You are on page 1of 1

‫العدد (‪ )359‬االثنني(‪ )11‬نيسان ‪2005‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪ALMADA CULTURE‬‬ ‫املدى الثقايف‬


‫‪NO (359)Mon. (11)April‬‬

‫بــراهـــني غـــادامــــري‬
‫عـلــى جــوهـــريـة اللـغـــة ـ الـفـــكر‬ ‫‪ ،‬فـــــــــاصـــلـــــــــة ‪،‬‬
‫قاسم محمد عباس‬

‫عن االسالم والديمقراطية‬


‫‪2-1‬‬
‫ســأوضح ذلك بــاملثـال اآلتـي‪ :‬حيـنمـا‬
‫أسع ــى لـتف ـسـي ــر اجلـمل ــة ال ــروسـي ــة‬
‫اآلت ـ ـ ـ ــيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة (‪Na stolye staeet‬‬ ‫دوغالس جونز‬
‫( )‪lampa‬يـ ــوجـ ــد م ـصـب ـ ــاح علـ ــى‬

‫نظرة يف حماوالت اإلصالح‬


‫املـنضـدة) فـإن سيـرورة نـقل املعنـى ال‬
‫تتــضمـن إيجــاد الــرم ــوز اإلنكـليــزيــة‬ ‫ترجمة‪ :‬خالدة حامد‬
‫التي تكافؤها ألن املعنى ليس غريباً‪.‬‬ ‫إن ال ـ ــرب ــط اجل ـ ــوه ـ ــري بــني الـلغ ـ ــة‬
‫مبقــدورن ــا محــو الــرمــوز مـن دون أن‬ ‫والـفكر يزود ما بعـد احلداثيني بأداة‬
‫منحـ ــو املعـ ــانـي والـكلـمـ ــات ال حتــمل‬ ‫قـويـة يف هـدفهم الـرامي إلـى زعـزعـة‬
‫أسهم تشيـر لنا إلـى املعاني املـتوخاة‪.‬‬ ‫أس ـ ـ ــاس احلـق ـيـق ـ ـ ــة امل ـ ـ ــوض ـ ـ ــوعــي ـ ـ ــة‬ ‫يأتـي فعل االصالح الذي يـدور حوله الـنقاش هـذه االيام سـواء عبر‬
‫وبــاملـثل‪ ،‬فــإنـنــا عـنــدمــا نــزودهــا مبــا‬ ‫(الـتمـركـز حـول اللـوغـوس)‪ .‬ولـعلهم‬ ‫مـطبـوعـات حـديثـة أم نـدوات وكـتب حيـويـا منفعـال‪ ،‬وحتت عنـوانـات‬
‫يكـافئـها مـن رموز بـاللـغة الـبرتـغالـية‬ ‫سـينجحون يف غـايتهم إذا مـا متكنوا‬ ‫تـتـب ــايـن بـني االن ــدمـ ــاج مع االخ ــر واحمل ــاف ـظـ ــة عل ــى اخل ـص ــائــص‬
‫لــن ي ـ ـس ـ ــاع ـ ــد امل ـتــكل ـمــني مــن غ ـي ـ ــر‬ ‫مــن إبعـ ــاد املع ــرف ــة اإلن ـس ــانـي ــة عـن‬ ‫الثقـافيـة‪ ،‬ويف مجمل االحـوال تكـون الدميـقراطـية بـوصفهـا اجنازا‬
‫ال ــبـ ـ ـ ــرتـغـ ـ ـ ــالـ ـي ــني (أي أن ال ـكـل ــمـ ـ ـ ــات‬ ‫االحـتـكـ ــاك ب ـ ــالعـ ــالـم ال ـ ــواقعـي؛ إن‬ ‫لـلفكــر الغــربي يف طــرف‪ ،‬واالسالم بــوصفه هـويـتنـا الــوحيــدة علـى‬
‫بــوصفهــا عالمــات علــى الـصفحــة ال‬ ‫متـكنــوا من فـصل البـشــر عن الـواقع‬ ‫الطرف االخر‪ .‬واملشروع اساسا يدرج يف حمى االصالح الذي يجيء‬
‫حتـمـل معـنـ ــى إطالق ـ ـاً مع أنـنـ ــا قـ ــد‬ ‫بذاته مبقدورهـم عندئذ اإلفالت من‬ ‫كـفعل خـطـيــر مـنــذ ص ــار تق ــدميه عل ــى انه م ـش ــروع لالنــدم ــاج مع‬
‫نـتـكلـم بـتـلك ال ـطـ ــريق ــة لـنخـت ـص ــر‬ ‫م ـس ــؤولـي ــة مع ــرف ــة ال ــرب امل ـسـيحـي‬ ‫اآلخر‪ ،‬وتوفيقا بني احلداثة كنمط للحياة واإلسالم كدين‪.‬‬
‫العـملية)‪ .‬عنـدما نـهتم باملعـنى نهتم‬ ‫واإلجابـة عن جتليـاته يف الواقع‪ .‬وال‬ ‫وقد بـدا من مقـدمات مـتعددة مـن ردود االفعال ازاء االصالح انه ال‬
‫بخواص ورتـب املوضـوعات واملفـاهيم‬ ‫نحصل علـى وسيلة ذلك إال بـالربط‬ ‫يـتم تـقبـل االصالح علــى انه مـشــروع للـنقــد والفـهم جتــاه حتــريــر‬
‫وأي منهـا ال يعدّ لـسانيـاً‪ ،‬وال يشتمل‬ ‫بني اللغة والفكر‪.‬‬ ‫مقـدرات املـنطقـة العـربيـة واالسالميـة ثقـافيـا وانسـانيـا يف محـاولـة‬
‫غ ــادامـ ــير‬ ‫هايدغر‬ ‫وتفــتـ ـ ــرض املع ـ ــرف ـ ــة امل ـ ــوض ـ ــوع ـي ـ ــة‬ ‫للخـروج من ربقـة مقـوالت تـاريخيـة‪ .‬يجـري هـذا النقـاش يف اطـاره‬
‫أي مـنه ــا عل ــى الـت ــرمـي ــز‪ .‬فـمـثالً إذا‬
‫أردنــا ت ــأويل العـبــارة الــروسـي ــة أعاله‬ ‫والتـأويل إطاراً يشـتمل على الـتغيير‬ ‫الع ــام يف ظل دول قــومـي ــة تعـيــش نـظــام ــا ثقــافـي ــا اسالمـيــا ن ـشــره‬
‫ملتكلـم اإلنكليـزيـة فـإننـا نـرغب يف أن‬ ‫لهـم‪ .‬نحـن ب ــالع ــادة ال ن ــواجه س ــوى‬ ‫التأويل يضيف معنى‬ ‫التـاريخـي ملن يقـوم بـالـصيـاغــة وملن‬ ‫والـدوام معـاً؛ فـمن دون الـدوام نفقـد‬ ‫االسالم عبر قرون‪.‬‬
‫نــست ــدعي إلــى ال ــذهن املـعنــى نفــسه‬ ‫مــشكالت طـفيفــة عنـد إدراك معــاني‬ ‫يـرى غـاداميـر أن " الفهم " أقـرب إلـى‬ ‫يقوم بالتقومي‪ ،‬معاً‪.‬‬ ‫الـعـقـالنـ ــيـ ـ ـ ـ ـ ــة واألخـالق واملـعـ ــنـ ـ ـ ـ ـ ــى‬ ‫ان املقـاربــة املمـكنـة حـول وعـي مقبـول عـن االصالح ليـس مبـشـروع‬
‫الذي يـقرنه الـروس مع هذه الـرموز‪.‬‬ ‫املـتـكلـمـني اإلنـكلـيـ ــز قــبل قـ ــرنـني أو‬ ‫شكـل من أشكـال احلــوار و" التـأويل "‬ ‫كـيف تـأتــى لغــاداميـر‪ ،‬إذن‪ ،‬الـوصـول‬ ‫واملـع ـ ـ ــرف ـ ـ ــة‪ .‬ولـ ـ ـســت مـع ـن ـيّـ ـ ـ ـاً هــن ـ ـ ــا‬ ‫جـديــد للنخـب الثقـافيـة االسالميـة‪ ،‬فقـد مت الـنظـر عبـر مقـدمـات‬
‫وملـا كــانت الـرمـوز الــروسيـة مـقتـرنـة‬ ‫أكثــر‪ .‬بل أن غ ــاداميــر نفــسه يـعتــرف‬ ‫أقرب إلى نوع مـن اإلضافة اإلبداعية‬ ‫إلـى أطروحة " الصلـة اجلوهرية بني‬ ‫بـ ـ ــال ــط ـ ـ ــريقـ ـ ــة ال ـتــي ي ـتــن ـ ـ ــاول بهـ ـ ــا‬ ‫تــاريـخيــة يف ق ــدرات النـظــام الـثقــايف لـلمـجمـتع الع ــربي االسـالمي‬
‫مبفــاهيـم معـينــة تقــابل رتـب معـينـة‬ ‫ب ـ ـ ـ ــأن احل ـ ـ ـ ــوارات الـ ـت ــي تـق ـ ـ ـ ــوم ب ــني‬ ‫لـلغـ ــة أخـ ــرى‪ .‬وبـ ــدالً مـن أن ي ـطـ ــرح‬ ‫الفهـم واللغـة؟ "‪ .‬ومـا بــراهيـنه علـى‬ ‫املـسيحـيون هـذا املنـظور العـاملي لكن‬ ‫بهـ ــدف خـلق افـق لالنـ ــسج ـ ــام مع احلـ ــداثـ ــة عـمـ ــوم ـ ــا‪ .‬ويف مجــمل‬
‫وخ ـ ـ ـ ـ ـ ــواص يف الـع ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ــم جن ـ ـ ـ ـ ـ ــد أن‬ ‫شخـصـني يـتقـنـ ــان اللغ ــة نفــسه ــا ال‬ ‫غـادامير مقـدمته الغـامضـة ـ " الفهم‬ ‫ذلك؟ وقـد أكـد مــا بعـد احلـداثـيني‪،‬‬ ‫الشـك يف أه ـم ـي ـ ــة ذلــك‪ .‬عل ـي ـن ـ ــا أن‬ ‫الطـروحات يستعـان باملشـروع االسالمي كظاهـرة‪ ،‬مبعنى ان االسالم‬
‫مـك ـ ــاف ـئ ـ ــاته ـ ــا اإلنــكل ـي ـ ــزي ـ ــة تق ـت ـ ــرن‬ ‫تتحول إلى معنى تأكيداً لقوله بأن "‬ ‫كله ت ــأويل " ـ ف ــإنه يقــودنــا إل ــى فهـم‬ ‫مـنذ نـيتشـة وهيـدغر وغـيرهـم‪ ،‬مراراً‬ ‫نحتفـظ بتفـسيـر مـا للـواقع ننـحني‬ ‫لـم يزل كظـاهرة يف حمـى دول قوميـة تواجه خلخلـة مفهوم الـدولة‬
‫بــاملف ــاهيـم نفــسهــا‪ .‬املفــاهـيم بــارعــة‬ ‫مـن املــمكـن تـعلـم كـل لغ ــة ب ـطـ ــريق ــة‬ ‫مقـ ـ ــدم ـتـه علـ ـ ــى ال ــنحـ ـ ــو اآلت ــي‪ :‬كل‬ ‫علـى عدم إمـكانـية تـبريـر ذلك إال أن‬ ‫ف ــيه ل ـ ــرب أزلــي م ــتع ـ ــال ون ـ ـس ــتع ـ ــد‬ ‫الـوطنيـة يف ظل العوملـة مبستـوياتهـا الثقـافيـة واالقتـصاديـة‪ ،‬فضال‬
‫بـاإلحـالـة والتخـصيـص واملنـاشـدة يف‬ ‫يعـني اسـتعمـالهـا علــى أكمل وجه أن‬ ‫الـفهـم املـت ـضـمّـن يف أحـ ــداث احلـ ــوار‬ ‫غ ـ ـ ــادامــيـ ـ ـ ــر يهـ ـ ـ ــدف‪ ،‬يف األقل‪ ،‬إل ـ ـ ــى‬ ‫ألوام ـ ـ ــره امل ـتـع ـ ـ ــالــي ـ ـ ــة‪ .‬ومــن خـالل‬ ‫عـن اخللخلـة التـي تتعـرض لهــا اخلصـوصيــات الثقـافيـة يف اجـواء‬
‫حـني تعجــز عـن ذلك الـسـمــات الـتـي‬ ‫الـشـخص مـا عــاد يتـرجـم من أو إلـى‬ ‫يـشتمل علـى إضافـة معنى علـى نحو‬ ‫تقــدمي تسـويغه اخلـاص يف بـرهـانيه‬ ‫الـ ــسعـي إلـ ــى نـبـ ــذ جـ ــوانـب ال ـ ــواقع‬ ‫غدا فيها ترحيل القيم والثقافات امرا يسيرا‪.‬‬
‫حتــمل رمـ ــوزاً لـ ـسـ ــانـيـ ــة‪ .‬والشـك أن‬ ‫لغتـه األم بل يفكـر بــاللغــة األجنـبيـة‬ ‫إبـ ـ ــداعــي‪ .‬لـك ـنــنـ ـ ــا ح ـي ـنــمـ ـ ــا نـلح ــظ‬ ‫يف " احلـق ـيـق ـ ـ ــة وامل ـنـهـج " الـل ـ ـ ــذيــن‬ ‫املـوضـوعيـة واملتعـاليـة يـأمل مـا بعـد‬ ‫وقد خلصت طائفة من احلوارات والطروحات واملشاريع وهي بصدد‬
‫الـسيـرورة أعقـد من ذلك بـكثيـر لكن‬ ‫"‪ .‬وبـذا فـإن مـن أتقن الالتـينيـة مثالً‬ ‫الكـيفـي ــة الـتـي يــصف به ــا غ ــادامـي ــر‬ ‫سأتناولهما هنا‪.‬‬ ‫احل ـ ــداث ـيــني تـخل ـي ــص الع ـ ــالــم مــن‬ ‫التصـدي ملفـاصل االصـالح الى مـواقف عـدة منهـا اعتبـرت االصالح‬
‫مبقــدوره الفهـم بال تــرجمـة‪ .‬وبـذا ال‬ ‫مقـدمته جنـد أنهـا سـرعـان مـا تفقـد‬ ‫البرهان األول‪ :‬طبيعة‬ ‫أشكــال املــوض ــوعيــة كلهــا‪ ،‬مبــا فـيهــا‬ ‫دخــوال نهــائيـا يف احلـداثــة‪ ،‬وعلـيه ال بــد من االنـدمـاج فـيه بـقيـمه‬
‫حينما يقول الروسي‪ ،‬أو يكتب‪Na( ،‬‬ ‫يـوجـد عــائق جـوهـري يـجبـرنــا علـى‬ ‫السيـاسية والـثقافيـة والفكريـة‪ ،‬ومن ثم الدعـوة الى االنـسحاب من‬
‫الـكـثـيـ ــر مـن قـ ــوتهـ ــا األولـيـ ــة ألنه ال‬ ‫التأويل‬ ‫املـ ـســيحـيـ ــة‪ .‬وحتـقق نـ ــزعـ ــة الفـكـ ــر ـ‬
‫)‪stolye‬فـإنه يثـير املفـاهيم نفـسها‬ ‫نـ ـ ــوع مــن الــت ـ ـ ــأويل اإلضـ ـ ــايف الـ ـ ــذي‬ ‫اللغ ــة اجل ــوه ــري ــة ه ــذا اله ــدف مـن‬ ‫املشهد السيـاسي ملصلحة مشروع عقالني يـؤطر عملية التحول من‬
‫حينما نقـول " على املنضـدة "‪ .‬وتثير‬ ‫يــتح ـ ــدث عــن " الـفهــم كلـه " بل عــن‬ ‫يف اجلـ ــزء الـثـ ــالـث مــن " احلقــيقـ ــة‬
‫تستدعيه مقدمة غادامير األولى‪.‬‬ ‫شكل محدد ال يتضمن أشكال الفهم‬ ‫خــالل ج ـعــل أي زع ـ ــم ب ـح ـقـ ـ ـيــقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫نظام تقليدي الى مجتمع حداثي‪.‬‬
‫( ‪staeet‬و )‪lampa‬املـفـ ـ ـ ـ ـ ــاه ـ ـيـ ــم‬ ‫أمــا مقــدمتـه الثــانيــة‪ " ،‬التــأويل كله‬ ‫واملنهج " يـستهل غـاداميـر منـاقـشته‬ ‫واعتـرض علـى هـذا املـوقف دعـاة يـتصـورون وجــود تنــاقضـات كـبيـرة‬
‫املـتعــددة‪ ،‬كــالفهـم املتــولــد يف دخـيلــة‬ ‫عـن اللغــة بـتقــدمي بــرهــان عــام عـن‬ ‫م ــوض ــوعـي ــة نـت ــاجـ ـاً ل ــزمـن وثق ــاف ــة‬
‫نفسها حـينما نـقول " يوجـد مصباح‬ ‫لسـانيّ "‪ ،‬فتركز علـى سيرورة التأويل‬ ‫امـرؤ ميـسـك حبــة طمــاطم نــاضجـة‬ ‫معينني ومبقـدورهم أيضاً إجناز هذا‬ ‫تبـتلع نقــاط التـوافق واالنـدمـاج مع املـشـروع احلــداثي‪ ،‬بـفهم قـدرة‬
‫"‪ .‬ونالحـظ أن املفــاهيـم التـي تقــابل‬ ‫ال نتـيجته ويف هـذه احلـالـة يحق لنـا‬ ‫جـوهـريــة اللغــة والفكـر علــى النحـو‬ ‫املفــاهـيم احل ــداثيــة علــى محــو القـيم الــديـنيــة‪ ،‬ممــا سـيقــود الــى‬
‫ويتأمل يف لونها وتركيبتها الصحية‪.‬‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫الـه ـ ـ ـ ـ ــدف مـ ــن خـالل جـعـل أي زعـ ــم‬
‫مـ ــصـ ـ ـ ــابـ ـيـح وم ــنـ ـ ـ ــاضـ ـ ـ ــد ومـخـ ـتـلـف‬ ‫أن نتـسـاءل عـن الكـيفيـة الـتي ميـكن‬ ‫ه ــذا وال ريــب شكـل مهـم وشـ ــائع مـن‬ ‫بـاملعرفـة نتـاجاً لـلغة مـادمنـا جمـيعاً‬ ‫اضمحالل الهوية االسالمية وامناطها الثقافية‪.‬‬
‫العالقــات ال تظهـر علـى الـصفحـة أو‬ ‫أن تـكـ ــون بهـ ــا الـ ـسـيـ ــرورة الـ ــذهـنـيـ ــة‬ ‫نحن مـدينـون للـرومـانـسيـة األملـانيـة‬ ‫وبــرز طــرف ثــالـث ذهب الــى وجــود أبعــاد حــداثيــة يف االسـالم‪ ،‬عبــر‬
‫أشك ــال الفهـم ـ واحلكـم واملعــرفــة ـ ال‬ ‫بأسـاس الداللـة املنظمـة التي تـرتكز‬ ‫نتـفق بأن اللغـة اإلنسـانية ـ مـن نحو‬
‫بـ ـ ـ ـ ـ ــأي شـ ـكـل ل ـ ـ ـ ــسـ ـ ـ ـ ـ ــانـ ــي لـ ـك ـ ـنـ ــنـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ل ـســانـي ــة‪ .‬مبقــدورن ــا أن نفهـم طـبع ـاً‬ ‫يـتـضـمـن تــرجـمــة مـن لغــة أخــرى أو‬ ‫ومفردات و…الخ ـ متواضع عليها‪.‬‬ ‫اقـت ــراح اسلـم ــة احل ــداث ــة عـن ط ــريق اسـتع ــارة مف ــاهـيـم االجـته ــاد‬
‫استحضـرناهـا يف أذهانـنا وبـذا يفهم‬ ‫الكـيفيـة الـتي تـشتـمل بهـا الـسيـرورة‬ ‫عليهـا طبيعـة الفهـم اللسـانيـة ألنها‬ ‫وإعمال العقل يف ربـط املقدس بالـواقع‪.‬واجتهد اصحـاب هذا الرأي‬
‫حواراً أو حتى مونولوج مع الذات‪.‬‬ ‫علّـمـتـنـ ــا أن الـفهـم والـت ـ ــأويل شـيء‬ ‫االس ـ ـت ـ ـنـ ــت ـ ـ ـ ـ ــاج ال ـ ـ ـ ـ ــذي يـحـ ــت ـ ـ ـ ـ ــاجـه‬
‫امل ـسـتـمع اجلـمل ــة أعاله‪ .‬واألهـم مـن‬ ‫ال ــذهـنـي ــة عل ــى ال ـس ــرع ــة واملق ــارن ــة‬ ‫ال ي ـط ــال الـنقــص ق ـضـي ــة الـفهـم يف‬ ‫الغــاداميــريــون وغيــرهـم من املــابعــد‬ ‫يف اقـتـطـ ــاع الكـثـي ــر مـن املع ــانـي مـن مـ ــواقعه ــا الثـب ــات ان االسالم‬
‫ذلك أنه إن كـان الصـواب يطـال شيـئاً‬ ‫واحد يف نهاية املطاف‪ ...‬أما التأويل‬ ‫والــدميقــراطـيــة ال يـتعــارضــان مع وجــود عــوائق عــديــدة اب ـسـطهــا‬
‫والقـصــديــة والـتمـييــز و…الخ‪ ،‬لـكن‬ ‫هـ ــذه املق ــدمـ ــة فح ـسـب‪ ،‬بل الـتـ ــأويل‬ ‫فه ــو منــط حتقـق الفهـم‪ .‬ال يقـص ــد‬ ‫حـداثيني هـو إيجـاد عالقـة جـوهـريـة‬
‫مثل ذلـك فعنـدئـذ لـن تكـون الـرمـوز‬ ‫كيف تشرك اللغة بطـريقة جوهرية؟‬ ‫أيضـاً‪ .‬فهل حـقاً أن علـى التـأويل كله‬ ‫بـني اللغ ــة والفكــر ألن وجــود عالقــة‬ ‫مسألة حقوق االنسان‪.‬‬
‫اللسانية حجاباً يفصلنا عن العالم‪.‬‬ ‫من هــذه العبـارة عـدم وجـود مـشكلـة‬ ‫واملــوقـف االخي ــر عمــومــا هــو صــدى مل ــزاعم مــا بعــد احلــداث ــة عنــد‬
‫الشـك أن مبق ــدوري ت ــأويـل عالم ــات‬ ‫أن يتـضمن إضـافـات إبـداعيـة؟ يـؤكـد‬ ‫تعـبيـر خـاصـة؛ فــاالختـالف بني لغـة‬ ‫الج ـ ــوه ـ ــري ـ ــة أو ع ـ ــارض ـ ــة ب ـيــنه ـم ـ ــا‬
‫فـاملفـاهـيم الـتي نـثيـرهـا تعـد مـاوراء‬ ‫العــاصفــة علــى األفـق من دون وجــود‬ ‫غــاداميـر أن أسـهل مثـال علـى حــالته‬ ‫سـتخفق يف طـبع بــصمــة الــذات ــانيــة‬ ‫اللجـوء الى قـراءة نقديـة للمـشروع احلـداثي‪ ،‬بفهم انه لـو مت تبني‬
‫شخصية نستدعيها إلى أذهاننا عند‬ ‫نـص مــا ولغــة املــؤول‪ ،‬أو اله ـوّة الـتـي‬ ‫املشروع بوعي فسيوفر اخلروج من ازمات ومشكالت احلداثة ذاتها‪.‬‬
‫رمـوز لغـويــة عليهــا‪ .‬وميكن لـي أيضـاً‬ ‫ه ــو الـت ــرجـم ــة مـن لغ ــة أخ ــرى الـتـي‬ ‫تفــصل املـتــرجـم عـن األصل‪ ،‬لـي ـسـت‬ ‫الـتـي يـبـتغـ ــونه ــا‪ .‬ف ــإن ك ــانـت الـلغ ــة‬
‫احلـاجـة لـكنهـا مـستقلـة عنّـا متـامـاً‪.‬‬ ‫تـأويل رشح أنف طفلة ما بأنه عالمة‬ ‫يعـدّها هـو شخصيـاً " حالـة متطـرفة‬ ‫مـرتبطـة جوهـرياً بـالفكـر فلن يـكون‬ ‫ولـو تـوفـرت فـرصــة لتقـدمي خالصـة حـول مـسـالــة االصالح عمـومـا‬
‫املف ــاهـيـم املـ ــاوراء شخ ـصـي ــة ت ــأخ ــذ‬ ‫قـضيـة ثـانـويــة بل علــى العكــس من‬ ‫لتـمت االشـارة الـى ان الـرهـان يف النـتيجـة يف مـواجهــة بني االسالم‬
‫عل ــى إص ــابـته ــا ب ــال ــزك ــام مـن دون أن‬ ‫"‪ .‬فـكل من يقـوم بـالتـرجمــة من لغـة‬ ‫ذلك فــإن احلقـيقــة هي أن مــشكالت‬ ‫مبقـ ــدور أي فـ ــرد عـنـ ــدئـ ــذ أن ميـ ــزق‬
‫تفكيرنا إلـى خارج موقفنـا التاريخي‬ ‫أسمع منها كلمة (أو إذا افترضنا أني‬ ‫إلـى أخـرى يـصيـر واعيـاً بــالصعـوبـات‬ ‫حجاب الواقع ولن تتملص فكرة من‬ ‫واحلـداثـة‪ ،‬والعالقـة بني االثـنني احـتكمـت دائمـا الـى فكــرتي الغـزو‬
‫امل ـتــنـ ـ ــاه ــي وكل م ـ ـ ــا يح ـيـ ــط به مــن‬ ‫الـتعبيـر اللسـاني تعـدّ مـشكالت فهم‬ ‫والهجــرة‪ ،‬فهل ينـبغي اعـادة الـنظـر يف هـذه العالقـة‪ ،‬والتحـذيـر من‬
‫أصــم وأبـكــم)‪ .‬إال أن ه ـ ــذه األم ــثل ـ ــة‬ ‫التـي ميكـن أن تنـجم يف أيــة حلـظــة‪.‬‬ ‫أصالً‪ .‬الفهم كـله تأويل والتأويل كله‬ ‫قيـد كـونهــا نتـاج مـوروثهـا‪ .‬وسـيكـون‬
‫ضوابط عرضية مثل اللغة‪.‬‬ ‫املضــادة تتـسم بــالبـسـاطـة وغــاداميـر‬ ‫لكن حتى يف هذه احلالة نغالي نحن‬ ‫مبق ــدورن ــا ال ــوص ــول إل ــى ال ــواقع يف‬ ‫فك ــرة االن ــدم ــاج خ ـشـي ــة ان ت ــؤدي ال ــى تف ــريع الـكلـي ــات‪ ،‬او الع ــودة‬
‫علــيك أن تـت ــذك ــر أن ه ــديف هـن ــا ه ــو‬ ‫يحــدث بــواسـطــة اللغــة الـتي تـسـمح‬ ‫باجلزئيات الى الكليات؟‬
‫مـعنيّ بـالـنصـوص‪ .‬أليـس أن التـأويل‬ ‫ب ــالـت ــركـيـ ــز علـ ــى املقـ ــاطع الــصعـب ــة‬ ‫للــمـ ـ ــوضـ ـ ــوع بـ ـ ــأن يـحل يف ج ـ ــسـ ـ ــد‬ ‫حـ ـ ــالـ ـ ــة ارتــبـ ـ ــاط الـلغـ ـ ــة ب ـ ـ ــالفـكـ ـ ــر‬
‫تقـ ــومي مق ــدم ــة غ ــادامـي ــر الـث ــانـي ــة‬ ‫كله لـنص مـا يعـدّ لـســانيّ ـاً؟ ال‪ ،‬ليـس‬ ‫ويف ــوتـن ــا الكـثـي ــر مـن الـ ــواضح والال‬ ‫الجوهـرياً‪ .‬ولـن يختلف اثـنان يف أن‬ ‫وبـقدر تعلق االمر بثقافات اجملتـمع العربي يتم اخللط على الدوام‬
‫ملعـرفة مـا إذا كان الـتأويل كله لـساني‬ ‫الكلمـات وتكـون هي يف الـوقت نـفسه‬ ‫بني الـثقــافــة العلـميــة والـثقــافــة االيــديــولــوجيــة‪ ،‬ممــا يـســاوي بني‬
‫ب ـ ـ ــالـ ــض ـ ـ ــرورة؛ فـلـكــي تـع ـمـل حـج ـ ـ ــة‬ ‫إشكــالـي‪ .‬قــد يـصح هــذا األم ــر علــى‬ ‫لغة املترجِم‪.‬‬ ‫م ــوروث ــاتـن ــا الـت ــاريخـي ــة مبق ــدوره ــا‬
‫ألنـه إن صـح ق ـ ـ ــولـه لـك ـ ـ ــانــت الـلـغ ـ ـ ــة‬ ‫غـاداميـر بشـأن ارتبـاط اللغـة والفكـر‬ ‫النصـوص البالغيـة لكـن املوضـوعات‬ ‫الــتـ ـ ــأثــيـ ـ ــر يف أحـكـ ـ ــامــنـ ـ ــا وق ـي ـمــنـ ـ ــا‬ ‫االثـنني‪ ،‬األمـر الــذي دفع دعــاة االصالح املتـبنـني للنـزعــة النقـديـة‬
‫مـت ـضـمّـن ــة ال ج ــوه ــريـ ـاً يف الـتـ ــأويل‬ ‫وجنــد أن الـبــرهــان يـنــطلق هـنــا مـن‬ ‫الى القيـام بتحليل الظـاهرة االسالميـة املستغلـة للسلطـة بوسـاطة‬
‫بـ ـ ـ ـش ـكـل سـلـ ـي ــم عـلـ ـي ــن ـ ـ ـ ــا أن نـفـه ــم‬ ‫الشائعة قلما تشوه املعنى األصلي‪.‬‬ ‫مقدمتني منطقيتني‪:‬‬ ‫وتع ـب ـي ـ ــرات ـن ـ ــا‪ .‬وه ـ ــذا أحـ ـ ــد مع ـ ــانــي‬
‫مــادام املعنـى نفـسه ليـس لـسـانيّـاً بل‬ ‫اسـتعمـاله لـكلمــة " كله " يف املقـدمـة‬ ‫فـإذا كــانت حـالـة غــاداميـر املـتطـرفـة‬ ‫احمل ــاب ــاة واالفـت ــراض امل ـسـبق ال ــذي‬ ‫مـبـ ــادئ حق ــوق االن ـس ــان‪ ،‬ورمب ــا يف مـ ــوقف حتلـيل ال ــسلـط ــة الـتـي‬
‫يـت ــألف مـن خــواص ورتـب ومفــاهـيـم‬ ‫‪ 1‬ـ الفهم كله تأويل‪.‬‬ ‫تـسـيـطــر علــى الـظــاهــرة الــديـنـيــة‪ ،‬ب ــوصفهــا قــوة تـسـتغل اخملـيــال‬
‫الـثــانـي ــة‪ .‬فهـي قــد ت ـشـيــر إلــى مـيـتــا‬ ‫(املتمـثلة بـالتـأويل) تخفق بـأن تكون‬ ‫‪ 2‬ـ التأويل كله لسانيّ‪.‬‬ ‫نـت ـشـبـث به يف األبحــاث الـت ــاريخـيــة‬
‫مـ ــاوراء شخ ـصـيـ ــة‪ .‬وله ــذا جن ــد بـني‬ ‫فيـزيقـا التـأويل علـى اعـتبـار أن " كل‬ ‫قويـة كمـا يظن هـو فمـاذا عن أغلبـية‬ ‫وبني الثقـافيـة‪ .‬ويصعـد وتشـرهاوزر‬ ‫االجتماعـي‪ .‬الن هذه الظاهرة كانت على الدوام تتوجه الى اخمليال‬
‫تـأويـلي غــاداميــر للـمقـدمــة الثــانيـة‬ ‫ويستتبع ذلك أن الفهم كله لساني‪.‬‬ ‫االجتماعي اكثر من العقل‪.‬‬
‫جــانب مـن التــأويل يعـدّ لـســانيّـاً " أو‬ ‫حاالته األخرى األقل تطرفاً؟ مبعنى‬ ‫يتصـف هذا الـبرهـان بغمـوض كبـير‪،‬‬ ‫مـن م ـس ــألـ ــة العالق ــة اجل ــوه ــري ــة ‪/‬‬
‫(كل جـانب من الـتأويـل يعدّ لـسانـياً)‬ ‫قــد ت ـشـيــر سـيــرورة الـت ــأويل عـمــوم ـاً‬ ‫آخ ـ ـ ــر‪ ،‬هـل أن شـكـل الـفـه ــم ال ـ ـضـ ـيـق‬ ‫الالجوهرية‪:‬‬ ‫ان املـواقف املعتـرضـة علـى االصالح تـرفـض املتغيـر التـاريخي الـذي‬
‫و (دائمـاً مــا يتـضمـن تفــسيـر مـعنـى‬ ‫كـم ــا يـب ــدو‪ .‬يـت ــوصل غ ــادامـي ــر إل ــى‬ ‫يـدفع جتـاه االندمـاج يف فضـاء احلداثـة‪ ،‬وتتـحصن بفـكرة احلـفاظ‬
‫علـ ــى اعـتـبـ ــار " دائـم ـ ـاً مـ ــا يـت ـضـمـن‬ ‫الـ ـ ــذي ذكـ ـ ــره غـ ـ ــادامــيـ ـ ــر (وأع ـن ــي به‬ ‫املقــدمــة األولــى بعــد نقــاش مـطــول‬ ‫امل ــزاعـم اإلن ـس ــانـي ــة ب ــاملع ــرفـ ــة كله ــا‬
‫ن ــص مـ ـ ــا دائــم ـ ـ ـاً اس ــتعــمـ ـ ــال رمـ ـ ــوز‬ ‫تفـسير معنى نص ما دائماً استعمال‬ ‫احلـوار) يـشتـمل دائمـاً علـى إضـافـات‬ ‫تنـطــوي يف داخلهــا عالقـة جـوهـريـة‬ ‫علــى الهــوي ــة‪ ،‬مع ادراكه ــا ان اشكــالـيــة الهــويــة عــائــدة الــى اوضــاع‬
‫لسـانيـة) ال يـسمح غـاداميـر للتـأويل‬ ‫بـصــدد بعـض تفـصـيالت نــوع الفـهم‬ ‫تـاريخيـة بـداللـة ان اخلـوف من دعـوات االنـدمــاج كشـفت عن صـراع‬
‫رموز لـسانيـة "‪ .‬إن هذا القـول ال يعدّ‬ ‫إبـداعيـة يف احلـاالت األكثـر دنيـويـة؟‬ ‫الـذي يحـدث عنـد التـرجمـة من لـغة‬ ‫بــالـسـيــروروة الـتــاريخـيــة الـتـي تـبــرز‬
‫الثــاني مــا دامـت تفـسح اجملــال أمــام‬ ‫مـثيــراً للجـدل؛ فـمن يـنكـر جـوهـريـة‬ ‫فعـنـ ــدمـ ــا أتـكلـم مـع شخــص يـتـكلـم‬ ‫ه ـ ــذه امل ـ ــزاعـم مـن بـيــنه ـ ــا‪ .‬وه ـ ــذا ال‬ ‫اجـتمــاعي داخـل اجملتـمعــات االسـالميــة‪ ،‬ويف واقع االمــر هــو صــراع‬
‫االنفالت مـن حلق ــة اللغ ــة‪ .‬علـيه أن‬ ‫أجـنـبـيـ ــة‪ .‬يف هـ ــذه احلـ ــالـ ــة يـنــبغـي‬ ‫ح ــول االفكــار‪ ،‬ص ــراع حقـيقـي حــول امل ــواقف الـعقلـيــة مـن م ـســألــة‬
‫الفـكـ ــر ـ الـلغـ ــة ال يـنـك ـ ــر حقــيقـ ــة أن‬ ‫اإلنكليزية املـعاصرة ونفهم بعضنا ال‬ ‫للــمـ ـ ــؤول أن يق ـ ــدم عــمالً إب ـ ــداع ـيـ ـ ـاً‬ ‫ينطوي بالضـرورة على القول التافه‬
‫ميـيل لألول بطـريقـة جتعل أي شيء‬ ‫الـلغـ ــة مـت ـضـمّـنـ ــة حـيـنـمـ ــا نـ ــسعـ ــى‬ ‫نـكـ ــون بحـ ــاجـ ــة لإلبـ ــداع الـتـ ــأويلـي‪.‬‬ ‫بـأن أي زعم باملعـرفة سيـبدي مالمح‬ ‫املعرفة‪.‬‬
‫يف فــكـ ـ ـ ــرنـ ـ ـ ــا ال يـ ـتـحـقـق م ــن دون أن‬ ‫يـحمل بـصمـته دائم ـاً عنــد االنتقـال‬ ‫يف ظل هـذا النقـاش جرى القـفز علـى سيـاقات ثقـافيـة واجتـماعـية‬
‫لــتفـ ـسـي ــر عـب ــارة التـيـنـي ــة يف الـلغ ــة‬ ‫وعـنــدمــا أطلـب مـن أطفــالـي القـيــام‬ ‫مـن لغة إلـى أخرى؛ علـيه أن يتغلغل‬ ‫" عـرضيـة " للـسيـاق التـاريخـي الذي‬
‫يرتـبط باللغـة وبهذه الطـريقة فقط‬ ‫اإلنـكلـي ــزي ــة بـل يعـنـي أن ال ـسـي ــرورة‬ ‫بــأمــر مــا فــأنـهم يــستـطـيعــون فهـمي‬ ‫صُـ ـيـغ فـ ـيـه مـ ـثـل الـلـغـ ـ ـ ــة والـ ـنـحـ ـ ـ ــو‬ ‫ع ـ ـ ــدة‪ ،‬ومت اغف ـ ـ ــال حق ــيق ـ ـ ــة انه مت م ــنح االس ــبق ـيـ ـ ــة لـلخـ ـطـ ـ ــاب‬
‫ميكـن له أن يغـلق علـيـن ــا اللغــة إلــى‬ ‫يف الـلغ ـ ــة املـ ـســتقــبل ـ ــة كـي تـنـ ـس ـ ــاب‬ ‫االي ــدي ــول ــوجـي‪ ،‬يف حـني اهـملـت جه ــود الـتح ــرر مـن القـي ــود الـتـي‬
‫التــأويليـة نفـسهــا ليــست سجـينـة يف‬ ‫ب ـ ــسهـ ـ ــولـ ـ ــة‪ .‬وإن أرادوا أن يـ ـض ــيفـ ـ ــوا‬ ‫الت ــرجمــة بــسالس ــة‪ .‬ال ميكـن إنتــاج‬ ‫وأسلـوب املــؤلف بل يتـضمـن حقيقـة‬
‫احلـ ـ ــد الـ ـ ــذي يـك ـ ـ ــون كل مـ ـ ــا نـفعـله‬ ‫الـلغـ ــة علـ ــى الــنحـ ــو الـ ــذي يـتــطلــبه‬ ‫لتـوجيـهاتـي شيئـاً سيكـونون مـذنبني‬ ‫أن مـعنى وصالحيـة أي زعم باملـعرفة‬ ‫تهـيمن على اخمليـال االجتماعي‪ ،‬طـبقا ملوقف ان كل اخلـطابات هي‬
‫مشروطاً بتواريخنا الطارئة‪.‬‬ ‫ت ــرجـم ــة آلـيـ ـاً أو مــيك ــانــيكـيـ ـاً دومن ــا‬ ‫نتـاج اخمليــال االجتمــاعي‪ ،‬وهي بـالضـرورة غيـر نـاجتـة عن ممـارسـة‬
‫برهان غادامير‪.‬‬ ‫ب ــالـتـملــص ألن املعـن ــى ك ــان واضحـ ـاً‬ ‫إبداع‪.‬‬ ‫تـ ــرتـبــط ارتـبـ ــاط ـ ـاً وثــيق ـ ـاً بـ ــاملـ ــوقف‬
‫العقل النقدي‪.‬‬
‫اذن فــالــربـط بـني االصالح الــسيــاسي والــدين مـســألــة مـسـتقــرة يف‬
‫الـواقع والفكـر‪ ،‬ومسـألة االصالح الـديني بـكل مقاربـاتها وتـأويالتها‬
‫يف الـدرس االسالمي املـعاصـر تنـحاز الـى قطيـعة كـاملـة مع املـشروع‬

‫وطن حبه قاتل‬


‫احلــداثي‪ ،‬وعلـيه يعيـش اجملـتمع االسالمـي طبقـا ملقـولـة القـطيعـة‬
‫حالـة من الشـد املتوزعـة بني احلداثـة املستلِـبة ـ التـي تترجـم بجلد‬
‫الــذات او رفـضه ــا ـ وبني هــويــة تقــودهــا الــى االقـصــاء واالبع ــاد عن‬
‫املشهد العام‪.‬‬
‫يـرتسـم هذا الـوصف اثـر غيـاب فكـري ومدنـي (طبيعـة مؤسـساتـية)‬
‫للحـداثـة علـى حيــاة اجملتمعـات االسالميـة‪ ،‬ومـا يعـاش حقيقـة من‬
‫حوادث ووقـائع يشيـر الى ازمـة سياسـية واجتمـاعية اكـثر منهـا ازمة‬
‫حمد شهاب االنباري‬ ‫دينيـة‪ .‬بداللـة اجلدل الـدائرحـول االندمـاج‪ ،‬وتقبله من اخلـارج هو‬
‫جـدال سيـاسـي اكثـر ممـا هـو فكـري‪ ،‬ونقـاط االفتـراق بني الـدخـول‬
‫الى احلـداثة من عـدمه يوجهنـا الى مـشكالت حسـاسة مهمـة‪ ،‬منها‬
‫أشهد أيها الوطن أن حبك قاتل‪..‬‬ ‫الـتعدديـة والدميقـراطيـة واالستبـداد‪ ،‬وهو مـا يتـطلب من اخلـطاب‬
‫ونحن يف حبك مقتولون‪..‬‬ ‫االسـالمي حــسم ام ــره‪ ،‬والتــوقـف عن االصـطفــاف مــرة الــى ج ــانب‬
‫وما علي غير االحتفاء بدمي‪ ..‬أنا املقتول بحبك حد اختناق الوريد‪.‬‬ ‫الــدميقــراطيــة ومــرة الــركــون الــى نـظــرة شمــوليــة انتـجت جتـليــات‬
‫وألنني املقتول بحبك‪ ..‬املقتـول بهواك‪ ..‬ميكنك أن تراني وقد ذبلت وجسمي آيل‬ ‫االستبداد يف كل مرة‪ .‬لكن واقع احلال ان اجلدل حول االسالم بعد‬
‫إلى الفناء‪.‬‬ ‫احلادي عشر من ايلول خلف جوانب جيوسياسية وجيوستراتيجية‬
‫جديدة بفهم ان االسالم صـار جزءا من معادلـة السياسـات الدولية‪،‬‬
‫فيـا لهواك الذي ال يزال يتصـبب علي كأنه قطرات النـدى‪ ..‬أقول دعني فإن زمن‬ ‫بعـد ان حتـول االسالم (يف شكله املـتطـرف) الـى مـؤثـر دولي‪ ،‬ولـيس‬
‫اإلخضرار قد انتهى وانكسر غصن نضارتي‪.‬‬ ‫يف صوره املتباينة‪ ،‬وعليه غدا النقاش حول االصالح والدميقراطية‬
‫وأنا اآلن أذوي فبالكاد أحس الزمهرير يدنو إلي‪ ..‬وأن عظمي ناحل وتراني اختض‬ ‫يتجاوز البعـد العبادي الى معـارك عدة دخلت يف سياقـات توظيفية‬
‫كأنني سعفة يف مهب‪..‬‬ ‫اقليمية ودولية‪.‬يف ظل ظروف تتحول فيه اوربا وعبر قفزة تاريخية‬
‫أيها الوطن املبارك!!‬ ‫من مرحلة االمة الى مرحلة االحتاد االوربي‪.‬‬
‫من ترى مـد يديه إلـيك مثلي لتـقف عاليـاً وتطول الـسماء لـتظل غيمـاتك تبل‬ ‫ويـأتـي البعـض بعـد كل هـذه الـوقـائع لـيعلـن ان االسالم ليـس لـديه‬
‫ظمأنا بكل هذا املطر الهاطل؟‬ ‫اشـكالـية ضـد احلداثـة مسـتشهـدا بتـجربـة الدولـة العثـمانـية وآلـية‬
‫اعتـرف اآلن بأن قلبي مدينـة للعشق والعاشقني وأنت أيهـا املبارك ‪ -‬هضبة وجبل‬ ‫امللل التي طـبقت على مختـلف االديان‪ ،‬او يستـذكر جتربـة مصر يف‬
‫باذخ على مشارف مدينتي‪.‬‬ ‫ظل حكـم امللـكيــة‪ .‬لـكن هــؤالء يــواجَهــون دومــا بـتيــارات اصــولــويــة‬
‫فال هذه األرض قادرة على حملي برغم مداها الذي ال يحد وال تراه عني ما دمت‬ ‫تــرفـض احلــداثــة القــادمــة مـن الغــرب‪ .‬واملـشهــد يـتحــرك وفق عــدم‬
‫باقياً لي اشم ترابك وأقبله إلى يوم الدينونة‪.‬‬ ‫اميـان بـعلمــانيـة الـدولـة وهـو مــا سيقـود الـى دولـة ديـنيــة مصـادمـة‬
‫ها إنني اتكامل ساعة تكون أنيسي وخليل وحشتي‪ ..‬لكن ساعة من الفراق أحسها‬ ‫بــطبـيعـتهــا للحــداثــة‪.‬لـيع ــاد من جــدي ــد اقتــراح الـتحــول مـن فكــرة‬
‫دهراً كامالً حيث األرض مقفلة علي كأنها حلقة خامت‪.‬‬ ‫(احلل) الى مسار نقدي ايديولوجي للدين‪.‬‬
‫وئيداً‪ ..‬وئيداً أجيئك ماشياً أيها الوطن املبارك وخلفي قوافل وزرافات تغذ السير‬ ‫وفيما يـتعلق بالراهن العراقي بوصفه جزءا من املشهد العام االمل‬
‫نحن نرقـص كالدراويش على عتـبة حضرتك الطاهـرة حيث ترابك عطر قداح ‪-‬‬ ‫يف تـيـ ــارات اسالمـيـ ــة لهـ ــا مـن االراء الـنـ ــاش ـطـ ــة يف مجـ ــال حقـ ــوق‬
‫وبه نتمايل مفتونني ومبهورين‪:‬‬ ‫االنسـان‪ ،‬وقـد عبـر الكـثيـر من هـؤالء عن مــوقفهم الـذي يعـتمـدون‬
‫فيه مبسـألة احلقـوق املدنيـة على مـرجعيات القـانون الـدولي وغيره‬
‫اعـترف اآلن أن وقتـي قد أزف وأشعل الـشيب رأسي وصبـاي قد أنـقضى وولـى أيها‬ ‫اكثـر مـن االعتبـارات الـدينيـة‪ .‬وهـو مـوقف يـذكـر بـدفـاع (شبـستـري)‬
‫السادة!!‬ ‫عـن ض ــرورة االعـت ــراف غـي ــر امل ـشـ ــروط بحق ــوق االن ـس ــان الع ــاملـي ــة‬
‫أنا معذور يف حبك‪ ..‬فحبي فيه طبع خرافة وعشق مجنون‪.‬‬ ‫أيها العراقيون!!‬ ‫وبـالـدميقــراطيــة من دون االسـتنــاد يف ذلك الـى مــرجعيـة االسالم‪،‬‬
‫وذا ديدني كما ترى جرحاً نازفاً وال حيلة لي على وقف هذا النزف‪.‬‬ ‫من ترى منكم رأى وطناً عبقرياً مثلي؟؟‬ ‫بفهـم ان مبــدأ الـقنــاعــات الــديـنيــة‪ ،‬واالراء والنـظــريــات ميكـنهــا ان‬
‫فذي الروح دربتهـا منذ ألف عام أن حتـتمل ثقل هذا الكون وال تـتثاقل ‪ -‬وها هي‬ ‫ومن منكم كتب أو حلن أو غني له أنشودة قبلي؟؟‬ ‫تكـون أشكـاالً تـعبيـريـة عن االميــان‪ ،‬لكنهـا بـالتـأكيـد ليـست االميـان‬
‫اآلن قد اصبحت مدربة وليس لها ثمة خيار غير أن حتتمل‪.‬‬ ‫أيها العبقري الذي حفظناك على القلب كما يحفظ املؤمنون أوقات صلواتهم‪.‬‬ ‫ذاته‪.‬‬

You might also like