Professional Documents
Culture Documents
بتحقيق
دكتور/جمال الدين فالح الكيالني
الطبعة األولي
إصدار
مـركز اإلعـالم العالـمي داكـا -بنغالديش
15151451111
التمهيد
هو عبد القادر الجيالني ( 470هـ - 561هـ) ،إمام صوفي وفقيه حنبلي ،لقبه المسـلمون ب ـ "بـاز
اهلل االشهب" و "تاج العارفين" و"محيي الدين" و"شيخ الشيوخ" و"قطب األقطاب" .وإليه تنتسب
الطريقة القادرية .وقد ت ار به القائد صالح الدين األيوبي ،والشيخ معـين الـدين الجشـتي ،والشـيخ
شهاب الدين عمر السهروردي رحمهم اهلل.
مولد ونش ته
هناك خـالت فـي محـي والدتـه] [1وتوجـد روايـا متعـددة ،أهمهـا أنـه ولـد فـي جـيالن (تقـرأ بـالجيم
العربية كما تقرأ بالجيم المصرية فيقال لهـا جـيالن أو كـيالن) سـنة 470ه ـ الموافـق 1077م]،[2
وهي تق في شـمال إيـران حاليـا علـى ضـفات بحـر قـزوين ويقـال أنـه ولـد فـي جـيالن العراقيـة وهـي
قريــة تاريخيــة قــرب المــدائن 31كيلــو متــر جنــوب بغــداد ،وهــو مــا ترجحــه الدراســا التاريخيــة
الحديثة وتعتمد االسرة الكيالنيـة ببغـداد [4][3]،وقـد نشـ عبـد القـادر فـي أسـرة وصـفتها المصـادر
بالصـالحة ،فقـد كـان والـد أبـو صـالح موسـى معروفـا بالزهـد وكـان شـعار مجاهـدة الـنفس وتزكيتهـا
باألعمال الصالحة ولجا كان لقبه "محب الجهاد .[5].
أسرته
هو :أبو محمد عبد القادر بن موسى بن عبـد اهلل بـن يحيـى بـن محمـد بـن داود بـن موسـى
بن عبد اهلل بن موسى بن عبـد اهلل بـن الحسـن بـن الحسـن بـن علـي بـن أبـي طالـب بـن عبـد
المطلب بن هاشم بن عبد منات بن قصي بن كالب بن مرة بن كعـب بـن لـ ي بـن لالـب
بن فهر بن مال بن قريش بن كنانة بن خزيمـة بـن مدركـة بـن إليـاس بـن مضـر بـن نـزار بـن
معد بن عدنان].[6
أنجب عبد القادر رحمه اهلل عددا كبيرا من األوالد ،وقد عنى بتربيتهم وتهجيبهم على يديه واشـتهر
منهم عشرة:
عبد الوهاب :وكان في طليعة أوالد ،والجي درس بمدرسة والد في حياته نيابة عنه ،وبعد
والــد وعــت وأفتــى ودرس ،وكــان حســن الكــالم فــي مســائي الخــالت فصــيحا ذا دعابــة
وكياســة ،ومــرو ة وســخا ،وقــد جعلــه اإلمــام الناصــر لــدين اهلل علــى المظــالم فكــان يوصــي
حوائج الناس اليه ،وقد توفي سنة 573هـ ودفن في رباط والد في الحلبة.
عيسى :الجي وعت وأفتـى وصـن مصـنفا منهـا كتـاب "جـواهر األسـرار ولطـائ األنـوار"
فــي علــم الصــوفية ،قــدم مصــر وحــدف فيهــا ووعــت وتخــرج بــه مــن أهلهــا ليــر قليــي مــن
الفقها ،وتوفي فيها سنة 573هـ.
ودرس ،وخرج على يديه كثير من العلما ،وكان قد
عبد العزيز :وكان عالما متواضعا ،وعت ّ
لزا الصليبين في عسقالن وزار مدينة القدس ورحـي جبـال الحيـال وتـوفي فيهـا سـنة 602
هـ ،وقبر في مدينة "عقرة" من أقضية لوا الموصي في العراق.
عبد الجبار :تفقه على والد وسم منه وكان ذا كتابة حسنة ،سـل سـبيي الصـوفية ،ودفـن
أحمد بن حنبي ،ورعا منقطعا في منزلـه عـن النـاس ،اليخـرج إال فـي الجمعـا ،تـوفي سـنة
603هـ ،ودفن بباب الحرب في بغداد.
إبراهيم :تفقه على والد وسم منه ورحي إلى واسط في العراق ،وتوفي بها سنة 592هـ.
يحيى :وكان فقيها محداا انتف النـاس بـه ،ورحـي إلـى مصـر اـم عـاد إلـى بغـداد وتـوفي فيهـا
مصر وعاد إلى دمشق وتوفي فيها وهو آخر من ما من أوالد .
صالح :وبه يكنى فـي أللـب البلـدان وذكرتـه أللـب المصـادر المتخصصـة فـي سـيرته وهـو
الغُنيــة لطــالبي طريــق الحــق :وهــو مــن أشــهر كتبــه فــي األخــالق واآلداب اإلســالمية وهــو
جز ان.
الرحمـاني :وهـو مـن كتبـه المشـهورة وهـو عبـارة عـن مجـالس للشـيوخ الفتح الرباني والفي
الفيوض ــا الرباني ــة :وهك ــجا الكت ــاب ل ــيس ل ــه ولكن ــة يحت ــوي الكثي ــر م ــن أوراد وأدعيت ــه
وأحزابه.
معراج لطي المعاني.
سر األسرار في التصوت :وهو كتاب معروت وتوجد نسخة منه في المكتبة القادرية ببغداد
رسائي الشيخ عبد القادر 51 :رسالة بالفارسية يوجد نسخة في مكتبة جامعة إسطنبول.
حزب عبد القادر الجيالني :مخطوط توجد نسخة منه في مكتبة األوقات ببغداد.
تنبيه الغبي إلى رسية النبي :نسخة مخطوطة بمكتبة الفاتيكان بروما.
الرد على الرافضة :منسوب له وهو لمحمد بن وهب نسخة مخطوطة فـي المكتبـة القادريـة
ببغداد.
اهلل مراد تحع رقم .415 وصايا الشيخ عبد القادر :موجود في مكتبة في
بهجــة األســرار :مــواعت للشــيخ جمعهــا نــور الــدين أبــو الحســن علــي بــن يوس ـ اللخمــي
الشطنوفي.
تفســير القــران الكــريم :فــي مكتبــة رشــيد كرامــي فــي طــرابلس الشــام ويقــول عفي ـ الــدين
وصي إلينا مـن كرامـا القطـب شـيخ بغـداد محيـي الـدين عبـد القـادر الجيالنـي ،كـان شـيخ
السـادة الشــافعية والســادة الحنابلــة ببغــداد وانتهــع إليـه رياســة العلــم فــي وقتــه ،وتخــرج
بصحبته ليـر واحـد مـن األكـابر وانتهـى إليـه أكثـر أعيـان مشـايخ العـراق وتتلمـج لـه خلـق ال
يحصون عددا من أرباب المقاما الرفيعة ،وانعقد علية إجمام المشايخ والعلما بالتبجيي
واإلعظام ،والرجـوم إلـى قولـة والمصـير إلـى حكمـه ،وأُهـرم إليـه أهـي السـلوك -التصـوت-
مــن كــي فــج عميــق .وكــان جميــي الصــفا شــري األخــالق كامــي األدب والمــرو ة كثيــر
التواض دائم البشر وافر العلم والعقي شديد االقتفا لكالم الشرم وأحكامـه معظمـا ألهـي
العلـم ُمك مرمـا ألربـاب الـدين والسـنة ،مبغضـا ألهـي البـدم واألهـوا محبـا لمريـدي الحـق مـ
دوام المجاهــد ولــزوم المراقبــة إلــى المــو .وكــان لــه كــالم عــال فــي علــوم المعــارت شــديد
الغضــب إذا انتهكــع محــارم اهلل ســبحانه وتعــالى ســخي الك ـ كــريم الــنفس علــى أجمــي
][9
طريقة .وبالجملة لم يكن في زمنه مثله.
قــال العالمــة ابــن تيميــة :والشــيخ عبــد القــادر ونحــو مــن أعظــم مشــائخ زمــانهم أمـرا بــالتزام
الشرم ،واألمر والنهي ،وتقديمه على الجوق والقدر ،ومن أعظم المشائخ أمـرا بتـرك الهـو
واإلرادة النفسية.
قال اإلمام العز بن عبـد السـالم :إنـه لـم تتـواتر كرامـا أحـد مـن المشـايخ إال الشـيخ عبـد
االسالم ،علم األوليا ،محيي الدين ،أبـو محمـد ،عبـد القـادر بـن أبـي صـالح عبـد اهلل ابـن
جنكي دوسع الجيلي الحنبلي ،شيخ بغداد].[11
قـال اإلمـام أبـو أسـعد عبـد الكــريم السـمعاني :هـو إمـام الحنابلـة وشـيخهم فــي عصـر فقيــه
صالح ،كثير الجكر دائم الفكر ،وهـو شـديد الخشـية ،مجـاب الـدعوة ،أقـرب النـاس للحـق،
وال يرد سائال ولو ب حد اوبيه.
قــال اإلمــام ابــن حجــر العســقالني الكنــاني :كــان الشــيخ عبــد القــادر متمســكا بقــوانين
الشريعة ،يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغي الناس فيها م تمسكه بالعبادة والمجاهـدة
ومزج ذل بمخالطة الشالي عنها لالبا كاألزواج واألوالد ،ومن كان هجا سبيله كان أكمـي
من لير ألنها صفة صاحب الشريعة صلى اهلل علية وسلم].[12
قال اإلمـام ابـن قدامـة المقدسـي :دخلنـا بغـداد سـنة إحـد وسـتين وخمسـمائة فـإذا الشـيخ
عبد القادر بها انتهع إليه بهـا علمـا وعمـال وحـاال واسـتفتا ،وكـان يكفـي طالـب العلـم عـن
قصد لير مـن كثـرة مـا اجتمـ فيـه مـن العلـوم والصـبر علـى المشـتغلين وسـعة الصـدر .كـان
ملئ العين وجم اهلل فيه أوصافا جميلة وأحواال عزيزة ،وما رأيع بعد مثله ولـم أسـم عـن
أحـد يحكـي مـن الكرامـا أكثـر ممـا يحكـى عنـه ،وال رأيـع احـدا يعظمـه النـاس مـن أجـي
الدين أكثر منه].[13
قــال اإلمــام ابــن رجــب الحنبلــي :عبــد القــادر بــن أبــي صــالح الجيلــي اــم البغــدادي ،الزاهــد
شــيخ العصــر وقــدوة العــارفين وســلطان المشــايخ وســيد أهــي الطريقــة ،محــي الــدين هــر
للناس ،وحصي له القبـول التـام ،وانتصـر أهـي السـنة الشـريفة بظهـور ،وانخـجل أهـي البـدم
واألهوا ،واشتهر أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته ،وجا ته الفتاو مـن سـائر األقطـار،
وهابه الخلفا والوزرا والملوك فمن دونهم] .[14وقال رحمه اهلل :كـان الشـيخ عبـد القـادر
رحمـه اهلل فـي عصــر معظمـا ،يعظمـه أكثــر مشـايخ الوقــع مـن العلمـا والزهــاد ،ولـه مناقــب
وكراما كثيرة ،ولكن قد جم المقـر أبـو الحسـن الشـطنوفي المصـري فـي أخبـار الشـيخ
ـب فيهـا الطـم والـرم ،وكفـى بـالمر كـجبا أن يحـدف عبد القادر ومناقبه االف مجلدا ،وَكتَ َ
ـع بعـ هـجا الكتـاب ،وال يطيـب علـى قلبـي أن أعتمـد علـى شـي بكي مـا سـم .وقـد رأي ُ
مما فيه ف نقي منه إال ما كان مشهورا معروفا من لير هجا الكتاب ،وذل لكثـرة مـا فيـه مـن
الرواي ــة ع ــن المجه ــولين ،وفي ــه الش ــطح ،والطام ــا ،وال ــدعاو ،والك ــالم الباط ــي ،م ــا ال
يحصــى ،وال يليــق نســبة مثــي ذل ـ إلــى الشــيخ عبــدالقادر رحمــه اهلل ،اــم وجــد الكمــال
جعفر األدفوني قد ذكر أن الشطنوفي نفسه كان متهما فيما يحكيه في هجا الكتاب بعينه.
قــال اإلمــام اليــافعي :قطــب األوليــا الكــرام ،ش ـيخ المســلين واإلســالم ركــن الش ـريعة وعلــم
الطريقة ،شيخ الشيوخ ،قدوة األوليا العارفين األكابر أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح
الجيلــي قــدس ســر ونــور ضــريحه ،تحلــى بحلــي العلــوم الشــرعية وتجمــي بتيجــان الفنــون
الدينيــة ،وتــزود ب حســن اآلداب وأشــرت األخــالق ،قــام بــن الكتــاب والســنة خطيبــا علــى
األشهاد ،ودعا الخلق إلى اهلل سبحانه وتعـالى ف سـرعوا إلـى االنقيـاد ،وأبـرز جـواهر التوحيـد
مـن بحـار علـوم تالطمـع أمواجهـا ،وأبـرأ النفـوس مـن أسـقامها وشـفى الخـواطر مـن أوهامهـا
وكم رد إلى اهلل عاصيا ،تتلمج له خلق كثير من الفقها ].[16
قــال اإلمــام الشــعراني :طريقتــه التوحيــد وصــفا وحكمــا وحــاال وتحقيقــه الشــرم ــاهرا
وباطنا].[17
قال اإلمام أحمد الرفاعي :الشيخ عبد القادر من يستطي وص مناقبه ،ومن يبلـ مبلغـة،
ذاك رجي بحر الشريعة عن يمينه ،وبحر الحقيقة عن يسار مـن أيهمـا شـا اقتـرت ،ال اـاني
له في وقتنا هجا].[18
قال الشيخ بقا بن بطو :كانع قوة الشيخ عبد القادر الجيالنـي فـي طريقتـه إلـى ربـة كقـو
جمي أهي الطريق شدة ولزوما وكانع طريقته التوحيد وصفا وحكما وحاال].[19
قال اإلمام ابن السمعاني عنـه :إمـام الحنابلـة وشـيخهم فـي عصـر ،فقيـه صـالح ،ديمـن خيمـر،
قطب وقته.
وفاته
تـوفي اإلمـام الجيالنـي ليلـة السـبع 10ربيـ الثـاني سـنة 561ه ـ،جهز وصـلي عليـه ولـد عبـد
الوهــاب فــي جماعــة مــن حضــر مــن أوالد وأصــحابه ،اــم دفــن فــي رواق مدرســته ،ولــم يفــتح بــاب
المدرسة حتى عال النهار وهرم الناس للصالة على قبر وزيارته ،وبل تسعين سنة من عمـر .ذكـر
العالمـة سـالم االلوسـي ،ان الـرئيس أحمـد حسـن البكـر فـي بدايـة حكمـه ،طالـب إيـران باسـترجام
رفــا الخليفــة هــارون الرشــيد ،كونــه رمــز لبغــداد فــي عصــرها الــجهبي ،وذل ـ بــدعوة وحــي مــن
المرحـوم عبـد الجبـار حامـد الجـومرد وزيـر الخارجيـة العراقـي السـابق فـي عهـد عبـد الكـريم قاسـم،
ولكــن إيــران امتنعــع ،وبالمقابــي طلبــع اســترجام رفــا الشــيخ عبــد القــادر الكيالنــي ،كونــه مــن
مواليـد كـيالن فـي إيـران ،وعنـدها طلـب الـرئيس مـن العالمـة مصـطفى جـواد ،بيـان االمـر ،فاجـاب
مصـطفى جـواد :ان المصـادر التـي تـجكر ان الشـيخ عبـد القـادر مواليـد كـيالن فـي إيـران ،مصـادر
تعتمد رواية واحدة وتناقلتها بدون دراسة وتحقيق ،اما االصوب فهو من مواليد قرية تسـمى (جيـي)
قرب المدائن ،والصحة كونه من إيران أو ان جد اسمه جيالن ،وهو ما اكد العالمة حسين علـي
محفوظ في مهرجان جلوال الـجي اقامـه اتحـاد المـ رخين العـرب وكـان االلوسـي حاضـرا أيضـا سـنة
،5551وفعال اخبر مملكة إيران بجل ولكن بتدخي من دولة عربية اللق الموضوم].[20
مصادر ومراج :
كت ـ ــاب المختص ـ ــر ف ـ ــي ت ـ ــاريخ ش ـ ــيخ اإلس ـ ــالم عب ـ ــد الق ـ ــادر ،إبـ ـ ـراهيم ال ـ ــدروبي، ^ .5
باكستان،5515ص14
^ .4المنتظم ،ت لي :ابن الجوزي ،ج ،51ص.455
*^ .4كتاب:جغرافيــة البــاز االشــهب ،تحقيــق مكــان والدة الشــيخ عبــد القــادر الكيالنــي،
د/جمال الدين فالح الكيالني ،مكتبة الجليس -بيرو ،4154،ص53
أنساب العرب ،د/خاش المعاضيدي ،دار الرشـيد ،بغـداد 5551 ، ^ .3كتاب من بع
،ج 4ص .11
^ .1سير أعالم النبال -الجهبي -م سسة الرسـالة -الطبعـة :الثالثـة 5311 ،ه ـ 5511 /
م -ج - 41الصفحة 345
^ .1التاريخ الكبير ،ت لي :الحافت الجهبي.
^ .1الجيي على طبقا الحنابلة ،ابن رجب الحنبلي ،ج ،5ص451
^ .1هك ــجا ه ــر جي ــي ص ــالح ال ــدين وهك ــجا ع ــاد الق ــدس ،تـ ـ لي :ماج ــد الكيالن ــي،
ص.513
^ .5قالئد الجواهر ،ت لي :محمد بن يحيى التادفي ،ص .541نقـال عـن بسـتان العـرافين،
ت لي :النووي.
^ سير أعالم النبال ،ت لي :الجهبي ج 41ص.334 .51
^ سير أعالم النبال ،ت لي :الجهبي .ج 41ص345 .55
^ قالئد الجواهر ،ت لي :محمد بن يحيى التادفي ،ص .44 .54
^ قالئد الجواهر ،ت لي :محمد بن يحيى التادفي ،ص.1 .54
^ الطبقا ،ت لي :ابن رجب الحنبلي. .53
^ البداية والنهاية ،ت لي :ابن كثير .51
^ قالئد الجواهر ،ت لي :محمد بن يحيى التادفي ،ص .541 .51
^ الطبقا الكبر ،ت لي :الشعراني.545/5 ، .51
^ قالئد الجواهر ،ت لي :محمد بن يحيى التادفي ،ص.11 .51
^ الطبقا الكبر ،ت لي :الشعراني.541/5 ، .55
^ كتــاب الشــيخ عبــدالقادرالكيالني رسيــة تاريخيــة معاصــرة ،د/جمــال الــدين فــالح .41
الكيالني ،ص43
المدرسة التربوية القادرية
هي أشهر الطرق الصوفية السليمة ،تنتسب إلى القطب الشـيخ عبـد القـادر الجيالنـي ( 315ه ـ -
115هـ) ،وينتشر أتباعها في جمي أنحا العالم اإلسالمي.
والسـنة فمـن خالفهمــا فلـيس منـا) .ويقــول( :اجعـي الكتــاب والسـنة جناحيـ طــر بهمـا إلــى
اهلل).
الحـ قـد حتــى تنقــد :ومعنــى (جــد) الجديــة فــي ســلوك الطريــق إلــى اهلل،
الج ـ ود والك ـ ود ولــزوم َ
َ
ومعنــى (كــد) بــجل الجهــد والجــوارح والــنفس والــروح فــي الســير إلــى اهلل بــدون هــوادة وال
تراخي ،ومعنى(لزوم الحد) االلتزام بالشريعة وتحليي الحـالل وتحـريم الحـرام والوقـوت عنـد
حدود اهلل وعـدم تجاوزهـا ،ومعنـى (حتـى تنقـد) حتـى تجـ الـنفس عـن المعاصـي والـجنوب
والشهوا والملجا واألخالق السيئة وال يبقى فيها إال اهلل جي في عال .
االجتمــامو واالســتمامو واإلتبــامو حتــى يحصــي االنتفــام :ومعنــى هــجا االجتمــام بالصــالحين
والعلما والمرشدين واألخوة في اهلل واالستمام لهم ب دب وإتبام ما يقولون وما يـ مرون مـن
الهدي النبوي وبجل يحصي لدينا االنتفام والوصول لما وصلوا إليه.
االعتقــاد بشــيخ الطريقــة العقيــدة الصــحيحة :ومعنــى هــجا أن يحبــو ويحترمــو ويقــدرو وال
يهملـو وال يعظمونـه فـوق الحـد المطلـوب وال يغلـوا فـي حبـه وال يعتقـدوا فيـه العصـمة فإنـه
بشر يخطئ ويصيب لكنه محفوظ بعناية اهلل إن أخط سرعان ما يرج إلى اهلل ويتـوب إليـه،
يقول الشيخ عبـد القـادر الجيالنـي فـي كتابـه الغنيـة( :يـا بنـي إيـاك أن تنظـر إلـى شـيخ أنـه
معصوم إنما هو بشر يخطئ ويصيب فإن رأيع منه مخالفة فابحي له عن عجر شـرعي فـإن
لم تجد له عجر فاستغفر له اهلل فإنه بشر يخطئ ويصيب).
حب الشيخ :لكن حب اهلل والرسول صلي اهلل عليه وسلم مقدم عليه وهو المـراد الحقيقـي
من السير والسلوك على يد الشيخ المرشد فهو دليلنا إلى حب اهلل ورسوله صـلي اهلل عليـه
وسلم.
الدعوة إلى اهلل
كثرة الجكر هلل تعالى :فالجكر هو المعراج في السير إلى اهلل في الطريقة القادرية ،فمـن أهـم
أعمال المريد كثرة األذكار والمداومة عليهـا وعلـى االسـتغفار والصـالة علـى الرسـول بالليـي
والنهـار وبـجل يرتقـي المريـد فـي مقامـا المحبـة هلل ولرسـوله والـجكر هـو الوسـيلة العظمـى
لتزكية النفس وتربيتها وتحليتها باألخالق المحمدية.
محبة آل البيع :وحبهم مقدم على كـي مـن سـواهم مـن النـاس ألنهـم بضـعة النبـي ووصـيته
ألمتـه ،مـ الحـب والتقـدير واإلكبـار واإلجـالل للصـحابة وعلـى رأسـهم أبـو بكـر وعمـر بـن
الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي اهلل عنهم.
حــب كــي األوليــا والصــالحين :وحــب مشــايخ ومرشــدين الطــرق األخــر ،وال يفرقــون وال
يميزون بين طريقة وأخـر ،وال يتعصـبون لطـريقتهم وال يطعنـون بـالطرق األخـر التـي تـنهج
منهج الكتاب والسنة ،وذل كله م المحبة والتعظيم والتقدير لطـريقتهم ولمشـايخهم كمـا
ينبغي أن يكون.
شروط الشيخ المرشد عند اإلمام الجيالني
قال الشيخ عبد القادر الجيالني في القصيدة العينية:
إلى شـيخق في الحـقيقة بـارم وإن ساعد المقدور أو ساق القضا
ودم كي ما من قبي كنع تسارم فـقـم في رضـا واتب مـراد
عليه فـإن االعتراض تــنازم وال تعترض فيما جهلع من أمـر
بقتي لالم والك ــليم يداف في قصة الخضر الكريم كــفاية
وسـي حساما للغياهب قاطـ فلما أضا الصبح عن ليي سـر
كـجل علم القوم فيه بدائـ أقـام له العـجر الكـليـم وإنه
لقـد أسـس اإلمـام الجيالنـي طريقتـه وفـق الكتـاب والسـنة ووضـ لهـا ضـوابط شـرعية حتـى ال يكثـر
الشـطط والنقصـان والتغييــر واالبتـدام ويــدعي المشـيخة مـن يقــدر ومـن ال يقـدر ومــن يعلـم ومــن ال
يعلم .فوض الشيخ ضوابط وشروط ينبغـي أن تتـوفر بالشـيخ المرشـد الـجي يتصـدر لإلرشـاد وهـج
الشروط هي]:[2
وإال فدج و
ـال يقــود إلى جهي إذا لم يكن للشيخ خمـس فوائـد
عليم ب حكام الشريعة ــاهرا ويبحي عن علم الحقيقة عن أصي
ويخض للمسكين بالقـول والفعي للور ِاد بالبشر والقــر
ويظهر َّ
عليم ب حكام الحـرام من الحــي فهجا هو الشيخ المعظم ق ــدر
يهجب طـالب الط ـريق ونفسه مهجبـة من قبي ذو كـرم كلـي
شروط الشيخ المربي وهي خمس .فإن لـم تتـوفر فيـه فلـيس لقد بين الشيخ في هج األبيا بع
لديه األهلية لإلرشاد وهج الشروط هي:
أن يكون عالما ب حكام الشريعة والدين عـالم بـالحالل والحـرام عـالم بحـدود الشـرم وعـالم
بالسـنة النبويـة وعـالم بمـا علـم مـن الـدين بالضـرورة وهـجا معنـى قـول الشـيخ (علـيم ب حكـام
الشريعة اهرا).
أن يكون عالما بعلم الحقيقة والطريقة وعالم ب حوال القلوب والنفوس وطرق تزكيتها وخبيـر
ب حوال السالكين وتدرجهم في الطريق إلى اهلل ويكون قـد أخـج هـجا العلـم مـن شـيخ مرشـد
كامي عبر سـند متصـي إلـى رسـول اهلل وهـجا معنـى قـول الشـيخ (ويبحـي عـن علـم الحقيقـة
عن أصي).
أن يكــون كريمــا ســخيا مـ ضــيوفه والســخا مــن صــفا رب العــالمين ومــن خلــق الرســول
الكريم والصالحين فال يليـق بالمرشـد أن يكـون بخـيال كمـا جـا فـي الحـديي مـا جبـي ولـي
اهلل إال على السخا وحسن الخلق فيكرم ضيوفه ورواد زاويته دون التقصير بحـق ضـيافتهم
للور ِاد
وأن تدوم البسمة على وجهه وان يكون رحب الصدر وهجا معنى قول الشيخ(ويظهر َّ
بالبشر والقر ).
أن يكون متواضعا للم منين يخض لهم بالقول والفعي وهج الخصلة هي من خصال النبـي
ين)] .[3وكان الشيخ عبد القادر الجيالني حيي أمر اهلل فقال له (وا ْخ ِف ْ جنَاح َ لِل ِ ِ
ْم ْ من َ
ُ َ َ َ
معروفا بتواضعه للفقرا وكـان يجلـس معهـم ويطـاعمهم ويتجنـب مجالسـة األلنيـا والكبـرا
واألمرا والوزرا إال إذا أراد نصح لهم وهجا معنى قول الشيخ (ويخض للمسكين بالق ــول
والفعي).
أن يكـون قــد ناجحــا فــي تربيــة المريــدين وتزكيــة نفوســهم ولــن يكــون لــه هــجا إال إذا كــان قــد
زكى نفسه قبي ذل على يد شيخ خبير بارم وأن يكون قد أذن له باإلرشاد والمشـيخة مـن
قبي شيخه وفق سند متصـي وهـجا معنـى قـول الشـيخ (يهـجب طـالب الطريـق ونفسـه مهجبـة
من قبي ذو كرم كلي).
أماكن االنتشار
ينتشر أتبام الطريقة القادرية فـي كثيـر مـن الـبالد أشـهرها سـوريا وتركيـا والعـراق والمغـرب والجزائـر
وفلسطين ولبنان وموزمبيق والكاميرون ونيجيريا والصين واالتحاد السوفيتي ولانا وإيـران والجزائـر
والسـودان والنيجـر ومـالي ولينيـا وتشـاد وأفغانسـتان والهنـد وباكسـتان وبـنغالديش والصـومال
وأندونيسيا ويولسالفيا ومصر وتونس وماليزيا وارتيريا.
تفرعا الطريقة القادرية
تفرعع عن الطريقة القادرية عدة طرق ،منها:
الطريقة القادرية الجيالنية بالمغرب.
الطريقة الكنزية القادرية لشيخها السيد أبو الليـي حمـزة األسـد يوسـ آل السـيد القـادري
الشافعي.
الطريقة القادرية الجعلية السودان.
مصادر
^ .5جـا فـي كتـاب السـير والمسـاعي ص 411هـج األبيـا المنسـوبة للشـيخ عبـد القـادر
الجيالني.
^ .4سورة الحجر ،آية .11
الكامي للكتاب الن
مـقـدمـة الـمـ لـ
الحمد هلل نستعينه ونستغفر ،قال الشيخ عبد الرزاق ولد الم لـ :قـال والـدي رضـي اهلل
تعــالى عنــه م يــد األئمــة ســيد الطوائ ـ أبــو محمــد محــي الــدين عبــد الق ـادر الجيالنــي الحســني
الحسيني الصديقي ،ابن أبي صالح موسـى ابـن اإلمـام عبـد اهلل ابـن اإلمـام يحيـى الزاهـد ابـن اإلمـام
محمـد ابـن اإلمـام داود ابـن اإلمـام موسـى ابـن اإلمـام عبـد اهلل ابـن اإلمـام موسـى الجـون ابـن اإلمــام
ابــن اإلمــام الحســن المثنــى ابــن اإلمــام أميــر المـ منين ســيدنا الحســن الســبط ابــن عبــد اهلل المحـ
اإلمام الهمام أسد اهلل الغالب ،فخر بني لالب ،أمير الم منين سيدنا علي ابن أبي طالـب ،كـرم اهلل
وجهه ،ورضي عنه وعنهم أجمعين آمين :
رب العــالمين أوال وأخــرا و ــاهرا وباطنــا ،عــدد خلقــه ومــداد كلماتــه ،وزنــة عرشــه،
الحمــد هلل م
ورضا نفسه ،وعدد كي شف ووتر ،ورطب ويابس في كتاب مبين ،وجمي ما خلـق ربنـا وذرأ وبـرأ،
خالق بال مثال أبدا سرمدا طيبا مباركا ،الجي خلق فسو ،وقدر فهد ،وأمـا وأحيـى ،وأضـح
وأبكى ،وقرب وأدنى ،وأرحم وأخز ،وأطعم وأسقى ،وأسعد وأشقى ،ومنـ وأعطـى ،الـجي بكلمتـه
قامــع الســب الشــداد ،وبهــا رســع الرواس ـي واألوتــاد واســتقر األرض المهــاد ،فــال مقنوطــا مــن
رحمته ،وال م مونا من مكر وليرته وإنفاذ أقضيته وفعله وأمر ،وال مستنكفا عن عبادته ،وال مخلوا
من نعمته ،فهو المحمود بما أعطى ،والمشـكور بمـا زو ،اـم الصـالة علـى نبيـه المصـطفى محمـد
صــلى اهلل عليــه وســلم ،الــجي مــن اتب ـ مــا جــا بــه اهتــد ومــن صــدت عنــه ضــي وارتــد ،النبــي
الصــادق المصــدوق ،الزاهــد فــي الــدنيا ،الطالــب الرالــب فــي الرفيــق األعلــى ،المجتبــى مــن خلقــه،
المنتخب من بريته ،الجي جا بالحق بمحبته ،زهق الباطي بظهور ،وأشرقع األرض بنور .
ا ــم الص ــلوا الوافي ــا ،والبرك ــا الطيب ــا ،الزاكي ــا المباركـ ـا علي ــه ااني ــا وعل ــى آل ــه
الطيبين ،وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ،األحسنين لربهم فعال ،األقومين له قيال ،واألصوبين إليه
طريقا وسبيال ،اـم تضـرعنا ودعاسنـا ورجوعنـا إلـى ربنـا ،ومنشـئنا وخالقنـا ورازقنـا ،ومطعمنـا ومسـقينا،
والجاب والداف عنا جميـ مـا ي ذينـا ويسـو نا ،كـي ذلـ برحمتـه
ّ ونافعنا وحافظنا ،وكالئنا ومحيينا،
وتحننه وفضله ومتنه بالحفت الدائم في األقوال واألفعـال فـي السـر واإلعـالن ،واإل هـار والكتمـان
والشــدة والرخــا والنعمــة والب ســا والضــرا ،إنــه فعــال لمــا يريــد ،والحــاكم بمــا يشــا ،العــالم بمــا
يخفــى ،المطل ـ علــى الش ـ ون واألحــوال ،مــن الــزال والطاعــا والقربــا ،الســام ل صــوا ،
المجيب للدعوا ،لمن يشا من لير تنازم وتردد.
أم ــا بع ــد :ف ــإن نع ــم اهلل عل ــي كثي ــرة مت ــواترة ،ف ــي آن ــا اللي ــي وأطـ ـرات النه ــار والس ــاعا
ـع اللّـ ـ ِـه الَ
ـي َ } :وإِن تَـعُـ ــدواْ نِ ْع َمـ ـ َ
واللحظـ ــا والخط ـ ـرا وجمي ـ ـ الحـ ــاال ،كمـ ــا قـ ــال عـ ـ َّـز وجـ ـ َّ
وها{.إبراهيم .43وقوله تعالى َ } :وَما بِ ُكم من نمـ ْع َم قة فَ ِم َـن اللّ ِـه{.النحـي .14فـال يـدان لـي وال ص َ
تُ ْح ُ
جنــان وال لســان فــي إحصــائها وأعــدادها ،فــال يــدركها التعــداد وال تضــبطها العقــول واألذهــان ،وال
يحصيها الجنان وال يعبرها اللسان .فمن جملة ما مكن عن تعبيرها اللسان ،وأ هرها الكالم وكتبها
البنـان ،وفسـرها البيـان ،كلمـا بـرز و هـر لـي مـن فتـوح الغيـب فحلـع فـي الجنـان ،ف شـغلع
رب األنــام فــي قالــب
المكــان ف نتجهــا وأبرزهــا صــدق الحــال ،فتــولى إبرازهــا لطـ المنــان ،ورحمــة ّ
صواب المقال ،لمريدي الحق والطالب.
المقالة األولى
المقالة الثانية
قــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :اتبعــوا وال تبتــدعوات وأطيعــوا وال تمرقــوا ،ووحــدوا وال
تشــركوات ونزهــوا الحــق وال تتهمــوا ،وصــدقوا وال تشــكوا ،واصــبروا وال تجزعــوا ،واابتــوا وال تنفــروات
واس ـ لوا وال تس ـ موات وانتظــروا وترقبــوا وال تي ســوات وتواخــوا وال تعــادوا ،واجتمعــوا علــى الطاعــة وال
تتفرقــوا ،وتحــابوا وال تبالضــوات وتطهــروا عــن الــجنوب وبهــا ال تدنســوا وال تتلطخــوات وبطاعــة ربكــم
فتزينــوات وعــن بــاب مــوالكم فــال تبرحــوا ،وعــن اإلقبــال عليــه فــال تتولــوا ،وبالتوبــة فــال تســوفوا ،وعــن
االعتجار إلى خالقكم في آنـا الليـي وأطـرات النهـار فـال تملـوا ،فلعلكـم ترحمـون وتسـعدون ،وعـن
النار تبعدون ،وفي الجنة تحبـرون ،وإلـى اهلل توصـلون ،وبـالنعيم وافتضـاض األبكـار فـي دار السـالم
تشتغلون ،وعلى ذل تخلدون ،وعلى النجائب تركبونت وبحور العين وأنوام الطيب وصو القيان
م ذل النعيم تحبرون ،وم األنبيا والصديقين والشهدا والصالحين ترفعون.
المقالة الثالثة
فـي االبـتـال
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :إذا ابتلي العبد ببلية تحـرك أوال فـي نفسـه بنفسـهت فـإن
منهـا اســتعان بـالخلق كالسـالطين وأربـاب المناصــب وأربـاب الـدنيا وأصـحاب األحــوال لـم يـتخل
وأهي الطب في األمراض واألوجام ،فإن لم يجد في ذل خالصـا رجـ إلـى ربّـه بالـدعا والتضـرم
والثنا .ما دام يجد بنفسه نصرة لم يرج إلى الخلق ،وما دام يجد بـه نصـرة عنـد الخلـق لـم يرجـ
إلى الخالقت ام إذا لم يجد عند الخلق نصرة استطرح بين يديه مديماً للس ال والدعا والتضـرم
وجي عن الدعا ت ولم يجبه حتى ينقط
عز َّ
والثنا واالفتقار م الخوت والرجا ت ام يعجز الخالق َّ
عـن جميـ األســباب ،فحينئـج ينفــج فيـه القــدر ويفعـي فيــه الفعـي ،فيفنــى العبـد عــن جميـ األســباب
والحركا ،فيبقى روحا فقطت فال ير إال فعي الحق فيصير موقنا موحدا ضرورة يقط أن ال فاعي
فــي الحقيقــة إال اهلل ال محــرك وال مســكن إال اهلل وال خيــر وال ضــر وال نفـ وال عطــا وال منـ ت وال
عز وال ذل إال بيد اهلل فيصير في القدر كالطفي الرضـي فـي
فتح وال للق ،وال مو وال حياة ،وال ّ
يد الظئر والميع الغسيي في يد الغاسي والكرة في صولجان الفارس ،يقلب ويغيـر ويبـدلت ويكـون
وال حــراك بــه فــي نفســه وال فــي ليــر فهــو لائــب عــن نفســه فــي فعــي مــوال ت فــال يــر ليــر مــوال
وفعلــهت وال يســم وال يعقــي مــن ليــر إن بصــر وإن ســم وعلــمت فلكالم ـه ســم ،ولعلمــه علــم،
وبنعمتــه تــنعم ،وبقربــه تســعد ،وبتقريبــه ت ـزين وتشــرتت وبوعــد طــاب وســكنت بــه اطم ـ نت وبحديثــه
ـي واــق وعليــه توكــي ،وبنــور
أنــست وعــن ليــر اســتوحش ونفــرت وإلــى ذكــر التجـ وركــنت وبــه عـ َّـز وجـ َّ
وتسربيت وعلى لرائب علومه اطل ،وعلى أسرار قدرته أشـرت ،ومنـه سـم معرفته اهتد وتقم
ووعيت ام على ذل حمد وأانى وشكر ودعا.
المقالة الرابعة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا :إذا مـع عـن الخلـق قيـي لـ رحمـ اهلل وأماتـ عـن
الهو ،وإذا مع عن هواك قيي رحم اهلل وأمات عن إرادتـ ومنـاك ،وإذا مـع عـن اإلرادة قيـي
رحم ـ اهلل وأحيــاك حيــاة ال مــو بعــدها ،وتغنــى لنــى ال فقــر بعــد ،وتعطــى عطــا ال من ـ بعــد ت
وتراح براحة ال شقا بعدها ،وتنعم بنعمة ال ب س بعدها ،وتعلم علمـا ال جهـي بعـد ،وتـ من أمنـا ال
خـوت بعــد ،وتسـعد فــال تشـقىت وتعــز فـال تــجلت وتقـرب فــال تبعـدت وترفـ فـال توضـ ت وتعظـم فــال
تحقرت وتطهر فـال تـدنست لتحقـق فيـ األمـانيت وتصـدق فيـ األقاويـيت فتكـون كبريتـا أحمـر فـال
تكاد تر ت وعزيزا فال تماايت وفريدا فال تشاركت ووحيدا فال تجانست فردا بفرد ووترا بوترت وليب
الغيبت وسر السرت فحينئج تكـون وارف كـي نبـي وصـديق ورسـول .بـ تخـتم الواليـة وإليـ تصـير
األبــدال وب ـ تنكش ـ الكــروبت وب ـ تســقى الغيــوفت وب ـ تنبــع الــزرومت وب ـ يــدف الــبال
والمحــن عــن الخــاص والع ـام وأهــي الثغــور والراعــي والرعايــات واألئمــة واألمــة وســائر البرايــات فتكــون
شحنة البالد والعبادت فتنطلق إلي الرجي بالسعيت والرجال واأليدي بالبجل والعطا والخدمة بإذن
خــالق األشــيا فــي ســائر األحــوالت واأللســن بالــجكر الطيــب والحمــد والثنــا وجم ـ المجــالت وال
ـي اللَّ ِـه يُـ ْ تِي ِـه
ضُ يختل في اانان من أهي اإليمـانت يـا خيـر مـن سـكن البـراري وجـال بهـا }ذَلِـ َ فَ ْ
يم{.الحديد.45 ض ِي ال َْع ِظ ِ
شا ُ َواللَّهُ ذُو الْ َف ْ
َمن يَ َ
المقالة الخامسة
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :إذا رأيــع الــدنيا فــي يــدي أربابهــا بزينتهــا وأباطيلهــا
وخداعها ومصائدها وسمومها القتالةت م لين مس اهرهات وضراوة باطنها وسرعة إهالكهات وقتلها
عهـدها ،فكــن كمـن رأ انســانا علــى لمـن مســها والتـر بهــا ولفــي عـن وليهــا وعيرهـا ب هلهــا ونقـ
بصـرك عـن سـوأته ،وتسـد أنفـ مـن رائحتـه الغائط بالبراز بادية سوأته وفائحـة رائحتـهت فإنـ تغـ
بصــرك عـن زينتهــا ،وسـد أنفـ عمـا يفــوح مـن روائــح ونتنـهت فهكــجا كـن فــي الـدنيات إذا رأيتهــا لـ
شــهواتها ولــجاتهات فتنجــو منهــا ومــن آفاتهــات ويصــي إليـ قســم منهــا وأنــع مهنـ ت قــال اهلل تعــالى
َّعنَــا بِـ ِـه أَ ْزَواجــا م ـ ْنـ ُه ْم َزْهـ َـرةَ
لنبيــه المصــطفى صــلى اهلل عليــه وســلم َ } :وَال تَ ُمـ َّـد َّن َع ْيـنَـ ْي ـ َ إِلَــى َمــا َمتـ ْ
ْحيَاةِ الدنيَا لِنَـ ْفتِنَـ ُه ْم فِ ِيه َوِرْز ُق َربم َ َخ ْيـ ور َوأَبْـ َقى{.طـه.545
ال َ
المقالة السادسة
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :افــن عــن الخلــق بــإذن اهلل تعــالىت عــن هــواك بـ مر اهلل
ِِ ِ
ين{.المائــدة .44وعــن إرادت ـ بفعــي اهلل تعــالى .وحينئــج تعــالى } َو َعلَــى اللّــه فَـتَـ َوَّكلُــواْ إِن ُكنــتُم م ـ ْ من َ
تص ـلح أن تكــون وعــا لعلــم اهلل تعــالىت فعالمــة فنائ ـ عــن خلــق اهلل تعــالى انقطاع ـ عــنهم وعــن
التردد إليهم والي س مما في أيديهم ،وعالمة فنائـ عـن هـواك تـرك التكسـب والتعلـق بالسـبب فـي
جلب النف والضررت فال تحرك وال تعتمد علي وال ل وال تجب عنـ وال تنتصـر لنفسـ ،تكـي
ذل كله إلى اهلل تعالى ألنه توال اوال فيتوال آخرات كما كان موكوال إليه فـي حـال كونـ مغيبـا فـي
الرحم ،وكون رضيعا طفال في مهدكت وعالمة فنائ عن إرادت بفعي اهلل أن ال تريـد مـرادا قـط
ت وال يكون ل لرضت وال يبقى ل حاجة وال مرامت فإن ال تريد م إرادة اهلل سواهات بي يجـري
فعــي اهلل فيـ ت فتكــون أنــع عنــد إرادة اهلل وفعلــه ســاكن الجــوارح مطمــئن الجنــان منشــرح الصــدر
منــور الوجــه عــامر الــبطن لنيــا عــن األشــيا بخالقهــات تقلب ـ يــد القــدرةت ويــدعوك لســان األزلت
ويعلم رب ال ِْملَ ْيت ويكسـوك أنـوارا منـه والحلـيت وينزلـ مـن أولـي العلـم األولت فتكـون منكسـرا
أبدات فال يثبع في شهوة وإرادة كاإلنا المنثلم الجي ال يثبع فيه مائ وكدرت فتنقـى عـن أخـالق
ـيت فحينئــج يضــات إلي ـ التكــوين وخــرق
البش ـريةت فلــن يقبــي باطن ـ شــيئا ليــر إرادة اهلل عـ َّـز وجـ َّ
العادا ت فير ذل من في اهر الفعي والحكمت وهو فعي اهلل وإرادته حقا فـي العـالمت فتـدخي
حينئ ــج ف ــي زم ــرة المنكس ــرة قل ــوبهم ال ــجين كس ــر إرادته ــم البشـ ـرية وأزيل ــع ش ــهواتهم الطبيعي ــة
فاست نفع لهم إرادة ربانية كما قـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :حبـب إل ّـي مـن دنيـاكم اـالف :
الطيــب ،والنســا ت وجعلــع قــرة عينــي فــي الصــالة) ف ضــي ذل ـ بعــد أن خــرج منــه وزال عنــه
تحقيقــا بمــا أشــرنات وتقــدم .قــال اهلل تعــالى فــي حديثــه القدســي " :أنــا عنــد المنكســرة قلــوبهم مــن
أجلي" فإن اهلل تعالى ال يكون عندك حتى تنكسر جملة هواك وإرادتـ ت فـإذا انكسـر ولـم يثبـع
في شي ولم يصلح في شـي ت أنشـ ك اهلل فجعـي فيـ إرادةت فتريـد بتلـ اإلرادةت فـإذا صـر
ـرب تعـالى بوجـودك فيهـات فتكـون منكسـر القلـب أبـدات فهـو ال
في اإلرادة المنش ة في ،كسـرها ال ّ
يــزال يجــدد في ـ إرادة اــم يزيلهــا عنــد وجــودك فيهــا هكــجا إلــى أن يبل ـ الكتــاب أجلــهت فيحصــي
اللقا ت فهجا هو معنى "عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" ومعنى قولنا عند وجودك فيها هو ركونـ
وطم نينت إليها .قال اهلل تعالى في حديثه القدسي ت الجي يرويـه صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :ال يـزال
عبــدي يتقــرب إلـ ّـي بالنوافــي حتــى أحبــه ت فــإذا أحببتــه كنــع ســمعه الــجي يســم بــه ،وبصــر الــجي
يبصر به ،ويد التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها) وفي لفت آخر "فبي يسم ،وبي يـبطش
وبي يعقي" .وهجا إنما يكـون فـي حالـة الفنـا ال ليـرت فـإذا فنيـع عنـ وعـن الخلـقت والخلـق إنمـا
هو خير وشرت فلم ترج خيرهم وال تخات شرهم بقي اهلل وحد كما كانت ففي قدر اهلل خيـر وشـرت
في منـ مــن شـر القــدر ويغرقـ فـي بحـار خيــر ت فتكـون وعــا كـي خيــرت ومنبعـا لكــي نعمـة وســرور
وحبور وضيا أمن وسكون ،فالفنا والمنى والمبتغى والمنتهى حد ومرد ينتهـي إليـه مسـير األوليـا ت
وهو االستقامة التي طلبها من تقدم من األوليا واألبدال أن يفنـوا عـن إرادتهـم وتبـدل بـإرادة الحـق
وجيت فيريدون بإرادة الحق أبدا إلى الوفاة ،فلهجا سموا أبداال رضي اهلل عـنهمت فـجنوب هـ ال
عز َّ
َّ
السادة أن يشركوا إرادة الحق بإرادتهم على وجه السهو والنسيان وللبة الحال والدهشةت فيدركهم
اهلل تعـالى برحمتـه بالتــجكرة واليقظـةت فيرجعــوا عـن ذلـ ويسـتغفروا ربهــمت إذ ال معصـوم عــن اإلرادة
إال المالئكــةت عصــموا عــن اإلرادة ،واألنبيــا عصــموا عــن الهــو ت وبقيــة الخلــق مــن اإلنــس والجــن
المكلفين لم يعصموا منها لير أن األوليا بعضهم يحفظون عـن الهـو ت واألبـدال عـن اإلرادةت وال
ـي
يعصمون منهما على معنـى يجـوز فـي حقهـم الميـي إليهمـا فـي األحيـانت اـم يتـداركهم اهلل ع َّـز وج َّ
باليقظة برحمته.
المقالة السابعة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :أخرج من نفس وتنح عنهات وانعزل عن ملك وسلم
الكي إلى اهللت فكن بوابه على باب قلب ،وامتثي أمر فـي إدخـال مـن يـ مرك بإدخالـه ،وانتـه بنهيـه
في صد مـن يـ مرك بصـد ،فـال تـدخي الهـو قلبـ بعـد أن خـرج منـه ،فـإخراج الهـو مـن القلـب
بمخالفته ،وترك متابعته في األحوال كلها ،وإدخاله في القلب بمتابعته وموافقته ،فال ترد إرادة ليـر
إرادتــهت وليــر ذل ـ من ـ تمــن وهــو وادي الحمقــىت وفيــه حتف ـ وهالك ـ وســقوط مــن عينــه
وحجابــه عن ـ ت أحفــت أبــدا أمــر ت وانتــه أبــدا بنهيــه ،وســلم لمقــدور ت وال تشــركه بشــي مــن خلقــهت
فإرادتـ وهــواك وشــهوات كلهــا خلقــهت فــال تــرد وال تهــو وال تشــته كــيال تكــون مشــركا .قــال اهلل
َحدا{.الكه .551 تعالى } :فَمن َكا َن يـرجو لَِقا ربمِه فَـ ْليـ ْعمي َعمال صالِحا وَال ي ْش ِر ْك بِ ِعب َ ِ ِ
ادة َربمه أ ََ َ َ َْ َ َ َ ُ َْ ُ َ
ليس الشرك عبادة األصنام فحسبت بي هو متابعت هواك ،وأن تختـار مـ ربـ شـيئا سـوا
وجي لير ،فإذا ركنع إلى لير فقد أشركع بـه
عز َّ
من الدنيا وما فيها واآلخرة وما فيهات فما سوا َّ
وجي لير ت فاحجر وال تركنت وخ وال ت منت وفتش فال تغفي فتطمئنت وال تضـ إلـى نفسـ
عز َّ
َّ
حاال ومقامات وال تدم شيئا من ذلـ ت فـإن أعطيـع حـاال أو أقمـع فـي مقـام فـال تختـر شـيئا واحـدا
من ذل ت فإن اهلل } ُك َّي يـوقم ُهـو فِـي َشـ ق
ْن{.الـرحمن .45فـي تغييـر وتبـدييت وإنـه يحـول بـين المـر َْ َ
وقلبهت فيزيل عما أخبر بهت ويغيرك عمـا تخيلـع اباتـه وبقـا ت فتخجـي عنـد مـن أخبرتـه بـجل ،
بي أحفت ذل في وال تعد إلى ليرك فإنه كلي الثبا والبقـا ت فـتعلم أنـه موهبـة وتسـ ل التوفيـق
عز
للشكر واستر رسيته وإن كان لير ذل كان فيه زيادة علم ومعرفة ونور وتيقت وت ديب .قال اهلل َّ
َن اللّــه علَــى ُك ـ مي َشــي ق
نسـ َـها نَـ ْ ِ بِ َخ ْي ـ قر م ْنـ َهــا أ َْو ِمثْلِ َهــا أَلَـ ْـم تَـ ْعلَـ ْـم أ َّ
ـي } :مــا نَنس ـ ْخ ِمــن آيـ قـة أَو نُ ِ
ْ َ َ َ ْ َ ْ وجـ َّ َ َ
قَ ِد وير{.البقرة .511فال تعجز اهلل في قدرته ،وال تتهمه في تقدير وال تدبير ،وال تش في وعـد ت
فليكن ل في رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم أسـوة حسـنةت نسـخع اآليـا والسـور النازلـة عليـه
المعمولــة بهــا المقــرو ة فــي المحاريــب المكتوبــة فــي المصــاح ت ورفعــع وبــدلع وأابــع ليرهــا
مكانهــات ونقــي صــلى اهلل عليــه وســلم إلــى ليرهــات هــجا فــي ــاهر الشــرم ،وأمــا فــي البــاطن والعلــم
ـي فكـان يقـول ( :إنـه ليغـان علـى قلبـي ف سـتغفر اهلل فـي كـي يـوم
والحال فيما بينه وبـين اهلل ع َّـز وج َّ
سبعين مرة) ويرو (مائة مرة) وكان صـلى اهلل عليـه وسـلم ينقـي مـن حالـة إلـى أخـر ويسـير بـه فـي
منــازل القــرب وميــادين الغيــب ،ويغيــر عليــه خل ـ األنــوار ،فتبــين الحالــة األولــى عنــد اانيهــا لمــة
ونقصــانا وتقصــيرا فــي حفــت الحــدود ،فــيلقن االســتغفار ألنــه أحســن حــال العبــد ،والتوبــة فــي ســائر
األحوال ألن فيها اعترافه بجنبه وقصور ،وهما صفتا العبد فـي سـائر األحـوال ،فهمـا ورااـة مـن أبـي
البشر آدم عليه السالم إلى المصطفى صلى اهلل عليه وسلم حين اعتر صفا حاله لمة النسيان
للعه ــد والميث ــاق ،وإرادة الخل ــود ف ــي دار الس ــالمت ومج ــاورة الحبي ــب ال ــرحمن المن ــان ،ودخ ــول
المالئكة الكرام عليه بالتحية والسالمت فوجد هنـاك مشـاركة إرادتـه إلرادة الحـقت فانكسـر لـجل
تل ـ اإلرادةت وزالــع تل ـ الحالــةت وانعزلــع تل ـ الواليــةت فانهبطــع تل ـ المنزلــة وأ لمــع تل ـ
األنــوار وتكــدر ذل ـ الصــفا ت اــم تنبــه وذكــر صــفي الــرحمن ،فعــرت االعتــرات بالــجنب والنســيانت
س ـ ـ ــنَا َوإِن لَّـ ـ ـ ْـم تَـ ْغ ِف ـ ـ ـ ْـر لَنَـ ـ ــا َوتَـ ْر َح ْمنَـ ـ ــا لَنَ ُك ـ ـ ــونَ َّن ِم ـ ـ ـ َـن
ولق ـ ـ ــن اإلق ـ ـ ــرار فق ـ ـ ــال َ } :ربَّـنَـ ـ ــا َلَ ْمنَـ ـ ــا أَن ُف َ
ال َ ِ
ين{.األعرات .44فجا أنوار الهداية وعلوم التوبة ومعارفها ،والمصالح المدفونة فيها ما ْخاس ِر َ
كان لائبا من قبيت فلم تظهر إال بها ،فبـدلع تلـ اإلرادة بغيرهـا والحالـة األولـى بـ خر ت وجا تـه
الوالية الكبر والسـكون فـي الـدنيا اـم فـي العقبـىت فصـار الـدنيا لـه ولجريتـه منـزالت والعقبـى لهـم
م ــوئال ومرجع ــا وخل ــدات فلـ ـ برس ــول اهلل وحبيب ــه المص ــطفى وأبي ــه آدم ص ــفي اهلل عل ــيهم الص ــالة
والسالم عنصر األحباب واألخال أسوة في االعترات بالقصور واالستغفار في األحوال كلها.
المقالة الثامنة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :إذا كنع في حالة ال تختر ليرها أعلى منهـا وال أدنـى،
فإذا كنع على باب الملـ ال تختـر الـدخول إلـى الـدار حتـى تـدخي إليهـا جبـرا ال اختيـارات وأعنـي
بــالجبر أمـرا عنيفــا مت كــدا متكــررات وال تكـ بمجــرد إذن بمجــرد الــدخولت لجــواز أن يكــون ذلـ
منكرا وخديعة من المل ت لكن اصبر حتى تجبـر علـى الـدخول فتـدخي الـدار جبـرا محضـا وفضـال
من المل ت فحينئج ال يعاقب الملـ علـى فعلـهت إنمـا تتعـرض العقوبـة لـ لشـ م تخيـرك وشـره ،
وقلة صبرك وسو أدب ت وترك الرضي بحالت التي أقمـع فيهـات فـإذا حصـلع فكـن مطرقـا لاضـا
لبصرك مت دبات محافظا لما ت مر به من الشغي والخدمة فيها ليـر طالـب للترقـي إلـى الـجروة العليـا.
ْحيَاةِ الدنيَا لِنَـ ْفتِـنَـ ُه ْم فِي ِـه وجي } :وَال تَم َّد َّن َعيـنَـي َ إِلَى ما متـ ْ ِ
َّعنَا بِه أَ ْزَواجا م ْنـ ُه ْم َزْه َرةَ ال َ َ َ ْ ْ عز َّ َ ُ قال اهلل َّ
ـي لنبيـه المختـار صـلى اهلل عليـه وسـلم َوِرْز ُق َربم َ َخ ْيـ ور َوأَبْـ َقى{.طـه .545فهجا ت ديـب منـه ع َّـز وج َّ
في حفت الحال والرضـا بالعطـا بقولـه َ } :وِرْز ُق َربمـ َ َخ ْيـ وـر َوأَبْـ َقـى{.طــه .545أي مـا أعطيتـ مـن
الخبر والنبوة والعلم والقناعة والصبر ووالية الدينت والعروة فيه أولى ممـا أعطيـع وأحـر ت فـالخير
كله في حفت الحال والرضا بها وترك االلتفا إلى ما سـواهات ألنـه ال يخلـو إمـا أن يكـون قسـم
أو قسـم ليــركت أو أنــه ال قســم ألحــد بــي أوجــد اهلل فتنـةت فــإن كــان قســم وصــي إليـ شــئع أم
أبيــع فــال ينبغــي أن يظهــر منـ ســو األدب والشــر فــي طلبــهت فــإن ذلـ ليــر محمــود فــي قضــية
العلم والعقيت وإن كـان قسـم ليـرك فـال تتعـب فيمـا لـم تناولـه وال يصـي إليـ أبـدات وإن كـان لـيس
بقسـم ألحـد بـي هـو فتنـة فكيـ يرضــى للعاقـي ويستحسـن أن يطلـب لنفسـه فتنـة ويسـتجلبها لهــات
فقد ابع أن الخير كله والسالمة في حفت الحالت فإذا رقيع إلى الغرفة ام إلى السطح فكن كمـا
ذكرنــا مــن الحفــت واإلطــراق واألدبت بــي يتضــاع ذل ـ من ـ ت ألن ـ أقــرب إلــى المل ـ وأدنــى
بــالخطرت فــال تــتمن االنتقــال منهــا إلــى أعلــى منهــا وال إلــى أدنــىت واباتهــا وبقائهــات وال تغيــر وصــفها
وأنع فيهات وال يكون ل اختيار ألبتهت فإن ذل كفر في نعمة الحال والكفر يحي بصاحبه الهوان
في الدنيا واآلخـرة فاعمـي علـى مـا ذكرنـا أبـدا حتـى ترقـى إلـى حالـة تصـير لـ مقامـا تقـام فيـه فـال
تــزال عنــه ،فــتعلم حينئــج أنــه موهبــة هــر بيانهــا فتمســكه وال تــزل ،فــاألحوال ل وليــا والمقامــا
ل بدال واهلل يتولى هداك.
المقالة التاسعة
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :يكش ـ ل وليــا واألبــدال مــن أفعــال اهلل مــا يبهــر
العقــول ويخــرق العــادا والرســوم فهــي عل ـى قســمين :جــالل وجمــالت فــالجالل والعظمــة يوراــان
الخوت المقلق والوجـي المـزعجت والغلبـة العظيمـة علـى القلـب بمـا يظهـر علـى الجـوارحت كمـا روي
عن أن النبي صلى اهلل عليه وسلم " كان يسم من صدر أزيز ك زيز المرجي فـي الصـالة مـن شـدة
ـي وينكشـ لـه مـن عظمتـه ،ونقـي مثـي ذلـ عـن إبـراهيم
الخوت " لما ير مـن جـالل اهلل ع َّـز وج َّ
خليي الرحمن صلوا اهلل عليه وعمر الفاروق رضي اهلل عنه.
أمــا مشــاهدة الجمــال :فهــو التجلــي للقلــوب بــاألنوار والســرور واأللطــاتت والكــالم اللجيــج
ـي ممـا سـيئول
والحديي األنيست والبشارة بالمواهب الجسام والمنازل العاليةت والقرب منـه ع َّـز وج َّ
وجيت وج به القلـم مـن أقسـامهم فـي سـابق الـدهور فضـال منـه ورحمـةت وإاباتـا
عز َّ
أمرهم إلى اهلل َّ
منه لهم في الدنيا إلى بلوغ األجي وهو الوقـع المقـدورت لـئال تفـرط بهـم المحبـة مـن شـدة الشـوق
إلى اهلل تعالى فتنفطر مرائرهمت فيهلكون ويضعفون عن القيام بالعبوديـة إلـى أن يـ تيهم اليقـين الـجي
ِ
ه ـ ـ ـ ــو الم ـ ـ ـ ــو ،فيفع ـ ـ ـ ــي ذلـ ـ ـ ـ ـ بهـ ـ ـ ـ ـم لطف ـ ـ ـ ــا من ـ ـ ـ ــه ورحم ـ ـ ـ ــة وم ـ ـ ـ ــداراة له ـ ـ ـ ــا }إِنَّـ ـ ـ ــهُ َحك ـ ـ ـ ـ و
ـيم
وت
ـيم{.األنعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام.545الحجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر .41لطي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ بهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم } َرُس و ِ
َعلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ و
ـيم{.التوبــة.541+551النــور.41الحشــر .51ولهــجا روي عــن النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم أنــه ِ
َّرحـ و
كــان يقــول لــبالل الم ـ ذن رض ــي اهلل عنــه (أرحنــا بهــا يــا ب ــالل) أي باإلقامــة لنــدخي فــي الص ــالة
لمشاهدة ما ذكرنا من الحالت ولهجا قال صلى اهلل عليه وسلم ( :وجعلع قرة عيني في الصالة).
المقالة العاشرة
قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :إنمـا هـو اهلل ونفسـ وأنـع المخاطـب ،والـنفس ضـد
وملكـات وللـنفس ادعـا وتمـن وشـهو ولـجة
اهلل وعدو ت واألشيا كلهـا تابعـة هللت والـنفس لـه خلقـا ُ
وجي في مخالفة النفس وعدوانها فكنع هلل خصما علـى نفسـ
عز َّ
بمالبستهات فإذا وافقع الحق َّ
وجي لداود عليه السالم " :يا داود أنا بـدك الـالزم فـ لزم بـدك ،العبوديـة أن تكـون
عز َّ
كما قال اهلل َّ
ـيت وأتتـ األقسـام هنيئـا مريئـا ق
حينئج مواالت وعبوديتـ هلل ع َّـز وج َّ خصما على نفس " فتحققع
مطيبا وأنع عزيز ومكرمت وخدمت األشيا وعظمت وفخمت ت ألنهـا ب جمعهـا تابعـة لربّهـا موافقـة
قِ ِ
س ـبم ُح لــه إذ هــو خالقهــا ومنشــئهات وهــي مقــرة لــه بالعبوديــة .قــال اهلل تعــالى َ } :وإن مــن َشـ ْـي إالَّ يُ َ
ض اِئْتِيَــا طَْوعــا أ َْو َك ْرهــا قَالَتَــا
ـال لَ َهــا َولِـ ْ َْر ِ ِ ِ
بِ َح ْم ـ َد َولَــكن الَّ تَـ ْف َق ُهــو َن تَ ْس ـبِ َ
يح ُه ْم{.اإلس ـرا } .33فَـ َقـ َ
ين{.فصــلع .55فالعبــادة كــي العبــادة فــي مخالفــة نفس ـ .قــال اهلل تعــالى َ } :وَال تَـتَّبِـ ِ ِِ
أَتَـ ْيـنَــا طَــائع َ
يي اللَّ ِه{.ص .41وقال لداود عليه السالم " :أهجر هواك فإنه منازم". ضلَّ َ َعن َسبِ ِ ال َْهو فَـي ِ
َ ُ
فـي ال ـش ـ ـهـوة
قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا :إذا ألقي ــع عليـ ـ ش ــهوة النك ــاح ف ــي حال ــة الفق ــر
ـيت إمــا بزوالهــا وإقالعهــا عن ـ
وعجــز عــن م نتــه فصــبر عنــه منتظــر الفــرج مــن البــاري عـ َّـز وجـ َّ
بقدرتــه التــي ألقاه ـا علي ـ وأوجــدها في ـ فيعين ـ أو يصــون وحيات ـ عــن حمــي م نتهــا أيضــا أو
وجي
عز َّ بإيصالها إلي موهبة مهنئا مكفيا من لير اقي في الدنيا وال تعب في العقبىت وسماك اهلل َّ
صــابرا شــاكرا لصــبرك عنه ـا راضــيا بقســمته فــزادك عصــمة وقــوة .فــإن كــان قســما لـ ســاقها إلي ـ
ـي وعـد الشـاكرين بالزيـادة فـي العطـا قـال اهلل ع َّـز مكفيا مهنئـا فينقلـب الصـبر شـكرات وهـو ع َّـز وج َّ
ش ِدي ود{.إبراهيم.1
وجي } :لَئِن َش َك ْرتُ ْم ألَ ِزي َدنَّ ُك ْم َولَئِن َك َف ْرتُ ْم إِ َّن َع َجابِي لَ َ
َّ
الــنفس أو أبــعت فــالزم وإن لــم تكــن قســما ل ـ فــالغنى عنهــا بقلعه ـا مــن القلــب إن شــا
الصبر وخال الهو وعانق األمر وارض بالقضا ت وارج بجل الفضي والعطا ت وقد قال اهلل تعالى
َجرُهم بِغَْي ِر ِحس ق
اب{.الزمر.51 } :إِنَّما يُـوفَّى َّ ِ
َ الصاب ُرو َن أ ْ َ َ َ
المقالة الثانية عشرة
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :ال تختــر جلــب النعمــا وال دف ـ البلــو ،فالنعم ـا
واصلة إلي إن كانـع قسـم اسـتجلبتها أو كرهتهـات والبلـو حالَّـةو بـ إن كانـع قسـم مقضـية
علي ـ ســوا كرهتهــا أو رفعتهــا بال ـدعا أو صــبر وتجلــد لرضــى المــولىت بــي ســلم فــي الكــيت
فيفع ــي الفع ــي فيـ ـ ،ف ــإن كان ــع النعم ــا فاش ــتغي بالش ــكرت وإن كان ــع البل ــو فاش ــتغي بالتص ــبر
والصبرت أو الموافقـة والتـنعم بهـا أو العـدم أو الفنـا فيهـا علـى قـدر مـا تعطـى مـن الحـاال وتنتقـي
فيهــات ومــا تســير فــي المنــازل فــي طريــق المــولى الــجي أمــر بطاعتــه والمــواالةت لتصــي إلــى الرفيــق
األعلىت فتقام حينئج مقام من تقدم ومضى من الصديقين والشهدا والصالحينت لتعاين مـن سـبق
إلى الملي ومنه دنات ووجد عند كي طريفة وسرورا وأمنات وكرامة ونعما.
دم البلية تزوركت خي من سبيلهات وال تق وال تجزم من مجيئها وقربهات فلـيس نارهـا أعظـم
من نار جهنم ولظىت فقد ابع في الخبر المروي عـن خيـر البريـةت وخيـر مـن حملتـه األرض وأ لتـه
السما محمد المصطفى صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ( :إن نار جهنم تقول للمـ من جـز يـا مـ من
فقد أطف نـورك لهبـي ) فهـي كـان نـور المـ من الـجي أطفـ لهـب النـار فـي لظـى إال الـجي صـحبه فـي
ال ـدنيا الــجي لــن يمــر مــن أطاعهــا وعصــىت فليطفــئ هــجا النــور لهــب البلــو ت ولتجــد بــرد صــبرك
وموافقت للمولى وهيج ما حي ب مـن ذلـ ومنـ دنـا ،فالبليـة لـم ت تـ لتهلكـ ت لكنهـا ت تيـ
لتجرب وتحقق صحة إيمان وتوايق عروة يقين ويبشرك باطنها من موالك بمباهاته ب ت قال اهلل
اه ِدين ِمن ُك ْم و َّ ِ
ِ
الصاب ِر َ
ين َونَـ ْبـلَُو أَ ْخبَ َ
ارُك ْم{.محمد .45فإذا ابـع َ تعالى َ } :ولَنَْبـلَُونَّ ُك ْم َحتَّى نَـ ْعلَ َم ال ُْم َج َ
م الحق إيمان ووافقته في فعله بيقين كي ذل بتوفيق منه ومنةت فكن حينئج أبدا صابرا موافقا
سـلم َما ال تحــدف فيـ وال فــي ليـرك حاداــة مــا خــرج عــن األمــر والنهــيت فــإذا كــان أمــر عـ َّـز وجـ َّ
ـي ُم َ
فتســام وتســارم وتحــرك وال تســكن وال تســلم للقــدر والفعــيت بــي ابــجل طوق ـ وجهــودك لت ـ دي
وجيت فالتجئ إليه وتضـرم واعتـجرت وفـتش عـن
عز َّ
األمرت فإن عجز فدون االلتجا إلى موالك َّ
سبب عجزك عن أدا أمـر وصـدك عـن التشـوق لطاعتـه لعـي ذلـ لشـ م دعائـ وسـو أدبـ فـي
طاعتهت ورعونت واتكالـ علـى حولـ وقوتـ ت وإعجابـ بعلمـ وشـرك إيـاك بنفسـ وخلقـهت
فصدك عن بابهت وعزل عن طاعته وخدمتهت وقطـ عنـ مـدد توفيقـهت وولـى عنـ وجهـه الكـريمت
ومقت وقالكت وشغل ببالئ دنياك وهواك ،وإرادت ومناك.
وخولـ
أمــا تعلــم أن كــي ذلـ مشــغول عــن ذلـ ت وقاطعـ عــن عــين الــجي خلقـ وربــاكّ ،
وأعطاك وأحياك.
احجر ال يلهي عن موالك لير موالكت وكي من سو موالك لير ت فـال تـ ار عليـه ليـر فإنـه
خلقـ لـهت فـال تظلـم نفسـ فتشـغي بغيـر عـن أمـر فيـدخل النـار التـي وقودهـا النـاس والحجـارة
فتنـدمت فــال ينفعـ النــدمت وتعتـجر فــال تعــجرت وتسـتعتب فــال تعتـبت وتســترج إلـى الــدنيا لتســتدرك
وتصلح فال ترج .
ارحم نفسـ وأشـفق عليهـات واسـتعمي اآلال واألدوا التـي أعطيتهـا فـي طاعـة مـوالك مـن
الفعي واإليمان والمعرفة والعلم.
استضــي بنورهمــا فــي لمــا األقــدارت وتمسـ بــاألمر والنهــيت وســيرهما فــي طريــق مــوالك
وسلم ما سواهما إلى الجي خلق وأنش كت فال تكفر بالجي خلق من تراب ورباكت اـم مـن نطفـة
ام رجال سواك ،وال ترد لير أمر ت وال تكر لير نهيه.
اقن ـ مــن الــدنيا واألخــر بهــجا المــراد واكــر فيهمــا هــجا المكــرو ت فكــي مــا يــراد تب ـ لهــجا
المرادت وكي مكرو تب لهجا المكرو .
إذا كنع م أمـر كانـع األكـوان فـي أمـركت وإذا كرهـع نهيـه فـر منـ المكـار أيـن كنـع
وحللع.
وجي في بع كتبه ( :يا ابن آدم أنا اهلل ال إله إال أنا أقول للشي كن فيكون ،
عز َّ
قال اهلل َّ
ـي ( :يــا دنيــا مــن خــدمني فاخدميــه ومــن
أطعنــي أجعل ـ تقــول للشــي كــن فيكــون) وقــال عـ َّـز وجـ َّ
ـي فكـن ك نـ مسـترخي المفاصـيت مسـكن الحـواست مضـيق
خدم ف تعبيه) فإذا جا نهيه ع َّـز وج َّ
الجرم ،متماو الجسد ،زائي الهو ت منطمس الوسوم ،منمحي الرسوم ،منسي األارت مظلـم القنـات
متهدم البنا ،خاوي البيعت ساقط العرشت ال حس وال أارت فليكن سـمع ك نـه أصـم وعلـى ذلـ
مخلوق ،وبصرك ك نه معصب أو مرمود أو مطموست وشفتاك ك ن بهما قرحة وبثـورات ولسـان ك نـه
بــه خرســا وكلــوال ،وأســنان ك ـ ن بهمــا ضـريانا وألمــا ونشــورات وي ـداك كـ ن بهمــا شــلال وعــن الــبطش
قصورات ورجالك ك ن بهما رعدة وارتعاشا وجروحات وفرج ك ن به عنة وبغير ذل الش ن مشـغوالت
وبطن ك ن بـه امـتال وارتـوا وعـن الطعـام لنـىت وعقلـ ك نـ مجنـون ومخبـولت وجسـدك ك نـ
ميع وإلى القبـر محمـولت فالتسـام والتسـارم فـي األمـرت والتعاقـد والتجاعـد والتقاصـر فـي النهـيت
والتماو والتعادم والتفاني في القدرت فاشرب هج الشربةت وتداو بهجا الدوا ت وتغج بهـجا الغـجا ،
تنجح وتشفىت وتعافى من أمراض الجنوب وعلي األهوا ت بإذن اهلل تعالى إن شا اهلل.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال تدم حالة القوم يا صـاحب الهـو أنـع تعبـد الهـو
رب
وهم عبيد المولىت أنع رلبت في الدنيا ورلبة القـوم فـي العقبـىت أنـع تـر الـدنيا وهـم يـرون ّ
األرض والســما ت وأنــع أنس ـ بــالخلق وأنــس القــوم بــالحق ،أنــع قلب ـ متعلــق بمــن فــي األرض
برب العرشت أنع يصطادك من تر وهم ال يرون من تر بي يرون خالق األشيا وما
وقلوب القوم ّ
ير ت فاز القوم به وحصلع لهم النجاةت وبقيع أنع مرتهنا بما تشتهي من الدنيا وتهو ،فنوا عـن
الخلــق والهــو واإلرادة والمنــى فوصــلوا إلــى الملـ األعلــىت فـ وقفهم علــى لايــة مــا رام مــنهم مــن
ـيم{.المائــدة .13فالزمــوا ِ ِ ـي اللّـ ِـه يُـ ْ تِيـ ِـه َمــن يَ َ الطاعــة والجـد والثنــا }ذَلِـ َ فَ ْ
شــا ُ َواللّــهُ َواسـ و َعلـ و ضـ ُ
ذلـ ووا بــوا بتوفيــق منــه وتيســير بــال عنــا ت فصــار الطاعــة لهــم روحــا ولــجا ت وصــار الـدنيا إذ
ذاك في حقهم نقمة وخزيـا ،فك نهـا لهـم جنـة المـ و إذ مـا يـرون شـيئا مـن األشـيا حتـى يـروا قبلـه
فعــي الــجي خل ـق وأنش ـ فــيهم ابــا األرض والســما ت وقــرار المــو واإلحيــا إذ جعلهــم ملــيكهم
أوتادا ل رض الجي دحىت فكي كالجبي الجي رسىت فتنح عن طريقهم وال تزاحم من لـم يفـد عـن
قصد اآلبا واألبنا ،فهم خير من خلق ربـي وبـي فـي األرض وذرأت فعلـيهم سـالم اهلل وتحياتـه مـا
دامع األرض والسما .
المقالة الخامسة عشرة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :رأيع في المنام ك ني في موض شبه مسجد وفيـه قـوم
منقطعونت فقلع :لو كان له ال فالن ي دبهم ويرشدهمت ف شر إلى رجي من الصالحين فاجتم
القوم حولي فقال واحد منهم :ف نع ألي شي ال تتكلم فقلع :إن رضيتموني ذل ت اـم قلـع
:إذا انقطعتم من الخلق إلى الحق فال تس لوا الناس شيئا ب لسنتكمت فإذا تركتم ذل فال تس لوهم
بقلوبكمت فإن الس ال بالقلب كالس ال باللسان.
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :مــا حجبــع عــن فضــي اهلل ونعمــه إال التكال ـ علــى
الخلق واألسبابت والصنائ واالكتسابت فالخلق حجاب عن األكـي بالسـنة وهـو المكسـبت فمـا
دمع قائمـا مـ الخلـق راجيـا لعطايـاهم وفضـلهم سـائال لهـم متـرددا إلـى أبـوابهم ف نـع مشـرك بـاهلل
خلقهت فيعاقب بحرمان األكي بالسنة الجي هو الكسب مـن حـالل الـدنيات اـم إذا تبـع عـن القيـام
ـي إيــاهم ورجعــع إلــى الكســب فت كــي بالكســب وتتوكــي علــى م ـ الخلــق وشــرك بربّـ عـ َّـز وجـ َّ
ـيت ف نـع مشـرك أيضـا ،إال أنـه شـرك خفـي أخفـى الكسب وتطمئن إليه وتنسى فضـي الـرب ع َّـز وج َّ
ـي ويحجبـ عــن فضــله والبــدا ة بــهت فــإذا تبــع عــن ذل ـ وأزلــع مــن األولت فيعاقب ـ اهلل عـ َّـز وجـ َّ
ـي هـو الـرزاقت
الشرك عن الوسطت ورفعع اتكال عن الكسب والحول والقوةت ورأيع اهلل ع َّـز وج َّ
وهو المسبب والمسهي والمقوي على الكسبت والموفق لكي خير والرزق بيد ت تـارة يواصـل بـه
ـيت
بطريــق الخلــق علــى وجــه المسـ لة لهــم فــي حالــة االبــتال أو الرياضــة أو عنــد سـ ال لــه عـ َّـز وجـ َّ
وأخــر بطريــق الكســب معاوضــة وأخــر مــن فضــله مبــادأة مــن ليــر أن تــر الواســطة والســببت
فرجعع إليه واستطرحع بين يديهت ورف الحجاب بين وبين فضـلهت وبـاداك ولـجاك بفضـلهت عنـد
عز
كي حاجة على قدر ما يوافق حال ت كفعي الطبيب الشفيق الرقيق الحبيب للمري حماية منه َّ
وجيت وتنزيها ل عن الميي إلى من سـوا ت يرضـي بفضـلهت فـإذا ينقطـ عـن قلبـ كـي إرادة وكـي
َّ
ـيت فــإذا أراد أن يســوق
شــهوة ولــجة ومطلــوب ومحبــوبت فــال يبقــى فــي قلبـ ســو إرادتــه عـ َّـز وجـ َّ
إلي قسم الجي الب ّد من تناوله وليس هو رزقا ألحد من خلقه سواكت أوجـد عنـدك شـهوة ذلـ
القسم وساقه إلي ت فيواصل به عند الحاجةت ام يوفق ويعرف أنه منه وهو سائقه إليـ ورازقـه
لـ ت فتشـكر حينئ قـج وتعـرت وتعلـمت فيزيـدك خروجـا مـن الخلـق وبعـدا مـن األنـامت وأخليـع البــاطن
وجيت ام إذا قوي علم ويقين ت وشرح صدرك ونور قلب ت وزاد قرب من مـوالك
عز َّ
عما سوا َّ
ومكانت ـ لديــه عنــد ،وأهليت ـ لحفــت األســرار علمــع متــى ي تي ـ قســم كرامــة ل ـ وإجــالال
ِ ِ
لحرمتـ فضــال منــه ومنــة وهدايــةت قــال اهلل تعــالى َ } :و َج َعلْنَــا مـ ْنـ ُه ْم أَئ َّمــة يَـ ْهـ ُدو َن بِ َْم ِرنَــا لَ َّمــا َ
صـبَـ ُروا
َّه ْم ُسـبُـلَنَا َوإِ َّن ِ وَكانُوا بِآياتِنَـا يوقِنُـو َن{.السـجدة .43وقـال اهلل تعـالى } :والَّ ِـجين ج َ ِ
اهـ ُدوا فينَـا لَنَـ ْهـديَـنـ ُ َ َ َ َ ُ َ
ِِ
ين{.العنكبـو .15وقـال تعـالى َ } :واتَّـ ُقـواْ اللّـهَ َويُـ َعلم ُم ُك ُـم اللّـهُ{.البقـرة .414اـم اللَّـهَ لَ َمـ َ ال ُْم ْحسـن َ
يــرد عليـ التكــوين فتكــون بــاإلذن الصــريح الــجي هــو ال لبــار عليــه والــدالال الالئحــة كالشــمس
المنيــرةت وبكالمــه اللجيــج الــجي هــو ألــج مــن كــي لجيــجت وإلهــام ص ـدق مــن ليــر تلــبس مصــفى مــن
هواجس النفس ووساوس الشيطان الرجيم.
قــال اهلل تعــال فــي بع ـ كتبــه ( :يــا ابــن آدم أنــا اهلل الــجي ال إلــه إال أنــا أقــول للشــي كــن
فيكونت أطعني أجعل تقول للشي كن فيكون)ت وقد فعي ذل بكثير من أنبيائه وأوليائه وخواصه
من بني آدم.
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :إذا وصــلع إلــى اهلل قربــع بتقريبــه وتوفيقــه ،ومعنــى
وجي خروج عن الخلق والهو واإلرادة والمنىت والثبو م فعله ومن لير عز َّالوصول إلى اهلل َّ
أن يكون من حركة في وال في خلقه ب ،بي بحكمـه وأمـر وفعلـهت فهـي حالـة الفنـا يعبـر عنهـا
س
وجي لـيس كالوصـول إلـى أحـد مـن خلقـه المعقـول المعهـود }لَ ْـي َ عز َّ بالوصول ،فالوصول إلى اهلل َّ
ـي الخــالق أن يشــبه بمخلوقاتــه أو يقــاس علــىـير{.الشــور .55جـ َّ ِ َك ِمثْلِـ ِـه َشــي و ُهــو َّ ِ
الســمي ُ البَصـ ُ ْو َ َ
ـي لهـم كـي واحـد علـى وجي معروت عند أهي الوصول بتعريفـه ع َّـز وج َّ
عز َّ مصنوعاتهت فالواصي إليه َّ
وجي م كي واحد من رسله وأنبيائه وأوليائه سر من حيـي هـو ال عز َّ حدة ال يشاركه فيه لير ت وله َّ
يطل علـى ذلـ أحـد ليـر ت حتـى أنـه قـد يكـون للمريـد سـر ال يطلـ عليـه شـيخهت وللشـيخ سـر ال
يطل عليه مريد الجي قد دنا سير إلى عتبة باب حالـة شـيخهت فـإذا بلـ المريـد حالـة شـيخه أفـرد
ـي فيفطمـه عـن الخلـق جملـةت فيكـون الشـيخ كالضـئر
عن الشيخ وقطـ عنـه ،فيتـوال الحـق ع َّـز وج َّ
والدايةت ال رضام بعـد الحـولينت وال خلـق بعـد زوال الهـو واإلرادة .الشـيخ يحتـاج إليـه مـا دام اـم
عز
هو وإرادة لكسرهمات وأما بعد زوالهما فالت ألنه ال كدورة وال نقصانت فإذا وصلع إلى الحق َّ
وجي فال تر لغير وجودا البتةت ال في الضر وال فـي
عز َّ
وجي على ما بينا فكن آمنا أبدا من سوا َّ
َّ
ـي التَّـ ْقـ َـو
ـي }أ َْه ُ
النفـ ت وال فـي العطـا وال فـي المنـ ت وال فـي الخـوت وال فـي الرجـا ت هــو ع َّـز وج َّ
ـي ال َْمغْ ِفـ َـرةِ{.المــدار .11فكــن أبــدا نــا را إلــى فعلــه مترقبــا ألمــر .مشــتغال بطاعتــهت مباينــا عــن
َوأ َْهـ ُ
جمي خلقه دنيا وأخر .
ال تعلــق قلبـ بشــي مــنهم واجعــي الخليقــة أجمـ كرجــي َكتَّـ َفــهُ ســلطان عظــيم ملكــه شــديد
أمــر ت مهولــة صــولته وســطوتهت اــم جعــي الغــي فــي رقبتــه ورجليــهت اــم صــلبه علــى شــجرة األرزة ،علــى
شاطى نهر عظيم موجهت فسيح عرضهت عميق لور ت شديد جريهت ام جلس السلطان على كرسيهت
عظيم قدر ت عال سماس ت بعيد مرامـه ووصـولهت وتـرك إلـى جنبـه أحمـاال مـن السـهام والرمـاح والنبـي
وأنوام السالح والقسـى وممـا ال يبلـ قـدرها ليـر ت فجعـي يرمـي إلـى المصـلوب بمـا شـا مـن ذلـ
السالح ت فهي يحسن لمن ير ذل أن يترك النظـر إلـى السـلطان والخـوت منـه والرجـا لـه وينظـر
إلــى المصــلوب ويخــات منــه ويرجــو ت ألــيس مــن فعــي ذل ـ يســمى فــي قضــية العقــي عــديم العقــي
والحس مجنونا .بهيمة لير إنسان نعوذ باهلل من العمى بعد البصيرةت ومن القطيعـة بعـد الوصـولت
ومن الصدود بعد الدنو والقربت ومن الضاللة بعد الهدايةت ومن الكفر بعد اإليمانت فالدنيا كالنهر
العظيم الجاري الجي ذكرنا كي يوم في زيادة ما وهي شـهوا بنـي آدم ولـجاتهم فيهـات والـدواهي
التي تصيبهم منهات وأما السهام وأنوام السالح فالباليا التي يجري بهـا القـدر إلـيهمت فالغالـب علـى
بني آدم فـي الـدنيا الباليـا واآلالم والمحـنت ومـا يجـدون مـن الـنعم واللـجا فيهـا فمشـوبة باآلفـا
إذا اعتبره ــا ك ــي عاق ــي ال حي ــاة ل ــه وال ع ــيش وال راح ــة إال ف ــي اآلخ ــرة إن ك ــان م من ــات ألن ذلـ ـ
خصوصا في حق الم من .قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :ال عيش إال عيش اآلخرة) وقال عليه
الصالة والسالم ( :ال راحة للم من دون لقـا ربـه) ذلـ فـي حـق المـ منين .وقـال صـلى اهلل عليـه
وســلم ( :الــدنيا ســجن المـ من وجنــة الكــافر) .وقــال عليــه الصــالة والســالم ( :التقــي ملجــم) فمـ
هج األخبار والعيان كي يدعي طيب العيش في الـدنيا .فالراحـة كـي الراحـة فـي االنقطـام إلـى اهلل
ـي وموافقتــهت واالســتطراح بــين يديــهت فيكــون العبــد بــجل خارجــا عــن الــدنيا ،فحينئــج يكــون
عـ َّـز وجـ َّ
الدالل رأفة ورحمة ولطفا وفضالت واهلل أعلم.
المقالة الثامنة عشرة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :الوصية ال تشكون إلى أحد مـا نـزل بـ مـن خيـر كائنـا
وجي فيما فعي فيـ وأنـزل بـ مـن الـبال ت بـي أ هـر
عز َّ
من كان صديقا أو عدوا وال تتهمن الرب َّ
الخير والشكرت فكجب با هارك للشكر مـن ليـر نعمـة عنـدك خيـر مـن صـدق فـي إخبـارك جليـة
وجي قال اهلل تعالى َ } :وإِن تَـعُدواْ نِ ْع َمةَ اللّ ِه الَ
عز َّ
الحال بالشكو ت من الجي خال من نعمة اهلل َّ
وها{.النحي .51فكم من نعمة عندك وأنـع ال تعرفهـا ال تسـكن إلـى أحـد مـن الخلـقت وال ص َتُ ْح ُ
ـي ،وســكون إليــه
تســت نس بــهت وال تطل ـ أحــدا علــى مــا أنــع في ـهت بــي يكــون أنس ـ بــاهلل عـ َّـز وجـ َّ
وشكواك منـه وإليـه ال تـر اانيـات فإنـه لـيس ألحـد ضـر ونفـ ت وال جلـب وال دفـ ت وال ع َّـز وال ذلت
ـي
وال رفـ وال خف ـ ت وال فقــر وال لنــىت وال تحري ـ وال تســكينت األشــيا كلهــا خلــق اهلل عـ َّـز وجـ َّ
ـي ،بـ مر وإذنــه جريناهــات وكــي يجــري ألجــي مســمىت وكــي شــي عنــد بمقــدارت ال وبيــد اهلل عـ َّـز وجـ َّ
اشـ َ لَـهُ إِالَّ ض ٍّر فَالَ َك ِ س ْس َ اللّهُ بِ ُ ِ
وجي َ } :وإن يَ ْم َ
عز َّ مقدم لما أخرت وال م خر لما قدمت قال اهلل َّ
ضـ ـ ــلِ ِه يصـ ـ ــيب بِـ ـ ـ ِـه م ـ ـ ـن ي َ ِ ِ ِ ِ هـ ـ ــو وإِن ي ـ ـ ـ ِر ْد َك بِ َخي ـ ـ ـ قر فَ ـ ـ ـالَ ر َّ ِ
شـ ـ ــا ُ مـ ـ ـ ْـن عبَـ ـ ــاد َو ُهـ ـ ـ َـو الْغَ ُفـ ـ ـ ُ
ـور َ َ آد ل َف ْ ُ َ ُ َ ْ ُ َ َ ُ
وجي وأنع معافى وعندك نعمة طالبا الزيادة وتعاميـا عـن عز َّ يم{.يونس .511فإن شكو منه َّ َّ ِ
الرح ُ
ماله عندك من النعمة والعافية استهزا بهات لضب علي وأزالهما عن ت وحقق شكواكت وضـاع
بلــواك ،وشــدد عقوبت ـ ومقت ـ وقــالكت وأس ـقط مــن عينــه :احــجر الشــكو جــدا ولــو قطعــع
وقرض لحم بالمقاري .
إيَّاك إيَّاك ام إيَّاكت اهلل اهلل ام اهللت النجاة النجاةت الحجر الحجرت فإن أكثر ما ينزل بابن آدم
ـي وهـو أرحـم الـراحمينت وخيـر
وجي .كي يشـتكى منـه ع َّـز وج َّ
عز َّ
من أنوام البال بشكوا من ربمه َّ
الحاكمينت حكيم خبيرت رسوت رحـيمت لطيـ بعبـاد ت ولـيس بظـالم للعبيـدت كطبيـب حكـيم حبيـب
شفيق لطي قريب هي تتهم الوالـدة الرحيمـةت قـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :اهلل أرحـم بعبـد
من الوالدة بولدها) .أحسن األدب يا مسكينت تصبّر عند البال إن ضعفع على الصـبرت اـم اصـبر
إن ضــعفع عــن الرضــا والموافقــةت اــم أرض ووافــق إن وجــد ت اــن أفــن إذا فقــد ت أيهــا الكبريــع
ـال َو ُه َـو ُك ْـرو ـب َعلَ ْـي ُك ُم ال ِْقتَ ُ ِ
ـي ُ } :كت َ عز وج َّ األحمر أين أنع أين توجد وتر أما تسم إلى قوله َّ
سى أَن تُ ِحبـواْ َش ْـيئا َو ُه َـو َشـ كر لَّ ُك ْـم َواللّـهُ يَـ ْعلَ ُـم َوأَنـتُ ْم َّ
سى أَن تَ ْك َرُهواْ َش ْيئا َو ُه َو َخ ْيـ ور ل ُك ْم َو َع َ
َّ
ل ُك ْم َو َع َ
الَ تَـ ْعلَ ُمو َن{.البقرة .451طو عنـ علـم حقيقـة األشـيا وحجبـ عنـهت فـال تسـي األدب فتكـر
ب أو تحب ب ت بي اتب الشرم في جمي ما ينزل ب إن كنع في حالة التقو التـي هـي القـدم
األولــىت واتبـ األمــر فـي حالــة الواليــة وخمــود وجــود الهـو وال تجــاوز وهــي القــدم الثانيــةت وأرض
بالفعي ووافقت وافـن فـي حالـة البدليـة والغوايـة والقطبيـة والصـديقيةت وهـي المنتهـىت تـنح عـن طريـق
القدرت خي عن سـبيلهت رد نفسـ وهـواكت كـ لسـان عـن الشـكو ت فـإذا فعلـع ذلـ ت إن كـان
خيرا زادك المولى طيبة وسـرورا ولـجةت وإن كـان شـرا حفظـ فـي طاعتـه فيـهت وأزال عنـ المالمـةت
وأفقدك فيه حتى يتجـاوز عنـ ت ويرحـي عنـد انقضـا أجلـهت كمـا ينقضـي الليـي فيسـفر عـن النهـارت
والبرد في الشتا فيسفر عـن الصـي ت ذلـ أنمـوذج عنـدكت فـاعتبر بهـمت اـم ذنـوب وآاـام وإجـرام
وتلويثا ب نوام المعاصي والخطيئا وال يصلح لمجالسـة الكـريم إال الطـاهر عـن أنجـاس الـجنوب
والــزال ت وال يقبــي علــى ســدته إال طيبــا مــن درن الــدعاو والوهوســا ،كمــا ال يصــلح لمجالســة
الملوك إال الطاهر من األنجاس وأنوام النتن واألوساخ ،فالباليا مكفرا مطهرا قال النبـي صـلى
اهلل عليه وسلم ( :حمى يوم كفارة سنة) صدق رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم.
المقالة التاسعة عشرة
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا :إذا كنـع ضـعي اإليمـان واليقـين ووعـد بوعـد م
وت
بوعدكت وال تخل كيال يزول إيمان ويجهب يقين .
ِِ
وإذا ق ـ ــوي ذلـ ـ ـ ف ـ ــي قلبـ ـ ـ وتمكن ـ ــع خوطبـ ـ ــع بقول ـ ــه } :إِنَّـ ـ ـ َ الْيَـ ـ ـ ْـوَم لَـ ـ ـ َديْـنَا مك ـ ـ و
ـين
ـين{.يوسـ .13وتكــرر هــجا الخطــاب لـ حــاال بعــد حــال فكنــع مــن الخــواص بــي مــن خــواص ِ
أَمـ و
الخــواص ولــم يبــق ل ـ إرادة وال مطلــبت وال عمــي تعجــب بــه وال قربــة تراهــات وال منزلــة تلمحهــات
فتسمو همت إليهات فصر كاإلنا المنثلم الجي ال يثبع فيه مائ ت فال يثبع في إرادة وال خلق
وال همة إلى شي من األشيا دنيا وأخر ت وطهر مما سو اهلل تعـالىت وأعطيـع رضـاك عـن اهلل
ـي أجمـ ت فحينئـج
ـي عنـ ت ولـجذ ونعمـع ب فعـال اهلل ع َّـز وج َّ
وجيت ووعد برضوانه ع َّـز وج َّ
عز َّ
َّ
توعد بوعدت فإذا اطم ننع إليه ووجد فيه إمارة إرادة ما نقلع عن ذل الوعـد إلـى مـا هـو أعلـى
منــهت وصــرفع إلــى أشــرت منــهت وعوضــع عــن األول بــالغنى عنــهت وفتحــع ل ـ أبــواب المعــارت
األمور وحقائق الحكمـة والمصـالح المدفونـة فـي االنتقـال مـن األول والعلوم وأطلعع على لوام
إلى ما يليه ويزاد حينئج فـي مكانتـ فـي حفـت الحـال اـم المقـالت وفـي أمانتـ فـي حفـت األسـرار
وشرح الصدور وتنوير القلب وفصاحة اللسـان والحكمـة البالغـة فـي إلقـا المحبـة عليـ ت فجعلـع
ـيت
محبــوب الخليقــة أجم ـ الثقلــين ومــا ســواهما دنيــا وأخــر .إذا صــر محبــوب الحــق عـ َّـز وجـ َّ
جي وعـالت ومحبـتهم مندرجـة فـي محبتـهت كمـا أن بغضـهم ينـدرج فـي بغضـه ع َّـز
والخلق تاب للحق َّ
وجي .فإذا بلغع المقام الجي ليس فيه إرادة شي البتة جعلـع لـ إرادة شـي مـن األشـيا ت فـإذا َّ
تحققـع إرادتـ لـجل الشـي أزيـي الشـي وأعــدمت وصـرفع عنـه فلـم تعطـه فـي الـدنيات وعوضــع
عنه األخر بما يزيدك قربة وزلفى إلى العلي األعلىت وما تقر به عيناك في الفـردوس األعلـى وجنـة
المـ ـ و ت وإن كن ــع ل ــم تطل ــب ذلـ ـ وت مل ــه وترج ــو وأن ــع ف ــي دار ال ــدنيا الت ــي ه ــي دار الفن ــا
والتكالي والعنا ت بي رجاسك وأنع فيها وجه الـجي خلـق وبـرأ ومنـ وأعطـىت وبسـط األرض ورفـ
السما إذ ذاك هو المراد والمطلوب والمنىت وربما عوضع عن ذل بما هو أدنى منه أو مثله في
الدنيا بعد انكسار قلب وبصركت حينئج يصدك عن ذلـ المطلـوب والمـرادت وتحقيـق العـوض فـي
األخر على ما ذكرنا وبينات واهلل سبحانه أعلم.
المقالة العشرون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :دم ما يريب إذا اجتم م ماال يريب ت فخـج بالعزيمـة
الجي ال يشـوبها ريـب وال شـ ت ودم مـا يريبـ ت ف مـا إذا تجـرد المريـب المشـوب الـجي لـم يصـ
عــن حـز القلــب وحكــه فتوقـ فيــه وانظــر األمـر فيــهت فــإن أمــر بتناولــه تناولــه فــدون وإن أمــر
بالك عنه ومنعع فك ت فليكن ذل عندك ك نه لم يكن ولم يوجدت ارج إلى الباب وابتـ عنـد
وجي ال يحتاج أن يـجكرعز َّ ربّ الرزقت وإن ضعفع عن الصبر أو الموافقة أو الرضا أو الفنا فهو َّ
ـي يطعــم الكفــار والمنــافقين والمــدبرين عنــه فكي ـ
فلــيس بغافــي عن ـ وعــن ليــركت وهــو عـ َّـز وجـ َّ
ينساك أيها الم من الموحد المقبي على طاعته والقائم ب مر في آنا الليي وأطرات النهار.
( وجــه آخــر ) دم مــا فــي أيــدي الخلــق فــال تطلبــه وال تعلــق قلب ـ بــهت وال ترجــو الخلــق وال
ـي وهـو مـا ال يريبـ ت ولـيكن لـ مسـ ول واحـد ومرجـو واحـد
تخافهمت وخج مـن فضـي اهلل ع َّـز وج َّ
ـي الـجي نواصـي الملـوك بيـد وقلـوب
ومخوت واحد وموجود واحد وهمة واحدة وهو رب ع َّـز وج َّ
ـيت وهــم وكــالس وأمنــاس ت وحركــة
الخلــق بيــد التــي هــي أمـرا األجســادت وأمــوال الخلــق لــه عـ َّـز وجـ َّ
ـي وأمـر وتحريكـهت وكفهـا عـن عطائـ ذلـ ت قـال اهلل عـز وجـي : أيديهم بالعطا ل بإذنه ع َّـز وج َّ
ون اللَّـ ِـه َال يَ ْملِ ُكــو َن ضــلِ ِه{.النســا .44وقــال تعــالى } :إِ َّن الَّـ ِـجين تَـ ْعبـ ُدو َن ِمــن ُد ِ اسـ َلُواْ اللّــهَ ِمــن فَ ْ
َ ُ } َو ْ
لَ ُك ْم ِرْزقا فَابْـتَـغُوا ِعن َد اللَّ ِه ال مرْز َق َوا ْعبُ ُدو ُ َوا ْش ُك ُروا لَـهُ إِلَْي ِـه تُـ ْر َجعُـو َن{.العنكبـو .51وقـال سـبحانه
ـان{.البقـرة .511وقـال تعـالى : ُجيـب َد ْعـوةَ ال َّـد ِام إِذَا َد َع ِ ادي َعنمي فَِإنمي قَ ِري ِ } :وإِذَا س َلَ َ ِعب ِ
ـب أ ُ َ و َ َ َ
}ا ْدعُ ـ ـ ــونِي أَس ـ ـ ــت ِجب لَ ُكــ ـ ــم{.لـ ـ ـ ــافر .11وقـ ـ ـ ــال تع ـ ـ ــالى } :إِ َّن اللَّــ ـ ــه هــ ـ ــو الــ ـ ـ َّـرزَّا ُق ذُو الْ ُق ـ ـ ـ َّـوةِ
َُ َ ْ ْ َ ْ
اب{.آل عمران.41 شا ُ بِغَْي ِر ِحس ق ين{.الجاريا .11وقال تعالى َّ } :
إن اللّهَ يَـ ْرُز ُق َمن يَ َ ِ
ال َْمت ُ
َ
المقالة الحادية والعشرون
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :رأيــع إبلــيس اللعــين فــي المنــام وأنــا فــي جم ـ كثيــر
فهممع بقتلهت فقال لي لعنه اهلل لم تقتلني وما ذنبـي إن جـر القـدر بالشـر فـال أقـدر أليـر إلـى
ّ
خير وأنقله إليهت وإن جر بالخير فال أقدر أليـر إلـى شـر وأنقلـه إليـهت فـ ي شـي بيـدي وكانـع
صــورته علــى صــورة الخنــااي لــين الكــالم مشــو الوجــه طاقــا شــعر فــي ذقنــه حقيــر الصــورة دمــيم
الخلقة ت ام تبسم في وجهي تبسم خجـي ووجـي وذلـ فـي ليلـة األحـد اـاني عشـر مـن ذي الحجـة
من سنة ستة عشر وخمسمائةت واهلل الهادي لكي خير.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال يزال اهلل يبتلى عبد الم من علـى قـدر إيمانـه ،فمـن
عظم إيمانه وكثر وتزايد عظم بالس ،الرسول بالس أعظم من بـال النبـي ،ألن إيمانـه أعظـم ،والنبـي
بالس أعظم من بال البدل وبال البـدل أعظـم مـن بـال الـولي ،كـي واحـد علـى قـدر إيمانـه ويقينـه.
وأصــي ذل ـ قــول النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم ( :إنــا معشــر األنبيــا أشــد النــاس بــال اــم األمثــي
فاألمثي) فيديم اهلل تعالى الـبال لهـ ال السـادا الكـرام حتـى يكونـوا أبـدا فـي الحضـرة وال يغفلـوا
عــن اليقظــة ،ألنــه يحــبهم ،فهــم أهــي المحبــة يحبــون الحــق ،والمحــب أبــدا ال يختــار بعــد محبوبــه،
فالبال خطات لقلوبهم وقيد لنفوسهم ،يمنعهم عن الميي إلى لير مطلوبهم والسكون والركون إلى
لير خالقهم ،فإذا دام ذل في حقهم ذابع أهـويتهم وانكسـر نفوسـهم وتميـز الحـق مـن الباطـي
فتنــزوي الشــهوا واإلرادا ،والميــي إلــى اللــجا والراحــا دنيــا وأخــر ب جمعهــا إلــى مــا يلــي
ـي ،والرضـا بقضـائه ،والقناعـة بعطائـه ،والصـبر علـى
النفس ويصـير السـكون إلـى وعـد الحـق ع َّـز وج َّ
بالئه ،واألمن من شر خلقه إلى ما يلي القلب ،فتقـو شـوكة القلـب ،فتصـير الواليـة علـى الجـوارح
إليه ،ألن البال يقو القلب واليقين ،ويحقق اإليمان والصبر ،ويضع النفس والهـو ،ألنـه كلمـا
وجي ،رضي الـرب تعـالى عنـه عز َّ وصي األلم ووجد من الم من الصبر والرضا والتسليم لفعي الرب َّ
وشكر ،فجا المدد والزيادة والتوفيق .قال اهلل تعالى } :لَـئِن َشـ َك ْرتُ ْم ألَ ِزيـ َدنَّ ُك ْم{.إبـراهيم .1وإذا
تركــع الــنفس بطلــب شــهوة مــن شــهواتها ولــجة مــن لــجاتها مــن القلــب ف جابهــا القلــب إلــى مطلوبهـا
ذل مـن ليـر أمـر مـن اهلل تعـالى وإذن منـه حصـلع بـجل لفلـة عـن الحـق تعـالى وشـرك ومعصـية،
فعمهما اهلل تعالى بالخجالن والباليا وتسليط الخلق،واألوجام واألمراض واإليجا والتشويش ،فينال
كي واحد من القلب والنفس حت وإن لم يجب القلب والنفس إلـى مطلوبهـا حتـى ي تيـه اإلذن مـن
ـي بإلهــام فــي حــق األوليــا ،ووحــي ص ـريح فــي حــق المرســلين واألنبيــا ،علــيهم
قبــي الحــق عـ َّـز وجـ َّ
الصــالة والســالم ،فعمــي ذلـ عطــا ومنعــا ،وعمهمــا اهلل بالرحمــة والبركــة ،والعافيــة والرضــا ،والنــور
والمعرفة ،والقرب والغنى والسالمة من اآلفا ،والنصر على األعدا فـاعلم ذلـ وأحفظـه وأحـجر
ـي
البال جدا فـي المسـارعة إلـى إجابـة الـنفس والهـو ،بـي توقـ وترقـب فـي ذلـ إذن المـولى ج َّ
جالله ،فتسلم في الدنيا والعقبى إن شا اهلل تعالى.
المقالة الثالثة والعشرون
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :أرض بالــدون وألزمــه جــدا حتــى يبل ـ الكتــاب أجلــه
فتنقي إلى األعلى واألنفس ،وبها تهن وفيه تبقى وتحفت بال عنا دنيا وأخـر وال تبعـة وال عـدو ،
ام تترقى من ذل إلى ما هو أقر عينا منه وأهن .
وأعلم أن القسم ال يفوت بترك الطلب ،وما ليس بقسم ال تناله بحرص في الطلب والجد
واالجتهاد ،فاصبر وألزم الحال وأرض بـه ،ال ت خـج بـ حتـى تـ مر ،وال تعطـى بـ حتـى تـ مر ،وال
تتحرك ب وال تسكن ب ،فتبتلى ب وبمن هو شر من من الخلق ألن بجل تظلم والظالم ال
ِِ ِ
ين بَـ ْعضـا{.األنعـام .545ألنـ فـي دار ـي َ } :وَكـ َجل َ نُـ َـولمي بَـ ْعـ َ الظَّـالم َ يغفي عنه قال اهلل ع َّـز وج َّ
مل عظيم أمر شديدة شوكته ،كثير جند نافجة مشيئته قاهر حكمه باق ملكه دائم سلطانه دقيق
ض{.سـب .4 الس َم َاوا ِ َوَال فِـي ْاأل َْر ِ ب َع ْنهُ ِمثْـ َق ُ
ال ذَ َّرةق فِي َّ علمه بالغة حكمته عدل قضاس } َال يَـ ْع ُز ُ
ال يجاوز لم الم ف نع أعظمهم لما وأكبرهم جريمة ،ألن أشركع بتصرف في وفى خلقه
شر َك لَظُل ِ ِ
يم{.لقمان .54وقـال تعـالى: ْم َعظ و و وجي بهواك .قال اهلل تعالى َ } :ال تُ ْش ِر ْك بِاللَّه إِ َّن ال م ْ عز َّ َّ
شا ُ{.النسا .551_31أتق الشـرك جـدا }إِ َّن اللّهَ الَ يَـ ْغ ِف ُر أَن يُ ْش َر َك بِ ِه َويَـ ْغ ِف ُر َما ُدو َن َذلِ َ لِ َمن يَ َ
وال تقربه ،واجتنبه في حركات وسـكنات وليلـ ونهـارك ،فـي خلوتـ وجلوتـ .وأحـجر المعصـية
ـي
فــي الجملــة فــي الجــوارح والقلــب واتــرك اإلاــم مــا هــر منــه ومــا بطــن .ال تهــرب منــه عـ َّـز وجـ َّ
فيــدرك ،وال تنازعــه فــي قضــائه فيقصــم ،وتتهمــه فــي حكمــه فيخــجل ،وال تغفــي عن ـه فينبه ـ
ويبتلي ـ ،وال تحــدف فــي دار حاداــة فيهلك ـ ،وال تقــي فــي دينــه بهــواك فيردي ـ ويظلــم قلب ـ ،
ويســلب إيمانـ ومعرفتـ ،ويســلط عليـ شــيطان ونفسـ وهــواك وشــهوات وأهلـ وجيرانـ
عيشـ وأصحاب وأخال ك وجمي خلقه حتى عقارب دارك وحياتهـا وجنهـا وبقيـة هوامهـا فيـنغ
في الدنيا ويطيي عجاب في العقبى.
المقالة الرابعة والعشرون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال تقولن يا فقير اليـد ،يـا مـولى عنـه الـدنيا وأبناسهـا ،يـا
خامي الجكر بين ملوك الدنيا وأربابها ،يا جائ يا ناي يا عريان الجسد يا مآن الكبد يا مشتتا فـي
كــي زاويــة مــن األرض مــن مســجد وبقــام خــراب ،ومــردودا مــن كــي بــاب ،ومــدفوعا عــن كــي مــراد،
ومنكسرا ومزدحما في قلبه كي حاجة مرام .إن اهلل تعالى أفقرني وذو عنى الـدنيا ولرنـي ،وتركنـي
وقالني وفرقني ولم يجمعني ،وأهـانني ولـم يعطنـي مـن الـدنيا كفايـة ،وأخملنـي ولـم يرفـ ذكـر بـين
الخليقــة وإخــواني ،وأســبي علــى ليــري نعمــة منــه ســابغة يتقلــب فيهــا فــي ليلــه ونهــار ،وفضــله علـ ّـي
وعلى أهي دياري وكالنـا مسـلمان م منـان ويجمعنـا أبونـا آدم وأمنـا حـوا عليهمـا السـالم ،أمـا أنـع
فقد فعي اهلل ذل ب ،ألن طينت حرة وند رحمة اهلل متدارك علي من الصـبر والرضـا واليقـين
والموافقــة والعلــم وأنــوار اإليمــان والتوحيــد متــراكم لــدي ،فشــجرة إيمان ـ ولرســها وبــجرها اابتــة
مكينة مورقة مثمرة متزايدة متشـعبة لضـة مظللـة متفرعـة ،فهـي كـي يـوم فـي زيـادة ونمـو ،فـال حاجـة
ـي مـن أمـرك علـى ذلـ ،وأعطـاك فـي
بها إلى سباطة وعل لتنمى بها وتربى ،وقـد فـرغ اهلل ع َّـز وج َّ
اآلخــرة دار البقــا وخولـ فيهــا ،وأجــزل عطــا ك فــي العقبــى ممــا ال عــين رأ وال أذن ســمعع وال
س َّما أُ ْخ ِف َي لَ ُهم مـن قُـ َّـرةِ أَ ْعـيُ قن َج َـزا بِ َمـا َكـانُوا
خطر على قلب بشر .قال اهلل تعالى} :فَ َال تَـ ْعلَ ُم نَـ ْف و
يَـ ْع َملُــو َن{.الســجدة .51أي مــا عملــوا فــي الــدنيا مــن أدا األوامــر ،والصــبر علــى تــرك المنــاهى،
إليه فـي المقـدور ،والموافقـة لـه فـي جميـ األمـور .وأمـا الغيـر الـجي أعطـا اهلل والتسليم والتفوي
ـي الــدنيا وخولــه ونعمــه بهــا وأســب عليــه فضــله فعــي بــه ذلـ ،ألن محــي إيمانــه أرض ســبخة
عـ َّـز وجـ َّ
وصــخر ال يكــاد يثبــع فيهــا المــا وتنبــع فيهــا األشــجار ،ويتربــى فيهــا الــزرم والثمــار فصــب عليهــا
أنوام سباطه وليرها مما يربى به النبا واألشجار ،وهى الدنيا وحطامهـا لـيحفت بهـا مـا أنبـع فيهـا
مــن شــجرة اإليمــان ولــرس األعمــال ،فلــو قط ـ ذل ـ عنهــا لج ـ النبــا واألشــجار ،وانقطعــع
ـي مريــد عمارتهـا ،فجشـرة إيمــان الغنـى ضــعيفة المنبـع وخـال
الثمـار ،فخربـع الــديار ،وهـو عـ َّـز وج َّ
عما هو مشحون به منبع شجرة إيمان يـا فقيـر ،فقوتهـا وبقاسهـا بمـا تـر عنـد مـن الـدنيا وأنـوام
النعــيم ،فلــو قط ـ ذل ـ عنــه م ـ ضــع الشــجرة جفــع ،فكــان كفــرا وجحــودا وإلحاقــا بالمنــافقين
ـي إلــى الغنــى عســاكر الصــبر والرضــا واليقــين
والمرتــدين والكفــار ،اللهـ َّـم إال أن يبعــي اهلل عـ َّـز وجـ َّ
والتوفيــق والعلــم وأنــوام المعــارت فيقــو اإليمــان بهــا فحينئــج ال يبــالى بانقطــام الغنــى والنعــيم ،واهلل
الهادي الموفق.
المقالة السادسة والعشرون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال تكش البرق والقنام عـن وجهـ حتـى تخـرج مـن
الخلق وتـوليهم هـر قلبـ فـي جميـ األحـوال ويـزول هـواك ،اـم تـزول إرادتـ ومنـاك ،فتفنـى عـن
ـي
عز وج َّ
وجي فتمتلئ به َّ
عز َّ األكوان دنيا وأخر ،فتصير كإنا منثلم ال يبقى في لير إرادة رب َّ
وبحكمــه ،إذا خــرج الــزور دخــي النــور ،فــال يكــون لغيــر ربـ فــي قلبـ مكــان وال مــدخي وجعلــع
بواب قلب ،وأعطيع سي التوحيد والعظمة والجبرو ،فكي من رأيته دنا من ساحة صدرك إلـى
بــاب قلبـ نــدر رأســه مــن كاهلــه فــال يكــون لنفسـ وهــواك وإرادتـ ومنــاك فــي دنيــاك وأخـراك
ـي ،والوقــوت معــه
عنــدك رأس امتثــال وال كلمــة مســموعة ،ال أر متب ـ إال إتبــام أمــر الــرب عـ َّـز وجـ َّ
وجي وأمر ال عبد الخلـق عز َّ
والرضا بقضائه وقدر ،بي الفنا في قضائه وقدر ،فتكون عبد الرب َّ
وآرائهــم ،فــإذا اســتمر األمــر في ـ كــجل ض ـربع حــول قلب ـ ســرادقا الغيــرة وخنــادق العظمــة
ـي،
وسلطان الجبرو ،وح بجنود الحقيقـة والتوحيـد ،ويقـام دون ذلـ حـراس مـن الحـق ع َّـز وج َّ
الخلق إلى تطلب القلب من الشـيطان والـنفس والهـو ،واإلرادا واألمـاني الباطلـة، كيال يخل
والــدعاو الكاذبــة الناشــئة مــن الطبــام والــنفس اآلمــرة بالســو ،والضــالال الناشــئة مــن الهــو ،
فحينئــج إن كــان فــي القــدر مجــئ الخلــق وتــواترهم إلي ـ وتتــابعهم وتطــابقهم علي ـ ،ليصــيبوا مــن
األنــوار الالئحــة والعالمــا المنيــرة والحكــم البالغــة ،ويــروا مــن الكرامــا الظــاهرة وخــوارق العــادة
المستمرة ،ويزدادوا بجل مـن القربـا والطاعـا والمجاهـدا والمكايـدا فـي عبـادة ربهـم ع َّـز
ـي ،حفظــع عــنهم أجمعــين وعــن ميــي الــنفس إلــى هواهــا ،وعجبهــا ومباهاتهــا ،وتعا مهــا بــالتكبر
وجـ َّ
بهــم وبقب ـولهم ل ـ وإقبــال وجــوههم إلي ـ ،وكــجل إن قــدر مجــئ زوجــة حســنا جميلــة بكفايتهــا
وسائر م نتها حفظع من شرها وحمي أاقالها وأتباعهـا وأهلهـا ،وصـار عنـدك موهبـة مكفـاة مهنـاة
منقاة مصفاة من الغش والخبي والغي والحقد والغضب والخيانة في الغيب ،فتكـون لـ مسـخرة،
وهى وأهلها محمولة عن م نتها ،مدفوعة عن أذيتها ،وإن قدر منها ولـد كـان صـالحا ذريـة طيبـة
َصـلَ ْحنَا لَــهُ َزوجــهُ{.األنبيــا .51وقــال تعــالىَ } :هــب لَنَــا ِمــن أَ ْزو ِ
اجنَــا قــرة عــين .قــال اهلل تعــالى َ } :وأ ْ
ْ َ ْ َْ
برِ وذُ مريَّاتِنَا قُـ َّرَة أَ ْعي قن واجعلْنَـا لِل ِ
ضـيّا{.مـريم.1 ـين إِ َمامـا{.الفرقـان .13وقـال تعـالىَ } :و ْ
اج َع ْلـهُ َر م َ ْمتَّق َ
ُ ُ َ َْ َ
فتكون هج الـدعوا التـي فـي هـج اآليـا معمـوال بهـا مسـتجابة فـي حقـ إن دعـو بهـا أو لـم
تدم ،إذ هي في محلها وأهلها ،وأولى من يعامي بهج النعمة ويقابي بها من كان أهال لهج المنزلة،
وأقــيم فــي هــجا المقــام وقــدر لــه مــن الفضــي والقــرب هــجا المقــدار ،وكــجل إن قــدر مجــئ شــئ مــن
الـدنيا وإقبالهـا ال يضــر إذ ذاك ،فمـا هــو قسـم منهــا فالبـ ّد مـن تناولــه وتصـفيته لـ بفعـي اهلل عـ َّـز
ـي ،وورود األمــر يتناولــه وأنــع ممتثــي ل مــر مثــاب علــى تناولــه ،كمــا تثــاب علــى فعــي صــلوا
وجـ َّ
الفرض وصيام الفرض ،وتـ مر فيمـا لـيس بقسـم منهـا بصـرفه إلـى أربابـه مـن األصـحاب والجيـران
واإلخوان المستحقين الفقرا منهم وأصحاب األقسـام علـى مـا يقتضـى الحـال ،فـاألحوال تكشـفها
وتميزها ،ليس الخبر كالمعاينة .فحينئج تكون مـن أمـرك علـى بيضـا نقيـة ال لبـار عليهـا وال تلبـيس
وال تخليط وال ش وال ارتياب ،فالصبر الصبر ،الرضا الرضا ،حفت الحال حفت الحال ،الخمـول
الخمول ،الخمود الخمود ،السكو السكو ،الصمو الصمو ،الحـجر الحـجر ،النجـا النجـا،
الوحا الوحا ،اهلل اهلل ام اهلل ،اإلطراق اإلطراق اإللماض اإللماض الحيـا الحيـا إن يبلـ الكتـاب
أجله ،في خج بيدك فتقدم وينزم عن مـا عليـ اـم تغـوص فـي بحـار الفضـائي والمـنن والرحمـة اـم
تخرج منها فتخل علي األنوار واألسرار والعلوم والغرائب المدنية ،ام تقرب وتحدف فيه بـإعالم
ين أ َِمي ون{.يوس .13 ِِ
وإلهام وتكلم وتعطى وتغنى وتشج وترف ،وتخاطب بـ }إِنَّ َ الْيَـ ْوَم لَ َديْـنَا مك و
فحينئج أعتبر حالة يوس الصديق عليه السالم حين خوطب بهجا الخطاب على لسان مل مصر
ـي علـى
وعظيمها وفرعونها ،كان لسان المل قائال معبرا بهجا الخطاب والمخاطب هو اهلل ع َّـز وج َّ
لســان المعرفــة ،ســلم إليــه المال ـ الظــاهر وهــو مل ـ مصــر ،وملـ الــنفس وملـ المعرفــة والعلــم
ـي .قــال تعــالى فــي ملـ الملـ َ } :وَكـ َجلِ َ َم َّكنمــا والقربــة والخصوصــية وعلــو المنزلــة عنــد عـ َّـز وجـ َّ
ـيب بَِر ْح َمتِنَـا َمـن ـي ي َ ِ ِ وس َ فِي األ َْر ِ ِ
شـا ُ نُص ُ ض{.يوسـ .11أي فـي أرض مصـر }يَـتَبَـ َّـوأُ م ْنـ َهـا َح ْي ُ َ ليُ ُ
صـ ِر َ ِ ِ ِِ شا والَ نُ ِ
ت َع ْنـهُ ين{.يوسـ .11قـال تعـالى فـي ملـ الـنفسَ } :كـ َجل َ لنَ ْ َج َـر ال ُْم ْحسـن َ ضي ُ أ ْ نَّ َ َ
ِ ِ ِ ِ
ـين{.يوسـ .43وقــال تعــالى فــي ملـ المعرفــة والعلــم: شــا إِنَّــهُ مـ ْـن عبَادنَــا ال ُْم ْخلَصـ َ الســو َ َوالْ َف ْح َ
اآلخ َرةِ ُه ْم َكـافِ ُرو َن{.يوسـ .41 ع ِملَّةَ قَـوقم الَّ يـ ْ ِمنو َن بِاللّ ِه وهم بِ ِ }ذَلِ ُك َما ِم َّما َعلَّ َمنِي َربمي إِنمي تَـ َرْك ُ
َُ ْ ُ ُ
فــإذا خوطبــع بهــجا الخطــاب يــا أيهــا الصــديق األكبــر ،أعطيــع الحــت األوفــر ،مــن العلــم األعظــم،
ومنحــع وهنيــع بــالتوفيق والمــنن والقــدرة والواليــة العامــة ،واألمــر النافــج علــى الــنفس وليرهــا مــن
األشيا والتكوين ،بإذن إله األشيا في الدنيا قبي اآلخرة .وأما في األخر في دار السـالم والجنـة
العليــا ،فــالنظر إلــى وجــه المــولى الكــريم زيــادة ومنــة ،وهــو المنــى الــجي ال لايــة لــه وال منتهــى ،واهلل
الموفق لحقائق ذل ،إنه رسوت رحيم.
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :أجعــي الخيــر والشــر امــرتين مــن لصــنين مــن شــجرة
واحدة ،أحـد الغصـنين يثمـر حلـوا واآلخـر مـرا ،فـاترك الـبالد واألقـاليم ونـواحي األرض التـي يحمـي
إليهــا هــج الثمــار الم ـ خوذة مــن هــج الشــجرة ،وابعــد منهــا ومــن أهلهــا واقتــرب مــن الشــجرة وكــن
سائســها وخادمهــا القــائم عنــدها ،وأعــرت الغصــنين والثمــرتين والجــانبين ،فكــن إلــى جانــب الغصــن
المثمــر حلــوا ،فحينئــج يكــون لــجاسك وقوت ـ منهــا ،واجتنــب أن تقــدم إلــى جانــب الغصــن اآلخــر
فت كي من امرته فتهل من مرارتهـا ،فـإذا دمـع علـى هـجا كنـع فـي دعـة وأمـن وراحـة وسـالمة مـن
اآلفا كلهـا ،إذ اآلفـا وأنـوام الباليـا تتولـد مـن تلـ الثمـرة المـرة ،وإذا لبـع عـن تلـ الشـجرة
وهمع في اآلفاق وقدم بين يدي من تل الثمرتين وهى مخلطة لير متميزة الحلوة من المرة هنا
فتناولع منها ،فربما وقعع يدك على المرة ف دنيتها من فيـ ف كلـع منهـا جـز ا ومضـغته ،فسـر
المــرة إلــى أعمــاق لهوات ـ وبــاطن حلق ـ وخياشــيم ،فعملــع في ـ وســر فــي عروق ـ وأجــزا
جسدك فهلكع بها ،ولفظ الباقي من في ولسي أار ال ينف ال ويـدف عنـ مـا قـد سـر فـي
جســدك وال ينفع ـ ،وإن أكلــع ابتــدا م ــن الثمــرة الحلــوة وســر حالوتهــا فــي أجـ ـزا جســدك
وانتفعــع بهــا وســرر فــال يكفيـ ذلـ ،فالبــد تتنــاول ليرهــا اانيــا ،فــال تـ من أن تكــون الثانيــة مــن
المرة فيحي ب ما ذكرته ل ،فال خير في البعد عن الشجرة والجهي بثمرتهـا والسـالمة فـي قربهـا
ـي :
ـي ،واهلل هـو فاعلهمـا ومجريهمـا .قـال اهلل ع َّـز وج َّ
والقيام معها ،فالخير والشر بفعي اهلل ع َّـز وج َّ
} َواللَّهُ َخلَ َق ُك ْم َوَمـا تَـ ْع َملُـو َن{.الصـافا .51وقـال النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :اهلل خلـق الجـازر
ْجنَّـ ـةَ بِ َم ــا ُكن ــتُ ْم
ـي وكس ــبهم .ق ــال تع ــالى } :ا ْد ُخلُــواْ ال َ
وج ــزور ) وأعم ــال العب ــاد خل ــق اهلل ع ـ َّـز وج ـ َّ
تَـ ْع َملُو َن{.النحـي .44سـبحانه مـا أكرمـه وأرحمـه أضـات العمـي إلـيهم وأنهـم اسـتحقوا الـدخول إلـى
الجنة بعملهم ،وهو بتوفيقه ورحمته لهم في الدنيا واآلخرة.
قــال صــلى اهلل عليــه وســلم ( :ال يــدخي الجنــة أحــد بعملــه ،فقيــي لــه وال أنــع يــا رســول اهلل
فقال :وال أنا إال أن يتغمدني اهلل برحمته ،ووضـ يـد علـى رأسـه) مـروي ذلـ فـي حـديي عائشـة
وجي ممتثال ألمر منتهيـا لنهيـه مسـلما لـه فـي قـدر ،حمـاك
عز َّ
رضي اهلل عنها ،فإذا كنع طائعا هلل َّ
عــن شــر وتفضــي علي ـ بخيــر وحمــاك عــن األســوا جميعهــا دينــا ودنيــا .أمــا دنيــا فقولــه تعــالى:
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين{.يوس .43وأمـا دينـا فقولـه ع َّـز شا إِنَّهُ م ْن عبَادنَا ال ُْم ْخلَص َ ت َع ْنهُ السو َ َوالْ َف ْح َ ص ِر َ } َك َجل َ لنَ ْ
آمنـتُ ْم َوَكـا َن اللّـهُ َشـاكِرا َعلِيمـا{ .النسـا .531مـ من وجي َّ } :ما يَـ ْف َع ُي اللّـهُ بِ َعـ َجابِ ُك ْم إِن َشـ َك ْرتُ ْم َو َ
َّ
شــاكر مــا يفعــي الــبال عنــد وهــو إلــى العافيــة أقــرب مــن الــبال ،ألنــه فــي حمــي المزيــد أيضــا ألنــه
وجي } :لَئِن َش َك ْرتُ ْم ألَ ِزي َدنَّ ُك ْم{.إبراهيم.1فإيمان يطفئ لهب النار في اآلخرة عز َّ شاكر .قال اهلل َّ
التــي هــي عقوبــة كــي عــاص ،فكيـ ال يطفــئ نــار الباليــا فــي الــدنيا اللهـ َّـم إال أن يكــون العبــد مــن
المججوبين المختارين للوالية واالصـطفا واالجتبـا ،فالبـد مـن الـبال ليصـفى بـه مـن خبـي الهـو
والميــي إ لــى الطبــام ،والركــون إلــى شــهوا الــنفس ولــجاتها ،والطم نينــة إلــى الخلــق والرضــا بقــربهم،
والســكون إلــيهم والثبــو معهــم والفــرح بهــم ،فيبتلــى حتــى يــجوب جمي ـ ذل ـ ،ويتنظ ـ القلــب
وجي ومعرفته وموارد الغيب من أنوام األسرار والعلوم وأنـوار عز َّ بخروج الكي ،ويبقى توحيد الرب َّ
ـي اللَّــهُ لَِر ُج ـ قـي م ــن قَـ ْلبَـ ـ ْـي ِن فِ ــي
ـي َّ } :م ــا َج َع ـ َ
الق ــرب ،ألن ــه بي ــع ال يس ــعه اان ــان ،ق ــال اهلل ع ـ َّـز وج ـ َّ
ـوك إِ َذا د َخلُ ــوا قَـري ــة أَفْسـ ـ ُدوها وجعلُ ــوا أ ِ
َع ـ َّـزَة أ َْهلِ َه ــا َج ْوفِ ـ ِـه{.األحـ ـزاب .3وق ــال تع ــالى} :إِ َّن ال ُْملُ ـ َ
َْ َ َ َ َ َ َ
أ َِذلَّــة{.النمــي .43ف ـ خرجوا األعــزة عــن طيــب المنــازل ونعــيم العــيش ،وكانــع الواليــة علــى القلــب
للشيطان والهو والنفس والجوارح متحركة ب مرهم من أنوام المعاصي واألباطيـي والترهـا فزالـع
تل ـ الواليــة فســكنع الجــوارح وفرلــع دار المل ـ التــي هــي القلــب وتنظفــع الســاحة التــي هــي
الص ــدر .ف م ــا القل ــب فص ــار مس ــكنا للتوحي ــد والمعرف ــة والعل ــم .وأم ــا الس ــاحة فمه ــبط الم ــوارد
والعجائــب مــن الغيــب ،كــي ذل ـ نتيجــة الباليــا وامراتهــا ،قــال النبــي صــلى اهلل عليــه وســلم ( :إنــا
معاشر األنبيا أشد الناس بال ام األمثي فاألمثي) وقـال صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :أنـا أعـرفكم بـاهلل
وأشـدكم منــه خوفــا) فكــي مــن قـرب مــن الملـ اشــتد خطــر وحـجر ،ألنــه فــي مــرأ مــن الملـ ال
واحـد ال ـي بـ جمعهم كشـخ
يخفى عليه تصاريفه وحركاتـه .فـإن قلـع :فالخليقـة عنـد اهلل ع َّـز وج َّ
يخفى عليه منهم شئ ،ف ي فائدة لهجا الكالم
فنقول ل :لما علع منزلته وشرفع رتبته عظم خطر ،ألنـه وجـب عليـه شـكر مـا أوال مـن
جسيم نعمه وفضله فـ دنى اآللتفـا عـن خدمتـه تقصـير فـي شـكر وذلـ نقصـان فـي طاعتـه .قـال
اب ش ـ ـ قـة مبَـيمـنَ ـ ـ قـة يُ َ ـي } :ي ـ ــا نِس ـ ــا النَّبِ ـ ــي م ـ ــن يـ ـ ـ ْ ِ ِم ـ ــن ُك َّن بَِف ِ
ـاع ْ لَ َه ـ ــا ال َْعـ ـ ـ َج ُ
ضــ َ اح َ مَ َ اهلل ع ـ ـ َّـز وج ـ ـ َّ َ َ
وجي عليهن باتصالهن بـالنبي صـلى اهلل عليـه عز َّ ض ْع َف ْي ِن{.األحزاب .41قال ذل لهن لتمام نعمه َّ ِ
س
وجي وقربه ،تعـالى اهلل علـوا كبيـرا عـن التشـبيه بخلقـه }لَ ْـي َ عز َّ وسلم فكي من كان مواصال باهلل َّ
ص ُير{.الشور .55واهلل الهادي. الس ِمي الب ِ ِ ِِ
َكمثْله َش ْي و َو ُه َو َّ ُ َ
المقالة الثامنة والعشرون
قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا :أتري ــد الراح ــة والسـ ـرور والدع ــة والحب ــور ،واألم ــن
والســكون والنعــيم والــدالل وأنــع بعــد فــي كيــر الســب والتــجويب وتمويــع الــنفس ومجانبــة الهــو
اهرة الئحـة علـى رسـل وإزالة المرادا واألعواض دنيا وأخر وقد بقيع في بقية من ذل
يا مستعجي مهال مهال ،يا مترقب الباب مسدود إلى ذلـ ،وقـد بقيـع عليـ منـه وفيـ ذرة ومنـه
نواة، المكاتب عبد ما بقى عليه درهم ،أنع مصدود عن ذل ما بقى علي من الدنيا مقدار م
والـدنيا هـواك ومـرادك ،ورسيتـ بشـئ مـن األشـيا أو طلبـ بشـئ مـن األشـيا وتشـوق نفسـ إلـى
شئ من األعواض دنيا وأخر ،فمـا دام فيـ شـئ مـن ذلـ ف نـع فـي بـاب اإلفنـا ،فاسـكن حتـى
يحصي الفنـا علـى التمـام والكمـال ،فتخـرج مـن الكيـر وتكمـي صـيالت وتجلـى وتكسـى وتطيـب
ين{.يوس .13فتـ انس وتبخر ،ام ترف إلى المل األكبر فتخاطب } :إِنَّ َ الْيـوم لَ َديـنا ِم ِك ِ
ين أَم و
و َ ْ َ َْ
وتالط ،وتطعم من الفضي ومنه وتسقى وتقرب وتـدنى وتطلـ علـى األسـرار وهـى عنـ ال تخفـى
فتغتني بما نعطي من ذل عـن جميـ األشـيا .أال تـر إلـى قراضـة الـجهب متفرقـة مبتجلـة متداولـة
لاديــة رائحــة فــي أيــدي العطــارين والبقــالين والقصــابين والــدبالين والنقــاطين والكناســين والكفــافين
أصحاب الصنائ النفيسة والرذيلة الدنية الخبيثة ،ام تجم فتجعـي فـي كيـر الصـائ فتـجوب هنـاك
بإشـعال النــار عليهـا ،اــم تخـرج منــه فتطـرق وترقــق وتطلـ وتصــاك فتجعـي حليــا ،اـم تجلــى وتطيــب
فتترك في خير المواض واألمكنة مـن ورا األلـالق فـي الخـزائن والصـناديق واألحقـاق وتحلـى بهـا
العروس وتزين وتكرم ،وقد تكون العروس للمل األعظم فتنقي القراضة من هج إلى قـرب الملـ
ومجلسه بعد السب والـدق ،هكـجا أنـع يـا مـ من إذا صـبر علـى مجـاري األقـدار فيـ ورضـيع
وجي في الدنيا ،فتنعم بالمعرفة والعلوم واألسرار،
عز َّ
بالقضا في جمي األحوال قربع إلى موالك َّ
وتسكن في اآلخرة دار السالم م األنبيا والصديقين والشهدا والصـالحين فـي جـوار اهلل ودار
وجي ،فاصبر وال تستعجي ،وأرض بالقضا وال تتهم ،فسينال برد عفو اهلل ولطفه وكرمه
عز َّ
وقربه َّ
بمنه تعالى.
فـي قـولـه صلى اهلل عليه وسلم كـاد الـفـقـر أن يـكـون كـفـرا
ـي،
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :ي ـ من العبــد بـاهلل ويســلم األمــور كلهــا إليــه عـ َّـز وجـ َّ
ويعتقد تسهيي الرزق منه وأن ما أصـابه لـم يكـن ليخطئـه ،ومـا أخطـ لـم يكـن ليصـبه ،ويـ من بقولـه
ب َوَمن يَـتَـ َوَّك ْي َعلَى اللَّ ِه فَـ ُه َو ِ عز وج َّي } َوَمن يَـت َِّق اللَّهَ يَ ْج َعي لَّهُ َم ْخ َرجا * َويَـ ْرُزقْهُ ِم ْن َح ْي ُ
ي َال يَ ْحتَس ُ َّ
َح ْسبُهُ{.الطالق .4–4ويقول ذل ويـ من بـه وهـو فـي حـال العافيـة والغنـى اـم يبتليـه اهلل ع َّـز وجـ َّي
بالبال والفقر في خج فـي السـ ال والتضـرم فـال يكشـفهما عنـه فحينئـج يتحقـق قولـه صـلى اهلل عليـه
وســلم ( :كــاد الفقــر أن يكــون كفـرا) فمــن تلطـ اهلل بــه كشـ عنــه مــا بــه ف دركــه بالعافيــة والغنــى
ويوفقـه للشــكر والحمــد والثنـا ويــديم لــه ذلـ إلــى اللقـا .ومــن يــرد اهلل فتنتــه يــديم بــال وفتنتــه
وجي والش في وعد فيمو كافرا عز َّ وفقر فيقط عنه مدد إيمانه فيكفر باالعتراض والتهمة له َّ
وجي جاحدا آلياته ومسخطا على ربه ،وإليه أشار رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم بقولـه :
عز َّ
باهلل َّ
(أن أشد الناس عجابا يوم القيامة رجـي جمـ اهلل لـه بـين فقـر الـدنيا وعـجاب اآلخـرة) نعـوذ بـاهلل مـن
ذل وهو الفقر المنسي الـجي اسـتعاذ منـه النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم * والرجـي الثـاني هـو الـجي
عز وج َّي اصطفا واجتبا وجعله من خواصه وأحبائه وأخـالئه ووارف أنبيائه وسيد أوليائه أراد اهلل َّ
ومــن عظم ـا عبــاد وعلمــائهم وحكم ـائهم وشــفعائهم وشــيخهم ومتبــوعهم ومعلمهــم وهــاديهم إلــى
مــوالهم ومرشـدهم إلــى ســبي الهــد واجتنـاب سـبي الــرد ف رســي إليــه جبـال الصــبر وبحـار الرضــا
والموافقة والغنى في قضائه وفعله ام يدركه بجزيي العطا ويدللـه في آنا الليي وأطرات النهار فـي
الجلوة والخلوة في الظاهر مرة والباطن أخر ب نوام اللط وفنون الججبا فيتصـي لـه ذلـ إلـى
حين اللقا واهلل الهادي.
المقالة الثالاون
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :م ـا أكثــر مــا نقــول :أي شــئ أعم ـي ومــا الحيلــة
فيقال ل :ق مكان وال تجاوز حدك حتى ي تي الفرج ممن أمرك بالقيام فيما أنـع فيـه .قـال
صــابِ ُرواْ َوَرابِطُــواْ َواتَّـ ُقــواْ اللّــهَ لَ َعلَّ ُكـ ْـم تُـ ْفلِ ُحــو َن{.آل
اص ـبِ ُرواْ َو َ
آمنُــواْ ْ َّ ِ
اهلل عـ َّـز وج ـ َّي } :يَــا أَيـ َهــا الــج َ
ين َ
عمران .411أمرك بالصبر يا م من ام بالمصابرة والمرابطة والمحافظة والمالزمة له ام حجرك تركه
فقال } :واتقوا اهلل{ في ترك ذل ،أي ال تتركوا الصبر فإن الخير والسالمة فيه ،وقال النبي صـلى
اهلل عليه وسلم ( :الصبر من اإليمان كالرأس من الجسد) .وقيي :كـي شـئ اوابـه بمقـدار إال اـواب
َجـرُهم بِغَْيـ ِر ِحس ق
ـاب{.الزمـر.51 الصبر فإنه جزات لير مقدر لقوله تعالى } :إِنَّما يُـوفَّى َّ ِ
َ الصـاب ُرو َن أ ْ َ َ َ
عز وج َّي حفظ للصبر ومحافظة الحدود وأنجز ل ما وعدك في كتابه وهـو قولـه فإذا اتقيع اهلل َّ
ـب{.الطـالق .4–4وكنـع ِ عز وج َّي َ } :وَمن يَـت َِّق اللَّهَ يَ ْج َعي لَّهُ َم ْخ َرجا * َويَـ ْرُزقْهُ ِم ْن َح ْي ُ
ـي َال يَ ْحتَس ُ َّ
ـي بالكفايــة فقـال َ } :وَمــن يَـتَـ َوَّكـ ْـي
بصــبرك حتــى ي تيـ الفــرج مــن المتــوكلين وقــد وعـدك اهلل عـ َّز وجـ َّ
َعلَــى اللَّـ ِـه فَـ ُهـ َـو َح ْســبُهُ{.الطــالق .4وكنــع مـ صــبرك وتوكلـ مــن المحســنين وقـد وعـدك بــالجزا
ين{.القصـ .53ويحبـ اهلل مـ ذلـ ألنـه قـال } :إِ َّن ِِ ِ
عز وج َّي َ } :وَك َجل َ نَ ْج ِزي ال ُْم ْحسن َ
فقال َّ
ين{.البقرة .551فالصبر رأس كي خير وسالمة دنيا وأخر ،ومنه يترقى الم من ِِ ِ
اللّهَ يُحب ال ُْم ْحسن َ
ـي حالـة البدليـة والغيبـة ،فاحـجر أن تتركـه
إلى حالة الرضى والموافقة ام الفنا في أفعـال اهلل ع َّـز وج َّ
فيخجل في الدنيا واآلخرة ويفوت خيرهما نعوذ باهلل من ذل .
أو حبـه فـ عرض شـخ قـال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :إذا وجـد فـي قلبـ بغـ
أعمالــه علـى الكتــاب والســنةت فــإن كانــع فيهمــا مبغوضــة و أنــع تبغضــه ف بشــر بموافقتـ اهلل عـ َّـز
وجـ َّي ورســوله ،وإن كانـع أعمالــه فيهمــا محبوبــة وأنــع تبغضــه فــاعلم ب نـ صـاحب هــو ،تبغضــه
ـي مـن وجي ولرسوله تخال لهما فتـب إلـى اهلل ع َّـز وج َّ
عز َّ ق
وعاص هلل َّ بهواك الما له ببغض إيا ،
وليـر مـن أحبائـه وأوليائـه وأصـفيائه والصـالحين مـن ـي محبـة ذلـ الشـخ
بغض واس له ع َّـز وج َّ
ـي .وكــجل أفعــي فــيمن تحبــه يعنــي أعــرض أعمالــه عل ـى الكتــاب
عبــاد ،لتكــون موافقــا لــه عـ َّـز وجـ َّ
والســنة فــإن كانــع محبوبــة فيهمــا ف حبــه .وإن كانــع مبغوضــة فابغض ـه .كــيال تحبــه بهــواك وتبغضــه
بهـ ــواك وقـ ــد أمـ ــر بمخالفـ ــة هـ ــواك قـ ــال عـ ـ َّـز وج ـ ـ َّي } :وَال تَـتَّبِ ـ ـ ِ ال َْهـ ــو فَـي ِ
ض ـ ـلَّ َ َعـ ــن َس ـ ـبِ ِ
يي َ ُ َ
اللَّ ِه{.ص.41
المقالة الثانية والثالاون
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :مــا أكثــر مــا تقــول كــي مـن أحبــه ال تــدوم محبتــي إيــا
فيحال بيننا إما بالغيبة أو بالمو أو بالعداوة وأنوام المال بالتل والفوا مـن اليـد ،فيقـال لـ :
ـي ليـور خلقـعز وج َّ
أما تعلم يا محبوب الحق المعنى المنظور إليه المغار عليه ،ألم تعلم أن اهلل َّ
وتروم أن تكون لغير ،أمـا سـمعع قولـه ع َّـز وجـ َّي } :يُ ِحـبـ ُه ْم َويُ ِحبونَـهُ{.المائـدة .13وقولـه تعـالى :
اإلنــس إَِّال لِيـ ْعبـ ُد ِ }ومــا َخلَ ْقـ ُ ِ
ون{.الــجاريا .11أمــا ســمعع قــول الرســول صــلى اهلل عليــه ـع الْجـ َّـن َو ِْ َ َ ُ ََ
وسلم ( :إذا أحب اهلل عبدا ابتال فإن صبر افتنـا .قيـي يـا رسـول اهلل و مـا افتنـا .قـال لـم يـجر لـه
ماال وال ولدا) .وذل ألنه إذا كان له مال وولد أحبهما فتنق وتجزي فتصير مشتركة بين اهلل ع َّـز
وجي وبين لير واهلل تعالى ال يقبي الشري وهو ليور قاهر فوق كي شـئ لالـب لكـي شـئ فيهلـ َّ
شـريكه ويعدمـه لـيخل قلــب عبــد لــه مــن ليــر شـري فيتحقــق حينئـج قولــه عـ َّـز وجـ َّي } :يُ ِحـبـ ُه ْم
َويُ ِحبونَــهُ{.المائــدة .13حت ـى إذا تنظ ـ القلــب مــن الشــركا واألنــداد مــن األهــي والم ـال والولــد
والل ــجا والش ــهوا وطل ــب الوالي ــا والرياسـ ـا والكرام ــا والح ــاال والمن ــازل والمقام ــا
والجنا والدرجا والقربا والزلفا فـال يبقـى فـي القلـب إرادة وال أمنيـة يصـير كاإلنـا المنـثلم
ـي كلمــا تجمعــع فيـه إرادة كســرها فعــي اهلل
الــجي ال يثبــع فيــه مــائ ألنــه أنكســر لفعــي اهلل عـ َّز وجـ َّ
وليرتــه فضــربع حولــه ســرادقا العظمــة والجبــرو والهيبــة وأحضـر مــن دونهــا خنـادق الكبريــا
إلى القلب إرادة شئ من األشيا والكراما والحكـم والعلـم والعبـادا فـإن والسطوة فلم يخل
ـي بـي يكـون جميـ ذلـ كرامـة مـن اهلل لعبـد
جمي ذل يكون خـارج القلـب فـال يغـار اهلل عـ َّز وج َّ
ولطفا به ونعمة ورزقا ومنفعة للـواردين عليـه فيكرمـون بـه ويرحمـون ويحفظـون لكرامتـه علـى اهلل ع َّـز
وج َّي فيكون خفيرا لهم وكنفا وحرزا وشفيعا دنيا وأخر .
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :الناس أربعة رجال :
رجي :ال لسان له وال قلب وهو العاصي الغر الغبي ال يعب اهلل به ،ال خير فيه ،وهـو وأمثالـه
وجي برحمته ،فيهدي قلوبهم لإليمان بـه ويحـرك جـوارحهم
عز َّ
حثالة ال وزن لهم إال أن يعمهم اهلل َّ
ـي .ف حــجر أن تكــون مــنهم ،وال تكتــرف بهــم وال تقــم فــيهم فــإنهم أهــي العــجاب
بالطاعــة لــه عـ َّـز وجـ َّ
عز وج َّي منهم ،إال أن تكون مـن العلمـا بـاهلل ع َّـز والغضب والسخط سكان النار وأهلها نعوذ باهلل َّ
ـي ومـن معلمــي الخيــر وهــداة الــدين وقــواد ودعاتــه ،فــدون فـ تهم وادعهــم إلــى طاعــة اهلل عـ َّز
وجـ َّ
وجي ،وحجرهم معصيته ،فتكتب عند اهلل حينئج جهبجا ،فتعطى اواب الرسـي واألنبيـا ،قـال رسـول
َّ
اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألمير الم منين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه ( :ألن يهد اهلل بهداك
رجال خير ل مما طلعع عليه الشمس).
الرجي الثاني :رجي له لسان بال قلـب فينطـق بالحكمـة وال يعمـي بهـا ،يـدعو النـاس إلـى اهلل
ـي ،يســتقبح عيــب ليــر ويــدوم هــو علـى مثلــه فــي نفســه ،يظهــر للنـاس تنســكا
وهــو يفــر منــه عـ َّـز وجـ َّ
ـي بالعظــائم مــن المعاصـي ،إذا خــال ك نـه ذئــب عليــه ايـاب ،وهــو الـجي حــجر منــه
ويبـارز اهلل عـ َّـز وج َّ
النبــي صـلى اهلل عليــه وســلم بقولـه ( :أخــوت مــا أخــات علــى أمتـي مــن منــافق علــيم اللسـان) .وفــي
حــديي آخ ـر ( :أخــوت مــا أخ ـات علــى أمتــي مــن علمــا الس ـو ) .نع ـوذ بــاهلل مــن هــجا ،فابعــد منــه
وهرول ،لئال يختطف بلجيج لسانه فتحرق نار معاصيه ،ويقتل نتن باطنه وقلبه.
فقــد قســمع ل ـ النــاس ،فــانظر لنفس ـ إن كنــع نــا را ،واحتــرز له ـا إن كنــع محتــرزا له ـا
شفيقا عليها ،هدانا اهلل وإياك لما يحبه ويرضا .
المقالة الرابعة والثالاون
وجي ،و
عز َّقـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ما أعظم تسخط على ربّ و تهمت له َّ
ـي بــالظلم ،واســتبطائ فــي الــرزق والغنــى وكشـ الكــروب
اعتراضـ عليــه و انتســاب لــه عـ َّـز وجـ َّ
والبلو ،أما تعلم أن لكي أجي كتاب ،ولكي زيادة بلية وكربة لاية منتهى ونفاد ،ال يتقدم ذل وال
يتـ ـ خر ،أوق ــا البالي ــا ال تقل ــب فتص ــير ع ــوافى ووق ــع البـ ـ س ال ينقل ــب نعيم ــا ،وحال ــة الفق ــر ال
تستحيي لنى.
فـي ال ــورم
قــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرضــا :علي ـ بــالورم وإال فــالهالك فــي زيق ـ مــالزم ل ـ ال
تنجو منه أبدا إال أن يتغمدك اهلل تعالى برحمته ،فقد ابع في الحديي المرو عن النبي صـلى اهلل
عليه وسلم أنه قال ( :إن مالك الدين الورم ،وهالكه الطم ،وإن من حام حول الحمى يوشـ أن
يق فيه ،كالرات إلى جنب الزرم يوش أن يمد فا إليه ال يكاد أن يسلم الزرم منه) وعن أبى بكر
الصديق رضي اهلل عنه أنه قال :كنا نتـرك سـبعين بابـا مـن المبـاح مخافـة أن نقـ فـي الجنـاح .وعـن
أمير الم منين عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه أنه قـال :كنـا نتـرك تسـعة أعشـار الحـالل مخافـة أن
نق في الحرام ،فعلوا ذل تورعا في مقاربة الحرام أخجا بقول النبي صلى اهلل عليه وسـلم ( :لكـي
مل حمى) وإن حمى اهلل محارمه ،فمن حام حول الحمـى يوشـ أن يقـ فيـه ،فمـن دخـي حصـن
المل ـ فجــاز البــاب األول اــم الثــاني والثالــي حتــى قــرب مــن ســدته خيــر ممــن وق ـ علــى البــاب
األول الجي يلي البر ،فإنه إن أللق عنه للق الباب الثالي لم يضر وهو من ورا بابين مـن أبـواب
القصر ومن دونه حراس المل وجنـد ،وأمـا إذا كـان علـى البـاب األول فـ للقوا عنـه بقـى فـي البـر
وحد ف خجتـه الـجئاب واألعـدا وكـان مـن الهـالكين ،فهكـجا مـن سـل العزيمـة والزمهـا .إن سـلب
ولــم يخــرج عــن الشــرم .فــإذا أدركتــه عنــه مــدد التوفيــق والرعايــة وانقطعــع عنــه حصــي فــي الــرخ
ولـم يتقـدم إلـى المنية كان علـى العبـادة والطاعـة ويشـهد لـه بخيـر العمـي ،ومـن وقـ علـى الـرخ
العزيمــة إن ســلب عنــه التوفيــق فقطعــع عنــه أمــداد فغلــب الهــو عليــه وشــهوا الــنفس ،فتنــاول
ـي الضـالين عـن سـبي الهـد ،
الحرام خرج من الشرم ،فصار في زمرة الشياطين أعـدا اهلل ع َّـز وج َّ
فإن أدركته المنية قبي التوبة كان من الهالكين إال أن يتغمد اهلل تعالى برحمته وفضله ،فالخطر في
القيام م الرخ ،والسالمة كي السالمة م العزيمة ،واهلل الهادي إلى سوا الطريق.
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :أجعــي آخرت ـ رأس مال ـ ودنيــاك ربحــه ،وأصــرت
زمان أوال في تحصيي آخرت .ام إن فضي من زمان شئ اصرفه في دنياك وفى طلب معاش ،
وال تجعــي دنيــاك رأس مالـ وآخرتـ ربحــه .اــم إن فضــي مــن الزمــان فضــلة صــرفتها فــي آخرت ـ
تقتضـى فيهــا الصــلوا تســبكها ســبيكة واحــدة ســاقطة األركــان ،مختلفــة الواجبـا مــن ليــر ركــوم
وسجود وطم نينة بين األركان ،أو يلحق التعب واإلعيا فتنام عن القضا جملة ،جيفـة فـي الليـي
بطاال في النهار تابعا لنفس وهواك وشيطان ،وبائعا آخرت بدنياك عنـد الـنفس ومطيتهـا ،أمـر
بركوبهــا وتهــجيبها ورياضــتها والســلوك بهــا فــي ســبيي الســالمة وهــى طــرق اآلخــرة وطاعــة موالهــا عـ َّـز
وجي فظلمتها بقوبل منها وسلمع زمامها إليهـا وتبعتهـا فـي شـهواتها ولـجاتها وموافقتهـا وشـيطانها َّ
وهواها ففات خير الدنيا واآلخـرة وخسـرتهما فـدخلع القيامـة أفلـس النـاس وأخسـرهم دينـا ودنيـا،
وما وصلع بمتابعتها إلى أكثر من قسم من دنياك ،ولو سـلكع بهـا طريـق اآلخـرة وجعلتهـا رأس
مالـ ربحـع الــدنيا واآلخـرة ووصـي إليـ قسـم مـن الــدنيا هنيئـا مرئيـا وأنــع مصـون مكـرم ،كمــا
قال النبي صلى اهلل عليه وسـلم ( :إن اهلل يعطـى الـدنيا علـى نيـة اآلخـرة وال يعطـى اآلخـرة علـى نيـة
الدنيا) وكي ال يكون كجل ونية اآلخرة هي طاعة اهلل ألن النية روح العبادا وذاتها.
ـي وأهـي
وإذا أطعع اهلل بزهدك في الدنيا أو طلب دار اآلخـرة كنـع مـن خـواص اهلل ع َّـز وج َّ
ـي وخــدمت الــدنيا في تي ـ
طاعتــه ومحبتــه ،وحصــلع ل ـ اآلخــرة وهــى الجنــة وجــوار اهلل عـ َّـز وجـ َّ
وجي ،وإن اشـتغلع بالـدنيا
عز َّ
قسم الجي قدر ل منها ،إذ الكي تب لخالقها وموالها وهو اهلل َّ
وأعرضع عن اآلخرة لضب الرب علي ففاتت اآلخرة وتعاصع الدنيا عليـ وتعسـر وأتعبتـ
ـي عليـ ألنهــا مملوكتــه ،تهــين مــن عصــا وتكــرم مــن
فــي إيصــال قســم إليـ لغضــب اهلل عـ َّـز وجـ َّ
أطاعــه فيتحقــق حينئــج قولــه صــلى اهلل عليــه وســلم ( :الــدنيا واآلخــرة ضـرتان ،إن أرضــيع إحــداهما
أســخطع علي ـ األخــر ) .قــال تعــالى ِ } :مــن ُكم َّمــن ي ِري ـ ُد الــدنْـيا وِمــن ُكم َّمــن ي ِري ـ ُد ِ
اآلخـ َـرَة{.آل ُ َ َ ُ
عمران .514يعنى به أبنا اآلخرة ،فانظر من أبنا أيهما أنع ومن أي القبيلتـين تحـب أن تكـون
وأنع في الدنيا ام إذا صر إلى اآلخرة فالخلق فريقان فريـق فـي طلـب الـدنيا وفريـق فـي طلـب
ْجنَّـ ِـة َوفَ ِريـ وق فِـي َّ
السـ ِـعي ِر{.الشـور .1فريــق فــي ِ
اآلخـرة ،وهــم أيضـا يــوم القيامــة فريقـان }فَ ِريـ وق فـي ال َ
ـين أَلْـ َ َسـنَ قة{.المعـارج .3ممـا تعـدون ِ ِ ِ ق
الموق قيام في طول الحساب }في يَـ ْوم َكا َن م ْقـ َدا ُرُ َخ ْمس َ
كما قال تعالى ،وفريق في ي العـرش كمـا أخبـر النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :إنكـم تكونـون يـوم
مــن القيامــة فــي ــي العــرش عــاكفون علــى الموائــد ،عليهــا أطايــب الطعــام والفواكــه والشــهد أبــي
الــثلج) .كمــا جــا فــي الحــديي ( :وينظــرون منــازلهم فــي الجنــة حتــى إذا فــرغ مــن حســاب الخلــق
دخلوا الجنة ،يهتدون إلى منازلهم كما يهتـدي أحـد النـاس فـي الـدنيا إلـى منزلـه) .فهـي وصـلوا إلـى
هـج إال بتـركهم الـدنيا واشـتغالهم بطلـب اآلخـرة والمــولى .وهـي وقعـوا أولئـ فـي الحسـاب وأنــوام
الشدائد والجل إال الشتغالهم بالدنيا ورلبتهم فيها وزهدهم في اآلخرة وقلة المباالة ب مرها ونسـيان
يوم القيامة وما سيصيرون إليه لدا مما ذكر في الكتاب والسنة.
فــانظر لنفسـ نظــر رحمــة وشــفقة ،واختــر لهـا خيــر القبيلتــين وأفردهــا عــن أقـران الســو مــن
شياطين اإلنس والجن ،وأجعي الكتـاب والسـنة أمامـ وأنظـر فيهمـا وأعمـي بهمـا ،وال تغتـر بالقـال
ـول فَ ُخ ـ ُجو ُ َوَمــا نَـ َهــا ُك ْم َع ْنــهُ فَــانتَـ ُهوا َواتَّـ ُقــوا
الر ُسـ ُ
والقيــي والهــوس .قــال اهلل تعــالى َ } :وَمــا آتَــا ُك ُم َّ
اللَّهَ{.الحشر .1وال تخالفو فتتركوا العمي بما جـا بـه وتخترعـوا ألنفسـكم عمـال وعبـادة كمـا قـال
اها َعلَْي ِه ْم{.الحديـد ،. 41اـم وجي في حق قوم ضلوا سوا السبيي } َوَرْهبَانِيَّة ابْـتَ َدعُ َ
وها َما َكتَْبـنَ َ عز َّ
َّ
ـي َ } :وَمــا
ـي نبيــه صــلى اهلل عليــه وســلم ونزهــه عــن الباطــي والــزور فقــال عـ َّـز وجـ َّ إنـه زكــى هــو عـ َّـز وجـ َّ
ِ
ـوحى{.الــنجم .3–4أي مــا آتـاكم بــه فهــو مــن عنــدي ال مــن يَنطـ ُـق َعـ ِن ال َْهـ َـو * إِ ْن ُهـ َـو إَِّال َو ْحـ وـي يُـ َ
ه ــوا ونفس ــه ف ــاتبعو ،ا ــم ق ــال تع ــالى } :قُـ ْـي إِن ُكن ــتُ ْم تُ ِحب ــو َن اللّــهَ فَــاتَّبِعُونِي يُ ْحبِـ ْـب ُك ُم اللّــهُ{.آل
عم ــران .45فب ــين أن طري ــق المحب ــة إتباع ــه ق ــوال وفع ــال ،فـ ــالنبي علي ــه الص ــالة والس ــالم قـــال :
(االكتســاب س ــنتي ،والتوكــي ح ــالتي) أو كمــا ق ــال ،ف نــع ب ــين ســنته وحالت ــه وإن ضــع إيمانـ ـ
فالتكسب الجي هو سـنته وإن قـو إيمانـ فحالتـه التـي هـي التوكـي قـال اهلل تعـالى َ } :و َعلَـى اللّ ِـه
ين{.المائـ ـ ــدة .44وقـ ـ ــال تعـ ـ ــالى َ } :وَمـ ـ ــن يَـتَـ َوَّكـ ـ ـ ْـي َعلَـ ـ ــى اللَّـ ـ ـ ِـه فَـ ُهـ ـ ـ َـو ِِ
فَـتَـ َوَّكلُـ ـ ــواْ إِن ُكنـ ـ ــتُم م ـ ـ ـ ْ من َ
ِ ِ
ين{.آل عمـران .515فقـد أمـرك بالتوكـي َح ْسبُهُ{.الطالق .4وقال تعـالى } :إِ َّن اللّـهَ يُحـب ال ُْمتَـ َـومكل َ
ونبهـ ـ ـ ـ ـ عليـ ـ ـ ــه كمـ ـ ـ ــا أم ـ ـ ـ ــر نبيـ ـ ـ ــه صـ ـ ـ ــلى اهلل عليـ ـ ـ ــه وس ـ ـ ـ ــلم فـ ـ ـ ــي قولـ ـ ـ ــه َ } :وتَـ َوَّكـ ـ ـ ـ ْـي َعلَـ ـ ـ ــى
ـي فــي سـ اله فــي أعمالـ اللَّـ ِـه{.النســا .15األنفــال.15األحـزاب .31+4فــاتب أوامــر اهلل عـ َّـز وجـ َّ
فهي مردودة علي قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :من عمي عمال ليس عليه أمرنا فهو رد) هجا
يعلم طلب الـرزق واألعمـال واألقـوال ،لـيس لنـا نبـي ليـر فنتبعـه وال كتـاب ليـر القـرآن فنعمـي بـه،
يي اللَّـ ِه{.ص.41 فيضــل ه ـواك والشــيطان .قــال اهلل تعــالى } :وَال تَـتَّبِـ ِ ال َْهــو فَـي ِ
ض ـلَّ َ َعــن َس ـبِ ِ َ ُ َ
فالســالمة مـ الكتــاب والســنة ،والهــالك مـ ليرهمــا ،وبهمــا يترقــى العبــد إلــى حالــة الواليــة والبدليــة
والغواية،واهلل أعلم.
المقالة السابعة والثالاون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :مالي أراك يا مـ من حاسـدا لجـارك فـي مطعمـه ومشـربه
وجي وقسمه الجي قسم له أما تعلم أن
عز َّ
وملبسه ومنكحه ومسكنه وتقلبه في لنا ونعم موال َّ
ـي ويبغضـ إليـه أمـا سـمعع الحـديي
هجا مما يضع إيمان ويسقط من عين موالك ع َّـز وج َّ
مـا تكلـم بـه :الحسـود المرو على النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ( :قال اهلل تعـالى فـي بعـ
عدو نعمتي) وما سمعع قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :إن الحسد ي كي الحسنا كمـا ت كـي
فـإن حسـدته النار الحطب) ام على أي شئ تحسد يـا مسـكين أعلـى قسـمه أم علـى قسـم
شـ ـتـهم فِ ــي الْحي ــاةِ ِ
ََ س ـ ْـمنَا بَـ ْي ـ ـنَـ ُهم َّمعي َ َ ُ ْ
عل ــى قس ــمه ال ــجي قس ــمه اهلل ل ــه ف ــي قول ــه تع ــالى } :نَ ْح ـ ُـن قَ َ
الدنْـيَا{.الزخرت .44فقد لمته ،رجي يتقلب في نعمة موال التي تفضـي بهـا عليـه وقـدرها لـه ولـم
وإن حسدته عقال من يجعي ألحد فيها حظا وال نصيبا ،فمن يكون أ لم وأبخي وأرعن وأنق
على قسم فقد جهلع لاية الجهي ،فإن قسم ال يعطى ليرك وال ينتقـي منـ إليـه ،حـاش هلل.
ي وما أَنَا بِظََّالقم لملْعبِ ِ
وجي ال يظلم
عز َّ يد{.ق .45إن اهلل َّ َ وجي َ } :ما يُـبَ َّد ُل الْ َق ْو ُل لَ َد َّ َ َ
عز َّ
قال اهلل َّ
في خج ما قسم وقدر ل فيعطى ليـرك ،فهـجا جهـي منـ و لـم ألخيـ ،اـم حسـدك لـ رض التـي
هي معدن الكنـوز والـجخائر مـن أنـوام الـجهب والفضـة والجـواهر ممـا جمعتـه الملـوك المتقدمـة مـن
عاد وامود وكسر وقيصـر أولـى مـن حسـدك لجـارك المـ من أو الفـاجر ،فـإن مـا فـي بيتـه ال يكـون
جز ا من أجزا أل أل جز مما هناك ،فما حسدك لجارك إال كمثي رجي رأ ملكا م سـلطانه
وجنود وحشمه وملكه وعلى أراضى واجباته خراجها وارتفاعهـا لديـه وتنعمـه بـ نوام الـنعم واللـجا
والشهوا فلم يحسد على ذل ام رأ كلبا بريا يخدم كلبا من كـالب ذلـ الملـ يقـوم ويقعـد
ويصــيح فيعطــى مــن مطــبخ الملـ بقايــا الطعــام وردا تــه فيتقــو بــه ف خــج يحســد ويعاديــه ويتمنــى
موته وهالكه وكونه مكانه وأن يخلفه في ذل خسـة ودنـا ة ال زهـدا ودينـا وقناعـة ،فهـي يكـون فـي
الزمان رجي أحمق منه وأرعن وأجهي
اـم لــو علمــع يــا مســكين مــا ســيلقى جــارك لـدا مــن طــول الحســاب يــوم القيامــة إن لــم يكــن
أطــام اهلل فيمــا حولــه وأد حقــه فيهــا ،وامتثــال أمــر وانتهــا نهيــه فيهــا ،واســتعان بهــا علــى عبادتــه
وطاعتــه مــا يتمنــى انــه لــم يعــط مــن ذل ـ ذرة وال رأ نعيمــا يومــا قط،أمــا ســمعع مــا قــد ورد فــي
الحديي عن النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم أنـه قـال ( :ليتمنـين أقـوام يـوم القيامـة أن تقـرض لحـومهم
مما يرون ألصـحاب الـبال مـن الثـواب) فيتمنـى جـارك لـدا مكانـ فـي الـدنيا لمـا يـر بالمقاري
من طول حسابه ومناقشته وقيامه خمسين أل سنة في حر الشمس في القيامة ،ألجي ما يمتن به
مــن النعــيم فــي الــدنيا وأنــع فــي معــزل عــن ذلـ فــي ــي العــرش آكــال شــاربا متنعمــا فرحــا مســرورا
مستريحا ،لصبرك على شدائد الدنيا وضيقها وآفاتها وب سها وفقرهـا ،ورضـاك وموافقتـ لربـ ع َّـز
وجي فيما دبر وقضى من فقرك ولنا ليرك ،وسقم وعافية ليرك ،وشدت ورخا ليـرك ،وذلـ َّ
وعز ليـرك ،جعلنـا اهلل وإيـاك ممـن صـبر عنـد الـبال ،وشـكر علـى النعمـا ،وفـوض األمـور إلـى رب
السما .
المقالة الثامنة والثالاون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :من عامي موال بالصدق والنصاح ،استوحش مما سوا
في المسا والصباح.
يا قوم ال تدعوا ما ليس لكم ،ووحدوا ،وال تشـركوا ،واهلل إن سـهام القـدر تصـيبكم خدشـا ال
قتاال ،من كان في اهلل تلفه فعلى اهلل خلفه.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضــا :األخـج مـ وجـود الهـو مـن ليـر األمـر عنـاد وشـقاق،
األخج م عدم الهو وفاق واتفاق وتركه ريا ونفاق.
المقالة األربعون
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :ال تطمـ أن تــدخي فــي زمــرة الروحــانيين حتــى تعــاد
جملت ـ ،وتب ـاين جمي ـ الجــوارح واألعض ـا ،وتنفــرد عــن وجــودك وحركات ـ وســكنات وســمع
وبصرك وكالم وبطشـ وسـعي وعملـ وعــقل ،وجميـ مـا كـان منـ قبـي وجـود الـروح فيـ
ـي ،فــإذا صـر روحــا
ومــا أوجــد فيـ بعــد نفــخ الــروح ،ألن جميـ ذلـ حجابـ عــن ربـ عـ َّـز وجـ َّ
منفردة ،سـر السـر،ليب الغيـب ،مباينـا ل شـيا فـي سـرك ،متخـجا للكـي عـدوا وحجابـا و لمـة كمـا
ين{.الشــعرا .11قــال ذل ـ ِ قــال إب ـراهيم الخليــي عليــه الســالم }فَ ـِإنَّـ ُه ْم َع ـ ُد كو لمــي إَِّال َر َّ
ب ال َْعــالَم َ
ل صنام ،فجعي أنع جملت وأجزا ك أصناما م سائر الخلـق ،فـال تطـ شـيئا مـن ذلـ وال تتبعـه
جملـة ،فحينئــج تـ من علــى األســرار والعلــوم أللدنيــة ولرائبهــا ،ويــرد إليـ التكــوين وخــرق العــادا
التي هي من قبيي القدرة التي تكون للم منين في الجنة ،فتكون في هج الحالة ك ن أحييـع بعـد
المــو فــي اآلخــرة ،فتكــون كليت ـ ق ـدرة ،تســم بــاهلل ،وتنطــق ب ـاهلل ،وتبصــر بــاهلل ،وتــبطش بــاهلل
وتسعى باهلل ،وتقي باهلل ،وتطمئن وتسكن باهلل ،فتعمـى عـن سـوا وتصـم عنـه فـال تـر لغيـر وجـودا
م حفت الحدود واألوامر والنواهي ،فإن أنخرم في شي من الحدود فاعلم أن مفتـون متالعبـة
ب ـ الشــياطين ،وأرج ـ إلــى حكــم الشــرم ودم عن ـ رأ الهــو ،ألن كــي حقيقــة لــم تشــهد لهــا
الشريعة فهي زندقة ،واهلل أعلم.
المقالة الحادية واألربعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :نضرب ل مثال فـي الفنـا فنقـول :أال تـر أن الملـ
يــولى رجــال م ـن العــوام واليــة علــى بلــدة مــن الــبالد ،ويخل ـ عليــه ويعقــد لــه ألويــة ورايــا ،ويعطيــه
الك وس والطبي والجند فيكون على برهة من الزمان ،حتى إذا اطم ن واعتقد بقا واباته ،وعجب
بــه ونســي حالتـه األولــى ونقصــانه وذلـه وفقــر وخمولــه ،وداخلتــه النخــوة والكبريــا ج ـا العــزل مــن
المل في أشر ما كان من أمر ،ام طالبـه الملـ بجـرائم صـنعها وتعـد أمـر ونهيـه فيهـا ،فحبسـه
فــي أضــيق الحبــوس وأش ـدها ،وطــال حبســه ودام ضــر لــه وذلــه وفقــر ،وذابــع نخوتــه وكبريــاس ،
وانكسر نفسه وخمد نار هوا ،وكي ذل في عين المل ام تعطـ الملـ عليـه فنظـر بعـين
ورد الواليـة إليــه ومثلهــا
الرأفــة والرحمــة ،فـ مر بإخراجــه مــن الحــبس واإلحســان إليــه ،والخلعــة عليــه َّ
معهــا وجعلهــا لــه موهبــة ،فــدامع لـه وبقيــع مصــفاة مكفــاة مهنـ ة وكــجل المـ من إذا قربـه اهلل إليــه
واجتبــا فــتح قبالــة عــين قلبــه بــاب الرحمــة والمنــة واإلنعــام ،فيــر بقلبــه مــا ال عــين رأ وال أذن
ســمعع وال خط ـر علــى قلــب بشــر ،مــن مطالع ـة الغيــوب مــن ملكــو الســموا واألرض وتقريــب
وكالم لجيج لطي ووعد جميي ،ووفا به ،وإجابة دعا وكلما حكمة وتصديق وعد ،فإنهـا ترمـى
إليه قلبه قجفا من مكان بعيـد فتظهـر علـى لسـانه ،ومـ ذلـ يسـب عليـه نعمـة ـاهرة علـى جسـد
وجوارحه ،في الم كول والمشروب والملبوس والمنكوح الحالل والمباح وحفت الحدود والعبادا
وجي ذل لعبد الم من المججوب برهة من الزمان ،حتى اطم ن العبد إلى عز ّ الظاهرة ،فيديم اهلل ّ
ذل ـ والتــر بــه واعتق ـد دوامــه فــتح عليــه أبــواب البالي ـا وأنــوام المحــن فــي الــنفس والمــال واألهــي
والولــد والقلــب فينقطـ عنــه جميـ مـا كـان أنعــم اهلل عليــه مــن قبــي ،فيبقــى متحيــرا حســيرا منكســرا
مقطوعا به.
إن نظــر إلــى ـاهر رأ مــا يســوس ،وإن نظــر إلــى قلبــه وباطنــه رأ مـا يحزنــه ،وإن سـ ل اهلل
تعالى كش ما به من الضر لم ير إجابته ،وإن طلب وعـدا جمـيال لـم يجـد سـريعا وإن وعـد بشـئ
لم يعثر على الوفا به ،وإن رأ رسيا لـم يظفـر بتعبيرهـا وتصـديقها ،وإن رام الرجـوم إلـى الخلـق لـم
يج ــد إل ــى ذلـ ـ س ــبيال ،وإن ه ــر ل ــه ف ــي ذلـ ـ رخصـ ـة فعم ــي به ــا تس ــارعع العقوب ــا نح ــو
وتسلطع أيدي الخلق على جسمه وأسنتهم على عرضه ،وإن طلب اإلقالة مما قـد أدخـي فيـه مـن
الحالة األولى قبي االجتبا لم يقـي ،وإن طلـب الرضـا أو الطيبـة والتـنعم بمـا بـه مـن الـبال لـم يعـط
فحينئــج ي خــج الــنفس فــي الــجوبان والهــو فــي الـزوال واإلرادة واألمـاني فــي الرحيــي واألكــوان فــي
التالشــي ،فيــدام لــه ذل ـ ب ـي ي ـزداد تشــديدا وعصــرا وت كيــدا ،حتــى إذا فنــي العب ـد م ـن األخــالق
ِ ِ
ـي اإلنســانية والصــفا البشـرية وبقــى روحـا فقــط يســم نــدا فــي باطنــه } ْارُكـ ْ ب ِر ْجلـ َ َهـ َجا ُم ْغتَ َ
سـ و
ـي فــي قلبــه بحــار بَــا ِرود َو َشـ َـر و
اب{.ص .34كمـا قيــي لســيدنا أيــوب عليــه الســالم ،فيمطــر اهلل عـ ّز وجـ ّ
رحمته ورأفته ولطفه ومنته ،ويحييه بروحه ويطيبه بمعرفته ودقائق علومـه ،ويفـتح عليـه أبـواب رحمتـه
ونعمتــه وداللــه ،وأطلــق إليــه األيــدي بالبــجل والعطــا والخدمــة فــي ســائر األحــوال واأللســن بالحمــد
والثن ــا ،وال ــجكر الطيـ ـب ف ــي جميـ ـ المح ــال ،واألرجـ ـي بالترح ــال ،وذلـ ـ ل ــه وس ــخر لـ ـه المل ــوك
واألرباب ،وأسب عليه نعمة اهرة وباطنة ،تربيته اهرة بخلقه ونعمه ،ويسـت ار تربيتـه باطنـة بلطفـه
وكرمه ،وأدام له ذل إلى اللقا ،ام يدخله فيما ال عين رأ وال أذن سمعع وال خطـر علـى قلـب
ـس َّم ــا أُ ْخ ِف ـ َـي لَ ُه ــم م ــن قُـ ـ َّـرةِ أَ ْع ــيُ قن َج ـ َـزا بِ َم ــا َك ــانُوا
ـي وع ــال } :فَـ َـال تَـ ْعلَ ـ ُـم نَـ ْف ـ و
بش ــر ،كم ــا قـ ـال ج ـ ّ
يَـ ْع َملُو َن{.السجدة.51
المقالة الثانية واألربعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنــه و أرضــا :الـنفس لهـا حالتـان ال االـي لهمـا :حالـة عافيـة ،وحالـة
بال ،فإذا كانع في بال فالجزم والشكو والسخط واالعتراض والتهمة للحق جي وعال ال صبر
وال رضــى وال موافقــة ،بــي ســو األدب والشــرك بــالحق واألســباب والكفــر ،وإذا كانــع فــي عافيــة
فالشر والبطر وإتبـام الشـهوا واللـجا ،كلمـا نالـع شـهوة طلبـع أخـر ،واسـتحقر مـا عنـدها
من النعم من م كول ومشروب وملبوس ومنكوح ومسكون ومركوب ،فتخـرج لكـي واحـدة مـن هـج
الــنعم عيوبــا ونقصــا ،وتطلــب أعلــى منهــا وأســنى ممــا لــم يقســم لهــا ،وتعــرض عمــا قســم لهــا ،فتوقـ
اإلنســان فــي تعــب طويــي ،وال ترضــى بمــا فــي يــديها ومــا قســم لهــا ،فيرتكــب الغم ـرا ويخــوض
المهالـ فــي تعــب طويــي ال لايــة لــه وال منتهــى فــي الــدنيا ،اــم فــي العقبــى ،كمــا قيــي :إن مــن أشــد
العقوبا طلب ما ال يقسم .وإذا كانع في بال ال تتمنى سو انكشافها وتنسى كي نعـيم وشـهوة
ولــجة وال تطلــب شــيئا منهــا ،فــإذا عوفيــع منهــا رجعــع إلــى رعونتهــا وشــرها وبطرهــا وإعراضــها عــن
طاعــة ربهــا وانهماكهــا فــي معاصــيه ،وتنســى مــا كانــع فيــه مــن أنــوام الــبال والضــر ومــا حــي بهــا مــن
الويي ،فترد إلى أشد ما كانع عليه من أنوام البال والضر ،لما اجترحع وركبع من العظائم فطمـا
لهــا وكفــا عــن المعاصــى فــي المســتقبي ،إذ ال تصــلح لهــا العافيــة والنعمــة بــي حفظهــا فــي الــبال
والب ـ س ،فلــو أحســنع األدب عنــد انكشــات البليــة والزمــع الطاعــة والشــكر والرضــى بالمقســوم
لكان خيرا لها دنيا وأخر ،وكانع تجد زيادة في النعيم والعافية والرضى من اهلل عز وجـي والطيبـة
والتوفيق ،فمن أراد السالمة في الـدنيا واألخـر فعليـه بالصـبر والرضـا ،وتـرك الشـكو إلـى الخلـق
وإنزال حوائجه بربه عز وجي ولزوم طاعته وانتظار الفرج منه و االنقطام إليه عز وجي ،إذ هـو خيـر
من لير ومن جمي خلقه ،حرمانه عطا ،عقوبته نعمـا ،بـالس دوا ،وعـد نفـج ،قولـه فعـي مشـيئة
حاله }إِنَّ َما{ وقوله وأمـر أ َْم ُـرُ }إِذَا أ ََر َ
اد َش ْـيئا أَ ْن يَـ ُق َ
ـول لَـهُ ُك ْـن فَـيَ ُكـو ُن{.يـس .14كـي أفعالـه حسـنة
وحكمة ومصلحة ،لير أنه طو على المصالح من عباد وتفرد به ،فاألولى والالئق بحاله والرضـى
والتسليم ،واشتغاله بالعبودية من أدا األوامر وانتها النـواهي والتسـليم فـي القـدر ،وتـرك االشـتغال
في الربوبيـة التـي هـي علـة األقـدار ومحاربتهـا ،والسـكو عـن لـم وكيـ ومتـى والتهمـة للحـق عـز
وجي في جمي حركاته وسكناته ،وتستند هج الجملة إلى حديي بن عباس رضي اهلل عنهما ،وهـو
ما رو عن عطا بن عباس رضي اهلل عنهما قال :بينما أنـا رديـ رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم
إذ قال لي :يا لالم "أحفـت اهلل يحفظـ ،أحفـت اهلل تجـد أمامـ ،فـإذا سـ لع فاسـ ل اهلل ،وإذا
اســتعنع فاســتعن بــاهلل ،جـ القلــم بمــا هـو كـائن" فلــو جهــد العبــاد أن يضــروك بشــئ لــم يقضــه اهلل
علي لم يقدروا عليه فإن استطعع أن تعامي الناس بالصدق واليقين فاعمي ،وإن لـم تسـتط فـإن
الصبر على ما تكر خيرا كثيرا .وأعلم أن النصرة بالصبر والفرج م الكرب ،وإن م العسر يسرا،
فينبغي لكي م من أن يجعي هجا الحديي مرآة لقلبه وشـعار وداـار وحديثـه ،فيعمـي بـه فـي جميـ
وجي.
عز َّ
حركاته وسكناته حتى يسلم في الدنيا واآلخرة ويجد العزة فيهما ،برحمة اهلل َّ
ق ــال ق ـ َّـدس اهلل سـ ـ ّـر :مــا س ـ ل النــاس مــن س ـ ل إال لجهلــه بــاهلل عـ َّـز وجـ َّ
ـي وضــع إيمانــه
وجي وقوة إيمانه
عز َّ ومعرفته ويقينه وقلة صبر ،وما تعف من تعف عن ذل إال لوفور علمه باهلل َّ
وجي.
عز َّ وجي في كي يوم ولحظة وحياته منه َّ عز َّ ويقينه وتزايد معرفته بربه َّ
المقالة الرابعة واألربعون
قـال ق َّـدس اهلل سـ ّـر :إنما لم يستجب للعارت كلما يس ل ربه عز وجي ويوفى له بكـي وعـد
لئال يغلب عليه الرجا فيهل ،ألن ما من حالة ومقام إال ولجاك خوت ورجا هما جناحي طـائر ال
يــتم اإليمــان إال بهمــا وكــجل الحــال والمقــام ،ليــر أن خــوت كــي حالــة ورجا هــا بمــا يليــق بهــا،
فالعارت مقرب وحالته ومقامه أن ال يريد شيئا سو موال عـز وجـي وال يـركن وال يطمـئن إلـى ليـر
عز وجي ،وال يست نس بغيـر ،فطلبـه إلجابـة سـ اله والوفـا بعهـد ليـر مـا هـو بصـدد والئـق بحالـه
ففي ذل أمران اانان :أحدهما لئال يغلب عليه الرجا والغرة بمكر ربه عز وجي فيغفي عن القيام
باألدب فيهل ،واآلخر شركه بربه عـز وجـي يشـئ سـوا ،إذ ال معصـوم فـي العـالم فـي الظـاهر بعـد
األنبيا عليهم وعلى نبينا أفضي الصالة والسالم ،فال يجيبه وال يوفى لـه كـيال ،يسـ ل عـادة ويريـد
طبعا ال امتثال ل مر ،لمـا فـي ذلـ مـن الشـرك والشـرك كبيـرة فـي األحـوال كلهـا واألقـدام جميعهـا
والمقاما ب سرها.
وأمــا إذا كــان الس ـ ال ب ـ مر فــجل ممــا يزيــد قربــا كالصــالة والصــيام وليرهمــا مــن الفــرائ
والنوافي ،ألنه يكون في ذل ممتثال ل مر.
المقالة الخامسة واألربعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :إن الناس رجالن :منعم عليه ،ومبتلى بما قضى ربه عز
وجي ،فالمنعم ال يخلو من المعصية والتكدر فيما أنعم عليه ،فهو في أنعم مـا يكـون مـن ذلـ إذ
جا القدر بما يكدر عليـه مـن أنـوام الباليـا مـن األمـراض واألوجـام والمصـائب فـي الـنفس والمـال
واألهي واألوالد فيتعت بجل ،فك نه لم ينعم عليه قط وينسى ذل النعيم وحالوته وإن كان الغنـى
قائمــا بالمــال والجــا والعبيــد واإلمــا واألمــن مــن األعــدا فهــو فــي حــال النعمــا ك ـ ن ال بــال فــي
ـال لم َمـا يُ ِريـ ُد{.هـود.511البـروج .51يبـدل ،ويحلـى
ـي }فَـعَّ و
الوجود ،كي ذل لجهله بمـوال ع َّـز وج َّ
ويمر ،ويغنى ويفقر ،ويرف ويخف ،ويعز ويجل ويحيى ويميع ،ويقدم ويـ خر .لمـا اطمـ ن إلـى مـا
به من النعيم ،ولما التر به ،ولما أيس من الفرج في حالة البال ،وبجهله أيضا بالدنيا اطمـ ن إليهـا
وطلب بها صفا ال يشوبه كدر ،ونسى إنهـا دار بـال وتنغـي ،وتكـالي وتكـدير وأن أصـلها بـال
وطارفها نعما فهي كشجرة الصبر أول امرتها مر وآخرهـا شـهد حلـو ،ال يصـي المـر إلـى حالوتهـا
حتى يتجرم مرارتهـا ،فلـن يبلـ إلـى الشـهد إال بالصـبر علـى المـر ،فمـن صـبر علـى بالئهـا حلـى لـه
نعيمها ،إنما يعطى األجير أجر بعد عروق جبينه وتعب جسد وكـرب روحـه وضـيق صـدر وذهـاب
قوتـه وإذالل نفســه وكســر هــوا فــي خدمــة مخلــوق مثلــه ،فلمــا تجــرم هــج المرائــر كلهــا أعقبــع لــه
طيب طعام وإدام وفاكهة ولباس وراحة وسرور ولو أقي قليي ،فالدنيا أولها مرة كالصحفة العليـا مـن
منــه إال بعــد عســي فــي ــرت مشــوبة بمــرارة ،فــال يصــي اآلكــي إلــى قــرار الظــرت ويتنــاول الخــال
تنــاول الصــحفة العليــا ،فــإذا صــبر العبــد علــى أدا أوامــر الــرب عــز وجــي وانتهــا نواهيــه والتســليم
فيما يجر به القدر ،وتجرم مرائر ذلـ كلـه وتحمـي أاقالـه ،وخـال هـوا وتـرك مـراد . والتفوي
أعقبه اهلل عز وجي بجل طيب العيش في آخر عمر والـدالل والراحـة والعـزة ،ويتـوال ويغجيـه كمـا
يغج الطفي الرضـي مـن ليـر تكلـ منـه وتحمـي م نـة وتبعـة فـي الـدنيا واألخـر كمـا يتلـجذ آكـي
المر من الصحفة العليـا مـن العسـي ي كلـه مـن قـرار الظـرت ،فينبغـي للعبـد المـنعم عليـه أن ال يـ من
مكر اهلل عز وجي فيغتر بالنعمـة ويقطـ بـدوامها ،ويغفـي عـن شـكرها ويرخـى قيـدها بتركـه لشـكرها.
قال النبي صلى اهلل عليه وسـلم ( :النعمـة وحشـية فقيـدوها بالشـكر) فشـكر نعمـة المـال االعتـرات
بها للمنعم المتفضي وهو اهلل عز وجي والتحدف بهـا لنفسـه فـي سـائر األحـوال ورسيـة فضـله ومنتـه
عز وجي وأن ال يتمل عليـه وال يتجـاوز حـد فيـه ،وال يتـرك أمـر فيـه ،اـم بـ دا حقوقـه مـن الزكـاة
والكفــارة والنــجر والصــدقة ،وإلااــة الملهــوت ،وافتقــاد أربــاب الحاجــا وأهلهــا فــي الشــدائد عنــد
تقلب األحوال وتبدل الحسنا بالسيئا ،أعنى ساعا النعيم والرخا بالب سا والضـرا .وشـكر
نعم ــة العافي ــة ف ــي الج ــوارح واألعض ــا ف ــي االس ــتعانة به ــا عل ــى الطاع ــا والكـ ـ ع ــن المح ــارم
والسيئا والمعاصي واآلاام فجل قيد النعم عن الرحلة والجهاب ،وسقى شجرتها وتنمية ألصانها
وأوراقهــا ،وتحســين امرتهــا ،وحــالوة طعمهــا وســالمة عاقبتهــا ،ولــجة مضــغها ،وســهولة بلهــا ،وتعقــب
عافيتها وريعها في الجسد ،ام هور بركتها علـى الجـوارح مـن أنـوام الطاعـا والقربـا واألذكـار،
ام دخول العبـد بعـد ذلـ فـي اآلخـرة فـي رحمـة اهلل عـز وجـي .والخلـود فـي الجنـان مـ – النبيـين
والصـديقين والشــهدا والصــالحين وحسـن أولئـ رفيقــا – فــإن لـم يفعــي ذلـ والتـر بمــا هــر مــن
زينة الدنيا وبما ذاق من لجتها ،واطم ن إلى بريق سرابها وما الح من بريقها وما هب من نسيم أول
نهــار قيظهــا ،ونعمومــة جلــود حياتهــا وعقاربهــا ،ولف ــي وعمــى عــن ســمومها القاتلــة المودعــة ف ــي
أعماقها ،ومكامنها ومصايدها المنصـوبة ألخـج وحبسـه وهالكـه ،فليهنـ للـرد وليسـتبش بـالعط
والفقر العاجي،م الجل والهوان في الدنيا والعجاب اآلجي في النار ولظى.
وأما المبتلى .فتارة يبتلى عقوبة ومقابلة لجريمة ارتكبها ومعصية اقترفها وأخر يبتلى تكفيـرا
وتحميصــا ،وأخــر يبتلــى الرتفــام الــدرجا وتبليـ المنــازل العاليــا ليلحــق بـ ولى العــالم مــن أهــي
الحــاال والمقامــا ،ممــا ســبقع لهــم عنايــة مــن رب الخليقــة والبريــا ،وســيرهم مــوالهم ميــادين
البليـ ــا علـ ــى مطايـ ــا الرفـ ــق واأللطـ ــات ،وروحهـ ــم بنسـ ــيم النظ ـ ـرا واللحظـ ــا فـ ــي الحركـ ــا
والســكنا ،إذ لــم يكــن ابــتالهم لإلهــالك واإلهــوا فــي الــدركا ،ولكــن اخبــرهم بهــا لالصــطفا
واالجتبـ ـ ــا واسـ ـ ــتخراج بهـ ـ ــا مـ ـ ــنهم حقيقـ ـ ــة اإليمـ ـ ــان وصـ ـ ــفاها وميزهـ ـ ــا مـ ـ ــن الشـ ـ ــرك والـ ـ ــدعاو
الخـواص ،ائتمـنهم علـى والنفاق،ونحلهم بهـا أنـوام العلـوم واألسـرار واألنـوار ،فجعلهـم مـن اخلـ
أسرار ،وارتضاهم لمجالسته .قال النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :الفقرا الصبر جلسا الرحمن يوم
القيامة) دنيا وأخر ،في الدنيا بقلوبهم وفى اآلخرة ب جسادهم ،فكانع الباليا مطهرة لقلـوبهم مـن
دون الشــرك ،والتعلــق بــالخلق واألســباب واألمــاني واإلرادا ،وذوابــة لهــا وســباكة مــن الــدعاو
والهوسا ،وطلب األعواض بالطاعا مـن الـدرجا والمنـازل العاليـا فـي اآلخـرة فـي الفـردوس
والجنا .
فعالمة االبتال علـى وجـه المقابلـة والعقوبـا ،عـدم الصـبر عـن وجودهـا والجـزم والشـكو
إلى الخليقة والبريا .
وعالمـة االبـتال تكفيــرا وتمحيصـا للخطيـا وجــود الصـبر الجميـي مــن ليـر شـكو وإ هــار
الجزم إلى األصدقا والجيران والتضجر ب دا األوامر والطاعا .
وعالمــة االبــتال ارتفــام وجــود الرضــا والموافــق ،وطم نينــة الــنفس والســكون بفعــي إلــه األرض
والسموا ،والفنا فيها إلى حين االنكشات بمرور األيام والساعا .
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :في قوله النبي صلى اهلل عليه وسلم عـن ربـى عـز وجـي
( :من شغله ذكـر عـن مسـئلتى أعطيتـه أفضـي مـا أعطـى السـائلين) وذلـ أن المـ من إذا أراد اهلل
عـز وجــي اصــطفا واجتبــا ،سـل بــه األحــوال وامتحنــه بـ نوام المحـن والباليــا فيفقــر بعــد الغنــى
ويضطر إلى مس لة الخلـق فـي الـرزق عنـد سـد جهاتـه عليـه ،اـم يصـونه عـن مسـ لتهم ويضـطر إلـى
الكســب ويســهله وييســر لــه في كــي بالكســب الــجي هــو الســنة ،اــم يعســر عليــه ويلهمــه الس ـ ال
للخلق ،وي مر به ب مر باطن يعلمه ويعرفه ويجعي عبادته فيه ومعصيته فـي تركـه ،ليـزول بـجل هـوا
وتنكسي نفسه وهى حالة الرياضة فيكون س اله على وجه اإلجبار ال على وجه الشرك بالجبـار ،اـم
يصونه عن ذل وي مر بالفرض منهم أمرا جزما ال يمكنه تركه كالس ال من قبي اـم ينقلـه مـن ذلـ
ويقطعه عن الخلق ومعـاملتهم ،فيجعـي رزقـه فـي السـ ال لـه عـز وجـي فيسـ له جميـ مـا يحتـاج إليـه
فيعطيــه عــز وجــي وال يقطعــه إن ســكع وأعــرض عــن الس ـ ال ،اــم ينقلــه مــن الس ـ ال باللســان إلــى
الس ال القلب فيس له بقلبه جمي ما يحتاج فيعطيه حتى أنه لـو سـ له جملـة ـاهرا وباطنـا ،فيناديـه
بجمي ما يصلحه ويقوم به أود من الم كول والمشروب والملبوس وجمي مصالح البشر مـن ليـر
أن يكون هو فيها أو تخطر ببالـه .فيتـوال عـز وجـي وهـو قولـه عـز وجـي }إِ َّن َولِيمـ َـي اللّـهُ الَّ ِـجي نَـ َّـز َل
ين{.األعـرات .551فيتحقــق حينئــج قولــه عــز وجــي (مــن شــغله ذكــر ْكتَــاب و ُهــو يـتَ ــولَّى َّ ِ ِ
ِ
الصــالح َ ال َ َ َ َ َ
عــن مس ـ لتي أعطيتــه أفضــي مــا أعطــى الســائلين) وهــى حالــة الفنــا التــي هــي لايــة أحــوال األوليــا
واألبــدال اــم قــد يــرد إلــى التكــوين فيكــون جميـ مــا يحتــاج إليــه بــإذن اهلل وهــو قولــه جــي وعــال فــي
بع كتب "يا ابن آدم أنا اهلل الجي ال لليـه إال أنـا أقـول للشـئ كـن فيكـون ،أطعنـي أجعلـ تقـول
للشئ كن فيكون".
المقالة السابعة واألربعون
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :سـ لني رجــي شــيخ فــي المنــام فقــال :أي شــئ يقــرب
فقلـع :لـجل ابتـدا وانتهـا فابتـداس الـورم وانتهـاس الرضـى والتسـليم ـي
عز وج َّ
العبد إلى اهلل َّ
والتوكي.
المقالة الثامنة واألربعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ينبغي للم من أن يشتغي أوال بالفرائ ،فإذا فرغ منها
فاالشـتغال بالسـنن حمـق اشتغي بالسنن ،ام يشتغي بالنوافي والفضائي ،فمـا لـم يفـرغ مـن الفـرائ
لــم يقبــي منــه وأهــين ،فمثلــه مثــي رجــي يــدعو ورعونــة ،فــإن اشــتغي بالســنن والنوافــي قبــي الفــرائ
المل إلى خدمته فال ي تي إليه ويق في خدمة األمير الجي هو لالم المل وخادمه وتحـع يـد
وواليته.
عن أمير الم منين سيدنا علـى بـن أبـى طالـب رضـي اهلل عنـه قـال :قـال رسـول اهلل صـلى اهلل
مثي حبلى حملع فلما دنا نفاسها أسقطع فال عليه وسلم ( :إن مثي مصلى النوافي قبي الفرائ
هــي ذا حمــي وال هــي ذا والدة) كــجل المصــلى ال يقبــي اهلل لــه نافلــة حتــى ي ـ د الفريضــة.
له ربحـه حتـى ي خـج رأس مالـه ،وكـجل المصـلى بالنوافـي ال ومثي المصلى كمثي التاجر ال يخل
ولـم تقبي له نافلة حتى ي د الفريضة ،وكجل من ترك السنة واشتغي بنافلة لم ترتب م الفـرائ
تـرك الحـرام والشـرك بـاهلل عـز وجـي فـي خلقـه ،واالعتـراض عليهـا وي كـد أمرهـا فمـن الفـرائ ين
عليه في قدر وقضائه وإجابة الخلق وطاعتهم ،واإلعراض عن أمر اهلل عز وجي وطاعته ،قال النبي
صلى اهلل عليه وسلم ( :ال طاعة لملخوق في معصية خالق).
المقالة التاسعة واألربعون
فـي ذم ال ـن ــوم
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :من اختار النوم على الجي هو سبب اليقظة فقد اختـار
واألدنــى واللحـوق بــالمو والغفلـة عــن جميـ المصـالح ،ألن النــوم أخـو المــو ولهــجا ال األنقـ
أجمـ ،وكـجل المالئكـة لمـا قربـوا منـه عـز يجوز النـوم علـى اهلل لمـا انتفـى عـز وجـي عـن النقـائ
وجي نفى النوم عنهم ،وكـجل أهـي الجنـة لمـا كـانوا فـي أرفـ المواضـ وأطهرهـا وأنفسـها وأكرمهـا
نفى النوم عنهم لكونه نقصا في حالتهم ،فالخير كي الخيـر فـي اليقظـة ،والشـر كـي الشـر فـي النـوم
والغفلة ،فمن أكي بهوا أكي كثيرا فشرب كثيرا فنام كثيرا فندم كثيـرا طـويال وفاتـه خيـر كثيـر ،ومـن
أكي قليال من الحرام كان كمن أكـي كثيـرا مـن المبـاح بهـوا ،ألن الحـرام يغطـى اإليمـان فـال صـالة
وال عبادة وال إخالص ،ومن أكي من الحالل كثيرا باألمر كان كمن أكي منه قلـيال فـي النشـاط فـي
العبادة والقوة ،فالحالل نـور فـي نـور ،والحـرام لمـة فـي لمـة ،ال خيـر فيـه .أكـي الحـالل بهـوا
بغير األمر ،وأكي الحرام مستجلبان للنوم ،فال خير فيه.
المقالة الخمسون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال يخلو أمرك من قسمين:
إمــا أن تكــون لائبــا عــن القــرب مــن اهلل أو قريبــا منــه واصــال إليــه ،فــإن كنــع لائبــا عنــه فمــا قعــودك
وتواني ـ عــن الحــت األوفــر والنعــيم والعــز الــدائم والكفايــة الكبــر والســالمة والغنــى والــدالل فــي
فق ــم وأس ــرم ف ــي الطي ــران إلي ــه ع ــز وج ــي بجن ــاحين :أح ــداهما :ت ــرك الل ــجا ال ــدنيا واألخ ــر
والشهوا الحرام منها والمباح والراحا أجم .
واآلخ ــر احتم ــال األذ والمك ــار ورك ــوب العزيم ــة واألش ــد ،والخ ــروج م ــن الخل ــق واله ــو
واإلرادا والمنــى دنيــا وأخــر حتــى تظفــر بالوصــول والقــرب ،فتجــد عنــد ذلـ جميـ مــا تتمنــى،
وتحصي ل الكرامة العظمى والعزة الكبـر فـإن كنـع مـن المقـربين الواصـلين إليـه عـز وجـي ممـن
أدركتهم العناية وشملتهم الرعاية وججبتهم المحبة ونالتهم الرحمة والرأفة ،ف حسن األدب وال تغتـر
بما أنع فيه ،فتقصر فـي الخدمـة ،وال تخلـد إلـى الرعونـة األصـلية مـن الظلـم والجهـي والعجـي فـي
ِ
نسا ُن إنَّهُ َكا َن َلُوما َج ُهوال{.األحزاب .14وقوله تعالى َ } :وَكا َن ا ِإل َ
نسا ُن قوله تعالى َ } :و َح َملَ َها ِْ
اإل َ
َع ُجوال{.اإلسرا .55وأحفت قلب من االلتفا إلى ما تركته مـن الخلـق والهـو واإلرادة والتخيـر
وترك الصبر والموافقة والرضا عند نزول البال ،واستطرح بين يدي اهلل عـز وجـي كـالكرة بـين يـدي
الفارس يقلبها بصولجانه ،والميع بين يـدي الغاسـي ،والطفـي الرضـي فـي حجـر أمـه و ئـر ،تعـامى
عمــن ســوا عــز وجــي فــال تــر لغيــر وجــودا وال ضــرا وال نفعــا وال عطــا وال منعــا ،أجعــي الخليقــة
واألسباب عند األذية والبلية كسوطه عز وجي يضرب به ،وعند النعمة والعطية كيد يلقم بها.
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :الـزاهــد يثــاب بســبب األقســام مــرتين يثــاب فــي تركهــا
أوال ،فال ي خجها بهوا و موافقة النفس ،بي ي خـجها بمجـرد األمـر ،فـإذا تحققـع عداوتـه لنفسـه و
مخالفتــه لهــوا عُــد مــن المحقــين و أهــي الواليــة و أدخــي فــي زمــرة األبــدال و العــارفين أمــر حنيئــج
بتناولها و التلبس بها ،إذ هي قسمة البد له منها لم تخلق لغير ،ج بها القلم و سبق بها العلم،
فإذا امتثي األمر فتناول أو أطل بالعلم فتلبس بها بجريـان القـدر و الفعـي فيـه مـن ليـري أن يكـون
هــو فيــه ،ال هــو و ال إرادة و ال همــة أايــب بــجل اانيــا ،هــو ممتثــي ل مــر بــجل أو موافــق لفعــي
الحق عز و جي فيه.
فإن قال قائي :كي أطلقع القول بالثواب لمن هو في المقـام األخيـر الـجي ذكرتـه مـن أنـه
أدخــي فــي زمــرة اإلبــدال و العــارفين المفعــول فــيهم ،الفــانين عــن الخلــق و األنفــس و األهويــة و
اإلرادا و الحظـوظ و األمــاني و األعـواض علــى العمــال الـجين يــرون جميـ طاعــاتهم و عبــاداتهم
فضال من اهلل عز و جي و نعمة و رحمة و توفيقا و تيسيرا منه عز و جي ويعتقـدون أنهـم عبيـد اهلل
عز و جي ،و العبد ال يستحق على موال حقا ،إذ هو برمته م حركاته و سكناته و أكسـابه ملـ
لموال ،فكي يقال في حقه يثاب و هو ال يطلب اوابا و ال عوضا على فعلـه و ال يـر لـه عمـال،
بي ير نفسه من البطالين و أفلس المفلسين من األعمال.
فتقول :صدقع ،لير أن اهلل عز و جي يواصله بفضله و يدلـله بنعمه و يربيه بلطفه و رأفتـه
و بر و رحمته و كرمه ،إذ ك يد عن مصالح نفسه و طلب الحظوظ لهـا و جلـب النفـ إليهـا و
دف الضر عنها ،فهو كالطفي الرضي الجي ال حـراك لـه فـي مصـالح نفسـه و هـو مـدلي بفضـي اهلل
عز و جي و رزقه الدار على يدي والديه الوكيلين الكفيلـين ،فلمـا سـلب عنـه مصـالح نفسـه عطـ
قلوب الخلق عليه و أوجد رحمة و شفقة له فـي القلـوب حتـى كـي واحـد يرحمـه و يتعطـ عليـه و
ـان عـن سـو اهلل الـجي ال يحركـه ليـر أمـر أو فعلـه مواصـي بفضـي اهلل عـز و يبر ،فهكجا الكي ف ق
جــي دنيــا و أخــر مــدلي فيهمــا مــدفوم عنــه األذ متــولي ،قــال تعــالى } :إِ َّن َولِيمـ َـي اللّــهُ الَّـ ِـجي نَـ َّـز َل
ين{.األعرات.551 ْكتَاب و ُهو يـتَـولَّى َّ ِ ِ
ِ
الصالح َ ال َ َ َ َ َ
المقالة الثانية والخمسون
قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :إنمـا يبتلـى اهلل طائفـة مـن المـ منين األحبـاب مـن أهـي
الوالية ليردهم بالبال إلى الس ال فيحب س الهم ،فإذا س لوا يحب إجابتهم فيعطى الكـرم والجـود
حقهمـا ألنهمــا يطالبـان ألنــه عـز و جــي عنــد سـ ال المـ منين مـن اإلجابــة ،وقـد تحصــي اإلجابــة وال
يحصي النقد والنقاد لتعويق القدر ال على وجـه عـدم اإلجابـة والحرمـان ،فليتـ دب العبـد عنـد نـزول
البال ،وليفتش عن ذنوبه فـي تـرك األوامـر وارتكـاب المنـاهى مـا هـر منـا ومـا بطـن .والمنازعـة فـي
القــدر إذا تعاقــب عليــه ،إنمــا يبتلــى بــجل مقابلــة ،فــان انكشـ الــبال ،وإال ،فليتخــج إلــى الــدعا
والتضــرم واالعتــجار فيــديم بالسـ ال لجــواز أن يكــون ابــتال ليسـ له ،وال يتهمــه لتـ خير اإلجابــة لمــا
بينا ،واهلل أعلم.
المقالة الثالثة والخمسون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :من أراد اآلخرة فعليه بالزهد فـي الـدنيا ،و مـن أراد اهلل
فعليـه بالزهــد فــي اآلخـرة ،فيتــرك دنيــا آلخرتــه و آخرتـه لربــه ،فمــا دام فــي قلبـه شــهوة مــن شــهوا
الدنيا و لجة من لجاتها و طلب راحة من راحتها من سائر األشيا من م كول و مشـروب و ملبـوس
و منكوح و مسكون و مركوب ،و والية ،و رياسة و طبقـة فـي علـم مـن فنـون العلـم مـن الفقـه فـوق
العب ــادا الخم ــس ،و رواي ــة الح ــديي و ق ــرا ة الق ــرآن بروايت ــه ،و النح ــو و اللغ ــة و الفص ــاحة و
الباللــة ،و زوال الفقــر و وجــود الغنــى و ذهــاب البليــة و مجــي العافيــة ،و فــي الجملــة انكشــات
الضــر و نجــئ النف ـ فلــيس بزاهــد حقــا ألن كــي واحــد مــن هــج األشــيا فيــه لــجة الــنفس و موافقــة
الهو و راحة الطب و حب له ،و كي ذل من الدنيا و مما يحبب البقا فيها و يحصي السكون
و الطم نينة إليها ،فينبغي أن يجاهد في إخراج جمي ذلـ عـن القلـب ،و ي خـج نفسـه بإزالـة ذلـ
نــواة لــيخل و قلعــه و الرضــا بالعــدم و اإلفــالس و الفقــر الــدائم ،فــال يبقــى مــن ذلـ مقــدار مـ
زهــد فــي الــدنيا ،فــإذا تــم لــه ذلـ زالــع الغمــوم و األحــزان مــن القلــب و الكــرب عــن الحشــا ،و
الراحــا و الطيــب و األنــس بــاهلل كمــا قــال عــز و جــي ( :الزهــد فــي الــدنيا يـريح القلــب و جــا
الجسد ) فما دام في قلبه شئ من ذل فـالهموم و الخـوت و الوجـي قـائم فـي القلـب و الخـجالن
الزم لــه ،و الحجــاب عــن اهلل عــز و جــي وعــن قربــه متكــاا متــراكم فــال ينكشـ جميـ ذلـ إال
بزوال حب الدنيا على الكمال و قط العالئق ب ارها ،ام يزهد في اآلخرة ،فـال يطلـب الـدرجا و
المنازل العاليا و الحور و الولدان و الدور و القصور و البساتين و المراكب و الخيـي و الحلـي
و المآكــي و المشــارب و ليــر ذلـ ممــا أعــد اهلل تعــالى لعبــاد المـ منين ،فــال يطلــب علــى عملــه
جزا أو أجرا من اهلل عـز و جـي البتـة دنيـا و ال أخـر ،فحنيئـج يجـد اهلل عـز و جـي في تيـه حسـابه
تفضال منه و رحمة ،فيقربه منه و يدنيه و يلط به و يتعرت إليه ب نوام ألطافـه و بـر كمـا هـو دأبـه
عز و جي م رسله و أنبيائه و أوليائه و خواصه و أحبابه أولى العلم به عز و جي فيكون العبد كي
يوم في مزيد أمر مدة حياته .ام ينتقي إلـى دار اآلخـرة إلـى مـا ال عـين رأ و ال أذن سـمعع و ال
خطر على قلب بشر ،مما تضيق عنه األفهام و تعجز عن و صفه العبارا ،و اهلل أعلم.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ترك الحظوظ االف مرا :األولى يكون العبد مارا في
عشوا متخبطا فيه متصرفا بطبعه في جمي أحواله من لير تعبـد لربـه و الزم فـي الشـرم يـرد و ال
جد من جدود ينتهي إليه عن حكمه ،فبينما هو على ذل ينظر اهلل إليـه يعنـى يرحمـه ،فيبعـي اهلل
إليه واعظا من خلقه من عباد الصالحين فينبهه ،و يثنيه بواعت من نفسه ،فيتضافر الواعظان علـى
نفســه و طبعــه ،فتعمــي الموعظــة عملهــا ،فتبــين عنــدها عيــب مــا هــي فيــه مــن ركــوب مطيــة الطبـ و
المخافــة فتميــي إلــى الشــرم فــي جمي ـ تصــرفاتها فيصــير العبــد مســلما قائمــا مـ الشــرم فانيــا عــن
الطب ،فيترك حرام الدنيا و شبهاتها و منن الخلـق ،في خـج مبـاح الحـق عـز و جـي و حـالل الشـرم
في م كلـه و مشـربه و ملبسـه و منكحـه و جميـ مـا البـد منـه ،لتحـتفت البنيـة و يتقـو علـى طاعـة
الرب عز و جي ،و ليستوفى قسمه المقسوم له الجي ال يتجاوز و ال سبيي إلى الخروج من الـدنيا
قبي تناوله و التلبس به و استيفائه فيسير على مطية المباح و الحالل في الشرم في جمي أحوالـه
تنتهــي بــه هــج المطيــة إلــى عتبــة الواليــة و الــدخول فــي زمــرة المحققــين و الخــواص أهــي العزيمــة
مريدي الحق ،في كي باألمر ،فحينئج يسم ندا من قبي الحق عز و جـي مـن باطنـه :أتـرك نفسـ
و تعال ،أترك الحظـوظ و الخلـق إن أرد الخـالق ،و أخلـ نعليـ ،و دنيـاك و آخرتـ ،و تجـرد
عن األكوان و الموجودا و مـا سـيوجد و األمـاني ب سـرها ،و تعـر عـن الجميـ وافـن عـن الكـي و
تطيب بالتوحيد و أترك الشرك و صدق اإلرادة .ام وط البساط باألدب مطرقا ،ال تنظر يمينا إلى
اآلخــرة و ال شــماال إلــى الــدنيا و ال إلــى الخلــق و ال إلــى الحظــوظ ،فــإذا دخــي فــي هــجا المقــام ،و
الخلعة من قبي الحق عز و جي ،و لشيته أنـوام المعـارت و العلـوم و أنـوام تحقق الوصول جا
الفضي ،فيقال له :تلبس بالنعم و الفضي و ال تسئ األدب بالرد وترك التلبس ،ألن رد نعم المل
افتئاتا على المل و استخفافا بحضرته و حينئج يتلبس بالفضي و القسـمة بـاهلل مـن ليـر أن يكـون
هو فيه و من قبي ك ن يتلبس بهوا و نفسه فله أرب حاال في تناول الحظوظ و األقسام:
األولى بالطب هو الحرام .و الثانيـة بالشـرم و هـو المبـاح و الحـالل .و الثالثـة بـاألمر و هـي
حالــة الواليــة و تــرك الهــو .و الرابعــة بالفضــي و هــي حالــة زوال اإلرادة و حصــول البدليــة و كونــه
مــرادا قائمــا مـ القــدر الــجي هــو فعــي الحــق و هــي حالــة العلــم و االتصــات بالصــالح ،فــال يســمى
صــالحا علــى الحقيقــة إال وصــي إلــى هــجا المقــام ،و هــو قولــه تعــالى} :إِ َّن َولِيم ـ َـي اللّــهُ الَّـ ِـجي نَـ َّـز َل
ين{.األعرات .551فهو العبـد الـجي كفـع يـد عـن جلـب مصـالحه و ْكتَاب و ُهو يـتَـولَّى َّ ِ ِ
ِ
الصالح َ ال َ َ َ َ َ
منافعه و عن رد مضار و مفاسـد ،كالرضـي مـ الظئـر ،و الميـع الغسـيي مـ الغاسـي ،فتتـولى يـد
القــدر تربيتــه مــن ليــر أن يكــون لــه اختيــار و تــدبير ،فــان عــن جميـ ذلـ ال حــاال و ال مقامــا و ال
إرادة ،بي القيام م القدرة ،تارة يبسط و تارة يغنى و تارة يفقر ،و يختـار و ال يتمنـى زوال ذلـ و
تغير ،بي الرضى الدائم و الموافقة األبدية ،فهو آخر ما تنتهي أحوال األوليا قدسع أسرارهم.
المقالة السادسة والخمسون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :إذا فني العبد عن الخلـق و الهـو و الـنفس و اإلرادة
و األمــاني دنيــا و أخــر و لــم يــرد إال اهلل عــز و جــي و خــرج الكــي عــن قلبــه وصــي إلــى الحــق ،و
اصطفا و اجتبا ،و أحبه و حببه إلى خلقه ،و جعله يحبه و يحب قربه ،و يتنعم بفضله و يتقلـب
فــي نعمــه و فــتح عليــه أبــواب رحمتــه ،و وعــد أن ال يغلقهــا عنــه أبــدا ،فيختــار العبــد حينئــج اهلل ،و
يــدبر بتــدبير و يشــا بمشــيئته ،و يرضــى برضــا يمتثــي أمــر دون ليــر ،و ال يــر لغيــر عــز و جــي
وجودا و ال فعال ،فحينئج يجوز أن يعد اهلل بوعد ام ال يظهر للعبـد وفـا بـجل ،و ال يغيـر مـا قـد
توهمــه مــن ذل ـ ،ألن الغيريــة قــد زالــع بــزوال الهــو و اإلرادة فصــار فــي فعــي اهلل عــز و جــي و
إرادته فيصير الوعد حينئج في حقه م اهلل عز و جي كرجي عزم على فعي شئ في نفسه و نوا ام
صــرفه إلــى ليــر كالناســخ و المنســوخ فيمــا أوحــى اهلل عــز و جــي إلــى نبينــا محمــد صــلى اهلل عليــه
َن اللّهَ َعلَ َى نس َها نَْ ِ بِ َخ ْي قر م ْنـ َها أ َْو ِمثْلِ َها أَلَ ْم تَـ ْعلَ ْم أ َّ وسلم قوله عز و جي } :ما نَنس ْخ ِمن آي قة أَو نُ ِ
َ َ ْ َ ْ
ُكـ مي َشـ ْـي ق قَ ِـد وير{.البقــرة .511لمــا كـان النبــي صـلى اهلل عليــه وســلم منـزوم الهــو و اإلرادة ســو
ض الـدنْـيَا َواللّـهُ يُ ِريـ ُد المواض التي ذكرها اهلل عز و جي في القرآن من األسر يوم بدر }تُ ِري ُدو َن َع َر َ
ِ ـاب م ـ ـ َـن اللّـ ـ ـ ِـه َسـ ـ ــبَ َق لَ َم َّ ِ ِ ِ
اب
َخ ـ ـ ـ ْجتُ ْم َع ـ ـ ـ َج و
يمـ ـ ــا أ َ
سـ ـ ـ ُك ْم ف َ ـيم * لَّـ ـ ـ ْـوالَ كتَـ ـ ـ و
اآلخــ ـ َـرَة َواللّـ ـ ــهُ َع ِزيـ ـ ـ وـز َحكــ ـ و
يم{.األنفال .11–11كجا قالوا ،و لير و هو مراد الحق عز و جي لم يترك على حالة واحدة ِ
َعظ و
َن اللّهَ َعلَ َى ُكـ مي بي نقله إلى القدر إليه فصرفه في القدر و قلبه منها ،نبهه بقوله تعالى} :أَلَ ْم تَـ ْعلَ ْم أ َّ
َش ْي ق قَ ِد وير{.البقرة .511يعنى أن في بحر القدر تقلب أمواجه تارة كجا و تارة كجا ،فمنتهى أمر
الولي ابتدا أمر النبي ما بعد الوالية و البدلية إال النبوة ،و اهلل أعلم.
المقالة السابعة والخمسون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :األحوال قب كلها ،ألنـه يـ مر الـولي بحفظهـا وكـي مـا
ي مر بحظفه فهو قب ،والقيام م القدر بسط كله ،ألنه لـيس هنـاك شـئ يـ مر بحفظـه سـو كونـه
موجودا في القدر ،فعليه أن ال ينـازم فـي القـدر بـي يوافـق وال ينـازم فـي جميـ مـا يجـر عليـه ممـا
يحلو ويمر .األحوال معدودة ف مر بحفت حدود ،والفضي الجي هو القدر لير محدود فيحفت.
وعالمة أن العبد دخي في مقام القدر والفعي والبسط أنه ي مر بالس ال في الحظوظ بعـد أن
ـي بوسـط فـ مر
أمر بتركها والزهد فيها ،ألنه لما خال باطنه من الحظوظ ولم يبق لير الرب ع َّـز و ج َّ
بالس ال والتشهي وطلب األشيا التي هي قسمه ،والبد من تناولها والتوصـي إليـه بسـ اله ،ليتحقـق
ـي عليــه بإجابتــه إلــى ذلـ ،واإلطــالق
ـي ومنزلتــه ،وامتنــان الحــق عـ َّـز و جـ َّ
كرامتــه عنــد اهلل عـ َّـز و جـ َّ
بالسـ ـ ال ف ــي عط ــا الحظ ــوظ م ــن أكث ــر عالم ــا البس ــط بع ــد الق ــب ،واإلخ ــراج م ــن األح ــوال
والمقاما والتكلي في حفت الحدود.
فإن قيي :هجا يدل على زوال التكل والقول بالزندقة والخروج من اإلسـالم ،ورد قولـه ع َّـز
ـين{.الحجـر .55قيـي ال يـدل علـى ذلـ وال يـ د إليـه بـي ِ ِ
جي َ } :وا ْعبُ ْد َربَّـ َ َحتَّـى يَْتيَـ َ الْيَق ُ
و َّ
والقبـيح فـي شـرعه ودينـه ،بـي يعصـمه مـن اهلل أكرم و وليه أعز عليه من أن يدخله في مقام الـنق
جميـ مــا ذكــر ويصــرفه عنــه ويحفظــه وينبهــه ويســدد لحفــت الحــدود ،فتحصــي العصــمة وتــتحفت
ـي َ } :كـ َجلِ َ
الحــدود مــن تكليـ منــه ومشــقة ،وهــو عــن ذلـ فــي ليبــة فــي القــرب قــال عـ َّـز و جـ َّ
ـي } :إِ َّن ِ ِ ِ ِ ِ
ـين{.يوس ـ .43وقــال عـ َّـز و جـ َّ شــا إِنَّــهُ مـ ْـن عبَادنَــا ال ُْم ْخلَصـ َ
ت َع ْنــهُ الســو َ َوالْ َف ْح َ ص ـ ِر َ
لنَ ْ
ـاد اللَّـ ـ ِـه ِ ِعبـ ـ ِ
س لَـ ـ ـ َ َعلَـ ـ ْـي ِه ْم ُسـ ـ ـ ْلطَا ون{.الحجـ ــر.34اإلسـ ـ ـرا .11وق ـ ــال تع ـ ــالى} :إَِّال عبَـ ـ َ
َ ـي
ْ ـ ـَل ي ـاد َ
ـين{.الصــافا .511+541+13+31يــا مســكين هــو محمــول الــرب وهــو مــراد ،وهــو ِ
ال ُْم ْخلَصـ َ
يربيه في حجر قربه ولطفـه ،أنـى يصـي الشـيطان لليـه وتتطـرق القبـائح والمكـار فـي الشـرم نحـو
أبعــد النجعــة وأعظمــع الفريــة وقلــع قــوال فظيعــا ،تبــا لهــج الهمــم الخسيســة الدنيــة والعقــول
الناقصــة البعيــدة و اآلرا الفاســدة المتخلخلــة ،أعاذنــا اهلل واإلخــوان مــن الضــاللة المختلفــة بقدرتــه
الشــاملة ورحمتــه الواســعة ،وســترنا ب ســتار التامــة المانعــة الحاميــة ،وربانــا بنعمــه الســابغة وفضــائله
الدائمة بمنه وكرمه تعالى ش نه.
علـى شـئ منهــا، قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :تقـام عـن الجهـا كلهــا وال تبصـب
فما دمع تنظر إلى واحدة منها اليفتح ل جهـة فضـي اهلل عـز وجـي وقربـه ،فسـد الجهـا جميعـا
بتوحيــد وإمحــا نفس ـ اــم فنائ ـ ومحــوك وعلم ـ ،فحينئــج يفــتح عــين قلب ـ جهــة فضــي اهلل
العظيم ،فتراها بعيني رأس إذا ذاك شعام نور قلب وإيمان ويقينـ فيظهـر عنـد ذلـ النـور مـن
باطن على اهرك كنور الشمعة التي في البيع المظلم في الليلة الظلما ،يظهر مـن كـو البيـع
ومنافج فيشرق اهر البيع بنور باطنه ،فتسكن النفس و الجوارح إلى وعد اهلل وعطائه عن عطـا
لير و وعد لير عز و جي .و ارحم نفسـ وال تظلمهـا وال تلقهـا فـي لمـا جهلـ ورعونتـ ،
فتنظــر إلــى الجهــا وإلــى الخلــق والحــول والقــوة والكســب واألســباب فتوكــي إليهــا ،فتســد عن ـ
الجها ولم تفتح ل جهة فضي اهلل عز وجي عقوبة ومقابلـة لشـرك بـالنظر إلـى ليـر عـز وجـي،
فإذا وجدته ونظر إلى فضله ورجوته دون لير وتعاميع عما سوا ،قرب وأدناك ،ورحم ورباك
وأطعم وسقاك ،وداواك وعفاك ،وأعطاك وألناك ،فال تر بعد ذل ال فقرك وال لناك.
المقالة التاسعة والخمسون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال تخلو حالتـ إمـا أن تكـون بليـة أونعمـة .فـإن كانـع
بليـة فتطالـب فيهـا بالصـبر ،وهـو األدنـى ،والصـبر وهـو أعلـى منـه .اـم الرضـا والموافقـة ،اـم الفنـا ،
وهو لإلبدال ،وإن كانع نعمة فتطالب فيها بالشكر عليها .والشكر باللسان والقلب والجوارح.
أمــا باللســان فــاالعترات بالنعمــة أنهــا مــن اهلل عــز وجــي :وتــرك اإلضــافة إلــى الخلــق ال إلــى
نفس وحول وقوت وكسب وال إلى ليـرك مـن الـجين جـر علـى أديهـم ،ألنـ وإيـاهم أسـباب
وآال وأداة لهــا ،وإن قاســمها ومجريهــا وموجــدها والشــالي فيهــا والمســبب لهــا هــو اهلل عــز وجــي
والقاسم هو اهلل ،والمجر هو والموجد هو ،فهو أحق بالشكر من لير .
ال نظر إلى الغالم الحمـال للهديـة إنمـا النظـر إلـى األسـتاذ المنفـج المـنعم بهـا قـال اهلل تعـالى
ْحيَـ ــاةِ ال ــدنْـيَا َو ُهــ ْـم َعـ ـ ِن ْاآل ِخ ـ َـرةِ ُهـ ـ ْـم ِ
فـ ــي حـ ــق مـــن عـــدم هـ ــجا المنظـــر } :يَـ ْعلَ ُمـــو َن َ ــاهرا مــ َـن ال َ
لَافِلُو َن{.الـروم .1فمـن نظـر إلـى الظـاهر والسـبب ولـم يجـاوز علمـه ومعرفتـه فهـو الجاهـي النـاق
قاصر العقي ،إنما سمى العاقي عاقال لنظر في العواقب.
وأما الشكر بالقلب ،فباالعتقاد الدائم .والعقد الوايق الشديد المتبرم .إن جميـ مـا بـ مـن
النعم والمناف واللجا في الظاهر والباطن في حركاتـ وسـكنات مـن اهلل عـز وجـي ال مـن ليـر ،
ويكــون شــكرك بلســان معب ـرا عمــا فــي قلب ـ .وقــد قــال عــز وجــي َ } :وَمــا بِ ُكــم م ـن نمـ ْع َمـ قـة فَ ِمـ َـن
ـاهرة وب ِ
اطنَــة {.لقمــان .41وقــال تعــالى: ِ ِ ِ
َســبَ َ َعلَـ ْـي ُك ْم ن َع َمــهُ َـ َ َ َ
اللّــه{.النحــي .14وقــال تعــالى َ } :وأ ْ
ِ ِ
وها{.النحي .51فم هجا ال يبقى لم من منعم سو اهلل تعالى. } َوإِن تَـعُدواْ ن ْع َمةَ اللّه الَ تُ ْح ُ
ص َ
وأم الشكر بالجوارح فب ن تحركها وتستعملها فـي طاعـة اهلل عـز وجـي دون ليـر مـن الخلـق،
فــال تجيــب أحــدا مــن الخلــق ،فيمــا فيــه إعــراض عــن اهلل تعــالى ،وهــجا يعــم الــنفس والهــو واإلرادة
واألماني وسائر الخليقة ،كجعي طاعة اهلل أصال ومتبوعا وإماما وما سواها فرعا وتابعـا وم مومـا ،فـإن
فعلــع ليــر ذل ـ كنــع جــائرا المــا حاكمــا بغيــر حكــم اهلل عــز وجــي الموضــوم لعبــاد الم ـ منين،
وســالكا ليــر ســبيي الصــالحين .قــال اهلل عــز وجــي َ } :وَمــن لَّـ ْـم يَ ْح ُكــم بِ َمــا أَنـ َـز َل اللّــهُ فَ ُْولَــئِ َ ُهـ ُـم
الْ َكـ ــافِ ُرو َن{.المائـ ــدة .33وفـ ــى آيـ ــة أخـ ــر َ } :وَمـ ــن لَّـ ـ ْـم يَ ْح ُكـ ــم بِ َمـ ــا أَنـ ـ َـز َل اللّـ ــهُ فَ ُْولَ ـ ــئِ َ ُهـ ـ ُـم
اس ُقو َن{.المائدة .31فيكون انهاسك إلى التي وقودها الظَّالِمو َن{.المائدة .31وفى أخر ُ } :هم الْ َف ِ
ُ ُ
النــاس والحجــارة ،وأنــع ال تصــبر علــى حمــى ســاعة فــي الــدنيا وأقــي بســطة وشــرارة مــن النــار فيهــا،
فكي صبرك على الخلود في الهاوية م أهلها النجا النجا ،الوحا الوحا ،اهلل اهلل ،أحفت الحـالتين
وشــروطهما ،فإنـ ال تخلــو فــي جميـ عمــرك مــن أحــديهما إمــا البليــة وإمــا النعمــة فـ عط كــي حالــة
حظها وحقها من الصبر والشكر على ما بينع ل ،فال تشكون في حالة البلية إلـى أحـد مـن خلـق
اهلل ،وال تظهرن الضجر ألحد وال تتهمن ربـ فـي باطنـ .وال تشـكن فـي حكمتـه واختـر األصـلح
ل في دنياك ،وآخرت ،فال تجهبن بهمت إلى أحد من خلقه في معافات فـجاك إشـراك منـ بـه
عـز وجــي ،ال يملـ معــه عـز وجــي فـي ملكــه أحـد شــيئا ال ضـار وال نــاف وال دافـ ،وال جالــب وال
مســقم ،وال مبلــي ،وال معــات وال مبــر ليــر عــز وجــي ،فــال تشــتغي بــالخلق ال فــي الظــاهر وال فــي
الباطن ،فإنهم لن يغنـوا عنـ مـن اهلل شـيئا ،بـي ألـزم الصـبر والرضـا والموافقـة والفنـا فـي فعلـه عـز
وجــي ،فــإن حرمــع ذلـ كلــه فعليـ باالســتغااة إليــه عــز وجــي ،والتضــرم مــن شـ م الــنفس ،ونزاهــة
الح ــق ع ــز وج ــي واالعت ــرات ل ــه بالتوحي ــد ب ــالنعيم ،والتب ــر م ــن الش ــرك ،وطل ــب الص ــبر والرض ــا
والموافقــة ،إلــى حــين يبل ـ الكتــاب أجلــه ،فتــزول البليــة وتنكش ـ الكربــة ،وت ـ تى النعمــة والســعة
والفرحة والسرور ،كما كان في حق نبي اهلل أيوب عليه وعلى نبينـا أفضـي الصـالة وأشـرت السـالم،
كمـا يـجهب سـواد الليـي ويـ تي بيـاض النهـار ،ويــجهب بـرد الشـتا ويـ تي نسـيم الصـي وطيبـه ألنــه
لكي شئ ضدا وخالفا ولاية وبد ا ومنتهى ،فالصبر مفتاحه وابتداس وانتهاس وجماله كمـا جـا فـي
الخبــر ( الصــبر مــن اإليمــان كــالرأس مــن الجســد ) وفــى لفــت ( الصــبر اإليمــان كلــه ) وقــد يكــون
الشكر هو التلبس بالنعم وهى أقسامه المقسومة لـ ،فشـكر التلـبس بهـا فـي حـال فنائـ ،وزوال
الهو والحمية والحفت ،وهج حالة األبدال وهى المنتهى ،اعتبر ما ذكر ل ترشد إن شـا اهلل
تعالى.
المقالة الستون
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :البدايــة :هــي الخــروج مــن المعهــود إلــى المشــروم اــم
المق ــدور ،ا ــم الرج ــوم للمعه ــود .ويش ــترط حف ــت الح ــدود ،فتخ ــرج م ــن معه ــودك م ــن المـ ـ كول
والمشروب والملبوس والمنكوح والمسكون والطب والعادة إلى أمر الشرم ونهيه ،فتتبـ كتـاب اهلل
ول فَ ُخ ُجو ُ َوَما نَـ َها ُك ْم َع ْنـهُ
الر ُس ُ
وسنة رسوله صلى اهلل عليه و سلم كما قال اهلل تعالى َ } :وَما آتَا ُك ُم َّ
فَانتَـ ُهوا{.الحشر .1وقال تعالى } :قُ ْي إِن ُكنتُ ْم تُ ِحبو َن اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُ ْحبِْب ُك ُم اللّهُ{.آل عمـران.45
فتفنى عن هواك ونفس ورعونتها في اهرك وباطن فـال يكـون فـي باطنـ ليـر توحيـدك لـه وفـى
ــاهرك ليــر طاعــة اهلل وعبادتــه ممــا أمــر ونهــى ،فيكــون هــجا دأب ـ وشــعارك وداــارك فــي حركت ـ
وسكون ،في ليل ونهارك ،وسفرك وحضرت ،وشدت ورخائـ ،وصـحت وسـقم ،وأحوالـ
كلهــا ،اــم تحمــي إلــى وادي القــدر فيتصــرت في ـ القــدر ،فتفنــى عــن جــدك واجتهــادك وحول ـ
وقوت ،فتساق إلي األقسام التي ج بها القلم وسبق بها العلم ،فتلبس بها وتعطى منها الحفت
والسالمة فتحفت فيها الحدود ويحصي فيها الموافقة لفعي المولى ،وال تتخرق قاعدة الشرم علـى
الزندقة وإباحة المحرم قال تعالى } :إِنَّا نَ ْح ُن نَـ َّزلْنَا ال مج ْك َر َوإِنَّا لَهُ لَ َحافِظُو َن{.الحجر .5وقـال تعـالى
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين{.يوس .43فتصـحب الحفـت شا إِنَّهُ م ْن عبَادنَا ال ُْم ْخلَص َ ص ِر َ
ت َع ْنهُ السو َ َوالْ َف ْح َ َ } :ك َجل َ لنَ ْ
والحميــة وإنمــا هــي أقســاما معــدة ل ـ ،فحبســها عن ـ فــي حــال ســيرك وطريق ـ وســلوك فيــافي
الطب ومفاوز الهو المعهود ،ألنها أاقال أحمال ما زيحع عن ،لئال يثقلـ فتضـعف إلـى حـين
الوصــول إلــى عتبــة الفنــا ،وهــو الوصــول إلــى قــرب الحــق عــز وجــي والمعرفــة بــه ،واالختصــاص
باألسرار والعلوم الدينية ،والدخول في بحار األنوار ،حيي ال تضر لمة الطبـائ واألنـوار ،فـالطب
باق إلى أن تفارق الروح الجسد الستيفا األقسام ،إذ لو زال الطب من اآلدمـي اللتحـق بالمالئكـة
وبطلع الحكمة ،فبقى الطب يستوفى األقسـام والحظـوظ ،فيكـون ذلـ و ائفـا ال أصـليا كمـا قـال
النبي صلى اهلل عليه و سلم ( :حبب إلي من دنياكم االف :الطيب والنسا وجعلع قرة عينـي فـي
الصالة ) فلمـا فنـي النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم عـن الـدنيا ومـا فيهـا رد إليـه أقسـامه المحبوسـة
عنــه فــي حــال ســير إلــى ربــه عــز وجــي ،فاســتوفاها موافقــة لربــه تعــالى والرضــا بفعلــه ممتــثال ألمــر ،
قدسع أسمائه وعمع رحمته ،شمي فضله ألوليائه وأنبيائـه علـيهم الصـالة والسـالم ،فهكـجا الـولي
في هجا البـاب تـرد إليـه أقسـامه وحظو ـه مـ حفـت الحـدود ،فهـو الرجـوم مـن النهايـة إلـى البدايـة،
واهلل أعلم.
المقالة الحادية والستون
فـي الـتـوقـ عـنـد كـي شـئ حـتـى يـتـبـيـن لـه إبـاحـة فـعـلـه
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :كــي م ـ من مكل ـ بــالتوق و التفتــيش عنــد حضــور
األقسام عن التناول و األخج ،حتى يشهد له الحكـم باإلجابـة ،و العلـم بالقسـمة ،و المـ من فتـاش
و المنافق لقات .و قال صلى اهلل عليه و سلم ( الم من وقات ) و قال صلى اهلل عليه و سلم ( :
دم ما يريبـ إلـى مـا ال يريبـ ) فـالم من يقـ عنـد كـي قسـم مـن مـ كول و مشـروب و ملبـوس و
منكوح و سائر األشيا التي تفتح له فال ي خج حتى يحكـم لـه بجـواز األخـج و التنـاول كحكمـه إذا
كــان فــي حالــة التقــو .أو حتــى يحكــم لــه بــجل األمــر إذا كــان فــي حالــة الواليــة .أو حتــى يحكــم
و هــي حالــة الفنــا ،اــم ت تيــه العلــم فــي حالــة البدليــة و الغوايــة ،و الفعــي الــجي هــو القــدر المحـ
حالة أخر تتناول كي ما ي تيه و يفـتح لـه مـا لـم يعتـرض عليـه الحكـم واألمـر والعلـم ،فـإذا اعتـرض
أحد هج األشيا امتن من التناول ،فهي ضد األولى.
ففــي األولــى الغالــب عليــه التوقـ و التثبــع .و فــي الثانيــة الغالــب عليــه التنــاول و األخــج و
التلبس بالفتوح .ام ت تى الحالة الثالثة.
و التلبس بما يفتح من الـنعم مـن ليـر اعتـراض أحـد األشـيا الثالاـة و هـي فالتناول المح
حقيقـة الفنــا ،فيكــون المـ من فيهــا محفو ــا مــن اآلفـا وخــرق حــدود الشــرم مصــانا مصــروفا عنــه
ش ـ ــا إِنَّـ ــهُ ِم ـ ــن ِعب ِ
ادنَـ ــا صـ ـ ـ ِر َ
ت َع ْن ـ ــهُ الس ـ ــو َ َوالْ َف ْح َ ِ ِ
األس ـ ــوا ،كم ـ ــا ق ـ ــال اهلل تع ـ ــالى َ } :كـ ـ ـ َجل َ لنَ ْ
ْ َ
ين{.يوس .43فيصير العبد مـ الحفـت عـن خـرق الحـدود كـالمقرض إليـه المـ ذون لـه و ِ
ال ُْم ْخلَص َ
المطلق له في اإلباحا الميسـر لـه الخيـر ،مـا ي تيـه قسـمه المصـفى لـه مـن اآلفـا و التبعـا فـي
الــدنيا و اآلخــرة ،و الموافــق إلرادة الحــق و رضــا و فعلــه و ال حالــة فوقهــا و هــي الغايــة ،و هــي
أصحاب األسرار ،الـجين أشـرفوا علـى عتبـة أحـوال األنبيـا صـلوا السادة األوليا الكبار الخل
اهلل عليهم أجمعين.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ما أكثر ما يقول الم من قرب فـالن و بعـد ،وأعطـى
فالن و حرمع ،وألنى فالن و أفقـر و وفـى فـالن و أسـقمع ،و عظـم فـالن و حقـر ،و حمـد
فــالن و ذممــع ،و صــدق فــالن و كــجبع .أمــا يعلــم أنــه الواحــد .وأن الواحــد يحــب الوحدانيــة فــي
المحبة ،و يحب الواحد في محبته.
إذا قرب بطريـق ليـر نقصـع محبتـ لـه عـز و جـي و شـعبع فربمـا دخلـ الميـي إلـى مـن
محبة اهلل في قلب ،و هو عز و جـي ليـور ال يحـب هر المواصلة و النعمة على يديه ،فتنق
شريكه فك أيدي الغير عن بالمواصلة و لسانه عن حمدك و انائـ و رجليـه عـن السـعي إليـ
كيال تشتغي به عنـه ،أمـا سـمعع قـول النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم ( :جبلـع القلـوب علـى حـب
مــن أحســن إليهــا ) فهــو عــز و جــي يكـ الخلــق عــن اإلحســان إليـ مــن كــي وجــه و ســبب حتــى
توحد و تحبه ،و تصير له من كي وجه بظاهرك و باطن في حركات و سكنات ،فال تر الخير
إال منه و ال الشر إال منه عز و جي ،و تفنى عن الخلـق و عـن الـنفس ،و عـن الهـو و اإلرادة و
المنى ،و عن جمي ما سو المولى ،ام يطلق األيدي إلي بالبسط و البجل و العطا ،و األلسـن
بالحمد و الثنا فيدل ابدا في الدنيا ام في العقبى ،فال تسـئ األدب ،انظـر إلـى مـن ينظـر إليـ ،
و اقبي على من أقبي إلي ،و أحب من يحب و استجب من يدعوك و أعط يـدك مـن يثبتـ مـن
سقط و يخرج من لما جهلـ ،و ينجيـ مـن هلكـ و يغسـل مـن نجاسـ ،و ينظفـ
من أوسخاك ،و يخلص من جيف و نتن ،و من أوهامـ الرديـة ،و مـن نفسـ األمـارة بالسـو
و أقران الضالل المضلين شياطني ،و أخالئ الجهال قطام طريق الحق الحائلين بين و بـين
كي نفيس و امين و عزيز.
إلى متى المعاد ،إلى متى الحق ،إلى متى الهو ،إلى متى الرعونة ،إلى متى الدنيا ،إلـى متـى
اآلخرة ،إلـى متـى سـو المـولى أيـن أنـع مـن خالقـ و األشـيا ،و المكـون األول اآلخـر الظـاهر
البــاطن ،و المرجـ و المصــدر إليــه ،و لــه القلــوب و طم نينــة األرواح و محــط األاقــال و العطــا و
االمتنان ،عز ش نه.
المقالة الثالثة والستون
قـال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :رأيـع فـي المنـام كـ ني أقـول يـا مشـرك بربـه فـي باطنـه
بنفسه و في ـاهر بخلقـه و فـي عملـه بإرادتـه ،فقـال رجـي إلـى جنبـي مـا هـجا الكـالم ،فقلـع هـجا
نوم من أنوام المعرفة.
المقالة الرابعة والستون
قـال رضـي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :ضـاق أبـى األمـر يومـا فتحـرك فـي الـنفس ،فقيـي لـي :
مــاذا تريــد فقلــع :أريــد موتــا ال حيــاة فيــه و حيــاة ال مــو فيهــا فقيــي لــي :مــا المــو الــجي ال
حياة فيه و ما الحياة التي ال مو فيها قلع:
المو الجي ال حياة فيه موتى عن جنسي من الخلق فال أراهـم فـي الضـر و النفـ ،و مـوتى
عن نفسي و هوائي و إرادتي و منائى في الدنيا و األخر فال أحس في جمي ذل و ال أجد.
فـي الـنـهـي عـن الـتـس ـخـط عـلـى اهلل فـي تـ خـيـر إجـابـة الـدعـا
فعلي بالشكر و الصبر و الموافقـة ،و تـرك السـخط و التهمـة و القيـام مـ رعونـة الـنفس و
هواها الجي يضي عن سبيي اهلل.
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال تقي ال أدعو اهلل ،فإن كان ما أس له مقسوما فسي تي
ـي جميـ مــا
إن سـ لته أو لـم أسـ له ،و إن كـان ليــر مقسـوم فـال يعطينـي بسـ ال ،بــي اسـ له ع َّـز و ج َّ
تريــد و تحتــاج إليــه مــن خيــر الــدنيا و اآلخــرة مــا لــم يكــن فيــه محــرم و مفســدة ألن اهلل تعــالى أمــر
ـي َ } :والَ
عز و ج َّب لَ ُك ْم{.لافر .11و قال َّ بالس ال له و حي عليه .قال تعالى } :ا ْدعُونِي أ ْ ِ
َستَج ْ
ضلِ ِه{.النسا .44قال النبي صـلى اس َلُواْ اللّهَ ِمن فَ ْ َّي اللّهُ بِ ِه بَـ ْع َ
ض ُك ْم َعلَى بَـ ْع ق {} َو ْ تَـتَ َمنـ َّْواْ َما فَض َ
اهلل عليه وسلم ( :اس لوا اهلل و أنتم موقنون باإلجابة ) و قال صلى اهلل عليه وسـلم ( :اسـ لوا اهلل
ببطون أكفكـم ) و ليـر ذلـ مـن األخبـار .و ال تقـي إنـي أسـ له فـال يعطينـي فـإذا ال أسـ له ،بـي دم
على دعائه ،فإن كان ذل مقسوما ساقه إلي بعد أن تس له ،فيزيد ذل إيمانا و يقينا و توحيدا و
جي ،و إن لم يكن
عز و َّ
ترك س ال الخلق و الرجوم إليه في جمي أحوال و إنزال حوائج به َّ
ـي بالقصـ .فـإن كـان فقـرا أو مرضـا أرضـاك
مقسوما ل أعطاك الغنـا عنـه و الرضـا عنـه ع َّـز و ج َّ
بهمــا و إن كــان دينــا قلــب الــدائن مــن ســو المطالبــة إلــى الرفــق و الت ـ خير و التســهيي إلــى حــين
جي اوابا
عز و َّ
ميسرت أو إسقاطه عن أو نقصه ،فإن لم يسقط و لم يترك منه في الدنيا أعطاك َّ
جزيال ما لم يعط بس ال في الدنيا ،ألنه كريم لنى رحيم ،فال يخيب سائله فـي الـدنيا و اآلخـرة
فالبد من فائدة ،و نائلة إما عاجال و إما آجال فقد جا في الحديي ( :المـ من يـر فـي صـحيفته
يوم القيامة حسنا لم يعملها و لم يدر بها فيقال له أتعرفها فيقول ما أعرفها من أين لي هـج
ـي يكـون
فيقال له إنهـا بـدل مسـ لت التـي سـ لتها فـي دار الـدنيا ) و ذلـ أنـه بسـ ال اهلل ع َّـز و ج َّ
ذاكرا اهلل و موحدا و واض الشئ في موضعه ،و معطـي الحـق أهلـه ،و متبرئـا مـن حولـه و قوتـه ،و
جي.
عز و َّ
تاركا للتكبر و التعظيم و األنفة ،و جمي ذل أعمال صالحة اوابها عند اهلل َّ
قـ ــال رضـ ــي اهلل تـعـ ــالى عـنـ ــه و أرضـ ــا :كلم ــا جاه ــد نفسـ ـ و للبته ــا و قتلته ــا بس ــي
المخالفة أحياها اهلل ،و نازعت و طلبع منـ الشـهوا و اللـجا الجنـاح منهـا و المبـاح ،لتعـود
إلى المجاهدة ليكتب ل اوابا دائما ،و هـو معنـى قـول النبـي صـلى اهلل عليـه وسـلم ( :رجعنـا مـن
الجهاد األصغر إلى الجهـاد األكبـر ) أراد مجاهـدة الـنفس لـدوامها و اسـتمرارها علـى الشـهوا و
ـي َ } :وا ْعبُـ ـ ْد َربَّـ ـ َ َحتَّــى يَْتِيَـ ـ َ
الل ــجا ،و إنهماكه ــا ف ــي المعاص ــي ،و ه ــو معن ــى قول ــه ع ـ َّـز و ج ـ َّ
ـي لنبيـه صـلى اهلل عليـه وسـلم بالعبـادة و هـي مخالفـة الـنفس، عز و ج َّ
ين{.الحجر .55أمر اهلل َّ ِ
الْيَق ُ
ألن العبادة كلها ت باها النفس و تريد ضدها إلى أن ي تيه اليقين يعنى المو .
فـإن قيـي :كيـ تـ بى نفـس رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم العبـادة و هـو عليـه والصــالة و
ِ
وحى{.الـنجم .3–4فيقـال أنـه ع َّـز و السالم ال هو له } َوَما يَنط ُق َع ِن ال َْه َو * إِ ْن ُه َو إَِّال َو ْح وي يُ َ
جي خاطب نبيه صلى اهلل عليه وسلم ليتقرر به الشرم فيكون عامـا بـين أمتـه إلـى أن تقـوم السـاعة.
َّ
جي أعطى نبيه عليه الصالة و السالم القـوة علـى الـنفس و الهـو ،كـيال يضـرا و
عز و َّ
ام إن اهلل َّ
يحوجا إلى المجاهدة ،بخالت أمته ،فإذا دام الم من على هج المجاهدة إلـى أن ي تيـه المـو و
ـي بســي مســلول ملطــخ بــدم الــنفس و الهــو أعطــا مــا ضــمن لــه مــن الجنــة، يلحــق بربــه عـ َّـز و جـ َّ
ْجنَّـ ـةَ ِهـ ـ َـي
س َعـ ـ ِن ال َْهــ َـو * فَـ ـِإ َّن ال َ
ِ
ـام َربمـــه َونَـ َه ــى الـ ـنَّـ ْف َ
ـات َم َقــ َ
ـي َ } :وأ ََّمـــا َمــ ْـن َخــ َلقولـــه عــ َّـز و جــ َّ
ال َْم َْو {.النتزعا .35–31فإذا أدخله الجنـة و جعلهـا دار و مقـر و مصـير ،أمـن مـن التحويـي
عنها و االنتقال إلى ليرها و العودة إلى دار الدنيا جدد له كي يوم و كـي سـاعة مـن أنـوام النعـيم و
تغير عليه أنوام الحال و الحلى إلى ما ال نهاية و ال لاية و ال نفاد ،كما جدد في الدنيا كي يـوم و
كي ساعة و لحظة مجاهدة النفس و الهو .
و أما الكافر و المنافق و العاصي لما تركوا مجاهدة النفس و الهو في الدنيا و تابعوها ،و
وافقوا الشيطان تمرجوا في أنوام المعاصي من الكفر و الشرك و ما دونهما حتى أتاهم المو مـن
جي َ } :واتَّـ ُقـواْ النَّ َ
ـار عز و َّ لير اإلسالم و التوبة ،أدخلهم اهلل النار التي أعد للكافرين في قوله َّ
َِّ ِ ِ ِ
ين{.آل عمـران .545فـإذا أدخلهـم فيهـا و جعلهـا مقـرهم و صـيرهم ،ف حرقـع التي أُع َّد ْ ل ْل َكـاف ِر َ
ِ
عـج ْـي ُ } :كلَّ َمــا نَضـ َـي جلــودا و لحومــا كمــا قــال عـ َّـز و جـ َّ
جلــودهم و لحــومهم جــدد لهــم عـ َّـز و جـ َّ
ـي بهــم ذل ـ كمــا وافقــوا أنفســهم و ـود ُه ْم بَـ َّـدلْنَ ُ
اه ْم ُجلُــودا لَْيـ َرَهــا{.النســا .11يفعــي عـ َّـز و جـ َّ ُجلُـ ُ
جي ،ف هي النار تجدد لهم كي وقع جلـود و لحـوم إليصـال
عز و َّ
أهوا هم في الدنيا في معاصيه َّ
العجاب و اآلالم إليهم .و سبب ذل مجاهدة النفس و عدم موافقتهـا فـي دار الـدنيا و هـجا معنـى
قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ( :الدنيا مزرعة اآلخرة ).
المقالة الثامنة والستون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :إذا أجاب اهلل عبدا ما س له و أعطا ما طلبه لم تنخرم
ـي فــي وقتــه،
إرادتــه و ال مــا جـ بــه القلــم و ســبق بــه العلــم ،لكنــه يوافــق سـ اله مــراد ربــه عـ َّـز و جـ َّ
فتحصي اإلجابة و قضا الحاجـة فـي الوقـع المقـدر الـجي قـدر لـه فـي السـابقة لبلـوغ القـدر وقتـه
ْن{.الرحمن .45أي يسوق المقادير إلى عز و جي ُ } :ك َّي يـوقم ُهو فِي َش ق
كما قال أهي العلم قوله َّ
َْ َ ّ
المواقيــع ،يعطــى اهلل أحــدا شــيئا فــي الــدنيا بمجــرد دعائــه ،و كــجل ال يصــرت عنــه شــيئا بدعائــه
المجرد ،و الجي ورد في الحديي ( و ال يرد القضا إال الدعا ) قيي إن المراد به ال يرد القضـا
إال الدعا الجي قضى أن يرد لقضائه ،و كجل ال يدخي أحد الجنة في اآلخـرة بعملـه ،بـي برحمـة
جي ،لكنه يعطى العباد في الجنة الدرجا على قدر أعمالهم.
عز و َّ
اهلل َّ
و قد ورد في حديي عائشـة رضـي اهلل عنهـا ( أنهـا سـ لع النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم هـي
يدخي أحد الجنة بعمله فقال ال برحمة اهلل ،فقالع و ال أنـع فقـال و ال أنـا إال أن يتغمـدني اهلل
ـي ال يجـب عليـه ألحـد حـق و ال يلزمـه
برحمته و وض يد علـى هامتـه ) و ذلـ ألن اهلل ع َّـز و ج َّ
الوفا بالعهد ،بي يفعي مـا يريـد يعـجب مـن يشـا و يغفـر لمـن يشـا ،و يـرحم مـن يشـا ،فعـال لمـا
يريــد و ال يســال عمــا يفعــي و هــم يســئلون ،يــرزق مــن يشــا بغيــر حســاب بفضــي رحمتــه و منتــه ،و
يمن من شا بعدله ،و كي ال يكون كجل و الخلق من لـدن العـرش إلـى الثـر التـي هـي األرض
ـي َ } :ه ْـي السابعة السفلى ملكـه و صـنعه ،ال مالـ لهـم ليـر و ال صـان لهـم ليـر ،قـال ع َّـز و ج َّ
ِمـ ْـن َخــالِ قق لَْي ـ ُـر اللَّـ ِـه{.فــاطر .4و قــال تعــالى } :أَإِلَــهو َّمـ َ اللَّـ ِـه{.النمــي .13–14–14–15–11و
قال تعالى َ } :ه ْي تَـ ْعلَ ُم لَهُ َس ِميّا{.مريم .11و قال تعالى :قُ ِي اللَّ ُه َّم َمالِ َ ال ُْم ْل ِ تُـ ْ تِي ال ُْم ْل َ َمن
شا بِيَ ِد َك الْ َخ ْيـ ُر إِنَّ َ َعلَ َى ُك مي َش ْي ق قَ ِـد وير
شا َوتُ ِجل َمن تَ َ شا َوتَن ِزمُ ال ُْم ْل َ ِم َّمن تَ َ
شا َوتُ ِعز َمن تَ َ تَ َ
ْح مـي ع وتُ ْخـ ِرج الَميَّ َ ِ
ِ * تُولِج اللَّيي فِي الْنـَّها ِر وتُولِج النـَّهار فِي اللَّي ِي وتُ ْخ ِرج ال ِ
ـع م َـن ال َ ْح َّي م َن ال َْميم َ ُ َ
ْ َ ُ َ َ َ ُ ََ ُ َْ
اب{.آل عمران.41–41 شا بِغَْي ِر ِحس ق َوتَـ ْرُز ُق َمن تَ َ
َ
فقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه :ال أبالى علـى أي حـال أصـبح ،علـى مـا أكـر
ـي ،وأو على ما أحب ،ألني ال أدر الخير في أيهما .قال ذل لحسن رضـا بتـدبير اهلل ع ّـز و ج ّ
سـى أَن َّ
ـال َو ُه َـو ُك ْـرو ل ُك ْـم َو َع َ ـب َعلَ ْـي ُك ُم ال ِْقتَ ُ ِ
الطم نينة على اختيـار و قضـائه .قـال اهلل تعـالى ُ } :كت َ
سـ ــى أَن تُ ِحبـ ــواْ َشـ ـ ْـيئا َو ُهـ ـ َـو َش ـ ـ كر لَّ ُكـ ـ ْـم َواللّـ ــهُ يَـ ْعلَـ ـ ُـم َوأَنـ ــتُ ْم الَ َّ
تَ ْك َرُهـ ــواْ َشـ ـ ْـيئا َو ُهـ ـ َـو َخ ْي ـ ـ وـر ل ُكـ ـ ْـم َو َع َ
تَـ ْعلَ ُمو َن{.البقرة.451
كن على هجا الحال إلى أن يزول هواك و تنكسر نفس فتكون ذليلة مغلوبة تابعة اـم تـزول
إرادت و أماني ،و تخرج األكوان من قلبـ و ال يبقـى فـي قلبـ شـئ سـو اهلل تعـالى ،فيمتلـئ
ـي فيـرد إليـ اإلرادة بـ مر بطلـب حـت
قلب بحب اهلل تعالى ،و تصدق إرادت في طلبه ع ّـز و ج ّ
ـي بـجل و تطلبــه ممتـثال ألمـر ،إن أعطــاك مـن الحظـوظ دنيويـة و أخرويــة ،فحينئـج تسـ له عـ ّـز و ج ّ
شــكرته و تلبســع بــه ،و إن منعـ لــم تتســخط عليــه و لــم تتغيــر عليــه فــي باطنـ و ال تتهمــه فــي
ذل ببخي ،ألن لم تكن طلبته بهواك و إرادت ،ألن فـارغ القلـب عـن ذلـ ليـر مريـد لـه ،بـي
ممتثال ألمر بالس ال و السالم.
المقالة السبعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :كي يحسن من العجب في أعمالـ و رسيـة نفسـ
فيها و طلب األعواض عليها ،و جمي ذل بتوفيق اهلل تعالى و عونه و قوتـه و إرادتـه و فضـله ،و
إن كان ترك معصيته فبعصمته و حفظه و حميته.
أيــن أنــع مــن الشــكر علــى ذل ـ و االعت ـرات بهــج الــنعم التــي أوالكهــا ،مــا هــج الرعونــة و
الجهــي ،تعجــب بشــجاعة ليــرك و ســخائه و بــجل مالــه إذا لــم تكــن قــاتال بعــودك إال بعــد معاونــة
شــجام ضــرب فــي عــدوك اــم تمنيــع قتلــه ،لــوال كنــع مصــروعا مكانــه و بدلــه ،و ال بــاذال لــبع
مال إال بعد ضمان صـادق كـريم أمـين ضـمن لـ عوضـه و خلفـه ،لـوال قولـه و طمعـ فيمـا وعـد
ل و ضمن ل ما بجلع حبة منه ،كي تعجب بمجرد فعل .
أحســن حال ـ الشــكر و الثنــا علــى المعــين و الحمــد هلل الــدائم و إضــافة ذل ـ إليــه فــي
األحوال كلها إال الشر و المعاصي و اللوم ،فإن تضيفها إلى نفس و تنسبها إلـى الظلـم و سـو
األدب و تتهمها به ،فهي أحق بجل ألنها م و لكي شر و أمارة بكي سو و داهية وإن كـان هـو
العلمـا جي خالق و خالق أفعال م كسب ،أنع الكاسب و هو الخالق كما قـال بعـ عز و ّ
ّ
جي :تجئ و ال بد من ،و قولـه صـلى اهلل عليـه و سـلم ( :اعملـوا و قـاربوا و سـددوا
عز و ّ
باهلل ّ
فكي ميسر لما خلق له ).
المقالة الحادية السبعون
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :ال يخلو إما أن تكون مريدا أو مرادا.
فــإن كنــع مريــدا ف نــع محمــي و حمــال يحمــي كــي شــديد و اقيــي ،ألنـ طالــب و الطالــب
مشقوق عليه حتى يصي إلى مطلوبـه و يظفـر بمحبوبـه و يـدرك مرامـه ،و ال ينبغـي لـ أن تنفـر مـن
بــال ينــزل بـ فــي الــنفس و المــال و األهــي و الولــد ،إلــى أن يحــط عنـ األعمــال ،و يــزال عنـ
األاقال ،و يرف عن اآلالم و يزال عنـ األذ و اإلذالل ،فتصـان عـن جميـ الرذائـي و األدران
و األوسـاخ و المهانــا و االفتقــار إلــى الخليقــة و البريـا ،فتــدخي فــي زمـرة المحبــوبين المــدللين
المرادين.
فإن قلع :كي يصلح ابتال المـراد مـ هـجا النعـيم و البيـان مـ أن االبـتال إنمـا هـو للمحـب ،و
المدلي إنما هو المحبوب.
يقال ل ذكرنا األللب أوال و سمرنا بالنادر الممكن اانيا.
ال خالت أن النبي صلى اهلل عليه و سـلم كـان سـيد المحبـوبين أشـد النـاس بـال ،و قـد قـال صـلى
اهلل عليه و سلم ( لقد خفع في اهلل ما ال يخافه أحد ،و لقد أوذيع في اهلل لم يـ ذ أحـد ،و لقـد
أتى علي االاون يوما و ليلة و ما لنا طعام إال شي يواريه إبـط بـالل ) و قـد قـال صـلى اهلل عليـه و
سلم ( إنا معاشر األنبيا أشد الناس بال ام األمثـي فاألمثـي ) و قـد قـال صـلى اهلل عليـه و سـلم (
أنا أعرفكم باهلل و أشدكم منه خوفا ) فكي يبتلـى المحبـوب و يخـوت المـدلي المـراد و لـم يكـن
ذل إال بما أشرنا إليه من بلوغ المنازل العالية في الجنة ألن المنازل في الجنة ال تشيد و ال ترف
باألعمال في الدنيا.
الدنيا مزرعة اآلخرة ،و أعمال األنبيا و األوليا بعد أدا األوامر و انتهـا النـواهي و الصـبر
و الرضا و الموافقة في حالة البال يكش عنهم البال و يواصـلون بـالنعيم و الفضـي و الـدالل و
اللقا أبد اآلباد ،و اهلل أعلم.
فـي مـن إذا دخـي األس ـواق و مـال إلـى مـا فـيـهـا
و مـن إذا دخـلـهـا و صـبـر
قـال رضـي اهلل تـعـالى عـنـه و أرضـا :الجين يدخلون األسـواق مـن أهـي الـدين و النسـ فـي
خروجهم إلى أدا ما أمر اهلل تعالى من صالة الجمعـة و الجماعـة و قضـا حـوائج تسـنح لهـم علـى
أضرب :
م ـن ـه ــم مـن إذا دخــي السـوق و رأ فيـه مــن أنـوام الشـهوا و اللــجا تقيـد بهمـا و علقــع
بقلبه فتن ،و كان ذل سبب هالكه و تركه دينه و نسكه و رجوعـه إلـى موافقـة طبعـه و إتبـام هـوا
جي برحمته و عصمته و إصبار إيا عنها فتسلم.
عز و ّ
إال أن يتداركه ّ
و م ـن ـهــم من إذا رأ ذل كاد أن يهل بها رجـ إلـى عقلـه و دينـه و تصـبر و تجـرم مـرارة
تركها ،فهو كالمجاهد ينصر اهلل تعالى على نفسه و طبعه و هوا ،و يكتب لـه الثـواب الجزيـي فـي
األخبـار عـن النبـي صـلى اهلل عليـه و سـلم أنـه قـال ( :يكتـب للمـ منين اآلخرة .كما جا في بع
بترك شهوة عند العجز عنها أو عند المقدرة سبعون حسنة ) أو كما قال.
فـي قـســم مـن األولـيـا قـد يـطـلـعـه اهلل عـلـى عـيـوب لـيـرهـم
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :قـد يُطلـ اهلل تعـالى وليـه علـى عيـوب ليـر و كجبــه و
دعوتــه و شــركه فــي أفعالــه و أقوالــه و إضــمار و نيتــه ،فيغــار ولــى اهلل لربــه و لرســوله و دينــه فيشــتد
لض ــب باطن ــه ا ــم ــاهر حاض ــرا و لائب ــا ،كيـ ـ ي ــدعى الس ــالمة مـ ـ العل ــي و األوج ــام الباطن ــة
والظاهرة و كي يدعى التوحيد م الشرك ،و الشرك كفر و بعد عن قرب اهلل و هو صفة العدو
و الشيطان اللعين ،و المنافقين المقطوم لهم بالدرك األسفي من النار و الخلود فيها فيجر علـى
دعاويــه أحــوال الصــديقين و مزاحمتــه لســان الــولي ذكــر عيوبــه و أفعالــه الخبيثــة و وقاحتــه بعــري
جي ،مرة على وجه اإلنكار له و
عز و ّ
للفانين في قدر اهلل و فعله،و المراد من على وجه الغيرة هلل ّ
ـي و إرادتــه و شــدة لضـبه علــى الكــجب
الموعظـة لــه أخـر ،و علــى وجــه الغلبـة بفعــي اهلل عـ ّـز و ج ّ
ـي ليبـة ،فيقـال أيغتـاب الـولي و هـو يمنـ منهـا أو يـجكر الغائـب و
أخر فيضـات إلـى اهلل ع ّـز و ج ّ
ـي
الحاضر بما يظهر عند الخواص و العوام فيصير ذل اإلنكار في حقهم كما قال اهلل ع ّـز و ج ّ
ِ ِ
َ } :وإِاْ ُم ُه َما أَ ْكبَـ ُر من نَّـ ْفع ِه َما{.البقرة .455في الظاهر إنكار المنكر و في الباطن إسخاط ّ
الرب و
االعتــراض عليــه فيصــير حالــه الخيــرة ،فيكــون فرضــه فيهــا الســكو و التســليم و طلــب المســاعي
الرب و الولي يطعنان الفترائه و كجبـه ،و قـد يكـون
لجل في الشرم ،و الجواز ال االعتراض على ّ
ذل سببا إلقالعه و توبته و رجوعه عـن جهلـه و حيرتـه ،فيكـون كرهـا للـولي نفعـا للمغـرور الهالـ
يم{.البقرة.454النور.31 صر ق
اط م ْستَ ِق ق بغرور و رعونته} .واللّهُ يـ ْه ِدي من ي َ ِ ِ
شا ُ إلَى ََ َ َ َ
المقالة الرابعة والسبعون
قــال رضــي اهلل تـعــالى عـنــه و أرضــا :أول مــا ينظــر العاقــي فــي صــفة نفســه و تركيبــه اــم فــي
جمي المخلوقا و المبدعا فيستدل بجل على خالقها و بمدعها ،ألن فيه داللة على الصان
و في القدرة المحكمة آية على الحكيم ،فإن األشيا كلها موجودة به.
و لـقـد أ ـهـر في هجا الكالم من أسرار المعرفة ما ال يظهر إال من مشكاة فيها مصباح ،أمر
برف ـ يــد العصــمة اللهــم فقهــه فــي ال ـدين و علمــه الت ويــي ،أنالنــا اهلل تعــالى بركــاتهم و حشــرنا فــي
زمرتهم و حرمتهم آمين.
المقالة الخامسة والسبعون
قـال رضـي اهلل تـعـالـى عـنـه و أرضـا :أوصـيـ بـتـقو اهلل و طـاعـتـه ،و لــزوم ـاهــر الـش ــرم
و ســال مـة الـصـدر ،و س ـخـا الـنـفـس ،و بـشــاشــة الـوجـه ،و بـدل الـنـد ،و كـ األذ ،و تـحـمـي
األذ و الـفـقـر ،و حـفــت حـرمــا الـمـشــايــخ و الـعـش ــرة م ـ اإلخــوان ،و الـنـصـيـحــة لـ صـالــر و
األكـابـر ،و تـرك الـخـصـومـة ،و اإلرفـاق ،و مـالزمـة اإليـثـار و مـجـانـبـة االدخار ،و تـرك صـحـبــة مــن
لـيـس مـن طـبـقـتـهـم ،و الـمـعـاونـة في أمـر الـديـن و الـدنـيـا.
و حـقـيـقـة الـفـقـر أن ال تـفـتـقـر عـلــى مــن هــو مـثـل ـ و حـقـيـقــة الـغـنــى أن تسـتغني عـمــن هــو
مـثـلـ .
و الـتـصـوت لـيـس أخـج عـن الـقـيـي و الـقـال و لـكـن أخـج عـن الـجـوم و قـط ـ الـمـ لـوفــا و
الـمـس ـتـحـس ـنـــا ،و ال تبــد ا الـفـقـيـــر بـالـعـلـــم و إبـدائـ ــه بـالـرف ــق ،ف ــإن الـعـلـــم يـوحـش ـ ــه و الـرفـ ــق
يـ نـســه.
ال ـسـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـس ـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إلب ــراه ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
ال ـ ــرض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـسـ ـ ـيــدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إلس ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ع ـ ـل ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
الـ ـص ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ألي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوب ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
اإلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ــزكـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
الـ ـغـ ـ ــربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـي ـ ـحـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
ال ـتـ ـص ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـمـ ــوسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
ال ـس ـ ـي ــاحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة لـسـ ـ ـيــدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـع ـ ـي ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ع ـ ـل ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم
الـ ـف ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر لـسـ ـ ـيــدن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـسـيـدنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـحـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد صـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى اهلل عـلـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه و سـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم
و عـلى إخـوانـه مـن الـنـبـيـيـن و الـمـرس ـلـيـن و آل كـي و صـحـب كـي و س ـلـم أجـمـعـيـن
المقالة السادسة والسبعون
ق ــال رض ــي اهلل تـعـال ــى عـنـــه و أرض ــا :أوص ـي ـ ـ أن تصــحب األلنيــا بــالتعزز ،و الفقــرا
بالتــجلي ،و علي ـ بالتــجلي و اإلخــالص ،و هــو دوام رسيــة الخــالق ،و ال تــتهم اهلل فــي األســباب و
استكن إليه في جمي األحوال ،و ال تض حق أخي اتكاال على ما بين و بينه من المودة.
و عـلـي ـ ـ بـصـحـبـ ــة الـفـقـ ــرا بالتواضـ ـ و ُحس ــن األدب و الس ــخا ،و أم ــع نفسـ ـ حت ــى
تحيى ،و أقرب الخلق من اهلل تعالى أوسعهم خلقا ،و أفضـي األعمـال :رعايـة السـر عـن االلتفـا
إلى ما سو اهلل تعالى.
و الـصـول ــة بـالـح ــق و الـصـب ــر ،و حســب مــن الــدنيا شــيئان :صــحبة فقيــر و خدمــة ولــي ،و
الفقير هو الجي ال يستغنى بشئ دون اهلل تعالى.
و الـصـولـة عـلــى مـن هـو دونـ ضـع ،و علـى مـن هـو فوقـ فخـر ،و علـى مـن هـو مثلـ
سو خلق.
و الـفـقـر و الـتـصـوت جدان فـال تخلطهمـا بشـئ مـن الهـزل ،وفقنـا اهلل و إيـاكم و المسـلمين
آمين.
يـا ولــي عـلـيـ بجكر اهلل في كي حال فإنه للخيـر جـام .و عليـ باالعتصـام بحبـي اهلل فإنـه
للمضار داف .و علي بالت هب لتلقى موارد القضا فإنه واق .
و أعـلـم أنـ مـس ـئـول عن حركات و سكنات ،فاشـتغي بمـا هـو أولـى فـي الوقـع و إيـاك و
فضول تصرفا الجوارح.
و عـلـيـ بـطـاعـة اهلل و رســوله و مـن واال و أد إليه حقه و ال تطالبه بما يجب عليه ،و ادم
في كي حال.
و عـلـيـ بـحـســن الـظـن في المسلمين و إصالح النية لهم ،و تسعى بيـنهم فـي كـي خيـر ،و
أن ال تبيع و ألحد في قلب شـر و ال شـحنا و ال بغـ ،و أن تـدعو لمـن لمـ ،و راقـب اهلل
جي.
عز و َّ
َّ
و عـلـيـ ب كي الحالل ،و الس ال ألهي العلـم بـاهلل فيمـا ال تعلـم ،و عليـ بالحيـا مـن اهلل
سبحانه و تعالى.
و أجـع ــي صـحـبـتـ ـ م ـ مــن اهلل معــه و أصــحب مــن ســو اهلل بصــحبته ،و تصــدق فــي كــي
صباح بقرص و إذا أمسيع فصي صالة الجنازة على كي من ما مـن المسـلمين فـي ذلـ اليـوم
و إذا صليع المغرب فصالة االستخارة و تقول بكرة و عشيا سب مرا ( الـلـه َّـم أجـرنـا مـن الـنـار
) و حافت على قول أعوذ بـاهلل السـمي العلـيم مـن الشـيطان الـرجيم } ُه َـو اللَّـهُ الَّ ِـجي َال إِلَـهَ إَِّال ُه َـو
ِ الشه َ ِ َعالِ ُم الْغَْي ِ
يم{.الحشـر .44إلـى آخـر سـورة الحشـر ،و اهلل الموفـق و ادة ُه َـو ال َّـر ْح َم ُن ال َّـرح ُ ب َو َّ َ
المعين ،إذ ال حول و ال قوة إال باهلل العلى العظيم.
المقالة السابعة والسبعون
يــا هـجا :مــا اـم إال خلــق وخــالق ،فــإذا اختــر الخــالق فقــي لهـم } :فَـِإنَّـ ُه ْم َعـ ُد كو لمــي إَِّال َر َّ
ب
ِ
ين{.الشعرا .11 الْ َعالَم َ
اــم قــال رضــي اهلل عنــه و أرضـا :مــن ذاق عــرت ،فقيـي لـه :مـن للبــع عليــه مـرارة صــفرته
كي يجد حالوة الجوق فقال :يتعمي في الشهوا من قبله بقصد وتكل .
يا هجا :الم من إذا عمي صالحا انقلبع نفسه قلبا وأدرك مـدركا القلـب ،اـم انقلـب قلبـه
سرا ام انقلب الفنا فصار وجودا وبقا .
إن أرد هـجا فعليـ باإلســالم اـم االستســالم ،اــم العلــم بـاهلل اــم المعرفــة اـم الــوجود .وإذا
كان وجودك له كان كل له.
الزهد عمي ساعة ،و الورم عمي ساعتين ،و المعرفة عمي األبد.
المقالة الثامنة والسبعون
ق ــال رض ــي اهلل تـع ــالى عـن ــه و أرض ــا :ألهــي المجاهــدة و المحاســبة و أولــى العــزم عشــر
خصال جربوها ،فإذا أقاموها و أحكموها بإذن اهلل تعال وصلوا إلى المنازل الشريفة :
( الـثـانـيــة ) يجتنــب الكــجب ال هــازال و ال جــادا ،ألنــه إذا فعــي ذلـ و أحكمــه مــن نفســه و
اعتاد لسـانه شـرح اهلل تعـالى بـه صـدر و صـفا بـه علمـه ،ك نـه ال يعـرت الكـجب ،و إذا سـمعه مـن
لير عاب ذل عليه و عير به في نفسه ،و إن دعا له بزوال ذل كان له اواب.
( الـثـالـث ــة ) أن يحــجر أن يعــد أحــدا شــيئا فيخلفــه ،و يقط ـ العــدة البتــة فإنــه أقــو ألمــر و
أقصــد بطريقــه ،ألن الخل ـ مــن الكــجب فــإذا فعــي ذلـ فــتح لــه بــاب الســخا و درجــة الحيــا و
أعطى مودة في الصادقين و رفعة عند اهلل جي اناس .
( الـرابـعـة ) أن يجتنب أن يلعن شيئا من الخلـق ،أو يـ ذ ذرة فمـا فوقهـا ،ألنهـا مـن أخـالق
األبرار و الصديقين ،و له عاقبة حسنة في حفت اهلل تعالى في الدنيا م ما يدخر له من الدرجا ،
جي.
عز و ّ
و يستنقج من مصارم الهالك ،و يسلمه من الخلق ،و يرزقه رحمة العباد ،و يقربه منه ّ
( الـخـامـسـة ) أن يجتنـب الـدعا علـى أحـد مـن الخلـق و إن لمـه فـال يقطعـه بلسـانه ،و ال
يكافئه بقول و ال فعي ،فإن هج الخصلة ترف صاحبها إلى الدرجا العلى .و إذا ت دب بها ينـال
منزلة شريفة في الدنيا و اآلخرة ،و المحبة و المودة في قلوب الخلـق أجمعـين مـن قريـب و بعيـد،
و إجابة الدعوة و الغلوة في الخلق ،و عز في الدنيا في قلوب الم منين.
( الـسـادسـة ) أن ال يقط الشهادة على أحد من أهي القبلة بشرك و ال كفر و ال نفاق ،فإنه
أقرب للرحمة ،و أعلى في الدرجة و هي تمام السنة ،و أبعد عن الدخول في علم اهلل ،و أبعد مـن
مقع اهلل و أقرب إلى رضا اهلل تعالى و رحمته ،فإنه باب شري كريم على اهلل تعـالى يـورف العبـد
الرحمة للخلق أجمعين.
( الـســابـعــة ) أن يجتنــب النظــر إلــى المعاصــي و يكـ عنهــا جوارحــه ،فــإن ذلـ مــن أســرم
األعمال اوابا في القلب و الجوارح في عاجي الدنيا ،م ما يـدخر اهلل لـه مـن خيـر اآلخـرة .نسـ ل
اهلل أن يمن علينا أجمعين و يعلمنا بهج الخصال ،و أن يخرج شهواتنا عن قلوبنا.
( الـثـامـن ــة ) يجتنــب أن يجعــي علــى أحــد مــن الخلــق منــه م نــة صــغيرة و ال كبيــرة ،بــي يرف ـ
م نتــه عــن الخلــق أجمعــين ممــا أحتــاج إليــه و اســتغنى عنــه ،فــإن ذلـ تمــام عــزة العابــدين و شــرت
المتقــين ،و بــه يقــو علــى األمــر بــالمعروت و النه ـى عــن المنكــر ،و يكــون الخلــق عنــد أجمعــين
ـي ،و ال يرفـ أحـدا
بمنزلة واحدة ،فإذا كان كجل نقله اهلل إلى الغنا و اليقين و الثقة بـه ع ّـز و ج ّ
ســوا ،و تكــون الخلــق عنــد فــي الحــق ســوا ،و يقطـ بـ ن هــج األســباب عــز المـ منين و شــرت
المتقين ،و هو أقرب باب اإلخالص.
( الـتـاس ـعـة ) ينبغي له أن يقط طعمه مـن اآلدميـين ،و ال يطمـ نفسـه فيمـا فـي أديهـم ،فإنـه
العــز األكبــر ،و الغنــى الخــاص ،و الملـ العظــيم ،و الفخــر الجليــي ،و اليقــين الصــافي ،و التوكــي
جي ،و هو باب من أبواب الزهد ،و به ينال
عز و ّ
الشافي الصريح و هو باب من أبواب الثقة باهلل ّ
جي.
عز و ّ
الورم و يكمي نسكه ،و هو من عالما المنقطعين إلى اهلل ّ
( الـعـاش ــرة ) التواضـ ألنــه بــه يشــيد محــي العابــد و تعلــو منزلتــه ،و يســتكمي العــز و الرفعــة
عند اهلل سبحانه و عند الخلق ،و يقدر على ما يريد من أمر الدنيا و اآلخرة و هـج الخصـلة أصـي
الخصال و كلها و فرعها و كمالها ،و بها يدرك العبد منازل الصـالحين الراضـين مـن اهلل تعـالى فـي
السرا و الضرا و هي كمال التقو .
و الـتـواضـ :هو أن ال يلقى العبد أحـدا مـن النـاس إال رأ لـه الفضـي عليـه ،و يقـول عسـى
اهلل تعـالى و أنـا قـد أن يكون عند اهلل خيرا مني و أرفـ درجـة ،فـإن كـان صـغيرا قـال هـجا لـم يعـ
عصيع فال ش أنه خير مني ،و إن كان كبيرا قال هجا عبد اهلل قبلي ،و إن كان عالما هجا أعطي
مــا لــم أبلـ ،و نــال مــا لــم أنــي ،و علــم مــا جهلــع ،و هــو يعمــي بعلمــه و إن كــان جــاهال قــال هــجا
عصى اهلل بجهي و أنا عصيته بعلم ،و ال أدر بما يختم لي و بمـا يخـتم لـه ،و إن كـان كـافرا قـال
ال أدر عسى أن يسلم فيختم له بخير العمي ،و عسـى أن أكفـر فيخـتم لـي بسـو العمـي ،و هـجا
باب الشفقة و الوجي ،و أولى ما يصحب و آخر ما يبقى على العباد ،فإذا كان العبد كجل سلمه
جي و كان من أصـفيا الـرحمن و أحبائـه،
عز و ّ
اهلل تعالى من الغوائي ،و بل به منازل النصيحة هلل ّ
و كان من أعدا إبليس عدو اهلل لعنـه اهلل و هـو بـاب الرحمـة ومـ ذلـ يكـون قطـ بـاب الكبـر و
درجـة العلـو فـي نفسـه فـي الـدين و الـدنيا و اآلخـرة ،و هـو مـخ العبـادة ،و جبال العجب ،و رفـ
لايــة شــرت الزاهــدين ،و ســيما الناســكين ،فــال شــئ منــه فضــي ،و مـ ذلـ يقطـ لســانه عــن ذكــر
العالمين و ما ال يعنى ،فال يتم له عمي إال به ،و يخرج الغي و الكبـر و البغـي مـن قلبـه فـي جميـ
أحواله ،و كان لسانه فـي السـر و العالنيـة واحـدا ،و مشـيئته فـي السـر و العالنيـة واحـدة ،و كالمـه
كجل ،و الخلق عند في النصيحة واحد ،و ال يكون من الناصحين ،و هو يـجكر أحـدا مـن خلـق
اهلل بســو أو يعيــر بفعــي ،أو يحــب أن يــجكر عنــد واحــدا بســو .و هــج آفــة العابــدين ،و عطــب
النس ــاك ،و ه ــالك الزاه ــدين إال م ــن أعان ــه اهلل تع ــالى و حف ــت لس ــانه و قلب ــه برحمت ــه و فض ــله و
إحسانه.
انه رضي اهلل تعالى عنه و أرضا لما مرض مرضه الجي ما فيه و قال له ابنـه عبـد الوهـاب
قدس سر ،أوصني يا سيدي بما أعمي به بعدك فقال رضي اهلل تعالى عنه و أرضا :علي بتقو
جي ،و ال تخ أحدا سو اهلل ،و ال ترج أحدا سو اهلل ،وكي الحـوائج إلـى اهلل ع ّـز و
عز و ّ
اهلل ّ
ـي ،و ال تعتمــد إال عليــه ،و أطلبهــا جميعــا منــه تعــالى ،و ال تتكــي علــى أحــد ليــر اهلل ســبحانه،
جـ ّ
التوحيد التوحيد جمام الكي.
و قــال رضــي اهلل تعــالى عنــه ألوالد :أبعــدوا مــن حــولي فــإني معكــم بالظ ـاهر و م ـ ليــركم
بالباطن.
و قــال رضــي اهلل تعــالى عنــه :قــد حضــر عنــدي ليــركم ف وســعوا لهــم و ت ـ دبوا معهــم ،هاهنــا
رحمة عظيمة ،و ال تضيقوا عليهم المكان.
و كان رضي اهلل تعالى عنه يقول :عليكم السالم و رحمة اهلل و بركاته ،لفر اهلل لي و لكـم،
تاب اهلل على و عليكم ،بسم اهلل لير مودعين .قال ذل يوما و ليلة.
و قال رضي اهلل تعالى عنه :ويلكم أن ال أبالى بشئ ،ال بمل و ال بمل المو ،منح لنـا
من يتوالنا سواك ،و صاح صيحة عظيمـة و ذلـ فـي اليـوم الـجي مـا فـي عشـيته رضـي اهلل تعـالى
عنه.
و أخبر ولدا الشيخ عبد الرزاق و الشيخ موسـى قدسـع أسـرارهما أن حضـرة الغـوف رضـي
اهلل تعــالى عنــه كــان يرفـ يديــه و يمــدها و يقــول :و علــيكم الســالم و رحمــة اهلل و بركاتــه ،توبــوا و
أدخلوا في الص إذا جئ إليكم.
و كان رضي اهلل تعالى عنه يقول :أوقفوا ،ام أتا الحق و سكرة المو .
و قال رضي اهلل تعالى عنه :بيني و بينكم و بين الخلق كلهم بعد ما بين السما و األرض،
فال تقيسوني ب حد و ال تقيسونا على أحد ،ام س له ولد الشيخ عبد العزيز قدس سـر عـن ألمـه و
جي.
عز و ّ
حاله فقال رضي اهلل تعالى عنه :ال يس لني أحد عن شئ ،أنا أتقلب في علم اهلل ّ
و قال رضي اهلل تعالى عنه و قد س له ولـد الشـيخ عبـد العزيـز قـدس سـر أيضـا عـن مرضـه،
فقال رضي اهلل تعالى عنه :إن مرضى ال يعلمه أحد و ال يعقله أحـد إنـس و ال جـن و ال ملـ ،مـا
ـع َو ِعنـ َد ُ أُم
شــا ُ َويُـثْبِ ُ
يـنق علـم اهلل بحكــم اهلل ،الحكـم يتغيــر و العلـم ال يتغيــر }يَ ْم ُحـو اللّــهُ َمـا يَ َ
َل َع َّما يَـ ْف َع ُي َو ُه ْم يُ ْسـ َلُو َن{.األنبيـا .44أخبـار الصـفا تمـر اب{.الرعد – .45و – } َال يُ ْس ُ ال ِ
ْكتَ ِ
كما جا .
فقــال رضــي اهلل و س ـ له ولــد الشــيخ عبــد الجبــار قــدس ســر :مــاذا ي لم ـ فــي جســم
ـي ،اـم أتـا المـو
تعالى عنه :جمي أعضـائي تـ لمني إال قلبـي فمـا بـه ألـم و هـو مـ اهلل ع ّـز و ج ّ
فكــان رضــي اهلل تعــالى عنــه يقــول :اســتعنع بــال إل ــه إال اهلل ســبحانه و تعــالى ،و الحــي الــجي ال
يخشى المو ،سبحان من تعزز بالقدرة و قهر عباد بالمو ،ال إلـه إال اهلل محمد رسول اهلل.
و أخبـر ولـد الشـيخ موسـى قــدس روحـه أنـه قـال :لمـا قربــع وفـاة حضـرة الشـيخ رضــي اهلل
تعالى عنه و أرضا كان يقول :تعزز و لم ي دها على الصحة فمـازال يكررهـا حتـى إذا قـال تعـزز و
مــد بهــا صــوته و شــدها حتــى صــاح لســانه ،اــم قــال اهلل اهلل اهلل اــم خفــي صــوته و لســانه ملتصــق
بسق حلقه ،ام خرجع روحه الكريمة رضوان اهلل تعالى عليه.