Professional Documents
Culture Documents
مرجعية
ّ ورقة
وفي الحقيق ،يصعب على أي باحث في حقب الربيع العربي أال يجد عالق ً مهم ً بين أسباب اندالع الثورات
العربي وبين موقف النظام العربي الرسمي من القضي الفلسطيني .وال شك ب َّن أي محلل ال بد أن يقف
بشكل معمق أمام تراكم الشعور بالمهان والعجز لدى المواطن العربي وهو يشاهد أنظمته التي حرمته من
الحري والعدال االجتماعي تتجاهل األساس المتبقي لمشروعيتها ،والتي طالما اتخذته ذريع لبقائها في الحكم.
ُ
لقد استيقظ الوعي السياسي لجيل الثورة في البلدان العربي على وقع انتفاض األقصى ،وخاض منظمو
االحتجاجات األولى التي أطاحت أنظم ً عربي ،وتوشك على اإلطاح ب خرى ،أولى تجاربهم االحتجاجي
على وقع اجتياح الدبابات اإلسرائيلي المدن والقرى الفلسطيني .
وبقدر ما تجددت اآلمال في حقب الربيع العربي ،فإنها تعقدت بعد أن أُجبرت األنظم العربي على االنشغال
ب وضاعها الداخلي .وهناك من يرى َّ
أن مركزي الصراع العربي -اإلسرائيلي في الرأي العام العربي تراجعت
لصالح مركزيات أخرى مثل العدال االجتماعي والديمقراطي ،وخاص ً بعد أن أدت الثورة السوري إلى تغيير
خريط التحالفات القديم ،وتغيير صورة ما كان ُيصنف سابقًا بـ "محور الممانع " وتحالفاته .ويرى هؤالء َّ
أن
صعود اإلسالم السياسي إلى سدة الحكم سوف يسهل مس ل التسوي السياسي مع إسرائيلَّ ،
ألن هذه النخب
هي األقدر على مخاطب الشعوب واقناعها عبر شعبوي الخطاب الديني.
النخب العربي
ومن جه أخرى ،ثم من يرى -على المدى الطويل ومع تبلور الرأي العام العربي -أن ُ
حسما من إسرائيل؛ فالممارس
ً الحاكم الجديدة سوف تضطر في سبيل إرضاء شعوبها أن تتخذ موقفًا أكثر
الديمقراطي إذا ما ترسخت سوف تدفع النخب المتنافس إلى المزاودة على بعضها في سبيل القضي
الفلسطيني َّ ،
ألن فلسطين تقع في قلب المخيال العربي والديني.
وبين هذا الرأي وذاك ،يقف الشعب الفلسطيني ،الذي انخرط في الربيع العربي بطريقته الخاص ،بعد أن
وصل االنقسام الفلسطيني الداخلي إلى أوجه ،وبرزت حركات شبابي احتجاجي تبادر إلى اتخاذ مواقف
وطني في ظل عجز القيادة الفلسطيني عن مغادرة إستراتيجي المفاوضات .إن زيادة وتيرة التضييق على
الفلسطينيين واستباح أراضيهم لن تؤدي -على ما يبدو -في المدى المتوسط إال إلى زيادة احتماالت
المواجه الشامل ،والتي ربما لن يخوضها الفلسطينيون وحدهم.
َّ
إن ما يزيد من أزم انسداد اآلفاق ،أن خيار المقاوم الذي جرى التعويل عليه في السنوات العشر الماضي
يعاني م زق االحتواء الدولي واإلقليمي ،خاص ً بعد االحتراب الداخلي بين السلط الفلسطيني من جه وقوات
حرك حماس من جه أخرى في حزيران /يونيو .6002كما أن االندماج في بنى السلط الفلسطيني تحت
سقف أوسلو ،جعل أطياف الحرك الوطني الفلسطيني كلها متورط في تحمل مسؤولي إدارة سلط الحكم
مطلوبا من حرك تحرر وطني أن
ً الذاتي في الضف الغربي وقطاع غزة .وقد نش عن ذلك مفارق ؛ إذ أصبح
تتحمل واجبات الدول من دون أن تتمتع بوضع حقوقي بوصفها دول .
ومن المستغرب أنه على الرغم من وصول جميع أطراف الحرك الوطني الفلسطيني إلى طريق مسدود ،فإن
جاهز بعد للتنسيق مع الطرف اآلخر لبلورة إستراتيجي لمواجه السياسات الكولونيالي
ًا َّ
كل طرف لم يصبح
اإلسرائيلي .وفي حين انكف ت المقاوم في حدود قطاع غزة وانشغلت بطرق فك الحصار وتورطت في إدارة
شؤون المجتمع الغزاوي بمزالقها ،فقد واجهت السلط الفلسطيني إدارة أميركي تتعامل مع الملف الفلسطيني
وبدال من قرار المواجه ،اتجهت السلط إلى تحقيق إنجازات رمزي كان أقصاها
داخلياً .
ً ائيليا
بوصفه ملفًا إسر ً
االعتراف بدول فلسطين في األمم المتحدة في أواخر عام ،6006والسعي لنيل إعجاب الممولين عبر اعتماد
سياسات نيوليبرالي أفقرت الشعب الفلسطيني وأسفرت عن اضطرابات اجتماعي في أيلول /سبتمبر .6000
وفي ظل أزم انسداد اآلفاق الفلسطيني وانشغال العرب ب حوالهم الداخلي ،تجدد القلق مرة أخرى من خروج
قضايا محوري مثل القدس واألرض والالجئين من دائرة المفكر فيه عر ًبيا وفلسطينيًّا ،وهي مرتكزات المشروع
الوطني الفلسطيني.
سيسا على كل ما سبق؛ تبرز الحاج إلى دراس التحوالت والمتغيرات والظروف والتحديات التي يواجهها
ت ً
الشعب الفلسطيني وتقييمها ،سواء كان ذلك داخل حدود فلسطين التاريخي أم خارجها ،كما تبرز أهمي تقييم
موقع القضي الفلسطيني في الصراع العربي – اإلسرائيلي ،وبخاص مع حلول الربيع العربي واندالع الثورات
العربي .