You are on page 1of 3

‫العربية‬

‫ّ‬ ‫السنوي الثاني لمراكز األبحاث‬


‫ّ‬ ‫المؤتمر‬

‫قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني‬


‫ّ‬

‫‪ 9-7‬كانون األول‪ /‬ديسمبر ‪3102‬‬

‫مرجعية‬
‫ّ‬ ‫ورقة‬

‫ليس هنالك من شك في َّ‬


‫أن احتالل فلسطين وقيام إسرائيل هما عقدة التاريخ العربي الحديث‪ .‬وهما جرٌح ما‬
‫مفتوحا يلتهب‪ ،‬وال يفت يزود الساح العربي بجميع أنواع الذرائع لأليديولوجي العدمي والرفضي من جه ‪،‬‬
‫ً‬ ‫زال‬
‫ولالستسالم وما يرافقه من مظاهر سياسي وثقافي واقتصادي وأخالقي من جه أخرى‪ .‬وال يمكن فهم هذا‬
‫الوعي الملتهب من دون نكب فلسطين ومكانها في الوعي العربي‪ .‬وهي على كل حال أهم تجسيد للتشظي‬
‫والتنافر وتعويق الوحدة العربي في المشرق العربي‪ ،‬وبين المشرق والمغرب‪.‬‬

‫أمر ما فُقد في عالق النظام الرسمي‬


‫شعور بالخوف ب ن ًا‬
‫ًا‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال يمكن ألي مراقب إال مالحظ أن‬
‫العربي بفلسطين‪ ،‬قد ساد في الفترة التي سبقت الثورات العربي ‪ .‬وقد اُختبر هذا الشعور في العدوان اإلسرائيلي‬
‫على لبنان في تموز‪ /‬يوليو ‪ ،6002‬وفي العدوان على غزة في شتاء ‪ .6002/6002‬حينها كان االنقسام‬
‫بين سياسات الدول العربي هو سيد الموقف‪ ،‬فمن الواضح َّ‬
‫أن مس ل التوازن اإلستراتيجي بين العرب واسرائيل‬
‫عبئا على أغلب الدول العربي التي ترغب في التخلص منه‪ ،‬حتى وصل األمر إلى‬
‫قد تراجعت‪ ،‬بل وأصبحت ً‬
‫أن تجد إسرائيل موطئ قدم لها في دول عربي ‪ ،‬من دون أن يستشعر النظام اإلقليمي العربي أي خطر‪.‬‬

‫وفي الحقيق ‪ ،‬يصعب على أي باحث في حقب الربيع العربي أال يجد عالق ً مهم ً بين أسباب اندالع الثورات‬
‫العربي وبين موقف النظام العربي الرسمي من القضي الفلسطيني ‪ .‬وال شك ب َّن أي محلل ال بد أن يقف‬
‫بشكل معمق أمام تراكم الشعور بالمهان والعجز لدى المواطن العربي وهو يشاهد أنظمته التي حرمته من‬
‫الحري والعدال االجتماعي تتجاهل األساس المتبقي لمشروعيتها‪ ،‬والتي طالما اتخذته ذريع لبقائها في الحكم‪.‬‬
‫ُ‬
‫لقد استيقظ الوعي السياسي لجيل الثورة في البلدان العربي على وقع انتفاض األقصى‪ ،‬وخاض منظمو‬
‫االحتجاجات األولى التي أطاحت أنظم ً عربي ‪ ،‬وتوشك على اإلطاح ب خرى‪ ،‬أولى تجاربهم االحتجاجي‬
‫على وقع اجتياح الدبابات اإلسرائيلي المدن والقرى الفلسطيني ‪.‬‬

‫وبقدر ما تجددت اآلمال في حقب الربيع العربي‪ ،‬فإنها تعقدت بعد أن أُجبرت األنظم العربي على االنشغال‬
‫ب وضاعها الداخلي ‪ .‬وهناك من يرى َّ‬
‫أن مركزي الصراع العربي ‪ -‬اإلسرائيلي في الرأي العام العربي تراجعت‬
‫لصالح مركزيات أخرى مثل العدال االجتماعي والديمقراطي ‪ ،‬وخاص ً بعد أن أدت الثورة السوري إلى تغيير‬
‫خريط التحالفات القديم ‪ ،‬وتغيير صورة ما كان ُيصنف سابقًا بـ "محور الممانع " وتحالفاته‪ .‬ويرى هؤالء َّ‬
‫أن‬
‫صعود اإلسالم السياسي إلى سدة الحكم سوف يسهل مس ل التسوي السياسي مع إسرائيل‪َّ ،‬‬
‫ألن هذه النخب‬
‫هي األقدر على مخاطب الشعوب واقناعها عبر شعبوي الخطاب الديني‪.‬‬

‫النخب العربي‬
‫ومن جه أخرى‪ ،‬ثم من يرى ‪ -‬على المدى الطويل ومع تبلور الرأي العام العربي ‪ -‬أن ُ‬
‫حسما من إسرائيل؛ فالممارس‬
‫ً‬ ‫الحاكم الجديدة سوف تضطر في سبيل إرضاء شعوبها أن تتخذ موقفًا أكثر‬
‫الديمقراطي إذا ما ترسخت سوف تدفع النخب المتنافس إلى المزاودة على بعضها في سبيل القضي‬
‫الفلسطيني ‪َّ ،‬‬
‫ألن فلسطين تقع في قلب المخيال العربي والديني‪.‬‬

‫وبين هذا الرأي وذاك‪ ،‬يقف الشعب الفلسطيني‪ ،‬الذي انخرط في الربيع العربي بطريقته الخاص ‪ ،‬بعد أن‬
‫وصل االنقسام الفلسطيني الداخلي إلى أوجه‪ ،‬وبرزت حركات شبابي احتجاجي تبادر إلى اتخاذ مواقف‬
‫وطني في ظل عجز القيادة الفلسطيني عن مغادرة إستراتيجي المفاوضات‪ .‬إن زيادة وتيرة التضييق على‬
‫الفلسطينيين واستباح أراضيهم لن تؤدي ‪ -‬على ما يبدو ‪ -‬في المدى المتوسط إال إلى زيادة احتماالت‬
‫المواجه الشامل ‪ ،‬والتي ربما لن يخوضها الفلسطينيون وحدهم‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن ما يزيد من أزم انسداد اآلفاق‪ ،‬أن خيار المقاوم الذي جرى التعويل عليه في السنوات العشر الماضي‬
‫يعاني م زق االحتواء الدولي واإلقليمي‪ ،‬خاص ً بعد االحتراب الداخلي بين السلط الفلسطيني من جه وقوات‬
‫حرك حماس من جه أخرى في حزيران‪ /‬يونيو ‪ .6002‬كما أن االندماج في بنى السلط الفلسطيني تحت‬
‫سقف أوسلو‪ ،‬جعل أطياف الحرك الوطني الفلسطيني كلها متورط في تحمل مسؤولي إدارة سلط الحكم‬
‫مطلوبا من حرك تحرر وطني أن‬
‫ً‬ ‫الذاتي في الضف الغربي وقطاع غزة‪ .‬وقد نش عن ذلك مفارق ؛ إذ أصبح‬
‫تتحمل واجبات الدول من دون أن تتمتع بوضع حقوقي بوصفها دول ‪.‬‬

‫ومن المستغرب أنه على الرغم من وصول جميع أطراف الحرك الوطني الفلسطيني إلى طريق مسدود‪ ،‬فإن‬
‫جاهز بعد للتنسيق مع الطرف اآلخر لبلورة إستراتيجي لمواجه السياسات الكولونيالي‬
‫ًا‬ ‫َّ‬
‫كل طرف لم يصبح‬
‫اإلسرائيلي ‪ .‬وفي حين انكف ت المقاوم في حدود قطاع غزة وانشغلت بطرق فك الحصار وتورطت في إدارة‬
‫شؤون المجتمع الغزاوي بمزالقها‪ ،‬فقد واجهت السلط الفلسطيني إدارة أميركي تتعامل مع الملف الفلسطيني‬
‫وبدال من قرار المواجه ‪ ،‬اتجهت السلط إلى تحقيق إنجازات رمزي كان أقصاها‬
‫داخليا‪ً .‬‬
‫ً‬ ‫ائيليا‬
‫بوصفه ملفًا إسر ً‬
‫االعتراف بدول فلسطين في األمم المتحدة في أواخر عام ‪ ،6006‬والسعي لنيل إعجاب الممولين عبر اعتماد‬
‫سياسات نيوليبرالي أفقرت الشعب الفلسطيني وأسفرت عن اضطرابات اجتماعي في أيلول‪ /‬سبتمبر ‪.6000‬‬

‫وفي ظل أزم انسداد اآلفاق الفلسطيني وانشغال العرب ب حوالهم الداخلي ‪ ،‬تجدد القلق مرة أخرى من خروج‬
‫قضايا محوري مثل القدس واألرض والالجئين من دائرة المفكر فيه عر ًبيا وفلسطينيًّا‪ ،‬وهي مرتكزات المشروع‬
‫الوطني الفلسطيني‪.‬‬

‫سيسا على كل ما سبق؛ تبرز الحاج إلى دراس التحوالت والمتغيرات والظروف والتحديات التي يواجهها‬
‫ت ً‬
‫الشعب الفلسطيني وتقييمها‪ ،‬سواء كان ذلك داخل حدود فلسطين التاريخي أم خارجها‪ ،‬كما تبرز أهمي تقييم‬
‫موقع القضي الفلسطيني في الصراع العربي – اإلسرائيلي‪ ،‬وبخاص مع حلول الربيع العربي واندالع الثورات‬
‫العربي ‪.‬‬

You might also like