ،‬وترضــى‬
‫ـي‪ ،‬كالميــع بــين يــدي الغاســي‪ ،‬والطفــي الرضــي فــي يــدي‬
‫بالقضــا وتوافــق وتسترســي لفعلــه عـ َّـز وجـ َّ‬
‫الظئر‪ ،‬والكرة بين يدي الفارس يقلبها بصولجانه‪ ،‬فيقلب القدر كي يشا ‪ ،‬إن كان النعما فمن‬
‫ـي المزيـ ـ ــد فـ ـ ــي العطـ ـ ــا ‪ ،‬كمـ ـ ــا قـ ـ ــال تعـ ـ ــالى ‪} :‬لَـ ـ ــئِن َش ـ ـ ـ َك ْرتُ ْم‬ ‫الشـ ـ ــكر والثنـ ـ ــا ومنـ ـ ــه عـ ـ ـ َّـز وجـ ـ ـ َّ‬
‫ألَ ِزي َدنَّ ُك ْم{‪.‬إبـراهيم‪ .1‬وإن كـان الب سـا فالصـبر والموافقـة منـ بتوفيقـه والتثبـع والنصـرة والصـالة‬
‫ـي بفضـ ـ ـ ــله وكرمـ ـ ـ ــه‪ ،‬كمـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ــال عـ ـ ـ ـ َّـز مـ ـ ـ ــن قائـ ـ ـ ــي‪} :‬إِ َّن اللّـ ـ ـ ــهَ َم ـ ـ ـ ـ َ‬
‫والرحمـ ـ ـ ــة منـ ـ ـ ــه عـ ـ ـ ـ َّـز وجـ ـ ـ ـ َّ‬
‫ا َّ ِ‬
‫ين{‪.‬البقرة‪.514‬األنفال‪ .31‬بنصر وتثبيته‪ ،‬وهو لعبد ناصر له على نفسه وهـوا وشـيطانه‪.‬‬ ‫لصاب ِر َ‬
‫ـع أَقْ ـ َد َام ُك ْم{‪.‬محمــد‪ .1‬إذا نصــر اهلل فــي مخالفــة‬ ‫نصـ ُـروا اللَّــهَ يَ ُ‬
‫نصـ ْـرُك ْم َويُـثَبمـ ْ‬ ‫وقــال تعــالى‪} :‬إِن تَ ُ‬
‫نفس وهواك بترك االعتراض عليه والسخط بفعله في وكنع خصما هلل على نفس سيافا عليها‬
‫كلما تحركـع بكفرهـا وشـركها حـزز رأسـها بصـبرك وموافقتـ لربّـ والطم نينـة إلـى فعلـه ووعـد‬
‫شـ ِر َّ ِ‬
‫ين *‬‫الصـاب ِر َ‬ ‫ـي ‪َ } :‬وبَ م‬
‫وجي ل معينا‪ .‬وأمـا الصـالة والرحمـة‪ ،‬فقولـه ع َّـز وج َّ‬ ‫عز َّ‬ ‫والرضا بهما كان َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫َصابَـ ْتـ ُهم مصيبَةو قَالُواْ إِنَّا للّه َوإِنَّـا إِلَْيه َراجعو َن * أُولَـئ َ َعلَ ْـي ِه ْم َ‬
‫صـلَ َوا و مـن َّربم ِه ْـم َوَر ْح َمـةو‬ ‫ين إِذَا أ َ‬
‫الج َ‬
‫وجي بالدعا‬
‫عز َّ‬ ‫َوأُولَـئِ َ ُه ُم ال ُْم ْهتَ ُدو َن{‪.‬البقرة‪ .511-511‬والحالة األخر أن تبتهي إلى رب َّ‬
‫والتضرم إعظامـا لـه وامتثـاال ألمـر ‪ ،‬وفيـه وضـ الشـئ فـي موضـعه‪ ،‬ألنـه نـدب إلـى سـ اله والرجـوم‬
‫إليه‪ ،‬وجعي ذل مستراحا ورسوال من إليه وموصلة ووسيلة لديه بشرط ترك التهمة والسخط عليه‬
‫عند ت خير اإلجابة إلى حينها‪ ،‬اعتبر ما بين الحالتين وال تكن ممـن تجـاوز عـن حـديهما‪ ،‬فإنـه لـيس‬
‫ـي وال يبـالى كمـا أهلـ‬
‫عز وج َّ‬
‫هناك حالة أخر ‪ ،‬فاحجر أن تكون من الظالمين المعتدين فيهلك َّ‬
‫من مضى من األمم السالفة في الدنيا بتشديد بالئه وفى اآلخرة ب ليم عجابه‪.‬‬

‫المقالة الخامسة والثالاون‬

‫فـي ال ــورم‬

‫قــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرضــا ‪ :‬علي ـ بــالورم وإال فــالهالك فــي زيق ـ مــالزم ل ـ ال‬
‫تنجو منه أبدا إال أن يتغمدك اهلل تعالى برحمته‪ ،‬فقد ابع في الحديي المرو عن النبي صـلى اهلل‬
‫عليه وسلم أنه قال ‪( :‬إن مالك الدين الورم‪ ،‬وهالكه الطم ‪ ،‬وإن من حام حول الحمى يوشـ أن‬
‫يق فيه‪ ،‬كالرات إلى جنب الزرم يوش أن يمد فا إليه ال يكاد أن يسلم الزرم منه) وعن أبى بكر‬
‫الصديق رضي اهلل عنه أنه قال ‪ :‬كنا نتـرك سـبعين بابـا مـن المبـاح مخافـة أن نقـ فـي الجنـاح‪ .‬وعـن‬
‫أمير الم منين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه أنه قـال ‪ :‬كنـا نتـرك تسـعة أعشـار الحـالل مخافـة أن‬
‫نق في الحرام‪ ،‬فعلوا ذل تورعا في مقاربة الحرام أخجا بقول النبي صلى اهلل عليه وسـلم ‪( :‬لكـي‬
‫مل حمى) وإن حمى اهلل محارمه‪ ،‬فمن حام حول الحمـى يوشـ أن يقـ فيـه‪ ،‬فمـن دخـي حصـن‬
‫المل ـ فجــاز البــاب األول اــم الثــاني والثالــي حتــى قــرب مــن ســدته خيــر ممــن وق ـ علــى البــاب‬
‫األول الجي يلي البر‪ ،‬فإنه إن أللق عنه للق الباب الثالي لم يضر وهو من ورا بابين مـن أبـواب‬
‫القصر ومن دونه حراس المل وجنـد ‪ ،‬وأمـا إذا كـان علـى البـاب األول فـ للقوا عنـه بقـى فـي البـر‬
‫وحد ف خجتـه الـجئاب واألعـدا وكـان مـن الهـالكين‪ ،‬فهكـجا مـن سـل العزيمـة والزمهـا‪ .‬إن سـلب‬
‫ولــم يخــرج عــن الشــرم‪ .‬فــإذا أدركتــه‬ ‫عنــه مــدد التوفيــق والرعايــة وانقطعــع عنــه حصــي فــي الــرخ‬
‫ولـم يتقـدم إلـى‬ ‫المنية كان علـى العبـادة والطاعـة ويشـهد لـه بخيـر العمـي‪ ،‬ومـن وقـ علـى الـرخ‬
‫العزيمــة إن ســلب عنــه التوفيــق فقطعــع عنــه أمــداد فغلــب الهــو عليــه وشــهوا الــنفس‪ ،‬فتنــاول‬
‫ـي الضـالين عـن سـبي الهـد ‪،‬‬
‫الحرام خرج من الشرم‪ ،‬فصار في زمرة الشياطين أعـدا اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫فإن أدركته المنية قبي التوبة كان من الهالكين إال أن يتغمد اهلل تعالى برحمته وفضله‪ ،‬فالخطر في‬
‫القيام م الرخ ‪ ،‬والسالمة كي السالمة م العزيمة‪ ،‬واهلل الهادي إلى سوا الطريق‪.‬‬

‫المقالة السادسة والثالاون‬

‫فـي بـيـان الـدنـيـا و اآلخـرة و مـا يـنـبـغـي أن يـعـمـي فـيـهـمـا‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬أجعــي آخرت ـ رأس مال ـ ودنيــاك ربحــه‪ ،‬وأصــرت‬
‫زمان أوال في تحصيي آخرت ‪ .‬ام إن فضي من زمان شئ اصرفه في دنياك وفى طلب معاش ‪،‬‬
‫وال تجعــي دنيــاك رأس مالـ وآخرتـ ربحــه‪ .‬اــم إن فضــي مــن الزمــان فضــلة صــرفتها فــي آخرت ـ‬
‫تقتضـى فيهــا الصــلوا تســبكها ســبيكة واحــدة ســاقطة األركــان‪ ،‬مختلفــة الواجبـا مــن ليــر ركــوم‬
‫وسجود وطم نينة بين األركان‪ ،‬أو يلحق التعب واإلعيا فتنام عن القضا جملة‪ ،‬جيفـة فـي الليـي‬
‫بطاال في النهار تابعا لنفس وهواك وشيطان ‪ ،‬وبائعا آخرت بدنياك عنـد الـنفس ومطيتهـا‪ ،‬أمـر‬
‫بركوبهــا وتهــجيبها ورياضــتها والســلوك بهــا فــي ســبيي الســالمة وهــى طــرق اآلخــرة وطاعــة موالهــا عـ َّـز‬
‫وجي فظلمتها بقوبل منها وسلمع زمامها إليهـا وتبعتهـا فـي شـهواتها ولـجاتها وموافقتهـا وشـيطانها‬ ‫َّ‬
‫وهواها ففات خير الدنيا واآلخـرة وخسـرتهما فـدخلع القيامـة أفلـس النـاس وأخسـرهم دينـا ودنيـا‪،‬‬
‫وما وصلع بمتابعتها إلى أكثر من قسم من دنياك‪ ،‬ولو سـلكع بهـا طريـق اآلخـرة وجعلتهـا رأس‬
‫مالـ ربحـع الــدنيا واآلخـرة ووصـي إليـ قسـم مـن الــدنيا هنيئـا مرئيـا وأنــع مصـون مكـرم‪ ،‬كمــا‬
‫قال النبي صلى اهلل عليه وسـلم ‪( :‬إن اهلل يعطـى الـدنيا علـى نيـة اآلخـرة وال يعطـى اآلخـرة علـى نيـة‬
‫الدنيا) وكي ال يكون كجل ونية اآلخرة هي طاعة اهلل ألن النية روح العبادا وذاتها‪.‬‬

‫ـي وأهـي‬
‫وإذا أطعع اهلل بزهدك في الدنيا أو طلب دار اآلخـرة كنـع مـن خـواص اهلل ع َّـز وج َّ‬
‫ـي وخــدمت الــدنيا في تي ـ‬
‫طاعتــه ومحبتــه‪ ،‬وحصــلع ل ـ اآلخــرة وهــى الجنــة وجــوار اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫وجي‪ ،‬وإن اشـتغلع بالـدنيا‬
‫عز َّ‬
‫قسم الجي قدر ل منها‪ ،‬إذ الكي تب لخالقها وموالها وهو اهلل َّ‬
‫وأعرضع عن اآلخرة لضب الرب علي ففاتت اآلخرة وتعاصع الدنيا عليـ وتعسـر وأتعبتـ‬
‫ـي عليـ ألنهــا مملوكتــه‪ ،‬تهــين مــن عصــا وتكــرم مــن‬
‫فــي إيصــال قســم إليـ لغضــب اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫أطاعــه فيتحقــق حينئــج قولــه صــلى اهلل عليــه وســلم ‪( :‬الــدنيا واآلخــرة ضـرتان‪ ،‬إن أرضــيع إحــداهما‬
‫أســخطع علي ـ األخــر )‪ .‬قــال تعــالى ‪ِ } :‬مــن ُكم َّمــن ي ِري ـ ُد الــدنْـيا وِمــن ُكم َّمــن ي ِري ـ ُد ِ‬
‫اآلخـ َـرَة{‪.‬آل‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫عمران‪ .514‬يعنى به أبنا اآلخرة‪ ،‬فانظر من أبنا أيهما أنع ومن أي القبيلتـين تحـب أن تكـون‬
‫وأنع في الدنيا ام إذا صر إلى اآلخرة فالخلق فريقان فريـق فـي طلـب الـدنيا وفريـق فـي طلـب‬
‫ْجنَّـ ِـة َوفَ ِريـ وق فِـي َّ‬
‫السـ ِـعي ِر{‪.‬الشـور ‪ .1‬فريــق فــي‬ ‫ِ‬
‫اآلخـرة‪ ،‬وهــم أيضـا يــوم القيامــة فريقـان }فَ ِريـ وق فـي ال َ‬
‫ـين أَلْـ َ َسـنَ قة{‪.‬المعـارج‪ .3‬ممـا تعـدون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ق‬
‫الموق قيام في طول الحساب }في يَـ ْوم َكا َن م ْقـ َدا ُرُ َخ ْمس َ‬
‫كما قال تعالى‪ ،‬وفريق في ي العـرش كمـا أخبـر النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪( :‬إنكـم تكونـون يـوم‬
‫مــن‬ ‫القيامــة فــي ــي العــرش عــاكفون علــى الموائــد‪ ،‬عليهــا أطايــب الطعــام والفواكــه والشــهد أبــي‬
‫الــثلج)‪ .‬كمــا جــا فــي الحــديي ‪( :‬وينظــرون منــازلهم فــي الجنــة حتــى إذا فــرغ مــن حســاب الخلــق‬
‫دخلوا الجنة‪ ،‬يهتدون إلى منازلهم كما يهتـدي أحـد النـاس فـي الـدنيا إلـى منزلـه)‪ .‬فهـي وصـلوا إلـى‬
‫هـج إال بتـركهم الـدنيا واشـتغالهم بطلـب اآلخـرة والمــولى‪ .‬وهـي وقعـوا أولئـ فـي الحسـاب وأنــوام‬
‫الشدائد والجل إال الشتغالهم بالدنيا ورلبتهم فيها وزهدهم في اآلخرة وقلة المباالة ب مرها ونسـيان‬
‫يوم القيامة وما سيصيرون إليه لدا مما ذكر في الكتاب والسنة‪.‬‬

‫فــانظر لنفسـ نظــر رحمــة وشــفقة‪ ،‬واختــر لهـا خيــر القبيلتــين وأفردهــا عــن أقـران الســو مــن‬
‫شياطين اإلنس والجن‪ ،‬وأجعي الكتـاب والسـنة أمامـ وأنظـر فيهمـا وأعمـي بهمـا‪ ،‬وال تغتـر بالقـال‬
‫ـول فَ ُخ ـ ُجو ُ َوَمــا نَـ َهــا ُك ْم َع ْنــهُ فَــانتَـ ُهوا َواتَّـ ُقــوا‬
‫الر ُسـ ُ‬
‫والقيــي والهــوس‪ .‬قــال اهلل تعــالى ‪َ } :‬وَمــا آتَــا ُك ُم َّ‬
‫اللَّهَ{‪.‬الحشر‪ .1‬وال تخالفو فتتركوا العمي بما جـا بـه وتخترعـوا ألنفسـكم عمـال وعبـادة كمـا قـال‬
‫اها َعلَْي ِه ْم{‪.‬الحديـد‪ ،. 41‬اـم‬ ‫وجي في حق قوم ضلوا سوا السبيي } َوَرْهبَانِيَّة ابْـتَ َدعُ َ‬
‫وها َما َكتَْبـنَ َ‬ ‫عز َّ‬
‫َّ‬
‫ـي ‪َ } :‬وَمــا‬
‫ـي نبيــه صــلى اهلل عليــه وســلم ونزهــه عــن الباطــي والــزور فقــال عـ َّـز وجـ َّ‬ ‫إنـه زكــى هــو عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ِ‬
‫ـوحى{‪.‬الــنجم‪ .3–4‬أي مــا آتـاكم بــه فهــو مــن عنــدي ال مــن‬ ‫يَنطـ ُـق َعـ ِن ال َْهـ َـو * إِ ْن ُهـ َـو إَِّال َو ْحـ وـي يُـ َ‬
‫ه ــوا ونفس ــه ف ــاتبعو ‪ ،‬ا ــم ق ــال تع ــالى ‪} :‬قُـ ْـي إِن ُكن ــتُ ْم تُ ِحب ــو َن اللّــهَ فَــاتَّبِعُونِي يُ ْحبِـ ْـب ُك ُم اللّــهُ{‪.‬آل‬
‫عم ــران‪ .45‬فب ــين أن طري ــق المحب ــة إتباع ــه ق ــوال وفع ــال‪ ،‬فـ ــالنبي علي ــه الص ــالة والس ــالم قـــال ‪:‬‬
‫(االكتســاب س ــنتي‪ ،‬والتوكــي ح ــالتي) أو كمــا ق ــال‪ ،‬ف نــع ب ــين ســنته وحالت ــه وإن ضــع إيمانـ ـ‬
‫فالتكسب الجي هو سـنته وإن قـو إيمانـ فحالتـه التـي هـي التوكـي قـال اهلل تعـالى ‪َ } :‬و َعلَـى اللّ ِـه‬
‫ين{‪.‬المائـ ـ ــدة‪ .44‬وقـ ـ ــال تعـ ـ ــالى ‪َ } :‬وَمـ ـ ــن يَـتَـ َوَّكـ ـ ـ ْـي َعلَـ ـ ــى اللَّـ ـ ـ ِـه فَـ ُهـ ـ ـ َـو‬ ‫ِِ‬
‫فَـتَـ َوَّكلُـ ـ ــواْ إِن ُكنـ ـ ــتُم م ـ ـ ـ ْ من َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين{‪.‬آل عمـران‪ .515‬فقـد أمـرك بالتوكـي‬ ‫َح ْسبُهُ{‪.‬الطالق‪ .4‬وقال تعـالى ‪} :‬إِ َّن اللّـهَ يُحـب ال ُْمتَـ َـومكل َ‬
‫ونبهـ ـ ـ ـ ـ عليـ ـ ـ ــه كمـ ـ ـ ــا أم ـ ـ ـ ــر نبيـ ـ ـ ــه صـ ـ ـ ــلى اهلل عليـ ـ ـ ــه وس ـ ـ ـ ــلم فـ ـ ـ ــي قولـ ـ ـ ــه ‪َ } :‬وتَـ َوَّكـ ـ ـ ـ ْـي َعلَـ ـ ـ ــى‬
‫ـي فــي سـ اله فــي أعمالـ‬ ‫اللَّـ ِـه{‪.‬النســا ‪.15‬األنفــال‪.15‬األحـزاب‪ .31+4‬فــاتب أوامــر اهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫فهي مردودة علي قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬من عمي عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) هجا‬
‫يعلم طلب الـرزق واألعمـال واألقـوال‪ ،‬لـيس لنـا نبـي ليـر فنتبعـه وال كتـاب ليـر القـرآن فنعمـي بـه‪،‬‬
‫يي اللَّـ ِه{‪.‬ص‪.41‬‬ ‫فيضــل ه ـواك والشــيطان‪ .‬قــال اهلل تعــالى ‪} :‬وَال تَـتَّبِـ ِ ال َْهــو فَـي ِ‬
‫ض ـلَّ َ َعــن َس ـبِ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫فالســالمة مـ الكتــاب والســنة‪ ،‬والهــالك مـ ليرهمــا‪ ،‬وبهمــا يترقــى العبــد إلــى حالــة الواليــة والبدليــة‬
‫والغواية‪،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة السابعة والثالاون‬

‫فـي ذم الـحـســد و األمـر بـتـركـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬مالي أراك يا مـ من حاسـدا لجـارك فـي مطعمـه ومشـربه‬
‫وجي وقسمه الجي قسم له أما تعلم أن‬
‫عز َّ‬
‫وملبسه ومنكحه ومسكنه وتقلبه في لنا ونعم موال َّ‬
‫ـي ويبغضـ إليـه أمـا سـمعع الحـديي‬
‫هجا مما يضع إيمان ويسقط من عين موالك ع َّـز وج َّ‬
‫مـا تكلـم بـه‪ :‬الحسـود‬ ‫المرو على النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ‪( :‬قال اهلل تعـالى فـي بعـ‬
‫عدو نعمتي) وما سمعع قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬إن الحسد ي كي الحسنا كمـا ت كـي‬
‫فـإن حسـدته‬ ‫النار الحطب) ام على أي شئ تحسد يـا مسـكين أعلـى قسـمه أم علـى قسـم‬
‫شـ ـتـهم فِ ــي الْحي ــاةِ‬ ‫ِ‬
‫ََ‬ ‫س ـ ْـمنَا بَـ ْي ـ ـنَـ ُهم َّمعي َ َ ُ ْ‬
‫عل ــى قس ــمه ال ــجي قس ــمه اهلل ل ــه ف ــي قول ــه تع ــالى ‪} :‬نَ ْح ـ ُـن قَ َ‬
‫الدنْـيَا{‪.‬الزخرت‪ .44‬فقد لمته‪ ،‬رجي يتقلب في نعمة موال التي تفضـي بهـا عليـه وقـدرها لـه ولـم‬
‫وإن حسدته‬ ‫عقال من‬ ‫يجعي ألحد فيها حظا وال نصيبا‪ ،‬فمن يكون أ لم وأبخي وأرعن وأنق‬
‫على قسم فقد جهلع لاية الجهي‪ ،‬فإن قسم ال يعطى ليرك وال ينتقـي منـ إليـه‪ ،‬حـاش هلل‪.‬‬
‫ي وما أَنَا بِظََّالقم لملْعبِ ِ‬
‫وجي ال يظلم‬
‫عز َّ‬ ‫يد{‪.‬ق‪ .45‬إن اهلل َّ‬ ‫َ‬ ‫وجي ‪َ } :‬ما يُـبَ َّد ُل الْ َق ْو ُل لَ َد َّ َ َ‬
‫عز َّ‬
‫قال اهلل َّ‬
‫في خج ما قسم وقدر ل فيعطى ليـرك‪ ،‬فهـجا جهـي منـ و لـم ألخيـ ‪ ،‬اـم حسـدك لـ رض التـي‬
‫هي معدن الكنـوز والـجخائر مـن أنـوام الـجهب والفضـة والجـواهر ممـا جمعتـه الملـوك المتقدمـة مـن‬
‫عاد وامود وكسر وقيصـر أولـى مـن حسـدك لجـارك المـ من أو الفـاجر‪ ،‬فـإن مـا فـي بيتـه ال يكـون‬
‫جز ا من أجزا أل أل جز مما هناك‪ ،‬فما حسدك لجارك إال كمثي رجي رأ ملكا م سـلطانه‬
‫وجنود وحشمه وملكه وعلى أراضى واجباته خراجها وارتفاعهـا لديـه وتنعمـه بـ نوام الـنعم واللـجا‬
‫والشهوا فلم يحسد على ذل ام رأ كلبا بريا يخدم كلبا من كـالب ذلـ الملـ يقـوم ويقعـد‬
‫ويصــيح فيعطــى مــن مطــبخ الملـ بقايــا الطعــام وردا تــه فيتقــو بــه ف خــج يحســد ويعاديــه ويتمنــى‬
‫موته وهالكه وكونه مكانه وأن يخلفه في ذل خسـة ودنـا ة ال زهـدا ودينـا وقناعـة‪ ،‬فهـي يكـون فـي‬
‫الزمان رجي أحمق منه وأرعن وأجهي‬

‫اـم لــو علمــع يــا مســكين مــا ســيلقى جــارك لـدا مــن طــول الحســاب يــوم القيامــة إن لــم يكــن‬
‫أطــام اهلل فيمــا حولــه وأد حقــه فيهــا‪ ،‬وامتثــال أمــر وانتهــا نهيــه فيهــا‪ ،‬واســتعان بهــا علــى عبادتــه‬
‫وطاعتــه مــا يتمنــى انــه لــم يعــط مــن ذل ـ ذرة وال رأ نعيمــا يومــا قط‪،‬أمــا ســمعع مــا قــد ورد فــي‬
‫الحديي عن النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم أنـه قـال ‪( :‬ليتمنـين أقـوام يـوم القيامـة أن تقـرض لحـومهم‬
‫مما يرون ألصـحاب الـبال مـن الثـواب) فيتمنـى جـارك لـدا مكانـ فـي الـدنيا لمـا يـر‬ ‫بالمقاري‬
‫من طول حسابه ومناقشته وقيامه خمسين أل سنة في حر الشمس في القيامة‪ ،‬ألجي ما يمتن به‬
‫مــن النعــيم فــي الــدنيا وأنــع فــي معــزل عــن ذلـ فــي ــي العــرش آكــال شــاربا متنعمــا فرحــا مســرورا‬
‫مستريحا‪ ،‬لصبرك على شدائد الدنيا وضيقها وآفاتها وب سها وفقرهـا‪ ،‬ورضـاك وموافقتـ لربـ ع َّـز‬
‫وجي فيما دبر وقضى من فقرك ولنا ليرك‪ ،‬وسقم وعافية ليرك‪ ،‬وشدت ورخا ليـرك‪ ،‬وذلـ‬ ‫َّ‬
‫وعز ليـرك‪ ،‬جعلنـا اهلل وإيـاك ممـن صـبر عنـد الـبال ‪ ،‬وشـكر علـى النعمـا ‪ ،‬وفـوض األمـور إلـى رب‬
‫السما ‪.‬‬
‫المقالة الثامنة والثالاون‬

‫فـي الـصـ ـدق و الـنـصـيـحـة‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬من عامي موال بالصدق والنصاح‪ ،‬استوحش مما سوا‬
‫في المسا والصباح‪.‬‬

‫يا قوم ال تدعوا ما ليس لكم‪ ،‬ووحدوا‪ ،‬وال تشـركوا‪ ،‬واهلل إن سـهام القـدر تصـيبكم خدشـا ال‬
‫قتاال‪ ،‬من كان في اهلل تلفه فعلى اهلل خلفه‪.‬‬

‫المقالة التاسعة والثالاون‬

‫فـي تـفـس ـيـر الـش ـقـاق و الـوفـاق و الـنـفـاق‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضــا ‪ :‬األخـج مـ وجـود الهـو مـن ليـر األمـر عنـاد وشـقاق‪،‬‬
‫األخج م عدم الهو وفاق واتفاق وتركه ريا ونفاق‪.‬‬
‫المقالة األربعون‬

‫فـي مـتـى يـصـح لـلـسـالـ أن يـكـون في زمـرة الـروحـانـيـيـن‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬ال تطمـ أن تــدخي فــي زمــرة الروحــانيين حتــى تعــاد‬
‫جملت ـ ‪ ،‬وتب ـاين جمي ـ الجــوارح واألعض ـا ‪ ،‬وتنفــرد عــن وجــودك وحركات ـ وســكنات وســمع‬
‫وبصرك وكالم وبطشـ وسـعي وعملـ وعــقل ‪ ،‬وجميـ مـا كـان منـ قبـي وجـود الـروح فيـ‬
‫ـي‪ ،‬فــإذا صـر روحــا‬
‫ومــا أوجــد فيـ بعــد نفــخ الــروح‪ ،‬ألن جميـ ذلـ حجابـ عــن ربـ عـ َّـز وجـ َّ‬
‫منفردة‪ ،‬سـر السـر‪،‬ليب الغيـب‪ ،‬مباينـا ل شـيا فـي سـرك‪ ،‬متخـجا للكـي عـدوا وحجابـا و لمـة كمـا‬
‫ين{‪.‬الشــعرا ‪ .11‬قــال ذل ـ‬ ‫ِ‬ ‫قــال إب ـراهيم الخليــي عليــه الســالم }فَ ـِإنَّـ ُه ْم َع ـ ُد كو لمــي إَِّال َر َّ‬
‫ب ال َْعــالَم َ‬
‫ل صنام‪ ،‬فجعي أنع جملت وأجزا ك أصناما م سائر الخلـق‪ ،‬فـال تطـ شـيئا مـن ذلـ وال تتبعـه‬
‫جملـة‪ ،‬فحينئــج تـ من علــى األســرار والعلــوم أللدنيــة ولرائبهــا‪ ،‬ويــرد إليـ التكــوين وخــرق العــادا‬
‫التي هي من قبيي القدرة التي تكون للم منين في الجنة‪ ،‬فتكون في هج الحالة ك ن أحييـع بعـد‬
‫المــو فــي اآلخــرة‪ ،‬فتكــون كليت ـ ق ـدرة‪ ،‬تســم بــاهلل‪ ،‬وتنطــق ب ـاهلل‪ ،‬وتبصــر بــاهلل‪ ،‬وتــبطش بــاهلل‬
‫وتسعى باهلل‪ ،‬وتقي باهلل‪ ،‬وتطمئن وتسكن باهلل‪ ،‬فتعمـى عـن سـوا وتصـم عنـه فـال تـر لغيـر وجـودا‬
‫م حفت الحدود واألوامر والنواهي‪ ،‬فإن أنخرم في شي من الحدود فاعلم أن مفتـون متالعبـة‬
‫ب ـ الشــياطين‪ ،‬وأرج ـ إلــى حكــم الشــرم ودم عن ـ رأ الهــو ‪ ،‬ألن كــي حقيقــة لــم تشــهد لهــا‬
‫الشريعة فهي زندقة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة الحادية واألربعون‬

‫مـثـي فـي الـفـنـا و كـيـفـيـتـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬نضرب ل مثال فـي الفنـا فنقـول‪ :‬أال تـر أن الملـ‬
‫يــولى رجــال م ـن العــوام واليــة علــى بلــدة مــن الــبالد‪ ،‬ويخل ـ عليــه ويعقــد لــه ألويــة ورايــا ‪ ،‬ويعطيــه‬
‫الك وس والطبي والجند فيكون على برهة من الزمان‪ ،‬حتى إذا اطم ن واعتقد بقا واباته‪ ،‬وعجب‬
‫بــه ونســي حالتـه األولــى ونقصــانه وذلـه وفقــر وخمولــه‪ ،‬وداخلتــه النخــوة والكبريــا ج ـا العــزل مــن‬
‫المل في أشر ما كان من أمر ‪ ،‬ام طالبـه الملـ بجـرائم صـنعها وتعـد أمـر ونهيـه فيهـا‪ ،‬فحبسـه‬
‫فــي أضــيق الحبــوس وأش ـدها‪ ،‬وطــال حبســه ودام ضــر لــه وذلــه وفقــر ‪ ،‬وذابــع نخوتــه وكبريــاس ‪،‬‬
‫وانكسر نفسه وخمد نار هوا ‪ ،‬وكي ذل في عين المل ام تعطـ الملـ عليـه فنظـر بعـين‬
‫ورد الواليـة إليــه ومثلهــا‬
‫الرأفــة والرحمــة‪ ،‬فـ مر بإخراجــه مــن الحــبس واإلحســان إليــه‪ ،‬والخلعــة عليــه َّ‬
‫معهــا وجعلهــا لــه موهبــة‪ ،‬فــدامع لـه وبقيــع مصــفاة مكفــاة مهنـ ة وكــجل المـ من إذا قربـه اهلل إليــه‬
‫واجتبــا فــتح قبالــة عــين قلبــه بــاب الرحمــة والمنــة واإلنعــام‪ ،‬فيــر بقلبــه مــا ال عــين رأ وال أذن‬
‫ســمعع وال خط ـر علــى قلــب بشــر‪ ،‬مــن مطالع ـة الغيــوب مــن ملكــو الســموا واألرض وتقريــب‬
‫وكالم لجيج لطي ووعد جميي‪ ،‬ووفا به‪ ،‬وإجابة دعا وكلما حكمة وتصديق وعد‪ ،‬فإنهـا ترمـى‬
‫إليه قلبه قجفا من مكان بعيـد فتظهـر علـى لسـانه‪ ،‬ومـ ذلـ يسـب عليـه نعمـة ـاهرة علـى جسـد‬
‫وجوارحه‪ ،‬في الم كول والمشروب والملبوس والمنكوح الحالل والمباح وحفت الحدود والعبادا‬
‫وجي ذل لعبد الم من المججوب برهة من الزمان‪ ،‬حتى اطم ن العبد إلى‬ ‫عز ّ‬ ‫الظاهرة‪ ،‬فيديم اهلل ّ‬
‫ذل ـ والتــر بــه واعتق ـد دوامــه فــتح عليــه أبــواب البالي ـا وأنــوام المحــن فــي الــنفس والمــال واألهــي‬
‫والولــد والقلــب فينقطـ عنــه جميـ مـا كـان أنعــم اهلل عليــه مــن قبــي‪ ،‬فيبقــى متحيــرا حســيرا منكســرا‬
‫مقطوعا به‪.‬‬

‫إن نظــر إلــى ـاهر رأ مــا يســوس ‪ ،‬وإن نظــر إلــى قلبــه وباطنــه رأ مـا يحزنــه‪ ،‬وإن سـ ل اهلل‬
‫تعالى كش ما به من الضر لم ير إجابته‪ ،‬وإن طلب وعـدا جمـيال لـم يجـد سـريعا وإن وعـد بشـئ‬
‫لم يعثر على الوفا به‪ ،‬وإن رأ رسيا لـم يظفـر بتعبيرهـا وتصـديقها‪ ،‬وإن رام الرجـوم إلـى الخلـق لـم‬
‫يج ــد إل ــى ذلـ ـ س ــبيال‪ ،‬وإن ه ــر ل ــه ف ــي ذلـ ـ رخصـ ـة فعم ــي به ــا تس ــارعع العقوب ــا نح ــو‬
‫وتسلطع أيدي الخلق على جسمه وأسنتهم على عرضه‪ ،‬وإن طلب اإلقالة مما قـد أدخـي فيـه مـن‬
‫الحالة األولى قبي االجتبا لم يقـي‪ ،‬وإن طلـب الرضـا أو الطيبـة والتـنعم بمـا بـه مـن الـبال لـم يعـط‬
‫فحينئــج ي خــج الــنفس فــي الــجوبان والهــو فــي الـزوال واإلرادة واألمـاني فــي الرحيــي واألكــوان فــي‬
‫التالشــي‪ ،‬فيــدام لــه ذل ـ ب ـي ي ـزداد تشــديدا وعصــرا وت كيــدا‪ ،‬حتــى إذا فنــي العب ـد م ـن األخــالق‬
‫ِ ِ‬
‫ـي‬ ‫اإلنســانية والصــفا البشـرية وبقــى روحـا فقــط يســم نــدا فــي باطنــه } ْارُكـ ْ ب ِر ْجلـ َ َهـ َجا ُم ْغتَ َ‬
‫سـ و‬
‫ـي فــي قلبــه بحــار‬ ‫بَــا ِرود َو َشـ َـر و‬
‫اب{‪.‬ص‪ .34‬كمـا قيــي لســيدنا أيــوب عليــه الســالم‪ ،‬فيمطــر اهلل عـ ّز وجـ ّ‬
‫رحمته ورأفته ولطفه ومنته‪ ،‬ويحييه بروحه ويطيبه بمعرفته ودقائق علومـه‪ ،‬ويفـتح عليـه أبـواب رحمتـه‬
‫ونعمتــه وداللــه‪ ،‬وأطلــق إليــه األيــدي بالبــجل والعطــا والخدمــة فــي ســائر األحــوال واأللســن بالحمــد‬
‫والثن ــا ‪ ،‬وال ــجكر الطيـ ـب ف ــي جميـ ـ المح ــال‪ ،‬واألرجـ ـي بالترح ــال‪ ،‬وذلـ ـ ل ــه وس ــخر لـ ـه المل ــوك‬
‫واألرباب‪ ،‬وأسب عليه نعمة اهرة وباطنة‪ ،‬تربيته اهرة بخلقه ونعمه‪ ،‬ويسـت ار تربيتـه باطنـة بلطفـه‬
‫وكرمه‪ ،‬وأدام له ذل إلى اللقا ‪ ،‬ام يدخله فيما ال عين رأ وال أذن سمعع وال خطـر علـى قلـب‬
‫ـس َّم ــا أُ ْخ ِف ـ َـي لَ ُه ــم م ــن قُـ ـ َّـرةِ أَ ْع ــيُ قن َج ـ َـزا بِ َم ــا َك ــانُوا‬
‫ـي وع ــال ‪} :‬فَـ َـال تَـ ْعلَ ـ ُـم نَـ ْف ـ و‬
‫بش ــر‪ ،‬كم ــا قـ ـال ج ـ ّ‬
‫يَـ ْع َملُو َن{‪.‬السجدة‪.51‬‬
‫المقالة الثانية واألربعون‬

‫فـي بـيـان حـالـتـي الـنـفـس‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬الـنفس لهـا حالتـان ال االـي لهمـا‪ :‬حالـة عافيـة‪ ،‬وحالـة‬
‫بال ‪ ،‬فإذا كانع في بال فالجزم والشكو والسخط واالعتراض والتهمة للحق جي وعال ال صبر‬
‫وال رضــى وال موافقــة‪ ،‬بــي ســو األدب والشــرك بــالحق واألســباب والكفــر‪ ،‬وإذا كانــع فــي عافيــة‬
‫فالشر والبطر وإتبـام الشـهوا واللـجا ‪ ،‬كلمـا نالـع شـهوة طلبـع أخـر ‪ ،‬واسـتحقر مـا عنـدها‬
‫من النعم من م كول ومشروب وملبوس ومنكوح ومسكون ومركوب‪ ،‬فتخـرج لكـي واحـدة مـن هـج‬
‫الــنعم عيوبــا ونقصــا‪ ،‬وتطلــب أعلــى منهــا وأســنى ممــا لــم يقســم لهــا‪ ،‬وتعــرض عمــا قســم لهــا‪ ،‬فتوقـ‬
‫اإلنســان فــي تعــب طويــي‪ ،‬وال ترضــى بمــا فــي يــديها ومــا قســم لهــا‪ ،‬فيرتكــب الغم ـرا ويخــوض‬
‫المهالـ فــي تعــب طويــي ال لايــة لــه وال منتهــى فــي الــدنيا‪ ،‬اــم فــي العقبــى‪ ،‬كمــا قيــي‪ :‬إن مــن أشــد‬
‫العقوبا طلب ما ال يقسم‪ .‬وإذا كانع في بال ال تتمنى سو انكشافها وتنسى كي نعـيم وشـهوة‬
‫ولــجة وال تطلــب شــيئا منهــا‪ ،‬فــإذا عوفيــع منهــا رجعــع إلــى رعونتهــا وشــرها وبطرهــا وإعراضــها عــن‬
‫طاعــة ربهــا وانهماكهــا فــي معاصــيه‪ ،‬وتنســى مــا كانــع فيــه مــن أنــوام الــبال والضــر ومــا حــي بهــا مــن‬
‫الويي‪ ،‬فترد إلى أشد ما كانع عليه من أنوام البال والضر‪ ،‬لما اجترحع وركبع من العظائم فطمـا‬
‫لهــا وكفــا عــن المعاصــى فــي المســتقبي‪ ،‬إذ ال تصــلح لهــا العافيــة والنعمــة بــي حفظهــا فــي الــبال‬
‫والب ـ س‪ ،‬فلــو أحســنع األدب عنــد انكشــات البليــة والزمــع الطاعــة والشــكر والرضــى بالمقســوم‬
‫لكان خيرا لها دنيا وأخر ‪ ،‬وكانع تجد زيادة في النعيم والعافية والرضى من اهلل عز وجـي والطيبـة‬
‫والتوفيق‪ ،‬فمن أراد السالمة في الـدنيا واألخـر فعليـه بالصـبر والرضـا‪ ،‬وتـرك الشـكو إلـى الخلـق‬
‫وإنزال حوائجه بربه عز وجي ولزوم طاعته وانتظار الفرج منه و االنقطام إليه عز وجي‪ ،‬إذ هـو خيـر‬
‫من لير ومن جمي خلقه‪ ،‬حرمانه عطا ‪ ،‬عقوبته نعمـا ‪ ،‬بـالس دوا ‪ ،‬وعـد نفـج‪ ،‬قولـه فعـي مشـيئة‬
‫حاله }إِنَّ َما{ وقوله وأمـر أ َْم ُـرُ }إِذَا أ ََر َ‬
‫اد َش ْـيئا أَ ْن يَـ ُق َ‬
‫ـول لَـهُ ُك ْـن فَـيَ ُكـو ُن{‪.‬يـس‪ .14‬كـي أفعالـه حسـنة‬
‫وحكمة ومصلحة‪ ،‬لير أنه طو على المصالح من عباد وتفرد به‪ ،‬فاألولى والالئق بحاله والرضـى‬
‫والتسليم‪ ،‬واشتغاله بالعبودية من أدا األوامر وانتها النـواهي والتسـليم فـي القـدر‪ ،‬وتـرك االشـتغال‬
‫في الربوبيـة التـي هـي علـة األقـدار ومحاربتهـا‪ ،‬والسـكو عـن لـم وكيـ ومتـى والتهمـة للحـق عـز‬
‫وجي في جمي حركاته وسكناته‪ ،‬وتستند هج الجملة إلى حديي بن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬وهـو‬
‫ما رو عن عطا بن عباس رضي اهلل عنهما قال‪ :‬بينما أنـا رديـ رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم‬
‫إذ قال لي ‪ :‬يا لالم "أحفـت اهلل يحفظـ ‪ ،‬أحفـت اهلل تجـد أمامـ ‪ ،‬فـإذا سـ لع فاسـ ل اهلل‪ ،‬وإذا‬
‫اســتعنع فاســتعن بــاهلل‪ ،‬جـ القلــم بمــا هـو كـائن" فلــو جهــد العبــاد أن يضــروك بشــئ لــم يقضــه اهلل‬
‫علي لم يقدروا عليه فإن استطعع أن تعامي الناس بالصدق واليقين فاعمي‪ ،‬وإن لـم تسـتط فـإن‬
‫الصبر على ما تكر خيرا كثيرا‪ .‬وأعلم أن النصرة بالصبر والفرج م الكرب‪ ،‬وإن م العسر يسرا‪،‬‬
‫فينبغي لكي م من أن يجعي هجا الحديي مرآة لقلبه وشـعار وداـار وحديثـه‪ ،‬فيعمـي بـه فـي جميـ‬
‫وجي‪.‬‬
‫عز َّ‬
‫حركاته وسكناته حتى يسلم في الدنيا واآلخرة ويجد العزة فيهما‪ ،‬برحمة اهلل َّ‬

‫المقالة الثالثة واألربعون‬

‫فـي ذم الـس ـ ال مـن لـيـر اهلل تـعـالـى‬

‫ق ــال ق ـ َّـدس اهلل سـ ـ ّـر ‪ :‬مــا س ـ ل النــاس مــن س ـ ل إال لجهلــه بــاهلل عـ َّـز وجـ َّ‬
‫ـي وضــع إيمانــه‬
‫وجي وقوة إيمانه‬
‫عز َّ‬ ‫ومعرفته ويقينه وقلة صبر ‪ ،‬وما تعف من تعف عن ذل إال لوفور علمه باهلل َّ‬
‫وجي‪.‬‬
‫عز َّ‬ ‫وجي في كي يوم ولحظة وحياته منه َّ‬ ‫عز َّ‬ ‫ويقينه وتزايد معرفته بربه َّ‬
‫المقالة الرابعة واألربعون‬

‫فـي س ـبـب عـدم اس ـتـجـابـة دعـا الـعـارت بـاهلل تـعـالـى‬

‫قـال ق َّـدس اهلل سـ ّـر ‪ :‬إنما لم يستجب للعارت كلما يس ل ربه عز وجي ويوفى له بكـي وعـد‬
‫لئال يغلب عليه الرجا فيهل ‪ ،‬ألن ما من حالة ومقام إال ولجاك خوت ورجا هما جناحي طـائر ال‬
‫يــتم اإليمــان إال بهمــا وكــجل الحــال والمقــام‪ ،‬ليــر أن خــوت كــي حالــة ورجا هــا بمــا يليــق بهــا‪،‬‬
‫فالعارت مقرب وحالته ومقامه أن ال يريد شيئا سو موال عـز وجـي وال يـركن وال يطمـئن إلـى ليـر‬
‫عز وجي‪ ،‬وال يست نس بغيـر ‪ ،‬فطلبـه إلجابـة سـ اله والوفـا بعهـد ليـر مـا هـو بصـدد والئـق بحالـه‬
‫ففي ذل أمران اانان ‪ :‬أحدهما لئال يغلب عليه الرجا والغرة بمكر ربه عز وجي فيغفي عن القيام‬
‫باألدب فيهل ‪ ،‬واآلخر شركه بربه عـز وجـي يشـئ سـوا ‪ ،‬إذ ال معصـوم فـي العـالم فـي الظـاهر بعـد‬
‫األنبيا عليهم وعلى نبينا أفضي الصالة والسالم‪ ،‬فال يجيبه وال يوفى لـه كـيال‪ ،‬يسـ ل عـادة ويريـد‬
‫طبعا ال امتثال ل مر‪ ،‬لمـا فـي ذلـ مـن الشـرك والشـرك كبيـرة فـي األحـوال كلهـا واألقـدام جميعهـا‬
‫والمقاما ب سرها‪.‬‬

‫وأمــا إذا كــان الس ـ ال ب ـ مر فــجل ممــا يزيــد قربــا كالصــالة والصــيام وليرهمــا مــن الفــرائ‬
‫والنوافي‪ ،‬ألنه يكون في ذل ممتثال ل مر‪.‬‬
‫المقالة الخامسة واألربعون‬

‫فـي الـنـعـمـة و االبـتـال‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إن الناس رجالن‪ :‬منعم عليه‪ ،‬ومبتلى بما قضى ربه عز‬
‫وجي ‪ ،‬فالمنعم ال يخلو من المعصية والتكدر فيما أنعم عليه‪ ،‬فهو في أنعم مـا يكـون مـن ذلـ إذ‬
‫جا القدر بما يكدر عليـه مـن أنـوام الباليـا مـن األمـراض واألوجـام والمصـائب فـي الـنفس والمـال‬
‫واألهي واألوالد فيتعت بجل ‪ ،‬فك نه لم ينعم عليه قط وينسى ذل النعيم وحالوته وإن كان الغنـى‬
‫قائمــا بالمــال والجــا والعبيــد واإلمــا واألمــن مــن األعــدا فهــو فــي حــال النعمــا ك ـ ن ال بــال فــي‬
‫ـال لم َمـا يُ ِريـ ُد{‪.‬هـود‪.511‬البـروج‪ .51‬يبـدل‪ ،‬ويحلـى‬
‫ـي }فَـعَّ و‬
‫الوجود‪ ،‬كي ذل لجهله بمـوال ع َّـز وج َّ‬
‫ويمر‪ ،‬ويغنى ويفقر‪ ،‬ويرف ويخف ‪ ،‬ويعز ويجل ويحيى ويميع‪ ،‬ويقدم ويـ خر‪ .‬لمـا اطمـ ن إلـى مـا‬
‫به من النعيم‪ ،‬ولما التر به‪ ،‬ولما أيس من الفرج في حالة البال ‪ ،‬وبجهله أيضا بالدنيا اطمـ ن إليهـا‬
‫وطلب بها صفا ال يشوبه كدر‪ ،‬ونسى إنهـا دار بـال وتنغـي ‪ ،‬وتكـالي وتكـدير وأن أصـلها بـال‬
‫وطارفها نعما فهي كشجرة الصبر أول امرتها مر وآخرهـا شـهد حلـو‪ ،‬ال يصـي المـر إلـى حالوتهـا‬
‫حتى يتجرم مرارتهـا‪ ،‬فلـن يبلـ إلـى الشـهد إال بالصـبر علـى المـر‪ ،‬فمـن صـبر علـى بالئهـا حلـى لـه‬
‫نعيمها‪ ،‬إنما يعطى األجير أجر بعد عروق جبينه وتعب جسد وكـرب روحـه وضـيق صـدر وذهـاب‬
‫قوتـه وإذالل نفســه وكســر هــوا فــي خدمــة مخلــوق مثلــه‪ ،‬فلمــا تجــرم هــج المرائــر كلهــا أعقبــع لــه‬
‫طيب طعام وإدام وفاكهة ولباس وراحة وسرور ولو أقي قليي‪ ،‬فالدنيا أولها مرة كالصحفة العليـا مـن‬
‫منــه إال بعــد‬ ‫عســي فــي ــرت مشــوبة بمــرارة‪ ،‬فــال يصــي اآلكــي إلــى قــرار الظــرت ويتنــاول الخــال‬
‫تنــاول الصــحفة العليــا‪ ،‬فــإذا صــبر العبــد علــى أدا أوامــر الــرب عــز وجــي وانتهــا نواهيــه والتســليم‬
‫فيما يجر به القدر‪ ،‬وتجرم مرائر ذلـ كلـه وتحمـي أاقالـه‪ ،‬وخـال هـوا وتـرك مـراد ‪.‬‬ ‫والتفوي‬
‫أعقبه اهلل عز وجي بجل طيب العيش في آخر عمر والـدالل والراحـة والعـزة‪ ،‬ويتـوال ويغجيـه كمـا‬
‫يغج الطفي الرضـي مـن ليـر تكلـ منـه وتحمـي م نـة وتبعـة فـي الـدنيا واألخـر كمـا يتلـجذ آكـي‬
‫المر من الصحفة العليـا مـن العسـي ي كلـه مـن قـرار الظـرت‪ ،‬فينبغـي للعبـد المـنعم عليـه أن ال يـ من‬
‫مكر اهلل عز وجي فيغتر بالنعمـة ويقطـ بـدوامها‪ ،‬ويغفـي عـن شـكرها ويرخـى قيـدها بتركـه لشـكرها‪.‬‬
‫قال النبي صلى اهلل عليه وسـلم ‪( :‬النعمـة وحشـية فقيـدوها بالشـكر) فشـكر نعمـة المـال االعتـرات‬
‫بها للمنعم المتفضي وهو اهلل عز وجي والتحدف بهـا لنفسـه فـي سـائر األحـوال ورسيـة فضـله ومنتـه‬
‫عز وجي وأن ال يتمل عليـه وال يتجـاوز حـد فيـه‪ ،‬وال يتـرك أمـر فيـه‪ ،‬اـم بـ دا حقوقـه مـن الزكـاة‬
‫والكفــارة والنــجر والصــدقة‪ ،‬وإلااــة الملهــوت‪ ،‬وافتقــاد أربــاب الحاجــا وأهلهــا فــي الشــدائد عنــد‬
‫تقلب األحوال وتبدل الحسنا بالسيئا ‪ ،‬أعنى ساعا النعيم والرخا بالب سا والضـرا ‪ .‬وشـكر‬
‫نعم ــة العافي ــة ف ــي الج ــوارح واألعض ــا ف ــي االس ــتعانة به ــا عل ــى الطاع ــا والكـ ـ ع ــن المح ــارم‬
‫والسيئا والمعاصي واآلاام فجل قيد النعم عن الرحلة والجهاب‪ ،‬وسقى شجرتها وتنمية ألصانها‬
‫وأوراقهــا‪ ،‬وتحســين امرتهــا‪ ،‬وحــالوة طعمهــا وســالمة عاقبتهــا‪ ،‬ولــجة مضــغها‪ ،‬وســهولة بلهــا‪ ،‬وتعقــب‬
‫عافيتها وريعها في الجسد‪ ،‬ام هور بركتها علـى الجـوارح مـن أنـوام الطاعـا والقربـا واألذكـار‪،‬‬
‫ام دخول العبـد بعـد ذلـ فـي اآلخـرة فـي رحمـة اهلل عـز وجـي‪ .‬والخلـود فـي الجنـان مـ – النبيـين‬
‫والصـديقين والشــهدا والصــالحين وحسـن أولئـ رفيقــا – فــإن لـم يفعــي ذلـ والتـر بمــا هــر مــن‬
‫زينة الدنيا وبما ذاق من لجتها‪ ،‬واطم ن إلى بريق سرابها وما الح من بريقها وما هب من نسيم أول‬
‫نهــار قيظهــا‪ ،‬ونعمومــة جلــود حياتهــا وعقاربهــا‪ ،‬ولف ــي وعمــى عــن ســمومها القاتلــة المودعــة ف ــي‬
‫أعماقها‪ ،‬ومكامنها ومصايدها المنصـوبة ألخـج وحبسـه وهالكـه‪ ،‬فليهنـ للـرد وليسـتبش بـالعط‬
‫والفقر العاجي‪،‬م الجل والهوان في الدنيا والعجاب اآلجي في النار ولظى‪.‬‬

‫وأما المبتلى‪ .‬فتارة يبتلى عقوبة ومقابلة لجريمة ارتكبها ومعصية اقترفها وأخر يبتلى تكفيـرا‬
‫وتحميصــا‪ ،‬وأخــر يبتلــى الرتفــام الــدرجا وتبليـ المنــازل العاليــا ليلحــق بـ ولى العــالم مــن أهــي‬
‫الحــاال والمقامــا ‪ ،‬ممــا ســبقع لهــم عنايــة مــن رب الخليقــة والبريــا ‪ ،‬وســيرهم مــوالهم ميــادين‬
‫البليـ ــا علـ ــى مطايـ ــا الرفـ ــق واأللطـ ــات‪ ،‬وروحهـ ــم بنسـ ــيم النظ ـ ـرا واللحظـ ــا فـ ــي الحركـ ــا‬
‫والســكنا ‪ ،‬إذ لــم يكــن ابــتالهم لإلهــالك واإلهــوا فــي الــدركا ‪ ،‬ولكــن اخبــرهم بهــا لالصــطفا‬
‫واالجتبـ ـ ــا واسـ ـ ــتخراج بهـ ـ ــا مـ ـ ــنهم حقيقـ ـ ــة اإليمـ ـ ــان وصـ ـ ــفاها وميزهـ ـ ــا مـ ـ ــن الشـ ـ ــرك والـ ـ ــدعاو‬
‫الخـواص‪ ،‬ائتمـنهم علـى‬ ‫والنفاق‪،‬ونحلهم بهـا أنـوام العلـوم واألسـرار واألنـوار‪ ،‬فجعلهـم مـن اخلـ‬
‫أسرار ‪ ،‬وارتضاهم لمجالسته‪ .‬قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬الفقرا الصبر جلسا الرحمن يوم‬
‫القيامة) دنيا وأخر ‪ ،‬في الدنيا بقلوبهم وفى اآلخرة ب جسادهم‪ ،‬فكانع الباليا مطهرة لقلـوبهم مـن‬
‫دون الشــرك‪ ،‬والتعلــق بــالخلق واألســباب واألمــاني واإلرادا ‪ ،‬وذوابــة لهــا وســباكة مــن الــدعاو‬
‫والهوسا ‪ ،‬وطلب األعواض بالطاعا مـن الـدرجا والمنـازل العاليـا فـي اآلخـرة فـي الفـردوس‬
‫والجنا ‪.‬‬

‫فعالمة االبتال علـى وجـه المقابلـة والعقوبـا ‪ ،‬عـدم الصـبر عـن وجودهـا والجـزم والشـكو‬
‫إلى الخليقة والبريا ‪.‬‬

‫وعالمـة االبـتال تكفيــرا وتمحيصـا للخطيـا وجــود الصـبر الجميـي مــن ليـر شـكو وإ هــار‬
‫الجزم إلى األصدقا والجيران والتضجر ب دا األوامر والطاعا ‪.‬‬

‫وعالمــة االبــتال ارتفــام وجــود الرضــا والموافــق‪ ،‬وطم نينــة الــنفس والســكون بفعــي إلــه األرض‬
‫والسموا ‪ ،‬والفنا فيها إلى حين االنكشات بمرور األيام والساعا ‪.‬‬

‫المقالة السادسة واألربعون‬

‫فـي قـولـه عـز و جـي فـي الـحـديـي الـقـدســي‬


‫( مـن ش ـغـلـه ذكـر …) إلـى آخــر‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬في قوله النبي صلى اهلل عليه وسلم عـن ربـى عـز وجـي‬
‫‪( :‬من شغله ذكـر عـن مسـئلتى أعطيتـه أفضـي مـا أعطـى السـائلين) وذلـ أن المـ من إذا أراد اهلل‬
‫عـز وجــي اصــطفا واجتبــا ‪ ،‬سـل بــه األحــوال وامتحنــه بـ نوام المحـن والباليــا فيفقــر بعــد الغنــى‬
‫ويضطر إلى مس لة الخلـق فـي الـرزق عنـد سـد جهاتـه عليـه‪ ،‬اـم يصـونه عـن مسـ لتهم ويضـطر إلـى‬
‫الكســب ويســهله وييســر لــه في كــي بالكســب الــجي هــو الســنة‪ ،‬اــم يعســر عليــه ويلهمــه الس ـ ال‬
‫للخلق‪ ،‬وي مر به ب مر باطن يعلمه ويعرفه ويجعي عبادته فيه ومعصيته فـي تركـه‪ ،‬ليـزول بـجل هـوا‬
‫وتنكسي نفسه وهى حالة الرياضة فيكون س اله على وجه اإلجبار ال على وجه الشرك بالجبـار‪ ،‬اـم‬
‫يصونه عن ذل وي مر بالفرض منهم أمرا جزما ال يمكنه تركه كالس ال من قبي اـم ينقلـه مـن ذلـ‬
‫ويقطعه عن الخلق ومعـاملتهم‪ ،‬فيجعـي رزقـه فـي السـ ال لـه عـز وجـي فيسـ له جميـ مـا يحتـاج إليـه‬
‫فيعطيــه عــز وجــي وال يقطعــه إن ســكع وأعــرض عــن الس ـ ال‪ ،‬اــم ينقلــه مــن الس ـ ال باللســان إلــى‬
‫الس ال القلب فيس له بقلبه جمي ما يحتاج فيعطيه حتى أنه لـو سـ له جملـة ـاهرا وباطنـا‪ ،‬فيناديـه‬
‫بجمي ما يصلحه ويقوم به أود من الم كول والمشروب والملبوس وجمي مصالح البشر مـن ليـر‬
‫أن يكون هو فيها أو تخطر ببالـه‪ .‬فيتـوال عـز وجـي وهـو قولـه عـز وجـي }إِ َّن َولِيمـ َـي اللّـهُ الَّ ِـجي نَـ َّـز َل‬
‫ين{‪.‬األعـرات‪ .551‬فيتحقــق حينئــج قولــه عــز وجــي (مــن شــغله ذكــر‬ ‫ْكتَــاب و ُهــو يـتَ ــولَّى َّ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫الصــالح َ‬ ‫ال َ َ َ َ َ‬
‫عــن مس ـ لتي أعطيتــه أفضــي مــا أعطــى الســائلين) وهــى حالــة الفنــا التــي هــي لايــة أحــوال األوليــا‬
‫واألبــدال اــم قــد يــرد إلــى التكــوين فيكــون جميـ مــا يحتــاج إليــه بــإذن اهلل وهــو قولــه جــي وعــال فــي‬
‫بع كتب "يا ابن آدم أنا اهلل الجي ال لليـه إال أنـا أقـول للشـئ كـن فيكـون‪ ،‬أطعنـي أجعلـ تقـول‬
‫للشئ كن فيكون"‪.‬‬
‫المقالة السابعة واألربعون‬

‫فـي الـتـقـرب إلـى اهلل تـعـالـى‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬سـ لني رجــي شــيخ فــي المنــام فقــال ‪ :‬أي شــئ يقــرب‬
‫فقلـع ‪ :‬لـجل ابتـدا وانتهـا فابتـداس الـورم وانتهـاس الرضـى والتسـليم‬ ‫ـي‬
‫عز وج َّ‬
‫العبد إلى اهلل َّ‬
‫والتوكي‪.‬‬
‫المقالة الثامنة واألربعون‬

‫فـي مـا يـنـبـغـي لـلـمـ مـن أن يـش ـتـغـي بـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ينبغي للم من أن يشتغي أوال بالفرائ ‪ ،‬فإذا فرغ منها‬
‫فاالشـتغال بالسـنن حمـق‬ ‫اشتغي بالسنن‪ ،‬ام يشتغي بالنوافي والفضائي‪ ،‬فمـا لـم يفـرغ مـن الفـرائ‬
‫لــم يقبــي منــه وأهــين‪ ،‬فمثلــه مثــي رجــي يــدعو‬ ‫ورعونــة‪ ،‬فــإن اشــتغي بالســنن والنوافــي قبــي الفــرائ‬
‫المل إلى خدمته فال ي تي إليه ويق في خدمة األمير الجي هو لالم المل وخادمه وتحـع يـد‬
‫وواليته‪.‬‬

‫عن أمير الم منين سيدنا علـى بـن أبـى طالـب رضـي اهلل عنـه قـال ‪ :‬قـال رسـول اهلل صـلى اهلل‬
‫مثي حبلى حملع فلما دنا نفاسها أسقطع فال‬ ‫عليه وسلم ‪( :‬إن مثي مصلى النوافي قبي الفرائ‬
‫هــي ذا حمــي وال هــي ذا والدة) كــجل المصــلى ال يقبــي اهلل لــه نافلــة حتــى ي ـ د الفريضــة‪.‬‬
‫له ربحـه حتـى ي خـج رأس مالـه‪ ،‬وكـجل المصـلى بالنوافـي ال‬ ‫ومثي المصلى كمثي التاجر ال يخل‬
‫ولـم‬ ‫تقبي له نافلة حتى ي د الفريضة‪ ،‬وكجل من ترك السنة واشتغي بنافلة لم ترتب م الفـرائ‬
‫تـرك الحـرام والشـرك بـاهلل عـز وجـي فـي خلقـه‪ ،‬واالعتـراض‬ ‫عليهـا وي كـد أمرهـا فمـن الفـرائ‬ ‫ين‬
‫عليه في قدر وقضائه وإجابة الخلق وطاعتهم‪ ،‬واإلعراض عن أمر اهلل عز وجي وطاعته‪ ،‬قال النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪( :‬ال طاعة لملخوق في معصية خالق)‪.‬‬
‫المقالة التاسعة واألربعون‬

‫فـي ذم ال ـن ــوم‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬من اختار النوم على الجي هو سبب اليقظة فقد اختـار‬
‫واألدنــى واللحـوق بــالمو والغفلـة عــن جميـ المصـالح‪ ،‬ألن النــوم أخـو المــو ولهــجا ال‬ ‫األنقـ‬
‫أجمـ ‪ ،‬وكـجل المالئكـة لمـا قربـوا منـه عـز‬ ‫يجوز النـوم علـى اهلل لمـا انتفـى عـز وجـي عـن النقـائ‬
‫وجي نفى النوم عنهم‪ ،‬وكـجل أهـي الجنـة لمـا كـانوا فـي أرفـ المواضـ وأطهرهـا وأنفسـها وأكرمهـا‬
‫نفى النوم عنهم لكونه نقصا في حالتهم‪ ،‬فالخير كي الخيـر فـي اليقظـة‪ ،‬والشـر كـي الشـر فـي النـوم‬
‫والغفلة‪ ،‬فمن أكي بهوا أكي كثيرا فشرب كثيرا فنام كثيرا فندم كثيـرا طـويال وفاتـه خيـر كثيـر‪ ،‬ومـن‬
‫أكي قليال من الحرام كان كمن أكـي كثيـرا مـن المبـاح بهـوا ‪ ،‬ألن الحـرام يغطـى اإليمـان فـال صـالة‬
‫وال عبادة وال إخالص‪ ،‬ومن أكي من الحالل كثيرا باألمر كان كمن أكي منه قلـيال فـي النشـاط فـي‬
‫العبادة والقوة‪ ،‬فالحالل نـور فـي نـور‪ ،‬والحـرام لمـة فـي لمـة‪ ،‬ال خيـر فيـه ‪ .‬أكـي الحـالل بهـوا‬
‫بغير األمر‪ ،‬وأكي الحرام مستجلبان للنوم‪ ،‬فال خير فيه‪.‬‬
‫المقالة الخمسون‬

‫فـي عـالج دفـ الـبـعـد عـن اهلل تـعـالـى‬


‫و بـيـان كـيـفـيـة الـتـقـرب مـنـه تـعـالـى‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال يخلو أمرك من قسمين‪:‬‬

‫إمــا أن تكــون لائبــا عــن القــرب مــن اهلل أو قريبــا منــه واصــال إليــه‪ ،‬فــإن كنــع لائبــا عنــه فمــا قعــودك‬
‫وتواني ـ عــن الحــت األوفــر والنعــيم والعــز الــدائم والكفايــة الكبــر والســالمة والغنــى والــدالل فــي‬
‫فق ــم وأس ــرم ف ــي الطي ــران إلي ــه ع ــز وج ــي بجن ــاحين‪ :‬أح ــداهما‪ :‬ت ــرك الل ــجا‬ ‫ال ــدنيا واألخ ــر‬
‫والشهوا الحرام منها والمباح والراحا أجم ‪.‬‬

‫واآلخ ــر احتم ــال األذ والمك ــار ورك ــوب العزيم ــة واألش ــد‪ ،‬والخ ــروج م ــن الخل ــق واله ــو‬
‫واإلرادا والمنــى دنيــا وأخــر حتــى تظفــر بالوصــول والقــرب‪ ،‬فتجــد عنــد ذلـ جميـ مــا تتمنــى‪،‬‬
‫وتحصي ل الكرامة العظمى والعزة الكبـر فـإن كنـع مـن المقـربين الواصـلين إليـه عـز وجـي ممـن‬
‫أدركتهم العناية وشملتهم الرعاية وججبتهم المحبة ونالتهم الرحمة والرأفة‪ ،‬ف حسن األدب وال تغتـر‬
‫بما أنع فيه‪ ،‬فتقصر فـي الخدمـة‪ ،‬وال تخلـد إلـى الرعونـة األصـلية مـن الظلـم والجهـي والعجـي فـي‬
‫ِ‬
‫نسا ُن إنَّهُ َكا َن َلُوما َج ُهوال{‪.‬األحزاب‪ .14‬وقوله تعالى ‪َ } :‬وَكا َن ا ِإل َ‬
‫نسا ُن‬ ‫قوله تعالى ‪َ } :‬و َح َملَ َها ِْ‬
‫اإل َ‬
‫َع ُجوال{‪.‬اإلسرا ‪ .55‬وأحفت قلب من االلتفا إلى ما تركته مـن الخلـق والهـو واإلرادة والتخيـر‬
‫وترك الصبر والموافقة والرضا عند نزول البال ‪ ،‬واستطرح بين يدي اهلل عـز وجـي كـالكرة بـين يـدي‬
‫الفارس يقلبها بصولجانه‪ ،‬والميع بين يـدي الغاسـي‪ ،‬والطفـي الرضـي فـي حجـر أمـه و ئـر ‪ ،‬تعـامى‬
‫عمــن ســوا عــز وجــي فــال تــر لغيــر وجــودا وال ضــرا وال نفعــا وال عطــا وال منعــا‪ ،‬أجعــي الخليقــة‬
‫واألسباب عند األذية والبلية كسوطه عز وجي يضرب به‪ ،‬وعند النعمة والعطية كيد يلقم بها‪.‬‬

‫المقالة الحادية والخمسون‬

‫فـي ال ــزهـ ـ ــد‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬الـزاهــد يثــاب بســبب األقســام مــرتين يثــاب فــي تركهــا‬
‫أوال‪ ،‬فال ي خجها بهوا و موافقة النفس‪ ،‬بي ي خـجها بمجـرد األمـر‪ ،‬فـإذا تحققـع عداوتـه لنفسـه و‬
‫مخالفتــه لهــوا عُــد مــن المحقــين و أهــي الواليــة و أدخــي فــي زمــرة األبــدال و العــارفين أمــر حنيئــج‬
‫بتناولها و التلبس بها‪ ،‬إذ هي قسمة البد له منها لم تخلق لغير ‪ ،‬ج بها القلم و سبق بها العلم‪،‬‬
‫فإذا امتثي األمر فتناول أو أطل بالعلم فتلبس بها بجريـان القـدر و الفعـي فيـه مـن ليـري أن يكـون‬
‫هــو فيــه‪ ،‬ال هــو و ال إرادة و ال همــة أايــب بــجل اانيــا‪ ،‬هــو ممتثــي ل مــر بــجل أو موافــق لفعــي‬
‫الحق عز و جي فيه‪.‬‬

‫فإن قال قائي ‪ :‬كي أطلقع القول بالثواب لمن هو في المقـام األخيـر الـجي ذكرتـه مـن أنـه‬
‫أدخــي فــي زمــرة اإلبــدال و العــارفين المفعــول فــيهم‪ ،‬الفــانين عــن الخلــق و األنفــس و األهويــة و‬
‫اإلرادا و الحظـوظ و األمــاني و األعـواض علــى العمــال الـجين يــرون جميـ طاعــاتهم و عبــاداتهم‬
‫فضال من اهلل عز و جي و نعمة و رحمة و توفيقا و تيسيرا منه عز و جي ويعتقـدون أنهـم عبيـد اهلل‬
‫عز و جي ‪ ،‬و العبد ال يستحق على موال حقا‪ ،‬إذ هو برمته م حركاته و سكناته و أكسـابه ملـ‬
‫لموال ‪ ،‬فكي يقال في حقه يثاب و هو ال يطلب اوابا و ال عوضا على فعلـه و ال يـر لـه عمـال‪،‬‬
‫بي ير نفسه من البطالين و أفلس المفلسين من األعمال‪.‬‬
‫فتقول ‪ :‬صدقع‪ ،‬لير أن اهلل عز و جي يواصله بفضله و يدلـله بنعمه و يربيه بلطفه و رأفتـه‬
‫و بر و رحمته و كرمه‪ ،‬إذ ك يد عن مصالح نفسه و طلب الحظوظ لهـا و جلـب النفـ إليهـا و‬
‫دف الضر عنها‪ ،‬فهو كالطفي الرضي الجي ال حـراك لـه فـي مصـالح نفسـه و هـو مـدلي بفضـي اهلل‬
‫عز و جي و رزقه الدار على يدي والديه الوكيلين الكفيلـين‪ ،‬فلمـا سـلب عنـه مصـالح نفسـه عطـ‬
‫قلوب الخلق عليه و أوجد رحمة و شفقة له فـي القلـوب حتـى كـي واحـد يرحمـه و يتعطـ عليـه و‬
‫ـان عـن سـو اهلل الـجي ال يحركـه ليـر أمـر أو فعلـه مواصـي بفضـي اهلل عـز و‬ ‫يبر ‪ ،‬فهكجا الكي ف ق‬
‫جــي دنيــا و أخــر مــدلي فيهمــا مــدفوم عنــه األذ متــولي‪ ،‬قــال تعــالى ‪} :‬إِ َّن َولِيمـ َـي اللّــهُ الَّـ ِـجي نَـ َّـز َل‬
‫ين{‪.‬األعرات‪.551‬‬ ‫ْكتَاب و ُهو يـتَـولَّى َّ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫ال َ َ َ َ َ‬
‫المقالة الثانية والخمسون‬

‫فـي سبب ابتال طائفة من الم منين‬

‫قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬إنمـا يبتلـى اهلل طائفـة مـن المـ منين األحبـاب مـن أهـي‬
‫الوالية ليردهم بالبال إلى الس ال فيحب س الهم‪ ،‬فإذا س لوا يحب إجابتهم فيعطى الكـرم والجـود‬
‫حقهمـا ألنهمــا يطالبـان ألنــه عـز و جــي عنــد سـ ال المـ منين مـن اإلجابــة‪ ،‬وقـد تحصــي اإلجابــة وال‬
‫يحصي النقد والنقاد لتعويق القدر ال على وجـه عـدم اإلجابـة والحرمـان‪ ،‬فليتـ دب العبـد عنـد نـزول‬
‫البال ‪ ،‬وليفتش عن ذنوبه فـي تـرك األوامـر وارتكـاب المنـاهى مـا هـر منـا ومـا بطـن‪ .‬والمنازعـة فـي‬
‫القــدر إذا تعاقــب عليــه‪ ،‬إنمــا يبتلــى بــجل مقابلــة‪ ،‬فــان انكشـ الــبال ‪ ،‬وإال‪ ،‬فليتخــج إلــى الــدعا‬
‫والتضــرم واالعتــجار فيــديم بالسـ ال لجــواز أن يكــون ابــتال ليسـ له‪ ،‬وال يتهمــه لتـ خير اإلجابــة لمــا‬
‫بينا ‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة الثالثة والخمسون‬

‫فـي األمـر بـطـلـب الرضا مـن اهلل و الـفـنـا بـه تـعـالـى‬

‫ـي الرضــا أو الفنــا ‪ ،‬ألنــه هــو‬


‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬أطلبــوا مــن اهلل عـ َّـز و جـ َّ‬
‫الراحــة الكبــر والجنــة العاليــة المنفــرة فــي ال ــدنيا‪ ،‬وهــو بــاب اهلل األكبــر وعلــة محبــة اهلل لعب ــد‬
‫ـي والوصـول إليـه‪ ،‬وال‬
‫الم من‪ ،‬فمن أحبه اهلل لم يعجبه في الدنيا واآلخرة فيه اللحـوق بـاهلل ع َّـز و ج َّ‬
‫تشتغلوا بطلب الحظوظ وأقسام لم تقسم أو قسمع‪ ،‬فإن كانع لم تقسم فاالشتغال بطلبها حمـق‬
‫ورعونــة وجهالــة‪ ،‬وهــو أشــد العقوبــا ‪ ،‬كمــا قيــي‪ :‬مــن أشــد العقوبــا طلــب مــا ال يقســم وإن كانــع‬
‫مقســومة فاالشــتغال بهــا شــر وحــرص وشــرك مــن بــاب العبوديــة والمحبــة والحقيقيــة‪ ،‬ألن االشــتغال‬
‫جي شرك‪ ،‬وطالب الحت ليس بصـادق فـي محبتـه وواليتـه فمـن احتـال مـ اهلل ليـر‬
‫عز و َّ‬
‫بغير اهلل َّ‬
‫مـن عبـد اهلل ليعطـى الربوبيــة‬ ‫فهـو كـجاب وطالـب العـوض علـى عملـه ليـر مخلـ ‪ ،‬وإنمـا المخلـ‬
‫ـي يملكــه ويســتحق عليــه العمــي والطاعــة لــه بحركاتــه‬
‫حقهــا للمالكيــة والحقيقــة‪ ،‬ألن الحــق عـ َّـز و جـ َّ‬
‫وسكناته وسائر أكسابه‪ ،‬والعبد وما في يد مل لموال كي وقد بينا في لير موض أن العبادا‬
‫ب سرها نعمة من اهلل وفضي منه على عبد إذ وفقه لها وأقدر عليهـا‪ ،‬فاالشـتغال بالشـكر لربـه خيـر‬
‫وأولى من طلبه مـن األعـواض أو الجـزا عليهـا‪ ،‬اـم كيـ تشـتغي بطلـب الحظـوظ‪ ،‬وقـد تـر خلقـا‬
‫كثيرا كلما كثر الحظـوظ عنـدهم وتـواتر وتتابعـع اللـجا والـنعم واألقسـام إلـيهم زاد سـخطهم‬
‫على ربهم وتضجرهم وكفرهم بالنعمة وكثرة هموهم ولمومهم وفقرهم إلـى أقسـام لـم تقسـم ليـر مـا‬
‫عن ــدهم وحق ــر وص ــغر وقبح ــع أقس ــامهم عن ــدهم وعظم ــع وكب ــر وحس ــنع أقس ــام لي ــرهم‬
‫وأنحل ــع ق ــواهم‪ ،‬وكب ــر س ــنهم وش ــتع أح ــوالهم وتعب ــع أجس ــادهم وعرق ــع جب ــاههم وس ــود‬
‫صحائفهم بكثرة آاامهم وارتكاب عظائم الجنوب في طلبهـا وتـرك أوامـر ربهـم فلـم ينالوهـا وخرجـوا‬
‫مــن الــدنيا مفــاليس ال إلــى ه ـ ال وال إلــى ه ـ ال ‪ ،‬ال شــكروا ربهــم فيمــا قســم لهــم مــن اقســامهم‬
‫فاستعانوا بها على طاعته‪ .‬وما نالوا مـا طلبـوا مـن أقسـام ليـرهم‪ ،‬بـي ضـيعوا دنيـاهم وآخـرتهم‪ ،‬فهـم‬
‫أشر الخليقة وأجهلهم وأحمقهم وأخسهم عقـوال وبصـيرة‪ ،‬فلـو أنهـم رضـوا بالقضـا وقنعـوا بالعطـا‬
‫وأحسنوا طاعة المولى ألتتهم أقسامهم من الدنيا من لير تعب وال عنا ‪ ،‬ام نقلـوا إلـى جـوار العلـي‬
‫األعلــى فوجــدوا عنــد كــي مــراد ومنــى‪ ،‬جعلنــا اهلل وإيــاكم ممــن رضــي بالقضــا ‪ ،‬وجعــي سـ اله ذلـ‬
‫والفنا وحفت الحال والتوفيق بما يحبه ويرضى‪.‬‬

‫المقالة الرابعة والخمسون‬

‫فـي مـن أراد الـوصـول إلـى اهلل تـعـالـى‬


‫و بـيـان كـيـفـيـة الـوصـول إلـيـه تـعـالـى‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬من أراد اآلخرة فعليه بالزهد فـي الـدنيا‪ ،‬و مـن أراد اهلل‬
‫فعليـه بالزهــد فــي اآلخـرة‪ ،‬فيتــرك دنيــا آلخرتــه و آخرتـه لربــه‪ ،‬فمــا دام فــي قلبـه شــهوة مــن شــهوا‬
‫الدنيا و لجة من لجاتها و طلب راحة من راحتها من سائر األشيا من م كول و مشـروب و ملبـوس‬
‫و منكوح و مسكون و مركوب‪ ،‬و والية‪ ،‬و رياسة و طبقـة فـي علـم مـن فنـون العلـم مـن الفقـه فـوق‬
‫العب ــادا الخم ــس‪ ،‬و رواي ــة الح ــديي و ق ــرا ة الق ــرآن بروايت ــه‪ ،‬و النح ــو و اللغ ــة و الفص ــاحة و‬
‫الباللــة‪ ،‬و زوال الفقــر و وجــود الغنــى و ذهــاب البليــة و مجــي العافيــة‪ ،‬و فــي الجملــة انكشــات‬
‫الضــر و نجــئ النف ـ فلــيس بزاهــد حقــا ألن كــي واحــد مــن هــج األشــيا فيــه لــجة الــنفس و موافقــة‬
‫الهو و راحة الطب و حب له‪ ،‬و كي ذل من الدنيا و مما يحبب البقا فيها و يحصي السكون‬
‫و الطم نينة إليها‪ ،‬فينبغي أن يجاهد في إخراج جمي ذلـ عـن القلـب‪ ،‬و ي خـج نفسـه بإزالـة ذلـ‬
‫نــواة لــيخل‬ ‫و قلعــه و الرضــا بالعــدم و اإلفــالس و الفقــر الــدائم‪ ،‬فــال يبقــى مــن ذلـ مقــدار مـ‬
‫زهــد فــي الــدنيا‪ ،‬فــإذا تــم لــه ذلـ زالــع الغمــوم و األحــزان مــن القلــب و الكــرب عــن الحشــا‪ ،‬و‬
‫الراحــا و الطيــب و األنــس بــاهلل كمــا قــال عــز و جــي‪ ( :‬الزهــد فــي الــدنيا يـريح القلــب و‬ ‫جــا‬
‫الجسد ) فما دام في قلبه شئ من ذل فـالهموم و الخـوت و الوجـي قـائم فـي القلـب و الخـجالن‬
‫الزم لــه‪ ،‬و الحجــاب عــن اهلل عــز و جــي وعــن قربــه متكــاا متــراكم فــال ينكشـ جميـ ذلـ إال‬
‫بزوال حب الدنيا على الكمال و قط العالئق ب ارها‪ ،‬ام يزهد في اآلخرة‪ ،‬فـال يطلـب الـدرجا و‬
‫المنازل العاليا و الحور و الولدان و الدور و القصور و البساتين و المراكب و الخيـي و الحلـي‬
‫و المآكــي و المشــارب و ليــر ذلـ ممــا أعــد اهلل تعــالى لعبــاد المـ منين‪ ،‬فــال يطلــب علــى عملــه‬
‫جزا أو أجرا من اهلل عـز و جـي البتـة دنيـا و ال أخـر ‪ ،‬فحنيئـج يجـد اهلل عـز و جـي في تيـه حسـابه‬
‫تفضال منه و رحمة‪ ،‬فيقربه منه و يدنيه و يلط به و يتعرت إليه ب نوام ألطافـه و بـر كمـا هـو دأبـه‬
‫عز و جي م رسله و أنبيائه و أوليائه و خواصه و أحبابه أولى العلم به عز و جي فيكون العبد كي‬
‫يوم في مزيد أمر مدة حياته‪ .‬ام ينتقي إلـى دار اآلخـرة إلـى مـا ال عـين رأ و ال أذن سـمعع و ال‬
‫خطر على قلب بشر‪ ،‬مما تضيق عنه األفهام و تعجز عن و صفه العبارا ‪ ،‬و اهلل أعلم‪.‬‬

‫المقالة الخامسة والخمسون‬

‫فــي تــرك الـح ـظــوظ‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ترك الحظوظ االف مرا ‪ :‬األولى يكون العبد مارا في‬
‫عشوا متخبطا فيه متصرفا بطبعه في جمي أحواله من لير تعبـد لربـه و الزم فـي الشـرم يـرد و ال‬
‫جد من جدود ينتهي إليه عن حكمه‪ ،‬فبينما هو على ذل ينظر اهلل إليـه يعنـى يرحمـه‪ ،‬فيبعـي اهلل‬
‫إليه واعظا من خلقه من عباد الصالحين فينبهه‪ ،‬و يثنيه بواعت من نفسه‪ ،‬فيتضافر الواعظان علـى‬
‫نفســه و طبعــه‪ ،‬فتعمــي الموعظــة عملهــا‪ ،‬فتبــين عنــدها عيــب مــا هــي فيــه مــن ركــوب مطيــة الطبـ و‬
‫المخافــة فتميــي إلــى الشــرم فــي جمي ـ تصــرفاتها فيصــير العبــد مســلما قائمــا مـ الشــرم فانيــا عــن‬
‫الطب ‪ ،‬فيترك حرام الدنيا و شبهاتها و منن الخلـق‪ ،‬في خـج مبـاح الحـق عـز و جـي و حـالل الشـرم‬
‫في م كلـه و مشـربه و ملبسـه و منكحـه و جميـ مـا البـد منـه‪ ،‬لتحـتفت البنيـة و يتقـو علـى طاعـة‬
‫الرب عز و جي‪ ،‬و ليستوفى قسمه المقسوم له الجي ال يتجاوز و ال سبيي إلى الخروج من الـدنيا‬
‫قبي تناوله و التلبس به و استيفائه فيسير على مطية المباح و الحالل في الشرم في جمي أحوالـه‬
‫تنتهــي بــه هــج المطيــة إلــى عتبــة الواليــة و الــدخول فــي زمــرة المحققــين و الخــواص أهــي العزيمــة‬
‫مريدي الحق‪ ،‬في كي باألمر‪ ،‬فحينئج يسم ندا من قبي الحق عز و جـي مـن باطنـه‪ :‬أتـرك نفسـ‬
‫و تعال‪ ،‬أترك الحظـوظ و الخلـق إن أرد الخـالق‪ ،‬و أخلـ نعليـ ‪ ،‬و دنيـاك و آخرتـ ‪ ،‬و تجـرد‬
‫عن األكوان و الموجودا و مـا سـيوجد و األمـاني ب سـرها‪ ،‬و تعـر عـن الجميـ وافـن عـن الكـي و‬
‫تطيب بالتوحيد و أترك الشرك و صدق اإلرادة‪ .‬ام وط البساط باألدب مطرقا‪ ،‬ال تنظر يمينا إلى‬
‫اآلخــرة و ال شــماال إلــى الــدنيا و ال إلــى الخلــق و ال إلــى الحظــوظ‪ ،‬فــإذا دخــي فــي هــجا المقــام‪ ،‬و‬
‫الخلعة من قبي الحق عز و جي‪ ،‬و لشيته أنـوام المعـارت و العلـوم و أنـوام‬ ‫تحقق الوصول جا‬
‫الفضي‪ ،‬فيقال له‪ :‬تلبس بالنعم و الفضي و ال تسئ األدب بالرد وترك التلبس‪ ،‬ألن رد نعم المل‬
‫افتئاتا على المل و استخفافا بحضرته و حينئج يتلبس بالفضي و القسـمة بـاهلل مـن ليـر أن يكـون‬
‫هو فيه و من قبي ك ن يتلبس بهوا و نفسه فله أرب حاال في تناول الحظوظ و األقسام‪:‬‬

‫األولى بالطب هو الحرام‪ .‬و الثانيـة بالشـرم و هـو المبـاح و الحـالل‪ .‬و الثالثـة بـاألمر و هـي‬
‫حالــة الواليــة و تــرك الهــو ‪ .‬و الرابعــة بالفضــي و هــي حالــة زوال اإلرادة و حصــول البدليــة و كونــه‬
‫مــرادا قائمــا مـ القــدر الــجي هــو فعــي الحــق و هــي حالــة العلــم و االتصــات بالصــالح‪ ،‬فــال يســمى‬
‫صــالحا علــى الحقيقــة إال وصــي إلــى هــجا المقــام‪ ،‬و هــو قولــه تعــالى‪} :‬إِ َّن َولِيم ـ َـي اللّــهُ الَّـ ِـجي نَـ َّـز َل‬
‫ين{‪.‬األعرات‪ .551‬فهو العبـد الـجي كفـع يـد عـن جلـب مصـالحه و‬ ‫ْكتَاب و ُهو يـتَـولَّى َّ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫الصالح َ‬ ‫ال َ َ َ َ َ‬
‫منافعه و عن رد مضار و مفاسـد ‪ ،‬كالرضـي مـ الظئـر‪ ،‬و الميـع الغسـيي مـ الغاسـي‪ ،‬فتتـولى يـد‬
‫القــدر تربيتــه مــن ليــر أن يكــون لــه اختيــار و تــدبير‪ ،‬فــان عــن جميـ ذلـ ال حــاال و ال مقامــا و ال‬
‫إرادة‪ ،‬بي القيام م القدرة‪ ،‬تارة يبسط و تارة يغنى و تارة يفقر‪ ،‬و يختـار و ال يتمنـى زوال ذلـ و‬
‫تغير ‪ ،‬بي الرضى الدائم و الموافقة األبدية‪ ،‬فهو آخر ما تنتهي أحوال األوليا قدسع أسرارهم‪.‬‬
‫المقالة السادسة والخمسون‬

‫فـي فـنـا الـعـبـد عـن الـخـلـق و الـهـو‬


‫و الـنـفـس و اإلرادة و األمـانـي‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إذا فني العبد عن الخلـق و الهـو و الـنفس و اإلرادة‬
‫و األمــاني دنيــا و أخــر و لــم يــرد إال اهلل عــز و جــي و خــرج الكــي عــن قلبــه وصــي إلــى الحــق‪ ،‬و‬
‫اصطفا و اجتبا ‪ ،‬و أحبه و حببه إلى خلقه‪ ،‬و جعله يحبه و يحب قربه‪ ،‬و يتنعم بفضله و يتقلـب‬
‫فــي نعمــه و فــتح عليــه أبــواب رحمتــه‪ ،‬و وعــد أن ال يغلقهــا عنــه أبــدا‪ ،‬فيختــار العبــد حينئــج اهلل‪ ،‬و‬
‫يــدبر بتــدبير و يشــا بمشــيئته‪ ،‬و يرضــى برضــا يمتثــي أمــر دون ليــر ‪ ،‬و ال يــر لغيــر عــز و جــي‬
‫وجودا و ال فعال‪ ،‬فحينئج يجوز أن يعد اهلل بوعد ام ال يظهر للعبـد وفـا بـجل ‪ ،‬و ال يغيـر مـا قـد‬
‫توهمــه مــن ذل ـ ‪ ،‬ألن الغيريــة قــد زالــع بــزوال الهــو و اإلرادة فصــار فــي فعــي اهلل عــز و جــي و‬
‫إرادته فيصير الوعد حينئج في حقه م اهلل عز و جي كرجي عزم على فعي شئ في نفسه و نوا ام‬
‫صــرفه إلــى ليــر كالناســخ و المنســوخ فيمــا أوحــى اهلل عــز و جــي إلــى نبينــا محمــد صــلى اهلل عليــه‬
‫َن اللّهَ َعلَ َى‬ ‫نس َها نَْ ِ بِ َخ ْي قر م ْنـ َها أ َْو ِمثْلِ َها أَلَ ْم تَـ ْعلَ ْم أ َّ‬ ‫وسلم قوله عز و جي ‪} :‬ما نَنس ْخ ِمن آي قة أَو نُ ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ‬
‫ُكـ مي َشـ ْـي ق قَ ِـد وير{‪.‬البقــرة‪ .511‬لمــا كـان النبــي صـلى اهلل عليــه وســلم منـزوم الهــو و اإلرادة ســو‬
‫ض الـدنْـيَا َواللّـهُ يُ ِريـ ُد‬ ‫المواض التي ذكرها اهلل عز و جي في القرآن من األسر يوم بدر }تُ ِري ُدو َن َع َر َ‬
‫ِ‬ ‫ـاب م ـ ـ َـن اللّـ ـ ـ ِـه َسـ ـ ــبَ َق لَ َم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬
‫َخ ـ ـ ـ ْجتُ ْم َع ـ ـ ـ َج و‬
‫يمـ ـ ــا أ َ‬
‫سـ ـ ـ ُك ْم ف َ‬ ‫ـيم * لَّـ ـ ـ ْـوالَ كتَـ ـ ـ و‬
‫اآلخــ ـ َـرَة َواللّـ ـ ــهُ َع ِزيـ ـ ـ وـز َحكــ ـ و‬
‫يم{‪.‬األنفال‪ .11–11‬كجا قالوا‪ ،‬و لير و هو مراد الحق عز و جي لم يترك على حالة واحدة‬ ‫ِ‬
‫َعظ و‬
‫َن اللّهَ َعلَ َى ُكـ مي‬ ‫بي نقله إلى القدر إليه فصرفه في القدر و قلبه منها‪ ،‬نبهه بقوله تعالى‪} :‬أَلَ ْم تَـ ْعلَ ْم أ َّ‬
‫َش ْي ق قَ ِد وير{‪.‬البقرة‪ .511‬يعنى أن في بحر القدر تقلب أمواجه تارة كجا و تارة كجا‪ ،‬فمنتهى أمر‬
‫الولي ابتدا أمر النبي ما بعد الوالية و البدلية إال النبوة‪ ،‬و اهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة السابعة والخمسون‬

‫فـي عـدم الـمـنـازعـة فـي الـقــدر و األمــر بـحـفـت الـرضـا بـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬األحوال قب كلها‪ ،‬ألنـه يـ مر الـولي بحفظهـا وكـي مـا‬
‫ي مر بحظفه فهو قب ‪ ،‬والقيام م القدر بسط كله‪ ،‬ألنه لـيس هنـاك شـئ يـ مر بحفظـه سـو كونـه‬
‫موجودا في القدر‪ ،‬فعليه أن ال ينـازم فـي القـدر بـي يوافـق وال ينـازم فـي جميـ مـا يجـر عليـه ممـا‬
‫يحلو ويمر‪ .‬األحوال معدودة ف مر بحفت حدود ‪ ،‬والفضي الجي هو القدر لير محدود فيحفت‪.‬‬

‫وعالمة أن العبد دخي في مقام القدر والفعي والبسط أنه ي مر بالس ال في الحظوظ بعـد أن‬
‫ـي بوسـط فـ مر‬
‫أمر بتركها والزهد فيها‪ ،‬ألنه لما خال باطنه من الحظوظ ولم يبق لير الرب ع َّـز و ج َّ‬
‫بالس ال والتشهي وطلب األشيا التي هي قسمه‪ ،‬والبد من تناولها والتوصـي إليـه بسـ اله‪ ،‬ليتحقـق‬
‫ـي عليــه بإجابتــه إلــى ذلـ ‪ ،‬واإلطــالق‬
‫ـي ومنزلتــه‪ ،‬وامتنــان الحــق عـ َّـز و جـ َّ‬
‫كرامتــه عنــد اهلل عـ َّـز و جـ َّ‬
‫بالسـ ـ ال ف ــي عط ــا الحظ ــوظ م ــن أكث ــر عالم ــا البس ــط بع ــد الق ــب ‪ ،‬واإلخ ــراج م ــن األح ــوال‬
‫والمقاما والتكلي في حفت الحدود‪.‬‬

‫فإن قيي ‪ :‬هجا يدل على زوال التكل والقول بالزندقة والخروج من اإلسـالم‪ ،‬ورد قولـه ع َّـز‬
‫ـين{‪.‬الحجـر‪ .55‬قيـي ال يـدل علـى ذلـ وال يـ د إليـه بـي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جي ‪َ } :‬وا ْعبُ ْد َربَّـ َ َحتَّـى يَْتيَـ َ الْيَق ُ‬
‫و َّ‬
‫والقبـيح فـي شـرعه ودينـه‪ ،‬بـي يعصـمه مـن‬ ‫اهلل أكرم و وليه أعز عليه من أن يدخله في مقام الـنق‬
‫جميـ مــا ذكــر ويصــرفه عنــه ويحفظــه وينبهــه ويســدد لحفــت الحــدود‪ ،‬فتحصــي العصــمة وتــتحفت‬
‫ـي ‪َ } :‬كـ َجلِ َ‬
‫الحــدود مــن تكليـ منــه ومشــقة‪ ،‬وهــو عــن ذلـ فــي ليبــة فــي القــرب قــال عـ َّـز و جـ َّ‬
‫ـي ‪} :‬إِ َّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـين{‪.‬يوس ـ ‪ .43‬وقــال عـ َّـز و جـ َّ‬ ‫شــا إِنَّــهُ مـ ْـن عبَادنَــا ال ُْم ْخلَصـ َ‬
‫ت َع ْنــهُ الســو َ َوالْ َف ْح َ‬ ‫ص ـ ِر َ‬
‫لنَ ْ‬
‫ـاد اللَّـ ـ ِـه‬ ‫ِ‬ ‫ِعبـ ـ ِ‬
‫س لَـ ـ ـ َ َعلَـ ـ ْـي ِه ْم ُسـ ـ ـ ْلطَا ون{‪.‬الحجـ ــر‪.34‬اإلسـ ـ ـرا ‪ .11‬وق ـ ــال تع ـ ــالى‪} :‬إَِّال عبَـ ـ َ‬
‫َ‬ ‫ـي‬
‫ْ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ي‬ ‫ـاد‬ ‫َ‬
‫ـين{‪.‬الصــافا ‪ .511+541+13+31‬يــا مســكين هــو محمــول الــرب وهــو مــراد ‪ ،‬وهــو‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم ْخلَصـ َ‬
‫يربيه في حجر قربه ولطفـه‪ ،‬أنـى يصـي الشـيطان لليـه وتتطـرق القبـائح والمكـار فـي الشـرم نحـو‬
‫أبعــد النجعــة وأعظمــع الفريــة وقلــع قــوال فظيعــا‪ ،‬تبــا لهــج الهمــم الخسيســة الدنيــة والعقــول‬
‫الناقصــة البعيــدة و اآلرا الفاســدة المتخلخلــة‪ ،‬أعاذنــا اهلل واإلخــوان مــن الضــاللة المختلفــة بقدرتــه‬
‫الشــاملة ورحمتــه الواســعة‪ ،‬وســترنا ب ســتار التامــة المانعــة الحاميــة‪ ،‬وربانــا بنعمــه الســابغة وفضــائله‬
‫الدائمة بمنه وكرمه تعالى ش نه‪.‬‬

‫المقالة الثامنة والخمسون‬

‫فـي صـرت الـنـظـر عـن كـي الـجـهـا‬


‫و طـلـب جـهـة فـضـي اهلل تـعـالـى‬

‫علـى شـئ منهــا‪،‬‬ ‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬تقـام عـن الجهـا كلهــا وال تبصـب‬
‫فما دمع تنظر إلى واحدة منها اليفتح ل جهـة فضـي اهلل عـز وجـي وقربـه‪ ،‬فسـد الجهـا جميعـا‬
‫بتوحيــد وإمحــا نفس ـ اــم فنائ ـ ومحــوك وعلم ـ ‪ ،‬فحينئــج يفــتح عــين قلب ـ جهــة فضــي اهلل‬
‫العظيم‪ ،‬فتراها بعيني رأس إذا ذاك شعام نور قلب وإيمان ويقينـ فيظهـر عنـد ذلـ النـور مـن‬
‫باطن على اهرك كنور الشمعة التي في البيع المظلم في الليلة الظلما ‪ ،‬يظهر مـن كـو البيـع‬
‫ومنافج فيشرق اهر البيع بنور باطنه‪ ،‬فتسكن النفس و الجوارح إلى وعد اهلل وعطائه عن عطـا‬
‫لير و وعد لير عز و جي‪ .‬و ارحم نفسـ وال تظلمهـا وال تلقهـا فـي لمـا جهلـ ورعونتـ ‪،‬‬
‫فتنظــر إلــى الجهــا وإلــى الخلــق والحــول والقــوة والكســب واألســباب فتوكــي إليهــا‪ ،‬فتســد عن ـ‬
‫الجها ولم تفتح ل جهة فضي اهلل عز وجي عقوبة ومقابلـة لشـرك بـالنظر إلـى ليـر عـز وجـي‪،‬‬
‫فإذا وجدته ونظر إلى فضله ورجوته دون لير وتعاميع عما سوا ‪ ،‬قرب وأدناك‪ ،‬ورحم ورباك‬
‫وأطعم وسقاك‪ ،‬وداواك وعفاك‪ ،‬وأعطاك وألناك‪ ،‬فال تر بعد ذل ال فقرك وال لناك‪.‬‬
‫المقالة التاسعة والخمسون‬

‫فـي الـرضـا عـلـى الـبـلـيـة و الـش ـكـر عـلـى الـنـعـمـة‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تخلو حالتـ إمـا أن تكـون بليـة أونعمـة‪ .‬فـإن كانـع‬
‫بليـة فتطالـب فيهـا بالصـبر‪ ،‬وهـو األدنـى‪ ،‬والصـبر وهـو أعلـى منـه‪ .‬اـم الرضـا والموافقـة‪ ،‬اـم الفنـا ‪،‬‬
‫وهو لإلبدال‪ ،‬وإن كانع نعمة فتطالب فيها بالشكر عليها‪ .‬والشكر باللسان والقلب والجوارح‪.‬‬

‫أمــا باللســان فــاالعترات بالنعمــة أنهــا مــن اهلل عــز وجــي ‪ :‬وتــرك اإلضــافة إلــى الخلــق ال إلــى‬
‫نفس وحول وقوت وكسب وال إلى ليـرك مـن الـجين جـر علـى أديهـم‪ ،‬ألنـ وإيـاهم أسـباب‬
‫وآال وأداة لهــا‪ ،‬وإن قاســمها ومجريهــا وموجــدها والشــالي فيهــا والمســبب لهــا هــو اهلل عــز وجــي‬
‫والقاسم هو اهلل‪ ،‬والمجر هو والموجد هو‪ ،‬فهو أحق بالشكر من لير ‪.‬‬

‫ال نظر إلى الغالم الحمـال للهديـة إنمـا النظـر إلـى األسـتاذ المنفـج المـنعم بهـا قـال اهلل تعـالى‬
‫ْحيَـ ــاةِ ال ــدنْـيَا َو ُهــ ْـم َعـ ـ ِن ْاآل ِخ ـ َـرةِ ُهـ ـ ْـم‬ ‫ِ‬
‫فـ ــي حـ ــق مـــن عـــدم هـ ــجا المنظـــر ‪} :‬يَـ ْعلَ ُمـــو َن َ ــاهرا مــ َـن ال َ‬
‫لَافِلُو َن{‪.‬الـروم‪ .1‬فمـن نظـر إلـى الظـاهر والسـبب ولـم يجـاوز علمـه ومعرفتـه فهـو الجاهـي النـاق‬
‫قاصر العقي‪ ،‬إنما سمى العاقي عاقال لنظر في العواقب‪.‬‬

‫وأما الشكر بالقلب‪ ،‬فباالعتقاد الدائم‪ .‬والعقد الوايق الشديد المتبرم‪ .‬إن جميـ مـا بـ مـن‬
‫النعم والمناف واللجا في الظاهر والباطن في حركاتـ وسـكنات مـن اهلل عـز وجـي ال مـن ليـر ‪،‬‬
‫ويكــون شــكرك بلســان معب ـرا عمــا فــي قلب ـ ‪ .‬وقــد قــال عــز وجــي ‪َ } :‬وَمــا بِ ُكــم م ـن نمـ ْع َمـ قـة فَ ِمـ َـن‬
‫ـاهرة وب ِ‬
‫اطنَــة {‪.‬لقمــان‪ .41‬وقــال تعــالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َســبَ َ َعلَـ ْـي ُك ْم ن َع َمــهُ َـ َ َ َ‬
‫اللّــه{‪.‬النحــي‪ .14‬وقــال تعــالى ‪َ } :‬وأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وها{‪.‬النحي‪ .51‬فم هجا ال يبقى لم من منعم سو اهلل تعالى‪.‬‬ ‫} َوإِن تَـعُدواْ ن ْع َمةَ اللّه الَ تُ ْح ُ‬
‫ص َ‬

‫وأم الشكر بالجوارح فب ن تحركها وتستعملها فـي طاعـة اهلل عـز وجـي دون ليـر مـن الخلـق‪،‬‬
‫فــال تجيــب أحــدا مــن الخلــق‪ ،‬فيمــا فيــه إعــراض عــن اهلل تعــالى‪ ،‬وهــجا يعــم الــنفس والهــو واإلرادة‬
‫واألماني وسائر الخليقة‪ ،‬كجعي طاعة اهلل أصال ومتبوعا وإماما وما سواها فرعا وتابعـا وم مومـا‪ ،‬فـإن‬
‫فعلــع ليــر ذل ـ كنــع جــائرا المــا حاكمــا بغيــر حكــم اهلل عــز وجــي الموضــوم لعبــاد الم ـ منين‪،‬‬
‫وســالكا ليــر ســبيي الصــالحين‪ .‬قــال اهلل عــز وجــي ‪َ } :‬وَمــن لَّـ ْـم يَ ْح ُكــم بِ َمــا أَنـ َـز َل اللّــهُ فَ ُْولَــئِ َ ُهـ ُـم‬
‫الْ َكـ ــافِ ُرو َن{‪.‬المائـ ــدة‪ .33‬وفـ ــى آيـ ــة أخـ ــر ‪َ } :‬وَمـ ــن لَّـ ـ ْـم يَ ْح ُكـ ــم بِ َمـ ــا أَنـ ـ َـز َل اللّـ ــهُ فَ ُْولَ ـ ــئِ َ ُهـ ـ ُـم‬
‫اس ُقو َن{‪.‬المائدة‪ .31‬فيكون انهاسك إلى التي وقودها‬ ‫الظَّالِمو َن{‪.‬المائدة‪ .31‬وفى أخر ‪ُ } :‬هم الْ َف ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫النــاس والحجــارة‪ ،‬وأنــع ال تصــبر علــى حمــى ســاعة فــي الــدنيا وأقــي بســطة وشــرارة مــن النــار فيهــا‪،‬‬
‫فكي صبرك على الخلود في الهاوية م أهلها النجا النجا‪ ،‬الوحا الوحا‪ ،‬اهلل اهلل‪ ،‬أحفت الحـالتين‬
‫وشــروطهما‪ ،‬فإنـ ال تخلــو فــي جميـ عمــرك مــن أحــديهما إمــا البليــة وإمــا النعمــة فـ عط كــي حالــة‬
‫حظها وحقها من الصبر والشكر على ما بينع ل ‪ ،‬فال تشكون في حالة البلية إلـى أحـد مـن خلـق‬
‫اهلل‪ ،‬وال تظهرن الضجر ألحد وال تتهمن ربـ فـي باطنـ ‪ .‬وال تشـكن فـي حكمتـه واختـر األصـلح‬
‫ل في دنياك‪ ،‬وآخرت ‪ ،‬فال تجهبن بهمت إلى أحد من خلقه في معافات فـجاك إشـراك منـ بـه‬
‫عـز وجــي‪ ،‬ال يملـ معــه عـز وجــي فـي ملكــه أحـد شــيئا ال ضـار وال نــاف وال دافـ ‪ ،‬وال جالــب وال‬
‫مســقم‪ ،‬وال مبلــي‪ ،‬وال معــات وال مبــر ليــر عــز وجــي‪ ،‬فــال تشــتغي بــالخلق ال فــي الظــاهر وال فــي‬
‫الباطن‪ ،‬فإنهم لن يغنـوا عنـ مـن اهلل شـيئا‪ ،‬بـي ألـزم الصـبر والرضـا والموافقـة والفنـا فـي فعلـه عـز‬
‫وجــي‪ ،‬فــإن حرمــع ذلـ كلــه فعليـ باالســتغااة إليــه عــز وجــي‪ ،‬والتضــرم مــن شـ م الــنفس‪ ،‬ونزاهــة‬
‫الح ــق ع ــز وج ــي واالعت ــرات ل ــه بالتوحي ــد ب ــالنعيم‪ ،‬والتب ــر م ــن الش ــرك‪ ،‬وطل ــب الص ــبر والرض ــا‬
‫والموافقــة‪ ،‬إلــى حــين يبل ـ الكتــاب أجلــه‪ ،‬فتــزول البليــة وتنكش ـ الكربــة‪ ،‬وت ـ تى النعمــة والســعة‬
‫والفرحة والسرور‪ ،‬كما كان في حق نبي اهلل أيوب عليه وعلى نبينـا أفضـي الصـالة وأشـرت السـالم‪،‬‬
‫كمـا يـجهب سـواد الليـي ويـ تي بيـاض النهـار‪ ،‬ويــجهب بـرد الشـتا ويـ تي نسـيم الصـي وطيبـه ألنــه‬
‫لكي شئ ضدا وخالفا ولاية وبد ا ومنتهى‪ ،‬فالصبر مفتاحه وابتداس وانتهاس وجماله كمـا جـا فـي‬
‫الخبــر ( الصــبر مــن اإليمــان كــالرأس مــن الجســد ) وفــى لفــت ( الصــبر اإليمــان كلــه ) وقــد يكــون‬
‫الشكر هو التلبس بالنعم وهى أقسامه المقسومة لـ ‪ ،‬فشـكر التلـبس بهـا فـي حـال فنائـ ‪ ،‬وزوال‬
‫الهو والحمية والحفت‪ ،‬وهج حالة األبدال وهى المنتهى‪ ،‬اعتبر ما ذكر ل ترشد إن شـا اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬

‫المقالة الستون‬

‫فـي الـبـدايـة و الـنـهـايـة‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬البدايــة ‪ :‬هــي الخــروج مــن المعهــود إلــى المشــروم اــم‬
‫المق ــدور‪ ،‬ا ــم الرج ــوم للمعه ــود‪ .‬ويش ــترط حف ــت الح ــدود‪ ،‬فتخ ــرج م ــن معه ــودك م ــن المـ ـ كول‬
‫والمشروب والملبوس والمنكوح والمسكون والطب والعادة إلى أمر الشرم ونهيه‪ ،‬فتتبـ كتـاب اهلل‬
‫ول فَ ُخ ُجو ُ َوَما نَـ َها ُك ْم َع ْنـهُ‬
‫الر ُس ُ‬
‫وسنة رسوله صلى اهلل عليه و سلم كما قال اهلل تعالى ‪َ } :‬وَما آتَا ُك ُم َّ‬
‫فَانتَـ ُهوا{‪.‬الحشر‪ .1‬وقال تعالى ‪} :‬قُ ْي إِن ُكنتُ ْم تُ ِحبو َن اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُ ْحبِْب ُك ُم اللّهُ{‪.‬آل عمـران‪.45‬‬
‫فتفنى عن هواك ونفس ورعونتها في اهرك وباطن فـال يكـون فـي باطنـ ليـر توحيـدك لـه وفـى‬
‫ــاهرك ليــر طاعــة اهلل وعبادتــه ممــا أمــر ونهــى‪ ،‬فيكــون هــجا دأب ـ وشــعارك وداــارك فــي حركت ـ‬
‫وسكون ‪ ،‬في ليل ونهارك‪ ،‬وسفرك وحضرت ‪ ،‬وشدت ورخائـ ‪ ،‬وصـحت وسـقم ‪ ،‬وأحوالـ‬
‫كلهــا‪ ،‬اــم تحمــي إلــى وادي القــدر فيتصــرت في ـ القــدر‪ ،‬فتفنــى عــن جــدك واجتهــادك وحول ـ‬
‫وقوت ‪ ،‬فتساق إلي األقسام التي ج بها القلم وسبق بها العلم‪ ،‬فتلبس بها وتعطى منها الحفت‬
‫والسالمة فتحفت فيها الحدود ويحصي فيها الموافقة لفعي المولى‪ ،‬وال تتخرق قاعدة الشرم علـى‬
‫الزندقة وإباحة المحرم قال تعالى ‪} :‬إِنَّا نَ ْح ُن نَـ َّزلْنَا ال مج ْك َر َوإِنَّا لَهُ لَ َحافِظُو َن{‪.‬الحجر‪ .5‬وقـال تعـالى‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين{‪.‬يوس ‪ .43‬فتصـحب الحفـت‬ ‫شا إِنَّهُ م ْن عبَادنَا ال ُْم ْخلَص َ‬ ‫ص ِر َ‬
‫ت َع ْنهُ السو َ َوالْ َف ْح َ‬ ‫‪َ } :‬ك َجل َ لنَ ْ‬
‫والحميــة وإنمــا هــي أقســاما معــدة ل ـ ‪ ،‬فحبســها عن ـ فــي حــال ســيرك وطريق ـ وســلوك فيــافي‬
‫الطب ومفاوز الهو المعهود‪ ،‬ألنها أاقال أحمال ما زيحع عن ‪ ،‬لئال يثقلـ فتضـعف إلـى حـين‬
‫الوصــول إلــى عتبــة الفنــا ‪ ،‬وهــو الوصــول إلــى قــرب الحــق عــز وجــي والمعرفــة بــه‪ ،‬واالختصــاص‬
‫باألسرار والعلوم الدينية‪ ،‬والدخول في بحار األنوار‪ ،‬حيي ال تضر لمة الطبـائ واألنـوار‪ ،‬فـالطب‬
‫باق إلى أن تفارق الروح الجسد الستيفا األقسام‪ ،‬إذ لو زال الطب من اآلدمـي اللتحـق بالمالئكـة‬
‫وبطلع الحكمة‪ ،‬فبقى الطب يستوفى األقسـام والحظـوظ‪ ،‬فيكـون ذلـ و ائفـا ال أصـليا كمـا قـال‬
‫النبي صلى اهلل عليه و سلم‪ ( :‬حبب إلي من دنياكم االف‪ :‬الطيب والنسا وجعلع قرة عينـي فـي‬
‫الصالة ) فلمـا فنـي النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم عـن الـدنيا ومـا فيهـا رد إليـه أقسـامه المحبوسـة‬
‫عنــه فــي حــال ســير إلــى ربــه عــز وجــي ‪ ،‬فاســتوفاها موافقــة لربــه تعــالى والرضــا بفعلــه ممتــثال ألمــر ‪،‬‬
‫قدسع أسمائه وعمع رحمته‪ ،‬شمي فضله ألوليائه وأنبيائـه علـيهم الصـالة والسـالم‪ ،‬فهكـجا الـولي‬
‫في هجا البـاب تـرد إليـه أقسـامه وحظو ـه مـ حفـت الحـدود‪ ،‬فهـو الرجـوم مـن النهايـة إلـى البدايـة‪،‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫المقالة الحادية والستون‬

‫فـي الـتـوقـ عـنـد كـي شـئ حـتـى يـتـبـيـن لـه إبـاحـة فـعـلـه‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬كــي م ـ من مكل ـ بــالتوق و التفتــيش عنــد حضــور‬
‫األقسام عن التناول و األخج‪ ،‬حتى يشهد له الحكـم باإلجابـة‪ ،‬و العلـم بالقسـمة‪ ،‬و المـ من فتـاش‬
‫و المنافق لقات‪ .‬و قال صلى اهلل عليه و سلم ( الم من وقات ) و قال صلى اهلل عليه و سلم ‪( :‬‬
‫دم ما يريبـ إلـى مـا ال يريبـ ) فـالم من يقـ عنـد كـي قسـم مـن مـ كول و مشـروب و ملبـوس و‬
‫منكوح و سائر األشيا التي تفتح له فال ي خج حتى يحكـم لـه بجـواز األخـج و التنـاول كحكمـه إذا‬
‫كــان فــي حالــة التقــو ‪ .‬أو حتــى يحكــم لــه بــجل األمــر إذا كــان فــي حالــة الواليــة‪ .‬أو حتــى يحكــم‬
‫و هــي حالــة الفنــا ‪ ،‬اــم ت تيــه‬ ‫العلــم فــي حالــة البدليــة و الغوايــة‪ ،‬و الفعــي الــجي هــو القــدر المحـ‬
‫حالة أخر تتناول كي ما ي تيه و يفـتح لـه مـا لـم يعتـرض عليـه الحكـم واألمـر والعلـم‪ ،‬فـإذا اعتـرض‬
‫أحد هج األشيا امتن من التناول‪ ،‬فهي ضد األولى‪.‬‬

‫ففــي األولــى الغالــب عليــه التوقـ و التثبــع‪ .‬و فــي الثانيــة الغالــب عليــه التنــاول و األخــج و‬
‫التلبس بالفتوح‪ .‬ام ت تى الحالة الثالثة‪.‬‬

‫و التلبس بما يفتح من الـنعم مـن ليـر اعتـراض أحـد األشـيا الثالاـة و هـي‬ ‫فالتناول المح‬
‫حقيقـة الفنــا ‪ ،‬فيكــون المـ من فيهــا محفو ــا مــن اآلفـا وخــرق حــدود الشــرم مصــانا مصــروفا عنــه‬
‫ش ـ ــا إِنَّـ ــهُ ِم ـ ــن ِعب ِ‬
‫ادنَـ ــا‬ ‫صـ ـ ـ ِر َ‬
‫ت َع ْن ـ ــهُ الس ـ ــو َ َوالْ َف ْح َ‬ ‫ِ ِ‬
‫األس ـ ــوا ‪ ،‬كم ـ ــا ق ـ ــال اهلل تع ـ ــالى ‪َ } :‬كـ ـ ـ َجل َ لنَ ْ‬
‫ْ َ‬
‫ين{‪.‬يوس ‪ .43‬فيصير العبد مـ الحفـت عـن خـرق الحـدود كـالمقرض إليـه المـ ذون لـه و‬ ‫ِ‬
‫ال ُْم ْخلَص َ‬
‫المطلق له في اإلباحا الميسـر لـه الخيـر‪ ،‬مـا ي تيـه قسـمه المصـفى لـه مـن اآلفـا و التبعـا فـي‬
‫الــدنيا و اآلخــرة‪ ،‬و الموافــق إلرادة الحــق و رضــا و فعلــه و ال حالــة فوقهــا و هــي الغايــة‪ ،‬و هــي‬
‫أصحاب األسرار‪ ،‬الـجين أشـرفوا علـى عتبـة أحـوال األنبيـا صـلوا‬ ‫السادة األوليا الكبار الخل‬
‫اهلل عليهم أجمعين‪.‬‬

‫المقالة الثانية والستون‬

‫فـي الـمـحـبـة و الـمـحـبـوب و مـا يـجـب فـي حـقـهـمـا‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ما أكثر ما يقول الم من قرب فـالن و بعـد ‪ ،‬وأعطـى‬
‫فالن و حرمع‪ ،‬وألنى فالن و أفقـر و وفـى فـالن و أسـقمع‪ ،‬و عظـم فـالن و حقـر ‪ ،‬و حمـد‬
‫فــالن و ذممــع‪ ،‬و صــدق فــالن و كــجبع‪ .‬أمــا يعلــم أنــه الواحــد‪ .‬وأن الواحــد يحــب الوحدانيــة فــي‬
‫المحبة‪ ،‬و يحب الواحد في محبته‪.‬‬

‫إذا قرب بطريـق ليـر نقصـع محبتـ لـه عـز و جـي و شـعبع فربمـا دخلـ الميـي إلـى مـن‬
‫محبة اهلل في قلب ‪ ،‬و هو عز و جـي ليـور ال يحـب‬ ‫هر المواصلة و النعمة على يديه‪ ،‬فتنق‬
‫شريكه فك أيدي الغير عن بالمواصلة و لسانه عن حمدك و انائـ و رجليـه عـن السـعي إليـ‬
‫كيال تشتغي به عنـه‪ ،‬أمـا سـمعع قـول النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم ‪ ( :‬جبلـع القلـوب علـى حـب‬
‫مــن أحســن إليهــا ) فهــو عــز و جــي يكـ الخلــق عــن اإلحســان إليـ مــن كــي وجــه و ســبب حتــى‬
‫توحد و تحبه‪ ،‬و تصير له من كي وجه بظاهرك و باطن في حركات و سكنات ‪ ،‬فال تر الخير‬
‫إال منه و ال الشر إال منه عز و جي ‪ ،‬و تفنى عن الخلـق و عـن الـنفس‪ ،‬و عـن الهـو و اإلرادة و‬
‫المنى‪ ،‬و عن جمي ما سو المولى‪ ،‬ام يطلق األيدي إلي بالبسط و البجل و العطا ‪ ،‬و األلسـن‬
‫بالحمد و الثنا فيدل ابدا في الدنيا ام في العقبى‪ ،‬فال تسـئ األدب‪ ،‬انظـر إلـى مـن ينظـر إليـ ‪،‬‬
‫و اقبي على من أقبي إلي ‪ ،‬و أحب من يحب و استجب من يدعوك و أعط يـدك مـن يثبتـ مـن‬
‫سقط و يخرج من لما جهلـ ‪ ،‬و ينجيـ مـن هلكـ و يغسـل مـن نجاسـ ‪ ،‬و ينظفـ‬
‫من أوسخاك‪ ،‬و يخلص من جيف و نتن ‪ ،‬و من أوهامـ الرديـة‪ ،‬و مـن نفسـ األمـارة بالسـو‬
‫و أقران الضالل المضلين شياطني ‪ ،‬و أخالئ الجهال قطام طريق الحق الحائلين بين و بـين‬
‫كي نفيس و امين و عزيز‪.‬‬

‫إلى متى المعاد‪ ،‬إلى متى الحق‪ ،‬إلى متى الهو ‪ ،‬إلى متى الرعونة‪ ،‬إلى متى الدنيا‪ ،‬إلـى متـى‬
‫اآلخرة‪ ،‬إلـى متـى سـو المـولى أيـن أنـع مـن خالقـ و األشـيا ‪ ،‬و المكـون األول اآلخـر الظـاهر‬
‫البــاطن‪ ،‬و المرجـ و المصــدر إليــه‪ ،‬و لــه القلــوب و طم نينــة األرواح و محــط األاقــال و العطــا و‬
‫االمتنان‪ ،‬عز ش نه‪.‬‬
‫المقالة الثالثة والستون‬

‫فــي نــوم مــن ال ـم ـعــرفــة‬

‫قـال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬رأيـع فـي المنـام كـ ني أقـول يـا مشـرك بربـه فـي باطنـه‬
‫بنفسه و في ـاهر بخلقـه و فـي عملـه بإرادتـه‪ ،‬فقـال رجـي إلـى جنبـي مـا هـجا الكـالم‪ ،‬فقلـع هـجا‬
‫نوم من أنوام المعرفة‪.‬‬
‫المقالة الرابعة والستون‬

‫فــي الـمـو الجي ال حـيـاة فـيـه و الـحـيـاة الـتـي ال مـو فـيـهـا‬

‫قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬ضـاق أبـى األمـر يومـا فتحـرك فـي الـنفس‪ ،‬فقيـي لـي ‪:‬‬
‫مــاذا تريــد فقلــع‪ :‬أريــد موتــا ال حيــاة فيــه و حيــاة ال مــو فيهــا فقيــي لــي‪ :‬مــا المــو الــجي ال‬
‫حياة فيه و ما الحياة التي ال مو فيها قلع‪:‬‬

‫المو الجي ال حياة فيه موتى عن جنسي من الخلق فال أراهـم فـي الضـر و النفـ ‪ ،‬و مـوتى‬
‫عن نفسي و هوائي و إرادتي و منائى في الدنيا و األخر فال أحس في جمي ذل و ال أجد‪.‬‬

‫جي بال وجودي فيـه‪ ،‬و المـو فـي‬


‫عز و ّ‬
‫و أما الحياة التي ال مو فيها‪ :‬فحياتي بفعي ربى ّ‬
‫جي‪ ،‬فـكـانـع هـج اإلرادة أنـفـس إرادة أردتـهـا مـنـج عـقـلـع‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫ذل وجودي معه ّ‬
‫المقالة الخامسة والستون‬

‫فـي الـنـهـي عـن الـتـس ـخـط عـلـى اهلل فـي تـ خـيـر إجـابـة الـدعـا‬

‫جي مـن تـ خير إجابـة‬


‫عز و ّ‬
‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ما هجا التسخط على رب َّ‬
‫تقــول حــرم علــى الس ـ ال للخلــق و أوجــب علــى الس ـ ال و أنــا أدعــو و هــو ال يجبيبنــى‬ ‫الــدعا‬
‫فيقال ل أحر أنع أم عبد فإن قلع أنا حر ف نع كـافر ولـن قلـع أنـا عبـد هلل‪ ،‬فيقـال لـ أمـتهم‬
‫أنــع لولي ـ فــي ت ـ خير إجابــة دعائ ـ و شــاك فــي حكمتــه و رحمتــه ب ـ و بجمي ـ خلقــه وعلمــه‬
‫فإن كنع لير متهم له و مقر بحكمته و إرادته و مصـلحته‬ ‫جي‬
‫عز و ّ‬
‫ب حوالهم أو لير متهم له َّ‬
‫جي‪ ،‬ألنه اختار ل األصـلح و النعمـة و دفـ الفسـاد‪،‬‬
‫عز و ّ‬
‫ل و ت خير ذل فعلي بالشكر له َّ‬
‫و إن كنــع متهمــا لــه فــي ذلـ ف نـع كــافر بتهمتـ لــه‪ ،‬ألنـ بــجل نســبع لــه الظلــم و هــو لــيس‬
‫بظالم للعبيد‪ ،‬ال يقبي الظلم و يستحيي عليـه أن يظلـم إذ هـو مالكـ و مالـ كـي شـئ فـال يطلـق‬
‫عليه اسم الظالم‪ ،‬و إنما الظالم من يتصرت في مل لير بغير إذنه فانسد عليـ سـبيي التسـخط‬
‫عليه في فعله في بما يخال طبع و شهوة نفس و إن كان في الظاهر مفسدة ل ‪.‬‬

‫فعلي بالشكر و الصبر و الموافقـة‪ ،‬و تـرك السـخط و التهمـة و القيـام مـ رعونـة الـنفس و‬
‫هواها الجي يضي عن سبيي اهلل‪.‬‬

‫ـي‪ ،‬و انتظــار الفــرج‬


‫وعليـ بــدوام الــدعا و صــدق االلتجــا ‪ ،‬و حســن الظــن بربـ عـ َّـز و جـ ّ‬
‫منــه‪ ،‬و التصــديق بوعــد ‪ ،‬و الحيــا منــه‪ ،‬و الموافقــة ألمــر ‪ ،‬و حفــت توحيــد و المســارعة إلــى أدا‬
‫أوامــر ‪ ،‬و التمــاو عــن نــزول قــدر ب ـ و بفعلــه في ـ ‪ ،‬و إن كــان البــد أن تــتهم و تســئ الظــن‬
‫ـي أولــى بهمــا‪ ،‬و نســبت الظلــم إليهــا أحــر مــن‬
‫فنفس ـ األمــارة بالســو العاصــية لربهــا عـ َّـز و جـ َّ‬
‫موالك‪ .‬فاحجر موافقتها و مواالتها‪ ،‬و الرضى بفعلها و كالمها في األحوال كلها‪ ،‬ألنها عدوة اهلل و‬
‫عدوت ‪ ،‬و موالية لعدو اهلل و عدوك الشيطان الرجيم‪ ،‬هي خليلته و جاسوسته و مصافيته‪ ،‬اهلل اهلل‬
‫جي ‪َّ } :‬مـا‬
‫عز و ّ‬ ‫ام اهلل‪ ،‬الحجر الحجر النجا النجا‪ ،‬أتهمها و أنسب الظلم إليها و اقرأ عليها قوله َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـي ‪} :‬إ َّن اللّـهَ الَ يَظْل ُـم النَّ َ‬
‫ـاس‬ ‫يَـ ْف َع ُي اللّهُ بِ َع َجابِ ُك ْم إِن َشـ َك ْرتُ ْم َو َ‬
‫آمنـتُ ْم{‪.‬النسـا ‪ .531‬وقولـه ع َّـز و ج ّ‬
‫س ُه ْم يَظْلِ ُمو َن{‪.‬يونس‪ .33‬و ليرها من اآليا و األخبار‪.‬‬ ‫َّاس أَن ُف َ‬
‫ِ‬
‫َش ْيئا َولَـك َّن الن َ‬

‫جي‪ ،‬و محاربا و سيافا و صاحب جنـد‬


‫عز و ّ‬
‫كن مخاصما هلل على نفس مجادال لها عنه َّ‬
‫جي‪ ،‬قـال اهلل تعـالى ‪ " :‬يـا داود أهجـر هـواك فإنـه ال منـازم‬
‫عز و ّ‬
‫و عسكر ‪ ،‬فإنها أعد عدو اهلل َّ‬
‫ينازعني في ملكي لير الهو "‪.‬‬

‫المقالة السادسة والستون‬

‫فـي األمـر بـالـدعـا و الـنـهـى عـن تـركـه‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تقي ال أدعو اهلل‪ ،‬فإن كان ما أس له مقسوما فسي تي‬
‫ـي جميـ مــا‬
‫إن سـ لته أو لـم أسـ له‪ ،‬و إن كـان ليــر مقسـوم فـال يعطينـي بسـ ال‪ ،‬بــي اسـ له ع َّـز و ج َّ‬
‫تريــد و تحتــاج إليــه مــن خيــر الــدنيا و اآلخــرة مــا لــم يكــن فيــه محــرم و مفســدة ألن اهلل تعــالى أمــر‬
‫ـي ‪َ } :‬والَ‬
‫عز و ج َّ‬‫ب لَ ُك ْم{‪.‬لافر‪ .11‬و قال َّ‬ ‫بالس ال له و حي عليه‪ .‬قال تعالى ‪} :‬ا ْدعُونِي أ ْ ِ‬
‫َستَج ْ‬
‫ضلِ ِه{‪.‬النسا ‪ .44‬قال النبي صـلى‬ ‫اس َلُواْ اللّهَ ِمن فَ ْ‬ ‫َّي اللّهُ بِ ِه بَـ ْع َ‬
‫ض ُك ْم َعلَى بَـ ْع ق {} َو ْ‬ ‫تَـتَ َمنـ َّْواْ َما فَض َ‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬اس لوا اهلل و أنتم موقنون باإلجابة ) و قال صلى اهلل عليه وسـلم ‪ ( :‬اسـ لوا اهلل‬
‫ببطون أكفكـم ) و ليـر ذلـ مـن األخبـار‪ .‬و ال تقـي إنـي أسـ له فـال يعطينـي فـإذا ال أسـ له‪ ،‬بـي دم‬
‫على دعائه‪ ،‬فإن كان ذل مقسوما ساقه إلي بعد أن تس له‪ ،‬فيزيد ذل إيمانا و يقينا و توحيدا و‬
‫جي ‪ ،‬و إن لم يكن‬
‫عز و َّ‬
‫ترك س ال الخلق و الرجوم إليه في جمي أحوال و إنزال حوائج به َّ‬
‫ـي بالقصـ ‪ .‬فـإن كـان فقـرا أو مرضـا أرضـاك‬
‫مقسوما ل أعطاك الغنـا عنـه و الرضـا عنـه ع َّـز و ج َّ‬
‫بهمــا و إن كــان دينــا قلــب الــدائن مــن ســو المطالبــة إلــى الرفــق و الت ـ خير و التســهيي إلــى حــين‬
‫جي اوابا‬
‫عز و َّ‬
‫ميسرت أو إسقاطه عن أو نقصه‪ ،‬فإن لم يسقط و لم يترك منه في الدنيا أعطاك َّ‬
‫جزيال ما لم يعط بس ال في الدنيا‪ ،‬ألنه كريم لنى رحيم‪ ،‬فال يخيب سائله فـي الـدنيا و اآلخـرة‬
‫فالبد من فائدة‪ ،‬و نائلة إما عاجال و إما آجال فقد جا في الحديي‪ ( :‬المـ من يـر فـي صـحيفته‬
‫يوم القيامة حسنا لم يعملها و لم يدر بها فيقال له أتعرفها فيقول ما أعرفها من أين لي هـج‬
‫ـي يكـون‬
‫فيقال له إنهـا بـدل مسـ لت التـي سـ لتها فـي دار الـدنيا ) و ذلـ أنـه بسـ ال اهلل ع َّـز و ج َّ‬
‫ذاكرا اهلل و موحدا و واض الشئ في موضعه‪ ،‬و معطـي الحـق أهلـه‪ ،‬و متبرئـا مـن حولـه و قوتـه‪ ،‬و‬
‫جي‪.‬‬
‫عز و َّ‬
‫تاركا للتكبر و التعظيم و األنفة‪ ،‬و جمي ذل أعمال صالحة اوابها عند اهلل َّ‬

‫المقالة السابعة والستون‬

‫فـي جـهـاد الـنـفـس و تـفـصـيـي كـيـفـيـتـه‬

‫قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا ‪ :‬كلم ــا جاه ــد نفسـ ـ و للبته ــا و قتلته ــا بس ــي‬
‫المخالفة أحياها اهلل‪ ،‬و نازعت و طلبع منـ الشـهوا و اللـجا الجنـاح منهـا و المبـاح‪ ،‬لتعـود‬
‫إلى المجاهدة ليكتب ل اوابا دائما‪ ،‬و هـو معنـى قـول النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ‪ ( :‬رجعنـا مـن‬
‫الجهاد األصغر إلى الجهـاد األكبـر ) أراد مجاهـدة الـنفس لـدوامها و اسـتمرارها علـى الشـهوا و‬
‫ـي ‪َ } :‬وا ْعبُـ ـ ْد َربَّـ ـ َ َحتَّــى يَْتِيَـ ـ َ‬
‫الل ــجا ‪ ،‬و إنهماكه ــا ف ــي المعاص ــي‪ ،‬و ه ــو معن ــى قول ــه ع ـ َّـز و ج ـ َّ‬
‫ـي لنبيـه صـلى اهلل عليـه وسـلم بالعبـادة و هـي مخالفـة الـنفس‪،‬‬ ‫عز و ج َّ‬
‫ين{‪.‬الحجر‪ .55‬أمر اهلل َّ‬ ‫ِ‬
‫الْيَق ُ‬
‫ألن العبادة كلها ت باها النفس و تريد ضدها إلى أن ي تيه اليقين يعنى المو ‪.‬‬

‫فـإن قيـي ‪ :‬كيـ تـ بى نفـس رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم العبـادة و هـو عليـه والصــالة و‬
‫ِ‬
‫وحى{‪.‬الـنجم‪ .3–4‬فيقـال أنـه ع َّـز و‬ ‫السالم ال هو له } َوَما يَنط ُق َع ِن ال َْه َو * إِ ْن ُه َو إَِّال َو ْح وي يُ َ‬
‫جي خاطب نبيه صلى اهلل عليه وسلم ليتقرر به الشرم فيكون عامـا بـين أمتـه إلـى أن تقـوم السـاعة‪.‬‬
‫َّ‬
‫جي أعطى نبيه عليه الصالة و السالم القـوة علـى الـنفس و الهـو ‪ ،‬كـيال يضـرا و‬
‫عز و َّ‬
‫ام إن اهلل َّ‬
‫يحوجا إلى المجاهدة‪ ،‬بخالت أمته‪ ،‬فإذا دام الم من على هج المجاهدة إلـى أن ي تيـه المـو و‬
‫ـي بســي مســلول ملطــخ بــدم الــنفس و الهــو أعطــا مــا ضــمن لــه مــن الجنــة‪،‬‬ ‫يلحــق بربــه عـ َّـز و جـ َّ‬
‫ْجنَّـ ـةَ ِهـ ـ َـي‬
‫س َعـ ـ ِن ال َْهــ َـو * فَـ ـِإ َّن ال َ‬
‫ِ‬
‫ـام َربمـــه َونَـ َه ــى الـ ـنَّـ ْف َ‬
‫ـات َم َقــ َ‬
‫ـي ‪َ } :‬وأ ََّمـــا َمــ ْـن َخــ َ‬‫لقولـــه عــ َّـز و جــ َّ‬
‫ال َْم َْو {‪.‬النتزعا ‪ .35–31‬فإذا أدخله الجنـة و جعلهـا دار و مقـر و مصـير ‪ ،‬أمـن مـن التحويـي‬
‫عنها و االنتقال إلى ليرها و العودة إلى دار الدنيا جدد له كي يوم و كـي سـاعة مـن أنـوام النعـيم و‬
‫تغير عليه أنوام الحال و الحلى إلى ما ال نهاية و ال لاية و ال نفاد‪ ،‬كما جدد في الدنيا كي يـوم و‬
‫كي ساعة و لحظة مجاهدة النفس و الهو ‪.‬‬

‫و أما الكافر و المنافق و العاصي لما تركوا مجاهدة النفس و الهو في الدنيا و تابعوها‪ ،‬و‬
‫وافقوا الشيطان تمرجوا في أنوام المعاصي من الكفر و الشرك و ما دونهما حتى أتاهم المو مـن‬
‫جي ‪َ } :‬واتَّـ ُقـواْ النَّ َ‬
‫ـار‬ ‫عز و َّ‬ ‫لير اإلسالم و التوبة‪ ،‬أدخلهم اهلل النار التي أعد للكافرين في قوله َّ‬
‫َِّ ِ ِ ِ‬
‫ين{‪.‬آل عمـران‪ .545‬فـإذا أدخلهـم فيهـا و جعلهـا مقـرهم و صـيرهم‪ ،‬ف حرقـع‬ ‫التي أُع َّد ْ ل ْل َكـاف ِر َ‬
‫ِ‬
‫ع‬‫ـج ْ‬‫ـي ‪ُ } :‬كلَّ َمــا نَضـ َ‬‫ـي جلــودا و لحومــا كمــا قــال عـ َّـز و جـ َّ‬
‫جلــودهم و لحــومهم جــدد لهــم عـ َّـز و جـ َّ‬
‫ـي بهــم ذل ـ كمــا وافقــوا أنفســهم و‬ ‫ـود ُه ْم بَـ َّـدلْنَ ُ‬
‫اه ْم ُجلُــودا لَْيـ َرَهــا{‪.‬النســا ‪ .11‬يفعــي عـ َّـز و جـ َّ‬ ‫ُجلُـ ُ‬
‫جي ‪ ،‬ف هي النار تجدد لهم كي وقع جلـود و لحـوم إليصـال‬
‫عز و َّ‬
‫أهوا هم في الدنيا في معاصيه َّ‬
‫العجاب و اآلالم إليهم‪ .‬و سبب ذل مجاهدة النفس و عدم موافقتهـا فـي دار الـدنيا و هـجا معنـى‬
‫قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( :‬الدنيا مزرعة اآلخرة )‪.‬‬
‫المقالة الثامنة والستون‬

‫فـي قـولـه تـعـالـى ‪ ( :‬كـي يـوم هـو فـي ش ـ ن )‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬إذا أجاب اهلل عبدا ما س له و أعطا ما طلبه لم تنخرم‬
‫ـي فــي وقتــه‪،‬‬
‫إرادتــه و ال مــا جـ بــه القلــم و ســبق بــه العلــم‪ ،‬لكنــه يوافــق سـ اله مــراد ربــه عـ َّـز و جـ َّ‬
‫فتحصي اإلجابة و قضا الحاجـة فـي الوقـع المقـدر الـجي قـدر لـه فـي السـابقة لبلـوغ القـدر وقتـه‬
‫ْن{‪.‬الرحمن‪ .45‬أي يسوق المقادير إلى‬ ‫عز و جي ‪ُ } :‬ك َّي يـوقم ُهو فِي َش ق‬
‫كما قال أهي العلم قوله َّ‬
‫َْ َ‬ ‫ّ‬
‫المواقيــع‪ ،‬يعطــى اهلل أحــدا شــيئا فــي الــدنيا بمجــرد دعائــه‪ ،‬و كــجل ال يصــرت عنــه شــيئا بدعائــه‬
‫المجرد‪ ،‬و الجي ورد في الحديي ( و ال يرد القضا إال الدعا ) قيي إن المراد به ال يرد القضـا‬
‫إال الدعا الجي قضى أن يرد لقضائه‪ ،‬و كجل ال يدخي أحد الجنة في اآلخـرة بعملـه‪ ،‬بـي برحمـة‬
‫جي‪ ،‬لكنه يعطى العباد في الجنة الدرجا على قدر أعمالهم‪.‬‬
‫عز و َّ‬
‫اهلل َّ‬

‫و قد ورد في حديي عائشـة رضـي اهلل عنهـا ( أنهـا سـ لع النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم هـي‬
‫يدخي أحد الجنة بعمله فقال ال برحمة اهلل‪ ،‬فقالع و ال أنـع فقـال و ال أنـا إال أن يتغمـدني اهلل‬
‫ـي ال يجـب عليـه ألحـد حـق و ال يلزمـه‬
‫برحمته و وض يد علـى هامتـه ) و ذلـ ألن اهلل ع َّـز و ج َّ‬
‫الوفا بالعهد‪ ،‬بي يفعي مـا يريـد يعـجب مـن يشـا و يغفـر لمـن يشـا ‪ ،‬و يـرحم مـن يشـا ‪ ،‬فعـال لمـا‬
‫يريــد و ال يســال عمــا يفعــي و هــم يســئلون‪ ،‬يــرزق مــن يشــا بغيــر حســاب بفضــي رحمتــه و منتــه‪ ،‬و‬
‫يمن من شا بعدله‪ ،‬و كي ال يكون كجل و الخلق من لـدن العـرش إلـى الثـر التـي هـي األرض‬
‫ـي ‪َ } :‬ه ْـي‬ ‫السابعة السفلى ملكـه و صـنعه‪ ،‬ال مالـ لهـم ليـر و ال صـان لهـم ليـر ‪ ،‬قـال ع َّـز و ج َّ‬
‫ِمـ ْـن َخــالِ قق لَْي ـ ُـر اللَّـ ِـه{‪.‬فــاطر‪ .4‬و قــال تعــالى ‪} :‬أَإِلَــهو َّمـ َ اللَّـ ِـه{‪.‬النمــي‪ .13–14–14–15–11‬و‬
‫قال تعالى ‪َ } :‬ه ْي تَـ ْعلَ ُم لَهُ َس ِميّا{‪.‬مريم‪ .11‬و قال تعالى ‪ :‬قُ ِي اللَّ ُه َّم َمالِ َ ال ُْم ْل ِ تُـ ْ تِي ال ُْم ْل َ َمن‬
‫شا بِيَ ِد َك الْ َخ ْيـ ُر إِنَّ َ َعلَ َى ُك مي َش ْي ق قَ ِـد وير‬
‫شا َوتُ ِجل َمن تَ َ‬ ‫شا َوتَن ِزمُ ال ُْم ْل َ ِم َّمن تَ َ‬
‫شا َوتُ ِعز َمن تَ َ‬ ‫تَ َ‬
‫ْح مـي‬ ‫ع وتُ ْخـ ِرج الَميَّ َ ِ‬
‫ِ‬ ‫* تُولِج اللَّيي فِي الْنـَّها ِر وتُولِج النـَّهار فِي اللَّي ِي وتُ ْخ ِرج ال ِ‬
‫ـع م َـن ال َ‬ ‫ْح َّي م َن ال َْميم َ ُ َ‬
‫ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ََ‬ ‫ُ َْ‬
‫اب{‪.‬آل عمران‪.41–41‬‬ ‫شا بِغَْي ِر ِحس ق‬ ‫َوتَـ ْرُز ُق َمن تَ َ‬
‫َ‬

‫المقالة التاسعة والستون‬

‫فـي األمـر بـطـلـب الـمـغـفـرة و الـعـصـمـة‬


‫و الـتـوفـيـق و الـرضـا و الـصـبـر مـن اهلل تـعـالـى‬

‫ـبن مـن اهلل شـيئا سـو المغفـرة للـجنوب السـابقة‬


‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال تطل ّ‬
‫لحسـن الطاعـة‪ ،‬و امتثـال األمـر و الرضـا بمـر‬
‫و العصمة منهـا فـي األيـام اآلتيـة الالحقـة‪ ،‬و التوفيـق ُ‬
‫القضــا ‪ ،‬و الصــبر علــى شــدائد الــبال ‪ ،‬و الشــكر علــى جزيــي النعمــا و العطــا ‪ ،‬اــم الوفــاة بخاتمــة‬
‫الخير‪ ،‬و اللحوق باألنبيا و الصديقين و الشهدا و الصالحين و حسن أولئـ رفيقـا و ال تطلـب‬
‫منــه الــدنيا و ال كش ـ الفقــر و الــبال إلــى الغنــا و العافيــة‪ ،‬بــي الرضــا بمــا قســم و دبــر‪ ،‬و اس ـ له‬
‫الحفت الدائم على ما أقام فيه و أحل و ابتالك‪ ،‬إلى أن ينقل منه إلى لير و ضد ‪ ،‬ألن ال‬
‫تعلم الخير في أيهما‪ ،‬في الفقر أو في الغنا ‪ ،‬في البال أو في العافية‪ ،‬طو عن علـم األشـيا و‬
‫جي بمصالحها و مفاسدها‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫تفرد هو ّ‬

‫فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه ‪ :‬ال أبالى علـى أي حـال أصـبح‪ ،‬علـى مـا أكـر‬
‫ـي‪ ،‬و‬‫أو على ما أحب‪ ،‬ألني ال أدر الخير في أيهما‪ .‬قال ذل لحسن رضـا بتـدبير اهلل ع ّـز و ج ّ‬
‫سـى أَن‬ ‫َّ‬
‫ـال َو ُه َـو ُك ْـرو ل ُك ْـم َو َع َ‬ ‫ـب َعلَ ْـي ُك ُم ال ِْقتَ ُ‬ ‫ِ‬
‫الطم نينة على اختيـار و قضـائه‪ .‬قـال اهلل تعـالى ‪ُ } :‬كت َ‬
‫سـ ــى أَن تُ ِحبـ ــواْ َشـ ـ ْـيئا َو ُهـ ـ َـو َش ـ ـ كر لَّ ُكـ ـ ْـم َواللّـ ــهُ يَـ ْعلَـ ـ ُـم َوأَنـ ــتُ ْم الَ‬ ‫َّ‬
‫تَ ْك َرُهـ ــواْ َشـ ـ ْـيئا َو ُهـ ـ َـو َخ ْي ـ ـ وـر ل ُكـ ـ ْـم َو َع َ‬
‫تَـ ْعلَ ُمو َن{‪.‬البقرة‪.451‬‬
‫كن على هجا الحال إلى أن يزول هواك و تنكسر نفس فتكون ذليلة مغلوبة تابعة اـم تـزول‬
‫إرادت و أماني ‪ ،‬و تخرج األكوان من قلبـ و ال يبقـى فـي قلبـ شـئ سـو اهلل تعـالى‪ ،‬فيمتلـئ‬
‫ـي فيـرد إليـ اإلرادة بـ مر بطلـب حـت‬
‫قلب بحب اهلل تعالى‪ ،‬و تصدق إرادت في طلبه ع ّـز و ج ّ‬
‫ـي بـجل و تطلبــه ممتـثال ألمـر ‪ ،‬إن أعطــاك‬ ‫مـن الحظـوظ دنيويـة و أخرويــة‪ ،‬فحينئـج تسـ له عـ ّـز و ج ّ‬
‫شــكرته و تلبســع بــه‪ ،‬و إن منعـ لــم تتســخط عليــه و لــم تتغيــر عليــه فــي باطنـ و ال تتهمــه فــي‬
‫ذل ببخي‪ ،‬ألن لم تكن طلبته بهواك و إرادت ‪ ،‬ألن فـارغ القلـب عـن ذلـ ليـر مريـد لـه‪ ،‬بـي‬
‫ممتثال ألمر بالس ال و السالم‪.‬‬
‫المقالة السبعون‬

‫فـي الـش ـكـر و االعـتـرات بـالـتـقـصـيـر‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬كي يحسن من العجب في أعمالـ و رسيـة نفسـ‬
‫فيها و طلب األعواض عليها‪ ،‬و جمي ذل بتوفيق اهلل تعالى و عونه و قوتـه و إرادتـه و فضـله‪ ،‬و‬
‫إن كان ترك معصيته فبعصمته و حفظه و حميته‪.‬‬

‫أيــن أنــع مــن الشــكر علــى ذل ـ و االعت ـرات بهــج الــنعم التــي أوالكهــا‪ ،‬مــا هــج الرعونــة و‬
‫الجهــي‪ ،‬تعجــب بشــجاعة ليــرك و ســخائه و بــجل مالــه إذا لــم تكــن قــاتال بعــودك إال بعــد معاونــة‬
‫شــجام ضــرب فــي عــدوك اــم تمنيــع قتلــه‪ ،‬لــوال كنــع مصــروعا مكانــه و بدلــه‪ ،‬و ال بــاذال لــبع‬
‫مال إال بعد ضمان صـادق كـريم أمـين ضـمن لـ عوضـه و خلفـه‪ ،‬لـوال قولـه و طمعـ فيمـا وعـد‬
‫ل و ضمن ل ما بجلع حبة منه‪ ،‬كي تعجب بمجرد فعل ‪.‬‬

‫أحســن حال ـ الشــكر و الثنــا علــى المعــين و الحمــد هلل الــدائم و إضــافة ذل ـ إليــه فــي‬
‫األحوال كلها إال الشر و المعاصي و اللوم‪ ،‬فإن تضيفها إلى نفس و تنسبها إلـى الظلـم و سـو‬
‫األدب و تتهمها به‪ ،‬فهي أحق بجل ألنها م و لكي شر و أمارة بكي سو و داهية وإن كـان هـو‬
‫العلمـا‬ ‫جي خالق و خالق أفعال م كسب ‪ ،‬أنع الكاسب و هو الخالق كما قـال بعـ‬ ‫عز و ّ‬
‫ّ‬
‫جي ‪ :‬تجئ و ال بد من ‪ ،‬و قولـه صـلى اهلل عليـه و سـلم ‪ ( :‬اعملـوا و قـاربوا و سـددوا‬
‫عز و ّ‬
‫باهلل ّ‬
‫فكي ميسر لما خلق له )‪.‬‬
‫المقالة الحادية السبعون‬

‫فـي ال ـم ـري ــد وال ـم ــراد‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬ال يخلو إما أن تكون مريدا أو مرادا‪.‬‬

‫فــإن كنــع مريــدا ف نــع محمــي و حمــال يحمــي كــي شــديد و اقيــي‪ ،‬ألنـ طالــب و الطالــب‬
‫مشقوق عليه حتى يصي إلى مطلوبـه و يظفـر بمحبوبـه و يـدرك مرامـه‪ ،‬و ال ينبغـي لـ أن تنفـر مـن‬
‫بــال ينــزل بـ فــي الــنفس و المــال و األهــي و الولــد‪ ،‬إلــى أن يحــط عنـ األعمــال‪ ،‬و يــزال عنـ‬
‫األاقال‪ ،‬و يرف عن اآلالم و يزال عنـ األذ و اإلذالل‪ ،‬فتصـان عـن جميـ الرذائـي و األدران‬
‫و األوسـاخ و المهانــا و االفتقــار إلــى الخليقــة و البريـا ‪ ،‬فتــدخي فــي زمـرة المحبــوبين المــدللين‬
‫المرادين‪.‬‬

‫ـي فــي إنــزال البليــة بـ أيضــا‪ ،‬و ال تشــكن فــي‬


‫و إن كنــع مــرادا فــال تــتهمن الحــق عـ ّـز و جـ ّ‬
‫جي‪ ،‬ألنه قد يبتلي ليبلغـ مبلـ الرجـي‪ ،‬و يرفـ منزلتـ إلـى منـازل‬
‫عز و ّ‬
‫منزلت و قدرك عند ّ‬
‫األوليا ‪.‬‬

‫أتحب ما يحط منزلت عن منازلهم و درجات عن درجاتهم و أن تكون خلعت و أنوارك و‬


‫جي ال يرضى ل بجل ‪ .‬قـال تعـالى ‪:‬‬
‫عز و ّ‬
‫نعيم دون ما لهم‪ ،‬فإن رضيع أنع بالدون فالحق ّ‬
‫} َواللّهُ يَـ ْعلَ ُم َوأَنـتُ ْم الَ تَـ ْعلَ ُمـو َن{‪.‬البقـرة‪.444+451‬آل عمـران‪.11‬النـور‪ .55‬يختـار لـ األعلـى و‬
‫األسنى و األرف و األصلح و أنع ت بى‪.‬‬

‫فإن قلع‪ :‬كي يصلح ابتال المـراد مـ هـجا النعـيم و البيـان مـ أن االبـتال إنمـا هـو للمحـب‪ ،‬و‬
‫المدلي إنما هو المحبوب‪.‬‬
‫يقال ل ذكرنا األللب أوال و سمرنا بالنادر الممكن اانيا‪.‬‬

‫ال خالت أن النبي صلى اهلل عليه و سـلم كـان سـيد المحبـوبين أشـد النـاس بـال ‪ ،‬و قـد قـال صـلى‬
‫اهلل عليه و سلم ( لقد خفع في اهلل ما ال يخافه أحد‪ ،‬و لقد أوذيع في اهلل لم يـ ذ أحـد‪ ،‬و لقـد‬
‫أتى علي االاون يوما و ليلة و ما لنا طعام إال شي يواريه إبـط بـالل ) و قـد قـال صـلى اهلل عليـه و‬
‫سلم ( إنا معاشر األنبيا أشد الناس بال ام األمثـي فاألمثـي ) و قـد قـال صـلى اهلل عليـه و سـلم (‬
‫أنا أعرفكم باهلل و أشدكم منه خوفا ) فكي يبتلـى المحبـوب و يخـوت المـدلي المـراد و لـم يكـن‬
‫ذل إال بما أشرنا إليه من بلوغ المنازل العالية في الجنة ألن المنازل في الجنة ال تشيد و ال ترف‬
‫باألعمال في الدنيا‪.‬‬

‫الدنيا مزرعة اآلخرة‪ ،‬و أعمال األنبيا و األوليا بعد أدا األوامر و انتهـا النـواهي و الصـبر‬
‫و الرضا و الموافقة في حالة البال يكش عنهم البال و يواصـلون بـالنعيم و الفضـي و الـدالل و‬
‫اللقا أبد اآلباد‪ ،‬و اهلل أعلم‪.‬‬

‫المقالة الثانية والسبعون‬

‫فـي مـن إذا دخـي األس ـواق و مـال إلـى مـا فـيـهـا‬
‫و مـن إذا دخـلـهـا و صـبـر‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬الجين يدخلون األسـواق مـن أهـي الـدين و النسـ فـي‬
‫خروجهم إلى أدا ما أمر اهلل تعالى من صالة الجمعـة و الجماعـة و قضـا حـوائج تسـنح لهـم علـى‬
‫أضرب ‪:‬‬
‫م ـن ـه ــم مـن إذا دخــي السـوق و رأ فيـه مــن أنـوام الشـهوا و اللــجا تقيـد بهمـا و علقــع‬
‫بقلبه فتن‪ ،‬و كان ذل سبب هالكه و تركه دينه و نسكه و رجوعـه إلـى موافقـة طبعـه و إتبـام هـوا‬
‫جي برحمته و عصمته و إصبار إيا عنها فتسلم‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫إال أن يتداركه ّ‬

‫و م ـن ـهــم من إذا رأ ذل كاد أن يهل بها رجـ إلـى عقلـه و دينـه و تصـبر و تجـرم مـرارة‬
‫تركها‪ ،‬فهو كالمجاهد ينصر اهلل تعالى على نفسه و طبعه و هوا ‪ ،‬و يكتب لـه الثـواب الجزيـي فـي‬
‫األخبـار عـن النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم أنـه قـال ‪ ( :‬يكتـب للمـ منين‬ ‫اآلخرة‪ .‬كما جا في بع‬
‫بترك شهوة عند العجز عنها أو عند المقدرة سبعون حسنة ) أو كما قال‪.‬‬

‫جي التي عند من سـعة‬


‫عز و ّ‬
‫و م ـن ـهــم من يتناولها و يتلبس بها و يحصلها بفضي نعمة اهلل ّ‬
‫جي عليها‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫الدنيا و المال‪ ،‬و يشكر اهلل ّ‬

‫جي‪ ،‬فال ير لير ‪،‬‬


‫عز و ّ‬
‫و م ـن ـهــم من ال يراها و ال يشعر بها‪ ،‬فهو أعمى عن ما سو اهلل ّ‬
‫و أصم عما سوا فال يسم من لير ‪ ،‬عند شغي عن النظر إلـى ليـر محبوبـه و اشـتهائه‪ ،‬فهـو فـي‬
‫معزل عما العالم فيه فإذا رايته و قد دخي السوق فس لته عما رأ في السوق يقول ما رأيع شيئا‪.‬‬
‫ال نظرة شـهوة‪ ،‬نظـر‬ ‫نعم قد رأ األشيا لكن قدر رآها ببصر رأسه ال ببصر قلبه‪ ،‬و نظرة فجا‬
‫صورة ال نظر معنى‪ ،‬نظر الظاهر ال نظر الباطن‪ ،‬فبظاهر ينظر إلى ما في السوق و بقلبه ينظـر إلـى‬
‫جي‪ ،‬إلى جالله تارة و إلى جماله تارة أخر ‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫ربه ّ‬

‫جي رحمة لهم‪ ،‬فتشغله الرحمة لهم عـن‬


‫عز و ّ‬
‫و م ـن ـهــم من إذا دخي السوق امت قلبه باهلل ّ‬
‫النظر إلى ما لهم و بين أيـديهم فهـو فـي حـين دخولـه إلـى حـين خروجـه فـي الـدعا و االسـتغفار و‬
‫الشفاعة ألهله و الشفقة و الرحمة عليهم و لهم‪ ،‬و عينه مغرورقة و لسانه فـي انـا و حمـد هلل ع ّـز‬
‫جي بمـا أولـى الكافـة مـن نعمـه و فضـله فهـجا يسـمى شـحنة الـبالد و العبـاد‪ ،‬و إن شـئع سـميته‬
‫و ّ‬
‫عارفا و بدال و زاهدا و عالما ليبا و بدال محبوبا مرادا و نائبا فـي األرض علـى عبـاد ‪ ،‬و سـفيرا و‬
‫جهبــجا و نفــاذا و هاديــا و مه ـديا و داال و مرشــدا فهــجا هــو الكبريــع األحمــر و بيضــة العقعــق‪،‬‬
‫رضوان اهلل عليه و على كي م من مريد هلل وصي إلى انتها المقام‪ ،‬و اهلل الهادي‪.‬‬

‫المقالة الثالثة والسبعون‬

‫فـي قـســم مـن األولـيـا قـد يـطـلـعـه اهلل عـلـى عـيـوب لـيـرهـم‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬قـد يُطلـ اهلل تعـالى وليـه علـى عيـوب ليـر و كجبــه و‬
‫دعوتــه و شــركه فــي أفعالــه و أقوالــه و إضــمار و نيتــه‪ ،‬فيغــار ولــى اهلل لربــه و لرســوله و دينــه فيشــتد‬
‫لض ــب باطن ــه ا ــم ــاهر حاض ــرا و لائب ــا‪ ،‬كيـ ـ ي ــدعى الس ــالمة مـ ـ العل ــي و األوج ــام الباطن ــة‬
‫والظاهرة و كي يدعى التوحيد م الشرك‪ ،‬و الشرك كفر و بعد عن قرب اهلل و هو صفة العدو‬
‫و الشيطان اللعين‪ ،‬و المنافقين المقطوم لهم بالدرك األسفي من النار و الخلود فيها فيجر علـى‬
‫دعاويــه أحــوال الصــديقين و مزاحمتــه‬ ‫لســان الــولي ذكــر عيوبــه و أفعالــه الخبيثــة و وقاحتــه بعــري‬
‫جي‪ ،‬مرة على وجه اإلنكار له و‬
‫عز و ّ‬
‫للفانين في قدر اهلل و فعله‪،‬و المراد من على وجه الغيرة هلل ّ‬
‫ـي و إرادتــه و شــدة لضـبه علــى الكــجب‬
‫الموعظـة لــه أخـر ‪ ،‬و علــى وجــه الغلبـة بفعــي اهلل عـ ّـز و ج ّ‬
‫ـي ليبـة‪ ،‬فيقـال أيغتـاب الـولي و هـو يمنـ منهـا أو يـجكر الغائـب و‬
‫أخر فيضـات إلـى اهلل ع ّـز و ج ّ‬
‫ـي‬
‫الحاضر بما يظهر عند الخواص و العوام فيصير ذل اإلنكار في حقهم كما قال اهلل ع ّـز و ج ّ‬
‫ِ ِ‬
‫‪َ } :‬وإِاْ ُم ُه َما أَ ْكبَـ ُر من نَّـ ْفع ِه َما{‪.‬البقرة‪ .455‬في الظاهر إنكار المنكر و في الباطن إسخاط ّ‬
‫الرب و‬
‫االعتــراض عليــه فيصــير حالــه الخيــرة‪ ،‬فيكــون فرضــه فيهــا الســكو و التســليم و طلــب المســاعي‬
‫الرب و الولي يطعنان الفترائه و كجبـه‪ ،‬و قـد يكـون‬
‫لجل في الشرم‪ ،‬و الجواز ال االعتراض على ّ‬
‫ذل سببا إلقالعه و توبته و رجوعه عـن جهلـه و حيرتـه‪ ،‬فيكـون كرهـا للـولي نفعـا للمغـرور الهالـ‬
‫يم{‪.‬البقرة‪.454‬النور‪.31‬‬ ‫صر ق‬
‫اط م ْستَ ِق ق‬ ‫بغرور و رعونته‪} .‬واللّهُ يـ ْه ِدي من ي َ ِ ِ‬
‫شا ُ إلَى َ‬‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫المقالة الرابعة والسبعون‬

‫فـيـمـا يـنـبـغـي لـلـعـاقـي أن يـس ـتـدل بـه‬


‫عـلـى وحـدانـيـة اهلل تـعـالـى‬

‫قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا ‪ :‬أول مــا ينظــر العاقــي فــي صــفة نفســه و تركيبــه اــم فــي‬
‫جمي المخلوقا و المبدعا فيستدل بجل على خالقها و بمدعها‪ ،‬ألن فيه داللة على الصان‬
‫و في القدرة المحكمة آية على الحكيم‪ ،‬فإن األشيا كلها موجودة به‪.‬‬

‫َّر لَ ُكـم َّمـا‬


‫و في مـعـنـا ما ذكر عن ابن عباس رضي اهلل عنهما في تفسير قوله تعالى ‪َ } :‬و َسخ َ‬
‫ض َج ِميعا م ْنهُ{‪.‬الجااية‪ .54‬فقـال فـي كـي شـئ اسـم مـن أسـمائه و اسـم‬ ‫الس َم َاوا ِ َوَما فِي ْاأل َْر ِ‬
‫فِي َّ‬
‫كي شئ من اسمه‪ ،‬فإنما أنع بين أسمائه و صفاته و أفعاله‪ ،‬بـاطن بقدرتـه و ـاهر بحكمتـه‪ ،‬هـر‬
‫بصفاته و بطن بجاته حجب الجا بالصفا و حجب الصفا باألفعال‪ ،‬و كشـ العلـم بـاإلرادة‬
‫و أ هر اإلرادة بالحركا ‪ ،‬و أخفى الصن و الصنيعة و أ هر الصنعة باإلرادة‪ ،‬فهو باطن في ليبه‬
‫ص ُير{‪.‬الشور ‪.55‬‬ ‫الس ِمي الب ِ‬ ‫و اهر في حكمته و قدرته }لَي ِ ِ ِ‬
‫س َكمثْله َش ْي و َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫ْ َ‬

‫و لـقـد أ ـهـر في هجا الكالم من أسرار المعرفة ما ال يظهر إال من مشكاة فيها مصباح‪ ،‬أمر‬
‫برف ـ يــد العصــمة اللهــم فقهــه فــي ال ـدين و علمــه الت ويــي‪ ،‬أنالنــا اهلل تعــالى بركــاتهم و حشــرنا فــي‬
‫زمرتهم و حرمتهم آمين‪.‬‬
‫المقالة الخامسة والسبعون‬

‫فـي الـتـصـوت و عـلـى أي شــئ مـبـنـا‬

‫قـال رضـي اهلل تـعـالـى عـنـه و أرضـا ‪ :‬أوصـيـ بـتـقو اهلل و طـاعـتـه‪ ،‬و لــزوم ـاهــر الـش ــرم‬
‫و ســال مـة الـصـدر‪ ،‬و س ـخـا الـنـفـس‪ ،‬و بـشــاشــة الـوجـه‪ ،‬و بـدل الـنـد ‪ ،‬و كـ األذ ‪ ،‬و تـحـمـي‬
‫األذ و الـفـقـر‪ ،‬و حـفــت حـرمــا الـمـشــايــخ و الـعـش ــرة م ـ اإلخــوان‪ ،‬و الـنـصـيـحــة لـ صـالــر و‬
‫األكـابـر‪ ،‬و تـرك الـخـصـومـة‪ ،‬و اإلرفـاق‪ ،‬و مـالزمـة اإليـثـار و مـجـانـبـة االدخار‪ ،‬و تـرك صـحـبــة مــن‬
‫لـيـس مـن طـبـقـتـهـم‪ ،‬و الـمـعـاونـة في أمـر الـديـن و الـدنـيـا‪.‬‬

‫و حـقـيـقـة الـفـقـر أن ال تـفـتـقـر عـلــى مــن هــو مـثـل ـ و حـقـيـقــة الـغـنــى أن تسـتغني عـمــن هــو‬
‫مـثـلـ ‪.‬‬

‫و الـتـصـوت لـيـس أخـج عـن الـقـيـي و الـقـال و لـكـن أخـج عـن الـجـوم و قـط ـ الـمـ لـوفــا و‬
‫الـمـس ـتـحـس ـنـــا ‪ ،‬و ال تبــد ا الـفـقـيـــر بـالـعـلـــم و إبـدائـ ــه بـالـرف ــق‪ ،‬ف ــإن الـعـلـــم يـوحـش ـ ــه و الـرفـ ــق‬
‫يـ نـســه‪.‬‬

‫و الـتـصـوت مـبـنـي عـلـى ا ـمــان خ ـصـال ‪:‬‬

‫ال ـسـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـس ـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إلب ــراه ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫ال ـ ــرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـسـ ـ ـيــدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إلس ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ع ـ ـل ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫الـ ـص ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ألي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫اإلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ــزكـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫الـ ـغـ ـ ــربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـي ـ ـحـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫ال ـتـ ـص ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـمـ ــوسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫ال ـس ـ ـي ــاحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لـسـ ـ ـيــدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـع ـ ـي ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬
‫الـ ـف ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـسـيـدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـحـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد صـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى اهلل عـلـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه و سـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬

‫و عـلى إخـوانـه مـن الـنـبـيـيـن و الـمـرس ـلـيـن و آل كـي و صـحـب كـي و س ـلـم أجـمـعـيـن‬
‫المقالة السادسة والسبعون‬

‫فـي الــوصـ ـي ــة‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـعـال ــى عـنـــه و أرض ــا ‪ :‬أوص ـي ـ ـ أن تصــحب األلنيــا بــالتعزز‪ ،‬و الفقــرا‬
‫بالتــجلي‪ ،‬و علي ـ بالتــجلي و اإلخــالص‪ ،‬و هــو دوام رسيــة الخــالق‪ ،‬و ال تــتهم اهلل فــي األســباب و‬
‫استكن إليه في جمي األحوال‪ ،‬و ال تض حق أخي اتكاال على ما بين و بينه من المودة‪.‬‬

‫و عـلـي ـ ـ بـصـحـبـ ــة الـفـقـ ــرا بالتواضـ ـ و ُحس ــن األدب و الس ــخا ‪ ،‬و أم ــع نفسـ ـ حت ــى‬
‫تحيى‪ ،‬و أقرب الخلق من اهلل تعالى أوسعهم خلقا‪ ،‬و أفضـي األعمـال ‪ :‬رعايـة السـر عـن االلتفـا‬
‫إلى ما سو اهلل تعالى‪.‬‬

‫و الـصـول ــة بـالـح ــق و الـصـب ــر‪ ،‬و حســب مــن الــدنيا شــيئان ‪ :‬صــحبة فقيــر و خدمــة ولــي‪ ،‬و‬
‫الفقير هو الجي ال يستغنى بشئ دون اهلل تعالى‪.‬‬

‫و الـصـولـة عـلــى مـن هـو دونـ ضـع ‪ ،‬و علـى مـن هـو فوقـ فخـر‪ ،‬و علـى مـن هـو مثلـ‬
‫سو خلق‪.‬‬

‫و الـفـقـر و الـتـصـوت جدان فـال تخلطهمـا بشـئ مـن الهـزل‪ ،‬وفقنـا اهلل و إيـاكم و المسـلمين‬
‫آمين‪.‬‬

‫يـا ولــي عـلـيـ بجكر اهلل في كي حال فإنه للخيـر جـام ‪ .‬و عليـ باالعتصـام بحبـي اهلل فإنـه‬
‫للمضار داف ‪ .‬و علي بالت هب لتلقى موارد القضا فإنه واق ‪.‬‬
‫و أعـلـم أنـ مـس ـئـول عن حركات و سكنات ‪ ،‬فاشـتغي بمـا هـو أولـى فـي الوقـع و إيـاك و‬
‫فضول تصرفا الجوارح‪.‬‬

‫و عـلـيـ بـطـاعـة اهلل و رســوله و مـن واال و أد إليه حقه و ال تطالبه بما يجب عليه‪ ،‬و ادم‬
‫في كي حال‪.‬‬

‫و عـلـيـ بـحـســن الـظـن في المسلمين و إصالح النية لهم‪ ،‬و تسعى بيـنهم فـي كـي خيـر‪ ،‬و‬
‫أن ال تبيع و ألحد في قلب شـر و ال شـحنا و ال بغـ ‪ ،‬و أن تـدعو لمـن لمـ ‪ ،‬و راقـب اهلل‬
‫جي‪.‬‬
‫عز و َّ‬
‫َّ‬

‫و عـلـيـ ب كي الحالل‪ ،‬و الس ال ألهي العلـم بـاهلل فيمـا ال تعلـم‪ ،‬و عليـ بالحيـا مـن اهلل‬
‫سبحانه و تعالى‪.‬‬

‫و أجـع ــي صـحـبـتـ ـ م ـ مــن اهلل معــه و أصــحب مــن ســو اهلل بصــحبته‪ ،‬و تصــدق فــي كــي‬
‫صباح بقرص و إذا أمسيع فصي صالة الجنازة على كي من ما مـن المسـلمين فـي ذلـ اليـوم‬
‫و إذا صليع المغرب فصالة االستخارة و تقول بكرة و عشيا سب مرا ( الـلـه َّـم أجـرنـا مـن الـنـار‬
‫) و حافت على قول أعوذ بـاهلل السـمي العلـيم مـن الشـيطان الـرجيم } ُه َـو اللَّـهُ الَّ ِـجي َال إِلَـهَ إَِّال ُه َـو‬
‫ِ‬ ‫الشه َ ِ‬ ‫َعالِ ُم الْغَْي ِ‬
‫يم{‪.‬الحشـر‪ .44‬إلـى آخـر سـورة الحشـر‪ ،‬و اهلل الموفـق و‬ ‫ادة ُه َـو ال َّـر ْح َم ُن ال َّـرح ُ‬ ‫ب َو َّ َ‬
‫المعين‪ ،‬إذ ال حول و ال قوة إال باهلل العلى العظيم‪.‬‬
‫المقالة السابعة والسبعون‬

‫فـي الـوقـوت مـ اهلل و الـفـنـا عـن الـخـلـق‬

‫وجي كـ ن ال خلـق‪ ،‬ومـ الخلـق كـ ن ال‬


‫عز ّ‬‫قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا ‪ :‬كن م اهلل ّ‬
‫ـي بـال خلـق وجـد ‪ ،‬وعـن الكـي فنيـع‪ .‬وإذا كنـع مـ الخلـق بـال‬
‫نفس‪ ،‬فإذا كنع مـ اهلل ع ّـز وج ّ‬
‫نف ـس عــدلع وبقيــع ومــن التبع ـا س ـلمع‪ ،‬وأتــرك الكــي علــى ب ـاب خلوت ـ ‪ ،‬وأدخ ـي وحــدك تــر‬
‫سرك‪ ،‬وتشاهد ما ورا العيان‪ ،‬وتزول النفس وي تي مكانها أمر اهلل وقربه‪،‬‬
‫م نس في خلوت بعين ّ‬
‫فإذن جهل علم‪ ،‬وبعدك قرب‪ ،‬وصمت ذكر‪ ،‬ووحشت أنس‪.‬‬

‫يــا هـجا ‪ :‬مــا اـم إال خلــق وخــالق‪ ،‬فــإذا اختــر الخــالق فقــي لهـم ‪} :‬فَـِإنَّـ ُه ْم َعـ ُد كو لمــي إَِّال َر َّ‬
‫ب‬
‫ِ‬
‫ين{‪.‬الشعرا ‪.11‬‬ ‫الْ َعالَم َ‬

‫اــم قــال رضــي اهلل عنــه و أرضـا ‪ :‬مــن ذاق عــرت‪ ،‬فقيـي لـه ‪ :‬مـن للبــع عليــه مـرارة صــفرته‬
‫كي يجد حالوة الجوق فقال ‪ :‬يتعمي في الشهوا من قبله بقصد وتكل ‪.‬‬

‫يا هجا ‪ :‬الم من إذا عمي صالحا انقلبع نفسه قلبا وأدرك مـدركا القلـب‪ ،‬اـم انقلـب قلبـه‬
‫سرا ام انقلب الفنا فصار وجودا وبقا ‪.‬‬

‫ام قال رضي اهلل عنه و أرضا ‪ :‬األحباب يسعهم كي باب‪.‬‬


‫يــا ه ـجا ‪ :‬الفنــا إعــدام الخالئــق‪ ،‬وانق ـالب طبع ـ عــن طب ـ المالئكــة‪ ،‬اــم الفن ـا عــن طب ـ‬
‫المالئكة‪ ،‬ام لحوق بالمنهاج األول‪ ،‬وحينئج يسقي ربّ ما يسقي ‪ ،‬ويزرم في ما يزرم‪.‬‬

‫إن أرد هـجا فعليـ باإلســالم اـم االستســالم‪ ،‬اــم العلــم بـاهلل اــم المعرفــة اـم الــوجود‪ .‬وإذا‬
‫كان وجودك له كان كل له‪.‬‬

‫الزهد عمي ساعة ‪ ،‬و الورم عمي ساعتين ‪ ،‬و المعرفة عمي األبد‪.‬‬
‫المقالة الثامنة والسبعون‬

‫فـي أهـي الـمـجـاهـدة و الـمـحـاس ـبـة و أولـى الـعـزم‬


‫و بـيـان خـصـالـهـم‬

‫ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا ‪ :‬ألهــي المجاهــدة و المحاســبة و أولــى العــزم عشــر‬
‫خصال جربوها‪ ،‬فإذا أقاموها و أحكموها بإذن اهلل تعال وصلوا إلى المنازل الشريفة ‪:‬‬

‫جي صادقا و ال كاذبا عامدا و ال ساهيا‪ ،‬ألنه إذا أحكـم‬


‫عز و ّ‬
‫( األولـى ) أن ال يحل باهلل ّ‬
‫ذل من نفسه و عود لسانه رفعه ذل إلى ترك الحل ساهيا و عامدا‪ ،‬فـإذا اعتـاد ذلـ فـتح اهلل‬
‫له باب من أنوار يعرت منفعة ذل في قلبه‪ ،‬و رفعه في درجة و قوة في عزمه و في صبر و الثنا‬
‫عند اإلخوان‪ ،‬و الكرامة عند الجيران حتى يهتم به من يعرفه و يهابه من يرا ‪.‬‬

‫( الـثـانـيــة ) يجتنــب الكــجب ال هــازال و ال جــادا‪ ،‬ألنــه إذا فعــي ذلـ و أحكمــه مــن نفســه و‬
‫اعتاد لسـانه شـرح اهلل تعـالى بـه صـدر و صـفا بـه علمـه‪ ،‬ك نـه ال يعـرت الكـجب‪ ،‬و إذا سـمعه مـن‬
‫لير عاب ذل عليه و عير به في نفسه‪ ،‬و إن دعا له بزوال ذل كان له اواب‪.‬‬
‫( الـثـالـث ــة ) أن يحــجر أن يعــد أحــدا شــيئا فيخلفــه‪ ،‬و يقط ـ العــدة البتــة فإنــه أقــو ألمــر و‬
‫أقصــد بطريقــه‪ ،‬ألن الخل ـ مــن الكــجب فــإذا فعــي ذلـ فــتح لــه بــاب الســخا و درجــة الحيــا و‬
‫أعطى مودة في الصادقين و رفعة عند اهلل جي اناس ‪.‬‬

‫( الـرابـعـة ) أن يجتنب أن يلعن شيئا من الخلـق‪ ،‬أو يـ ذ ذرة فمـا فوقهـا‪ ،‬ألنهـا مـن أخـالق‬
‫األبرار و الصديقين‪ ،‬و له عاقبة حسنة في حفت اهلل تعالى في الدنيا م ما يدخر له من الدرجا ‪،‬‬
‫جي‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫و يستنقج من مصارم الهالك‪ ،‬و يسلمه من الخلق‪ ،‬و يرزقه رحمة العباد‪ ،‬و يقربه منه ّ‬

‫( الـخـامـسـة ) أن يجتنـب الـدعا علـى أحـد مـن الخلـق و إن لمـه فـال يقطعـه بلسـانه‪ ،‬و ال‬
‫يكافئه بقول و ال فعي‪ ،‬فإن هج الخصلة ترف صاحبها إلى الدرجا العلى‪ .‬و إذا ت دب بها ينـال‬
‫منزلة شريفة في الدنيا و اآلخرة‪ ،‬و المحبة و المودة في قلوب الخلـق أجمعـين مـن قريـب و بعيـد‪،‬‬
‫و إجابة الدعوة و الغلوة في الخلق‪ ،‬و عز في الدنيا في قلوب الم منين‪.‬‬

‫( الـسـادسـة ) أن ال يقط الشهادة على أحد من أهي القبلة بشرك و ال كفر و ال نفاق‪ ،‬فإنه‬
‫أقرب للرحمة‪ ،‬و أعلى في الدرجة و هي تمام السنة‪ ،‬و أبعد عن الدخول في علم اهلل‪ ،‬و أبعد مـن‬
‫مقع اهلل و أقرب إلى رضا اهلل تعالى و رحمته‪ ،‬فإنه باب شري كريم على اهلل تعـالى يـورف العبـد‬
‫الرحمة للخلق أجمعين‪.‬‬

‫( الـســابـعــة ) أن يجتنــب النظــر إلــى المعاصــي و يكـ عنهــا جوارحــه‪ ،‬فــإن ذلـ مــن أســرم‬
‫األعمال اوابا في القلب و الجوارح في عاجي الدنيا‪ ،‬م ما يـدخر اهلل لـه مـن خيـر اآلخـرة‪ .‬نسـ ل‬
‫اهلل أن يمن علينا أجمعين و يعلمنا بهج الخصال‪ ،‬و أن يخرج شهواتنا عن قلوبنا‪.‬‬

‫( الـثـامـن ــة ) يجتنــب أن يجعــي علــى أحــد مــن الخلــق منــه م نــة صــغيرة و ال كبيــرة‪ ،‬بــي يرف ـ‬
‫م نتــه عــن الخلــق أجمعــين ممــا أحتــاج إليــه و اســتغنى عنــه‪ ،‬فــإن ذلـ تمــام عــزة العابــدين و شــرت‬
‫المتقــين‪ ،‬و بــه يقــو علــى األمــر بــالمعروت و النه ـى عــن المنكــر‪ ،‬و يكــون الخلــق عنــد أجمعــين‬
‫ـي‪ ،‬و ال يرفـ أحـدا‬
‫بمنزلة واحدة‪ ،‬فإذا كان كجل نقله اهلل إلى الغنا و اليقين و الثقة بـه ع ّـز و ج ّ‬
‫ســوا ‪ ،‬و تكــون الخلــق عنــد فــي الحــق ســوا ‪ ،‬و يقطـ بـ ن هــج األســباب عــز المـ منين و شــرت‬
‫المتقين‪ ،‬و هو أقرب باب اإلخالص‪.‬‬

‫( الـتـاس ـعـة ) ينبغي له أن يقط طعمه مـن اآلدميـين‪ ،‬و ال يطمـ نفسـه فيمـا فـي أديهـم‪ ،‬فإنـه‬
‫العــز األكبــر‪ ،‬و الغنــى الخــاص‪ ،‬و الملـ العظــيم‪ ،‬و الفخــر الجليــي‪ ،‬و اليقــين الصــافي‪ ،‬و التوكــي‬
‫جي‪ ،‬و هو باب من أبواب الزهد‪ ،‬و به ينال‬
‫عز و ّ‬
‫الشافي الصريح و هو باب من أبواب الثقة باهلل ّ‬
‫جي‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫الورم و يكمي نسكه‪ ،‬و هو من عالما المنقطعين إلى اهلل ّ‬

‫( الـعـاش ــرة ) التواضـ ألنــه بــه يشــيد محــي العابــد و تعلــو منزلتــه‪ ،‬و يســتكمي العــز و الرفعــة‬
‫عند اهلل سبحانه و عند الخلق‪ ،‬و يقدر على ما يريد من أمر الدنيا و اآلخرة و هـج الخصـلة أصـي‬
‫الخصال و كلها و فرعها و كمالها‪ ،‬و بها يدرك العبد منازل الصـالحين الراضـين مـن اهلل تعـالى فـي‬
‫السرا و الضرا و هي كمال التقو ‪.‬‬

‫و الـتـواضـ ‪ :‬هو أن ال يلقى العبد أحـدا مـن النـاس إال رأ لـه الفضـي عليـه‪ ،‬و يقـول عسـى‬
‫اهلل تعـالى و أنـا قـد‬ ‫أن يكون عند اهلل خيرا مني و أرفـ درجـة‪ ،‬فـإن كـان صـغيرا قـال هـجا لـم يعـ‬
‫عصيع فال ش أنه خير مني‪ ،‬و إن كان كبيرا قال هجا عبد اهلل قبلي‪ ،‬و إن كان عالما هجا أعطي‬
‫مــا لــم أبلـ ‪ ،‬و نــال مــا لــم أنــي‪ ،‬و علــم مــا جهلــع‪ ،‬و هــو يعمــي بعلمــه و إن كــان جــاهال قــال هــجا‬
‫عصى اهلل بجهي و أنا عصيته بعلم‪ ،‬و ال أدر بما يختم لي و بمـا يخـتم لـه‪ ،‬و إن كـان كـافرا قـال‬
‫ال أدر عسى أن يسلم فيختم له بخير العمي‪ ،‬و عسـى أن أكفـر فيخـتم لـي بسـو العمـي‪ ،‬و هـجا‬
‫باب الشفقة و الوجي‪ ،‬و أولى ما يصحب و آخر ما يبقى على العباد‪ ،‬فإذا كان العبد كجل سلمه‬
‫جي و كان من أصـفيا الـرحمن و أحبائـه‪،‬‬
‫عز و ّ‬
‫اهلل تعالى من الغوائي‪ ،‬و بل به منازل النصيحة هلل ّ‬
‫و كان من أعدا إبليس عدو اهلل لعنـه اهلل و هـو بـاب الرحمـة ومـ ذلـ يكـون قطـ بـاب الكبـر و‬
‫درجـة العلـو فـي نفسـه فـي الـدين و الـدنيا و اآلخـرة‪ ،‬و هـو مـخ العبـادة‪ ،‬و‬ ‫جبال العجب‪ ،‬و رفـ‬
‫لايــة شــرت الزاهــدين‪ ،‬و ســيما الناســكين‪ ،‬فــال شــئ منــه فضــي‪ ،‬و مـ ذلـ يقطـ لســانه عــن ذكــر‬
‫العالمين و ما ال يعنى‪ ،‬فال يتم له عمي إال به‪ ،‬و يخرج الغي و الكبـر و البغـي مـن قلبـه فـي جميـ‬
‫أحواله‪ ،‬و كان لسانه فـي السـر و العالنيـة واحـدا‪ ،‬و مشـيئته فـي السـر و العالنيـة واحـدة‪ ،‬و كالمـه‬
‫كجل ‪ ،‬و الخلق عند في النصيحة واحد‪ ،‬و ال يكون من الناصحين‪ ،‬و هو يـجكر أحـدا مـن خلـق‬
‫اهلل بســو أو يعيــر بفعــي‪ ،‬أو يحــب أن يــجكر عنــد واحــدا بســو ‪ .‬و هــج آفــة العابــدين‪ ،‬و عطــب‬
‫النس ــاك‪ ،‬و ه ــالك الزاه ــدين إال م ــن أعان ــه اهلل تع ــالى و حف ــت لس ــانه و قلب ــه برحمت ــه و فض ــله و‬
‫إحسانه‪.‬‬

‫تـمـع بـعـون اهلل‬

‫مـقـاال س ـيـدي الـغـوف األعـظـم ق َّـدس اهلل روحه‬

‫جمال الدين فالح الكيالني‬


‫بغداد‬
‫تكملة في ذكر وصايا ألوالد ق مدسع أرواحهم‬
‫مقاال نافعة أوردها‬ ‫و بع‬
‫و مرضه و وفاته رضي اهلل عنه و أرضا‬

‫انه رضي اهلل تعالى عنه و أرضا لما مرض مرضه الجي ما فيه و قال له ابنـه عبـد الوهـاب‬
‫قدس سر ‪ ،‬أوصني يا سيدي بما أعمي به بعدك فقال رضي اهلل تعالى عنه و أرضا ‪ :‬علي بتقو‬
‫جي‪ ،‬و ال تخ أحدا سو اهلل‪ ،‬و ال ترج أحدا سو اهلل‪ ،‬وكي الحـوائج إلـى اهلل ع ّـز و‬
‫عز و ّ‬
‫اهلل ّ‬
‫ـي‪ ،‬و ال تعتمــد إال عليــه‪ ،‬و أطلبهــا جميعــا منــه تعــالى‪ ،‬و ال تتكــي علــى أحــد ليــر اهلل ســبحانه‪،‬‬
‫جـ ّ‬
‫التوحيد التوحيد جمام الكي‪.‬‬

‫جي ال يخلـو منـه شـئ و‬


‫عز و ّ‬
‫و قال رضي اهلل تعالى عنه و أرضا ‪ :‬إذا صح القلب م اهلل ّ‬
‫ال يخرج منه شئ‪.‬‬

‫و قال رضي اهلل تعالى عنه و أرضا ‪ :‬أنا لب بال قشر‪.‬‬

‫و قــال رضــي اهلل تعــالى عنــه ألوالد ‪ :‬أبعــدوا مــن حــولي فــإني معكــم بالظ ـاهر و م ـ ليــركم‬
‫بالباطن‪.‬‬

‫و قــال رضــي اهلل تعــالى عنــه ‪ :‬قــد حضــر عنــدي ليــركم ف وســعوا لهــم و ت ـ دبوا معهــم‪ ،‬هاهنــا‬
‫رحمة عظيمة‪ ،‬و ال تضيقوا عليهم المكان‪.‬‬

‫و كان رضي اهلل تعالى عنه يقول ‪ :‬عليكم السالم و رحمة اهلل و بركاته‪ ،‬لفر اهلل لي و لكـم‪،‬‬
‫تاب اهلل على و عليكم‪ ،‬بسم اهلل لير مودعين‪ .‬قال ذل يوما و ليلة‪.‬‬
‫و قال رضي اهلل تعالى عنه ‪ :‬ويلكم أن ال أبالى بشئ‪ ،‬ال بمل و ال بمل المو ‪ ،‬منح لنـا‬
‫من يتوالنا سواك‪ ،‬و صاح صيحة عظيمـة و ذلـ فـي اليـوم الـجي مـا فـي عشـيته رضـي اهلل تعـالى‬
‫عنه‪.‬‬

‫و أخبر ولدا الشيخ عبد الرزاق و الشيخ موسـى قدسـع أسـرارهما أن حضـرة الغـوف رضـي‬
‫اهلل تعــالى عنــه كــان يرفـ يديــه و يمــدها و يقــول ‪ :‬و علــيكم الســالم و رحمــة اهلل و بركاتــه‪ ،‬توبــوا و‬
‫أدخلوا في الص إذا جئ إليكم‪.‬‬

‫و كان رضي اهلل تعالى عنه يقول ‪ :‬أوقفوا‪ ،‬ام أتا الحق و سكرة المو ‪.‬‬

‫و قال رضي اهلل تعالى عنه ‪ :‬بيني و بينكم و بين الخلق كلهم بعد ما بين السما و األرض‪،‬‬
‫فال تقيسوني ب حد و ال تقيسونا على أحد‪ ،‬ام س له ولد الشيخ عبد العزيز قدس سـر عـن ألمـه و‬
‫جي‪.‬‬
‫عز و ّ‬
‫حاله فقال رضي اهلل تعالى عنه ‪ :‬ال يس لني أحد عن شئ‪ ،‬أنا أتقلب في علم اهلل ّ‬

‫و قال رضي اهلل تعالى عنه و قد س له ولـد الشـيخ عبـد العزيـز قـدس سـر أيضـا عـن مرضـه‪،‬‬
‫فقال رضي اهلل تعالى عنه ‪ :‬إن مرضى ال يعلمه أحد و ال يعقله أحـد إنـس و ال جـن و ال ملـ ‪ ،‬مـا‬
‫ـع َو ِعنـ َد ُ أُم‬
‫شــا ُ َويُـثْبِ ُ‬
‫يـنق علـم اهلل بحكــم اهلل‪ ،‬الحكـم يتغيــر و العلـم ال يتغيــر }يَ ْم ُحـو اللّــهُ َمـا يَ َ‬
‫َل َع َّما يَـ ْف َع ُي َو ُه ْم يُ ْسـ َلُو َن{‪.‬األنبيـا ‪ .44‬أخبـار الصـفا تمـر‬ ‫اب{‪.‬الرعد‪ – .45‬و – } َال يُ ْس ُ‬ ‫ال ِ‬
‫ْكتَ ِ‬
‫كما جا ‪.‬‬

‫فقــال رضــي اهلل‬ ‫و س ـ له ولــد الشــيخ عبــد الجبــار قــدس ســر ‪ :‬مــاذا ي لم ـ فــي جســم‬
‫ـي‪ ،‬اـم أتـا المـو‬
‫تعالى عنه ‪ :‬جمي أعضـائي تـ لمني إال قلبـي فمـا بـه ألـم و هـو مـ اهلل ع ّـز و ج ّ‬
‫فكــان رضــي اهلل تعــالى عنــه يقــول ‪ :‬اســتعنع بــال إل ــه إال اهلل ســبحانه و تعــالى‪ ،‬و الحــي الــجي ال‬
‫يخشى المو ‪ ،‬سبحان من تعزز بالقدرة و قهر عباد بالمو ‪ ،‬ال إلـه إال اهلل محمد رسول اهلل‪.‬‬
‫و أخبـر ولـد الشـيخ موسـى قــدس روحـه أنـه قـال ‪ :‬لمـا قربــع وفـاة حضـرة الشـيخ رضــي اهلل‬
‫تعالى عنه و أرضا كان يقول ‪ :‬تعزز و لم ي دها على الصحة فمـازال يكررهـا حتـى إذا قـال تعـزز و‬
‫مــد بهــا صــوته و شــدها حتــى صــاح لســانه‪ ،‬اــم قــال اهلل اهلل اهلل اــم خفــي صــوته و لســانه ملتصــق‬
‫بسق حلقه‪ ،‬ام خرجع روحه الكريمة رضوان اهلل تعالى عليه‪.‬‬

You might also like