Professional Documents
Culture Documents
الثاني :
( التنوع الديني
والق ومي والتكامل
دور مؤسسات التعليم الديني في تعميم قيم التسامح وحق االختالف واحترام الرأي اآلخر
عناوين حديثة في خطابنا العربي اإلسالمي ألنها بنفسها حديثة بدءا بمصطلح القيم من جهة،
وألن أبعادها التربوية والقانونية مرتبطة بنشوء علوم التربية والدولة الحديثة وعالقتها بالدول
األخرى وقيام هيئة األمم المتحدة من جهة أخرى.
لم تغب مفاهيم التسامح وحق االختالف واحترام الرأي اآلخر نفسها عن كتب التفسير اذا الحظنا
مفردات ومواد مثل القول واالختالف والتنازع واألخوة والرحمة والناس في آيات القرآن الكريم
كما لم تغب عن الحديث الشريف ،وكذلك لم تغب عن المصنفات القديمة لعلماء المسلمين،
وظهرت خاصة في كتب األخالق والفضائل والسير والسلوك التي يمكن اإلدعاء بأنها الوحيدة
وتدرجه مع سنوات التحصيل ،ويمكن تتبع هذه المفاهيم ًّ التي الحظت في تأليفها الجانب التعليمي
في كتب علم الكالم المقارن وكتب الفقه المقارن بل يمكن تلمُّس ما يعرف اليوم بأخالقيات
البحث العلمي في األعم األغلب من مصنفات علماء المسلمين المنصفين قديما وحديثا.1
احترزت بقيد "المنصفين" لعلماء المسلمين ألن غيرهم كانوا وما زالوا إلى يومنا هذا ال
يلتزمون هذه المفاهيم وتضج كتبهم ومقاالتهم باإلفتراء والنبذ ،بل بالدعوة الى القتل دونما أدنى
مراعاة لسيادة الدول أو المواطنة بالحد األدنى ،وهم المؤسسون للمظهر االرهابي األخير:
داعش ورفيقاتها.
تالزم مفهوم المواطنة بازدياد نسبة التنوع السكاني في الوطن -الدولة الحديثة خصوصا في
المشرق العربي ،حيث انتقلت المواطنة بعنوان الجنسية من الجنسية العثمانية الى الوطن الدولة
الحديثة والمستحدثة (المستقلة) ،ففي دولة مثل لبنان حيث ال دين رسميا للدولة كما يوجد في
دساتير غيرها من الدول العربية 2عبَّر نظا ُم المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في السلطة
التشريعية وغيرها عن هذا التنوع بشكل صريح ،لكن هذا التنوع كان وما زال مصدرا للتنازع
ألسباب أخالقية وسياسية ،حيث لم ترتق الدولة بمفهوم المواطنة الى المستوى القيمي ،فتدهورت
معه القيم المرتبطة به مثل الحرية والمساواة واحترام حق اآلخر والتسامح وأثمر نزاعات
مسلحة أوقفها اتفاق الطائف عام 1989الذي وضع ًّ
حدا للحرب األهلية اللبنانية المعلنة .
1
الحظ مثل "مقاالت اإلسالميين" و"أوائل المقاالت" من القديمة و"بحوث في الملل والنحل" من الحديثة في الكالم ،و"الخالف"
و"المغني" من القديمة و"الفقه اإلسالمي وأدلته" من الحديثة.
2
ينص دستورها في المادة 9على أن ":حرية االعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض اإلجالل هلل تعالى تحترم جميع األديان
والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن ال يكون في ذلك إخالل في النظام العام وهي تضمن أيضا ًّ لألهلين
على اختالف مللهم احترام نظام األحوال الشخصية والمصالح الدينية." .
2
وهل تكمل برامجها في هذا المجال برنامج تعليم مادة التربية المدنية في التعليم العام والمهني
والجامعي الرسمي التي تتعرض لتعليم هذه القيم بشكل مباشر في كتبها؟
وهل تكفيان؟
ما هو الواقع وما هي التصورات للمطلوب؟
حصرت البحث في كتب التعليم الديني لما لها من تأثير مباشر في تشكيل وعي الطالب باآلخر
والموقف منه كما كتب التربية المدنية ،وإال فإن نفس القيم وخالفها يمكن تتبع حضورها في
مناهج مواد تعليمية أخرى قبل الجامعة كاللغة العربية والتاريخ وغيرها .كما يمكن البحث عنها
في كتب المواد التعليمية ضمن برنامج التعليم الشرعي الثانوي والجامعي (والحوزوي) علما أن
الدراسة الثانوية الشرعية في لبنان ال تتوفر اال لدى الطائفة السنية وبشكل ضيق.
التعليم العام والمهني) ال يجعل عالمته على بطاقة العالمات اال بالتوافق مع المدير ،وليس مادة
في امتحانات الشهادات الرسمية.
4
وكانت لها مسميات مختلفة " :التربية األخالقية والمدنية" و "مادة األخالق والتربية اللبنانية" " األخالق والشؤون الوطنية" ،راجع
:برنامج التربية المدنية في النظام اللبناني :ماضيا ًّ وحاضراًّ ،عايدة سميح الصعيدي ،موقع قناة الميادين على االنترنت.
5
ن،م.
6
أقدم المدارس الشيعية الخاصة في لبنان.
4
أنها األقدم في اإلختصاص وثانيا ألن خريجيها من أساتذة التعليم الديني يتوزعون مع كتب هذه
السلسلة على المدارس الرسمية وعلى المدارس الخاصة التي لم تضع لنفسها كتابا مستقال.
وسأكتفي من المالحظة بمتابعة وجودها بأقرب االلفاظ اليها في الفهارس ألن البحث عن
حضور قيم محددة بعناوينها الخاصة يفترض ذلك ،ومع أن بعض العناوين العامة قد تشتمل على
المفاهيم لكن هذا األمر يعتمد على األستاذ في إيصاله وليس على النص وقد يتفاوت أداء
األساتذة تبعا لذهنياتهم.
يبلغ مجموع عدد الدروس المرتبطة بموضوعنا سبعة عشر درسا موزعة على السنوات االثنتي
عشرة ،خمسة منها في الصف الثاني عشر وهو ما قبل االنتقال الى التعليم الجامعي وعناوينها:
-اإلسالم والعنف.
-من أساليب التواصل اإلسالمي.
-العصبية واإلعتراف باآلخر.
-المواطنة في اإلسالم.
-اإلسالم والعولمة.
وإذا الحظنا أن متوسط ما يتلقاه التلميذ في السنة من دروس هو عشرون درسا وفقا لما ذكره لي
مدير الجمعية فتكون النسبة 100/7.8وهي نسبة أعلى من نسبتها في تدريس مادة التربية
المدنية لكنها تكون نسبة مقبولة بضمها إلى النسبة التي يتلقاها في ذلك الكتاب ونظرا ألن
غرض كتاب التعليم الديني األصلي هو تلقين الطالب معالم دينه.
خالصات وتوصيات
أوال ُيجمع المؤيدون إلبقاء مادة التعليم الديني في البرنامج المدرسي والمعارضون له على
مالحظة أنها ومادة التربية المدنية دخلتا في محظور تحولهما إلى مادة للنجاح والرسوب وليستا
مادة للحياة والعيش.
ثانيا إن المستندات إلطالق القيم في كتب التعليم الديني تتعدد وتختلف باختالف جهة اإلعداد
والمخاطبين.
ثالثا عدم وجود سلطة رقابة على ما تقدمه هذه الكتب ليس على المستوى الحكومي فقط بل أيضا
على مستوى الطوائف نفسها.
إن هذه األمور وغيرها ساهمت في انتشار الفكر المتطرف والترويج له ساعدها في ذلك دول
وإعالم.
بناء على ما تقدم يمكن التوصية باألمور التالية:
5
-إيجاد مركز متخصص برصد ومراجعة الكتب التعليمية ذات الصلة عموما وكتب التعليم
الديني خصوصا لفحص وتقويم ما تقدمه من قيم تؤثر في التربية على الغلظة والتشدد ونبذ
اآلخر وعلى استخدام العنف اللفظي والجسدي.
-تكليف جهات إعداد الكتاب التعليمي بمراجعة إصداراتها وتقويمها وإضافة ما يتعلق بهذه القيم
حيث يجب.
-إشراك علماء التربية في وضع الكتب وعدم اإلكتفاء بعلماء الدين.
-إيجاد برامج الصفية تساعد في نقل القيم إلى مهارات سلوكية.
أخيرا ال بد من اإلنتباه مع ذلك كله إلى اإللتزام بمرجعية الدين في هذه القيم حتى ال نقع في فخ
مرجعيات أخرى تروج بل وتسعى إلى التسامح والحرية في عناوين شاذة.
6
مراجع ومصادر:
-سلسلة كتب التعليم الديني لجمعية التعليم الديني – مدارس المصطفى
-سلسلة كتب التعليم الديني لجمعية المبرات الخيرية
-برامج ومناهج جامعة المصطفى
-برامج ومناهج كلية الدعوة اإلسالمية -لبنان
-كتاب التنشئة السياسية في لبنان ،التربية على التسامح من خالل الكتب المدرسية ،للدكتور
شربل انطون ضمن دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم السياسية ،حلل فيها انطون كتب التربية
المدنية والتعليم الديني المعتمدة في معظم مدارس لبنان.
-بحث بعنوان من معرفة القيم إلى قيم المعرفة ،دراسة في المناهج التربوية بالتعليم ماقبل
الجامعي وأثرها في تشكيل منظومة القيم لدى شباب الجامعات ،مادة التربية اإلسالمية نموذجا
http://esrc.org.lb/article.php?id=4264&cid=230&catidval=0
-تقرير الوكالة التابعة لالتحاد األوروبي التي تدعم التعليم والتدريب في الدول المحيطة باالتحاد
األوروبي سنة 2011
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%
84%D9%8A%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D9%84%D8%A8%D9%86%D8
%A7%D9%86
-برنامج التربية المدنية في النظام اللبناني :ماضيا ًّ وحاضراًّ ،عايدة سميح الصعيدي ،موقع قناة
الميادين على االنترنت
http://www.almayadeen.net/articles/blog/720507/%D8%A8%D8%B1%D
9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9-
%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-
%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A--
%D9%85%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%A7-
%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%B6%D8%B1%D8%A7
منشورات المركز التربوي للبحوث واإلنماء
-دراسة ميدانية حول مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية وتعليمها في لبنان :الواقع
والتصورات ،إعداد :سوزان عبد الرضا أبو رجيمي (باحثة) ،وديعة خوري (باحثة مساعدة)،
اإلشراف على العمل الميداني :علي زعيتر .بيروت . 2016
http://www.crdp.org/files/201703230938595.pdf
7
-تفاصيل منهج مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية السنة الثالثة من كل حلقة.
-تفاصيل محتوى منهج مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية السنة الثانية من كل حلقة ومرحلة.
-التربية الوطنية والتنشئة المدنية في لبنان ،الدليل التربوي ،التعليم األساسي السنة السابعة.
-رد المركز التربوي للبحوث واإلنماء على طلب الصحافية فاتن الحاج حول ملخص عن
دراسة ميدانية حول مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية وتعليمها في لبنان :الواقع
والتصورات.