You are on page 1of 1

‫مقال‬

‫الأطفال والتلفزيون‬
‫يعتب ��ر التلف ��از من الوس ��ائل التثقيفي ��ة والترفيهي ��ة واإلعالمية في حي ��اة املجتمعات‬
‫البش ��رية وأصبح له تأثيراته على مختلف الفئات االجتماعية وخاصة األطفال‪ ،‬فقد بدأ‬
‫التلفاز يأخذ دوره وينافس دور األب واألم في مسؤولية إعداد تربية األطفال‪ ،‬وتشير بعض‬
‫الدراسات إلى أن األطفال يقضون ساعات طويلة جد ًا أمام الشاشة قبل دخولهم إملدرسة‪،‬‬
‫وهن ��اك من يرى أن للتلفزيون إيجابياته وس ��لبياته فهناك من ي ��رى أنه يعمل على تنمية‬
‫‬
‫د‪ .‬خالد بن عبدالعزيز احلرف�ش‬
‫العادات الس ��لبية لدى األطفال ويقودهم إلى االنعزال عن املجتمع وانفصام الش ��خصية‬
‫الطبيعية إلى هذا النوع من السلوك‪،‬‬ ‫وهناك من يرى أيض ًا أنه يعمل على تش ��جيع العنف واالنحراف واجلرمية لدى األطفال‪،‬‬
‫وه ��ذا يؤك ��د لن ��ا حقيق ��ة م ��دى تأثر‬ ‫بينما يرى الكثيرون عكس ذلك هناك من يرى أن التلفاز يقوم بدور الواعظ واملربي الذي‬
‫األطفال بالتلفزيون و مدى اتخاذهم‬ ‫يوضح لألطفال عواقب العنف واالنحراف واجلرمية ويجنبهم بالتالي مغبة التورط فيها‪،‬‬
‫له مورد ًا ألفكاره ��م اجلديدة وخاصة‬ ‫ومن جهة أخرى هناك من يرى أن التلفاز يساعد على تعميق املعلومات املدرسية لألطفال‬
‫عن أوضاعهم االجتماعية وتفكيرهم‬ ‫وتوس ��يعها ويؤدي بالتالي إلى زيادة التحصيل املدرس ��ي لألطفال‪ ،‬وهو أمر يناقضه بعض‬
‫في مستقبلهم االجتماعي‪.‬‬ ‫احمللل�ي�ن والباحث�ي�ن عندما يش ��يرون إلى عكس ذل ��ك حيث يؤكدون أن التلف ��از يؤدي إلى‬
‫لق ��د الحظ ��ت بع ��ض الدراس ��ات‬ ‫تعطيل األطفال عن دراستهم وبالتالي يؤدي إلى خفض مستوى حتصيلهم املدرسي‪ ،‬إنها‬
‫امليداني ��ة أن التلف ��از ال يدعم روابط‬ ‫أس ��ئلة واستفس ��ارات كثيرة تش ��ير إلى أن الكثيرين ممن بحثوا في هذا اجلانب قد وجدوا‬
‫األس ��رة بش ��دة وباألمور الت ��ي توقعها‬ ‫أن للتلفاز آثاره الس ��لبية واإليجابية‪ ،‬بيد أن هذه اآلثار ليس ��ت وليدة الصدفة إمنا ميكن‬
‫الكثي ��رون ب ��ل إن ��ه عل ��ى العك ��س من‬ ‫إرجاعها إلى التنش ��ئة االجتماعية للطفل داخل األس ��رة إلى جانب نشاطاته االجتماعية‬
‫ذلك أفس ��د روتني األس ��رة مل ��ا يحدثه‬ ‫األخ ��رى‪ ،‬وه ��ذا ما يدعو الى القول بأن أثر التلفاز ف ��ي األطفال يعود إلى محصلة القوى‬
‫م ��ن خالفات قد تقع أحيان ًا بني أفراد‬ ‫الت ��ي أث ��رت فيه قبل مش ��اهدته للبرامج التلفازي ��ة‪ ،‬والتي مازالت تؤثر فيه وس ��تظل تؤثر‬
‫األس ��رة الواح ��دة ونزاع ��ات مس ��تمرة‬ ‫في ��ه لفت ��رات طويلة قادمة‪ ،‬ألن الطفل ال يولد بطبيعة واحدة‪ ،‬وإمنا يكتس ��ب س ��لوكه من‬
‫حول أداء الواجب ��ات املنزلية‪ ،‬وكذلك‬ ‫بيئته االجتماعية التي يصبح جزء ًا منها وهكذا تتأكد لنا حقيقة أن األطفال يس ��تمدون‬
‫وض ��ع الرقاب ��ة املش ��ددة عل ��ى بع ��ض‬ ‫كثير ًا من خبراتهم عن احلياة من برامج التلفزيون وأن خبرتهم الواقعية الواعية تدفعهم‬
‫البرام ��ج الت ��ي ال يحب ��ذ اآلب ��اء أن‬ ‫إل ��ى تقب ��ل م ��ا يعرضه التلف ��از دون مناقش ��ة أو تفكير ناق ��د‪ ،‬وطبيعي أنه كلما صغر س ��ن‬
‫يش ��اهدها أطفاله ��م‪ ،‬ناهي ��ك ع ��ن‬ ‫الف ��رد وقل ��ت خبرته‪ ،‬صعب عليه الفص ��ل بني الواقع احلقيقي الذي يعي ��ش فيه والواقع‬
‫التفاض ��ل بني الفضائي ��ات واالنتقال‬ ‫اخليال ��ي ال ��ذي تقوم علي ��ه البرامج التلفزيونية وخاص ��ة البرامج الكرتوني ��ة التي أثبتت‬
‫م ��ن فضائية إل ��ى أخرى‪ ،‬وكله ��ا أمور‬ ‫الدراس ��ات أن لها تأثيراتها القوية في حياة كثير من األطفال الذين يذهبون إلى تقمص‬
‫تؤكد حقيقة الس ��لبيات واإليجابيات‬ ‫ش ��خصيات ه ��ذه البرام ��ج‪ ،‬وعلى الرغم من ذل ��ك فإننا جند من ب�ي�ن األطفال من ميتلك‬
‫واآلراء املختلف ��ة حول دور التلفاز في‬ ‫القدرة واحلس في انتقاء برامجه املفضلة ‪ ،‬فكلما زاد س ��ن الطفل وذكاؤه ‪ ،‬كان أكثر قدرة‬
‫حياة الفئات االجتماعية وخاصة فئة‬ ‫عل ��ى النق ��د والتذوق لبرام ��ج التلفاز‪ ،‬وم ��ن األهمية مب ��كان مالحظة أن األث ��ر العاطفي‬
‫األطف ��ال الذين يعتبرون األكثر تأثر ًا‬ ‫للتلفاز يزاد أهمية بالنسبة للطفل الذي يحسن االختيار ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن األطفال‬
‫بهذه الوسيلة اإلعالمية ‪.‬‬ ‫يتعلم ��ون م ��ن ه ��ذه البرامج كيفية التص ��رف في كثير م ��ن املواقف‪ ،‬وه ��ذه التصرفات قد‬
‫تتص ��ف باخلش ��ونة إذا دعت الظروف إلى ذلك‪ ،‬فكلما اس ��تمر الطفل في مش ��اهدة برامج‬
‫مدي ��ر إدارة العالق ��ات العامة واإلع�ل�ام ‪ -‬جامعة نايف‬
‫العربية للعلوم األمنية ‬ ‫العنف والتوتر والغضب ‪ ،‬زاد تشبع ًا بهذه املشاهد‪ ،‬وتأثر ًا منها وخاصة إذا كانت لديه امليول‬

‫‪89‬‬ ‫العدد «‪ »356‬ـ حمرم ‪1433‬هـ‬ ‫الأمن واحلياة‬

You might also like