Professional Documents
Culture Documents
كتب مالك بن نبي مرة يفسر حركة التاريخ والحضارة بأنها "تبدأ حينما تدخل التاريخ فكرة دينية
معينة أو عندما يدخل التاريخ مبدأ أخالقي معين" ،1و هو بهذا يناقش الطرح الماركسي للتطور
التاريخي الذي يقرر أن "كل اكتمال تاريخي ال يكون إال نتيةة الضرورا المادية ،و حااا
اإلنسان األساسية ،و بالتالي الوسائل الفنية التي يستعملها و يخترعها في تلبية الحااا ،
فالحااة والفن الصناعي يمثالن في نظر ماركس مركزي التقاطب لوسائل اإلنتاج ،المركزين
اللذين يحددان العالقات االجتماعية الخاصة بحضارة معينة" ،2لكن مهما تكن "الفكرة الدينية و
المبدأ األخالقي حاكمة كقانون في سيرورة التاريخ ،ال يسع المرء إقصاء قوانين ازئية داخلية
تحكم لفترة معينة في ظرف خاص ،كطرح المؤرخ أرنولد توينبي ،أن الحضارة بالنسبة لشعب هي
في مدى استطاعته على مقاومة الطبيعة ،أو طرح ماركس في أن وسائل اإلنتاج قانون يفسر طيفا
ازئيا ظرفيا من التاريخ ،فـــ"الناس الذين ينتةون عالقاتهم االجتماعية بما يتفق مع انتاجيتهم
فإذا أردنا أن نقيم واقعنا العربي واإلسالمي اليوم ،إحداثياته من الحضارة وخطاب الحضارة ،لن
يفو المسلم أن يصنف هذا الواقع ،كتخلف ودونية وإمبريالية مؤسساتية ،انحطاط أخالقي
والمخارج ،يبدأ في طلب شروط النهضة والحضارة وخطاب الحضارة ،بيد أن هنا مأزقا ثانيا،
وهو إنتاج خطاب حضاري خاطئ وفارغ ،من شأنه أن يوسع الهوة ويؤزم األوضاع.
خطاب الحضارة هذا في أقل وأهم بنوده ،أن يتأسس على شرطين:
.2تقديم خطاب علمي يعالج ويفيد ويقدم إضافات من شأنها أن تساهم في التغيير لألفضل.
وكل نقض لهاذين الشرطين-ولو مع الزعم في االنتماء إليهما-يأتي عقبه إنتاج علمي وفكري
يعين على مفسدة أعظم وكوارث أشد ،ولألسف فإن األمة العربية واإلسالمية في كثير من
شخصياتها ،ساهمت وبشكل كبير في نقض الشرطين مع دعوى إنتاج الفكر والحوار الحضاري،
نقض الشرط (أ) ااء من أثر تفحش الرأسمالية ولذلك سيفسره لنا قانون ماركس كظرف يتمثل
في "أن اإلنتاج الفكري يتحول بتحول اإلنتاج المادي" ،4فقديما قبل الثورة الصناعية وإلى فترة
محددة بعدها ،كان اإلحساس المةتمعي موحدا اتةاه المواضيع ،يملك ثنائية (أساسي/ثانوي)،
فلما يمر المةتمع بأزمة معينة ،أو تكون هناك ظاهرة الفتة كالحرب ،فإن المةتمع بكل كيانه
وأفراده تصبح لديه الظاهرة موضوعا أساسيا وما سواها ثانويا ،كالحرب ،فإن المرأة والرال
والطفل تتمحور حياتهم حول هذا الموضوع األساسي ،وتتحدد-بما يشبه التلقائية-مواضيع
ثانوية كالصيد واللهو ،لتضيق مساحتها ،حتى يخلو الةو للموضوع األساسي.
ااء الرأسمالية بنظام الخوصصة الفاحش ليميع األمر ،فتنتفي الثنائية (أساسي/ثانوي)
وتتحول كثير من القضايا الثانوية التافهة-بالنسبة لما هو أولى منها-إلى مواضيع أساسية تزاحم
مفهوم الحـــــضارة ،غير أنهم عالةوا موضوعا ثانويا نفخته المؤسسا الرأسمالية ،مثال :في
عز الحروب االهلية ضمن بلد عربي كسورية أو اليمن؛ قد تةد هذا الشخص مهتم بحالة البلد و
يركز في تقليص األزمة لحد المستطاع ،الشخص الثاني مهتم اهتماما أوليا بعائدا مركزه
التةاري و كم خسر أو ربح مقارنة بالشهر الماضي؛ أما البلد فال يلقي لها باال ،شخص ثالث هو
أديب رحال همه أن يسةل سفرياته المتعددة على الورق؛ ربما يكتب عن امال باريس ونهر
الراين في قلب حدث يقول ":سقط البارحة عشرة أشخاص قتلى و ثمانين اريحا".
تميع نفى الثنائية السابقة في المةتمع ما قبل الرأسمالي؛ ببساطة ألنها خلقت أهمية لكل موضوع
بقدر الموضوع اآلخر؛ فإذا كانت الحرب موضوعا خطيرا؛ فهي قد اعلت" :اإلعالنا
اإلشهارية" في قوة وخطورة الحرب؛ وخلقت مؤسسا -دور نشر مثال-تهتم بأدب الرحال
بالتالي انتفى التفاضل؛ كل شيء صار موضوعا أساسيا ،هذا ضم منظوما فكرية حتى ،ربما
تناقضها أساسا ،وأابرتها على سيرورة رأسمالية دون أن تكون كذلك ،تماما مثل بنك اسالمي
الربوي ،هو بنك يناقض روح الرأسمالية لكنه ما دام مواودا في بيئة رأسمالية سيصير كذلك
هو نفس المبدأ :خلق أهمية لمةاال مختلفة وخلق مساحة تبعده عن مةاال ثانية؛ ليصير
األمران بقدر كبير من األهمية ،ببساطة صاحبه يكتب أو يرسم حول "فن المغول" أو "أنواع
العناكب" أو "لعبة الداما" ،والشيء المشترك بين هذه األشياء أنها خاراة عن الحدث ،خاراة
عن المرحلة التاريخية؛ تابعة لحقبة ثانية ،لماذا تم االهتمام بها على خرواها عن السياق
التاريخي؟! من اديد ألنها أضحت موضوعا أساسيا تستثمره مؤسسا ؛ هذا االستثمار أعطاه
بعدا كبيرا من األهمية تزاحم المواضيع المهمة االخرى التابعة للحقبة التاريخية.
بالتالي ،بدل المواضيع األساسية الحقيقية (العلمانية ،اإللحاد ،إنتاج مناهج اقتصاد ،وتعليم،
وسياسة ...الخ ،تصدر الساحة المواضيع األساسية الزائفة؛ البرمةة العصبية ،الحب والغناء،
الحركا النسوية.
نقض الشرط (ب) يتمثل في صناعة خطاب إنشائي عام ال يملك تحته أي إضافة حقيقية ،فارغ إال
من حروف مرتبة مع بعضها ،وكما أن المةاز في اللغة يمكن معرفته بةواز نفيه ،فهذا الخطاب
اإلنشائي الفارغ ،يمكن معرفته بأنه يجعل المستمع يعود لنفسه ويفسر ما سمعه ببضاعته الخاصة،
ألنه لم يستفد أمرا إضافيا ثابتا في الكالم ،ولهذا مثال :حول تربية األطفال:
خطاب يقوله داعية" :ربوا أبناءكم تربية حسنة ،علموهم األمور الةيدة ،أن يتكلموا الكالم
الطيب ،ويفعلوا األفعال الحسان ،أن ينظفوا الشوارع ويحترموا الحريا ،أن يصبحوا أقوياء
وخطاب من سلوك اان ااك روسو في تربية طفل« :كنت آخذ معي حينما نخرج للنزهة بعد
الظهر قطعتين من الحلوى من النوع الذي يحبه تلميذي غاية الحب و أضعهما في ايبي و يأكل
كل واحد منا واحدة و نحن نتمشى بين الحقول ثم نعود مسرورين إلى البيت ،و الحظ ذا يوم
أني أخذ ثالثة قطع من تلك الحلوى ولو تركته لشأنه ألكل ستا منها بغير تردد ،فأسرع يلتهم
قطعته كي يطلب مني القطعة الثالثة قبل أن أفرغ من قطعتي ،قلت له :كال ،إني أريد أن آكلها أنا أو
نقتسمها فيما بيننا ،بيد أني أفضل أن أاعلها موضوع نزاع بين هذين الفالحين الواقفين هناك،
وناديت الفالحين ،وأريتهما الحلوى واقترحت عليهما الشرط ،فلقي منهما قبوال عظيما،
فاختر حةرا مرتفعا اعلته غاية السباق ووضعت فوقه الحلوى ،ثم رسمت على األرض خطا
ولما أصدر اإلشارة أسرع الغالمان في الةري وأدرك الظافر منهما الغاية قبل صاحبه فاستولى
على الحلوى والتهمها بغير رحمة تحت أنظار المتفراين وصاحبه مغلوب ،ولم يحدث هذا
المنظر األثر المطلوب لدى التلميذ في اليوم األول ولكني لم أكترث ولم أتعةل .فتربية األطفال
مهنة يةب أن نعرف فيها كيف نضيع الوقت لنوفره فيما بعد.
واستمر نزهاتنا اليومية على وتيرتها األولى ،وكنت آخذ أحيانا ثالث قطع من الحلوى وأحيانا
أربعا ،وبين حين وآخر أعقد سباقا بين غلمان الطريق اائزته القطعة أو القطعتان من الحلوى،
ولئن لم تكن الةائزة ذا بال ،إال أن الظافر كان يحظى دوما بالثناء العريض والمديح والتصفيق،
وفي أحيان كثيرة كنت أشرك في السباق مةموعة بأسرها من الغلمان وأاعل مسافة السباق
طويلة ،فكان المارة يتةمعون مدفوعين بالفضول ،ويرتفع الصياح والتشةيع ،فتشتد حمية
المتسابقين ،وكنت أحيانا أرى تلميذي يشتعل حماسة ،فيقف ويصيح مشةعا ومحبذا فكأن هذا
وبمرور الوقت صار يضايقه أن يرى الحلوى التي يحبها تذهب إلى حلوق الغلمان وهو واقف
يتطلع إليها ،وبدأ النبيل الصغير يدرك أن الةري مسألة ال تخلو من فوائد لذيذة الطعم ،وتذكر أن
له ساقين مثل سائر الغلمان وشرع يتمرن على الةري وحده خلسة ،وتظاهر أنا بأني ال أرى
شيئا وال أالحظ شيئا ،ولكني أدركت أن خطتي نةحت ولما أعتقد أنه صار على قسط وافر من
القوة والقدرة على الةري ،قال لي ذا مرة :أعطني قطعة الحلوة الفائضة فإني أريد أن آكلها.
النبالء الةري؟ إن الةري سيزيد شهيتك لألكل ،ولكنك لن تخرج من السباق ظافرا بما يشبع
تلك الشهية.
فحز في نفسه هذه السخرية وااتهد في ذلك اليوم أن يحصل على السبق ،وتيسر له ذلك فعال،
ألني حرصت في ذلك اليوم أن يكون الشوط قصيرا ادا واستبعد المتسابقين ،حتى يكون فوز
لنقارن اآلن بين نوعي الخطاب ،كيف سيتلقاه المستمع؟ في الخطاب األول ذكر لكلما عامة
(احترام الحريا ،األخالق ،الكالم الطيب) التي سيتلقاها المستمع دون شرح ألدوا وآليا
فعالة ،هنا سترتد المفاهيم العامة هذه في ذهن المستمع إلى خبرته الشخصية وبضاعته الذاتية،
بمعنى :ألنه لم يتم له تحديد معنى "احترام الحريا " التي سيعلمها لطفله ،هو سيعطي معنى من
مثال ،عند شخص معين سيستعمل الضــــــرب ليؤدب ابنه على نصيحة قدمها لصديق له ،الحظ
اآلن كيف تم تشغيل المفهوم العام "احترام الحريا " بترامتها إلى "عدم تقديم نصيحة
شخصية ألي كان" ،وآلية تحقيق هذا هي "الضـــرب" ،هنا ،المستمع قام بتحوير الكالم العام
المتلقى ،عبر خبرته ومفاهيمه الشخصية ،فلم يستفد معنى خارايا مضافا ،كل شيء صدر من ذاته
إال التحفيز واالشتعال العاطفي الذي صنعه الداعية ،هذا معنى :أن المستمع يعود لنفسه ويفسر ما
على العكس من ذلك ،فإن المستمع للخطاب الثاني لن يترام الكالم من خالل خبرته
الشخصية ،ألنه استفاد "اآللية" و "معنى الكالم" ،فمعاني القوة ورفع المعنويا عند تلميذ
الشخصية ،بل تعلمها كشيء إضافي اديد وسيطبقها كما هي ثابتة دون تدخل مفاهيمه الذاتية
الخاصة.
هذه كانت مقدمة ضرورية حتى نستطيع بعدها تفكيك ظاهرة "الخطاب الحضاري الفارغ"،
بةهله للموضوعا الرئيسة ،واهله بكيفية تقديم مضامين مملوءة تضيف وتقدم شيئا ،ال تكون
فارغة وال تكون كذلك خاطئة لتؤدي نتيةة معكوسة لما هو مطلوب .ونتحاكم نحن وشخصية
وسيم يوسف التي أثار مؤخرا بعض الضوضاء ،هل هي على كفاءة كما تزعم؟ حتى يبلغ بها
الحال لترديد أيقونة تظهر بين الفينة والفينة؛ «التشكيك في البخاري» ،أكثر من ذلك :استغالل
هذه الشخصية كنموذج لنقد الظاهرة عموما دون التوقف عندها ،لتصح قانونا للتقييم ،فما أسهل
الجزائر
وسيم يوسف ،دعاوي أم حقائق؟
ظهر مؤخرا الداعية وسيم يوسف ،خطيب مسةد زايد باإلمارا ،فى برنامج تلفزيوني ،قال فيه
إنه "ال يثق إال بالقرآن ويشكك في كل الكتب حتى البخارى ومسلم" ،6مضيفا "صحيح البخاري
عندما جمع األحاديث جمع 11ألف حديث ألقى 11آالف منهم فى البحر هو شك فيها ،هل من
أركان اإليمان أن أؤمن بالبخارى؟ وهل اإليمان أن البخارى من الكتب السماوية التى تؤمن بالله
ومالئكته وكتبه؟ هل البخاري منها ،اعقلوا ،مللنا تفكيركم ،داعش لم تخرج إال من هذه
الفتاوى".7
وسنؤال التعليق على هذا الحكم بعد التقييم العام ،هل الشك المنهةي هو الذي يتحدث عنه؟
أوال بأول ،دعوى طلب تنقيح البخاري والتشكيك به البد أن تستند إلى أهلية وكفاءة ،تظهر عبر
منهةية مضبوطة عموما ،ومنهةية خاصة في تناول القضايا التاريخية ،وفيما سيأتي ستظهر
"الالمنهةية " في كالم وسيم يوسف ،أضف إلى هذا غياب "الحس تاريخي بأبةدياته" ،فإذا
انتفى هذا ،يحق لنا السؤال :بأي واه علمي يتم االعتراض على صحيح البخاري؟ لكنها األلفاظ
والكلما والشعارا ال أكثر ،فكيف إذا كان يقدم نفسه على أنه يمد خطاب حضاري يحرك
يقول" :هذا البرنامج وظيفته أن يجعلك تفكر ،ما أريد أنا تقليد ،نحن من ثالثين سنة برامج دينية
نفسها ،هذا البرنامج وظيفته يحرك عقلك ،يجعلك تفكر " ،8ألن "هذا الجيل الحالي الذي لوث
nDA&feature=youtu.be6hCmq8https://www.youtube.com/watch?v=L- 6
7نفس الرابط السابق.
( I0QazLD1https://www.youtube.com/watch?v=Zzq 8الدقيقة األولى من برنامج رحيق اإليمان ).
بعضه بفكر هؤالء-يقصد من يتهمهم من المشايخ الذين في ظنه أنتجوا داعش بفتاوي التكفير
والتضليل التي أطلقوها-ما أخاطبه ،أنا ما أتكلم معهم ،أنا أتكلم للجيل الذي سيأتي بعد عشر
سنوات . . .لما خرج الشعراوي ،هؤالء نفسهم حذروا من الشعراوي ،صح؟ جيلنا اآلن ما يسمع
إال للشعراوي . . .لما خرج الطنطاوي ،هم نفسهم حذروا من الطنطاوي ،وجيلنا لآلن ال يستمع
إال للطنطاوي ،فأنا ما أخاطب الجيل الملوث بالفكر الظالمي ،بالفكر المتشدد ،بالفكر لي كله
حرام حرام ،أنا أخاطب جيل بعد عشر سنين ،جيل يستمع لوسيم ،ربما بعد عشرين سنة سيسمع
هذا التفكير والدعوة لتحريك العقل قائمة على أي منهج؟ يةيبنا" :تسألني وسيم يوسف ما
منهجك ،أنا على منهج السلف الصالح ،ما فهمه السلف الصالح ،هذا منهج وسيم ،وسيم يوسف
ما فهمه السلف الصالح يفهم ،ال يخرج عن أطر محمد صلى الله عليه وسلم والقرون الثالثة
األولى ،وأيضا لو جاءتني فتوى من سابق العهد . . .قابلة للنقد ،ما عندي مشكلة أن ننتقد الفتوى
" ثم يشرح هذا أكثر" :أنا متأثر جدا بالشيخ األلباني رحمه الله . . .والشيخ ابن عثيمين ،يعجبني
بساطة الشيخ ابن عثيمين ،والشيخ ابن باز رحمة الله عليه ،وأحب الشعراوي".10
وقد وضح لنا أنه إذا ااء شيء قابل للنقد فهو ينتقد ،ومن هذا الباب انتقاده للبخاري ،حيث:
"أحاديث انتحار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،والسحر وغيره . . .انتقدها علماء أجالء من
قبلي ،هذا العصر يوجد جدال على كل شيء ،واإلسالم اآلن في هذا الزمن ،تحت المجهر بسبب
تصرفات داعش وغيره ،البد من مراجعة التراث والنظر ألحاديث رواها البخاري أو مسلم كعقالء
وكعلماء ،أنا ال ينفع أنادي للتسامح وهناك أحاديث تسيء لدين التسامح".11
يحذرون من التطرف ويعالةون أحد قضايا العصر ،ومواضيعه األساسية (داعش و التطرف)،
واألايال القادمة بعد عشر أو عشرين سنة ستتحدث عن وسيم يوسف لربما ،خالل كل ذلك هو
تابع لمنهج السلف الصالح و متأثر ادا باأللباني . . .هكذا و بهذه الخصال والصفا ،يمكننا
أن نعتبر وسيم يوسف ممن يصدر خطابه على أنه خطاب حضاري ينادي للتسامح كما قال ،وأن
تصريحه المؤخر حول البخاري معدود بالنسبة إليه من ضمن الخطاب الحضاري الذي يةتث
ظاهرة االرهاب ويستقيم الحال لرقي أمتنا في إنسانيتها . . .و بما أنها دعوى خطاب حضاري
عام ،من املتها نقد البخاري –يزعم-كنقطة خاصة ،سنبدأ نحن بتقييم الدعوى العامة أوال،
فاحصين األهلية والكفاءة التي بموابها يزعم انتقاد البخاري ،ثم أخيرا نتكلم عن ارتةاالته التي
الذاتية؟
.8الكفاءة العلمية عموما ،والكفاءة في الحس التاريخي خصوصا التي سنةمع بعضها،
وسأضع كالم وسيم يوسف أوال كتصريحا ،ثم نمرر عليه هذه الشروط الثالثة ،ونرى أي نتيةة
عامة نخرج بها ،وقد حرصت على اختيار أهم المسائل الممكنة ،وهي مسألة صعبة فيمن يستمع
تصريحه" :عنوان حلقة اليوم «ماذا تريد» فكر قليال وانتبه لنفسك وتكلم بمصداقية ،اعلم يقينا أن
نصف العالج أن تعلم الداء ،أن تعلم أين المشكلة ،أن تصدق مع نفسك ومع ربك ،أال تكذب
على نفسك ،ربما نحن نحتاج إلى الكذب ،وربما إنسان يتعذر ،كذبة بيضاء يا شيخ ،نحتاج
للكذب ربما نتجاوز عن المشاكل لكن مع نفسك ال تكذب ،مع نفسك إياك أن تكذب ،كن
صادقا ،لو سألتك سؤاال موجها ،ماذا تريد؟ ما هدفك؟ يا سادة ،أنت حينما تقوم بتشغيل السيارة
وفي ذهنك مسار معين ،أنت يا سيدي حينما تجلس على التلفاز لمتابعة رحيق اإليمان ،هدفك أن
تشاهد رحيق اإليمان ،ربما تستفد وربما تنتقد ،هذه هي الحياة ،أنت حينما تتزوج هدفك األبناء،
وحينما يتعلم ابنك هدفك أن يعمل ويعينك في الحياة ،نحن نأكل حتى نحيا ،نحن أحيانا ننام حتى
نرتاح ،لم يوجد الله في الدنيا شيئا عبثا ،كل مقتضيات الحياة لها أهداف.
أنت هدف وجودك في الدنيا عبادة المولى و عمارة االرض حتى تستطيع أن تعبد المولى ،نحن
نحتاج في حياتنا إلى الطعام و الشراب ،هدفنا حينما نأكل أن نبقى أحياء ونغذي أنفسنا ونقوي
أنفسنا على عبادة و على عمارة ،ال هدفنا أن نشبع و تصيبنا التخمة ،حسب ابن آدم لقيمات كما
قال عليه الصالة والسالم ،حتى جعل النبي عليه الصالة والسالم تقسيم الطعام ،ثلث لطعامك
وثلث لشرابك وثلث للهواء ،حتى الهدف من الزواج ،جعل الله الهدف من الزواج ليس فقط
العالقة بين الرجل و المرأة ،العالقة السرية ،ال ،بل جعل الله عز شأنه هي الطمأنينة ،عنصر
الطمأنينة ،من أهدف الحياة األمن ،ال يصلح منك أن تبني وطنا وأن تؤدي عبادة ،وأن تذهب
و ال يعلم جاهال و ال يحمي خائفا ألنه خائف ،هذا ملخص الحياة ،انظروا للنبي عليه الصالة
والسالم ،في مكة ،و اسمع و انتبه و اعطني عقلك ،في مكة ،كفار مكة عادوا النبي صلى الله عليه
وسلم أشد العداء ،لم يأمر بعملية اغتيال ،إلى أولئك الذين ال يعرفون من اإلسالم إال صوت
الرصاص ،إلى أولئك الذين ال يعرفون من اإلسالم إال إراقة الدماء ،أهدي لهم رسالة من الرسول
عليه الصالة والسالم ،عودي وضرب بالطائف واتهم بأشد التهم ولم يأمر باالغتياالت.
وهم يعبدون األصنام ،فما ظنكم حينما يأتي رجال دين يأمرون بالتفجير والتنكيل واالغتياالت
لبني جلدتهم ولبني دينهم ،عن أي دين يتكلمون أسألكم بدين الله ،النبي عليه الصالة والسالم
أرادوا اغتياله على فراش نومه ،ولم يأمر النبي عليه الصالة والسالم باالغتيال ،ولهذا تجد النبي
عليه الصالة والسالم ،كانت الحرب ال تتجاوز حدود الحرب ،معركة النبي عليه الصالة والسالم
لم تتجاوز الحرب ،دخل لمكة قويا ومعه جنوده المجندة ولم يؤذي أحدا ،أنت ،أنت ما هدفك؟
إلى ماذا تسعى؟ كلنا هدفنا الجنة ،هل تظن دخول الجنة تدخلوها قبل دخول جنة الدنيا ،جنة الدنيا
بأخالقنا وقلوبنا البيضاء النقية ،مجرد أن أضع مسار في حياتي فأنا إنسان أنجز ولي هدف ،الفكرة
فهذا الخطاب فيما خال نصوص الشرع ،كالم عام إنشائي تنطبق عليه القاعدة التي قررناها في
المقدمة ،تةعل المستمع يترام الكالم إلى اآلليا والمعاني الذاتية فيه ،من خبرته الشخصية
دون حصوله على إضافة ثابتة ،تماما كنص الداعية المستعمل لعبارا « :ربوا أبناءكم تربية
حسنة ،علموهم األمور الةيدة ،أن يتكلموا الكالم الطيب ،و يفعلوا األفعال الحسان ،أن ينظفوا
الشوارع ويحترموا الحريا ،أن يصبحوا أقوياء للتعامل مع الواقع ،و يعيشوا على ثقافة حقيقية
غير زائفة» إال أنه يستعمل صيغ ثانية" :انة الدنيا بأخالقنا و قلوبنا البيضاء" " ،هدفنا أن نبقى
( JMQWQ10https://www.youtube.com/watch?v=ddYo 12بتصرف )
أحياء ونغذي أنفسنا"" ،نصف العالج أن تعلم الداء" ...الخ ،على أن الموضوع مهم ادا و هو
كيف يحدد المرء غاية له ،بأي وسيلة و أي نمط تحليل ،ما الخوارزمية المعتمدة ،ما الموانع و
كيفية مقاومتها ،كل هذا غير مشار إليه ،إنما هو كالم مطاطي وهالمي يفسره المرء حسب
مكتسباته الشخصية.
أما دعواه أن النبي لم يأمر باغتيال أحد منقوضة ،فقد أمر النبي بقتل عدد من كفار قريش يوم فتح
مكة ،منهم :مقيس بن صبابة وعبد الله بن أبي سرح وعكرمة بن أبي اهل (قصة سفره في البحر
مشهورة) ،وعبد الله بن خطل الذي ااء في قصته " :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل
عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه ااء رال فقال إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال
اقتلوه".13
فكيف يقال دخل مكة بةنود مةندة ولم يؤذي أحدا؟ وأن معركة النبي لم تتةاوز الحرب ،مع أن
فتح مكة لم يكن بحرب وقد أمر بقتل هؤالء لما لهم من ارائم مخصوصة ،ال تتعلق فقط بالكفر
الذي شاركه فيهم غيرهم ممن أمنهم النبي كأبي سفيان الذي قال في حقه" :من دخل دار أبي
سفيان فهو آمن" ،فكيف بمن طلب النبي قتلهم في غير فتح مكة كاليهودي كعب بن األشرف
الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" :من لكعب بن األشرف فإنه آذى الله ورسوله
فقام محمد بن مسلمة فقال :أنا يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال :نعم" ،14و ال واه لالعتراض
هنا ،فالنبي قد أهدر دم مثل كعب األشراف ألنه آذى الله و رسوله ،فهي عقوبة مستحقة،
وقد ذكر األلباني أنه "لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي السرح عند عثمان بن
عفان فةاء به حتى أوقفه على النبي ِ
صل الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله بايع عبد الله فرفع
13
صحيح البخاري.
14
صحيح البخاري.
رأسه فنظر إليه ثالثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثالث ثم أقبل على أصحابه فقال :أما كان فيكم رال
رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله .فقالوا :ما ندري يا رسول الله ما في
نفسك أال أوما إلينا بعينك؟ قال :إنه ال ينبغي لنبي أن تكون له خائنة األعين .وقال الحاكم:
«صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي" ،15ثم علق األلباني رحمه الله" :وهو كما قاال إال أن
أسباط ابن نصر وأحمد بن المفضل تكلم فيهما بعض األئمة من اهة حفظهما لكن الحديث له
شاهد يتقوى به" ،ثم ذكر الشاهد وختم قائال " :فالحديث بهذا الشاهد صحيح إن شاء الله
يقول وسيم يوسف ،في إحدى تصريحاته" :موضوع اليوم هو أن اإلنسان كائن اجتماعي يتغذى
على اآلخر ،بمعنى أقرب لك المعنى و أفهمك إياه ،بمعنى آدم عليه السالم لم يستطع أن يبقى ،أن
يحيا في الجنة إال حينما وجدت حواء ،فاستقر و أمن في الجنة ،فاإلنسان كائن اجتماعي يتغذى
على أراء اآلخرين ،يريد أراء اآلخرين ،حلقة اليوم بإذن الله تعينك عن االستغناء على آراء
اآلخرين ،أراء اآلخرين يا سيدي ،رأي اآلخر بك هو رأيه ،ال يشترط أن يعكس حقيقة ما أنت
عليه ،ربما أنا اليوم أحبك فأراك فأمدحك ،غدا مزاجي سيء جدا ،أراك أذمك ،أنا كنت أجاملك و
سأضرب لك أمثلة جميلة يا سيدي ،اسمع وانتبه ،في منزل عندك ،حائط منزلك ،ربما طوله ستة
متر أو خمسة متر ،أنت تأتي بأكبر شاشة ،ربما ال تناسب الحائط ،وربما تأخذ جزءا كبيرا من
الحائط ،سألت نفسك لماذا؟ ألن الكل يأخذ شاشات كبيرة اآلن ،فأنت أصبح عندك توافق
مجتمعي للناس وأنت ال تعلم وتريد أن تقلد الناس وأنت ال تعلم ،وهذه الخصلة سيئة سيئة جدا يا
15
السلسلة الصحيحة302-301/4 :
سيدي ،أراء الناس ليست معيار للصواب والخطأ ،بمعنى هذا تخيل لو أن النبي صلى الله عليه
لو أن يونس عليه السالم حينما خشي الناس عليه السالم وذهب للفلك فالتقمه الحوت ،هذه أراء
الناس جعلت الحوت يلتقمه ،فلما رجع لربه أرجعه الحوت ،فأراء الناس أحيانا توقعك في فم
الحوت ،ورأيك أحيانا الذي تراه الصواب هو الذي ينقذك من فم الحوت ،فيا سيدي ال داع
للتقليد ،هل تعلم يا سيدي أن مزاج اإلنسان يتغير جدا جدا بحسب األيام ،مثال يوم األحد مزاجك
ليس كيوم الخميس ،هل سمعت أحدا يقول هال باألحد ،لكنك سمعت األمة كاملة تقول هال
بالخميس.
وأبشرك أن نفسية الناس في أول الشهر ليست كآخره ،فمثال تعال اسأل رجل ما رأيك بي وكان
قبل قليل استلم راتبه ،ستجد أعذب الكالم ،لكن في المقابل تعال اسأله في نهاية الشهر وحينما
يرد له رسالة نصية تم خصم كذا وكذا درهم من راتبك ،سيخبرك بحقيقة رأيه ،فلماذا تجعل ألراء
الناس المتقلبة أجعله لباسا لي ،سئل أحدهم لماذا يسعى الشخص الرضاء من يكره قال ألن هذه
طبيعة في اإلنسان ،اإلنسان يحب المدح ،تعلم أن هذه بداية الفشل ،دعهم يكرهونك ،فليس كل
من يكرهك يا سيدي على صواب ،هل تعلم أن الطقس أحيانا يؤثر؟ ذكر أحدهم اسمه ريتشارد،
أن نسبة حب التعرف على شخص التقيت به في طقس مشمس جميل أعلى بكثير من رجل التقيت
به في جو ماطر ،بل ذكر أيضا إذا كان لك صاحب ترك التدخين ،فاحتمال ترك التدخين أكثر من
ثالثين بالمائة لك ،يا سيدي أعطيك نصيحة من ذهب ،أنت خلقت لذاتك.
من يتغذى على أراء الناس يستمد قوته من الناس ،انظر لنفسك مرآة نفسك ،هناك شخصيات من
الناس تحب الهيمنة بأفكارها ،وضع الحدود يا سيدي هو نوع من استقاللية الفكر ونمو الروح،
تخيل األنبياء لو خضعوا ألراء الناس فيهم ،لما وصل لنا دي ،تصور معي لو أن ابن سينا والحسن
بن الهيثم وجابر بن حيان وغيرهم ممن اتهموا بالهرطقة خضعوا ألراء الناس لما وصل لنا علم،
تصور لو أن ابن الهيثم رضي باستهزاء الناس به لما وصل لنا علم من عنده ،أحيانا إصرارك على
فهذا الكالم المةمل خاضع للشرط الذي وضعناه لبيان الخطاب النافع من غيره في المقدمة،
وهو يتناول موضوعا هاما ،قدرة تأثير المةتمع على الفرد ،لكن وسيم يوسف كعادته يسترسل
دون مضمون علمي ،فمثل هذا الموضوع يضرب في اذور سيكولواية الةماهير التي تحدث
عنها غوستاف لوبون ،17و فرويد 18و غيرهما ،كذلك تةارب علم النفس و السلوك التي توضح
هذا ،تةربة ميلغرام واالنصياع للسلطة ،تةربة سولومون آش ،19كل هذا غائب فكم يفهم حقا
هذا الداعية مثل هذه العناوين الكبيرة التي يطرحها ،و هل معالةته إال سطحية ليست أكثر من
خبرة شخص غير متخصص ،كيف والداعية وسيم يوسف لتدعيم كالمه يستدل بـ"سئل أحدهم"
و "شخص اسمه ريتشارد " ،هل هو التطوري الدارويني ريتشارد دوكينز؟ أم ريتشارد فايمان
الفيزيائي الحاصل على نوبل ،أم شخص آخر؟ ثم ،هل من يريد أن ينتقد أسانيد وروايا
البخاري ،يكون كالمه فيه مةاهيل ال تعرف لهم أهلية ،بالطرح األدبي اإلنشائي الفارغ.
وتستمر فلتاته التاريخية ،حيث يةعل ابن سينا وابن هيثم اتهموا بالهرطقة ،فلو خضعوا لم يصل
لنا "القانون في الطب" وغيره ،وهذا قياس على ما صنعته الكنيسة اتةاه اوردانو برونو وغاليلي،
لما كانت اكتشافاتهم العلمية تضاد التصور األرسطي الذي تبنته فكانوا يتهمون بالهرطقة ،إال أنه
يبدو على وسيم يوسف عدم التفريق بين تهمة الهرطقة بخصوص "الفلسفة اإللهية" ،والهرطقة
ينظر في المواودا الطبيعية ،بل االتهام كان للعقائد التي سطروها بخصوص الله وصفاته وما
ااء به الشرع الحنيف ،فابن سينا و الفالسفة المشائين معه كانوا يعتقدون بأزلية العالم و أنه ال
يواد بعث اسماني ،و الله ال يعلم الةزئيا المتغيرة بل فقط الكليا الثابتة ،و هذه المسائل
الثالث التي كفرهم بها الغزالي ،20على أنه يعتبر "علومهم ستة أقسام ،أما الرياضية فتتعلق بعلم
الحساب و الهندسة و علم هيئة العالم ،هي أمور برهانية ال سبيل إلى مةاحدتهم بعد فهمها
ومعرفتها ،أما المنطقيا فال يتعلق شيء منها بالدين نفيا أو إثباتا ،وأما علم الطبيعيا فهو بحث
عن عالم السماوا وكواكبها وما تحتها من األاسام المفردة كالماء والتراب والهواء و النار ،و
كما ليس من شرط الدين إنكار علم الطب فليس أيضا من شرطه إنكار ذلك العلم ،وأما اإللهيا
ولو أنه في نظر ابن تيمية "اعلهم الرياضي أشرف من الطبيعي ،واإللهي أشرف من الرياضي ،هو
مما قلبوا به الحقائق ،فإن العلم الطبيعي وهو العلم باألاسام المواودة في الخارج ،أشرف من
تصور مقادير مةردة وأعداد مةردة" مع أنه " علم يقيني ال يحتمل النقيض البتة ".22
لكن وبالرغم من هذا الموقف اإليةابي اتةاه العلم الطبيعي والرياضي ،لما سئل عن معةزا
األنبياء ،قال" :قول القائل إن معةزا االنبياء صلى الله عليهم وسلم قوى نفسانية باطل بل هو
كفر يستتاب قائله ويبين له الحق ،فإن أصر على اعتقاده بعد قيام الحةة عليه كفر" ،23وابن سينا
يؤمنون أن العالم محدث وأنهم يبعثون بأاسادهم وأرواحهم يوم القيامة كما يسلمون بعلم الله
المطلق الذي ال يفوته شيء في السماوا واألرض ،وأن معةزا األنبياء حقيقية ليست قوى
نفسانية ،بل كيف يكون االنتساب للسلف الصالح والتأثر الشديد باأللباني ،ومن المعلوم الكالم
الشديد في المتكلمين فضال عن الفالسفة ،وهذا اإلمام أحمد يقول" :علماء الكالم زنادقة " ،و
ذاك الشافعي يطلق حكما "أن يضربوا بالةريد و النعال و يطاف بهم في القبائل و العشائر و يقال
هذا ازاء من ترك الكتاب و السنة وأقبل على الكالم" فكيف بالفلسفة األرسطية؟
و حتى بالنسبة لةابر بن حيان ،فقد ذكر ابن خلدون أن له في الكيمياء "سبعون رسالة مليئة
باأللغاز ،ثم الطغرائي وله فيها دوواين ومناظرا ،ومسلمة المةريطي األندلسي ،وله فيها كتاب
رتبه الحكيم واعله قرينا لكتابه اآلخر عن السحر والطلسما والذي عنوانه غاية الحكيم ،وكل
مؤلفا الكيمياء عبارة عن ألغاز ،وينسبون للغزالي معرفة الكيمياء" ، 24و هي "علم تحويل
المواد إلى ذهب أو فضة ،وذلك بالعثور على المادة المستعدة للتحول إلى ذهب أو فضة سواء
كانت من حيوانا أومعادن ،واخضاعها بالتحليل والتقطير والتةميد والتكليس إلى أن
يستخراوا منها األكسير وهو الةسم الطبيعي الذي يلقي منه على الرصاص والقصدير والنحاس
بعد أن يحمي بالنار فيصيرهم ذهبا أو فضة" ،و لهذا حرمها ابن تيمية لما فيها من الغش والخداع
للناس ،فهي ليست علم الكيمياء كم نعرفه اليوم على يد مؤسسيه مثل الفوازيه وماري كوري
وغيرهم.
24
مقدمة ابن خلدون.
فإن قصد وسيم يوسف أن اتهام هؤالء بالهرطقة ،ناتج عن علومهم الرياضية والطبيعية ،فقد تقدم
كالم الغزالي وابن تيمية وموقفهما اإليةابي ،وحتى فتاوي التحريم كفتوى ابن صالح الشهيرة،
إنما كانت بخصوص الفلسفة األرسطية ال الرياضيا أو الفيزياء أو الطب وغيرها من العلوم.
وإن قصد أن اتهاهم بالهرطقة يخص فلسفتهم ،فهذا حكم صادق في حقهم ،خالفوا به المسلمين
والسلف الصالح الذين اتهموا أهل الكالم فكيف بهؤالء؟ وكيف لمن ينتسب إلى السلف الصالح
ويتأثر ادا باأللباني أن يخالفهم في االحتكام ألهم المسائل باعتبارها لتصنيف الناس :العقيدة
وإن قصد العلوم التي كانت في بدايتها كالكيمياء ،فهذا أوال غير وارد النتشار العلوم الثانية أكثر
وتقبلها من المسلمين علم الةبر والمقابلة ،الطب ،الهيئة...إلخ ،وثانيا الكيمياء كانت مستخدمة
في مساعي الغش والتدليس وخداع الناس كالتوهيم بأن بعض المعادن ذهب وفضة وهي ليست
كذلك ،فهذا وااب رفضه وليس الموقف منه موقفا ضد العلم بل موقف ضد الغش والتدليس.
وإن قصد أنهم إذا خضعوا ألراء الناس في باب العقيدة لم ينتةوا شيئا في العلوم ،قيل :خضوعهم
لعقيدة الناس هو عودتهم لالعتقاد الصحيح الذي دافع عنه السلف الصالح فكيف يكون االعتقاد
فما حقيقة دعوى االنتساب للسلف الصالح واأللباني مع نقض كالمهم بأصول مناقضيهم
ومخالفيهم ،وما حقيقة االطالع التاريخي لهذا الداعية؟ (لنسةلها كنقطة تاريخية إضافية).
تصريحه" :الحب ال يعرف الكذب و ال يعرف الخداع و ال النفاق ،إذا قالت لك زوجتك أحبك
هي ال تكذب ،هي ال تحسن الكذب بمشاعرها ،المرأة تحسن الكذب بخروجها ،بتسوقها،
باألسعار حينما تشتري ،تحسن الكذب أيضا حينما تأخذ من مالك ،تحسن الكذب بكل شيء إال
بمشاعرها فإذا قالت لك أحبك فاعلم أنها صادقة فال تقتلها ،قتل مشاعر المرأة يا سيدي يأتي بعدة
أمور ،أوال أن تشعرها أنك تستغني عنها ،نحن أشعرنا النساء أننا نستغني عنهن و إذا تمردت فهناك
ألف واحدة تأتي بمكانك ،و إن تمردت قليال سآتي بالثانية والثالثة والرابعة.
فتشعر المرأة أنها طبق وضع في زاوية المطبخ ،إن كسر فغيره موجود ،صدق عليه الصالة والسالم
بأبي هو و أمي رفقا بالقوارير ،لهذا صدق عليه الصالة و السالم حينما قال و طالقها كسرها ،ال
تكسرها ،هي وصية نبيك صلى الله عليه و آله وسلم ،و النبي عليه الصالة والسالم ال يوصي إال
على عظيم ،فأنت عظيمة يا سيدتي ،فلوال عظمة وجودك في الحياة لما كنت في الوصايا يا سيدي،
النساء شقائق الرجال قالها عليه الصالة و السالم ،بأبي هو و أمي سابق عائشة ،و ليس مرة بل ورد
أنه سابقها و هي ضعيفة و قالت و حينما نبت علي اللحم ،مرتان ،يا سادة ،يا سادة ،الدنيا قامت
على الحب ،دينك قائم على الحب ،أنت جسدك قائم على الحب ،تناغم بين القلب و الدم ،بين
الشهيق والزفير ،تناغم في أوردة الدم ،بين القدم اليسرى و اليمنى ،بين اليدين ،بين العينين ،تناغم
. .جسدك يقوم على الحب ،هل رأيت األذن اليمنى تختلف مع اليسرى ،هل رأيت يدك اليمنى
تختلف مع اليسرى ،قدمك اليمنى تختلف مع اليسرى ...مستحيل ألنه تناغم و محبة ...فالحياة
كلها تقوم على التناغم ،يا سادة نحن نحتاج لنتواضع قليل للنساء العظيمات ،المرأة هي نصف
المجتمع ،و هي التي أتت بالمجتمع ،و هي التي ربت المجتمع ،يا سيدي المرأة أحدنا يجلس
يضع قدما على قدم ،ثم يعيب بأمه وأخته و يقول ناقصات عقل و دين و ينسى مناسبة الحديث أو
تعليل الحديث ،و نسي في المقابل أن أم عيسى مريم حملت ثقل الجبال و صبرت صبرا لم يصبر
عليه الرجال ،كل الرجال دافعوا عن أنفسهم . .انظروا البراهيم ،انظروا لموسى ،انظروا لكل
األنبياء كيف كان الصراع بينهم وبين قومهم إال مريم صمتت ،صبرت صبرا لم تصبر عليه الرجال
وال الجبال فسالم عليها ،انظروا ألم موسى تفقد ابنها وتضعه في اليم تخاطر بابنها فصبرت صبر
السيكولواية ،تعلمت ،من خالل رسائل نساء من اميع األعمار ،أن السعادة المستقرة و الواود
العميق هما وطنا المرأة" ،26لكن وسيم يوسف دخل ألعماق المرأة و المةتمع بدون أي ممارسة
سيكولواية متخصصة و بدون أي سنوا طويلة ،ووصل إلى نتائج مثل أن المرأة ال تكذب
بمشاعرها حينما تقول لزواها أنها تحبه ،و لهذا ما نقرأه في الكتب و نطالعه كأحداث من حةم
الخيانا و التالعب ،هو غير حقيقي ،و الدليل هو "التناغم و القدم اليسرى ال تختلف عن القدم
اليمنى" كما القلب و الدم متناغمان ال يكذبان على بعضهما البعض ،فهل هذا إال إسهال أدبي،
يفتقر لكل مقوما الخطاب العلمي الذي يحرك العقل ويعلم التفكير ويؤسس ألايال قادمة
تشاهد وسيم يوسف بعد عشر أو عشرين سنة كما قال عن نفسه؟
ثم لم يكتفي إال بأن اعل مريم عليها السالم حملت حمال لم يتحمله أنبياء كابراهيم و موسى،
ومريم صديقة ليست بنبية ،مع أن النبي عليه الصالة و السالم يقول " :أشد الناس بالء األنبياء ثم
األمثل فاألمثل" فكيف تكون مريم عليها السالم حملت حمال لم يحمله ابراهيم و موسى؟ ثم لم
يرضى إال أن يتناقض ،فمن اهة مريم حملت حمال لم تحمله الةبال وال الراال ،وأم موسى
صبر صبر الةبال فقط (اإلسهال األدبي مرة أخرى) ،فهل هذا حال من ينتسب للسلف الصالح
ويتأثر ادا باأللباني ،ثم يقول كالما ينقض األحاديث التي اعتقدوها ،ويوافق ضمنيا ما يفرضه
اإلعالم العالمي والمحلي من حركا نسوية وظواهر الفيمينزم ،بأن مريم ابتليت أكثر من ابراهيم
تصريحه . . . " :الله عز وجل جعل للجنة سلم ترتقي إليه ،من السلم أول قاعدة التوحيد ثم
التعامل مع الناس ثم األخالق ،ثم ثم ثم ،وفي آخره تصل للجنة ،فمن المستحيل أنا أن أنتقل
لوصف الحور العين ،وأنا أجلس كشاب أفقد آلية القرآن الكريم في األخالق ،أفقد آلية القرآن
26
المرأة بحث في سيكولوجيا األعماق – بيير داكو.
الكريم في التعامل مع أبي وأمي ،لماذا أغلب من تصدر من الشباب لاللتحاق بداعش أو بتنظيم
االخوان أو كذا ،تجد عندهم سوء بر ،ما عندهم بر ،عقوق للوالدين ،ليه؟ أنا أسألك سؤال ،أغلب
من تصدر في الجماعات اإلسالمية المتأسلمة للقتال ،أغلبهم ابتلوا بعقوق الوالدين ،ليه؟ ألنهم
هم قفزوا بهم ،قفزوا ،تعالوا حور عين ،و نسوا أن أعظم شيء ،الزم قدمها فثم الجنة ،و قضى ربك
أال تعبدوا إال إياه و بالوالدين إحسانا ،إذن نحتاج نحن كما رتب الله الخطاب القرآني في عقولنا،
أن نرتب الخطاب القرآني في العقول الناشئة ،ال يعقل أنا أن آتي لمحاضرة ال أتكلم إال على النار،
والنار وكذا ،األفاعي والعقارب ،و أنا أمامي شاب مهترئ من الذنوب ،الذنوب تأكله فيرى
فيصبح يبحث عن غفران الذنب بأسرع وسيلة ولو أن يفجر نفسه كما يفعل الجماعات اإلسالمية
".27
فنرى مزيدا من الخطاب الحضاري الفارغ من أي مضمون ،الذي يةعل المستمع يفهم من ذاته ال
من كالم يملك مضمونا حقيقيا ،بحيث يختزل ظاهرة معقدة مثل "الةماعا اإلسالمية" ونشوء
الحركا الةهادية ،أنها _غالبا_بسبب عقوق الوالدين ،فإذا كان الةميع مطيعا لوالديه ستختفي
الحركا الةهادية وتنظيم اإلخوان ،فهل هذا إال اهل بالواقع في شخص ينتظر منه أنه ينطلق من
ودراسة ظاهرة مثل داعش و انضمام األفراد إليها ،تقتضي بدراة أولى التحليل السياسي والنفسي
وما يعرضه ،ألن عملية االستدالل بآية أو حديث لتبرير فعل ما ،غالبا ما تكون القشرة السطحية
التي تكمن ورائها األسباب الحقيقية و لذلك يذكر دايفيد باتريك هوتون "أن معظم الهةما
(تاريخيا في األقل) كانت مستوحاة علمانيا و ليس دينيا ،إذ يقول بيب بهذا الشأن« :تشير البيانا
إلى أن العالقة بين اإلرهاب االنتحاري واألصولية اإلسالمية ،أو أي مذهب ديني من العالم عالقة
محدودة ،و الحقيقة أن قادة الهةوم االنتحارية هم نمور التاميل في سريالنكا ،و هم اماعة
تشترك فيه الةماعا االنتحارية اميعها هو هدف علماني استراتيةي محدد ،كدفع الدول
الديموقراطية المتطورة إلى سحب قواتها العسكرية من مناطق يعتبرها اإلرهابيون وطنهم و نادرا
ما يكون الدين أصل القضية ،على الرغم أنه غالبا ما يستخدم من اهة المنظما اإلرهابية كأداة
لتةنيد األعضاء وغير ذلك من الةهود التي تبذلها في خدمة أهدافها االستراتيةية األوسع»،28
ثم يعرض لنا دايفيد باتريك هوتون بعض نظريا علم النفس التي تفسر هذه الظاهرة (نظريا
ليس فيها عقوق الوالدين) منها نظرية النراسية–العدوان حيث "يرى بعض الباحثين أبرزهم
ريتشارد بيرلشتاين في كتابه «عقل اإلرهابي السياسي» ،كذلك اون كريتون وايرولد بوست
يرون أن النراسية في حالتها المتطرفة يمكن أن يعطي تفسيرا للنشاط اإلرهابي ،فالشخص
اإلرهابي وفقا لهذه النظرية يكون على اقتناع تام بأهميته في العالم".
الحظ المتكلم بطريقة علمية كيف ذكر "ريتشارد بلشتاين الباحث" ،ال على طريقة وسيم يوسف
ومن النظريا أيضا ،التفكير الةمعي الذي يوضحه "اانيس بثمانية أعراض يمكن اعتمادها كتشخيص لهذه
الحالة:
.1توهم الحصانة أو واود إحساس غير مبرر بالحصانة ،إذ يتطور لدى الةماعة تفاؤل مفرط يشةعها
على المخاطرة.
.8التبرير الةمعي ،يسقط أعضاء الةماعة من حسابهم ما يصلهم من تحذيرا ،ويغفلون النظر فيما
.4النظرة النمطية للةماعة الخاراية (أو األخرى) ،حين تطور الةماعة نظرة مفرطة في تبسيطها ،وفي
.3ممارسة الضغط المباشر على الخاراين عن الةماعة ،يوااه األعضاء ضغطا شديدا من الةماعة
.6الرقابة الذاتية ،يحةم األعضاء عن التعبير عن شكوكهم وا ختالفهم مع ما تةمع عليه الةماعة.
.7وهم اإلاماع ،يسود افتراض أن رأي األغلبية هو الرأي المةمع عليه ،مع أن بعض األعضاء تساورهم
وكما نرى ليس هناك أي "عقوق والدين " في هذه الشروط المذكورة.
وهذا التحليل يوافق عليه أمثال كارين أرمسترونغ ،30وناعوم تشومسكي ،31المشهور بعدائه للصهيونية
والسياسة األمريكية (الدولة المارقة) ،فأي كفاءة علمية تطرحها فكرة "عقوق الوالدين " أمام ترسانة من
التحليل النفسي والسياسي الذي يكشف حقيقة هذه الحركا ( .لنسةلها نقطة تاريخية أخرى)
ذكر ابن خلدون أن "الفاضل أبو القاسم بن رضوان كاتب العالمة بالدولة المرينية قال :ذاكر
يوما صاحبنا أبا العباس بن شعيب كاتب السلطان أبي الحسن ،وكان المقدم في البصر للسان
لعهده ،فأنشدته مطلع قصيدة ابن النحوي ولم أنسبها له وهو هذا:
لم أدر حينما وقفت باألطالل ****ما الفرق بين اديدها والبالي
فقال لي عن البديهة :هذا شعر فقيه ،فقلت له :ومن أين لك ذلك؟ قال :من قوله ما الفرق إذ هي
من عبارا الفقهاء وليست من أساليب كالم العرب ،فقلت :لله أبوك إنه ابن النحوي".32
هذا أبو العباس بن شعيب استطاع إدراك قائل البيت أنه فقيه من آثار صنعة البيت الشعري ،لما له
من حس ااد وقوي باللسان ،وكل صاحب حس معين له من القدرة على النقد والكشف بمقدار
اودة حسه ذاك ،فهل الحس التاريخي والواقعي لوسيم يوسف من الةودة بمكان ليستطيع انتقاد
البخاري والتشكيك فيه؟ بالنقاط التاريخية السابقة التي امعناها وهي في موضوعا مهمة ،لن
نخرج إال بنتيةة أن الحس النقدي التاريخي لهذا الداعية ضعيف وهزيل.
-تصوير التاريخ بمنحى على خالف ما كان (اتهام ابن سينا والفالسفة بالهرطقة وعدم خضوعهم
ألراء الناس).
أضف كالمه العلمي الذي فيه "سئل أحدهم " و "شخص اسمه ريتشارد".
32
مقدمة ابن خلدون -المجلد الثاني.
ثم بعد ذلك دعوى االنتساب للسلف الصالح والتأثر باأللباني ،في حين التصريح بكالم مبني
واألبعد من ذلك ،دعوى تحريك العقل وتشغيل التفكير ،وأن األايال القادمة ستسمع لوسيم
يوسف ،والحق أنه خطاب فارغ من المضمون العلمي الذي يبني اإلنسان ،هو فقط يجعل
المستمع يعود لنفسه ويفسر ما سمعه ببضاعته الخاصة ،ألنه لم يستفد أمرا إضافيا ثابتا في الكالم.
لكن لنتابع النقاط التي أثارها فيما يخص التشكيك بصحيح البخاري:
يقول" :أنا لم أرفض البخاري كامال وال يقول هذا الكالم عاقل ،بل جعل البخاري بمنزلة
كالقرآن ،هذا ال يرضاه حتى نبي اإلسالم الذي نهى عن كتابه حديثه ،أنا أرى أن بعض األحاديث
كما رأى األلباني رحمه الله ،ورأى البيهقي والدراقطني أن فيها ضعف وإن وردت من البخاري
يقال :ذكر أن النبي نهى عن كتابة حديثه ،هذا ال يقوله من ال يرفض البخاري كامال ،إذ هي حةة
دعاة إنكار السنة ،فأي حااة وأي سياق لذكرها هنا فيمن يزعم أنه ال يرفض البخاري كامال؟
ثم دعوى أن رؤيتك مثل رؤية األلباني ،هذه مةرد ترطيب ،فلو صرحت أنك توافق األلباني فيما
ضعفه من صحيح البخاري ،متأثرا به ومقلدا له لما اعترض عليك أحد ،لكنك زعمت التشكيك
دون تعيين ،فهل هو شك منهةي مثل صنيع األلباني القائم على منهةية علم الحديث نفسها ،أم
.1الشك المنهةي :كما تقدم بنا في طريقة األلباني لما تكلم عن قصة ابن أبي سرح و علق
على قول الحاكم و موافقة الذهبي له ،قال" :و هو كما قاال إال أن أسباط ابن نصر و أحمد
بن المفضل تكلم فيهما بعض األئمة من اهة حفظهما لكن الحديث له شاهد يتقوى به"
لتصحيح/تضعيف هذه الرواية أو تلك ،كما فعل من قبله البيهقي والدارقطني وابن تيمية
- .8الشك الالمنهةي :و هو الذي ال يحتكم إلى منهةية أهل الحديث في دراسة الراال
واألسانيد و المتون ،بل يقبل ويرد األحاديث بمنطقه الذاتي على طريقة ابن عربي في
زعمه أن الرؤيا و الكشف "يصحح من األخبار مع ضعف بالنقل ،و قد ينفي من األخبار
ما ثبت عندنا بالنقل" 34حيث "يقبح بالمريد أن ينتسب إلى مذهب من مذاهب
المختلفين ،سوى طريقة الصوفية ،فإن قواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب والناس
إما أصحاب النقل واألثر و إما أرباب العقل و الفكر ،و شيوخ هذه الطريقة ارتقوا عن هذه
الةملة ،فالذي للناس غيب لهم ظهور والذي للخلق من المعارف مقصود ،فلهم من
وسنرى أن طريقة وسيم يوسف من الشك الالمنهةي ،أقرب للعاطفة وأهل الوصال منها إلى
األلباني وأصحاب االستدالل ،ثم يأتي ويزعم أنه ينتسب للسلف الصالح ومتأثر ادا باأللباني،
فيا ليت شعري أين هذا التأثر؟ فالقضية ليست ضد وسيم يوسف كما يسلط الضوء على نفسه ،بل
القضية ضد الشك الالمنهةي الذي ال يملك أي أساس يقوم عليه إال األهواء واألذواق.
يكمل وسيم يوسف " :هذا العصر يوجد جدال على كل شيء واإلسالم اآلن في هذا الزمن تحت
المجهر ،بسبب تصرفات داعش وغيره ،البد من مراجعة التراث والنظر ألحاديث رواها البخاري
أو مسلم كعقالء وكعلماء ،أنا ال ينفع أن أنادي بالتسامح وهناك أحاديث تسيء لدين التسامح".36
البخاري في المسألة؟ ثم إنه هنا ينكشف لنا طبيعة الشك الذي يملكه وسيم يوسف ،حيث هو
يدعوا للتسامح وهناك أحاديث تسيء لدين التسامح من منظوره ،وليس هذا إال الشك
الالمنهةي ،فقضية التسامح ليست بمعيار علمي ،وهي ال تحل شيئا ألن ما تةيزه على صحيح
البخاري سينسحب على القرآن ،فاالعتراض على حديث تعمل به داعش ،يةب أن يتبعه أيضا
االعتراض على اآليا التي تستدل بها داعش ،فهل نحذفها من المصحف؟
فإذا استدل الداعشي بحديث " إنما أمر أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال الله " هذا ال
يدل على " أنه ضد التسامح " فهو أيضا يستدل بقوله تعالى "و اقتلوهم حيث ثقفتموهم" ،فإذا
أمكن « بأصول الفقه » توضيح أن هذه اآلية ال تدل بحال على مطلق القتل إال ضمن توفر شروط
وانتفاء موانع ،تم توضيح معنى الحديث أيضا « بأصول الفقه » أنه ال يدل بحال على مراد
الداعشي ،بل يستدل به في غير موضعه و يفهمه على غير حقيقته ،و هذا غلطه الخاص ال يؤثر في
الحديث شيئا ،كمن استدل من الخوارج على علي رضي الله عنه بالنصوص التي تثبت الحكم
وقد تقدم بنا أن ظاهرة داعش والحركا الةهادية ليست متحركة بنصوص دينية بقدر عوامل
نفسية وسياسية ،كما وضح دايفيد باتريك هوتون وغيره ،نظرية النراسية-العدوان مع التفكير
الةمعي وأعراضه ،ولكن لةهل هذا الداعية بحقيقة الوضع يلوم األحاديث ولو اتسق سيلوم
قال" :صحيح البخاري ،في النهاية اإلمام البخاري . .جمعه جمع بشر وجاء بعد عقود يجمع
أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،والبشر تتناقل وتزيد أو تنقص ...وبما أن البخاري
مخلوق وما ينتج عن الخلق يعتريه النقص ،إذن من الطبيعي أن يكون منتج هذا المخلوق فيه
نقص".
فيقال :لنعتبر إذن كالمك بما أنك مخلوق أنه ناقص في حق البخاري-كما هو واقع األمر-ثم
دعوى أن البخاري مخلوق بالتالي عمله ناقص ،هذه الةملة تحوي في أحشائها مغالطة ،فهل
المقصود منهةية علم الحديث أنها ناقصة ،أم أن تطبيق البخاري للمنهةية قد يعتريه النقص ،و
هذا األخير هو الصحيح ،لكن المنهةية قد تبلغ شروطها الكمال والعصمة ،مثلما منهةية أصول
الفقه معصومة كأداة لفهم النص ،لكن تطبيق هذه المنهةية بصورة صحيحة من الفقيه قد ال يقع
دائما ،وإال إذا ااز الغلط في أصول الفقه كأداة لفهم نصوص الوحي فهذا يبطل الوحي بخطوة
واحدة ،وهل تسللت بدع الباطنية و التأويل الفاسد إال من هذا الطريق ،فـ "أصول الفقه التي هي
العلم بأاناس أدلة الفقه و صفة االستدالل ،و نحو ذلك ،فهذه األصول ال تستلزم واود الفروع،
و إذا كان الفرع فاسدا لم يواب فساد أصله ،إذ قد يكون فساده من اهة أخرى غير اهة
األصل" ،37و من ذلك ما حكي قوال عن الشافعي عن عدم تحريم المخلوقا من ماء الزنا،
فـــ"الذين قالوها كالشافعي وابن مااشون رأوا النسب منتفيا لعدم اإلرث ،فانتفت أحكامه كلها،
و التحريم من أحكامه ،والذين أنكروها قالوا أحكام النسب تختلف ،فيثبت لبعض األنساب ما ال
يثبت للبعض اآلخر ،فباب التحريم يتناول ما شمله اللفظ و لو مةازا ،حتى تحرم بنت البنت".38
فالخطأ يكون من اهة غلط تطبيق أصول الفقه ال من اهة األصول عينها ،و هكذا بالنسبة لعلم
الحديث و مصطلحه ،يكون الغلط من اهة تطبيق المصطلح ال الغلط فيه بحد ذاته ،و لهذا األئمة
الذين صححوا ما ضعفه غيرهم أو ضعفوا ما صححه غيرهم كاأللباني وغيره ،إنما اشتغلوا بنفس
المصطلح ولم يضيفوا قواعد اديدة له ،بل كان نقدهم متواها في غلط تطبيق القواعد ،و هذا هو
صحيحا ،أما عدم استعمال القواعد أصال و اللعب على العواطف ورفع شعارا كالتسامح،
الزمها االحتكام للعاطفة والذوق الشخصي ،فهذا ليس على أصول من ينسب حاله للسلف
الصالح واأللباني ،بل على أصول الرؤيا والكشف و أهل الوصال ال االستدالل.
وهو يعمد إلى تخويف وترهيب واحتكام للعاطفة الذاتية ،دون أن يحل المسألة بطريقة أصولية،
ثم يؤكد لنا أنه يدعو للتسامح ويرفض أحاديث تسيء لدين التسامح ،فهل هذه إال عاطفة وذوق
شخصي (نوع ثان من الكشف والرؤيا) تعبر عن شك المنهةي غير مؤسس على خلفية منهةية
قال" :أنا أوجه رسالة لألمة و زعماء األمة ألصحاب القرار ،إلى الملوك أن يستمعوا إلعادة النظر
في بعض أحاديث البخاري كما فعل العلماء من قبل ،أنا لم آت بقول جديد ،سبقني في هذا
األلباني رحمه الله ،نحن ال نمنع البخاري ،لكن البد من تصفية البخاري ،داعش استدلت
بأحاديث كثيرة من البخاري ،القاعدة استدلت بأحاديث كثيرة من البخاري ،نحن اآلن في زماننا ما
بين التطرف واإللحاد ،البد من حفظ هذا الجيل بإعادة النظر ،أنا ما طعنت وال أطعن ،لكن أطالب
بتنقيح كتاب قبل 1211سنة ،ال يعقل أن يكتب كتاب قبل 1211سنة و يجرد عن نظر العلماء
به ،هل األلباني لما نظر به و أعاد النظر في األحاديث و ضعف أحاديث ،لوال الشك الذي دخل
فيقال :أنت غير مسبوق باأللباني ،فهو صاحب شك منهةي يستند لقواعد المصطلح ،على
خالفك ،شك المنهةي معياره التسامح وعدم استدالل داعش والقاعدة به ،ويؤكد لنا أن شكه
غير ممنهج وفوضوي ال يهتم بقواعد المصطلح ،لما يقول أن داعش استدلت بأحاديث هي
أو لدعم فكرة لهم ،أم أن االستدالل بالحديث ال يقدح فيه إذا كان المستدل به لم يفهمه على
واهه ،تماما مثل اآليا الكثيرة التي تستدل بها داعش و القاعدة؟
ولم يذكر حديثا واحدا استدلت به داعش أو القاعدة يقول هو برده وتضعيفه ،مةرد كالم عام على
طريقته في أن "القدم اليمنى ال تختلف عن اليسرى" و "المرأة ال تكذب حينما تقول لك أحبك"،
ولو ذكر حديثا معينا لحصل على اوابه وتخريةه وتم إيضاح سوء فهمه وقلة درايته.
ثم إنه يشير إلى أزمة العصر من التطرف واإللحاد ،وهو الذي يزعم تحريك العقل وإعمال
التفكير ،حتى أن األايال القادمة قد تستمتع له ،فكيف سيحل أزمة التطرف؟ هل هو برد
األحاديث والخطاب العاطفي وخلق تناقض بين المفهوم من الشرع والوادان الداخلي ثم
التأويل بناء على هذا األخير ،وكيف سيرد على اإللحاد ،على ماركس ونيتشه وراسل وهيوم،
بفكر تحليلي فلسفي ينتج عنه أن داعش مواودة بسبب عقوق الوالدين؟
وبالةمع بين قوله هنا أن داعش والقاعدة استدلت بأحاديث كثيرة ،مع قوله عن مريم أنها صبر
صبرا لم يصبره الراال (إبراهيم وموسى) وال الةبال ،يظهر أن الداعية متأثر باإلعالم والصحافة
العالمية وما تنتةه من فكر الشعوري ،هو المحرك بخلق عاطفة وذوق محدد تدين األصولية
اإلسالمية وتدعم حركا تحررية كالفيمينزم ولو بدراا أولى ،وال أثر ألي استدالل يدفع
مر بنا نماذج من الخطاب الذي يقدمه وسيم يوسف وكيف هو خال من أي مضمون علمي ،يجعل
المستمع يعود لنفسه و يفسر ما سمعه ببضاعته الخاصة ،ألنه لم يستفد أمرا إضافيا ثابتا في الكالم،
وغاية ما ينتةه مثل هذا النوع من الخطاب هو حماس واشتعال مؤقت ،فكان الشرط (ب) –
تقديم خطاب علمي يعالج ويفيد ويقدم إضافات من شأنها أن تساهم في التغيير لألفضل غير
محقق.
فماذا بخصوص الشرط (أ) – تحديد الموضوعات األساسية والمفصلية التي تملك تأثيرا كبير؟
بدل أن نةد موضوعا رئيسية حقيقية تحرك العقل والتفكير (العلمانية ،التحليل السياسي
والنفسي من منطلق شرعي للحركا الةهادية ،اإللحاد ...الخ) وادنا مواضيع تتحدث عن
الحب والوفاء في الحب وكم المرأة عظيمة صبر صبرا لم يحتمله الراال والةبال ،ثم ارتداد
هي ذا المواضيع التي خلقتها مؤسسا الرأسمالية بفلسفتها الحداثية وساهم في ترسيخها
اإلعالم العالمي ،ليخلق وعيا اديدا يحتكم به المةتمع دون شعوره بذلك ،حتى ظهر لنا
شخصيا تزعم الفكر وتنتسب له متأثرة للنخاع بهذا الوعي الرأسمالي الةديد :كالشحرور،
تقول كل شيء إال الحلول واألدوا العلمية التي يتحسن من ورائها الواقع.
ونتيةة لهذا "لم يكن المسلم...سوى اإلنسان الذي يتبع طريق السهولة ،الذي سيؤدي إلى
تحقيق بعض الرغبا الرخيصة الثمن ،حينا في الركض وراء استقالل ال تؤيده مقوما السيادة
الحقيقية ،ألنه لم يةهد نفسه في التفكير فيها ،وحينا في البحث عن واود يتناقض وشروط
على "أنه ال يمكن تحقيق تحرر فعلي إال في العالم الواقعي وبالوسائل الواقعية" ،فلم "يمكن
نقض العبودية من دون اآللة البخارية ،وال نقض الرق من دون تحسين الزراعة" ،ألن "التحرر هو
فعل تاريخي وليس فعال ذهنيا" ،41كما يحاول هؤالء عبر مواضيع ثانوية (الحب والوفاء ،عظمة
ما معنى" :إذا قالت لك زوجتك أحبك هي ال تكذب" ثم" :أم عيسى مريم حملت ثقل الجبال
وصبرت صبرا لم يصبر عليه الرجال ،كل الرجال دافعوا عن أنفسهم ،انظروا البراهيم ،انظروا
لموسى ،انظروا لكل األنبياء كيف كان الصراع بينهم وبين قومهم إال مريم صمتت ،صبرت صبرا
لم تصبر عليه الرجال وال الجبال فسالم عليها" ثم" :لماذا أغلب من تصدر من الشباب لاللتحاق
بداعش أو بتنظيم االخوان أو كذا ،تجد عندهم سوء بر ،ما عندهم بر ،عقوق للوالدين" و شباب
"داعش استدلت بأحاديث كثيرة من البخاري ،القاعدة استدلت بأحاديث كثيرة من البخاري ،نحن
عبر آلية:
" أنا أوجه رسالة لألمة وزعماء األمة ألصحاب القرار ،إلى الملوك أن يستمعوا إلعادة النظر في
عن معالةة الموضوعا الرئيسية باألدوا العلمية ال الشعبوية ،وقد رأينا بعض آثار هذا على
الداعية:
هذا ال يختلف كثيرا عن التصويرا التي وضعتها الصحافة الدولية (كما الشروط التي فرضتها
المؤسسا الرأسمالية لاللتحاق بها) في أدبياتها لإلنسان المسلم ،صورة كاريكاتورية بلحية
شعثة كثيفة وعباءة قصيرة وواه عبوس حاقد ،مقابل الرال التنويري الوسيم النظيف.
كما نةد صورة المرأة المحةبة المسلمة الحزينة والةالسة على قوائمها األربع ،يركب فوقها
الرال صاحب اللحية الشعثة المتسخة بواهه العبوس الشهواني يحمل في يده سيفا يقطر دما،
مقابل المرأة الفيمينزم المتحررة التي تصافح راال متنورا يمسك قلما ويكتب مقاال ،في وضع
إنها عملية إنتاج وعي اديد يصادم المسلما األولى وال يتحاكم إلى أصولها ومبادئها ،بل
ينقضها ،ثم يتم اعتباره على أنه هو خطاب الحضارة والمستقبل الزاهر ،كما وادنا وسيم يوسف
يصرح عن نفسه :يحرك العقل والتفكير ،يدعو لحفظ هذا الةيل ،واألايال القادمة ربما تسمع
-تهميش موضوعا السيادة الحقيقية واالشتغال بموضوعا اانبية (الحب والوفاء في الحب،
إنها ظاهرة كاملة بهذه الخصائص يةب الحد منها واالنعطاف نحو طريق الخطاب العلمي
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم عليهم تسليما كثيرا.